الأشباه والنظائر لابن الملقن ت الأزهري

ابن الملقن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَوَاعِدُ ابْنِ الْمُلَقِّنِ أو الأَشْبَاهُ وَالْنَّظَائِرُ فِي قَوَاعِدِ الْفِقْهِ المجَلَّد الأوَّل

جَمِيع حُقُوق الملكية الأدبية والفنية مَحْفُوظَة للناشر ويحظر طبع أَو تَصْوِير أَو تَرْجَمَة أَو إِعَادَة تنضيد الْكتاب كَامِلاً أَو مجزأ أَو تسجيله على أشرطة كاسيت أَو إِدْخَاله على الكمبيوتر أَو برمجته على إسطوانات ضوئية إِلَّا بِمُوجب مُوَافقَة خطية من الناشر الطبعة الأولى 1431 هـ - 2010 م رقم الْإِيدَاع: 21417/ 2009 الترقيم الدولي: 0 - 105 - 375 - 977 - 978 دَار ابْن الْقيم للنشر والتوزيع هَاتِف: 4315882 - فاكس: 4318891 الرياض: ص. ب: 156471 الرَّمْز البريدي: 11778 المملكة الْعَرَبيَّة السعودية E- mail: [email protected] دَار ابْن عَفَّان للنشر والتوزيع الْقَاهِرَة: 11 درب الأتراك خلف الْجَامِع الْأَزْهَر ت: 25066420 - مَحْمُول: 0101583626 الإدارة: الجيزة برج الْأَطِبَّاء أول شَارِع فيصل تليفون: 35693615 - تليفاكس: 35692850 - 33255820 ص. ب: 8 بَين السريات جمهورية مصر الْعَرَبيَّة E- mail: [email protected]

مقدمة التحقيق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة التحقيق الحمد لله مقلِّب الأبصار البصائر، المنزه عن الأشباه والأمثال والنظائر، الذي كلُّ شيء منه كائن وإليه صائر، الذي أنشأ الأرض مهدًا ورفع السماء بلا قواعد، ووسع كل شيء علمًا، فعنده علم النوازل والصواعد، أحكم الشرع الحنيف وأتم دينه بخير المقاصد، ونصلي ونسلم على من أوتي جوامع الكلم، ومجامع الحكم، وكشف الله بنور هديه الظُّلَم، ورفع بهدي نوره الغُمَم، وأتم ببركة رسالته النِّعَم، وأزال بإرسال بركته النِّقم، وأكمل ببلاغِهِ دين خير الأمم، سيدنا محمد بن عبد الله خاتم المرسلين، ورحمة الله للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن علم قواعد الفقه الإسلامي علمٌ ذو خطر في أهميته ولزومه لعلم الفقه، وهو علم يطلع الناظرين على خطر الفقه الإسلامي ورسوخه وعلو مكانته، فإن الشيء لا يؤسس على قواعد متينة إلا إذا كان راسخًا في ذاته شامخًا في بنيانه؛ من هنا أتى اهتمام محققي المذاهب الأربعة وحرصهم على أن يردوا مذاهبهم إلى قواعد كلية وضوابط عامة تلم شتات الفروع وتضبط منثورها، وتسهل على الفقيه استحضار الحكم الفرعي؛ إذ من الصعب أن يكون حافظًا لكل فروع مذهبه، ولكن استحضاره للقاعدة ييسر له ذلك كثيرًا. كما أن اطلاع المجتهد والمفتي والمشتغل بالفقه على القواعد الكلية للفقه يعصم أحكامه واستنباطه من الوقوع في التناقض والاضطراب، فإن من سار على

قاعدة فقهية كانت أحكامه سائرة وَفقَ منهج واحد. وعلم القواعد يجعل المرء مطلعًا على أسرار الشريعة، فاقهًا مقاصدها، قادرًا متمرسًا على استعمال القياس، متمكنًا من معرفة أحكام النوازل الجديدة، فإنه عندما يعرف علل الأحكام والقواعد التي ترد إليها الأحكام يكون بذلك قادرًا على استنباط أحكام النوازل الجديدة. فعلم القواعد الفقهية علمٌ عظيم القدر، جليل الشأن، عميم نفعه، غزيرة فوائده، غالية نفائسه وفرائده، تعطرت بمداد أقلامه صحائف أولى النُّهى، واكتحلت بإثمده مُقَلُ ذوي النظر، إذ هو قواعد الأحكام، المؤسس لمصالح الأنام، والضابط لموازين الحلال والحرام، لا غناء عنه لكل فقيه، ولا مقنع في غيره لكل مجتهد نبيه. وكتاب "القواعد" للإمام المحقق المتقن الحافظ سراج الدين بن الملقن لبنة غضَّةٌ يانعة، عَمِلنا في إثمارها حتى أينعت وبرزت للطالب واستوت على سوقها أمام نواضر الراغب، سائلين الحق تعالى أن ينفع به الطالب والراقم والكاتب. وعلى الله قصد السبيل

ترجمة ابن الملقن

ترجمةُ ابْنِ المُلَقِّنِ (¬1) • اسمه ونسبه: هو عمر بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله، الأندلسي الأصل، المصري، الشافعي. • لقبه: مات والد ابن الملقن في صِغَر ولده وكان والده إذ ذاك نحويًّا بارزًا، فتزوجت أمه من الشيخ عيسى المغربي الملقِّن (وسُمِّيَ بالملقن، لأنه كان يلقن الصِّبية القرآن) فعُرفَ به وأطلق عليه من يومها: ابن الملقَن، ومن الطريف أنه لم يكن يحب أن يُدعى بهذا اللقب، وكان يقول لأصحابه: قولوا ابن النحوي. • ولادته ونشأته: ولد في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة (723 هـ)، وكان أبوه قد توفي بعد ولادته بسنة، وقد أوصى به إلى عيسى المغربي، فتزجت أمه من ¬

_ (¬1) مصادر ترجمة ابن الملقن: "إنباء الغمر" لابن حجر (2/ 216 - رقم 26) "تاريخ ابن جِحِّي" (1/ 511)، "الضوء اللامع" للسخاوي (6/ 100)، "ذيل الدرر الكامنة" (121)، "لحظ الألحاظ" لابن فهد (197)، "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (2/ 281 - رقم 739)، "ذيل تذكرة الحفاظ" (369)، "طبقات الحفاظ" الترجمة (1175)، "شذرات الذهب" (9/ 71)، "البدر الطالع" (1/ 508)، "مقدمة طبقات الأولياء" لابن الملقن (ص: 29)، "كشف الظنون" (1/ 136 - 137)، "هدية العارفين" (1/ 630 - 631)، "معجم المؤلفين" (2/ 566)، "القواعد الفقهية، للندوي (ص: 236 - 237)، "معجم مؤلفات العلامة ابن الملقن" للدكتور ناصر بن سعود بن عبد الله (ص: 5 - 7).

حياته العلمية

عيسى المغربي، وكان رجلًا صالحًا فقام بإقرائه القرآن فحفظه ثم اتجه به لدراسة المذهب الشافعي فحفظ "منهاج الطالبين" للنووي، ثم لما شبَّ عن الطوق وكبر أخذ بسبيله إلى طلب العلم. • حياته العلمية: بدأت رحلة ابن الملقن في سبيل الطلب فلازم علماء القاهرة المعمورة، ونهل من علمهم في صتى العلوم، الفقه وأصوله، والقرآن وعلومه، والحديث وفنونه، ثم رحل إلى دمشق سنة سبعين وسبعمائة طلبًا لعلم الحديث، ورحل إلى بيت المقدس ومكة وغيرهما طلبًا للعلم. • شيوخه: لقد تلمذ ابن الملقن لعدد كبير من الجهابذة والحفاظ في شتى العلوم، ومن أبرز هؤلاء: 1 - الإمام العلامة: أبو الفتح محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن سيد الناس الأندلسي، المصري، الشافعين المتوفى سنة (734 هـ)، أخذ عنه علم الحديث. 2 - الإمام الحافظ: أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك بن يوسف بن علي بن أبي الأزهر، الإمام العلامة الحافظ الكبير، شيخ المحدثين، عمدة الحفاظ، الحلبي، الدمشقي، المِزِّي، المتوفي سنة (742 هـ)، أخذ عنه ابن الملقن الحديث وأجاز له. 3 - الإمام اللغوي المفسر: أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان، الأندلسي، النحوي، اللغوي، البحر، المتوفي سنة (745 هـ)، أخذ عنه العربية. 4 - العلامة المحقق الإمام: أبو الحسن تقي الدين، علي بن عبد الكافي بن علي السبكي الشافعي، المتوفى سنة (756 هـ)، أخذ عنه الفقه.

طلبته

5 - الإمام العلامة الحافظ: خليل بن كيكلدي، صلاح الدين، العلائي، الشافعي، المتوفى سنة (176 هـ)، أخذ عنه الحديث. 6 - العلامة النحوي المحقق: جمال الدين عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري، المتوفى سنة (176 هـ)، أخذ عنه النحو والعربية. 7 - العلامة الأصولي: جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن بن علي الإسنوي، الشافعي، المتوفى سنة (772 هـ)، أخذ عنه الفقه. وغيرهم من العلماء والحفاظ، كزين الدين الرحبي، وعلاء الدين مغلطاي. • طلبته: تلمذ لابن الملقن عدد كبير في كمِّه، جليل في كيفه وقدره، فقد كان تلامذته من جهابذة العلماء بعد ذلك، ومن أبرزهم: 1 - العلامة الحافظ: أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين، أبو زرعة ابن الحافظ العراقي، المتوفي سنة (826 هـ). 2 - العلامة حافظ دمشق: محمد بن عبد الله بن محمد القيسي الحموي، الدمشقي المعروف بابن ناصر الدين الدمشقي، المتوفى سنة (837 هـ). 3 - العلامة الإمام: إبراهيم بن محمد بن خليل الحلبي الشافعي المعروف بسبط ابن العجمي، المتوفى سنة (184 هـ). 4 - الإمام شيخ الإسلام خاتمة الحفاظ: أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة (852 هـ). • كلام العلماء فيه ثناءً وغمزًا: لم يترجم لابن الملقن أحد ممن ترجم له إلا استهل كلامه بالثناء الحسن، والمدح الجميل، والتفويه بجلالة قدره وعلمه وبراعة تصانيفه وحسن عبارته.

قال ابن قاضي شهبة: "الشيخ الإمام العالم العلامة، عمدة المصنفين سراج الدين أبو حفص الأنصاري". وقال الحافظ ابن حجر: "تخرج في الحديث بزين الدين الرحبي وعلاء الدين مغلطاي، وكتب عنهما الكثير، وأكثر من تحصيل الأجزاء وسماع الكتب وعنى بالفقه، فأخذ عن شيوخ عصره، ومهر في الفنون، وكان أول أمره ذكيًّا فطنًا، رأيت خطوط فضلاء ذلك العصر في طبقات السماع بوصفه بالحفظ، وفحوه من الصفات العلية ... ". وقال غيره: "كان فريد الدهر في كثرة التواليف وحُسْنها، وعبارته حسنة، وكان منقطعًا عن الناس جدًّا، وكان من أعذب الناس ألفاظًا، وأحسنهم خلقًا، وأجملهم صورة، كثير المروءة والإحسان والتواضع، وكان موسعًا عليه، كثير الكتب جدًّا، ثم احترق غالبها قبل موته". وقد أخذ عليه بعض معاصريه من أقرانه وطلبته قلة الاستحضار للمسائل، وغلبة الكتابة والتصنيف عليه مما أدى إلى توقف ذهنه. قال الحافظ ابن حجر: "ولكن لما رأيناه لم يكن في الاستحضار ولا في التصرف بذاك، فكأنه لما طال عمره استروح، وغلبت عليه الكتابة فوقف ذهنه، واعتنى بالتصنيف". وقال ابن قاضي شهبة: "فلما دخل الشام فاتَحُوه في كثير من مشكلات تصانيفه فلم يكن له بذلك شعور، ولا أجاب عن شيء منه، فقالوا في حقه: ناسخ كثير الغلط، وقد تغير قبل موته فحجبه ولده إلى أن مات". وقال الحافظ ابن جِحِّي: "والمصريون ينسبونه إلى سرقة تصانيفه -أي تصانيف عز الدين بن جماعة- فإنه ما كان يستحضر شيئًا؛ ولا يحقق علمًا، ويؤلف المؤلفات الكثيرة على معنى النسخ من كتب الناس".

مكانته العلمية

• مكانته العلمية: كان لابن الملقن وزن راسخ بين أقرانه وعلماء عصره، فدرس وأفتى، وبرع في العلوم الشرعية، واشتهر اسمه وطار صيته، وصنف التصانيف الكثيرة في أنواع العلوم، واشتهرت في حياته، ونقلت إلى البلاد، ورغب الناس فيها لكثرة فوائدها وبسطها وجودة ترتيبها، وكانت براعته في التصنيف تفوق براعته في الإلقاء والاستحضار (¬1). قال ابن حجر: "واعتنى بالتصنيف، فشرح كثيرًا من الكتب المشهورة: كالمنهاج، والتنبيه، والحاوي، فله على كل واحد منها عدة تصانيف، يشرح الكتاب شرحًا كبيرًا ووسطًا وصغيرًا، ويُفْرِدُ لغاته وأدلته وتصحيحه ونحو ذلك". وقال ابن قاضي شهبة: "صنف في كل فن، فشرح الألفية في العربية، ومنهاج البيضاوي، ومختصر ابن الحاجب، وعمل الأشباه والنظائر، وجمع في الفقه كتابًا سماه "الكافي" أكثر فيه من النقول الغربية". وكان مغرمًا بحفظ الأجزاء الحديثية حتى قيل إنه ذكر مرة أنه سمع ألف جزء حديثية. ومن العجائب التي نُقلت لنا في ترجمة ابن الملقن أن المشايخ الثلاثة: هو والبلقيني والعراقي كانوا أعجوبة هذا العصر على رأس القرن: الشيخ البلقيني في التوسع في معرفة مذهب الشافعي، وابن الملقن في كثرة التصانيف، العراقي في معرفة الحديث وفنونه، وكل من الثلاثة ولد قبل الآخر بسنة ومات قبله بسنة. ¬

_ (¬1) قلت: والله قد فضل بعض الناس على بعض في الرزق، فمنهم من فضله الله بحسن الاستحضار للمسائل والاستجماع لجوانبها، ومنهم من رزقه حسن التأليف والتصنيف، والكلُّ بشرط الإخلاص مأجور مبرور بإذن الله.

تصانيفه

• تصانيفه (¬1): اشتهر ابن الملقن بكثرة التصانيف، ورَزقه الله فيها قبولًا فطارت شهرتُها في الآفاق وعُرفت بالتنقيح والتحقيق، ومن أبرزها: 1 - أخبار قضاة مصر (¬2). 2 - إرشاد النبيه إلى تصحيح التنبيه (¬3). 3 - الإشارات إلى ما وقع في المنهاج من الأسماء والأماكن واللغات (¬4). 4 - الأشباه والنظائر: وهو كتاب "القواعد" هذا. 5 - الإشراف على أطراف الكتب الستة (¬5). 6 - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (¬6). 7 - الاعتراض على مستدرك الحاكم (¬7). ¬

_ (¬1) وقد صنع فضيلة الدكتور/ ناصر بن سعود بن عبد الله السلامة القاضي بمحكمة عفيف جزءً لطيفًا جمع فيه مؤلفات العلامة ابن الملقن المخطوطة بمكتبات المملكة العربية السعودية سماه: "معجم مؤلفات العلامة ابن الملقن المخطوطة بمكتبات المملكة العربية السعودية" نشرته دار الفلاح - مصر/ دار أطلس الرياض. وقد استفدنا منه في سردنا لمؤلفات ابن الملقن هنا. (¬2) ذكره البغدادي في "هدية العارفين" (1/ 630). (¬3) له نسخة في مكتبة جامحة برنستون بأمريكا (مجموعة يهودا) (1) تحت رقم (645). (¬4) له نسخة في مكتبة شستربتي بإيرلندا برقم (4547)، ونسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق برقم (4476)، ونسخة في دار الكتب المصرية برقم (1838). (¬5) ذكره ابن قاضي شهبة في "طبقات الفقهاء الشافعية" (2/ 284). (¬6) له نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق برقم (5335)، ونسخة في المكتبة الأزهرية بمصر برقم (3149)، وقد طبع عام (1417 هـ) و (1421 هـ) بتحقيق عبد العزيز بن أحمد بن محمد المشيقح، نشرته دار العاصمة - بالرياض في عشر مجلدات. (¬7) ذكره ابن قاضي شهبة في "طبقات الفقهاء الشافعية" (2/ 284).

8 - الاعتراض على المنهاج (¬1). 9 - إكمال تهذيب الكمال (¬2). 10 - أمنية النبيه فيما يرد على تصحيح التنبيه (¬3). 11 - إنجاز الوعد الوافي في شرح جامع الترمذي (¬4). 12 - إيضاح الارتياب في معرفة ما يشتبه ويتصحف من الأسماء والأنساب والألفاظ والكنى والألقاب الواقعة في تحفة المحتاج إلى أحاديث المنهاج (¬5). 13 - البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير للرافعي (¬6). 14 - البُلغة في الحديث على ترتيب المنهاج (¬7). 15 - التأديب في مختصر التدريب في الفقه (¬8). ¬

_ (¬1) ذكره ابن قاضي شهبة في "طبقات الفقهاء الشافعية" (1/ 284). (¬2) له نسخة في دار الكتب المصرية برقم (15 - مصطلح). (¬3) ذكره البغدادي في "هدية العارفين" (1/ 630). (¬4) له نسخة في مكتبة ثسشربتي بإيرلندا برقم (5187). (¬5) له نسخة في مكتبة جامعة برنستون بأمريكا (مجموعة يهودا) برقم (4483)، ونسخة في معهد البحوث العلمية بكلية الشريعة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة برقم (986 - خاص)، ونسخة في مكتبة أيا صوفيا برقم (403). (¬6) له نسخة في مكتبة أحمد الثالث بتركيا برقم (474)، ونسخة في مكتبة دارة الملك عبد العزيز بالرياض برقم (من 594 إلى 598)، وقد طبع بعضه عام (1414 هـ) بتحقيق أحمد شريف الدين عبد الغنى ونشرته دار العاصمة بالرياض، وقع في ثلاث مجلدات. (¬7) له نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق برقم (1149)، وصورة بمعهد البحوث العلمية بكلية الشريعة بجامعه أم القرى تحت رقم (473)، وقد طُبع عام (1411 هـ) بتحقيق محيي الدين نجيب، ونشرته دار البشائر بدمشق، ويقع في (218 صفحة). (¬8) ذكره البغدادي في "هدية العارفين" (1/ 630).

16 - تاريخ بيت المقدس (¬1). 17 - تاريخ الدولة التركية (¬2). 18 - تحرير الفتاوى الواقعة في الحاوي (¬3). 19 - تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج (¬4). 20 - تخريج أحاديث المهذب، سماه المحرر - في مجلدين (¬5) 21 - تخريج أحاديث الوسيط (¬6). 22 - تخريج أحاديث منهاج الأصول للبيضاوي (¬7). 23 - تذكرة الأخيار بما في الوسيط من الأخبار (¬8). 24 - التذكرة في علوم الحديث (¬9). ¬

_ (¬1) له نسخة في مكتبة جاممة محمد بن سعود الإسلامية بالرياض رقم (8574 - ف). (¬2) ذكره ابن قاضي شهبة في "الطبقات" (1/ 284)، والبغدادي في "الهدية" (1/ 630). (¬3) له نسخة في المكتبة الأزهرية بالقاهرة برقم (61). (¬4) له نسخة في مكتبة شستربتي بإيرلندا برقم (3382)، ونسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق برقم (9415)، وقد طبع عام (1406 هـ) بتحقيق عبد الله اللحياني ونشرته دار حراء في مجلدين. (¬5) ذكره ابن قاضي شهبة في "الطبقات" (1/ 284)، والبغدادي في "هدية العارفين" (1/ 630). (¬6) ذكره ابن قاضي شهبة في "طبقات الفقهاء الشافعية" (1/ 284). (¬7) له نسخة في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض برقم (9840 ف). (¬8) له نسخة في مكتبة أحمد الثالث بتركيا برقم (473). (¬9) له نسخة في مكتبة جامعة الملك سعود بالرياض برقم (3443/ 2 م)، ونسخة بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية برقم (20/ 432)، وقد طبع عام (1408 هـ) بتحقيق علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد، ونشرته دار عمار - عثمان الأردن في (29 صفحة).

25 - التذكرة في الفقه على مذهب الإمام الشافعي (¬1). 26 - تذكرة المبتدي وتبصرة المنتهى (¬2). 27 - تذكرة المحتاج إلى أحاديث المنهاج (¬3). 28 - ترجمان شعب الإيمان (4). 29 - تصحيح الحاوي في الفروع (4). 30 - تصحيح المنهاج للنووي في الفروع (¬4). 31 - تفسير غريب القرآن (¬5). 32 - تلخيص مسند الإمام أحمد، وصحيح ابن حِبَّان (¬6) 33 - تلخيص الوقوف على الموقوف (¬7). 34 - التوضيح لشرح الجامع الصحيح (¬8). 35 - جمع الجوامع في الفروع (4). ¬

_ (¬1) له نسخة في مكتبة الأزهر بمصر برقم (1170)، وقد طبع عام (1410 هـ) بتحقيق ياسين بن ناصر الخطب، ونشرته دار المنار بجدة - المملكة العربية السعودية ويقع في (223 صفحة). (¬2) له نسخة بمكتبة جامعة الملك سعود بالرياض برقم (ف 35 ف). (¬3) له نسخة في مكتبة شستربتي بإيرلندا برقم (3382)، وقد طبع عام (1415 هـ) بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي - ونشره المكتب الإسلامي ببيروت في (165 صفحة). (¬4) ذكره البغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631). (¬5) له نسخة بالمكتبة الأزهرية بالقاهرة تحت رقم (279) والكتاب مطبوع. (¬6) ذكرهما ابن قاضي شهبة في "طبقات الفقهاء الشافعية" (1/ 284). (¬7) ذكره البغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631). (¬8) له نسخة بالمكتبة العثمانية بحلب برقم (106)، ونسخة بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية تحت رقم (9703 - ف).

36 - حدائق الحقائق في الحديث (¬1). 37 - خصائص النبوة (¬2). 38 - خلاصة البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير للرافعي (¬3). 39 - خلاصة الفتاوي في تسهيل أسرار الحاوي (¬4). 40 - درر الجواهر في مناقب الشيخ عبد القادر (¬5). 41 - الذيل على الطبقات (¬6). 42 - شرح الأربعين النووية (¬7). 43 - شرح ألفية ابن مالك في النحو (¬8). ¬

_ (¬1) ذكره البغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631). (¬2) له نسخة بمكتبة جامعة الملك سعود بالرياض تحت رقم (ف 10 - 7)، ونسخة بمكتبة شستربتي بإيرلندا برقم (3902)، وقد طبع عام (1414 هـ) بتحقيق عبد الله بحر الدين عبد الله، ونشرته دار البشائر - ببيروت بعنوان: "غاية السول في خصائص الرسول - صلى الله عليه وسلم - في (336 صفحة). (¬3) له نسخة بمكتبة الأسد الظاهرية بدمشق برقم (1149)، ونسخة بدار الكتب المصرية برقم (143 حديث)، وقد طبع عام (1406 هـ) بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ونشرته دار الرشد بالرياض ويقع في (362 صحفة). (¬4) له نسخة بمكتبة أحمد الثالث بتركيا (2/ 809)، ونسخة بدار الكتب المصرية برقم (1110). (¬5) ذكره البغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631). (¬6) له نسخة بمكتبة عارف الموجودة بمكتبة الملك عبد العزيز العامة بالمدينة برقم (3896 - 150 - 900). (¬7) ذكره البغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631). (¬8) ذكره ابن قاضي شهبة في "الطبقات" (1/ 282 - 284)، والبغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631).

44 - شرح الحاوي الصغير للقزويني في الفروع (¬1). 45 - شرح صحيح البخاري في عشرين مجلدة (¬2)، ولعله التوضيح. 46 - شرح زوائد مسلم، والي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة (¬3) 47 - شرح مختصر ابن الحاجب (¬4). 48 - شرح مختصر التبريزي في "الفروع" (¬5). 49 - شرح منهاج الوصول في الأصول للبيضاوي (¬6). 50 - طبقات الأولياء ومناقب الأصفياء (¬7). 51 - طبقات المحدثين (¬8). 52 - طبقات القراء (¬9). ¬

_ (¬1) ذكره ابن قاضي شهبة في "الطبقات" (1/ 282 - 284)، والبغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631). (¬2) ذكره ابن قاضي شهبة في "طبقات الفقهاء الشافعية" (1/ 282). (¬3) ذكرها ابن قاضي شهبة في "الطبقات" (1/ 284)، والبغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631). (¬4) ذكره ابن قاضي شهبة في "الطبقات" (1/ 282). (¬5) ذكره البغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631). (¬6) ذكره ابن قاضي شهبة في "الطبقات" (1/ 282)، والبغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631). (¬7) له نسخة في المجمع العلمي العراقي، ونسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق رقم (156)، وقد طبع عام (1406 هـ) بتحقيق نور الدين شريية، ونشرته دار المعرفة ببيروت ويقع في (626 صفحة). (¬8) ذكره ابن قاضي شهبة في "الطبقات" (1/ 284)، والبغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631). (¬9) ذكره ابن قاضي شهبة في "الطبقات" (1/ 284).

53 - عجالة المحتاج إلى توجيه المناهج (شرح لمنهاج الطالبين للنووي) (¬1). 54 - العقد المذهب في حملة المذهب (طبقات الشافعية) (¬2). 55 - عقود الكمام في متعلقات الحمام (¬3). 56 - عمدة المفيد وتذكرة المستفيد (¬4). 57 - غاية مأمول الراغب في معرفة أحاديث ابن الحاجب (¬5). 58 - غنية الفقيه في شرح التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي (¬6). 59 - الكافي في فروع المذهب الشافعي (¬7). 60 - ما تمس إليه الحاجة على سنن ابن ماجة (¬8). 61 - مختصر استدراك الحافظ الذهبي على مستدرك الحاكم (¬9). ¬

_ (¬1) له نسخة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالرياض رقم (797)، ونسخة في مكتبة جامعة برنستون بأمريكا (مجموعة يهودا (2) - رقم (452). (¬2) له نسخة بمكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض رقم (214)، وأخرى في جامعة لايدن برقم (532)، وقد طبع عام (1417 هـ) بتحقيق أيمن نصر الأزهري، وسيد مهنى -طبعة دار الكتب العلمية- ببيروت في (643 صفحة). (¬3) ذكره البغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631). (¬4) له نسخة بمكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض برقم (3335 - ف). (¬5) له نسخة بمكتبة السليمانية بتركيا (داماد إبراهيم برقم 396/ 1). (¬6) ذكره ابن قاضي شهبة في "الطبقات" (28411)، والبغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631). (¬7) ذكره ابن قاضي شهبة في "الطبقات" (1/ 282). (¬8) له نسخة بمكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض برقم (8334 - ف). (¬9) له نسخة بدار الكتب المصرية برقم (225 تيمور)، وقد طبع عام (1411 هـ) بتحقيق عبد الله بن حمد اللحيدان، وسعد بن عبد الله آل حميد، ونشرته دار العاصمة بالرياض في سبع مجلدات.

62 - مختصر إيضاح الارتياب في معرفة ما يشتبه ويتصحف من الأسماء والأنساب والألقاب (¬1). 63 - مختصر تهذيب الكمال للمزي ورجال الكتب الستة الزائدة على ذلك: مسند أحمد، وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان، ومستدرك الحاكم، وسنن الدارقطني والبيهقي (¬2). 64 - المعين على تفهم الأربعين (¬3). 65 - المغني في تلخيص كتاب ابن بدر (¬4). 66 - المقنع في علوم الحديث (¬5). 67 - المنتقى من الخلاصة للبدر المنير (¬6). 68 - الناسك لأم المناسك (7). 69 - نزهة العارفين من تواريخ المتقدمين (¬7). ¬

_ (¬1) له نسخة بدار المخطوطات اليمنية بصنعاء اليمن، ونسخة بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة برقم (7576). (¬2) ذكرها ابن قاضي شهبة في "طبقات الفقهاء الشافعية" (1/ 284). (¬3) له نسخة بالمكتبة المحمودية بمكتبة الملك عبد العزيز العامة بالمدينة النبوية، رقم (608/ 232)، ونسخة بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية رقم (4/ 8361). (¬4) ذكره البغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631). (¬5) له نسخة في مكتبة شستربتي بإيرلندا رقم (3902)، ونسخة بمكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود برقم (593 - ف)، وقد طبع عام (1413 هـ) بتحقيق عبد الله بن يوسف الجديع، ونشرته دار فواز بالإحساء في (822 صفحة). (¬6) ذكره البغدادي في "هدية العارفين" (1/ 631). (¬7) المصدر السابق (1/ 631).

وفاته

70 - نزهة النظار في قضاة الأمصار (¬1). 71 - النكت اللطاف في بيان الأحاديث الضعاف (¬2). 72 - النكت على الحاوي (¬3). 73 - هادي النبيه في شرح التنبيه (¬4). هذه جُملةٌ من مصنفات العلامة ابن الملقن وبيان بالمطبوع منها والمخطوط، مع الإعلام بأن هذا العدد المذكور لا يتجاوز ثلث ما كتبه ابن الملقن، فقد قال بعضهم: "بلغت مصنفاته نحو ثلاثمائة مصنَّف" (¬5). • وفاته: وبعد عُمُر زاخم بالتدريس والإفتاء والقضاء والتصنيف والترحال، أذنت شمس السراج بن الملقن بالمغيب ليلة الجمعة سادس عشر ربيع الأول، سنة أربع وثمانمائة من الهجرة (804 هـ)، ودفن بحوش الصوفية خارج باب النصر، بالقاهرة. رحم الله العلامة ابن الملقن * * * ¬

_ (¬1) له نسخة في دار الكتب المصرية - تيمور، ونسخة بمكتبة جامحة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض رقم (731 - ف). (¬2) له نسخة في المجمع العلمي العراقي، ونسخة في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود رقم (7139 - ف). (¬3) ذكره ابن قاضي شهبة في "طبقات الفقهاء الشافعية" (1/ 284). (¬4) له نسخة في مكتبة جامعة برنستون بأمريكا (مجموعة يهودا/ 2) رقم (3688)، ونسخة بمكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض. (¬5) "الأعلام" لخير الدين الزركلي (5/ 57).

تعريف بأهم المصطلحات الجارية في علم القواعد الفقهية

تعريفٌ بأهم المصطلحات الجارية في علم القواعد الفقهية

القاعدة الفقهية

تعريفٌ بأهم المصطلحات الجارية في علم القواعد الفقهية القاعدة الفقهية [تعريفها لغة واصطلاحًا - أهميتها - الاستدلال بها - علاقتها بالفقه وأصوله - حكم تعلمها - أقسامها] أولًا: تعريفها: وتعرف باعتبارين هما: الوصفية والعلمية: فباعتبار الوصفية [أي: التركيب، : لفظ مؤلف من جزئين: أحدهما: القواعد، والآخر: الفقهية. القاعدة في اللغة: الأساس، فالقاف والعين والدال تدل على الاستقرار والثبات. وقواعد البيت: أسسه، وتجمع على قواعد، ومنه قوله - عَزَّ وجَلَّ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} [البَقَرَة: الآية 127]، وقوله: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِد} [النّحل: الآية 26]. فالقواعد: أسس الشيء وأصوله حسيًّا كان هذا الشيء كقواعد البيت، أو معنويًا كقواعد الشريعة (¬1). ¬

_ (¬1) وفي تعريف القاعدة لغة انظر: "معجم مقاييس اللغة" (5/ 108)، "القاموس المحيط" (ص: 295)، "المصباح المنير" (ص: 303)، "مختار الصحاح" (ص: 296).

والفقه في اللغة: الفهم (¬1)، وفي الاصطلاح: هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية (¬2). والفقهية: مصدر صناعي من الفقه. والقاعدة اصطلاحًا (¬3): "هي قضية كلية منطقة على جميع جزئياتها". وقيل: "قضية كلية من حيث اشتمالها بالقوة على أحكام جزئيات موضوعها". وقيل: "هي الأمر الكلي الذي ينطبق على جزئيات كثيرة تُفهم أحكامها منه". وقيل: "حكم كلي ينطبق على جزئياته ليتعرف أحكامها منه". ¬

_ (¬1) وفي تعريف الفقه لغة انظر: "لسان العرب" (13/ 522)، "القاموس المحيط" (1151)، "المصباح المنير" (ص: 284)، "مختار الصحاح" (ص: 277)، "التعريفات" للجرجاني (ص: 147). (¬2) "البرهان في أصول الفقه" للجويني (1/ 78)، "الحدود" لأبي الوليد الباجي (ص: 101 - 102)، "المستصفى" للغزالي (ص: 5)، "الإحكام" للآمدي (1/ 20). (¬3) وفي معنى القاعدة اصطلاحًا انظر: "قواعد ابن السبكي" (1/ 11)، "التعريفات" للجرجاني (ص: 149)، "الكليات" للكفوي (ص 702)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 40)، "المدخل الفقهي العام" الفقرات (556 - 570)، "شرح القواعد الفقهية" للزرقا (ص: 33)، "القواعد الفقهية" للباحسين (ص: 19)، "موسوعة القواعد الفقهية" للبورنو (1/ 20)، "القواعد الفقهية الكبرى" لصالح السدلان (ص: 12)، "كشاف اصطلاحات الفنون" للتهانوي (2/ 1295)، "القواعد الفقهية" للزحيلي (21)، "القواعد الفقهية المستخرجة من إعلام الموقعين" للدكتور/ عبد المجيد الجزائري (ص: 161)، "القواعد الفقهية من خلال كتاب المغني" لابن قدامة، للدكتور / عبد الواحد الإدريسي (ص: 37)، "المنهاج في علم القواعد الفقهية" للدكتور / رياض الخليفي (ص: 3).

ثانيا: أهمية القواعد الفقهية

ويمكن الخلوص من هذه التعريفات للقاعدة الفقهية بتعريف مناسب على النحو التالي فنقول: القاعدة الفقهية: "هي أصل فقهي كلي يتضمن أحكامًا تشريعية عامة من أبواب متعددة في القضايا التي تدخل تحت موضوعه" (¬1). أما تعريف القواعد الفقهية باعتبار العلمية [أي: باعتبارها لقبًا وعَلَمًا على الفن المخصوص، : فهي العلم بالأحكام الكلية الفقهية التي تنطق على جزئيات تُعرف أحكامها منها (¬2). وقيل: هي القضايا الكلية الفقهية التي جزئيات كل قضية فيها تمثل قضايا كلية فقهية. ثانيًا: أهمية القواعد الفقهية: إن لدراسة القواعد الفقهية أثرًا عظيمًا نافعًا في بناء الملكات الفقهية وتدعيم شخصية الفقيه، ومن فوائد تعلمها (¬3): 1 - أنها تجعل الإنسان لا يضطرب في المسائل الفقهية، فإنه من سار على ¬

_ (¬1) "القواعد الفقهية" للشيخ الدكتور / علي بن أحمد الندوي (ص: 45). وانظر: "شرح القواعد الفقهية" للشيخ أحمد الزرقا (ص: 35 - 36)، "المدخل الفقهي العام" للشيخ مصطفى الزرقا (2/ 941). (¬2) "القواعد الفقهية" للباحسين (ص: 55)، "المنهاج في علم القواعد الفقهية" للخليفي (ص: 4). (¬3) "شرح منظومة القواعد الفقهية" للشيخ السعدي، شرحها الشيخ سعد بن ناصر الشتري (ص: 16)، وانظر: "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 70)، "القواعد الفقهية" للباحسين (ص: 114)، "موسوعة القواعد الفقهية" للبورنو (1/ 29)، "القواعد الفقهية" للزحيلي (ص: 26).

قاعدة فقهية كانت أحكامه الفقهية سائرة على منهج واحد، أما من لم يراع القواعد الفقهية فإن ترجيحاته تكون مضطربة غير سائرة على منهج واحد. 2 - أن علم القواعد يجعل المرء يعرف أسرار الشريعة ويفقه المقاصد التي تقصدها من خلال تقرير الأحكام الفقهية. 3 - أن القواعد الفقهية موجزة الألفاظ سهلة العبارات يمكن للفقيه أن يحيط بها وأن يحفظها بخلاف الفروع الفقهية. 4 - أن القواعد الفقهية تعطي دارسها القدرة على استعمال القياس، فإنه عندما يعرف العلة التي من أجلها ثبت الحكم الحق بقية المسائل بهذه المسألة؛ كما أنه يكون قادرًا بها على معرفة حكم النوازل الجديدة، فإنه عندما يعرف علل الأحكام والقواعد التي ترد إليها الأحكام يكون بذلك عارفًا بأحكام النوازل الجديدة. وقد أكد العلماء والمحققون قديمًا وحديثًا على ضرورة الاهتمام بالقواعد الفقهية تصنيفًا وتدريسًا وضبطًا. يقول الشهاب القرافي: "وهذه القواعد مهمة في الفقه، عظيمة النفع، وبقدر الإحاطة بها يعلو قدر الفقيه ويشرف، ويظهر رونق الفقه ويعرف، وتتضح مناهج الفتاوى وتكشف، فيها تنافس العلماء وتفاضل الفضلاء، وبرز القارح على الجذع، وحاز قصب السبق من فيها برع، ومن جعل يخرج الفروع بالمناسبات الجزئية دون القواعد الكلية تناقضت عليه الفروع واختلفت وتزلزلت خواطره فيها واضطربت، وضاقت نفسه لذلك وقنطت، واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي لا تتناهى، وانتهى العمر ولم تقض نفسه من طِلْبة مناها، ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات لإندراجها في الكليات، واتحد عنده ما تناقض

عند غيره وتناسب، وأجاب الشاسع البعيد وتقارب، وحصل طلبته في أقرب الأزمان، وانشرح صدره لما أشرق فيه من البيان" (¬1). وبقول الحافظ ابن رجب الحنبلي: "فهذه قواعد مهمة وفوائد جمة تضبط للفقيه أصول المذهب، وتطلعه من مآخذ الفقه على ما كان عنه قد تغيب، وتنظم له منثور المسائل في سلك واحد، وتقيد له الشوارد، وتقرب عليه كل متباعد، فلينعم الناظر فيه النظر، وليوسع العذر، إن اللبيب من عذر" (¬2). ويقول التاج ابن السبكي: "حق على كل طالب التحقيق ومن يتشوف إلى المقام الأعلى في التصور والتصديق أن يُحْكِم قواعد الأحكام؛ ليرجع إليها عند الغموض، وينهض بعبء الاجتهاد أتم نهوض، ثم يؤكدها بالاستكثار من حفظ الفروع، لترسخ في الذهن مثمرة عليه بفوائد غير مقطوع فضلها ولا ممنوع، أما استخراج القوى وبذل المجهود في الاقتصار على حفظ الفروع من غير معرفة أصولها ونظم الجزئيات بدون فهم مأخذها، فلا يرضاه لنفسه ذو نفس أبية ولا حاملة من أهل العلم بالكلية" (¬3). ويقول البدر الزركشي: "إن ضبط الأمور المنتشرة المتعددة في القوانين المتحدة هو أوعى لحفظها وأدعى لضبطها، وهي إحدى حكم العدد التي وضع لأجلها، والحكيم إذا أراد التعليم لابد له أن يجمع بينن بيانين إجمالي تتشوف إليه النفس، وتفصيلي تسكن إليه" (¬4). ¬

_ (¬1) "الفروق" للإمام العلامة المحقق الفقيه الأصولي شهاب بالدين القرافي المالكي (1/ 70 - 71). (¬2) "تقرير القواعد وتحرير الفوائد" لابن رجب (1/ 3 - 4). (¬3) "قواعد ابن السبكي" (1/ 10). (¬4) "المنثور من القواعد" للزركشي (1/ 65 - 66).

ثالثا: الاستدلال بالقواعد الفقهية

وبقول الزين بن نجيم: "معرفة القواعد التي تردُّ إليها وفرعوا الأحكام عليها، وهي أصول الفقه في الحقيقة، وبها يرتقي الفقيه إلى درجة الاجتهاد ولو في الفتوى" (¬1). ثالثًا: الاستدلال بالقواعد الفقهية: ونعنى بالاستدلال بالقواعد الفقهية: أن القاعدة الفقهية: إن كانت مبنية على نصٍّ شرعي صحيح السند والمعنى، فإنما الحجة تكون بالنص الدال عليها في كون هذه القاعدة كليةً تخرج عليها فروع شتى؛ مثل قاعدة: "الضرر يزال"، فإن أصلها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضرار". وقاعدة: "الأمور بمقاصدها"، فإن أصلها قوله - صلى الله عليه وسلم - "إنما الأعمال بالنيات". وقاعدة: "العادة محكَّمة"، فإن أصلها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن". أما إن عدم النص، ونتجت القاعدة عن الاستقراء الصحيح، فالقاعدة الفقهية حجة للاستقراء، وعملًا بالظن الراجح؛ ولعموم أدلة القياس (¬2). رابعًا: علاقة القواعد الفقهية بالفقه وأصوله: الفقه علم بالفروع الفقهية العملية بأدلتها التفصيلية، وأصول الفقه علم بأدلة الفقه الإجمالية، والقواعد الفقهية علم بالأحكام الكلية للفروع الفقهية. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 20). (¬2) "القواعد الفقهية" للباحسين (ص: 130)، "موسوعة القواعد الفقهية" للبورنو (1/ 36)، القواعد الفقهية" للزحيلي (ص: 29)، "القواعد الفقهية" للخليفي (ص: 5)، وانظر: "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 62).

خامسا: حكم تعلم القواعد الفقهية

فالقواعد الفقهية أخص من الفقه، ومن أصوله. واستمداد القواعد الفقهية من فروع الفقه وأدلته التفصيلية ومتعلقها أفعال المكلفين (¬1). خامسًا: حكم تعلم القواعد الفقهية: مما سبق بيانه في أهمية دراسة القواعد الفقهية يتبين تأكدها في حكم الفقيه المتصدر للإفتاء، المعتني باستنباط الأحكام من أدلتها، فهي تضبط له أصول مذهبه، وتجمع له المنثور من الفروع في لفظ موجز سهل العبارة، وتقي أحكامه من التناقض والاضطراب، فحكم تعلم القواعد الفقهية إذًا في حق الفقيه متأكد مندوب إليه، كما يستحب لمن يشتغل بالفقه وتقنينه من الباحثين والمتخصصين أن يكون على دراية بها فهي تدعم دراسته، وتضبط بحثه، وتزين حكمه، وتقوي ترجيحه، وتطلعه على أسرار الشريعة ومقاصدها. سادسًا: أقسام القواعد الفقهية: يمكن تقسيم القواعد الفقهية بعدة اعتبارات: فهي باعتبار الأصالة والتبعية تنقسم إلى قسمين: أصلية - وتبعية. • أصلية، (أو أساسية): وهي التي لا يؤول معناها إلى قاعدة أكبر منها كالقواعد الخمس الكبرى التي تعد أمهات قواعد الإسلام، ويبنى عليها معظم المسائل والأحكام، وهي: 1 - الأمور بمقاصدها. 2 - اليقين لا يزول بالشك. ¬

_ (¬1) "القواعد الفقهية" للخليفي (ص: 5 - 6).

3 - المشقة تجلب التيسير. 4 - الضرر يزال. 5 - العادة محكَّمة. • وتبعية: وهي القواعد المتفرعة عنها: كقولهم: "من القواعد المنتزعة من قاعدة (الضرر يزال): "الضرورات تبيح المحظورات"، و"متى أمكن الدفع بأسهل الوجوه لم يعدل إلى أصعبها"، و"الضرر لا يزال بالضرر"، و"درء المفاسد أولى من جلب المصالح" (¬1). وتنقسم باعتبار الشمول إلى قسمين: كلية كبرى، وكلية. • فالكلية الكبرى: هي القواعد الخمس المذكورة. • والكلية: هي التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية إلا أنها أقل اتساعًا وشمولًا من القواعد الخمس الكبرى. وقد جمع ابن السبكي من هذا النوع ستًّا وعشرين قاعدة، وجمع السيوطي منها أربعين قاعدة، وجمع ابن نجيم تسع عشرة قاعدة. - ومن أمثلتها: - (الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد) (¬2). - (إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام) (¬3). ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 41 - 45)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 88)، وانظر: "القواعد الفقهية" للباحسين (ص: 118)، "موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (1/ 32)، "القواعد الفقهية" للزحيلي (ص: 31)، "القواعد الفقهية" لعبد المجيد الجزائري (ص: 194)، "القواعد الفقهية" للخليفي (ص: 6). (¬2) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 241)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 105). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (11711)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 252)، =

- (إعمال الكلام أولى من إهماله) (¬1). - (ما أوجب أعظم الأمرين بخصوصه لا يوجب أهونهما بعمومه) (¬2). وتنقسم باعتبار الاتفاق والاختلاف إلى ثلاثة أقسام: • قواعد متفق عليها: وهي التي اتفق عليها الفقهاء في الجملة على اختلاف مذاهبهم، وإن وقع بينهم خلاف في بعض جزئياتها، ويدخل في هذا القسم تلك القواعد التي تندرج في التقسيم الثاني، وهو باعتبار الشمول. • قواعد مختلف فيها بين أصحاب المذهب الواحد: وهي قواعد متعلقة بمذهب من المذاهب دون غيره، غير أنه لم يتفق أصحاب المذهب على الاعتداد بها فجرى الخلاف بينهم في جزئياتها. فقد اختلف الشافعية في اعتدادهم ببعض القواعد في المذهب، ذكر منها الإمام ابن السبكي جملة تحت عنوان: "الكلام في القواعد الخاصة" (¬3)، والإمام السيوطي تحت عنوان: "الكتاب الثالث: في القواعد المختلف فيها، ولا يطلق الترجيح لاختلافه في الفروع" (¬4)، وأوردها ابن الوكيل متناثرة في كتابه، ومن هذه القواعد عندهم: - (العبرة بصيغ العقود أو معانيها؟ ) (¬5). ¬

_ = "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 110). (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 171)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 293)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 135). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 94)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 331). (¬3) "الأشباه والنظائر"، لابن السبكي (1/ 200). (¬4) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 353). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 271)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 360).

- (الزائل العائد كالذي لم يزل أو كالذي لم يعد) (¬1). - (العبرة بالحال أو بالمآل) (¬2). • قواعد مختلف فيها بين المذاهب: وهي قواعد تتماشى مع أصول مذهب دون مذهب، فاختلفوا في اعتبارها، وبناء على الخلاف فيها اختلفوا في فروعها (¬3): ومن هذه القواعد: - (الأجر والضمان لا يجتمعان) (¬4) فهذه القاعدة معتبرة عند الحنفية دون غيرهم. - (العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني) (¬5) وهي معتبرة عند الشافعية. - (الرخص لا تناط بالمعاصي) (¬6) وهي غير معتبرة عند الحنفية. * * * ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 350)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 128)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 375). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 314)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 103)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 378). (¬3) انظر: "القواعد الفقهية للباحسين (ص: 125)، "موسوعة القواعد الفقهية" للبورنو (1/ 34)، "القواعد الفقهية" للزحيلي (ص: 32)، "القواعد الفقهية" للخليفي (ص: 6 - 7)، "القواعد الفقهية" للجزائري (ص: 194 - 198). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 263). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 271)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 360). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكى (1/ 135)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 315)، "قواعد الزركشي" (2/ 167).

الفرق بين القاعدة الفقهية وبعض المصطلحات الجارية في هذا العلم

الفرق بين القاعدة الفقهية وبعض المصطلحات الجارية في هذا العلم مثل: [الضابط - الأصل - القاعدة الأصولية] أولًا: الفرق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي: تردد مصطلحا (القاعدة) و (الضابط) كثيرًا على السنة متقدمي الفقهاء، إلا أنه لم يكن ثمَّ فرق لديهم بين المصطلحين، ولكن يبدو أنه لم يتميز الفرق بينهما تمامًا إلا في العصور المتأخرة، فأصبح لكلِّ مدلوله، وصارت كلمة "الضابط" اصطلاحًا متداولًا شائعًا لدى الفقهاء والباحثين في الفقه الإسلامي، فهم يفرقون الآن بين الكلمتين في المجالات الفقهية (¬1). وقد نوه العلامة ابن السبكي إلى الفرق بين القاعدة والضابط، فقال بعدما عرف القاعدة: "ومنها: ما لا يختص بباب كقولنا: اليقين لا يزول بالشك، ومنها ما يختص كقولنا: "كل كفارة سببها معصية فهي على الفور"، والغالب فيما اختصّ بباب ¬

_ (¬1) "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 52)، وانظر: "القواعد الفقهية" للباحسين (ص: 100)، "موسوعة القواعد الفقهية" للبورنو (1/ 34)، "القواعد الفقهية الكبرى" للسدلان (ص: 14)، وقد ذهب العلامة اللغوي المقرئ الفيومي إلى أن القاعدة بمعنى الضابط، فقال في معنى القاعدة: "والقاعدة في الاصطلاح بمعنى الضابط، وهي الأمر الكلي المنطبق على جميع جزئياته" "المصباح المنير" (ص: 303).

وقصد به نظم صور متشابهة أن يسمَّى ضابطًا" (¬1). وقد فرق بعض الباحثين بينهما بأمور منها: 1 - القاعدة الفقهية تجمع فروعًا من أبواب شتى، وأما الضابط فإنه يجمع فروعًا من باب واحد، مثال ذلك قاعدة: "الأمور بمقاصدها" تعتبر قاعدة لأنها تدخل في جميع أبواب الفقه، فمثلًا نأخذ منها وجوب الصلاة في باب الصلاة، ونأخذ منها في العقود كالبيع ونحوه أن المقاصد معتبرة، ونأخذ منها في الجنايات الفرق بين القتل العمد والخطأ. بينما الضوابط الفقهية تكون خاصة بباب واحد، مثال ذلك: قاعدة: "النفل لا يقتضي واجبًا"، فهذا ضابط فقهي متعلق بباب نوافل الصلاة. وقاعدة: "كل عقد تقاعد عنه مقصوده، بطل من أصله"، فهذا ضابط فقهي يختص بباب واحد، وقولهم: "كل ميتة نجسة إلا السمك والجراد" فإنهَ ضابط فقهي؛ لأنه يتعلق بباب النجاسات فقط. 2 - أن القاعدة الفقهية محل اتفاق في الغالب بين المذاهب، أما الضابط فيختص بمذهب معين، بل هناك بعض الضوابط تكون من وجهة نظر العلماء في مذهب معين يخالفه علماء آخرون من نفس المذهب. 3 - أن القاعدة الفقهية فيها إشارة لمأخذ الحكم ودليله، فقولنا مثلًا: "الأمور بمقاصدها" فيه إشارة لمأخذ الحكم، وهو الدليل الوارد في ذلك، وهو حديث: "إنما الأعمال بالنيات"، بينما الضابط الفقهي لا يشير إلى مأخذ المسألة ودليلها، بل هو أمر كلي يضبط جزئيات شتى في باب معين دون إشارة إلى مأخذه النصيِّ. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" (1/ 11).

من خلال هذه الفروق يتضح الفرق بين القاعدة والضابط، فالقاعدة تجمع جزئيات كثيرة من أبواب شتى، أما الضابط فهو يجمعها من باب واحد، فالقاعدة أعم وأوسع، والضابط أخصُّ وأضيق. أما بخصوص بعض المتأخرين فقد يطلقون القاعدة ويريدون بها الضابط، وهو اصطلاح شائع متداول عند كثير من الفقهاء. فهذا الإمام ابن رجب الحنبلي لم يكن يفرق بينهما في كتابه "تقرير القواعد وتحرير الفوائد" فنراه يطلق لفظ "القاعدة" على ما يصدق عليه "الضابط" فيقول مثلًا: "القاعدة الأولى: الماء الجاري هل هو كالراكد، أو كل جرية منه لها حكم الماء المنفرد" (¬1). ويقول: "القاعدة الخامسة والخمسون: من ثبت له حق التملك بفسخ أو عقد، هل يكون تصرفه تملكًا أم لا؟ وهل ينفذ تصرفه أم لا؟ " (¬2). ويقول: "القاعدة الثالثة والعشرون بعد المائة: ويُخص العموم بالشرع أيضًا على الصحيح" (¬3). والإمام تاج الدين السبكي -كما سبق- قسم القواعد في "الأشباه والنظائر" إلى قواعد عامة، وقواعد خاصة، وكان مقصده من هذه الأخيرة: "الضوابط" فيقول مثلًا: "قاعدة: كل ميتة نجسة إلا السمك والجراد" (¬4) وهو ضابط لا قاعدة كما ذكرنا. ¬

_ (¬1) "قواعد ابن رجب" (1/ 5). (¬2) "قواعد ابن رجب" (1/ 425). (¬3) السابق (2/ 571). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 200).

والإمام السيوطي -كما سبق أيضًا- جعل بابًا للقواعد المختلف فيها ولا يطلق الترجيح لظهور دليل أحد القولين في بعضها ومقابله في بعض، ومقصده من هذه القواعد: الضوابط التي تضبط جزئيات الباب الواحد، فيقول مثلًا: "القاعدة الخامسة: العبرة بصيغ العقود أو معانيها" (¬1). و"القاعدة السادسة عشر: "إذا بطل الخصوص هل يبقى العموم؟ " (¬2). أضف إلى ذلك العدد الكبير من الضوابط التي ذكرها السيوطي في الكتاب الخامس من كتابه "الأشباه والنظائر" والذي سماه (نظائر الأبواب). أما ابن نجيم فواضح أنه كان يفرق بين القاعدة والضابط في كتابه "الأشباه والنظائر". فمثلًا في قاعدة: "ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله" ذكر في أثناء حديثه عن فروعها: "ضابط: لا يزيد البعض عن الكل إلا في مسألة واحدة" (¬3). وفي قاعدة: "الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة" قال في أثنائها: "ضابط: الولى قد يكون وليًّا في المال والنكاح وهو الأب والجد، وقد يكون وليًّا في النِّكَاح فقط وهو سائر العصبات والأم وذوو الأرحام" (¬4). فالضابط عنده أخص من القاعدة، وغالبًا كان يذكر هذه الضوابط في صورة فرائد في الفن الثاني من كتابه: "الفوائد"؛ لذا قال في مقدمة هذا الباب: "وضممت إليها بعفضوابط لم تكن في الأول تكثيرًا للفوائد، وفي الحقيقة هي ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 360). (¬2) السابق (1/ 383). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 159). (¬4) السابق (1/ 157).

الضوابط والاستثناءات، والفرق بين الضابط، والقاعدة: أن القاعدة تجمع فروعًا من أبواب شتى، والضابط يجمعها من باب واحد هذا هو الأصال" (¬1). إذًا فالذي ارتضاه الباحثون أن هناك فروقًا بين القاعدة والضابط ينبغي أخذها في الاعتبار. * * * ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 162).

ثانيا: الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية

ثانيًا: الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية: إذا أجرينا موازنة عامة بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية استبانت لنا عدة فروق (¬1) من أهمها: 1 - أن القواعد الأصولية هي في مجملها تنتظم مجموعة الأدلة الإجمالية التي يدور عليها علم أصول الفقه وينضبط بها ميزان الاستنباط الصحيح عند الفقيه، شأنها في ذلك شأن القواعد النحوية التي تضبط الإعراب وتقيم النطق، فالقواعد الأصولية وسط بين الأدلة والأحكام يُستنبط بها الحكم من دليله التفصيلي، وموضوعها دائمًا الدليل والحكم، كقولك: "الأمر للوجوب، والنهي للتحريم ... " أما القاعدة الفقهية، فهي قضية كلية أو أغلبية موضوعها وجزئياتها فروع الفقه ومسائله المتعلقة بأفعال المكلفين. 2 - أن القاعدة الأصولية وسيلة يتوصل بها المجتهدون إلى التعرف على الأحكام الفقهية (الفروع)، أما القاعدة الفقهية فهي التي تضبط الأحكام الفقهية التي يتوصل إليها المجتهد باستعمال القاعدة الأصولية، وبهذا تكون القواعد الفقهية ضوابط للثمرة المتحققة من أصول الفقه. 3 - أن القواعد الفقهية متأخرة في وجودها الذهني والواقعي عن الفروع؛ لأنها جمع لأشتاتها وربط بينها، أما القواعد الأصولية، فالفرض العقلي يقتضى وجودها قبل الفروع؛ لأنها الوسيلة التي توصل به المجتهد إلى استنباط الأحكام (الفروع)، فالترتيب الذهني الزمني الصحيح حينئذ لهذه الأدوات هو: (الأصول - ثم ¬

_ (¬1) انظر: "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 68 - 69)، "شرح منظومة القواعد الفقهية" (ص: 7)، "القواعد الفقهية" للباحسين (ص ت 135)، "القواعد الفقهية الكبرى" للسدلان (ص: 20).

الفروع - ثم الفقه) وعليه يكون الترتيب الذهني لمتعلقاتها هو: (القواعد الأصولية -ثم الفروع الفقهية- ثم القواعد الفقهية). 4 - أن القاعدة الفقهية تستخرج منها أحكام الجزئيات الفقهية مباشرة بدون توسط الدليل، بخلاف القاعدة الأصولية فلا تستخرج منها أحكام الجزئيات الفقهية إلا بواسطة دليل، مثال ذلك، قاعدة: (الأمر للوجوب)، هل نأخذ منها وجوب أي فعل من الأفعال؟ أم نأخذ ذلك بإضافة دليل تفصيلي، مثل قوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ} [البَقَرَة: الآية 43]، بينما القاعدة الفقهية يمكن أن نأخذ منها حكمًا مباشرة، مثال ذلك، قاعدة: (الأمور بمقاصدها) نأخذ منها: أن النية واجبة للصلاة وللوضوء، فهذه قاعدة فقهية أخذنا منها الحكم مباشرة دون توسط دليل. 5 - أن القواعد الأصولية قواعد كلية تنطبق على جميع جزئياتها وموضوعاتها، أما القواعد الفقهية: فإنها أغلبية يكون الحكم فيها على أغلب الجزئيات، ويكون لها مستثنيات. 6 - أن موضوع القاعدة الفقهية هو (فعل المكلف)، وموضوع القاعدة الأصولية هو (الأدلة) وما يعرض لها.

ثالثا: الفرق بين القاعدة الفقهية والأصل الفقهي

ثالثًا: الفرق بين القاعدة الفقهية والأصل الفقهي: الأصل في اللغة (¬1): ما بُني عليه غيره، فأصل الجدار أساسه الذي يبنى عليه، وأصل الشجرة: طَرَفُها الثابت في الأرض الذي ينبني عليه أعلاها وفروعها. وفي الاصطلاح (¬2): يقال للدليل وللرجحان، وللقاعدة المستمرة، وللصورة المقيس عليها، وللمُستصحب. يقولون: أصل وجوب الصلاة قوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ} [البَقَرَة: الآية 43] أي: الدليل عليه. ويقولون: الأصل براءة الذمة؛ أي: المستصحب. ويقولون: الأصل في الكلام الحقيقة، أي: الراجح. ويقولون: الأصل في الأشياء الإباحة؛ أي: القاعدة الكلية. أما الفرق بين القاعدة والأصل، فالأصل أعمُّ من القاعدة، إذ إنه يجمع مسائل متفرقة من أبواب شتى ويجمعها من باب واحد، بخلاف القاعدة، فإنها تجمعها من أبواب شتى ولا تجمعها من باب واحد (¬3). وممن فرق بين الأصل والقاعدة الإمام المقَّرِيُّ، فقال في تعريف القاعدة: "كلُّ كليٍّ هو أخص من الأصول وسائر المعاني العقلية العامة، وأعمُّ من العقود وجملة الضوابط الفقهية الخاصة" (¬4). ¬

_ (¬1) وفي معاني الأصل اللغوية راجع: "لسان العرب" (2/ 89)، "القاموس" (ص: 884)، "أساس البلاغة" (1/ 14)، "مختار الصحاح" (ص: 20)، "المصباح المنير" (ص: 15). (¬2) وفي معنى الأصل الاصطلاحي راجع: "الحدود للباجي" (ص: 55)، "الإبهاج" للسبكي (711)، "التعريفات" للجرجاني (ص: 22)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (1/ 57 - 58). (¬3) "القواعد الفقهية" للجزائري (ص: 168). (¬4) "قواعد المقري" (1/ 212).

وعلى هذا فقد يطلق الأصل على القاعدة، وقد يطلق على الضابط، ودرج على هذا كثير من العلماء. فممن كان يطلق القاعدة على الأصل الإمام العلامة ابن القيم، ومن أمثلة إطلاقه الأصل على القاعدة قوله: "من أصول الشريعة أنه إذا تعارضت المصلحة والمفسدة قدم أرجحهما" (¬1). وممن كان يطلق الأصل على الضابط الإمام ابن السبكي، ومن أمثلة ذلك قوله: "أصل: من باشر عقدًا أو باشره عنه من له ذلك ثم ادعى ما ينقضه لم يقبل" (¬2). وقوله: "أصل مستنبط: هل الأولى تعجيل العبادة وإن وقع فيها خلل أو نقص؟ " (¬3). * * * ¬

_ (¬1) "إعلام الموقعين" (1/ 459)، وانظر: "القواعد الفقهية المستخرجة من إعلام الموقعين" (ص: 169). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 344). (¬3) السابق (1/ 209).

نظرة تاريخية في نشأة القواعد الفقهية

• نظرة تاريخية في نشأة القواعد الفقهية (¬1): امتن علينا الله -عَزَّ وَجَلَّ- ببعثة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وخصه بخصائص منها أنه أوتي جوامع العلم، وجوامع الكلم، فيتكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكلام القليل الذي يكون له معان عديدة، ويتضمن أحكامًا كثيرة. وإذا تأمل الناظر في آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد فيها من ذلك الشيء الكثير، ومثال ذلك قوله - عليه السلام -: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" وهذا الحديث جزؤه الأخير: "اليمين على من أنكر" في "الصحيحين"، وفي جزئه الأول "البينة على المدعي" كلام من بعض أهل الحديث في أسانيده، إلا أنه عند جمع أسانيده والنظر في معناه نجده ثابتًا في الشريعة. ومثله قوله - عليه السلام -: "الخراج بالضمان"، وقوله: "لا ضرر ولا ضرار" فإن الشريعة قد دلت على معاني هذه الآثار بعموم أدلتها الأخرى، وفهم مقاصدها الحكيمة. فالمقصود أن المتأمل في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - يجد أن هناك عددًا من الأحاديث النبوية قد وردت بألفاظ جامعة موجزة، ولكنها دلت على معانٍ عديدة، وصدقت على فروع شتى، وقد يكون ذلك متعلقًا بباب واحد، أو متشعبًا في عدة أبواب، وهذا يدلنا على مبدأ قواعد الفقه. ¬

_ (¬1) انظر: "شرح منظومة القواعد الفقهية" (ص: 3 - 7)، "شرح القواعد الفقهية" للزرقا (ص: 36)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 90 - 158)، "موسوعة القواعد الفقهية" للبورنو (1/ 50)، "القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة" للزحيلي (ص: 19)، "القواعد الفقهية الكبرى" للسدلان (ص: 23)، "القواعد الفقهية" للجزائري (ص: 173 - 188)، "القواعد الفقهية" للخليفي (ص: 6).

ثم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وردت ألفاظ رشيقة عن الأئمة من الصحابة فمن بعدهم من التابعين فيها اختصار في الألفاظ وشمول في المعاني والأحكام، ومن ذلك قول الفاروق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "مقاطع الحقوق عند الشروط" -ذكره البخاري تعليقًا وبإسناد جيد رواه عبد الرزاق وغيره- وقوله أيضًا: "هذه على ما نقضى، وتلك على ما قضينا"- رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة بإسناد لا بأس به. فهذه عبارات مختصرة أصبحت قاعدة فقهية يهتدي بها الأئمة والعلماء والفقهاء من بعد. ثم بعد عصور الصحابة والتابعين وبعد أن جاء عصر التدوين نجد أن الواحد من العلماء يعلل الأحكام الفقهية التي يطلقها بعلل تجمع أحكامًا فقهية من أبواب شتى، فأخذ من تلك التعليلات قواعد فقهية. يقول العلامة ابن القيم: "وإذا كان أرباب المذاهب يضبطون مذاهبهم ويحصرونها بجوامع تحيط بما يحل ويحرم عندهم مع قصور بيانهم، فالله ورسوله المبعوث بجوامع الكلم أقدر على ذلك، فإنه يأتي بالكلمة الجامعة، وهي قاعدة عامة، وقضية كلية تجمع أنواعًا وأفرادًا". ومن النماذج المأثورة لتلك القواعد في عصر التابعين وقبل أن تتكون المذاهب الفقهية المشهورة ما نقك إلينا من بعض أقوال الإمام القاضي شُريح بن الحارث الكندى (ت 76 هـ) كقوله: "من شرط على نفسه طائعًا غير مكره فهو عليه" وهو في معنى قول عمر المذكور آنفًا. وقوله: "من ضمن مالًا فله ربحه" وهو في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الخراج بالضمان".

فجميع تلك الآثار والمرويات أمارات بارزة على وجود القواعد في عصر الرسالة وعصر التابعين، وأنهم كانوا ينطقون بكلمات لا تخص موضوعًا واحدًا أو قضية معينة، بل يمكن إجراؤها في كثير من المواطن عند توافر الشروط واستعمالها باعتبارها جامعة لكثير من المسائل والفروع. وإذا تجاوزنا هذه المرحلة وانتقلنا إلى عصر أئمة الفقهاء، العصر الذي اتسق فيه الفقه، وتفتحت براعمه، وانفصل عن الفنون الأخرى صادفنا وجود بعض هذه القواعد في المصادر الأولية الأصيلة التي تم تدوينها في ذلك العصر. ولعلَّ أقدم مصدر فقهي اهتم بذكر بعض هذه القواعد والضوابط العامة كتاب "الخراج" للإمام القاضي أبي يوسف (ت 182 هـ)، ومن ذلك قوله: "التعزير إلى الإمام على قدر الجناية". وقوله: "كل من مات من المسلمين لا وارث له، فماله لبيت المال". ومن تلك المصادر أيضًا بعض كتب الإمام محمد بن الحسن الشيباني (ت 189 هـ) ومن أقواله: "كل أمر يحل بغير نكاح ولا ملك إنما يحل بالإذن فيه". وقوله: "كل من له حق فهو له على حاله حتى يأتيه اليقين على خلاف ذلك". ومن أمثلة ذلك أن الإمام الشافعي في كتابه "الأم" ذكر عددًا من الأحكام وعللها بعلل جامعة تضمل مسائل عديدة، ومن ذلك قوله: "لا يُنسب إلى ساكت قول"، وقوله: "الرُّخص لا يتعدى بها محلها" فأُخذت هذه الألفاظ كقواعد عامة (فقهية) رُتِّبت عليها أحكام في العديد من الأبواب. وقوله: "قد يباح في الضرورات ما لا يباح في غير الضرورات". وقوله: "إذا ضاق الأمر اتسع".

ومما روي عن الإمام أحمد قوله: "كل ما جاز فيه البيع تجوز فيه الهبة والصدقة والرهن". وقوله: "كل زوج يلاعن". ثم بعد ذلك، وبعد هذه العصور -عصور أوائل التدوين- رغب العلماء في جمع تلك القواعد في مؤلفات خاصة، وذلك أن الفروع الفقهية قد تكاثرت إلى حد لا يمكن الإحاطة بها، فعندما تضبط تلك القواعد نستطيع ضبط الفروع الفقهية، فباء ذلك بمحاولات عديدة في التأليف في القواعد الفقهية. ومما يشهد له التاريخ ويظهر بالتتبع والنظر أن فقهاء المذهب الشافعي كما كانوا أسبق من غيرهم في وضع علم أصول الفقه وتدوين قواعده وتهذيب شوارده وتوسيع مباحثه، فإن فقهاء المذهب الحنفي كانوا أسبق من غيرهم في مضمار التأليف في القواعد الفقهية، ولعل ذلك نظرًا للتوسع عندهم في الفروع. ولعل أقدم خبر يُروى في جمع القواعد الفقهية في الفقه الحنفي مصوغة بصيغها الفقهية المأثورة ما رواه القاضي أبو سعيد الهروي الشافعي المتوفى سنة (488 هـ): "أن بعض أئمة الحنفية بَهَراة بلغه أن الإمام أبا طاهر الدَّباس إمام الحنفية بها بما وراء النهر ردَّ جميع مذهب أبي حنيفة إلى سبع عشرة قاعدة، فسافر إليه وكان أبو طاهر ضريرًا، وكان يكرر كل ليلة تلك القواعد بمسجده بعد أن يخرج الناس منه فالتف الهروي بحصير، وخرج الناس، وأغلق أبو طاهر باب المسجد وسرد من تلك القواعد سبعًا، فحصلت للهروي سُعلة فأحسَّ به أبو طاهر فضربه وأخرجه من المسجد ثم لم يكررها فيه بعد ذلك، فرجع الهروي إلى أصحابه وتلا عليهم تلك السبع، قال القاضي أبو سعيد: فلما بلغ القاضي حسينًا ذلك ردَّ جميع مذهب الشافعي إلى أربع قواعد:

الأولى: اليقين لا يزال بالشك. والثانية: المشقة تجلب التيسير. والثالثة: الضرر يزال. والرابعة: العادة محكمة" (¬1). ومن أوائل من ألف في القواعد الفقهية: الإمام أبو الحسن الكرخي الحنفي (ت 340 هـ) وهو من أقران أبي طاهر الدباس، فقد ألف كتابًا سماه "أصول الكرخي" واقتبس منه بعض تلك القواعد وضمها إلى رسالته تلك التي تحتوي على سبع وثلاثين قاعدة، ولعلها أول نواة للتأليف في هذا الفن. ثم في القرن الخامس الهجري جاء الإمام أبو زيد الدبوسي (ت 430 هـ) وألف كتابه " تأسيس النظر" وذكر فيه عددًا من القواعد الفقهية، كما أورد طائفة من الفروع الفقهية المترتبة على تلك القواعد، وإن كان غالبَّا في يذكر فيه قواعد خلافية بين الإمام أبي حنيفة وأصحابه، وبين الإمام أبي حنيفة وبقية الأئمة، كمالك والشافعي وغيرهما. ولعل سبب كون الحنفية هم أول من ألف في القواعد الفقهية هو مقاربة طريقة التأليف في القواعد الفقهية لطريقة الحنفية في التأصيل؛ فإن من المعلوم أن علماء أصول الفقه على منهجين في التدوين الأصولي: المنهج الأول: تقرير القواعد على الأدلة بغض النظر عن الفروع، وهذا هو منهج جمهور العلماء، وعليه سار علماء المالكية والشافعية والحنابلة. المنهج الثاني: تأصيل القواعد الأصولية من خلال الفروع الفقهية الواردة عن الأئمة، وهذا هو منهج الحنفية، فهم يذكرون ويتتبعون الفروع الفقهية الواردة عن ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 61 - 62)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 20 - 21).

الإمام أبي حنيفة وأصحابه ويأخذون منها قواعد أصولية، فهذا المنهج قريب من منهج القواعد الفقهية، ولذلك كان الحنفية من أوائل من ألف في القواعد الفقهية. ولكن النشاط الحقيقي في التأليف في قواعد الفقه لم يبرز إلا في رواق القرن السابع الهجري، إذ برز فيه هذا العلم إلى حدٍّ كبير، وإن لم يبلغ مرحلة التكامل والنضج الذي نراه الآن في المصنفات التي بين أيدينا في قواعد الفقه، ومن طليعة المؤلفات في هذا الفن إبان هذه الحقبة: • "قواعد الأحكام في مصالح الأنام": للإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السُّلمي، المغربي الأصل، الدمشقي مولدًا، المصري دارًا ووفاة، الملقب بسلطان العلماء (ت 660 هـ) وكتابه هذا من أقدم وأعظم ما وصل إلينا في هذا الموضوع، ولم يكن غرض المؤلِّف جمع القواعد الفقهية وتنسيقها على نمط معين، بل كان "الغرض بوضع هذا الكتاب بيان مصالح الطاعات والمعاملات وسائر التصرفات، لسعي العباد في تحصيلها، وبيان المخالفات لسعي العباد في درئها، وبيان مصالح العبادات ليكون العباد على خير منها، وبيان ما يقدَّم من بعض المصالح على بعض، وما يؤخر من بعض المفاسد على بعض، وما يدخل تحت اكتساب العبيد دون ما لا قدرة لهم عليه ولا سبيل لهم إليه" (¬1). وموضوع الكتاب يدور حول القاعدة الشرعية الأساسية: "جلب المصالح ودرء المفاسد" وغالب القواعد الفقهية الأخرى التي نجدها منبثَّة في غضون الكتاب فمردُّها إلى هذه القاعدة العامة. والواقع أن الكتاب فريد في موضوعه، ويفتح أمام القارئ آفاقًا واسعة للتفكير، ولم ينسج على منواله كتاب آخر يضارعه في موضوعه إلى عصر المؤلف. ¬

_ (¬1) "قواعد الأحكام" (1/ 14) فصل في بيان مقاصد هذا الكتاب.

• "أنوار البروق في أنواء الفروق" المشهور بـ "الفروق": للإمام العلامة المحقق أبي العباس أحمد بن أبي العلاء ابن عبد الرحمن الصُّنهاجي المصري، شهاب الدين القرافي المتوفى سنة (684 هـ)، وكتابه هذا من أروع ما أنتجه عقل الفقه الإسلامي، أتى فيه المؤلف العبقري بما لم يسبق إليه، فقد امتاز ببيان الفروق بين القواعد في حين أن الكتب التي ألفت قبله بعنوان "الفروق" كان موضوعها بيان مسائل جزئية تشابهت صورها واختلفت أحكامها فقط، وما صنعه القرافي يُنَمِّي قوة الاستنتاج ويُربي ملكة الفقه، وهذا الكتاب استخلص فيه المؤلف ما نثره من كليات الفروع الفقهية في كتابه الفقهي "الذخيرة" ومن قواعد وضوابط عند تعليل الأحكام، بيد أنه زاد وتوسع هنا في بيان ما أجمله هناك جمع فيه المؤلف خمسمائة وثمانية وأربعين قاعدة. أما القرن الثامن الهجري فيعتبر العصر الذهبي لتدوين القواعد الفقهية وتواصل التأليف فيها، برزت فيه عناية الشافعية لإبراز هذا الفن وتفوقت ثم تتابعت هذه السلسلة في المذاهب الفقهية المشتهرة، ومن أبرز وأشهر ما ألف في هذه الحقبة الزمنية: • "الأشباه والنظائر" للعلامة صدر الدين محمد بن عمر بن مكي، المعروف بابن الوكيل، وبابن المرحل، المصري الدمياطي المولد، الدمشقي النشأة، توفي سنة (716 هـ)، وكتابه هذا أول مؤلف في موضوعه سُمِّي باسم "الأشباه والنظائر" في مجال الفقه الإسلامي (¬1)، ثم حذا حذوه بعد ذلك كثير من ¬

_ (¬1) أما عن أول مؤلف سمى باسم "الأشباه والنظائر" فلم يكن في الفقه ولكن في علم التفسير للإمام مقاتل بن سليمان البلخي (ت 150 هـ) حيث ألف كتابًا بعنوان: "الأشباه والنظائر" في تفسير القرآن العظيم"، ثم توالت المؤلفات في التفسير وغيره مصدَّرة باسم "الأشباه والنظائر".

المؤلفين في هذا العلم كالتاج بن السبكي، والجلال السيوطي، والسراج بن الملقن، والزين بن نجيم. وقد كان هذا الكتاب حافزًا على التأليف في هذا العلم لكثير من جهابذة العلماء، وقد ذكر المحققون أن هذا الكتاب لم يتمكن المؤلف من تحريره وترتيبه وإنما تركه نبذا متناثرة. قال ابن السبكي في "الأشباه والنظائر" (¬1): "وزين الدين هو جامع "الأشباه والنظائر" المنسوبة إلى عمة وله فيها زيادات يسيرة، مميزة عن كلام عمه بلفظ: "قلت" ... ". وفي "طبقات الشافعية" (¬2) قال: "وللشيخ صدر الدين كتاب "الأشباه والنظائر"، ومات ولم يحرره، فلذلك ربما وقعت فيه مواضع على وجه الغلط". فالذي حرره إذًا وهذبه هو ابن أخيه زين الدين بن الوكيل (ت 738 هـ). وكتاب ابن الوكيل ليست القواعد فيه -سواء أكانت فقهية أم أصولية- على النمط المألوف عند المتأخرين في حسن عبارتها، وجودة صياغتها ولكنها نُقِّحت وصيغت من جديد في كتاب "الأشباه والنظائر" لابن السبكي. • "القواعد": للمَقَّري؛ محمد بن محمد بن أحمد المقَّرى المالكي التلمساني المتوفى سنة (758 هـ)، وكتابه المذكور هو الكتاب الثاني بعد "الفرق" للقرافي في القواعد الفقهية عند المالكية، ويعد من أقوم ما أُلِّف في قواعد المذهب المالكي، ولعله أوسع كتب القواعد عند المالكية، بحث فيه مؤلفه مسلك الإمام مالك وأصحابه مع الموازنة بمذهبي الحنفية والشافعية في كثير من القواعد ¬

_ (¬1) (1/ 293). (¬2) (9/ 255).

والفروع مع التعرض أحيانًا لأقوال الحنابلة، ولم يتوسع المؤلف في شرح هذه القواعد وبيانها، ثم إنه لم يستوف ذكر النظائر والفروع، أما القواعد المهمة العامة فقد لا يربو عددها على مائة قاعدة. • "المجموع المُذْهب في قواعد المذهب": للإمام الحافظ خليل بن كيكلدي، صلاح الدين العلائي، الشافعي، الدمشقي، أبي سعيد، المتوفى سنة (761 هـ)، وكتابه هذا من أنفس الكتب التي ألفت في القرن الثامن الهجري في قواعد فروع الفقه الشافعي، وهو يجمع بين قواعد أصولية وقواعد فقهية، ومن أهم خصائص الكتاب أن المؤلف أطال نَفَسه في شرح القواعد الخمس الأساسية شرحًا وافيًا، محاولًا ردَّ جميع مسائل الفقه إليها، ومما زان الكتاب أن المؤلف دعم بعض القواعد وخصوصًا الأساسية بأدلة من الكتاب السنة، والكتاب في الجملة يمثل خير نموذج لتخريج الفروع على قواعد الأصول. • "الأشباه والنظائر": لتاج الدين عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، المصري، الشافعي، المتوفى سنة (771 هـ)، وكتابه هذا يحتل منزلة مرموقة بين مؤلفات هذا الفن، لما أبان فيه مؤلفه من وجوه القواعد الأصولية والفقهية، وأتى فيها بدرر علمية نفيسة، ومناقشات جادة ومطارحات ومباحثات عزيزة، وذلك راجع إلى براعة المؤلف ونبوغه في علمي الفقه والأصول، لذا أضفى ذلك النبوغ الفقهي على كتابه ثوبًا جميلًا، ورغم كون الكتاب حاويًا لأنواع من الفقه فإنه من أهم الكتب وأقومها التي ألفت في موضوع القواعد الفقهية، ولذا أشاد به العلماء وساروا على نهج تأليفه؛ منهم العلامة ابن نجيم الحنفي الذي صاغ كتابه على غرار هذا الكتاب. • "المنثور في القواعد": للعلامة بدر الدين محمد بن بهادر الزركشي،

المصري، الشافعي، المتوفى سنة (794 هـ)، وكتابه ذو قيمة عالية بين المؤلفات في القواعد الفقهية، وذلك مرده إلى أن مؤلفه أضفى عليه من روحه العلمية الجادة، وملكاته البحثية الفياضة ما أكسبه جودة ودقة وقبولًا عند العلماء، فقد جمع المؤلف بين دفَّتيه فروع المذهب الشافعي المحررة، والقواعد والضوابط الفقهية المقررة، ولعله أجمع كتاب فيما وصل إلينا من جهود السابقين في هذا المجال. • "تقرير القواعد وتحرير الفوائد" المشهور بـ "القواعد": للعلامة الحافظ عبد الرحمن بن شهاب بن أحمد، زين الدين، أبي الفرج بن رجب البغدادي، ثم الدمشقي، الشهير بابن رجب الحنبلي، المتوفى سنة (795 هـ)، وكتابه هذا من أنفس وأحفل الكتب للقواعد في الفقه الحنبلي، ويحمل من الثروة الفقهية ما يجل عن الوصف والبيان، وقد بنى المؤلف مباحث الكتاب على مائة وستين قاعدة، وأردفها بفصل يحتوي على فوائد تلحق بالقواعد في مسائل مشهورة فيها اختلاف في المذهب، ومنهجه في هذه القواعد أن يضع أحيانًا تحت عنوان "القاعدة" موضوعًا فقهيًّا ثم يتناوله بالإسهاب والتفصيل، وتارة يورد القاعدة على النَّسق المألوف في كتب القواعد بصيغة موجزة، والكتاب في محتوياته وغضونه تضمن معظم القواعد المشهورة المتداولة، وإن اختلف الأسلوب والصياغة في بيانها، أما الضوابط: الفوائد والأحكام الأساسية الموضوعة تحت عنوان "القواعد" فهي متناثرة وكثيرة في الكتاب (¬1). ¬

_ (¬1) ومن المؤلفات في هذا العصر: "القواعد الكبرى في فقه الحنابلة" لنجم الدين الطوفي الحنبلي (ت 716 هـ)، و"القواعد النورانية الفقهية" لشيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728 هـ)، و" الأشباه والنظائر " لجمال الدين الإسنوي (ت 772 هـ)، و"القواعد في الفروع" لعلي بن عثمان الغَزِّي (ت 799 هـ).

أما في القرن العاشر (¬1): فقد استوى النشاط التدوين لهذا العِلْم، ومن أبرز ما دُوِّن فيه: • "الأشباه والنظائر": للإمام الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر ابن محمد الشافعي، المصري، الشهير بالسيوطي، المتوفى سنة (911 هـ)، وكتابه المذكور من أروع المؤلفات في القواعد الفقهية وأغزرها مادة، وأحسنها ترتيبًا وتنسيقًا، قام فيه باستخلاص أهم القواعد الفقهية المتناثرة المُبدَّدة عند ابن عبد السلام، وابن الوكيل، والعلائي، والسبكي، والزركشي، وأضحى بذلك مصدرًا خِصبًا لدراسة القواعد الفقهية خاصة في المذهب الشافعي، ومن ثمَّ تداولته أيدي العلماء في كل مكان وحظى بحسن القبول والرواج. • "إيضاح المسالك إلى قؤاعد الإِمام مالك": للعلامة المحقق أحمد بن يحيى بن محمَّد التلمساني الوِنْشَريسي، ثم الفاسي، المتوفى سنة (914 هـ)، وكتابه هذا من أشهر ما ألف في قواعد المذهب المالكي، وهو كتاب معتدل وسط بين كتب القواعد المشهورة، ضمنه مائة وثماني عشرة قاعدة، ومعظم قواعده مذهبية تخدم المذهب المالكي، أوردها المؤلف بصيغ استفهامية باعتبار أنها ليست مما يتفق عليها بين العلماء، بل إنها قواعد خلافية، وقد يتعرض لبعض القواعد المتفق عليها بين المذاهب بصيغة الاستفهام أيضًا، وأحيانًا بصيغة الخبر، وأردف كل قاعدة بما يناسبها من الفروع الفقهية من أبواب مختلفة، ويؤخذ عليه إغفاله بعض القواعد المهمة مثل: "الأمور بمقاصدها"، و"العادة محكمة"، و"الضرر يزال"، و"الحدود تسقط بالشبهات"، والكتاب في الجملة من آثاره العلمية النافعة ¬

_ (¬1) وإنما ذكرت ما دُوِّن في القرن العاشر وتركت التاسع لحين أتكلم عن ابن الملقن ومنهجه، فهو أبرز من ألف في هذا العصر.

التي تدل على تمكنه في الفقه المالكي وتضلعه فيه. • "الأشباه والنظائر": للعلامة زين الدين بن إبراهيم بن محمد، الشهير بابن نُجَيْم، الحنفي، المصري، المتوفى سنة (970 هـ)، وكتابه هذا من أشهر المؤلفات في القواعد الفقهية تحت عنوان "الأشباه والنظائر"، وهو موضوع على غرار كتاب العلامة ابن السبكي كما صرَّح ابن نجيم في مقدمة كتابه المذكور، فقد التزم السير على منهج السبكي مع اختلاف يسير في ترتيب المباحث وتنسيق القواعد، إلا أن للقاعدة الأصولية نصيبًا وافرًا عند السبكي بخلاف ابن نجيم، فإنه لم يتعرض للقواعد الأصولية، فقد خص الفن الأول للقواعد الكلية الفقهية، وبسط فيها القول، ووضع الفنون الأخرى للكتاب في مباحث أخرى ذات مِساسٍ بالفقه الإِسلامي؛ كالألغاز والمطارحات والفروق والحكايات، والمراسلات الفقهية، وبلغ عدد القواعد الفقهية خمسًا وعشرين عند ابن نجيم جمعها في الفن الأول من الكتاب، والكتاب هذا قرين لكتاب العلامة السيوطي "الأشباه والنظائر" في اسمه وصيته وخصائصه، ويحتل مكانًا رفيعًا بين مؤلفات هذا الفن، وقد جاء خطوة جديدة بعد أن توقف سير التأليف في هذا الموضوع على مدى الأيام في الفقه الحنفي (¬1). وبالنظر في الكتب المؤلفة في القواعد الفقهية يمكن تقسيم تلك المؤلفات إلى تقسيمات عدة: ¬

_ (¬1) ومن أهم الشروح التي وضعت على كتاب ابن نجيم: "تنوير البصائر على الأشباه والنظائر" لشرف الدين الغزي (ت 100 هـ)، و"غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر" للحموي (ت 1098 هـ)، و"عمدة ذوي البصائر لحل مهمات الأشباه والنظائر" لابن بيري (ت 1099 هـ)، و"عمدة الناظر على الأشباه والنظائر" لأبي السعود الحسيني (ت 1172 هـ).

- التقسيم الأول: تقسيم المؤلفات في القواعد الفقهية بحسب عنوان تلك الكتب، فإن المؤلفات في القواعد الفقهية منها ما يُعَنْون باسم "الأشباه والنظائر"، ويراد بالأشباه المسائل المتشابهة من أوجه متعددة، وأما الأمثال فهي المسائل المتشابهة من كل وجه، وأما النظائر فهي المسائل المتشابهة من وجه واحد وإن كانت تختلف في بقية الوجوه، والغالب في إطلاق لفظ (النظائر) أن يراد به المسائل المتشابهة في الصورة المختلفة في الحكم، ومن الكتب المؤلفة باسم "الأشباه والنظائر" -كما سبق- كتاب ابن الوكيل، وابن السبكي، والإسنوي، والسيوطي، ابن نجيم. والاسم الثاني مما سميت به المؤلفات في هذا العلم اسم "الفروق"؛ وممن ألف باسم "الفروق" أبو محمد الجويني (ت 438 هـ)، والجرجاني (أحمد بن محمد) (ت 482 هـ)، والروياني (ت 501 هـ)، والكرابيسي (ت 570 هـ)، والقرافي (ت 684 هـ). ومن الأسماء التي سميت بها المؤلفات في هذا العلم اسم "القواعد" مثل: "قواعد ابن عبد السلام"، و"قواعد ابن رجب"، و"القواعد" للمَقَّري، و"قواعد الونشريسي"، و"قواعد العلائي"، و"قواعد الزركشي"، و"القواعد" لأبي بكر الحصني الشافعي (ت 829 هـ)، و"القواعد" لابن تيمية. - التقسيم الثاني: تقسيم المؤلفات في القواعد الفقهية بحسب منهجها في الترتيب، فليس ترتيب القواعد الفقهية سائرًا على منهج واحد، بل الكتب في القواعد الفقهية على طرائق مختلفة في الترتيب: فمن هذه المؤلفات ما يرتب القواعد بحسب أهميتها وشمولها، فيبدأ بالقواعد الكلية الكبرى التي لها فروع من كل باب فقهي، ثم يتطرق إلى القواعد الكلية التي تدخل في أبواب متعددة وإن لم تكن تدخل في جميع الأبواب، ثم يذكرون القواعد

المختلف فيها، ومن أمثلة الكتب المؤلفة على هذا الترتيب: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي، والسيوطي، وابن نجيم. - ومنها: ما يرتب القواعد الفقهية بحسب الترتيب الهجائي، فيبدأ بالقواعد التي تبدأ بحرف الألف مثل: قاعدة الأمور بمقاصدها، ثم بحرف الباء، مثل: "البينة على المدعي" وهكذا. وممن ألف على هذا المنهج الزركشي في كتابه "المنثور في القواعد"، ولعل هذه الطريقة من أحسن الطرق في ترتيب القواعد؛ لأن كون القواعد تعم وتشمل، أو تقتصر على بعض الأبواب مما تختلف فيه الأنظار وتختلف فيه وجهات العلماء. - ومنها: ما يرتب القواعد الفقهية بحسب الأبواب الفقهية، فيورد القواعد المتعلقة بكتاب الطهارة، ثم كتاب الصلاة، وهكذا. وممن ألف على هذا المنهج المقري المالكي في كتابه "القواعد"، وشيخ الإِسلام ابن تيمية في كتابه "القواعد النورانية"، وصاحبنا ابن الملقن في كتابنا هذا, ولهذه الطريقة مآخذ سنذكرها بإذن الله في الكلام على منهج ابن الملقن في كتابه "القواعد". - ومنها: ما سرد القواعد الفقهية بدون ترتيب معين، وقد سار على هذه الطريقة بعض العلماء من أبرزهم ابن رجب في كتابه "تقرير القواعد"، فإنه كان يذكر القواعد بدون أي ترتيب. التقسيم الثالث: تقسيم المؤلفات في القواعد الفقهية بحسب منهجها في شمول القواعد الفقهية وغيرها: فمنها: ما الغالب فيه الاقتصار على القواعد الفقهية فقط دون غيرها مثل كتاب "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل.

ومنها: ما أورد القواعد الفقهية مع قواعد أخرى أصولية أو عقدية أو نحوية أو موضوعات فقهية تمَسُّ الفقه وفروعه من الفوائد والفروق والألغاز والمطارحات والحكايات والمناظرات مثل كتب الدبوسي، والقرافي، والعلائي، وابن السبكي، والزركشي، وابن رجب، وابن الملقن، والسيوطي، وابن نجيم.

ابن الملقن وكتابه القواعد أو الأشباه والنطائر منهجه وكلام العلماء فيه

ابن المُلَقِّن وكتابه "القواعد" أو "الأشباه والنطائر" منهجه وكلام العلماء فيه وسراج الدين بن الملقن من رجالات القرن التاسع الهجري (¬1)، ذلك العصر الذي مثَّل حلقة وصل بين حقبتين تاريخيتين تمثلتا في القرن الثامن والعاشر، هذه الحلقة اتسمت بطابع الجمع، والتلخيص، والشروح، والتهذيب لكتب السابقين في سائر العلوم من فقه، وأصول، وحديث، ولغة. وابن الملقن -وهو من فحول هذا العصر وأرباب هذه الطريقة- كتبه في الفقه والحديث والتخريج والشرح والاختصار أدلُّ شاهد على براعة ملكاته وثقابة أدواته، ولما لا وقد تفقه بالتقي السبكي، والعز بن جماعة، وغيرهما من فحول الفقه والأصول، وأحاط بفقه الشافعي والمذاهب الأخرى، وأذن له بالإفتاء فيها، كما أجاز له في الحديث وعلومه جهابذة هذا الفن كالمزِّي، والعلائي، وأثنى عليه كثير من الأئمة ونعتوه بالحافظ. • منهج ابن الملقن في كتابه: أبرز ابن الملقن كتابه هذا في حُلَّةٍ جديدة في مضمار المؤلفات في هذا الفن ¬

_ (¬1) ومن المؤلفات التي ألفت في هذا العصر: "أسنى المقاصد في تحرير القواعد" لمحمد بن محمد الزُّبيري (ت 808 هـ)، و"القواعد المنظومة " لابن الهائم المقدسي (ت 815 هـ)، و"نظم الذخائر في الأشباه والنظائر" لعبد الرحمن بن علي المقدسي المعروف بـ "شُقير" (ت 876 هـ)، و"القواعد" لأبي بكر الحصني (ت 829 هـ).

تنتظم جودة الترتيب والتنسيق؛ حيث رتَّبه على الأبواب الفقهية، وضمن كل باب من أبوابه كل ما يتضمنه من القواعد والفوائد الفقهية والأصولية التي لم أشتاتها من أجمع الكتب المؤلفة في القواعد، مثل "قواعد الأحكام" للعز بن عبد السلام، و"الأشباه والنظائر" لابن الوكيل، و"الفروق" للقرافي، و"الأشباه والنظائر" لابن السبكي، و"قواعد العلائي"، و"قواعد الزركشي" وغيرها من كتب السابقين من رجال المذهب الشافعي قديمًا وحديثًا: كابن الحداد، والقفال، وابن القاص، والقاضي حسين، والروياني، والجرجاني، وإمام الحرمين، والماوردي، والغزالي، والهروي، وابن الصلاح، وابن الرفعة، والسبكي، والرافعي، والنووي، والمتولي، وغيرهم من فقهاء المذهب ورجاله. ويعطينا ابن الملقن نبذة في مقدمة كتابه بين فيها تعريفًا لكتابه وأوضح أهمية الاشتغال بالقواعد، وسلط الضوء على المنهج الذي سلكه فيه، فيقول: "فإن الاشتغال بالأشباه والنظائر والقواعد لما تحتوى من الفوائد والفرائد يُحِدُّ الأذهان ويُظهر النظر، وقد هذَّب العلماء جملة منها واعتنوا بها؛ فمنهم العلامة عزُّ الدين، وشهاب الدين القرافي، وللعلامة عَصْرِيِّنا محمد بن المُرَحِّل فيه مصنَّف حسن هذَّبه ورتَّبهُ ابن أخيه زَيْن الدين، وهو الذي أبرزه، ولشيخنا الحافظ العلامة صلاح الدين بن العلائي فيها مصنَّف مفرد أيضًا، لكنها كلها غير مرتَّبة على شأن القواعد وعلى ما يقع في تلك المقاصد، وقد استخرت الله والخِيَرَةُ بيده في كتاب في ذلك، مرتَّبٍ على الأبواب الفقهية على أقرب ترتيب، سهل التنقيح والتهذيب مُبيِّن ما وقع في الاختلاف، وما يفي به عند الاضطراب من الخلاف، لم يُنسج مثله على منوال، ولم يسبقني أحد إلى ترتيبه على هذا المثال ... ". ولكن يؤخذ على الطريقة التي سلكها ابن الملقن في ترتيبه القواعد على ترتيب

الأبواب الفقهية أمران: الأمر الأول: أن كون القاعدة مما تعمُّ أو تشمل، وكونها تقتصر على بعض الأبواب دون بعض مما تختلف فيه الأنظار، وتتفاوت فيه وجهات العلماء، ولعل هذا الأمر بالتحديد هو الذي حدا بالعلماء إلى أن يسلك كلٌّ منهجًا يخالف منهج غيره، فجاءت كل هذه الطرق المتباينة في المنهج والترتيب. الأمر الثاني: أن هذه الطريقة ربما ألجأت ابن الملقن إلى أن يكرر قاعدة ما في أكثر من باب لكونها تعم فروعًا من هذه الأبواب جميعًا، لذا كان ابن الملقن يتخلص من ذلك التكرار بأن يذكر القاعدة في باب معين موردًا فيه عبارة ابن الوكيل مثلًا، ثم يذكرها في باب آخر موردًا فيه عبارة ابن السبكي. -كما أن هناك بعض الأبواب الفقهية لم تكن فروعها داخلة تحمسا قاعدة معينة فكان يذكر فيها بعض الضوابط والفوائد التي لا تدخل في مسمى "قاعدة". - حاول ابن الملقن أن يجمع تحت كل قاعدة أكبر عدد من النظائر حتى لربما تعدت نظائر القاعدة الواحدة (أو مستثنياتها) الأربعين فرعًا. - أكثر ابن الملقن النقل عن صدر الدين بن الوكيل وهو أحيانًا يعزو إليه وأخرى يذكر النقل مختصرًا مهذبًا بدون عزو إليه فكنت أشير إلى كل هذه المواضع، وأكثر أيضًا من النقل عن شيخه تقي الدين السبكي وولده تاج الدين، وكان يكنى عن الأول دائمًا بـ "شيخنا"، أما الثاني فأغفل ذكره تمامًا وربما غنى عنه بـ "بعض المتأخرين" مع أن نُقُولَ ابن الملقن عن ابن السبكي لا تقل عددًا وأهمية عن تلك التي أخذها من "أشباه ابن الوكيل". - انماز كتاب ابن الملقن بكثرة التنقيحات الفقهية، والتحقيقات الأصولية والترجيحات بين الأقوال والأوجه التي ربما سكت عن الترجيح فيها مَنْ نقل عنهم.

"وإن الناظر في الكتاب يشاهد أن المؤلف رحمه الله أنجز ما ومحمد وأخرج لنا كتابًا حافلًا في هذا الموضوع، يبدو فيه شيء من الابتكار والتميز ترتيبًا وتنقيحًا للقواعد ومسائلها" (¬1). - ونظرًا لكثرة النقول التي أخذها ابن الملقن من كتابي "ابن الوكيل" و"ابن السبكي"، فإن بعض العلماء دعاهم ذلك إلى غمز الكتاب والحطِّ منه، فيقول صاحب "كشف الظنون" (¬2): "وللشيخ سراج الدين عمر بن علي الشافعي المتوفى سنة أربع وثمانمائة -يعني: ابن الملقن"- التقطه من كتاب التاج السبكي خُفية". "وليس ذلك مما يشين الكتاب ويحط من قدره وما يمتاز به من حسن الديباجة، وجودة الصناعة في الترتيب، وجمع الشتات الكثيرة من كتب مختلفة ... " (¬3). وعلى هذا الدرب سار المؤلف في سائر كتابه، ولا شك أن تأصيل القواعد وترتيبها على الأبواب مما يدل على ثقابة نظر في الفقه ومهارة فائقة في ربط الفروع بأصولها، وبجانب تلك القواعد يحمل الكتاب في طياته ضوابط مهمة تحت أبواب مختلفة. ويقول السيوطي في كتابه "الأشباه والنظائر في النحو" (¬4) في غضون حديثه عن أشهر المصنفين في القواعد: ¬

_ (¬1) "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 238). (¬2) "كشف الظنون" (1/ 136). (¬3) "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 239). (¬4) "الأشباه والنظائر في النحو" (1/ 8).

"وأول من فتح هذا الباب شيخ الإسلام ابن عبد السلام في قواعده الكبرى, فتبعه الزركشي في القواعد، وابن الوكيل في "أشباهه"، وقد قصد السبكي بكتابه "تحرير" كتاب ابن الوكيل بإشارة والده له في ذلك كما ذكره في خطته، وجمع أقسام الفقه وأنواعه ولم تجمع في كتاب سواه، وألف السراج بن الملقن مرتبًا على الأبواب، وألَّفتُ مرتبًا على أسلوب آخر" -بتصرف-. ولكن الذي ينبغي التنويه عليه حقًّا ما أغفله ابن الملقن من القواعد الكبرى في هذا الكتاب، فقد نسي أن يذكر ثلاث قواعد شهيرة وهي: 1 - الأمور بمقاصدها: فقد أغفلها ابن الملقن على الرغم من أنه ذكر كثيرًا من القواعد والضوابط والفروع التي تنبني على تلك القاعدة. 2 - الضرر يُزال. 3 - المشقة تجلب التيسير. ولكن الذي يرى كم القواعد والضوابط التي زخر بها كتابه فإنه يلتمس له العذر، خاصة وأن هذه القواعد المتروكة لم تُتْرك فروعها بل أوردها منثورة هي وما انبنت عليه من قواعد وفوائد، كما أن العذر معه أيضًا في ذلك بسبب طريقته في ترتيب الكتاب على الأبواب الفقهية؛ فإنها طريقة ليست باليسيرة في علم القواعد الفقهية. • اسم الكتاب: ورد اسم الكتاب في النسخ التي اعتمدنا عليها: "الأشباه والنظائر"، والناظر يجد أننا أخرجناه باسم "القواعد"، والأمر فيه سعة خاصة في مجال التصنيف في قواعد الفقه، فالكلام على القواعد يعقبه ولا بد بيان لنظائر كل قاعدة من الفروع

الفقهية، والكلام على الأشباه والنظائر الفقهية لا يمكن إلا بعد إيراد القاعدة التي تندرج تحتها هذه الأشباه والنظائر، لذا فالأمر على سعته. ويعضد ما نقول أن بعض المصنفات التي صنفت في هذا العلم قد سماها مصنفوها بأكثر من اسم، ففي بعض نسخ "الأشباه والنظائر" لابن السبكي ورد باسم "قواعد ابن السبكي"، وكتاب "تقرير القواعد وتحرير الفوائد" لابن رجب، اشتهر بين الأوساط العلمية باسم "قواعد ابن رجب"، وقد آثرت إخراج الكتاب باسم "قواعد ابن الملقن" جريًا على هذه السُّنة، وترغيبًا للطلبة فيه، إذ قد يستغلق على بعضهم معنى "الأشباه والنظائر" خاصة وأن هذا العلم -أعني علم "الأشباه والنظائر"- مما لم يخترعه علماء هذا الفن، بل استعمله من قبلهم علماء التفسير والأدب، وبعدهم علماء اللغة والنحو. والله من وراء القصد

وصف النسخ الخطية وعمل التحقيق

وصف النسخ الخطية وعمل التحقيق 1 - النسخة الأولى: وهي نسخة المكتبة الظاهرية بمكتبة الأسد بدمشق، وتحمل رقم (2884)، وقد اعتمدنا النسخة المصورة عنها يمعهد البحوث العلمية بكلية الشريعة بجامعة أم القرى، والتي تحمل رقم (90 أصول الفقه)، ولها صورة بمكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض تحت رقم (6609 - ف)، وصورة بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية تحت رقم (7279/ 1)، وبمكتبة جامعة الملك سعود بالرياض رقم الحفظ (ف 667). - وعدد أوراق هذه النسخة: (229 ورقة). - ومسطراتها: (27 سطرًا). - تاريخ نسخها: (862 هـ). - نوع النسخ: نسخ معتاد. - وقد رمزنا لها في التحقيق بالرمز (ن). 2 - النسخة الثانية: وهي نسخة مكتبة أحمد الثالث بتركيا، وتحمل رقم (8752)، وقد اعتمدنا النسخة المصورة عنها بمعهد البحوث العلمية بكلية الشريعة بجامعة أم القرى تحت رقم (89 أصول فقه)، ولها صورة بمكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض تحت رقم (6608 - ف)، وصورة بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة تحت

3 - النسخة الثالثة

رقم (4979)، وبمكتبة جامعة الملك سعود بالرياض رقم الحفظ (ف 666). - وعدد أوراقها: (202 ورقة). - ومسطراتها: (23 سطرًا). - وتاريخ النسخ: (873 هـ). - ونوع النسخ: معتاد جيد. - وقد رمزنا لهادي التحقيق بالرمز (ق). 3 - النسخة الثالثة: سبق أن أشرنا في المقدمة إلى أن ابن الملقن اعتمد في غالب المنقول في هذا الكتاب على كتاب "الأشباه والنظائر" لصدر الدين بن الوكيل؛ لذا كان عن الضروري أن نعتمد كتاب ابن الوكيل نسخة أصيلة في المقابلة، ورمزنا لها بالرمز (ك). 4 - النسخة الرابعة: أشرنا سلفًا إلى أن ابن الملقن كان ينقل كثيرًا عن تاج الدين بن السبكي دون عزو إليه، ولكن بالمطابقة وجدنا أنه ينقل بالنص دون تصرف ولا اختصار في الغالب؛ لذا كان ضروريًّا أيضًا أن نعتمد كتاب ابن السبكي نسخة أصيلة في المقابلة، ورمزنا لها بالرمز (س). عمل التحقيق: 1 - قمت بنسخ الكتاب ومقابلته على النسخة الخطية الأخرى وإثبات فروق النسخ في هامش الكتاب وفق ما ترجح لدى من قرائن الترجيح. 2 - قمت بضبط نص الكتاب نحوًا وإملاءً وفق قواعد اللغة العربية المشتهرة مع تحقيق الهمزات المسهلة، وتصويب ما اقترفته أيدي النساخ.

3 - قابلت الكتاب على مصادر القواعد التي اعتمد عليها ابن الملقن واستدركت ما فاته من كلمات وعبارات حتى ينسجم النص ويستقيم السياق. 4 - قمت بتخريج القواعد التي جمعها ابن الملقن في كتابه من مصادر القواعد والأشباه والنظائر، وإثبات ذلك في حاشية الكتاب. 5 - قمت بشرح بعض القواعد الغامضة والعبارات المستبهمة من خلال مظان ذلك من كتب القواعد ومعاجم اللغة. 6 - قمت بتخريج الأحاديث النبوية الواردة في الكتاب تخريجًا مفصلًا ببيان اسم الكتاب والباب ورقم الحديث. 7 - قدمت للكتاب بمقدمة ودراسة تضمنت ترجمة المصنِّف، وتعريفًا بأهم المصطلحات الجارية في علم القواعد الفقهية، وألمحنا إلى التطور التاريخي لنشأة القواعد الفقهية، وبينا منهج ابن الملقن في الكتاب. 8 - فهرست للكتاب بفهارس علمية شملت فهارس الآيات، والأحاديث، والأعلام، والقواعد الفقهية والقواعد الأصولية، والموضوعات حتى يتسنى لمن أراد البحث فرصة البحث اليسير. وعلى الله قصد السبيل

صور النسخ الخطية

لوحة الغلاف من النسخة (ن)

الورقة الأولى من النسخة (ن)

الورقة الأخيرة من النسخة (ن)

لوحة الغلاف من النسخة (ق)

الورقة الأولى من نسخة (ق)

الورقة الأخيرة من النسخة (ق)

(النصُّ المحقَّق) قَوَاعِدُ ابْنِ الْمُلَقِّنِ تصنيف الْعَلامَة الإِمَام الْمُحَقق عُمْدَة المصنفين سراج الدّين أبي حَفْص عمر بن عَليّ الْأنْصَارِيّ الْمَعْرُوف بـ «ابْن الملقن» (الْمُتَوفَّى سنة 804 هـ)

خطبة المصنف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت] (¬1) الحمدُ لله الذي لا نظيرَ له، تعالى في ذاتِه، ولا شبيهَ ولا مماثلَ في صفاتِهِ، تعالى أن تُشْبه ذاتَه ذاتٌ أو صفاتِهِ صفاتٌ، انفرد بذلك عن مخلوقاته، وأعجز البُلَغاء عن إدراك ألفاظِهِ بجميل (¬2) صفاته، كلهم مقهورون بسَطْوَته (¬3)، خاضعون لجلاله وعظمته، نحمده أن (¬4) هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولاه، ونشكره أن (4) جعلنا سَادةً وقادة لا جاعلَ لذلك سواه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المنفرد بالرُّبُوبية (¬5) فلا ملجأ سواه، وأن محمدًا عبده ورسوله مُبلِّغُ آياته وأنبيائه المخصوصة بعظمته وعِزِّه وكبريائه، سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، صلى الله على (¬6) أشرف الخلق، وخاتم رسلك، وعلى آله وصحبه وأزواجه وذرياته وأتباعه إلى يوم الدين، ورضي الله عن الأئمة الماضين، وبارك في الباقين إلى أن ترث الأرض ومن عليها وأنت خير الوارثين، وبعد: ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬2) كذا في (ن)، وفي (ق): "بجهل". (¬3) كذا في (ن)، وفي (ق): "بصطوته". (¬4) في (ق): "إذ". (¬5) في (ن): "بالديمومية". (¬6) في (ن): "عليه".

فإن الاشتغال (¬1) بالأشباه والنظائر و (¬2) القواعد لما تحتوي من الفرائد والفوائد (¬3) وتُحدُّ الأذهان، وتُظهر النظر، وقد هذَّب العلماء جملة منها، واعتنوا بها، فمنهم العلامة عز الدين (¬4) [ابن عبد السلام] (¬5)، وشهاب الدين ابن القرافي (¬6)، وللعلامة عصريِّنَا صدر الدين محمد بن المرحِّل (¬7) فيه مصنَّفٌ حسن ¬

_ (¬1) في (ن): "فالاشتغال". (¬2) في (ن): "أو". (¬3) في (ق): "من الفوائد والفرائد". (¬4) هو الشيخ الإمام عز الدين أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن، السُّلمي الدمشقي ثم المصري، الملقب بسلطان العلماء، ولد سنة سبع -أو ثمان- وسبعين وخمسمائة، رحل وسمع وطلب العلم من كثير، ورحل إليه الطلبة من سائر البلاد، وصنف التصانيف الباهرة المفيدة، توفي بمصر سنة ستين وستمائة (660 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 428 - رقم 412). (¬5) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬6) هو شهاب الدين، أبو العباس أحمد بن أبي العلاء إدريس بن عبد الرحمن بن عبد الله الصنهاجي البَهْفشَيمي القرافي -بفتح القاف مقبرة بمصر- ولد سنة ست وعشرين وستمائة، له تصانيف محققة وتواليف مدققة من أهمها: "أنوار البروق في أنواع الفروق" في القواعد الفقهية، "تنقيح الفصول" في الأصول، "الذخيرة" في الفروع، "الإحكام في تمييز الفتوى عن الأحكام"، توفي سنة أربع وثمانين وستمائة (684 هـ)، راجع ترجمته في "الديباج المذهب" (ص: 128)، "هدية العارفين" (1/ 84). (¬7) هو محمد بن عمر بن مكِّي بن عبد الصمد بن عطية بن أحمد، صدر الدين، أبو عبد الله ابن الشيخ الإمام العالم الخطيب زين الدين أبي حفص العثماني، المعروف بابن المرحِّل، وبابن الوكيل، ولد بدمياط سنة خمس وستينَ وستمائة، وأخذ الأصلين عن الصفي الهندي، والنحو على ابن مالك، وبرع وأفتى وله اثنتان وعشرون سنة وكان من الأذكياء، جمع كتاب الأشباه والنظائر ومات قبل تحريره، فحرره وزاد عليه ابن أخيه زين الدين، توفي سنة ست عشرة وسبعمائة (716 هـ) بالقاهرة، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (2/ 26 - رقم 519).

هذبه ورتَّبه ابنُ أخيه زين الدين (¬1)، وهو الذي أبرزه، ولشيخنا الحافظ العلامة صلاح الدين ابن العلائي (¬2)، فيها مصنفٌ مفرد [أيضًا] (¬3)، لكنها كلها غير مرتبة على شأن القواعد، وعلى ما يقع في تلك المقاصد (¬4)، وقد استخرت الله تعالى والخِيَرةُ بيده في ذلك في كتابٍ مرتبٍ على الأبواب الفقهية على أقرب ترتيب سهلِ التنقيح والتهذيب، مُبيِّن ما وقع في الاختلاف، وما يفتى به عند الاضطراب من الخلاف، لم ينسج مثله على منوال، ولم يسبقني أحد إلى ترتيبه على هذا المثال، لكن الرب [سبحانه و] (¬5) تعالى سهَّل لي ترتيبه على هذا النمط بعد استخراج التعب فيه، ونَكَّتُّ [على] (¬6) ما في السقط، وكنت بيضته قديمًا مبتدئًا ¬

_ (¬1) هو محمد بن عبد الله بن عمر بن مكي بن عبد الصمد بن عطية بن أحمد العثماني، الشيخ الإمام زين الدين أبو عبد الله، أخذ الفقه والأصلين عن عمه صدر الدين وغيره، ودرس بالشامية الكبرى, ولد سنة تسعين وستمائة، وكان من أحسن الناس شكلًا، رُبي على طريقة حميدة في العفاف والملازمة للاشتغال، توفي سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة (738 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شبهة (2/ 72 - رقم 562). (¬2) هو الإمام الحافظ صلاح الدين، أبو سعيد خليل بن كَيْكَلْدَى بن عبد الله العلائي الدمشقي ثم المقدسي، ولد بدمشق سنة أربع وتسعين وستمائة، وسمع الكثير، ورحل، وبلغ عدد شيوخه سبعمائة، أخذ الحديث عن المزِّي، وأخذ الفقه عن الفزاري وابن الزملكاني، وكان إمامًا في الفقه والنحو والأصول، صنف في الحديث والنظائر الفقهية، ودرس بالصلاحية بالقدس الشريف، وانقطع فيها للاشتغال والإفتاء والتصنيف، ومن تصانيفه: القواعد وهو كتاب مشهور نفيس مشتمل على علمي الأصول والفروع، توفي بالقدس سنة إحدى وستين وسبعمائة (761 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (2/ 164 - رقم 642). (¬3) من (ق). (¬4) كذا في (ن)، وفي (ق): "المقاعد". (¬5) من (ق). (¬6) سقطت من (ق).

فيه [في] (¬1) يوم الأربعاء تاسع شوال منه، وكان خاتمته في يوم الأحد رابع عشرين ذي الحجة سنة [ .... ] (¬2) ورتبته (¬3) في نحو شهرين ونصف، ثم لا زلت أتتبع القواعد والغرائب والفوائد إلى أن خار الله [تعالى] (¬4) في الشروع في تبييضه ثانيًا في يوم الجمعة نصف جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين، ثم خار الله تعالى للعبد في مراجعته ثالثًا (¬5) في حادي عشرين [شوال] (¬6) من سنة إحدى وتسعين، ثم رابعًا في صفر من سنة سبع وتسعين، فانظر في عمل أربعين سنة لم يحصل فيها تكاسل ولا فتور، أعاننا (¬7) الله على إكماله [وصلى الله على محمد وآله وسلم] (¬8). * * * ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) بياض في الأصلين (ن)، و (ق). (¬3) كذا في (ن)، وفي (ق): "وترتيبه". (¬4) من (ق). (¬5) في (ق): "بالثاني". (¬6) سقطت من (ق). (¬7) في (ق): "أعان". (¬8) ما بين المعقوفتين وقع في (ن): "لمحمد وآله"، وفي (ق): "بمحمد وآله وسلم".

كتاب الطهارة

كتاب الطهارة قاعدة " منْشَأُ الخلاف في فروع بعد الاتفاق على أصلها تارة تكون بعد تعين العلة، وتارة قبلها" (¬1). مثال الأول: الاتفات على الماء المطلق بتعين الطهورية به لخاصيته بالماء، ووقع الاختلاف في فروع كالمتغير بأوراق الأشجار، والأصح العفو ما لم تطرح وتتعفن (¬2)، وبالتراب المطروح قصدًا، وأظهر القولين أنه لا يضر (¬3)، فإذا الخلاف يُفْرضُ على وجوه: أحدها: أن يكون الارتباط بالاسم كما في هذا المثال، فإن اختصاص (¬4) الطهورية بالماء إما تعبُّد لا يعقل معناه، أو يعلل باختصاص الماء بنوع من الرقة واللطافة والنفوذ في التركيب الذي لا يشاركه سائر المائعات فيه، وعلى كل منهما المناط الاسم؛ أما إن كان (¬5) تعبدًا فواضح، وإن كان معقول المعنى فإطلاق الاسم دالٌّ على وجود هذه الصفات أو أكثرها، فإذا اختلفت في تراب مطروح أو ملح أو ¬

_ (¬1) اقتبس ابن الملقن عبارة هذه القاعدة بنصها من كتاب "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل ص (15). (¬2) التصحيح من ابن الملقن، وليس في عبارة ابن الوكيل. (¬3) الاستظهار من ابن الملقن أيضًا. (¬4) في (ن): "اختصاصية". (¬5) في (ق): "يكون".

فرق مثلًا، فذلك اختلاف في أن الاسم يسلب أو لا، فلو [اتفق على زوال الاسم] (¬1) اتفق على زوال الطهورية، ولو اتفق على بقائه اتفق على بقائها. الثاني: أن يتعلق بالعرف كالغرر المجتنب في البيع المرجوع فيه إلى العرف فإذا اختلف في بيع الغائب إذا ذكر وصفه وأثبت خيار الرؤية [آل الخلاف إلى] (¬2) أن مثل هذا هل يُبقي الغررَ عرفًا أم لا؟ والأصح عندنا: لا (¬3). ثالثها: أن يكون المرجوع فيه الجنس كالماء الكثير المتغير إذا زال تغيره بالماء فإذا طهور بلا شك، وإن زال بالمسك فلا؛ لأن الرائحة مستترة (¬4) برائحة غيره، فإن زال بالتراب فالخلاف منشؤه أنه مزيل أو ساتر كما وقع في كلام الغزالي (¬5) وغيره، فلو اتفق على أنه مزيل لجعل كالماء، [ولو اتفق] (¬6) على أنه ساتر ¬

_ (¬1) تكرر ما بين المعقوفتين في (ق). (¬2) سقط قوله "آل الخلاف" من (ق)، وفي (ن): "إلى الخلاف لا". (¬3) التصحيح من ابن الملقن وليس في كلام ابن الوكيل. (¬4) في (ق): "مشتهرة". (¬5) هو زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الطوسي الغَزّالي، الإمام حجة الإسلام، ولد بطوس سنة خمسين وأربعمائة، أخذ عن إمام الحرمين ولازمه حتى صار انظر أهل زمانه، ولي تدريس النظامية ببغداد ثم تركها ورجع إلى دمشق وأقام بها عشر سنين وصنف فيها كتبًا، ثم رحل إلى القدس والإسكندرية، ثم عاد إلى وطنه بطوس ودرس بنظامية نيسابور ثم تركها، وتصانيفه عمدة في التنقيح والتحقيق خاصة في فروع المذهب الشافعي منها: "البسيط" وهو مختصر النهاية لإمام الحرمين، و"الوسيط" ملخص منه، و"الوجيز"، و"الفتاوى"، و"الإحياء"، و"المستصفى"، و"تهافت الفلاسفة"، توفي سنة خمس وخمسمائة، راجع ترجمته في" "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 278 - رقم 261). (¬6) ما بين المعقوفتين من "ك".

[لجُعل] (¬1) كالزعفران. ويجاب عن هذا بحمل الزوال الأول على فقد التغير تجوُّزًا، والثاني حقيقة (¬2)، وفي [مثل] (¬3) هذا المكان إذا أنعم النظر حصل القطع أو الظن القريب منه. [القسم] (3) الثاني: ما يكون قبل تعيُّن العلة، [وهو] (¬4) على وجهين، أولهما: أن يكون الأصل والفروع (¬5) مشتركين في عموم معنى جلي كيف ما فرضت [العلة] (¬6) كإلحاق الأمة بالعبد في عتق أحد الشريكين إن لم يحصل لفظ العبد يشملهما لكن أهل اللغة قالوا: إن الحُرُّ خلاف العبد، فدخلت فيه، أو يشتركان (¬7) في وصف صفتين كإلحاق سؤر الخنزير بسؤر الكلب، فإذا الإلحاق إن كان جليًّا لم يطل فيه النزاع، وقطع به، وابتدره الفهم من غير تأمل كالأمة مع العبد، وإن كان خفيًّا قامت بالنفس إشارات لا تحصِّلها (¬8) العبارات. الوجه الثاني: أن يقع (¬9) النزاع في تعيين العلة، أو في تعيين ضبط أوصافها كوقوع الخلاف في علة سَلْب الماء المستعمل في الطهورية هل هي أداء العبادة حتى يشركها المستعمل في تجديد الوضوء وغيره [من] (¬10) الطهارات المسنونة، ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) هذا الجواب لابن الملقن وليس في عبارة ابن المرحِّل. (¬3) من (ن). (¬4) في (ق): "وهي". (¬5) في (ن) و (ق): "كالفرع"، والمثبت من (ك). (¬6) سقطت من (ق). (¬7) كذا في (ق)، وفي (ن): "أو أن يشتركان". (¬8) في (ق): "تخلصها". (¬9) في (ق): "يقسم". (¬10) سقطت من (ق).

قاعدة الصحيح عند الإمام الشافعي: أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة

أو أداء الفرض لانتقال المانع كما عبر بعضهم به فلا يشركه [في] (¬1) ذلك، وفي هذا يطول النظر ويعظم الخطر. قاعدة " الصحيح عند الإمام الشافعي: أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة في الأوامر والنواهي" كما أوضحناه في الأصول (¬2). وقال الشيخ أبو حامد (¬3): تتناولهم الأوامر دون النواهي، ومن أصحابنا من عكس، وفي تعليق الشيخ أبي إسحاق الإسفراييني الأستاذ (¬4): ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) راجع: "البرهان في أصول الفقه" لإمام الحرمين (1/ 92)، "الأصول" للسرخسي (ص: 58)، "المستصفى" للغزالي (ص: 73)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص: 129)، "الإبهاج" للسبكي (1/ 176)، "الموافقات" للشاطبي (41/ 1، 255، 414)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (2/ 101)، "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 53)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 492). (¬3) هو أبو حامد أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي طاهر، الشيخ الإمام شيخ الشافعية بالعراق، ولد سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، وقدم بغداد سنة أربع وستين، وتفقه على يد ابن المرزبان والداركي، وأخذ الحديث عن الدارقطني والإسماعيلي، وأخذ عنه الفقهاء والأئمة ببغداد وشرح المختصر في "تعليقته" التي هي في خمسين مجلدًا، ذكر فيها خلاف العلماء وأقوالهم ومآخذهم ومناظرتهم، حتى كان يقال له: الشافعي الثاني، وانتهت إليه رئاسة الدين والدنيا ببغداد، توفي سنة ست وأربعمائة (406 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 148 - رقم 133). (¬4) هو ركن الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الإسفراييني، المتكلم الأصولي، الفقيه، شيخ أهل خراسان، يقال إنه بلغ رتبة الاجتهاد، وله مصنفات محققة في أصول الدين والفقه، وأخذ عنه علم الكلام والأصول عامة شيوخ نيسابور، قيل عنه وعن الباقلاني وابن فورك: الباقلاني بحر مغرق، وابن فورك صِلٌّ مطرق، والإسفراييني نار تحرق، =

"لا خلاف (¬1) في أن خطاب (¬2) الزواجر من الزنى والسرقة والقذف متوجهة على الكفار كالمسلمين"، ثم ذكر أصحابنا في الأصول أن المَعْنى من كونهم مكلفين العقابُ على الترك (¬3) كالإيمان, ولم يجعلوا لذلك أثرًا في الدنيا بعد الإسلام مما فاتهم في حال الكفر. وأما أصحابنا في الفروع فذكروا مسائل تتعلق بأحكامهم في الدنيا وصرحوا في بعضها بالتخريج (¬4) على هذه القاعدة (¬5)، وقد أوضحت ذلك في شرح [ ... ] (¬6). - ومنها: إذا (¬7) اغتسلت (¬8) لتَحِلَّ لزوجها المسلم فهل يجب عليها إعادة الغُسل إذا أسلمت؟ رجح الرافعي وجماعة وجوبه، ورجح الإمام وجماعة عدمه، وفرق الإمام بين هذه و [بين] (¬9) ما لو وجب على الذمي كفارة فأخرجها (¬10) ثم أسلم، فإنه لا تجب الإعادة قطعًا بأن الكفارة على الذمي إنما تكون بالمال، ولا تخلو الكفارة المالية عن عوض شرعي من إطعام أو كسوة أو عتق، وهذه المصلحة ¬

_ = توفي سنة ثماني عشرة وأربعمائة (418 هـ) بنيسابور، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 147) رقم (131). (¬1) في (ق): "خطاب". (¬2) في (ق): "خلاف". (¬3) أي: على ترك الفروع. (¬4) في (ق): "بالترجيح". (¬5) هذه النقول بنصها وفصها نقلها ابن الملقن من "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل، وانظر (ص: 53). (¬6) بياض في الأصلين (ن) و (ق). (¬7) في (ق): "لو". (¬8) أي: الذِّمية. (¬9) من (ن). (¬10) في (ن): "وأخرجها".

لا تختلف باختلاف الأحوال من فاعليها (¬1)، فإذا وجدت فلا حاجة إلى إعادتها بخلاف ما تعبد به في حق الشخص كمسألتنا، وكالصوم، وحُكي الأول عن النص (¬2)، وكأن الأولين نظروا إلى أنها طهارة ضرورة، وليست على قياس العبادات، ولهذا اختلفوا في أنها لو لم تنو بالغسل إباحة الاستمتاع (¬3) هل يصح أم لا؟ وأوجبوا الغسل للمجنونة (¬4)، وتغسلها غيرها، [و (¬5) ينوي عنها] (¬6) من يغسلها. - ومنها: لو اغتسل الكافر (¬7) عن جنابة أو توضأ أو تيمم ثم أسلم، فالصحيح وجوب الإعادة، خلافًا لأبي بكر الفارسي (¬8). - ومنها: تمكين الكافر الجنب من اللبث في المسجد، والأصح: نعم خلاف (¬9) ما وقع لبعضهم من تصحيحه المنع (¬10). ¬

_ (¬1) في (ن): "فاعلها". (¬2) أي حكي الوجه الأول عن نص الإمام الشافعي في تلك المسألة. (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الاستعمال". (¬4) وقعت هذه العبارة في (ن) و (ق) كذا: "وأوجبوا بغسل المجنونة" والتصويب من (ك). (¬5) كذا في (ك) وفي (ن) و (ق): "أنه". (¬6) تكرر ما بين المعقوفتين في (ق). (¬7) وقعت في (ق): "لو اغتسلت الكافرة". (¬8) هو أحمد بن الحسين بن سهل، أبو بكر الفارسي، صاحب كتاب عيون المسائل في نصوص الشافعي، وهو كتاب جليل على ما شهد به الأئمة الذين وقفوا عليه، وله كتاب في الأصول، والانتقاد على المزني، والخلاف، توفي في حدود سنة خمسين وثلاثمائة (350 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 96 - رقم 72). (¬9) في (ق): "خلافًا". (¬10) يقصد ابن الملقن بذلك ما وقع في "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 54) فقد نقل تصحيح المنع عن بعض الفقهاء.

- ومنها: لو وجب على الكافر كفارة فكفَّر في حال كفره ثم أسلم كما سلف قلت: قال الإمام الشافعي والأصحاب كما نقله عنهم النووي (¬1) في أوائل الصلاة من "شرح المهذب": إذا لزمته كفارة ظهار أو قتل أو غيرهما فكفر في حال الكفر أجزأه، فإذا أسلم لم (¬2) تلزمه الإعادة. - ومنها: قد علم من فعله عليه السلام أنه لم يكن يطالب الأصليين (¬3) بضمان نفس ولا مال بعد الإسلام، فلذلك (¬4) لم يقتل وحشيًّا قاتل حمزة، وهو فعل الصحابة ومشهور المذهب. وحكى العبادي (¬5) أن الأستاذ أبا إسحاق الإسفراييني "ذهب إلى أنه يجب على الحربي ضمان النفس، والمال تخريجًا من [أن] (¬6) الكفار مخاطبون بالفروع ¬

_ (¬1) هو يحيى بن شرف بن مِرّي بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حزام، الفقيه الحافظ الزاهد، شيخ الإسلام محيي الدين، أبو زكريا الحزامي النَّووي، الدمشقي، ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وأخذ علم الحديث عن جماعة من الحفاظ، وكان لا يضيع وقتًا في ليل ولا نهار إلا في وظيفة من الاشتغال بالعلم، طارت تصانيفه شهرة حتى بلغت الآفاق من أهمها: "الروضة"، "المنهاج"، "شرح المهذب"، "شرح مسلم"، "رياض الصالحين"، "تهذيب الأسماء واللغات"، توفي ببلدة نوى سنة سبع وسبعين وستمائة (677 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 473 - رقم 454). (¬2) في (ق): "لا". (¬3) أي الكفار الأصليين، وفي (ن): "الأصوليين". (¬4) في (ن): "فكذلك". (¬5) هو أبو الحسن علي بن أبي عاصم محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عباد، العبادي الهروي، الشامي، المتوفى سنة خمس وتسعين وأربعمائة (495 هـ)، صنف كتاب الرقم في الفقه، وتفقه على أبيه أبي عاصم العبادي الفقيه الشافعي، راجع ترجمته في "هدية العارفين" (1/ 556)، "طبقات ابن قاضي شهبة" (1/ 261 - رقم 243). (¬6) سقطت من (ن).

[وقالت الفقهاء: لا تجب الصلاة إلا على مسلم، ومن قول الأصوليين: إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أن مرادهم التأثيم في الآخرة، كذا قاله في "شرح المهذب"، تبعًا لجماعة من الأصوليين، لكن فوائده الدنيوية كثيرة ليس هذا محلها، على أن الإمام الشافعي نص في "الأم" على أن الكافر يجب عليه الصلاة وغيرها، وهو مخاطب بتقديم الإيمان عليها، فالمحدث مخاطب بالصلاة وتقديم الطهارة، وإنما لم يجب القضاء إذا أسلم تخفيفًا، وجزم به في أصل "الروضة"، وهو الصواب قال] (¬1): ويُعزَى هذا إلى المزني في "المنثور". - ومنها: هل يأخذ في الجزية وفي ثمن المشفوع ما تيقنا أنه من ثمن الخمر؟ المذهب: لا، وفيه وجه، وعندنا أن التصرُّف في أن الخمر حرام عليهم خلافًا للإمام أبي حنيفة، والمسألة مبنية على خطاب الكفار، قاله المتولي (¬2). ووجوب الصلاة والزكاة مثلًا قد خرجه جماعة من الفقهاء على هذه القاعدة، وإن جزموا في المختصرات بعدم الوجوب عليهم، والظاهر أن مرادهم ما يتعلق بالآخرة فقط، أما الدنيا فلا يطالبهم بها أصلًا (¬3) لا أصالة إذا استمروا على كفرهم، ولا قضاء إذا أسلموا. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬2) هو أبو سعد عبد الرحمن بن مأمون بن علي بن إبراهيم، النيسابوري الشيخ الفقيه المعروف بالمتولي، برع في الفقه والأصول والخلاف، وكان فقيهًا محقِّقًا، وحبرًا مدقِّقًا، وكان أحد أصحاب الوجوه في مذهب الشافعي، صنف كتاب "التتمة" ولم يكمله، وصل فيه إلى القضاء وأكمله غير واحد، توفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة (478 هـ) ببغداد، ومولده بنيسابور سنة ست، وقيل: سبع وعشرين وأربعمائة راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 229، رقم 211). (¬3) إلى هنا نقل ابن الملقن كلام ابن الوكيل بنصه من "أشباهه" (ص: 55).

قاعدة الحكم إذا تعلق باسم مشتق فإنه يكون معللا بما منه ذلك الاشتقاق

وابن يونس (¬1) في الصلاة خرجه على الخلاف (¬2) ويُحيل الزكاة والصوم عليه، وأنه التحقيق. ويتعلق بما نحن فيه أن قربات أهل الذمة إذا (¬3) كانت في ديننا ودينهم قربةً نفذت وقفًا كانت أو وصية، وكذا إن كانت قربة عندنا دونهم إلا الحج، وإن كانت عكسه (¬4) كبناء الكنائس والوقف عليها لم ينفذ (¬5). قاعدة " الحكم إذا تعلق باسم مشتق فإنه يكون معللًا بما منه ذلك الاشتقاق" (¬6)، أما إذا كان مناسبًا فبالاتفاق كالقطع المعلق باسم السارق، والجلد المعلق باسم الزاني، وأشباه ذلك، أما إذا لم يكن مناسبًا (¬7) ففيه خلاف، رجح كلًّا منهما مرجِّحٌ، ومن قال باعتباره جعله من باب الإيماء إلى العلة، وأما أسماء الأجناس فلا ¬

_ (¬1) هو عبد الرحيم بن محمد بن محمد بن يونس بن مَنْعَة، الفقيه المحقق العلامة تاج الدين، أبو القاسم، المعروف بابن يونس الموصلي، كان من بيت الفقه والعلم بالموصل، ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، واشتغل بها وأفاد وصنف، وكان فقيهًا، أصوليًّا فاضلًا، من تصانيفه "التعجيز في اختصار الوجيز"، و"شرح التعجيز" في مجلدين مات ولم يكمله، و"التطريز في شرح الوجيز"، و"النبيه في اختصار التنبيه" توفي سنة إحدى وتسعين وستمائة (691 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية"، لابن قاضي شهبة (1/ 458 - رقم 436). (¬2) أي خرجه على الخلاف المذكور المشهور في مخاطبة الكفار بالفروع. (¬3) في (ق): "إن". (¬4) أي وإن كانت عندهم قربة دوننا. (¬5) نقل ابن الملقن هذا التنبيه من كلام ابن الوكيل بنصه، وانظر: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 56). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 71). (¬7) في (ق): (من).

تصلح للتعليل بل إنما تخرج عن التعبد بأمرين، ثم ما ورد من أسماء الأجناس تارة يعقل فيه المعنى فتُعدَّى (¬1)، وتارة لا، فيحمل على التعبد، وتارة يختلف المذهب في التعبد، ويعقل المعنى، وبيانه بصور: - منها: ورود الماء بطهارتي (¬2) استعمال الحدث والخبث، واختلف الأصحاب فيه، فمنهم من قال: تعبد لا يعقل معناه، ومنهم من قال: معلل بما أسلفته أول الباب (¬3)، وهذا اختيار الغزالي، والأول اختيار الإمام (¬4) وإلكيا الهراسي (¬5). ¬

_ (¬1) وقعت في (ن) و (ق): "فتعبدي"، والتصويب من "ك". (¬2) وقعت في (ن) و (ق): "كطهارتي"، والتصويب من "ك". (¬3) يقصد بذلك: اللطافة والدقة والتفرد في التركيب بما لا يشاركه فيه سائر المائعات. (¬4) "الإمام" يطلق في كتب الفروع الفقهية ويراد به إمام الحرمين، وهو أبو المعالي، ضياء الدين عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد، الجويني، البحر العلم العلامة الإمام، ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وتفقه على والده أبي محمد الجويني، وأتى على جميع مصنفاته، لازم الدرس والطالب والاشتغال حتى صار إمام الأئمة على الإطلاق، "المجمع على إمامته شرقًا وغربًا، لم تر العيون مثله، وبلغت تصانيفه من الشهرة الآفاق، من أهمها "النهاية"، "الأساليب في الخلاف"، "الغياثي"، "البرهان" في الأصول، "الإرشاد" في أصول الدين، توفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة (478 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 236 - رقم 218). (¬5) هو عماد الدين، أبو الحسن علي بن محمد بن علي، الطبري، المعروف بإلكيا الهرَّاسي، تفقه على إمام الحرمين وعمره ثمانى عشرة سنة، فلازمه حتى برع في الفقه والأصول والخلاف، وطار اسمه في الآفاق، وكان هو والغزالي والخوفي تلامذته ومعيدي درسه، وكان إمامًا نظارًا، قوي البحث، دقيق الفكر، وإلكيا: بهمزة مكسورة ولام ساكنة ثم كاف مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت، معناه: الكبير بلغة الفرس، الهراسي: براء مشددة وسين مهملتين، لا تعلم نسبته لأي شيء، توفي سنة أربع وخمسمائة (504 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 274 رقم 257).

- ومنها: ورود الحجر في الاستنجاء، وقد عقل المعنى فيه فعُدِّي إلى كل طاهر جامد مُنَشِّفِّ غير مضرٍّ ولا محترم قلَّاع للنجاسة. - ومنها: وروده في رمي الجمار وهو متعين فيها، والفرق بينه وبين الاستنجاء أن رمي الجمار تعبد بخلاف الاستنجاء، فإنه عقل معناه وهو قلع النجاسة؛ ولذلك علل الشارع رد الروثة بأنها رِجْسٌ (¬1)، فلو كان الحجر متعينًا لكان تعليل الروثة بأنها ليست بحجر أولى، ورمي الجمار لا يصعب تعين الحجر فيه لوقوعه في العام مرة واحدة. - ومنها: التراب وقد ورد الأمر به في موضعين: التيمم، ويتعين عندنا فيه -[و] (¬2) الغبار الكائن في الرمل [و] (¬3) هو تراب. والتعفير قيل: إنه تعبد، وقيل: معلل بالجمع بين فرعي طهور (¬4)، والصحيح: تعيينه خلافًا لما وقع لبعضهم من ترجيح عدم تعينه (¬5). ¬

_ (¬1) في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" [كتاب الوضوء باب لا يُستنجى برَوْثٍ - حديث رقم 156] وفي لفظ البخاري: "رِكْسٌ" بكسر الراء، وإسكان الكاف، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (1/ 324): "فقيل: هي لغة في رجس بالجيم ويدل عليه رواية ابن ماجه وابن خزيمة في هذا الحديث، فإنها عندهما بالجيم ... وفي رواية الترمذي: هذا ركس يعني نجسًا". (¬2) سقطت من (ق). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) وقيل: معلل بالاستطهار بغير الماء ليكون فيه زيادة كلفة وتغليظ. (¬5) يعني بذلك ابن الملقن ما صححه ابن الوكيل من أن التراب لا يتعين، انظر: "الأشباه والنظائر" (ص: 72).

قاعدة قول الصحابي: أمرنا بكذا ونهينا عن كذا

- ومها: الشثُّ (¬1) والقَرَظُ (¬2) (¬3)، وقد ورد الأمر بهما في الدباغ (¬4)، ولا يتعينان على المشهور، بل يجوز بكل حريف نَزَّاع للفضلات. - ومها: ما ورد به الأثر في الفطرة في البُرِّ والشعير والتَّمر والأقط، يعقل معناه يُعَدى إلى ما يقتاته (¬5) المُخْرِج, ورد ذلك في الربا فعدي إلى كل مطعوم (¬6). قاعدة " قول الصحابي (¬7): أُمرنا بكذا ونهينا عن كذا مقبول ومعمول به على الأصح المختار" (¬8). ¬

_ (¬1) والشثُّ: هو شجر طيب الريح مرُّ الطعم وينبت في جبال الغور، وقال الأزهري: الشبُّ من الجواهر التي أنبتها الله تعالى في الأرض يدبغ به يشبه الزاج، قال: والسماع الشب بالباء الموحدة وصحَّفه بعضمم فجعله بالثاء المثلثة، وإنما هو شجر مر الطعم ولا أدري أيدبغ به أم لا، وقال المطرزي: قولهم يدبغ بالشب بالباء الموحدة تصحيف، لأنه صباغ والصباغ لا يدبغ به، لكنهم صحفوه من الشث بالثاء المثلتة. "المصباح المنير" ص (182 - 183) مادة ش ب ب، وش ث ث. (¬2) وقعت في (ن): (ق): "الشب والقرض"، والتصويب عن "ك". (¬3) القَرَظ: حَبٌّ معروف يخرج من غُلُف كالعَدَس من شجر العضاه، وبعضهم يقول: القرظ ورق السَّلَم يُدبغ به الأديم، وهو تسامح فإن الورق لا يُدبغ به، وإنما يدبغ بالحب، "المصباح المنير" (ص: 297) مادة ق ر ظ. (¬4) جاء الأمر بالدباغ بالماء والقَرَظ في الحديث الذي أخرجه أبو داود في "سننه" [كتاب اللباس -باب في أهب الميتة- حديث رقم 4126]. (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "شابه"، والمثبت من "ك". (¬6) إلى هنا نقل ابن الملقن كلام ابن الوكيل من "الأشباه والنظائر" (ص: 72). (¬7) في (ق): "الصحابة". (¬8) انظر هذه القاعدة في "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 73).

وقال القاضي أبو بكر (¬1)، وجماعة من المحققين: لا يعمل به، فربما ظن ما ليس بأمر [أمرًا] (¬2)، ولهذه القاعدة نظائر فقهية. - منها: إذا أخبره فقيه بنجاسة الماء لم يقبل ما لم يبين السبب إلا إذا كان عدلًا موافقًا [له] (¬3) في المذهب فيقبل منه، وإن لم يبين السبب. - ومنها: لو شهد شاهدان بجريان البيع أو غيره من العقود ولم يبينا صورته، ففي قبول شهادتهما وجهان. - ومنها: لو شهدا عليه بالكفر ولم يبينا صورته، ففيه وجهان، قال الرافعي (¬4): والظاهر القبول، وفيه نظر؛ فإنه ليس الاختلاف في العقود فضلًا عن الكفر بأقل من الاختلاف في أسباب النجاسة، فربما اعتقد ما ليس بعقد [عقدًا] (¬5)، أو ربما اعتقد ما ليس بكفر كفرًا، والدماء يُحتاط لها. ¬

_ (¬1) هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم، البصري، القاضي أبو بكر الباقلاني المتكلم الأشعري، سكن بغداد، وكان من أئمة الكلام وأصول الدين، من تصانيفه: "إعجاز القرآن"، "الملل والنحل"، "هداية المسترشدين في الكلام"، توفي سنة ثلاث وأربعمائة (403 هـ)، راجع ترجمته في: "سير أعلام النبلاء " (190/ 17)، "هدية العارفين" (2/ 48). (¬2) من (ك). (¬3) من (ن). (¬4) هو عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن المفضل بن الحسين بن الحسن، الإمام العلامة، أبو القاسم القزويني الرافعي، صاحب الشرح المشهور كالعلم المنشور، وإليه يرجع عامة الفقهاء في غالب الأعصار والأقاليم والأمصار، شرح الوجيز في بضعة عشر مجلدًا لم يشرح الوجيز مثله، وكان من الصالحين المتمكنين، وكانت له كرامات كثيرة ظاهرة، من كان إمامًا في الفقه والتفسير والحديث والأصول -توفي سنة ثلاث وعشرين وستمائة (623 هـ) بقزوين، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 393 - رقم 377). (¬5) سقطت من (ن).

- ومنها: دار في يد إنسان حكم حاكم بتمليكها، ثم شهد اثنان أنه انتقل ملكها منه إلى زيد، قال القاضي أبو سعد (¬1) الهروي (¬2): "الذي أفتى به فقهاء همذان أن هذه البينة تسمع كما لو عينوا السبب، قال: ورأيت بخط القاضيين الماوردي (¬3)، وأبي (¬4) الطيب (¬5) بذلك قال: والظاهر عندي أنها لا تقبل ما لم يبينا [سبب] (¬6) الانتقال، ¬

_ (¬1) في (ق): "أبو سعيد". (¬2) هو محمد بن أبي أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي يوسف، القاضي أبو سعد الهروي نلميذ أبي عاصم العبادي، وشارح أدب القضاء، وشرحه اسمه: الإشراف على غوامض الحكومات، تولى قضاء همذان، وكان رجلًا من الرجال، وداهية من الدهاة، توفي سنة ثماني عشرة وخمسمائة (518 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 277 - رقم 260). (¬3) هو علي بن محمد بن حبيب، القاضي أبو الحسن الماوردي البصري، أحد أئمة أصحاب الوجوه، كان ثقة في وجوه الفقهاء الشافعيين، وله تصانيف عدة في أصول الفقه وفروعه، من أبرزها: "الحاوي"، "الأحكام السلطانية"، "أدب الدنيا والدين"، وكان رجلًا عظيم القدر، مقدمًا عند السلطان، أحد الأئمة المشهود لهم بالإمامة والتفرد، توفي سنة خمسين وأربحمائة (450 هـ) بعد موت أبي الطيب بأحد عشر يومًا عن ست وثمانين سنة، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 209 - رقم 192). (¬4) وقعت في (ن): "أبو". (¬5) هو طاهر بن عبد الله بن طاهر، القاضي العلامة أبو الطيب الطبري من أهل طبرستان، أحد أئمة المذهب وشيوخه المشاهير الكبار، ولد بآمل طبرستان سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، تفقه ودرس وأفتى وولي قضاء ربع الكرخ، شرح المزني، وصنف في الخلاف والمذهب والأصول والجدل كتبا كثيرة، زكان ورعًا عارفًا بالأصول والفروع، محققًا حسن الخلق، صحيح المذهب، توفي سنة خمسين وأربعمائة (450 هـ) ببغداد عن مائة وستين، لم يختل عقله ولا تَغير فهمه، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 205 - رقم 189). (¬6) سقطت من (ق).

قال وهذه طريقة القفال (¬1) وغيره، قال: والذي يتجه في المسألة ثلاثة أوجه: أحدها: وهي طريقة أهل العراق: أنها تُسمع. والثاني: [طريقة أهل] (¬2) مرو: أنها لا تسمع ما لم يبينا السبب، وهو الأقيس (¬3). وثالثها: إن كانوا فقهاء موافقين في المذهب، سُمعت، وإلا لم تسمع، قال: وهو أيضًا لا بأس (¬4) به .. قلت: وهذا الأخير نظير ما سلف في مسألة النجاسة. - ومنها: لو شهدا بأن [لي] (¬5) الشفعة في هذا، قالوا: لا تسمع ولم يحكوا فيه خلافًا. - ومنها: لو شهدا بأنه وارث أو أقر بأنه وارث، قالوا: لا تسمع، وربما ظن الشاهد أو المقر بورث ذوي الأرحام. - ومنها: لو شهدا بأن حاكمًا حكم بكذا ولم يعين الحاكم، الأصح القبول، ¬

_ (¬1) هو عبد الله بن أحمد بن عبد الله المروزي، الإمام أبو بكر القفال الصغير شيخ طريقة خراسان، وإنما قيل له القفال؛ لأنه كان يعمل الأقفال في ابتداء أمره، وبرع في صناعتها، فلما كان ابن ثلاثين سنة أحسَّ من نفسه ذكاء فأقبل على الفقه فاشتغل به حتى صار إمامًا يقتدى به فيه، وتفقه عليه خلق من خراسان، حتى أنه لم يكن في زمانه أفقه منه، من تصانيفه "شرح التلخيص"، و"شرح الفروع"، "الفتاوى"، توفي سنة سبع عشرة وأربعمائة (417 هـ) بمرو وعمره تسعون سنة، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 158 - رقم 144). (¬2) تكرر ما بين المعقوفتين في (ق). (¬3) والترجيح بالأقيسية هنا من كلام ابن الملقن وليس في كلام ابن الوكيل. (¬4) في (ن): "لا يؤمر". (¬5) سقطت من (ق).

ووجه مقابله: أن الحاكم ربما يَشِطُّ (¬1)، وقد يكون على مذهب لا تصح التولية عليه، وربما يكون عدوًا للمحكوم عليه (¬2). - ومنها: أن الإمام إذا ولي القاضي الحكم بعد توفية (¬3) صلاحيته بالاختيار. قال الماوردي: "ويكفيه الاستفاضة أو شهادة عدلين عنده أنه استكمل شروط القضاء"، قال: "وهل اختياره بعد الشهادة واجب أو مستحب؟ فيه وجهان". قلت: ويستحب في ذلك كله أن لا يقبل من الشاهد والمخبر إلا أن يحكي صورة الشهادة أو المخبر به، لا أن يشهد بحكم، ولا أن يخبر به، فمتى فعل صح (¬4). - ومنها: الشهادة له بهذا (¬5) سد على الحاكم باب الاجتهاد، واستشكل من هذا كله ما يعتمده حاكم العصريين من قولهم: ثبت عنده بطريق معتبر شرعي يثبت بمثله الحقوق، ولا يبين الطريق، ولو بينه ربما ترتب عليه مصلحة للمحكوم (¬6) عليه كقادح يبديه خفي على الحاكم. - ومنها لو باع عبدًا ثم شهدا أنه رجع ملكه إليه لم يقبل ما لم يبينا سبب الرجوع من وراثة (¬7) أو اتهاب أو إقالة (¬8). ¬

_ (¬1) في (ن): "ينيط"، وفي (ق): "يستنبط"، وفي "ك": "شط"، والتصويب هو المثبت. (¬2) أو قد يكون الحاكم والدًا للمحكوم له. زاده ابن الوكيل في "الأشباه" (ص: 74). (¬3) كذا في (ن) و (ق)، وفي "ك": "معرفته". (¬4) في "ك": "فمتى فتح له هذا سد على الحاكم باب الاجتهاد". (¬5) في (ن): "هذا"، وفي (ق): بكذا. (¬6) في (ق): "المحكوم". (¬7) وفي (ن) و (ق): "وارثه"، والتصويب هو المثبت. (¬8) كل هذه الفروع بنصها نقلها ابن الملقن من "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل ص (73 - 74).

قاعدة ما يفعل من العبادات في حال الشك لا على وجه الاحتياط

قاعدة " ما يفعل من العبادات في حال الشك لا على وجه الاحتياط من غير أصل يرد ولا يكون مأمورًا، فإنه لا يجزئ وإن وافق الصواب (¬1) "، وبيناه بصور: - منها: لو شك في دخول الوقت فصلى بلا اجتهاد (¬2)، فصادف الوقت، فإنه لا يجزئ. - ومنها: لو شك في حد المسح فمسح وصلى ثم بأن حد المسح، [فإنه لا يجزئ. - ومنها: لو شك في طهارة أحد الماءين] (¬3) فهجم [وصلى] (¬4) على أحدهما، وقلنا بالمذهب أنه يجحب الاجتهاد فبان أنه الطاهر، فإنه لا يجزئه على المذهب، ولكن هذا في طهارة اشترطت فيها النية لا في طهارة الخبث. - ومنها: لو تيقن الحدث وشك في الطهارة وصلى ثم بأن متطهرًا لا يجزئ. - ومنها: إذا صلى إلى القبلة بغير اجتهاد ثم صادف القبلة فإنه لا يجزئ. - ومنها: لو شك الأسير ونحوه في دخول رمضان فصام من غير اجتهاد ثم بأن أنه صادفه، فإنه لا يجزئ. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 181)، "قواعد ابن عبد السلام" (1/ 320)، "قواعد الزركشي" (2/ 255). (¬2) في (ق): "بالاجتهاد". (¬3) من "ك". (¬4) من (ق).

- ومنها: لو وجب عليه كفارة رقبة فنوى الصوم قبل أن يطلبها ثم طلب فلم يجد، فإنه لا يصح صومه ما لم يجدد (¬1) النية بعد الطلب. - ومنها: لو تيمم بلا طلب ثم تبين أنه لا ماء، فإنه [لا] (¬2) يجزئ تيممه. - ومنها: ما لو صلى خلف من شك [في صحة] (¬3) الاقتداء به كالحنثى ثم بان أنه رجل فصلاته باطلة. - ومنها: لو قصر الصلاة شاكًّا في جواز القصر ثم بأن له وجود شروط الجواز، فإن قصره لا يصح. - ومنها: لو صلى على ميت وهو شاكٌّ في صحة صلاته عليه، ثم بان أنه من أهلها فكذلك. - ومنها: لو شك هل غَسَّل الميت أم لا، فتيمم للصلاة عليه، وقلنا إنه لا يصح التيمم إلا بعد الغسل، ثم بأن أنه كان غسل لم يصح تيممه، وقد شذ عن هذه القاعدة صور: - منها: لو أحرم يوم الثلاثين من رمضان، وهو شاك، فقال: إن كان من رمضان فإحرامي بعمرة أو شوال فبحج، ثم بأن أنه من شوال، قال الأصحاب: انعقد حجًّا؛ لأنه يغتفر في الإحرام ما لا يغتفر في غيره، بدليل جواز تعليقه دون غيره من العبادات. - ومنها: إذا أحرم بالصلاة في آخر وقت الجمعة ونواها إن كان وقتها باقيًا، وإلا فالظهر، فبان الوقت باقيًا، ففي صحة الجمعة وجهان [وجه] (¬4) الجواز: ¬

_ (¬1) كذا في (ن)، وفي (ق): "يعين". (¬2) سقطت من (ن). (¬3) سقطت من (ق). (¬4) من (ق).

قاعدة التردد المعتضد بالأصل فيه صور

اعتضاد (¬1) نيته بالاستصحاب للوقت، ونظر هذه القاعدة من المعاملات (¬2). - ومنها: ما لا يصح على المذهب. - ومنها: ما لا ينفذ (¬3) على المذهب. - ومنها: ما اختلف فيه، فمن الأول: أُخبر بمولود، فقال: إن كان أنثى فقد زوجتكها، أو إن كانت بنتي طُلقت واعتدت فقد زوجتكها، أو إن كانت إحدى بناتي الأربع ماتت فقد زوجتك ابنتي، فالمذهب: البطلان إذا وجد الأمر كذلك، وقيل: وجهان. وأما الثاني: فإذا شك في امرأته أو أمته أهي هي أم أجنبية، فطلق أو أعتق فوجدت زوجته أو أمته، نفذ قطعًا، وقد سلف قريبًا منه احتمال للغزالي، وأما الثالث فمسائل: - منها: بيع مال أبيه على ظن حياته فبان موته ونظائرها. قاعدة " التردد المعتضد (¬4) بالأصل فيه صور" (¬5): - منها: تيقن الطهارة وشك في الحدث [فتوضأ] (¬6) احتياطًا ثم تبين الحدث لا يصح وضوؤه، بخلاف ما لو كان محدثًا ثم شك في الطهارة فتوضأ ثم بان حدثه ¬

_ (¬1) في (ن): "اعتقاد". (¬2) في (ن): "العلامات". (¬3) كذا في (ن)، و"ك"، وفي (ق): "ما ينفذ". (¬4) في (ق): "المقتصد". (¬5) راجع هذه القاعدة بنظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل ص (188 - 189)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 13 - 15) "قواعد الزركشي" (2/ 266). (¬6) سقطت من (ن).

يصح لاعتضاد (¬1) نيته بأصل وهو بقاء الحدث فلا يضر التردد منه، قال ابن السبكي (¬2): في الثانية دون الأولى. - ومنها: لو قال: هذه زكاة مالي الغائب إن كان سالمًا، فإن كان تالفًا استرددتها، ولو قال: إن كان مورثي قد مات وورثته فهذه زكاة المال، فبان ذلك حيًّا لا يحسب؛ لأن الأصل بقاء المورث فلم (¬3) يعتضد التردد بالأصل. - ومنها: لو قال في آخر شعبان إن كان غدًا من رمضان فأنا صائم عنه [حنث] (¬4) حيث لا يصح لو بأن منه، بخلاف قوله في آخره: أنا صائم غدًا إن كان [منه (¬5)؛ حيث يصح، وسوى الإمام أبو حنيفة والمزني (¬6) بين المسألتين في ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "لاعتقاد". (¬2) هو عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام، العلامة، قاضي القضاة، تاج الدين أبو نصر ابن الشيخ الإمام تقي الدين السبكي، ولد بالقاهرة سنة سبع وعشرين وسبعمائة، واشتغل بالطلب على والده وعلى غيره، أفتى ودرس وحدث وصنف وأشغل، درَّس بمصر والشام بكبار المدارس، وانتهت إليه رئاسة القضاء والمناصب بالشام، وكان سيدًا جوادًا كريمًا مهيبًا يخضع له أرباب المناصب، ومن أهم تصانيفه: "شرح مختصر ابن الحاجب"، "شرح منهاج البيضاوي"، "الأشباه والنظائر"، "طبقات الفقهاء"، "جمع الجوامع"، توفي شهيدًا بالطاعون سنة إحدى وسبعين وسبعمائة (771 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" (2/ 177 - رقم 649). (¬3) في (ق): "ولم". (¬4) سقطت من (ن). (¬5) أي إن كان من رمضان. (¬6) هو إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق، أبو إبراهيم المُزَني، المصري، الإمام الفقيه، أخذ عن الشافعي، وكان يقول: أنا خُلق من أخلاق الشافعي، كان زاهدًا عالمًا مجتهدًا، مناظرًا، ذا حجة غواصًّا على المعاني الدقيقة، ولد سنة خمس وسبعين ومائة، وصنف كتبًا كثيرة، قال عنه الشافعي: المزني ناصر مذهبي، توفي سنة أربع وستين ومائتين =

قاعدة العدول عن المستقر إلى الأصل المهجور

الاحتساب، وهذا في أوائل] (¬1) الشهر؛ إذا لم يستند فيه إلى ظن له مستند (¬2)، فإن كان فيجزئ (¬3) كما سيأتي في بابه. - ومنها: إذا نوت الحائض ليلًا صوم غد قبل انقطاع دمها، وكانت عادتها تتم ليلًا، فالأصح: الصحة؛ لأن الظاهر استمرار عادتها. - ومنها: أنه إذا نذر صوم اليوم الذي يقدم (¬4) فيه فلان، ثم تبين له من الليل قدومه غدًا، فنواه ووافق قدومه، فالأصح: الصحة؛ لأنه بنى الصوم على أصل مظنون. - ومنها: ما أسلفته في القاعدة التي قبلها. قاعدة " العدول عن المستقر (¬5) إلى الأصل المهجور" (¬6) فيه صور: - منها: إذا انغمس المحدث في الماء ناويًا رفع الحدث ولم يحصل الترتيب، فقد قيل: يجزئ؛ لأن الأصل الغسل وإنما حط عنه تخفيفًا، فإذا اغتسل (¬7) رجع إلى الأصل، فصارت الأعضاء كعضو واحد. - ومنها: الخلاف في أخذ البعير عن الشاة (¬8)، والأصح: نعم. ¬

_ = (264 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 27 - رقم 3). (¬1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق). (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "بسند". (¬3) في (ق): "فيتحرى". (¬4) في (ق): "يقضي". (¬5) في (ن) و (ق): "المشقة"، والمثبت من (ك). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 195). (¬7) في (ق): "اعتد". (¬8) يعني: هل الشاة أصل بنفسها أم بدل عن الإبل؟ =

قاعدة القادر على اليقين هل يأخذ بالظن؟

- ومنها: لو شرط الإمام على أهل الذمة الضيافة (1)، فهل الضيافة (1) أصل أو الدنانير أصل، والضيافة (¬1) بدل؟ وجهان، وعلى هذا لو أراد الإمام بعد شرطها نقلها إلى الدنانير إن قلنا: الدنانير أصل جاز، وإلا امتنع. - ومنها: غسل الرأس ترك تخفيفًا، فلو غسل ففي الإجزاء (¬2) وجهان [6 ن / أ]. قلت: الأصح نعم [5 ق /ب]، ونظير ذلك غسل الخف نعم يكره، ولا يكره غسل الرأس على الأصح. قاعدة (¬3) " القادر على اليقين هل يأخذ بالظن؟ " (¬4). تارة يجزم بعدم جوازه؛ كالمكي في القبلة، والمجتهد إذا وجد النص، وتارة يجزم بجوازه كالطهارة بماء قليل على شاطئ البحر، وكون ماء البحر متيقن الطهارة المراد به ظن أقوى، وتارة يجري فيه خلاف في صور: - منها: هل يجوز الاجتهاد مع قدرته على ماء طهور (¬5) بيقين؟ فيه وجهان؛ أصحهما: نعم، وليس مرادهم باليقين هنا القطعي، بل ما يغلب على الظن، ففي العبارة تجوُّز. ¬

_ = قال ابن الوكيل: "فيه خلاف، فلو أخرج البعير أجزأه وإن قلت قيمته عن الشاة على الأصح". (¬1) كذا في (ن)، وفي (ق): "الصيانة". (¬2) أي في الإجزاء عن المسح. (¬3) في (ق): "فائدة". (¬4) راجع هذه القاعدة ونظائرها في "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 205 - 206)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 129 - 130)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 387)، "قواعد الزركشي" (2/ 354). (¬5) كذا في (ن)، وفي (ق): "طاهر".

قاعدة إذا تعارض أصل وظاهر

- ومنها: إذا اجتهد في الوقت هل تجوز الصلاة مع القدرة على يقين الرقت، وجهان؛ أصحهما: نعم. - ومنها: لو كان في مطمورة قادرًا على الخروج ورؤية الشمس، له (¬1) الاجتهاد على الأصح. - ومنها: لو استقبل المصلِّي حِجْر الكعبة وحده هل تصح صلاته؟ فيه وجهان، صحح الروياني (¬2) المنع بناء على أن القادر في القبلة لا يأخذ بالظن، والمجتهد لا يجتهد مع وجود النص؛ فإن كونه (¬3) من البيت غير مقطوع به، وإنما هو مجتهد فيه، فلا يجوز (¬4) العدول عن اليقين إليه. قاعدة " إذا تعارض أصل وظاهر أو أصلان قال القاضي حسين (¬5)، والهروي، ¬

_ (¬1) كذا في (ق)، وفي (ن): "في". (¬2) هو أبو المحاسن، فخر الإسلام، عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد، الروياني، الطبري، قاضي القضاة، ولد سنة خمس عشرة وأربعمائة، وأخذ الفقه واشتغل به حتى برع في المذهب، حتى كان يقول: لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من حفظي، وكان يقال له: شافعي زمانه، ولي قضاء طبرستان، وكانت له وجاهة ورياسة وقبول تام عند الملوك، من أعظم تصانيفه: "بحر المذهب" في فروع الشافعية، و"الحلية"، وغيرهما، توفي سنة اثنتين، وقيل: إحدى وخمسمائة، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 273 - رقم 256). (¬3) يعني: حِجْرَ الكعبة المشرفة. (¬4) كذا في (ن)، وفي (ق): "يجزئ". (¬5) هو الحسين بن محمد بن أحمد، القاضي، أبو علي، المرُّوذي، صاحب التعليقة المشهورة في المذهب، أخذ عن القفال، وهو والشيخ أبو علي السنجي أنجب تلامذته وأوسعهم في الفقه =

والمتولي: في كل موضع من التعارض قولان" (¬1)، وهذا مطرد، وغلطوا في ذلك فقد يجزم بالظاهر كمن أقام بينة على غيره بدين أو أخبر ثقة بنجاسة الماء إذا كان موافقًا في المذهب أو ذكر ماهيَّة تلك النجاسة، وكمسألة الظبية التي ذكرها الإمام الشافعي والأصحاب، وهي أنه إذا رأى حيوانًا يبول في ماء كثير وانتهى إليه فرآه متغيرًا ولا يدري تغير بالمكث أو بالبول، قال الإمام الشافعي: آخذُ بنجاسته إحالةً على السبب الظاهر، واتفق الأصحاب على ذلك، وفي إيراد هذه نظر للأصل الآخر فيها، وهو أن اتصال (¬2) الماء بالنجس مع الرطوبة سبب للتنجيس سلَّمنا، لكنِ المطردون احترزوا عن ذلك كالإمام الرافعي فإنه قال: والظاهر المعتبر [6 ن /ب] في طرد القولين شرْطُه (¬3): أن تكون غلبة الظن مستندة إلى الغالب في مسألة النجاسة، أما لو كان سبب الظن غير ذلك لم يلتزم طرد القولين". واحترزوا عن مسألة الظبية، وهي ليست متفقًا عليها، بل في "الروضة" (¬4) ¬

_ = دائرة، كان فقيه خراسان، غواصًا في الدقائق وله الفتاوى المشهورة، توفي سنة ثنتين وستين وأربعمائة (462 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 224 - رقم 206). (¬1) والمراد بالأصل: القاعدة المستمرة، أو الاستصحاب، والظاهر قد يعبر عنه بالغالب أو ما يترجح وقوعه، وراجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل ص (247)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 14)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 173)، "قواعد العز بن عبد السلام" (2/ 103)، "القواعد" لابن رجب (1/ 117)، (3/ 162)، "القواعد" للزركشي (1/ 311). (¬2) كذا في (ق)، وفي (ن): "انغسال". (¬3) في (ن) و (ق): "شرطوا"، والتصويب من "ك". (¬4) أي: "روضة الطالبين وعمدة المفتش" في فروع المذهب الشافعي للإمام الحافظ محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف النووي المحدث الفقيه الشافعي المتوفى سنة (676 هـ).

الخلاف فيها، وترد عليه مسائل منها: تَمَعُّط [شعر الفأرة وستأتي، وقد يجزم بالأصل لمن ظن طهارة أو حدثًا أو أنه، (¬1) صلى ثلاثًا أو طلق أو أعتق، فإنه يعمل بالأصل بلا خلاف. [ومن هذه المادة قالوا] (1): الصواب [6 ق/ أ] في الضابط ما قاله المحققون: أنه إن ترجح أحدهما بمرجح جزم به، وإلا ففيه قولان، وهذا في ظن الطهارة مخالف (¬2) لما ذهب إليه الرافعي من أنه إذا تيقن الحدث وظن الطهارة فإنه يعمل بالظن، ولم يحك فيه خلافًا لكنه غير المشهور، وقد جزموا بالأصل فيما إذا مضت مدة على المتبايعين يغلب على الظن منها [أنهما] (¬3) لا يبقيان [فيها] (¬4) مجتمعين ثم ادعى أحدهما التفرق (¬5)، فإنه لا يسمع منه عملًا بالأصل فأين المرجح؟ وكلام الرافعي فيها يدل (¬6) على اطراد القولين، وأما الجزم حيث حصل الترجيح، فسأذكر تباعده بمسائل متفرقة حصل الترجيح فيها لأحدهما وجرى فيها الخلاف، وأما عبارة ابن الصلاح فبين ذلك، فإنه قال: الواجب النظر في الترجيح كما في تعارض الدليلين، فأتردد في رجحانه فإن رجح مرة الظاهر، ومرة (¬7) الأصل جُعل فيه قولان، ومثلَّه: بالمقبرة المَشكوك في نبشها، وإن ترجح الدليل المقتضي للاستصحاب للأصل عمل به قطعًا، ثم الأصح في معظم المسائل الأخذ بالأصل (¬8)، وعبارة ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين بياض في (ن) و (ق) استدركناه من "ك". (¬2) في (ق): "خلافًا". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) سقطت من (ن). (¬5) كذا في (ن)، وفي (ق): "التفريق". (¬6) كذا في (ن)، وفي (ق): "نزل". (¬7) في (ن) و (ق): "ومن". (¬8) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل ص (248)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 174).

الرافعي تقتضي الترجيح في كل المسائل، واستدل له الرافعي ثم النووي في غير هذا المعرض بأنه - عليه السلام - حمل أمامة بنت أبي العاص في صلاته (¬1)، وكان لا يحترز عن النجاسات، وفيه نظر فإن الواقعة وأقعة عين، فلعله - عليه السلام - علم الطهارة في ذلك الوقت، ومسائل الخلاف كثيرة، ومنها: - ما لا تتيقن نجاسته لكن يغلب في مثله النجاسة، فهل تستصحب طهارته أم يؤخذ بنجاسته؟ فيه قولان، وجعل الرافعي لها نظائر: - منها: [ثياب] (¬2) مدمني الخمر وأوانيهم، وثياب القصَّابين (¬3) والصبيان؛ لاحترازهم [7 ن/ أ] من النجاسة، وطين الشوارع؛ حيث لا يتيقن نجاسته، والمقابر المنبوشة، حيث لا تتيقن نجاستها، وأواني الكفار المتدينين باستعمال النجاسة؛ كالمجوس، ومن لا يتدين منهم لكن ينهمكون في مباشرة النجاسة؛ كالنصارى في الخمر والخنزير، وجعل لهذه المسألة نظائر لما لا يتيقن نجاسته لكن يغلب نجاسته وهو عجيب، فإن هذه كلها أفراد لتلك المسألة وأمثلة، فلا تجعل نظائر لها كما جعله الرافعي. - ومنها: إذا قذف مجهولًا وادعى رِقَّهُ وأنكر المقذوف، فقولان أحدهما: أن القول قول القاذف؛ إذ الأصل براءة ظهره، والثاني: القول قول المقذوف وهو الأصح (¬4)؛ لأن الظاهر الحرية. ¬

_ (¬1) في الحديث الذي رواه البخاري في "صحيحه" [كتاب الصلاة -باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة- حديث رقم 516)]، ومسلم في "صحيحه" [كتاب المساجد ومواضع الصلاة -باب جواز حمل الصبيان في الصلاة- حديث رقم (543)]. (¬2) من (ك). (¬3) وقعت في (ن): "القصارين"، والمثبت من (ق) وهو الصواب، والقصَّاب هو الذي يعمل بصناعة القصابة أي الجزارة، من قَصَبْتُ الشاة قَصْبًا من باب ضرب، قطعتها عضوًا عضوًا. (¬4) وصحح ابن الوكيل القول الأول.

- ومنها: إذا أسلم الدار المستأجرة إلى المستأجر ثم ادعى المستأجر أنها غصبت، فالأصح أن القول قول المكري؛ لأن الأصل عدم الغصب، ويعضده أيضا بأن الأصل بعد التسليم وجوب الأجرة عليه إلى أن يتبين [6 ق /ب] ما يسقطه، ووجه الآخر: أن الأصل عدم الانتفاع. وهاهنا يترجح [الأول] (1)؛ وذلك أن كل منفعة إذا تعذرت لا توجب سقوط الأجرة مثلًا فالأصل، وإن [كان] (¬1) عدم المنفعة (¬2)، لكنه ليس عدم المنفعة الموجبة لسقوط الأجرة. - ومنها: إذا ارتدت المنكوحة بعد الدخول ثم قالت في مُدَّة العدة: أسلمت في وقت كذا فلي النفقة وأنكر الزوج، فقولان أحدهما- ورجحه في "الإشراف" (¬3): أن القول قول الزوج؛ لأن الأصل عدم الرجوع [إلى] (¬4) الإسلام، ووجه الثاني: أنها أعرف (¬5) بوقت إسلامها من غيرها. - ومنها: لو قال صاحب الدابة: أكريتكها، وقال (¬6): أعرتنيها، فقولان؛ صحح في "الإشراف" أن القول قول الراكب (¬7)، [إذ المالك يدعي عليه أجرة وهو ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) وقعت في (ن) و (ق) "الشفعة"، والتصويب من "ك". (¬3) واسمه: "الإشراف على غوامض الحكومات" وهو تصنيف أبي سعد الهروي (ت 518 هـ)، وهو شرح لكتاب "أدب القاضي على مذهب الإمام الشافعي" لأبي عاصم محمد بن أحمد العبادي الهروي (ت 458 هـ)، انظر "كشف الظنون" (1/ 100). (¬4) سقطت من (ق). (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "اعترفت"، والتصويب من (ك). (¬6) أي: وقال راكبها. (¬7) أي: قوله بيمينه.

منكرها والأصل عدمها، وصحح الجمهور أن القول قول المالك] (¬1) إذا مضت مدة لمثلها أجرة والدابة باقية؛ لأنه يعتمد على قوله في أصل الإذن، وكذا في صفته، وفي تخريج هذه الصورة والتي قبلها نظر فتأمله. - ومنها لو تنازعا في تخمير الخمر المشروط رهنًا في بيع، فقال الراهن: تخمر عندك، [وقال] (¬2) المرتهن: بل عندك فلي فسخ البيع [7 ن/ ب] فقولان ينظر في أحدهما [إلى] أن الأصل بقاء البيع، وهذا هو الأصح، وفي الآخر إلى عدم صحة القبض. - ومنها: لو كان العصير هو المبيع وتخمر، فقال البائع: عندك صار خمرًا، وقال المشتري: بل كان عندك خمرًا، فقولان: أصحهما: أن القول قول البائع؛ ترجيحًا لأصل استمرار البيع، ويشبه أن [يكون] (¬3) الأصح في المسألة: القبض الصحيح، وسيأتي أنه إذا باع ما رآه قبل العقد واختلفا في تغيره: أن الصحيح أن القول قول المشتري؛ لأن البائع يدعي الاطلاع على المبيع على هذه الصفة، والمشتري ينكر ذلك، بخلاف ما صححوا فيما لو كان العصير هو المبيع؛ لأنهما لم يتفقا على قبض صحيح، لكن يطلب الفرق بينه وبين ما إذا اختلفا في قدم العيب وحدوثه، والعيب مما يحتمل القدم والحدوث، والفرق أن مسألة الرؤية الأصل عدم لزوم الثمن، والبائع يدعي عليه أنه رآه على تلك الصفة (¬4)، [والمشتري ينكر ذلك، بخلاف ما صححوا فيما لو كان العصير هو المبيع] (¬5) ورضي به والمشتري ينكره ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) تكررت في (ق). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) أي: ورضي به على تلك الصفة. (¬5) ما بين المعقوفتين من (ن).

ومعه الأصل في ذلك. - ومنها: لو تلف أحد المبيعين قبل القبض، وقلنا: يجوز رد الباقي واختلفا في القيمة فقولان: أصحهما في "الإشراف": أن القول قول المشتري، لأنه غارم، والأصل العدم، والثاني: القول قول البائع لأنه أبصر بقيمته لتلفه في يده. قلت: وهو الأصح وهو نصُّه (¬1) في اختلاف العراقيين. - ومنها: لو رجع الذمي ثم قال: أسلمت [في] (¬2) وقت [7 ق/ أ] كذا فلا جزية عليَّ، فقولان في بعض التفاصيل؛ لأن الأصل بقاء الدين وعدم الرجعة (¬3). - ومنها: لو جنى على عضو واختلفا في سلامتهِ وشلله، فقولان؛ لأن الأصل براءة الذمة، والظاهر سلامة العضو، وفصَّل بعضهم بين العضو الظاهر والباطن، فصدق المجني عليه في الأول لتعذر إقامة البينة، فهو نظير التعليق بالولادة إذا ادعتها احتاجت إلى البينة بخلاف الحيض، والتصوير لا يختص بالشلل بل هو على سبيل المثال، فإن دعوى نقصان الأصبع، والخرس في اللسان، والعمى في الحدقة ونحو ذلك كذلك، وقد صحح الرافعي التفصيل، وهو [8 ن/ أ] ترجيح لأحد المتعارضين (¬4) بأمر خارجي (¬5). والمراد بالباطن ما يُعتاد ستره مرؤة، والظاهر ما لا يستتر غالبًا على [ما] (¬6) مال ¬

_ (¬1) أي نص الإمام الشافعي. (¬2) من (ن). (¬3) وفي "ك": "الأصل بقاء الكفر وعدم الجزية". (¬4) كذا في (ن)، وفي (ق): "المتعاقدين". (¬5) قال ابن الوكيل: "ويحكي عن أبي إسحاق، وابن أبي هريرة، والطبري، والقاضي أبي حامد، وابن القطان طريقة طرد القولين بها فيما حكى" "الأشباه والنظائر" (ص: 251). (¬6) سقطت من (ق).

[إليه] (1) الرافعي، وقيل: الباطن العورة والظاهر ما عداها حكاهما الإمام، وفي بعض التعاليق [أن] (¬1) الخلاف متولد من لفظ الإمام الشافعي. - ومنها: إخراج الفطرة عن العبد الغائب. - ومنها: جواز عتقه عن الكفارة. قلت: والأصح عدم الإجزاء هنا، والوجوب في الفطرة (¬2)؛ لأن الأصل بقاؤه، والأصل اشتغال ذمة السيد بها، فلا تبرأ إلا بيقين. - ومنها: مسألة: قَدِّ الملفوف حتى إذا قال الجاني: كان ميتًا فلا قصاص، وقال الولي: بل كان حيًّا، فالأصل براءة ذمة الجاني، والأصل بقاء الحياة، وقيل: يفرق بين أن يكون ملفوفًا في ثياب الأحياء أو الموتى، ويعتضد أحد الأصلين [بظاهر، وما] (¬3) يقتضيه في تمهيد القاعدة أن يجزم به. قلت: والأصح أن القول قول الولي. - ومنها: لو شك في بقاء وقت الجمعة؛ فالمذهب أنه لا يُصلي (¬4) جمعة؛ إذ الأصل وجوب الظهر، والثاني: يجوز؛ إذ الأصل بقاء الوقت، وقد خُرِّجت على أن الجمعة على حيالها أو ظُهْرٌ مقصورة، إن قلنا بالأول لم تُصل جمعة، وإن قلنا بالثاني صليت (¬5). ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) كذا في (ن)، وفي (ق): "الكفارة". (¬3) في (ق): "فظاهر ما"، وفي (ن): "بظاهر ما"، والمثبت هو الصواب. (¬4) في (ن): "تصلي". (¬5) وفي "الأشباه" لابن الوكيل: "إن قلنا بالثاني: لم تُصل الجمعة، وإن قلنا بالأول صليت". وما في "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 355) يؤيد المثبت.

- ومنها: إذا اختلفا بعد البيع في الرؤية فالأصل عدمها، والأصل في العقود الصحة. وقال الغزالي في "فتاويه": القول قول البائع وقضية ما ذكره الجزم؛ لأنه ترجح (¬1) أصل عدم [جانب] (¬2) الرؤية بأصل عدم لزوم الثمن، لكن حكى ابن أبي الدم الحموي (¬3) في "أدب القضاء" [فيه] (¬4) الخلاف، ولو اختلفا فيما رآه قبل العقد هل تغير أم لا؟ والأصل عدمه، والأصل عدم لزوم الثمن، وهذا الأصل يعضد الأصل في الصورة السابقة، وقضية ما ذكروه [7 ق /ب] الجزم، والصحيح المحكي عن النصِّ: أن القول قول المشتري، والجانب الآخر صححه (¬5) في "الوسيط". - ومنها: لو اختلفا في شرط يفسد العقد فقولان أصحهما (¬6) -وبه قال الشيخ أبو حامد-: القول قول مدعي الصحة عملًا [بالظاهر] (¬7)، قال الرافعي في باب اختلاف المتبايعين: إن الظاهر [8 ن /ب] في العقود الصحة، والثاني: القول قول من يدعيه؛ لأن الأصل عدم لزوم الثمن؛ إذ الأصل بقاء ملك البائع وعدم العقد ¬

_ (¬1) في (ن): "يرجع". (¬2) من (ن). (¬3) هو إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم بن علي بن محمد بن فاتك بن محمد، القاضي شهاب الدين، أبو إسحاق الهمداني، الحموي المعروف بابن أبي الدم، ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ورحل وتفقه وسمع وحدَّث وكان إمامًا في المذهب، من أهم مصنفاته: "شرح مشكل الوسيط"، "أدب القضاء" "التاريخ الكبير"، توفي سنة اثنتين وأربعين وستمائة (642 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 419 - رقم 400). (¬4) من (ن). (¬5) أي: الإمام الغزالي. (¬6) أي عند الغزالي، كما قال ابن الوكيل ص (53). (¬7) تكررت في (ن).

الصحيح، والرافعي خرجه على الأصل المذكور. ومثله: ما لو قال: بعتك بألف، فقال: بزَقِّ (¬1) خمر، ومنهم من قطع فيه بالفساد، وعن القفال: أصل الوجهين في هذه الصور القولان فيما لو قال له: علي ألف من ثمن خمر، فهل ينظر إلى قوله: اشتريت، أو إليه مقرونًا بزق خمر؟ - ومنها: لو اختلفا بعد التفرق، فقال أحدهما: تفرقنا على فسخ، وقال الآخر: بل على إمضاء، فيه الوجهان. قلت: والأصح تصديق الثاني. - ومنها: لو اختلف الزوجان في الوطء بعد الخَلوة، فالأصل عدم الوطء والظاهر وجودهُ، والمرأة تملك جملة الصداق بالعقد، والزوج يدعي ما يوجب رجوع الشطر إليه بالطلاق، لصدوره قبل الدخول، والأصل بقاء ملكها، وأصح القولين: ترجيح عدم الوطء. - ومنها: لو ادعي المديون أنه معسر وأنكر الغريم، فإن لزمه الدين في مقابلة مال كثير أو قرض (¬2) فعليه البينة وإلا فيصدق بيمينه في أصح الأوجه، لأن الأصل العدم (¬3). وثانيها: أنه لا بد من البينة؛ لأن الظاهر من حال الحر أنه يملك شيئًا. وثالثها: إن لزمه (¬4) الدين باختياره كالصداق والضمان فعليه البينة وإلا فقيمته كغرامة المتلف وأرش الجناية، فيصدق بيمينه؛ لأن الظاهر أنه لا يشغل ذمته إلا بما يقدر عليه. ¬

_ (¬1) الزَّقُ: بالكسر الظرف. (¬2) في (ق): "قرضًا". (¬3) في (ن) و (ق): "الغرم"، والتصويب من (ك). (¬4) كذا في (ك)، وفي (ن): "لرب"، وفي (ق): "كون".

وطريقة الغزالي وابن عبد السلام: [أنه] (¬1) إن عُهِدَ (¬2) له مال فلا يقبل قوله إلا ببينة وإلا فثلاثة أوجه، واتبعا في ذلك الإمام (¬3)، [وحكى] (¬4) هذه الطريقة عن الأصحاب. واعلم أن ابن عبد السلام ابتدأ في قواعده (¬5) سؤالات في قاعدة الأفعال المشتملة على المصالح والمفاسد، وأظهر عدم ظهور الجواز عنه، وهو أن الخلاف لم يجر فيما (¬6) إذا عُرف له مال وطالت المدة وكان ضعيفًا عن الكسب، فإن الظاهر (¬7) أنه ينفق ما عهدناه على نفسه وعياله، فكان ينبغي إذا مضت مدة يستوعب بعضُها [9 ن/ أ] المالَ الذي عهدناه أنه لا يحبسه لمعارضته الظاهر، ثم قال: وهذا سؤال [8 ق/ أ] مشكل جدًّا، وهو ظاهر، ولعل الله ييسر حله". - ومنها: لو مشط المحرِمُ لحيته (¬8) فسقطت شعرات وشك هل كانت منسلَّة (¬9) فانفصلت، أو انتتفت بالمشط؟ فحكى الإمام والغزالي في وجوب الفدية قولين (¬10)، والأكثرون: وجهان، أصحهما: عدم الوجوب، إذ النَّتْفُ لم يتحقق، ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) كذا في (ك)، ش في (ن) و (ق): "عقد". (¬3) أي إمام الحرمين أبو المعالي الجويني. (¬4) سقطت من (ق). (¬5) "قواعد الأحكام" للعز بن عبد السلام (1/ 40). (¬6) في (ن): "فيها". (¬7) في (ق): "فالظاهر". (¬8) كذا في (ق)، وفي (ن): "لحييه". (¬9) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "متصلة". (¬10) وقعت في (ن) و (ق): "قولان".

والأصل براءة الذمة، ووجه الآخر أن المشط سبب ظاهر فيُضاف إليه كإضافة الإجهاض إلى الضرب، ولأن الأصل بقاء الشعر نابتًا إلى وقت الامتشاط، وأقول: هذه أيضًا من الصور التي حصل الرجحان فيها لأحد الأصلين، وجرى فيها الخلاف. - ومنها: إذا شك في قلة النجاسة وكثرتها وهي مما يعفى عن قليلها، قال في "النهاية" (¬1): يحصل العفو؛ لأن الأصل عدم الكثرة، ويحتمل المؤاخذة؛ لأن الأصل عدم الإزالة (¬2). - ومنها: لو قال: إن كنتِ حاملًا فأنت طالق، ولم يكن استبرأها قبل ذلك حرم الوطء حتى يستبرئها؛ لأن الأصل عدم الحمل. وقيل: لا يحرم؛ لأن الأصل بقاء الحمل، وقيل (¬3): يرجح أحد الطرفين هنا، فإن الغالب كما قاله الرافعي في النساء عدم الحمل، ومع ذلك ففيه الخلاف. - ومنها: لو أنكر الراهن أنه لم يقبضه عن الرهن، بل قال: أعرتكه أو أجرتكه ¬

_ (¬1) هو "نهاية المطلب في دراية المذهب" في فروع مذهب الشافعي لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني (ت 478 هـ)، جمعه الإمام بمكة المكرمة وأتمَّه بنيسابور، وقد مدحه ابن خلكان وقال: إنه ما صنف في الإسلام مثله يشتمل على أربعين مجلدًا، ثم لخصه ولم يتم اختصاره، وهو من أكبر موسوعات الفقه الشافعي على الإطلاق، وقد يسر الله لشيخنا الأستاذ الدكتور عبد العظيم الديب تحقيقه وإخراجه بعد جهد جهيد فاق العقدين من الزمان، فالحمد لله على فضله ومنه، انظر: "طبقات الفقهاء" لابن قاضي شهبة (1/ 236 - رقم 218)، "كشف الظنون" (2/ 784). (¬2) وفي "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 255): "لأن الأصل وجوب الإزالة إلا فيما تحققت قلته، والأصح -وبه قطع الغزالي- العفو". (¬3) في (ق): "وقد".

مثلًا فالأصح المنصوص: أن القول قول الراهن؛ لأن الأصل عدم اللزوم وعدم إذنه في القبض عن الرهن، والوجه الآخر: أن القول قول المرتهن؛ لأن الظاهر قبضه عن جهته لبعدها. - ومنها: لو أذن المرتهن في بيع المرهون فباع الراهن ورجع المرتهن وادعى أنه رجع قبل البيع، والأصل عدم الرجوع، والأصل بقاء الإذن (¬1)، والأصح عند الأكثرين: أن القول قول المرتهن. - ومنها: الأظهر أن دم الحامل حيض (¬2)؛ لأن الأصل السلامة، والظاهر خلافه، وهو القديم عملًا بالغالب (¬3). - ومنها: إذا شك المسبوق في إدراك حَدِّ الإجزاء لم تحسب ركعته في الأظهر [9 ن/ ب] وقال الإمام: على أصح الوجهين؛ لأن الأصل عدم الإدراك، ووجه مقابله: أن الأصل بقاء الركوع. - ومنها: إذا كان في يده شخص بالغ يسترقه يتصرف فيه، وقد تداولته الأيدي بالبيع والشراء، وادعى رِقَّه وأنكر البالغ وقال: أنا حر الأصل، فالقول قول البالغ (¬4)، ولا ينظر لاستخدامه وتصرفه مع أن الظاهر أنه مالكه، يدل عليه أن الشاهد يجوز له أن يشهد في الدار، فلا (¬5) يملكها بمجرد ذلك [8 ق/ ب] والأصل عدم ما ادعاه (¬6) صاحب اليد، إن كان هذا الشخص صبيًّا مميزًا، وهو يتصرف ¬

_ (¬1) وفي "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 255): "والأصل عدم الإذن". (¬2) وهو مذهب الشافعي الجديد، وهو الصحيح؛ لأن الأمر متردد بين كونه دم علة أو جبلة. (¬3) لأن الغالب أن الحامل لا تحيض. (¬4) في (ق): البائع. (¬5) كذا في "ك"، وفي (ن) و (ق): "مثلًا". (¬6) كذا في "ك"، في (ن): "عدمها إذ دعاه" وفي (ق): "عدمها ادعاه".

فيه في يده وادعى ذلك فوجهان: أصحهما: أن القول قول المدعي ولا عبرة بإنكاره. - ومنها: إذا وقع في ماءٍ نجاسةٌ وشك في بلوغه قلتين فقد جزم الماوردي وآخرون بنجاسته عملًا بالأصل (¬1)، والأصل أن اتصال الطاهر بالنجس سبب التنجيس بشرطه، وللإمام فيه احتمالان، قال في "الروضة": والمختار -بل الصواب- الجزم بطهارته لأن الأصل طهارته، وشككنا في نجاسة مُنَجَّسه (¬2)، ولا يلزم من النجاسة التنجيس، ونظيرها: [ما] (¬3) إذا نقص مقدار [من الماء يُجهل كونه مغيرًا على وجه أن القلتين تقريب، ونظيرها الشك في الثوب] (¬4) الذي [فيه] (¬5) حرير وكتان، وقلنا: الاعتبار بالطهور أو لم يكن فيه طاهر وشك في الأغلب. - ومنها: إذا شك في أنها أرضعته خصر رضعات في الحولين أو بعدهما أو بعضها في الحولين وبعضها بعدهما، فالأصل بقاء مدة الحولين، والأصل عدم التحريم، وحكى الغزالي فيه قولين أو وجهين خرجهما على الأصل المذكور، والأصح عدم التحريم. - ومنها في مسألة معط الفأرة في البئر، قالوا: ينزح منها قدر مائها مرة أو مرارًا حتى يغلب على الظن خروج الشعر كله، فإن غلب على ظنه أنه لا يخلو في كل دلو ¬

_ (¬1) لأن الأصل عدم بلوغه قلتين. (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "تنجيسه". (¬3) من (ن). (¬4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) و (ق)، استدركناه من "ك". (¬5) ساقطة من (ن).

عن شيء من النجاسة، لكنه لم يره ولا تيقنه، قال الرافعي (¬1) بجواز الاستعمال على القولين في تقابل الأصل والغالب إذا تعارضا. - ومنها: إذا قلع سن صغير لم يثغر (¬2) لم يستوف حتى ييأس (¬3) من نباتها، وإن مات الصغير قبل أن يتبين الحال، ففي وجوب الأرش (¬4) وجهان، وقيل قولان: أحدهما: يجب لتحقق الجناية، والأصل عدم العود [10 ن/ أ]. والثاني: المنع لأصل براءة الذمة، والظاهر أنه لو عاش لعادت، وقد اعتضد أحدهما بظاهر ومع ذلك جاء الخلاف، قال الرافعي: هذا أقوى (¬5) على ما قاله ابن كج (¬6). - ومنها: إذا قطع لسان الصغير كما ولد ولم تظهر صحة أمارة (¬7) لسانه في النطق ولا سقمه، فالأصل براءة ذمة الجاني، والظاهر الصحة إلحاقًا للمفرد (¬8) ¬

_ (¬1) وقعت في (ن) و (ق): "الغزالي"، والتصويب من "ك". (¬2) والثغر: المبسم ثم أطلق على الثنايا، وإذا كسر ثغر الصبي قيل ثُغِرَ ثُغورًا بالبناء للمفعول، وثغرته أثغره من باب نفع كسرته، وإذا نبتت بعد السقوط قيل: أثغر إثغارًا، والمراد هنا بـ: ثُغِر الصبي أي: سقطت ثغره، "المصباح المنير" ص (54). (¬3) كذا في (ق)، وفي (ن): "يؤنس". (¬4) في (ن): "الأرض". (¬5) في (ق): "أقوال". (¬6) هو يوسف بن أحمد بن كج، القاضي أبو القاسم الدينوري، أحد الأئمة المشهورين، وحفاظ المذهب المصنفين، وأصحاب الوجوه المتقنين، انتهت إليه الرياسة ببلاده في المذهب، ورحل إليه الناس رغبة في علمه وجوده، وكان يضرب به المثل في حفظ المذهب، وكَجّ: بكاف مفتوحة وجيم مشددة في اللغة اسم للجص الذي يبيض به الحيطان، ومن تصانيفه: "التجريد"، توفي سنة خمس وأربعمائة (405 هـ) راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 174 - رقم 158). (¬7) في (ن): "إشارة". (¬8) في (ن) كلمة غير واضحة، وفي (ق): "بالقود"، والتصويب من (ك).

بالأعم الأغلب، وقد حكى الإمام اتفاق الأصحاب على عدم وجوب الدية، وحكى الرافعي الاتفاق على عكسه، قال: وكما تجب الدية في يده ورجله وإن لم يكن بطش في الحال ثم حكى طريقة أخرى حاكية القولين في المسألة. - ومنها: إذا كان فم الكلب رطبًا وأدخله في إناء ولم يعلم ولغ أم لا، والأصل طهارة الأصل، والآخر التنجيس [9 ق /أ]. قال النووي: وهو الظاهر. - ومنها: إذا وقعت في بعض الأواني نجاسة واشتبهت (¬1) وأدى الاجتهاد إلى واحد، فالأصل فيها بعينها الطهارة، والظاهر النجاسة، والمذهب: العمل بهذا الظن. - ومنها: إذا قلنا: بالأصح أنه إذا انتبه ولم ير إلا (¬2) [الثخانة والبياض] (¬3) أنه لا غسل عليه، وإن غلب على ظنه أنه مني؛ [لأن الودي لا يليق بطبع صاحب] (3) هذه الواقعة، أو لتذكر وِقَاع تخيَّلهُ، قال الإمام: ويستصحب يقين الطهارة ويجوز أن يحمل على غالب ظنه، قال الرافعي: والاحتمال الأول [أوفق] (¬4) لكلام المعظم. - ومنها: لا يجب عليه الغسل بمجرد خروج مني الغير، فلو خرج منها مني بعد ما كان جامعها وكانت بالغة وكان الجماع [السابق] (¬5) قضى شهوتها، ¬

_ (¬1) في (ق): "واشتبه". (¬2) في (ن) و (ق): "بللًا" والصواب من (ك). (¬3) استدراك من (ك)، وموضعها بياض في (ن) و (ق). (¬4) سقطت من (ن). (¬5) سقطت من (ق).

الأصح: لا كالنائمة والمكره، والظاهر خروج منيها معه، والأصل عدمه، والصحيح الوجوب. - ومنها: لو ادعى ملك (¬1) الدار التي في يده، وكان قد رهنها عنده أو أجرها أو أقر له بالملك، ثم ادعى أنها في يده بتلك الطريق فمن المصدَّق؟ فيه وجهان: أصحهما: أن القول قول الراهن؛ لأن الأصل معه، ووجه مقابله كون الظاهر أن اليد بحق. - ومنها: لو قدَّ بطن امرأة ميتة فوصل السيف إلى الولد في بطنها (¬2) فقدَّه، فالأصل عدم وجوب الغرة (¬3)؛ لأن الظاهر أن هلاكه بهلاك الأم، حكاه الرافعي (¬4) عن "التهذيب"، والمحكي عن القاضي الطبري وجوب [10 ن/ ب] ضمان الجنين؛ لأنه قد يبقى في جوف (¬5) الأم حيًّا، والأصل بقاء الحياة، وفيه نظر، فإن الحياة لم تتيقن حتى تُسْتصحب. قلت: فيه بُعْدٌ؛ لأن نمو الجنين في البطن دليل حياته. - ومنها: إذا قال رب المال: بعته (¬6) ثم اشتريته، ولم يَحُل عليه الحول وما أشبه ذلك مما يخالف الظاهر لكون المال في يده في مجموع الحول، فإن نظرنا إلى الظاهر حلف واجبًا، وإن نظرنا إلى الأصل وهو براءة الذمة لم يجب التحليف، ومعه ¬

_ (¬1) كذا في (ك)، وفي (ن)، و (ق): "مالك". (¬2) كذا في (ن)، وفي (ق): "ولد في جوفها". (¬3) والغرَّة: عبدٌ أو أمة. (¬4) كذا في (ق)، ووقع في (ن): "القاضي". (¬5) وقعت في (ن): "وجوب". (¬6) أي نصاب الزكاة.

أصل يوافق الظاهر السابق وهو بقاء الملك، وقد ترجح أحد الأصلين بظاهر، وفيه الخلاف. قلت: وصحح صاحب "التنبيه" (¬1) أنه يحلف واجبًا، وصحح النووي الاستصحاب. - ومنها: إذا قال: لزيد عليَّ كذا، فالأصل الاستمرار إلى الآن، والأصل براءة الذمة، وهو لم يعترف في الحال، قالوا: فيه وجهان. - ومنها: لو ادعى أن زيدًا أحالني عليك بكذا وأنت رضيت وسلم المحال [9 ق / ب] عليه صحة الدين، وأنكر رضى نفسه بالحوالة، واعتبرنا رضى المحال عليه (¬2). فهل القول قول من يدعي جريان الحوالة على الصحة، أو قول من يدعي الفساد؟ فيه الخلاف السابق في نظائره. - ومنها: لو اختلف الزوجان الوثنيان أو المجوسيان قبل الدخول فقال الزوج: أسلمنا معًا، فالنكاح باقٍ، وأنكرت فالقول قوله على الأظهر، والأصل بقاء النكاح، ووجه الآخر: أن التساوق في الإسلام نادر. - ومنها: لو كان مقطوعَ بعضِ الذكر أو خصيًّا أو أجلناه بسبب العِنَّة سنة ثم ادعى الوطء في المدة، وأنكرت: ادعت عجزه، فالقول قوله؛ لأن الأصل في العقد (¬3) اللزوم، وعدم ثبوت ما يقتضي تسليطها على الفسخ، وقال أبو إسحاق: ¬

_ (¬1) هو كتاب "التنبيه في فروع الشافعية" للشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن علي الفقيه الشيرازي الشافعي المتوفى سنة (476 هـ) وهو أحد الكتب الخمسة المشهورة المتداولة بين الشافعية وأكثرها تداولًا، وله شروح كثيرة جدّا ومختصرات عديدة، ومنظومات عدة، انظر: "طبقات ابن قاضي شهبة" (1/ 219 - رقم 200)، "كشف الظنون" (1/ 395 - 398). (¬2) في (ن): "عليها". (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "العنة".

القول قولها؛ لأن الظاهر معها؛ فإن النقصان الذي لحقه يورث ضعف الذكر ويقوى جانبها مع كون الأصل عدم الوطء، وفي هذه الصورة أيضًا يرجح أحد الجانبين بتعاضد الأصل والظاهر في مقابلة الأصل. مع أنهم قالوا في سليم الذكر: لو ادعى الوطء في المدة [11 ن/ أ] المضروبة في العنة والإيلاء وأنكرت فقد تقابل الأصلان، فالقول قوله، قالوا: لعسر إقامة البينة عليه، وهذا المعنى في جانبها (¬1) أيضًا، فلو ثبتت بكارتها رجعنا إلى تصديقها قطعًا لاعتضاد أحد الأصلين بظاهر قوى بخلاف الصورة السابقة؛ فإن الظاهر لم يقو كل القوة، فلو ادعى عدم الوطء ولم تظهر البكارة، وأنكرت وطلقها طلقة رجعية وأراد الرجعة لم يكن له ذلك؛ لقوة جانب المرأة لاعتضاد أحد الأصلين، فإنا تيقنا الهادم للنكاح، وهو يدعي [ما يوجب الرجعة، والأصل عدمه، وفي المسألة الثانية: تيقنا النكاح وهي تدعي] (¬2) ما يوجب زواله والأصل عدمه. - ومنها: لو اختلف الزوجان في التمكين لتطالب بالنفقة (¬3)، فادعته وأنكر الزوج، فالأصح: أن القول قوله؛ لأن الأصل عدمه. وهي لا تجب إلا به، وقيل: القول قولها؛ لأن الأصل استمرار ما يوجب بالعقد، وهو يدعي المسقط، فعليه (¬4) بينة النشوز، وهذا القائل يقول: النفقة تجب بالعقد. - ومنها: لو أصدقها تعليم بعض (¬5) القرآن، وادعى أنه علمها وادعت أنها ¬

_ (¬1) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "جانبه". (¬2) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬3) في (ن) و (ق): "بالبينة" والصواب من (ك). (¬4) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "فغاية". (¬5) كذا في (ق)، وفي (ن): "نصف".

تعلمت من غيره، فالأصح أن القول قولها، قال الرافعي: وبناء الوجهين فيما ذكر بعضهم على قولي تعارض الأصل والظاهر. - ومنها: إذا قلنا بطريق العراقيين: إن الصداق عليها (¬1) بعد الطلاق وقبل الدخول، واختلفا في نقصه، فقالت: حدث قبل [10 ق/ أ] الطلاق، فلا ضمان، وقال: بل بعده، فعليك ضمانه، فالأصل براءة الذمة، والأصل عدم النقص حينئذ، وفيه وجهان، والأول جواب الشيخ أبي حامد، وابن الصباغ (¬2). - ومنها: لو قال: إن حضت فأنت طالق، وقع برؤية الدم، وقيل: إذا مضى أقل الحيض تبين الوقوع من أول رؤية الدم. - ومنها: لو ألقاه في ماء مغرق فغرق، وقال المُلقي: كان يحسن السباحة فتركها قصدًا وأنكر الوارث فعلى الخلاف. قلت: رجح النووي تصديق الولي ومثله ما إذا ألقاه في نارٍ واختلف في إمكان الخروج، وهذه أيضًا تشكل (¬3) على ضابط ابن الصباغ (¬4)؛ لأن الظاهر أنه لو عرف السباحة لسبح، والأصل [11 ن/ ب] براءة الذمة، والأصل عدم المعرفة. ¬

_ (¬1) أي مضمون عليها. (¬2) هو عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن جعفر، أبو نصر بن الصباغ، البغدادي، فقيه العراق، ولد سنة أربعمائة، أخذ الفقه والخلاف عن القاضي أبي الطيب الطري، والشيخ أبي إسحاق، وكان من أكابر أصحاب الوجوه، وكان خيرًا دينا، ثبتًا صالحًا، من تصانيفه "الشامل" في الفروع، وهو من أصح كتب المذهب وأتقنها أدلة، و"الكامل" في الخلاف بين الشافعية والحنفية، وغيرهما، توفي سنة سبع وسبعين وأربعمائة، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 232 - رقم 214). (¬3) في (ق): "وهذا أيضًا مشكل". (¬4) في (ك): "ابن الصلاح".

- ومنها: لو أسلم إليه في لحم [فجاء به، فقال المسلم: هذا] (¬1) لحم ميتة أو مذكي مجوسي، وأنكر المسلم إليه، فالقول قول المسلم القابض. - ومنها: إذا أكل الكلب المعلم من الصيد لم يحرم ما مضى من صيده استصحابًا للحِلِّ (¬2) الثابت فيه قبل الأكل. - ومنها: أنه لا يقضي على الناكل بمجرد [نكوله] (¬3)، بل يعرض اليمين على المدعي؛ لأن الأصل براءة ذمة المدعى عليه، فلا يبطل ذلك بمجرد نكوله حتى يعتضد بيمين المدعي. - ومنها: إذا ادعى اثنان كل واحد منهما مِلْكَ دارٍ وهيِ في يد ثالث يدعي ملكها، وأقاما (¬4) بينتين تعارضا وبقيت في يد الثالث استصحابًا لليد، وإن [لم] (¬5) يقم له بينة. - ومنها: إذا تنحنح إمامه فظهر منه حرفان، فلا يلزم المأموم مفارقته على الأصح؛ لأن الأصل بقاء صلاته، ولعله معذور والله أعلم. * * * ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) في (ق): "للحمل". (¬3) سقطت من (ق). (¬4) في (ق): "وأقام". (¬5) ليست في الأصلين، وأظن السياق يقتضيها.

باب الأواني

باب الأواني قاعدة " فيمن أخطأ الطريق وأصاب المطروق، وإن شئت قلت: فيمن هجم فتبين أنه فعل الصواب هل يكون خطؤه في الطريق حيث هجم موجبًا لتغير حكم المطروق، إذ كان من حقه أن لا يأتيه إلا من حيث أمر إذ لا يضر ذلك (¬1) "، فيه صور: الأول: اشتبه ماء طاهر بنجس اجتهد وجوبًا على الأصح، فلو هجم بدونه (¬2) وتوضأ بأحدهما لم يصح: ضوؤه، ولا صلاته، فإن بان أنه توضأ بالطاهر، قال الشيخ أبو إسحاق: لا يصح لكونه متلاعبًا. وخالفه ابن الصباغ، وصحح في "الروضة" الأول كنظيره في الوقت والقبلة، وللغزالي في الوقت والماء كلام طويل [حُكي] (¬3) عنه، وذلك هذه الصورة الثانية والثالثة. قاعدة " قال الإمام الشافعي: الظن [يلغى إلا ما قام] (¬4) [10 ق / ب] الدليل على ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 166 - 167). (¬2) أي بدون اجتهاده. (¬3) سقطت من (ق). (¬4) في (ق): "يكفي الإمام".

إعماله (¬1) " (¬2). وقال الإمام مالك: معمول به إلا ما قام الدليل على إهماله، كذا حكى الشيخ عز الدين، ولعله أخذه من اختلاف الإمام الشافعي والإمام مالك في المصالح المرسلة، فيقال (¬3): الأصل عدم العمل إلا ما قام الدليل على [إعماله] (¬4)، وقيل: الأصل العمل إلا ما قام الدليل على إلغائه. - ومنها: مسائل الأواني لا يكفي ظن [12 ن / أ] الطهارة عند الاشتباه، بل لا بد من اجتهاد وظهور علامة. الثانية: لا يقبل قول المميز، وإن أثار ظنًّا؛ إذ لا انضباط (¬5) له. الثالثة: غلب على ظنه زوال النجاسة ثم شم في يده ريحًا، فالأصح في "الروضة": أنه لا يدل على بقائها في المحل كما في اليد. الرابعة: جاء مدعي اللقطة ووصفها (¬6)، وظن صدقه لم يجب الدفع إليه على الأصح بل يجوز، وصوره كثيرة، وحاصله أن مجرد الظن إن لم يعتضد بشاهد شرعي لا يعتبر؛ لأن الأصل إلغاؤه. ¬

_ (¬1) وقعت في (ن) و (ق): "إهماله"، والمثبت هو الصواب. (¬2) انظر هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 108)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 167)، "القواعد الفقهية" للندوي ص (229). (¬3) هذه عبارة الشيخ تقي الدين السبكي نقلها عنه ولده تاج الدين السبكي في "الأشباه والنظائر" (1/ 167)، واقتبسها ابن الملقن هنا بنصها. (¬4) وقعت في (ن): "إهماله"، ووقعت العبارة في (ق) كذا: "الأصل العمل إلا ما قام الدليل على إهماله" والمثبت أوفق للفظ ابن السبكي. (¬5) في (ن): "تضابط". (¬6) وقعت في (ن) و (ق): "ووضعها" والصواب من (س).

قاعدة لا يعرف ماء طاهر في إناء نجس

ومن تأمل الكتاب والسنة وجد فيهما ما دل على ذم العمل بمجرد الظن، خالفناه فيما تأكد بدليل؛ كوطء المزفوفة إليه وغيرها. واختلف في مسائل: - منها: السقط إذا لم يتيقن حياته، ولكن دل عليها أمارة من اختلاج ونحوه صُلي عليه في الأظهر، كالصراخ (¬1)، ووجه مقابله: عدم اليقين وعدم اعتضاده بأصل. قاعدة " لا يعرف ماء طاهر في إناء نجس" (¬2) إلا في مسألتين ذكرهما الجرجاني (¬3) في "المعاياة"، والروياني في "الفروق". الأولى: جلد ميتة طُرح فيه ماء كثير ولم يتغير. والثانية: إناء فيه ماء قليل ولغ فيه كلب ثم كوثر الماء حتى بلغ قلتين بلا تغير، فالماء طاهر لبلوغه حد الشرع، والإناء نجس لانتفاء تسبيعه وتعفيره، وهذا بخلاف ما لو صادف ولوغه كثرة الماء، فإن الولوغ حينئذ لا يؤثر فيبقى الماء والإناء (¬4) على ¬

_ (¬1) قال ابن السبكي: "لأن الاختلاج أمارة الحياة فأشبه الصراخ". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 201)، "الأشباه" للسيوطي (2/ 741). (¬3) هو أحمد بن محمد بن أحمد، أبو العباس الجرجاني، قاضي البصرة، وشيخ الشافعية بها، تفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وكان من أعيان الأدباء، من تصانيفه: "الشافي"، "التحرير"، "المعاياة" يشتمل على أنواع من الامتحان كالألغاز، والفروق، والاستثناءات من الضوابط، توفي سنة ثنتين وثمانية وأربعمائة (482 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 245 - رقم 222). (¬4) في (ق): "الإناء والماء".

حالهما، وهذه مسألة ابن الحداد (¬1) المشهورة، وليست في الرافعي ولا في "الروضة" (¬2). [وفيها] (¬3) أوجه للأصحاب (¬4): قول ابن الحداد هذا، [و] (¬5) هو أصحها، ومقابله في الأولى أيضًا طاهران لبلوغه حد الكثرة، وفي ثالث: إن مس الكلب الماء وحده طهر الإناء، وإن مس نفس الإناء لم يطهر الإناء بطهارة الماء، وقد أوضح المسألة الشيخ أبو علي السنجي (¬6) .............................. ¬

_ (¬1) هو محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر، أبو بكر بن الحدَّاد، الكِنَانيّ المصري. شيخ الشافعية بالديار المصرية، ولد يوم موت المزني سنة أربع وستين ومائتين، وجالس أبا إسحاق المروزي، وابن جرير، والإصطخري، وكان فقيهًا عالمًا في القرآن واللغة، ومتوسعًا في الفقه، عالمًا بالحديث والأسماء والرجال والتاريخ، من تصانيفه: "أدب القضاء"، "الباهر في الفقه"، "الموالدات في الفروع"، توفي سنة أربع، وقيل: خمس - وأربعين وثلاثمائة، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 103 - رقم 84). (¬2) قال ابن السبكي: "وهذه هي مسألة ابن الحداد المشهورة التي لا ذكر لها مع شهرتها في كتب المذاهب، لا في الرافعي ولا في الروضة"، "الأشباه والنظائر" (1/ 201). ولذا قال السيوطي: "وهذه المسألة من مهمات المسائل التي أغفلها الشيخان - يعني الرافعي والنووي- فلم يتعرضا لها" "الأشباه والنظائر" (2/ 742). (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "ومنها". (¬4) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "الأصحاب". (¬5) من (س). (¬6) هو حسين بن شعيب بن محمد بن الحسين، أبو علي السِّنجي، المروزي، الإمام، القاضي، تفقه بأبي بكر القفال، وبالشيخ أبي حامد الإسفراييني وله تعليقة جمع فيها بين مذهبي العراقيين والخراسانيين، وهو أول من فعل ذلك، وشرح التلخيص، وفروع ابن الحداد، توفي سنته سبع وعشرين وأربعمائة (427 هـ)، وقيل غير ذلك، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 184 - رقم 169).

في شرحه (¬1) كعادته، وذكر أن القائل بهذا الوجه شبهه بالوجه المفصل كما في الضَّبة بين أن يلقى فم الشارب أم لا. وفي المسألة وجه رابع: أن الماء إذا تُرك فيه ساعة قام مقام الغسلات وبقي التعفير وحده (¬2). ويستثنى صورة ثالثة: وهي [11 ق / أ] ما إذا وقع شعر فأرة في بئر وماسَّ (¬3) جوانب البئر، وكان الماء كثيرًا بينه وبين الشعر أكثر من قلتين، وليس [12 ن / ب] بين الشعر وجوانب البئر إلا دون القلتين، فالكثير الذي في وسط البئر طاهر، والبئر نجس لتنجسه بنجاسة الماء القليل الملاقي له بخلاف الكثير البعيد عنه، وهذا على قول التباعد. * * * ¬

_ (¬1) أي في شرحه لفروع ابن الحداد. (¬2) قال السيوطي: "قلت: وهذا يشبه مسألة الكوز، وقد بسطها في شرح منظومتي المسماة بالخلاصة، وعبارتي فيها: وإن يَلِغْ في دونه فكوثرًا ... يَطْهُر قطعًا، والإناء لن يَطْهرا". "الأشباه والنظائر" (2/ 742) (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "وما بين".

باب أسباب الحدث

باب أسباب الحدث فائدة: الخلاف الأصولي أن في النسخ رفعًا أو بيانًا (¬1) نظيره الخلاف في أن الحدث إذا طرأ على الطهارة هل نقول بطلت أو انتهت، والأول قول ابن القاص (¬2)، والثاني قول الجمهور، فعلى الأول يقال: لا عبادة لنا تبطل بعد عملها إلا الطهارة بالحدث (¬3). قاعدة " ما أوجب أعظم الأمرين بخصوصه لا يوجب أصغرهما بعمومه" (¬4)، وفيه صور: ¬

_ (¬1) وقعت في (ن) و (ق): "رفع أو بيان"، والمثبت هو الصواب. (¬2) هو أحمد بن أبي أحمد الطبري، أبو العباس، ابن القاصِّ، أحد أئمة المذهب، أخذ الفقه عن ابن سريج، وتفقه عليه أهل طبرستان، وكان إمام طبرستان في وقته، وكان يقال: لا تقع العين على مثله في علمه وزهده، من تصانيفه: "التلخيص" وهو مختصر يذكر في كل باب مسائل منصوصة ومخرجة ثم أمورًا ذهب إليها الحنفية على خلاف قاعدتهم، وكتاب "المفتاح" وهو دون التلخيص في الحجم، وقد اعتنى الأئمة بالكتابين المذكورين وشرحوهما شروحًا مشهورة، وله كتاب "أدب القضاء" توفي سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة (335 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 78 - رقم 52). (¬3) انظر: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 25)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 747، 894). (¬4) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل ص (119)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 94)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 331)، "قواعد الزركشي" (3/ 131)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 217).

- ومنها: الزنا أوجب الحدَّ (¬1) بخصوصه، والملامسة [والمفاخذة توجب التعزير، فإذا حصل بالزنى الملامسة، والمفاخذة] (¬2) لا نقول إنه يجب مع الحد التعزير (¬3). - ومنها: زنى المحصن يوجما أعظم الأمرين بخصوصه (¬4)، فلا يوجب أهونهما (¬5) وهو الجلد (¬6) بعمومه، كذا نظره الرافعي، وفيه نظر، وخالف في هذا بعض السلف (¬7) وله مستند من جهة النقل. - ومنها: الحيض والنفاس يوجبان الغسل بخصوصهما ولا يوجبان الوضوء بعمومهما، أما كونهما لا يوجبان الوضوء، فقد صرح به ابن خيران (¬8) في "لطيفه"، كما حكاه ابن الصلاح في مجموعة بخطه، ويوافقه قول الشيخ نصر المقدسي (¬9) في "تهذيبه": أن خروج الخارج موجب للوضوء ما لم يوجب الغسل، وهذا تفريع ¬

_ (¬1) كذا في (ق)، وفي (ن): "الحدث". (¬2) من (ك). (¬3) لأن أعظم الأمرين وهو الحد قد وجب. (¬4) وأعظم الأمرين في زنا المحصن هو الرجم. (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق) و (ك): "أعمهما". (¬6) كذا في (ك) و (س)، وفي (ن) و (ق): "الحد". (¬7) يعني أبا بكر بن المنذر، فإنه جمع بين الجلد والرجم على المحصن. (¬8) هو علي بن أحمد بن خيران البغدادي، أبو الحسن، من فقهاء الشافعية من أجل تصانيفه: "اللطيف" وهو دون "التنبيه" كثير الأبواب جدًّا، يشتمل على ألف ومائتي باب وتسعة أبواب، ولم يرتبه المصنف الترتيب المعهود، حتى إنه جعل باب الحيض في آخر كتاب، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 116 - رقم 99). (¬9) هو نصر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم بن داود، الفقيه، أبو الفتح المقدسي النابلسي، شيخ المذهب بالشام، وكان عظيم الشأن في العبادة والزهد والصدق والورع والعلم والعمل، من =

قاعدة المراد بالشك التردد في طرفي الوجود والعدم

على أن خروجهما موجب للغسل وهو أحد أوجه ثلاثة، ثانيها: انقطاعهما، وثالثها: المجموع، وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا استشهدت (¬1) حائض، وقلنا: المرأة الجنب (¬2) تُغَسَّل. قلت: وفي غير ذلك كما أوضحته في "شرح المنهاج" في باب الغسل. - ومنها: المنيُّ يُوجب الغسل بخصوصه فلا يُوجب الوضوء على الأصح بعمومه، وإن قلنا إن المني نجس. قاعدة " المراد بالشك التردد في طرفي الوجود والعدم (¬3) على التساوي، وليس المراد ذلك في (¬4) هذا المقام بل سواء كان شكًّا أو ظنًّا لا يرفع اليقين (¬5) السابق"، هذا هو المعروف بين الجمهور، وقد اختار الرافعي أن يقين الحدث يُرفع بظن الطهارة بخلاف العكس (¬6)، ولم يُبْدوا الفرق بينهما، وهو أن [13 ن/ أ] أمر ¬

_ = تصانيفه: "التهذيب"، "التقريب"، "الكافي" في الفروع، توفي سنة تسعين وأربعمائة (490 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 259 - رقم 241). (¬1) في (ن) و (ق) "استشهد"، والمثبت من (ك). (¬2) في (ن) و (ق): "الجنبة" وهو خطأ، لأن هذه اللفظة من الصفات التي يستوي منها المذكر والمؤنث. (¬3) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 191) "قواعد الزركشي" (2/ 255). (¬4) في (ن): "على". (¬5) في (ن): "التعيين". (¬6) قال السيوطي: "وتبعه في الحاوي الصغير، وقيل: إنه غلط معدود من أفراده، قال ابن الرفعة: لم أره لغيره".

فائدة: للإمام الرافعي

الطهارة أخف من أمر الحدث بالنسبة إلى الظن، وإن كانت آلة الطهارة لا يشترط فيها اليقين فإن (¬1) حصول [11 ق /ب] الطهارة يكفي فيها، وأما الحدث فلا بد فيه من اليقين كما إذا خرج ما ظنه ريحًا لم يكف (¬2) فيه الشم، بل لا بد من العلم، فافترق البابان حينئذ، فلا يبعد الاكتفاء بظن الطهارة بعد يقين الحدث، وإن لم يكتف بظن الحدث بعد يقين الطهارة، ونفى أنه يلزم الرافعي الفرق بين البابين، والجامع كون اليقين لا يزال إلا بيقين وأن الأصل الاستمرار، ويتجه بحث آخر لا يختص بالرافعي، وهو أن المبتدأة الفاقدة شرط التمييز صححوا أنها [لا] تحيض إلا بيقين من الحيض وهو يوم وليلة، والظاهر بقاؤه إلى غالب الحيض، فقد زال يقين الحدث بغير شك ولا ظن، بقي ها هنا أن يقال: الأصل وجوب الصلاة، فلا يسقط إلا بيقين، ويندفع بأن هذا الأصل قد زال بيقين الحدث وانفسخ، فلا أثر للأصول السابقة مع الأصول الطارئة. فائدة: قال الرافعي: لا نعني بقولنا: "اليقين لا يرفع بالشك" يقينًا حاضرًا، فإن الطهارة والحدث نقيضان، ومهما شككنا في أحد النقيضين فمحال أن نتيقن الآخر، ولكن المراد أن اليقين الذي كان لا يترك حكمه بالشك، بل يستصحب؛ لأن [الأصل] (¬3) في الشيء الدوام والاستمرار، فهو في الحقيقة عمل بالظن وطرح الشك (¬4)، وقد اتفق فيما إذا تيقن الطهارة وظن الحدث أنه لا يلتفت إلى هذا الظن، وقد تعارض ظنان أحدهما: بقاء الطهارة، والثاني: ظن طريان الحدث، فينبغي ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق) "فإذا" والمثبت هو التصويب. (¬2) فى (ق): "يمكن". (¬3) سقطت من (ق). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 13).

فرع قسم صاحب الرونق الشك إلى ثلاثة أضرب

تخريجه على تعارض الظاهرين ولا يضر اعتضاده بالأصل، فإن كثيرًا من الأصحاب لا ينظر إلى ترجيح أحدهما فىِ تعارض الأصل والظاهر. فرع قسم صاحب "الرونق" (¬1) (¬2) الشك إلى ثلاثة أضرب (¬3): أحدها: شك طرأ على أصل حرام كشاة مذكاة في بلد فيه مسلمون (¬4) ومجوس، ولا غالب فإنها لا تحل (¬5). ثانيها: طرأ على أصل [مباح] (6) كما إذا وجدنا [ماءً] (¬6) متغيرًا واحتمل تغيره بطاهر وغيره (¬7)، فإنه يجوز التطهير به عملًا بالأصل. ¬

_ (¬1) "الرونق": مختصر في فروع الشافعية. وقد اختلف في مؤلفه فقيل: إنه منسوب إلى أبي حامد أحمد بن محمد الإسفراييني (ت 406 هـ)، وقيل: إنه من تصانيف أبي حاتم القزويني، كذا في طبقات ابن السبكي، قال ابن السبكي: وهذا غير مستبعد فإن أبا حاتم قرأ على المحاملي، والرونق أشبه شيء بكلام المحاملي في "اللباب"، انظر: "طبقات الشافعية الكبرى" لابن السبكي (4/ 68)، "كشف الظنون" (1/ 696). (¬2) ساقطة من (ق). (¬3) انظر: "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 190)، "قواعد الزركشي" (2/ 287). (¬4) أي لا تحل للأكل حتى يعلم أنها ذكاة مسلم؛ لأن أصلها حرام وشككنا فى الذكاة المبيحة، فلو كان الغالب فى البلدة المسلمون جاز الأكل؛ عملًا بالغالب المفيد للظهور. "أشباه السيوطي" (1/ 190). (¬5) في (ق): "مسلم". (¬6) استدراك من "أشباه السيوطي" و"قواعد الزركشي". (¬7) كذا في (ن) و (ق)، وفي "الأشباه" للسيوطي: "واحتمل تغيُّره بنجاسة أو بطول المكث" وكذا في "قواعد الزركشي".

فائدة: للإمام الغزالي

ثالثها: شك لا يعرف أصله [13 ن/ ب] كمعاملة مَنْ أكثرُ ماله حرام (¬1)، فإنها مكروهة (¬2)، [وهذا] (¬3) إذا لم يتحقق أن المأخوذ من ماله عينُ الحرام. فائدة: جعل الغزالي وغيره عمدة هذه القاعدة: أن اليقين لا يرفع بالشك الحديثَ الصحيحْ "لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا" (¬4). وهو إنما هو في حق من كان في الصلاة، فلا يكون دليلًا على الحكم [المذكور] (¬5) في غير الصلاة، لجواز أن الشارع متشوف إلى بقاء العمل الذي قد تلبس به، وفي الحديث مباحث حسنة يطول ذكرها، والذي يراد هنا أن في المذهب وجهًا موافقًا (¬6) للحديث، ؛ وهو [12 ق/ أ] تخصيص الحكم بما إذا كان في الصلاة دون ما إذا كان خارجها، وقد ورد حديث صحيح من غير تقييد بالصلاة. فائدة: قال إمام الحرمين: قد اتفق الأصحاب على أن من تيقن الوضوء وغلب على ظنه الحدث فله الأخذ بالوضوء، وقد ذكرنا للإمام الشافعي قولين في أن ما يغلب على الظن نجاسته هل يحكم بنجاسته، وحكى عن شيخه الفرق بينهما من جهة أن الاجتهاد ينظر إلى تمييز الطاهر من النجس؛ لأن للنجاسة أماراتٍ بخلاف ¬

_ (¬1) أي ولم يتحقق أن المأخوذ من ماله عين الحرام. (¬2) ولكن لا تحرم مبايعته؛ لإمكان الحلال وعدم تحقق التحريم، ومأخذ الكراهة؛ خوفًا من الوقوع في الحرام. (¬3) سقطت من (ن). (¬4) رواه البخاري في "صحيحه" [كتاب الوضوء -باب: لا يتوضأ مِنَ الشك حتى يستيقن- حديث رقم (137)]. (¬5) من (ن). (¬6) وقعت في (ن) و (ق): "وجه موافق".

قاعدة لا يزال اليقين بالشك

الحدث والطهارة، وإلى هذا الفرق أشار الغزالي بقوله: لأن العلامات تندرج فىِ الأحداث، ولا مجال للاجتهاد فيها، وناقش الإمامُ والدَه (¬1) في ذلك (¬2)، فقال: تمييز الحيض من الاستحاضة والمني وغيره إنما هو بالصفات، وهذا اجتهاد، فإطلاق القول بأن الاجتهاد لا يتطرق إلى الأحداث غير سديد، وربما فرق الإمام لنفسه بأن الأسباب التي يظن بها النجاسة كثيرة جدًّا، وهي قليلة في الأحداث ولا مبالاة بالنادر (¬3) منها، فيعتبر التمسك بحكم اليقين، وفيه نظر؛ فإن الظاهر إن نظر إليه فلا عبرة بالأسباب التي حصلت؛ سواء كانت لليلة أو كثيرة، وليس المراد اجتماعهما، فإذا حصلت خصلة واحدة منهما واعتبرت فكذلك إذا حصل بعض الأسباب ظاهرًا في الأحداث أيضًا، فينبغي أن يعتبر. قاعدة " لا يُزال اليقين بالشك" (¬4). ¬

_ (¬1) هو عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن حَيُّويَه، الشيخ، ركن الدين أبو محمد الجويني، كان إمامًا في التفسير والفقه والأدب والخلاف برع في المذهب حتى تصدر للتدريس والإفتاء فيه، صنف في التفسير كتابًا يشتمل على عشرة أنواع من العلوم في كل آية، وله "تعليقة" في الفقه، "الفروق"، "السلسلة"، "مختصر مختصر المزني"، توفي سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة (438 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 186 - رقم 171). (¬2) في (ق): "فيها". (¬3) في (ن): "بالقادر"، وفي (ق): "للقادر". (¬4) انظر: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 29)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 187 - 188)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 75 - 76)، "قواعد الزركشي" (2/ 286)، "شرح القواعد الفقهية" للشيخ أحمد الزرقا (ص: 79).

قاعدة يجوز أن يستنبط من النص معنى يزيد على ما دل عليه

إلا في أحد عشر مسألة كما قاله ابن القاص، ونازعه القفال في [14 ن/ أ] بعضها، وزاد إمام الحرمين مسألة (¬1)، والنووي مسألتين (¬2)، وقد ذكرتهما أجمع ملخصة في "شرح المنهاج" في آخر [باب] (¬3) أسباب الحدث قبيل الكلام على آداب قضاء الحاجة فراجعها منه. قاعدة " يجوز أن يستنبط من النص معنى يزيد على ما دل عليه" (¬4)، وهذا هو القياس المعروف، ومعنى يساويه، وهو العلة القاصرة، ومعنى يُخصِّصه، ولا يجوز أن يستنبط منه معنى يعكر على أصله بالبطلان خلافًا للسادة الحنفية، ويخرج على القاعدة الأخيرة: - جواز القيمة في الزكاة، فعندنا لا يجوز؛ لأنه لا جائز أن يكون المعنى في إيجاب الشاة إنما هو إغناء الفقير، وإغناؤه بالنقد، ثم لأنه يؤدي من يستنبط ذلك إلى جواز الانتقال إلى القيمة، لكن قد ألحق أصحابنا بالرضاع الاستعاط وأكل الجبن (¬5) المعمول من لبن المرأة؛ لأنه في معناه. ¬

_ (¬1) وهي: ما إذا شك الناس في انقضاء وقت الجمعة، فإنهم لا يصلون الجمعة، وإن كان الأصل بقاء الوقت. (¬2) وهي؛ الأولى: إذا توضأ وشك هل مسح رأسه أم لا؟ وفيه وجهان، الأصحح: صحة وضوئه، ولا يقال: الأصل عدم المسح. والثانية: لو سلم من صلاته وشك هل صلى ثلاثًا أو أربعًا، والأظهر أن صلاته مضت على الصحة، "أشباه" السيوطي (1/ 188 - 189). (¬3) من (ق). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 152 - 154). (¬5) في (ن): "الجيفة".

تنبيهات

- وجواز الاستنجاء بما في معنى الحجر مع أنه استطرده منه. - وجواز الحط عن المكاتب بدلًا عن الإيتاء؛ لأن المعنى في الإيتاء إنما هو الرفق وهو في الحط أكثر، ثم اختلفوا هل هو [21 ق / ب] أصل أو بدل؟ وربما يتفرع على أنه يجوز أن يستنبط منه معنى يخصصه عدم النقض في لمس المحارم وإلحاق من زالت بكارتها بغير وطء؛ كوثبة ونحوها بها لبقاء المعنى وهو الحياء، لكن ألحق بها الموطوءة في الدبر، وإن كانت المخالطة (¬1) أفحش، إلا أن النظر إلى ذلك يؤدي إلى إبطال ما علق عليه الشارع من الثيابة والبكارة. - ومنها: تخصيص النهي عن صوم يوم الشك بحالة انفراده، وعدم اعتياده، وهذا النهي صححه الرافعي ومن تبعه أنه للتحريم، والذي نص عليه الإمام الشافعي وجمهور الأصحاب أنه للتنزيه. تنبيهات أحدها: قدر بعضهم في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ذكاة الجنين ذكاة أمه" (¬2) لفظ: "مثل"، وهو عائد على الكلام بالإبطال ويُصيِّره لغوًا، إقامة الخصوص بالأمومة (¬3)، ونظيره تقدير بعض السادة المالكية: "من صام رمضان وأتبعه ستًّا (¬4) ¬

_ (¬1) في (ن): "المخاطة". (¬2) أخرجه أبو داود في "السنن" [كتاب الأضاحي -باب ما جاء في ذكاة الجنين- حديث رقم 2827، 2828]. (¬3) وفي "الأشباه" لابن السبكي (1/ 153): "فإن الجنين إن احتيج إلى ذكاته فذكاته كذكاة سائر الحيوانات لا خصوصية لأمه". (¬4) وفي (ق): "بست".

من شوال" (¬1)، أن المعنى: ستًّا من الفطرة إلى أيام الفطر، ولا (¬2) فرق بين شوال وغيره، ثم قالوا: ينبغي تفريقها [14 ن/ ب] ولا يأتي بها متتابعة (¬3). ثانيها: من أمثلة الأول، وهو استنباط معنى يعمم، كمشوش (¬4) الفكر من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقضي القاضي وهو غضبان" (¬5) فإنه عام في كل غضب بالإجماع، كما نقله القاضي أبو الطيب، وخص من الغضب كما صرح به القاضي (¬6)، والإمام (¬7)، والبغوي (¬8). ¬

_ (¬1) رواه مسلم في "صحيحه" [كتاب الصيام -باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعًا لرمضان- حديث رقم (1164)]. (¬2) في (ق): "فلا". (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "ولا يأتي هنا متابعته". (¬4) في (ن) و (ق): "مشوش"، والمثبت من (س). (¬5) رواه البخاري في "صحيحه" [كتاب الأحكام -باب هل يقضي القاضي أو يفتى وهو غضبان؟ - حديث رقم (7158)]، ومسلم في "صحيحه" [كتاب الأقضية -باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان- حديث رقم (1717)]. (¬6) في اصطلاحات مذهب الشافعية يطلق القاضي ويقصدون به (القاضي حسين) أبو علي محمد بن أحمد المروزي ت (462 هـ)، انظر: "مصطلحات الفقهاء والأصوليين" للدكتور محمد إبراهيم الحفناوي ص (136)، ولعل مراد ابن الملقن هنا بالقاضي أي: القاضي أبو الطيب لأنه ذكره منذ قليل. (¬7) أي إمام الحرمين أبو المعالي الجويني. (¬8) هو الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء، العلامة محيي السنة أبو محمد البغوي، كان إمامًا في التفسير، إمامًا في الحديث، إمامًا في الفقه وكان دينًا عالمًا عاملًا على طريقة السلف، وكان لا يلقى الدرس إلا على طهارة، رزقه الله قبولًا في تصانيفه وفي نفسه، من تصانيفه: "التهذيب" لخصه من تعليق شيخه القاضي حسين، و"الفتاوى"، "شرح السنة"، "معالم التنزيل"، في التفسير، وغيرها، توفي سنة ست عشرة وخمسمائة (516 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات =

ثالثها: قال في "المطلب" (¬1) في كتاب الصداق: الخلاف في استنباطه معنى يخصص في مسائل (¬2): الأولى: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تلقَّوا الجَلْبَ" (¬3)، وحديث: "من اشترى ما لم يره" (¬4)، و"نهيه عن بيع اللحم بالحيوان" (¬5)، وغير ذلك؛ فمن نظر إلى اللفظ أثبت الخيار عند صدق تلقي الجلب وإن لم يحصل غبن، وعند موافقة المبيع لما وصفه عند رؤيته، ومنع بيع اللحم بحيوان غير مأكول، ومن نظر إلى المعنى عكس الحكم، ومثل ما ذكره، وحديث: "ليس للقاتل من الميراث شيء" (¬6) من تعلق ¬

_ = الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 267 - رقم 248). (¬1) وهو كتاب "المطلب العالي في شرح وسيط الغزالي" في فروع الشافعية، للإمام نجم الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن الرفعة المصري، الأنصاري البخاري، الشيخ العالم حامل لواء الشافعية في عصره، ولد بمصر سنة خمس وأربعين وستمائة، ولقب بالفقيه لغلبة الفقه عليه، وصنف المصنفين العظيمين المشهورين: "الكفاية في شرح التنبيه" لأبي إسحاق الشيرازي، و"المطلب العالي" في نحو أربعين مجلدًا، وهو أعجوبة من كثرة النصوص والمباحث، ولكنه مات ولم يكمله، وصل فيه إلى باب البيع، توفي سنة عشر وسبعمائة (710 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات ابن قاضي شهبة" (2/ 8 - رقم 500)، "كشف الظنون" (2/ 797). (¬2) أي يظهر أثره فيها. (¬3) رواه مسلم في "صحيحه" [كتاب البيوع -باب تحريم تلقي الجلب- حديث رقم (1517)، (1518)، (1519)]. (¬4) أخرجه الدارقطني في "سننه" [كتاب البيوع - حديث رقم (10)] وفي إسناده مقال. (¬5) أخرجه مالك في "موطئه" [كتاب البيوع -باب ييع الحيوان باللحم- حديث 2414/ 567 / تحقيق الأعظمي]، والبيهقي في "الكبرى" [كتاب البيوع -باب بيع اللحم بالحيوان- حديث (6)]. (¬6) أخرجه الدارقطني في "سننه" [كتاب في الأقضية والأحكام- حديث (117)]، والبيهقي في "الكبرى" [كتاب القسامة -باب لا يرث القاتل- حديث (16487)].

بلفظه عمم (¬1) القاتل خطأ وبحق وغيرهما، ومن نظر إلى المعنى يخصصه، وكذا قوله تعالى: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ} [الأنفَال: الآية 66] الآية، ومن اعتبر اللفظ منع فرار عشرين من ضعفاء المسلمين من (¬2) تسعة وثلاثين، ومن اعتبر المعنى جوزه، وحديث: "من احتكر فهو خاطئ" (¬3) ومن اعتبر اللفظ يحرم الاحتكار في كل موضع، وفي كل سلعة وإن لم يضر، وهذا المنقول عن الإمام مالك [رضي الله عنه] (¬4)، ومن اعتبر المعنى خصه بوقت الغلاء كما هو مذهبنا، والله أعلم. * * * ¬

_ (¬1) في (ق): "يعمم". (¬2) في (ن) و (ق): "عن". (¬3) رواه مسلم في "صحيحه" [كتاب المساقاة -باب تحريم الاحتكار في الأقوات- حديث رقم (1605)]. (¬4) من (ق).

باب الاستطابة

باب [13 ق /1] الاستطابة قاعدة " إقامة عضوه مقام (¬1) ما يجب بالغير فيه خلاف" (¬2) في صور: - منها: الاستنجاء بيده أو يد غيره بدل الحجر على وجهين "أصحهما: لا. - ومنها: الاستياك بالأصبع الأصح: المنع، والمختار: الإجزاء، والخلاف في أصبع نفسه دون غيره. - ومنها: لو غطى رأسه بيد نفسه (¬3) لا فدية عليه، وفي يد غيره وجه ضعيف. - ومنها: لو سجد على يد نفسه فلا يكفي، وفي يد غيره يجوز. قاعدة (¬4) ورد الشرع باستعمال الحجر في الاستنجاء، وفي رمي الجمار في الحج، وبالماء في طهارة الحدث والخبث، وبالتراب في التيمم، والتعفير والقَرْظِ (¬5) في [15 ن/ أ] الدباغ، وتعيين الحجر في الرَّمي دون الاستنجاء، وتعيين الماء في ¬

_ (¬1) في (ن): "إقامة". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 117). (¬3) يعني في الإحرام. (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 191 - 192)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 893). (¬5) في (ق): "والقرض".

الطهارتين، وتعيين التراب في التيمم وفي التعفير أقوال: أصحها: المنع، ثالثها: إقامة غيره مقامه فيما لا يضرُّ به. رابعها: يجوز عند فقده، وفي القرظ طريقان، المذهب: أنه لا يتعين، والثاني: على قول التعفير، والفرق أن الخيار والتطهير تعبدي، والاستنجاء تعم به البلوى والدباغ أيضًا يعم به دونه.

باب الوضوء

باب الوضوء قاعدة قال ابن القاص في "تلخيصه": "لا يجوز تنكيس الوضوء عمدًا" (¬1) إلا في مسألة واحدة، وهي: جنب غسل يديه إلا رجليه ثم أحدث، فلو بدأ برجليه فغسلهما ثم غسل وجهه وذراعيه ومسح برأسه أجزأه، قلته تخريجًا، ووجه ما ذكره: أن الحدث لما طرأ لم يؤثر في الرجلين لبقاء الجنابة فيهما، فإذا غسلهما ثم غسله (¬2) وكان الحدث قائمًا في باقي أعضائه، فإذا غسلهما صار متوضئًا، وما ذكره (¬3) هو الصحيح عند الأكثرين (¬4)، وقالوا: هو وضوء خالٍ عن غسل الرجلين لا وضوءٌ منعكسٌ؛ لأن الرجلين يغسلان عن (¬5) الجنابة خاصة (¬6)، وأما القفال فصوب في شرحه مقالة ابن القاص، وخرج المسألة على أن المحدث إذا أجنب، والجنب إذا أحدث هل يسقط عنه أعضاء الترتيب (¬7). قال: وفيه وجهان. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 202). (¬2) أي غسله عن الجنابة. (¬3) أي ابن القاص. (¬4) والتصحيح من قِبَل ابن السبكي، ونقله ابن الملقن من "أشباهه" (1/ 203). (¬5) في (ن): "عند". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 203)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 748). (¬7) أي: هل يسقط عنه الترتيب في أعضاء الوضوء؟

قلت: وهي مسألة: ما (¬1) إذا اجتمع عليه حدثان (¬2)، وفيها (¬3) أربعة أوجه مشهورة، أصحها: التداخل، وسواء وقعا معًا أو سبق الأكبر على الصحيح، ونظير ذلك (¬4) وهو مشتمل على غسل الرجلين، ومع ذلك لا يحسب (¬5)، وصورته في لابس خف مسح وغسل رجليه وهما في الخف، فإن البغوي قال في "فتاويه": لا يصح غسلهما عن (¬6) الوضوء، حتى لو انتقضت (¬7) [مدة بعد] (¬8) الوضوء أو نزع الخف لزمه إعادة غسلهما؛ لأنه لم يغسل الرجلين على اعتقاد الفرض (¬9)؛ فإن الفرض (¬10) قد سقط بالمسح ويحتمل خلافه؛ لأن تارك [13 ق / ب] الرخصة، إذا أتى بالأصل، لا يقال له: لم يؤد الفرض. قلت: وهو ظاهر على قولنا: إن المسح لا يرفع، والأول على قولنا: إنه يرفع، ويذكر الروياني في "الفروق"، والجرجاني في "المعاياة" مسألة أخرى مع مسألة ابن القاص (¬11). ¬

_ (¬1) في (ق): "كما". (¬2) أي: حدث أكبر وأصغر. (¬3) في (ق): "وفيه". (¬4) أي نظير قولهم في هذه المسألة: إن هذا وضوء خالٍ من غسل الرجلين. (¬5) كذا فى (س)، وفي (ن) و (ق): "يجب". (¬6) كذا في (ق)، وفي (ن): "عند". (¬7) في (ن): "انتقض". (¬8) سقطت من (ن). (¬9) في (ن): "الوضوء". (¬10) في (ن): "الوضوء". (¬11) أي المسألتان اللتان قال فيهما ابن القاص: "لا يسقط الترتيب في الوضوء إلا في مسألتين"، أولهما التي ذكرها ابن الملقن.

قاعدة قال ابن القاص أيضا في تلخيصه قبل الحيض: لا تنقض الطهارة طهرا

[فقالا: لا يسقط الترتيب في الوضوء إلا في مسألتين، وذكرا مسألة ابن القاص] (¬1). والثانية: محدث [15 ن/ ب] غاص في الماء غَوصَةً ناويًا رفع الحدث، فإنه يجزئه في الأصح، أي وإن لم يمكث زمنًا يتأتى فيه الترتيب على ما صححه النووي، خلافًا للرافعي (¬2)، وأهملا ثالثة (¬3)، وهي ما لو غسل أربعةُ أنفسٍ أعضاءَهُ دَفعة واحدة بإذنه فوجهان؛ أحدهما: الصحة، وأصحهما: لا، بل لا يحصل إلا الوجه. قاعدة قال ابن القاص أيضًا في "تلخيصه" قبل الحيض: "لا تنقضُ الطهارةُ طهرًا" (¬4) إلا في مسألة [واحدة] (¬5)، وهي: المستحاضة ومن به سلس البول، إذا توضأ (¬6) لكل فريضة ثم طَهُرَ خرج من الصلاة وتوضأ (¬7) ثم استأنف الصلاة، وقال ¬

_ (¬1) ما يين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬2) وللشيخ تقي الدين السبكي، كما في "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 205). (¬3) استدركها عليهما تاج الدين ابن السبكي، كما في "الأشباه والنظائر" (1/ 205). (¬4) انظر هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 205)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 747)، وقد جعل السيوطي هذه القاعدة ضابطًا، بينما أوردها ابن السبكي تحت اسم: قاعدة، كما فعل ابن الملقن هنا، وجعلها الإسنوي من باب الألغاز، فقال- كما نقل عنه السيوطي-: "لنا طهارة لا تبطل بوجود الحدث، وتبطل بعدمه وهي: طهارة دائم الحدث". (¬5) سقطت من (ق). (¬6) في (ق): "نوى". (¬7) في (ن) و (ق): "وفرضنا"، والمثبت هو التصويب.

فائدة: لا وضوء يبيح نفلا دون فرض

القفال وغيره: إن جميع أصحابنا قالوا: ليس هذا بنقض طهارةٍ طهرًا، والمستحاضة [فيه] (¬1) حدثها دائم، وإنما جوزنا لها الصلاة للضرورة، فإذا انقطع الدم أوجبنا عليها الطهارة عن ذلك الحدث الذي لم يبرح. فائدة: "لا وضوء يبيح نفلًا دون فرض" (¬2). إلا في مسألة واحدة, وهي جنب تيمم وأدى الفرض ثم أحدث ووجد ماء يكفيه للوضوء دون الجنابة، وقلنا بالمرجوح: أنه لا يجب استعماله وأراد أن يصلي النفل (¬3)، فإنه يلزمه أستعمال ذلك الماء؛ لأنه قادر على ما يرفع حدثه، وإن (¬4) توضأ به عاد كما كان قبل الحدث، وقد كان قبله ممنوعًا من الفرض دون النفل، فأما إذا قلنا بالأصح وهو لزوم الاستعمال، فإنه يستعمله في أي عضو شاء، ويتيمم للباقي، ويستبيح الفرض والنفل معًا، ويقال أيضًا في هذه القاعدة: يصح تيممه للفرض دون النفل؛ لأنه إذا وجد كافي وضوئه فقط (¬5)، وقلنا: لا يستعمله فإنه لا يتيمم للنفل؛ لأنه معه ما يرفع حدثه للنفل ويتيمم للفرض؛ لأن الماء معه لا يبيح الفرض (¬6)، قال النووي: وهكذا حكم الفرائض كلها، وكلامه يوهم أنه إذا أحدث فتوضأ ولا يتيمم، ولا بد من تأويله فإنا لا نعلم قائلًا به (¬7). ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 208)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 751). (¬3) في (ن) و (ق): "الفرض" وفي (س): "النفل". (¬4) في (ق): "وإذا". (¬5) أي وجد ماءً كافيًا للوضوء دون الغسل. (¬6) وقعت في (ق): "لأن الماء لا يبيح معه". (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 209).

فائدة: الواجب ما يذم شرعا تاركه

فائدة: "الواجب ما يذم شرعًا تاركه" (¬1). وقد يسمى غيره فرضًا (¬2) لبعض (¬3) أعمال الصبي، بمعنى أنه لا بد منه كوضوئه للصلاة ونحوها بمعنى أنه لا تصح [16 ن/ أ] الصلاة إلا به، وإن كان لا يذم (¬4) على أصل الترك، واختلفوا هل يلتحق بالأول في صور: - منها: ماؤه المستعمل في فرض [14 ق/ أ] متوقف عليه، والأصح أنه مستعمل. - ومنها: إذا صلى في الوقت وبَلَغ في آخره، فالأصح أنه لا إعادة عليه، ولو كانت جمعة. - ومنها: أنه لا يجمع بين مكتوبتين بتيمم واحد في الأصح (¬5). - ومنها: أنه لا يجب عليه إعادة الغسل بإيلاج ولا وضوء فعلهما قبل البلوغ (¬6) [ولم] (¬7) يطرأ عليهما قاطع، وشَبَّبَ (¬8) بعضهم بحكاية وجه فيه (¬9). * * * ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 49)، "قواعد الزركشي" (3/ 316). (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "توضأ". (¬3) في (ن) و (ق): "بعض". (¬4) في (ق): "يدوم". (¬5) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 750). (¬6) في (ق): "الغسل". (¬7) سقطت من (ق). (¬8) شبَّبَ: عَرَّضَ. (¬9) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 50).

قاعدة اشتهر في المذهب وجوب الترتيب في الوضوء

قاعدة " اشتهر في المذهب وجوب الترتيب في الوضوء" (¬1). والتحقيق أن المسألة على وجهين، أصحهما: هذا، والثاني: عدم التنكيس، ويظهر الفرق بين الوجهين في صور: - منها: لو انغمس في ماء حتى عم أعضاء الوضوء دفعة ناويًا لم يصح على الأول، وصححه الرافعي، ويصح على الثاني، لأن الغسل أعم، وهو الأصل، وإنما عدل إلى الوضوء تخفيفًا. قلت: وصححه النووي إذا لم يمكث زمنًا يتأتى فيه الترتيب. - ومنها: لو غسل أربعةُ أنفسٍ أعضاءه الأربعة دفعة واحدة فوجهان، إن قلنا: الواجب الترتيب لم يجز، وإلا جاز. - ومنها: الخلاف في حَجة الإسلام مع القضاء والنذر والتطوع، هل الواجب الترتيب على هذا الوجه أو عدم التنكيس، وفائدة الخلاف في المغصوب إذا جوزنا له النيابة في النفل فاستناب في كل واحدة من الحجات المذكورة شخصًا وحجوا كلهم في عام واحد، والدليل يقتضي الوجه الثاني في المسألة الأولى، فإن الفاء المجاب بها في قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المَائدة: الآية 6] لا يعطي التقدم، ولذلك نص الإمام الشافعي على أنه لو قال: [إذا مت] (¬2) فسالم وغانم وخالد أحرار، وكان الثلث لا يفي إلا بأحدهم أنه يقرع، ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 204 - 205)، "الأشباه والنظائر" وابن الوكيل (ص: 36 - 37)؛ "قواعد ابن رجب" (1/ 8)، "قواعد الزركشي" (3/ 105). (¬2) استدراك من (ك).

فائدة: إبطال الأعمال في ثواب ما فعل هل يحصل أو يتوقف على إتمامها

ولو اقتضت الآية الترتيب لعتق سالم. فائدة: إبطال الأعمال في ثواب ما فعل هل يحصل أو يتوقف على إتمامها، فيه صور (¬1): - منها: ما لو أبطل وضوءه في أثنائه حدث أو غيره، فمن أصحابنا من قال: لا ثواب له في المغسول. - ومنها: لو أبطل الصلاة في أثنائها. حكى الروياني حصول [16 ن /ب] الثواب (¬2)، وخرج من هذا احتمالًا في الأولى، وقال: في هذه: يحتمل أن يقال إن بطل باختياره فلا (¬3)، وإلا فنعم. فائدة: إعطاء كل العبادة حكم بعضها في صور (¬4): - منها: الناوي عند غسل الوجه هل يثاب على السنن السابقة؟ فيه وجهان؛ قلت: أصحهما: لا - ومنها: الناوي صوم التطوع في أثناء النهار هل يثاب على ما سبق؟ [فيه] (¬5) وجهان؛ قلت: أصحهما: نعم. - ومنها: قال ابن المرزبان (¬6) في أكل بعض الأضحية، وتصَّدق ببعضها يثاب ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 94). (¬2) وقعت في (ن): "الميراث". (¬3) أي: فلا ثواب له. (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 94). (¬5) من (ق). (¬6) هو علي بن أحمد البغدادي، أبو الحسن ابن المَرْزُبان، أحد أئمة المذهب، وأصحاب الوجوه، وكان أحد الشيوخ الأفاضل، فقيهًا ورعًا، توفي سنة ست وستين وثلاثمائة (366 هـ)، والمَرْزُبان معناه: كبير الفلاحين، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" =

قاعدة الواجب الذي لا يتقدر بقدر كمسح الرأس هل توصف الزيادة بالوجوب؟

على الكل أو على ما يتصدق به؟ وجهان، كوجهي (¬1) الصورة الأولى، قال الرافعي [14 ق/ ب]: ينبغي أن يقال: له ثواب التضحية بالكل والتصدق بالبعض. قاعدة " الواجب الذي لا يتقدر بقدر كمسح الرأس هل توصف الزيادة بالوجوب؟ فيه خلاف، الأصح: لا" (¬2). قلت: هذا هو الصحيح في "الروضة" في باب الأضحية، لكنه صحح في صفة الصلاة أنه يوصف بالوجوب، والخلاف في المسألة أيضًا بين (¬3) الأصوليين، والأكثرون [منهم على أنه لا يوصف به إلا القدر الذي يذم] (¬4) تركه، وفيه صور: - منها: هذه المسألة الممثل بها (¬5) ثلاثة أوجه، أصحها: أنه لا يوصف الزائد بالوجوب، وثالثها: أن يعاقب، فالأول: هو الواجب، والباقي (¬6): لا يوصف (¬7) بالوجوب. - ومنها: لو طول القيام في الصلاة أو الركوع أو السجود زيادة على الواجب ¬

_ = لابن قاضي شهبة (1/ 117 - رقم 100). (¬1) في (ق): "كوجهين". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 190)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 894 - 896)، "قواعد الزركشي" (3/ 318). (¬3) في (ن) و (ق): "نص"، والتصويب من (ك). (¬4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬5) وهي إذا ما مسح جميع الرأس، فالزائد على ما ينطلق عليه الاسم، هل يوصف بالوجوب؟ (¬6) في (ن) و (ق): "والثاني" والتصويب من (ك). (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "لا يوجب".

[هل يوصف الزائد بالوجوب؟ فيه الوجهان، وفيه ما ذكرته. - ومنها: لو أخرج بعيرًا عن خمس من الإبل هل الواجب] (¬1) الجميع أو الخمس؟ قلت: قال الرافعي والنووي: الأصح أن الكل واجب، وفرقا بينه وبين ما تقدم بأن الاقتصار على بعض الرأس وسبع البدنة في الأضحية يُجزئ، ولا يُجزئ في الزكاة بعض بَعير، فكان الكل واجبًا. - ومنها: لو نذر أن يهدي شاة (¬2) فأهدى بدنة، فهل الواجب سُبعها أو الجميع؛ فيه الخلاف (¬3). وقد يختلف، الأصح في هذه المسائل، وتظهر فائدة الخلاف في الثواب ورجوع المعجل زكاته وأكل الناذر ما زاد على السُّبع. - ومنها: حكى بعض الأئمة -ولم أظفر به في كتاب-: إذا كشف عورته في الخلاء زائدًا على المحتاج هل يأثم على كشف الجميع أو على الزائد؟ فيه خلاف، يخرج على هذه القاعدة. وإذا فتح هذا الباب اتسع لهذه الصورة نظائر من المحرمات [17 ن/ أ] قلت: وينبغي إفراد هذا على تقدير وجدان الخلاف بقاعدة أخرى. - ومنها: لو حلق جميع رأسه هل (¬4) الواجب ثلاث شعرات أو الجميع؟ فيه الخلاف، وقال (¬5) الأصحاب: إنه لا يجوز أقل من ثلاث شعرات، وعللوا ذلك بأنه جمع، وأقل الجمع ثلاثة، والصحيح المستقر في اللغة أنه اسم جنس لا جمع، ¬

_ (¬1) استدراك من (ك). (¬2) في (ن): "شيئا". (¬3) في (ن): "خلاف". (¬4) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "على". (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "وجعل".

[قاعدة] النسيان هل يكون عذرا؟

وهذا اسم جنس تميز عن واحده بالتاء، فقد تظهر في مثله قوة اعتبار (¬1) ثلاثة (¬2) من إطلاقه، ولكن يشكل عليه مسألة اليمين، فإنه لو خلف لا يأكل تمرًا حنث بأكل النصف مع فقدان الواحدة فضلًا عن الثلاث (¬3). [قاعدة] (¬4) " النسيان هل يكون عذرًا؟ " فيه خلاف، في صور (¬5): - منها: نسيان ترتيب الوضوء والجديد: المنع. - ومنها: نسيان الماء في رحله، والأظهر الإعادة. -[ومنها: إذا صلى بنجاسة ناسيًا أو جاهلًا، والأصح: الإعادة] (¬6). - ومنها: نسيان القراءة (¬7) في الصلاة، والأصح أنه لا يعذر (¬8). قلت: ومنها جماع الحاجِّ [15 ق/ أ] ناسيًا وما يتعلق بذلك، وحنث الناسي. - ومنها: لو وكل في بيع ماله نسيئة فباع ثم نسي (¬9) المشتري وصدقه ¬

_ (¬1) في (ن): "اختيار". (¬2) في (ق): "بلغة". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 191)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 895). (¬4) في (ن): "قلت". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 193)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 395)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 5)، "قواعد الزركشي" (3/ 272). (¬6) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬7) في (ق): "القرآن". (¬8) في (ن): "فنسي". (¬9) وفي (ك): "والأصح أنه يعذر".

قاعدة الفرض لا يتأدى بنية النفل

الوكيل، قال القاضي: هذه مسألة الخضري، وهي أنَّ امرأة دفعت خلخالًا إلى رجل ليدفعه إلى صوَّاغ ليصلحه، فدفعه الرجل ونسي المدفوع [إليه] (¬1)، فتنازعا فيه، قال الخضري: إن أشهد الرجل على الدفع إلى الصواغ لم يضمن، وإلا ضمن، فيأتي ذلك هنا، ويمكن الفرق بأن تسليم الوكيل بعد البيع واجب، بخلاف التسليم إلى الصواغ (¬2)، لكنه يشكل بوصي الطفل إذا باع فإنه يجب التسليم، ولو نسي يضمن، ذكره في "الفتاوى" (¬3). قاعدة " الفرض لا يتأدى بنية النفل" إلا في مسائل: الأولى: من عليه طواف الإفاضة فنوى غيرَهُ عن غيره، أو عن تطوع، أو قدوم أو وداع (¬4) وقع عن طواف الإفاضة، كما جزم به النووي في "الروضة" من زيادته لقوة الحج. وكذلك: لو أحرم عن الغير بعدما حج عن نفسه ونذر حجًّا قبل الوقوف انصرف إلى النذر على الأظهر، حتى لو كالت لا يشعر بأدت عليه طواف الركن، فإن كان طاف له بظن الطهارة ثم تطهر وطاف نفلًا ثم تبين أنه كان حالة الطواف الأول محدِثًا أجزأه الثاني [17 ن/ ب] عنه. الثانية: لو جلس في التشهد الأخير وهو يظنه الأول، ثم تذكر أجزأه ذلك عن ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) فإنه لا يجب بحال فلا يضمن في البيع. (¬3) أي في فتاوى القاضي حسين. انظر "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 194). (¬4) وفي الأصلين: "عن تطوعًا أو قدومًا أو وداعًا".

الآخر، حكاه الرافعي في فصل ترتيب أركان الصلاة وشبهه بمسألة جلسة الاستراحة بها، ولم يحك [فيه] (¬1) خلافًا. الثالثة: إذا علم في قيام ثانية ترك سجدة (¬2)، وكان جلس بعد سجدته بنية الاستراحة كفاه السجود من قيام على الأصح، بخلاف ما إذا قرأ هذا التارك في قيامه آية سجدة فسجد لها، فإنها لا تجزئه عن السجدة المنسية على الصحيح، ونقله الشيخ أبو حامد عن النَّص؛ لأن هذه السجدة عن التلاوة لم يشملها بنية الصلاة. الرابعة: لو كان متطهرًا وشك في الحدث فتوضأ احتياطًا، ثم بان أنه كان محدثًا، فالأصح عدم الإجزاء، كما سلف في أثناء الطهارة، ولو نوى بوضوئه التجديد سهوًا وهو يظن الطهارة وكان محدثًا، فإنه لا يجزئه أيضًا؛ لأنه لم ينو رفع حدث أصلًا، ولا استند إلى استصحاب صحيح. الخامسة: إذا أغفل في وضوئه لمعة ثم غسلها في وضوء نوى به التجديد لم يكن ذلك عن الفرض في الأصح، بخلاف ما إذا غسلها في الغسلة الثانية أو الثالثة على الأصح؛ لأن التجديد طهارة مستقلة بخلاف الغسلة الثانية والثالثة مع الأولى؛ فإن الكل عبادة واحدة [15 ق/ ب]. السادسة: إذا غسل شيئًا من وجْهِهِ مع المضمضة والاستنشاق ولم ينو بالمغسول الوجه أجزأه على الأصح، ويحتاج إلى غسل ذلك الجزء مع الوجه على الأصح من "زوائد الروضة" فيهما، أي لأنه لم يغسله بنية الفرض، وقال المتولي (¬3): لا تجب إعادته وإن نوى به السُّنة، قال: وهذا على طريقة من يقول: ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ق): "جسدة". (¬3) في (ن): "النووي".

فائدة: والفرض والواجب عندنا مترادفان

يتأدى الفرض بنية النفل، وأشار في "البسيط" إلى نحوه. السابعة: إذا قام في الرباعية إلى ثالثة ثم ظن في نفسه أنه سلم وأن الذي أتى به الآن صلاة نفل ثم تبين الحال لم أر فيها نقلًا، [وذكر القرافي في هذه المسألة لهم قولين، وحكاهما أيضًا] (¬1) فيمن سلم من ركعتين سهوًا ثم قام فصلى ركعتين بنية النفل هل تتم صلاته الأولى بذلك؟ وفيمن نسي سجدة من صُلب الصلاة ثم قام إلى ركعة خامسة سهوًا فهل تجزئه السجدة فيها عما نسي؟ والظاهر في الأولى على قواعدنا: الإجزاء كما [18 ن / أ] في مسألة التشهدين، ويحتمل جريان الخلاف فيه؛ لأن التشهدين جميعًا من صلاة واحدة في نيته، وهنا نوى احتياطًا عما هو عليه، والإجزاء في الثانية أبعد من الأولى، وأما الثالثة فقواعدنا الإجزاء فيها عملًا بالتلفيق. فائدة: "والفرض والواجب عندنا مترادفان" (¬2) خلافًا للسادة الحنفية، ووقع لأصحابنا قريبٌ منه في الحج، فإنهم قسموه إلى أركان وواجبات، وهذا [ليس] تفرقة بين الفرض والواجب، بل هو تقسيم للواجب إلى ما قوى اعتباره حتى توقفت الصحة عليه، أو التحلل عليه للأدلة (¬3) الدالة على ذلك، فعُبر عنها بالأركان، وإلى (¬4) ما لم يكن كذلك فسميت واجبات، وليس المأخذ في التفرقة، بل اعتمده السادة الحنفية، وأما في الصلاة فقسموا السنن إلى أبعاض وهيئات لا الواجبات، فاعلمه والله أعلم. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (2/ 85 - 86)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 553). (¬3) في (ن): "للدلالة". (¬4) في (ق): "وإلا".

باب مسح الخف

باب مسح الخف فائدة: "لا يجب المسح على الخف إلا في صورة واحدة" (¬1)، وهي ما إذا كان المحدث لابس خف بشرطه ودخل وقت صلاة ووجد ماء يكفيه لو مسح، ولا يكفيه لو غسل، فإن الإمام ابن الرفعة قال في "كفايته": الذي يظهر وجوب (¬2) المسح (¬3) لقدرته على الطهارة الكاملة، قال: بخلاف ما لو لم يكن لابسًا، وكان على طهارة وأرهقه الحدث، ومعه ما يكفيه لو مسح دون ما إذا غسل، فإنه لا يجب عليه المسح يكفي الماء على الأصح، أي بخلاف الأولى، فإنه مستمر على حكم الحدث، ويؤيد الوجوب في اللابس طرح المائع ليكفي الماء. قلت [16 ق/ أ]: وقول ابن الرفعة: إن الذي يظهر الوجوب كلام من لم يقف على نقل في المسألة، واستفد أنت أن الأصحاب جزموا بذلك، أفاده الروياني في "بحره" في باب التيمم، وادعى فيه الاتفاق، وكذا فيما إذا انصبَّ ما بقي معه من الماء عند إرادة غسل الرجلين، ووجد ثلجًا أو بردًا يذوب، وعلَّله بأنه قادر على الطهارة من غير ضرر. قلت: ويتعين أيضًا فيما إذا كان قادرًا على غسل الرجلين، لكن لو استعمله خرج الوقت، وكذا حتى يرفع الإمام رأسه من الركعة الثانية من الجمعة، وكذا إذا تعين عليه الصلاة على ميت، وخاف انفجاره، وكذا إذا خشى فوات الوقوف ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 205 - 206) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 750). (¬2) في (ن): "أن وجوب". (¬3) في (ن): "الغسل".

فائدة: ما شذ عن الحكم بحيث بقي الوصف فيه كضرب من التعبد

بعرفة، ويقاس [18 ن/ ب] على ذلك ما كان في معناه كضيق وقت الرمي، وخوف الرحيل قبل طواف الوداع. فائدة: "ما شذ عن الحكم بحيث بقي الوصف فيه كضرب من التعبد فيه صور" (¬1): - منها: حرمة السرف في الماء وهو على حافة النهر (¬2) على وجه، والأصح أنه مكروه. - ومنها: لو كمل وضوءه إلى حد الرجلين، ثم غسلها وأدخلها الخف فإنه ينزع الأولى ثم يلبسها. - ومنها: لو اصطاد صيدًا وهو محرم ولا امتناع لذلك الصيد، فإنه يرسله ثم يأخذه إذا شاء. - ومنها: إذا كال (¬3) المشتري الطعام [ثم باعه] (¬4) في الصاع، [لم يجز حتى يكيله ثانيًا] (¬5). - ومنها: لو قبض المسلم إليه من المسلم رأس المال ورده إليه قبل التفرق بدين كان له، قال أبو العباس الروياني (¬6): لا يصح لعدم انبرام الملك. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 710 - 711). (¬2) في (ق): "البحر". (¬3) في (ق): "كان". (¬4) استدراك من "أشباه" السيوطي. (¬5) استدراك من "أشباه" السيوطي. (¬6) هو أحمد بن محمد بن أحمد، عماد الدين، أبو العباس الرُّوياني، الطري قاضي القضاة، جدُّ صاحب البحر، وشريح الروياني، نقل عنه حفيده في "روضته" فوائد كثيرة، صنف: "الجرجانيات"، و"أدب القضاء"، وتكرر نقل الرافعي عنه خصوصًا في أول النكاح، وتعليقات الطلاق، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 202 - رقم 184).

قلت: فيه نظر؛ لأن التصرف في الثمن في مدة الخيار صحيح على الأصح، ويكون إجازة فيها، وكذا تصرف المشتري في المبيع، فإذا تفرقا فعن بعض الأصحاب: الصحة؛ لأن الملك انبرم (¬1)، ثم يرده حينئذ ويقبضه الآن عن الدين. - ومنها: إذا تيقن عدم الماء حواليه لا يلزم الطلب على الأصح، ويشبه هذا أيضا الرَّمَل بعد أن كان لمعنى ثم زال، واستحباب إمرار الموسى على رأس الأقرع، وأما إذا زوج أمته من عبده فلا يجب مهر، نعم هل وجب ثم سقط، أو لم يجب [أصلًا؟ وجهان، كالوجهين في قتل الوالد ولده، أي هل وجب القصاص ثم سقط أو لم يجب] (¬2). قلت: والوجهان للشيخ أبي (¬3) علي، ولم يتبعهما الرافعي بتصحيح، وأصحهما في "النهاية"، و"الحاوي"، و"المطلب": الثاني، وقد ذكرت فائدة هذا الخلاف في "شرح المنهاج" فراجعها منه. - وهل يُستحب تسمية الصداق فيما إذا زوج أمته من عبده، الجديد: التخيير، إذ لا فائدة فيه، والقديم: الاستحباب؛ لأن ذكره في العقد من سنته، ومن ذلك كثير من المسائل: - الاستبراء؛ إذ أصل مشروعيته إنما [هو] (¬4) لبراءة الرحم ثم عدى [في] (¬5) مسائل مع (¬6) القطع [16 ق/ ب] بالبراءة. ¬

_ (¬1) في الأصلين: "انبرام". (¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬3) وقعت في (ن): "أبو". (¬4) من (ن). (¬5) سقطت من (ن). (¬6) في (ق): "بيع".

قاعدة المقدرات الشرعية على أربعة أقسام

ومن ذلك أنواع الزكاة؛ إذ شرعها الله لسَدِّ خلة الفقير، ثم لا يجوز فيها إخراج القيمة (¬1) في غالب مسائلها، ولو كانت أمثال الواجب، ومن ذلك مسائل في الربا؛ إذ أصْل مشروعية تحريمه النهي عن أكل أموال الناس بالباطل، ولو باع درهمًا بدرهم له يجز، ولو باع درهمًا بألف دينار جاز [19 ن / أ] إذا لم يكن نسيئة، إلى غير ذلك. قاعدة " المقدرات الشرعية على أربعة أقسام" (¬2): تحديد قطعًا، وتقريب قطعًا، وقسم مختلف فيه، وقسم مختلف في أنه مقطوع به أم لا. الأول فيه مسائل: - منها: تقدير مدة مسح الخف ثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم. - ومنها: تقدير الاستنجاء بالأحجار الثلاثة أو بحجر له ثلاثة أحرف. - ومنها: غسل ما نجَّس الكلبُ ونحوُه سبعًا، وأكثر الحيض وأقله، وأقل الطهر، وأوقات الصلاة، واشتراط الأربعين لانعقاد الجمعة، وتكبيرات العيد، والاستسقاء، وخطبة العيدين، واستغفار الاستسقاء (¬3)، ونُصُب (¬4) الزكاة حتى زكاة ¬

_ (¬1) في (ق): "الزكاة". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 110 - 111)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 692)، "قواعد الزركشي" (3/ 194). (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن): "والاستغفار"، وفي (ق): "والاستغفار والاستسقاء". (¬4) في (ق): "ونصاب".

الفطر إلا المعشرات، وقدر الواجب في الكفارات، والآجال في حول الزكاة، والجزية، وتعريف اللُّقطة، وإنظار العِنِّين، والمولى، والسِّن الذي يؤثر فيه الرضاع، والعدد (¬1)، ودية الخطأ، ونفي الزاني، وتقدير جلد (¬2) الزاني، والقاذف، والشَّارب، والرقيق على النصف، وتقدير نصاب السرقة بربع دينار، ومدة خيار الشرط، والتَّصْرية (¬3)، وقطع يد السارق من المفصل، وقطع الطريق، وقطع الرجل من الكعب، وتحديد المرفق المغسول في الوضوء وغير ذلك، وكذا سن التمييز الذي حرم التفريق بين الأم وولدها قدر سبع أو ثمان تقريبًا، وما ذكروا من نصاب زكاة الفطر وإن كان ظاهر كلامهم، وصرح به النووي في الأصول والضوابط أيضًا، إلا أن النووي في "شرح المهذب" نقل عن أبي الفرج الدارمي (¬4) أنه جزم بأنه تقريب، وعن البندنيجي (¬5) نحوه. ¬

_ (¬1) أي عدد الرضعات المحَرِّمات. (¬2) في (ق): "حد". (¬3) في (ن): "والتعزية"، وفي (ق): "والتعدية"، والمثبت هو الصواب. (¬4) وقعت في (ن): "الزازي" وفي (ق): "الزاز"، والمثبت من (ك). وأبو الفرج الدارمي: هو محمد بن عبد الواحد بن محمد بن عمر بن ميمون، الإمام، أبو الفرج الدَّارمي البغددي، أحد الفقهاء، موصوف بالذكاء وحسن الفقه والحساب والكلام في دقائق المسائل، صنف كتاب "الاستذكار" في الفروع أثني عليه ابن الصلاح ثناءً بليغًا لما فيه من الفرائد والفوائد والغرائب والعجائب، و"جامع الجوامع ومودع البدائع"، توفي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة (448 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 212 - رقم 196) (¬5) هو محمد بن هبة الله بن ثابت، الإمام أبو نصر البَنْدَنِيجيّ، نزيل مكة، ويعرف بفقيه الحرم؛ لأنه جاور بمكة أربعين سنة، وكان من كبار أصحاب الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، صنف في الفقه كتاب "المعتمد" في جزئين ضخمين، مليء بالاختيارات الغريبة، توفي سنة خمس وتسعين وأربعمائة (495 هـ) بمكة، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 256 - رقم 239).

فائدة: اعتبار مسافة القصر في غير الصلاة في مسائل

الثاني: ما هو تقريب قطعًا، وهو مسألتان: إحداهما: إذا أسلم في حيوان عمره ست سنين اعتبر تقريبًا قطعًا، ولو شرط تحديده بطل. الثانية: لو وكل في شراء عبد كذلك كان تقريبًا. الثالث: المختلف فيه: وهو مقدار القلتين، وسن الحيض تسع سنين، والمسافة بت الصفين بثلاث مائة ذراع، ومسافة القصر بثمانية وأربعين ميلًا، ونصاب المعشرات بألف وستمائة رطر، وفيها وجهان، الأصح في القلتين والحيض [17 ق/ أ] والمسافة بين الصفين التقريب. قلت: صحح النووي في رؤوس مسائله، التقريب في الكل معللًا بأنه يجتهد في هذا التقدير وما قاربه، فهو في معناه بخلاف المنصوص على تحديده. الرابع: سن البلوغ فيه طريقان، منهم من قطع بأنه تحديد [19 ن / ب] ومنهم من أجراه على الخلاف. فائدة: اعتبار مسافة القصر في غير الصلاة في مسائل (¬1). - منها: مسح الخف ثلاثة أيام ولياليهن. - ومنها: الفطر في السفر في رمضان. - ومنها: الجمع، وفيه قول. - ومنها: إسقاط الفرض في التيمم على وجه ضعيف. - ومنها: التنفل على الراحلة على رأي ضعيف. - ومنها: نقل الزكاة عن بلد المال، قلت: الأصح أنه يحرُم النقل إلى ما دونها أيضًا. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 156 - 157).

- ومنها: صرف الزكاة إلى من ماله دون مسافة القصر جائز، قال الرافعي: وقد يتردد الخاطر في اشتراط مسافة القصر. - ومنها: حاضر المسجد الحرام. - ومنها: وجوب الحج ماشيًا. -[ومنها] (¬1): إذا انقطع المسلم فيه وأمكن نقله من غير تلك البلد وجب نقله إذا كانت في حد القرب، ولم يضبطه [أما] (¬2) البغوي وآخرون (¬3) فإنهم نقلوا وجهين، أقربهما: أنه يجب نقله بما دون مسافة القصر. والثاني: من مسافة العدوى، وأعرض الإمام عن مسافر القصر، وقال: إن أمكن النقل على (¬4) عيبه فالأصح أن (¬5) المسلم لا يفسخ قطعًا، - ومنها: من طرد فيه القولين هكذا قال الرافعي يشير إلى أن الإمام أعرض [عن مسافة القصر] (¬6) فيما إذا أسلم في شيء لا يوجد مثله في بلد المسلم، ويوجد (¬7) في غيره، قال في "النهاية": "إن كان قريبًا صح، وإلا فلا"، قال: "ولا تعتبر مسافة القصر هنا، وإنما اعتبر فيه أن يقال: إن اعتيد نقله إليه في غرض المعاملة لا في معرض البحث (¬8) والمصادرات (¬9) صح المسلم وإلا فلا"، ويزوج الحاكم مولية ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) استدراك من (ك). (¬3) وقعت في (ن) و (ق): "في آخرين"، والتصويب من (ك). (¬4) في (ق): "إلى". (¬5) في (ن): "في". (¬6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬7) في (ق): "ولا يوجد". (¬8) في (ق): "التحق". (¬9) كذا في (ك)، وفي: (ن) و (ق): "والمقادرات".

قاعدة رخص السفر أقسام

الغائب على الأصح، وعلى الثاني: حكم ما دونها كذلك إذا سمى سفرًا، ومسافة تغريب الزاني. قاعدة " رُخص السفر أقسام، قسم يختص بالطويل قطعًا، وقسم لا يختص قطعًا، وقسم فيه قولان (¬1) ": الأول: ثلاث [صُور] (¬2) القصر، والفطر، والمسح على الخف ثلاثًا. الثاني: اثنتان: ترك الجمعة، وأكل الميتة، وفي "الحاوي" من هذا القسم: التيمم. الثالث: قلت: الجمع (¬3)، والأصح عدم اختصاصه (¬4)، وإسقاط الفرض بالتيمم، والأصح عدم اختصاصه، والتنفل على الراحلة (¬5)، والأصح عدم (¬6) اختصاصه أيضًا، ولنا رخصة أخرى (¬7) صرح بها [17 ق/ ب] الغزالي، وهي ما إذا كان له نسوة وأراد السفر فله اختصاص واحدة بقرعة بشروطها، ولا يلزم القضاء لضَرَّاتها وهو من رخص السفر، لكن هذه الرخصة وهو [20 ن/ أ] استصحاب واحدة بالقرعة لا يختص بالطويل على الأصح، وصححه الغزالي، وقيل: يختص به، وحكاه الإمام ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 173)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 730 - 731)، "قواعد الزركشي" (2/ 173). (¬2) تكررت في (ق) (¬3) أي الجمع بين الصلاتين. (¬4) وفي (ك): "والصحيح اختصاصه بالطويل". (¬5) في (ق): "الدابة". (¬6) في (ن): "فيه". (¬7) في (ق): "أيضًا".

قاعدة الرخص على ثلاثة أقسام

عن العراقيين، وقال: الوجه عندي القطع به، والذى في كتبهم أن الإمام الشافعي قال: لا فرق في ذلك بين السفر الطويل والقصير، وأن الأصحاب اختلفوا فى تأويله، فمنهم من أخذ بظاهره، ومنهم من قال: لا بد من مسافة القصر، وقال. مراد الإمام الشافعي بالقصير قدر مسافة القصر، وبالطويل ما فوقها، قال ابن الصباغ، والشيخ أبو محمد (¬1): تردد في ذلك، قال الأصحاب: ولا يباح شيء من الرخص الثماني للعاصي بسفره إلا التيمم على الأصح، نعم يعيد في الأصح، وأما العاصي في سفره فإنه يباح له الترخيص. قاعدة " الرخص على ثلاثة أقسام" (¬2). منها: ما يجب فعله كمن غص بلقمة ولم يجد ما يسيغها به غير (¬3) الخمر، فإنه يجب إساغتها، وكالمضطر إلى أكل الميتة وغيرها من الميتات (¬4) يلزمه أكلها على الصحيح، وكوجوب (¬5) استدامة الخُفِّ (¬6) ليكفي الماء على وجه. - ومنها: ما يستحب فعلها كالقصر والفطر لمن شق عليه الصوم بشرط أن لا يضره ضررًا في نفسه أو عضو، فإنه حينئذ يحرم، وهل يصح صومه؟ فيه احتمالان ¬

_ (¬1) كذا في (ن) و (ك)، وفي (ق): "أبو حامد". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 174 - 175)، "قواعد الزركشي" (2/ 164 - 166). (¬3) في (ق): "إلا". (¬4) كذا في (ن) و (ق) وفي (ك): "من النجاسات". (¬5) في (ق): "ولو وجب". (¬6) كذا في (ق)، وفي (ن): "الحد".

للغزالي في "المستصفى" (¬1) والإبراء بالظهر يستحب في الأصح، كذا ذكره النووي في الأصول والضوابط، والإبراء بالظهر فيه وجهان، أصحهما: [أنه سنة] (¬2)، [وأنه يستحب التأخير] (¬3)، والثاني: أنه رخصة، وعلى هذا لا [يستحب له الإبراء، وإذا قدم] (3) الصلاة كان أفضل، وكذا النظر إلى [الأجنبية عند إرادة النكاح] (3) إذا منعناه من غيرها فإنه يستحب، وقيل: واجب (¬4). - ومنها: رخصة تركها أفضل كمسح الخف والتيمم لمن وجد الماء يباع بأكثر من ثمن المثل، والفطر لمن لا يتضرر بالصوم، وعدَّ المتولي والغزالي في "بسيطه" من هذا القسم الجمع في السفر، ونقل بعضهم الاتفاق عليه بخلاف القصر، وفرقوا بوجهين: [الأول] (¬5): أن في القصر خروجًا من الخلاف [وفي ترك الجمع خروجًا من الخلاف] (¬6)، فإن الإمام أبا (¬7) حنيفة وآخرين (¬8) يبطلون الجمع، ويوجبون القصر (¬9). والثاني: أن الجمع يلزم منه إخلاء وقت العبادة الأصلي بخلاف القصر، قالوا: ¬

_ (¬1) في (ق): "المستقصي". (¬2) سقطت من (ن). (¬3) ما بين ثلاثة الأقواس استدراك من (ك) فإن مواضعها بياض في (ن) و (ق). (¬4) كذا في (ن) و (ق)، وفي (ك): "يباح". (¬5) سقطت من (ن). (¬6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن)، وهو في (ق) كالمثبت باستثناء قوله (الجمع)، ففيها: (الفطر) والتصويب من (ك). (¬7) وقعت في (ن) و (ق): "أبو". (¬8) في (ق): "وآخرون". (¬9) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق) "الفطر".

والأحاديث الواردة في الجمع ليست نصوصًا [18 ق /أ] في الاستحباب، بل فيها جواز الفعل، وفِعْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - على قاعدة الإمام الشافعي للندب إلا بدليل، والذي يظهر أنه ليس في الأحاديث ما يدل [20 ن /ب] على الجمع على وفق مذهبنا، كذا ادعى ولا نسلم له، قال الرافعي: "ومسح الرأس في الوضوء رخصة؛ فإن الأصل الغسل، وفيه وجه: أن الغسل لا يجزئ، وإن قلنا بالإجزاء ففي الكراهة وجهان أصحهما: لا"، قال الرافعي: "ولأن الرخصة لا تكره لكن لا تستحب لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صدقة تصدق بها الله عليكم، فاقبلوا صدقته" (¬1)، والصدقة لا تستحب، وفيه نظر، فإنه لا مانع منه، لاسيما مع قوله "فاقبلوا" فيلزم (¬2) عليه ما يستحب كالقصر، وما يجب كالمضطر". * * * ¬

_ (¬1) رواه مسلم في "صحيحه" [كتاب صلاة المسافرين وقصرها -باب صلاة المسافرين وقصرها- حديث رقم (686)]. (¬2) كذا في (ن)، وفي (ق): "فدل".

باب النجاسة

باب النجاسة قاعدة " الأصل في الحيوانات الطهارة إلا الكلب والخنزير وفروعهما أو فرع أحدهما" (¬1) أما الكلب فبالاتفاق عندنا، وأما الخنزير ففيه قول قديم. قاعدة " الميتات أصلها على النجاسة" (¬2) إلا في مسائل: الأولى: الآدمي على الصحيح. الثانية: الجراد بالإجماع. الثالثة (¬3): الجنين المذكاة [أمه] (¬4) مذكى شرعًا. الرابعة (¬5): البعير النادُّ (¬6) والمتردي إذا قتل بمحَدَّد لا بكلب في الأصح. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 107)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 218)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 751). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 107)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكى (1/ 218)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 751). (¬3) في (ق): "الرابعة". (¬4) سقطت من (ق). (¬5) في (ق): "الخامسة". (¬6) في (ق): "النادر".

قاعدة المتولد بين أصلين أحدهما له حكم دون الآخر

الخامسة (¬1): الصيد إذا صيد بمحدد لا بكلب (¬2)، وأصيب بحيث ينهر الدم وأدرك، ولم تمكن ذكاته بعد طلبه المأمور به شرعًا، نعم هو مذكى شرعًا. السادسة (¬3): ميتة لا نفس لها سائلة (¬4) على وجه. قاعدة " المتولد بين أصلين أحدهما له حكم دون الآخر" (¬5) فيه صور: - منها: المتولد بين كلب أو خنزير وحيوان طاهر، له حكمهما. - ومنها: ما لو ماتت كافرة وفي بطنها جنين من مسلم جعل ظهرها إلى القبلة، فإن وجه الجنين فيما ذكر إلى ظهر الأم، وفي أين تدفن؟ هذه ثلاثة أوجه: أحدها: بين مقابر المسلمين والكفار. ثانيها: في مقابر المسلمين. ثالثها: في مقابر الكفار. قلت: أصحها في "الروضة" أولها. - ومنها: المتولد بين الظباء والغنم لا زكاة فيه، خلافًا للإمام أحمد [ابن حنبل] (¬6) وإن كانت الأمهات من الغنم؛ خلافًا للإمام أبي حنيفة والإمام مالك. ¬

_ (¬1) في (ق): "السادسة". (¬2) كذا في (ن) و (ق)، وفي (ك): "أو بكلب". (¬3) في (ق): "السابعة". (¬4) في (ق): "لا دم لها سائل". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 260 - 261)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 253 - 254)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 109 - 110)، "قواعد الزركشي" (1/ 337). (¬6) من (ق).

- ومنها: المتولد بين ما يجب فيه الجزاء وما لا يجب فيه، سواء كان من مأكول أو غيره كالمتولد بين الظباء والغنم، وبين الذئب والضبع يجب فيه الجزاء احتياطًا. -[ومنها: البغل لا يُسهم له؛ لعدم كرِّه أو فرِّه] (¬1). - ومنها: المتولد بين [18 ق / ب] مأكول وغيره (¬2) [21 ن/ أ] لا يحل أكله كالسبع. - ومنها: في عقد الذمة بين من يقر وبين من لا يقر طريقان، قيل: على قولي مناكحته، وقيل: يقر قطعًا. - ومنها: في حل ذبيحته القولان. - ومنها: المتولد بين من له كتاب وبين من لا كتاب له في حل مناكحتها؛ قولان: أحدهما: يغلب التحريم، والثاني: النظر إلى جانب الأب. - ومنها: الجنين المتولد بين يهودي أو نصراني و (¬3) مجوسي، فالظاهر المنسوب إلى النص أنه يجب فيه دية ما يجب في اليهودي والنصراني؛ لأن الضمان يغلب فيه طرف التغليظ؛ فإنه إذا كان أحد الأبوين مسلمًا وجب فيه ما يجب إذا كان الأبوان مسلمين، وفيه قول مخرج: أن الاعتبار بالأب، وفيه وجه أن الاعتبار بشرفهما (¬4)، فإن الأصل براءة الذمة من الزيادة، وعن الماوردي أنه قال في كتاب النكاح: حكم الولد الحادث بين أبوين مختلفي الحكم على أربعة أقسام: ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬2) وفي الأصلين: "بين مأكول من مأكول وغيره". (¬3) في (ن): "أو". (¬4) وقعت في (ك): "بشرهما"، وفي (ق): "تسويهما".

قاعدة الجمادات طاهرة إلا المستحيل إلى نتن أو إسكار

- قسم ملحق بأبيه دون أمه وهو في أربعة أشياء: النسب والحرية إذا كان من أمة، والوالد حُرٌّ، والولاء فإنه يكون على الولد لموالي الأب، ومقدار الجزية، فإذا كان أبوه من قوم لهم جزية، وأمه من قوم آخرين لهم جزية أخرى، فجزية الولد جزية أبيه. وقسم يلحق بأمه دون أبيه، وهو في شيئين (¬1) يتبعهما في الرق والحرية إذا كانت منكوحته، والثاني: في الملك، فولد المملوكة يكون لسيدها (¬2). - وقسم يلحق بأشرفهما، وذلك في الإسلام. - وقسم اختلف فيه قول الإمام الشافعي، وهو إباحة الذبيحة والمناكحة، وما ذكره في مسألة مقدار الجزية يأتي على وجه ضعيف، وهو أنه لا يحتاج إلى عقد، فتكون عليه جزية أبيه، ويتبع الأب أيضًا في الحرية (¬3) في نكاح الغرور والوطء بالشبهة، ومنه وطؤ الأب جارية الابن، فأتت بولد، والمتولد بين عتيق وعتيقة، يكون [عَقْلُهُ] (¬4) على موالي الأب، وديته من القسم الرابع، وعقد الجزية ينبغي أن يكون خامسًا. قاعدة " الجمادات طاهرة (¬5) إلا المستحيل إلى نتن أو إسكار (¬6) " (¬7). ¬

_ (¬1) في (ق): "سببين". (¬2) في (ك): "فولد المملوكين يكون لسيدهما". (¬3) في (ت): "الجزية". (¬4) استدراك من (ك). (¬5) في (ق): "طاهرات". (¬6) في (ن): "إذا ثبت"، وفي (ق): "أو أنتن"، والتصويبُ من (س). (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 218).

باب الغسل

باب الغسل قاعدة " جماعُ الميتة يوجب عليه الغسل ولا يعاد غُسلها" (¬1) وشذ الروياني [21 ن/ ب] فصحح وجوب إعادته، ولا يجب بوطئها مهر ولا حدٌّ على أصح الأوجه، ثالثها -وقيل: إنه منصوص-: إن لم يجب بوطئها في الحياة كزوجته وجارية ابنه لم يُحَدَّ، وإلا حُدَّ ويفسد [19 ق / أ] بوطئها جميع العبادات، وتوجب كفارة الصوم وكفارة الحج. فائدة: نظير الخلاف في قصر من سلك الطريق الأبعد لغير غرض، والاحتمالان للقاضي حسين فيما إذا سلك الجنب في خروجه من المسجد الأبعد لغير غرض (¬2). قلت: الأصح الكراهة فيما ذكره في "الروضة" والله أعلم. فائدة: يستحب للجنب أن لا يجامع ولا يأكل ولا يشرب ولا ينام حتى يتوضأ وضوءه للصلاة ويغسل فرجه، ولا يستحب [مثل] (¬3) ذلك للحائض والنفساء إلا عند انقطاع دمهما (¬4)، قال ابن الصباغ وأبو الطيب في الفرق: [إن وضوء] (¬5) الحائض لا يفيد شيئًا، ولا كذلك وضوء الجنابة، فإنه يخفف الجنابة ويزيلها عن ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 156). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 158). (¬3) من (ق). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 196). (¬5) تكررت في (ق).

قاعدة أحكام الجماع تتعلق بتغييب الحشفة قطعا

أعضاء الوضوء ويطهرها، والإمام قال: لا يرفع الحدث، قال ابن الرفعة: وقضية ذلك التسوية وفي قوله هذا نظر، أما أولًا فإن الجنب إذا نوى رفع الحدث متعمدًا لا يصح غسله على الأصح، وإن (¬1) ظن أن حدثه الأصغر لم يرتفع عن غير أعضاء الوضوء، نعم يرتفع عنها على (¬2) الأصح، وعلى هذين ففي الرأس وجهان؛ لأن فرضها في الوضوء المسح، وهنا الغسل فكيف يقول القاضي وابن الصباغ: إن وضوء الجنب يزيل الجنابة عن أعضاء الوضوء. قاعدة " أحكام الجماع (¬3) تتعلق بتغييب الحشفة قطعًا"، فإن كان مقطوعها فإن لم يبق قدرها (¬4) من الذكر لم يتعلق به شيء من الأحكام، وإن بقي قدرها تعلقت به (¬5)، وإن بقي أكثرها (¬6) فالأصح عند صاحب "المهذب" وغيره أنه لا يتعلق الأحكام إلا بجميع الباقي، ولا يكفي قدر الحشفة [والثاني -وبه قال النووي: إنه الأظهر-: أنه يتعلق بقدر الحشفة] (¬7) من الباقي. [قلت] (¬8): لكن الأصح خلافه، وحكى القاضي أبو الطيب في باب أجل ¬

_ (¬1) في (ق): "ولو". (¬2) في (ق): "عن". (¬3) كذا في (ق)، وفي (ن): "الوضوء". (¬4) كذا في (ق)، وفي (ن): "فإن بقي قدرها". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل في (ص: 198 - 199)، "قواعد الزركشي" (2/ 46) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 531). (¬6) في (ق): "أكثر". (¬7) استدراك من (ك). (¬8) سقطت من (ق).

فائدة: إذا اغتسل ونوى به الجنابة والجمعة

العنين: أن ظاهر النص أنه لا يحصل التحليل إلا بتغييب جميع (¬1) الباقي، وقولنا: فإن بقي دون قدرها لم يتعلق به شيء، فيه نظر، بل يتعلق به فِطرُ المرأة [22 ن/ أ] لكنِ الشيخُ أبو محمد يرى أنه لا فطر إلا بالحشفة أو بقدرها (¬2)، والمذهب خلافه، وبه قطع القاضي، فإنها لو استدخلت [من] (¬3) الأصبع مثلًا قدْرَ دون الحشفة حصل الفطر، والشيخ أبو محمد يعتضد بنص الإمام الشافعي على أن عليها كفارة وعلى الزوج كفارة، فلو كانت قد أفطرت بجزء من الحشفة لكانت مفطرة عند كمالها، ولا تجب ق لهذا رجح المتأخرون (¬4) عدم وجوب الكفارة عليها، وقد انفصل الإمام عن احتجاج شيخه بالنص المذكور، بأن بعض الحشفة [19 ق /ب] وإن كانت تغيب وتصل إلى الباطن، فحكم الجماع ثَمَّ أغلب فلم (¬5) يقع الاكتراث بالتغييب الذي يتعلق بوصول واصل من الظاهر إلى الباطن. فائدة: إذا اغتسل ونوى به الجنابة والجمعة - فإنهما يحصلان، ولذلك نظائر ذكرتها موضحة في "شرح الحاوي" فراجعها منه. * * * ¬

_ (¬1) في (ن): "مجموع". (¬2) في (ق): "بمقدارها". (¬3) سقطت من (ق). (¬4) وفي (ن) و (ق): "المتأخرين". (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن)، (ق): "فهل".

باب التيمم

باب التيمم قاعدة "الميسور لا يسقط بالمعسور" (¬1). وأصلها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" أخرجه الشيخان (¬2) في صحيحهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وردَّ بها أصحابنا قول الإمام أبي حنيفة: إن العريان يصلي قاعدًا، فقالوا: إذا لم يتيسر ستر العورة فلم يسقط القيام المفروض، قال الإمام (¬3) في آخر "الغياثي" (¬4): وهذه القاعدة من ¬

_ (¬1) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 155)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 346)، "قواعد الزركشي" (3/ 198)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 320)، "القواعد الفقهية" عند ابن القيم (ص: 486). (¬2) البخاري في "صحيحه" [كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة -باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث رقم (7288)]. ومسلم في "صحيحه" [كتاب الحج -باب فرض الحج مرة في العمر- حديث رقم (1337)]. (¬3) يقصد: إمام الحرمين أبا المعالي الجويني. (¬4) كتاب الغياثي: هو اختصار لاسم: "غياث الأمم في التياث الظُّلم" لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني ت (478 هـ) وقد طبع بتحقيق ودراسة الشيخ الدكتور عبد العظيم الديب - 1401 هـ، وهو كتاب يعني بسياسة الحكم ونظام الملك وأحكام السلطنة في ظل خلافة الإسلام، وهو من أعظم ما صُنف في هذا الفن.

الأصول الشائعة التي [لا تكاد] (¬1) تنسى ما أقيمت أصول الشريعة، ويحضرنا (¬2) من هذه القاعدة خمس (¬3) وثلاثون مسألة، [وإن شئت عبرت بالقدرة على بعض الواجب] (¬4) (¬5): الأولى: إذا قطع من دون المرفق وجب غسل الباقي على المعروف (¬6)، وفيه [وجه] (¬7) حكاه الإمام في "نهايته" في باب زكاة الفطر, وحكاه ابن يونس في "شرح التعجيز" (¬8)، ومقتضى عبارته في نقل هذا الوجه، أنه لا يجب أيضًا غسل باقي الأعضاء بل ينتقل إلى التيمم، وهو بعيد. الثانية: القدرة على بعض الماء للغسل الصالح أو ثمنه، الأظهر من القولين: وجوبه وتيمم للباقي. الثالثة: القدرة على بعضه ولا تراب عنده، والأظهر: وجوب [استعماله] (¬9) وقيل بطرد القولين. ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) في (ن): "وحصرنا". (¬3) في (ن) و (ق) "خمسة". (¬4) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 158). (¬6) في (ق): "المفقود". (¬7) سقطت من (ق). (¬8) و"التعجيز في مختصر الوجيز" في الفروع الشافعية للشيخ الإمام تاج الدين أبي القاسم عبد الرحيم بن محمد المعروف بابن يونس الموصلي الشافعي ت (691 هـ) وهو مختصر عجيب مشهور بين الشافعية ثم شرحه ولم يكمله، ولكتاب "التعجيز" شروح كثيرة انظرها في "كشف الظنون" (1/ 347). (¬9) سقطت من (ق).

الرابعة: القدرة على بعض التراب، الأصح: القطع بالوجوب [22 ن/ ب]، وقيل: على القولين. الخامسة: القدرة على ما يمسح به كثلج أو برد، وهو محدث فالأصح التيمم، وقيل: [على] (¬1) القولين. السادسة: إذا كان في بعض بدنه ما يمنع استعمال الماء غسل الصحيح وتيمم عن الجريح، وقيل: على القولين، والفرف أن العجز هناك ينقص الأصل، وهنا ينقص البدل، وحكم الأمرين مختلف. السابعة: القدرة على بعض السترة، كستر القدر الممكن قطعًا، ويتعين ستر القبل والدبر لقبحهما، فإن وجد ما يستر واحدًا تعين القبل، ولو امرأة على الأصح. الثامنة: القدرة على بعض الفاتحة يأتي به (¬2) قطعًا، وهل يجب عليه تكرار ما يحسنه منها حتى يتم قدرها؟ [فيه] (¬3) خلاف والأصح: لا. التاسعة: لو لم يمكن المصلي رفع اليدين إلا بزيادة على المشروع أو نقص أتى بالممكن. العاشرة: القدرة على بعض الركوع وغيره من الأركان الفعلية، يأتي به، ولو عجز وصار كراكع، فالصحيح أنه لا يسقط [20 ق/ أ] القيام في هذه الحالة؛ خلافًا للغزالي. الحادية عشرة: القدرة على بعض الصاع في الفطرة (¬4)، يلزمه إخراجه على الأصح. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) كذا في (ق)، وفي (ن): "فيه". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ن): "القدرة".

الثانية عشرة: إذا لم يجد المظاهر إلا بعض (¬1) رقبة عدل إلى البدل قطعًا، وهو مستثنى من [هذه] (¬2) القاعدة، وقياس ما قالوه فيما إذا وجد نصفي عبدين باقيهما حر الأجزاء: أنه يجزئ فيما إذا وجد نصف رقبة باقيها حر أن يعتقه، ويكمل بنصف الصيام. الثالثة عشرة: إذا قدر على بعض الرقبة ولم يقدر على الصيام ولا الإطعام بكمالها خرج ابن القطان (¬3) فيه أوجهًا: أحدهما: الاكتفاء به. ثانيها: يخرجه، والباقي في ذمته. ثالثها: لا يخرجه وعزي إلى الجمهور، والأولان مفرعان على القولين فيما إذا لما يقدر على الكفارة كلها هل تسقط أو تبقى في ذمته؟ فعلى الوجهين يؤمر بإخراج ما استطاع، وفي سقوط الباقي في ذمته القولان. وأما الثالث: فيجعل فقدان البعض كفقدان الكل، ثم يجري القولان في سقوطها، واستقرارها في الذمة. الرابعة عشرة: إذا انتهى إلى المرتبة الأخيرة فلم يجد إلا إطعام (¬4) ثلاثين مسكينًا, قال الإمام: [23 ن/ أ]: يتعين عندي إطعامهم قطعًا، وحكى غيره فيه وجهًا بناء على ما تقدم في نصف الرقبة، والفرق ظاهر، ثم إذا أطعم (¬5) البعض هل يسقط ¬

_ (¬1) في (ن): "بعد". (¬2) من (ق). (¬3) هو أحمد بن محمد بن أحمد، أبو الحسن، ابن القطان البغدادي آخر أصحاب ابن سريج وفاة، له مصنفات في أصول الفقه وفروعه، قال الذهبي: عمَّرَ وشاخ وكان ممن أخذ عن ابن سريج ثم عن أبي إسحاق، ثم عن ابن أبي هريرة، توفي سنة تسع وخمسين وثلاثمائة (359 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 97 - رقم 74). (¬4) في (ن): "طعام". (¬5) في (ق): "سقط".

الباقي عن ذمته أو يستقر؟ فيه الخلاف المعروف، فيما إذا عجز عن الجميع. الخامسة عشرة: أعتق بعض عبد وهو موسر ببعض قيمة الباقي، فالأصح أنه لا يسري إلى القدر الذي هو موسر به؛ لأنه لا يفيد الاستقلال. السادسة عشرة: الشفيع إذا وجد ثمن الشقص لا يأخذ قسطه من الشقص، وهذا من (¬1) أمثلة القدرة على بعض الواجب فقط. السابعة عشرة: إذا قال الموصي: اشتروا ثلثي رقبة وأعتقوها، فلم يجد به رقبة لا يشتري البعض، وهذا من الأجزاء أيضًا، وهو مستثنى من القاعدة مع ما سلف. الثامنة عشرة: أوصى بإعتاق عبد ولم يخرج كله من الثلث عتق ما يخرج منه قطعًا. التاسعة عشرة: أوصى بشراء كبد بألف وعتقه، ولم يخرج إلا الألف (¬2) من الثلث، وأمكن شرائه بما يخرج منها وجب. العشرون: أوصى بشراء رقاب وعتقهم فلم يتيسر إلا اثنان وشقص، لا يشتري الشقص على الأصح عند الجمهور؛ خلافًا لابن الرفعة. الحادية بعد العشرين (¬3): لو كان عليه نجاسات ووجد ما يغسل بعضها غسله قطعًا، وقيل: على القولين. الثانية بعد [20 ق/ ب] العشرين: [أوصى] (¬4) بأن يكاتب عبده بعد موته، فلم يخرج من الثلث إلا بعضه فطريقان، أحدهما: أنه على القولين فيما إذا كاتب بعض عبده، وأصحهما: القطع بالصحة. ¬

_ (¬1) في (ق): "في". (¬2) في (ن). "ألف". (¬3) في (ن): "الحادية بعد العشرون". (¬4) سقطت من (ق).

الثالثة بعد العشرين: لو ملك مائتين من الإبل وكان واجدًا لحقتين وثلاث بنات لبون [له] (¬1) أن يخرج حقة مع ثلاث [بنات] (¬2) لبون، وثلاث جبرانات (¬3) على الأصح. الرابعة بعد العشرين: لو مات رجل ومعه ماء لنفسه لا يكفيه (¬4) لغسل جميعه، هو على القولين، إن قلنا بالوجوب فظاهر، وإن قلنا بعدمه اقتصر على التيمم، فلو غسله ضمن قيمته لورثته؛ لأنه أتلفه من غير حاجة، قال النووي: وفيه نظر؛ لأنهم اتفقوا على استحباب استعمال الناقص [فينبغي] (¬5) إذا قلنا: لا يجب، فينبغي أن لا يضمن، ثم قال: ويمكن أن يقال: استحبابه (¬6) يتوقف على رضى المالك به ولم يوجد، هو ظاهر [23 ن/ ب]. الخامسة بعد العشرين: إذا كان محدثًا أكبر أو أصغر وعلى يده نجاسة ولم يجد من الماء إلا ما يكفي أحدهما، فيتعين عليه غسل النجاسة بالاتفاق؛ لأنه لا بدل لها، واستثنى القاضي أبو الطيب المسافر، أي: فإنه لا يتعين، لأنه لا بد من القضاء في حقه، لكن يرد عليه أن الصلاة مع النجاسة أشد منافاة فيها من التيمم. السادسة بعد العشرين: المحرم إذا كان عليه طيب وهو محدث ومعه [من] (¬7) الماء ما يكفي أحدهما فقط، فإن أمكنه أن يتوضأ ثم يجمعه (¬8)، ويغسل ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ن). (¬3) في (ن) و (ق): "حيوانات". (¬4) في (ن): "يمكنه". (¬5) من (ن). (¬6) في (ن): "باستحبابه". (¬7) سقطت من (ن). (¬8) في (ن): "ويجمعه".

[من] (¬1) الطيب لزمه غسل الطيب به؛ لأن الطهارة لها بدل بخلافه، ولم يتعرضوا لهذا التفصيل فيما إذا كان محدثًا، وعليه نجاسة، ومعه (¬2) من الماء ما يكفي أحدهما، وكأنه مفرع على [قول] (¬3) الجمهور: إن المستعمل في الحدث لا يستعمل في الخبث، فإذا قلنا بمقابله فيأتي ذلك فيه أيضًا. السابعة بعد العشرين: إذا كان [عليه] (¬4) نجاسة وطيب وهو محرم ولم يجد إلا ما يغسل به أحدهما فيغسل النجاسة؛ لأنها أغلظ من الطيب؛ فإن الصلاة تبطل بها بخلاف الطيب. الثامنة بعد العشرين: لو اطلع على عيب المبيع ولم يتيسر له المبادرة بالرد ولا الإشهاد، ففي وجوب التلفظ بالفسخ وجهان جاريان فيه وفي الإشهاد، والأصح: المنع. التاسعة بعد العشرين: إذا اشترى الشقص بثمن مؤجل، فالشفيع مخير بين أن يعجل ويأخذ الشقص في الحال، وأن يصير إلى حيلولة الأجل (¬5) على الأصح، لأنه تجب الزكاة في المؤجل، ولا يجب الإخراج في الحال، ولكن يجب الاستيفاء. الثلاثون (¬6): [21 ق / أ] ذكر العراقيون عن نص [الإمام] (¬7) الشافعي أن الأخرس يلزمه أن يحرك لسانه بدلًا عن تحريكه إياه في قراءة الفاتحة، قالوا: والتحريك من ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) في (ق): "وعليه". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) سقطت من (ن). (¬5) كذا فى (س) وفي (ن) و (ق): "وأن يصيِّر الحلول" .. (¬6) وفي (ن) و (ق): "الحادية بعد الثلاثين". (¬7) من (ن).

غير قراءة كالإيماء بالركوع والسجود واستشكله الإمام، فإن التحريك بمجرده لا يناسب القراءة، ولا يدانيها (¬1)، فإقامته بدلًا بعيد، قال: [ثم] (¬2) يلزم على قياس ما ذ كَروه أن يلزم التصويت من غير حروف مع تحريك [اللسان, وهو الأقرب من التحريك المجرد] (¬3)، قال: ثم على الجملة فلستُ أراه بدلًا عن القراءة، وإذا لم يكن بدلًا فالتحريك الكثير يلتحق بالفعل [الكثير. الحادية بعد الثلاثين: لو خاف الجنب] (¬4) من الخروج من المسجد على نفس أو مال مكث ووجب عليه التيمم إن وجد غير تراب المسجد [24 ن/ أ] صرح به الإمام، والقفال، والأستاذ أبو منصور (¬5) في "شرح المفتاح"، والمتولي، وأفهمه كلام الرافعي بقوله: ويتيمم، وصرح به (¬6) وفي أصل "الروضة"، لكنه عبر (¬7) في "الشرح الصغير" بقوله، ويحسن أن يتيمم، ووجه الوجوب أن أحد الطهورين وهو التراب ميسور فلا يسقط بالمعسور، لكن يرد عليه ما لو أحدث [ومعه مصحف ولم ¬

_ (¬1) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "ولا بد منها". (¬2) من (ن). (¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬4) ما بين المعقوفتين من (ق)، ولكن وقع فيها: (الثانية بعد الثلاثين). (¬5) هو عبد القاهر بن طاهر بن محمد، أبو منصور التميمي البغدادي، اشتغل بنيسابور على الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني وغيره إلى أن برع في سبعة عشر علمًا، وكان من أئمة الأصول، وصدور الإسلام بإجماع أهل الفضل والتحصيل، تراه الجلّة صدرًا مقدمًا، من تصانيفه: "الفرق بين الفرق"، "الملل والنحل"، "التحصيل في أصول الفقه"، "شرح المفتاح"، وقف عليه الشافعي ونقل عنه في الدوريات والوصايا، توفي سنة تسع وعشرين وأربعمائة (429 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 187 - رقم 172). (¬6) يعني: الشيخ محيي الدين النووي. (¬7) يعني: الشيخ أبا القاسم الرافعي.

فائدة: في أداء الفريضة بتيمم النافلة

يجد الماء وقدر على التراب، فإن له حمله من غير تيمم كما صرح به القاضي أبو الطيب، واقتصر على حكايته في "شرح المهذب"، لكن خالفه القفال في "فتاويه" فأوجبه عليه والحالة هذه، قال: وإن كان لا يصلي به، وقال في موضع آخر منها: لو أخذه الغائط] (¬1) ومعه مصحف فوضعه وتغوط ولا يمكنه تركه في ذلك الموضع، فيذهب ويتوضأ مخافة أن يؤخذ وبينه وبين الماء مسافة؛ فإنه يتيمم ويأخذه إلى أن يصل إلى الماء، ونظَّره بمسألة الاحتلام المذكورة. الثانية (¬2) بعد الثلاثين: إذا وُجد مانع من الجماع طبعي في الزوج بعد مضي المدة المحسوبة في الإيلاء كمرض لا يقدر على الوطء معه، فيطالب بالفيئة باللسان أو بالطلاق إن لم يفئ. الثالثة (¬3) بعد الثلاثين: من اجتمع عليه قتل وصلب فمات، ففي وجوب صلبه وجهان. الرابعة (¬4) بعد الثلاثين: إذا عدم السترة والماء ووجد ثمن واحد تعينت السترة؛ إذ لا بدل لها بخلاف ذلك، ونفعها يدوم، ولأنها تجب في غير الصلاة بخلافها. فائدة: في أداء الفريضة بتيمم النافلة قولان، رجح ابن القاص: الجواز، وهو نظير جواز الوضوء مما يستحب له الوضوء. فائدة: لا عبرة برؤية المتيمم المسافر الماء بعد الفراغ من الصلاة إلا في مسألتين (¬5): العاصي بسفره، والفاقد في قرية وهو مسافر، فإن الأصح فيهما وجوب الإعادة. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬2) في (ن) و (ق): "الثالثة". (¬3) في (ن) و (ق): "الرابعة". (¬4) في الأصلين: "الخامسة". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 206)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 750 - 751).

قاعدة فاقد الطهورين يعيد الصلاة على أصح القولين

قاعدة " فاقد الطهورين يعيد الصلاة على أصح القولين (¬1)، إذا قدر على أحدهما" (¬2) إلا في مسألة واحدة، وهي ما إذا قدر على التراب في موضع لا يسقط القضاء، فإنه لا يعيد؛ إذ لا فائدة فيه، وفيه احتمال للبغوي ذكره في "فتاويه". قاعدة " كل جنب يمنع من القرآن ولبث المسجد" (¬3) إلا واحدًا وهو جنب تيمم ثم [أحدث] (¬4) [24 ن / ب] [21 ق / ب] فإنه لا يمنع مما يختص بالجنابة، وهو القراءة، واللبث؛ لقيام التيمم في ذلك مقام الغسل، ويمنع مما يختص بالحدث وهو الصلاة، والسجود، ومس المصحف لطرآن الحدث، فهو كما لو اغتسل [ثم أحدث] (¬5)، قاله الروياني في "الفروق"، والجرجاني في "المعاياة". قاعدة " فرض الكفاية لا يباين فرض العين بالجنس" (¬6) خلافًا للمعتزلة، إنما يباينه بالنوع، وقال الإمام: "فرض الكفاية أفضل من فرض العين لما فيه من نفي ¬

_ (¬1) في (ن): "الأقوال". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 206). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 208)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 750). (¬4) من (ق). (¬5) من (ن). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 22)؛ "قواعد الزركشي" (3/ 38).

الحرج"، وسبقه إليه والده في "المحيط". قلت: والأستاذ أبو منصور، [وأبو] (¬1) إسحاق أيضًا، وحكاه الشيخ أبو علي في أول "شرح التلخيص" عن طوائف من المحققين، وارتضاه، ونحو هذا أن فرض الجمعة يسقط عن القريب الممرض الذي يتفقد غيره إذا كان يندفع بحضوره ضرر ويُعدُّ دَفْعُهُ من فروض الكفايات، قال ذلك الإمام في "الغياثي" أيضًا، وبسطه، وقد آثرت مباينته بالنوع ترددًا في إلحاقه بفرض العين، أو بالنفل (¬2) من جهة وجوبه، والعصيان بتركه من جهة جواز تركه عند فعل الغير في صور: - منها: أنه يجمع بين الفرض والنفل بتيمم واحد ولا يجمع بين فرضي عين، وهل يجمع بين فرض وجنازة أو بين صلاتي جنازة؟ [فيه خلاف] (¬3)، نص الإمام الشافعي على أنه يجمع، زعلى أنه لا يقعد [في] (¬4) صلاة الجنازة مع القدرة، فقيل: قولان بالنقل والتخريج، والأصح تقرير النصين، والفرق أن القيام أعظم أركانها والقعود يُغير صورتها. - ومنها: القعود في الجنازة كما ذكرناه، ومن قال: لا يقعد وقرر النصين رأى أن حكمها حكم النافلة، لكن لظهور صورتها بالقيام وإخفائها بالقعود، ورأى الإمام ذلك إنما هو لأن الرخص لا تُقرَّر فيما يندر، وتبين ذلك أن الإمام الشافعي نص على أنها لا تصلى على الراحلة. - ومنها: لزوم فرض العين بالشروع دون النفل في غير النُّسكين. ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "وبالفعل". (¬3) من (ن). (¬4) في (ق): "على".

قلت: وكذا غير الجهاد وأيضًا، وفي فرض الكفاية خلاف، وصحح الجمهور كما قال في "الروضة" وجوب إتمام صلاة الجنازة بالشروع خلافًا للقفال، وقال الغزالي: الأصح وسائر فروض الكفاية (¬1) لا تتعين [25 ن/ أ] بالشروع. - ومنها: الانصراف من الحرب حيث بلغه رجوع من يتوقف غزوته [على إذنه] (¬2) لا يرجع [في] (¬3) غزو تعين، وفيما لم [يتعين] (¬4) خلاف، قيل: يجب الرجوع، وقيل: يحرم، وقيل: يتخير. قلت: الأصح الثاني إذا شرع في القتال، فإن لم يحضر الصف ولم يكن خرج بجعل وجب الانصراف. - ومنها: من ترك فرض عين أجبر عليه ومن ترك نفلًا فلا، وفي فرض الكفاية [21 ق/ أ] خلاف جار في القاضي، وكفالة اللقيط وغيرهما، والصحيح (¬5) الإجبار. - ومنها: تعين أحد من عليه الحق وهو غير معين بتعيين من له التعيين، فيه خلاف في القاضي والمفتي والشاهد والولي غير المجبر، والأصح في القاضي أنه [لا] (¬6) يجبر، والأصح في الشاهد والولي أنه يتعين عليه بتعين صاحب الحق (¬7)، وكذا قالوا في المرأة الزانية أنها تغرب بزوج أو محرم، فإن امتنع فالأصح أنه لا يجبر، فإن قلنا يجبر فاجتمع محرمان أو زوج ومحرم، قال الرافعي: لم يتعرضوا له، ¬

_ (¬1) في (ن): "الكفايات". (¬2) سقطت من (ق). (¬3) استدراك من (ك). (¬4) سقطت من (ق). (¬5) كذا في (ن)، وفي (ق): "والأصح". (¬6) سقطت من (ن). (¬7) كذا في (ق)، وفي (ن): "البحر".

فائدة: والخلاف الأصولي في الواجب المخير

وقال النووي: محل وجهين كنظائره، أحدهما: الإقراع، والثاني: يُقدِّمُ باجتهاده مَنْ يراه، قال: وهذا أرجح. فائدة: والخلاف الأصولي في الواجب المخَيَّرُ (¬1) وأن وصف كل واحد بالوجوب على سبيل المجاز عند الفقهاء (¬2) خلافًا للمعتزلة، فإنه حقيقةٌ (¬3) يتخرج عليه إذا تيمم قبل الاستنجاء لا يجزئه على الأصح، لأنه مأمور بأحد أمرين: الحجر، أو الماء، ويجب عليه الطلب فيبطل (¬4) تيممه؛ إذ لا تيمم بدونه، ويخرج عليه أيضًا ما إذا أوصى أن يُعتَقَ عبدٌ (¬5) عنه في الكفارة المخيرة، أي وكذا لو أوصى بالكسوة أو الإطعام هل يعتبر (¬6) من رأس المال نظرًا لوجوبه أو من الثلث لعدم تعينه؟ وجهان، أصحهما: الثاني. قلت: هذه المسألة فيها أربعة أقوال، أصحها عند الجمهور من أهل السنة والفقهاء: أن الواجب منها واحد لا بعينه، وثانيها: أن الكل واجب، وهو قول المعتزلة، وحكاه القاضي عن بعض المالكية والحنفية، وثالثها: [أن] (¬7) الواجب ما يفعل، ورابعها: أنه واحد معين عند الله ويسقط الوجوب بغيره إذا لم يصادفه المكلَّف، ويتخرج عليه أيضًا مسائل: - منها: الثواب على الجميع إذا أتى به ثواب الواجب، والعقاب على الجميع ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 74 - 75). (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "القفال". (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "فإن حقيقته". (¬4) كذا فى (ك)، وفي (ن) و (ق): "فيطلب". (¬5) في (ق): "عبدًا". (¬6) في (ن): "يتعين". (¬7) من (ق).

[25 ن / ب] إذا ترك الكل، قاله ابن فورك (¬1) والغزالي، والآمدي (¬2)، وهذا لم يقل به إلا شرذمة من المعتزلة، وقد صرح به أبو هاشم (¬3) وغيره منهم، فإنه لا يثاب ثواب (¬4) الواجب إلا على واحد، وكذا العقاب. - ومنها: إذا مات من له تركة وفي ذمته كفارة مخيرة، قال البغوي: الواجب ما هو أقل الأشياء قيمة من الخصال، وتبعه الرافعي، وقال ابن الرفعة: اتفقوا على أن هنا الوارث إذا كفر بأعلا قيمة جاز، والمراد بهذا الاتفاق ما إذا كان المكفر هو الوارث الجائز، أما إذا كان قيمًا على يتيم في التركة، فيجوز التكفير بالإطعام ¬

_ (¬1) هو محمد بن الحسن بن فُوَرك، الأستاذ أبو بكر الأصفهاني المتكلم، الأصولي، الأديب، النحوي، الواعظ، أقام بالعراق مدة يدرس، ثم توجه إلى الريِّ، ثم إلى نيسابور، وبنى له بها مدرسة وأحيا الله به أنواعًا من العلوم، وظهرت بركته على المتفقهة وبلغت مصنفاته قريبًا من المائة، توفي سنة ست وأربعمائة (406 هـ) راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 166 - رقم 150). (¬2) هو علي بن محمد بن سالم التغلبي، سيف الدين، الآمدي، شيخ المتكلمين في زمانه، ولد بآمد بعد الخمسين وخمسمائة، ورحل إلى بغداد، وبدأ الاشتغال على مذهب الإمام أحمد، ثم تحول شافعيًا، واشتغل بالخلاف وبرع فيه، وتفنن في علم النظر والكلام والحكمة، من تصانيفه: "الإحكام في أصول الأحكام"، "أبكار الأفكار في أصول الدين"، "منتهى السول في علم الأصول"، توفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة (631 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 397 - رقم 379). (¬3) هو عبد السلام بن أبي علي محمد الجبائي بن عبد الوهاب، المعتزلي البغدادي، ولد سنة (247 هـ)، وتوفي سنة (321 هـ)، ومن تصانيفه: "كتاب الاجتهاد"، و"كتاب الإنسان"، "كتاب الطبائع والنقض على القائلين بها"، "كتاب النقض على أرسطا طاليس في الكون والفساد"، راجع ترجمته في: "السير" (15/ 63)، "هدية العارفين" (1/ 460). (¬4) وقعت في (ن): "على ثواب".

والكسوة، وكذا الإعتاق على الصحيح [22 ق/ ب]، وبنى الماوردي الوجهين على الخلاف المذكور إن قلنا: الواجب الجميع جاز بالعتق، وإن قلنا: إنه واحد لا بعينه لم يعدل إلى الأعلى قيمة مع القدرة على التكفير بما دونه، ومقتضى هذا البناء ترجيح منع العتق، والماوردي صرح هنا بأن الجميع واجب، وكأنها نزعة اعتزالية. - ومنها: إذا حلف لا مال له وقد جني عليه، أو كان وارث قصاص، فإنه يبنى أولًا على أن الواجب في العمد القصاص، والدية تدل عليه (¬1) أو الواجب أحد الأمرين، فإن قلنا بهذا فينبني على أن الواجب في خصال الكفارة المخير فيها الجميع أو واحد لا بعينه منها، فإن قلنا: الجميع حنث في هذه الصورة وإلا فلا، وهو الأصح عند النووي وغيره. - ومنها: إذا جنى على المفلس أو على عبده فله القصاص، ولا يلزمه العفو على مال، وذكر بعضهم أنه ينبني على مثل ما ذكرناه آنفًا؛ فإن الواجب أحد الأمرين، وفي الخصال الجميع لم يكن له القصاص لما فيه من تضييع المال على الغرماء، والأصح خلافه. - ومنها: إذا قتل عمدًا ثم حجر عليه بالفلس ثم عفي عنه على مال، فينبغي تخريج ذلك على هذا، فإن قلنا: الواجب القود، فالدية بدل لا يشارك الجاني (¬2) الغرماء، وإن قلنا بمقابله، فإن قلنا: الواجب واحد لا بعينه فكذلك، وإن قلنا: بمقابله فينبغي أن يضارب معهم، وهذا كله إذا ثبت القتل بالبينة، فإن كان بإقراره فالأصح [26 ن / أ] قبوله في حق الغرماء أيضًا. ¬

_ (¬1) كذا في (ن) و (ق)، ولعل الصواب: "بدل عنه". (¬2) في (ق): "باقي".

قاعدة البدل مع مبدله أقسام

قاعدة " البدل مع مبدله أقسام" (¬1): أولها: يتعين فيه الابتداء بالبدل، وثانيها: يتعين الابتداء بالمبدل، وثالثها: يجمع بينهما، ورابعها: يتخير بينهما. فمن الأول: الجمعة إذا قيل: الأصل الظهر (¬2)، قاله جماعة من الأصحاب. ومن الثاني: الكفارة المرتبة إذا قيل: إن كل (¬3) خصلة بدل عما قبلها، وإذا قيل: إنها مستقلات فليست من هذا الباب، وهما وجهان حكاهما الشيخ أبو حامد، وكذا التراب مع الماء. ومن الثالث: واجد بعض الماء إذا جعل الوضوء بالنسبة (¬4) إلى الأعضاء كعضو واحد كالإطعام مع الصوم، فيمن أخر قضاء رمضان حتى دخل آخر. ومن الرابع: لو مسح الخف مع غسل الرجلين، وأما الاستنجاء بالحجر مع الماء فيمكن أن يكون من القسم الثالث، ويمكن أن يكون من هذا. * * * ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 116)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (901/ 2)، "قواعد الزركشي" (1/ 223 - 224). (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الطهورية". (¬3) في (ن): "الكل". (¬4) في (ق): "إلى النسبة".

باب الحيض

باب الحيض قاعدة " ما [23 ق/ أ] يعتبر التكرار فيه لإفادة العادة" (¬1) وفيه صور: - منها: عادة المرأة في الحيض وتكفي مرة لأنها مقيدة، والأصل عدم ما سواها مما يُعارضها (¬2)، وإلى هذا النوع نزع الأصوليون (¬3) ممن يقول بحجية قياس الطرد، وقيل: لا بد من مرتين، وقيل: لا بد من ثلاث، ولم نرَ أحدًا منهم اعتبر تكرار الغلبة على الظن أن ذلك صار عادة. - ومنها: كلب الصيد ولا خلاف أن المرة لا تكفي في كونه معلَّمًا وهل تكفي المرتان (¬4) أو الثلاث فيه خلاف، والأصح: أنه لا بد من تكرار يغلب على الظن حصول التعليم. - ومنها: القائف لا خلاف في اشتراط التكرار فيه، وهل يكفي مرتين أو ثلاثًا؟ [وجهان] (¬5) رجح الشيخ أبو حامد وأصحابه الثاني، ولم يقل أحد باشتراط تكرار يغلب على الظن أنه عارف إلا الإمام؛ فإنه نظر إلى ذلك ولا بد منه، أما اختبار ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 44)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 53)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 222 - 223). (¬2) في (ن) و (ق) "تعارضا". (¬3) وقع في (ن): "الأصوليين". (¬4) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "المرات". (¬5) سقطت من (ن).

فائدة: العادة في باب الحيض على [أربعة] أقسام

الصبي قبل بلوغه مرتين فصاعدًا بالمماكسة فيما يختبر مثله فيه حتى يَغلب على الظن رشده، فاشترط (¬1) الماوردي تكرره، وأما ما يُردُّ به المبيع من العيوب كالزنا (¬2) يسبب الرد به مرة واحدة؛ لأن تهمة الزنا لا تزول عنه وإن تاب، وكذلك لا يحد قاذفه ولا يأتي [26 ن/ ب] كذلك قال الرافعي: والسرقة قريبة منه، وأما البول في الفراش فالأظهر اعتبار الاعتياد فيه. فائدة: العادة في باب الحيض على [أربعة] (¬3) أقسام (¬4): أحدها: ما يثبت بمرة واحدة قطعًا، وهو الاستحاضة؛ لأنها علة مزمنة إذا وقعت دامت طاهرًا، سواء في ذلك المبتدأة والمعتادة والمميزة. ثانيها: ما يثبت قطعًا بمرتين وفي ثبوته بمرة واحدة وجهان أصحهما: نعم، وهو قدر الحيض. ثالثها: ما لا تثبت فيه العادة بمرة ولا مرات بلا خلاف، وهي المستحاضة إذا انقطع دمها فرأت يومًا دمًا ويومًا نقاء واستمر، أما إذا دار هكذا وأطبق على لون واحد، فإنه لا يلتقط قدر أيام الدم بلا خلاف. وإن قلنا باللقط لو لم يطبق الدم [قالوا: وكذا لو ولدت مرات ولم تر نفاسًا] (¬5) أصلًا ثم ولدت وأطبق [الدم] (¬6) وجاوز الأكثر لم يصر عدم النفاس عادة قطعًا بل ¬

_ (¬1) في (ن): "واشترط". (¬2) في (ق): "فالزنا". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 45)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (52/ 1)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 222)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 95)، "قواعد الزركشي" (2/ 359). (¬5) تكرر ما بين المعقوفتين في (ن) و (ق). (¬6) من (ن).

فائدة: أدل شيء على اعتبار العادة في الأحكام الشرعية

هذه مبتدأة في النفاس. رابعها: ما لا يثبت بمرة ولا مرات على الأصح، وهو التوقف (¬1) بسبب تَقَطُّع (¬2) الدم، إذا كانت ترى يومًا [دمًا] (¬3) ويومًا نقاء. فائدة: أدلُّ شيء على اعتبار العادة في الأحكام الشرعية وبنائها عليها حديث [23 ق/ ب] محيصة في قصة ناقة البراء بن عازب، وكذا حديث: "المكيال مكيال أهل المدينة، والوزن وزن أهل مكة" (¬4)، وذلك لأن أهل المدينة أهل نخل، وأهل مكة أهل متاجر. قاعدة " إذا انقطع دم الحائض ارتفع تحريم الصوم والطلاق وكذا (¬5) عبور المسجد" فإنه يزول على القول بتحريمه إلا في وجه شاذ، وتبقى سائر المحرمات إلى أن تغتسل (¬6). ¬

_ (¬1) أي التوقف عن الصلاة. (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن): "يقطع"، وفي (ق): "قطع". (¬3) سقطت من (ق). (¬4) أخرجه أبو داود في "السنن" [كتاب البيوع -باب في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: المكيال مكيال المدينة- حديث رقم (3340)، والنسائي في "السنن" [كتاب الزكاة -باب: كم الصاع- حديث رقم (2519)]. (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "إلا". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 207).

قاعدة لا تؤخر المستحاضة الاشتغال بأسباب الصلاة بعد الطهر

قاعدة " لا تؤخر المستحاضة الاشتغال بأسباب الصلاة بعد الطُّهر" (¬1)، فإن أخرت ودمها يجري استأنفت [إلا] (¬2) فيما إذا [كان] (¬3) لمصلحتها (¬4)؛ كستر العورة فالأصح أنها لا تجدد، ونفى (¬5) الرافعي الخلاف فيه، [ولكن فيه وجه في] (¬6) الحاوي. قاعدة " كل صلاة تفوت في زمن الحيض لا تقضى" (¬7) إلا في مسألة واحدة وهي ركعتا (¬8) الطواف، كما نقله [أصحابنا] (¬9)، والنووي في "شرح مسلم" (¬10)، ونقله في "شرح المهذب" عن صاحب (¬11) "التلخيص" [271 ن/ ب] و"المعاياة" ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 207). (¬2) سقطت من (ن). (¬3) من (ق). (¬4) في (ق): "في مصلحتها" (¬5) وفي (ن): "وبنى". (¬6) كذا في (س)، وفي (ن): "وهو"، وفي (ق): "وهو في". (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 208). (¬8) وقعت في (ن) و (ق): "ركعتي"، والمثبت هو الصواب. (¬9) من (ن). (¬10) "شرح صحيح مسلم" [كتاب الحيض -باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة- حديث رقم (335) - (4/ 30 - 31)]. (¬11) في (ق): "شرح".

ثم (¬1) قال: وأنكره الشيخ أبو علي السنجي وقال: هذا لا يسمى قضاء؛ لأن الوجوب لم يكن في زمن الحيض، ثم قال: وهذا الذي أنكره هو الصواب؛ لأن ركعتي الطواف لا يدخل وقتها إلا بالفراغ من الطواف، فإن قدرناها (¬2) طافت ثم حاضت عن الفراغ منه صح ما قالاه إن سلم لها ثبوت ركعتي الطواف في هذه الصور. قلت: نص إمامنا على قضائها حيث قال: ألا ترى أن الحائض تقضي ركعتي الطواف ولا تقضي المكتوبة؛ لأن ذلك عمل من أعمال الحج، ونقله الجويني في "فروقه"، ونقله الفارسي في "عيون المسائل" في أول الحج، ونص صاحب "اللطيف" على أنها قضاء وهو توسع. * * * ¬

_ (¬1) في (ن): "حتى". (¬2) في (ق): "قدرنا أنها".

كتاب الصلاة

كتاب الصلاة قاعدة " إذا تضمن الخروج من أمر فلا يتضمن الدخول في مثله". وإن شئت عبرت: بأن الشيء الواحد لا يتضمن الدخول والخروج في شيء واحد، أو الشيء الواحد لا يتضمن قطع الشيء ووصله، أو الشيء الواحد لا يحصل به الفسخ والعقد جميعًا (¬1)، وعبر بذلك الرافعي في الكلام على بيع المبيع [في] (¬2) زمن الخيار ومن ثم مسائل: الأولى: إذا كبر للإحرام بالصلاة، ثم كبر ثانية وثالثة، أو كبر قاصدًا بكل واحدة من تكبيراته تكبيرة الإحرام؛ فإن صلاته تنعقد بالأوتار وتبطل بالأشفاع، وهذه المسألة ذكرها في "الروضة" من (¬3) زوائده في صفة الصلاة، والرافعي ذكرها في بيع البائع المبيع في زمن الخيار، هل يكون فسخًا؟ وفي الشفعة [24 ق/ أ] عند الكلام في تصرف المشتري في الشقص. الثانية: تصرف المشتري [في] (¬4) الشقص المشفوع، فعن أبي إسحاق أنه ليس للشفيع نقض تصرفه كما لا ينقض بناؤه، واختُلف في موضع هذا الوجه، فقيل: إنه خاص بتصرف تثبت فيه الشفعة، وقيل: إنه عام، فتصرفه (¬5) يبطل حق ¬

_ (¬1) أورد كل هذه التعبيرات ابن السبكي في "الأشباه والنظائر" (1/ 159). (¬2) من (ق). (¬3) في (ق): "في". (¬4) استدراك من (س). (¬5) أي: المشتري.

الشفيع مطلقًا، نعم لو كان (¬1) بيعًا ونحوه يجدد حق الشفعة (¬2)، وعن رواية الشبخ أبي علي لا تجدد أيضًا؛ لأنه إذا كان مبطلًا للشفعة لا يكون مثبتًا لها كمسألة الصلاة، فإن قيل: الأصح صحة بيع البائع العين المبيعة في زمن الخيار إن كان الخيار له، والأصح أنه فسخ البيع [الثاني] (¬3)، فهذا تصرف يتضمن إبطال بيع سابق [27 ن/ ب] وصحة بيع لاحق (¬4). والجواب (¬5): أن إبطال الثاني وقع ضمنًا على وجه بالبيع، وليسا مقصودين. الثالثة: تفريق النية على أعضاء الوضوء جائز على الأصح، فإن نوى عن غسل الوجه رفع حدثه فهكذا. ثالثها: إن لم ينو (¬6) رفعه على باقي الأعضاء صح، وإلا فلا، وذهب الشيخ أبو حامد الراذكاني الطوسي (¬7) شيخ [الإمام] (¬8) الغزالي فيما نقله ابن الصلاح إلى أن صورة المسألة أن ينوي عند (¬9) غسل الوجه رفع الحدث عن جميع الأعضاء، ثم يعود إلى مثل ذلك في كل عضو، واعترضه ابن الصلاح بهذه القاعدة قال: فإن النية ¬

_ (¬1) في (ن): "كانت". (¬2) في (ق): "يجوز حتى الشفعة". (¬3) سقطت من (ق). (¬4) في (ق): "سابق". (¬5) أجاب تاج الدين ابن السبكي في "الأشباه" (1/ 160). (¬6) في (ن): "ينف". (¬7) هو أحمد بن محمد الطوسي الراذكاني، أبو حامد، أحد أشياخ الغزالي في الفقه، تفقه عليه قبل رحلته إلى إمام الحرمين، وراذكان براء مهملة ثم ألف ساكنة، ثم ذال معجمة مفتوحة ثم كاف ثم ألف ثم نون من قرى طوس، انظر: "الطبقات الكبرى" لابن السبكي (4/ 91). (¬8) من (ن). (¬9) في (ق): "عن".

الثانية تتضمن قطع النية الأولى، أي فلا يكون موجبًا للخروج من الوضوء بقطع الأولى (¬1) والدخول، ورد بعضهم على ابن الصلاح (¬2) بأن ذلك ليس قطعًا بل هو تأكيد لما تقدم، وعلى تقديره فإنما هو قطع لنية ما وراء ذلك العضو الذي انغسل، ثم (¬3) هو قطع ضمني، فيغتفر. الرابعة: ذكر ابن الصبَّاغ (¬4) فيما نُقل عنه (¬5) أن عتق (¬6) المبيع قبل القبض إنما صح مع كونه بيعه غير صحيح؛ لأن العتق قبض بخلاف البيع، فقيل له: إذا جعلت البيع (¬7) قبضًا، فيجب أن لا يقع العتق إلا بعتق مجدد؛ لأن الأول حصل به القبض، أي فلا يحصل به مع القبض الخروج (¬8) من اليد، فقال: هذا غير ممتنع كما لو قال لغيره: أعتق عبدك عني ففعل، فإن العتق يقع عن السائل، ويحصل به القبض والعتق معًا، فقال له السائل: عن الوصفين اسأل، فقال: العتق إتلاف يحصل به الأمران، كما إذا قتل العبد المبيع في يد البائع، وحاصل ما ذكره أن القبض يقع ضمنًا بها كما قلنا في [24 ق / ب] البيع في زمن الخيار فكان امتناع تضمن الشيء الدخول والخروج ليس على الإطلاق، بل من الخروج والدخول المقصودين دون ما إذا كان أحدهما ضمنًا. ¬

_ (¬1) أي بقطع النية الأولى. (¬2) كذا في (س)، ووقع في (ن) و (ق): "أن الصلاة". (¬3) في (ن) و (ق): "به". (¬4) كذا في (س)، ووقع في (ن) و (ق): "ابن الصلاح". (¬5) نقل عنه ذلك شبيب الرحبي كما في "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 161). (¬6) في (ن) و (ق): "عين"، والمثبت هو الصواب. (¬7) في (ق): "العتق". (¬8) في (ن): "للخروج".

الخامسة (¬1): قال الإمام في "النهاية" في باب ما على الأولياء إذا ثبت حق التزويج كعصبات النسبية، فقد سمى الأصحاب ذلك ولاية، ثم توقف الإمام في الأخ؛ لأنه لا يزوج أخته البالغة [28/ أ] قهرًا، وحكى تردد الأصحاب في أنه لا يسمى الأخ وليًّا لأخته الصغيرة، فمن نافٍ فإنه لا يملك تزويجها، ومن مثبت؛ لأنه يستحيل (¬2) أن يصير وليها بالبلوغ، فقد يؤثر [البلوغ في] (¬3) قطع الولايات، ويستحيل أن يؤثر في إفادتها، ونقله ابن الرفعة في الوكالة فيما إذا كان يبيع عبدًا (¬4) سيملكه على غير وجه، ومحل الغرض منه أن البلوغ لا يصلح (¬5) لإثبات الولاية؛ لأنه صالح لانتفائها. السادسة (¬6): اليمين الواحدة لا تصلح لإثبات ما يدعيه ونفي ما يُدعى عليه، ولهذا محل نذكره في الدعوى إن شاء الله تعالى من أن اليمين لا يصلح للحمل (¬7) والرفع (¬8) مع نظائرها، وفيها أنه لا يتحد القابض والمقبض وأمثاله، وجزم (¬9) جماعة من الأصحاب بأنه إذا ادعى عليه بألف، فقال: قبضته أنه يكون مقرًّا مع حكاية القولين فيما إذا قال: له علي ألف فقضيتها: وفرق ابن الرفعة بأن قضيته لفظ (¬10) واحد يتضمن الإقرار والبراءة، والشيء الواحد لا يستعمل في الشيء وضده لغة ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "الرابعة". (¬2) في (س): "لا يستحيل". (¬3) استدراك من (س). (¬4) في (ن): "عبد". (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "يحصل". (¬6) وقعت في (ن) و (ق): "الخامسة". (¬7) كذا في (ن) و (ق)، وفي (س): "الجلب". (¬8) كذا في (ق) و (س)، وفي (ن): "الوضع". (¬9) في (ق): "وجزم به". (¬10) في (ن) و (ق): "بأن قبضه لقسط"، والمثبت من (س).

قاعدة الفرض أفضل من النفل

وعرفًا وشرعًا، وأبطلناه فيما له دون ما عليه، وقوله: له عليَّ ألف فقضيتها لفظان، أحدهما: الحمل. والآخر: البراءة، وذلك ينتظم لفظًا، وإن امتنع شَرعًا وعقلًا، فلا جرم أُجري القولان، ونوزع في ذلك (¬1)، وأنه لو قيل بالعكس لم يفد (¬2)؛ لأن قوله: له لي ألف قضيتها، يقتضي كونها من المحال عليه وأنه قضاها بخلاف قضيته، فإنها مضمونة الإقرار بدين سابق، فهو مثل: كان له عليَّ، وقد صحح النووي في (كان له عليَّ) أنه ليس بإقرار، فلم لا يكون هنا كذلك؟ فينبغي أن يكون الصحيح في قضيته أنه غير إقرار. قاعدة " الفرض أفضل من النفل" (¬3). فلم (¬4) يتقرب إلى الله تعالى متقرب بمثل ما افْتَرضَ عليه (¬5)، وقد استثني من ذلك [ثلاثة] (¬6) فروع: ¬

_ (¬1) نازع فيه تقي الدين السبكي، كما في "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 162). (¬2) كذا في (ن)، وفي (س): "لم يبعد"، وفي (ق): "لم ينفذ". (¬3) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 185)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 324)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 154). (¬4) في (ن): "فلن". (¬5) وذلك تأسيسًا على قوله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: " .. وما تقرب إلي عبدي بشيء أحبَّ إلي مما افترضته عليه ... " رواه البخاري فى "صحيحه" [كتاب الرقائق -باب التواضع- حديث (6502)]. (¬6) سقطت من (ن)، ووقعت في (ق): "ثلاث".

أولها: إبراء المعسر فإنه أفضل من إنظاره، وهو واجب، والإبراء مستحسب. وثانيها: الابتداء بالسلام سنة، والرد واجب، والابتداء أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وخيرهما الذي [25 ق/ أ] يبدأ بالسلام" (¬1). وحكى القاضي حسين [وجهين] (¬2) [في] (¬3) أن الابتداء أفضل [28 ن/ ب] أم الجواب؟ ثالثها: صلاة نافلة واحدة أفضل من إحدى الخمس الواجب فعلها على من ترك واحدة منها ونسي عينها، قاله الشيخ عز الدين، وفي الأوليين نظر، فإن الإبراء يحصل المقصود [من] الإنظار وزيادة، والحديث إنما ورد في المهاجرين، ثم الجواب: أنها الأفضل لأنه ينشأ عن ابتداء السلام، واعترض القرافي على تقديم الواجب على المندوب بجمع المطر؛ فإنه يلزم منه تقديم المندوب؛ فإن المندوب الجماعة، فسقط من أجلها الوقت الواجب رعاية لتحصيلها، وكذلك الجمع بعرفة. قلت: الجمع ليس أفضل على القول به، قال: والمندوب قسمان ما قصرت مصلحته عن الواجب وهو الغالب، وما كان مصلحته أعظم كالتصدق بدينار، وقد يستوي مصلحتهما فيكون الواجب أكثر ثوابًا كالفاتحة في الصلاة وخارجها، ودينار الزكاة أعظم من دينار الصدقة، قال: والمندوبات التي قدمها الشارع على ¬

_ (¬1) الحديث متفق عليه: رواه البخاري في "صحيحه" [كتاب الأدب -باب الهجرة- حديث رقم (6077)]، ومسلم في "صحيحه" [كتاب البر والصلة والآداب -باب تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر شرعي- حديث رقم (2560)]. (¬2) سقطت من (ق). (¬3) سقطت من (ن).

الواجبات سبع صور: أولها (¬1): إبراء المعسر على إنظاره. وصلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ. وصلاة في مسجد المدينة مع أن الجماعة غير واجبة والصلاة فيه غير واجبة. - وصلاة في المسجد الحرام كذلك، وفي المسجد الأقصى بخمس مائة. - وصلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بلا سواك. - والخشوع في الصلاة مندوب. - والصلاة لا تأتوها [وأنتم تسعون] (¬2) وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة. قال بعض العلماء: إنما أمر بعدم الإفراط في السعي لئلا يذهب خشوعه إذا أتى إليها فأمر بالسكينة، وإن فاتت الجمعة قال الشيخ عز الدين: قد يقدم المفضول على الفاضل في بعض الصور كتقديم الدعاء بين السجدتين على القراءة. قلت: ومما يدل على أن المفضول قد يكون له مزية ليست للفاضل حديث: "من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" (¬3) فإن ظاهره شمول الكبائر والصغائر، وحديث: "الإسلام يهدم مما كان قبله" (¬4) وكذا الحج والعمرة جعلهما كالإسلام وهو يهدم الكل [29 ن/ أ]، ويدل عليه: "من حج فلم يرفث ولم ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) سقطت من (ق). (¬3) أخرجه البخاري في "صحيحه" [كتاب الأذان -باب جهر المأموم بالتأمين- حديث رقم (782)]. (¬4) أخرجه مسلم في "صحيحه" [كتاب الإيمان -باب كون الإسلام يهدم ما قبله، وكذا الهجرة والحج- حديث رقم (121)].

تنبيهات

يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (¬1) وليس ذلك في الصلاة، وهي أفضل منهما. فإن قلت: "الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر" (¬2) فإذا كانت الفرائض لا تكفر الكبائر فكيف تُكفرها سُنَّة، وهو موافقة التأمين؟ [25 ق / ب]. قلتُ: المكفِّر إنما هو الموافقة (¬3)، وليس من صنيعه وإنما [هو] (¬4) تفضل من الله وسعادة لمن وافق. تنبيهات أحدها: ما أوجبه الشخص على نفسه بالنذر الظاهر أنه دون ما فرضه (¬5) الله تعالى ابتداء، ويؤيده اختلاف الأصحاب في إلحاقه بالواجب الأصلي في صور مختلفة الترجيح. الثاني: إذا تقرر أن الفرض أفضل، فالواجب لا يترك إلا بالواجب (¬6)، وإن شئت قلت: "ما لا بد منه لا يترك إلا بما لا بد منه"، أو "الواجب لا يترك بسنة"، أو بأن "جواز ما لم يشرع لم يجز دليلًا على وجوبه"، وأصل هذه القاعدة متلقاة من كلام ¬

_ (¬1) متفق عليه: من حديث أبي هريرة أخرجه البخاري في "صحيحه" [كتاب الحج -باب فضل الحج المبرور- حديث رقم (1521)]، ومسلم في "صحيحه" [كتاب الحج -باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة- حديث رقم (1350)]. (¬2) أخرجه مسلم في "صحيحه" [كتاب الطهارة -باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر- حديث رقم (233)]. (¬3) أي أن المكفر ليس التأمين الذي هو فعل المؤمن، بل وفاق الملائكة. (¬4) سقطت من (ن). (¬5) في (ق): "يوجبه". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 193 - 194)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 329).

ابن سريج (¬1) في مسألة الختان، وذكرها جماعة منهم الغزالي، وشيخه، وغيرهما (¬2)، ويظهر أثر ذلك في مسائل: - منها: قطع اليد في السرقة فإنه لو لم يجب لكان حرامًا، وإليه أشار الرافعي بقوله: بقطع عضو (¬3). - ومنها: إقامة الحد في (¬4) الجرائم، فلا يكون إلا واجبًا؛ كقطع (¬5) اليد والرجل. - ومنها: أنه يجب على المضطر أكل الميتة على الأصح. - ومنها: إذا كان لا يحسن الفاتحة ولا يحسن [إلا آيات] (¬6) فيها سجود تلاوة، قال الإمام في "الأساليب" (¬7): لا نص فيها، قال: ولا يبعد منعه من سجود ¬

_ (¬1) وقعت في (ن): "شريح"، والصواب ما أثبت. وابن سريج: هو أحمد بن عمر بن سُرَيج، القاضي أبو العباس البغدادي، حامل لواء الشافعية في زمانه، وناشر مذهب الشافعي، قال العبادي في ترجمته: شيخ الأصحاب وسالك سبيل الإنصاف، وصاحب الأصول والفروع الحسان، وناقض قوانين المعترضين على الشافعي، وكان من عظماء الشافعيين وعلماء المسلمين، وكان يقال له: الباز الأشهب، وولي قضاء شيراز، وكان يُفضل على جميع أصحاب الشافعي، حتى على المزني، قيل إن فهرست كتبه يشتمل على أربعمائة مصنف، توفي سنة ست وثلائمائة (306 هـ)، راجح ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 59 - رقم 35) (¬2) كأبي إسحاق الشيرازي، وإمام الحرمين، وإلكيا الهراسي، والرافعي. (¬3) أي قطع عضو لا يختلف فلا يكون إلا واجبًا كقطع اليد والرجل. (¬4) في (ق): "مع". (¬5) في (ق): "بقطع". (¬6) في (ق): "الآيات". (¬7) وهو كتاب "الأساليب في الخلاف" وهو كتاب لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني أورد فيه =

التلاوة يعني في الصلاة؛ حتى لا ينقطع القيام المفروض، وهي مسألة غريبة مخرجة على أن ما لا بد منه لا يترك إلا بما لا بد منه. - ومنها: الختان (¬1)، قالوا ردّاً على السادة الحنفية حيث نفوا وجوبه ونظموه قياسًا لو لم يكن واجبًا لما كشفت له العورة؛ لأن كشف العورة محرم، فلما كشف لأجله دل على وجوبه، وعبارة الرافعي قطع عضو يخاف منه، فلو لم يجب لم يجز، واعترض بختان الصغير فإنه ليس واجبًا حالًا ويكشف له العورة، وأجيب بجواز التزام النظر إلى فرج الصغير، وهو الأصح، خلافاً لما في "المحرر" (¬2)؛ ولأنه [29 ن/ ب] قد يراه الولي مصلحة (¬3)، ويستثنى من طرد هذه القاعدة مسائل: - منها: سجود التلاوة خلافاً للسادة الحنفية. - ومنها: سجود السهو، فإنه ممنوع لو لم يشرع؛ إذ لا تجوز زيادة سجودين عمدًا، ومع ذلك هو سنة. - ومنها: زيادة ركوع ثان فأكثر عند تمادي الكسوف على وجه قوي (¬4)؛ خلافاً لما صححه الرافعي والنووي. ¬

_ = الحجج الشرعية لرفع شبه الخصوم وقدح أدلتهم الخلافية على مذهب إمامه الشافعي، راجع: "طبقات ابن قاضي شهبة" (1/ 238)، "كشف الظنون" (1/ 119). (¬1) أي أن الختان: قطع عضو سليم، فلو لم يجب لم يجز، كقطع الأصبع -فإن قطعها إذا كانت سليمة لا يجوز إلا إذا وجب القصاص. (¬2) هو "المحرر في فروع الشافعية" للإمام أبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني (ت 623 هـ)، وهو كتاب معتبر مشهور بين السادة الشافعية وعليه شروح عدة، واختصره النووي وسماه "المنهاج"، راجع: "كشف الظنون" (2/ 506). (¬3) أي أنه يجب على الولي ختان الصبي إذا رآه مصلحة. (¬4) قواه ورجحه تقي الدين السبكي، كما في "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 195).

- ومنها: النظر إلى المخطوبة لم يقل بوجوبه إلا داود (¬1). - ومنها: الكتابة لا تجب وإن طلبها الرقيق الكسوب على المذهب، وقد كانت المعاملة [26 ق/ أ] قبلها ممنوعة؛ لأن السيد لا يعامل عبده. - ومنها: التنحنح في الصلاة إذا بأن منه حرفان بطلت، فإن تعذر (¬2) الجهر إلا به [كان] (¬3) عذرًا (¬4) في وجه؛ إقامةً لشعار الجهر، فإذًا ترك واجبًا وهو ترك التنحنج لأجل [الجهر] (¬5) وهو سنة. - ومنها: قطع السلعة المخوف (¬6) بقاؤها جائز غير واجب. - ومنها: على الجديد يجوز أو يستحب للغاسل حلق عانة الميت، قال أبو شامة (¬7) في كتاب السواك: وهذا لا يتأتى في الغاسل إلا بنظره إلى العورة أو لمسها ¬

_ (¬1) هو داود بن علي بن داود بن خلف أبو سليمان، الكوفي، الأصبهاني، المعروف بالظاهري، ولد سنة (202 هـ)، وهو أول من استعمل قول الظاهر، وأخذ بالكتاب والسنة، وألغى ما سوى ذلك من الرأي والقياس، وكان فاضلًا ورعاً، من تصانيفه: "إبطال التقليد"، "إبطال القياس" "كتاب الإجماع"، "الحجة"، وغيرها، توفي سنة سبعين ومائتين (270 هـ)، راجع ترجمته في: "الفهرست" لابن النديم (1/ 216)، "هدية العارفين" (1/ 294). (¬2) كذا في (ق)، وفي (ن): "قصد". (¬3) استدراك من (س). (¬4) في (ن) و (ق): "عذر". (¬5) سقطت من (ق). (¬6) في (ن) و (ق): "للخوف"، والمثبت هو الصواب. (¬7) هو عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان، شهاب الدين، أبو القاسم المقدسي، ثم الدمشقي، الفقيه المقرئ، النحوي، المحدث، المعروف بأبي شامة لشامة كبيرة فوق حاجبه الأيسر، وكان عالمًا ذا فنون كثيرة، وكتب الكثير من العلوم وأتقن الفقه، درس وأفتى، وبرع في فن العربية حتى قيل: إنه بلغ رتبة الاجتهاد، من تصانيفه: "شرح الشاطبية"، "نظم المفصل =

وكلاهما يحرم، قال: فقد بطل بهذا قول أصحابنا: لا يترك الواجب إلا لواجب (¬1). الثالث: إذا تقرر قصُور (¬2) [مرتبة] (¬3) النفل عن الفرض بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "عمرة في رمضان تعدل حجة (¬4) معي"، وظاهره شمول الفرض والنفل، والمكي وغيره فضل عظيم يعدل فضل من حج من الحديبية في ركابه الشريف (¬5)، وكذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له [كأجر] (¬6) حجة وعمرة تامة تامة تامة" (¬7)، وحديث أوس مرفوعًا: "من غسَّل واغتسل وبكر وابتكر" إلى قوله: "كانت له بكل خطوة أجر عمل سنة صيامها وقيامها" (¬8) وهذا فضل جسيم، وفضل الله يؤتيه من يشاء. ¬

_ = للزمخشري"، "مقدمة في النحو"، "الباعث على إنكار البدع والحوادث"، وغيرها، توفي سنة خمس وستين وستمائة (665 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 455، رقم 434). (¬1) كذا في (س)، وفي (ن)، (ق): "ألا يترك الواجب إلا الواجب". (¬2) في (ن): "حضور". (¬3) سقطت من (ق). (¬4) متفق عليه: من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أخرجه البخاري في "صحيحه" [كتاب العمرة -باب عمرة في رمضان- حديث رقم (1782)]، ومسلم في "صحيحه" [كتاب الحج -باب فضل العمرة في رمضان- حديث رقم (1256)]. (¬5) في (ن): "في زكاة التشريف". (¬6) من (ن). (¬7) أخرجه الترمذي في "سننه" [كتاب الصلاة -باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس- حديث (586)، وقال: هذا حديث حسن غريب]. (¬8) أخرجه الترمذي في "سننه" [كتاب الصلاة -باب ما جاء في فضل الغسل يوم الجمعة- حديث (496)]، والدارمي في "سننه" [كتاب الصلاة -باب الاستماع يوم الجمعة عند الخطبة والإنصات -حديث (1547)].

فائدة: في مسائل أمهات يشكل تصويرها

فائدة: في مسائل أمهات يشكل تصويرها (¬1) (¬2): - منها: قتل تارك الصلاة هل يقتل بالماضية أو بالثانية، وقد ذكر ذلك المزني، وأجيب عنه في شرحي الصغير للتنبيه. - ومنها [30 ن/ أ]: فسخ المرأة بالإعسار (¬3) على قولنا: إن الفسخ عند انقضاء الثلاث يكون بالعجز عن نفقة اليوم الرابع، أو بعد مضي يوم وليلة، أثاره ابن الرفعة، ونازع الرافعي في بحث له. - ومنها: فسخ عيب للزوج، فإنها إن علمت به فلا خيار، وإلا فالانتفاء من العيوب شرط للكفاءة (¬4) على الأصح، وإذا لم يصلح يبقى الخيار، وذكره ابن الرفعة ثم قال: وهذه غفلة عن قسم آخر، وهي ما إذا أذنت له في التزويج من معين، أو من غير كفؤ، أو زَوَّجَها الوليُّ بناء على أنه سليم، فإذا هو معيب، فإن المذهب صحة النكاح في هذه الصورة، كما صرح به الإمام في باب الوكالة وباب المرابحة. - ومنها: إذا أُوقع (¬5) في نار محرقة لا يمكنه الخلاص منها إلا بما يغرقه. - ومنها: إذا حصل قطع الحلقوم والمريء، في الذبح بتحريك الذابح بسكينِهِ مع إعانة (¬6) المذبوح على ذلك، وقد أسلفناه في قاعدة: الضرر لا يزال بالضرر أول الكتاب. - ومنها: نص الإمام الشافعي على أن وطء الزوج الثاني بعد ارتداده [26 ق / ب] ¬

_ (¬1) في (ن): "تشكك في تصويرها". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 198). (¬3) في (ق): "بالاعتبار". (¬4) وقعت في (ق) كذا: "فالانتفاء من الكفارة شرط للكفارة". (¬5) في (ق): "وقع". (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "اتحاد".

قاعدة تكره الصلاة في قارعة الطريق

أو ارتدادها لا يفيد التحليل وإن فرض الرجوع إلى الإسلام لاضطراب النكاح، واعترض المزني، وقال: لا تتصور هذه المسألة؛ لأن الزوج الثاني إن كان قد أصابها قبل الردة فقد حصل التحليل في الأولى (¬1) ولا عدة ولا معنى للرجوع. وأجاب ابن سريج وغيره من الأصحاب (¬2) بتصور العدة من غير فرض الدخول، إما بالخلوة (¬3) على القديم، أو بأن يطأ فيما دون الفرج، فسبق الماء إلى الفرج، أو بأن تستدخل ماءه، أو بإتيانها في غير المأتى، فتجب العدة بهذه الأسباب، ولا يحصل الحل، وجزم ابن القاص في تلخيصه، وتبعه شارحه القفال إن رجع المرتد إلى الإسلام أباحها للأول، ونقله النووي في "الروضة" من زوائده، وذكره أيضًا القاضي حسين، [والإمام] (¬4)، وأشار إلى من قال: إن الواطئ (¬5) بالشبهة تحلل بقول الوطء في الردة. قاعدة " تكره الصلاة في قارعة الطريق" (¬6) إلا في مسألة واحدة: وهي البراري على الأصح في التحقيق [للنووي] (¬7)؛ لفقد غلبة النجاسة. ¬

_ (¬1) في (س): "للأول". (¬2) في (ت): "أصحابنا". (¬3) في (ن) و (ق): "الخلوة". (¬4) سقطت من (ق). (¬5) في (ن): "الوطء". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 207). (¬7) من (ن).

قاعدة صلاة الرجل في الحرير حرام

قاعدة " صلاة الرجل في الحرير حرام" (¬1) إلا في مسألة واحدة وهي: إذا لم يجد غيره على الأصح. قاعدة " استقبال القبلة شرط في صحة [الصلاة] (¬2) " (¬3) [30 ن/ ب] إلا في شدة الخوف، والمتنفِّل في السفر بشرطه، وغريق على لوح (¬4)، ومربوط لغير القبلة، وعاجز لم يجد موجِّهًا، وخائف من نزوله عن (¬5) راحلته على نفسه أو ماله، أو انقطاع رفقته (¬6). قاعدة " لا يتعين استقبال عين (¬7) القبلة" (¬8) إلا في مسألة على وجه: وهي [ما] (¬9) إذا ركب الحمار معكوساً. . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 207)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 166). (¬2) كذا في (س)، وفي (ن): "القادر"، وفي (ق): "صلاة القادر". (¬3) "الأَشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 207)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 757). (¬4) أي يخاف لو استقبل القبلة لغرق. (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "على". (¬6) كذا في (س)، وفي (ن): "رحلته"، وفي (ق): "راحلته". (¬7) في (ق): "غير". (¬8) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 207)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 757). (¬9) من (ق).

قاعدة لا يعذر أحد في تأخير الصلاة عن وقتها

[و] (¬1) صلى النفل، قال القاضي حسين في "فتاويه": يحتمل وجهين: أحدهما: الجواز لكونه مستقبلًا، والمنع؛ لأن قبلته وجه دابته، والعادة لم تجر بالركوب معكوسًا. قاعدة " لا يعذر أحد في (¬2) تأخير الصلاة عن (¬3) وقتها" (¬4) إلا في صور: - منها: النائم والناسي. - ومنها: المكره، وقد استشكل تصورها. - ومنها: التأخير بالجمع بالسفر. - ومنها: بالمطر على القديم، والجديد المنع. - ومنها: مسائل كثيرة ذكرتها في شرحي التنبيه والتصحيح والله أعلم. قاعدة " هل الأولى (¬5) تعجيل العبادة وإن وقع فيها نقص أو خلل، ولا نعني بها الفساد (¬6)، بل أقل من ذلك، أو تأخيرها لتقع خالية من هذا الخلل" (¬7). ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) في (ق): "عن". (¬3) في (ق) ت "في". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 210)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 756)، "قواعد الزركشي" (2/ 375). (¬5) كذا في (ق)، وفي (ن): "على الأول". (¬6) أي: ولا نعني بالنقص والخلل ما ينتهي إلى فساد العبادة. (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 209).

والحاصل: أنه عارض فضيلة النفل نقص لا يكون في التأخير، فإنها أولى كما في تقديم العشاء، وتأخيرها، والأرجح: التقديم، وفي ثالث: إن أرجأ (¬1) جماعة من غير كسل بالتأخير (¬2)، ولذلك نظائر [27 ق / أ]. - منها: إذا ظن وجود الماء آخر الوقت، فأظهر القولين: أن التقديم أفضل (¬3). - ومنها: إذا كان الإمام يؤخر عن أول الوقت، ففيه طرد (¬4)، قال النووي: والذي أراه إن فحش التأخير فالتقديم أفضل، وإلا فالتأخير أفضل. - ومنها: [أنه] (¬5) إذا علم أنه إذا قصد الصف الأول فاتته الركعة، قال النووي في "شرح المهذب": الذي أراه تحصيل الصف الأول إلا في الركعة الأخيرة، فتحصيلها أولى. - ومنها: إذا ضاق الوقت عن سنن الصلاة وكان بحيث لو أتى بها لم يدرك الركعة، ولو اقتصر على الواجب لوقع الجميع في الوقت فما الذي يفعله (¬6)؟ قال البغوي في "فتاويه": أما السنن التي (¬7) يجبر بها السجود فإنه يأتي بها بلا نظر، وأما التي لا يجبر فالظاهر الإتيان بها؛ لأن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - كان يطول القراءة (¬8) في [31 ن / أ] الصبح حتى تطلع الشمس، قال ويحتمل أن يأتي بها إلا إذا أدرك الركعة. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "رجا". (¬2) في (ق): "في التأخير". (¬3) أما إذا تيقن المسافر وجود الماء في آخر الوقت فانتظاره أفضل من التيمم. (¬4) أي إذا أراد التأخير لحيازة فضيلة الجماعة، فإن تيقنها في آخر الوقت، فالتأخير أفضل. (¬5) من (ن). (¬6) كذا في (ق) و (س)، وفي (ن): "يشغله". (¬7) وقعت في (ن) و (ق): "الذي". (¬8) في (ق): "الصلاة".

قاعدة لا تجوز الصلاة بالنجاسة إلا في صور

- ومنها: المسافر إذا كان بحيث لو غسل كل عضو ثلاثًا لم يكف ماؤه، قال البغوي في "فتاويه": يجب أن يغسل مرة مرة، ولو غسل ثلاثًا ثلاثًا لم يكف وجب التيمم ولا يعيد؛ لأنه صبه للتثليث فليس كما لو صبه سفهًا (¬1)، وصار كما لو أمكن المريض أن يصلي قائمًا بالفاتحة فصلى قاعدًا بالسورة؛ فإنه يجوز، هذا كلامه ولا تعارض بين قوله أولًا وآخرًا جاز. وبالوجوب صرح النووي في القطعة التي له على التنبيه أول باب فرض الوضوء، فقال: يجب الاقتصار عند ضيق الوقت أو الماء عند السنن على الفرائض. قاعدة " لا تجوز الصلاة بالنجاسة إلا في صور" (¬2): الأولى: نجاسة في ثوب أو بدن لم يجد ماءً يغسلها به، [أو] (¬3) خاف التلف من غسلها، فإنه يصلي به، وتجب الإعادة على الجديد. - الثانية: إذا علم بالنجاسة ثم نسيها وجب القضاء على المذهب. - الثالثة: جهلها ثم علم بعد الصلاة وجب القضاء على الجديد. فرع (¬4) يجب على من رأى على مُصَلٍّ نجاسة أن يُعلمه بخلاف النائم، فإنه [لا] ¬

_ (¬1) في (ق): "سلفاً". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 211)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 166)، "قواعد الزركشي" (3/ 248). (¬3) استدراك من (س). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 211).

يجب (¬1) إيقاظه، وإن خرج الوقت كما ذكره الحليمي في "منهاجه"، وفرق بأن الصلاة لا تصح مع النجاسة، أي وعدم الصلاة يكون مع عدم التكليف وهو النوم، وإن رآه يصلي خلف إمام غير طاهر [فلم] (¬2) يعلمه لم [يكن] (¬3) خائنًا له في قول (¬4) من يُجيز (¬5) الصلاة ويكون خائناً في قول من لا يجيز (¬6). الرابعة: القليل من طين الشوارع وإن تحققت نجاسته [27 ق/ ب]. الخامسة: من على ثوبه أو بدنه دم البراغيث وإن كثر على الأصح. السادسة: الأثر الباقي بعد الاستنجاء بالحجر. السابعة: دم البثرات كالبراغيث ولو عصره على الأصح. الثامنة: الدماميل، والقروح، وموضع القصد، والحجامة كالبثرات على الأصح [عند النووي] (¬7). التاسعة: النجاسة [التي] (¬8) تستصحبها المستحاضة (¬9)، وسلس البول، والمزي العاشرة: الملطَّخُ بالدم (¬10) في صلاة شدة الخوف. ¬

_ (¬1) في (ق): "يستحب". (¬2) كذا في (س)، وفي (ن): "وهو"، وسقطت من (ق). (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "يعلم". (¬4) في (ن) و (ق): "قوم". (¬5) في (ن): "يخبر". (¬6) في (ن) و (ق): "يخبر". (¬7) من (ن). (¬8) من (ق). (¬9) كذا في "ابن السبكي"، وفي (ن) و (ق): "النجاسة". (¬10) في "ابن السبكي": "إذا تلطخ سلاحه بالدم".

فائدة: للجويني والنووي

الحادية عشرة: [الشعر الذي] (¬1) ينتف ولا يخلو عنه بدنه وثوبه كالبراغيث [31 ن/ ب]. الثانية عشرة: القدر الذي لا يدركه الطرف من البول والخمر وغير الدم. فائدة: يستثنى من قول الأصحاب: يسن للصبح والظهر [من] (¬2) طوال المفصل صورتان (¬3): الأولى: المسافر في الصبح يستحب له أن يقرأ فيها سورة (¬4) الإخلاص، قاله الجويني في "مختصر المختصر"، وتبعه الغزالي في "الإحياء" و "الخلاصة". الثانية: إذا كان إمامًا لغير محصورين أو لهم وشق ذلك عليهم كما قاله النووي في "التحقيق" و "شرح مسلم"، وأفتى ابن الصلاح بخلافه، ويدل له فعل الشارع، - صلى الله عليه وسلم - فقد كان يصلي بالطوال، وفي "جمع الجوامع" لأبي سهل ابن العفريس (¬5) (¬6): [وأحب] (¬7) أن يكون أقل ما يقرأ مع أم القرآن في الركعتين الأوليين قدر أقصر (¬8) ¬

_ (¬1) تكررت في (ق). (¬2) من (ن). (¬3) في (ق): "سورتان". (¬4) في (ن): "بسورتي". (¬5) وقعت في (ق): "المعفرس". (¬6) هو أحمد بن محمد بن محمد الزُّوزَني، أبو سهل، المعروف بابن العِفْريس من طبقة القفال الشاشي صاحب "جمع الجوامع" سماه هكذا؛ لأنه جمعه من جوامع كتب الشافعي، وهي: القديم، والمبسوط، والأمالي، والبويطي، وحرملة، ورواية موسى بن أبي الجارود، ورواية المزني في المختصر، والجامع الكبير، ورواية أبي ثور، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 113 - رقم 95). (¬7) من (ق)، وفي (س): "واجب". (¬8) في (ن): "قصير".

قاعدة النفل لا يقتضي واجبا

سورة من القرآن مثل: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: الآية 1]، وما أشبهها، وفي الأخيرتين بأم القرآن وآية، وما زاد كان أحب إلي ما لم يكن إمامًا فيقل (¬1) انتهى، وهو شاهد لما ذكره (¬2) النووي. قاعدة " النفل لا يقتضي واجبًا (¬3) " (¬4). وإن شئت قل: شيءٌ من النفل لا يكون بواجب، نعم قد يكون بحيث لا تتقوم ماهية النفل، وتتأدى السنة إلا به، كالركوع والسجود في النافلة، فإنه لا بد منه وإلا لخرجت عن (¬5) كونها صلاة ولا نسميه واجبًا، [وإن شئت قل: ما ليس بواجب لا يقتضي واجبًا] (¬6)، ومن ثم لما ادعى ابن الحداد إيجاب ركعتي الطواف في الطواف الذي هو سنة كطواف القدوم، وغلطه الجمهور، وقال الإمام: ما أراه يصير إلى إيجابهما، على التحقيق، ولكنه رآهما جزءًا (¬7) من الطواف، وأنه لا يعتد به دونها، وقد (¬8) قال في توجيه قوله: "لا يمتنع أن يشترط في النفل ما يشترط في الفرض كالطهارة وغيرها"، وقال البغوي في توجيه كلام ابن الحداد: "يجوز أن ¬

_ (¬1) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "وتنفل". (¬2) في (ق): "قاله". (¬3) وقعت في (ق): "النفل لا يقتضي أن يكون". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 213)، "قواعد الزركشي" (3/ 276). (¬5) في (ن): "على". (¬6) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬7) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "خيرًا". (¬8) في (ن): "وبه".

قاعدة المحافظة على فضيلة تتعلق بعين العبادة أولى من المحافظة على فضيلة [تتعلق] بمكانها

يكون الشيء غير واجا ويقتضي واجبًا كالنكاح غير واجب، ويقتضي وجوب النفقة والمهر" انتهى، وقال الإمام في [28 ق/ أ] " باب الوليمة: "ليس في الشرع [إباحة] (¬1) تفضي إلى اللزوم إلا في النكاح"، ومعلوم أن الخارج عن القواعد المعدود من المستثنيات لا ترد نقضًا، وقد يضم إلى النكاح مسائل (¬2): - منها: الصلاة على النبي صلى الله [32 ن/ أ] عليه وسلم في النافلة وهي كبقية الأركان من الركوع والسجود وغيرهما، وقريب من هذه القاعدة قول الفقهاء عند مباحثتهم: النفل لا ينقلب واجبًا، يذكرون ذلك في الشروع في صلاة التطوع هل يجب الإتمام، وقد يصير [النفل] (¬3) واجبًا فيما إذا بلغ في أثناء الصلاة والصوم (¬4). قاعدة " المحافظة على فضيلة تتعلق بعين العبادة أولى من المحافظة على فضيلة [تتعلق] (¬5) بمكانها" (¬6)، وفيه صور: منها: صلاة النفل داخل الكعبة أولى منها خارجها، وكذا الفرض إن لم يرج جماعة، فإن رجاها فخارجها أفضل، صرح به في "الروضة". ¬

_ (¬1) ساقطة من (ق). (¬2) في (ن): "فوائد". (¬3) من (ق). (¬4) وكان هذا ردَّ تاج الدين السبكي على سؤال من بعض فقهاء الموصل نصه: والنفل كيف يصير حتمًا لازمًا؟ فردَّ عليهم ببيت من نظمه قائلًا: والنفل يصلح واجبًا في بالغ ... وسط الصلاة أو الصيام فعدد" "الأشباه والنظائر" (1/ 214). (¬5) من (ن). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 214)، "القواعد" للزركشي (2/ 367).

قاعدة قال صاحب التلخيص: كل عبادة واجبة إذا تركها الإنسان لزمه القضاء والكفارة

- ومنها: الصلاة في جماعة خارج المسجد أفضل منها في المسجد منفردًا، ذكره الرافعي في كتاب الحج عند ذكر هذه القاعدة في سنن الطواف. - ومنها: الرَّمل في البعد (¬1) أفضل من القرب بلا رمل، إلا أن يكون في حاشية المطاف نساء، ولم يأمن ملامستهن لو تباعد، فالقرب بلا رمل أولى من البعد [مع الرمل حذرًا من النقض] (¬2)، وكذا لو كان بالقرب أيضًا نساء، وتعذر الرمل في جميع المطاف خوفَ اللمس فتركه أولى. - ومنها: النفل في البيت لبعده عن الرياء أفضل منه في المسجد، ولو [في] (¬3) مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة"، رواه أبو داود (¬4)، والظاهر أن المسجد الحرام مثله. قاعدة قال صاحب "التلخيص": "كل عبادة واجبة إذا تركها الإنسان لزمه القضاء والكفارة" (¬5) إلا واحدة وهي الإحرام لدخول مكة على أحد القولين. وعلَّله بوجهين؛ أحدهما: عدم إمكانه؛ لأن الدخول الثاني يوجب إحرامًا آخر. ¬

_ (¬1) أي البعد عن البيت الحرام. (¬2) سقطت من (ن)، ويعني بـ "النقض"؛ أي: انتقاض الطهارة. (¬3) استدراك من (س). (¬4) "سنن أبي داود " [كتاب الصلاة -باب صلاة الرجل التطوع في بيته- رقم (1044)]. (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 216)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 702)، "قواعد الزركشي" (3/ 75).

الثاني: أن الإحرام تحية البقعة فلا يُقضى كتحية المسجد، وأورد على (¬1) صاححب التلخيص صور أخرى: - منها: قول الأصحاب في ناذر صوم الدهر إذا أفطر منه يومًا؛ لأنه لا يمكن قضاؤه. - ومنها: ناذر الحج كل سنة كناذر صوم الدهر، ومن نذر أن يصلي جميع الصلوات في أوائل أوقاتها فأخر واحدة، أو (¬2) أن يتصدق بفاضل قوته كل يوم [فأتلف] (¬3) فاضل بعض [28 ق / ب] الأيام [32 ن / ب]، ونفقة القريب إذا وجبت وتركت في بعض الأيام، وإذا نذر أن يعتق كل عبد سيملكه وملك عبيدًا ومات ولم يعتقهم، فإنهم لا يعتقون، ومن ترك رد السلام، ومن فر في الزحف غير متحرف لقتال، ولا متحيز إلى فئة؛ [إذ] (¬4) لا يمكنه القضاء، فإنه متى لقي [اثنين] (¬5) ممن يجب عليه قتالهما لا قضاء، وإمساك يوم الشك إذا ثبت أنه من رمضان فإنه واجب على المذهب، ولو ترك الإمساك لم يلزمه لتركه قضاء ولا كفارة، وإنما يجب قضاء اليوم الفائت من رمضان. وعدم القضاء في هذه الصور كلها [لعدم تصوره، ولعل ابن القاص نبه بمسألة الإحرام لدخول مكة على نظائرها مما يفوت القضاء فيه] (¬6)؛ لعدم إمكانه ويقول فيما وجب بالنذر الكلام في الواجب بالأصالة. ¬

_ (¬1) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "عليه". (¬2) في (ق): "و". (¬3) سقطت من (ق). (¬4) استدراك من (س). (¬5) سقطت من (ق). (¬6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ت).

قاعدة القياس الجزئي إذا لم يرد من النبي - صلى الله عليه وسلم - بيان على وفقه

قاعدة " القياس الجزئي إذا لم يرد من النبي - صلى الله عليه وسلم - بيان على وفقه من عموم الحاجة إليه في زمانه وعموم الحاجة إلى خلافه هل يعمل به؟ فيه خلاف أصولي" (¬1)، وبيانه بصور: - منها: مقارنة النية للتكبير وبسطها على قول من شرطه وذلك بعيد؛ حيث لم ينبه عليه الشارع مع احتياج كل مصلِّ إلى بيانه. - ومنها: إذا غمس المحدث يده في إناء دون قلتين بعد غسل [الوجه] (¬2)، ونوى رفع الحدث أو غفل عن رفع الحدث وعن قصد الاغتراف، فمذهب الإمام الشافعي أن الماء يصير مستعملًا ومستنده قياس جزئي، ويعارضه أن الشارع لم يبين ذلك لسكان البوادي مع شدة حاجتهم إلى ذلك وتكرارها، ويبعد الاكتفاء في البيان في حقهم بهذا القياس الجزئي. - ومنها: ما نص عليه القاضي وارتضاه المتأخرون: أن الإنسان يصلي على كل ميت غائب (¬3) بالنية في مشارق الأرض ومغاربها من المسلمين، وهذا قياس من جزئي يعارضه أن الشارع لم يبين ذلك بقول ولا فعل. - ومنها: كون الفاسق لا يلي النكاح مع أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يبين ذلك في حق الأعراب (¬4) الجفاة، [وسكان] (¬5) البوادي الذين ليس هم كصحابته الذين كانوا ¬

_ (¬1) "الأشباه النظائر" لابن الوكيل (ص: 57). (¬2) استدراك من (ك). (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "عاينه". (¬4) في (ن): "الأعرابي". (¬5) استدراك من (ك).

[في زمنه] (¬1)؛ فإن الصحابة كلهم عدول [33 ن / أ]. - ومنها: [ضمان الدرك: مقتضى القياس الجزئي منعه؛ لأنه] (¬2) ضمان ما لم يجب، ولكن عموم الحاجة إليه كمعاملة الغرباء وغيرهم يقتضي جوازه ولم يبينه الشارع، فقال ابن سريج (¬3): بالمنع على مقتضى القياس، كما حكاه أبو الطيب عنه (¬4)، وأشار إلى ذلك الماوردي، ومال إليه صاحبه ابن القاص، وخرجه ابن سريج قولًا، والأصح الذي عليه الجمهور من أصحابنا وغيرهم صحته بعد قبض الثمن لا قبله؛ لأنه [29 ق / أ] وقت الحاجة المؤكدة (¬5)، وفيه قول أو وجه: أنه يجوز مطلقًا لأجل الحاجة، واختاره الإمام. - ومنها: لو كان في يده شيء وادعى أنه اشتراه من زيد، وكان ملكًا له، فيجوز أن يشتري من هذا المدعي؛ لأن بناء العقود على قول أربابها، وهذا يخالف قياس الأصول؛ لأنه أقر بالملك لغيره، وادعى حصوله له، فلا يقبل لنفسه إلا ببينة أو إقرار، لكن لولا تصديقه لا نسد باب القياس (¬6). - ولو طلق الزوج زوجته ثلاثًا وادعت (¬7) أن غيره أحلَّها جاز له نكاحها سواء وقع في نفسه صدقها أم لا للحاجة. ¬

_ (¬1) استدراك من (ك). (¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬3) في (ق): "ابن شريح". (¬4) في (ق): "عنده". (¬5) في (ق): "المذكورة". (¬6) في (ك): "المعايش". (¬7) في (ن): "وادعى".

قاعدة ما لا يتم الواجب المطلق إلا به وكان مقدورا فهو واجب

قاعدة " ما لا يتم الواجب المطلق إلا به وكان مقدوراً فهو واجب" (¬1). وهذه القاعدة شائعة مستفيضة، لكن نُقض عليها صور: - منها: إذا نسي صلاة من الخمس لزمه فعل الخمس ولو كان بالتيمم، قال ابن القاص (¬2): يصليها بتيمم واحد؛ نظرًا إلى أن (¬3) الواجب أحدها فقط، والصحيح أنه يصليها بخمس تيممات؛ إذ الواحدة واجبة بالذات، والأخرى بعِلَّة الاشتباه، وهذا كما لو صلى فريضة بتيمم أفرده (¬4) ثم شك (¬5) في سجدة من الأولى [لم يقل إنه يعيدها بتيمم الأولى] (¬6)، قلت: الأصح الأول، وإن نسي صلاتين من الخمس قال ابن القاص: عليه أن يصلي خمسًا كل واحدة بتيمم، لأن الصبح لما صلاها بتيمم جاز أن يكون إحدى الفائتتين، والأخرى: الظهر فعليه أن يتيمم لها، وكذا الظهر وأخواتها، وقال ابن الحداد: يتيمم، ويصلي الصبح إلى العشاء بتيمم ¬

_ (¬1) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "البرهان في أصول الفقه" لإمام الحرمين (1/ 183)، "المستصفى" للغزالي (ص: 57)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص: 128)، "الإبهاج شرح المنهاج" للسبكي (1/ 103)، "الموافقات" للإمام الشاطبي (1/ 230)، "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 166)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (2/ 88). (¬2) كذا في (ن) و (ق)، وفي (ك): "القاضي" (¬3) في (ن): "أداء". (¬4) أي: وصلى فريضة أخرى بتيمم آخر. (¬5) في (ق): "تمسك". (¬6) ما بين المعقوفتين من (ق).

واحد، [ثم يتيمم] (¬1) ويترك الصبح، ويصلي باقي الخمس، وكل منهما صحيح، لكن الأولى يتيمم لكل صلاة، والثاني بالعكس. قلت: والصحيح عند الأصحاب ما قاله ابن الحداد. - ومنها: أجرة الكيال على بائع المكيل، وأجرة الوزان على المشتري بالثمن [33 ن/ ب] المقدر، وفي الصيرفي وجهان. قلت: قال في "الروضة": ينبغي أن يكون الأصح أنها (¬2) على البائع، وقال ابن الرفعة في "المطلب": إنه الأشبه، وعزاه غيرهما من المتأخرين إلى الماوردي، وأنه ذكره في مسألة أجرة الجلاد في كتاب القصاص. - ومنها: إذا التزم نقل متاعه إلى موضع فعليه الظروف، وإن وقع التعرض إلى وصف الدابة ففيه احتمال؛ حيث اضطربت العادة؛ لأن التزامه النقل يوجب الإتيان بما [لا] (¬3) يمكن [إلا] (3) به، وتعيين الدابة يُشعر بأن الاعتماد عليها وإتيانه بما هو المعتبر (¬4) فقط. قلت: وقريب من هذا: [ما] (¬5) إذا اكترى دابة للركوب، فإن عليه (¬6) البردعة ونحوها؛ لتوقف الركوب عليه [29 ق/ ب]، وفي "الشرح" وجهان: وجه: المنع لاضطراب العادة فيه، وكذا أوعية المحمول إن وردت على الذمة والحبل والرشا ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) في (ن): "هنا". (¬3) استدراك من (ك). (¬4) في (ن) و (ق): "بأمر المعير"، والمثبت من (ك). (¬5) من (ن). (¬6) أي على المُكري.

[في الأكثر] (¬1) إلا سقاء كالأوعية فقط. - ومنها: إذا خفي عليه موضع النجاسة من الثوب أو البدن لزمه غسله كله؛ لأنه تيقن إصابته النجاسة، ولا يمكنه تيقن الطهارة إلا بغسل الجميع، وإن كان على سجاد فله أن يصلي على أي موضع شاء منها؛ ولا يلزمه غسل الجميع كما في الثوب (¬2). - ومنها: طالب القسمة إذا كان شريك طفل يجاب الطالب (¬3) إليها، ومؤنة التسليم عليهما كما لو لم يكن طفلًا على الأصح. - ومنها: أجرة الكيال والوزان ورعاة الغنم قيل: من سهم العاملين، والأصح: أنها على المالك؛ لأن هذا لتوفية (¬4) الواجب، والتوفية (¬5) واجبة على المالك. - ومنها: [لو] (¬6) لم يكن في خمس الخمس ما يستأجر به الجلاد فأجرته على الجاني. - ومنها: إذا اختلطت زوجته بأجنبية أو أجنبيات، وجب عليه الكف عن الجميع حتى يتبين الحال، وكذا إذا اختلطت بمحرم وكُنَّ محصورات. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) قال ابن السبكي: "فلو خفي عليه موضع النجاسة من الدار فوجهان في "الروضة" أصحهما: أنه كذلك يغسلها كلها، والثاني، أنه يتحرى ويصلى فيما يظن طهارته، ولا يلزمه غسلها كما لو تيقن أن موضعًا من الصحراء نجس، فإنه يصلي إلى أي موضع شاء" "الأشباه والنظائر" (1/ 88 - 89). (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الطفل". (¬4) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "التوقيت". (¬5) في (ن): "والمتوقية". (¬6) من (ق).

قاعدة إذا نوى إبطال العبادة أو الخروج منها بطلت

قاعدة " إذا نوى إبطال العبادة أو الخروج منها بطلت" (¬1). إلا الحج والعمرة قطعًا؛ لأنهما لا يبطلان بالمفسد فلأن لا يقطعان بالنية أولى، وكذلك الصوم والاعتكاف على قول، ووجه الخلاف التردد بين مشابهة الصلاة والحج، وعلى قولنا يبطل إذا قال: إذا رأيت فلاناً خرجتُ من [34 ن/ أ] صومي، فرآه لم يخرج قطعًا، وفي مثله من الصلاة، وجهان. وإذا نوى التبرد أو التنظف في أثناء الطهارة في بعض أعضاء وضوئه أي: وغفل عن نية رفع الحدث أعاد النية فيما بقي، ولا يبطل ما مضى (¬2)، وكذا في الزكاة والكفارة. ولو ترك النية في الصلاة بطلت؛ لأن أولها منوط بآخرها، بخلاف الطهارة والكفارة والزكاة. - ومنها: إذا رهنا ممن ادّعياه فرجع أحدهما ثم ألحقه به القائف فوجهان. وقريب مما نحن فيه إذا نوى المودع التعدي حيث يضمن، وأما إذا نوى قطع قراءة الفاتحة لم تنفطع، وهو وارد على الإطلاق (¬3)، نعم إن اقترن به سكوت يسير انقطعت على الأصح. ¬

_ (¬1) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 204)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 213)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 129)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 54)، "قواعد العز بن عبد السلام" (1/ 320)، "قواعد الزركشي" (3/ 298). (¬2) في (ق): "بقي". (¬3) كذا في (ك) وفي (ن): "الطلاق"، وفي (ق): "المبطلات"، والصواب هو المثبت.

فائدة: تقليد الغير في مسألتين

لو نوى قطع الوضوء في أثنائه لم يبطل على الأصح ويستأنف النية لما بقي إن جوزنا تفريقها (¬1)، وإلا استأنف الوضوء، وأما إذا نوى إبطال (¬2) الوضوء بعد فراغه لم يَبطل، وفيه وجه لا يعرف في نظائره. فائدة: تقليد الغير في مسألتين (¬3): الأولى: إذا ضاق الوقت عن الاجتهاد في القبلة، قال ابن [30 ق/ أ] سريج: يقلد غيره إذا كان أعلم، والأصح خلافه. الثانية: نظيرها من الأحكام الشرعية إذا ضاق وقت الاجتهاد أو كان الحكم لمسافرين وخافوا [من] (¬4) فوات الرفقة، قال ابن سريج: يقلد الأعلم، والأصح: خلافه؛ فإن القفال قال: لا خلاف أنه لا يفتيه (¬5) غيره. فائدة: ذكر البندنيجي والماوردي أن العبادات ثلاث أقسام (¬6): أحدها: إنما يشترط فيه نية الفعل دون الوجوب والتعيين، وهو الطهارة والحج والعمرة. ثانيها: ما يشترط فيه الفعل والوجوب دون التعيين؛ وهو الكفارات والزكوات. ثالثها: ما يشترط فيه الفعل والتعيين دون الوجوب؛ وهو الصلاة والصيام. قلت: أما الصلاة فصحح الرافعي والنووي اشتراط الوجوب فيها، وأما الصيام فمقتضى كلام الرافعي كذلك، وكذا النووي في كتبه، خلاف "شرح المهذب"، فإنه صحح فيه المنع. ¬

_ (¬1) في (ن): "تفريعًا". (¬2) في (ن): "استبطال". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 285)، "قواعد الزركشي" (1/ 397). (¬4) من (ن). (¬5) في (ن) و (ق): "يعينه". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 386).

قاعدة ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة

قاعدة " ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" (¬1) [كلها] (¬2) [34 ن/ ب] وهذا له ثلاثة اعتبارات: أحدها: أن يدرك ذلك بالفعل مع اتصافه قبله بصفة الوجوب، والأصح أنه إذا أوقع ركعة في الوقت فالكل أداء وإلا فقضاء، وينبني على هذا أمور: - منها: القصر، ومنها: مد القراءة إلى خروج الوقت، وأصح الأوجه: أنه خلاف الأولى، وينبغي أن يتقيد بما إذا كان المد فيما بعد الأولى. وثانيها: أنه مكروه. وثالثها: أنه حرام. الاعتبار الثاني: أن يزول العذر قبل خروج الوقت بركعة فتستقر في الذمة، وكذا تكبيرة على الأصح، وتوسع الإمام الشافعي والأصحاب في ذلك، فقالوا: تجب الصلاة مع ما [بعدها] (¬3) إن جُمِعَتَا (¬4). الثالث: إدراك الجماعة والأصح إدراكها بجزء، وقيل: بركعة كالجمعة لحديث فيها يدل عليه (¬5)، والله أعلم. ¬

_ (¬1) متفق عليه: من حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري في "صحيحه" [كتاب مواقيت الصلاة -باب من أدرك من الصلاة ركعة- حديث رقم (580)]، ومسلم في "صحيحه" [كتاب المساجد ومواضع الصلاة -باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة- حديث رقم (607)]. (¬2) من (ق). (¬3) استدراك من "أشباه السيوطي". (¬4) وقعت في (ن): "أن جميعنا"، وفي (ق): "أن جميعا". (¬5) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 706).

باب الأذان

باب الأذان فائدة: فيما يقال: إنه سنة على الكفاية (¬1)، وذلك في صور: الأولى: الأذان والإقامة؛ أي إذا قلنا: إنهما سنة، وهو الصحيح. الثانية: ابتداء السلام. الثالثة: تشميت العاطس. الرابعة: التسمية على الأكل كما نُصَّ عليه (¬2). الخامسة: ما يُفعل بالميت إذا ندب إليه (¬3). السادسة: الأضحية سنة على الكفاية في حق كل البيت، وعلى ذلك حمل ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - أتى بكبش أقرن فأضجعه وقال: "بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد" (¬4) ثم ضحى به، وزعم الشاشي (¬5) صاحب "حلية العلماء" أنه [30 ق / ب] ليس سنةً على الكفاية غيرُ الابتداء بالسلام، وما تقدم من الصور يبطل دعوى حصره. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 24)، "قواعد الزركشي" (2/ 210). (¬2) أي كما نصَّ عليه الشافعي، فلو سمى واحد من الجماعة أجزأ عن الباقين. (¬3) في (ق): "عليه". (¬4) أخرجه مسلم في "صحيحه" [كتاب الأضاحي -باب استحباب الضَّحية وذبحها مباشرة بلا توكيل والتسمية والتكبير- حديث رقم (1967)]. (¬5) هو محمد بن أحمد بن الحسين بن عمر، فخر الإسلام، أبو بكر الشاشي ولد سنة تسع وعشرين وأربعمائة، تفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي ولازمه حتى عرف به، وكان معيد درسه، وقرأ "الشامل" على ابن الصباغ وكان مهيئاً وقورًا، متواضعًا ورعاً، من تصانيفه: "الشافي" في شرح الشامل، و "المعتمد"، و "حلية العلماء" ذكر فيه خلافاً كثيرًا للعلماء، توفي سنة سبع وخمسمائة (507 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 276 - رقم 259).

فائدة: البناء على فعل الغير في العبادات

قلت: وقال هذه المقالة أيضًا القاضي حسين وهو عجيب. فائدة: البناء على فعل الغير في العبادات (¬1)، فيه صور: - منها: البناء على الأذان، وفيه قولان، وهما إذا لم يحكم بيطلانه بالفعل المتخلل، والأظهر: المنع. - ومنها: الخطبة، وفي جواز البناء قولان، وهما أيضًا فيما إذا جوزنا الاستخلاف في الصلاة، أما إذا لم نجوزه ثمَّ فلا، وهكذا هنا. وصوَّر الرافعي المسألة بما إذا أحدث في أثناء الخطبة هل يجوز؟ وحكى الخلاف [35 ن/ أ] وجهين عن ابن الصباغ، وصحح المنع (¬2). - ومنها: الاستخلاف في الصلاة في جوازه قولان، أصحهما: الجواز. - ومنها: البناء على الحج، والجديد المنع. فائدة: المتخللات بين ما يشترط فيه الموالاة (¬3)، فيه صور: - منها: التخلل بالكلام اليسير في كلمات الأذان لا يُضرُّ (¬4)، وتردد الجويني (¬5) في أن رفع الصوت به هل ينزَّل منزلة السكوت الطويل؟ وإن تكلم كثيرًا فقولان مرتبان، فأولى بالبطلان من السكوت الطويل، وفي السكوت قولان منهم من بناهما على قولي موالاة الطهارة، ومنهم من بناهما على سبق الحدث، ومنها: موالاة الفاتحة واجبة على المذهب. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 192)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 897). (¬2) كذا في (ن) و (ق)، وفي (ك): "وصحح الجواز". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 229)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 714). (¬4) كذا في (ق)، وفي (ن): "لا يعتبر". (¬5) أي الشيخ أبو محمد والد إمام الحرمين.

وفيها وجه: إن قطعها بالسكوت الطويل لا يضر، فإن تعلق بالصلاة كتأمينه لقراءة إمامه أو فتحه عليه، أو سجوده لقراءة إمامه السجدة، أو سؤاله رحمة، أو استغاثة من عذاب لقراءة إمامه فلا يقطع الموالاة على الأصح، وهذا الخلاف إذا قيل بالمذهب، وهو استحباب هذه الأمور للمأموم، وفيها وجه: ينبغي أن يجري في السجدة مع الإمام. - ومنها: طلب الماء والإقامة في الجمع (¬1) وقت الأولى. - ومنها: مقدار الإقامة مما ليس مصلحة للصلاة، بل أجنبي عنها لا يبطل الجمع، فالمدار على [كون هذا المقدار] (¬2) يسيرًا، لا على كونه مصلحة للصلاة. - ومنها: تخلل الخِطبة من الزوج بين إيجاب العقد وقبوله؛ الأصح: أنه لا يضر بشرط أن [لا] (¬3) يطول، فإن طال قطعت الأئمة بالبطلان، قال الرافعي: وكان يجوز أن يقال: إذا كان الذِّكر مقدمة للقبول وجب أن لا يضر؛ لأن [لا] (¬4) يشعر بالإعراض. - ومنها: لو تخلل كلام أجنبي بين الإيجاب والقبول في البيع، فقد حكى الرافعي أنه الموطأل الفصل أو تخلل كلام أجنبي [31 ق/ أ] أن العقد يبطل ولم يحك فيه خلافًا. - ومنها: لو تخلل ذلك في النكاح، فقد حكى الرافعي عن إيراد بعضهم ما يقتضي الجزم بالبطلان، وقال الإمام: فيه وجهان، واستشهد لوجه الصحة بالمسألة بعدها. ¬

_ (¬1) أي في الجمع بين الصلاتين. (¬2) في (ق): "كونه". (¬3) استدراك من (ك). (¬4) سقطت من (ق).

- ومنها: لو تخلل كلام أجنبي في الخلع، فقد أعاد الرافعي فيه مسألة البيع [35 ن/ ب] السابقة، وغيرها، وحكى عن الإمام في ذلك في الكلام اليسير وجهين، وأن الأصح أنه لا بأس به، وأنَّ القاضي حسينًا (¬1) وغيره استشهدوا لذلك بنص الإمام الشافعي فيما إذا قالتا: طلقنا ثم ارتدتا، فطلقهما؛ فإن الطلاق يكون موقوفاً، فإن أصرَّتا إلى انقضاء العدة على الردة انفسخ النكاح بالردة (¬2)، فتبين أن الخلع لم يقع وإن رجعتا إلى الإسلام صح (¬3). والمسألة مفروضة فيما إذا دخل بهما، فإن كان قبل الدخول انفسخ [النكاح] (¬4) من الآن، وهذا واضح، فمن قال: إن الكلام اليسير لا يضر احتج بهذه، فإنه كلام أجنبي، ومن قال: إنه يضر قال: المحذور أن يتخلل الكلام من الذي طلب منه الكلام. وأما (¬5) من تكلم وقضى (¬6) كلامه (¬7) فلا عليه أن يقول ما شاء، قال الرافعي: لكن قضية هذا لو كان الزوج مبتدئًا، وهما قابلتان فارتدتا ثم قبلتا أن لا يصح قبولهما، قال: لكن لم يجر الأئمة على ذلك، بل أجاب صاحب "التهذيب" بأن الحكم في هذه كالحكم فيما لو التمستا وأن يكون هذا جوابًا (¬8) لمن ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "حسين". (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و: "في الردة". (¬3) أي: صح الخُلع. (¬4) من (ق). (¬5) كذا في (ق)، وفي (ن): "وأن". (¬6) في (ن) و (ق): "وتقضى". (¬7) في (ق): "صلاته". (¬8) وقعت في (ن) و (ق): "جواب".

[لم] (¬1) ير (¬2) الكلام اليسير مؤثرًاً، ومثل هذا لا يصلح مبطلاً كلام من اعتذر عن نص الإمام الشافعي، وعندي له عذر أوضح من هذا، وهو أن الارتداد يُتصَوَّر بالأفعال؛ كإلقاء المصحف في القاذورات والعياذ بالله، فما انحصرت الردة في القول حتى يلزم أن يكون التفريق (¬3) بالكلام غير مؤثر، وهذا لا شك فيه. * * * ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) وقعت في (ن): "يرى". (¬3) في (ق) و (ك): "التعريف".

باب سجود التلاوة

باب سجود التلاوة قاعدة " قد تقرر (¬1) أن سجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع والسامع" (¬2) ويستثنى من ذلك مسائل: الأولى: المأموم إذا لم يسجد إمامُه. الثانية: المستمع قراءة الجنب والسكران، ففي فتاوى القاضي حسين أنه لا يسجد؛ خلافاً [للإمام] (¬3) أبي حنيفة، لكن الأصح في "الروضة" سجود مستمع المحدث. الثالثة: المصلي إذا سمع قرآنًا خارج الصلاة، وحكى المعافى (¬4) الموصلي (¬5) عن القاضي حسين أنه يسجد، وهو ما ذكره الإمام أن [في] (¬6) بعض الطرق إشارة (¬7) [31 ق/ ب] إليه. ¬

_ (¬1) في (ق): "تقدم". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 212 - 213). (¬3) من (ن). (¬4) وقعت في (ن): "صاحب المعافى" وفي (ق): "صاحب المعاياة". (¬5) وهو: المُعافى بن إسماعيل بن الحسين بن أبي السنان، أبو محمد الموصلي، كان إمامًا فاضلًا، دينا، عالماً، عارفاً بالمذهب وكان مليح الشكل والبِزَّة، ومن تصانيفه كتاب "الكامل" في الفقه و "الموجز"، و "البيان" في التفسير، توفي سنة ثلاثين وستمائة (630 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 410 - رقم 394). (¬6) من (ق). (¬7) في (ن): "أشار".

باب سجود السهو

باب سجود السهو قاعدة " حقيقة سجود السهو لا يتكرر سواء كان الموجب له من نوع أو أنواع" (¬1) أما صورته فقد تتكرر في صور: - منها: المسبوق يسجد مع إمامه ثم في آخر صلاته على المشهور. - ومنها: لو سهى إمام الجمعة فسجدوا فبان فوتها أتموا ظهرًا على المشهور، وسجدوا (¬2)؛ لأنه لم يقع آخر الصلاة. - ومنها: لو ظن سهواً فسجد فبان عدمه سجد على الأصح (¬3)؛ لأنه زاد سجدتين سهوًا، وقيل: لا، ويجبر السجود نفسه وغيره. - ومنها: لو قصر وسهى فسجد، ثم نوى الإتمام قبل السلام، أو وصلت به سفينته دار إقامته وجب إتمام الصلاة ويعيد السجود قطعًا. - ومنها: لو سجد للسهو [ثم سها] (¬4) قبيل (¬5) السلام سهواً آخر، فقيل: يعيد السجود، والأصح: لا، كما لو سهى بين السجدتين فإنه لا يعيده قطعًا، لأنه لا ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 93)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 859)، "قواعد الزركشي" (2/ 220). (¬2) أي: وأعادوا سجود السهو. (¬3) أي سجد عن السهو الثاني. (¬4) من (ك). (¬5) في (ن): "قبل".

فائدة: ما ثبت على خلاف الدليل في الواجب هل تلحق به النوافل؟

يؤمن وقوع مثله في العادة فيتسلسل (¬1). وكذا لو شك هل سجد للسهو سجدة أو سجدتين، فيأخذ بالأقل ويسجد أخرى، ثم تحقق أنه كان سجد سجدتين لم يعد السجود. - ومنها: لو ظن تركه القنوت سهواً مثلًا، فسجد له، ثم بان قبل السلام أن سهوه بغيره، قيل: يعيد السجود؛ لأنه لا يجبر المحتاج إلى الجبر، والأصح: لا يعيد؛ لأنه قصد جبر الخلل، وفيه نظر. - ومنها: ذكر النووي أنه لو شك هل سها أم لا فسجد ساهيًا، فالحكم أن في مثل هذه يقتضي السجود، فيسجد ثانيًا لهذه الزيادة (¬2). فائدة: ما ثبت على خلاف الدليل في الواجب هل تلحق به النوافل؟ (¬3) فيه خلاف [في صور: - منها: سجود السهو، ثبت على خلاف] (¬4) الدليل في الفرض، وللإمام الشافعي قول غريب: أنه لا يشرع في النفل. - ومنها: التيمم على خلاف الدليل في الواجب، والمذهب أنه يشرع في النفل أيضًا. - ومنها: هل تجوز النيابة عن المغصوب في حج التطوع كالفرض قولان؛ قلت: أصحهما نعم. ¬

_ (¬1) في (ن): "فليتأمل". (¬2) وردت هذه العبارة في "ابن الوكيل " هكذا: "فسجد جاهلاً بالحكم في أن مثل هذا لا يسجد للسهو بهذه الزيادة". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 178). (¬4) استدراك من (ك).

فائدة: وتحملات الغير عن الغير في صور

فائدة: وتحملات الغير عن الغير في صور (¬1): الأولى: تحمل الإمام سهو المأمومين والفاتحة عن المسبوق (¬2) على قول. الثانية: تحمل العاقلة. الثالثة: تحمل [36 ن/ ب] الغارم، وها هنا صور: الأولى: تحمل الزوج ونحوه صدقة الفطر عن المؤدى [عنه، لكن هل يلاقي المؤدَّى عنه ثم يتحمل المؤدي، أم تجب على المؤدي] (¬3) ابتداء؟ فيه خلاف يعبر عنه تارة بقولين مخرجين وتارة بوجهين، والأصح: الأول، وإن قلنا بالتحمل، فهو كالضمان أو كالحوالة، قولان. قلت: وهذا يدل على أن الخلاف في الأصل قولان؛ إذ الأقوال [32 ق/ أ] لا تنبني على الأوجه. ويتفرع على هذا الأصل مسائل: الأولى: لو كان الزوج معسرًا فطريقان (¬4)، أصحهما: قولان بناء على الأصل المذكور، وكذا لو كانت تحت مكاتب. الثانية: إذا أخرجت فطرة نفسها بغير إذن الزوج مع يساره، ففي الإجزاء ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 386)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 708)، "قواعد الزركشي" (1/ 245). (¬2) في (ق): "المسبوقين". (¬3) استدراك من (ك). (¬4) وفي "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 387): "لو كان الزوج معسراً لم تستقر الفطرة في ذمته كالنفقة؛ لأنها عوض، والفطرة عبادة مشروطة باليسار، وهي إن كانت موسرة، هل تجب عليها فطرة نفسها؟ فيه طريقان .. "، ثم ذكر القولين اللذين نقلهما ابن الملقن هنا ..

وجهان: إن قلنا [الزوج] (¬1) يتحمل أجزأ، وإلا فلا. ويجري الوجهان فيما لو تكلف (¬2) من فطرته على قريبه باستقراض أو غيره، وأخرج بغير إذنه. الثالثة: لو كان لكافر عبدٌ مسلمٌ، وهلَّ هلال شوال قبل زوال ملكه عنه أو (¬3) كان له قريب مسلم هل تجب عليه الزكاة عنهم؟ فيه وجهان مبنيان على الأصل المذكور. ولو أسلمت زوجته واستهل الهلال وهو متخلف عن الإسلام ثم أسلم (¬4) قبل انقضاء (¬5) العدة، ففي وجوب نفقتها مدة التخلف خلاف، فإن قلنا لا نفقة فلا فطرة، وإلا فالفطرة على هذا الخلاف. الصورة الثانية: هل نقول وجبت عليهم الدية ابتداء أو لاقت الجاني ثم تحملوها عنه؟ فيه الخلاف المذكور سابقًا بعينه، وينبني عليه مسائل: الأولى: إذا انتهى التحمل إلى بيت المال فلم يوجد فيه (¬6) شيء هل يؤخذ الواجب من الجاني؟ فيه وجهان، وقطع القاضي بأنه لا يؤخذ من الجاني، والفرق على هذا بينه وبين الموسرة حيث أجرى فيها الخلاف مشكل. الثانية: لو أقر بالخطأ أو (¬7) شبه العمد وكذبته العاقلة لم يقبل إقراره (¬8) عليهم، ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "تخلف". (¬3) في (ن) و (ق): "و". (¬4) في (ق): "أسلمت". (¬5) في (ن): "نقصان". (¬6) في (ق): "فلم يؤخذ منه". (¬7) في (ن) و (ق): "و". (¬8) كذا في (ق)، وفي (ن): "إقرارهم".

ولا [على] (¬1) بيت المال، لكن إذا حلفوا (¬2) كانت الدية على المقر، قال الإمام: ولم يخرج الأصحاب الوجوب على المقر على الخلاف المذكور، ولا يبعد عن القياس أن يقال إذا لم يلاق الوجوب الجاني لا يلزمه شيء؛ لأنه إنما أقر عليهم لا على نفسه، فإذا [37 ن / أ] لم يقبل (¬3) عليهم وجب أن لا يقبل عليه، وحكي هذا [عن] (¬4) المزني (¬5)، لكن المذهب المنقول هو الأول. الثالثه: لو اعترفت العاقلة بعدم ما غرم الجاني والحالة هذه، فإن قلنا: الوجوب يلاقي (¬6) الجاني والعاقلة تتحمله، فلا يرد الولي ما أخذه، ويرجع الجاني على العاقلة، وإن قلنا: يلاقي العاقلة ابتداء فيرد على (¬7) الولي (¬8) ما أخذه ويبتدئ بمطالبة العاقلة. الصورة الثالثة: المرأة الطائعة إذا جامعها زوجها (¬9)، فالصحيح اختصاص الكفارة به، وفي الكفارة التي يخرجها (¬10) وجهان، وقد يعبر عنها بقولين مخرجين، أحدهما: أن الكفارة تختص به ولا يُلاقيها. الثاني: أنه يلاقيها [32 ق/ ب] وهو محتمل، ثم الأصح عند الغزالي وبه قال ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "حلف". (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن): "يكن"، وهي ساقطة من (ق). (¬4) تكررت في (ق). (¬5) في (ن): "المتولي". (¬6) في (ق): "أن يلاقي". (¬7) في (ن): "إلى". (¬8) في (ق): "الولد". (¬9) أي: وهي صائمة. (¬10) أي: يخرجها الزوج.

الحناطي (¬1) وآخرون: الأول، وهو الأصح في أصل المنهاج. والأصح عند [الإمام] (¬2) الثاني، ويبنى عليه مسائل: الأولى: إذا أفطرت بزنا أو وطء بشبهة، فإن قلنا: الوجوب [لا] (¬3) يلاقيها فلا شيء عليها، وإن قلنا بالثاني فعليها (¬4) الكفارة، وقيل: تلزمها قطعًا. الثانية: لو كان الزوج مجنونًا، فإن [قلنا] (¬5): الوجوب [لا] (¬6) يلاقيها، فلا شيء عليها، وإن قلنا بالثاني فعليها الكفارة على الأصح؛ لأن التحمل لا يليق (¬7) به، ولهذا لم تجب عليه الكفارة لنفسه. الثالثة: لو كان الزوج مسافرًا [والمرأة حاضرة] (¬8)، فأفطر بالجماع على قصد الترخص، فلا كفارة عليه، وكذا إن لم يقصد الترخص على الأصح، وحيث قلنا بوجوب الكفارة فهو كغيره، وحكم التحمل ما سبق، وحيث قلنا: لا كفارة، فهو كالمجنون. الرابعة: إذا قلنا: الوجوب يلاقيها وجب اعتبار حالهما جميعًا، فإن اتفق حالهما، فإن كانا من أهل الإعتاق [أو الإطعام أجزأ المخرج عنهما، وإن كانا من ¬

_ (¬1) هو الحسين بن محمد بن الحسين، أبو عبد الله بن أبي جعفر الطبري، الحَنَّاطِيّ، كان من أئمة طبرستان، وكان حافظاً لكتب الشافعي، صنف كتابًا في الفروع وقف عليه الرافعي، وله "الفتاوى" توفي بعد الأربعمائة بقليل، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 156 - رقم 141). (¬2) في (ق): "المنهاج". (¬3) استدراك من (ك). (¬4) في (ق): "فعليه". (¬5) سقطت من (ن). (¬6) من (ك). (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "يلتزم". (¬8) تكررت في (ق).

أهل الصيام] (¬1) فعلى كل واحد منهما الصوم، فإنه لا يدخل التحمل في العبادة البدنية، وإن اختلف حالهما، فإما (¬2) [أن يكون] (¬3) الزوج أعلى حالًا منها، نظر إن كان من أهل العتق وهي من أهل الصيام أو (¬4) الإطعام فوجهان أصحهما: -ولم يذكر العراقيون (¬5) غيره-: أنه يجزئ الإعتاق عنهما؛ لأنَّ مَنْ فرضه الصوم أو الإطعام يجزئه الإعتاق (¬6) [37 ن / ب] (¬7) أن تكون أمة فعليها الصوم؛ لأن العتق لا يجزئ عليها. قلت: قال في "المهذب": إلا إذا قلنا: العبد يَمْلِكُ بالتمليك فإن الأمة كالحرة المعسرة (¬8)، ونقله عنه الرافعي وأقره، واعترضه (¬9) النووي فقال في "الروضة": هذا الذي قاله في "المهذب" غريب، والفرق أنه لا يجزئ العتق عن الأمة، وقد قال في "المهذب" في باب العبد المأذون: لا يصح إعتاق العبد سواء قلنا يملك أم لا؛ لأنه يتضمن الولاء، وليس هو من أهله واعترض الشيخ زين الدين بن الكَتْناني (¬10) فقال: هذا الاستغراق غريب، فقد ذكر في كفارة الأيمان أنه ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "فإن". (¬3) استدراك من (ك). (¬4) في (ق): "و". (¬5) في (ق): "العراقيين". (¬6) في (ن): "العتق". (¬7) سقطت من (ق). (¬8) في (ن): "المعتبرة". (¬9) في (ن): "واعترض". (¬10) هو عمر بن أبي الحَرم بن عبد الرحمن بن يونس، الشيخ الإمام العلامة، زين الدين، =

لو كفر السيد عن عبده بالإعتاق، فهو على الخلاف في أنه يملك [33 ق/ أ] بالتمليك، وذكر نحوه في الظهار والله أعلم. وإن كان هو من أهل الصيام وهي من أهل الإطعام، [قال الأصحاب: يصوم عن نفسه] (¬1)، [ويطعم عنها؛ لأن الصوم لا يتحمل به، وإن كانت هي أعلى حالًا منه؛ فإن كانت من أهل العتق وهو من أهل الصيام صام عن نفسه] (¬2)، [وأعتق عنها إذا قدر، وإن كانت من أهل الصيام وهو من أهل الإطعام] (¬3) صامت عن نفسها وأطعم الزوج عن نفسه. الصورة الرابعة: إذا فرعنا على القديم أن السيد إذا أذن لعبده في النكاح أن المهر والنفقة على السيد، فهل نقول: وجبت على السيد ابتداء، أو وجبت على العبد ثم يتحملها السيد عنه، فيها وجهان، فعلى الأول: لا يطالب العبد ولو أعتق، وإذا أبرأت السيد برءا جميعًا. الثاني: يطالبها وهو الأصح، ومن الصور جريان ذلك في تزويج الأب الابن الصغير والمجنون. ومنها: إذا جامعها في الإحرام فهل يتحمل عنها الفدية؟ ¬

_ = أبو حفص بن الكتناني، الدمشقي، المصري الفقيه، الأصولي، ولد سنة ثلاث وخمسين وستمائة بالقاهرة، ونقله أبوه إلى دمشق وهو ابن سنة، ونشأ بها وأفتى ودرس ثم انتقل إلى مصر، وكان محققاً مدققاً يستحضر الأشباه والنظائر، وكان شيخ الشافعية في عصره بالاتفاق، توفي سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة (738 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (2/ 64 - رقم 556). (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬2) استدراك من (ك). (¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).

قاعدة ما لا يدخل الشيء ركنا لا يدخل [فيه] جبرانا

قاعدة " ما لا يدخل الشيء ركنًا لا يدخل [فيه] (¬1) جبرانًا" (¬2). ذكرها الإمام (¬3) في "الجنائز" [من "النهاية"] (¬4)؛ حيث قال: "قطع الأئمة بأنه لو سها في صلاة الجنازة لم يسجد للسهو؛ لأنه لا مدخل للسجود (¬5) في هذه الصلاة ركنًا فلا يدخلها جبرانًا"، وقد يقال بدل هذه: "ما لا يدخل (¬6) الشيء مشروعًا لا يدخل فيه جبرانًا"؛ [لئلا يرد على الأول الدماء الواجبة في الحج جبرانًا] (¬7)؛ فإنها لا تدخله (¬8) ركنًا، إذ ليس الدم ركناً فيه (¬9)، ويدخله جبرانًا، والقديم (¬10): وجوب الكفارة على المجامع في الحيض. قاعدة " كل مأموم يسجد لسهو إمامه" (¬11). ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 216)، "قواعد الزركشي" (3/ 148). (¬3) أي إمام الحرمين أبو العالي الجويني في كتابه "نهاية الطلب في دراية المذهب". (¬4) من (س). (¬5) في (ت): "لأنه لا يدخل السجود". (¬6) في (ن): "يدخله". (¬7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق) .. (¬8) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "فإنه لا يدخل". (¬9) أي في الحج. (¬10) أي وينتقض هذا الأصل -على المذهب القديم- بالدينار الواجب على من وطئ حائضًا في إقبال الدم، والنصف في إدباره إذ ليس في الوطء مال، وقد وجب الدينار جبرانًا. (¬11) ذكر ابن السبكي هذه القاعدة بعبارة أخرى نصها: "إذا سها الإمام في صلاته، لحق سهوه المأموم" (1/ 220).

قاعدة ما اقتضى عمده البطلان اقتضى سهوه السجود

إلا إذا بان إمامه محدثًا، وإلا إذا علم سبب سجود [38 ن/ أ] الإمام، وتبين غلطه في ظنه، استثناهما الرافعي، وقد يقال (¬1) في الأولى: المحدث ليس بإمام فلا استثناء، وهو ما أبدا ابن الرفعة، قال: وأما الثانية فما أتى به الإمام ليس بسجود سهو، بل سجود يقتضي أن يجبر بسجود آخر، والاستثناء (¬2) فيها كما قال صاحب "التلخيص" فيما إذا سجد في صلاة الجمعة ثم بان لهم خروج الوقت، يتمونها ظهرًا ويعيدون السجود. واعترضوا على صاحب "التلخيص" بأنه لم يكن السجود فيها جائزًا (¬3)، وإنما [هو] صورة (¬4) السجود. قاعدة " ما اقتضى عمده البطلان اقتضى سهوه السجود" (¬5): إن لم يبطل سهوه ككلام كثير في الأصح، إلا فيما تنفل على الدابة وحَوَّلها عن صوب مقصده وعاد على الفور، فإنه إن تعمده بطلت صلاته، وإن نسي فلا، ومع ذلك فإنه [لا] (¬6) يسجد على ما صححه النووي في "شرح المهذب"، واقتضاه كلامه في "الروضة" في بابه، وأما الرافعي فصحح في "الشرح الصغير" أنه يسجد وهذا هو القياس، وعلى هذا فلا استثناء. ¬

_ (¬1) يعني: ابن الرفعة، فإنه أنكر استثناء الصورة الأولى، وأثبته الشيخ تقي الدين السبكي. (¬2) في (ق): "ولا استثناء". (¬3) من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "جائز". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 218)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 759)، "قواعد الزركشي" (3/ 133). (¬6) من (س).

قاعدة ما لا يبطل عمده لا يسجد لسهوه

قاعدة " ما لا يبطل عمده لا (¬1) يسجد لسهوه" (¬2). إلا في مسائل [33 ق/ ب]: الأولى: إذا قنت قبل الركوع فإن عمده لا يبطل مع أن سهوه يقتضي السجود على الأصح المنصوص في "الروضة" في باب صفة الصلاة. الثانية: إذا نقل ركنًا قوليًّا كفاتحة في ركوع أو تشهد لم يبطل بعمده (¬3) في الأصح، فيسجد لسهوه في الأصح، ولو لم يكن المقروء ركنًا كسورة (¬4) الإخلاص مثلًا يسجد له، وصرح به في "شرح المهذب"، ونقله (¬5) القاضي أبو الطيب، وغيره من العراقيين، وحكى الماوردي فيه وجهين، ومقتضى ما في "شرائط الأحكام" لابن عبدان (¬6) [أن] (¬7) إلحاق التسبيح في القيام بذلك أيضًا. الثالثة: إذا فرقهم في الحرب مع فرق وصلى بكل فرقة ركعة أو فرقهم فرقتين ¬

_ (¬1) في (ن): "ولا". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 219)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 759). (¬3) في (ن): "تعمده". (¬4) في (ق): "كصورة". (¬5) في (ن): "وقبله". (¬6) هو عبد الله بن عبدان بن محمد بن عبدان، أبو الفضل الهمذاني شيخ همذان وعالمها ومفتيها، صاحب الكتاب المشهور "شرائط الأحكام" قليل الوجود، توفي سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة (433 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 185 - رقم 170). (¬7) من (ن).

فصلى بفرقة ثلاثًا، وبأخرى ركعة، فإنه يجوز [أيضًا] (¬1) على (¬2) الأظهر مع الكراهة، ويسجد للسهو للمخالفة بالانتظار في غير موضه، كما ذكره في "الروضة" في بابه في الأولى ناقلًا له عن الأصحاب، وأن صاحب "الشامل" نقله عن النص، وأنه قال: إنه يدل على السجود في الثانية أيضًا. الرابعة [38 ن / ب]: إذا ترك التشهد الأول وتذكره بعد ما صار إلى القيام أقرب، فله أن يعود إليه ثم عاد يسجد، وليس السجود للعود؛ لأنه مأمور به، فهو للنهوض مع أنه لو بعد هذا النهوض ولم يعُد لم تبطل صلاته؛ لأنه يجوز له أن يترك التشهد الأول وينتصب، وما نحن فيه بعضه. الخامسة: استثناها ابن الصباغ في "شامله" وابن أبي الصيف (¬3) في "نكته" (¬4): أن القاصر إذا زاد ركعتين سهواً فإنه يسجد مع أنه يجوز له زيادتهما، وذكرها الرافعي في بابها، وكذا الروياني في "بحره"، وقال: إنه فرع غريب، قال مجلي (¬5): وفيه نظر، وأنه لو تعمد الزيادة لا بنية الإتمام بطلت صلاته، والمتنفل إذا نوى عددًا وزاد عليه كالقاصر في ذلك. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ق): "في". (¬3) هو محمد بن إسماعيل بن علي، الفقيه، أبو عبد الله اليمني المعروف بابن أبي الصيف، كان عارفًا بالمذهب، حصَّل كثيرًا من الكتب، وكان على طريقة حسنة، وسيرة جميلة وخير، أقام بمكة مدة طويلة يدرس ويفتي، وله "نكت" على "التنبيه" مشتملة على فوائد، توفي سنة تسع وستمائة (609 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 379 - رقم 364). (¬4) أي نكته على "تنبيه" الشيرازي في فروع الشافعية، كما أشرنا في ترجمته السابقة. (¬5) هو مُجلي بن جُمَيْع بن نجا، القاضي أبو المعالي المخزومي، الأُرْسُوفي الأصل المصري، كان من =

السادسة: إذا قلنا: لا يستحب القنوت في غير النصف الثاني من رمضان، فلو (¬1) قنت سجد للسهو مع أن عمده لا يبطل بكراهة، فأورد القاضي حصين هذه القاعدة على نوع آخر حصل فيه الفرع أصلًا، فقال في هذا الباب: "كل عمل يلزمه سجود السهو إذا أتى به ساهيًا فإن أتى به عامدًا بطلت صلاته، وكل عمل قلنا لا يلزمه سجود السهو لا تبطل [صلاته] (¬2) إذا فعله عمدًا" إلا في مسألة واحدة وهي إذا عمل عملًا قليلًا لا من جنس الصلاة، يلزمه سجود السهو [34 ق / أ] وإن تعمده لا تبطل صلاته، وعدُّ هذه من مفسدات الصلاة أولى. * * * ¬

_ = كبار الأئمة، تولى قضاء الديار المصرية، ومن تصانيفه: "الذخائر" في الفروع، "أدب القضاء"، "مصنف في البسملة"، "مصنف في المسألة السريجية"، توفي سنة خمسين وخمسمائة (550 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 309 - رقم 295). (¬1) في (ن): "ولو". (¬2) من (ن).

باب صلاة الجماعة

باب صلاة الجماعة قاعدة " إذا قوبل مجموع أمرين فصاعدًا بشيء علم من خارج مقابلة أحد (¬1) ذينك (¬2) الاثنين ببعض ذلك الشيء، فهل يلزم أن يكون [ذلك] (¬3) الزائد في مقابلة ذلك الشيء الآخر، أو (¬4) يجوز أن يكون [في] (¬5) مقابلته وأن يكون المجموع في مقابلة المجموع، أو (¬6) يجوز أن يكون المجموع عند حصول الزائد في مقابلة الثاني (¬7) " (¬8)، فيه تأمل تظهر فائدته فيما إذا انفرد الشيء الثاني عن الأول، فهل يقابل بالكل أم بالزائد أولًا (¬9)؛ لأنه إنما ثبت مضمومًا إلى الأول عند وجود الأمرين، ومن أمثلة ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلي العشاء [39 ن/ أ] في جماعة [كان كقيام نصف الليل، ومن صلي العشاء والفجر في جماعة] (¬10) فكأنما قام ¬

_ (¬1) كذا في (س)، و (ن)، وفي (ق): "أجزاء". (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "ذلك". (¬3) من (ق). (¬4) في (ن) و (ق): "و". (¬5) من (ق). (¬6) في (ن) و (ق): "و". (¬7) في (ن): "الثانية". (¬8) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 136). (¬9) في (ن) و (ق): "لا". (¬10) استدراك من سنن الترمذي، وابن السبكي، وفي اختصار العبارة كما فعل ابن الملقن اضطراب، وانظر: "أشباه ابن السبكي" (1/ 136 - 137).

الليل كله" أخرجه الترمذي (¬1)، فإنه يحتمل احتمالات أظهرها: أن المجموع يعدل قيام الليلة ويؤيده (¬2) رواية أبي داود (¬3)، والترمذي (¬4): " [من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف ليلة، و] (¬5) من صلى العشاء والفجر في جماعة [كان كقيام ليلة] (¬6) "، وأبعد من قال: إن من صلى الصبح وحدها جماعة يحصل كمال ليلة؛ لأن المشقة فيه أكثر فناسب المضاعفة. ومنها: ما ثبت في الصحيحين (¬7) من فعله - صلى الله عليه وسلم -: "من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان"، وقد سأل الزاهد أبو الحسن بن القزويني الشافعي (¬8) أبا نصر بن الصباغ [عن ذلك فقال: لا يحصل لمن صلى واتبع [إلا] (¬9) القيراطان، فقال ابن القزويني: جيد (¬10) بالغ، وطولب ابن ¬

_ (¬1) في "السنن" [أبواب الصلاة -باب ما جاء في فضل العشاء والفجر في جماعة- حديث رقم (221)]. (¬2) في (ق): "ويرده". (¬3) في "السنن" [كتاب الصلاة -باب في فضل صلاة الجماعة -حديث (555)]. (¬4) سبق تخريجه. (¬5) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬6) في (ن): "كان قيام ليلة"، وفي (ق): "فكأنما قام ليلة". (¬7) البخاري في "صحيحه" [كتاب الجنائز -باب من انتظر حتى تدفن- حديث رقم (1325)]، ومسلم في "صحيحه" [كتاب الجنائز -باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها- حديث رقم (945)]. (¬8) هو علي بن عمر بن محمد، أبو الحسن البغدادي، المعروف بالقزويني، كان عارفاً بالفقه والقراءات، والحديث، ملازمًا لبيته، يكاشف بالأسرار، ويتكلم على الخواطر، وافر العقل، صحيح الرأي، ذكره ابن الصلاح وعدد كراماته وأطال في ترجمته، توفي سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة (442 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 201 - رقم 191). (¬9) استدراك من (س). (¬10) كذا في (س)، وفي (ن): "حين".

الصباغ] (¬1) بالدليل فاستدل بقوله تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ في يَوْمَيْنِ} [فصلت: الآية 9] إلى أن قال: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} [فصلت: الآية 10]: (فاليومين) (¬2) من جملة الأربعة بلا شك، ومن ذلك ما ثبت في "صحيح البخاري" (¬3) من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يعقد الشيطان على قافية [رأس] (¬4) أحدكم إذا هو نام (¬5) ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل، فارقد، فإن استيقظ وذكر الله انحلت عقدة، [فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده] (¬6) كلها" الحديث، فلو أنه استيقظ [وذكر] (¬7) ولم يذكر اسم الله غير أنه توضأ وصلى فهل تنحل العقدتان، أو شرط انحلالها تقدم ذكر الله تعالى، أو يقال: تنحل الثلاث لإطلاق قوله: "فإن صلى انحلت عقده كلها" وأكده بقوله: "كلها" فيه تأمل. ومنها: ما في سنن "أبي داود" (¬8)، و "الترمذي" (¬9)، . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) في (ق): "فاليومان". (¬3) متفق عليه: من حديث أبي هريرة ثم أخرجه البخاري في "صحيحه" [كتاب التهجد -باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يُصلِّ بالليل- حديث رقم (1142)]، ومسلم في "صحيحه" [كتاب صلاة المسافرين -باب ما رُوي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح- حديث رقم (776)]. (¬4) استدراك من (س). (¬5) في (ن) و (ق): "نائم". (¬6) استدراك من (س). (¬7) من (ن). (¬8) [كتاب الأدب -باب كيف السلام؟ - حديث (5195)]. (¬9) في "السنن" [كتاب الاستئذان -باب ما ذكر في فضل السلام- حديث رقم (2689)] وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.

و "النسائي" (¬1) من حديث عمران بن حصين قال: "جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال: السلام عليكم، فرد ثم جلس، فقال [34 ق/ ب] النبي - عليه السلام -: "عشر"، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال: "عشرون"، ثم جاء آخر فقال: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" فرد عليه فجلس (¬2)، فقال: "ثلاثون"". وفي رواية لأبي داود (¬3) في إسنادها مقال زيادة من حديث معاذ بن أنس: "ثم أتى آخر فقال: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته" [فقال: "أربعون"] (¬4) وقد تعارض [ما] (¬5) في "الموطأ " (¬6): أن رجلًا [39 ن/ ب] سلم على ابن عباس فزاد [شيئًا مع] (¬7) قوله: "وبركاته"، فقال ابن عباس: " [السلام] (¬8) انتهى إلى البركة"، فهل العشر المزيدة بقوله: "ومغفرته" [مشروطة] (¬9) بسبق قوله: "وبركاته"، وكذا زيادة: "وبركاته" على وجه، وقال: "معونته" بدل "مغفرته" فيه تأمل. ومن الفروع الفقهية على ذلك: ما لو هشم ولم يوضح فوجهان، أحدهما: ¬

_ (¬1) في "عمل اليوم والليلة"، باب ثواب السلام - حديث (337). (¬2) في (ن): "ثم جلس". (¬3) سنن أبي داود -كتاب الأدب-[باب كيف السلام، حديث رقم (5196)]. (¬4) استدراك من أبي داود، و (س). (¬5) من (س). (¬6) [كتاب السلام -باب العمل في السلام- حديث (3525)]. (¬7) استدراك من "الموطأ". (¬8) استدراك من "الموطأ" و (س). (¬9) استدراك من (س).

تنبيهات

تجب الحكومة؛ لأنه كسر عظم بلا إيضاح، فأشبه كسر سائر العظام وأصحهما: وجوب خمس من الإبل؛ لأنه لو أوضح وهشم وجب عشر ولو (¬1) تجرد الإيضاح لم يجب إلا خمس، فتكون الخمس في مقابلة الهشم، ووقع في "معاياة" الجرجاني أن الوجهين في أنه هل يجب عشر أو الحكومة، ولفظ العشر غلط من الناسخ (¬2). تنبيهات أحدها: وهو قريب المأخذ من هذا الأصل أنه: "إذا تعقب شيء [جملة مركبة] (¬3) من أجزاء أو جزئيات، فهل المؤثر فيه الجزء الأخير (¬4) أو المجموع؟ " (¬5)، فيه تردد للعلماء، ويعزا الثاني للإمام الشافعي، والأول للإمام أبي حنيفة، وليس لفظيًّا، وإن كان الأخير متوقفًا (¬6) على السابق بل له فوائد، ولعل أصله من اختلافهما في مسألة السكر بالقدح العاشر كما ستعلمه (¬7)، وهذا (¬8) الأصل يذكر في الرافعي في باب الخلع في المسألة الآتية التي فيها (¬9) خلاف المزني. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "ولم". (¬2) ذكر تاج الدين ابن السبكي هذه العبارة في "الأشباه والنظائر" (1/ 140)، بصيغة الترجي هكذا: "ولعل لفظ العشر غلط من ناسخ". (¬3) كذا في (س)، وفي (ن): "مركب"، وفي (ق): "مركبة". (¬4) في (ق): "الأخيرين". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 140). (¬6) وقعت في (ن): "متوقف". (¬7) في (ق): "ستعرفه". (¬8) في (ق): "وهو". (¬9) في (ن): "قبلها".

الفائدة الأولى: إذا سكر بعشرة أقداح مثلًا حصل التحريم والحد بالكل، وعزى [إلى] (¬1) الإمام أبي حنيفة خلافه، ومن ثم لم يوجب الحد على شارب النبيذ إذا لم يسكر. والحاصل أن العلة إنما تتحقق عند انضمامه إلى غيره. الثانية: وهي على عكسه إذا أراد النظر إلى الأجنبية لتحمل الشهادة، وهو يعلم (¬2) أن المعرفة لا تحصل له بنظرة بل لا بد من زيادة، فإن اقتصر على واحدة هل يفسق؛ لأن التحمل لا يقع بها فصارت لغرض غير صحيح أولًا؛ لأن لهذه الرؤية تأثيرًا في شهادته؟ فيه احتمالان للروياني، ذكرهما في "البحر" قبل (¬3) كتاب الشهادات. الثالثة: فقأ عين الأعور لم يجب عليه إلا نصف الدية، لأن العمى لم (¬4) يحصل بهذا الفقء وحده، بل به وبما قبله. الرابعة: لو قالت: طلقني ثلاثًا بألف، وهو لا يملك إلا طلقة فطلقها تلك الواحدة، فقد نص في "المختصر" أنه يستحق (¬5) تمام الألف لحصول مقصود الثلاث وهو البينونة الكبرى بتلك الطلقة، اعترض المزني فقال: ينبغي أن لا يستحق إلا ثلث الألف توزيعًا للمسمى على العدد المسؤول، كما لو كان [مالكَ] (¬6) الثلاثِ فطلق واحدة قال: والحرمة لا تثبت بتلك الطلقة وإنما تثبت بها وبما قبلها، ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) في (ق): "يعرف". (¬3) في (ن): "في". (¬4) في (ن): "لا". (¬5) في (س): "لا يستحق". (¬6) سقطت من (ق).

فيكون حكمها حكم الأولى والثانية، وقياس هذا على مسألتي السكر وفقء عين الأعور، وفرق ابن سريج (¬1) وأبو إسحاق بين أن تكون المرأة عالمة بأنه لم يبق إلا واحدة فيستحق الألف، أو جاهلة فالثلث (¬2)، والصحيح الجريان على ظاهر النص علمت أم جهلت. وأجيب عما احتج به المزني بأن العقل يستتر على التدريج، وكل قدح يزيل شيئًا من التمييز، وزوال البصر كما أثر فيه الفقء الثاني أثر فيه ما قبله، والحرمة الموصُوفة بالكبرى لا (¬3) يثبت منها (¬4) شيء بالطلقتين الأوليين. قال الرافعي: وقد يقال: المراد من (¬5) الحرمة الكبرى: يتوقف الحِلُّ على أن تنكح زوجًا آخر، وهذه خصلة واحدة لا تتبعض (¬6) حتى يتأثر (¬7) بعضها بالطلقة الثالثة، وبعضها بما قبلها، وفيما ذكره نظر (¬8)؛ لأنه يحتمل أن يقال بكل طلقة يتشعب النكاح وينقض حق الزوج، وبالثالثة (¬9) يكمل النقض ويبطلان الحق بالكل. الخامسة: لو ضُرب [العبد] (¬10) في الخمر إحدى وأربعين [ومات, فهل ¬

_ (¬1) في (ق): "شريح". (¬2) كذا في (س)، وفي (ن): "فالثلاث"، وفي (ق): "بالثلاث". (¬3) كذا في (ق)، وفي (ن): "لما". (¬4) كذا في (ق)، وفي (ن): "فيها". (¬5) في (ن): "من المراد". (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "تنتقض". (¬7) في (ن) و (ق): "يؤثر". (¬8) توقف فيه تقي الدين السبكي كما نوه إليه ولده تاج الدين في "الأشباه" (1/ 141). (¬9) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "وبالثانية". (¬10) من (ن).

يجب كل الضمان أو نصفه أو] (¬1) [جزء من احدى وأربعين جزءًا؟ فيه أقوال أظهرها: ثالثها] (¬2)، ولو جلد في القذف إحدى وثمانين جزءًا فيه القولان. السادسة: لو جوَّع من به بعض الجوع (¬3) حتى مات ففي القصاص أقوال، أظهرها: إن علم المجوِّع جوعه السابق وجب، وإلا فلا. وعلى عدم القصاص، قيل: تجب الدية بكمالها، والأصح: نصفها. السابعة: العتق في الكتابة هل ينسب إلى النجم [الأخير] (¬4)، حتى لا يثبت برجل وامرأتين ويثبت بهما ما قبله أو إلى المجموع؟ . الثامنة: لو جرح اثنان صيدًا جرحين مزهقين (¬5) وحصل الإزمان بهما، وكل منهما لو انفرد لم يزمن، فهل الصيد بينهما أو للثاني؟ وجهان. التاسعة: لو اكترى اثنان دابة فارتدفها ثالث بغير إذنهما فهلكت، فهل على المرتدف النصف، أو الثلث، أو القسط بحسب الوزن؟ أوجه. العاشرة: لو كانت سفينته مثقلة (¬6) بتسعة أعدال فوضع آخر [فيها] (¬7) عدلًا [آخر] (¬8) عدوانًا، فقيل: يغرم جميع الأعدال التاسعة، والأصح بعضها، فقيل: النصف، وقيل: الثلث، وقيل: بالقسط، قال في "الروضة" وهو بخلاف ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق). (¬2) ما بين المعقوفتين تكرر في (ق). (¬3) في (ق): "جوع". (¬4) سقطت من (ن). (¬5) كذا في (ق) و (ن)، وفي (س): "مترتبين". (¬6) في (ن): "مشتغلة". (¬7) من (ق). (¬8) من (ق).

الجلاد (¬1)، وله نظائر متقدمة ومتأخرة ذكره في مسألة اصطدام السفينتين. الحادية عشرة: لو استأجره لحمل مائة، فحمل مائة وعشرة، فتلفت الدابة وصاحبها معها ضمن قسط الزيادة، وقيل: النصف، وقيل: الجميع وهو أغربها (¬2)، وإن لم يكن معها، والجمهور على ضمان الكل؛ لأنه انفرد باليد، وصار يحمل الزيادة غاصبًا (¬3)، وخالف ابن كج وهو متجه، وجَعْلُهُ غاصبًا فيه نظر؛ لأن تعديه بالزيادة لا بوضع اليد (¬4)، وهو قياس نظائره في هذه القاعدة. الثانية عشرة: إذا شهد بالطلقة الثالثة بعد الدخول ثم رجعا رجع عليهم بالمهر، قال الماوردي: لكن في قدر ما يغرمانه وجهان. أحدهما: ما كانوا يغرمونه لو كانت الشهادة بالثلاث؛ لأنهم منعوه بها من جميع البُضع (¬5) كالثلاث، وإنما كن ثلاثة، لأنه ممنوع من بُضعها (¬6) بثلاث طلقات اختص الشاهدان (¬7) بواحدة منها، فكان ثلث المنع معهم (¬8) فوجب ثلث الغرم عليهم (¬9)، وعلى هذا لو كان الزوج قد طلقها واحدة وشهدا عليه بطلقتين لزمهما الثلثان، قال ابن الرفعة: ولم يظهر لي فرق بين هذه الصورة وبين ما إذا ¬

_ (¬1) في (ق): "الخلاف". (¬2) في (س): "وهو غريب"، وفي (ن): "أعزها". (¬3) وقعت في (ن) و (ق): "غاصب". (¬4) هذا النظر للتقي السبكي أورده ابنه تاج الدين في "الأشباه والنظائر" (1/ 142). (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "النصف". (¬6) وقعت في (ن) و (ق): "نصفها"، وفي "س": "بعضها". (¬7) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "الشاهد". (¬8) كذا في (ن)، وفِي (س): "منها"، وفي (ق): "منهم". (¬9) في (ق): "معهم".

طلقها واحدة قبل الدخول، وقد جزم بأن حكمها حكم الثلاث هذا كلامه، والفرق ظاهر (¬1)، فإن الواحدة قبله (¬2) تستقل بالبينونة فهي كالثلاث بعده. واعلم أن أثر الخلاف يظهر في مسائل أخرى على فرع آخر له بعض القرب من هذا المأخذ. الأولى: [لو باع الوكيل بأقل من ثمن المثل بقدر، (¬3) لا يتغابن الناس بمثله هل يضمن الزائد [على ما] (¬4) لا يتغابن أو الجميع؟ فيه وجهان؛ ووجه قربهما من هذا أنا [هل] (¬5) نجعل العدوان [مقصورًا] (6) على القدر الآخر أو عامًّا في كل جزء؛ لأن [ما كان] (¬6) قبله إنما كان يغتفر عند [انفراده] (¬7) لا عند انضمامه، وقد يُفرق بين هذه وبين مسألة الأقداح السالفة [بأنه وقع] (7) [الشرب] (¬8) فيها مرتبًا (¬9) فأمكن أن يفرد الحكم بنفسه بخلاف مسألة الوكيل. الثانية: إذا ادعى على الخارص غلطًا بأكثر مما يتفاوت بين الكيلين، فهل ¬

_ (¬1) قال ابن السبكي: "قلت: وهذا عجيب، والفرق أوضح من أن يخفى مثله على ابن الرفعة". (¬2) أي: قبل الدخول. (¬3) من (س). (¬4) في (ن) و (ق) استدركناه من (س). (¬5) سقطت من (ق). (¬6) استدراك من (س). (¬7) بياض في (ن) و (ق) استدركناه من (س). (¬8) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "السبب". (¬9) أي: مرتبًا على كل قدح منفصل عن صاحبه.

يقبل [بالنسبة] (¬1) إلى ما يتفاوت (¬2) بين الكيلين الذي (¬3) يقبل عند الاقتصار عليه، فيه وجهان، أصحهما؛ نعم. الثالثة: أكل كل (¬4) الأضحية. [الرابعة: لو دفع جميع السهم إلى اثنين] (¬5) هل يغرم للثالث الثلث أو أقل جزء؟ الخامسة: إذا أقام عند الثيب سبعًا هل يقضي الكل أو الزائد (¬6). السادسة: إذا صب الماء في وقت وصلى بالتيمم هل يقضي صلاة واحدة؛ لأنه بالنسبة إلى الصلاة الثانية كمن صب الماء قبل الوقت أو كل صلاة صلاها بالتيمم ما لم يحدث، أو ما يغلب على الظن إمكان أدائه لوضوء واحد؟ وجوه. السابعة: وقع في [واحد من ثلاثة أوان] (¬7) نجاسة ولم يعرف عينه، فاجتهد فيها ثلاثة أدى اجتهاد كل منهم إلى طهارة واحد (¬8)، وأم كلٌّ صاحبه (¬9)، فصلاته التي أم فيها صحيحة، وكذا أول صلاة أئتم فيها بغيره إذا اقتصر عليها، فإن لم يقتصر فهل يقتصر الفساد (¬10) على الأخير؛ لأن بها يتعين فقدان الشرط أو ¬

_ (¬1) بياض في (ن) و (ق) استدركناه من (س). (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "يقارب". (¬3) في (ن): "اللذين". (¬4) كذا في (ن) و (ق)، وفي (س): "من". (¬5) استدراك من (س). (¬6) يعني: هل يقضي أربعًا أو جميع السبع؟ . (¬7) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "إناء مرة". (¬8) وقعت في (ن) و (ق): "واحدة". (¬9) كذا في (ن) وفي (ق): "وأم كل منهم بصاحبه". (¬10) تصحفت في (س) إلى: "العشاء".

يفسدان (¬1) جميعًا؟ فيه وجهان. الثامنة: لو أمَّن مائةُ ألف من المسلمين مائة ألف من الكفار، قال الإمام: فأمان الكل مردود، وحاول الرافعي فيما إذا صدر [هذا] (¬2) التعاقب [على] (¬3) الصحة إلى ظهور الخلل، ووافقه النووي، وقيده ابن الرفعة بما إذا عرف الأول. التاسعة: إذا زاد (¬4) الأمان على المدة هل يبطل في الزائد دون الكل؟ فيه خلاف، وقد يعبر عما نحن فيه بتفريق الصفقة وانعطاف الخاطر (¬5) على الذاهب، ويذكر فيه مسائل انعطاف النية، وانعطاف ثواب من نوى في أثناء النهار الصوم على أوله ونظائر ذلك. التنبيه الثاني: قد سلف الكلام عليه فيما إذا تعقب أمر مجموع أمورًا لو لم تجتمع لما كان وقد يتعقب أمر أمورًا هو [غني] (¬6) عن مجموعها ونعني بغناه عن المجموع أن بعضها كان كافيًا في إثارة ذلك الأمر الذي يعقبها، وذلك يَعرض في المأمورات كمسح قدر زائد على الواجب في الرأس، والمنهيات كمن شرب من النبيذ قدرًا يسكره منه بعضه، فهل الحاصل له كائن من مجموعها أو من القدر الذي لو انفرد لا يؤثر (¬7) فيه ما سلف؛ وكذا إذا شهد أربعة بحق يثبت بشهادة اثنين، فهل نقول: يثبت الحق بالكل أو باثنين على الإبهام؟ ¬

_ (¬1) وقعت في (ق): "يفيدان". (¬2) من (ن). (¬3) استدراك من (س). (¬4) في (ق): "زال". (¬5) أي: الحاضر. (¬6) استدراك من (س). (¬7) كذا في (ن) و (ق)، وفي (س): "الأثر".

يظهر فيه هذا التردد في مسائل أخر: الأولى: إذا رجع اثنان (¬1) [هل] (¬2) يتعلق بهما غرم؟ وأصح الوجهين: لا (¬3)، وقال المزني وأبو إسحاق: عليهما الغرم بالحصة (¬4)، لكن إن كان في القصاص، فلا قصاص، خلافًا للقفال فيما إذا وجد متعمدًا. الثانية: الأوقاص التي بين النصب أظهر القولين أنها عفو، والثاني: أن الواجب يقسَّط (¬5) على الكل، وتظهر فائدته فيما لو ملك تسعًا من الإبل وحال عليها الحول ثم تلف -قبل التمكن- أربعٌ، وقلنا: الإمكان شرط الضمان: لا، الوجوب فإن قلنا: الوقص عفو فعليه شاة، وإلا فالأصح أن عليه خمسة أتساع شاة لا شاة، ووجه من قال: إن عليه شاة: أن الزيادة على الخمس ليست شرطًا في الوجوب، فلا يؤثر تلفها، وإن تعلق بها الوجوب، كما [لو شهد] (¬6) خمسة بالزنا ورجع خامس بعد الرجم فلا ضمان. الثالثة: ينعقد النكاح بابني الزوجة وابني الزوج باتفاق الأصحاب، كما قاله الإمام، وقال في "الروضة": لا خلاف فيه، ورأى ابن الرفعة تخريج الخلاف فيها من مسألة الشهود قبلها إن قلنا: لا غُرْم، فما ذاك إلا لثبوت الحق باثنين على الإبهام، فيكون الانعقاد هنا مضافًا إلى اثنين من الأربعة، فيعود الخلاف، وإن قلنا: بالغرم فما ذاك إلا لأن الحق يثبت بالجميع، وقياسه إضافة الانعقاد. ¬

_ (¬1) وقعت في (ن): "اثنين"، وهي ساقطة من (ق). (¬2) استدراك من (س). (¬3) وبه قال ابن سريج، والإصطخري، وابن الحداد. (¬4) في (ق): "بالصحة". (¬5) في (ق): "يسقط". (¬6) سقطت من (ق).

ولباحث أن يبحث [بعد] (¬1) في ذلك. التنبيه الثالث (¬2): يقرب من هذه المادة ما إذا تولد الشيء من مضمون وغير مضمون، فهل يغلب فيه جانب الضمان؟ (¬3) فيه مسائل: - منها: إذا أوجبنا الضمان في الختان في الحَرِّ والبرد المفرطين، فالواجب جميع الضمان للتعدي أو نصفه، لأن أصل الختان واجب، والهلاك حصل من مستحق وغير مستحق، فيه وجهان، أظهرهما: [الضمان] (¬4)، وإذا أقام الجلد في الحالين المذكورين جرى الخلاف فيه. - ومنها: إذا ضربه في الجلد (¬5)، فأنهر (¬6) دمه [فلا ضمان عليه، لأنه قد يكون ذلك من رقة جلده] (¬7)، فإن عاد فضربه في موضع إنهار الدم ففي الضمان وجهان، فإن أوجبناه ففي قدره وجهان، أحدهما: جميع الدية، والثااني: نصفها، ذكرهما صاحب "الذخائر" (¬8) في موجبات الضمان، والله أعلم. * * * ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ق): "البينة الثالثة". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 148)، "قواعد الزركشي" (3/ 164). (¬4) سقطت من (ق). (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "الحد". (¬6) أَنْهَرَ الدَّمَ: أسأله بقوة، ونَهَر الدَّم يَنْهَر بفتحتين سال بقوة. "المصباح المنير" (ص: 372). (¬7) ما بين المعقوفتين سقط من (ن). (¬8) وهو القاضي مجلي بن جُميع المخزومي المتوفى سنة (550 هـ) - سبقت ترجمته.

باب صلاة المسافر

باب صلاة المسافر قاعدة " الرخص لا تناط بالمعاصي" (¬1). وذلك في مسائل: الأولى: العاصي بسفره لا يجوز له التيمم في وجه حكاه الرافعي، والأصح خلافه، بل ادعى الماوردي في هذا الباب أن المذهب لا يختلف في جوازه، نعم في وجوب القضاء، والحالة هذه عليه وجهان، أصحهما: نعم؛ لأنه رخصة، وليس من أهلها، ووجه مقابله البناء على أنه عزيمة، والإمام على الخلاف في القضاء، جزمه بأنه رخصة، ووجه المنع بأنه لزمه فعله فخرج من مضادها الرخص المحضة، ويتحصل ثلاثة أوجه في (¬2) المسالتين؛ أصحهما: لزوم التيمم لحرمة الوقت ووجوب الإعادة لتقصيره. وثانيها: يجوز التيمم ولا إعادة. وثالثها: تحريم التيمم ويأثم بترك الصلاة إثم ¬

_ (¬1) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 135)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 315)، "قواعد الزركشي" (2/ 167)، "القواعد الفقهية"، للندوي (ص: 239). قال السيوطي: "معنى قولنا: الرُّخص لا تناط بالمعاصي أن فعل الرخصة متى توقف على وجود شيء، نظر في ذلك الشيء، فإن كان تعاطيه في نفسه حرامًا امتنع معه فعل الرخصة، وإلا فلا، وبهذا يظهر الفرق بين المعصية بالسفر والمعصية فيه". (¬2) في (ق): "من".

تارك لها مع إمكان الطهارة؛ لأنه قادر على استباحة (¬1) التيمم بالتوبة من معصيته. والثانية: التيمم بتراب مغصوب إن قلنا: عزيمة صح، وإلا فوجهان (¬2)، وجزم النووي في باب الآنية، ومسح الخف من "شرح المهذب" بالصحة. الثالثة (¬3): التيمم بتراب المسجد حرام، صرح به في "شرح المهذب"، فيتجه أن يتأتى (¬4) فيه ما ذكرنا في المغصوب. الرابعة: العاصي بسفره لا يترخص فلا يقصر، ولا يفطر، [ولا يجمع] (¬5)، ولا يتنفل على الراحلة، ولا يترك الجمعة، ولا يأكل الميتة، ولا يمسح ثلاثًا، وفي مسح المقيم وجهان، أصحهما: [نعم، والثاني: لا] (¬6)؛ للتغليظ عليه كما لا يجوز له أكل الميتة قطعًا، فإن [زال عقله بسبب محرم لم تسقط عنه الصلاة] (¬7)، وحكى الماوردي وغيره الخلاف المذكور في المقيم على معصية ونسب المنع إلى الإصطخري (¬8) وهو غريب، وقال ابن القاص والقفال وغيرهما: ¬

_ (¬1) وقعت في (ن) و (ق): "استباحات". (¬2) في (ق): "فلاجهان". (¬3) في (ق): "الثانية". (¬4) في (ن): "يتأدى". (¬5) من (ن). (¬6) ما بين المعقوفتين بياض في (ن). (¬7) استدراك من "قواعد الزركشي". (¬8) هو الحسن بن أحمد بن يزيد بن عيسى، أبو سعيد الإصطخري شيخ الشافعية ببغداد، ومن أكابر أصحاب الوجوه في المذهب، وكان ورعًا زاهدًا، ولي قضاء قُم، وحسبة بغداد، صنف كتابًا في أدب القضاء، وتوفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة (328 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 80 - رقم 55).

[إنه يستبيحها] (¬1). [فإن كان] العاصي بسفره معه ماء واحتاج إليه للعطش لم يجز له التيمم قطعًا، قالوا [في] من به جروح [وخاف] (¬2) من استعمال، الماء الهلاك وهو عاص بسفره [لا] (¬3) يجوز له التيمم؛ لأنه قادر على التوبة وواجد للماء، قال القفال في "شرح التلخيص": فإن قيل: كيف حرمتم أكل الميتة على العاصي بسفره مع أنه يُباح للحاضر في حال الضرورة، وكذا لو كان به قروح في الحضر [في] (¬4) حال التيمم، ثم أجاب بأن أكل الميتة وإن كانت مباحة في الحضر عند الضرورة، لكن سفره تسبب بهذه الضرورة وهو معصية فحرمت عليه الميتة في الضرورة، كما لو سافر لقطع الطريق فجرح لم يلزمه التيمم لذلك الجرح مع أن الجرح [للحاضر] (¬5) جوز له التيمم، فإن قلت: تحريم الميتة واستعمال الجريح الماء يؤدي [إلى] (¬6) الهلاك، فجوابه: ما سلف، أنه قادر على استباحته بالتوبة، ونقل الشيخ أبو حامد [في باب استقبال القبلة] (¬7) من تعليقه عن بعض أصحابنا أنه قال: جواز (¬8) أكل الميتة لا يختص بالسفر، لأن للمقيم أكلها عند الضرورة، ثم غلطه لأن الميتة [التي] تحل في السفر بسبب السفر غير التي تحل في الحضر، ¬

_ (¬1) استدراك من" قواعد الزركشي". (¬2) تكررت في (ق). (¬3) من (ن). (¬4) من (ق). (¬5) من (ن). (¬6) سقطت من (ق). (¬7) تكرر ما بين المعقوفتين في (ق). (¬8) في (ن): "بجواز".

ولهذا لا تحل الميتة لعاص بسفره وتحل للمقيم على معصيته عند الضرورة. الخامسة: لو استنجى بمحرم كمطعوم ونحوه، فالأصح: عدم الإجزاء؛ لأنه رخصة فلا تناط بالمعاصي بخلاف ما لو استنجى بقطعة ذهب أو (¬1) فضة أو (¬2) جوهر نفيس على الصحيح، كما يجوز بالديباج قطعًا. السادسة: إذا زال عقله بسبب محرم كشرب مسكر وظن أن ذلك القدر لا يسكر وجب القضاء لتقصيره. السابعة: المسحُ على الخف المغصُوب والمسروق وخف الذهب والفضة على وجه وفاقًا للقاعدة (¬3). والأصح الإجزاء، وقد يفرق بين خُف الذهب وغيره بأن استعماله ممتنع لذاته، بخلاف غيره، وينبغي إلحاق الحرير للرجل بذلك، كما قاله في "شرح المهذب". وأجرى القاضي حسين الخلاف في الصلاة في الدار المغصوبة، وحكاه في "الكفاية" أيضًا، وأما النووي فنقل في "شرح المهذب" في باب الآنية عن الأصحاب أنهم نقلوا الإجماع على صِحَّتها في الدار المغصوبة قبل مخالفته للإمام أحمد [رضي الله عنهم أجمعين] (¬4). * * * ¬

_ (¬1) في (ن): "و". (¬2) في (ن): "و". (¬3) في (ن): "وفاءً بالقاعدة". (¬4) من (ق).

كتاب صلاة الجمعة

كتاب صلاة الجمعة قاعدة " الجمعة هل هي صلاة على حيالها أو ظهر مقصورة؟ " (¬1). قولان أصحهما: أولهما، وعليه صور: - منها: لو عرض ما يمنع من وقوعها جمعة من زحام أو غيره فهل يُتِمُّها (¬2)؟ وكذا إذا فات بعض شروطها إن قلنا بالثاني، فنعم كالمسافر إذا فات شرطُ قصره، [وإن قلنا بالأول، وكذلك على الأصح] (¬3)، لكل [هل تنقلب بنفسها أم لا بد من قصد قلبها؟ وجهان] (¬4) في "النهاية"، ورجح النووي عدم الاشتراط، وإن قلنا: لا يتمها ظهرًا، فهل تبطل أم تبقى نفلًا؟ فيه الخلاف فيمن نوى الظهر قبل الزوال ونظائره، قال الإمام: "قول البطلان لا ينتظم تفريعه (¬5) إذا أمرناه في صورة الزحام بشيء فامتثل (¬6)، فليكن (¬7) ذلك مخصوصًا بما إذا خالف". ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 118)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 355)، وانظر: "قواعد الزركشي" (1/ 224). (¬2) أي: يصليها ظهرًا. (¬3) هكذا العبارة في (ن) و (ق) وفي (ك): "وإن قلنا: مستقلة، فوجهان: الصحيح: الإتمام أيضًا". (¬4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن)، وبدله: "نقل". (¬5) كذا في (ق)، وفي (ن): "بفريضة". (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "فأمسك". (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "وأمكن".

قاعدة الناس في الجمعة ستة أقسام

- ومنها: إذا شكوا [في] (¬1) فوات (¬2) وقت الجمعة، فالمذهب أنهم يصلونها ظهرًا، وقيل: جمعة، وهو غريب، وخرجوه على القولين إن قلنا: ظهر مقصورة، [ولم يجمعوا، وإلا جمعوا وكان يقتضي الترتيب أنهم يجمعون على الصحيح، فإن الصحيح أنها صلاة على حيالها، لكن في الترتيب نظر: - ومنها: لو دخل المسافر بلدًا وأهلها يقيمون الجمعة، فاقتدى في الظهر بالجمعة، فهل يقصر من حيث توافق الصلاتين في العدد؟ بناه بعضهم على هذا الأصل إن قلنا: إنها ظهر مقصورة] (¬3)، فله القصر، إلا فلا، والصحيح (¬4) عند الأكثرين المنع مطلقًا. قاعدة " الناس في الجمعة ستة أقسام" واقتصر بعضهم على أربعة (¬5) منهم، وقد أوضحته في "شرح المنهاج" قبل قوله: "والصحيح انعقادها بالمرضى"، فراجعها (¬6) منه. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ك): "بقاء". (¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬4) في (ق): "والأصح". (¬5) وممن اقتصر على أربعة أقسام السيوطي في "الأشباه والنظائر" (76412)، وفيها: "ضابط: الناس في الجمعة أقسام: الأول: من تلزمه وتنعقد به، وهو كل ذكر، صحيح، مقيم، متوطن، مسلم، بالغ، عاقل، حر، لا عذر له. الثاني: من لا تلزمه ولا تنعقد به، ولكن تصح منه، وهم: العبد، والمرأة والخنثى، والصبي والمسافر. الثالث: من تلزمه ولا تنعقد به، وذلك اثنان: مَنْ داره خارج البلد وسمع النداء، ومن زادت إقامته على أربعة أيام، وهو على نية السفر. الرابع: من لا تلزمه وتنعقد به، وهو المعذور بالأعذار السابقة". وانظر: "الأشباه النظائر" لابن الوكيل (ص: 197). (¬6) في (ن): "فراجعه".

كتاب الزكاة

كتاب الزكاة قاعدة " الزكاة إما أن تتعلق بالبدن أو بالمال" (¬1). فالأول: زكاة الفطر، والثاني: إما أن تتعلق بماليته أو بذاته، فالأول: زكاة التجارة، والثاني ثلاثة أقسام: حيواني، ومعدني، ونباتي. فالحيواني: لا شيء فيه إلا في النَّعَم، والمعدني لا زكاة فيه إلا في النقدين، والنباتي لا زكاة فيه إلا في المقتات. فائدة: "تكون الأرض خراجية في صورتين" (¬2). إحداهما: أن يفتح الإمام بلدًا قهرًا ويقسمها بين الغانمين ثم يقفها (¬3) على المسلمين ويضرب عليها خراجًا. الثانية: أن يفتح بلدًا (¬4) صلحًا على أن تكون الأرض للمسلمين ويسكنها الكفار بخراج معلوم، والأرض تكون فيئًا للمسلمين، والخراج عليها أجرة لا تسقط بإسلامهم وكذا إذا انجلى الكفار عن بلدة وقلنا: إن الأرض تصير وقفًا على المسلمين يضرب عليها خراجًا (¬5) يؤديه من يسكنها مسلمًا كان أو ذميًّا. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 106)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 766). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 226)، "قواعد ابن عبد السلام" (1/ 347). (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "ينفقها". (¬4) في (ن): "بلد". (¬5) في (ن): "خراج".

قاعدة ما علق بعدم مبدل ووجدان بدله

فأما إذا فتحت صلحًا ولم يشترط كون الأرض للمسلمين، ولكن تسكن بخراج، فهذه (¬1) جزية تسقط بالإسلام، وأما البلاد التي فتحت عنوة (¬2) وقسمت بين الغانمين وثبتت (¬3) في أيديهم، وكذا التي أسلم أهلها عليها، والأرض التي أحياها المسلمون وكلها عشرية (¬4)، وإخراج الخراج منها ظلم لا يقوم مقام العشر، فإن أخذه الإمام على أن يكون بدلًا عن العشر فهو كأخذ القيمة بالاجتهاد [والأصح سقوط] (¬5) الفرض به. قاعدة " ما علق بعدم مبدل ووجدان بدله (¬6) فإذا عُدما وأوجبنا عليه تحصيل الواجب فهل يتعين عليه تحصيل المبدل كما لو وجد، أوله أن يحصل البدل، لأنه إذا حصَّلَهُ (¬7) صار (¬8) واجدًا له دون المُبدل"؟ فيه خلاف، والأصح: الثاني (¬9)، وفيه صور: - منها: لو لم يكن في إبله بنت مخاض عدل إلى ابن لبون بالنصِّ، فلو فقدهما ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "فهذا". (¬2) في (ق): "غيره". (¬3) في (ق): "وتمكث". (¬4) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "عشيرة". (¬5) في (ق): "ويسقط". (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق) "ما علق بعدم بدل ووجدان مبدله". (¬7) في (ن) و (ق): "خصه". (¬8) في (ق): "ضمان". (¬9) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 117)، "قواعد الزركشي" (1/ 225).

قاعدة الحقوق المالية الواجبة لله تعالى على ثلاثة أقسام

فهل يتعين شراء بنت مخاض، أو له أن يشتري ابن لبون؟ فوجهان، أصحهما: الثاني، والأول قوي؛ لأنه إذا آل الأمر إلى التحصيل فيتعين تحصيلها إذ لا مشقة، ولأنه أحوط. - ومنها: لو ملك ماكحين ففرضها أربع حقاق، أو خمس بنات لبون، فالأصح وجوب إخراج الأغبط إذا وجدهما: فلو وجد غير الأغبط فقط أخرجه، ولو لم يجدهما فالأصح أنه يشتري ما شاء، وقيل (¬1): يشتري الأغبط، ويجوز هنا أن لا يشتريها ويصعد أو ينزل مع الجبرانات، وإذا فعل ذلك وأراد أن يصعد، فالحقاق أصل، وإذأ أراد أن ينزل فبنات لبون أصل، ولا يجوز العكس، وفيه خلاف وجه الجواز، كما يخرج فاقد الحقة الواجبة إذا فقد بنت لبون أيضًا بنت مخاض مع جُبرانين، وفرقوا بينهما على المذهب: أنه لا يتخطى واجب ماله، وهنا يتخطى، وما له مناسبة تفهم. قاعدة " الحقوق المالية الواجبة لله تعالى على ثلاثة أقسام" (¬2): أحدهما: ما يجب لا بمباشرة العبد فلا تستقر في الذمة عند العجز، كزكاة الفطر، فلا تستقر قطعًا ولا تجب إلا إذا قدر. - ثانيها: ما يجب عن (¬3) مباشرة، وقد تكون بدلًا فتستقر قطعًا، فمتى قدر ¬

_ (¬1) كذا في (ق)، وفي (ن): "وهل". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 194)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 228)، "قواعد العز بن عبد السلام" (1/ 219)، "قواعد الزركشي" (1/ 101)، (2/ 58 - 59). (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق) "على".

قاعدة الأصلان إذا تعارضا في لوازمهما

أخرج، تغليبًا لمعنى الغرامة، كجزاء الصيد. - ثالثها: لا يكون بدلًا ككفارة الوقاع والقتل، والظهار، فأصح القولين الاستقرار. قاعدة " الأصلان إذا تعارضا في لوازمهما قد يعطى كل أصل حكمه، وإن تناقضا" (¬1). وقد يعبر عن ذلك بأن اختلاف اللوازم قد لا يؤثر في اختلاف الملزومات وبيان ذلك بصور: - منها: عبده الغائب يخرج عنه زكاة الفطر ولا يجزئه عتقه عن الكفارة كذا نص عليه، ومنهم من جعل فيهما قولين، ومنهم من قرر النصين، وفرق بأن زكاة الفطر الأصل بقاء الحياة، والأصل بقاء الكفارة في الذمة. - ومنها: إذا وجد الإمام من سبقه من الأئمة يأخذ الخراج من بلد وأهله يتبايعون أملاكه، فمقتضى أخذ الخراج أن يكون وقفًا ولا يصح بيعه، ومقتضى بيعه أن لا يؤخذ منه خراج، وقد نصَّ الإمام الشافعي على أن الإمام يأخذ الخراج [ويمكنهم] (¬2) من بيعهم إعطاء لكل يد حقها. - ومنها: لو رمى صيدًا فغاب ثم وجده ميتًا في ماء دون القلتين، فهذه المسألة ¬

_ (¬1) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 242)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 32)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 180)، "قواعد العز بن عبد السلام" (2/ 104) "القواعد" لابن رجب (3/ 149)، "قواعد الزركشي" (1/ 330). (¬2) سقطت من (ق).

مسطورة لبعض شراح "المقنع" (¬1) من السادة الحنابلة، [وهو] (¬2) أنه يحكم بحرمة الصيد وبطهارة الماء؛ إعطاء لكل أصل حقه، وهذا يوافق قاعدتنا. - ومنها: إذا جاءتنا من المهادنين (¬3) صبية تصف الإسلام (¬4)، الأصل بقاؤها على ما تلفظت به إذا بلغت ولا نعطيهم الآن مهرها؛ لأن الأصل عدم وجوبه إلى [أن] (¬5) تحكي (¬6) الإسلام ويقبل منها. - ومنها: إذا استرضع يهودية وسافر ثم وجدها (¬7) ميتة ولم يعرف ابنه من ابنها (¬8)، ولم يمكن معرفة ذلك [بقافَةٍ] (¬9) ولا غيرها من الطرق، ثم بلغا ولم يسلما لم يُلزَم أحد منهما بالإسلام ولا بشيء من أحكامه إذا تيقنا عدم الوجوب قبل البلوغ وتشككنا هل طرأ موجب أم لا، والأصل عدمه. - ومنها: لو قال: إن كان هذا الطائر غرابًا فزوجتي طالق، وقال آخر: إن لى يكن غرابًا فامرأتي طالق، وأشكل [لم يقع بل] (¬10) تحِل لكل واحد ¬

_ (¬1) "المقنع" في فروع الحنابلة لموفق الدين عبد الله بن قدامة الحنبلي المتوفى سنة (620 هـ)، وهو عمدة في فروع المذهب الحنبلي، شرحه كثير من علمائهم. انظر: "كشف الظنون" (2/ 652). (¬2) من (ن). (¬3) في (ق): "الهاربين". (¬4) إذا وصفت الإسلام لم نردها إلى الكفار. (¬5) سقطت من (ن). (¬6) في (ن): "تجلى". (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "وجد". (¬8) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "أبيه". (¬9) سقطت من (ق). (¬10) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "لم يوقف لم".

زوجته حتى يتبين المانع. - ومنها: لو خرج من أحدهما ريح وأشكل. - ومنها: لو شك هل خرج من ذكره مني أو مزي وقلنا: إنه يوجب الوضوء دون الغسل لا يجب عليه غسل ما أصابه البلل المذكور من ثوب أو بدن، وهذه صلاة فاقدة أحد الشرطين، إما الطهارة وإما زوال النجاسة. - ومنها: المستحاضة المتحيرة على الصحيح من الأمر بالاحتياط؛ حيث تجعل في الصلاة طاهرًا وفي الوطء حائضًا. - ومنها: إذا طلق زوجته ثم أخذ يعاشرها معاشرة الأزواج فهل تنقضي العدة؟ فيه أوجه: أصحها: إن كانت بائنًا انقضت أو رجعيًا فلا، ثم قال القفال، والبغوي في " فتاويهما": لأنه لا رجعة للزوج بعد انقضاء الأقراء وإن لم تنقض العدة أخذًا بالاحتياط من الجانبين، ولم أعلم مخالفًا لهما في ذلك. وتلحقها الطلقة الثانية والثالثة (¬1) إلى انقضاء العدة للاحتياط. - ومنها: قبول قول من ادعى عدم الوطء في الأصل، لكن لو ادعى ذلك الولي والعنين أو حيث جاء ولد ولم ينفه عمل بدعوى الوطء (¬2)؛ لأن (¬3) في الأوليين الأصل في العقد اللزوم، [ونفي] (¬4) الوطء يقتضي ثبوت الخيار المخالف لهذا الأصل، وفي الثالثة لضرورة ثبوت النسب المستلزم للوطء، لكن متى أراد المراجعة ¬

_ (¬1) في (ن): "البائنة والثانية"، وفي (ق): "التابعة والثانية". (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الأصل". (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "إلا". (¬4) في (ق): "ولكن".

لم يُمكن منها ولو بقيت (¬1) بكارتها (¬2) قبل قولها (¬3) في نفي الوطء. قلت: يستثني من نفي الوطء غير ما ذكرتهُ فراجعه من "شرح الحاوي" [وبالله التوفيق] (¬4). - ومنها: لو ادعى المودع التلف فأنكر المودَعُ فصدقنا المودِعَ ثم جاء آخر وأثبت استحقاق الوديعة، وغرم المودِعِ، وأراد أن يرجع بما غرم على المودِعِ، وقال: أنت السبب في توريطي في هذا الغرم، وقد صدقتموني في التلف وفىِ عدم تفريطي (¬5) وهو الذي أوقعني في الغُرم، لم يمكن منه، ويستقر عليه الضمان إذا حلف المودِعُ على عدم التلف. - ومنها: لو كانت دارٌ في يد رجلين، فادعى أحدهما الكُلَّ والآخر أنها بينهما نصفين قُبل من الآخر فإذا باع [الأول] (¬6) نصيبه من ثالث فقال الآخر: أنا آخذه (¬7) بالشفعة لم يمكن منه بتصديقنا له أولًا، [بل لا] (8) بد من ثبوت ملكه في ذلك النصف الذي صدقناه [فيه] (¬8). - ومنها: لو اختلفا في الطلاق هل وقع قبل المسيس أو بعده، فقالت المرأة ¬

_ (¬1) في (ن): "ثبتت". (¬2) كذا في (ك)؛ (ق)، وفي (ن): "نكاحها". (¬3) كذا في (ت)، وفي (ن): "قوله". (¬4) من (ق). (¬5) كذا في (ق)، وفي (ن): "توريطي". (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "المملوك". (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن): "إنما أخذته"، وفي (ق): "إنما أخذه". (¬8) استدراك من (ك).

بعده فلي [كمال] (1) المهر، [فقال: بل قبله فلك النصف] (¬1) فالقول قوله، فإن أتت بولدٍ [لزمن] (¬2) يحتمل أن يكون العلوق في النكاح فيثبت النسب بالاحتمال ويقوي به جانب المرأة فيجعل القول قولها، وكانت قضية هذه النظائر أن لا تستحق كمال المهر؛ لأن الأصل عدم الوطء، ويثبت النسب لوجود ما يقتضيه [وهو] (¬3) أصل فراش النكاح، فإن لاعن عن الولد (¬4) رجعنا إلى تصديقه ويقبل قولها في الوطء على كل حال بالنسبة إلى حِلِّها للزوج الأول ولم يقبل بالنسبة إلى [استحقاق كمال المهر. ومنها: لو أقر له بالملك وفسر] (¬5) بالهبة وأراد الرجوع (¬6) لكونه أبًا أو جدًا، فوجهان، كذا في "التعجيز" في باب الهبة، وقال الرافعي في الخاتمة الأولى من الباب الثاني من الإقرار: لو أقر الأب بعين مال لابنه فيمكن أن يكون مستنده [ما يمنع الرجوع، ويمكن أن يكون مستنده] (¬7) ما لا يمنع وهو الهبة، فهل له الرجوع؟ عن الماوردي والقاضي أنهما أفتياه بالرجوع تنزيلًا للإقرار على أضعف الملكين وأدنى السببين كما ينزل على أقل المقدارين، وعن العبادي أنه لا رجوع؛ لأن الأصل بقاء الملك للمقر، قال الرافعي: ويمكن أن يتوسط فيقال: إن أقر ¬

_ (¬1) استدراك من (ك). (¬2) من (ن). (¬3) من (ق). (¬4) في هذا الموضع من (ق): "رجعنا" ولا اقتضاء لها في السياق. (¬5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬6) في (ق): "الزوج". (¬7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).

بانتقال الملك منه إلى (¬1) الأب فالأمر كما قال القاضيان (¬2)، وإن أقر بالملك [المطلق] (¬3) فالأمر كما قال العبادي. - ومنها: لو مات زوج المعتدة، فقالت: انقضت عدتي قبل موته لا يقبل قولها في ترك (¬4) العدة ولا ترث. - ومنها: قال في "البحر": قال القاضي الطبري: سمعت بعض أصحابنا يقول: نصَّ الإمام الشافعي في "الإملاء" على أن الرجل إذا طلق امرأته طلقة رجعية ثم قال: [أقررت بانقضاء عدتك] (¬5) وأنكرت، له (¬6) أن يتزوج بأختها، ويلزمه (¬7) أن ينفق عليها حتى تقر بانقضاء عدتها؛ لأنها لما اعترفت (¬8) بذلك صارت في حكم ¬

_ (¬1) في (ق): "إليه". (¬2) من المشهور في اصطلاحات المذهب الشافعي أنه إذا أطلق: (القاضيان) فإنه يقصد بهما: القاضي علي بن محمد بن حبيب الماوردي ت (450 هـ)، والقاضي عبد الواحد بن إسماعيل الروياني ت (501 هـ)، وكذا إذا أطلق (القاضي): يقصد به القاضي حسين المروزي (ت 462 هـ)، ولكن أبا حفص بن الملقن في كتابه هذا لم يجر على هذا الاصطلاح، فإنه يطلق (القاضي) ويقصد به: القاضي أبا الطيب الطبري، ويطلق القاضيان، ويقصد بهما: الماوردي، وأبا الطيب. راجع: "الفتح المبين في تعريف مصطلحات الفقهاء والأصوليين" للدكتور محمد إبراهيم الحفناوي (ص: 136). (¬3) من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "تلك"، والمثبت من (ك). (¬5) بياض في (ن) و (ق)، استدركناه من (ك). (¬6) في هذا الموضع من (ن) و (ق): "قبل"، ولا معنى لها هنا، فلعلها مقحمة. (¬7) في (ق): "ويكون". (¬8) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "اعتبرت".

البائنات (¬1) جاز له أن يتزوج بأختها، قال: ورأيت بعض النُّظار يمنع هذا في المناظرة. - ومنها: في الخلع: لو قال: أنتِ طالق ولي عليك ألف، فإن لم يسبق منها استيجاب (¬2) وقع [الطلاق] (¬3) رجعيَّا، فإن [قال] (¬4) سبق منها استيجاب (¬5) فأنكرت صُدِّقت (¬6) بيمينها في نفي العوض ولا رجعة [له. - ومنها] (¬7): للقاذف أن يحلِّف المقذوف أنه لم يزن، وهل يقضي بالنكول إذ لا [يمكن] (¬8) رد اليمين؛ لأنه لم يثبت حد القذف (¬9) لإثبات حد الزنا على المقذوف، كما أن اليمين ترد على مدعي السرقة، وتؤثر في إثبات المال دون القطع. -[ومنها: في أوائل الباب الثالث من الخلع فيما إذا قال: خالعتك وعليك ألف واختلفا، فقال: طلبت مني الطلاق بذلك [فأجبتُ] (¬10)، وقالت: بل ابتدأت ¬

_ (¬1) لأنه لا رجعة له عليها حينئذ، ووقعت في (ق): "الباقيات". (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "استصحاب". (¬3) من (ق). (¬4) استدراك من (ك). (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "استصحاب". (¬6) في (ق): "صدق". (¬7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق)، وسقط منه في (ن): "له". (¬8) بياض في (ن) و (ق)، استدركناه من (ك). (¬9) في (ك): "لأنه لا يثبت حد القذف بيمينه؟ والأصح ردها على القاذف، وأثرها اندفاع حد القذف". (¬10) استدراك من (ك).

فلا شيء عليَّ صُدِّقت في نفي العوض ولا رجعة له بقوله. - ومنها: تقبل شهادة رجل وامرأتين في السرقة فيما يتعلق بالضمان دون القطع] (¬1). - ومنها: لو قال: إن كان هذا الطائر غرابًا (¬2) فامرأتى طالق، وإن لم يكُنْهُ فعبدي حر، وأشكل الحال ومات قبل البيان، فالأصح أن الوارث لا يقوم مقامه، بل يقرع، وكذا إن (¬3) قلنا: توقف (¬4) فلم يتبين، وقال: لا أعلم، فإن خرجت القرعة على العبد عتق؛ لأن للقرعة مدخلًا في العتق، وإن خرجت على المرأة لم (¬5) تطلق؛ لأنه لا مدخل لها فيه (¬6) بخلاف الأموال؛ بدليل دخولها في القسمة. ومنها: إذا أقرعنا بين المرأة والعبد في الصورة المذكورة وخرجت على المرأة، فإنها لا تطلق كما سبق، وهل يرق (¬7) العبد؟ فيه وجهان، أحدهما: نعم؛ لأن القرعة تؤثر في الرق (¬8) والعتق، فكما يعتق إذا خرجت القرعة عليه، يرق إذا خرجت على (¬9) عديله، ويستمر حكم الزوجية (¬10)، وإن لزم من رق العبد [تعين المرأة ¬

_ (¬1) هاتان المسألتان من (ن). (¬2) في (ق): "الغراب طائرًا". (¬3) في (ق): "إذا". (¬4) في (ك): "يقوم". (¬5) في (ق): "لا". (¬6) أي: لا مدخل لها في الطلاق. (¬7) في (ق): "يرث". (¬8) كذا في (ق)، وفي (ن): "الموت". (¬9) في (ق): "عليه". (¬10) في (ق): "الزوجة".

قاعدة كل حق مالي وجب بسببين يختصان به، فإنه جائز تعجيله بعد وجود أحدهما

للطلاق؛ إذ المراد برق العبد] (¬1) أن يتصرف الوارث فيه [كيف] (¬2) شاء (¬3) وزوال الإشكال (¬4) عنه. قاعدة " كل حق مالي وجب بسببين يختصان به، فإنه جائز تعجيله بعد وجود أحدهما" (¬5). عبر عنه الإمام في "النهاية" في الحج في باب صوم التمتع بأن: [كل كفارة مالية نيطت بسببين فيجوز تقديمها] (¬6) على السبب الثاني إذا تقدم [الأول؛ قياسًا على كفارة اليمين] (6)؛ فإنها إن كانت مالية جاز تقديمها [على الحنث] (6)، هذا لفظه، وإن وجب بسبب وشرط جاز تقديمها وتعجيلها [بعد] (¬7) وجود (¬8) السبب من باب أولى، وخرج بالمالي البدني، فإنه إما [مؤقت] (9) كالصلاة فلا يقدم على وقته، وجمع التقديم ليس بتقديم [على الوقت] (¬9)، بل هو ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬2) استدراك من (ك). (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "شيئًا". (¬4) كذا في (ق)، وفي (ن): "الإمكان". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 222)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 703)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 177). (¬6) مما بين المعقوفات الثلاث مواضعها بياض في (ن) و (ق)، استدركناه من (س). (¬7) استدراك من (س). (¬8) في (ق): "وجوب". (¬9) يياض في (ن) و (ق) استدركناه من (س).

الوقت في تلك الحالة، والصبي إذا بلغ في أثناء الوقت [بعدما] (¬1) صلى تجزئه الصلاة، وليس فعله تقديمًا وتعجيلًا. وإما غير [مؤقت] (¬2) كالصيام (¬3) في الكفارات، فالصحيح أنه [لا] (¬4) يجوز تقديمه على سببه، وفي وجه: أنه يجوز التكفير بالصوم قبل الحنث، قال الإمام في "الأساليب": "وهو الذي يليق بطريق الأسلوب". واحترزنا بقولنا: "يختصان به" عن الإسلام والحرية، فإنهما لا يختصان بما يجب (¬5) فيه كزكاة الفطر ليس للإسلام والحرية بها خصوصية، والزكوات كذلك بل الحج وأمور كثيرة. وهذه صور في السببين أو السبب والشرط الأول: ككفارة اليمين كما سلف، وهي أم الباب، فيجوز إخراجها بعد اليمين وقبل الحنث؛ لأنها وجبت باليمين والحنث، ولا تجوز قبل اليمين لتقديمها على السببين (¬6). الثانية: زكاة الفطر يجوز تعجيلها في جميع رمضان دون ما قبله (¬7). الثالثة: زكاة المواشي، والنقدين، والعروض، فيجوز تعجيلها قبل الحول؛ لأنها وجبت بالحول والنصاب، ولا يجوز تعجيلها قبل كمال النصاب، والأصح في الرافعي: تعجيل زكاة عامين؛ ............................................ ¬

_ (¬1) استدراك من (س). (¬2) بياض في (ن) و (ق)، استدركناه من (س). (¬3) في (ق): "كالصائم". (¬4) سقطت من (ن). (¬5) وفي (ق): "لا يجب". (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق) "السبب". (¬7) لأنها وجبت بأمرين يختصان بها، وهما: إدراك رمضان، والفطر.

قاعدة ما وجب بثلاثة أسباب لا يجوز تقديمه على اثنين منها

لأنه [لا] (¬1) يتحقق وجود واحد من السببين بالنسبة إلى العام الثاني. الرابعة: إراقة دم التمتع بعد الشروع في الحج، وقبل أيام النحر جائز عندنا؛ خلافًا للإمام أبي حنيفة، حيث قضى بأنه يتأقت في أيام النحر، وفي جواز الإراقة بعد التحلل من العمرة، وقبل الشروع في الحج خلاف، والأصح: الجواز؛ لأنه (¬2) وجب بالفراغ من العمرة والشروع في الحج، فجاز التقديم على أحدهما. الخامسة: كفارة القتل تجوز بعد الجرح (¬3) وقبل الموت، وإن لم يكن جَرَحه لم يجز قطعًا. قاعدة " ما وجب بثلاثة أسباب لا يجوز تقديمه على اثنين منها" (¬4). وفيه صور: على قول ابن أبي هريرة (¬5) كفارة الظهار؛ لأن الكفارة به إذا وجد العود تجب ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) أي: إراقة الدم حق مالي تعلق بسببين وهما: الفراغ من العمرة، والشروع في الحج، فإذا وجد أحدهما جاز إخراجه كالزكاة والكفارة. (¬3) في (ق): "الخروج". (¬4) "الأشباه والنظائر" "ابن السبكي" (1/ 223 - 224)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 178). (¬5) هو الحسن بن الحسين، القاضي أبو علي، ابن أبي هُريرة البغدادي أحد أئمة الشافعية من أصحاب الوجوه، تفقه على ابن سريج، وأبي إسحاق المروزي، ومن أشهر تصانيفه: "التعليق الكبير على مختصر المزني" توفي سنة خمس وأربعين وثلاثمائة (345 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 99 - رقم 78).

قاعدة ما وجب بسبب واحد لا يجوز تقديمه عليه

بالعود الظهار شرط، أو بالظهار والعود شرط، أو بهما [فيه] (¬1) وجوه، وعلى القول بالأول (¬2)، قال ابن الرفعة: ينبغي أن لا يجزئ (¬3) التكفير قبله، وقد حكاه البندنيجي وجهًا، وعلى الثالث (¬4) لا يجوز تقديمها على الظهار، ويجوز على العود، وذهب ابن أبي هريرة [إلى] (¬5) أنها تجب بثلاثة أسباب: عقد النكاح، والظهار، والعود، ووافق على أنه لا يجوز تقديمها على الظهار، وإن كان بعد النكاح لبقاء سببين (¬6) من الثلاثة، وحكى الروياني في تعجيل الصدقة وجهًا: أنه يجوز تقديمها على الظهار، قال: ولا يجوز تقديم كفارة الجماع في صوم رمضان على الجماع بلا خلاف. قاعدة " ما وجب بسبب واحد لا يجوز تقديمه عليه" (¬7). وفيه صور كثيرة: - منها: تقديم الشيخ الهرم، والحامل، والمريض الفدية على رمضان. - ومنها: لو أراد بالحج (¬8) ................................... ¬

_ (¬1) استدراك من (س). (¬2) أي: بأن العود سبب والظهار شرط. (¬3) في (ق): "يجوز". (¬4) أي: على القول بأنهما سببان. (¬5) استدراك من (س). (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "اليسير". (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 224)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 176). (¬8) كذا في (س)، وفي (ن) و (ف): "الجماع".

قاعدة قال الشيخ أبو حامد: المبادلة توجب استئناف الحول في الزكاة

تقديم (¬1) الجزاء على قتل الصيد، فإن كان جرحه فالأصح الجواز لوجود سبب القتل، وإلا فلا، لأنه لم يوجد شيء من أسبابه، والإحرام ليس سببًا لوجوب الجزاء، وفيه وجه ضعيف ذكره في "البحر". ويستثنى من القاعدة: ما إذا اضطر المحرم إلى قتل صيد (¬2) فقدم الجزاء، فإن الإمام الشافعي جوزه قبل الجرح، وليس لأنه يجعل للإحرام أحد سببيه، إذ لو كان كذلك لجوزه قبل الجرح؛ إذ (¬3) لم يضطر إليه وهو لا يجوز. قاعدة قال الشيخ أبو حامد: "المبادلة توجب استئناف (¬4) الحول في الزكاة" (¬5) إلا في أربع مسائل: - إذا باع السلعة للتجارة بأخرى لها، وإذا باع سلعة للتجارة بأحد (¬6) النقدين وكان نصابًا، وإذا باع سهمًا (¬7) بأحد (¬8) النقدين وكان نصابًا، وإذا بادل دراهم بدنانير أو عكسه على الصحيح. ¬

_ (¬1) في (ق): "يقدم". (¬2) في (ن): "شيء". (¬3) في (ن): "أنه". (¬4) في (ق): "أسباب". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (22411)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 766). (¬6) في (ن): "إحدى". (¬7) كذا في (س)، وفيه: "إذا باع سهمًا من سلعة للتجارة"، وفي (ن) و (ق): "بعضها". (¬8) في (ن): "إحدى".

[قاعدة] قال الشيخ أبو حامد: لا يجب في عين واحدة زكاتان

[قاعدة] (¬1) قال الشيخ أبو حامد: "لا يجب في عين واحدة زكاتان" (¬2) إلا في ثلاث مسائل: - العبد المسلم للتجارة مع الفطرة (¬3). قلت: لاختلاف النوع (¬4). الثانية: من له نصاب وعليه دين (¬5) [بمثله فأظهر] (¬6) الأقوال: وجوب الزكاة، [قلت: ] (6) إنما وجبت في دين وعين (¬7). الثالثة: واجد اللقطة إذا تملكها بعد التعريف (¬8) [ممن] (¬9) تجب عليه زكاتها على الأصح، وعلى صاحبها أيضًا زكاتها [قلت: ليس على صاحبها زكاتها] (9) ...................... ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 225)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 766). (¬3) أي تجب فيه زكاة التجارة والفطر. (¬4) أي: إنما اجتمع في هذه الصورة زكاتان لاختلاف نوعهما، فالجهة منفكة. (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "زكاة". (¬6) بياض في (ن) و (ق)، استدركناه من (س). (¬7) أي: أن الذي وجبت فيه الزكاة على رب الدين والنصاب الذي في ذمة المدين، فلا عين واحدة فيها زكاتان، بل عين ودين، ولذلك كان الصحيح -تفريعًا على أن الدين يمنع الزكاة- أن سببه ضعف مالك المدين، لا التأدية إلى تثنية الزكاة. (¬8) في (ق): "التفريق". (¬9) بياض في (ن) و (ق)، استدركناه من (س).

قاعدة [يعتبر] الحول في الزكاة إلا في المعدن وكذا الركاز على المذهب

إذا (¬1) تملكها الملتقط [لكن قال الأصحاب: إنه يستحق قيمتها على الملتقط قالوا] (2) ففي وجوب زكاة [القيمة] (¬2) عليه خلاف من وجهين: أحدهما: كونه دينًا. والثاني: كونه مالًا حالًّا (¬3). [وزاد الرافعي: كونه] (¬4) معرَّضًا للسقوط، لأن الملتقط لو رد اللقطة تعين على المالك [القبول] (4)، وفي تمكن المالك من استردادها قهرًا وجهان؛ أصحهما: له ذلك. قاعدة " [يعتبر] (¬5) الحول في الزكاة إلا في المعدن وكذا الركاز على المذهب" (¬6). * * * ¬

_ (¬1) في (ن): "لا إن"، وفي (ق): "إلا إذا"، والمثبت من (س). (¬2) يياض في (ن) و (ق)، استدركناه من (س). (¬3) كذا في (ن) و (ق)، وفي (س): "ضالًا". (¬4) بياض في (ن) و (ق)، استدركناه من (س). (¬5) استدراك من (س). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 225)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 766). قال السيوطي: "ضابط: لا يُعتبر الحول في الزكاة في سبعة أشياء: زكاة الزرع، والثمار، والمعدن، والرِّكاز، والفطر، وزيادة الربح في التجارة والسِّخال إذا ماتت أمهاتُها أو كملت النصاب". والسِّخال: جمع السِّخلة: تطلق على الذكر والأنثى من أولاد الضأن والمعز ساعة تولد. "المصباح المنير" (ص: 163).

قاعدة قال الشيخ أبو حامد: لا تؤخذ القيمة في الزكاة

قاعدة قال الشيخ أبو حامد: "لا تؤخذ القيمة في الزكاة" (¬1) إلا في أربع مسائل: الأولى: أموال التجارة. الثانية: في الحيوان في الشاتين أو العشرين درهمًا. الثالثة: في أصناف الثمار بالقيمة نعني (¬2) إذا اختلفت أنواع الثمار والزروع، وفي المسألة أربعة أقوال: هذا أحدها، والرابعة: في الشاة عن خمس من الإبل (¬3). قلت: وبقي صور منها: - إذا أخرج مال فرضين (¬4) كمائتي بعير (¬5) فيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون، وكانا عنده [بصفة الإجزاء] (¬6) فالأظهر تعين الأغبط، فإذا أخرج غيره وكان الفضل يسيرًا لا يمكنه أن يشتري به جزءًا تصدق بالدراهم، وكذا إن أمكنه في الأصح لسوء المشاركة. - ومنها: لو قطف الثمار رطبة خوفًا من العطش، وقلنا: الأصح: أنه لا يجوز قسمتها مقطوعة جاز أخذ قيمة العشر في وجه. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 227)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 767). (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "حتى". (¬3) قال تاج الدين ابن السبكي: "قلت: يعني إذا لم توجد قيمتها، وكذلك لو وجبت بنت مخاض أو ابن لبون ولم يجدهما لا في ماله ولا بالثمن فإنه يعدل إلى القيمة". (¬4) في (ن): "فرضان". (¬5) وعبر السبكي عن هذا الفرع بقوله: "إذا اجتمع في ماله فرضان كالمائتين". (¬6) استدراك من (س).

- ومنها: لو ضمن الزكاة بتلفها بعد التمكن أو إتلافها، فمقتضى كلام الرافعي إيجاب القيمة في المتقوم كقيمة شاة في خمس من الإبل، وينبغي أن يكون الواجب كما (¬1) كان قبل التلف فيضمن شاة. - ومنها: قال الإمام في آخر باب النيَّة في الصدقة: "لو وجبت شاة ثم تلفت الأربعون بعد الإمكان وعسر الوصول إلى الشاة ومسَّت حاجة المساكين، فالظاهر عندي أنه يخرج القيمة للضرورة الداعية، كما لو أتلف مثليًّا ثُمَّ أعوزه". * * * ¬

_ (¬1) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "ما".

كتاب زكاة الفطر

كتاب (¬1) زكاة الفطر قاعدة " كل من وجب عليه فطرته وجب عليه فطرة من تلزمه نفقته إذا كانوا مسلمين ووجد ما يؤدي عنهم" (¬2) إلا في مسائل: الأولى: زوجة أبيه التي تجحب نفقتها، ومستولدته لا تلزمه فطرتهما على الأصح. الثانية: زوجة الابن لا تجب فطرتها وإن أوجبنا نفقتها. الثالثة: البائن الحامل إذا قلنا: النفقة للحمل لا تجب فطرته. الرابعة: خادم الزوجة (¬3) إن كانت ممن تُخدم، صحح الإمام أنه لا تجب فطرتها، وإن كانت نفقتها واجبة (¬4). قاعدة " من وجبت نفقته على غيره وجبت عليه فطرته، ومن (¬5) لا فلا" (¬6) والله أعلم. ¬

_ (¬1) في (ق): "باب". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 226)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 767). (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "الزوج". (¬4) كذا في (ن) و (ق) و (س)، ولعل الصواب: "أنه لا تجب فطرته وإن كانت نفقته واجبة". (¬5) في (ن): "وما". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 227).

كتاب الصيام

كتاب الصيام قاعدة " الزيادة على المعتبر وليست واجبة فقد يبطل بها المعتبر" (¬1) في صور: - منها: لو قال أول يوم من رمضان: أصوم غدًا عن رمضان حيث يغلب على ظنه أنه [منه] (¬2) مستندًا إلى قول آخر (¬3). و[لو] (¬4) قال: أصوم غدًا إن كان من رمضان وإلا فهو تطوع، فالنص وظاهر المذهب: عدم الإجزاء، وإن بان أنه من رمضان، وفيه وجه اختاره المزني لاستناده إلى الأصل، ثم رأى الإمام إجراء الخلاف فيما إذا جزم بالنية أيضًا. - ومنها: لو كان له مالان حاضر وغائب، والواجب منهما من جنس واحد كأربعين من الغنم وخمس من الإبل، فأخرج شاة ولم يعين (¬5) جاز، فلو بان له تلف ما له الغائب فله أن يحسب الشاة عن الحاضر، فإن زاد (¬6) التعيين فليس له أن يجعله عن (¬7) الآخر. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 165). (¬2) سقطت من (ق). (¬3) وفي "ابن الوكيل": "أو عبد ذي خبرة، أو إلى الحساب إن جوزنا الأخذ به، فبان من رمضان أجزأه". (¬4) من (ك). (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "وأربعين". (¬6) كذا في (ن) و (ك)، وفي (ق): "زال". (¬7) في (ن) و (ق): "على".

فائدة: قبول العدل الواحد في هلال رمضان

- ومنها: لو صلى على ميت ولم يعينه جاز، فلو عينه خطأ بطلت صلاته. قلت: إلا أن يشير إليه. والله أعلم. - ومنها: لو عين المأموم الإمام وأخطأ بطلت صلاته. ولو قال: أصلي خلف الإمام الحاضر واعتقده زيدًا فبان عمرًا رأى الإمام تخريجه على خلاف الإشارة والعبارة. قلت: وصحح [هنا] (¬1) في "الروضة" تغليب الإشارة، [والله أعلم] (¬2). - ومنها: لو عين الإمام المأموم وأخطأ لم يضر؛ لأن الغلط فيها لا يزيد على تركها، وهو (¬3) لا يقدح، وهذا التعليل مقتضاه [أنه يضر في القدوة على رأي القفال وأبي حفص الباب شامي القائلين بوجوب نية الإمامة على الإمام. ثم قال الرافعي: "وأشعر كلام العبادي أنهما اشترطا"] (¬4) الإمامة في صحة القدوة. فائدة (¬5): "قبول العدل الواحد في هلال رمضان" (¬6) هو أصح القولين، وبه قطع بعضهم، فقيل: هو شهادة، وقيل: [هو] (¬7) رواية، وفائدتهما تظهر في صور: - منها: قبول المرأة فيه، وفيه نظر، فإنهما من أهل الشهادة والرواية لكن ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) من (ق). (¬3) في (ق): "وقد". (¬4) ما بين المعقوفتين يياض في (ن) و (ق) استدركناه من (ك). (¬5) في (ن): "قاعدة". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 268)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 688). (¬7) من (ق).

[الأَمَةَ] (1) مرجوحة. - ومنها: قبول [قول] (¬1) العبد. - ومنها: قبول [قول] (¬2) المميز على الخلاف في قبول روايته [وقطع بعضهم بعدم القبول وإن قبلت روايته] (¬3). - ومنها: الإتيان بلفظ الشهادة، ومنهم من قطع باشتراطه، ولا حاجة إلى الدعوى على القولين؛ لأنها شهادة حسبة. - ومنها: إذا أخبره من يوثق به [ولم يذكره] (¬4) بين يدي قاضي، خرجه الإمام وابن الصباغ على الخلاف، ومن العلماء من أوجب قبول قوله وإن لم يخرجوه على الخلاف، منهم ابن (¬5) عبدان، والبغوي في "التهذيب" (¬6)، والغزالي في "الإحياء". - ومنها: اشتراط العدالة الباطنة على قولنا: إنها شهادة وهي التي يرجع فيها إلى قول المزكِّين، وإذا قلنا: رواية (¬7)، ففيها الخلاف في اشتراطها في كل رواية المستورين (¬8)، واستبعد الإمام [عدم] (¬9) الاشتراط، وقال: ولا يبعد أن العدالة ¬

_ (¬1) استدرك من (ك). (¬2) استدراك من (ك). (¬3) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬4) استدراك من (ك). (¬5) في (ن): "أبو". (¬6) وقعت في (ن): "المهذب"، والتصويب من (ق) و (ك). (¬7) في (ق): "وإذا غلبنا روايته". (¬8) أي هل تشترط معرفة العدالة الباطنة في رواية مستوري الحال أم تكفي العدالة الظاهرة من حالهم. (¬9) تكررت في (ق).

قاعدة ما لا يثبت ابتداء ويثبت تبعا

الظاهرة تبعث الحاكم على الأمر بالصوم كي لا يفوت، ثم بعد ذلك يبحث عن العدالة الباطنة. - ومنها: هل يكفي واحد عن واحد؟ إن قلنا: شهادة، فلا، وإن قلنا: رواية، فوجهان، قال في "التهذيب": الأصح أنه لا بد من اثنين؛ لأنه ليس إخبارًا من كل الوجوه بدليل أنه لا يكفي فيه: أخبرني فلان عن فلان (¬1)، ونازع (¬2) الإمام في ذلك إن قلنا: هو رواية، وإن قلنا: هو شهادة، ففيه أيضًا، وجهان: هل يكتفي بواحد أم لا بد من اثنين؟ وفي "التهذيب": الثاني. قاعدة " ما لا يثبت ابتداء ويثبت تبعًا" (¬3) فيه صور: - الأولى: إذا صاموا بشهادة واحد ثلاثين (¬4) يومًا ولم يروا الهلال بعد ذلك، ففي الإفطار وجهان، أحدهما: لا يثبت؛ لأنه لو شهد ابتداء في هلال شوال [لما] (¬5) كفى، والأصح: الثبوت لحصوله ضمنًا وتبعًا، فضاهي (¬6) شهادة النساء ¬

_ (¬1) أي: أنه رأى الهلال. (¬2) في (ق): "وتنازع". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 378)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 275)، "قواعد ابن رجب" (3/ 15، 164) "قواعد الزركشي" (2/ 376)، "شرح القواعد الفقهية" للزرقا رقم (54)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 258). (¬4) في (ق): "ثلاثون". (¬5) استدراك من (ك). (¬6) في (ق): "يضاهي".

على الفراش تثبت ويثبت النسب تبعًا، ولو شهدت به ابتداء لم تسمع، وذكر (¬1) البغوي، والمتولي: أنا إذا قلنا (¬2): رمضان يثبت بواحد فهو في حق الصوم فقط، فلا يقع به طلاق معلق على هلال رمضان ولا عتق، ولا يحل دَيْنٌ، قال ابن أبي الدم الحموي في "شرح الوسيط": لم أر ذلك إلا لهما، ولم يحكيا فيه خلافًا، وكان [يتجه] (¬3) ثبوت الثاني تبعًا كالنسب، وذكر المتولي أنه إذا شهد عدل واحد بإسلام ذمي لم يقبل في الميراث وفي الصلاة عليه (¬4) وجهان ينبنيان على ثبوت رمضان بواحد؛ لأنها شهادة تقتضي إيجاب عبادة، قال الحموي: ينبغي أن يشترط فيه على وجه شروط الرواية فقط، كهلال رمضان على وجه. الثانية: لا توكَّل المرأة في اختيار من أسلم على أكثر من أربع [نسوة] (¬5)، وهل تُوكَّل في فراق أربع منهن وإن تضمَّنَ ذلك اختيارًا لها؟ فيه وجهان، والمرأة ذكرتها على سبيل المثال، فإن الرجل حكمه حكمها في ذلك. الثالثة: المستعمل في الوضوء لا يستعمل في الجنابة اتفاقًا، ويستتبع غسله عن الجنابة الوضوء على الأصح، ويندرج فيه الترتيب والمسح على الأصح، ولا حاجة إلى النية على الأصح. الرابعة: المستعمل في الحديث لا يستعمل في الخبث على الصحيح، وكذا العكس، فلو كان على محل طهارة الحديث نجاسة فاغتسل وتوضأ وزال النجس ¬

_ (¬1) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "وكذا". (¬2) في (ق): "أما إذا ظنا". (¬3) من (ن). (¬4) أي: وفي ثبوته في الصلاة. (¬5) من (ن).

طهر المحل قطعًا، وهل يرتفع الحديث؟ وجهان صحح الرافعي عدمه، وصحح النووي الإجزاء، وفي تخريج ذلك نظر؛ فإن الماء لا يثبت له حكم الاستعمال قبل انفصاله عن العضو. الخامسة: من هذه القاعدة المسائل التي يصح فيها ملك الكافر للعبد المسلم على طريق التبعية؛ كالقريب ومن أقر بحريته، والرد بالعيب الضمني. السادسة: يشتركان (¬1) في بئر ومزارع تسقى من البئر فباع أحدهما نصيبه ولم يكن جعل البئر [بئرين] (¬2) فوجهان (¬3)، أحدهما: الثبوت تبعًا كما يثبت في الأشجار تبعًا للأراضي (¬4)، الأصح: المنع لعدم إمكان القسمة، لأن الأشجار ثابتة في محل الشفعة والبئر مباينة عنه. السابعة: إذا باع أرضًا مدفونة (¬5) فيها أحجار يتعذر بنقلها (¬6) دون تركها، وأثبت للمشتري الخيار، وقال البائع: لا أنقل بطل خيار [المشتري ولزمه تركه أبدًا، فإن قال: وهبت منك] (7) الحجارة ولم يوجد [فيها شرائط الهبة فإنها تصح] (¬7) على وجه من حيث إنها (¬8) ضمنًا وتبعًا. ¬

_ (¬1) في (ق): "شريكان". (¬2) استدراك من (ك). (¬3) أي: فوجهان في ثبوت الشفعة في البئر، أما في المزارع فلا كلام في الثبوت. (¬4) كذا في (ك)، وفي (ن): "للرافعي"، وفي (ق): "للإمام الرافعي". (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "موقوفة". (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "بقلعها". (¬7) بياض في (ن) و (ق)، استدركناه من (ك). (¬8) كذا في (ك) ق (ن) و (ق)، ولعلها: "كونها".

الثامنة: إذا باع الكافر مسلمًا بثوب هل يرد الثوب بالعيب (¬1) ليرد العبد؟ وجهان. التاسعة: قد علم أنه لو وقف على نفسه لم (¬2) يصح، ولو وقف على الفقراء ثم صار منهم هل يدخل في الوقف؟ فيه خلاف من حيث إنه (¬3) صار وقفًا على نفسه، ومن [حيث] (¬4) إنه جاء تبعًا، وهو الأصح. العاشرة: ولو أسلم على أكثر من أربع فليس له تعلىق الاختيار إلا أن يعلق طلاق أربع مثلًا على شيء فيقع الاختيار معلقًا ضمنًا، فإن الطلاق يكون اختيارًا للمطلقة، وفيه وجه: أنه لا يجوز؛ لأن الطلاق اختيار للنكاح، وتعليق الاختيار لا يجوز. الحادية عشرة: إذا اختلف الزوجان في الوطء، فالقول قول منكره (¬5) إلا في مواضع: الأول والثاني: إذا ادعاه في مدة الإيلاء أو العنة، فإنه يقبل قوله لعُسر إقامة البينة على الوطء. الثالث: فيما لو قالت: طلقني بعد الوطء فلي كمال الوطء، فالقول قوله؛ فإن أتت بولد يحتمل أن يكون منه ثبت نسبه، وتأكد جانبها فيقبل قولها لثبوت النسب، فإن لا عن عنها عدنا إلى تصديقه للأصل، وبقي غير ذلك مما أوضحته في "شرح الحاوي". ¬

_ (¬1) في (ق): "بالغيبة". (¬2) في (ق): "لا". (¬3) في (ق): "إنه لو". (¬4) من (ق). (¬5) في (ق): "منكر الوطء".

الثانية عشرة: لا يجوز تعليق الإبراء، ولو علق عتق المكاتب جاز، وإن كان متضمنًا للإبراء. الثالثة عشرة: لا يجوز تعليق التمليك، ولو قال: أعتق عبدك إذا جاء الغد على كذا، فقال: إذا جاء الغد فهو حر على كذا لم يصح (¬1)، وإن تضمن التمليك. الرابعة عشرة: الحقوق لا تورث مجردة ابتداءً وتورث تبعًا، كما لو وهب لولده ثم مات الواهب، ووارثه أبوه لكن الولد مخالف له في الدين، فلا رجوع للجد الوارث؛ إذ الحقوق إنما تورث تبعًا للأموال. الخامسة عشرة: لا يُملك المال الموهوب إلا بالقبض، فلو باع المريض أو اشترى محاباة اعتبر من الثلث وحصل (¬2) الملك ضمًا. السادسة عشرة: إذا قلنا: إن المفوضة (¬3) لها [مهر المثل] (¬4) بالعقد، وفرض أكثر من مهر المثل، فالزيادة هبة لم يشترط فيها القبض. السَّابعة عشرة: المسألة بحالها فإن [كان] (¬5) المفروض (¬6) دينًا فكيف تصح هبة الدين، وإنما [يصح] (¬7) ذلك لكونه ضمنًا. الثامنة عشرة: لو قال: أعتق عبدك [عنى] (7) بألف وقع العتق عن المستدعى ¬

_ (¬1) كذا في (ن) و (ق) وفي (ك): "صح". (¬2) في (ن): "وجعل". (¬3) في (ن) زيادة: "أن". (¬4) في (ق): "المهر". (¬5) من (ن). (¬6) في (ق): "المفوض". (¬7) من (ن).

بالألف، قال القفال: ولا يضر كون العبد مؤجرًا ومنعنا بيع المستأجر أو مغصوبًا ممن لا يقدر المستدعي على انتزاعه؛ لأن الملك ضمني. التاسعة عشرة: سقوط الإيجاب والقبول في ذلك. العشرون: لو قال: أعتقه عني بألف إذا جاء الغد (¬1)، فقبل وأعتقه عنه في الغد وقع العتق عن المستدعي بالمسمى (¬2) في الأصح، وإنما قبل الملك (¬3) لوقوعه عنه ضمنًا. الحادية والعشرون: لو قال: أعتقه [عني] (¬4) على خمر أو مغصوب ففعل، وقع عن المستدعي بقيمة العبد لما قلنا. الثانية والعشرون: لو شهد رجل وامرأتان بهاشمة قبلها إيضاح لم يقبل على أصح الطريقين؛ لأن الهشم المشتمل على الإيضاح جناية واحدة، وإذا اشتملت الشهادة على ما يوجب القصاص احتيط (¬5) لها ولم يقبل فيها رجلُ امرأتان، وهذا مشكل بالشهادة على ما يمنع من القبول، كما لو شهد لأجنبي ولولده، وجوابه أن ذلك لا تعلق له به، بخلاف مسألتنا، ولو قال: ارمِ إلى زيد فمرق السهم وأصاب عمرًا خطأ ثبت الخطأ برجل وامرأتين، لأن الإيضاح بسبب الهشم، بخلاف هذا، وإن فرعنا على الطريقة الأخرى في أصل المسألة فيقبل [و] في ثبوت القصاص في الموضحة وجهان من [حيث] (¬6) إنها صارت تبعًا، واستبعد الأئمة ذلك ¬

_ (¬1) أو قال المالك: هو حر عنك إذا جاء الغد. (¬2) أي بالثمن المسمى. (¬3) أي: التعليق. (¬4) من (ن). (¬5) في (ن): "احتياطًا". (¬6) سقطت من (ق).

وقالوا (¬1): الأقرب [أن لا] (¬2) قصاص في الموضحة وفي أرشها وجهان؛ إذ لا يبعد أن يستتبع مالٌ مالًا. الثالثة والعشرون: فروع مسألة مُدِّ عجوة ضمنًا كبيع دار فيها ماء بمثلها، وشاة لبون بمثلها، وما لو كان في أحد (¬3) المكيالين حبات من جنس الآخر (¬4)، ودراهم (¬5) فيها [معدن] (¬6) ذهب بذهب. الرابعة والعشرون: شهادة الحسبة لا تقبل في الأموال بل في حقوق الله تعالى، فإذا شهدا بسرقة من غير دعوى من المالك ولا من وكيله قبلت في الأصح، فإن كان المسروق منه غائبًا، أُخِّر القطع حتى يحضر ويطالب بالمال لاحتمال اعترافه بما يسقط القطع، [وإذا قطع] (¬7) فهل تجب إعادة الشهادة لثبوت المال؟ فيه وجهان، وأصحهما: نعم، والثاني: لا يثبت الغرم تبعًا للسرقة. الخامسة والعشرون: البيع بشرط العتق يصح العقد والشرط، فإن شرط أن يكون الولاء للبائع [فوجهان: ] (¬8) أضعفهما -وهو اختيار الغزالي-: الصحة [فيهما] (¬9)، وعلى هذا لو شرط الولاء بغير العتق (¬10) بأن قال: بِعْتُك بشرط ¬

_ (¬1) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "وقابلوا". (¬2) وقعت في (ن): "لا أن"، وفي (ق): "لأن". (¬3) في (ن): "إحدى". (¬4) في (ك): "لا من جنس الآخر". (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "ودار". (¬6) استدراك من (ك). (¬7) استدراك من (ك). (¬8) سقطت من (ن). (¬9) استدراك من (ك). (¬10) في (ق): "لغير المعتق".

الولاء، إن أعتقه بطل؛ لأن الولاء احتمل [تبعًا] (¬1) لشرط العتق. السادسة والعشرون: إذا قلنا: العبد (¬2) يملك بتمليك السيد، فقد نص أن المال ينتقل إلى المشتري مع العبد في بيعه، وأنه لا بأس (¬3) بجهالته وغيبته، واختلفوا في سبب احتمال ذلك، فقال الإصطخري: لأن المال تابع ويحتمل في التابع (¬4) ما [لا] (¬5) يحتمل في الأصل، كما يحتمل الجهل بحقوق الدار، وقال ابن سريج والجمهور: المال: ليس بممتنع (¬6) أصلًا. السابعة والعشرون: لا يصح بيع الزرع الأخضر إلا بشرط القطع، فإن باعه مع الأرض صار تبعًا (¬7). الثامنة والعشرون (¬8): ما يثبت عند الانفراد قد يثبت عند الاجتماع مع غيره ككثير من المباحات، كالأكل والشرب وأنواع المأكولات، ويخرج على الضبط لكثرته، وقد لا يثبت إما قطعًا وإما على الخلاف. وإذا لم يثبت عند الانفراد فتارة لا يثبت لكونه جمعًا (¬9) وتارة لكونه بعيد (¬10) ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) كذا في (ق)، وفي (ن): "العين". (¬3) في (ق): "لا تأثير". (¬4) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "البائع". (¬5) سقطت من (ق). (¬6) في (ق): "بمتبع"، وفي (ن): "يمتنع"، والتصويب من (ك). (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "جاز بيعها". (¬8) أدرج ابن الملقن هذه المسألة في نظائر هذه القاعدة، بينما جعلها ابن الوكيل في "الأشباه والنظائر" (ص: 383) قاعدة مستقلة لها نظائرها المستقلة، وانظر: "القواعد" للزركشي (37912). (¬9) وقعت في (ن) و (ق): "جمع". (¬10) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "بين".

المعية، فمن الأول غالب المسائل المذكورة في هذه القاعدة (¬1)، ومن الثاني صور: - منها: إذا زوجها وليان (¬2) أو وكيلان بشخصين معًا، فإنه لا يصح. - ومنها: لو [قال] (¬3): من حج عني فله ألف، فسمعه اثنان فحجا عنه أو شك في التقديم (¬4) لم يقع عنه ويقع عنهما، ويرد على الأول صور: - منها: الجمع بين الأختين [في النكاح] (¬5) ممتنع مع حِل كل واحدة بالوطء (¬6) وإذا وطئ إحداهما حرمت عليه الأخرى [حتى] (¬7) تحرم الأولى عنه. - ومنها: إذا مس الخنثى أحد فرجيه لا ينتقض، وإذا مسهما انتقض قطعًا. - ومنها: نية (¬8) التعدي من المودع لا توجب كون الوديعة مضمونة عليه، ومجرد نقل الوديعة من موضع إلى موضع لا يوجب ذلك، [وإذا اجتمعا ضمن. - ومنها: إذا نوى قطع قراءة الفاتحة لا تنقطع] (¬9)، [ولو تخلل بين كلماتها سكون يسير لا تنقطع] (¬10)، وإذا اجتمعا قطعًا على الأصح. - ومنها: اختلاف مشايخنا المتأخرين في الجمع بين الدُّفِّ المصنَّج ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "الفائدة". (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "صبيان". (¬3) كذا في (ق)، وفي (ن): "باع". (¬4) أي: فحجا عنه معًا، أو شك في المتقدم منهما. (¬5) من (ن). (¬6) أي: مع جواز إفراد كل واحدة منهما بالعقد. (¬7) استدراك من (ك). (¬8) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "مجرد". (¬9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬10) استدراك من (ك).

والشُّبابة (¬1) إذا قلنا بعدم حرمة كل واحد منهما على الانفراد، وهو أصح الوجهين، والأصح عند النووي تحريم الشبابة على الانفراد. - ومنها: لو أدى اجتهاده إلى نجاسة أحد كُمَّية فغسله وصلى في الثوب؛ فإنه لا تصح صلاته؛ لأن الإجتهاد إنما يكون بين شيئين، ولهذا لو فصل [أحد الكمين نزلا منزلة الثوبين، وقد ذكر] (¬2) الإمام في كتاب الطلاق وجهًا أنه يكفي الاجتهاد في إناء واحد [وتشهد له] (¬3) مسألة النص فيما إذا أدى اجتهاده إلى إناء فصلى به (¬4) الصبح، وأدى اجتهاده عند الظهر إلى الثاني، ولم يبق من الأول شيء [نص] (¬5) على أنه يتيمم؛ لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، وفيه قول مخرج (¬6) صححه الغزالي؛ لأن هذه قضية (¬7) مستأنفة، فلا [يؤثر] (¬8) فيها الاجتهاد الماضي، فهذا التعليل والتخريج يقربان الوجه المذكور، وبقي صور أخرى: - منها: قاعدة الجمع بين مختلفين (¬9) من باب [تفريق] (¬10) الصفقة. - ومنها: لو اشترى عبدًا بجارية والخيار للمشتري، فله عتق كل واحد منهما ¬

_ (¬1) أي: في تحريم الجمع يينهما. (¬2) استدراك من (ك). (¬3) بياض في (ن) و (ق)، استدركناه من (ك). (¬4) وقعت في (ن) و (ق): "فيه". (¬5) استدراك من (ك). (¬6) خرجه ابن سريج، وهو أنه يستعمله فيورده على جميع موارد الأول؛ كي لا يكون مصليًّا مع يقين النجاسة. (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "ذمة". (¬8) بياض في (ن) و (ق)، استدركناه من (ك). (¬9) أي مختلفي الحكم. (¬10) استدراك من (ك).

منفردًا، وهل له أن يعتق الجميع معًا؟ فيه خلاف. - ومنها: إذا ولغ كلاب في إناء أو كلب مرارًا هل يغسل (¬1) عن الجميع سبعًا أو يغسل لكل مرة (¬2) سبعًا؟ فيه الخلاف، والصبح: الأول. - ومنها: ما لو لزمه بمرة (¬3) فإذا اجتمعت مع (¬4) أخرى فهل يلزمه ذلك (¬5) أو زائدًا عليه؟ ، فيه خلاف في صور: - منها: لو حلف أيمانًا على فعل شيء ثم فعله هل يكفر لكل يمين أم (¬6) تلزمه عن الكل كفارة واحدة؟ والصحيح: الثاني. - ومنها: لو لبس (¬7) المحرم ثم لبس، أو تطيب ثم تطيب في مجلس، والصحيح: لا كفارة (¬8). - ومنها: لو زنى أو سرق مرارًا قبل أن يُحدَّ كفى عن الجميع حدٌّ واحد، [وإن] (¬9) فرق بأن الكفارات جوابر، وهذه [زوا] (¬10) جر، ففيه (¬11) [نظر] (¬12). ¬

_ (¬1) في (ن): "يقبل". (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن): "كل من"، وفي (ق): "كل مرة". (¬3) في (ق): "عمرة". (¬4) وقعت في (ن): "من"، وفي (ق): "مع عمرة". (¬5) أي فهل يلزمه ذلك مع مرة أخرى؟ (¬6) كذا في (ق)، وفِي (ن): "لم". (¬7) وقعت في (ن): "مس". (¬8) في (ق): "الاتحاد". (¬9) من (ك). (¬10) سقطت من (ق). (¬11) في (ن) و (ق): "وفيه". (¬12) من (ك).

- ومنها: لو جامع في نهار رمضان في يومين مرتين، قال في "التهذيب": لزمه (¬1) عن الكل كفارة واحدة. - ومنها: إذا راج نقدان متساويان يجوز للوكيل البيع بكل منهما، وإن باع بهما فخلاف حكاه الإمام (¬2). - ومنها: مفردات [الورق] (¬3) كالكلس والحبال المدقوقة (¬4) لا يجوز السلم فيها، ولو رُكِّبت وصارت ورقًا جاز. - ومنها: الحبة من القمح لا يصح بيعها على الأصح، ولو ضُم إليها مقدار ينتفع بمثله صحَّ. - ومنها: لا يجوز للمحدث حملُ المصحف وحده في صندوق مثلًا، وإذا ضم إليه غيره في صندوق جاز الحمل على أحد الوجهين، قلت: وهو الأصح. - ومنها: لو كان بأحد الزوجين عيوب لا يثبت آحادُها الخيارَ، فهل تثبت بمجموعها؟ قال القاضي حسين: يثبت وخالفه غيره. - ومنها: لو علق الطلاق بمشيئتها خطابًا اشترطت (¬5) الفورية (¬6) في المشيئة، ولا يشترط التعليق (¬7) بمشيئة الأجنبي لأجنبية، ولا خطابًا في الأصح، وعلى هذا لو قال: أنت طالق إن شاء زيد وشئت، فيشترط مشيئتها، وتشترط فورية مشيئتها دون ¬

_ (¬1) في (ق): "يلزمه". (¬2) كذا في (ن)، وفي (ق): "بخلاف ما حكاه الإمام". (¬3) استدراك من (ك). (¬4) في (ن) و (ق): "المدوية". (¬5) في (ن) و (ق): "اشترط". (¬6) وقعت هذه العبارة في (ن) كذا: "اشترط الضرب به" والتصحيح من (ق) و (ك). (¬7) في (ن) و (ق): "في التعليق".

قاعدة الحقوق المالية الواجبة لله تعالى ثلاثة أضرب

مشيئته، وقيل: تشترط فورية [مشيئة] (¬1) زيدٍ أيضًا، قال القاضي: لأنه قرن مشيئته بمشيئتها فيكتسب من مشيئتها اشتراط التعجيل. وكثير من مسائل: "ما لا يثبت ابتداء ويثبت تبعًا" مخرجة على [هذا الأصل] (¬2). قاعدة ذكرها الأصحاب في هذا الباب: "الحقوق المالية الواجبة لله تعالى ثلاثة أضرب" (¬3): - ضرب يجب بلا سبب من العبد، فإذا عجز عن وقت الوجوب لا يثبت في الذمة بل يسقط، وذلك كزكاة الفطر. - وضرب يجب بسبب من جهة على سبيل البدل فيثبت في الذمة؛ تغليبًا لمعنى الغرامة كجزاء الصيد، ولم يستثن صاحب "التقريب" (¬4) جزاء الصيد. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الأصح". (¬3) ذكر ابن الملقن هذه القاعدة في باب الزكاة ولكنه نقل هناك كلام ابن الوكيل، وها هو يكررها هنا، ولكنه نقل عبارة ابن السبكي بنصها وتفصيلها. وللتذكرة راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 194)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 228)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 616)، "قواعد الزركشي" (2/ 59)، "قواعد ابن عبد السلام" (1/ 348). (¬4) صاحب "التقريب" هو: القاسم بن القفال الكبير الشاشي محمد بن علي كان إمامًا جليلاً حافظًا، برع في حياة أبيه، لا يُعلم له تاريخ وفاة. وكتابه "التقريب" في فروع الشافعية كتاب بديع تخرج به فقهاء خراسان، وتحسنت به طريقة =

قال الإمام: وترك استثنائه (¬1) منه غفلة، قال: ولا ينبغي أن يعتقد فيه خلافًا. - وضرب يجب بسببه [لا] (¬2) على وجه البدل؛ فقولان: أصحهما: أنه يثبت في الذمة إلحاقًا بجزاء الصيد؛ لأنها مؤاخذة على فعله، قال الرافعي: فعلى هذا متى قدر على إحدى الخصال لزمته، والثاني: أنه يسقط عند العجز كزكاة الفطر، واحتج له بأنه - صلى الله عليه وسلم - لما أمر الأعرابي أن يطعمه أهله وعياله في حديث المجامع (¬3)، لم يأمره بالإخراج في ثاني الحال، ولو وجب ذلك لأشبه أن يبين له، قال (¬4): ولمن (¬5) رجح الثاني [أن يقول] (¬6): لم قلت: إن المصروف على الأهل لم يقع تكفيرًا؛ فإنا روينا وجهًا يجوز له عند الفقر، وإن سلمنا ذلك ولكن يحتمل أن يكون الفرض: باقيًا (¬7) في ذمته ولم يبين له ذلك؛ لأن حاجته إلى معرفة الوجوب ¬

_ = العراقيين، أثنى عليه البيهقي واعتمد عليه في جمعه لنصوص الشافعي، وهو شرح على مختصر المزني استكثر فيه من الأحاديث ومن نصوص الشافعي، قال الإسنوي: ولم أر في كتب الأصحاب أجل منه، وقد نسبه بعض المتقدمين إلى والده القفال نفسه، والمعروف أنه لولده، راجع: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 163 - رقم 148)، "كشف الظنون" (1/ 379). (¬1) في (ق): "أسبابه". (¬2) استدراك من (ك). (¬3) متفق عليه؛ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه البخاري في "صحيحه" [كتاب الصوم -باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه فليكفر- حديث رقم (1936)]، ومسلم في "صحيحه" [كتاب الصيام -باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان ... حديث رقم (1111)]. (¬4) يعني: أبا القاسم الرافعي. (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "وإن". (¬6) من (ن). (¬7) وقعت في (ن) و (ق): "باقيان".

إنما تمسُّ عند القدرة، وتأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز. قلت: [بينه] (¬1) حيث أمرنا بالصدقة (¬2)، بل في الحديث ما يدل على الوجه الصحيح؛ لأن الرجل أخبر بعجزه عن الثلاثة، ثم أتى (¬3) الشارع (¬4) بعرق من تمر فقال: "خذ هذا فتصدق به"، ولو لم تكن استقرت (¬5) في ذمته لما أمره بالصدقة (¬6)، وبهذا يتضح أن قول الرافعي: إنه لا يمكن الاستدلال بخبر الأعرابي على الجمع في هذه الصورة، يعني على السقوط، وفي صورة صرف الكفارة إلى الأهل والعيال على الجواز، وإنما (¬7) يمكن الاستدلال به في إحداهما؛ لأن المأمور بصرفه إلى الأهل والعيال إما أن يكون كفارة أولا، إن كان: لم يصح الاستدلال به (¬8) في هذه الصورة، وإن لم يكن: لم يصح في الصورة الثانية. * * * ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) يعني: وأوضح من دعوى تأخير البيان إلى وقت الحاجة، أن يقال: لم يؤخر البيان بل بين حيث أمر بالصدقة. (¬3) وقعت في (ن): "أن". (¬4) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬5) في (ق): "استغرق". (¬6) هذا التوجيه الإمام تقي الدين السبكي، نقله عنه ولده تاج الدين ابن السبكي في "الأشباه والنظائر" (1/ 229). (¬7) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "ولا". (¬8) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "لم يصح بالاستقلال بعده".

كتاب الحج

كتاب الحج قاعدة " إذا دار (¬1) فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أن يكون جبليًّا وبين أن يكون شرعيًّا فهل يحمل على الجبلي؛ لأن الأصل عدم التشريع، أو على الشرعي؛ لأنه بعث لبيانها؟ " (¬2)، فيه خلاف في صور: - منها: دخوله من ثنية كَداءٍ وخروجه من ثنية كُدًا (¬3)، فهل [يصح] (¬4) ذلك لأنه صادف طريقه، أو (¬5) لأنه سنة؟ فيه وجهان: أصحهما: الثاني، قلت: من يقول: إنه صادف طريقه غلط مكابرة للمحسوس، فإنها ليست على طريقه بل عدل إليها، وإنما هي على طريقة ثنية كُدا، والله أعلم. - ومنها: جلسة الاستراحة عندما حمل اللحم هل هو جبلي أو شرعي؟ ¬

_ (¬1) في (ق): "أراد". (¬2) أي أنه بعث - صلى الله عليه وسلم - لبيان الشرعيات وهذه مسألة أصولية ينبني عليها فروع فقهية، راجع: "البرهان في أصول الفقه" لإمام الحرمين (1/ 321)، "الإحكام" للآمدي (1/ 232)، "الإبهاج في شرح المنهاج" (2/ 289)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص: 226)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (1/ 198)، "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 13). (¬3) في الحديث الذي رواه البخاري في "صحيحه" [كتاب الحج -باب من أين يَخرُجُ من مكة- حديث رقم (1578)، عن عائشة - رضي الله عنها -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عام الفتح من كداء، وخرج من كُدًا من أعلى مكة". (¬4) من (ق). (¬5) في (ق): "أولا".

الصحيح: الثاني، وقيل: مستحب للمبدن، وفي معناه العاجز الضعيف دون غيرهما. قلت: حمله على الشرعي هو الصحيح المتعين، فقد أمر بهما المسيء صلاته كما أخرجه البخاري في "صحيحه" (¬1) في كتاب (¬2) الاستئذان، فاستفده فإنه مهم. - ومنها: ذهابه في العيد في طريق وإتيانه في آخر (¬3) وهذا يلتفت على قاعدة أخرى؛ وهي أنه - صلى الله عليه وسلم - إذا فعل فعلًا [لمعنى] (4)، وورد ذلك المعنى في غيره فلا خلاف أن حكم غيره كحكمه [أخذًا من قاعدة التأسي، وإن لم يوجد ذلك المعنى في غيره، فهل يكون حكم غيره كحكمه] (¬4) نظرًا إلى مطلق التأسي، أو لا [يكون] (4) كذلك نظرًا إلى انتفاء المعنى؟ فيه خلاف في صور: - منها: هذه (¬5) إذا قيل: إنه شرعي، فقد ذكر أصحابنا له معانٍ (¬6)، أوضحتها ¬

_ (¬1) [كتاب الاستئذان -باب من ردَّ فقال: عليك السلام - حديث رقم (6251)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (¬2) في (ق): "باب". (¬3) رواه البخاري في "صحيحه" [كتاب العيدين -باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد- حديث رقم (986)]. (¬4) استدراك من (ك). (¬5) أي: هذه الصورة التي ذهب فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العيد من طريق وآب من طريق آخر. (¬6) منها: أنه فعل ذلك - صلى الله عليه وسلم - ليُستفتى في الطريق، وقيل: ليتصدق فيهما، وقيل: ليسوي بين القبيلتين، وقيل: لتشهد له البقعتان، وقيل: ليزور المقابر فيهما، وقيل: ليغيظ المنافقين، والأصح: أنه كان يذهب في البعدى ويأتي في القربي؛ لأن الحسنات تكثر له في الذهاب دون الرجوع، "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 14). وقد ذكر الحافظ ابن حجر حِكَمًا أخرى لفعله - صلى الله عليه وسلم - فانظرها في "فتح الباري" (2/ 573 - 574).

في "شرح التنبيه" فمن وجد فيه معنىً منها فحكمه كحكمه، وإن لم يوجد فعند القائل بذلك المعنى خلاف، والأصح أنه يستحب أيضًا. - ومنها: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يوفي دين من مات وعليه دين (¬1)، واختلف فيه هل كان واجبًا أو مستحبًا؟ قلت: والأصح الأول، وعلى كل قول فذلك المعنى وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأموالهم، فهل يجب على الإمام بعدُ ذلك (¬2)؟ [وجهان] (¬3). قلت: أصحهما: لا. - ومنها: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ليهود خيبر: "أقركم ما أقركم الله" (¬4) فالمعنى عليه ¬

_ (¬1) كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في "صحيحه" [كتاب النفقات -باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من ترك كلًّا أو ضياعًا فإليَّ"- حديث (5371)]، ومسلم في "صحيحه" [كتاب الفرائض -باب من ترك مالًا فلورثته- حديث رقم (1619)]. (¬2) أي: فهل يجب على الإمام أن يوفي دين من مات وعليه دين من المسلمين من مال المصالح؟ . (¬3) من (ق). (¬4) أخرجه البخاري في "صحيحه" [كتاب الشروط -باب إذا اشترط في المزارعة "إذا شئتُ أخرجتك" حديث (2730)]، ومسلم في "صحيحه" [كتاب المساقاة -باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع- حديث رقم (1551)]، ومالك في "الموطأ" [كتاب المساقاة -باب ما جاء في المساقاة- حديث (2594)]. واللفظ الذي ذكره ابن الملقن هنا وهو: "أقركم ما أقركم الله" هو لفظ مالك في "الموطأ"، ولفظ البخاري: "نقركم ما أقركم الله"، ولفظ مسلم: "أقركم فيها على ذلك ما شئنا". وجمعًا بين ألفاظ الروايات قال النووي: "قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أقركم على ذلك ما شئنا" وفي رواية "الموطأ": "أقركم ما أقركم الله"، قال الماء: وهو عائد إلى مدة العهد، والمراد: إنما نمكنكم من المقام في خير ما شئنا، ثم نخرجكم إذا شئنا. ." "شرح صحيح مسلم" (10/ 205).

قاعدة الأحكام التي اختص بها حرم مكة عن سائر البلاد عدة

انتظار الوحي وهو منتف في حق غيره، فلو قال الإمام: أقركم ما شئت فالأصح: المنع (¬1)، وفي كلام الإمام ما يقتضي الصحة. قاعدة " الأحكام التي اختص بها حرم مكة عن سائر البلاد عدة" (¬2): الأول: أنه لا يدخله أحد إلا بحج أو عمرة، قاله الماوردي، وهذا الذي قاله [هو] (¬3) أحد القولين في حق الداخل لغير حاجة متكررة. الثانى: ذهب بعض الفقهاء إلى تحريم [قتال] (¬4) البغاة فيه، بل يضيق عليهم إلى أن يفيؤّوا إلى أمر الله، وأكثر الفقهاء على قتالهم [إلى] (5) [أن يفيؤوا إذا تعين (¬5) طريقًا إلى فيئهم (¬6)] (¬7)، وهذا هو الصحيح المنصوص عليه في "اختلاف الحديث" من [الأم] (¬8). وأما قول القفال (¬9) في "شرحه للتلخيص" في الخصائص: "إنه لو ¬

_ (¬1) وهو قول الرافعي والنووي. (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 102)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 733)، "قواعد الأحكام" للعز بن عبد السلام (1/ 63). (¬3) من (ن). (¬4) استدراك من (ك). (¬5) أى إذا تعين القتال. (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن): "دينهم". (¬7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬8) في (ق): "الإمام". (¬9) وقعت في (ن) و (ق): "الفقهاء".

تحصَّن (¬1) قوم من الكفار بمكة لم يجز قتالهم فيها"، فهو مردود كما قاله النووي في "تهذيبه" (¬2)، وأجاب عن النهي فيها بأن معناه نصب القتال وقتالهم فيها، نعم لا يجوز نصب القتال إذا أمكن صلاح الحال بدون ذلك، بخلاف ما إذا تحرز كفار ببلد [آخر] (¬3) وفي هذا الجواب بعد عن لفظ الخبر فليتأمل. الثالث: تحريم صيده على المُحِلِّين والمحرمين من أهله ومن طرأ عليه. الرابع: قطع شجره. الخامس: منع جميع من خالف الإسلام من دخوله مقيمًا كان أو مارًّا، هذا مذهب [الإمام] (¬4) الشافعي وأكثر الفقهاء، وجوزه الإمام أبو حنيفة ما لم يستوطنوه (¬5). السادس: اللقطة لا تحل به إلا لمنشد على الأظهر، كما هو [في] (¬6) الصحيح (¬7)، وجواب الحديث: أن لا يظن أن (¬8) تعريفها (¬9) في الموسم كافٍ (¬10). ¬

_ (¬1) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "شخص". (¬2) يقصد: "تهذيب الأسماء واللغات". (¬3) من (ك)، ووقعت في (ق): "ببلدين". (¬4) من (ق). (¬5) في (ن) و (ق): "يشترطونه". (¬6) من (ك). (¬7) "البخارى" [كتاب العلم -باب كتابة العلم- حديث رقم (112)]، و"مسلم" [كتاب الحج -باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام- حديث رقم (1355)]. (¬8) في (ن) و (ق): "أن لا". (¬9) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "يعرفها". (¬10) بل لا بد أن تعرَّف جميع السنة.

السابع: تحريم (¬1) إخراج أحجاره وترابه إلى غيره، مصرح بذلك في كتب المذهب. الثامن: كراهة إدخال تراب غيره وأحجاره إليه. التاسع: [اختصاص] (¬2) نحر الهدايا والحج به. العاشر: لو نذرالذبح به تعين بخلاف غيره (¬3)، قاله في "التتمة". الحادي عشر: وجوب قصده بالنذر بخلاف ما سواه، وفي مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأقصى خلاف، والأصح: أنه لا يلزم كغيره من البلاد. قلت: صحح النووي اللزوم، والله أعلم. الثاني عشر: تغليظ الدية. الثالث عشر: دفن المشرك به [يحرم] (¬4). الرابع عشر: لا يُؤْذنُ فيه لمشرك أصلًا. الخامس عشر: لا دم على أهله في تمتع ولا قران. السادس عشر: لا يجوز إحرام المقيم به بحج خارجه. السابع عشر: لا تكره فيه النافلة بوقت. قلت (¬5): والثامن عشر: تضعيف الأجر في الصلوات بمكة، وكذا سائر أنواع الطاعات. ¬

_ (¬1) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "يجوز". (¬2) من (ق). (¬3) فلو نذر الذبح في غيره، لا يتعين، فيذبح حيث شاء. (¬4) سقطت من (ق). (¬5) إنما قال ابن الملقن هنا: "قلت"؛ لأن كلام ابن الوكيل الذي نقله هنا قد تم بذكره الحكم السابع عشر، أما الثامن والتاسع عشر فمن تخريج ابن الملقن.

قاعدة كل ما حرمه الإمام ففيه الكفارة إلا في النكاح

والتاسع عشر: يستحب لأهل مكة أن يصلوا [العيد] (¬1) في المسجد الحرام لا في الصحراء، وأما غيرهم من البلدان فهل صلاتهم في المصلى أفضل أم [في] (¬2) الصحراء؟ فيه خلاف، ذكرهما النووي في مناسكه، وذكر أيضًا تحريم استقبال الكعبة واستدبارها ببول أو غائط في الصحراء، وهذا لا يختص بالحرم، فلهذا أخرته (¬3). قاعدة " كل ما حرمه الإمام ففيه الكفارة إلا في النكاح"، وسواء الصيد وإهابه [لا يصح و] (¬4) لا يجب به شيء، ووضع اليد عليه ما دام حيًّا، وتغييره ما لم يمت فيه، وأكله، والصياح عليه على أحد الوجهين، والاستنماء في وجه. قاعدة " من أتى بأفعال العمرة سقطت عنه عمرة الإسلام" (¬5) إلا في مسألتين ذكرهما الجرجاني. ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) سقطت من (ن). (¬3) وزاد السيوطي موضعين لم يذكرهما ابن الوكيل وابن الملقن وهما: "التاسع عشر: مضاعفة السيئات فيه، كما تضاعف الحسنات. العشرون: الهمُّ بالسيئة مؤاخذ به، ولا يؤاخذ به في غيره". "الأشباه والنظائر" (2/ 734) (¬4) من (ن). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 232).

[قاعدة] كل دم تعلق بالإحرام تجب إراقته في الحرم

[قاعدة] " كل دم تعلق بالإحرام تجب إراقته في الحرم" (¬1) إلا دم المحصر (¬2) في الحل والدماء اللازمة بارتكاب (¬3) المحظورات، فإنه يجوز ذبحها في الحل؛ لأنه موضع تحلله، فهو كالحرم في حقه. - الثانية: يدخل المأمور إلا لمانع، وعكست السادة الحنفية، وقالوا: لا يدخل [إلا] لمقتضِ، ويظهر أثر ذلك في مسائل لا ينهض (¬4) دليل دخول النيابة، فنحن نجوز النيابة وهم يمنعون عملًا بالأصل، وفي ذلك مسائل: - منها: المغصوب في الحج يستأجر من يحج عنه ويقع عن (¬5) المستنيب خلافًا لهم. - ومنها: العاجز إذا بدا له الابن الطاعة ليحج عنه، فإنه يجب القبول. - ومنها: المستطيع إذا مات أخرج من ماله ما يحج عنه وإن لم يوصِ، خلافًا لهم، والله أعلم. * * * ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 232). (¬2) في (ق): "المحيض". (¬3) في (ق): "في ارتكاب". (¬4) في (ق): "يظهر". (¬5) في (ن): "على".

كتاب البيع

كتاب البيع قاعدة " لا أثر لقول المكره إلا في الصلاة فتبطل على الأظهر لندوره (¬1)، ولا لفعله إلا في الرضاع المقتضي للتحريم، والتغريم عند الانفساخ، والحديث والتحول عن القبلة، وترك القيام في الفريضة مع القدرة والأفعال الكثيرة في الصلاة، وكذا النفل على الأظهر، والأكل إذا كان صائمًا على خلاف فيه، والإكراه على الزنا في حق الرجل على قول، وفي الضمان بإتلاف المال مكرهًا خلاف". وإذا علق الطلاق على فعل كدخول الدار ففعله مكرهًا ففي وقوع الطلاق قولان مشهوران، واختلف الترجيح، ولو أكره إنسان على إلقاء نجاسة على مصلٍّ بطلت صلاته، واستثنى الغزالي في كتاب الطلاق من هذه القاعدة الإسلام، وفيه نظر؛ إن كان ذميًّا، فالأصح عدم صحته، وإن كان حربيًّا أو مرتدًّا فالإكراه هنا بحق، والكلام في عدمه، وحكى الرافعىِ عن الحناطي في مس الذكر ناسيًا وجهين، [ولا يبعد جريانهما] (¬2) في الإكراه. ¬

_ (¬1) تراجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 339)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 150)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 416)، "قواعد الزركشي" (1/ 188 - 201)، "قواعد ابن اللحام" (ص: 39). وقد بلغ بصور الإكراه غير المؤثر الإمام السيوطي ثمان وأربعين صورة راجع "الأشباه والنظائر" (1/ 416 - 420). (¬2) استدراك من (س).

فائدة: ما يسقط بالتوبة يسقط حكمه بالإكراه، وما لا فلا

ولو تبايعا في عقد الصرف (¬1) وتفرقا مكرهين قبل القبض، نقل صاحب "الاستقصاء" عن صاحب "الإيضاح": أنه يبطل، وخيار المجلس لا يبطل به على الصحيح، والفرق يضيق باب الربا. - والحالف بالله مكرهًا ينعقد يمينه على وجه حكاه القاضي أبو الطيب، وحكاه ابن الرفعة أيضًا. - والوكيل في الطلاق إذا أكره ففي صحته احتمالان لأبي العباس الروياني أحدهما: الوقوع لحصول اختيار الملك، وأصحهما عنده: أنه لا يقع؛ لأنه المباشر، وقياسه جريانه فيما إذا أكره أجنبي الوكيل على بيع ما وكل فيه، ولو أكره المالك على بيع مال نفسه فباع صح، قاله القاضي حسين في كتاب الطلاق، وهو الأصح، ونظيره من الطلاق [أيضًا] (¬2). فائدة: "ما يسقط بالتوبة يسقط حكمه بالإكراه، وما لا فلا" (¬3) عزي إلى الأودني (¬4)، ويرد شرب الخمر فإنه يباح به (¬5) كما ستعلمه، وحدُّه لا يسقط ¬

_ (¬1) في (ن): "العرف". (¬2) من (ن). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 340)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 151)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 422)، "قواعد الزركشي" (3/ 155). (¬4) هو محمد بن عبد الله بن محمد بن بصير بن ورقة، الإمام أبو بكر الأودني، كان شيخ الشافعية بما وراء النهر ومن كبار أصحاب الوجوه، وكان من أزهد الفقهاء وأورعهم وأعبدهم، وقال إمام الحرمين: كان من دأبه أن يضنَّ بالفقه على من لا يستحقه، توفي ببخارى سنة خمس وثمانين وثلاثمائة (385 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 140 - رقم 125). (¬5) أي يباح بالإكراه.

فائدة: شرط كون الإكراه مرفوع الحكم

بالتوبة على الأصح، والقذف مثله أيضًا. [. . . .] (¬1) ويباح بالإكراه [. . . .] (1) الإكراه الملجئ عندنا لا يمنع التكليف خلافًا للمعتزلة، واختلفوا فقال [الجبائي] (¬2): لا يشترط أن يكون المفعول به غير قادر على [مدافعة] (¬3) الفاعل، وخالفه ابنه (¬4) فاشترطه. ومن مسائل المضطر: أكل الميتة يجب عليه أكلها على الصحيح، وقيل: [لا يجب] (¬5)، والدليل على أنه لا يمنع التكليف تأثيم المكره على القتل إجماعًا ووجوب القصاص على الأصح. [فائدة] (¬6) أخرى: شرط كون الإكراه مرفوع الحكم أن يكون بغير حق، دون ما إذا كان بحق ليخرج المرتد والحربي، فإسلامهما كرهًا صحيح كما سلف (¬7). ولو قال ولي الدم لمن عليه القصاص: طلق امرأتك وإلا اقتصصت منلث، لم يكن إكراهًا كما جزم به الرافعي في الطلاق، وهو إكراه بحق. * * * ¬

_ (¬1) بياض في (ن) و (ق) بمقدار كلمة. (¬2) سقطت من (ن). (¬3) استدراك من (س). (¬4) يعني: أبا هاشم الجبائي. (¬5) في (ق): "لا يشترط". (¬6) من (ن). (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (2/ 7 - 8)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 420).

قاعدة الظن غير المطابق هل يؤثر؟

قاعدة " الظن غير المطابق هل يؤثر؟ " (¬1)، وهو أولى من قولنا (¬2) في "شرح المنهاج": هل النظر إلى الظاهر أو إلى ما في نفس الأمر؟ فيه صور. الأولى: -وهي أم الباب- إذا باع مال مورثه ظانًّا حياته فبان موته، والأظهر من القولين فيها: الصحة، وهذا إذا لم يكن له وارث آخر، فإن كان خرج نصيبه على قولي تفريق الصفقة وبطل في نصيب غيره، قال الرافعي: ولا يبعد تشبيه هذا الخلاف ببيع الهازل، وبيع الأمانة، والأصح: الصحة فيهما. قلت: ويعبر عنه أيضًا بوقف العقود، وكذا تصرف الفضولي والغاصب كما ستعلمه. الثانية: زَوَّج أمته أو باع العبد على [ظن] (¬3) أنه آبق أو مكاتب، فبان أنه قد رجع وفسخ الكتابة، ففيه الخلاف. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 237)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 162)، "قواعد الزركشي" (2/ 353)، "شرح القواعد الفقهية" للزرقا (رقم: 71)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 347). (¬2) يشير ابن الملقن إلى قاعدةٍ ذكرها تقي الدين السبكي في "شرح المنهاج" في باب الحيض وباب استقبال القبلة وهي: النظر إلى الظاهر أو إلى ما في نفى الأمر؟ وقد عقب ولده تاج الدين السبكي على هذه القاعدة قائلاً: وهذه العبارة فيها خلل؛ فإن نفى الأمر منظور قطعًا، يعني أنه لا بد منه إنما النظر في إن ظن خلافه هل يؤثر في اندفاع حكمه؟ فالأولى أن يعبر: "أن الظن غير المطابق هل يؤثر؟ ". "الأشباه" (1/ 162). (¬3) من (س).

الثالثة: أعتق [عبد أبيه (¬1) وهو يظنه حيًّا] (¬2)، فبان ميتًا ذكره الرافعي في [آخر] (¬3) باب نكاح المشركات، والنفوذ هنا قوى لأنه يقبل التعليق. الرابعة: لو غلط فظن مال أبيه ماله من جهة أخرى وهو يعتقد حياة أبيه فبان موته، قال الجويني: صح العقد قطعًا؛ لأنه لم يبن العقد على مخالفة الشريعة، قال الإمام: وهو حسن، وفيه احتمال، وجزم في كتاب ابن الرفعة أنه لو باع شيئًا ظنه لغيره فبان لنفسه أنه يصح، وفرق بأن الجهل في مسألتنا قد استدل على أصل، وهو بقاء ملك الأب فقوي فأبطلناه على قول. الخامسة: لو صلى خلف خنثى (¬4)، فبان رجلًا، فأظهر القولين أن القضاء لا يسقط. السادسة والسابعة: إذا اقتدى خنثى بامرأة ولم يقض حتى بان الإمام امرأة أو رجلًا، ففيه الخلاف، ولو صلى خنثى خلف امرأة يعتقد أنها رجل ثم بان أن الخنثى أنثى هل يصح العقد؟ فيه احتمالان لوالد الروياني. الثامنة: صلوا لسواد (¬5) ظنوه عدوًا فبان خلافه، فالأظهر القضاء. التاسعة: صلوا لسواد فظنوه عدوًا فبان [أن] (¬6) بينهم خندقًا (¬7) فالقولان، وقيل: الإعادة قطعًا. ¬

_ (¬1) أو زوج أمة أبيه. (¬2) وقع ما بين المعقوفتين في (ق) كذا: "أعتق عبدًا حيًّا". (¬3) من (ن). (¬4) أي خلف من ظن أنه خنثى. (¬5) أي: رأى العسكر سوادًا فظنوه عدوًّا. (¬6) من (ن). (¬7) في (ن) و (ق): "خندق".

العاشرة: المغصوب إذا استناب (¬1) وهو لا يرجو البرء فبرئ، فالأصح: الإجزاء (¬2) اعتبارًا بما في نفص الأمر. الحادية عشرة: أعتق من لا يجزئ عن الكفارة ثم صار بصفة الإجزاء، فالأصح: تعين الإجزاء. الثانية عشرة: تصرف في مرض مخوف فبرأ نفذ، ولم أر فيه خلافًا. الثالث عشرة: وكَّل وكيلًا بشراء شيء معين وباع ذلك الشيء من إنسان على ظن أنه ما اشتراه وكيله بعدما كان اشتراه، صح على الأظهر؛ نظرًا إلى ما في نفس الأمر. الرابعة عشرة: زوج ابنه في غيبة أبيه (¬3) ظانًّا حياته فبان موته، ففيه القولان في مسألة البيع، ويشكل عليه ما لو تزوج الرجل من يشك في محرميتها، فإنه لا يصح؛ لأن الأصل في الأبضاع الحرمة. الخامسة عشرة: لو تزوج خنثى بامرأة فبان رجلًا لم يصح [جزمًا] (¬4). السادسة عشرة: إذا تزوج امرأة المفقود على ظن حياته فبان موت، فأصح القولين [الصحة] (¬5) كذا ذكر الشيخ صدر الدين (¬6)، فيه نظر فإن (¬7) محل القولين ¬

_ (¬1) كذا في (ن) و (ق)، وفي (س): "استباب". (¬2) في (س): "عدم الإجزاء". (¬3) في (ق): "في غيبته". (¬4) من (ن). (¬5) من (ن). (¬6) يعني: صدر الدين ابن الوكيل، انظر: "الأشباه والنظائر" (ص: 237). (¬7) في (ق): "لأن".

فيما إذا لم يظن حياته، بل نكح بعد مدة التربص بناء على القديم، ثم بان [أن] (¬1) المفقود كان ميتًا وقت الحكم بالفرقة، ففي صحة النكاح على الجديد وجهان بناء على مسألة البيع (¬2)، أما إذا ظن حياته فلا أعلم قائلًا بالصحة فيه، فلا يصح التخريج إذن؛ لأن البيع [على] (3) ظن [الحياة عن] (¬3) المنافي حالة البيع، بخلاف التزويج (¬4). السابعة عشرة: أشتبه عليه إناءان فتوضأ بما ظن طهارته منهما [ثم تيقن نجاسته] (¬5) أو أخبره بذلك عدل لزمته الإعادة على الأظهر. الثامنة عشرة: بان إمامه امرأة أو كافرًا معلنًا، وكذا مخفيًّا على الأصح وجبت الإعادة. التاسعة عشرة (¬6): إذا بان إمامه جنبًا (¬7) أو محدثًا فلا إعادة لعدم أمارته على ذلك. العشرون: لو بان [إمامه] (¬8) أميًّا فكما لو بان امرأة على الأصح. الحادية بعد العشرين: دفع المالك الزكاة لمن ظنه فقيرًا فبان غنيًّا لم يجزئه في الأظهر، بخلاف ما إذا كان الدافع الإمام، فإنه [يجزئ] (¬9). ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) أي: ييع مال الأب على ظن حياته. (¬3) استدراك من (س). (¬4) أي: بخلاف تزويج امرأة المفقود لم يظن للنافي في حالة العقد. (¬5) تكررت في (ق). (¬6) في (ن) و (ق): "العشرون". (¬7) كذا في (ن) و (س)، وفي (ق): "خنثى". (¬8) من (ق). (¬9) من (ن).

الثانية بعد العشرين: بان كون المدفوع إليه كافرًا أو عبدًا، لم يجزئه أيضًا في الأصح. الثالثة بعد العشرين: أقام بينة بأنه غارم فأخذ من سهمهم ثم بان كذب الشهود، ففي سقوط الفرض الخلاف. الرابعة بعد العشرين: إذا فسد عقد الهدنة لم يجُز اغتيال الكافرين، بل يجب إنذارهم لظنهم (¬1) الصحة. الخامسة بعد العشرين: وطئ زوجة أجنبي يظنها زوجته المملوكة، فالأصح: يلزمها الاعتداد بقرأين اعتبارًا باعتقاده (¬2)، وقيل: يؤاخذ اعتبارًا بما في نفس الأمر، وإن ظنها زوجته الحرة فهل يلزمها قرء أو قرآن أو ثلاثة؟ أوجه، أصحها ثالثها، ولو وطئ حرة يظنها أمته فقطع جماعة بثلاثة أقراء؛ لأن الظن يؤثر في الاحتياط لا (¬3) المساهلة، وأجرى المتولي الوجهين إن اعتبرنا حالها فثلاثة أقراء، أو ظنه فقرء. ولو ظنها زوجته المملوكة فطرد فيه الوجهين هل يجب قرآن لظنه وهو الأشبه؛ [لأنها] (¬4) لحقه أو ثلاثة؟ السادسة بعد العشرين: زوَّجهُ أبوه وهو لا يدري أو ظن زوجته أجنبية فخاطبها بالطلاق، فالمشهور المنصوص وقوع الطلاق ظاهرًا، وفي نفوذه باطنًا وجهان، وبناهما المتولي على الإبراء [عن] (¬5) المجهول، وللغزالي احتمال أنه ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "لطلبهم". (¬2) كذا في (ق)، وفي (ن): "باعتداده". (¬3) في (ن): "إلا". (¬4) من (ن). (¬5) من (س)، وفي (ق): "على".

لا يقع ظاهرًا؛ لأن من لا يعرف (¬1) الزوجية لا يقصد إلى قطعها. السابعة بعد العشرين: عامل المأذون من علم رقه وهو [لم] (¬2) يعلم كونه مأذونًا ثم بان أنه مأذون، قال الرافعي: فهو ملحق (¬3) عند الأئمة بمسألة البيع (¬4) قال: ويقرب منه وجهان حكاهما الحليمي (¬5) فيما إذا كذبه مدعي الوكالة ثم عامله، وظهر صدقه في دعواها. الثامنة بعد العشرين: المستحاضة إذا عاد دمها (¬6) على خلاف ما اعتادته من طول زمن الانقطاع طولًا يسع (¬7) وضوءًا وصلاة، فلا تجب إعادة الوضوء على الأصح اعتبارًا بما في نفس الأمر. التاسعة بعد العشرين: لو خيرها وهي لا تشعر، فاختارت نفسها، قال الرافعي في فروع الطلاق، قال إسماعيل البوشنجي (¬8): يخرج على مسألة البيع. ¬

_ (¬1) في (ق): "يعتقد". (¬2) من (س). (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "فهل يلحق". (¬4) أي: البيع على ظن الحياة. (¬5) هو الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم، القاضي أبو عبد الله الحليمي البخاري، كان أوحد الشافعيين بما وراء النهر في زمانه وأنظرهم وكان مقدمًا فاضلاً عظيم القدر لا يحيط بكُنْه علمه إلا غواص ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، من تصانيفه: "شعب الإيمان" يشتمل على مسائل في الفقه وأصول الدين وغيرهما، توفي سنة ثلاث وأربعمائة (403 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 155 - رقم 140). (¬6) في (ن): " الدم". (¬7) في (ن): "يمنع". (¬8) هو إسماعيل بن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد، الإمام أبو سعد البوشنجي، كان أحد أعيان المذهب، فاضلاً، حسن المعرفة بالمذهب، جميل السيرة، مرضي الطريقة، كثير العبادة، له =

الثلاثون: قال الغاصب للمالك: أعتق هذا العبد فأعتقه ظانًّا أنه ملك الغاصب، فالصحيح النفوذ نظرًا إلى ما في نفس الأمر. الحادية بعد الثلاثين: أعتق أمته بشرط أن تتزوج به (¬1)، منهم من بناه على مسألة البيع. الثانية بعد الثلاثين: قال في "الوسيط" في نكاح المشركات: لو أسلم ونكح أخت المختلعة وأصرَّت المختلعة (¬2)، انبنى صحة النكاح على القولين في مسألة البيع. الثالثة بعد الثلاثين: لو ارتكب كبيرة في ذهنه (¬3)، كما إذا وطئ زوجته يَظنها (¬4) أجنبية، قال الشيخ عز الدين: يجري عليه أحكام الفاسقين لجرأته، ولا يعذب تعذيب زانٍ (¬5). الرابعة بعد الثلاثين: أنفق على ظن الحمل، ثم بان عدمه، فله الاسترداد؛ لأنه سلم على جهة الواجب وقد تبين خلافه، فأشبه ما إذا ظن [أن] (¬6) عليه دينًا فأداه ثم بان خلافه، وما إذا أنفق على ابنه على ظن إعساره فبان يساره، وعن القاضي الحسين أنه احتج لذلك بما روي أن أبي بن كعب علم رجلًا القرآن أو شيئًا فأهدى ¬

_ = كتاب سماه "المستدرك"، وتوفي سنة ست وثلاثين وخمسمائة 536 هـ.، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 289 - رقم 269). (¬1) في (ق): "يتزوج بها". (¬2) كذا في (ق) و (س)، وفي (ن): "أخت المختلعة". (¬3) في (ق): "دينه". (¬4) في (ن) و (ق): "فظنها". (¬5) في (ن): "ولا يعذر تعذيبه زال". (¬6) من (ن).

له قوسًا (¬1)، فقال [له] (¬2) عليه الصلاة والسلام: "إن أخذتها أخذت قوسًا (1) من النار (¬3) " (¬4) وقيل: [إنما قيل] (¬5) ذلك لأجل ظن وجوب الأجرة عليه من غير شرط، وكان يعطي القوس (¬6) على ظن أنه يعطي (¬7) الواجب عليه، فمنع الشارع من أخذه. الخامسة بعد الثلاثين: قال الرافعي في باب الكتابة فيما إذا أوصى برقبة المكاتب كتابة فاسدة وهو يظن صحتها أن في الوصية قولين بعدم الصحة؛ لأنه أوصى وعنده إنما يأتي به لغو، والصحيح: الصحة اعتبارًا بحقيقة الحال، وهو أشبه عند المتولي (¬8)، ثم قال: ولو باع المكاتب كتابة فاسدة، أو المبيع بيعًا فاسدًا، أو وهب أو رهن وهو جاهل بالفساد فطريقان: أحدهما: طرد القولين، والثاني: القطع بالفساد بخلاف الوصية؛ فإنها تحتمل من الخطر ما لا يحتمل البيع و (¬9) الرهن، وخرج [من] (¬10) ذلك أن الوصية بالمكاتب كتابة صحيحة باطلة على القولين، والأمر كذلك على الجديد أما القديم الذي يجوز بيع المكاتب فإنه يجوز الوصية به كما قدمه الرافعي قبل، وقال: الجديد أنها باطلة كما ¬

_ (¬1) في (ن): "فرسًا". (¬2) من (ن). (¬3) في (ق): "من المال". (¬4) أخرجه ابن ماجه في "السنن" [كتاب التجارات -باب الأجر على تعليم القرآن- حديث رقم (2158)]. (¬5) من (ق). (¬6) في (ن)، (ق): "الفرس". (¬7) في (ن)، (ق) زيادة: "عن" ولا اقتضاء لها في السياق. (¬8) كذا في (ن) و (ق) وفي (س): "المزني". (¬9) في (ن): "في". (¬10) من (س).

لو أوصى بعبد الغير، وقد يقال: لا يلزم من منع البيع (¬1) منع الوصية [وفي تسويته أيضًا بين الوصية بالمكاتب والوصية] (¬2) بعبد الغير ولا [ملك له عليه] (2) منعها (¬3) بالمكاتب وهو ملكه، وقد تقدم في الوصية في الركن الثالث من الموصي [به] (¬4) أنا إذا منعنا بيع المكاتب فالوصية (¬5) به كالوصية بمال الغير [ونقله عن "التتمة" قال: وإذا أوصى بمال الغير] (¬6) فقال: أوصيت بهذا العبد وهو ملك لغيره أو بهذا (¬7) العبد إن ملكته فوجهان، أصحهما: الصحة؛ لأن الوصية بالمعدوم جائزة، فبغير (¬8) المملوك أولى، [والثاني] (¬9) الفساد، لأن مالكه تمكن من الوصية به، والشيء الواحد لا يجوز أن يكون محلًّا لتصرف شخصين، والأول أفقه وأجرى على قواعد الباب، كما ذكره في "الروضة" من زوائده، فتبين بهذا أن الوصية بمال الغير على ما ظهر من باب الوصية الأصح: صحتها، خلاف ما ظهر من الكتابة، فتبين أيضًا أن قضية كلام الرافعي في باب الوصية الفرق بين الوصية بعبد الغير فيبطل، وبين قوله: إن ملكت عبد فلان فقد أوصيت به، فإنه صحيح على الأصح، وفي باب الوصية كما رأيت جعلهما على حد واحد. ¬

_ (¬1) في (ق): "العبد". (¬2) استدراك من (ك). (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "فكذا له منعها". (¬4) من (ق). (¬5) في (ن) و (ق): "ما يوصيه". (¬6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬7) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "أقر هذا". (¬8) في (ن): "فتعين". (¬9) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "ولا فساد"

قاعدة هل الاعتبار بألفاظ العقود أو بمعانيها

قاعدة " هل الاعتبار (¬1) بألفاظ العقود أو بمعانيها" (¬2). وهي قاعدة مهمة مأخوذة من نصِّ الإمام الشافعي في باب الخيار في السلف في مسألة: اشتريت منك ثوبًا صفته كذا بهذه الدراهم على اعتبار المعنى، وكذلك قال في أول باب الشفعة من "الأم": إذا كانت الهبة على ثواب معلوم فهو بالبيع أشبه؛ لأن البيع لم يعط إلا بالعوض، وهكذا (¬3) هنا لم يعط إلا بالعوض، وهي مخصوصة بالعقود فيما يظهر من كلام كثير من الأصحاب، منهم الغزالي، وشيخه، والمتولي، والروياني، وسيظهر لك من تعداد (¬4) المسائل أن بعضها يخرج فيه فليس بجيد. وهذا إذا تعذر العمل باللفظ، فإن لم يتعذر فلا شك في اعتباره. وقد بسط (¬5) القول في هذه القاعدة المتولي، وتبعه صاحب "البحر" وهو كثير الاتباع [له] (¬6) فيما لا نجده في "الحاوي"، وحاصل ما ذكرناه في مسألة: وهبت منك بألف خلاف في أن الاعتبار بظواهر العقود أم بمعانيها، وأراد بالظواهر ¬

_ (¬1) في (ق): "العبرة". (¬2) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 271)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 174)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 360)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 164)، "قواعد الزركشي" (2/ 371). (¬3) في (ق): "وهذا". (¬4) في (ن): "أعداد". (¬5) في (ق): "وشرط". (¬6) من (ق).

الألفاظ، واستدل (¬1) لاعتبار اللفظ بأنه الموضوع لإفادة المعنى الذي يفهم منه عند الإطلاق، ولهذا إذا أراد الطلاق بالظهار وعكسه لا تعتبر إرادته ويحمل اللفظ على بابه [قال: ] (¬2) واعتبار المعنى عدول عن مقصود اللفظ، ثم أطالا في ذلك. وفروع هذه القاعدة منتشرة جدًا فاضطربت في ذلك هل الأرجح اعتبار اللفظ [أو] (¬3) المعنى، أو لا يطلق ترجيح؟ وحاول الرافعي في باب الإجارة ضبطها بعد اعترافه بتنوعها (¬4) بطريق تقارب ما ذكرناه في قاعدة الإعمال والإهمال [فقال: ] (¬5) إن اختل اللفظ أهمل وذلك كالشراء بلفظ السلم، فإن تمام معنى السلم لا يوجد (¬6) في الشراء لأنه أخص منه، ولا يؤخذ الأخص في الأعم، وكذلك إذا رفع (¬7) آخر اللفظ أوله مثل: بعتك بلا ثمن، وإذا انتظم مثل أن يكون المعنى الأصلي مشتركًا بين خاصين مشتهرًا (¬8) في أحدهما مع كونه مستعملًا في الآخر كالسلم بلفظ الشراء؛ فإن المعنى الأصلي للشراء موجود بتمامه في السلم، إلا أنه أشهر في شراء الأعيان، فهنا يعتبر المعنى، وكذلك السلم في المنافع بلفظ الاستئجار المشهور في إجارة العين، ويشبه أن يقال: الصفة مختلفة في النوع الأول والثاني منسحبة (¬9) صحيحة الدلالة على المقصود في النوع الثالث، فيعتبر المعنى، وقريب ¬

_ (¬1) في (ق): "استدلالاً". (¬2) من (ق). (¬3) استدراك من (س). (¬4) في (ق): "بشيوعها". (¬5) من (ق). (¬6) في (ق): "يدخل". (¬7) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "وقع". (¬8) في (ن): "مشتهر"، وفي (ق): "مستمرًا". (¬9) في (ق): "منصحبة".

منه قول ابن الرفعة لما ذكر اختلاف الصحيح في ذلك أنه ينظر إلى اللفظ عند بعد المعنى، وإلى المعنى عند (¬1) قربه. الصورة الأولى: إذا قال: بعتك بلا ثمن، أو لا ثمن لي عليك، أو على أن لا ثمن لي عليك، كما صدر كتابه الإمامُ فقال: اشتريت وقبضه فليس بيعًا، وفي انعقاده هبهّ قولا تعارض اللفظ والمعنى، وإذا قبضها وتلفت هل يضمنها؟ فيه وجهان، أصحهما: لا، والقائل بالهبة والإباحة ينقلب قوله إلى أن الوجوب إذا نُسخ هل يبقى الجواز؟ فيه نظر، فإن المختار (¬2) بقاء الجواز، ومذهب الإمام وغيره: بقاء الاستحباب. الثانية: إذا قال: بعتك ولم يذكرا ثمنًا، فإن راعينا المعنى فقد وهبه (¬3)، وإن راعينا اللفظ فهو بيع فاسد صرح به المتولي، وقال الرافعي عقيب الأولى: لم يكن ذلك تمليكًا والمقبوض مضمون، ومنهم من طرد فيه القولين، وعبارة "الروضة": "وليس تمليكًا على المذهب"، ليس بجيد، قال الرافعي: لم يحك فيه خلافًا، والإمام ادعى الاتفاق على أنه لا يكون تمليكًا. الثالثة: الهبة لا تقتضي الثواب على الأظهر، فلو شرط ثوابًا (¬4) معلومًا بقي على قول أنه فاسد، والأظهر أنه بيع، وهل هو بيع (¬5) مقبوض قبضًا فاسدًا، أو هبة كذلك وجهان، وإذا جمعت الخلاف قلت: هل يبطل تناقضه أو يصح، ويكون هبة اعتبارًا باللفظ أو بيعًا اعتبارًا بالمعنى، أصحهما: الثالث. ¬

_ (¬1) في (ن): "عن". (¬2) أي: المختار عند الجمهور. (¬3) أي: فقد انعقد هبة. (¬4) في (ق): "الثواب". (¬5) في (ق): "مبيع".

وصور المتولي والروياني المسألة بقوله: وهبتك بألف، وبقوله: هذا لك بألف، والظاهر أن الثاني بيع قطعًا، ويكون هذا كناية، فإذا فرعنا على أنه بيع هل يثبت فيه الخياران، وللولي أن يهبه مال الصبي بشرط ثواب معلوم؟ فيه وجهان، أصحهما: لا؛ لأنه لا يسمى بيعًا، ولأن الهبة لا يقصد بها العوض، ووقع في باب الهبة من الرافعي ثبوت الخيار، ويعضده أنهما قالا في الشفعة فيما إذا وهب مطلقًا وقلنا: إنه يقتضي الثواب أيضًا، لأنه صار بيعًا. الرابعة: إذا قال: وهبت ما في ذمتك فأوجه، أحدها: بطلانه لاختصاص لفظه بالعين، وثمانيها: إبراء، وثالثها: هبة تفتقر إلى القبول، وصحح الرافعي في كتاب الطلاق أنه لا يشترط القبول، فإن معناه الإبراء، وذكر الخلاف في باب الهبة من غير ترجيح، وبناه على هذه القاعدة. الخامسة: مسألة الإيجاب، إذا قال: بعني، فقال: بعتك، انعقد في الأظهر، وإن لم يقل ثانيًا: ابتعت، ومقابله يخرج من اعتبار اللفظ دون المعنى كما قال المتولي، قال: فإن ظاهر اللفظ الموضوع للعقد لم يوجد، وفيه نظر. السادسة: إذا قال: بعتك إن شئت صح نظرًا إلى المعنى؛ فإنه لو لم يشأ لم يشتر، وقيل: [يبطل] (¬1) بلفظ التعليق، والأولى أن يجيب بأنه يقتضي (¬2) الإطلاق (¬3) فلا يضر التعليق، وفي نظير المسألة من النكاح خلاف، والأظهر: الصحة، قال الرافعي في الطلاق: لو جعل الأظهر في البيع الانعقاد دون النكاح لكان مناسبًا لما عرف فيما إذا قال: زوجتُكَ، فقال: قبلت ولم يقل نكاحها. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ق): "افتقر". (¬3) في (ن): "الطلاق".

السابعة: لو قال: بعتك هذه الدار على أن لك نصفها صح كما لو قال: إلا نصفها؛ لأن المخصص كالاستثناء، تقول: جاءني القوم، وما جاءني زيد، كما تقول: إلا زيدًا، قاله الهروي في "إشرافه" ثم قال: وقال محمد بن الحسن (¬1): لا يصح؛ لأنه قابل الدار بجميع الثمن على أن له نصفها ففيه تناقض، قال القاضي أبو سعد: هذا محتمل. قلت: وكأن الأول نظر إلى المعنى، والثاني إلى اللفظ، ويشهد للصحة مسألة بعتك عشرة آصع كل صاع بدرهم على أن أزيدك صاعًا أو على أن أنقصك صاعًا. الثامنة: قال: أسلمت إليك هذا الثوب في هذا العبد، فليس بسلم قطعًا ولا ينعقد بيعًا على الأصح لاختلاف اللفظ، وقيل: نعم؛ نظرًا إلى المعنى. التاسعة: قال: اشتريت منك ثوبًا صفته كذا بهذه الدراهم [أو بدراهم] (¬2) في الذمة، فقال: بعتك، انعقد بيعًا على أقرب الوجهين اعتبارًا باللفظ، وقيل: سلمًا اعتبارًا بالمعنى، وكل سلم بيع بخلاف لفظ السلم لا ينعقد به البيع، وصححه ابن الصباغ والأرغياني ونص عليه أيضًا، فإن قال بعده: اشتريت كان سلمًا جزمًا، كما قاله الرافعي في تفريق الصفقة. العاشرة: قال: صالحتك من ألف على خمسمائة، فهو صلح، ولا يبرأ عن الباقي، وقيل: إنه إبراء بلفظ الصلح، قال المزني: يوجب البراءة، والرافعي نظرها ¬

_ (¬1) هو محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني، أبو عبد الله، البغدادي، الفقيه الأصولي، الإمام، صاحب أبي حنيفة وناشر مذهبه، كان ملازمًا للإمام حتى عرف به، من تصانيفه: "الاحتجاج على مالك"، "الآثار" في الفروع، "المبسوط" في الفروع أيضًا، "الجامع الكبير والصغير" في الفروع أيضًا، توفي سنة تسع وثمانين ومائة (189 هـ) - راجع ترجمته في: "الجواهر المضية في طبقات الحنفية" (3/ 122)، "هدية العارفين" (2/ 8). (¬2) من (ق).

بمسألة الهبة السالفة (¬1) وصحح الصحة، ثم قال: والأظهر: اشتراط القبول، أي بخلاف الهبة، وهو مبني على اعتبار المعنى، وإن قلنا: بعدمه اشترطناه فيهما. الحادية عشرة: قال أبو سعد الهروي، والقاضي شريح الروياني في "أدب القضاء": "أعتقه عني بألف": بيعٌ في وجه، وعتق (¬2) بعوض في وجه. وفائدته: أنت حر غدًا على ألف إن قلنا: بيع فسد ووجب قيمة العبد، وإن قلنا: عتق بعوض صح، ووجب المسمَّى. الثانية عشرة: أوصى بزائد على الثلث وأجاز الوارث، وقلنا: الإجازة ابتداء غبطة، فهل تنفذ الإجازة بلفظ الإجازة؟ فيه وجهان؛ وجه المنع: أن الإجازة تستند إلى أمر سابق، وما سبق [باطل، قال الغزالي] (¬3): وهذا التقدير ينبني على أن النظر إلى الألفاظ أو إلى المقاصد؟ الثالثة عشرة: إذا خالع ولم يذكر عوضًا خرجهما القاضي أبو سعد (¬4) على هذه القاعدة وحكى فيها قولين، أحدهما: ليس بشيء، والتاني: خلع فاسد، ويجب مهر المثل، وفي وجه أنه رجعي، وإن أطلق الخلاف في "المنهاج". الرابعة عشرة: [قال] (¬5) خذها مُضاربةً ولم يزد عليه، وفي قول: إبضاع، فلا يجب أجر مثل، وفي قول: مضاربة فاسدة فيستحقه، كذا ذكره أبو سعد (¬6). الخامسة عشرة: الرجعة بلفظ النكاح وجهان أحدهما: الجواز؛ لأنه أقوى، ¬

_ (¬1) في (ق): "السابقة". (¬2) في (ن): "وعين". (¬3) استدراك من (ك). (¬4) في (ق): "أبو سعيد". (¬5) من (ق). (¬6) في (ق): "أبو سعيد".

والثاني: المنع نظرًا إلى [اللفظ] (¬1)، وهكذا إذا قال: تزوجي ونوى الطلاق لا يصح في وجه: نظرًا إلى اللفظ، وقيل: يصح نظرًا إلى المعنى (¬2)، والأصح: أن النكاح والتزويج كفاية. السادسة عشرة: باع المبيع للبائع قبل قبضه، فالأصح: أنه كبيعه فيكون باطلًا (¬3)، وقيل: فسخ، ومحل الخلاف فيما إذا باعه بغير جنس الثمن أو بزيادة أو نقص أو تفاوت (¬4) صفة، وإلا فهو إقالة بلفظ البيع، قاله المتولي وخرجه القاضي حسين على القاعدة (¬5). السابعة عشرة: قال: استأجرتك لتتعهد نخلي بكذا من ثمرها فوجهان: أحدهما: ألا (¬6) يصح مساقاة نظرًا إلى المعنى، وأصحهما: أنه إجارة فاسدة نظرًا إلى اللفظ وعدم وجود شرط الإجارة [المعروفة] (¬7)؛ [لأن الثمرة المعدومة] (¬8) لا تصح أن تكون عوضًا في الإجارة. الثامنة عشرة: لو تعاقدا في الإجارة بلفظ المساقاة فقال: ساقيتك على هذه النخيل مدة كذا بدراهم معلومة فوجهان، أحدهما: تصح إجارته نظرًا إلى المعنى، وأصحهما: أنه مساقاة فاسدة نظرًا إلى اللفظ وعدم وجود شرط المساقاة ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) أي: قد بِنْتِ مِنِّي فتزوَّجي. (¬3) في (ق): "باطل". (¬4) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "تقارب". (¬5) وكذا الشيخ تقي الدين السبكي كما في "الأشباه والنظائر" (1/ 183). (¬6) في (ن): "لا". (¬7) من (ن). (¬8) سقطت من (ن).

إذ من شرطها أن لا تكون بدراهم. التاسعة عشرة: إذا وكله [في] (1) أن يطلقها منجزة وكانت دخلت الدار، فقال: إن كنت [دخلت] (¬1) الدار فأنت طالق، فهل يقع الطلاق؟ فيه وجهان؛ لأنه منجز من حيث المعنى معلق من حيث اللفظ. العشرون: لو وكله في تطليق زوجته فقال: أنت طالق نصف طلقة التزم (¬2) الفوراني (¬3) ذلك في مجلس النظر، فقال: لا يقع، وقال غيره: يقع. الحادية بعد العشرين: لو قال: بعتك منفعة هذه الدار شهرًا، فوجهان أصحهما: لا ينعقد. الثانية بعد العشرين: إذا قال: وكلتك بتزويج ابنتي إن رضي به خالي، فهل يعتبر في صحة النكاح رضاه، قال القاضي في "فتاويه": [يحتمل] (¬4) وجهين: أحدهما: يجوز [ويصح] (¬5) اعتبارًا باللفظ، [والثاني] (¬6): لا، اعتبارًا بالمعنى (¬7)، ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "اليوم". (¬3) هو عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن فُوْران، الفُوراني، أبو القاسم المروزي، أحد أعيان المذهب، ومن أصحاب القفال المروزي، أخذ عنه المتولي وأئنى عليه، وكان ثقة جليل القدر، واسع الباع في دراية المذهب، له مصنفات كثيرة في المذهب والأصول والجدل والملل والنحل، وطبَّق الأرض بالتلامذة، وله وجوه جيدة في المذهب، وكان مقدم الشافعية بمرور، صنف: "الإبانة" في الفروع و"العمد" وغيرهما، توفى سنة إحدى وستين وأربعمائة (461 هـ) راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 229 - رقم 212). (¬4) من (ن). (¬5) من (ن). (¬6) سقطت من (ن). (¬7) وفي "ابن الوكيل": "قال القاضي في فتاويه: يحتمل وجهين، أحدهما: لا؟ لأنه لا حق =

[فإن قلنا: يشترطه فلو رضي ثم رجع قال: يحتمل وجهين أحدهما: يجوز، ويصح اعتبارًا باللفظ، والثاني: لا اعتبارًا بالمعنى] (¬1). الثالثة بعد العشرين: إذا وكَّله بشراء جارية بثمن في الذمة فاشترى بعشرين مثلًا، فقال الموكل: ما أذنت إلا بعشرة، وحلف وبقيت الجارية في يد الوكيل (¬2)، فليتلطف بالموكل (¬3) حتى يبيعها من الوكيل (¬4)، فإن لم يفعل بل قال: إن كنت [أذنت] (¬5) لك فقد بعتك، فوجهان، أصحهما: الصحة نظرًا للمعنى (¬6)؛ لأنه مقتضى الشرع، والثاني: المنع نظرًا إلى صيغة (¬7) التعليق. [ومنها]: إذ ادعى أنه اشترى [منه] (¬8) هذه الجارية بألف فأنكر المدعى عليه وحلف، فليتلطف القاضي به ويقول [له] (¬9): قل إن اشتريتها فقد بعتكها، فقد نصَّ (¬10) الإمام الشافعي على الصحة وما يبعد (¬11) فيه الخلاف. الرابعة بعد العشرين: إذا باع العبد من نفسه، نقل المزني أنه بيع ويجب ¬

_ = لهم فيه، والثاني: نعم". (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) في (ق) "بالوكيل". (¬3) في (ق): "بالوكيل". (¬4) زفي (ن) و (ق): "الموكل". (¬5) من (ق). (¬6) في (ق): "إلى المعنى". (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "صفة". (¬8) سقطت من (ق)، وفي (ن): "من"، وفي (ك): "مني". (¬9) من (ن). (¬10) في (ق): "فنص". (¬11) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "ينعقد".

الثمن، ونقل الربيع (¬1) أنه رجع [عنه] (¬2) وهي (¬3) كتابة حالة بلفظ البيع الفاسد. الخامسة بعد العشرين: إذا قال: [إن] (¬4) أديت لي ألفًا فأنت حر، قيل: عتق [بصفة البيع] (¬5) وقيل كتابة فاسدة، وقيل: معاملة صحيحة، و [قال] (¬6) في "الوسيط": إذا قال إن أعطيتني ألفًا فأنت حر، فلا يمكنه أن يعطيه من ملكه؛ إذ لا يملكه، فهو كما لو قال لزوجته: إن أعطيتني ألفًا فأنت طالق، فأتت بألف مغصوبة، ففي وقوع الطلاق خلاف، والأصح في "الروضة": عدم الوقوع. السادسة بعد العشرين: الإقالة نسخ على الأصح، فإن تقايلًا وقصد البيع نظرًا إلى المعنى، قال الجرجاني (7): يكون بيعًا، لأن (أقلت) توجب ما يوجب البيع نظرًا إلى المعنى، وقال الجرجاني (¬7): يحتمل أن يفسد نظرًا إلى اختلاف اللفظ. ¬

_ (¬1) هو الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المُرادي، أبو محمد المصري المؤذن، صاحب الشافعي وخادمه، وراوية كتبه الجديدة، قال الشافعي: الربيع راويتي، وكان الربيع أعرف من المزني بالحديث، وكان المزني أعرف بالفقه منه بكثير، قال عنه الشافعي أيضًا: إنه أحفظ أصحابي، رحل الناس إليه من أقطار الأرض لأخذ علم الشافعي ورواية كتبه، وهو آخر من روى عن الشافعي بمصر، ولد سنة ثلاث -أو أربع- وسبعين ومائة، وتوفي سنة سبعين ومائتين (270 هـ). راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 33 - رقم 10). (¬2) سقطت من (ن). (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "في". (¬4) من (ق). (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "نصفه". (¬6) من (ق). (¬7) كذا في (ن) و (ق): وفي (ك): "الزجاجي".

الثامنة بعد العشرين: إذا باعا ونويا (¬1) إقالة فقولان، أحدهما: أنه (¬2) بيع، والثاني: إقالة، وتظهر فائدة الخلاف في أن الإقالة لا تنفسخ بالتلف قبل القبض، وتفسد إن شرط زيادة على أصل الثمن ولا تصح من غير العاقد. التاسعة بعد العشرين: الإقالة بلفظ (¬3) الفسخ، قيل: فسخ نظرًا إلى اللفظ، وقيل: بيع اعتبارًا بالمعنى. الثلاثون: الإبراء هل هو إسقاط أو تمليك قولان، والحوالة معاوضة أو قبض، أو (¬4) تحويل على سبيل الضمان؟ خلاف، فإذا قال: ضمنت مالك على فلان بشرط أنه بريء، فقولان، أحدهما: حوالة بلفظ الضمان. والثاني: أنه ضمان فاسد، وكذا إذا قال: أحلتك بشرط أن لا أبرأ. الحادية بعد الثلاثين: إذا باع ما في ذمة الغير من ثالث، فالمنصوص أنه بيع، وفيه قول: أنه إن شرط أنه بريء فهو حوالة بلفظ البيع، وإن لم يشترط فهو فاسد. الثانية بعد الثلاثين: إذا قال: خذه قراضًا [على أن لك] (¬5) جميع الرِّبح، أو على أن لي جميع الربح، فقراض فاسد، وقيل: الأولى قرض، والثانية: إبضاع نظرًا إلى المعنى. الثلاثة بعد الثلاثين: الاستئجار على عمل في الذمة إجارة أو سلم حتى يجب قبض الأجرة في المجلس؟ وجهان أصحهما عند المتأخرين: الثاني. ¬

_ (¬1) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "إذا باعوا ثوبًا". (¬2) في (ن) و (ق): "في أنه". (¬3) كذا في (ق)، وفي (ن): "بعد تلفظ". (¬4) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "و". (¬5) تكررت في (ق).

الرابعة بعد الثلاثين: إذا ادعى الغاصب ضياع المغصوب وأخذ القيمة من غير مرافعة إلى القاضي ولا تحليف، حكى صاحب "جمع الجوامع" عن الإمام الشافعي قولين؛ أحدهما: أنه بيع، والثاني: أنه بدل ما فات، فإن رجع ردَّ واستِرد، قال: ويحتمل أنه إذا تركه فلم يحلفه أنه رضيه (¬1) فلا يرد. الخامسة بعد الثلاثين: إذا قال: وصَّيتُ بنصيب ابني فهو باطل على قول؛ لأنه وصية بمال الغير، صحيح على الآخر، ومعناه بمثل نصيب ابني. السادسة بعد الثلاثين: إذا قال: أعطوه كلبًا من مالي وله كلاب، قيل: يبطل؛ إذ ليس مالًا، وقيل: يصح نظرًا إلى اختصاصها (¬2). السابعة بعد الثلاثين: إذا أوصى بثلثه (¬3) للدواب المُسبّلة فالوصية باطلة؛ إذ لا تملك للدواب، وقد يقال: بالصحة، ومعناها القربة، وهي بالإنفاق عليها، وفي الوقف لو قال: وقفت على دابة فلان قيل: يصح ويكون ذلك وقفًا على علفها، فهو على المالك في الحقيقة، والأصح البطلان، لأنها ليست أهلًا للملك بحال، ولهذا جزموا في الوصية لها، قال الرافعي: ويشبه جريان خلاف الوقف فيه، وقد يفرق بأن الوصية تمليك محض، فينبغي أن يضاف إلى من يملك، قال النووي: وهو الأصح. الثامنة بعد الثلاثين: إذا أوصى لبني تميم أو وقف عليهم، وهم لا يُحْصَوْن، فقيل: لا يصح لأنه تمليك مجهول، [وهو] (¬4) باطل، وقيل: يصح اعتبارًا بالمعنى ¬

_ (¬1) في (ك): " أنه وصية". (¬2) أي: نظرًا إلى اختصاصه بها. (¬3) في (ق): "بثلاثة". (¬4) كذا في (ن) وفي (ق): "وقيل".

كالوصية للفقراء، وهو الأصح والمقصود الجهة لا الاستيعاب، [ولو] (¬1) تصدق عليهم، فقيل: يكون وقفا، والأصح المنع، بل ينفذ فيما هو صريح فيه، وهو واف بالقاعدة: أنما كان صريحًا في بابه ووجد نفاذًا في موضوعه لا يكون وقفًا، أما إذا كان على جهة تامة، فإنه يصير وقفًا بالنية، وكذا إذا قرن (¬2) ما يدل به عليه بقوله: صدقة مؤبدة، أو لا يباع. التاسعة بعد الثلاثين: الرجوع في الهبة بالبيع من غير قصد الرجوع. الأربعون: إذا قال: خذ هذا البعير ببعيرين (¬3)، فهل يكون بيعًا فاسدًا أو قرضًا؟ قولان. الحادية بعد الأربعين: إذا ادعى الإبراء فشهد [له] (¬4) شاهدان على أنه وهبه ذلك، أو تصدق به [عليه] (¬5) فقد قيل: يقبل؛ لأن هبة الدين نوع إبراء. وقيل: لا، قال الهروي: وهذا القائل لا يصحح (¬6) التوكيل بلفظ الوصايا المقيدة بحال الحياة، قال: وأصل الاختلاف أن العقود بألفاظها أو بمعانيها. الثانية بعد الأربعين: إذا حلف لا يهدي إليه فوهبه خاتمًا أو (¬7) نحوه يدًا بيد [هل يحنث؟ وجهان] (¬8)، وهذه تلتفت على أصل آخر، وهو أن ¬

_ (¬1) في (ق): "وقيل". (¬2) في (ن): "فرق". (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "ببعير". (¬4) من (ق). (¬5) من (ق). (¬6) في (ن) و (ق): "يصح". (¬7) في (ن) و (ق): "و". (¬8) استدراك من (ك).

قاعدة المالك الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى، والملك المقتضي لجواز التصرف أمر معنوي

الهدية (¬1) هل يشترط فيها الإرسال، وفي قصة سلمان الفارسي ما يأبى اشتراطه. الثالثة بعد الأربعين: هبة منافع الدار هل [هو] (¬2) إعارة لها؟ وجهان. الرابعة بعد الأربعين: إذا قال ابتداءًا من غير سبق خصومة: صالحني على دارك بكذا إن نظر إلى اللفظ، ولا خصومة لم يصح وهو الأصح، وإن (¬3) نظر إلى المعنى صح، قال الرافعي: وهذا إذا لم ينويا أو أحدهما بالصلح البيع (¬4)، فإن نويا فكناية في البيع، ولا شك فيه، فيصح في الأصح. الخامسة بعد الأربعين: معنى الحلف: حثٌّ أو منع أو تحقيق خبر، ومن لفظه (إن) لا (إذا)؛ لأنها للتأقيت، فلو علق الطلاق على الحلف فقال: إذا دخلت الدار فأنت طالق، فهل هو حلف؟ فيه وجهان ينظر في أحدهما إلى المعنى، وهو المنع، وفي الآخر إلى اللفظ وهو التأقيت، ولو قال: إن طلعْتِ الشمس فأنت طالق، فمن الأصحاب من أجرى القولين لما تقدم، ومنعه الإمام؛ لأن ما لا بد منه لا يتصور الحلف عليه. قاعدة " المالك الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى، والملك المقتضي لجواز التصرف أمر معنوي". وغلط من قال: إنه التصرف، فإن المحجور عليه يملك ولا يتصرف، كما أن ¬

_ (¬1) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الهبة". (¬2) من (ن). (¬3) وقعت في (ن): "ولا". (¬4) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الصلح بالبيع".

الولى يتصرف ولا يملك. إن شئت قلت: "هو حكم شرعي مُقدر في عين أو منفعة تقتضي تمكين من ينسب إليه من انتفاعه به، والعوض [عنه] (¬1) من حيث هو كذلك" (¬2). فقولنا: "شرعي" يشبه أنه يتبع الأسباب الشرعية. وقولنا: "مقدر"؛ لأن التعليق (¬3) عدمي ليس وصفًا حقيقيًّا بل مقدرًا. وقولنا [في عين] (¬4) أو منفعة؛ فوجهه أن المنافع تُملَّك كالأعيان. [وقولنا: ] "يقتضي انتفاعه" يخرج تصرف القضاة والأوصياء، فإنه لانتفاع المالك (¬5). وبالعوض الاختصاصات (¬6). وقولنا: "من حيث هو كذلك" إشارة إلى أنه قد يتخلف لمانع يعرض كالحجر لأمر (¬7) خارجي، والقبول ذاتي فلا منافاة (¬8). ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 592)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 232)، "قواعد الزركشي" (3/ 223). (¬3) يقصد بالتعليق: أنه يرجع إلى تعلق إذن الشرع. (¬4) من (س). (¬5) أي: فإنه في أعيان أو منافع لا يقتضي انتفاعهم؛ لأنهم لا يتصرفون لانتفاع أنفسهم، بل لانتفاع المالكين. (¬6) أي ويخرج بقولنا: "والعوض عنه" الاختصاص بالمساجد، والربط، ومقاعد الأسواق؛ إذ لا ملك فيها مع التمكن من التصرف، ويخرج أيضًا: الإباحات في الضيافات؛ فإن الضيافة مأذون فيها، ولا تُملَّك. (¬7) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "لأنه". (¬8) بيان هذه العبارة: أن قولنا: "من حيث هو كذلك" إشارة إلى أنه قد يتخلف لمانع يعرض =.

تنبيه: في ألفاظ يكثر استعمالها

تنبيه: في ألفاظ يكثر استعمالها (¬1): أحدها: الذمة، ونتكلم عليها في الفرائض. ثانيها: الصحة؛ ومحل الخوض فيه علم الأصول (¬2) [غير أنا نعرفك هنا أن الانعقاد والصحة في هذا الباب عبارتان عن معبر واحد، ولا شك أن] (¬3) الانعقاد أثرها فعبَّر بالمؤثر عن الأثر وعكسه (¬4)، وأما الفاسد فصورته صورة عقد. ثالثها: النفوذ: وهو عبارة عن انعقاده مؤثرًا في المحل مبينًا لحكمه. والباطل والفاسد مترادفان: إلا في مواضع ستعرفها إن شاء الله. رابعها: اللزوم، وهو ما لا يقبل الفسخ، أو ما لا (¬5) يُتمكن من إبطاله، ثم قد يكون [من جانبين وقد يكون] (¬6) من جانب واحد. خامسها: الجائز، وهو عكسه (¬7). سادسها: الفسخ، وهو حل ارتباط العقد. سابعها: الاستقرار، وهو الأمن من سقوط الملك بسبب انفساخ ¬

_ = للمحجور عليهم، لهم الملك وليس لهم التمكن من التصرف لأمر خارجي، فالقبول الذاتي حاصل، فلا ينافيه العارض الخارجي، اهـ. "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 233). (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 233). (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "القبول". (¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) و (ق)، استدركناه من (س). (¬4) أي: فكل صحيح منعقد، وكل منعقد صحيح، ولا يقال في الفاسد: إنه منعقد إلا مجازًا، فيقال: هذا عقد فاسد، حيث لا عقد حقيقي. (¬5) في (ن) و (ق) هنا زيادة: "يقبل" ولا اقتضاء لها في السياق. (¬6) سقطت من (ق). (¬7) أي عكس اللازم.

فائدة: الإيجاب والقبول هل هما أصلان في العقد

العقد أو (¬1) فسخه، فالملك مستقر في كل من الموضعين (¬2) بعد قبضه، وإن لم يؤمن من زوال الملك بسبب الفسخ بالعيب، قال البندنيجي في تعليقه: المستقر: ما لا يخشى سقوطه بزوال سببه كثمن المبيع على (¬3) وجه الصحة، والأجرة بعد انقضاء المدة، والمهر بعد الدخول، والعوض في الخلع، وقيم المتلفات وأروش الجنايات. فائدة: الإيجاب والقبول هل هما أصلان في العقد، أو الإيجاب هل هو الأصل والقبول فرع (¬4)، [وحكى] (¬5) شيخنا شمس الدين ابن عدلان (¬6) خلافا في ذلك، وهو غريب، قال: وبنى بعضهم عليه: ما إذا قال المشتري: بعني، فقال البائع: بعتُكَ، هل ينعقد؟ إن قلنا بالأول صح، وإن قلنا بالثاني فلا، لأن الفرع لا يقدم على أصله. * * * ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "لا". (¬2) في (ق): "العوضين". (¬3) أي بعد قبضه. (¬4) "أشباه ابن السبكي" (1/ 234). (¬5) استدراك من (س). (¬6) هو محمد بن أحمد بن عثمان بن عَدْلان بن محمود بن لاحق بن داود، الإمام العلامة شيخ الشافعية، شمس الدين الكناني المصري، المعروف بابن عَدْلان، كان فقيهًا إمامًا يضرب به المثل في الفقه، عارفًا بالأصلين والنحو والقراءات، ذكيًّا نظارًا فصيحًا، وكان أفقه من بقي في زمانه من الشافعية، وكان مدار الفتيا عليه بالقاهرة، توفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة (749 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (2/ 130 - رقم 614).

قاعدة كل قبول جائز أن يكون بلفظ: قبلت

قاعدة " كل قبول جائز أن يكون بلفظ: قبلت، وباللفظ المحاكي للفظ الإيجاب أو المرادف للفظ الإيجاب" (¬1). فنقول في جواب: بعتك: قبلت، أو ابتعت، أو اشتريت، وفي جواب: أنكحتك: قبلت، أو نكحت، أو تزوجت، ونحو ذلك على ما تقرر في الفن، ولا يتعين اللفظ المحاكي إلا في مسألة واحدة: وهي ما إذا قال: إن ضمنت لي ألفًا فأنت طالق، فلا بد أن تقول: ضمنت على ما اقتضاه كلام الغزالي وشيخه (¬2)، ولا يكفي: "شئت" بدل "ضمنت"، كما صرح به الأصحاب، ولا: قبلت، كما صرح به ابن الرفعة ناقش فيه الرافعي زاعمًا أن كلامه اقتضى الاكتفاء وليس كذلك، وإنما قال -أعني الرافعي-: المراد بالضمان القبول والالتزام دون المفتقر إلى أصل، ومراده بالقبول الالتزام غير معترض على (¬3) لفظه، ولك أن تقول: لا يكتفي بلفظ: قبلت؛ لأن المعلق عليه هنا الضمان لا لفظه. واختلف فيما إذا قال: خالعتك بألف، فقالت: قبلت الألف [صح] (¬4)، وفي "فتاوى القفال" أن أبا يعقوب (¬5) غلط فقال في حق المرأة: لا بد أن تقول: ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكىِ (1/ 235). (¬2) يعني: إمام الحرمين أبا المعالي الجويني. (¬3) في (ن) و (ق): "إلى". (¬4) استدراك من (س). (¬5) هو يوسف بن محمد، أبو يعقوب الأبيوردي، أحد أعلام المذهب، تخرج بأبي طاهر الزيادي، وصنف التصانيف السائرة، والكتب الفائقة الساحرة، وما زالت به حرارة ذهنه وسلاطة =

اختلعت والأجنبي لا يحتاج إليه، وفرق صاحب "المطلب" (¬1) بأن الأجنبي حظه منه قبول المال، فكفى، بخلاف [الزوجة] (2)، أي: فإن الطلاق من [حيث] (2) كونه واقعًا عليها [لها] (¬2) فيه حظ، وهذا أولى مما فهمه منه غيره، من [أن] (¬3) أبا يعقوب ترك لفظة: اختلعت لتوافق: خالعت. * * * ¬

_ = وَهْمه، وذكاء قلبه حتى احترق جسمه، واحتضد غصنه، وقيل إن الشيخ أبا محمد الجويني تفقه عليه، ومن تصانيفه: "كتاب السائل" في الفقه، يفزع إليه الفقهاء، ويتنافس فيه العلماء، وكثيرًا ما يقع ذكره في "فتاوى القفال"، قال السبكي: أحسبه توفي في حدود الأربعمائة. راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 175 - رقم 159). (¬1) يعني: نجم الدين أبا العباس بن الرفعة. (¬2) من (س) (¬3) سقطت من (ق).

[باب شروط البيع]

[باب شروط البيع] (¬1) فائدة: شروط البيع خمسة (¬2): الطهارة، والانتفاع، والقدرة على التسليم، والملك للعاقد، ولمن يقع له العقد، وكونه معلومًا. ومنهم من اكتفى بالقدرة (¬3) على التسليم، وقال: القدرة تشمل الحسيَّة والشرعية (¬4)، وإذا لم تشتمل على سائر الشروط كانت القدرة زائلة، وهو دور فإن الغرض تعريف تلك الشرُوط (¬5) لتحقق (¬6) الشرائط (¬7)، ومنهم من حذف قيد الطهارة؛ لأن النجس لا يُملك. فائدة: لا يلزم من حصول الشرط حصول المشروط، وإنما اللازم انتفاء المشروط عند انتفائه (¬8)، فلا يلزم من اجتماع شروط البيع صحته، بل لا بد من صفات في العاقد والمعقود عليه، و [هو] (¬9) مع ذلك قد يمتنع البيع لأسباب ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 236). (¬3) في (ن): "باليد". (¬4) في (ن): "الحسبة الشرعية". (¬5) أي الشروط الشرعية. (¬6) في (ق): "ليتحققوا". (¬7) تمام هذه العبارة في (س): "ولنا هنا - لتحقيق العبارة عن شرائط المبيع، فإنا مكتفون بفهمها متكلمون بعدها على فصول آخر". (¬8) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 236). (¬9) من (ن).

فائدة: قد يجوز البيع من شخص دون شخص في صور

[آخر] (¬1)، إلا أن تلك الأسباب خارجة عن صفات المبيع والبائع (¬2) والمشتري والصيغة، فلا يلزم اعتبارها عند ذكر (¬3) أركان العقد وشروطه، ويظهر هذا بأنه رُبَّ مجتمع لهذه الشرائط لا يصح بيعه، وذلك في مسائل: - منها: جلد الأضحية، والأضحية إذا أهدى من لحمها إلى غني أو تصدق على فقير، فله التصرف (¬4) فيه بالهدية والهبة دون البيع. فائدة: قد يجوز البيع من شخص دون شخص في صور (¬5): الأولى: بيع رقبة الموصي بمنفعته، أصح الأوجه صحته من الموصى له دون غيره. الثانية: بيع المشتري المبيع قبل انقضاء الخيار من البائع صحيح، ومن غيره باطل على خلاف فيه. الثالث: بيع المفلس المحجور عليه من الغرماء، قيل: يصح، والأصح: المنع إلا بإذن القاضي. الرابعة: بيع المغصوب من القادر على انتزاعه صحيح على الصحيح، ومن غيره باطل. الخامس: بيع الثمر قبل بدو الصلاح [من مالك الشجرة، وقيل: يصح] (¬6) من غير شرط القطع؛ والأصح أنه كغيره، فلا يصح. ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "الانتفاع". (¬3) في (ق): "تلك". (¬4) أي: يجوز له التصرف فيها لأنه يملكها حينئذ. (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 237). (¬6) استدراك من (س).

قاعدة إذا تحقق انتفاء [شرط] تحقق انتفاء الصحة

السادس: لو اختلط حمام مملوك بمثله (¬1) وعسرَ التمييز، فليس لواحد منهما التصرف ببيع أو هبة لثالث، أما من الآخر فوجهان. السابعة: المستعير للغرس والبناء [له] (¬2) أن يبيع من المعير (¬3)، وبالعكس وللمعير أن يبيع الأرض من ثالث، ومن المستعير وجهان أصحهما: كذلك. الثامنة: بيع المكاتب باطل على الجديد، إلا أن يبيعه من نفسه فيصح. قاعدة إذا تحقق انتفاء [شرط] (¬4) تحقق انتفاء الصحة، وإن شك [فيه يحتمل] (¬5) القطع بانتفاء الصحة [ويحتمل الشك] (¬6) والوقف للبيان، والأول: كبيع الفضولي، الجديد: بطلانه، والثاني: كبيع مال المورث على ظن حياته فإذا هو ميت، ويعبر عن هذا: بان النظر هل هو إلى ما ظنه أو إلى ما في نفس الأمر، والخلاف فيها وفي بيع الفضولي (¬7) يعبر عنه بوقف العقود، قال الرافعي وغيره: قولا وقف العقود جاريان في ثلاث مسائل (¬8): ¬

_ (¬1) أي اختلط بحمام مثله لغيره. (¬2) من (ن). (¬3) في (ق): "الغير". (¬4) سقطت من (ق). (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) (ق): "فاحتمالان". (¬6) من (س). (¬7) الفضوليُّ في اللغة: أصلها فُضُول جمع فَضْل، ثم استعمل الجمع استعمال المفرد فيما لا خير فيه، ولهذا نسب إليه على لفظه، فقيل: فُضُوليِّ: لما يشتغل بما لا يعنيه، وفي الاصطلاح: بيع الفضولي هو من لم يكن وليًّا ولا أصيلاً ولا وكيلاً في العقد. راجع: "المصباح المنير" (ص: 282)، "التعريفات" للجرجاني ص (146). (¬8) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 214)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 238)، =

في بيع الفضولي، وفيما إذا غصب أموالًا واتجر في أثمانها وعسر ببيعها (¬1) بالنقص، وفيما إذا باع مال مورثه السالفة. فحيث قالوا في مسألة فيها قولا وقف العقود يراد به ذلك، وألحق بذلك الإمام بيع الراهن والمرهون، ويقرب منه بيع المفلس والمريض والتحقيق فيه: أن الوقف، وقفان: وقف تبين، ووقف صحة، فالأول لا يضر قطعًا؛ وهو أن يكون العقد في نفسه صحيحًا أو باطلًا (¬2)، فعدم معرفتها لا يضر، والاعتماد على ما في نفس الأمر، وأما الثاني (¬3): فهو أن يفوت ركن أو شرط، فيتوقف انعقاد العقد على وجود ذلك الركن أو الشرط، فإن وجد حكم [بالانعقاد] (¬4) وإلا بطل، فيتوقف بيع الفضولي على إجازة المالك، فإن أجاز صح وإلا بطل، فلا يمكننا أن نقول: كان العقد قبل (¬5) وجود الركن أو الشرط صحيحًا أو فاسدًا ونحن جاهلون بوقوع أحد الأمرين، ثم تبينا عند الإجازة الصحة، بل من يقول بصحة العقد إنما يصححه حالة الإجازة، وقال الإمام في بيع الفضولي: على قول الوقف [إن الصحة] (¬6) ناجزة، وأنه يتوقف على إجازة المالك فقط. إذا عرفت ذلك فاعلم أن هذا لا يتمشى في بيع مال أبيه ظانًّا حياته فبان (¬7) ¬

_ = "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 551)، "قواعد الزركشي" (3/ 341). (¬1) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "تتبعها". (¬2) أي: ونحن لا نعلم بطلانه، ثم تبين أنه كان صحيحًا أو باطلاً. (¬3) أي وقف الانعقاد. (¬4) استدراك من (ك). (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "على". (¬6) من (ك). (¬7) في (ن) و (ق): "قبل".

موته، وذلك أن من يصح لا يقول: إنه يتوقف (¬1) على علمه وإجازته حال علمه، بل القائل قائلان: قائل [بأنه يصح] (¬2) من حين التلفظ بالعقد، وقائل ببطلانه غير متوقف على الإجازة. إذا عرفت ذلك فقد قال الإمام: إن قولي (¬3) وقف العقود جاريان (¬4) في الفقه (¬5) كله أجمعه في كل ما يقبل النيابة من البياعات (¬6) والإجازات والهبات والعتق والطلاق والنكاح، ولذلك قال الرافعي: إنهما جاريان فيما لو زوج أمة الغير أو ابنته أو طلق منكوحته، أو أعتق عبده، أو أجر داره، أو رهنها بغير إذنه، ولم يتعرضوا لذلك في المسألة في كتاب الطلاق، وقول الإمام: إن القولين جاريان في الطلاق ونحوه قد صرح به الرافعي أيضًا، وقال: إن الشخص إذا طلق زوجة غيره وقف وقوع الطلاق على إجازة الزوج على أحد القولين، وقد جزموا في المسألة في كتاب الطلاق ولم يتعرضوا لقول الوقف، ثم إن الرافعي قال في كتاب الخلع فيما لو وكل في الخلع وأطلق ولم يعين ما يخالع به، فخالع الوكيل بأقل من مهر المثل، فيه خمسة أقوال، وأن الصحيح: إما عدم الوقوع (¬7) بالكلية، كما صححه البغوي والرافعي في "المحرر"، وإما وقوع الطلاق بمهر المثل، كما صححه العراقيون وغيرهم. ¬

_ (¬1) في (ن): "يوقف"، وفي (ق): "موقوف". (¬2) ساقط من (ق)، وفي (ن): "صح"، والمثبت من (ك). (¬3) في (ن) و (ق): "قولا". (¬4) في (ن): "جارية"، وفي (ق): "جائزة". (¬5) في (ق): "الوقف". (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن): "المبتاعات"، وفي (ق): "المبيعات". (¬7) في (ن): "الرجوع".

والقول الخامس: أن الطلاق موقوف، فإن رضي بالمسمى فذاك، وإلا رد المال، والطلاق. قال في "البسيط" (¬1): وهذا لا [يكاد] (¬2) يكون وقفًا للطلاق، وتبع في هذا الاستنكار (¬3) إمامه، وقال: يلزم عليه أنه لو أقدم الأجنبي على ذلك لزم هذا الحكم، وهذا انحلال وخروج عن الضبط، وكان وجه الإنكار أن هذا القول في الجديد حتى أشار الإمام إلى أنه نسبة إلى تخريج ابن سريج، ولا يمكن القول في الجديد بالوقف، هذا توجيه الإنكار وإلا فلا يمكن الإنكار في النظر إلى الوقف على القديم، ثم أشار الإمام وغيره أن مثل [هذا] (¬4) [أولى بقبول] (¬5) الوقف من البيع والنكاح؛ من حيث إن الطلاق يقبل التعليق والإغرار، ثم قالوا في الاعتذار عن هذا: إنه يجوز أن يقال: الوقف ليس في الطلاق، لكن الطلاق شرط بعوض قابل للرد، فإذا أراد العوض انعطف الرد على الطلاق. ومنها: البيع والهبة والرهن والعتق والكتابة مع المفلس المحجور عليه، وفيها قولان، أحدهما: أنها موقوفة إن فضل ذلك عن الدين والإلغاء (¬6)، وأصحهما: أنها ¬

_ (¬1) كذا في (ق) و (ك)، وفي (ن): "الوسيط". (¬2) سقطت من (ق)، وفي (ك): "وهذا يكاد". (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الإشكال". (¬4) من (ق). (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن): "بعقود"، وفي (ق): "العقود". (¬6) بيان هذه الفقرة: أن هذه التصرفات بالنسبة للمحجور عليه موقوفة إن فضل ما يُصرف فيه عن الدين إما لارتفاع القيمة أو لإبراء المستحقين نفذناه، وإلا بان أنه كان لغوًا، لأنه محجور عليه لحق غيره فلا يلغى تصرفه كالمريض اهـ. "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 215).

لا تصح، قال [الرافعي] (¬1): إن شئت قلت هذه التصرفات غير نافذة (¬2) في الحال، فإن فضل ما تصرف فيه وانفك الحجر فهل ينفذ حينئذ؟ فيه قولان، وهذه العبارة تقتضي أنه ليس الوقف [وقف] (¬3) تبين بل وقف انعقاد، ويريد: أنما يكون موقوفًا على أمر سيوجد (¬4) في المستقبل فيكون من وقف الانعقاد، وما يكون موقوفًا على أمر سيتبين وجوده فيما مضى يكون من وقف التبين، كما لو باع مال أبيه على ظن حياته فبان موته، أو باع مال غيره على أنه بغير إذنه ثم بان أنه أذن له حال العقد، وهذا يخدشه (¬5) قول الإمام وغيره: إنه يتبين صحة التصرف من أوله وأن القولين هنا في الجديد، وقول وقف العقود من القديم. - ومنها: بيع العبد الجاني جناية تقتضي [جناية] (¬6) المال متعلقًا برقبته من غير اختيار، والسيد موسر لم يصح على أصح القولين، وفيه قول مخرج حكاه صاحب "التتمة" أن البيع موقوف إن فداه نفذ، وإلا فلا فإن اختار الفداء صح، قال البغوي: وفيه نظر؛ لأن اختيار الفداء لا يلزم، وله الرجوع عنه. - ومنها: ما قاله الغزالي في باب نكاح المشركات فيما لو أسلمت أمة تحت عبد وعتقت، فلها تأخير الفسخ لانتظار إسلامه، فإن فسخت نفذ، وفائدته كون عدتها من حين الفسخ (¬7)، فإن أجازت يبني على وقف العقود، وقال الرافعي: لا ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن): "فائدة". (¬3) من (ن). (¬4) في (ق): "سيكون". (¬5) في (ق): "الحديث". (¬6) من (ق). (¬7) أي لو أسلم.

تُقيَّدُ (¬1) جهة الوقف إلا بتقدير إسلام الزوج، أما لو أصرَّ (¬2) فلا يتصور إقامة المسلمة تحت الكافر. - ومنها: إذا أسلم مع أربع زوجات وتخلف أربع وهن وثنيات فتعين الأوليات للفسخ (¬3) لم يصح، وقيل: يصح موقوفاً، فإن أصررن (¬4) على الكفر إلى انقضاء العدة لغا، فإن أسلمن في العدة تبين نفوذ الفسخ في الأوليات، وتعينت الأخريات للنكاح، قال الرافعي: وهذا الوجه مأخوذ من الخلاف في وقف العقود، فلو عين المتخلفات للنكاح لم يصح إلا على وجه الوقف، ولو أسلم على ثمان وهو يخاطب كل واحدة بالفسخ عند إسلامها تعين الفسخ للأربع المتأخرات، وعلى وجه الوقف يتعين للأربع المتقدمات. - ومنها: لو عتقت تحت عبد فلها [63 ن/أ] الخيار في فسخ النكاح [على الفور] (¬5)، فإن كانت طلقت ثلاثاً فلا فسخ إذ لا فائدة فيه، وإن كان رجعيًّا فهل لها الإجازة؟ وجهان، أصحهما: لا، وحكى الغزالي أن منهم من خرجه على وقف العقود إن راجعها (¬6) نفذت وإلا لغت، وذكر الإمام [56 ق/ب] أنه لا يخرج على ذلك قال: لأن شرط الوقف أن يكون مورد العقد قابلاً لمقصود العقد، قال: ألا ترى: أن بيع الخمر لا يوقف على أن تتخلل وهي حالها غير مستحيلة. ¬

_ (¬1) في (ن): "تعتبر". (¬2) في (ن): "أصرت". (¬3) في (ق): "ليفسخ". (¬4) في (ن): "أصررتا"، وفي (ق): "أصرتا". (¬5) من (ق). (¬6) في (ق): "أجرها".

- ومنها: خلع المرتدة [موقوف] (¬1)، فإن عادت إلى الإسلام قبل العدة (¬2) صح، وإن أخرت تبين البطلان. قال الغزالي: وله التفاوت إلى (¬3) وقف العقود، وقد اختار المتولي (¬4) أنه لا يصح؛ لأن المعاوضة تستدعي الملك في المعقود (¬5) عليه، وهي كالزائل عن ملكه، ولذلك يحكم بالفرقة من حين (¬6) الردة إن لم تعد في العدة إذا عرف هذا القسم، فالكلام في وقف التبين في صور: - منها: قول الوقف في الملك في مدة الخيار، وهو الصحيح. - ومنها: وقف سراية حصة الشريك في العتق حتى يبذل البدل، فإذا بذله بان أنه نفذ من حين العتق على قول. - ومنها: تصرفات المريض بالمحاباة فيما يزيد على الثلث هل (¬7) نقول هي باطلة في الحال أو موقوفة إن أجاز الورثة نفذ وإلا بطل؟ فيه قولان، أظهرهما: الثاني، وهو يشكل على المسائل السابقة، ومثاره: أن إجازة الوارث هل هي ابتداء عطية أو تنفيذ بالوقف يأتي على قول التنفيذ والإشكال قائم، فإن إجازة المالك على قول (¬8) "الوقف تنفيذ" كبيع الفضولي، ومع ذلك لم يصح على الجديد. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "العقد". (¬3) في (ن): "إلى أن". (¬4) كذا في (ق) وفي (ن): "المزني". (¬5) في (ن) و (ق): "المقصود". (¬6) في (ق): "حبس". (¬7) وقعت في (ن) و (ق): "هي". (¬8) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "وقف".

وقالوا في اختلاع المريضة بزيادة على مهر المثل: إنه تلغى الزيادة ويصح في قدر مهر المثل، ولم يخرجوه على القولين [في تبرعات المريض، ولا على المذهب] (¬1) فيما لو زوج الصبي بأكثر من مهر المثل. وفي "النهاية" في الفروع المنثورة في العتق حكاية قولين فيما إذا رد الوارث الزيادة على الثلث [هل نقول: الزيادة ثبتت ثم ردت، أو تبين أنها] (¬2) لم تنفذ. - ومنها: [تصرفات] (¬3) المشتري زمن خيار هما بالعتق والبيع ونحوه لا تنفذ، وفي العتق (¬4) وجه إن تم العقد. - ومنها: الوكيل [63 ن/ ب] بالبيع مطلقاً ينفذ بثمن المثل حالاً من نقد البلد، فإن خالف بطل، وقيل: يصح موقوفاً على إجازة المالك، قال الرافعي: وهذا هو المنقول في بيع الفضولي. - ومنها: وقف التصرف فيما لو قال: إن كان هذا الطائر غراباً فأنت طالق، وإلا فعبدي حر، حتى يعلم ما هو. - ومنها: وقف عتق العبد الجاني في أحد الأقوال حتى يلتزم الفداء. - ومنها: إذا باع العدل الرهن بالإذن [فطلب] (¬5) [طالب] (6) بزيادة في المجلس انفسخ، فإن رجع الراغب بان [أنَّ] (¬6) الانفساخ لم يكن - عند [57 ق/أ] ¬

_ (¬1) استدراك من (ك). (¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬3) استدراك من (ك). (¬4) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "المعين". (¬5) في (ن): "بطلت". (¬6) من (ك).

الغزالي -، وفي كلام الرافعي إشارة إلى غير ذلك، ونسب ما قاله الغزالي [إلى] (¬1) طريقة الصيدلاني، وشبهه بما إذا بذل الابن للأب الطاعة في الحج، وجعلناه بذلك مستطيعاً، ثم رجع عن الطاعة قبل أن يحج أهل بلده، فإنا نتبين عدم الوجوب. - ومنها: أعتقت تحت عبد فلها الخيار على الفور (¬2) (¬3)، فإن طلقها طلاقاً رجعيَّاً فلها الفسخ لتقطع سلطنة الرجعة، وفي وجه أن الفسخ موقوف إن راجعها نفذ، وإلا فلا. - ومنها: لا يصح اللعان حال البينونة، فلو ارتد أحد الزوجين بعد الدخول فإن عاد إلى الإسلام بان صحته إلا فلا، وإن لم يتبين ففي اندفاع حدِّ القذف به وجهان، الأصح: المنع، وبنى الشيخ أبو محمد الخلاف على تردد في أن العادة الجارية في العدة لتبديل الدين، سبيلها إذا تبين ارتفاع النكاح سبيل الرجعيات أو البائنات (¬4) وقضية جريان الخلاف في نفس اللعان أيضاً. قال الإمام: ويجوز أن يوقف أثر اللعان إلى أن يُسلم أو يُصرّ. - ومنها: في تداخل العدتين إذا وطئها شخص (¬5) في عدة الطلاق، وهنا حمل يحتمل أن يكون منها، وكان الطلاق بائناً فجدد النكاح قبل الوضع (¬6)، أو بعده لم يحكم بصحته؛ لاحتمال كونها في عدة الشبهة، فإن بان بعد أن العدة كانت [منه] (¬7) ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) أي: لها الخيار في فسخ النكاح. (¬3) في (ن) و (ق): "القول". (¬4) في (ن): "الباقيات". (¬5) أي: وطئها بشبهة. (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الوطء". (¬7) سقطت من (ق).

بإلحاق (¬1) القائف الولد به قال المتولي: هو على الوجهين في الرجعة، والأصح: الصحة، قال: وليس هو من وقف العقود، بل هو وقف [64 ن/أ] على ظهور أمر كان عند العقد. - ومنها: إذا طلق قبل الدخول وثبت الخيار لها لكون (¬2) الصداق زائداً زيادة متصلة بين دفع الشطر وقيمة نصفه بلا زيادة، أو ثبت لها الخيار لكونه ناقصاً، أو ثبت لها لكونه زائداً من وجه [وناقصاً من وجه] (¬3)، فالخيار على التراخي كخيار رجوع الواهب، والملك موقوف حتى يختار من له الخيار، وحيث كان الخيار لها فله أن يطالبها ويدعي عليها بأحد الأمرين، ولا يعين واحداً منها، فإن أصرت (¬4) على الامتناع حبس القاضي عنها عين الصداق حتى تختار، ولا ينفذ تصرفها فيه حينئذ كالمرهون، لكن لو ماتت أو أفلست لم يتقدم به على الغرماء عند الجمهور خلافاً لابن سريج (¬5) وأبي إسحاق (¬6)، ويحتمل [أن يقال: ] (¬7) إن الواجب له قيمة النصف عيناً، ولها أن تبذل [57 ق/ب] نصف الصداق، ونص الإمام الشافعي [يدل على هذا] (¬8) كما يعدل عن جنس الواجب في الفطرة إلى جنس أعلا منه، وكما يعدل عن بنت ¬

_ (¬1) في (ق): "باجتهاد". (¬2) في (ن): "لكن". (¬3) استدراك من (ك). (¬4) في (ن): "استمرت". (¬5) في (ق): "شريح". (¬6) قال الزين ابن الوكيل في "الأشباه والنظائر": "وهذا هو المنقول". (¬7) من (ن). (¬8) تكررت في (ق).

مخاض (¬1) إلى بنت لبون، ويؤيده قول (¬2) بعض الأصحاب: إنها لو بذلت له نصف الصداق لم يجبر الزوج، قالوا: لأن حقه تعين ابتداء في قيمة النصف، فليس لها الإجبار (¬3) على إعطائه غير (¬4) حقه، فإن قيل: إثبات الخيرة لها يمنع (¬5) الجزم في كل واحد منها، قلنا: إنما يتم ذلك إذا كانا على السواء، فإن كان أحدهما أصلاً والآخر بدلاً فلا، وقد قال المتولي وغيره: إن زوجة المولى تطالب بالوطء مع أنه مخير بينه وبين الطلاق، وكلام الأصحاب يدل عليه، لكن الإمام قال [هناك كما قال] (¬6) هنا: إنها (¬7) تطالب بأحدهما، إذا عرفت أنه موقوف، فإذا اختار من له الخيار هل يتبين الملك من حين الطلاق حتى تتبعه الزوائد الحادثة بين الطلاق والاختيار، أو يحصل الملك عند الاختيار، وقبل ذلك يكون مستمراً على ملكها، ويتجه أن تتخرج على الخلاف في أن الشطر هل يعود بنفس الطلاق أو باختيار التملك؟ فعلى الأول، وهو الأصح تبين أن الملك حصل من حين الطلاق، وعلى الثاني يكون من حين الاختيار. - ومنها: في أواخر باب تفريق الصفقة أنه لو باع عبداً يساوي ثلاثين بعشرة (¬8) ولا مال له غيره فيرتد البيع في بعض المبيع. ¬

_ (¬1) أي من خمس وعشرين من الإبل. (¬2) في (ق): "قبول". (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الخيار". (¬4) في (ك): "من". (¬5) في (ق): "يدفع". (¬6) من (ق). (¬7) في (ن): "أينما". (¬8) في (ق): "بعشرين".

وفي الباقي طريقان؛ أصحهما: أنه على قولي تفريق الصفقة، والثاني: القطع بصحة البيع، وصححها البغوي؛ لأن الأصل يقتضي النفوذ (¬1) في الكل، والرد في البعض تدارك حادث (¬2). - ومنها: رهن العبد الجاني جناية يتعلق بها الأرش برقبته لا يصح على الأصح، وإن تعلق بها قصاص صح، فلو رهن ما يتعلق به قصاص فعفى المستحق عن مال بعد أن رهن وتعلق المال برقبته فهل يتعين الفساد في الرهن أو يبقى كما لو جنى العبد المرهون؟ فيه وجهان (¬3) وبالأول قال الجويني (¬4): فإن قلنا به فلو حفر العبد بئراً ثم رهن ثم تردى فيه إنسان وتعلق الضمان برقبته ففي فساد الرهن وجهان، وههنا أولى بالمنع؛ لأن الحفر ليس سبباً تاماً بخلاف الصورة [58 ق/أ] السابقة وأشار الأصحاب إلى تخريج القولين فيما لو وكل وكيلاً في بيع شيء معين، والوكيل لا يعلم فباعه غير عالم بالوكالة، قال الشيخ أبو حامد: هو (¬5) على الخلاف فيما إذا باع مال أبيه على ظن حياته فبان موته، وهذا التخريج لا يتجه إذا شرطنا القبول في الوكالة، فإذا شرطناه لم يتم العقد فيها حتى يكون الوكيل في نفس الأمر مالكاً للتصرف، وإن تعرضنا إلى ما أشار إليه الأصحاب مما وقع فيه الإشارة إلى قول الوقف فلنذكر ما حضر من وقف الانعقاد ثم من وقف التبين: أما القسم الأول ففيه مسائل: ¬

_ (¬1) كذا في (ق)، وفي (ن): "التفرقة". (¬2) وفي (ن) و (ق): "درجات" والمثبت من (ك). (¬3) نقلهما إمام الحرمين والغزالي. (¬4) يعني الشيخ أبا محمد الجويني. (¬5) في (ن) و (ق): "فهل هو". والصواب بالخبر لا بالإنشاء كما أثبت.

- منها: لو قال عند خوف غرق السفينة: ألق متاعك وأنا والركبان ضامنون، وقالوا: رضينا بما قال، فمن أصحابنا من قال: يضمنون، والأصح: خلافه، لعدم وقف العقود (¬1)، واختيار الغزالي: أنه يلزمهم وإن لم نقل (¬2) بوقف العقود؛ لأن هذا مبني على المصلحة والتساهل (¬3). - ومنها: إن أسلم الزوج وتأخرت المجوسية أو الوثنية وهي مدخول بها توقف في الفرقة إلى انقضاء العدة، فإن طلقها في أثنائها فهو موقوف، ومنهم من حمله (¬4) على قولي وقف العقود حتى لا يقع في [65 ن/أ] قوله: وإن اجتمعا على الإسلام، والمذهب: الأول، لقبول الطلاق صريح التعليق، فأولى تقديره (¬5). ولو نكح في عدتها أختها المسلمة أو أربعاً (¬6) سواها لم يصح [سواها] (¬7)؛ لأن زوال نكاحها غير مستيقن، وقال المزني: يتوقف في ذلك كما يتوقف في نكاح المتخلفة، وقيل: بالتخريج على القولين، وعلى كل تقدير فالفرق بينه وبين ما إذا باع مال أبيه على ظن حياته فبان موته؛ فإن هناك المعنى المجوز للتصرف (¬8) [قائم في الحال لكن لم يعلم التصرف] (¬9)، ................................. ¬

_ (¬1) أي في الجديد. (¬2) في (ق): "يقل". (¬3) في (ق): "والمشاهدة". (¬4) في (ق): "جعله". (¬5) أي فأولى أن يقبل تقديره. (¬6) في (ن): "أربعة". (¬7) من (ن). (¬8) في (ق): "لمجرد التصرف". (¬9) ما بين المعقوفتين من (ن).

وإصرار المتخلفة (¬1) إلى انقضاء العدة ليس حاصلاً في الحال، وإنما يتعلق بالاستقبال. - ومنها: إذا ذبح (¬2) أجنبي أضحية معينة ابتداء [أو هدياً معيناً] (¬3) بعد بلوغ المنسك وقع الموقع ويفرِّقُ (¬4) المالك اللحم، وفيه قول قديم: أن لصاحب الأضحية أن يجعلها عن (¬5) الذابح ويغرمه كمال القيمة بناء على وقف العقود. - ومنها: إذا باع ثمرة يغلب فيها التلاحق والاختلاط كالتين والبطيخ والقثاء، وشرط على المشتري القطع عند خوف الاختلاط [صح البيع و] (¬6) فيه قول أو وجه: [58 ق/ب] أنه موقوف، فإن سمح البائع بما حدث (¬7) تبين انعقاد البيع وإلا فلا. - ومنها: أنه لو عامل من علم رقه ولم يعلم الإذن ثم بان أنه كان مأذوناً، قال الأئمة: هو كمن باع مال أبيه (8) على ظن حياته فبان موته، وقد حكى الحليمي قولين فيما لو ادعى الوكالة فكذبه معامله ثم بان أنه وكيل، قال النووي: قلت: ولو باع مالاً يظنه لنفسه فبان ملك أبيه (¬8)، وكان ميتاً عند العقد صح قطعاً، وكذا نقله الإمام عن شيخه. ¬

_ (¬1) في (ن): "المتصرف"، وفي (ق): "المتخلف". (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "باع". (¬3) استدراك من (ك). (¬4) في (ق): "ويعرف". (¬5) في (ن): "على". (¬6) استدراك من (ك). (¬7) في (ق): "بأجرة". (¬8) في (ن) و (ق): "ابنه".

- ومنها: الراهن يمنع من كل تصرف يزيد الملك أو يقلل الرغبة كالتزويج، وعلى قول وقف العقود تكون هذه التصرفات موقوفة على الانفكاك وعدمه، ومال الإمام إلى (¬1) تخريجها على القولين في بيع المفلس ماله وهبته ورهنه وإعتاقه، وفيها قولان، أحدهما: [أنها] (¬2) موقوفة إن فضل ما يصرف عن الدين لارتفاع القيمة أو إبراء أنفذناه، وإلا فتبين أنه كان لغواً (¬3) وأظهرهما: لا يصح شيء منها لتعلق حق الغرماء بالأعيان كالرهن، ثم اختلفوا، فقيل: القولان [65 ن/ب] فيما إذا اقتصر الحاكم على الحجر، ولم يجعل ماله لغرمائه حيث وجدوه، فإن جعل ذلك لم ينفذ تصرفه قطعاً، والأشهر أنهما [يطردان] (¬4) مطلقاً. - ومنها: قد علم أن تعلق الدين بالتركة تعلق رهن على أظهر القولين، فتصرُّف الوارث قبل الوفاء إن كان معسراً مردود (¬5)، وإن كان موسراً فأوجه ثالثها: أنه موقوف إن قضى الدين بان النفوذ، وإلا فلا. - ومنها: لو جنى على المرهون خطأ فعفى الراهن عن (¬6) المال لم يصح لحق المرتهن، وفيه قول آخر أن العقد (¬7) موقوف ويؤخذ المال في الحال، فإن انفك الرهن رد إلى الجاني وبان صحة العفو، وإلا بان بطلانه. - ومنها: البيع والعتق والرهن والهبة والكتابة من المحجور عليه بفلس في شيء ¬

_ (¬1) في (ق): "على". (¬2) من (ق). (¬3) وقعت في (ن) و (ق): "لغو". (¬4) استدراك من (ك). (¬5) في (ق): "أو مردود". (¬6) في (ق): "على". (¬7) في (ق): "العفو"، وفي (ن): "العتق".

من أعيان ماله (¬1) هل يصح؟ قولان، أصحهما، لا، والثاني: أنها موقوفة، وهذه قد أسلفناها، فهي مكررة. - ومنها: الأصح صحة الحوالة بالثمن في زمن الخيار، والأصح عندهم وقطع به جماعة (¬2): أنه إذا فسخ البيع بالخيار انقطعت الحوالة، مع أن الأصح عند الرافعي ومن تبعه أن استحقاق الثمن كالملك عن المبيع يكون موقوفاً، فإن فسخ العقد بان أن الملك للبائع، وأنه لا حق له في [59 ق/أ] الثمن فكيف تصح الحوالة، وقد بان (¬3) عدم استحقاق الثمن، والدين المحال به وعليه، فهو من وقف الانعقاد؛ لأن تصحيحه متوقف على استحقاق الدين، ولا تحقق (¬4) له في نفس الأمر، نعم لو قلنا: إن الاستحقاق حاصل وأن الفسخ يقطع الملك من حينه كما أنه رفع العقد (¬5) من حينه لا من أصله على أحد الوجهين أمكن ذلك، ولكن الأصح أن الفسخ يرفعه من حينه مع أنه تبين أنه لا ملك للمشتري، وأن الملك في البيع لم يزل للبائع، وأنه [لم] (¬6) يستحق الثمن، والتحقيق: أن هذه المسألة من وقف التبين، وهي كمسألة [بيع] (¬7) مال أبيه على ظن حياته، فإذا هو ميت، وإن سلكنا (8) هنا عكس ما سلكنا (¬8) هناك فإن هناك يحكم في أول الأمر ببطلان البيع اعتماداً على الظاهر، فإذا ¬

_ (¬1) في (ق): "مالكه". (¬2) منهم: الشيخ أبو حامد، والإمام الجويني، وغيرهما. (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "فات". (¬4) في (ق): "يستحق". (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الأمر". (¬6) من (ك). (¬7) من (ق). (¬8) في (ن): "شككنا".

انكشف أن أباه كان ميتاً وأن البائع هو الجائز حكمنا [66 ن/ ب] بالصحة وأبطلنا الحكم الثاني. وفي (¬1) مسألتنا حكم بصحة الحوالة اعتماداً على ظاهر استمرار (¬2) عقد البيع وثبوت استحقاق الثمن [للبائع، فإذا فسخ البيع وانكشف أنه لم يستحقه حكمنا بفساد الحوالة] (¬3) من الأصل؛ لأنه ظهر أن المقتضي للصحة لم يوجد، وأبطلنا ما كنا حكمنا به، لكن لا يصح هذا عند قول الإمام والغزالي والرافعي ومن تبعهم أن الحوالة انقطعت عند فسخ البيع؛ لأنه يشعر بأنها انعقدت ثم انقطعت من حينه وليس كذلك؛ ولأجل هذا جزموا في هذه المسألة بانفساخ الحوالة، وقال الجويني: إنه لا خلاف فيه، وترددوا فيما لو اشترى عبداً ثم أحال البائع بالثمن [على آخر] (3) ثم رد العبد بعيب هل تنفسخ الحوالة؟ فمنهم من قال: فيه قولان (¬4)، ونقلها الإمام عن الجمهور، وصحح الغزالي وغيره الانفساخ، ومنهم من قطع بالانفساخ، ونقلها الماوردي عن الأكثرين، ومنهم من قطع بعدمه وصححها القاضي أبو الطيب في "شرح الفروع" ونقلها عن الأكثرين، وأشار الإمام إلى الفرق (¬5) بين المسألتين، بأن فسخ البيع بخيار التروي يُبين أن الثمن لم يصر إلى اللزوم، ونحن إنما صححنا الحوالة به؛ لأنه يصير إلى اللزوم بخلاف فسخ البيع بالعيب، فإن الثمن قد لزم. ¬

_ (¬1) وقعت في (ن) و (ق): "وهي". (¬2) في (ق): "استقرار". (¬3) ما بين المعقوفتين استدراك من (ك). (¬4) في (ن) و (ق): "قولين". (¬5) كذا في (ق)، وفي (ن): "القول".

فائدة: إذا باع مال أبيه على ظن حياته، فإذا هو ميت

فائدة: إذا باع مال أبيه على ظن حياته، فإذا هو ميت له نظائر (¬1). - منها [59 ق/ ب]: أنه [لو] (¬2) وكله وهو لا يعلم وقلنا: يكون وكيلاً من حين التوكيل وإن لم يبلغه الخبر، فلو تصرف وهو لا يعلم أنه وكله، ففيه خلاف. - ومنها: لو تزوج (¬3) امرأة المفقود على ظن حياته، فإذا هو ميت فقولان، أظهرهما: الصحة. - ومنها: إذا قال لمن عليه ألف درهم أبرأتك عن الألف درهم، [فإن] (¬4) قال: لم أعلم أن لي عليه ألف درهم حالة الإبراء لم يقبل ظاهراً، وفي الباطن وجهان، قال الإصطخري: لا يقبل أيضاً لورود إبرائه على محل حقه (¬5)، وقال غيره: يُقبل؛ لأنه ليس عنده إبراء حقيقة. قال الرافعي: وهو كالخلاف في بيع مال أبيه على ظن حياته فبان موته. - ومنها: لو باع ما وهبه من آخر ولم يقبضه المُتهب، حكى الشيخ أبو حامد أنه إذا اعتقد أن الهبة غير تامة صح البيع [66 ن/ ب] وبطلت الهبة، وإن اعتقد تمام الهبة بدون القبض، فعلى قولي (¬6) بيع مال أبيه على ظن حياته فبان موته. - ومنها ما إذا أبرأ شخصاً عن دين لمورثه ولم يعلم أن مورثه مات، إن قلنا: إن الإبراء إسقاط صح، وإن قلنا: تمليك فعلى الخلاف. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (عن: 237)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (23811)، ) الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 551). (¬2) سقطت من (ن). (¬3) في (ق): "زوج". (¬4) من (ق). (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "غيره". (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "قول".

- ومنها: لو قال لعبد ابنه أعتقتك ثم تبين موت ابنه (¬1) حال عتقه نفذ العتق، نقله (¬2) الإمام في الشك في الطلاق ولم يحك فيه خلافاً (¬3). وعن "الوسيط" في كتاب الغصب وجه: أنه لا ينفذ. - ومنها: لو زوجه أبوه وهو لا يدري و (¬4) ظن زوجته أجنبية، فخاطبها بالطلاق فالمشهور الوقوع، قال الغزالي: وهذا فيه احتمال ظاهر؛ لأنه إذا لم يعرف الزوجية لم يقصد قطعها (¬5)، وأيده (¬6) بما إذا لقن الأعجمي لفظ الطلاق ولا يعرف معناها، فإنَّه لا يقع طلاقه بالاتفاق ثم قال: الأقيس في البيع أنه لا يصح، لأن القصد إلى المعنى المجهول محال. ومنها: لو تيمم وهو شاك في دخول الوقت، ثم بان أنه في الوقت لا يصح تيممه. - ومنها: لو طلب الماء شاكًّا في دخول الوقت، ثم بان أنه في الوقت لا يصح طلبه. - ومنها: لو صلى إلى جهة شاكًّا أيضاً في القبلة ولم يجتهد، ثم بان (¬7): أنها القبلة لا تصح صلاته. - ومنها: لو خير زوجته ولم تشعر فاختارت نفسها، فعلى الخلاف. ¬

_ (¬1) في (ن): "أبيه". (¬2) في (ن): "قال". (¬3) في (ن) و (ق): "طلاقاً". (¬4) في (ن) و (ق): "أو". (¬5) في (ق): "تطليقها". (¬6) في (ن): "وأبداه". (¬7) في (ن): "قال".

قال الرافعي: وهو أولى بالنفوذ. - ومنها: لو وجب عليه الحج ثم [60 ق/أ] جُنَّ فليس للولي أن يستنيب عنه، إذ ربما يفيق (¬1) فيحج عن نفسه، فإن أناب عنه ومات ولم يبرأ ففي إجزائه وجهان، كما لو استناب من يرجو زوال مرضه فلم يزل وفيه قولان، أظهرهما: عدم الإجزاء وعلى عكسه لو كان غير مرجو البُرء فاستناب فبرئ فطريقان، أظهرهما: طرد القولين، والثاني: القطع بالعدم، ثم إن الخلاف في النظر إلى الحال أو (¬2) المآل، وقد دخل في هذا سائر ما يرجع إلى الثواب والعقاب، ولو ارتكب كبيرة في ظنه وليست في [نفس] (¬3) الأمر كبيرة، كما لو قتل من يعتقد عصمته فإذا هو هدر، أو وطئ امرأة يعتقدها أجنبية وأنه زانٍ فإذا هي زوجته أو أمته، أو أكل مالاً يعتقد أنه [مال] (¬4) ليتيم فبان أنه له، قال [67 ن/أ] الشيخ عز الدين في قواعده: "إنه يَجري عليه حُكم الفاسق [وتسقط عدالته] (¬5) لجرأته على الله تعالى؛ لأن العدالة إنما شرطت في [الشهادة] (¬6) والرواية والولايات (¬7)؛ لتحصل (¬8) الثقة بصدقه، وأنه يؤدي الأمانة [في] (¬9) ولايته، وقد زال ذلك". ¬

_ (¬1) في (ق): "أن يعتق". (¬2) في (ق): "و". (¬3) من (ق). (¬4) من (ن). (¬5) استدراك من (ك). (¬6) في (ق): "العدالة". (¬7) في (ن) و (ق): "والدلالات". (¬8) في (ق): "فيحصل". (¬9) من (ك).

ولا شك أن الجرأة على الله تعالى بمجردها لا توجب ذلك، [فإن الإقدام على الصغيرة الواحدة لا يُوجب ذلك] (¬1)، ثم إن مثل هذه الخلة (¬2) وهي الجرأة مما تختلف مقاديرها، فضبطت بالإتيان بالكبيرة أو الإصرار على الصغيرة، كما يفعل في القصر بالنسبة إلى المشقة (¬3)، فإنها ضبطت بالسفر المعين، وفي هذه المسألة لم يأت بكبيرة ولم يصر على صغيرة، ومجرد الجرأة وإن (¬4) كانت جرأة عظيمة لا توجب ما ذكر ما لم يوجد الضابط لها، كما لو وجد المقيم مشقة عظيمة فإنه لا يسوغ له القصر، وأما مفاسد الآخرة وعذابها فلا يعذب تعذيب زانٍ ولا قاتل ولا آكل مال يتيم؛ لأن عذاب (¬5) الآخرة مرتب على رتب المفاسد غالباً، كما أن ثوابها مرتب على رتب المصالح غالباً، ولا يتفاوتان (¬6) بمجرد الطاعة ولا بمجرد المعصية مع قطع النظر عن رتب المصالح والمفاسد، وإلا لكان أجر المتصدق بثمرة كالمتصدق ببدرة، ولكانت [الغيبة] (¬7) بنسبة المغتاب إلى الكبيرة كالغيبة بنسبته إلى الصغيرة، والظاهر أن هذا لا يعذب تعذيب من ارتكب صغيرة لأجل جرأته وانتهاك الحرمة، بل يعذب عذاباً متوسطاً بين الكبيرة والصغيرة للجرأة بما يعتقده كبيرة، والأولى أن تضبط [60 ق/ ب] الكبيرة بما يشعر بتهاون مرتكبها إشعار أصغر الكبائر المنصوص عليها بذلك، ولم أجد لأحد على ذلك ضابطاً. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) كذا في (ن) و (ق) وفي (ك): "الحكمة". (¬3) في (ق): "للمشقة". (¬4) في (ن): "وإذا". (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "رتب". (¬6) في (ن) و (ق): "يتقاربان". (¬7) استدراك من (ك).

وقوله: (بما يشعر) بمعنى (¬1) (المعصية التي تُشعر)، ولتكن معصية في نفس الأمر وإلا فالإشعار حاصل في مسألتنا، وقد قال: إنه لا يُعذَّب عذاب الكبائر أو يكون المراد الإشعار الأعم بالنسبة إلى الدنيا كما اختاره من أن حكمه حكم الفساق، وكأنه أراد بهذا الضبط الاعتذار (¬2) عن الاعتراض المذكور بأن هذه لحكمة مضبوطة بهذا الضابط، وفيه أيضاً نظر، فإن الوقوف على أصغر الكبائر عَسِرٌ جدّاً لم ينص الشرع عليه [67 ن/ ب] فلا يحسن أن يُضبط به كما لا يضبط بالمشقة الموازية (¬3) لأقل المشقات لعسر انضباطه. واعلم أن الغزالي حكى القولين عن العراقيين وقال: إن القياس الصحة، وفي "فتاويه": أن ظاهر القول من الأصحاب النفوذ وأن اختياره المتجه عنده [في مسألة ما] (¬4) إذا باع مال مورثه: المنع، وحكى ابن الرفعة عن البندنيجي جعلها في باب العِدد وجهين، فإن أصلهما القولان فيما لو كاتب عبده كتابة فاسدة ثم أوصى به وهو يعتقد صحة الكتابة، ففي صحة الوصية [قول] (¬5)، ونظَّر ابن الرفعة أيضاً ما حكاه الإمام في الخراج: فيما إذا قال: إن كان أبي قد مات فقد بعتك ماله لكنه مرتب، وأولى بالبطلان. قال: ولا يجري الخلاف فيما لو باع مال أبيه على ظن أنه مال نفسه، ثم بان أن أباه مات قبل البيع، بل يصح قطعاً، حكاه الإمام عن شيخه في باب مداينة العبيد، ¬

_ (¬1) في (ن): "بغير". (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "وكأنه أراد هذا الضبط للاعتبار". (¬3) في (ن) و (ق): "الواردة". (¬4) في (ق): "فيما". (¬5) في (ن): "قولان قول".

تنبيه: في وقف الصحة

ثم قال: وهذا الذي ذكره مع (¬1) حسنه محتمل، وحكى الإمام في أول الوكالة أن القولين (¬2) نص عليهما الإمام الشافعي في الجديد، وفي "التهذيب" في الرهن: أن المنصوص بطلان العقد، ثم قال الرافعي: ولا يبعد تشبيه [هذا] (¬3) الخلاف بالخلاف في أن بيع الهازل هل ينعقد؟ قال: فيه وجهان، وبالخلاف في بيع التلجئة، وهو أن يخاف (¬4) غصب ماله والإكراه على بيعه فيبيعه من إنسان بيعاً مطلقاً، وقد توافقا قبله على أنه لدفع الشر لا على حقيقة البيع، قال: وكون المبيع؛ أعْني مال أبيه وإن كان منجزاً في الصورة فهو معلق في المعنى، ثم ضعف [61 ق/أ] كون ذلك مؤثراً في البطلان، فإنه لو قال: إن مات أبي فقد زوجتك الجارية، فإن فيه وجهين (¬5)، فهذا التعليق إذا كان في الصورة ليس مؤثراً، ففي المعنى أولى، وقد حكينا في قاعدتنا: "ما يفعل من العبادات (¬6) في حال الشك": أنه إذا أُخبر بمولود فقال: إن كان أنثى فقد زوجتكها، أو إن كانت ابنتي طُلِّقت واعتدت فقد زوجتكها، أو إن كانت إحدى نسائك (¬7) الأربع ماتت فقد زوجتك ابنتي؛ أن المذهب البطلان، إذا وجد الأمر كذلك، وأن بعضهم قال: فيه وجهان. تنبيه: تبين أن وقف [الصحة] (¬8) ......................................... ¬

_ (¬1) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "من". (¬2) وقعت في (ن): "القرائن". (¬3) من (ك). (¬4) وقعت في (ن) و (ق): "يخالف". (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "وجهان". (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "بالعقارات". (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "نسائي". (¬8) استدراك من (س).

هو (¬1) الذي [لم] (¬2) يصدر العقد فيه من أهله أو صدر منه [68 ن/ أ] ولكن مع قيام مانع، وإن شئت قلت: هو الموقوف على أمر يوجد في المستقبل، ثم هو درجات أبعدها عن الصحة ما صدر من غير أهله وسهل نقضه وهو بيع الفضولي (¬3). وثانيها: مثله (¬4) غير أن نقضه صعب كتصرف الغاصب بالمبيع وغيره تصرفات كثيرة عسر تتبعها، والأول أولى بالفساد من الثاني؛ لأن الضرورة قد تلجئ إلى تصحيح الثاني، ومن ثم كان لنا قولان في الجديد في الثاني، وليس في بيع الفضولي إلا قول قديم، وإن كان حكى عن الجديد، والصحيح فيه البطلان، فالشرط إما متقدم أو مقارن، ولا يكون إلا حقًّا. ثالثها: ما صدر من أهله غير أن فيه مانعاً من النفوذ كتعلقه برقبة مورد (¬5) العقد، وكذا بذمته (¬6) مع الرقبة على وجه كبيع العبد الجاني كما سلف. رابعها: ما صدر من أهله مع المانع (¬7) إلا أن المانع فيه دون الجناية وذلك كبيع المرهون، وفي هبته وجهان في الجديد، وفي عتقه الأقوال المشهورة، أصحها: ثالثها وهو صحته من الموسر دون المعسر (¬8). خامسها: ما صدر من أهله غير أن المانع فيه [غير] (¬9) قوي قوة المانع قبله، ¬

_ (¬1) وقعت في (ن): "هذا". (¬2) من (س). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 238 - 239)، "قواعد الزركشي" (3/ 340). (¬4) أي صدر من غير أهله. (¬5) في (ق): "مردود". (¬6) في (ق): "بديته". (¬7) وقعت في (ن) و (ق): "من البائع"، والتصويب من (س). (¬8) كذا في (ن) و (ق)، وفي (س): "بين المعسر والموسر". (¬9) من (ن).

وذلك لاحتمال أنه يتبين بالآخرة اندفاع الموجب له كتصرف المفلس، فإنه قد تبين بالآخرة أنه لم يمنع من الغرماء، وليس كالرهن فإنه يتعلق بكل المرهون، ومن ثم قال ابن الرفعة في المفلس: إذا تبين بالآخرة فاضل عن دينه تبين أن الحجر (¬1) لم يشمل القدر الفاضل، وفيه نظر بل يشمل الكل، ويشهد لذلك اختلافهم في أنه هل ينقض من تصرفاته الأضعف فالأضعف، وهو الصحيح أو الآخر. أما تصرف المريض [فمن] (¬2) أقرب التصرفات إلى الصحة؛ [لأنه] (¬3) لا يحل (¬4) له الإقدام على التصرف اعتماداً على بقاء الحياة، والمفلس [61 ق/ ب] ممنوع لمراغمته بالتصرف، [ما شرع] (¬5) الحجر لأجله، ومن فروع وقف العقود: ما إذا قسم الحاكم مال المفلس ثم ظهر غريم آخر، فالأصح أن القسمة لا تنتقض، وقيل: نعم، فعلى الأول لو أعسر بعض الآخرين قدر كالعدم (¬6) وجعل الغريم الآخر كأنه أخذ كل المال، وقيل: إنما يؤخذ منه (¬7) بالحصة (¬8) ويظهر هذا الخلاف في [68 ن/ ب] بعض الورثة يقر بدين وينكر البعض، هل يؤخذ من المقر الكل أو بالحصة؟ - ومنها: إذا أعتق عبيداً لا يحتملهم الثلث فأخرج الثلث بالقرعة ثم ظهر ¬

_ (¬1) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "الحجة". (¬2) في (ق): "فهو". (¬3) من (س) ". (¬4) في (ق): "لأنه يحكم". (¬5) سقطت من (ق). (¬6) في (ق): "كالمعدوم". (¬7) في (ق): "فيه". (¬8) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "بالصحة".

للميت رقيق يخرج جميعهم من الثلث [فيحكم بعتقهم جميعاً ومن يوم إعتاقهم ترجع إليهم أكسابهم، ولا يرجع الوارث] (¬1) بما أنفق عليهم، كمن نكح فاسداً يظن الصحة لا يرجع بالنفقة، ولو ظهر دين مستغرق فالعتق بالقرعة باطل. - ومنها: إذا باع العدل الرهن بثمن المثل ثم زاد راغب قبل انقضاء الخيار انفسخ البيع على الأصح، ولو بدأ الراغب قبل التمكين من بيعه فالبيع الأول بحاله، أو بعده فقد ارتفع العقد، فلا بد من عقد، وهي طريقة الصيدلاني أنا نتبين أن البيع بحاله، وقد يتلف بذلك. - ومنها: الجناية على المرهون كما تقدم. - ومنها: نكاح المرتابة وسيأتي. - ومنها: مسألة الإلقاء عند الخوف كما سلف (¬2). - ومنها: مسألة الوثنيين (¬3) وغير ذلك كما سلف. وأما وقف التبين: فهو الذي [يصدر العقد فيه باطناً لا ظاهراً] (¬4)، وإن شئت قلت: هو الموقوف على أمر يتبين وجوده فيما مضى، ولا يخفى أنه أقرب إلى الصحة من القسم الذي قبله، ولذلك كان صحيحاً إما جزماً، وإما على الصحيح، وفيه مسائل: - منها: بيع مال مورِّثه على الظن (¬5) كما سبق. ¬

_ (¬1) استدراك من (س). (¬2) وهي: إذا قال عند خوف غرق السفينة: ألقِ متاعك وأنا والركبان ضامنون. (¬3) وهي: من أسلم من الوثَنِيَّيْن بعد الوطء، انتظرنا إسلام الآخر في العدة، فإن أسلم فيها استمر النكاح، وإلا تبين حصول الفرقة من حين إسلامه، فلو طلقها قبل تمام العدة فالطلاق موقوف. (¬4) وقعت هذه العبارة في (ن) هكذا: "يصدر به العقد فيه ظاهراً لا" والتصويب من (ق). (¬5) أي على ظن حياته فبان موته.

- ومنها: الطلاق المبهم، فإن الزوج يمنع من قربان زوجته إلى أن يتبين، وكذلك في مسألة الغراب، ثم التعيين إن لم يكن طلاقاً وهو الصحيح، فالوقف وقف تبين وقد سلف. - ومنها: إذا قال: بعتك هذا الصبرة بعشرة كل صاع بدرهم ولا يدري أنها عشرة آصع، فالصحيح الفساد للجهل بالمقابلة (¬1)، وعلى القول (¬2) بالصحة هو موقوف لتحقق المقابلة، وهو من وقف البيان. - ومنها: في الربا إذا باع صبرة بصبرة متساوية وخرجتا كذلك (¬3) [صح] (¬4) وإلا فالأصح البطلان، وعلى الصحة يوقف لبيان المماثلة. - ومنها: إذا قال أحد الشريكين المعسرين: إن كان هذا الطائر غراباً فنصيبي حر، وقال الآخر: إن لم يكنه فنصيبي حر، ولم يعرف، لا يحكم بعتق نصيب واحد منهما، والولاء موقوف وإن اشتراه أحدهما، أو ثالث [69 ن/ أ] حكم بعتق النصف [62 ق/ أ] ولنا عودة عند ذكر هذه المسألة. قال: (¬5) ولا يصح النكاح بالكناية، وإن تعددت القرائن؛ فإن في النكاح تقييداً ¬

_ (¬1) في (ق): "بالمقادير". (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "القولين". (¬3) أي: وخرجتا متساويتين. (¬4) من (س). (¬5) يعني إمام الحرمين، والكلام في هذه المسألة مندرج ضمن قاعدة ذكرها ابن السبكي في "الأشباه" (1/ 248)، وهي: "كل تصرف يستقل به الشخص ينعقد بالكناية مع النية كالطلاق والعتاق والإبراء والظهار والنذر، وكل تصرف يحتاج إلي الإشهاد كالنكاح والبيع المشروط فيه الإشهاد والرجعة على الخلاف في احتياجها إلى الإشهاد، وحكم الحاكم لا يحتاج إلي الكناية إلا إذا توفرت القرائن في البيع المشروط فيه الإشهاد .. ". ولا أدري لماذا أدرج ابن الملقن هذا الكلام الذي يتعلق بهذه القاعدة ضمن ما كان يسوقه =

قاعدة ما كان صريحا في بابه ووجد نفاذا في موضوعه لا يكون كناية في غيره ولا صريحا فيه

واحتياطاً، فالصور ثلاث: النكاح ولا ينعقد وإن تعددت القرائن [لما فيه] (1) من الإشهاد ومن الاحتياط [له] (¬1)، والبيع المقيد بالإشهاد يشابه النكاح من حيث اشتراط الإشهاد، وينحط عنه من حيث إنه لا يطلب فيه من الاحتياط ما يطلب في النكاح، وفيه (¬2) يقول (¬3) الغزالي: إن الظاهر عند توفر القرائن الصحة. ومطلق (¬4) البيع: وفيه ما سلف من كلام الإمام: أنه إذا توفرت القرائن قطع بالصحة إذ لا إشهاد ولا احتياط (¬5) والمتخاطبان (¬6) أعرف بما يدور بينهما. قاعدة " ما كان صريحاً في بابه ووجد نفاذاً في موضوعه (¬7) لا يكون كناية في غيره ولا صريحاً فيه" (¬8). وهذه الزيادة وهي قولنا: "ولا صريحًا فيه" اقتضاها كلام الإمام وإن لم يصرح ¬

_ = من فروع الكلام على أنواع الوقوف. (¬1) من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "ومنه". (¬3) في (ق): "قول". (¬4) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "ويطلق". (¬5) في (ن) و (ق): "إذ الإشهاد والاحتياط". (¬6) في (ق): "والمخاطبات". (¬7) في (ق): "موضعه". (¬8) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 249)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 564)، "قواعد الزركشي" (3/ 146).

بها، وسبب كون الشيء لا يكون صريحاً أو (¬1) كناية في آخر أنه مع الصراحة، ووجود النفاذ [عامل عمله] (¬2) [لا] (3) سبيل [إلى] (3) اندفاعه، وإن كان كذلك فيستحيل أن يكون كناية منوية في وجه آخر، نبه على ذلك الإمام، ثم أورد على نفسه بأنه لم [لا] (¬3) يجمع بين المعنيين، وأجاب بان صلاحية اللفظة لمعنيين لا يقتضي اجتماعهما، وكذلك القول (¬4) في كل لفظ مشترك ذكر هذه القاعدة في الطلاق، والوصية، وقال: لا مطمع في تحصيل معنيين بلفظ واحد، هذا ما لا سبيل إليه وإن جرد القاصد قصده إليهما جميعاً؛ لأن (¬5) اللفظ الواحد لا يصلح لمعنيين جميعاً إذا لم يوضع في وضع اللسان. وخرج بقولنا: "وجد نفاذاً" بما إذا قال لزوجته: أنت حرة ونوى به الطلاق، فإنه يقبل ويقع به الطلاق؛ لأن (حُرَّة) صريح في إزالة قيد الملك، لكن لم يجد هنا نفاذاً؛ لأن الزوج لا يملك زوجته فجعل كناية في الطلاق إذا لم يجد نفاذاً في بابه، وهو إزالة قيد الملك، ثم يستثنى من هذه القاعدة مسائل: - منها: إذا قال: أنت حرام [عليَّ] (¬6) ونوى الطلاق أو الظهار، فإنه يقع ما نواه على المذهب مع [69 ن/ ب] أن الأصح أن لفظ الحرام صريح في إيجاب الكفارة. - ومنها: لو أسلم على أكثر من أربع وقال لبعضهن: فسخت نكاحك ونوى ¬

_ (¬1) في (ق): "إن كان". (¬2) في (ق): "عالم". (¬3) استدراك من (س). (¬4) في (ق): "القبول". (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "في". (¬6) من (ق).

قاعدة القول قول مدعي صحة العقد دون فساده

الطلاق بالمجموع كان الطلاق على المذهب، مع أن المذهب إذا طلق كان ظهاراً. - ومنها: لو قال: أحلتك على فلان بكذا ثم اختلعا، فقال المحيل: وكلتك، وقال المحتال: بل أحلتني، فالصحيح: أن القول قول المحيل مع أنهما اتفقا على جريان لفظ الحوالة. قاعدة " القول قول [62 ق/ ب] مدعي صحة العقد دون فساده" (¬1). خلافاً للبغوي، وابن أبي عصرون، ويستثنى من هذه القاعدة مسائل: - الأولى: إذا باع ذراعاً من أرض وهما يعلمان ذرعانها وادعى البائع أنه أراد ذراعاً معيناً حتى لا يصح العقد، وادعى المشتري الإشاعة حتى يصح، فأرجح الاحتمالين في "الروضة" [تصديق البائع] (¬2) حتى يفسد لأنه أعرف بإرادته. الثانية: إذا اختلفا هل وقع الصلح على الإنكار أو الاعتراف، فالصواب في "الروضة" (¬3): تصديق مُدعي الوقوع على الإنكار؛ لأنه الغالب. الثالثة: إذا قال السيد: كاتبتك وأنا صبي أو مجنون أو محجور عليَّ وعرف السيد ذلك، فإنه المصدق، قاله البغوي وأقره الرافعي، وهو يوافق المجزوم [به] (¬4) ¬

_ (¬1) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 253)، "قواعد العز بن عبد السلام" (2/ 164)، "قواعد ابن رجب" (2/ 17)، "القواعد الفقهية عند ابن القيم" (ص: 546). (¬2) في (ق): "ترجيح الاحتمالين". (¬3) تبعاً لابن كج. (¬4) من (ن).

فروع

في الإقرار فيما إذا قال المقرُّ كنت صغيراً أو مجنوناً، وفي القصاص فيما إذا قال: كنت صبيًّا. الرابعة: إذا قال: اشتريت ما لم أره، وقال البائع: بل رأيته فهو على الخلاف، قال في "الروضة": وأفتى الغزالي بان القول قول البائع، وقال القاضي حسين وغيره: القول قول المشتري؛ لأن الأصل عدمه، وفي عكسه أفتى صاحب "البيان" بان القول قول البائع؛ لأن الأصل عدم الرؤية، وخالفه الفقيه عبيد الصغير عملاً بالظاهر، وجزم الروياني في "بحره" في أوائل البيع في تفاريع قول الغائب: إن القول قول منكرها. فروع قال المشتري: بعني هذا العصير وهو خمر، فالقول قول مدعي الفساد، وخرجه الرافعي على الخلاف (¬1). فرع: باع عبداً وقال [70 ن/ أ]: كنت غصبته ولم يكن جرى في كلامه أنه ملكه وأقام (¬2) بينة سُمِعت على النص، وهو ظاهر إذا كان للبائع عذر (¬3). فرع (¬4): وهب الغاصب المغصوب من شخص ثم قال: أنا أعلمتك أنه مغصوب وأنكر، قال الماوردي: القول قول الغاصب؛ لأنه أنكر عقد الهبة على الصحة، وفيه نظر، وينبغي أن لا يُقبل (¬5). ¬

_ (¬1) نقل ابن السبكي هذا الفرع عن الجرجاني في "الأشباه والنظائر" (1/ 255). (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "وأمر". (¬3) رجح هذا تقيُّ الدين السبكي، كما نقل عنه ولده في "الأشباه والنظائر" (1/ 255). (¬4) في (ق): "ومنها". (¬5) وهو ترجيح التقي السبكي أيضاً.

فرع (¬1): قال السيد: كاتبتك على نجم واحد، وقال العبد: بل على نجمين، قال البغوي (¬2): على قاعدته القول قول السيد مع يمينه؛ لأنه يدعي فساد العقد، وأقره الرافعي، وخرجه النووي على الخلاف في الصحة والفساد. فرع (¬3): قال: بعتك بألف وزق خمر، وقال: شرطنا شرطاً فاسداً وأنكر الآخر، فيه الخلاف في الصحة والفساد. فرع (¬4): اشترى مائعاً (¬5) وجاء بظرف وصبَّه البائع فيه فوجدت فيه فأرة ميتة، فقال المشتري: إنها كانت في المبيع، وقال البائع: كانت في ظرفك، قال [63 ق/ أ] الرافعي في آخر الرهن: هذا اختلاف في أن العقد جرى فاسداً أو صحيحاً. فرع (¬6): قالت المرأة: وقع العقد بغير ولي ولا شهود، وأنكر الزوج، فالقول قولها، صرح به مجلي؛ لأن ذلك إنكار لأصل العقد وهو ظاهر ولا يخرج على الخلاف (¬7). فرع (¬8): زوج أخته وماتت (¬9) وادعى ورثته أن أخاها زوجها بغير إذنها، ¬

_ (¬1) في (ق): "ومنها". (¬2) في كتابه: "التهذيب". (¬3) في (ق): "ومنها". (¬4) في (ق): "ومنها". (¬5) في (ن): "شائعاً". (¬6) في (ق): "ومنها". (¬7) وهو ترجيح تقي الدين السبكي نقله ولده في "الأشباه والنظائر" (1/ 257). (¬8) في (ق): "ومنها". (¬9) في (ق): "ومات".

قاعدة كل دين ثابت في الذمة ليس بثمن يجوز الاعتياض عنه قطعا

وقالت: هو زوجني بإذني (¬1)، فالقول قولها، وحاول الرافعي تخريجه على الخلاف (¬2). فرع (¬3): اعترف (¬4) بأنه مرهون بعشرين ثم ادعى أنه مرهون بعشرة بعد عشرة، وقلنا بالصحيح، أنه لا يرهن المرهون عند المرتهن بدين آخر، وقال المرتهن: بل فسخنا واستأنفنا رهناً بعشرين، فالقول قول الراهن كما قال البغوي (¬5)، وفيه نظر، وينبني عليه أنه لو شهد عليه شاهدان (¬6) أنه رهن بألف ثم بألفين لم يحكم بأنه رهن ما لم يصرحا بأن الثاني كان بعد فسخ الأول، ولك أن تخرجه على الخلاف (¬7). قاعدة " كل دين ثابت في الذمة ليس بثمن يجوز الاعتياض عنه قطعاً، إن لم يكن ثمناً كدين القرض والإتلاف [70 ن/ ب] وكذا إن كان (¬8) على الأصح" (¬9). وفي "الشامل" (¬10): أن القرض إنما يستبدل عنه إذا استهلك، أما إذا بقي في ¬

_ (¬1) في (ق): "بغير إذني". (¬2) أي على الخلاف في الصحة والفساد، وتبعه النووي وصححه السبكي، وقال ابن السبكي: "فهذا مما جُزم فيه بالصحة، وليس من مسائل النزاع". (¬3) في (ق): "ومنها". (¬4) يعني: الراهن. (¬5) واختار السبكي أن القول قول المرتهن خلافاً للبغوي. (¬6) وقعت في (ن) و (ق): "شاهدين". (¬7) أي في دعوى الصحة والفساد، وهو توجيه السبكي. (¬8) يعني: وكذا إن كان ثمناً. (¬9) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 257). (¬10) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "المسائل".

ذمته فلا، أما إن قلنا: إنه (¬1) يملك بالقبض فبدله غير مستقر في الذمة؛ لأن للمقرض الرجوع في (¬2) عينه ما دام باقياً بحاله، وإن قلنا: يملك بالتصرف فالمستقرض مسلط عليه، وذلك يوجب ضعف ملك المقرض، ولا يجوز الاعتياض عنه، وحذف في "الروضة" التعليل، والصحيح أن القرض يملك بالقبض ودعوى عدم الاستقرار ممنوعة، والاستبدال (¬3) بغرض الرجوع منقوض [بهبة الولد، قلت: ثم دعوى الرافعي ومن بعده نفي الخلاف عما ليس بثمن ولا مثمن منقوضة] (4) بمسائل [غير القرض] (¬4): -[منها]: حكاية الماوردي وجهين (¬5) في جواز أخذ القيمة مع وجود المثل عند ضمان المثل بالتراضي، وبناهما على أخذ الأرش عن العيب (¬6) مع القدرة على الرد، وفيه نظر؛ لأن مأخذ المنع هنا؛ أنه أخذ عوضاً عما ليس بمال، وهو سلطنة الرد، وهنا إن كان الثابت المثل فهو مال ليس بثمن ولا مثمن ويجوز الاعتياض عنه قطعاً، وإن كان (¬7) الثابت سلطنة طلب المثل، فلا دين في الذمة. - ومنها: في جواز الاعتياض عن الإبل الواجبة في الدية بلفظ الصلح وبلفظ البيع خلاف، الأصح: المنع. [و] (¬8) اعلم أنما سبق من الثمن يجوز الاعتياض عنه مقتضاه أنه لا فرق بين ¬

_ (¬1) أي: القرض. (¬2) كذا في (س)، وفي (ن): "إلى"، وفي (ق): "إن". (¬3) في (س): "واستدلاله". (¬4) ما بين المعقوفتين استدراك من (س). (¬5) في (ق): "وخبر". (¬6) في (ق): "المعيب". (¬7) في (ن): "كانت". (¬8) من (ن).

قاعدة كل عقد تقاعد عنه مقصوده بطل من أصله

العوض والنقد، وهو ما اقتضاه كلام الرافعي هنا، وكلامه في باب الكناية يقتضي تقييده بالنقد، وأن العوض [63 ق/ ب] لا يجوز الاعتياض عنه، والحاصل (¬1) أن العوض خمسة: معين: لا يجوز الاستبدال عنه ثمناً كان أو مثمناً قبل قبضه، لأن عينه مقصودة. وثمن في الذمة، فقد يجوز الاستبدال عنه على الأصح؛ لأن المقصود المالية لا العين، وعليه دل حديث ابن عمر المعروف. ومسلم فيه: لا يجوز الاعتياض عنه، ودليله حديث ضعيف في الدارقطني، وعموم النهي عما لم يقبض (¬2). ومبيع في الذمة ليس سلماً، كاشتريت منك ثوباً صفته كذا بهذه الدراهم، إذا جعلناه بيعاً، ففي الاعتياض عنه طريقان في كتاب السلم، وطريقة القطع بالمنع، قوله (¬3)؛ لأنه مقصود الجنس [71 ن/ أ] فأشبه المبيع المقصود العين. قاعدة " كل عقد تقاعد عنه (¬4) مقصوده بطل من أصله" (¬5). وإلى هذه (¬6) القاعدة أشار الغزالي في "وسيطه" عند الكلام فيما إذا وهبت ¬

_ (¬1) وهو توجيه تقي الدين السبكي كما في "الأشباه والنظائر" (1/ 258). (¬2) أي عن بيع ما لم يقبض. (¬3) في (ق): "قوية"، والمراد هنا: تقي الدين السبكي. (¬4) وقع في (ن) و (ق): "تعاقد عن". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 259)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 550)، "قواعد العز" (2/ 249)، "قواعد الزركشي" (3/ 106)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 195). (¬6) من هنا إلى آخر الكلام على فروع هذه القاعدة ساقط من نسخة "الأشباه والنظائر" لابن السبكي التي اعتمدت عليها.

المرأة صداقها من الزوج قبل الدخول، حيث نقل عن بعضهم ما حاصله [يفسد] (¬1) لمعذرة عن الفاسد، ومن أجلها قلنا: البيع الفاسد لا يفسد ملكاً؛ خلافاً للإمام أبي حنيفة؛ لأن المقصود بالبيع حصول ملك يترتب عليه الانتفاع، ومتى انتفى مقصود العقد بطل، ولا مبالاة لحصول عين مقصوده لو صح، والقاعدة مطردة في مسائل: - منها: لو شرط أهل الذمة في العقد أن يحدثوا كنائس بطل العقد من أصله لبقاء ضد مقصوده وهو [عزة الإسلام] (¬2) وإغناء كلمة [الإيمان] (¬3) وقد يقال بصحة العقد وإلغاء الشرط، وكذا لو صرح الإمام في عقد الهدنة برد النساء (¬4) إذا جئن مسلمات لا يصح ويفسد به العقد على الأصح، ولا كذلك إن (¬5) شرط رد المؤجل إذا جاء مسلماً، والفرق قربُها من الافتتان، فكذا هذا العقد متقاعداً عن مقصوده. - ومنها: لو استأجر عن ميت من مال الميت من يحج عنه إجارة ذمة فإحرام الأجير بالحج عن السنة الأولى لم يثبت للمستأجر الخيار؛ إذ ليس له الانتفاع بالأجرة عند الفسخ، وقد تعذر استئجار غيره من هذه السنة كما قال العراقيون، وتوقف فيه الإمام، وهذه الصورة ليست بعقد، فيقال تقاعد عنه مقصوده ولكن منشأ انتفاء (¬6) الفسخ فيها أنها غير مقصودة عند العقد أو التقاعد غير مقصود. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ن). (¬3) من (ق). (¬4) في (ن): "المسلمات". (¬5) في (ق): "إذا". (¬6) في (ن) و (ق): "هذا".

- ومنها: على رأي الإمام إذا تكفل ببدن غائب في مكان لا يمكنه (¬1) الحضور إلى مجلس الحكم فيه كما إذا تكفل من ببغداد رجلاً (¬2) بالبصرة، وكفالة البدن مقصودها الحضور وهو (¬3) لا يتأتى هنا. - ومنها: إذا اعترف بحرية أمة في يد غيره ثم قبل نكاحها منه لا [64 ق/ أ] يصح؛ لأنه [لا] (¬4) يستعقب الحل إلا أن يكون اعترف بأن الذي [هي] (¬5) في يده أعتقها [71 ن/ ب] [ويكون هو ممن يحل له نكاح الأمة، صرح به النووي، إلا أنه لم يذكر القيد الأخير، وأطلق الرافعي أن للسيد المطالبة بالمهر، ومعناه أن النكاح فاسد سواء اعترف بان التي هي في يده أعتقها] (¬6) أم لا، وهو مشكل بهذه القاعدة. - ومنها: إن تسابق اثنان وشرط للثاني مثل الأول، فإنه يفسد، وكذا لو كانوا ثلاثة وشرط للثاني (¬7) أكثر مما شرط للأول على الأصح؛ لأن السبق هو القصد، ولو شرط في المناضلة ما هو ممتنع عادة كالإصابة في مائة وشق على التوالي فالشرط فاسد؛ لأنه يفضي إلى [غير] مقصوده؛ لأن المقصود من بذل (¬8) المال الحث على المراماة. وفي "المهذب"، و"التهذيب" [وجه] (¬9) من عشرة من عشرة وفيه نظر، فليس كمائة من مائة. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "يلزمه". (¬2) في (ن): "أو رجلاً". (¬3) في (ق): "وهذا". (¬4) سقطت من (ق). (¬5) من (ن). (¬6) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬7) في (ق): "للثالث". (¬8) في (ق): "ترك". (¬9) من (ن).

تنبيهات

تنبيهات أحدها: قال القاضي في "الإشراف": وسألت القفال عن الكتابة فقال: باطلة؛ لأنها لا تفيد مقصودها وهو حرية العبد بما التزمه من النجوم، وهو قبل العقد رقيق لا يملك، وبالعقد ما يملكه السيد مالاً. ثانيها: من طلق في الحيض استحب له المراجعة، فإذا طهرت فهل له أن يطلق في الطُّهر الثاني لتلك الحيضة؟ وجهان: أظهرهما: لا يمسكها إلى أن تحيض وتطهر مرة أخرى، ولو طلقها في طهر لم يجامعها فيه ثم راجعها فله أن يطلقها، وفيه وجه حكاه القاضي عن الأصحاب أنه يكون بدعيًّا لئلا تكون الرجعة للطلاق، وهذا سبب آخر للتحريم. ثالثها: عد بعضهم من فروع هذه القاعدة ما إذا تبايعا بنفي خيار المجلس أو الرؤية على القول بصحة بيع الغائب، فإن الأصح فيهما بطلان [البيع ببطلان] (¬1) الشرط، وليس هذا مما نحن فيه؛ فإن الخيار شيء (¬2) ليس [من] مقصود العقد بل شُرِع (¬3) فيه رفقاً، وما مقصود العقد إلا الرؤية، واختار الشيخ عز الدين الصحة بشرط نفي الخيار [قال] (¬4): لأن لزومه هو المقصود، والخيار دخل عليه، وفيما قاله نظر، فإنه وإن كان دخلاً إلا أن الشارع شرعه في العقد فاشتراط نفيه مخالف لوضعه، فلا يعتبر. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن): "من". (¬3) في (ن): "شرعاً". (¬4) من (ن).

قاعدة الفعل والفاعل والمفعول أشياء متباينة لا يمكن اتحادها

رابعها: نقض بعضهم هذه القاعدة بما إذا عقد على رضيعة ونحوها مما لا يتأتى الانتفاع بها عقب العقد وليس بجيد، فإن لها أمداً ينتظر فلم يتقاعد المقصود، ولكن يتراخى زمانه فلا يضر، نعم ينتقض بفروع: - منها: لو (¬1) عقد على رتقاء أو قرناء. - ومنها: الأصح صحة بيع الشيء بمثله كبيع نصف [72 ن/ أ] الدار الشائع بنصفها [64 ق/ ب] الآخر مع أن مقصوده متقاعد عنه وما ذكر من الفوائد المرتبة على هذا العقد مع انقطاع ولاية الرجوع حيث كان رجوع وغير ذلك خارج عن مقصود العقد. - ومنها: باع عبداً بشرط العتق ومات العبد قبل العتق، فالأصح ليس عليه [إلا] (¬2) الثمن، والثاني: أن عليه مع الثمن قدر التفاوت بسبب (¬3) الشرط، والثالث: أن البيع ينفسخ لتعذر إمضائه؛ إذ لا سبيل إلى إيجاب شراء (¬4) المشتري من غير تفويت ولا التزام ولا الاكتفاء بالمسمى؛ لأن البائع لم يرض به إلا بشرط العتق وعلى هذا الوجه تطرد القاعدة. قاعدة " الفعل والفاعل والمفعول أشياء متباينة لا يمكن اتحادها؛ وكذلك (¬5) الخطاب والمخاطب"، ومن ثم لا يبيع من نفسه لئلا يتحد الموجب والقابل، فلم ¬

_ (¬1) في (ق): "إذا". (¬2) من (ن). (¬3) في (ن): "بين". (¬4) في (ن): "شيء من". (¬5) في (ن): "وكذا".

يتحد موجب وقابل، ولا مقرِض ومقرَض، لا مطلِق ومطلَق، ولا معتِق ومعتَق، ولا متصدِّق ومتصدَّق عليه، ولا [مستوف و] (¬1) مستوفى منه، ولا ساتر ومستور، ولا سواك ومستاك، و [لا] (¬2) ساجد ومسجَد بفتح الجيم أي موضع السجود، ولا قابض ومقبض ممتنع، ولا يبيع الوكيل من نفسه ولو كان أبا الموكلِ على الأصح (¬3)، نعم يتحد القابض والمقبض في صور: - منها: الأب والجد في حق الطفل. - ومنها: المبيع إذا كان في يد المشتري ذكره الرافعي. - ومنها: أجر داراً وأذن للمستأجر في صرف أجرتها في عمارتها والدار وقت العمارة منتفع بها، فهو شرط صحيح صرح به الرافعي في أوائل الإجارة. وقال ابن الرفعة: لم يخرجوا ذلك على اتحاد القابض والمقبض قال: وكأنهم جعلوا [القابض المستأجر يتسلط على التصرف فيما قبضه لنفسه، فإن قدرنا مع ذلك وكيلاً عن الآخر في القبض وقابضاً لنفسه لزم اتحاد] (¬4) القابض من المستأجر وإن لم يكن معيناً كالوكيل عن الآخر وكالة ضمنية، وفيما ذكره نظر، فإن القابض من المستأجر يتسلط على التصرف فيما قبضه لنفسه. فإذا قدرناه مع ذلك وكيلاً عن الآخر في القبض وقابضاً لنفسه لزم أيضاً الاتحاد (¬5). ¬

_ (¬1) استدراك من (س). (¬2) استدراك من (س). (¬3) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 141)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 259)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 545)، "قواعد الزركشي" (1/ 89). (¬4) استدراك من (س). (¬5) أي: اتحاد القابض والمقبض.

- ومنها: يجوز تسلف الإمام الزكاة، فإن كان بسؤال [المالك] (¬1) والمستحق وتلفت في يده فلا ضمان عليه على الأصح، ولا وجه لصحة قبض [72 ن/ ب] الإمام في ذلك، وجعلها (¬2) من ضمانهم (¬3) إلا بالبناء على ذلك (¬4). - ومنها: ذكر الشيخ أبو حامد وغيره أنه لو وكل الموهوب منه والغاصب والمستعير والمستأجر في قبض ما في يده من نفسه، وقيل: صح، فإذا مضى زمن يتأتى فيه القبض برئ (¬5) الغاصب والمستعير من الضمان، وهذا كما [قال] (¬6) الرافعي يخالف الأصل المشهور في أن الواحد لا يكون قابضاً ومقبضاً. - ومنها: لو أسلم إليه ثوباً (¬7) [65 ق/ أ] وقال: بع هذا ثم (¬8) استوف حقك من ثمنه، فلو تلف لم يكن من ضمانه، [لأنه] (¬9) ائتمنه بخلاف الظافر بغير جنس حقه على وجه. - ومنها: هل يصح أن يقبض من نفسه؟ - ومنها: الوكيل فيه وجهان. ولو دفع البائع المبيع إلى المشتري فامتنع من قبضه حكى الغزالي عند الكلام في ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ق): "في". (¬3) أي: من ضمان المساكين. (¬4) أي على جواز اتحاد القابض والمقبض. (¬5) في (ن): "فبرئ". (¬6) في (ق): "في". (¬7) في (ق): "ثوبان". (¬8) في (ق): "و". (¬9) من (ن).

فائدة: المانع من الاتحاد في القبض ونظائره

وجوب البراءة بالتسليم أن صاحب "التقريب" قال: إن للبائع أن يقبضه (¬1) من نفسه لتصير (¬2) يده يد أمانة، وأن له أن يرفع ذلك إلى القاضي ويودعه (¬3) عنده، والإمام حكى عنه أن للقاضي أن يبرئه من الضمان فتصير يده يد أمانة، وأن له أن يدفع ذلك إلى القاضي ليودعه عنده، فإن لم يجد قاضياً فيقبض من نفسه للضرورة. فائدة: أن المانع من الاتحاد في القبض ونظائره أنه لا يعقل كون المرء طالباً و (¬4) مطلوباً، وقريب (¬5) منه أن المرء لا يكون مأموراً بشيء أو محكوماً عليه بشيء، ثم يكون (¬6) هو ذلك الشيء أو بعضه؛ لئلا يتحد المأمور والمأمور به، أو يكون بعض المأمور هو (¬7) المأمور به أو المنهي، أو (¬8) نحو ذلك، وهذا محال وهو معنى ما سلف لا يتحد ساتر ومستور إلى آخره، ومن ثم لا يؤمر المرء بقطع عضو من أعضاء نفسه ونحو ذلك، وقد يفترق الحال بين ما يتعاطاه المرء بنفسه وبين ما يتعاطاه بغيره، فيجعل الغير بالنسبة إليه كالآلة، وذلك في مسائل: - منها: السواك بأصبعه دون أصبع غيره الخشن، فإن الأصح أن أصبع نفسه (¬9) ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "قبضه". (¬2) في (ق): "فتصير". (¬3) في: "ليودعه". (¬4) في (ن) و (ق): "أو". (¬5) في (ن): "وقريباً". (¬6) في (ق): "لا يكون". (¬7) في (ن): "من". (¬8) في (ق): "و". (¬9) في (ق): "غيره".

لا يجزئ بخلاف (¬1) [أصبع غيره الخشنة] (¬2) فإنها تجزئ قطعاً. - ومنها: لا فدية على المحرم إذا غطى رأسه بكف نفسه [وكذا] (¬3) بكف غيره على الأصح، ووجه مقابله: أن كف غيره كالآلة له، بخلاف كف نفسه فإنها بعضه [73 ن/ أ] فتكون بعض [المحرم عليه فلا تكون محكوماً بها لئلا يتحد المحكوم به و] (¬4) [المحكوم] (¬5) عليه (¬6). - ومنها: يجوز أن يسجد على كف غيره، ذكره الرافعي في الحج في الإحرام بخلاف كف نفسه. وأما الموجب والقابل فمن فروعه: - الوكيل بالبيع لا يبيع من نفسه كما سلف. ولو قال: بع من نفسك على أصح الأوجه، ولا يشتري من نفسه، وفيه الأوجه. - ومنها: لو وكل في طرفي النكاح، فقيل: بالمنع، وقيل: على الخلاف. - ومنها: الخلع، وفيه خلاف البيع، [وأولى] (¬7) بالمنع. - ومنها: لا يزوج الولي المرأة من نفسه، خلافاً لأبي يحيى البلخي. ¬

_ (¬1) في (ن): "خلاف". (¬2) من (ن). (¬3) في (ق): "أو". (¬4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن)، ووقع في (ق): "المحرم المحكوم عليه ... "، والتصويب من (س). (¬5) من (ن). (¬6) أي: فلا تكون محكوماً بها، لئلا يتحد المحكوم به وعليه. (¬7) سقطت من (ن).

- ومنها: هل له تزويج أمته من عبده الصغير إذا جوزنا إجباره؟ فيه وجهان. - ومنها: إذا وكله [في] (¬1) أن يصالح من نفسه، فوجهان في "البحر". إذا عين له ما (¬2) يصالح به، فإن أطلق لم يجز له أن [65 ق/ ب] يصالح إلا على شيء تبلغ قيمته قدر الدين. - ومنها: قال المحاملي: لو قال: كاتب نفسك على نجمين، فعلى الخلاف، وأما المقرض والمقترض فمن فروعه: مؤنة المرهون إذا كان الراهن غائباً ولا مال له، وقال المرتهن: أنا أنفق وأرجع وعامل المساقاة، وهرب الجمال، وناظر الوقف، فيما إذا انهدم الوقف، قال الرافعي: يجوز للإمام أن يأذن للناظر في الاستقراض أو الإنفاق على العمارة من مال نفسه، وليس له الاستقراض دون إذن، ومؤنة اللقطة ومؤنة تعريفها، ونفقة الملتقط، وإخراج فطرة الصبي ليُعوَّد عليه، والنفقة على الوديعة إذا احتاج إليها (¬3)، فإن أنفق من غير إذن الحاكم إذا لم يقدر على إذنه، ففي الرجوع أوجه في "الحاوي". ثالثها: يرجع إن أشهد. ونفقة الأم على الولد، وكذلك الجد، وأجرة سكنى المعتدة، وأكل الطعام في المخمصة، [وكل ذلك للضرورة ليس خارجاً عن القواعد. قال الشيخ عز الدين في أكل طعام الغير، في المخمصة] (¬4): "أقام الشارع ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ق): "من". (¬3) في (ق): "عليها". (¬4) ما بين المعقوفتين من (ن).

المضطر مقام مقرض ومقترض، وللقائل بقول الشارع جعل له هذا الإتلاف مضمناً ولا حاجة إلى تقدير قرض". وأما المستوفي والمستوفى منه فمن فروعه: - لو أذن المؤجر للمستأجر في صرف الأجرة في العمارة. - وتوكيل الداين المديون في استيفائه. - ومستحق القصاص من عليه القود [73 ن/ ب] نفساً أو طرفاً. - والإمام السارق في قطع اليد، وفي الكل وجهان، حكى الإمام آخرهما (¬1) في توكيل الجاني ليجلد نفسه واستبعده [من جهة] (¬2) أنه متهم في إيلام نفسه، قال الرافعي: في الكل المنع. قلت: وجه الصحة في استيفاء الدين ظاهر؛ إذ لا محذور فيه، والصُّور مشتركة في (¬3) اتحاد المستوفي والمستوفى منه، غير أن بعضها ليس فيها زيادة على ذلك، وهي إذن المؤجر للمستأجر في [صرف الأجرة في] (¬4) العمارة وهي زيادة سهلة محتملة، وأما قاطع الطرف فأشد من ذلك، وأشد منه قتل النفس؛ فإن الشرع يأباه فيتوقف فيه، وعلى تقدير الصحة هل يقال: إنه ملك أن يقبض من نفسه بعد المنع فيخرج على [أن] (¬5) توكيله تفويض (¬6) أم لا. ¬

_ (¬1) في (ق): "إحداها". (¬2) سقطت من (ق). (¬3) في (ن): "و". (¬4) من (ق). (¬5) من (ن). (¬6) في (ق): "تعريض".

فروع الساتر والمستور

وذكر الأصحاب في استيفاء القود أن المستحق لا يستقل (¬1) بالقطع والإذن دون إذن الإمام، فلو فعل وقع الموقع وأنه لو استقل المقذوف باستيفاء الحد بإذن القاذف أو دونه، ففي الاحتساب وجهان، فإن لم يحتسب فلو مات منه وكان بغير إذنه وجب القصاص أو بإذنه فلا قصاص، وفي الدية خلاف. - ومنها: لو وكله في إبراء نفسه ففي الصحة وجهان، قال (¬2) في "البحر": وإذا صح فليبرأ على الفور، وإذا أخر لم يصح [66 ق/ أ] وكأنه ألحقه بتفويض الطلاق إذا فرعنا على أنه تمليك. وأما فروع الساتر والمستور .. إلى آخره فتقدمت الإشارة إليها. فرع: "عاقد هو المعقود عليه، ومدعي هو المدعى عليه"، قد يكون [مطالِباً ومطالَباً] (¬3) فيما لو أجر لمؤجره (¬4) العين المؤجرة [فالأصح: الصحة، ثم يطالبه بتسليم العين ويطالب] (¬5) بذلك. فرع: قد يتحد العاقد والمعقود عليه فيما إذا وكل عبداً أن يشتري له نفسه من مولاه، فإنه يصح على الصحيح مطلقاً، وقال الماوردي: ظاهر المذهب أنه لا يصح، [وفصل] (¬6) القاضي (¬7) بين أن يأذن له مولاه أم لا. ¬

_ (¬1) في (ق): "يستعجل". (¬2) في (ق): "قاله". (¬3) وقعت هذه العبارة في (ن) هكذا: "طالباً ومطلوباً ومطالباً"، وفي (ق): "طالباً ومطالباً"، والتصويب من "س". (¬4) كذا في (س)، وفي (ن): "لو أجره ليؤجره"، وفي (ق): "لو أجره لمؤجره". (¬5) من (ق). (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "وجعله". (¬7) أي: القاضي حسين.

فرع: لو وكل السيد عبده في بيع نفسه أو هبتها أو رهنها أو وقفها، قال الرافعي في باب مداينة العبيد: إن له إجارة نفسه بإذن مولاة، وكذا بيعها ورهنها على الأصح، وفي [74 ن/ أ] الكتابة خلاف. فرع: لنا مدعٍ ومدعى عليه وهو ما لو توكلا (¬1) في الخصومة من (¬2) الجانبين، قال الرافعي: الأصح المنع. والمسائل كلها في آثار اتحاد القابض والمقبض وقد سلف. فروع أخر: خالع بحضانة ولده وصححناه، فله أن يأمرها بصرف الطعام والشراب لولده، وفي "الشامل": أنه ينبغي جريان خلاف فيه من الملتقط إذا أذن له في الإنفاق على الملتقط من ماله بشرط الرجوع. فرع: الطفل إذا امتنع الأب من الإنفاق عليه فأنفقت الأم من مالها على قصد الرجوع وأشهدت رجعت، وإلا فوجهان (¬3). قال [الإمام] (¬4) الرافعي: وهو ظاهر إذا لم يكن قاضٍ. فرع: إذا امتنع القريب من النفقة على قريبه فيستقرض القريب على قريبه وينفق على نفسه ذكره الرافعي: "مستقرض لنفسه على غيره"، وقد ذكروا الإشهاد في هذه الصور ولم يتكلموا (¬5) على أنه ما (¬6) أشهد لوضوحه إلا في المساقاة، فإن الرافعي قال: يشهد على العمل أو الاستئجار، وبدل الأجرة بشرط الرجوع، فإن لم ¬

_ (¬1) في (ن): "توكل"، وفي (ق): "وكل"، والتصويب من (س). (¬2) في (ق): "في". (¬3) في (ن): "وإلا فلا وجهان". (¬4) من (ق). (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "يذكروا". (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "على ما إذا".

فائدة: الاستثناء الشرعي لا يضر، سواء كان المستثنى عينا أو منفعة

يتعرض له فهو كترك الإشهاد ذكره في "الشامل" ولا يبعد طرده في كل إشهاد (¬1) وفي "الذخائر" في مسألة الوديعة: أنه يشهد على كل نفقة. فرع: قال أبو سعد: إذا التقط هريسة فله الخيار بين الأكل والبيع ثم يعزل القيمة مدة التعريف، ثم يتصرف فيها، وقيل: لا يتصرف فيها لغيره (¬2)، ونظيره: من (¬3) اختلط له درهم بدرهم غيره فيقسم بنفسه كما حكي عن الشيخ عز الدين، وفي المغصوب إذا غصب مثله. - والمعتدة المستحقة للسكنى إذا غاب الزوج ولا مسكن [له] (¬4)، إذ قال الرافعي: إن [66 ق/ ب] أذن لها الحاكم أن تكري (¬5) السكنى من مالها، أو تستقرض عليه جاز. ولو أذن لها في النفقة من دين عليها (¬6)، وهي موسرة صح أو معسرة فلها الفسخ؛ لأنها منظرة (¬7). وإذا ظفر بجنس حقه أو بغيره فله بيعه واستيفاء حقه من ثمنه للحاجة، قال الشيخ عز الدين: فقد قام في حقه مقام قابض [74 ن/ ب] ومقبض، وفي بيعه مقام وكيل وموكل. فائدة (¬8): الاستثناء الشرعي لا يضر، سواء كان المستثنى عيناً أو منفعة ¬

_ (¬1) وهو توجيه تاج الدين ابن السبكي. (¬2) أي: وهذا قبض من نفسه لغيره. (¬3) في (ن): "كمن". (¬4) من (س) (¬5) في (ن) و (ق): "يكون". (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "لها عليه". (¬7) وقعت في (ن) و (ق): "مضطرة". (¬8) في (ق): "قاعدة".

بخلاف اللفظي، وفي كلام الإمام والغزالي والبغوي ما يقتضي إلحاق الشرعي باللفظي، وفيه وقفة وبيانه بصور: الأولى: بيع الأمة المزوجة صحيح، ولو باعها واستثنى منفعة بضعها لم يصح. الثانية: بيع العين المستأجرة صحيح، ولو باع داراً واستثنى منفعتها شهراً لم يصح على الصحيح فيهما. الثالثة: باع [نخلة] (¬1) وعليها ثمرة مؤبرة وبقيت الثمرة للبائع وحدث طَلعٌ جديد من تلك السنة، فالأصح أنه للبائع لا للمشتري مع الاتفاق على صحة البيع. الرابعة: باع ما يُجَزُّ مراراً كالقثَّاء والقصب فجزتها الظاهرة عند (¬2) البيع، وما يحدث بعده [هل] (¬3) هو للبائع أو للمشتري؟ وجهان في الماوردي مع الاتفاق على صحة البيع، وجزم الرافعي بان الظاهرة للبائع، والحادثة للمشتري، وفرق بين هذه المسألة والسابقة بوجهين: [أحدهما] (¬4): أن الطَّلع له حدٌّ ينتهي إليه ولا حد للرطبة. والثاني: أنه لا منفعة في قطع الثمرة، وللبائع منفعة [في] (3) ترك قطعها، والرطبة في قطعها فائدة للمشتري، وفي تركها فائدة للبائع، وبذلك يندفع عن الرافعي الاختلاف في كلامه. الخامسة: باع حاملاً بولدين بعد وضع أحدهما وبقي الآخر مُجتَنًّا، ففي كون المجتنِّ للبائع أو للمشتري قولان، نعم الإمام قال: [إذا] (4) حكمنا بأن الولد ¬

_ (¬1) في (ق): "ثمرة". (¬2) في (ق): "غير". (¬3) من (س). (¬4) من (ن).

للبائع فيجب الحكم بفساد البيع في الأم على ظاهر المذهب (¬1)، وهذا جارٍ على ما اقتضته طريقته من أن الاستثناء الشرعي كاللفظي. السادسة: ذكر البغوي، وقبله صاحب "المهذب" (¬2) أن التين والعنب إن ظهر بعضه فالظاهر [للبائع] (3) وغيره للمشتري، وتوقف الرافعي والنووي في ذلك، قال صاحب "الوافي": ولم أر للأصحاب في المسألة غير ما ذكره الشيخ [أبو إسحاق] (¬3)، يعني صاحب "المهذب". السابعة: باع العبد إلا يده أو رِجْلَهُ مثلاً لم يصح، وإذا (¬4) كان مستثنىً شرعاً كما لو [قال] (3) [75 ن/ أ]: استحق قطع اليد عن قصاص أو سرقة (¬5) صح، [ولا خيار] (¬6) للمشتري إن علم، لكن ينظر هنا أن المبيع هل ورد على هذا المستحق، فلا يكون من قبيل ما نحن فيه [67 ق/ أ] أو لم يرد؟ الظاهر: الأول، وأنه مع ذلك يستحق القطع. الثامنه: باع الماشية إلا شاة الزكاة لم يصح للجهل بالمستثنى المؤدي إلى الجهل بالمبيع، ولو باعها كلها بعد الوجوب (¬7) صح في (¬8) غير الواجب على الأصح، ويد الساعي ممتدة إلى أخذ شاة الزكاة، فهي مستثنى شرعاً، وقد نص ¬

_ (¬1) في (ق): "ظاهر على المذهب". (¬2) كذا في (ن) و (س)، وفي (ق): "صاحب البيان". (¬3) من (ن). (¬4) في (ق): "وإن". (¬5) في (ق): "شركة". (¬6) في (ن): "والخيار". (¬7) أي: بعد وجوب الزكاة. (¬8) في (ن): "من".

قاعدة الأجل لا يلحق، وإن شئت قلت: الحال لا يتأجل

عليها الإمام الشافعي في "الأم" في أبواب البيع في باب الثُّنْيا (¬1) في البيع، وهل ورد العقد (¬2) على شاة الزكاة، ثم الساعي يفسخه أو لم يرد (¬3) العقد، ثم على البائع ضمانها للمشتري فيه نظر، وكذا من عليه حد إذا بيع، فإن استيفاء الحد [منه] (¬4) مستثنى شرعاً (¬5)، وإن كان لو استثنى هذا لأبطل (¬6). التاسعة: باع داراً عليها حق ووضع جذعاً (¬7) أو أجرى مائاً صح، ولصاحب الحق استيفاؤه، وهي منفعة مجهولة مدتها مستثناة شرعاً لو استثناها بلفظه لم يصح (¬8). قاعدة " الأجل لا يلحق، وإن شئت قلت: الحالُّ لا يتأجل" (¬9). قال [الإمام] (¬10) الشافعي في ......................... ¬

_ (¬1) الثُّنْيا: الاستثناء. (¬2) كذا في (س)، وفي (ن): "المبيع"، وفي (ق): "البيع". (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "أو يقر". (¬4) من (ن). (¬5) أي: فزمان استيفاء الحد منه مستثنى شرعاً. (¬6) في (ق): "البطل". (¬7) في (ن) و (ق): "جذع". (¬8) وقعت هذه العبارة في (ن) هكذا: "أو استثناها بلفظه صح". (¬9) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 267)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 611)، "قواعد الزركشي" (1/ 92). (¬10) من (ن).

"المختصر" (¬1) في آخر باب النهي عن بيع وسلف: "ولو كان له على رجل حق من بيع أو غيره حالَّاً فأخَّره مدة كان له أن يرجع متى شاء، وذلك لأنه ليس بإخراج شيء من ملكه ولا أخذ فيه عوضاً، فيلزمه، وهذا معروف له لا يجب له أن يرجع فيه" هذا لفظه. وهنا صور يقع فيها وجوب تأخير الطلب لأمر (¬2) خارجي ليس لذات الدَّيْن، فيعتقد أن الحالَّ يؤجل فيها، وليس كذلك. الأولى: قال الرافعي في باب العقود المنهية بعد ما ذكر أن الحالَّ لا يتأجل، ولو أوصى من [له] (¬3) دين حال على إنسان بإمهاله مدة فعلى ورثته إمهاله تلك المدة؛ لأن التبرعات بعد الموت تلزمه، قاله في "التتمة"، وأقره الرافعي وضم غيره إلى [هذه] (¬4) الصورة: ما إذا نذر أن [لا] (¬5) يطالبه إلى شهر فإنه طاعة يلزمه الوفاء به، وينبغي أن يعلم أن هذه الصورة في "التتمة" أيضاً مع مسألة الوصية في موضع واحد، وهذا لفظها عقيب ما نقل الرافعي عنه: "إذا كان له (¬6) حق حل أجله فقال: إن شفى الله [75 ن/ ب] مريضي، أو رجع غائبي فللَّه عليَّ ألا أطالبه شهراً، فالحكم فيه كما لو نذر عيادة المريض وتشييع الجنائز" هذا لفظه. ولا فرق بين الحال ابتداء ومؤجلاً (¬7) بعد ما كان مؤجلاً في أن كلا منهما لا ¬

_ (¬1) أي: مختصر المزني. (¬2) في (ق): "بأمر". (¬3) من (ق). (¬4) من (س). (¬5) من (ق). (¬6) كذا في "س"، وفي (ن) و (ق): "فيه". (¬7) وقعت في (ن) و (ق): "ومؤجل".

قاعدة الأجل لا يسقط أيضا، وإن شئت قلت: المؤجل لا يصير حالا

يتأجل، وقد قال الرافعي قبل هذا: ولو حل الأجل فأجل البائع المشتري، أو زاد في الأجل قبل حلول الأجل المضروب، فهو وعد لا يلزم، كما أن بدل الإتلاف لا يتأجل وإن أجله، هذا لفظه. ولك أن تقول: هاتان الصورتان [67 ق/ ب] الوصية والنذر ليس فيهما تأجيل الحال بل تأخير الطلب مع الحلول، فلا ينقضان القاعدة، ونظيرها المديون المعسر يجب إنظاره ولا تأجيل هناك، وكذا إذا حل (¬1) [الدين] (¬2) وجب تأخير الطلب به إلى فتح الصندوق وإحضار القفل أو المال من البيت، وكذا من دون مسافة القصر، وكذا إلى بيع سلعة على ما ذكره الأصحاب في باب الكتابة، وليس في شيء من هذا تأجيل للحال، ولا فرق بين هذه الصورة والصورتين السابقتين، إلا أن الأجل فيها معلوم ولا أثر لذلك، ولو أن الناذر في هذه المسألة مات، فهل لورثته المطالبة؛ لأن الدين حال، والناذر قد مات وهم لم ينذروا، أو عليهم الإمهال؛ لأن الحق انتقل إليهم؟ هكذا فيه نظر. قاعدة " الأجل لا يسقط أيضاً، وإن شئت قلت: المؤجل لا يصير حالًّا" (¬3). ومن ثمَّ لو أسقط من عليه المؤجل الأجل لم يسقط على الصحيح، واستخرج ¬

_ (¬1) في (ق): "أجل". (¬2) من (ق). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 269)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 611)، "قواعد الزركشي" (1/ 92).

الأصحاب في كتاب (¬1) الصلح من كون الأجل لا يلحق ولا يسقط: أنه لا يصح الصلح من حالٍّ على مؤجل وعكسه، نعم قالوا: لو صالح من مؤجل على حال (¬2) وعجل المؤجل أن الأداء صحيح. فإن قلت: كيف يصح ولم يحل المؤجل؟ وجوابه: أنه لا تعلق لصحة الأداء بحلول الأجل، فإن لمن (¬3) عليه دين مؤجل أن يؤديه حالًّا، ولا يخرجه ذلك عن كونه مؤجلاً لتبرعه. وقيد شيخنا تقي الدين (¬4) الصحة بما إذا عرف بطلان الصلح، فإن لم يعرف استرد قطعاً، ولا يخرج عن الخلاف فيما لو رهن معتقداً وجوب الرهن؛ لأن الرهن عقد بخلاف الدفع، والقصد (¬5) [76 ن/ أ] معتبر في الدفع دون العقد، وهذه صورة يضطر فيها إلى [الحكم على المؤجل بحكم الحلول، وإن شئت قلت: يضطر فيها إلى] (¬6) صيرورة المؤجل حالًّا، وتقع حينئذ مستثناة من هذا الأصل. - منها: الموت يحل به الدين المؤجل لخراب الذمة. - ومنها: إذا استُرق الحربي حل عليه المؤجل نص عليه، فيقضي من ماله (¬7) الذي يغنمه الغانمون دَيْنه. ¬

_ (¬1) في (ق): "باب". (¬2) في (ق): "من حال على مؤجل". (¬3) في (ن): "كمن". (¬4) يعني الإمام تقي الدين السبكي. (¬5) في (ن): "والتقييد". (¬6) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬7) في (ن): "من ماله الدين".

قاعدة الشرط الذي يقتضيه العقد لا يضر

- ومنها (¬1): إسقاط من عليه الدين الآجل على وجه سلف (¬2). - ومنها: حلول الدين بالفلس على قول. - ومنها: حلوله بالجنون على قول. قاعدة " الشرط الذي يقتضيه العقد لا يضر" (¬3). كالبيع بشرط [68 ق/ أ] الإقباض، وبيع المرهون عند الحاجة، وعبارة المحاملي: أنه يصح، والأولى أصوب (¬4). ومن غرائب القاعدة قول البغوي في "فتاويه": لو تزوج من وقع اليأسُ من (¬5) احتمالها الجماع بشرط أن لا يطأها صح الشرط؛ لأنه يقتضيه (¬6) العقد. [قال] (¬7): وكذا إذا كانت لا تحتمل في الحال، وشرط [ألا يطأها إلى مدة الاحتمال، ويستثنى من هذه] (¬8) القاعدة ما إذا خالعت الأمةُ زوجها بمال وشرطته [إلى وقت] (¬9) العتق، فإنه يفسد ويرجع بمهر المثل بعد العتق مع كون هذا الشرط ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن): "ممكن". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 270)، "قواعد الزركشي" (2/ 239). (¬4) وهو: أن شرط مقتضى العقد لا يضر ولا ينفع، وهو ما صوّبه إمام الحرمين، والغزالي، والرافعي. (¬5) كذا في (س)، وفي (ن): "من وقع الناس على"، وفي (ق): "من وقع الناس عن". (¬6) في (ق): "قضية". (¬7) من (ق). (¬8) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬9) في (ن): "قبل".

يقتضيه (¬1) العقد، فإنه لو خالعها على مال ثبت ولم يطالبها الآن بشيء، وإنما يطالب عند (¬2) العتق، وهذا عجيب، شرط يوافق مقتضى العقد ويبطله. - وكذا لو شرط في البيع الإنظار بالثمن إلى اليسار، لكن ذلك ليس من مقتضيات العقد بل من مقتضى الشرع، ولا فرق؛ لأن الشرط الموافق للشرع لا يُفسد. - وكذلك إذا استأجر اليهودي شهرًا لعمل (¬3)، فالسبوت (¬4) تقع مستثناة من الاستيفاء، أو استأجر المسلم فأوقات (¬5) الصلاة تقع مستثناة. وكذلك أوقات القيلولة والراحة بالنسبة إليهما، فلو صرح بمقتضى ذلك في أصل العقد كان مبطلاً على ما يظهر (¬6)، نعم هذه الأوقات ليست متخللة بين أوقات الإجارة حتى تكون كإجارة العقب، ويجري فيها ما يجري في تلك (¬7) من الخلاف، بل المنفعة كلها للمستأجر مستحقة بمقتضى العقد، ثم عليه توفيره عن العمل تلك الأوقات، ويظهر أثر ذلك فيما لو استعمله فيها لا يجب عليه أجرة زائدة، كما أشار إليه البغوي وصرح به في القيلولة، والحاصل أنما يقع مستثنى ¬

_ (¬1) وقعت في (ن): "يقتضي"، وفي (ق): "مقتضى". (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "بعد". (¬3) في (ق): "على عمل". (¬4) وقعت في (ن): "كالسبوت"، وفي (س): "فالثبوت"، والتصويب من (ق)، والسبوت جمع سبت، وهو يوم اليهود. (¬5) وقعت في (ن): "في أوقات". (¬6) وهو تحرير تقي الدين السبكي. (¬7) في (ن): "ذلك".

لو صرح به لأبطل، إنما المبطل ما إذا أراد خروجها (¬1) من العقد رأسًا. ويؤول قولهم: إنه يجوز الاستثناء للخدمة نهارًا دون الليل (¬2). ولو [قال] (¬3): أنكحتها على ما أمر الله [به] (¬4) من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان مقيدًا للإيجاب به (¬5)، فقال الجويني: يبطل لأنه نكاح بشرط، والأصح: الصحة؛ لأنه مقتضى العقد (¬6). وفصَّل الإمام فقال: إن أجراه شرطًا ملزمًا فالوجه: البطلان، إن قصد الوعظ لم يضر، وإن أطلق احتمل واحتمل، وهو نظير ما سلف في الأوقات المستثناة إذا صرح بها في أصل العقد. وأما الشرط الذي لا يقتضيه العقد فيصح إن كان من مصلحته سواء مصلحة البائع كالرهن والكفيل، والمشتري ككونه كاتبًا، وضمان الدرك ومصلحتهما كالخيار لهما، ومقتضى هذا أنه لو أجره [أرضًا] (¬7) ليزرع القمح، ولا يزرع غيره صح العقد والشرط، وهو أحد أوجه ثلاثة في "مجرد" القاضي أبي (¬8) الطيب، وإن لم يكن من مصلحته فإن لم يتعلق به عرض يورث تنازعًا كشرط (¬9) أن ¬

_ (¬1) أي: خروج هذه الأوقات. (¬2) انظر: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 271). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) من (ن). (¬5) في (ق): "بها". (¬6) في (ن): "الصحة". (¬7) من (ن). (¬8) وقعت في (ن): "أبو". (¬9) في (ن): "بشرط".

لا يأكل أو لا يلبس إلا كذا (¬1)، فالمنصوص [عدم الصحة] (¬2)، وخالف الغزالي وشيخه فقالا: لا يفسد، وأقره الرافعي ثم ذكر الفساد بحثًا من قبله معتضدًا بكلام لصاحب "التتمة"، وقال ابن أبي الدم: سمعت بعض الفقهاء يذكر أن الفساد وجه، واستشكل ابن الصلاح ما قاله الغزالي فقال: الأجود أن يقرأ قوله: بشرط أن لا يأكل إلا الهريسة -بالمثناة من فوق- خطابًا للمشتري كيلا ينازع في عدم الغرض على تقدير تصويره فيما إذا شرط للعبد المبيع. وفي كلام "النهاية"، و "البسيط" تأييد له، وعبارة الإمام: بشرط أن لا يلبس [بعده] (¬3) إلا الخزَّ، أو (¬4) ما في معنى ذلك من الاقتراحات وفي نسخة من "البسيط"، الضبط بما ذكره ابن الصلاح، لكن قد ينازع [منازع] (¬5) في حكمه ولو كان خطابًا للمشتري، ويقول: قد يتعلق به غرض، ولذلك أصل، وهو ما إذا أعطاه درهمًا وقال: ادخل الحمام، فقد قال القفال إن كان غرضه تحصيل ما عينه لما رآه به (¬6) من الشعث والوسخ لم يجز صرفه إلى [غير] (¬7) ما عيَّنه، وسكت عنه (¬8) الرافعي، وحكى النووي في التعيين [عن فتاوى القاضي حسين وجهين] (¬9) وقريب منها مسألة ....................................... ¬

_ (¬1) في (س): "الخز". (¬2) سقطت من (ق). (¬3) من (ق). (¬4) في (ق): "أن". (¬5) من (ق). (¬6) في (ن): "رأيته". (¬7) من (ق). (¬8) في (ق): "عليه". (¬9) ما بين المعقوفتين من (ق).

فائدة: في شرط مقتضى العقد

أبي زيد (¬1) في الكفن، وإذا [صح] (¬2) تعلق الغرض [به] (¬3) فلم [لا] (¬4) يفسد العقد كالمسألة المنصوصة (¬5)، وأما ما تعلق به غرض لأحدهما وليس من مصلحة العقد، كشرط أن لا يقبض ما اشتراه فيبطل، ويستثنى شرط عتق العبد على الأظهر في صحة العقد والشرط جميعًا. فائدة: إذا عرفت أن [شرط] (¬6) مقتضى العقد لا يضر ولا ينفع علمت أنما هو حاصل وإن تلفظ به اللافظ فلا (¬7) يضر ذكره، وهذا ليس على إطلاقه بل قد لا يضر كما مُثِّل، وقد يضر كما إذا نوى المتوضئ الرفع والتبرد، فإنه يبطل على وجه مع أن التبرد حاصل وإن لم ينوه، والأصح: الصحة. ونظيرها: الإمام إذا كبر ورفع صوته ناويًا الانتقال والإعلام جاز، وإن كان [لو رفع] (¬8) الصوت ولم ينو الإعلام حصل، فالنية كالعدم (¬9). ويقرب منه: بعتك [إن شئت، فالمذهب: الصحة، ولا يضر لفظ التعليق على ¬

_ (¬1) هو محمد بن أحمد بن عبد الله، الشيخ الزاهد، أبو زيد الفاشاني المروزي، كان أحد أئمة المسلمين، ومن أحفظهم لمذهب الشافعي وأحسنهم نظرًا، أخذ عنه أبو بكر القفال المروزي وفقهاء مرو، وكان من أذكى الناس قريحة، توفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة (371 و)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 119 - رقم 103). (¬2) من (ن). (¬3) من (ق). (¬4) من (ق). (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "في المسألة المخصوصة". (¬6) من (ق). (¬7) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "قد لا". (¬8) في (ن): "لرفع". (¬9) في (ن): "كالصوم".

قاعدة الاعتبار في تصرفات الكفار باعتقادنا لا باعتقادهم

المشيئة؛ لأنه لو لم يشأ لم يشتر. تنبيه: قد يتردد في أن الشيء] (¬1)، مقتضى العقد أم لا فيورث ذلك ترددًا في أن شرطه هل يبطل أم لا، وبيانه بصور: - منها: إذا كان العلو: السفل جميعًا لواحد، فباع العلو وحده صح، وهل للمشتري أن يبني فوق العلو، وجهان في "الحاوي" ويظهر منهما: المنع؛ لأن الهواء حق لصاحب السفل، وإنما خرج عنه البناء على الهيئة الموجودة عند البيع، وإن شرط أن لا يبني صح، وليس له البناء، قاله الماوردي، وهذا بيع بشرط لم يضر (¬2)، ولا يبعد أن [يقال] (¬3): إن كان من مقتضى العقد [صح] (3) وإلا فلا، وإن شرط أن يبنى صح خلافًا للمزني. قاعدة " الاعتبار في تصرفات الكفار باعتقادنا لا باعتقادهم" (¬4). خلافًا للإمام مالك (¬5)، ومن ثم إذا أتونا بما نتيقن أنه (¬6) من ثمن خمر لا نأخذه في الجزية خلافًا له (¬7)، وإذا ذبحوا حيوانًا وفتشوا كبده فوجدوه ممنوًّا؛ ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن)، استدركناه من (س)، وفي (ق) سقط: "فالمذهب الصحة ولا يضر لفظ التعليق على المشيئة؛ لأنه لو لم يشأ لم يشتر"، وحل محلها: "والأصح: الصحة؛ لأنه مقتضى العقد أخرى". (¬2) وهو توجيه تاج الدين السبكي. (¬3) من (ن). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 274). (¬5) في (ق): "خلافًا لمالك". (¬6) في (ن): "بما سواء به". (¬7) أي خلافًا للإمام مالك.

قاعدة لا يثبت حكم الشيء قبل وجوده

أي ملصوق الكبد بالأضلاع [نأكله] (¬1) خلافًا له، حيث حرمه لكونه حرامًا عندهم. قاعدة " لا يثبت حكم الشيء قبل وجوده" (¬2) هذا هو الأصل: واختلف الأصحاب في المشرف على الزوال هل هو كالزائل؟ وربما قالوا: المتوقع هل يجعل كالواقع؟ أو ما قارب الشيء هل يعطى حكمه؟ وهي عبارات عن معبَّر واحد (¬3)، وربما جزموا بإعطائه حكمه، وذلك يقضي على الأصل لقوة أصل آخر عليه، اجتذب ذلك الفرع وانتزعه، وهذا شأن كل المستثنيات من القواعد، وإلى ذلك الإشارة بقول [الإمام] (4) الشافعي: "والقياس قياسان؛ أحدهما: في معنى الأصل، فذلك الذي لا يحل لأحد خلافه، ثم قياس: أن يُشبه الشيءُ بالشيء، وموضع الصواب عندنا والله أعلم أن ينظر فأيهما كان [أولى] (¬4) لشبهه (¬5) صيره إليه إن أشبه (¬6) أحدهما في خصلتين، والآخر في خصلة، ألحقه ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) راجع هذه القاعدة ونظائرها فى: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 275)، "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 129)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 238). (¬3) انظر: "قواعد الزركشي" (3/ 144، 161، 166)، "القواعد" للندوي (ص: 238، 246). (¬4) من (ن). (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "شبهة". (¬6) في (ن) و (ق): "أشبهه".

قاعدة الزائل العائد كالذي لم يزل أو كالذي لم يعد

بالذي [هو] (¬1) أشبه (¬2) في خصلتين"، هذا لفظه. - مثال إعطاء المشرف حكم الزائل: تحريم وطئ المشتري الجارية المبيعة بعد التحالف وقبل الفسخ، وفيه وجهان مرتبان على الوجهين في تحريم الوطئ بعد الترافع إلى مجلس الحكم وقبل التحالف، والمصحح من هذين الحل والتحريم بعد التحالف أولى، وربما [لم] (¬3) يعطوه حكمه كبيع العبد المريض والجاني، فإنه صحيح مع الإشراف على الزوال، وذلك هو اتحاده (¬4)، فلا يطلب له علة تخصه. قاعدة " الزائل العائد كالذي لم يزل أو كالذي لم يعد" (¬5). في أكثر صوره خلاف منتزع (¬6) الأصل من قولين منصوصين، فيما إذا قال لعبده (¬7): إذا جاء رأس الشهر فأنت حر، ثم باعه ثم اشتراه ثم جاء رأس الشهر، ففي العتق قولان شبيهان (¬8) بالخلاف أيضًا فيما إذا علق طلاق زوجته بصفة ثم أبانها ثم جدد نكاحها ثم وجدت الصفة، ومن مسائله: ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ن): "اشتبه". (¬3) من (س). (¬4) في (ق): "الجادة". (¬5) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 350)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 236)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 375)، "قواعد الزركشي" (2/ 178). (¬6) في (ق): "مفرع". (¬7) وقعت في (ن): "لسيده". (¬8) في (ن): "يشبهان".

- ما إذا أفلس بالثمن وقد زال ملكه عن المبيع وعاد، هل للبائع الفسخ؟ - ومنها: لو وهب لولده وزال ملكه ثم عاد هل للأب الرجوع؟ - ومنها: لو عاد التبذير بعدما بلغ رشيدًا، فالأصح يعيد القاضي الحجر ولا يعود بنفس التبذير. - ومنها: لو بيع شقص فارتد الشريك وقلنا: الردة تزيل الملك، فإن عاد إلى الإسلام وعاد ملكه، ففي ثبوت الشفعة تردد عن الشيخ أبي علي، فيتجه تخريجه على هذه القاعدة، والظاهر: المنع. - ومنها: إذا نقص بعض الأربعين في الخُطبة ثم عادوا وقد مضى ركن فهل الزائل العائد (¬1) كالذي لم يعد قطعًا وتبطل الخُطبة، وإن سكت ولم يطل (¬2) إلى أن عادوا فهو كالذى لم يزل وتصح، وإن طال فقولان، أصحهما: البطلان، وإن نقصوا (¬3) في الصلاة بطلت مطلقًا على أظهر الأقوال، وذلك كثير، ومن أماكن الجزم: -[القاضي] (¬4) إذا سمع البينة ثم عُزل ثم وُلِّي لابد من استعادتها، أما إذا خرج عن محل ولايته ثم عاد، ففي الاستعادة وجهان. - ولو باع النصاب في أثناء الحول ثم استرده بسبب جديد لم يقل أحد بأنه كالذي لم يزل حتى تجب الزكاة في ذلك الحول، فالقاعدة إذًا لم تطرد (¬5)، وخرج ¬

_ (¬1) في (ق): "عائد". (¬2) أي ولم يطل الفصل بسكوته. (¬3) في (ق): "انقضوا". (¬4) من (ق). (¬5) حكم السبكيُّ بعدم اطرادها في هذه المسألة.

قاعدة لا يقتضي من نفسه لغيره إلا في مسألتين

ابن الرفعة عليها الوجهين، فيما إذا أدى الضامن الدين ثم وهبه رب الدين (¬1) منه، هل يرجع على الأصح؟ فإن قلنا: كالذي لم يزل [لم يرجع] (¬2)، وإلا رجع، وضعف بناء الرافعي إياهما على القولين فيما لو وهبت الصداق من الزوج ثم طلقها قبل الدخول من حيث إن الهبة (¬3) لو فقدت وطلق لكان الشطر عائدًا (¬4) إلى الزوج بعينه قال: فهبته [منه] (¬5) تعجيل لما سيجب (¬6)، وهذا المعنى لم يتحقق فيما نحن فيه. قاعدة ذكر العبادي في "أدب القضاء (¬7) " والهروي في آخر "الإشراف": "لا يقتضي من نفسه لغيره إلا في مسألتين" (¬8): الأولى: إذا أكل اللقطة وأخذ الثمن من نفسه صار أمانة، قال الهروي: يعني إذا أخَذَ (¬9) قيمته من نفسه وعرَّفها فهي أمانة في أحد الوجهين. والثانية: قال: اقبض مالي عليك من الدين فأسلم في كذا، صح، قال ابن سريج: والمذهب أنه لا يصح. ¬

_ (¬1) في (ق): "رب المال". (¬2) من (ن). (¬3) كذا في (ق)، وفي (ن): "المعينة". (¬4) وقعت في (ن): "عائد". (¬5) من (ق). (¬6) في (ن) و (ق): "يستحب". (¬7) في (ق): "القاضي". (¬8) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 279). (¬9) وقعت في (ن) و (ق): "أخذت".

قلت: أما الأولى فالأصح فيها وجوب التعريف بعد ذلك (¬1)، قال الإمام: إلا أن يكون في الصحراء، والأصح أنه لا يجب بعد ذلك إفراز القيمة؛ لأن ما في الذمة لا يخشى هلاكه، وإذا أفرز (¬2) كان أمانة في يده، ولعل الوجهين المشار إليهما هما هذان، ولا يريد أن الخلاف في كونه أمانة [بل] (¬3) في أنه هل (¬4) يفرز أم لا؟ فإن [قلنا] (¬5): بالإفراز كان أمانة، ثم على القول بوجوب الإفراز قول أبي عاصم: إنه يقبض لغيره من نفسه غريب لا يعلم من تابعه، و (¬6) المحفوظ أنه يرفع (¬7) الأمر إلى الحاكم ليقبض عن صاحبه، وللإمام احتمال [في] (5) أن الملتقط يقبض نائبًا (¬8) عن المالك (¬9)، وفي تعليق القاضي (¬10): أنها على وجه الإفراز توضع عند عدل، وأما الثانية (¬11) [فمقالة ابن سريج غريبة وما أراها إلا المسألة] (¬12) التي ذكرها الرافعي في كتاب الوكالة، حيث قال: إذا قال لرجل: أسلم في كذا، أو أدِّ رأس المال من مالك ثم ارجع عليَّ، قال ابن سريج؛ يصح ويكون رأس المال ¬

_ (¬1) وهو تصحيح الإمام الرافعي. (¬2) في (ق): "فإذا قرر". (¬3) سقطت من (ق). (¬4) في (ق): "لم". (¬5) من (ن). (¬6) في (ن): "من". (¬7) في (ن): "يرجع". (¬8) في (ن): "ثانيًا". (¬9) وهي حكاية الرافعي. (¬10) أي القاضي حسين. (¬11) أي: مسألة السلم. (¬12) ما بين المعقوفتين من (ق).

قاعدة كل ما نقص العين أو القيمة نقصانا يفوت به غرض صحيح

قرضًا على الأمر، وقيل: لا يصح؛ لأن الإقراض لا يتم إلا بالإقباض، قال في "الروضة": والأصح عند الشيخ أبي حامد [وصاحب "العدة": الثاني؛ وهو نص الإمام الشافعي في الصرف (¬1)، قال الشيخ أبو حامد] (¬2): وما ذكره أبو العباس سهو، وبقيت مسائل: - منها: قول الرافعي فيما إذا أجَّره داره بدراهم معلومة ثم أذن له في الصرف في العمارة، أنه يجوز وقد سلف في الاتحاد (¬3) مع ما فيه، ومقالة ابن سريج تؤيد ذلك (¬4). - ومنها: إذا باع مال نفسه لولده (¬5) المحجور، فإنه يقبض من نفسه لولده. قاعدة " كل ما نقص العين أو القيمة نقصانًا يفوت به غرض صحيح الغالب في أمثاله عدمه [فهو] (¬6) عيب يرد به المبيع" (¬7). وإنما اعتبر نقصان العين لأجل الخصى، فإنه يرد به وإن لم ينقص القيمة (¬8)، ¬

_ (¬1) أي: أنه لا يصح. (¬2) ما يين المعقوفتين من (ن). (¬3) أي: في قاعدة "اتحاد القابض والمُقْبِض". (¬4) أي: تؤيد قول الرافعي. (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "من ولده". (¬6) من (س). (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 280)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 557)، "قواعد الزركشي" (2/ 425). (¬8) أي: لكونه أنقص العين.

وإنما لم يكتف بنقص العين واشترطنا فوات غرض صحيح؛ لأجل قطع (¬1) [سلعة] (¬2) (¬3) من فخذه، واعترضه ابن الرفعة بأن في تصوره (¬4) عسرًا، فإن أثار الجرح ثبت الخيار كما نقله في "الإشراف"، ولك أن تقول: هذا لا يسمى جرحًا، وإن فرض أنه يسمى ولم يندمل فذلك ينقص القيمة، ويفوت به غرض [صحيح] (¬5)، قال الرافعي: ولهذا قال صاحب "التقريب": إن قطع من أذن الشاة ما يمنع التضحية ثبت الرد، وإلا فلا، واعترضه ابن الرفعة بأنه تبع في ذلك الإمام وأن بعضهم اعترض على الإمام فيه؛ بان الإمام نفسه [خَطَّأ] (¬6) من يعتبر العيب بالضحايا؛ إذ مقصود العيب المال، ومقصود الضحايا حسن النظر وكمال الصورة. ولك أن تدعي تلازمهما، غالبًا. [ثم] (¬7) قوله: "إن قطع من أذنها ما يمنع التضحية" يقتضي أن قطع بعض الأذن منه ما يمنع التضحية ومنه ما لا يمنع، والأصح: المنع مطلقًا، وفي التفريق (¬8) أيضًا احتراز عما إذا وجد العبد والجارية مختونين، فإن فات جزء من أصل الخلقة بالختان، لكن فواته مقصود دون بقائه فلا رد به إذا كان قد ¬

_ (¬1) في (ق): "قلعه". (¬2) من (ن). (¬3) والسِّلْعَةُ: خُراج كهيئة الغُدَّة تتحرك بالتحريك، قال الأطباء: هي ورم غليظ غير ملتزق باللحم يتحرك عند تحريكه، وله غلاف، وتقبل التزايد؛ لأنها خارجة عن اللحم، ولهذا قال الفقهاء: يجوز قطعها عند الأمن. "المصباح" (ص: 172). (¬4) في (ق): "تصويره". (¬5) من (ق). (¬6) سقطت من (ن). (¬7) من (ق). (¬8) في (ق): "التعريف".

قاعدة العيب ستة أقسام

اندمل، وإنما اشترط كون الغالب في أمثاله عدم الثيابة إذا كان في سن لا يغلب فيه البكارة ليس عيبًا (¬1). ومن مسائل القاعدة: عدم نبات عانة الجارية، [حدثي (¬2) ذلك في زمن القاضي أبي عمر المالكي وقضى بأنه عيب، وذكره اثنان من أصحابنا، الهروي في "إشرافه"، والقاضي شريح [الروياني] (2) في "أدب القضاء"، قالا (¬3): إنه عيب، وكأنه لفساد المنبت كما قيل في الحيض لدلالته على ضعف في الخلقة. - ومنها: كون المبيع مما قيل: إنه موقوف وإن لم يثبت. قاعدة (¬4) " العيب ستة أقسام" كما قاله النووي في "تهذيبه" (¬5): عيب المبيع، ورقبة الكفارة، والغرة، والأضحية، والهدي، والعقيقة [وأحد الزوجين، والإجارة وحدودها مختلفة] (2) كذا ذكره، وهي تأتي أكثر من ستة، [قال] (¬6): ¬

_ (¬1) أي: لأن الثيابة مثلًا في الإماء معنى ينقص القيمة، لكن لا رد به إذا كانت كبيرة في سن لا تغلب فيه البكارة؛ لأنه ليس الغالب فيهن عدم الثيابة. (¬2) من (ق). (¬3) في (ن) و (ق): "قال". (¬4) في (ق): "فائدة". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 281)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 557)، "قواعد الزركشي" (2/ 425). (¬6) من (ن).

قاعدة كل عيب يوجب الرد على البائع يمنع الرد إذا حدث عند المشتري

- ففي المبيع: ما نقص المالية أو الرغبة أو العين (¬1). والكفارة: [ماي (¬2) يَضرُّ بالعمل إضرارًا بيِّنًا. والأضحية، والهدي، والعقيقة: ما ينقص اللحم. والنكاح: ما ينفر عن الوطء ويكسر (¬3) سورة التوقان. والإجارة: ما يؤثر في المنفعة تأثيرًا (¬4) يظهر به تفاوت في [قيمة] (¬5) الرقبة؛ لأن العقد على المنفعة وعيب الغرة كالمبيع، قلت: وعيب إبل الدية، والزكاة (¬6) والصيد في الإحرام، والصداق إذا طلق قبل الدخول داخلة فيما سلف. قاعدة " كل عيب يوجب الرد على البائع يمنع الرد إذا حدث عند المشتري" (¬7)، إلا في الأقل، قال الرافعي: قال ابن الرفعة: ولعله احترز به عما ذكره ابن الصباغ من أنه لو اشترى عبدًا له أصبع زائدة فقطعه، فإنه يمنع الرد، وإن كان الأصبع الزائد إذا وجد في يد البائع واندمل لا يرد به المشتري، كما قاله المتولي والبغوي. ¬

_ (¬1) في (ن): "في العين". (¬2) من (ق). (¬3) كذا في (ق)، وفي (ن): "ما ينفر عن الشرط ذكره في". (¬4) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "كثيرًا". (¬5) من (ن). (¬6) في (ن): "والبكارة". (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكى (1/ 282).

قاعدة الحمل يندرج في كل [عقد] معاوضة صدر بالاختيار

قاعدة ذكرها الإمام في كتاب البيع وأشار إليها الرافعي في كتاب التفليس: "الحمل يندرج في كل [عقد] (¬1) معاوضة صدر بالاختيار" (¬2)، فلو انتفى الاختيار كبيع الجارية المرهونة والرد بالعيب والرجوع بسبب الفلس، [أو انتفى] (¬3) العوض كالرهن والهبة ففي التبعية قولان، ولا يجريان في العتق، وإن كان لا عوض ولا خلاف في التبعية (¬4) لأن الكلام في العقود وليس العتق عقدًا، على أن الرافعي قال مرة: إن الوصية عقد. قاعدة " ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح" (¬5). وقد تنقض بما ذكره الرافعي عن المتولي: أن الزوج المختلع إذا وكل محجورًا في قبض المال من الزوجة ففعل كان مضيعًا له وتبرأ المرأة بالدفع (¬6)، مع أن توكيله (¬7) في القبض لا يصح، نعم هذا إذا كان العوض معينًا أو كان الطلاق معلقًا بدفعه، أما إذا كان الخلع على ما في ذمتها، فينبغي أن لا يصح القبض وإذا تلفت ضاع عليها. ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 282)، "قواعد الزركشي" (2/ 82). (¬3) تكررت في (ق). (¬4) أي: ولا خلاف أنه إذا أعتق حاملاً تبعها الحمل. (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 282). (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "بالذمة". (¬7) يعني: المحجورَ.

قاعدة كل خيار يثبت بالشرع لدفع الضرر عن المال، فهو على الفور

قاعدة " كل خيار يثبت بالشرع لدفع الضرر عن المال، فهو على الفور" (¬1). ذكرها الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وخرج "بالشرع" خيار الشرط، وبقوله: "لدفع الضرر [عن المال" خيار الأمة إذا أعتقت تحت عبد إذا قلنا: ليس الخيار على الفور، وخيار المرأة (¬2) في المطالبة بالفيئة أو الطلاق في الإيلاء [والخيار] (¬3) بين القصاص والدية، وعن خيار المجلس، فإنه ليس لدفع الضرر] (¬4)، بل قد لا يكون ضررٌ أصلًا، وعن خيار العِنَّة فاشتملت القاعدة على خيار العيب (¬5) و [خيار] (¬6) الشفعة، وقاس الشيخ (¬7) وغيره [أحد هذين العيبين] (¬8) على الآخر، ويجاب بأنه (¬9) قاس العيب على الشفعة لورود الخبر فيها، وعكس في الشفعة لاتفاق أكثر العلماء على أن الرد بالعيب على الفور، ونظيره قياس القراض على ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 283)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 558)، "قواعد الزركشي" (2/ 147). (¬2) في (ن): "الأمة". (¬3) وقعت في (ن): "والقصاص". (¬4) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬5) فإنه على الفور، ولذلك قال في "المهذب": فيما إذا وجد بالمشتري عيبًا، فأراد الرد لم يؤخره، فإن أخره من غير عذر سقط الخيار؛ لأنه خيار ثبت بالشرع لدفع الضرر عن المال، فكان على الفور كخيار الشفعة اهـ. "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 283). (¬6) من (ق). (¬7) يعني: أبا إسحاق الشيرازي. (¬8) في (ن): "أحدها دين العنين". (¬9) في (ن): "به".

المساقاة لورود الخبر فيها وعكسه للإجماع على القراض، ومن تأمل كلامه في الشفعة حكم بعدم صحة السؤال؛ فإنه لم يقس كونها فورية على الرد بالعيب، وإنما قاس سقوطها بالتأخير عليه وهما غيران، نعم الفورية إن لزمها السقوط بالتأخير لم يحتج في الشفعة إلى قياسه على الرد بالعيب، وإلا فلا يكفي في الرد بالعيب القياس على الشفعة، وقد نص [الإمام] (¬1) الشافعي في "الاختلاف" (¬2) على ما نقله الهروي في تعليق البندنيجي على القول بأنها على الفور أن للشفيع خيار المجلس (¬3)، وهو غريب عن النص، نعم هو في "النصوص" لأحمد بن بشرى، وهو وجه أيضًا، فلعل الشيخ اطلع على النص القائل بأن الشفعة لا تبطل بالعفو ما دام في المجلس على الفور، فالتأخير أولى، فأراد أن يدفع ذلك بالقياس على الرد بالعيب. ثم يستثنى من هذه القاعدة خيار التصرية (¬4)، فإنه يمتد ثلاثة أيام على الأصح (¬5)، وهو خيار يثبت بالشرع لدفع الضرر عن المال، وقد يجاب بأنه [خيار] (1) شرع لا خيار عيب [أي ثابت بالحديث، ولذلك ثبت مع العلم] (¬6) وإذا كان كذلك فلا يكون لدفع الضرر عن المال. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ف): "اختلاف العراقيين". (¬3) هذا الكلام نقله ابن الملقن عن تقي الدين السبكي، حيث ذكره ابنه تاج الدين ابن السبكي في "الأشباه والنظائر" (1/ 283 - 284) نقلًا عن "تكملة شرح مهذب الشيرازي" لوالده السبكي. (¬4) والتَّصْرِيةُ: من صَرِيَتِ الناقةُ صَريً، فهي صَرية، من باب تعب إذا اجتمع لبنها في ضَرعها، ويتعدى بالحركة، فيقال: صريتُها صريًا من باب رمى، والتثقيل مبالغة، وتكثير، فيقال: صَرَّيتُها تصرية إذا تركت حلبها فاجتمع لبنها في ضَرعها. "المصباح المنير" (ص: 203). (¬5) وهو تصحيح الشيخ تقي الدين السبكي. (¬6) ما بين المعقوفتين من (ق).

قاعدة من علم شيئا يثبت الخيار

[قاعدة ذكرها] (¬1) الإمام في الرد بالعيب في فصل التدليس، وجعلها ضابطًا لما يحرم من التدليس، وما لا يحرم: "من علم شيئًا يثبت الخيار، فأخفاه أو سعى في تدليس [فيه] (¬2) فقد فعل محرمًا"، فإن لم يكن السبب مثبتًا للخيار فترك التعرض (¬3) له [لا يكون] (2) من التدليس المحرم. ولك أن تختصر هذه العبارة فتقول: " [يحرم] (¬4) إخفاء ما يثبت [به] (2) الخيار دون ما لا يثبت"، وقد كان يختلج في الذهن أن ما لا يثبت الخيار أولى باالتحريم إذ الاستدراك لشارطيه، بخلاف مثبته، ونص [الإمام] (¬5) الشافعي فيما حكاه الماوردي حيث قال: "المدلس قد عصى الله، والبيع لازم، والثمن حلال" دال على تحريم كل تدليس، وحكى عن ابن أبي هريرة أنه كان يقول: ثمن التدليس حرام، لا (¬6) ثمن المبيع (¬7)، ألا ترى أن المبيع إذا مات رجع على (¬8) البائع بأرش عيب التدليس، فدل على أنه أخذ منه بغير استحقاق وهو غريب، ومعناه أن الزيادة بسبب التدليس محرمة لا جملة الثمن، والإمام بعد أن ذكر هذه القاعدة، قال: ¬

_ (¬1) كذا في (ق) وفي (ن): "وقد ذكرها". (¬2) من (ق). (¬3) في (ق): "التعويض". (¬4) سقطت من (ق). (¬5) من (ن). (¬6) في (ق): "إلا". (¬7) أي لا جملة الثمن. (¬8) في (ن): "إلى".

"ومما (¬1) لا يجب التعرض له ذكر (¬2) القيمة، فليس البائع متعبدًا في الشرع بان يبيع الشيء بثمن مثله، قال: وهذا ينبني على ما ذكرناه، فإن الغُبن (¬3) بمجرده إذا اطلع عليه المشتري لا يثبت له خيار" وفيه نظر فيما إذا اشترى بغبن ثم أراد البيع مرابحة، فإن الصحيح وجوب ذكر الغبن، حكاه (¬4) الإمام وتلميذه (¬5)، وقوله في الغُبن صحيح في غير المرابحة، أما فيها ففيه إشارة إلى أنا [إن] (¬6) أوجبنا الإخبار عند (¬7) ذكر الثمن فلم يخبر لا يثبت الخيار، ويمكن إجراء وجهين (¬8) فيه فيما إذا واطأ صاحبه، وصححه النووي هناك، ومن فروع [هذه] القاعدة: أن من علم بالسلعة عيبًا لم يجز له أن يبيعها حتى يُبيِّن عيبها، وشذ المحاملي والجرجاني (¬9) فقالا: إن ذلك مستحب، وهو غريب (¬10). وإن باع ولم يبين العيب ثبت الخيار. - ومنها: لو اشتراه (¬11) بدين من مماطل وجب الإخبار عنه في بيع المرابحة ¬

_ (¬1) في (ق): "وما". (¬2) في (ن): "حكم". (¬3) والغُبْنُ: فى البيع والشراء هو: النقص في الثمن أو غيره "المصباح المنير" (ص: 263). (¬4) في (ن): "حكاها". (¬5) يعني إمام الحرمين والغزالي. (¬6) من (ق). (¬7) في (ن): "عن". (¬8) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "وجه". (¬9) كذا في (ن) و (ق)، وفي (س): "والروياني". (¬10) ونقل التاج ابن السبكي عن والده أنه قال فى "تكملة شرح المهذب": "وهي عبارة رديئة موهمة، فلا يقول أحد له علم بعدم الوجوب" "الأشباه" (1/ 286). (¬11) في (ق): "اشترى".

قاعدة من كان القول قوله في شيء كان القول قوله في صفته

وكذا إذا اشترى من طفله (¬1). ولو باع بمائة فبان بتسعين، فالأظهر أنه (¬2) يحط الزيادة وربحها، ولا خيار للمشتري (¬3). قاعدة " من كان القول قوله في شيء كان القول قوله في صفته" (¬4). وعبر عنه الهروي في "إشرافه" بقوله: "من قُبل قوله في أصل الشيء قُبل في فرعه؛ لأنه تابعه" ومن ثمَّ لو قال: بعتك الشجرة (¬5) بعد التأبير فالثمرة لي، وقال المشتري: بل قبله فلي فالقول (¬6) قول البائع، واستثنى الهروي منها ثلاث مسائل: الأولى: مسألة الخياط إذا قال المالك: أذنت [لك] (¬7) في (¬8) قطع الثوب قميصًا، وقال الخياط: بل قباء، على القول بتصديق الخياط. الثانيه: دفع إليه ألفًا ليتصرف (¬9) فيها، فقال القابض: كانت قراضًا على قسط من الربح، وقال الدافع: بل مضاربة، قال الثقفي (¬10): القول قول الدافع، وقال ¬

_ (¬1) أي: وجب عليه الإخبار أيضًا. (¬2) في (ن): "أن". (¬3) لأنه يجب على البائع الصدق في قدر الثمن وفي الأجل والشراء بالعرض وبيان الحادث عنده. (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 286)، "قواعد الزركشي" (3/ 219). (¬5) وقعت في (ن): "الشيء". (¬6) كذا في (ق)، وفي (ن): "بل القول". (¬7) من (ن). (¬8) في (ق): "في بيع قطع". (¬9) في (ن): "يتصرف". (¬10) كذا في (ق)، وفي (ن): "البيهقي"، والثقفي هو: محمد بن عبد الوهاب بن =

الجرجاني (¬1): [القول] (¬2) قول القابض، وقال المحاملي الكبير: يتحالفان، وبالأول (¬3) جزم بعض شيوخنا (¬4) في شرحه للمنهاج، وهو ما في الرافعي فيما إذا قال: وقعت (¬5) وكالة، وقال العامل: بل قراضًا، وحكى النووي من زيادته وجهين في أيهما تقدم بينة العامل إذا ادعى أن المدفوع قراض، أو المالك إذا قال: بل هو قرض، وفي الرافعي: أما إذا قال: بعتك، فقال: بل وهبتني، وجوه أصحها (¬6): لا تحالف بل يحلف كل منهما بأنهم لم يتفقا على عقد [واحد] (¬7)، ولهذا فارق مسألة أبي سعد (¬8)؛ فإن الإبضاع والقراض عقد واحد، فالتحالف (¬9) فيه أظهر. وثانيها: [أن] (¬10) القول قول مدعي الهبة. وثالثها: التحالف، وهذه الأوجه التي حكاها أبو سعد (8) حكاها شريح في ¬

_ = عبد الرحمن بن عبد الوهاب، أبو علي الثقفي الحجَّاجي النيسابوري، الفقيه الإمام الزاهد الواعظ، كان إمامًا في طريقة الجدل والنظر، وله قال الإمام ابن خزيمة: ما يحل لأحد منا بخراسان يفتي وأنت حيٌّ، توفي سنة أربع وأربعين ومائتين (244 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 89 - رقم 66) (¬1) كذا في "س"، وفي (ن) و (ق): "الزجاجي". (¬2) من (ن). (¬3) أي: بقول الثقفي أن القول قول الدافع. (¬4) يعني: تقي الدين السبكي، كما نقل عنه ولده تاج الدين في "الأشباه" (1/ 287). (¬5) في (ق): "دفعته"، وفي (ن): "وبعته". (¬6) كذا في (ق)، وفي (ن): "أصحابنا". (¬7) من (ن). (¬8) في (ق): "أبي سعيد". (¬9) في (ق): "فإن التحالف". (¬10) من (ق).

"أدب القضاء"، ولعله تلقاها منه، وفيه [بدل: "قال] (¬1) المحاملي الكبير: يتحالفان": (وقال في "الكبير": يتحالفان)، وسقط ذلك (¬2) منها ولا يُظن أنه يعني "بالكبير" "النهاية" على اصطلاح أهل خراسان فليس فيها (¬3)، والمحاملي الكبير هو الشيخ أبو الحسن (¬4) إمام قديم في زمن الإصطخري وكذا ذكرته في الطبقات (¬5). الثالثة: غاب الزوج سنة، وادعى أنه طلق بائنًا في صدر مدة الغيبة وكذبته وطالبته بالنفقة، قال أبو سعد (6): القول قولها في حقها، وقوله في أصل الطلاق، وكلام الأصحاب شاهد له، وقد يقال: لا تجب النفقة تبعًا لقوله في الطلاق، وقدم أبو سعد (¬6) قبل هذا الكلام بثلاثة أوراق في (¬7) المرتدة بعد الدخول تقول (¬8): أسلمت في وقت كذا، فلي (¬9) النفقة حكاية قولين أصحهما: القول للزوج؛ لأن ¬

_ (¬1) في (ن): "يدل قول". (¬2) أي: لفظة: "المحاملي" وزِيْدَ بدلها لفظة: "في". (¬3) أي وليس في "النهاية" تصريح بالوجه المذكور. (¬4) والمحاملي: هو أحمد بن محمد بن أحمد، المحاملي، أبو الحسن، الشافعي من الفقهاء، والمدرسين ببغداد، ولد سنة (368 هـ)، وتوفي سنة (415 هـ)، صنف: "التجريد"، و"اللباب" في الفروع، والمجموع كتاب كبير في المذهب، والقولين والوجهين، راجع ترجمته في: "السير" (17/ 403)، "هدية العارفين" (1/ 62). (¬5) كذا ذكر تاج الدين ابن السبكي في "الأشباه" (1/ 287)، ثم نقل ابن الملقن العبارة بنصها، فلعله ذكر ترجمته في كتابه في طبقات المذهب. (¬6) في (ق): "أبي سعيد". (¬7) كذا في (ق)، وفي (ن): "أن". (¬8) كذا في (ق)، وفي (ن): "بقوله". (¬9) في (ن): "ففي".

الأصل عدم الرجوع إلى الإسلام، [والثاني: القول قولها؛ لأن القول في أصل الإسلام] (¬1) مقبول منها، فليكن كذلك فيه، ويتجه مجيء هذا الخلاف في هذه الصورة أيضًا، وما حكاه من القولين نظيره: إذا قال: أسلمتُ أولًا فلا نفقة لكِ وادَّعت العكس، والأصح في الرافعي في أواخر نكاح المشركات: أنها المصدَّقة؛ لأن النفقة كانت واجبة، وهو يَدعي (¬2) مُسقطًا، لكن هذه العلة تصلح أن تكون فرقًا بين المسألتين. ومما أهمله (¬3) ما إذا قال: أكريتُكَ، فقال: بل أعرتني ونظائرها مما صح فيه أن القول قول المالك، كما إذا قال الراكب: أعرتني، فقال المالك، بل أجرتك، فالمصدق المالك على المذهب. - وإن عمل له عملاً وقال: شرطتَ لي عوضًا وأنكر، فالقول قول المعمول له. - وإذا (¬4) قال: كانت الألفُ المدفوعة إليَّ وديعةً وقد تلفت (¬5)، وقال المالك: بل قرض، فالقول قول المدفوع إليه: قاله البغوي. - ولو دفع إليه دراهم واختلفا في ذكر البدل، فالقول قول الآخذ، قاله الرافعي، وفيه وجه، قال النووي أول القرض: "إنه متجه". ولو قال: "هي (¬6) قراض" فقال: "بل قرض" (¬7) صدق العامل على أحد الوجهين. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "وهي تدعي". (¬3) أي القاضي أبو سعد الهروي. (¬4) في (ن): "وإن". (¬5) في (ق): "تلف". (¬6) في (ن): "هو". (¬7) والفرق بين القرضِ والقراضِ: أن القرضَ: ما تعطيه غيرك من المال لتُقضاه، والجمع قروض، =

- ولو قال: "قراض"، فقال: بل "إبضاع" فأوجه. - ولو قال: وهبتك بعوض، فقال: [بل] (¬1) بلا عوض، فالأرجح عند النووي أن القول قول الثاني (¬2). - بعت بأشياء (¬3)، وقال: [بل] (1) بعوض، وأنكر المبعوث إليه صُدِّق، وفيه بحث للرافعي. - ولو اختلفا في صحة البيع وفساده، فالأصح تصديق مدعي الصحة. - ولو اختلفا في أصل البيع، فالقول قول [البائع] (¬4). - ولو اختلفا في النقصان وتغيُّر المبيع عما كان عليه، فالقول قول المشتري. - ولو قال الغاصب: كان العبد أقطع، أو سارقًا، وأنكر المالك، فالقول قول المالك على الأصح. - ولو قدَّ ملفوفًا وادعاه ميتًا، وأنكر الولي صُدِّق الولي على (¬5) الأظهر. - ولو قطع طرفه وادعى أنه كان أشل صدق المجني عليه. وينبغي أن يقال: إذا اختلف الآخذ والمأخوذ منه (¬6)، وكان اختلافهما في أصل شُغل الذمة مع الاتفاق على ثبوت اليد، فإما أن يختلفا في أن ثبوتها هل هو بحق أم ¬

_ = وأما القراض فهو إعطاؤه المال على سبيل المضاربة. (¬1) من (ن). (¬2) أي قول الذي نفاه. (¬3) في (ق): "الأشياء". (¬4) في (ق): "المشتري". (¬5) في (ن): "في". (¬6) هنا قال ابن السبكي في "الأشباه والنظائر" (1/ 289): "قاعدة: تتصل بالقاعدة قبلها أنا ضبطتها بعد ما تبددت عليها فروعها وانتشرت، فإن كانت كما فهمْتُ ورتبت فالله المسؤول أن ينفع بها وإلا فهو المسؤول أن يوضح لي الحق".

قاعدة كل عقد فيه عوض علق بصفة لا يقتضي إطلاق العقد تلك الصفة فسد بالتعليق

لا؟ فإن كان الأول، فالقول قول المأخوذ منه، لأن الأصل أنه لم يصدق منه ما يقتضي ثبوت هذه اليد، يدل عليه أن الأصح فيما إذا قال المالك: غصبتني، وقال ذو اليد: أعرتني، أن القول قول المالك، وإن كان الثاني (¬1)، واختلفا في شغل الذمة، فإما أن يكون ثبوتها لغرض المأخوذ منه أو لغرض الآخذ، أو لغرضهما جميعًا، أو يقع الخلاف في ذلك، وما في الشغل معتضد بالأصل (¬2). قاعدة قال القاضي أبو عاصم [وشرحه أبو سعد] (¬3) الهروي في "الإشراف": "كل عقد فيه عوض علق بصفة لا يقتضي إطلاق العقد تلك (¬4) الصفة فسد بالتعليق" (¬5) إلا في مسألة واحدة. قاعدة ذكر الإمام في باب معاملات العبيد أنه "لا احتكام للسادة على ذمم العبيد" (¬6)، فلا يملك السيد إلزام ذمة العبد مالًا، ولو أجبره على ضمان لم يصح، ولو أجبره على أن يشتري له متاعًا لم يصح الشراء، وإن كان محل (¬7) الديون التي ¬

_ (¬1) وهو: ما إذا اتفقا على أنها تثبت بحق. (¬2) في (ن): "الأصل". (¬3) من (ن). (¬4) في (ن): "بتلك". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 289)، "قواعد الزركشي" (3/ 113). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 289)، "قواعد الزركشي" (2/ 220). (¬7) في (ن): "على".

قاعدة لا يدخل عبد مسلم في ملك كافر ابتداء

تلزم العبد [بالإذن] (¬1) الكسب وهو ملك (¬2) السيد، ولكن لا استقلال (¬3) للاكتساب في هذا الباب ما لم يتحقق تعلق الدين بأصل الذمة. ولو أقر السيد عليه بجناية قصاص وأنكر العبد وآل الأمر إلى مال، فلا تعلق له في الذمة. قاعدة " لا يدخل عبد مسلم في ملك كافر ابتداءً" (¬4). واستثنى صاحب "الرونق" (¬5)، وتبعه تلميذه المحاملي في كتابه ست صور ويسَّر الله تعالى زيادة (¬6) على ذلك فبلغ المجموع نيفًا وأربعين: الأولى: الإرث. الثانية: استرجاعه بإفلاس المشتري. الثالثة: الرجوع في هبته لولده. الرابعة: إذا ردَّ عليه بعيب. الخامسة: إذا قال: أعتق عبدك عني فأعتق وصححناه. السادسة: إذا كاتب عبده الكافر فأسلم العبد ثم عجز عن النجوم، فله تعجيزه، وشكك في "الروضة" [في هذه] (1)، وقال: فيها تساهل [فإن ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن): "يملك". (¬3) في (ن): "للاستقلال". (¬4) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 370)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 290)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 778)، "قواعد الزركشي" (3/ 372). (¬5) يعني: الشيخ أبا حامد. (¬6) لتاج الدين ابن السبكي كما أشار في "الأشباه" (1/ 290).

المكاتب لا يزول ملكه، فيقال: تحدد بالتعجيز] (¬1) وعبارة صاحب "الرونق": "لا يجرز ترك مسلم في ملك كافر"، ولم يقل: لا يدخل، وبه يندفع الإيراد، لكن هذا [القول] (¬2) ليس مطلقًا، فإنا نأمره (¬3) بعد التعجيز بالإزالة، وأجاب الشيخ صدر الدين ابن المرحل (¬4) بأن لنا خلافًا في إلحاق المكاتب بالحر أو بالعبد في مسائل ستعلمها آخر الكتاب، فلعل المحاملي جرى على قول من يجعله (¬5) كالحر، ثم لعل مسألته إنما فرضها فيما لو ملك المكاتب عبدًا مسلمًا ثم [عجز] (¬6) المكاتب، فإنه يدخل في ملك [السيد] (¬7) ما كان للمكاتب، فلعل المحاملي أشار إلى أن هذا العبد يدخل في ملك السيد لحصوله (¬8) تبعًا كالرد بالعيب (¬9)، ولم يرد المكاتب نفسه. ولك أن تقول: هذه [صورة] (¬10) أخرى، ولكنها غير [مراد] (¬11) المحاملي، فإن لفظه ولفظ شيخه صاحب "الرونق" صريح في إرادة المكاتب نفسه، واقتصر ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬2) سقطت من (ن). (¬3) في (ن): "تأثيره". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن المرحل (ص: 370). (¬5) في (ن): "جعله". (¬6) من (ن). (¬7) من (ق). (¬8) في (ن) و (ق): "بحصوله". (¬9) في (ق): "بالعبد". (¬10) من (ق). (¬11) من (ق).

في "الروضة" على هذه الستة، فقال: قال المحاملي في "اللباب" (¬1): لا يدخل عبد مسلم في ملك كافر ابتداءً إلا في ست [مسائل] (2)، وعددها كما سلف، وما ذكره في الاسترجاع في الإفلاس خالفه في "الكفاية" في بابه، ومسألة العيب، مثلها: ما إذا أصدقها عبدًا فأسلم في يدها ثم [وجد] (¬2) بها عيبًا يفسخ (¬3) النكاح، فإنه يرجع العبد إلى ملكه، ونحوه ما إذا طلقها قبل الدخول بعد ما أسلم [العبد] (¬4) في يدها، فإنه يرجع نصفه إليه ويؤمر (¬5) بإزالة الملك فيه. ومثله: ما إذا أسلمت قبل الدخول ثم أسلم العبد أيضًا، فإنه يرجع إلى ملك الزوج؛ لسقوط مهرها؛ إذ الفرقة من جهتها ثم اعترض النووي، فقال: وترك سابعة: وهي ما إذا اشترى من يعتق عليه أي باطنًا لقرابة على الصحيح، أو ظاهرًا: كما لو (¬6) أقر بحرية مسلم في يد غيره على الراجح، وهذه أولى بالمنع ممن يعتق باطنًا، ووافقه على هذا الحصر ابن الرفعة في "المطلب" وغيره، واعترض ابن المرحل فقال: وتركا ثامنة: وهي ما إذا باع عبدًا مسلمًا فقايل (¬7) المشتري؛ فإنه لا ¬

_ (¬1) في (ق): "الكتاب" و"اللباب في فقه الشافعية" كتاب صنفه أبو الحسن أحمد بن محمد المحاملي الشافعي المتوفى سنة (415 هـ)، اختصره الإمام ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي المتوفى سنة (826 هـ) وسماه "تنقيح اللباب"، وله كثير من المختصرات والتنقيحات، انظر: "كشف الظنون" (2/ 454) (¬2) من (ن). (¬3) في (ن): "يفسد". (¬4) من (ن). (¬5) في (ن): "ويؤمران". (¬6) في (ق): "إذا". (¬7) في (ق): "ثم تقابل".

يجوز إن جعلنا الإقالة بيعًا، وإن جعلناها فسخًا وهو الصحيح، فعلى الوجهين في الرد بالعيب، كما قاله الرافعي في هذا الباب، واستشكل توجيه الجواز، فإن التمليك فيه اختياري غير مستند إلى سبب، ولعل المحاملي إنما ترك (¬1) هذه المسألة، لأنه (¬2) يرى أنها فسخ؛ ولذلك لم يثبت به الشفعة، ويرد عليه الرد بالعيب؛ فإن الأصحاب رجحوا أنه لو وكله في بيع عبد فوجد به عيبًا فرده على الوكيل: [أن الوكيل] (¬3) لا يبيعه ثانيًا، ولم يجعلوا العقد كأنه لم يكن، وفيه وجه، وذكروا أنه لو أوصى إليه بان يبيع عبده ويشتري جارية بثمنه ويعتقها، فوجد المشتري بالعبد عيبًا فرده على الوصي، أن الوصي يبيعه ثانيًا ويدفع ثمنه للمشتري، وفرقوا بينه وبين الوكيل بأن الإيصاء تولية (¬4) وتفويض كلي، ولا كذلك الوكالة، والفرق المذكور والحكم في الموكَّل يخالفان ما قرره الرافعي وغيره من أنه يجوز الرد بالعيب في العبد المسلم على الكافر، وما سلف [من أن الفسخ] (¬5) يجعل العقد كأنه لم يكن يقوي (¬6) الإشكال في الإقالة، [قال: ] (7) وقد تركا تاسعة ذكرها البغوي قبل باب الصيد والذبائح، وأقره النووي في "شرح المهذب" [عليه] (¬7)، وهي: ما إذا كان بين كافر ومسلم مشترك فأعتق الكافر نصيبه وهو ¬

_ (¬1) في (ق): "بدل". (¬2) في (ق): "لأنها". (¬3) من (ق). (¬4) كذا في (ق)، وفي (ن): "على توليه". (¬5) من (ق). (¬6) في (ق): "قوي". (¬7) سقطت من (ن).

موسر سرى عليه (¬1)، سواء قلنا يقع العتق [عليه] (¬2) بنفس الإعتاق أو بأداء القيمة؛ لأنه متقوم عليه شرعًا لا باختياره كالإرث، وينبغي أن تخرج على الخلاف في الملك الضمني، ولم يذكر المحاملي [الهبة] (2) ولا الوصية، فإنه فرع على عدم صحة بيع العبد المسلم من الكافر، وخلافه جارٍ في الهبة، وكذا الوصية عند الجمهور، وألحقها المتولي [بالإرث] (¬3) إذا قلنا: يملك بالموت، وحكى العمراني فيها وجهًا أنه إذا أسلم الموصى إليه [قبل موت، الموصي تثبت الوصية وإلا فلا، وبه جزم الماوردي في الجزية] (3). وزاد الشيخ زين الدين ابن أخيه: إذا جاز له نكاح الأمة وكانت لكافر [فالأصح: الجواز] (¬4)، وينعقد الولد مسلمًا تبعًا لأبيه، وينعقد على ملك الكافر ويؤمر بإزالة الملك بطريقه، واستشكل الجيلي (¬5) (¬6) تصوير هذه المسألة ويتصور عند تعذر بيعها. هذا ما ذكروه وأهملوا مسائل أخر غير ما أسلفته من تلك الصور في مسألة العيب، وربما تداخل بعضها. ¬

_ (¬1) أي: عُتق بالسراية. (¬2) من (ق). (¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) و (ق) وهو مستدرك من (ك). (¬4) من (س). (¬5) في (ق): "مجلي". (¬6) هو عبد العزيز بن عبد الكريم بن عبد الكافي، صائن الدين الجيلي كان عالمًا مدققًا، له شرح على التنبيه، وهو شرح حسن خالٍ عن الحشو باحث عن الألفاظ، منبه على الاحترازات، توفي سنة اثنتين وثلاثين وستمائة (632 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 392 - رقم 376).

الأولى: أن يرجع إليه بتلف مقابله قبل القبض، وفي معناه ما إذا أتلفه متلف فإنا نخبر البائع، فإذا أخبرناه فاختار الفسخ عاد العبد إلى ملك البائع الكافر. الثانية: أن يبيع الكافر عبدًا مسلمًا بثوب ثم وجد (¬1) بالثوب عيبًا رد الثوب واسترد العبد على الأصح في هذا الباب، وقد سلف. الثالثة: تبايع كافران عبدًا كافرًا، فأسلم العبد قبل القبض يثبت للمشتري الخيار إذا قلنا: يمتنع عليه قبضه، كما صرح به الإمام، وامتناع قبضه هو الأصح (¬2)، وجزم به القاضي في تعليقه، والقفال في "فتاويه"، واقتضى كلام "المطلب" رجحانه، فإذا فسخ، فقد دخل المبيع المسلم في ملك البائع الكافر. وكذا إذا تبايع (¬3) كافران [بشرط الخيار للبائع فأسلم العبد، فإنه يدخل في ملك الكافر] (¬4) بانقضاء خيار البائع. الرابعة: إذا باع الكافر مسلمًا بشرط الخيار للمشتري، فإن الصحيح أن الملك لمن له الخيار وبالفسخ يملكه الكافر. الخامسة: أن يرده عليه لا بالعيب (¬5)، بل لفوات شرطه كالكتابة ونحوها، ولو قيل بأنه يمتنع على المشتري رده بالعيب إذا وقع الإسلام في يده لكان متجهًا لما حدث [عنه من] (¬6) السبب المقتضي لدفع يده ويد أمثاله من الكفار عنه. ¬

_ (¬1) في (ق): "يجد". (¬2) صححه الرافعي. (¬3) في (ن): "تنازع". (¬4) ما بين المعقوفتين سقط من (ق). (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "بالقيمة". (¬6) من (ق).

السادسة: إذا اشترى ثمارًا بعبد كافر فأسلم العبد فاختلطت (¬1) فسخ العقد. السابعة: إذا باع ثوبًا على أنه هروي (¬2) مثلًا بعبد كافر، فلم يكن هرويًّا، فإن له الرد على قياس ما تقدم. الثامنة: [إذا] (¬3) باع [الكافر] (3) عبده المسلم وكان مغصوبًا [من] (¬4) قادر على انتزاعه فعجز أو غصبه قبل قبضه، فللمشتري الخيار، ويفسخ البيع، ويعود إلى (¬5) ملك الكافر. التاسعة: باع [الكافر] (3) عبده الذي أسلم عنده من مسلم [رآه] (4) قبل العقد (¬6) دون حالة العقد، فالأصح الصحة تفريعًا على قولي بيع الغائب، ثم إذا وجد العبد متغيرًا واختار الفسخ ملكه الكافر. العاشرة: باع عبده [المسلم] (¬7) لمسلم ثم تشاحَّا في التسليم ومَالُ (¬8) المشتري غائب إلى مسافة القصر لم يكلف البائع [الصبر] (¬9) إلى إحضاره، والأصح: أن له الفسخ، فيفسخ للضرورة ثم يملكه. الحادية عشرة: إذا اشترى بعبده المسلم صبرة وظنها على استواء ثم بان ¬

_ (¬1) في (ق): "ثم اختلطت". (¬2) والهرويُّ: نسبة إلى (هراة) بلد من خراسان، والنسبة إليها هرويِّ بقلب الألف واوًا. (¬3) من (س). (¬4) من (ق). (¬5) في (ن): "على". (¬6) وقعت في (ن): "العبد". (¬7) من (ن). (¬8) وقعت في (ن) و (ق): "وقال". (¬9) من (س)، وفي (ق): "المصير".

تحتها دكة، فالأصح أنه لا يتبين بطلان العقد فيه، نعم للمشتري الخيار بالعيب (¬1) والتدليس، وبه قطع في "الشامل". الثانية عشرة: إذا جعل الكافر عبده المسلم رأس مال السَّلَم في شي فانقطع ذلك الشيء بعد أن أسلم العبد المذكور، فإن للذي جعله رأس مال السلم فسخَ العقد، وإذا فسخ العقد فقياس ما سبق انقلاب العبد (¬2) إليه. الثالثة عشرة: إذا أقرض عبده الكافر فأسلم العبد في يد المقترض، فيجوز للمقرض الكافر أن يرجع فيه كما جوزنا له الرجوع (¬3) في الهبة، بل أولى لأن القرض وُضِعَ للرجوع (¬4) في شيء إما نفس القرض أو مثله، وأما الهبة فلم توضع لذلك، بل الغالب على الواهبين (¬5) عدم الرجوع، وهذه [إنما] (¬6) ترد (¬7) [إذا] (¬8) فرعنا على أن ما لا مثل له يرد مثله صورة على (¬9) أن للمقرض الرجوع في عين ما أعطاه، وهو الصحيح فيهما، ولو أسلم في ملك الكافر فأقرضه لمسلم أو وهبه لولده المسلم فمقتضى إطلاقهم الأمر بإزالة الملك أنه يكفي ذلك، وحينئذ فلا يختص جواز الرجوع بالمثال المتقدم، نعم في ¬

_ (¬1) في (ق): "كالعيب". (¬2) في (ق): "العقد". (¬3) في (ق): "الرجعة". (¬4) في (ن): "الرجوع". (¬5) في (ن): "الراهنين". (¬6) من (ن). (¬7) في (ق): "تراده". (¬8) من (ن). (¬9) في (ن): "وعلى".

الاكتفاء بهما نظر، ويهمل (¬1) الاكتفاء ويمتنع الرجوع. الرابعة عشرة: إذا اشترى العامل الكافر عبيدًا كفارًا (¬2) للقراض فأسلموا وفسخ عقد القراض ثم قسم هو والمالك العبيد، فإن قضية المذهب صحة ذلك، وإذا تميزت حصة العامل عبيدًا ملكها بجريان سبب الملك، والمذهب: أن العامل لا يملك حصته من الربح إلا بالقسمة. الخامسة عشرة: إذا التقط كافرًا (¬3) بشرطه وهو ما إذا عدم التمييز أو في وقت النهب والإغارة، وأسلم ثم أثبت الكافر أنه كان يملكه، فإنه يرجع فيه؛ لأن التمليك بالالتقاط كالتمليك بالقرض. السادسة عشرة: إذا التقط عبدًا صغيرًا في موضع لا مسلم فيه من بلاد الكفر وعرفه (¬4)، وتملكه (¬5)، ثم بلغ وأسلم وظهر مالكه ينبغي أن يرجع [فيه] (¬6) كما يرجع فيما لو وهبه لولده. السابعة عشرة: إذا وقف على كافر أمة، فأسلمت ثم حملت وأتت بولد بعد الإسلام؛ فإنه يكون مسلمًا تبعًا لأمه، ويدخل في ملكه، فإن نتاج الجارية الموقوفة ملك الموقوف عليه على الصحيح، وتحت ذلك صور أخرى. [الثامنة عشرة: إذا أوصى له بمنافع الجارية الكافرة ونتاجها فأسلمت ثم (¬7) ¬

_ (¬1) في (ن): "ويمهل". (¬2) وقعت في (ن): "عبدًا كافرًا". (¬3) وقعت في (ن) و (ق): "كافر". (¬4) في (ن): "ونحوه". (¬5) أي بعد تعريفه. (¬6) من (س). (¬7) في (ن): "و".

حملت وأتت بولد، فإنه يكون ملكًا (¬1) له، وتحت ذلك [أيضًا] (¬2) صور أخرى] (¬3). التاسعة عشرة: إذا اشترى [مسلمًا] (¬4) بشرط العتق؛ فإنه يصح على وجه. العشرون: [إذا] (¬5) أقر بحرية عبد ثم اشتراه، ففيه الخلاف في شراء القريب ويدخل فيما سلف. الحادية (¬6) بعد العشرين: إذا كاتب عبده المسلم ثم اشترى -أعني المكاتب- عبدًا مسلمًا ثم عجز نفسه، فإن أمواله تدخل في ملك السيد. الثانية بعد العشرين: إذا أتت أمة مكاتبة بولد من نكاح أو زنا بعد أن أسلمت، ثم عجز السيد مكاتبه، فإن الجارية وولدها ينقلبان في ملك السيد، وهذه قد سلفت. الثالثة بعد العشرين: إذا نكح عبدٌ (¬7) كتابيٌ أمة لكتابي ثم أسلم ثم وطئها فالولد مسلم مملوك لسيدها، وهو نظير الصورة التي ذكرها [الشيخ] (¬8) زين الدين (¬9). ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "تمليكًا". (¬2) من (ق). (¬3) ما بين المعقوفتين تكرر في (ق). (¬4) من (س). (¬5) من (ق). (¬6) وقعت في (ن): "الحادية عشرة". (¬7) في (ن): "عبدًا". (¬8) من (ن). (¬9) يعني: زين الدين ابن الوكيل انظر: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 371 - 372).

الرابعة بعد العشرين: [إذا أسلمت] (¬1) مستولدته (¬2) الكافرة ثم حملت وأتت بولد من نكاح أو زنا، فإنه يكون مملوكًا له، ويثبت للولد المذكور حكم الاستيلاد. الخامسة بعد العشرين: إذا أسلمت جاريته ثم حملت من غيره بنكاح أو زنا ثم استولد قبل زوال ملكه عنها، فإنه يكون ملكه. السادسة بعد العشرين: إذا وطئ الأب [الذمي] (¬3) جارية الابن المسلمة، فاستولدها، فإنه يُقدَّر (¬4) دخولها في ملكه قهرًا. السابعة بعد العشرين: إذا وطئ المسلم (¬5) أمته الكتابية بشبهة [إما] (¬6) ظنها زوجته الأمة، أو عبدًا ظن (¬7) كذلك، فالولد مسلم مملوك للكافر. الثامنة بعد العشرين: إذا جعل العبد صداقًا لكافرة فأسلم في يدها [ثم اقتضى الحال رجوعه أو بعضه إلى الزوج] (¬8) قبل الدخول (¬9) بإسلام أو غيره من الأسباب. التاسعة بعد العشرين: إذا تزوجها على عبد فأسلم في يدها ثم اطلع على عيب ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) في (ن): "مستولدة". (¬3) من (س). (¬4) من (ن): "تعذر". (¬5) في (ق): "مسلم". (¬6) من (ق). (¬7) كذا في (ن)، وفي (ق): "أو عند الظن". (¬8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬9) وقعت في (ن): "الدين".

بها أو اطلعت على عيب به فلكلٍّ الفسخ، وإذا فسخ ففيه ما سلف من رجوع العبد إليه. الثلاثون: إذا فسخ الصداق بالتحالف بعد إسلامه. الحادية بعد الثلاثين: إذا أصدقها عبدًا كافرًا وشرط في الزوجة وصفًا من نسب وغيره أو شرطت هي فيه وصفًا، وخرج خلافه بعد إسلام العبد ثم فسخ النكاح، والقياس انقلابه إلى الزوج. الثانية بعد الثلاثين: إذا طلقها قبل الدخول بعد ما أسلم العبد في يدها، فإنه يرجع نصفه إليه ويؤمر بالإزالة. الثالثة بعد الثلاثين: إذا أسلمت المرأة قبل الدخول وقد أسلم العبد في يدها، فإنه يرجع إلى ملك الزوج بسقوط مهر [ها]؛ لحصول الفرقة من جهتها. الرابعة بعد الثلاثين: إذا حضر الكافر الجهاد بالإذن (¬1)، وحصلت الغنيمة [وكانت نسوةً فأسلمن (¬2) أو عبيدًا كفارًا (¬3) فأسلموا بعد الغنيمة] (¬4) واختار (¬5) الغانمون التملك، فإن [المذهب: أن] (¬6) الغنيمة تملك بالاختيار وقضيته: أن للإمام أن يرضخ للكافرين من النسوة أو العبيد، وأنه إذا أرضخ (¬7) له جاريةً ملكها أو عبدًا ملكه، فإنه جرى سبب الاستحقاق بحضور الوقعة، ويظهر أن يقال: يعوضه ¬

_ (¬1) أي: بإذن الإمام. (¬2) وقعت في (ن): "فأسلموا". (¬3) وقعت في (ن): "كفار". (¬4) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬5) كذ افي (س)، وفي (ن): "وأجازوا"، وفي (ق): "فأجاز". (¬6) سقطت من (ق). (¬7) في (ن): "رضخ".

مالًا من غير رضخ. الخامسة بعد الثلاثين: إذا كان بين كافرين أو مسلم وكافر (¬1) عبيد من نوع واحد، بعضهم مسلمون، و (¬2) بعضهم كفار فاقتسماها، وانحصر المسلمون في حصة أحدهما، وقلنا: القسمة إفراز، فإن مقتضى المذهب صحة القسمة، ومعلوم شيوع (¬3) الملك قبل ذلك، وإنما انحصر بالقسمة، فقد دخل بعض عبد مسلم [في ملك] (¬4) كافر، كما قلنا، فيما إذا أعتق الموسر (¬5) الكافر نصيبه من عبد مسلم مشترك؛ إذ لا فرق بين دخول البعض والكل. السادسة بعد الثلاثين: ذمي حر له ابن مسلم، وللابن أمة مسلمة مستولدة فوطئها أبوه وأحبلها، وأتت بولد صارت مستولدة للأب على الأصح، فيملكها ويجب عليه قيمتها [ولا يؤمر بإزالة الملك عنها] (¬6)، لأن غايتها كالمستولدة الذمية تسلم؛ فإن الأصحاب قالوا: يتعذر بيعها والخبر على العتق (¬7) وحده بعيد. السابعة بعد الثلاثين: ورث الكافر عبدًا مسلمًا، أو كافرًا فأسلم في يده ثم باعه ثم ظهر دين [على] (¬8) التركة، [أو ظهر] (¬9) برد مبيع بعيب ونحوه، ¬

_ (¬1) في (ن): "وكفار". (¬2) في (ق): "أو". (¬3) في (ن) و (ق): "شرع". (¬4) من (س)، ووقعت في (ق): "في مسلم". (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "المدبر". (¬6) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬7) في (ق): "المعتق". (¬8) من (ن). (¬9) في (ن): "وحدث".

فلم يقضِ الوارث الدين، فإن الأصح فسخ البيع (¬1) فيه، ويعود إلى ملك الوارث (¬2) متعلقًا به الدين. الثامنة بعد الثلاثين: [للكافر] (¬3) أن يوكل في شراء كافر معين أو غير معين، فاشتراه ثم أسلم، وظهر أنه معيب، واختار الوكيل الرد فلم يرد المالك أيضًا، فإنه يقع عن الوكيل، وحينئذ فقياس ما سبق من الصور عوده إلى ملك الكافر. التاسعة بعد الثلاثين: أن يجعله أجرة أو جعلًا ثم يقتضي الحال فسخ ذلك بسبب من الأسباب. الأربعون: أن يتزوج مسلم بأمة كافرة للكتابي، فإنه يصح على الأصح بشرطه، فإذا أتت بولد فإنه يكون مسلمًا مملوكًا (¬4) لسيده، وكذلك لو نكحها وهو كافر ثم أسلم. الحادية بعد الأربعين: إذا وطئ الكافر جارية مسلمة لولده أو لولده فيها البعض، فإنها تنتقل إليه وتصير مستولدة له. الثانية بعد الأربعين: إذا وطئ مسلم أمة كافرة على ظن أنها زوجته الأمة، فالولد مسلم مملوك للكافر، سواء كان الواطئ حرًّا أو عبدًا. الثالثة بعد الأربعين: أن يخالع الكافر زوجته الكافرة على عبد مسلم (¬5)، ثم يقتضي الحال فسخ الخلع فيه إما بعيب أو فوات شرط أو غيرهما، فإنه يرجع إلى الكافر. ¬

_ (¬1) في (ق): "المبيع". (¬2) في (ن): "الورثة". (¬3) من (ن). (¬4) في (ن): "محكومًا". (¬5) في (ن) و (ق): "على عبد كافر مسلم".

قاعدة كل ما صح الرهن [به] صح ضمانه، وما لا فلا

الرابعة بعد الأربعين: إذا أسلم عبدٌ لكافر بعد أن جنى جناية توجب مالًا يتعلق (¬1) برقبته وباعه بعد اختيار الفداء، وتعذر تحصيل الفداء وتأخر لإفلاسه، أو عينًا وصبره على الحبس، فإنه يفسخ البيع ويعود إلى ملك [السيد] (¬2) الكافر ثم يباع في الجناية كما قال الأصحاب. قاعدة " كل ما صح الرهن [به] (¬3) صح ضمانه، وما لا فلا" (¬4). إلا ضمان العهدة، ورد الأعيان المضمونة فيصح ضمانها (¬5)، إلا الرهن بهما على الأصح فيهما، وهنا مسائل: الأولى: ضمان المجهول ممتنع في الجديد، والرهن بالمجهول لا أعرفه مسطورًا. الثانية: إذا منعنا ضمان المجهول فضمن الدراهم التي على فلان جاهلًا بمبلغها، فهل يصح في ثلاثة لدخولها (¬6) في اللفظ، ويأتي في الرهن مثله، تردد فيه الشيخ برهان الدين بن الفركاح (¬7). ¬

_ (¬1) في (ن): "ويتعلق". (¬2) من (ق). (¬3) من (ق). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 294)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 794)، "قواعد الزركشي" (3/ 138). (¬5) وقعت في (ن): (ق): "ضمانه". (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "جوازها". (¬7) هو إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء، الفزاري البدري، العلامة، شيخ الإسلام، برهان الدين، أبو إسحاق بن الفركاح، ابن الإمام تاج الدين بن الفركاح، انتهت إليه معرفة المذهب ودقائقه ووجوهه، مع علم متون الأحكام، وعلم الأصول، والعربية، كما ساد =

قاعدة من لم يجن لا يطالب بجناية من جنى

الثالثة: في ضمان إبل الدية خلاف، فليكن الرهن بها مثله، وجزم الرافعي بجواز رهن العاقلة بالدية بعد تمام الحول. الرابعة: اختلفوا في ضمان الزكاة عمن هي عليه، فليجر الخلاف في الرهن بها، وجزم الرافعي بجواز رهن الملاك بالزكاة بعد تمام الحول. الخامسة: اختلفوا في ضمان نجوم الكتابة، ولا أعرف في الرهن بها نقلًا. السادسة: اختلفوا في ضمان الثمن في مدة الخيار، فليجر هذا الخلاف في الرهن. قاعدة " من لم يجْنِ لا يُطالب بجناية من جنى" (¬1) واستُثني: ضمان العاقلة الدية. قاعدة " كل تصرف يقع من المشتري شراء فاسدًا فهو كتصرف الغاصب، والعين في يده كالمغصوب (¬2) عند الغاصب" (¬3) إلا ما استثني (¬4) في مسائل: ¬

_ = أقرانه وسائر أهل زمانه في دراية المذهب ونقله، وكان حسن الشكل والجلال والوقار، من تصانيفه: "التعليقة على التنبيه"، "تعليقة على مختصر ابن الحاجب"، في الأصول، توفي سنة تسع وعشرين وسبعمائة (729 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (2/ 35 - رقم 525). (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 294). (¬2) في (ق): "كالعين". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 294). (¬4) في (ق): "يستثنى".

- منها: الغاصب إذا وطئ المغصوبة عالمًا بالتحريم، فإنه يجب عليه الحد، وفي الشراء الفاسد لا يجب إذا استند الفساد إلى شرط فاسد، [أو كون الثمن] (¬1) خمرًا، إلا على احتمال الإمام، وإنما يجب إذا اشترى بميتة أو دم. - ومنها: إذا استولد الغاصب أيضًا عالمًا بالتحريم لم ينعقد الولد حرًّا (¬2)، بخلاف المشتري (¬3) شراء فاسدًا. - ومنها: ثبوت كونها أم ولد في أحد القولين إذا ملكها يومًا من الدهر بخلاف الغاصب، وقد اقتصر الروياني في "الفروق" والجرجاني في "المعاياة" على استثناء هذه الصور الثلاث. - ومنها: أن الولد (¬4) في الشراء الفاسد تجب قيمته يوم الولادة تلف أم بقي لانعقاده حرًّا، وفي الغصب إذا تلف ضمن بالأقصى، والفرق أنه لما انعقد حرًّا لم يكن متقومًا بعد ذلك. - ومنها: المقبوض [بعقد المعاطاة (¬5) على المذهب، له حكم المقبوض]، (¬6) بعقد فاسد على الصحيح، فيطالب كل من المتعاطيين (¬7) صاحبه بما دفعه إن كان باقيًا وبضمانه عند التلف، فإن ماثل الثمن القيمة، خرجه الغزالي على مسألة الظفر، وقال الشيخ أبو حامد: لا مطالبة لواحد منهما وتبرأ ذمتهما بالتراضي، واسشكله (¬8) ¬

_ (¬1) في (ن): "أو كونه". (¬2) وقعت في (ن): "حر". (¬3) في (ن): "الشراء". (¬4) في (ن): "الواحد". (¬5) المعاطاة: المناولة. (¬6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬7) في (ق): "المتعاطفين". (¬8) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "واستشهد".

الرافعي بسائر العقود الفاسدة فإنه لا براءة وإن وجد التراضي. - ومنها: ما ذكره الماوردي في الصلح: أنه لو باع [عبدًا] (¬1) بيعًا فاسدًا وقال لمشتريه: أذنت لك في عتقه فأعتقه المشتري (¬2) بإذنه لم يعتق، قال: لأن إذنه إنما كان مضمونًا بملك العوض فلمَّا لم يملكه بالعقد (¬3) الفاسد [لم يعتق] (1) عليه بالإذن، وقاس عليه ما إذا صالحه من ألف قد أنكرها على خمس مائة وأبرأه (¬4) من الباقي لزمه في الحكم رد الخمس مائة ولم يبرأ منها، حتى لو أقام بينة بالألف، فإن (¬5) له [استيفاء] (1) جميعها، انتهى كلامه، ذكر ذلك في أوائل الصلح، وحاصله: أن العتق لم ينفذ؛ لأن المشتري إنما يعتقه بناء على أنه ملكه، وأنه يعتقه عن نفسه، والمالك إنما يأذن ظانًّا ذلك، فإن سُلِّم هذا للماوردي (¬6) فنظيره في الغصب قول المالك للغاصب: أعتق هذا العبد مشيرًا إلى المغصوب، وهو يظنه غير عبده (¬7) المغصوب، وقد أطلق الأصحاب في باب الغصب أن المالك إذا قال للغاصب: أعتقه عني أو مطلقًا، فأعتقه عتق وبرئ الغاصب. - ومنها: المذهب أن المشتري شراء فاسدًا لا يجوز له حبس المبيع إلى استرداد الثمن، كذا أطلقوه وحكوا عن الإصطخري خلافه، واقتضى كلام الرافعي ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) وقعت في (ن) و (ق): "فاشترى". (¬3) في (ن): "بالعوض". (¬4) في (ن): "فأبرأه". (¬5) في (ق): "كان". (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "للمأذون". (¬7) كذا في (ق)، وفي (ن): "عبد غيره".

في موضعين من باب الضمان، ترجيح الحبس، هذا حكم البيع الفاسد (¬1). [و] (¬2) قالوا: للغاصب أن يحبس المغصوب لاسترداد القيمة المأخوذة للحيلولة، وحكاه القاضي حسين عن النص، ورجح الرافعي التسوية بين [البابين] (¬3)، وهو اختيار الإمام، فلا استثناء على هذا. - ومنها: لو باع ماشيته السائمة بيعًا فاسدًا فعلفها المشتري، قال في "التهذيب" (¬4): هو كعلف الغاصب (¬5)، فعلى هذا يجري في قطع الحول الأوجه في علف (¬6) الغاصب، وأصحها: أنه يقطع، ولكن قال ابن كج: عندي أنه يقطع، يعني ولا يجري فيه خلاف الغاصب، [قال: لأنه مأذون له، فهو كالوكيل بخلاف الغاصب] (7) فعلى طريقة [ابن كج افترق البيع الفاسد والغصب، ولم يصحح] (¬7) الرافعي والنووي من الطريقتين (¬8) شيئًا، وكأنهما اكتفيا بأن الفتيا على أنه كالغاصب سواء أثبت الخلاف أم لا. - ومنها: أن غَرْسَ الغاصب وزَرْعَهُ غيرُ محترم مطلقًا، وأما المشتري شراء فاسدًا فيفرق بين أن يكون عالمًا فيكون غير محترم أو جاهلًا، فلا يقلع مجانًا على ما ¬

_ (¬1) هذه العبارة "هذا حكم البيع الفاسد" جواب عن سؤال سأله تاج الدين ابن السبكي والده تقي الدين فقال: "إن فسد بشرط فله الحبس وإن فسد بخروجه عن ملك الغير فلا، هذا حكم البيع الفاسد" "الأشباه والنظائر" (1/ 296). (¬2) من (ق). (¬3) من (ن). (¬4) في (ن): "المهذب". (¬5) صححه الشيخ تقي الدين السبكي في "شرح المنهاج". (¬6) وقعت في (ن): "تلف". (¬7) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬8) في (ن): "الطرفين".

جزم به الرافعي والنووي في كتاب الرهن. - ومنها: لا يصح بيع السيد عبده المكاتب ولا النجوم التي عليه [على] (¬1) المذهب، فلو باعه أو باعها فأدى النجوم إلى المشتري بعد البيع، فأصح القولين. أنه لا يعتق، والقول الثاني -وهو منصوص المختصر-: أنه يعتق؛ لأن السيد سلطه على القبض فأشبه الوكيل، وقيل (¬2): هذا لا يجيء في الشراء من الغاصب عبدًا مكاتبًا، أو النجوم التي عليه، بل لا يعتد (¬3) بقبض المشتري جزمًا، هو أيضًا بيع فاسد؛ إلا أن (¬4) المشتري غاصب أيضًا لبناء يده على يد الغاصب، ولهذا الخلاف أصل، وهو أنما استتبع الصحيح هل يستتبع الفاسد؟ قال ابن الرفعة في باب الوضوء من "المطلب": وفيه خلاف أصله بيع السيد نجوم الكتابة إذا قبضها المشتري، فوجه صحة العتق يضمن البيع، [و] (¬5) الإذن في القبض، ووجه عدمه أنه تبع للبيع، فلما لم يصح البيع لم يتبعه الإذن، ولمثل ذلك ثار (¬6) الخلاف فيما إذا باع المشتري ما اشتراه في زمن الخيار، ولم يصح منه، هل يكون ذلك مبطلًا لخياره كما لو صح البيع أو لا؟ قال ابن الرفعة: ومثله يجوز أن يقال فيما إذا غَلِطَ من حدثٍ إلى حدثٍ فنواه (¬7)، فإن اعتبرنا اللزوم (¬8) ارتفع حدثه، وإن اعتبرنا الأصل لم تصح نيته. ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) في (ن) و (ق): "ومثل". (¬3) في (ن): "يعتمد". (¬4) في (ن): "لأن". (¬5) من (ن). (¬6) في (ق): "بان". (¬7) في (ق): "فبرأه". (¬8) في (ق): "الكلام".

قاعدة من كان مالكا لتصرف يصح منه فعله إذا فعل فعلا يتضمن ذلك التصرف المملوك، لكن بطريق فاسد، هل [يصح]؟

قاعدة يعبر عنها بأن "من كان مالكًا لتصرف يصح (¬1) منه فعله إذا فعل فعلًا يتضمن ذلك التصرف المملوك، لكن بطريق فاسد، هل [يصح] (¬2)؟ " (¬3) وفيه خلاف في صور: - منها: الحوالة بالثمن وعليه في مدة الخيار (¬4) الأصح: يصح، فإن قلنا: لا يصح، ففي انقطاع (¬5) الخيار، وجهان. - ومنها: الأب إذا باع (¬6) العين التي وهبها لابنه من غير تصريح بلفظ الرجوع، هل يكون رجوعًا (¬7)؟ فيه وجهان. قاعدة تقرب من القاعدة قبلها: "ما يفيد الاستحقاق إذا وقع [لا] (¬8) على وجه التعدي [هل يفيده إذا وقع على وجه التعدي] (¬9)؟ " (¬10)، وفيه خلاف في صور ¬

_ (¬1) كذا في (ق)، و (س)، وفي (ن): "لم يصح". (¬2) من (ن). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 297). (¬4) في (ن): "في ذمة المحال". (¬5) في (ن) و (ق): "انقطاعه". (¬6) وقعت في (ن): "عين". (¬7) في (ق): "رجوعها". (¬8) سقطت من (ن). (¬9) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬10) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 297).

جمع بعضها النووي في زيادات "الروضة" في باب إحياء الموات وقال: سبقت مسائل أخر تتعلق بها في الصيد. قلت: والذي جمعه مع مسائل [أخر تتعلق بها] (¬1) غيره ذكر في أصل "الروضة" تبعًا للرافعي في باب الوليمة، وفي المسائل كثرة (¬2). - فمنها: إذا دخل الماء المباح دار إنسان لم يكمت لغيره أخذه من داره لامتناع دخول الإنسان ملك (¬3) غيره بغير إذنه، فلو فعله، فهل يملكه؟ [فيه] (1) وجهان؛ أصحهما: أنه يملكه، وكذا لو دخل السمك مع الماء حوضه، ذكره الرافعي في باب الوليمة. - ومنها: لو أحيا واحد أرضًا حماها (¬4) الإمام لم يجز، ولكن يملكها بالإحياء على الصحيح. - ومنها: إذا تحجر مواتًا فجاء آخر فأحياه، ملكه على الأصح المنصوص؛ لكونه حقوق سبب الملك، وإن [كان] (¬5) ظالمًا، كما لو دخل في سوم أخيه واشترى (¬6)، والثاني: لا يملك، والثالث: إن انضم إلى التحجر إقطاع السلطان لم يملك، والرابع: إن أخذ المتحجر في العمارة لم يملك. - ومنها: إذا عشش الطائر في ملكه وأخذ الفرخ غيره فالأصح أيضًا أنه يملكه، قال النووي: [وكذا] (¬7) لو توحَّل ظبي في أرضه أووقع .................... ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ن): "وفي مسائل كثيرة". (¬3) في (ق): "بلد". (¬4) وقعت في (ن): "أحياها"، وفي (ق): "حكاها". (¬5) من (ن). (¬6) وقعت في (ن): "والمشتري". (¬7) من (ق).

البلح (¬1) فيها، ونحو ذلك. - ومنها: إذا أذَّن جماعة على (¬2) الترتيب، فالأول أولى بالإقامة إذا لم يكن مؤذنٌ راتب، أو كان السابق هو المؤذن الراتب، فإن سبق غير المؤذن الراتب فهل يستحق ولاية الإقامة؟ فيه وجهان، أحدهما: [نعم] (¬3) لإطلاق (¬4) قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أَذَّنَ فهو يقيم" رواه الترمذي (¬5) وضعفه، وأظهرهما [لا] (¬6)، لأنه مُسيء بالتقدم. - ومنها: لو وقع (¬7) في حِجْره شيء من الثمار لم يكن لغيره أخذه، فلو أخذه ففي تملكه وجهان، قال في "الروضة"؛ وميلهم إلى المنع أكثر، يعني في هذه المسألة، وفي دخول السمك مع الماء حوضه. [وفيما إذا عشش الطائر في ملكه فأخذ فرخه غيره] (¬8)، وفيما إذا وقع البلح في ملكه فأخذه غيره، قال: والأول أصح: أن (¬9) المحيي يملك، والفرق أن المتحجر غير مالك، فليس الإحياء تصرفًا في ملك غيره بخلاف هذه الصور (¬10). ¬

_ (¬1) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "الثلج". (¬2) في (ن): "في". (¬3) من (ن). (¬4) في (ن): "الإطلاق". (¬5) رواه الترمذي في "السنن" [أبواب الصلاة -باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم- حديث رقم (199)]. وأبو داود [كتاب الصلاة -باب الرجل يؤذن ويقيم آخر- حديث رقم (514)] (¬6) سقطت من (ق). (¬7) وقعت في (ن) و (ق): "وضع". (¬8) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬9) في (ن): "وأن". (¬10) في (ق): "الصورة".

قاعدة من اشترى [شيئا] شراء صحيحا لزمه الثمن

قاعدة " قال الشيخ أبو الحسين الفناكي (¬1) من قدماء أصحابنا من تلامذة أبي حامد في كتاب له يسمى "المناقضات": "من اشترى [شيئًا] (¬2) شراء صحيحًا لزمه الثمن" (¬3) إلا في مسألة واحدة: وهي: [أن] (¬4) المضطر يشتري الطعام (¬5) بثمن معلوم، فإنه لا يلزمه الثمن، وإنما تلزمه قيمته، ذكره أبو علي الطبري واحتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن بيع المضطر" (¬6)؛ وفي هذا نظر، فإن (¬7) المضطر إن تمكن من أخذ الطعام قهرًا والحالة هذه فعدل إلى (¬8) الشراء لزمه المسمى، ولو زاد على ثمن المثل بلا خلاف، كذا صرح بنفي الخلاف فيه الرافعي، ويتجه أن يخرج فيه خلاف من الخلاف في الإكراه على قتل أحد الرجلين، وأيضًا فقد أجرى ¬

_ (¬1) هو أحمد بن الحسين، أبو الحسين الرازي الفنَّاكي، ولد بالريِّ وتفقه على أبي حامد الإسفرايني، وأبي عبد الله الحليمي، وأبي طاهر الزيادي، وسهل الصعلوكي، من تصانيفه: كتاب، سماه "المناقضات" مضمونه الحصر والاستثناء منه، توفي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة (448 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 201 - رقم 183). (¬2) من (ن). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 298 - 299). (¬4) من (ن). (¬5) في (ق): "طعامًا". (¬6) أخرجه أبو داود في "السنن" [كتاب البيوع -باب في بيع المضطر- حديث رقم (3382)]. (¬7) في (ق): "أن". (¬8) في (ق): "إلى أن".

البغوي الخلاف في وجوب المسمى أو ثمن المثل فيما إذا وجد ميتة وطعام [الغير] (¬1) فاشتراه بالزيادة مع إمكان عدوله إلى الميتة، وإن عجز فالأقيس في الرافعي والنووي وصححه القاضي أبو الطيب: لزوم الثمن المسمى أيضًا؛ لأنه التزمه بعقد لازم، وصحح الروياني أنه لا يلزمه، قال: لأنه كالمكره، قال الرافعي: وهو أقرب إلى المصلحة، وفرق الماوردي بين زيادة تشق على المضطر لإعساره فلا تلزمه وزيادة لا تشق، فلا يتأتى ما قاله أبو علي إلا على ما صحح الروياني بشرط أن يقول: يصح البيع، وقد قال الرافعي: إنه الذي يُفهم من إيرادهم، قال: ولكن الوجه نصب الخلاف في صحة العقد لمعنى الإكراه، وفي تعليق الشيخ أبي حامد ما يثبته، وبه صرح الإمام وقال: "الشراء بالثمن الغالي هل نجعله مكرهًا حتى لا يصح الشراء؟ فيه وجهان، أقيسهما المنع"، انتهى كلام الرافعي مختصرًا. وقوله: "أقيسهما المنع" تابع فيه الإمام، وهكذا قال في "النهاية"، ولعله في (¬2) ذلك حاكٍ عنه لا حاكم بأنه أقيس، هذا (¬3) كلام الفَنَّاكي. وقوله: "إن هذا الشراء صحيح" صريح في الرد على الرافعي؛ لأنه قال بصحة الشراء مع التزام القيمة، وعزاه إلى أبي علي الطبري، وكلام الرافعي يقتضي أن [من] (4) يُلزمه القيمة يجعل المشتري مكرهًا والبيع فاسدًا، ولو كان كذلك لقيل لأبي علي الطبري: ما ذكرت من الاستثناء غير مستقيم: لأن صحة [البيع] (¬4) مع عدم لزوم الثمن لا يجتمعان، وما ذكره من الحديث رواه أبو داود من حديث علي ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) في (ن): "من". (¬3) في (ق): "هكذا". (¬4) من (ن).

كرم الله وجهه (¬1)، وفي سنده مقال، وبتقدير ثبوته قال الخطابي: "يحتمل أن يعني بالمضطر (¬2) المكره"، وهذا [يؤيد] (¬3) ما ذكره الإمام والرافعي [قال] (¬4): "ويحتمل أن يعني إذا (¬5) باع في ضرورة من دين ركبه أو نحوه، فلا يباع من حيث المروءة لكن يُعان أو يقرض ويُستمهل، وفي هذه الحالة إن بِيْع صح وكان مكرهًا". قلت: ويكون [بيع] (¬6) المضطر مصدرًا مضافًا إلى المفعول [أي: ] (¬7) لا يباع المضطر بل يبذل له الطعام مجانًا كما هو وجه لأصحابنا؛ لأن (¬8) البذل واجب فلا يؤخذ عليه عوض، أو يقرض ويستمهل كما قال، أو يقال: المضطر من لا يحتمل حاله التأخير إلى مماكسة البيع (¬9) لمسيس الجوع، فلا يجوز أن يباع ويؤخر الطعام [عنه] (¬10) إلى تقدير الأجرة، بل يبادر إلى إطعامه، إذ حاله لا يحتمل التأخير ثم إذا أطعمه تجب القيمة، وقال القاضي أبو الطيب: لا يجب العوض (¬11) ¬

_ (¬1) أي الحديث السابق في نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المضطر. (¬2) في (ق): "المضطرة". (¬3) من (س). (¬4) من (ن). (¬5) في (ق): "إن". (¬6) من (س). (¬7) من (ق). (¬8) في (ق): "وأن". (¬9) والمماكسة في البيع: من مَكَسَ مَكْسًا، ومَاكس مُمَاكسةً مثله: نقص الثمن، "المصباح" (ص: 343). (¬10) من (ق). (¬11) في (ن): "القرض".

قاعدة لا يتوالى ضمان عقدين في شيء واحد

هنا، وسواء وجب العوض أم لا، فالقول بهذا الاحتمال فيه أخذ الحديث على ظاهره، وفي الحديث إرشاد إليه؛ فإن لفظه أن عليًّا - رضي الله عنه - قال: "سيأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يديه ولم يؤمر بذلك، قال الله تعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237] ويبايع المضطرون، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المضطر"، هذا لفظ أبي داود عن علي كرم الله وجهه، وسياقه يشهد لتحريم أن يباع المضطر كما أولناه، فإن ضم إليه عدم لزوم العوض كما قال القاضي كان أوفق للظاهر والسياق. قاعدة " لا يتوالى ضمان عقدين في شيء واحد" (¬1). وهذه القاعدة ذكرها الأصحاب عند الكلام على بيع المبيع قبل القبض؛ فإنهم عللوا منعه (¬2) من حيث المعنى بشيئين، هذا أحدهما، ووجهوه بأن المبيع (¬3) مضمون على البائع للمشتري، وإذا نفد المبيع منه (¬4) صار مضمونًا عليه للمشتري، الثاني فيكون الشيء الواحد مضمونًا له وعليه في عقدين، قال الإمام: "ولا حاجة إلى هذا مع الخبر" انتهى. أي: الاعتماد في منع بيع ما لم يقبض على الإخبار [لا] (¬5) المعنى، وقال بعد ذلك بيسير: "الغالب على هذا الأصل التعبُّد (¬6) "، وتبعه ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 300)، "قواعد الزركشي" (2/ 410). (¬2) في (ن) و (ق): "بيعه". (¬3) وقعت في (ن): "البائع". (¬4) كذا في (ق)، وفي (ن): "فيه". (¬5) سقطت من (ن) و (ق). (¬6) في (ن) و (ق): "بعيد".

الرافعي حيث قال: "والاعتماد على الأخبار" (¬1)، واعتُرض على هذا [يعني] (¬2) بأن المعنيَّ بكونه من ضمان البائع (¬3): أنه لو تلف انفسخ البيع وسقط الثمن، فلم لا يجوز أن يصح البيع، ثم لو تلف عند البائع ينفسخ البيعان ويسقط الثمان، وتبين أنه هلك على [ملك] (¬4) من هلك في يده، ورده ابن الرفعة بأن مراد الأصحاب بتوالي الضمانين: أنه لو هلك لا ينقلب إلى [ملكه] (¬5) قبل التلف. قلت: وهذا أشار إليه الإمام في "النهاية"، قال ابن الرفعة: وحينئذ يكون قبل ملكه منقلبًا إلى ملكه وملك بائعه في آن واحد، وذلك محال، وقد يجاب بأن انقلابه إلى ملك البائع الأول سبق انقلابه إلى ملك البائع الثاني؛ لأن ملك الثاني مرتب على ملك الأول فلم يلزم اجتماع (¬6) مالكين في آن واحد، ثم ما ذكره ابن الرفعة (¬7) من أن منع توالي الضمانين لكونه يؤول إلى اجتماع مالكين في آن واحد لم أر التصريح به لغيره، والذي اقتصر عليه أكثر من وقفت على كلامه من الأصحاب ما ذكرناه من كونه يصير مضمونًا له، وعليه، وعبارة الإمام في "النهاية": "وذكر الفقهاء في ضبط المذهب أن الضمانين لا يتواليان (¬8) وعَنَوا به: أنا لو قدرنا نفوذ بيع المشتري قبل القبض لكان مضمونًا على البائع الأول للمشتري، ¬

_ (¬1) واختاره الشيخ تقي الدين السبكي في "شرح المهذب" في باب الرهن. (¬2) من (ق). (¬3) وقعت في (ن): "البيع". (¬4) من (ن). (¬5) من (ن). (¬6) في (ن): "فلم يجتمع". (¬7) وتبعه عليه تقي الدين السبكي. (¬8) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "أن التضامن لا يتوالى".

ثم يكون مضمونًا على المشتري الأول للمشتري الثاني" انتهى. والذي فهمه من توالي الضمانين أنه لا يورد عقد ضمان على عقد ضمان قبل لزومه واستقراره لما يؤدي إليه من صيرورته مطالبًا [ومطالبًا] (¬1) في شيء واحد. ومن ثم نشأ التردد في إجارة المبيع قبل القبض، والراجح عند الغزالي: الصحة؛ لأن مورد عقد الإجارة غير مورد عقد البيع، فلا يكون مطالِبًا ومطالبًا في شيء واحد؛ لأنه في البيع مطالب بتسليم الرقبة، وفي الإجارة بالمنفعة فلم يتحدا، فلم يتوالى ضمان عقدين في شيء واحد، والراجح عند المعظم عدم الصحة، لضعف الملك؛ ولأن التسليم فيها مستحق كما في البيع، ومن ثم أيضًا منع ابن سريج فيما نقل الرافعي عنه أن يؤجر المستأجر العين المستأجرة من آجرها محتجًّا، بأن (¬2) المكري مطالب بالتسليم لمدة (¬3) الإجارة، فإذا أكرى (¬4) ما اكترى كان مطالِبًا ومطالبًا في عقد واحد، وذلك لا يحتمل إلا في حق الأب والجد في مال الصغير، والأصح الجواز لا لمنع (¬5) هذه العلة، [بل] (¬6) للقياس (¬7) على بيع المبيع من بائعه قبل (¬8) قبضه، فإنا نقدر أن المستأجر ملك كل المنفعة دفعة على الصحيح. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "صحيحًا، فإن". (¬3) في (ن): "بمدة". (¬4) في (ن): "اكترى". (¬5) في (ن): "لامع". (¬6) سقطت من (ن). (¬7) في (ن): "على القياس". (¬8) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "بعد".

وصورة المسألة: أن تقع الإجارة بعد أن يسلمه العين المأجورة، أما قبله فقال القاضي أبو الطيب في "التعليقة" [: المذهب منعه من المكري والأجنبي، وصحح النووي الصحة (¬1)، ثم الذي نقله القاضي أبو الطيب في التعليقة] (¬2) عن ابن سريج [أنه يجوز إكراؤها من المكري وغيره قبل التسليم، وقد يقال كيف يجوِّز ابن سريج] (¬3) إكراءها من المكري قبل قبضها، وهو ما نقله القاضي عنه ويمنعه بعده، وهو ما نقله عنه الرافعي (¬4). إذا عرفت هذا فقد قال ابن الرفعة فى مسألة الإجارة من الآجر: لو علل (¬5) المنع بتوالي الضمانين لكان أقوى، يعنى من كونه مطالِبًا ومطالَبًا قال: وإنما قلت ذلك بناء على أن المستأجر يمنك كل المنفعة دفعة على الصحيح (¬6)، فإنه إذا كان كذلك اقتضى أن العين لو تلفت لعادت إلي ملك الآجر [قبل التلف، وإذا استأجرها وتلفت اقتضى أن تعود المنافع إلى ملك آجرها] (¬7)، وحينئذ تصير مملوكة [له، ومملوكة] (7) لمؤجره، أو منتقلة وعائدة إليه وهو مُحال (¬8) انتهى كلامه. ¬

_ (¬1) أي صحة إجارته للمؤجر. (¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬3) من (ن). (¬4) عندئذ قال ابن السبكي: "وقد تكلمت على هذا السؤال في كتابي المسمى: منع المشاجرة في بيع العين المستأجرة"، "الأشباه والنظائر" (302). (¬5) كذا في (ق)، وفي (ن): "علق". (¬6) في (ن): "الصحة". (¬7) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬8) وقعت في (ن): "مخالف".

وهو قويم (¬1) على أصله في تفسير توالي الضمانين بما قرره إلا في دعوى [استحالة] (¬2) كونها منتتلة وعائدة إليه ممنوعة، ثم يقال له: أين (¬3) الضمان في الإجارة، فكأنه لا يعني بالضمان كونها عقد ضمان بل نحو ما ذكره القاضي أبو الطيب في التعليقة، حيث قال: وقال أبو العباس بن سريج: يجوز أن يكريها من المكري وغيره، لأن قبض الدار المستأجرة لا تنقل الضمان بدليل أنها لو انهدمت في يد المكتري كان الضمان على المكري دونه انتهى. ومن فروع القاعدة على ما فهمه (¬4) ابن الرفعة (¬5): - المسألة التي نقلها [الرافعي] (¬6) في الباب الثاني من الضمان عن الأستاذ أبي منصور، وهي: ما إذا قال للمضمون له (¬7): بعت منك هذا العبد بما ضمنته لك عن فلان، قال الرافعي: ففي صحة البيع وجهان حكاهما الأستاذ أبو منصور البغدادي. انتهى كلامه. وقد استُشكل وجه المنع، قال ابن الرفعة: ولعل مأخذه تناقض الأحكام، فإن مقتضى الصحة دخوله في ملك المشتري الذي هو رب الدين بدلًا عن دينه الذي هو في ذمة الضامن، وعند ذلك نحكم ببراءة الأصيل، وعند الحكم بها يقدر أن ما حصلت به البراءة قد دخل في ملك المضمون عنه قبل دخوله في ملك رب الدين، ¬

_ (¬1) في (ق): "قوي". (¬2) ما يين المعقوفتين من (ق). (¬3) في (ق): "أن". (¬4) في (ق): "أفهمه". (¬5) وتبعه تقي الدين السبكي. (¬6) من (ق). (¬7) كذا في (س) وفي (ن) و (ق): "منه".

قاعدة المثلى مضمون بمثله، والمتقوم بالقيمة

وذلك يقتضي دخوله في ملك رب الدين وملك المضمون عنه بمجرد البيع، والشيء الواحد لا يقتضي إثبات ملكين على مملوك واحد باعتبار كله لا باعتبار بعضه. انتهى. قلت: والصواب (¬1) أن دخوله في ملك الأصيل يسبق (¬2) دخوله في ملك رب الدين فلم يجتمع مالكان على شيء واحد. - ومنها: الرهن والهبة قبل القبض، [و] (¬3) رجح بعض المتأخرين صحتهما (¬4)، ورجح الرافعي والنووي فسادهما، ومن الأصحاب من فرق بين أن يكونا مع (¬5) البائع أو غيره، ومن فرق [بين] (¬6) ما قبل نقد الثمن وبعده. قاعدة " المثلى مضمون بمثله، والمتقوم بالقيمة" (¬7) واستثنى من المثلى مسائل. ¬

_ (¬1) وهو تصويب تاج الدين بن السبكي. (¬2) وقعت في (ن): "سيبين". (¬3) من (ن). (¬4) يعني ابن الملقن ببعض المتأخرين تقي الدين السبكي الذي لم يذكر اسمه في كتابه هذا إلا نادرًا، وهو لم يفتأ ينقل عنه وعن ولده بالنصِّ والفصِّ فلا حول ولا قوة إلا بالله. (¬5) في (ن): "من". (¬6) سقطت من (ن). (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 303)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 644)، "قواعد الزركشي" (2/ 333).

- منها: لبن المصرَّاة، واعتُرض (¬1) بأن [إعطاء] (¬2) الثمن ليس من باب المعاوضات فلا استثناء. - ومنها: الماء، فإنه مثلى على ما جزم به الرافعي في الغصب ولا اعتبار بإيهام عبارته في إحياء الموات أنه متقوم، ثم إذا تلف الماء في مفازة وظفر به صاحبه في موضع لا قيمة للماء فيه، فإنه يطالبه بقيمة [الماء في] (¬3) المفازة، وإذا اجتمعا في تلك المفازة أو مثلها، ففي وجوب رد المثل واسترداد القيمة وجهان، فعلى القول بعدم الوجوب يقع الاستثناء، وعلى القول بالوجوب وهو ما جزم به صاحب "التتمة" لا استثناء، والقيمة إنما هي للحيلولة. - ومنها: لو تراضيا على أخذ قيمة المثلى مع وجوده، فوجهان؛ أصحهما عند بعض المتأخرين (¬4) الجواز، [لكنه أشار إلى أنه لا يستثني] (¬5)؛ لأنه يعلل الجواز بأنه اعتياض عما يثبت في الذمة (¬6). - ومنها: لو وجد المثلى بأكثر من ثمن المثل، فالمرجح عند النووي وبه جزم الشيخ أبو إسحاق: العدول إلى القيمة ورجح بعضهم (¬7) أنه لا يعدل. - ومنها: اللحم؛ فإنه يضمن بالقيمة، كما صححه الرافعي وغيره في باب الأضحية مع أنه مثلي. ¬

_ (¬1) المعترض هو تقي الدين السبكي. (¬2) استدراك من (س). (¬3) استدراك من (س). (¬4) يعني به أيضًا: تقي الدين السبكي كما في "الأشباه والنظائر" (1/ 304). (¬5) تكرر ما بين المعقوفتين في (ق). (¬6) أي: عما يثبت في الذمة من المثل. (¬7) وهو التقي السبكي.

- ومنها: الفاكهة؛ فإنها مثلية على ما اقتضاه تصحيح الرافعي والنووي (¬1) في باب الغصب، والأصح عند غيرهما أنها تضمن بالقيمة. - ومها: المقبوض (¬2) بالبيع الفاسد أطلق أكثر الأصحاب -منهم الرافعي- أنه يضمن بالقيمة، وحكى الماوردي وجهًا فيما إذا كان مثليًّا أنه يضمن بالمثل، قال: ولكن الأصح [فيه] (¬3) أنه يضمن بالقيمة وإن كان مثليًّا؛ لأنه [لم] (¬4) يضمنه وقت (¬5) القبض بالمثل [بل] (¬6) بالعوض، بخلاف الغصب، وطرده في المقبوض بالسوم (¬7)، والتحالف بعد هلاك المبيع، وكل عقد مفسوخ يزعم أن المثلي يضمن في الكل بالقيمة، لكن ذكر بعض المتأخرين (¬8) أن الصحيح الذي نص عليه [الإمام] (¬9) الشافعي في مواضع من الأم وغيرها واقتضاه القياس خلاف ما قاله الماوردي، وأجاب عما قاله الماوردي بأن الضمان بالعوض زال كما لو لم يرد عديه عقد (¬10). - ومنها: المستعار، إذا قلنا بالأصح، وهو أنه يضمن بقيمة يوم التلف، وكان مثليًّا (¬11)، ضمن بالقيمة، صرح به صاحب "المهذب"، والماوردي (¬12). ¬

_ (¬1) وكذلك السبكي. (¬2) في (ق): "اللحم المقبوض". (¬3) من (ق). (¬4) سقطت من (ن). (¬5) وقعت في (ن): "وفي". (¬6) من (س). (¬7) في (ن): "السوم". (¬8) تقي الدين السبكي. (¬9) من (ن). (¬10) أي: زال بالفسخ وصار كما لو لم يرد عليه عقد. (¬11) كذا في (ق)، وفي (ن): "مضمنًا". (¬12) ومنعه تقي الدين السبكي، كما نقل عنه تاج الدين في "الأشباه" (1/ 304).

[فصل]

[فصل] (¬1) ويستثنى من المتقوم مسائل (¬2): - منها: إذا اقترض متقومًا فالأصح أنه يرد مثله في الصورة إلا في [نحو] (¬3) الجوهر والحنطة مختلطة بالشعير، إن جوزنا قرضهما؛ فإنهما (¬4) يضمنان بالقيمة، صرح به الماوردي (¬5). - ومنها: لو (¬6) عجل الزكاة وثبت الاسترداد إلى آخر الحول، والمعجل تالف ضمنه بالمثل، وإن كان متقومًا، صححه بعض المتأخرين (¬7) ورد جزم (¬8) الرافعي بأن المتقوم يُضمن بالقيمة. - ومنها: لو صار المتقوم مثليًّا كمن غصب رطبًا وقلنا: إنه متقوم فضار تمرًا وتلف، قال العراقيون: يضمن مثل التمر (¬9)، وقال الغزالي: يتخير بين مثل التمر (¬10) وقيمة الرطب، وقال البغوي: إن كان الرطب أكثر قيمة لزمه قيمته، وإلا لزمه المثل (¬11). ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 305)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 647). (¬3) من (ق). (¬4) في (ق): "فإنما". (¬5) قال تاج الدين بن السبكي: "ونقله عنه الوالد رحمه الله في "شرح المنهاج" وصوبه" (1/ 305). (¬6) في (ن): "من". (¬7) يعني: التقي السبكي. (¬8) وقعت في (ن): "وبه جزم بعض المتأخرين"، والتصويب من (ق). (¬9) وقعت في (ن) و (ق): "البر". (¬10) في (ن): "البر". (¬11) قال ابن السبكي: "قال الوالد رحمه اللهُ: وهو أشبه".

قاعدة كل ما جاز بيعه فعلى متلفه القيمة

قاعدة قال ابن القاص: "كل ما جاز بيعه فعلى مُتْلِفِه القيمة" (¬1). واستثنى المرتد، ووافقه القفال، وضم إلى المرتد المستحق قتله في المحاربة. قلت: والذي أفهمه من لفظ القيمة هنا: الضمان. والمعنى: أن متلف ما يجوز بيعه يضمنه بقيمته إن كان متقومًا، وبمثله إن كان مثليًّا لا خصوص القيمة المقابلة للمثل، وإلا لزم أن يضمن متلف المثلي المتقوم، ولا يقول بهذا أحد، وسنحكي عن ابن الرفعة ما يقتضي أنه فهم خلاف هذا. فصل " وما لا يجوز بيعه فلا قيمة على متلفه" (¬2)، قاله ابن القاص والقفال أيضًا، وعزاه ابن الرفعة في البيع من "المطلب" إلى الجمهور، وقال: إنه لا يقدح في قول القفال: إنه يجب على من أتلف حبة حنطة مثلها؛ لأنه وافق على عدم إيجاب القيمة لعدم إمكانها (¬3) بخلاف المثل، ولمعترض أن يورد على القفال حبة الحنطة، فإنه أوجب على متلفها [مثلها مع أن بيعها لا يجوز، وهذا الاعتراض جار] (¬4) على ما فهمناه من أن المعنيَّ بالقيمة هنا عوض المتلف قيمة إن كان متقومًا ومثلًا إن كان مثليًّا، ومنع ابن الرفعة ورود هذا على القفال زاعمًا أنه وافق على عدم إيجاب ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 305)، "قواعد الزركشي" (3/ 107). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 305). (¬3) وقع في (ن) في هذا الموضع زيادة: "بخلاف إمكانها" وهو وهم الناسخ. (¬4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن).

القيمة لعدم إمكانها بخلاف المثلي، يعني: فاستمر (¬1) قوله: "لا قيمة على متلفه"؛ لأن الواجب هنا المثل لا القيمة؛ إذ لا قيمة، وهذا يقتضي أنه فهم أن المعنى بالقيمة مقابل المثل (¬2) وقد قلنا: إنه لا يستمر ويلزم (¬3) عليه (¬4) أن يضمن ما يجوز بيعه من المتلفات (¬5) بالقيمة [ولا قائل به، والذي أعتقده أن المراد بالقيمة] (¬6) هنا العوض وحبة (¬7) الحنطة لا تضمن عند الجمهور؛ لأنها لا تباع فلا عوض لها، وهي (¬8) جارية على القاعدة (¬9)، وخلاف (¬10) القفال فيها [لا] (¬11) يرد على ابن القاص، واتباع القفال له في "شرح التلخيص" لكونه يجري [معه] (¬12) على كلام الأصحاب، وليس له أن ينقض عليه اجتهاده (¬13) في نفسه. ¬

_ (¬1) كذا في (س)، وفي (ن): "فيما يستثنى"، وفي (ق): "فما يستمر". (¬2) في (ق): "المثلي". (¬3) كذا في (ق) و (س)، وفي (ن): "لا يلزم". (¬4) في (ق): "علينا". (¬5) في (ق): "المثليات". (¬6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬7) وقعت في (ن): "وحنطة". (¬8) في (ن): "وهو". (¬9) في (ن): "القواعد". (¬10) في (ن): "وخالف". (¬11) من (س). (¬12) من (ق). (¬13) في (ن) و (ق): "باجتهاده".

قاعدة الرهن أمانة في يد المرتهن غير مضمون

قاعدة " الرهن أمانة في يد المرتهن غير مضمون" (¬1). قال الشيخ أبو حامد وتلميذه المحاملي: إلا في ثمان مسائل. قلت (¬2): وهي أكثر. - فمنها: إذا رهن المغصوب من الغاصب، الأصح: أن حكم الضمان باق (¬3). - ومنها: المرهون إذا تحول غصبًا. - ومنها: المرهون إذا تحول عارية. - ومنها: المقبوض على السوم إذا تحول رهنًا. - ومنها: المبيع المقابل فيه إذا رهنه [منه] (¬4) قبل القبض (¬5). - ومنها: إذا خالعها على شيء ثم رهنه منها قبل القبض. قاعدة " كل موهون لا يسقط الدين بتلفه (¬6) " (¬7). قال الإمام في "النهاية": "إلا في مسألة واحدة على وجه، وهي: ما إذا شرط ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 306)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 788 - 789). (¬2) هو قول ابن السبكي. (¬3) في (ق): "فاقد". (¬4) من (س). (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "بمثل قبل العقد"، وفي (ق): "منه قبل العقد". (¬6) في (ق): "ببيعه". (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 306).

قاعدة فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه

كون المبيع [نفسه] (¬1) رهنًا بالثمن، وقيل يصح الشرط، فإن المبيع على هذا يكون مرهونًا عند البائع مضمونًا عليه بحكم العقد، فإن ضمان العقد لا يزول إلا بالقبض، قال الإمام: "ولا يتصور على مذهبنا [مرهون] (¬2)، [ويسقط الدين بتلفه] (¬3) إلا هذا، ولكن لا يسقط بسبب تلف الرهن [من حيث كان رهنًا، بل بتلف المبيع] (¬4) من حيث كان مضمونًا على البائع" انتهى. وتبعه الغزالي في "البسيط". قاعدة " فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه" (¬5). قال القاضي حسين: إلا ما شذ عن ذلك، وهو عقد الشركة إذا كانت صحيحة فعمل (¬6) كل واحد منهما في (¬7) مال صاحبه لا يكون عمله مضمونًا، وإذا كانت فاسدة يكون مضمونًا، قال: وعكس هذا (¬8) المسابقة على الخيل والرمي صحيحهما يكون مضمونًا بخلاف فاسدهما، قال ابن الرفعة: والمقبوض في الهبة الفاسدة مضمون على وجه بخلاف الصحيحة. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) سقطت من (ق) (¬3) كذا في (ن)، وفي (ق): "بسقوط الدين ببيعه". (¬4) تكرر ما بين المعقوفتين في (ق). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 307)، "القواعد" لابن رجب (1/ 334)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 549 - 550)، "قواعد الزركشي" (3/ 8). (¬6) في (ن) و (ق): "يعمل". (¬7) في (ن): "من". (¬8) في (ق): "هذه".

فائدة: إن الفاسد كالصحيح في الضمان

قلت (¬1): ومسائل أخر: - ومنها: صحيح الوديعة لا ضمان فيه على المودع ولو أخذها من صبي أو مجنون ضمن. - ومنها: إذا قال: قارضتك على أن جميع الربح لي وقلنا: هو قراض فاسد لا يستحق شيئًا على الأصح، وإن ربح وفي القراض الصحيح يستحق المسمى، فصحيحها مضمون بخلاف فاسدها في هذه الصورة. - ومنها: لو عرض العين المستأجرة [على المستأجر] (¬2) فامتنع من تسلُّمها (¬3) إلى أن انقضت المدة استقرت الأجرة، ولو كانت الإجارة فاسدة لم تستقر، صرح به صاحب "التهذيب". - ومنها: إذا نكح امرأة نكاحًا صحيحًا وماتت من الولادة لم يضمنها بلا خلاف، ولعله إجماع ولو كان النكاح فاسدًا، ففي ضمانها قولان في "البحر". فائدة: ليس مرادنا من قولنا: " [إن] (2) الفاسد كالصحيح في الضمان" أنه يجب فيه (¬4) المسمى كما في الصحيح، بل إنه مثله في أصل الضمان فيجب في الإجارة الفاسدة أحرة المثل ونحو ذلك، إلا في خصوص المسمى فلا يجب المسمى في شيء من العقود الفاسدة إلا في مسألة واحدة: وهي: ما إذا بذل الكافر مالًا على الدخول إلى حرم مكة، فإن (¬5) الإمام لا يجيبه فإن فعله فالصلح (¬6) ¬

_ (¬1) القائل: هو ابن السبكي. (¬2) من (ن). (¬3) وقعت في (ن) و (ق): "تسليمها". (¬4) كذا في (س)، وفي (ن): "به"، وفي (ق): "قيمة". (¬5) وقعت في (ن): "فإن كان". (¬6) كذا في (ق)، وفي (ن): "فالصحيح".

قاعدة المفلس لا يلزمه تحصيل ما ليس بحاصل ولا يمكن من تفويت ما هو حاصل

فاسد، فإن فعل أُخرج وثبت (¬1) العوض المسمى، بخلاف الإجارة الفاسدة، فإنه إنما تثبت فيها أجرة المثل؛ لأنه هنا استوفى العوض، وليس لمثله أجرة، وإن دخل وإن لم ينته إلى الموضع المشروط، وجبت الحصة من المسمى. قاعدة " المفلس لا يلزمه تحصيل ما ليس بحاصل ولا يمكن من تفويت ما هو حاصل" (¬2). ويستثنى من الأول: إذا لزمه دين وهو عاص بسببه، فإنه يلزمه الاكتساب لوفائه، على ما ذكر أبو عبد الله الفُراويُّ (¬3) (¬4). قاعدة قال ابن الصباغ في "الشامل" في باب التفليس بعد ما ذكر أن المفلس إذا باع نخلًا وأطلعت، وأفلس المشتري قبل تأبير النخل، فرجع البائع في ¬

_ (¬1) في (ن): "وبذل". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 308). (¬3) في (ق): "البزاوي"، وفي (ن): "الفزاري"، والمثبت هو الصواب. (¬4) هو محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن أبي العباس، أبو عبد الله الصاعدي النيسابوري، الفُراوي، وفراوة: بلد في طرف خراسان مما يلي خوارزم، يعرف بفقيه الحرم، لإقامته بالحرمين مدة طويلة ينشر العلم، ويسمع الحديث ويعظ الناس ويذكرهم، وكان ممن تفقه على إمام الحرمين وعلق عنه حتى صار من جملة أصحابه، وكان إمامًا، مفتيًا، مناظرًا، واعظًا، توفي سنة ثلاثين وخمسمائة (530 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 299 - رقم 281).

قاعدة كل دين مستقر ثابت في الذمة تجوز الحوالة عليه إلا الإبل الثابتة في الذمة بالجناية

الأصول هل يتبعها الطلع؟ فيه قولان: أحدهما: يتبع كما يتبع في البيع، والثاني: لا، والفرق أن البيع يصدر بالاختيار بخلاف فسخ البيع ما نصه: قال أصحابنا: "كل موضع أزال ملكه باختياره على سبيل العوض تبع الطلع، وكل موضع أزال [ملكه] (¬1) بغير اختياره فهل يتبع؟ فيه قولان كالرد بالعيب" (¬2)، وقد ذكر الرافعي والمتأخرون معنى هذا أيضًا. قاعدة (¬3) " كل دين مستقر ثابت في الذمة تجوز الحوالة عليه إلا الإبل الثابتة في الذمة بالجناية" (¬4). فائدة (¬5): كل دين غير مستقر [في الذمة] (¬6) لا تجوز الحوالة عليه إلا الثمن في مدة الخيار. قاعدة " أصح القولين أن حجر الفلس حجر مرض لا سفه ولا رهن" (¬7). ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 308). (¬3) في (ق): "فائدة". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 308). (¬5) في (ق): "قاعدة". (¬6) من (ن). (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 308)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 789)، "قواعد الزركشي" (2/ 30).

والقول بأنه حجر رهن استنبطه بعض المتأخرين (¬1) وخرجه وليس منصوصًا، ولا نعني بقولنا: حَجر مرض ثبوت أحكام حجر المرض كلها، وكذلك في كل ما يغلب فيه أحد الجانبين على الآخر، كقولنا: الظهار طلاق أو يمين، واليمين المردودة إقرار أو بينة وأشباه ذلك. وتوضيح ذلك: أن المريض يسوغ له الإقدام على التصرف ويحكم بصحة تصرفه ظاهرًا، ولا خلاف أن المفلس ممنوع من التصرف، وإن قيل بتنفيذه فيما بعد، فإن قلت: فلا فائدة إذًا في هذه القاعدة وأمثالها، إذ لا فائدة [غير] (¬2) إجْراء الأحكام على قضية قاعدتها (¬3)، والجواب (¬4): أن فائدته معرفة حقيقة ذلك الشيء وسره [و] (¬5) المقصود به، والفقيه يعلم أن الشيئين المتساويين في الحقيقة، وأصل المعنى: قد تعرض لكل منهما عوارض تفارقه عن صاحبه (¬6) وإن لم تغير حقيقته الأصلية، فالفقيه الحاذق يحتاج [إلى] (¬7) تيقن القاعدة الكلية في كل باب، ثم ينظر نظرًا خاصًّا (¬8) في كل مسألة ولا يقطع شوقه عن تلك القاعدة حتى ¬

_ (¬1) يعني: تقي الدين السبكي. (¬2) من (ق). (¬3) في (ن): "قاعدة". (¬4) أجاب به الشيخ تقي الدين السبكي كما نقل ولده ابن السبكي عن "تكملة شرح المهذب"، انظر: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 308). (¬5) من (ق). (¬6) في (ن): "تقاومه عوضًا يحيه". (¬7) سقطت من (ن)، وفي (ق): "أن"، والمثبت من (س). (¬8) وقعت في (ن): "قاضيًا".

قاعدة كل ما لو صرح به أبطل فإذا أضمره كره

يعلم هل تلك المسألة مارة عليها (¬1) وفي هذا يظهر الفقيه (¬2)، فقد يستحضر [القاعدة] (¬3) بدون (¬4) فروعها وقد يعكس. قاعدة " كل ما لو صرح به أبطل فإذا أضمره كره" (¬5). ومن ذلك يكره تزويج امرأة بقصحد الطلاق عند الإحلال لزوج آخر، وهل يكره (¬6) قصد إقراض المشهور الرد بالزيادة؟ فيه وجهان، وينبغي [أن لا تؤخذ هذه القاعدة على إطلاقها فإن مثل] (¬7) بيع الجميع بالدراهم، وكسب الخبيث بها لا يكره (¬8)، وقد يقال: إن (¬9) احتجَّ الأصحاب " [بأن الله] (¬10) تجاوز عن [حديث ¬

_ (¬1) أي: هل تلك المسألة يجب سحب القاعدة عليها أو تمتاز بما ثبت له تخصيص حكم في زيادة أو نقص؟ (¬2) في (ق): "الفقهية". (¬3) من (ن). (¬4) فى (ق): "دون". (¬5) "الأَشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 309). (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "يكون". (¬7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬8) ولتوضيح هذه العبارة يقول ابن السبكي: "تنبيه: ذكر الشيخ الإمام الوالد -رحمه الله- هذه القاعدة في "شرح المنهاج" في مسألة التحليل وقال: ينبغي أن لا تؤخذ على إطلاقها، فإن مثل بيع الجمع بالدراهم وشراء الخبيث بها لا تكره" "الأشباه والنظائر" (1/ 309). (¬9) في (ق): "إذا". (¬10) وقعت في (ن): "بما يتهمه"، وفي (ق): "لا يفهمه"، والتصويب من (س).

النفس] (¬1) " (¬2) لعدم البطلان فلا إكراه (¬3)، إذن، نقول (¬4) [هذا الحديث] (¬5) وإن احتجوا به ففيه (¬6): "ما لم يتكلم أو يعمل"، فإن كان المقصود (¬7) ما لم يتكلم بالذي حدثت به نفسه (¬8) أو يعمل به فيصح الاحتجاج به، وإن أخذ مطلقًا، فقد يقال: إن هذا حديث نفس [قارنه] (¬9) عمل، كما في قوله: إذا التقى المسلمان بسيفيهما أثم المقتول (¬10) لصدور حرصه على القتل، وإن لم يحصل ما حرص عليه، ولكن قارن حرضه عمل هو وسيلة [إليه، وهنا قارن حديث النفس عمل، لكنه ليس وسيلة] (¬11) إلى الحرام، بل إلى الخلاص منه فلم يحرم، وأما (¬12) الكراهة فإن قصد بتلك الحيلة معنى المفسدة المنهي عنها شرعًا، فتقوى (¬13)، وإلا فلا. ومسألة الخبيث من القسم الثاني. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "حكم المسمى". (¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" [كتاب العتق -باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه- حديث رقم (2528)]. (¬3) في (ق): "كراهة". (¬4) من (ن). (¬5) سقطت من (ن) و (ق). (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "بما يفهمه". (¬7) في (ن): "المعقود". (¬8) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "فالذي حدثت نفسه". (¬9) (ق): "فإذا هو". (¬10) كذا في (ن) و (ق)، وفي "س": "القاتل". (¬11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬12) في (ن): "وإنما". (¬13) أي: الكراهة.

قاعدة كل خيار يرجع إلى الحظ والمصلحة يجوز التوكيل فيه

قاعدة " كل خيار يرجع إلى الحظ والمصلحة يجوز التوكيل فيه، بخلاف ما يرجع إلى الشهوة والإرادة فلا يوكل فيه" (¬1). وفيما تردد بينهما فمن (¬2) الأول خيار الشرط، والعيب، والخلع، ومن الثاني خيار من أسلم على أختين أو أكثر من أربع، ومن الثالث خيار الرؤية على القول بتجويز بيع الغائب. قاعدة " كل متصرف عن (¬3) الغير فعليه أن يتصرف بالمصلحة" (¬4) وفيه وجه حكاه الغزالي، وشيخه، والروياني: أن الوا جب عدم المفسدة، فإن (¬5) استوى الأمران (¬6) لم يتصرف على الأول، ويتصرف على الثاني. - ومنها مسائل: - الأولى: إذا استوى في نظره الأمران في أخذ الشقص المشفوع [وتركه] (¬7) ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 310). (¬2) وقعت فى (ن): "في". (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "كل تصرف على". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 310)، "قواعد الزركشي" (1/ 300)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 157، 229، 403). (¬5) في (ق): "فإذا". (¬6) أي: المصلحة والمفسدة. (¬7) من (س).

لليتيم، ففي أخذه أوجه: الوجوب، وهو أغربها [والجواز، والتحريم] (¬1). [- الثانية: وهي مما يرد نقضًا] (1) إذا شرط في البيع الخيار للأجنبي لم تلزمه (¬2) رعاية الحظ، قال الرافعي: وهكذا ذكروه، ولناظر أن يجعل شرط الخيار امتهانًا (¬3) وهو أظهر إذا جعلناه نائبًا عن (¬4) القاعدة. الثالثة: إذا جُنَّ المكاتب وله مال، قال الأصحاب: يؤدي الحاكم عنه النجوم (¬5)، وقيده الغزالي بما إذا كانت الحرية (¬6) مصلحته، بخلاف ما إذا كان يضيع بالعتق (¬7) وحاول الرافعي وابن الرفعة تبقية كلام الأصحاب على إطلاقه، وببقائه على إطلاقه تكون صورة كون العتق (¬8) مفسدة واردة نقضًا على القاعدة، والرافعي قال: إن القيد قليل الفائدة، مع قولنا: إن السيد إذا وجد له مالًا (¬9) يستقل بأخذه إلا أن يقال إن للحاكم منعه من الأخذ والحالة هذه، وقال ابن الرفعة: لو قيل الحاكم يمنعه لكان قليل الفائدة أيضًا؛ لأن السيد حينئذ يتمكن من الفسخ فيسترجع المال والعبد ويتمكن من عتقه، يعني عتقًا يصادفه لا مال له، وإلا فهو متمكن من العتق دائمًا، فيقع فيما منه فررنا (¬10)، قال: فيصح إذا ما قالوه، ولك أن ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) أي: الأجنبي. (¬3) كذا في (ن) و (ق)، وفي (س): "إنماما"، ولعل الصواب: "إتمامًا". (¬4) في (ن) و (ق): "على". (¬5) كذا في (ق)، وفي (ن): "يؤدي إلى الحاكم عنه النجوم". (¬6) وقعت في (ن): "الجزية". (¬7) وقعت في (ن): "العين". (¬8) وقعت في (ن): "العين". (¬9) في (ن): "مال لا". (¬10) في (ق): "فيما فيه قررنا".

تمنع جواز عتقه والحالة هذه، وتقول: إذا منعه الحاكم من الأخذ لم يقدر على غير الفسخ الموجب لبقاء العبودية التي هي الآن مصلحة، [أما العتق] (¬1) حيث لا ضرر فلا، ولكن هذا لا نجد من كلام أكثر الأئمة مساعدًا عليه غير ما في حفظي (¬2) عن شيخ الإسلام عز الدين ابن عبد السلام من أن عتق العبد في زمن الغلاء المفرط إذا أدى إلى ضيعته لا يجوز، ولا أعرف للشيخ عز الدين سلفًا في ذلك إلا ما كان (¬3) [من] (¬4) هذا القيد الذي ذكره الغزالي هنا. - ومنها: إذا اتفق في ماله فرضان في (¬5) نصاب كالمائتين فيها أربع حقاق، وخمس بنات لبون وهما موجودان عند المالك، فالمذهب وجوب الأغبط للمساكين، وقال ابن سريج: لا يجب بل يستحب، قال: إلا أن يكون ولي يتيم فيراعي حظه. قلت: فعلى هذا يأخذ المتصرف للمساكين غير الأغبط، وهو خلاف مصلحتهم لمعارضة مصلحة يتيم معين، فكان وجوب التصرف بالمصلحة مقيدًا (¬6) بعدم المعارض. ¬

_ (¬1) تكررت في (ق). (¬2) المتكلم هو تاج الدين ابن السبكي وكان ينبغي على ابن الملقن وهو مصنِّف مكين أن ينوه في مثل هذا إلى القائل، ولكن ديدنه في هذا الكتاب أن يغفل اسم ابن السبكي ووالده مع أنه اعتمد في كتابه هذا على جُلِّ كتاب ابن السبكي وأيضًا على نقولات والده تقي الدين وتوجيهاته وترجيحاته، فللَّه الأمر من قبل ومن بعد. (¬3) كذا في (ق)، وفي (ن): "إلا أن ما كان". (¬4) من (ق). (¬5) في (ن): "من". (¬6) في (ن) و (ق): "يتقيد".

قاعدة ما لا يستحق بالشيء لا يستحق به ذلك الشيء

قاعدة " ما لا يستحق بالشيء لا يستحق به ذلك الشيء" (¬1). ذكرها القاضي حسين والرافعي وغيرهما في باب الشفعة، ومن ثم لو كان بعض الدار وقفًا فباع صاحب الطلق منها (¬2)، لم يكن للموقوف عليه الشفعة على الأصح، وإن قلنا: إن الموقوف عليه يملك الموقوف وأنه يقبل القسمة، ومن الأضحاب من علل المنع بأن الموقوف عليه لا يملك، وأن الوقف (¬3) لا يفرز بالقسمة عن الطلق، ولكن قضية إيراد الرافعي ترجتع العلة التي جعلناها قاعدة. ولما ذكر القاضي [أبو الطيب] (¬4) القاعدة وخرج عليها فرعًا في جارية نصفها قن، ونصفها أم ولد، نقله عنه بعض المتأخرين (¬5)، ومن فروع القاعدة أيضًا: - دار ثلثها لزيد، وثلثها لعمرو، [وثلثها] (¬6) وقف على خالد، فباع أحد المالكين نصيبه هل [يثبت] (¬7) للآخر الشفعة، قال بعض المتأخرين: ينبغي أن يقال: إن جوزنا قسمة الوقف عن الملك -وهو اختيار النووي- يثبت لانتفاء العلة ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 311). (¬2) أي: باع نصيبه. (¬3) في (ق): "الموقوف". (¬4) من (ن). (¬5) وهو الشيخ تقي الدين السبكي، ودائمًا ما يكني عنه ابن الملقن بـ "بعض المتأخرين"، وأحيانًا بـ: شيخنا. (¬6) من (س). (¬7) من (ق).

قاعدة كل ما لا يؤخذ في مقابلة الدين [إلا] بمعاوضة فلا تجوز الحوالة عليه

التي ذكرها القاضي، ولأنه ملك (¬1) وإن لم نجوزه -وهو المشهور- فلا شفعة لعدم توقع الضرر بالمقاسمة. قلت: وإن أثبتنا الشفعة فيحتمك أن تثبت له (¬2) الشفعة [في] (¬3) الثلث كله، ويحتمل أن تثبت في السدس، وقد نازع ابن الصباغ في صحة العلة، ونقضها (¬4) ابن الرفعة، فصاحب الجزء الكبير يأخذ بالشفعة دون صاحب الجزء الصغير [وبالعكس] (¬5). قاعدة قال الشيخ [أبو] (¬6) محمد فيما نقله عنه ولده في "النهاية": "كل ما لا يؤخذ في مقابلة الدين [إلا] (¬7) بمعاوضة فلا تجوز الحوالة عليه، وكل ما يؤخذ استيفاء من غير احتياج إلى الرضى تجوز الحوالة عليه إذا كان دينًا، وكل ما يجوز [استيفاؤه] (¬8) ولكن يشترط فيه الرضى ففي جواز الحوالة عليه خلاف والظاهر المنع" (¬9). ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "مالك". (¬2) في (ن) و (ق): "لنا". (¬3) من (س). (¬4) كذا في (س)، وفي (ن): "وخصها"، وفي (ق): "بعضها". (¬5) من (ق). (¬6) من (ن). (¬7) في (ن): "لا". (¬8) من (س). (¬9) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 312).

قاعدة الأحكام إنما هي من جهة الشرع، وليس منها شيء عقلي

وقال العراقيون: كل ما هو من ذوات الأمثال [يجوز إحالة الدين فيه على مثله، وما ليس من ذوات الأمثال] (¬1) إذا فرض دينًا (¬2) مع اتحاد الجنس، والنوع فهل تصح الحوالة؟ فيه وجهان. قاعدة اشتهر من قواعد أصول الفقه أن الأحكام إنما هي من جهة الشرع، وليس منها (¬3) شيء عقلي (¬4)، وأطلق [الإمام] (¬5) الشافعي أن النجش حرام، وقيَّد حرمة البيع على بيع أخيه بمعرفة الخبر (¬6) وهو النهي، فقال بعض الأصحاب: لأن (¬7) النجش خداع وحرمته معروفة بالعقل بخلاف البيع على البيع، وهذا غير صحيح لما تقرر في الأصول، ثم البيع على البيع فيه إضرار بالغير، وهو بالنسبة إلى التحريم العقلي كالخداع والتغرير. قلت (¬8): وهذا البحث للرافعي (¬9)، ونقل ........................... ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) في (ق): "دينان". (¬3) في (ق): "فيها". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 17). (¬5) من (ن). (¬6) كما في الحديث الذي أخرجه البخاري في "الصحيح" [كتاب البيوع -باب لا يبيع على بيع أخيه، ولا يسوم على سوم أخيه، حتى يأذن له أو يترك- حديث رقم (2139)]، ومسلم في "الصحيح" [كتاب النكاح -باب تحريم الخطبة على خطة أخيه حتى يأذن أو يترك- حديث رقم (1412)]. (¬7) فى (ن): "إن". (¬8) في (ن): "قاعدة". (¬9) في (ن): "هو للرافعي".

ما علمته (¬1) عن بعض الأصحاب عن كلهم قال: والوجه تخصيص العصيان بمن عرف التحريم بعموم أو خصوص، وهذا البحث الذي أشار إليه الرافعي وافق فيه نص [الإمام] (¬2) الشافعي؛ [فإنه نص في (¬3) "اختلاف الحديث" على أن الناجش] (¬4) إنما يعصي إذا كان عالمًا بالنهي، وقد نقل هذا النص أيضًا البيهقي في "سننه"، والمتولي في تتمته" وقال به القاضي أبو الطيب والحمد لله. وقد اختلف المذهب في أحكام التغرير، وضابطه: أن التغرير تارة يكون قوليًّا، وتارة يكون فعليًّا، وترتيب [آثاره] (¬5) بحسب قوته وضعفه، وبيانه بصور: - منها: تلقي الركبان يثبت الخيار قطعًا للخبر (¬6)، وهو ثابت حيث يتلقاهم (¬7) ويشتري بأرخص من سعر البلد [سواء أخبر بأنقص من سعر البلد] (¬8) أو لم يخبر، ولو كان الشراء بسعر البلد أو أكثر فالأصح: لا خيار للحكمة، ووجه مقابله الخبر والتلقي للبيع [هل يكون] (¬9) كالتلقي للشراء؟ فيه وجهان، وجه الإلحاق (¬10) ¬

_ (¬1) في (ق): "نقلته". (¬2) من (ن). (¬3) في (ق): "على". (¬4) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬5) من (ن). (¬6) الذي أخرجه البخاري في "الصحيح" [كتاب البيوع -باب النهي عن تلقي الركبان وأن بيعه مردود- حديث رقم (2162) و (2163) و (2158)]، ومسلم في "الصحيح" [كتاب البيوع -باب تحريم بيع الحاضر للبادي- حديث رقم (1520) و (1521)]. (¬7) في (ن): "تلقيناهم". (¬8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬9) في (ق): "هو". (¬10) أي الإلحاق بالتلقي.

نظرَا (¬1) إلى الحكمة (¬2). ولم يذكر الرافعي ولا النووي ولا ابن الرفعة الأصح من هذين الوجهين. - ومنها: النجش إذا كان بمواطأة (¬3) من البائع ففي ثبوت الخيار وجهان. قلت: أصحهما: لا لتفريطه (¬4) والله أعلم. - ومنها: إذا [قلنا] (¬5): كفارة الجماع تلاقي الزوجة، ويتحمل الزوج عنها، فلو قدم المسافر مفطرًا فأخبرته أنها مفطرة وكانت صائمة، قال العراقيون: تجب عليها الكفارة؛ لأنها (¬6) غرَّته وهو معذور، قال الرافعي: ويشبه أن تكون هذه جوابًا على قولنا: إن المجنون لا يتحمل، وإلا [فلا] (¬7)، فليس العذر هنا أوضح من العذر في المجنون، وما ذكره الرافعي، فيه نظر من حيث إن المرأة هنا منسوبة إلى التغرير، فهي ورَّطته في الفعل، بخلاف مسألة المجنون حيث قلنا: يتحمل عنها على الأضعفى، ولو فرض أنها مكَّنت المجنون من نفسها فهو نظير التغرير من وجه. - ومنها: التصرية وهي مثبتة للخيار قطعًا في النَّعم، وكذا المأكول (¬8) والجارية ¬

_ (¬1) وقعت في (ن) و (ق): "النظر". (¬2) والوجه الثاني لم يذكره ابن الملقن، وهو: أنه لا يلتحق، انظر: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 18). (¬3) في (ق): "مواطأة". (¬4) وهو قول ابن أبي هريرة، وقال الرافعي: هو أشبههما عند الأئمة، والثاني: يثبت، وهو اختيار أبي إسحاق. (¬5) كذا في (ق)، وفي (ن): "كان". (¬6) في (ق): "لا لأنها". (¬7) من (ق). (¬8) أي: الحيوان المأكول.

والأتان على الأصح، ثم هذا الخيار مستنده التغرير أو الغرور وجهان، صحح (¬1) الغزالي الأول، والبغوي الثاني، وعليه ينبني ما لو تحَفَّلت (¬2) بنفسها أو ترك المالك الحِلَابَ ناسيًا أو لشغل (¬3) عرض (¬4). قلت: وقطع "الحاوي الصغير" بمقالة الغزالي والله أعلم. - ومنها: [ما] (¬5) لو حبس ماء القناة أو الرحى ثم أرسله (¬6) عند البيع أو الإجارة. - وتحْمير الوجه، وتسويد الشعر وتجعيده يثبت الخيار. قلت: لو لطخ ثوبه تخييلًا لكتابته (¬7) في الأصح. - ومنها: لو غرَّ (¬8) غاصب (¬9) الطعام من أكله بأن (¬10) قدمه إلي ضيف فأكله (¬11) ¬

_ (¬1) في (ق): "رجح". (¬2) في (ن): "تحلفت"، وهو خطأ، يقال: حفل اللبن حَفلًا وحُفولًا اجتمع، وحفَّلت الشاة بالتثقيل: تركت حلبها حتى اجتمع اللبن في ضرعها فهي محفلة. "المصباح المنير" (ص: 88). (¬3) في (ن) و (ق): "اشتغل". (¬4) في (ق): "بمرض". (¬5) من (ن). (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "المرسل". (¬7) في (ن): "ككتابه". (¬8) في (ن) و (ق): "غير". (¬9) في (ن): "صاحب". (¬10) في (ن): "بأنه". (¬11) أي: فأكله الضيف.

جاهلًا، فالأظهر (¬1): أن القرار على الآكل؛ لأنه المتلِف، فإذا [هو] (¬2) غرَّهُ (¬3) لم يرجع على الغاصب، فلو قال له: هذا ملكي فأكله الضيف، ثم غرم المغصوب منه الغاصب، قال المزني (¬4): "يرجع الغاصب على المغرور"، وغلطوه؛ لأن قوله: "هذا ملكي" اعتراف بأنه مظلوم بما غرم، والمظلوم لا يرجع على غير الظالم، ولو قدمه لمالكه فالقولان، والأصح: براءة الغاصب، ورأى الإمام أن القول هنا بالبراءة أولى؛ لأن تصرف المالك في ضمن إتلافه يقتضي قطع علقة الضمان عن (¬5) الغاصب. قلت: والرافعي حكى عن الإمام أنه حكى [هذا] (¬6) عن الأصحاب فليُحَرَّر. - ومنها: لو قال الغاصب لمالك (¬7) المغصوب: أعتقه، فأعتقه جاهلًا نفذ العتق على الأصح؛ لأنه لا يبطل بالجهل، وعلى هذا يبرأ الغاصب على الأصح لعود مصلحة العتق إليه، وقيل: لا، فيطالب (¬8) بقيمته. ولو قال: أعتقه عني فأعتقه جاهلًا، ففي نفوذ العتق وجهان، فإن نفذ ففي وقوعه عن الغاصب وجهان، صحح في "التتمة" المنع، واقتصر على تصحيحه في "الروضة". ¬

_ (¬1) في (ن): "فالظاهر"، وفي (ك): "فالصحيح الجديد". (¬2) من (ن). (¬3) في (ن) و (ق): "غرم". (¬4) كذا في (ق) و (ك): وفي (ن): "المتولي". (¬5) في (ن) و (ق): "على". (¬6) وقع هذا في (ن) هكذا: "عن الإمام". (¬7) في (ن): "للمالك". (¬8) في (ن): "لا يطالب".

قاعدة تسمية الكلام في الأزل خطابا

ولو قال المالك للغاصب: أعتقه عني أو مطلقًا فأعتقه عتق، وبرئ الغاصب جزم به في "الروضة" تبعًا للرافعي، واعتُرِضَ (¬1)، فقيل: ينبغي تخريج صحة العتق على صحة بيع مال أبيه على ظن حياته فبان موته، ولا يمكن ترجيح هذا لتشوف الشارع إلى العتق؛ لأنا لا نعلم إلا أن الخلاف جارٍ في عتق عبد أبيه (¬2) والحالة هذه. قلت (¬3): قد أجراه الرافعي [فيه] (¬4) في باب نكاح المشركات، والنفوذ فيه قوي؛ لأنه يقبل التعليق بخلاف البيع. - ومنها: إذا غرَّ بإسلامه (¬5) منكوحة بالشرط، أو شرط نسب أو حرية في أحد الوجهين (¬6)، فالأظهر: صحة النكاح، والخلاف جارٍ في كل وصف شرط (¬7) ثم تبين خلافه ولا يتوقف على ما يؤثر في الكفاءة (¬8) على الأصح. قاعدة " تسمية الكلام في الأزل خطابًا فيه خلاف يضاهيه من الفقه تخاطب (¬9) المتعاقدين هل يشترط أن يخاطب أحدهما الآخر؟ " (¬10)، ذكروا فيه صورًا: ¬

_ (¬1) المعترض هو زين الدين بن المرحل كما في "الأشباه والنظائر" (ص: 19). (¬2) في (ق): "أخيه"، وفي (ن): "ابنه". (¬3) القائل هو: سراج الدين بن الملقن. (¬4) من (ن). (¬5) في (ق): "بإسلام". (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الزوجين". (¬7) سواء كان صفة كمال، كالجمال، أو نقص، كضده، أو لم يكن بنقص ولا كمال. (¬8) كذا في (ق)، وفي (ن): "الكتابة". (¬9) في (ق): "تخالف". (¬10) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 48).

- منها: لو قال: بعت من فلان -وهو غائب- فلما بلغه، [قال: ] (¬1) اشتريت، خرجه بعض أصحابنا على انعقاد البيع بالمكاتبة، والأصح الذي رجحه الرافعي في كتاب الطلاق: الصحة (¬2)، فإذا صح البيع بالمكاتبة (¬3) فالقول مع الغيبة أولى، وقال [الإمام] (4) أبو حنيفة: لا [ينعقد] (4). واعلم أن مسألة الكتابة ذكروها فيما إذا كان أحدهما غائبًا عن الآخر، فإذا كانا حاضرين، فقد قالوا: إن منعنا مع الغيبة فهنا أولى، وإن جوزنا فوجهان. وينبغي أن يكون الراجح المنع؛ لأن ذلك جُوِّز [حال] (4) الغيبة للضرورة، ولا ضرورة إذن. وشرطوا ثبوت المكتوب بأن كتب على القرطاس، أو على اللوح، أو [على] (¬4) الأرض، أو الحجر، أو الخشب، قالوا: فأما [ما] (¬5) لا يثبت فلا عبرة به كرسم الأحرف على الماء أو الهواء، وهذا فيه نظر، فإنا إذا جوزنا الكتابة [به] (¬6) مع الحضور (¬7) فالمراد ما يدل على الرضا، وقد حصل، لأن تجويز الكتابة إعراض عن اعتبار العرف حتى أبطلوا المعاطاة، فلا فرق بين ما يبقى وبين ما لا يبقى مع وجود الدلالة، وشرطوا في التبايع بالمكاتبة أن يقبل المشتري ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) كذلك الإماء الغزالي. (¬3) في (ن): "بالكتابة". (¬4) من (ن). (¬5) سقطت من (ن). (¬6) سقطت من (ن). (¬7) في هذا الموضع من (ق) جاء: "فوجهان، وينبغي أن يكون الراجح المنع لأن ذلك"، ويبدو أنه خلط من الناسخ.

لما (¬1) اطلع على الكتابة على الأصح؛ ليقترن القبول بالإيجاب بحسب الإمكان، وليكن هذا أيضًا في مسألتنا، وهو أنه إذا قال: بعت داري من فلان ينبغي أن يقبل عند بلوغه الخبر، وقالوا في المكتوب إليه: يدوم خيار المجلس ما دام في مجلس القبول، ويتمادى خيار المكاتب إلى أن ينقطع خيار المكتوب [إليه] (¬2)، وله أن يرجع عن الإيجاب قبله وليكن هذا [كله] (¬3)، جاريًا (¬4) في مسألتنا. قلت (¬5): من عقد النكاح بالمكاتبة فيه خلاف مرتب على البيع، وأولى بعدم الصحة؛ لأن الإشهاد شرط فيه، والكتابة كناية فلا (¬6) بد فيها من النية (¬7)، ولا اطلاع للشهود عليها، ولو قالا بعد الكتابة: نوينا، كان ذلك شهادة على الإقرار لا على نفس العقد والشهادة شرط في الانعقاد. - ومنها: إذا قال: أقِلْني، فقال عقبه مع [غيبة] (¬8) الملتمس [له] (¬9): أقلت نقل القاضي أبو منصور عن عمه ابن الصبَّاغ (¬10) أنه قال: لا تصح (¬11) الإقالة مع ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "كما". (¬2) من (ق). (¬3) من (ن). (¬4) في (ق): "جارٍ". (¬5) القائل: هو سراج الدين بن الملقن. (¬6) في (ق): "لا". (¬7) في (ن): "البينة". (¬8) من (ق). (¬9) من (ك). (¬10) كذا في (ق) و (ك)، وتحرفت في (ن): إلى "ابن الصلاح". (¬11) في (ك): "تصح".

غيبة المستقيل (¬1). - ومنها: لو قال المتوسط للبائع: بعت من فلان، فقال: نعم [أو بعت، وقال للمشتري، اشتريت من فلان، وقال: نعم] (¬2) أو: اشتريت (¬3)، فوجهان أحدهما: لا يقع، فإنه لم يخاطب أحدهما الآخر، والأصح عند البغوي: الصحة لوجود الصيغة والتراضي. قلت (¬4): وصرح الرافعي بتصحيحه (¬5) في النكاح، وأما العجلي (¬6) فقال: المذهب البطلان، وقال القاضي حسين: إنه ظاهر المذهب. - ومنها: إذا أوصى لعبد (¬7) أجنبي صح والوصية لسيده إن استدام الرف حتى لو قتل العبد الموصى [لم تبطل الوصية، وإن قتله السيد] (¬8)، فهي وصية لقاتل، ولا يتوقف قبول العبد على إذن سيده على الأصح، وهل يصح من السيد مباشرة القبول (¬9)؟ وجهان، أحدهما: نعم؛ لأن الاستحقاف له والفائدة إليه، وأصحهما: ¬

_ (¬1) في (ق): "الملتمس". (¬2) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬3) في (ق): "أو اشترى". (¬4) القائل: هو سراج الدين بن الملقن. (¬5) في (ق): "بترجيحه". (¬6) هو أسعد بن محمود بن خلف بن أحمد بن محمد، منتخب الدين أبو الفتوح العجلي الأصبهاني، كان فقيهًا مكثرًا من الرواية، زاهدًا ورعًا، وكان عليه المعتمد بأصبهان في الفتوى, ذا معرفة تامة بالمذهب، من تصانيفه: "التعليق على الوسيط والوجيز"، و"تتمة التتمة"، توفي سنة ستمائة (600 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 341 - رقم 325). (¬7) في (ق): "العبد". (¬8) من (ق). (¬9) في (ن) و (ق): "المقتول".

لا؛ لأن الخطاب لم يجر معه (¬1). - ومنها: لو وهب أجنبي من عبده (¬2)، فقيل: قبول السيد على (¬3) هذين الوجهين، وقال الإمام: "تبطل (¬4) لا محالة؛ لأن القبول فى الهبة كسائر العقود بخلاف الوصية"، وكذلك ينعقد منفصلًا عن الإيجاب وواقعًا بعد خروج الموجب عن أهلية الإيجاب، وصادرًا من وارث الموصى له مع أنه لم يخاطب. قلت (¬5): هذه المسائل والتي قبلها ليستا من هذه المادة، نعم منها وقوع الطلاق بالكتابة مع النية من غير أن يتلفظ به، والأصح وقوعه، ومسألة البيع بذلك مع (¬6) الغيبة مبنية عليها، وإذا (¬7) قلنا لا يقع فهنا أولى أن لا يصح، وإلا فوجهان. - ومنها: إذا كتب إليه بالوكالة فهو مبني على البيع إن شرطنا القبول في الوكالة فهنا أولى بالصحة وإلا فتصح قطعًا. - ومنها: إذا قال: بعت داري من فلان، بكذا فلما بلغه، قال: اشتريت، قال النووي: خرجه بعض الأصحاب على انعقاد البيع بالكتابة، لأن النطق أقوى (¬8) من الكتب. ¬

_ (¬1) كذا في (ق)، وفي (ن): "لم يجز بيعه". (¬2) وقعت في (ن): "عليه". (¬3) في (ن): "عن". (¬4) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "لا تبطل". (¬5) القائل: هو سراج الدين بن الملقن. (¬6) في (ن): "من". (¬7) في (ق): "وإن". (¬8) في (ق): "أولى".

فائدة: الأمور الخفية المتعلقة بالباطن دأب الشارع أن يضبطها بوصف ظاهر

- ومنها: إذا قال: بعني، فقال: [قد] (¬1) باعك الله، [أو قال: قلني فقال (¬2): قالك الله، فهو كناية، ويكون التقدير: قد أقالك الله] (¬3) لأني أقلت، ونحو ذلك، وأما النكاح فلا ينعقد بمثله لما تقدم. فائدة: الأمور الخفية المتعلقة بالباطن دَأَبَ الشارع أن يضبطها بوصف ظاهر، وبيانه بصور (¬4): - منها: أنه [إذا] (¬5) اعتبر في أكل (¬6) المال الرضا لقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} [النساء: 29] والمناط اللفظ، فلا بد من الإيجاب والقبول على المشهور من الأوجه الثلاثة، وفي انعقاد البيع من الهازل خلاف، وكذا النكاح ونحوه. - ومنها: التصديق الموجب للنجاة (¬7) من القتل لَمَّا تعذر الاطلاع [عليه] (¬8) ضبطه الشارع بالإتيان بالشهادتين حتى لو توفرت القرائن على مخالفة الباطن (¬9) لم يلتفت إليه، كما تتوفر في إسلام المرتد عند العرض على السيف وإسلام الحربي، وكذا إسلام الذمي في الأصح. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ن): "فقد". (¬3) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 69 - 70). (¬5) من (ن). (¬6) في (ن) و (ق): "كل". (¬7) في (ن): "للتجارة". (¬8) من (ن). (¬9) أي: مخالفة الباطن للظاهر.

قاعدة ما يتقدر بحد لا يبلغ الحد

- ومنها: العقل الذي هو مناط التكليف يختلف باختلاف الناس، بل يختلف فيه حال الرجل الواحد باعتبار الأوقات المختلفة، وأناطه الشارع بالبلوغ أو بالاحتلام. - ومنها: العدة والاستبراء أناطهما الشارع بالوطء، وأناطهما من الوطء بتغييب الحشفة، ولو حصلت البراءة يقينًا كما لو طلقها بعد تلك الإصابة بأربع سنين، أو علق طلاقها ببراءتها من الحمل ينعقد أيضًا. - ومنها: لو قال: إن شئت أو رضيت فأنت طالق، ففي المسألة وجهان؛ أحدهما: المناط التلفظ (¬1) لذ) سك، حتى لو قالت: شئت أو رضيت، وكانت كاذبة وقع، والثاني: أن الاعتماد على الباطن حتى لو كانت كاذبة لم يقع، [ولو رضيت] (¬2) ولم تتلفظ [به] (¬3)، وقع. قاعدة " ما يتقدر (¬4) بحد لا يبلغ الحد" (¬5) فيه صور: - منها: العرايا بما دون خمسة أوسق، وفي خمسة أوسق قولان. قلت (¬6): أصحهما: المنع. - ومنها: مدة الهدنة (¬7) تقدر بما دون السنة إذا كان الإمام ¬

_ (¬1) في (ن): "اللفظ". (¬2) في (ن): "أو لم يقل رضيت". (¬3) من (ك). (¬4) في (ق): "يبعد". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 86). (¬6) القائل: هو سراج الدين بن الملقن. (¬7) كذا في (ق)، وفي (ن): "الهبة".

فائدة: واختلف قول [الإمام] الشافعي في السلم على ثلاثة أقوال

مستظهرًا، وفي السنة وجه: أنه يجوز. - ومنها: المتعة (¬1)، هل هي بدل عن (¬2) الشطر (¬3) بدليل [دخولها و] (¬4) وجوبها في المفوضة عند عدمه، وعلى هذا يزيد عليه أو ينقص عنه أو يساويه، فيه وجوه. - ومنها: الحكومة لا بد أن تنقص عن الدية، والتعزير [ينقص] (¬5) عن [أدنى] (¬6) الحدود، والرضخ عن مقدار السهم. فائدة: واختلف قول [الإمام] (¬7) الشافعي في السلم على (¬8) ثلاثة أقوال، حكاها (¬9) في "البحر" (¬10): أحدها: أن أصله (¬11) الحلول، ثانيها: أن أصله التأجيل. ثالثها: أنهما أصلان. وربما ينبني على هذا الخلاف ما إذا أسلم ولم يذكر الأجل، وقد نص ¬

_ (¬1) في (ق): "المنفعة". (¬2) في (ن): "من". (¬3) في (ق): "عن شطر"، وفي (ن): "من المنتظر". (¬4) من (ن). (¬5) من (ق). (¬6) من (ن). (¬7) من (ن). (¬8) في (ق): "عن". (¬9) أي القاضي الروياني. (¬10) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 86 - 87). (¬11) أي: السلم.

[الإمام] (¬1) الشافعي على أنه [إذا] (¬2) أسلم حالًا يصرح بالحلول، وأنه إذا أطلق ولم يذكر الأجل ولا الحلول أنه يكون مجهولًا؛ لأنه لا يمكن حمله على التأجيل للجهالة، ولا على الحلول لاقتضاء العادة الأجل، ثم قال [الإمام] (1) الشافعي إذا أطلق وذكر (¬3) الأجل قبل التفرق جاز، ومن هنا خرج صاحب "التقريب": أن كل شرط فاسد يفسد البيع إذا حذف (¬4) في المجلس انقلب العقد صحيحًا، وجعل البيع فاسدًا محليًّا بالعقد الصحيح. وفي هذه المسألة بحث، وهو إن قلنا (¬5): الأصل في السلم الحلول أمكن أن يبطل العقد لتعارض (¬6) الأصل والظاهر. ويمكن أن يحمل على الصحة عملًا بالأصل، ويؤيده (¬7) جعل [الإمام] (1) الشافعي له محليًّا، ويعارضه قوله: إنه مجهول، ثم يتأيد [الأول] (1) بتصحيحنا الأجل (¬8) بعده. ويؤيده مسألة أخرى، وهو زيادة الثمن، والثمن [في المجلس] (¬9) في خيار الشرط، وهو أحد الوجهين وصححه الأكثرون. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) سقطت من (ن) و (ق). (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "ولم يذكر". (¬4) وقعت في (ن): "حدث". (¬5) في (ق): "قولنا". (¬6) كذا في (ق)، وفي (ن): "إن أمكن بأن يبطل العقد يتعارض". (¬7) في (ق): "ويرده". (¬8) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الأصل". (¬9) من (ق).

فائدة: في بيع مال الغير

فائدة: بائع مال الغير (¬1)، قال صاحب "التلخيص": إمام، أو حاكم، أو ولي، أو وصي، أو وكيل، أو مستحق ظفر بغير جنس حقه، أو المُهدي إذا عطب الهدي، وقلنا: يجوز بيعه، أو ملتقط يخاف (¬2) هلاك (¬3) اللقطة. قاعدة (¬4) " البيع المعلق على شرط باطل" (¬5). كما لو قال: بعتك إذا طلعت الشمس أو دخلت الدار. واستثني من ذلك ما لو قال: بعتك بألف إن شئت، ففيه وجهان رجح الرافعي: الصحة؛ لأنه لو لم يشأ لم يشتر. [- ومنها: لو قال: بعتك بألف إن قبلت] (¬6)، وربما رجحه القاضي أبو سعد في "الإشراف"، وذكر القاضي أبو منصور بن الصباغ عن عمه أبي نصر (¬7) [بن الصباغ] (¬8) أنه قال في "كامله": إن البيع لا يصح، وعليه (¬9) أنه لا يصح تعليق ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 372)، "قواعد الزركشي" (1/ 300). (¬2) في (ن) و (ق): "بخلاف". (¬3) في (ن): "هذه". (¬4) في (ق): "فائدة". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 94)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 783)، "قواعد الزركشي" (1/ 370). (¬6) استدراك من (ك). (¬7) وقعت في (ن): "عن محمد بن نصر"، وهو وهم من الناسخ، والصواب ما أثبت. (¬8) من (ن). (¬9) في (ق): "عكسه".

الإيجاب والقبول بلفظ الشرط، فصار كما لو قال: بعتك إذا دخلت الدار، فإنه لا يصح، وأما إذا وجب مطلقًا وقف على القبول؛ لأنه مما يتم [به] (¬1) العقد، فصار من ضرورته، وهذه العلة مصادرة على المسألة؛ لأن كون الإيجاب لا يصح [تعليقه على القبول هو أول المسألة، وتشبيهه بالتعليق على دخول الدار لا يصح] (¬2)، لأن ذلك أمر خارج عن البيع، وهذا تعليق على [ما] (¬3) هو من العقد ولا غرر، والذي أراه (¬4) إن أراد بقوله: قبلت إن شئت كما هو في لسان العامة، فهي الأولى، وإن أراد بالقبول أحد شقي العقد، فالقبول حقيقته هو ما يكون مرتبًا على الإيجاب، وهو قوله: قبلت، وأما: اشتريت، أو ابتعت فليس بقبول [بل] (¬5) هو قائم مقام القبول، وإذا علق الإيجاب (¬6) على القبول [فإنه يكون] (¬7) بيعًا على المذهب الصحيح، [وهو] (¬8) الذي لا يسوغ عقلًا خلافه، فكأن الإيجاب يجري على الوجه الآخر القائل بتأخير الجزاء بالزمان والمعلول عن العلة بالزمان، والإيجاب لا يكون متأخرًا ولا مساويًا، بل لا بد أن يكون متقدمًا، فبطل لهذا لا لما حكاه أبو منصور. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬3) من (ن). (¬4) الرائي: هو صدر الدين ابن الوكيل. (¬5) من (ن). (¬6) في (ق): "على الإيجاب". (¬7) في (ق): "كان". (¬8) من (ق).

قاعدة الإقالة فسخ أو بيع

قاعدة " الإقالة فسخ أو بيع" (¬1) فيه قولان: الجديد: الأول، إذ لو كانت (¬2) بيعًا صحت من غير البائع وبغير الثمن الأول، وتنقضه التولية حيث تتقيد بالثمن الأول وهي (¬3) بيع، نصَّ على ذلك في كتاب الرهن وعلى القولين مسائل: - منها: لو كان للكافر عبد مسلم وأمرناه ببيعه فباعه ثم تقايلا، فوجهان إن قلنا: الإقالة فسخ (¬4)، فهو كما لو رده بعيب، وإن قلنا: بيع لم يصح على الأظهر. - ومنها: ثبوت خيار المجلس والشرط فيها على الخلاف. -[ومنها: إذا كانت (¬5) بيعًا تجدد بها حق الشفعة، وإن كانت فسخًا فلا. -[ومنها: إذا تقايلا في الربويات، فإن كانت بيعًا وجب التقابض في المجلس، وإلا فلا. - ومنها: تجوز الإقالة قبل القبض إن كانت فسخًا، وإلا فلا] (¬6). - ومنها: لا تجوز الإقالة بعد تلف المبيع إن كانت بيعًا، وإن كانت فسخًا ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 113)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 252)، "القواعد" لابن رجب (3/ 309)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 369). (¬2) في (ق): "كان". (¬3) في (ق): "وهو". (¬4) وقعت في (ن): "فسخًا". (¬5) في (ن) و (ق): "كان". (¬6) ما بين المعقوفتين من (ن).

فوجهان، أصحهما: الجواز، ويرد المشتري مثل المبيع إن كان مثليًّا، وإلا فالقيمة. - ومنها: لو تقايلا والمبيع في يد المشتري بعد لم ينفذ تصرف البائع فيه؛ إن كانت (¬1) بيعًا وإلا نفذ، فإن تلفت في يده انفسخت الإقالة إن كانت بيعًا وبقي المبيع بحاله، وإن كانت فسخًا فعلى المشتري الضمان؛ لأنه مقبوض على حكم العوض (¬2) كالمأخوذ سومًا (¬3). - ومنها: إذا استعمله بعد الإقالة، فإن (¬4) كانت بيعًا فكالمبيع يستعمله البائع، وإن كانت فسخًا فعليه الأجرة. - ومنها: [لو عرف] (¬5) البائع بالمبيع عيبًا كان قد وجد في يد المشتري قبل الإقالة، فلا رد له إن كانت فسخًا [وإلا] (¬6) فله الرد، كذا قاله الرافعي، والقاضي حسين، وابن الصباغ عند الكلام في رد المبيع بالعيب جزم بأن له الرد، وحكاه عن القاضي أبي (¬7) الطيب، والعراقيون: على أنها فسخ، فيقتضي أن يكون [له] (¬8) الرد على القولين. ¬

_ (¬1) في (ق): "كان". (¬2) كذا في (ن) و (ق)، وفي (ك): "القرض". (¬3) في (ك): "شرعًا". (¬4) في (ق): "إن". (¬5) استدراك من (ك). (¬6) استدراك من (ك). (¬7) وقعت في (ن): "أبو". (¬8) سقطت من (ن) و (ق).

قاعدة كل عقد فيه عوض علق بصفة لا يقتضي إطلاق العقد تلك الصفة فسد بالتعليق

قاعدة " كل عقد فيه عوض علق بصفة لا يقتضي إطلاق العقد تلك الصفة فسد بالتعليق" (¬1) إلا [في] (¬2) مسألتين. الأولى (¬3): إذا قال: أنت حر غدًا على ألف فقبل (¬4) العبد. الثانية (¬5): العتق (¬6) الضمني إذا علقناه على غد مثلًا فوجد الغد عتق [العبد] (¬7)، وهل تجب قيمته أو المسمى؟ [فيه خلاف] (¬8)؛ إذ المعاوضة تابعة للعتق (¬9)، وبتقدير أن يكون العبد (¬10) في الضمني [آنفًا، فيه جوابان] (¬11) وقولنا إذًا: "لا يقتضي إطلاق العقد تلك الصفة" احترازًا عما (¬12) إذا قال: بعتك العبد على ألف (¬13) [إن] (¬14) شئت ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 121)، "قواعد الزركشي" (3/ 113). (¬2) من (ن). (¬3) في (ن): "الأول". (¬4) تكررت في (ق). (¬5) في (ن): "الثاني". (¬6) كذا في (ن) و (ق)، وفي (ك): "البيع". (¬7) من (ن). (¬8) استدراك من (ك). (¬9) في (ن): "للمعتق". (¬10) في (ن): "العقد". (¬11) في (ق): "إنما قيمة جوابًا". (¬12) في (ن) و (ق): "فيما". (¬13) وقعت في (ن) و (ق): "القران". (¬14) من (ن).

يصح؛ إذ لو [لم] (¬1) يشاء [لم] (¬2) يشتر (¬3)، وقيل: لا ينعقد البيع لتعلقه بالصفة، وكذلك الفسخ لا يعلق على صفة إلا إذا اقتضى إطلاقه إياها في صور: - منها: إذا ادعى أنه اشترى منه جارية، وأنكر المشتري وحلف، فيقول القاضي للمشتري: قل: إني (¬4) اشتريتها بألف، فقد فسخت ويقول البائع: قبلت الفسخ، نُصَّ عليه (¬5)، [ولم يضر هذا التعليق] (¬6)؛ لأنه لو لم يسبق الشراء (¬7) لم يتصور الفسخ، وهذا احتياط من القاضي، لتحِلَّ (¬8) الجاريةُ للبائع، وإن (¬9) لم يفعل (¬10) ذلك، فإن المشتري يبيع الوكيل الجارية، ويأخذ ما غرم [وحكى وجه آخر أنه يملكها ظاهرًا وباطنًا بناء على ما إذا ادعى على غيره] (¬11) أنك اشتريت [داري] (¬12)، فأنكر وحلف، وأبى أن يقول: إن كنت اشتريتها فقد بعتكها، فالبائع على قول: يبيع الدار ويأخذ ثمنها (¬13)، وعلى قول يملكها ويكون إنكاره كإفلاسه ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) سقطت من (ن). (¬3) تصحفت في (ن) إلى: "يسير". (¬4) في (ق): "إن". (¬5) أي نصَّ عليه الإمام الشافعي. (¬6) استدراك من (ك). (¬7) وقعت في (ن): "المشتري". (¬8) كذا في (ق)، وفي (ن): "فتحمل". (¬9) في (ق): "فإن". (¬10) أي: الموكل. (¬11) ما بين المعقوفتين سقط من (ن). (¬12) من (ن). (¬13) في (ن) و (ق): "منها".

قاعدة الفعل الواقع غالبا من شخصين قد يكون من شخص واحد

فهو (¬1) أحق بعين ماله، وقال أبو إسحاق: "لا يملك الجارية قطعًا"، وصححه الغزالي، لأن في الدار بتعذر الثمن يثبت الرجوع إلى البيع، وهو هنا لا مقابلة بين الوكيل والموكل. قال الغزالي: "فعلى هذا الوجه يمكن أن يقال: ظفر بغير جنس حقه فيأخذه [بحقه] (¬2) ويقطع بهذا القول هنا؛ لأن من له الحق لا يدعيه لنفسه [بخلاف ما إذا ظفر بغير جنس حقه من مال من يدعي المال لنفسه] (¬3)، وكذلك الإقرار لا يحتمل التعليق بالصفة، فلو قال له علي ألف إذا جاء رأس الشهر فوجهان. قاعدة " الفعل الواقع غالبًا من شخصين قد يكون من شخص واحد" (¬4) في صور: - منها: الأب، والجد (¬5) يبيع مال الطفل من نفسه وعكسه (¬6)، والأصح: أنه لا بد من الإيجاب والقبول، كما نقله الماوردي في كتاب الرهن عن الأكثرين. - ولو وكل البائع (¬7) أباه في بيع شيء هل له أن يشتريه من نفسه كالولاية (¬8) الشرعية إذا منعنا بيع الوكيل من نفسه، وهو الأصح، فيه خلاف حكاه الماوردي، ¬

_ (¬1) في (ن): "فمن". (¬2) من (ن). (¬3) ما بين المعقوفتين سقط من (ق). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 142 - 143). (¬5) في (ن): "والأب". (¬6) أي: ويبيع من الطفل مال نفسه. (¬7) في (ن): "في البيع". (¬8) في (ق): "للولاية".

واختار الروياني في "بحره": المنع. - ومنها: أنه هل يرهن من نفسه ويقبض؟ والأصح: أنه لا بد من تلفظه بالإيجاب والقبول، وقيل: يكفي أحدهما. - ومنها: هل يجوز للجدِّ تولي طرفي النكاح؟ فيه وجهان، رجح كلًّا منهما مرجِّح. قلت (¬1): والصحيح (¬2) في أصل "المنهاج": الصحة. - ومنها: إذا زوج [عبده] (¬3) الصغير أمة نفسه، حكى الرافعي فيه وجهين، والخلاف فيه مفرَّع على إجبار عبده الصغير. - ومنها: الوكيل لا يبيع من نفسه (¬4)، وهل هو للتهمة أو لخروجه بقرينة العرف؟ وجهان، إن قلنا بالأول، لم يقع ممن ترد شهادته، له وإن قلنا بالثاني، جاز مهما راعى الغبطة، ولو صرح [له] (¬5) بالإذن في بيعه من نفسه فوجهان (¬6)، قال الغزالي: القياس الظاهر صحته ووجه المنع: اتحاد البائع والمشتري، والبيع فعل شرعي متعد إلى مبتاع (¬7) ومبيع، فلا يقوم إلا بمفعولين، وهذا يصلح علة منع شراء العبد من نفسه كما منع اتحاد (¬8) العاقد من جهة البائع والمشتري، وقياس تعليل ¬

_ (¬1) القائل: هو سراج الدين بن الملقن. (¬2) في (ق): "والمصحح". (¬3) من (ن). (¬4) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "لنفسه". (¬5) من (ك). (¬6) في هذه العبارة حدث تقديم وتأخير في النسخة (ق) , والذي أثبتناه من (ن) موافق لسياق ابن الوكيل. (¬7) في (ن): "بائع". (¬8) في (ق): "الاتحاد".

الغزالي المنع، ورجحه غيره أيضًا؛ لأن الواجب على الوكيل رعاية الغبطة، ولا يؤمن على نفسه كما ليس له أن يحكم لنفسه، وعلى التعليلين ينبغي [أن نبين] (¬1) ما لو صرح له [البائع] (¬2) [بالبيع] (¬3) من نفسه بثمن معين، وقياس هذا التعليل الجواز. - ومنها: ابن العم هل يتولى طرفي النكاح؟ وكذا الوكيل، أجرى ابن سريج فيه خلافه (¬4). - ومنها: من عليه قطع السرقة لو أذن [له] (¬5) الإمام فيه، وأجرى في الجلد واستبعده الإمام لتهمته في الإيلام. - ومنها: الوكيل في الشراء من الجانبين. - ومنها: الوكيل في الخصومة. - ومنها: توكيله في قبضه دينه من نفسه وجهان، فلو وكله في الإبراء، وجهان، والأصح: الجواز تفريعًا على افتقاره إلى (¬6) القبول. - ومنها: العبد يصح أن يشتري نفسه من مولاه فيتحد المشتري والمبيع، وهل تغلب فيه شائبة البيع أو الشراء؟ وجهان. - ومنها: لو وكل عبدًا في شراء نفسه له من مولاه، الأصح: الصحة، ووجه ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) من (ن). (¬3) من (ق). (¬4) في (ق): "خلاف". (¬5) من (ن). (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن): "اقتصاره على"، وفي (ق): "اقتصاره إلى".

المنع: أن يده يد مولاه، وفي هذه اتحد العاقد والمعقود عليه. - ومنها: [لو] (¬1) وكل رجلًا في شراء عبد [عند] (¬2) ذلك الرجل (¬3)، فيه خلاف، وفي الصورة الأولى: إن صرح العبد بالسفارة وقع العقد (¬4) للموكل، وإن لم يصرح وقع عن (¬5) العبد وعتق؛ لأن قوله: "اشتريت" صريح في اقتضاء العتق فلا يتحول إلى الملك بمجرد النية، ولو وكل [العبد] (¬6) أجنبيًّا ليشتري (¬7) له نفسه من سيده، فإن صرح بالسفارة فكذلك وإن أضر وقع عنه؛ لأن السيد لم يرض بالعتق (¬8)، والنقل إلى العبد كالإعتاق (¬9). - ومنها: لو وكل رجلًا أن يشتري عبد ابنه الصغير لذلك الرجل ففعل الوكيل لم يجز؛ لأن غير الأب (¬10) لا يتولى طرفي العقد. وإن وكله في أن يبيع من الأب، والأب قابل صح، وإن وكل في بيع (¬11) مال ابنه الصغير، ووكل الأب في قبوله لابن آخر جاز، لأن العقد كان من اثنين. - ومنها: لو وكل الجاني في استيفاء القصاص من نفسه، فالأصح: المنع. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ق). (¬3) شراؤه من نفسه. (¬4) في (ن) و (ق): "العبد". (¬5) في (ن): "على". (¬6) من (ن). (¬7) في (ن) و (ق): "اشترى". (¬8) في (ن): "لم يأخذ بالعتق". (¬9) في (ن): "كالأعيان". (¬10) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الجد". (¬11) في (ق): "ببيع".

- ومنها: الأب والجد يقبضان من أنفسهما للولد (¬1)، وبالعكس والأظهر اشتراط النقل، والتحويل فيما يشترطان فيه في غير الأب والجد كشرط (¬2) إذا [باع] (¬3) ما يشترط فيه الكيل. - ومنها: لو دفع من عليه طعام إلى المستحق دراهم ثم قال (¬4): اشترها (¬5) مثل ما تستحقه لي واقبضه لي ثم لنفسك ففعل، صح البيع والشراء والقبض للموكل، والمذهب: أنه لا يصح قبضه لنفسه [للاتحاد، ولامتناع كونه وكيلًا لغيره في حق نفسه، وحكى المسعودي وجهًا أنه يصح قبضه لنفسه] (¬6)، وإنما الممتنع أن يقبض من نفسه لغيره. - ومنها: لو باع شقصًا للطفل الذي له التصرف (¬7) في ملكه وهو شريك، فالأصح أنه لا يأخذه لنفسه؛ للتهمة بخلاف الأب والجد. ولو وُكِّل (¬8) شخص في الخلع من الجانبين فهل يصح أن يتعاطى الشيئين بنفسه؟ فيه وجهان؛ أصحهما: المنع كسائر العقود وهما مرتبان على البيع والنكاح، وهذا أولى بالصحة؛ لأن الخلع يكفي فيه اللفظ من أحد الجانبين؛ لأنه ¬

_ (¬1) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "لأنفسهما وللولد". (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "يشترط". (¬3) من (ق). (¬4) في (ن) و (ق): "وقال". (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "اشتريتها"، ولعلها: "اشتر بها". (¬6) ما بين المعقوفتين استدراك من (ك). (¬7) وقعت في (ن): "اقتصرت". (¬8) في (ق): "توكل".

إن (¬1) قال: إن أعطيتني ألفًا فأنت طالق فأعطته وقع. وربما يقاس الجواز على بيع مال ولده من نفسه، وبه يندفع ما علل الغزالي [في] (¬2) المسألة السابقة (¬3)؛ لأنه [قد ينتقل] (¬4) البيع من شخص في الجملة، ولكن التحقيق أن يقال: الوكيل تجب عليه رعاية [الحظ و] (¬5) الغبطة ما أمكن، وهذا متناقض في الوكيل من الجانبين، بخلاف بيع مال ولده من نفسه؛ فإن (¬6) له ترك حظ نفسه ورعاية ولده، وما ذكر من وجه الأولوية (¬7) لا يتجه، [فإنه إن] (¬8) كفى (¬9) الفعل من أحد الجانبين فلا بد من شخص آخر يأتي بفعل أو قول، فلا نوجب الاكتفاء بالشخص الواحد، وقد ذكر الإمام قبيل باب الخلع في المرض أن والده (¬10) حكى أن القفال تردد جوابه فيما لو وكَّل رجلًا في استيفاء حق من زيد فوكله زيد في إيفائه (¬11) فانتصب وكيلًا عن المستوفي والموفى، قال: ولا يظهر للفساد هنا أثر، لكن لو فرض الاستيفاء ثم تلف (¬12) في يده ما قبضه، فإن جعلناه ¬

_ (¬1) في (ق): "لو". (¬2) من (ق). (¬3) في (ن): "الثانية". (¬4) كذا في (ك)، في (ن) و (ق): "عقد". (¬5) من (ق). (¬6) في (ق): "لأن". (¬7) في (ن): " أولوية". (¬8) في (ن): "فإن". (¬9) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "بقي". (¬10) في (ن) و (ق): "ولده". (¬11) في (ق): "بإيفائه". (¬12) كذا في (ق)، وفي (ن): "لم يكن".

قاعدة البيع إذا انعقد لم يتطرق إليه الفسخ إلا بأحد أسباب سبعة

[88 ق/ أ] وكيلًا بالاستيفاء فما تلف في يد وكيل صاحب الدين يكون عليه، وتبرأ ذمة من عليه الدين، وما يتلف في يد وكيل الموفى يكون من [ضمان من] (¬1) عليه الدين، فإذا كان وكيلًا (¬2) من الجانبين وفرض التلف في يده فهو في ضمان من؟ تردد جواب القفال في ذلك، فقال (¬3) الإمام: "والوجه أن يقال إن قصد القبض عن الوكيل بالاستيفاء، فلا شك أن ما يتلف في يده يكون من ضمان مستحق الحق، وإن [99 ن / أ] لم يقصد شيئًا فالمسألة محتملة مترددة قريبة من تقابل (¬4) الأصلين، وإن قصد القبض عن الموفي (¬5)، فليست المسألة خالية عن الاحتمال أيضًا، والعلم عند الله". قاعدة " البيع إذا انعقد لم يتطرق إليه الفسخ إلا بأحد أسباب سبعة" (¬6). كما نقله في "الروضة" من زوائده قبيل باب حكم [المبيع] (1) قبل القبض الخيارات الأربعة: المجلس والشرط والعيب والخُلف (¬7). كما لو شرط كونه كاتبًا فإذا هو غير كاتب، والإقالة والتحالف و (¬8) تلف ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "وكيله". (¬3) في (ق): "قال". (¬4) في (ق): "تقارب". (¬5) في (ن) و (ق): "الولي". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 152)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 252)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 554)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 331 - 332)، "قواعد الزركشي" (2/ 150). (¬7) أي خُلْف المشروط في المبيع، كأن يخلف البائع ما اشترطه المبتاع من أوصاف في المبيع. (¬8) وقعت في (ن): "من".

المبيع قبل القبض، وبقي عليه رجوع البائع عند إفلاس المشتري، وقد يلحقه بالعيب، وبقي أيضًا تعذر إمضاء البيع كما في اختلاط الثمار، وبيع الصبرة بالصبرة المخالفة لها مكايلة على الخلاف فيهما، ولا يَردُ التصرية (¬1)، فإنها تلحق عند (¬2) الأكثرين بالعيب، وعند بعضهم بالخُلف [و] (¬3) كذا الخيار الحاصل بسبب الاختيار (¬4) في المرابحة، فإنه راجع إلى العيب؛ لأنه كالعيب [في المبيع، ويدخل في خيار [العيب] (¬5) خيار تفريق الصفقة وفي الخلف خيار الامتناع] (¬6) من العتق المشروط (¬7) وترد أيضًا مسائل: ¬

_ (¬1) في (ن): "الصبرة". (¬2) في (ق): "عن". (¬3) من (ق). (¬4) في (ن): "الإجبار". (¬5) من (س). (¬6) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬7) وزاد السيوطي في "الأشباه" (2/ 554 - 555): " ... وتعذر قبض المبيع لغصب ونحوه، وتعذر قبض الثمن؛ لغيبة مال المشتري إلى مسافة القصر وظهور الزيادة في الثمن في المرابحة، وظهور الأحجار المدفونة في الأرض المبيعة إذا ضرَّ القلعُ والترك، أو القلع فقط ولم يترك البائع الأحجار، واختلاط الثمرة والمبيع قبل القبض بغيره إن لم يسمح البائع، وتعييب الثمرة بترك البائع السقي، والتنازع في السقى إذا ضر الثمرة وضرَّ تركه الشجرة، وتعذر الفداء بعد بيع الجاني، والخيار في الأخير لأجنبي لا للبائع ولا للمشتري .. ". ثم قال السيوطي: "فهذه نحو ثلاثين سببًا، وكلها يباشرها العاقد دون الحاكم إلا فسخ التخالف، ففى وجه: إنما يباشره الحاكم والأصح: لا يتعين، بل هو أو أحدهما. وكلها تحري فسخ، ولا ينفسخ شيء منها بنفسه إلا التخالف في وجه واختلاط المبيع قبل القبض على قول. وكلها تحتاج إلى لفظ إلا الفسخ في خيار المجلس والشرط، فيحصل بوطء البائع وإعتاقه، =

قاعدة البيع ونحوه كالإجارة والكتابة يشترط فيه الرؤية فلا يصح من الأعمى

- منها: إذا اشترى غائبًا رآه قبل العقد وهو مما لا يتغير فوجده متغيرًا، فالمذهب: أن العقد صحيح، وله الخيار، وقد يجاب بأنه راجع إلى الخلف. قال الإمام وليس المراد بتغيره حدوث عيب؛ فإن خيار العيب لا يختص بهذه الصورة، بل الرؤية بمنزلة الشرط في الصفات الكائنة عند الرؤية، وكلما فات منها فهو كتبين الخلف في الشرط. - ومنها: إذا أجبر المشتري على تسليم الثمن، وكان غائبًا فوق مسافة القصر، فالصحيح أن البائع (¬1) يفسخ البيع لتعذر تحصيل الثمن. - ومنها (¬2): الخيار الثابت في بيع الغائب عند رؤيته على القول بصحته. قاعدة " البيع ونحوه كالإجارة والكتابة يشترط (¬3) فيه الرؤية فلا [88 ق / ب] يصح من الأعمى" (¬4) إلا في ثلاث صور: - إجارة نفسه لا يمكنه تحصيله كالتعليم، ومثله اعتمادًا على وصفه ويوكل (¬5) فيه. ¬

_ = وكذا ببيعه وإجارته، وتزويجه، ورهنه وهبته، في الأصح، وإلا الفسخ بالفلس، فيحصل بهذه الأمور في رأي". (¬1) في (ق): "البالغ". (¬2) في (ن) و (ق): "ومن". (¬3) في (ن): "فيشترط". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 227 - 228)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 488)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 307). (¬5) في (ق): "ولو وكل".

قاعدة إشارة الناطق كعبارته

- وكتابة نفسه إذا كان عبدًا، فلا يجوز أن يكون السيد المكاتب أعمى [وسَلَمُه اعتمادًا على وصفه، ويوكل فيه] (¬1)، وزيد رابعة: - شراؤه نفسه، وقد ذكرت في شرح "التنبيه" في باب الآنية أن الأعمى يخالف البصير في نحو أربعين مسألة (¬2) [99 ن /ب] وفاقًا وخلافًا فراجعها منه، فإنه من المهمات. قاعدة " إشارة الناطق كعبارته" (¬3)، في مسائل: - منها: الأمان فلو أشار مسلم إلى كافر فانحاز من صف الكفار إلى صف المسلمين، وقالا: أردنا بالإشارة الأمان كان أمانًا. - ومنها: صحة بيعه بلا شك، قالوا (¬4): لأن المقصود معرفة الرضا، وهو حاصل بالإشارة. قلت: وفي هذا نظر ولو قال: إن شاء زيد فأنت طالق وأشار بالرضا، والمذهب: أنه لا يقع خلافًا لصاحب "التتمة". فائدة: تصرفات الهازل (¬5): ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين استدراك من (ك). (¬2) وفي "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 488): "قال أبو حامد في "الرونق": يفارق الأعمى البصير في سبع مسائل" ثم ذكر هو جملة أشياء أخرى مما يخالف فيه الأعمى البصير. (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 208)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 586)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 337)، "قواعد الزركشي" (1/ 164). (¬4) في (ن) و (ق): "قال". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 201).

قاعدة النادر هل يلحق بجنسه أو بنفسه؟

منها بيعه وعقوده، والأصح صحتها، وربما مال بعضهم في النكاح إلى ترجيح عدم الانعقاد [احتياطًا] (¬1). - ومنها: طلاقه وعتقه يقعان (¬2) جزمًا. - ومنها: سائر تصرفاته غير ما ذكرنا، والأصح: النفوذ. قاعدة " النادر هل يلحق بجنسه أو بنفسه؟ " (¬3) فيه خلاف. وقد يعبر عن هذه القاعدة بأنه لا أثر للنادر، وقد يكون له أثر فى صور: - منها: الفُلوس (¬4) إذا راجت رواج النقدين، هل يعطى لها حكم النقدين في جريان الربا فيها؟ [فيه] (1) وجهان؛ أصحهما: لا، اعتبارًا بالغالب (¬5) والثاني: نعم [لأن] (¬6) العلة جوهرية الأثمان في النقدين، وهي موجودة فيها، وعلى (¬7) طريق الجمهور تكون العلة [لا] (¬8) جوهرية الأثمان غالبًا. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) وقعت في (ن): "يتعلق". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 213)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 385)، "قواعد الزركشي" (3/ 246)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 145). (¬4) والفُلُوس: جمع فَلْس، وهو الذي يتعامل به، ويجمع على أفلس "المصباح" (ص: 286). (¬5) كذا في (ق)، وفي (ن): "الاعتبار بالغالب". (¬6) سقط من (ن). (¬7) في (ن) و (ق): "وهي". (¬8) من (ك).

فائدة: إذا ارتفع العقد فهل يرتفع من أصله، وقد يرتفع من حينه

- ومنها: قد علم (¬1) أن ما ليس بمقدر كالبطيخ [ونحوه] (¬2) إذا لم يكن [له] (¬3) حالة جفاف هل يجوز بيعه في حالة الرطوبة؟ فيه خلاف، فإن جفف نادرًا فهل يجوز بيع بعضه ببعض [وزنًا] (3)؟ وجهان مرتبان على حالة الرطوبة، وأولى بالجواز، قاله حجة الإسلام [الغزالي] (3) في "وسيطه". - ومنها: الغالب من عادة المتبايعين عدم طول مدة الاجتماع، فإذا لم يتفرقا وطالت (¬4) مدتهما فهل يعطي [لها] (3) حكم الغالب؟ فائدة: "إذا ارتفع العقد فهل يرتفع من أصله، وقد يرتفع من حينه" (¬5) وفيه مسائل: الأولى: الرد بالعيب والتصرية، فيه وجهان، أصحهما: أنه من حينه، ولم تظهر فائدة الخلاف أصلًا كما في الزوائد ووطء الثيب حيث لا يمنع الرد، لكن الصحيح أنه لو كان رأس المال في السلم في الذمة [100 ن / أ] وعيّنه في [89 ق/ أ] المجلس أن له الرجوع إلى عينه إذا انفسخ السلم، وجعل الغزالي أن هذا الخلاف يلتفت إلى (¬6) أن المسلم (¬7) فيه إذا رُدَّ بالعيب هل يكون نقضًا للملك في الحال، أو ¬

_ (¬1) في (ن): "يعلم". (¬2) من (ق). (¬3) من (ن). (¬4) في (ق): "وخالف". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 286)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 559 - 590)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 330 - 331)، "قواعد الزركشي" (3/ 49). (¬6) في (ن): "على". (¬7) في (ق): "التسليم".

هو يعتبر (¬1) لعدم جريان الملك فيه [إدخال الوصف المستحق هذا تتمة كلام الغزالي في "الوسيط"] (¬2) وأخذ ابن الرفعة في الجواب عن (¬3) هذا السؤال مع عدم تعرضه إلى هذه المسألة (¬4) بأن من يقول بأنه يرتفع العقد من أصله [وإن أطلقه يريد به ما ذكره الغزالي في كتاب الصداق عند الكلام في الزيادة المتصلة من أن الرد بالعيب يرفع العقد من أصله] (¬5) بالإضافة إلى حينه، قال ابن الرفعة: وبهذا ينقطع السؤال، فهذا الجواب لا يظهر مع [أن] (¬6) قول الغزالي في غاية الإشكال، ولا ينبغي أن يجري على ظاهره بل ينبغي بتعسف بأن مراده رفع لأصل العقد (¬7)، وأما فسخ المبيع بالعيب أو التصرية ففيه ثلاثة أوجه: أصحها: من حينه، وثالثها: إن كان قبل القبض فمن أصله، وذكر الغزالي في كتاب الصداق: أن فسخ البيع بعيب من أصله وليس بمستقيم، وأما ما قبض عما في الذمة كالمسلم فيه أو بنجوم الكتابة أو بدل الخلع، فوجد به عيبًا ففسخ، والأصح: أنه رفع من أصله، ويتبين أنه لا ملك، ويسترد بدله سليمًا، ويرتد (¬8) العتق في الكتابة لذلك، بخلاف الخلع على عين (¬9) .................... ¬

_ (¬1) كذا في (ق)، وفي (ن): "مبين". (¬2) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬3) في (ق): "في". (¬4) وقعت في (ن) و (ق): "النسبة". (¬5) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬6) من (ك). (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "رفع الأصل في العقد". (¬8) في (ن): "ويرد". (¬9) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "غير".

معينة (¬1) فإذا وجد بها عيبًا ورد [ها] (¬2) لم يرتد (¬3) الطلاق، لأنه (¬4) كالبيع لنفسه فيرتفع من حينه، فلا يمكن القول بأن الطلاق يتبين أنه [لم] (¬5) يقع، ويرجع إلى بدل البضع وهو مهر المثل في الأظهر، وأما الفسخ الحاصل قبل القبض ففيه وجهان، الأصح: أنه من حينه، وقد ظهرت فائدته في مسائل: الأولى: وطء المشتري قبل القبض، جزموا بأنه لا يمنع، ولكن إذا تلفت بعد الوطء وقبل القبض فهل يلزمه المهر (¬6)، فيه وجهان، بنوهما (¬7) على أن العقد إذا انفسخ بتلف المبيع قبل القبض يفسخ من حينه أو من أصله؟ وفيه وجهان، أصحهما: أولهما. الثانية: إذا كانت بكرًا فافتضها المشتري والحالة ما ذكر مع تلفها فعليه بقدر (¬8) النقصان من الثمن، وهل عليه مهر مثل بنت (¬9) إن افتضها بآلة الافتضاض؟ على الخلاف. الثالثة: الزيادة المنفصلة في المبيع كأجرته وولده وثمرته [100 ن/ ب] ومهر ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "معين". (¬2) سقطت من (ن) و (ق). (¬3) وقعت في (ن): "يزيد". (¬4) في (ن) و (ق): "كأنه". (¬5) سقطت من (ن). (¬6) أي فهل يلزم المشتري المهر المسمى للبائع؟ . (¬7) كذا في (ق)، وفي (ن): "أشهرهما". (¬8) في (ق): "تعذر". (¬9) في (ك): "ثيب"، وفي (ن): "يثبت".

الجارية الموطوءة بشبهة، وكسب (¬1) العبد (¬2) إذا فسخت (¬3) قبل القبض فهي للمشتري أو للبائع؟ يبنى على الخلاف، والأصح: أنها للمشتري. الرابعة: الفسخ في النكاح بعيب كالفسخ في البيع، وجاء (¬4) الخلاف في كتاب الصداق أيضًا، وأما الإقالة فهي (¬5) فسخ على الصحيح، وهل ذلك من [89 ق/ ب] حينه؟ فيه الخلاف، حكاه الرافعي في باب حكم المبيع قبل القبض، والصحيح: أنه من حينه. الخامسة (¬6): إذا انفسخ العقد بالتحالف عند الاختلاف [ففيه وجهان] (¬7)، والأصح أنه من حينه، وحكي الثاني (¬8) عن أبي (¬9) بكر الفارسي، ولم يجر في نفوذ التصرفات لكنه جار في صور: الأولى: إذا كان المبيع تالفًا فعليه قيمته، وأما المعتبر في قدرها ففيه أوجه، وقال الشيخ أبو علي: إن قلنا (¬10): ينفسخ من أصله، فالواجب أقصى القيمة (¬11)، وإن قلنا: من حينه، فالواجب قيمته يوم التلف. ¬

_ (¬1) وقعت في (ن): "وليست". (¬2) في (ن): "الجارية". (¬3) في (ق): "فسخ". (¬4) في (ق): "وحكي". (¬5) وقعت في (ن): "فمن". (¬6) في (ن): "المسألة الثانية". (¬7) من (ك). (¬8) وهو: أنه يرتفع العقد من أصله. (¬9) وقعت في (ن): "ابن". (¬10) في (ق): "إن قلنا به". (¬11) فى (ق): "القيم".

الثانية: لو كان المشتري قد وهب المبيع أو وقفه أو أعتقه أو باعه وأقبض، فالمذهب إمضاؤها وعليه قيمتها، وعن أبي بكر الفارسي: أنه يبين فسادها ويردُّ العين. الثالثة: لو كان المبيع جارية وقد زوجها (¬1)، فعلى رأي الجمهور عليه ما بين قيمتها متزوجة وخلية، وعلى رأي الفارسي أنه يبطل النكاح [أيضًا] (¬2). الرابعة: لو كان المبيع جارية ووطئها (¬3)، فإن كانت ثيبًا جزموا بأنه لا شيء عليه، وفيه الوجهان في الوطء قبل [القبض] (2) ينبغي أن يأتيا (¬4) هنا من حيث إن المأخذ واحد، وهو هذا الأصل. المسألة الثالثة: الفسخ بخيار المجلس والشرط من أصله، ومسائل الزوائد والتصرفات مبنية على أصل آخر، وهو أن الملك في زمن الخيار يلزمها (¬5)، ويحسن أن يكون هنا خلاف فيبنى (¬6) عليه، وفي كتاب الشهادات في الشرط السادس: رفع التهمة عن الهروي أنه لو شهد المشتري للبائع بالملك بعد الفسخ بخيار المجلس والشرط هل [تقبل] (¬7)؟ ينبني على أنه يرفع العقد من حينه أو من أصله؟ لأنه إن (¬8) كان من حينه (¬9) فيحصل لنفسه الزوائد والفوائد، وفي كتاب الشافعة في الركن ¬

_ (¬1) كذا في (ق)، وفي (ن): "تزوجها". (¬2) من (ن). (¬3) أي: قبل التحالف. (¬4) كذا في (ك)، وفي (ن): "أنما بينا"، وفي (ق): "أنما يبنى". (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "لهما". (¬6) في (ن) و (ق): "مبني". (¬7) سقطت من (ن). (¬8) في (ن): "إذا". (¬9) أي: لم تقبل.

الثالث فيما لو باع أحد الشريكين نصيبه بشرط الخيار ثم باع الثاني [101 ن / أ] نصيبه في زمن [الخيار] (¬1) بيع بتات، فالشفعة في البيع ثانيًا (¬2) [موقوفة] (¬3) إن قلنا: الملك في زمن الخيار موقوف وهي للمشتري إن قلنا: الملك له، وعلى هذا قال المتولي: إن فسخ البيع قبل العلم بالشفعة بطلت شفعته إن قلنا: الفسخ بخيار الشرط يرفع (¬4) العقد من أصله، [أو] (¬5) إن قلنا: من حينه، فهو كما لو باع ملكه قبل الأخذ بالشفعة فإن أخذه بالشفعة ثم فسخ البيع، فالحكم في الشفعة في الزوائد الحادثة [كما] (3) في زمن الخيار. المسألة الرابعة: فسخ البائع لفلس المشتري بالثمن من حينه (¬6) للضرورة إلى وصوله إلى حقه، والزوائد وإن كانت متصلة من كل وجه كالسمن وتعلم الحرفة وكبر [90 ق / أ] الشجرة فلا عبرة بها، وتسلم له ولا يلزمه بسببها (¬7) شيء، وهذه قاعدة مطردة في جميع الأبواب: أن كل من رجع بالأصل رجع بها، وإنما شذ من ذلك رجوعه إلى نصف الصداق بالطلاق قبل الدخول؛ حيث لا يرجع في الزوائد (¬8) إلا برضاها، وفرقوا بفرقين (¬9): ¬

_ (¬1) استدراك من (ك). (¬2) في (ن): "ثابتة". (¬3) من (ك). (¬4) وقعت في (ن) و (ق): "ويقع". (¬5) سقطت من (ن) و (ق). (¬6) أي: يرفع العقد من حينه. (¬7) كذا في (ق)، وفي (ن): "تسلم". (¬8) في (ق): "الزائد". (¬9) في (ن): "الفرقين".

أحدهما: ما ارتضاه الأكثرون أن الملك في هذه المسائل يرجع إلى الفسخ، والفسخ إنما يرفع العقد من أصله أو من حينه، فإن (¬1) كان الأول فكأنه لا عقد، والزيادة على ملك الأول، وإن كان الثاني فالفسوخ محمولة على العقود ومشبهة (¬2) بها، والزيادة تتبع الأصل في العقود وكذا في الفسوخ، وعود الملك في الشطر بالطلاق ليس على سبيل الفسوخ، وكذلك لو أسلم العبد الصداق من كسبه ثم عتق وطلق قبل الدخول يكون الشطر له لا (¬3) للسيد، ولو كان (¬4) سبيله سبيل الفسوخ لعاد إلى الذي خرج عن ملكه، وإنما هو ابتداء عطية يثبت فيما فرض صداقًا لها، قال الله تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البَقَرَة: الآية 237]، وليست هذه الزيادة فيما فرض فلا يعود إليه شيء منها. والفرق الثاني: قاله ابن سريج وأبو إسحاق المروزي أنه لو لم يرجع البائع لضارب مع الغرماء فيتضرر، [وههنا] (¬5) في الصداق لا ضرر على الزوج إذا أخذ نصف قيمة المهر، وعلى هذا لو كانت الزوجة مفلسة ترجع بنصف الصداق زائدًا، والجمهور قالوا: إن لم يحجر عليها بالفلس حين الطلاق فله [101 ن/ ب] قيمة النصف وإن كان محجورًا عليها، فلا يرجع في نصف الصداق إلا برضاها ورضا الغرماء، وفرق الماوردي بفرق ثالث وهو أنه لو عاد للزمه النصف زائدًا، فكان متهمًا (¬6) أن ¬

_ (¬1) في (ق): "إن". (¬2) في (ن) و (ق): "وشبه". (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "أولا". (¬4) في (ن): "وكان". (¬5) استدراك من (ك). (¬6) في (ن) و (ق): "منها".

يطلقها لأجل الزيادة بخلاف البائع (¬1)، ويتأيد هذا بأن الزوج إذا فسخ النكاح بعيبها بعد الوطء أن المسمى يسقط في الصحيح، ويجب مهر المثل، لكن هذا الذي قالاه (¬2) فيما سلف مخالف لقاعدة الفسخ بالعيب، فإن المذهب المشهور أنه رفغ من حينه لا من أصله، والإمام قال: لأن الفسخ بالعيب وبالفلس يستند إلى سبب من أصل العقد، بخلاف الطلاق، فإنه تصرف في النكاح وقاطع نحكمه (¬3)، وبيان (¬4) ما ذكره في الفسخ أن العقد يقتضي أن لا يسلم أحد العوضين حتى يسلم له الآخر، فإذا تعذر الثمن وجب الرجوع في البيع لاقتضاء العقد ذلك، وكذلك العقد يقتضي السلامة في البيع عرفًا [90 ق/ ب] وكأن السلامة مشروطة في العقد، فأسند الفسخ (¬5) إلى أصل العقد بخلاف الطلاق. هذا حكم الزيادة المتصلة، أما المنفصلة كثمرة الشجرة والولد واللبن يرجع إلى الأصل دون الزيادة، نعم لو كان الولد صغيرًا، ففيه وجهان (¬6): أحدهما: أنه يبذل قيمة الولد ليأخذه (¬7) مع الأم (¬8)، وإلا ضارب بالثمن وبطل ¬

_ (¬1) في هذا الموضع قال صدر الدين بن الوكيل: "والفرق الرابع: قاله الغزالي والماوردي: أن الفسخ رفع العقد من أصله بخلاف الطلاق؛ فإنه تصرف فيما ملكه بالنكاح كالعتق"، "الأشباه والنظائر" (ص: 289). (¬2) يعني: الغزالي والماوردي، ووقعت في (ن): "قاله". (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "وقاطعة نخلة". (¬4) في (ن) و (ق): "وبان". (¬5) كذا في (ك)، ش في (ن): "فأشار الشيخ"، وفي (ق): "فأشار الفسخ". (¬6) في (ن): "القولان". (¬7) في (ن) و (ق): "ليأخذ". (¬8) في (ق): "الإمام".

حقه في (¬1) الرجوع لامتناع التفريق، والأصح [أنه] (¬2) إن (¬3) بذل قيمته فذاك وإلا بِيْعا معًا، وصُرف ما يخص الأم إلى البائع، وقد يحتمل التفريق في بعض المواضع، ولا يحتاج إلى الاحتيال في دفعه، والفرق أن مال المفلس كله مدفوع إلى الغرماء، فلا وجه لاحتمال التفريق مع إمكان المحافظة على جانب التراجع وكون ملك المفلس مزالًا. المسألة الخامسة: رجوع الوالد فيما وهب لولده رفع للهبة (¬4) من حينه وفروعها ظاهرة المسألة السادسة: إذا قلنا يصح قبول العبد الهبة لسيده بغير إذنه، وقلنا: للسيد الرد، فهل يكون الرد قاطعًا للملك من حينه أو من أصله؟ فيه وجهان ذكرهما صاحب "التلخيص"، ويظهر أثر ذلك في وجوب الفطرة عند هلال شوال، ووجوب [102 ن/ أ] استبراء (¬5) الجارية الموهوبة (¬6) ذكره في "البسيط". المسألة السابعة: الفسخ بتلف المبيع قبل القبض هو رفع للعقد من حينه أو من أصله؟ فيه وجهان: أصحهما: أولهما (¬7)، لكن يقدر الانفساخ قبيله؛ ليكون على ملك البائع، [لتكون] (¬8) مؤنة (¬9) التجهيز عليه لو كان المبيع عبدًا واحتاجوا ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "من". (¬2) من (ق). (¬3) في (ن): "إذا". (¬4) وقعت في (ن): "للتهمة". (¬5) وقعت في (ن): "اشتراط". (¬6) في (ن): "المرهونة". (¬7) وهو قول ابن سريج وابن الحداد. (¬8) من (ق). (¬9) في (ن): "ثبوته".

إلى هذا التقدير؛ لأن التالف خرج عن كونه مملوكًا فلا يقبل الفسخ فيه، كما [لا] (¬1) يقبل [العقد] (¬2) على أنهم (¬3) خالفوا ذلك في فسخ العقد في التحالف والإقالة بعد تلف المبيع. المسألة الثمامنة: الشجرة التي تثمر في السنة مرتين يجوز رهن ثمرتها الحاصلة بالدين الحال والمؤجل الذي يحل قبل خروج الثمرة الثانية؛ فإن كان لا يحل إلا بعد خروجها واختلاطها بالأولى اختلاطًا [لا] (¬4) يمكن التمييز فيه، فإن رهن الأولى بشرط أن لا تقطع عند خروج (¬5) الثانية، لم يصح، وإن شرط قطعها صح، وإن أطلق فقولان، قال الماوردي: المذهب البطلان، لأن مطلق الرهن يوجب تركها إلى حلول الأجل، والرهن بهذا الشرط باطل، فلو رهن بشرط قطعها فلم يقطع حتى حدثت الأخرى واختلطت بالأولى، فإن كان قبل القبض انفسخ (¬6) الرهن، وإن كان بعده فقولان كما فىِ نظيره من اختلاط [91 ق/ أ] الثمرة المبيعة قبل القبض، والرهن بعد القبض كالبيع قبل القبض (¬7)، وإن قلنا: يبطل الرهن، ففيه وجهان حكاهما الماوردي: البطلان حين الاختلاط كتلف ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) من (ق). (¬3) وقعت في (ن) و (ق): "أنهما". (¬4) من (ق). (¬5) وقعت في (ن): "خروجها". (¬6) في (ن): "لم ينفسخ". (¬7) لأن المرتهن إنما يتوثق بعد القبض، كالمبيع محبوس عند البائع بالثمن؛ ولأن المرهون إذا تلف بعد القبض ينفسخ الرهن كما ينفسخ بتلف المبيع قبل القبض اهـ. "الأشباه" لابن الوكيل (ص: 291).

الرهن فيكون رفعًا للعقد من حينه، فعلى هذا لا خيار للمرتهن في فسخ البيع الذي شرط هذا الرهن فيه. والثاني: أنه باطل من أصل العقد، ويكون حدوث الاختلاط [دالًا] (¬1) على الجهالة [به حين] (¬2) العقد، فعلى هذا إن كان مشروطًا في بيع، ففي بطلان البيع قولان، أحدهما: لا وللبائع الخيار بين الفسخ والإمضاء، إذا عرفت ذلك فههنا فروع تشبه ما سبق: - منها: لو رهن العبد الجاني جناية تعلق القصاص به ثم عفى المستحق على مال، ففي تبين بطلان الرهن [من] (¬3) أصله وجهان حكاهما الغزالي والإمام، فإن قلنا: بالبطلان فلو حفر بئرًا ثم رهن نجوقع فيها شخص بعد الرهن وتعلق [102 ن/ ب] الأرش برقبته، ففي تبين بطلان الرهن وجهان، وههنا [أولى بالمنع؛ لأن الحفر ليس سببًا ثابتًا بخلاف الجناية. ومنيا: لو تفرقا] (¬4) في الصرف [أو في] (¬5) بيع الطعام [بالطعام] (¬6)، أو في السلم قبل القبض فينفسخ من حينه، وهل تكون الزوائد المنفصلة (¬7) لمالكه؟ المسألة التاسعة (¬8): إذا [أحال المشتري البائع بالثمن على شخص ثم رد ¬

_ (¬1) في (ن): "دالة"، وفي (ق): "إلا". (¬2) كذا (ك)، وفي (ن) و (ق): "من". (¬3) من (ن). (¬4) ما بين المعقوفتين سقط من (ن). (¬5) من (ق). (¬6) من (ك). (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "المتصلة". (¬8) في (ن): "العاشرة".

المبيع بعيب أو] (¬1) أحال البائع شخصًا على المشتري بالثمن ثم رد [المشتري] (¬2) المبيع بعيبه ففي انفساخ الحوالة طرق، أصحها: الانفساخ في الأولى دون الثانية لتعلق الحق بالأجنبي المحال [عليه] (¬3)، وحيث انفسخ فهو (¬4) انقطاع [من] (¬5) حينه؛ لأنها إنما انفسخت تبعًا للبيع الذي انفسخ من حينه ومع ذلك، فقد قالوا: [إنه] (¬6) إن كان قد قبض المال (¬7) من المحال عليه فليس له رده [عليه] (¬8) بل يرده على المشتري ويتعين حقه فيه، فإن كان تالفًا فعليه بدله، وهو مشكل، فإنه ملكه [قبل] (¬9) الفسخ فكيف يرده على المشتري (¬10)، وقضيته فسخ الحوالة برد المال على المحال عليه؛ لأن قضيته الفسوخ. المسألة العاشرة (¬11): إذا وهب المريض ماله لأجنبي فللوارث نقضه وإمضاؤه بعد الموت: وإذا نقضه فهل هو رفع له من أصله أو من حينه؟ فيه وجهان مذكوران في نظائره. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين سقط من (ن). (¬2) ما بين المعقوفتين سقط من (ن). (¬3) من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "ففى". (¬5) من (ق). (¬6) من (ن). (¬7) في (ن): "ذلك". (¬8) من (ق). (¬9) سقطت من (ن). (¬10) بل حق المشتري المطالبة ببدل الثمن. (¬11) في (ن): "الحادية عشرة".

تنبيه

ولو وَهَبَتْهُ (¬1) الصداق ثم طلقها قبل الدخول فهل يرجع عليها ببدله؟ تنبيه: اختلف الأصحاب في صحة الحوالة بالمسمى (¬2) في مدة الخيار وعكسه على وجهين: أحدهما: وبه قال القاضي أبو حامد: لا يصح؛ لأن الدين لم يستقر، وأصحهما، الصحة؛ لأنه يؤول إلى اللزوم والاستقرار، وإن فسخ العقد انقطعت الحوالة عند الجمهور (¬3)، فعلى هذا (¬4) هل يكون الانفساخ (¬5) من حينه [] (¬6) أو من أصل الحوالة [91 ق / ب]؟ ينبغي أن يكون على الخلاف في الفسخ في خيار التروي هل يرتفع العقد من حينه أو من أصله؟ فإن الصحيح أن الملك موقوف، في البيع والاستحقاق في الثمن في الذمة موقوف، فبالفسخ يتبين أنه لم يملك المشتري من أصل (¬7) العقد وأن البائع لم يستحق الثمن، فإذا صححنا بناء على ثبوت الثمن في ذمة المشتري ظاهرًا ثم انكشف بالفسخ أن (¬8) الثمن لم يثبت، فعندها يحكم بأن الحوالة باطلة من الأصل، لكن ظاهر كلام الإمام والغزالي ومن تبعهم أنها تنقطع من حين فسخ [103 ن / أ] البيع، وليس بجيد. [والصواب أنها] (¬9) على العكس من بيع مال أبيه على ظن حياته فبان موته، ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "وهب". (¬2) أي بالثمن المسمى. (¬3) وقيل: ينقطع الخيار بالحوالة؛ لأن بقاء الخيار يؤدي إلى كون الحوالة غير لازمة. (¬4) أي: على الوجه الصحيح. (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الإبقاء". (¬6) ما بين [] وقع في (ن): "أو من أصل حينه"، وهو زيادة فى السياق لا حاجة إليها. (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "محل". (¬8) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "إن كان". (¬9) كذا في (ق) و (ك)، وفي (ن): "والحوالة إمضاء".

قاعدة مجلس العقد هل يجعل له حكم ابتداء العقد؟

فإنا نحكم في الموضعين بحسب الظاهر، ثم يتبين ما يقتضي الصحة هناك (¬1) والبطلان هنا. قاعدة " مجلس العقد هل يجعل له حكم ابتداء العقد؟ " (¬2) فيه مسائل: الأولى: إذا زاد في الثمن أو المثمن، أو زاد شرط الخيار أو الأجل أو قدرهما في مجلس العقد، ففيه وجهان؛ أصحهما: عند (¬3) الأكثرين اللحوق؛ لأن مجلس العقد كنفس العقد، ولذلك يصلح لتعيين رأس مال السلم والعوض في عقد الصرف، وأفسد الغزالي قول الأصحاب أن المجلس كتحريم العقد وأول العقد، فقولنا: إن حذف (¬4) الجهالة في المجلس لا يغني، قال: فيعلل هذا بالتفريع على قولنا: الملك غير منتقل (¬5)، فقيل: العوض الزيادة والنقصان قال: وهذا أيضًا مشكل على قياس المذهب من المنع من إلحاق (¬6) الزوائد والشروط. وأقول (¬7): وأما الإفساد الأول فظاهر، وأما (¬8) الثاني: ففيه نظر، فإنه [قد] (¬9) ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "هنا". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 293)، "قواعد الزركشي" (2/ 150). (¬3) في (ق): "عن". (¬4) في (ن): "خوف". (¬5) في (ن): "مستقل". (¬6) وقعت في (ن): "اتحاد". (¬7) المتكلم هو زين الدين ابن المرحل. (¬8) تكررت كلمة: "الإفساد" هنا في (ق)، ولا فائدة منه. (¬9) من (ق).

يلزم أن المذهب (¬1) إلحاق الزوائد، والشروط، ويؤيده قولهم: إن حط الثمن (¬2) كله كالبيع بلا ثمن، بل إفساد هذا التعليل إنما (¬3) يتم على ضعف المذهب، وهو كون الملك للبائع (¬4)، وبالأول قال العراقيون (¬5)، وبالثاني قال الشيخ أبو علي، وحكي عن أبي علي الطبري، فعلى رأي العراقيين لا يتم الإفساد. الثانية: المفسد في العقد إذا حذفناه (¬6) [في المجلس] (¬7) هل (¬8) ينقلب العقد صحيحًا أم لا؟ فيه أربعة أوجه، أصحها: [أنه] (¬9) لا ينقلب؛ لأن العقد الفاسد لا عبرة به فلا عقد، وإذا لم يكن عقد فلا مجلس (¬10)، [وثانيها: ينقلب العقد صحيحًا] (¬11)، وثالثها (¬12) [ينقلب] (¬13) إن كان المفسد أجلًا مجهولًا وإلا فلا. ورابعها: عن صاحب "التقريب" فيما إذا باعه مرابحة بما (¬14) اشترى، وجهل ¬

_ (¬1) من (ق)، وفي (ن): "الأول". (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (وق): "المبيع". (¬3) في (ن): "إنما هو". (¬4) قال ابن الوكيل: "على أن الأصحاب اختلفوا في أن هذا الإلحاق هل هو على أقوال الملك أو على قولنا: الملك للبائع" (ص: 293). (¬5) في (ق): "الغزالي". (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "أخذناه". (¬7) من (ن). (¬8) وقعت في (ن): "فقد". (¬9) من (ق). (¬10) وقعت في (ن): "يحبس" (¬11) ما بين المعقوفتين استدراك من (ك). (¬12) وقعت في (ن) و (ق): "وثانيهما" (¬13) من (ق). (¬14) وقعت في (ن) و (ق): "بما إذا".

المشتري مقداره ثم علم في المجلس أن العقد ينقلب صحيحًا ولو كان المفسد خيارًا فاسدًا فهل ينقلب بحذفه في [92 ق/ أ] المجلس؟ قيل: على الخلاف [، ومنهم من جزم بعدم الانقلاب، ورأي الإمام أن الخلاف] (¬1) يجري في الأبعد المجهول، والجزم في غيره، [وقال: ولأن بين الأجل والمجلس مناسبة لا توجد في سائر الأمور] (¬2) كما أن البائع لا يملك مطالبة المشتري بالثمن في المجلس كما لا يملكها في مدة الأجل [103 ن/ ب] فلم ينفذ إصلاح الأجل في المجلس. الثالثة: عقد في مجلس السلم (¬3) لو أطلقاه ولم يتعرضا لحلول ولا تأجيل ثم ألحقا التأجيل فرب المجلس، فيه الخلاف في سائر الإلحاقات، ولو صرحا بالتأجيل في نفس العقد [ثم أسقطناه في المجلس] (¬4) سقط وصار العقد حالًا. الرابعة: لو حطَّا من الثمن شيئًا في المجلس، فيه الخلاف، والأصح أنه يحط فإن حطاه كله صار مبيعًا بلا ثمن. الخامسة: لو باع العدل الرهن (¬5) بثمن المثل فزاد راغب في مدة الخيار، فسخ البيع وباعه له، فإن لم يفعل فالصحيح: الانفساخ، قالوا: لأن المجلس كحالة العقد، والوكيل والقيِّم على اليتيم مثله. * * * ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬2) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬3) في (ق): "الثمن". (¬4) استدراك من (ك). (¬5) في (ق): "الراهن".

خاتمة اختلفوا في زمن خيار الشرط [هل يلحق بالمجلس] في حذف الأجل المجهول

خاتمة اختلفوا في زمن خيار الشرط (¬1) [هل يلحق بالمجلس] (¬2) في حذف الأجل المجهول تفريعًا على إجراء الخلاف فيه، ويتجه إلحاق باقي المسندات تفريعًا على إجراء الخلاف فيها. فائدة (¬3): (¬4) النهي إذا كان لأمر خارج فإنه لا يدل على الفساد، وإن كان لأمر في ذات المنهي عنه دل عليه" (¬5). فالأول: كالبيع وقت النداء، والثاني: كالنهي عن بيع الملاقيح والمضامين (¬6)، وإذا كان النهي لأمر يرجع إلى التسليم فهل يدل على الفساد؟ فيه خلاف في صور: ¬

_ (¬1) في (ق): "الخيار المشروط". (¬2) من (ن). (¬3) في (ق): "قاعدة". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 25)، "قواعد العز بن عبد السلام" (2/ 32)، "قواعد الزركشي" (3/ 313). (¬5) راجع: "البرهان في الأصول الفقه" للجويني (1/ 199)، "الأصول" للسرخسي (ص: 69)، "الإحكام" للآمدي (2/ 231)، "الإبهاج" للسبكي (2/ 67)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص: 138). (¬6) الملاقيح: هي الإناث الحوامل، الواحدة: مُلْقحة، والمضامين: جمع مضمون، وهو الولد الذي يولد ومنه: ضمَّن الله أصلاب الفحول النسل فتضمنته أي حوته. "المصباح المنير" (ص: 217، 330). وحديث النهي عن بيع الملاقيح والمضامين أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" [كتاب البيوع -باب النهي عن بيع حبل الحبلة- حديث رقم (10863)].

- منها: النهي عن التفرقة بين الأم وولدها (¬1)؛ فإنه لا يرجع إلى البيع، ولكن التسليم تفريق محرم، فهو متعذر شرعًا، فهل يصح البيع؟ فيه قولان: أظهرهما: لا. - ومنها: بيع السلاح من الكفار، فإنه لا خلل في البيع، ولكن المتعذر التسليم حذرًا من قتالنا، وفيه خلاف، والأصح: البطلان، والوجه الثاني حكاه الغزالي. قلت (¬2): كذا صحح البطلان وعزى الثاني إلى حكاية الغزالي، والمراد بالكفار كفار أهل الحرب، وبه جزم الرافعي، وأما بيعه لأهل الذمة في دار الإسلام فقال في "الروضة": هو صحيح، وقيل: وجهان. - ومنها: حيث منع الحاكم قبول الهدية، فالعقد لا خلل فيه ولكن تسليم المال ممنوع شرعًا، وهل يصح ويملك؟ فيه وجهان أصحهما: لا. - ومنها: هبة المحتاج [إلى الماء في وضوئه ماءه ممن هو محتاج إليه] (¬3)، وفيه وجهان: أصحهما (¬4): المنع. قلت (¬5): الرافعي فرض [104 ن / أ] الخلاف في هذه فيما إذا وهبه الماء في الوقت [92 ق/ ب] أو باعه من غير حاجة للمتهب والمشتري كعطش ونحوه، ولا للبائع إلى ثمنه، وتبعه في "الروضة". ¬

_ (¬1) كما في الحديث الذي رواه أبو داود في "السنن" [كتاب الجهاد -باب في التفريق بين السبي- حديث (2696)، : أن عليًّا - رضي الله عنه - فرق بين جارية وولدها فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ورد البيع. (¬2) القائل: هو سراج الدين بن الملقن. (¬3) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬4) في (ن): "الأصح". (¬5) القائل: هو ابن الملقن.

قاعدة ما لا يدخل في البيع لا يدخل في الإقرار

قاعدة (¬1) " ما لا يدخل في البيع لا يدخل في الإقرار، وما يدخل فيدخل (¬2)، إلا الثمار غير المؤبرة؛ فإنها على الصحيح تدخل في البيع دون الإقرار" (¬3). قلت: وإلا خاتم فيه فصٌّ؛ فإنه يدخل في البيع وفي الإقرار (¬4). ظاهر النص (¬5) -وهو الأصح عند البغوي-: لا، ولما رأى [الرافعي] (¬6) انتشار المسائل قال: الضابط: " [أنَّ] (¬7) ما لا يتبع في البيع ولا يتناوله الاسم [فهو غيبر داخل، وما يتبع ويتناوله الاسم فهو داخل، وما يتبع ولا يتناوله الاسم] (¬8) فوجهان، وقصد بهذا (¬9) الثمار غير المؤبرة، ويَرِد عليه ثياب العبد، فإنها لا يتناولها الاسم، وفي دخولها في البيع خلاف [بخلاف الإقرار من جهة التبعية، نعم في دخولها خلاف] (¬10) من جهة اليد (¬11)، ............................ ¬

_ (¬1) في (ن): "فائدة". (¬2) أي: وما يدخل في البيع يدخل في الإقرار. (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 334)، وهذه القاعدة نقلها عن والده تقي الدين من "شرح المنهاج". (¬4) في (ن) و (ق): "وبالإقرار". (¬5) أي: نص الإمام الشافعي. (¬6) من (ن). (¬7) من (س). (¬8) من (س). (¬9) أي بهذا القسم الأخير. (¬10) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬11) قال السبكي: "ولا نعرف أحدًا قال بدخولها في الإقرار من جهة التبعية".

قاعدة ما عجز عن تسليمه شرعا لا لحق الغير، فهل يبطل لتعذر التسليم

[لا جرم] (¬1) قيد الإمام الضابط المذكور بأن تكون العين التي لا يتناولها الاسم متصلة بما يتناوله الاسم، وثياب العبد منفصلة عنه. وأورد ابن الرفعة على الرافعي ما حكى عن ابن سريج أنه إذا أقر لرجل بجارية وكان لها ولد يحكم له بالجارية، وهل يحكم له بولدها؟ وجهان، وقد يجاب (¬2) عن هذا بأنه ليس [لأجل] (¬3) التبعية في الإقرار؛ [بل] (¬4) لأن ملك الأم يقتضي ملك الولد حتى يثبت خلافه. قاعدة " ما عجز عن تسليمه شرعًا لا لحق الغير، فهل يبطل لتعذر التسليم، أو يصح نظرًا إلى كون النهي خارجًا عنه؟ " (¬5) فيه خلاف في صور: - منها: المسائل المتقدمة (¬6). - ومنها: بيع ما تنقص قيمته بقطعه [غير مشاع بل] (¬7) معين، وفيه وجهان، أصحهما عند الأكثرين: البطلان. - ومنها: بيع نصف الثمار على الشجر مشاعًا قبل بدو الصلاح لا يصح، ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬2) الجواب لتقي الدين السبكي. (¬3) من (س). (¬4) من (س). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 26). (¬6) يقصد: المسائل المتقدمة في قاعدة: النهي إذا كان لأمر خارج فإنه لا يدل على الفساد. (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "من".

فائدة: في إلحاق الجد بالأب أو الجدة بالأم

وعللوه بافتقاره إلى شرط القطع ولا [يمكن] (¬1) إلا بقطع (¬2) الكل، فيتضرر البائع (¬3) فأشبه المسألة قبلها. فائدة: قد يختلف المذهب في إلحاق الجد بالأب (¬4) أو (¬5) الجدة بالأم (¬6) فيه صور: - منها: التفريق بين [الوالدة] (¬7) وولدها، حشا يحرم هل يجري ذلك في الجدة (¬8)؟ فيه كلام مضطرب للأصحاب. قلت (¬9): الأصح جريانه، والأصح أن الأب كالأم أيضًا. - ومنها: أن الأب يرث بالفرض والتعصيب (¬10) وكذا الجد على المذهب. - ومنها: الأب يرجع فيما وهب لولده وكذا الأم، والأصح إلحاق الجد والجدة [104 ن/ ب] بها (¬11). - ومنها: الأم لا ولاية لها على المال أي على الأصح، وفي ثبوت ذلك للجدة ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) وقعت في (ن): "الانقطاع". (¬3) أي: فيتضرر بتنقيص عين المبيع. (¬4) وقعت في (ن): "بالأم". (¬5) في (ن) و (ق): "أم". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 37). (¬7) في (ق): "والدها". (¬8) في (ن) و (ق): "الجد". (¬9) القائل: هو ابن الملقن. (¬10) أي: يرث مع الولد، وولد الابن، إذا كان أنثى: السدس بالفرض، والباقي بالتعصيب. (¬11) أي: بالأم.

خلاف [93 ق/ أ]، أي وكذا الجدة. - ومنها: إجبار البكر ثابت للأب، والمذهب أن الجد كذلك. - ومنها: سقوط القود عن (¬1) الأب، والمذهب أن الأجداد والجدات كذلك. - ومنها: تبعية السابي ساقطة لوجود الوالد في السبي (¬2)، والمذهب أن الجد كذلك. - ومنها: منع الولد من الغزو إذا لم يكن فرض عين، وفي الجد والجدة خلاف. قلت (¬3): الأصح إلحاقها به مع وجوده، أما مع عدمه، فكهو قطعًا، قال ابن الرفعة، ويتجه مجيء الخلاف في التفريق بالبيع هنا. ومن الصور أيضًا: - التبعية في إسلام الأم (¬4) (¬5) إن كان الأب ميتًا، وكذلك إن كان حيًّا على الأصح. - ومنها: إذا أسلم الكافر عند القتال أحرز ماله وأولاده الصغار عن (¬6) السبي، وهل يحرز [ولد] (¬7) ابنه الصغير كالأب؟ فيه وجهان: أصحهما: نعم، قال الروياني: والصحيح عند الأصحاب أن الخلاف إذا كان ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "على". (¬2) في (ن): "الصبي". (¬3) القائل: هو ابن الملقن. (¬4) في (ق): "الأب". (¬5) أي تبعية الولد لأمه في الإسلام كالأب. (¬6) في (ن): "عند". (¬7) استدراك من (ك).

فائدة: ما يجوز بيعه قبل القبض

الأب حيًّا، فإن كان ميتًا أحرز الجَدُّ قطعًا (¬1). وولاية المال، ووجوب نفقته وإعتاقه، وعتقه إذا ملكه [ولد ولده] (¬2) وبيعه مال الطفل من نفسه، وبالعكس لم يختلفوا في إلحاقه بالأب، فما الفرق؟ فائدة: ما يجوز بيعه قبل القبض: ذكر الأصحاب فيه ثمان مسائل (¬3)، وهي الموروث، والموصى به، وما يرجع إلى (¬4) البائع بفسخ العقد وما عينه السلطان من بيت المال لشخص، وما عينه من الغنيمة لأحد الغانمين، وغلة الموقوف (¬5)، والصيد الذي رماه فأثبته، وفي كون هذه منها نظر [وبيع الدراهم بالدنانير وبالعكس إذا كانت ثمنًا ممن هي عليه] (¬6). والإطلاق في الموروث والموصى به مقيد، أما الموروث فهو فيما إذا كان المورث يملك بيعه، أما لو كان المورث قد اشتراه ولم يقبضه فلا (¬7)، فهو ظاهر، وأما الموصى به فهو فيما إذا كان بعد الموت و [قبل] (¬8) القبول، أما إذا كان بعد الموت، وقبل القبول [جاز إن قلنا: يملك الوصية بالموت] (¬9)، فإن قلنا: الوصية ¬

_ (¬1) قال ابن الوكيل: "وعن القفال أنه قال مرة: الوجهان فيما إذا كان الأب ميتًا، فإن كان حيًّا لم يحرز الجد وجهًا واحدًا". (¬2) كذا في (ق)، وفي (ن): "وولده". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 326). (¬4) في (ن): "به". (¬5) هنا في (ك): "والصيد الواقع في الشبكة المنصوبة للصيد". (¬6) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬7) في (ن): "مثلًا". (¬8) من "ك". (¬9) من (ك).

تملك بالقبول أو موقوف وهو الأصح فلا، ولتعلم أن القاعدة في ذلك: [أن المال] (¬1) في يد الغير إن كان أمانة [105 ن / أ] كوديعة ومشترك، أو كان مضمونًا ضمان يد، وهو المضمون بالقيمة كالراجع بفسخ العقد، فيجوز بيعه قبل [قبضه] (1)، وما كان مضمونًا ضمان العقود [93 ق / ب] [فلا] (¬2)، والصداق (¬3)، وبدل الخلع، والصلح عن دم العمد على الخلاف في أنه مضمون ضمان عقد، أو (¬4) ضمان يد، والأظهر: الأول، والمسائل الثماني من هذه الأقسام. * * * ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) سقطت من (ق). (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "خلاف الصداق". (¬4) في (ن): "و".

كتاب السلم

كتاب السلم فائدة: ما اعتبر معرفته في السلم هل يكتفي فيه بمعرفة المتعاقدين أم لا بد من معرفة غيرهما (¬1)؟ ، فيه خلاف في صور: - منها: صفاته تنقسم [إلى] (¬2) مشهورة عند الناس، وإلى غير مشهورة لدقة معرفتها كالعقاقير، أو لغرابة ألفاظها، فلا بد من معرفتها جميعًا ذلك، فلو جهلاها أو أحدهما لم يصح العقد، ولا يكفي معرفتها على الأظهر المنصوص، بل لا بد أن يعرفه (¬3) غيرهما ليرجع إليه عند تنازعهما، والثاني: يكفي، والنص محمول على الاحتياط. [و] (¬4) على الأول [هل] (4) تعتبر الاستفاضة أم يكفي معرفة عدلين [غيرهما] (5)؟ ، فيه وجهان: أظهرهما: الثاني. - ومنها: إذا لم يعرف المكيال [المذكور] (¬5) إلا عدلان، فيه الوجهان، فينبغي أيضًا أنه لا بد من معرفتهما. - ومنها: لو وقت بفصح النصارى وقلنا: المشهور أنه لا تحسب مواقيت ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 92). (¬2) سقطت من (ن). (¬3) في (ن): "يعرف". (¬4) من (ق). (¬5) من (ن).

قاعدة كل ما لو قارن لمنع فإذا طرأ فعلى قولين

الكفار (¬1)، والأصح أنه يكفي معرفة المتعاقدين فقط وذكر الرافعي فرقًا بينه وبين ما مضى ذكرته لك في كتاب القضاء فراجعه (¬2). قاعدة " كل ما لو قارن لمنع فإذا طرأ فعلى قولين" (¬3). كما لو أسلم فيما يعم فانقطع في محله لم ينفسخ في الأظهر، [وكالفسق] (¬4) فإنه يمنع (¬5) ولاية الإمام ابتداء، وإذا طرأ لم ينعزل في الأصح، ويستثنى مسائل: - منها: الرضاع إذا قارن ابتداء النكاح منعه، [ولو] (4) [طرأ] (¬6) قطعه أيضًا قطعًا. - ومنها: العدة [لو] (¬7) قارنت ابتداء [النكاح] (¬8) ................... ¬

_ (¬1) قال ابن الوكيل: "قلنا: إذا عرفه المسلمون، جاز كالنيروز، والمهرجان، فقيل: المعتبر معرفة المتعاقدين، والأكثرون: اكتفوا بمعرفة الناس، وسواء اكتفى بمعرفتهما أو لم يكتف فلو عرفناه كفى، وفيه وجه: أنه لا بد من معرفة عدلين من المسلمين سواهما؛ لأنهما قد يختلفان، فلا بد من مرجع .. " (ص: 92). (¬2) قال الرافعي: "وأصل الفرق أن الجهالة هناك راجعة إلى الأجل وهاهنا راجعة إلى المعقود عليه، فجاز أن يحتمل من تيك الجهالة ما لا يحتمل من هذه" "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 92). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 312). (¬4) من (ن). (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "فإن منع". (¬6) من (س). (¬7) من (ق). (¬8) من (س).

قاعدة الاسم إذا أطلق على شيئين أحدهما بعد وجود الآخر

لمنعته (¬1)، وإذا (¬2) طرأت في أثنائه في وطء الشبهة لم تقطعه قطعًا. ويرد عليها (¬3) كل (¬4) تصرف يمنع ابتداء الرهن يفسخه إذا طرأ قبل القبض جزمًا، ولا يرد تصحيح عدم الانفساخ بتخمير العصير وجناية العبد (¬5)، ويستثنى من العكس الرهن من غير قبض على [105 ن /ب] المنصوص، وكذا أمور أخر على وجه، ويندرج فيها (¬6) ما يغتفر في الدوام دون الابتداء. قاعدة " الاسم إذا أطلق (¬7) على شيئين أحدهما بعد وجود الآخر، فالإطلاق هل يجعله مجهولًا [أو يدل على الأول؟ " فيه خلاف في صور] (¬8). - منها: لو وقت السلم بجمادى أو بربيع أو بالعيد، فالأصح حمله على الأول (¬9) لتحقق الاسم، وقيل: يفسد لتردده. - ومنها: لو وقت بالنفر فالأصح حمله على الأصح، ويحكى عن النص، ¬

_ (¬1) كذا في (س)، وفي (ن): "اتبعه"، وفي (ق): "بيعه". (¬2) في (ق): "وإن". (¬3) أي على هذه القاعدة. (¬4) وقعت في (ن): "على". (¬5) وكذا: إباقه، وبموت العاقد عند الرافعي والنووي خلافًا للسبكي. (¬6) أي في هذه القاعدة. (¬7) وقعت في (ن): "علق". (¬8) ما بين المعقوفتين استدراك من (ك)، وانظر "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 100) , "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 275). (¬9) كذا في (ك)، وفي (ن): "الأصح".

ويحكى عن "الحاوي" [أن] (¬1) التوقيت بالنفر الأول أو بالثاني لأهل مكة جائز؛ [لأنه] (¬2) معروف عندهم، ولغيرهم وجهان، وأن في التوقيت بيوم النفر لأهل مكة وجهين أيضًا؛ لأنه لا يعرفه إلا الخواص، وهذا غير بين؛ لأنا إن اعتبرنا علم المتعاقدين فلا فرق، وإلا فهي مشهورة في كل ناحية عند الفقهاء وغيرهم. هكذا قال الرافعي يشير به إلى أن الإمام الشافعي لما نصَّ على [أن] (¬3) التوقيت بالفصح غير جائز، ومنع أكثر الأصحاب من الإطلاق بجواز البناء على مواقيت الكفار، وفصلوا (¬4)، فقالوا: إن اختص بمعرفة الكفار فالأمر كما في النصِّ (¬5)، وإن عرفه المسلمون (¬6) جاز كما في النيروز والمهرجان على المشهور، فإذا تقرر ذلك فهل المعتبر معرفة الناس أم تكفي معرفة المتعاقدين (¬7)؟ المشهور الأول، وعلى هذا فلو عرفاه كفى على الأصح. - ومنها: لو قال: إلى أول الشهر أو إلى آخره فعن عامة الأصحاب بطلانه؛ لأن اسم الأول والآخر يقع على جميع النصف (¬8)، [94 ق/ ب] فلا بد من بيانه، وقال الإمام والبغوي: وينبغي أن يصح ويحمل على الأول من كل نصف كمسألة النفر، ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) من (ك). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ن): "فقبلوا". (¬5) في (ق): "كما نص". (¬6) كذا في (ق)، وفي (ن): "المسألة". (¬7) كذا في (ن) و (ق)، وفي (ك): "فإذا تقرر ذلك، فهل المعتبر معرفة المتعاقدين، أم يكفي معرفة الناس، المشهور: الاكتفاء بمعرفة الناس، وعلى هذا فلو عرفاه كفى". (¬8) وقعت في (ك): "المنطق".

فائدة: قاعدة السلم تسليم رأس المال في المجلس لا تعينه في العقد

كما أن اليوم والشهر يقع حقيقة على جميع أجزائهما، وإن وقت بهما حمل على جميع الأول منهما، قال الإمام: وقد يحمل النظر الأول على الجزء الأول، والآخر على الجزء (¬1) الآخر، قاله الرافعي: ويشير (¬2) إلى وجه [كما أشار] (¬3) إليه في الطلاق، واعلم أنه لأجل التنظير سقت هذه المسألة، وإلا فالحق أن هذه المسألة ليست كمسألة النفر ولا هي من القاعدة. فائدة: قاعدة السلم تسليم رأس المال في المجلس لا تُعينه في العقد (¬4)، وما العلة في ذلك؟ المشهور أن العلة فيه أنه لو لم يشترط لكان بيع الكالئ بالكالئ (¬5)، وقيل: العلة فيه [106 ن / أ] جبر الغرر من الجانب الآخر، ورد الرافعي هذه إلى الأولى، وفي رده نظر و [تظهر] (¬6) فائدة تغاير العلتين في صور: - منها: لو أسلم حالًا فتسليم المسلم فيه في المجلس لا يغني عن تسليم رأس المال في الأصح (¬7)، وعلى تقدير الجواز يكون الشرط حصُول أحد العوضين في المجلس، ولا يتعين (¬8) رأس المال إذا كان السلم حالًّا. ¬

_ (¬1) في (ن): "آخر". (¬2) في (ن) و (ق): "ويستشير". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 104). (¬5) قال الفيومي: "ونهي عن بيع الكالئ بالكالئ، أي: بيع النسيئة بالنسيئة قال أبو عبيدة: صورته أن يسلِّم الرجل الدراهم في طعام إلى أجل، فإذا حل الأجل يقول الأجل عليه الطعام: ليس عندنا طعام ولكن بعني إياه على أجل، فهذه نسيئة انقلبت إلى نسيئة، فلو قبص الطعام ثم باعه منه أو من غيره لم يكن كالئًا بكالئ"، "المصباح المنير" (ص: 321). (¬6) من (ق). (¬7) رجحه الرافعي، والوجهان حكاهما صاحب "التتمة" أيضًا. (¬8) وقعت في (ن): "يعتبر"، وفي (ق): "يتغير".

- ومنها: لو كان له دين في ذمته فجعله رأس مال المسلم، فإن كان (¬1) مؤجلًا فهو باطل (¬2)، وإن كان حالًّا ولم يحضرها في المجلس فكمثل، وإن أحضرها فكذلك على الأصح (¬3)، ولا يكفي التخريج على العلتين، ووجه الرافعي: الجواز [بالقياس] (¬4) على ما لو صالح عن دراهم في ذمته بدينار. ووجه الراجح: أن قبض المسلم فيه ليس بشرط، وإن كان السلم حالًا فلو وجد لكان متبرعًا (¬5) به وأحكام البيع لا تنبني على التبرعات، ألا ترى أنه لو باع طعامًا بطعام إلى أجل وتبرع بالإحضار لم يجز، أما قوله: قبض المسلم فيه ليس بشرط إن أراد في هذه المسألة فممنوع؛ لأن من يشترط (¬6) إحضار أحد العوضين يشترطه في صحة هذا العقد، وإن أراد في غيرها لم يضر ثم قوله: فلو وجد لكان متَبرَّعًا به -مفتوح الراء- مبني لما لم يسم فاعله؛ لأن المسلم الحال يوجب على المسلم إليه التسليم، وعند تعين الإطلاق يتعين المجلس (¬7)، أما (¬8) إذا باع طعامًا إلى أجل بمثله ثم تبرعا بالإحضار، فلا يصح التنطير؛ لأن شرط هذا العقد أن يكون حالًا، وهذا القائل يشترط التسليم في المجلس فلا يتبرع به، ولا يشابه (¬9) [95 ق/ أ] بالأصل المذكور. ¬

_ (¬1) وقعت في (ن): "فإنه يكون". (¬2) في (ق): "فباطلًا". (¬3) أي: من الوجهين: فمنهم من جوزه، والأظهر: المنع. (¬4) استدراك من (ك). (¬5) في (ق): "معتبرًا". (¬6) في (ن): "شرط". (¬7) أما إذا بُني لما لم يسم فاعله يكون معناه: أنه متبرع به في العقد معنى من جهة المسلم، فخلاف باب الصرف. (¬8) يعني: أن قياسه المسألة على هذه المسألة المذكورة. (¬9) في (ن): "شائبة".

قاعدة القبض المعتبر في السلم القبض الحقيقي

قاعدة " القبض المعتبر في السلم القبض الحقيقي" (¬1) وبيانه بصور: - منها: لو أحال المسلم إليه برأس المال على المسلم، فتفرقا قبل التسليم، فالعقد باطل؛ وإن جعلنا الحوالة قبضًا؛ لأن المعتبر في السلم القبض الحقيقي، ولو أحضر رأس المال فقال المسلم إليه: سلمه إليه [ففعل المسلم صح، ويكون المحتال وكيلًا عن المسلم إليه] (¬2) في القبض. -[ومنها: لو كان رأس المال دراهم فصالح عنها على مال لم يصح، ولو قبض ما صالح [عليه] (¬3)] (¬4). - ومنها: لو كان عبدًا فأعتقه المسلم إليه قبل القبض لم يصح إن قلنا: إعتاق المشتري لا يصح، وأما إن صححناه فوجهان، وجه المنع: أنه قبض [106 ن /ب] حكمي، فإنه غير كاف في رأس المال [في السلم] (5)، والوجه الآخر: لعله يفرق بينه وبين الحوالة بالتشوف إلى العتق، وعلى الأصح لو تفرقا قبل قبضه بطل العقد، وإن تفرقا بعده صح، وفي نفوذ العتق وجهان. - ومنها: لو جعل رأس مال [السلم] (¬5) منفعة عبد، أو دارٍ سنةً، قالوا: يقع السلم، ولا أعرف فيه خلافًا مع أن قبضه المنافع قبض حكمي، لأنها ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 138). (¬2) ما بين المعقوفتين سقط من (ن). (¬3) من (ك). (¬4) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬5) من (ن).

مفقودة (¬1) لدى العقد، ولكن جعل قبض العبد قبضًا لها حكمًا [والله أعلم] (¬2). * * * ¬

_ (¬1) كذا في (ق)، وفي (ن): "مقصودة". (¬2) من (ن).

كتاب الرهن

كتاب الرهن قاعدة " فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه" (¬1). نعم الهبة إذا صحت تكون العين غير مضمونة، وكذا إذا فسدت على الأصح في "الروضة"، وجزم الرافعي في "الشرح الصغير" بمقابله، وهذه القاعدة يستثنى من طردها [مسائل، وقد استثنيت في "شرح المنهاج" من طردها] (¬2) وعكسها مسائل فراجعها منه. [قاعدة] (¬3) قال القاضي [حسين] (3): "كل يد كانت [يد] (3) ضمان وجب على صاحبها مؤنة الرد، وإن كانت يد أمانة فلا" (¬4). ¬

_ (¬1) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 20)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 307)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 549 - 550)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 331)، "قواعد ابن رجب" (1/ 334)، "قواعد الزركشي" (3/ 8)، وهذه القاعدة من القواعد التي تكررت في هذا الكتاب. (¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬3) من (ق). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 329)، "قواعد الزركشي" (2/ 332).

قلت (¬1): أغرب العراقي (¬2) شارح "المهذب" فزعم أن مؤنة رد المبيع بعد الفسخ بالعيب على المشتري، ويستثنى من العكس الإجارة على ما صححه النووي في "تصحيحه" (¬3) أنه يجب مؤنة ردها على المستأجر وهي أمانة، ومن الطرد إذا غصبها من ذمي يجب ردها على الأصح (¬4)، وفي وجوب مؤنة الرد خلاف، والأصح: نعم. فائدة: إذا استعار شيئًا ليرهنه (¬5)، فالأصح (¬6): أنه ضمان دين في رقبة ذلك الشيء (¬7)، وفي قول: عارية، وقال الإمام: هذا العقد فيه شبه من هذا [وشبه من هذا] (¬8)، وليس القولان [في أنه تمحض] (¬9) عارية أو ضمانًا، وإنما هما في أيهما ¬

_ (¬1) القائل: هو تاج الدين بن السبكي. (¬2) هو: إبراهيم بن منصور بن المُسَلَّم، الفقيه العلامة، أبو إسحاق المصري، المعروف بالعراقي، ولد بمصر سنة عشر وخمسمائة، وتفقه بها على القاضي مجلي، ودخل إلى بغداد وتفقه بها وأقام حتى برع في المذهب، ثم عاد إلى بلده مصر، فلهذا قيل له: العراقي، ومن تصانيفه: "شرح المهذب"، توفي سنة ست وتسعين وخمسمائة (596 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 339 - رقم 322). (¬3) أي: في تصحيح التنبيه. (¬4) صححه الرافعي والنووي. (¬5) أي: ليرهنه بدَيْن، فهل سبيل هذا العقد سبيل العارية أو الضمان؟ راجع: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 363)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 365). (¬6) في (ق): "فالأظهر". (¬7) كما لو أذن لعبده في ضمان دين غيره، فإنه يصح، وتكون ذمته فارغة ووجه القول الأول: أنه قبض مال الغير بإذنه لينتفع به ضرب انتفاع شبيه ما لو استعاره للخدمة. (¬8) من (ق). (¬9) في (ق): "لمحض".

المغلب، ويتفرع على القولين مسائل: الأولى: لا شك على هذين القولين في جواز هذا التصرف، قالوا: لكن الاستئناف لا يحتاج فيه إلى ملك ما يستوثق به كالضمان والإشهاد [95 ق/ ب]، وقيل: على قول العارية [لم يصح؛ لأن العارية] (¬1) لا تلزم بخلاف الرهن، وردَّ بأن العارية قد تلزم في مواضع كالإعارة لدفن الميت. الثانية: لو أذن في رهن عينه فهل له الرجوع عنه بعد القبض؟ إن (¬2) قلنا: ضمان فلا، وإن قلنا: عارية فوجهان، ورجَّح كُلًّا (¬3) [منهما مرجِّح] (1)، والأظهر [أنه] (¬4) لا، وقطع بمقابله. الثالثة: [هل للمالك] (4) [107 ن/ أ] إجبار الراهن على [فك] (1) الرهن إن قلنا: لا يرجع (¬5)، فإن قلنا: عارية، فله (¬6)، وإن قلنا: ضمان، فإن كان حالًّا (¬7) فكذلك، وإلا فلا. الرابعة: في بيع هذا الرهن وإن لم يأذن مالكه، قال الرافعي: قياس المذهب ¬

_ (¬1) استدراك من (ك). (¬2) في (ن): "إذا". (¬3) في (ن) و (ق): "كل". (¬4) من (ن). (¬5) وإن قلنا: له الرجوع، فلا. (¬6) توضيح هذه العبارة في قول السيوطي: "هل له إجبار المستعير على فكِّ الرهن؟ إن قلنا: له الرجوع، فلا، وإن قلنا: لا، فله ذلك على القول بالعارية، وكذا على القول بالضمان إن كان حالًّا بخلاف المؤجَّل". (¬7) كذا في (ك)، والسيوطي، وفي (ن) و (ق): "مؤجلًا".

[أنه] (¬1) إن قلنا: إنه عارية، يتخرج على الوجهين في أنه هل [له أن] (1) يرجع؟ وإن قلنا: إنه ضمان ولم يؤد الراهن الدين فيباع -معسرًا كان الراهن أو موسرًا-كما لو ضمن في ذمته حيث يطالب (¬2) [معسرًا كان الأصل أو موسرًا] (¬3) وطريقة الإمام [والغزالي تخالف ذلك] (¬4). الخامسة: إذا بيع هذا الرهن [في الدين] (5)، فإن بيع بقيمته رجع المالك به على الراهن على القولين، وإن بيع بأقل مما يتغابن الناس بمثله، فعلى قول العارية يرجع بتمام القيمة، وعلى قول الضمان [لا يرجع إلا] (¬5) بما بيع به (¬6)، وإن بيع بأكثر فعلى قول الضمان يرجع بما بيع به، وعلى قول العارية وجهان، قال الأكثرون: لا يرجع إلا بالقيمة، إذ العارية مضمونة بالقيمة، والآخر ما ذهب إليه جماعة من المحققين: أنه يرجع بما بيع به؛ لأنه من ملكه (¬7) وقد صرف إلى دين الراهن. السادسة: في تلفه، فإن كان التلف في يد المرتهن، فإن قلنا (¬8): إنه عارية فعلى الراهن الضمان، وإن قلنا: إنه ضمان [فلا شيء] (¬9)؛ لأنه لم يسقط الحق عن ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ن): "يطلب"، وفي (ق): "بطلت". (¬3) وقعت في (ن): "موسرًا كان الأصل أو موسرًا". (¬4) حدث في الكلام تقديم وتأخير هنا، فما بين المعقوفتين وقع في (ن) و (ق) بعد قوله: "ولم يرد الراهن الدين فيباع معسرًا كان الراهن أو موسرًا" والتصويب من (ك). (¬5) استدراك من (ك). (¬6) لأنه لم يقبض من الدين إلا ذلك القدر. (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "ثمن مثله". (¬8) في (ن): "قلت". (¬9) من (ن).

ذمته، وإن [تلف] (¬1) في يد الراهن فقد خرجه الشيخ أبو حامد على هذا الأصل، كما لو كان في يد المرتهن فبيع في الجناية، فإن قلنا: إنه عارية فعلى الراهن القيمة، قال الإمام: هذا إذا قلنا: العارية مضمونة ضمان المغصوب وإلا فلا شيء عليه [وإن قلنا: إنه ضمان فلا شيء عليه] (¬2). السابعة: إذا قلنا: ضمان، فيجب ذكر جنس الدين وقدره وصفته (¬3) لاختلاف أغراض الضامن بذلك، وإلا لم يجب، فإن عين تعين. الثامنة: لو أعتقه المالك فإن قلنا: إنه ضمان فالذي حكاه الإمام عن القاضي: النفوذ، وبناه في "التهذيب" على عتق المرهون، فإن قلنا: إنه عارية [فعلى قول] (¬4) القاضي إنه على الخلاف في عتق المرهون، وهو بناه على أحد الوجهين السابقين في أنه لا رجوع له، وفي "التهذيب": إنه يصح، ويكون [96 ق/ أ] رجوعًا بناءً على الوجه الآخر. التاسعة: لو قال مالك العبد (¬5): ضمنت ما لفلان [107 ن/ ب] عليك في رقبة عبدي هذا، قال القاضي: يصح ذلك على قول الضمان، وللإمام فيه تردد (¬6). * * * ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬3) أي: في الحلول والتأجيل ونحوهما. (¬4) في (ق): "ففي". (¬5) في (ق): "السيد". (¬6) هذا التردد من جهة كون المضمون له لم يقبل.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَوَاعِدُ ابْنِ الْمُلَقِّنِ أو الأَشْبَاهُ وَالْنَّظَائِرُ فِي قَوَاعِدِ الْفِقْهِ المجَلَّد الثَّاني

جَمِيع حُقُوق الملكية الأدبية والفنية مَحْفُوظَة للناشر ويحظر طبع أَو تَصْوِير أَو تَرْجَمَة أَو إِعَادَة تنضيد الْكتاب كَامِلاً أَو مجزأ أَو تسجيله على أشرطة كاسيت أَو إِدْخَاله على الكمبيوتر أَو برمجته على إسطوانات ضوئية إِلَّا بِمُوجب مُوَافقَة خطية من الناشر الطبعة الأولى 1431 هـ - 2010 م رقم الْإِيدَاع: 21417/ 2009 الترقيم الدولي: 0 - 105 - 375 - 977 - 978 دَار ابْن الْقيم للنشر والتوزيع هَاتِف: 4315882 - فاكس: 4318891 الرياض: ص. ب: 156471 الرَّمْز البريدي: 11778 المملكة الْعَرَبيَّة السعودية E- mail: [email protected] دَار ابْن عَفَّان للنشر والتوزيع الْقَاهِرَة: 11 درب الأتراك خلف الْجَامِع الْأَزْهَر ت: 25066420 - مَحْمُول: 0101583626 الإدارة: الجيزة برج الْأَطِبَّاء أول شَارِع فيصل تليفون: 35693615 - تليفاكس: 35692850 - 33255820 ص. ب: 8 بَين السريات جمهورية مصر الْعَرَبيَّة E- mail: [email protected]

كتاب الحجر

كتاب (¬1) الحجر قاعدة " حجر العبد لا لنقص (¬2) فيه (¬3)، وحجر الصبي لنقص فيه، وحجر السفيه هل هو لنقص فيه أم لا؟ " (¬4) فيه خلاف. [قلت (¬5): الأصح المنع] (6). - منها: إذا أذن له الولي في البيع هل يباشره؟ فيه خلاف، قلت: الأصح المنع. - ومنها: إذا أذن له في النكاح فطريقان، قلت: أصحهما: الجواز. - ومنها: إذا منعنا تدبير الصبي ووصيته ففيها من المبذر خلاف، [والله أعلم] (¬6). * * * ¬

_ (¬1) في (ق): "باب". (¬2) في (ن): "لفقد". (¬3) في (ن) و (ق): "قيمة". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 184). (¬5) القائل: هو ابن الملقن. (¬6) من (ن).

باب الحوالة

باب الحوالة [قاعدة] (¬1) " الحوالة استيفاء أم بيع واعتياض؟ " (¬2). فيه قولان أو وجهان؛ أصحهما: الثاني، فإنها تبديل (¬3) مال [بمال] (¬4) فإن كل واحد منهما يملك ما لم يملكه، وهذا حقيقة المعاوضة، وعلى هذا فهو بيع ماذا (¬5) [بماذا] (¬6) فقيل بيع عين بعين (¬7) -وقيل وهو المعقول-: بيع دين بدين واستثنى (¬8) للمصلحة، وترك الرافعي ذلك من غير استدراك، والمصلحة لا حجة فيها حتى ينهض إلى تخصيص العموم، وإنما التخصيص المنصوص الوارد في الحوالة وغيرها من الأدلة. [و] (¬9) قال الإمام: لا خلاف في اشتمال الحوالة على المعنيين (¬10)، وإنما ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 359)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 366). (¬3) وقعت في (ن): "تدبير". (¬4) من (ك). (¬5) في (ق): "ما زاد". (¬6) من (ك). (¬7) ولولا ذلك لبطلت للنهي عن بيع الدين بالدين، وكأنه نزل استحقاق الدين على الشخص منزلة استحقاق منفعة تتعلق بعينه كالمنفعة في إجارة العين. (¬8) أي: واستثنى هذا العقد عن النهي الوارد في حديث النهي عن بيع الكالئ بالكالئ. (¬9) من (ن). (¬10) كذا في (ق)، وفي (ن): "التعيين"، ويعني بالمعنيين؛ أي: الاستيفاء والمعاوضة.

الخلاف في المغلب، وعلى هذا جرى القاضي والجويني والغزالي، وحكاه الإمام عن المحققين، وقال القاضي أبو الطيب في تعليقه: الحوالة عند [الإمام] (¬1) الشافعي بيع لا يعرف عند غيره، وقد صرح بذلك في [باب] (¬2) بيع الطعام قبل أن يستوفى (¬3). وقال ابن سريج: وهي (¬4) بيع لكنها بيع غير مبني على المماكسة والمغابنة وطلب الربح والفضل وإنما هو مبني على الإرفاق كالقرض، ولا يجوز إلا في دينين متفقين في الجنس والصفة والحلول، والتأجيل، وعلى هذا لا يجوز [أن يحيل بالمسلم فيه؛ لأن بيعه لا يجوز] (¬5) قبل قبضه، وإنما جاز فيها التفرق قبل التقابض إذا أحال بدراهم أو بدنانير؛ لأنه بمنزلة البيع المقبوض في حق المحيل، وقال الماوردي: اختلف أصحابنا في الحوالة هل هي بيع أو عقد إرفاق، ومعونة (¬6) على وجهين [108 ن/ أ]: أحدهما: [وهو] (¬7) ظاهر نصِّ [الإمام] (¬8) الشافعي في السلم: أنها بيع، وعلى هذا ففي ثبوت خيار المجلس فيها وجهان؛ أصحهما (¬9): ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) من (ق). (¬3) فقال أبو الطيب: ولو حل عليه طعام فأحال به على رجل له عليه طعام أسلفه إياه لم يجز؛ لأن أصل ما كان له بيع احالته به بيع. (¬4) أي: الحوالة. (¬5) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬6) وقعت في (ن): "وضعفوه". (¬7) من (ن). (¬8) من (ن). (¬9) في (ق): "أحدهما".

نعم، بناء على أنها بيع عين بدين، وبنى عليها أيضًا جواز الحوالة بالثمن في مدة الخيار وبالمسلم فيه (¬1) إن [قلنا: إن الحوالة] (¬2) بيع لم يجز فيها، وإلا جاز، ومن فروع هذا الأصل ثبوت خيار المجلس [والشرط] (¬3) [96 ق/ ب] فيها. - ومنها: لا يجوز الاعتياض عن المسلَّم فيه قبل القبض، وفي جواز الحوالة فيه أوجه؛ أصحها: المنع لملاحظة (¬4) معنى المعاوضة، ووجه الجواز: تغليب معنى الاستيفاء. والثالثة: أنه تجوز الحوالة عليه لا به؛ إذ هو تبديل وتحويل الى ذمة أخرى بخلاف الحوالة عليه. - ومنها: لو أحال المشتري البائع بالثمن على إنسان ثم ردَّ عليه المبيع بعيب، فهل تنفسخ الحوالة؟ فيه طرق: أحدها: ونقلها الإمام عن الجمهور أن المسألة على قولين، أصحهما: الانفساخ، وهما مبنيان على الخلاف إن قلنا استيفاء انفسخت (¬5) أو اعتياض فلا (¬6). ¬

_ (¬1) كذا في (ق)، وفي (ن): "ولا سلم فيه". (¬2) من (ن). (¬3) من (ق). (¬4) في (ق): "وملاحظة". (¬5) وقعت في (ن): "انفسخ". (¬6) لأن الحوالة على هذا التقدوو نوع إرفاق ومسامحة، فإذا بطل الأصل بطلت هبة الإرفاق التابعة له، أما إن قلنا: إنها اعتياض لم تنفسخ، كما لو استبدل عن الثمن ثوبًا ثم ردَّ المبيع بالعيب، فإنه لا يبطل الاستبدال عن الثمن على المشهور، بل يرجع بمثل الثمن. اهـ. "أشباه" ابن الوكيل (ص: 361).

والثاني: القطع بالانفساخ، وعليها [الشيخ] (¬1) أبو إسحاق، وابن أبي هريرة، وأبو الطيب بن سلمة، ونقلها الماوردي عن الأكثرين، والثالث: القطع بعدمه، وعليها صاحب "الإفصاح" (¬2)، وابن الحداد، وصححه القاضي أبو الطيب في "شرح الفروع"، ونقلها عن الأكثرين. - ومنها: لو أحال أحدهما الآخر بأكثر مما عليه، فإن قبض في المجلس جاز، إن قلنا: إنها استيفاء، وان قلنا إنها معاوضة فلا يكفي، وإن تفرقا قبل التقابض بطل العقد، وإن [قلنا] (¬3): الحولة استيفاء؛ لأنها ليست باستيفاء حقيقة، كذا قال الماوردي وغيره فيما (¬4) حكاه ابن الرفعة. - ومنها: في ثبوت الخيار إذا وجده مفلسًا ثلاثة أوجه. ثالثها: التفريق بين اشتراط الملاءة أم لا، وأصحها: المنع، وعبارة الإمام تقتضي تخريج هذا [على] (¬5) الخلاف. - ومنها: في اشتراط رضى المحال عليه إذا كان عليه دين وجهان بنوهما (¬6) على الخلاف إن قلنا: اعتياض فلا يشترط، لأنه حق المحيل، فلا يحتاج فيه إلى رضى الغير، وإن قلنا: استيفاء فيشترط (¬7). - ومنها: في صحة الحوالة على من لا دين عليه [108 ن/ ب] برضاه وجهان ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) أي: الشيخ أبو علي الطبري. (¬3) من (ن). (¬4) وقعت في (ن): "وما". (¬5) من (ق). (¬6) في (ن): "ثبوتهما". (¬7) لتعذر إقراضه من غير رضاه.

بناهما الجمهور على الخلاف إن قلنا: اعتياض لم يصح؛ لأنه ليس على المحال ما يجعل عوضًا عن حق المحتال، وإن قلنا: استيفاء فيصح، كأن المحتال أخذ حقه وأقرضه المحال عليه، ولم ير [الإمام] (¬1) صحة هذا التخريج. - ومنها: الثمن في مدة الخيار، وهل تجوز له الحوالة به، وعليه؟ فيه وجهان أصحهما: الجواز، بناهما في "التتمة" على الخلاف إن قلنا: إنها معاوضة، فهي كالتصرف في المبيع في مدة الخيار، وإن قلنا: استيفاء، فيجوز. - ومنها: لو أحال من عليه الزكاة الساعي على إنسان [آخر بما له في ذمته] (¬2) جاز، إن قلنا: إنها استيفاء، أو معاوضة، فلا؛ لامتناع (¬3) أخذ العوض (¬4) عن الزكاة [97 ق / أ] [والله أعلم] (¬5). * * * ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) استدراك من (ك). (¬3) في (ن): "امتناع". (¬4) في (ن): "العوضين". (¬5) من (ن).

كتاب الصلح

كتاب الصلح قاعدة " لا يفارق الصلح البيع إلا في مسائل" (¬1). وقال صاحب التلخيص: هي اثنتان فقط، وقال الغزالي: هي ثلاث: الأولى: صلح الحطيطة لا يصح [بلفظ] (¬2) البيع، ويصح بلفظ الصلح على الأصح. الثانية: لو صالح أهل الحرب من أموالهم على شيء جاز، ولو صالح مسلم من (¬3) ماله على شيء لم يجز، قاله ابن القاص. الثالثة: قال أيضًا: إنما يجوز الصلح على (¬4) أرش الجناية لا بلفظ البيع، وأنكره الشيخ أبو علي، وقال (¬5): إن كان معلوم القدر والصفة جاز باللفظين، وإلا امتنع بهما، وإن علم القدر دون الوصف ففيه خلاف، وهو في الحقيقة منع لا تفصيل (¬6). ¬

_ (¬1) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 324)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 878)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 252). (¬2) سقطت من (ن). (¬3) وقعت في (ن): "على". (¬4) في (ق): "عن". (¬5) في (ق): "وقال الشيخ". (¬6) كذا في (س)، وفي (ن): "بيع لا تفضيل"، وفي (ق): "بيع لا بفضل".

قاعدة ما يبذل العوض بسببه إن كان مالا فهو البيع

الرابعة: قال البويطي من قِبَلِ نفسه؛ لا من (¬1) عند الإمام الشافعي: إذا وجب لرجل على رجل يمين (¬2) فافتدى بمال جاز، ووافقه النووي، ويشهد له ما في "البخاري" في القسامة في الجاهلية وافتداء رجل بيمينه، فإن صح ما قاله فهي صورة أخرى يستعمل فيها لفظ الصلح دون البيع [لكن] (¬3) في (¬4) "الحاوي" ما يخالفه، وهو الظاهر. قاعدة (¬5) " ما يبذل العوض بسببه إن كان مالًا فهو البيع وإلا فالافتداء (¬6) بحق كالخلع (¬7) أو بباطل كفك الأسير، وكل من البيع والافتداء إن جرى بعد منازعة (¬8) يُسمى صلحًا وإلا فلا" (¬9). قاعدة " المأذون له في شيء يكون إذنًا فيما يقتضي ذلك الشيء [إيجابه [109 ن/ أ] ¬

_ (¬1) وقعت فى (ن) و (ق): "لأن". (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "دين". (¬3) من (ن). (¬4) فى (ق): "وفي". (¬5) في (ق): "فائدة". (¬6) في في (س)، وفى (ن): "فإن افتدى"، وفى (ق): "فإن كان افتداء". (¬7) وقعت فى (ن) و (ق): "فخلع". (¬8) في (ق): "المنازعة". (¬9) نقل تاج الدين بن السبكي هذه القاعدة عن والده في "الأشباه والنظائر" (1/ 325).

وهل يكون إذنًا فيما يقتضي ذلك الشيء] (¬1) استحقاقه" (¬2)؟ فيه خلاف في صور: - منها: الوكيل بالبيع مطلقًا لا يملك تسليم المبيع قبل توفية الثمن، فإذا وفى ملك التسليم؛ لأنه مستحق عليه، والوكيل بالشراء يملك تسليم الثمن، ويملك قبض المشتري؛ لأفي العرف يدل عليه، وهل يملك قبض الثمن؟ فيه وجهان، وجه من قال: لا يملك القياس على قبض المشتري العين. - ومنها: [الوكيل] (¬3) في الخصومة في إثبات حق [هل] (¬4) يملك الاستيفاء؟ والوكيل في الاستيفاء هل يملك فيه الخصومة؟ فيه ثلاثة أوجه، ثالثها: الوكيل (¬5) بالاستيفاء يملك الإثبات؛ لأنه وسيلة بخلاف العكس. - ومنها: الوكيل بالشراء إذا توجه الدرك بالثمن عند خروج المبيع مستحقًا هل يخاصم لاسترداده الثمن؟ فيه خلاف، وتابع [بعض] (¬6) من قال: يملك التوابع، فأجرى خلافًا في أنه يملك إثبات الخيار وشرطه، وحكى وجهًا ثالثًا أنه يملك ذلك في الشراء دون البيع للحاجة إلى التروي. - ومنها: لو أذن له في رهن ماله على دين اقترضه الراهن وأعسر الراهن، هل يكون إذنًا في المرتهن في البيع؟ فيه خلاف، وأنكر [97 ق/ ب] الغزالي [عدم] (¬7) ¬

_ (¬1) ما ببن المعقوفتين من (ن). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 202)، "قواعد الزركشي" (1/ 108). (¬3) من (ن). (¬4) استدراك من (ك). (¬5) وقعت في (ن) و (ق): (كل). (¬6) من (ق). (¬7) من (ق).

قاعدة من جاز تصرفه فيما يوكل فيه جاز توكيله، وجازت وكالته

جواز بيعه (¬1)، وأما العقد (¬2) فلا ينفع (¬3) إلا بإذن جديد، لأنه وكيل في الحفظ. - ومنها: لو أذن لعبده المأذون [له] (¬4) في التجارة أن يرهن عبد السيد على دين لزمه في مال التجارة صح وبيع فيها؛ قال في "فتاوى" القاضي حسين: هذه مناقضة (¬5) علينا؛ لأن كل رقبة لا يملك المأذون [التصرف] (¬6) فيها لا يملك بيعها في دين تجارة، غير أن العذر أن الرهن اقتضاه بإذن (¬7) السيد. قاعدة القاعدة المذكورة في الوكالة: "من جاز تصرفه فيما يوكل فيه جاز توكيله، وجازت وكالته، ومن لا يجوز تصرفه لا يجوز توكيله ولا وكالته" (¬8). ويعبر عنها أيضًا بأن يقال: من جاز تصرفه استقلالًا في شيء يقبل النيابة جاز توكيله [ووكالته] (¬9)، ومن لا فلا (¬10)، ........................... ¬

_ (¬1) إذ لو لم نجز لتقاعد عن الرهن مقصوده، ولكان يحكم ببطلان الرهن. (¬2) في (ك): "العدل" وفي (ن): "العبد". (¬3) في (ن): "يبيع". (¬4) من (ق). (¬5) في (ن): "منافة". (¬6) من (ق). (¬7) وقت في (ن) و (ق): "دون". (¬8) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 328)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 325)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 795). (¬9) من (ق). (¬10) أي: ومن لا يجوز تصرفه في ذلك لا يجوز توكيله ولا وكالته.

ويحمل (¬1) كلام صاحب "التنبيه" على ذلك، فيكون مراده: من جاز تصرفه استقلالًا، فإن الباب معقود للنيابة، فلا يتعرض في جواز التصرف إلى ما يكون بالنيابة، ويكون مراده بما في قوله: فيما يوكله: "فيه" نكرة [109 ن / ب] موصوفة، ويكون متعرضًا إلى اشتراط قبول العقد النيابة بقوله: فيما يوكل فيه، فإن الشيخ شرف الدين المقدسي: أخبرنا أنه رآها مضبوطة [في نسخة المصنف بخطه بفتح الكاف] (¬2) فلا يرد عليه ما أورده الجيلي من الإيلاء والظهار والأيمان والرجعة على وجه، وكل ما لا يقبل النيابة، وقد أورد على طرد هذه القاعدة صور: الأولى: الفاسق يقبل النكاح لنفسه، وهل يجوز أن يكون وكيلًا في قبوله؟ قيل: وجهان، وقيل: بالمنع. الثانية والثالثة (¬3): العبد والسفيه إذا أُذِنَ لهما فيما يباشرانه بالإذن لا يجوز لهما أن يوكَّلا فيه ما لم يكن نكاحًا. الرابعة: العبد يقبل النكاح لنفسه بإذن سيده، ولا يجوز أن يقبل (¬4) لغيره بإذن سيده على وجه. الخامسة: إذا أُذِنَ للعبد (¬5) والسفيه في النكاح هل يوكلان (¬6) فيه؟ [فيه] (¬7) خلاف. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "ويدخل". (¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). والمراد بـ "المصنف"، فيما بين المعقوفتين: أي: أبو إسحاق الشيرازي مصنف "التنبيه". (¬3) جعلها في النسخة (ق) مسألة واحدة فجاء تعداد المسائل فيها عشر مسائل بخلاف هنا، فقد جاءت إحدى عشرة. (¬4) أي: النكاح. (¬5) في (ن) و (ق): "العبد". (¬6) في (ق): "يوكلا". (¬7) من (ك).

السادسة: الفاسق لا يجوز أن يكون وكيلًا في تصرف المحجور عليه. السابعة: العبد المأذون لا يجوز أن يوكل فيما أذن له فيه. الثامنة: الوكيل لا يجوز أن يوكل فيما يتولى مثله بنفسه ولم يكثر عليه [إلا] (¬1) بإذن. التاسعة: الوصي هل يلحق بالوكيل (¬2) في التوكيل؟ فيه وجهان، رجح كلًّا [منهما] (¬3) مرجح. العاشرة: الولي غير المجبر إذا أذنت (¬4) له في التزويج لا يستقل (¬5) بالإذن له في التوكيل على وجه. الحادية عشرة: لو أسلم على أكثر من أربع [نسوة] (¬6)؛ فإنه لا يوكل في اختيار أربع إلا أن نمنع دخولها في القاعدة [98 ق/ أ]. وأورد على العكس صور: الأولى: الطلاق الدوري إذا منع الزوج من الطلاق، قال بعضهم: طريق طلاقها أن يوكل الزوج فيه. الثانية: المرأة لا تملك الطلاق، فتكون وكيلة فيه على وجه رجحه جماعة. الثالثة: الأعمى لا تجوز منه الإجارة والشراء والكتابة إلا في ثلاث مسائل أسلفناها في البيع. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) كذا في (ن)، و (ك)، وفي (ق): "بالموكل". (¬3) من (ن). (¬4) في (ن): "أذن". (¬5) في (ك): "تستفيد". (¬6) من (ن).

وكل عقد (¬1) منع منه يجوز أن يوكل فيه، وعند هذا (¬2) نقول: أما ما ورد على الطرد، فإنه يخرج بشرط الاستقلال إلا [في] (¬3) قبول الفاسق، و [هو] (¬4) لا يرد على صاحب "التنبيه"، فلعله يرى جواز توكيله في القبول، وكذا كل مسألة ذات وجهين لا [110 ن/أ] ترد [عليه] (¬5) وأما ما ورد على العكس، فإن مسألة الدور (¬6) [قد] (¬7) لا يرى صاحب "التنبيه" [جواز] (¬8) التوكيل فيها، وفي طلاق المرأة وجهان. ومسألة الأعمى مشكلة، وزاد الشيخ صدر الدين (¬9) مسائل: الأولى: المفلس ليس له أن يبيع ويشتري بثمن معين، [وله] (¬10) أن يتوكل لغيره، وأن يوكل غيره في شراء شيء في الذمة. الثانية: الكافر ليس [له] (¬11) شراء عبد مسلم، وله أن يكون وكيلًا في شرائه لمسلم على أصح الوجهين. الثالثة: السفيه: لا يقبل نكاح نفسه بغير إذن وليه، ويجوز أن يكون وكيلًا في قبول نكاح غيره بغير إذن الولي على الصحيح، وليعلم أنه يحتمل أن يكون المراد ¬

_ (¬1) وقعت في (ن): "قاعدة". (¬2) في (ن): "وعندهما". (¬3) من (ن). (¬4) من (ق). (¬5) من (ك). (¬6) كذا في (ق)، وفي (ن): "المدونة". (¬7) في (ن): "لا". (¬8) من (ك). (¬9) يعني: صدر الدين بن الوكيل. (¬10) من (ق)، وفي (ن): "وأما". (¬11) من (ن).

بهذه القاعدة أن يكون التقدير: من جاز تصرفه في شيء بعينه جاز توكيله في ذلك الشيء بعينه ووكالته (¬1) ومن لا فلا. ويحتمل أن يكون التقدير: من جاز تصرفه في شيء بعينه جاز توكيله (¬2) في جنس ذلك الشيء، والمعنيان لا يتمشيان، لكن الأول منهما أقرب، وعلى الاحتمال الثاني ترد مسائل أخرى في غاية الكثرة. الأولى: الأب يتولى طرفي العقد [، فلو وكل وكيلًا في أن يشتري عبد ابنه الصغير للموكل لم يجز؛ لأن غير الأب لا يتولى طرفي العقد] (¬3) ولو وكله في أن يبيع من الأب والابن قابل (¬4) صح، ولو وكل وكيلًا [في] (¬5) بيع مال ابنه الصغير وآخر بشرائه صح؛ لأن التولي كان من اثنين. الثانية: إذا اشترط التقابض قبل التفرق (¬6)، فوكل وكيلًا في قبضه وفارق المجلس لم يصح قبض الوكيل (¬7)، استثناها صاحب "التلخيص"، وأنكر القفال عليه الاستثناء، لأن الموكل خرج لمفارقته عن أهلية التوكيل لزوال ملكه، نعم [لو] (¬8) قبض الوكيل في حضوره صح، وحيث (¬9) كان [له] (¬10) أن يقبض فله أن ¬

_ (¬1) وقعت في (ن) و (ق): "ووكيله". (¬2) في (ن): "أن يوكله". (¬3) ما بين المعقوفتين استدراك من (ك). (¬4) في (ن) و (ق): "بأقل". (¬5) من (ن). (¬6) في (ك): "إذا اشترى ما يشترط فيه التقابض فبل التفرق". (¬7) كذا في (ق)، وفي (ن): "قبل التوكيل". (¬8) سقطت من (ن) و (ق). (¬9) في (ن) و (ق): "بحيث". (¬10) من (ق).

يوكل وحيث منع منع. الثالثة: من منعناه في النكاح من تولي الطرفين كالجد على وجه وابن العم على المذهب. [قلت (¬1): صواب هذا العكس، فيقال كابن العم على وجه، والجد على المذهب] (¬2)، قيل: له أن يوكل كما يزوج الإمام الأعظم والقاضي خليفة، والمذهب المنع؛ لأن الخليفة يزوج بالولاية لا بالوكالة. - الرابعة: لو قالت لوليها وكِّل بتزويجي ولا تزوجني بنفسك [98 ق/ ب]، فالذي ذهب إليه الأئمة أنه لا يصح الإذن (¬3) على هذا الوجه، لأنها منعت الولي وردت التزويج [110 ن/ ب] إلى الوكيل الأجنبي فأشبه التفويض إليه ابتداءً. الخامسة (¬4): الإبراء إسقاط أو تمليك؟ (¬5) فيه خلاف، ظاهر المذهب: الثاني؛ لأنه (¬6) لو قال: ملكتك (¬7) ما في ذمتك صح من غير نية ولا قرينة، [بخلاف قوله] (¬8) لزوجته: ملكتُكِ: نفسك، ولعبده: ملكتك [رقبتك] (¬9)، قال النووي في ¬

_ (¬1) القائل: هو ابن الملقن. (¬2) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬3) وقعت في (ن): "الآن". (¬4) في (ق): "ومنها". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 123)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 368)، "قواعد الزركشي" (1/ 81). (¬6) في (ن): "أنه". (¬7) في (ن) و (ق): "تمليك". (¬8) ما بين المعقوفتين استدراك من (ك)، ووقع في (ق): "لقوله لو وجب". (¬9) من (ك).

فائدة: ترددوا في الرجوع اقتراحا [أم لا]

كتاب الرجعة: " والمختار أنه لا يطلق الترجيح في أصل هذه القاعدة، وإنما يختلف بحسب الفروع"، ويتخرج على الخلاف صور: - منها: الإبراء عن المجهول وغير ذلك مما أوضحته في "شرح المنهاج" في هذا الباب فراجعه منه (¬1). - ومنها: لو أبرأ أبيه عن دينه فليس له الرجوع إن قلنا: إسقاط، وإن قلنا [تمليك، فله، كذا ذكره، وفي رجوعه مع كونه] (¬2) تمليكا نظر، فإنه إذا ملكه سقط الدين، فلا يعود كما لا يرجع الوالد إذا زال عن (¬3) ملك ولده. - ولو وكل من عليه الدين في إبراء نفسه قال الغزالي: جاز، وطرد العراقيون الوجهين فيه، يشير إلى الخلاف في تولي (¬4) طرفي العقد لغير الأب والجد، قال الغزالي: ولعل منشأه أنه لو (¬5) قيل: يفتقر إلى القبول، فهو كسائر التصرفات، وإلا فيجوز، وهذا راجع إلى القاعدة. فائدة (¬6): ترددوا في الرجوع اقتراحًا [أم لا] (¬7)، فيه صور (¬8): الأولى: لو طالب البائع وكيل المشتري بالثمن على وجه من الأوجه الثلاثة في مطالبته فإذا أدى رجع على (¬9) الموكل على الصحيح. ¬

_ (¬1) لو أبرأه عن مجهول صح على الأول، دون الثاني وهو الأصح "ابن الوكيل" (ص: 123). (¬2) من (ق). (¬3) في (ن): "عين". (¬4) في (ن) و (ق): "وتولي". (¬5) في (ق): "إذا". (¬6) في (ن): "قاعدة". (¬7) من (ك). (¬8) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 372). (¬9) وقعت في (ن): "إلى".

قاعدتان: عن ابن سريج

الثاني: لا؛ لأنه اقتراح. [الثانية] (¬1): إذا قال: أدِّ ديني عني، فأداه، هل يرجع أم لا؟ قولان. الثالثة: إذا قال: اضمن عني. قاعدتان (¬2): عن ابن سريج ذكرهما الأصحاب في باب القراض (¬3). الأولى: "كل لفظة كانت خالصة لعقد حمل إطلاقها (¬4) عليه، فإن وصل بها ما ينافي مقتضاه بطل" (¬5). - ومنها: إذا قال: قارضتك على أن الربح كله لك فالأصح أنه قراض فاسد؛ لأنها لفظة خالصة لعقد القراض الذي مقتضاه الاشتراك في الربح، وما ذكره (¬6) منافٍ له فاسد. وقيل: قراض صحيح نظرًا إلى المعنى. - ومنها: إذا قال: أبضعتك على [أن] (¬7) الربح كله [لك، ففيه الوجهان؛ لأن معنى الإبضاع أن يكون الربح كله] (¬8) للمالك (¬9)، فالزيادة منافية. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ن): "فائدتان". (¬3) كذا فى (س)، وفي (ن) و (ق): "التفريق". (¬4) في (ن): "إطلاقه". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 347). (¬6) أي قوله: "على أن الربع كله لك"، لمنافاة ذلك لمقتضى عقد القراض. (¬7) من (ن). (¬8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬9) ولا حق للعامل فيه، بل هو وكيل متبرع فقوله فى هذه الصيغة: "على أن الربح كله لك"، زيادة تنافى معنى الإبضاع.

- ومنها: [إذا قال: بعتك بلا ثمن] (¬1) [111 ن/ أ]، وكذا إذا قال: أسلمت إليك هذا الثوب في العبد، ونظائرهما من مسائل اللفظ والمعنى (¬2). الثانية [99 ق/ أ]: "كل لفظة وضعت لعقدين فأكثر لم ينصرف إطلاقها إلى شيء، فإن عقبها [ببعض] (¬3) ما يصلح لتلك (¬4) العقود أخلصها (¬5) [له] (¬6) ". - فمنها: إذا قال: تصرف، والربح كله لك، فهو قرض؛ لأن تصرفه محتمل، وقد وصله ببعض ما يصلح للقرض فيخلص له. - ومنها: إذا قال: تصرف بالبيع (¬7) والشراء، فوجهان في "البحر" في أنه إبضاع أو قراض فاسد، قال ابن الرفعة: تقتضىِ القاعدة أن لا ينصرف إلى شيء -أي معين- أما المعنى المشترك بينهما فمحقق (¬8). * * * ¬

_ (¬1) تكررت في (ن). (¬2) ولابن السبكي في هذه المسألة بحث، راجعه في "الأشباه والنظائر" (1/ 347 - 348). (¬3) من (ق)، وانظر هذه القاعدة في "الأشباه" (1/ 348). (¬4) في (ن) و (ق): "لذلك". (¬5) في (ق): "أصلحها". (¬6) من (ق). (¬7) في (ق): "في البيع". (¬8) وهو توجيه تقي الدين السبكي.

باب العارية

باب (¬1) العارية قاعدة " الأظهر أن العارية مضمونة إلا إذا تلفت من الوجه المأذون فيه" (¬2). وكذا لو تلفت في شغل المالك، كما إذا أرسله في حاجته فأعاره دابة ليركبها فيها، وكذا لو لقيه في الطريق [ومعه دابة] (¬3) فأركبها [له] (¬4) ليحفظها. وقال ابن القاص في "تلخيصه": العارية مضمونة إلا واحدة، وهي ما إذا استعار عينًا ليرهنها فتلفت في يد المرتهن، فإن المستعير لا يضمنها على الأصح؛ لأن سبيله سبيل الضمان، وقال الجرجاني في "المعاياة"، والروياني في "الفروق": إلا في مسألتين هذه، وما إذا أحرم وفي ملكه صيد، وقلنا: يزول ملكه بالإحرام، فإنه إذا أعاره لم يضمنه المستعير؛ لأنه لا تملك له (¬5). قلت: لا مُغيِّر للحقيقة (¬6). ¬

_ (¬1) في (ق): "كتاب". (¬2) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 358 - 359)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 800)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 266 - 267)، "قواعد الزركشي" (2/ 323)، "القواعد" لابن رجب (1/ 262 - 263). (¬3) من (ن). (¬4) من (ق). (¬5) كذا فى (ق)، وفي (ن): "لأنه تمليك له". (¬6) في (ق): "في الحقيقة".

قلت (¬1): وأهملا ثالثة سلفت (¬2). ورابعة: المستعير من المستأجر لا ضمان عليه على الأصح. وخامسة: المستعير من الموصى له بالمنفعة (¬3) كذلك على الأصح (¬4). * * * ¬

_ (¬1) أي لا يصح استثناء الروياني والجرجاني لهذه المسألة، فإنه لا مغير في الحقيقة. (¬2) وهى التي ذكرها ابن الملقن بعد القاعدة مباشرة. (¬3) في (ن): "بالنفقة". (¬4) وزاد ابن السبكي: "العارية التالفة بالاستعمال، كما إذا انمحق الثوب، فلا ضمان في الأصح".

باب الإجارة

باب الإجارة قاعدة " لا يجتمع على عين عقدان لازمان" (¬1). ومن ثم ضُعِّف قولُ أبي إسحاق (¬2): " [إن] (¬3) مورد الإجارة العين" ولم يمتنع (¬4) بيع العين المستأجرة، وهو الصحيح لاختلاف المورد، وحكى محمد بن يحيى في "محيطه" -تلميذ الغزالي- خلافًا في أن المعقود عليه في النكاح منافع البضع أو ذات المرأة؟ وبنى عليه استقرار المهر بالوطء في دبرها، وعبارة القاضي (¬5) في " تعليقه" في أول الإجارة: "اختلف أصحابنا (¬6) في [111 ن/ ب] المعقود (¬7) عليه في النكاح، قيل: هو الحِلُّ، والأصح: أنه عقد على عين لاستيفاء منفعة مخصوصة". ولو مرَّ مارٌ على جماعة ينتضلون، فقال لواحد: ان أصبت بهذا السهم فلك دينار، نص [الإمام] (¬8) الشافعي على أنه يستحق بالإصابة، قال الإمام: "هذا يدل ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 357)، "قواعد الزركشي" (2/ 410). (¬2) أي: المروزي. (¬3) استدراك من (س). (¬4) في (ق): "ولا يمنع". (¬5) أي: القاضي حسين. (¬6) في (ق): "أصحهما". (¬7) في (ق): "أن المعقود". (¬8) من (ن).

قاعدة العقد على المنفعة مدة إذا طرأ فيها ما لو كان قارن الابتداء [يمنعه]

على انقطاع هذه [المعاملة عن الإجارة] (¬1) إلى آخره، وقد يفهم منه اجتماع عقدين لازمين (¬2). - ومنها: يمتنع استئجار العِكَام (¬3) للحج. قاعدة (¬4) " العقد على المنفعة مدة إذا طرأ فيها ما لو كان قارن [99 ق/ ب] الابتداء [يمنعه] (¬5) "، فيه (¬6) صور: - منها: إذا استأجر مسلم دارًا من حربي في دار الحرب (¬7) ثم غنم المسلمون الدار أو استأجر حربيًّا فاسترق لم تنقطع الإجارة بل (¬8) يبقى للمستأجر استحقاق المنفعة؛ لأن منافع الأموال مملوكة ملكًا تامة، مضمونة باليد كأعيان الأموال. أما إذا سُبيت زوجته، فإنه ينفسخ النكاح على أحد الوجهين. والثاني: إن كانت مدخولًا بها تربص بها انقضاء (¬9) العدة رجاء زوال الرق والكفر، ومن الأصحاب من خرج انقطاع الإجارة على هذا الخلاف، والقائل ¬

_ (¬1) كذا فى (س)، ووقع فى (ن) و (ق): "المقالة عن الإصابة". (¬2) أي: يستحق الدينار بجعل الجاعل ويستحق في المعاملة الأصلية ما كان يستحقه. (¬3) العِكام: ما تستعمله المرأة لتضع فيه ذخيرتها. "القاموس" (ص: 1051) .. (¬4) فى (ن): "فائدة". (¬5) من (ن). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 164). (¬7) في (ق): "الحربي". (¬8) وقعت في (ن): "قبل أن". (¬9) وقعت في (ن) و (ق): "تتربص بانقضاء".

فائدة: أخذ العوض على فرض الكفاية والعين

الأول فرَّق بأن البُضع يستباح [و] (¬1) لا يملك ملكًا تامًّا، وكذلك [لا] (2) يضمن باليد. - ومنها: إذا أجر الولي الطفل أبًا كان أو وصيًّا أو قيمًا [أو ما] (¬2) له مدة لم يبلغ فيها بالسن، ويجوز أن يبلغ بالاحتلام جاز، لأن الأصل جواز دوام الصبا، فلو احتلم في أثنائها، فوجهان رجح الشيخ أبو إسحاق، والروياني في "الحلية" البقاء، ورجح الإمام والمتولي المنع. قلت (¬3): والأول هو الأصح [والله أعلم] (¬4) وعلى الأول: لا خيار له على الأظهر كالصغيرة إذا زُوِّجت وبلغت. - ومنها: لو أجر مال المجنون فأفاق في أثناء المدة فهو على هذا الخلاف. - ومنها: لو أجر عبده ثم أعتقه، فالأصح أنه (¬5) لا تنفسخ الإجارة (¬6)، وأنه لا خيار للعبد، وأنه لا رجوع له على سيده بأجرته. فائدة: أخذ العوض (¬7) على فرض الكفاية والعين في صور (¬8): - منها: الاستئجار على تعليم الفاتحة بحيث يكون فرض كفاية [12 ن/أ] يجوز، وكذا إذا تعين [على الأصح] (¬9). ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ك). (¬3) القائل: هو ابن الملقن، وهي ساقطة من (ق). (¬4) من (ق). (¬5) في (ق): "أنها". (¬6) لأن السيد أزال ملكه عن المنافع بالعتق، فتناول ما بقي ملكًا له. (¬7) في (ق): "العوضين". (¬8) الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 225 - 226)، "قواعد الزركشي" (3/ 28 - 32). (¬9) من (ق).

-[ومنها: الاستئجار على تجهيز الموتى حيث يكون فرض كفاية يجوز، وكذا إذا تعين على الأصح] (¬1). - ومنها: إطعام المضطر حيث يصير فرض [عين] (¬2) على المذهب جواز أخذ العوض (¬3) عليه. - ومنها: إنقاذ الغريق، قالوا: لا تثبت عليه أجرة المثل، وفرقوا بينه (¬4) وبين المضطر بأنه (¬5) قد لا يكون للمضطر مال. قلت (¬6): وفرقوا أيضا بأنه لا يجوز التأخير في الأول بخلاف الثاني، وفيه نظر، لا جرم سوى القاضي أبو الطيب بينهما فقال: إن احتمل الحال فيمن وقع في ماء أو نار لتعذر أخذه لم يلزمه تخليصه حتى يلتزمها كما في المضطر، وإن لم يحتمل الحال في المضطر التأخير لم يلزمه العوض ولا فرق بينهما. - ومنها: لو أصدقها تعليم الفاتحة وهو متعين ليعلمها، الأصح: الصحة بخلاف ما لو نكح امرأة على أداء شهادة لها عنده، أو على تلقين كلمة الشهادة (¬7) يصح الصداق، قاله البغوي. - ومنها: على الأم أن ترضع ولدها اللَّبَأَ ولها أخذ الأجرة عليه على المذهب. - والقاعدة في [100 ق/أ] فرض الكفاية [أنه] (¬8) إن تعين بمحل أو كتجهيز ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن): "كفاية"، وهي ساقطة من (ق). (¬3) وقعت في (ن): "الفرضين"، وفي (ق): "العوضين". (¬4) في (ن): "بأن بينه". (¬5) في (ن): "أنه". (¬6) القائل: هو ابن الملقن. (¬7) أي: إذا كانت المنكوحة كتابية. (¬8) استدراك من (ك).

الميت (¬1) فإن محله التركة، فإن لم يكن فهو فرض كفاية، وإن لم يكن كالجهاد، فإنه على المسلمين (¬2) بكل حال، فالنوع الأول يجوز أخذ الأجرة عليه، لا الثاني، لكن للإمام (¬3) على الأصح أن يستأجر الذمي، وفي هذه القاعدة مسائل أخر. - منها: أنه لا يجوز استئجار المسلم للجهاد؛ لأنه إذا حضر (¬4) الصف تعين عليه (¬5)، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه، وعن الصيدلاني أنه يجوز [أن] (¬6) يعطى الأجرة من سهم المصالح. - ومنها: من دُعي للتحمل ولا رزق له في بيت المال، له أخذ الأجرة إن لم يتعين، وكذا (¬7) إن تعين في الأصح، وقال أبو الفرج الزاز إن أبا (¬8) التحمل فلا أجرة [له] (¬9)، فإن دعي للأداء فليس له أخذها؛ لأنه فرض توجه عليه، وهو كلام يسير ولا أجرة لمثله، وجزم [صاحب] (¬10) "الحاوي الصغير" أنه لو أخر الركوب وإن لم يركب، قال القاضي: وإذا [12 ن/ ب] دعت الضرورة إلى إعارة الدلو والرشا وجب العوض. ¬

_ (¬1) كذا في (ك)، وفي (ن): "أنه تعين المحل أو لا لتجهيز الميت"، وفي (ق): "إن تعين المحل أو لا فتجهيز الميت". (¬2) وقعت في (ن): "المسألتين". (¬3) في (ق): "الإسلام". (¬4) في (ن): "جعل". (¬5) في (ن): "له". (¬6) من (ك). (¬7) في (ن): "وأما". (¬8) في (ق): "أتاه". (¬9) من (ق). (¬10) من (ن).

قاعدة فرض العين لا يؤخذ عليه أجرة

قاعدة " فرض العين لا يؤخذ عليه أجرة في مسائل" (¬1): - منها: لو قال: صلِّ الظهر لنفسك ولك عليَّ دينار، فصلى صحت ولا دينار، قاله الرافعي في الظهار. - ومنها: الأصح وجوب [بذل] (¬2) فضل ماء الماشية، وأنه (¬3) لا يجوز أخذ العوض عنه، وفي الآدمي نظر، [وينبغي] (¬4) وجوب العوض؛ فإن المعنى في الماشية تتبع (¬5) الكلأ (¬6)، وهو مفقود (¬7) فيه. - ومنها: على قول الإجبار في وضع (¬8) الجذوع لو صالح على مال لم يجز؛ قالوا: لأن من ثبت له حق لا يجوز [له] (¬9) أخذ العوض [منه] (¬10) عليه. - ومنها: من تعين عليه قبول الوديعة كمن [لم] (¬11) يكن هناك غيره، وخاف ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (2/ 87). (¬2) من (س). (¬3) في (ق): "ولأنه". (¬4) من (س)، وفي (ق): "وفي". (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "منع". (¬6) في (ق): "الكلام". (¬7) وقعت في (ن) و (ق): "المقصود". (¬8) في (ق): "موضع". (¬9) من (ق). (¬10) من (س). (¬11) من (س).

إن لم يقبل هلاكَها، قال صاحب "المرشد" (¬1): لا يجوز له أخذ أجرة الحفظ لتعينه عليه، وتجوز (¬2) أجرة مكانها، ويؤيده ما نقله الرافعي عن أبي الفرج أن الواجب أصل القبول دون إتلاف منفعة نفسه، وحفظه في الحرز من غير عوض، [غير] (¬3) أن صاحب "المرشد" يقول: إن نفس الحفظ لا يؤخذ عليه أجرة، وأبو الفرج يقول: [تؤخذ] (¬4)، وإليه يميل بحث الرافعي، وخرج ابن الرفعة في المسألة خلافًا في (¬5) أن من تعين عليه تعليم [امرأة] (¬6) قراءة الفاتحة هل يجوز أن يجعل ذلك صداقها؟ (¬7) ومن أنقذ غريقًا مع اتساع الزمان لطلب (¬8) الأجرة، هل يستحقها؟ ونظائرها كما سلف، وأما أصل القبول فليس عملًا يقابل حتى يقال هل يؤخذ عليه أجرة؟ وإنما العمل الحفظ (¬9). ¬

_ (¬1) "المرشد في فروع الشافعية" في مجلدين متوسطن لابن أبي عصرون، عبد الله بن محمد الموصلي الشافعي المتوفى سنة (585 هـ)، وهو أحكام مجردة بلفظ وجيز كانت الفتوى عليه في مصر قبل وصول الرافعي إليها. راجع: "كشف الظنون" (2/ 537)، "طبقات الفقهاء الشافعية" (1/ 343 - رقم 328). (¬2) في (ق): "ويكون". (¬3) من (ق). (¬4) من (ق). (¬5) في (ن) و (ق): "من". (¬6) من (س). (¬7) في (ن): "صداقًا". (¬8) في (ن) و (ق): "وطلب". (¬9) قال ابن السبكي: "والأشبه جواز الأخذ فيه وإن تغير، كما مال إليه الرافعي".

قاعدة الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة

قاعدة " الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة في صور" (¬1): الأولى: الإجارة ثابتة على خلاف الدليل لكون (¬2) المنافع لم توجد بعد لعموم الحاجة، ثم يَطَّرد (¬3) إجزاؤها [100 ق/ ب] من غير نظر في حق الآحاد الى قيام الحاجة. الثانية: [ضمان الدرك] (¬4) جائز على المنصوص، وهو مخالف لقياس (¬5) الأصول؛ فإن البائع إذا باع ملك نفسه فما أخذه من الثمن ليس بدين عليه حتى يضمنه. الثالثة: مسألة العلج (¬6) الدال على القلعة بجارية منها: يَصح للضرورة مع [أن] (¬7) الجعل يجب أن يكون معلومًا [مقدورًا] (¬8) على تسليمه، مملوكًا إذا كان معيَّنًا [113 ن/ أ] وهذه الشروط مفقودة هنا. ¬

_ (¬1) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 346)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 218)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيْم (1/ 93)، "قواعد العز" (2/ 286)، "قواعد الزركشي" (2/ 24)، "شرح القواعد الفقهية" للزرقا (رقم: 31)، "القواعد" للندوي (ص: 142، 143، 233). (¬2) وقعت في (ن): "لكن". (¬3) في (ن): "نظر"، وفي (ق): "يطرأ جوازها". (¬4) استدراك من (ك). (¬5) في (ق): "لقيام". (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الصلح". (¬7) سقطت من (ن). (¬8) من (ق)، ووقعت في (ن): "معه ولم يكن".

فائدة: شرط المأجور أن يكون مقدورا على تسليمه

الرابعة: الجعالة ثابتة (¬1) على خلاف الأصل في المجهول الذي لا يمكن أن يستأجر عليه، ومع ذلك يصح على العمل [المعلوم] (¬2) على الأصح. الخامسة: استئجار أهل الذمة على الجهاد، حيث قلنا: إنه إجارة لا جعالة تجوز مع الجهل بالعمل (¬3). السادسة: أن يتترس الكافر الواحد بالمسلم يمنع قصد المسلم بحال رعاية (¬4) المسلم أنه مستسلم، فهو كما لو أكره الكافر مسلمًا على قتل مسلم، وهذه قاعدة مقررة، فلو خيف قصد التقاء الصفين وتترسوا ولم يقصد التترس لاصطدام الجند وعلت راية الكفر فههنا وجهان، فهذه الحاجة عامة، نقل الشيخ زين الدين (¬5) عن الإمام أنه قال في كتاب النكاح في النظر المحرم حيث يباح للمعالج (¬6)، ورأى أنه يلحق بالتيمم خلافًا ووفاقًا، كالمرض المضني وطوله، قال: ولا يختلف فيه هنا وإن اختلف هناك؛ لأن الانتقال إلى التراب (¬7) من الأحوال النادرة بخلاف الحاجة إلى التكشف، قال: ومن مراتب الكلام تنزيل ما يعم -وإن خفَّ (¬8) - تنزيل ما يثقل إذا اختص. فائدة: شرط المأجور أن يكون مقدورًا على تسليمه (¬9)، مملوك المنفعة لمن ¬

_ (¬1) وقعت في (ن): "بما فيه". (¬2) من (ك). (¬3) وقعت في (ن): "بالعلم". (¬4) كذا في (ق)، وفي (ن): "عارية". (¬5) أي: زين الدين ابن الوكيل. (¬6) وقعت في (ن): "للصالح"، وفي (ق): "للمصالح". (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الثواب". (¬8) في (ن): "فإن خيف". (¬9) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 385).

وقع العقد له، وأن لا يتضمن استهلاك عين (¬1)، وأن يستعقب الإجارة القدرة على الانتفاع؛ وأما المنفعة فشرطها أن تكون متقومة معلومة مباحة [يلحق العامل بها كلفة ويتطوع بها الغير عن الغير، ومنفعة الكلب مباحة] (¬2) غير مملوكة على ما قاله الشيخ أبو خلف (¬3) (¬4)، وشبههُ بالمستعار، وفيه وجه آخر: أنها مملوكة، حكاه الماوردي وخرج عليه جواز إجارته للصيد (¬5) قال الجرجاني: منفعة الكلب مباحة غير مملوكة مقصودة والثلاثة مباحة، ومنفعة الغِنَاء والزمر وحمل اللحم للإراقة محرمة على (¬6) الأصح في المسألتين. * * * ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "غيره". (¬2) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬3) هو محمد بن عبد الملك بن خلف، أبو خلف السَّلْمي الطبري، أخذ عن القفال، والأستاذ أبي منصور البغدادي، ومن تصانيفه: "شرح المفتاح" لابن القاص، و"المعين" في الفقه والأصول، و"سلوة العارفين وأنس المشتاقين" في التصوف، و"الكفاية" في الفقه توفي في حدود سنة سبعين وأربعمائة (470 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 240 - رقم 221). (¬4) في (ق): "أبو حامد". (¬5) في (ن): "إجارة الضيف". (¬6) في (ق): "في".

باب إحياء الموات

باب إحياء الموات قاعدة " ما نصبه الشارع سببًا من قول أو فعل فقد (¬1) تقوم النية مقامه فيها [في] (¬2) صور ولو على وجه" (¬3): - منها: إذا أحيا أرضًا بنية (¬4) جَعْلِها مسجدًا [صارت مسجدًا] (¬5) بمجرد النية ولا يحتاج إلى اللفظ (¬6)، كما في الوقف في "الحاوي". قلت (¬7): قد خولف فيه كما أوضحته في "شرح المنهاج". - ومنها: لو نوى جعل (¬8) [113 ن /ب] شاة في ملكه أضحية أو هديًا [101 ق/ أ] صارت أضحية على وجه. قلت: وهو القديم، والجديد [الصحيح: ] (¬9) المنع، فعلى الأول فيما يصير هديًا أو أضحية أربعة أوجه: أحدها: بمجرد النية، ثانيها: به والتقليد والإشعار. ¬

_ (¬1) كذا في (ك)، وفي (ن): "فهل"، وفي (ق): "فهو". (¬2) من (ك). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 119). (¬4) في (ن) و (ق): "ميتة". (¬5) من (ن). (¬6) في (ق): "لفظ". (¬7) القائل: هو ابن الملقن. (¬8) في (ن): "جعله". (¬9) من (ق).

ثالثها: به والذبح. ورابعها: به والسوق إلى الذبح. - ومنها: لو اشترى شاة بنية التضحية أو الإهداء صارت (¬1) كذلك عند [الإمام] (2) أبي حنيفة، و [الإمام] (¬2) مالك، وفي "التتمة" وجه كمذهبهما، قال الرافعي: "وغالب الظن أن هذا الوجه صدر عن غفلة بل هو الوجه في دوام الملك"، يعني المتقدم. - ومنها: قصد الجناية (¬3) في اللقطة (¬4) هل يقوم مقام الجناية حتى يصير ضامنًا، وجهان؛ أصحهما: لا، وفي المودع (¬5) أيضًا وجه ضعيف. قلت (¬6): والأصح المنع [اللهم] (¬7) إلا أن يتصل بنيته فعل من المحرم (¬8)، كما في قطع القراءة مع السكوت، أما إذا أخذ المودع على قصد الجناية (3) صار ضامنًا، وكذا الملتقط. قلت: ولو نوى أن لا يرد الوديعة وقد طلبها المالك ففيه الخلاف المذكور، واختار الماوردي أنه يضمن قطعًا، وكذا لو كان الثوب في صندوق غير مقفل ففتح رأس الصندوق ليَأخذ (¬9) الثوب ثم يبذله (¬10) ففيه الخلاف، وأهمل الشيخ (¬11) صورًا. ¬

_ (¬1) في (ن): "جازت". (¬2) من (ن). (¬3) في (ن)، و (ق) و (ك): "الخيانة". (¬4) في (ن) و (ق): "اللفظ". (¬5) كذا في (ق)، وفي (ن): "الموضع". (¬6) القائل: هو ابن الملقن. (¬7) من (ق). (¬8) في (ن): "الحرز". (¬9) في (ن): "فيأخذ". (¬10) في (ن) و (ق): "بداله". (¬11) يعني: صدر الدين ابن الوكيل.

فروع

- منها: إذا نوى بمال التجارة القنية انقطع حول التجارة، ولو نوى بما عنده للقنية التجارة [لم ينعقد الحول؛ لأن مجرد هذه النية] (¬1) لا تؤثر إلا إذا اقترنت بالشراء أو البيع، وفيه وجه للكرابيسي (¬2) من أصحابنا أن بمجرد نية التجارة ينعقد الحول ويصير ذلك مال تجارة. - ومنها: لو نوى قطع السفر في أثناء سفر القصر بأن (¬3) عزم على الإقامة بموضعه والرجوع إلى وطنه انقطع سفره وكان ابتداء سفره من هناك إذا سافر. - ومنها: إذا نوى قطع القراءة في الصلاة مع سكتة يسيرة، فإن قراءته تبطل على الأصح، أما مع عدم السكوت، فلا تؤثر نيته قطعًا كما سلف في كتاب الصلاة. فروع: [سلفت] (¬4) في الطهارة أيضًا: تبطل الصلاة بنية الخروج منها كالإسلام وكذا بالتردد في ذلك بخلاف الحج والعمرة، لأنهما لا يبطلان بالفعل المفسد، فالنية أولى [114 ن/ أ]. ولو نوى الوضوء في أثنائه لم يبطل ما مضى على الأصح بل يجدد النية، ويأتي بما بقي، ولو نوى قطعه بعده فلا أثر لذلك على الأصح؛ إذ ليس للنية ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬2) هو الحسين بن علي بن يزيد، أبو علي، البغدادي، الكرابيسي، أخذ الفقه عن الشافعي، وكان أولًا على مذهب أهل الرأي، كان متكلمًا عارفًا بالحديث، له تصانيف كثيرة في الأصول والفروع، قال العبادي: لم يتخرج على يدي الشافعي بالعراق مثل الحسين، وروى كتاب القديم عن الإمام الشافعي، وسمي بالكرابيسي، لأنه كان يبيع الكرابيس، وهي الثياب الغليظة، توفي سنة ثمان وأربعين ومائتين (248 هـ). راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 31 - رقم 8). (¬3) في (ن): "بل". (¬4) من (ن).

حينئذ مدخل [101 ق/ ب] فيه. والصيام [والاعتكاف] (¬1) لا يبطلان بقطع النية أيضًا على الأصح، واختار جماعة مقابله، وذكر القاضي أن في نصه ما يدل عليه، ولو نوى الخروج من الصوم بالأكل أو الجماع، فقال النووي في "شرح المهذب": المشهور بطلانه في الحال، يعني على القول بأن نية الخروج فيه مبطلة، وقيل: لا يبطل حتى يمضي زمن الأكل أو الجماع، وحكى ابن الرفعة عن القاضي أنه لا يبطل صومه بهذه النية أصلًا، وهو ظاهر؛ أي لأن الكفارة (¬2) إنما تجب على المجامع لإفساده، ولو كان العزم كالفعل لم يصادف الجماع صومًا يفسد فلا كفارة، كما [لو] (¬3) أكل قبله ولا قائل به، فلو قلب نية العبادة من صفة إلى أخرى، فإن كان ذلك في الصلاة فهو مبطل لها بغير سبب، وإن كان فالنص على أنه [إن] لم يحرم بالصلاة منفردًا (¬4) ثم حضر جماعة أنه (¬5) ينقلها نفلًا ثم يصلي معهم، وأما [في] (¬6) الصوم فيتخرج على الخلاف السالف. وحكى القاضي عن النص أنه (¬7) قال في صوم [الكفارة]: الظاهر إن صام فيها يومًا تطوعًا أو غيَّر النية إلى التطوع، فعليه أن يستأنف وهو ظاهر، في أن (¬8) تغير النية ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ق): "كفاية" (¬3) من (ق). (¬4) في (ن): "منفردًا". (¬5) في (ن): "أن". (¬6) من (ق). (¬7) في (ن): "أنه لو" (¬8) في (ن): "وإن"

فائدة: في أسباب الملك

من صوم الكفارة إلى صوم التطوع يفسد النية. فائدة: قال ابن الرفعة هنا (¬1): "أسباب الملك ثمانية: الميراث- والمعاوضات- والهبات- والوصايا- والوقف- والغنيمة- والإحياء- والصدقات" (¬2). انتهى. و[قد] (¬3) بقي عليه أسباب أخر: منها: تملك (¬4) اللقطة بشرطه. ودية القتل يملكها أولًا، وكذلك يؤتي منها دينه. والجنين (¬5)، الأصح أنه يملك الغرة. وخلط الغاصب المغصوب بماله، أو [بمال] (¬6) آخر لا يتميز، يوجب تملكه إياه على الأصح (¬7). والضيف يملك ما جمله [على الأصح إما بالوضع بين يديه أو في الفم أو] (¬8) بالأخذ أو بالازدراد، ففي حصول الملك قبيله وجوه، وقد يجاب بدخوله في الهبة. وذكر الجرجاني في "المعاياة"، والروياني في "الفروق" أن السابي (¬9) إذا ¬

_ (¬1) أي: في باب إحياء الموات من كتابه "الكفاية". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 362 - 363)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 592)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 340)، "قواعد الزركشي" (3/ 231). (¬3) من (ن). (¬4) وقعت في (ن) و (ق): "طلب". (¬5) وقعت في (ن): "والحيض". (¬6) من (س). (¬7) عند الرافعي والنووي. (¬8) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬9) في (ن): "العامي".

قاعدة إذا تعلق بشيء واحد حق اثنين فصاعدا

وطئ (¬1) [المسبية] (¬2) كان متملكًا لها، وهو غريب عجيب [114 ن/ ب]. والوضع بين يدي الزوج المخالع (¬3) على الإعطاء على الأصح، والأصح أنه يملك (¬4) وقال الشيخ أبو علي: "يبدل بمهر المثل، وفي كلام الماوردي ما (¬5) يخرج منه وجه ثالث: أنه يستحق بالوضع ووقوع الطلاق (¬6) بتلك الألف أو أخرى، ويدخل في المعاوضات [102 ق / أ] (¬7). قاعدة مستنبطة: "إذا تعلق بشيء واحد حق اثنين فصاعدًا فهل نقول: كل (¬8) منهما يستحقه على التمام والكمال" (¬9). ولكن ضرورة الازدحام (¬10) أدت إلى التناصف، أو (¬11) إنما يستحق بقسطه (¬12) ¬

_ (¬1) وقعت في (ن): "ولي". (¬2) من (ق). (¬3) كذا في (ق)، وفي (ن): "المجامع". (¬4) فلو قال: إن أعطتني ألفًا فأنت طالق، كفى الوضع بين يديه على الصحيح، والصحيح أنه يملك به. (¬5) في (ن) و (ق): "أنما". (¬6) وقعت في (ن) و (ق): "الثلاث". (¬7) في "ابن السبكي": "وقد يجاب عن هذه الصورة بدخولها في المعاوضات". (¬8) في (ن): "نزل كلًّا". (¬9) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 246). (¬10) في (ق): "الزحام". (¬11) في (ن) و (ق): "و". (¬12) في (ق): "بسقطه".

[منه] (¬1)، فيه تأمل، والظاهر الأول، وفي كلام ابن سريج ما يشهد له كما بينه عنه في "النهاية" في باب الأقضية واليمين [مع] (¬2) الشاهد (¬3)، في مسألة ما إذا وقف على أولاده ثم (¬4) أولاد أولاده، وكانوا ثلاثة، والوقف يصرف أثلاثًا فتجدد ولد له فصار أرباعًا. ويتخرج على القاعدة فروع: - منها: إذا حمى الإمام أرضًا فدخل واحد من الرعية فرعاه ومنع غيره، قال القاضي أبو حامد: لا يعزر؛ لأنه استوفى حقه. - ومنها: ما لو زال ملك المشتري ثم عاد بعوض وأفلس فهل له حق الرجوع في عين (¬5) المبيع للبائع (¬6) الأول لسبقه، أو للثاني لقرب حقه، أم يشتركان ويضارب كلٌّ بنصف الثمن، فيه [أوجه] (¬7)، أقيسها: كما قال الإمام (¬8)، وعلى الثالث (¬9) إنما اشتركا لثبوت الحق [لكل منهما على التمام، بدليل أنه لو عفا (¬10) ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) سقطت من (ن) و (ق). (¬3) وقعت في (ن): "الشهادة". (¬4) في (ن) و (ق): "و". (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "تنجيز". (¬6) كذا في (س)، وفي (ن): "الباذل"، وفي (ق): "للتأويل". (¬7) من (ن). (¬8) ورجح إمام الحرمين الوجه الثاني وقال في "النهاية": "إنه القياس"، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 248). (¬9) في (ق): "الثاني". (¬10) وقعت في (ن): "فعلى".

الأول كان الحق] (¬1) للثاني قطعًا، صرح به الإمام في "النهاية" قال: ولو عفا (¬2) الثاني، فهل (¬3) للأول الرجوع (¬4)؟ فيه وجهان مبنيان على ما لو زال وعاد بلا عوض [والله أعلم] (¬5). * * * ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) كذا في (س) وفي (ن) و (ق): "على". (¬3) وقعت في (ن): "فعلى". (¬4) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "الوقوع". (¬5) من (ن).

باب الوقف

باب الوقف فائدة: قول ابن الصلاح (¬1): "إن وقفت على أولادي ثم على أولاد أولادي لا يقتضي الترتيب، فيكون وقفًا عليهما معًا، يقتضي خلافًا في أن (ثم) للترتيب [ولم يقل أحد إنه إذا أتى بالواو أنه يكون للترتيب] (¬2) وإن قيل: إن الواو للترتيب، فلو قال: إن دخلتي الدار وكلمتي زيدًا فأنت طالق، فلا بد من وجودهما في وقوع الطلاق، ولا يقع بهما إلا طلقة واحدة، ولا فرق بين أن يتقدم الكلام أو يتأخر". وفي "التتمة" ما يقتضي إثبات خلاف فيه؛ لأنه قال: "من جعل الواو للترتيب فلا بد عنده من أن [115 ن/ أ] يتقدم الدخول على الكلام، والرافعي قال: "ومن الأصحاب من جعل الواو للترتيب" وذكر -أعني الرافعي- في آخر باب القسم والنشوز: "أنه لو قال لوكيله: خذ مالي ثم طلقها لم يجز تقديم الطلاق". ولو قال: خذ مالي و (¬3) [102 ق/ ب] طلق، فهل يشترط تقديم أخذ المال [أو لا يشترط كما لو قال: طلقها [وخذ مالي؟ فيه وجهان: رجح صاحب "التهذيب" الأول، وقال: ولو قال طلقها] (¬4) ثم خذ مالي، جاز تقديم أخذ المال] (¬5) على الطلاق؛ لأنه زاده خيرًا (¬6). ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 45 - 46)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (2/ 219). (¬2) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬3) وقعت في (ن) و (ق): "ثم". (¬4) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬5) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬6) في (ق): "زيادة خير".

قاعدة ما تتوقف أحكامه من المعاملات على الصيغة إن توقف على القبول

قلت (¬1): الذي جزم به الرافعي في مسألة الوقف أنه للترتيب وما ذكره الشيخ تقي الدين (¬2) هو وجه حكاه القاضي عن العبادي، ونقل ابن ألي الدم أن (ثم) و (الواو) عند العبادي سواء، وهذا النقل عجيب، فإن صيغة "ثم" للترتيب إجماعًا، فإن صح النقل عنه فلعله قال: لأن (ثم) وقعت استثناء فلا يدخل الترتيب فيه كقوله: هذا ثم هذا. قاعدة " ما تتوقف أحكامه من المعاملات على الصيغة إن توقف على القبول [قطعًا ارتد بالرد قطعًا، وإن لم يتوقف على القبول على رأي] (¬3) فلا يرتد بالردِّ على رأي، نعم [في الوكالة] (¬4) لا يشترط القبول فيها على وأي، ولا أعلم خلافًا أنها ترتد بالرد، أما الخلاف ففي صور" (¬5). - منها: الوقف على معين أو [على] (¬6) معينين في قبوله ورده خلاف أوضحته في "شرح المنهاج" فلا بد لك من مراجعته منه (¬7). ¬

_ (¬1) القائل: هو ابن الملقن. (¬2) يعني: تقي الدين بن الصلاح. (¬3) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬4) من (ك). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 96 - 97). (¬6) من (ق). (¬7) قال ابن الوكيل: "والأصح عند الإمام، وجماعات: اشتراط القبول إذ يبعد دخول عين، أو منفعة في ملكه بغير رضاه، وعلى هذا فليتصل بالإيجاب كما فى البيع، واختار البغوي، والروياني: عدم اشتراطه، كالعتق ... " (ص: 97).

فائدة: ما احتمل في العتق لقوته هل يلتحق به الوقف؟

- ومنها: الوصية والمذهب افتقارها إلى القبول، وفيه قول بعيد، وترتد بالرد قطعًا. - ومنها: لو أوصى لِعبد إنسان واستمر رقه إلى حين القبول فهو وصية للسيد، ولا يحتاج قبوله إلى إذن السيد على الأصح، فلو منعه من القبول [فقبل] (¬1) قال الإمام: "الظاهر عندي الصحة كما لو نهاه عن الخلع فخالع"، فإن (¬2) قلنا: لا يصح من غير إذن السيد [فلو رد السيد] (¬3) فهو أبلغ من عدم الإذن، فلو بدا له أن يأذن بعد ذلك في القبول، ففيه احتمال للإمام. فائدة: ما احتمل في العتق لقوته هل يلتحق به الوقف؟ ذكروا فيه خلافًا في صور (¬4): الأولى: لو أعتق [أحد] (¬5) العبدين لا على التعيين نفذ العتق فيهما وعين [في] (¬6) أحدهما بطريقة، ولو وقف إحدى الدارين نفذ على وجه ضعيف. الثانية: لو اشترى عبدًا بشرط العتق (¬7) صح على المذهب، فعلى هذا لو اشترى دارًا [115 ن/ ب] بشرط الوقف لا يصح على الأصح. الثالثة: لو أعتق المرهون وقلنا بصحته مطلقًا وإن كان موسرًا فهل يلتحق به الوقف؟ فيه خلاف، والأصح: المنع. الرابعة: عتق المبيع قبل القبض صحيح على الأصح، وهل يلتحق به الوقف؟ ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ق): "وإذا". (¬3) من (ن). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 304). (¬5) سقطت من (ن). (¬6) من (ق). (¬7) كذا في (ق)، وفي (ن): "التعيين".

فائدة: الوقف بمنزلة بين العتق والبيع

فيه خلاف بناه المتولي في هذه وفي التي قبلها على أن الوقف هل يفتقر إلى القبول أم لا؟ فإن قلنا: لا يفتقر فهو كالعتق، وبإلحاقه بالعتق (¬1) أجاب الماوردي وقال: إنه يصير قابضًا، حتى لو لم يرفع البائع يده [عنه] (¬2) يصير مضمونًا بالقيمة، وكذا قال في إباحة الطعام للفقراء [103 ق / أ] والمساكين إذا كان قد اشتراه جُزافًا. فائدة: الوقف بمنزلة بين العتق والبيع، شابه العتق من حيث القربة (¬3)، ولأنه ينتقل إلى الله تعالى، وشابه (¬4) التمليك، وقد قيل بانتقاله إلى الموقوف [عليه] (¬5) فإذًا لا سبيل إلى تقديمه على العتق، ولهذا اختلف أصحابنا في تصرف المفلس وقفًا وعتقًا، والأصح عند صاحب "البيان": أن العتق يفسخ قبل الوقف لقوته وسرايته، وخالف ابن الصباغ ما نقله النووي، وعزاه إلى "الشامل"، وليس فيه إلا جعل العتق والوقف في قرن واحد كما نبه عليه إسماعيل الحضرمي (¬6)، وغريب منه أن قال: ولنا قول أن العتق يقدم في تبرعات الموصي المزدحمة في غيره، ولم يجئ في الوقف نظيره. ¬

_ (¬1) في (ن): "وإلحاقه العتق". (¬2) من (ن). (¬3) وقعت هذه العبارة في (ن) كذا: "العتق بمنزلة بين القربة"، وفي (ق): "العتق بمنزلة بين العتق للقربة"، والتصحيح من (س)، وانظر: "الأشباه والنظائر" (1/ 359). (¬4) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "والبيع". (¬5) في (ق): "إليه". (¬6) هو إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن إسماعيل بن ميمون، الشيخ الإمام، الولي، العارف، قطب الدين الحَضْرَمي، شارح المهذب، مصنفاته فيما يتعلق بالمذهب ببلاد اليمن شهيرة، وكراماته ظاهرة كادت تبلغ التواتر، توفى سنة ست وسبعين وستمائة (676 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 453 - رقم 431).

والبيع بشرط العتق صحيح على الأظهر، وبشرط الوقف، الأصحْ لا. وعتق المرهون صحيح على الأظهر للموسر، ودون غيره، فيه طريقان كالعتق والأصح: القطع بالمنع. وبيع المبيع قبل قبضه باطل، وعتقه الأصح: صحته، ووقفه، قال في "التتمة": إن قلنا: يفتقر إلى القبول فكالمبيع، وإلا (¬1) فكالعتق، وقال الماوردي: إنه كالعتق، وكذلك قال في الصدقة: حيث قال ولو تصدق (¬2) بالمبيع قبل قبضه كان كالوقف، وإباحة الطعام للفقراء كالصدقة، وفيما لم يتصل بالقبض ولم يكن بإذن بائع له حق الحبس، ولم تتلف في يد المتصدق، عليه نظر. وعتق أحد العبدين صحيح كما مر، [والله أعلم] (¬3). * * * ¬

_ (¬1) وقعت في (ن): "والأول". (¬2) في (ن): "تصدقت". (¬3) من (ن).

كتاب الوكالة

كتاب (¬1) الوكالة قاعدة " ما لا يجوز تصرفه لا [116 ن/ أ] يجوز توكيله ولا وكالته" (¬2). إلا الصبي المميز، فإنه تصح وكالته في الإذن في دخول الدار وحمل الهدية. قلت (¬3): وكذا السفيه، فإنه لا يُقبل النكاح [لنفسه] (¬4) بلا إذن، ويقبل لغيره في الأصح، ويجوز أن يكون وكيلًا عن المرأة في اختلاعها من زوجها ويصح، وتبين إذا أضاف المال إليها؛ لأن الحجر على السفيه لدفع الضرر عنه [ولا ضرر عليه] (¬5) في قبول الخلع، نقله الرافعي في الخلع عن صاحب "التتمة"، وقيد به قول صاحب "المهذب": "أن السفيه لا يتوكل عن المرأة في الخلع"، فقال: هذا [فيما إذا أطلق] (¬6) لا فيما إذا أضاف إليها، وهو ظاهر ولا يخفى أنه لا يخالع عن نفسه، فقد جاز كونه وكيلًا فيما [لا] (¬7) يمكنه أن يتولاه عن نفسه. ¬

_ (¬1) في (ق): "باب". (¬2) ذكر ابن الملقن هذه القاعدة في كتاب الصلح ونقل ثمَّ كلام ابن الوكيل، ثم كررها هنا ولكنه نقل هنا كلام ابن السبكي، راجع القاعدة في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 328)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 325)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 795). (¬3) القائل: هو ابن الملقن نقلًا عن ابن السبكي. (¬4) من (س). (¬5) من (س). (¬6) تكررت في (ن). (¬7) من (ق).

فائدة: القرائن هل تفيد العلم أم لا؟

وكذا [الكافر] (¬1) في شراء المصحف، والمسلم للمسلم، وكذا في طلاق المسلمة -وبه صرح الرافعي في الخلع [حيث قال: يجوز أن يكون وكيل الزوجة [103 ق/ ب] والزوج] (¬2) يعني في الخلع- ذميًّا، لأن الذمي قد يخالع المسلمة ويطلقها، ألا ترى أنه لو أسلمت المرأة وتخلف الزوج فخالعها في العدة ثم أسلم حُكم بصحة الخلع. انتهى (¬3). ولو عبر بالكافر لكان [أولى و] (¬4) أشمل، وهو ما عبر به في "الحاوي" أعني الماوردي، وعليه دل (¬5) نص الإمام الشافعي، ويستثنى أيضًا ما لو وكل حلالٌ محرمًا في أن يُوكل حلالًا بالتزويج (¬6). فائدة: القرائن هل تفيد العلم أم لا (¬7)؟ ذهب النظام، وإمام الحرمين إلى إفادتها، وأنكره الجمهور، والمختار: إفادتها في [بعض المواضع] (¬8)، وفيه صور: - منها: الاعتماد على قول الصبي المميز في الإذن في دخول الدار وإيصال الهدية (¬9) على الأصح، كذا ذُكِر، فإن أراد (¬10) بإفادة العلم في هذا العلم الذي هو ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬3) وتبعه عليه النووي، وابن الرفعة، والسبكي. (¬4) من (ن). (¬5) في (ن): "قال". (¬6) وهو الصحيح عند الرافعي والنووي، والأصح عند السبكي خلافه. (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 75)، "قواعد الزركشي" (3/ 60). (¬8) في (ق): "مواضع". (¬9) في (ق): "الفدية". (¬10) يشير إلى صدر الدين بن الوكيل.

أعم من اليقين والظن الغالب، فهو مجاز، ولا ينبغي للجمهور أن ينكروا حصول الظن بها في بعض المواضع، فإن أنكروا حصول العلم الحقيقي بها، فإن أراد العلم الحقيقي كما هو صورة المسألة، ففي الاستشهاد بمثل هذه الصورة نظر. وليعلم أن الإطلاق فيما إذا انضمت إلى الخبر هل يفيد المجموع؟ ولا يلزم من إفادة المجموع إفادة الأجزاء؛ إذ غالب الصور المستشهد بها القرائن فيها مجردة عن (¬1) الخبر [وغيره، لكن ظاهر كلام الإمام، والأبياري [116 ن/ أ] شارح "البرهان" في أوائل الأخبار أنها مفيدة للعلم مجردة عن الخبر] (¬2)، والإمام فخر الدين (¬3) صرح بذلك في الأصلين في مسألة الدلائل النقلية (¬4). - ومنها: إذا قال لزوجته: أنت طالق وقال: أردت من وثاق أو كان اسمها قريبًا من لفظ الطلاق كطالب وطالع وطارق، فحيث ظهرت القرينة؛ فإن الإمام الشافعي قال: لا تعتمد المرأة قوله، فلتمتنع منه حكاه الروياني [وقال الروياني] (¬5) وغيره: إنما يعتمد على القرائن وعلى قوله إن كان صادقًا ولم يكن ما قاله تعمدًا (¬6)، ¬

_ (¬1) في (ن): "على". (¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬3) هو محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي، العلامة سلطان المتكلمين في زمانه، فخر الدين، أبو عبد الله القرشي، البكري، التيمي، الطبرستاني الأصل، ثم الرازي، ابن خطيبها، المفسر المتكلم، إمام وقته في العلوم العقلية، وأحد أئمة الدنيا في العلوم الشرعية، من تصانيفه: "التفسير الكبير"، و"المحصول من علم الأصول"، و"نهاية العقول"، و"المعالم في أصول الدين"، وغيرها، توفي سنة ست وستمائة (606 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 380 - رقم 366). (¬4) في (ق): "الفعلية". (¬5) من (ك). (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "بعيدًا".

وكذا الشاهد إذا شهد عليه بالطلاق مع القرائن، قال الروياني: "هذا هو الاختيار". - ومنها: مسائل اللوث (¬1). - ومنها: إذا حضر المقر على شهود، وقال: أنا أقر بكذا مكرهًا، وظهرت قرائن الإكراه، وأقر في تلك الحالة، فإنه لا يشمهد عليه بما أقر، وقد بقي مما يُكتفى فيه بالقرائن مسائل: - منها: هل تكفي المعاطاة في الإيجاب والقبول في المحقرات؟ فيه خلاف المشهور: عدم الاكتفاء. وذهب جمعٌ إلى الاكتفاء، وخرجه ابن سريج قولًا، ومن الأصحاب من وافق [الإمام مالكًا] (¬2) في أن ما عده الناس (¬3) بيعًا فهو بيع، واتفق (¬4) على اعتبار معرفة الرضا، فجمهور [السادة] (¬5) الشافعية يقولون: إن الألفاظ هي الموضوعة لذلك، قال الشاعر: إن الكلام لفي [104 ق / أ] الفؤاد ... وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلًا والمكتفون بها يجعلون مثل ذلك كافيًّا (¬6) ويعضده ما استفاض (¬7) من عادة السلف، وما ظهر من بيع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من غير صيغة. ¬

_ (¬1) الَّلوث: بالفتح البيِّنة الضعيفة غير الكاملة، ومنه قيل للرجل الضعيف الحقل: ألوث، وفيه لوثة. "المصباح المنير" (ص: 332). (¬2) في (ق): "مالكًا". (¬3) في (ق): "الإنسان". (¬4) في (ن) و (ق): "والعتق". (¬5) من (ن). (¬6) في (ن) و (ق): "كافٍ". (¬7) كذا في (ق)، وفي (ن): "استفاد".

- ومنها: لو عطب الهدي في الطريق فغمس [النعل] (¬1) الذي قلده بها في الدم وضرب بها صفحة سنامه، ففي جواز الأكل للمار بمجرد هذه القرينة قولان. - ومنها: جواز أكل الضيف بالتقديم (¬2). - ومنها: لو قال: إن أعطيتني ألفًا فأنت طالق فوضعتها بين يديه ولم يتلفظ بشيء، فإنه يملك المال، ويقع الطلاق. - ومنها: إذا قلنا باعتبار الصيغة لو كانت الصيغة مترددة كالكنايات (¬3)، فإن لم تتوفر القرائن ففي الصحة وجهان، وإذا (¬4) توفرت وأفادت العلم [117 ن / أ] تعينت الصحة، وهذا فيما لا يتأتى فيما تعبد (¬5) الشرع بلفظه كالنكاح، ولا ما كان [فيه] (¬6) شهود غيره، كالوكيل إذا أمره الموكل بالإشهاد على رأي بعض المحققين. - ومنها: لو قال لمن يعتاد منه الغسل بالأجرة: اغسل هذا الثوب فغسله، فهل يستحق الأجرة؟ فيه خلاف. قلت (¬7): الأصح: [الصحة] (¬8). - ومنها: إذا جرى الخلع من غير ذكر المال فمطلقه هل ينزل على اقتضاء (¬9) المال؟ فيه وجهان، أظهرهما عند الإمام والغزالي: نعم، و [به] (1) قال القاضي: ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "بالمتقدم". (¬3) في (ن): "والكنايات". (¬4) في (ق): "إن". (¬5) في (ق): "يعتد". (¬6) من (ن). (¬7) القائل: هو ابن الملقن. (¬8) من (ن). (¬9) في (ن): "انقضاء".

لاقتضاء العرف ذلك. - ومنها: لو وكل رجلًا في (¬1) أن يتجر و [لم] (¬2) يشترط الربح هل يستحق أجرة المثل؟ فيه الخلاف [واختيار القاضي. - ومنها: قد علم أنه لا يجوز السوم على سوم الغير إذا رضي له] (¬3) المالك، فأما إذا جرى ما يدل على الرضى فهل يحرم السوم؟ فيه وجهان كالقولين في نظيره [من] (¬4) الخطبة على خطبة الغير، والجديد: [أنه] (¬5) لا يحرم. - ومنها: لا بد في (¬6) قبض المرهون من إذن جديد، فلو رهن من المودع هل يحتاج إلى إذن جديد من حيث إنه صار الرهن منه (¬7) قرينة في الإذن في القبض لكونه تحت يده. قلت (¬8): الأصح نعم. - ومنها: من لم يعهد له مال، وهو محبوس، وقلنا: لا يقبل قوله فللقاضي أن يوكل به من يبحث عن منشئه ومولده ومنقلبه، فإذا غلب على ظنه إعساره شهد به، والشهادة للمفلس كلها بالقرائن. ومنها: [لو قال: ] (5) إن كنت حاملًا فأنت طالق، وظهر بها أمارات الحمل، ففي حلِّ وطئها خلاف. ¬

_ (¬1) في (ق): "على". (¬2) سقطت من (ن) و (ق). (¬3) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬4) سقطت من (ن) و (ق). (¬5) من (ن). (¬6) في (ن): "من". (¬7) في (ق): "فيه". (¬8) القائل: هو ابن الملقن.

قاعدة القادر على رفع الشيء هل يكون جحوده إياه رفعا له؟

قاعدة " القادر على رفع الشيء هل يكون جحوده إياه رفعًا له؟ "، فيه خلاف [في صور: - منها: إنكار الوكيل الوكالة هل يكون ردَّا لها] (¬1)، وأطلق الرافعي في باب التدبير ارتفاع الوكالة به. - ومنها: إنكار الوصية. فائدة: ما يشك [في] (¬2) أنه من التوابع فيه صور (¬3): - منها: الوكيل بالبيع هل يملك قبض الثمن؟ فيه خلاف. قلت: الأصح نعم. - ومنها: الوكيل بخصومه هل يستوفي [104 ق / ب]؟ والوكيل بالاستيفاء هل يخاصم؟ فيه ثلاثة أوجه، أعدلها: أن الوكيل بالاستيفاء يخاصم دون عكسه [117 ن/ ب]. فائدة: الوكيل في النكاح يجب عليه ذكر الموكل (¬4)؛ لأن أعيان الزوجين مقصودان في النكاح، ولا يجب في البيع لانتفاء المعنى (¬5)، وقد قال صاحب "التقريب" تفريعًا على قولنا: "يوكل العبد في شراء نفسه من مولاه" وهو الأصح: ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) سقطت من (ق). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 81). (¬4) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "التوكيل"، وانظر: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 146). (¬5) وقعت في (ن): "المعين".

فائدة: المسائل المتشابهة: عزل الوكيل الغائب

بشرط (¬1) التصريح، بذكر (¬2) الموكل، لأن شراء النفس صريح في الإعتاق، فلا ينصرف عن التصريح بالنية، وكذلك لو وكل عبد غيره في شراء نفسه من مولاه فعليه التصريح؛ لأن السيد قد لا يرضى بعقد يتضمن الإعتاق [فلا ينصرف] (¬3) قبل وفاء الثمن، وفي الشرح عن "فتاوى القفال": "أن وكيل المتهب يجحب أن يصرح باسم الموكل، وإلا وقع العقد له بجريانه معه، فلا ينصرف إلى الموكل بالنية، لكن الواهب قد يقصده بالتبرع، بخلاف البيع فإن المقصود منه حصول العوض". فائدة: المسائل المتشابهة: عزل (¬4) الوكيل الغائب، والخلاف في انعزاله قبل بلوغ الخبر (¬5): - منها: ما إذا أباحه ثمر بستان [ثم] (¬6) رجع، قال الغزالي: فما تناول قبل بلوغ الخبر فلا ضمان. وحكى بعض المعلقين عن الإمام طريقين، وأجرى الجويني فيها قولي عزل الوكيل، وأجاب الصيدلاني بالغُرْم، لأنه لا يؤثر في بابه، وإليه مال الإمام. هكذا حكاه الرافعي لكن الذي أجاب به الإمام فيما لو رجعت واهبة في القسم أنه لا غرم على أكل الثمار. - ومنها: لو رجعت واهبة في نوبتها ولم يعلم الزوج لم يلزمه القضاء، وقيل: قولا الوكيل. ¬

_ (¬1) في (ق): "يشترط". (¬2) في (ن): "فذكروا". (¬3) من (ق). (¬4) كذا في (ق)، وفي (ن): "عن". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 147). (¬6) من (ك)، وفي (ق): "و".

- ومنها: عزل القاضي، وفيه طريقان، أصحهما: القطع بعدم انعزاله لعظم الضرر. - ومنها: الفسخ قبل بلوغ المكلف، وحكى الروياني فيه طريقين (¬1) أحدهما: كالوكيل، والثاني: لا يكون في حق من لا (¬2) يعلم [وبه] (¬3)، قال الإمام أبو حنيفة: لأن أمر الشريعة يتضمن بتركه المعصية ولا معصية مع الجهل، وفي الوكيل يتضمن إبطال التصرف فلا يمنعه عدم العلم كما لو مات (¬4) قبل أن يعلم (¬5) وكيله، فإنه ينعزل قطعًا، وحكى الماوردي في مسألة الفسخ (¬6) وجهين (¬7)، أحدهما: لا يلزم، وذكر تحويل القبلة. والثاني: يلزم بعد البلوغ، وإن لم يتيسر و [لم] (¬8) يعلم الجميع، وحُكم الله تعالى واحد على الجماعة. - ومنها: إذا عفى عن القاتل [105 ق / أ] ولم يعلم الجلاد (¬9)، ففيه [118 ن/ أ] قولان، أصحهما: وجوب الدية، ثم من الأصحاب من خرج هذا على الخلاف في عزل الوكيل، ومنع الإمام ووالده من ذلك؛ إذ لا خلاف أن الوكيل ينعزل إذا ¬

_ (¬1) في (ق): "طريقان". (¬2) في (ق): "لم". (¬3) من (ق). (¬4) أي: الموكل. (¬5) في (ق): "فلم يعلم". (¬6) وقعت في (ن) و (ق): "الشيخ". (¬7) وقعت في (ن) و (ق): "وجهان". (¬8) من (ك). (¬9) في (ن) و (ق): "الخلاف".

تصرف الموكل بما يتضمن انعزاله كعتقه عبدًا وكله في بيعه، فباعه الوكيل جاهلًا وهذا نظير العفو (¬1)، وكما لا يصح البيع يضمن الجلاد. - ومنها: لو قتل من عهده حربيًّا، أو مرتدًّا، ثم بان إسلامه بعد عهده وقبل قتله، ففي القصاص قولان. قلت (¬2): أظهرهما الوجوب. [ومنها: ] (¬3) لو قتله أحد الوارثين وكان قد عفى الآخر وهو لا يعلم، ففي القصاص خلاف مرتب على ما إذا قتله عالمًا بالعفو، والأصح أنه لا يجب. - ومنها: ما إذا صلت الأمة مكشوفة الرأس، وكانت قد عتقت وهي لا تعلم. - ومنها: لو أذن لعبده في الإحرام، ثم رجع ولم يعلم (¬4) فله تحليله على الأصح. - ومنها: رجوع المعير فإذا استعمل المستعير المعار (¬5) جاهلًا لزمه الأجرة. - ومنها: لو حلف على الخروج بغير إذنه، فأذن ولم يعلم ففيه الخلاف، والأصل عدم الحنث. - ومنها: إذا أذن [المرتهن] (¬6) للراهن في التصرف في العين المرهونة، ثم رجع ولم يعلم الراهن، ففي نفوذ تصرفه وجهان، أصحهما: لا. - ومنها: إذا خرج الأقرب عن أن يكون وليًّا انتقلت الولاية [إلى] (¬7) من بعده ¬

_ (¬1) كذا في (ق)، وفي (ن): "العتق". (¬2) القائل: هو ابن الملقن. (¬3) من (ق). (¬4) أي: العبد. (¬5) في (ق): "المعير". (¬6) سقطت من (ن). (¬7) من (ن).

من الأولياء، فلو زال المانع من الأقرب وزوج الأبعد وهو لا يعلم، ففي الصحة وجهان. - ومنها: لو وكله وهو غائب فهل يكون وكيلًا من حين التوكيل أو من حين بلوغ الخبر؟ ففيه وجهان. - ومنها: لو أذن لعبده البالغ (¬1) في النكاح ثم رجع ولم يعلم العبد، ففي صحة نكاحه قولان. - ومنها: لو استأذنها غير المجبر فأذنت ثم رجعت ولم يعلم حتى زوج هل يصح؟ فيه الخلاف في الوكيل (¬2)؟ - ومنها: في القسم يقسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة، فلو قسم هكذا وكانت الأمة قد عتقت ولم يعلم، فقال الماوردي: لا قضاء، وقال ابن الرفعة: القياس أن يقضي لها. - ومنها: قد علم أن الأظهر أن تعلق الدين بالتركة تعلق رهن، فتصرف الوارث قبل (¬3) الوفاء إن كان معسرًا مردود (¬4)، وإن كان موسرًا [118 ن/ب] ففي نفوذه أوجه: ثالثها: موقوف إن قضى الدين، بان النفوذ وإلا فلا، وإن قلنا ببطلان تصرفه فلم يكن دين ظاهر، فتصرف ثم ظهر دين وبيع بعيب، فالأصح أنه لا يتبين فساد تصرفه، لكن إن لم يقض [105 ق/ب] الدين (¬5) فسخ، وقيل: يتبين فساده لتقدم سبب الدين. ¬

_ (¬1) كذا في (ق)، وفي (ن): "البائع". (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "التوكيل". (¬3) تكررت في (ق). (¬4) وقعت في (ن): "مردودًا". (¬5) في (ق): "العين".

فائدة: عقود المعاملات ونحوها أربعة أقسام

فائدة (¬1): عقود المعاملات ونحوها أربعة أقسام (¬2): أحدها: جائز من الطرفين؛ كالقراض، والشركة، والوكالة، والوديعة، والعارية، ونحوها، والجعالة جائزة من الطرفين، وإن كانت (¬3) بعد الشروع في العمل، لكن إن فسخ العامل فلا شيء له (¬4)، وإن فسخ الجاعل في أثناء العمل، لزمه أجرة ما عمل، والهبة قبل القبض. ثانيها: لازم من الطرفين كالبيع بعد الخيار، والسلم، والصلح، والحوالة، والمساقاة، والإجارة، والهبة بعد القبض، والخلع. ثالثها ورابعها: لازم (¬5) من أحد الطرفين دون الآخر؛ كالرهن بعد القبض لازم من جهة الراهن، والكتابة لازمة من جهة السيد دون العبد، والكفالة والضمان جائزان (¬6) من جهة المضمون [له] (¬7) لازمة من جهة الكافل، والمسابقة (¬8) لازمة (¬9) على الأظهر، وقيل: جائزة، وإذا قيل: بلزومها فذلك في حق من يغرم، أما من لا يغرم فجائزة قطعًا كالمحلل، وهذا هو الضابط: أن كل من لا يغرم في عقد، فإنه جائز من جهته فهذه طريقة، وقيل: القولان فيه أيضًا (¬10)، وعقد الذمة لازم من ¬

_ (¬1) في (ق): "قاعدة". (¬2) "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 253)، "قواعد الزركشي" (2/ 397)، "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 153). (¬3) في (ق): "كان". (¬4) في (ق): "عليه". (¬5) في (ن): "لأن". (¬6) وقعت في (ن): "جائزة "، وفي (ق): "جائز". (¬7) من (ك). (¬8) في (ق): "والسابعة". (¬9) في (ن): "ثابتة". (¬10) فإنه يطلب من جهته التعلم، من فروسية ورماية، فهو جائز من جهته.

فائدة: الاعتبار [في ملك الموكل فيما وكل فيه] بحال التوكيل أو بحال إنشاء التصرف

جهتنا جائز من جهة أهل الذمة. فائدة: الاعتبار [في ملك الموكِّل فيما وكل فيه] (¬1) بحال التوكيل أو بحال إنشاء (¬2) التصرف (¬3)، فيه صور يشبه الخلاف في أنه هل الاعتبار بحال التعليق أو بحال وجود الصفة، غير أنه [لا] (¬4) تعليق فيما نحن فيه، وجعله بعضهم من الخلاف الأصولي (¬5): أن التكليف [هل] (¬6) يتوجه عند المباشرة أو قبلها؟ وفيه نظر. - منها: لو وكل بطلاق من سينكِحُهَا، أو ببيع عبد سيملكه، فهو باطل عند الجمهور، وصحيح في وجه اختاره البغوي والمتولي، وعند ذكرها أشار الرافعي [إلى] (¬7) هذا المأخذ، وهو جارٍ في توكيله بقضاء كل دين سيلزمه، وتزويج ابنته إذا انقضت عدتها، وهذه الثانية أشبه بقاعدة تعليق الوكالة. - ومنها: وكل المحرم حلالًا في أن يقبل له نكاح امرأة، فهل يصح ويقبل [له] (¬8) بعد التحلل إن اعتبرناه لم [119 ن/أ]، يصح، والأصح: الصحة. - ومنها: إذا قال: وكلتك [في] (¬9) مخاصمة كل خصم يحدث لي، وفيه وجهان حكاهما الماوردي. - ومنها: لو وكل الولي في التزويج قبل استئذان المرأة المعتبر إذنها لم يصح ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) كذا في (ك)، و (س)، وفي (ن): "استيفاء"، وفي (ق): "استثناء". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 194)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 327). (¬4) من (ن). (¬5) في (ق): "الأولى". (¬6) من (س). (¬7) في (ن): "أن". (¬8) من (ن). (¬9) في (ق): "و".

[قاعدة] ما لا تدخله النيابة من التصرفات هل يكون التوكيل فيه فعلا له يؤاخذ به الموكل؟

على الأصح، قاله (¬1) البغوي، [وهذا يخالف] (¬2) قوله في الوكيل بطلاق من سينكحها: أنه يصح، وهذه مناقضة حاول ابن الرفعة الاعتذار عنها في "المطلب" بما [106 ق/ أ] يطول ذكره. - ومنها: لو وكل في طلاق امرأته فلم يطلقها حتى مرض الموكل، فهل يكون الطلاق في المرض؟ فيه وجهان، قال صاحب "الذخائر": مأخذهما أنه هل ينظر إلى وقت التوكيل والإيقاع. -[ومنها: قال] (¬3): أعتقوا عني عبدًا فكان هناك خنثى مشكل، لم يجز إعتاقه [عنه] (¬4)، فإن زال إشكاله فوجهان في "البيان". [قاعدة] (¬5) " ما لا تدخله النيابة من التصرفات هل يكون التوكيل فيه فعلًا له يؤاخذ به الموكل؟ " (¬6)، فيه صور: - الأولى (¬7): لا يصح التوكيل في الإقرار في الأصح، فلو وكل لا يكون مقرًّا على الأصح. ¬

_ (¬1) في (ن): "قال". (¬2) من (ن). (¬3) وقع في (ق): "قاعدة". (¬4) من (ق). (¬5) في (ق): "الأولى". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 326). (¬7) في (ق): "الثانية".

الثانية (¬1): التوكيل بالحوالة لا يصح، وهل يصير محيلًا بالتوكيل؟ فيه وجهان، قاله القاضي (¬2)، وخالف فيه صاحب "التهذيب". الثالثة: المشهور صحة التوكيل في عقد الضمان خلافًا للقاضي، وهل يصير لذلك ضامنًا؟ فيه وجهان. الرابعة: يجوز التوكيل بعقد الوصية، ومنعه القاضي، قال: لأنها قربة، قال: وهل يصير بذلك موصيًا؟ يحتمل وجهين. * * * ¬

_ (¬1) في (ق): "فائدة". (¬2) أي: القاضي حسين.

كتاب الإقرار

كتاب (¬1) الإقرار فائدة: أقل الجمع ثلاثة على المشهور (¬2)، وقيل: اثنان، فإذا قال: له علي دراهم لزمه ثلاثة، وقيل: درهمان، ويكفي [في الصلاة] (¬3) على الميت اثنان (¬4) على وجه بناء على الثاني (¬5) كما حكاه الرافعي. قلت: وقيل: ثلاثة بناء على الأول، والأصح: الاكتفاء بواحد؛ لأنه لا (¬6) يشترط الجماعة، فكذا في غيرها. قاعدة " أصل ما انبنى عليه الإقرار (¬7): أن أستعمل اليقين وأطرح الشك ولا أستعمل الغلبة" (¬8)، قال الهروي: فيعمل بالظن القوي لا بمجرد الظن، وبنى عليه أنه لو أقر ¬

_ (¬1) في (ن): "باب". (¬2) الأشباه والنظائر"لابن الوكيل (ص: 25)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (2/ 122)، "قواعد الزركشي" (2/ 12). (¬3) من (ن). (¬4) وقعت في (ن) و (ق): "اثنين". (¬5) أي: على أن أقل الجمع اثنان. (¬6) في (ق): "لم". (¬7) وقع هنا في (ن) و (ق): "الإقرار الإلزام". (¬8) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 227)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 330)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 156)، "قواعد الزركشي" (3/ 380).

قاعدة كل سكران يصح إقراره إلا اثنين المكره على الشرب، ومن ظن المسكر غير مسكر

لابنه بعين (¬1) فيمكن تنزيل الإقرار على البيع، فهو سبب قوي يمنع الرجوع، ويمكن التنزيل على الهبة، وأفتى أبو سعد (¬2) بإثبات الرجوع تنزيلًا على أقل السببين، وأفتى العبادي بعدمه؛ لأن الأصل بقاء الملك للمقر، وناظره القاضي أبو سعد [119 ن/ب]، فقال: التعليق بالأصل الأول أولى من الثاني، والقياس الذي لا يجوز غيره أن الإقرار المطلق [لا] (¬3) يحكم به للمقر له. - ومنها: نصه فيما لو أقر أنه وهبه وملكه لم يكن مقرًّا بالقبض؛ لأنه ربما اعتقد أن الهبة لا تتوقف على القبض، وأصل الإقرار البناء على اليقين. - ومنها: إذا أقر لحمل أو لمسجد، وأطلق، ففيه القولان، والأصح مختلف فيه، واستثنى ابن القاص مسألتين من هذا الأصل وزاد غيره. قاعدة " كل سكران يصح إقراره إلا اثنين المكره على الشرب [106 ق/ ب]، ومن ظن المسكر غير مسكر" (¬4)، قال الأصحاب فيما حكاه القفال ونقله صاحب "البحر": هذا إذا ظن جنسه غير مسكر، أما من عرف أن جنسه مسكر (¬5) ولكن ظن أن ذلك القدر لقلته لا يسكر فإقراره صحيح، أما من لا ظن له، أصح فحقه البحث ولا يسامح. ¬

_ (¬1) وقعت في (ن) و (ق): "لا بعين". (¬2) في (ق): "أبو سعيد". (¬3) من (ك). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 330). (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "غير مسكر".

قاعدة إذا أقر بالشيء صريحا ثم أنكر ما صرح به

قاعدة قال الدبيلي (¬1) في (¬2) "أدب القضاء": " إذا أقر بالشيء صريحًا ثم أنكر ما صرح به أو أثبت خلافه بالبينة لا يقبل، وإن أطلق وادعي حقيقة توجب بطلان ذلك [المطلق] (¬3) من بيع أو نكاح أو نحوه (¬4) لم تقبل دعواه بمجردها، ولكن تقبل ببينة" (¬5). ولك أن تختصرها، فتقول: "إذا أقر بالشيء صريحًا ثم أنكره لم يقبل، وإن أقام بينة وإن أقر به مطلقًا وادعى قيدًا يبطل الإطلاق لم يقبل إلا ببينة". منها: لو (¬6) أحال بدين ثم قال: لا (¬7) تصح (¬8)، لأنها كانت عن بيع فاسد لم يقبل منه، ولو أقام بينة بذلك [قبلت وبطلت] (¬9) الحوالة؛ لأنه لم (¬10) يعترف أولًا بصحة البيع بل يثبت فساد أصل الحوالة، فلم يُكذب اعترافه بينته، والبينة في ¬

_ (¬1) هو علي بن أحمد بن محمد، أبو الحسن الدَّبيلي، ويعبر عنه بالزَّبيلي بفتح الزاي ثم باء موحدة مكسورة -وهو ما في (ن) -، قال السبكي: وهو الذي اشتهر على الألسنة، ألف "أدب القضاء"، أكثر ابن الرفعة النقل عنه، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 252 - رقم 234). (¬2) في (ن): "في باب". (¬3) من (ن). (¬4) في (ق): "أو غيره". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 338). (¬6) في (ق): "مثاله". (¬7) في (ق): "لم". (¬8) أي: الحوالة. (¬9) من (س). (¬10) في (ن): "لا".

الحوالة إنما كانت في اختلاف الصفات لا في [نفي] (¬1) الأصل، بخلاف ما لو اعترف بصحتها (¬2) ثم ادعى فسادها لا يقبل، وإن أقام [البينة. وإن طلق امرأته ثلاثًا ثم قال: لم يقع؛ لأن العقد كان فاسدًا، وأقام] (¬3) بينة (¬4) بالمفسد، فإن كان قد أقر قبل الطلاق (¬5) لم تسمع دعواه ولا بينته وإلا سمعنا؛ لأنه إذا ادعى الزوجية فإقامة (¬6) البينة بعدم الولي أو غيره من المفسدات لا يكذب ما سبق بل يثبت وصفًا آخر يلزمه الفساد، وصار كما [لو] (¬7) أقر أن في ذمته لفلان قفيز حنطة سلمًا، ووصفه، وذكر محل تسليمه، وقال: كان سلمًا باطلًا؛ لأن الثمن كان دينًا في ذمتي، وجعله رأس [120 ن/ أ] مال السلم؛ فإن [كان] (¬8) ذلك لا يقبل؛ لأنه يطلب الإبطال (¬9) الذي [أقر] (¬10) بصحته، فلو أقام بينة بذلك قبلت؛ لأنها لم تناقض ما ذكره، بل زادت وصفًا، انتهى. وزاد (¬11) الإمام هذه القاعدة بيانًا فقال: " [من] (¬12) أقر صريحًا [بما] (¬13) جاز ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) أي: الحوالة. (¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "بينة به". (¬5) أي: أقر بصحة النكاح. (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "فقامت". (¬7) من (ن). (¬8) من (س). (¬9) أي: إبطال عقد السلم. (¬10) من (ن). (¬11) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "وأراد". (¬12) من (ن). (¬13) من (ق).

استناده إلى يقين ثم رجع لم يقبل رجوعه، [وكذا [إذا] (¬1) لم يتصور استناده إلى يقين إذا ابتدأ من غير خصومة] (¬2)، وإن كان في أثناء خصومة ففي مؤاخذته [به] (¬3) خلاف"، وخرج "بالصريح" بائع يدعي بعد البيع، وقف المبيع، فالمنصوص سماع دعواه وبينته، وحكاه القفال عن العراقيين، وليس الإقدام على العقود كالإقرار الصريح، فإن الإنسان قد يعقد بأدنى ظن، ولا يقر إلا بظن قوي، فليس [107 ق/ أ] الفعل (¬4) في رتبة صريح القول، ويؤيده ما قاله الروياني فيمن باع شيئًا ثم ادعى أنه [لم] (¬5) يكن ملكه: "أنه [إن] (¬6) لم يقل عند البيع: هو ملكي بل اقتصر على البيع سمعت دعواه"، وعزاه إلى النص، ونقله الشيخ أبو حامد عن نصه (¬7) في كتاب الغصب، قال: "قال [الإمام] (¬8) الشافعي: إن كان حين البيع [أقر] (¬9) أنه ملكه أو جرى ذلك في عرض كلامه لم تسمع بينته، [وإلا سمعت] (¬10)؛ لأن مجرد البيع ليس تكذيبًا للبينة؛ لأنه قد يبيع ملكه وملك غيره". وقد يعبر عن هذه القاعدة بأن يقال: من ذكر لفظًا ظاهرًا في الدلالة على شيء ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬3) من (ق). (¬4) في (ن): "العقل". (¬5) سقطت من (ن). (¬6) من (ق). (¬7) أي: عن نص الإمام الشافعي. (¬8) من (ن). (¬9) من (ق). (¬10) من (ن).

ثم تأوله لم يقبل تأويله ظاهرًا، وكذا عبَّر به الشيخ عز الدين، وهنا مسائل: إحداهما: باع عبدًا وأحال بثمنه ثم اتفق المتبايعان والمحتال على حريته أو ثبتت ببينة، قال البغوي والروياني: لا يتصور أن يقيم (¬1) المتبايعان البينة؛ لأنهما كذباها بعقد البيع، واعتمده (¬2) في باب الحوالة من "الروضة" وهو يخالف ما ذكره في الدعاوى. الثانية: اثنان على كل [واحد] (¬3) منهما خمسة ضمن كل منهما الآخر، ثم ادعى أحدهما خمسة، واختلف هو ورب الدين هل هي عن الضمان أو عن الأصالة، فالقول قول المؤدي، ثم قيل: لا يطالبه بالضمان؛ لأنه يناقض قوله الأول، الأصح: نعم؛ لأن صاحب الدين يقول بتقدير الصدق عليك (¬4) خمسة الأصالة، وبتقدير عدمه: عليك (4) خمسة الضمان، فالخمسة باقية على التقديرين، ولأنه بنى على خيال انكشف [له] (¬5)، فلا يبطل حقه، كما لو [120 ن/ب] ادعى أنما اشتراه مغصوب، فقال: هو ملكي وملك من اشتريت (¬6) منه فأقيمت البينة؛ فإنه يرجع على البائع بالثمن على الأصح، وإن كان قد اعترف له بملكه -[لكونه بنى] (¬7) على ظاهر وصح بالبينة خلافه. الثالثة: مسألة الغصب هذه. ¬

_ (¬1) في (ن): "يفهم". (¬2) أي النووي. (¬3) من (ق). (¬4) في (ن) و (ق): "تمليك". (¬5) من (ق). (¬6) كذا في (ق)، وفي (ن): "اشترى". (¬7) في (ق): "بناء".

الرابعة: ادعى على زيد [و] على غائب ألفًا [من] (¬1) ثمن مبيع مقبوض ونحوه وأن كلا منهما ضمن ما على الآخر وأقام بينة، وأخذ الألف من زيد [نص أنه يرجع على الغائب بنصف الألف، قال الجمهور: هذا إذا لم يكن من زيد] (¬2) تكذيب البينة وإلا فلا يرجع، وهذا هو الأصح، وقال الإمام: إن دأم على الإنكار فلا. الخامسة: إذا ادعى الضامن الأداء ولم يقم بينة، وحَلف رب المال [أنه] (¬3) لم يؤد بقيت مطالبته بحالها (¬4)، فإن أخذ فقيل: لا يرجع، والأصح: أنه يرجع، وهل يرجع بالمغروم (¬5) أولًا (¬6)، لأنه [مظلوم] (¬7) بالثاني، [أو بالثاني] (¬8) لأنه المسقط (¬9) للمطالبة؟ وجهان، قال في "الروضة" [107 ق/ ب] ينبغي أن يرجع بأولها. السادسة: إذا قال لا بينة حاضرة ولا غائبة، أو كل بينة أقمتها فهي زور ثم جاء ببينة، سمعت في الأصح. السابعة: إذا قال الضامن للمضمون [له] (¬10): أبرأت الأصيل فحلف وغرم الضامن (¬11)، فله مطالبة الأصيل في الأصح، وكذا لو قال: كنت أبرأته قبل ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق)، استدركناه من (س). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ن): "أنه لم يرد بعيب فطالبه تحالفًا". (¬5) في (ن): "المقر"، وفي (ق): "المغروم". (¬6) في (ن) و (ق): "أم لا". (¬7) من (ن). (¬8) من (س). (¬9) في (ن): "المقسط". (¬10) من (س). (¬11) في (ن): "الأصل".

ضماني، ويجري الخلاف في كل دعوى محتملة ناقضها عقد سابق. الثامنة: غصب العين المستأجرة ثم أقر بها المكري للغاصب من المستأجر أو لآخر، ففي قبول إقراره في الرقبة قولان، فإن قبلنا، ففي بطلان حق المستأجر أوجه يفرق في الثالث بين كون المال (¬1) في يد المكتري أو المقر، فلا ينزع ممن هو في يده، والأظهر من الخلاف أنه يقبل إقراره في الرقبة دون المنفعة. التاسعة: وهي لأنه قال البغوي في "فتاويه": لو قالت أنا موطوءة أبيك لم يقبل قولها إن كان بعد التمكين، أو زُوِّجت منه بإذنها، فلو خالعها ثم أراد نكاحها لم يجز؛ لأن نكاحها يكون بإذنها (¬2)، ولا يجوز لها أن تأذن بعد الإقرار بأنها موطوءة (¬3). العاشرة: قال: لاحق لي على فلان ثم أقام بينة بحق، ففي قبولها وجهان، حكاهما القاضي شريح الروياني في "أدب (¬4) القضاء" عن [121 ن/ أ] جده. الحادية عشرة: قال: لاحق لي في هذا العبد ثم أقام بينة على الشراء، قال العبادي: لا يقبل حتى يقول: إنه اشتراه منه بعد الإقرار، وقال شريح في "أدب القضاء": وعندي أنها تقبل إذا كان بعد احتمال التلقي منه (¬5). الثانية عشرة: إذا اعترف بعدم الدافع ثم جاء بدافع يُسمع. الثالثة (¬6) عشرة: إذا قال: اشتريته بمائة ثم قال: بل بمائة وعشرة، ولم يبين ¬

_ (¬1) وقعت في (ن): "الملك". (¬2) كذا في (ق)، وفي (ن): "باقيًا". (¬3) أي: موطوءة الأب. (¬4) في (ق): "باب". (¬5) أي: تلقي الملك منه. (¬6) في (ن): "الثانية".

لفظه وجها محتملًا، والمسألة مشهورة. الرابعة عشرة: طلق امرأته ثانية (¬1)، فقال: هي ثالثة وكذبها، أو كذبت هي نفسها وزوجت منه بغير محلل، ثم مات عنها وطلبت ميراثها (¬2)، ففيها نص [الإمام] (¬3) الشافعي، قال شيخنا (¬4): والأقرب ثبوت الزوجية والميراث. الخامسة عشرة: اعترف بأنه لا حق له في هذا الوقف، ثم تبين بعد (¬5) تأمل شرائط الوقف أو غيره أنه مستحق، فينبغي أن لا يؤخذ بما سبق (¬6)، [ويشهد] (¬7) له ما سلف. السادسة عشرة: ادعى على شخص [أنه] (¬8) منفرد بقتل، ثم [ادعى] (¬9) على آخر بشركة فيه أو بتفرد به (¬10) لم تسمع الثانية، غير أن الثاني لو صدقه في دعواه فالأصح مؤاخذته؛ لأن الحق لا يعدوهما. السابعة عشرة: ادعى قتلًا على رجل وأقسم عليه، أخذ المال، فجاءآخر وقال: إن (¬11) المأخوذ [108 ق/ أ] منه المال مظلوم، وإني أنا القاتل، فإن لم يصدقه الوارث ¬

_ (¬1) في (ق): "بائنًا". (¬2) في (ق): "ميراثًا منه". (¬3) من (ن). (¬4) يعني: تقي الدين السبكي. (¬5) في (ق): "بعدما". (¬6) أي: باعترافه السابق. (¬7) من (س). (¬8) من (س). (¬9) من (ن). (¬10) في (ن): "فيه". (¬11) في (ن): "أنا".

لم يقبل، وإن صدقه فعليه رد ما أخذه، وهل له الدعوى على الثاني أولا؟ قولان. الثامنة عشرة: إذا زوجت فادعت أن بينها وبينه (¬1) محرمية، فإن تزوجت (¬2) برضاها لم يقبل لتضَمُّنِ إذنِها حِلَّها، لكن [إن] (¬3) ذكرت عذرًا كغلط ونسيان سمعت دعواها على الأصح. التاسعة عشرة: أنكر الوديعة فقامت عليه بينة بها، فقال: أودعنيها ولكن تلفت أو رددتها، فالأصح سماع بينته على تلفها، قال الرافعي: وينبغي أن نفرق بين أن نبين للغلط وجهًا محتملًا أم لا [كما] (¬4) قيل في ألفاظ المرابحة، وفرق الفقيه (¬5) بينها بوجهين؛ أحدهما: أن ما ادعاه المودع ثانيًا وإن خالف قوله أولًا: ما أودعتني فرب المال يوافقه، والحق لا يعدوهما، فإذا صدقه سلمت [121 ن/ب] البينة من التكذيب فعمل بموجب القول في الرد والتلف، ولا كذلك في مسألة المرابحة، فإن القول الثاني المخالف للقول الأول لم يصدقه الخصم عليه، [ولو صدقه عليه] (¬6) لألزم بموجبه من غير بينة، والثاني [أن] (¬7) المقر به [في المرابحة] (7) إثبات بينة إلى محسوس فيقوى المترتب عليه لبعد خلافه، وما ذكره في الوديعة نفي محض (¬8) يجوز أن يكون مستندًا إلى العدم الأصلي وتكون البينة حاصلة، ويجوز ¬

_ (¬1) أي: الزوج. (¬2) وقعت في (ن) و (ق): "خرجت". (¬3) من (س). (¬4) من (ق). (¬5) أي: ابن الرفعة، وقد كان يطلق عليه: الفقيه. (¬6) من (ق). (¬7) من (ن). (¬8) في (ق): "مخصوص".

خلافه، وضعف المترتب عليه فلم يؤثر. العشرون: تزوجها ثم اعترف الزوج بفسق الشاهدين [وأنكرت] (¬1)، فُرِّق بينهما، وهل هي فرقة فسخ أو طلاق؟ فيه وجهان، قال ابن الرفعة "وينبغي إذا كان بعد الدخول أن لا يقبل قوله كما [إذا] (¬2) قلنا فيما إذا ادعت المرأة أن بينهما رضاعًا محرمًا بعد التزويج، وكانت مجبرة (¬3) بل مقتضى قولهم أنها إذا كانت قد تزوجت بإذنها [أن لا يقبل قولها في التحريم بالرضاع، ونحوه أن] (¬4) لا يقبل قول الزوج في ذلك، إذا (¬5) كان قد قبل نكاحها بنفسه، انتهى. وقد يقال: إن النكاح حق الزوج فقبل قوله في إسقاطه، وإن منع إسقاطه كون ذلك فسخًا (¬6) على وجه، وفارق المرأة لا يقبل منها إذا تقدم منها ما يقتضي الاعتراف به، فلا يقبل منها ما يقتضي سقوطه. الحادية بعد العشرين: قال القفال في "فتاويه": إذا رأينا ضيعة في يد رجل يدعي أنها وقف عليه لا تصير وقفًا [108 ق/ ب] ونقرها في يده لحق اليد لا لقوله: هذا وقف؛ لأنها لا تصير وقفًا بذلك؛ لأن الإنسان لا يقدر أن يقف على نفسه، فلو أراد بيعها فله ذلك كما لو كان في يده مال، فقال: هذا وديعة عندي ثم أراد بيعه فله ذلك بخلاف ما لو قال: وقفها على فلان؛ فلأنه لا يجوز بيعها، انتهى. وما ذكره من جواز البيع فيه نظر، وفيه تأييد لفتوى ابن الصلاح، فمن أقر ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ق). (¬3) في (ن): "مخيرة". (¬4) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬5) في (ن) و (ق): "فإذا". (¬6) في (ن): "مبيحًا".

قاعدة من باشر عقدا أو باشره عنه من له ذلك ثم ادعى ما ينقضه لم يقبل

بملك في يده [أنه وقف عليه] (¬1) ثم على جهات أنه لا يثبت الوقف بذلك، لكن لا يلزم من عدم الثبوت عدم المؤاخذة بالإقرار، وينبغي أن يؤاخذ بمقتضى اعترافه بوقفيتها، نعم له في الباطن إذا كان يعرف كذب نفسه أن يقدم على بيعها، وأما [122 ن/ أ] مسألة الوديعة، فقد يقال: لا يمتنع من الإقدام على ما اعترف بأنه وديعة لإمكان (¬2) إذن [له] (¬3) من المودع، والقول قول متعاطي العقود كما لو رأينا عيبًا في يد شخص يعترف أنها لغيره ويدعىِ أنه وُكِّل في بيعها، فإنه يجوز شراؤها منه، وإن لم تثبت وكالته والأمر في مسألة الوديعة يمكن أن يكون (¬4) على ما قال القفال بخلاف مسألة الوقف، فإن قوله فيها لا يظهر. قاعدة قال القاضي أبو عاصم: "من باشر عقدًا أو باشره عنه (¬5) من له ذلك ثم ادعى ما ينقضه لم يقبل" (¬6). - كمن باع عبدًا ثم قال: لم يكن ملكي، أو طلق امرأته ثلاثًا بمشهد الحاكم، ثم أراد أن يتزوجها بولاية الحاكم فامتنع الحاكم لإيقاعه (¬7) الثلاث بين يديه، فقال المطلِّق: لم يكن الطلاق واقعًا لأنها لم تكن زوجتي، لأنه أراد إلغاء عقد وقع ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "لإنكاره". (¬3) من (س). (¬4) في (ق): "يقال". (¬5) في (ق): "عند". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 344). (¬7) في (ن): "لامتناعه".

قاعدة في مسائل التقديم والتأخير، وهل النظر إلى أول الكلام أو آخره

بإنشائه وهو عقد التطليق. ومسألة بيع العبد، أي (¬1) التي قدمناها فيمن باع شيئًا ثم قال: لم يكن ملكي، عن الروياني، وهذه القاعدة السالفة عن الدبيلي، وقد قال القاضي أبو عاصم: إن هذه تطرد في جميع المسائل إلا في مسألتين: الأولى: رهن (¬2) عبدًا ثم ادعى أنه باعه قبل الرهن أو أعتقه أو أوقفه، أو لم يكن مملوكًا [لي] (¬3)، بل كنت غصبته من زيد، ففيه قولان، أحدهما: لا تقبل لمناقضته، فصار كما إذا باع عبدًا ثم قال: كنت أعتقته أو وقفته، والثاني: يقبل لأن الإقرار لاقى ملكه بخلاف البيع، قال: وإذا أجر عبدًا ثم ادعى فساد الإجارة بهذه المعاني، فهو أيضًا على القولين، وعلى أن القول قول المالك فهل عليه يمين؟ [109 ق/ أ] فيه قولان، والثانية: باع القاضي على الغائب عبده في دينه ثم حضر الغائب وقال: كنت عتقته قبل ذلك، ففي قبول قوله قولان؛ أحدهما: لا؛ لأن العقد صدر (¬4) من نائبه فصار كما لو باع وكيله ثم قال: كنت أعتقت قبل البيع، والثاني: يقبل لأن نيابة الوكيل اختيارية، ونيابة القاضي شرعية. قاعدة في مسائل التقديم والتأخير، وهل النظر إلى أول الكلام أو آخره (¬5). الأولى: قال: إذا جاء رأس الشهر فعليَّ ألف، لم يلزمه شيء [122 ن/ ب] قطعًا، ¬

_ (¬1) في (ق): "فهي". (¬2) في (ن): "وهو". (¬3) من (ن). (¬4) في (ق): "صار". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 344).

وإن قدم (¬1) المقر به فقال: علي (¬2) ألف إذا جاء رأس الشهر، فالمذهب أنه كذلك. الثانية: قال: علي ألف مؤجل، قُبِل على المذهب، وقيل: يلغى (¬3) التأجيل، وهذا إذا كان موصولًا، فإن ذكر الأجل مفصولًا لم يقبل قطعًا. الثالثة: قال: علي ألف لا تلزمه فهو إقرار. الرابعة: قال أعتقت هذا العبد عن كفارتي بألف لم يجزئه، ولا فرق (¬4) [بين] (¬5) أن يقدّم في الجواب ذكر الكفارة بأن يقول: أعتقته عن كفارتي بألف عليك أو يُقدم ذكر العوض: كأعتقته على أن [لي] (¬6) عليك ألفًا عن كفارتي، وعن أبي إسحاق وجه أنه إذا قدم ذكر الكفارة أجزأه وسقط العوض، قال الرافعي في الظهار: وقرب هذه الوجه في "التتمة" بما قيل (¬7): أنه لو سمع المتيمم إنسانًا يقول: عندي ماء أودعنيه فلان، بطل تيممه، ولو قال: أودعني فلان ماء لم يبطل، ويمكن الفرق بأنه في التيمم إذا سمع: عندي ماء توهمه والتيمم يبطل بمجرد توهم الماء. الخامسة: مسألة التيمم هذه. السادسة: إذا قال: أريد أن أقر بما ليس علي لفلان على ألف، أو قال: ما طلقت امرأتي، وأريد أن أقر بطلاقها، قد طلقت امرأتي ثلاثًا، قال الشيخ أبو عاصم: لا يصح إقراره ولا شيء عليه، وقال المتولي: الصحيح يلزمه كقوله علي ألف لا تلزمني. ¬

_ (¬1) في (ن): "وإن قد". (¬2) في (ن): "بل". (¬3) في (ن): "يكتفي". (¬4) وقعت في (ن): "والأقرب". (¬5) سقطت من (ن) و (ق). (¬6) من (ق). (¬7) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "فأقبله".

السابعة: قال: له علي ألف من ثمن خمر لزمه الألف في الأظهر، ولو قدم الخمر (¬1) لا يلزمه شيء قطعًا كمن يسمى خمرًا له على ألف. الثامنة: أنت طالق الطلقة الرابعة، ففي وقوع الطلاق وجهان حكاهما الرافعي في فروع الطلاق. التاسعة: قال: هذا العبد لفلان، ثم ادعى أنه اشتراه منه لم يصح للمضادة، وعن ابن سريج أنه يُسمع، ولو قال: هذا العبد لفلان، وقد اشتريته منه متصلًا كان مسموعًا، لأن العادة جرت أنه يراد به: كان لفلان [109 ق/ ب] ذكر ذلك شريح (¬2) في "أدب القضاء". العاشرة: قال: كل امرأة لي طالق غيرك، فالذي يظهر أنه إن قدم غيرًا لم تطلق وإلا طلقت، [وهذا القول في "الأم"] (¬3)، ونقل الرافعي عن "فتاوى القفال" أنه لو قال: كل امرأة لي طالق إلا عَمرة ولا امرأة له غيرها طلقت، وعن القاضي أنه قال [123 ن/ أ] في "فتاويه" غير المشهورة: في كل امرأة لي غيرك طالق، ولا امرأة له غيرها، إن قاله على سبيل الشرط لم يقع؛ لأنه استثناء منها، فيصير كأنه قال: أنت طالق إلا أنت، ثم قال: قلت أنا كيف ما كان ينبغي أن لا يقع. وليست هذه المسألة مسألة المخاصمة (¬4)؛ لأنه لم يدخل امرأته في هذا الكلام حتى [يقال] (¬5): [إنه] (¬6) بإخراجها بعد إدخالها صار الاستثناء مستغرقًا، بل أطلق ¬

_ (¬1) أي: فقال: من ثمن الخمر له علي ألف. (¬2) في (ق): "ابن سريج". (¬3) في (ق): "وهكذا المقبول في الا". (¬4) وقعت في (ن) و (ق): "المخاطبة". (¬5) من (ن). (¬6) من (ق).

لفظا مريدًا به [من] (¬1) لا يقع عليه وساعدته قرينة الحال فصدق. الحادية عشرة: قال: يا زانية أنت طالق ثلاثًا، كان له أن يلاعن، وإن قال: أنت طالق ثلاثًا يا زانية، لم يكن [له] (¬2) لعان، وفرق الجرجاني في "المعاياة" وغيره في الأولى [بأنه] (1) قذف زوجته، وفي الثانية: قذف أجنبية. الثانية عشرة: قال أحد الابنين: [مات] (1) أبي كافرًا؛ لأنه كان يشرب الخمر ويأكل لحكم الخنزير، ففيه قولان حكاهما الرافعي فىِ الردة عن "التهذيب": أحدهما: لا يورث منه لإقراره بكفره. والثاني: يورث لأنه فسره بما يبين خطأ اعتقاده، وهذا أظهر. الثالثة عشرة: قال لغريمه: أحللتك من مالي وأبرأتك منه في الدنيا دون الآخرة، قال الحناطي [في "فتاويه"] (1): يبرأ في الدارين، قال: "والساقط (¬3) في حكم الدنيا [لا] (¬4) بقاء (¬5) له في الآخرة"، قال: ولا يرد الإبراء بهذا (¬6) الشرط؛ لأن السقوط في العقبى يتبع السقوط في الدنيا، انتهى. وقد يقال: إن هذا (¬7) يبطل الإبراء نظرًا إلى آخر الكلام. الرابعة عشرة: خالع بمائة على أن له الرجعة فرجعي بلا (¬8) مال. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) سقطت من (ن) و (ق). (¬3) كذا في (ق)، وفي (ن): "والتساقط". (¬4) من (س). (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "تبعًا". (¬6) في (ن) و (ق): "بعد". (¬7) في (ق): "إن هذا العبد". (¬8) في (ن) و (ق): "ولا".

قاعدة من أنكر حقا لغيره ثم أقر [به] قبل

وقيل: بائن بمهر المثل، ولا يبعد أن يقال بالإلغاء، أو لا يقع شيء من القول في: له علي ألف من ثمن خمر، فإن شرط الرجعة في الخلع فاسد للمضادة، فيفسده كما قلنا إن شرط الخيار في النكاح يبطله ونحوه. قاعدة " من أنكر حقًّا لغيره ثم أقر [به] (¬1) قُبل" (¬2) إلا في مسائل منها: - إذا أنكرت (¬3) الزوجية ثم أقرت فلا يقبل في الأصح. قاعدة قال صاحب "التلخيص": "إذا كان له على رجل مال في ذمته فأقر به لغيره جاز في الحكم إلا في ثلاثة" (¬4). إذا أقرت المرأة بصداق [123 ن/ ب] على زوجها. وإذا أقر الزوج بما خالع عليه (¬5)، أو أقر (¬6) بما وجب [110 ق/ أ] له من أرش الجناية عليه في بدنه (¬7) انتهى. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 325)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 347)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 798)، "قواعد الزركشي" (3/ 198). (¬3) في (ق): "أنكر". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 330)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 798). (¬5) أي: بما خالع عليه امرأته. (¬6) وقعت في (ن): "ثم أقر"، وسقط من (ق): "أو". (¬7) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "يديه".

ويشبه أنه مختص بمن وجب له، ولا يجوز أن يثبت في الابتداء لغيره بخلاف سائر الديون، وهذا الكلام (¬1) صريح في أن محله المديون، فيقر بدين ثبت له في ذمة الغير إلا في هذه المسائل، وعلى هذا جرى الجرجاني، فقال في "المعاياة" بعد ذكرها: "هذا (¬2) وإذا قلنا: لا يصح بيع الدين في الذمة، وأن الحوالة تفتقر إلى رضى المحال عليه، فإن قلنا: يصح ولا توقف على رضاه (¬3)، فأقر لغيره في هذه المسائل وعزاه إلى بيع أو (¬4) حوالة صح، وإن أطلق فعلى قولين [بناء على القولين] (¬5) فيمن أقر للحمل بمال غير منسوب إلى جهة"، وما قاله من تخريج ذلك على الإقرار بالدين سبقه إليه [الإمام] (¬6)، وظن ابن أبي الدم أنه تبع الجرجاني في ذلك، وقد يقال: الأمر بالعكس، فإن الجرجاني متأخر عن الإمام، وما (¬7) ذكره من الجزم بالصحة فيما إذا أسنده [إلى] (¬8) جهة حوالة أو بيع إن صححناه، وحكاية القولين فيما إذا طلق وأنهما مبنيان على الإقرار المطلق للحمل هو ما نقله الرافعي، وأقتصار الإمام (¬9) على [ما] (¬10) نقله عن الجرجاني عجيب، فإن الأكثرين (¬11) من ¬

_ (¬1) يشير إلى كلام ابن القاص السابق. (¬2) في (ق): "بعد ذكر هذا". (¬3) أي: يصح بيع الدين وأن الحوالة تصح من غير رضا. (¬4) في (ن) و (ق): "و". (¬5) من (ن). (¬6) سقطت من (ن). (¬7) في (ق): "ومن". (¬8) من (ق). (¬9) المقصود بالإمام هنا: الإمام الرافعي. (¬10) من (ق). (¬11) وقعت في (ن): "الأ كثرون".

الأصحاب ذكروه كما ذكره الجرجاني، وهو متبع لهم، منهم القفال في "شرح التلخيص" وغيره. واعلم أنه إذا لم يُطْلق ولم يستند إلى جهة معينة بل قال: صار ذلك إليه، صرح به الماوردي، وقال: "يصح قوله، صار ذلك إليه في الصداق، والخلع، ويكون في أرش الجناية على حالين إن كان دراهم ودنانير صح، وإن كان إبلًا فلا". ثم ما ذكره ابن القاص (¬1) لا يجيء إلا على الضعيف؛ لأن الأصح فيما إذا أطلق الإقرار للحمل الصحة، ومن ثم حمل الأئمة ما ذكره كما قاله الرافعي على ما [إذا] (¬2) أقر بها عقب ثبوتها بحيث لا يحتمل جريان ناقل (¬3)، ثم اعترضه [الرافعي] (¬4) بأن (¬5) سائر الديون [أيضًا] (¬6) كذلك، فلا ينتظم الاستثناء بل الأعيان (¬7) بهذه المثابة، حتى لو أعتق عبده ثم أقر السيد أو غيره عقب الإعتاق بعين أو دين لم يصح، لأن الأهلية (¬8) لم [124 ن / أ] تثبت له إلا في الحال ولم يجر بينهما ما يوجب المال، انتهى. وقوله (¬9): " إن سائر الديون أيضًا كذلك" فيه نظر؛ لأن سائر الديون يمكن ¬

_ (¬1) وقعت في (ن) و (ق): "أن القاضي". (¬2) من (س). (¬3) كذا في (س) وفي (ن) و (ق): "باطل". (¬4) من (س). (¬5) في (ن) و (ق): "وأن". (¬6) من (ق). (¬7) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "الإعتاق". (¬8) أي: أهلية الملك. (¬9) أي: الرافعي.

ثبوتها ابتداءًا للمقر له بخلاف هذه الثلاثة، وكلام ابن القاص (¬1) فيما لا يجوز [أن] (¬2) يثبت في الابتداء لغير المقر، كذا فهمه القفال [110 ق/ ب] وغيره من الأئمة [عنه] (¬3)، ومن ثم يظهر أن يجعل من جعل الأكثرين في هذه الديون الثلاثة إذا أطلق الإقرار بناء على القولين المذكورين (¬4) ليس بجيد من قبل أن لابن القاص (¬5) أن يقول: لا يلزم من صحة الإقرار المطلق للحمل صحة الإقرار المطلق بهذه الديون؛ لأن الحمل يصح أن يثبت له ابتداء ما أقر به بميراث ونحوه، وأما هذه الديون فلا يصح ثبوتها ابتداء لغير المقر، فقد يقال: لا يصح الإقرار المطلق بها؛ لأن الأصل عدم الناقل (¬6)، ومجرد الاحتمال لا يصلح دافعًا لهذا الأصل بخلاف الحمل، فإن الاحتمال فيه أقوى لكونه (¬7) يصح أن يثبت له ابتداء، فلسنا (¬8) [على ثقة] (¬9) من أن المقر له [ثبت له] (¬10) ذلك ثم انتقل عنه، بل جاز أن لا يكون ثبت له البتة، فلا يكون الحكم [به للمقر] (¬11) له مستندًا إلى احتمال الناقل وحده (¬12)، فظهر ¬

_ (¬1) في (ق): "ابن القطان". (¬2) سقطت من (ن). (¬3) من (ن). (¬4) وقعت في (ن) و (ق): "المذكور". (¬5) في (ق): "لابن القطان". (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "الباطل". (¬7) في (ن) و (ق): "لعمومه". (¬8) في (ن) و (ق): "فليس". (¬9) من (س). (¬10) من (ق). (¬11) من (س). (¬12) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "وغيره".

قاعدة ضمني كل إقرار مثل صريحه

[له] (¬1) أنه أولى بعدم الصحة من الإقرار للحمل، و [إن] (¬2) اشتركا في الصحة. قاعدة قال القاضي أبو سعد (¬3): "ضمني كل إقرار مثل صريحه (¬4) " (¬5). واستشهد بمسألتين. الأولى: قال [الزوج] (¬6): أخبرتني الرجعية بانقضاء عدتها، وهي لم تدع ذلك فراجعتها، صحت (¬7)؛ لأن الخبر ينقسم إلى صدق وكذب، وهو لم يعين (¬8) خبرها في جانب الصدق إذ لم يصدقها فيه، فصار كما لو صرح بأنها أقرت كاذبة، فإن ادعت (¬9) [فيه] (¬10) انقضاءها وكذبها وراجعها في تلك الساعة قبل تحليفها، فإن حلفت تبين بطلانها (¬11)، وإن نكلت، وحلف تبين (¬12) صحتها على ظاهر المذهب، انتهى. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) من (س). (¬3) في (ق): "أبو سعيد". (¬4) في (ق): "كصريحه". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 334 - 335). (¬6) من (ن). (¬7) أي: صحت المراجحة. (¬8) في (ق): "وهي لم تعين". (¬9) في (ق): "أذهب". (¬10) من (ن). (¬11) أي بطلان الرجحة. (¬12) في (ن): "تعين".

وقد يقال: إن قوله: أخبرتني بالانقضاء إذا لم يتضمن التصديق لا يتضمن التكذيب، وإنما اقتضى التكذيب بمراجعته لها بعد، وهو ليس إقرارًا، بل إنشاء للرجعة، وإن جعلت هذه المسألة مستثناة من القاعدة لما بَعُد، لأن اعترافه بإخبارها بالانقضاء يتضمن أن لا رجعة لها (¬1) [124 ن /ب]؛ لأنه اعترف بإقرارها بما جعلها الشارع مؤتمنة عليه، لكنا جعلنا له الرجعة فلم يعط ضمني الإقرار حكم صريحه (¬2). ولا شك أن الخبر وإن لم يستلزم الصدق، لكن اعترافه بأنها أخبرته اعتراف أن لا رجعة (¬3)، وليس له عليها غير اليمين على ما ائتمنها عليه الشارع، فكيف نمكنه من الرجعة. ولعل صورة المسألة أن تكذبه في أنها أخبرته، أو أن تقول: أخبرته وأنا كاذبة، والواقع أن عدتي لم تنقض، وعلى هذا الوجه نقل المسألة الرافعي في آخر باب الرجعة، حيث قال [111 ق / أ]: وعن نصه في "الأم" لو قال أخبرتني بالانقضاء (¬4) ثم راجعها مكذبًا لها، فقالت بعد ذلك: ما كانت عدتي منقضية وكذبت نفسها، فالرجعة صحيحة؛ لأنه لم يقر بانقضائها؛ لأنه أخبر عنها، وهذا النص ذكره البيهقي في "مبسوطه" حيث قال: ولو طلق امرأته ثم قال: أعلمتني أن عدتها قد انقضت ثم راجعها لم يكن هذا إقرارًا بأن عدتها قد انقضت؛ لأنها قد تكذب فيما أعلمته وثبتت الرجعة إذا قالت: لم تنقض عدتي، وفي رواية البويطي: [وقد قيل: و] (¬5) لا رجعة له لإقراره بانقضاء العدة، انتهى. ¬

_ (¬1) في (ق): "له". (¬2) وقعت في (ن): "حكمه صحيح"، وفي (ق): "حكم صحيح". (¬3) أي: لا رجعة له عليها. (¬4) أي: بانقضاء عدتها. (¬5) من (ن).

وعزاه في الجديد، وفيه تأييد لنقل الرافعي لتقييده ثبوتها (¬1) بما إذا قالت: لم تنقض عدتي غير أن لفظه كما رأيت: أعلمتني [لا] (¬2) أخبرتني، ومراده بالإعلام الأخبار، ولو أراد حقيقة الإعلام وهو تحصيل العلم الذي هو الاعتقاد الجازم المطابق لما أثبت له الرجعة بعد ذلك بحال؛ لا (¬3) يكون بعد صدقها في الانقضاء، فما يسمع بعد ذلك منه أنها لم تنقض وإن وافقته هي، يدل عليه (¬4) نص [الإمام] (¬5) الشافعي عقب هذا إذ قال البيهقي: "وقال [الإمام] (5) الشافعي في الكتاب: وإن قال: قد انقضت عدتها وقالت هي: قد انقضت، ثم (¬6) قالت (¬7): كذبت لم يكن له عليها رجعة؛ لأنه إقرار (¬8) بانقضاء عدتها، وكذلك لو صدقها في الانقضاء ثم كذبها لم يكن له عليها رجعة". المسألة الثانية: مسلم تحته مسلمة وكتابية بالنكاح، فقال للمسلمة ارتدتْ وللكتابية [125 ن/ أ] أسلمتْ، وأنكرتا [جميعًا بطل نكاحهما لزعمه أن الكتابية ارتدت بإنكارها] (¬9) الإسلام، وضمني الإقرار كصريحه، وصورتها: أن يكون (¬10) ذلك قبل الدخول، وقد نقل الرافعي الفرع قبل كتاب الصداق عن "فتاوى البغوي" ¬

_ (¬1) أي ثبوت الرجعة. (¬2) سقطت من (ن) و (ق). (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "لأنه". (¬4) وقعت في (ن): "ندب على"، وفي (ق): "يدل على". (¬5) من (ن). (¬6) في (ن): "و". (¬7) في (ق): "قال". (¬8) في (ق): "أقر". (¬9) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬10) وقعت في (ن) و (ق): "أن يجوز".

وهو شاهد جيد، وينبغي أن يقال: [ضمني] (¬1) كل إقرار معتبر مثل صحيحه، وأما غير المعتبر فلا ينبغي أن يثبت ما تضمنه، كما إذا أقر بطلاقها واحدة وارتجعها وادعت الثلاث (¬2)، ثم اعترفت بصدقه وأكذبت نفسها، فقد نص [الإمام] (¬3) الشافعي على أنها (¬4) [يحل] (¬5) لها الاجتماع معه، كما نقله في "المطلب" عن الماوردي في آخر باب الرجعة، فإذا مات هذا الزوج، فالأقرب (¬6) أنها ترثه، وإن كان قد سبق منها الاعتراف بالإبانة (¬7) لأن (¬8) ذلك الاعتراف لم يعتبر، بل ألغاه الشارع (¬9)، وكذا لو طلقها طلقة وادعت هي أنها ثالثة تحتاج إلى التحلل، ثم رجعت [111 ق /ب] عن ذلك وزوجت منه من غير محلل، الأقرب ثبوتها (¬10)، والميراث، وكذلك لو كان له على رجل ألف، فقال: اشتريت منك دارك بتلك الألف وقبضته، وأنكر من عليه وأحلف، يجوز له مطالبته بالألف، ولا مبالاة بما تضمنته دعواه من صدور عقد الشراء والقبض، لأن العوض لم يسلم له، وهو بخلاف مما إذا قالت: اختلعت نفسي منك على صداقي [فخالعتني] (¬11)، وأنكر ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) أي: وادعت أنه طلقها ثلاثًا. (¬3) من (ن). (¬4) في (ن): "على أن لها". (¬5) سقطت من (ن). (¬6) كما ذكره تقي الدين السبكي في "فتاويه". (¬7) أي: بأنه أبانها ثلاثًا، ووقعت في (ن): "بالإيمان". (¬8) في (ن) و (ق): "كان". (¬9) وقعت في (ن) و (ق): "بل الغاية التنازع". (¬10) أي: ثبوت الزوجية. (¬11) من (س).

فلا رجوع لها بالصداق؛ لأن الفرقة التي حصلت بالخلع لا تدفع (¬1) بزعمها، ذكره البغوي في "الفتاوى" [ولو قالت: خالعتني على الصداق] (¬2) فأنكر، فالقول قوله بيمينه، ثم للمرأة مطالبته بالصداق. وكان صورة الأولى أن تقول: التمستُ منكَ الخلع على الصداق، وأجبت التماسي وحصلت (¬3) لي البينونة والانطلاق من حبالك فينكر، فلا مطالبة لها بالصداق؛ لأنها فيما تزعم قد حصلت على غرضها. وصورة الثانية (¬4): أن يقول: التمست مني فأجبتُكِ إلى الصداق فأنكر، فلها الصداق؛ لأنها (¬5) لم تعترف بحصول القصد من الإطلاق من حباله، ومن (¬6) القاعدة وصورتها مسائل: الأولى: لو [قال] (¬7) عقدنا (¬8) بشهادة فاسِقَين، فأنكرت، فلا يقبل قوله بالنسبة إلى إسقاط المهر، ولا خلاف أنه لا يرثها إذا ماتت؛ لأن قوله عقدنا (¬9) بفاسقين يتضمن ذلك. الثانية: ما ذكره [125 ن/ ب] أبو سعد الهروي لو قال: طلقتها من سنة قبل قوله ¬

_ (¬1) في (ق): "ترتفع". (¬2) ما بين المعقوفتين سقط من (ن). (¬3) في (ن): "وجعلت". (¬4) في (ن): "وصورة المسألة". (¬5) في (ن) و (ق): "إلا أنها". (¬6) في (ق): "وفي". (¬7) سقطت من (ن) و (ق). (¬8) في (ن) و (ق): "عقد". (¬9) في (ن) و (ق): "عقد".

بالنسبة إلى الطلاق دون إسقاط النفقة والكسوة، وكان ينبغي له أن يستشهد على القاعدة بهذا الفرع، فإن قوله: طلقتها من [سنة] (¬1) إقرار بطلاقها، يتضمن الإقرار بأن لا نفقة ولا كسوة، فهو كصريح قوله: لا نفقة عليه ولا كسوة، ثم بعد ذلك لا يقبل منه لو صرح به، فكذلك إذا جاء ضمنيًّا. * * * ¬

_ (¬1) سقطت من (ن).

كتاب الغصب

كتاب الغصب فائدة: منفعة الأموال تُضمن بالفوات عند [الإمام] (¬1) الشافعي، ومنفعة البُضْع إنما تضمن بالتفويت، ومنفعة الحُرِّ تضمن بالتفويت، وهل تضمن بالفوات؟ فيه خلاف جارٍ في مسائل (¬2): - منها: إذا حبس الحُرَّ مدة هل يضمن منفعته في تلك المدة؟ فيه وجهان، قلت (¬3): الأصح: لا. - ومنها: إذا استأجره مدة فهل له أن يؤجره نظير تلك المدة من غيره؟ فيه وجهان، أصحهما: نعم. - ومنها: إذا استأجر شهرًا بعينه وسلم نفسه إليه، فلم يستوف المنفعة هل تستقر الأجرة؟ ، فيه وجهان، أصحهما: نعم، وكان الفرق أن المنافع بالأجرة [قد] (¬4) قدرت (¬5) موجودة شرعًا، فجاز أن تنتقل في المسألة الثانية، وتتقرر الأجرة في المسألة الثالثة [112 ق/ أ]. فائدة: المضمون شيئان: ما ليس بمال وهو: الأحرار، فيضمنون بالجناية على النفس والطرف (¬6)، بالمباشرة تارة وبالتسبب أخرى. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 159)، "قواعد الزركشي" (2/ 323)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 321). (¬3) القائل: هو ابن الملقن. (¬4) من (ق). (¬5) وقعت في (ن): "فورث". (¬6) وقعت في (ن) و (ق): "الظن".

قاعدة في تحرير إعواز المثل

الثاني (¬1) ما هو مال: وهو نوعان: أعيان، ومنافع، فالأعيان ضربان: حيوان وغيره [والحيوان صنفان: آدمي وغيره] (¬2)، وقد وضح الرافعي ذلك فراجعه. قاعدة في تحرير (¬3) إعواز المثل: اعلم أن الإتلاف تارة يكون من غاصب، وتارة يكون من غيره، ثم الإتلاف يكون تارة مع وجدان المثل ثم يفقد، وتارة يكون في حال فقد المثل، وههنا مقدمتان (¬4): الأولى: القيمة في ذوات الأمثال إذا وجبت (¬5) عند فقد المثل هل نقول: هي بدل عن العين، أو عن المثل؟ وجهان حكاهما أبو الطيب بن سلمة أحدهما: أن القيمة (¬6) بدل [عن] (¬7) العين لما تقرر أن الواجب [رد] (¬8) العين ما دامت موجودة، فإذا تعذر ردها وكانت مثلية وجب رد المثل لمساواته العين، وإنما وقعت المغايرة الشخصية (¬9)، فإذا تعذر رد المثل وجبت القيمة؛ لأنها [126/ أ] مثل ¬

_ (¬1) في (ق): "ومنها". (¬2) تكرر ما بين المعقوفتين في (ق). (¬3) وقعت في (ن): "تجويز". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 162)، "قواعد الزركشي" (2/ 330 - 333)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 325). (¬5) كذا في (ق)، وفي (ن): "وجد". (¬6) وقعت في (ن): "النفقة". (¬7) من (ق). (¬8) سقطت من (ن) و (ق). (¬9) في (ن): "الحسية"، وفي (ق): "الجنسية"، والمثبت من (ك).

العين (¬1) وكانت بدلًا عنها لا عنه (¬2). والثاني: أنها بدل عن المثل؛ لأن القيم غير ملحوظة (¬3) في المثليات مع وجود المثل، وإنما لحظت عند فقده فإذن هي بدله، ووقع للأصحاب خلاف في الكفارة المرتبة هل كل خصلة واجبة (¬4) على حيالها، أو هي أبدال كالتراب (¬5) مع الماء، ولم أظفر بقائل يقول: الصوم بدل عن العتق، والإطعام بدل عن الصوم. الثانية: إعطاء (¬6) القيمة عند فقد المثل، هل هو بدل حقيقي أوإعطاء للحيلولة، حتى لو وجد المثل رد القيمة وأخذ المثل؟ فيه وجهان أصحهما: أولهما (¬7). إذا عرفت (¬8) ذلك فالغاصب إذا تلفت العين المثلية في يده وأعوز المثل وعدل إلى القيمة فما المعتبر؟ فيه أحد عشر وجهًا. [أحدها] (¬9): أن المعتبر [قيمة] (¬10) يوم التلف، ثانيها: يوم الإعواز، ثالثها: يوم المطالبة، رابعها: يوم أخذ القيمة، خامسها: أقصى القيم من يوم الغصب إلى [التلف، والسادس: أقصى القيم من يوم الغصب إلى] (¬11) الإعواز. ¬

_ (¬1) أي في المسألة. (¬2) أي: وكانت القيمة بدلًا عن العين لا عن المثل. (¬3) في (ق): "مخلوطة". (¬4) في (ق): "واحدة". (¬5) في (ن): "كالميراث". (¬6) في (ق): "إذا أعطي". (¬7) أي: أنه بدل حقيقي. (¬8) في (ق): "عُرف". (¬9) من (ق). (¬10) من (ق). (¬11) ما بين المعقوفتين استدراك من (ك).

قلت: و [هو] (¬1) أصحها وضابط الخلاف أربعة، [منها] (¬2): بسايط وستة منها مركبات من البسايط، وآخرها منفرد برأسه، الأربعة البسايط (¬3) الأربعة [الأول] (¬4) التي ذكرناها (¬5)، والمركبات اعتبار أقصى القيم من الغصب إلى الأول، من الغصب إلى الثاني، من الغصب إلى الثالث، من الأول إلى [الثاني، من الأول إلى] (¬6) الثالث [، من الثاني إلى الثالث] (¬7). والمنفرد: اعتبار أقصى القيم إن [فقد من] (¬8) البلاد كلها يوم التلف [112 ق / ب]، وإلا فيوم (¬9) أخذ القيمة، فإن غصب مثليًّا وكان المثل مفقودًا حالة العقد) (¬10) فالوجه الأول: بحاله، والثاني: منتف، وقائل بالتلف، والثالث: بحاله (¬11)، والرابع بحاله (¬12)، والخامس: بحاله، وهو من الغصب إلى التلف، والسادس: منتف، وهو من الغصب إلى الإعواز، وقائل بالغصب (¬13)، والسابع بحاله، وهو من الغصب إلى المطالبة، [والثامن: منتف وهو من التلف إلى الإعواز، وقائل بالتلف، ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) من (ن). (¬3) تكررت في (ق). (¬4) من (ن). (¬5) أي: اعتبار يوم التلف، واعتبار يوم الإعواز، واعتبار يوم المطالبة، واعتبار يوم أخذ القيمة. (¬6) من (ق). (¬7) من (ن). (¬8) من (ق). (¬9) وقعت في (ن): "فيقوم". (¬10) في (ن) و (ق): "التلف". (¬11) وهو المطالبة. (¬12) وهو أخذ القيمة. (¬13) أي: إلى التلف.

والتاسع بحاله وهو من التلف إلى المطالبة] (¬1)، والعاشر: منتف وهو من الإعواز إلى المطالبة، وقائل بالمطالبة، والحادي عشر: منتف وقائل بالتلف. قلت (¬2): عبارة "الروضة" من زوائده، والحادي عشر باق على حاله. وضابط [هذه] (¬3) الأوجه انتفاء الإعواز، إذ لا إعواز، فحيث كان غاية اعتبرت الغاية الأخرى [126 ن/ ب] (¬4)، وحيث لا تكون غاية اعتبر التلف. وإذا (¬5) أتلف مثليًّا من غير ما غصب فلا يخلو إما أن يكون المثل موجودًا حالة الإتلاف [وأعوز] (¬6) أو لا، فإن كان موجودًا، فالوجه الأول باقٍ بحاله وفي الثاني والثالث والرابع والخامس منتف، وقائل بالتلف. والسادس منتف، وقائل بالإعواز (¬7)، وهو من الغصب إلى الإعواز، والسابع منتف وقائل بالمطالبة، والباقية (¬8): بحالها (¬9)، وإن كان المثل مفقودًا حالة الإتلاف انتفى الثاني وهو الإعواز (¬10)، وقائل بالأول والخامس منتف، وقائل بالأول [والسادس كذلك، والسابع بالمطالبة، والثامن بالأول] (¬11) والتاسع: بالمطالبة والأخيران بحالهما، والضابط ما تقدم. ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) القائل: هو ابن الملقن. (¬3) من (ن). (¬4) في هذا الموضع من (ن)، وقع: "وحيث لا يكون غاية اعتبرت الغاية الأخرى". (¬5) في (ن): "وإن". (¬6) من (ك). (¬7) في (ق): "ما لا يجوز". (¬8) في (ن): "والثانية". (¬9) في (ق): "تحالفًا". (¬10) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "من الأول". (¬11) من (ك).

قاعدة كل جملة تكون مضمونة بالمثل يكون النقص الداخل عليها مضمونا بالأرش من القيمة دون المثل

قاعدة " كل جملة تكون مضمونة بالمثل يكون النقص (¬1) الداخل عليها مضمونًا بالأرش من القيمة دون المثل"، وفيه مسائل (¬2). - منها: لو جَرح له صيدًا له مثل ينقص عشر قيمته لزمه عشر قيمة المثل، وقيل: يجب عشر المثل إلا أن يتعذر. - ومنها: الطعام المغصوب إذا بله بالماء أو قلاه بالنار، فإن عليه أرش نقصه دون المثل. قاعدة " لا فرق في ضمان [المتلف] (¬3) بين العلم والجهل" (¬4). ولا يرد ما إذا استعمل العارية بعد الرجوع جاهلًا به، حيث لا تجب عليه الأجرة فيما ذكر القفال: "وإذا أمر السلطان رجلًا بقتل رجل بغير حق والمأمور لا يعلم حيث لا دية على القاتل". وإذا أحرم المحرم ثم قتل صيدًا حيث لا جزاء واجب في أظهر القولين، وإذا [قتل] (¬5) مسلمًا ظن كفره بدار الحرب، فالأصح عدم وجوب الدية، وإذا رمي إلى ¬

_ (¬1) في (ق): "البعض". (¬2) "قواعد الزركشي" (2/ 333 - 334)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 325). (¬3) من (ن). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 277). (¬5) سقطت من (ق).

قاعدة قال أبو الحسين: كل من غصب شيئا لزمه رده أو رد قيمته إلا في مسألة

مسلم تترس به المشركون (¬1) حيث لا دية إذا جهل إسلامه. وإذا باشر الولي القصاص من الحامل [113 ق / أ] جاهلًا بحملها، فالأصح أن الدية على السلطان. وإذا أباح له ثمرة بستان ثم رجع فأكل بعد الرجوع قبل العلم، حيث لا يغرم (¬2) في أحد الوجهين. قاعدة قال أبو الحُسين (¬3): "كل من غصب شيئًا لزمه رده أو رد قيمته إلا في مسألة" (¬4) أن يسجر التنور ليخبز فيه بثمن أجرة مثل قيمة الحطب (¬5)، وليس هو ما غصب ولا قيمة ما غصب؛ لأنه غصب الخبز وعليه قيمة الحطب، ومن أصحابنا من قال: عليه الخبز، ومنهم من قال: عليه أن يسجر [127 ن / أ] التنور ويحميه كما كان، وصور الزبيري (¬6) في كتاب (¬7) "المُسْكت" (¬8) المسألة بأن يُصبَّ عليه آخر ¬

_ (¬1) وقعت في (ن) و (ق): "المسلمون". (¬2) في (ن): "يعلم". (¬3) هو أحمد بن الحسين، أبو الحسين الرازي الفَنَّاكي، سبقت ترجمته. (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 320)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 265). (¬5) في (س): "ليخبز فيه قيمة آخر من الخبز، فيلزمه قيمة الحطب". (¬6) هو الزبير بن أحمد بن سليمان بن عبد الله بن عاصم بن المنذر بن الزبير بن العوان، الأسدي، أبو عبد الله الزبيري البصري، أحد أئمة الشافعية، كان أعمى، وله مصنفات كثيرة ومليحة، منها: "الكافي" مختصر دون التنبيه، و"المُسكت" كالألغاز، توفي سنة سبع عشرة وثلاثمائة (317 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 63 - رقم 39). (¬7) في (ق): "باب". (¬8) وقعت في (ن) و (ق): "السلب".

ماء فيطفيه، وحكى الأقوال إلا أنه حكى بدل القول بأن عليه الخبز [فيه] (¬1) قولًا أن عليه قيمة الجمر (¬2)، واستشكل الأقوال الثلاثة، أما القول بأن عليه قيمة الجمر (¬3)، فلأنه لا قيمة له معروفة ولا يكال ولا يوزن، وأما القول بأنه يحميه (¬4) فلا ضابط له، وأما القول بأن عليه الحطب (¬5) فإن انطفأ لم يستهلكه، وإنما أتلف الجمر (¬6) بعد خروجه عن الحطب (¬7)، قال: كما أن من أحرق ثوبًا [ليتخذ رماده حراقًا] (¬8) فأتلفه رجل لا يجب عليه قيمة الثوب قبل الإحراق، قال (¬9): وأقرب ما يقال: وجوب قيمة الجمر (¬10) فإن له قيمة، فإن قلت: فإن انتهى إلى حد لا قيمة له فلا شيء عليه إلا الإثم، إن بقي بعد الإطفاء فحم ينتفع به، نظر إلى قيمته حاميًا و (¬11) إلى نقصه حين صار فحمًا ووجب ما بينهما من التفاوت، وذكر أيضًا في "المسكت" أنه لو برد ماء في يوم صائف فألقى فيه رجل حجارة محماة أذهبت برده، فقال قوم: لا شىِء عليه، لأن هذا ماء على هيئته وتبريده ممكن، وقيل: يأخذ ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) وقعت في (ن) و (ق): "الخبز". (¬3) وقعت في (ن) و (ق): "الخبز". (¬4) أي: التنور. (¬5) أي: قيمة الخطب. (¬6) وقعت في (ن) و (ق): "الخبز". (¬7) كذا في (ق)، في (ن): "الطب". (¬8) من (ق). (¬9) أي: الزبيري. (¬10) وقعت في (ن) و (ق): "الخبز". (¬11) في (ق): "أو".

هذا المتعدي ما أسخنه (¬1) ويضمن قيمته (¬2) باردًا، وقيل: ينظر إلى ما بين القيمتين في هذه الحالة فيضمن به، قال: وقول الأولين مُشكِل؛ لأن هذا أتلف منفعة مقصودة، فصار كما لو نسخ ثوبًا أو ضرب لبنًا فأعادهما إلى حالهما الأول، قال: على أن بعضهم ارتكب [في] (¬3) هذين أيضًا أنه (¬4) لا يضمن ما نقص، وهو بعيد، ومنهم من قال: يضمن مثل (¬5) الثوب منسوجًا ومثل [اللبن] (¬6) مضروبًا، ويرد (¬7) على هؤلاء أن فيه إزالة الملك عن المالك [ودخوله] (¬8) في ملك الآخر بمجرد التعدي، ويرد على من (¬9) قال: [يضمن] (¬10) ما بين القيمتين باردًا أو مسخنًا أن الماء ربوي، فإذا أخذ ماءه ومعه دراهم لما نقص وقع (¬11) في محذور الربا، كما قيل فيمن كسر درهمًا مضروبًا لغيره [113 ق / ب] ثم نقصت قيمته بقيراط من الذهب يحكم عليه به، وشنعوا (¬12) على قائله بأنه ربا والحق أنه لا محذور، لأن [مالك] (¬13) الدراهم والماء ................. ¬

_ (¬1) كذا في (ق)، وفي (ن): "يأخذ هذا بالمتقدر ما استحقه". (¬2) في (ق): "مثله". (¬3) من (ق). (¬4) في (ق): "لأنه". (¬5) وقعت في (ن): "من". (¬6) سقطت من (ن) و (ق). (¬7) في (ن): "ويدل". (¬8) من (س). (¬9) في (ن): "ما". (¬10) من (س). (¬11) في (ن): "رجع"، وهي ساقطة من (ق). (¬12) في (ن): "ويشعرا". (¬13) من (ن).

قاعدة كل يد ترتبت على يد الغاصب فهي يد ضمان، فيتخير المالك عند التلف

لم يزل (¬1) ملكه عنها ثم يعود إليه مع غيره حتى يقع في الربا فلا شناعة في نفس الأمر، قال: ولو ألقى في ماء أسخنه رجل قطعة ثلج لينتفع به فهي كالمسألة قبلها، قال: ولو بلَّ خيشًا (¬2) ونصبه ليتبرد به (¬3) فجاء رجل وأوقد عليه (¬4) نارًا حتى نشف وحمي، قال بعضهم: عليه قيمة الماء الذي بلَّ به، وقال غيره: بل قيمة الانتفاع به مدة بقائه باردًا، وقال آخرون: لا شيء عليه إلا الإثم، قال: وأعدلها القول الثالث، لأنه أتلف منفعة مقصودة. قاعدة " كل يد ترتبت على يد الغاصب فهي يد ضمان، فيتخير المالك عند التلف بين مطالبة الغاصب وبين [ما] (¬5) ترتبت يده على يده سواء علم الغصب أم لا" (¬6). ثم إن علم الغصب فهو غاصب من غاصب، وإن جهل فسيأتي حكمه. تقديم: محلها (¬7) اليد المقصود بها الاستيلاء لواضعها دون الاستحفاظ للمالك، وقد علم أن الراجح (¬8) أنه ليس للآحاد انتزاع المقصود، وعلى هذا ¬

_ (¬1) في (ن): "لم يزل إلى". (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "خشبة". (¬3) في (ق): "بها". (¬4) في (ق): "عنده". (¬5) سقطت من (ن) و (ق). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 322). (¬7) أي: هذه القاعدة. (¬8) أي: عند الرافعي والنووي.

فمنتزعه (¬1) غاصب، لكن (¬2) المنصوص أن للآحاد ذلك، وقد يُفصَّل فيقال: إن [من] (¬3) ظهر منه أنه لو وجد (¬4) سبيلًا إلى الرد لرد، فلا ينتزع منه كيلا يكون ناقلًا للعين من الضمان [إلى] (¬5) الأمانة، فإن زالا فينزع (¬6). ومحلها أيضًا يد ترتبت، أما (¬7) تصرف غير ذي اليد ممن هو كآلة فلا يضمن، إذ لا يرد في الحقيقة وذلك كمن رفع كتاب شخص [من] (¬8) بين يديه قاصدًا نظره في الحال (¬9) فلا يضمن كما قاله القاضي (¬10)، وطرد الإمام ذلك في الدنانير المغصوبة التي تمر بأيدي النقاد، وليس من فعل هذا توكيل الغاصب؛ لأن الوكيل متفرد باليد، والنقاد لا تنفرد باليد بل هو بلحاظ من الدافع فلا يدله البتة (¬11)، وليس كمن غصب شاة وأمر قصَّابًا فذبحها جاهلًا بالحال، وكذا كل ما استعان به الغاصب كالطحن والخبز في أن القرار على الغاصب؛ فإن الضمان [هنا] (¬12) بطريق الجناية لا الغصب. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "فتميز". (¬2) في (ن): "ليس". (¬3) من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "أو وجد". (¬5) سقطت من (ن). (¬6) أي: فإن لم يظهر منه ذلك فيجب الانتزاع منه. (¬7) في (ن) و (ق): "أمانة". (¬8) سقطت من (ن) و (ق). (¬9) أي: قاصدًا أن ينظر فيه ويرده في الحال. (¬10) أي: القاضي حسين. (¬11) وقعت في (ن) و (ق): "فلا بد له النفقة". (¬12) من (ق).

وقولهم: فهو غاصب من غاصب؛ أي حكمًا، إذ الآخذ منه لم يستول على حقه (¬1)، وقد يبنى على هذا أن الغاصب هل يخاصم؟ والمعروف: لا، سواء قلنا يخاصم المرتهن والمستأجر أم لا؛ [إذ] (¬2) لاحق له البتة، وعن [الماوردي] (¬3) أنه يخاصم ويشهد [له] (¬4) أن للضامن حبس الأصيل إذا حبس، وإن لم يثبت له علقه على وجه ليُرهقه إلى تحصيله (¬5)، وحكاه القاضي أبو سعد الهروي [114 ق/ أ] في "إشرافه" عن بعض الأصحاب. ولا يبعد أن يقال عند بقاء العين يطالب غاصب الغاصب بها، والغاصب بقيمتها (¬6) للحيلولة، والله أعلم (¬7) [128 ن/ أ]. * * * ¬

_ (¬1) أي: أن الغاصب هو المستولي على حق الغير عدوانًا، والآخذ من الغاصب لم يستول على حقه ولا تعدي عليه، وإنما هو غاصب من المالك باستيلائه على المال الذي كان عند الغاصب، وليس بخصوص الأخذ من الغاصب مدخل في الغصب. اهـ. "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 322 - 323). (¬2) من (ن). (¬3) من (ق). (¬4) من (ن). (¬5) حكى هذا الوجه عن والده تاجُ الدين بن السبكي. (¬6) في (ن): "بقيمة". (¬7) انظر توضيح هذه العبارة: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 323).

كتاب الشفعة

كتاب الشفعة قاعدة " الاشتغال بغير المقصود إعراض عن المقصود" (¬1) في صور: الأولى: [لو] (¬2) قال طالب الشفعة للمشتري عند لقائه: بكم اشتريت، أو اشتريت رخيصًا، فإنه يبطل حقه. الثانية: كتب: أنت طالق ثم [استمر] (¬3)، [فكتب] (¬4): إذا جاءك كتابي فإن لم يحتج إلى الاستمرار طلقت وإلا فلا؛ إذ لا إعراض. الثالثة: حلف لا يسكن هذه [الدار] (¬5) ولا يقيم بها، فتردد فيها ساعة من غير غلط (¬6) حنث، [وفيه] (¬7) بحث للرافعي. قاعدة " من أثبت يده على يد [الغاصب] (¬8) عن جهل فإن (¬9) دخل على أن يضمنه ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 151)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 344). (¬2) سقطت من (ن) و (ق). (¬3) في (ن): "أشهد". (¬4) من (ق). (¬5) من (ن). (¬6) وقعت في (ن) و (ق): "عوض". (¬7) سقطت من (ن). (¬8) من (ن). (¬9) في (ن): "أنه"، وفي (ق): "إذ".

قاعدة قال القاضي حسين: ما لا يستحق بالشفعة لا يستحق به الشفعة

لم يرجع أو على أن لا يضمنه، فإن لم يستوف ما يقابله كالمستودع من الغاصب [فيرجع به والقرار (¬1) على الغاصب] (¬2) ". وقيل: لا يطالب المودع أصلًا، وفي ثاك: يستقر الضمان عليه، وإن استوفاه كأكله (¬3) فالأظهر أن القرار عليه لا على الغاصب [إلا أن يقول الغاصب مع التقديم: هو لي] (¬4)، ثم يغرم المغصوب منه الغاصب، فإنه لا يرجع على الأكل خلافًا للمزني؛ لأنه بقوله: (هو لي) اعتراف بأنه مظلوم، والمظلوم لا يرجع على غير من ظلمه (¬5). قاعدة قال القاضي حسين: "ما لا يستحق بالشفعة لا يستحق به الشفعة" (¬6). وجعل هذا علة (¬7) قولهم في أرض نصفها [وقف] (¬8)، وفي أرض نصفها طلق أنه لا يثبت للموقوف عليه الشفعة وهو الصحيح (¬9)، وتبعه الرافعي فقال: لأن الوقف لا يستحق بالشفعة فلا يستحق به الشفعة، واختار ابن الصباغ أن عليَّة كون ¬

_ (¬1) وقعت في (ن): "والفوات". (¬2) تكرر ما بين المعقوفتين في (ق). (¬3) أي: كأكله طعام مغصوب قدمه إليه الغاصب. (¬4) تكرر ما بين المعقوفتين في (ن). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 323). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 311). ولفظ هذه القاعدة في (ن) كذا: "ما لا يستحق بالشفعة به الشفعة، وهو وهم من الناسخ. (¬7) في (ن): "على". (¬8) من (س). (¬9) أي: إذا باع صاحب الطلق منها نصيبه.

قاعدة ما يبذله الشفيع من الثمن للمشتري مقابل لما يبذله المشتري

الموقوف [عليه] (¬1) لا يملك الوقف على المذهب فليس بشريك في الملك (¬2)، والشفعة إنما تثبت لشريك الملك، ولو قلنا يملكه بشرط الشفعة قبول القسمة وهو لا يقبلها على الأصح، ولو كانت أثلاثًا ثلثها وقف وثلثها لاثنين، فباع أحدهما نصيبه ينبغي أن يثبت للآخر الشفعة إن جوزنا القسمة؛ لانتفاء العلة التي ذكرها القاضي، وبالمنع إن لم نجوزه لعدم توقع الضرر بالمقاسمة (¬3)، ولذلك أطلق صاحب "التنبيه" وغيره أن ما ملك بشركة الوقف لا شفعة فيه، وهذه القاعدة نقضها ابن الرفعة [114 ق/ ب]، وصاحب الجزء الكبير فإنه لا يأخذ [بالشفعة دون صاحب] (¬4) الجزء الصغير الذي لا ينقسم لعدم توقع القسمة ولا العكس، وذكر القاضي بعد أن ذكر هذه القاعدة: وعلى هذا القول الجارية [128 ن/ ب] التي نصفها قن، ونصفها أم ولد [فإن استولدها معسر فوقعنا الاستيلاد على حصته لو أعتق صاجا النصف الذي هو أم ولد نصيبه لم يسر إلى ما هو قن؛ لأن صاحب النصف القن إذا أعتق نصيبه لم يسر إلى ما هو أم ولد] (¬5) فيها مما لا يسري إلى العتق (¬6). قاعدة " ما يبذله الشفيع من الثمن للمشتري مقابل لما يبذله المشتري" (¬7). على ما ذكر ابن أبي الدم أنه المفهوم من كلام الأصحاب، وهو قول القفال ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن): "في ذلك". (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "لعدم توقع الضرورة والمقاسمة". (¬4) من (س). (¬5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬6) في (ق): "الغير". (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 328).

وقال (¬1) القاضي: "إنه في مقابلة الشقص" فالمشتري عند القفال كنائب (¬2) عن (¬3) الشفيع في الشراء، أو أقرضه الثمن وأحْوجه إلى هذا دلالة الحديث على أن الشريك أحق بالشفعة، فكان الشفيع [نازلًا] (¬4) منزلة المشتري (¬5)، قال ابن أبي الدم: وهذا الخلاف ينبغي أن يكون قاعدة باب الشفعة، وعلى القاعدة يتخرج مسائل: - منها: خيار المجلس للشفيع، وجواز التصرف قبل القبض، وأخذ ما لم يره، والملك بقضاء القاضي عند قوله: تملكت، وبالإشهاد، ولخوف الزيادة والحط، وانحطاط مقدار الأرش، وغير ذلك من مسائل كثيرة من أهمها: - إن كان الشفيع وارثًا، والبائع مريض وفي (¬6) الثمن محاباة وقبض الشقص (¬7) إذا كان عليه صفائح ذهب، والثمن فضة على ما تفقه فيه ابن الرفعة، و [إن كان] (4) المنقول (¬8) اشتراط القبض فيه، والصحيح مختلف في هذه الفروع بسبب يخص الفروع في نفسها. ويشكل على القفال في قوله: "إن المشتري أقرض الشفيع الثمن"، أنه لو كان كذلك لكان الواجب فيما إذا اشترى الشقص (¬9) بمتقوم المثل الصوري، كالقرض لا القيمة [فالأشبه] (¬10) على قاعدته أن يقدر أن الشفيع أتلفه عليه، وعلى قول القاضي، يجعل معيارًا لا غير، انتهى. ¬

_ (¬1) في (ن): "وقول". (¬2) في (ن) و (ق): "كناية". (¬3) في (ن): "عند"، وفي (ق): "ثابتة عن". (¬4) من (ق). (¬5) وقعت في (ن): "المستولي". (¬6) في (ن): "ومن". (¬7) في (ن): "الشخص". (¬8) في (ق): "المقبول". (¬9) في (ن): "الشفيع". (¬10) من (س).

قاعدة كل ما ضمن كله بالقيمة ضمن بعضه ببعضها

[قلت: لا شك أن] (¬1) القفال يقدر كأنه أتلفه، فإن الأصحاب صرحوا بأن المتقوم (¬2) لا يؤخذ بالمثل الصوري هنا وإن أخذ في القرض (¬3) ذلك، فقال المتولي: الشفيع لا يؤخذ بالمثل صورة، بخلاف القرض على أحد القولين؛ لأن القرض (¬4) مشروع للإرفاق، فلو لم نوجب الجنس لامتنع الناس عن القرض (¬5) فيفوت الرفق المطلوب، وأما الأخذ بالشفعة فسببه الإتلاف، والمتقومات عند الإتلاق تُضمن بالقيمة، وقال -أعني المتولي- بعد ذلك: إذا استقرض شقصًا، فالشفيع [129 ن / أ] يأخذه بقيمته بلا خلاف؛ لأن المستقرض يضمنه بالقيمة على المذهب الصحيح وعلى القول الأول، لا يجب عليه رد المثل على سبيل الإرفاق، والشفعة ملحقة بالإتلاف (¬6)، وهذا نقله عنه الرافعي [115 ق/ أ]، وهو بناء منه على جواز قرض الشقص (¬7) من دار، وقد نقله عنه قبل ذلك، وخرج من هذا أن للقفال أن يقول: إنما يلزم رد المثل صورة أن لو كان قرضًا حقيقيًّا، وهذا يلحق بالقرض وليس هو (¬8) إياه فلا يلزم. قاعدة [قال] (¬9) الشيخ أبو علي: "إن من الأصول المطردة في المسائل: "كل ما ¬

_ (¬1) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "قال". (¬2) في (ن) و (ق): "المتصور". (¬3) في (ق): "بالقرض". (¬4) في (ق): "العوض". (¬5) في (ن): "العوض". (¬6) وقع في هذا الموضع من (ن) و (ق) تقديم وتأخير من الناسخ، وقد رددت كلًا إلى موضعه مطابقًا لما في (س). (¬7) وقعت في (ن) و (ق): "الشفيع". (¬8) في (ن): "هذا هو". (¬9) من (ن).

ضمن كله بالقيمة ضمن بعضه ببعضها" (¬1) إلا في مسألة واحدة: وهذا إذا عجل زكاة ماله ثم تلف ماله قبل الحول، وكان ما عجل تالفًا يُغرَّم قيمته (¬2)، ولو كان معيبًا، ففي الأرش وجهان. وحكى الرافعي هذا في باب التحالف عن الشيخ أبي علي عند ذكره أن المبيع، إذا كان بعد التحالف قائمًا ولكن معيبًا، يُرَدُّ مع الأرش، وهو قدر الناقص عن القيمة؛ لأن (¬3) الكل مضمون على البائع بالثمن، فكذا البعض، وقال: هذه المسألة قدمناها في موضعها، وميل الشيخ إلى طرد الأصل فيها، ولكن الصحيح خلافه، ويستثنى (¬4) أيضًا ثانية على وجه، وهي: المستعار إذا تلف في يد المستعير [في غير الوجه المأذون، ضمنه على المشهور، وكذا إذا تلف جزؤه على الأصح فعلى] (¬5) الوجه الآخر يستثنى هذه المسألة. - وكذا ثالثة: وهي إذا اطلع على عيب المبيع فرده وقد تلف الثمن في يد البائع، والثمن متقوم [ضمنه بقيمته] (¬6)، وإن لم يتلف ولكن نقصه (¬7) ضمنه، فالأصح لا غُرْم، وفي هذه الصور يتعين [الرجوع] (¬8) بالناقص من غير أرش ولا يمكن المالك من طلب البدل. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (349/ 1). (¬2) في "ابن السبكي": "يغرم المسكين قيمته". (¬3) في (ق): "وأن". (¬4) استثناها الشيخ تقي الدين السبكي في "شرح المهذب". (¬5) ما بين المعقوفتين استدراك من (س). (¬6) ما بين المعقوفتين استدراك من (س). (¬7) في (ق): "بعضه". (¬8) ما بين المعقوفتين استدراك من (س).

واعلم أن لنا مسائل أخر يضمن فيها الكل بالقيمة ولا يضمن البعض ببعضها، ولكن لا يتعين فيها أخذ الناقص، بل (¬1) يتخير بينه وبين البدل، ولا ترد (¬2) لوقوع التخيير فيها، وكلام الإمام (¬3) يقتضي تعميمها. فمنها: الصداق إذا تعَيب في يد الزوجة ثم طلق قبل الدخول لم يلزمها الأرش، بل الزوج مخير بين الرجوع إلى الشطر ناقصًا (¬4)، أو الانتقال إلى (¬5) البدل. - ومنها: اللقطة إذا [ما] (¬6) حضر مالكها، وقد تعيبت خُيِّر (¬7) على أحد الوجهين بين أن يقنع (¬8) [بها] (¬9) بلا أرش وبين أخذ بدلها. - ومنها: إذا رد (¬10) المبيع [129 ن / ب] وقد تعَيب في يد البائع كذلك. - ومنها: إذا جرى التحالف وقد تعَيب المبيع، فتشبث (¬11) الشيخ أبو علي بخلاف (¬12) في التخيير بين البدل و [بين] (¬13) أن يقنع به بلا أرش. ¬

_ (¬1) في (ق): "لكن". (¬2) أي هذه المسألة لا ترد على هذه القاعدة السالفة الذكر كما قال ابن الرفعة، والسبكي، وقصرا القاعدة على ما يتعين الرجوع فيه إلي الناقص. (¬3) يعني: إمام الحرمين. (¬4) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "في تضَاد". (¬5) في (ق): "أو إلى"، وفي (ن): "أو في". (¬6) من (ن). (¬7) في (ق): "يخير". (¬8) أي: أن يقنع بها معيبة. (¬9) من (ق). (¬10) في (ق): "أراد". (¬11) في (ن) و (ق): "بسبب". (¬12) في (ن): "يخالف". (¬13) سقطت من (ن) و (ق).

- ومنها: القرض إذا تغيب في يد المقرض، قال الماوردي: إن كان الواجب المثل، تخير المقترض بينه وبين مثله سليمًا فلا أرش، وإن كان الواجب القيمة رجع فيه بالأرش، هذا ما استثناه ابن الرفعة (¬1)، والكلام في المتقومات فلا تورد صورة المثل في القرض، وأما المتقوم فهي جارية على الأصل. - ومنها: غريم [المفلس] (¬2) إذا وجد العين ناقصة نقصانا غير مضمون، فإن شاء رجع فيها بلا أرش وإن شاء ضارب، قال الإمام: "والقاعدة منعكسة أيضًا، فإن المبيع إذا غاب في يد البائع لا يلزم البائع للمشتري أرش العيب؛ لأن المبيع لو تلف في يده لم تلزمه قيمته بل الحكم الانفساخ"، قال ابن الرفعة: والعكس لا يخرج منه شيء نعلمه الآن (¬3) نعم المشتري من الغاصب إذا تلفت العين في يده، وغرم قيمتها لم يرجع بها على الغاصب، ولو تعيبت (¬4) في يده وغرم الأرش رجع به على الغاصب على قول، ومع هذا يصح (¬5) أن يقال: يد ضامنه (¬6) يستقر عليها ضمان الكل، ولا يستقر عليها ضمان البعض (¬7)، انتهى. وثمَّ أخرى تخرج من العكس: وهي وطؤ الراهن الجارية المرهونة إذا أحبلها ونقص قيمتها بالولادة، يلزمه الأرش، وفي وجوب قيمتها إذا ماتت من الولادة وجهان، والكلام حيث ينفذ (¬8) الاستيلاد. ¬

_ (¬1) وقعت هذه العبارة في (ن) كذا: "هذا ما أسلفناه، قال ابن الرفعة"، وفي (ق): "هذا ما أسلفناه ابن الرفعة"، والمثبت من (س). (¬2) من (س). (¬3) في (ن) و (ق): "إلا أن". (¬4) في (ن) و (ق): "تلفت". (¬5) في (ق): "لا يصح". (¬6) في (ن): "ضمانه". (¬7) في (ن) و (ق): "النقص". (¬8) وقعت في (ن) و (ق): "يستمد"، والمثبت من (س).

قاعدة الحر لا يدخل تحت اليد

قاعدة " الحر لا يدخل تحت اليد" (¬1). والغزالي لما حكى الوجهين في أن منفعة بدن الحر [هل] (¬2) تضمن بالفوات [كما تضمن] (¬3) بالتفويت، قال في "الوجيز": وهو تردد في ثبوت [يد] (¬4) غيره عليه حتى ينبني عليه جواز إجارة الحر -عند استئجاره- إن قلنا تثبت اليد، وأنه بتسليم نفسه هل تتقرر أجرته؟ واعترضه الرافعي بما وضحه (¬5). ويؤيد ذلك أنه لو كان مبنيًّا [على ما] (¬6) ذكره الغزالي لكان الأكثر على أن مستأجره لا يؤجره وأن أجرته لا تتقرر والأمر على خلافه (¬7). ¬

_ (¬1) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 161)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 352)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 284)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 131)، "قواعد الزركشي" (2/ 43). قال تاج الدين ابن السبكي معلقًا على هذه القاعدة: "صرح به الأصحاب في مواضع كثيرة، ولم أجد فى كلام الأصحاب ولا في الشريعة دليلًا عليه" "الأشباه والنظائر" (1/ 352). ومعنى هذه القاعدة: أن الحر لا يستولى عليه للانتفاع أو الملك كما في الغصب والرق، وليس متقومًا كالعبد، ومن ثم لا يباع ولا يشترى، ولا يضمن عند التلف لو حُبس مثلًا فمات. (¬2) من (ن). (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "دون". (¬4) سقطت من (ن). (¬5) انظر: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 352). (¬6) كذا في (س) وفي (ن) و (ق): "كما". (¬7) لأن الأكثر على أنه لا يدخل تحت اليد أو الكل، لكن الأكثر على أن له أن يؤجره وأن أجرته تتقرر.

فائدة: اليد لها معاني السراية

وقد جزم الأصحاب هنا بأن أحد المتداعيين زوجية امرأة (¬1) لا يدعي على صاحبه بل عليها، وحكى الرافعي في النكاح والرجعة وجهًا أن أحد المتداعيين يدعي على الآخر، وهذا الوجه لا يقتضي دخولها تحت يده، وإنما الدعوى لكونه حائلًا بينه وبينها (¬2)، وقول الرافعي: "إن منافعه تضمن بالعقد الفاسد" تبع فيه المتولي، ولا شك أن من حبسه ومنعه الطعام والشراب حتى مات أنه قاتله، فهذا دل على دخوله تحت اليد، وقد نصُّوا (¬3) في كتاب "السير": "أن الإمام إذا أكره أهل الذمة وأخرجهم منها، وحملهم على الجهاد أنه يجب لهم أجرة المثل". فائدة: اليد لها معاني السراية: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] القوة، {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، و {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: 29] محتمل لها، وإسداء (¬4) النعمة: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64]، وجملة الإنسان {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} (¬5) [الشورى: 30]. * * * ¬

_ (¬1) في (ق): "أوجب إقراره". (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "فيستوفيها". (¬3) أي عن الإمام الشافعي. (¬4) في (ق): "وابتداء". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 355).

كتاب اللقطة

كتاب اللقطة قاعدة " الأكساب النادرة هل تدخل في المهايأة في العبد المشترك" (¬1)؟ والأصح دخولها، ووجه الآخر: [على] (¬2) [أن] (¬3) النوادر مجهولة ربما [لا] (¬4) تخطر بالبال عند التهايؤ، وهذا الخلاف يضاهي الخلاف في أن العام (¬5) هل يشمل الصور النادرة؟ وسيأتي في الأيمان إن شاء الله تعالى، وعلى الخلاف في هذه القاعدة مسائل: - منها: اللقطة هل تدخل؟ فيها قولان منصوصان، هما أصل الخلاف في دخول الأكساب النادرة، وألحق غيرها بها، [ولذلك] (¬6) يعبر (¬7) عن (¬8) الخلاف في أصل القاعدة بقولين، وبعضهم بوجهين، والأصح: الدخول. - ومنها: اصطياده إذا لم يكن من عادته الاصطياد. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 78). (¬2) من (ن). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) سقطت من (ق). (¬5) في (ن) و (ق): "المغانم". (¬6) من (ن). (¬7) في (ق): "تعين". (¬8) في (ن) و (ق): "على".

- ومنها: الوصية له هل يفتقر قبوله إلى إذن السيد؟ إن قلنا بعدم الدخول (¬1) فهو كما لو لم يكن وقتها حينئذ خلاف [ينبني] (¬2) على افتقار العبد (¬3) في قبول الوصية إلى إذن السيد إن أحوجناه، فالقبول باطل بغير إذنه في نصف السيد، [وفي نصفه] (¬4) وجهان، لأن (¬5) ما يملكه ينقسم على نصفه فيلزم دخول بعضه في ملك السيد من غير إذنه، وإن قلنا بالأصح: وهو دخول الأكساب النادرة في المهايأة لم يحتج إلى إذنه، وتردد الإمام فيما إذا صرح بإدراج الأكساب النادرة في المهايأة أنها تدخل لا محالة أو تكون على الخلاف؟ وتردد فيما إذا عمت الهبات والوصايا في قُطر أنها تدخل لا محالة كالأكساب العامة، أو يبني على الخلاف، وليجر مثل ذلك في اللقطة. وإذا قال: أوصيت لنصفه الحر أو لنصفه الرقيق، فعن القفال: أن الوصية باطلة لا يجوز أن يوصي لنصف الشخص، كما لا يجوز أن يرث نصفه وعن غيره: أنه يصح، وينزل تقييد (¬6) الوصي منزلة المهايأة، فيكون الموصى به للسيد إن أوصى لنصفه الرقيق، وله إن أوصى لنصفه الحر. - ومنها: في "فتاوى القاضي حسين": لو كان عبد بين شريكين أذن أحدهما له في التجارة، فإن لم يكن بينهما مهايأة بغير إذن الشريك لا يصح، وبإذنه يصح، فيكون مأذونًا من جهتهما، فمن جهة الإذن إذن، ومن جهة الآخر (¬7)، كأنه (¬8) ¬

_ (¬1) أي: بعدم دخول الأكساب النادرة في المهايأة. (¬2) من (ق). (¬3) في (ن): "الصيد"، وفي (ق): "المعتد". (¬4) من (ن). (¬5) في (ن): "أن". (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن): "وينزل يد"، وفي (ق): "وينزل بدل". (¬7) في (ق): "الإذن". (¬8) في (ن): "لأنه".

قاعدة الذي اختلف في وجوب الإشهاد فيه منه اللقطة

توكيل للعبد عن الغير بإذن سيده، وإن كان مهايأة فأذن أحدهما له في نوبته، قال القاضي: يحتمل أن تبنى (¬1) على الأكساب النادرة. - ومنها: [بدل] (¬2) الخلع وهو على الخلاف كما ذكره الرافعي. قاعدة الذي اختلف في وجوب الإشهاد فيه منه اللقطة، قلت: والأصح المنع، ومنه اللقيط في الأصح الوجوب عليه، وعلى ما معه وجهان مرتبان وأولى بالوجوب لخوف الإرفاق. قاعدة ذكرها القاضي (¬3) وتبعه كثير من الخراسانيين منهم: الغزالي في كتاب الكفارات، والرافعي في باب (¬4) الردة: "ما يصير به المسلم كافرًا إذا جحده يصير الكافر به مسلمًا إذا اعتقده" (¬5). قال القاضي: إلا في مسألة واحدة: وهي اليهودي إذا قال: عيسى رسول الله، فإنه لا يُحكم بإسلامه؛ لأن قومًا من الكفار يقولون به (¬6)، والمسلم إذا جحد نبوة عيسى كفر، وفي مسألة اليهودي قول أنه إذا أقر برسالة عيسى - عليه السلام - يجبر على ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "يبقى". (¬2) من (ك). (¬3) أي: القاضي حسين. (¬4) في (ق): "كتاب". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 387)، "قواعد الزركشي" (3/ 145). (¬6) وهم النصارى.

قاعدة كل ما كان يمتنع من صغار السباع فليس لواحد أن يتعرض لها

الإسلام؛ لأن المسلم لو جحد رسالته (¬1) كفر، حكاه الرافعي عن نقل البغوي، وقد جزم البغوي قبله: بأن اليهودي لا يحكم بإسلامه وإن قال: لا إله إلا الله حتى يقر بأن محمدًا رسول الله، ونقله عنه الرافعي. قاعدة قال صاحب "التلخيص": "كل ما كان (¬2) يمتنع من صغار السباع فليس لواحد أن يتعرض لها، و (¬3) من أخذها فهو ضامن حتى يسلمها إلى السلطان أو يردها على صاحبها" (¬4) إلا واحدة، وهي ضالة الهدي الذي يجدها أيام منى أو قبلها يأخذها ويُعرِّفها أيام منى، فإذا خاف أن يفوته وقت النحر نحر، قال [الإمام] (¬5) الشافعي "وأحب إلي بعد تعريفها أن يرفعها (¬6) إلى حاكم حتى يأمر بنحرها"، وفي المسألة قول آخر: أنه لا يأخذها بناء على أنه لا يجوز التعرض (¬7) لكبار البهائم في الصحراء، واعترض الرافعي بأن الاستثناء غير منتظم، وإن جوزنا الأخذ؛ [لأن] (¬8) [الأخذ الممنوع هو الأخذ] (¬9) للتملك، وهذا لا يؤخذ للتملك [والله أعلم] (¬10). ¬

_ (¬1) في (ق): "برسالته". (¬2) في (ن): "كل ما كان من". (¬3) في (ق): "أو". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 362). (¬5) من (ن). (¬6) في (ق): "يعرفها". (¬7) وقعت في (ن): "التعريف". (¬8) من (س). (¬9) من (ق). (¬10) من (ن).

باب الجعالة

باب الجِعالة فائدة: ما اشترط فيه أن يكون العوض مجهولًا صفة، أو قدرًا فيه (¬1) صور (¬2): - منها: الجعالة تجوز على عمل مجهول (¬3)، وهل تجوز على [عوض مجهول] (¬4)؟ وجهان (¬5). قلت (¬6): أصحهما نعم. - ومنها: مدة عقد الذمة يجوز من غير توقيت، وهل تجوز مؤقتة؟ وجهان. قاعدة " ما يثبت على خلاف الدليل للحاجة قد يتقيد بقدرها، وقد يصير (¬7) أصلًا مستقلًا" (¬8)، وبيانه بصور: الأولى: الإجارة جُوِّزت على خلاف الدليل لورودها على المنافع الحادثة بعد الحاجة (¬9)، فلم يتقيد بذلك، بل صارت أصلًا لعموم البلوى وجوز في هذه؛ لأنه ما ¬

_ (¬1) في (ن): "وقد رأيته". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 81). (¬3) في (ق): "الجعالة على مجهول وهل تجوز على عوض معلوم". (¬4) في (ن) و (ك): "عمل معلوم"، وفي (ق): "عوض معلوم"، والمثبت هو الصواب. (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "ومجهول". (¬6) القائل: هو ابن الملقن. (¬7) وقعت في (ن): "يغتفر". (¬8) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 347)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 218). (¬9) في (ك): "المنافع التي لم تحدث بعد للحاجة".

من صورة إلا وهي حاجة باعتبار أنه لا يمكن تحصيلها بغير إجارة. وصلاة القصر شرعت للخوف (¬1) ثم استمرت. الثانية: الخلع مع الأجنبي، كان أصل المشروعية مع المرأة على سبيل الرخصة والحاجة لقوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] فجوازه مع الأجنبي خارج عن المورد، وصار أصلًا مستقلاً كما سيأتي قريبًا فيما إذا قال: أعتق مستولدتك أو أعتق عبدك على ألف. الثالثة: الجعالة جُوِّزت على خلاف الدليل لثبوت (¬2) الجهالات المحققة، ثم إذا وردت حيث لا يمكن الإجارة فهي جائزة باتفاق أئمة (¬3) المذهب بشروطها، وإن وردت حينئذ يمكن الإجارة، فرجح الإمام والغزالي في "البسيط" المنع، إذ لا حاجة إلى احتمالها. الرابعة: الفداء كما إذا قال: أعتق مستولدتك على ألف [فعتق نفذ، ولزمه الألف، وكان فداء، وهذا شائع لتعذر شرائها، فأما إذا قال: أعتق عبدك على ألف] (¬4) ولم يقل: عني (¬5)، ففعل عُتِق، وفي استحقاقه (¬6) الألف وجهان، أحدهما: لا؛ لأن العتق وقع عنه، فكيف يستحق العوض .. والثاني: يستحق كأم الولد، قال الغزالي: وكان الخلاف يرجع [إلى] (¬7) أن الفداء هل يجوز مع (¬8) إمكان الشراء. ¬

_ (¬1) وقع في (ق): "صلاة العصر شرعت للعصر". (¬2) في (ن): "لصورة"، وفي (ق): "لصون"، والمثبت من (ك). (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "أنه". (¬4) استدراك من (ك). (¬5) أي: فعتق ونفذ، ولزمه الألف؛ وكان فداء وهذا شائع لتعذر شرائها. (¬6) في (ق): "استحقاقها". (¬7) من (ك). (¬8) وقعت في (ن): "بيع".

الخامسة: المسابقة جوزت على عوض بناء على خلاف الدليل؛ لتعلم الفروسية، وفي جوازها في الصراع، وجهان. قلت (¬1): أصحهما: المنع. السادسة: العرايا جوزت على خلاف الدليل لحاجة الفقراء في التَّمر والعنب، وفي غيرهما قولان. قلت: أصحهما: لا يجوز. السابعة: المسابقة جُوِّزت على خلاف الدليل في الكرم والنخل (¬2)، وفي غيرهما قولان. قلت (¬3): أصحهما: المنع. الثامنة: اللعان، حيث يمكن إقامة البينة على زناها، الأصح: أنه لا لعان؛ لأنه مطلوب (¬4) الترك. وقد بقي من القاعدة مسائل. الأولى: اختلفوا في ملك الضيْف الأكل، فقيل: لا (¬5)، بل هو إباحة، وقيل: تمليك؛ لأن جواز الأكل بالإذن يقتضي التمليك عرفًا، وعلى هذا اختلفوا هل له أن يطعم الهر ونحوه، والأصح: المنع، وإنما جعلنا له الملك بالنسبة إلى أكله، وذهب الشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب إلى جوازه وجواز التصرف بغير الأكل، حكاه عنهما ابن الصباغ في كتاب الظهار. ¬

_ (¬1) القائل: هو ابن الملقن. (¬2) وقعت في (ن) و (ق): "والعنب". (¬3) القائل: هو ابن الملقن. (¬4) في (ن): "يتطاول". (¬5) في (ق): "إلا".

الثانية: إذا منعنا نظره إلى وجه الأجنبية فيجوز للمعاملة والشهادة، فهل يتقيد بقدر الحاجة حتى لو حصل الغرض ببعض الوجه وهل ينظر إلى باقيه؟ ونقل الروياني عن الأكثرين الجواز، وصحح الماوردي: المنع. الثالثة: هل للمضطر زيادة الأكل من الميتة عن سد الرمق إلى الشبع؟ فيه وجهان، أصحهما: لا [إلا] (¬1) أن يخاف تلفًا إن اقتصر. الرابعة: الضبة من الفضة تتعدى عن محل الكسر (¬2). الخامسة: إذا أقرت بالنكاح واعتبرنا تصديق الولي، وكان غائبًا سلمناها في الحال للضرورة، فإن عاد وكذب [حيل] (¬3) بينهما، وقيل: لا، وكذا لو قلنا بقبول إقرارها في الغربة (¬4) دون البلد، فعادت هل يحال (¬5) لزوال الضرورة؟ فعلى الوجهين، وقال [الإمام] (¬6): إن جمهور الأصحاب على المنع هنا. السادسة: إذا أذن لها في السفر هل لها أن تقيم (¬7) أكثر مما أذن. السابعة: تزويج المجنون (¬8) للحاجة لا يزاد على واحدة. * * * ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) في (ق): "الكثير". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "القرية". (¬5) أي: هل يحال بينهما. (¬6) من (ك). (¬7) في (ق): "تقوم". (¬8) وقعت في (ن) و (ق): "تجويز المحرر".

كتاب الفرائض

كتاب الفرائض قاعدة " إذا تعدد الوارث فهل يتعدد (¬1) الحق المنتقل إليهم عن مورثهم اعتبارًا بهم أو يتحد اعتبارًا به (¬2)، [ثم] (¬3) إما أن يتوزع عليهم، وإما أن يسلك سبيلًا آخر" (¬4)، فيه تردد في مسائل: - منها: إذا ورثوا خيار المجلس لم ينقطع خيار بعضهم بمفارقة الآخر على الأصح، فكل منهم في منزلة (¬5) هذا (¬6)، ولو فسخ بعضهم انفسخ (¬7) في الكل [على الأصح] (¬8)، ولو فسخ بعضهم في نصيبه وأجاز الآخر (¬9) في نصيبه، قال مجلس: "لم يكن لهم ذلك وجهًا واحدًا"، وفي "الحاوي" وجه. - ومنها: إذا ورثا العبد المبيع فوجدا به عيبًا (¬10)، فالأصح: لا ينفرد ¬

_ (¬1) وقعت في (ن) و (ق): "يتعلق". (¬2) وقعت في (ن): "اعتباراتهم"، وفي (ق): "اعتبارًا بهم". (¬3) سقطت من (ن) و (ق). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 366). (¬5) في (ن): "بمنزلة"، ووقع في (ق) تقديم وتأخير في هذه الكلمات الثلاث. (¬6) أي: كل واحد منهم بمنزلة الآخر. (¬7) أي: انفسخ العقد. (¬8) من (ق). (¬9) في (ق): "ولو أجاز في نصيبه". (¬10) وقعت في (ن): "عبدًا".

فائدة: الحقوق ثلاثة أضرب

أحدهما (¬1) بالرد، ولو سلم أحدهما نصف الثمن لم يلزم البائع تسليمه النصف. - ومنها: لو قضى أحد الوارثين حصته من الدَّين المرهون به رهن، [ففي] (¬2) انفكاك نصيبه قولان، ولو مات المديون فقضى بعض الورثة نصيبه، قال الإمام: "لا يبعد تخريجه على الرهن". - ومنها: لو أقر بعضهم بالدَّين وأنكر البعض. - ومنها: لو عفا بعضهم عن حد القذف. فائدة: قال البندنيجي: الحقوق ثلاثة أضرب (¬3): حق يثبت لجميع الورثة، وإذا عفوا إلا واحدًا ثبت له، وهو (¬4) القذف والشفعة والغنيمة. قلت: والولاية على اللقيط على الأصح. - وحق يثبت للجماعة على الاشتراك [ولكلٍّ حصتُهُ] (¬5)، سواء ترك شركاؤهم (¬6) حصتهم (¬7) أم لا، وهو المال. ¬

_ (¬1) في (ن): "عنهما". (¬2) من (ن). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 367)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 806)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 291)، "قواعد ابن رجب" (2/ 517)، "قواعد الزركشي" (2/ 57). (¬4) وقعت في (ن) و (ق): "إلا حد". (¬5) من (ق). (¬6) وقعت في (ن) و (ق): "شركته". (¬7) في (ن) و (ق): "حصته".

قاعدة أسباب التوريث أربعة

- وحق يثبت على الاشتراك ويسقط بعفو (¬1) البعض، وهو القصاص (¬2). قاعدة " أسباب التوريث أربعة: قرابة، ونكاح، وولاء، وإسلام" (¬3). وقيل: إن مات ولا وارث له مسلمًا لا يرثه المسلمون بالعصوبة (¬4)، بل ماله يوضع في بيت المال للمصلحة لا إرثًا، بل هو ملحق بالمال الضائع؛ لأنه لا يخلو عن ابن عم وإن بعد، فهو كالضائع ولا يرجى (¬5) ظهور مالكه (¬6)، وهذا تعليل فاسد؛ لأن الميت يجوز أن يكون ولد زنا، وولد الزنا لا عصبة له. قلت (¬7): فينبغي زيادة قيد الغالب ليخرج (¬8) هذا. وعلى القولين مسائل: - منها: أنه لا يلزم صرفه إلى المكاتبين إن جعلناه إرثًا (¬9). - ومنها: جواز صرفه إلى القاتل (¬10)، وفيه وجهان؛ لأن تهمة (¬11) الاستعجال ¬

_ (¬1) في (ن): "بغير". (¬2) وذكر الزركشي والسيوطي حقًّا رابعًا وهو: "ما ثبت لهم على الاشتراك وإذا عفا بعضهم يوفر الحق على الباقين، وهو حق الشفعة". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 170). (¬4) وإن تحملوا عنه الدية. (¬5) في (ق): "لا من جاء". (¬6) وهذا القول يعزى لابن اللبان، وأبي حنيفة. (¬7) القائل: هو ابن الملقن. (¬8) في (ن): "فيخرج". (¬9) وهذا القول حكاه الرافعي عن المتولي، ووقع في (ن): "وارثًا". (¬10) في (ن): "العامل". (¬11) في (ن): "بقية"، وفي (ق): "تغير".

لا تتحقق الجواز صرف المال إلى غيره. -[ومنها: جواز صرفه إلى من أوصى له بشيء] (¬1)، قلت (¬2): والصحيح فيه وفي الذي قبله المنع كما ذكره في "الروضة" من زوائده. - ومنها: صحة وصيته (¬3)، وحكى القاضي وجهًا أنها لا تصح أصلًا؛ تفريعًا على أن المسلمين يرثونه، فإنه وصية [لوارث] (¬4). - ومنها: إذا أوصى بأكثر من الثلث ولا وارث له، فعلى الوجه الذي ذكره (¬5) القاضي: باطلة، ووراء ذلك وجوه آخر، أحدها: أنها تصح بجميع المال؛ لأن المنع لأجل الوارث لحديث سعد (¬6) ولا وارث. وهذا ينزع إلى أنه في بيت المال وضع للمصلحة، وجزم في "البحر" بوجه ثانٍ، ورجحه القاضي وغيره: أنه ينفذ الزائد بإجازة الإمام، إما لقيامه مقام الوارث الخاص، أو لأنه وضع في بيت المال، واختار (¬7) صاحب "التنبيه" بطلانها فيما زاد على الثلث ولا تفيد إجازة الإمام صحتها، كولي اليتيم قال الرافعي: "ويجوز على الوجهين تخصيص طائفة من المسلمين [به] (¬8)، لأنه استحقاق ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬2) القائل: هو ابن الملقن. (¬3) أي: تصح الوصية ممن لا وارث له من المسلمين. (¬4) من (ك). (¬5) في (ق): "قاله". (¬6) وهو حديث: "الثلث والثلث كثير .. " أخرجه البخاري في "الصحيح" [كتاب الجنائز -باب رثاء النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة- حديث رقم (1295)]، ومسلم فى "الصحيح" [كتاب الوصية -باب الوصية بالثلث- حديث رقم (1628)]. (¬7) في (ن): "وأجاز". (¬8) سقطت من (ن) و (ق).

بصفة وهي أخوة الإسلام، وهو كما لو أوصى بثلثه لقوم مخصوصين لا يجوز استيعابهم، ولذلك يجوز أن يصرف إلى من ولد بعد موته، أو [كان] (¬1) كافرًا وأسلم بعد موته أو رقيقًا فعتق". قلت (¬2): وفي "البحر" أنها (¬3) [إنما] (¬4) تصرف لمن (¬5) كان موجودًا عند موته دون من ولد بعده، قال: ويجوز أن يسوي بين الذكر والأنثى، بل [و] (¬6) روعي في ذلك التحريم، ويعتبر بأنه حق الله تعالى. وفي الأموال اختلفوا في أنها تقدم على ثلاثة أقوال (¬7): ثالثها: التساوي، وفرقوا بينهما بسقوط العقوبة التي ليست لآدمي بالشبهة، وأما الماليات ففيها صور: - ومنها: إذا مات وعليه زكاة ودين لآدمي، فأقوال ثالثها: تقسم بينهما (¬8). قلت: وأصحهما: تقدم الزكاة. - ومنها: إذا وجد المضطر ميتة وطعام الغير، ففيه أقوال: ثالثها يتخير، والأصح عند الرافعي: أنه يأكل الميتة. - ومنها: اجتماع الكفارة ودَيْن الآدمي، وفيها الأقوال، ووجه تقديم حق الآدمي أنه إذا اجتمع قصاص وكفر مثلًا، قدم القصاص، ولا يمكن الاستدلال ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) القائل: هو ابن الملقن. (¬3) في (ق): "أنه". (¬4) من (ق). (¬5) في (ن): "إن". (¬6) من (ق). (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 177)، "قواعد الزركشي" (2/ 65 - 67)، "قواعد ابن عبد السلام" (1/ 256). (¬8) أي: تقسم تركته بين الدين والزكاة.

على (¬1) منع هذا بقوله: "فدين الله أحق بالقضاء" (¬2)؛ لأنه جاء على مقصودنا؛ لأن التقدير (¬3) إذا كان حق الآدمي المبني على الضيق جاز فيه، فدين الله المبني على التوسع يجوز فيه القضاء بطريق الأولى، وبه نقول. واعلم أنهم أوجبوا على الولد الطاعة في الحج (¬4) فأوجبوا عليه أن يحج عن أبيه ولم يوجبوا أن يوفي دين أبيه، ومن المسائل المتقدمة الصيد إذا كان صداقًا وطلقها محرمًا، قبل الدخول فيبني على أن نصف الصداق يعود إليه بنفس (¬5) الطلاق أو باختيار التملك، فإن قلنا بنفس (¬6) الطلاق وهو الصحيح، ففي عود النصف إليه وجهان أصحهما: نعم؛ [لأنه ملك قهري كالإرث، ثم إن غلبنا حق الله تعالى] (¬7) وجب إرساله وعليه قيمه نصفه. - ومنها: [في] (¬8) وجوب الحكم بين أهل الذمة إذا كانوا من أهل ملة واحدة وترافعوا إلينا، قولان: أصحهما: الوجوب، وبه قال [الإمام] (¬9) أبو حنيفة، والقول الآخر: مذهب [الإمام] (9) مالك، ورجحه الشيخ [أبو حامد] (¬10)، وابن الصباغ. ¬

_ (¬1) في (ن): "بل". (¬2) أخرجه البخاري في "الصحيح" [كتاب الصوم -باب من مات وعليه صوم- حديث (1953)]، ومسلم في "الصحيح" [كتاب الصيام -باب قضاء الصيام عن الميت- حديث (1148)]. (¬3) في (ن): "التعفير". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 178)؛ "قواعد الأحكام" للعز بن عبد السلام (1/ 257). (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "بنصف". (¬6) في (ن): "بلفظ". (¬7) من (ق). (¬8) من (ق). (¬9) من (ن). (¬10) من (ن).

قاعدة فيما يتردد فيه هل هو من تقابل الضدين أو العدم والملكة

وفي محل القولين ثلاث طرق أحدها: أن القولين في حقوق العباد وفي حق الله تعالى [يجب] (¬1) قولاً واحدًا لئلا يضيع، والثاني: أن القولين في [حق] (¬2) الله تعالى، أما حق العباد فيجب قطعًا؛ لأنها مبنية على الضيق (¬3)، وأظهرها على ما حكاه الشيخ أبو حامد: [طرد] (¬4) القولين في النوعين، وإن اختلفت الملة (¬5) فالأصح: القطع بالوجوب، وقيل: بطرد القولين فيه، وإن كان مع مسلم وجب (¬6) [طرد] (¬7) الحكم قطعًا، إزالة للظلم (¬8) عنه. قاعدة " فيما يتردد فيه هل هو من تقابل الضدين أو العدم والملكة"، وفيه صور (¬9): - منها: الخنثى المشكل (¬10) هل هو غير الرجال والنساء أو هو من أحدهم؟ [فيه] (¬11) وجهان مبنيان على أن المشكل، هل هو مشكل في نفس الأمر ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ق). (¬3) في (ن): "لأنها منفعة على العتق". (¬4) من (ق). (¬5) في (ن): "وإن اختلف أقله". (¬6) في (ن) و (ق): "وثبت". (¬7) من (ك). (¬8) في (ن): "أزال الظلم". (¬9) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 187). (¬10) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 187)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 473)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 314). (¬11) من (ن).

قاعدة يورث بالقرابة من الطرفين إلا في أربع مسائل

عند الله تعالى فهو يعلمه مشكلاً كما نعلمه نحن، أو هو في نفس الأمر مبين العين؟ [والذي] (¬1) يدل عليه نص الإمام الشافعي [الثاني] (¬2). - ومنها: هل من الطلاق ما ليس بسني ولا بدعي [حتى] (¬3) ينبني عليه طلاق [غير] (¬4) الممسوسة (¬5)، والحامل، والصغيرة، والآيسة؟ فإن قلنا بأحد الاصطلاحين أن السني ما ليس بمحرم فهذا سني، وليس إلا سني أو بدعي، وإن قلنا بأشهر الاصطلاحين: أن السني طلاق المدخول بها [التي] (¬6) ليست بحامل ولا صغيرة ولا آيسة، والبدعي: طلاق المدخول بها في حيض أو نفاس أو في طُهر جامعها [فيه] (¬7)، فلنا: ثلاثة أقسام. قاعدة قال الجرجاني: "يُورث بالقرابة من الطرفين إلا في أربع مسائل" (¬8): ابن الأخ (¬9) يرث العمة، ولا ترثه العمة. ¬

_ (¬1) في (ن): "أنه". (¬2) سقطت من (ن). (¬3) من (ن). (¬4) من (ق). (¬5) وقعت في (ن): "المبثوثة". (¬6) سقطت من (ن). (¬7) سقطت من (ق). (¬8) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 366)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 807). ومعنى هذه القاعدة: أن التوارث بسبب القرابة يقع من الطرفين في النسب إلا في هذه المسائل المستثناة. (¬9) في (ن): "ابن العم".

فائدة: في حقيقة الذمة

والعم يرث بنت الأخ ولا ترثه هي. وابن العم يرث بنت العم، ولا ترثه هي. والجدة ترث ولد ابنتها، ولا يرثها هو، قال (¬1): "ويُورث بالنكاح من الطرفين إلا في المبتوتة في المرض فإنها ترث المُطلِّق في قول، ولا يرثها هو". قال: "ويورث بالولاء (¬2) من طرف واحد، وقد يتفق من طرفين (¬3) " بأن يعتق حربي [عبده الحربي] (¬4) ثم يقهر سيده على نفسه فيملكه، فإذا أعتقه ثبت الولاء من الطرفين (¬5). فائدة: في حقيقة الذمة (¬6): قولهم: خربت ذمة الميت، أو لا ذمة له، فهي (¬7): معنى مقدر في المكلف قابل للالتزام (¬8) واللزوم ويشترط فيها (¬9) البلوغ (¬10)، والرشد (¬11) وعدم الحجر (¬12). ¬

_ (¬1) أي: الجرجاني. (¬2) وقعت في (ن) و (ق): "بالنكاح"، والمثبت من (س). (¬3) في (ن): "طريقين". (¬4) تكررت في (ق). (¬5) في (ن): "الطريقين". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 363 - 364). (¬7) أي: الذمة، وفي (ن) و (ق): "فهو". (¬8) وقعت في (ن): "بل الإلزام". (¬9) أي جعل الشرع الذمة مشروطة بأمور تبنى عليها. (¬10) فلا ذمة للصغير. (¬11) فمن بلغ سفيهًا فلا ذمة له. (¬12) قال ابن السبكي: فمن اجتمعت له هذه الشروط رتب الشرع عليها تقدير معنى فيه يقبل إلزامه أروش الجنايات، وأجر الإجارات، وأثمان المعاملات، ونحو ذلك من التصرفات، ويقبل =

فائدة: فيما ينتقل من الحقوق إلى الوارث

وأهلية (¬1) التصرف: قبول يقدره صاحب الشرع في المحل وسببه (¬2): التكليف والرشد. فائدة: قال المتولي في باب الخيار في تعريف ما يورث وما لا يورث: "كل حق لازم متعلق بالمال يورث بوراثة (¬3) المال" (¬4) واعترضه (¬5) في "الروضة" بخروج حد القذف والقصاص والنجاسات المنتفع بها كالكلب والسرجين (¬6). فائدة: فيما ينتقل من الحقوق إلى الوارث وما لا [ينتقل] (¬7): كل ما كان متعلقًا بالمال أو يدفع [به] (7) ضررًا عن الوارث فإنه ينتقل إليه (¬8) وما كان متعلقًا بنفس المورِّث وعقله وشهوته لا ينتقل إلى الوارث، والسر في الفرق: أن الورثة يرثون المال، فكذا ما تعلق به تبعًا له، وكذلك العرض بين الوارث ¬

_ = التزامه، فإذا التزم شيئًا مختارًا من قبل نفسه لزمه، وإذا فقد واحدًا من هذه الشروط لم يقدر الشرع فيه المعنى "الأشباه والنظائر" (1/ 364). (¬1) في (ن) و (ق): "وأهل". (¬2) في (ن): "ومنه". (¬3) في (ن): "بوارثه". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 365)، وانظر: "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 805)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 291)، "القواعد" لابن رجب (3/ 81 - 84)، "قواعد الزركشي" (3/ 324). (¬5) أي: النووي. (¬6) السِّرْجين: الزَبل، كلمة أعجمية وأصلها: سركين بالكاف، فعربت إلى الجيم والقاف، فيقال: سرقين أيضًا، وعن الأصمعي: لا أدري كيف أقوله: وإنما أقول: روث، وإنما كسر أوله لموافقة الأبنية العربية "المصباح المنير" (ص: 165). (¬7) من (س). (¬8) أي: إلى الوارث.

والموروث فيهما مناسبة، وأما عقله (¬1) وشهوته ونفسه فأمور لا تورث فلا يورث ما يتعلق بها. فمن الأول (¬2): خيار الشرط، والمجلس، والإقالة، والتصرية، والرد بالعيب، والخلف (¬3) والشفعة، وحق القصاص، وحق الرهن [وقبول الوصية، وإذا مات واحد من الغانمين انتقل حقه] (¬4) إلى وارثه؛ لأنه ثبت له الملك أو حقه، وإذا مات المحتجر انتقل حقه إلى وارثه، وحكم الإقالة والتحالف مع الوارث حكمهما مع المورث، وأما حد القذف، وقصاص الأطراف، والجراح، ومنافع الأعضاء فتنتقل أيضًا إلى الوارث وإن لم تكن مالًا (¬5)، لأجل شفاء غليل الوارث بما (¬6) دخل على عرضه من قذف مورثه أو الجناية عليه. وأما قصاص النفس، فإن قلنا: العلة مع المعلول، فهو من هذا القبيل يورث؛ لأنه يثبت (¬7) للمجني عليه قبل موته ثم ينتقل عنه، وإن قلنا سابقة (¬8)، فليس من هذا، لأنه [لا] (¬9) يثبت للوارث ابتدأ؛ لأن استحقاقه فرع زهوق النفس فلا يقع للوارث إلا عقيب موت (¬10) الموروث. ¬

_ (¬1) في (ن): "وعلته". (¬2) أي: فمن القسم الأول. (¬3) في (ن) و (ق): "والخلع". (¬4) من (ق). (¬5) في (ن): "إلا"، وهي ساقطة من (ق). (¬6) في (ن) و (ق): "وما". (¬7) في (ن): "فيثبت". (¬8) في (ن) و (ق): "شائعة". (¬9) في (س). (¬10) في (ن): "ثبوت".

ومن [القسم] (¬1) الثاني، وهو ما لا ينتقل إلى الوارث: اللعان. وكذلك [الفيئة] (¬2) بعد الإيلاء [لا] (¬3) تورث لتعلقه بشهوته، والعود بعد الظهار، واختيار أربع من خمس فصاعدًا أسلم عليهن، ومن ثم لا يجوز التوكيل فيه و [في] (¬4) سائر ما يتعلق بالشهوة. وكذلك لا ينتقل إلى الوارث قضاؤه على [متبايعين] (¬5) جعلا له الخيار في الإمضاء والفسخ. وكذلك ما بيده من قضاء ومناصب، كما لا ينتقل اجتهاده، وعلمه (¬6)، ودينه لا ينتقل شيء منها إلى الوارث؛ لأنه لم يرد مستنده، وأصله، ولو قال لزوجتيه: إحداكما طالق، [ففي قيام] (¬7) الوارث مقامه في التعيين خلاف، وههنا مسائل: - منها: قال المتولي [لو وهب لوالده شيئًا فمات الواهب، لا ينتقل حق الرجوع به إلى الورثة] (¬8) لأنهم لا يرثون العين فلا يرثون الخيار فيها كما لا يورث النكاح والولاء، واستدل [السادة] (¬9) الحنفية بهذا على عدم إرث خيار المجلس، وأجاب الغزالي بأنها (¬10) سلطنة لا تثبت إلا للأب على قياس الولايات؛ ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) سقطت من (ن)، ووقعت في (ق): "العنة". (¬3) من (ن). (¬4) من (ق). (¬5) في (ن): "نفس من"، وفي (ق): "من يعين". (¬6) في (ن): "وعمله". (¬7) في (ق): "قام". (¬8) من (ق). (¬9) من (ن). (¬10) في (ق): "واختار الغزالي أنها".

قاعدة المعاملة بنقيض المقصود

[لأنه] (¬1) لا يسقط بقوله (¬2): أسقطت، كولاء التزويج فهو من لوازم الأبوة، والخيار يقبل السقوط بالإسقاط (¬3). قاعدة " المعاملة بنقيض المقصود" (¬4). في صور، وقد يعبر عن هذا فيقال: ما يثبت الحكم بوجوده (¬5) إذا (¬6) أوجده هل يثبت به الحكم؟ . والأحسن في التعبير عنها أن يقال: ما ربط به الشارع حكمًا فعمد المكلف إلى استعماله لينال ذلك الحكم، فهل يفوت عليه معاملةً [له] (¬7) بنقيض مقصوده أم لا لوجود الأمر الذي [ربط] (¬8) به الشارع الحكم عليه (¬9). الأولى: ميراث القاتل. ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) في (ق): "به قوله". (¬3) في (ق): "والخيار يسقط بالإسقاط". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 139)، وعبر كل من السيوطي وابن نجيم عن هذه القاعدة بقولهما: "من استعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه"، "أشباه السيوطي" (1/ 336)، "أشباه ابن نجيم" (1/ 156)، "قواعد الزركشي" (3/ 183)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 210). (¬5) في (ن): "بوجوب". (¬6) في (ق): "إلا أذا". (¬7) سقطت من (ن). (¬8) من (ن). (¬9) وهو ما عبر به ابن السبكي عن هذه القاعدة، انظر: "الأشباه والنظائر" (1/ 168).

الثانية: طلاق الفارِّ، وفيه القديم والجديد (¬1). الثالثة: أمسك زوجته للإرث (¬2) فماتت ورثها، وفيه قول (¬3). الرابعة: تخليل الخمر بلا عين (¬4)، بل بالنقل (¬5)، والأصح: الإباحة فيه. الخامسة: الوصية للقاتل، وفيه أقوال؛ أصحها: صحتها، [والثالث: صحتها] (¬6) إن تقدمت الجراحة على الوصية، وبطلانها إن تأخرت. السادسة: تزوج المعتدة جاهلًا (¬7) بالعدة، ففي القديم: أنها تحرم عليه أبدًا، وعلَّله الرافعي بأنه استعجل الحل قبل وقته (¬8)، فعومل بنقيض قصده كالميراث، وفيه نظر؛ لأنه لم يعلم بالعدة حتى يقال استعجل الحل، ولو كان عالمًا لما صح العقد ولا حرمت عليه فأين الاستعجال؟ ومنهم من أنكر هذا القول (¬9)، فقال: إنما حكاه [الإمام] (¬10) الشافعي عن (¬11) الغير. السابعة: إذا هدم المستأجر [الدار المستأجرة هل يثبت] له، (¬12) الخيار؟ ¬

_ (¬1) والجديد: أن الطلاق ينفذ ولا ترثه؛ لئلا يلزم التوريث بلا سبب ولا نسب. (¬2) أي: ليرثها. (¬3) أي: وفيه قول: أنه لا يرثها، وهو قول حكاه الحناطي، والقاضي ابن كج. (¬4) أي: بغير طرح عين فيها تجعلها تتخلل. (¬5) أي: بالنقل من الشمس إلى الظل أو بالعكس. (¬6) استدراك من (ك). (¬7). وقعت في (ن) و (ق): "هذه". (¬8) في (ق): "وبه". (¬9) أي: القول بأنها تحرم، وهو قول الشافعي في القديم، أما الجديد: فإنها لا تحرم. (¬10) من (ن). (¬11) في (ق): "على". (¬12) سقطت من (ن).

الأصح: نعم. الثامنة: إذا جبَّتْ ذَكَر زوجها فالأصح: الثبوت، بخلاف تغييب المشتري المبيع قبل القبض حيث لا خيار قطعًا، لأنه قابض لحقه، بخلاف المستأجر] (¬1) والمرأة في الجَبِّ. التاسعة: إذا قتلت نفسها (¬2) قبل الدخول، هل يستقر صداقها كما لو ماتت؟ فيه ثلاثة أوجه، ثالثها: استقراره في الحرة دون الأمة، ولو قتل السيد أمته فلا مهر لها، وفي الأجنبي خلاف، والأصح في قتل السيد لها السقوط، وفيما إذا قتلت الحرة نفسها أو قتل الأمةَ أجنبيٌّ، أو ماتت: عدمه. العاشرة: لو قتلت أم الولد سيدها عتقت، وقد يقال: إنما عتقت بالولد فلم يكن القتل مانعًا. الحادية عشرة: لو رمى نفسه من شاهق عدوانًا فانكسر فخذه فصلى قاعدًا، هل يقضي؟ فيه خلاف. الثمانية عشرة: لو قتل الموصى له الموصي، فيه خلاف، والأصح: عدم بطلانها (¬3). الثالثة عشرة: لو قتل ربُّ الدين الموجَّل من عليه الدين حل الأجل. الرابعة عشرة: لو قتل المدبر سيده، إن جعلنا التدبير وصيته فعلى الخلاف، وإن جعلناه عتقًا فكالمستولدة. الخامسة عشرة: لو باع الماشية قبل الحول فرارًا من الزكاة كره، وقيل: يحرم ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬2) في (ق): "نفسا". (¬3) أي: الوصية.

ولا يجب ولا يلزم الإيجاب في مال لم يحل عليه الحول، أو [في] (¬1) ما حال عليه الحول لا في ملكه ولم يبطل البيع ولم يطردوا الخلاف فيه، وكذلك فيما [لو أفطر] (¬2) ليجامع لا كفارة عليه قطعًا لما لا يخفى، وفرق النووي في "رؤوس المسائل" بين مسألة الزكاة والطلاق في المرض بأن الحق في الإرث لمعين فاحتيط له، بخلاف الزكاة، ونقض (¬3) بأن مستحق الزكاة قد ينحصرون فيتعينون، [ورد] (¬4) [النقض] (¬5) بأن انحصارهم عارض والأصل عدمه؛ لأن الزكاة مبنية على الرفق والمواساة. السادسة عشرة: إذا كان الزوج يكره [صحبة] (¬6) زوجته فأساء العشرة (¬7) ومنعها بعض حقها حتى ضجرت وافتدت بالخلع، فإنه نافذ. وفيه وجه إن منعها حقها (¬8) كالمكره على الاختلاع بالضرب، ونحوه وهي، إذا أكرهها وألجأها حتى فدت نفسها منه بغير حق، كان الخلع باطلاً صرح به في "البحر"، وحكى عن أبي حامد أنه ألحق به [ما إذا منعها حقها من النفقة ونحوها؛ ليخالعها] (¬9) وهكذا ذكر في "الحاوي" من غير خلاف. السابعة عشرة: لو نفى ولدًا باللعان، فلما مات استلحقه: ورث. ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) من (ك). (¬3) أي: ونقض هذا الفرق. (¬4) من (ق). (¬5) من (س). (¬6) من (ق). (¬7) وقعت في (ن) و (ق): "عليها". (¬8) في (ق): "حقه". (¬9) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).

فائدة: للطحاوي

ومقتضى ما سلف في طلاق الفار عدمه (¬1)، لكن لما كان العاقل (¬2) لا يقدم (¬3) على [لزوم] (¬4) الجور على نفسه لا يلحق به غير (¬5) ولده طمعًا في المال لم يعارضه بنقيض قصده لاقترانه بهذا الظاهر. الثامنة عشرة: شربت دواء للحيض (¬6) فحاضت هل يسقط قضاء الصلاة؟ التاسعة عشرة: إذا دخل المسجد [في] (¬7) وقت الكراهة ليصلي التحية، الأصح (¬8): الكراهة جريًا (¬9) على هذه القاعدة، وينبغي أن يقال: المكروه الدخول والتأخير لأجل ذلك (¬10). فائدة: قال الطحاوي (¬11) في كتابه "مشكل الآثار": "المكاتب إذا كانت له ¬

_ (¬1) أي: أنه لا يرث. (¬2) وقعت في (ن): "العاقد". (¬3) في (ق): "يقدر". (¬4) من (ق). (¬5) في (ن) و (ق): "عن". (¬6) في (ن): "شربت دم الحيض". (¬7) من (ق). (¬8) صححه الرافعي والنووي. (¬9) في (ن) و (ق): "جزمًا". (¬10) قال السبكي: "فإن دخل أو أخر فلا يحكم على الصلاة حينئذ بالكراهة .. قال ابن السبكي: وما قاله هو الراجح، وليس لما صحح الرافعى والنووي وجه إلا أن يكونا عاملاه بنقيض مقصوده حيث ارتكب المنهي ودخل ليصلي" "الأشباه والنظائر" (1/ 169). (¬11) هو أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي، أبو جعفر، الطحاوي، الفقيه الحنفي، ولد بمصر سنة (229 هـ)، وعمت مصنفاته بشهرتها الآفاق من حسنها وتحقيقها، ورزقه الله قبولاً فيها، منها: "أحكام القرآن"، "اختلاف العلماء"، "بيان السنة والجماعة في العقائد"، "معاني الآثار"، "نوادر الفقه"، توفي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة (321 هـ)، راجع ترجمته في: "الجواهر المضية" (1/ 271)، "هدية العارفين" (1/ 51).

قدرة على الأداء فتأخر ليتسع (¬1) له (¬2) النظر إلى سيدته بملكها إياه حرام عليه؛ لأنه منع واجبًا عليه ليبقى له ما يحرم عليه إذا أداه"، وهو حسن ظاهر (¬3)، وبنى عليه (¬4) أن الأمة المكاتبة (¬5) إذا قدرت على الأداء فعليها أن تصلي بقناع وأن تعتد عدة الحرة، ولا تسافر إلا مع المحرم (¬6) والمكاتب لا زكاة عليه، فإذا أخر الأداء مع القدرة كان حرامًا [عليه] (¬7)، وما ذكره حسن (¬8) إلا في العدة (¬9) والقناع، فإن فيه تغيير (¬10) الحكم الشرعي (¬11)، وأما النظر فظاهر لقربه منه (¬12)، فإن المشرف على الزوال كالزائل كما ستعلمه، [والله أعلم] (¬13). * * * ¬

_ (¬1) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "يستبيح". (¬2) في (ن): "في". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 170)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 336)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 156). (¬4) أي الإمام أبو جعفر الطحاوي. (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "الكتابية". (¬6) في (ن): "الحرة". (¬7) من (ن). (¬8) في (ق): "جيدًا". (¬9) في (ن) و (ق): "العقد". (¬10) في (ن): "تعبير". (¬11) يعني: أن تغيير الأحكام من إيجاب القناع على الأمة واعتدادها اعتداد الحرة يعتبر حكم الشرع. وهو توجيه تقي الدين السبكي نقله ولده في "الأشباه والنظائر" (1/ 170). (¬12) أي فتحريمه ظاهر؛ لأن ما قارب الشيء أعطي حكمه. (¬13) من (ن).

كتاب الوصايا

كتاب الوصايا فائدة: تصرفات الصبي المميز فيما لا ضرر عليه فيه خلاف في صور (¬1): - منها: وصيته فيها (¬2) قولان. [- ومنها: تدبيره، وفيه قولان] (¬3). - ومنها: أمانه (¬4) وفيه طريقان، المشهور: أنه لا يصح، وحكى الفوراني أنه كتدبيره، ووصيته، واستبعد بأن الوصية والتدبير له فيهما منفعة، بخلاف الأمان، وإسلامه الأظهر: المنع (¬5). فائدة: الوطء يقوم مقام اللفظ في صور (¬6): - ومنها: وطئ الموصي، وفيه تفصيل، فإذا وطئ الموصى بها (¬7) [فإن اتصل ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 149)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 440 - 441)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 300 - 301). (¬2) في (ق): "فيه". (¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬4) وقعت في (ن): "إمامته". (¬5) والمقصود بـ: وإسلامه، أن إسلام الصبي المميز استقلالاً في صحته وجهان، والمرجح منهما البطلان. قال السيوطي: "والمختار عند البلقيني: الصحة، وهو الذي أعتقده، ثم رأيت السبكي مال إليه فقال في كتابه "إبراز الحكم": استدل من قال ببطلانه بالحديث بمثل ما احتج به لبطلان بيعه، ووجه الدلالة في البيع: أنه لو صح لاستلزم المؤاخذة بالتسليم، والمطالبة بالعهدة، والحديث دل على عدم المؤاخذة .. قال: وهذا استدلال ضعيف؛ لأنه يكفي في ترتيب أحكامه ظهور أثرها بعد البلوغ .. " "الأشباه والنظائر" (1/ 442). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 153)، "قواعد الزركشي" (3/ 333). (¬7) في (ن) و (ق): "به".

به] (¬1) إحبال (¬2) كان رجوعًا، وإن عزل فلا، وإن أنزل ولم يحبل فكذلك (¬3) في الأصح، خلافًا لابن الحداد. - ومنها: وطئ البائع في مدة خيار البيع (¬4) فسخ. - ومنها: إذا أعتق إحدى أمتيه هل يكون وطء إحداهما تعيينًا؟ فيه وجهان، والأصح عند الرافعي، والنووي، والمتولي، وابن الصباغ: المنع (¬5)، ولما أطلق الأكثرون أنه يمنع من وطئها أشعر ذلك بأنه ليس بتعيين، وذلك هو الحامل لابن الصباغ على قوله: إنه ظاهر المذهب. لكن قال الماوردي: " [ظاهر] (¬6) المذهب مقابله (¬7)، وبه قال الأكثرون كما أن وطء البائع فسخ"، والأولون فرقوا بأن ملك النكاح لا يحصل ابتداء بالفعل، فلا يتدارك بالفعل، ولذلك لم تحصل الرجعة بالوطء بخلاف وطء البائع، فإن ملك اليمين يحصل بالفعل ابتداء، كما في الاحتطاب والاحتشاش، فجاز أن يتدارك بالفعل. ولو قال: إحداكما طالق ونوى واحدة منهما ثم طولب بالبيان، فإن وطئ واحدة منهما لم يكن تعيينًا للطلاق في الأخرى قطعًا؛ لأنه خبر فلا يكون بالفعل. - ومنها: لا تصح الرجعة بالوطء على المشهور، وفيه وجه كمذهب ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ن): "احتال". (¬3) أي: ليس برجوع. (¬4) في (ن) و (ق): "البائع". (¬5) أي: أنه ليس بتعيين. (¬6) من (ن). (¬7) أي: أنه تعيين.

[الإمام] (¬1) أبي حنيفة (¬2) مطرد في الوطء والتقبيل (¬3) واللمس بالشهوة، والفرق على المشهور بينه وبين وطء البائع في مدة الخيار من وجهين. الأول: أن ملك اليمين يحصل بالفعل في الجملة كالاحتطاب بخلاف النكاح، والثاني: للقاضي حسين: أن الوطء يوجب العدة فيستحيل أن يكون قاطعًا لها: لأن القطع ضد الوجوب، والشيء الواحد لا يوجب ضدين، والوطء بملك اليمين لا يثبت الخيار، فجاز أن يكون قاطعًا له. - ومنها: إذا أسلم على أكثر من أربع نسوة فهل يكون وطء إحداهن تعيينًا؟ فيه وجهان؛ أصحهما: لا. - ومنها: لو أفلس مشتري الجارية فوطئها البائع، لا يكون رجوعًا على الأصح. - ومنها: لو وجد البائع عيبًا في الثمن فهل يكون وطء الجارية فسخًا؟ فيه وجهان. - ومنها: وطء المشتري في مدة الخيار، هل يكون إمضاءً [أو رجوعًا] (¬4)؟ فيه وجهان، أصحهما: نعم (¬5). - ومنها: وطء الوالد جارية وهبها لولده (¬6) [هل] (¬7) يكون رجوعًا؟ فيه ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) حكى هذا الوجه صاحب الذخائر عن الشاشي عن ابن سريج. (¬3) في (ن) و (ق): "بالتقبيل". (¬4) من (ن). (¬5) أي: يكون إمضاء للعقد والشراء. (¬6) في (ق) هنا تقديم وتأخير، وفي (ن): "ههنا الولد". (¬7) من (ق).

وجهان، أصحهما: لا، قال النووي: وهو حرام قطعًا، وفيه نظر، فإن عبرت بما هو أعم من ذلك، وهو أن الفعل يقوم مقام القول دخل فيه مسائل: - منها: تقديم الطعام إلى الضيف وحِل الأكل بالتقديم (¬1). - ومنها: إذا نحر الهدي وغمس نعله في دمه وضرب صفحة سنامه هل يجوز للمار الأكل بمجرد هذا الفعل؟ فيه قولان: أصحهما عند البغوي الجواز. - ومنها: المعاطاة في المحقرات ومشهور المذهب: عدم صحتها، وذهب جماعة إلى صحتها، وآخرون [إلى] (¬2) [أن] (¬3) ما عده الناس بيعًا فهو بيع. - ومنها: لو تضرع من عليه القصاص ليؤخذ (¬4) منه الفداء، وأخذه المستحق من غير تلفظ بالعفو، فهل يكون ذلك عفوًا؛ فيه خلاف، والصحيح: أنه يقوم مقامه. - ومنها: إذا استحق القصاص في اليمين فأخرج الجاني يساره مع علمه أن اليسار لا تجزئ عن اليمين، بل قصد الإباحة (¬5)، ولم يتلفظ فقطعها (¬6) لمستحق اليمين لم يجب عليه القصاص فيها ولا الدية، نص عليه وتابعوه (¬7). وفي وجه (¬8): يجب الضمان إذا لم يأذن المخرج لفظًا، واستدل الجمهور بأن الفعل يقوم مقام اللفظ واستشهدوا بجواز الأكل بتقديم (¬9) الطعام، واعترض عليه ¬

_ (¬1) في (ن): " في التقديم". (¬2) من (ن). (¬3) من (ق). (¬4) في (ن) و (ق): "فيؤخذ". (¬5) في (ن): "المباحة". (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "بقطعها". (¬7) أي: نص عليه الشافعي وتابعه الأصحاب. (¬8) حكاه القاضي ابن كج عن أبي الحسين بن القطان. (¬9) كذا في (ك)، وفي (ن): "واستشهد بالأجل لعدم"، وفي (ق): "واستشهد بالأكل لعدم".

قاعدة كل إيجاب يفتقر إلى القبول

الرافعي بأن قال: هناك قرينة عرفية تقتضي الإذن، ولا كذلك هنا، قال: وإنما يقام الفعل [مقام القول] (¬1) حيث كانت القرينة، ولو قال الجاني: جعلتها عن (¬2) اليمين، وظننت أنها تجزئ عنها وكذبه، فالأصح: وجوب الدية، وكذا لو قال: دهشت (¬3). قاعدة " كل إيجاب (¬4) يفتقر إلى القبول لا (¬5) [يجوز وقوع القبول فيه بعد الموت، قال الجرجاني: إلا الوصية] (¬6)، وكل من ثبت له القبول بطل بموته إلا الموصى له (¬7)، فإنه إذا مات [قبل القبول] (¬8) قام وارثه مقامه" (¬9). قاعدة " إعمال الكلام أولى من إهماله" (¬10). ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "أجعلها في". (¬3) في (ن): "وهبت". (¬4) في (ن): "إيجاز". (¬5) في (ن): "أولا"، وهي ساقطة من (ق). (¬6) من (س). (¬7) في (ن) و (ق): "إلا الوصية". (¬8) من (ن). (¬9) "الأشباه" لابن السبكي (1/ 362). (¬10) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 171)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 293)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 135)، "قواعد الزركشي" (1/ 183)، "شرح القواعد الفقهية" للزرقا (رقم: 59)، "القواعد الفقهية" لعلي الندوي (ص: 393)، وفيه عن معنى هذه القاعدة: =

ومحلها إذا تردد اللفظ على السواء أو لا، ولكنه راجع إلى [موضوع اللفظ مع احتمال قريب (¬1)، دون ما إذا لم يكن للفظ إلا] (¬2) موضوع واحد أو احتمال لا يحتمله إلا بتكلف (¬3). واستشهد المتولي لهذه القاعدة في كتاب البيع في مسألة: وهبتك بألف بقول [الإمام] (¬4) الشافعي فيمن أوصى بطل وله طبل حرب ولهو (¬5): [أنه] (¬6) يحمل على الحرب لتصح الوصية، وتبعه الروياني في هذا الاستشهاد، وحكى الإمام في كتاب الطلاق ما حكاه (¬7) في "المطلب" عن (¬8) الكلام في (¬9) الوصية للدابة (¬10)، فيما إذا تردد اللفظ على وجه يحتمل الاستحالة، ويحتمل الإمكان أن من الأصحاب من لا يبعد الحمل على الاستحالة، ومنهم من يوجب الحمل على ¬

_ = "يعني لا يهمل الكلام ما أمكن حمله على معنى، ومآل هذه القاعدة: أن العاقل يصان كلامه عن الإلغاء ما أمكن بأن ينظر إلى الوجه المقتضى لتصحيح كلامه، فيرجح، سواء كان بالحمل على المجاز أو بغيره إلا عند عدم الإمكان فيلغى ويهمل .. ". (¬1) في (ن): "قرينة". (¬2) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬3) فالمصير إلى هذا الاحتمال بعيد، والوقوف عند موضوع اللفظ واجب، وإن كان مستحيلاً إذا لم يدل دليل على ذلك المحتمل البعيد. (¬4) من (ن). (¬5) أي: له طبل حرب، وطبل لهو. (¬6) من (ن). (¬7) أي: ما حكاه ابن الرفعة في "المطلب" عن إمام الحرمين. (¬8) في (ق): "على". (¬9) في (ق): "على". (¬10) في (ن) و (ق): "بالدابة".

الإمكان؛ حتى لا يلغى اللفظ، قال: ومن هذا: ما إذا قال لزوجته وأجنبية إحداكما طالق كما ستعلمه. وهذه صور بعضها [جزم فيه بالإعمال للقرينة، وبعضها] (¬1) جزم فيه (¬2) بالإهمال لبعد (¬3) الإعمال، وبعضها يتردد لتردد النظر [والأولى] (¬4) إذا أوصى (¬5) بعود من عيدانه وله عيدان لهو غير صالحة لمباح (¬6)، وعيدان قسي وبناء، فالأصح بطلان (¬7) الوصية؛ تنزيلًا على عيدان اللهو؛ لأن اسم العود عند الإطلاق له واستعماله في غيره مرجوح، وليس كالطبل لوقوعه على الجميع وقوعًا واحدًا. [الثانية: قال] (¬8): زوَّجتُكَ فاطمة، ولم يقل بنتي لم يصح على الأصح لكثرة الفواطم. [الثالثة] (¬9): قال: طلقتُ زينب، ولم يقل زوجتي طُلقت على المذهب، فليفرق بينها وبين ما قبلها. الرابعة: إذا قال مشيرًا لامرأته وأجنبية: إحداكما طالق، ثم قال: أردت الأجنبية صُدق عند الأكثرين (¬10). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن)، وفي (ق): "في الإعمال". (¬2) في (ق): "فيها". (¬3) في (ن): "لفقد". (¬4) من (ن). (¬5) في (ق): "إذا الموصي". (¬6) في (ن): "غير مباحة". (¬7) في (ن) و (ق): "مطلق". (¬8) ما بين المعقوفتين يياض في (ق). (¬9) ما بين المعقوفتين بياض في (ق). (¬10) وذهب بعضهم إلى أنه لا يصدق ويقع الطلاق على امرأته قياسًا على مسألة طبل الحرب وطبل اللهو.

الخامسة: اشترى الوكيل ولم يتلفظ بالوكالة ولا نواها، وقع له دون الموكِّل، بخلاف وكيل الزوجة في الخلع إذا خالع ولم يتلفظ بالوكالة ولا نواها أنه يقع (¬1) عنها، وقد يفرق بين [البابين] (¬2) كما قال الرافعي بأن الأصل وقوع العقد لمن تحصل له فائدته، ومنفعته، والشراء تحصل فائدته لكل من يقع الشراء له، ومباشرة العقد أولى لحصول منفعة العقد له من غيره (¬3)، وفي الاختلاع تعود (¬4) الفائدة والمنفعة إلى الزوجة وغيرها ببذل المال على سبيل الفداء، فكان صرف العقد إليها إذا أمكن أولى من صرفه إلى غيرها. ولا يخفى أن محل ذلك في غير السفيه، أما هو إذا وكلته لتختلع من زوجها فخالع وأضاف [الخلع] (¬5) [إليها] (¬6)، فإنه يصح كما قاله المتولي؛ إذ لا ضرر في ذلك عليه ونظير ذلك: إذا وكل أحد الشريكين (¬7) صاحبه في عتق نصيبه، فقال: أعتقت نصفك (¬8)، وأطلق، فهل يتعين فيما هو ملكه، أو فيما هو وكيل [فيه] (¬9)؟ وجهان، قال (¬10) في ["الروضة": لعل أقواهما الأول. فلو كان لا يمكن وقوع الفعل عن المباشر، كالوكيل في الطلاق لم ينوه عن ¬

_ (¬1) في (ن): "لا يقع"، وفي (ق): "حيث لا يقع". (¬2) من (ن). (¬3) في (ن) و (ق): "وغيره". (¬4) في (ق): "بعني". (¬5) من (ق). (¬6) من (ن). (¬7) أي: أحد الشريكين في الرقيق. (¬8) وقعت في (ن) و (ق): "نصيبك". (¬9) سقطت من (ن) و (ق). (¬10) أي: النووي.

الوكيل (¬1) فوجهان في] (¬2) الرافعي في فصل الكناية (¬3)، وفي أثناء فروع الطلاق وقال: "الأقرب أنه لا يحتاج". فلو نواه عن نفسه فيحتمل عدم الوقوع، ويؤيده ما نقله الرافعي قبل باب الديات عن "فتاوى البغوي"، أن الوكيل باستيفاء القصاص [إذا قال: قبلته (¬4) عن جهة الموكل (¬5) يلزمه القصاص، (¬6)، ويخالف القصاص فإنه يكفي على كل حال سواء كان عن غيره ثم لاعن (¬7) بخلاف الطلاق، ويحتمل عدمه لمخالفة الظاهر، فإنه يكفي إذا قال عن نفسه، لاسيما على قول من لا يوقف العقود وهو الصحيح، ويحتمل أن يفصل، فيقال: إن كانت قرينة على نية التصرف تباعد دعواه كما لو أكره على طلاق (¬8) من [هو] (¬9) وكيل في طلاقها فطلق، وقال: إنما نويت عن نفسي، والخلاص عن غائلة الإكراه فيسمع منه، ويدل [على ذلك] (¬10) ¬

_ (¬1) أي: إذا دار التصرف بين الإعمال والإهمال فلم يمكن وقوعه عن المباشر كالطلاق يكون الرجل وكيلًا فيه عن الزوج، فيطلق ولا ينوي الطلاق وأنه عن الموكِّل، ففي الوقوع وجهان. (¬2) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬3) فى (ن): "في تحصيل الكتابة". (¬4) في (ن): "قتلته". (¬5) في (ن): "لا عن جهة الوكيل". (¬6) بين المعقوفتين ساقط من (ق) والمثبت من (س). (¬7) هذه العبارة كذا في (ن) و (ق) وهي غير مفهومة وفي (س): "وليس كمسألة القصاص، فإن قول الإنسان على نفسه مقبول وما فعله من القتل معتبر على كلا التقديرين، فإنه إن كان عن الوكالة كان استيفاء معتبرًا وإلا كان فعلًا موجبًا للقود فلم يكن ملغي .. ". اهـ. (¬8) في (ن) و (ق): "الطلاق". (¬9) سقطت من (ق). (¬10) من (س).

احتمالا (¬1) أبي العباس الروياني في الوكيل بالطلاق يكره عليه، هل يقع لحصول اختيار المالك أو لا يقع لأنه المباشر؟ قال أبو العباس: وهو أصح؛ وقد يقال: ينبغي أن يكون محلها عند الإطلاق والجزم بالوقوع إذا نواه عن نفسه، فإن نواه عن الموكل فينبغي جريان الخلاف فيه، كما إذا نواه، لأن النية دفعت الإكراه، فلو دار اللفظ بين إعماله مطلقًا وإلغائه (¬2) لا مطلقًا بل بالنسبة إلى البعض (¬3) كأحد الشريكين في العبد المشترك [يقول: أعتقت نصف هذا العبد، وليس هو بوكيل لصاحبه، فهذا تصرف دار بين أن يحمل على نصيبه، فيعمل بتمامه أو على الإشاعة فيبطل في حصة شريكه ويصح في حصته، فلا يعتق إلا ربع الأصل، وفي المسألة] (¬4)، وجهان أصحهما: الثاني عملاً بإطلاق اللفظ، وعزاه في "الروضة"، قبيل باب المتعة إلى (¬5) الأكثرين، وقد يستشهد له بقول الأصحاب في باب المساقاة في حديقة بين اثنين مناصفة ساقى أحدهما صاحبه وشرط له ثلثي الثمار أنه يصح، وإن شرط [له] (¬6) ثلثها أو نصفها فلا [يصح] (¬7)؛ لأنه لم يثبت له عوضًا بالمساقاة؛ فإنه يستحق (¬8) النصف بالملك. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "احتمال". (¬2) في (ق): "إمكانه". (¬3) في (ن): "القبض". (¬4) ما بين المعقوفتين استدراك من (س)، وفي (ق): "يعتق نصفه يعتق وكالة على نصيبه أو مشاعًا فيتعين معه مشاعًا". (¬5) في (ن): "عن". (¬6) سقطت من (ن). (¬7) من (س). (¬8) في (ن): "يصح".

فرع

فرع إذا تعذر [إعمال] (¬1) لفظ دار الأمر فيه بين إلغائه وحمله على معنى صحيح، فحمله على الثاني (¬2) أولى لما علمت (¬3). * * * ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) أي: فحمله على المعنى الصحيح أولى. (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 174)، وبنى ابن السبكي على هذا الأصل قاعدة أطلق عليها: "هل الاعتبار بألفاظ العقود أو بمعانيها؟ ".

كتاب الوديعة

كتاب الوديعة فائدة: الأمانات الشرعية فيها (¬1) صور (¬2): - منها: لو أخذ الوديعة من صبي لخوف أن يهلكها، فوجهان. - ومنها: لو طيرت الريح ثوبًا إلى داره. - ومنها: لعب الجوز، قال القاضي في "فتاويه" هو قمار غير أنه لا يُخرَّجُ لعدم التكليف [وما تلف في يد الصبي من جَوْز صاحبه مضمون عليه بالقيمة] (¬3)، وما تلف في يد بالغ يضمنه (¬4)، ولا يضمنه (¬5) لبالغ، لتسليط البالغ وما حصل في يد صبي من جوز صبي يعلم به وليه, ولم ينتزعه (¬6) ضمنه (¬7) في مال نفسه، ولو علمت به أمه فلا ضمان عليه؛ لأنها ليست بقيِّمةٍ على الولد، فلو أخذت الأم بنية الرد على المالك فوجهان. -[ومنها: لو أخذ الأجنبي من الغاصب ليرد على المالك فقولان] (¬8). - ومنها: لو خلص طيرًا من جارحة ليحفظه فوجهان. ¬

_ (¬1) في (ن): "فيه". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 206)، "قواعد الزركشي" (2/ 324). (¬3) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬4) أي: وما تلف من الجوز في يد بالغ يضمنه البالغ. (¬5) أي: الصبي. (¬6) وقعت في (ن): "وينفر عنه"، وفي (ق): "ولم ينفر عنه"، والمثبت من (ك). (¬7) أي: الولي. (¬8) تكرر ما بين المعقوفتين في (ق).

- ومنها (¬1): قال العبادي: رأيت في تعليق القاضي (¬2): أن البهيمة إذا دخلت ملك الغير ونفَّرها مالك الأرض من ملكه فتلفت، لم يضمن، فإن نفرها على سهم ضمن، فإن قلت: هذا إذا دخلت البهيمة ملك الغير فتلف (¬3) ملكه فيدفعها، أما إذا دخلت وهي لا تتلف شيئًا إلا بشغل المكان (¬4) [القياس] (¬5) أنه يضمن كما لو هبمت الريح فألقت ثوبًا في حجره، أو حط السيْل حجرًا في ملكه للغير لا يجوز إخراجه، وتضييعه، بل يدفعه إلى المالك. - ومنها: لو ظفر بغير جنس حقه، وقلنا: يبيع ويستوفي حقه، فإذا تلف قبل بيعه فهو من ضمانه، بخلاف ما إذا أسلم إليه ثوبًا وقال: بع هذا، واستوف حقك من ثمنه، فإنه لو تلف لم يكن من ضمانه، لأنه ائتمنه، فإذا أخذ أكثر من حقه ضمن (¬6)؛ لأنه متعد به، إلا إذا لم يقدر عليه كما إذا [كان] (¬7) استحق خمسين فوجد شيئًا يساوي مائة فله أخذه، والزيادة هل تدخل في ضمانه؟ على وجهين أحدهما: نعم، كالأصل والثاني: [لا] (¬8) لأنه لم (¬9) يأخذ حق نفسه وكان معذورًا في أخذه، و [قد] (¬10) قال القاضي: لو كان لا يتوصل إلى أخذ حقه إلا بنقب جدار، فله ذلك، ولم يغرم الأَرْش. ¬

_ (¬1) في (ق): "قاعدة". (¬2) وقعت في (ن) و (ف): "العبادي"، وهو خطأ، والمثبت من (ك)، والمراد بالقاضي: أي القاضي حسين. (¬3) في (ن): "فتلفت". (¬4) أي: فأخرجها فهلكت. (¬5) من (ق). (¬6) أي: ضمن الزائد. (¬7) من (ن). (¬8) سقطت من (ن). (¬9) في (ن): "لا". (¬10) من (ق).

قاعدة اختلف أصحابنا في أن الوديعة عقد أو إذن مجرد

- ومنها: لو خلَّص المحرِمُ الصيد من الجارح وأراد مداواته فهلك في يده، فلا ضمان على الأظهر. قاعدة " اختلف أصحابنا في أن الوديعة عقد أو إذن مجرد" (¬1). قال الإمام: ليس له فائدة حكمية، ورد ابن الرفعة [بأن] الإمام نفسه ذكر فائدتين في باب الزيادة في الرهن، الفائدة الأولى: في كون ولد الوديعة وديعة وجهان، قال الإمام: ينبنيان على هذا (¬2). فمن الثانية: لو أودع وشرط شرطًا فاسدًا، قال الإمام: فمن جعلها عقدًا أفسدها ولا بد من ائتمان جديد، وإلا [كان] (¬3) كما لو طيرت (¬4) الريح ثوبًا في داره، فإن لم نجعلها عقدًا [ألغي] (¬5) الشرط الفاسد، وأبقي موجب الإيداع. الثالثة: في انعزال المودَع بعزله نفسه في غيبه المودع وجهان إن قلنا: إنها (¬6) عقد ينعزل (¬7) وتبقى أمانة وإلا فلا ينعزل، لأن ابتداءه بالفعل وكذا رفعه. الرابعة: إذا أكره صاحب المال شخصًا على قبول الوديعة، فإن قلنا "عقد" لم يثبت حكم الإيداع، وإلا (¬8) يثبت حكمها، وهو المروي عن [ابن] (¬9) أبي هريرة. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 360). (¬2) وقعت في (ن): "يلتقيان في هذا"، وفي (ق): "يلتقيان". (¬3) من (س). (¬4) في (ن): "طير". (¬5) من (س). (¬6) أي: الوديعة. (¬7) في (ق): "انعزل". (¬8) أي: وإن قلنا: إنها إذن مجرد ثبت حكمها. (¬9) سقطت من (ق).

قاعدة كل أمين فالقول قوله في الرد على من ائتمن

الخامسة: لو قال: إذا جاء رأس الشهر فقد أودعتك هذا، فالخلاف في تعليق الوكالة (¬1)، قاله الروياني في "الحلية"، قال (¬2) في "المطلب": ولعله فرَّعه على أن الوديعة ليست بعقد، وقال في "الكفاية" نقلًا عن الروياني إذا قال: أودعتك هذا بعد شهر [صح] (¬3)، صرح به في "البحر"، و"حليته". قلت: الذي فيهما (¬4) هو تعبير الروياني، وبينهما فرق بأن الأولى نص في التعليق بخلاف الثاني (¬5)، فإنه يشبه تنجيز العقد، وتعليق التصرف. قاعدة " كل أمين فالقول قوله في الرد على من ائتمن" (¬6). ومن ثم صدق المودع والوكيل بغير جعل إلى غير ذلك، وكذا الوكيل بجعل، وعامل القراض على الأصح، وخرج بمن ائتمنه غيره (¬7) كما إذا ادعى قَيِّمُ اليتيم أو الموصي دفع المال إليه بعد البلوغ، أو ادعى الوكيل الرد على رسول المالك، فلا يقبل على الصحيح، ولا تقبل دعوى مَنْ طيرت الريح ثوبًا إلى داره، و [الملتقط] (¬8) الرد على المالك، ولا دعوى المودع [الرد] (¬9) على وارث المودع. ¬

_ (¬1) أي: فالقياس تخريجه على الخلاف في تعليق الوكالة. (¬2) يعني: ابن الرفعة. (¬3) سقطت من (ن). (¬4) أي: في المطلب، والكفاية. (¬5) أي: بخلاف قوله: "أودعتك بعد شهر". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 361)، "قواعد الزركشي" (3/ 111). (¬7) فيخرج به دعواه الرد على من لم يأتمنه فلا يقبل. (¬8) من (س). (¬9) من (ق).

قاعدة كل من ضمن الوديعة بالإتلاف ضمنها بالتفريط في الحفظ

ويستثنى من القاعدة: المستأجر والمرتهن؛ فالأصح أنه لا تقبل دعواهما الرد؛ لأنهما قبضا المنفعة [لمصلحة] (¬1) أنفسهما فأشبها المستعير، والحاصل أنه [إن] (¬2) قبض لمصلحة المقبوض منه تقبل دعواه (¬3) جزمًا، وهو أمين كالوكيل بلا جعل، [وإن قبض لمصلحة نفسه فلا تقبل دعواه الرد جزمًا، وهو ضامن] (¬4)، وإن قبض لمصلحة المقبوض منه ومصلحة نفسه، ففيه تردد والترجيح يختلف. قاعدة " كل من ضمن الوديعة بالإتلاف ضمنها بالتفريط في الحفظ" (¬5) إلا الصبي، فإنه يضمن بالإتلاف على الأصح ولا يضمن بالتفريط جزمًا؛ لأن عقد الوديعة لا ينعقد معه، كذا قال الجرجاني [والله أعلم] (¬6). * * * ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) من (ق). (¬3) أي: دعواه في الرد. (¬4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 362)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 801)، "قواعد الزركشي" (2/ 324). (¬6) من (ن).

كتاب النكاح

كتاب النكاح قاعدة " ما يختلف المذهب في إلحاق النكاح الفاسد بالصحيح [في] (¬1) مسائل" (¬2): منها: بماذا يعتبر إمكان اللحوق للولد به؟ فيه وجهان أظهرهما: من حين الوطء، وقيل: من حين العقد كالنكاح الصحيح. - ومنها: ابتداء مدة العدة عن النكاح الفاسد هل هو [من] (¬3) آخر [وطأة] (¬4) وطئها [الزوج] (¬5)، أو من حين التفريق بينهما (¬6)؟ وجهان، رجح البغوي الثاني؛ لأن الاستيلاد به ينقطع. - ومنها: [هل] (¬7) يتوقف لحوق الولد على إقراره بالوطء كالأمة، أو لا يتوقف كالنكاح الصحيح؟ فيه وجهان. - ومنها: إذا قلنا: لا يلتحق به الولد إلا بالإقرار بالوطء، فلو ادعى (¬8) الاستبراء ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 35 - 36). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) من (ق). (¬5) من (ق). (¬6) وزاد ابن الوكيل: "أم من جهة الحاكم، أو من جهة أنفسهما بانجلاء الشبهة لهما؟ ". (¬7) من (ن). (¬8) في (ن): "في".

قاعدة كل وطء يعصى الله به يبطل الحصانة

بحيضة هل يكفي ذلك في انتفاء الولد عنه أم لا بد من نفيه باللعان؟ فيه وجهان. قاعدة قال بعض أصحابنا: "كل وطء يُعصى الله به يبطل الحصانة، وما لا فلا" (¬1)، وحكاه القاضي (¬2) طريقة في المذهب، ولكنه منقوض بصور: - منها: لو كان المقذوف مفعولًا به في دبره لم تبطل حصانته على ما حكاه الرافعي عن المذهب (¬3)، ولكن ذكر -أعني- صاحب "التهذيب" [أنه] (¬4) رأى أنه يبطل به لوجوب الحد عليه، وحكى القاضي في باب الشهادة على الحدود في ذلك وجهين. قاعدة " إذا دار الوصف بين كونه حسيًّا وبين كونه معنويَّا، فكونه حسيًّا أولى؛ لكونه أضبط" (¬5)، واختلف في صور: - منها: حرمة النظر إلى النساء الأجنبيات لمظنة الشهوة، وجوازه للرجال لعدمها، واتفقوا على أن الشهوة [حيث] (¬6) وجدت حرم من جميع الأنواع، فعند ذلك عكرت على الضابط. واختلف في الأمرد حيث لا شهوة، والمرأة حيث لا شهوة، فمن نظر إلى ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 400). (¬2) أي: القاضي حسين. (¬3) وقعت في (ن): "المهذب". (¬4) من (س). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 46 - 47). (¬6) من (ن).

الضابط الحسي حرم النظر إلى المرأة، وأباح النظر إلى الأمرد. - ومنها: فرار (¬1) الواحِد عن أكثر من الضعف في الحرب، جُوِّز للضعيف فلو كان المسلمون مائة أبطالًا، فهل يجوز فرارهم عن أكثر من الضعف الضعفاء؟ فيه وجهان: أصحهما (¬2): المنع، وكذا [لو كان] (¬3) الأمر بالعكس. قلت: ويعبر عن مأخذ الخلاف أيضًا بأنه هل يجوز أن يستنبط من اللفظ العام أو المطلق معنىً يخصصه أو يقيده؟ (¬4). ولو كان الكفار أقل من الضعف وكان المسلمون ضعفاء، فوجهان. ولا خلاف أن الثبات إنما يجب حيث يرجى نصر المسلمين، ولو على بعد، فإن أيس جاز الانهزام. - ومنها: تبسُّط الغانمين في أطعمة الكفار في دار الحرب شرع لفقد الأسواق، ومن يشتري منه في حال الهجوم بصولة السيف غالبًا، فلو وجدوا في دار (¬5) الحرب سوقًا، أو عدمت (¬6) الأسواق في بلاد الإسلام، فوجهان. قلت (¬7): قطع الإمام بالجواز، وقال: لم أر لأحد منعه ونزَّلوا دار الحرب في ذلك منزلة السفر في الترخيص. ¬

_ (¬1) في (ق): "أن فرار". (¬2) رجحه الغزالي. (¬3) من (ك). (¬4) في (ق): "أو يعممه". وانظر: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 153). (¬5) وقعت في (ن): "كتاب". (¬6) في (ن): "عدمنا". (¬7) القائل: هو ابن الملقن.

قاعدة ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال

- ومنها: أن الذمي لا يمنع من ركوب البغال النفيسة ويمنع من ركوب الخيل على المشهور فيهما، واستثنى الجويني البراذين الخسيسة. - ومنها: [النهي] (¬1) عن التضحية بالعرجاء (¬2) والحكمة: عجزها (¬3) عن لحوق الغنم، ومزاحمتها (¬4) في الرعي فيقع الهزال، فلو انكسرت رجلها عند الذبح فوجهان، أشبههما: عدم الإجزاء نظرًا إلى الوصف الحسيِّ، والثاني: الإجزاء لعدم الهزال. - ومنها: المريضة التي لم تهزل بعد، بل في مبادئ المرض، فيها وجهان، أصحهما: المنع. قاعدة قال [الإمام] (¬5) الشافعي [رضي الله عنه] (¬6) "ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال" (¬7)، وقال في موضع آخر: وقائع (¬8) الأعيان إذا تطرق إليها الاحتمال كساها ثوب الإجمال، ويسقط بها ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) كما في الحديث الذى رواه أبو داود وغيره في "سننه" [كتاب الأضاحي -باب ما يكره من الضحايا- حديث رقم (2802)]. (¬3) في (ن): "عرجها". (¬4) في (ن) و (ق): "ومزاحمتهم". (¬5) من (ن). (¬6) من (ق). (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (2/ 137)، "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 50). (¬8) وقعت في (ن) و (ق): "جامع".

الاستدلال" (¬1) فمقتضى الكلام الأول ألا (¬2) يكون مجملًا، ويكون عامًا في جميع الموارد [فيعمل به فيها، ومقتضى [الكلام] الثاني: أن يكون مجملًا] (¬3) فلا يعمل به في صورة معينة إلا بدليل من خارج، وعند هذا نقول في الفرق إن كان الإجمال (¬4) للسائل (¬5)، ولم يستفسره عليه [الصلاة والسلام] (¬6) بل أتى بالحكم مطلقًا، فهو موضع الكلام الأول، فإنه عليه [الصلاة والسلام] (¬7) ترك الاستفصال. مثاله: أن غيلان الثقفي أسلم على عشر نسوة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمسك أربعًا وفارق سائرهن" (¬8)، فالإجمال (¬9) في الحكاية، لا في كلامه، وهو أنه عليه [الصلاة والسلام] (¬10) لم يسأل عن كيفية عقده عليهن، هل كن مجتمعات أو متفرقات (¬11)، فلذلك قال [الإمام] (¬12) الشافعي: "من أسلم على عشر نسوة كان ¬

_ (¬1) في (ق): "الاستبدال". (¬2) في (ن): "أن". (¬3) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬4) وقعت في (ن) و (ق): "الاحتمال". (¬5) أي: في كلام السائل. (¬6) من (ن). (¬7) من (ن). (¬8) أخرجه الترمذي في "السنن" [كتاب النكاح -باب ما جاء في الرجل يسلم وعنده عشر نسوة- حديث رقم (1128)]. وابن ماجه في "السنن" [كتاب النكاح -باب الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة- حديث رقم (1953)]. (¬9) في (ق): "فالاحتمال". (¬10) من (ن). (¬11) في (ن): "مرتبات". (¬12) من (ن).

له أن يختار الأربع الأخر، ولا يلزمه اختيار الأربع الأول". وأما الكلام الثاني فمحله ما إذا كان الإجمال (¬1) في كلامه عليه الصلاة والسلام لا في كلام السائل، ففي مثال هذا يسقط الاستدلال [به] (¬2) على كل فرد فرد، إلا بدليل [من] (¬3) خارج. فمثاله: المجامع في نهار رمضان، فإنه حكى لرسول [139 ن/ب] الله - صلى الله عليه وسلم - وِقَاعَهُ وهو صائم، فأمره بالتكفير (¬4) ولم يعين أن الكفارة لأجل مطلق الفطر (¬5) في رمضان عامدًا، فلأجل ذلك قال [الإمام] (¬6) الشافعي: "من أفطر بغير الوقاع عامدًا لا كفارة عليه، وإنما تجب بالوقاع لأحد أمرين: أحدهما: الإجماع، والثاني: أنا [إذا] (¬7) وجدنا حكمًا وسببًا وجب إحالة الحكم على السبب، كذا دليل (¬8) الشيخ، وفي الثاني نظر؛ لأن الموجود الفطر أو الجماع أو المجموع، فليس إحالة الحكم على أحدهما أولى من الآخر، ويتجه النظر في صور: ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "الاحتمال". (¬2) من (ك). (¬3) من (ق). (¬4) كما في الحديث الذي أخرجه البخاري في "صحيحه" [كتاب الصوم -باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتُصُدق عليه فليكفر- حديث رقم (1936)]، ومسلم في "صحيحه" [كتاب الصيام -باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم ... حديث رقم (1111)]. (¬5) في (ق): "الفرض". (¬6) من (ن). (¬7) من (ك). (¬8) في (ن): "ذيل".

قاعدة فرقة النكاح اثنتان وعشرون فرقة

- منها: قضية حمنة في استحاضتها (¬1)، وتردد [الإمام] (¬2) الشافعي في أنها معتادة أو مبتدأة، فلذلك اختلفت قضيته فيما ترد إليه المبتدأة، والأصح: أنها تحيض أقل [125 ق/أ] الحض، والثاني: غالبه، فحمنة إن كانت معتادة [و] (¬3) لم يكن في الحديث دليل على ما تصنع المبتدأة، فترد إلى أقل الحض لأنه المتيقَّن، فهذا موافق للأصح، ويكون أصح نصوصه حينئذ مخالفًا لنصه في أصل القاعدة من الحمل على العموم. قاعدة " فُرقة النكاح اثنتان وعشرون فرقة" (¬4). [فرقة الطلاق بغير سبب] (¬5)، [فرقة الإعسار بالمهر] (6)، فرقة الإعسار بالنفقة وما يجري مجراها، [فرقة الخلع] (6)، فرقة الإيلاء، فرقة الحكمين، فرقة العنة، فرقة العيب، فرقة الغرور، [فرقة العتق] (¬6) فرقة الرضاع، فرقة وطء الأصول أو الفروع بالشبهة، فرقة اللمس بشهوة على قول، فرقة [سبي] (¬7) أحد الزوجين أو إسلام أحدهما على تفصيل فيه، فرقة الإسلام على الأختين أو الزيادة على الأربع، ¬

_ (¬1) رواه أبو داود في "السنن" [كتاب الطهارة -باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة- حديث رقم (287)]. (¬2) من (ن). (¬3) من (ق). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 67)، "قواعد الزركشي" (3/ 24). (¬5) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬6) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬7) سقطت من (ق).

والردة، واللعان، فرقة ملك أحد الزوجين، فرقة جهل سبق أحد العقدين، فرقة تمجُّس الكتابية تحت مسلم، فرقة الموت، وكذلك فرقة الإقرار بشرط مفسد، وكذا ما لو أقر الزوجان بفسق الشاهدين عند العقد، أما لو أقر هو فقط فهل هي طلاق أو فسخ؟ فيه خلاف بين المراوزة والعراقيين، [والأصح]: أنها فرقة فسخ، ورأيت في كتاب "الخصال والأقسام"، لأبي بكر الخفاف (¬1) من قدماء (¬2) أصحابنا [140 ن/ أ] زيادة على ذلك، فقال: الفرقة قد تقع بين الزوجين من ثلاثين وجهًا، فعد فرقة الخلع، والأمة تعتق تحت (¬3) عبد، وفرقة باقي العيوب السبعة، والخصي، والمجبوب، والإفضاء وإذا كان مشعر الإحليل هذا لفظه، وذكرنا هذا الفرق لأمور: الأول: أنها كلها لا تحتاج [إلى] (¬4) الحصول (¬5) عند الحاكم حال الفرقة، إلا اللعان والحَكَم كالحاكم في قول. الثاني: أن منها ما تستقل به المرأة (¬6) وهي الغرور والعيب. ¬

_ (¬1) هو أحمد بن عمر بن يوسف، أبو بكر الخفاف، صاحب "الخصال" مجلد متوسط ذكر أوله نبذة من أصول الفقه سماه "بالأقسام والخصال"، قال ابن قاضي شهبة: "ولو سماه بالبيان لكان أولى؛ لأنه يترجم الباب بقوله البيان عن كذا، ولا أعلم من حالة غير ذلك، وذكره الشيخ أبو إسحاق في هذه الطبقة". راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 96 - رقم 73). (¬2) في (ق): "فقهاء". (¬3) في (ن): "عن". (¬4) سقطت من (ن) و (ق). (¬5) في (ن): "الحضور". (¬6) في (ن) و (ق): "إقراره"، والمثبت من (ك).

-[ومنها: ما يستقل به الزوج، وهو الطلاق المعلق والغرُور والعيب] (¬1). - ومنها: ما للحاكم فيه مدخل، وهي فرقة العنين والحكمين والإيلاء (¬2)، والعجز عن المهر والنفقة، ونكاح الوليين، وإذا أسلم الزوج وعنده أختان، أو أكثر من أربع، قاله ابن القاص والقفال: ولا بد في (¬3) العنة والفسخ بإعسار الزوج من الرفع إلى القاضي (¬4)، والأصح أنها تستقل بالفسخ بالعنة بعد ضرب القاضي له المدة، وكذا الخلاف في التحالف، والأصح: أن [125 ق/ب] لكل منهما أن يفسخ، وقيل: لا يفسخ (¬5) إلا الحاكم، والأصح في الفسخ بإعسار الزوج أنه لا يفسخه إلا الحاكم أو بإذن لها، وفي الفرق نظر. الثالث: أن كل (¬6) ما يطلب من الزوج من هذه الفُرقَ، يقوم الحاكم مقامه فيها إذا امتنع إلا اختيار الزوجات، وكذا الإيلاء على قول. الرابع: أن من هذه الفرق (¬7) ما لا يحتاج إلى الزوج ولا إلى الحاكم، وهي فرقة اللعان وإسلام أحد الزوجين وكفره، والوطء بالشبهة في المصاهرة، وما في معنى الوطء، والرضاع وتمجس (¬8) الكتابية، وملك أحد الزوجين [صاحبه] (¬9). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "كالإيلاء". (¬3) في (ن): "من". (¬4) في (ق): "الحاكم". (¬5) في (ن): "لا يصح". (¬6) في (ن): "لكل". (¬7) في (ن): "الفروق". (¬8) في (ن): "وتمجيس". (¬9) من (ق).

الخامس: أن من هذه الفرق ما لا يتلافى إلا بعد زوج آخر، وهو طلاق الثلاث. - ومنها: ما لا يتلافى بوجه وهو اللعان والرضاع والوطء بالشبهة واللمس بشهوة. - ومنها: [ما يتلافى] (¬1) في العدة وهي الردة، وإسلام أحدهما، وتمجس (¬2) النصرانية، وبالعود إلى الإسلام على قول فقط في الطلاق دون الثلاث بالرجعة. السادس: هذه الفرق كلها فسخ [140 ن/ب] إلا الطلاق المعلق (¬3)، وفرقة الحَكَمَيْن، والإيلاء والخلع على قول، والإعسار بالمهر أو النفقة، أو ما يجرى مجراها على قول، وكذا فرقة إقرار زوج الأمة بأنه كان واجدًا طَوْل حرة، كما حكوا في الطلاق عن الشيخ أبي حامد والعراقيين، وقول صاحب "البيان": "كل موضع حكمنا فيه بالفَرْقِ بين الزوجين، فذلك فسخ لا طلاق" يرد على (¬4) ذلك توافُقُ الزوجين (¬5) على أن العاقد والشهود فسقة، فإن الفرقة تحصل بينهما (¬6)، والأصح: أنها فرقة طلاق. ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) في (ن): "وتمجيس". (¬3) وقعت في (ن) و (ق): "المطلق"، والمثبت من (ك). (¬4) في (ن): "عليه". (¬5) في (ن): "الزواج"، وفي (ق): "الزوجان". (¬6) في (ن): "بهما".

قاعدة العقود على ثلاثة [أقسام]

قاعدة العقود على ثلاثة (¬1) [أقسام] (¬2): - منها: ما يعتد بلفظه وهو النكاح، فلا ينعقد بالكناية قطعًا. - ومنها: ما يستقل الشخص بمقصوده فيه، وهو الخلع والكتابة والصلح عن دم العمد، فإن مقاصدها الطلاق، والعتق، والعفو، فينعقد بالكناية (¬3) قطعًا، وما سوى ذلك من العقود (¬4)، ففيه وجهان إلا بيع الوكيل بالإشهاد. فائدة (¬5): الثيوبة (¬6) في الفقه على صور (¬7): - منها: ثيوبة الرد بالعيب، زوال العذرة. - ومنها: الوصية كذلك، وكذا في السلم والوكالة. - ومنها: النكاح مثل ذلك، والمذهب: أنه لا بد من جماع على أي وجه كان في القبل، وقيل بشرط العقل (¬8) والإدراك والاختيار، وقيل: يكفي الدبر. - ومنها: في القسم كالنكاح على المذهب، ومن قال: زوالها على [أي] (¬9) ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 91)، "قواعد الزركشي" (2/ 372). (¬2) من (ق). (¬3) في (ن): "ينعقد بالكتابة". (¬4) في (ق): "العفو". (¬5) في (ق): "قاعدة". (¬6) وقعت في (ن): "الثبوت". (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 180)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 896 - 897). (¬8) في (ن) و (ق): "الغسل". (¬9) سقطت من (ن).

قاعدة الأحكام المتعلقة بالجماع في القبل تتعلق به في الدبر

وجه كان قاله هنا، وباقي الأوجه لم أره في هذا الباب منقولًا. - ومنها: الزنا وهو وطء (¬1) الموطوءة في القبل في نكاح صحيح، وهو حر بالغ عاقل (¬2). وما ذكره (¬3) في مسألة الوصية ليس على ظاهره، فإن الإمام ذكر أن شيخه [كان] (¬4) يتردد في التي زالت بكارتها بالطَّفرة (¬5) ونحوها هل تدخل تحت البكر أو الثيب؟ وحكى عن رواية الشيخ أبي علي وجهًا أنها لا تدخل تحت البكر ولا تحت الثيب. قاعدة " الأحكام المتعلقة (¬6) بالجماع في القبل تتعلق به في الدبر" (¬7) إلا سبعة ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "الواطئ". (¬2) أي الواطئ، وهي كذلك، أي: حرة بالغة عاقلة. (¬3) يعني: الشيخ صدر الدين ابن الوكيل، وفي (ن) و (ق): "ذكرناه". (¬4) من (ق). (¬5) والطفرة: الوثوب في ارتفاع قال الفقهاء: "زالت بكارتها بوثبة أو طفرة، وقيل: الوثبة من فوق، والطفرة إلى فوق" "المصباح المنير" (ص: 223). (¬6) في (ن): "المتعلق". (¬7) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 200)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 370)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 531)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 327)، "قواعد الزركشي" (3/ 331 - 332)، وقد أثبت ابن الملقن عبارة ابن الوكيل، وقد عبر عنها ابن السبكي بقوله: "إتيان القبل والدبر سواء في الأحكام" وعبر عنها السيوطي وابن نجيم بقولهما: "الوطء في الدبر كالوطء في القبل".

أحكام استثناها [الشيخ محيي الدين] (¬1) النووي (¬2)، قال: وقد يأتي في بعض المسائل وجه ضعيف لا اعتبار [به] (¬3) كما في الحد، وتقدير المسمى وثم أشياء غير هذه السبع (¬4) [141 ن/ أ] على الصحيح: - منها: وطء البائع في زمن (¬5) الخيار فسخ على الصحيح، وفيما (¬6) دون الفرج لا يكون فسخًا على الأظهر، كذا زاده بعضهم وليس فيها، فإن محل هذا الخلاف في مقدمات الوطء [ثم] (¬7) في الدبر من مقدماته. ومما يستثنى: ثبوت الرجعة، والعدة، وحرمة المصاهرة، وثبوت المحرمية، والنسب على وجه (¬8). ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في "روضة الطالبين". (¬3) سقطت من (ن) و (ق). (¬4) هذه المسائل السبع هي كالآتي: الأولى: التحليل. الثانية الإحصان. الثالثة: الخروج من العنة. الرابعة: الخروج من فيئة الإيلاء. الخامسة: يعتبر إذن البكر ولا يتغير بالوطء في الدبر ولا تصير به ثيبًا. السادسة: خروج مني الرجل من دبر المرأة بعد الاغتسال لا يوجب عليها غسلًا ثانيًا، ومن القبل يوجب. السابعة: لا يتصور حله بخلاف القبل. (¬5) في (ق): "زمان". (¬6) في (ن): "وما". (¬7) من (ق). (¬8) أي: إذا جرى في النكاح الفاسد.

وفي هذا اضطراب وقع للرافعي [منهم] (¬1)، وأنه لا يبطل إحصان المفعول به (¬2) رجلًا كان أو امرأة، وفي المرأة وجه قاله في "التهذيب" وأبدى فيه احتمالًا (¬3)، وهو موافق لإطلاقهم من أن قول الرجل لزوجته: وطئك فلانٌ في دبرك أنه يجب عليه الحد. وإذا كان الواطء في الدبر حرم الطلاق بعده على الأصح (¬4)، وقاسوه على ثبوت النسب. وإذا حلف لا يطأ زوجته فوطئها في الدبر، قال الإمام: "الذي أراه الحنث"، نقله الرافعي في الإيلاء، وحكى الغزالي في "فتاويه" وجهين، ورجح عدمه (¬5) وأهمل (¬6) عدة مسائل أخر، والكل أوضحته في "شرح التنبيه" عند قول الشيخ: "ولا يجوز وطؤها في الدبر" فراجعها منه، وقد وصَّلتُها إلى عشرين حكمًا وفاقًا وخلافًا ولله الحمد على جميع نعمه، وكذا أوضحته في "جمع (¬7) الجوامع" وهو في الشرح (¬8) الثالث على كتاب "المنهاج" فراجعها منه (¬9). ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) أي: إذا فعل في غير الزوجة. (¬3) أي: احتمالًا لنفيه. (¬4) تفصيل هذه المسألة: أنه إذا وطئ امرأته في طهر لها، وهي ممن تحبل ولم يظهر حملها حرم طلاقها في ذلك الطُّهر، فلو كان الوطء في الدبر فهل يحرم الطلاق أم لا؟ . (¬5) أي: عدم الحنث. (¬6) يعني: الإمام النووي. (¬7) في (ق): "جامع". (¬8) في (ق): "الشرط". (¬9) منها: - لو وطئ بهيمة في دبرها لا يقتل إن قلنا: تُقتل في القبل. =

قاعدة إذا دار اللفظ بين الحقيقة [المرجوحة] والمجاز [الراجح]

قاعدة " إذا دار اللفظ بين الحقيقة [المرجوحة] (¬1) والمجاز [الراجح] (¬2) فعند [الإمام] (¬3) أبي حنيفة الحقيقة المرجوحة أولى، وعند أبي يوسف [126 ق/ ب] المجاز الراجح [أولى] (¬4) "، ومَيْلُ جماعة إلى تساويهما فلا يتعين أحدهما إلا ببينة أو قرينة (¬5)، فإن كونه حقيقة توجب [له] (¬6) القوة، وكونه مرجوحًا يوجب له الضعف، والمجاز الراجح من [حيث] (¬7) كونه مجازًا يوجب [له] (¬8) الضعف ¬

_ = - ومنها: وطئ أمته في دبرها فأتت بولد لا يلحق السيد في الأصح. - ومنها: وطئ زوجته في دبرها فأتت بولد، فله نفيه باللعان. - ومنها: أن المفعول به يجلد مطلقًا وإن كان محصنًا. - ومنها: أن الفاعل يصير جنبًا لا محدثا بخلاف فرج المرأة. - ومنها: لا كفارة على المفعول به في الصوم بلا خلاف رجلًا كان أو امرأة، وفي القبل خلاف. - ومنها: وطء الأمة في دبرها عيب يرد به ويمنعه من الرد القهري. (¬1) من (ق). (¬2) من (ق). (¬3) من (ن). (¬4) من (ن). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 298)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 172)، "قواعد الزركشي" (3/ 122)، وانظر: "شرح القواعد الفقهية" للزرقا (رقم: 60)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 459). (¬6) من (ن). (¬7) سقطت من (ن) و (ق). (¬8) من (ق).

ومن حيث كونه راجحًا يوجب له القوة. وصورة المسألة: أنه [إن] (¬1) كثر الاستعمال في المجاز حتى ساوى الحقيقة في التبادر ولم تهجر الحقيقة، ومنهم من قال: بل صورتها أن تهجر الحقيقة ويتبادر إلى الفهم المجاز دون الحقيقة، ومثال المسألة: النكاح وهو (¬2) حقيقة في الوطء، وكثر استعماله في العقد حتى [صار] (¬3) يتبادر إلى الذهن، هذا إذا لم نجعله [141 ن/ ب] حقيقة أو لم نجعله مشتركًا. ونظير هذه القاعدة مسائل النقيصة مع الفضيلة (¬4)، والكمال من وجه [دون وجه] (¬5) مع مثله. الأولى: في الصلاة على الجنازة لو استوى اثنان في الدرجة وأحدهما رقيق فقيه، والآخر حرٌّ (¬6) غير فقيه، ففيه وجهان في الترجيح، قال الغزالي: لعل التسوية أولى، وكذا أقرب رقيق وأبعد حر، ورجح الأكثرون في هذه تقديم الحر. الثاني: النقائص (¬7) الحاصلة في الزوج مما يمنع كفاءته (¬8) لها، هل تجبر ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ق): "حيث هو". (¬3) من (ك). (¬4) واجتماع النقيصة مع الفضيلة مثل أن يصلي أول الوقت بالتيمم وآخره بالوضوء، والصلاة أول الوقت منفردًا، وآخره جماعة، والصلاة أول الوقت عاريًا أو قاعدًا وآخره مستورًا أوقائمًا، والصلاة أول الوقت قاصرًا وآخره متمًّا، انظر: "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 620 - 621)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 352). (¬5) سقطت من (ق). (¬6) في (ن): "في غير". (¬7) وقعت في (ن) و (ق): "التفاخر". (¬8) وقعت في (ن) و (ق): "فيما يسمع كفاية".

بفضائل فيه مقابلة النقائص؟ وقضية كلام الأكثرين المنع، وصرح به مصرحون حتى لا تزوج سليمة من العيوب دنيَّة من معيب نسيب، ولا حرة (¬1) فاسقة من عبد عفيف (¬2)، ولا عربية فاسقة من أعجمي عفيف، ولا عفيفة رقيقة من فاسق حر، وفصل الإمام فقال: "السلامة من العيوب لا تقابل سائر فضائل الزوج، ولذلك يثبت بها حق الفسخ، وإن كان في المعيب فضائل، وكذا الحرية [لا] (¬3) تقابل بفضيلة أخرى، وكذا النسب، نعم العِفَّة الظاهرة في الزوج هل تجبر دناءة نسبه؟ (¬4) وجهان، أظهرهما: المنع، قال: والتنقي من (¬5) الحِرَف الدنيئة يعارض الصلاح وفاقًا، واليسار إن اعتبرناه يُعارض بكل خصلة من خصال الكفاءة، والأمة العربية جوابًا (¬6) على استرقاق العرب إذا زوجت من الحر العجمي كان على هذا الخلاف في حصول الانجبار (¬7). الثالث: عبد (¬8) مسلم وحر كافر ليس هما كفؤين (¬9)، حتى لا يجب القصاص، قال الغزالي: [إذ] (¬10) النقيصة لا تجبر بالفضيلة ولا يجزئ مثلها هنا. ¬

_ (¬1) في (ن): "والأخرى". (¬2) وفي (ن) و (ق) في هذا الموضع زيادة: "ولا عربية فاسقة من عبد عفيف". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "فيه". (¬5) في (ن): "المسمى في". (¬6) في (ن): "حرامًا". (¬7) في (ن): "الإجبار". (¬8) في (ن): "عقد". (¬9) وقعت في (ن) و (ق): "كفؤان". (¬10) سقطت من (ن).

الرابعة: لو [127 ق/ أ] تعارض فوات (¬1) الركعة الأولى إذا تقدم إلى (¬2) الصف (¬3) الأول وإدراكها (¬4) إذا (¬5) [تأخر] (¬6) في الصف الأخير، قال النووي في "شرح المهذب ": يصلي في الصف الأخير (¬7). الخامسة: الصلاة في أول الوقت منفردًا وآخر الوقت مع جماعة أيهما أولى؟ [وقال القاضي أبو الطيب: ] (¬8) فيه وجهان. أصحهما: أن أول الوقت أولى. قلت: هو ما قطع به أكثر الخراسانيين [142 ن/ أ] وقطع جماعة من العراقيين بأن التأخير أولى، وقال القاضي أبو الطيب: حكم الجماعة حكم التيمم، والخلاف جارٍ في مريض عجز عن القيام ورجى القدرة عليه آخره، وعارٍ رجى السُّترة في آخر الوقت، وفي هذه نظر، وينبغي القطع بالتأخير فيها، لينافي كشف العورة للصلاة بخلاف نظائرها [للصلاة] (¬9)، وحكى النووي عن صاحب "الفروع" أنه لو خاف فوت الجماعة إن أكمل الوضوء فإدراك الجماعة أولى، قال النووي: وفيه نظر، قلت: لا وجه له؛ لأن الجماعة مختلف في وجوبها، فهي أولى من الإتيان بسنن الوضوء. ¬

_ (¬1) في (ق): "قراءة ". (¬2) في (ن): "على". (¬3) في (ق): "النصف". (¬4) في (ن): "وأدركها". (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن): "وأما"، وفي (ق): "أو إما". (¬6) من (ك). (¬7) قال ابن الوكيل: "والظاهر أنه إذا خاف فوات الركعة الأخيرة حافظ عليها، وإذا خاف فوت غيرها مشي إلى الصف الأول". (¬8) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬9) من (ن).

السادسة: [إذا تعارض في إمامة الصلاة] (¬1) أفقه غير قارئ، وقارئ غير أفقه، فالمشهور ترجيح الأفقه، وحكى الروياني وجهًا بتساويهما. وأما الأورع مع الأفقه والأقرأ، فقضية كلام الأكثرين [أنه يرجح] (¬2) الأفقه، ورجح في "المهذب": الأورع، ويقدم الأفقه والأقرأ على (¬3) النسب والسن والهجرة على الصحيح، قيل: هذه الصورة إذا لم يحكم فيها بالتساوي لم تجبر النقيصة (¬4) بالفضيلة، والأعمى والبصير سواء على النص من حيث إن الأعمى أخشع والبصير أقرب إلى تكملة (¬5) الأركان والشرائط. السابعة: ما نص عليه وتابعوه (¬6): فيما لو قدر أن يصلي قائمًا [منفردًا في بيته] (¬7) وإذا صلى مع جماعة احتاج [إلى] (¬8) أن يصلي بعضها [من قعود] (¬9)، فالأفضل أن يصلي [قائمًا] (¬10) منفردًا، وإذا (¬11) صلى مع الجماعة وقعد في بعضها صحت. الثامنة: في باب التيمم [إذا تعارض فوات أول الوقت ليدرك الجماعة أو يصلي بالتيمم] (¬12) ...................................................... ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬2) في (ن) و (ق): "ترجيح". (¬3) في (ن) و (ق): "عن". (¬4) وقعت في (ن): "لم تجب البغيضة". (¬5) في (ق): "تكميل". (¬6) أي ما نصَّ عليه الإمام الشافعي وتابعه الأصحاب. (¬7) من (ك). (¬8) من (ن). (¬9) من (ن). (¬10) من (ن). (¬11) في (ق): "فإن". (¬12) ما بين المعقوفتين من (ق).

فائدة: الإجبار من الجانبين في صور

فيه تفصيل (¬1)، أوضحته في "شرح المنهاج" وغيره، وإذا دخل المسجد والإمام في الصلاة وعلم أنه [متى] (¬2) مشى إلى الصف الأول فاتته ركعة، قال النووي: الذي أراه تحصيل الصف [الأول، ] (¬3) إلا في الركعة الأخيرة. فائدة: الإجبار من الجانبين في صور (¬4): الأولى: الأب والجد يجبران البكر، وهي تجبرهما على التزويج على المذهب. الثانية: العبد [127 ق/ ب] يجبره السيد على قول، ويجبر هو السيد على قول. الثالثة: المضطر يجبره صاحب الطعام، ويجبر هو صاحب الطعام (¬5). الرابعة: السفيه المحتاج إلى النكاح يجبر الولي على (¬6) أن يزوجه [142 ن/ ب] ويجبره الولي عند العراقيين. ¬

_ (¬1) إذا تعارض فوات أول الوقت ليدرك الجماعة متأخرًا ويصلي بالوضوء، أو يصلي بالتيمم في أول الوقت على أحوال؛ إحداها: أن يتيقن وجود الماء آخر الوقت، فالمذهب الصحيح المشهور: أن الأفضل التأخير والثانية: أن يغلب على ظنه وجود الماء في آخر الوقت، فقولان، أصحهما: أن تقديم الصلاة بالتيمم أفضل، الثالثة: إن شك فلا يترجح الوجود على العدم ولا عكسه، فطريقان: إحداهما: طرد القولين في هذه. والثانية: الجزم بأفضلية التقديم، ونقل القولين فيها أبو حامد والماوردي والمحاملي. (¬2) في (ق): "إذا". (¬3) من (ن). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 370)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 811). (¬5) وقعت في (ن): كذا: "المضطر يجبره هو صاحب الطعام". (¬6) في (ن): "إلى".

قاعدة كل من بها عذر طبعي أو شرعي لا تستحق القسم

قاعدة قال الغزالي: "كل من (¬1) بها عذر طبعي أو شرعي لا تستحق القَسْم" (¬2)، ويستثنى الرتقاء فلها عذر طبعي وتستحقه. قاعدة " الوطء لا يخلو [عن مهر] (¬3) أو عقوبة" (¬4) ويستثنى ثلاث مسائل: الأولى: إذا تزوج السفيه بغير إذن [وليه] (¬5) [ووطئ وهو الأصح (¬6)، وقيل يلزمه مهر مثل بعد فك الحجر عنه، جعله كالجناية] (¬7)، المذهب: القياس على من اشترى سلعة من عالم بحاله. [قلت] (¬8): قيدها (¬9) في "فتاويه" بما إذا تزوج رشيدة، فإن كانت سفيهة فيجب (¬10) كما لو [أتلف] (¬11) لها مالًا. ¬

_ (¬1) في (ن): "كلما". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 374). (¬3) سقطت من (ن)، وفي (ق): "عن عقد"، والمثبت من مصادر القاعدة. (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 375)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 533)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 328)، "قواعد الزركشي" (3/ 331). (¬5) وقعت في (ن): "زوجه"، وهي ساقطة من (ق). (¬6) أي: أنه لا شيء عليه بالوطء. (¬7) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬8) في (ن): "هو". (¬9) أي: النووي. (¬10) أي: المهر. (¬11) سقطت من (ق).

الثانية: إذا تزوَّج (¬1) عبدُه بأمته. الثالثة: إذا فوضت المرأة بُضعها في دار الحرب ثم أسلما ودخل بها وهما يعتقدان [أن] (¬2) لا مهر، وكذا (¬3) استثنى هذه الثلاثة الروياني في "فروقه"، وأهمل مسائل: أحدها: وطء الشارع [صلى الله عليه وسلم] (¬4)، فمن خصائصه [عليه أفضل الصلاة والسلام، (¬5) أنه لا يجب عليه مهر وإن لم يكن العقد بلفظ الهبة. الثانية: إذا أعتق المريض أمته فتزوج بها [ومات] (¬6) وطالبت بالمهر فيجب لها منه بقسط ما عتق، ويبطل النكاح بخروجها عن كونها (¬7) من الثلث، فإن الاعتبار بالثلث (¬8) بعد وفاء الدين، وإذا لم يخرج من الثلث رُق بعضها، وحينئذ لا يصح تزويجها للحر، أما إذا عتقت عن المهر فيصح النكاح. الثالثة: إذا استرق الكافر مسلمًا وجعله صداق امرأته وأقبضها إياه ثم أسلما، فإن الحر ينتزع من مهرها، وجنح (¬9) الرافعي في [بحثه] (¬10) إلى أنه لا يجب مهر [مثل] (¬11). ¬

_ (¬1) في (ق): "زوج". (¬2) من (س). (¬3) في (ن): "وهكذا". (¬4) من (ق). (¬5) من (ن). (¬6) سقطت من (ق). (¬7) في (ق): "كونه". (¬8) في (ق): "بالثلاثة". (¬9) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "واحتج". (¬10) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "بحقه ثم". (¬11) من (س).

قاعدة كل من [لم] يتوقف صحة الشيء على إذنه فلا أثر لمنعه فيه

الرابعة: إذا وطئ المسلم حربية بشبهة فلا عقوبة؛ [إذ لا إثم ولا عقد. الخامسة: إذا وطئ ميتة بشبهة فلا عقوبة] (¬1) للشبهة ولا مهر. قاعدة " كل من [لم] (¬2) يتوقف صحة الشيء على إذنه فلا أثر لمنعه فيه" (¬3)، بخلاف عكسه (¬4)، ومن ثمَّ إذا أذنت غير المجبر أن يوكل في تزويجها، فإنه لا يوكل قطعًا كما قاله الإمام والبغوي، وقال الماوردي: إن قلنا لا يعتبر إذنها في التوكيل لم يؤثر منعها منه، وأبدى ابن الرفعة بذلك خلافًا، والأشبه: الأول (¬5). قاعدة (¬6) " الرضى بالشيء رضًا بما يتولد منه واعتراف [بصحته] (¬7) " (¬8) [128 ق/ أ] في مسائل: الأولى: رضي أحد الزوجين بعيب صاحبه، فازداد [143 ن/ أ] العيب فلا خيار على الصحيح لذلك (¬9). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) من (ق). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 149)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 239). (¬4) أي: بخلاف من يتوقف وجود الشيء على إذنه، فإن منعه مؤثر في إبطاله. (¬5) أي: القطع بنفي الخلاف، وهو توجيه تقي الدين السبكي. (¬6) في (ن): "فائدة". (¬7) من (ن). (¬8) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 152)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 316)، "قواعد ابن رجب" (2/ 413)، "قواعد الزركشي" (2/ 176). (¬9) أي: لأن رضاه به رضا بما يتولد منه.

قاعدة كل زوجة جمعها زوج في الشرك والإسلام

الثانية: ادعت المنكوحة برضاها -حيث يعتبر [إذنها] (¬1) - محرمية بينها وبين الزوج لم تقبل؛ لأن رضاها بالنكاح يتضمن اعترافًا بحكمه، فلا يقبل منها نقضه إلا إذا ذكرت عذرًا كنسيان ونحوه، فتصدق بحلف (¬2). الثالثة: علمت بإعساره عن المهر فأمسكت عن المحاكمة بعد طلبه، كان رضا [ها] بالإعسار مسقطًا للخيار، بخلاف ما إذا كان قبل الطلب؛ لاحتمال أن التأخير لتوقع النسيان. الرابعة: ادعت بعد الدخول وهي معتبرة الإذن أنها زُوِّجت بغير إذنها، لا تقبل، قاله البغوي، قال الرافعي: كأنه نزل الدخول منزلة الرضى. الخامسة: قال رشيد (¬3): اقطعني، ففعل، فسرى فَهدْرٌ، وفي قول: دية. [قاعدة كل زوجة جمعها زوج في الشرك والإسلام وهي بحيث يحل ابتداء نكاحها، أقرت، وإلا فلا] (¬4) (¬5). * * * ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (س). (¬2) في (ن): "فتحلف". (¬3) في (ن) و (ق): "لسيده"، والمثبت من (س). (¬4) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬5) قال ابن السبكي: "كل زوجة جمعها مع زوجها في الشرك الإسلام، وهي بحيث يحل ابتداء نكاحها، أقرت وإن كان بحيث لا يحل له ابتداؤه لا تقر" "الأشباه والنظائر" (1/ 374).

كتاب الصداق

كتاب الصداق قاعدة قال الشيخ عز الدين [بن عبد السلام] (¬1) في تشطير الصداق وعدم تشطيره: "لا يشطر إلا إذا استقل الزوج بالفرقة ولم يكن للمرأة فيه مدخل، فإن [كان] (¬2) لها فيه مدخل، فلا" (¬3). وكذا إذا فسخ بالعيب ولم يتشطر فلا يجب لها شيء البتة؛ لأن قضيته (¬4) ترادُّ العوضين، وقد رجع البُضع لها سليمًا بالفرقة قبل الدخول، وكان مقتضى الدليل أن يرجع المهر إليه (¬5) لكن الشارع جعل تشطير الصداق جبرًا لما حصل من الكسر بالطلاق الذى لا مدخل لها فيه، فإذا كان لها فيه مدخل فقد رجع إليها بضعها سليمًا فليرجع عوضه إليه سليمًا. قاعدة قال الإمام في الكلام على التفويض في (¬6) كتاب الصداق: "ومن الأقيسة الجليَّة الكلية في قواعد الشرع أن من تملك إسقاط العوض بعد ثبوته له إذا تسلط ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) سقطت من (ق). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 188). (¬4) يعني قضية الفسخ. (¬5) أي: يرجع إليه سليمًا. (¬6) في (ق): "من".

على إتلاف المعوض، كان تسليطه عليه متضمنًا إسقاط العوض" (¬1). وكذلك نقول إذا قال مالك العبد لإنسان: اقتله، فقتله لم يلزم القاتل للمالك الآذن عوضًا، وكذلك [143 ن/أ، ] إذا قال للجاني: اقطع يدي، فإذا قطعها لم يلزمه عوض (¬2)، ذكرها توجيهًا لقول القاضي: إن المفوضة إذا قالت لزوجه [128 ق/ ب]: طأني (¬3) ولا مهر عليك، أنه لا يمتنع أن نقول إذا وطئها [لا يجب المهر، قال: وخرج القاضي هذا على قول الشافعي فيما إذا قال الراهن للمرتهن] (¬4): أذنت لك في جماع هذه الجارية المرهونة فواقعها ظانًّا الحل: لا مهر، انتهى. والنظر هنا في مسائل: - منها: ذهاب (¬5) الإمام فيما إذا حفر الغاصب بئرًا ومنعه المالك من طمها (¬6) أن منعه ليس رضىً بها، وخالفه المتولي وهي قضية هذه القاعدة. - ومنها: لو أذن أحد الشريكين للآخر في (¬7) وطئ الجارية المشتركة لم يمتنع المهر مع أنه سلطه على إتلاف المعوض، وهذه تستثنى من القاعدة مع ما فيها من أن المأذون [فيه] (¬8) ليس محض حق الآخر. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 389). (¬2) في (ن) و (ق): "عوضًا". (¬3) وقعت في (ن): "طلقني". (¬4) ما بين المعقوفتين من (س). (¬5) في (ق): "ذهب". (¬6) وقعت في (ن) و (ق): "وطئها". والطمُّ: من طممت البئر بالتراب طَمًّا من باب قتل: ملأتها حتى استوت مع الأرض، وطمها التراب فعل بها ذلك، وطم الأمر طمًّا علا وغلب ومنه قيل للقيامة: طامة. "المصباح المنير" (ص: 226) (¬7) في (ن) و (ق): "و". (¬8) من (س).

قاعدة الزائل العائد كالذي لم يزل، أو كالذي لم يعد؟

قاعدة " الزائل العائد كالذي لم يزل، أو كالذي لم يعد؟ " (¬1): فيه خلاف في مسائل: الأولى: لو سمع القاضي البينة ثم عُزل ثم وُلِّي فلا بد من استعادتها، ولو خرج عن محل ولايته ثم عاد فهل يستعيدها؟ ، فيه وجهان، رجح الإمام أنه لا يستعيدها. الثانية: لو زال ملك المتهب ممن له الرجوع ثم عاد، فهل له الرجوع؟ وجهان، أو قولان، أصحهما: المنع، وهذا في غير زوال الملك بالتخمير (¬2)، [في العصير] (¬3)، أما فيه فيعود قطعًا لأن (¬4) سبب الملك في الحل (¬5) هو ملك العصير المستفاد بالهبة، وحكى بعضهم [وجهين في زوال الملك بالتخمير، وخرجه بعضهم] (¬6) على القولين تفريعًا على الزوال بالتخمير (¬7). الثالثة: عود الحنث في مسألة (¬8) الطلاق. الرابعة: عود الظهار. ¬

_ (¬1) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 350)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 276)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 375)، "قواعد الزركشي" (2/ 178). (¬2) في (ن): "بالتجهيز". (¬3) من (ق). (¬4) في (ن): "إلى". (¬5) في (ن): "الجهل". (¬6) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬7) في (ن): "بالتجهيز". (¬8) في (ن) و (ق): "ذلك".

الخامسة: عود الإيلاء مع البينونة في المسائل الثلاث، وبنى بعضهم على عود الحنث ما إذا ضُربت المدة للعنين في نكاح وفسخت، أو أبانها بطلاق ثم تزوجها فإن في المسألة قولين (¬1) [أحدهما] (¬2): أنه لا خيار لها؛ لأنها عالمة، وأصحهما: أنه يضرب [له] (¬3) المدة. ثانيًا: ويقال: إنه الجديد، والأول قديم، ولا يصح البناء المذكور؛ لأن عود الحنث أن يعود آثار ما كان في العقد الأول، وههنا نقضت آثار الأول، والثابت في الثاني أمر جديد [144 ن/ أ] بآثاره. السادسة: لو انقطع دم المستحاضة بعد الوضوء ساعة تسع وضوءها وصلاتها ولم تصل، فإنه يلزمها استئناف الوضوء لتقصيرها، ولو انقطع فلم تدر أيعود أم لا، إن كان لا يبعد من عادتها العود فلها الشروع في الصلاة، وإن دام الإنقطاع يلزمها القضاء (¬4)، وإن عاد فوجهان. السابعة: لو اشترى معيبًاب [129 ق/أ] وزال ملكه عنه قبل أن يعلم بالعيب ثم عاد إليه بإرث، أو اتِّهاب، أو قبول وصية، أو إقالة، فهل له (¬5) رده على بائعه؟ وجهان. الثامنة: لو أفلس بالثمن وقد زال ملكه عن المبيع وعاد إليه، فهل للبائع الفسخ؟ فيه خلاف. التاسعة: لو زال ملك المرأة عن الصداق وعاد ثم طلقها قبل المسيس، فهل ¬

_ (¬1) وقعت في (ن) و (ق): "فإن المسألة قولان". (¬2) من (ق). (¬3) من (ن). (¬4) وإن كان يبعد من عادتها فعليها إعادة الوضوء، فإن لم تنعل وصلت فإن دام الانقطاع لزمها القضاء. (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "فله".

يرجع في نصف العين، أو يبطل حقه فيها كما لو لم يعد، ويرجع إلى القيمة؟ وبقي مسائل أخرى: الأولى: إذا فسق القاضي أو الوصي أو قيم اليتيم ثم تاب، هل تعود ولايته بمجرد التوبة؟ والأصح: لا، بخلاف الأب والجد؛ لأن ولايتهما شرعية [توصف] (¬1) بالأبوية (¬2). الثانية: إذا قلنا ينعزل ولي المال بالفسق مثلًا، فلو زالت العدالة وسلبنا الولاية ثم عادت، هل تعود الولاية من غير نظر حاكم؟ فيه وجهان: أحدهما -وقال الإمام: إنه الذي يجب القطع به-: نعم، والثاني: لا حتى ينظر الحاكم فيه، فإن رآه أمينًا واستبرأه (¬3)، عاد إلى حكم الولاية، ولا يشترط أن يقول: نصَّبتُكَ [وليًّا] (¬4). الثالثة: إذا كان لأحد زوجاته عليه حق مبيت ليال (¬5) مثلًا، وطلقها طلاقًا بائنًا، ثم تزوجها بشرطه هل يجب عليه القضاء كأن النكاح لم يزل أم لا، كأنه لم يعد؟ فيه وجهان. الرابعة: لو رهن عصيرًا أو قبضه فانقلب في يد المرتهن خمرًا فلا نقول: [إنها] (¬6) مرهونة، وللأصحاب خلاف، قال بعضهم: إن عاد خلًّا بأن أن الرهن لم يبطل (¬7)، وقال الجمهور: يبطل الرهن لخروجه عن المالية، ثم إذا عاد خلًّا عاد ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) وقعت في (ن): "بالأنوثة". (¬3) في (ن): "واشتراه". (¬4) في (ق): "وأما". (¬5) في (ن): "حق مثبت لها"، وفي (ق): "حق مثبت لسائل". (¬6) من (ق). (¬7) وإلا بان أنه بطل.

الرهن كما عاد الملك، وحكى ابن كج عن أبي الطيب ابن (¬1) سلمة أنه يجيء فيه قول آخر [144 ن/ ب] بعدم العود إلا بعقد جديد، وقال [القاضي] (¬2) حسين: يجوز أن يجعل هذا على قياس عود الحنث، والمذهب: الأول، قال الرافعي: ويتبين بذلك أنهم لم يريدوا بطلان الرهن بالكلية، وإنما أرادوا ارتفاع حكمه ما دامت الخمرية، وفيه نظر، فإنه لا معنى للبطلان إلا عدم ترتب الأثر، ولو انقلب المبيع خمرًا قبل القبص، فالكلام في انقطاع البيع وعوده إذا عاد كانقلاب العصير المرهون خمرًا بعد القبض. الخامسة: إذا زال إطلاق الماء بالتغير [129 ق/ ب] ثم عاد (¬3) بنفسه، فهل تعود الطهورية؟ فيه وجهان، أصحهما: نعم. السادسة: يشترط في تعجيل الزكاة شروط: - منها: أن يكون القابض في آخر الحول بصفة الاستحقاق، فلو حدث ما يخرجه عن الاستحقاق، [ثم عاد إلى صفة الاستحقاق] (¬4) في آخر الحول، لم يضر على [أصح] (¬5) الوجهين. السابعة: إذا قلنا موجب الفطرة (¬6) مجموع الوقتين، فلو زال الملك عن العبد (¬7) بعد الغروب وعاد قبل طلوع الفجر، ففي وجوب الفطرة ............. ¬

_ (¬1) في (ن): "ابن أبي". (¬2) من (ن). (¬3) وقعت في (ن) و (ق): "زال"، والمثبت من (ك). (¬4) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬5) من (ن). (¬6) وقعت في (ن): "القطع". (¬7) في (ن): "العين".

[وجهان] (¬1)، [قال الإمام] (¬2): وهما ملتفتان (¬3) إلى أن الواهب هل يرجع فيما زال ملك المتهب عنه ثم عاد، والغزالي خرجها -أعني مسألة الرجوع- على القاعدة المذكورة. الثامنة (¬4): العبد المعلَّق عتقه على صفة إذا زال ملكه عنه ثم عاد، ففيه الخلاف في عود الحنث، والأقوى عدم العود، والمشهور الجزم بعدم عود الوصية فيما لو تصرف [الموصي في] (¬5) الموصى به ثم عاد، فهل يعود التدبير؟ (¬6)، فيه خلاف مبني على أن التدبير وصية أو تعليق عتق بصفة. التاسعة: إذا زالت الكفاءة ثم عادت وتخلل المهدر [بين الجرح والموت كما إذا جرح مسلمًا فارتد المجروح ثم عاد إلى الإسلام] (¬7) ومات بالسراية، نص [في] (¬8) "الأم" و"المختصر" على أنه لا يجب القصاص، وفيما إذا جرح ذمي ذميًّا أو مستأمنًا، فنقض المجروح العهد والتجأ بدار الحرب ثم جدد العهد ومات بالسراية أنه يجب القصاص، وللأصحاب طريقان، أصحهما: في المسألة قولان، وكذلك نقل الأكثرون عن النص في "الأم" في مسألة نقض العهد، وجعل المحققون موجب عدم القصاص [انتهاؤه إلى حالة لو مات فيها لم يجب ¬

_ (¬1) من (ن) (¬2) من (ق). (¬3) في (ن): "مبنيان". (¬4) المسألة الثامنة ساقطة بأكملها من (ق). (¬5) من (ك). (¬6) يعني: إذا كان العبد الموصى به مدبَّرًا. (¬7) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬8) من (ق).

القصاص] (¬1)، فانتهض (¬2) ذلك شبهة والقصاص يسقط بالشبهة، والطريق الثاني تنزيل النصين على حالين، فحيث وجب القصاص فهو [فيما إذا طالت مدة الإهدار بحيث يظهر أثر السراية، وحيث انتفى القصاص فهو] (¬3) فيما (¬4) لو قصرت [145 ن/ أ] وإن (¬5) قلنا بطريقة القولين ففيها طريقان، أحدهما: تخصيصهما بما إذا قصرت المدة، فإن طالت فلا قصاص قطعًا، وهذه هي الطريقة الصحيحة عند المعظم (¬6). والطريق الثاني: طرد القولين (¬7)، والصحيح منهما عند الشيخ أبي حامد، والإمام، وغيرهما قول المنع، وعند صاحب "التهذيب" قول الوجوب، وأما الدية [ففيها] (¬8) قولان، وثالث: مُخرج عن ابن سريج: الأصح وجوب كمال الدية، والثالث: أن الواجب ثلثا الدية. العاشرة: إذا فاتته صلاة في السفر فقضاها في سفرة [أخرى] (¬9) فهل يقصر؟ فيه طريقان: أصحهما: فيه (¬10) قولان: أصحهما: جواز القصر، والثاني: القطع بالمنع. الحادية عشرة: إذا اشترى الشقص بعبد مثلًا وتقابضا، وأخذ الشفيع الشقص ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬2) وقعت في (ن) و (ق): "فانتقض"، والمثبت من (ك). (¬3) من (ك). (¬4) في (ن): "كما". (¬5) في (ق): "وإذا". (¬6) في (ن): "النظر". (¬7) حكاهما القاضي ابن كج، وابن سريج، وابن سلمة، وابن الوكيل. (¬8) من (ق). (¬9) من (ن). (¬10) في (ق): "أن فيه".

قاعدة الصداق هل يضمنه الزوج ضمان عقد أو ضمان يد

ثم وجد البائع بالعبد عيبًا فرده، فليس له إلا قيمة الشقص على المذهب، فلو عاد الشقص إلى ملك المشتري [130 ق/ أ] بابتياع أو غيره فليس للبائع أخذ الشقص بغير رضى المشتري، وفيه وجه بناء على ما لو خرج المبيع من (¬1) ملك المشتري، ثم عاد، ثم اطلع (¬2) على عيب بالثمن. الثانية عشرة: لو رهن بدَين [رهنًا] (¬3) ثم اعتاض عنه عينًا انتقل الرهن؛ لتحول الحق من الذمة إلى العين، ثم لو تلفت العين قبيل التسليم يبطل (¬4) الاعتياض، ويعود الرهن كإعادة الدين، ولم يحكوا في هذه خلافًا. قاعدة " الصداق هل يضمنه الزوج ضمان عقد أو ضمان يد" (¬5). قولان أصحهما: الأول (¬6)، وقبل الخوض في فروع هذا الأصل لا بد من ¬

_ (¬1) في (ن): "في". (¬2) في (ن): "أطلق". (¬3) من (ن). (¬4) في (ن): "بطل". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 357)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 371)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 375)، "قواعد ابن رجب" (2/ 196)، "قواعد الزركشي" (3/ 332). (¬6) وهو القول الجديد؛ ووجهه: أن الصداق مملوك بعقد معاوضة فكان في يد الزوج كالمبيع في يد البائع. ووجه القديم: أن النكاح لا ينفسخ بتلف الصداق، وما لا ينفسخ العقد بتلفه في يد العاقد يكون مضمونًا ضمان اليد كما لو غصب البائع المبيع من المشتري بعد القبض، فإنه يضمنه ضمان اليد. "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 357)

مقدمة، وهي أن هذين القولين (¬1) مبنيان على أصل آخر، وهو أن الصداق نِحلة، أو عوض كعوض المبيع، فيه تردد عن الغزالي؛ لأن الغالب على الصداق مشابهة هذا أو ذاك، وصححوا الثاني (¬2)، ويدل عليه أن قوله: زوجتك بكذا كقوله: بعتك بكذا، وبأن لها الرد بالعيب وذلك من أحكام الأعواض، وبأنها تحبس نفسها لتستوفيه، ووجه الآخر قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}، وبأن النكاح لا يفسد بفساده، ولا ينفسخ بردِّه، وأجابوا عن الآية: بأنها تحتمل أن يكون المعنى عطية من عند الله، وفيه نظر والجواب [145 ن/ب] ضعيف لتأخر المجاز عن الحقيقة، وأما كون النكاح لا يفسد بفساده لكون الصداق [ليس] (¬3) ركنًا في النكاح لكنه إذا ثبت ثبت عوضًا، وأما بناء القولين على هذه المقدمة، فهذا التردد إن [كان] (¬4) من الإمام الشافعي فلا كلام، لكنه خلاف الاصطلاح (¬5) وإن كان من الأصحاب، فكيف يبني نصَّ الإمام على رأي متبعه (¬6)، وقد فعل ذلك في غير هذا المكان، وأما فروع القولين: الأول: إذا قلنا إنه ضمان عقد لم يجز لها بيعه قبل القبض [كالبيع] (¬7) والإجارة (¬8)، والثاني: إذا كان الصداق دَيْنًا، فإن قلنا: ضمان [يد] (¬9) جاز الاعتياض عنه، وإلا فالأظهر الجواز أيضًا كالاعتياض عن الثمن. ¬

_ (¬1) في (ق): "القولان". (¬2) أي: مشابهة الصداق لعوض المبيع. (¬3) سقطت من (ن). (¬4) سقطت من (ن). (¬5) في (ق): "الأصل" (¬6) في (ق): "منفعة". (¬7) من (ك). (¬8) في (ن) و (ق): "وإلا جاز". (¬9) سقطت من (ق).

الثالث: إذا تلف الصداق المعيَّن في يده، فإن قلنا [هي] (¬1) ضمان عقد انفسخ عقد الصداق، ويُقدَّر عود الملك قبل التلف، حتى لو كان عبدًا [فعليه] (¬2) مؤنة تجهيزه (¬3)، وإن قلنا ضمان يد فهو تالف في ملكها وعليها تجهيزه، ولا ينفسخ الصداق وعلى الزوج المثل إن كان مثليًّا، وإلا فالقيمة تقوم [130 ق/ ب] مقامه. الرابع: إذا حدث فيه نقصان في يد الزوج، فإن كان نقصان عين كتلف أحد الثوبين، فلها الخيار في الثاني، فإن فسخت رجعت إلى مهر المثل على قول ضمان العقد، وإلى قيمة العبدين على الآخر، وإن أجازته في الباقي رجعت في التالف إلى حصة قيمته [من] (¬4) مهر المثل على قول ضمان العقد، وإلى قيمة التالف في الآخر، وإن [كان] (¬5) نقصان صفة كعمى العبد وشلله ونسيانه الحرفة، فللمرأة الخيار، وقال ابن الوكيل: "لا" (¬6) على قول ضمان العقد، وإن أجازت وقلنا بضمان اليد [فلها أرش] (¬7) النقصان على الزوج، وإذا اطلعت على عيب قديم وأجازت، وقلنا بضمان اليد، فللقاضي حسين تردد في أنه هل يثبت لها الأرش، والظاهر أن لها ذلك، فإنما رضيت على تقدير السلامة. الخامس: إذا زاد الصداق في يد الزوج، فإن كانت متصلة كالسمن والكبر وتعلم الصنعة فهي تابعة للأصل، وإن كانت منفصلة كالولد والثمر وكسب الرقيق، قال المتولي: إن [قلنا] (¬8) ضمان يد فهي [146 ن/ أ] للمرأة، وإلا فوجهان كزوائد ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) سقطت من (ن). (¬3) في (ق): "في تجهيزه". (¬4) سقطت من (ن). (¬5) سقطت من (ق). (¬6) في (ن) و (ق): "إلا". (¬7) تكرر ما بين المعقوفتين في (ن) و (ق). (¬8) في (ن): "كان".

قاعدة النكاح لا يفسد بفساد الصداق

المبيع قبل القبض، والأصح: أنها للمرأة، وللمشتري، وإذا قلنا: هي للمرأة فهلكت في يده أو زالت المتصلة فلا ضمان على الزوج، إلا إذا قلنا بضمان اليد، وقلنا: إنه يضمن ضمان المغصوب. السادس: المنافع الفائتة في يد الزوج غير مضمونة عليه إن قلنا: بضمان العقد، وإن طالبته بالتسليم فامتنع، وإن قلنا بضمان اليد فعليه أجرة المثل من وقت الامتناع، وأما المنافع التي استوفاها وفوتها بالركوب والاستخدام لم يضمنها أيضًا على قول ضمان العقد إن قلنا: جناية [البائع] (¬1) كالآفة السماوية، وإن قلنا كالأجنبي، أو قلنا بضمان اليد فيضمنها بأجرة المثل. السابع: إذا أصدقها نصابًا ولم يقبضه ثم حال الحول فتجب عليها الزكاة، وفيه وجه تفريعًا (¬2) على أن الصداق [مضمون] (¬3) ضمان العقد: لا يجب كالبيع قبل القبض. قاعدة " النكاح لا يفسد بفساد الصداق" (¬4). وحكى الإمام قبيل باب الخلع في المرض فيما إذا وُكِّل بنكاح امرأة وسمى مهرًا فزاد [الوكيل] (¬5): أن اختيار الشيخ -يعني القفال؛ فإن في كلامه إشارة إليه- أن النكاح لا ينعقد، وقال بعض [131 ق/أ] الأصحاب: ينعقد، والرجوع إلى مهر المثل ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "تفريع". (¬3) سقطت من (ن) و (ق).، وهي من (ك) (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 367)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 813)، "قواعد الزركشي" (3/ 14). (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "الاختيار"، والمثبت من (س).

قواعد متعلقة بأول النكاح

والحكم بالانعقاد بعيد في هذا الطرف، وذكر صاحب "البيان" المسألة في باب ما يصح به النكاح، وقال الصيمري: "قال شيخ من أصحابنا: يبطل النكاح، والصحيح أنه يصح، ولها مهر مثلها"، وفي الرافعي قبيل الفصل السادس: فيما يجحا على الولي: "ولو وكل رجلًا بقبول نكاح امرأة وسمى مهرًا لم يصح القبول بما زاد عليه". قواعد متعلقة بأول (¬1) النكاح قاعدة " متى حرم النظر حرم المس (¬2)؛ لأنه أبلغ في اللذة، نعم يباح لفصد وعلاج، ومنه الطبيب إذا احتاج إليه فيباح فيه مقدار الحاجة فقط، وفرج الزوجة والمملوكة مسه يباح قطعًا، وكذا النظر بلذة على الأصح. قاعدة ضابط المحرَم المشهور (¬3) يستثني أمهات المؤمنين فلسن من (¬4) المحارم كما دل عليه كلام الرافعي في الظهار، وصرح به غيره. ¬

_ (¬1) في (ق): "بأوائل". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 342)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 367)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 811)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 87)، "قواعد الزركشي" (3/ 114). (¬3) وهو: كل من حرم نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها فهي محرم يجوز النظر إليها، ويختلي بها، ولا تنقض الوضوء. "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 367 - 368). (¬4) في (ن): "بين".

قاعدة داعية الطبع تجزئ عن تكليف الشرع

قاعدة " داعية الطبع تجزئ عن (¬1) تكليف [146 ن/ب] الشرع" (¬2)، وبعضهم يقول: "الوازع الطبيعي مغنٍ عن الإيجاب الشرعي"، وعبر [عنه] (¬3) شيخنا (¬4)؛ بأن "الإنسان يحال على (¬5) طبعه ما لم يقم مانع"، ومن ثم لم يرتب الشرع على شرب البول [والدم] (¬6)، وأكل العذرة، والقيء حدًّا اكتفاء بنفرة الطباع عنها، بخلاف الخمر والزنا والسرقة؛ لقيام دواعيها، فلولا الحد لعمت مفاسدها، وفي القاعدة مسائل: - منها: القَسْم (¬7) أصله غير واجب. - ومنها: الوطء فهو غير واجب، وشذ من قال بإيجاب وطئه (¬8)، وأخذ بتقرير المهر، وقضاء الوطأة في القسم فيما إذا دخل في نوبة واحدة ووطئها، أما المولى فواجبه [أحد] (¬9) الأمرين الوطء أو الطلاق. - ومنها: عدم اشتراط العدالة [في ولاية النكاح على وجه اختاره كثير من ¬

_ (¬1) في (ن): "تجري على". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 368)، "قواعد الأحكام" للعز بن عبد السلام (1/ 164). (¬3) من (ق). (¬4) يعني: الشيخ تقي الدين السبكي. (¬5) في (ن): "عن". (¬6) من (ق). (¬7) أي بين الزوجات. (¬8) أي: الوطأة الأولى لزوجته. (¬9) سقطت من (ن).

قاعدة لا يزوج مسلم كافرة

أصحابنا، منهم الشيخ] (¬1) عز الدين بن عبد السلام معللًا بأن الوازع الطبعي يزع (¬2) عن التقصير في حق المولى عليه. - ومنها: عدم وجوب الحد بوطء الميتة وهو الأصح؛ لأنه مما ينفر عنه الطبع لا حاجة إلى الزجر عنه. - ومنها: ليس النكاح من فروض الكفايات، خلافًا لبعض الأصحاب، ومستند هذا الوجه النظر [إلى بقاء النسل] (¬3)، لكن في النفوس من الشهوة ما يبعثها على ذلك، فلا حاجة إلى إيجابه. ومن القواعد: أن الإنسان يُحال على طبعه ما لم يقم مانع، فلو رغب أهل قطر عن سنة النكاح فلا يبعد [قتالهم] (¬4) عليه، وإن لم [يكن] (¬5) واجبًا. - وإقرار الفاسق على نفسه مقبول؛ لأن الطبع يزعه عن الكذب فيما يضر نفسه أو ماله أو عرضه. قاعدة " لا يزوِّج مسلم كافرة" (¬6) إلا في صور: - منها: [كافرة] (¬7) [131 ق/ب] لا وليَّ لها مناسب فيزوجها الحاكم ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬2) في (ن): "يدعي". (¬3) من (س). (¬4) سقطت من (ن). (¬5) سقطت من (ن). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 369)، (الأشباه والنظائر) للسيوطي (2/ 811). (¬7) سقطت من (ن).

قاعدة ليس في الشرع إباحة تفضي إلى اللزوم إلا في النكاح

[بالحكم] (¬1)؛ لأن المسلمة والكافرة يستويان في الحكم. قاعدة قال الإمام في الكلام على تقديم الطعام للضيف في الوليمة: "ليس في الشرع إباحة تفضي إلى اللزوم إلا في النكاح". فإنا قد نختار أن المعقود عليه في النكاح ليس مملوكًا، وإنما هو مستباح فيستحق (¬2)، ذكره ردًّا على والده (¬3) في تصحيحه أن الضيف لا يملك، وأن الوجوه المحكية فى القديم في أنه بماذا يملك؟ وجوه في أن (¬4) الإباحة (¬5) هل تلزم حتى لا يكون للمضيف رجوع، قال الإمام: "وهذا لا بأس به، ولكن [147 ن/ب] الأصح أن الإباحة لا تنتهي إلى اللزوم ما لم يَفُتِ (¬6) المستباح"، ثم ذكر هذه [القاعدة] (¬7)، وقد يضم (¬8) إليها (¬9) الصور التي تلزم فيها العارية، فإنها إباحة تُفضي إلى اللزوم، [وهل المعنى بالإفضاء إلى اللزوم] (¬10) في نفسها على المبيح، فإن المرأة يلزمها بدل العضو المستباح بحق، والمعير في الصور المشار إليها يلزمه أيضًا حكم العارية، أو المعنى: يفضي إلى اللزوم من جهة المستبيح، فإن الزوج تلزمه ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 369). (¬3) يعني: أبا محمد الجويني. (¬4) في (ن): "وجه أن". (¬5) في (ن): "في الإباحة". (¬6) في (ق): "يعب". (¬7) من (ن). (¬8) في (ن): "ضم". (¬9) أي: إلى مسألة النكاح. (¬10) ما بين المعقوفتين من (ق).

لوازم النكاح من المهر وغيره، ولذلك قال البغوي: "قد يكون الشيء غير واجب، ويقتضي واجبًا كالنكاح يقتضي النفقة والمهر" ذكره في الكلام على ركعتي الطواف، وفيه نظر، وعلى هذا ينضم إلى النكاح إعارة الدلو لاستقاء المحدث الماء، والسترة للعاري في الصلاة، فإنه يلزمه قبولها على الأصح. أو معناه (¬1): اللزوم من الطرفين (¬2) حتى لا يجوز للمبيح الرجوع ولا للمستبيح الرد، و [على] (¬3) هذا يضم إلى النكاح إعارة الدلو والرشاء، وللمعير العوض، كما صرح به القاضي حسين حيث [قال: ] (¬4) يتعين عليه [الإعارة كما يتعين على المستعير، ويجب، وعلى هذا لا يتم رد الإمام على والده] (¬5)، [فإنه] (¬6) وإن منع الضيف من الرجوع فلا سبيل [له] (¬7) إلى القول بأن المضاف يتعين عليه القبول والأكل (¬8). ثم هذا منه والحالة هذه [قول] (¬9) بأن النكاح من العقود اللازمة من الطرفين، وهو ما ادعاه النووي، وقال: "يُمكن الزوج من رفعه (¬10) كتمكن المشتري [من] (¬11) إزالة الملك (¬12)، والمعروف في المذهب (¬13) أن النكاح عقد جائز، وحكى ابن الصباغ في كتاب الوكالة وجهين في أنه لازم أو جائز". ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "منعناه". (¬2) في (ن): "الطريقين". (¬3) سقطت من (ن) و (ق)، والمثبت من (س). (¬4) من (س). (¬5) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬6) من (س). (¬7) سقطت من (ن). (¬8) في (ن): "إلا الأكل"، وفي (ق): "لا الأكل"، والمثبت من (س). (¬9) من (ق). (¬10) فى (ن) و (ق): "زوجته"، والمثبت من (س). (¬11) سقطت من (ن) و (ق). (¬12) أي: بالبيع. (¬13) (ق): "المهذب".

قاعدة فرقة النكاح قبل الدخول إن كانت بسبب من جهة الزوج كطلاقه وإسلامه وردت يسقط نصف المهر

قاعدة " فرقة النكاح قبل الدخول إن كانت بسبب من جهة الزوج كطلاقه وإسلامه وردت [132 ق/أ] يسقط نصف المهر، وإن كان من جهتها كإسلامها وردتها يسقط جميعه" (¬1)، واستشكل على هذا الفسخ بالعيب قبل الدخول، فإنه يسقط جميع المهر سواء فسخ (¬2) هو بعيبها أو فسخت هي بعيبه؛ لأنها هي المختارة، قال النووي في "رؤوس المسائل": "وهذه المسألة مشكلة"، وهو كما قال؛ فإن الفسخ بالعيب إما أن يغلب فيه جانب الفاسخ أو جانب مَنْ به العيب، وعلى التقديرين (¬3) لا يسقط جميع المهر بكل حال، وإنما يسقط كله في حال، ونصفه في حال، ثم أجاب النووي، وهو مأخوذ من كلام الشيخ عز الدين-: بأن مقتضى الفسوخ ترادُّ العوضين من [147 ن/ب] الجانبين، وقد رد (¬4) عليها الزوج بُضعها بكماله (¬5)، وأما الطلاق، فإنما بقي لها فيه نصف المهر؛ لأنه ليس فسخًا، وإنما هو تصرف في الملك. وأما وجوب النصف بإسلامه وردته فلتشبهه بالطلاق من حيث إيذاؤها وكسرها بذلك من [غير] (¬6) سبب من جهتها، فوجب النصف جبرًا لذلك، ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 371)، "القواعد" لابن رجب (3/ 139). (¬2) في (ن): "فسخت". (¬3) في (ن) و (ق): "التقدير". (¬4) في (ن) و (ق): "يرد". (¬5) أي: فيرد عليها المهر بكماله. (¬6) سقطت من (ن).

بخلاف الفسخ فهي المختارة فلم يحصل لها أذى، بل حصل لها سرور، بتحصيل غرضها، وإن فسخ الزوج فهي سببه، فالأذى حصل بسببها. أما إذا كان الفسخ بسببهما جميعًا كردتهما معًا، والخلع الواقع بينهما، فالأصح التشطير. وإن كان لا من جهة واحدة [منهما] (¬1) وهي مسألة ابن الحداد والقفال ولم يذكرها الرافعي في الصداق فى التشطر، وابن الحداد يقول فيها بالسقوط دائمًا، والقفال يقول بالتشطير. [و] فيها صور: - منها: إذا أسلم أبو الصغيرة فتبعته (¬2) انفسخ النكاح، قال [ابن] (¬3) الحداد: يسقط، وقال القفال: يتشطر، كذلك نص عليه في "شرح الفروع"، ونقله الشيخ أبو علي والإمام عن بعض الأصحاب، ولم [يصرحا] (¬4) بذكر القفال، وكذا حكاه (¬5) في "الكفاية" أعني الخلاف بغير ذكر القفال، ومقتضى كلام الرافعي الجزم بقول ابن الحداد في هذه، قال في باب المتعة فيما إذا وقع إسلامهما معًا: إنه لا متعة (¬6)، جعل ذلك فرقة جاءت من جهتها، لكن رجح فيما إذا ورث زوجته أو بعضها عدم سقوط المهر، وصرح بمخالفة ابن الحداد فيه، وهو مقتضى إيجاب الشطر، كذا قاله في النكاح في الدوريات. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "أبو الصغير فتبعه". (¬3) سقطت من (ق). (¬4) سقطت من (ق). (¬5) أي: ابن الرفعة. (¬6) في (ق): "يتبعه".

قاعدة الرق والحرية إذا تبدل أحدهما بالآخر

قاعدة قال الرافعي في باب نكاح [132 ق/ب] المشرك: ذكر الأصحاب عبارة جامعة، فقالوا: "الرق والحرية إذا تبدل أحدهما بالآخر، فإن بقي من العدد المعلق بكل واحد من الزائل والطارئ [شيء] (¬1) من أثر الطارئ، وكان الثابت العدد المعلق به زائدًا كان أو ناقصًا، و [إن] (¬2) لم يبق منهما جميعًا لم يؤثر الطارئ ولم يغير حكمًا" (¬3). ذكر ذلك فيما إذا كان تحت الكافر إماء فأسلم معه ثنتان ثم عتق، ثم أسلمت (¬4) الباقيات، [فإنه ليس له إلا اختيار اثنتين، وإن أسلمت (¬5) واحدة ثم عتق ثم أسلمت الباقيات] (¬6) فله اختيار أربع [148 ن/ أ] والفرق أنه إذا لم [يسلم] (¬7) معه إلا واحدة لم يكمل عدد العبيد، فإذا عتق فله استيفاء ما للأحرار (¬8)، بخلاف ما إذا أسلمت اثنتان. قال (¬9): وشبهوا (¬10) الصورتين بما إذا طلق العبد امرأته طلقتين ثم عتق، لم ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) من (ق). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 372). (¬4) في (ن): "أسلم". (¬5) في (ن): "أسلم". (¬6) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬7) سقطت من (ق). (¬8) في (ن): "مالك الأحرار". (¬9) أي: الرافعي. (¬10) في (ن) و (ق): "ومشهور"، والمثبت من (س).

يملك بالعتق إلا طلقة ثالثة، بخلاف ما لو طلق طلقة ثم عتق، وبما إذا أعتقت الأمة في عدة الطلاق قبل كمال قرءين، فإنها تكمل ثلاثة أقراء، وإن أعتقت بعد تمامها [لم يلزمها شيء] (¬1)، فالأصح أن الطلاق وإن كان بائنًا لم تكمل ثلاثة أقراء، بل تكتفي بقرءين. وعلى هذين الأصلين قال ابن الحداد: لو طلق الذمي زوجته طلقتين ثم التحق بدار الحرب ناقضًا للعهد فسبى واسترق ونكح تلك المرأة بإذن مالكه (¬2) يملك عليها طلقة؛ لأنه بقي من العدد الزائل شيء ولم يبق من العدد الطارئ شيء، فلم يؤثر الطارئ (¬3)، ولو كان قد طلقها طلقة فإذا نكحها لا يملك عليها إلا طلقة؛ لأنه بقي من عدد الزائل طلقتان، ومن عدد الطارئ طلقة، فكان الثابت حكم الطارئ، وهو الرق هنا، وهو الصحيح عند الأصحاب. غير أن الشيخ أبا (¬4) علي استدرك (¬5) على ابن الحداد اشتراط إلحاق الذمي بدار الحرب؛ [لأن استرقاقه ليس موقوفًا على ذلك، فإنه قد يفعل ما ينقض العهد ويُسترق، وإذا لم يلحق (¬6) بدار [الحرب] (¬7)] (¬8)، أو لعله يرى أن [من] (¬9) ينقض ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "لزمها شيء". (¬2) في (ن): "مالكها". (¬3) زاد في (ق) في هذا الموضع: "لم يكن". (¬4) وقعت في (ن): "أبو". (¬5) في (ن): "استدل". (¬6) في (ن): "يلحقه". (¬7) من (س). (¬8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬9) من (س).

عهده بغير قتال يرد إلى مأمنه، وهو أحد القولين. وقد يقال: إن ذلك (¬1) ليس [على سبيل التقييد للمسألة، بل] (¬2) لكونه الغالب في الوقوع، إذا عرفت هذا، يستثنى منها مسائل: - منها: العبد إذا زنى فأقيم عليه بعض الحد وبقي عليه عشرة (¬3)، ثم عتق فإنه لا يقام عليه تمام حد الأحرار بل تمام الخمسين (¬4) فقط. - ومنها: الذمي إذا زنى فأقيم عليه أربعون أَيضًا، ثم التحق بدار الحرب، ثم استرق؛ فإنه لا يكمل حد الأحرار بل حد العبيد، وقياس القاعدة تكميل حد الأحرار، كذا نقله القاضي الحسين، وأقره ابن [133 ق/ أ] الرفعة، ولا يتجه إلا على القول بأن الذمي إذا زنى ثم أسلم يُحد وهو رأي أبي ثور (¬5)، والذي نص عليه [الإمام] (¬6) الشافعي خلافه (¬7)، وحكى الدارمي فيه وجهين، وإذا كان الحد [يسقط] (¬8) بتمامه فسقوط [148 ن/ ب] ما بقي منه أولى. ¬

_ (¬1) أي اللحوق بدار الحرب الذي ذكره ابن الحداد. (¬2) كذا من (س)، وفي (ق): "للتبديل"، وفي (ن): "للتنزيل". (¬3) في (ن) و (ق): "غيره"، والمثبت من (س). (¬4) أي: الخمسين جلدة. (¬5) هو إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان، أبو ثور -وقيل: كنيته: أبو عبد الله ولقبه: أبو ثور الكلبي البغدادي، الفقيه العلامة، أخذ الفقه عن الشافعي وغيره، كان أحد الثِّقات المأمونين، ومن الأئمة الأعلام في الدين، كان أولًا يتفقه بالرأي ويذهب إلى قول أهل العراق، حتى قدم الشافعي بغداد فاختلف إليه، ورجع عن الرأي إلى الحديث، توفي سنة أربعين ومائتين (240 هـ)، راجع ترجمته في: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 25 - رقم 1). (¬6) من (ن). (¬7) أي: أنه يسقط عنه الحد بالإسلام، نقله النووي عن ابن المنذر. (¬8) سقطت من (ق).

قاعدة الزيادة المتصلة تتبع الأصل إلا في الصداق

- ومنها: إذا نكح أمة وقلنا: إن لها نصف ما للحرة من الثلاث أو السبع في حق الزفاف، فعتقت بعد ما بات عندها، فإنه (¬1) لا يكمل لها ما للحرة، ذكره الرافعي في بابه (¬2). - ومنها: لو عتقت الأمة المطلقة في عدة الطلاق البائن تكمل عدة أمة لا عدة حرة على الجديد [الصحيح] (¬3). قاعدة " الزيادة المتصلة تتبع الأصل إلا في الصداق" (¬4)، صرح به الأصحاب، ونعني بذلك أنه إذا ثبت الرجوع في عين فزيدت زيادة متصلة كالسمن، وتعلم القرآن، والحرفة، لم تمنع تلك الزيادة الاستقلال بالرجوع، كما إذا أفلس المشتري بالثمن، فإن البائع يرجع في المبيع بزيادته المتصلة (¬5)، وكذا الواهب في الموهوب، والمشتري إذا ردَّ المبيع بعيب، يرجع في العوض مع الزيادة المتصلة، ولا كذلك الصداق، فإن الزيادة المتصلة فيه تمنع استقلال الزوج بالرجوع حيث يثبت له الرجوع في نصف الصداق ويثبت لها الخيار، فإن (¬6) أبت لم يُجبر، ويعدل الزوج إلى نصف القيمة من غير تلك الزيادة، وإن سمحت أجبر على القبول على الصحيح، فصار الصداق مستثنى من قولهم: "إن الزيادة المتصلة تتبع الأصل". ويستثنى أيضًا على وجه: الهبة المطلقة إذا قلنا تقتضي الثواب، فلم يُثِب وكان للواهب الرجوع بدون الزيادة المنفصلة، وكذا المتصلة -حكي وجه- فيبذل ¬

_ (¬1) في (ن): "لكنه". (¬2) يعني: باب عشرة النساء. (¬3) من (ن). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 375)، "قواعد الزركشي" (2/ 182)، "قواعد ابن عبد السلام" (1/ 274). (¬5) في (ن) و (ق): "بزيادة متصلة". (¬6) في (ن): "فإذا".

قاعدة اجتماع الحرة، والأمة إنما يتصور بأن ينكح حرة على أمة

الموهوب له القيمة ويمسك الموهوب، والأصح خلافه جريًا على القاعدة، ويستثنى أيضًا ما ذكره الدارمي في "استذكاره": اللقطة بعد التملُّك إذا جاء صاحبها وقد زادت زيادة غير متميزة، فإنه ذكر أن له الخيار بين إعطائها زائدة أو القيمة، وهو غريب، والمجزوم به في الرافعي و"الروضة" (¬1): أنها (¬2) تتبع اللقطة. قاعدة قال الرافعي في باب القسم والنشوز وتبعه (¬3) في "الروضة": "اجتماع الحرة، والأمة إنما يتصور بأن ينكح حرة على أمة، وكذلك في [133 ق/ب] السبب الثاني في تجديد النكاح، حيث قال: ولا يتصور إلا في العبد، فإن له أن يدخل الأمة على الحرة" ويتصور ما ذكره فيما (¬4) [149 ن/أ] إذا كان تحته حرة (¬5) لا تعُفُّه؛ كالرتقاء والقرناء (¬6). قاعدة (¬7) " ما اجتمع الحلال والحرام إلا غَلَب الحرامُ الحلال (¬8) " (¬9). ¬

_ (¬1) وبه جزم ابن الرفعة والسبكي أيضًا. (¬2) أي: الزيادة المتصلة. (¬3) أي: الإمام النووي. (¬4) في (ق): "فيه ما". (¬5) في (ق): "على لا". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 377). (¬7) في (ن): "فائدة". (¬8) في (ن): "إلا غلب الحلال الحرام". (¬9) وهذه القاعدة من القواعد المهمة المتصلة بمبحث التعارض والترجيح سارية في باب الحلال =

وهذا حديث رواه جابر الجعفي، وهو ضعيف عن الشعبي عن ابن مسعود، وهو منقطع كما قال البيهقي (¬1) (¬2)، وعورض بحديث ابن عمر مرفوعًا: "لا يحرِّمُ الحرامُ الحلالَ" أخرجه ابن ماجه (¬3)، والدارقطني (¬4)، ولا معارضة؛ لأن المحكوم به في الأول إعطاء الحلال حكم الحرام تغليبًا واحتياطًا، لا صيرورته في نفسه حرامًا، ومن ثم لو اشتبهت منكوحته (¬5) بأجنبيات محظورات لم تحل، وإذا أكل الكلب المعلم من الصيد: فالأظهر تحريمه؛ لحديث عدي بن حاتم (¬6)، وإذا ¬

_ = والحرام، يتمثل فيها جانب الاحتياط في الدين وينبغي التمسك بها في كثير من الأحكام؛ لأن الشرع حريص على اجتناب المنهيات أكثر من حرصه على الإتيان بالمأمورات. راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 117، 380)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 252)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 109)، "قواعد الزركشي" (1/ 123)، "القواعد الفقهية" للندوي ص (309). (¬1) في (ق): "البَغَوِيّ". (¬2) قال السيوطي: " قال الحافظ أبو الفضل العراقي: ولا أصل له، وقال السبكي في "الأشباه والنظائر": نقلًا عن البيهقي، وهو حديث رواه جابر الجعفي -رجل ضعيف- عن الشعبي عن ابن مسعود -رَضِيَ الله عَنْهُ-، وهو منقطع. قلت: أخرجه من هذا الطريق عبد الرزاق في مصنفه، وهو موقوف على ابن مسعود لا مرفوع" "الأشباه والنظائر" (1/ 252). والحديث أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" [كتاب النكاح -باب الزنا لا يحرم الحلال- 1/ 169] (¬3) أخرجه ابن ماجه في "السنن" [كتاب النكاح -باب لا يحرم الحرام الحلال- حديث رقم (2015)]. (¬4) أخرجه الدارقطني في "السنن" [كتاب النكاح -باب المهر- حديث رقم (89)]. (¬5) وقعت في (ن): "محرمية"، وفي (ق): "محرمة"، والتصويب من (س). (¬6) أنه قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إذا أرسلت كلبك المعلَّم فقتل فكُل، وإذا أكل فلا تأكل =

أصاب صيدًا ثم غاب [عنه] (¬1) ثم وجده ميتًا وليس فيه أثر غير سهمه؛ فالمرجح عند الجمهور التحريم، ورجح النووي الحل (¬2). وشذ عن القاعدة مسائل: منها: إذا رمى سهمًا إلى طائر فجرحه ووقع ثم وُجد ميتًا، فإنه يحل. - ومنها: إذا كان الثوب منسوجًا من كتان وحرير على السواء؛ فالأصح حله. - ومنها: إذا اختلط ملكه بملك غيره وعسر التمييز. -[ومنها: ] (¬3) إذا اختلطت [حمامة] (¬4) واحدة بحماماته فله أن يأكل بالاجتهاد (¬5) واحدة واحدة، حتى تبقى واحدة كما لو اختلطت ثمرة الغير بثمره، فالذي حكاه الروياني أنه ليس له أن يأكل واحدة منها حتى يصالح (¬6) ذلك [الغير] (¬7) أو يقاسمه. ¬

_ = فإنما أمسكه على نفسه" قلت: "أُرسل كلبي فأجد معه كلبًا آخر، قال: فلا جمل، فإنما سمَّيت على: كلبك ولم قسم على كلب آخر"، أخرجه البخاري في "الصحيح" [كتاب الوضوء -باب الماء الذي يُغسل به شعر الإنسان- حديث رقم (175)] ومسلم في "الصحيح" [كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان -باب الصيد بالكلاب المعلمة- حديث رقم (1929)]. (¬1) من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "الحكم". (¬3) في (ق): "كما". (¬4) من (ق). (¬5) في (ن): "فله ألا يأكل إلا باجتهاد". (¬6) في (ن) و (ق): "يصلح". (¬7) سقطت من (ق).

قاعدة الاعتبار في تصرفات الكفار باعتقادنا لا باعتقادهم

قاعدة " الاعتبار في تصرفات الكفار باعتقادنا لا باعتقادهم" (¬1). خلافًا للإمام مالك وبعض أصحابنا، كما تدل عليه فروعهم، ولم يثبت لنا قطُّ في مسألة من المسائل أن اعتقادهم يؤثر في حل ولا حرمة ولا ملك ولا عدم ملك، وقد نص [الإمام] (¬2) الشافعي والأصحاب على أن الكتابي لو ذبح حيوانًا يرى تحريمه كالإبل ونحن نرى الحل جاز لنا أكله، خلافًا للإمام مالك، وهذا مما يدل على أنه لا اعتبار (¬3) باعتقادهم أصلًا، و [قد] (¬4) تردد العلماء [في أن ذلك يكون حرامًا عليهم لا بشرعهم بل بكونهم لم يؤمنوا، أولًا يكون حرامًا عليهم] (¬5)؛ لأنه قد نسخ، وكلام [الإمام] (¬6) الشافعي يقتضي الثاني، وعلى القاعدة تتخرج مسائل: - منها: إذا أتانا الذمي بما نتيقن أنه من ثمن خمر عن الجزية، قال [الإمام] (¬7) [مالك] (¬8): يؤخذ، وقال أصحابنا: لا، وحكوا وجهين [134 ق/ أ] فيما إذا [كان] (¬9) ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 274، 390)، "قواعد الزركشي" (3/ 99). (¬2) من (ن). (¬3) في (ن): "على أن الاعتبار". (¬4) من (ن). (¬5) ما بين المعقوفتين من (س). (¬6) من (ن). (¬7) من (ن). (¬8) سقطت من (ن). (¬9) من (س).

[دين] (¬1) لمسلم (¬2) على ذمي، فباع الذمي خمرًا [تخصه] (¬3) بحضرته [149 ن/ ب] وقبض ثمنها ودفعه إلى المسلم عن دينه، هل يجبر على قبوله؟ أصحهما: لا (¬4)، بل لا يجوز له (¬5) القبول، ونص عليه في "الأم"، وقطع به الغزالي، وجعل محل الوجهين، إذا قال: إنها من ثمن خمر؛ لأنه قد يكذب، وينبغي أن يكون محلهما بعد (¬6) ملك الدراهم، فالأصح: لا (¬7)، ولا يجوز قبوله، وينبغي إجراؤهما في الذمي يحضر ثمن الخمر عن الجزية. - ومنها: إذا ذبح الكافر حيوانًا وفتش كبده فوجده ممنوًا أي ملصوق الكبد بالأضلاع، قال [الإمام] (¬8) مالك: يحرم لكونه حرامًا عندهم، وقال أصحابنا: لا يحرم. - ومنها: لو غصب ذميٌّ ذمية واتخذها زوجة وهم يعتقدون غصبها نكاحًا لم يقر؛ لأن على الإمام دفع قهر بعضهم بعضًا، بخلاف الحربي والمستأمن, فإن الصحيح التقرير، إذ ليس إلا إقامة الفعل مقام القول فأشبه سائر وجوه الفساد، وقال القفال: "لا يُقرُّ (¬9) إذ لا عقد"، وهو أقرب إلى القاعدة. ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) في (ن): "أسلم"، وفي (ق): "المسلم". (¬3) من (ن). (¬4) صححه الرافعي، والنووي، والسبكي. (¬5) في (ن) و (ق): "أما". (¬6) في (ق): "هل". (¬7) أي: أن الأصح أن ثمن الخمر لا يملك. (¬8) من (ن). (¬9) في (ن): "نقره".

قاعدة لا يجوز للمسلم أن يدفع مالا إلى الكفار المحاربين إلا في ثلاث صور

- ومنها: لا فرق عندنا في حل ذبائح أهل الكتاب بين ما اعتقدوا إباحته؛ كالبقر والغنم، أو تحريمه كالإبل، خلافًا للإمام مالك كما سلف، ولا بين من يعتقد من اليهود أن [عزيزًا] (¬1) ابن الله، ومن النصارى أن المسيح ابنه، أولًا [كما] (¬2) قال الأكثرون من أصحابنا فيما نقل الماوردي، وحكى وجهًا آخر: أنه لا تحل ذبائحهم قال: "وهو الأظهر عندي وبه أقول؛ لأن هؤلاء كالمرتدين فيما بين اليهود والنصارى، وليس هذا من أصل دينهم الحق"، ويستثنى من القاعدة مسائل: - منها: نكح مشركة مفوضة وهم يعتقدون [أن لا مهر لها بحال، فأسلما فلا مهر، وإن كان إسلامهما قبل الدخول لأنه استحق] (¬3) وطأً بلا مهر. قاعدة (¬4) " لا يجوز للمسلم (¬5) أن يدفع مالًا إلى الكفار المحاربين" (¬6) إلا في ثلاث صور، قال (¬7) أبو حامد: الأولى: إذا اختلط العدو بنا، وفيهم (¬8) ضعف عن مقاومتهم. الثَّانية: إذا كان في يد الكفار أسرى من المسلمين فيجوز للمسلمين افتداؤهم منهم بالمال، قال الروياني: وفي وجوبه وجهان، أصلهما المضطر إلى الميتة، هل ¬

_ (¬1) في (ق): "عيسى". (¬2) سقطت من (ن) و (ق).، وهي من (س) (¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬4) في (ن): "فائدة". (¬5) في (ن): "لمسلم". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 386). (¬7) في (ق): "كما قال". (¬8) أي: وفي المسلمين.

يجوز له الأكل أو يجب؟ والمجزوم به في الرافعي وغيره [150 ن/أ] أن فداءه (1) مستحب، وهو في الآحاد، وأظهر منه في الإمام، فإنه ينبغي الجزم بالوجوب في حقه، والتخريج على أكل الميتة [134 ق/ب] فيه نظر خوف الذُّل. الثالثة: لو قال الأسير للكافر: أطلقني على كذا ففعل، أو قال له الكافر افتد نفسك بكذا ففعل لزمه ما التزم. وإذا جاءت امرأة من الكفار مسلمة في زمن الهدنة [و] (2) كانت مزوجة (3) فيهم غرم الإمام مهرها على أحد القولين، والصحيح: المنع. وإذا قال كافر للإمام: أدلك على قلعة كذا على أن تعطيني منها كذا، فعاقده على ذلك، جاز (4) والله أعلم.

كتاب الطلاق

كتاب الطلاق فائدة (¬1): النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر بأمر أو نهى عن شيء [فلا يجوز] (¬2) إما أن يكون بلفظ التخاطب أولا (¬3)، فإن كان كحديث: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم (¬4) " (¬5)، وكحديث: "لا تستقبلوا القبلة ببول ولا غائط" (¬6)، وكنهيه عن تسمية العنب كرمًا (¬7)، فلا يدخل (¬8) في هذا الخطاب؛ لأن الصيغة تختص بالمخاطب، وعن بعضهم دخوله، وهو في غاية الشذوذ، وهو قريب من قول [السادة] (¬9) الحنابلة: إن الخطاب مع الموجودين يتناول من يحدث بعدهم بغير ¬

_ (¬1) في (ق): "قاعدة". (¬2) من (ق). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل ص (20). (¬4) وقعت في (ن): "بأيمانكم". (¬5) أخرجه البخاري في "الصحيح" [كتاب الإيمان والنذور -باب لا تحلفوا بآبائكم- حديث رقم (6647)]. ومسلم في "الصحيح" [كتاب الإيمان -باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى- حديث رقم (1646)] (¬6) أخرجه البخاري في "الصحيح" [كتاب الصلاة -باب قبلة أهل المدينة وأهل الشَّام والمشرق .. - حديث رقم (394)] ومسلم في "الصحيح" [كتاب الطهارة -باب الاستطابة- حديث رقم (264)]. (¬7) أخرجه البخاري في "الصحيح" [كتاب الأدب -باب لا تسبوا الدهر- حديث (6182)]، ومسلم في "الصحيح" [كتاب الألفاظ من الآداب وغيرها -باب كراهة تسمية العنب كرمًا- حديث رقم (2247)]. (¬8) أي: فلا يدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الخطاب. (¬9) من (ن).

دليل منفصل، بل بمجرد الخطاب الأول. وأما إذا كان بغير لفظ الخطاب فالصحيح دخوله كحديث: "العينان وكاء السَّه فمن نام فليتوضأ" (¬1)، وكذا: "من أحيا أرضًا ميتة فهي له" (¬2)، وشذ بعضهم فقال: إنه لا يدخل فيه (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في "السنن" [كتاب الطهارة -باب في الوضوء من النوم- حديث رقم (203)]. (¬2) أخرجه البخاري معلقًا في "الصحيح" [كتاب الحرث والمزارعة -باب من أحيا أرضا مواتًا] , وأبو داود في "السنن" [كتاب الخراج والإمارة والفيء- حديث رقم (3073)، (3074)]. (¬3) ومردُّ هذه القضية إلى مسألة بحثها الأصوليون: فقد اختلفوا في "المخاطب" هل يدخل في عموم خطابه؟ فذهب الجمهور إلى أنه يدخل ولا يخرج عنه إلا بدليل يخصصه، وقال أكثر أصحاب الشافعي: إنه لا يدخل إلا بدليل. قال الأستاذ أبو منصور: وهو الصحيح من مذهب الشافعي. قال الشوكاني: "قال الأستاذ أبو منصور: وفائدة الخلاف: فيما إذا ورد منه - صلى الله عليه وسلم - لفظ عام من إيجاب حكم، أو حظره، أو إباحته، هل يدل ذلك على دخوله فيه أم لا؟ . قال ابن برهان في "الأوسط": ذهب معظم العلماء إلى أن الآمر لا يدخل تحت الخطاب، ونقل عبد الجبار وغيره عن المعتزلة دخوله" انتهى. ونقْلُهُ لهذا القول عن معظم العلماء يخالف نقل الأستاذ أبي منصور، والرازي في "المحصول"، وابن الحاجب في "مختصر المنتهى" وغيرهم، فإنهم جعلوا دخول المخاطب في خطابه مذهب الأكثرين. وقال إمام الحرمين الجويني، إن خطابه يتناوله بنفسه، ولكنه خارج منه عادة، فذهب إلى التفصيل، وتابعه على هذا التفصيل إلكيا الهراسي، قال الصفى الهندي: هذه المسألة قد تعرض في الأمر مرة، وفي النهي مرة وفي الخبر مرة، والجمهور على دخوله. - ثم قال الشوكاني: والذي ينبغي اعتماده أن يقال: إن كان مراد القائل بدخوله في خطابه أن ما وضع للمخاطب يشمل المتكلم وضعًا، فليس كذلك وإن كان المراد أنه يشمله حكمًا، =

قلت: التحكيم بالحديث الأول فيه نظر، والصحيح أن وضوءه عليه الصلاة والسلام لا ينتقض بنومه، فهذا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، وللخلاف في دخول المخاطِب؛ أي بكسر الطاء في الخطاب نظائر (¬1) فقهية: - منها: ما حكي أن واعظًا طلب من سامعيه شيئًا فلم يعطوه، فقال: طلقتكم ثلاثًا وكانت زوجته فيهم، [وهو لا يعلم] (¬2)، فالصحيح أنها لا تطلق، فإنه ليس [في] (¬3) المطلَّقين بفتح اللام، وإنما هو فاعل التطليق، بل لهذا [البحث] (¬4) التفات إلى بحث أصولي، وهو أن خطاب الذكور لا يتناول الإناث على الصحيح (¬5) وهذا التخريج هو للنووي -رحمه الله-، وأصل المسألة أن إمام الحرمين أفتى بوقوع الطلاق، قال: وفي القلب منه شيء، واعترض الرافعي فقال: لك أن تقول ينبغي أن لا يقع؛ لأن قوله: طلقتكم لفظ عام، وهو يقبل الاستثناء بالنية كما لو حلف لا يسلم على زيد فسلم على قوم هو فيهم واستثناه بقلبه لم يحنث، وإذا لم يعلم أن زوجته في القوم كان مقصوده غيرها. ¬

_ = فمسلم، إذا دل عليه دليل أو كان الوضع شاملاً له كألفاظ العموم. "إرشاد الفحول" (1/ 572 - 576). وراجع هذه المسألة في: "البرهان في أصول الفقه" لإمام الحرمين (1/ 247 - رقم 263 إلى 266)، "المستصفى" للغزالي (ص: 243)، "الإحكام" للآمدي (2/ 333 - 334)، "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 20 - 21)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (2/ 123). (¬1) في (ن): "ولها نظائر". (¬2) من (ن). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) من (ن). (¬5) راجع: (البرهان) للجويني (1/ 244)، "المستصفى" للغزالي (ص: 241)، "الإحكام" للآمدي (2/ 325).

واعترض عليهما (¬1) النووي فقال: ما قالاه عجيب [منهما] (¬2)، أما الرافعي فلأن هذه المسألة [ليست] (¬3) كمسألة السلام على زيد, لأن هناك عَلِمَ به واستثناه، وهنا لم يعلم بها ولم يستثنها، واللفظ يقتضي الجمع (¬4) إلا ما أخرجه ولم يخرجها، وأما العجب من الإمام فلأنه تقدم في أول الركن أنه يشترط قصد لفظ الطلاق بمعنى الطلاق ولا يكفي (¬5) قصد لفظه من غير قصد معناه، ومعلوم أن هذا الواعظ لم يقصد معنى الطلاق قال: وأيضًا فقد علم أن مذهب أصحابنا أو جمهورهم أن النساء لا يدخلن في خطاب الرجال إلا بدليل (¬6)، وقوله: "طلقتكم" خطاب رجال، فلا تدخل امرأته فيه بغير دليل، قال: فينبغي أن لا تطلق لما ذكرته لا لما ذكره الرافعي، فهذا ما تقتضيه الأدلة، هذا كلامه (¬7)، واعترض عليه الشيخ زين الدين الكِتْنَاني -رحمه الله-، فقال الرافعي: استدل على دعواه بمقدمتين: الأولى: كون اللفظ عامًا قابلًا للاستثناء بالنية. الثانية: كون قصر اللفظ العام على (¬8) بعض أفراده تخصيصًا (¬9) له، فاعتقد المصنف أنه أثبت الحكم بالقياس على مسألة السلام فقط، فشرع يفرق ولم يعلم أنه تقرير إحدى (¬10) المقدمتين. ¬

_ (¬1) أي: على الجويني والرافعي. (¬2) من (ق). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ق): "الجميع". (¬5) في (ق): "يكون". (¬6) وهو مذهب إمام الحرمين الجويني. (¬7) في (ن): "كله". (¬8) في (ق): "عن". (¬9) في (ن) و (ق): "تخصيص". (¬10) في (ن): "أحد".

وقوله: "ولم يخرجهما" يدل على اعتقاده أن التخصيص يفتقر إلى نية الإخراج وليس كذلك. وقوله: "إن النساء لا يدخلن في خطاب الرجال إلا بدليل" فقال: دل الدليل على دخول المرأة؛ لأن الغرض أنه خطاب الحاضرين وامرأته منهم، ولا خلاف أنه إذا اجتمع المذكر والمؤنث أنه يجوز التعبير عن الكل بلفظ التذكير، وقال الشيخ زين [الدين] (¬1) ابن المرحل في موضع آخر (¬2) بعد سياق (¬3) كلام الرافعي السالف فيه: لأنه يستدعي أولًا حضور ذلك [بباله] (¬4) حالة اللفظ، إلا أن يكون سابقًا عليه، ثم (¬5) لو حضر فليس الحضور استثناء لها، فإن الاستثناء إنشاء، والحضور بالبال مجرد علم أو ظن أو وهم أو شك. قلت: وما سبق من دعوى أن قصر بعض الأفراد تخصيص [فتحقيق] (¬6) ذلك أن الشخص إذا قال: والله لا كلمت أولاد زيد (¬7) فله أحوال: أحدها: أن لا يقصد شيئًا معينا فلا إشكال في حنثه بالجمع؛ لدلالة اللفظ عليه وضعًا، فلا حاجة إلى القصد. ثانيها: أن يقصد [إخراج بعضهم ويقصد مع ذلك إثبات الباقي، أو لا يقصد] (¬8) شيئًا فلا إشكال في عدم الحنث المخرج؛ لأنه خصص يمينه بالبعض. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) انظر: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 266). (¬3) في (ق): "أن ساق". (¬4) في (ق): "لغلبة". (¬5) في (ن): "نعم". (¬6) من (ق). (¬7) في (ق): "سنة". (¬8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).

ثالثها: أن يقصد بعض الأفراد ويسكت عما عداه، فهذا موضع النظر والظاهر فيه الحنث بالجميع أيضًا؛ لدلالة اللفظ عليه (¬1) وهي (¬2) كافية، وقد أجاب بذلك القرافي، وحاصله الفرق بين القصد إلى البعض وبين تخصيص البعض، فإن الثاني يستدعي إخراج غيره إذ التخصيص هو الإخراج، نعم أن قصد إخراج اللفظ عما وضع له واستعماله في بعضه [مجاز] (¬3) فمعناه التخصيص ولا يحنث بغير المقصود. - ومنها: [لو قال] (¬4): نساء العالمين طوالق، ففي دخولها في الطلاق خلاف. قلت: نقل الرافعي عن "فتاوى القفال" المنع فيما إذا قال: نساء المسلمين طوالق وعن غيره الوقوع، ثم قال: وينبني الخلاف على أن المخاطب: يَعني -بكسر الطاء- هل يدخل في الخطاب، قال النووي في "الروضة": [والأصح عند أصحابنا في الأصول] (¬5): أنه لا يدخل (¬6)، وكذا هنا الأصح أنها لا تطلق (¬7). وما ذكره عن الأصوليين من تصحيح المنع مخالف لما نقله ابن الحاجب (¬8) من أن الأكثر على الدخول، ويظهر أن يتخرج على هذه الفائدة أيضًا ما إذا قال: إن ¬

_ (¬1) في هذا الموضع من (ن): "غير أن .. بعض الأفراد بالقصد فاجتمع عليه أمر أن ووجد في غير المنوي، ولأن اللفظ" وهي عبارة غير مستقيمة المعنى. (¬2) في (ن): "وهو". (¬3) من (ق). (¬4) من (ن). (¬5) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬6) في (ق): "يخرج". (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (2/ 123). (¬8) هو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الدُّويني، ثم المصري، الدمشقي ثم الإسكندري، جمال الدين ابن الحاجب، العلامة الأصولي النحوي، اللغوي، الفقيه، المالكي، له تصانيف غاية في الحسن والتحقيق والإفادة، منها: المختصر في الأصول، الكافية في النحو، الشافية في التصريف، توفي سنة ست وأربعين وستمائة (646 هـ)، راجع ترجمته في: الديباج المذهب (2/ 86).

قاعدة المميز إذا ورد على شيئين وأمكن أن يكون مميزا لكل واحد منهما

كلمت رجلًا فأنت طالق، وإن كلمت طويلًا فأنت طالق، وإن كلمت فقيهًا فأنت طالق، وكان زوجها فقيهًا طويلاً، وكلمته هل يقع أم لا؟ ولو قال: إن كلمت رجلًا فأنت طالق فكلمته أو (¬1) كلمت أباها، وكان غرضه منعها من مكالمة الرجال لم تطلق، قاله المتولي، وهو في زوجها ظاهر بناء على أن المخاطب لا يندرج في الخطاب أما في حق أبيها، ففي الطلاق باطنًا [متجه] (¬2)، أما ظاهرًا فغير متجه لشمول الاسم. قاعدة " المميز (¬3) إذا ورد على شيئين (¬4) وأمكن أن يكون مميزًا (¬5) لكل واحد منهما فهل يكون مميزًا لكل منهما، أو يكون مميزًا للمجموع" (¬6) فيه خلاف [في] (¬7) مسائل: - منها: إذا قال: بعتك ربع هذين العبدين، فهل يكون المبيع الربع من كل واحد منهما، أو ربع المجموع، بحيث يكون من كل عبد ثمنه (¬8) فيه وجهان. - ومنها: إذا قال: إن حضتما حيضة (¬9) فأنتما طالقتان، ففيه وجهان، أحدهما: المميز المجموع، ومحال أن تكون الحيضة مميزة للمرأتين ¬

_ (¬1) في (ق): "و". (¬2) من (ق). (¬3) وقعت في (ن): "المهر". (¬4) في (ن): "شهر". (¬5) وقعت في (ن): "مهرًا". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 36). (¬7) سقطت من (ن) و (ق). (¬8) في (ن) و (ق): "من كل عبد لله"، والمثبت من (ك). (¬9) في (ق): "حيضتان".

قاعدة الإنشاء كلام نفسي عبر عنه لا باعتبار العلم والحسبان

فيكون الطلاق معلقًا على مستحيل، فلا يقع على المذهب. والثاني: أن يكون مميزًا لكل واحدة، فإذا حاضت طلقت. قاعدة " الإنشاء كلام نفسي عبر عنه لا باعتبار العلم والحسبان، والإخبار كلام نفسي عبر عنه باعتبار تعلق العلم والحسبان" (¬1). وبيان ذلك أنه إذا قام بالنفس طلب شيء مثلًا وقصد المتكلم التعبير عنه باعتبار العلم والحسبان، قال: طلبت من زيد، وإن أراد أن يعبر عنه [لا] (¬2) باعتبار [تعلق العلم والحسبان، قال: افعل، أو لا تفعل، وكذا إذا قام بالنفس تعجب مثلًا، وأراد أن يعبر عنه باعتبار تعلق العلم والحسبان؛ قال: تعجبت من زيد، وإن أراد أن يعبر عنه لا باعتبار] (¬3) ذلك، قال: ما أحسبه مثلًا، وغير ذلك من الصيغ الموضوعة (¬4)، وكذا جميع أبواب الإنشاءات، والخلاف الأصولي أن صيغ العقود إنشاءات أو إخبارات مشهور، والمذهب أن الطلاق إنشاء لا يقوم الإقرار مقامه، نعم يؤاخذ ظاهرًا بما أقر به، وبعضهم يجعل الإقرار على صيغة، وقرينته (¬5) إنشاء الإقرار في (¬6) صور: ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 58)، "التعريفات" للجرجاني ص (32، 85)، ووقعت كلمة: "والحسبان" في (ن) و (ق) كذا: "والحساب". (¬2) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬3) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬4) أي: الموضوعة للتعجب. (¬5) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "وترتيبه". (¬6) في (ن) و (ق): "على".

- منها: إذا أقر بالطلاق ينفذ ظاهرًا لا باطنًا، وقيل يصير إنشاء (¬1)، فتحرم (¬2) باطنًا، قال الإمام: وهو منكر، فإن الإقرار والإنشاء يتنافيان فذلك إخبار عن ماضٍ، وهذا إحداث في (¬3) الحال، وذلك يدخله الصدق والكذب، وهذا [بخلافه. - ومنها: إذا] (¬4) كانت العدة باقية واختلفا في الرجعة فادعاها (¬5) الزوج، فالقول قوله على الصحيح، وعلى هذا أطلق جماعة منهم البغوي أن إقراره ودعواه تجعل (¬6) إنشاء، وحكاه عن القفال، وقال الجويني: من قال به يجعل الإقرار بالطلاق [إنشاء، وفيه] (¬7) إنكار الإمام (¬8) [السابق] (¬9). - ومنها: لو قال: طلقتك ثلاثًا بألف، فقالت: بل سألتك ذلك فطلقتني واحدة، ذلك ثلث الألف، قال [الإمام] (¬10) الشافعي: إن لم يطل الفصل، طلقت ثلاثًا، وإن طال ولم يمكن [جعله] (¬11) جوابًا طلقت ثلاثًا بإقراره ويتحالفان للعوض وعليها مهر المثل، فمنهم من أخذ بظاهر هذا النص وجرى عليه، ومنهم من خالفه وقال: يتحالفان مطلقًا، ومنهم البغوي، ومنهم من استشكله، وقال الإمام: ¬

_ (¬1) في (ن) و (ف): "أمينًا". (¬2) وقعت في (ن): "فتجوز". (¬3) في (ن): "على". (¬4) في (ق): "بخلاف ما إذا". (¬5) في (ن): "فأعادها". (¬6) في (ن): "تحصيل". (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "أشار فيه إلى". (¬8) في (ن): "الطلاق". (¬9) من (ق). (¬10) من (ن). (¬11) من (ن).

ينبغي أن يقال في حال الاتصال: إن قال الزوج ما طلقتك من قبل والآن أطلقك ثلاثًا على ألف، يقع الثلاث وتجب الألف؛ لأن الوقت وقت الجواز وإن قال: طلقتك من قبل ثلاثًا فقد جعل هذا إنشاء، فيحكم بوقوع الثلاث بإقراره، ولا يلزمها إلا ثلث الألف، وكذلك أيضًا في حال الانفصال ولا معنى للتحالف. - ومنها: إذا قال في حق الأمة: تزوجتها، وأنا أجدُ طول حرة؛ فالنص أنها تبين بطلقة، فلو تزوجها ثانية عادت إليه بطلقتين، وعن الشيخ أبي حامد والعراقيين (¬1): أنها فرقة فسخ لا ينقص عددًا (¬2) كما لو أقر برضاع, لأنه لم يبين طلاقًا، وإلى هذا صغو (¬3) الغزالي والإمام، وهؤلاء أنكروا النص ومستندهم أن (¬4) النص في "عيون المسائل": أن مولاها إن صدَّقه فهو فسخ للنكاح بلا مهر، وإن أصاب فعليه مهر المثل، وإن كذبه فسخ النكاح ولم يصدق على (¬5) المهر دخل أو لم يدخل، قال الرافعي: "ولك أن تبني المذهبين على وجهين ذكرناهما؛ وهما إذا اختلفا في شرط يفسد البيع بعد الاتفاق على صورته، فإن صدق مدعي الفساد لم يجعل هذه الفرقة طلاقًا وإلا جعلناها [طلاقًا] (¬6)؛ لأن ظاهر النكاح البخاري الصحة [فيجري عليه حكم الصحيح] (¬7) ". قال: "وهذا يقتضي جريان الخلاف في دعوى الرضاع، إذا أنكرته المرأة" ¬

_ (¬1) وقعت في (ن): "والعراقيون". (¬2) أي: لا ينتقص بها عدد الطلاق. (¬3) في (ن) و (ق): "ضعف"، والمثبت من (ك). (¬4) في (ن): "إلى". (¬5) في (ن): "وعلى". (¬6) من (ن). (¬7) من (ن).

وكل هذا لا يفي بالمقصود، وحَيْدٌ عن الحق والتحقيق، وكيف يكون طلاقًا [ولم يطلق بل إن كان صادقًا (¬1) فلا عقد جرى بالكلية، وإن كان كاذبًا فلم تحدث فرقة، نعم في الظاهر يفرق بينهما، ويعامل في الحرمة معاملة أن لا عقد. في "فتاوى القفال": أنه إذا ادعت المرأة على رجل أنه نكحها وأنكر هو، فمن الأصحاب من قال: لا يحل لها أن تنكح زوجًا غيره، وهو الظاهر، ولا يجعل إنكاره طلاقًا] (¬2) بخلاف ما إذا قال: نكحتها وأنا واجد [طول] (¬3) حرة، ثم فرق بينهما بأن هناك أقر بالنكاح وادعى ما يمنع صحته، وها هنا لم يقر أصلًا انتهى، وفي هذا نظر (¬4)، وقيل: يتلطف الحاكم به حتى يقول إن [كنت] (¬5) نكحتها فقد طلقتها، حكاه الرافعي في فروع منثورة آخر التعليقات. - ومنها: لو اعترف الزوج بمفسد من إحرام أو عدة أو ردة وأنكرت، لم يقبل قوله عليها في المهر حتى يجب نصف المسمى إن كان قبل الدخول، وتمامه (¬6) إن كان بعده، ويفرق بينهما بقوله، قال أصحاب القفال: هو طلقة بائنة (¬7)، حتى لو نكحها يومًا عادت إليه بطلقتين، قالوا: وهذا مأخوذ من النص (¬8)، وذكر الإمام في أوائل الخلع في فصل: ولو قال عليَّ ألف ضمنها لك غيري؛ أنهما إذا تخالعا على ¬

_ (¬1) في (ن): "صداقًا". (¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "يطرد". (¬5) من (ق). (¬6) في (ن) و (ق): "وثمانية". (¬7) في (ق): "ثانية". (¬8) يعني: من نص الإمام الشافعي.

قاعدة إقامة الشارع شيئا مقام شي لا يلزم إعطاؤه حكمه من كل وجه

ألف وأطلقا (¬1)، واتفقا (¬2) على اختلاف (¬3) النيَّتين، فقال الزوج: نويت ألف درهم (¬4) وصدقت، وقالت (¬5): نويت ألف فلس (¬6) وصدقها أن الذي يجب القطع به أن الطلاق يقع ظاهرًا؛ لأن النية إذا اختلفت لم تؤثر وهي كالعدم، وصار كإطلاق الألف بلا نية، فيكون خلعًا بمجهول، فتقع البينونة، وأثر توافقهما على اختلاف القصدين: أن الزوج لا يطالبها بمال، فإنه معترف بأنه لم يؤخذ منها التزام ما ألزمها به ثم ذكر سؤالًا في حكم الباطن (¬7)، وأجاب عنه وتبعه الغزالي في "البسيط"، وأشار إليه في "الوسيط"، وخالف القفال والقاضي والبغوي، فقالوا: لا يقع باطنًا في مسألة الخلع. قاعدة " إقامة الشارع شيئًا مقام شي لا يلزم إعطاؤه حكمه من كل وجه" (¬8). وقد يُدَّعى أن الأصل اللزوم، وقد يقع فيه خلاف في صور منها: - لو أشار الأخرس بطلاقها بفعلين في الصلاة وقع الطلاق، وفي [بطلان] (¬9) الصلاة وجهان، أصحهما: لا (¬10)؛ لأن الفعل أقل ¬

_ (¬1) في (ن): "وطلقها". (¬2) في (ن) و (ق): "والقضاء"، والمثبت من (ك). (¬3) في (ن): "وخلاف". (¬4) في (ق): "الدراهم". (¬5) في (ق): "وقال". (¬6) في (ن): "فليبين". (¬7) وهو: ما حكم الباطن في علم الله تعالى لو فرض اختلاف النيتين؟ "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 61). (¬8) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 115)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 586). (¬9) سقطت من (ن) و (ق)، والمثبت من (ك) (¬10) أي: لا تبطل.

قاعدة المقارن للصيغ إذا كان مؤثرا فإذا تقدم أو تأخر لا يؤثر غالبا

والموجود فعل قام مقام القول. - ومنها: لو قال لصغيرة لم تحض: أنت طالق في كل قرء طلقة؛ فالمذهب أنه لا أقراء لها الآن؛ إذ القرء طُهر محبوس بحيضتين، وقيل: يجعل كل شهر قُرءًا في حقها كما فعل في العدة. - ومنها: وقت العصر والعشاء جعله الشارع وقتًا للظهر والمغرب لأرباب الأعذار رفقًا بهم، وقد جعلوا من وجب عليه العصر والعشاء بإدراك وقتهما تجب عليه الظهر والمغرب، وفيه نظر. قاعدة " المقارن للصيغ إذا كان مؤثرًا فإذا تقدم أو تأخر لا يؤثر (¬1) غالبًا وقد يؤثر في صور" (¬2): - منها: [إذا قال: ] (¬3) متى قلت لامرأتي: أنت عليَّ حرام، فإني أريد به الطلاق، ثم قال لها بعد مدة: ذلك، فعن الروياني احتمال وجهين: وقوع الطلاق عملًا بكلامه السابق، ووقوعه لاحتمال تغيير النية. - ومنها: اختلاف مهر السر والعلانية واختلاف أحواله، قال البغوي (¬4): "وقد خرج منه بعض أصحابنا أن المصطلح عليه قبيل العقد كالمشروط". - ومنها: بيع التلجئة. -[ومنها]: الشرط الفاسد السابق على البيع لا يُجعل كالمقارن. ¬

_ (¬1) في (ق): "لا يضر". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 167). (¬3) تكررت في (ق). (¬4) في (ن): "الروياني".

قاعدة كل من علق طلاقه بصفة لم يقع طلاقه -ذلك المعلق- من غير وجود الصفة

قاعدة " كل من علق طلاقه بصفة لم يقع طلاقه (¬1) -ذلك المعلق- من غير وجود الصفة" (¬2) إلا مسائل: -[منها] (¬3) أن يقول لحامل (¬4) أو صغيرة أو آيسة: أيضًا طالق للسنة أو للبدعة فيلزمه من ساعته؛ لأنه لا سنة لهن، ولا بدعة، ذكره ابن القاص، وتبعه صاحب "الرونق"، "واللباب"، والروياني في "فروقه"، والجرجاني في "المعاياة"، قال ابن القاص: هذا نص قوله، أي في حكم المسألة؛ [إلا أن] (¬5) الشافعي نصَّ هنا على أن الطلاق معلق وأنه يقع (¬6) بدونها فاعلمه. قاعدة قال أبو عاصم: "كل قول في عقد إيجاب أو إقرار إذا عقب بالتخصيص من استثناء أو نحوه، وصح إلا إذا قال: يا زانية طلقتك إن شاء الله" (¬7). فائدة: الاعتماد على القرائن أو على صدق المدعي إذا لم يكن متهمًا [في] (¬8) ¬

_ (¬1) في (ق): "خلافه". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 379)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 813)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 180)، "قواعد ابن رجب" (1/ 111)، (2/ 228)، (3/ 222، 226، 505)، "قواعد الزركشي" (3/ 114). (¬3) من (ن). (¬4) في (ن): " الحائل". (¬5) في (ن): "لأن". (¬6) في (ن) و (ق): "ولا يقع"، والمثبت من (س). (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 338). (¬8) من (ن).

صور (¬1): - منها: دعوى سبق اللسان [إلى الطلاق] (¬2) لا يُقبل من مدعيه إلا إذا وجدت قرينة تدل عليه، فإذا قال: طلقتك ثم قال: سبق لساني إليه، ولست (¬3) أقول: طلقتك، فعن النص (¬4) "أنه لا يسع امرأته [أن] (¬5) تقبل منه [ذلك] (¬6) ". وحكى الرافعي أن الروياني حكى عن الماوردي وغيره أن هذا فيما إذا كان الزوج متهمًا، أما إذا علمت صدقه (¬7)، أو غلب على ظنِّها بأمارة فلها أن تقبل قوله فلا تخاصمه، وهكذا إذا كان اسم امرأته مما يقارب حروف الطلاق، كالطالب والطالع والطارق، فقال: يا طالق (¬8) وادعى التفاف الحروف (¬9) بلسانه، فإنه يقبل لقوة القرينة، بخلاف ما إذا قال: أنت طالق، ثم قال: أردت طلاقًا من وَثَاق، حيث جرى فيه خلاف؛ لأن اللفظة على هذه الصورة كالمستنكرة في حال النكاح، [فبَعُدَ] (¬10) (¬11) قبول [التأويل فيه، ولو قال لها: أنت طالق يا مطلقة، لم يقع ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 168)، "قواعد الزركشي" (3/ 59). (¬2) من (ن). (¬3) وقعت في (ن): "سبق لساني إلى الثلاث وكنت"، وكذا في (ق) عدا كلمة "إلى"، والمثبت من (ك). (¬4) أي: فعن نص الشافعي. (¬5) من (ن). (¬6) من (ق). (¬7) في (ق): "قصده". (¬8) في (ن): "يا طارق". (¬9) في (ق): "الحرف". (¬10) من (ن). (¬11) وقع في (ن): "فبعد النكاح قبول".

فائدة: ما علق الحكم فيه على فعل فاعل إذا فعله غيره هل يلتحق به؟

بالنداء شيء وكان] (¬1) إنشاء الطلاق قرينة يُرجع فيه إلى نيته هل أراد زيادة أم لا؟ . فائدة: ما علق الحكم فيه على فعل فاعل إذا فعله غيره هل يلتحق به (¬2)؟ فيه صور: - منها: لو قال: إن رأيت الهلال فأنت طالق فرآه غيرها طلقت؛ لأن المراد العلم، ولذلك يقال: رأينا الهلال ببلد كذا, ولو قال: أردت المعاينة فأشبَهُ الوجهين: القبول. - ومنها: لو قال لرب الدين: إن أخذت مالك علي فامرأتي طالق، فأخذه رب الدين وهو مختار، طلقت امرأة المديون سواء كان مختارًا أو مكرهًا على الإعطاء، كذا قال الرافعي؛ وفيه نظر فإن ماله عليه إذا لم يكن معينًا بل مسترسلًا في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح، فمتى (¬3) أكره بغير حق لم يأخذ الذي عليه، فلا يحنث، وهذا واضح، وسواء أعطى بنفسه أو بوكيله، ويمكن (¬4) الاستيلاء أيضًا حيث يجوز، وإن لم يتعرض له الرافعي. وفي كتب العراقيين: أنه لا يقع الطلاق إذا أخذه السلطان ودفعه إليه, لأنه تبرأ ذمة المديون بأخذ السلطان، ويصير المأخوذ ملكًا [له] (¬5)، فلا يبقى له عليه حق حتى يقال: أخذ حقه الذي له عليه، ولو أداه أجنبيٌ (¬6) عنه ................. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 168)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 814)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 180). (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): (فمن). (¬4) في (ق): "وليكن". (¬5) من (ن). (¬6) في (ن) و (ق): "حتى".

قاعدة [الطلاق] لا يقبل الإيقاع بالشرط، [وإن قبل الوقوع بالشرط]

قال الداركي (¬1): لا يقع لأنه بدل (¬2) حقه لا حقه، ولو قال: إن أخذت حقك مني (¬3) فهي طالق لم تطلق بإعطاء السلطان [ولا إعطاء وكيله من ماله، وإن أكرهه السلطان] (¬4) حتى أعطاه بنفسه فعلى قولي المكره، ولو قال: إن أعطيتك حقك فأعطاه باختياره حنث، سواء كان الآخذ مختارًا أو لم يكن، ولا يحنث بإعطاء الوكيل ولا بإعطاء السلطان. قاعدة " [الطلاق] (¬5) لا يقبل الإيقاع بالشرط، [وإن قبل الوقوع (¬6) بالشرط] (¬7) " (¬8). كما ذكره الغزالي وغيره، أي وهو التعليق على شرط وهو عكس البيع ونحوه؛ فإنه يقبل الإيقاع بالشرط، ولا يقبل التعليق على الشرط، بدليل أنه لو قال: بعتك على أنه كاتب صح، ولو قال: إن كان كاتبًا فقد بعتكه، فهو باطل، جزم [به] (¬9) ¬

_ (¬1) هو عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، الإمام أبو القاسم الداركي، تفقه على أبي إسحاق المروزي، والشيخ أبي حامد، وأخذ عنه عامة شيوخ بغداد، وكانت له حلقة للفتوى، وانتهت إليه رياسة المذهب ببغداد، توفي سنة خمس وسبعين وثلاثمائة (375 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 116 - رقم 98). (¬2) في (ن) و (ق): "يذكر" والمثبت من (ك). (¬3) في (ن) و (ق): "منك". (¬4) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬5) سقطت من (ق). (¬6) أي: التعليق على شرط. (¬7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬8) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 377). (¬9) سقطت من (ن).

ابن أبي الدم، وخرَّج ابن الرفعة فيه وجهين من الوجهين في: "إن كانت المولودة بنتًا فقد زوجتك بها"، وهذه القاعدة أشار إليها الغزالي في الخلع حيث قال: "والطلاق لا يقبل الشرط في الوقوع وإن قبله في الإيقاع" كما صرح به ابن الرفعة، والفرق بينهما يتضح بالمثال. فإنه لو قال: أنت طالق بشرط أن لا تدخلي الدار، أو على أن لا تدخلي الدار، وقع حالًا، وإن لم يوجد ذلك، ولو قال: أنت طالق إن دخلت [الدار] (¬1)، لم تطلق حتى تدخل. والغزالي توصل بذلك إلى قوله: "في قول الزوج: أنت طالق على أن لي عليك كذا، أنه يكون رجعيًّا"، قال: "لأن الشرط في الطلاق يلغو إذا لم يكن من قضاياه، [كما إذا] (¬2) قال: أنت طالق على أن لا أتزوج بعدك"، [فأما] (¬3) [ذهابه] (¬4) إلى كونه رجعيًّا فالصحيح خلافه. والحاصل أن الطلاق بعد وقوعه لا يقف (¬5) على شرط؛ لأن وقوفه عن الوقوع [مع] (¬6) وقوعه محال، وهذا بخلاف [ما لو نجَّز] (¬7) الوكالة، وعلَّق (¬8) التصرف ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "وإذا". (¬3) من (س). (¬4) في (ن): "وهذه". (¬5) في (ن): "لا يثبت". (¬6) سقطت من (ن). (¬7) من (س). (¬8) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "وعلى".

فرع

على شرط، فإنه توكيل (¬1) صحيح وهو (¬2) إيقاع عقد بشرط، فمثل هذا لا يجوز (¬3) في الطلاق؛ فإن المرأة لا تكون مطلقة ثم يكون طلاقها الواقع على [سبيل] (¬4) شرط (¬5)، قال شيخنا (¬6): ولا يلزم مما ذكرناه ما قصده الغزالي من كونه (¬7) رجعيًّا، فإنه إذا وقع الطلاق مع هذا الشرط لم يوقعه (¬8) مطلقًا، فلا يقع رجعيًّا بل يقع كما أوقعه على جهة المعاوضة، وهذه الصيغة صالحة؛ لأن تستعمل في المعاوضات بخلاف ما إذا ذكرها (¬9) شرطًا مجردًا من غير معاوضة، ويدل لما ذكره لو قال: بعتك هذا على أن تعطيني عشرة، صح البيع كما صرح به الرافعي في الباب الثاني من الصداق، فنزل قوله: "على أن تعطيني" منزلة باء العوضية، فكذلك ينبغي أن ينزل هنا [ذلك] (¬10). فرع قول الغزالي في أوائل الباب [الثالث] (¬11) من الخلع: .................... ¬

_ (¬1) في (ن): "وكيل". (¬2) في (ن): "وهذا". (¬3) في (ق): "لا يكون". (¬4) من (ن). (¬5) أي: واقعًا على شرط. (¬6) يعني: تقي الدين السبكي. (¬7) أي من قوله: طلقتك على أن لي عليك ألفًا. (¬8) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "يرفعه". (¬9) كذا في (ن) و (س)، وفي (ق): "لم يذكرها". (¬10) من (س). (¬11) سقطت من (ن).

"والطلاق" (¬1) يقبل الشرط": اعلم أن الشرط قسمان: تعليقي، وإلزامي، فالطلاق يقبل التعليق والعوض [و] (¬2) لا يقبل الإلزامي بخلاف البيع؛ لأنه لا [يقبل] (¬3) التعليقي ويقبل الإلزامي ككاتب (¬4). قال ابن عبد السلام في مجموع له: الأفعال قسمان: ما يقبل الشرط والتعليق عليه كالصوم على رأي الإمام الشافعي، فإنه يقبل الشرط بأن يشرع (¬5) في الصوم ويقول: إن أبطلته بطل (¬6)، والتعليق عليه بأن يقول: إن فعلت كذا فعليَّ صوم. وما لا يقبل التعليق ويقبل الشرط: وهو البيع [فيبيع] (¬7) ويقول: لي الخيار ثلاثًا، ولا يقبل: "إذا جاء فلان فقد بعتك"؛ لأن هذا الشرط أثبته الله في أصل البيع، فحصل باشتراطه. والطلاق عكس هذا يقبل التعليق ولا يقبل الشرط، كأنت طالق على أن لي عليك ألفًا، فإنه لا يلزمها شيء (¬8). ¬

_ (¬1) في (ن): "لم". (¬2) من (س). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) أي: كقوله: بعتك هذا العبد بشرط أنه كاتب. انظر: "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 378)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 670)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 357)، "قواعد الزركشي" (1/ 375). (¬5) في (ق): "شرط". (¬6) وقع في (ن): "إن أبطل وبطل". (¬7) من (ق). (¬8) في (ق): "شيئًا".

قاعدة ما علق بشيء هل يعلق بأوله فيقع؟

- ومنها (¬1) ما لا يقبلهما (¬2)، أما الشرط: فإذا تزوجها على أن لا نفقة لها فأسقط (¬3)، وأما التعليق فيقول: إذا جاء فلان فقد تزوجتك. قاعدة " ما عُلق بشيء هل يعلق بأوله فيقع (¬4) " (¬5)؟ فيه صور: - منها: الحيض. - ومنها: إذا قال: أنت طالق أول بلوغ ولدي وقت الختان، طلقت في اليوم السابع [من] (¬6) ولادته. - ومنها: لو قال أنت طالق أول آخر رمضان. - ومنها: [لو قال] (¬7): أنت طالق أول الشهر أو آخره، طلقت بأول جزء [من الأول أو الآخر. - ومنها: إذا أقت المسلَّم فيه، فقال: إلى الجمعة أو إلى رمضان، حل بأول جزء] (¬8) منه، ولو قال: في الجمعة أو في رمضان، فعن ابن أبي هريرة أنه يصح، وينزل على الأول كالطلاق، والأصح المنع لجعله الجمعة ظرفًا، وكأنه قال: وقت من أوقاتها، وفرقوا بينه وبين الطلاق بجواز تعلقه بالمجاهيل، وأفسد ابن ¬

_ (¬1) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "ولنا". (¬2) أي: لا يقبل الشرط ولا التعليق عليه. (¬3) أي: فإن الشرط يسقط. (¬4) وقعت هذه العبارة في (ن) كذا: "ما علق شيء على تعلق أوله فيقع". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 179)، "قواعد ابن رجب" (3/ 19). (¬6) من (ن). (¬7) من (ن). (¬8) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

فائدة: التبعيض في الأعضاء فيه صور

الصباغ (¬1) الفرق، فإنه لو كان هذا من ذلك القبيل لوجب أن يقع في آخر جزء دون الأول، قال الرافعي، وهذا حسن، والفرق مشكل، قال الإمام في مسألة الطلاق: وهي أنت طالق في شهر رمضان: لم يذكروا ها هنا خلافًا، أخذًا مما (¬2) سبق في السَّلم (¬3) مع اتجاه التسوية. - ومنها: لو قال في السلم: إلى [أول] (¬4) شهر كذا، أو إلى آخره، وقد سلف (¬5) الخلاف فيه في بابه فراجعه منه (¬6). فائدة: التبعيض في الأعضاء فيه صور (¬7): - منها: في الطلاق، لو قال: يدك طالق، طلقت. - ومنها: في الرجعة، لو قال: راجعتُ يدك لم يصح. [- ومنها: في الإيلاء، لا يصح إلا أن يحلف على جماع قُبلها] (¬8). [- ومنها: في الظهار، لو قال: أنت عليَّ كظهر أمي نفذ، ولو قال: كيدها، نفذ على المذهب، ولو قال: يدها عليَّ كظهر أمي، كان ظهارًا على الأظهر] (¬9). ¬

_ (¬1) في (ن): " ابن الصلاح". (¬2) في (ن): "أحدهما". (¬3) في (ن) و (ق): "السلام". (¬4) سقطت من (ن). (¬5) في (ق): "سبق". (¬6) ذهب عامة الأصحاب إلى بطلان العقد؛ لأن اسم الأول والآخر يقع على جميع النصف. (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 183)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 105)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 348)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 159)، "قواعد ابن رجب" (2/ 488). (¬8) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬9) ما بين المعقوفتين من (ن).

فائدة: الحال كالظرف في تقييد الفعل

- ومنها: لو أعتق جزءًا عتق جميعه. - ومنها: العفو في حق القاتل. - ومنها: [في] (¬1) الأسير إذا مُنَّ على بعضه في وجه. - ومنها: لو قال: زنا فرجُكِ يُحدُّ. فائدة: الحال كالظرف في تقييد الفعل (¬2)، فإذا قال: أنت طالق مريضةً، لم تطلق إلا في حال المرض. و[لو] (¬3) قال أنت [طالق] (¬4) مريضةٌ بالرفع، نقل القاضي عن بعضهم أنها تطلق في الحال، وتكون "مريضة" وصفًا لها، ورأى ابن الصباغ الحمل على الحال أيضًا إلا أنه لحن في الإعراب. فائدة: في الصريح وأحكامه في التديين (¬5). اشتهر في كلام المشايخ، وفي مواضع من الكتب المعتبرة: أن الصريح يقع به معناه من غير نية، وأن المفتقر إلى النية الكناية [فقط] (¬6)، وهذا كالواضح (¬7) عندهم وعند أهل عصرنا في مصرنا [وغير مصرنا] (¬8)، وهذا يُناقض ظاهر قول ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 188). (¬3) من (ك). (¬4) سقطت من (ن). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 265)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 78)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 566)، "قواعد الزركشي" (2/ 312 - 313). (¬6) من (ق). (¬7) في (ن) و (ق): "كما لو صح". (¬8) من (ق).

الرافعي: أن القصد إلى الطلاق لا بد منه، وإلا فهو غير مزيل للنكاح, فوجب أن لا يزول، ثم فسره، فقال: والمراد به أن يكون قاصدًا بحروف الطلاق معنى الطلاق، ولا يكفي القصد إلى حروف الطلاق من غير قصد معناه، وذكر في الجهل أنه إذا خاطب مَنْ ظنها زوجة الغير (¬1) بالطلاق في ظُلمة أو حجاب، فإذا [هي] (¬2) زوجته [أنه يقع الطلاق] (¬3)، على المشهور، وللغزالي فيه احتمال، قال: "لأنه إذا لم يعرف الزوجية لم يكن قاصدًا قطعها، وإذا لم يقصد الطلاق وجب أن لا يقع". وفي "البسيط": أن بعض مدركي (¬4) زمانه طلب من أهل مجلسه مكرمة [مالية] (¬5) فلم ينجح طلبه، وطال انتظاره، فقال: طلقتكم ثلاثًا، وكانت زوجته فيهم، وهو لا يدري فأفتى الإمام بوقوع الطلاق، [وهذا قد سلف في أول الباب بما فيه، وقالوا في الطلاق] (¬6): فيما لو قال: أنت طالق، ثم قال: أردت من وثاق الأصح إن كانت قرينة بأن [كان] (¬7) يحل عنها وثاقًا [قبل] (¬8) وإلا فلا، وفي كتاب العتق: إذا اجتاز بصاحب الضريبة فخاف أن يطالبه بالضريبة عن عبده، فقال: أنت حر، وليس بعبد، وقصد الإخبار كاذبًا لم يُعتق فيما بينه وبين الله ¬

_ (¬1) وقعت في (ن): "المعبر عنها". (¬2) سقطت من (ن). (¬3) تكرر ما بين المعقوفتين في (ق). (¬4) وقعت في (ن) و (ق): "مذكري". (¬5) من (ق). (¬6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬7) من (ك). (¬8) سقطت من (ن).

تعالى، كذا أفتى به الغزالي، قال الرافعي: "وهذا يشير إلى أنه لا يقبل ظاهرًا"، وأفتى أيضًا أنه (¬1) إذا زاحمته امرأة في طريق فقال: تأخري يا حُرَّة وكانت أمته، فإنها لا تعتق، قال الرافعي: "وهذا إن أراده في الظاهر فيمكن أن يفرق بأنه لا يدري من يخاطب (¬2) ههنا، وعنده أنه يخاطب غير أمته، وهناك خاطب العبد باللفظ الصريح". قال: "ولو قال لعبده: (يا آزادمرد)، ثم قال: أردت وصفه بالجود، لم يقبل وحكم بعتقه ظاهرًا، فإن كان اسمه آزادمرد، وقصد نداءه باسمه لم يعتق، فإن كان [ثم] (¬3) قرينة تشعر بأنه قصد مدحه والثناء عليه قبل قوله ولم يعتق (¬4)، كذا أطلق في "الوجيز" (¬5) وفي "الوسيط" (¬6): أنه على الخلاف فيما لو قال لامرأته وهو يحل وثاقها: أنت طالق، وقال: أردت طلاقها منه، ثم ذكر ما يتعلق بذلك، ثم قال في آخر كتاب العتق: "وفي فتاوى القاضي حسين: أنه إذا ادعى عبد على سيده [العتق عند الحاكم، فلما أتم يمينه، قال: قم يا حر -على وجه السخرية- حكم عليه بالحرية؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد" (¬7)] (¬8). ¬

_ (¬1) في (ق): "به". (¬2) في (ن) و (ق): "يحاول"، والمثبت من (ك). (¬3) من (ن). (¬4) في (ق): "ولم يعين". (¬5) في (ن) و (ق): "في الوجه". (¬6) في (ن): "البسيط". (¬7) أخرجه أبو داود في "السنن" [كتاب الطلاق -باب في الطلاق على الهزل- حديث رقم (2194)] , وابن ماجه في "السنن" [كتاب الطلاق -باب من طلق أو نكح أو راجع لاعبًا- حديث رقم (2039)] , والترمذي في "السنن" [كتاب الطلاق واللعان -باب ما جاء في الجد والهزل في الطلاق- حديث رقم (1184)]. (¬8) ما بين المعقوفتين من "ك".

ومما يتعلق بهذا ما لو قال: خالعتك على ألف فقالت: قد قبلت ونويا نوعًا معينًا صح في الأصح؛ لأن المقصود العلم بالعوض وقد حصل، فإذا اختلفا في النية أواتفقا على أنها أرادت ألف فلس] (¬1) فقال الزوج: أنا أردت الدراهم، فلا فرقة، وقالت: بل أردت الفلوس فالبينونة نافذة؛ لأن الاختلاف في النية يقتضي سقوط اعتبارها، وظاهر (¬2) اللفظ يقتضي وقوع البينونة؛ إذ لو اقتصر عليه ولم ينو أحدهما لاقتضى نفوذه؛ لأنه خلع مجهول غايته أن المسمى لا يثبت، ويرجع إلى مهر المثل، وهنا الأصح أنه لا يستحق [مهر المثل، لكن الزوج يدعي باختلاف النيتين عدم نفوذ البينونة، وأنه لا يستحق] (¬3) عوضًا فيؤاخذ، ثم إذا نفذت البينونة وكانت النية في نفس الأمر كما قال الزوج، فهل تنفذ البينونة باطناً أيضًا؟ فالذي قاله الإمام، [وأشار إليه الغزالي أنها تنفذ أيضًا؛ لأن المقتضى لها الإيجاب والقبول، وقد وجد، وما في نفس الأمر هنا لا يمكن الاطلاع عليه، وما يكون كذلك لا يتعلق به حكم لا ظاهرًا ولا باطنًا. قال الإمام: ] (3) وهو كما لو قال زيد: إن كان هذا الطَّائر غرابًا فزوجتي طالق، وقال عمرو: إن لم يكنه فزوجتي طالق، وأيسا من الاطلاع عليه، وما يكون كذلك لا يعلق به حكم لا ظاهرًا ولا باطنًا، وإن كان في علم الله تعالى هو أحدهما، لكن لا يتعلق به حكم قال: وهذا بخلاف ما لو قال: أنتِ طالق وقال: أردت عن وثاق، فإن قلنا: يُديَّن فظاهر؛ لأنه يطلع على نية نفسه، وهنا ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬2) في (ن) و (ق)؛ "سقوطه اعتبارًا بظاهر"، والمثبت من (ك). (¬3) ما بين المعقوفتين من (ن).

قاعدة إذا علق طلاقها بما يمكن الاطلاع عليه

لا سبيل إلى اطلاع أحدهما على نية الآخر، وهذا يخالف ما ذكره في كناية (¬1) البيع. وقد قال القاضي، والقفال، والبغوي في مسألة الطلاق: إنه لا يقع باطنًا وإن كان الواقع في نفس الأمر كما قال الزوج، وهو متجه أيضًا، وهو في تعليق القاضي، ولكنها في قول المختصر (¬2). وإن قالت: عليَّ ألف ضمنها لك غيري، أو علي ألف فلس (¬3). قاعدة " إذا علق طلاقها بما يمكن الاطلاع عليه، فإذا ادعته وأنكر لم يقبل إلا ببينة، كدخول الدار، وإن كان لا يعلم إلا من جهتها لم يحتج إلى بينة في حق نفسها" (¬4). كما إذا علق بحيضها، فقالت: حِضْت، فالقول قولها مع يمينها (¬5)؛ لأن النساء مؤتمنات على ما في أرحامهن، ثم مجرد رؤية الدم لا يكفي، بل لا بد من الاعتماد على الأدوار وإنما (¬6) يعرف من جهتها (¬7). ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "كتاب". (¬2) يعني: مختصر المزني. (¬3) في (ن): "فليس". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 277). (¬5) في (ق): "بينتها". (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "بما". (¬7) في (ن): "حيضتها".

وقد يحتج الناظر إلى [أن] (¬1) هذا يعضد (¬2) تفريق (¬3) [الإمام] (¬4) مالك -رحمه الله- في الوديعة بين أن يدعي سببًا جليًّا فلا يُقبل إلا ببينة إذا كان يظهر مثله ويمكن في الغالب [الإشهاد عليه، وبين أن يكون خفيًّا يقبل من غير بينة، والفرق أن المودع ائتمنه] (¬5)، ومن ضرورته صدقه في دعواه ولم يأتمن الزوج الزوجة، وإذا علق على حيضها طلاق ضَرَّتها فادعته، لم يكتف بيمينها، وهذا [قد] (¬6) يشكل على الائتمان على ما في الأرحام، وعلى ما مر أن الأدوار إنما تعلم من جهتها، وإنما كان كذلك لأن قبول قولها من غير يمين متعذر، ونهاية (¬7) الأمانة قبول القول باليمين، واليمين متعذرة لأنها لغيرها (¬8). ولو قال: "إن حضتِ فأنتما طالقتان"، فقالت: "حضتُ" حلفت ووقع عليها دون ضَرَّتها؛ لأن اليمين المشتملة على حق الحالف وحق غيره تثبت حق (¬9) الحالف دون غيره. وهذا هو الأصح، وفيه وجه حكاه صاحب "التقريب": أنه يصدَّق في حق الأخرى، ويقع عليها الطلاق، وكذا لو قال: "إن حِضتِ فضرتك طالق"، ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "ويعضده". (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "بفرق". (¬4) من (ن). (¬5) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬6) من (ن). (¬7) في (ن): "وبيانه". (¬8) يعني: أن يمينها لغيرها، إذ لا خصومة معها. (¬9) وقعت في (ن): "ويثبت من".

فقالت: "حضتُ"، وكذبها، فالقول قولها مع يمينها على هذا الوجه، كما لو قال: "إن شاء زيد فأنت طالق" ثم قال: "شئت" بناء على أحد الوجهين، وهو اختيار أبي يعقوب الأبيُوردي، والقاضي: أن المعلق عليه هو المشيئة الباطنة والتلفظ معتبر للدلالة عليه، حتى لو كان كاذبًا في الباطن لا يقع باطناً، ولو قالت: "حضت" وهي كاذبة، وكذلك لو خَلَّف ابنين (¬1) ودَيْنًا فادعى أحدهما وأقام بينة، ثبت [بالبينة] (¬2) حق الأخوين (¬3)، وإن أقام شاهدًا وحلف معه ثبت حق الحالف دون حق أخيه، وإن تعرّض في اليمين الواقعة [بما] (¬4) يشمل ذكرها على تمام الدين، ولها نظائر. الأولى: لو قال: "إن أضمرت بُغضي فأنت طالق، فزعمت أنها أضمرت صُدِّقت، وإن اتهمت حلفت؛ إذ لا مطلع على مكنون الضمائر إلا من أربابها، فلا وجه إلا أن يُصَدَّقوا، وهذا أصل جار في العقود والنيات المعتبرة". الثانية: لو قال: "إن زنيت فأنت طالق"، فقالت: "زنيت"، فوجهان المذهب: أنها لا تطلق لإمكان اطلاع البينة (¬5)، ورآه الآخرون من العمل المخفي، ورجحه الغزالي. الثالثة: لو قال: "إن ولدت فأنت طالق"، فوجهان، وقبول قولها أبعد منه في الزنا, ولذلك (¬6) كان الأصح أنه لا يقبل قولها إلا ببينة، كما لو قال: ¬

_ (¬1) في (ن): "اثنين". (¬2) من (ق). (¬3) في (ن) و (ق): "الأخرى"، والمثبت من (ك). (¬4) من (ك). (¬5) في (ن) و (ق): "الاطلاع على النية"، والمثبت من (ك). (¬6) في (ق): "وكذلك".

"إن دخلت الدار"، فقالت: "دخلتُ"، وهذا ما حكاه الماوردي عن جمهور أصحابنا، والثاني: يقبل قولها [بيمينها؛ لأن الشارع أئتمنها في حيضها وولادتها بدليل قبول قولها] (¬1) في انقضاء العدة بالولادة ومضى الإقرار، وعليه [مشى] (¬2) ابن الحداد، والقاضي أبو حامد، وحكاه القاضي أبو الطيب عن الأصحاب، وحكاه الماوردي عن النص، وأما قبول قولها في انقضاء [العدة] (¬3) فهو الصحيح. وثالثها: إن ادعت وضع ولد كامل، فلا بد من البينة وعليه [مشى] (¬4) أبو إسحاق المروذي. ورابعها: إن ادعت وضع ميت لم يظهر فلا بد من البينة. الرابعة: لو قال: "أبيني نفسَكِ"، فقالت: "أبنت نفسي" وادعت [نية] (¬5) الطلاق وكذبها، فالقول [قولها على الأصح مع يمينها، والوجه الآخر حكاه القاضي والعراقيون: أن القول] (¬6) قوله؛ لأن الأصل بقاء النكاح وعدم النية، وقد حكاه الماوردي عن الإصطخري، ولو فوض طلاقها إلى وكيله فقال لها: "أمرك بيدك" وقالت: "نوبت الطلاق"، فإن كذبه الزوجان لم يقع، ولم يقبل قوله عليهما، وإن كذبه الزوج وصدّقته الزوجة صدق الوكيل على الأصح؛ لأن الزوج قد ائتمنه، ووجْه الوجه القائل بتصديق الزوج: أن (¬7) الأصل بقاء النكاح. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬2) من (ن). (¬3) من (ن). (¬4) من (ن). (¬5) سقطت من (ق). (¬6) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬7) في (ن): "لأن".

الخامسة: لو أذن المرتهن للراهن في الوطء، فأتى الراهن بولد وادعى أنه وطئها، فأتت به، وكذبه المرتهن في الوطء، فالقول قوله على الأصح؛ لأن الأصل عدمه، ووجه الآخر: أنه قادر على الوطء فيقبل إقراره به ويعسر (¬1) الاطلاع عليه. السادسة: لو قال: "إن أحببت دخول النار (¬2) فأنت طالق". فقالت: "أحببت دخولها"، ففي وقوع الطلاق وجهان: أحدهما: لا يقبل قولها (¬3)؛ لأن أحدًا لا يحبُّ دخول النار، فيقطع بكذبها. والثاني: يقبل، وتطلق لأنه لا يعرف [إلا] (¬4) من جهتها. السابعة: لو ادعى السيد استبراء الأمة بالحيض وأنكرت وجود الحيض - فالقول قول السيد، [مع أنه] (¬5) لا مطلع عليه إلا من جهتها، ذكره ابن الرفعة في الكلام على تعليق الطلاق على حيضها. الثامنة: إذا قيل له: طلقت زوجتك، فقال: نعم، قال بعض الأصحاب: تطلق، وقيل: إن أراد الإقرار طُلقت ظاهرًا لا باطنًا، وهذا يلتفت إلى قاعدة الفرق بين الإنشاء والإقرار، وطرد الإمام والغزالي قاعدتهما فيها, ولم (¬6) يُوقعا الطلاق. ويقرب من هذه القاعدة ما لو قال: "السلام عليك"، فقال: "وعليك"، فهل يصلح للجواب؛ لأن العطف يجعل المعطوف عليه كالمعاد؟ فيه الوجهان. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "ويعتبر"، والمثبت من (ك). (¬2) في (ن): "الدار". (¬3) في (ن): "قوله". (¬4) سقطت من (ن) و (ق). (¬5) في (ن): "لأنه". (¬6) في (ن) و (ق): "ولو".

التاسعة: لو قيل له: "طلقت زوجتك على سبيل الالتماس لا الإنشاء"، فقال: "نعم"، هل يكون صريحًا في وقوع الطلاق أو كناية فيه؟ ، [فيه] (¬1) قولان، أصحهما: أولهما (¬2)، وهو يقدح في حصرهم الصرائح في لفظ الطلاق والسراح والفراق، وينفي لفظ الحرام إذا شاع، ولفظة "نعم" بعد الالتماس مع قولهم: إن الكناية لا تفسير صريحًا بالتماس المرأة الطلاق، فلو قالت: "طلقني"، فقال: "أنت بائن"، لكنه مستقل فلم يحتج أن يبني على كلامها بخلاف لفظة: "نعم"، وقد حكى الكيا في "زوايا المسائل" (¬3) عند الكلام في كنايات الطلاق أنها لا تصير صريحًا بالسؤال، فإن من أصحابنا من قال: لا يكون أيضًا إقرارًا بالطلاق؛ لأنها لا تستقل مقيدًا إلا بضميمة (¬4) السؤال، بخلاف قول الزوج عند سؤالها الطلاق (¬5): أنت [طالق] (¬6) بائن، وهذا نظير قول الأصوليين: إن كلام الشارع يقصر على السبب، إذا (¬7) كان [لا] (¬8) يستقل بالخطاب عريًّا عن السؤال، وإذا (¬9) استقل وجب اتباع مقتضاه، يعني: أنه إذا كان اللفظ عامًّا كان على عمومه على الصحيح ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) أي يقع صريحًا في الطلاق. (¬3) وقعت في (ن): "وقد حكى الكتاني وأجرى المسائل"، وفي (ق): "وقد حكى الكتاني راوي المسائل"، والمثبت من (ك). (¬4) في (ن) و (ق): "بضمير". (¬5) في (ن) و (ق): "الثلاث". (¬6) من (ق). (¬7) في (ن): "إذ لو". (¬8) سقطت من (ق). (¬9) في (ق): "وإن".

وإن كان سببه خاصًّا، بخلاف ما إذا كان الجواب غير مستقل إلا بضميمة السؤال، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أينقص الرطب إذا جف"، قالوا: نعم، [قال] (¬1): "فلا إذن" (¬2). ومن أصحابنا من طرد أيضًا نحو ما تقدم، فحكى الرافعي بعد الكلام في مسألة الحرام عن القاضي حسين، وبه أجاب في فتاويه: فيما (¬3) لو قيل للشخص (¬4): "فعلت كذا"، فأنكر، فقيل له: " [فإن كنت] (¬5) فعلت كذا، [فامرأتك طالق] (¬6) فقال: "نعم"، أنها لا تطلق، وأن البغوي قال: ينبغي أن يكون على القولين. العاشرة: في الباب الرابع في الخلع في الرابعة من "الوسيط" وفي الخامسة فيما لو قالت (¬7): "أبنِّي بألف"، فقال (¬8): "أبنتُكِ" (¬9) فالأصح أنه كالمعاد في جوابه، فلا يقع؛ لأنه إنما رضي بعوض، ولم يوجد منها نية (¬10) ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) أخرجه مالك في "الموطأ" [كتاب البيوع -باب ما يكره من بيع الثمر- حديث (3)] , وأبو داود في "السنن" [كتاب البيوع -باب في التمر بالتمر- حديث (3359)]. (¬3) في (ن): "فيه ما". (¬4) في (ن): "للمستحق". (¬5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬7) في (ن) و (ق): "قال". (¬8) في (ق): "فقالت". (¬9) في (ن): "أتيتك". (¬10) في (ن) و (ق): "بغير"، والمثبت من (ك).

قاعدة إذا تردد لفظ يعلق الطلاق بين وجه استحالة ووجه إمكان

الفراق، فلا يصح الالتزام فصار كما إذا ذكر المال من الجانبين، وفيه وجه أن الطلاق يقع رجعيًّا، ويجعل قوله: "أبنتك" كالمستقل من غير تقدم التماس. الحادية عشرة: إذا استعار شيئًا ليرهنه بدينٍ معين؛ فلا يجوز أن يخالف ما عين، فلو قال: "أعرني لأرهنه على كذا"، فأعاره هل يتقيد بما ذكره المستعير؟ فيه وجهان، أصحهما: المنع تنزيلًا للإيجاب على الالتماس. قاعدة " إذا تردد لفظ يعلق الطلاق بين وجه استحالة ووجه إمكان هل ينزل على الاستحالة إذ الأصل بقاء النكاح، أو يحمل على الإمكان صونًا للكلام عن اللغو؟ " (¬1)، فيه وجهان يقربان من تعارض الأصل والظاهر، وفيه صور (¬2). الأولى: لو قال: "إن حضتما [حيضة] (¬3) فأنتما طالقتان"، ففيه وجهان؛ لاستحالة اتحاد حيضة امرأتين، وإمكان أن يريد: كل واحدة تحيض حيضة، ومن أوقع الطلاق رأى أن المستحيل من باب الهزل، وهو جِد (¬4) في النكاح. ¬

_ (¬1) ومضمون هذه القاعدة يندرج تحت قاعدة: "إعمال الكلام أولى من إهماله". راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 282)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 174)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 293)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 135)، "قواعد ابن رجب" (2/ 471 - 509 - 510)، "قواعد الزركشي" (1/ 183). (¬2) وقعت في (ن): "وقت". (¬3) من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "ويوجد".

وفي هذه المسألة ثلاثة أوجه: أحدها: أنه لغو، فلا يقع، وإن حاضتا لاستحالة وجود الصفة، واشتراكهما في حيضة، وأظهرهما: يلغو قوله: "حيضة" ويستعمل قوله: "إن حضتما" فتطلقان عند ابتداء الحيض بها، ونسبه الرافعي إلى الشيخ أبي حامد، وصاحبي "المهذب" و"التهذيب". وثالثها: حكاه ابن يونس عن تعليق الشيخ أبي حامد: أنهما تطلقان في الحال كالتعليق على المستحيل، وقال الإمام: يحتمل أن يريد به إذا حاضت كل واحدة منكما حيضة، وهو السابق إلى الفهم، فيُنزَّل [عليه تصحيحًا للكلام، ومقتضاه وقوع الطلاق عند] (¬1) تمام (¬2) الحيضتين، [ويجري الخلاف] (¬3) فيما لو قال: "إن ولدتما فأنتما طالقتان". قال ابن القاص: يلغو ولا يقع به طلاق، وقال غيره: هو كما لو قال: "إن ولدتما"، ويحمل "ولدًا" [على] (4) الجنس، وقد قيل: إن هذا أصل السابقة؛ فإن متقدمي أصحابنا وأصحاب [الإمام] (4) أبي حنيفة اختلفوا فيها، فقال الربيع، وأبو يوسف: لا يلحقها طلاق، وقال المزني، ومحمد بن الحسن: إذا ولدتا طلقتا، وقد اختلف [الإمام] (4) الشافعي و [الإمام] (¬4) أبو حنيفة فيما لو قال: [له] (¬5) على مائة درهم إلا ثوبا، فقال [الإمام] (4) الشافعي: إن كانت قيمته أقل من مائة درهم لزمته، وهو بتقدير حذف مضاف حذرًا من التعطيل، و [الإمام] (4) أبو حنيفة ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬2) زاد في (ن) هنا كلمة: "منزلة". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) من (ن). (¬5) سقطت من (ق).

يلغي الاستثناء ويلزمه بمائة، وناقض ذلك في استثناء الموزون من المكيل وعكسه. الثانية: لو قال لامرأتيه: "إن دخلتما هاتين الدارين فأنتما طالقتان"، فدخلت كل واحدة منهما إحدى الدارين فوجهان. أحدهما: يطلقان لدخولهما الدارين، والثاني: [لا] (¬1)؛ لأن قضيته دخول كل واحدة منهما الدارين، وإذا دخلت كل منهما الدارين فلا امتناع فيه، إلا أن يكون المراد دفعةَ [واحدة] (¬2). الثالثة: لو قال: إن أكلتما هذين الرغيفين فأنتما طالقتان. قال الرافعي: قالوا: يقع الطلاق؛ لأنه لا يساغ (¬3) فيه الاحتمال الثاني في الدارين، وينبغي أن يجري فيه خلاف صورة الحيض السابقة. الرابعة: لو قال لامرأته [و] (¬4) أجنبية: "إحداكما طالق"، وزعم أنه أراد الأجنبية، فيه الخلاف، والإمام خرجه على القاعدة المذكورة، فقال: اللفظ إذا تردد على وجه يحتمل الاستحالة والإمكان هل يحمل على الأول أو على الثاني، فإن التعرض (¬5) للاستحالة يكاد يكون كالهزل ثم ذكر ذلك. الخامسة: إذا قالت المرأة (¬6): "والله لا (¬7) أتزوج"، قال أبو علي في "الإفصاح": لا تحنث إذا زوَّجها وليُّها. السادسة: من هذه المادة ما إذا خالعها قبل الدخول بنصف الصداق ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) من (ق). (¬3) في (ن): "لأنه امتناع". (¬4) في (ن): "أو". (¬5) في (ن): "التعريض". (¬6) وقعت في (ن) و (ق): "إذا قال لامرأته"، والمثبت من (ك). (¬7) في (ن) و (ق): "أنا".

وأطلق (¬1)، فهل ينزل على النصف الذي يبقى لها أو يشيع؟ فيه قولان، أصحهما عند الأكثرين: أنه يشيع لإطلاق (¬2) اللفظ، وكأنه خالعها على نصف نصيبها ونصف نصميبه، فيبطل في نصف نصيبه، وفي نصف نصيبها قولًا تفريق الصفقة إن لم يصح بقي لها عليه نصف الصداق، وله عليها مهر المثل في أصح القولين ومثل نصف الصداق أو قيمته في الآخر (¬3)، وإن صح في نصف نصيبها فلها عليه ربع الصداق، ويسقط الباقي بحكم التشطير، وعوض الخلع، ثم أحد القولين: أنه لا يستحق بعوض الخلع إلا الربع الذي صح (¬4) الخلع فيه، والأظهر: أن له مع ذلك نصف مهر المثل (¬5)، وربع مثل الصداق أو قيمته على القول الآخر. السابعة: تصرف أحد الشريكين في النصف المطلق من العين المشتركة (¬6) بالسوية، هل ينزل على النصف الذي له أو يشيع (¬7)؟ فيه قولان. الثامنة: لو قال: أنت طالق طلقة تحت طلقة، أو تحتها طلقة، أو فوق طلقة، أو فوقها طلقة، فذهب الإمام، والغزالي، والأئمة فيما حكاه الإمام إلى أن هذه الصيغ تقتضي الجمع، كما لو قال: أنت طالق طلقة معها طلقة، فيكون في المدخول بها على ذلك الخلاف، [وجزم] (¬8) في "التتمة"، بأنه لا يقع في غير المدخول بها إلا ¬

_ (¬1) في (ن): "وطلق". (¬2) في (ن): "أنه لا يقع لاختلاف". (¬3) أي: في القول الآخر. (¬4) في (ن): "يصح". (¬5) أي: على أحد القولين، وهو أصحهما. (¬6) في (ن) و (ق): "من البعض المشترك"، والمثبت من (ك). (¬7) في (ن) و (ق): "يشفع". (¬8) سقطت من (ن).

واحدة؛ لأن وصف الطلاق بالفوقية والتحتية محال، فيلغو الوصف ويصير كأنت طالق، وفي المدخول بها أيضًا وجه: أنه لا يقع إلا واحدة، ولو قال لغير المدخول بها: أنت طالق طلقة، قبلها طلقة فيبني على أنه لو كان ذلك في المدخول بها تقع الطلقة المذكورة أولًا، ثم تقع التي عبر عنها بقوله "قبلها"؛ لأنها متقدمة في اللفظ، [أو] (¬1) تقع الأخرى أولًا؛ لأنها سابقة في المعنى؟ فيه وجهان، فعلى الأول يقع في غير المدخول بها واحدة فقط، ولا يلحقها شيء آخر، وعلى الثاني: هل تقع واحدة أو لا يقع شيء؟ فيه وجهان: أحدهما لا يقع شيء؛ لأنه أوقع طلقة مسبوقة بطلقة، ولا يتصور ذلك في غير المدخول بها، فألغى اللفظ، وإلا كان الواقع غير (¬2) ما أوقعه، وأصحهما: أنه يقع واحدة؛ لأن مقصوده توزيع الطلقتين على زمانين، لا أنه يصير طلقة وصفًا لطلقة، ولذلك لو قال: أنت طالق طلقة [قبل طلقة] (¬3) تقع واحدة. التاسعة: لو قال لزوجته وأجنبية: إحداكما طالق ولم ينو واحدة منهما، يقع الطلاق على زوجته، قاله البغوي في "فتاويه" وقال ابن الرفعة: وكلام الماوردي يدل عليه فيما لو قال [ذلك] (¬4) لمن نكحها نكاحًا صحيحًا، ومن نكحها فاسدًا، ووجهُه (¬5) أنه [يقع] (¬6) الطلاق في محله وغير محله فينصرف إلى محله، لقوته وسرعة نفوذه (¬7). ¬

_ (¬1) في (ن): "و". (¬2) في (ن) و (ق) هنا زيادة: "المدخول بها"، والتصويب من (ك). (¬3) من (ك). (¬4) من (ن). (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "ومن نكحها وكانت زوجته"، والمثبت من (ك). (¬6) من (ن). (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "مودته".

قاعدة الاعتبار بحال التعليق أو بحال وجود الصفة

العاشرة: لو قال لامرأته العمياء: إن رأيت زيدًا فأنت [طالق] (¬1)، فالأصح أنه تعليق بمستحيل فلا يقع في الحال، وقيل: يحمل على اجتماعهما في مجلس، إذ الأعمى قد يقول: رأيت فلانًا، يريد حضوره وإياه، فعلى هذا لو قال: أردت به [رؤية] (¬2) العين، قال القاضي حسين: لا يقبل على الأصح، وقال المتوفي: لا يقبل ظاهرًا قطعًا. قاعدة " الاعتبار بحال التعليق أو بحال وجود الصفة" (¬3). فيه خلاف في صور. الأولى: إذا قال العبد (¬4): إذا دخلتِ الدار فأنت طالق ثلاثًا، ثم عُتق ثم دخلت الدار، فوجهان: أحدهما: تقع طلقتان (¬5)، والثانية (¬6): لم يملكها بعد وكان كالطلاق (¬7) قبل النكاح، وأصحهما: يقع نظرًا إلى حال وجود الصفة، قال الإمام: والأول أقيس. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) من (ق). (¬3) وتندرج هذه القاعدة ضمن أصل كبير يتخرج عليه مسائل هي أمهات في أنفسها وقواعد في أبوابها، كما قال تاج الدين بن السبكي، هذا الأصل هو: "هل الاعتبار بالحال أو بالمال؟ ". راجع هذا الأصل وما يندرج تحته من قواعد ونظائر في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 304، 314)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 103 - 104)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 378)، "القواعد" لابن رجب (2/ 609). (¬4) أي: قال لزوجته. (¬5) وقعت في (ن): "طلقتين". (¬6) في (ق): "والثالثة". (¬7) في (ن) و (ق): "الطلاق".

الثانية: إذا قال لأمته: إذا علقت بمولود بعد لفظي هذا فهو حرٌّ، فإن (¬1) أتت به هل تنفذ (¬2) الحرية؟ على وجهين: أحدهما: لا؛ لأنه لم يكن مالكاً [له] (¬3) حال التعليق لعدم وجوده، والثاني: نعم؛ نظرًا إلى حالة الصفة، وأصل الملك. الثالثة: إذا أوصى له بثلث ماله هل يعتبر ثلثه حالة الموت أو [حال] (¬4) الوصية؟ فقولان، لعل أصلهما هذه المسائل. الرابعة: إذا قلنا: إن طلاق الفار لا يقع، فلو علق طلاقها في الصحة على صفة (¬5) وجدت في المرض وكانت الصفة قد توجد في الصحة، وقد توجد في المرض كقوله: إذا قدم زيد فأنت طالق، ففيه قولان، أصحهما: أنه ليس بفار، ولو علق بفعل من أفعال نفسه ثم أتى به في المرض، فالظاهر عند الإمام والغزالي أنه ليس بفار، وقيل بطرد القولين اعتبارًا بحال التعليق، وكذا لو قال: في أثناء مرض الموت (¬6)، فالأصح أنه فار، وقيل بطرد القولين. الخامسة: إذا قال: أنت طالق إن شاء زيد، فخرس فهل تكفي إشارته؟ وجهان؛ أصحهما: نعم، [أي] (¬7) لأنه في حال بيان المشيئة من أهل الإشارة، والاعتبار بحال البيان، لا بما تقدم؛ ولهذا لو كان عند التعليق أخرس ثم صار ناطقًا كانت (¬8) مشيئته بالنطق. ¬

_ (¬1) في (ق): "فإذا". (¬2) في (ن): "تنفك". (¬3) من (ن). (¬4) من (ق). (¬5) في (ن): "صحة". (¬6) أي: قال: أنت طالق. (¬7) من (ن). (¬8) في (ن) و (ق): "كان".

والثاني: لا (¬1)، ولا يقع الطلاق وهو اختيار الشيخ أبي حامد؛ لأن المشيئة عند التعليق كانت بالنطق. السادسة: رهن الرقيق المعلق [عتقه] (¬2) بصفة يحتمل تقدمها [على] (¬3) حلول الدين، لا يصح، وإن كان [يعلم] (¬4) تأخرها عن حلوله (¬5) صح، وبيع في الدين، فإن لم يتفق بيعه حتى وجدت الصفة بني على القولين إن قلنا: الاعتبار بحال التعليق عتق، وللمرتهن فسخ البيع المشروط فيه هذا الرهن إن كان جاهلًا، وقال المتولي: لا يتخير، وإن قلنا: الاعتبار بحال وجود الصفة فهو كإعتاقه (¬6). السابعة: إذا قال لها: إن دخلت الدار أو قدم زيد فأتيت طالق، فوجدت الصفة في الحيض وقع بدعيًّا ولا إثم فيه حتى تستحب [له] (¬7) المراجعة (¬8)، ولم يأت فيه الخلاف في القاعدة، نعم قال القفال: هو بدعي بمجرد التعليق لاحتمال وجود الصفة في الحيض، ويمكن أن يقال: إذا وجدت الصفة بفعله فهو بدعي أو بفعل أجنبي [فلا] (¬9). الثامنة: إذا قلنا لا ينفد (¬10) عتق الراهن، فلو علق في الرهن ثم وجدت الصفة ¬

_ (¬1) أي: لا تكفي إشارته. (¬2) من (ق). (¬3) من (ن). (¬4) سقطت من (ن) و (ق). (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "وإن كانت يتأخر حلوله"، والمثبت من (ك). (¬6) أي: كإعتاق المرهون. (¬7) من (ن). (¬8) في (ن): "الرجعة". (¬9) من (ن). (¬10) في (ن) و (ق): "ليعد".

بعد الانفكاك ففيه وجهان، أصحهما: الصحة. وقال الغزالي في "بسيطه" بعد أن حكى عن الإمام أن الخلاف يجري في العبد وإن علق الطلقات الثلاث على العتق، وها هنا لو علق على فكاك الرهن نفذ قطعًا. قال الغزالي: فقد ظهر خلاف الأصحاب في أن الاعتبار بحال التعليق أو بحال وجود الصفة [في] (¬1) مسائل، وليس يبعد من هذا الأصل تقدير الخلاف، وإن علق على (¬2) الفكاك، وقال الإمام هنا: لو علق عتق عبد بالصفة ثم رهنه فوجدت الصفة بعد لزوم الرهن، فيه خلاف مشهور. وللمسألة نظائر يجمعها: أن الاعتبار بحال التعليق أو بحال وجود الصفة، وعليه يخرج خلاف الأصحاب في أن الصحيح إذا علق عتق (¬3) عبد بصفة، ثم وجدت في مرض الموت، فهل يجب العتق من رأس المال (¬4)، أو من الثلث؟ فيه خلاف. وكأن حاصل فرق الإمام أن العبد حال التعليق لا يملك الثالثة. التاسعة: لو قال لأجنبية: إن نكحتك فأنت عليَّ كظهر أمي، فنكحها لم يصر مُظاهرًا في أصح القولين، وكذا [إذا] (¬5) قال لأجنبية: إن نكحتك ثم دخلت الدار فأنت طالق هل يلحقها؟ العاشرة: إذا علق الطلاق على قدوم زيد فقدم وهي حائض، قال الغزالي: نفذ الطلاق بدعيًّا، وإن لم يكن في حال التعليق من [أهل] (¬6) السنة ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) في (ن) و (ق): "قبل". (¬3) في (ن): "عند". (¬4) وقعت في (ن): "الأم". (¬5) سقطت من (ن) و (ق). (¬6) من (ق).

فائدة: ما يتردد المذهب [في] أنه للتعريف أو للشرط

والبدعة، نظرًا إلى حالة الوقوع لا إلى حالة التعليق. فائدة: ما يتردد المذهب [في] (¬1) أنه للتعريف أو للشرط فيه صور (¬2) (¬3): الأولى: إذا قال لزوجته: إن ظاهرت (¬4) من فلانة الأجنبية [فأنت] (¬5) علي كظهر أمي، فتزوج الأجنبية وظاهر منها، فهل يصير مظاهرًا من زوجته؟ خلاف مبني على أن لفظة: "الأجنبية" للتعريف أو للشرط، قلت (¬6): والأصح الأول. الثانية: لو حلف لا يكلم هذا الصبي فصار شيخاً، ففي الحِنث خلاف مخرج على هذا وعلى الإشارة والعبارة. الثالثة: لو حلف لا يركب دابة العبد، فعتق وملك دابة وركبها الحالف حنث، هكذا قال الغزالي، وقال ابن كج: لا يحنث (¬7). وقال الرافعي: ينبغي أن يقال: إن قال [لا أركب دابة هذا العبد، ولم يزد حنث، وإن قال] (¬8): لا أركب دابة عبد لم يحنث، وإن قال: لا أركب دابة هذا العبد فليكن على الخلاف (¬9)، وهذا الذي قاله لا شك فيه، ولكنه ليس استدراكًا إنما هو سرد (¬10) مسائل، وهذا مبني على أصلنا أن الإضافة تقتضي الملك، فلا ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن): "أمور". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 322)، "قواعد الزركشي" (2/ 314). (¬4) في (ق): "إذا تظاهرت". (¬5) من (ن). (¬6) القائل: هو ابن الملقن. (¬7) في (ن): "يجب". (¬8) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬9) أي: الخلاف فيما إذا حلف لا يكلم هذا العبد فعتق ثم كلمه. (¬10) في (ن): "يرد".

يحنث بما جعل باسم العبد من دابة أو دار، إلا أن ينويه. و[الإمام] (¬1) أبو حنيفة يرى حنثه للإضافة (¬2) العرفية، فإن ملَّكه السيد دابة فالجمهور على أنه يُخرج على أن العبد هل [يملك] (¬3) بتمليك السيد أم لا؟ إن قلنا بالصحيح أنه لا يملك لم يحنث الحالف بركوبها، وإلا (¬4) حنث، وقال ابن كج: [لا] (¬5) يحنث، [وإن قلنا: يملك] (¬6)؛ لأن ملكه ناقص، والسيد متمكن من إزالته ومنعه من التصرف، فكأنه بينه وبين سيده، وصار كما لو حلف لا يركب دابة فلان فركب دابة مشتركة بينه وبين غيره، وفيه نظر، فإن ما ذكره ليس كذلك؛ لاُن السيد شريكه، بل لاُن ملك العبد ضعيف يجري مجرى ما يملكه المكاتب العاجز، فلا نقول: إن السيد يملك بعض هذه الدابة على القول بملك العبد. الرابعة: لو نذر أن يصوم اليوم الذي يقدم [فيه] (¬7) فلان، فقدم في أثناء النهار، فهل نقول إن لفظة القدوم للتعريف أو للشرط (¬8)؟ [إن قلنا: للتعريف] (¬9) وقدم والناذر مفطر، فإنه يجب عليه القضاء، [ويكون القضاء] (¬10) عن اليوم الواجب صوم جميعه، كما إذا أصبح يوم الشك مفطرًا؛ فإنه يلزمه القضاء عن يوم الشك ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) وقع في (ن) و (ق): "لإضافة للإضافة. (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ن): "ولا"، أي: وإن قلنا: يملك، حنث. (¬5) من (ن). (¬6) من (ك). (¬7) من (ن). (¬8) أي: لشرط الوجوب. (¬9) من (ن). (¬10) من (ق).

جميعه، هذا هو الأصح. وإن قلنا: للشرط، فالقضاء أيضًا واجب، ولكنه عن بعض يوم [ووجب قضاء جميع اليوم لتعذر صوم بعض يوم] (¬1) وليس كما إذا نذر صوم بعض يوم حنث لا ينعقد على المذهب؛ لأنه نذر صوم يوم كامل، لكن شرط الوجوب حصل في البعض، فهو كما إذا شرع في صوم تطوع ثم نذر إتمامه (¬2) يلزمه على المذهب، ويكون واجبًا من حين نذر، كما في جزاء الصيد [و] (¬3) يصوم عن كل مد يومًا، ولو فضل نصف مد يصوم يومًا تامًا، والواجب منه نصف يوم. ويتعلق بهذا الخلاف فوائد: - منها: قال بعضهم: القولان في انعقاد النذر من أصلهما ينبني على هذا الخلاف، فعلى الأول ينعقد النذر، ولا ينعقد على الثاني. - ومنها: لو نذر اعتكاف (¬4) ذلك [اليوم] (¬5) فقدم نصف النهار، فعلى الأول يعتكف النصف ويقضي ما مضى، قال الصيدلاني: أو يعتكف يومًا مكانه. قال الرافعي: وقضية تعين الزمان للاعتكاف أن يتعين الأول، والظاهر التعيين، وإن قلنا بالثاني اعتكف باقي اليوم ولا يلزمه شيءآخر. - ومنها: لو قال لعبده: أنت حر اليوم الذي يقدم فيه فلان، فباعه ضحْوة ثم قدم في بقية اليوم، فإن قلنا بالأول بأن بطلان البيع وحرية العبد، وعلى الثاني: البيع صحيح ولا حرية، هذا إذا قدم بعد لزوم العقد، فأما إذا كان في مدة خيار البائع، ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) في (ن): "إقامة". (¬3) من (ق). (¬4) في (ن): "إعتاق". (¬5) من (ك).

فالعتق واقع [على] (¬1) أحد الوجهين؛ لأنه إذا وجدت (¬2) [الصفة والخيار ثابت للبائع يحصل العتق، ولو مات السيد ضحوة ثم قدم [فلان] (¬3) لم يورث على الوجه الأول ويورث [على] (¬4) الثاني، ولو أعتقه عن الكفارة لم يجزئه على الأول، ويجزئه على الثاني. - ومنها: إذا قال لزوجته: إذا قدم فلان فأنت طالق، فماتت أو مات الزوج [في بعض اليوم، ثم قدم في بقية ذلك اليوم] (¬5)، فعلى الأول بان أن الموت بعد الطلاق فلا توارث إن كان الطلاق بائنًا، وعلى الثاني: لا يقع الطلاق كما إذا قال: إذا قدم فلان فأنت طالق فمات أحدهما قبل قدومه، وإن خالعها في صدر النهار وقدم في آخره، فعلى الأول يقتضى بطلان الخلع إن كان الطلاق بائنًا، وعلى الثاني يصح الخلع، ولا يقع الطلاق، كما إذا قال: أن أعطيتني هذا الثوب الهروي، فبان مرويًّا وبالعكس، فوجهان عن القاضي أحدهما: لا تطلق، كما لو قال: إن أعطيتني هذا الثوب وهو هروي، وينزل اللفظ على الاشتراط، والأشبه: كما قال الرافعي: أنها تطلق؛ لأنه أشار إلى عين (¬6) الثوب، وذكر الهروي أنه جاء على وجه التعريف. - وإذا قال لحوامل: متى ولدت واحدة منكن فصواحباتها طوالق، فولدن على التعاقب، وفيها وجهان: أصحهما -وهو قول ابن الحداد-: أن الرابعة تطلق ثلاثًا] (¬7). ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) في (ن): "وجد". (¬3) من (ك). (¬4) من (ك). (¬5) من (ك). (¬6) في (ق): "غير". (¬7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن).

وكذا الأولي إن بقيت في عدتها، والثانية [طلقة، والثالثة] (¬1) طلقتين، وانقضت عدتهما بولادتهما. والثاني: لا تطلق الأولى وتطلق الباقيات طلقة، وهو قول ابن القاص، وحكاه في "الشامل" عن جماعة من أصحابنا، ومنهم شيخه أبو الطيب؛ لأنهن خرجن بالولادة عن كونهن صواحبات لحصول البينونة، إذ الثانية لما ولدت فقد انقضت عدتها بولادتها، فلم تكن الأولى ولا الباقيات صاحبات لها، وكذا الكلام في اللتين (¬2) بعدها، ووجه الرافعي قول ابن الحداد بأنهن ما دُمن في عدة [الرجعية] (¬3) لا يخرجن عن كونهن زوجات [له] (¬4)، وكون بعضهن صواحب الباقي، وفيه نظر؛ لأن الثانية لما ولدت انقضت عدتها بولادتها فلم تكن الأولى ولا الباقيات صواحبات (¬5) [لها] (¬6) لبينونتها، وكذا الكلام في اللتين بعدها كما ذكرنا، وقال الماوردي: الأصح عندي أنه يراجع الزوج، فإن أراد بقوله: صواحباتها طوالق، [الشرط] (¬7) فالجواب ما قاله ابن القاص، وإن أراد التعريف فالجواب ما قاله ابن الحداد، وإن أطلق [أو] (¬8) مات ولم تُعرف إرادته حمل على التعريف؛ لأن الشروط عقود لا تثبت بالاحتمال. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن): "التي". (¬3) من (ق). (¬4) من (ن). (¬5) في (ن): "صواحبًا". (¬6) من (ن). (¬7) من (ك). (¬8) في (ن): "و".

واعلم أن قول الأصحاب "وصواحباتها" [هو] (¬1) لغة، وعليه حمل ما روي: "إنَّكُنّ صواحبات يوسف" (¬2)، وأفصح اللغتين "فصواحبها" بحذف الألف والتاء مثل: ضاربة، وضوارب. وقد يتردد في اللفظ بين كونه شرطًا أو غيره كما [لو] (¬3) قال: زوجتك على ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، فأحد الوجهين بطلان النكاح لِشرط الطلاق، وأصحهما: الصحة حملًا على أنه للتذكير والموعظة، وفصل الإمام بين أن يقصد هذا أو (¬4) ذاك أو يطلق، فإن قصد (¬5) شيئًا رتجا عليه حكمه، ولو (¬6) أطلق لم (¬7) يبطل حملًا له على التذكير وهو لقرينة الحال (¬8)، وقربها مما تقدم عن الماوردي. ولو قال: أنت طالق يوم يقدم فلان [ثم قدم ليلاً] (¬9)، فالأصح: أنه لا يقع لأن الشرط لم يوجد، والثاني: يقع؛ إذ المراد الوقت لقوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16]. ولو قال لوكيله (¬10): استوفيت ديني الذي على فلان، فهل له أن يستوفيه من ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) كما في "البخاري" "كتاب أحاديث الأنبياء -باب قول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ في يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} - حديث رقم (3384)]. (¬3) من (ك). (¬4) في (ن): "أم". (¬5) في (ق): "أطلق". (¬6) في (ق): "وإن". (¬7) في (ن) و (ف): "ما". (¬8) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ف): "قرينة للحال". (¬9) من (ق). (¬10) في (ن): "أو وكيله".

وارثه إذا مات من عليه الدين؟ فيه وجهان إن جعلنا الصفة التي (¬1) [في] قوله: "على فلان" للتعريف كان له أن يستوفيه من الوارث، وإن جعلناها للشرط لم يكن له استيفاؤه بينه، وأصل هذه القاعدة المذكورة أن أصل وضع اللفظ أن (¬2) يجيء للتخصيص أو للتوضيح نحو: مررت برجل عاقل، ويريد العلم، ويعبر عنها أيضًا بالشرط، والتعريف كما أسلفناه؛ لأن تخصيص الموصوف بتلك الصفة بمنزلة اشتراطه فيه، ووقع الخلاف في ذلك بحسب تردد هذين المعنيين في الكتاب والسنة أيضًا، قال الله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] صفة ثانية لعبد فإن حملت على التوضيح، فإن فيه متمسكًا للجديد أن العبد لا يملك شيئًا، وإن ملكه السيد أو غيره، أي هذا شأن العبيد، وإن جعلت للتخصيص كان فيه متمسك للقديم وهو مذهب [الإمام] (¬3) مالك أنه يملك؛ لأن (شيئًا) من الآية (¬4) يقتضي تخصيص هذا العبد بهذه الصفة، فيقتضي تقريباً (¬5) أنه يملك شيئًا. وقال - صلى الله عليه وسلم - في العارية: "عارية مضمونة" (¬6) ومذهبنا أنها مضمونة إلا ما ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "الذي". (¬2) في (ن): "أو". (¬3) من (ن). (¬4) في (ق): "العبد". (¬5) في (ق): "بقومها". (¬6) أخرجه أبو داود في "السنن" [كتاب الإجارة -باب في تضمين العارية- حديث رقم (3562)] , والدارقطني في "السنن" [كتاب البيوع -باب العارية- حديث رقم (2955)].

قاعدة ما ثبت شرعا أولى مما يثبت شرطا

يستثنى، فتكون الصفة هنا للتوضيح أن هذا شأن العارية، ومن يقول: إنها لا تضمن [مطلقًا] (¬1) يجعل الصفة هنا للشرط لكن يلزمه أن يقول: إنها تضمن إذا شرط الضمان. قاعدة " ما ثبت شرعًا أولى مما يثبت شرطًا" (¬2). فإذا قال: طلقتك [بألف] (¬3) على أن لي الرجعة سقط قوله: بألف، ويقع رجعيَّا على الأصح؛ لأن المال يثبت بالشرط والرجعة تثبت بالشرع، فالساقط المال المعين لا مطلق المال، فليس دفع المال أولى من دفع الرجعة. ومن ذلك تدبير المستولدة، فإنه لا يصح؛ لأن عتقها عند الموت بها شرعًا فلا يحتاج وقت الموت إليه. ونظيره الشرط الذي يقتضيه العقد، فإنه لا يضر التعرض له؛ لأنه مستفاد من الشرع وابتداؤه مدة الخيار [المشروط] (3) من حين العقد لا من التفرق على الأصح، وقيل من التفرق؛ لأن ما قبله ثابت بالشرع فلا يحتاج إلى الشرط، وتشبه هذه القاعدة نذر الفرائض، فإنه لا يصح؛ لأنها ثابتة بالشرع، فورود الالتزام عليها لا يؤثر. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 149)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 332)، "قواعد الزركشي" (3/ 134). (¬3) من (ن).

قاعدة كل حيض يحرم الطلاق فيه، إلا مسائل

قاعدة " كل حيض يحرم الطلاق فيه" (¬1)، إلا مسائل: - منها: حيض الحامل بناء على أنها قد تحيض، وهو الأظهر، فإن طلاقها فيه لا يحرم لعدم التأدية إلى تطويل العدة، قال الرافعي: وعن [الشيخ] (¬2) أبي إسحاق أنها لو كانت ترى الدم وجعلناه حيضًا فقال لها: أنت طالق للسنة، لا يقع عليه الطلاق حتى تطهر. قال: وعلى هذه فللحامل حال بدعة كما للحائل، أي فيكون بدعيًّا عنده، وذكره الرافعي فيمن قال: أنت طالق للسنة؛ لأن لفظها محمول عند الإطلاق على المتعارف شرعًا، وهو غير الحائض (¬3)، وحيض الحامل صورة نادرة لا يشملها الإطلاق ولا يكون مراده منه. - ومنها: إذا قال: أنت طالق في آخر حيضك أو مع آخر حيضك، فالأصح أنه سني مع وقوعه في الحيض. فائدة: ضابط مسائل الخلع: فإن منها ما يقع فيه الطلاق بالمسمى. - ومنها: ما يقع بمهر المثل -ومنها ما يقع رجعيًّا- ومنها ما لا يقع أصلًا (¬4). ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 376)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 755)، "قواعد الزركشي" (3/ 114). (¬2) من (ن). (¬3) في (ن): "الحاصل". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 382).

فالأول: أن تكون الصيغة والعوض صحيحين (¬1). والثاني: أن تكون الصيغة صحيحة والفساد في العوض. والثالث: هو الذي يكون الفساد فيه من جهة الصيغة، ويكون الطلاق فيه من جهة الزوج منجزًا (¬2). والرابع: هو الذي يكون الطلاق فيه [معلقًا] (¬3) ولم يوجد شرطه. * * * ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "صحيحًا". (¬2) في (ن): "متجردًا". (¬3) من (س).

كتاب الظهار

كتاب الظهار قاعدة " اختلاف أصحابنا في أن المغلب في الظهار مشابهة اليمين أو الطلاق يظهر في مسائل" (¬1): - منها: إذا ظاهر عن أربع نسوة بكلمة واحدة. فقال: أنتن عليَّ كظهر أمي، [فإن لم] (¬2) يطلقهن صار مظاهرًا عن الكل، وهل يلزمه أربع كفارات أو كفارة واحدة؟ ففيه قولان، الجديد: [أنه يلزمه أربع كفارات تغليبًا لمشابهة الطلاق؛ فإن الطلاق لا يفترق الحال فيه بين أن يطلقهن بكلمة أو بكلمات والقديم: أنه يلزمه] (¬3) كفارة واحدة تغليبًا لمشابهة اليمين، كما لو حلف لا يكلم جماعة، فإنه لا يلزمه بتكليمهم إلا كفارة واحدة، وادعى القاضي حسين أن الخلاف في هذا الأصل يخرج من القولين في هذه المسألة، وارتضى أن يخرج (¬4) الأصل (¬5) من الفرع، وشبهه بقذف جماعة بكلمة واحدة، حيث يلزمه [حد] (¬6) في قول و [حدود] (¬7) في قول، ووجهه: أن الكلمة واحدة، والمتعلق متعدد. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 114)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 373). (¬2) في (ق): "بأن". (¬3) ما بين العقوفتين من (ن). (¬4) في (ق): "تخريج". (¬5) في (ن) هنا زيادة: "مخرج". (¬6) سقطت من (ن). (¬7) سقطت من (ق).

قاعدة لا يزيد البعض علي الكل إلا في مسألة واحدة

- ومنها: إذا ظاهر ظهارًا مؤقتًا، فأصح الأقوال صحته مؤقتًا كاليمين والثاني: مؤبدًا كالطلاق إذا طلق شهرًا [مثلًا] (¬1)، والثالث: عدم صحته مطلقًا. - ومنها: هل يجوز التوكيل في الظهار؟ فيه وجهان: إن غلبنا مشابهة الطلاق [صح] (¬2) وإلا لم يصح: إذ لا يصح التوكيل في اليمين. - ومنها: هل يصح الظهار بالكتابة إذا كتب على شيء يثبت كالقرطاس مع النية؟ ظاهر كلامهم عند الكلام في وقوع الطلاق بالكتابة أن يكون مظاهرًا، لأنهم قالوا: كلما يستقل به الشخص فالخلاف [163 ن / أ] فيه كوقوع الطلاق بالكتابة، وهذا ما صرح به الماوردي [147 ق/ أ]، وجزم بخلافه في الإيلاء، وجزم القاضي حسين في الظهار بعدم الصحة، وينبغي أن يخرج على الخلاف المذكور: إن غلبنا مشابهة اليمين (¬3) لم يصح [لعدم] (¬4) انعقاد اليمين بالكتابة، وقد يلتفت أيضًا إلى أن المغلب في الظهار معهود الجاهلية. قاعدة (¬5) " لا يزيد البعض علي الكل إلا في مسألة واحدة" (¬6): وهي ما إذا قال: أنتِ عليَّ كظهر أمي كان صريحًا ولم يُدَيَّن (¬7)، ولو قال: أنت علي كأمي لم يكن صريحًا فيدين. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) سقطت من (ن). (¬3) في (ن): "الدين". (¬4) من (ن). (¬5) في (ق): "فائدة". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 184)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 350)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 159)، "قواعد الزركشي" (3/ 361). (¬7) تكررت هذه العبارة في (ن).

قاعدة ما يقبل التعليق من التصرفات تصح إضافته إلى بعض محل التصرف

قاعدة قال الرافعي هنا عن الأئمة أنهم قالوا: "ما يقبل التعليق من التصرفات تصح إضافته إلى بعض محل التصرف" (¬1) وأخصَر من ذلك قول الغزالي في "الوجيز": "ما يقبل التعليق يكمل ببعضه"، قالوا: وما لا يقبله لا تصح إضافته إلى بعض المحل، فمن (¬2) مسائل القاعدة: الأولى: الطلاق والعتق. - ومنها: الحج، فإن تعليقه بحاضر يصح: [كقوله: أحرمت] (¬3) كإحرام زيد، وكذا المستقبل: [بأن يقول] (¬4): إذا أحرم فأنا مُحرم، أو إذا طلعت الشمس، على وجه، ومال الرافعي إلى ترجيحه، فإنه قال: "قياس تجويز تعليق أصل الإحرام بإحرام الغير تجويزه". ولكن لا نسلم له فإن قوله: "أنا محرم كإحرام زيد" لا تعليق فيه بحاضر و [لا] (¬5) مستقبل بل هو جازم بإحرام بصفة (¬6)، إنما التعليق بالحاضر أن يقول: إن كان محرمًا فقد أحرمت، وهو لا يصح. وحكى القاضي أبو الطيب وجهين فيما إذا علق الإحرام بطلوع الشمس، ثم ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 383)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 672)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 358)، "قواعد الزركشي" (1/ 370). (¬2) في (ق): "قاعدة". (¬3) من (س). (¬4) من (س). (¬5) من (س). (¬6) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "كإحرام بصيغة".

قال: "ويفارق قوله: كإحرام زيد؛ لأن أصل الإحرام ينعقد حالًا، وإنما علق صفته على شرط يوجد في ثاني (¬1) الحال فلم يضره"، وسبق الرافعي في تسمية ذلك تعليقًا جمعٌ منهم صاحب "البحر" (¬2)، وعلى هذا قال أصحابنا: لو قال: أحرمت يومًا أو يومين، صح وانعقد مطلقًا كالطلاق، ولو قال: أحرمت بنصف نسك العقد (¬3) كاملًا كما لو قال: أنتِ طالق نصف طلقة، ونقل النووي هذا في "شرح المهذب" ثم قال: إن فيه نظرًا، وأنه ينبغي أن لا ينعقد، لأن الحج من باب العبادات، والنية الجازمة من شروطها، بخلاف الطلاق لبنائه على الغلبة والسراية وقبوله الإخطار (¬4) والتعليق. قلت: قد قيل: التعليق [163 ن / ب] [عين الجزم] (¬5)، وقد قال النووي: إذا [147 ق / ب] صح تعليقه بإحرام الغير صح تعليقه بالشروط كالطلاق، وقال بعضهم: ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا مسألة واحدة، وهي الإيلاء يقبل (¬6) التعليق مع كونه لا يصح إضافته إلى بعض ذلك المحل إلا الفرج. قال البارزي [-رحمه الله-] (¬7): وثانية؛ وهي الوصية يصح تعليقها ولا يصح أن تضاف إلى بعض المحل، انتهى. وثالثة: التدبير يصح تعليقه بل لا يكون إلا كذلك، ولو قال: دبرت يدك أو ¬

_ (¬1) في (ق): "باقي". (¬2) فسوى بين: أنا محرم غدًا، أو أحرمت كإحرام زيد. (¬3) في (ن): "العبد". (¬4) في (ن): "الإفطار". (¬5) في (ق): "فأين". (¬6) في (ن) و (ق): "بحد"، والمثبت من (س). (¬7) من (ن).

رجلك لم يصح على أحد الوجهين. وأما القاعدة الثانية (¬1) فهي النكاح والرجعة، فيستثنى منها مسائل: - منها: الكفالة (¬2) لا يصح تعليقها، ويصح إضافتها إلى بعض المحل على الأصح [فيهما] (¬3)، أو تعليق على وجه فيما لو (¬4) اتحد العامل (¬5). - ومنها: القذف لا يتعلق، فلو قال: إن دخلت الدار فأنت زان، لم يكن قاذفًا، ولو قال: زنى قبلك (¬6) أو دبرك، كان قاذفًا. - ومنها: تعليق الفسخ غير جائز كما تقرر في نكاح المشرك، ولو اشترى عبدين فوجد بأحدهما عيبًا، وقلنا: لا يفرد (¬7) المعيب بالرد وردَّه، كان ردًّا لهما على أحد الوجهين. - ومنها: لا يصح تعليق الرجوع في التدبير إن قلنا: يرجع بالقول، كما جزم به الرافعي، ولو قال: رجعت في رأسك، ففي كونه رجوعًا [في جميعه] (¬8) وجهان في "الحاوي". * * * ¬

_ (¬1) أي: أن ما لا يقبل التعليق لا تصح إضافته إلى بعض ذلك المحل. (¬2) في (ن) و (ق): "الكفارة"، والمثبت من (س). (¬3) كذا في (س)، وفي (ن): "منها". (¬4) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "فيهما ولو". (¬5) في (ن) و (ق): "القاتل". (¬6) في (ن): "قلبك". (¬7) في (ن) و (ق): "يرد". (¬8) من (ق).

باب العدد والرجعة

باب العدد والرجعة قاعدة " الحكم المعلق بالولادة تارة يعتبر فيه تمام الانفصال، وتارة يعتبر فيه تيقن الوجود وإن لم ينفصل" (¬1). القسم الأول فيه مسائل: - منها: انقضاء العدة بلا خلاف، ووقوع (¬2) الطلاق المعلق على الولادة. قال الرافعي: وسائر الأحكام، قال: وفيه تسامح. - ومنها: جواز الرجعة بعد خروج بعضه، والصحيح: نعم (¬3)، ولو طلقها وقع، وقال القفال: لا رجعة. - ومنها: وراثته مطلقًا، وفيها (¬4) وجه للقفال. - ومنها: سراية عتق أمه إليه كذلك. - ومنها: تبعيته لأمه في البيع، والهبة، وغيرهما، وفي وجه إذا صرخ واستهل كان حكمه حكم الولد المنفصل في ذلك إلا في العدة، فإنها لا تنقضي إلا بفراغ الرحم، وقال القفال: وهو منقاس بعيد من المذهب. القسم الثاني: ما اختلف في أن [148 ق/ أ] الاعتبار بتيقن الوجود أو بتمام ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 108 - 109). (¬2) في (ن): "في وقوع". (¬3) أي: ثبوت الرجعة. (¬4) في (ن): "ومنه".

الانفصال، وفيه مسائل: - منها: الجناية عليه، والصحيح أن المعتبر فيه تحقق وجوده [164 ن/أ]، وقال القفال: تمام الانفصال؛ لأنه إذا لم ينفصل لم يستقل فهو كالعضو من الأم، وفائدة الخلاف في مسائل: - منها: لو ضرب بطن امرأة (¬1) فخرج رأس الجنين مثلًا وماتت الأم، ولم ينفصل أو خرج رأسه ثم (¬2) جنى عليها فماتت، فالأصح: الغُرة، وعلى قول القفال: لا يجب. - ومنها: لو قدها نصفين فبان الجنين ولم ينفصل، ففي وجوب غُرته الخلاف. - ومنها: لو أخرج رأسه واستهل فحزَّ حازٌّ رقبته، فعلى المذهب حكمه في القصاص، والدية حكم المنفصل (¬3)؛ لأنا تيقنا (¬4) بخروج الرأس [وجوده، وبالصياح حياته (¬5). ولو صاح ومات ففي وجوب الدية الخلاف] (¬6). [الثانية: لو انفصل ميتًا، فلا ميراث، وإن كان بجناية جانٍ، والمشروط الحياة (¬7) عند تمام الانفصال، (ولو خرج بعضه حيًّا، ثم مات قبل تمام ¬

_ (¬1) في (ن): "الأمة"، وفي (ق): "أمه". (¬2) في (ن): "حتى". (¬3) أي: المنفصل التام الانفصال. (¬4) في (ن) و (ف): "منعناه"، والمثبت من (ك). (¬5) في (ن): "الصياح جناية"، والتصويب من (ك). (¬6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬7) في (ق): "الجناية".

فائدة: كل رجعية تجوز رجعتها في عدتها، إلا واحدة

الانفصال) (¬1) فلا ميراث، وحكي عن الفقال (إلحاقه بالمنفصل في الإرث، وبه قال أبو خلف الطبري وإن كان عند الانفصال ميتًا، والخلاف عن القفال) (¬2) ينافي ما حكي عنه آنفًا"] (¬3). الثالثة (¬4): لو وصى بحمل وخرج بعضه، وكان عند الانفصال ميتًا، فالذي يقتضي ما سقناه (¬5) في الميراث: أن يكون على الخلاف، وذكر الرافعي اشتراط الانفصال حيًّا، ولعله اقتصر على إيراد الصحيح. فائدة: "كل رجعية تجوز رجعتها في عدتها" (¬6)، إلا واحدة كما قال الجرجاني: وهي رجعية وطئها المطلِّق في (¬7) عدتها، وقد بقي عليها قرء واحد، فإنه يجب عليها استيفاء بقية العدة بثلاثة أقراء وتجوز مراجعتها في القرء الأول؛ لأنه بقية عدة الطلاق، ولا تجوز مراجعتها في القرأين الأخيرين (¬8)؛ لأنها عدة الوطء بالشبهة لا عدة الطلاق. ولك أن تقول: هي في القرأين الأخيرين غير رجعية؛ إذ حصلت البينونة بانقضاء القرء الثالث. وأظهر منها الحامل (¬9) من مطلقها إذا وُطئت بشبهة؛ فإن الزوج ليس له رجعتها ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) من (ك). (¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬4) في (ن): "الثانية". (¬5) في (ق): "استثناه". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 379). (¬7) في (ن): "ما". (¬8) في (ن): "الآخرين". (¬9) في (ن): "الحائل".

في مدة اجتماع الواطئ بها، صرح به الروياني فيما نقله عنه الرافعي، قال: "لأنها حينئذ خارجة عن عدة الأول وفراش لغيره، فلا تصح الرجعة في تلك الحالة، واستدركه على إطلاق الأصحاب أن للزوج رجعتها قبل الوضع".

كتاب النفقات

كتاب النفقات قاعدة " تنزيل الاكساب تنزيل [148 ق / ب] المال العتيد (¬1)، وعدم تنزيله في صور" (¬2): - منها: في الفقر والمسكنة، ينزل منزلة المال. - ومنها: سهم الغارمين (¬3)، هل ينزل منزلة الكسب أم لا؟ فيه وجهان، أشبههما: لا، ويفارق الفقير والمسكين بأن الحاجة تتجدد في كل وقت، والكسب يتجدد كذلك، والغارم محتاج إلى وفاء دينه الآن وكسبه يندرج (¬4). - ومنها: [164 ن/ ب] المكاتب هل ينزل فيه الكسب (¬5) منزلة المال؟ فيه الوجهان في الغارم. - ومنها: المنفق على الأصل أو الفرع لو لم يكن له مال وكان كسوبًا فهل ينزل منزلة المال حتى يجحب أن يكتسب؟ فيه وجهان: أحدهما: [لا] (¬6)، كما لا ¬

_ (¬1) العتيد في اللغة: الحاضر المهيَّأ، والمراد به هنا: المال الحاضر المهيأ نقدًا، راجع: "المصباح المنير" (ص: 233)، "مختار الصحاح" (ص: 228)، وفي (ن) و (ق): "المعد". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 135). (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "الغانمين". (¬4) في (ن) و (ق): "يندر". (¬5) وقعت في (ن): "هل ينزل فيه منزلة الكسب". (¬6) من (ن).

يكلَّفُهُ لوفاء الديون، وأصحهما، وبه قال الأكثرون: نعم؛ لأنه يلزمه إحياء نفسه بالكسب فكذلك إحياء بعضه، وليست النفقة كالدين، فإن قدرها هين، والدين (¬1) لا ينضبط قدره، وذكر في "التتمة" أن الخلاف في ذلك بالنسبة إلى نفقة الوالد، [أما بالنسبة إلى نفقة الولد] (¬2) فيجب الاكتساب قطعًا؛ لأن نفقة الوالد سبيلها سبيل المواساة، ولا يكلف أن يكتسب ليصير من أهل المواساة، وأما الولد فسبب حصوله الاستمتاع (¬3)، فألحقت نفقته بالنفقة الواجبة بالاستمتاع (¬4) وهي نفقة الزوجة، وهذا ذهاب إلى القطع بوجوب الاكتساب لنفقة الزوجة، وهو الظاهر، لكن في كلام الإمام وغيره أن فيها أيضا وجهين مرتبين على وجوب الاكتساب لنفقة القريب، لكن في نفقة الزوجة أولى لعدم الوجوب؛ لالتحاق نفقتها بالديون (¬5). - ومنها: المنفق عليه من أصل أو فرع لو كان كسوبًا هل تلزم نفقته؟ ينظر إن كان طفلًا فتجب نفقته، وإن كان بالغًا فطريقان، أظهرهما قولان، أحدهما: [نعمي (¬6)؛ إذ يقبح (¬7) تكليف قريبه الكسب مع اتساع ماله، وأصحهما: لا؛ لأنه مستغنٍ (¬8) عن أن يحمل غيره كَلَّه، قال في "العدة": لكن الفتوى اليوم على الأول، والطريق الثاني: القطع بالقول الثاني، ومنهم من قال: تجب نفقة الوالد، ¬

_ (¬1) في (ن): "والديون". (¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬3) في (ن) و (ق): "الامتناع"، والتصويب من (ك). (¬4) في (ن) و (ق): "بالامتناع". (¬5) في (ن): "أولى بالوجوب لعدم التحاق نفقتها بالديون". (¬6) من (ن). (¬7) في (ن) و (ق): "يصح". (¬8) في (ن): "يستغني".

ولا يكلف الكسب دون الولد؛ لعظم حرمة الأبوة؛ ولذلك يختص الوالد بسقوط القصاص ووجوب الإعفاف، وامتنع هؤلاء من [إجراء] (¬1) طريقة القطع ههنا كذلك، وإذا (¬2) جمعت بين الطريقين حصلت ثلاثة أقوال. - ومنها: لو أجر المحجور عليه [149 ق / أ] بسفهٍ نفسَهُ هل تبطل كبيعه شيئًا من (¬3) أمواله؟ حكى القاضي عن العبادي وجهين، وذكرهما في "الإشراف" قولين، وفي "الحاوي": إن أجر نفسه فيما هو مقصود من عمله مثل أن يكون صانعًا وعمله مقصود في كسبه لم يصح [165 ن /أ] ويتولى [الولي] (¬4) العقد عليه. وإن كان غير مقصود مثل: أن يؤجر [نفسه] (¬5) في حج (¬6) أو وكالة فيصح؛ لأنه لما جاز [له] (¬7) أن يتطوع عن غيره بعمله، فأولى أن يجوز بعوضٍ كما قالوا: يصح خلعه؛ لأن له أن يطلق مجانا فبالعوض أولى، لكن هذه العلة تقتضي أن يصح مطلقًا إجارته نفسه، والأكثرون على أن له أن يقبل الهبة (¬8)، نقله الإمام والماوردي. - ومنها: الأصل القادر على كسب [مهر حرة] (¬9) أو سريَّة لا يجب إعفافه، وينزل منزلة المال المعد، قاله الشيخ أبو علي، قال الرافعي: "وينبغي أن يجيء فيه الخلاف المذكور في النفقة". ¬

_ (¬1) من (ك) (¬2) في (ن): "وإن". (¬3) في (ن): "مع". (¬4) من (ق). (¬5) من (ن). (¬6) في (ن): "الحج". (¬7) من (ن). (¬8) في (ن) "المعيب". (¬9) من (ك).

- ومنها: المفلس إذا حجر عليه ينفق على من تجب عليه نفقته من ماله إلى [أن] (¬1) يقسم ماله، إلا أن يكون كسوبًا. - ومنها: إذا قسم ماله وكان كسوبًا وبقي عليه شيء من الدين [فلا] (¬2) يكتسب بالإجماع. نعم إن كان الدين لزمه بطريق وهو عاص فيه فربما ذهب بعض أصحابنا إلى (¬3) أنه يكتسب لوفائه؛ لأن التوبة [منه] (¬4) واجبة، ومن شرطها: إيصال الحق إلى مستحقه، وإن ثبت الدين في ذمته بصبب غير عاص به لم يجحب الاكتساب لوفائه، وبه قال أكثر العلماء، وقال [الإمام] (¬5) أحمد وطائفة: يجب أن يؤاجر نفسه لذلك. لنا قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]، وقوله - عليه السلام - لغرماء مفلس: "خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك"، رواه مسلم (¬6). والأصح وجوب إجارة أم ولده، والأرض الموقوفة عليه، وجعل القاضي حسين مقابله (¬7) هو المذهب؛ [لأن] (¬8) النفقة (¬9) ليست مالًا عتيدًا، بدليل أن المفلس لا ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) من (ن). (¬3) في (ن): "إلا". (¬4) من (ن). (¬5) من (ن). (¬6) في "الصحيح" [كتاب المساقاة -باب استحباب الوضع من الدين- حديث رقم (1556)]. (¬7) وهو القائل بعدم الوجوب. (¬8) من (ك). (¬9) وقعت في (ن): "المتعة"، وفي (ق): "المتبعة"، والمثبت من (ك).

فائدة: نفقة القريب إمتاع

يؤجر نفسه (¬1)، والأول (¬2) أجاب بأن هذه منافع مملوكة (¬3) [فهو] (¬4) كما لو استأجر دارًا وسلم أجرتها وأفلس فإنها تؤجر عليه، ويدل [على] (¬5) أن هذه المنافع كالأموال أنها تضمن بالغصب، بخلاف منفعة [149 ق/ ب] بدن المفلس. فائدة: نفقة القريب إمتاع (¬6) ويرد عليه مسائل: - منها: لو أعف أباه بجارية ثم استغنى الأب، لم يرجع الولد في الجارية. - ومنها: لو أعطاه نفقة فلم ينفقها واستغنى، لم يكن له أن يرجع فيها. - ومنها: إذا قلنا: [إن نفقة الحامل] (¬7) للحمل، وقلنا: لا تعطى حتى تضع فلم يعط سقطت، ولو قلنا [165 ن/ ب] تعطى وهي حامل [بآخر] (¬8)، فإنها (¬9) تعطى. - ومنها (¬10): لو أنفقت المنفيُّ ولدها باللعان على الولد ثم استلحقه النافي، فإنها ترجع عليه على الصحيح، ولو كانت إمتاعًا لكانت لا ترجع. ¬

_ (¬1) أي: من أجل الدَّيْن. (¬2) أي: المذهب الأول. (¬3) أي: مملوكة له. (¬4) من (ق). (¬5) من (ن). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 246). (¬7) من (ن). (¬8) من (ن). (¬9) في (ن) و (ق): "فإنه". (¬10) في (ق): "قاعدة".

قاعدة البائن الحامل تجب نفقتها دون الحائل

قاعدة (¬1) " البائن الحامل تجب نفقتها دون الحائل" (¬2). وهذه النفقة لها (¬3) لوجوبها على الموسر والمعسر، وفي قول للحمل، وذكر القاضي ابن كج أن ذلك جارٍ في الزوجة أيضا حتى بنى عليه أنه [لو] (¬4) نشزت زوجته الحامل هل تسقط نفقتها؟ والأصح الجزم بالسقوط في هذه، والاختصاص بالبائن، ويظهر قولا البائن في مسائل. الأولى (¬5): المعتدة (¬6) عن فراق الفسخ إذا كان لها فيه مدخل كفسخها بعيبه (¬7) أو فسخه بعيبها، وكانت حاملا ففي النفقة قولان، إن قلنا: للحمل وجبت، وإلا فلا، ولم يرتض الإمام هذا البناء من حيث إن نفقة الحامل إنما تجب [لأنها] (¬8) كالحاضنة، ومؤنة الحاضنة على الأب، وذلك لا يفترق بين أن تكون مطلقة أو مفسوخا (¬9) نكاحها. والشيخ أبو علي طرد الخلاف في المعتدات عن جميع الفسوخ بناء على ¬

_ (¬1) في (ق): "الأولى". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 295)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 818)، "القواعد" لابن رجب (3/ 90). (¬3) أي للحامل في أصح القولين من أن النفقة هل هي للحمل أو للحامل؟ . (¬4) سقطت من (ن). (¬5) في (ق): "الثانية". (¬6) في (ن): "المتعة". (¬7) أو بعتقه. (¬8) من (ك). (¬9) في (ن) و (ق) و (ك): "مفسوخ"، والمثبت هو الصواب.

القولين، وأما إذا لاعنها ونفى الحمل، ثم عاد [وكذب] (¬1) نفسه فالصحيح أنها [تأخذ] (¬2) عما مضى، وبناه بانون على الخلاف من حيث إن نفقة القريب تسقط بمضي الزمان. الثانية (¬3): الحامل المعتدة عن النكاح الفاسد والوطء بالشبهة، في وجوب نفقتها (¬4) قولان مبنيان على الخلاف إن قلنا: للحمل وجبت، لأن الحالة (¬5) هذه تجب [عليه] (¬6) نفقة ولده، وإن قلنا للحامل فلا (¬7)، ولم (¬8) يرتض الإمام هذا البناء أيضًا لما تقدم، واعترض عليه الرافعي بأن الواجب في مؤنة الحاضنة للمتفضل كفايتها إما تبرعًا أو بأجرة من غير تقدير، وهذه النفقة مقدرة كنفقة الزوجات، وأقول: عندنا في التقدير خلاف مبني على القولين فلا [150 ق/أ] يضر ذلك الإمام. الثالثة (¬9): إذا مات الزوج قبل أن تضع الحمل، فإن قلنا: [إن] (¬10) النفقة للحمل سقطت، فإن نفقة القريب تسقط بالموت، وإلا فوجهان. الرابعة: لو لم ينفق عليها حتى وضعت، أو لم ينفق في بعض مدة الحمل ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ك). (¬3) في (ق): "الثالثة". (¬4) في (ن) و (ق): "بعضها". (¬5) في (ن): "أن الحاجة". (¬6) من (ن). (¬7) لأن النكاح الفاسد لا يوجب نفقة معتدة أولى. (¬8) في (ق): "ولو لم". (¬9) في (ن): "الثانية". (¬10) من (ن).

وأوجبنا التعجيل، فهل تسقط نفقة المدة الماضية (¬1)؟ بناه كثير من الأصحاب [166 ن/أ] على القولين، والراجح: عدم السقوط. الخامسة: [هل] (¬2) تجب نفقتها على الزوج الرقيق؟ بناء على القولين، وإن قلنا: للحمل لم تجب؛ لأن الرقيق لا نفقة عليه (¬3). السادسة: لو كان الحمل رقيقًا برق الأم، ففي وجوب نفقته على الزوج حرًّا كان أو عبدًا قولان، إن قلنا: [إنها للحمل] (¬4) وجبت على مالكه. السابعة: اختلافها والزوج في وقت الوضع. الثامنة: ما قاله المتولي من أنها إذا أبرأت الزوج عن النفقة، فإن قلنا: للحامل سقطت، وإلا فلها المطالبة، قال الرافعي: إذا كان الإبراء عما مضى فالنفقة مصروفة إليها على القولين، والظاهر أنها (¬5) تصير دينًا لها حتى تصرف إليها بعد الوضع أيضا، قال: وينبغي أن يصح الإبراء على القولين. وأقول: عندنا في التقدير خلاف مبني على القولين، وكون النفقة مصروفة إليها [بغير الولد يبعد، وأما كونه يصير دينًا لها فهذا مما يعكر على كون النفقة للحامل] (¬6) وأما كونه يصرف إليها بعد الوضع، فإن لم تكن أنفقت (¬7) عليه ففيه نظر، وما أعتقد الأصحاب يوافقون على ذلك، فإن كانت أنفقت فالمعنى: أن ¬

_ (¬1) كذا في (ن) و (ق)، وفي (ك): "الباقية". (¬2) سقطت من (ن). (¬3) أي: لا نفقة عليه لقرابته. (¬4) من (ك). (¬5) في (ن) و (ق): "أنه". (¬6) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬7) في (ن) و (ق): "أنفق".

الشارع أذن لها أنها إذا أنفقت مالها رجعت ببدله عند الإمكان (¬1). التاسعة: ما قاله في "التتمة" من أنه إذا أعتق أم ولده الحامل (¬2) فإن قلنا: [النفقة] (¬3) للحمل، وجبت، وإلا فلا. العاشرة: ما ذكره أيضًا من أنه إذا مات وترك امرأته حبلى وأباه [حيًّا] (¬4)، فإن قلنا: [إن النفقة] (¬5) للحمل فلها مطالبة الجد بها، وإلا فلا، وذكر في "التهذيب": القطع بعدم المطالبة. الحادية عشرة: إذا عجل لها النفقة بغير إذن الحاكم، فإن قلنا: إنها للحمل وقلنا: لا يجب التعجيل بسبب الحمل وظهرت غير حامل، فلا يسترد، وإن قلنا للحامل (¬6): استرد. الثانية عشرة: إذا طلق زوجته الناشزة، فإن قلنا: إنها للحمل استحقت، وإلا فلا. الثالثة عشرة: إذا نشزت المطلقة. الرابعة عشرة: إذا ارتدت بعد [150 ق/ب] الطلاق استحقت (¬7)، وإلا فلا. الخامسة عشرة: إذا قلنا: النفقة للحامل (¬8) استقرت في الذمة وإلا فلا، فإن ¬

_ (¬1) في (ن): "الإنكار". (¬2) أي: الحامل منه. (¬3) من (ن). (¬4) من (ن). (¬5) في (ق): "إنها". (¬6) في (ن): "للحمل". (¬7) أي: استحقت النفقة إن قلنا: إنها للحمل. (¬8) في حالة إعسار الزوج.

الرافعي علل في أول المقام بوجوبها على المعسر والموسر. السادسة عشرة: إذا قلنا: إنها للحامل (¬1) فيقتضي [116 ن/ب] [أن تكون مقدرة، وإن قلنا للحمل فيقتضي] (¬2) قدر الكفاية من غير تقدير، وفيه خلاف. السابعة عشرة: إذا كان الزوج حرّا والزوجة رقيقة فالحمل حر. وصورتها: أن يوصي لإنسان بالأم ولآخر بالحمل، ويقبلا بعد موت الموصي فيعتق صاحب الحمل [فيصير الحمل] (¬3) حُرّا، فإذا طلق الزوج زوجته الحامل [بحر] (¬4) وقلنا: لا نفقة للأمة، فإن قلنا: النفقة للحمل استحقت، وإلا فلا. الثامنة عشرة: لو مات الزوج وخلَّف مالًا، فإن قلنا: إنها للحامل فلا تجب، وإن قلنا: للحمل وجبت في مال الحمل المختص به بعد الموت، نقله صاحب "التتمة". التاسعة عشرة: إذا قلنا: النفقة للحمل فتصرف لها من الزكاة، وإن قلنا: للحامل فنشزت الزوجة التي في نفقة زوجها، فلا يصرف إليها. العشرون: الحامل إذا سافرت بإذنه لغرض نفسها ولم يكن الزوج معها، فالمذهب (¬5): أنه لا نفقة لها، [فالحامل] (¬6) والحالة هذه هل لها النفقة؟ فيه خلاف مبني [على] (¬7) القولين. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "للحمل". (¬2) سقطت من (ن). (¬3) من (ك). (¬4) من (ك). (¬5) في (ق): "فالأظهر". (¬6) من (ن). (¬7) سقطت من (ن).

الحادية والعشرون: إذا أحرمت بإذنه فإن قلنا: النفقة للحمل فلا يجوز الاعتياض عنها، وإلا جاز على الأصح. الثانية والعشرون: (¬1) هل تجب فطرة البائن الحامل؟ تخرج على القولين، والأصح الوجوب، وبه قطع قاطعون، وكذا لو كانت أمة، فإن قلنا: إن النفقة للحمل، فالحمل [لا تجب] (¬2) عليه فطرته. * * * ¬

_ (¬1) زاد في (ن) و (ق) هنا: "إذا أحرمت". (¬2) من (ك).

كتاب الجنايات

كتاب الجنايات فائدة: تصرُّفُ الغير عن الغير بما يوجب على المتصرَّف فيه للمتصرِّف شيئًا، فيه صور (¬1): -[منها: عفو ولي الدم إذا قلنا: موجب العمد القود المحض] (¬2). - ومنها (¬3): إذا أُوْجِرَ (¬4) المالك المضطر طعامه قَهرًا، أو كان المضطر قد أغمي عليه، فيه وجهان. قاعدة (¬5) " ما يختلف الحكم فيه بين أن يقع مرتبًا (¬6) أو دفعة، إذا أشكل الحال جعل كأنه وقع دفعة" في صور (¬7): - منها: إذا قتل واحد جماعة على الترتيب قتل بالأول، وللباقين [151 ق/ أ] ديات، فإن عفى ولي الأول قُتل بالثاني، وهكذا يراعى الترتيب، وإن لم يعف ولي ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 79). (¬2) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬3) في (ق): "قاعدة". (¬4) أوجر: من الوَجر بفتح الواو، الدواء يصب في الحلق وأوجرت المريض إيجارًا فعلت به ذلك "المصباح" (ص: 385). (¬5) في (ق): "منها". (¬6) في (ن): "مترتبًا". (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 91).

قاعدة المماثلة في القصاص مرعية إلا بما [لا] يجوز الاستيفاء به

الدم ولا (¬1) اقتص فلا اعتراض عليه، وليس لولي الثاني (¬2) أن يبتدر إلى قتله، وإن قتلهم دفعة بأن هدم عليهم جدارًا أو جرحهم وماتوا جميعًا أقرع، فمن خرجت له القرعة [قتل به، وإن عفا ولي الدم الذي خرجت له القرعة] (¬3) أعيدت بين الباقين، والقرعة [167 ن/ أ] قيل: واجبة، وقيل: مستحبة، وللإمام أن يقتله بمن شاء، ورجحه الروياني، وابن كج، وغيرهما، وحكوا عن النص أنه قال: أحببت أن يقرع بينهم، والأول أوفق لإطلاق الأكثرين، وإن أشكل الحال فلم يدر أرُتِّبَ أم وقع دفعة جعل، كما لو قتلهم دفعة واحدة. قاعدة " المماثلة في القصاص مرعية إلا بما [لا] (¬4) يجوز الاستيفاء به" (¬5) فيعدل إلى السيف كاللواط، والخمر، والسحر، والبول، وكذا إذا قتله بسيف مسموم تعين، ويمنع من الغسل والدفن، ففي القصاص بمثله احتمال وجهين للماوردي. وكذا إذا شهد أربعة على مُحصن (¬6) بالزنا فرجم، ثم رجعوا أو واحد منهم، ¬

_ (¬1) في (ن): "وإلا". (¬2) في (ق): "الباقي". (¬3) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬4) سقطت من (ن). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 95)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 391)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (82612)، "قواعد ابن عبد السلام" (1/ 295). ومعنى هذه القاعدة: أن من قتل بفعل من الأفعال فولي الدم بالخيار بين أن يستوفي بالسيف أو بمثل فعله، شريطة ألا تفضي المماثلة في الاستيفاء إلى محذور شرعي كالأمور التي ذكرها ابن الملقن. (¬6) في (ن) و (ق): "شخص".

قاعدة من لا مدخل له في الجناية لا يطالب بجناية جانيها

فهل يرجم الراجع أو يتعين السيف؟ فيه وجهان حكاهما القاضي في باب الزنا. - ومنها: إذا ذبح كالبهيمة فهل يفعل به كذلك، إطلاق الماوردي وغيره يقتضي عدم ذلك لما فيه من هتك الحرمة [وهو ظاهر فيما إذا [لم] (¬1) يكن الجاني قد فعله، وإلا فالمماثلة جائزة] (¬2). ويحتمل تخريج (¬3) وجهين في المسحور لمعارضة حق الله [تعالى] (¬4)، فإن هتك الحرمة حق لله تعالى، وقد نُهي عن المُثلة. ولو قال مستوفي القصاص في الخانق: أخنقه وأعفو عنه إن لم يمت، لم يُمَكَّن، وإن قال: أخنقه ثم أحز رقبته، مُكِّن، نص عليه في "الأم" قبل ولاية القصاص، وفي "المختصر"، والرافعي نقله عن "التهذيب" خاصة. قاعدة " من لا مدخل له في الجناية لا يطالب بجناية جانيها إلا في فرعين" (¬5): أحدهما: العاقلة في ضمان الدية، غير أن الدعوى بها (¬6) تكون على الجاني لا عليهم، وهم مطالبون [بها] (¬7) [بعد] (¬8) ثبوتها عليه، صرح به ابن [151 ق/ب] ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬3) في (ق): "ترجيح". (¬4) من (ن). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 386)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 392)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 828)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 124). ومعنى هذه القاعدة: أن كل من جنى جناية، فهو المطالب بها، ولا يطالب بها غيره. (¬6) أي: بالدية الواجبة عليهم. (¬7) سقطت من (ق). (¬8) سقطت من (ن).

فائدة: إلحاق النفس بالمال وعدمه في صور

القاص في باب صفة اليمين (¬1) على البتِّ، وهو مقتضى كلام الرافعي، ولا يبعد أن يخرج على أن الدية تجب على الجاني ابتدأ ثم تتحملها العاقلة، وفي ذلك وجهان، ويقال (¬2): قولان، قال ابن الرفعة: بل هما منصوصان في "الأم"، قال الإمام: "وقد قدمنا مثل هذا التردد في زكاة الفطر إذا أداها الغير عن الغير، وأشرنا إلى قريب منه في كفارة الوقاع في رمضان تفريعًا على أحد القولين"، انتهى. وكذا في تفاريع حلق الحلال رأس المحرم الآتي على قول، وهو الحلال أو الحرام يحلق (¬3) رأس المحرم والمحلوق نائم (¬4) [167 ن/ ب] أو مغمى عليه أو مكره فأصح القولين: أن الفدية على الحالق، والثاني: على المحلوق. فائدة: إلحاق النفس بالمال وعدمه في صور (¬5): - منها: قصد المال مبيح قتل القاصد على الجديد دون القديم. - ومنها: الغارم الغني لإصلاح ذات البين في الدم يعطى قطعًا، وكذا فىِ المال على الصحيح، وخرج (¬6) صاحب "التتمة" الخلاف فيها على المسألة قبلها، وفيه نظر، فإن الخلاف في هذه على (¬7) الوجهين، ولا يخرج وجه على القول [القديم] (¬8) إلا بعد أن ينبه عليه. ¬

_ (¬1) في كتابه "أدب القضاء". (¬2) في (ن): "وقال". (¬3) في (ن) و (ق): "فحلق". (¬4) في (ن): "يأثم". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 88). (¬6) في (ن): "وجزم". (¬7) في (ن): "هذين"، وفي (ق): "هذا من". (¬8) من (ك).

قاعدة القصاص قاعدته التماثل إلا أن يؤدي اعتباره إلى انغلاق باب القصاص قطعا أو غالبا

- ومنها: إذا قصد ماله فلا يجب عليه الدفع قطعًا، وفي النفس خلاف للاستسلام. قاعدة " القصاص قاعدته التماثل إلا أن يؤدي اعتباره إلى انغلاق باب القصاص قطعًا أو غالباً" (¬1)، وبيانه بصور: - منها: التساوي في أجرام أعضاء البدن كاليد، والرجل، وسُمك اللحم في الجراحات؛ إذ لو شرط التساوي بين أجرامها لما وجب القصاص إلا في نادر الصور، بل يؤخذ أعظم العضوين بأدناهما، وكذلك تفاوت الجراح [في سمك ما على العظم من جلد، ولحم بخلاف التساوي في مساحات الجراح] (¬2) على الرؤوس والأبدان، فإنا نأخذ مثل مساحتها في الطول، والعرض، والصغر، والكبر؛ لأن اعتبار ذلك لا يؤدي إلى إغلاق باب القصاص، ولا ينظر إلى [تفاوت] (¬3) سمك اللحم المحلل بالرأس؛ لأن اعتبار تساويه [152 ق/أ] يغلق باب قصاص الجراح. - ومنها: منافع الأعضاء كبطش اليد، وإبصار العين لا يعتبر فيها التساوي. - ومنها: العقول لا يعتبر التساوي فيها. - ومنها: قتل الجماعة، وقتل أيدي الجماعة بيد الواحد؛ لأن التساوي لو اعتبر فيها لتمالأ الجماعة على (¬4) القتل والقطع؛ .............................. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 95). (¬2) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬3) من (ق). (¬4) في (ن): "إلى".

قاعدة من [وجب] عليه القصاص في النفس ففات بموت وله تركة

بل غالب القتل [التمالؤ، و] (¬1) التمالؤ فيه أكثر من التمالؤ في القطع، فلذلك خالف [الإمام] (¬2) أبو حنيفة فيه كما خالف بعض العلماء في قتل الجماعة بالواحد. - ومنها: الحياة، فيقتل الشاب في عنفوانه بمن يئس (¬3) من الحياة، بحيث لا يبقى إلا ساعة واحدة أو ساعتان. - ومنها: الصنائع فتؤخذ يد الماهر كابن البواب بمن لا يحسن الكتابة. قاعدة " من [وجب] (¬4) عليه القصاص في النفس ففات بموت وله تركة، انتقل جميع الدية إلى تركته" (¬5) إلا في مسألتين. قال الجرجاني: لا يجب في إحداهما شيء، ويجب في الأخرى نصف الدية (¬6)، فالأولى: قطع يدي رجل فسرى إلى (¬7) نفسه فقطعه [168 ن/ أ] ولى (¬8) المقتول فلم يمت، فإن له قتله، فإن مات فلا شيء في تركته؛ لأنه لما مات فات المحل وبقيت له دية واحدة، وقد أخذ يدين بقيمتها. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ن). (¬3) في (ن): "بمن لا يباشر". (¬4) من (س). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 400). (¬6) في (ن) و (ق): "القيمة"، والمثبت من (س). (¬7) في (ن) و (ق): "في". (¬8) في (ن) و (ق): "إلى".

قاعدة الحيوانات بالنسبة إلى الآدمي وغيره لها مراتب

والثانيه: إذا قطع يد رجل (¬1) فاقتص منه (¬2) فسرى (¬3) إلى نفس المقطوع أولًا ثم سرى إلى نفس الجاني، فإنه لو كان باقيًا لكان يقتص منه، وقد ثبت في تركته نصف الدية؛ لأنه قد استوفى منه [يدًا] (¬4) بقيمة نصف الدية. قاعدة " الحيوانات بالنسبة إلى الآدمي وغيره لها (¬5) مراتب" (¬6). - مرتبة يفرق بينه وبين غيره [بأمر ضروري، ومرتبة يفرق بينه وبين غيره] (¬7) بأمر تحسيني، وذلك في الحر (¬8)، وبقية الحيوانات، واختلف المذهب في قطع مباشرة الحيوان غير الآدمي السبب (¬9) الصادر عن الآدمي، كما إذا ألقى آدمي آدميًّا إلى لجة البحر فالتقمه الحوت قبل أن يصل إلى الماء على قولين. فمن قال: لا يجب [القود] (¬10) رأى أن الحيوان (¬11) لا تقطع مباشرته السبب، ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "إذا قطع يد رجل برجل". (¬2) في (ن): "به". (¬3) أي: القطع. (¬4) من (س). (¬5) في (ن) و (ق): "له". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 171). (¬7) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬8) وكذا العبد. (¬9) في (ن): "لا بسبب". (¬10) من (ن). (¬11) في (ن): "الحيوانات".

قاعدة كل ولي في القصاص إذا عفى وثبت له المال، فالمال له دون غيره

[ومن قال: إن طيران الطائر بعد فتح القفص لا يوجب الضمان على الفاتح رأى أن الحيوان تقطع مباشرته السبب] (¬1)، [وأما] (¬2) الفرق بين المرتبتين [بأمر تحسيني فهو ما بين الحر والعبد، فإن العبد كالحر في الإدراك، ولكنها مرتبة دائرة بين المرتبتين] (¬3) وهذ مشابهة المملوكات، فهذه المشابهة قد تلحقه بالحيوانات غير الآدمي من وجه، كما جعلت [ديته] (¬4) بالنسبة إليه كالدية في الحرية بالنسبة إلى الحر [152 ق/ب] ويسمى هذا قياس الأشباه، وكما ألحق الأصحاب العبد الآبق في حل وثاقه بالطائر إذا فتح القفصَ عنه الغاصبُ. قاعدة " كل ولي في القصاص إذا عفى وثبت له المال، فالمال له دون غيره" (¬5). إلا في مسألة واحدة، قال الجرجاني: وهي أن يجني رجل على عبد ويعتق العبد بعد الجناية ثم تسري إلى نفسه، وأرش الجناية مثل دية حر أو أكثر، فإن ولي العبد بالخيار بين أن يقتص [أو يأخذ الدية] (¬6)، وإذا اختار المال كان لسيده دونه؛ لأن الجناية وجدت في ملكه ووجب الأرش حال الجناية، ثم لما سرت ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬2) من (ك). (¬3) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬4) كذا في (ك)، وفي (ق): "قيمته"، وهي ساقطة من (ن). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 400 - 401)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 826). ومعنى هذه القاعدة: أن من استحق القصاص، فعفا عنه على مال، فهو له .. (¬6) من (ن).

قاعدة احتمال أخف المفسدتين لأجل أعظمهما هو المعتبر في قياس الشرع

إلى النفس وكان الأرش مثل دية النفس لم يجب على القاتل أكثر من دية واحدة، فكان ذلك للسيد. قاعدة (¬1) " احتمال أخف المفسدتين لأجل أعظمهما هو المعتبر في قياس [168 ن/ب] الشرع" (¬2). وشذت عنه صور في الظاهر، وهي راجعة إلى ذلك في الحقيقة: - منها: لا يُقتل ذمي ولا معاهد ليأكله المسلم (¬3) في المخمصة، جزم به الغزالي، وفي "التهذيب" في الذمي وجهان. - ومنها: هل له أن يقطع فلذة (4) من فخذه إذا كان ضررها متلاشيًا بالنسبة إلى حاله في المخمصة؟ وجهان، ولا خلاف أنه لا يحل له أن يقطع فلذة (¬4) من فخذه ويؤثر بها رفيقه المضطر. - ومنها: لو بذل صاحب الطعام للمضطر طعامه بأكثر من ثمن المثل، فإنه لا يجب [عليه] (¬5) ................................................ ¬

_ (¬1) في (ق): "فائدة". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 195)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 47)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 217)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 91)، "قواعد ابن عبد السلام" (1/ 390)، "القواعد" لابن رجب (46312)، "قواعد الزركشي" (1/ 348 - 349). (¬3) في (ن): "لتأكله المسلمة". (¬4) في (ن): "قلفة". (¬5) من (ق).

قاعدة حركة المذبوح هي التي لا يبقى معها الإبصار والإدراك والنطق، والحركة الاختياريان

قبوله (¬1) للزيادة، وكذا له مقاتلته ليأخذ طعامه، وإن أتى على نفس صاحب الطعام (¬2). - ومنها: لو كان معه حيوان محترم محتاج إلى الماء، ومع غيره ماء، ولا ماء غيره، وذلك الغير غير محتاج إليه، وطالبه بثمنه وجب عليه بذله، فإن أبى [من معه الماء] (¬3) من دفعه، فله أن يقاتله، فإن قتله لم يضمن؛ إذ لا يمكن إلا به، ذكره النووي عن القاضي حسين. - ومنها: لو غنمنا سلاحًا من الكفار، فهل يجوز أن نفادي به أسرى المسلمين الذين في أيديهم؟ وجهان. قاعدة حركة (¬4) المذبوح هي التي لا يبقى معها الإبصار والإدراك والنطق، والحركة الاختياريان، وقد يقتل الشخص ويترك اختياره (¬5) في النصف الأعلى فيتحرك ويتكلم [153 ق/ أ] بكلام لكنها لا تنتظم، وإن انتظمت فليست صادرة عن رويَّة واختيار، والحالة المذكورة هي التي تسمى حالة اليأس، وما يصح فيها وما لا يصح [صور] (¬6) (¬7). ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "بقوله". (¬2) وقعت في (ن) و (ق): "وإن أتى على نفس طعام المحتاج"، والمثبت من (ك). (¬3) من (ن). (¬4) في (ق): "جريمة". (¬5) في (ن): "أحشاؤه". (¬6) من (ن). (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 101).

قاعدة كسر العظم يوجب الحكومة إلا في ثلاث مسائل

- منها: الإسلام لا يصح [فيها، لا أعلم فيه خلافًا. - ومنها: الردة لا تصح] (¬1) على المشهور، وفي كتاب ابن كج أنها تصح؛ لأن الكافر يوقن حينئذ، فإعراض المسلم قبيح، وهذا الكلام بعيد عن التحقيق وإقرار الرافعي إياه على ذلك عجيب مع تقدم قوله آنفًا: إن الكلام في هذه الحالة وإن انتظم فلا يصدر عن روية. - ومنها: تصرفاته فلا يصح منها شيء. - ومنها: مالُهُ يصير [في هذه الحال] (¬2) للورثة. - ومنها: إذا أسلم وله ابن كافر أو أعتق له ولد رقيق، فالولد في هذه الحالة لا يحجب الورثة ولا يزاحمهم. - ومنها: لو ذبح (¬3) الولد فانتهى إلى هذه الحالة فمات أبوه لم يرثه الولد المذبوح، وفيه وجه (¬4)، ولا يبعد [169 ن/أ] مجيؤه في المسألة قبلها. قاعدة (¬5) " كسر العظم يوجب الحكومة إلا في ثلاث مسائل" (¬6). ذكرها الجرجاني في "المعاياة"، والروياني في "الفروق"، فإنه يجب فيها [أرش] (¬7) مقدر. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬2) من (ن). (¬3) في (ق): "زاحم". (¬4) أنه يرث، وهو وجه ضعيف حكاه الروياني، ونقله الحناطي عن المزني. (¬5) في (ق): "ومنها". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 401). (¬7) من (س).

قاعدة عمد الصبي هل هو عمد أو خطأ؟

أحدها: ككسر الترقوة أو الضلع؛ فإنه يجب فيه جمل على قول. الثانية: كسر ظاهر السن دون سَنْخه، ففيه خمس من الإبل. الثالثة: من هشم ولم يوضح فعليه عشر من الإبل على وجه غريب، ولعله خمس؛ لأن دية الهاشمة إنما زادت على دية الموضحة للهشم وقد وجد، والآخر: تجب الحكومة، والأصح المنصوص: أن في الهاشمة بلا إيضاح خمسًا، والعشر فيما إذا نقل العظم من غير إيضاح، فالواجب الحكومة أو عشر، فيه وجهان، [قال في "الروضة": فرع: هشم العظم ولم يوضح وجب خمس من الإبل على الأصح المنصوص، ولو نقل العظم من غير إيضاح، فهل يجب عشر من الإبل أم حكومة، فيه هذان الوجهان] (¬1). قاعدة " عمد الصبي هل هو عمد أو خطأ؟ " (¬2)، فيه خلاف في صور: - منها: ذبيحته واصطياده حلال، وفيها وجه [استمداده] (¬3) من فعله (¬4)، والقصد لا بد منه فيهما. - ومنها: تغليظ الدية وتحمل العاقلة. - ومنها: وجوب رد السلام عليه. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 150)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 443)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 300 - 304)، "قواعد الزركشي" (2/ 301). (¬3) من (ق). (¬4) أي: وفيه وجه استمداده من أن فعله خطأ.

- ومنها: خلع الصغيرة هل يوقع الطلاق رجعيًّا أو لا يوقعه أصلًا؟ - ومنها: لو علق طلاق الصغيرة على مشيئتها. - ومنها: ميراثه إذا قتل خطأ، وقلنا بالقول الضعيف لا يُحرم قاتل الخطأ. - ومنها: لو جامع في [نهار] (¬1) رمضان عمدًا وهو صائم، ففي وجوب الكفارة وجهان، أصحهما [153 ق/ ب]: لا كفارة عليه، وخرجه بعضهم على هذا الخلاف. - ومنها: شريكه في القتل هل هو كشريك (¬2) الخاطئ؟ - ومنها: إذا حج وباشر محظورات الإحرام، كما لو تطيب أو لبس ناسيًا فلا فدية قطعًا، وإن تعمد فعلى الخلاف، فإن قلنا: إن عمده خطأ فلا فدية، وإلا وجبت. قال الإمام: "وبهذا قطع المحققون هنا؛ لأن عمده في العبادات كعمد البالغ، ولهذا لو تعمد في صلاته كلامًا أو [في] (¬3) صومه أكلًا بطلا". ولو حلق أو قلم ظفرًا أو قتل صيدًا وقلنا: عمد هذه الأفعال، وسهوها سواء [وهو المذهب] (¬4) وجبت الفدية، وإلا فكالطيب واللباس. ولو جامع في [169 ن/ ب] إحرامه ناسيًا أو عامدًا وقلنا: عمده خطأ، ففي فساد حجته القولان في البالغ إذا جامع ناسيًا، أصحهما: لا يفسد. وإن جامع عامدًا (¬5) وقلنا: عمده عمد، فسد قطعًا ويجب عليه قضاؤه على ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن): "شريك". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) من (ق). (¬5) في (ن): "عمدا".

الأظهر، وهل يصح منه في حال الصِّبا؟ [فيه] (¬1) خلاف، الأصح: نعم. - ومنها: المجنون هل تزوج منه أمة إذا كان معسرًا يخاف العنت. الأصح: الجواز، وقيل: لا (¬2)؛ لأنه لا يخاف من وطء يوجب حدًّا ولا إثمًا، وعبارة القاضي: أن شرطه خوف العنت، وفعل المجنون لا يسمى زنًا في الحقيقة. وقد حكى الغزالي في كتاب الرهن عنه أنه إذا أخذ ذلك من أن الحديث العهد بالإسلام إذا وطئ هل يكون حكمه حكم الوطء بالشبهة، أو حكمه حكم [الزنا] (¬3)؟ [حتى بنى] (¬4) عليه بعضهم عدم ثبوت النسب وحرية الولد إذا كان في أمة. وبالجملة فالخلاف في أن وطء المجنون هل هو زنا؟ ومال ابن الرفعة إلى تخريجه على أن عمده عمد، أو خطأ (¬5)، كما فعل ذلك في وطء الصبي المميز حتى استنتجوا منه حرمة المصاهرة، مع أن [الإمام] (¬6) الشافعي نص على أن المخبول (¬7) لا تزوج منه أمة، فإن فعله كان مفسوخًا، والمخبول والمجنون اشتركا في زوال العقل لكن المخبول (¬8) ساكن. - ومنها: [لو قال: ] (¬9) إن لم أضربكِ فأنتِ (¬10) طالق، ثم جُن وضربها في ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) وهو قول القاضي حسين، والفوراني. (¬3) في (ق): "الإسلام". (¬4) سقطت من (ق). (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "أوخطؤه خطأ". (¬6) من (ن). (¬7) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "المجنون". (¬8) في (ق): "المجنون". (¬9) من (ن). (¬10) في (ن): "فضرتك".

قاعدة من ملك العفو عن القصاص في النفس ملك العفو عن المال

الجنون، فهو كما لو ضربها عاقلا على الصحيح، فتنحل اليمين؛ لأن ضرب المجنون في تحقق الصفة ونفيها كضرب العاقل [154 ق/أ]، [قاله الغزالي في كتاب الطلاق، وأقره الرافعي والنووي وبناه بعضهم] (¬1) على أن عمده عمد أم لا، ولم يفصلوا بين كونه له تمييز أم لا، وقد يقال: إنا وإن لم نجعله عمدًا ففعله هل تنحل به اليمين؟ حكوا وجهين في الجاهل إذا لم يحنث هل تنحل به اليمين، والأصح: لا. قاعدة " من ملك العفو عن القصاص في النفس ملك العفو عن المال، إلا أن يثبت القصاص دون المال" (¬2). وذلك في مسائل، ولك أن تعبر بقولك: "لا يثبت قصاص [يمتنع] (¬3) الانتقال عنه إلى المال" إلا في مسائل حصرها الجرجاني في [170 ن/أ] أربع: إحداها: إذا قطع يد رجل فاقتص منه فيها ثم سرى بعد ذلك إلى النفس، فليس له إلا القتل ولا دية له. ثانيها: إذا كان لرجل عبدان (¬4) فقتل أحدهما. الآخر فللسيد أن يقتله، وليس له العفو على مال؛ [إذ لا يثبت له عليه مال إلا في الكتابة. ثالثها: قطع يهودي يدي مسلم فاقتص منه فيهما فسرى إلى نفس المسلم، ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 387). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ق): "عبدًا".

فلوليه أن يقتص من اليهودي، وليس له أن يعفو على مال] (¬1) على الأصح؛ لأنه أخذ يدي اليهودي، [بإزائه] (¬2)، وليس له شيء من الدية كالمسألة الأولى، وفي الوجه الآخر، [له] (¬3) ثلثا الدية؛ لأنه ثبت له دية المسلم، وقد أخذ يدي يهودي فقيمتهما ثلث الدية فيبقى الثلثان، وهو ما صححه الشيخان (¬4). رابعها: أن تقطع امرأة يدي رجل فيقتص منها فيهما، ثم يسري القطع إلى نفسه، فلوليه أن يقتص منها، وليس له أن يعفو على مال في الأصح عند الجرجاني، وصحح الشيخان له نصف الدية، ولا يخفى أنه في الأولى (¬5) يثبت له أن يعفو على (¬6) الدية، ولكنه اختار القصاص فسقطت الدية ولم يعد لما صارت الجناية نفسًا، ويمكن أن يصور قصاص يثبت ولا دية معه أصلًا فيما إذا قطع يدي شخص - ثم حز رقبته، فحزُّها يوجب القصاص دون الدية، لأنها (¬7) تثبت بقطع اليدين، فلما صارت الجناية نفسًا سقطت. وبقيت مسائل [أخر] (¬8): الأولى: إذا قتل المرتد مرتدًا، فإن القصاص واجب على الأصح [دون الدية على الأصح] (¬9). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬2) سقطت من (ن)، أي: أخذها بإزاء يديه. (¬3) سقطت من (ن). (¬4) الرافعي والنووي. (¬5) أي: في الصورة الأولى. (¬6) في (ن): "عن". (¬7) في (ق): "لا". (¬8) من (ق). (¬9) ما بين المعقوفتين من (ق).

فائدة: المشهور المتعارف أنه لا يشترط في العمدية [قصد] إزهاق الروح

[الثانية: إذا قتل ذمي مرتدًّا، فالأظهر: لا قصاص، وعلى مقابله: الأصح: لا دية] (¬1). الثالثة (¬2): العبد المرهون إذا جنى على طرف سيده، فلسيده القصاص، والأصح: أنه ليس له العفو على مال؛ لأن السيد لا يجب له على عبده مال، وقال ابن سريج: " [ليس] (¬3) له العفو على مال، ويتوصل به إلى فك الرهن". فائدة: المشهور المتعارف أنه لا يشترط في العمدية [قصد] (¬4) إزهاق الروح، بل (¬5) قصد الجناية بما يكون مفضيًا للهلاك (¬6) على التفصيل المذكور في الآلة، وهذا هو المعهود المألوف، وفي كلام [الإمام] (¬7) الشافعي ما يقتضيه، وفي كلام الرافعي في أول الجراح أيضًا ما يقتضيه على طريقه، وقد وقع في كلام المتقدمين أنه لا بد من قصد إزهاق الروح، وهو ما ذكره الماوردي في أوائل الديات (¬8)؛ حيث قسم القتل [على] (¬9) ثلاثة أقسام (¬10). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬2) في (ن): "الثانية". (¬3) من (ن). (¬4) سقطت من (ن). (¬5) في (ن): "على". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 332). (¬7) من (ن). (¬8) أي: في كتابه "الحاوي". (¬9) من (ق). (¬10) قسم يكون عمدًا محضًا، وقسم يكون خطأ محضًا، وقسم يأخذ من العمد شبهًا ومن الخطأ شبهًا.

وقال الإمام في باب كيفية قتل العمد الذي يجب فيه القصاص (¬1): "وأما ما يتعلق بالظواهر فالذي أطلقه الأصحاب [فيه] (2) أن كل ما يقصد به القتل غالبًا فالعمد إذا تجرد القصد إليه، وقال بعده بقليل: وكأن شيخي [-رحمه الله-] (¬2) يقول فيه: خص الشرع (¬3) الجرح بمزيد احتياط لما فيه من الإفضاء إلى السرايات الباطنة التي لا يدرك منتهاها، وأوجب القصاص في قتيل الجرح الذي يسري ردعًا للجناة (¬4) وتغليظًا عليهم، وكان الجرح الساري لم يُرع فيه قصد القتل [لاختصاصه بمزيد الغرر والخطر وما يتعلق في الظواهر يراعى فيه قصد القتل بما] (¬5) يقتل غالبًا، هذا (¬6) ما ذكره (¬7)، وفيه فضل نظر (¬8) من جهة أن القصاص يتعلق بالعمد بالإجماع والعمد في الفعل المحض غير كاف، ولا بد من العمد في القتل، وقال في باب أسنان الإبل المغلظة: الجنايات على ثلاثة أقسام: أحدها: العمد المحض وهو تعمد القتل، وقال ابن الصلاح في "شرح مشكل الوسيط": "وأما الطريقة الثانية فإن عبارة المصنف قاصرة عن بيان معناها"، واعلم أن المعتبر في العمد تعلق القصد بنفس زهوق الروح، لكن الشرط أن تكون الآلة من المثقلات، ويجعل كونها (¬9) مما ¬

_ (¬1) أي: في كتابه "النهاية". (¬2) من (ن). (¬3) في (ق): "الشيوع". (¬4) في (ن) و (ق): "للجناية". (¬5) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬6) في (ن): "أما". (¬7) في (ق): "كان يذكره". (¬8) في (ق): "بطريق". (¬9) في (ن): "كونه".

يقصد بها القتل غالبًا دليل تعلق قصده [بالإزهاق] (¬1)، وإن وجد (¬2) فههنا لم يمكنه دعوى أن يُعتبر تعلق القصد بالزهوق بدليل مسألة قطع الأنملة، فإن أحدًا لا يقصد الزهوق بقطع الأنملة فاكتفى بكون الجرح ساريًا ذا غور، وإن لم يوجد قصد الزهوق، فإذا وجد ذلك مع قصد [الشخص] (¬3) لقصد نفس الفعل أوجب القصاص، وذلك لاختصاصه بمزيد الخطر، فتأثيره (¬4) في الباطن مبالغة في ردع الجناة (¬5)، وهذا كما قال المصنف ضعيف؛ لأن العمد المحض معتبر [في القصاص ولا يكفي فيه تعلق القصد] (¬6) بمطلق الفعل، ولا بد من تعلقه بالقتل. وفي كلام الرافعي ما يقتضيه؛ إذ قال (¬7) في مسألة ظن الإباحة: هل [هي] (¬8) شبهة لو ضرب (¬9) المريض ضربًا يقتل المريض غالبًا دون الصحيح، وظن صحته أن بعضهم ذهب أن لا قصاص، قال: لأنه [لم يأت] (¬10) بما هو مهلك عنده فلم يتحقق قصد الإهلاك. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) أي: إن كانت جارحة. (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ن): "بمباشرة"، وفي (ق): "فيأمره". (¬5) فى (ن) و (ق): "الجناية". (¬6) من (ق). (¬7) في (ن) و (ق): "وقال". (¬8) من (ن). (¬9) في (ن): "لوفور". (¬10) في (ق): "لو مات".

قاعدة ما يبيح المحذورات [تارة] يكون بمرض، وتارة يكون بإكراه

قاعدة " ما يبيح المحذورات [تارة] (¬1) يكون بمرض، وتارة يكون بإكراه، وتارة يكون بحاجة، وتارة يكون بجهل أو ظن" (¬2). أما الأول (¬3): فالمعتبر فيه في أكل الميتة واستباحة مال (¬4) الغير خوف الهلاك ويكفي في الخوف غلبة الظن، ولا يشترط أن يكون الخوف من الموت، بل يكفي الخوف بأي وجه كان، حتى لو خاف الضعف عن المشي والركوب حتى ينقطع عن الرفقة كفى، ولا يكفي الجوع القوي، ولا أن يشرف على الهلاك بحيث لا ينفع (¬5) المُتنَاوَل، فإنه حينئذ يحرم، وفي خوف (¬6) طول المرض وجهان أو قولان، أشبههما: الحل. وفي التيمم أن يخاف فوات الروح أو فوات عضو (¬7)، وإن خاف من برد أو حر أو جرح لم يصح، وإن خاف مرضًا مخوفًا فطريقان، أصحهما: الإباحة، وإن خاف طول المرض فوجهان كالوجهين في الميتة، ومثارهما: أن المعتبر هل هو خوف ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 338)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 45)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 211، 415)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 87)، "القواعد" لابن رجب (1/ 60)، "قواعد الزركشي" (2/ 317)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 7)، "قواعد العلائي" (2/ 375). (¬3) وهو ما أبيح من المحذورات بمرض. (¬4) في (ن): "وأشباهه كمال". (¬5) في (ن): "يمتنع". (¬6) في (ن) و (ق): "وجوب". (¬7) أي باستعمال المال، فيعتبر ارتكاب التيمم هنا.

الهلاك أو خوف الضرر الظاهر، والشين الفاحش في الباطن لا يكفي، وفي الظاهر وجهان رجح بعضهم الاكتفاء. وفي الإفطار اتفق الأصحاب على أن خوف الهلاك لا يشترط، وقال الإمام في "النهاية": "الوجه المعتبر أن يتضرر بالصوم ضررًا يمنعه من التصرف في المآرب"، وكان بعض أهل عصري يعلقه بمشقة السفر، وأفاد الشيخ زين الدين (¬1) عن "النهاية" أن فيها في كتاب النكاح في الفطر للمعالجة ونحوه [155 ق/ب] أنه يعتبر بالتيمم (¬2) وفاقًا [و] (¬3) خلافًا لطول المرض، فإن قيل: النظر إلى الوجه والكف للرغبة في النكاح جائز فهلا (¬4) اعتبر هذا بقرينة؛ فإن المرض المعتبر في الإفطار دون المرض في التيمم؛ لأن (¬5) الإفطار يجوز بعُذر السفر، وقرينه في كتاب الله المرض فاستفدنا به اعتباره به وانحطاطه عن التيمم، فقياس (¬6) مسألتنا اعتباره بالنظر إلى المخطوبة. وأجاب بأن كلامنا هنا فيما وراء الوجه والكفين ولا قرين له في النكاح، وأما القعود في المرض فلا يشترط فيه الضرورة (¬7) ولا يكفي مجرد الاسم، وحكى الإمام أن [المعتبر ألمٌ يلهي عن الخضوع، كذا قال الإمام و] (¬8) هذا مأخوذ من مقصود الصلاة. ¬

_ (¬1) يعني زين الدين بن الوكيل، انظر: "الأشباه والنظائر" (ص: 338). (¬2) في (ق): "في التيمم". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "فهل لا". (¬5) في (ن) و (ق): "أن". (¬6) في (ن): "فتقاس". (¬7) في (ن) و (ق): "هنا للضرورة". (¬8) ما بين المعقوفتين من (ك).

وأما الثاني وهو الإكراه، فالتصرفات (¬1) القولية لاغية به إذا كان بغير حق حتى تستوي فيه الردة والبيع وسائر المعاملات، والنكاح، والطلاق، والعتاق [171 ن/ب]، وغيرها، ويعبر بعبارة أخرى: "ما [لا] (¬2) يلزم في حال الطواعية لا يصح بالإكراه، وما يلزم فيصح به"، [إذ] (2) لو لم يصح لما كان للإكراه فائدة، وفيه نظر، فإنه إن كان المراد باللزوم فيما بين العبد وبين ربه، فالذمي يلزمه الإسلام كذلك، مع أن الأصح عدم صحة إسلامه مكرهًا، وإن كان [المراد به اللزوم] (¬3) في الظاهر، فالذمي إذا [ألزم به] (¬4) بطريقة، فالظاهر من حال المحمول عليه بالسيف مثلًا أنه كاذب في الإسلام، وكلمتا (¬5) الشهادة نازلة في الإعراب عما في الضمير منزلة الإقرار، والأصح: أنه يلزم المكره على القتل القصاص، هذا في الصحة، وههنا مسائل: - منها: إذا أكره على الكلام اليسير [في الصلاة] (¬6) بطلت في الأظهر، وضابط اليسير العرف على الأصح. - ومنها: الإكراه على التفرق هل يقطع الخيار؟ فيه وجهان، [وقيل: يقطع بالسعوط إن كان مفتوح الفم] (¬7). ¬

_ (¬1) في (ق): "في التصرفات". (¬2) من (ك). (¬3) في (ق): "باللزوم". (¬4) في (ق): "لزمه". (¬5) في (ق): "وكلمتي". (¬6) من (ن). (¬7) ما بين المعقوفتين من (ق).

أما ما [لا] (¬1) يباح به: فلا يباح به القتل المحرم اتفاقًا، وكذا الزنا، والأصح تصوره فيه؛ إذ لا يشترط في الزنا الانتشار، والإيلاج بدونه ممكن، ويباح به شرب الخمر استبقاء للمهجة كإساغته اللقمة بالخمر، ويباح به الإفطار في رمضان، وإتلاف مال الغير، وكذا الخروج من صلاة الفرض، وكذا الردة، والأصح أنه لا يجب التلفظ بها، وفي وجوب شرب الخمر وجهان مرتبان، وأولى بأن لا يجب. قال الرافعي: ويمكن [156 ق/أ] أن يجيء مثله في الإفطار في نهار رمضان، ولا يكاد يجيء في الإكراه على إتلاف المال، وكأنه قصد [بذلك] (¬2) ما في حقوق العباد من الضيق. وعن الأودني (¬3): الضبط بأن ما يسقط بالتوبة يسقط حكمه بالإكراه، وما لا فلا، وقضية هذا أن لا يسقط حكم الصلاة، [والصوم] (¬4)، والقتل، فيلزم أن لا يباح وأن لا يجب وجوب الردة والشرب والزنا؛ لأن ذلك من أحكامه، وقد علم أن صحيح المذهب لا يساعده. إذا عرفت ذلك فقد اختلف الأئمة في ضبط الإكراه اختلافًا كثيرًا، وأوضحته في "شرحي المنهاج والتنبيه" مع بيان الأصح فيه (¬5). ولا بد في حصول الإكراه من كون التخويف بالعاجل (¬6)، فلو قال: لأقتلنك ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬3) وقعت في (ن) و (ق): "الماوردي". (¬4) من (ك). (¬5) انظر: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 340 - 341)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 423)، "قواعد الزركشي" (3/ 155). (¬6) في (ن): "في العاجل".

غذا فليس بإكراه. ولا بد من كون المكره غالبًا قادرًا على تحقيق ما هدد به بولاية، أو تغلب، أو فرط [من] (¬1) هجوم، وكان المكرَه مغلوبًا عاجزًا عن الدفع [172 ن/أ] بفرار، أو مقاومة، أو استغاثة بالغير، ولا بد أن يغلب على ظنه أو يتيقن حصول المخوف به، لولا المطلوب. وأما الثالث: فالحاجة المبيحة للنظر إلى الأجنبية إذا منعناه [تقوم مقام المشقة] (¬2) لولاها، ويفرض في مسائل: الأولى: أن يريد به نكاحها (¬3) فيحل بغير إذنها للأمر به (¬4)، و [هل] (¬5) هو مستحب أو مباح؟ وجهان، فمن حامل الأمر على الاستحباب، ومن حامل على الإرشاد، والأصح: الأول، فإنه اللائق بقواعد الأصول، فإن كلام الشارع يحمل على المعنى الشرعي قبل الإرشادي، لكن ههنا قرينة تقتضي أن المراد [الإرشاد وهي التعليل. - ومنها: إذا منعنا النظر] (¬6) [إلى الإماء] (¬7)، ........................... ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ك). (¬3) في (ق): "نكاحًا". (¬4) أي لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمغيرة وقد خطب امرأة: "انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"، أخرجه الترمذي [كتاب النكاح -باب ما جاء في النظر إلى المخطوبة- حديث (1087)]، والنسائي [كتاب النكاح -باب إباحة النظر قبل التزويج- حديث رقم (3235)]، وابن ماجه [كتاب النكاح -باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها- حديث (1865)]. (¬5) من (ن). (¬6) من (ك). (¬7) من (ق).

حتى (¬1) ما يبدو حال المهنة كما هو أحد الثلاثة أوجه، فله أن ينظر إليها لحاجة الشراء، وإلى ماذا (¬2) ينظر [بها] (¬3)، [هل] (¬4) إلى الوجه والكفين، أو إلى ما يبدو حال المهنة، [أو] (¬5) إلى غير ذلك؟ فيه وجوه. قلت: والأصح أنه ينظر منها [ما ينظر إلى] (¬6) العبد. الثانية: إذا عامل المرأة ببيع أو غيره أو لحمل شهادة عليها أو أدائها، جاز له النظر [إلى الوجه فقط، كذا قالوه، وفيه نظر، فإن الأكثرين ذهبوا إلى جواز النظر] (¬7) إلى الوجه والكفين من غير حاجة، ففي الحاجة يحرمون النظر إلى اليدين، هذا مما لا سبيل إليه، لكن يحتمل [هذا] (¬8) [أن يكون] (¬9) تفريعًا على المنع من غير حاجة. قلت: أو يجاب بأن النظر [المباح] (¬10) هناك ما يكون من غير قصد وتأمل، ولذلك جزموا بتحريمه عند خوف الفتنة، وفي هذه الصور ليست [156 ق/ب] له حاجة إلى الكفين فلا ينبغي تأملهما. الثالثة: جواز النظر واللمس للحجامة (¬11)، ولمعالجة العلة بشرط الأمن (¬12) ¬

_ (¬1) في (ن): "إلا". (¬2) في (ن): "ما". (¬3) من (ن). (¬4) من (ق). (¬5) سقطت من (ن) و (ق). (¬6) في (ق): "من". (¬7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬8) من (ن). (¬9) من (ق). (¬10) من (ق). (¬11) في (ن) و (ق): "للحاجة". (¬12) أي: من الفتنة.

وعدم المعالج (¬1) من كل صنف (¬2)، فإن كان، فهل يجوز نظر الرجل للمرأة للمعالجة؟ وجهان. قلت: أصحهما: لا. ثم أصل الحاجة كافية بالنسبة إلى الوجه واليدين، وفي النظر إلى باقي الأعضاء يشترط التأكد، وضبطه الإمام بالقدر الذي يجوِّز العدول عن الماء إلى التيمم وفاقًا وخلافًا، وفي النظر إلى الزانيين، لا بد من مزيد تأكيد، وضبطه [الغزالي بأنه] (¬3) الذي يعد التكشف بسببه هتكًا للمروءة ويعذر (¬4) فيه في العادة (¬5). وأما الماوردي [172 ن/ب] فإنه اكتفى في النظر إلى جميع البدن بمجرد الضرورة (¬6)، وللأولين أن يقولوا: لا شك أن هذه الأعضاء متفاوتة في نظر الشرع بالنسبة إلى [النظر] (¬7) [حيث أباح النظر] (¬8) إلى عضو، وحرمه (¬9) إلى آخر، فكان أمر ما حرم [النظر] (¬10) إليه أغلظ مما أبيح النظر إليه، فناسب أن يعطي كل عضو حقه. ¬

_ (¬1) في (ق): "المعالجة". (¬2) أي: بأن لم يكن هناك رجل ولا امرأة يعالجان. (¬3) في (ق): "الإمام بالقدر". (¬4) في (ن): "ويقدر". (¬5) في (ن): "للعادة" وسقطت "في" من (ق)، والمثبت من (ك). (¬6) في (ن): "الصورة". (¬7) سقطت من (ن). (¬8) من (ن). (¬9) في (ن): "وجوبه". (¬10) سقطت من (ق).

الرابعة: جواز (¬1) النظر إلى فرج الزانيين لتحمل الشهادة [على] (¬2) الزنا، وإلى فرج المرأة [للشهادة] (¬3) على الولادة، وإلى ثدي المرضعة للشهادة على الرضاع، [فيه] (¬4) وجوه؛ أصحها: الجواز، وثالثها (¬5): يجوز في الزنا دون غيره؛ لأنه بالزنا هتلث حرمته، رابعها: عكسه؛ لأن الحد مبني على الإسقاط. وأما الجهل والظن، فهل ينفع أن (¬6) يكون شبهة؟ فيه مسائل: الأولى: إذا جهل حرمة الزنا وكان قريب العهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة [عن العلماء] (¬7)، فإنه لا يُحَدُّ. الثانية: أن يعلم الحرمة لكن وجدها على فراشه وظنها زوجته، فلا حد عليه. الثالثة: لو وطئ المرتهن المرهونة بالإذن (¬8) واعتقد الإباحة، فالأصح أنه يقبل وإن نشأ بين المسلمين؛ لأن ذلك لما خفي على [الإمام] (¬9) عطاء، [مع] (¬10) أنه من علماء التابعين لم يبعد (¬11) على العوام (¬12). ¬

_ (¬1) في (ن): "في جواز". (¬2) سقطت من (ق). (¬3) من (ك). (¬4) سقطت من (ق). (¬5) أغفل ابن الملقن ذكر الوجه الثاني وهو قول الإصطخري: لا يجوز أما في الزنا فللندب إلى ستره، فلا طريق إلى أن يقع نظره اتفاقًا، وأما في الرضاع والولادة فشهادة النساء مقبولة فلا حاجة إلى الرجال "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 343). (¬6) في (ق): "أو". (¬7) سقطت من (ق). (¬8) أي: وطئ الجارية المرهونة بإذن سيدها. (¬9) من (ن). (¬10) سقطت من (ن). (¬11) أي: لم يبعد خفاؤه على العوام. (¬12) والوجه الثاني: أنه إن كان قريب العهد بالإسلام، أو نشأ في بادية بعيدة، فلا حد عليه، =

الرابعة: إذا قتل من ظنه كافرًا واستند الظن إلى ظاهر بأن (¬1) رأى عليه زي الكفار، فإن كان في دار الحرب فلا قصاص، وكذا [لا] (¬2) دية على الأظهر، وعليه الكفارة، وإن كان في دار الإسلام، وجبا وفي القصاص قول. وإن رأى مرتدًا فظن أنه لم يسلم، وكان قد أسلم [157 ق/أ] فقتله، فالمنصوص: وجوب القصاص، ونص فيما إذا (¬3) اعتقده ذميًّا أو عبدًا والحالة هذه على عدم القصاص، واختلف الأصحاب على طرق: أحدها: طرد القولين في الصور، والثاني: تقرير النصين، والفرق أن المرتد يحبس في دار الإسلام ولا يخلى، فقاتله مقصر (¬4) بخلاف الذمي والعبد. والثالث: القطع بوجوب القصاص في الذمي والعبد أيضًا، فإنه [ظن ما] (¬5) لا يبيح القتل، ولا [يقتضي الإبراء] (¬6)، فأشبه الزاني العالم بالتحريم الجاهل [173 ن/أ] بوجوب الحد، وكيف ما قدر فالظاهر في (¬7) الصور وجوب القصاص، وأما إذا عهده حربيًّا، وظن أنه لم يسلم، فمنهم من جعله كالمرتد، ومنهم من قطع بأن (¬8) لا قصاص، وفرق بأن المرتد لا يخلى، والحربي قد يخلى بالمهادنة، وأيضًا؛ فإن الظن ههنا يقتضي الحل بخلاف تلك الصورة. ¬________ = ويقبل إذا ادعاه، وإلا لم يقبل. (¬1) في (ق): "أن". (¬2) من (ن). (¬3) في (ق) (¬4) في (ن): "لو". (¬5) في (ق): "مقابله تقصير". (¬6) من (ق) "لولا". (¬7) في (ن) "في". (¬8) في (ق) "أن".

ولو ظنه قاتل أبيه فقتله ثم بان خلافه، فالغزالي وغيره على أن المسألة على قولين؛ أصحهما: وجوب القصاص، وفي [كلام] (¬1) غيره ما يقتضي القطع، قال الرافعي: والوجه التسوية بينه وبين ما لو ظنه مرتدًا أو حربيًا، ولو ضربه ضربًا يقتل المريض- غالبًا وكان مريضًا [وجهل مرضه] (¬2) وجب القصاص، وفيه وجه. الخامسة: إذا اعتقد الفاسد (¬3) صحيحًا، وكان المبيع أرضا فغرسها لم تقلع مجانا، بخلاف ما لو علم الفساد. السادسة: إذا قتل أحد مستحقي القصاص قبل رضى الآخر، وجهل التحريم فلا قصاص عليه قطغا، كذا ذكره في "التهذيب"، ولو قتله بعد عفو الآخر معتقدًا التحريم جاهلاً (¬4) فإن لم نوجب القصاص عند العلم فههنا أولى، وإلا فوجهان أو قولان بناء على الخلاف فيما إذا (¬5) قتل من عرفه مرتدًا، أو ظن أنه لم يسلم وكان قد أسلم، وقد مر أن الأظهر الوجوب. قال الرافعي: ووجه الشبه ههنا أن المقتول معصوم والقاتل جاهل بحالته (¬6) [غير معذور] (¬7) في الإقدام، وأقول: إنه مقصر هناك في ترك البحث (¬8)؛ لأن المرتد في دار الإسلام لا يخلى سبيله بخلاف هذا، فإنه لا يحبس قبل العفو. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ق). (¬3) أي: العقد. (¬4) أي: جاهلًا عفو المستحق الآخر. (¬5) في (ق): "لو". (¬6) في (ن): "يحاكيه". (¬7) من (ك)، وفي (ق): "عذر". (¬8) في (ن): "الإقدام"، وفي (ق): "الأشبه"، والمثبت من (ك).

وإذا قتل من أمسك أباه حتى قتل، وقال: ظننت أن القصاص يجب على الممسك، قال الرافعي في أثناء مسألة: ما لو استحق [157 ق / ب] القصاص في اليمين فأخرج يساره فقطعت، أن الرأي [الظاهر] (¬1) أن القصاص لا يندفع (¬2) بذلك. السابعة: إذا قال: قصدت بإخراج اليسار إيقاعها عن اليمين بظني أن اليسار تجزئ عنها، فإن قال المقتص: ظننت أنه أباحها بالإخراج، فلا قصاص عليه في اليسار، وللإمام فيه احتمال، قال الرافعي [173 ن / ب]: إنه متوجه، وهو الحق، وإن قال المقتص: علمت أنها اليسار وأن اليسار لا تجزئ عن اليمين، ففي وجوب القصاص وجهان، أصحهما: المنع لتسليط المخرج [وإن قال: قطعتها عوضًا وظننت أنها تجزئ عنها كما ظن المخرج] (¬3) فالمذهب: أن (¬4) لا قصاص فيها خلافًا لابن الوكيل فيما حكاه الإمام والغزالي عن العراقيين عنه، لكن قال الرافعىِ: إن كتبهم (¬5) ساكتة (¬6) عن ابن الوكيل (¬7) في هذه الصورة. وإن قال: ظننت أنها اليمين [فلا] (¬8) قصاص (¬9) في اليسار لمعنى التسليط، وفيه وجه كما لو قتل من قال ظننته قاتل أبي فلم يكن. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ق): "لا يرتفع". (¬3) من (ك). (¬4) سقطت من (ن)، وفي (ق): "لأن". (¬5) في (ن): "كثير". (¬6) في (ق): "متأكدة". (¬7) أي: عن الرواية عنه. (¬8) سقطت من (ن)، ووقعت في (ق): "في". (¬9) في (ن): "فصار".

قاعدة من جهل شيئا مما يجب فيه الحد فلا يجب عليه الحد

ولو قال المخرج: دهشت وظني أني أخرجت (¬1) اليمين، فإن قال المقتص: ظننت أنه قصد الإباحة فقياس مسألة ما تقدم أن لا قصاص في اليسار، ولكن في "التهذيب": "القصاص فيه كما لو قتل من قال: ظننت أنه أذن لي" وهو موافق لاحتمال الإمام هناك، وإن قال: علمت (¬2) أنها (¬3) اليسار (¬4) وأنها لا تجزئ عن اليمين، فالذي يقتضيه ترجيح الأئمة من الخلاف وجوب القصاص، وإن قال: ظننت أن اليسار تجزئ عن اليمين فلا قصاص، وفيه احتمال للإمام، [وإن قال: ظننت أن المخرج يمين فلا قصاص في اليسار على الصحيح] (¬5). قاعدة " من جهل شيئًا (¬6) مما يجب فيه الحد فلا يجب عليه الحد؛ لأنه لم يقدم على مخالفة أمر الله تعالى، ومن علم حرمة شيء مما يجب فيه الحد وجهل وجوب الحد وجب عليه الحد لانتهاكه حرمة الله تعالى" (¬7) وشذ من ذلك مسألة: ¬

_ (¬1) في (ق): "وظن أنه أخرج". (¬2) في (ن): "ما علمت". (¬3) في (ن): "أن". (¬4) وقعت هذه العبارة في (ق) كذا: "علمت أنها ليست تجري". (¬5) من (ق). (¬6) وفي "ابن الوكيل": "من جهل حرمة شيء". (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 372)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 381)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 410)، "قواعد الزركشي" (3/ 116)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 239).

وهي ما إذا قتل من يعتقد عدم مكافأته له فبان مكافأته له، كما إذا قتل حرٌّ عبدًا، أو مسلم ذميًّا ثم قامت البينة بأن قد أعتق أو أسلم، فإنه لا يجب عليه القصاص على أضعف القولين، وسنذكرها قريبًا. فائدة: في موجب القتل العمد قولان (¬1) أصحهما: القود والدية بدل عند سقوطه؛ لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ في الْقَتْلَى}. والثاني: أحَدُ الأمرين [157 ق /أ]، منهما، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث [أبي شريح] (¬2): "فمن قتل بعدُ قتيلًا فأهله بين خيرتين" (¬3)، وعلى القولين لا يحتاج إلى رضى الجاني عند العفو على الدية للحديث، قال [174 ن /أ]، الإمام: إذا كنا نخير (¬4) الولي على القولين ليرجع إلى الدية عند تعذر القود، ففي العبارة المشهورة لتوجيه القولين تكلف، بل يقال: [العمد] (¬5) يقتضي ثبوت المال لا محالة، ولكنه [هل] (¬6) ينتصب معارضًا (¬7)؟ قولان (¬8). فإن قيل: ما الفرق بين عبارة الإمام وعبارة الجمهور؟ قلنا: الظاهر أن هذا ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 354). (¬2) وقعت في (ق): "ابن سريج". (¬3) أخرجه البخاري في "الصحيح" [كتاب الديات -باب من قُتل له قتيل فهو بخير النظرين- حديث رقم (6880)]، ومسلم في "الصحيح" [كتاب الحج -باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام- حديث رقم (1355)]. (¬4) في (ق): "نخير عن". (¬5) أي: القتل، والمثبت من (ق). (¬6) من (ك). (¬7) في (ن): "تعارضان". (¬8) يعني: هل ينتصب المال معارضًا وموازيًا للقصاص، أو يثبت تبعًا وبدلًا له، لا أصلًا ومعارضًا؟ .

الخلاف لفظي، وهو زيادة اقتضائه المال لا لمحضه على من يقول: القود المحض، فعلى رأي الجمهور: العمد يوجب القود فقط [على القولين] (¬1)، والموجب للمال العفو مثلًا، والإمام يقول: العفو لم يكن موجبًا للمال، وإنما كان الموجب له القود، لكن يتوازيا، وكان ينبغي من جهة المعنى اختلاف الإمام مع الجمهور فيما لو [قال] (¬2): عفوت (¬3) عن هذه الجناية، وفي باب التعويض اختلفوا أيضًا أن مهر المثل أصل والمفروض بدل عنه (¬4)، أو أحدهما لا بعينه، والأصح فيه: الثاني. ويتفرع على القولين مسائل: الأولى: لو قال في الدعوى: قتل مورثي مع جماعة ولم يذكر عددهم، وكان المطلوب القصاص وبين كونه عمدًا، فالذي رآه الغزالي وجماعة تخريجه على القولين إن قلنا: الموجب القود المحض، فالظاهر الصحة وإلا فوجهان، والذي قاله الرافعي وغيره طرد الخلاف، والصحيح: صحة الدعوى؛ لأنه إذا حققها ثبتت له المطالبة بالقصاص، وذلك لا يختلف بعدد الشركاء، ومن منع نظر إلى أنه قد يعفو، فلا يعلم ما يجب على المدعى عليه من الدية. الثانية: إذا عفا عن القصاص على الدية، فإن قلنا: الموجب القود [وجبت الدية] (¬5)، وإن قلنا: أحدهما، فأوجه، [أصحها] (¬6): سقوط القصاص ولا دية اعتبارًا بأول كلامه، والثاني: يسقط وتجب الدية. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ك). (¬3) في (ن): "عدت"، وفي (ق): "غيرت". (¬4) في (ن): "يدل عليه". (¬5) سقطت من (ن). (¬6) من (ن).

والثالث (¬1): أن هذا [العفو] (¬2) لاغ والولي على خيرته (¬3). والثالثة: لو عفا على مال من غير جنسها وقبل الجاني، فإن قلنا: الواجب القود وجب المال [158 ق /ب] وسقط القود، وإن قلنا: أحدهما، فوجهان أصحهما: أن الجواب كذلك. الرابعة: لو عفا عن القود ونصف (¬4) الدية، فإن قلنا: الواجب القود، فعن القاضي حسين أن هذه معضلة [174 ن /ب] أسْهرت الجِلَّة، وعن غيره الصحة، وسقوط القود، ونصف الدية، وإن قلنا: الواجب أحدهما، فالذي يقتضيه إطلاق المحققين: أنه يسقط وتجب نصف الدية [أيضًا] (¬5). الخامسة: إذا قال: عفوت عن [القصاص ولم يذكر] (¬6) الدية، فإن قلنا: الواجب القود المحض فهو لغو، وله بعد ذلك [أن يعفو عن القصاص، وإن قلنا: الواجب أحدهما: قالوا: إن له بعد ذلك] (¬7) أن يقتص، وفيه نظر، فإنه إذا كان الواجب أحدهما لا بعينه وكل واحد منهما موازيًا للآخر، فإذا أسقط أحدهما حقه سقط، وصرحوا بأنه لا رجوع [له] (¬8) إليه، وما ذاك إلا لأنه حقه فإذا أسقطه سقط، فإذا سقط فوجوب [الآخر] (¬9) يقتضي وجوبهما معًا، وهو يناقض قولهم: ¬

_ (¬1) في (ق): "والثاني". (¬2) سقطت من (ن). (¬3) في (ن): "جنونه". (¬4) في (ن) و (ق): "وثبتت". (¬5) من (ن). (¬6) من (ك). (¬7) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬8) من (ن). (¬9) من (ك).

قاعدة من جنى جناية فهو مطالب بها، [ولا يطالب بها] غيره

إن الواجب أحدهما. السادسة: إذا جنى على العبد المرهون عمدًا، فللراهن أن يقتص، فإن عفى على أن لا مال، فإن قلنا: الواجب أحدهما لم يصح العفو عنه، وإن قلنا: الواجب القود، فإن قلنا: مطلق [العفو] (¬1) لا يوجب المال لم يجب شيء، وإن قلنا: يوجبه [فوجهان؛ أحدهما: يجب لحق المرتهن، وأصحهما: لا؛ لأن القتل لم يوجبه] (¬2)، وإنما يوجبه العفو المطلق أو العفو على (¬3) المال، [وذلك] (¬4) نوع اكتساب منه وليس على الراهن الاكتساب للمرتهن، فإن لم يقتص في الحال ولم يعف ففيه طريقان (¬5). قاعدة " من جنى جناية فهو مطالب بها، [ولا يطالب بها] (¬6) غيره إلا في صورتين" (¬7): ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) من (ك). (¬3) في (ن): "عن". (¬4) من (ك). (¬5) أحدهما: أنا إذا قلنا: إن الواجب أحد الأمرين أجبر، وإلا فلا. (¬6) من (ق). (¬7) ذكر ابن الملقن هذه القاعدة في بدايات باب الجنايات، ولكنه ذكر ثم كلام ابن السبكي، ثم هو ذا ينقل كلام ابن الوكيل فيها هنا، وانظر: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 386)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 392)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 828)، "قواعد الزركشي" (3/ 360)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 124).

فائدة: الكفارات جوابر على الصحيح لما فات من حق الله تعالى

إحداهما: العاقلة في تحملها الخطأ وعمده (¬1). الثانية: إذا قتل الصبي المحرم صيدًا، فالجزاء في مال الولي على أحد القولين، وكذلك سائر الكفارات. فائدة: الكفارات جوابرُ على الصحيح لما فات من حق الله تعالى؛ بدليل وجوبها على حافر (¬2) البئر والنائم ونحوهما (¬3)، ولأنها عبادة للنية فيها [مدخل] (¬4) فلا تشبه الحدود والتعزيرات التي [هي] (4) زواجر محضة، وقال آخرون: بل هي زواجر على (¬5) الفعل التي وضعت بإزائه إما لفاعله (¬6) أن يقع في مثله، أو لغيره أن يفعل مثل فعله، فإيجاب الكفارة في العمد واليمين الغموس أحق منه في إيجابها في قتل الخطأ [159 ق/ ب]، أو اليمين غير الغموس (¬7)؛ [على القولين] (8)؛ لأن الزجر [175 ن/ أ] والجبر [فيهما] (¬8) أولى منه في غيرهما. قاعدة " ليس من لا يضمن شخصًا و (¬9) يضمن طرفه إلا السيد مع مكاتبه لم ¬

_ (¬1) في (ن): "وبأيدية"، ولعل صوابه: "وشبه العمد". (¬2) في (ن): "حافتى". (¬3) في (ن): "وجوها". (¬4) من (ن). (¬5) في (ق): "عن". (¬6) في (ن): "أم العاقلة". (¬7) في (ق): "ويمين الغموس". (¬8) من (ق). (¬9) في (ق): "وهي".

قاعدة كل كفارة [سببها معصية فهي على الفور]

يضمنه، وإن قطع طرفه ضمنه" (¬1). قاعدة قال القفال: "كل كفارة [سببها معصية فهي على الفور] " (¬2). [وهذا وإن أطلقه القفال إطلاقًا ففيه خلاف سيحكيه هو نفسه، فإنا سنحكي عنه وجهين، نقول: إنهما جاريان في كل كفارة] (¬3) وجبت بعدوان [بل ليس هو جاريًا على الصحيح في كل الصور؛ إذ] (3) صرح الرافعي في غير موضع من الظهار أن كفارته على التراخي وهو معصية (¬4)، وقد يقال: السبب هو العود أو مجموعهما على الخلاف فيه، والعود ليس بحرام، وعبارة الرافعي في المعسر (¬5) لا يجد الرقبة: "ليس له العدول إلى الصوم في كفارة القتل واليمين والجماع في نهار رمضان بل يصبر"، قال: "لأن الكفارة على التراخي"، قال: "وفي كفارة الظهار وجهان لتضرره بفوات الاستمتاع"، وقال في الصداق: "لا يجوز لولي الصبي أن يعتق عنه من ماله في كفارة القتل" أي: فإن ذلك قد يُوجه بأنه لا معصية من الصبي فلا فورية (¬6) [في كفارة قتل] (¬7) ولا عتق، وقال في الحج فيما إذا وجبت الفدية على الصبي: "إنه ¬

_ (¬1) "قواعد الزركشي" (2/ 345). (¬2) سقطت من (ن). (¬3) ما بين المعقوفتين من (س). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 385)، "قواعد الزركشي" (3/ 102 - 103). (¬5) في (ق): "المحصر". (¬6) في (ن): "قود". (¬7) من (ن).

ليس للولي أن يكفر عنه بالمال" لأنه غير متعين على القول بجواز افتدائه بالصوم، لكن الذي صرح به القاضي في باب الوصية، والبندنيجي في الأيمان، واقتضته عبارة الإمام، واقتصر عليه الرافعي والنووي في كفارة القتل: أن الولي يعتق عنه، وهو خلاف ما سلف، قال ابن الرفعة: "وقد يجري في المجنون"؛ [أي] (¬1) وهو ظاهر في الجنون المطبق؛ إذ لا غاية [له] (¬2) تنتظر بخلاف الصبي، قال: "والأشبه إن كان [القتل منها] (¬3) في صورة الخطأ منع الإخراج في الحال لعدم الفورية، وإن كان في صورة العمد وقلنا: إنه كالخطأ، فكذلك، وإن قلنا: كالعمد فيخرُج فيه خلاف مخرج على أن ذلك يجب على الفور أم لا؟ كما هو مذكور في باب الحج، وحاصل هذا أنه إذا كانت الكفارة على التراخي يمنع الولي من الكفارة بالعتق (¬4)، وقد يقال: لا يلزم من عدم الفورية وجوب التأخير، بل المبادرة حينئذ أولى كما في كل واجب على التراخي، وكما يجوز له أن [159 ق/ ب] يوفي دينه وإن لم يطالبه صاحب الدين بالوفاء، وقلنا والحالة هذه: إنه لا يجب إلا بالطلب طلبًا لبراءة ذمته، والظاهر [175 ن/ ب] جوازه إعتاق الولي من مال الصبي في الحال، وإن كان في صورة الخطأ". - ومنها: [لو] (¬5) أفسد الحج ووجب القضاء، فالأصح: أنه على الفور، قال ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ن). (¬3) كذا في (س)، وفي (ق): "الفصل بينهما"، وهو ساقط من (ن). (¬4) في (ق): "في العتق". (¬5) من (ق).

القفال: "والوجهان جاريان في كل كفارة وجبت بعدوان"، قال: "والكفارة بلا عدوان على التراخي قطعًا" [والله أعلم] (¬1). * * * ¬

_ (¬1) من (ن).

كتاب قاطع الطريق

كتاب قاطع الطريق قاعدة "هل المغلب في قتل قاطع الطريق حق الله تعالى أو حق الآدمي؟ " (¬1). فيه قولان، واختلف في التعبير عنهما، والأصح أن فيه معنى القصاص لكونه في مقابلة قتل، ومعنى الحد، لأن (¬2) استيفاءه للإمام، ولا عفو، وما الغالب من المعنيين؟ فيه القولان، وقيل: هذا القتل هل يتمحض حقًّا لله تعالى أو يراعى [به] (¬3) حق الآدمي؟ والأصح: الثاني. ويقال على هذا القول: إن أصل القتل في مقابلة القتل، والتحتم حق لله تعالى، [ويتفرع] (4) على الخلاف المذكور صور: - مها: إذا قتل من لا يكافئه كالأب إذا قتل ابنه، والحر إذا قتل العبد، والسيد إذا قتل عبده على أحد الطريقين، ففي قتله به قولان: إن غلبنا حق الآدمي لا يجب، وإن غلبنا حق الله وجب. - ومنها: إذا قتل واحدٌ جماعةً، فإن غلبنا حق الله تعلى قُتِلَ بهم، ولا دية [عليه] (¬4)، وإن غلبنا حق الآدمي قتل بالأول، ووجبت الدية للباقي. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 112). (¬2) في (ن): "أن". (¬3) من (ق). (¬4) من (ن).

- ومنها: إذا تاب (¬1) قبل الظفر به، فإن غلبنا حق الآدمي لم يسقط القود، وإلا سقط (¬2). - ومنها: إذا قتله أجنبي ليس [بولي] (¬3) للمقتول بغير إذن الإمام، فإن غلبنا حق الآدمي قتل به على أحد الوجهين، ووجه الآخر: كون قتله متحتمًا (¬4)، لا شك في وجوبها (¬5)، وإن غلبنا [حق الله تعالى عذر للافتيات. - ومنها: لو قتله بمثقل أو قطع عضوه فسرى إلى النفس (¬6)، فإن غلبنا حق الآدمي فُعل به مثله، وإن غلبنا] (¬7) الثاني قتل بالسيف. - ومنها: لو عفا على مال، فإن غلبنا الأول (¬8) أُخذت الدية من تركته، وإلا فلا شيء لورثة المقتول. - ومنها: لو كان مستحق القصاص صبيًّا أو مجنونًا، فينبغي أن يخرج [176 ن/ أ] على [ما] (¬9) نقل الرافعي وغيره من عفو الولي. فإن قلنا يسقط القصاص ويجب [إبذال] (¬10) المال، فلا يقتص بل يصبر حتى ¬

_ (¬1) في (ق): "مات". (¬2) أي: وإن راعينا حق الله سقط. (¬3) في (ق): "بمقتول". (¬4) في (ن) و (ق): "متحتم". (¬5) أي: الدية. (¬6) في (ن): "فصار نفسًا"، والتصويب من (ك). (¬7) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬8) أي: حق الله. (¬9) من (ن). (¬10) سقطت من (ق).

يبلغ ويعتق [160 ق / أ] لئلا يفوت عليه المال، وإن قلنا: يلغو فيتجه أن يقال: لا حاجة إلى انتظاره، ويحتمل أن يقال: يتربص به لحصول التشفي، [والله أعلم] (¬1). * * * ¬

_ (¬1) من (ن).

كتاب الحدود

كتاب الحدود قاعدة "من جهل حرمة شيء مما يجب فيه الحد أو العقوبة [وفعله لم يحد، وإن علم الحرمة وجهل الحد أو العقوبة] (¬1) حُدَّ أو عوقب" (¬2). ووجب الحد على من شرب الخمر عالمًا بتحريمها جاهلًا وجوب الحد [دون] (¬3) من شربها يظنها خلًّا (¬4)، أو يعرفها خمرًا ولكن يحسبها حلالًا إذا كان مثله ممن يجهل ذلك. وظهر [ضعف] (¬5) سؤال من قال: كيف لا يخرج [السادة] (¬6) الشافعية في وجوب القصاص في المثقل وجهين؛ إقامة لخلاف [الإمام] (6) أبي حنيفة مقام ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) ذكر ابن الملقن هذه القاعدة قريبًا، ولكنه ذكر ثمَّ تقرير ابن الوكيل ثم هو يكررها ذاكرًا تقرير ابن السبكي. راجع القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 372)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 381)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 410)؛ "قواعد الزركشي" (3/ 116)، "قواعد الندوي" (ص: 239) (¬3) من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "حلالًا". (¬5) من (ق). (¬6) من (ن).

الشبهات الدارئة للحدود، كما أن لهم وجهًا إن وطئ المرتهن الجارية المرهونة بإذن الراهن لا يُوجب الحد، وإن علم بالتحريم لما يروى عن عطاء من تجويز إعارة الجواري للوطء بالإذن، فاعتبار خلاف [الإمام] (¬1) أبي حنيفة أولى من اعتبار خلاف عطاء، وهو (¬2) ساقط يظهر [ضعفه] (¬3) بتأمل لفظ القاعدة، فإن هذا الوجه على ضعفه إنما قال: خلاف عطاء شبهة (¬4)؛ لقوله بالحل لا بالحرمة مع سقوط الحد، وإليه أشار أبو سعد الهروي بقوله في "غوامض الحكومات": "الصحيح من مذهبنا أن الشبهة العاملة (¬5) في درء الحد تنشأ عن قوة تقابل الأدلة [لا] (¬6) عن مجرد الاختلاف". و[الإمام] (¬7) أبو حنيفة لم يقل: بحل القتل بالمثقل (¬8)، وإنما قال بسقوط القصاص، فكان القاتل بالمثقل (¬9) عالمًا بالحرمة جاهلًا بالعقوبة، فلا ينفعه جهله بها (¬10)، بخلاف الجهل بالحرمة من أصلها، ولقد أثر الجهل بالحرمة حتى في الضمانات التي أصلها على أن لا يفرق الحال (¬11) فيها بين العلم والجهل، فلم يؤثر ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) أي: السؤال السابق. (¬3) كذا في (س)، وفي (ق): "الصيغة"، وهي ساقطة من (ن). (¬4) في (ن): "يشهد". (¬5) في (ن): "المقابلة". (¬6) سقطت من (ن) و (ق). (¬7) من (ن). (¬8) ولا يقول بذلك أحد. (¬9) في (ن): "بالقتل". (¬10) في (ق): "به". (¬11) في (ن) و (ق): "الجاني"، والمثبت من (س).

التعزير فيها مع العلم بالتحريم، قال الأصحاب في غاصبٍ أمر غيره بإتلاف المغصوب ففعله (¬1) جاهلًا [176 ن/ ب] بأنه غاصب: أن المذهب القطع باستقرار الضمان على المتلف؛ لأنه لا يخرج على القولين (¬2) في الأكل من الغاصب؛ لأن ما فعله هذا حرام بخلاف الأكل، ولا أثر للتعزير مع التحريم. وشذ عن القاعدة مسائل: - منها: قتل من (¬3) يعتقد [عدم] (¬4) مكافأته، كحر قتل عبدًا، أو مسلم قتل (¬5) ذميًّا، ثم تقوم البينة بأنه كان قد أعتق وأسلم، فلا قصاص عليه في قول. - ومنها: وطئ (¬6) جارية ظنها مشتركة بينه وبين غيره، فإذا هي [غير] (¬7) مشتركة [160 ق/ ب] وقلنا بالأصح، وهو أنه لا حد بوطء المشتركة، فهل يجب الحد هنا؟ تردد فيه الإمام، ورجح النووي وجوبه؛ لأنه علم التحريم فكان من حقه الامتناع. - ومنها: إذا وطئ الجارية مشتريها شراء فاسدًا؛ لكون الثمن خمرًا أو لاشتمال العقد على شرط فاسد، فلا حد لاختلاف العلماء في حصول الملك بالبيع الفاسد، مع أنه لم يبح أحد الوطء (¬8) فيه، ومن ثم استشكل الإمام عدم الحد. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "فقط". (¬2) في (ن) و (ق): "القول". (¬3) في (ن) و (ق): "شيء". (¬4) سقطت من (ن). (¬5) في (ق): "يقتل". (¬6) في (ن) و (ق): "وجد". (¬7) سقطت من (ق). (¬8) في (ن): "الواطئ".

قاعدة لا يجب قذف الزوجة إلا في مسألة واحدة

- ومنها: لو بادر أحد ابني المقتول وقتل الجاني بغير إذن الآخر قبل عفوه، فالأظهر: لا قصاص للشبهة، والأصح: أن الشبهة كونه صاحب حق في المستوفي، [وقيل: قول] (¬1) بعض علماء المدينة: أن انفراد كل من الورثة (¬2) جائز، والقول الثاني: أنه يجب القصاص، فعلى هذا يقع الاستثناء (¬3)، فإن بعض علماء المدينة قال بالحد، ثم لم يعتبر خلافه. قاعدة " لا يجب قذف الزوجة إلا في مسألة واحدة إذا ولدت ولدًا اعتقده من الزنا " (¬4). قاعدة ذكرها الرافعي في الجراح في مسألة المبادرة، وفي باب حد الزنا أيضًا: "كل جهة صححها بعض العلماء وحكم بحل الوطء بها، فالظاهر أنه لا حد على الواطئ بتلك الجهة وإن كان لا يعتقد الحِلَّ" (¬5). وهذا القاعدة ذكرها الإمام أيضًا في "نهايته" في الحدود فقال: "القاعدة المعتمدة في المذهب: أن كل جهة صار إلى تصحيحها والحكم بإفضائها إلى الإباحة صائر (¬6) ..................................................... ¬

_ (¬1) في (ن): "وفيه أنه قول". (¬2) في (ق): "الورثة المؤثر". (¬3) في (ن): "يجب الاستيفاء". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 401). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 394). (¬6) في (ن) و (ق): "جائزة"، والمثبت من (س).

من أهل (¬1) الشريعة، فإذا حصل الوطء بها فالمذهب [انتفاء الحد] (¬2)، وإن كان المقدم عليها لا [177 ن / أ] يرى استحلال الوطء بها". وقد ذكر الرافعي في [باب الزنا] (¬3) أن المذهب وجوب الحد على المرتهن إذا وطئ الجارية المرهونة بإذن الراهن (¬4)، وهو يعتقد التحريم، والمحكي عن عطاء في هذه الصورة الإباحة. قال الرافعي: وقياس هذه القاعدة أن تكون شبهة تدرأ الحد، وكأنهم لم يصححوا النقل عنه، وإن قيل: انعقد الإجماع بعده، فهذا قد ذكر مثله في نكاح المتعة، فيلزم أن يحكم فيه بوجوب الحد. وذكر الفقيه (¬5) -رحمه الله- في "الكفاية": أن النقل لم يصح عن عطاء. قلت: ولو صح فليس بشبهة لضعفه (¬6)، والحد لا يدرأ بالمذاهب وإنما يدرأ بما يتمسك به أهل المذاهب من الأدلة، وليس لعطاء متمسك -أي قوي-[161 ق/ أ] وقد قال الإمام: "التثريب عندنا أن كل عقد ليس فساده (¬7) من المظنونات، [وإنما عزى لبعض الأئمة فيجري -أي قوله فيه- ونكاح المتعة منه، فإن الذي استمر عليه مذاهب علماء الأمة أن نكاح المتعة نُسخَ (¬8)، وقد قيل: رجع ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "أصل". (¬2) في (ن): "أنه"، وهي ساقطة من (ق)، والمثبت من (س). (¬3) سقطت من (ن)، وفي (ق): "الحد". (¬4) في (ق): "المرهون". (¬5) يعني: ابن الرفعة. (¬6) في (ن): "بضعفه". (¬7) وقعت في (ن) و (ق): "ليس فيه مادة"، والمثبت من (س). (¬8) أي: بعد أن كان مباحًا.

ابن عباس عما نسب إليه من الإباحة، وكل عقد لا يمكن القطع بفساده، ويلحق الكلام فيه بالمظونات] (¬1)، فهو شبهة في درء الحَدِّ كمذهب [الإمام] (¬2) أبي حنيفة في النكاح بلا ولي، ومذهب [الإمام] (2) مالك [في انعقاده] (¬3) بلا شهود، ولا يجري القول الذي ذكرته (¬4) في هذا الصنف". انتهى. وحاصله: أن المخالف في أمر مظنون يعتبر مخالفته، والمخالف في أمر مقطوع أو مقارب له لا يعتبر خلافه، وينبغي أن يكون الضابط [ما ينقض] (¬5) فيه قضاء القاضي، فكل ما [لا] (¬6) ينقض يكون عذرًا، وكل ما ينقض لا يكون عذرًا، وقول الرافعي: "انعقد الإجماع بعد عطاء"، فقد قيل مثله في نكاح المتعة بعد ابن عباس [فأنى يستويان (¬7)، وعطاء لم يثبت النقل عنه بخلافه، ولكن قيل: رجع (¬8)، والأصل عدمه، فاعتبار خلافه مستمر على الأصل، وأما عطاء فالأخذ بقوله أخذ بما (¬9) لم يثبت، ودل الاتفاق بعده على عدمه، ومتمسك ابن عباس] (¬10) قوي (¬11). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) من (ن). (¬3) من (س). (¬4) في (ق): "ذكرناه". (¬5) من (ق). (¬6) من (ن). (¬7) في (ن): "وابن سوار". (¬8) في (ن): "يرجع". (¬9) في (ن): "فالأخذ بقول أحدهما ما"، والتصويب من (س). (¬10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬11) أي: فمتمسك ابن عباس فى الجملة أقوى من متمسك عطاء أو أقل ضعفًا فلا يلزم من عدم اعتبار الأضعف عدم اعتبار الضعيف.

قاعدة من أتى معصية لا حد فيها ولا كفارة عزر

ومن مسائل القاعدة: - إذا نكح مجوسية أو وثنية قال البغوي (¬1): وجب الحد [177 ن/ ب]، وقال الروياني في "جمع الجوامع": لا حد، فإن في نكاحها خلافًا، قال الرافعي: هذا هو القياس إذا تحقق الخلاف، قال ابن الرفعة: وكأنه فهم أن ما أشار إليه الروياني من الخلاف بين الأئمة لا بين أصحابنا وليس الأمر كذلك؛ لأن بعض أصحابنا جوز (¬2) نكاح المجوسية، كذا ادعى (¬3)، وكأنه استبعد أن يكون الرافعي فهم أن الخلاف بين أصحابنا ثم يقال معه بالوجوب (¬4)، فإن الخلاف في المذهب أقوى من الخلاف غير المذهبي، وهذا غير لازم، بل قد يكون الأول في غاية السقوط، والأقوال الشاذة قد تكون في المذهب كما تكون خارجه، وممن ذهب إلى أن للحاكم أن يزوج الحرة المجوسية من أصحابنا القدماء الإمام أبو بكر الفارسي صاحب "عيون المسائل"، نقله عنه أبو عاصم العبادي في "الطبقات". قاعدة " من أتى معصية لا حد فيها ولا كفارة عُزِّر" (¬5). و[من ثم] (¬6) لم يشترط الماوردي والغزالي انتفاء الكفارة، وتبعهما في "التعجيز". ¬

_ (¬1) في (ق): "الرافعي". (¬2) في (ن): "جوزوا". (¬3) يعني: ابن الرفعة. (¬4) أي: بوجوب الحد. (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 396)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 829)، "قواعد الزركشي" (3/ 198). (¬6) من (ن).

ويستثنى من ذلك مسائل: أعني مما لا حد فيه ولا كفارة. الأولى: [ما] (¬1) لا يفيد (¬2) فيه إلا الضرب المبرح على ما حكاه الإمام عن المحققين، قال: "لأن الضرب المبرح يهلك فلا سبيل إليه، وغيره لا يفيد فلا يفعل"، وجرى في "الروضة" عليه، وبحث الرافعي فقال: إنه يشبه أن يضرب غير مبرح [إقامة [161 ق/ ب] لضرورة] (¬3) الواجب وإن لم يُفِدْ (¬4). وشبه الأول ما نقله الرافعي عن الإمام فيمن قتل نحيفًا بضربات تقتل مثله (¬5) غالبًا وتيقَنَّا، أو ظننا ظنًّا مؤكدًا أن الجاني في نفسه وقوته لا يهلك (¬6): أن الوجه القطع بأنه لا يُضْرَبُها لأنها (¬7) لا تقتله، وإنما يراعى المماثلة إذا [توقعنا] (¬8) حصول الاقتصاص بذلك الطريق فيعدل (¬9) إلى السيف هنا ابتدأ، وكذا يشبهه ما قاله في "التتمة": [من] (¬10) أن موضع الخلاف في هل (¬11) يعدل إلى استعمال [خشبة] (¬12) فيمن قتل بلواط فيما (¬13) إذا كان موته متوقعًا من ذلك، أما إذا لم ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) في (ن): "يعتد". (¬3) في (ن): "إذا تصور"، وفي (ق): "كصورة". (¬4) في (ن): "يعتد". (¬5) في (ن) و (ق): "منه". (¬6) أي بتلك الضربات. (¬7) في (ن) و (ق): "لأنه". (¬8) سقطت من (ن). (¬9) في (ق): "فينقل". (¬10) سقطت من (ن). (¬11) فى (ن): "هذا". (¬12) سقطت من (ن). (¬13) في (ن): "بما".

يتوقع وكان موت المجني عليه لطفولة ونحوها، فلا [معنى] (¬1) للمقابلة [178 ن / أ]. الثانية: ما قاله الشيخ عز الدين [ابن عبد السلام] (2) أن الأولياء لا يعَزرون على الصغائر، بل تقال عثراتهم، وتستر زلاتهم، ويشهد له ما قاله ابن الصباغ في "شامله" في السِّيَر: فيما إذا كتب بعض المسلمين إلى المشركين بخبر الإمام أن [الإمام] (¬2) الشافعي قال: إن كان فاعل هذا من ذوي الهيئات عُذِر، ولم يعزر لحديث حاطب. الثالثة: حكى ابن الرفعة وجهًا أن قاذف ولده لا يعزر. الرابعة: من وطئ امرأته في دبرها، فإنه لا يعزر في أول مرة، فإن عاد عزر، نُصَّ عليه، وذكره صاحب "التهذيب" (¬3)، والروياني. قال القاضي أبو حامد المروذي (¬4) فيمن دخل من أولى القوة الحِمى الذي حماه الإمام [عن] (¬5) ماشيتِه: أنه لا يعزر [مع] (¬6) كونه عاصيًا. الخامسة: [على وجه] (¬7) إذا وطئ السيد (¬8) المكاتبة لا يعزر، وإن علم التحريم. السادسة: [ما] (¬9) أطلقوا أن الزكاة يجب دفعها إلى الإمام الجائر بعد طلبه، ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) من (ن). (¬3) في (ق): "المهذب". (¬4) وقعت في (ن) و (ق): "البزدوي". (¬5) سقطت من (ق). (¬6) سقطت من (ن) و (ق). (¬7) في (ن): "الشبهة". (¬8) من (ق). (¬9) من (س).

وأنه إذا غلَّها من الجائر لا يعزر (¬1)، ولا يبعد التعزير بعد الطلب أحرى. - قد يجمع الحد أو الكفارة مع التعزير في مسائل: الأولى: من أتى بهيمة في نهار رمضان وجب عليه مع القضاء العقوبة والكفارة، ذكره صاحب "التهذيب"، ومراده بالعقوبة التعزير، لأن الأصح انتفاء الحد. الثانيه: الجماع في نهار رمضان، فإنه فيه مع الكفارة التعزير، صرح به ابن يونس في "شرحه"، ولعله أخذه مما قبله، ومن أفطر عاصيًا في رمضان بغير الجماع عليه مع القضاء التعزير والفدية على أصح الوجهين، كذا قال البغوي في "التهذيب"، والفدية غير الكفارة، قال: لأنها لما وجبت على [162 ق/ أ] المرضعة مع كونها معذورة؛ فلأن تجب على (¬2) [غير] (¬3) المعذور أولى، والأصح عند الرافعي والنووي: أن الفدية لا تجب. الثالثة: اليمين الغموس يجب فيها مع الكفارة التعزير، قال الشيخ عز الدين في قواعده، وابن الصلاح في فتاويه: التعزير؛ لجرأته على ربه، والكفارة لمخالفة موجب اليمين وإن كان مباحًا [178 ن/ ب] أو مندوبًا. الرابعة: قال ابن الصباغ (¬4) في أوائل الجراح: كل مكان [قلنا] (¬5) لا يجب [فيه] (¬6) القصاص، فإن القاتل يعزر ويلزمه البدل والكفارة. ¬

_ (¬1) في (ق): "لا يمنع". (¬2) في (ن): "مع". (¬3) من (ق). (¬4) في (ن): "ابن الصلاح". (¬5) سقطت من (ن). (¬6) من (س).

الخامسة: قال الفوراني: تقطع يد السارق ويعزر أيضًا، قال مجلي: إن أراد بالتعزير تعليق يده في عنقه فحسن، أو غيره فمنفرد (¬1) به، انتهى. وقد يقال: هو تتمة للحد (¬2) [لا تعزير] (¬3)، كما [هو وجه] (¬4) في حسم اليد المقطوعة بالزيت المغلي. السادسة: قال ابن داود في "شرح المختصر": إذا قتل الرجل من زنى بأهله في الحالة التي هو فيها زانٍ لم يعزر، وإن احتال (¬5) على الإمام، بل يعزر؛ لأن الغيظ والحمية حمله [عليه] (¬6)، ونقل الخطابي في "معالمه" (¬7) أن [الإمام] (8) الشافعي نص على أنه يحل له قتله والحالة [هذه] (8) فيما بينه وبين الله تعالى، وإن [كان] (¬8) يقاد به في الحكم، فعلى هذا لا استثناء. السابعة: إذا استوفى ولي الدم القصاص بغير إذن الإمام [لم] (¬9) يعزر على ¬

_ (¬1) كذا في (س)، وفي (ن): "أو غير متفرد به"، وفي (ق): "أو غيره منفرد به". (¬2) أي: تعليق اليد في العنق. (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "يعذر". (¬4) في (ق): "يقال". (¬5) في (ق): "افتات". (¬6) من (ن). (¬7) في (ن) و (ق): "معانيه". وكتاب "معالم السنن" لأبي سليمان حَمَد بن محمد بن إبراهيم الخطابي المتوفى سنة (388 هـ) هو شرح على "سنن" الحافظ أبي داود سليمان بن أشعث السجستاني المتوفى سنة (275 هـ)، انظر: "كشف الظنون" (2/ 46)، "طبقات ابن قاضي شهبة" (1/ 132 - رقم 116). (¬8) من (ن). (¬9) من (ق).

قاعدة أن سقوط [حد القذف وعدم] حد الزنا على المقذوف لا يجتمعان

وجه، قال ابن الرفعة: لعل مأخذه تجويز الاستبداد، والأمر كذلك. [الثامنة: الزيادة على أربعين (¬1) في الخمر (¬2) إلى ثمانين تعزير على الأصح، والأربعون حد فاجتمعا] (¬3). التاسعة (¬4): نص [الإمام] (¬5) الشافعي (¬6) على أن الأب يجب عليه بقتل ابنه الدية (¬7)، وإليه أشار ابن الصباغ بقوله الذي حكيناه [عنه] (¬8): أن كل مكان لا يجب فيه القصاص يعزر القاتل، ويلزمه البدل والكفارة. قاعدة فيما جُمع من "فتاوى القفال": "أن سقوط [حد القذف وعدم] (¬9) حد الزنا على المقذوف لا يجتمعان [إلا] (¬10) في مسألتين" (¬11): إحداهما: إذا أقام القاذف بينة على زنا المقذوفة، وأقامت (¬12) [هي] (¬13) بينة على أنها عذراء. ¬

_ (¬1) في (ق): "أربع". (¬2) في (ق): "الحر". (¬3) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬4) في (ن): "الثامنة". (¬5) من (ن). (¬6) حكى ابن الرفعة هذا النص عن الإمام الشافعي في حواشي كافيته. (¬7) وكذلك الكفارة والعقوبة كما في "ابن السبكي". (¬8) من (ن). (¬9) سقطت من (ق). (¬10) من (ن). (¬11) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 399). (¬12) في (ن) و (ق): "وأقام". (¬13) من (ق).

الثانية: إذا أقام شاهدين (¬1) على إقرار المقذوف بالزنا، وقلنا: الإقرار بالزنا لا يثبت بشاهدين، ففي سقوط الحد عن القاذف وجهان [162 ق / ب] والظاهر: نعم، قال الرافعي: وكأن المراد ما سوى صورة التلاعن؛ فإن الزوجين إذا تلاعنا اندفع الحدَّان. ولو أقام البينة على إقرار المقذوف بالزنا سقط عنه الحد، فلو رجع المقذوف عن الإقرار سقط عنه حد الزنا، ولا يقبل رجوعه في حق (¬2) القاذف، ولا يلزمه الحد، وهذه مسألة أخرى اجتمع فيها سقوط حد القذف وعدم الحد على المقذوف، قال في "الروضة" (¬3): مراد القفال [179 ن / أ] لا يسقط حد القذف مع أنه لا يحكم بوجوب حد الزنا إلا في المسألتين، فلا يرد عليه الأخيرتان؛ لأنه وجب فيهما حد الزنا ثم سقط بلعانهما أو بالرجوع، ولهذا قال: وعدم [حد] (¬4) الزنا على المقذوف، ولم يقل: وسقوط حد الزنا كما قال، وسقوط حد القذف. فالحاصل: أنه لا يسقط حد القذف [ويمتنع] (¬5) حدُّ الزنا إلا في [المسألتين، ولا يسقط حد القذف وحد الزنا إلا في] (¬6) أربع، والمراد السقوط بحكم الشرع لا بعفوه (¬7) ونحوه، وهو كما قال، إلا أن يقال: الأولى وجب فيها حد الزنا ثم سقط، ¬

_ (¬1) في (ن): "شاهدان". (¬2) في (ن) و (ق): "حد". (¬3) في (ق): "الرخصة". (¬4) من (ق). (¬5) من (ق). (¬6) من (ق). (¬7) في (ن) و (ق): "بعقوبة".

وهي وِزَان صورتي الرافعي، وبتقدير (¬1) أن مراده ما ذكره (¬2)، فيرد [عليه] (3) ما إذا قذفه وطالبه المقذوف بالحد، وادعى [أن] (¬3) المقذوف زنا وطلب يمينه، وقلنا بالصحيح: أنه يحلف فنكل فحلف القاذف، فإنه يسقط حد القذف ولا يجب (¬4) حد الزنا على المقذوف، وكذا لو قذف من لا وارث له على قول، واقتضاه الرافعي على الصورتين فيما إذا شهد عليه أربعة بالزنا، ولكنهم فسقة بفسق مجتهد فيه، وكذا مقطوع به على الأصح عند صاحب "العدة"، وكذا لو ارتد (¬5) المقذوف أو سرق بعد القذف على خلاف فيهما، وغير ذلك، [والله أعلم] (¬6). * * * ¬

_ (¬1) في (ن): "وتبعه ابن". (¬2) أي: ما ذكره النووي. (¬3) من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "يسقط"، والمثبت من (س). (¬5) في (ن): "أراد". (¬6) من (ن).

كتاب الجزية

كتاب الجزية فائدة: ما منع الكفار من جزيرة العرب هل هو لشرف البقعة أو لكونها مجمع العرب؟ فيه خلاف في صور (¬1): - منها: الطرق الممتدة بين مخالفيها إن علل بشرف البقعة، منعوا (¬2) وهو الأظهر عند الغزالي. - ومنها: إلحاق اليمن بجزيرة العرب؛ حيث قيل (¬3): إنه ليس منها (¬4) إن علل بالاجتماع (¬5) منعوا منه. قاعدة " يحتمل في الدوام ما لا يحتمل في الابتداء، وقد يحتمل في الابتداء ما لا يحتمل في الدوام" (¬6). القسم الأول: [فيه صور الأولى: عقد الذمة لا يُعقد مع (¬7) تهمة الخيانة، ولو ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 198). (¬2) أي: منعوا أن يفدوا منها. (¬3) في (ن): "قال". (¬4) في (ق): "منه". (¬5) في (ق): "بالثاني". (¬6) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 308)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 127)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 389)، "قواعد الزركشي" (3/ 374)، "شرح القواعد الفقهية" للزرقا رقم (54)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 240). (¬7) في (ق): "لا ينبذ من".

اتهمهم بعد العقد لم] (¬1) ينبذ إليهم عهدهم؛ بخلاف الهُدنة (¬2)، فإنه ينبذ فيها العهد (¬3) بالتهمة. - ومنها [وهي الثانية] (¬4): إذا قلنا: لا تصح هبة العبد الآبق، فلو أبق الموهوب فهل يمنع رجوع من ملك الرجوع؟ وجهان؛ لأن الرجوع نوع نيابة. - ومنها [وهي الثالثة] (¬5): قال القاضي في تعليقه في نكاح المشرك: قال أصحابنا: كل امرأة جاز [ابتداء] (¬6) نكاحها (¬7) في الإسلام جاز للمسلم إمساكها بعقد [179 ن / ب] مضى في الشرك، وهذا مطرد، قال: وينعكس إلا في مسألتين ذكرهما البغوي. الأولى: لو أسلم الزوج وأحرم ثم [أسلمت] (¬8) [أُحِل] (¬9) له إمساكها في حالة الإحرام دون ابتداء النكاح وهو محرم. الثانية: إذا أسلم الزوج ووطئت المرأة بشبهة ثم أسلمت، له إمساكها، وفي الابتداء إذا كانت معتدة عن الغير لا يجوز نكاحها، وأبطل القفال هذا الاستثناء [وقال] (¬10): أما مسألة الإحرام فقد فتشنا كتب الإمام الشافعي فما وجدناها ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬2) في (ن): "المقدمة". (¬3) في (ن): "الحد". (¬4) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬5) ما بين المعقوفتين من (ق). (¬6) سقطت من (ق). (¬7) في (ن): "جاز نكاح ابتداء نكاحها". (¬8) سقطت من (ن). (¬9) سقطت من (ق). (¬10) من (ك).

منصوصة ووجدنا ما يدل على خلافها، فإنه نص على أنه لو أسلم وامرأته متخلفة (¬1)، فارتد ثم أسلمت [المرأة] (¬2) قال: إن عاد إلى الإسلام قبل انقضاء عدتها من وقت إسلامه فهما على النكاح، فما جَوَّز [الإمساك] (¬3) في حال الردة، وكذا حال الإحرام. قال القاضي: ليس هذا كالردة، فإنها تنافي الرجعة، والإحرام لا ينافيها، وهذا فرق الحكم، والقفال منع رجعة المحرم كما هو أحد الوجهين، وقال في مسألة الموطوءة بشبهة: [إن ذلك يلتبس؛ لأن عدة الموطوءة بشبهة] (¬4) لم تجب بعد؛ لأنها كانت في مدة التربص، فأشبهت الرجعية إذا وُطئت بالشبهة، فإن عدة الشبهة [بقيت] (4) دينًا في ذمتها إلى أن تنقضي عدة الزوج، وبيان (¬5) مسألتنا: لو حبلت من وطئ الشبهة (¬6)، فحينئذ لو أسلمت لم يكن للزوج إمساكها كالابتداء. قال القاضي: هذا لا يصح [لأنها] (¬7) إنما تكون في عدة التربص لو لم تسلم قبل انقضاء عدتها، فأما [163 ق/ ب] إذا أسلمت تبين أن الفرقة ما وقعت بينهما، وأن عدة الوطء بشبهة تجب عليها من حين الوطء بالشبهة بخلاف الرجعية؛ لأن بالطلاق تبينا وقوع الفرقة بينهما، ولهذا لا يجب عليها عدة الوطء بالشبهة في الحال. ¬

_ (¬1) في (ن): "مختلعة". (¬2) من (ق). (¬3) من (ن). (¬4) من (ك). (¬5) في (ن): "وإن"، وفي (ق): "ثوران". (¬6) أي: "حتى وجبت عليها العدة من وطء الشبهة". (¬7) سقطت من (ن).

قال القاضي: إلا أنه يمكنه أن يجيب بأن يقول: قيل: إن أسلمت كنا (¬1) نعتقد أنها في عدة التربص، ولهذا لا يجب عليها عدة أخرى في الحال. الرابعة: لا يجوز للحر نكاح الأمة الكتابية، ولو أسلم الحربي (¬2) فالمشهور أنه لا يجبر زوجته الحربية وتستبرئ، ولو كانت حاملًا ففي استرقاقها وجهان أصحهما: الجواز، فإن استرقت انفسخ نكاحها، وقيل: لا، وإن كان ابتداء نكاحها باطلًا (¬3) لوقوع [180 ن/ أ] الرق في الدوام. الخامسة: إذا وجد طول حرة ومعه أمة، أو أمن العنت فلا يفسخ نكاح الأمة. السادسة: لو أسلم الحربي واسترقت زوجته بعد الدخول، فالأظهر: انقطاع النكاح، والثاني: يتربص إلى انقضاء عدتها (¬4)، رجاء زوال الكفر والرق، فلو زال الكفر دون الرق والزوج [ممن] (¬5) لا يحل له نكاح الإماء ابتداء فوجهان، وجه الجواز: القياس على ما إذا أسلم الكافر وتحته أمة وهو موسر فإن (¬6) له إمساكها. السابعة: إذا قلنا: الملك في الوقف للموقوف عليه، لا تزوج الأمة الموقوفة عليه اتفاقًا، ولو وقفت زوجته عليه انفسخ النكاح على المذهب، وقيل: لا (¬7). الثامنة: الأب لا ينكح أمة ابنه، ولو اشترى ابنة زوجته ففي الانفساخ وجهان، ¬

_ (¬1) في (ن): "بما". (¬2) أي: قبل الأسر. (¬3) في (ن) و (ق): "باطل". (¬4) في (ق): "العدة". (¬5) من (ك). (¬6) في (ن) و (ق): "ليس"، والمثبت من (ك). (¬7) أي لا ينفسخ، واستبعد إمام الحرمين هذا الوجه؛ لأنه ملك تقديري فلا يقوى على قطع دوام النكاح.

الأشبه: الانفساخ، وقطع بعضهم بمقابله. قلت: لكن الأصح المنع، بخلاف ما إذا ملك مكاتب (¬1) زوجة سيده، فإن الأصح الانفساخ، وفرق بأن تعلق ملك المكاتب (¬2) فوق تعلق الأب بمال ابنه، فحدوث ملك المكاتب يقرب من ملك الشخص زوجة نفسه. - صور أخرى: الأولى: لو ملك عبدًا له عليه دين، فهل يسقط الدين؟ فيه وجهان (¬3). أحدهما: نعم، كما لا يثبت له على عبده [دين] (¬4) ابتداء، وأصحهما: لا، إذ (¬5) للدوام من القوة ما ليس للابتداء. الثانية (¬6): نكاح المعتدة والمحرمة لا ينعقد ويحتمل طريانه في أثناء (¬7) النكاح، كما لو اعتدت عن وطء شبهة. الثالثة: المتيمم إذا رأى الماء في [164 ق / أ] أثناء الصلاة أتمها إن كانت مما يسقط فرضها بالتيمم، وهو مانع في ابتداء الصلاة. الرابعة: وُجدان الرقبة في صوم الظهار والكفارة والقتل والصوم (¬8) مانع من ابتداء الصوم دون دوامه، [قاله الشيخ عز الدين] (¬9). ¬

_ (¬1) في (ن): "مكاتبته". (¬2) أي: تعلق السيد بملك المكاتب. (¬3) في (ق): "وجهين". (¬4) من (ن) (¬5) في (ن) و (ق): "و". (¬6) في (ن) و (ق): "قاعدة". (¬7) في (ن): "ابتداء". (¬8) في (ن) و (ق): "وكفارة القتل وهو"، والتصويب من (ك). (¬9) من (ق).

الخامسة: [توقيت النكاح مانع في ابتدائه، دون دوامه] (¬1) إذا قال: أنتِ طالق غدًا أو بعد شهر، خلافًا للإمام مالك. السادسة: إذا وجد عين ماله عند من أفلس (¬2) فهو أحق به إذا كان الدين حالًّا، فلو كان مؤجلًا وحل في أثناء الحول، فليس له الفسخ على وجه. السابعة: اشتراط [اجتماع] (¬3) العدد (¬4) في ابتداء (¬5) صلاة الجمعة لا شك فيه، وفي الدوام (¬6) كذلك على الأظهر، ووجه مقابله (¬7): أن الشيء قد يشترط في الابتداء دون الدوام كالنية في الصلاة وغيرها. الثامنة [180 ن/ ب]: إذا أذنت المرأة لأحد وليين في التزويج من زيد وأذنت لآخر في التزويج من عمرو وجوزناه، فعقد كل [واحد] (¬8) منهما النكاح، وأشكل السابق، ولم يعرفه، فالنكاحان باطلان لتعذر الإمضاء؛ إذ ليس أحدهما أولى من الآخر، ولو سبق [واحد] (¬9) معين ثم اشتبه، وجب التوقف حتى يتبين، وليس لأحدهما غشيانها (¬10) ولا لثالث والحالة هذه، ومن صورتها (¬11) تحقق اليأس من التبين. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ن): "أسلم". (¬3) من (ق). (¬4) أي: اجتماع العدد المشروط. (¬5) في (ق): "أثناء". (¬6) يعني: فهل يشترط البقاء حتى لو انفضوا في أثنائها هل تبطل؟ فيه قولان، أصحهما: الاشتراط؛ لأن ما اشترط في الابتداء اشترط في الدوام. (¬7) أي: عدم اشتراط البقاء. (¬8) من (ن). (¬9) من (ن). (¬10) في (ن) و (ق): "عيانها"، والمثبت من (ك). (¬11) في (ن): "صور"، وفي (ق): "صوره".

التاسعة: إذا أسلم العبد في دوام ملك الكافر لم ينفسخ العقد، ولو كان [مسلمًا] (¬1) في الابتداء لما تصور ملكه بهذا البيع. العاشرة: ولو أسلم في مفقود (¬2) عند [المحل] (¬3) لا يصح وفاقًا، فلو أسلم فيما يؤمن انقطاعه ثم انقطع في محله، ففيه قولان، [أو وجهان] (¬4). قلت: أصحهما: عدم (¬5) الانفساخ. الحاديه عشرة: النوافل التي يمكن فعلها في السفر الطويل راكبًا وماشيًا، وفي اشتراط استقبال القبلة في ابتداء الصلاة أوجه، أصحها: [أنه] (¬6) إن سهل الاستقبال وجب (¬7)، وإلا فلا (¬8). إذا عرفت ذلك فدوام [قيام] (¬9) الصلاة لا يجب استقبال القبلة فيها. الثانية عشرة: جواز رهن ما يتسارع إليه الفساد بشرط [بيعه] (¬10) عند الإشراف قبل حلول الدين المؤجل وجعل ثمنه رهنًا، فلو اتفقا في غير هذه الصورة في أثناء (¬11) الرهن على رهن غير المرهون هل لهم ذلك؟ فيه وجهان وعللوه بذلك. ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) في (ق): "معقود". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) من (ق). (¬5) في (ن): "نعم". (¬6) من (ق). (¬7) كما لو كان عنان الدابة بيده. (¬8) كما لو كان راكبًا في مقطورة. (¬9) من (ن). (¬10) سقطت من (ن). (¬11) في (ن): "ابتداء".

الثالثة عشرة: رهن [164 ق/ ب] ما يتسارع إليه الفساد لا يجوز بدين مؤجل، ولو رهن غيره ثم طرأ ما يعرضه للفساد لم يفسد. الرابعة عشرة: لا يصح رهن العبد الجاني إذا تعلق برقبته أرش جناية مالية في الأصح، ولو جنى المرهون لم ينفسخ، بل إن عفى المجني عليه استمر، وإلا فإن فداه السيد فذاك، وإلا بيع منه ما يؤدي الأرش، وإن تعلق برقبته قصاص جاز رهنه كما يجوز بيعه، فلو رهنه ثم عفا المستحق على مال فهل يكون كتعلق (¬1) الأرش بالابتداء حتى يتبين فساد الرهن؟ فيه وجهان، وإن قلنا: يتبين الفساد، فلو حفر العبد بئرًا فتردى فيها إنسان بعد أن رُهن وتعلق الضمان برقبته، ففي تبين [181 ن/ أ] فساد الرهن، وجهان؛ لأن الحفر لم يكن سببًا تامًا بخلاف الجناية في الصور السابقة. الخامسة عشرة: إذا اشترى دارًا ثم انفصل بعضُ بنيانها عن بعض قبل الأخذ بالشفعة (¬2) بالانهدام وسقوط الجدران، فهل يأخذ الشفيع الشقص (¬3)؟ وجهان، ويقال: قولان، أحدهما: نعم، لأن منقوليته عرضت بعد البيع وتعلق حق الشفيع به والاعتبار بحال جريان العقد، ولهذا لو اشتراها وانهدمت يكون النقص للمشتري كما لو كان في الابتداء، كذلك فأدخل الشقص (¬4) في البيع، فإنه لا يؤخذ بالشفعة. السادسة عشرة: الإغماء يمنع الاعتكاف (¬5) ابتداء، وإذا طرأ في أثنائه (¬6) لا يبطل. ¬

_ (¬1) في (ن): "فهل يتعلق". (¬2) في (ن) و (ق): "نقص"، والمثبت من (ك). (¬3) في (ن): "النقص". (¬4) في (ق): "البعض"، وفي (ن): "النقص". (¬5) في (ن) و (ق): "الانعقاد"، والمثبت من (ك). (¬6) في (ن): "الإماء"، وفي (ق): "الأثناء".

السابعة عشرة: الضمان والأمانة لا يجتمعان ابتداء على رأي المزني، فلو رهن المغصوب من الغاصب زال عنه الضمان عنده، وقد يجتمعان في الدوام فيما لو تعدى المرتهن على (¬1) الرهن، فإنه يصير ضامنًا، ويبقى الرهن بحاله، فعلى طريقة الجمهور لا فرق في اجتماع الأمانة والضمان بين [الدوام و] (¬2) الابتداء، واختلفوا فيما [لو] (¬3) أودعه عنده (¬4) هل يبرأ من الضمان؟ فمن يبرئه يرى أن (¬5) الضمان والتأمين لا يجتمعان ابتداء، بخلاف الدوام إجماعًا. الثامنة عشرة: لو جنى [165 ق / أ] العبد المرهون على سيده خطأ لم يثبت له عليه المال [خلافًا لابن سريج، فلو جنى على وارث السيد ثبت له المال، فإن مات السيد قبل الاستيفاء فورثه فهل يثبت المال] (¬6) أو يسقط؟ وجهان، أحدهما - وينسب للعراقيين-: أنه لا يسقط وله بيعه فيه، ويحتمل [في] (¬7) الدوام ما لا يحتمل [في] (¬8) الابتداء (¬9) وشبهوا الخلاف [بالخلاف] (¬10) فيما لو استحق له على عبده مالًا فاشتراه هل يسقط؟ ونظير ذلك: ما لو تزوج (¬11) العبد بحُرَّة ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "في". (¬2) من (ك). (¬3) من (ن). (¬4) أي: ولم يقبضه أولًا. (¬5) في (ن): "من". (¬6) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬7) من (ن). (¬8) من (ن). (¬9) والأصح عند الصيدلاني وإمام الحرمين: السقوط. (¬10) من (ن). (¬11) في (ن): "زوج".

فاشترته (¬1) بعد المسيس ولم تكن قبضت المهر، فإنه ينفسخ النكاح، وهل يسقط المهر؟ فيه وجهان، أصحهما: لا. واعلم أنه إذا استوى وجود الشيء ابتداء ودوامًا وهو الأصل (¬2)، فإما على وجه الجزم، نحو قطع نجاسة الماء القليل بطريان الكثرة عليه، وقطع النكاح بطريان الرضاع المحرم، [ووطء أبيه] (¬3) أو ابنه زوجته بشبهة، وبوطئه (¬4) أمها أو ابنتها بشبهة، وطريان ملك الزوج (¬5) للزوجة أو بعضها وبالعكس. وإما على الأصح؛ كطريان الكثير [181 ن / ب] على الماء القليل المستعمل وطريان النقاء (¬6) على المستحاضة في أثناء (¬7) الصلاة، وطريان (¬8) الردة على المحرم فيبطل نسكه، [وطريان قصد المعصية على سفر الطاعة وعكسه] (¬9)، وطريان نقصان عدد الجمعة في أثنائها كالانفضاض، وإذا طولب المولي بالفيئة أو بالطلاق، فوطئ ولم ينزع كما غيب بل مكث، فالأصح: لا حد، لأن ابتداءه كان مباحًا. [القسم الثاني: أن لا ينزل منزلة الابتداء، وهذا هو الخارج، وهو أيضًا على ضربين: أحدهما: أن يكون ذلك] (¬10) جزمًا، وهو قليل مثل طريان الإحرام (¬11) ¬

_ (¬1) في (ن): "فاشتراه". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 315 - 316). (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "ووطئه". (¬4) في (ن): "وطء". (¬5) في (ن) و (ق): "الزوجة". (¬6) في (ق): "الشفاء". (¬7) في (ن): "ابتداء". (¬8) في (ق): "على أن". (¬9) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬10) ما بين المعقوفتين من (س). (¬11) في (ن): "على الإحرام".

والردة وعدة (¬1) الشبهة على النكاح، وطريان الإسلام على السبي، فإنه (¬2) [لا] (¬3) يزيل الملك، وطريان اليسار، ونكاح الحرة، والأمن من العنت على حر نكح أمة بالشروط، خلافًا للمزني في اليسار ونكاح الحرة، وطريان إباق العبد، فإنه لا يفسخ البيع مع كون الإباق يمنع صحة البيع ابتداء، ولو ابتلت الحنطة المرهونة وتعرضت للفساد لم ينفسخ الرهن، وإن قلنا: رهن (¬4) ما (¬5) يتسارع إليه الفساد باطل، ولو رأى المتيمم الماء في أثناء الصلاة أتمها إن كانت مما يسقط فرضها بالتيمم، وهو مانع في الابتداء. ولو أسلم عبد الكافر لم ينفسخ عقد (¬6) البيع، بخلاف ما لو كان مسلمًا ابتداء. وبقي قسم فيه خلاف، والأصح أنه لا يترك وهو أكثر (¬7) من القسم قبله [كما تقدم] (¬8)؛ كالقدرة على الماء في أثناء الصلاة، ونية التجارة بعد الشراء، وطريان ملك [165 ق/ ب] الابن على زوجة الأب (¬9)، فإنه لا ينفسخ النكاح وإن كان ملك الابن مانعًا (¬10) من عقد الأب، ومثله إذا تزوج العبد جارية ولده ثم أعتق، وإذا بنى جدارًا مائلًا فسقط ضمن به، بخلاف ما إذا مال (¬11) بعد أن بناه مستويًا على ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "عدم"، والمثبت من (س). (¬2) في (ن) و (ق): "في أنه". (¬3) من (س). (¬4) في (ن) و (ق): "عروض"، والمثبت من (س). (¬5) في (ن) و (ق): "مالا". (¬6) في (ن): "عند". (¬7) في (ن) و (ق): "قسم". (¬8) من (ن). (¬9) في (ق): "الابن". (¬10) في (ن): "مانع". (¬11) في (ن): "قال", وفي (ق): "بنى مال".

الأصح (¬1)، ولو سفه في الدين دون المال لم يحجر عليه في الأصح، وإن قلنا: لو قارن ذلك البلوغ لاقتضى دوام الحجر، ولو جرت قسمة ثم استحق جزءًا شائعًا (¬2) لم يبطل في (¬3) غيره على (¬4) الأصح، ولو أراد بعض الشركاء في الابتداء أن ينفرد بالقسمة لم يمكن، والقاعدة المشهورة التي أشار إليها الإمام في باب التفليس: "أن ما منع الدوام منع الابتداء"، واستثنى ابن الرفعة منها: " [إلا لقرابة] (¬5) تمنع دوام الملك [182 ن/أ] دون ابتدائه"، وألحق شيخنا (¬6) بها الجنون، فإنه [يمنع] (¬7) دوام أجل (¬8) الدين على قوله، ولا يمنع ابتداءه على ما قاله الإمام، ومثله يأتي في الفلس، وقد يقال (¬9): القاطع طريانهما و [أما] (¬10) القرابة فليست مانعة للملك بل (¬11) موجبة للعتق، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فيشتريه فيعتقه"، فملكه كعتقه (¬12) قاطع لا مانع. ¬

_ (¬1) أي: فلا يضمن ما يتولد عن السقوط في الأصح إن بناه مستويًا وقبل التمكن من الهدم أو الإصلاح. (¬2) في (ق): "جزء شائع". (¬3) في (ن) و (ق): "من". (¬4) في (ن): "في". (¬5) في (ن) و (ق): "القراءة"، والمثبت من (س). (¬6) يعني: تقي الدين السبكي. (¬7) سقطت من (ن). (¬8) في (ن) و (ق): "أصل"، والمثبت من (س). (¬9) أي: في الجنون والفلس. (¬10) من (س). (¬11) في (ق): "قبل". (¬12) أي: فمللك القريب كإعتاقه.

ومن ذلك إذا زوج عبده بأمته فلا مهر، وقيل: يجب ثم يسقط. - ومنها: لو وجب القصاص على رجل فورثه ولده، قيل: يجب ثم يسقط [وقيل: لا] (¬1). - ومنها: لو أحرم [ثم] (¬2) زال ملكه عن الصيد على الأصح، ولو اشتراه (¬3) صح في وجه. - ومنها: لو تكفل ببدن ميت صح، أو حي فمات انقطعت الكفالة في وجه. - ومنها: على وجه لو أحرم مُجامعًا انعقد صحيحًا (¬4). ثم لو نزع في الحال صح، وإلا فسد، ولو صدر الجماع في أثناء الإحرام أفسده. - ومنها: إذا أذن لجاريته ثم استولدها، ففي بطلان الإذن خلاف، قال الرافعي: واتفقوا على أنه يجوز أن يأذن [ابتداءً] (¬5) للمستولدة. وليمر من ذلك ما عده بعضهم (¬6): ما لو تناديا بالبيع متباعدين، فإنه يصحُّ. قال الإمام: ويحتمل أنه لا يثبت لهما (¬7) خيار المجلس؛ لأن طريان التفرق قاطع [له] (¬8) كالمقارن يمنع ثبوته (¬9)، قال: ويحتمل أن يقال: يثبت ما داما في ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ن). (¬3) أي: مُحرمًا. (¬4) أي: انعقد إحرامه صحيحًا. (¬5) من (ق). (¬6) يعني تقي الدين السبكي. (¬7) في (ن) و (ق): "له". (¬8) من (ن). (¬9) في (ن): "بقربه".

موضعهما، انتهى. فعلى هذا اغتفر في الابتداء ما لو وقع في الدوام لم يغتفر كذا قيل، وليس بجيد؛ لأن هذا ليس بتفريق بل هو مجلسهما، والتفرق [166 ق/ أ] عندنا (¬1) الانفصال عن مجلس العقد (¬2). ويلغز بذلك فيقال: اثنان تعاقدا البيع فثبت لهما خيار المجلس (¬3)، فلما اجتمعا زال، وليس من ذلك (¬4) ما إذا طلع الفجر على الصائم وهو مجامع فنزع صح صومه، ولو جامع في أثنائه بطل، فإن المغتفر في الابتداء النزع، فلم (¬5) يحصل به فطر، وفي الدوام الفطر لا يحصل بالنزع بل بالإيلاج. وكذا من علق الطلاق على الوطء، فإن الطلاق يقع أول الإيلاج، واغتفر الإيلاج ابتداءً للبينونة ولم يغتفر دوامه، بل يجب النزع، وقد يقال: الإيلاج لا يصادف [مثله] (¬6)، ولذلك التفات على العلة هل هي مع المعلول؟ ولو قيل به، فالعلة نفس الإيلاج [182 ن / ب] [لا] (7) ابتداؤه، [إلا أن يقال: ذات الإيلاج لا ابتداء لها] (¬7) ولا انتهاء، وفيه بحث. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "عدم"، والمثبت من (س). (¬2) في (ن): "عن مجلس الحكم لعقد". (¬3) وهما متباعدان. (¬4) أي: من قاعدة الباب. (¬5) في (ن): "فهل". (¬6) كذا في (ق)، وفي (ن): "مطلقة"، وفي (س): "طلبه". (¬7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).

خاتمة: يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام

خاتمة: يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام (¬1) في مسائل: الأولى: [ملك] (2) الكافر [العبد] (¬2) المسلم إذا كان يعتق عليه، فإن الأصح صحته لمصلحة العتق. الثانية: إذا مات [لمحرمٍ قريبٌ] (¬3) وفي ملكه صيدٌ، ورثه المحرم على الأصح، [ثم] (¬4) يزول ملكه عنه على الفور. الثالثة: إذا أجر عبده ثم وقفه، فإنه يصح ولا تنفسخ الإجارة، فلو مات المستأجر ورثه المعتق، فهل يستقر المانع عليه أو (¬5) يعود إلى العتق؟ فيه خلاف، والأصح في "الروضة": الثاني. الرابعة: الوصية بملك الغير، فإن الراجح من "زوائد الروضة": صحتها [حتى] (¬6) إذا ملكه بعد ذلك أخذه الموصى له، ولو أوصى بما يملكه ثم زال الملك فيه كان رجوعًا، ولو قيل ببقائها على حالها وانتظار العود لكان مستحبًا وأولى بما إذا لم يكن في ملكها. الخامسة: إذا حلف بالطلاق أنه لا يجامع زوجته، فإنه لا يمنع من إيلاج الحشفة على [الأصح] (¬7)، ويمنع من الاستمرار؛ لأنها صارت أجنبية. ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 389)، "قواعد الزركشي" (3/ 372). (¬2) ما بين المعقوفتين استدراك من "قواعد الزركشي". (¬3) في (ق): "المحرم". (¬4) استدراك من "أشباه السيوطي". (¬5) في (ق): "أم". (¬6) استدراك من "أشباه السيوطي". (¬7) سقطت من (ق).

السادسة: إذا وجب القصاص [على رجل] (¬1) ثم وُجِدَ (¬2) سبب إرث الولد له، فإنه يرثه ثم يسقط ذلك على ما سلف، كما إذا قتل الأب عتيق زوجته، فإن القصاص يثبت لها، [فإذا طلقها] (¬3) ثم ماتت ورثه الابن ثم يسقط. السابعة: إذا كان عليه دين، وهو نقد فأتلف رب المال شيئًا للمديون متقومًا بذلك النقد، [فإن] (¬4) الدين (¬5) يجب على المتلف ثم يسقط [والله أعلم] (¬6). * * * ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) في (ق): "زوجه". (¬3) من (ق). (¬4) من (ن). (¬5) كذا في (ن) و (ق)، وفي "الزركشي": "القيمة". (¬6) من (ن).

كتاب الذبائح والأضاحي

كتاب الذبائح والأضاحي (¬1) قاعدة " مناط [حِلِّ] (¬2) أكل الذبيحة هل هو جواز الذبح أو قصد الأكل؟ " (¬3) فيه خلاف مطرد في مسائل: - منها: البهيمة الموطوءة. - ومنها: الصائلة، وقيل: يشترط في هذا إصابة المذبح، وقيل: لا يشترط. قاعدة اختلاف الأصحاب في "أن العبرة [بالحال] (¬4) أو بالمآل" (¬5) باب متسع وخلاف مطرد، فأستعيد فيه مسائل: الأولى: لو ضحى بأضحية حامل فخرج الولد، فهل يجب التصدق من كل ¬

_ (¬1) هذا العنوان من (ن)، وفي (ق): "كتاب الذبائح والصيد". (¬2) من (ك). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 187). (¬4) سقطت من (ق). (¬5) ذكر ابن الملقن هذه القاعدة في موضع سابق مقررًا هناك تحقيق ابن السبكي، وها هو ذا يعيدها مقررًا تحقيق ابن الوكيل، راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 314)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 103)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 378)، "قواعد ابن رجب" (2/ 609)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 246).

واحد منهما أو يغني (¬1) أحدهما عن الآخر [183 ن / أ] [166 ق / ب] [أو] (¬2) تغني الأم (¬3) عن الولد لا العكس؟ فيه أوجه، وتصوير (¬4) هذه المسألة يعارض ما ذكره الماوردي في "الحاوي": أن الحمل عيب في الأضحية مانع من إجزائها. قلت: الأكثرون أيضًا [عليه] (¬5) كما أوضحته في "شرح المنهاج". الثانية: لو ظن برء الجرح فكشفه فإذا هو لم يبرأ، فالصحيح (¬6): أنه لا يبطل تيممه نظرًا إلى ما قبل الكشف، بخلاف ما إذا ظن [وجود الماء] (¬7)، فإنه يبطل تيممه على المذهب، [وفرق الأصحاب بأن طلب الماء واجب] (¬8)، بخلاف طلب البرء، ومنع الإمام عدم وجوب ذلك. الثالثة: لو صلوا لسواد ظنوه عدوًّا (¬9)، فبان أن لا عدو قضوا على الصحيح، ومنهم من جعله (¬10) على القولين (¬11). الرابعة: الغارم إذا كان عليه دين مؤجل هل يعطى؟ فيه خلاف، قطع صاحب ¬

_ (¬1) في (ق): "أو يعف". (¬2) سقطت من (ن) و (ق). (¬3) في (ق): "إلا عن". (¬4) في (ق): "تصير". (¬5) من (ن). (¬6) في (ق): "فالأصح". (¬7) من (ك). (¬8) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬9) أي في صلاة الخوف. (¬10) في (ق): "خرجه". (¬11) هذا إذا بان عدوًّا ولكن بينهم حائل فطريقان؛ منهم من قطع بوجوب القضاء، ومنهم -كما قال ابن الملقن- من خرجه على القولين.

"البيان" بأنه لا يعطى، وارتضاه بعض المتأخرين، ورأي: المكاتب أولى بالإعطاء لتشوف الشارع إلى العتق، قال: (¬1) وفيه نظر، ولو عكس وجعل الغارم أولى لم يبعه؛ لأن الكتابة ليست لازمة من جهة المكاتب، ومن الأصحاب من فصل بين أن يحل الدين في تلك السنة فيعطى، وبين أن لا يحل فلا يعطى. الخامسة: لو استأجر المغصوب حيث لا يرجى برؤه [فبرأ، أو حيث يرجى برؤه] (¬2) فلم يبرأ، وفيهما قولان. السادسة: لو أوصى المريض في المرض المخوف فبرأ، صححنا ما زاد على الثلث ولم يحكوا فيه خلافًا، وأما المتيمم والحائض إذا انقطع دمها وعلمت أنه يعود (¬3) وقبله وقت يتسع الصلاة والطهارة (¬4)، فتطهرت وصلت ولم يعد على ندور هل تقضي (¬5) وبالعكس؟ . السابعة: لو رمى صيدًا فأبان (¬6) عضوًا منه، ثم طلبه الطلب المأمور [به] (¬7) في الصيد فلم يدركه (¬8) حتى مات، فإنه يحل الحيوان، وفي ذلك العضو وجهان. الثامنة: لو نذر معيبة (¬9) فزال عيبُها، ففي إجزائها وجهان، أصحهما: المنع كعبد الكفارة. ¬

_ (¬1) يعني: صدر الدين بن الوكيل. (¬2) من (ك). (¬3) في (ن) و (ق): "لا يعود"، والمثبت من (ك). (¬4) في (ق): "والصلاة". (¬5) في (ن) و (ق): "يعطي". (¬6) في (ن) و (ق): "فبان". (¬7) سقطت من (ن) و (ق). (¬8) في (ق): "فلم يدركه الموت". (¬9) في (ن): "معصية".

التاسعة: لو أسلم عبدُ الكافر أمر بإزالة الملك عنه، وهل تجزئ الكتابة؟ فيه وجهان، أصحهما: الإجزاء. العاشرة: إذا اشترى معيبًا ولم يعلم بالعيب حتى زال، ففي ثبوت الخيار [له] (¬1) وجهان. الحادية عشرة: [183 ن/ ب] لو عين في السلم موضعًا للتسليم فخرب ذلك الموضع، فأوجه، أحدها: لا يتعين ذلك الموضع، ثانيها: [يتعين أقرب المواضع إليه، والثالث: للمسلم الخيار، قال البغوي: وحيث قلنا: يتعين الموضع فلا] (¬2) تتعين البقعة، بل المراد [المحلة] (¬3)، وهكذا الخلاف في الدَّين المؤجل إذا لم يعين موضعًا، والصحيح اعتبار مكان العقد، فلو خرب يحتمل [إجراء] (¬4) الخلاف، ولم أره منقولًا. الثانية عشرة: لو أوصى العبد ثم مات وهو عبد بطلت الوصية، فلو أعتق قبل الموت، فالصحيح كذلك (¬5)، وكثير من مسائل الوصية مفرعة على هذا الأصل. الثالثة عشرة: لو عتقت تحت عبد [167 ق / أ] فلم تعلم حتى عتق ففي ثبوت الخيار لها [وجهان] (¬6)، الخلاف، وكثير من مسائل الصداق وزوائده (¬7) فروع هذه. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) من (ك). (¬3) من (ن). (¬4) من (ن). (¬5) أي: بطلان الوصية. (¬6) من (ن). (¬7) في (ن): "وزائد".

الرابعة عشرة: لو وطئ زوجته في العدة من طلاق رجعي أو في انتظار إسلامها بعد أن أسلم الزوج بعد الدخول نص الإمام الشافعي على وجوب المهر في الأولى دون الثانية، وخرج من [كل] (¬1) واحدة منهما في الأخرى (¬2) قول، والصحيح: التقرير (¬3). ويمكن تخريجها على القاعدة (¬4)، والفرق على التقرير أن الحل العائد (¬5) بالإسلام هو الحل الأول، بدليل (¬6) اتحاد آثاره (¬7)، والحل العائد بالرجعة غير الأول، بدليل أن الحل الأول يُملكه ثلاث تطليقات، والحل الثاني يملكه تطليقتين. الخامسة عشرة: إذا كان في الكفارة موسرًا في إحدى (¬8) الحالتين معسرًا في الأخرى، فيعتبر بحالة الوجوب أو حالة الأداء، أو أغلظهما؟ فيه أقوال. السادسة عشرة: إذا أعتقت الأمة المطلقة في أثناء العدة فتعتبر حالة الوجوب فتعتد بقرأين أم لا؟ فيه أقوال، أصحها: إن كانت رجعية فتعتد عدة حرة، وإن كانت بائنًا فعدة أمة. السابعة عشرة: اختلاف الأحوال في العصمة في الجرح والسراية، وما بينهما. ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "الأولى". (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "التعزير". (¬4) يقصد: أن وجوب المهر نظرًا إلى الحال، وعدم وجوبه إذا أسلمت نظرًا إلى المآل. (¬5) في (ن) و (ق): "المعاقد". (¬6) في (ن): "بل"، وفي (ق): "على". (¬7) في (ن) و (ق): "أمارة"، والمثبت من (ك). (¬8) في (ن) و (ق): "أحد".

الثامنة عشرة: لو جنى على حربية فأسلمت وأجهضت جنينًا ميتًا هل تجب الغرة؟ ولو كانت أمة لاثنين فجنيا عليها ثم أعتقاها معًا، ثم أجهضت [184 ن /أ] فوجهان، أحدهما: يجب على كل واحد ربع الغرة اعتبارًا بحال الجناية؛ لأن كل واحد حينئذ مالك للنصف. والثاني: أنه ينظر إلى حالة الإجهاض فيجب النصف على كل واحد. ولو جنى على [جنين] (¬1) [ذميين]، (¬2)، فأسلم أحدهما (¬3) ثم أجهضت [وجبت] (¬4) غرة كاملة؛ لأن الاعتبار في قدر الضمان بالمآل. وكذلك تجب الدية كاملة إذا جرح ذميًّا فأسلم ثم مات، وكذا لو جنى على أمة حُبلى فعتقت ثم ماتت. التاسعة عشرة: ما لو قطع يدي عبد ورجليه ثم صارت الجراحة نفسًا (¬5)، فالمذهب وجوب قيمة واحدة، وقال المزني: قيمتان. العشرون: إذا اشترى عبدًا له عليه دين، فهل يسقط الدين [أم لا] (¬6)؟ فيه وجهان. قلت: أصحهما: الثاني. الحادية والعشرون: لو كان لمسلم على حربي دين فاسترق [هل يسقط؟ فيه وجهان، وذهب بعض الخلافيين بالقطع بالسقوط، ورأى أن الرق بعد الحرية كالإحالة. ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) سقطت من (ق). (¬3) في (ن) و (ق): "فأسلمت إحداهما"، والمثبت من (ك). (¬4) سقطت من (ن). (¬5) في (ن): "نصيبًا"، وفي (ق): "معيبًا"، والمثبت من (ك). (¬6) من (ن).

ولو كان لحربي على حربي دين، فاسترق] (¬1) ففي (¬2) "التهذيب": أنه يسقط الدين بإسلام أحدهما لزوال ملكه، قال: ولو قهر المديون رب الدين سقط؛ لأن الدار دار حرب حتى إذا قهر العبد سيده يصير حرًّا، والسيد عبدًا، ولو كان الدين للثاني (¬3) فيسقط (¬4) على الوجهين فيما لو كان له دين على عبد فاشتراه، ولو كان لذمي فبمثله (¬5) أجاب (¬6) الإمام، وقال: دين الذمي محترم [167 ق /ب] كأعيان أمواله، وفي "التهذيب": فيه وجهان. الثانية والعشرون: لو بلغ الصبي في أثناء يوم رمضان وكان نواه، يلزمه (¬7) إتمامه على ظاهر المذهب، وفيه وجه، وبه قال ابن سريج: أنه لا يلزمه ويلزمه القضاء، وعلى الأول لا يلزمه القضاء، ولو جامع بعد بلوغه فعليه (¬8) الكفارة (¬9). الثالثة والعشرون: لو أودع المعاهد مالًا ثم نقض العهد والتحق بدار الحرب واسترق ومات. الرابعة والعشرون: [لو قطع يد ذمي] (¬10) ثم (¬11) التحق بدار الحرب ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬2) في (ق): "فعن". (¬3) في (ن) و (ق): "على الثاني"، والمثبت من (ك). (¬4) في (ق): "فسقوط". (¬5) في (ن): "ولو كان مثلي قيمته"، وفي (ق): "ولو كان مثلي أجاز قيمته"، والمثبت من (ك). (¬6) في (ن) و (ق): "أجاز". (¬7) في (ق): "ولزمه". (¬8) في (ق): "عليه". (¬9) تكررت هذه المسألة في (ق). (¬10) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "المعاهد مالًا ثم نقض العهد". (¬11) في (ن) و (ق): "و".

[واسترق] (¬1) وسرت الجراحة ومات. الخامسة والعشرون: إذا التقط مَنْ نصفه حر، وكان بينه وبين سيده مهايأة، وقلنا بالأصح، وهو دخول (¬2) الأكساب النادرة فيها، فهل الاعتبار بيوم الالتقاط أو بيوم التملك؟ الأصح: الأول. السادسة والعشرون: [إذا] (¬3) التقط عبدًا ثم عتق، فهل الاعتبار بيوم الالتقاط أو بيوم التملك؟ فإن قلنا: لا تصح لقطته، فالأصح أنها للسيد، وإن قلنا: تصح (¬4)، فالأصح أنها للعبد. السابعة والعشرون: قد علم أنه لا يجوز بيع النجس، فلو كان ذاته نجسة [في الحال] (¬5) ويمكن تطهيره على وجه، فهل يصح (¬6) بيعه في حال النجاسة؟ فيه وجهان، أصحهما: نعم، وبه جزم جازمون في الثوب النجس لحديث: "إن كان جامدًا فألقوها وما حولها، وإن كان ذائبًا فأريقوها" (¬7)، ولو جاز بيعه لما أمر بإراقته وهذا يدل على المنع من غسل الزيت (¬8)، ووجه الجواز أن التطهير يمكن في الماء بالمكاثرة، وفي غيره بالغسل فجاز بيعه قياسًا على الثوب النجس، وليعلم أن ما ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) في (ن) و (ق): "وجوب". (¬3) من (ن). (¬4) في (ق): "لا تصح". (¬5) من (ن). (¬6) في (ق): "يجوز". (¬7) أخرجه أبو داود في "السنن" [كتاب الأطعمة -باب في الفأرة تقع في السمن - حديث رقم (3842)]. (¬8) في (ن) و (ق): "الثوب"، والمثبت من (ك).

حكيته في الزيت [هي] (¬1) الطريقة [المشهورة] (¬2)، وطريقة الغزالي والإمام أنه إن قلنا بإمكان تطهيره جاز بيعه، وإلا فقولان [مبنيان] (¬3) على جواز الاستصباح. الثامنة والعشرون: أنه قد يعلم أنه لا يجوز بيع ما لا ينتفع به، فأما السباع التي لا تصلح للاصطياد ولا للقتال، والحمار الزمن مثلًا هل (¬4) يجوز بيعه لتوقع النفع بجلده؟ فيه وجهان، أصحهما: لا، وقد اختلفوا في إلحاق ما في أجنحته [فائدة] (¬5) من الطيور على طريقتين، فمنهم من رأى تخريجه على الخلاف، ومنهم من منع، وفرق بأن الجلود يمكن تطهيرها ولا سبيل للأجنحة (¬6). التاسعة والعشرون: أنه قد علم [أنه] (¬7) لا يجوز بيع ما سقطت منفعته شرعًا كآلات الملاهي والأصنام، [لكن لو كانت مُرَصَّعة بمال يتوقع الانتفاع به بعد الكسر، فهل يصح بيعها؟ فيه ثلاثة أوجه؛ أصحها -عند الإمام والغزالي والرافعي- الثالث: أنها] (¬8) إن اتخذت من جوهر نفيس صح؛ لأنها مقصودة في نفسها، [والأصح] (¬9) الأول قياسًا على الأصنام (¬10)، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حرم ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) من (ن). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ن): "فهل". (¬5) من (ن). (¬6) أي: لا سبيل إلى تطهيرها. (¬7) من (ن). (¬8) وقع ما بين المعقوفتين في (ن) و (ق) كذا: "وقيل إن عذر صاحبها، فالأصح، وقيل"، والمثبت من (ك). (¬9) في (ن): "والأول". (¬10) أي: في منع بيعها.

بيع الخمر [والميتة] (¬1) والخنزير والأصنام" (¬2). الثلاثون: قد علم أنه لا يجوز بيع ما لا يقدر على تسليمه، فلو باع الآبق وقد عرف مكانه وأنه يصل إليه إذا رام الوصول أو باع طيرًا (¬3) في دار فيحاء، أو سمكًا في بئر مسدودة المنافذ، وكل ما قدر على تسليمه في الآل بعد عسر ففيه وجهان، أظهرهما عند الرافعي: المنع في السمك والطير، واستدل له بالنهي عن بيع الغرر (¬4)، ولا يحسن فيه ذلك، فإنه خارج عن محل النزاع، فإن الغرض أنه عالم بقدرته على تسليمه، فإن هذا موثوق (¬5) به لا غرر فيه. وأما مسألة الآبق؛ فالذي استحسنه المتأخرون واقتصروا عليه منهم الرافعي: الصحة، وحكوا عن غيرهم إطلاق البطلان، وما أظن أحدًا (¬6) حكى ذلك في الثمن (¬7) لو كان معدومًا في بلد التبايع موجودًا في غيره. الحادية والثلاثون: الزيادة المنفصلة الحاصلة في مدة الخيار تسلَّم لمن حكمنا بالملك له حالة الحصول [حتى] (¬8) آخر الأمر، فإن اقتضى تفريع أقوال الملك ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) أخرجه البخاري في "الصحيح" [كتاب البيوع -باب بيع الميتة والأصنام - حديث رقم (2236)]، ومسلم في "الصحيح" [كتاب الساقاة -باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام- حديث رقم (1581)]. (¬3) في (ق): "أرما". (¬4) أخرجه مسلم في "الصحيح" [كتاب البيوع -باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر- حديث رقم (1513)]، وأبو داود في "السنن" [كتاب البيوع -باب في بيع الغرر- حديث رقم (3376)]. (¬5) في (ن): "موقوف". (¬6) في (ن): "أحد". (¬7) في (ن): "السيد"، وفي (ق): "البعير"، والمثبت من (ك). (¬8) من (ق).

[الحكم بالملك حالة] (¬1) الحصول (¬2) دون آخر الأمر، أو بالعكس فوجهان منشؤهما (¬3) تعارض الحال والمآل. الثانية والثلاثون: [هل يجوز بيع ما ماليَّتُهُ في الحال موجودة دون المآل (¬4)، كالمتحتم قتله في قطع الطريق، والظاهر: الصحة. الثالثة والثلاثون] (¬5): يشترط أن يكون الثمن معلوم القدر، فلو كان [مجهول] (¬6) القدر في الحال ويمكن معرفته في المآل، كما إذا قال: بعتك بما باع به فلان فرسه، أو بزِنَةِ (¬7) هذه الصنجة [ذهبًا] (¬8)، أو قال في التولية: ولَّيتك بما اشتريته، فوجهان، أصحهما: البطلان؛ لأنه غرر يسهل (¬9) اجتنابه، والثاني: لا، والثالث: إن حصل العلم قبل التصرف (¬10) صح، وإلا فلا. الرابعة والثلاثون: قد علم اشتراط العلم بعين المبيع (¬11)، فلو كان المبيع (¬12) ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) في (ق): "لحصوله". (¬3) في (ق): "مبناهما". (¬4) في (ن): "الحال". (¬5) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬6) من (ك). (¬7) في (ن): "ثوبه". (¬8) من (ك). (¬9) في (ن): "يجوز تسهيل". (¬10) في (ن): "الفرق"، وفي (ق): "التفرق"، والمثبت من (ك). (¬11) في (ن) و (ق): "بغير المنع". (¬12) في (ن) و (ق): "المنع".

معينًا في نفس الأمر، والمشتري لا يعرف عينه كما لو اختلط عبده بعبيد [غيره] (¬1) والمشتري يرى الجميع، فقال: بعتك عبدي من هؤلاء، ففيه رأيان حكاهما الرافعي، ويقرب منه ما وقع لحجة الإسلام [الغزالي في "الفتاوى": فيما لو رأى ثوبين ثم سرق أحدهما، فاشترى الآخر فلم يدر المسروق منهما، قال حجة الإسلام] (¬2): إن تساوت (¬3) صفتهما وقدرهما وقيمتهما كنصفي كرباس واحد صح العقد، فإن اشترى معينًا مرئيَّا، وإن اختلف شيء (¬4) من ذلك خرج على قولي بيع الغائب؛ [إذ الرؤية السابقة لم تفد العلم بحال المبيع حالة العقد، فلا أثر لها. قال الرافعي: وما ذكره يتأيد بأحد الرأيين (¬5) -يعني في مسألتنا- وصاحب "الاستقصاء" (¬6) أطلق في شرحه القول بالبطلان من غير نظر إلى تساويهما، وجعل التخريج على بيع الغائب] (¬7) ليس بشيء. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬3) في (ن) و (ق): "تفاوت". (¬4) في (ن) و (ق): "شيئًا". (¬5) وقعت في (ن): "وما ذكر بيانه أحد العبدين"، والتصويب من (ك). (¬6) "الاستقصاء لمذاهب العلماء الفقهاء" وهو شرح لـ"المهذب" في فروع الشافعية لأبي إسحاق الشيرازي - للشيخ الإمام ضياء الدين أبي عمرو عثمان بن عيسى الهذباني المتوفى سنة (642 هـ)، وشرحه هذا قريب من عشرين مجلدًا، لكنه لم يكمله بل وصل فيه إلى كتاب الشهادة، انظر: "طبقات ابن قاضي شهبة" (1/ 375 - رقم 360)، "كشف الظنون" (2/ 728). (¬7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).

وأقول: الذي يتجه [في هذه المسألة] (¬1) أن يقال: بالتخريج (¬2) إن (¬3) عللنا أن العقد لم يجد موردًا (¬4)، يتأثر به (¬5) في الحال فيصح هنا، وإن عللنا بالغرر [الذي] (¬6) يسهل اجتنابه فلا سبيل (¬7) عند اختلافهما في الصفة، والقدر، وعند التساوي [فيه] (¬8) نظر. الخامسة (¬9) والثلاثون: البيضة المَذِرة، والعناقيد إذا استحالت بواطنها خمرًا هل (¬10) يجوز بيعها لما يتوقع من التحلل والتفرخ أم [لا] (¬11)، لعدم المنفعة في الحال؟ وجهان عن القاضي، والمذهب: المنع. السادسة والثلاثون: إذا باع جارية حاملًا وأفلس المشتري بالثمن، والوضع عند الرجوع، فهل الاعتبار بحال العقد، فتكون متصلة (¬12) فيأخذها البائع، أو بالمآل فتكون منفصلة فيأخذها المشتري؟ فيه خلاف، [وكذا لو كانت حائلًا عند البيع حاملًا] (¬13) عند الرجوع. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬2) يقصد: بالتخريج: أي على العلتين في اشتراط الحلم بعين المبيع. (¬3) في (ق): "الذي". (¬4) في (ن): "مورد"، وفي (ق): "مردودًا". (¬5) في (ن) و (ق): "وأما قوامه"، والمثبت من (ك). (¬6) من (ك). (¬7) في (ن): "يسهل". (¬8) من (ك). (¬9) في (ق): "الحادية". (¬10) في (ق): "قيل". (¬11) سقطت من (ق). (¬12) أي: الزيادة. (¬13) من (ك).

السابعة والثلاثون: سليم اليد إذا قطع يدًا شلاء ثم شُلَّت يده، حكى الإمام عن شيخه عن القفال أنه يخرج القصاص على الوجهين (¬1)، ثم رجع وقطع (¬2) بالمنع، وهو الذي رآه الإمام مذهبًا، وبالآخر أجاب البغوي، وكذا (¬3) لو قطع يدًا ناقصة أصبعًا ثم سقطت تلك الأصبع من القاطع. الثامنة والثلاثون: إذا علق العبد طلاق امرأته بالثلاث على صفة ووجدت حال عتقه هل تطلق طلقتين أو ثلاثًا؟ فيه وجهان، أو قولان، وهما من قاعدة الاعتبار بحال التعليق، أو حال وجود الصفة، ومسائلها راجعة إلى هذا الأصل. التاسعة والثلاثون: الحائض إذا نوت الصوم قبل انقطاع دمها، صح إن تم في الليل أكثر الحيض، وكذا قدر (¬4) العادة في الأصح (¬5). الأربعون: إذا قال لأجنبية: والله لا أطؤك، فإذا نكحها هل يكون مؤليًا وتُضرب له [المدة] (¬6)؟ فيه وجهان، أصحهما: المنع وعدم وقوع مجزوم به. الحادية والأربعون: إذا وكل إنسانًا في نكاح ابنته (¬7)، ثم زوجها الوكيل في ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "وجهين". (¬2) في (ق): "ثم قطع ورجع". (¬3) في (ن) و (ق): "والآخر أجاز البغوي ذلك". (¬4) في (ن): "عذر". (¬5) وتفصيل هذا الفرع: أن الحائض إذا نوت حال الحيض الصوم، وغلب على ظنها أنها قبل طلوع الفجر تطهر، إما لكونها معتادة يتم لها قبل طلوع الفجر أكثر الحيض، أو معتادة عادتها أكثر الحيض وهو تم بالليل صح صومها، وإن كانت عادتها دون الأكثر ويتم بالليل فوجهان؛ الأصح: الصحة. (¬6) سقطت من (ن). (¬7) في (ن): "أمته".

قاعدة إذا اجتمع حظر وإباحة غلب جانب الحظر

حال إحرام الموكل فهل له ذلك؟ ظاهر [كلام] (¬1) الغزالي في "الوجيز" إثبات الخلاف، ولم [يعزه] الرافعي لأحد من الأصحاب. قلت: وهو موجود كما ذكرته في "شرح المنهاج" وغيره، وإذا قلنا بعدم الوكالة بإحرام موكله وهو الأصح. الثانية والأربعون: قرأت بخط ابن الرفعة أنه إذا أبين شعر الأمة وظفرها ثم عتقت، ففي "فتاوى البغوي" أنه لا ينبغي أن يحرم النظر إليه، وإن قلنا: المبانُ كالمتصل؛ لأنه حين الفصل لم يكن عورة، والعتق لا يتعدى إلى المنفصل. قاعدة " إذا اجتمع حَظر وإباحة غلب جانب الحظر" (¬2) إلا في مسائل: - منها: إذا رمى سهمًا إلى طائر في وجه، ووقع إلى الأرض فمات فإنه يحل، وكذا لو وقع في بئر ليس فيه ماء، فإن كان يمكن إحالة الموت على الوقوع على الأرض؛ لأن ذلك لا بد منه فعفي عنه، وكذا لو أصاب السهمُ الصيد فوقع على جبل ثم تدحرج إلى أسفل. - ومنها: لو رمى الطير وهو على الماء بسهم، فأصابه ومات [فيه] (¬3) حل. - ومنها: لما (¬4) أصاب السهم الأرض أو الحائط فازدلف وأصاب الصيد ونحو ذلك، فالأصح: الحل. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) "قواعد العلائي" (2/ 623)، "قواعد الزركشي" (1/ 337)، "شرح القواعد الفقهية" للزرقا (رقم: 243)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 223، 242، 250). (¬3) سقطت من (ق). (¬4) في (ق): "إذا".

- ومنها: إذا أكل الكلب المعلم من الصيد (¬1) قبل قتله أو بعده عقب العفو، والأصح: التحريم. - ومنها: إذا رمى صيدًا فأصابه ثم غاب عنه ثم وجده ميتًا وليس فيه أثر [غير] (¬2) سهمه، فالأظهر: التحريم أيضًا، وصحح النووي الحل. * * * ¬

_ (¬1) وقعت هذه العبارة في (ق) هكذا: "إذا أكل الكلب الصيد المعلم من الصيد". (¬2) سقطت من (ق).

كتاب النذر

كتاب النذر قاعدة " تنزيل النذر على واجب الشرع أو جائزه (¬1) مع وجوب أصله" (¬2)، فيه خلاف في صور. قال الإمام: إن هذا الخلاف قولان مأخوذان من [معاني] (¬3) كلام الإمام الشافعي، وقد رجح العراقيون والروياني وغيره الأول، وهو ظاهر كلام [الإمام] (¬4) الرافعي فيما حكيته عنه في أثناء هذه القاعدة، [ورجح الإمام والغزالي الثاني، وعبارة الإمام وتبعه الرافعي في هذه القاعدة] (¬5) [في] (¬6) أحد القولين: أنه ينزل على أقل واجب، والثاني: على أقل ما يصح من جنسه. الصورة الأولى: هل يجمع بين فريضة (¬7) ومنذورة بتيمم (¬8) واحد؟ فيه وجهان، أو قولان ¬

_ (¬1) في (ق): "الجائز". (¬2) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 374)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 357)، "القواعد" لابن رجب (2/ 394)، "قواعد الزركشي" (3/ 270). (¬3) من (ن). (¬4) من (ق). (¬5) ما بين المعقوفين ساقط من (ق). (¬6) من (ك). (¬7) في (ن): "فرضية". (¬8) في (ن) و (ق): "بقسم"، والمثبت من (ك).

أصحهما: المنع، وكذا الجمع بين منذورتين. الثانية: هل يصلي على الراحلة؟ والأصح: المنع، وهو نصه في "الأم". الثالثة: لو نذر صلاة لزمه ركعتان على المنصوص، وقيل: ركعة. الرابعة: هل يقعد (¬1) فيها القادر على القيام إذا أطاق؟ على الخلاف، فلو نذر أن يصلي قاعدًا جاز القعود قطعًا، ولو نذر ركعة واحدة، وإن صلى (¬2) قائمًا فهو أفضل، ولو نذر القيام تعين. الخامسة: لو نذر أربع ركعات فإن نزل [على] (¬3) الواجب أمر بتشهدين، فإن ترك الأول منهما سجد للسهو ولم يجزئه أداؤهن بتسليمتين [وإن نزل على الجائز يخير بين أدائهن بتشهد أو بتشهدين أو بتسليمة أو بتسليمتين] (¬4) وهو الأفضل. قلت: قال في "الروضة": الأصح أنه يجوز بتسليمتين، والفرق بين هذه المسألة وباقي المسائل المخرجة على هذا الأصل غلبة وقوع الصلاة مثنى وزيادة فضلها. السادسة: لو نذر الإمام الاستسقاء لزمه أن يخرج بالناس ويصلي بهم، والواحد من الناس [يلزمه] (¬5) أن يصلي منفردًا ولو (¬6) نذر بالناس (¬7) لم ينعقد إذ لا يطيعونه، ولو نذر أن يخطب من قيام (¬8) لزمه، وهل له أن يخطب قاعدًا مع إمكان ¬

_ (¬1) في (ق): "ينعقد". (¬2) في (ن): "يصلي". (¬3) سقطت من (ن) و (ق). (¬4) من (ك). (¬5) من (ك). (¬6) في (ن): "وإن". (¬7) أي: وإن نذر أن يستسقي بالناس. (¬8) في (ق): "صيام".

القيام؟ فيه خلاف. السابعة: هل يجب التبييت في الصوم المنذور؟ على الخلاف. [الثامنة: لو نذر المعضوبُ حجة تطوع، هل يجوز أن يكون الأجير صبيًّا أو عبدًا؟ فيه الخلاف] (¬1) لكون الأخيرين لا تجوز نيابتهما (¬2) في حجة الإسلام، ويجوز في التطوع إن جوز (¬3) فيه النيابة. التاسعة (¬4): لو نذر هديًا هل يتعين النعم أم (¬5) يجوز بالقطعة من اللحم وبالدجاجة؛ لأنه يتقرب بهما؟ فيه الخلاف، وفيه نظر. العاشرة: لو نذر عتق رقبة لزمته سليمة مؤمنة، وهل تجزئ معيبة؟ على الخلاف، صحح الداركي الأول، والأصح عند الجمهور إجزاء المعيبة، فلو عين مسلمة (¬6) لم يجز بكافرة، أو كافرة أجزأه المسلمة على الصحيح، [لأنها أكمل] (¬7). الحادية عشرة: لو نذر أن يكسو يتيمًا (¬8)، قال الرافعي: نُزِّل على المسلم (¬9) ورأى النووي تخريجه على الأصل المذكور. ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) في (ن) و (ق): "بناؤهما". (¬3) في (ن) و (ق): "يجوز". (¬4) في (ن) و (ق): "الثامنة". (¬5) في (ن) و (ق): "هل". (¬6) في (ن) و (ق): "سليمة". (¬7) من (ن). (¬8) في (ن) و (ق): "شيئًا", والمثبت من (ك). (¬9) في (ن) و (ق): "الكسوة".

الثانية عشرة: لا يؤذَّنُ للمنذورة (¬1) قطعًا، وخرجه مجلي [-رحمه الله-] (¬2) على الخلاف، وغلطه النووي فيه، وكان السبب فيه أن الأذان حق الوقت على الجديد، والفريضة على القديم، فإن الواجب [وإن كان] (¬3) مرادفًا للفرض (¬4)، لكن [مراده في] (¬5) القديم بالفريضة [المكتوبة] (¬6)، بدليل أنه لا يؤذن لصلاة الجنازة (¬7) بل يعلم لها بالصلاة جامعة على وجه رجحه جماعة، ورجح (¬8) آخرون أنه لا يعلم لها بذلك أيضًا. الثالثة عشرة: لو نذر أن يأتي المسجد الحرام، إن نزل النذر على واجب الشرع، لزمه إتيانه بحج أو عمرة، وإن نزل النذر على جائزه، وقلنا يلزمه (¬9) [فكذلك، وإن قلنا: لا يلزم] (¬10)، فهو [كما لو نذر] (¬11) إتيان المسجد الأقصى والمدينة، وفيه خلاف وتفصيل. الرابعة عشرة: في جواز الأكل من المنذور وجهان، والأصح: [أنه] (¬12) إن ¬

_ (¬1) أي للصلاة المنذورة. (¬2) من (ن). (¬3) في (ق): "أن يكون"، وهي ساقطة من (ن)، والمثبت من (ك). (¬4) في (ن): "فإن الواجب مراد فالفرض". (¬5) في (ن) و (ق): "أفراد". (¬6) من (ن). (¬7) في (ن): "الجنائز". (¬8) في (ن) و (ق): "ورجحه". (¬9) أي: يلزم من دخل الإحرام بحج أو عمرة فكذلك. (¬10) من (ك). (¬11) في (ن): "كإنذار". (¬12) من (ن).

كان في معينة فله الأكل، وإن كان في الذمة فلا، وبقيت (¬1) صور أخرى: الأولى: إذا أصبح ممسكًا ولم (¬2) ينو فهو متمكن من صوم التطوع، فلو نذر صومه ففي لزوم الوفاء قولان؛ [لأنه] (¬3) بناء على الأصل المذكور. وقال الإمام: "والذي أراه اللزوم [قال] (¬4): [فإن] (¬5) النذر مقيد (¬6) بالصوم على هذا الوجه، وموضع القولين حالة الإطلاق"، ثم حكى [عن] (¬7) الأصحاب أنه لو قال: عليَّ أن أصلي ركعة واحدة لم يلزمه إلا ركعة، وأنه لو قال: [عليَّ أن] (¬8) أصلي كذا قاعدًا يلزمه القيام عند القدرة إذا حملنا النذر على واجب الشرع، وأنهم تكلفوا فرقًا بينهما، قال: "ولا فرق ويجب تنزيلهما على الخلاف"، قال الرافعي: وهو كالخلاف في نذر الصوم نهارًا (¬9). الثانيه: [إذا نذر] (¬10) صوم الدهر ثم لزمته (¬11) كفارة، قال المتولي: ينبني على ¬

_ (¬1) في (ق): "وبقي". (¬2) في (ق): "فلا". (¬3) من (ن). (¬4) من (ن). (¬5) من (ق). (¬6) في (ن): "يعين". (¬7) من (ك). (¬8) سقطت من (ن) و (ق)، والمثبت من (ك). (¬9) أي: عند إمكان التطوع به، فإنه بالإضافة إلى واجب الشرع بمثابة الركعة الواحدة بالإضافة إلى أقل واجب الصلاة. (¬10) من (ن). (¬11) في (ن) و (ق): "لم تلزمه".

الأصل المذكور، إن قلنا بالواجب، فلا صوم (¬1) عن الكفارة، لأنه يصير كالعاجز عن جميع الخصال، وإن قلنا: بالجائز فيصوم عن الكفارة ثم إن لزمته [الكفارة] (¬2) بسبب هو مختار فيه فعليه الفدية؛ لأنه تارك لصوم النذر بما فعل. الثالثة: لو نذر أن يصلي ركعتين هل يخرج من النذر بصلاته [أربعًا] (¬3)، فيه وجهان، قال الرافعي: ويمكن حملها على الأصل المذكور، إن حملناه على الواجب لا تجوز الزيادة، كما لو صلى الصبح أربعًا، وإن حملناه على الجائز جاز. الرابعة: العبادات المقصودة كالصوم والصلاة تلزم (¬4) بالنذر قطعًا (¬5)، قال الإمام: وكذا فروض الكفايات التي تحتاج في أدائها إلى بذل مال أو مقاساة مشقة كالجهاد، ويجيء فيها وجه مصرح به في الجهاد: أنها لا تلزم (¬6)، وفيما ليس فيه بذل مال ولا كبير مشقة وجهان، أصحهما: المنع (¬7) (¬8)، وذكر المتولي أن ¬

_ (¬1) في (ق): "يصوم". (¬2) من (ن). (¬3) من (ن). (¬4) في (ن): "لا تلزم"، وفي (ق): "لأنه يلزم"، والمثبت من (ك). (¬5) لأنها عبادة وضعت للتقرب بها وعرف من الشرع الاهتمام بتكليف الخلق بإيقاعها، فتلزم بالنذر. (¬6) في (ن) و (ق): "لأنه لا يلزم". (¬7) في (ن): "اللزوم". (¬8) وأما القربات التي لم توضع لتكون عبادة، وإنما هي أعمال وأخلاق مستحسنة رغب الشرع فيها لعموم فائدتها وقد يبتغى بها وجه الله، فتنال بالثواب كعيادة المرضى وزيارة القادمين وإفشاء السلام، ففي لزومها بالنذر وجهان، والأصح اللزوم، ومنه تجديد الوضوء.

الخلاف في النوعين (¬1) يخرج على الأصل المذكور إن قلنا: إن مطلق النذر يحمل على أقل ما يتقرب به لزمت القربات كلها بالنذر، وإن قلنا: [إنه] (¬2) يحمل على أقل ما يجب بالشرع من جنس الملتزم فيها، [فما لا يجب جنسه بالشرع لا يجب بالنذر كعيادة المرضى وتشميت العاطس] (¬3)، وتشييع الجنازة (¬4). الخامسة: لو نذر هدي بعير أو بقرة أو شاة فهل يشترط فيه سن الأضحية (¬5) وسلامة العضو (¬6)؟ فيه قولان بناء على الأصل المذكور، قال الرافعي: والظاهر الحمل على أقل واجب من ذلك الجنس. السادسة: للولي منع السفيه من حج ما ليس بفرض، فلو نذر قبل الحجر فليس [له منعه منه] (¬7)، وإن نذر بعده، قال في "التتمة": فهي كالمنذورة قبله إن سلكنا بالنذر مسلك واجب الشرع، وإلا فهي كحجة التطوع. * * * ¬

_ (¬1) في (ق): "المنع عين". (¬2) من (ن). (¬3) من (ك). (¬4) في (ق): "الجنائز". (¬5) أي: السن التي تجزئ في الأضحية. (¬6) يعني: أن تكون سليمة من العيوب. (¬7) من (ن).

كتاب الأيمان

كتاب الأيمان قاعدة " كل مكلف حنث في يمينه لزمته الكفارة حرًّا كان أو عبدًا" (¬1). قاله الرافعي وعزاه (¬2) في "المطلب": إلى الغزالي وحده، ثم قال: ويطارقه (¬3) سؤال فإنه يقتضي اعتبار [التكليف حال] (¬4) الحنث في إيجاب الكفارة، ولا نعلم خلافًا فيمن حلف على عبده أنه لا يدخل الدار فجُنَّ الحالف ثم دخل العبد الدار، أنه يحنث، كما لو قال لزوجته: إن دخلت الدار فأنت طالق، فجن ثم دخلت، ثم لو كان معتبرًا (¬5) لكان مُخالفًا لقوله أولَ الباب: "إن سبب وجوب الكفارة اليمين" فإن السبب إذا وجد في حال التكليف [لا يقدح في العمل به وجود شرطه حال] (¬6) عدم التكليف، [والأصحاب] (6) حكوا قولين أو وجهين في أن الاعتبار في تعلق الطلاق والعتق بحال التعليق كما هو الصحيح أو بحال وجود الصفة، ولم يختلفوا فيما لو قال لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر، فدخل في حال جنون السيد (¬7) أنه ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 438)، "قواعد الزركشي" (3/ 388). (¬2) يعني: ابن الرفعة. (¬3) في (ق): "ويطرقه". (¬4) في (ق): "التعليق فإن". (¬5) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "مفتقرًا". (¬6) من (س). (¬7) في (ق): "العبد".

قاعدة تنزيل اللفظ على المعنى الشرعي [قبل] العرفي

يعتق وستعرفه في التدبير، وما نحن فيه مثله، نعم يتجه ذلك على قول الإمام أبي حنيفة الذي حكيناه وجهًا لبعض الأصحاب أن السبب الحنث، فإذا وجد في حال الجنون أمكن أن لا يؤثر، وكذلك إذا [كان] (¬1) السبب اليمين والحنث، قال: والذي يظهر أنا وإن قلنا بذلك فلا أثر له أيضًا، لأن (¬2) إيجاب الكفارة على هذا، من باب الوضع والإجبار كغرامة المتلفات وأروش الجنايات". قاعدة " تنزيل اللفظ على المعنى الشرعي [قبل] (¬3) العرفي [في] (¬4) صور" (¬5): - منها: لو حلف لا يبيع الخمر، فإن أراد أنه [لا] (¬6) يتلفظ بلفظ العقد مضافًا إلى الخمر، فإذا باعه حنث وإن أطلق لم يحنث في الأصح؛ لأن البيع الشرعي لا يتصور فيها. - ومنها: لو حلف لا يركب دابة العبد، وكانت له دابة باسمه لم يحنث الحالف بركوبها تنزيلًا للإضافة على الملك، كما في الإقرار خلافًا للإمام أبي حنيفة، وعند الإمام أبي حنيفة يحنث بالإضافة العرفية. ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "في"، والمثبت من (س). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) من (ك). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 28). (¬6) سقطت من (ق).

قاعدة الماهيات الجعلية كالصلاة وغيرها من العقود ليست الصحة والفساد مما يعتورانها

قاعدة " الماهيات الجعلية كالصلاة وغيرها من العقود ليست (¬1) الصحة والفساد مما يعتورانها وهي باقية، [بل] (¬2) حيث وجدت الماهية فهي المعنى بالصحة، وحيث انتفت (¬3) فهو المعني بالفساد" (¬4). وذهب ذاهبون إلى أنها موضوعة للأعم من الصحيح والفاسد، حتى بنى (¬5) هذا القائل عليه أنه لو نكح العبد بإذن سيده نكاحًا فاسدًا هل [له أن] (¬6) ينكح به نكاحًا صحيحًا بعده أم لا؟ والأصح: نعم؛ لأن الإذن ينزل على الصحيح، ولما حكى الأئمة فيما لو اختلفا في أن صورة النكاح [صدرت] (¬7) على وجه فاسد وادعى الآخر أنها جرت على وجه الصحة، بناه الإمام على النكاح المعترف به (¬8) مطلقًا هل يحمل على الصحيح أم يتناول الصحيح والفاسد؟ والذي اختاره شيخي (¬9) حرسه الله: الأول، واستشهد له بما قاله الإمام الشافعي: أنه لو حلف لا يبيع بيعًا [صحيحًا أو فاسدًا فباع بيعًا صحيحًا أو] (¬10) ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "بسبب". (¬2) سقطت من (ق). (¬3) في (ن) و (ق): "وحيث وجد الثبوت"، والمثبت من (ك). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 28)، "قواعد العلائي" (2/ 481). (¬5) في (ن): "حين بين"، وفي (ق): "حتى بين"، والمثبت من (س). (¬6) من (ن). (¬7) من (ن). (¬8) في (ن) و (ق): "فيه". (¬9) يعني: صدر الدين بن المرحل. (¬10) من (ك).

فاسدًا لم يحنث أما البيع الصحيح فواضح؛ لأنه غير محلوف [عليه] (¬1)، وأما الفاسد، فإن الفساد لا يجامع البيع؛ إذ البيع لا يكون غير صحيح، وكذلك نص على أنه لو حلف لا يبيع الخمر لم يحنث بما يقع في بيعها (¬2) عادة، انتهى. وفي هذا الاستشهاد نظر، واللائق في (¬3) باب الأيمان الحنث، وإليه ذهب المزني، والله أعلم. فعلى هذا حرف النفي إذا دخل على الماهية الجعلية كحديث: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" (¬4)، و"لا صلاة لمن لم يقرأ الفاتحة" (¬5) يكون لنفي الماهية ولا حاجة إلى نفي الكمال ولا إلى نفي الصحة، كذا قيل، والذي يظهر في هذه القاعدة أن يقال: إن هذه الماهيات يعتورها الصحة والفساد وهي باقية حقيقة عرفية، وأما كونها حقيقة شرعية [فلا] (¬6)، مع أن الأصحاب قالوا: فيما لو حلف لا يبيع فباع بيعًا فاسدًا، أنه لا يحنث، وبه قال الإمام أحمد، ونزل ألفاظ العقود على الصحة، وخالف الإمام مالك، وأبو حنيفة وحكما بالحنث، ولما ذكر الغزالي عدم الحنث قال: "والفاسد ليس بعقد" هذا في المعاملات، أما العبادات ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) في (ن) و (ق): "تعلقها". (¬3) في (ق): "من". (¬4) أخرجه الدارقطني في "السنن" [كتاب الصلاة -باب الحث لجار المسجد على الصلاة فيه إلا من عذر- حديث رقم (1)]، والبيهقي في "الكبرى" [كتاب الصلاة -باب ما جاء من التشديد في ترك الجماعة- حديث (4942)]. (¬5) أخرجه البخاري في "الصحيح" [كتاب الأذان -باب وجوب القراءة للإمام والمأموم- حديث (756)]، ومسلم في "الصحيح" [كتاب الصلاة -باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة- حديث رقم (394)]. (¬6) سقطت من (ن) و (ق).

تنبيه: هل العقود موضوعة للصحيح فقط أو الأعم من الصحيح والفاسد؟

فهي على قسمين أحدهما: الحج، فإذا حلف عليه حَنَث بالفاسد قطعًا، فإنه منعقد يجب المضيُّ فيه كالصحيح، والثاني: ما عداه كما لو حلف لا يصوم ولا يصلي فصام أو صلى فاسدًا، واقترن الفساد بأول الفعل لم يحنث كالعقود، وإن طرأ (¬1) الفساد هل يحنث؟ فيه وجهان، أصحهما، نعم، والثاني: لا، [حتى] (¬2) يركع (¬3)، وقد ذكر الإمام المسألة في باب الخلع أيضًا (¬4)، واستطرد الكلام إلى أن قال: إذا عقد الرجل نيته (¬5) على البيع المطلق لم يحنث بالبيع الفاسد. هذا ظاهر المذهب، والإمام الشافعي نص في النكاح على أن الفاسد يدخل تحت الاسم المطلق، وذكر مسألة: "ما لو أذن للعبد في النكاح، فنكح فاسدًا" ثم ضعفه، قال: أما جانب الامتناع كقوله: لا أبيع (¬6) الخمر فباعها، فالجمهور وظاهر النص على عدم الحنث أيضًا، إلا أن ينوي التلفظ ببيعها. تنبيه: هل العقود موضوعة للصحيح فقط أو الأعم من الصحيح والفاسد؟ فيه قولان، أصحهما: أولهما (¬7)، وعليه خرج ما تقدم. قلت: ووقع للرافعي (¬8) في كتاب الأيمان ما نصه -وسيأتي خلافه- في أن لفظ العبادات هل هو موضوع لما هو أعم من الصحيح والفاسد، أو ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "حكوا"، والمثبت من (ك). (¬2) من (ن). (¬3) في (ق): "يرجع". (¬4) في فصل: لو قال: إن أعطيتني هذا فأنت طالق. (¬5) في (ن) و (ق): "يمينه". (¬6) في (ن) و (ق): "ابتع"، والمثبت من (ك). (¬7) أي: الأصح أنه لا يتناول إلا الصحيح فقط. (¬8) في (ن): "في الرافعي".

قاعدة قاعدة الأيمان البناء على العرف إذا لم يضطرب

يختص بالصحيح؟ ولم نر ذلك في كلامه بعد، فتنبه له. قاعدة قال الشيخ عز الدين: "قاعدة الأيمان البناء على العرف إذا لم يضطرب؛ فإن اضطرب فالرجوع إلى اللغة" (¬1). وأما الرافعي فحكى: "التحقيق أن الحال (¬2) مختلف باختلاف العرف اضطرابًا واطرادًا، [وبكيفية دلالة اللفظ على المعنى قوة وضعفًا] (¬3)، فقد يقوى العرف، فيقتضي هجران الوضع -يعني اللغة- وقد يضطرب ويختلف فيؤخذ بمقتضى الوضع وعلى الناظر التأمل والاجتهاد فيما يستعمله". وقال الغزالي في "وسيطه": "إذا اختلفا فميل الأصحاب إلى اللفظ، وميل الإمام [إلى] (¬4) اتباع العرف" وفيها صور: - منها: إذا قال: إن لم تعرِّفيني بعدد الجوز الذي في البيت فأنت طالق، [فقد] (¬5) قال الأصحاب فيما لو قال: إن لم تذكريني بعدد الجوز الذي في البيت فأنت طالق، أن طريقها أن تذكر [كل] (¬6) عدد يحتمل أن يكون (¬7)، فلا يزال ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 31)، "الأشباه" للسيوطي (1/ 229)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 219)، "قواعد ابن رجب" (1/ 9)، (2/ 588)، "قواعد الزركشي" (3/ 121)، "قواعد العلائي" (2/ 476). (¬2) في (ن): "الخلاف". (¬3) من (ك). (¬4) من (ن). (¬5) من (ق). (¬6) من (ن). (¬7) في (ن) و (ق): "لا يكون".

يجري على لسانها الواحد بعد الآخر، وفي مسألتنا قد قيل يكتفي بذلك. وقال الغزالي: لا يكفي واستبعد الأولى، وحكى الرافعي المستبعد عن الأصحاب، واختيار الغزالي والإمام. - ومنها: إذا قال: إن لم تميزي ما (¬1) أكلت (¬2) فأنت طالق، قال الأصحاب: طريق الخلاص أن تفرقها بحيث (¬3) لا يلتقي (¬4) منها اثنتان، نعم لو أراد التمييز الذي يحصل به التعيين لا يبرأ من الحنث. قال الإمام: هذا اللفظ عند الإطلاق يتبادر إلى الفهم منه التعيين، وكان ينبغي أن يحمل اللفظ عليه، فإن أراد مقتضى [وضع] (¬5) اللغة، فيتبقى تردد في أنه هل يراد ظاهر الإطلاق؟ والأشبه أنه لا يراد، ونقل الرافعي عن أبىِ زيد أنه قال: لا أدري [على] (¬6) مابنى الإمام الشافعي مسائل الأيمان، إن اتبع (¬7) اللغة فمن حلف لا يأكل الرؤوس فينبغي أن يحنث بأكل رؤوس الطير والسمك، وإن اتبع العرف فأهل القرى لا يعدون (¬8) الخيام بيوتًا، وقد قال الإمام الشافعي: لا فرق بين القروي والبدوي". ثم قال الرافعي في معرض الجواب عن هذا: "إن الإمام الشافعي يتبع مقتضى اللغة تارة، وذلك عند ظهورها وشمولها (¬9) وهو الأصل، وتارة يتبع ¬

_ (¬1) في (ق): "إن لم تخبريني بما". (¬2) أي: إن لم تميزي نوى ما أكلتُ عن نوى ما أكلتيه. (¬3) في (ن) هنا: "أن". (¬4) في (ن) و (ق): "يكتفي". (¬5) من (ن). (¬6) من (ق). (¬7) في (ن) و (ق): "جميع"، والمثبت من (ك). (¬8) في (ق): "يعرفون". (¬9) في (ن): "ونزولها"، وفي (ق): "وتركوها".

قاعدة الألفاظ المستعملة من الشارع

العرف إذا استمر واطرد، قال بعضهم: وهذا الذي قاله فيه نظر. وقوله: "عند ظهورها وشمولها" إن أراد بظهورها الظهور في العرف، فيكون التقدير أنه إذا اتفق الاصطلاح العرفي واللغوي فيعمل به فيما عدا هذا، فإن المراد بالظهور عدم الاضطراب. قاعدة الألفاظ المستعملة من الشارع أما الحروف (¬1)، فإنا لا نعلم أنه نقل منها شيء، وفي "نعم" بحث في قاعدة "أن السؤال والجواب هل هو كالمعاد لفظًا" (¬2). وأما الأسماء فما وضعه الشارع بإزاء (¬3) الماهيات الجعلية فذلك معروف، وليسر من غرضنا، وأما غير ذلك، فسيأتي بعد الفعل، أما الفعل فثلاثة أقسام: ماض، ومضارع، وأمر، وما تأخر من الأسماء المتصلة بالأفعال، وهي ثمانية: [أسماء] (¬4) المصدرية، واسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 33)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 51)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 235). (¬2) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 317)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 150)، "قواعد الزركثسي" (2/ 214)، "شرح القواعد الفقهية" للزرقا (رقم: 65)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 153)، وفي معنى هذه القاعدة يقول الشيخ الزرقا في "شرح القواعد الفقهية" (ص: 335): "السؤال معاد في الجواب، فلو قيل لآخر: طلقت امرأتك؟ أو على لفلان عليك كذا -إشارة لدين سماه-؟ أو هل أوصيت بكذا؟ أو هل بعت الشيء الفلاني من فلان؟ أو هل آجرته دارك مثلًا؟ أو قتلت فلانًا؟ فقال مجيبًا بنعم، فإنه يكون مقرًّا بما سئل عنه .. ". (¬3) في (ن) و (ق): "بأن". (¬4) من (ن).

واسم التفضيل (¬1)، واسم الزمان، واسم المكان، واسم الآلة، وأما (¬2) الفعل المضارع فلم يستعمل في الشرعيات في شيء أصلًا إلا لفظة أشهد في الشهادة، فإنها تعينت، ولم يقم غيرها مقامها، [وكذلك] (¬3) في اللعان (¬4)، سواء قلنا إنه يمين أو شهادة، أو فيه شائبة من هذا أو ذاك (¬5)، ويجوز في اليمين في: أقسم بالله، وأشهد، ولا يتعين فيها، ولا مدخل [له] (¬6) في الإنشاءات. وأما الفعل الماضي فيعمل به (¬7) في الإنشاءات [والعقود ما خلا الأخيرين، وهما الشهادة، واللعان، فمن الإنشاءات] (¬8) التي يُعمل به (¬9) فيها: العقود والطلاق. وأما فعل الأمر: فهو مسألة الإيجاب والاستحباب في العقود كلها، والطلاق، وكذا في كل موضع يعمل بالفعل الماضي على الصحيح. وأما اسم الفاعل ففي الطلاق بلا خلاف في قوله: أنت مطلقة أو أنت طالق، ويتجه مثله (¬10) في: "أنت معتقة" ويعمل به في الضمان. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "واسم الفعل". (¬2) في (ن) و (ق): "واسم". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ن): "اللغات". (¬5) وفي (ك): "أو أحدهما فيه مباينة من الآخر". (¬6) من (ن). (¬7) في (ق): "فيه". (¬8) من "ك". (¬9) في (ن) و (ق): "بها". (¬10) في (ن): "مسألة".

وأما اسم المفعول فيستعمل في الطلاق والعتق والوكالة ويقرب من هذا: أنت حرام وأنت حر، وأنت علي كظهر أمي. وأما المصدر: فقد استعمل في الطلاق في قوله: "أنتِ الطلاق"، وهل هو صريح أو كناية؟ فيه خلاف. قلت: الأصح: الثاني، ولا يبعد جريان مثل ذلك في العتق، وفي الضمان ذكروا في صيغة: أنا ضامن وكفيل وحميل، وفي: "قبيل" وجه: أنه ليس بصريح. قال الرافعي: ويطرد في "الحميل" وما ليس بمشهور في العقد. [فصل: ] قول الأصوليين إن كلام الشارع يحمل على معناه الشرعي ثم العرفي ثم اللغوي ثم الحقيقي ثم المجازي (¬1) نظيره من الفقه (¬2): أن الاعتبار في التقدير في المقدر في باب الربا بعصره (¬3) - صلى الله عليه وسلم -، فما كان مكيلًا تعين كيله، وما كان موزونَا تعين وزنه، وما جهل أمره الاعتبار فيه بالعرف على أشبه الأوجه الخمسة. واختلفوا في هذا العرف، فالأحسن أنه عرف بلد البيع (¬4)، وقيل: أكثر البلاد (¬5)، وقد مر في أثناء قاعدة [في] (¬6) أول كتاب الطهارة من هذا المجموع ¬

_ (¬1) انظر: "أصول السرخسي" (ص: 134)، "المستصفى" للغزالي (ص: 181)، "الإبهاج" للسبكي (1/ 274)، "الإحكام" للآمدي (1/ 45)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص: 40)، "نهاية السول" للإسنوي (1/ 242)، "إرشاد الفحول" (1/ 136) (¬2) في (ن) و (ق): "العقد". (¬3) في (ق): "نصه"، وفي (ن): "بصره"، والمثبت من (ك). (¬4) وهو ترجيح أبي إسحاق الشيرازي، والبغوي. (¬5) وهو ترجيح الشيخ أي حامد. (¬6) من (ن).

كثير مما يتعلق بما نحن فيه، ولنستحضر (¬1) في (¬2) هذا المقام المواضع الكثيرة من باب الأيمان فيما مبناه (¬3) على العرف، حتى قيل: مبنى الباب على ذلك ولا حاجة إلى سرد ذلك. والحاصل: أن في الفقه مواضع يرجع فيها إلى العرف جزمًا ومواضع يختلف فيها. - منها: التفرق القاطع لخيار المجلس، حيث رجع فيه إلى العرف بلا شك، قالوا: لأنه ليس [له] (¬4) في الشرع ولا في اللغة حَدٌّ فيرجع فيه إلى العرف، وهذا غير ما حكيته الآن (¬5) عن أهل الأصول. - منها: ما لحظ (¬6) في ضابط العيب المثبت للخيار من أنه الوصف المذموم الذي يقتضي العرف سلامة المبيع منه غالبًا، ويخرج من هذا الضابط الوجه الذي حكاه بعض المتأخرين في "شرحه للتنبيه": أنه إذا وجد الجارية صائمة ثبت له الخيار، قد حكاه الرافعي، وقال النووي في أصل الروضة: إنه وجه (¬7) باطل. - ومنها: ضابط المحقرات يُرجع فيها إلى العرف إذا جوزنا المعاطاة فيها، وحكى الرافعي عن والده أو غيره -الشك منه- أنه يضبط بما دون نصاب السرقة. - ومنها: قدر القليل من الدم [المعفو عنه] (¬8) وطين الشارع. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "وأستحضر". (¬2) في (ق): "من". (¬3) في (ق): "بنيناه". (¬4) من (ن). (¬5) في (ق): "إلا". (¬6) في (ن) و (ق): "يحط"، والمثبت من (ك). (¬7) في (ق): "أصل". (¬8) من (ن).

- ومنها: في ضابط القليل والكثير في الصلاة على رأي. - ومنها: حد اليسار والتوسط (¬1) في حمل العقل (¬2) على ما رواه البغوي. - ومنها: الكفاءة في النكاح. - ومنها: كون الكيل (¬3) لا يبلغ (¬4) ما يتغابن الناس بمثله. قلت: ومنها: الفرق بين المخالط والمجاور على وجه حكاه في "الكفاية" أيضًا في مسائل كثيرة (¬5): - منها: الضَّبَّة الكبيرة، المختار الرجوع فيها إلى العرف، والمشهور: [أن] (¬6) الكبيرة جزء كامل من أجزاء الإناء، وقيل: ما يلوح للناظر من (¬7) بعد، والتحقيق أن ذلك غير شافٍ (¬8). قلت: وقيل: إن الكبيرة نصاب السرقة، كما ذكرته في "شرح المنهاج"، وهو غريب. - ومنها: اللحية الخفيفة، قيل: يرجع فيها في خفتها إلى العرف، ورجحوا ¬

_ (¬1) في (ق): "والتربط". (¬2) في (ن) و (ق): "العقد"، والمثبت من (ك)، والمقصود بالعقل: دية العاقلة. (¬3) في (ن) و (ق): "الوكيل". (¬4) في (ن): "يبيع". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 41). (¬6) سقطت من (ن). (¬7) في (ن): "على". (¬8) في (ن): "متأخر".

أنها التي تُرى بشرتها (¬1) عند التخاطب، وقيل: ما وصل (¬2) [الماء] (¬3) إلى منبتها بلا مبالغة. - ومنها: أن العرف [كما] (¬4) يتبع [في] (¬5) الأحكام والأسماء يتبع في النقد، وحكى أبو منصور عن عمه ابن الصباغ أنه قال في "الكامل": "وإذا قال: بعتك هذه العين بعشرة أثواب، وأطلق وكان [له] (¬6) عرف فيصرف إليه كالنقدين"، وفي اتباعه في المسابقة بين الموقف والهدف، وفي ارتفاعه من الأرض خلاف، وإذا كان للرماة عادة في حَدِّ (¬7) القذف (¬8) فلا خلاف في تنزيل اللفظ المطلق عليها كما في النقد في المعاملات (¬9)، وفي [وجوب الثواب في هبة] (¬10) الأدنى من الأعلى قولان في الجديد، رجح المشايخ أبو محمد [و] (¬11) الروياني الوجوب، وخالف الجمهور، والثواب: قدر قيمة الموهوب، وقيل: ما [يكون] (¬12) ثواب مثله عادة، وفي هبة المتساويين [خلاف] (¬13) الأصح: القطع بعدم الوجوب. ¬

_ (¬1) وقعت في (ن) و (ق): "أنها التي تستوي يسير منها"، والمثبت من (ك). (¬2) في (ق): "يوصل". (¬3) من (ن). (¬4) من (ك). (¬5) سقطت من (ن) و (ق). (¬6) من (ن). (¬7) في (ن): "حق". (¬8) في (ن): "القرب". (¬9) في (ن): "المقابلات". (¬10) من (ك). (¬11) سقطت من (ق). (¬12) من (ك). (¬13) من (ق).

وإذا صرح بشرط الثواب فكافأه بما دون المشروط، وقلنا: إنه هبة فوجهان في الإجبار على القبول؛ لأن العادة فيه المسامحة. قلت: الأصح أو الصحيح: لا يجب كما ذكره في "الروضة" من زوائده. - ومنها: في "فتاوى القفال": أنه لو أعطاه درهمًا وقال: ادخل بهذا الدرهم الحمام، إن قاله تبسطًا على المعتاد فله صرفه في غيره، وإن كان ذلك لوسخ رآه فلا. قلت: في "فتاوى القاضي": احتمال وجه إجزائه لا يتعين، وفرع عليه ما ذكرته عنه في "شرح المنهاج" فراجعه، وقد ذكرت فيه (¬1) فروعًا أخرى مهمة متعلقة بذلك فراجعها منه، ومثله الكفن، وهي ما إذا قال: خذ هذا الكفن، كفن فيه مورثك. وفي مسألة ظرف الهدية، وما إذا بعث كتابًا إلى غائب أو حاضر هل يملك المكتوب إليه، والكل موضح (¬2) في الشرح المذكور في باب الهبة مفرقًا فراجعه منه. - ومنها: مسألة الغسال، الأصح: أنه لا يتعين ولا يستحق الأجرة إذا لم يسم له أجرة، فيقال على هذا استحقاق المال هل يكفي بالعرف فيه. - ومنها: إذا قالت زوجني وسكتت (¬3) عن المهر، ففعل ولم يذكر المهر فهل يكون تفويضًا صحيحًا؟ فيه خلاف، الأصح: ما قاله الإمام: المنع فعلى هذا ينعقد ابتداء بمهر المثل. ¬

_ (¬1) في (ق): "عنه". (¬2) في (ن): "موضوع". (¬3) في (ن): "إذا قال زوجني وسكت".

قاعدة التخصيص بالعرف الشرعي في مسائل

- ومنها: لو جرى الخلع بلا ذكر مال، فهل يكون مطلقهُ على استحقاق المال حتى يجب مهر المثل؟ فيه وجهان، أصحهما: لا [لعدم ذكره، والأصح: الوجوب] (¬1) لاقتضاء العرف ذلك، ووقع في كلام القاضي والإمام [و] (¬2) الغزالي تنظير هذا الخلاف بما لو ساقاه أو قارضه ليتَّجر [ولم] (¬3) يذكر مالًا، هل يستحق عند العمل أم لا؟ [ونظر الفوراني أيضًا بقوله: بعتك، ولم يذكر ثمنًا، وهذا لا] (¬4) يستقيم؛ فإنه لا يمكن القول هناك بوجوب مال أصلًا، بل لا ينعقد، نعم لو قال: بعتك بلا ثمن هل ينعقد هبة نظرًا إلى معنى اللفظ؟ وفيه خلاف لا يتعلق بما نحن فيه. قاعدة التخصيص بالعرف الشرعي في مسائل (¬5): - منها: لو حلف لا يصلي، حنث بالصلاة الشرعية دون اللغوية التي هي الدعاء، والصلاة (¬6) الفاسدة، لأنها ليست صلاة حتى تُوصف بالفساد، وهو مبني ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) سقطت من (ق). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) من (ك). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 39)، وانظر: "البرهان" للجويني (1/ 327)، "الأصول" للسرخسي (ص: 101)، "المستصفى" للغزالي (ص: 245)، "الإحكام" للآمدي (2/ 350)، "الإبهاج" للسبكي (2/ 121)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص: 159)، "شرح البدخشي على الإسنوي" (2/ 429)، "إرشاد الفحول" (2/ 626)، "قواعد ابن رجب" (2/ 566)، (2/ 557). (¬6) في (ق): "للصلاة".

على ما تقدم من الماهيات الجعلية هل تبقى (¬1) عندما يعتورها الفساد والصحة؟ ولكن متى يحنث؟ فيه أوجه: أحدها: بالتحريم بها، وثانيها: لا يحنث حتى يأتي بالركوع. وثالثها: لا يحنث حتى يفرغ منها (¬2)، وهذا هو المتضح. قلت: لكن أصحها أولها، فلو فسدت بعد الشروع [فلا] (¬3) حنث وعلى الأول [هو حانث، وعلى] (4) الثاني [إن كان الفساد بعد الركوع حنث وإلا فلا، ثم هذان القائلان] (¬4) [قد] (¬5) حنثاه بهذه الصلاة [الفاسدة] (¬6)، فينبغي أن يحنثاه بكل صلاة فاسدة، سواء قارنها الفساد أو طرأ عليها إن نظر إلى المعنى العرفي، وإن نظر إلى المعنى الشرعي فلا يمكن الحنث، وقضية قاعدة الأيمان تقتضي الجزم بالحنث مطلقًا، سواء اقترن (¬7) الفساد أو طرأ كما فعل في بعض المسائل، وأما لو حلف لا يصوم فهل يحنث بصباحه صائمًا [أو بنية التطوع ضحى أو بعد] (¬8) الإتمام؟ فيه الخلاف. - ومنها: لو حلف لا يبيع مثلًا أو لا يهب، فباع أو وهب فاسدًا لم يحنث وينزل على الصحيح، وكذا من أقر بعقد ينزل على صحيحه، وعن الإمام أبي حنيفة ¬

_ (¬1) في (ن): "تيقن"، وفي (ق): "يتعين"، والمثبت من (ك). (¬2) لأنها قد تفسد قبل التمام فيخرج عن أن يكون مصليًا. (¬3) سقطت من (ن) و (ق). (¬4) من (ك). (¬5) من (ن). (¬6) من (ن). (¬7) في (ق): "قارن". (¬8) تكررت هذه العبارة في (ن) بعد قوله: "سواء اقترن الفساد أو طرأ".

خاتمة: والأصل في الإطلاق الحقيقة

والإمام مالك: أنه يحنث بالفاسد كما يحنث بالصحيح، وهو قضية قاعدتنا في باب الأيمان كما تقدم (¬1). ولو حلف لا يبيع الخمر أو المستولدة مثلًا ثم أتى بصورة البيع، فإن قصد أنه لا يتلفظ بلفظ العقد فقد تقدم كُلُّه في القاعدة الثانية من هذا الباب. - و [منها] (¬2): لو حلف لا يدخل حانوت فلان، فدخل الحانوت الذي يعمل فيه وهو ملك غيره، [قال] (¬3) الروياني: لا يحنث، وحكاه عن النص قال: والفتوى أنه يحنث. ومثار النظر (¬4) في هذه المسائل هل هي حقيقة في الملك أم ذلك في أسماء الأعيان أو الاختصاص؟ فيه خلاف بين أئمة الأصول، ورجح بعض المتأخرين الأخير معتمدًا على الطريقة المشهورة من أن جعله حقيقة في القدر المشترك [أولى، دفعًا للاشتراك] (¬5) والمجاز. خاتمة: والأصل في الإطلاق الحقيقة (¬6)، وقد يُصرف إلى المجاز بالنية كما إذا قال: [لا أدخل دار زيد، وقال: أردت ما يسكنه دون ما يملكه] (¬7) فيقبل في ¬

_ (¬1) تكرر هذا الفرع في (ق). (¬2) من (ن). (¬3) سقطت من (ق). (¬4) في (ن): "الظن". (¬5) من (ك). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 40 - 41)، وانظر: "قواعد العلائي" (2/ 448)، "الإبهاج في شرح المنهاج" للسبكي (1/ 317)، "شرح القواعد الفقهية" للزرقا (رقم: 60)، "قواعد الندوي" (ص: 459). (¬7) من (ك).

فرع

الحلف بالله تعالى، ولا يقبل في الحلف بالطلاق والعتاق (¬1)، وذكره ابن الصباغ وغيره، [وهو] (¬2) نظير ما لو حلف لا يركب دابة العبد وقد تقدمت، ولكن جاءت في معرض الاستطراد. وقد يكون المجاز راجحًا والحقيقة مرجوحة وفي تعادلهما أو ترجيح أحدهما خلاف أصولي (¬3)، وأما الفقهاء فقالوا: من حلف لا يأكل من هذه الشجرة حمل على الأكل من ثمرها دون الأوراق والأغصان، وجعلوا أن المجاز هنا راجحًا، والحقيقة بعيدة. قالوا: ولو كانت الحقيقة راجحة حملت اليمين عليها، كما لو قال: لا آكل من هذه الشاة، فإنه يحمل على الأكل من لحمها دون لبنها ولحم نتاجها. فرع: قد يصرف اللفظ من حقيقته إلى مجازه لقرينة في مثل ما لو رهنه الخريطة ولم يتعرض لما فيها، والخريطة لا يقصد [رهنها] (¬4) في مثل هذا الدين (¬5)، فهل يجعل رهنًا [لما] (¬6) في الخريطة، وإن كان مجازًا للقرينة الحالية (¬7)؟ فيه وجهان. ¬

_ (¬1) في (ق): "والطلاق". (¬2) من (ن). (¬3) انظر: "الأصول" للسرخسي (ص: 145)، "المستصفى" للغزالي (ص: 190)، "الإحكام" للآمدي (1/ 45)، "الإبهاج" للسبكي (1/ 317)، "شرح البدخشي على نهاية السول" (1/ 279)، "إرشاد الفحول" (1/ 160). (¬4) من (ك). (¬5) في (ن) و (ق): "الرهن". (¬6) سقطت من (ق). (¬7) في (ن) و (ق): "الجارية"، والمثبت من (ك).

[قاعدة] ما كان صريحا في باب ووجد نفاذا في موضوعه

[قاعدة] " ما كان صريحًا في باب ووجد نفاذًا في موضوعه (¬1) لم يكن كناية في غيره، وما لا فكناية في غيره" (¬2)، والأول جارٍ على هذه القاعدة؛ لأن الأصل في الإطلاق (¬3) الحقيقة، وأن الحمل على الحقيقة الشرعية مقدم، لكن خرج عنه مسألتان، الأولى: إذا أحال بلفظ الحوالة ثم قال: أردت الوكالة، فقال ابن سريج بوفاء القاعدة (¬4)، وخالفه الأكثرون، فقالوا: يقبل لأنه أعرف بنيته، وفيه نظر، ويلزم مثله في كل صريح؛ [إذ يجيء] (¬5) مطلقه خلاف ظاهره. الثانية: إذا اشترى المبيع من البائع بعد قبضه ولزوم العقد ونويا جميعًا الإقالة، فلا كلام إن قلنا هي بيع، وإن قلنا: فسخ، فقولان. أحدهما: أنه إقالة، والثاني: [أنه] (¬6) فسخ بيع، وفي القول الأول إلا كان (¬7) الثاني، وعلى القولين يتفرع تجدد الشفعة فيه ثانيًا، وكذلك ما يترتب على البيع من خيار المجلس ونحوه، والطرف الثاني من القاعدة المذكورة جارٍ في غالب [مواضع] (¬8) الكنايات، وفيما إذا قال لأمته: أنت علي كظهر أمي ونوى ¬

_ (¬1) في (ق): "موضعه". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 249)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 564)، "قواعد الزركشي" (2/ 311) (3/ 146). (¬3) في (ن) و (ق): "الطلاق". (¬4) أي: لا يقبل. (¬5) في (ن): "أعني". (¬6) من (ق). (¬7) كذا في (ن) و (ق). (¬8) من (ن).

قاعدة الخلاف الأصولي في أن العام هل يشمل الصور النادرة؟

العتق، وجه أنها لا تعتق بذلك؛ لأن هذا اللفظ [لما] (¬1) لم يزل الملك ألم يصلح، (¬2) كناية في العتق والأصح نفوذه به؛ لأن الظهار لا ينفذ في الأمة فيصح جعله كناية في العتق، بخلاف الطلاق والظهار في الزوجة إذا نوى بكل منهما الآخر، فإنه لا يصح جعله فيه كناية، لأنه (¬3) صريح في بابه. قاعدة الخلاف الأصولي في أن العام هل يشمل الصور النادرة (¬4)؟ لا يتبين دخوله في كلام الله تعالى لعلمه بذلك النادر، وإنما يتبين في كلام الآدميين؛ لأن التخصيص على سبيل الحقيقة إرادة صاحب الكلام، فقد (¬5) لا يمر النادر بالبال، ولا يراد بالإطلاق التعميم كما لا يراد بالتخصيص، ويظهر مجيء الخلاف في كلام الله تعالى لا للمعنى الذي ذُكر؛ لأن العرب لا يمر ببالها لندرتها، وللخلاف نظائر فقهية: - منها: المسابقة على الفيل وفيه وجهان، ينظر في أحدهما في عموم الحديث في ذي الخف والحافر (¬6) , وهو ذو خف لكنه نادر بالنسبة إلى الصحابة، وهم المخاطبون. ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ن). (¬3) في (ن) و (ق): "لا". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 65)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (2/ 125). (¬5) في (ق): "فعله". (¬6) يعني قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا سبقَ إلا في خُفٍّ أو حافرٍ أو نَصْلٍ"، أخرجه أبو داود في "السنن" [كتاب الجهاد -باب في السبق- حديث رقم (2574)]، وغيره.

قلت: والأصح: الجواز. - ومنها: ما ذكره الإمام في "الأيمان": أنه إذا حَلف لا يأكل اللحم فأكل لحم الميتة، فيه وجهان، القياس: أنه يحنث، فإن اسم اللحم يطلق في (¬1) حقيقة اللسان على لحم الميتة لإطلاقه على المُذَكَّى، ووجه عدم الحنث أنه لا يعين (¬2) ولا يقصد، ومطلق الألفاظ ينصرف إلى المقصود الذي يخطر باللافظ (¬3)، قال: وهذا يلتفت إلى الأصل الممهد المتعلق بحقيقة اللسان أو عرف اللافظ (¬4)، وحكى وجهين في حنث الحالف أنه لا يأكل الميتة فأكل السمك. قلت: [و] (¬5) الأقوى في "الروضة" في الأولى عدم الحنث، والأصح فيها وفي الرافعي أيضًا وفي الثانية. - ومنها: مس الذكر المبان، هل ينقض [الوضوء] (¬6) نظرًا إلى عموم اللفظ (¬7) وهو الأصح، والثاني: لا، نظرًا إلى الندرة. - ومنها: لو قال في التشهد: اللهم ارزقني جارية حسناء، صحت صلاته على الصحيح لإطلاقه: "وليتخير من المسألة ما شاء" (¬8) خلافًا للجويني. ¬

_ (¬1) في (ن): "على". (¬2) في (ق): "معنى". (¬3) في (ق): "باللفظ". (¬4) في (ق): "اللفظ". (¬5) من (ف). (¬6) من (ن). (¬7) أي: عموم لفظه - صلى الله عليه وسلم -: "من مس ذكره فليتوضأ". أخرجه أبو داود في "السنن" [كتاب الطهارة -باب الوضوء من مس الذكر- حديث رقم (181)] وغيره. (¬8) أخرجه البخاري في "الصحيح" [كتاب الأذان -باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس =

فائدة: ترك المسكن والخادم والأثاث والآنية

- ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" (¬1) فلو تصاحبا فوق ثلاثة أيام فالصحيح: ثبوت الخيار، وقيل (¬2): انقطع عند الثلاث. - ومنها: الأكساب النادرة كالهبة (¬3) والالتقاط [هل] (¬4) تدخل في المهايأة مع [العبد] (¬5) المبعَّض، [الصحيح: ] (¬6) أنها لا تدخل؛ إذ لا تقصد بالوصية، وميل العراقيين وغيرهم في باب زكاة الفطر إلى أن النادر لا يدخل في المهايأة، وفي كتاب اللقطة الأصح باتفاق الكل: الدخول، قاله الرافعي، وقد سلف في قاعدة الأكساب النادرة هل تدخل في المهايأة في العبد المشترك. فائدة: ترك المسكن (¬7) والخادم والأثاث (¬8) والآنية، [وعدم] (¬9) تركهم لمن [يليق بحاله ذلك، منها: الغارم: هل يعتبر فقره ومسكنته حتى] (¬10) يوفى عنه دينه ¬

_ = - بواجب - حديث رقم (835)]، ومسلم في "الصحيح" [كتاب الصلاة -باب التشهد في الصلاة- حديث رقم (402)]. (¬1) أخرجه البخاري في "الصحيح" [كتاب البيوع -باب إذا بيَّن البيعان ولم يكتما ونصحا- حديث رقم (2079)]، ومسلم في "الصحيح [كتاب البيوع -باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين- حديث رقم (1531)] ". (¬2) في (ن) و (ق): "وقد". (¬3) في (ق): "كالصيد". (¬4) من (ن). (¬5) من (ق). (¬6) من (ك). (¬7) في (ن) و (ق): "الساكن"، والمثبت من (ك). (¬8) في (ن) و (ق): "والكتاب". (¬9) سقطت من (ق). (¬10) من (ك).

أم لا، قال الرافعي: ظاهر عبارة أكثر [العلماء] (¬1) اعتبار ذلك (¬2)، قال: وربما صرحوا به، وفي بعض شروح المنهاج (¬3): أنه يبقى مسكنه وخادمه ومركبه وأثاثه وما يليق بحاله، ويقرب منه قول بعض المتأخرين أنه لو ملك قدر كفايته ولو وفَّى دينه لنقص [عن] (¬4) كفايته وفي دينه من سهم الغارمين، قال الرافعي: وهذا أقرب، هذا إذا غرم لنفسه، فأما إذا غرم لإصلاح ذات البين فلا يباع مسكنه قطعًا، فإن قلنا: إن الغنى بالنقد (¬5) فلا يعطى في غُرْم الإصلاح، وكذا العروض على المشهور، وقيل: العروض كالنقد فلا يعطى كالنقد على ذلك الوجه الضعيف. - ومنها: لو وجبت عليه كفارة رقبة فلا يباع ما ذكره على النص، [ونص في الديون على البيع، والمذهب تقرير النصين] (¬6) لبناء حقوق الله تعالى على المساهلة والبدل في (¬7) الكفارة. ومن الأصحاب من خرج فيه قولًا، قال الإمام: والمسكن أولى من الخادم بالإبقاء. - ومنها: هل يتركوا في زكاة الفطر؟ فيه الخلاف، واختار الإمام والغزالي الترك، وهو الأصح في "شرح المهذب"، والشيخ أبو علي وغيره العدم، ويمكن ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 81 - 82)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 662)، "قواعد ابن رجب" (3/ 5). (¬3) في (ن): "المفتاح". (¬4) من (ك). (¬5) في (ن) و (ق): "المعنى بالبعد" والمثبت من (ك). (¬6) ما بين المعقوقين من (ن). (¬7) في (ن) و (ق): "على".

تخريجه على العكس (¬1) في الكفارة [إن قيل: إن حق الله تعالى مبني على المساهلة تركوا، وإن قيل: تترك في الكفارة] (¬2) لبدلها، ولا بدل للفطرة، ولا خلاف في بقاء دست الثوب في [كل] (¬3) الأبواب (¬4) حتى في الدين. - ومنها: في الحج، والخلاف فيه كالخلاف في زكاة الفطر. - ومنها: هل يجوز له نكاح الأمة ويترك له المسكن والخادم؟ فيه وجهان. أصحهما: نعم، والثاني: يبيعهما ويصرف ثمنهما في طول الحرة، وحد الغنى في العاقلة على رأي الإمام والغزالي: أنه يضبط بملك نصاب الزكاة، بشرط (¬5) أن يكون ذلك [فاضلًا] (¬6) عن المسكن والخادم وسائر ما لا يكلف بيعه في الكفارة. - ومنها: لو وجد ثمن الماء فاحتاج إليه لدين مستغرق أو نفقة حيوان محترم أو لمؤنة سفر ذهابًا وإيابًا لم يجب شراؤه، وإن فضل عن ذلك كله وجب، وظاهر هذا أنه يترك له المسكن والخادم ونحوه، وهذا الباب أوسع؛ لأنه حق الله تعالى، وله بدل كالكفارة. - ومنها: المفلس: يباع مسكنه وخادمه إذا (¬7) احتاج إلى من يخدمه لزمانة أو منصب، لقوله - صلى الله عليه وسلم - لغرماء المفلس: "خذوا من ماله ما وجدتم" رواه مسلم (¬8)، ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "العلتين". (¬2) ما بين المعقوفتين من (ك). (¬3) من (ك). (¬4) في (ن): "الأثواب". (¬5) في (ن) و (ق): "يشترط". (¬6) سقطت من (ق). (¬7) في (ن): "وإن". (¬8) في "صحيحه" [كتاب المساقاة -باب استحباب الوضع من الدين- حديث رقم (1556)].

قاعدة في مسائل الإشارة والعبارة

ونص الإمام الشافعي في الكفارة المرتبة: "أنه يعدل إلى الصيام إن كان له ب] مسكن وخادم، ولا يلزمه (¬1) صرفها إلى الإعتاق (¬2) "، فمنهم من خرج قول المديون، واختاره أبو إسحاق المروزي، والمذهب تقرير النصين، والفرق أن الكفارة لها بدل، وأن حقوق الله مبنية على المساهلة، وقال الإمام: "إبقاء المسكن أولى من إبقاء الخادم في حكم الحاجة"، وأشار إلى أنه ينتظم في المسألة ثلاثة أوجه. قاعدة في مسائل الإشارة والعبارة (¬3): - منها: لو حلف لا يكلم هذا الصبي فصار شيخًا، أو لا يأكل هذا الحَمَل فصار كبشًا، فيه وجهان: قلت: أصحهما: الصحة (¬4). - ومنها: لو قال: أصلي خلف زيد هذا فكان عمرًا، أو على هذه المرأة فكان رجلًا، ففيه وجهان، أصحهما: نعم عدم الصحة. قلت: لا، بل الأصح الصحة كما ذكره في "الروضة" والله أعلم. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "ولا بد"، والمثبت من (ك). (¬2) في (ن) و (ق): "الأعيان". (¬3) راجع هذه القاعدة ونظائرها في: "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 89)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 586)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 337)، "قواعد الزركشي" (1/ 167)، "شرح القواعد الفقهية" (رقم: 69)، "قواعد الندوي" (ص: 346). (¬4) في (ن): "نعم".

- ومنها: لو قال: زوجتك هذه العربية فإذا هي أعجمية (¬1)، أو هذه السوداء، فإذا هي بيضاء (¬2)، أو هذه الشابة، فإذا هي عجوز، وبالجملة إن وقع الخلاف في جميع الصفات بالعلو والنزول، ففي صحة النكاح قولان، أصحهما: الصحة. - ومنها: لو قال: اشتريت هذه الشاة أضحية، فعليه أن يجعلها نذرًا، ولو قال: إن اشتريت هذه الشاة فللَّه عليَّ أن أجعلها أضحية، فوجهان، أصحهما: لا يجب تغليبًا لحكم الإشارة، فإنه أوجب المعينة قبل الملك، والثاني: يجب تغليبًا لحكم العبارة، فإنها عبارة نذر، وهو متعلق بالذمة، وهاتان المسألتان في "البحر". - ومنها: لو قال: بعتك هذه الفرس فإذا هو حمار، ففيه وجهان ذكرهما الإمام في صلاة الجماعة، وذكرهما الغزالي في النكاح في فصل الغرور (¬3)، وذكرهما الإمام أيضًا في الخلع عند تشبيهها بما لو قال: خالعها على ثوب بعينه على أنه هروي، فإذا هو مروي أنه يصح كالبيع ويثبت خيار الخلف، فإن فسخ رجع بمهر (¬4) المثل في الأظهر، ولو قال: إن أعطيتني هذا الثوب وهو هروي فأخلف لم يقع قطعًا تغليبًا للعبارة، ولم ينظروا إلى الإشارة. واعلم أنهم قالوا في الأيمان: إنه لو حلف لا يأكل لحم هذه البقرة وأشار إلى شاة فإنه يحنث بأكلها، ولا يخرج على الخلاف في البيع، لأن العقود يراعى فيها شروط ومفسدات لا يعتبر مثلها في الأيمان. - ومنها: لو حلف لا يدخل هذه الدار فصارت عَرَصة فدخلها، لم يحنث على ¬

_ (¬1) في (ق): "العجمية". (¬2) في (ق): "البيضاء". (¬3) في (ق): "العدد". (¬4) في (ن): "بمثل".

فائدة: دوام المحلوف عليه والمعلق [به] قد ينزل منزلة ابتدائه، وقد لا ينزل

المذهب، و [به] (¬1) قطع الأكثرون، لعدم المشار إليه والمعبر عنه، وجعلها الإمام على الوجهين فيما لو قال: لا آكل هذه الحنطة فأكل دقيقها. - ومنها: لو باع أرضًا على أنها مائة ذراع فطلعت أزيد أو أنقص، فأصح الوجهين: صحة البيع، وبهذا قطع بعضهم فيما لو طلعت أنقص، وثبت للمشتري الخيار في صورة [النقص] (¬2)، وللبائع في صورة الزيادة، فإن أجاز المشتري أجاز بجميع الثمن في الأصح، بخلاف تفريق الصفقة؛ لأن المتناول بالإشارة تلك القطعة لا غير، وإن أجاز البائع أجاز بجميع الثمن. - ومنها: لو قال: بعتك هذه الصبرة بعشرة دراهم، كل صاع بدرهم، فخرجت زائدة أو ناقصة، فقولان، أصحهما: في "التهذيب": عدم الصحة، وعلى الآخر (¬3): إذا خرجت ناقصة ثبت للمشتري الخيار، فإذا أجاز [أجاز] (¬4) بجميع الثمن على أحد الوجهين، وإن خرجت زائدة، فالأصح أن الزيادة للمشتري، لأن جملة الصبرة [مبيعة] (¬5)، وعلى هذا لا اختيار له قطعًا، وفي البائع على الأصح. فائدة: دوام المحلوف عليه والمعلق [به] (¬6) قد ينزل منزلة ابتدائه، وقد لا ينزل (¬7)، وفيه صور. ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) سقطت من (ق). (¬3) في (ق): "الأرض". (¬4) من (ن). (¬5) سقطت من (ق). (¬6) من (ك). (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 141).

فائدة: العرف الخاص هل يلحق بالعرف العام؟

- منها: [ما] (¬1) لو قال لزوجته: إن حضت فأنتِ طالق، وهي في الحيض لم تطلق، قال الإمام: والسبب فيه أن الشرط يستدعي استئنافًا، وبقية الشيء لا يكون استئنافًا فيه لسانًا ولا عرفًا. - ومنها: لو قال: إذا أدركت الثمار فأنت طالق، وهي مدركة لم تطلق بذلك، بل لا بد من إدراك مستأنف. فائدة (¬2): العرف الخاص (¬3) هل يلحق بالعرف العام (¬4)؟ فيه خلاف وبيانه بصور: - منها: لو جرت عادة قوم في (¬5) استعمال لفظ "الحرام" في الطلاق، فهل ينزل منزلة الطلاق حتى يقع من غير نية؟ فيه خلاف. قلت: أفتى القفال والقاضي بتنزيله منزلته، وبه جزم في "التهذيب" لغلبة الاستعمال وحصول التفاهم. - ومنها: مهر السر والعلانية، الأظهر: أن الصداق ما عقد به العقد (¬6). - ومنها: لو جرت عادة قوم بالانتفاع بالمرهون، فهل ينزل ذلك منزلة الشرط ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ق): "قاعدة". (¬3) في (ق): "الحاصل". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 209)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 50)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 229)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 97)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 219)، "قواعد ابن رجب" (2/ 557 - 566)، "قواعد العلائي" (2/ 422)، "قواعد الزركشي" (2/ 377)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: 136). (¬5) في (ق): "من". (¬6) وقيل: يسقط المهر المسمى ويجب مهر المثل.

حتى يبطل الرهن؟ فيه خلاف، والإمام بناه على [مهر] (¬1) السر والعلانية. - ومنها: لو جرت عادة قوم أن (¬2) يحفظوا زرعهم ليلًا ومواشيهم نهارًا، فهل ينزل منزلة العام (¬3)؟ وفي العكس من ذلك وجهان، أصحهما: نعم. - ومنها: لو جرت عادة مقترض أنه يرد أكثر مما أخذ، فهل ينزل ذلك منزلة الشرط؟ فيه خلاف كما في قطع [الثمار] (¬4). وبقي مسائل: - منها: إذا أحصره (¬5) السلطان ظلمًا أو بدين لا يتمكن من أدائه، ففي جواز التحللُّ طريقان، أصحهما -وبه قال العراقيون-: القطع بالجواز كالحصر العام، [والثاني] (¬6)، وبه قال المراوزة: أن المسألة (¬7) على قولين، أصحهما هذا. - ومنها: إذا رأى هلال رمضان ببلد لا يلزمه حكم (¬8) البلد البعيد في الأصح، و [هل يضبط] (¬9) البعيد بمسافة القصر أو يختلف باختلاف المطالع؟ فيه خلاف. قلت: الثاني أصح عند النووي، والأول أصح في "المحرر". - ومنها: إذا كانت عادة المرأة في الحيض -إما الغالب أو نحوه- أقل من ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "أنهم". (¬3) يعني: العرف العام. (¬4) سقطت من (ق). (¬5) في (ن): "حضره". (¬6) سقطت من (ق). (¬7) في (ن): "لأن المسلم". (¬8) في (ن): "لا يلزم حكمه". (¬9) من (ك).

الذي استقر عليه عادة النساء، فهل الاعتبار بعادتها أو بعادة النساء؟ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: تعتبر عادتها، وإليه ذهب الأستاذ، والقاضي (¬1)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لتنتظر عدة الأيام والليالي التي كانت تحيضها" (¬2)؛ فقد أناط الشارع الحكم بعادتها (¬3) لا بمطلق (¬4) العادة، وأصحها: يعتبر الغالب؛ فإن فحص الأولين أعم، واحتمال عروض دم فساد المرأة أقرب من انخراق العادة المستمرة. وثالثها: إن وافقت (¬5) عادتها مذهب واحد من السلف صرنا إليه، وإلا فلا. - ومنها: المبتدأة الفاقدة (¬6) شرط التمييز إذا قلنا: تلحق بعادة نساء عشيرتها من الأبوين، أو من العصبات -أي من أهل بلدها- على خلاف فيه، فلو خالفت عادة هؤلاء عادة باقي (¬7) النساء في أقل الحيض، أو في أكثره، أو في غالبه، أو في مقدار الطهر، فيه وجهان، أصحهما: أنها تلحق بالأقرب إلى عادتهن. مثاله: كأن [يكون] غالب (¬8) حيضهن أقل من ست أو أكثر من سبع، فترد إلى الست في الصورة [الأولى] (¬9)، وإلى السبع في الثانية، والثاني: أنها ترد إلى عادتهن. - ومنها: لو حلف لا يأكل الرؤوس لم يحنث برؤوس الطير والحوت والصيد ¬

_ (¬1) يعني: الأستاذ أبا إسحاق الإسفرايني، والقاضي حسينًا. (¬2) أخرجه أبو داود في "السنن" [كتاب الطهارة -باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة- حديث رقم (284)]، وغيره. (¬3) في (ن) و (ق): "بعلة بها"، والمثبت من (ك). (¬4) في (ن) و (ق): "فلا تنطلق". (¬5) في (ن): "وافق". (¬6) في (ن) و (ق): "العاقلة". (¬7) في (ن): "ما في". (¬8) في (ن) و (ق): "يخالف". (¬9) من (ك).

على أظهر القولين، ولو كانت هذه الرؤوس تباع منفردة في بلد حنث بأكلها هناك، وفي غيرها من البلاد وجهان، أصحهما عند (¬1) الشيخ أبي حامد، والروياني: عدم الحنث، وأقواهما وأقربهما إلى ظاهر النصِّ عن الشافعي (¬2): الحنث. وهل (¬3) يعتبر في القطع بكون الناحية بلد العرف الخاص أو من قرية بها؟ فيه وجهان حكاهما الشيخ أبو الفرج. وليعلم أن هذا خالف صور القاعدة [فإن العرف الخاص في بلد معتبر قطعًا وليس] (¬4) على الخلاف، وقياس المسائل أن يجزم بعدم الحنث في غير تلك البلدة، ويكون الخلاف [في تلك البلدة] (¬5). - ومنها: لو حلف لا يأكل الخبز حنث بأكل أنواع الخبز حتى الأرز، وقيل: إنما يحنث به في طبرستان فقط (¬6)، [وقيل] (¬7): وجهان في الحنث في غيرها (¬8)، قال الرافعي: وينبغي أن يكون خلاف كطبرستان [فقط] (¬9)، وهو مخالف للذي قبله (¬10)، [وهذا الفرع أيضًا موافق للفرع الذي قبله] (¬11) في المعنى الذي ذكرته. ¬

_ (¬1) في (ق): "عن". (¬2) في (ن) و (ق): "الرافعي". (¬3) في (ق): "وهي". (¬4) من (ق). (¬5) من (ك). (¬6) حكاه الغزالي عن الصيدلاني. (¬7) من (ن). (¬8) حكاهما أبو الفرج السرخسي في تعليقته. (¬9) من (ق). (¬10) يعني: مخالف لقول الصيدلاني. (¬11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).

- ومنها: ما سئل عنه ابن الصلاح (¬1) عن البطالة الواقعة في المدارس في رجب والنصف الأول من شعبان، فقال: إن ذلك يمنع استحقاق الوقوف، قال: لأنه ليس فيها عرف مستمر ولا وجود (¬2) لها في أكثر المدارس والأماكن، فإن اتفق لها عرف في بعض البلاد واشتهر وظهر، فيجري فيها في ذلك البلد الخلاف المحفوظ في أن العرف الخاص هل ينزل في التأثير منزلة العام؟ والظاهر تنزيله في أهله بتلك المنزلة. - ومنها: ما في "الحاوي" من أهل القرى إذا لم تجر عادتهم بما تلبس نساؤهم في أرجلهن (¬3)، بل يمشين (¬4) حفاة في البيوت: أنه لا يلزم لأرجلهن شيء، وهو خلاف المشهور. - ومنها: أيضًا في العبد إذا تزوج أن للسيد أن يستخدمه نهارًا إن التزم المهر والنفقة، وأن يخليه ليلًا [للاستمتاع] (¬5)، فلو كانت صنعة سيده ليلًا كالحدادين انعكس الحال، ولو كانت (¬6) [عادة] (¬7) بعض الأحرار السكون نهارًا والحرفة ليلًا تنزل (¬8) عليه في القسم، ولم يذكروا في هذه الفروع في نظيرها فيما إذا انعكست عادتهم في حفظ (¬9) .................................. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "ابن الصباغ"، والتصويب من (ك). (¬2) في (ن) و (ق): "موجود". (¬3) في (ن) و (ق): "أرجلهم". (¬4) في (ن) و (ق): "يمشون". (¬5) ما بين المعقوفتين سقط من (ق)، وحدث تقديم وتأخير في هذه العبارة في (ن)، و (ق). (¬6) في (ن): "كان". (¬7) سقطت من (ن). (¬8) في (ن): "نزله". (¬9) في (ن): "حط".

قاعدة تخصيص اللفظ العام بالنية

الراعي (¬1) نهارًا والزرع (¬2) ليلًا وغيره. قاعدة تخصيص اللفظ العام بالنية فيه صور: - منها: إذا حلف لا يسلم على قوم فسلم على قوم هو فيهم، واستثناه بقلبه لم يحنث على المشهور، بخلاف نظيره من الحلف على الدخول على الأصح، والفرق أن الدخول فعل لا يدخله الاستثناء ولا ينتظم أن يقول: دخلت عليكم إلا على فلان، ويصح أن يقال: سلمت عليكم إلا على فلان. - ومنها: لو حلف لا يكلم أحدًا ثم قال: أردت زيدًا، أو من سوى زيد، أو لا يأكل طعامًا [ونوى طعامًا] (¬3) بعينه تخصصت اليمين لما نوى، قاله الرافعي. - ومنها: إذا حلف لا يدخل الدار، ثم قال: أردت شهرًا أو يومًا، قبل ظاهرًا أو باطنًا إذا كان الحلف بالله تعالى ولم يتعلق بحق آدمي، فإن كان بالطلاق أو العتاق أو بالله في الإيلاء قُبل باطنًا فقط. - ومنها: لو قال: نسائي طوالق، أو كل امرأة لي طالق، وقال: أردت بعضهن، فالصحيح: أنه لا يقبل ظاهرًا إلا بقرينة، وقد اعترض الفوراني (¬4) في مواضع من (¬5) كتبه على قولهم فيمن قال: "إلا أحدًا"، وقال: أردت زيدًا، أو لا ألبس ثوبًا، ونوى به الكتان، أن النية تختص بلفظه (¬6) ذلك، وقال: هذه نية مؤكدة ¬

_ (¬1) أي في حفظ المواشي نهارًا وكفها عن الرعي. (¬2) في (ن): "والرعي". (¬3) ما بين العقوفتين من (ق). (¬4) في (ق): "القرافي". (¬5) في (ق): "في". (¬6) في (ق): "أي والنية تخصيص لفظ".

قاعدة حمل اللفظ على ما يتبادر إلى الذهن منه أولى

لبعض ما دل عليه اللفظ فيخصصه إلا أن ينوي بقلبه (¬1) إخراج [غير] (¬2) ما نواه في يمينه، لأن المخصص ولا بد أن يكون مخالفًا لحكم العام (¬3)، كما إذا قال: اقتلوا المشركين، ثم قال: لا تقتلوا بني تميم، فأما إن كان موافقًا (¬4) لحكمه، فهذا هو التخصيص، ثم أورد (¬5) بعد ذلك إيرادات وأجاب عنها. قاعدة " حمل اللفظ على (¬6) ما يتبادر إلى الذهن منه أولى" (¬7). ومن ثم يحمل على الحقيقة ما لم يترجح المجاز لشهرة أو غيرها، كما لو قال: لا آكل من الشجرة، فإنه يحمل على ثمرتها وإن كان خلاف الحقيقة لترجحه، وهذا في شهرة تصير الحقيقة مرجوحة، أما شهرة لا تمنع استعمال الحقيقة فهي مسألة المجاز الراجح والحقيقة المرجوحة، وفيها الخلاف المعروف. قاعدة " اللفظ موضوع عندي لأعم (¬8) من الصحيح والفاسد، ولا يحمل عند ¬

_ (¬1) في (ن): "في قلبه". (¬2) سقطت من (ق). (¬3) في (ق): "المقام". (¬4) في (ق): "فأما إن كانوا موافقين". (¬5) في (ق): "أراد". (¬6) في (ق): "إلى". (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 274)، "قواعد الزركشي" (3/ 121). (¬8) في (ن) و (ق): "أعم".

الإطلاق [إلا] (¬1) على الصَّحيح". كما حققته في "شرح المختصر" (¬2) في المناهي، وأغرب الرافعي [فقال في] (¬3) كتاب الأيمان عند الكلام على قول الوجيز: ولو قال: لا أبيع الخمر - من (¬4) النوع الثالث-: "وسيأتي خلاف في أن لفظ العبادات هل يُحمل على الصَّحيح كما لو حلف لا يصوم ولا يصلي"، وهذا غريب منه، ولم أره حكاه قبل ولا بعد، [والله أعلم] (¬5). * * * ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) هذه عبارة تاج الدين ابن السبكي في "الأشباه والنظائر" (1/ 275)، وهو يقصد بـ "شرح المختصر": "شرح مختصر ابن الحاجب" المسمى: "منتهى السول والأمل في علم الأصول والجدل" سماه ابن السبكي: "رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب"، ولا أدري هل ذكر ابن الملقن هذه العبارة سهوًا أم أن له كتابًا في شرح مختصر ابن الحاجب على غرار كتاب ابن السبكي، وربما أوقعته كثرة الأخذ عن ابن السبكي دون عزو إليه في ما لا خلاص له منه. (¬3) في (ق): "وفي". (¬4) في (ق): "مع". (¬5) من (ق).

باب القضاء

باب القضاء قاعدة " العالم إذا اجتمعت فيه شروط الاجتهاد غير العدالة، قال أكثر الأصوليين: لا يعتبر قوله (¬1) في الإجماع ولا ينقضه (¬2) مخالفته" (¬3). واختلف في تعليله على وجهين، أحدهما: أن إخباره في نفسه (¬4) لا يوثق به لفسقه، فربما أخبر بالوفاق وهو مخالف، [وربما أخبر بالخلاف وهو موافق] (¬5)، فلما تعذر الوصول إلى معرفة (¬6) قوله سقط (¬7). وشبه القرطبي ذلك (¬8) بسقوط أثر قول خضر - عليه السلام - لتعذر الوصول إليه، وكأن ¬

_ (¬1) في (ق): "في قوله". (¬2) كلمة غير واضحة في (ن) و (ق)، والمثبت من (ك). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 61)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 159)، وانظر في معنى العدالة في المجتهد والمفتي واشتراطها: "الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي (2/ 330)، "المستصفى" للغزالي (ص: 373)، "أدب المفتي والمستفتي" لابن الصلاح (ص: 86)، "العواصم والقواصم" لابن الوزير (1/ 321)، "الإبهاج" للسبكي (3/ 274)، "البحر المحيط" للزركشي (6/ 204)، "اللمع في أصول الفقه" للشيرازي (ص: 71)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 684)، "تقرير الاستناد في تفسير الاجتهاد" (ص 46). (¬4) في (ن) و (ق): "تعيينه"، والمثبت من (ك). (¬5) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬6) وقع في (ق): "لما تعذر الوصلة إلى تعذر معرفة". (¬7) أي: سقط أثر قوله. (¬8) في (ق): "إلى ذلك".

قاعدة القاعدة الأصولية أن المجتهد إذا اجتهد في واقعة ثم استفتى فيها مرة ثانية

هذا منه تفريع على وجوده ومع (¬1) وجوده، أن يكون أهلًا للاجتهاد، ولعلّه رأى أن الشك في الاجتهاد يوجب الشك في (¬2) وجود الإجماع. الثاني: أن العدالة ركن في الاجتهاد كالعلم، فإذا فاتت العدالة فاتت أهلية الاجتهاد، فكأن من قال بالتعليل الأول راعى أن العدالة معتبرة في إخباره فقط (¬3) فهو عنده مجتهد غير مقبول القول، وصاحب التعليل الثاني يراه [من] (¬4) شرائط أهلية الاجتهاد. ويتفرع على هذا أن الفاسق إذا أدى اجتهاده في مسألة إلى حكم هل يأخذ بقوله من علم صدقه في فتواه بقرائن؟ فيه خلاف، فعلى الأول له الأخذ (¬5)، وعلى الثاني ليس له الأخذ (¬6)؛ لأنه ليس من [أهل] (¬7) الاجتهاد. قاعدة " القاعدة الأصولية أن المجتهد إذا اجتهد في واقعة ثم استفتى فيها مرة ثانية، فإن كان ذاكرًا لطريق (¬8)، الاجتهاد لم يحتج إلى إعادته، وإلا فلابد من إعادته" (¬9)، له نظائر فقهية: ¬

_ (¬1) في (ق): "ومنع مع". (¬2) في (ن) و (ق): "و". (¬3) أي: لا في الاجتهاد. (¬4) من (ك). (¬5) لأنه لا يحتاج في ذلك إلى إخباره، بل يجد علم ذلك الحكم بالقرائن. (¬6) أي: بقوله. (¬7) سقطت من (ق). (¬8) في (ق): "طريق". (¬9) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 62)، وانظر: =

- منها: لو طلب الماء فلم يجده وتيمم لفريضة ثم حضرت أخرى (¬1)، ففي وجوب إعادة الطلب وجهان، أصحهما: لا، إلا لو احتمل وجوده (¬2) ولو على ندور، ولو ظن عدم وجود الماء فلا يجب على وجه. قلت: إذا تبين العلم لا يعيد المطلب على الأصح وإلا يعيد. - ومنها: لو أسلم على ثوب ووصفه ثم أسلم في ثوب آخر، وقال (¬3) بتلك الصفة، فإن كانا ذاكرين (¬4) لتلك الأوصاف جاز، وإلا لم يجز، [و] هذا الإطلاق فيه نظر، وهو أن تكون تلك الصفات المعروفة لهما معروفة لغيرهما، فإن (¬5) الإمام الشافعي: نصَّ على أنه لا بد أن تكون صفات المسلم فيه معروفة لغيرهما؛ ليرجعا إليه عند تنازعهما، وفيه وجه: أنه لا يعتبر، وهل تعتبر (¬6) الاستفاضة أم يكفي عدلان؟ فيه وجهان، أظهرهما (¬7): الثاني، وصححوا في فصح النصارى وفطير اليهود أنه يكفي معرفة المتعاقدين، قال الرافعي: "ولعل الفرق أن الجهالة فيه ترجع إلى الأجل (¬8)، وفي الصفات ترجع إلى المعقود عليه"، فإذا شرط معرفة الصفات ¬

_ = "البرهان في أصول الفقه" للجويني (2/ 878 - رقم 1517)، "الإحكام" للآمدي (4/ 283)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص: 347)، "نهاية السول" للإسنوي (3/ 877)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (2/ 1075). (¬1) أي: حضر وقت فريضة أخرى. (¬2) أي: وجود الماء. (¬3) في (ن) و (ق): "وتقالا". (¬4) في (ن) و (ق): "ذكرا". (¬5) في (ن) و (ق): "قال". (¬6) في (ن): "تغتفر"، وفي (ق): "تفتقر". (¬7) في (ق): "لظهورهما". (¬8) في (ن): "الأصل".

في حق غير المتعاقدين، فهل يشترط مثلها [هنا] (¬1)؟ فيه نظر. وأعلم أن أصل هذه القاعدة الخلاف المعقود فيها على ثلاث مراتب: أحدها: ما ذكرنا وهو اختيار الإمام فخر الدين. والثاني: الجواز مطلقاً. والثالث: المنع مطلقاً، وأما الخلاف المذهبي فهو وجهان جاريان في المجتهد في القبلة (¬2)؛ هل يلزمه تجديد الاجتهاد لكل صلاة تحضر، والأصح: نعم، قال في "الروضة": وهذا إذا لم يكن ذاكرًا للأول (¬3)، ولم يتجدد (¬4) ما يوجب رجوعه عنه، فإن كان ذاكرًا لا يلزمه قطعًا، وإن تجدد ما يوجب رجوعه لزمه قطعًا. أما المستفتى إذا سأل ووجد (¬5) الجواب ثم وقعت له حادثة أخرى، قال الرافعي: "إن عرف استناد الجواب إلى نص أو إجماع فلا حاجة إلى السؤال ثانيًا". وكذا لو كان المقلَّد ميِّتًا وجوزناه، وإن علم استناده إلى الرأي والقياس أو شك فيه، والمقلد [حي] (¬6) فوجهان. أحدهما: لا يحتاج إلى السؤال ثانيًا؛ إذ الظاهر استمراره (¬7) على الأول. وأصحهما: نعم، والوجهان كالوجهين في المجتهد. وأما ما سلف من أن إطلاق الأصحاب ههنا فيه نظر، فأقول: ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "المسألة"، والتصويب من (ك). (¬3) أي: للدليل الأول. (¬4) في (ن): "يوجد". (¬5) في (ق): "وجدد". (¬6) من (ك). (¬7) في (ق): "الاستمرار"، وفي (ن): "استمرار به".

قاعدة الخلاف في [أن] المصيب واحد وكل مجتهد مصيب

هذا لا ينكر (¬1) على أصل الأصحاب، فإنه ليس بأول مسألة يطلقون (¬2) في التفاريع فيها، والتقييد فيها يحال على أصل ذلك التفريع، [وبالله التوفيق] (¬3). قاعدة " الخلاف في [أن] (¬4) المصيب واحد وكل مجتهد مصيب" (¬5). بنى عليه الأصحاب ما إذا حكم الحاكم في المجتَهَد فيها هل ينعقد الحكم باطنًا؟ حكوا فيه وجهين وألحقوا بهذه المسألة ما إذا كان الجلاد (¬6) شافعيًّا ورأى الإمام قتل الحر بالعبد فقتله الجلاد بأمره مع قدرته على مخالفة الإمام، ففي قول يجب القصاص نظرًا إلى اعتقاده، إذ قتل غير مكافئه ظلمًا على رأيه. وفي قول: لا (¬7)؛ نظرًا إلى [رأي] (¬8) الإمام، فإن له أن يرى ذلك ويأمره، قال الغزالي في "بسيطه": "ويلتفت إلى الخلاف في شفعة الجوار، وتظهر ثمرة القطع ¬

_ (¬1) في (ق): "يتكرر". (¬2) في (ن) و (ق): "يطلبون". (¬3) من (ن). (¬4) من (ك). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 64)، وانظر: "البرهان" للجويني (2/ 859 - رقم 1455)، "المستصفى" للغزالي (ص: 349)، "الإحكام" للآمدي (4/ 215)، "الإبهاج" للسبكي (3/ 274)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص: 344)، "نهاية السول" للإسنوي (3/ 861)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (2/ 1060). (¬6) في (ق): "الخلاف". (¬7) أي: لا يجب شيء أصلًا. (¬8) من (ن).

بأنه لا يحل باطناً" ورد الخلاف إلى الظاهر [في] (¬1) أنه هل يمنع من دعواه أو (¬2) يقال [لا] (¬3) متعرض (¬4) لمذهبه. أما في مسألتنا يتقدم النظر إلى جانب الإمام، فإن الجلاد (¬5) مأذون لا يستوفي شيئاً لنفسه، بخلاف الشفعة، ويمكن (¬6) أن يبنى [على] (¬7) هذه المسألة ما إذا تيقن الخطأ في القبلة هل (¬8) تلزمه الإعادة؟ فيه قولان، انتهى. والحاصل فيما ينفذ باطئا و [ما] (¬9) لا ينفذ (¬10) أنه إن صادف الحكم مطابقة كل ما لا بد منه نفذ باطنًا قطعًا، وإن [لم] (¬11) يصادفه، فإن انبنى على أصل فاسد يمكن الوقوف (¬12) على فساده، واتفق أن الحاكم لم يقف عليه كما لو حكم بشهادة زور، أو في محل مجتهد في ظنه، وكان فيه نص قد حكم بخلافه لم ينفذ باطنًا قطعًا، حتى إذا ظهر ذلك نقض حكمه كما لو شهدوا بأنه قتل زيدًا، فإنه قد تظهر حياة زيد مثلاً أو يحكم بخلاف نص [ثم] (¬13) يظهر النص، وإذا لم يكن ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن): "أم". (¬3) من (ك). (¬4) في (ن): "معترض". (¬5) في (ق): "الخلاف". (¬6) في (ن) و (ق) هنا زيادة: "أن يكون". (¬7) من (ك). (¬8) في (ق): "بل". (¬9) من (ك). (¬10) في (ن) و (ق): "يبعد". (¬11) من (ك). (¬12) زاد في (ن) و (ق) هنا: "عليه". (¬13) من (ك).

فائدة: الأمانات الواجبة على الكفاية

كذلك كسائر (¬1) المجتَهَد فيه إذا لم يمكن أن يتعين الخطأ في حكمه ظاهرًا فلا ينقض، وهل ينفذ باطنًا؟ فيه الوجهان السابقان. والإمام أبو حنيفة يلحق القسم الثاني بالثالث (¬2) عندنا ويدعي فيه أنه ينفذ باطنًا كما ندعي نحن في الثالث على أحد الوجهين. فائدة (¬3): الأمانات الواجبة على الكفاية (¬4) إذا خاف فيها الخيانة (¬5) على صور (¬6): - منها: إذا لم يتعين للقضاء (¬7) بأن كان هناك مثله، فإن خاف على نفسه الخيانة (¬8) ولم يجرب نفسه فهل يحرم عليه الأخذ؟ وجهان حكاهما في "البسيط" في كتاب اللقيط. - ومنها: إذا خاف واجد اللقطة من نفسه (¬9) خيانة (¬10)، ففي جواز الأخذ وجهان. ¬

_ (¬1) وقعت هذه العبارة في (ن) كذا: "ولذا لم يكن لذلك لجائز"، وفي (ق): "وأن يكون كذلك لجائز"، والمثبت من (ك). (¬2) في (ن) و (ق): "المثال". (¬3) في (ق): "قاعدة". (¬4) في (ن) و (ق): "الواجبة". (¬5) في (ن) و (ق): "الجناية". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 183). (¬7) في (ن) و (ق): "النقصان"، والمثبت من (ك). (¬8) في (ن) و (ق): "الجناية". (¬9) في (ن): "تفسير". (¬10) في (ن): "جناية".

قاعدة الإجبار على الواجب من فروض الأعيان [لا تردد فيه]

قاعدة " الإجبار على الواجب من فروض [الأعيان [لا تردد فيه] (¬1) وأما فروض] (¬2) الكفايات فلا يخلو إما أن يتعين لفقد (¬3) من يقوم به غيره أم لا، فإن فقد فيجبر (¬4) عليه" (¬5)، [إلا] (¬6) القضاء، ففي الإجبار عليه خلاف، الصحيح: أنه يجبر (¬7)، قال الرافعي: ربَّما تردد الناظر في الإجبار عليه من جهة أن الامتناع عن هذا الفرض الذي تناط [به] (¬8) المصالح العامة يشبه (¬9) أن يكون من الكبائر، فيفسق ويخرج من أهلية القضاء لفوات العدالة، ويشبه أنا نأمره بالتوبة، فإن تاب وُلي. ويمكن أن يقع الإضرار فيخرج عن العدالة قطعًا، ولم يلتفت الرافعي إلى مُضِيِّ التوبة (¬10). قاعدة " اليمين المردودة كالإقرار؛ أي على الأصح، وفي قول كالبينة" (¬11)، ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬3) في (ق): "لنفسه". (¬4) في (ن) و (ق): "فيجب". (¬5) أي: على فرض الكفاية. (¬6) سقطت من (ق). (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 183). (¬8) من (ك). (¬9) في (ق): "بسبب". (¬10) أي: مضي مدة التوبة. (¬11) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 232)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 54 - 55)، =

وفيها صور: - منها: أن المدعى (¬1) عليه لو (¬2) أقام البينة على أداء المال أو على الإبراء عنه يعد ما حلف المدعي، فإن جعلنا يمينه كبينته سمعت بينة المدعي، وإن جعلناها كإقرار المدعى عليه لم تسمع، إذ نكوله تكذيب لبينة الإقرار. - ومنها: [على] (¬3) ما حكى الهروي من اختلاف الأصحاب في أنه يجب الحق بفراغ المدعي من اليمين المردودة، أم لا بد من حكم الحاكم؟ يمكن أن يبنى (¬4) على القولين، إن قلنا: كالإقرار فلا حاجة [إليه] (¬5)، على أن في الإقرار خلافًا والصحيح ما ذكرناه. - ومنها: إذا أقام الغاصب بعد حلف المغصوب منه اليمين المردودة على أن قيمة المغصوب أقل مما حلف عليه، خرجها بعضهم على القولين فإن جعلناها كالإقرار لم يقبل، ونص الإمام الشافعي [في "الأم"] (¬6) على القبول. - ومنها: المرابحة إذا أخبر أن الثمن (¬7) كذا، وباع ثم ادعى البائع أنه اشترى بزيادة فكذبه المشتري، فلا تسمع دعوى البائع ولا بينته (¬8)، و [هل] (¬9) له أن ¬

_ = "قواعد الزركشي" (3/ 283 و 385). (¬1) في (ق): "الداعي". (¬2) في (ق): "إذا". (¬3) من (ن). (¬4) في (ق): "ينفي". (¬5) من (ك). (¬6) سقطت من (ق). (¬7) في (ن): "اليمين". (¬8) في (ن): "ولا يثبت". (¬9) سقطت من (ق).

يحلف المشتري على نفي العلم؟ فيه وجهان مبنيان على القولين [إن قلنا: ] (¬1) كإقراره فله ذلك، رجاء النكول ورد اليمين ليكون كالتصديق (¬2)، وإلا فلا. - ومنها: لو ادعيا على شخص أنه رهن عندهما شيئاً فصدق أحدهما وكذب الآخر، قضي بالرهن للمصَّدق، وهل للمكذب تحليفه؟ بني [على] (¬3) أنه لو عاد وصدقه هل يُغرم؟ فإن قلنا: لا يغرم له بتصديقه، فينبني على القولين إن قلنا: كالإقرار فلا يحلف؛ إذ لا فائدة (¬4) في تحليفه [إذ] (¬5) غايته كالإقرار، والغرض أنه لا يفيد شيئًا، وإن قلنا كالبينة حلف، وإن نكل وحلف اليمين المردودة ففي فائدته وجهان، أحدهما: يقضي له بالرهن وينزع من الأول، والثاني: يأخذ القيمة من المالك ويكون رهنًا في مكانه. - ومنها: ما قاله البغوي فيما لو ادعى على رجل قتل خطأ أو شبه عمد ولا بينة، ونكل المدعى عليه [عن اليمين فحلف المدعي، فإن جعلناها كإقرار المدعى عليه] (5) وجبت الدية على المدعى عليه إن كذبت العاقلة المدعي [وإن قلنا: كالبينة، فهل الدية على العاقلة أو على المدعى] (5) عليه، ذهابًا إلى أنها (¬6) وإن جعلناها كالبينة فإنَّما هو في حق المتداعيين دون غيرهما؟ فيه وجهان. - ومنها: إذا أدَّى (¬7) الضامن المال من غير شهادة فأنكر المضمون [له] (¬8)، ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) في (ق): "صديق". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "إذ الفائدة". (¬5) من (ك). (¬6) في (ن): "إن عاد"، وفي (ق): "أن ... "، والمثبت من (ك). (¬7) في (ق): "ادعى". (¬8) من (ن).

هل له تحليفه؟ قال في "التتمة": ينبغي عليه أنه لو صدقه هل يرجع عليه؟ إن قلنا: "نعم" حلف على نفي العلم، وإن قلنا: "لا" فينبني على أن النكول كالإقرار أو البينة؟ إن قلنا: بالأول لم يحلف؛ لأن غايته أن يكون كما لو صدقه، وذلك لا يفيد الرجوع". وإن قلنا بالثاني حلف طمعًا في النكول كما لو أقام بينة. - ومنها: إذا زوجها أحدُ الأولياء زيدًا، والآخر عمرًا (¬1)، وجُهل السابق بعد أن علم وقت النكاح، فإذا ادعيا عليها العلم بالسبق فأقرت لأحدهما ثبت نكاحه، وسماع دعوى الآخر وتحليفها له ينبني (¬2) على القولين فيمن قال: هذا لزيد بل لعمرو، وهل يغرم لعمرو؟ إن قلنا: نعم، فنعم، وإن [قلنا] (¬3): لا، فقولان مبنيان على أن يمين الرد كالإقرار أو كالبينة؟ إن قلنا: كالإقرار لم تسمع دعواه، لأنا فرضنا التفريع على أنه لا غُرم عليها فلا فائدة إذ ذاك، وإن قلنا: كالبينة فيدعي ويحلفها، فإن نكلت رُدَّت اليمين عليه، فإن حلف (¬4) [بنى] (¬5) على أن اليمين المردودة كالإقرار أو كالبينة؟ فإن قلنا: كالإقرار فوجهان. أحدهما: أن النكاح لها، فصار كما لو أقرت [لهما (¬6) معًا، وأصحهما: أن النكاح للأول؛ لأن غايته (¬7) أن يكون كما لو أقرت] (¬8) للأول ................. ¬

_ (¬1) في (ق): "حامي". (¬2) أي لو أقرت للثاني بعد أن أقرت للأول، هل تغرم للثاني؟ . (¬3) من (ن). (¬4) في (ن): "حلفت". (¬5) من (ن). (¬6) في (ن): "كما لو أقر لها". (¬7) في (ن): "أن عليه". (¬8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).

ثم (¬1) للثاني، فإن قلنا: إنها كالبينة [فقد قال في "المهذب": النكاح للثاني؛ لأن البينة مقدمة على الإقرار، وقال الصيدلاني وغيره: النكاح للأول؛ لأن اليمين المردودة إنما تجعل كالبينة] (¬2) في حق الحالف والناكل، لا في حق غيرهما. وإن ترك البناء جاء في المسألة ثلاثة أوجه؛ أحدها: [أن النكاح للأول] (¬3). وثانيها: أن النكاح للثاني، وثالثها: اندفعا. - ومنها: إذا زوج إحدى ابنتيه على التعيين فتنازعا فيه، فقالت كل واحدة: إنه زوجها، فمن صدَّقها الزوجُ ثبت نكاحها، وهل (¬4) للأخرى أن تُحلِّفه (¬5)؟ فيه طريقان، أحدهما: أنه على القولين، وأصحهما: [القطع بتحليفه؛ إذ النكاح يندفع بإنكار الزوج، والمقصود المهر فلا بد من التحليف، فإن حلف تسقط دعواها، وإن نكل فحلفت، فإن قلنا (¬6): إنها كالبينة، فوجهان؛ أحدهما: يثبت نكاح الثانية دون الأولى، كما لو أقامت بينة؛ إذ البينة أقوى من الإقرار. قال الإمام: وهذا القائل يقول ينتفي نكاح الأولى وينقطع نكاح الثانية لإنكار الزوج، وأصحهما] (¬7): استمرار النكاح للأولى؛ لأن اليمين المردودة إنما تُجعل كالبينة في حق المدعي والمدعى عليه، لا في حق غيرهما، وقد ثبت نكاح الأولى بتقارِّهما، فلا يتأثر بتنازع الزوج، والثانية ويمينها. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "و". (¬2) من (ك). (¬3) في (ق): "أنه على القولين". (¬4) في (ق): "وعلى". (¬5) في (ن) و (ق): "تحلف". (¬6) أي: فإن نكل الزوج فحلفت فهل اليمين المردودة مع النكول كالبينة؟ أم كالإقرار؟ . (¬7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).

- ومنها: تسمع دعوى المدعي على السفيه، وهل تعرض اليمين عليه إذا أنكر إذا كان المدعي قتيلًا يوجب (¬1) [المال] (¬2)، وقلنا بالأصح لا يقبل إقراره بما (¬3) يوجب (¬4) مالًا [فهل تعرض اليمين عليه إذا أنكر؟ ] (¬5) فيه وجهان مبنيان على القاعدة إن قلنا: كالبينة عرضت، وإن قلنا كالإقرار، فوجهان، أوفقهما لكلام الأكثرين: لا؛ لأن العرض للحمل (¬6) على الصدق بالإقرار، [والغرض أن الإقرار] (¬7) غير مقبول، [والأصح عند الغزالي وغيره: ] (¬8) نعم؛ لأنه [قد] (¬9) يحلف فيقطع الخصومة. - ومنها: تسمع دعوى القتل على (¬10) المحجور عليه بفلس، فإن لم [تكن] (¬11) بينة ولا لوث حلف، فإن نكل حلف المدعي، فإن كانت الدعوى موجبة للقصاص، وعفى على مال ثبت، وهل يشارك الغرماء؟ فيه وجهان مبنيان على القاعدة، إن قلنا: كالبينة فنعم، وإن قلنا: كالإقرار خرج على القولين في إقراره بما يوجب مالًا مستندًا إلى ما قبل الحجر. ¬

_ (¬1) وقعت هذه العبارة في (ق) هكذا: "إذا كان المدعى عليه فوجب". (¬2) من (ك). (¬3) في (ن): "فيما". (¬4) في (ق): "لا يوجب". (¬5) من (ك). (¬6) في (ن): "الجهل". (¬7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬8) من (ك). (¬9) من (ن). (¬10) في (ق): "ق". (¬11) من (ن).

قاعدة كل يمين لا يمين بعدها في مراتب الخصومات فالنكول عنها هل يبطل حق الناكل؟

والأظهر: القبول، وإن كانت الدعوى موجبة للمال يكون القتل خطأ [أو شبه عمد ثبت] (¬1) وهل تحمله العاقلة؟ إن قلنا: يمين الرد كالبينة فنعم، وإن قلنا: كالإقرار فلا. قاعدة " كل يمين لا يمين بعدها في مراتب الخصومات فالنكول عنها هل يبطل حق الناكل" (¬2)؟ فيه خلاف ذكره الإمام في "النهاية" في باب القسامة، ومن ثم إذا رُدَّت اليمين على المدعي فامتنع مسألة القاضي عن سبب امتناعه، فإن لم يتعلل بشيء (¬3) أو قال: لا أريد أن أحلف، فهذا (¬4) يسقط حقه من اليمين، وهل يُمَكَّن من استئناف الدعوى وتحليفه في [مجلس آخر] (¬5) حتى إذا نكل [حلف] (¬6) المدعي، أو لا يُمَكَّن من ذلك ولا ينفعه إلا بالبينة؟ فيه وجهان، قال الرافعي، والهروي أبو سعد (¬7)، والروياني بالأول، وقال الغزالي، وشيخه (¬8)، والبغوي بالثاني. قال الرافعي: وهو أحسن وأصح لئلا تتكرر الدعوى في القضية الواحدة (¬9). ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 436)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 850)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 54). (¬3) وقعت هذه العبارة في (ن) و (ق) كذا: "فإن كان يبطل شيء"، والمثبت من (س). (¬4) أي: النكول. (¬5) سقطت من (ن). (¬6) من (س). (¬7) وقعت في (ن): "وأبو سعد"، وفي (ق): "وأبو سعيد". (¬8) أي: إمام الحرمين الجويني. (¬9) في (ق): "الواجبة".

قاعدة الأصل أن من نكل عن يمين في خصومة

قاعدة ذكرها الإمام ثمَّ أيضاً، قال الأصحاب: "الأصل أن من نكل عن يمين في خصومة لا يحلف تلك اليمين بعينها في ذلك المقام من تلك الخصومة" (¬1). وهل (¬2) يحلف في مقام آخر منها (¬3) مع اتحاد المقصود؟ فيه خلاف، ومن ثم لو علل المدعي امتناعه عن اليمين بعذر ثم عاد بعد مدة ليحلف مكن [منه] (¬4)، وإن لم يتعلل أو صرح بالنكول، فقال الغزالي، والبغوي: يبطل حقه من الحلف وليس له العود، واستمر العراقيون على أن له العود. ولو أقام شاهدًا واحدًا في دعوى مالٍ، ولم يحلف معه فحلَّفنا المدعى عليه فنكل، فهل تُرد اليمين على المدعي، وقد امتنع عن اليمين مع الشاهد؟ فيه قولان، وكذا لو لم يكن في دعوى المال شاهد فرددنا (¬5) اليمين على المدعي بعد نكول المدعى عليه، فنكل عن يمين الرد، ثم أقام شاهدًا وأراد أن يحلف معه، فهل له ذلك؟ فيه القولان. قاعدة " كل نكول يتعلق به حق [حلف] (¬6) حالف بعد النكول فذلك النكول إذا ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 436). (¬2) في (ن) و (ق): "وهو". (¬3) أي: من الخصومة. (¬4) من (ن). (¬5) في (ن) و (ق): "فترددنا في"، والمثبت من (س). (¬6) من (ق).

فائدة: القضاء بالنكول في مواضع

ظهر فلا عود من الناكل" (¬1). ذكرها الإمام في باب دعوى الدم من "نهايته". وقال: "إنها ضابط تمس (¬2) الحاجة إلى ذكره". ومن ثم إن أراد المدعى عليه بعد الامتناع أن يعود فيحلف، فإن كان بعد أن حكم القاضي بأنه ناكل، أو قال للمدعي: احلف لم يكن له الحلف، وإن أقبل عليه ليحلفه و (¬3) لم يقل له بعد: احلف، فوجهان، وإن لم يكن شيء (¬4) من ذلك، فله الحلف، حتى لو هرب المدعى عليه قبل أن يحكم القاضي بأنه ناكل، وقبل عرض اليمين على المدعي، لم يكن للمدعي أن يحلف اليمين المردودة وكان للمدعي عليه أن يحلف إذا عاد. فائدة: القضاء بالنكول في مواضع (¬5): الأول: إذا ادعى رب المال المبادلة بالنصاب في أثناء الحول أو دفع الزكاة إلى ساعٍ آخر، أو غلط الخارص، أو جائحة الثمار واتهمه (¬6) الساعي، فيحلف استحبابًا أو إيجابًا؟ خلاف، الأصح: الأول، بأن قلنا به فعلى الاستحباب لا حلف من الغير إذا نكل، وعلى الإيجاب إن انحصر المستحقون، ومنعنا نقل الزكاة ردت اليمين عليهم، وإلا (¬7) تعذر الرد، وحينئذ هنا ثلاثة أوجه، أشهرها: الأخذ، وكيف ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 437). (¬2) في (ق): "يمين". (¬3) في (ن) هنا زيادة: "إن". (¬4) في (ق): "له شيء". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 300)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 437)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 850)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 54). (¬6) في (ق): "أو قيمة". (¬7) في (ن): "فإذا".

سبيله؟ حكى ابن القاص عن ابن سريج ورآه [أنه] (¬1) حكم بالنكول للضرورة، وقال الأكثرون: ليس حكمًا بالنكول، بل قضية ملك النصاب وحولان الحول الوجوب، ولم يثبت [دافع] (¬2) (¬3)، والوجه الثاني: أنه لا يطالب بشيء إذا لم تقم [عليه] (¬4) حجة، والثالث: أنه يحبس حتى يقر فيؤخذ منه، أو (¬5) يحلف فيعوض عنه، ومنهم من فرق بين أن يكون رب المال على [صورة] (¬6) المدعي، كادعائه [الأداء إلى ساعٍ آخر، فيؤخذ منه إذا لم يحلف، وبين أن يكون على صورة المدعى عليه] (7) بأن يقول: ما تم الحول أو ما في يدي لفلان المكاتب، فلا يؤخذ منه شيء، وهو وجه رابع نقله في "التهذيب" في باب الزكاة ورجَّحه، [والحق: ] (7) أن ما يجيء على ما قرره الرافعي عن الأكثر فيما تقدم غيره. الثانية: الذمي إذا [غاب ثم عاد و] (¬7) ادعى إسلامه في أثناء السنة ليسقط بعض الجزية على قول، وجميعها على قول وحلف، فيقبل: استحبابًا، وقيل: إيجابًا، فعلى (¬8) الإيجاب لو نكل يقضي عليه بالجزية أو يحبس ليقر [أو يحلف] (¬9) فيترك، ولا يطالب بشيء، فيه الأوجه الثلاثة، قال الإمام: قيد صاحب ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) سقطت من (ق). (¬3) أي: فاقتضى أخذ الزكاة. (¬4) من (ق). (¬5) في (ن) و (ق): "إذا لم"، والمثبت من (ك). (¬6) سقطت من (ن). (¬7) من (ك). (¬8) في (ق): "قيل". (¬9) سقطت من (ق).

"التلخيص": المسألة بما إذا غاب ثم عاد وهو مسلم، فظاهره أنه لو ادعى عندنا لم يُسمع؛ لأن من أسلم في دار الإسلام لا يكتم إسلامه. الثالثة: [ولد] (¬1) المرتزقة إذا ادعى البلوغ بالاحتلام ليثبت اسمه في الديوان، فوجهان في تحليفه، أظهرهما: نعم عند التهمة؛ لأنه إن نكل فلا يجاب ولا يثبت اسمه في الديوان إلى أن يظهر بلوغه أو نحوه. الرابعة (¬2): المغازي المراهق إذا ادَّعى البلوغ ليُسهم له حلف، فإن لم يحلف فوجهان، أحدهما: أنه يعطى، فقيل: لأنه (¬3) إنما يعرف من جهته فيضاهي ما إذا علق الطلاق أو العتق بمشيئته قُبِلَ قوله في مشيئته بغير يمين، [وقيل: ] (¬4) لأن شهود الواقعة يقتضي الاستحقاق إلا لمانع، والأصل [عدمه] (¬5)، والأظهر: أنه لا يعطى بغير يمين، وجعل صاحب "التلخيص" هذا حكمًا بالنكول، وقيل: لأن حجته (¬6) اليمين ولم يأت بها. الخامسة (¬7): إذا مات من لا وارث له فوجد الحاكم أو منصوبه (¬8) في تذكرته دَينًا على إنسان وادعى به وأنكر ولم يحلف، [فقيل: يقضي عليه بالنكول، وقيل: لا يتعرض له، وقيل: يحبس حتى يقر، أو يحلف] (¬9) قال الرافعي: ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) في (ق): "الثالثة". (¬3) في (ن) و (ق): "له". (¬4) من (ن). (¬5) من (ن). (¬6) أي: في الإعطاء. (¬7) في (ن) و (ق): "الرابعة". (¬8) في (ق): "منصور". (¬9) من (ك).

والأصح (¬1): أنه لا يقضي بالنكول، ولكن يحبس ليُقرَّ أو يحلف. السادسة (¬2): إذا ادعى القدرة على الوطء وادعت العنة حلف على المذهب، فإن نكل فلا يحلف المرأة لعدم اطلاعها، كما لا تقوم البينة على العِنَّة، وعلى هذا قال الإصطخري تضرب المدة ويقضي [عليه] (¬3) بالنكول، والأصح: أنها تحلف؛ لأنه يحصل لها ظن بممارسته (¬4) ما لا يحصل للشهود (¬5)، ولذلك يحلف إذا نكل عن اليمين في إرادة الطلاق بالكناية. وحكى أبو الفرج الزاز أن اليمين لا تُشرع في حق الزوج إذا قلنا لا تحلف. السابعة (¬6): إذا ادعى وصى ميت على وارثه أنه أوصى بثلثه للفقراء وأنكر ونكل، وبقيت أيضاً مسائل: الأولى: إذا ادعى الولي على إنسان أنه أتلف مال الطفل وأنكر المدعى عليه ونكل، فالأصح: أن الولي لا يحلف؛ لأنه لم يتعلق بتصرف الولي، ولا بإنشائه وعلى هذا وجهان، أصحهما: أنه يتوقف حتى يبلغ الصبي فيحلف، والثاني: أنه يقضي على خصمه بالنكول، حكاه الغزالي في آخر الصداق وعزاه في كتاب الدعاوى إلى (¬7) ابن القاص. ¬

_ (¬1) أي من الأقوال، الأول: أن يقضي عليه بالنكول، والثاني: ألا يتعرض له، الثالث: يحبس حتى يقر أو يحلف. (¬2) في (ن) و (ق): "الخامسة". (¬3) من (ق). (¬4) في (ن) و (ق): "على ممارسته"، والمثبت من (ك). (¬5) في (ن) و (ق): "الشهوة". (¬6) في (ن) و (ق): "السادسة". (¬7) في (ن): "أن".

ويجري الوجهان في متولي الوقف، هل يحلف أم يقضي على الخصم بالنكول أو يحبس حتى يقر أو يحلف؟ ويجريان أيضاً في القضاء بالنكول في دعوى الولي على الزوج مهرًا أو أنكره أو عوضًا في معاملة وأنكر الغريم، ومنعناه من الحلف، هل يقضي بالنكول أو ينتظر البلوغ؟ والأصح في "النهاية": الانتظار إلى البلوغ. [والأصح] (¬1) في ولي النكاح: التحالف، وفي غير النكاح الأصح: المنع. والفرق مشكل، وكان يتجه الحلف في غير النكاح دونه لتعلق العهدة (¬2) بغير النكاح، نعم يتجه ذلك في النكاح على القديم وهو جواز العفو (¬3) عن المهر؛ لأن الشرع جعله من هذا الباب كأعلى رتب المالكين (¬4)، ومن رتبهم إثبات الحق بيمينهم، ومال الرافعي إلى أنه يحلف فيما يتعلق بشأنه (¬5)، وهو الحق. الثانية: الكافر الصبي إذا أُسر ووجدناه نبتت عانته وادعى أنه استعجلها بالدواء، وقلنا: إنه علامة البلوغ لا نفس البلوغ -وهو الأصح- فيحلف، فإن نكل، فالذي حكاه ابن القاص عن النص أنه يقتل (¬6)، وجعله من صور القضاء بالنكول، وقال غيره: ليس هو حكمًا بالنكول، بل قام الدليل على البلوغ ولم يظهر دافع فأجرى عليه حكمه. ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) وقعت هذه العبارة في (ن) و (ق) كذا: "فيتعلق العمل"، والمثبت من (ك). (¬3) في (ق): "الغير". (¬4) في (ن) و (ق): "المالين". (¬5) في (ن): "بنيابة". (¬6) في (ن) و (ق): "يقبل".

[وقيل: يُخلى] (¬1) ولا يقضي بقتله (¬2)، وقيل: يحبس حتى [يحلف أو يقر، وقيل: يحبس حتى] (¬3) يتحقق (¬4) بلوغه فيحلف على ما ادعى من الاستعجال بالدواء. الثالثة (¬5): للقاذف أن يُحلِّف المقذوف أنه لم يزن، فإن لم يحلف حكى القاضي أبو سعد (¬6) وجهًا أنه يسقط بنكوله حد القذف، ولا يرد اليمين عليه، إذ لا يثبت الحد بيمينه، والمشهور رد اليمين على القاذف، وأثرها اندفاع حد القذف عنه، لا إثبات حد الزنا على المقذوف، كما أن اليمين ترد على مدعي السرقة وتؤثر (¬7) في إثبات المال دون القطع. الرابعة: لو ولدت وطلَّقها، فقال: طلقتُك (¬8) بعد الولادة فلي الرجعة، وقالت: بل قبلها، فإن لم يعينا وقتًا للولادة ولا للطلاق، فالقول قول الزوج؛ لأن الأصل بقاء سلطنة النكاح، وإن اتفقا على وقت الولادة كيوم الجمعة وقال: راجعت يوم الخميس، فقالت: بل يوم السبت، فالقول قوله أيضًا، وإن اتفقا على يوم الطلاق واختلفا في يوم (¬9) الولادة فالقول قولها. ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) في (ن) و (ق): "سبيله". (¬3) من (ك). (¬4) في (ن) و (ق): "يتقرر"، والمثبت من (ك). (¬5) في (ق): "الثاني". (¬6) في (ق): "أبو سعيد". (¬7) في (ق): "ولو في". (¬8) في (ن): "فقالت: طلقت". (¬9) في (ق): "وقت".

فائدة: تكلم الأصحاب هنا فيما ينقض فيه قضاء القاضي وما لا ينقض

الخامسة: أن تدعي المرأة تقدم (¬1) الطلاق، ويقول: لا أدري لم يقنع (¬2) منه بل يحلف أن الطلاق لم يتقدم أو ينكل (¬3) لتحلف، فإذا أعاد كلامه الأول جُعِل ناكلًا، فإن نكلت فعليها العدة، قال الأصحاب: وليس هو قضاء بالنكول؛ لأن الأصل بقاء النكاح وآثاره فيعمل بها ما لم يظهر دافع. السادسة: لو قتل من لا وارث له، فإن كان هناك لوث فينصب القاضي من يدعي عليه ويحلفه، فإن نكل فهل يقضي عليه بالنكول؟ قال الرافعي في القسامة: فيه خلاف، وأعلم أن الجرجاني عد سبع مسائل وقال في أولها: يحكم على الناكل بأصل الوجوب لا بالنكول، وأشار إلى أنه لا يقع قضاء بنكول وهو الصواب. فائدة: تكلم الأصحاب هنا فيما ينقض فيه قضاء القاضي وما لا ينقض، وتكلم فيه (¬4) الأصوليون أيضًا (¬5)، وقد بسطوه باتفاق واختلاف، وقد قيل: إنها تقرب من ستين صورة سيأتي لك بعضها. وحاول الإمام في "نهايته" ضبطه بضابط نقل فيه تفاصيله فقال: "كل مسألة يتعلق [القول] (¬6) فيها بالقطع فمن حاد عن مدرك الصواب نقض ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "بعدم". (¬2) في (ن): "يقع ". (¬3) في (ن) و (ق): "فنكل". (¬4) في (ق): "فيها". (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 401)، و "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (229 - 230)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 84)، وانظر: "المستصفى" للغزالي (ص: 367)، "الإحكام" للآمدي (4/ 245)، "الإبهاج" للسبكي (3/ 283)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص: 346)، "نهاية السول" للإسنوي (3/ 869)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (2/ 1075). (¬6) من (ن).

حكمه عليه، وكل مسألة لا مستند لها من قاطع فإذا أجرى حكم الحاكم (¬1) [فيها] (2) بمذهب، وهو [في] (¬2) محل الفحوي ومساق الظن، فلا نقض"، قال: "ثم حقيقة القول في هذا يستدعي الإحاطة بمدارك القطع، ولا يطمع في الخوض فيها إلا على قدر الحاجة" ثم خاض في ذلك ولا شك في بعض ما اطلع عليه، [والحاصل أن العلم] (¬3) بعد الحكم أنه قارن [ما يقطع] (¬4) بتقديمه على مستند (¬5) الحكم [موجب لنقضه] (¬6)، وأن محل التردد ما إذا قارنه ما يظن تقديمه، وكذا (¬7) إذا توقف هل [هو] (¬8) مانع أم لا؟ فالحاكم بعد الحكم إذا انقدح له ما كان مقارنًا بالمنع [له] (¬9) أحوال: أحدها: أن يكون أمراً متجددًا لم يكن حالة الحكم كما إذا باع الولي بالقيمة (¬10) للحاجة وحكم بالصحة ثم غلا السعر بعد فلا ينقض حكمه جزمًا، ومن ذلك ما إذا أجر الناظر فزادت الأجرة في أثناء المدة أو ظهر طالب بالزيادة فالأصح: أنه لا ينفسخ، وأفتى ابن الصلاح فيمن (¬11) استأجر شيئًا بأجرة مثله [ثم تغيرت ¬

_ (¬1) في (ق): "القاضي". (¬2) من (ق). (¬3) من (س). (¬4) من (ن). (¬5) في (ن) و (ق): "سبيل". (¬6) من (س). (¬7) في (ن): "ما". (¬8) من (ن). (¬9) من (ن). (¬10) أي: باع مال اليتيم. (¬11) في (ن) و (ق): "فيما إذا".

الأحوال وطرأت أسباب توجب زيادة] (¬1) أجرة المثل أنه يتبين بطلان العقد؛ لأن الشاهد لم يصب في شهادته، لأن تقويم المنافع في مدة ممتدة إنما يصح إذا استمرت الحال الموجودة حالة التقويم (¬2)، أما إذا لم يستمر (¬3) فتبين [أن] (¬4) المقوم لها [لم [يطابق] (¬5) تقويمه المقوم] (¬6)، قال: وليس هذا كتقويم السلعة المحاضرة. قلت: وهو تقويم ببادي الرأي لكن الحاجة داعية إلى أن العبرة بالتقويم ذلك الوقت لا بعد، وقد أفتى النووي بخلافه، فإذا أجر على يتيم أو أجر وقفًا بمقتضى قيمته في الحالة الراهنة، وحكم بها حاكم ثم ارتفعت بعد ذلك فلا أثر له ولا ينقض حكمه لئلا يؤدي إلى النقض بالأمر المتجدد، إلا أن يقال كما ذكره أنه يتبين [خطأ الشهود] (6) أولاً، وليس ظهور طالب بالزيادة كزيادة الأجرة، نعم حكى ابن أبي الدم وجهًا (¬7): أن القيمة ما تنتهي إليه الرغبات، وقد يقال (¬8): يعتبر ذلك حال العقد، وأما بعده، فإنه [قد يرغب] (¬9). الحالة الثانية: أن يحكم باجتهاده بدليل أو الإمارة الطارئين (¬10) مساويًا للأول ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ن) و (ق): "التقدير". (¬3) في (ن) و (ق): "استمر"، والمثبت من (س). (¬4) من (ن). (¬5) من (س). (¬6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬7) في (ن) و (ق): "وجهان". (¬8) في (ن): "قال". (¬9) في (ق): "ترغبت". (¬10) هذا هو الوجه الثالث عند ابن السبكي، وجعله ابن الملقن هنا الثاني، وأغفل الثاني عند ابن السبكي، وانظر: "الأشباه والنظائر" (1/ 403).

وإن كان لو قارن لمنع [الحكم] (¬1). الثالث: أن يظهر أمر لو قارن لمنع، ظنًّا (¬2) لا قطعًا كبينة الداخل، فإن في تقديمها على بينة الخارج خلافًا، فهو أمر مظنون، والأصح فيه النقض؛ لأنه كالحاكم بالاجتهاد مع وجود النص، واختار القاضي حسين عدمه؛ لأن [تقديم] (¬3) بينة ذي اليد ليس مقطوعًا به كالنص، وإنما هو أمر اجتهادي فالنقض به كنقض الاجتهاد بالاجتهاد، وهو ما استقر عليه رأيه (¬4) بعدما أشكلت عليه المسألة وتردد فيها نيفًا وعشرين سنة. وتوسط بعض أصحابنا [بين] (¬5) ما قبل التسليم (¬6) وما بعدها لتأكد الحكم بالتسليم، وهذا إذا حكم للخارج بناء على عدم بينة الداخل، فإن احتمل أنه حكم بها [بناء] (¬7) على تقديم بينة الخارج، وكان من أهل الترجيح أو أشكل الحال فالأصح: لا ينقض. الرابع: إذا ظهر معارض محض من غير مرجح كما إذا حكم للخارج ببينة ثم جاءت بينة لخارج آخر، فهذه البينة لو قارنت منعت الحكم، للتعارض، فإذا ظهرت (¬8) بعد الحكم فالظاهر لا ينقض [كما لا يحكم إلا بمستند لا ينقض] (¬9) إلا ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) في (ن) و (ق): "قلنا". (¬3) سقطت من (ق). (¬4) في (ق): "أمره". (¬5) سقطت من (ق). (¬6) في (ن) و (ق): "السلام". (¬7) سقطت من (ق). (¬8) في (ن): "ظهر". (¬9) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).

بمستند، وقد حكى الرافعي في آخر الدعاوي فيما إذا قال السيد لعبده: إن قتلت فلانًا فأنت حر، وتنازع بعده العبد والوارث، هل مات مقتولًا أو حتف أنفه؟ وأقام العبد بينة أنه قتل في رمضان، فحكم بها ثم شهد شهود أنه مات في شوال، عن ابن سريج تخريج (¬1) قولين في نقض الحكم وتنزيله منزلة ما لو شهدت البينتان معًا وشبه (¬2) ذلك بما إذا بان فسق الشهود، وقد ترقى في هذا التشبيه (¬3) إلى ترجيح النقض، ويصير الأمر على ما كان عليه قبل الحكم، واقتضى كلامه أن المسألة مفروضة سواء قلنا بتقديم بينة رمضان أو شوال أو يتعارضان. وأفتى ابن الصلاح في: ملك احتيج إلى (¬4) [بيعه] (¬5) على يتيم فقامت بينة بأن قيمته مائة وخمسون، فبيع بها وحكم بصحة البيع، ثم قامت بينة أخرى أن قيمته حينئذ مائتان، فيمهل أيامًا، وقال: إنه ينقض الحكم، ويشبهه بما قطع به صاحب "التهذيب" من أنه لو حكم للخارج على صاحب اليد ببينته فانتزعت منه ثم أتى صاحب اليد ببينة؛ فإن الحكم ينقض (¬6)، وفيما ذكره نظر، وليس كمسألة (¬7) [صاحب] (¬8) "التهذيب"؛ فإن النقض هناك لمعارضة بينة راجحة، [ولا يلزم من النقض بالأرجح النقض بالمثل] (¬9)، وبينة ذي اليد فيها احتمال بأن ¬

_ (¬1) في (ق): "فخرج". (¬2) في (ن) و (ق): "وثبت"، والمثبت من (س). (¬3) في (ن) و (ق): "السبب". (¬4) في (ن) و (ق): "إليه". (¬5) سقطت من (ق). (¬6) في (ق): "ينعقد". (¬7) في (ن): "كمثله"، وفي (ق): "حكمه". (¬8) من (ن). (¬9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).

يكون النقض بها لترجحها باليد أو باليد لترجحها بها أو بمجموعها، وعلى كل تقدير لا تكون العلة موجودة في المقيس عليه (¬1) لعدم الاشتراك في العلة على كل تقدير، وهذا غير المسألة المذكورة في الرافعي فتنبه له. الخامس: أن يظهر نص أو إجماع أو قياس جلي بخلافه فلا شك في نقضه، قال الغزالي في "المستصفى" (¬2): وما قاله الفقهاء: الجلي إن أرادوا به ما هو في معنى الأصل مما يقطع به [فهو صحيح] (¬3)، وإن أرادوا به قياساً مظنوناً مع كونه جليًّا فلا وجه [له] (¬4)، ولا فرق بين ظن حكمي وظن خفي، وهذا في تبيين خطأ الحكم نفسه (¬5)، ويلتحق به الخطأ في طريقه، وفي اعتقاد بسببه، ويظهر ذلك بما سيأتي، وفي الرافعي: أن النقض به في اعتقاد [هم] (¬6) خبر الواحد لا بد أن يكون الظن المستند إليه ظنًّا محكمًا، وكأنه أشار بالظن المحكم إلى (¬7) ما قاله الإمام في "نهايته": إذا خالف خبرًا صحيحًا نقله (¬8) الآحاد، أو قياساً جليًّا فقد يفضي الأمر إلى النقض. وحاصل كلامه أنه (¬9) إن لم يقبل التأويل أو كان تأويله في مقام (¬10) التأويلات البعيدة التي لا مبالاة (¬11) بها، ....................................... ¬

_ (¬1) أي: المسألة التي قاسها ابن الصلاح، فقياسها عليها غير صحيح. (¬2) "المستصفى في علم الأصول" للغزالي (ص: 368). (¬3) استدراك من "المستصفى"، و "ابن السبكي". (¬4) من (ن). (¬5) في (ق): "بعينه". (¬6) من (ن). (¬7) في (ن): "كما". (¬8) في (ن) و (ق): "حكمه". (¬9) أي: خبر الآحاد. (¬10) في (ق): "مقابل". (¬11) في (ن) و (ق): "التي لا مثاله" والمثبت من (س).

تنبيهات

فالحاكم [بخلافه] (¬1) ينقض حكمه، ومثل ذلك مخالفة حديث: "ذكاة الجنين ذكاة أمه" وخيار المجلس والمصراة والعرايا (¬2). تنبيهات أحدها: الحكم إنما ينقض (¬3) لتبين خطأ به، والحاكم منصوب، لأن الحاكم يحكم بالشرع، وأحكامه منوطة بأسباب تتعلق بوجودها (¬4)، ووجودها يثبت عند الحاكم بطريق شرعي، فالخطأ لا يعدو هذه المواضع الثلاثة: أحدها: أن يكون في الحكم الشرعي بأن يحكم بخلاف نص أو إجماع أو قياس جلي فينقض لتحقق الخلل (¬5) في الحكم أي بطل ذلك ولم يقع صحيحًا (¬6). ثانيها: أن يحصل (¬7) الحاكم على سبب غير موجود، فظن القاضي وجوده ببينة زور ونحوها، فإذا انكشف ذلك نقض إجماعًا في بعضها، ويختلف [في بعض] (¬8)، والخطأ ههنا في السبب (¬9)، أو النقض إبطال تعلق الحكم بذلك المحل. ثالثها: أن يكون الخلل (¬10) في ........................................... ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) في (ق): "والمعراة". (¬3) في (ن): "ينعقد". (¬4) في (ق): "بوجوبها". (¬5) وقعت هذه العبارة في (ن) و (ق) كذا: "فينقض بحال الحكم". (¬6) وتفسير هذه الفقرة: أن النقض ليس معناه الحل بعد العقد، بل الحكم ببطلان الحكم التقدم وكان أنه لم يقع صحيحًا؛ لأنه ليس بحكم الشرع، والحاكم ثابت الشرع فلا يصح منه الحكم بغير حكمه. (¬7) في (ن) و (ق): "يجهل". (¬8) سقطت من (ق). (¬9) أي: بسبب وضع الحكم في غير موضعه. (¬10) في (ن) و (ق): "الحال".

الطرق (¬1) كالحكم بشهادة كافرين، فإذا تبين نقض وإن كان المشهود به صحيحًا (¬2)، ولو حكم بشهادة فاسقين واعتقد عدالتهما، فالأصح النقض أيضًا كالكافرين. الثاني: الخلل في الجهل ينقض قطعًا، وإن وافق الحق، ولا يتأتى فيه الخلاف في الهاجم في الماء، أو توضأ به من غير اجتهاد وصادف الطهور على الأصح؛ لأنه ثابت بالشرع فلا يتقدم على جهل بخلاف تصرف الإنسان لنفسه. فرع: لو وليت القضاء امرأة ففي نفوذ قضائها وجهان حكاهما في "البحر" عن حكاية جده، وأن الإصطخري ذهب إلى النقض. الثالث: وقع بمدينة أصبهان في حدود السبعين وأربع مائة [حكم] (¬3) حاكم في حادثة باجتهاده، ولم يعلم بالنص فيها ثم وجدها كما حكم به، فأفتى شيخ [السادة] (¬4) الشافعية بأصبهان في (¬5) ذلك أبو بكر محمد بن ثابت الخجندي بأن حكمه نافذ وهو الظاهر، و [أفتى] ابن الصبَّاغ فيما حكاه عنه ابن أخيه أبو منصور في "فتاويه" التي (¬6) جمعها من كلام عمه أنه ينفذ من حين (¬7) وجود (¬8) النص، فإذا (¬9) وجد خلاف ما حكم به، فالظاهر نقضه، وتردد فيه ابن الرفعة، قال: لأنه ¬

_ (¬1) في (ق): "الظن". (¬2) لأن المعتبر من الحكم ما كان بطريقه الشرعي، فإذا كان بغير طريقه فقد حصل الخطأ في الطريق فينقضه والخطأ هنا من القاضي في اعتقاده عدالة الشهود. (¬3) من (س). (¬4) من (ق). (¬5) في (ن) و (في): "أن". (¬6) في (ن) و (ق): "الذي". (¬7) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "أنه يبعد عن حسي". (¬8) في (ق): "وجواب". (¬9) في (ق): "فإن".

ليس من باب العقود (¬1) التي تعتمد الظنون وإن بان الأمر بخلافه قال: وبهذا بخلاف ما إذا أذنت لحاكم في تزويجها بناء على أنه لا ولي لها، إلا الحاكم فبان أنها ابنته [لصلبه] (¬2)، فإنه يصح لوجوده من أهله مع ظن الصحة. قلت: قال الغزالي في "فتاويه": الأظهر في هذا البطلان معللًا بأن الرضى معتبر في هذه التصرفات، [والألفاظ] (¬3) تراد للدلالة على الرضى ولا يدل اللفظ على الرضى في هذه الصور، ويشبه ما ذكره فيما إذا قال الغاصب للمالك (¬4): أعتق فأعتقه جاهلًا، وما ذكره فيما إذا قال لامرأته: أنت طالق وهو يجهل أنها امرأته، فإن له بحثًا في أن الطلاق لا يقع بنزع إلى هذا المأخذ والأصح فيها: النفوذ، ويقرب من المسائل ما لو خطب زيد إلى قوم، وعمرو إلى آخرين، ثم جاء زيد إلى الآخرين وعمرو إلى الأولين، وزوج كل فريق من جاءه، وقد قال ابن القطان فيما نقله الرافعي: إن المسألة وقعت في أيام ابن السائب ببغداد فأفتى الفقهاء بصحة النكاحين. الرابع: إنما (¬5) يطلق المختلف فيه على ما فيه خلاف [لمن تقدم، وأما ما يقع لنا من صور المسائل وتتجاذب الآراء فيها، فلا يقال إنها من المختلف فيه، بل ينبغىِ أن ينظر فيها، فإن اتضح دليل عليها اتبع، وإلا فلا، وإن حكم حاكم فيها بحكم ولم يكن عليه دليل ينبغي جواز نقضه، وإن كان عليه دليل لم ينقض انتهى، ¬

_ (¬1) في (ق): "الفتوى". (¬2) من (ن). (¬3) من (س). (¬4) أي: لمالك العبد. (¬5) في (ن) و (ق): "إن".

ومن خطه (¬1) نقلت، وقد تستغرب هذا ولا غرابة فيه، بل الأمر إن شاء الله كما قال، وعليه تحمل أقضية صدرت من شريح وغيره نقضها علي وغيره في مسائل لم يكن تقدم فيها خلاف] (¬2) ولا عليها دلالة قاطعة. الخامسة: إذا نقض (¬3) بادر إلى تدارك حقوق الله تعالى، وأما حقوق الآدميين، فهل عليه تعريف الخصمين ليترافعا إليه فينقض الحكم؟ عن ابن سريج: لا، وعن سائر الأصحاب: الوجوب، ويظهر أن محل الخلاف فيما إذا كان الخطأ في الطَّريق، أما إذا [كان] (¬4) في الحكم نفسه فيجب جزمًا دفعًا للعادة، وإن بان (¬5) بطلان الطريق فلا ينبغي أن يجب الإعلام لعدم فائدته. السادس: وعدنا بذكر الصور التي اختلف الأصحاب [في النقض فيها] (¬6)، فمنها: - القضاء بصحة نكاح المفقود؛ وجهان، والأشهر كما قال الرافعي: نقضه، وهو ظاهر النص، والثاني: المنع، قال القاضي الروياني: وهو الصحيح، وقرب (¬7) من [هذا] (¬8) الخلاف الخلاف في نقض (¬9) [حكم] (¬10) من قضى بحصول الفرقة ¬

_ (¬1) يعني من خطأ تقي الدين السبكي الذي نقل عنه هذه المسألة. (¬2) من (س). (¬3) أي: نقض الحكم. (¬4) سقطت من (ق). (¬5) في (ن) و (ق): "كان". (¬6) سقطت من (ق). (¬7) في (ن) و (ق): "وفرق". (¬8) من (س). (¬9) في (ن): "بعض". (¬10) سقطت من (ن).

في اللعان بأكثر الكلمات الخمس أو سقوط الحد عمن نكح (¬1) أمة ووطئها، ومراده بقوله (وقرب) يعني الروياني إنما هو في "بحره"، وعزاه للقفال، فقال: قال القفال عدَّ أصحابنا مسائل ينقض الحكم فيها. منها: [حكم] (¬2) من قال أكثر اللعان يقوم مقام الكل، وأن زوج الأمة لا يلاعن لنفي الولد، وأن لا قصاص بين الرجل والمرأة في الأطراف، وأن من تزوج بأمة ووطئها مع العلم بتحريمها لا يُحد، وأن النكاح بغير ولي جائز، والحكم بشهادة الفاسق، وبجواز بيع [أم] (¬3) الولد، و [أن] (¬4) لا تُقبل شهادة القاذف بعد التوبة؛ لأن الخطأ ظاهر في هذه بدليل قاطع، ونص الإمام الشافعي على نقض (¬5) الحكم في مسألة واحدة وهي الحكم بصحة نكاح امرأة المفقود، ومن أصحابنا من قال: لا ينقض حكمه في شيء من هذه المسائل، لأن الخطأ فيها [ظهر] (¬6) بقياس الشبه، وهذا هو الصحيح، والنص في مسألة المفقود غريب، ولعلّه ذكره (¬7) تعليقًا للقول فيه، لا اعتقادًا (¬8) هذا آخر كلام "البحر" [ملخصًا] (¬9). - ومنها: قضاء الحنفي ببطلان خيار المجلس والعرايا بالتنفيذ (¬10) الذي ¬

_ (¬1) زاد في (ن) و (ق): "مريض". (¬2) من (ق). (¬3) من (س). (¬4) من (ن). (¬5) في (ن): "بعض". (¬6) من (ق). (¬7) في (ق): "ولأنه ظهر". (¬8) في (ن) و (ق): "لأن اعتقاد"، والمثبت من (س). (¬9) من (ق). (¬10) في (ن): "بالتقييد".

يجوزه، وفي ذكاة الجنين: قال الرافعي: [قيل] (¬1): إنه منقوض (¬2) بظهور الأخبار وبعدها عن التأويلات التي يدعونها (¬3)، وكذلك في القتل بالمثقل؛ لأنه على خلاف القياس الجلي (¬4) في عصمة النفوس، وهذا ما أورده الإمام والغزالي، وبمثله أجاب المحققون في الحكم بصحة النكاح بلا ولي، وفي بيع أم الولد، وثبوت [حرمة] (¬5) الرضاع بعد الحولين، وصحة النكاح بشهادة الفاسقين من غير إعلان، ونكاح الشغار، ونكاح المتعة، وفي الحكم بقتل المسلم بالذمي، وبأنه لا قصاص بين الرجل والمرأة في الأطراف، وبجريان التوارث بين المسلم والكافر، وبرد الزوائد مع الأصل [في] (¬6) الرد بالعيب على ما ذهب إليه ابن أبي ليلى، ومن الأصحاب من منع النقض [وقال: هي مسائل اجتهادية] (¬7)، والأدلة فيها معارضة (¬8). قال القاضي الروياني: وهو الصحيح، وكذلك ذكر القاضي ابن كج في الحكم ببطلان خيار المجلس، وبنقض قول من حكم بالاستحسان الفاسد، والذي يظهر في النكاح بلا ولي النقض لصحة الحديث فيه (¬9)، وقال الرافعي: إن الوجه في ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "منصوص". (¬3) في (ق): "يعدونها". (¬4) في (ن) و (ق): "الحسي". (¬5) من (س). (¬6) سقطت من (ن). (¬7) من (س). (¬8) في (س): "متقاربة". (¬9) وهو ما رجحه الشيخ تقي الدين السبكي، وقال فيه: أنا أستحيي أن يُرفع إليَّ نكاح صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إبطاله.

قتل المسلم بالذمي عدم النقض، وإنما أخالفه فيه، فالوجه النقض لحديث البخاري (¬1): "لا يقتل مسلم بكافر". - ومنها: قضاء القاضي بأن يقاد الوالد بولده، قال ابن سريج: ينقض حكمه؛ [أي] (¬2) لصحة الحديث فيه، قال الرافعي: وليكن هذا الموضع الذي يساعد فيه الإمام مالك، قال ابن الرفعة: يعني أنه خلاف الإجماع، كأن بعضهم [قال] (¬3): يقتل به مطلقاً، قال: ولو كان كذلك لم يحتج ابن سريج إلى البينة عليه، وابن كج قال قبله (¬4) في قتل الحر بالعبد: إنه (¬5) لا ينقض. فرع: الخلاف الواهي لا يلتفت إليه؛ كالمحكي (¬6) عن الشيعة أو بعضهم يقول: إن الطلاق الثلاث لا يقع، فإذا (¬7) حكم به حاكم نقض على الصحيح، كما ذكره في "البحر" في أوائل الطلاق، ومُنصف من قال لا ينقض؛ لأن المسألة إجماع ولا اعتبار بالخلاف الحادث قال (¬8): وعلى النقض فإذا وطئها لزمه الحد، ولم يثبت نسب (¬9) ولا عدة، قال: وهو اختياري، والذي قاله ¬

_ (¬1) "صحيح البخاري" [كتاب الديات -باب لا يقتل المسلم بالكافر- حديث رقم (6915)]. (¬2) من (ن). (¬3) من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "أقبله". (¬5) في (ن) و (ق): "وأنه". (¬6) في (ن) و (ق): "بالمحكي". (¬7) وقع في (ن) في هذا الموضع: "نكلت ردت اليمين عليه، فإن حلف بنى على اليمين المردودة كالإقرار أو كالبينة، فإن قلنا". (¬8) أي: الروياني. (¬9) في (ن) و (ق): "فسقه"، والمثبت من (س).

[الإمام] (¬1) وقد أسلفنا عنه مسألة قضاء المرأة هل ينقض؟ فرع: يلزم من نقض ما ذكرنا (¬2) من الصور أن ينقض الحكم ببطلان الأوقاف لشهرة صحتها بين الصّحابة، والعصر الأول، وينبغي النقض في (¬3) حكم بيع الموقوف إذا انهدم، كما هو قول السادة الحنابلة، أو عوده إلى ورثة المواقف، كما هو قول محمد بن الحسن، ويلزمه أيضًا النقض في بطلان بيع المدبر لمخالفته الحديث الصحيح (¬4)، وبيع الخمر من الذهبي لمنابذته النَّهي عن بيع الخمر (¬5)، وإن قال النهي يوجب الصحة أو لا يقتضي الفساد فلم لا صححه من (¬6) مسلم، وإن حاول فرقًا فهو واهٍ، ومن قال: الربا لا يجري في دار الحرب بين مسلمين لم يهاجرا ولا [في] (¬7) الحفنة (¬8) والحفنتين من الطعام، وأدلة الكتاب والسنة تردهما، وأن النبيذ يحل منه ما لا يسكر، وأن البائع ليس أحق بسلعته عند الفلس، وبيع المصراة، ومنع الفسخ بعيوب النكاح، وإسقاط الحد في إباحة الجواري، وأن الجماع (¬9) من غير إنزال [إلا] (¬10) يوجب غسلًا، وأن الحامل المتوفى عنها زوجها لا ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ق): "ذكر". (¬3) في (ق): "عن". (¬4) أي في جواز بيع العبد المدبر، كما في "صحيح البخاري" "كتاب البيوع -باب بيع المُدبَّر- حديث رقم (2230)، من حديث جابر - رضي الله عنه - قال: "باع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المُدَبَّر". (¬5) كما في "سنن أبي داود" [كتاب الإجارة -باب في ثمن الخمر والميتة- حديث رقم (3485)]. (¬6) في (ق): "في". (¬7) من (س). (¬8) في (ن): "ولا الحقيقة"، وفي (ق): "حفنة". (¬9) في (ن): "النكاح". (¬10) من (س).

تنقضي عدتها بوضع الحمل، وأن ربا الفضل مع القبض في الصرف جائز، وأن الوقف يباع إذا تخرب، وأنَّه يناقل به وإن كان عامرًا إلى غير ذلك من المسائل (¬1) التي قيل (¬2) فيها بالنقض عندما بلغهم أن السادة الحنفية تنقض قضاء الشافعي في الحكم بشاهد ويمين (¬3)، وبالقرعة بين العبيد في العتق، وبحل (¬4) متروك التّسمية عمدًا، وبالبراءة في القسامة بيمين المدعي، فقال أصحابنا: قلتم فيما حكي عنكم (¬5): لا ينقض حكم المخالف نص الكتاب والسنة والقياس الجلي إذا لم يكن مجمعًا عليه، ثم نقضتم (¬6) موافق السنة المصرحة والأقيسة الصحيحة؛ كالحكم بالشاهد واليمين، والقرعة بين العبيد ونحوها، فكتب بنقض ذلك مع صحة الحديث فيه، ثم يحكم بالنكاح بلا ولي ونحوه مع منابذة الصريح بنطق المصطفى، وأحياناً (¬7) منه إذا رفع إلينا ولم ينقضه، ومن العجب العجاب إنكار ما وردت به السنة من (¬8) القرعة (¬9) في (¬10) إثبات حل الوطء بشاهدي زور لعلم الزوج الثاني الحال (¬11). ¬

_ (¬1) وهذه المسائل منقولة عن الإمام أبي حنيفة. (¬2) في (ق): "قبلها". (¬3) في (ق): "تنقض حكم الشافعي عند القضاء". (¬4) في (ن) و (ق): "وحكى"، والمثبت من (س). (¬5) في (ن) و (ق): "عنهم". (¬6) في (ن) و (ق): "بعضهم". (¬7) كذا في (ن) و (ق). (¬8) في (ق): "مع". (¬9) وقعت في (ن): "مع القدرة". (¬10) في (ن) و (ق): "مع". (¬11) أي أنهما شاهدا زور، وفي (ن): "الخطاب".

- ومنها: قول الخصم: إذا منع الذهبي من الجزية دينارًا انقطع عهده (¬1)، ولو هاجر لسب الله وسب رسوله أو دينه أو حرق المصحف وخرب المساجد لا ينقض. - ومنها: إباحة القراءة (¬2) بالعجمية وعدم رواية الحديث بالمعنى فيما ذكر بعضهم. - ومنها: إسقاطهم الحد عمن استأجر امرأة لإرضاع ولده [فزنا بها] (¬3)، أو استأجرها ليزني [بها] (¬4)، وإيجابهم الحد [على من وطئ] (¬5) امرأة [في الظلمة] (¬6) فإذا هي أجنبية. - ومنها: [منعهم] (¬7) السُّنة (¬8) الثابتة في إلحاق النسب بالعتاقة (¬9)، مع إلحاقهم نسب ولد امرأة تزوجها [وهو] (¬10) بالمشرق ممن هو بأقصى المغرب، وبينهما من المسافة ما لا يقطعه القوي، وقال: تزوجت فلانة وهي طالق ثلاثة عقب القبول ثم جاءت بولد، فقالت: هو منه. ¬

_ (¬1) في (ق): "حكمه". (¬2) أي: قراءة القرآن. (¬3) من (س). (¬4) سقطت من (ق). (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "عمن استأجر"، والمثبت من (س). (¬6) من (س). (¬7) سقطت من (ق). (¬8) في (ن): "النسب". (¬9) في (ن) و (ق): "باتفاقه". (¬10) من (ق).

تنبيهات

تنبيهات الأول: ما لا ينقض هل يمضى وينفذ أم يعرض عنه (¬1)؟ (¬2) فيه خلاف، حكى المحاملي وجمع قولين، وحكاه الرافعي وخرج وجهين أرجحهما: أولهما (¬3). الثاني: ما لا ينقض قضاء القاضي فيه إذا حكم به لمن لا يعتقده هل يحل له باطنًا؟ فيه وجهان محكيان فيما إذا [قضى] (¬4) الحنفي بشفعة الجوار للشافعي، صحح القفال، وأبو عاصم، والبغوي، وأكثر الفقهاء الحل، وصحح الإمام، والغزالي، وشيخه والأصوليون مقابله (¬5)، قال الرافعي في باب [القسامة] (¬6): وميل الأئمة إلى ثبوت الحل باطنًا، وكذا قال في أثناء الدعاوى: ميل الأكثرين إليه، وقال في موجبات [الضمان: ] (¬7) صرحوا بأن الخلاف جارٍ في كل ما اتصل بحكم من المسائل الاجتهادية، فإن قلنا: لا يحل لم يجز المطلب، وإلا فوجهان (¬8) يعبر عنهما بأن القاضي هل يمنعه لاعتقاده أو (¬9) لاعتقاد نفسه؟ وصححه في كتاب القضاء، والمنع قوي، ومحل الخلاف في عامي ينتسب إلى مذهب ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "عليه". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 416). (¬3) أي: التنفيذ. (¬4) سقطت من (ق). (¬5) أي: التحريم. (¬6) في (ن): "الدعاوي"، وهي ساقطة من (ق). (¬7) من (س). (¬8) أي: إما التخيير بين البيع عليه وإجباره على البيع. (¬9) في (ن): "أولاً".

الإمام الشافعي من غير اعتقاد في عين المسألة، أما من يعتقده فالظاهر القطع بالمنقطع عنه إلا أن يعلمه الخصم فيجوز إن قلنا بجواز التقليد، وهو الأصح فيمن لا يعتقد صواب ما انتقل عنه، وله استجداد من وجه حكاه صاحب "التقريب" أن القضاء إنما ينفذ ظاهرًا على العوام، أما المجتهد فلا؛ لأنه ليس [للغير أن] (¬1) يتبعه، فإذا كان لا ينفذ عليه [ظاهرًا] (¬2) فباطنًا أولى. فرع: إذا وقف على نفسه وحكم بصحته من يراه ونفذه شافعي فهل لهذا المواقف فيما بينه وبين الله تعالى بيع هذا الموقوف (¬3) ويلغي الوقفية، قاله ابن الصلاح في فتاويه. فرع: كره من إمام الحرمين القصر من جانب الظاهرية، وأن أهل التحقيق لا يقيمون بخلافهم وزنًا، ولا يرون أهليتهم للاجتهاد، ولا يعتبرون وفاقهم وخلافهم، وحكى ابن الصلاح منهم خلافًا (¬4)، قال في "النهاية": وكل مسلك يختص به أهل الظاهر في القياسين فالحكم بسببه منقوض، ونحوه قال أهل (¬5) الأصول [قال] (¬6) القاضي [أبو بكر] (¬7): أنا (¬8) لا أعدهم من علماء الأمة ولا أبالي بخلافهم ووفاقهم. قلت: وداود نفسه لا ينكر جلي القياس وإنَّما ينكر خفيه، نعم ينكرهما ¬

_ (¬1) كلمتان غير واضحتين في (ن) و (ق). (¬2) ساقطة من (ن). (¬3) في (ق): "فهل لهذا المواقف فيما بينه وبين الله مقال مع هذا الوقف". (¬4) في (ن) و (ق): "خلاف". (¬5) في (ن) و (ق): "خير". (¬6) سقطت من (ن). (¬7) من (ق). (¬8) في (ن) و (ق): "ألا".

قاعدة الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد

ابن حزم، وأطلق داود في رسالته إلى المزني إنكاره، ويسمي الأقيسة الجلية الاستنباط. قاعدة " الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد" (¬1). وإلا لما استقرت الأحكام واختل النظام، قال الكرابيسي في الشهادات: قال قائل من السفهاء: يجب على كل حاكم أن يبطل كل حكم حكم به من كان قبله إذا كان يرى خلافه، وهذا قول من [لا] (¬2) حظ له في الإسلام، وعلى المسلمين أن يسبوه، واحتج هذا السفيه يرد على قضاء شريح في ابني عم أحدهما أخ لأم والآخر زوج أن (¬3) الميراث بينهما نصفان (¬4)، فقال: علي بالعبد فأتى به فقال: قضيت بكتاب الله وبقوله: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75]. فقال: هل لا قال: للزوج النصف وله (¬5) ما بقي ثم أعطى (¬6) الزوج النصف وللأخ للأم (¬7) السدس، وما بقي بينهما نصفان، وابن سريج لا يقول في مسألة الاجتهاد في الأواني ينقض الاجتهاد بالاجتهاد، وإنما الأصحاب ألزموه به وهو يدفعه بأن هذا حكم جديد، وهذه قضية مستأنفة فلا يؤثر فيها الاجتهاد الماضي (¬8)، ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 241)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (1/ 14)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 84 - 85)، "قواعد الزركشي" (1/ 93)، "شرح القواعد الفقهية"، للزرقا (رقم: 15)، "القواعد الفقهية" للندوي ص (439). (¬2) سقطت من (ن). (¬3) في (ن) و (ق): "أما". (¬4) في (ن) و (ق): "نصفين". (¬5) في (ن) و (ق): "ولها". (¬6) في (ن): "أعطى على". (¬7) في (ن): "وللأخ من الأم". (¬8) في (ن) و (ق): "كالماضي".

"إنما يكون قائلًا بالنقض لو ألزمه بإعادة الصلاة الأولى، وهو وجه حكاه الدارمي في "استذكاره". فرع: ما أسلفناه من أن الحكم في الاجتهاد بأنه لا ينقض ادعى قوم منهم ابن الصباغ الإجماع عليه، وقال صاحب "التنبيه" فيما إذا ادعى على المعزول الجور في الحكم: أن الحاكم ينظر، فإن كان مما يسوغ فيه الاجتهاد ووافق رأيه لا ينقضه، وإن خالفه فقولان، أحدهما: ينقضه، والثاني: لا ينقضه، قاله في "التصحيح"، وأنه إذا حكم غيره ممن يصلح للحكم بما سبق فيه الاجتهاد، وخالف رأيه أمضاه ولا ينقضه، وهذا أولى من تغليط الشيخ، وأن ذهنه انتقل من القولين [السالفين] (¬1) الذين حكاهما المحاملي، وعبر عن الإعتراض (¬2) بالنقض وعن الإمضاء بعدمه، وبعضهم قال: الضمير عائد على المعزول في رأيه وعليه مشي ابن الرفعة، وعلى هذا فالأصح النقض؛ لأنه الذي حكاه عن الأصحاب قالوا: لأنه حكم بخلاف مذهبه، قال: ووجه عدم النقض أن تصرف الحكام محمول على الصحة، فلعله نظر دليله إذ ذاك أو استصوبه، وقال: وهذا القول لم أره في مذهبنا هكذا، ولكن قواعدنا تقتضيه، ثم برهن له: كل حق يصح التوكيل فيه لا يجوز للحاكم أن يخلص فيه الممتنع ما أمكن التوصل إليه، [كالديون] (3) فيتولى الحاكم البيع بنفسه أو بأمين، ذكرها الماوردي في كتاب الرهن، والذي رجحه الرافعي ثم النووي أن الحاكم يتخير بين البيع عليه وحبسه ويعزره حتى يبيع وهو إكراه بحق، وهو قول ابن الصباغ، والروياني، وابن أبي عصرون، وكذا قاله القاضي أبو الطيب وغيره إن شاء القاضي باع وإن شاء حبس وعزر إلى أن يبيع، وظاهر [إيراد] (¬3) التنبيه في التفليس يعين البيع عليه، وبه صرح جماعات بكماله ظاهرًا بتبعية مستور بايعه ¬

_ (¬1) في (ق): "لغير". (¬2) في (ن): "الإعراض". (¬3) سقطت من (ن).

قاعدة ليس كل ما يجوز للشاهد أن يشهد به يجوز للحاكم أن يحكم به

بثمره فيباع عليه، لاسيما إذا لزم من جبره على البيع تأخير لحق مدة لا يحتملها رب الدين، وقال ابن الرفعة: إذا لم يثبت عند القاضي ملك المفلس للأعيان بالبينة و [إلا اكتفينا] (¬1) باليد فيظهر أن يجبره على بيعه (¬2) [بنفسه] (¬3) أو توكيله لتعينه طريقًا لإيصال الحقوق (¬4) لأربابها، وقد يقال: إذا لم يجز للقاضي البيع كيف يجوز له الإجبار، [والإجبار] (1) حكم صريح (¬5) بخلاف الفعل (¬6). قاعدة ذكرها الإمام في [باب] (¬7) التفليس حاصلها: "أنه ليس كل ما يجوز للشاهد أن يشهد به يجوز للحاكم أن يحكم به" (¬8)، فإن الشاهد قد يبني على ظن غالب لا يبنى على مثله الحاكم صونًا لمنصبه عن التهمة، وذكر في الشهادة (¬9) بالإعسار والأملاك والتعديل وحصر الميراث أنها أمور لا يمكن استنادها إلى اليقين، فإن في الإعسار (¬10) هنا (¬11) لا سبيل معه إلى العلم اليقيني، وغاية التعديل هي (¬12) الأسباب ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) في (ن): "ذلك". (¬3) سقطت من (ق). (¬4) في (ق): "الحق". (¬5) في (ق): "صحيح". (¬6) في (ن) و (ق): "النقل". (¬7) من (ق). (¬8) "الاُشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 416). (¬9) في (ن): "الشهادات". (¬10) في (ق): "الاعتبار". (¬11) في (ن): "نفيًا". (¬12) في (ن) و (ق): "على".

الخارجة، والأملاك بناء على ظواهر نصبها العلماء من اليد والتصرف، ثم قال: وكأنه يُشترط (¬1) إسناد الشهادة إلى [اليقين] (¬2) فيما يمكن اليقين [فيه] (¬3)، ومن لطيف الكلام في ذلك أن كل [ما] (¬4) تستند الشهادة فيه [إلى] (¬5) اليقين لو علمه القاضي بنفسه اختلف القول في جواز القضاء به بعلمه، وإذا انتهى القاضي فيما لا علم فيه إلى منتهى يشهد فيه كالأصول التي ذكرناها فلا يحل القضاء، وإن كان يحل له أن يشهد فيما أحاط به، وظهر عنده فليتأمل الناظر هذا، فإنه من أسرار القضاء. وفيما ذكره نظر، ولم لا يحكم القاضي في الإعسار (¬6)، والملك، والميراث بعلمه كما يحكم (¬7) في التعديل، وقد يقال: التعديل حكم، فإن العدل مقبول القول على كل أحد، فأشبه الرواية، أما الإعسار، والميراث، والملك فأحكام على أشخاص معينين بما لا ينتهي إلى اليقين، فقويت التهمة فيه [فلو فرضنا انتهاءه] (¬8) إلى اليقين خرج على القضاء بالعلم. وقضية كلام الرافعي تخريج القضاء (¬9) في (¬10) هذه الثلاثة (¬11) على الخلاف أنه المختار عنده. ¬

_ (¬1) في (ق): "سقوط". (¬2) من (ن). (¬3) من (س). (¬4) من (س). (¬5) من (س). (¬6) في (ق): "الاعتبار". (¬7) في (ن) و (ق): "ويحكم". (¬8) من (س). (¬9) أي: بما يعلمه القاضي. (¬10) في (ق): "على". (¬11) أي الإعسار والملك والميراث.

ثم أعلم أن المعنيَّ بالعلم في قول الأصحاب: (اليقين لا الظن [المؤكد]) (¬1) (¬2)، والرافعي قال: إن الأئمة مثلوا القضاء بالعلم الذي [هو] (¬3) محل القولين بما إذا ادعى عليه مالاً وقد [رآه] (¬4) أقرضه أو سمعه أقر بمال، ومعلوم أن رؤية الإقراض وسماع الإقرار لا يفيد اليقين بثبوت الحكم به، فيدل أنه ليس المراد بالعلم اليقين بل الظن المؤكد، وقد يقال: المراد باليقين يقين السبب الذي به [الحكم وهو الإقراض أو الإقرار، ولو ظنهما ظنًّا مؤكدًا لم يحكم بلا خلاف] (¬5)، وصرح الماوردي في الملك بأنه يجوز للقاضي، وتردد في الشاهد وفرق بأن الشاهد إنما يعتمد [العلم] (¬6)، والقاضي يبني على الحجة، فالحاصل مراتب: يقين (¬7)، وسبب (¬8)، وهاتان فيهما القولان، وعلم حاصل بتواتر قيل على القولين، وقيل: يقطع بالجواز. وحكم بالتعديل، المذهب: الجواز، وقيل: على الخلاف. وإعسار (¬9) قال الإمام: لا يحكم بالعلم فيه، والمختار: نعم. الملك: وحصر الورثة، يقتضي كلام الإمام أنه كالإعسار (¬10)، وهو أولى منه بإجراء الخلاف. ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) أي: هل يقضي القاضي بعلمه اليقيني لا الظني؟ (¬3) من (ن). (¬4) من (س). (¬5) من (س). (¬6) من (س). (¬7) أي الحكم بالعلم اليقيني المحسوس الحاصل وقت القضاء. (¬8) أي علم سبب متقدم كإقراض وسماع إقرار لم يعلم ارتفاعه. (¬9) في (ن) و (ق) من "واعتبار". (¬10) في (ق): "كالاعتبار".

[قاعدة] الأموال الضائعة يقبضها الإمام حفظا لها [على أربابها]

ثم التقويم (¬1) الأشبه عند الرافعي أنه على القولين، ويظهر من اختيار الإمام أنه كالإعسار (¬2). واللوث: يعتمد العلم فيه، وليس من القضاء [بالعلم] (¬3) في شيء. الجرح: يعتمد العلم فيه [قطعًا] (¬4). [قاعدة] (¬5) " الأموال الضائعة يقبضها الإمام حفظًا لها [على أربابها] (¬6) " (¬7) فإما أن يبقيها [وإما أن] (¬8) يبيعها ويحفظ ثمنها مفردة ومخلوطة بمثلها، فإذا ظهر المالك غرم له من بيت المال. فيجب على القاضي قبول اللقطة إذا دفعها إليه الملتقط، وإن كان قد اختار التملك ثم مضى له، وأما حديث أنس أنه - صلى الله عليه وسلم -[مر] (¬9) على تمرة في الطريق مطروحة، فقال: "لولا (¬10) أني أخشى أن تكون من تمر الصدقة لأكلتها" ¬

_ (¬1) في (ق) زيادة: "ثم". (¬2) في (ن) و (ق): "الاعتبار". (¬3) من (س). (¬4) من (ق). (¬5) يياض في (ق). (¬6) سقطت من (ق). (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 420). (¬8) في (ق): "أو". (¬9) سقطت من (ن). (¬10) في (ن): "لا"، وهي ساقطة من (ق).

خرجاه (¬1)، فإنما نفى أكلها فقط (¬2)، وقد يكون أخذها، وأيضًا والمراد مال يتطلع له (¬3) دون ما يُعرض عنه، ومن ثم لم يجب في اللقطة تعريف (¬4) [ما انتهى في القلة إلى حد يسقط تموله (¬5) كحبة حنطة، وإن] (¬6) حاول (¬7) الرافعي تخريج وجه، ونازعه ابن الرفعة، وما لم ينته إليه (¬8) فالخلاف فيه شهير (¬9) (¬10). ثم يستثنى (¬11) من هذه القاعدة صور: - منها: إذا أقر لمنكر، فأصح الأوجه أن يترك في يد المقر كما كان، لأن يده تشعر (¬12) بالملك ظاهرًا، وقد عارض الإقرار الإنكار فسقط؛ إذ ما لا يعرف مالكه فهذا المُقر أولى بحفظه، ثم [هل] (¬13) هي يد ملك أو استحفاظ؟ والأشبه: الثاني، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في "الصحيح" [كتاب اللقطة -باب إذا وجد تمرة في الطَّريق- حديث (2431)]، ومسلم في "الصحيح" [كتاب الزكاة -باب تحريم الزكاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله ... حديث رقم (1071)]. (¬2) في (ق): "ولفظ". (¬3) في (ق): "عليه". (¬4) في (ن) و (ق): "تعريفه". (¬5) في (ن): "به". (¬6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬7) في (ن) و (ق): "حال". (¬8) أي: وما لم ينته في القلة إلى حد يسقط تموله. (¬9) في (ق): "متميز". (¬10) أوجب السبكي فيه تعريفه سنة، والرافعي والنووي زمناً يظن إعراض صاحبه عنه. (¬11) في (ن) و (ق): "نعم يتبين". (¬12) في (ن): "يشير". (¬13) من (س).

وينبغي تقييده على هذا بالأموال، وهذا إذا كان المقرُّ به عينًا، وإن كان دينًا، فلا يؤخذ [بلا خلاف، وذكر ابن يونس أنه لا فرق] (¬1) بينهما، قال الجويني: وموضع الخلاف فيمن أقر لمنكر، أما إذا قال: في يدي مال لا أعرف مالكه، فالوجه القطع بأن القاضي يتولى حفظه، وأبعد بعضهم فلم يجوز (¬2) انتزاعه هنا أيضًا، كذا نقل الرافعي هنا، وقال في باب دعوى الدم فيمن في يده مال حكم به، فقال: إنه مغصوب إن عيَّن صاحبه انتزع (¬3) منه، وإن لم يعين فهو مال ضائع (¬4) وفي مثله (¬5) خلاف مشهور. وقال في باب الدعاوي: إن [من] (¬6) في يده مال لو قال: هو لرجل لا أعرفه ولا أسميه أنَّ (¬7) الأصح أنه لا ينزع من يده، [وقال في باب الكتابة: فيما إذا أتى المكاتب بالنجوم فقال السيد: هذا حرام وحلف المكاتب، وأجبرنا السيد على القول أنه لم يكن عيَّن مالكًا، لم ينزع من يده] (¬8) على الصحيح. -[ومنها: ] (¬9) إذا كان المال الضائع في ذمة إنسان بأن جاء إلى القاضي (¬10) ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬2) في (ن): "يُجز". (¬3) وقعت هذه العبارة في (ن) كذا: "إن غير صاحبه انقدح". (¬4) في (ن): "ضمنًا". (¬5) في (ق): "ماله". (¬6) من (س). (¬7) في (في): "و". (¬8) ما بين المعقوفتين سقط من (ق). (¬9) ما بين المعقوفتين سقط من (ق). (¬10) في (ق): "للقاضي".

[قاعدة] ليس كل ما لا يمنعه الحاكم إذا وقع يجيب إليه أو يأذن فيه إذا طلب

وقال: في ذمتي مال لا أعرف مالكه، وقياس المذهب: بقاؤه في يده ويأتي فيه وجه من أن للآحاد انتزاع المغصوب، وهو فيما إذا خشي من بقائه في ذمته أو يده ظاهر. [قاعدة] (¬1) " ليس كل ما لا يمنعه الحاكم إذا وقع يجيب (¬2) إليه أو يأذن فيه إذا طلب" (¬3). ومن ذلك: الأصح [أنه] (¬4) لا يجيب (¬5) الشركاء إذا طلبوا قسمة ما لا تبطل منفعته بالكلية [إذا كسر كالسيف، ولكن إذا قسموا بأنفسهم لم يمنعهم بخلاف ما تبطل منفعته بالكلية] (¬6) كالجوهرة النفيسة. -[ومنها: ] (6) على القول أن المشرك إذا انتقل إلى دين يقر أهله عليه لا يقبل منه [إلا] (6) الإسلام وفي قول: أو دينه الأول، ولا يقال له أسلم (¬7) أو عُدْ إلى ما كنت، بل يقال له: أسلم، فإن عاد إلى غيره تركناه. -[ومنها] (¬8): لا يجوز للحاكم الإجابة إلى بناء ما استهدم من الكنائس ولا ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق). (¬2) في (ق): "أجيب". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 424). (¬4) من (ن). (¬5) في (ن) و (ق): "يحمل". (¬6) ما بين المعقوفتين سقط من (ق). (¬7) في (ن): "إسلام". (¬8) سقطت من (ق).

قاعدة كل ما شرط [في] الراوي والشاهد فهو معتبر عند الأداء لا عند التحمل

الإذن فيه، نبه عليه بعض شيوخنا (¬1) وكاد (¬2) يدعي فيه [الإجماع على ذلك] (¬3)، وإن كان لا يمنع عند إعادة ما استهدم من كنيسة قديمة على الخلاف فيه. قاعدة " كل ما شرط [في] (¬4) الراوي والشاهد فهو معتبر عند الأداء لا عند التَحمُّل" (¬5) إلا في صور. - منها: الشهادة على النكاح؛ فإن الشروط معتبرة أيضًا لتوقف الانعقاد على حضور عدلين، وإنما اكتفى بالمستور على الأصح، لأن ظاهرهما العدالة، ولهذا لو تبين (¬6) خلافها بطل على المذهب. - ومنها: الصبي إذا تحمل الرواية فبلغ وأدى لا يقبل في (¬7) وجه، والأصح: القبول كما في الشهادة (¬8)، [بل] (¬9) ................................. ¬

_ (¬1) يقصد: الشيخ تقي الدين السبكي. (¬2) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "وكان". (¬3) من (س). (¬4) سقطت من (ق). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 425)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 834)، "قواعد الزركشي" (3/ 117). (¬6) في (ق): "ظهر". (¬7) في (ق): "على". (¬8) أي: لو تحمل الشهادة فبلغ فأدى فلا يُعرف خلاف في قبول شهادته. (¬9) من (ن).

قاعدة مستند الشاهد إذا كان إخفاؤه يورث ريبة تعين ذكره

[إذا] (¬1) أداها الصبي [فرد] (¬2) ثم أعادها بعد البلوغ قبلت قطعًا. - ومنها: إذا وكله في قضاء دين فأداه في غيبة الموكل وجب عليه الإشهاد، لكن الأصح الاكتفاء بشاهدين ظاهرهما العدالة أو شاهد واحد، فالاستثناء على وجه، وكذا [إذا] (¬3) وكله في الإيداع فأودع ولم يشهد لم يضمن على الأصح. قاعدة " مستند الشاهد إذا (¬4) كان إخفاؤه يورث ريبة تعين [ذكره فلا تقبل الشهادة إلا يذكره، وإن كان ذكره يورث ريبة] (¬5) تعين إخفاؤه، فترد الشهادة عند ذكره، وإن لم يتعلق ريبة يذكره [ولا بإخفائه] (¬6) لم يضر (¬7) واحد منهما، وإن تردد النظر في أنه هل يورث ريبة؟ اختلف فيه"، وقد يطلب قرينة تدفع الريبة من موافقة مذهب (¬8) الشاهد للحاكم وفقهه ونحو ذلك (¬9). فما يورث إخفاؤه ريبة: الجرح فلا يخفى اختلاف المجتهدين في أسبابه [ثم ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) من (س). (¬3) سقطت من (ق). (¬4) في (ن): "إن". (¬5) من (س). (¬6) من (س). (¬7) في (ق): "يصرح". (¬8) في (ن) و (ق): "فطلب". (¬9) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 425 - 426)، وانظر: "أشباه" لابن الوكيل (ص: 263)، "الأشباه" للسيوطي (2/ 835).

قاعدة ضابط الاستفاضة

اشتباه] (¬1) كثير (¬2) منها على كثير من الناس، فمن ثم لا يقبل إلا مفسرًا. - ومنها: إذا أخبره ثقة بنجاسة الماء وشهد به شاهدان لم يقبل إلا إذا تبين السبب إلا في الموافق (¬3). - ومنها: الشهادة باستحقاق الشفعة [لا بد فيها من بيان السبب، ومنها: الشهادة بأنه وارثه، ومنها: الشهادة] (¬4) بالردة، والأصح (¬5): الاكتفاء بالإطلاق ومقابله قوى اقتضاه كلام الرافعي في موضع آخر. - ومنها: (¬6) الشهادة بانتقال الملك، وأصح الأوجه: أنه لا بد من بيان سبب الانتقال، وفي ثالث: يفرق بين الفقيهين الموافقين وغيرهما، وسيكون لنا (¬7) عودة إلى شيء من ذلك في كتاب الشهادات بأوضح من ذلك. قاعدة ضابط الاستفاضة (¬8): الأصح [فيه] (¬9) في الرافعي في الشهادات أنها: "خبر جمع كثير يقع العلم أو الظن القوي بقولهم، ويؤمن تواطؤهم على الكذب"، ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) وقع في (ن): "ثم أسمائه كثيرة". (¬3) يعني: إذا كان المُخبِر أو الشاهد موافقًا في المذهب. (¬4) من (س). (¬5) عند السبكي والرافعي والنووي. (¬6) في (ن): "له الشهادة". (¬7) في (ق): "لهما". (¬8) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 426)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 834). (¬9) من (ن).

تنبيهات

واقتضى كلامه في القضاء حيث جعل المستفيض دون المعلوم أنها: "خبر جمع يؤمن (¬1) تواطؤهم على الكذب"، وهذا هو التواتر بعينه. قال أصحابنا: لا تقبل الشهادة بها إلا في مسائل: الموت والنسب، ولو من الأم على الأصح، والوقف، والنكاح، والولاء، وولاية الوالي وعزله، والرضاع، وتضرر الزوجة، والصدقات، والإسلام والكفر، والرشد والسفه والحمل والولادة، والوصايا، والجزية، وشراب قديم معروف مقوم، واللوث، وكذا الغصب ذكره الماوردي في "الأحكام السلطانية" وهو ظاهر [، والدين] (¬2) وهو وجه حكاه الهروي في "الإشراف". - ومنها: التعديل والجرح. تنبيهات أحدها: نقل الرافعي في التزكية عن "العدة" أنه لو استفاض فسق الشاهدين بين النَّاس فلا حاجة إلى البحث والسؤال، وينزل المستفيض منزلة المعلوم وأقره عليه، وقال بعد (¬3) ورقتين: إذا استفاض الفسق وانتشر جاز الجرح به فيما حكى عن ابن الصباغ، وصاحب "التهذيب"، وغيرهما (¬4)، وهذا [في] (¬5) إنشاء الحكم [به] (¬6)، ¬

_ (¬1) في (ن): "يمتنع". (¬2) من (س). (¬3) في (ن): "بعض". (¬4) في (ن) و (ق): "وغيره"، والمثبت من (س). (¬5) من (ن). (¬6) من (ن).

والأولى في أن الاستفاضة [بفسقه] (¬1) تمنع شهادته، صرح به الماوردي، والبندنيجي: أنه لا يجوز الجرح بمجرد الشياع والانتشار، بل لابد معهما من حصول العلم، وإليه أشار أيضًا ابن الصباغ، والبغوي. أما إذا لم يفد العلم اليقين فلا يجوز اعتماده وهتك أعراض الناس به، وقد قال ابن الرفعة: وبهذا صرح الغزالي تبعًا للإمام في مكان آخر قال: وهو الحق، لأنه مما يمكن الوقوف عليه، وليس من شأنه إذا وقع أن تتناوله (¬2) الألسن على مرور الزمان، فلا يقنع [فيه] (¬3) بما لا يحصل العلم من الاستفاضة. قال: ولهذا حُكي [عن] (¬4) الشيخ أبي (¬5) حامد أنه قال: السماع من الواحد والعشرة لا تجوز الشهادة [به] (¬6)؛ لأنه لا يصير به عالماً، وإن كان من مذهبه الاكتفاء في الاستفاضة بالسماع من عدلين، انتهى. وكذا قال صاحب "البحر" وإنما لم يقيده الرافعي بالعلم، لأنه ذكر عقيبه أنه لا يجوز الجرح بناء على خبر الواحد والعدد (¬7) اليسير، ومعلوم أنه لو اكتفى بالظن لاكتفى بالواحد، أو بالظن القوي لاكتفى بالعدد (¬8) اليسير. وفي "المهذب": أنا إذا (¬9) اكتفينا بقول أصحاب المسائل جاز للواحد منهم ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "تبد وله". (¬3) من (ن). (¬4) من (س). (¬5) في (ق): "أبو". (¬6) من (س). (¬7) في (ق): "والعرف". (¬8) في (ق): "بالعرف". (¬9) في (ق): "لو".

قاعدة من قبلت روايته أو شهادته في شيء فهل يكتفي بإطلاقه، أو لا بد من بيان السبب

أن يعتمد فيما شهد به عند القاضي من الجرح والتعديل [على قول واحد إذا سكنت نفسه إليه] (¬1). التنبيه الثاني: هذا كله في استفاضة لها أصل؛ لأن هذا معنى المستفيض، ويعني بما له (¬2) أصل ما ينتهي الحال فيه إلى عدول معينين يخبرون عن مشاهدة أدنى عددهم (¬3) كما علمت أحد عشر، وظاهره أنه لا يقبل أقل منهم، ولا يكتفي بمجرد شياع (¬4) لا يعرف أصله، وإليه أشار الرافعي بقوله: لا يجوز الجرح بناء إلى (¬5) آخر ما سلف (¬6)، قال: نعم له أن يشهد على شهادته بشرط الشهادة على الشهادة. التنبيه الثالث: الاستفاضة غير السماع والسماع الواقع في كلام الإمام الشافعي المراد به التواتر ثم شرط العمل بها أن لا تعارض (¬7) باستفاضة مثلها وإلا بطل حكمه لانتفائها. قاعدة " من قبلت روايته أو شهادته في شيء فهل يكتفي بإطلاقه، أو لا بد من بيان السبب" (¬8)؛ وسنذكره بعد، وسلف نقضه (¬9)، وقد يقال: لا تكليف فيما لا تشتبه ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "بما قاله". (¬3) في (ن): "إذن عددهم"، وفي (ق): "إذ عندهم". (¬4) في (ن) و (ق): "سماع". (¬5) في (ق): "على". (¬6) يعني: بناء على خبر الواحد والعدد اليسير. (¬7) في (ن): "العارض". (¬8) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 429). (¬9) في (ق): "بعضه".

طرقه واختلف [فيه] (¬1) المجتهدون [وهل يكلف فيما اشتبهت طرقه واختلف المجتهدون] (1) فيها طلبًا للاحتياط ودرءًا لاحتمال يخالف اجتهاد الشاهد والمشهود عنده، [واحتمال بناء الشاهد شهادته على ظن ليس هو عند المشهود عنده] (1) كما هو عنده، أو لا يكلف، اكتفاء بأن الجاهل بما هذا (¬2) شأنه لا يقبل خبره ولا شهادته في ذلك. وإذا كان عالماً فهو يدري أين يضع قوله، أو يكلف عدم ذكره لئلا يورث ذكره إياه ريبة؛ فيه احتمالات، والحق فيها الاختلاف (¬3) بحسب الصور، وقد سلف قريبًا. فمنها: الشهادة بالجرح (¬4) والتعديل، والأصح: أنه لا بد من بيان سببه [دون التعديل] (¬5). و[قد] (¬6) سلف أيضًا مسألة الماء واستحقاق الشفعة والإرث والردة. - ومنها: لو شهد بالموضحة، الأصح: القبول، وقال القاضي: لا بد من التعرض لإيضاح العظم، وتردد فيما إذا كان الشاهد فقيهًا، وعلم القاضي [أنه] (¬7) لا يطلق لفظ الموضحة إلا على ما يوضح العظم. ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) في (ن): "هو". (¬3) في (ق): "الاختلافات". (¬4) وقعت هذه العبارة في (ن) و (ق): "بشدة الجُرح"، والمثبت من (س). (¬5) من (ن). (¬6) من (ق). (¬7) من (س).

قاعدة الشيء [الذي] لا ينضبط أسباب الاطلاع عليه

- ومنها: شهدا أن (¬1) بينهما رضاعًا محرمًا (¬2)، ففي الاحتياج إلى السبب وجهان، الأكثر: لا، وتوسط الرافعي. قاعدة " الشيء [الذي] (¬3) لا ينضبط أسباب الاطلاع عليه إذا أثارت أسباب معرفته لبعض العارفين [به] (¬4) ظنًا (¬5) يسوغ له الشهادة بمقتضى ذلك الظن لم (¬6) يجز له أن يصرح به في شهادته" (¬7)؛ لأن ذكره إياه بين يدي الحاكم قد يُورث الحاكم ريبة؛ إذ من الجائز أن لا يتبين (¬8) عند الحاكم الظن الذي أثاره عند الشاهد، لاسيما وقد يقوم عند الحاكم إشارات [تقصر] (¬9) عنها العبارات (¬10)، ومن ذلك أن الشاهد فيما يشهد [به] (¬11) في الاستفاضة لا يذكر مستنده (¬12)، وقد ذكرناه في ¬

_ (¬1) وقع في (ن) و (ق): "شاهدان". (¬2) في (ن): "رضاع محرم". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) من (س). (¬5) في (ن) و (ق): "طلبًا". (¬6) في (ن) و (ق): "بما". (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 430)، "الأشباه" لابن الوكيل (ص: 263). (¬8) في (ن): "يتأثر". (¬9) سقطت من (ق)، ووقعت في (ن): "بعض" .. (¬10) في (ن) و (ق): "إخبارات". (¬11) سقطت من (ق). (¬12) انظر توضيح هذه العبارة في ابن السبكي (1/ 430).

قاعدة كل من وجب عليه الحبس بدين

الشهادات بلفظ: المستند في الشهادة (¬1) قد يضر التصريح به كما ستعلمه. قاعدة قال ابن القاص: "كل من وجب عليه الحبس بدين فقال صاحب الدين: لا يحبس وأنا (¬2) ألازمه، كانت الملازمة [ثَمَّ] (¬3) أحق، إلا أن يقول (¬4) المديون: احبسني وامنعه (¬5) من ملازمتي (¬6) " (¬7) فينظر؛ فإن كان لا يريد الملازمة خوف الشهرة بلا ضرر يدخل عليه في ذلك لم يمنع من ملازمته، وإن كان يمتنع من ذلك (¬8) لضرر يدخل عليه في وضوءه وطهوره رد إلى الحبس؛ لأن الملازمة تكون في المسجد، فإن طال ذلك ضربه البراز، واستدل (¬9) [على] (10) أنه [لا] (¬10) يمنع من الملازمة في القسم الأول بحديث: "ليُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته" (¬11)، وفيه ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "الشيء". (¬2) في (ق): "وإنما". (¬3) من (ق). (¬4) في (ق): "يكون". (¬5) في (ق): "وامكنه". (¬6) في (ق): "ملازمته". (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 318 - 319). (¬8) في (ق): "كذلك". (¬9) في (ن) و (ق): "واستدعى". (¬10) من (س). (¬11) أخرجه البخاري تعليقًا في "صحيحه" "كتاب الاستقراض -باب لصاحب الحق مقال]، وأبو داود في "السنن" [كتاب الأقضية -باب في الحبس في الدين وغيره- حديث رقم (3628)].

إشارة إلى [أن] (¬1) صورة المسألة في حبس العقوبة، أما (¬2) حبس الاستكشاف فينبغي إذا طلب المديون الحبس وترك الملازمة يجاب من غير تفصيل، والرافعي نقل هذا الفرع عن ابن القاص وقال: إن الملازمة أخفُّ. وكلام ابن القاص يشعر بأن المراد بالملازمة ملازمة في مكان واحد كالمسجد ونحوه، وكلام غيره يقتضي أن معناها أن يكون معه حيث كان من غير منع من التردد في حاجاته وهي أخف، وعبارة الصيمري (¬3): ولرب الدين ملازمته [بنفسه] (¬4) وبوكيله، وقال القفال الكبير: إذا طلب الحبس [ورضي الطالب بالملازمة لم يحبس؛ [لأن الحبس] (¬5)] (¬6) إن كان للاستيثاق وكشف الحال، فهو إلى رأي الإمام يحتفظ به (¬7)، وإن كان للعقوبة فلا حق للمطلوب فيه، وأنه إذا لزم يمنع من الاضطراب (¬8) في أموره، [ولا يمنع] (¬9) مما لا بد منه من دخول ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) في (ن) و (ق): "إنما". (¬3) هو عبد الواحد بن الحسين بن محمد أبو القاسم الصيمري البصري، أحد أئمة الشافعية، وأصحاب الوجوه، حضر مجلس القاضي أبي حامد المروذي، وأخذ عنه الماوردي، وارتحل الناس إليه من البلاد وكان حافظاً للمذهب حسن التَّصانيف، من تصانيفه: "الإيضاح"، و"الكفاية"، و"الإرشاد"، توفي سنة ست وثمانين وثلاثمائة (386 هـ)، راجع ترجمته في "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 160 - رقم 146). (¬4) من (ن). (¬5) من (س). (¬6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬7) في (ن) و (ق): "منه". (¬8) في (ن) و (ق): "الزواج". (¬9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).

الخلاء ونحوه، ولا يمنع من الحبس أو موضع الملازمة من أن يبيع ويشتري، ويصلي تطوعًا، ويعمل العمل من خياطة ثوب وغيرها.

كتاب الشهادات والدعاوى

كتاب الشهادات والدعاوى قال الرافعي: "الحالف كل من توجهت عليه دعوى صحيحة" (¬1). و[قد] (¬2) قيل: من توجهت عليه دعوى لو أقر بمطلوبها ألزم به، فإذا أنكر حلف عليه وقبل منه، قال: ولا بد من استثناء صور من هذا الضابط. وقوله: "وقد قيل" وهو راجع إلى الأول، وإنما هو عبارة أخرى وحذف في "الروضة" لفظ: (وقد)، [و] اقتصر في "المنهاج" تبعًا "للمحرر" على الثانية، وذكر الإمام عن القاضي (¬3) ضابطاً (¬4) فيما يجري فيه التحليف، وحاصله حكاية وجهين أحدهما: أن حده أن يدعي حقًا، والثاني: أن ينفي (¬5) دعوى ما لو أقر به ليقع إذا كان لا يؤدي إلى فساد؛ احترازًا عن منع تحليف الشاهد والقاضي، ولعل قول الرافعي: (وقد قيل) إشارة إلى هذا. قاعدة " لا تصح الدعوى بالمجهول واستثنى في "التنبيه" الوصية" (¬6). واستثنيت معها في التصحيح مسائل آخر، ومنع القاضي حسين الوصية (¬7) ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 437)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 856). (¬2) من (ق). (¬3) في (ق): "الإمام". (¬4) في (ن) و (ق): "ضابط". (¬5) في (ن) و (ق): "بلغ". (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 431)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 844). (¬7) أي: منع الدعوى بالمجهول في الوصية.

أيضًا، والصحيح خلافه لئلا يضيع حقه، إذ لا طريق له غيرها [وقول القاضي] (¬1): "يقدر (¬2) قدرًا [زائدًا] (¬3) ويدعي أن الموصي أراده"، عجيب، إذ الغرض أنه أوصى بمجهول، والشفعة منع القاضي أبو سعد (¬4) في "إشرافه" الدعوى بها (¬5) والذي يظهر جوازه وإن لم يعين [الثمن] (¬6) قدرًا ولا ادعى المشتري به علمًا [وبتقدير جوازه فالمدعي به ليس بمجهول؛ لأنه حق الشفعة] (¬7)، لكن المجهول شرطه وهو الوقوع بثمن معين لا نفس الشفعة. وإذا ادعى رب المال في المساقاة على العامل خيانة (¬8) لا لقصد تغريمه بل لرفع (¬9) يده، ففي سماعها مجهولة وجهان في "الحاوي" أصحهما: سماعها (¬10)، وليس ذلك من المواضع المستثناة في سماعها، لأن هذا إنما هو دعوى خيانة وهي أمر معلوم فيحلف عليه أو يقام به البينة، وإن شارك الدعوى بالمجهول في الصورة. وأما الإقرار فالصحيح (¬11) سماع الدعوى بالمجهول فيما ................... ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) في (ق): "يغير". (¬3) من (ن). (¬4) في (ق): "أبو سعيد". (¬5) ورجح التقي السبكي الدعوى بحقها. (¬6) من (ن). (¬7) من (س). (¬8) في (ن): "جناية". (¬9) في (ن): "لو رفع". (¬10) وهو تصحيح السبكي. (¬11) في (ن) و (ق): "في الصحيح".

فائدة: ما اختلف في اشتراط العدد فيه

ليس مجهولًا (¬1) من كل وجه. ولا شك أن المجهول من الحقوق ضربان، ضرب لا يكون ثابتًا وإنما يطلب ثبوته موقوفًا على تعيينه (¬2)، والمطلوب من الحاكم تعيينه، وإن شئت قلت: يطلب من الحاكم إنشاء (¬3) تقديره، فتسمع الدعوى به مع الجهالة قطعًا، وليس مما نحن فيه، وذلك كالمتعة (¬4)، والحكومة، والعروض المفروضة (¬5). وضرب يكون ثابتًا لا يحتاج إلى إنشاء الحاكم في إثباته ولا في تعيينه وهو ثلاثة. مجهول في نفس الأمر [وهو المبهم كالوصية بمجهول، الثاني: المجهول عند المدعي ولكنه معلوم في نفس الأمر] (¬6) وهو الإقرار بالمجهول، والصحيح التحاقه بالأول. ومعلوم عند المدعي غير أنه يجهله [على] (¬7) الحاكم ولا يبينه (¬8) له، فلا تصح الدعوى به ولا يستثنى منه شيء. فائدة: ما اختلف في اشتراط العدد فيه، [فيه] (¬9) صور (¬10): ¬

_ (¬1) وقعت هذه العبارة في (ن) و (ق): "فيما يعم المجهول فيما ليس مجهولاً". (¬2) في (ن) و (ق): "نفسه". (¬3) في (ن) و (ق): "إما". (¬4) في (ن) و (ق): "كالمنفعة". (¬5) أي: المفروضة للزوجة. (¬6) من (س). (¬7) من (س). (¬8) في (ن): "يثبت". (¬9) سقطت من (ن) و (ق). (¬10) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 79 - 80)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 80).

- منها: الخارص (¬1) هل يكتفي بواحد أم لا بد من اثنين؟ خلاف خرجوه على أنه هل هو من قبيل الحكم أو الشهادة؟ - ومنها: هلال رمضان، والأصح الاكتفاء بواحد، وبنى الإمام الاختلاف [على أنه من قبيل الشهادة أو الخبر؟ - ومنها: إخبار من يخبر بأن الماء المشمس يورث البرص، ولا خلاف] (¬2) في اشتراط الأئمة؛ [لأنه] (2) أمر مشهور في الطب، فقد لا يتعذر العدد. - ومنها: إخبار مخبر بأن هذا المخبول ينفعه التزويج، فإنه يزوج على الصحيح، وهل يشترط فيه العدد؟ صرح (¬3) به بعضهم. ومنها: لو اختلف البائع والمشتري فيما هو عيب، فقال في "التهذيب": يرجع إلى قول واحد من أهل العلم (¬4)، واعتبر المتولي شهادة اثنين. - ومنها: في بعث (¬5) الحكمين هل يكفي (¬6) حكم واحد؟ فيه وجهان. قال الرافعي: [ويشبه] (¬7) أن يقال: لا يشترط أن يجعل حكمًا واحدًا [وكذا] (¬8) إن جعل توكيلًا (¬9)، إلا في الخلع يكون على الخلاف في ¬

_ (¬1) في (ق): "الحائض". (¬2) من (ك). (¬3) في (ق): "وخرج". (¬4) في أنه عيب يثبت به الرد. (¬5) في (ن): "أحد"، وفي (ق): "أحب"، والمثبت من (ك). (¬6) في (ن) و (ق): "هل يكتفي في بعث". (¬7) من (ك). (¬8) من (ك). (¬9) في (ن) و (ق): "رجلًا".

قاعدة بناء العقود على قول أربابها

تولي (¬1) الواحد للطرفين فيه. - ومنها: في الباب الثاني في أحكام الوكالة في أداء الشهادة بالتوكيل، أنه إذا كان غائبًا فلا بد من ذكر اسم الوكيل ونسبه، وقال القاضي أبو سعد: يمكن أن يكتفي بمعرفة واحد؛ لأنه إخبار لا شهادة. قاعدة " بناء العقود على قول أربابها" (¬2). ويظهر في مبادئ النظر أن هذه القاعدة قد تخالف قياس الأصول فيمن أحضر ثمارًا وقال: اشتريتها من فلان، فإنه يجوز الشراء منه مع أنه أقر (¬3) بالملك لغيره وادعى حصوله له، وقوله مع ذلك لولا هذه القاعدة لم يقبل إلا في نظائره من عدم سماع دعوى الإنسان لنفسه شيئًا إلا (¬4) ببينة أو إقرار أو يمين مردودة أو نكول (¬5) بشرطه. ومبنى هذه القاعدة أنها لو لم تعتبر انسد باب المعاش. وفي آخر الوكالة: أن الشخص إذا قال: أنا وكيل في بيع أو نكاح وصدقه من يعامله (¬6) صح العقد، فإن قال الوكيل بعد العقد: لم أكن مأذونًا لي فيه لم يلتفت إليه، ولى يحكم ببطلان العقد، ذكره الإمام. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "قبول". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 84)، "قواعد الزركشي" (1/ 169). (¬3) في (ق): "إقرار". (¬4) في (ن) و (ق): "بلا". (¬5) في (ن): "ويكون". (¬6) في (ق): "يقابل".

ولتعلم أن جواز الشراء منه لا يحكم الحاكم فيه بصحة (¬1) الشراء لو احتيج إلى الحاكم، وهذا كما ذكره الهروي فيما لو قال: أنا وكيل فلان في بيع داره منك فصدقه من يشتريها، فإن البيع صحيح في غير موضع، وكذا في النكاح وسائر العقود، وكذا قال الرافعي ومن تبعه: إن العبد إذا قال: أنا مأذون لا يعامل؛ لأن الأصل العدم، كما لو قال الراهن: أذِنَ المرتهن، بخلاف الوكيل إذا ادعى الوكالة ثم قال الهروي: فإن كانت الخصومة بين يدي القاضي، فقال: أنا وكيل فلان لم يحكم بالوكالة، كالنكاح ينعقد (¬2) فيما بين الناس بالمستورين (¬3) ولا يثبت النكاح المجحود إلا بشهادة عدلين ظاهري (¬4) العدالة، وهذا كما قال بعض الأصحاب فيما لو كان بين جماعة دار أو أرض (¬5)، فحضروا إلى القاضي وطلبوا قسمتها بينهم، فإن أقاموا بينة أنها ملكهم أجابهم، وإلا فطريقان أظهرهما أن المسألة على قولين، رجح الغزالي العدم، ورجح الشيخ أبو حامد وطبقته الآخر، مع أنهم لو تقاسموا (¬6) لم يمنعوا قطعًا. ومن هذه القاعدة: ما أشار إليه الغزالي من (¬7) أن المرأة إذا طلبت من السلطان التزويج أجابها، ولا يكلفها إقامة بينة أنها خلية (¬8)، أما إذا جاءت امرأة إلى القاضي ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "يصح". (¬2) في (ق): "لم ينعقد". (¬3) أي: بشهادة المستورين. (¬4) في (ن) و (ق): "ظاهرين". (¬5) في (ق): "دارًا أو أرضًا". (¬6) في (ن) و (ق): "لم يقاسموا"، والمثبت من (ك). (¬7) في (ق): "مع". (¬8) يعني: خلية من ولي حاضر، أو نكاح، أو عدة؛ لأن بناء العقود على قول أربابها.

وقالت: كان لي زوج في بلد، كذا وطلقني أو مات وانقضت عدتي فزوجني، يقبل قولها ولا يمين عليها ولا بينة، فإن زوَّجها وحضر زوجُها وادعى النكاح وحلف (¬1) على عدم الطلاق سُلِّمت إليه، وفرَّق بينها وبين [الزوج] (2) الآخر قال: فإن كان [الزوج] (2) في البلد ولا بينة على الطلاق أو الموت فلا يزوجها الحاكم حتى يتضح ذلك، كذا نقله في "الشرح" و "الروضة" في آخر الدعاوى في الفروع المنثورة: لا يزوج حتى يقيم بينة. - ومنها: لو طلقها ثلاثًا وادعت أن غيره أحلَّها جاز له نكاحها سواء وقع في نفسه صدقها أم لا، قال الغزالي: "لأن بناء العقود على قول أربابها"، وكذا قال الإمام، قال: "وهو [في] (2) مقام بائع لحمًا يجوز أن يكون [من] (¬2) مذكى أو من ميتة"، قال في "الروضة": جزم الفوراني [أنه إذا غلب على ظنِّه كذبها لم تحل له] (¬3)، وتابعه الغزالي على هذا، وهو غلط عند الأصحاب. وقد نقل الإمام اتفاق الأصحاب على أنها تحل (¬4)، [و] إن غلب على ظنه كذبها إذا كان الصدق ممكنًا، قال: والذي قاله الفوراني غلط، وهو من عثرات الكتاب. - ومنها: قبول [قول] (¬5) المحدث أنه متطهر في جواز الائتمام [به] (¬6). ¬

_ (¬1) في (ن): "وعزم"، وهي ساقطة من (ق). (¬2) من (ن). (¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬4) في (ن) و (ق): "لا تحل". (¬5) من (ك). (¬6) من (ك).

قاعدة كل ما لا يعلم إلا من جهة الشخص يقبل قوله فيه

- ومنها: قال الماوردي: لو غاب مع زوجته [ثم رجع وذكر موتها حل لأختها أن تتزوج به، ولو غابت زوجته] (¬1) وحضرت أختها وادعت موتها، فلا تحل له إلا بعد تبيّن موتها؛ لأن الأخت لا تملك خلافه؛ ولأن المعتمد في العقود على قول أربابها، وكذا لو حضر رجل ومعه جارية علم أنها كانت لغيره، وادعى كونها صارت له جاز شراؤها منه بقوله، [و] (¬2) جاز وطؤها، ذكره في مسألة التحليل (¬3) من دعوى المرأة في باب المطلقة ثلاثًا عند باب الإيلاء. قاعدة " كل ما لا يعلم إلا من جهة الشخص يقبل قوله فيه" (¬4). ومن ثم مسائل: - منها: يقبل قولها في الولادة والحيض، واستشكل بعضهم في كون هذين لا يعلمان إلا من جهتها، وادعى إمكان إقامة البينة عليها، وهو في الحيض أبعد منه في الولادة. - ومنها: إذا علق طلاقها بالمشيئة، أو الرضى، أو الإرادة (¬5)، أو إضمارها (¬6) بعضه (¬7) ونحو ذلك. ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) من (ق). (¬3) في (ن) و (ق): "التحامل". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 278). (¬5) في (ن) و (ق): "إيراده". (¬6) في (ن) و (ق): "أو إضماره". (¬7) في (ن): "بما يعصه"، وفي (ق): "بما يقتضيه".

- ومنها: دعوى الأب مقبولة في الاحتياج إلى النكاح. - ومنها: إذا ادعت الحمل وقت الميراث ووقت القصاص. - ومنها: إذا قال: أخرج يمينك فأخرج يساره فقطع ثم اختلفا، فقال المُخرج: قصدت بإخراجها قطعها عن اليمين، فقال القاطع بل (¬1) أبحتها، صدق المخرج. - ومنها: ما إذا باعه [صاعًا] (¬2) من صيعان مجهولة الجملة [واختلفا، فقال المشتري: أردت الإشاعة، ] (¬3) وقال البائع: بل أردت البعض فالأرجح: أن القول قول البائع، وأمثلته كثيرة، وعد منها بعض الطلبة إذا قال لزوجته: إن علمت (¬4) كذا فأنت طالق متوهمًا (¬5) أن علمها لا يعلم إلا من جهتها وأن قولها فيه مقبول، فتطلق إذا قالت (¬6): علمت، ولم أر من نصَّ عليه، وفيه نظر؛ لإمكان إقامة البينة عليه، وتقوى بأن الرجل لو قال لآخر: أنت تعلم أن هذا العبد الذي في يدي حُرٌّ، حكم بعتقه، ذكره الرافعي عن خط الروياني عن بعض الأئمة محتجًا بأنه (¬7) لو لم يكن حرًّا لم يكن المقول له عالماً بحريته، وقد اعترف السيد بعلمه. وهذا بخلاف ما إذا قال: أنت تظن، وشبهه ما ذكره القاضي شريح في "أدب القضاء": أنه لو قال: له على ألف فيما أظن أو أحسب، لم يلزمه، وإن قال: فيما أعلم أو أشهد، لزمه، ويستثنى من هذه القاعدة مسائل: ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "لم". (¬2) من (ق). (¬3) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "قلت". (¬5) في (ن) و (ق): "متهوماً". (¬6) في (ن): "قال". (¬7) في (ن): "به"، وهي ساقطة من (ق).

قاعدة كل دعوى يشترط [فيها] أن تكون متعلقة بشخص معين

- منها: لا يصدق السفيه في دعوى توقان نفسه واحتياجه إلى النكاح. - ومنها: إذا اختلف الزوجان في أنه نوى الطلاق إذا أتى بلفظ الكناية (¬1) [فإن الزوج لا يصدق] (¬2). قاعدة " كل دعوى يشترط (¬3) [فيها] (¬4) أن تكون متعلقة بشخص معين" (¬5). واختلف في الدم فيما إذا قال: قتله أحدهم وهم (¬6) جمع يمكن اجتماعهم على قتله، فصحح الغزالي في "وجيزه" استثناءها، والأصح في "المنهاج"، و "الروضة"، وهو ما عزاه الرافعي إلى تصحيح البغوي أن القاضىِ لا يجيبه، قال الرافعي: ولم يورد جماعة من الأصحاب غيره. وحاول (¬7) ابن الرفعة موافقة الغزالي على تصحيح الأول، فقال في "مطلبه": ومأخذ الخلاف يشبه (¬8) الخلاف في الدعوى المردودة للحاجة، كما إذا دفع ¬

_ (¬1) في (ن): "الكتابة". (¬2) كذا في (ن) و (ق) وإحدى نسخ أشباه ابن السبكي، وفي نسخة أخرى منها: "فإن القول قول الزوج". (¬3) في (ن) و (ق): "يشير". (¬4) من (س). (¬5) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 432)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 57 - 59). (¬6) في (ق): "وهو". (¬7) في (ن) و (ق): "وجعله". (¬8) في (ق): "بمشيئة".

[ثوبًا] (¬1) قيمته خمسة ليبيعه بعشرة، ولم يدر هل باعه أو تلف أو هو باق (¬2)، وقد نقل الغزالي عن القضاة أنهم اصطلحوا على قبول هذه الدعوى، فقضية التشبيه (¬3) أن يكون الأمر هنا كذلك، ولا جرم قال في "الوجيز": "إنه الصحيح"، وهو يوافق قول ابن الحداد: إذا أبهم الإيلاء بين امرأتين وحضرتا طالبتين للفيئة أو الطلاق، يسمع منهما مع إبهام المستحقة، ويعضده (¬4) اتفاق (¬5) الأصحاب على سماع الدعوى مجهولة في الوصية؛ لأنه (¬6) لو لم تصح الدعوى مع الجهالة لأدى في الغالب إلى ضياع حقه وذلك موجود (¬7) في القتل. قلت: قد أسلفنا أن القاضي حسينًا (¬8) يخالف في الوصية، وقال: لا تصح الدعوى فيها بالمجهول. ولا خفاء أن الإبهام (¬9) فيما ذكره (¬10) من الصور ليس هو في المدعى عليه (¬11) حتى يشابه ما نحن فيه، وإنما هو في مسألة الثوب في المدعى (¬12) به، وكذا في ¬

_ (¬1) من (س). (¬2) في (ن) و (ق): "أو اهراق". (¬3) في (ق): "الشبهة". (¬4) في (ن): "وبعضه". (¬5) في (ق): "ونقضه بعض". (¬6) في (ن): "لا". (¬7) في (ن): "مردود". (¬8) في (ن) و (ق): "حسين". (¬9) في (ق): "الإمام". (¬10) يقصد: ابن الرفعة. (¬11) في (ق): "ليس هو من الدعوى". (¬12) في (ق): "الدعوى".

تنبيهات

الوصية الدعوى بمجهول لا على مجهول. وفي مسألة الإيلاء الإبهام من المدعي نفسه، فإن الدعوى في الحقيقة من أحدهما، وهي مبهمة (¬1) لا منهما ولا من معينة، ولكن كأنه يشير إلى أنه لا فرق بين الجهل بالمدعى (¬2)، كالمرأتين والمدعى به كاللوث (¬3)، والمجهول الموصى به، والفيئة أو الطلاق اللتين يطلب في الإيلاء [إحداهما] (¬4)، والمدعى عليه كمسألة الدم، والرافعي ذكر في طرق اللوث: لو قال: القاتل أحدهم، ولا أعرفه (¬5) لم يمكن الولي من القسامة وله أن يحلفهم، فإن نكلوا بأجمعهم فأراد أن يحلف واحدًا إلى آخر ما ذكره، فقوله (¬6): (وله أن يحلفهم) (¬7) مقتضاه (¬8) صحة الدعوى، فهو موافق لما صححه الغزالي. تنبيهات أحدها: أن الغزالي جعل في "وسيطه" محل الخلاف في أنه هل تسمع الدعوى على واحد منهم من أحد العشرة مثلًا؟ وجعل الإمام محلها في التحليف، قال ابن الرفعة: وهو يفهم أن الدعوى لا تسمع جزمًا، وإنما الخلاف في ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "منها". (¬2) في (ق): "بالدعوى". (¬3) في (ن): "كالثوب". (¬4) في (ن) و (ق): "اللذين". (¬5) في (ق): "أعرفهم". (¬6) في (ن): "ففعله". (¬7) من (س). (¬8) في (ن): "مقتضيًا".

طلب اليمين (¬1)، وذلك أمر لا يعقل [معناه] (¬2)، فلذلك نصب الغزالي الخلاف في الدعوى، ومراده لا يعقل (¬3) أي في الخصومات، وإلا فالساعي يحلف رب المال إذا اتهمه في الزكاة، ومسائل كثيرة يقع التحليف فيها من غير دعوى. والدعوى من غير تحليف موجودة أيضًا كالدعوى على [قيم] (¬4) اليتيم، وسائر المسائل التي يقبل فيها قول المرء من (¬5) غير يمين. ثانيها: قال في "الوسيط": لكنهم لو نكلوا (¬6) جميعاً أشكل اليمين المردودة على الدعوى المبهمة. ولم يذكره الرافعي في "شرحه" ولا بينه الفقيه (¬7) في "مطلبه" (¬8)، ولعلّه لوضوحه عنده، وأن حاصله أن النكول يقتضي اليمين المردودة، ولا سبيل إليه هنا لأنه لم يعرف عين القاتل فيحلف أنه هو، فأورد الغزالي هذا الإشكال على من يصحح سماع الدعوى المبهمة، ولعله من أجله لم يفصح [فيها] (¬9) بالتصحيح، خلاف "الوجيز". ثالثها: الخلاف [في الدعوى المبهمة يجري] (¬10) في دعوى الغصب ¬

_ (¬1) في (ن): "العين". (¬2) من (ق). (¬3) أي: أن اليمين من غير دعوى لا يعقل. (¬4) من (س). (¬5) في (ق): "الموافق". (¬6) في (ن) و (ق): "تكلموا". (¬7) في (ن): "البينة". (¬8) يقصد: "ابن الرفعة". (¬9) من (ن). (¬10) من (س).

قاعدة أن الحالف على فعل نفسه يحلف على البت وعلى [فعل] غيره [على نفي العلم]

والإتلاف، والسرقة، وأخذ الضالة على أحد الرجلين (¬1) أو الثلاثة، ولا يجري في دعوى الفرض والبيع وسائر المعاملات، وقيل: يجري فيها أيضًا، وقيل: بل هو مقصور على دعوى الدم. قاعدة القاعدة: "أن الحالف على فعل نفسه يحلف على البت وعلى [فعل] (¬2) غيره [على نفي العلم] (¬3) " (¬4) وعلى طرد القاعدة وعكسها يقع النظر في مسائل: - منها: أن منكر الرضاع يحلف على [نفي العلم؛ لأنه ينفي فعل الغير، ومدعيه يحلف على] (¬5) البت [رجلًا كان أو امرأة، فلو نكلت عن اليمين رددناها على الزوج، أو نكل الزوج وهو مدعى عليه ورددناها عليها (¬6)، فاليمين المردودة على البت (¬7)] (¬8)، وعن القفال أنها على نفي العلم كيمين الابتداء. وعن "الحاوي": وجهان مطلقان في يمين الزوج إذا أنكر الرضاع؛ أحدهما: ¬

_ (¬1) كذا في الأصول، ولعلها: "الوجهين". (¬2) من (ن). (¬3) من (ك). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 98)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 439)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 851)، "قواعد الزركشي" (2/ 76)، وعبر ابن السبكي عن هذه القاعدة بقوله: الحالف على فعل نفسه يحلف على البت، وإن حلف على فعل غيره فإن كان على إثبات فكذلك -أي على البت- وإن كان على نفي حلف على نفي العلم. (¬5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬6) في (ن): "عليه". (¬7) لأنها مثبتة. (¬8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).

أنها على نفي العلم كيمين الزوجة إذا أنكرت، والثاني: أنها على البتِّ، والفرق أن في يمين الزوج تصحيحاً للعقد فيما مضى وإثبات استباحته في المستقبل، فكانت على البت تغليظًا، ويمين الزوجة لبقاء حق ثبت بالعقد ظاهرًا فيقنع فيه بالعلم، قال الرافعي: "وليس الفرق يتضح" وصدق -رحمه الله- في ذلك، وبنى على الوجهين إذا ادعت رضاعًا وشك [الزوج] (¬1) فلم يقع في نفسه صدقها ولا كذبها، إن قلنا: يحلف على نفي العلم، فله أن يحلفها هنا، وإن قلنا: على البت، فلا، وأشار في "التتمة" إلى طرد الوجهين في يمين الزوج والزوجة جميعاً، ووجه كون اليمين على البت أنه ينفي حرمة يدعيها المدعي فيحلف على القطع. - ومنها: لو اختلف الزوجان في الصداق، جزم الرافعي بحلفها على النفي والإثبات (¬2)، ينافي (¬3) رأى الإمام والقاضي [أنها تحلف] (¬4) أنها لا تعلم أنه تزوجها بألف، ولقد تزوجها بألفين. ويتجه أن يُفصَّل، فيقال: إن عقد عليها في صغرها وهي لا تعلم، فالحق ما قال الإمام، وإن استؤذنت وعقد بإذنها، فالحق ما قاله الرافعي. - ومنها: إذا إدعى عليه تلف عبده، الأصح: أن يحلف على البت، كما لو ادعى عليه أنه أتلف بهيمة؛ لأنه كفعله بدليل أن الغرم يتعلق بما له والدعوى عليه. - ومنها: لو قال لزوجته: إن كان هذا الطائر غرابًا فأنت طالق، وأشكل الحال لا يحكم بوقوع الطلاق، فلو ادعت عليه أنها طُلِّقت حلف جزمًا [على نفي الطلاق ¬

_ (¬1) من (ن). (¬2) أي: على البت فيهما. (¬3) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "ورأى". (¬4) من (ك).

كما لو ادعى نسيان المطلقة] (¬1)، ولو ادعت أنه كان غرابًا وأنها طُلِّقت، لزمه أن يحلف على الجزم بأنه لم يكن غرابًا، ولا يكتفي بقوله: لا أعلم أنه كان غرابًا، أو نسيت الحال. كذا ذكره الإمام، وفرق بينه وبين ما إذا علق طلاقها بدخول الدار ونحوه (¬2) وأنكر حصوله، فإنه يحلف [على] (¬3) نفي العلم بالدخول؛ لأن الحلف هناك على نفي فعل الغير، وأما نفي الغرابية (¬4) فهو (¬5) نفي صفة الغير ونفي الصفة كثبوتها (¬6) في إمكان (¬7) الاطلاع عليها. في "البسيط"، قال الغزالي: "وفي القلب من هذا الفرق شيء"، قال الرافعي: ويشبه أن يقال: إنما يلزمه الحلف على نفي الغرابية إذا تعرض لها في الجواب، أما إذا اقتصر على قوله: ليست بمطلقة، فينبغي أن يكتفي منه بذلك كنظائره. قلت: بل لو (¬8) تعرض له في الجواب ينبغي أن يكتفي منه بنفي التطليق على أحد الوجهين كما في نظائره. وذكر الرافعي بعد ذلك فيما إذا قال: إن كان غرابًا فأنت طالق، وإن (¬9) لم يكن ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬2) في (ق): "ونحوها". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ق): "الغراب". (¬5) في (ق): "فهو الفرق". (¬6) زاد في) ن) و (ق) هنا: "في إمكانها". (¬7) في (ق): "أماكن". (¬8) في (ق): "إن". (¬9) في (ق): "وإن كان".

غرابًا فعبدي حر، وادعى عليه وقال: لا أعلم في أيهما حنث: أن في (¬1) "الشامل" وغيره أنهما [إن] (¬2) صدقاه بقي (¬3) الأمر موقوفًا (¬4)، قال الرافعي، وهكذا ينبغي أن يكون الحال في استبهام الطلاق بين (¬5) الزوجين. وتكلم ابن أبي الدم في "أدب القضاء" على كلام الغزالي السالف، فقال: من العجب توجه بالعجز عن الفرق بين المسألتين، وعندي الفرق بينهما ظاهر جدًّا، وذكر ما حاصله أن الدخول فعل الغير، فيحلف نافيه على نفي العلم وكون الطائر غرابًا [ليس فعل الغير بل هو تعليق على كون هذا الطائر المشاهد موصوفًا بصفة كونه غرابًا، وإذا لم يكن تعليقًا على فعل الغير بل على تحقيق كونه غرابًا حلف على نفي تلك الصفة الحقيقية على البت بأن هذه الصفة لم توجد. قال: ونظير قوله: إن كان هذا الطائر غرابًا [بعد] (¬6)] (¬7) مشاهدته، والجهل بحقيقة تحقق دخول أحد الرجلين إلى الدار والجهل بعينه، فيقول: إن كان هذا الرجل الكائن (¬8) في الدار زيدًا فأنت طالق، فنافى كونه زيدًا يحلف على البت كنظيره في مسألة [الغراب، ونظير مسألة] (¬9) الدخول من الغراب أن يعرف كونه ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "في أن". (¬2) من (ك). (¬3) في (ن): "ونفي". (¬4) وإن كذباه حلف على نفي العلم، فإن حلف فالأمر موقوف. (¬5) في (ن) و (ق): "نفي". (¬6) من (س). (¬7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬8) في (ق): "إن كان". (¬9) من (س).

غرابًا ثم يفتقده ويجهل هل طار أو مات (¬1)، وكان قد حلف على طيرانه، فالنافي لطيرانه (¬2) هنا يحلف على نفي العلم. - ومنها: لو نصب البائع وكيلًا يقبض الثمن ويسلم المبيع، فقال له المشتري: إن موكلك أذن [لي] (¬3) في تسليم المبيع، وترك حق الحبس وأنت تعلم، فأقوى القولين عند النووي: أنه يحلف على البت؛ لأنه يثبت لنفسه استحقاق اليد على المبيع (¬4). - ومنها: لو مات عن ابن في الظاهر، فقال آخر: أنا أخوك والميراث بيننا، [فأنكر] (¬5) حلف على البت؛ لأن الأخوَّة رابطة بينهما، فهو حالف (¬6) في نفسه، ولو طلب البائع تسليم المبيع فادعى حدوث عجز عنه، وقال للمشتري: أنت عالم به فأنكر، حلف على البت؛ لأنه يستبقي بيمينه وجوب تسليم المبيع [إليه] (¬7). كذا ذكر الصورتين ابن القاص ونازعه آخرون، وقالوا: يحلف على نفي العلم وصححه النووي. - ومنها: ادعى على الوارث (¬8) دينًا على الميت، فأنكر الوارث العلم به، أصح ¬

_ (¬1) في (ن): "قل"، وفي (ق): "أقل". (¬2) وقعت هذه العبارة و (ن) و (ق) كذا: "والثاني يظهر أنه" والمثبت من (س). (¬3) من (س). (¬4) وفي "أشباه ابن السبكي": "فأحد القولين: أنه يحلف على البت، واختاره أبو زيد؛ لأنه يثبت لنفسه استحقاق اليد على المبيع، وأقواهما -عند النووي-: أنه يحلف على نفي العلم جريًا على القاعدة" (1/ 439). (¬5) من (س). (¬6) في (ن): "خلاف". (¬7) من (ن). (¬8) في (ق): "البائع".

قاعدة [لو] ادعى ما لو أقر به الخصم لنفعه لكن لم يكن المدعى غير حق له

الأوجه: الحلف على نفي العلم جريًا على القاعدة. وثانيها: على البتِّ؛ لأن الظاهر اطلاعه عليه. وثالثها: الفرق بين أن يعهده حاضرًا (¬1) أو غائبًا، وقد ذكر الرافعي في أثناء الباب الثالث في اليمين من الدعاوى صورًا اختلف فيها في التحالف (¬2) على نفي العلم فراجعها منه، وتأمل هذه المستثنيات هل تستثنى أم لا؟ قاعدة " [لو] (¬3) ادعى ما لو أقر به الخصم لنفعه (¬4) لكن لم يكن المدعى غير (¬5) حق له، ولم يتضمن تحليف شاهد ولا حاكم ولا أداء ما عليه، ففي تحليفه خلاف" (¬6)، أما الشاهد والقاضي فلا يحلفان وإن نفع تكذيبهما أنفسهما؛ لأن منصبهما ينافي (¬7) ذلك، وأما الأداء فإنه ليس في نفسه حقًّا له (¬8)، وينفعه في اندفاع [المدعى] (¬9) عليه، ولم يجر فيه الخلاف، وأجري الخلاف في مسائل: - منها: لو قال: الشهود فسقة، [أو كذبة، و] (¬10) الخصم عالم، فهل يحلفه ¬

_ (¬1) في (ق): "الخاص". (¬2) في (ق): "التحليف". (¬3) من (ك). (¬4) في (ن) و (ق): "لبيعه"، والمثبت من (ك). (¬5) في (ن) و (ق): "عين". (¬6) الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 105)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 59 - 60). (¬7) في (ن): "نافع". (¬8) في (ن) و (ق): "جهالة". (¬9) من (ك). (¬10) في (ق): "وكذبه".

على نفي العلم؟ وجهان. - ومنها: لو توجهت اليمين عليه فقال: قد حلفني مرة، فحلفه (¬1) أنه ما حلفني، فوجهان. - ومنها: إذا قذفه فأراد تحليفه أنه ما زنى، فوجهان، ويشبه أن يكون الأرجح في الجميع أنه يحلف (¬2)، لكن رجح البغوي في الشهود أنه لا يحلف. - ومنها: لو لم يتذكر القاضي الحكم توقف ولا يقول: لم أحكم (¬3)، وهل للمدعي والحالة هذه تحليف الخصم على أنه لا يعرف حكم القاضي، فيه احتمالان للبغوي [والله أعلم] (¬4). * * * ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "فيحلف". (¬2) في (ق): "أن يحلفه". (¬3) في (ق): "له احكم". (¬4) من (ن).

قواعد اختلف فيها الإمامان الإمام مالك والإمام الشافعي - رضي الله عنهما -

قواعد اختلف فيها الإمامان الإمام مالك والإمام الشافعي - رضي الله عنهما - (¬1) الأولى: اللهو واللعب عند الإمام الشافعي على الإباحة، إلا أن يقوم الدليل على تحريم [لهو] (¬2) خاص، وعند الإمام مالك على الحرمة إلا أن يقوم دليل [على تحليل لعب خاص أو لهو] (2) خاص. [الثانية: لا يعمل بالظن عند الإمام الشافعي إلا أن يقوم دليل خاص] (2) على اعتباره إما في جنس الحكم أو في نوعه، وعند الإمام مالك لا حاجة إلى ذلك، فعلى هذا يترك الظن عند الإمام الشافعي، إلا أن يقوم دليل على إعماله، ويعمل بالظن عند الإمام مالك إلا أن يقوم دليل على إلغائه. الثالثة (¬3): أن الاعتبار في تصرفات الكفار التي (¬4) يعتقدون حلها دوننا أو حرمتها بنا أو بهم عند الإمام مالك الاعتبار بهم، وعندنا الاعتبار بنا. مثاله: أثمان الخمر إذا أتونا بها، وتيقنا أنها من أثمانها هل نأخذها جزية؟ عندنا: لا نأخذها، خلافًا للإمام مالك. ثم إذا ذبحوا حيواناً ونكتوا (¬5) كبده، فوجدوه ممنوًّا، فعند الإمام مالك لا ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 108)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (390، 430). (¬2) من (ك). (¬3) في (ن) و (ق): "الثانية". (¬4) في (ن): "الذين"، وفي (ق): "الذي". (¬5) في (ك): "وفتشوا".

قاعدة الجرح مقدم على التعديل

نأكله، وعند الإمام الشافعي نأكله، والممنو المراد: الذي (¬1) وجدت كبده ملصوقة بأضلاعه، وهو حرام عندهم (¬2). قاعدة " الجرح مقدم (¬3) على التعديل" (¬4). إلا إذا قال المعدل: عرفت السبب الذي ذكره الجارح، لكنه تاب منه وحسنت حالته، قالوا: تتقدم بينة التعديل هنا؛ لأن معها زيادة علم؛ لأن المعدل مبني على ما هو الأصل [الظاهر من حال المسلم، والجارح اطلع على ما نسخ ذلك الأصل] (¬5) ونقل عنه. وشبه (¬6) ذلك جماعات منهم القاضي والرافعي ما لو قامت بينة على الحق (¬7) وبينة على الإبراء، تقدم بينة الإبراء، واستثنى الروياني في "بحره" مسألة زعم (¬8) أنه ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "التي". (¬2) في (ق): "عنده". (¬3) في (ن): "يقدم". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 444)، وانظر: "قاعدة في الجرح والتعديل" لابن السبكي (ص: 9)، "البرهان في أصول الفقه" للجويني (1/ 399)، "أصول السرخسي" (ص: 297)، "المستصفى" للغزالي (ص: 129)، "الإحكام" للآمدي (2/ 107)، "الإبهاج" للسبكي (2/ 357)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (1/ 331). (¬5) من (س). (¬6) في (ق): "ونسب". (¬7) في (ق): "الحلف". (¬8) في (ق): "يزعم".

فرع

لا يستثنى سواها، وهي إذا جرحه اثنان في بلدٍ ثم انتقل إلى بلد آخر. وزكاه اثنان، أو جرحه اثنان في سنة ثم زكاه آخران في سنة فيقدم التعديل [لزيادة العلم (¬1)] (¬2). فرع: شهد شاهدان أن هذا الجارح شاهد زور أو كاذب فيما شهد به من الجرح، فالذي يظهر اندفاع الجرح، ولا يتجرح به الجارح، وقد ذكر الرافعي في "جوامع أدب القضاء": أن شهادة الزور إنما تثبت بإقرار الشاهد أو بيقين (¬3) القاضي بأن شهد أنه زنى يوم كذا بالكوفة، والقاضي رآه (¬4) ذلك اليوم ببغداد، ولا يغني قيام البينة على أنه شهد زورًا (¬5)، فقد تكون هذه البينة بينة زور. وقال الإمام الشافعي: "وإذا علم من رجل بإقرار أو (¬6) بينة أنه شهد عنده (¬7) بزور عزَّره"، ومقتضاه الاكتفاء بقوله: هذا شاهد زور ويجرح به الجارح. وقال القاضي في باب ما على القاضي في الخصوم والشهود: "ولو شهد (¬8) بأن ذينك (¬9) الرجلين شهدا بالزور، فالقاضي لا يسمع شهادتهما إلا أن يقول: أشهد أنهما أقرا أنهما شهدا بالزور". ¬

_ (¬1) في (ن): "التعديل". (¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬3) في (ن) و (ق): "بتعيين". (¬4) في (ن) و (ق): (يراه). (¬5) في (ن) و (ق): "زور". (¬6) سقطت من (ن). (¬7) في (ن) و (ق): "عليه". (¬8) في (ن) و (ق): "شهدا". (¬9) في (ن) و (ق): "ذلك".

فرع

فرع: الجرح لا يقبل إلا مفسرًا إلا إذا قال الشاهد: إنه مجروح، فإنه يقبل قوله وإن لم يفسر، كما ذكره القاضي أبو سعد (¬1) الهروي [في إشرافه] (¬2)، وصرح النووي في "شرح مسلم" بأنه إذا أطلق الجرح ولم يبين سببه توقفنا لأجله ولا نحكم بمقابله. فائدة: التائب (¬3) من المعصية قد يستبرأ وقد لا يستبرأ (¬4) في صور: - منها: الشاهد إذا شهد فردت شهادته ثم تاب، فلا بد من استبراء. - ومنها: القاضي إذا تعين عليه القضاء وامتنع عصى، فلو أجاب بعد ذلك وُلِّي ولم يستبرأ، واستشكل الرافعي وقال أيضًا: ينبغي أن يستتاب (¬5)، فإن تاب ولي وجوز أن يكون الامتناع من الكبائر. -[ومنها: [الولي] (¬6) إذا عضل عصى، فلو زوج بعد ذلك صح، وإن منعنا ولاية الفاسق ولم يستبرأ] (¬7). - ومنها: الغارم إذا غرِم في معصية، ولم يتب لم يدفع إليه من سهم الغارمين على المشهور، وفيه وجه: إن تاب فوجهان معروفان صحح بعضهم ¬

_ (¬1) في (ق): "أبو سعيد". (¬2) من (ق). (¬3) في (ن) و (ق): "كما ثبت"، والمثبت من (ك). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 197)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 842)، "قواعد الزركشي" (1/ 413)، ومعنى الاستبراء هنا: التأكد من صدقه في التوبة والتحقق في أفعاله وتصرفاته، وقيل: هو طلب البراءة من الشبهة. (¬5) في (ن): "يستأنف". (¬6) سقطت من (ن). (¬7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).

قاعدة كل ما جاز للإنسان أن يشهد به جاز له أن يحلف عليه ولا ينعكس

الإعطاء، وبعضهم عدمه، ويمكن صاحب هذا الوجه أن يفرق بينه وبين الخارج في معصية إذا أراد الرجوع (¬1) يعطى من سهم ابن السبيل، فإن المعطى قدر الحاجة في الأيَّام المتحقق به زوال المعصية ولا فضيلة له [فيه] (¬2)، والغارم ربما اتخذ الاستدانة في المعصية عادة ويجعل التوبة ذريعة إلى وفاء ذلك الدين. قاعدة " كل ما جاز للإنسان أن يشهد به جاز له أن يحلف عليه ولا ينعكس" (¬3). قاله الجرجاني والروياني، واستدلا (¬4) بأن باب اليمين أوسع، إذ يحلف الفاسق والعبد ومن لا تقبل شهادته (¬5) ثم لا يشهدون، وفيه مسائل: - منها: إذا أخبره صادقٌ (¬6) أن فلانًا قتل أباه أو غصب ماله، جاز له أن يحلف ولا يشهد. - ومنها: لو رأى بخطه أن له دينًا على رجل وأنه قضاه حقه، فله الحلف إذا قوي عنده ولا يشهد. ¬

_ (¬1) في (ق): "الخروج". (¬2) من (ن). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 444)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 851)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 234)، "قواعد الزركشي" (3/ 116). (¬4) في (ن) و (ق): "واستدل". (¬5) في (ن): "بشهادة". (¬6) في (س): "إذا أخبره صادقان"، وفي (ن) و (ق): "إذا أخبر صادقاً".

قاعدة كل حر [يقبل خبره] تقبل شهادته

قاعدة (¬1) " كل حر [يقبل خبره] (¬2) تقبل شهادته" (¬3). إلا واحدًا وهو من أخرج (¬4) القذف مخرج الشهادة ولم يتم العدد، فإنه ترد شهادته ويقبل خبره، قاله الجرجاني [والروياني] (¬5) في فروقه، وهو غريب لم أره في كلام غيرهما، وقضية رد الشهادة رد خبره أيضًا إلا أن يتوب (¬6)، نعم المذهب عدم الاستبراء (¬7)، والصبي لا يقبل خبره على الأصح كشهادته (¬8). قاعدة " المستند في الشهادة (¬9) قد يضر (¬10) التصريح به" (¬11)، في (¬12) صور: ¬

_ (¬1) سقطت من (ن)، وفي (ق): "ومنها". (¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 444). (¬4) في (ن) و (ق): "آخر". (¬5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬6) في (ن) و (ق): "يفوت". (¬7) أي: عدم اشتراط مدة الاستبراء. (¬8) أي أن قول الجرجاني والروياني في القاعدة: "كل حر" لا ينتقض بالصبي، فإن الأصح فيه أنه لا يقبل خبره كما لا تقبل شهادته. (¬9) في (ن) و (ق): "الشيء"، والمثبت من (ك). (¬10) في (ن): "يغير"، وفي (ق): "يصير". (¬11) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 263). (¬12) في (ن): "فيه".

- منها: لو قال الشاهد فيما تجوز فيه شهادة الاستفاضة: مستندي الإفاضة، لم تسمع شهادته (¬1)، وحكي عن أبي عاصم العبادي أنه لو شهد شاهد بملكه و [شاهد] (¬2) آخر بكونه يتصرف فيه مدة طويلة بلا منازع تمت الشهادة، وقال الشارح لكلامه: هذا يصير به (¬3) إلى الاكتفاء بذكر السبب. قال الشيخ زين الدين (¬4): إذا ذكر هذا المستند ففيه شيء من جهة أن المستند (¬5) في شهادة الاستفاضة القرائن، وما يحصل من الاستفاضة لا نفس الاستفاضة، نعم لا يصح أن يقول: [أشهد] (¬6) أن ثم مستفيض كذا وكذا جزمًا، أو سمعت الناس يقولون (¬7)، وحكى ابن الرفعة في آخر باب الشرط في الطلاق عند الكلام فيما لو (¬8) قال: إن دخلت الدار فأنت طالق، عن ابن أبي الدم أنه قال في مصنفه في "أدب القضاء": إن الشاهد إذا قال: [إن] (¬9) مستندي الإفاضة قبل أن يشهد، فإن شهادته لا تسمع على الأصح. - ومنها: لو علم سبب الملك وجُوِّز زواله (¬10)، جاز له الشهادة بالاستصحاب، فإن صرَّح بأن مستند شهادته الاستصحاب بطلت الشهادة على ¬

_ (¬1) قال ابن الوكيل: "ولم أره منقولاً وإن كانت مستنده أو لا سبيل له إلا هي". (¬2) من (ق). (¬3) في (ق): "يصيره". (¬4) يعني: زين الدين بن الوكيل، وفي (ق): "صدر الدين". (¬5) في (ق): "المستدعي". (¬6) من (ك). (¬7) في (ن) و (ق): "يفعلون". (¬8) في (ق): "إذا". (¬9) من (ق). (¬10) في (ق): "وجوزنا له".

اختيار الجمهور، كما لا تقبل شهادة الرضاع على امتصاص الثدي وحركة الحلقوم، وقال القاضي: يقبل لأنه [لا] (¬1) مستند له إلا الاستصحاب، بخلاف قرائن الرضاع، فإنها لا تنحصر. قال الشيخ زين الدين: هذا فيما يظهر ليست نظير المسألة، لكن قد يكون المراد إذا صرح في هذه بالمستند [وهو الامتصاص والحركة؛ فإنه لا يثبت به الرضاع جزمًا، فكذا في الأخرى إذا صرح بالمستند] (¬2). - ومنها: لو قال لزوجاته: أيتكن حاضت فصواحباتها (¬3) طوالق، فقالت إحداهن: حِضتُ، فصدّقها، وقع على [كل] (¬4) واحدة طلقة، وتصديقه إياها ليس مستنده يمينها (¬5)، فإنها لا تحلف في حق غيرها (¬6) والقطع غير ممكن والظن مشكل بما لو صرَّح (¬7) بالمستند، وقال: سمعتها وأنا أجوِّز أن تكون صادقة وكاذبة ويغلب على ظني صدقها، فإنه لا يحكم بوقوع الطلاق عليهن، ثم قوله: صدقت ليس هو إنشاء، وإنما هو إقرار، [وكل إقرار] (¬8) له مستند، ولا مستند [له] (¬9) إلا ما صرح به، فلا معنى لقول القائل: إنا نؤاخذ الزوج بموجب إقراره مع (¬10) علمنا ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) من (ك). (¬3) في (ق): "فصواحبها". (¬4) من (ق). (¬5) في (ن) و (ق): "منهما". (¬6) في (ق): "في غير حقها". (¬7) في (ن): "بالوضوح". (¬8) من (ك). (¬9) من (ن). (¬10) في (ق): "ثم".

بأنه لا مستند له، إلا ما [لو] (¬1) صرح به لم يقبل، وقد قال الإمام الشافعي: لو أقر [السيد] (¬2) بوطء أمته لحقه الولد، فإنه لو استلحقه لم يكن له معنى إلا أنه وطئ أمَّهُ، وحكى الإمام عن بعض أكابر العراق عن القاضي أبي الطيب أنه حكى عن الشيخ أبي حامد (¬3) ترددًا في أن الحكم بوقوع الطلاق إذا صدقها لهذا الإشكال. قال الإمام: وتتبعت طرائق الشيخ أبي حامد (¬4) فلم أجد التردد المذكور فيها، ثم قال الإمام: لا وجه إلا ما أطبق عليه الأصحاب، ومستنده أن اليمين من الحجج الشرعية، وإذا جوزنا (¬5) أن تحلف على نية زوجها في الكناية (¬6) بالمخايل (¬7)، فإنها ليست قطعية، إذ لو كانت قطعية لما قبل قول الزوج أنه [لم] (¬8) يرد بالكناية الطلاق، فإذا كانت المخايل (¬9) مستندًا لحلفها جاز أن يكون مستندًا لإقرار الزوج بصدقها. وذكر غير الإمام فيما إذا (¬10) قال: إن حضت فضرتك طالق (¬11)، ثم قالت: حضت وصدقها طلقت الضرة، وإن كذبها لم تطلق، فإن تصديقه إنما ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) من (ك). (¬3) في (ن): "أبو محمد"، وفي (ق): "محمد". (¬4) في (ن) و (ق): "أبي محمد". (¬5) في (ق): "زوجنا". (¬6) في (ن) و (ق): "الكتابة". (¬7) في (ن) و (ق): "بالمحامل". (¬8) سقطت من (ق). (¬9) في (ن) و (ق): "للحامل". (¬10) في (ق): "لو". (¬11) في (ن) و (ق): "فضراتك طوالق".

فائدة: [العدالة] هيئة راسخة في النفس تمنعها عن اقتراف الكبائر والرذائل المباحة

يستند إلى القرائن، ولو صرح بها لم تطلق، بل لا بد من الجزم بالتصديق ليكون إقراراً وتصير حجة شرعية كالبينة في غيره. وفيما رواه الإمام عن بعض أكابر العراق -لعله الشيخ أبو إسحاق الشيرازي- والحاصل: أن من الأشياء ما يعلم أن المستند من الإخبار به [أمر] (¬1)، ولو أخبر به قُبل، ولو أخبر بمستنده لم يقبل؛ كالشهادة بالملك سمع من غير بيان السبب، ولو ذكر السبب دون الجزم بالملك لم يقبل، وكذا الشهادة بالرضاع، ولو ذكر ما شاهده من القرائن لم يفد، بل لا بد من التصريح (¬2) يكون (¬3) بينهما رضاع محرم، وكذا في مسألة الزوج، وفي "فتاوى القاضي": أن حق إجراء الماء على سطحه، وأرضه تجوز الشهادة [به] (¬4) إذا رآه مدة طويلة بلا مانع ولا يكفي قول الشاهد: رأيت ذلك سنين، وإن كان مستند شهادته. فائدة: " [العدالة] (¬5) هيئة راسخة في النفس تمنعها عن اقتراف الكبائر والرذائل المباحة" (¬6)، كما قررنا في "الكافي [في] (7) شرح منهاج البيضاوي" وشرط بعض أصحابنا [مع] (¬7) ذلك أن لا يكون متلبسًا بالمعصية حال الشهادة؛ ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) في (ن) و (ق): "التعريض". (¬3) في (ن): "ليكون". (¬4) من (ك). (¬5) سقطت من (ق). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 450)، وانظر: "المستصفى" للغزالي (ص: 125)، "الإبهاج" للسبكي (2/ 349)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 681)، "قواعد العز بن عبد السلام" (1/ 109)، "قواعد الزركشي" (2/ 374). (¬7) من (ن).

لأن المعاصي من حيث هي منافية لها (¬1). وفيه مسائل: - منها: لو ادعى واحد على اثنين أنهما رهنا عنده عبدهما، فزعم كلٌّ أنه لم يرهن نصيبه وأن شريكه رهن، وشهد عليه، ففي قبول شهادته وجهان حكاهما الرافعي في باب الاختلاف في الرهن، وقال الشيخ أبو حامد: لا تقبل لأن المدعي يزعم أن كل واحد منهما كاذب ظالم في الجحود، وطعن المشهود [له] (¬2) في الشاهد مانع من قبول شهادته، وقال الأكثرون: [لا] (¬3) تقبل لأنهما ربما نسيا، وإن تعمدا فالكذبة الواحدة لا توجب الفسق، وجزم صاحب "البحر" في باب من تجوز شهادته ومن لا تجوز: بأنه لو كذب عن قصد رُدَّت شهادته، وإن لم يكن فيما يقول ضرر من تهمة أو بهتان، فإن الكذب حرام بكل حال. وقال القفال: إلا أن ينزل ذلك على مذهب الكُتَّاب والشعراء في المبالغة في الكلام. - ومنها: قال القاضي في كتاب الطهارة في الأواني: إذا جلس شهود النكاح على الحرير لم ينعقد النكاح بهم، فقيل: لأنهم فسقة، واعترض بأنهم لا يفسقون به لكونه ليس بكبيرة، والأشبه أن يعلل بأنهم حال (¬4) الشهادة ظهر منهم ما يضعف الوثوق بهم، وعلى هذا لا تقبل شهادة الشاهد برشد لابسٍ للحرير؛ إذ حَاله تقتضي ¬

_ (¬1) قال تاج الدين بن السبكي: "إلا أنا اغتفرنا الصغائر لقلة الصون عنها ولا يقبل ذلك، عند أداء الشهادة، فلمنصب الشهادة أهبة تنافي المعاصي عنده، وكان هذا للمحافظة على هذا المنصب؛ فإن من يتلبس بالمعصية حالة الشهادة كأنه لا مروءة له" (1/ 451). (¬2) من (س). (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ق): "كان".

أنه ليس برشيد، فليجتنب عنه. [- منها: أن الكافر إذا سأل يجب دفعه ولا يجوز الاستسلام له، ولو كان دينًا قال الإمام في الذهبي: الوجه القطع بذلك؛ لأنه بصياله ناقض لعهده، وقول من قال: الذمة لا تنقضي بالقتل وجه ضعيف، ثم لا حرمة للذمة حال القتال والصيال] (¬1). - ومنها: لو وجد رجلًا يزني بامرأته جاز له التعجيل بقتله، صرح به صاحب "الحاوي"، و "البحر"، قالا: ويجوز التغليظ حالة (¬2) وقوع المعصية (¬3). فائدة: من أنكر حقًّا لغيره ثم أقر به قبل، إلا في صور (¬4): - منها: إذا ادَّعى [عليها] (¬5) زوجية، فقالت: زوجني الولي بغير إذني ثم صدقته، قال الشافعي (¬6): لا يقبل منها، وأخذ بهذا (¬7) النص أكثر العراقيين منهم الشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب، وغيرهم، وقال غيرهم: يقبل، وصححه الغزالي في "الوجيز"، وتردد الإمام في المسألة. - ومنها: لو قالت الرجعية: انقضت عدتي ثم صدَّقت الزوج، وقالت: لم ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ن). (¬2) في (ق): "حال". (¬3) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "الغصب". (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 325)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 347)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 799)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 245)، "قواعد الزركشي" (3/ 198). (¬5) من (ك). (¬6) في (ن) و (ق): "الشيخ". (¬7) في (ق): "بعد هذا".

تنقض، قيل: على قولين، وفرق بينهما من جهة أن ابتداء النكاح يراعى فيه الشروط، والزوج بما حاوله أراد استيفاء ملك النكاح. ويحتمل في الدوام ما لا يحتمل في الابتداء، ولأن الإذن (¬1) منفي بالأصل، كما أن انقضاء العدة منفي بالأصل أيضًا، واستغرب القاضي أبو سعد (¬2) الهروي النص فقال: لا يقال: النكاح خطر، فإن القتل العمد والزنا أشد خطرًا، ويقبل قوله في الرجوع، ثم خرج ذلك على أصل، وهو أن رد الإقرار هل يبطل حكمه [فيه قولان؛ وجه عدم الإبطال: أن الإخبار لا يبطل] (¬3) بتكذيب المخبر له المخِبر، ووجه الإبطال: أن الإقرار يلزمه (¬4)؛ لاحتمال الصدق، وتكذيب (¬5) صاحب الحق ينفعه، فقارب قول شخص مكره أقر كاذبًا لزيد بعشرة له على عمر، وقال: وعلى هذا إن ادعى المقر للمقر به بعد رد المقر له، جوزه ابن سريج، وهذا على قولنا لا يبطل، قال: ثم مشهور المذهب أن الزوج منكوح وناكح، وكذلك المرأة نص عليه في باب الغرور، قال: وكأن الزوج أقر لها بملك النكاح وكذبته [ثم] (¬6) صدقته، ففي قول بطل حكم الإقرار برد المقر إياه [فلا ينفع التصديق بعد التكذيب، وفي الثاني لم يبطل، فكان النص جوابًا] (¬7) على الأول، وعليه ينبني ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "الأداء". (¬2) في (ق): "أبو سعيد". (¬3) من (ك). (¬4) في (ن) و (ق): "يكذب". (¬5) في (ن) و (ق): "ويكذب". (¬6) من (ك). (¬7) سقطت من (ن).

قاعدة الشهادة بما تختلف المذاهب في شروطه وتفصيل أحواله

الوجهان اللذان ذكرهما الأصحاب في دعوى المرأة النكاح من غير تعرض بشيء من حقوقه، فمن قال: الزوج منكوح صحح الدعوى إذا قيل: تصح الدعوى بالدين المؤجل، ومن قال: ليس منكوحًا لم يصحح. قاعدة " الشهادة بما تختلف المذاهب في شروطه وتفصيل أحواله إن تعرضت لذلك قبلت، وإن لم تتعرض ففيه صور" (¬1). الأولى: الشهادة على البيع وسائر العقود هل تقبل مطلقة؟ فيه وجهان تقدما في الطهارة. الثانية: الشهادة على الردة، وفيها وجهان: أحدهما: عدم القبول لاختلاف العلماء، والظاهر: القبول، وفي هذين الفرعين نظير مسألة الإخبار عن تنجيس الماء كما سلف في الطهارة، نص عليه الإمام الشافعي والأصحاب في الموافق في المذهب، والغزالي في المخالف. الثالثة: مسألة الدار. الرابعة: مسألة الشفعة (¬2). - الخامسة: الشهادة على أنه وارث. السادسة: مسألة العبد. - السابعة: مسألة الحاكم. الثامنة: مسألة الاستفاضة وقد تقدم ذلك في الطهارة (¬3) فراجعها من ثم (¬4) ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 334)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 836)، "قواعد الزركشي" (2/ 193). (¬2) في (ق): "السفه". (¬3) في (ق): "الظهار". (¬4) في (ق): "منه".

التاسعة: الشهادة المطلقة على أن بينهما رضاعًا محرمًا (¬1)، فالأصح: أنه لا يقبل؛ بل لا بد من التفصيل، واستحسن الرافعي التفصيل بين الفقيه وغيره، قال: ويترك الكلامان على هاتين الحالتين، وتخصيص الخلاف بما إذا لم يكن المطلق فقيهًا موثوقًا (¬2) بمعرفته وقد سبق مثله في الإخبار عن نجاسة الماء وغيره، وإذا قال: هي أختي من الرضاع، ففي "البحر" وغيره: أنه لا حاجة إلى التعرض للشرائط إن كان من أهل الفقه، وإلا ففيه وجهان، وفرق بين (¬3) الإقرار والشهادة بأن المقر يحتاط لنفسه فلا يقر إلا عن تحقيق، وقد ظهر بهذه القاعدة أن الاكتفاء بإطلاق الفقيه (¬4) مضطرب في المذهب. العاشرة: الشهادة (¬5) على الإكراه هل يلزم الشاهد ذكر صفته، قال الغزالي في "فتاويه" [السؤال] (¬6) الثامن والثلاثون: إن جوز القاضي أن ذلك يستبهم (¬7) على الشهود، فله السؤال، وإن سأل فعليهم التفصيل، وإن علم من حال الشهود أنهم عارفون بعد الإكراه، ولا يشهدون [به] (¬8) إلا عن تحقيق، فله أن لا يكلفهم التفصيل. الحادية عشرة: الشهادة والإقرار بشرب الخمر هل يكفي (¬9) الإطلاق؟ ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "رضاع محرم". (¬2) في (ن) و (ق): "موافقًا". (¬3) وفي (ن): "أن". (¬4) في (ن) و (ق): "السنة". (¬5) في (ن) و (ق): "الشاهد". (¬6) من (ك). (¬7) في (ن) و (ق): "ببنهم". (¬8) من (ن). (¬9) في (ق): "يكون".

أم لا بد من التعرض لكونه كان عالماً بأنها (¬1) خمر وأنه مختار في شربها؟ الأصح: الأول. الثانية عشرة: الشهادة على الشهادة يشترط أن يبين الفرع عند الأداء جهة (¬2) التحمل؟ الثالثة عشرة: لو مات عن ابنين مسلم، ونصراني، فقال المسلم: مات مسلماً، وقال النصراني: مات نصرانيًّا، وأقاما بينتين، فإن عرف أنه كان نصرانيًّا قُدمت بينة المسلم، فإن قيَّدت بينة النصراني أن آخر كلمته النصرانية قدمت [ويشترط في بينة النصراني تفسيرها بما يختص به النصراني] (¬3) كالتثليث، وهل يجب التبين في بينة المسلم بتفسير (¬4) كلمة الإسلام؟ فيه وجهان، لأنهم [قد] (¬5) يتوهمون (¬6) ما ليس بإسلام إسلامًا. الرابعة عشرة: لو اعترف الراهن أن العبد مرهون بعشرين (¬7)، ثم ادعى أنه رهنه أولاً بعشرة [ثم بعشرة] (¬8) من غير فسخ للأول، فيكون الرهن الثاني فاسدًا، وأنكر المرتهن صُدِّق (¬9)، ............................................. ¬

_ (¬1) في (ق): "أنه". (¬2) في (ن) و (ق): "من جهة". (¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬4) في (ق): "بغير". (¬5) من (ق). (¬6) في (ن) و (ق): "يفهمون". (¬7) في (ق): "على عشرين". (¬8) من (ك). (¬9) في (ن): "صدقه".

فإن قال [هو] (¬1) في جوابه فسخنا الرهن الأول، واستأنفنا الرهن بعشرين، فهل يُصدق المرتهن (¬2) لاعتضاده (¬3) بقول الراهن: هو رهن بعشرين؟ أم يُصدق الراهن؛ لأن الأصل عدم الفسخ؟ وجهان، وميل الصيدلاني إلى أولهما، وصحح (¬4) البغوي الثاني، وزاد فقال: لو شهد شاهدان أنه رهن بألف ثم بألفين لم يحكم بأنه رهن بألفين، ما لم يصرحا في الثاني بأنه كان بعد فسخ الأول. الخامسة عشرة: قال الماوردي في كتاب التفليس فيما إذا [ثبت إعسار المفلس] (¬5) ثم ادعى الغريم أنه استفاد مالًا وأيسر وأقام بينة (¬6)، نظر إن قالوا: نشهد أنه قد أيسر لم يحكم بشهادتهم حتى يذكروا بأنه صار موسرًا ويصفوه إن (¬7) كان غائبًا، ويعينوه إن (¬8) كان حاضرًا، ثم إن شهدوا [له] (¬9) بملك ذلك التالف (¬10)، لم يحتج إلى سؤاله ويقسمه بين غرمائه. ويقرب (¬11) من هذا المقام أنا إن قلنا: بقبول إقرارها بالنكاح -كما هو الجديد- فهل يكفي إطلاق الإقرار أم لا بد من تفصيل؟ فتقول: زوجني منه ولي ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) في (ن): "الرهن". (¬3) في (ن) و (ق): "لاعتقاده". (¬4) في (ق): "ورجح". (¬5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬6) وكان ذلك فيما إذا ثبت إعسار المفلس. (¬7) في (ن): "أنه". (¬8) في (ن): "أنه". (¬9) من (ك). (¬10) في (ن): "الثالث". (¬11) في (ن) و (ق): "ويقول".

قاعدة ما ثبت على خلاف الظاهر فيه صور

بشاهدين (¬1) عدلين ورضائي إن كان رضاها معتبرًا، وجهان بناء على دعوى النكاح هل تسمع مطلقة أم يجحب التفصيل؟ والأصح: الثاني، على أن الخلاف في الدعوى المتعلقة بالمال من العقود كالبيع والإجارة والهبة، فابن سريج على اشتراط التفصيل، وذكر المشروط كالنكاح، وقيل: إن تعلق العقد بجارية اشترط احتياطاً للبضع، وإلا فلا، والنص على عدم الاشتراط مطلقاً لخفة هذا الباب عن باب النكاح. قلت: ورأيت في "فتاوى القفال" أنه إذا شهد على رجل أنه بالغ سمع، وإن لم يعنوا بأي وجه بلغ، كما لو أقر بألف درهم وشهدوا على إقراره ولم يبينوا من أي وجه ثبت، أما إذا شهدوا بأنه بلغ بالسن، فلا بد من البيان لاختلاف الناس فيه، فإن شهدوا بأنه استكمل خمس عشرة سنة سمعت، إذا كانوا من أهل الخبرة. قاعدة " ما ثبت على خلاف الظاهر فيه صور" (¬2): الأول: [لو ادعى] (¬3) التقي (¬4) العدل الصدوق على المشهور بالفجور وغصب الأموال وإنكارها أنه غصب درهمًا واحدًا على هذا فأنكر، فالقول قوله، وإن كان على خلاف الظاهر. الثانية: لو ادعى هذا الفاجر (¬5) على هذا التقي (¬6) وطلب يمينه حلفناه، مع كون ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "وشاهدين". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 366)، "قواعد العز بن عبد السلام" (2/ 221). (¬3) في (ق): "المقر". (¬4) في (ن) و (ق): "البغي". (¬5) في (ق): "القاضي". (¬6) في (ن) و (ق): "البغي".

الظاهر كذبه في دعواه. الثالثة: لو ادعى إنسان على الخليفة أنه استأجره لكنس داره وسياسة دوابِّه، فتصح الدعوى على الأصح مع كونه مستحيلًا عادة وهو مشكل؛ فإن القاعدة في الإخبار في الدعاوى والشهادات والأقارير وغيرها: أن ما كذبه العقل والعادة فهو مردود، وما أبعدته (¬1) العادة من غير إحالة فله رتب في القرب والبعد، وقد تختلف فيها، فما كان أبعد وقوعًا فهو أولى [بالرد، وما كان أقرب وقوعًا فهو أولى] (¬2) بالقبول، وبينهما رتب متفاوتة. الرابعة: لو أتت الزوجة بولد لدون أربع سنين من حين الطلاق بلحظة وبعد انقضائها (¬3) بالإقرار، فإنه يلحقه، مع كون الغالب الظاهر خلافه؛ وإنما لحق لأن الأصل عدم الزنا وعدم الوطء بالشبهة والإكراه، فغلب الأصل على الظاهر، ولم يجر فيه الخلاف في تعارض الأصل والظاهر. الخامسة: لو أتت بولد لستة أشهر أي ولحظتين من حين العقد؛ فإنه يلحقه مع ندرة الولادة في هذه المدة. السادسة: لو زنى بها إنسان (¬4) ثم تزوجت وأتت بولد لتسعة (¬5) أشهر من حين الزنا ولستة أشهر من حين العقد والزوج ينكر الوطء، فإنا نلحقه بالزوج مع (¬6) ظهور ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "أنفذته". (¬2) من (ق). (¬3) أي: العدة. (¬4) في (ن) و (ق): "اثنان" والمثبت من (ك). (¬5) في (ن) و (ق): "لسبعة". (¬6) في (ن): "من".

فائدة: قد يظن أن الولد لا يلحق إلا لستة أشهر

صدقه بالأصل (¬1) والغالب، وهذا لأنه يمكنه (¬2) دفع الضرر عن نفسه باللعان، وإنما المشكل أن يلتزم بضرر لا يقدر على دفعه عن نفسه. فائدة: قد يظن أن الولد لا يلحق إلا لستة أشهر (¬3)، وهو خطأ؛ فإن الولد يلحق بدون ذلك، ولو جنس على الحامل وألقت جنينًا لدون ستة (¬4) أشهر، فإنه يلحق بأبويه (¬5) وتكون الغُرَّة لهما، وكذا لو أجهضت بغير جناية لكانت مؤنة تجهيزه وتكفينه على أبيه، وإنما (¬6) يتقيد بستة أشهر الولد الكامل دون الناقص. السابعة: لو وطئ أمته ثم استبرأها بقرء (¬7)، ثم أتت بولد لستة أشهر من حين الوطء، فإنه لا يلحق على الأصح المنصوص وهو مشكل، لأن الأمة فراش حقيقي وهذه مدة (¬8) غالبة، فكيف لا يلحق الولد بفراش حقيقي مع غلبة المدة ويلحق بإمكان الوطء في الزوجة مع قلة المدة وندرة الولادة في مثلها. الثامنة: لو ادعى العنين أنه وطئ في مدة (¬9) السنة وأنكرته، فالقول قولها (¬10) مع ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "بالأجل". (¬2) في (ن) و (ق): "لا يمكنه". (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 367)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 440)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 300)، "قواعد العز بن عبد السلام" (2/ 222). (¬4) في (ن) و (ق): "لستة"، والمثبت من (ك). (¬5) في (ن) و (ق): "بدونه". (¬6) في (ن) و (ق): "وفيما". (¬7) في (ق): "بغرة". (¬8) في (ق): "قاعدة". (¬9) في (ن) و (ق): "هذه". (¬10) كذا في (ن) و (ق) وفي (ك): "قوله".

ظهور صدقه [بالأصل] (¬1) والغلبة، وكذا لو تنازع الزوجان في الوطء مع جريان الخلوة، فالأصح أن القول قول المنكر مع كونه خلاف الظاهر. التاسعة: لو قال: [له] (¬2) عليَّ مال عظيم، فإنه يقبل تفسيره بأقل ما يتمول به، وعللوه بأن العِظَم لا ضابط له لاختلافه باختلاف الناس، فالدينار (¬3) الواحد عظيم عند الفقير [حقير عند الأمير فلما (¬4) تعذر الضبط] (¬5) حمل على ما يحتمله اللفظ في اللغة، و [هو] (¬6) حمل العظمة على الصفة بكونه حلالًا، أو خالصًا من الشبهة ولا يخفى مخالفته للظاهر. العاشرة: لو قال لرجل: أنت أزنى الناس، أو أنت أزنى من زيد، فظاهر اللفظ أن زناه أكثر من زنا سائر الناس، وقال الإمام الشافعي: "لا حد عليه حتى يقول: أنت أزنى زناة الناس، أو فلان زاني، وأنت أزنى منه"، واستبعده شيخ الإسلام ابن عبد السلام من جهة أن المجاز (¬7) هنا قد غلب على هذا اللفظ، فيقال: فلان أشجع الناس وأسخى (¬8) الناس [كلهم] (¬9)، وأعلم الناس، [والناس] (¬10) يفهمون من هذا اللفظ أنه أشجع شجعان الناس، وأعلم علماء الناس، والتعبير الذي وجب الحد ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) من (ن). (¬3) في (ن) "في الدينار". (¬4) في (ق) "فلا" (¬5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬6) من (ك). (¬7) في (ن): "التجار" (¬8) في (ن) و (ق): "وأسجع". (¬9) (من (ن). (¬10) من (ك).

لأجله حاصل (¬1) بهذا اللفظ فوق حصوله بقوله: أنت زان، يعني أنه (¬2) نسبه (¬3) إلى المبالغة في الزنا، قال الشيخ زين الدين (¬4): يمنع الإمام الشافعي من هذا قاعدته المشهورة في المجاز الراجح، فإنه عنده (¬5) مساوٍ لمقتضى اللفظ، فهو كالمجمل (¬6)، فلذلك سقط الحد، وهو يسقط بأقل من ذلك. الحادية عشرة: القرآن (¬7) يطلق على الألفاظ المتداولة الدالة على الكلام القديم، ويطلق [على] (¬8) الكلام القديم الذي هو مدلول الألفاظ، واستعماله في الألفاظ أظهر وأغلب (¬9) من [مدلولها] (¬10) (¬11)، وأقول: إن كان القرآن موضوعًا حقيقة في القديم مجازًا في الألفاظ كما هو أحد أقوال الأشعري (¬12)، فقد خالف الإمام أبو حنيفة قاعدته (¬13) في المجاز 220 ن /ب] الراجح [مع الحقيقة المرجوحة، وخالف الإمام الشافعي القواعد على كل تقدير، فإنه إن كان كذلك فيجب على ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "لأجل حاصله". (¬2) في (ن): "أنت". (¬3) في (ن): "نسبت". (¬4) يقصد: زين الدين بن الوكيل. (¬5) في (ن): "عقده". (¬6) في (ن): "كالمحل". (¬7) في (ق): "القرائن". (¬8) سقطت من (ن). (¬9) في (ق): "وليجلب". (¬10) وقعت في (ن) و (ق): "استعمال اللفظ". (¬11) يعني: أنه إن حلف بالقرآن فقد حمله أبو حنيفة على الألفاظ فلم يحكم بانعقاد يمينه، وحمله الشافعي ومالك على الكلام القديم، وهو خلاف الظاهر من استعمال اللفظ. (¬12) في (ق): "الأشعرية". (¬13) في (ق): "قاعدة".

مقتضى مذهبه في المجاز الراجح [أنه] (¬1) لا] (¬2) يحنث (¬3) إلا بالنية، وكذا إن قلنا: بأن القرآن مشترك؛ فإنه يعتبر ما يقتضي الحنث، والأصل براءة الذمة، وإن كان لفظ القرآن موضوعًا حقيقة في الألفاظ مجازًا في [196 ق / أ] القديم فأولى بعدم الحنث. الثانية عشرة: لو قال لامرأته: إن رأيت الهلال فأنت طالق، فرآه غيرها طلقت؛ حملًا للرؤية على العرفان (¬4)، وهو خلاف الوضع وعرف الاستعمال. وخالف الإمام أبو حنيفة في ذلك، واستدل الإمام [الشافعي] (¬5) بصحة قول الناس: رأينا الهلال، وفي استدلال الإمام الشافعي نظر، فإن صحة قول الناس ذلك غايته أن يكون مجازًا [فيه] (¬6)، وهو غير مجاز [راجح] (¬7) فلا يمكن حمل اللفظ عليه، وتقديمه على الحقيقة الظاهرة في الاستعمال، ثم إن أبا محمد بن عبد السلام اعترض بوجه آخر، فقال: إن قول الناس: "رأينا الهلال" من مجاز نسبة (¬8) فعل البعض إلى (¬9) الكل مثل قوله تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا} [البقرة: 72] وإنما قتله بعضهم وتدارءوا فيه، وكذلك قوله تعالى لنبيه - عليه السلام -: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [التوبة: 7] والمراد النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فليس ما استدل به بماشٍ (¬10) ¬

_ (¬1) سقطت من (ن). (¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬3) في (ن) و (ق): "يجب". (¬4) في (ن) و (ق): "الغير". (¬5) وقعت في (ن) و (ق): "أبو حنيفة"، والمثبت من (ك). (¬6) من (ن). (¬7) سقطت من (ن). (¬8) في (ن): "يشبه". (¬9) في (ق): "على". (¬10) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): "مما سبق".

[على محل] (¬1) النزاع، فإن الزوج علق الطلاق على نفس رؤيتها، وهي واحدة لا ينسب إليها ما وجد من غيرها. فأقول في المثالين: قد ينسب إلى المجماعة مما نسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإلى القاتل (¬2)، والمراد أنه نسب الفعل لغير من هو له، [وهو موجود] (¬3) في الصور كلها، وفي [مسألة] (¬4) المرأة أولى، لأنه نسب إلى الواحدة ما نسب إلى الجماعة، وفي الأمثلة المتقدمة نسب إلى الجماعة ما نسب إلى الواحد، فيكون من المجاز المركب، أو نقول: المراد نسبة الفعل لمن (¬5) هو له، وإنما وقع المجاز في مسألة المرأة؛ لأنه أطلق الرؤية على العلم إطلاقًا للسبب على المسبب، وليس من المجاز الذي [221 ن / أ] ذكره أبو محمد (¬6) وهو حاصل في محل النزاع. الثالثة عشرة: لو تعاشر الزوجان مدة طويلة فادعت عدم النفقة [والكسوة] (¬7)، فالقول قولها. الرابعة عشرة: لو قال: إذا مضى دَهرٌ أو حقبٌ أو عصر فأنت طالق، قال الأصحاب: تطلق بمضي أدنى (¬8) زمان، واستشكله الإمام والغزالي وتوقفا (¬9) فيه، وحكى الإمام التوقف عن الإمام أبي حنيفة. ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) كذا في (ن)، وفي (ن) و (ق): "العامل". (¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬4) سقطت من (ن). (¬5) في (ق): "إلى من". (¬6) يقصد: العز بن عبد السلام. (¬7) من (ك). (¬8) في (ن) و (ق): "أول". (¬9) في (ن): "وتوافقا".

قاعدة كل امرأة تدعي عنة زوجها تسمع دعواها

الخامسة عشرة: إذا ادعت انقضاء العدة بالأقراء لأقل من عادتها المستمرة، فهل نقبل قولها؟ فيه وجهان، أصحهما: نعم، لأنه يمكن لأن (¬1) أقل عدة الحرة اثنان وثلاثون يومًا ولحظتان، فإذا ادعت انقضاءها في هذه المدة وأكثر وجب أن [196 ق/ ب] تصدق وإن كان خلاف العادة، والثاني: لا، وبه جزم الماوردي، وقال الشيخ أبو محمد: إنه (¬2) المذهب، ورجحه أيضًا الروياني، واستضعفه الإمام بأن الرد إلى العادة المعتبرة في الحيض، والصحيح هناك أن العادة تثبت بمرة، وهذا الوجه يجري في المرة والمرتين، ويبعد جدًّا جريانه فيهما، قال: ولست أرى لهذه الوجه ضبطًا ينتهى إليه في التفريع. قاعدة " كل امرأة تدعي عِنَّة (¬3) زوجها تسمع دعواها" (¬4). إلا الأمة (¬5) إذا كان زوجها حرًّا؛ لأنها لو سمعت أبطل خوف العنت (¬6)، فيبطل النكاح [فكان سماع الدعوى فيه مؤديًا إلى سقوط النكاح] (¬7) المؤدي إلى سقوطها، فأثبتنا النكاح وأسقطنا الدعوى. ويقال على هذا كما صرح به الجرجاني في "المعاياة"، والروياني في "الفروق": كل امرأة علق زوجها طلاقها على صفة فلها أن تحاكمه في وجود تلك ¬

_ (¬1) في (ن): "أن". (¬2) في (ق): "هو". (¬3) في (ن) و (ق): "غيبة"، والمثبت من (س). (¬4) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 374). (¬5) في (ق): "أنه". (¬6) في (ن): "العيب". (¬7) من (س).

قاعدة تجب اليمين في كل حق لابن آدم إلا في أربعة مواضع

الصفة و (¬1) عدمها، إلا الصورة المذكورة لا يصح يمينه بطلاقها، ولا دعواها فيما إذا علق على كونه عنينًا فليس لها أن تحاكمه، فلو حققت دعواها خرجت من الزوجية. قاعدة [قال ابن القاص] (¬2): "تجب اليمين في كل حق لابن آدم إلا في أربعة مواضع" (¬3) ومراده: من قُبل قوله في شيء كان عليه اليمين إذا طلبت منه إلا في هذه المسائل: الأولى: القاضي إذا ادعي عليه بعد العزل الحكم بباطل وادعى [221 ن/ ب] عليه بقيمة المتلف، فأنكر فلا يمين عليه، قاله الإمام الشافعي نصًّا. ثانيها: الشاهد إذا ادعى أنه شهد زورًا وادعى عليه قيمة المتلف، قاله ابن القاص تخريجًا (¬4). الثالثة: ادعى رجلان زوجية امرأة فأقرت لأحدهما لم تحلف الآخر. الرابعة: إذا ادعي عليه (¬5) بشيء، فقال: هو لولدي الصغير، وحكى في الثالثة والرابعة قولًا قديمًا، وأهمل ما [لو] (¬6) قال: له عليَّ شيء، ثم فسره بما لا يتمول كقشرة فستقة، فالصحيح قبول قوله [مع يمينه] (¬7) ونُصَّ عليه هنا، وصرح به الإمام (¬8) أيضًا، وحاول في "المطلب" إثبات وجهين، ولم يتعرض ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "وهو". (¬2) من (ن). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 441)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 57). (¬4) في (ق): "في تحريره". (¬5) في (ن): "عارية". (¬6) سقطت من (ن). (¬7) من (ن). (¬8) المقصود بالإمام هنا: تقي الدين السبكي.

قاعدة كل يمين قصد بها الدفع لا يستفاد بها الجلب

الرافعي لذكر اليمين رأسًا. ولو اختلف البائع والمشتري في عيب لا يمكن [القول بقدمه] (¬1) كجراحة، وقد جرى البيع والقبض من سنة، فالقول قول البائع في أنه حدث عند المشتري بلا يمين، ولو كان مما لا يمكن حدوثه كإصبع زائدة، وقد [جرى] (¬2) البيع أمس، فالقول قول المشتري في قدمه كذا أطلقوه، وينبغي أن [197 ق / أ] يكون بلا يمين على قياس الجراحة الطرية، و [كان عدم اليمين هنا] (¬3)؛ لأن التكليف بها عبث (¬4) للعلم بمضمون الحال، فكأنه لا حق للمدعي فيما ادعاه لا ظاهرًا ولا احتمالًا، وما أحسن قول ابن القاص: (تجب اليمين في كل حق لابن آدم) فلا يورد عليه إلا ما هو خارج من حقه ولو في الظاهر. قاعدة " كل يمين قصد بها الدفع (¬5) لا يستفاد بها الجلب (¬6) " (¬7). وقد يقال: كل يمين كانت لدفع شيء لا تكون لإثبات شيء (¬8) غيره، وفي القاعدة مسائل: الأولى: ادعى العنين أو المولى الوطء، وأنكرت [المرأة] (¬9) صُدِّق بيمينه، فإذا ¬

_ (¬1) كذا في (س)، وفي (ن) و (ق): "تقديمه". (¬2) من (ن). (¬3) من (س). (¬4) في (ن): "عيب". (¬5) في (ن) و (ق): "القطع"، والمثبت من (س). (¬6) في (ن) و (ق): "الحلف". (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 442). (¬8) في (ق): "من غيره". (¬9) من (ن).

طلقها وقال: هذا الطلاق بعد المسيس فإنكم صدقتموني أن وَطِئتها، وأراد الرجعة وهي على إنكار الوطء، قال ابن الحداد: وأكثر (¬1) الأصحاب لا يُمكن من الرجعة، والقول قولها؛ فإن يمينه فىِ الوطء كانت لدفع الفسخ، فلا يستجلب به الرجعة. ثانيها: إذا ادعى المودَع تلف الوديعة عنده وأنكر المودَع، فصدقنا المودَع بيمينه [222 ن/ أ] ثم جاءآخر وأثبت الاستحقاق لنفسه وغرم المودِع فأراد هو الرجوع على (¬2) المودَع، وقال: قد صدقتموني في التلف عندي وهو الذي أوقعني في هذا الغرم، فإنا لا نمكنه من الرجوع، بل إذا حلف المودَع على أن الوديعة لم تتلف عنده وهو خائن يستقر الضمان على المودِع، ولا يلزم من تصديقه لدفع الضمان عن نفسه تصديقه لإثبات الغرم على غيره. ثالثها: إذا وجدنا دارًا في يد اثنين وادعى أحدهما أنها له، والآخر أنها بينهما نصفين، وصدقنا الثاني بيمينه لأن اليد تشهد له، ثم باع مدعي الكل نصيبه من ثالث، فإن أراد الآخر أخذه بالشفعة وأنكر المشتري ملكه، فإنه محتاج إلى البينة ويمينه في الخصومة أفادت رفع ما يدعيه الشريك لا إثبات (¬3) الملك له، وقد جمع الرافعي هذه النظائر في باب الإيلاء، وذكرها الشيخ أبو علي في " [شرح] (¬4) الفروع" في باب الوكالة وزاد نظائر أخر: - منها: وكل رجلًا (¬5) في البيع وقبض الثمن، وادعى الوكيل الإقباض وأنكره الموكِّل، صدق الوكيل بيمينه. ¬

_ (¬1) في (ن): "إذا أكثر". (¬2) في (ق): "إلى". (¬3) في (ن): "الإثبات"، وفي (ق): "إلا الإثبات". (¬4) سقطت من (ق). (¬5) في (ن): "وكلا رجلان".

ولو خرج المبيع بعد ذلك مستحقًا ورجع المشتري على الوكيل بالثمن لم يكن للوكيل أن يرجع على الموكل بنطر الثمن بناء على تلك اليمين؛ لأن يمينه تلك كانت لدفع الغرم عنه، فلا يصلح لشغل ذمة الموكل، بل القول الأول قول الموكل في عدم القبض مع يمينه. وهذا (¬1) الفرع من مولدات ابن الحداد، وقد [197 ق / ب] فرع عليه ما سنذكره [عقبه] (¬2). - ومنها: إذا قال المشتري: العيب قديم، وقال البائع: حادث، فصدقنا البائع بيمينه ثم جرى بعده الفسخ [بتحالف] (¬3)، وأخذ البائع (¬4) يطالب المشتري بأرلق العيب الذي أثبت حدوثه بيمينه (¬5)، لم يكن له؛ لأن يمينه صلحت للدفع فلا تصلح لشغل ذمة الغير، بل للمشتري الحلف أنه ليس بحادث [الآن لدفع] (¬6) الأرش، وهذان الفرعان ذكرهما ابن الحداد، وكذا الأول، وبقي مسائل: - منها: قذف رجلًا فطالبه [222 ن/ ب] بحد القذف، فطلب القاذف يمينه على نفي كونه زانيًا، فنكل ورد اليمين على القاذف، فحلف القاذف أنه زنى، اندفع عنه حد القذف ولم يجحا على المقذوف حد الزنا، سواء قلنا: يمين الرد كالإقرار أم كالبينة؛ لأن اليمين كانت لدفع حد القذف عنه لا لإثبات الزنا على المقذوف. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "وعلى هذا". (¬2) من (ق). (¬3) من (ق). (¬4) في (ن): "البيع". (¬5) في (ن) و (ق) زيادة: "ثم" ولا يقتضيها السياق. (¬6) من (س).

- ومنها: ما ذكره الرافعي في "فتاوى البغوي" من أنه لو تزوجها (¬1) بشرط البكارة فوُجِدَتْ ثيبًا ثم اختلفا، فقالت: كنت بكرًا فافتضني، وقال: بل كانت ثيبًا، فالقول قولها بيمينها لدفع الفسخ، وقوله لدفع كمال المهر. - ومنها: في مسألة الخياط الذي [دفع] (¬2) إليه ثوبًا ليخيطه فخاطه قباء، وقال للمالك: كذا أمرتني، فقال المالك: بل أمرتك بقميص (¬3)، إذا فرعنا على أن القول قول الخياط فحلف فلا أرش عليه قطعًا ولا أجرة له (¬4) على الأصح، وفي [الوجه] (¬5) الآخر: له الأجرة إتمامًا لتصديقه، فإن قلت: لكن قالوا تفريعًا على المذهمب، وهو أن القول قول المالك: إنه إذا حلف لا يلزمه الأجرة ويلزم الخياط الأرش على المذهب، وقضية ذلك أن لا أرش على الخياط، فالجواب: أن الأصحاب فرقوا بأن القطع يوجب الضمان ما لم يكن بإذن، وهو غير موجب للأجرة إلا بإذن، [والله أعلم] (5). * * * ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "زوجها". (¬2) سقطت من (ن). (¬3) في (ق): "أمرتني قميصًا". (¬4) في (ق): "عليه". (¬5) من (ن).

كتاب أحكام الأرقاء

كتاب أحكام الأرقاء قاعدة " الأحكام بالنسبة إلى الحر والعبد ثلاثة أضرب" (¬1): الأول: ما لا تبعيض فيه ولا ينبني على فضيلة، فالعبد فيها كالحر؛ كوجوب الصلاة والصوم، وتحريم الظهار، والعنة ومدتها، والإيلاء، ومدته، والقطع في السرقة والقصاص. الثاني: ما ينبني على فضيلة ولا يقبل التبعيض، فليس العبد فيها كالحر، أما ما لا يقبل التبعيض فكالرجم، وما ينبني على الفضيلة كالشهادة، والولاية (¬2)، والميراث، والجمعة. الثالث: ما يقبل التبعيض [198 ق/ أ] فالعبد فيه على النصف من الحر كالجلد في حد الزنا، والقذف، والتغريب، وحد الشرب، وكالطلاق (¬3) والعدة (¬4)، لكنهما لا يقبلان (¬5) التجزؤ، والقسم [لا] (¬6) يساوي العبد الحر، كذا قيل، والمذهب ¬

_ (¬1) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 125)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 449)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (2/ 306). (¬2) وفي (ن) و (ق): "الولادة"، والمثبت من (ك). (¬3) في (ن) و (ق): "وكالصلاة". (¬4) في (ن) و (ق): "والمقيد". (¬5) في (ن) و (ق): "لاختلاف". (¬6) سقطت من (ق).

[223 ن / أ] التفاوت، فيقسم للحرة ثلاث ليال وللأمة ليلة، وقسم الزفاف يساوي الحر في الأصح، وقيل: يتفاضل كقسم الابتداء، وعلى هذا فوجهان أصحهما التنصيف، فللثيب ليلة ونصف، و [قيل] (¬1): يكمل المنكسر (¬2) وقيل: لا كالخلاف في العدة، فقيل: تعتد بشهرين؛ لأن عندهم أن الأصل الأقراء فأثبتوا شهرين في مقابلة قرأين، وقد اختلفوا في أن المكاتب هل يلحق بالأحرار أو بالعبيد في صور؟ - منها: لو قال: عبيدي أحرار فهل يعتق مكاتبه؟ فيه خلاف. - ومنها: جواز نظره إلى سيدته، وقد وقع في كلام ابن الرفعة أنه ينبغي التخريج على الخلاف، وهذا صنيع من لم يُحط (¬3) في المسألة بنقل، والمسألة قد نص عليها الإمام الشافعي في كتبه، ونص [فيها] (¬4) على الجواز، ونقل ابن الصلاح عن القاضي حسين أنه قطع بالمنع، وهذا لم أجده في "التعليقة"، بل وجدت خلافه، فإنه قال: حديث نبهان مولى أم سلمة (¬5) يقتضي أنا لا نأمر السيدة بالاحتجاب، وما أشير إليه من كلام ابن الرفعة هو قوله: [أنه] (¬6) يشبه إن ترتب الكلام في المكاتب على القن، يعني في النظر إلى السيدة، فيقال: إن قلنا: القن كالحر، فالمكاتب أولى، وإلا فوجهان، ينظر في أحدهما إلى قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) في (ن) و (ق): "للبكر". (¬3) في (ن): "من لم يحصر"، وفي (ق): "من له نظر". (¬4) من (ن). (¬5) أخرجه الترمذي في "السنن" [كتاب الأدب -باب ما جاء في احتجاب النساء من الرجال- حديث رقم (2778)]، وأبو داود في "السنن" [كتاب اللباس -باب في قوله -عز وجل-: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} حديث (4112)]. (¬6) من (ن).

أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31]، والمكاتب ملكها، وفي الآخر إلى فقد المعنى الذي هو موجود في القن، وهو دعاء الحاجة إلى التكشف عليه لتردده في حوائجها؛ فإن هذا مفقود في المكاتب لملكه المنافع، ومثل هذا التخريج في الشرع كثير، قال الله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43]. قلت: وهذا النص غريب، وما نقله ابن الصلاح عن القاضي حسين هو مما اقتصر على نقله [في "الروضة"] (¬1) وأقره ولم يحك خلافًا فيه. ومن صور [ها] المكاتب في اللقطة هل هو كالحر أو كالعبد (¬2) فيه طريقان. قلت: أصحهما: حكاية قولين (¬3) أصحهما: الصحة. - ومنها: المكاتب إذا زنى هل هو كالحر حتى (¬4) لا يقيم الحدَّ عليه إلا الإمام، أو كالعبد حتى يجوز للسيد؟ وجهان، أصحهما: [223 ن /ب] الأول. - ومنها: لو حلف [أن] (¬5) لا عبد له ولا أمة، وله مكاتب، ففي المسألة طريقان، المذهب المشهور القطع بعدم الحنث، وقيل: قولان أصحهما: عدم الحنث أيضًا، وأيضَا فالمكاتب عند الإطلاق هل يجري عليه حكم المملوك أم لا؟ [فيه] (¬6) وجهان مذكوران فيما إذا قال: عبيدي أحرار هل يدخل المكاتب أم لا؟ وكان مادة ذلك أن المُشرف على الزوال هل يجعل كالزائل أم لا؟ وفيه أيضًا [198 ق/ ب] خلاف مذكور في البيع. ¬

_ (¬1) في (ق): "ابن الرفعة". (¬2) في (ن): "العبد". (¬3) في (ق): "طريقين". (¬4) من (ن). (¬5) من (ك). (¬6) من (ن).

وأقول: قال الغزالي (¬1) في كتاب الرهن فيما لو جنى [العبد] (¬2) المرهون، فقال المرتهن: أنا أفديه ليكون مرهونًا عندي بالفداء أو أصل الدين، فإن منعنا الزيادة في الرهن، فقولان مفهومان من معاني كلام الإمام الشافعي في أن المشرف على الزوال هل يجعل كالزائل؟ فإن قلنا: كالزائل جاز، وكأنه ابتدأ الرهن بالدينين جميعًا، وقد يعبر عن هذه القاعدة بجعل المتوقع كالواقع. ولا شد، أن ثم مسائل كما قال يجري فيها الخلاف، [ومسائل لا يجري فيها الخلاف] (¬3)، وأنا ذاكرٌ من كل منهما (¬4) ما حضرني: - منها: لو ترافع المتبايعان إلى مجلس الحكم ولم يتحالفا، فهل للمشتري وطء الجارية؟ [فيه] (¬5) وجهان، أصحهما: نعم، وبعد التحالف، وقبل الفسخ، وجهان مرتبان، وأولى بالتحريم لإشرافه على الزوال. - ومنها: إذا بل الحنطة المغصوبة وتمكن العفن الساري فيها، فإن فيها طريقين (¬6)، أحدهما: إثبات قولين [أصحهما] (¬7) -وبه قطع الباقون-: أنه يجعل كالهالك ويغرم بدله؛ [لأنه مشرف] (¬8) على التلف، فكأنه تالف. ¬

_ (¬1) في (ق): "الرافعي" (¬2) من (ن). (¬3) من (ك). (¬4) في (ن) و (ق): "منهن". (¬5) من (ن). (¬6) في (ن) و (ق): "طريقان". (¬7) من (ك). (¬8) من (ك).

وجعلوا من ذلك ما لو جعل (¬1) من الحنطة هريسة، أو من السمن أو التمر أو الدقيق حلوى، أو صب الماء في الزيت وتعذر التمييز، وأشرف على الفساد، وتردد الجويني في مرض العبد المغصوب إذا كان ساريًا عسر العلاج (¬2) كالسُّل (¬3) والاستسقاء، ولم يرتضه الإمام، فإن هذا المرض قد يبرأ (¬4) منه، والعفن (¬5) في هذه الحنطة يفضي إلى الفساد لا محالة. وعبر الغزالي عن القول المذكور في الحنطة [224 ن / أ] أن الإمام الشافعي قال: يتخير المالك بين أن يطالبه بالمثل أو يأخذ الحنطة المبلولة ويغرمه الأرش، قال: وهو خلاف قياس الإمام الشافعي؛ إذ المبلولة لها قيمة على كل حال، وهي عين ملك المالك فليتعين له. - ومنها: بيع المرتد صحيح ولا أعلم فيه خلافًا، وهو قضية إيراد الإمام الشافعي. قلت: بخلاف ثابت فيه، بل قال الروياني: إن المذهب أنه لا يصح بيعه. - ومنها: بيع العبد المريض المشرف على الهلاك، وهو قضية ما أورده (¬6). - ومنها: بيع العبد الجاني جناية توجب القصاص ولا عفو، فيه طريقان؛ أصحهما: القطع بالصحة قياسًا على المرتد والمريض، وقيل: على قولين (¬7). ¬

_ (¬1) في (ق) "جعلوا". (¬2) في (ن) "الصلاح"، وفي (ق): "الغلام". (¬3) في (ن) و (ق): "كالسيل". (¬4) في (ق) "يسري". (¬5) في (ق) "والعفو". (¬6) في (ن) "أدرجوه". (¬7) في (ق) "القولين".

قاعدة ما قارب الشيء هل يعطى حكمه؟

- ومنها: إذا رهن ما يتسارع إليه الفساد ولم يمكن تجفيفه إن كان رهنًا (¬1) بدين حال صح، وإن كان بمؤجل وعلم فساده قبل انقضاء الأجل، ففيه قولان، أصحهما عند العراقيين: المنع، وعند غيرهم: الصحة، وهو موافق للنص. قلت: صحح في "المحرر" الفساد، وقال في "الشرح الصغير": الأكثر عند الأكثرين الصحة، ولم يصحح في "الكبير" شيئًا. وإن لم يُعلم واحد من أمرين، وكانا محتملين، ففي جواز الرهن المطلق قولان مرتبان [199 ق / أ] وأولى بالصحة. - ومنها: رهن المرتد (¬2) جائز على الأصح كبيعه، وأما الجاني (¬3) فمبني على جواز بيعه، إن لم يصح (¬4) البيع فالرهن أولى، وإلا فقولان. - ومنها: لو كفن الميت في كفن مغصوب أو مسروق، ودفن فيه فهل ينبش لرده؟ فيه وجهان، أصحهما: نعم، وثانيهما: لا، وعلَّله الرافعي بأنه مشرف على الهلاك بالتكفين، فيعطى (¬5) حكم الهلاك، وينتقل الحق إلى القيمة، بخلاف ما لو دفن في أرض مغصوبة. واعلم أنه قد يعبر عن هذه القاعدة بما هو أعم من ذلك، فيقال: ما قارب الشيء هل يعطى حكمه؟ وبيانه بصور: - منها: الديون المساوية لمال المفلس، هل توجب الحجر عليه؟ وجهان، وفي المقاربة للمساواة -وهىِ ناقصة- الوجهان [224 ن/ ب] وأولى بالمنع. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "رطبًا". (¬2) في (ن): "المرتهن". (¬3) في (ن): "الحال". (¬4) في (ن): "يصحح". (¬5) في (ن) و (ق): "فهل يعطي".

فصل في أحكام المبعض

- ومنها: الدم الذي تراه [المرأة] (¬1) الحامل حالة الطلق ليس بنفاس، وقيل: نعم. - ومنها: ما قاله الغزالي وغيره في باب الإيلاء [من] (¬2) أنه إذا (¬3) قال لأربع نسوة: والله لا أجامعكن، فإنه لا يلزمه الكفارة إلا بوطء الجميع، فإذا جامع ثلاثة صار مؤليًا من الرابعة، ووطء واحدة يقرب من الحنث، والقرب من الحنث معدود (¬4)، ولا يصير [به] (¬5) مؤليًا على أحد القولين. وافاني: أنه يصير مؤليًا، وهو منصوص "الأم"، و"المختصر"، وقال ابن الرفعة في الفصل الثاني من المؤلى عليه بالسفه في النكاح (¬6)، أنه يقرب من ذلك أن دخول وقت الشيء هل يقوم مقامه كما في رمي الجمار عن ابن سريج؟ - ومنها: تفريعًا على الجديد [في] (¬7) أن العبد لا يملك، ففي ملك المكاتب ما في يده وجهان، أحدهما، وهو قول أبي إسحاق: أنه يملك، وإنما منع من التبرعات ليحصل العتق، والمشهور خلافه. فصل في أحكام (¬8) المبعض (¬9) ¬

_ (¬1) من (ق). (¬2) من (ن). (¬3) في (ق): "لو". (¬4) في (ق): "مقدور". (¬5) من (ن). (¬6) في (ق): "بالنكاح في السفه". (¬7) من (ن). (¬8) في (ن): "حكم". (¬9) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 130)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (1/ 459).

وقد (¬1) جمع الشيخ قطب الدين السنباطي (¬2) -رحمه الله- تعالى جزءً مفردًا وتأخرت وفاة الشيخ صدر الدين (¬3)، فإنه توفي سنة [ست] (¬4) عشرة وسبعمائة، ووفاة الشيخ قطب الدين سنة اثنتين وعشرين رحمهما الله والترتيب واحد، وقد زاد أحدهما على الآخر، وسيأتي في كلام الشيخ صدر الدين أن غيره سبقه إلى ذلك وأن الظاهر أنه الشيخ قطب الدين، أو لأنه زاد الشيخ صدر الدين ثمَّ ما أهملاه، فنقول: - مَنْ بعضه حر وبعضه رقيق اضطرب فيه اضطرابًا كثيرًا، فمنه ما أعطى فيه حكم الأحرار [جزمًا، ومنه ما أعطى فيه حكم الأحرار] (¬5) على الأصح، ومنه ما أعطى [فيه] (5) حكم الأرقاء على الأصح. - ومنه ما تردد فيه المذهب ولم أر فيه ترجيحًا، ومنه [199 ق/ ب] ما أعطى من كل بعض حكمه، ومنه ما وقع فيه النظر، ولم أر فيه نقلاً. القسم الأول: ما أعطي فيه حكم الأحرار جزمًا: يصح (¬6) بيعه، وهبته، ووقفه، وإجارته، وسلمه، ورهنه، وسائر تبرعاته، ¬

_ (¬1) في (ن): "وهو". (¬2) هو محمد بن عبد الصمد بن عبد القادر بن صالح، قطب الدين السنباطي، صاحب" التعجيز"، و"أحكام المبعض"، كان فقيفا كبيرًا تخرجت به المصريون، وتوفي سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة (722 هـ) بالقاهرة، راجع ترجمته في: "طبقات الشافعية الكبرى" لابن السبكي (9/ 164). (¬3) يعني: ابن الوكيل. (¬4) سقطت من (ق). (¬5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬6) في (ق): "منع".

واستثنى الشيخ صدر الدين [225 ن/ أ] منها: العتق. ويثبت له خيار المجلس وخيار الشرط. ويصح خلعها، وإقراره بما [لا] (¬1) يضر المالك، وإن أقر بجناية قبل فيما يتعلق بما (¬2) دون سيده، وبقبضته (¬3) بما في يده. - لا يجبرها على النكاح، ولا يطؤها (¬4). - لها (¬5) فسخ النكاح بالإعسار بالمهر حيث تفسخ الحرة. - يأخذ بالشفعة. - لا يقيم عليه الحد إلا الإمام دون السيد، وكل ما في معنى ذلك. القسم الثاني: ما أعطى فيه حكم الأرقاء (¬6) جزمًا: - لا تنعقد به الجمعة وإن كان في نوبته. - لا تسقط [حجته] (¬7) حجة الإسلام. - لا يجب عليه الحج وإن كان موسرًا. - لا يصح ضمانه إذا لم يكن مهايأة، أو كانت وضمن في نوبة السيد، قال الرافعي: وكان يجوز أن يصح كالشراء أو يخرج على المؤن النادرة والأكساب النادرة. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬2) في (ن) و (ق): "به". (¬3) في (ن) و (ق): "وبعضه". (¬4) في (ن): "لإبطالها"، وفي (ق): "لا يطالبها". (¬5) في (ق): "له". (¬6) في (ن): "الأقراء". (¬7) سقطت من (ق).

- لا يقطع بسرقة مال السيد. - لا ينكح المبعضة (¬1)، إلا أن يخاف العنت. - زاد الشيخ صدر الدين: ولا يجد صداق حرة. - لا ينكح بغير إذن السيد. - لاينكح حر من يملك بعضها. - إذا عتقت تحت مبعض ثبت لها الخيار. - إذا أعتق [بعضها] (2) تحت [عبد] (2) فلا خيار [لها] (¬2) - ولا يُقتل الحر بقتله. - لا يكون وليًّا، ولا واليًا، ولا شاهدًا. - لا يعقل. - لا يعتق في الكفارة. - طلاقه طلقتان. - عدتها قرءان. - لا يكون محصنًا في الزنا ولا في القذف. - ولا يقتل الكافر الأصلي بالمبعض المسلم. - القياس ثبوت الاستيلاد (¬3). - وليس كفؤًا لمن عتقت كلها. - لا يرث. ¬

_ (¬1) أي: لا ينكحها الحرُّ. (¬2) من (ك). (¬3) في (ق): "الإسلام".

- لا يجب عليه الجمعة إذا لم تكن في نوبته. - إذا سرق حر مبعضًا فهو كما لو سرق رقيقًا. - لا يجب عليه الجهاد. -[لا يحكم] (¬1) لبعضه، زاد الشيخ صدر الدين: ولا يشهد له. القسم الثالث: ما يعطى فيه حكم الأحرار على الأصح (¬2): - وجوب الزكاة فيما ملكه. - يكفر بالطعام. - والعبد يصح التقاطه، وإذا صح دخلت في نوبته إن كانت مهايأة، وكذا زكاة الفطر. ولا يقتل بمثله، والمقتول كالحر يجب على قريبه الموسر نفقته بقدر الحرية، ويشبه أن يكون هذا من القسم السادس. ومنها (¬3): يقبل الوصية، وإن كانت بإذن السيد فهي لهما، إلا فحصته [إذا منعناها في حق العبد، ويشبه أن يكون] (¬4) هذا من القسم الخامس، وإن كان [225 ن/ ب] بينهما مهايأة بني على الأكساب النادرة، فيعتبر حال الموت، وقيل: الوصية. وقيل القبول، والهبة كالوصية، والاعتبار بالقبض في الهبة في الأصح. زاد الشيخ صدر الدين: ولو أوصى [200 ق/ أ] لنصفه (¬5) الحر أو لنصفه ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬2) في (ق): "الأرجح". (¬3) في (ن) و (ق): "من". (¬4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن). (¬5) في (ن) و (ق): "بنصفه".

العبد (¬1)، قال القفال: يبطل، وقال غيره: يصح [وتختص كل جهة بمستحقها. ولو أوصى لمن (¬2) نصفه حر] (¬3) ونصفه لوارثه، فإن لم يكن مهايأة أو كانت ولم يعتبرها فهي وصية لوارث، قال الإمام: "ويحتمل التبعيض" وإن كانت مهايأة، واعتبرت فعلى ما تقدم من الأصح في اعتبار يوم الموت، فإن كانت للوارث بطلت أو للعبد (¬4) صح، وجريان المهايأة بعد الوصية كمقارنتها، انتهى ما زاده. - وإذا اشترى [زوجته] (¬5) بالمال المشترك بإذن سيده يملك جزءها، وانفسخ النكاح، زاد الشيخ صدر الدين: فإن كان بغير إذنه فعلى تفريق الصفقة، [فإن صح انفسخ أو] (¬6) اشترى بخالص مال السيد لم ينفسخ (¬7) أو بخالص ماله انفسخ، ويجري هذا فيما لو اشترت (¬8) زوجها. القسم الرابع: ما يعطى حكم الأرقاء على الأصح: - لا تجب الجمعة بنوبته. - لا يقتل بمثله والمقتول رقيق (¬9). - نفقة الزوجة كنفقة المعسرين وإن كثر ماله كالرقيق (¬10)، وقيل تسقط ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "الحر". (¬2) في (ن): "بمن". (¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق). (¬4) في (ن): "أو للغير"، وفي (ق): "وإن كانت للغير". (¬5) سقطت من (ق). (¬6) كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق): " وإن ". (¬7) في (ن) و (ق): "يصح". (¬8) في (ن) و (ق): "اشترى". (¬9) في (ك): "لا يقتل به مثله، فالمقتول رقيق"، وفي (ن): "كرقيق"، وفي (ق): "برقيق". (¬10) في (ن): "كالوصف".

كصدقة الفطر، [إذا] (¬1) لم يكن مهايأة. - يحد حد العبد (¬2)، وقيل: يزاد بالنسبة (¬3)، وكذا حد القذف، ويقاس به الشرب (¬4). - ويمنع من التسري، فإن أذن بنى على ملكه (¬5). - لا تجب عليه نفقة القريب، فإن وجبت أي كما قاله في "البسيط" (¬6) وشبههما بالغرامات، فهي كاملة، وقيل: تسقط (¬7). -[عدم وجوب] (¬8) سُتْرة الحرائر في الصلاة. - اشتراط التنجيم (¬9) [في الكتابة] (¬10)، وإن ملك النصف الحر. - ولو (¬11) وهب للعبد بعض عبد يعتق على سيده، وقبل بغير إذنه، وقلنا: يصح، صح وسرى على سيده، واستشكل السريان لدخوله في ملكه قهرًا، ذكره في "الروضة" في العتق، والذي يظهر أن يكون قبول المبعض كالرقيق، كذا قاله الشيخ قطب الدين، وقال الشيخ صدر الدين: قال بعضهم [226 ن/ أ]: والذي يظهر ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) أي: في الزنى. (¬3) في (ن): "بالسير". (¬4) في (ق): " بالشرب". (¬5) في (ق): "ذلك". (¬6) في (ق): "الوسيط". (¬7) في (ن) و (ق): "بقسطه". (¬8) في (ق): "على". (¬9) في (ق): "التيمم". (¬10) من (ق). (¬11) في (ق): "أو".

أن يكون قبول المبعض كالرقيق، وفيه نظر، فإنه لا تعلق [له بهذه] (¬1) المسألة، وظهر بهذا أن الشيخ قطب الدين سبق الشيخ صدر الدين إلى وضع هذه القاعدة، فإن (بعضهم) المشار إليه عناه بقوله: قال بعضهم، ولم يتضح بيانه لعلة المعاصرة، ويتبين أني بدالي بكلامه قبله، فهو الصواب والحمد لله. وزاد الشيخ صدر الدين في هذا القسم: أنه لا تنعقد له الجزية، وقيل: تسقط (¬2). القسم الخامس: ما فيه وجهان ولم أر فيه ترجيحًا: - إذا قدر على مبعضة، هل ينكح الأمة؟ - إذا التقط لقيطًا في نوبته، هل يستحق كفالته (¬3)؟ فيه وجهان نقلهما الرافعي عن صاحب "المعتمد" (¬4). - لو سرق سيد المبعض ما يملكه ببعضه الحر (¬5)، قال القفال: لا يقطع، وقال الشيخ أبو علي: يقطع. القسم السادس: ما يعطى كل واحد منهما حكمه، ويمكن أن يكون من بعض الأقسام المتقدمة: - إذا جنى عليه وجب [200 ق/ ب] قيمة الرقيق، ودية (¬6) الحر. ¬

_ (¬1) في (ق): "لهذه". (¬2) في (ن) و (ق): "يقسطه". (¬3) في (ق): "كتابته". (¬4) "المعتمد في فروع الشافعية" للشيخ أبي نصر محمد بن هبة الله البندنيجي الشافعي المتوفى سنة (495 هـ)، وهو كتاب مشتمل على أحكام مجردة غالبًا عن الخلاف، وله فيه اختيارات غريبة، انظر: "كشف الظنون" (2/ 594). (¬5) في (ك): "المبعض". (¬6) في (ن): "ودونه".

- غرة (¬1) المبعض كالدية، فتجب نصف قيمة جنين رقيق ونصف قيمة غرة حر. - المبعضة يزوجها المالك والمعتق، وقيل: المالك والسلطان، وقيل يستقل (¬2) مالك المبعض، وقيل: لا يزوج (¬3). - إذا قتل من نصفه حر، ونصفه رقيق قتلًا خطأ تحملت العاقلة نصف الدية (¬4)، نقله الرافعي عن فتاوى القاضي حسين. - وزاد الشيخ صدر الدين: أن المبعض يعتكف إذا كان بينه وبين سيده مهايأة في نوبته، ولا يعتكف في نوبة السيد. - قال الروياني في كتاب الرهن: ولو اقترض ممن يملك نصفه (¬5) [مالًا يملكه] (¬6) بنصفه الحر، ورهن عنده نصفه الرقيق صح. وردت عليهما: أن ولد المبعضة ما حكمه؟ وفي الرافعي في أثناء السير، سئل القاضي حسين عمن أولد امرأة نصفها حر ونصفها رقيق بنكاح أو زنا كيف حال الولد؟ فقال: يمكن تخريجه على الوجهين في ولد المشتركة بين الشريك المعسر، [والموسر] ثم استقر جوابه على أنه كالأم حرية ورقًا، قال [الإمام] (¬7): هذا هو الوجه فإنه لا سبب لحريته إلا حرية الأم، فيتعدى بها [226 ن /ب]، وفي الرافعي في كتاب النكاح في كلامه على نكاح المبعضة إرقاق بعض الولد أهون من إرقاق كله. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "على". (¬2) في (ن) و (ق): "سيد". (¬3) وقيل: يزوجها المالك والقريب. (¬4) أي: الذي على بعضه الحر. (¬5) في (ن) و (ق): "نصفها". (¬6) من (ك). (¬7) من (ن).

القسم السابع: ما وقع فيه التحريم من حيث البحث، ولم أر فيه نقلًا عن ذلك القسم: - في المبعضة، هل تعطى حكم الحرائر [أو الإماء] (¬1) أو يوزع، [ومنها] (¬2) الجفبين [أكثر من اثنتين] (¬3)، هل يعطى حكم الأحرار أو حكم العبيد، أو يوزع إن أمكن، فمن نصفه وربعه حر هل ينكح شيئًا؟ وجزم الشيخ صدر الدين أن حكمه حكم الأرقاء جزمًا. الوقف (¬4) على المبعض نفسه هل يصير كالعبد نفسه حتى لا يصح، أو يصح في نصيبه؟ - يحتمل إذا اجتمع رقيق ومبعض أيهما (¬5) أولى بالإمامة. -[إذا مات الرجل هل تغسله أمته؟ فيه خلاف] (¬6) لا يمكن جريانه في المبعضة؛ لأنها أجنبية، فأشبهت المكاتبة فإنها لا تغسله بلا خلاف. - ولو وكل المرتهن الراهن في قبض المرهون من نفسه، أو وكل عبدًا لم يصح. - ولو وكل مبعضًا يحتمل الصحة كالمكاتب. - ولو وكل العبد في البيع بغير إذن السيد، ففيه خلاف، الأصح: أنه لا يصح. - ولو وكل المبعض ينبغي الصحة كما إذا اشترى لنفسه. - لو وُكلِّ في النكاح صح في القبول دون الإيجاب على الأصح فيهما، ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) من "قواعد العلائي". (¬3) بياض بمقدار كلمة في (ن) و (ق)، استدركناه من "قواعد العلائي". (¬4) في (ن) و (ق): "على الوقف". (¬5) في (ن) و (ق): "أنهما". (¬6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).

فالمبعض ينبغي أن يكون أولى بالصحة. - لو باع العبد من نفسه على عين معينة لم يصح على الأصح، لكن يعتق، وعلى السيد (¬1) قيمته، فلو باع المبعض بعضه لمعين ينبغي أن يقطع بالصحة؛ لأنه يملك العين. - إذا أودع عند عبدٍ فأتلف، ففي ضمانه قولان [201 ق/ أ]، وينبغي أن يضمن المبعض. - في الرضخ في المال. - واستحقاقه السلب إن قتل قتيلًا، يحتمل أن يكون كالعبد ويحتمل أن يكون كالحر. - إذا شرطت الحرية فخرج مبعضًا، ففي صحة نكاحه وثبوت الخيار يظهر أن يكون كالرقيق. - إذا ظن حريتها فخرجت مبعضة، يظهر أن يكون كما لو خرجت أمة. - إذا استلحق الرقيق، فيه ثلاث طرق، أصحها: الصحة، ويحتمل أن يكون المبعض (¬2) كذلك، ويحتمل أن يكون أولى بالصحة. - إذا استلحق الحر عبدًا لغيره صغيرًا لم يصح، أو كبيرًا، فوجهان [227 ن / أ] ويحتمل أن يكون المبعض كذلك، ويحتمل أن يكون أولى بالصحة. - وزاد الشيخ صدر الدين أنه [هل يرى سيدته إذا قلنا] (¬3): [يرى العبد سيدته كما هو الأصح فيه نظر. ¬

_ (¬1) في (ن) و (ق): "العبد". (¬2) في (ق): "المبعضة". (¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).

قاعدة المشترك هل يحمل على جميع معانيه مع تجرده عن القرائن بطريق الحقيقة؟

- ومنها: هل] (¬1) يرى [مَنْ] (1) نصفها له، ونصفها حر؟ يشبه أن يكون فيه الخلاف في عورتها في الصلاة، ورجح الماوردي أنها كالحرة، ورجح ابن الصباغ وطائفة أنها كالأمة. قلت: وهو ما جزم به الرافعي. قاعدة " المشترك هل يحمل على جميع معانيه مع تجرده عن القرائن بطريق الحقيقة؟ " (¬2)، ذهب الإمام الشافعي، والقاضي أبو بكر، وجماعة من أصحابنا، والجبائي (¬3)، والقاضي عبد الجبار (¬4) إلى جوازه، وذهب الباقون من أصحابنا، كإمام الحرمين، والغزالي، والإمام، والكرخي، وأبي هاشم (¬5)، وأبي الحسين ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 185)، وانظر: "البرهان" للجويني (1/ 246)، "أصول السرخسي" (ص: 128)، "المستصفى" (ص: 240)، "الإحكام" للآمدي (37/ 1)، "الإبهاج" للسبكي (1/ 248)، "إرشاد الفحول" (1/ 125). (¬3) هو أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي شيخ المعتزلة، صنف التفسير والمتشابه، وفي معنى (القرآن مخلوق)، وغيرها من التصانيف، توفي سنة (303 هـ) انظر "الفهرست" لابن النديم (1/ 34). (¬4) هو القاضي أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن خليل الهمداني الاسترآباذي الشافعي قاضي الري، المتكلم المعتزلي، من تصانيفه: "الأمالي في الحديث"، "تنزيه القرآن عن المطاعن"، "دلائل النبوة"، "طبقات المعتزلة" توفي سنة (415 هـ)، انظر: "هدية العارفين" (1/ 406). (¬5) هو أبو هاشم عبد السلام بن أبي علي محمد الجبائي، سبقت ترجمته.

البصري (¬1) إلى منعه. ثم منهم من منع مطلقًا؛ يعني أنه لا يجوز أن يراد باللفظ [المشترك] (¬2) كل واحد من مفهوميه معًا، نظرًا إلى الإرأدة والوضع، كما لا يجوز أن يراد بالمؤمنين المؤمنون والمشركون. وأما الغزالي، وأبو الحسين البصري، وغيرهما فقالوا: إنما يمتنع ما يرجع إلى الوضع، ويجوز أن يحمل على مفهوميه معًا، نظرًا إلى الإرادة، ولا استحالة (¬3) في إرادتهما، لكن يلزم منه مخالفة الوضع، ويضاهيه من الفقه (¬4) صور: - منها: لو وقف على مواليه، وله موال من أعلى وموال من أسفل. قلت: الأصح في "التنبيه"، و"المنهاج": أنه يقسم بينهما. - ومنها: لو قال لعبده: إن رأيت عينًا (¬5) فأنت حر، فرأى [أحد] (¬6) أفراد العين (¬7). قال الإمام: فيه تردد، والوجه أنه يعتق (¬8)، وكان السبب في عدم الحمل على ¬

_ (¬1) هو أبو الحسين محمد بن علي بن الطيب، البصري المعتزلي نزيل بغداد له من التصانيف: "تصفح الأدلة في أصول الدين"، "شرح الأصول الخمسة"، "كتاب الإمامة"، "المعتمد في الأصول"، توفي سنة (436 هـ)، انظر: "هدية العارفين" (2/ 56). (¬2) سقطت من (ق). (¬3) في (ن) و (ق): "والاستحالة". (¬4) في (ق): "العقد". (¬5) والعين: لفظ مشترك في اللغة يراد به: آلة البصر، وعين الماء، وعين الشمس والعين الجارية، وعين الشيء نفسه، والجاسوس، انظر: "المصباح المنير" (ص: 261). (¬6) من (ك). (¬7) في (ق): "فرأى أحدهما أفراد العقد". (¬8) أي: بما يراه من العيون، ولا تشترط رؤية الجميع.

قاعدة الولد يتبع أباه في النسب وأمه في الرق والحرية

جميع معانيه (¬1) أن الصفة في التعليق تتحقق بأول الأفراد، فيقع العتق كما لو قال: إن دخلت الدار فأنت حر، فيعتق بأول الدخول، يعني أولها وإن لم يدخل الجميع. واعلم أن الإمام الشافعي يجمع أيضًا بين الحقيقة والمجاز، كالمشترك ويخالف [201 ق / ب] جميع الأصوليين، وقد وقع ذلك في الفقه في مواضع: - منها: [لو حلف] (¬2) لا يبيع مثلًا أو لا يشتري فوكَّل، لم يحنث إلا [أن يريد: أن لا يفعل بنفسه ولا بغيره فيحنث بالمجموع، قال] (¬3) الرافعي: وأحسن منه أن يوجد معنى مشتركٌ بين الحقيقة والمجاز، فيقال: إن من نوى [227 ن / ب] أن لا يسعى في تحقيق ذلك الفعل حنسا بالمباشرة، وبالأمر به لشمول (¬4) المعنى، وإرادة هذا المعنى إرادة المجاز وحده (¬5). قاعدة " الولد يتبع أباه في النسب وأمه في الرق والحرية" (¬6). [إلا] (¬7) إذا كان الأب حرًّا عربيًا، وقلنا: إن العرب لا يسترقون، فيتبع أشرفهما دينًا، ويتبع أخسهما حرمة في الذبح والنكاح، وأشرفهما حرمة [في ¬

_ (¬1) أي: اللفظ المشترك. (¬2) سقطت من (ق). (¬3) من (ك). (¬4) في (ن): "المشمول"، وفي (ق): "الشمول". (¬5) وقعت هذه العبارة في (ن) و (ق) كذا: "وإرادة هذا المعنى وإرادة المجاز واحدة"، والمثبت من (ك). (¬6) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 262)، "قواعد الزركشي" (3/ 346). (¬7) سقطت من (ن).

فائدة: ليس أم الولد يمتنع السيد [من] وطئها

الحرية] (¬1)، وولد المبيعة (¬2) مبيع، وولد الأضحية أضحية، [وولد المرهونة ليس بمرهون، وولد المستأجرة] (¬3) ليس بمستأجر، وإن قلنا تبعية الولد [لها في الرق والحرية ليس على إطلاقه؛ لأنه لو كان الأب حرًّا والولد له] (¬4) منها، فهو حر تبعًا لأبيه، وإن أراد ذلك في النكاح ورد عليه (¬5) حرية الولد في نكاح الغرور والوطء بالشبهة، ومن ذلك وطء الأب جارية الابن فأتت بولد، فالولد حر، وهي رقيقة. ومن (¬6) هذه المسائل الولاء عليه: لموالي الأب. - ومنها: تبعيته له في الملك، فيكون ملكًا لسيدها، وأما التبعية في مقدار الدية فيه خلاف أسلفته قريبًا (¬7)، فراجعه (¬8). فائدة: قال الجرجاني في "المعاياة": ليس أم الولد يمتنع السيد [من] (¬9) وطئها من غير تعلق حق الزوج بها إلا في مسألتين (¬10): الأولى: أن يكون لكافر أم ولد فتسلم، فإنه يمنع من وطئها إلى أن يسلم. ¬

_ (¬1) سقطت من (ق). (¬2) في (ن) و (ق): "المبيع". (¬3) سقطت من (ق). (¬4) من (ك). (¬5) أي: على صدر الدين بن الوكيل. (¬6) في (ن) و (ق): "وفي". (¬7) في (ن): "أيضًا". (¬8) الراجح في مقدار الدية: أنه يتبع أغلظهما دية، وفي قول: أنه يعتبر به الأب، وفي وجه: أنه يعتبر بأخفهما عملًا بالبراءة الاُصلية. (¬9) سقطت من (ن). (¬10) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 430).

فائدة: ما خالف قياس الأصول فيه صور

وثانيهما: أن يشتري أخته (¬1) من الرضاع ويطأها جاهلاً بالتحريم ويحبلها، فإنها تصير أم ولد ويمنع من وطئها للتحريم القائم بينهما بالرضاع. ولا حاجة إلى تقييد التصوير بأخوة الرضاع، بل لو اشترى أخته من النسب فوطئها بشبهة صارت أم ولد له، وحرمة (¬2) الوطء قائمة، بل [لو] (¬3) وطئها بلا شبهة صارت أم ولد أيضَا، وصار الولد حرًّا، نسيبًا (¬4)، وإن وجب التعزير على الأظهر، والحد على قول، وصيرورتها أم ولد، وولدها نسيبًا على كل من القولين كما جزم به الرافعي في بابه، لكنه في باب حد الزنا جعل ذلك طريقة مرجوحة، فقال: إن قلنا: لا حد، يثبت النسب والمصاهرة، وإلا فلا، وقيل: يثبت النسب وتصير الجارية أم ولد. -[وإذا وطئ الأب أم ولد ابنه بشبهة] (¬5) تحرم [228 ن / أ] [على] (¬6) الابن على التأبيد، ولم تحل للأب أيضًا بحال. فائدة: ما خالف قياس الأصول فيه صور (¬7): ¬

_ (¬1) في (ق): "لا يشتري أختها". (¬2) في (ن): "وحرية". (¬3) سقطت من (ن). (¬4) في (ن) و (ق): "شبهها". (¬5) من (س). (¬6) سقطت من (ق). (¬7) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 391)، "الإبهاج" للسبكي (3/ 171)، "قواعد ابن عبد السلام " (2/ 297)، وانظر: "شرح القواعد الفقهية" للزرقا (رقم: 14)، "قواعد الندوي" (ص: 456).

الأول: الكتابة، فإن فيها مقابلة مال السيد (¬1) بماله (¬2)، وفيه إثبات رتبة العبد بين الحرية والرق في التصرفات، حتى اضطرب الأصحاب في خروجه عن (¬3) الملك فيما لو حلف أنه لا مال له وله مكاتب، هل يحنث؟ وفي عتقه بعبيدي (¬4) أحرار. - ومنها: جوازها من جهة العبد، ولزومها من جهة السيد. - ومنها: وجوب الإيتاء (¬5) [202 ق / أ] وفيه إلزام السيد بإيتاء العبد ما (¬6) قد [لا] (¬7) يحتاج إليه. الثانية: الغرامة للكافر المهادن زوج المهاجرة المسلمة المهاجرة إلينا. الثالثة: ضمان الدَّرَك (¬8) على الجديد. الرابعة: العلج في دلالته على القلعة بجارية منها (¬9). الخامسة: الجعالة. السادسة: القراض. السابعة: المساقاة. الثامنة والتاسعة والعاشرة: من باب الربا، ومسألة العرايا، وخروجها عن قواعد ¬

_ (¬1) يعني: رقبة العبد. (¬2) يعني: كسب العبد. (¬3) في (ن): "على". (¬4) (ن) و (ق): "بعينه". (¬5) في (ن): "الإبراء". (¬6) في (ق): "مالا". (¬7) سقطت من (ق). (¬8) انظر: "المصباح المنير" (ص: 117). (¬9) قال ابن الوكيل: "العِلْجُ إذا جُعلَ له جارية معينة أو غير معينة، فإنه جُعل غير مملوك ولا مقدور على تسليمه ولا موثوق بحصوله، وإذا كان الجعل معينًا فلا بد من كونه مملوكًا" "الأشباه" (ص: 391).

الربا، ورد الصاع من التمر عوضًا عن اللبن في المصراة. وليعلم أن قاعدتنا " [بناء] (¬1) العقود [على] (¬2) قول أربابها" (¬3) قاعدة مضهورة، [ويظهر] (¬4) في مبادئ النظر أنها (¬5) قد تخالف هذه القاعدة لمخالفتها لقياس الأصول (¬6). فمن أحضر شيئًا وقال: اشتريته من فلان، فإنه يجوز الشراء منه [مع] (¬7) أنه أقر بالملك لفلان [واحتج] (¬8) وادعى حصوله له، وقوله في ذلك لولا هذه القاعدة -أعني قاعدتنا في "العقود على قول أربابها"- لم يكن يقبل قوله إلا ببينة كما في نظائره من عدم سماع الدعوى من الإنسان لنفسه شيئًا إلا ببينة أو إقرار أو يمين مردودة أو نكول (¬9) بشرطه. والموجب لمراعاة هذه القاعدة الضرورة، فإنا (¬10) لو [لم] (¬11) نعتبرها لا نسد باب المعايش، فالحاجة هنا جوزت الشراء منه، لكن [لا] (¬12) يحكم بالملك له ¬

_ (¬1) من (ك). (¬2) من (ك). (¬3) "الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 392). (¬4) من (ك). (¬5) في (ن) و (ق): "إليها". (¬6) في (ق): "بالقياس الأصولي". (¬7) من (ك). (¬8) من (ن). (¬9) في (ن) و (ق): "يكون". (¬10) في (ق): "فإنه". (¬11) سقطت من (ق). (¬12) من (ك).

قاعدة كل من وطئ أمة بغير ملك يمين عالما أنها أمة فولده منها رقيق

ولو قال: وقصه على فلان، أو هو وقف عليَّ، أو وقفته على شخص، ففي الصورة الأولى لا يثبت الوقف، وفي الأخرى يثبت. قاعدة قال الجرجاني: "كل من وطئ أمة (¬1) بغير ملك يمين عالمًا أنها أمة فولده [228 ن/ ب] منها رقيق" (¬2). إلا في مسألة واحدة، وهي العربي (¬3) إذا تزوج أمة على القول بأن العرب لا يسترقون [والله أعلم بالصواب] (¬4). قال مؤلفه -رحمه الله-: ["وهذا آخر ما قصدنا ولله الحمد على ما تيسر وعلى إتمامه". وكان الفراغ منْ هذه النسخة المباركة في العشرين من شهر شوال المبارك، من شهور سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا وحسبنا الله ونعم الوكيل] (¬5). ¬

_ (¬1) في (ن): "امرأة". (¬2) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 374). (¬3) في (ن) و (ق): "للغزالي". (¬4) من (ن). (¬5) أثبتنا هذه الخاتمة من (ق)، وفي (ن): "وهذا آخر ما قصدنا ولله الحمد على ما تيسر وعلى إتمامه، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، وكان الفراغ من كتاب الأشباه والنظائر للشيخ الإمام العلامة سراج الدين ابن الملقن -رحمه الله- يوم الاثنين ثامن وعشرين شهر رمضان سنة اثنتين وستين وثمانمائة، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم". قال محققه: وقد تم الفراغ من نسخه يوم الاثنين التاسع والعشرين من رمضان، فالحمد لله على آلائه وأفضاله وموافقاته.

فهرس مصادر التحقيق

فهرس مصادر التحقيق - الإبهاج في شرح المنهاج - لعلي بن عبد الكافي السبكي المتوفى سنة (685 هـ) وولده تاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي المتوفى سنة (771 هـ) - تحقيق الدكتور شعبان إسماعيل - طبعة مكتبة الكليات الأزهرية - مصر. - الإحكام في أصول الأحكام - لسيف الدين علي بن أبي محمد الآمدي المتوفى سنة (631 هـ) - تعليق الشيخ عبد الرزاق عفيفي - دار الصميعي - الرياض. - أدب المفتي والمستفتى - للحافظ أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن ابن الصلاح المتوفى سنة (643 هـ) - تحقيق مصطفى محمود الأزهري - دار ابن القيم - دار ابن عفان. - إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول - للإمام محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة (1250 هـ) - تحقيق أبي حفص سامي بن العربي الأثري - دار الفضيلة - الرياض. - الأشباه والنظائر في قواعد وفروع الشافعية - لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي المتوفى سنة (911 هـ) - تحقيق محمد تامر وحافظ عاشور - دار السلام - القاهرة. - الأشباه والنظائر - لتاج الدين عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي المتوفى سنة (771 هـ) - تحقيق عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد معوض - دار الكتب العلمية - بيروت. - الأشباه والنظائر في فقه الشافعية - لمحمد بن مكي صدر الدين بن الوكيل المتوفى سنة (716 هـ) - تحقيق محمد حسن إسماعيل - دار الكتب العلمية - بيروت.

- الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان - لزين الدين بن إبراهيم بن نجيم المتوفى سنة (970 هـ) - مكتبة نزار مصطفى الباز - مكة المكرمة - الرياض. - أصول السرخسي - لأبي بكر أحمد بن أبي سهل السرخسي المتوفى سنة (490 هـ) - تحقيق أبو الوفاء الأفغاني - دار الفكر - بيروت. - الأعلام - لخير الدين الزركلي - دار العلم للملايين - بيروت - لبنان. - إنباء الغمر بأبناء العمر - للحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة (852 هـ) - تحقيق حسن حبشي - المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - جمهورية مصر العربية. - أنوار البروق في أنواء الفروق - لشهاب الدين أبي العباس أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن القرافي المتوفى سنة (684 هـ) - تحقيق د. أحمد محمد سراج. د. علي جمعة محمد - دار السلام - القاهرة. - البحر المحيط في أصول الفقه - لبدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي المتوفى سنة (794 هـ) - وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت. - البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - للشوكاني - القاهرة. - البرهان في أصول الفقه لأبي المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني المتوفى سنة (478 هـ) - تحقيق الدكتور عبد العظيم الديب - دار الوفاء - المنصورة. - التعريفات - للشريف الجرجاني المتوفى سنة (816 هـ) - طبعة شركة ومكتبة مصطفى البابي الحلبي - مصر. - تقرير القواعد وتحرير الفوائد - للحافظ زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي المتوفى سنة (795 هـ) - تحقيق مشهور حسن - دار ابن القيم - دار ابن عفان.

- الجواهر المضية في طبقات الحنفية - لمحيي الدين عبد القادر بن محمد بن أبي الوفاء القرشي المتوفى سنة (775 هـ) - تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو - دار هجر. - ذيل تذكرة الحفاظ - لشمس الدين محمد بن علي الحسيني المتوفى سنة (765 هـ) - دار إحياء التراث العربي - بيروت. - ذيل الدرر الكامنة - للحافظ ابن حجر العسقلاني - تحقيق د. عدنان درويش - القاهرة. - سنن أبي داود - للحافظ سليمان بن الأشعث السجستاني المتوفى سنة (275 هـ) - أولاد الشيخ - القاهرة. - سنن ابن ماجه - لأبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني المتوفى سنة (275 هـ) - دار المعرفة - بيروت. - سنن الترمذي - لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة المتوفى سنة (297 هـ) - دار المعرفة - بيروت. - سنن الدارمي - لعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي المتوفى سنة (255 هـ) - دار الكتاب العربي - بيروت. - سنن الدارقطني - للحافظ علي بن عمر الدارقطني المتوفى سنة (385 هـ) - عالم الكتب - بيروت. - سنن النسائي - لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي المتوفى سنة (303 هـ) - دار المعرفة - بيروت. - سير أعلام النبلاء - للحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة (748 هـ) - تحقيق بشار عواد معروف - مؤسسة الرسالة - بيروت.

- شذرات الذهب في أخبار من ذهب - لشهاب الدين عبد الحي بن أحمد ابن العماد المتوفى سنة (1089 هـ) - تحقيق عبد القادر محمد الأرناؤوط - دار ابن كثير - دمشق - بيروت. - شرح البدخشي على نهاية السول - لمحمد بن الحسن البدخشي - دار الفكر - بيروت. - شرح تنقيح الفصول - لشهاب الدين أبي العباس أحمد بن إدريس القرافي المتوفى سنة (684 هـ) - دار الفكر - بيروت. - شرح القواعد الفقهية - للشيخ أحمد الزرقا - دار القلم - دمشق. - صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري - دار الحديث - القاهرة. - صحيح مسلم مع شرح النووي - دار المختار - القاهرة. - طبقات الشافعية الكبرى - لتاج الدين ابن السبكي - تحقيق محمود محمد الطناحي وعبد الفتاح محمد الحلو - دار إحياء الكتب العربية - القاهرة. - طبقات الفقهاء الشافعية - لأبي بكر بن أحمد بن قاضي شهبة الدمشقي المتوفى سنة (851 هـ) - تحقيق الدكتور علىِ محمد عمر - مكتبة الثقافة الدينية - مصر. الفهرست - لأبي الفرج محمد بن أبي يعقوب ابن النديم المتوفى سنة (380 هـ) - الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة. - القاموس المحيط - لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآباي المتوفى سنة (817 هـ) - دار إحياء التراث العربي - بيروت. - قواعد الأحكام في إصلاح الأنام - لعز الدين عبد العزيز بن عبد السلام المتوفى سنة (660 هـ) - تحقيق الدكتور نزيه حماد، والدكتور عثمان ضميرية - دار القلم - دمشق.

- القواعد - لأبي عبد الله محمد بن محمد بن أحمد بن المقَّري المتوفى سنة (758 هـ) - تحقيق ودراسة أحمد بن عبد الله بن حميد - معهد البحوث العلمية - جامعة أم القرى. - القواعد والفوائد الأصولية - لأبي الحسن علاء الدين علي بن عباس البعلي الحنبلي المتوفى سنة (803 هـ) تحقيق محمد حامد الفقي - مطبعة السنة المحمدية - القاهرة. - القواعد الفقهية الكبرى - لصالح السدلان - دار بلنسية - الرياض. - القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة - للدكتور محمد الزحيلي - دار الفكر - دمشق. - القواعد الفقهية - لعلي أحمد الندوي - دار القلم - دمشق. - القواعد الفقهية - للدكتور يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين - مكتبة الرشد - الرياض - شركة الرياض للنشر والتوزيع. - القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب إعلام الموقعين - لعبد الرحمن جمعة الجزائري - دار ابن القيم - دار ابن عفان. - القواعد الفقهية من خلال كتاب المغني - لعبد الواحد الإدريسي - دار ابن القيم - دار ابن عفان. - كشاف اصطلاحات الفنون - للعلامة محمد بن علي التهانوي - مكتبة لبنان - ناشرون. - كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون - لحاجي خليفة، ومعه إيضاح المكنون، وهدية العارفين - لإسماعيل باشا البغدادي - طبعة المكتبة التجارية - مصطفى أحمد الباز - دار الفكر - بيروت.

- الكليات - لأبي البقاء أيوب بن موسى الكفوي - تحقيق عدنان درويش - محمد المصري - مؤسسة الرسالة. - اللمع في أصول الفقه - لأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي المتوفى سنة (476 هـ) - طبعة شركة ومكتبة مصطفى البابي الحلبي - مصر. - لسان العرب - لابن منظور - دار المعارف - مصر. - المجموع المذهب في قواعد المذهب - لأبي سعيد خليل بن كيكلدي العلائي المتوفى سنة (761 هـ) - تحقيق ودراسة الدكتور محمد عبد الغفار الشريف - وزراة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت. - مختار الصحاح - لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي المتوفى سنة (660 هـ) - دار الحديث - مصر. - المستصفى في علم الأصول - لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي المتوفى سنة (505 هـ) - دار الكتب العلمية - بيروت. - المصباح المنير - لأحمد بن محمد بن علي الفيومي المقرئ المتوفى سنة (770 هـ) - دار الحديث - مصر. - معجم مؤلفات العلامة ابن الملقن المخطوطة بمكتبات المملكة العربية السعودية - إعداد الدكتور ناصر بن سعود بن عبد الله السلامة - دار الفلاح - مصر - دار أطلس - الرياض. - معجم مقاييس اللغة - لأبي الحسين أحمد بن فارس المتوفى سنة (395 هـ) - تحقيق عبد السلام هارون - دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. - المنثور في القواعد - لبدر الدين الزركشي - تحقيق الدكتور تيسير فائق أحمد محمد - وزراة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت.

- الموافقات في أصول الشريعة - لأبي إسحاق إبراهيم بن موسىِ الشاطبي المتوفى سنة (790 هـ) - تحقيق مشهور سلمان - دار ابن القيم - دار ابن عفان. - موسوعة القواعد الفقهية - للدكتور محمد صدقي البورنو - مؤسسة الرسالة. * * *

§1/1