المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي

أحمد بن الصدِّيق الغُمَارِي

رقم الإيداع بدار الكتب المصرية: 2891/ 96 الترقيم الدولي: 0 - 03 - 5235 - 977 بتاريخ: 3/ 2/ 1996 الطبعة الأولى

«من أَرَادَ صناعَة الحَدِيث فَعَلَيهِ بالمداوي» عبد اللَّه بن الصّديق المُداوي لعلل الْجَامِع الصَّغِير وشرحي الْمُنَاوِي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

هَذِه هِيَ الطبعة الشَّرْعِيَّة الوحيدة لكتاب «المداوي» علمًا بِأَن الْحُقُوق مَمْلُوكَة بالكامل لدار الكتبي وَحدهَا وكل من يتجرأ على طبع الْكتاب سَوف يُتَابع قضائيًا

[مقدمة التحقيق]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد للَّه رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد، ففي المدة التي كنت فيها ملازمًا لشيخنا العلامة عبد اللَّه بن الصديق بطنجة أثناء التحاقي بالقرويين، كنت حريصًا على حضور درس فضيلته المقام بعد صلاة الصبح والذي كان يتناول فيه كتاب "نيل الأوطار" شرحًا وتعليقًا وتحقيقًا على مدى ما يقرب من عشر سنين (¬1). وكان فضيلته في أثناء الدرس كثيرًا ما يلوح بذكر كتاب "المداوي" لشقيقه أبي الفيض الحافظ أحمد بن الصديق، فيثني عليه ويطريه ذاكرًا أنه من أجود ما ألف في بابه، وأن من أراد صناعة الحديث فعليه بلبابه. ثم اتفق أن يسر اللَّه وأنشئت دارًا للنشر بالقاهرة أثناء فترة إقامتي بطنجة عام (1410 هـ) وتشرفت بطبع بعض الرسائل العلمية لشيخنا عبد اللَّه بن الصديق. ¬

_ (¬1) وكانت دروس نيل الأوطار كأنها روضة من رياض الجنة يسودها التؤدة والسكينة خاصة في تلك الساعة المباركة. فكان الأخ الفاضل مصطفى البقالي يقوم بسرد أحاديث الباب جملة واحدة، ثم يتناولها الشيخ بالشروح والتعليقات والكلام على مذاهب العلماء في المسألة، فلا يترك شاردة ولا واردة إلا ذكرها، ثم يقوم أحد الطلبة بسرد كلام الشوكاني في الباب، وكلما كان موضع للتعليق استوقفه الشيخ معلقًا أو مصححًا لما تحرَّف من النسخ المطبوعة.

وكان الشيخ شديد الاهتمام بشأن كتاب "المداوي"، يسعى السعي الحثيث لكي يطبع الكتاب ويظهر إلى حيز الوجود، ولما عرض الأمر علي في أول نشأة الدار كنت أعتذر له بكبر حجم الكتاب واحتياجه لكثير من النفقة لكي يظهر في الصورة المشرفة اللائقة بموضوعه. وألحَّ علي الشيخ في الطلب عن طريق غير مباشر -من خلال الأخ الفاضل محسن خلاف- ثم عن طريق مباشر من خلال رسالة أرسلها لي يحثني فيها على بذل الجهد لإتمام هذا العمل. ولما يسر اللَّه الأمر وتهيأت الفرصة لتلبية رغبته شرعت في الإعداد لنسخ الكتاب وكنت لم أزل في مرحلة الطلب بالقرويين. غير أن الشيخ وافته المنية قبل إتمام هذا العمل ورؤيته إياه وكان ذلك في شعبان عام (1413 هـ)، فلم يمنعني ذلك عن إتمام ما بدأت، فاتصلت بشيخنا الأستاذ الدكتور المحقق/ إبراهيم بن الصديق وعرضت عليه الأمر وما كان من رغبة الشيخ عبد اللَّه الملحة في طبع الكتاب، فأيدني إلى ما عزمت عليه وكنت قد انتهيت حينئذ من أكثر من ثلثي الكتاب. إلى أن ظهر ما يكدر الصفو ممن يدَّعي الحقوق معنا، حيث جاء بورقة كاد يطير بها فرحا، وأبرق وأرعد وهدد وتوعد، ومن خلفه جماعة الخائنين يهولون له الأمر ويعظمونه، مستغلين في كل ذلك شوائب كانت تشوب العلاقة بيني وبين فضيلة العلامة المحدث/ عبد العزيز بن الصديق (أحد ورثة المؤلف) منعتني من الاتصال المباشر به، فاعتمدت على الواسطة التي لم تأت بخبر.

ولم أعبأ بتهديداته ولم ألتفت لإرجافاته، فما زاده ذلك إلا خوفًا وهلعًا فسعى إلى كل طريق غير مشروع ليحول بيني وبين ما عزمت عليه، وما قصر في إلحاق الإذاية بنا بطرق ساذجة عاف عليها الزمن، يستحي من فعلها صغار الذراري، وكأنني لست بمسلم وليس لي حرمة المسلمين (¬1). ولكن اللَّه عامله بخلاف مقصوده، وتم العمل على أحسن وجه وللَّه الحمد على ما أنعم وأسبغ. وبعد، فإن جميع حقوق طبع كتاب "المداوي" ثابتة لدار الكتبي بموجب الإذن العام الممنوح لنا من قبل فضيلة الشيخ/ عبد اللَّه بن الصديق، وبموجب العقد المبرم مع ورثة الحافظ أحمد بن الصديق. وما كنت أحب الخوض في هذا لولا أن تأكد لي رغبة من رغب في شن الحرب، وما اعتدينا ولكن الظالم اعتدى، وإنا للَّه وإنا إليه راجعون .. مصطفى صبري ¬

_ (¬1) والعجب من مرتزقة اليوم كيف ساغ لهم التمحل في العلم الشريف غرض نشره، وهم غاية مقصودهم جمع المال بأي وسيلة كانت، يتحيلون في ذلك الحيل ويسلكون كل مسلك مشروع وغير مشروع، ويكيدون المكائد، ويتناحرون، و. . . و. . . و. . . فأي شرف في ذلك؟! خيب اللَّه سوقهم جميعًا، فهم أصدق مثال لحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش".

مقدمة في علم العلل

مقدمة في علم العلل بقلم الشيخ المحدث حسين بن محسن الأنصاري اليماني أدام اللَّه بركاته (¬1) مسماه البَيَان المكمِّل في تحقيق الشَّاذ والمُعلَّل (¬2) ¬

_ (¬1) هو الشيخ المحدث الفقيه حسين بن محسن الأنصاري السعدي الخزرجي اليماني، من أهل الحديدة، ولد عام (1225 هـ - 1810 م)، تولى القضاء ببندر اللحية مدة، ورحل إلى الهند، فصحب محمد صديق حسن خان، وتردد بين الهند واليمن يجلب نفائس المخطوطات إلى الهند، ومات في بومبي (1327 هـ - 1909 م). مؤلفاته: - التحفة المرضية في حل بعض المشكلات الحديثية. - البيان المكمل في تحقيق الشاذ والمعلل. رسالة كتبها سنة 1306 هـ. - ونور العينين من فتاوي الشيخ حسين. - والقول الحسن المتيمن في ندب المصافحة باليد اليمنى. رسالة صغيرة. (¬2) هذه الرسالة كانت من الملحقات التي طبعت في آخر سنن الدارقطني التي طبعت بالهند مع التعليق المغني لأبي الطيب محمد المدعو شمس الحق العظيم أبادي، وكان ذلك في شهر جمادي الأولى من سنة ألف وثلاثمائة وعشر من هجرة المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذه الطبعة محفوظة بدار الكتب المصرية.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد للَّه رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغرِّ الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد، فإنه ورد على الحقير أسير القصور والتقصير سؤال من بعض الفضلاء (¬1) والأعزة الكملاء، عن الفرق بين الحديث الشاذ والمعلل، وبين فاحش الغلط وفاحش الغفلة وسيء الحفظ. وقد أحسن السائل الظنَّ بالحقير، فأسعفته بمطلوبه تحقيقا لظنه ومرغوبه، وإن كنت لست أهلا لذلك ولا ممن يخوض في تلك المسالك، ولكني كما قال الشاعر: ولكن البلاد إذا اقشعرت ... وصوح نبتها رعى الهشيم (¬2) ورجاء دعوة صالحة أنتفع بها في الدنيا والآخرة، فأقول وباللَّه التوفيق وبيده أزمة التحقيق: قال العلامة الشيخ عمر البيقوني في منظومته في مصطلح الحديث: وما يخَالِفُ ثِقةٌ فيه الملا ... فالشَّاذُّ والمقْلوبُ قِسْمانِ تَلا ¬

_ (¬1) المراد به الفاضل أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم أبادي، نص ما كتبه المؤلف رحمه اللَّه على الحاشية اليسرى. (¬2) (صوح): بالصاد المهملة صوح النبات إذا يبس وتشقق "مجمع البحار"، وفيه أيضًا: والهشيم من النبات اليابس المنكسر، نص ما كتبه المؤلف على الحاشية.

مثال الشذوذ في السند

قال الشارح العلامة محمد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي رحمه اللَّه: (وما يخالف ثقة فيه) بزيادة أو نقص في السند أو في المتن، (الملا) بالإسكان للوزن أو لنية الوقف، أي: الجماعة الثقات فيما رووه وتعذر الجمع بينهما، فالشاذ كما قاله الشافعي وجماعة من أهل الحجاز، وهو المعتمد، كما صرح به في شرح النخبة، لأن العدد أولى بالحفظ من الواحد، وعليه فما خالف الثقة فيه الواحد الأحفظ شاذ، وفي كلام ابن الصلاح وغيره ما يفهمه اهـ. قال العلامة الشيخ عطية الأجهوري في حاشية على هذا الشرح: قوله: لأن العدد أولى بالحفظ. . . إلخ ظاهره أنه علة لمحذوف، أي: فهو غير مقبول لأن العدد. . . إلخ. وقوله: فعليه. . . إلخ أي: على هذا التعليل، أي: ويؤخذ من هذا التعليل أن من خالف. . . إلخ. ووجه الأخذ من هذا التعليل أنه إنما حكم على مخالفة الجماعة بالشذوذ لكون الجماعة أحفظ منه، فيفيد أن المدار على الحفظ، فحينئذ من خالف من هو أحفظ منه يعد شاذا، انتهى المقصود نقله من كلام الشيخ عطية الأجهوري رحمه اللَّه تعالى. * * * مثال الشذوذ في السند ما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس: "أن رجلا توفي على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يدع وارثا إلا مولى هو أعتقه. . . " الحديث، فإن حماد بن زيد رواه عن عمرو عن عوسجة ولم يذكر ابن عباس. لكن

ومثاله في المتن

تابع ابن عيينة على وصله ابن جريج وغيره، قال أبو حاتم: المحفوظ حديث ابن عيينة، فحماد مع كونه من أهل العدالة والضبط، رجح أبو حاتم رواية من هو أكثر عددا منه. ومثاله في المتن يوم عرفة في حديث: "أيام التشريق أيام أكل وشرب"، فإنه من جميع طرقه بدونها، وإنما جاء بها موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر، فحديث موسى شاذ، لكن صححه ابن حبان والحاكم، وقال: إنه على شرط مسلم، والترمذي: إنه حسن صحيح، ولعله لأنها زيادة ثقة غير منافية، انتهى كلام الزرقاني. قال الشيخ عطية الأجهوري: أي لأنه يحملُ ذلك على من كان واقفا بعرفة للحج، فلا تكون منافية. وقد يقال: لا حاجة لهذا الحمل على هذا لأنها غير منافية للحديث الذي ذكرت فيه، انتهى. وقال الحاكم: الشاذ ما انفرد به ثقة وليس له أصل بمتابع لذلك الثقة، فقيد بالثقة دون المخالفة، وذكر أنه يغاير المعلل من حيث إن المعللَ وُقِفَ فيه على علته الدالة على جهة الوهم، والشاذ لم يوقف فيه على علة كذلك، انتهى كلام الزرقاني في الشرح. قال الشيخ عطية الأجهوري: قوله: (ما انفرد به ثقة)، أي: خالف أم لا، فليكن هذا القول أعم من الأول. وقوله: (من حيث إن المعلل وُقف فيه على علته الدالة على جهة

الوهم)، أي: من إدخال حديث في حديث أو أصل مرسل أو نحو ذلك كما سيأتي، قاله السخاوي. وقوله: (والشاذ لم يوقف فيه على علة كذلك)، أي: لم يوقف على العلة الدالة على جهة الوهم، أي: بل عرف أن به علة، ولكن لم يوقف على بيانها، والحاصل أن المنفي: الوقوف على عينها، ولذلك قال البقاعي: أسقط الحاكم قيدًا لابد منه، وهو أنه قال: وينقدح في نفس الناقد أنه غلط ولا يقدر على إقامة الدليل على ذلك. والحاصل أن الشاذ لا يغاير المعلل إلا من هذه الجهة: وهي كونه لم يُطَّلَع على علته، وأما الرَدُّ: فهما مشتركان فيه، قال الطوخي: ويوضحه قوله: (والشاذ لم يوقف فيه على علة كذلك)، أي: كالمعلل، ويعني: بل وقف على علته حدسا، انتهى كلام الشيخ عطية الأجهوري. ثم قال الزرقاني: وقال الخليلي: الذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد ثقة أو غير ثقة، خالف أم لا، فما انفرد به الثقة يتوقف فيه ولا يحتج به، لكنه يصلح أن يكون شاهدا، وما انفرد به غير الثقة متروك. وردَّ ما قالاه ابن الصلاح بأفراد الثقات الصحيحة كحديث: "إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن بيع الولاء وهبته"، فإنه لم يصح إلا من رواية عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر مع أنه في الصحيحين، وكحديث: "إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل مكة وعلى رأسه المغفر"، فإن مالكا تفرد به عن الزهري عن أنس مع أنه في الصحيحين أيضًا، قال: وفي غرائب الصحيح أشباهٌ لذلك كثيرة، ويقول مسلم في باب الأيمان

والنذور من صحيحه: روى الزهري نحو تسعين حديثا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يشاركه فيها أحد بأسانيد جياد. وقد تعقبه العراقي في مثاله الثاني في نكته على ابن الصلاح فعد ستة عشر نفسا تابعوا مالكا عن الزهري، وذكر أن يزيد الرقاشي تابع الزهري عن أنس في فوائد أبي الحسين الموصلي، وأن أنسا تابعه سعد ابن أبي وقاص وأبو برزة الأسلمي عند الدارقطني، وعلي بن أنجب البغدادي في المشيخة لأبي محمد الجوهري، وسعيد بن يربوع والسائب بن يزيد في مستدرك الحاكم، فقد حصلت المتابعة لمالك في شيخه وشيخ شيخه، ثم اختار ابن الصلاح استخراجا من كلام الأئمة فيما لم يخالف فيه الثقة غيره، وإنما أتى بشيء انفرد به: أن الراوي إذا قرب من ضبط تام ففرده حسن كحديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه عن عائشة قالت: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك"، فقد قال فيه الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف عن أبيه، وإذا بلغ الضبط التام ففرده صحيح كحديث النهي عن بيع الولاء وهبته، وإن بَعُدَ عن الضبط فشاذ، قال: فخرج من ذلك أن الشاذ المردود قسمان: أحدهما: الحديث الفرد المخالف وهو ما عرفه الشافعي. والثاني: الفرد الذي ليس في رواته من الثقة والضبط ما يقع جابرا لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف، انتهى كلام الزرقاني في شرحه على منظومة الشيخ محمد البيقوني رحمه اللَّه تعالى.

قال العلامة الشيخ عطية الأجهوري في حاشيته على الشرح المذكور: وملخص الأقوال أن الشافعي قيد بقيدين: الثقة والمخالفة، والحاكم قيد بالثقة فقط على ما قاله الشيخ، والخليلي لم يقيد بشيء منهما. وقوله: (فما انفرد به الثقة يتوقف فيه ولا يحتج به)، أي: مما لم يخالف، وأما إذا خالف الثقات أو من هو أحفظ منه، فحاله معلوم. وقوله: (فما انفرد به الثقة يتوقف فيه. . .) إلخ، هذا إنما يأتي على كلام الحاكم والخليلي. وقوله: (وما انفرد به غير الثقة متروك)، أي: احتجاجا واستشهادا. وقوله: (ورد ما قالاه ابن الصلاح)، أي رد ابن الصلاح ما قاله الحاكم والخليلي، أي: لأن الصحيح قد تقدم أن من جملة تعريفه ألَّا يكون شاذا، فالشاذ لا يكون صحيحا، ومتى لم تشترط المخالفة ورد علينا ما في الصحيح من الأحاديث الغريبة فيقتضي عدم صحتها أو التوقف فيها كما قال الخليلي: وما كان عن ثقة فيتوقف فيه ولا يحتج به، وقد حصل الاتفاق على الحكم بصحة ما في الصحيحين غير المستثنى، فتكون صحيحة غير صحيحة أو معمولا بها متوقفا فيها، وذلك محال وهو لازم للخليلي. وأما الحاكم فبعد علمك بالقيد الذي قاله تعلم أنه لا يرد عليه ذلك، لأن ما في الصحيح من ذلك مما مثل به الشيخ وما شاكله لم يقع في

قلب أحد من النقاد ضعفه. قلت: والظاهر أن كلام الخليلي مقيد بما قيد به الحاكم أو نحو ذلك وإلا كان كلامه ساقطا، لأنه لم يذكر فيمن اشترط العدد في الصحيح، انتهى, قاله الطوخي. وقوله: (بأفراد الثقات) بفتح الهمزة جمع فرد. وقوله: (وبقول مسلم) معطوف على قوله: (بأفراد الثقات الصحيحة) أي: ورد ما قاله الحاكم والخليلي ابن الصلاح بقول مسلم. . . إلخ. وقوله: (في باب الأيمان والنذور) بفتح الهمزة جمع يمين. وقوله: (نحو تسعين) بتقديم المثناة الفوقية على السين، وأشار بقوله: (نحو) إلى أن الواقع من مسلم إنما هو روي الزهري نحو تسعين، ولا يخفى أن (نحو) تحتمل النقص والزيادة. وقوله: (وعلي بن أنجب البغدادي في المشيخة. . . إلخ) بالجر معطوف على الدارقطني، أي: تابع أنسا هذان الصحابيان عند هذين المحدثين، والمشيخة اسم كتاب يذكر فيه التلميذ شيوخ شيخه، أي: فشيخ علي ابن أنجب البغدادي هو أبو محمد الجوهري، أي: فذكر علي بن أنجب في الكتاب شيوخ شيخه المذكور. وأما سعيد بن يربوع والسائب بن يزيد فمعطوفان على سعد بن أبي وقاص، فجملة المتابعين لأنس من الصحابة أربعة.

وقوله: (استخراجا من كلام الأئمة)، السين والتاء للتأكيد وهو تمييز، أي: من جهة الإخراج من كلام الأئمة. وقوله: (فيما لم يخالف) متعلق (باختار). وقوله: (إن الراوي. . . إلخ)، مفعول اختار كما يعلم ذلك من متن الألفية. وقوله: (فيما لم يخالف)، أي: في الحديث الذي لم يخالف. وقوله: (إنما أتى بشيء انفرد به)، دفع به ما يوهم أن الذي ذهب إليه أعم من أنه يوافق فيه غيره أو لا، لأن قوله: (فيما لم يخالف) نفى صادق بموافقته للغير وانفراده، والمراد الانفراد، فيكون قوله: (وإنما) تخصيص لهذا المقام وقصر له على إحدى الصورتين. وقوله: (إذا قرب من ضبط تام فهو حسن) غرضه أن الحديث الفرد إذا قرب رواته من الضبط التام فهو حسن، وبهذا يلتئم مع قوله: (فيما لم يخالف) وما يأتي على منواله. وقيد الشارح الضبط بالتام إشارة إلى أن الحسن لابد فيه من أصل الضبط. وقوله: (فقد قال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل. . . إلخ)، تعليل لقوله: (غريب) أو قصد به إفادة التعيين التي لم تعلم من قوله: (غريب). وقوله: (قسمان: أحدهما الحديث الفرد المخَالَفْ) بفتح اللام، أي:

المخالف فيه، أو بالكسر أي: المخالِف لما رواه الثقات. وقوله: (الذي ليس في رواته من الثقة والضبط)، أي: التوثق، فعطف الضبط عليه تفسير، وهو بيان لما تقدم عليها، وحاصله أن التفرد في ذاته يوجب ضعفا ونكارة، ويجبر هذا الضبط والتوثق، فإن كان تاما فالحديث صحيح، وإن كان مسمى الضبط، فالحديث حسن، وعند عدم الأمرين يكون الحديث ضعيفا، انتهى كلام الشيخ عطية الأجهوري رحمه اللَّه، وإنما ذكرناه برمته تحصيلا لتمام الفائدة. وقال العلامة المجد صاحب القاموس في منظومته في أصول الحديث: ثم الذي ينعت بالشذوذ ... كل حديث مفرد مجذوذ خالف فيه الناس ما رواه ... لان روى ما لا يروى سواه قال السيد العلامة نفيس الدين وخاتمة المحدثين سليمان بن يحيى ابن عمر بن مقبول الأهدل في شرحه المسمى بالمنهل الروي شرح منظومة المصطلح في الحديث النبوي ما لفظه: الشاذ لغة: المنفرد، يقال: شذ يشُذ بضم الشين وفتحها شذوذا، إذا انفرد، وأما اصطلاحا ففيه اختلاف كثير، ومقتضى ما ذكره الناظم الإشارة إلى قولين:

القول الأول: ما ذهب إليه الشافعي وجماعة من أهل الحجاز: أنه ما رواه الثقة مخالفا لرواية الناس، أي: الثقات، وإن كانوا دونه في الحفظ والإتقان، وذلك لأن العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، وألحق ابن الصلاح بالثقات الثقة الأحفظ، وسواء كانت المخالفة بزيادة أو نقص في سند أو متن، إن كانت بحيث لا يمكن الجمع بين الطرفين فيهما مع اتحاد المروي، انتهى. أو هو ما ليس له إلا سند ... شذ به فرد فوقف أو يرد هذا هو القول الثاني، وهو ما ذكره الحافظ الخليلي حيث قال: الذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد شذ به ثقة أو غيره، فما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به، وما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل، انتهى. فلم يعتبر في هذا القول قيد المخالفة ولا اقتصر على الثقة، قال الإمام النووي في تقريبه تبعا لابن الصلاح: وما ذكره الخليلي مشكل بانفراد العدل الضابط كحديث: "إنما الأعمال بالنيات" و"النهي عن بيع الولاء" ونحو ذلك مما في الصحيحين وليس له إلا إسناد واحد، فالصحيح التفصيل بأن يقال: الثقة إذا كان مفرده مخالفا لثقة أحفظ منه وأضبط أو لجماعة وإن كان كلٌ منهم دونه كما تقدم، كان شاذا مردودا وإن لم يخالف، فإن كان عدلا حافظا موثوقا بضبطه كان مفرده صحيحا وإن لم يوثق بضبطه، لكن لم يبعد عن درجة الضابط

كان حسنا، وإن بعد كان شاذا منكرا مردودا، والحاصل أن الشاذ المردود هو الفرد المخالف والفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يجبر تفرده، انتهى. وعبارة الحافظ ابن حجر في شرح النخبة: والشاذ لغة: الفرد، واصطلاحا: ما يخالف فيه الراوي من هو أرجح منه، وله تفسير آخر سيأتي انتهى. قال الشيخ أبو الحسن السندي في بهجة النظر على شرح نخبة الفكر، قال هناك: ثم سوء الحفظ إن كان لازما للراوي في جميع حالاته فهو الشاذ على رأي، وإن كان طارئا لكبر أو ذهاب بصره أو ضياع كتبه فهو المختلط، وهو بهذا المعنى غير مراد هنا، انتهى. وقال الشيخ القاسم والملا على القاري في شرحيهما: قوله: وله تفسير آخر سيأتي، بل له تفسيران آخران كما سيأتي: أحدهما: ما رواه المقبول مخالفا لمن هو أولى منه، والمقبول أعم من أن يكون ثقة أو صدوقا، وهو دون الثقة. وثانيهما: ما رواه الثقة مخالفا لما رواه من أوثق منه، والثالث أخص من الثاني كما أن الثاني أخص من الأول. وله تفسير رابع: وهو ما يكون سوء الحفظ لازما لراويه في جميع حالاته.

وله تفسير خامس: وهو ما يتفرد به شيخ. وله تفسير سادس: وهو ما يتفرد به ثقة ولا يكون له متابع. وله تفسير سابع ذكره الشافعي: وهو ما رواه الثقة مخالفًا لما رواه الثقات، انتهى كلام قاسم والملا علي القاري. وقال السيد العلامة عبد الرحمن بن سليمان في المنهج السوي على شرح والده المسمى بالمنهل الروي: والمشهور من ذلك ثلاثة مذاهب: مذهب الشافعي، ومذهب الخليلي، ومذهب الحاكم: وهو أن الشاذ ما انفرد به ثقة، وليس له أصل بمتابع لذلك الثقة، ولم يشترط مخالفة الناس، قال البقاعي: قال شيخنا -يعني الحافظ ابن حجر-: أسقط -يريد الزين العراقي- من قول الحاكم قيد الآبد منه، وهو أنه قال: وينقدح في نفس الناقد أنه غلط ولا يقدر على إقامة الدليل على ذلك، وذكر أن الشاذ يغاير المعلل من حيث إن المعلل وقف على علته الدالة على جهة الوهم، وأن الشاذ لم يوقف فيه على علةٍ كذلك، قال الحافظ ابن حجر: وهو على هذا أدق من المعلل بكثير، فلا يتمكن من الحكم به إلا مَن مَارسَ الفن غاية الممارسة وكان في الذروة العليا من الفهم الثاقب ورسوخ القدم في الصناعة ورزقه اللَّه نهاية الملكة انتهى. وأما مذهب الشافعي فهو ما أخرجه الحاكم من طريق ابن خزيمة عن يونس بن عبد الأعلى قال: قال الشافعي: ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يرويه غيره إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثا يخالف

ما روى الناس انتهى. أي: الثقات، وألحق ابن الصلاح بالثقات الثقة الأحفظ، حيث قال: فإن خالف من هو أولى منه بالحفظ والضبط، كان ما انفرد به شاذا مردودا، وتبعه الحافظ ابن حجر فقال: فإن خولف، أي: الراوي -وأراد راوي الحسن والصحيح- بأرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد، أو غير ذلك من وجوه الترجيحات، فالراجح يقال له: المحفوظ، ومقابله وهو المرجوح، يقال له: الشاذ، سواء كان ذلك في السند أو في المتن. فمثال الأول: ما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من طريق ابن عيينة: عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس أن رجلا توفي على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يدع وارثا إلا مولى هو أعتقه. . . الحديث، تابع ابن عيينة على وصله ابن جريج وغيره، وخالفهم حماد بن زيد، فرواه عن عمرو بن دينار عن عوسجة ولم يذكر ابن عباس، قال أبو حاتم: المحفوظ حديث ابن عيينة، انتهى. فحماد من أهل العدالة والضبط ومع ذلك رجح أبو حاتم رواية من هو أكثر عددا منه. ومثال الثاني: زيادة: "يوم عرفة" في حديث: "أيام التشريق أيام أكل وشرب"، فإنه من جميع طرقه بدونها، وإنما جاء بها موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر. وكذا ما رواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الواحد بن زياد عن

الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا: "إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع عن يمينه"، قال الإمام البيهقي: خالف عبد الواحد العدد الكثير في هذا، فإن الناس إنما رووه من فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا من قوله، وانفرد عبد الواحد من بين الثقات أصحاب الأعمش بهذا اللفظ، انتهى المنقول من المنهج السوي. وقال العلامة أبو الحسن السندي في بهجة النظر: إن قيل أن هذا يدل على ترجيح الوصل لكثرة العدد مع أن الوصل مقدم مطلقا عند المحققين، قال النووي في مقدمة شرح مسلم: إذا رواه بعض الثقات متصلا وبعضهم مرسلا، وبعضهم مرفوعا وبعضهم موقوفا، فالصحيح الذي قاله المحققون من المحدثين وقاله الفقهاء وأصحاب الأصول، وصححه الخطيب البغدادي: أن الحكم لمن وصله ورفعه سواء كان المخالف مثله أو أكثر أو أحفظ، لأنها زيادة ثقة وهي مقبولة، وقيل: الحكم لمن أرسله أو وقفه، قال الخطيب: وهو قول المحدثين، وقيل: الحكم للأكثر وقيل: للأحفظ، انتهى كلام النووي. قلت: والمختار عند المصنف -يعني الحافظ ابن حجر- أن الحكم للرفع والوصل إذا استوى الراويان أو تقاربا، فأما إذا كان بينهما بون بعيد فالعبرة للأقوى، قال الحافظ السيوطي في شرح نظم الدرر: قال الحافظ ابن حجر: هنا شيء يتعين التنبيه عليه، وهو أنهم شرطوا في الصحيح ألَّا يكون شاذا، وفسروا الشذوذ بمخالفة الثقة، ثم قالوا: تقبل الزيادة من الثقة وبنوا على ذلك أن من وصل أو رفع معه زيادة

علم فيقبلونه، وهل يسمونه شاذا أم لا؟ فلابد من بيان الفرق أو الاعتراف بالتناقض، والحق أن هذه الزيادة لا تقبل دائما، ومن أطلق لم يصب، وإنما تقبل إذا استووا في الوصف، ولم يتعرض مَنْ نَقص لنفيها لفظا ولا معنى، انتهى. وقال الحافظ في نكت ابن الصلاح: قول المصنف: لا إشكال فيه يعني: ما ذهب إليه الشافعي في تعريف الشاذ فيه نظر، وذلك أنه يلزم على قوله: أن يكون في الصحيح الشاذ وغير الشاذ، لكن الشافعي صرح بأنه مرجوح، وأن الرواية الراجحة أولى، لكن هل يلزم من ذلك عدم الحكم بالصحة؟ محل توقف، قد قدمت التنبيه عليه في الكلام على نوع الصحيح، انتهى. وقال في الموضع المحال عليه: والمراد بالشذوذ هنا ما خالف الراوي فيه من هو أحفظ منه أو أكثر كما فسر به الشافعي، لا مطلق تفرد الثقة كما فسره به الخليلي فافهم، وما اشترطوه من نفي الشذوذ مشكل، لأن الإسناد إذا كان متصلا ورواته كلهم عدولا ضابطين، فقد انتفت عنهم العلل الظاهرة، فمجرد مخالفة أحد من رواته لمن هو أوثق منه أو أكثر عددا لا يستلزم الضعف، بل يكون من باب صحيح وأصح، وأمثلة ذلك موجودة في الصحيحين، فمن ذلك أنهما أخرجا قصة جمل جابر من طرق وفيها اختلاف كثير في مقدار الثمن، وفي اشتراط ركوبه، وقد رجح البخاري الطرق التي فيها الاشتراط، وأن الثمن أوقية من ذهب، مع تخريجه ما يخالفه أيضًا، ومن ذلك أن

مسلما أخرج من حديث مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة في الاضطجاع قبل ركعتي الفجر، وقد خالفه أصحاب الزهري كمعمر ويونس وعمرو بن الحارث والأوزاعي وابن أبي ذئب، وشعيب وغيرهم عن الزهري فذكر: (والاضطجاع بعد ركعتي الفجر قبل صلاة الصبح)، ورجح جمع من الحفاظ روايتهم على رواية مالك، فلم يتأخر أصحاب الحديث عن إخراج حديث مالك في كتبهم التي التزموا بتخريج الصحيح فيها، فإن قيل: يلزم أن يسمى الحديث صحيحا ولا يعمل به، قلنا: لا مانع منه إذ ليس كل صحيح يعمل به، بدليل المنسوخ، انتهى كلام الحافظ رحمه اللَّه في نكته على ابن الصلاح، وذكر مثله الجلال السيوطي في شرح تقريب النووي. قال السيد العلامة عبد الرحمن بن سليمان في المنهج السوي: وقد أشار ابن حجر المكي في رسالته التي ألفها في إثبات أدلة البسملة إلى الجواب عما ذكر الحافظ ابن حجر: فإنه قال -يعني ابن حجر الهيثمي- عند كلامه على تعريف الصحيح بعد كلام ما نصه: وقد خلا عن الشذوذ وهو مخالفة الراوي في روايته من هو أرجح منه عند تعسر الجمع بين الروايتين، وخالف في هذا الفقهاء والأصوليون، وتنبني على هذا مسائل منها: إذا أثبت الراوي عن شيخه شيئا فنفاه من هو أحفظ منه أو أكثر عددا أو ملازمة للشيخ، فهذان -أي: الفقهاء والأصوليون- يقولان: إن المثبت مقدم على النافي، فيقبل، والمحدثون ووافقهم الشافعي يقولون: لا يقبل، لأنه

شاذ بمقتضى التفسير المذكور، قال الشافعي: ولأن العدد الكثير -أي: في صورته- أولى بالحفظ من الواحد، أي: لأن تطرق السهو إليه أقرب منه إليهم، وقول الأولين يرد قولهم بقوله: (بعيد مدركا كما علمت) ومنها الحديث الذي يرويه العدل الضابط عن تابعي مثلا عن تابعي مثلا عن صحابي، ويرويه آخر مثله سواء عن ذلك الصحابي لكن عن صحابي آخر، فالفقهاء وأكثر المحدثين يجوزن حيث لا مانع ولا قرينة أن التابعي سمعه منهما، وفي الصحيحين الكثير من هذا، وبعض المحدثين يعلون الحديث بهذا متمسكين بأن الاضطراب دليل على عدم الضبط في الجملة، واتفق الكل على أن أحد المتردد فيهما ضعيفا رد، وقول بعضهم يرد بمجرد العلة وإن لم تقدح ضعيف. وبما تقرر علم أن الشاذ لا يسمى صحيحا، لكن نوزع فيه بأن غاية ما فيه رجحان رواية على رواية أخرى، فالمرجوحية لا تنافي الصحة ويرد بمنع أن المرجوحية لا تنافي الصحة بل الصواب أنها من حيث السند تنافي الصحة التي الكلام فيها، وهي أعلا مراتب الصحة، وبه يفرق بينه وبين المنسوخ، فإن العلة فيه من حيث حكم المتن لا من حيث السند، وحكم المتن أجنبي عن السند فيكون الرد لأجله لا ينافي كون الحكم على سنده بالصحة، بخلاف السند فإن الرد لأجله ينافي صحته، لأن فيه طعنا فيه فتأمله، انتهى المقصود نقله منه. قال السيد عبد الرحمن بعد نقله كلام ابن حجر المكي في المنهج السوي:

وقد استفيد مما ذكر أن لكل من أئمة الحديث ومن أئمة الفقه اصطلاحا في الصحيح غير اصطلاح الآخر، وبذلك صرح الإمام ابن دقيق العيد في "الإمام شرح الإلمام" حيث قال ما نصه: إن لكل من أئمة الحديث والفقه طريقا غير طريق الآخر، فإن الذي تقتضيه قواعد الأصول والفقه أن العمدة في تصحيح الحديث عدالة الراوي وجزمه بالرواية، ونظرهم يميل إلى اعتبار التجويز الذي يمكن معه صدق الراوي وعدم غلطه، فمتى حصل ذلك وجاز ألَّا يكون غلطا، وأمكن الجمع بين روايته ورواية من خالفه بوجه من الوجوه الجائزة لم يترك حديثه، وأما أهل الحديث فإنهم يروون الحديث من رواية الثقات العدول ثم تقوم لهم علل تمنعهم عن الحكم بصحته انتهى. وقال الحافظ ابن حجر في نكته على ابن الصلاح: وعلى المصنف -يعني ابن الصلاح- إشكال أشد منه، أي: من كلام الشافعي، وذلك أنه -يعني ابن الصلاح- يشترط في الصحيح ألَّا يكون شاذا كما تقدم، ويقول: إذا تعارض الوصل والإرسال قدم الوصل مطلقا، سواء كان رواة الإرسال أقل أو أكثر أو أحفظ أم لا، ويختار في تفسير الشاذ: أنه الذي يخالف راويه من هو أرجح منه، وإذا كان راوي الإرسال أحفظ ممن روى الوصل مع اشتراكهما في الثقة، فقد ثبت كون الوصل شاذا فكيف يحكم له بالصحة مع شرطه في الصحة ألَّا يكون شاذا؟ هذا في غاية الإشكال، ويمكن أن يجاب

عنه بأن اشتراط نفي الشذوذ في شرط الصحة إنما يقوله المحدثون، وهم القائلون بترجيح رواية الأحفظ إذا تعارض الوصل والإرسال، والفقهاء وأهل الأصول لا يقولون بذلك، والمصنف قد صرح باختيار ترجيح الوصل على الإرسال، فلعله يرى عدم اشتراط نفي الشذوذ في شرط الصحيح، لأنه هناك لم يصرح عن نفسه باختيار شيء، بل نقل ما عند المحدثين، وإذا انتهى البحث إلى هذا الحال ارتفع الإشكال، وعلم منه أن مذهب أهل الحديث أن شرط الصحيح ألَّا يكون الحديث شاذا، وأن من أرسل من الثقات إن كان أرجح ممن وصل من الثقات قدم وكذا بالعكس، ويأتي فيه الاحتمال الماضي حينئذ، وهو أن الشذوذ يقدح في الاحتجاج لا في التسمية، انتهى كلام الحافظ ابن حجر رحمه اللَّه تعالى. وقال السيد عبد الرحمن في المنهج السوي: ما ذهب إليه الشافعي في تعريف الشاذ هو المعتمد كما صرح به الحافظ في شرح النخبة، فقال بعد كلام وتحقيق ما نصه: وعرف من هذا التقرير أن الشاذ ما رواه المقبول مخالفا لمن هو أولى منه، وهذا هو المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح, انتهى. ولم يذكر كما ترى هنا قيد المخالفة بحيث لا يمكن الجمع بين الطرفين، وقد صرح بهذا القيد بعد ذكر التعريف المذكور ابن حجر الهيثمي في رسالته المتعلقة بالبسملة وعبارته: الشاذ اصطلاحا فيه اختلاف كثير، والذي عليه الشافعي والمحققون

أنه ما خالف فيه راو ثقة بزيادة أو نقص في سندٍ أو متنٍ ثقات، بحيث لا يمكن الجمع بينهما مع اتحاد المروي عنه، انتهى. واعلم أن قول الخليلي: الذي عليه حفاظ الحديث. . . إلخ يجري فيه ما قيل في قول الخطابي: ينقسم الحديث إلى ثلاثة أقسام، إنه من قبيل العام الذي أريد به الخصوص، فإن المذاهب في ذلك معروفة، منها من يطرح الشاذ مطلقا، على أن الخليلي قد نقل في ذلك مذهب أهل الحجاز، وملخص ما ذكر هنا: أن الشافعي قيد الشاذ فيه بقيدين: الثقة والمخالفة، والحاكم قيد بالثقة فقط، والخليلي لم يقيد بشيء. قال الحافظ في الإفصاح على نكت ابن الصلاح ما نصه: والحاصل من كلامهم أن الخليلي سوى بين الشاذ والفرد المطلق، فيلزم على قوله أن يكون في الشاذ الصحيح وغير الصحيح، فكلامه أعم وأخص منه كلام الحاكم، لأنه يقول: إنه تَفَرُّد الثقة، فيخرج تفرد غير الثقة، فيلزم على قوله أن يكون في الصحيح الشاذ وغير الشاذ، وأخص منه كلام الشافعي رضي اللَّه عنه لأنه يقول: إنه تفرد الثقة بمخالفة من هو أرجح منه، ويلزم عليه ما يلزم على قول الحاكم، لكن الشافعي صرح بأنه مرجوح وأن الرواية الراجحة أولى، لكن هل يلزم من ذلك عدم الحكم عليه بالصحة؟ محل توقف قد قدمت التنبيه عليه، انتهى. وقد مر نقل ذلك قريبا. ثم قول الخليلي: (وما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به)،

ظاهره أنه لا يجعل تفرد الثقة شاذا صحيحا كما ذكر ذلك ابن الصلاح، بل صرح بالتوقف، نبه على ذلك الحافظ في نكته على ابن الصلاح، وقيل: إن الخليلي إنما ذكر تفرد الثقة فلا يرد تفرد الضابط الحافظ لما بينهما من الفرق. قال الجلال السيوطي: وأجيب بأنه -يعني الخليلي- قد أطلق الثقة فيشمل الحافظ وغيره، انتهى. وقد استشكل قول الخليلي وغيره: "وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به"، بأن هذه زيادة ثقة لتفرده بما روى عن غيره كما ينفرد راوي الزيادة، وإلا فما الفرق؟ وأجيب بأن الفرق بين تفرد الراوي بالحديث من أصله وبين تفرده بالزيادة، فإن تفرده بالحديث لا يلزم منه تطرق السهو والغفلة إلى غيره من الثقات، إذ لا مخالفة في روايته لهم بخلاف تفرده بالزيادة إذا لم يروها من هو أوثق منه حفظا وأكثر عددا، فإنه ظن غالب لترجيح روايتهم على روايته، ومبنى هذا الأمر على غلبة الظن، واحتج بعض الأصوليين بأن من الجائز أن يقول الشارع كلاما في وقت فيسمعه شخص، ويزيد في وقت آخر فيحضره غير الأول ويؤدي كل منهما ما سمعه، وبتقدير اتحاد المجلس فقد يحضر أحدهما في أثناء الكلام فيسمع ناقصا ويضبطه الآخر تاما، أو ينصرف أحدهما قبل تمام الكلام ويتأخر الآخر، وبتقدير حضورهما فقد يذهل أو يعرض عارض من ألم أو جوع أو عطش أو فكر شاغل أو نحو ذلك من العوارض ولا

يعرض لمن حفظ الزيادة، وأجيب عن هذا بأن الذي يبحث عنه المحدثون إنما هو زيادة بعض الرواة من التابعين فمن بعدهم، أما الزيادة الحاصلة من بعض الصحابة على صحابي آخر إذا صح السند فلا يختلفون في قبولها كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين في قصة آخر من يخرج من النار، وأنه تعالى يقول له بعد ما يتمنى: "لك ذلك ومثله معه", وقال أبو سعيد رضي اللَّه عنه: "أشهد لسمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: ذلك لك وعشرة أمثاله معه", ونحوه من الأمثلة كثير. وإنما الزيادة التي يتوقف أهل الحديث في قبولها من غير الحافظ، حيث يقع في الحديث الذي يتحد مخرجه كمالك عن نافع عن ابن عمر إذا روى الحديث جماعة من الحفاظ الأثبات العارفين بحديث ذلك الشيخ، وانفرد دونهم بعض رواته بزيادة فيها، فإنها لو كانت محفوظة لما غفل الجمهور من رواته عنها، فتفرد واحد منهم بها دونهم مع توفر دواعيهم على الأخذ منه وجمع حديثه يقتضي ريبة توجب التوقف عنها، ذكر ذلك جميعه الحافظ في نكته على ابن الصلاح. ومسألة زيادة الثقة هي من جملة أنواع الحديث، وقد بسط الكلام عليها أئمة الحديث الأصوليون، وذكر البرماوي في شرح ألفيته في أصول الفقه عشرة أقوال: منها القبول، وهو الذي حكاه الخطيب عن الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث، وادعى ابن طاهر الاتفاق عليه عند أهل الحديث.

الثاني: أنها لا تقبل الزيادة مطلقا، حكاه الخطيب في الكفاية وابن الصباغ في العدة عن قوم من أصحاب الحديث. الثالث: أنها لا تقبل ممن رواه ناقصا وتقبل من غيره من الثقات، حكاه الخطيب عن فرقة من الشافعية، وقد فصل ابن الصلاح في ذلك كما مر نقله عن ابن حجر الهيثمي رحمه اللَّه، انتهى كلام السيد عبد الرحمن بن سليمان في المنهج السوي. ومن حيث أنه أحال على ما نقله ابن حجر المكي فلابد من ذكره تتميما للفائدة، قال ابن حجر المكي: الذي عليه أكثر الفقهاء والمحدثين أن زيادة الثقة مقبولة تعلق بها حكم شرعي غير الحكم الثابت أم لا، أوجبت نقصا من أحكام ثبتت بخبر آخر أم لا، كما اعتمد ذلك النووي. وقيد الإمام ابن خزيمة قبولها بما إذا استوى الطرفان حفظا وإتقانا، وتبعه ابن عبد البر فقال: إنما تقبل إن كان راويا أحفظ وأتقن ممن قصر أو مثله حفظا، فإن كانت من غير حافظ ولا متقن فلا التفات إليها. وقال الخطيب: المختار قبولها إذا كانت من عدل حافظ متقن ضابط. واعتمد الحافظ ابن حجر ما يوافق ذلك حيث قال: يشترط لقبولها كونها غير منافية لرواية من هو أوثق من راويها، والظاهر أن هذا مراد الأولين، كما أنه ينبغي تقييده كما قاله إمام الحرمين: "بما إذا سكت الباقون عن نفيها أما مع نفيها على وجه يقبل فلا، وقيل: يقبل من المحدث في السند، ومن الفقيه في المتن، قال ابن الصلاح: والذي

حررته من تصرفهم أن ما ينفرد به الثقة ثلاثة أقسام: أحدها: ما انفرد به ثقة عن ثقات أو ثقة أحفظ بزيادة لا يمكن الجمع بينهما فلا تقبل تلك الزيادة عند المحققين كالشافعي. الثاني: ما لم يخالف ما انفرد به ما رواه الثقات أو ما رواه الأحفظ فيقبل، لأنه جازم بما رواه وهو ثقة ولا معارض له، إذ الساكت لم ينفها لفظا ولا معنى، ولا دل كلامه على وهم راويها، فهي كحديث مستقل تفرد به ثقة لم يعارض. الثالث: أن يزيد لفظة تفيد حكما في حديث ويسكت عنها جميع رواته، كزيادة: "وجعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا"، ورواية: "جعلت لنا تربة الأرض مسجدا وطهورا"، فهذه تشبه القسم الأول من حيث إن ما رواه الجماعة عام يشمل التراب وغيره من أجزاء الأرض، والثاني: من حيث إنه لا منافاة بينهما، أي: بالنسبة لأصل التيمم، وهذه اختلفوا في قبولها وهو -أعني- قبولها والعمل بما أفادته من التقييد بالتراب، هو ما عليه الأكثرون ولا يعارضه كون الأكثرين على تقديم الإرسال على الوصل، إذ الإرسال علة في السند، فكان وجودها قادحا في الوصل، وليست الزيادة في المتن كذلك، انتهى، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.

[الفرق بين فاحش الغلط وفاحش الغفلة وسيء الحفظ]

[الفرق بين فاحش الغلط وفاحش الغفلة وسيء الحفظ] وأما الفرق بين فاحش الغلط وفاحش الغفلة وسيء الحفظ، فقال في المنهج السوي للسيد العلامة عبد الرحمن بن سليمان رحمه اللَّه تعالى: وأما فاحش الغلط فبأن يكون خطؤه أكثر من صوابه أو يتساويان إذ لا يخلو الإنسان من الغلط والنسيان، قال في شرح الألفية: كأن يكون كثير السهو في رواياته ولم يُحدث من أصل صحيح، انتهى. قال الشيخ محمد أكرم: وكلام شرح الألفية يقتضي تقييد فحش الغلط بما إذا حدث بالطريق الذي يفحش غلطه فيه، أما من كان كثير السهو في الروايات بطريق الحفظ، ويكون له أصل صحيح إذا حدث منه لا يغلط، فيقبل حديثه كما يفهم من كلام العراقي، بل صرحوا بذلك أيضًا، فمن فحش غلطه أو كثرت غفلته أو ظهر فسقه، فحديثه منكر، وأما الغفلة فعلى قسمين: أحدهما: أن تكون مطلقة، بأن يكون مغفلا لا يميز بين الصواب والخطأ، ويعرف ذلك بالغلط الفاحش، وبقبول التلقين: وهو أن يتلقن الشيء فيحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه، كموسى بن دينار المكي، فإنه لقنه حفص بن غياث ويحيى القطان وغيرهما، فجعل حفص بن غياث يضع له الحديث، فيقول: حدثتك عائشة بنت طلحة عن عائشة رضي اللَّه عنها بكذا وكذا، فيقول: حدثتني عائشة بنت

طلحة عن عائشة رضي اللَّه عنها، ثم سرد له أشياء من هذا القبيل، فلما فرغ حفص مد يده لبعض من حضر ممن لم يعلم المقصد وليست له نباهة، فأخذ ألواحه التي كتب فيها ومحاها وبين له كذب موسى. الثاني: أن يكون في حالة خاصة فيرد حديثه في تلك الحالة بأن يتساهل في وقت من الأوقات في التحمل، كأن يتحمل في حالة النوم الكثير الواقع منه أو من شيخه، أما النعاس الخفيف الذي لا يختل معه الفهم فلا يضر. قال السخاوي في شرح الألفية: والظاهر أن الرد بذلك، أي: بالتساهل في التحمل والأداء ليس على إطلاقه وإلا فقد عرف جماعة من الأئمة المقبولين به، فإما أن يكون لما انضم إليه من الثقة وعدم المجيء بما ينكر، أو لكون التساهل مختلفا فيه، فمنه ما يقدح ومنه ما لا يقدح، انتهى. ثم كثرة الخطإ مقيد بما إذا حدث بالطريق الذي يفحش فيه، أما إذا كان كثير السهو في الروايات بطريق الحفظ ولكن له أصل صحيح إذا حدث منه لا يغلط، فإنه يقبل حديثه كما هو مبين في محله، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم، انتهى كلام السيد عبد الرحمن في المنهج السوي. وفي شرح النخبة للحافظ ابن حجر وشرحها لأبي الحسن السندي: (أو فحش غلطه) أي: كثرته أو غفلته، عطف على المضاف إليه

لقوله في التفصيل الآتي: أو كثرت غفلته، إلا أن مقتضى تعداده أن يكون بتقدير المضاف أي: أو فحش غفلته عن الإتقان، أي: عن ضبط الحديث وأحكامه، ثم الغفلة على قسمين: أحدهما: مطلقة لا تتقيد بحالة بأن يكون مغفلا لا يميز الصواب من الخطإ، ويعرف ذلك بالغلط الفاحش، ويصدق عليه الذي قبله، وبأن يكون مقبول التلقين، وهو أن يحدث بما يلقن من غير أن يعلم أنه حديثه، كموسى بن دينار المكي، فإنه لقنه حفص بن غياث امتحانا وقال له: حدثتك عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين بكذا، فيقول: حدثتني عائشة، فلما تبين له أنه يتلقن محا ما كتبه عنه. وثانيهما: أن تكون في حالة خاصة فيرد حديثه الذي حصل في تلك الحالة، بأن يتساهل في وقت من الأوقات في التحمل، كأن يتحمل تارة في حال غلبة النوم الواقع منه أو من شيخه، أما النعاس الخفيف الذي لا يختل معه فهم الكلام فلا يضر, انتهى. وأما سوء الحفظ فقال الحافظ في شرح النخبة: وهي عبارة عن أن يكون غلطه أقل من إصابته. قال العلامة أبو الحسن السندي في بهجة النظر: هكذا في كثير من النسخ ومنها النسخة الصحيحة التي عليها خط المؤلف وفي بعضها: "ألَّا يكون" بصيغة النفي، وقد صوبه الشارح المحقق على القاري، ثم اعترض على المصنف بوجوه كثيرة منها: أنه لا فرق بين فحش الغلط وسوء الحفظ، وأنه يلزم عدم الفرق بين الشاذ

والمنكر مع أنه قال في فحش الغلط: إنه المنكر، وفي سيء الحفظ: إنه هو الشاذ، وقال: وإن حمل فحش الغلط على كثرته في نفس الأمر سواء كان مساويا لإصابته أو أكثر منها، أو أقل، لم يكن لتقديمه على سوء الحفظ وجه، لأن سوء الحفظ على هذا يكون الغلط فيه أكثر من الإصابة أو مثلها، وأما ما أورده على نسختنا هذه بأنها تقتضي أن من وقع منه الخطأ ولو مرة يقال له: سيء الحفظ، لأنه يصدق عليه أن غلطه أقل من إصابته مع أنه مقبول، وإلا لكان أكثر الثقات من المردودين إذ قل من يسلم من الخطإ، فيمكن الجواب عنه من وجهين: الأول: أن الإضافة في قوله: (أو فحش غلطه) للعهد أي غلطه الموجب للطعن، وهو أن يكون الغلط كثيرا في ذاته وإن كان أقل من إصابته. الثاني: أن هذا تعريف بالأعم إذ المقصود الامتياز عن بعض ما عداه وهو فاحش الغلط، وأما الامتياز عن الخطإ مرة أو مرتين ونحوه فتركه اعتمادا على فهم المخاطب لظهور أنه ليس بموجب للطعن، كذا أفاده بعض المشايخ، وسيأتي بعض ما يتعلق به عند قول الماتن: (ثم سوء الحفظ إن كان لازما) انتهى كلام أبي الحسن السندي رحمه اللَّه تعالى. وقال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة في الموضع المحال عليه: ثم سوء الحفظ وهو السبب العاشر من أسباب الطعن، والمراد به -أي سوء الحفظ-: (من، وفي نسخة: ما، تنزيلا له منزلة غير العقلاء)، على

أنه قيل بعمومه يرجح جانب إصابته على جانب خطئه كذا في بعض النسخ، وفي أكثر النسخ الموجودة: (من لم يرجح) بزيادة أداة الجحد، وهو ينافي ما اخترناه وأوضحناه أولا عند قول المصنف: أو سوء حفظه في الإجمال. وقال الشارح وجيه الدين قدس اللَّه سره: واعترض عليه أستاذي مولانا أبو البركات بأنه قال: أولا في الإجمال وهو يعني سوء الحفظ، عبارة عن أن يكون غلطه أقل من إصابته فبين كلاميه تدافع إلا أن تكون لفظة (لم) وقعت تصحيفا من الناسخ أو زلة قلم، قال: ثم أخبرني بعض إخواني أنه سأل الحافظ السخاوي عنه، فقال: وقع لفظ (لم) غلط من الناسخ وأخرج نسخة من عنده وليس فيها لفظة (لم) انتهى. وقوله: وقعت تصحيفا من الناسخ أو زلة من القلم، معناه: أن لفظة (لم) وقعت زائدة من زلة قلم الناسخ بلا شعور، أو أن الناسخ زادها بقصده لتوهمه الزيادة صوابا، فالمراد بالتصحيف معناه اللغوي وهو الخطأ في الصحيفة كما في القاموس، والشارح المحقق عَلىٌّ القاري بعد اطلاعه على هذا كله صوب النسخة التي فيها زيادة (لم) ومما رجحها به أنه نقل عن المصنف أنه قال في تقرير هذا الكلام: إذا فهم من قوله: (ما لم يرجح) أن يرجح جانب خطئه أو يستويا، ولا شك أن هذا الكلام يقتضي ما اختاره، ولكن يحتمل أن يكون هذا التقرير قبل تغييره النسخة التي هي موافقة لنسخة الحافظ السخاوي

على أن اختلاف التقرير أهون من اختلال هذا التأليف. وقد قال على القاري: فلا تعجل وتأمل، فإنه محل الزلل، وهو -أي سوء الحفظ- على قسمين، وكل منهما مسمى باسم عندهم، فإنه إن كان لازما للراوي في جميع حالاته من غير خبر ثان، أي: حاصلا من غير عروض سبب لسوء حفظه في بعض الأوقات فهو الشاذ على رأي بعض أهل الحديث. قال البقاعي في حاشية شرح الألفية: (المنكر): اسم لما خالف فيه الضعيف الذي ينجبر وهنه بمثله، أو تفرد الثقة الأضعف الذي لا ينجبر وهنه بمتابعة مثله. (والشاذ): اسم لما خالف فيه الثقة الأوثق أو تفرد به الخفيف الضبط، أي: الذي ينجبر وهنه بمتابعة مثله، انتهى كلام العلامة أبو الحسن السندي رحمه اللَّه تعالى. وقال السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير في شرح قصب السكر منظومة نخبة الفكر: واعلم أنه قد تقدم أن الشاذ مقابل المحفوظ، وهو ما رواه المقبول مخالفا لمن هو أولى منه، قال الحافظ: وهذ هو المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح، وهنا جعل الشاذ: رواية من كان سوء الحفظ ملازما له في جميع حالاته وهو غير ما تقدم، فلذا قيل: على رأي، ونقل كلام الإمام النووي في التقريب في تعريف الشاذ إلى أن قال: فجعل -يعني النووي- في الشاذ صحيحا وحسنا ومردودا، وأما

هذا القسم وهو ما رواه من كان سوء الحفظ ملازما له فما عده منه. وقال السيد محمد بن إبراهيم الوزير: وقد يرد لسوء الحفظ، فإن كان ملازما له فالضعيف. واشترط الأصوليون أن يكون خطئوه أكثر من صوابه أو مساويا للقطع بتجويز الخطإ على الثقات، فتعين العمل بالراجح. وقال المحدثون: من كثر خطئوه لا يحتج به وإن كان صوابه أكثر، إما لعدم حصول الظن المطلق وهذا أقوى، أو لأنهم لا يتمسكون من الظنون إلا بما ثبت عندهم من الإجماع عليه، ويلزم هذا من لم يتمسك بالعقل. وإما لعدم حصول الظن الأقوى، وفيه نظر كما تقدم في المرسل، ومنهم من يعرف حديث الضعيف بالشاذ, وإن كان سوء الحفظ طارئا فالمختلط، انتهى. وفيه ما تراه من زيادة التفصيل، انتهى كلام السيد محمد الأمير في شرح قصب السكر. وقد تقدم نقلا عن الملا علي القاري والشيخ قاسم أن له -يعني الشاذ- سبعة تفاسير: الرابع منها: ما يكون سوء الحفظ لازما لراويه في جميع حالاته، وهذا الذي عبر عنه الحافظ ابن حجر بقوله: على رأي كما تقدم آنفا. ثم قال الحافظ في شرح النخبة مع شرحها لأبي الحسن السندي: وإن كان سوء الحفظ طارئا -أي متجددًا- على الراوي إما لكبر سنه أو

لذهاب بصره أو لاحتراق كتبه أو عدمها، تعميم بعد تخصيص، بأن الباء للسببية يعني: إنما صار ذهاب البصر والكتب موجبا لسوء الحفظ، لأنه كان يعتمدها فرجع إلى حفظه فساء لفقدان مراجعة الكتب فهذا هو المختلِط بكسر اللام، والحكم فيه -أي في المختلط- أن ما حدث به قبل طرئان الاختلاط عليه إذا تميز لنا كونه قبل الاختلاط قُبِلَ، وإذا لم يتميز تُوقِفَ فيه على بناء المجهول فيه، وَفُهِمَ منه بالطريق الأولى عدم قبول ما حدث به بعد الاختلاط، تميز لنا لكونه بعد الاختلاط، أو لم يتميز. قال العراقي في شرح ألفيته: ثم الحكم فيمن اختلط أنه لا يقبل من حديثه ما حدث به في حال الاختلاط، وكذا ما أبهم أمره وأشكل، فلم يدر أحدث قبل الاختلاط أو بعده، وما حدث به قبل الاختلاط قُبِلَ، ثم ذكر تفصيل من اختلط من الرواة فمن أراد ذلك فليراجعه، وكذا من اشتبه الأمر فيه أي حكمه (من جزم الأئمة باختلاطه وتعين زمانه) حكم من اشتبه الأمر في نفس اختلاطه وفي زمان اختلاطه، فما حدث به قبل الزمان الذي قيل باختلاطه فيه إذا تميز قبل، وما لا يكون كذلك توقف فيه، انتهى كلام أبي الحسن السندي رحمه اللَّه تعالى. وقال الحافظ في شرح النخبة مع شرحها لأبي الحسن السندي: ومتى توبع السيء الحفظ سواء كان سوء حفظه لازما أو طارئا بمعتبر أي: براو معتبر بفتح الموحدة، وإنما قيد به لأن الرواة على ثلاثة

أصناف: صنف محتج بحديثهم وهم الثقات، وصنف لا يحتج بحديثهم ولكن يعتبر به، وصنف يطرح حديثهم ولا يلتفت إليه، وإنما يفيد متابعة الصنفين الأولين، ولهذا قال: كأن يكون -أي المتابع- فوقه أي: من الصنف الأول أو مثله أي: من الصنف الثاني لا دونه أي: من الصنف الثالث. قال المصنف على ما نقلوا عنه: إذا تابع سيء الحفظ شخص فوقه انتقل بسبب ذلك إلى درجة ذلك الشخص، وينتقل ذلك الشخص إلى أعلى من درجة نفسه التي كان فيها حتى يترجح على مساويه من غير متابعة من دونه، انتهى. وقوله: انتقل. . . إلخ، معناه: انتقل روايته بسبب المتابعة إلى درجة رواية ذلك الشخص في الاحتجاج، أو في مرتبة من مراتب الاعتبار. قال العراقي: ألفاظ التجريح على خمس مراتب: الأولى: أن يقال: كذاب أو يكذب أو وضاع أو يضع. الثانية: متهم بالكذب أو الوضع أو هو هالك متروك أو ساقط. الثالثة: مردود الحديث أو ضعيف جدا أو واه بمرة. وكل من أهل هذه المراتب الثلاث لا يحتج بحديثه ولا يستشهد ولا يعتبر. الرابعة: ضعيف الحديث أو منكر الحديث أو مضطرب الحديث.

الخامسة: فيه ضعف أو هو سيء الحفظ أو ليس بقوي أو لين أو فيه أدنى مقالة. وكل من هاتين المرتبتين يخرج حديثه ويكتب وينظر فيه للاعتبار انتهى. ثم إن المصنف لما جعل المختلِط أحد قسمي سيء الحفظ المقابل للمغفل وفاحش الغلط، وقد جعله بعضهم أعم كالعراقي، فإنه قال في أثناء كلامه في تعداد المختلطين ومنهم عارم بن الفضل اختلط في آخر عمره وزال عقله، ومنهم صالح مولى التوءمة خرف وكبر وجعل يأتي بما يشبه الموضوعات ولذا تركه مالك انتهى. ولما كان حكم المختلط المغفل حكم سيء الحفظ في أمر المتابعة زاده في الشرح فقال: وكذا المختلط الذي لا يتميز في حديثه، وكذا المستور، والإسناد المرسَل بفتح السين والمراد بالإسناد هنا نفس السند، وهو الرجال أنفسهم، وإنما زاد في الشرح لفظ الإسناد لأجل قوله: صار حديثهم حسنا، فالمناسب الحديث المرسل، والحديث المدلس، وكذا المدلس بفتح اللام أي: الإسناد الذي وقع فيه الإرسال والتدليس إذا لم يعرف المحذوف منه، أما لو عرف عمل به بحسب حاله من عدالة أو جرح صار حديثهم حسنا، لكن لا لذاته، بل وصفه بذلك باعتبار المجموع من المُتَابِع، والمتَابَع بكسر الموحدة في أحدهما وفتحها في الثاني، لأن في كل واحد منهم احتمال كون روايته صوابا أو غير صواب على حد سواء، فإذا جاءت من المعتبرَين بفتح الموحدة وفيه

الحذف والإيصال إلى المعتبر بهم رواية وموافقة لأحدهم رجح أحد الاحتمالين ودل ذلك المجيء على أن الحديث محفوظ، وأن احتمال كونه غير صواب، بأن يكون الساقط غير ثقة في نفس الأمر أو في رواية المرسل والمدلس احتمال مرجوحية لا يلتفت إليه، فارتقى من درجة التوقف إلى درجة القبول ومرتبة الاحتجاج. قال ابن الهمام في التحرير: حديث الضعيف بالفسق لا يرتقي بتعدد الطرق وبغيره مع العدالة يرتقي. قال البقاعي: الضعيف الواهي الذي لا يعتبر ربما كثرت طرقه حتى أوصلته إلى درجة رواية المستور والسيء الحفظ بحيث أن ذلك الحديث إذا كان مرويا بإسناد آخر فيه ضعف قريب محتمل، فإنه يرتقي بمجموع ذلك إلى درجة الحسن، لأنا قد جعلنا مجموع تلك الطرق الواهية بمنزلة الطريق الذي فيه ضعف يسير، فصار ذلك بمنزلة طريقين كل منهما ضعفه يسير، ومع ارتقائه إلى درجة المقبول فهو منحط عن رتبة الحسن لذاته، وربما توقف بعضهم عن إطلاق اسم الحسن عليه وقالوا: إنما يصلح المجموع للاحتجاج فهو المستحق لهذا الاسم، ومن أطلقه فإنما لاحظ مضمونه ومعناه لا سنده ومبناه، انتهى كلام أبي الحسن السندي في بهجة النظر ممزوجا بكلام الحافظ كما ترى. وقال العلامة العلوي في شرح شرح النخبة: واعلم أنه يدخل في باب المتابعة والاستشهاد رواية من لا يحتج به وحده بل يكون معدودا

في الضعفاء، إلا أنه لا يصلح كل ضعيف، بل المضعف بما عدا الكذب وفحش الغلط, انتهى. وقال في المنهج السوي للسيد عبد الرحمن بن سليمان رحمه اللَّه المنان: ومما لا يزول ضعفه بتعدد الطرق المغفَّل أي: كثير الغفلة، وكذا كثير الغلط في روايته. وقد أطال العلامة محمد أكرم في شرح شرح النخبة الكلام في ذلك إلى أن قال ما نصه: ثم اعلم أن المصنف -يعني الحافظ ابن حجر- ذكر أنه متى توبع السيء الحفظ ومن عطف عليه صار حديثهم حسنا لا لذاته، ولم يذكر فاحش الغلط وكثير الغفلة، فهل فاحش الغلط كالفاسق أو مثل سيء الحفظ ومن عطف عليه؟ مقتضى ما ذكره المصنف الثاني، ثم ساق الكلام إلى أن قال: إن ابن الصلاح وصف المستور براو لم تتحقق أهليته، غير أنه ليس مغفلا ولا كثير الخطإ فيما يرويه ولا بمتهم بالكذب في الحديث، فعلم منه أن من كان مغفلا كثير الخطإ لا يعتبر بروايته كما لا يعتبر برواية من اتهم بالكذب. . . إلخ كلامه فانظره، انتهى كلام السيد عبد الرحمن في المنهج السوي. وقال أيضًا في المنهج السوي: قال الحافظ ابن حجر في النخبة: ومتى توبع السيء الحفظ بمعتبر وكذا المختلط والمستور والمدلس صار حديثهم حسنا لا لذاته بل بالمجموع، انتهى.

وإنما قيد الراوي بكونه معتبرا لأن الرواة على ثلاثة أصناف: صنف يحتج بحديثهم وهم الثقات، وصنف لا يحتج بحديثهم ولكن يعتبر به، وصنف يطرح حديثهم ولا يلتفت إليه، وإنما تعتبر متابعة الصنفين الأولين. قال العراقي في بحث التجريح ما نصه: ألفاظ التجريح على خمس مراتب: الأولى: كذاب أو يكذب أو وضاع أو يضع. الثانية: متهم بالكذب أو الوضع أو هو هالك أو متروك أو ساقط. الثالثة: مردود الحديث أو ضعيف جدًّا أو واه بمرة. وكل من هذه المراتب الثلاث لا يحتج بحديثه ولا يستشهد ولا يعتبر. الرابعة: ضعيف أو منكر الحديث أو مضطرب الحديث. الخامسة: فيه ضعف أو هو سيء الحفظ أو ليس بالقوي أو لين أو فيه أدنى مقالة. وكل من أهل هاتين المرتبتين يخرج حديثه ويكتب وينظر فيه للاعتبار انتهى. وذكر الحافظ في النكت ما نصه: الحديث الذي يروى بإسناد حسن لا يخلو: إما أن يكون فردا أو له متابع. الثاني: لا يخلو المتابع إما أن يكون دونه أو مثله أو فوقه، فإن كان

غير متهم بالكذب قوة ما يرجح بها لو عارضه حسن آخر بإسناد غريب وإن كان مثله أو فوقه، فكل منهما يرقيه إلى درجة الصحة، وذكر المصنف -يعني ابن الصلاح- مثالا لما فوقه ولم يذكر مثالا لما هو مثله، وإذا كانت الحاجة ماسة إليه فلنذكره نيابة عنه وأمثلته كثيرة، منها ما رواه الترمذي من طريق إسرائيل عن عامر بن شقيق عن أبي وائل عن عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه قال: "إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يخلل لحيته"، تفرد به عامر بن شقيق، وقد قواه البخاري والنسائي وابن حبان، ولينه ابن معين وأبو حاتم، وحكم البخاري فيما حكاه الترمذي في العلل بأن حديثه هذا حسن، ولذا قال أحمد فيما حكاه عنه أبو داود: أحسن شيء في هذا الباب حديث عثمان رضي اللَّه عنه وصححه مطلقا الترمذي والدارقطني وابن خزيمة والحاكم وغيرهم، وذلك لما عضده من الشواهد كحديث أبي المليح الرقي عن الوليد بن زوران عن أنس رضي اللَّه عنه، أخرجه أبو داود إسناده حسن، لأن الوليد وثقه ابن حبان ولم يضعفه أحد، وتابعه عليه ثابت البناني عن أنس، أخرجه الطبراني في الكبير من رواية عمر بن إبراهيم العبدي، وعمر لا بأس به. ورواه الذهلي في الزهريات من طريق الزبيدي عن الزهري عن أنس إلا أن له علة لكنها غير قادحة كما قال ابن القطان. ورواه الترمذي والحاكم من طريق قتادة عن حسان بن بلال عن عمار ابن ياسر وهو معلول، وله شواهد أخرى غير ما ذكرنا في المرتبة، وبمجموع ذلك حكموا على الحديث بالصحة، وكل طريق بمفردها لا

تبلغ درجة الصحيح، انتهى كلام الحافظ، انتهى كلام السيد العلامة عبد الرحمن بن سليمان في المنهج السوي رحمه اللَّه، واللَّه سبحانه أعلم. وقد أطلنا الكلام في هذا الجواب تتميما للفائدة، لأن الشيء بالشيء يذكر والحديث شجون. هذا ما ظهر للحقير، فإن كان صوابا فمن اللَّه والحمد للَّه، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، وأستغفر اللَّه، والحمد للَّه رب العالمين أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى اللَّه على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم وكان الفراغ من تحرير هذا الجواب ليلة الخميس المبارك 2 شهر رجب الأصب الأصم سنة 1306 من الهجرة النبوية على مشرفها أفضل الصلاة وأزكى التسليم والتحية. حرره ببنانه ونمقه بلسانه المجيب الحقير الفقير إلي إحسان ربه الكريم الباري حسين بن محسن الأنصاري السعدي الخزرجي اليماني عفا اللَّه عنه آمين آمين آمين تمت

ترجمة الحافظ شهاب الدين أبي الفيض أحمد بن محمد ابن الصديق الإدريسي الحسني الغماري

ترجمة الحافظ شهاب الدين أبي الفيض أحمد بن محمد ابن الصديق الإدريسي الحسني الغُماري - اسمه ونسبه ومقر أسلافه - طلبه للعلم - رحلته في طلب العلم - شيوخه - عقيدته - منهجه العلمي - أثر ابن الصديق في نشر السنة وإثراء الحياة العلمية في عصره - نبذة عن صفاته الخلقية والخُلقية: أولًا: صفاته الخَلْقية ثانيًا: صفاته الخُلقية: 1 - شدته في مخالفة الكفار 2 - كان ينخدع لمن خدعه 3 - كرمه وسخاؤه - مرضه ووفاته بالقاهرة - مؤلفاته

اسمه ونسبه ومقر أسلافه

اسمه ونسبه ومقر أسلافه: هو السيد أحمد بن محمد بن الصديق بن أحمد بن محمد بن قاسم ابن محمد بن محمد (مرتين) بن عبد المؤمن بن محمد بن عبد المؤمن بن علي بن الحسن بن محمد بن عبد اللَّه بن أحمد بن عبد اللَّه بن عيسى بن سعيد بن مسعود بن الفضيل بن علي بن عمر بن العربي بن علال بن موسى بن أحمد بن داود بن إدريس الأزهر بن إدريس الأكبر (فاتح المغرب) بن عبد اللَّه الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي وفاطمة الزهراء بنت مولانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. ونسبه من جهة الأم ينتهي أيضًا إلى مولانا إدريس الأكبر، فهي حفيدة الإمام أحمد بن عجيبة الحسني المتوفى سنة 1224 هـ. نسب كأن عليه من شمس الضحى ... نورًا ومن فلق الصباح عمودا ما فيه إلا سيد عن سيد ... حاز المكارم والتقى والجودا

طلبه للعلم

وكان أجداد صاحب الترجمة الأوائل قد قدموا من الأندلس في أواخر القرن الخامس، ونزلوا بأحواز تلمسان -وهم من قبيلة بني بزناس- وفيها نشأوا واشتهروا، ثم تفرقوا بعد ذلك في أنحاء المغرب فسكنوا غمارة وتجكان وأنجرة، ثم فاس وطنجة وتطوان وغيرها. وكان والد صاحب الترجمة السيد محمد بن الصديق قد اختار طنجة للسكنى، ثم اتفق أن جاء الخبر بميلاد أول أبنائه الشيخ أحمد بن الصديق أثناء زيارة له لقبيلة بني سعيد، وكان ذلك يوم الجمعة سابع وعشرين من رمضان سنة عشرين وثلاثمائة وألف (1320 هـ). ولما بلغ الشيخ خمس سنين أدخله والده المكتب لحفظ القرآن الكريم على يد العلامة العربي بن أحمد بو درَّة. طلبه للعلم: ولما بلغ من العمر تسع سنين اصطحبه والده معه في رحلته للشرف لأداء فريضة الحج، وبعد عودته استكمل حفظ القرآن الكريم ثم شرع في حفظ المتون كالآجرومية والمرشد المعين والأربعين النووية -وكان يكتب في كل يوم حديثًا- والسنوسية وألفية أبن مالك والجوهرة والبيقونية وألفية العراقي في الحديث وبعض مختصر خليل (إلى كتاب النكاح منه)، وكذلك قرأ شروح تلك الكتب، وقرأ ختمة من القرآن الكريم على يد الفقيه عبد الكريم البرَّاق الأنجري، وكان يتقن علم الرسم فأتقن عليه ذلك بنظم الخراز وشرحه فتح المنان لعبد الواحد بن عاشر. كل ذلك وعين أبيه عليه ساهرة، فهو لم يزل يحثه على الطلب والتعب

رحلته في طلب العلم

في التحصيل والإقبال على العلم والعمل مع الزهد في الدنيا وترك ما فيه شهوات النفس وحظوظها، وكان يذاكره في شتى العلوم، وأثناء المذاكرة يذكر له الكتب النفسية وفائدتها حتى صار من أعرف الناس بهذا الفن. وكانت علوم الحديث والمصطلح تحتل المكانة الكبرى في قراءات الشيخ ومطالعاته، فهو مجبول بفطرته على حب هذه العلوم معرضٌ عما سواها من قوانين مجردة مما هو مسطور في المتون والحواشي، فقرأ كتاب سفراء الأسفار للمحدث محمد الكتاني، وله عليه استدراكات، وقرأ اللآلئ المصنوعة للسيوطي والقول المسدد في الذب عن مسند أحمد لابن حجر والميزان للذهبي والمقاصد الحسنة للسخاوي وتذكرة الموضوعات لابن طاهر المقدسي واللؤلؤ المرصوع، ومنتخب كنز العمال، ومسند الإمام أحمد، ومشكاة المصابيح وذيلها للقنوجي، وتيسير الوصول لابن الربيع، والتيسير على الجامع الصغير للمناوي، وشرح الإحياء لمرتضى الزبيدي وغيرها، مستعينا على ذلك بما حباه اللَّه به من تمام الحفظ وحسن الاستحضار، فما يكاد يشرع في قراءة علم حتى يصبح بعد فترة وجيزة من الأئمة المبرزين فيه، وبقي على هذه الحال من الإعداد والتكوين إلى أن أذَّن مؤذِّن الرحيل. رحلته في طلب العلم: ثم بدأت الرحلة في طلب العلم بتوجيه من والده، وكان ذلك سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة وألف وعمره لم يتجاوز التاسعة عشر، فتوجه إلى القاهرة ولازم علماء الأزهر الشريف فقرأ الآجرومية بشرح الكفراوي وابن

عقيل والأشموني على الألفية والسلم بشرح الباجوري وجوهرة التوحيد ومختصر خليل بشرح الدرديري وحاشية الدسوقي وصحيح البخاري وتفسير البيضاوي (على الشيخ محمد بخيت) وموطأ مالك، والتهذيب في المنطق للسعد التفتازاني، وحاشية العطار، وسمع ثلاثيات البخاري، ومسلسل عاشوراء بشرطه، والمسلسل بالأولية وقرأ قطر الندى في النحو، وشرح التحرير في الفقه الشافعي. ولزم بيته قرابة عامين لا يخرج إلا للصلوات وعكف على خدمة الحديث الشريف، فكان لا ينام بالليل حتى يصلي الصبح والضحى. وذاع صيته وانتشر واحتاج إليه القاصي والداني فكانت ترد إليه المسائل من كبار العلماء أمثال الشيخ محمد بخيت المطيعي والشيخ أحمد رافع الطهطاوي والشيخ يوسف الدجوي، بل إن والده -رحمه اللَّه- كان في آخر عمره يحيل السائلين عليه، وكان يسأله عن صحة الأحاديث ورتبتها ويطلب منه إيضاح ذلك بالدليل، وما أكثر الأجزاء الحديثية التي ألَّفها الشيخ إلا من هذا القبيل.

شيوخه

شيوخه (¬1): وأما شيوخه فهم كثيرون، وقد ضمنهم كتابيه البحر العميق والمعجم الوجيز، وشيوخه قسمين؛ قسم أخذ عنهم العلوم الإسلامية وتلقى عنهم أيام دراسته، بحثًا وتدقيقًا ودراية، وقسم سمع منهم بعض الكتب الحديثية مع إجازتهم إياه، والقسم الثاني هم الأكثر. (1) الشيخ المحدث المجتهد السيد محمد بن الصديق بن أحمد بن عبد المؤمن الحسني -والد المؤلف-، وهو من أجل شيوخ المؤلف، درس على يده فنونًا كثيرة، وقد أفرد المؤلف له مصنفًا سماه: "سبحة العقيق"، ثم اختصره في "التصور والتصديق"، توفي رحمه اللَّه سنة 1354 هـ. وقد أخذ عنه المؤلف مختصر خليل وألفية ابن مالك وصحيح البخاري، والتراجم والطب والتاريخ. (2) العلامة السيد العربي بن أحمد بودرة الغربي، أخذ عنه القرآن وعلومه، كما سبق. ¬

_ (¬1) من أراد الاستزادة فليراجع: - البحر العميق في مرويات ابن الصديق (وهو فهرست في أخبار ومرويات أحمد بن الصديق) تأليف أحمد بن الصديق (مخطوط). - سبحة العقيق في ترجمة سيدي محمد بن الصديق، نفس المؤلف (مخطوط). - التصور والتصديق بأخبار الشيخ سيدي محمد بن الصديق، نفس المؤلف (مطبوع). - المعجم الوجيز للمستجيز، نفس المؤلف (مطبوع). - المؤذن بأخبار سيدي أحمد بن عبد المؤمن، نفس المؤلف (مخطوط). - حياة الشيخ أحمد بن الصديق، للشيخ عبد اللَّه التليدي (مطبوع). - الأنس والرفيق بمآثر سيدي أحمد بن الصديق، عبد اللَّه التليدي (مطبوع). - تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع، جمع الشيخ أبي سليمان محمود سعيد بن ممدوح (مطبوع).

(3) الإمام المحدث الفقيه أبو عبد اللَّه محمد بن جعفر بن إدريس الحسني الإدريسي الكتاني، ولد سنة 1274 م، له مؤلفات عديدة، رحل إليه المصنف وسمع منه حديث الرحمة المسلسل بالأولية بشرطه، وقرأ عليه الأوائل العجلونية، وكثيرًا من مسند أحمد، ومسلسلات عقيلة، والشمائل. (4) الشيخ شمس الدين أبو عبد اللَّه محمد إمام بن برهان الدين أبي المحالي إبراهيم السقا الشافعي (ولد بالقاهرة سنة 1283 هـ - وتوفي سنة 1354 هـ)، حضر عليه في أواخر عمره، أخذ عنه الأجرومية، وألفية ابن مالك بشرح ابن عقيل، والتحرير في فقه الشافعي، والسلم في المنطق، وجوهرة التوحيد، وسمع منه مسند الشافعي وثلاثيات البخاري، مسلسل عاشوراء، أجازه إجازة عامة قبل وفاته بسنة. (5) الشيخ العلامة محمد بخيت بن حسين المطيعي الحنفي الصعيدى (¬1) (ولد سنة 1270 هـ - وتوفي سنة 1354 هـ)، أخذ عنه التفسير وصحيح البخاري، ولازمه سنتين، وحضر دروسه في شرح الإسنوي على منهاج البيضاوي في الأصول، وشرح الهداية في الفقه الحنفي، وسمع منه مسلسل عاشوراء بشرطه. (6) العلامة الفقيه محمد بن إبراهيم السمالوطي القاهري المالكي المتوفى ¬

_ (¬1) وقد كان الشيخ المطيعي يعتمد على شيخنا صاحب الترجمة في كثير من المسائل الحديثية ولا يستنكف أن يسأله عنها وهو في الدرس أمام الطلبة، فسأله عن حديث "خذوا من القرآن ما شئتم لما شئتم"، فأجابه بأنه ليس بحديث، وسأله عن حديث "دعوه يئن فإن الأنين اسم من أسماء اللَّه" فقال له: إنه موضوع، فطلب منه أن يكتب له ذلك بدليله ففعل.

سنة 1353 هـ، كان رحمه اللَّه بحرًا في الفقه المالكي واللغة العربية، حضر المؤلف عليه تفسير البيضاوي وموطأ مالك، وقرأ عليه التهذيب في المنطق، وأجازه إجازة عامة. (7) الشيخ العلامة المحقق أبو العباس أحمد بن محمد بن عمر الزكاري، المعروف بابن الخياط الفاسي، الشريف الحسني، ولد سنة 1252 هـ، أدركه المؤلف قبل وفاته بسنة، فأخذ عنه المسلسل بالمصافحة وأملى عليه سنده، فأجازه إجازة عامة، توفي بفاس سنة 1345 هـ. (8) المحقق البارع العلامة أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن رافع الحسيني القاسمي الحنفي الطهطاوي، المولود بطهطا سنة 1275 هـ، له الثبت العجيب المسمى: "إرشاد المستفيد" كتبه في 15 عامًا، سمع المؤلف منه مسلسل عاشوراء، والمسلسل بالعيد، وبعض صحيح البخاري، وسنن الدارقطني، وقد أجاز المصنف إجازة عامة، توفي رحمه اللَّه سنة 1355 هـ. (9) العلامة الفقيه شيخ الشافعية ومفتيهم بالديار المصرية، الشيخ محمد ابن سالم الشرقاوي النجدي، المتوفى سنة 1350 هـ، أخذ عنه مختصر خليل من أوله إلى آخر كتاب النكاح، وحضر عليه مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي بشرح علي القاري، ومتن أبي شجاع في فقه الشافعى، وأجازه إجازة عامة. (10) شيخ الديار الشامية العلامة بدر الدين بن يوسف المغربي الشافعي، شيخ دار الحديث النووية بدمشق، ولد سنة 1255 هـ، يروي عن البرهان السقا، سمع منه حديث الرحمة وبعض مجالس من صحيح

مسلم من إملائه بجامع دمشق. (11) العلامة الشيخ محمد سعيد بن أحمد الفرا الحنفي الدمشقي سبط العلامة ابن عابدين الحنفي، توفي سنة خمس وأربعين وثلاثمائة وألف، أخذ عنه المسلسل بالسبعة، وسمع منه حديث الرحمة بشرطه، وأجاز له إجازة عامة. (12) أبو الفضل محمد بن علي الجيزاوي الوراقي المالكي المتوفى سنة 1346 هـ. وهو شيخ الأزهر السابق، وقد تولى مشيخة الأزهر بعد الشيخ سليم البشري. (13) العلامة الفقيه محمد بن محمد الحلبي المصري الشافعي شيخ الشافعية بالديار المصرية، المتوفى سنة 1345 هـ. (14) أبو عبد اللَّه محمد بن المأمون بن عبد المتعالي ابن الولي الشهير أحمد بن إدريس العرائشي اليمني، المتوفى سنة 1346 هـ تقريبًا. (15) الفقيه العلامة كمال الدين محمد بن محمد بن خليل القصيباتي، أبي المحاسن القاوقجي الطرابلسي ثم المصري، المتوفى سنة 1345 هـ. (16) شمس الدين محمد بن محمد بن أحمد بن محمد عليش المالكي نجل العلامة الفقيه المالكي الكبير، توفي سنة 1344 هـ تقريبًا. (17) الشيخ الخضر بن الحسين التونسي المالكي شيخ الأزهر، له ثبت سماه "عمدة الأثبات". (18) العلامة الفقيه أبو عبد اللَّه محمد بسيون بن عسل القرنشاوي الشافعي المتوفى سنة 1342 هـ.

(19) العلامة المحدث الفقيه أبو عبد اللَّه محمد بن إدريس القادري الحسني الفاسي المتوفى سنة 1350 هـ. (20) العلامة أبو الحسين محمد بن محمود خفاجة الدمياطى المتوفى سنة 1361 هـ تقريبًا. (21) الفقيه العلامة الشيخ محمد علي بن حسين المالكي المكي، مفتي المالكية بمكة، صاحب تهذيب فروق القرافي. (22) الشيخ الفقيه محمد بن أحمد بن علي بن أبي طالب الجزائري ثم الشامي نزيل بيروت. (23) العلامة الأصولي الشيخ محمد أبو حسنين العدوي المالكي المصري المتوفى سنة 1354 هـ. (24) العلامة الشيخ محمد بهاء الدين أبو النصر القاوقجي الطرابلسي الشبيني. (25) الشيخ محمد بن رجب السكندري الفقيه المالكي. (26) الشيخ فتح اللَّه بن أبي بكر البناني الرباطي، المولود سنة 1280 هـ - المتوفى سنة 1454 هـ. (27) الشيخ أبو عبد اللَّه محمد المكي بن محمد البطاوري الرباطي المتوفى سنة 1355 هـ. (28) العلامة المحدث المؤرخ الشيخ عبد الستار بن عبد الوهاب البكري الصديقي الهندي ثم المكي، المتوفى سنة 1336 هـ. (29) العلامة الفقيه أبو العباس أحمد بن عبد السلام العبادي السميحي

الغماري المتوفى سنة 1361 هـ. (30) العلامة المحدث المسند أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن غازي الهندي ثم المكي مؤلف كتاب تاريخ مكة والثبت الكبير وغيرهما، المتوفى سنة 1367 هـ. (31) العلامة الإمام يحيى بن محمد بن يحيى حميد الدين الحسني الصنعاني، ملك اليمن المقتول سنة 1367 هـ. (32) الإمام العلامة شيخ الإسلام وقاضي القضاة بالديار اليمنية أبو علي الحسين بن علي العمري المعمر رحمه اللَّه تعالى، المتوفى في شوال سنة 1361 هـ. عن سبع وتسعين سنة. (33) العلامة أبو محمد عبد المجيد بن إبراهيم الشرنوبي الأزهري المالكي المتوفى سنة 1345 هـ. (34) العلامة الشيخ المعمر أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن صالح البنا السكندري الحنفي الخلوتي. (35) الفقيه العلامة الشيخ أحمد بن نصر العدوي المالكي المتوفى سنة 1347 هـ تقريبًا. (36) العلامة أبو محمد صالح بن أسعد الحمصي ثم الدمشقي. (37) العلامة أبو محمد صالح بن مصطفى الآمدي الدمشقي الحنفي. (38) العلامة أبو محمد عبد الكريم بن محمد سليم بن محمد نسيب الخمراوي الحسيني الدمشقي شيخ الجامع الأموي. (39) العلامة أبو التقى محمد توفيق بن محمد الأيوبي الأنصاري الدمشقي الحنفي.

(40) الأستاذ أبو الحسن علي بن علي بن محمد بن عيدروس بن عمر الحبشي العلوي الحضرمي التريمي، اجتمع بالمؤلف في مكة المكرمة ثالث أيام التشريق، وأجازه إجازة عامة سنة 1356 هـ. (41) العلامة الأثري المعقولي عبيد اللَّه بن الإسلام السندي الهندي الديويندي ثم المكي. (42) العلامة الشيخ أحمد بن محمد الأدرمي الهندي المدراسي الشافعي الشاذلي، سمع منه حديث الرحمة بشرطه بمكة المشرفة، وأجازه سنة 1356 هـ. (43) العلامة الصالح السيد عيدروس بن سالم بن عيدروس، الحسيني العلوي الحضرمي المكي، اجتمع به المؤلف في حج سنة 1356 هـ في مكة المكرمة، وسمع منه المؤلف حديث الرحمة بشرطه وسمعه منه وتدبج معه عندما زاره في منزله، وأجازه في جميع مروياته، كما أجاز له والده السيد سالم البار. والسيد حسين محمد محمد الحبشي، والسيد أحمد بن الحسين العطاس، والسيد عمر بن أحمد البار. (44) العلامة الغازي المجاهد سيف الرحمن بن عبد المؤمن خان الأفغاني الدراني. (45) العلامة الصالح الشيخ أحمد بن مصطفى البساطي المدني. (46) الأستاذ محمد بن عثمان الداغستاني الحنفي المدني. (47) الأستاذ الفاضل الشيخ طه بن يوسف الشعبيني الشافعي المصري المتوفى سنة 1373 هـ.

(48) العلامة السند الراوية الأثري النحوي أبو حفص عمر بن حمدان بن عمر بن حمدان المحرسي التونسي المدني (¬1)، له معرفة بالحديث متونًا ورجالًا وفقهًا، وإلمامًا بالرواية، توفي بالمدينة المنورة سنة 1368 هـ، قدم القاهرة فلازمه المؤلف مدة إقامته بها فسمع منه حديث الرحمة بشرطه وأكثر مسلسلات عقيلة، والمسلسل بالدعاء عند الملتزم، وصحيح البخاري وأوائل مستدرك الحاكم، وأذكار النووي، والأوائل العجلونية، والمعجم الصغير للطبراني، وكتب له إجازة عامة على ظهر المجلد الأول من المستدرك. (49) الأستاذ الفاضل الأديب عويد بن نصر الخزاعي المكي المصري الضرير الشافعي المتوفى سنة 1352 هـ. (50) الأستاذ الخطيب العلامة الشيخ عبد المعطى بن حسن بن رجب السقا المتوفى سنة 1348 هـ. (51) الفقيه أبو محمد عبد اللَّه بن محمد زُنْط الصَعيدي الإسنوي المالكي. (52) الفقيه عبد الرحيم الأسيوطي الجرجاوي المالكي المتوفى سنة 1342 هـ تقريبًا. (53) العلامة أبو أحمد يس بن أحمد الخياري المدني الشافعي المتوفى سنة 1345 هـ. ¬

_ (¬1) وقد انتفع به المؤلف كثيرًا، وذكر له يومًا أنه لا يقبل على الفروع بغير معرفة أدلتها، وكتب المالكية خالية من ذلك، فقال له: إذا أردت ذلك فعليك بكتب الشافعية، فإنها حتى الصغير منها تتعرض لدليل كل مسألة، وأقربها وأصغرها شرح التحرير لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري.

(54) العلامة المشارك الراوية المسند أبو محمد عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليمني الصنعاني الزبيدي، له مؤلفات كثيرة منها تاريخ اليمن وثبته المسمى الدرر الفرائد الجامع لمتفرقات الأسانيد، توفى سنة 1379 هـ. (55) أبو محمد عبد الوهاب بن نصار المصري القاهري الأزهري. (56) الشيخ المعمر أبو النصر عوض بن محمد العفري الزبيدي القاهري، المتوفى سنة 1346 هـ، وعمره 116 عامًا. (57) العالم الأثري الشيخ أبو القاسم بن مسعود الدباغ الحسيني الإدريسي العباسي المدني، المتوفى سنة 1357 هـ. (58) العلامة أبو حفص عمر بن أبي بكر بن عبد اللَّه باجنيد الحضرمي الأصل المكي الدار، من مشاهير علماء مكة في عصره، توفي أوائل سنة 1354 هـ. (59) الأستاذ الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن حسين الحبشي العلوي الحضرمي المكي. (60) الأستاذ الواعظ أبو الحسن علي بن حسن بن شعبان الجربي القاوقجي. (61) الفقيه العلامة مفتي الديار المصرية الشيخ عبد الرحمن بن محمد الأسيوطي الحنفي المعروف بقرعة المتوفى سنة 1355 هـ. (62) الأستاذ يوسف بن إبراهيم بن محمد بن رضوان بن يوسف الشافعي المصري.

(63) أبو الثناء محسن بن ناصر باحربة اليمني الحضرمي الفقيه الشافعي. (64) العلامة أبو فتوح أحمد بن محمد القاهري الحنفي الضرير. (65) أبو محمد عبد القادر بن محمد حوار المدني. (66) العلامة المفتي القاضي شيخ الديار التونسية الطيب بن محمد بن أحمد النيفر الحسني التونسي. (67) العلامة المحقق الشيخ محمد أمين بن محمد سويد الدمشقي الحنفي المتوفى سنة 1345 هـ. (68) الأستاذ خالد بن محمد بن محمد الأنصاري الحمصي الحنفي. (69) الأستاذ عبد الجليل بن سليم الدّرا الدمشقي. (70) الأستاذ الواعظ العلامة عبد القادر بن محمد بن سليم الكيلاني الدمشقي المعروف بالإسكندراني. (71) الفقيه العلامة أبو محمد عطاء بن إبراهيم بن يس الكسم الدمشقي الحنفي. (72) الفقيه أبو محمد عبد القادر بن موهوب بن أحمد بن أحمد بن عيسى بن سليمان المدكالي المنيعي الجزائري. (73) العلامة نجيب بن مصطفى كيوان الدمشقي. (74) محيى الدين البني الدمشقي. (75) عبد القادر بن مصطفى بن عبد الغني القباني البيروتي. (76) العلامة أبو النون يونس بن موسى بن محمد العطافي المصري

الشافعي المتوفى سنة 1346 هـ. (77) العلامة أبو المحاسن يوسف شلبي الشيرانجوى الشافعي المتوفى سنة 1346 هـ. تقريبًا (78) العلامة نائب الأزهر الشيخ عبد المجيد بن إبراهيم بن محمد السنديوني اللبان الشافعي. (79) الأستاذ عبد العظيم بن إبراهيم السقا المتوفى سنة 1345 هـ. (80) العلامة المحقق السيد محمد بن محمد زبارة الحسني اليمني الصنعاني الزيدي، صاحب نيل الوطر في تراجم علماء اليمن، المتوفى سنة 1380 هـ. (81) الشيخ محمد المهدي بن العربي العزوزي الفريجي. (82) الشيخ عبد القادر شلبي الشامي الطرابلسي المدني الحنفي. (83) العلامة المحدث المسند الراوية عبد الباقي بن علي بن محمد معين الأنصاري اللكنوى المدني، المولود سنة 1286 هـ، والمتوفى سنة 1364 هـ. (84) العلامة المشارك أبو زيد عبد الرحمن بن محمد القرشي الفلالي الفاسي. (85) العلامة يوسف بن إسماعيل بن يوسف بن إسماعيل النبهانى الشافعي المولود سنة 1266 هـ المتوفى سنة 1350 هـ. (86) العلامة المسند الراوية أبو عبد اللَّه محمد بن عبد الواحد الإدريسي الزواوي.

(87) العلامة أبو الوفاء خليل بن بدر بن مصطفى الخالدي المقدسي الحنفي المتوفى سنة 1360 هـ. (88) الأستاذ العلامة السيد العباسي بن محمد بن أمين بن أحمد رضوان المدني. (89) العلامة المعمر الشيخ محمد دويدار الكفراوي المصري المتوفى سنة 1361 هـ. (90) العلامة المؤرخ المسند الشيخ محمد راغب الطباخ، المتوفى في رمضان سنة 1370 هـ. (91) الشيخ الفقيه الخطيب العابد ابن العلامة أحمد بن طالب بن سودة. (92) الأستاذ أبو محمد عبد العزيز بن أبي القاسم مسعود الدباغ المدني. (93) الشيخ محمد زاهد الكوثري الحنفي التركي القاهري، المتوفى بالقاهرة سنة 1371 هـ. اجتمع به المؤلف مرارًا وتذاكرا، وعندما طبع ثبته، كتب إلى المؤلف إجازة وبعث بها إليه. (94) الفقيه العلامة الشيخ مختار الشكشوكي الطرابلسي المغربي. (95) الشيخ محمد الزمزمي ابن الشيخ محمد بن جعفر الكتاني المتوفى بدمشق سنة 1371 هـ. (96) والعلامة المحقق شيخ جامع الزيتونة الشيخ الطاهر بن محمد بن عاشور التونسي. (97) المسند الراوية المؤرخ القاضي أبو محمد عبد الحفيظ بن محمد الطاهر بن عبد الكبير الفهري الفاسي.

(98) الشيخ محي الدين بن إبراهيم بن محمود بن أحمد بن عبيد العطار. (99) الشيخ محمد بن كفور المراكشي. (100) الشيخ محمد بن علي الطرابلسي. (101) العلامة أبو عبد اللَّه محمد بن عبد الهادي بن حسن السقاف الباعلوي الحضرمي، قدم القاهرة مع جماعة من أصحابه عقب رجوعه من الحج سنة 1343 هـ، سمع منه حديث الرحمة المسلسل بالأولية، وأجاز المؤلف إجازة عامة، وأجازه المؤلف أيضًا بعد أن أسمعه حديث الرحمة، وكتب له إجازة مطولة سماها: "تحفة الإشراف بإجازة الحبيب السقاف". (102) أمة اللَّه بنت عبد الغني بن أبي سعيد المجددي الدهلوي، تروي عن والدها، عمرت عمرًا طويلًا، توفيت سنة 1357 هـ. (103) السيدة مريم بنت جعفر بن إدريس الكتانية الفاسية. (104) السيدة عائشة بنت أحمد القصبية. (105) أم البنين آمنة بنت عبد الجليل بن سليم الذرا الدمشقية. (106) السيدة فاطمة بنت أبي بكر بن عبد اللَّه بن محمد بن يحيى -الشهير بصاحب البقرة- الحسينية العلوية الحضرمية. (107) السيدة الجليلة سيدة بنت عبد اللَّه بن حسين بن طاهر الحسينية العلوية الحضرمية، وهى خالة السيدة فاطمة المذكورة قبلها تروى عن والدها بأسانيده المذكورة في "عقد اليواقيت"، فهو من شيوخ

عيدروس بن عمر الحسيني، وهذا سند في غاية العلو. (108) السيدة خديجة بنت محمد بن أحمد المحضار الحسينية العلوية الحضرمية زوجة الإمام الكبير أحمد بن حسن العطاس، بعثت بإجازة من تريم لصاحب الترجمة.

عقيدته

عقيدته (¬1): هي عقيدة أهل السلف الصالح -رضي اللَّه عنهم- وهي التفويض في المتشابه من الصفات، مع التنزيه وعدم التأويل، ويرى ماعدا هذا بدعة وضلالًا، ويجعل كل من خالف ذلك من الفرق الضالة التي أخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن أمته ستفترق عليها. منهجه العلمي: وكان ينبذ التقليد وينعى على المقلدة ما هم عليه من التقليد المذموم، حتى إنه كان يتأول الكثير من الآيات القرآنية التي وردت في ذم الاتباع والتقليد الأعمى على الفقهاء المعاندين المتعصبين للمذهب مع وقوفهم على الدليل، وبحيث كان يعتقد أن ما من مصيبة أو ورطة وقعت فيها الأمة إلا وللتقليد اليد الطولى فيها، إلى غير ذلك من الاستنباطات والإشارات التي ضمَّنها كتابه العجيب المسمى "الإقليد في تنزيل كتاب اللَّه على أهل التقليد"، وقد شرح في هذا المصنف الذي يقع في مجلد ضخم كيف كان تدرجه في معرفة شرع اللَّه على الحقيقة بدءً بقراءة كتب المالكية ثم الانتقال إلى فقه الشافعية، ثم بعد ذلك النظر في كتب الخلاف العالية، وفي هذا يقول الشيخ: "فلما نظرنا في كتب الخلاف العالية وكشف لنا عن حقائق تلك المذاهب وأفل تحقيقها في نظرنا صرنا لا نقلد أحدا من خلق اللَّه تعالى لا الشافعي ولا غيره، وإنما ننظر في كتبهم على سبيل النظر في أقوالهم ¬

_ (¬1) مقتبسة من "البحر العميق".

ومعرفة دلائلهم والتفقه منها والتبصر بها والاهتداء بعلمهم والسير على طريقتهم لا على سبيل تقليدهم" (¬1). وعليه فقد كان الرجل نسيج وحده وفريد عصره في ذلك المضمار ينئا بفكره عن التعصب والتزمت الممقوت، والذي كان صفة سائدة بين علماء ذلك الوقت وخاصة المالكية منهم، فكان يعتمد في اجتهاداته على استنباط الأحكام من أصولها وإلحاق الفروع بمعادنها الأولى دون إفراط ولا تفريط (¬2)، لا يضره في ذلك مخالفته لمن خالف ما لم يخرق إجماعا معتبرا. وقد أخطأ من زعم أنه كان ظاهرى المذهب أو أنه تبنى آراء ابن حزم في جملتها (¬3) إذ ليس الأمر كذلك بل غايته أنه اعتمد قاعدة ابن حزم فى القياس ثم خالفه في الفروع التى تمسك فيها ابن حزم بظاهر النصوص تمسكا مبالغا فيه يبعد عن روح التشريع والغاية منه. وكان يبغض كتب الفروع العارية عن الدليل بغضا شديدا ولا ينصح ¬

_ (¬1) انظر "حياة الشيخ أحمد بن الصديق" لعبد اللَّه التليدي (ص 17) بتصرف. (¬2) بل كان ينهج منهجًا وسطًا في هذا المجال، فلا هو يقيس الأقيسة الفاسدة، ولا يلغي القياس بالجملة، وإنما يعتبر العلة التي اعتبرها الشارع فقط دونما تكلف في استباطها، ملتزمًا كل ذلك بما صح لديه من الدليل. (¬3) حدثنا بذلك شيخنا عبد اللَّه بن الصديق حيث ذكر أن أخاه السيد أحمد قبل وفاته بيسير كان قد رجع عن بعض آرائه الفقهية التي قلد فيها ابن حزم، لتبينه أن الصواب في خلافها.

بالاشتغال بها ولا تضييع الأعمار في تحقيقها كمختصر خليل وشروح التحفة والزقاقية والعمل الفاسى والمطلق والنوازل وأمثالها. وعلى النقيض كان يحض على مطالعة الكتب المعينة على فتح باب الاجتهاد والتمرس، من ذلك ما أتى في بعض مكاتباته قائلا: "كما أحب أن تقتنى كتاب المحلى لابن حزم والمغني لابن قدامة وشرح المهذب للنووي وفتح المدير لابن الهمام، فهذه الكتب تكفي لمعرفة الحق في الأحكام الشرعية، ولا بأس أن يضاف إليها "نيل الأوطار" "والروضة الندية" للقنوجى بل هما مهمان للغاية ولاسيما "النيْل". وإذ جعل اللَّه تعالى فيك قريحة وقادة وفهمًا صائبًا وشرح صدرك للعمل بالدليل فإنه يجب عليك أن تطلب هذا العلم الذي أصبح في حقك فرض عين وأن لا تضيع الفرصة بطلب الدنيا فالدنيا توجد عند كل أحد ولا توجد الهداية وعلم السنة إلا عند الفرد بعد الفرد والواحد بعد الواحد في الدنيا، والسلام" (¬1). ولا يخفى ما كان يوليه الشيخ من اهتمام بالغ لكتاب نيل الأوطار حيث كان يوصى بإدامة النظر فيه وقراءته المرة بعد الأخرى لعظم نفعه. وقد سار على نهجه شقيقه العلامة عبد اللَّه بن الصديق حيث أخذ على عاتقه قراءة نيل الأوطار مع الطلبة من أوله إلى آخره قرابة عشر سنين أو يزيد متناولًا إياه بالشرح والتعليق وتصحيح ما تحرف من النسخ المطبوعة. ¬

_ (¬1) انظر "حياة الشيخ أحمد بن الصديق" لعبد اللَّه التليدي (ص 80).

أثر ابن الصديق في نشر السنة وإثراء الحياة العلمية في عصره

أثر ابن الصديق في نشر السنة وإثراء الحياة العلمية في عصره ولاشك أن ابن الصديق كان له اليد البيضاء على العلماء من بعده سواء بما نقل لهم عن كتب لم ترها العيون من قبل، أو بما خلَّف لهم من تراث محرر شامل جامع، يقول الشيخ التليدى (¬1): وأما إذا كتب في جزئية فقهية فلا يترك فاذة ولا شاذة ولا إيرادًا ولا اعتراضًا ولا مذهبًا له تعلق بذلك إلا ويذكره بنصه من أصوله وكتب أهله التى قد لا يسمع بها أكابر المطلعين وأساطين المحققين، وكان لا يقتصر على مذاهب الأئمة المتبوعين بل يأتى بمذاهب الصحابة والتابعين وتابعيهم واجتهاداتهم وفتاويهم وغرائبهم حتى يظن القارئ أنه عاصر جميعهم وأخذ عنهم وارتوى من ينابيع علومهم مشافهة اهـ. وكان له قلم سيال بما يتحف القارئ ويشفي غليل السائل، فلا تراه إلا مشتغلا بحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إما بإنشاء المستخرجات على الكتب الحديثية، أو بالنقد والكلام عن علل الرجال -وهو علم من أدق العلوم لا يتصدر له إلا الفرسان في علم الحديث- أو إجابة لمن سأله عن صحة حديث مع بيان طرقه والكلام عليه، أو هو يبيِّضُ ما كان كتبه سالفا، حيث لم يكن يعتمد في ذلك على أحد -كما هو الحال مع كثير من العلماء- بل كان يقوم على جميعها بنفسه. ¬

_ (¬1) انظر "حياة الشيخ أحمد بن الصديق" لعبد اللَّه التليدي (ص 28).

ومما سهل عليه هذا الأمر كثرة حفظه وسعة اطلاعه مع شدة الاستحضار (¬1)، حيث لم يكن بحاجة إلى مطالعة المراجع دائما، بل كان كثيرا ما يعتمد على ذاكرته في النقل، مما أعانه كثيرا على الكتابة وهو بمنفاه. غير أنه رحمه اللَّه كان تعتريه حدة في بعض كتاباته خاصة إذا تعرض للنقد أو للرد على مسألة علمية قد حاد فيها أحد العلماء عن الجادة، فهو ينفعل ويغضب لذلك، وربما صدرت منه بعض الألفاظ الحادة التى إن دلت على شيء فإنما تدل على شدة غيرته على شرع اللَّه وسنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وكان مع صغر سنه يقوم مقام الطالب والأستاذ في آن واحد، أو هو الشاب الشيخ كما وصفه بذلك علامة الديار المصرية الشيخ بخيت المطيعي، لأنه شاب في سنه، شيخ في علمه وعقله، وليس أدلَّ على ذلك من أن يقصده علماء عصره للقراءة عليه وهو لم يزل في مرحلة الطلب، فقرأ فتح الباري سردا، وقرأ الكتب الستة مرات، ودرَّس نيل الأوطار والشمائل المحمدية. ثم تصدر للإملاء، فأحيا بذلك سنة الحفاظ الأوائل وكانت قد اندثرت، فجلس لذلك بمسجد الحسين ومسجد الكخيا بالقاهرة والمسجد ¬

_ (¬1) ومما يذكر في هذا المقام أن الشيخ في مرحلة طلبه الأولى كان قد تناول حبَّ "البَلاذُرْ"، وهو من نوع الزبيب يخرج في أرض الأندلس، وهو مشهور بين الحفاظ بأنه يقوي الذاكرة ويعين على الحفظ، لذا حرص كثير من الحفاظ على تناوله، منهم مفخرة المغرب الحافظ ابن رشيد السبتي المتوفى سنة 721 هـ.

الأعظم بطنجة، يقول الشيخ التليدى (¬1): وقد كان يدرس صحيح مسلم وجامع الترمذي بالجامع الكبير بطنجة فكان يملي ثمانين حديثا بأسانيدها من حفظه بلا تلعثم ولا توقف، ثم إذا فرغ منها يرجع فيبتدئ بالحديث الأول فيتكلم على تخريجه وذلك بأن يذكر من وافق المصنف على تخريج ذلك الحديث من أصحاب الأمهات والأصول المسندة ثم يذكرها بألفاظها وطرقها ورواتها معزوة إلى مخرجيها، وهو في كل ذلك يصحح ويحسن ويضعف، ثم ينتقل لرجال الحديث فيتكلم على تراجمهم واحدا إثر الآخر فيذكر مواليدهم ونشآتهم ورحلاتهم وشيوخهم وتلامذتهم وأحوالهم وسيرهم ووفياتهم، وكانت تراجم هؤلاء جميعا نصب عينيه كأنه عاصر الجميع اهـ. وكان -رحمه اللَّه- لا يتوانى عن الدعوة إلى العمل بكثير من السنن المهجورة في مذهب مالك كالتعوذ والبسملة والجهر بالتأمين ورفع اليدين في الانتقال ووضع اليمين على الشمال والسلام من الصلاة مرتين والأذان بين يدي الخطيب في يوم الجمعة، إلى غير ذلك من السنن الشريفة التي كاد يَحْرمُ العمل بها في بلاد المغرب قاطبة. وكما كان ذلك حاله في الدعوة إلى نشر السنة، كان كذلك يحب موافقة السنة في كل شئ: - من ذلك أنه كان يخضب وفرته ولحيته إلى أن توفي. - ومنها أنه مشى مرة حافيا في الطريق ليوافق بذلك فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. ¬

_ (¬1) انظر "حياة الشيخ أحمد بن الصديق" لعبد اللَّه التليدي (ص 29) بتصرف.

- ومنها تكبيره سبعًا على الجنازة بالمسجد الأعظم بطنجة. -ومنها أنه ما كان يدخر ولا يعرف للحرص معنى أصلًا إذ هو ينافي التوكل. - ومنها تجيشه لمحاربة الاستعمار الفرنسى في نحو ألفين من مريديه إحياء لفريضة الجهاد. * * *

نبذة عن صفاته الخلقية والخلقية

نبذة عن صفاته الخَلْقية والخُلقية أولًا: صفاته الخَلقية كان الشيخ أحمد بن الصديق متوسط القامة، عظيم الرأس عريض الجبهة، موفور الصحة إلا أنه أصيب في أخرياته بداء القلب، وكان له وفرة ولحية كثة دائما ما يخضبهما وكان يكسوه رونق ويعلوه أبهة العلماء. ثانيًا: صفاته الخلقية 1 - شدته في مخالفة الكفار: وكما كان رحمه اللَّه شديدًا في تمسكه بالسنة، كان كذلك شديدًا في مخالفته للكفار، يظهر ذلك جليًا من خلال جوابه لمن سأله عن حكم لبس الجبة الضيقة الكمين حيث قال: وأما شبهة الملاعين في كونه -صلى اللَّه عليه وسلم- لبس جبة ضيقة الكمين فضاحكة لأمور: الأولى أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان في المدينة المنورة في ضيق من العيش وذلة من الأشياء في الملبس والطعم، فكان لذلك يلبس ما وجد. الثانى: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- عُرف من خلقه الكريم وهديه الشريف أنه كان يقبل الهدية ويستعملها تطييبا لخاطر مهديها سواء كان حاضرا حتى يُسَّر برؤيتها عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو بعيدًا حتى يصله خبر ذلك. الثالث: أن لبس الجبة الضيقة الكمين كانت من لباس العرب لكثرة ترددهم في التجارة إلى بلاد الشام واحتياجهم إلى الملابس، فكانوا يلبسونها حتى

اشتهرت بينهم وصارت كأنها من ملابس الحضارة وسكان المدن والتجار منهم كما استوت عادتهم بذلك إلى يومنا هذا، فلم يبق فيها تشبه. الرابع: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يقصد التشبه ولا كان فيه تشبه لما ذكرنا، ومن ظن خلاف هذا كَفر وجَهل، هذا ما يتعلق بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أما هؤلاء الزنادقة فنقول لهم: نعم أبحنا لكم لبس الجبة الضيقة الكمين الطويلة إلى نصف الساقين وحكمنا بأنها من السنن النبوية، والآن فالبسوا عمامة ضخمة من سبعة أذرع من الكتان الغليظ وارخو لها العذبة وطولوا لحيتكم قبضة واخضبوها بالحناء وجزوا شاربكم والبسوا الإزار والرداء أو القميص والنعلين أو السباط، ثم مع هذه الصفة البسوا الجبة الضيقة الكمين كما فعل سيد الكونين -صلى اللَّه عليه وسلم- لأن لبسها على هذه الصفة يبعد من التشبه بالكفار بُعد السماء من الأرض، وهم لعنهم اللَّه لو أعطى أحدهم ما يغنيه لما فعل هذا، ولكنه يقص شره على الطريقة الكافرة ويحلق لحيته ويلبس القميص والجكيتة والكرباطة والسروال والبوطات، ويعرى رأسه ويبقى لا يعرف أمسلم الأصل هو أم كافره، فأين السنة؟! فهذا جوابهم القاطع لباطلهم، فإنهم إن ادعوا لبس الجبة فإنه لم يلبس الكرباطة ولم يلبس السروال ولم يحلق لحيته ولا قص شعره ولا لبس البوطات والتقاشير ولا ولا ولا. . . فليقتصروا على السنة ونحن معهم، والسلام (¬1). ¬

_ (¬1) جاء ذلك ضمن مجموعة رسائل الشيخ العلمية، انظر "حياة الشيخ أحمد بن الصديق" (ص 76، 77).

كما كان لا ينقضي عجبه من علماء العصر المتلبسين بالىهيئة الفرنجية المتهافتين على شغل المناصب، ومواقفه مع علماء الأزهر في هذا الشأن كثيرة، يتأكد هذا المعنى في العديد من كتاباته رحمه اللَّه، من ذلك: "وإذا كان العارف أبو الحسن بن ميمون ألَّف في أواخر القرن التاسع كتابه "غربة الإسلام بين المتفقه والمتفقر بمصر والشام وما والاها من بلاد الأعجام" وحكم فيه بكفرهم وردتهم ومروقهم من الدين، فما بالك لو رأى هؤلاء المتفرنجين، بل هم واللَّه شر من تحت أديم السماء كما ورد في السنة المطهرة" (¬1). وبالجملة فقد كان الرجل في هذا المضمار نبراسًا يقتدى به في الليل البهيم الذي نعيشه الآن وسط قوم قد تشبعت أرواحهم بداء التفرنج، باعوا آخرتهم بدنياهم تحت شعار التمدن والحضارة. وفي نقده لتلك الشخصية المنحلة، كان يرى أن إفكها منوط بما أسماه "أدوات الكفار" للقضاء على الإسلام، والمتمثلة في الكنائس والمستشفيات والمدارس التبشيرية من جهة، والجرائد والمجلات (¬2) من جهة أخرى، فهي بمجموعها قادرة على خلق جيل متفسخ من أولاد المسلمين قد ضعفت فيهم الروح الإسلامية والتعاليم الدينية. ¬

_ (¬1) انظر "التصور والتصديق" (ص 122). (¬2) من مسائله الاجتهادية أنه كان يرى حرمة النظر في الجرائد والمجلات لأسباب منها: أنها لا تنقل إلا كذبا، وأنها من أسباب نشر الإلحاد والضلال، وأنها بالرغم من عدم خلوها من قرآن أو حديث أو اسم من أسماء اللَّه عز وجل إلا أنها تحقر برميها في المزابل والمراحض، ولعله أراد أن يكتب في هذا كتابًا نيابة عن أبيه سماه: "الضرب بالحدائد لقراء الجرائد".

2 - كان ينخاع لمن خدعه

2 - كان ينخاع لمن خدعه: كما كان من صفاته أنه ينخدع لمن خدعه ليس جهلا منه ولكن لحسن خلقه وغرارة طبعه، كما كان يزداد إحسانه لمن هو على هذه الحالة معه لعله يستحي من فعله ويتوب إلى اللَّه. من ذلك ما كان من"قارَّة" و"فزاري" اللذين كانا يتقربان إلى الشيخ ويتظاهران له بالاختصاص به والنسبة إليه مع ما كانا يفترياه عليه من جرائم سياسية تناسب عداوتهما له، وبالرغم من افتضاح أمر خيانتهما للخاصة والعامة إلا أن الشيخ. كان يغض الطرف عنهما ويكره إذايتهما. والمتتبع لكتابات الشيخ يستوضح هذا المعنى جليًا، يقول في التصور والتصديق (¬1): وقد روى البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم"، يعني أن المؤمن المحمود في الفعال والخصال من كان طبعه الغرارة وقلة التظاهر بالفطنة للشر وترك البحث عن الأمور، وليس ذلك مه جهلا وغباوة بل تجاهلًا وتسامحًا لكرم أخلاقه وحسن طباعه، والفاجر من أخلاقه الخبث والدهاء والتوغل في معرفة الشر والحذر لدناءة طبعه ولسوء أخلاقه وفقده الكرم من نفسه. قال بعض العارفين: كن عُمرى الفعل فإن الفاروق رضي اللَّه عنه يقول: من خدعنا باللَّه انخدعنا له، فإذا رأيت من يخدَعَك وعلمتَ أنه مخادع، ¬

_ (¬1) انظر "التصور والتصديق" (ص 164) بتصرف.

3 - كرمه وسخاؤه

فمن مكارم الأخلاق أن تنخدع له ولا تفهمه أنك عرفت خداعه. وعلماء الوقت يسمون مثل هذا مغفلًا وعبيطًا، جهلا منهم بالسنة وإعراضًا عن العمل بها نسأل اللَّه السلامة والعافية بمنه اهـ. 3 - كرمه وسخاؤه: وأما سخاؤه وكرمه فكان من طراز منقطع النظير، ينفق إنفاق من لا يخشى الفقر، ولا يردُّ السائل كائنًا من كان عملًا بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "للسائل حق وإن جاء على فرس"، وكان لا يقتصد في النفقة، فسهل اللَّه له الرزق ويسرَّه من غير تعب ولا كبير عناء كما قال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- "أبى اللَّه أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يعلم"، وكان يعطي أصحاب الحوائج عطاء لو وزع على الكثرة الكثيرة لأغنتهم، فهو يجود بالنفيس والغالي دون التفات إلى قيمة أو ثمن، وأخباره في هذا كثيرة وقضاياه متعددة لا يستطيع أن ينكر ذلك أحد. وربما كان سائرًا في الطريق فقصده قاصد إلى شيء من لباسه نحو قفطان أو جلابة، فما يكون منه -رحمه اللَّه- إلا أن يخلعها من عليه ويعطيه إياها (¬1). ومن صفاته الحميدة التي انفرد بها عن أهل زمانه أنه ما كان يتقاضى أجرًا على التدريس والإملاء وإنما كان يفعل ذلك احتسابا، يقول في المداوي (¬2): ¬

_ (¬1) حدثنا بذلك الشيخ أحمد مرسي المتوفى (1402 هـ)، وكان من أشد الملازمين لصاحب الترجمة أثناء زياراته لمصر. (¬2) انظر "المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي" (2/ 106).

"ونحن وللَّه الحمد ما دخلنا في تدريس بأجرة قط، ولا أخذت عن العلم أجرًا، لكن الحق أحق بالإشهار والإعلان". وكما كان سخيًا بماله كان كذلك يجود بنفسه رخيصة في جناب اللَّه تعالى، وما الإذايات التي تعرض لها من قبل الاستعمار من نفي وسجن إلا مصداقا لذلك، فقد نفي عن مدينة طنجة أكثر من مرة وسجن مرارًا بسجن "سلا" و"أزمور"، وأوشك أن يحكم عليه بالإعدام أو بالسجن المؤبد بعد ثورته الأخيرة إلا أن اللَّه سلم وحكم عليه بالسجن مدة ثلاث سنوات ونصف (¬1). * * * ¬

_ (¬1) تاريخ صاحب الترجمة السياسي قد تناوله هو بتوسع في "البحر العميق".

مرضه ووفاته بالقاهرة سنة 1380 هـ

مرضه ووفاته بالقاهرة سنة 1380 هـ سبق وذكرنا أن الشيخ أحمد بن الصديق كان قد قام بثورة ضد الإستعمار لتخليص المنطقة الخليفية والدفاع عنها، انتهت به إلى السجن مدة ثلاث سنوات ونصف قضاها في سجن "أزمور"، وتحمل خلالها من أنواع الإذايات والمضايقات مما لا يخفى على أحد. ومنذ ذلك الوقت، والمحن تحدق بالشيخ من كل جهة، فتارة من الحزبيين، وتارة من الخائنين، الأمر الذي دفعه لهجران المغرب والتوجه للشرق وكان ذلك سنة (1377 هـ) فدخل الشام، ووجد من أهلها ترحابًا شديدًا، ثم توجه للسودان، حيث ألقى بعض المحاضرات، ومنها إلى القاهرة، وكان قد اشتد عليه المرض فأُلزم الفراش نحو ثمانية أشهر، إلى أن لبى داعِيَ ربه، وفاضت روحه يوم الأحد فاتح جمادى الثانية سنة (1380 هـ)، ودفن بمقابر الخفير رحمه اللَّه تعالى. ما زلت بدرًا تضئ الكون مزدهرًا ... في اللحد نورك ينسيني سنا السرج كَمُلْتَ فضلًا ونَقْصُ المرءِ مُفتَرضٌ ... فكان في العمرِ مجلَّي النقص والعرج لو كنتَ تُفدي فَدتْك النفسُ يا سند ... الإسلام يا طيِّب الأنفاس والأرج قد كان نعْيُكَ مأساةَ الأنام فهل منْ ... مُسلمٍ غيرَ محزونٍ ومنزعج (¬1) ¬

_ (¬1) هذه الأبيات جزء من قصيدة طويله ألقاها الأستاذ محمد أبو خبزه في رثاء الشيخ.

مؤلفاته

مؤلفاته كان المؤلف رحمه اللَّه سيوطي عصره من حيث كثرة التآليف التي ذُكر أنها تناهز الثلاثمائة، نذكر منها: [أ] 1 - الائتساء في إثبات نبوة النساء. 2 - إبراز الوهم المكون من كلام ابن خلدون، أو "المرشد المبدي بفساد طعن ابن خلدون في أحاديث المهدي" -طبع بمصر 3 - إتحاف الفضلاء والخلان ببيان حال حديث الممسوخ من النجوم والحيوان. 4 - إتحاف الحفاظ المهرة بأسانيد الأصول العشرة. وهي: موطأ مالك، ومسند الشافعي، ومسند أبي حنيفة، ومسند الإمام أحمد، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. 5 - الأجوبة الصارفة لإشكال حديث الطائفة. 6 - الإجازة للتكبيرات السبع على الجنازة. -طبع دار الكتبي 7 - إحياء المقبور بأدلة بناء المساجد والقباب على القبور. -طبع بمصر 8 - اختصار مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا. 9 - الأخبار المسطورة في القراءة في الصلاة ببعض السورة. -طبع دار الكتبي

10 - إرشاد المربعين إلى طرق حديث الأربعين. أي "في من حفظ على أمتي أربعين حديثا. . . " -طبع بمصر 11 - الأربعون المتتالية بالأسانيد العالية. 12 - الأربعون البلدانية للطبراني استخرجها من المعجم الصغير. 13 - إزالة الخطر عمن جمع بين صلاتين في الحضر من غير مرض ولا خطر. -طبع بمصر 14 - أزهار الروضتين فيمن يؤتى أجره مرتين. 15 - الاستئناس بتراجم فضلاء فاس. (وهو اختصار "سلوة الأنفاس" مع الذيل عليها) 16 - إسعاف الملحين ببيان حال حديث: "إذا ألف القلب الإعراض عن اللَّه ابتلى بالوقيعة في الصالحين". 17 - الاستعاضة بحديث: "وضوء المستحاضة". 18 - الاستعاذة والحسبلة ممن صحح حديث البسملة. أي حديث "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بسم اللَّه فهو أقطع". -طبع بمصر وبيروت 19 - الأسرار العجيبة في شرح أذكار ابن عجيبة. 20 - الإسهاب في المستخرج على مسند الشهاب. مجلدين 21 - الإشراف بتخريج الأربعين المسلسلة بالأشراف. 22 - إظهار ما كان خفيا من بطلان حديث: "لو كان العلم بالثريا". 23 - اغتنام الأجر في تصحيح حديث: "أسفروا بالفجر". -مطبوع

[ب]

24 - الإفضال والمنة برؤية النساء للَّه في الجنة. -طبع بمصر 25 - إقامة الدليل على حرمة التمثيل. - طبع بمصر 26 - الإقليد في تنزيل كتاب اللَّه على أهل التقليد. -مجلد ضخم 27 - الإقناع بصحة الصلاة خلف المذياع. -طبع بمصر 28 - الإلمام بطرق المتواتر من حديثه عليه الصلاة والسلام. كتب منه قدر مجلد. 29 - الأمالي المستظرفة على الرسالة المستطرفة. في أسماء كتب السنة المشرفة. 30 - الأمالى الحسينية. 31 - إياك من الاغترار بحديث: "اعمل لدنياك". -طبع بمصر 32 - إيضاح المريب من تعليق إعلام الأريب. 33 - الاستنفار لغزو التشبه بالكفار. * * * [ب] 34 - بذل المهجة. منظومة تائية في ستمائة بيت في التاريخ. 35 - بلوغ الأمال في فضائل الأعمال. 36 - بيان الحكم المشروع في أن الركعة لا تدرك بالركوع. -مجلد 37 - بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري. تمت مقدمته في مجلد.

[ت]

38 - بيان غربة الدين بواسطة العصريين المفسدين. -مفقود 39 - البرهان الجلي في تحقيق انتساب الصوفية إلى علي. -طبع بمصر 40 - البحر العميق في مرويات ابن الصديق. -جزءان 41 - البيان والتفصيل لوصل ما في الموطأ من البلاغات والمراسيل. 42 - بيصرة المقلقن على بعثرة المقيمن. * * * [ت] 43 - تبيين المبدأ ممن أنكر حديث: "ومن لغا فلا جمعة له". 44 - تبيين المبدأ في طريق حديث: "بدأ الدين غريبا وسيعود كما بدا". 45 - تخريج الدلائل لما فى رسالة القيرواني من الفروع والمسائل. وهو أصل كتاب مسالك الدلالة. -تم منه جزآن 46 - تخريج أحاديث الشفا. (كتب منه مجلد، وهو نصف الكتاب) 47 - تحفة الأشراف بإجازة الحبيب محمد بن هادي السقاف. 48 - تحفة القاصي والداني بشرح منظومة الزرقاني. (في الخصال التي توجب الإظلال تحت العرش) 49 - تحفة المريد بما ورد في حلة أهل التجريد. 50 - تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال. -طبع بتطوان

51 - تذكرة الرواة. كتب منه مجلد. 52 - ترتيب المسند. (مسند الإمام أحمد بن حنبل) -تم منه مجلد وبعض الثاني 53 - تحسين الخبر الوارد في الجهاد الأكبر. 54 - تحسين الفعال في الصلاة بالنعال. -طبع بمصر 55 - تزيين السمعة بتعيين موقف المؤذن يوم الجمعة. أو تعريف من بر ببدعة أذان الجمعة عند المنبر. 56 - تسهيل سبيل المحتذى بتهذيب وترتيب سنن الترمذى. 57 - تشنيف الأذان باستحباب ذكر السيادة عند اسمه عليه الصلاة والسلام في الصلاة والإقامة والأذان. -طبع بمصر 58 - تعريف الساهي اللاه بتواتر حديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقول لا إله إلا اللَّه". 59 - تعريف المطمئن بوضع حديث: "دعوه يئن". 60 - التصور والتصديق بأخبار الشيخ سيدي محمد بن الصديق. (ترجمة والده) -طبع بمصر 61 - التعريف بما أتى به حامد الفقي فى تصحيح الطبقتين خاصة من التصحيف (يعنى طبقات الحنابلة وذيلها) 62 - توجيه الأنظار الى توحيد العالم الإسلامي فى الصوم والإفطار.

[ج]

63 - تنوير المحبوب بتكفير الذنوب. 64 - التقييد النافع لمن يريد مطالعة الجامع. * * * [ج] 65 - جمع الطرق والوجوه لحديث: "اطلبوا الخير عند حسان الوجوه". 66 - الجمع بين الإيجاز والإطناب في المستخرج على مسند الشهاب (مجلد) 67 - جهد الإيمان بطرق حديث: "الإيمان يمان". 68 - جؤنة العطار في طرف الفوائد ونواد الأخبار. -تم منه ثلاث مجلدات وبعض الرابع 69 - الجواب المفيد للسائل المستفيد. * * * [ح] 70 - الحسبة على من جوَّز صلاة الجمعة بلا خطبة. -مجلد (ذكر فيه ستين دليلًا على وجوب خطبة الجمعة) 71 - حصول التفريج بأصول العزو والتخريج، (لم يتم). -مطبوع 72 - الحنين بوضع حديث الأنين. * * *

[د]

[د] 73 - درء الضعف عن حديث: "من عشق فعف". - (دار المصطفى) 74 - دفع الرجز بطرق حديث: "أكرموا الخبز". * * * [ر] 75 - رفض اللَّي بتواتر حديث: "من كذب عليَّ". 76 - رفع شأن المنصف السالك، وقطع لسان المتعصب الهالك في سنية القبض في الصلاة على مذهب مالك -وهو مقدمة لكتابه المثنوني والبتار في نحر العنيد المعثار-. -طبع بمصر 77 - رفع المنار لحديث: "من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار". -مطبوع 78 - رياض التنزيه في فضل القرآن وفضل حامليه. (وهو أوّل ما ألف). -مجلد يوجد بدار الكتب المصرية. 79 - الرغائب في طرق حديث: "ليبلغ الشاهد منكم الغائب". * * * [ز] 80 - زجر من يؤمن بطرق حديث: "لا يزني الزاني وهو مؤمن".

[س]

81 - الزواجر المقلقة لنكر التداوي بالصدقة. * * * [س] 82 - سبحة العقيق في ترجمة سيدي محمد بن الصديق. -مجلد ضخم موجود بالخزانة العامة بالرباط 83 - سبل الهدى في إبطال حديث: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا". -طبع في تطوان ومصر وبيروت * * * [ش] 84 - شد الوطأة على منكر إمامة المرأه. 85 - شُرف الإيوان في حديث: "الممسوخ من الحيوان". 86 - شرح منظومة الزرقاني فيمن يظلهم اللَّه بظله يوم لا ظل إلا ظله. 87 - شمعة العنبر ببدعة أذان الجمعة على المنارة وعند المنبر. أو (شن الغارة على بدعة الأذان عند المنبر وعلى المنارة) -طبع بمصر 88 - شهود العيان بثبوت حديث: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان". 89 - شوارق الأنوار المنيفة بظهور النواجذ الشريفة. -طبع بمصر وبيروت * * * [ص] 90 - صرف النظر عن حديث: "ثلاث يجلين البصر". 91 - صفع التياه بإبطال حديث: "ليس بخيركم من ترك دنياه".

[ط]

92 - صلة الوعاة بالمرويات والرواة. (المعجم الكبير). -تم منه مجلد كبير 93 - الصواعق المنزلة على من صحح حديث البسملة. (وهو رد على رسالة الرحمة المرسلة للشيخ عبد الحي الكتاني رحمه اللَّه تعالى). * * * [ط] 94 - طباق الحال الحاضرة بخبر سيد الدنيا والآخرة. (أو"مطابقة الاختراعات العصرية لما أخبر به سيد البرية") -طبع مصر 95 - طرفة المنتقي للأحاديث المرفوعة من زهد البيهقي. 96 - الطرق المفصلة لحديث أنس في قراءة البسملة. * * * [ع] 97 - عواطف اللطائف بتخريج أحاديث عوارف المعارف. -مجلد ضخم 98 - العتب الإعلاني لمن وثق صالح الفلاني. 99 - العقد الثمين في حديث: "إن اللَّه يبغض الحبر السمين". * * * [غ] 100 - غنية العارف بتخريج أحاديث عوارف المعارف. (وهو اختصار العواطف)

[ف]

[ف] 101 - فتح الملك العلي بصحة حديث: "باب مدينة العلم على". -طبع بمصر 102 - الفتح المبين في الكلام على حديث إن اللَّه يبغض الحبر السمين. 103 - فتح الوهاب بتخريج أحاديث الشهاب (جزءان). -مطبوع 104 - فصل القضاء في تقديم ركعتي الفجر على صلاة الصبح عند القضاء. طبع تباعًا في بعض الجرائد بتطوان. 105 - فك الربقة بطرق حديث: الثلاث وسبعين فرقة. * * * [ق] 106 - قطع العروق الوردية من صاحب البروق النجدية. * * * [ك] 107 - كشف الريْن في طرق حديث: "مر على قبرين". 108 - كشف الخبي بجواب الجاهل الغبي. (وهو اعتراض اعترض به بعضهم على مسألة في كتاب الإقليد للمؤلف). 109 - كتاب الحسن والجمال من الأحاديث المرفوعة خاصة. 110 - الكسملة في تحقيق الحق من أحاديث الجهر بالبسملة. 111 - كتاب ليس كذلك في الاستدراك على الحفاظ (لم يتمه) * * *

[ل]

[ل] 112 - لب الأخبار المأثورة في مسلسل عاشوراء. -طبع بطنجة 113 - لثم النعم بنظم الحكم لابن عطاء اللَّه. * * * [م] 114 - مجمع فضلاء البشر من أهل القرن الثالث عشر. (تم منه مجلد كبير إلى حرف العين وضاعت مسودته) 115 - مسالك الدلالة على مسائل الرسالة لابن أبي زيد القيرواني. وهو شرح لها بالحديث. -طبع بمصر 116 - مطالع البدور في جوامع أخبار البرور (عن بر الوالدين). -طبع بطنجة ومصر 117 - مفتاح الترتيب لأحاديث تاريخ الخطيب. -طبع بمصر 118 - مفتاح المعجم الصغير للطبراني. وهو ترتيبه على حروف المعجم. 119 - مسند المجالسة. وهو ترتيب أحاديث المؤانسة بالمرفوع من أحاديث المجالسة للدينوري على مسانيد الصحابة. 120 - مسامرة النديم بطرق حديث: "دباغ الأديم". 121 - مسند الجن. 122 - مناهج التحقيق في الكلام على سلسلة الطريق. 123 - منية الطلاب بتخريج أحاديث مسند الشهاب. (مجلد) 124 - المداوي لعلل المناوي في شرحيه على الجامع الصغير. -وهو هذا الكتاب

125 - معقل الإسلام، وهو شرح لسنن البيهقي. -تم منه مجلد ضخم 126 - المستخرج على الشمائل المحمدية للترمذي. -مجلد 127 - المسهم بطرق حديث: "طلب العلم فريضة على كل مسلم". -مطبوع 128 - المعجم الوجيز للمستجيز. -طبع بمصر 129 - مغنى النبيه عن المحدث والفقيه. وهو شرح للسنن الكبرى للبيهقي على طريقة المحلى لابن حزم مع الكلام على الأحاديث. على طريقة نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد، والحافظ المنذري في الترغيب والترهيب. -تم منه مجلد ضخم إلى كتاب الزكاة 130 - المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير. -طبع بمصر وبيروت 131 - المنتده بتواتر حديث: "المسلم من سلم السلمون من لسانه ويده". 132 - موارد الأمان بطرق حديث: "الحياء من الإيمان". 133 - الموضوعات. كتب منه مجلد. 134 - المناولة في طرق حديث المطاولة. 135 - المنيه المجردة -مجلد وسط. 136 - المؤانسة بالرفوع من أحاديث المجالسة للدينوري. 137 - المنتقى من مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا. 138 - المنح المطلوبة في استحباب رفع اليدين في الدعاء بعد المكتوبة.

[ن]

رد به على من يدعي أن رفع اليدين في الدعاء بعد الصلوات بدعة مذمومة -طبع بفاس 139 - المؤذن بأخبار سيدي أحمد بن عبد المؤمن. -محفوظ بالرباط بالخزانة العامة 140 - الميزانيات (وهي الأحاديث التي أسندها الذهبي في الميزان). 141 - المثنوني والبتار في نحر العنيد المعثار. الطاعن فيما صح من السنن والآثار. -طبع بمصر وهولندا * * * [ن] 142 - نصب الجرة لنفي الإدراج عن الأمر بإطالة الغرة. 143 - نفث الروع بأن الركعة لا تدرك بالركوع. 144 - نيل الحظوة بقيادة الأعمى أربعين خطوة. 145 - نيل الزلقة بتخريج أحاديث التحفة المرضية. 146 - نيل الطالب ما يرجوه من طرف حديث اطلبوا العلم عند حسان الوجوه. * * * [هـ] 147 - هداية الرشد لتخريج أحاديث بداية ابن رشد (مجلدين). -طبع في لبنان. 148 - هدية الصغراء بتصحيح حديث: "التوسعة على العيال يوم عاشوراء".

[و]

150 - الهدى الملتقى من أحاديث: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقا". * * * [و] 151 - وشى الإهاب بالمستخرج على مسند الشهاب. -ثلاث مجلدات ضخام 152 - وسائل الخلاص من تحريف حديث "من فارق الدنيا على الإخلاص". * * * أما شعره رحمه اللَّه فإنه لم يكن موجها وجهته إلى هذا الفن ولا ميالا إليه، ومع ذلك فقد كان يقوله أحيانًا وهو ليس كشعر الشعراء بل كشعر العلماء، فكان أحيانًا يجيب على بعض الأسئلة الموجهة إليه شعرًا أو يمدح أهل السنة أحيانًا أخرى. وقد ذكر أكثر أشعاره في كتابه جؤنة العطار، وله قصائد ومنظومات منها: 153 - قصيدة في الجواب عن سؤال حول من يكشفن رؤوسهن من النساء. 154 - وتخميسه لقصيدة والده الرائية في فضل الذكر. 155 - قصيدة في الاستغاثة باللَّه تعالى ومناجاته إياه. 156 - قصيدة في الرد على زاهد الكوثري حول صفات اللَّه. 157 - قصيدة في مدح إخوانه الأثريين. 158 - منظومة تائية في التاريخ في ستمائة بيت. * * *

ثبت المصادر

ثبت المصادر - أسباب النزول للواحدي. ط. دار الحديث - القاهرة - أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير. ط. دار الشعب - القاهرة - الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان. تأليف: ابن حبان البستي، ترتيب: ابن بلبان الفارسي. ط. مؤسسة الرسالة - بيروت - الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم. ط. دار الراية - الأدب المفرد للإمام البخاري. ط. عالم الكتب - بيروت - الإستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر. ط. دار الكتب العلمية - بيروت - الأسماء والصفات للبيهقي. ط. مكتبة السواري - الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني. ط. دار الشعب - القاهرة - الأنساب للسمعاني. ط. دار الجنان - الأوائل للطبراني. ط. مؤسسة الرسالة - بيروت - بغية الحارث عَن زوائد مسند الحارث. ط. الجامعة الإسلامية - البحر الزخار "المعروف بمسند البزار". ط. مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة - البداية والنهاية لابن كثير. ط. مكتبة المعارف - بيروت - تاريخ أصبهان لأبي نعيم الأصفهاني. ط. ليدن - هولندا - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي. ط. دار الكتاب العربي - بيروت

- تاريخ جرجان للسهمي. ط. عالم الكتب - بيروت - تاريخ واسط لأسلم بن سهل المعروف ببحشل. ط. عالم الكتب - بيروت - تحفة الأشراف للمزي. ط. حيدار آباد - الهند - تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري للإمام الزيلعي. ط. دار ابن خزيمة - بيروت - تذكرة الحفاظ للذهبي. ط. دار إحياء التراث العربي - القاهرة. ط. دار الكتب العلمية - بيروت - تذكرة الغافلين للإمام السمرقندي. ط. دار الكتبي - القاهرة - تقريب التهذيب لابن حجر. دار الرشيد - حلب - تهذيب التهذيب لابن حجر. ط. دار الفكر - بيروت - تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمزي. ط. مؤسسة الرسالة - بيروت - التاريخ الكبير للإمام البخاري. نسخة مصورة على طبعة الهند (دار الكتب العلمية - بيروت) - الترغيب والترهيب للمنذري. ط دار الريان للتراث - القاهرة - الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لابن شاهين. ط - دار ابن الجوزي - التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير لابن حجر. ط. ابن تيمية - القاهرة - التوبيخ والتنبيه لأبي الشيخ. ط. التوعية الإسلامية - القاهرة

- التوحيد لابن خزيمة. ط. دار الرشد - الرياض - التوكل على اللَّه لابن أبي الدنيا. ط. مكتبة القرآن - القاهرة - الثقات لابن حبات البستي. ط. حيدر آباد - الهند - جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر. ط. دار ابن الجوزي - جامع البيان عن تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري. ط. مصطفى الحلبي - القاهرة - جامع الترمذي للترمذي. ط. دار الحديث - القاهرة - الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي. ط. دار الكتب العلمية - بيروت - الجامع المسند الصحيح المختصر في أمور رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وسننه وأيامه للإمام البخاري. ط. دار الشعب - القاهرة - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصفهاني. ط. دار الكتاب العربي - الحلم لابن أبي الدنيا. ط. مكتبة القرآن - القاهرة - دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني. ط. عالم الكتب - بيروت - دلائل النبوة البيهقي. ط. دار الكتب العلمية - بيروت - الدعاء للطبراني. ط. دار البشائر الإسلامية - بيروت - ذم الدنيا لابن أبي الدنيا. ط. مكتبة القرآن - القاهرة - ذم الغيبة لابن أبي الدنيا. ط. دار الاعتصام - القاهرة. ط. مكتبة القرآن - القاهرة

- الروض الداني إلى المعجم الصغير للطبراني. ط. المكتب الإسلامي - بيروت - الزهد للإمام أحمد ط. دار الكتاب العربي. ط. دار الفكر العربي - الزهد لابن المبارك. ط. دار الكتب العلمية - بيروت - الزهد لوكيع بن الجراح. ط. مكتبة الدار - المدينة المنورة - الزهد الكبير للبيهقي. ط. مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت. ط. لجنة التراث والتاريخ - الإمارات - سنن ابن ماجه. ط. دار إحياء الكتب العربية - القاهرة - سنن أبي داود. ط. دار الريان للتراث - القاهرة - سنن سعيد بن منصور. ط. دار الكتب العلمية - بيروت - سنن الدارقطني. ط. دار المعرفة - بيروت - سنن الدارمي. ط. دار الفكر - بيروت. ط. دار إحياء السنة النبوية - سنن النسائي. ط. دار الجيل - السنة لابن أبي عاصم. ط. المكتب الإسلامي - السنن الكبرى للبيهقي. ط. دار المعرفة - بيروت - السنن الكبرى للنسائي. ط. دار الكتب العلمية - بيروت - شرح السنة للبغوي. ط. المكتب الإسلامي - شرح مشكل الآثار للطحاوي. ط. مؤسسة الرسالة - بيروت - شرح معاني الآثار للطحاوي. ط. مطبعة الأنوار المحمدية - القاهرة

- شعب الإيمان للبيهقي. ط. دار الكتب العلمية - بيروت. ط. الدار السلفية - الهند - الشمائل المحمدية للترمذي. ط. مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت - الشكر للَّه عز وجل لابن أبي الدنيا. ط. دار ابن كثير - بيروت. ط. مكتبة القرآن - القاهرة - صحيح البخاري: الجامع المسند الصحيح. ط. دار الشعب - القاهرة - صحيح مسلم. ط. دار إحياء الكتب العربية - القاهرة - صحيح ابن خزيمة. ط. المكتب الإسلامي - صفة الجنة لأبي نعيم الأصفهاني. ط. دار المأمون للتراث - الصمت لابن أبي الدنيا. ط. دار الاعتصام - القاهرة - الضعفاء الكبير للعقيلي. ط. دار الكتب العلمية - بيروت - الطبقات الكبرى لابن سعد. ط. التحرير. ط. دار صادر - بيروت. ط. دار الكتب العلمية - بيروت - علل الترمذي الكبير للترمذي. ط. دار الأقصى - علل الحديث للرازي. ط. دار السلام - حلب. ط. دار المعرفة - بيروت - العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لابن الجوزي. ط. دار نشر الكتب الإسلامية - العزلة للخطابي. ط. مكتبة الزهراء - "العقل وفضله" و"اليقين" لابن أبي الدنيا. ط. مكتبة القرآن - عمل اليوم والليلة لابن السني. ط. حيدر آباد - الهند

- عمل اليوم والليلة للنسائي. ط. مؤسسة الرسالة - بيروت - فتح الباري بشرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر. ط. السلفية - القاهرة - فردوس الأخبار بمأثور الخطاب للديلمي. ط. دار الريان للتراث - القاهرة - فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي. ط. دار الفكر - قضاء الحوائج لابن أبي الدنيا. ط. ابن تيمية - القاهرة. ط. مكتبة القرآن - القاهرة - القاموس المحيط للفيروزآبادي. ط. مؤسسة الرسالة - بيروت - كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتب الستة للهيثمي. ط. مؤسسة الرسالة - بيروت - الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي. ط. دار الفكر - بيروت - الكنى والأسماء للدولابي. ط. دار الكتب العلمية - بيروت - لسان الميزان لابن حجر. ط. مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت - اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي. ط. المكتبة الحسينية المصرية. - مجمع البحرين في زوائد المعجمين. "المعجم الأوسط والمعجم الصغير للطبراني" للحافظ الهيثمي. ط. مكتبة الرشد - الرياض - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ الهيثمي. ط. دار الريان للتراث - القاهرة. ط. دار الكتب العلمية - بيروت - محاسبة النفس لابن أبي الدنيا. ط. مكتبة القرآن

- مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد للحافظ ابن حجر العسقلاني. ط. مؤسسة الكتب الثقافية - مسند الإمام أحمد. ط. المكتب الإسلامي المصورة على الطبعة الميمنية - مسند أبي حنيفة مع شرحه لملا علي القاري. ط. دار الكتب العلمية - بيروت - مسند أبي داود الطيالسي. ط. دائرة المعارف النظامية - حيدر آباد الهند - مسند أبي عوانة. ط. دار الكتبي - القاهرة - مسند أبي يعلي الموصلي. ط. دار الثقافة العربية - مسند الشاميين للطبراني. ط. مؤسسة الرسالة - بيروت - مسند الشهاب للقضاعي. ط. مؤسسة الرسالة - بيروت - مصنف ابن أبي شيبة لابن أبي شيبة. ط. الهند - مصنف عبد الرزاق لعبد الرزاق الصنعاني. ط. المجلس العلمي/ المكتب الإسلامي - مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا. ط. دار الكتب العلمية - بيروت. ط. ابن تيمية - القاهرة. ط. مكتبة القرآن - القاهرة - مكارم الأخلاق للطبراني. ط. دار الكتب العلمية - بيروت. ط. دار الثقافة. - معجم شيوخ أبي يعلي لأبي يعلي الموصلي. ط. دار المأمون للتراث. - معجم شمال المغرب تطوان وما حولها د/ عبد المنعم سيد عبد العال. ط. دار الكاتب العربي 1388 هـ

- معرفة علوم الحديث للحاكم. ط. مكتبة المتنبي - من عاش بعد الموت لابن أبي الدنيا. ط. مكتبة القرآن - القاهرة. ط. عالم الكتب - بيروت - موسوعة أطراف الحديث النبوي لأبي هاجر محمد السعيد بسيوني. ط. دار الفكر - بيروت - موضح أوهام الجمع والتفريق للخطيب البغدادي. ط. مؤسسة الكتب الثقافية. - ميزان الاعتدال للذهبي. ط. عيسى البابي الحلبي - القاهرة - المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين لابن حبان البستي. ط. دار الوعي - حلب - المحلى لابن حزم. ط. مكتبة الجمهورية العربية - المدخل إلى السنن الكبرى. ط. دار الخلفاء للكتاب الإسلامي - المراسيل لأبي داود. ط. مؤسسة الرسالة - بيروت - المستدرك على الصحيحين للحاكم. ط. دار الكتب العلمية - بيروت - المصباح المنير للفيومي. ط. مكتبة لبنان - بيروت - المعجم لابن الأعرابي. ط. مكتبة الكوثر - المعجم الأوسط للطبراني. ط. دار الحرمين - القاهرة - المعجم المفهرس لألفاظ الحديث لمجموعة من المستشرقين. ط. ليدن - هولندا - المعجم الكبير للطبراني تحقيق الشيخ/ حمدي السلفي.

- المغني في الضعفاء للذهبي. - المقاصد الحسنة للسخاوي. ط. دار الكتاب العربي - الموضوعات لابن الجوزي. ط. دار الفكر - الموطأ للإمام مالك. ط. دار الشعب - القاهرة - المنتخب لعبد بن حميد. ط. دار الأرقم - نصب الراية لأحاديث الهداية للزيلعي. ط. المكتبة الإسلامية - نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول للحكيم الترمذي. ط. دار الريان للتراث - القاهرة * * *

منهج التحقيق

منهج التحقيق 1 - نسخ المخطوطة من خط مغربي إلى خط مشرقي، وتصحيحها عدة مرات بعد صفها، وحيث كان لنا السبق في التوصل إلى النسخة المودعة دار الكتب المصرية، أمكننا ذلك من الاطلاع على ما لم يطلع عليه غيرنا، واستكمال النقص الواقع في النسخة المصورة المتداولة. 2 - استبدال كلمة "حديث" والتي كان يستفتح بها المؤلف الكلام على كل حديث برقم الحديث في "فيض القدير"، في الجهة اليسار. 3 - وضع أرقام مسلسلة لأحاديث كتاب "المداوي"، في الجهة اليمنى، فجاءت على الشكل التالي: الرقم المسلسل/ رقم الحديث في "الفيض" 4 - لما لم يلتزم المؤلف بذكر الحديث بتمامه في كل مرة، قمنا بإكمال الحديث وضبطه مشكولًا، وإذا كان هناك اختلاف بين اللفظ الوارد في الكتاب واللفظ الوارد في "الفيض" نبهنا عليه في موضعه. 5 - نبهنا كذلك على الاختلاف الواقع بين بعض نقولات المؤلف من النسخ المخطوطة -والتي كان يعتمد عليها- وبين تلك المطبوعة التي بين يدينا. 6 - وضع الآيات الكريمة بين قوسين مزهرين وعزوها لمكانها. 7 - وضع كل الأحاديث والألفاظ النبوية بين قوسين على هذا الشكل " ". 8 - عزو الأحاديث إلى مصادرها في الكتب الحديثية على قدر المستطاع

وصف المخطوطة وتوثيقها

وعلى قدر ما توفر لنا من مصادر، ووضعناها بين قوسين مربعين بعد اسم المصدر على هذا الشكل []. 9 - إذا إقتضى سياق الكلام إضافة كلمة أو حرف لا يتم المعنى إلا بهما أضفناهما بين معقوفتين تمييزًا لهما عن نص المؤلف. 10 - وضع عناوين لبعض المسائل التي تحتاج لذلك بين معقوفتين. 11 - ضبط الكلمات الغريبة، والإشارة إلى معانيها. 12 - حيث كانت رغبة شقيق المؤلف الشيخ عبد اللَّه بن الصديق الاطلاع على نسخة "المداوي" لحذف بعض العبارات النابية في حق المناوي، قمنا بتجريدها من الكتاب دون التنبيه على ذلك في كل مرة لعدم تعلقها بموضوع الكتاب ولا بمادته العلمية. * * * وصف المخطوطة وتوثيقها كُتب كتاب المداوي بخط مؤلفه وهو خط مغربي مقروء إلا ما كان في بعض المواضع المطموسة وهي لا تتجاوز الأربعة، نبهنا عليها في مواضعها. ويتكون الكتاب من ستة أجزاء ضخام، من القطع المتوسط وعدد سطور صفحاته (22) سطر، وكثيرا ما كان يستدرك المؤلف على هامش صفحاته بعض المخرجين الذين قد يكون أغفلهم أثناء الكتابة. - الجزء الأول: وعدد صفحاته (488) صفحة قد كتب المؤلف على الصفحة الأولى منه: "الجزء الأول من المداوي لعلل المناوي للفقير إلى رحمة اللَّه تعالى وعفوه أحمد بن محمد بن الصديق غفر اللَّه له".

وفي الصفحة الثانية: استفتح بالبسملة ثم بمقدمة للكتاب لم تتجاوز الصفحة الواحدة، ثم شرع في مقصوده من كتابة الكتاب في الصفحة الثالثة مستهلا إياها "حرف الهمزة". وانتهى المؤلف من تاليفه ضحوة يوم الخميس رابع عشر رمضان المعظم سنة خمس وستين وثلاثمائة وألف من الهجرة، وعدد أحاديثه (579). - الجزء الثاني: وعدد صفحاته (478) صفحة، انتهى المؤلف من كتابته بعد عصر يوم الجمعة خامس عشر شعبان سنة ست وستين وثلاثمائة وألف، وعدد أحاديثه (572) بالمكرر. - الجزء الثالث: وعدد صفحاته (417) صفحة، ولم يؤرخ المؤلف تاريخ الانتهاء من تألفه ويشتمل على (602) حديث. - الجزء الرابع: وعدد صفحاته (479) صفحة، انتهى المؤلف من تأليفه عشية يوم السبت ثالث عشر جمادى الثانية سنة ثمان وستين وثلاثمائة وألف، وعدد أحاديثه (740). - الجزء الخامس: وعدد صفحاته (425) صفحة، انتهى المؤلف من كتابته عشية يوم الاثنين تاسع عشر محرم سنة تسع وستين وثلاثمائة وألف، ويشتمل على (673) حديث.

- الجزء السادس: وعدد صفحاته (507) صفحة، انتهى المؤلف من إتمامه عقب صلاة الفجر من يوم الثلاثاء ثالث وعشرين ربيع النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والتسليم وكتب المؤلف في الخاتمة: "وهذا آخر ما قصدناه من تحرير أوهام المناوي الذي سميناه بـ "المداوي"، وكان ذلك عقب صلاة الفجر من يوم الثلاثاء ثالث وعشرين ربيع النبوي الأول من سنة خمس وسبعين وثلاثمائة وألف في منفانا بمدينة "سلا" عجل اللَّه تعالى خروجنا منها آمين. وصلى اللَّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد للَّه رب العالمين" اهـ. وعدد أحاديث هذا الجزء (608) حديث. والمخطوطة في ملك المستشار الأستاذ/ حسن التهامي متعه اللَّه بالصحة والعافية، لا يوجد غيرها، ومودعة صورة منها بدار الكتب المصرية بتاريخ 1987 تحت الأرقام التالية: الجزء الأول تحت رقم 43199 الجزء الثاني تحت رقم 43198 الجزء الثالث تحت رقم 43197 الجزء الرابع تحت رقم 43196 الجزء الخامس تحت رقم 43195 الجزء السادس تحت رقم 43183 * * *

عنوان المخطوطة بخط المؤلف (وهي الصحيفة الأولى من الجزء الأول)

أول المخطوطة (وهي الصحيفة رقم (2) من الجزء الأول)

آخر المخطوطة (وهي الصحيفة رقم (505) من الجزء السادس) آخر المخطوطة (وهي الصحيفة رقم (506) من الجزء السادس)

رقم الإيداع بدار الكتب المصرية: 2891/ 96 الترقيم الدولي: 0 - 03 - 5235 - 977 بتاريخ: 3/ 2/ 1996 الطبعة الأولى

«من أَرَادَ صناعَة الحَدِيث فَعَلَيهِ بالمداوي» عبد اللَّه بن الصّديق المُداوي لعلل الْجَامِع الصَّغِير وشرحي الْمُنَاوِي [1]

[مقدمة المصنف]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وسلم الحمد للَّه رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد، فهذه نكت وفوائد وتعليقات وزوائد، تتعلق بما وقع في التيسير وفيض القدير على الجامع الصغير للشيخ عبد الرءوف المناوي من الكلام على طرق أحاديث المتن وعللها وما يتعلق بالأسانيد ورجالها، كنت علقت بعضها بهامش

التيسير، ثم لما وقفت على الشرح الكبير المسمى بـ "فيض القدير" وجدته مع عظم نفعه وكثرة فوائده أشد أوهاما وأكثر أغلاطا من التيسير، فجردت ما كتبته على الأول وتتبعت ما وجدته فى الثانى، وبسطت القول فى بيان ذلك وتحقيقه وإيضاحه وتحريره؛ لينتفع به الواقف عليه ويتخذه حكما يرجع فى فصل القول وتحقيق النقل إليه، فإن الشارح لبعده عن هذه الصناعة أكثر من التخليط والأوهام حتى أتى من ذلك بالعجب العجاب وأعدم النفع بكتابه ولم يُبق اعتمادا على شئ من أقواله بل ولا أنقاله، وزاده مع بعده عن دراية هذا الفن انحرافا فى الباب وإبعادا عن الصواب ولعه بالانتقاد على المصنف فى غالب ما يحكم به على الأحاديث وما يعزوه إليه من المصنفات لموجدة عليه فى نفسه وعداء يضمره فى سره، مع أن الحق فى كل ذلك أو جله مع المصنف، إذ أهل مكة أدرى بشعابها، على أنى لا أحابيه فيما صدر منه أو أبرئه مما فيه، بل قد تعقبته أيضا على بعض أوهامه إلا أنها لا تذكر أمام بحور أوهام الشارح -رحمه اللَّه- بل وهى أوهام معدودة، وكفى المرء نبلا أن تعد معايبه. وسميته بـ "المداوى لعلل [الجامع الصغير وشرحى] (¬1) المناوى". فإن كان التعقيب فى الصغير. قلت: "قال الشارح" وأطلقت، وإلا قيدته بالكبير. فأقول ومن اللَّه أستمد المعونة والهداية إلى الصواب إنه ولى التوفيق: * * * * * ¬

_ (¬1) هكذا سماه المؤلف فى موضع آخر.

حرف الهمزة

حرف الهمزة 1/ 3 - " آخرُ مَنْ يدخلُ الجنةَ رجلٌ يقالُ له جُهَيْنَةَ، فيقولُ أهلُ الجنةِ: عند جهينةَ الخبرُ اليقينُ". (خط) في رواة مالك قال الشارح: من وجهين عن ابن عمر، والحديث ضعيف من طريقيه، بل قال الدارقطنى: باطل. قلت: فيه مؤاخذات على المصنف والشارح، أما المصنف فمن وجهين: أحدهما: في اختصار لفظ الحديث، قال الدارقطنى في غرائب مالك: حدثنا أبو عمرو بن السماك ثنا الحسن بن عبد الوهاب بن أبى العنبر حدثنا جامع بن سوادة ثنا زهير بن عباد ثنا أحمد بن الحسين اللهبى ثنا عبد الملك بن الحكم ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة يقال له جهينة فيسأله أهل الجنة: هل بقى أحد يعذب؟ فيقول لا. فيقولون: عند جهينة الخبر اليقين"، قال الدارقطنى: هذا الحديث باطل، وجامع، ضعيف، وكذا عبد الملك اهـ. وهكذا أورده المصنف في الجامع الكبير.

ثانيهما: أنه جزم بوضعه فاستدركه على ابن الجوزى وأورده في ذيل اللآلئ، وأقر في الجامع الكبير حكم الدارقطنى بأنه باطل، فكان من حقه ألا يورده في الكتاب الذى صانه عن الموضوعات التى انفرد بها الوضاعون والكذابون، ولعل الذى غره في ذلك صنيع الحافظ فإنه اضطرب في هذا الحديث فأورده في لسان الميزان [2/ 93، رقم 375] في ترجمة جامع بن سوادة، ونقل عن الدارقطنى أن الحديث باطل، وأقره على ذلك وأورده في الفتح فقال: وقد وقع في غرائب مالك للدارقطنى من طريق عبد الملك بن الحكم وهو واه عن مالك عن نافع فذكره، وأورده في المقدمة في موضعين من كتاب الرقاق (¬1)، فلم ينص لا على ضعفه ولا على بطلانه، بل احتج به على تعيين المبهم في حديث البخارى وسكت. وأما الشارح ففى قوله: إن الخطيب رواه من وجهين عن ابن عمر، وإنه ضعيف من كلا الطريقين، فإن الحديث ليس له إلا طريق واحد من رواية جامع بن سوادة بسنده السابق وإنما له الوجهان عن جامع بن سوادة، كذلك قال الحافظ في اللسان ونصه في ترجمة جامع بن سوادة: روى له الدارقطنى في غرائب مالك حديثًا من وجهين عنه عن زهير بن عباد فذكر بسنده السابق، وعبارة الحافظ هذه هى التى أوقعت المناوى في الوهم، فإنه ظن أن الحديث مروى من وجهين عن ابن عمر وهو لم يرو عنه إلا من وجه واحد، وإنما روى من وجهين عن جامع المذكور، وقد اضطرب كلامه في الشرح الكبير وتناقض فقال: رواه الخطيب في كتاب رواة مالك من وجهين من حديث عبد اللَّه بن الحكم -كذا في الأصل المطبوع عبد اللَّه- وإنما هو عبد الملك عن مالك عن نافع عن ابن عمر بن الخطاب، ومن حديث جامع بن سوادة عن ¬

_ (¬1) انظر هدى السارى (ص 354).

زهير بن عباد عن أحمد بن الحسين اللهبى عن عبد الملك بن الحكم ورواه الدارقطنى من هذين الوجهين في غرائب مالك اهـ مع أن السند الأول هو عين السند الثانى، وإنما اقتصر في الأول على ذكر الراوى عن مالك وذكر في الثانى السند الموصل إليه وهو عينه، فالحديث ليس له عن ابن عمر إلا طريق واحد، نعم ورد من حديث أنس مطولا، أخرجه العقيلى [4/ 321، رقم 1923] في الضعفاء في ترجمة الوليد بن موسى وهذا حديث آخر مستقل لا دخل له في حديث ابن عمر. 2/ 4 - "آخرُ قريةٍ من قُرى الإِسلامِ خرابًا المدينةُ". (ت) عن أبي هريرة قال الشارح: وقال (ت): حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث جنادة، وذكر في العلل أنه سأل عنه البخارى فلم يعرفه وتعجب منه. قلت: قال الترمذى [5/ 720، رقم 3919]: حدثنا أبو السائب ثنا أبي جنادة بن سلم عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي هريرة به، وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جنادة عن هشام اهـ. وجنادة، قال أبو زرعة: ضعيف، وكذا قال أبو حاتم، وزاد: الأقرب أن يترك حديثه، وقال الساجى: حدث عن هشام بن عروة حديثًا منكرًا يعنى هذا، وقال الأزدى: منكر الحديث، وعنده عجائب، ووثقه ابن حبان وابن خزيمة فأخرج له في صحيحه، وذكره الأول في الثقات، وحسن له الترمذى كما ترى مع أنه ذكر في العلل [ص 377، رقم 73] أنه سأل البخارى عن هذا الحديث فلم يعرفه وجعل يتعجب منه وقال كنت أرى أن جنادة هذا مقارب الحديث اهـ.

يعنى فلما روى هذا الحديث تبين له أنه ليس كذلك، وأنه ضعيف منكر الحديث كما قال الآخرون، وهذا من تساهل الترمذى في التحسين ولذلك لم يوافقه المصنف بل رمز لضعفه. 3/ 5 - "آخرُ من يُحشرُ راعيانِ من مزينة يريدان المدينةَ، ينقعانِ بغنمِهما فيجدانها وحوشًا، حتى إذا بَلغَا ثنيةَ الوداع خرّا على وجوهِهما". (ك) عن أبي هريرة قال الشارح: في الفتن عن أبي هريرة. قلت: لم يخرجه في الفتن ولكن في كتاب الأهوال [4/ 565، رقم 8690] من طريق الليث بن سعده عن عقيل ابن خالد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن آخر من يحشر راعيان" الحديث وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه اهـ. وهو واهم في ذلك؛ بل رواه البخارى [3/ 27، رقم 1874] عن أبي اليمان أخبرنا شعيب عن الزهرى أخبرنى سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "تتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العواف" يريد عوافى السباع والطير، "وآخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة" الحديث بلفظ الحاكم. ورواه مسلم [2/ 1010، رقم 1389/ 499] من طريق الليث ابن سعد التي منها أخرجه الحاكم من رواية عبد الملك بن شعيب بن الليث عن أبيه عن جده عن الزهرى به ولفظه: "يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافى -يريد عوافى السباع والطير- ثم يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة

ينقعان بغنمهما فيجدانها وحوشا" الحديث. ورواه أحمد [2/ 234] كذلك عن عبد الأعلى عن معمر عن الزهرى به، وزاد في آخره: "من يرد اللَّه به خيرا يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم واللَّه يعطى". قال الحافظ في الفتح [4/ 90، تحت حديث 1874] على قوله: (وآخر من يحشر راعيان من مزينة": هذا يحتمل أن يكون حديثا مستقلًا لا تعلق له بالذي قبله، ويحتمل أن يكون من تتمة الحديث الذي قبله، والثانى أظهر اهـ. أي: رواية مسلم التي فيها "ثم" لعطف هذه الجملة على ما قبلها، وقد روى الحاكم [4/ 566، رقم 8691] أيضا هذا الحديث بسياق مفسر من رواية ابن وهب أنبأنا إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد اللَّه عن معبد بن خالد عن أبي سريحة الغفارى قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يحشر رجلان من مزينة هما آخر الناس يحشران يقبلان من جبل قد تسوراه حتى يأتيا معالم الناس فيجدان الأرض وحوشا حتى يأتيا المدينة فإذا بلغا أدنى المدينة قالا: أين الناس؟ فلا يريان أحدًا، فيقول أحدهما: الناس في دورهم، فيدخلان الدور فإذا ليس فيها أحد وإذا على الفرش الثعالب والسنانير، فيقولان: أين الناس؟ فيقول أحدهما: الناس في المسجد فيأتيان المسجد فلا يجدان أحدا، فيقولان: أين الناس؟ فيقول أحدهما: الناس في السوق شغلتهم الأسواق فيخرجان حتى يأتيا الأسواق فلا يجدان فيها أحدا فينطلقان حتى يأتيا الثنية فإذا عليها ملكان فيأخذان بأرجلهما فيسحبانهما إلى أرض المحشر، وهما آخر الناس حشرا". قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وتعقبه الذهبى بأن إسحاق بن يحيى قال أحمد: متروك اهـ.

قلت: وكذا قال النسائى، وقال القطان: يشبه لا شيء، وقال ابن معين: لا يكتب حديثه، وتكلم فيه آخرون، وحديثه يدل على ذلك فإنه منكر للغاية، بل باطل لمخالفته ظاهر القرآن والأمر المقطوع به إذا حمل على ظاهره، فإن قوله: "فيسحبانهما إلى أرض المحشر" ظاهر في أن ذلك دون موت، وقد قامت الأدلة القواطع على أنه لابد من الموت لكل مخلوق، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، وكذلك قوله: "فيقول أحدهما: إن الناس في المسجد. . . إلخ" فإن النصوص متكاثرة قاطعة في أن القرآن سيرفع قبل قيام الساعة، وأن اللَّه سيبعث ريحا حمراء تقبض روح كل مؤمن، فلا يبقى على وجه الأرض إلا الكفار وعليهم تقوم الساعة، وهم شرار الخلق كما في الأخبار الأخرى، ولا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت ولا يعبد اللَّه في الأرض مائة عام، فكيف يظن هذان الراعيان أن الناس بالمسجد وهم كفار كالأنعام لا يحلون حلالا ولا يحرمون حراما ولا ينكرون منكرا؟!، فهذا مما يدل على بطلان هذا الخبر واللَّه أعلم. ثم إن المناوى اعترض في شرحه الكبير على المصنف في رمزه لحديث الباب بالحسن وهو صحيح، لأنه قطعة من حديث الصحيحين، وهو اعتراض وجيه لا عن جهة كونه مخرجا في الصحيحين إذ قد يعزب ذلك عن المصنف ولا بطلع عليه ساعة كتابة الحديث، لاسيما وقد استدركه الحاكم وهو لا يستدرك إلا ما لم يخرج فيهما، وإن كان الواقع أنه يحصل له الوهم في كثير من الأحاديث يستدركها وهى فيهما أو في أحدهما كهذا الحديث، إلا أن ذلك يغر الواقف عليه إذا لم يبحث عن ذلك، ولكن الانتقاد موجه للمصنف من جهة كون سند الحديث عند الحاكم صحيحا لاسيما وقد حكم هو بصحته على شرط الشيخين وأقره الذهبى، فلعل الرمز إلى حسنه لم يصح عن المصنف،

فإن تلك الرموز يقع فيها تحريف من النساخ فلا يعتمد عليها كما نص عليه الشارح نفسه. ثم بالوقوف على لفظ الحاكم يعلم أن المصنف متعقب في إيراده لهذا الحديث في حرف الهمزة، لأنه عند الحاكم مصدر بـ "إن" فكان عليه إيراده في حرف أن مع الهمزة كما هو صنيعه في الكتاب، وإلا فهو متعقب من جهة عدم عزوه إلى المسند والصحيحين. 4/ 6 - "آخرُ ما أَدْركَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبوةِ الأولى إِذا لم تَسْتَحِ فاصنعْ ما شِئْتَ". ابن عساكر في تاريخه عن أبي مسعود البدرى قلت: رمز المصنف لضعفه لأنه من رواية فتح بن نصر الكنانى أبي نصر المصرى، قال أبو حاتم: كتبنا فوائده لنسمع منه (¬1) فتكلموا فيه وضعفوه فلم نسمع منه اهـ. قال الدارقطنى: ضعيف متروك، وأورد له حديثا موضوعا يدل على عدم ثقته، لكن الحديث صحيح مخرج في صحيح البخارى، إلا أنه مروى بألفاظ صدرت بحروف اقتضى صنيع الكتاب أن لا يعزى هذا اللفظ إلا لابن عساكر، وقد ورد من حديث أبي مسعود وحديث حذيفة بن اليمان وكلاهما من رواية ربعى بن حراش، فحديث أبي مسعود عقبة بن عمرو اختلف الرواة فيه، فبعضهم رواه موقوفا وبعضهم رواه مرفوعا، فأما الموقوف فقال الحاكم في علوم الحديث [ص 21]: ومما يلزم طالب الحديث معرفته نوع آخر من الموقوفات وهى مسندة في الأصل يقصر به بعض الرواة فلا يسنده، مثال ذلك: ¬

_ (¬1) انظر الجرح والتعديل (7/ 91، رقم 518).

ما حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبرى ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن إبراهيم العبدى ثنا أميه بن بسطام ثنا يزيد بن زريع ثنا روح بن القاسم ثنا منصور عن ربعى بن حراش عن أبي مسعود قال: "إنما حفظ الناس من آخر النبوة إذا لم تستح فاصنع ما شئت". قال الحاكم: هذا حديث أسنده الثورى وشعبة وغيرهما عن منصور وقصر به روح بن القاسم فوقفه، ومثال هذا الحديث كثير ولا يعلم سندها إلا الفرسان من نقاد الحديث ولا تعد في الموقوفات اهـ. قلت: لم ينفرد روح بن القاسم بوقفه، ولا اتفقت الرواة عن شعبة والثورى برفعه بل رواه بشر بن عمر الزهرانى عن شعبة فوقفه أيضا، قال الطحاوى في مشكل الآثار [4/ 195، رقم 1534]: حدثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا بشر بن عمر الزهرانى ثنا شعبة عن منصور عن ربعى قال: سمعت أبا مسعود فذكره موقوفا لم يرفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وكذلك رواه يحيى بن سعيد عن الثورى عن منصور به موقوفا، لكن اختلف عن يحيى فيه أيضا فرواه عبد اللَّه بن عمر القواريرى عنه كذلك موقوفا، ورواه أحمد بن حنبل عنه مرفوعا، أما رواية القواريرى فقال الطحاوى: حدثنا ابن أبي داود ثنا عبد اللَّه بن عمر القواريرى حدثنى يحيى بن سعيد عن سفيان عن منصور فذكر بإسناده مثله أي بلفظ: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، وأوفقه على أبي مسعود ولم يذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأما رواية أحمد فقال في المسند [4/ 121، 122]: حدثنا يحيى عن سفيان حدثنا منصور عن ربعى عن أبي مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-

قال: "مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى" الحديث. ورواه آخرون عن شعبه والثورى مرفوعا، وكذلك رواه جرير وزهير وإبراهيم ابن عطية الثقفى عن منصور، وكذلك رواه مسروق عن أبي مسعود. أما رواية شعبة فقال البخارى في صحيحه [4/ 215، رقم 3484]: حدثنا آدم حدثنا شعبة عن منصور قال: سمعت ربعى بن حراش يحدث عن أبي مسعود قال: قال النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستح فاصنع ما شئت". وقال أبو داود [4/ 252، رقم 4797]: حدثنا عبد اللَّه بن مسلمة القعنبى حدثنا شعبة به مثله، إلا أنه قال: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى، وهكذا رواه القطيعى في زوائد المسند [5/ 273] وأبو أحمد الغطريفى آخر جزئه، ومن طريقه ابن النقور في فوائده، وابن حبان [2/ 371، رقم 607]، ومن طريقه الخطيب في التاريخ، كلهم من رواية أبي خليفة الفضل ابن الحباب الجمحى عن القعنبى. ورواه الخطيب [10/ 356] من طريق محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس عن القعنبى. ورواه ابن الأبار في معجم أصحاب الصدفى من رواية محمد بن غالب عن القعنبى به ثم ذكر عن شيخه أبي الربيع الكلاعى أنه قال: سئل أبو داود هل عند القعنبى عن شعبة غير هذا الحديث؟ قال: لا، ثم أسند من طريق هلال الحفار: ثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الصباح البزاز قال: لم يرو القعنبى عن شعبة غير هذا الحديث: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت" وله شرح، حدثنى بعض القضاة عن بعض ولد القعنبى بالبصرة، قال: كان أبي يشرب النبيذ ويصحب الأحداث، فدعاهم يوما وقعد على الباب

ينتظرهم، فمر شعبة على حماره والناس خلفه يهرعون فقال: من هذا؟ فقيل: شعبة، فقال: وأيش شعبة؟ قالوا: مُحَدِّث، فقام إليه وعليه إزار أحمر فقال له: حدثنى، فقال له: ما أنت من أصحاب الحديث فأحدثك فأشهر سكينه وقال له: حدثنى أو أجرحك فقال له: حدثنا منصور عن ربعى عن أبي مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت" فرمى سكينه ورجع إلى منزله، فقام إلى جميع ما كان عنده من الشراب فهراقه، وقال لأمه: الساعة أصحابى يجيئون فأدخليهم وقدمى الطعام إليهم، فإذا أكلوا فخبريهم بما عَمِلتُ بالشراب حتى ينصرفوا، فمضى من وقته إلى المدينة فلزم مالك بن أنس فأكثر عنه ثم رجع إلى البصرة، وقد مات شعبة فما سمع من شعبة غير هذا الحديث. وأما رواية الثورى فتقدمت من رواية أحمد عن يحيى عنه مرفوعا، وقال الطحاوى [4/ 194، رقم 1533]: حدثنا على بن معبد وأبو أميه ثنا روح بن عبادة ثنا الثورى وشعبة عن منصور به مرفوعا: "إن مما أدرك الناس. . . " الحديث. وأما رواية جرير فقال ابن ماجه [2/ 1400، رقم 4183]: حدثنا عمرو بن رافع ثنا جرير عن منصور به مثله. ورواه الطحاوى [4/ 194، رقم 1535]: حدثنا يونس أنبأنا ابن وهب أخبرنى جرير بن عبد الحميد الضبى به. وقال أبو الليث في التنبيه: حدثنا الخليل بن أحمد حدثنا الماسرجس ثنا جرير به مثله. وأما رواية زهير فقال البخارى في صحيحه [4/ 215، رقم 3483]:

حدثنا أحمد بن يونس عن زهير ثنا منصور عن ربعى بن حراش حدثنا أبو مسعود عقبة قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستح فافعل ما شئت". وأما رواية إبراهيم بن عطية الثقفى فهي عند الخطيب [6/ 115] من طريق الربيع بن ثعلب عنه عن منصور به مثله: "إن مما أدرك الناس" الحديث. وأما رواية مسروق فعند الطحاوى [4/ 197، رقم 1538] من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن أبي مسعود به مرفوعا: "إن مما أدرك الناس" مثله. وحديث حذيفة قال أحمد [5/ 383]: حدثنا أبو معاوية حدثنا أبو مالك الأشجعى عن ربعى بن حراش عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن مما أدرك الناس من أمر النبوة الاولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت". وقال الطحاوى [4/ 195، رقم 1536]: حدثنا سعيد بن سليمان الواسطى حدثنا عباد بن العوام عن أبي مالك الأشجى عن ربعى عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اكثر ما أدرك الناس من كلام النبوة الاْولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت". وقال أبو نعيم في التاريخ [1/ 220]: ثنا أحمد بن عبيد اللَّه بن محمود ثنا إسحاق بن محمد بن إبراهيم ثنا أبو أمية ثنا محمد بن يزيد بن سنان ثنا ياسين الزيات عن أبي مالك عن ربعى عن حذيفة مرفوعا: "المعروف كله صدقة، وآخر ما تكلم به أهل الجاهلية من كلام النبوة: إذا لم تستح فاصنع ما شئت".

وقال ابن عساكر في التاريخ: أنبأنا خالى القاضى أبو المعالى محمد بن يحيى القرشى حدثنا أبو على الحسين بن محمد أنا أبو المعالى محمد بن عبد السلام بن محمد قراءة عليه بواسط أنا أبو الحسن على بن محمد بن على بن الحسن بن خزفة الصيدلانى حدثنا أبو محمد عبد اللَّه بن عمر بن شوذب حدثنا محمد بن أبي العوام حدثنا يزيد بن هارون حدثنا أبو مالك الأشجعى عن ربعى بن حراش عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المعروف كله صدقه وإن آخر ما تعلق به أهل الجاهلية من كلام النبوة إذا لم تستح فاصنع ما شئت". ورواه الخطيب [12/ 135] من طريق أبي سعيد عمير بن مرداوس الدونقى حدثنا العباس بن حماد البغدادى ثنا يزيد بن هارون به مثله. ورواه الحافظ أبو العلاء الهمدانى، ومن طريقه الذهبى في ترجمته من التذكرة [4/ 1324، رقم 1093] من رواية على بن الفضل الواسطى: حدثنا يزيد بن هارون به مثله. ورواه المحاملى بزيادة في متنه، فقال: أنا هارون بن إسحاق أنا أبو خالد الأحمر عن سعيد بن طارق -هو أبو مالك الأشجعى- عن ربعى عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المعروف كله صدقة وإن اللَّه صانع كل صانع وصنعته وإن آخر ما تعلق به أهل الجاهلية" الحديث مثله. قال الحافظ في الفتح [6/ 605، تحت حديث 4383، 3484] في الكلام على رواية ربعى عن أبي مسعود ما نصه: هذا هو المحفوظ، ورواه إبراهيم ابن سعد عن منصور عن عبد الملك عن ربعى بن حراش عن حذيفة حكاه الدارقطنى في العلل قال: ورواه أبو مالك الأشجعى أيضا عن ربعى عن حذيفة، قلت: روايته عند أحمد وليس يبعد أن يكون ربعى سمعه من أبي

مسعود ومن حذيفة جميعا. اهـ. قلت: ورواه عن ربعى عن حذيفة نعيم بن أبي هند أيضا. قال الدارقطنى في الأفراد: حدثنا أحمد بن محمد بن مسعد حدثنا محمد بن المغيرة حدثنا القاسم بن الحكم حدثنا الحسن بن عمارة عن نعيم بن أبي هند عن ربعى عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لم يبق من النبوة الأولى إلا: إذا لم تستح فاصنع ما شئت". 5/ 7 - "آخرُ ما تكلّم به إبراهيمُ حين أُلقِىَ في النار حسبى اللَّه ونعم الوكيل". (خط) عن أبي هريرة قال الشارح في ترجمة محمد بن يزداد: عن أبي هريرة، وقال: غريب، والمحفوظ عن ابن عباس موقوفا. قلت: وَهِمَ الشارح في قوله إن الخطيب رواه في ترجمة محمد بن يزداد فإنه رواه في ترجمة سهل بن سورين المدائنى لا في ترجمة محمد بن يزداد، بلى لا يوجد لمحمد بن يزداد ترجمة في تاريخ الخطيب. قال الخطيب: أخبرنا عبد الرحمن بن عبيد اللَّه الحرفى (¬1) وطلحة بن على الكتانى قال الخرفى: أخبرنا، وقال طلحة: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشافعى حدثنى أبو أحمد المطرز أنا سهل بن سورين المدائنى حدثنا سلام ابن سليمان ثنا إسرائيل عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، ثم قال الخطيب: هذا حديث غريب من رواية أبي حصين عن ¬

_ (¬1) كذا في الاصل "الحُرفى" وهو الصواب، وقد صحف في تاريخ بغداد إلى "العربى"، وانظر الأنساب للسمعانى (2/ 203، 204).

أبي صالح عن أبي هريرة مسندا، لا أعلم رواه غير سلام بن سليمان عن إسرائيل، والمحفوظ ما رواه الناس عن إسرائيل، وأبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس قال: "لما ألقى إبراهيم في النار" الحديث اهـ. قلت: وهذا كلام شيخه الحرفى لم ينسبه إليه، فإن الحرفى رواه في فوائده بهذا الإسناد ثم قال: هذا حديث غريب من حديث أبي حصين عثمان بن عاصم الكوفى عن أبي صالح عن أبي هريرة مسندا لا أعلم رواه غير سلام بن سليم المدائنى الطويل السعدى التميمى عن إسرائيل بن يونس عنه. والمحفوظ ما رواه الناس عن إسرائيل وأبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس قال: "لما ألقى إبراهيم" اهـ. وهو غريب. ورواه أبو نعيم في الحلية [1/ 19] عن أبي الشيخ قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان حدثنا سليمان بن توبة ثنا سلام بن سليمان به بلفظ: "لما أُلقِيَ إبراهيم عليه السلام في النار قال: حسبنا اللَّه ونعم الوكيل". وسلام الطويل ضعيف، وقد رواه غيره عن إسرائيل بهذا الإسناد عن أبي هريرة لكن موقوفا. قال الخطيب [5/ 229]: أخبرنى عبيد اللَّه بن أبي الفتح الفارسى أخبرنا أبو الطيب محمد بن الحسين التيملى الكوفى ثنا عبد اللَّه بن زيدان ثنا أحمد بن يزداد البغدادى ثنا عثمان ابن عمر أخبرنا إسرائيل عن أبي حصين عن أبي صالح عمت أبي هريرة قال: "كان آخر قول إبراهيم عليه السلام حين أُلقِيَ في النار حسبى اللَّه ونعم الوكيل".

فكان لأبي حصين فيه سندين، رواه عن أبي صالح عن أبي هريرة وعن أبي الضحى عن ابن عباس، كما أن لأبي بكر بن عياش فيه سندين أيضا، رواه عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس، ورواه عن حميد عن أنس. قال أبو نعيم في الحلية [1/ 19]: حدثنا القاضى عبد اللَّه بن محمد بن عمر ثنا عبد اللَّه بن العباس الطيالسى ثنا عبد الرحيم بن محمد بن زياد أنبأنا أبو بكر بن عياش عن حميد عن أنس بن مالك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أتى بإبراهيم عليه السلام يوم النار إلى النار فلما بصر بها قال: حسبنا اللَّه ونعم الوكيل". ورواه ابن مردويه من هذا الوجه لكنه ذكر متنًا آخر فقال: حدثنا محمد بن معمر ثنا إبراهيم بن موسى الثورى ثنا عبد الرحيم بن محمد ابن زياد السكرى أنبأنا أبو بكر بن عياش عن حميد الطويل عن أنس بن مالك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قيل له يوم أحد: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: 173] فأنزل اللَّه هذه الآية". أما الموقوف على ابن عباس فرواه البخارى في صحيحه [6/ 48، 49، رقم 4564]: حدثنا مالك بن إسماعيل ثنا إسرائيل عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس قال: "كان آخر قول إبراهيم حين ألقى في النار حسبى اللَّه ونعم الوكيل". ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب التوكل [ص 45، رقم 32]: ثنا أحمد بن محمد بن أيوب ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي

الضحى عن ابن عباس قال: "لما ألقى إبراهيم في النار قال: حسبنا اللَّه ونعم الوكيل وقال محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- مثلها". ورواه الحاكم في المستدرك [2/ 298، رقم 3167] من طريق أحمد بن يونس: ثنا أبو بكر بن عياش به بلفظ: "كان آخر كلام إبراهيم حين ألقى في النار حسبى اللَّه ونعم الوكيل وقال نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم- مثلها: " {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} الآية" [آل عمران: 173]، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه اهـ. وهو واهم في ذلك فقد قال البخارى في صحيحه [8/ 48، رقم 4563]: حدثنا أحمد بن يونس قال: أراه حدثنا أبو بكر عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس: حسبنا اللَّه ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقى في النار وقالها محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- حين قال لهم الناس: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}. وورد موقوفا أيضا على عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، قال أبو نعيم في مسند فراس: ثنا (¬1) بن الحسن بن منصور ثنا عبد الوهاب العبدى ثنا أبو سفيان عن فراس عن الشعبى عن عبد اللَّه بن عمرو قال: "أول كلمة قالها إبراهيم حين طرح في النار حسبنا اللَّه ونعم الوكيل". قال أبو فراس: حدثناه موقوفا. ¬

_ (¬1) يوجد هنا كشط بالمخطوطة.

[فائدة: في الفرق بين وكيع بن الجراح ووكيع صاحب الغرر]

6/ 8 - "آخرُ أربعاءَ في الشهر يومُ نَحْسٍ مستمرٍّ". وكيع [في الغرر، وابن مردويه في التفسير، (خط) عن ابن عباس] قال الشارح: ابن الجراح أبو سفيان الرؤاسى في الغرر وابن مردويه في التفسير خط عن ابن عباس. [فائدة: في الفرق بين وكيع بن الجراح ووكيع صاحب الغرر] قلت: ينتقد على المؤلف إطلاقه لفظ وكيع في عزو الحديث إليه فإنه يتبادر إلى الذهن أنه وكيع بن الجراح الرؤاسى الحافظ المشهور الإمام القديم أحد شيوخ أحمد وابن معين صاحب المصنف والزهد وغيرهما المتوفى سنة ست وتسعين ومائة وليس كذلك، بل المراد به محمد بن خلف القاضى الحنفى المتأخر كما سيأتى، وقد وهم الشارح فيه كما ترى وكنت أظن أن ذلك مبلغ علمه، ونبهت عليه في حاشية الكتاب حتى وقفت على شرحه الكبير فوجدته كتب فيه على قوله: وكيع، أى القاضى أبو بكر محمد بن خلف المعروف بوكيع، فعلمت أن ما وقع له في الشرح الصغير سبق قلم وذهول أوقعه فيه إطلاق المصنف، فإن المشهور بوكيع هو ابن الجراح، أما صاحب الغرر فوكيع إنما هو لقب له واسمه محمد بن خلف بن حيان بن صدقة بن زياد أبو بكر الضبى، كان عالما فاضلا عارفا بالسير والأخبار نبيلا فصيحا من أهل القرآن والفقه والنحو، حدث عن الزبير بن بكار والحسن بن عرفة وأبي حذافة السهمى والعلاء بن سالم وعلى بن مسلم الطوسى ومحمد بن عبد اللَّه المخرمى والحسن ابن محمد الزعفرانى ومحمد بن عبد الرحمن الصيرفى ومحمد بن عثمان بن كرامة وخلق كثير من شيوخ أصحاب الكتب الستة وغيرهم، وصنف المصنفات الكثيرة منها كتاب "الغرر من الأخبار" الذي خرج فيه هذا الحديث، وكتاب "عدد آى القرآن والاختلاف فيه" و"طبقات القضاة" وكتاب "الشريف"

وكتاب "الرمى والنضال" وكتاب "المكاييل والموازين" وغير ذلك، إلا أن تصانيفه لم تشتهر ولم يحملها عنه كثير من الناس للين شُهِرَ به كما قال ابن المنادى، وكان يتقلد القضاء على كور الأهواز كلها مات سنة ست وثلاثمائة. أما الحديث فرواه الخطيب [14/ 405] من طريق مسلمة بن الصلت: ثنا أبو الوزير صاحب ديوان المهدى ثنا المهدى أمير المؤمنين عن أبيه عن جده عن ابن عباس به مرفوعا. ومسلمة بن الصلت قال أبو حاتم [8/ 269، رقم 1228]: متروك الحديث. وقال الأزدى: ضعيف الحديث ليس بحجة. وأما ابن حبان فذكره في الثقات [9/ 180] وقال: روى عنه أحمد بن حنبل، قال الحافظ: ورأيت له حديثا منكرا رواه أبو الحسن على بن نجيح العلاف: حدثنا أحمد بن القاسم الرشيدى ثنا محمد بن صالح ثنا مسلمة بنت الصلت السنانى حدثنى أبو عمر مطرف صاحب ديوان أمير المؤمنين أبي جعفر قال: حدثنى المهدى عن أبيه عن جده عن ابن عباس قال: "آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر" اهـ. فاقتصر الحافظ على الحكم بنكارته موقوفا وكأنه لم يستحضر رواية الخطيب المرفوعة، وهذا من اضطرابه وضعفه، لكنه ورد موقوفا من غير طريقه. ذكر ابن الجوزى فىِ الموضوعات [2/ 73] أن الأبزارى رواه عن إبراهيم بن سعيد عن المأمون عن الرشيد عن المهدى عن المنصور عن جده عن ابن عباس به

موقوفا، والأبزارى كذاب، وتابعه حمزة بن محمد الكاتب عن إبراهيم بن سعيد خرجه الطيورى وفيه من لا يعرف. وقد ورد مرفوعا أيضا من حديث جابر وعائشة وعلى وأسنده بأسانيد كلها واهية. فرواه ابن مردويه من طريق إبراهيم بن أبي حية عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر مرفوعا: "يوم الأربعاء يوم نحس مستمر". وإبراهيم بن أبي حية متروك منكر الحديث، وقال ابن حبان: روى عن جعفر وهشام مناكير وأوابد يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها (¬1). ورواه أيضا من طريق إبراهيم بن هراسة عن سفيان الثورى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا: "يوم نحس يوم الأربعاء"، وإبراهيم بن هراسة -وهى أمه- ضعيف متروك، قال النسائى: لا يكتب حديثه، وقال ابن حبان: كان من العباد، غلب عليه التقشف فأغضى عن تعاهد [كتبه] حتى صار كأنه يكذب، وقال الأجرى: سمعت أبا داود يطلق فيه الكذب. ورواه أيضا من طريق يحيى بن العلاء عن على بن عمر بن على بن أبي طالب عن أبيه عن جده مرفوعا: "يوم الأربعاء يوم نحس مستمر" ويحيى بن العلاء، قال أحمد: كذاب يضع الحديث. ورواه أيضا من طريق عباد بن يعقوب عن عيسى بن عبد اللَّه حدثنى أبي عن أبيه عن جده قال: "نزل جبريل باليمين مع الشاهد والحجامة، ويوم الأربعاء يوم نحس مستمر". وعيسى بن عبد اللَّه قال الدارقطنى: متروك الحديث. ¬

_ (¬1) انظر "المجروحين" (1/ 103).

ورواه أيضا من طريق أبي الأخيل خالد بن عمرو الحمصى حدثنا يزيد بن خالد القرشى حدثنى عبد الرحمن بن كسرى عن مسلم بن عبد اللَّه عن سعيد بن ميمون عن أنس قال: "سئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الأيام، وسئل عن يوم الأربعاء فقال: يوم نحس، قال: وكيف ذاك يا رسول اللَّه؟ قال: أغرق اللَّه فيه فرعون وقومه وأهلك عادا وثمود". خالد بن عمرو والحمصى كذبه الفريابى، ووهَّاه ابن عدى وغيره. وقال ابن عراف في تنزيه الشريعة [2/ 55، 56] بعد إيراد هذه الطرق مختصرة: ليس فيها ما يصلح للاستشهاد غير أنى رأيت له شاهدا عن زر بن حبيش من قوله، أخرجه ابن أبي حاتم، وذكر الحليمى الحديث في شعب الإيمان (¬1) وأوله فقال: "أى على المفسدين لا على المصلحين كالأيام النحسات، كانت نحسات على الكفار من قوم عاد لا على نبيهم ومن آمن منهم"، قال: ويحتمل أن يكون هذا هو سر ما ورد من حديث جابر أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- دعا في مسجد الفتح ثلاثا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين. قال جابر: فلم ينزل بى أمر غائظ إلا توخيت تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإجابة. قال: فيكون يوم الأربعاء نحسا على الظالم ويستجاب فيه دعوة المظلوم عليه كما استجيب فيه دعوة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الكفار، وفى قول جابر: "غائظ" إشارة إلى كونه مظلوما اهـ، قال ابن عراف: وفيه دلالة على أن الحديث عنده ليس بموضوع. قلت: لا عبرة به في هذا الباب لأنه ليس من أهل الفن، قال ابن عراف: ومما ¬

_ (¬1) الحديث بتمامة في شعب الإيمان 4/ 157 رقم 4647.

اشتهر على الألسنة في نقيض هذا، حديث: "ما ابتدئ بشئ يوم الأربعاء إلا تم". وهو حديث لا أصل له، ونسب لصاحب "هداية الحنفية" أنه كان يوقف بداية الدروس على يوم الأربعاء، ويحتج بهذا الحديث وكذا كان جماعة من أهل العلم يتحرون البداية يوم الأربعاء، والأولى أن يلحظ في ذلك ما في الصحيح من أن اللَّه -عز وجل- خلق النور يوم الأربعاء، والعلم نور فيتفاءل لتمامه ببداية يوم خلق النور إذ يأبى اللَّه إلا أن يتم نوره كما قال جل شأنه اهـ. وقال الحافظ السخاوى في "المقاصد الحسنة" [ص 574، 575، رقم 943]: حديث "ما بدئ بشئ يوم الأربعاء إلا تم"، لم أقف له على أصل، لكن ذكر برهان الإسلام في كتابه "تعليم المتعلم طريق التعليم" عن شيخه المرغينانى صاحب الهداية في فقه الحنفية أنه كان يوقف بداية السبق على يوم الأربعاء وكان يروى في ذلك بحفظه ويقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من شيء بدئ به يوم الأربعاء إلا وقد تم"، قال: وهكذا كان يفعل أبي فيروى هذا الحديث بإسناده عن أحمد بن عبد الرشيد اهـ. قال السخاوى: ويعارضه حديث جابر مرفوعا "يوم الأربعاء يوم نحس مستمر"، أخرجه الطبرانى في الأوسط، ونحوه ما يروى عن ابن عباس: أنه لا أخذ فيه ولا عطاء، وكلها ضعيفة، وبلغنى عن بعض الصالحين ممن لقيناه أنه قال: "شكت الأربعاء إلى اللَّه سبحانه تشاؤم الناس بها فمنحها أنه ما ابتدئ بشئ فيها إلا تم" (¬1) اهـ. ¬

_ (¬1) انظر لسان الميزان 5/ 221، في ترجمة محمد بن عبد اللَّه أبو رجاء الحبطى.

قلت: وحديث ابن عباس الذي أشار إليه رواه أبو يعلى في مسنده [4/ 479، رقم 2612]: ثنا عمرو بن الحصين ثنا يحيى بن العلاء ثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن عن أبي صالح عن ابن عباس قال: "يوم الأحد يوم غرس وبناء، ويوم الاثنين يوم سفر، ويوم الثلاثاء يوم دم، ويوم الأربعاء يوم لا أخذ ولا عطاء فيه، ويوم الخميس يوم دخول على السلطان، ويوم الجمعة يوم تزويج وباءة". عمرو بن الحصين متروك، ويحيى بن العلاء كذاب. وورد من حديث أبي سعيد مرفوعا رواه تمام في فوائده: حدثنا عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عمر بن راشد ثنا يزيد بن محمد بن عبد الصمد ثنا سلام بن سليمان أبو العباس ثنا فضيل بن مرزوق عن عطية العوفى عن أبي سعيد الخدرى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يوم السبت يوم مكر وخديعة، ويوم الأحد يوم غرس وبناء، ويوم الاثنين يوم سفر وطلب رزق، ويوم الثلاثاء يوم حديد وبأس، ويوم الأربعاء لا أخذ ولا عطاء، ويوم الخميس يوم طلب الحوائج ودخول على السلطان، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح"، سلام وشيخه وشيخ شيخه كلهم ضعفاء. وروى ابن الجوزى في الموضوعات [2/ 71] من طريق عبد الرحمن بن خالد الزاهد السمرقندى: حدثنى يحيى بن عبد اللَّه عن أبي معاوية الرملى عن أبي هريرة مرفوعا "يوم السبت يوم مكر ومكيدة، قالوا: ولم ذاك يا رسول اللَّه؟، قال: إن قريشا أرادوا أن يمكروا فيه فأنزل اللَّه: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: 30]، ويوم الأحد يوم بناء وغرس، قالوا: ولم ذاك يا رسول اللَّه؟ قال: لأن الجنة

بنيت وغرست فيه، ويوم الاثنين يوم سفر وتجارة، ويوم الثلاثاء يوم دم قالوا: ولم ذاك؟، قال: لأن ابن آدم قتل أخاه فيه، ويوم الأربعاء يوم نحس، وفيه أرسل اللَّه الريح على قوم عاد، وفيه ولد فرعون، وفيه ادعى الربوبية، وفيه أهلكه اللَّه، ويوم الخميس يوم دخول على السلطان وقضاء الحوائج، قالوا: ولم يا رسول اللَّه؟ قال: لأن إبراهيم خليل الرحمن دخل على ملك مصر فرد عليه امرأته وقضى حوائجه، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح، قالوا: ولم يا رسول اللَّه؟ قال: لأن الأنبياء ينكحون ويخطبون فيه لبركة يوم الجمعة". قال ابن الجوزى: موضوع فيه ضعفاء ومجاهيل ويحيى ليس بشيء، وكذا السمرقندى اهـ. وسيأتى في حرف "الحاء" حديث فيه "ما يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء" وهو حديث واه خرجه ابن ماجه [2/ 1554، رقم 3488] والحاكم [4/ 211، رقم 7479] وغيرهما، وسيأتى الكلام عليه إن شاء اللَّه تعالى. 7/ 9 - "آدمُ في السماءِ الدُّنيا تُعرَضُ عليه أعمالُ ذريتِهِ، ويوسفُ في السماءِ الثانيةِ، وابنا الخالةِ يَحْيَى وعيسى في السماءِ الثالثةِ، وإدريسُ في السماءِ الرابعةِ، وهارونُ في السماءِ الخامسةِ، وموسى في السماءِ السادسةِ، وإبراهيمُ في السماءِ السابعةِ". ابن مردويه عن أبي سعيد قلت: هذه رواية مختصرة من حديثه الطويل في الإسراء، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقى في دلائل النبوة [2/ 367] من طرق متعددة كلها ترجع إلى أبي هارون العبدى عن أبي سعيد، وأبو هارون العبدى ضعيف

وحديثه في الإسراء فيه غرابة ونكارة، لكن ذكر الأنبياء المذكور هنا ورد مثله في حديث مالك بن صعصعة المخرج في مسند أحمد [4/ 207] والصحيحين (¬1)، وليس فيه مخالفة إلا في ذكر يوسف وابنى الخالة يحيى وعيسى، فإن في حديث مالك المذكور أن في الثانية يحيى وعيسى وفى الثالثة يوسف، وحديث أبي سعيد بعكس ذلك والباقى سواء، وقد وقع في روايات أنس في الصحيحين اختلاف في ذلك. قال الحافظ في الكلام [على] حديث مالك بن صعصعة المروى من طريق قتادة عن أنس عنه ما نصه: وقد توافقت هذه الرواية مع رواية ثابت عن أنس عند مسلم أن في الأولى آدم وفى الثانية يحيى وعيسى، وفى الثالثة يوسف، وفى الرابعة إدريس، وفى الخامسة هارون، وفى السادسة موسى، وفى السابعة إبراهيم"، وخالف ذلك الزهرى في روايته عن أنس عن أبي ذر أنه لم يثبت أسماءهم وقال فيه: "وابراهيم في السماء السادسة"، ووقع في رواية شريك عن أنس: "أن إدريس في الثالثة، وهارون في الرابعة، وآخر في الخامسة"، وسياقه يدل على أنه لم يضبط منازلهم أيضا كما صرح به الزهرى، ورواية من ضبط أولى، ولاسيما مع اتفاق قتادة وثابت، وقد وافقهما يزيد ابن أبي مالك عن أنس إلا أنه خالف في إدريس وهارون، فقال: "هارون في الرابعة، وإدريس في الخامسة"، ووافقهم أبو سعيد إلا أن في روايته "يوسف في الثانية، وعيسى ويحيى في الثالثة" والأول أثبت (¬2) اهـ. ¬

_ (¬1) البخارى (4/ 133، رقم 3207)، مسلم (1/ 149، 150، رقم 164/ 264، 265). (¬2) انظر فتح البارى (7/ 210، تحت حديث رقم 3787).

8/ 10 - "آفَةُ الظرْفِ الصَّلَفُ، وآفَةُ الشَّجَاعَة البَغْىُ، وآفَةُ السَّمَاحَةِ المَن، وآفة الجَمَالِ الخُيلَاءُ وآفَةُ العِبَادَة الفَتْوَةُ وآفَةُ الحَدِيثِ الكَذِبُ وآفَةُ العِلْمِ النِّسْيَانُ وآفَةُ الحِلْمِ السَّفَهُ وآفَةُ الحَسَبِ الفَخْرُ وآفَةُ الجُودِ السرْفُ". (هب) وضعفه عن على قال الشارح وفيه كذاب وبين في الكبير اسم الكذاب، فقال: ثم إن اقتصار المؤلف على عزو تضعيفه للبيهقى يؤذن بأنه غير موضوع وقد رواه الطبرانى بتقديم وتأخير عازيا لعلى أيضا، وتعقبة الهيثمى بأن فيه أبا رجاء الحبطى وهو كذاب، وبما تقرر عرف خطأ من زعم -كبعض شراح الشهاب- أنه حسن. قلت: الحديث رواه البيهقى في شعب الإيمان في الباب الثالث والثلاثين مطولا من طريق محمد بن عبد اللَّه أبي رجاء الحبطى: ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الحارث عن على مرفوعا: "لا مال أعوز من العقل ولا فقر أشد من الجهل ولا وحدة أشد من العجب ولا مظاهرة أوثق من المشاورة ولا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق ولا عبادة كالتفكر وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان"، الحديث، وقال: تفرد به الحبطى عن شعبة وليس بالقوى. وقال القضاعى في مسند الشهاب [2/ 38، رقم 836]: أخبرنا أبو الحسن محمد بن إسحاق القُهُستانى أنبأنا أبو الحسن على بن الحسن ابن القاسم بن الفضل بن حسان الدميمى ثنا محمد بن عبد اللَّه بن سليمان ابن جعفر مطين ثنا على بن المنذر ثنا يحيى بن سعيد الزيات ثنا محمد بن عبد اللَّه أبو رجاء الحبطى من أهل تستر ثنا شعبة بن الحجاج عن أبي إسحاق عن

الحارث عن على -عليه السلام- قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: وذكر ذلك في حديث الوصية. قلت: ولم يذكر الحديث بتمامه، إنما ذكر نحو ما ذكره المصنف ولفظه "آفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفه، وآفة العبادة الفترة، وآفة الظرف الصلف، وآفة الشجاعة البغى، وآفة السماحة المن، وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحسب الفخر". ورواه الطبرانى في الكبير [3/ 68، رقم 688]: عن محمد بن عبد اللَّه بن سليمان مطين بسنده مطولا بتمام حديث الوصية المذكور. وعن الطبرانى رواه أبو نعيم في الحلية [2/ 35]، ورواه ابن حبان في الضعفاء [2/ 299]، وقال: إن الحبطى روى عن شعبة عن إبى إسحاق ما ليس من حديثه اهـ. وكأن الهيثمى [10/ 283] أخذ قوله في الحبطى أنه كذاب من هذا، وإلا فالذهبى لم يحك تكذيبه عن أحد، ولم يزد على حكاية كلام ابن حبان، وذكر له هذا الحديث، ولم يزد على ذلك أيضا الحافظ في اللسان (¬1). ومع ذلك فالحديث ورد من غير طريقه، قال ابن بابويه في كتاب التوحيد: ثنا أبو الحسن على بن عبد اللَّه بن أحمد الأصبهانى ثنا مكى بن أحمد بن سعدويه البردعى ثنا أبو منصور محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العتكى ثنا محمد بن الأشرس ثنا إبراهيم بن نصر ثنا وهب بن وهب أبو البخترى ثنا ¬

_ (¬1) انظر لسان الميزان (5/ 221) في ترجمة محمد بن عبد اللَّه أبو رجاء الحبطى.

جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يا على إن اليقين أن لا تُرضى أحدا بسخط اللَّه، ولا تحمدن أحدًا على ما آتاك اللَّه، ولا تلومن أحدًا على ما لم يؤتك اللَّه فإن الرزق لا يجره حرص حريص، ولا يخرجه كراهة كاره فإن اللَّه عز وجل بحكمته وفضله جعل الروح والفرج في اليقين والرضى، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط، فإنه لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعوز من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا مظاهرة أوثق من المشاروة ولا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق، ولا عبادة كالتفكر، وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وذكره، لكن وهب بن وهب كذاب، ومحمد بن أشرس متهم. وله طريق آخر، قال القضاعى [1/ 79، رقم 75]: أخبرنا أبو الحسن على بن خلف الواسطى ثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين ثنا أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن الحسن بن نصر الواسطى ثنا إسحاق بن وهب العلاف الواسطى ثنا أبو عبد الملك بن يزيد أنبأنا حماد (¬1) بن عمرو النصيبى أبو إسماعيل عن السرى بن خالد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على عليه السلام، قال: "دعانى رسول -صلى اللَّه عليه وسلم-" وذكر وصيته لعلى، وذكر الحديث وفيه زيادة: "وآفة الجود السرف، وآفة الدين الهوى"، وعبد الملك بن يزيد مجهول، والسرى بن خالد، قال الأزدى: لا يحتج به. وله طريق ثالث أيضا، قال الديلمى في مسند الفردوس: ¬

_ (¬1) في الأصل: "كمال بن عمرو"، وفى مسند الشهاب: "عمرو بن حماد" وكلاهما تصحيف عن حماد بن عمرو النصيبى، وانظر الجرح والتعديل (4/ 284)، الميزان (1/ 598)، اللسان (2/ 350، 351) واللَّه أعلم.

أخبرنا أبي أخبرنا أبو الفرج على بن محمد البجلى أخبرنا ابن لال أخبرنا أحمد بن الحسن بن ماجه ثنا محمد بن يحيى بن منده ثنا محمد بن بكير الحضرمى حدثنا الحسين بن عبد الحميد الكرجى عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على مرفوعا: "آفة الظرف الصلف وآفة الشجاعة البغى وآفة السماحة المن وآفة الجمال الخيلاء وآفة العبادة الفترة". ومن طريق أخرى: "وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفه وآفة الحسب الفخر وآفة الجود السرف"، رجال هذا السند من فوق ابن لال لم أعرف منهم أحدا. 9/ 11 - "آفَةُ الدِّينِ ثَلَاثَةٌ: فقَيِهٌ فَاجِرٌ، وَإِمَامٌ جَائِرُ، وَمُجْتهَدٌ جَاهِل". (فر) عن ابن عباس قلت: الحديث رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 328] في ترجمة نهشل ابن سعيد: ثنا محمد بن أحمد بن عبد الوهاب ثنا عامر بن إبراهيم بن عامر قال: وجدت في كتاب جدى بخطه سمعت نهشل بن سعيد الترمذى يحدث عن الضحاك عن ابن عباس به. ومن طريق أبي نعيم رواه الديلمى، فقال: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم به، قال الحافظ في زهر الفردوس: فيه ضعف وانقطاع. قلت: لأنه وجادة، ولأن الضحاك قيل: إنه لم يسمع من ابن عباس، ومن الغريب اقتصار الحافظ في الحكم على هذا الحديث بالضعف مع أنه انفرد به

وقال ابن معين: ليس بثقة، وقال النسائى وأبو حاتم: متروك الحديث، وقال ابن حبان: يروى عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب. وقال أبو سعيد النقاش: روى عن الضحاك الموضوعات، وضعفه آخرون، وحكم ابن الجوزى بوضع أحاديث وأعلها به، وكذلك فعل المؤلف في ذيل اللآلئ في كتاب التوحيد وكتاب المبتدأ والطهارة والجامع منه، فكان من الواجب أن يحكم بوضع هذا أيضا وأن لا يورده في الكتاب الذي صانه عما انفرد به كذاب، وقد حكى الشارح في الكبير عنه أنه قال في "درر البحار": إن سنده واه. 10/ 12 - "آفَةُ العِلْم النسْيَانُ وإضاعَتُهُ أنْ تحُدِّثَ بِهِ غَيْر أَهْلِهِ". (ش) عن الأعمش مرفوعا معضلا وأخرج صدره فقط عن ابن مسعود موقوفا. قلت: التعبير بالمعضل فيما رفعه الأعمش بدون واسطة لا يوافق عليه الاصطلاح وإن كان صحيحا في المعنى، لأن الأعمش تابعى بلا خلاف، لرؤيته أنس بن مالك وابن أبي أوفى وأبا بكرة، وإنما الخلاف في سماعه منهم، والتابعى إذا رفع الحديث إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فحديثه مرسل لا معضل بقطع النظر عن تعدد الوسائط، فكم من تابعى كبير روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بواسطتين فأكثر ومع ذلك فلا يقال لحديثه إلا المرسل، نظرا لرتبته لا لروايته. ولهذا عبر السخاوى في المقاصد الحسنة [ص 39، رقم 2] عن هذا الحديث بقوله عن الأعمش معضلا أو مرسلا، وكذلك فعل الحافظ في حديث ذكره عن الزهرى في الأطعمة فقال: وهذا مرسل أو معضل اهـ. لأنه بالنظر إلى المعنى معضل وبالنظر إلى الرتبة مرسل، والأخير هو المعتبر في الاصطلاح.

أما الحديث فقال ابن أبي شيبة [8/ 546، رقم 6190]: ثنا وكيع ثنا الأعمش/ قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "آفة العلم النسيان وإضاعته أن تحدث به غير أهله". وقال أيضا [8/ 546، رقم 6191]: حدثنا وكيع عن أبي العميس عن القاسم قال: قال عبد اللَّه -يعنى ابن مسعود-: آفة العلم النشان. وروى هذا الأخير الموقوف البخارى في التاريخ الكبير [1/ 265، رقم 844] في ترجمة محمد بن يوسف الفريابى عنه قال: حدثنا سفيان عن طارق بن عبد الرحمن عن حكيم بن جابر عن ابن مسعود قال: لكل شيء آفة وآفة العلم النشان. وروى الدارمى في مسنده هذه الآثار الثلاثة أيضا فقال [1/ 158، رقم 624]. أخبرنا عبد اللَّه بن سعيد ثنا أبو أسامة عن الأعمش مرفوعا مثله. وقال [1/ 158، رقم 622]: أخبرنا جعفر بن عون أنبأنا أبو العميس عن القاسم قال: قال عبد اللَّه: "آفة الحديث النسيان". وقال [1/ 158، رقم 623]: أخبرنا محمد بن يوسف بمثل ما رواه عنه البخارى. وقد سبق هذا الحديث موصولا من حديث على عليه السلام في حديث: "آفة الظرف الصلف".

11/ 13 - "آكِلُ الرِّبَا وموكله وَكَاتبُهُ وَشَاهِدَاهُ إِذَا عَلموا ذَلِكَ، وَالوَاشِمَةُ وَالموشُوَمةُ لْلحْسنِ وَلَاوِى الصَّدَقَةِ وَالمُرْتَدُّ اعْرَابِيًا بَعْدَ الهِجْرَةِ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَد يَوْمَ القِيَامَةِ". (ن) عن ابن مسعود قال الشارح في الصغير: عن ابن مسعود، وهو ضعيف لضعف الحارث الأعور. وقال في الكبير: فيه الحارث الأعور. قال الهيثمى بعد عزوه لأحمد وأبي يعلى والطبرانى: وفيه الحارث الأعور ضعيف وقد وثق، وعزاه المنذرى لابن خزيمة وابن حبان وأحمد ثم قال: رووه كلهم عن الحارث الأعور عن ابن مسعود، إلا ابن خزيمة فعن مسروق عن ابن مسعود وإسناد ابن خزيمة صحيح اهـ. فأهمل المصنف الطريق الصحيح وذكر الضعيف ورمز لصحته فانعكس عليه، والحاصل أنه روى بإسنادين أحدهما صحيح والآخر ضعيف، فالمتن صحيح اهـ. قلت: في هذا أمور، أولها: أن النسائى لم يخرج الحديث في السير كما قال الشارح، بل خرجه في كتاب الزينة (¬1)، وليس في سنن النسائى الصغرى التي يعزى إليها بإطلاق -كما هو مقرر معروف- كتاب مترجم بكتاب السيرة أو السير. ثانيها: أنه جزم في الشرح الكبير بأن المتن صحيح، ثم أطلق في شرحه الصغير القول بأنه ضعيف، ولم يقيد ذلك بالطريق المذكورة في الكتاب على أن مهمته هى/ تعريف رتبة الحديث بإطلاق لا بخصوص الطريق المذكورة في ¬

_ (¬1) انظر السنن الكبرى (5/ 423، 424، رقم 9389، 9390).

الكتاب، لأن ذلك من شأن كتب العلل والجرح والتعديل وصناعة أهلها لا من شأن الشروح المبينة للأحاديث ومعانيها ومراتبها التي يترتب عليها الأحكام ردا وقبولا ونفيا واثباتا. ثالثها: أنه انتقد على المصنف الحكم للحديث بالصحة، ثم رجع إلى ذلك فجزم بأنه صحيح تقيلدا للحافظ المنذرى، فأقر ما أنكر وأثبت ما نفى في موضوع واحد. رابعها: أن الحكم الذي نقله عن الحافظ المنذرى فيه نظر، فإن الحديث رواه البيهقى [9/ 19] أيضا من طريق يحيى بن عيسى الرملى عن الأعمش عن عبد اللَّه بن مرة عن مسروق عن عبد اللَّه ثم قال البيهقى: تفرد به يحيى بن عيسى هكذا. ورواه الثورى وغيره عن الأعمش عن عبد اللَّه بن مرة عن الحارث. قلت: ممن وافق الثورى على ذلك شعبة وأبو معاوية ويحيى بن سعيد ووكيع فرواية الثورى ويحيى بن سعيد ووكيع في مسند أحمد [1/ 409، 430]. ورواية شعبة في مسند أحمد [1/ 393] وسنن النسائى [8/ 147]. ورواية أبي معاوية في مسند الطيالسى [ص 53، رقم 401]، وهؤلاء كلهم أوثق وأرجح من يحيى بن عيسى الرملى لو خالفه واحد منهم فكيف بجميعهم؟!. بل يحيى بن عيسى ضعيف، وإن خرج له مسلم، فقد قال الدورى عن ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائى: ليس بالقوى، وقال ابن أبي مريم عن ابن معين: لا يكتب حديثه، وقال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، فرجع الحديث إلى رواية الحارث الأعور.

واتضح أن رواية ابن خزيمة معلولة، وأن الحافظ المنذرى رضى اللَّه عنه لم يتنبه لذلك فسقط تقليد المناوى إياه. خامسها: وإذ رجع الحديث إلى الحارث فإنه اضطرب فيه فقال مرة: عن ابن مسعود كما سبق، وقال مرة: عن على عليه السلام، وأرسله مرة أخرى. قال النسائى [8/ 147]: أخبرنى زياد بن أيوب حدثنا هشيم قال أنبأنا حصين ومغيرة وابن عون عن الشعبى عن الحارث عن على: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعن آكل الربا وموكله وكاتبه ومانع الصدقة، وكان ينهى عن النوح". ورواه أيضا [8/ 147] من طريق يزيد بن زريع قال: حدثنا ابن عون عن الشعبى عن الحارث قال: "لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه والواشمة والمتوشمة، قال: إلا من داء؟ قال: نعم، والحال والمحلل له، ومانع الصدقة، وكان ينهى عن النوح، ولم يقل: لعن". نعم يجوز أن يكون الحارث سمع الحديث من على وابن مسعود فحدث به كل منهما، ويؤيده ورود الحديث عن ابن مسعود من طرق أخرى في مسند أحمد [1/ 393، 394] وصحيح مسلم [3/ 1219، رقم 1598/ 106]، والسنن الأربعة (¬1) لكن مختصرا بلفظ: "لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه"، ووقع في صحيح مسلم [3/ 1218، رقم 1597/ 105] من حديث مغيرة قال: سأل شِباكٌ إبراهيمَ فحدثنا عن علقمة عن عبد اللَّه قال: "لعن ¬

_ (¬1) أبو داود (3/ 241، 242، رقم 3333)، الترمذى (3/ 503، رقم 1206)، النسائى (8/ 147)، ابن ماجه (2/ 764، رقم 2277).

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آكل الربا وموكله، قال: قلت: وكاتبه وشاهديه؟ قال: إنما نحدث بما سمعنا"، ولما رواه الترمذى قال: وفى الباب عن عمر وعلى وجابر، فدل على أن الحديث واراد عن ابن مسعود وعلى وأن الحارث سمعه منهما واللَّه أعلم. سادسها: أن الحافظ الهيثمى واهم في إيراده هذا الحديث في مجمع الزوائد [4/ 118]، لأنه في سنن النسائى باللفظ الذي ذكره ومن نفس الطريق أيضا فليس هو من الزوائد، فكان ينبغى للشارح إذ نقل كلامه أن يتعقبه، لأنه يرى الحديث في المتن المشروح له معزوا للنسائى وهو رحمه اللَّه كثير التعقب بمثل هذا والتشنيع به على المصنف، لا يكاد يغمض عينه عنه مرة. 12/ 14 - "آكُل كَمَا يَأكُلُ العَبْدُ وَأجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ العَبْدُ". ابن سعد (ع. حب) عن عائشة قلت: قال ابن سعد: أخبرنا هاشم بن القاسم ثنا أبو معشر عن سعيد المقبرى عن عاثشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لها: "يا عائشة لو شئت لصارت معى جبال الذهب أتانى مَلَكٌ وإن حجزته لتساوى الكعبة فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن شئت نبيا ملكا وإن شئت نبيا عبدا، فأشار إلى جبريل ضع نفسك فقلت: نبيا عبدا، قالت: وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يأكل متكئا، ويقول: آكل كما يأكل" الحديث. وفى الباب عن البراء بن عازب وأبي هريرة وأنس وابن عمر وابن عباس وعبد اللَّه بن بسر، ومرسلا عن يحيى بن أبي كثير وعطاء بن أبي رباح والحسن وعبد اللَّه بن عبيد والزهرى وعطاء بن يسار وغيرهم.

فأما حديث البراء فقال الديلمى: أخبرنا والدى أخبرنا موسى بن محمد البقال أخبرنا ابن سلمة أخبرنا إبراهيم ابن محمد المرى أخبرنا أحمد بن محمد الأزهرى ثنا حفص بن عبد الواحد ثنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدى ثنا المثنى بن رفاعة، عن الأعمش عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنا عبد ابن عبد أجلس جلسة العبد وآكل أكل العبد" (¬1). وأما حديث أبي هريرة فقال الديلمى أيضا [1/ 417، رقم 1367]: أخبرنا محمد بن الحسين الثقفى إجازة أخبرنا أبي أخبرنا الفضل بن الفضل الكندى ثنا زكريا الساجى ثنا سهل بن بحر ثنا عبد اللَّه بن رشيد ثنا أبو عبيدة عن قتادة (¬2) عن زرارة بن أبي أوفى عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "أنه أتى بهدية فلم يجد شيئا يضعها عليه قال: ضعها على الحصى يعنى الأرض، ثم نزل فأكل ثم قال: إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأشرب كما يشرب العبد". وأما حديث أنس فرواه ابن عدى في الكامل [5/ 334]، وسيأتى عند المصنف في حرف "إنما". وأما حديث ابن عمر فقال أبو نعيم في التاريخ [2/ 273]: ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه بن الموفق أبو عمر إملاء حدثنى أبي ثنا أحمد ابن عمرو البزار ثنا أحمد بن المعلى أبو بكر الآدمى ثنا حفص بن عمار ثنا ¬

_ (¬1) لم أجده في فردوس الأخبار المطبوع، إلا أنى وجدت الحافظ ابن حجر في تسديد القوس بهامش الفردوس (1/ 417) تحت حديث "إنما أنا عبد. . " يقول: وقد تقدم في "أنا عبد ابن عبد" اهـ. (¬2) في الأصل: "عن قتادة، عن قتادة" بالتكرار.

مبارك بن فضاله عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد". وأما حديث ابن عباس فرواه النسائى [7/ 49] والبيهقى [4/ 171، رقم 6743] في سننيهما الكبرى بنحو حديث عائشة إلا أنه ليس فيه لفظ المرفوع هنا، بل فيه "فما أكل بعد تلك الكلمة طعاما متكئا حتى لقى ربه عز وجل". وأما حديث عبد اللَّه بن بسر فرواه ابن ماجه [2/ 1086، رقم 3263] والطبرانى والبيهقى [7/ 283] بسند حسنه الحافظ من رواية محمد بن عبد الرحمن بن عرق عن عبد اللَّه بن بسر قال: "أهديت للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شاة فجثى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على ركبتيه يأكل فقال أعرابى: ما هذه الجلسة؟ فقال: إن اللَّه جعلنى عبدا كريما ولم يجعلنى جبارا عنيدا" (¬1). وأما مرسل يحيى بن أبي كثير فقال ابن سعد: أخبرنا محمد بن مقاتل الخراسانى أنا عبد اللَّه بن المبارك أنا معمر عن يحيى بن أبي كثير أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد"، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يجلس محتفزا. وأما مرسل عطاء بن أبي رباح فقال أحمد بن حنبل في الزهد [ص 17، رقم 19]: ثنا محمد بن يزيد الواسطى ثنا عبدة بن أيمن عن عطاء بن أبي رباح قال: دخل رجل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو متكئ على وسادة وبين يديه طبق عليه رغيف قال: فوضع الرغيف على الأرض ونحى الوسادة فقال: "إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد". ¬

_ (¬1) وكذلك رواه أبو داود (3/ 348، رقم 3773).

وأما مرسل الحسن، فقال أحمد في الزهد [ص 18، رقم 21] أيضا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدى عن جرير بن حازم، قال: سمعت الحسن يقول: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا أتى بطعام أمر به فألقى على الأرض وقال: إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد". وأما مرسل عبد اللَّه بن عبيد فقال ابن المبارك في الزهد [ص 53 رقم 193] (¬1): أخبرنا عبيد اللَّه بن الوليد الوصافى عن عبد اللَّه بن عبيد قال: "أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بطعام فقالت له عائشة: لو أكلت يا نبي اللَّه وأنت متكئ كان أهون عليك فأصغى بجبهته حتى كاد يمس بجبهته الأرض قال: بل آكل كما يأكل العبد وأنا جالس كما يجلس العبد وأنا عبد"، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يجلس محتفزا. وأَما مرسل الزهرى فرواه ابن سعد من حديث معمر عنه بنحو حديث عائشة، وكذلك رواه ابن بطال من طريق أيوب عن الزهرى. وأما مرسل عطاء بن يسار فرواه ابن سعد عن سعيد بن منصور وخالد بن خداش قالا: ثنا عبد العزيز ين محمد عن شريك بن أبي نمر عن عطاء بن يسار "أن جبريل أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو بأعلى مكة يأكل متكئا فقال له: يا محمد أكل الملوك؟! فجلس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-". ورواه ابن شاهين في. الناسخ والمنسوخ عنه مختصرا "أن جبريل رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يأكل متكئا فنهاه". 13/ 15 - "آلُ مُحَمَّد كُلُّ تَقِى". (طس) عن أنس قلت: قال الطبرانى: ¬

_ (¬1) وهو من زوائد نعيم بن حماد.

حدثنا جعفر بن إلياس بن صدقة الكباش المصرى ثنا نعيم بن حماد ثنا نوح بن أبي مريم عن يحيى بن سعيد الانصارى عن أنس بن مالك قال: سئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من آل محمد؟ فقال: "كل تقى، وقرأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} " [الأنفال: 34]، ثم قال الطبرانى: لم يروه عن يحيى بن سعيد إلا نوخ تفرد به نعيم اهـ. هكذا أسنده في الصغير [1/ 200، رقم 318] والأوسط، ورواه عنه ابن مردويه في تفسيره بهذا الإسناد، ونوح بن أبي مريم كذاب وضاعٌ، وقد حكم المؤلف بوضع أحاديث وأعلها به، لكنه لم ينفرد به فرواه الحاكم في التاريخ، قال: أخبرنا محمد بن القاسم العتكى ثنا محمد بن أسريس ثنا عمر بن عقبة ثنا محمد بن مزاحم ثنا النضر بن محمد الشيبانى عن يحيى بن سعيد به مثله، ومحمد بن مزاحم متروك، وفيمن قبله من لا يعرف، وبهذا الإسناد يتعقب قول الطبرانى أنه لم يروه عن يحيى بن سعيد إلا نوح بن أبي مريم، وقد يكون بعض الضعفاء أسقطه من الإسناد وسواه وله طريق آخر عن أنس. قال أحمد بن عبيد الصفار في مسنده: أخبرنا عباس بن الفضل الأسفاطى ثنا محمد بن يونس ثنا أيو هرمز نافع بن هرمز قال: سمعت أنسا يقول: قيل يا نبي اللَّه: من آل محمد؟ قال: "كل تقى". ورواه تمام في فوائده من طريق شيبان بن فروخ عن نافع بن هرمز به. ورواه ابن حبان في الضعفاء: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الشامى ثنا أحمد بن عبد العزيز بن يونس ثنا نافع

أبو هرمز به، ونافع كذاب متروك وقد حكم ابن الجوزى بوضع أحاديث أعلها به، وكذلك المصنف في الذيل، وقال أبو حاتم: متروك ذاهب الحديث، وقال النسائى: ليس بثقة، وتابعه مسلم بن إبراهيم عند العقيلى بسند ضعيف أيضا. ورواه البيهقى في الدلائل من طريق شريك عن أبي إسحاق السبيعى عن الحارث الأعور عن على عليه السلام قال: قلت: يا رسول اللَّه من آل محمد؟ قال: "كل تقى" وسنده ساقط، وقال الحافظ السخاوى [ص 40، رقم 3]: طرقه كلها ضعيفة. وقال الشارح في الكبير: رواه (طس)، وكذا في الصغير وكذا ابن لال وتمام والعقيلى والحاكم في تاريخه والبيهقى عن أنس فذكره، قال الهيثمى: وفيه نوح بن أبي مريم وهو ضعيف جدا، وقال البيهقى: هو حديث لا يحل الاحتجاج به، وقال ابن حجر: رواه الطبرانى عن أنس وسنده واه جدا، وأخرجه البيهقى عن جابر من قوله: وإسناده واه ضعيف، وقال السخاوى: أسانيده كلها ضعيفة اهـ كلام المناوى. وبالطرق التي قدمناها يعلم ما فيه، فإن نوح بن أبي مريم ليس في أسانيد من استدركهم على المصنف، بل هو في إسناد الطبرانى وحده الذي أتى به المصنف من عنده، بل جعل ممن خرَّج حديث أنس البيهقى، وهو عنده من حديث على إلا أن يكون خرجه في موضع آخر من حديث أنس. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان عن الثورى من قوله: فقال أبو نعيم: حدثنا أحمد بن بندار ثنا على بن رستم ثنا فضلك ثنا عصمة بن الفضل النيسابورى ثنا الحمانى قال: سألت الثورى من آل محمد؟ قال: "كل

تقى"، وهذا لو صح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لكان مؤولا جزما مقطوعا به بإجماع الأمة إذ لا تحرم الزكاة على اتقياء أمته وإنما تحرم على آله من النسب، وإذ لم يصح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو باطل افتراه النواصب أعداء آل اليت النبوي أو ذو الأغراض الموالون لأعدائهم من الحكام، وقد استشهد له كثيرون بحديث: "إن أوليائى منكم المتقون"، وهو بعيد فإنه لا لزوم بين الآل والأولياء، فقد يكون من آل الرجل من [هو] عدو له غير ولى له، ويكون في الأباعد من هو ولى له غير عدو مع ثبوت القرابة في الأول وانتفائها في الثانى، فحديث "آل محمد كل تقى" في واد، و"إن أوليائى منكم المتقون" في واد آخر، ولهذا الموضوع بحث طويل لا يتسع له المقام، والمقصود أن حديث الباب منكر واه لا يعتضد بحديث "إن أوليائى منكم المتقون" لأنه ليس في معناه. 14/ 16 - "آلُ القُرْآنِ آلُ اللَّه". (خط) في رواة مالك عن أنس وبين الشارح في الكبير أنه من رواية محمد بن بزيع عن مالك عن الزهري عن أنس، ثم قال: قال مخرجه الخطيب: بزيع مجهول، وفى الميزان: خبر باطل، وأقره عليه المؤلف في الأصل يعنى الجامع الكبير، وقال غيره موضوع اهـ. قلت: الذهبى حكم على الحديث بالبطلان من جهة السند لا من جهة المتن يريد أنه باطل من رواية مالك عن الزهرى عن أنس لا أنه باطل بإطلاق، وقد ذكره المصنف أيضا بلفظ: "إن للَّه أهلين من الناس أهل القرآن هم أهل اللَّه وخاصته".

وعزاه لأحمد [3/ 127، 242] والنسائى (¬1) وابن ماجه [1/ 78، رقم 215] والحاكم [1/ 556، رقم 2046] من حديث أنس أيضا وكتب عليه الشارح، قال الحاكم: روى من ثلاثة أوجه هذا أجودها، وذكره أيضا بلفظ: "أهل القرآن أهل اللَّه وخاصته"، وعزاه لأبي القاسم بن حيدر في مشيخته عن على فكتب عليه الشارح إسناده حسن، فكيف يتفق هذا مع المذكور هنا من أنه باطل موضوع؟! 15/ 19 - "آمَنَ شِعْرُ أُمَيَّةَ بِنْ أبي الصَّلْتِ وَكَفَرَ قَلبُهُ". أبو بكر بن الأنبارى في المصاحف (خط) وابن عساكر عن ابن عباس قلت: لم أجد هذا الحديث في تاريخ الخطيب. 16/ 20 - "آمِين خَاتَمُ رَبِّ العَالمِينَ عَلَى لِسَانِ عِبَادِهِ". (عد. طب) في الدعاء عن أبي هريرة قال الشارح: وهو كما قال المصنف في حاشية القاضى ضعيف لضعف مؤمل الثقفى اهـ. قلت: رواه أيضا الديلمى في مسند الفردوس [1/ 501، رقم 1676]: أخبرنا عبد الصمد بن أحمد العنبرى أخبرنا ابن بادشاه أخبرنا الطبرانى ثنا يحيى ابن أيوب ثنا سعيد بن عفير ثنا مؤمل بن عبد الرحمن الثقفى عن أبي أمية ابن يعلي عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة به، قال الحافظ في زهر الفردوس: أبو أمية ضعيف. قلت: وتعليله به أولى من الاقتصار على تعليله بمؤمل، فإنه أحسن حالا ¬

_ (¬1) انظر السنن الكبرى (5/ 17، رقم 8031).

منه، على أن الشارح أعله بهما في الكبير، وهو الأليق، فقال: وفيه مؤمل الثقفى، أورده الذهبى في الضعفاء عن أبي أمية بن يعلى: الثقفى لا شيء ومن ثم قال المؤلف في حاشية الشفا: إسناده ضعيف، ولم يرمز له هنا بشيء. كذا قال: في حاشية الشفا، والصواب ما في الصغير: "حاشية القاضى" ولعل بعض النساخ ظن أن القاضى هو عياض فكتب "الشفا" بدله والمراد به البيضاوى، فإن المؤلف ذكر ذلك في حاشيته على تفسير البيضاوى المسما "بنواهد الأبكار"، ثم إن للحديث شاهدا، قال البخارى في التاريخ الكبير [الكنى ص 32]: قال محمد بن يوسف: ثنا صبيح (¬1) بن محرز الحمصى عن أبي المصبح المقرائى عن أبي زهير النميرى قال: كنا معه، فقال: اختموا بآمين فإن مثل آمين مثل الطابع على الصحيفة، وذلك أنا كنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذات يوم فقال: "اختموا بآمين فقد وجبت" -يعنى الجنة- هكذا رواه مختصرا. ورواه أبو داود في باب التأمين وراء الإمام من سننه [1/ 244، رقم 938] من طريق الفريابى، وهو محمد بن يوسف شيخ البخارى فيه عن صبيح بن محرز عن أبي المصبح المقرائى قال: كنا نجلس إلى أبي زهير النميرى وكان من الصحابة فيتحدث بأحسن الحديث، وإذا دعا الرجل منا قال: اختمها بآمين، فإن آمين في الدعاء مثل الطابع على الصحيفة، قال أبو زهير: وأخبركم عن ¬

_ (¬1) وقد وقع في المطبوع من التاريخ الكبير "صالح بن محرز" وهو تصحيف، ولا يوجد ذكر لصالح بن صبيح في تهذيب الكمال، والذي يروى عن أبي المصبح المقرائى هو صبيح بن محرز، والذي يروى عنه هو محمد بن يوسف الفريابى، انظر التهذيب (13/ 110، 111، ت 2849)، (27/ 52، ت 5726)، (34/ 294، ت 7630).

ذلك: "خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نمشى ذات ليلة فمررنا على رجل في خيمة قد ألحف في المسألة ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يسمع منه فقال: أوجب إن ختم، فقال له رجل من القوم: بأى شيء يختم؟ قال: بآمين فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب، فانصرف الرجل الذي سمعه فأتى الرجل فقال: اختم بآمين يا فلان في كل شيء وأبشر". ورواه ابن منده في الصحابة بهذا اللفظ، ثم قال: هذا حديث غريب تفرد به الفريابى اهـ. وقال ابن عبد البر: إسناده ليس بالقائم كذا قال، ومن العجيب أن الحافظ ذكره في الإصابة [7/ 156، 994] وعزاه لابن منده، وغفل عن كونه في سنن أبي داود وفى التاريخ الكبير للبخارى. 17/ 21 - "آيَةُ الكُوْسِى رُبْعُ القرآنِ". أبو الشيخ في الثواب عن أنس قلت: قال أبو الشيخ: حدثنا ابن أبي عاصم ثنا إبراهيم بن المنذر حدثنى ابن أبي فديك عن سلمة بن وردان عن أنس به. ورواه الترمذى مطولا، فقال: حدثنا عقبة بن مكرم العمى البصرى حدثنى ابن أبي فديك أخبرنى سلمة بن وردان عن أنس بن مالك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لرجل من أصحابه: "هل تزوجت يا فلان؟، قال: لا والله يا رسول اللَّه ولا عندى ما أتزوج [به] (¬1)، قال: أليس معك {قُلْ هُوَ اللَّهُ [أَحَدٌ] (¬2)}؟ قال: بلى، قال: ثلث القرآن قال: أليس معك {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}؟ قال: بلى، قال: ربع ¬

_ (¬1) و (¬2) الزيادة من جامع الترمذى.

القرآن، قال: أليس معك {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}؟ قال: بلى، قال: ربع القرآن، قال: أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ}؟ قال: بلى، قال: ربع القرآن (¬1)، قال: تزوج تزوج". قال الترمذى: هذا حديث حسن كذا قال مع أن سلمة بن وردان ضعيف، ووقع عنده اختصار ذكر آية الكرسى. ورواه أحمد في مسنده [3/ 221] عن عبد اللَّه بن الحارث حدثنى سلمة بن وردان به، مثل سياق الترمذى وزاد في آخره "أليس معك آية الكرسى {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}؟ قال: بلى، قال: ربع القرآن" وقد غفل الشارح عن استدراك عزو الحديث إلى أحمد والترمذى على المصنف كما هى عادته، فهذا استدراك عليه. وقال في شرحه الكبير: فيه سلمة بن وردان، أورده الذهبى في الضعفاء والمتروكين، وقد حسنه المؤلف ولعله لاعتضاده اهـ. وليس كذلك، بل حسنه تبعا للترمذى، وإنما لم يعزه إليه لأنه يتبع اللفظ الوارد في الكتب عن الرواة واللفظ الذي أورده إنما رواه كذلك أبو الشيخ وإن كان مختصرا من الحديث الذي خرجه الترمذى وحسنه، وقد نقل تحسينه الحافظ المنذرى وصدر الحديث بـ "عن"، ولكن تعقبه بأن الحديث من رواية سلمة بن وردان وذكر أن مسلما تكلم في الحديث في كتاب التمييز. ¬

_ (¬1) كتب في الأصل بعد قوله: "ربع القرآن. قال: بلى" كذا، والصواب حذفها وانظر جامع الترمذى، واللَّه أعلم.

18/ 22 - "آيَةُ مَا بَيْنَنَا وبَيْنَ المُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ زَمْزَمَ". (تخ. هـ. ك) عن ابن عباس قال الشارح: قال الحاكم: إن كان عثمان سمع من ابن عباس فهو على شرطهما: فقال الذهبى: لا واللَّه ما لحقه اهـ. لكن قال ابن حجر: الحديث حسن. قلت: لو راجع الشارح سنن ابن ماجه لعرف أن الحديث عنده متصل غير منقطع وكذلك عند البخارى في التاريخ [1/ 158، 468] فإن الحاكم [1/ 472، رقم 1738] رواه من طريق محمد بن الصباح ثنا إسماعيل بن زكريا عن عثمان بن الأسود قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: من أين جئت؟ قال: شربت من زمزم فقال له ابن عباس: أشربت منها كما ينبغى؟ قال: وكيف ذاك يا ابن عباس؟ قال إذا شربت منها فاستقبل القبلة واذكر اسم اللَّه وتنفس ثلاثا وتضلع منها فإذا فرغت منها فاحمد اللَّه فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "آية بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم"، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، إن كان عثمان بن الأسود سمع من ابن عباس. قال الذهبى: لا واللَّه ما لحقه توفى عام خمسين ومائة وأكبر مشيخته سعيد بن جبير اهـ. وقد بيَّنت رواية ابن ماجه أن سند الحاكم وقع فيه انقطاع، قال ابن ماجه [2/ 1017، رقم 3061]: ثنا على بن محمد ثنا عبيد اللَّه بن موسى عن عثمان ابن الأسود عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: كنت عند ابن عباس جالسا فجاءه رجل فقال: من أين جئت؟ قال: من زمزم قال: فشربت منها كما ينبغ؟، فذكر مثله، قال الحافظ البوصيرى في زوائد ابن ماجه: إسناده صحيح ورجاله موثقون اهـ.

قلت: لكنه معلول بالاضطراب، فقد اختلف فيه على عثمان بن الأسود في اسم شيخه على أقوال ذكرها البخارى والدارقطنى والبيهقى، فقال البخارى في ترجمة محمد بن عبد الرحمن أبي غرازة القرشى من التاريخ الكبير [1/ 158، رقم 468]: حدثنى ابن منير سمع سلمة أخبرنا عبد اللَّه قال: أخبرنا عثمان بن الأسود عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، بالمرفوع المذكور في الكتاب فقط. ثم قال: ثنا عبيد اللَّه بن موسى عن عثمان عن محمد بن عبد الرحمن عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. وقال لى إسحاق: أخبرنا الفضل حدثنا عثمان عن عبد الرحمن بن أبي مُليكة مثله. وقال لى يوسف: أخبرنا الفضل قال: أخبرنا عثمان عن ابن أبي مُليكة وقال عبد الرزاق: أخبرنا عبد الرحمن بن بوذويه قال: ثنا عثمان عن ابن أبي مُليكة. وقال محمد بن الصباح: ثنا إسماعيل بن زكريا عن عثمان قال: حدثنا عبد اللَّه ابن أبي مُليكة عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. وقال الدارقطنى في سننه [2/ 288]: ثنا عبد اللَّه بن محمد البغوى ثنا محمد بن بكار بن الريان ثنا إسماعيل بن زكريا أبو زياد عن عثمان بن الأسود حدثنى عبد اللَّه بن أبي مُليكة قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فذكر الحديث. ثم قال: حدثنا محمد بن مخلد ثنا أحمد بن منصور الرمادى ثنا محمد بن

الصباح ثنا إسماعيل بن زكريا عن عثمان بن الأسود حدثنى عبد اللَّه بن أبي مليكة عن ابن عباس نحوه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال البيهقى [5/ 147]: أخبرنا أبو الحسن على بن محمد المقرى أنبأنا الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب ثنا محمد بن أبي بكر ثنا عبد الوهاب الثقفى ثنا عثمان بن الأسود حدثنى جليس لابن عباس قال: قال لى ابن عباس: من أين جئت؟ قلت: شربت من زمزم، فذكر الحديث. ثم قال: وأخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ أنبانا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفى ثنا أحمد بن يحيى الحلوانى ثنا محمد بن الصباح ثنا إسماعيل بن زكريا عن عثمان بن الأسود عن ابن أبي مليكة قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال له: من أين جئت؟ فذكره بنحوه، قال: ورواه الفضل بن موسى السينانى عن عثمان بن الأسود عن عبد الرحمن بن أبي مليكة، وأخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ أنبانا أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصيرفى ثنا عبد الصمد بن الفضل ثنا مكى بن إبراهيم ثنا عثمان بن الأسود عن محمد بن عبد الرحمن قال: جاء إلى ابن عباس رجل، فذكر مثله اهـ. فهذا اضطراب يمنع من صحة الحديث لا سيما وهو يدل على أن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر هو ابن عبد اللَّه بن أبي مليكة أبو غرازة المكى لا محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر القرشى أبو الثورين، والأول ضعيف مختلف فيه، ولم يدرك ابن عباس، والثانى أدركه وروى عنه كما صرح به في بعض الروايات المتقدمة لكنه ليس بابن أبي مليكة مجال الحديث كما ترى ولذلك استبعد الحكم له بالحسن كما نقله الشارح عن الحافظ واللَّه أعلم.

19/ 26 - "آيَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ المُنَافِقِينَ شُهُودُ العِشَاءِ وَالصُّبْحِ، لَا يَسْتَطِعُيونَهُمَا". (ص) عن سعيد بن المسيب مرسلا قلت: رواه مالك في الموطأ [ص 101، رقم 5] عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمى عن سعيد ابن المسيب أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "بيننا وبين المنافقين شهود العشاء والصبح لا يستطيعونهما" أو نحو هذا. قال ابن عبد البر: هذا الحديث مرسل في الموطأ لا يحفظ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مسندا، ومعناه محفوظًا من وجوه ثابتة اهـ. 20/ 27 - "آيَتَانِ هُمَا قُرْآنٌ، وَهُمَا يَشْفِيَانِ، وَهُمَا مِمَّا يُحبُّهُمَا اللَّه: الآيَتَانِ مِن آخِرِ سُوَرةِ البَقَرةِ". (فر) بن أبي هريرة قال الشارح: ضعيف لضعف إبراهيم بن أبي يحيى. وقال في الكبير: فيه محمد بن إبراهيم بن جعفر الجرجانى، فإن كان اليزدى فصدوق، أو الكيال فضعيف كما في الميزان. قلت: المذكور في السند هو الأول، لأنه الذي يروى عنه سليمان بن إبراهيم أبو مسعود الأصبهانى الحافظ، وهو الراوى عنه في هذا الحديث. قال الديلمى [1/ 501، رقم 1677]: أخبرنا والدى أخبرنا سليمان بن إبراهيم ثنا محمد بن إبراهيم بن جعفر ثنا محمد بن محمد بن عبد اللَّه البغدادى ثنا أحمد بن محمد بن رزيق ثنا أبو سالم بن جعثم ثنا إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة به.

قال الحافظ في زهر الفردوس: ابن أبي يحيى ضعيف اهـ. فالصواب ما فعله الشارح في الصغير لا ما ذكره في الكبير. 21/ 28 - "ائْتِ المَعْرُوفَ وَاجْتَنِبْ المُنْكرَ، وَانْظُرْ مَا يُعْجِبُ أُذُنَكَ أَنْ يَقُولَ لَكَ القَوْمُ إِذَا قُمْتَ مِن عَنْدهِمْ فَأْتِهِ، وَانْظُرِ الَّذِي تَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ لك القَوْمُ إِذَا قُمْتَ مِنْ عِنْدِهِمْ فَاجْتَنِبْهُ". (خد) وابن سعد والبغوى والباوردى في المعرفة (هب) عن حرملة بن عبد اللَّه بن أوس، وما له غيره قال الشارح: وهو ضعيف لضعف عبد اللَّه بن رجاء. وقال في الكبير: فيه عبد اللَّه بن رجاء، أورده الذهبى في ذيل الضعفاء وقال: قال الفلاس: كثير الغلط والتصحيف ليس بحجة، وقال أبو حاتم: ثقة اهـ. لكن كلام الحافظ ابن حجر مصرح بحسن الحديث فإنه قال: حديثه -يعنى حرملة- في الأدب المفرد للبخارى، ومسند الطيالسى وغيرهما بإسناد حسن. قلت: عليه فيه مؤاخذات، منها: أن الحديث لم يرو من طريق واحدة بل روى من طريقين أو ثلاث. ومنها: أن الحديث مع تعدد طرقه ليس في واحد منها عبد اللَّه بن رجاء، وإنما في بعضها عبد اللَّه بن حسان، فلعل حسان تحرف في بعض النسخ بـ "رجاء". قال البخارى في الأدب المفرد [ص 89، رقم 222]: ثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا عبد اللَّه بن حسان العنبرى ثنا حبان بن عاصم وكان حرملة أبا أمه وحدثتنى صفية ابنة عليبه ودحيبة ابنة عليبه، وكان

جدهما حرملة أبا أبيهما أنه أخبرهم عن حرملة بن عبد اللَّه أنه خرج حتى أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فكان عنده حتى عرفه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. فلما ارتحل قلت في نفسى: واللَّه لآتين النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى أزداد من العلم، فجئت أمشى حتى قمت بين يديه فقلت: ما تأمرنى أعمل؟ قال: يا حرملة ائت المعروف واجتنب المنكر ثم رجعت حتى جئت الراحلة ثم أقبلت حتى قمت مقامى قريبا منه فقلت: يا رسول اللَّه: ما تأمرنى أعمل؟ قال: "يا حرملة ائت المعروف واجتنب المنكر وانظر ما يعجب أذنك أن يقول لك القوم إذا قمت من عندهم فأته، وانظر الذي تكره أن يقول لك القوم إذا قمت من عندهم فاجتنبه، فلما رجعت تفكرت فإذا هما لم يدعا شيئا". وقال ابن سعد [1/ 2/ 59]: أخبرنا عفان بن مسلم ثنا عبد اللَّه بن حسان قال: حدثنى حبان بن عاصم وكان جدى أبا أمى عن حديث حرملة بن عبد اللَّه جده أبي أمه الكعبى من كعب بَلْعَنْبَرَ، وحدثتنى جدتاى صفية بنت عليبه ودحيبة بنت عليبه، وكان جدهما حرملة أن حرملة خرج حتى أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكان عنده حتى عرفه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر نحوه. وقال أبو نعيم في الحلية [1/ 359]: حدثنا أحمد بن محمد بن يوسف ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز ثنا أبو خيثمة ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث أخبرنى عبد اللَّه بن حسان حدثنى حبان ابن عاصم حدثنى حرملة بن إياس به كذا أسماه حرملة بن إياس، ويقال أيضًا كما سبق. طريق آخر، قال أبو داود الطيالسى [ص 167، رقم 1207]: حدثنا قرة بن خالد قال حدثنى ضرغامة بن عليبة بن حرملة العنبرى قال حدثنى أبي عن أبيه قال: أتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ركب الحى فلما أردت الرجوع قلت: يا رسول

اللَّه أوصنى قال: "اتق اللَّه وإذا كنت في مجلس وقمت منه وسمعتهم يقولون ما يعجبك فأْته فإذا سمعتهم يقولون ما تكره فلا تأته". ورواه أبو نعيم في الحلية [1/ 358، 359] من طريق الطيالسى، فهذان طريقان ليس في واحد منهما عبد اللَّه بن رجاء. ومنها أن عبد اللَّه بن رجاء، ذكره الذهبى في الضعفاء وذكر فيه هذا الكلام فلا حاجة إلى ذيله. 22/ 29 - "ائتِ حَرْثَكَ أنَّى شِئْتَ وأَطْعِمْها إذا طَعِمْتَ واكْسُهَا إذا اكْتَسيتَ ولا تُقبح الوجهَ ولا تَضْرِبْ". (د) عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال الشارح: وهو ضعيف لضعف بهر اهـ. وقال في الكبير: فيه بهز. أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: صدوق فيه لين. وفى اللسان: ضعيف. وحكيم، قال في التقريب: صدوق. وسئل ابن معين عن بهر عن أبيه عن جده فقال: إسناد صحيح إذا كان مَنْ دون بهز ثقة. ولذلك رمز المصنف لحسنه، قال: وقضية صنيع المؤلف أن مخرجه أبا داود رواه هكذا من غير زيادة ولا نقص ولا كذلك، بل لفظه: قال -أي معاوية ابن حيدة-: "نساؤنا ما نأتى منها وما نذر؟ قال: هى حرثك فأت حرثك أنى شئت غير أن لا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في المبيت وأطعمها إذا طعمت واكسها إذا اكتسيت كيف وقد أفضى بعضكم إلى بعض إلا لما حل عليها"، أى جاز اهـ.

قلت: هذا كلام عجيب مشتمل على أوهام: أولها: أن اقتصاره في الصغير على تضعيف الحديث وتعليله ببهز يناقض كلامه في الكبير وتوثيقه وتصحيح حديثه عن ابن معين وإقرار المصنف على الحكم بحسنه. ثانيها: أن المصنف أعاد هذا الحديث في حرف الحاء بلفظ: "حق المرأة" عازيا إياه للطبرانى [19/ 425، رقم 1034] والحاكم [2/ 187، رقم 2764]، فكتب عليه الشارح، قال الحاكم: صحيح وأقروه. وقال في الكبير: قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبى، وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرَّجا لأحد من الستة والأمر بخلافه، فقد رواه أبو داود وابن ماجه في النكاح والنسائى في عشرة النساء عن معاوية المذكور، وصححه الدارقطنى في العلل، وعلقه البخارى. وممن عزاه لأبي داود النووى وغيره اهـ. وفى هذا أوهام أيضًا، كما سيأتى بيانه في محله إن شاء اللَّه تعالى والمقصود منه اعترافه بصحته وأن الحديث واحد، وكل ذلك تناقض. ثالثها: أن قوله في بهز: وفى اللسان، ضعيف اهـ. نقل لا أصل له فإن اللسان لا ذكر لبهز فيه ولا هو من شرطه، لأنه لا يذكر في اللسان رجال الكتب الستة وبهز من رجالها. رابعها: أن بهزا لم ينفرد بالحديث، بل ورد من غير طريقه كما سأذكره. خامسها: أن قوله: وقضية صنيع المؤلف أن مخرجه أبا داود رواه هكذا من غير زيادة ولا نقص، ولا كذلك، بل لفظه. . . إلخ، عجيب جدا ووهم غريب من جهتين: الأولى أن هذا اللفظ الذي ذكره هو لا يوجد في سنن أبي

داود أصلا وإنما الموجود ما ذكره المصنف بالحرف مع لفظ آخر لم يذكره لا المصنف ولا الشارح. الثانية أن اللفظ الذي ذكره الشارح لو كان في سنن أبي داود كذلك لكان الواجب على المصنف أن يورده في حرف الهاء، لأن صدره: "هى حرثك فأت حرثك" فكيف يورده في حرف الألف؟! فاعجب لهذه الأوهام. وبعد، فاسمع ألفاظ الحديث وطرقه في سنن أبي داود، قال أبو داود [2/ 251، رقم 2143]: حدثنا محمد بن بشار ثنا يحيى ثنا بهز بن حكيم حدثنى أبي عن جدى قال: "قلت: يا رسول اللَّه نساؤنا ما نأتى منهن وما نذر قال: ائت حرثك أنى شئت وأطعمها إذا طعمت واكسها إذا اكتسيت ولا تقبح الوجه ولا تضرب". فهذا لفظ أبي داود وهو كما أورده المصنفه حرفا حرفا. ثم رواه أبو داود من وجه آخر من غير طريق بهز فقال [2/ 251، رقم 2144]: حدثنا أحمد ين يوسف المهلبى النيسابورى ثنا عمر بن عبد اللَّه بن رزين ثنا سفيان بن حسين عن داود الوراق عن سعيد بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده معاوية القشيرى، قال: "أتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: ما تقول في نسائنا؟ قال: أطعموهن مما تأكلون واكسوهن مما تكتسون ولا تضربوهن ولا تقبحوهن". ورواه البيهقى [7/ 295] من هذا الوجه مطولا من طريق أبي بكر محمد بن الحسين القطان عن أحمد بن يوسف شيخ أبي داود بسنده عن معاوية بن حيدة القشيرى قال: "أتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلما رفعت إليه قال: أما إنى سألت اللَّه عز وجل أن يعيننى عليكم بالسنة تحفيكم وبالرعب أن يجعله في قلوبكم،

قال: فقال: بيديه جميعا أما إنى قد حلفت هكذا وهكذا أن لا أؤمن لك ولا أتبعك، فما زالت السنة تحفينى والرعب يجعل في قلبى حتى قمت بين يديك، أفباللَّه الذي أرسلك أهو الذي أرسلك بما تقول؟ قال. نعم، قال فهو أمَركَ بما تأمرنا؟ قال: نعم، قال: فما تقول في نسائنا؟ قال: هن حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وأطعموهن مما تأكلون واكسوهن مما تكتسون، ولا تضربوهن ولا تقبحوهن. قال: فينظر أحدنا إلى عورة أخيه إذا اجتمعنا؟ قال: لا، قال: فإذا تفرقنا؟ قال: فضم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إحدى فخذيه إلى الأخرى ثم قال: اللَّه أحق أن يستحيا منه قال: وسمعته يقول: "يحشر الناس يوم القيامة عليهم القدام فأول ما ينطق من الإنسان كفه وفخذه". ورواه أبو داود أيضا من وجه ثالث فقال [2/ 251، رقم 2142]: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد أنا أبو قزعة الباهلى عن حكيم بن معاوية القشيرى عن أبيه قال: قلت: يا رسول اللَّه ما حق زوجة أحدنا عليه قال: "أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في المبيت"، قال أبو داود "ولا تقبح" أن تقول: قبحك اللَّه. ومن هذا الوجه رواه الحاكم في المستدرك [2/ 187، 188 رقم 2764]، والبيهقى في السنن [7/ 295] عنه عن أبي النضر محمد بن يوسف الفقيه ثنا عثمان بن سعيد الدارمى ثنا موسى بن إسماعيل به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ورواه الخطيب في الكفاية من طريق أبي جعفر محمد بن عبد الملك الدقيقى ثنا يزيد بن هارون قال: أنا شعبة عن أبي قزعة به. ورواه أحمد [4/ 447] عن يزيد بن هارون به.

23/ 30 - "ائتوا المساجدَ حسرا ومعصّبين فإن العَمَائِمَ تيجانُ المسلمين". (عد) عن على قال الشارح في الكبير: رواه ابن عدى من طريق ميسرة بن عبيد عن الحكم ابن عتيبة عن ابن أبي ليلى عن على، قال جدنا الأعلى من قبل الأم الزين العراقى في شرح الترمذى: وميسرة بن عبيد متروك، ومن ثم رمز المؤلف لضعفه، لكن يشهد له ما رواه ابن عساكر بلفظ "ائتو المساجد حسرا ومقنعين فإن ذلك من سيما المسلمين". قلت: إنما يكون ذلك شاهدا له لو ذكر أن ابن عساكر رواه من طريق آخر، أما مجرد المخالفة في اللفظ، فلا دلالة فيه على ذلك ولا شاهد فيه، وما ذكره عن العراقى من أن ميسرة بن عبيد متروك، كذلك وقع في النسخة ابن عبيد، وليس في الرواة ميسرة بن عبيد وإنما الموجود ميسرة بن عبد ربه وهو كذاب وضاع. 24/ 32 - "ائتَدِمُوا بالزيتِ وادَّهنُوا به، فإنه يخرج من شجرة مباركةٍ". (هـ. ك. هب) عن عمر قال الشارح: ذكر الترمذى عن البخارى أنه مرسل وأنكر كونه عن عمر. قلت: سيأتى الكلام عليه في حرف "الكاف" إن شاء اللَّه تعالى في حديث: "كلوا الزيت وادهنوا به".

25/ 33 - "ائتدموا ولو بالماءِ". (طس) عن ابن عمر زاد الشارح: ابن الخطاب. وقال في الكبير: عن ابن عمرو بن العاص. وزاد عزوه إلى أبي نعيم والخطيب وتَمَّام، ونقل عن الهيثمى أنه قال: فيه غزيك بن سنان لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وعن ابن الجوزى أنه قال: حديث لا يصح، فيه مجهول وآخر ضعيف. قلت: لعل للطبرانى فيه سندين، فقد أخرجه الخطيب من طريقه بسند ليس فيه من ذكر الهيثمى [5/ 157]. قال الخطيب [7/ 430]: أخبرنا أبو بكر البرقانى أخبرنا الحسن بن موسى بن بندار الديلمى ببغداد وحدثنى الحسن بن سعيد بن الفضل الآدمى ثنا أبو نصر أحمد بن حمدون الخفاف وأخبرنا أبو بكر الحافظ ثنا سليمان بن أحمد الطبرانى حدثنا أحمد بن حمدون الموصلى ثنا عفيف بن سالم ثنا سفيان الثورى عن ليث عن طاوس عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ائتدموا ولو بالماء". زاد الآدمى قال: وحدثنا عفيف عن محمد بن عبيد اللَّه العرزمى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه. وبهذا يعلم أن الصواب ما في الكبير، وأما الذي وقع للشارح في الصغير سبق قلم في قوله: عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وليس في هذا السند أيضا مجهول كما قال ابن الجوزى، وإنما فيه ليث بن أبي سليم، وحاله معروف وبهذا أيضًا يعلم أن للحديث أسانيد متعددة، لأن الحافظ الهيثمى يقول: بقية رجاله ثقات.

فكأن السند الذي فيه المجهول ليس فيه ليث بن أبي سليم، بل هو سند آخر. ثم إنى لم أجد الحديث عند أبي نعيم في الحلية، فلعله في الطب النبوى له أو غيره، فكان الواجب على الشارح تقييده بالعزو إلى الكتاب المخَرّجِ فيه. 26/ 34 - "ائتدموا من هذه الشجرة -يعنى الزيت- ومن عرضَ عليه طيبٌ فَلْيُصبْ منه". (طس) عن ابن عباس قال الشارح: رمز المصنف لضعفه. وقال في الكبير: قال الحافظ العراقى في شرح الترمذى وتبعه الهيثمى: فيه النضر بن طاهر وهو ضعيف، وبه يعرف ما في قول المؤلف في الكبير حسن. قلت: إن ثبت ذلك عن المصنف فإنه رمز لضعفه نظرا لسنده على انفراده، ولحسنه باعتبار شواهده الكثيرة، فإن في هذا المعنى أحاديث كثيرة يأتى في الكتاب كثير منها، على أن النضر بن طاهر قد ذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ ووهم وقال البزار في مسنده: كان كثير الذكر للَّه. وقال الذهبى في الميزان [4/ 258، رقم 9070]: قيل: كان من الصلحاء الذاكرين. فاعتبار هذا قد يحكم لحديثه بالحسن أيضا، فكيف مع شواهده الثابتة؟!

27/ 35 - "ائتزروا كما رأيتُ الملائكة تأتزرُ عند ربِّها إلى أنصافِ سُوقِها". (فر) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال الشارح: من حديث عمران القطان عن المثنى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قال: وعمران القطان، ضعفه الذهبى. وقال في الكبير: ثم إن عمران القطان أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ضعفه يحيى والنسائى، والمثنى ضعفه ابن معين، وقال النسائى: متروك، وقال الزين العراقى في شرح الترمذى: فيه المثنى بن الصباح ضعيف عند الجمهور، وقال ابن حجر في زهر الفردوس: ضعيف ضعيف وكرره، والحديث رواه الطبرانى في الأوسط باللفظ المذكور عن صحابيه المزبور، قال الهيثمى عقبه: وفيه المثنى بن الصباح ويحيى بن السكن ضعيفان، وعنه ومن طريقه خرجه الديلمى، فلو عزاه المؤلف إليه كان أولى. قلت: عليه في هذا مؤاخذات، منها: أنه اقتصر في الصغير على تضعيف الحديث بعمران القطان، والاقتصار على تضعيفه بالمثنى بن الصباح أولى كما فعل الحفاظ الذين نقل هو كلامهم، فإن المثنى أضعف من عمران القطان، وعمران قد وثقه جماعة، وإنما عيب عليه شيء في الفتوى والنحلة ومنها: أن ما نقله في الكبير عن العراقى والهيثمى والحافظ والذهبى تكرار لا فائدة فيه لتداخله، بل النقل الأول عن الذهبى يكفى. ومنها: أنه لم ينقل كلام الهيثمى بنصه بل تصرف فيه، ولعله فعل ذلك في نص العراقى، فإن الهيثمى [5/ 123] قال: فيه المثنى بن الصباح، وثقه ابن معين وضعفه أحمد وجمهور الأئمة، حتى

قيل: إنه متروك، ويحيى بن السكن صْعيف جدا. اهـ على أن قول الهيثمى في يحيى بن السكن: ضعيفٌ جدًا غير صواب، بل عبَّر عنه الذهبى بقوله: ليس بالقوى، وضعفه صالح جزرة اهـ. زاد الحافظ في اللسان [6/ 259، رقم 911]: وذكره ابن حبان في الثقات [9/ 253] وقال: أصله من البصرة سكن بغداد، روى عن شعبة روى عنه أحمد بن حنبل وأهل العراق والجزيرة، وقال الدارقطنى: ضعيف. ومنها: أن الحافظ لم يقل في زهر الفردوس: ضعيف ضعيف مرتين ولا ذلك من عادته ولا عادة أهل زمانه، وإنما هو من صنيع الأقدمين، فلعل ذلك تكرر سهوًا من قلم الناسخ في نسخة المناوى. ومنها: أن الديلمى لم يخرج الحديث من طريق الطبرانى كما زعم المناوى بل أخرجه من طريق ابن السنى فقال [1/ 126، رقم 287]: أخبرنا الدونى أخبرنا ابن الكسار أخبرنا ابن السنى حدثنا ابن صاعد ثنا محمد ابن حرب ثنا يحيى بن السكن عن عمران القطان عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره، فليس في إسناده الطبرانى كما ترى، نعم عزوه إليه أولى على كل حال. 28/ 36 - "ائذنوا للنساء أن يصلين بالليل في المسجدِ". الطيالسى عن ابن عمر. قال الشارح في الكبير: رمز -يعنى المصنف- لحسنه، وفيه إبراهيم بن مهاجر، فإن كان البجلى الكوفى فقد أورده الذهبى في الضعفاء، أو المدنى فقد ضعفه النسائى، أو الأزدى الكوفى فقد تركه الدارقطنى. قلت: لا لزوم لهذا التردد فإن الذكور في السند هو الأول وهو إبراهيم بن

مهاجر بن جابر البجلى، لأنه الذي يروى عن مجاهد وطبقته، ويروى عنه أبو الأحوص وهذا الحديث رواه الطيالسى [ص 257، رقم 1892] عن سلام عن إبراهيم بن المهاجر عن مجاهد عن ابن عمر به وسلام هو أبو الأحوص، فلم يبق مجال للشك في أنه إبراهيم بن المهاجر البجلى، وهو من رجال الصحيح، روى له مسلم والأربعة، ووثقه جماعة، وتكلم فيه آخرون من جهة الوهم والخطأ لا من جهة الصدف فإنه صدوف، والحديث بلفظه تقريبا مخرج في الصحيحين من حديث ابن عمر أيضا كما سيأتى بعده، فهو صحيح لا حسن فقط. وكون الذهبى أورد إبراهيم بن المهاجر في الضعفاء [1/ 67، رقم 225] لا يضر، ولا يدل على ضعفه لأنه التزم أن يورد كل من تكلم فيه. 29/ 37 - "ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد". (حم. م. د. ت) عن ابن عمر قال الشارح: ورواه عنه البخارى أيضا خلافا لما يوهمه صنيع المصنف. قلت: هو كذلك، فقد قال البخارى في باب: هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم من كتاب الجمعة [2/ 7، 899]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا شبابة حدثنا ورقاء عن عمرو بن دينار عن مجاهد عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال "ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد". 30/ 38 - "أبي اللَّهُ أن يجعلَ لقاتلِ المؤمنِ توبةً". (طب) والضياء في المختارة عن أنس قلت: رواه أيضا الديلمى في مسند الفردوس [2/ 439، رقم 3220] بسياق آخر فقال:

أخبرنا أبي أخبرنا يوسف بن محمد الخطيب ثنا أبو سهل عبد الصمد بن محمد ابن عبد اللَّه المروزى بهمدان سنة ست وأربعمائة أخبرنا عبد اللَّه بن عمر بن أحمد الجوهرى ثنا يحيى بن سامويه حدثنا سويد بن نصر أخبرنا ابن المبارك عن سليمان التيمى عن حميد عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سألت ربى عز وجل هل لقاتل مؤمن من توبة؟ فأبى عليَّ". وفى الباب عن عقبة بن مالك في حديث طويل من قصة لرجلٍ قتل رجلا في سرية بعد ما أسلم، وفيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-[قال]: "إن اللَّه عز وجلَّ أبَى عليَّ من قتل مؤمنا" قالها ثلاثا. رواه أحمد [4/ 110] والطبرانى [17/ 335، رقم 980، 981] وأبو يعلى [12/ 210، رقم 6829] والحاكم في الإيمان من المستدرك [1/ 19، رقم 47]، وقال: على شرط مسلم ووقع عند أبي يعلى عقبة بن خالد بدل ابن مالك. 31/ 39 - "أبى اللَّهُ أنْ يرزقَ عبدَه المؤمنَ إِلَّا من حيثُ لا يَحْتَسِبُ". (فر) عن أبي هريرة (هب) عن على قلت: قال الديلمى [/ 511، رقم 1719]: أخبرنا أبو بكر بن منده أخبرنا عمى عبد الرحمن أنا عبيد اللَّه بن محمد بن عبيد اللَّه البطرى، أنا عبد الواحد بن الحسين الجنديسابورى، ثنا الحسين بن إسحاق التسترى ثنا عمران بن خالد ثنا عمر بن راشد عن عبد الملك بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبى اللَّه أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يعلم"، كذا رواه مختصرا، وقال: في الإسناد عبد الملك بن حرملة، وصوابه عبد الرحمن بن حرملة.

ورواه الحاكم في تاريخ نيسابور من هذا الوجه مطولا فقال: أنبأنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن عبدة القزاز ثنا الحسن بن إسحاق التسترى ثنا عمر بن خلف المخزومى حدثنا عمر بن راشد عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوما جالسا في مجلسه فاطلع على بن أبي طالب وأبو عبيدة بن الجراح وعثمان وأبو بكر وعبد الرحمن بن عوف فلما رآهم قد وقفوا عليه تبسم ضاحكا فقال: جئتم تسألونى عن شيء إن شتم أعلمتكم وإن شئتم فاسألونى، قالوا: بل تخبرنا يا رسول اللَّه، قال: جئتم تسألونى عن الصنيعة لمن تحق، لن ينبغى صنيع إلا لذى حسب أو دين، وجئتم تسألونى عن جهاد الضعيفين: الحج والعمرة، وجئتم تسألونى عن جهاد المرأة، فإن جهاد المرأة حسن التبعل لزوجها وجئتم تسألونى عن الأرزاق من أين أبى اللَّه أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يعلم". قال الحاكم: هذا حديث غريب الإسناد والمتن، وعبد الرحمن بن حرملة المدينى عزيز الحديث جدا اهـ. قلت: وعمر بن راشد كذاب وضاع، وقد اضطرب في إسناده، فمرة قال: عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة كما سبق، ومرة قال: عن مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده. كذلك أخرجه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 341، رقم 585] فقال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر التجيبى أنا أحمد بن محمد بن زياد ثنا أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحيى بن عبد اللَّه بن حرملة بن عمران التجيبى حدثنا جدَّى حرملة بن يحيى قال: حدثنا عمر بن راشد المدنى ثنا مالك بن

أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: "اجتمع أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح فتماروا في شيء فقال لهم على عليه السلام: انطلقوا بنا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما وقفوا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قالوا: جئنا يا رسول اللَّه نسألك عن شيء، فقال: إن شئتم فاسألوا وإن شئتم أخبرتكم" فذكر الحديث، وقد سرقه منه بعض الوضاعين. قال ابن حبان في الضعفاء [1/ 147]: ثنا أبو الطيب أحمد بن عبيد اللَّه الدرامى ثنا أحمد بن داود بن عبد الغفار ثنا أبو مصعب ثنا مالك به، ثم قال ابن حبان: موضوع آفته أحمد بن داود. قلت: أي من جهة روايته عن أبي مصعب عن مالك لا من جهة المتن، فإن الذي وضعه واللَّه أعلم هو عمر بن راشد ثم سرقه منه أحمد بن داود، لأن عمر أقدم منه، على أن الحديث ورد من غير طريقهما معًا كما سيأتى. وقال ابن عبد البر في التمهيد [21/ 20]: ثنا خلف بن القاسم ثنا إبراهيم بن أحمد الحلبى ثنا أحمد بن داود الحرانى -هو ابن عبد الغفار- به، ثم قال ابن عبد البر: هذا حديث غريب من حديث مالك، وهو حديث حسن لكنه منكر عندهم عن مالك لا يصح عنه، ولا أصل له في حديثه. وقد حدَّث بهذا الحديث أيضا أبو يونس المدينى عن هارون بن يحيى الحاطبى عن عثمان بن عمر بن خالد بن الزبير عن أبيه عن على بن أبي طالب به، وهذا حديث ضعيف أيضا، وعثمان بن عثمان بن خالد لا أعرفه ولا الراوى عنه. قلت: وهذا الطريق الذي أشار إليه ابن عبد البر رواه البيهقى في شعب الإيمان [2/ 74، رقم 1197]، فقال:

حدثنا أبو محمد يوسف بن الأصبهانى ثنا أبو بكر أحمد بن سعيد الإخميمى ثنا عبد الجليل بن عاصم ثنا هارون بن يحيى الحاطبى ثنا عثمان بن عمر بن خالد، وقال مرة: عثمان بن خالد بن الزبير عن أبيه عن عليٍّ به مطولا، ثم قال البيهقى: لا أحفظه على هذا الوجه إلا بهذا الإسناد، وهو ضعيف بمرة اهـ. وفيه كما سبق هارون بن يحيى الحاطبى، ذكره الحافظ في اللسان [6/ 183، رقم 645] وقال: وجدت من روايته حديثا منكرا -يريد هذا الحديث- ووقفت له على عدة أحاديث مناكير وما عرفته إلى الآن، ثم وجدته في كتاب الضعفاء للعقيلى، فقال: مدنى لا يتابع على حديثه. وأخرج الطبرانى من طريقه ثم من حديث زيد بن ثابت حديثا في قصة الأعرابى الذي اتهم بسرقة البعير، فدعا بدعاء فيه صلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فشهد البعير ببراءته، وهو حديث طويل ظاهر النكارة اهـ. وكذلك حديث الباب، فكان ينبغى حذفه من هذا الكتاب. 32/ 40 - "أبى اللَّه أن يقبلَ عملَ صاحبِ بدعةٍ حتى يدعَ بدعتهُ". (هـ) وابن أبي عاصم في السنة عن ابن عباس قلت: قال ابن ماجه [1/ 19، رقم 50]: حدثنا عبد اللَّه بن سعيد ثنا بشر بن منصور الخياط عن أبي زيد عن أبي المغيرة عن ابن عباس به. ورواه الطبرانى فقال: حدثنا فطين ثنا عبد اللَّه بن سعيد الكندي به. ورواه الديلمى من طريق أبي الشيخ: ثنا ابن أبي حاتم ثنا الأشج هو عبد اللَّه بن سعيد حدثنا بشر بن منصور الخياط -وكان ثقة- به. ومن هذا الوجه -أعنى من طريق ابن أبي حاتم- رواه الخطيب في

التاريخ [13/ 186] عن مهدى بن محمد بن العباس الهاشمى ثنا أبو جعفر محمد بن أحمد الحاجى ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم ثنا أبو سعيد عبد اللَّه بن سعيد الأشج الكندى به. ومن هذا الوجه رواه جماعة، وبشر بن منصور ومن فوقه لا يعرفون. 33/ 41 - "أبى اللَّه أن يجعلَ للبلى سلطانا على بدن عبده المؤمنِ". (فر) عن انس قلت: هذا حديث موضوع انفرد به كذاب، فكان على المصنف أن لا يورده في هذا الكتاب لاسيما وقد حكم هو نفسه بوضعه فأورده في ذيل اللآلئ من عند الديلمى [1/ 512، رقم 1720] من رواية القاسم بن إبراهيم الملطى عن أبي أمية المبارك بن عبد اللَّه عن مالك عن ابن شهاب عن أنس به. ثم قال: قال الخطيب [12/ 446 رقم 6921]: الملطى كذاب يضع الحديث، روى عن أبي أمية عن مالك عجائب من الأباطيل، وقال غيره: أبو أمية المبارك، أحد المجهولين. 34/ 43 - "ابتغوا الرفعةَ عند اللَّه، تحلَمُ عمن جهلَ عليك وتُعطى من حَرَمَك". (عد) عن ابن عمر قال الشارح: ضعيف لضعف الوازع بن نافع. قلت: الوازع يروى عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه وعن نافع عن سالم أيضا، وقد اختلف عليه في هذا الحديث، فرواه ابن عدى [7/ 96] عنه من هذا الوجه.

ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من طريقه، فذكره بإسناد آخر، قال أبو نعيم [1/ 159]: ثنا أحمد بن محمد بن موسى ثنا عبدان بن أحمد ثنا أيوب الوزان ثنا عثمان بن عبد الرحمن ثنا الوارع عن أبي سلمة عن أبي أيوب قال: "وقف علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ابتغوا الرفعة عند اللَّه، قلنا: وما هى يا رسول اللَّه؟ قال: تحلم عمن جهل عليك وتصل من قطعك وتعطى من حرمك". لكن للحديث شواهد كثيرة: منها، حديث أبي هريرة بلفظه، قال ابن أبي الدنيا في الحلم [ص 20، رقم 4]: حدثنى إدريس بن الحكم العمرى ثنا محمد بن عمر المدنى ثنا عبد الملك بن الحسن عن عبد اللَّه بن أبي سفيان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ابتغوا الرفعة عند اللَّه قالوا: وما هى يا رسول اللَّه؟ قال: تصل من قطعك وتعطى من حرمك وتحلم عمن جهل عليك". 35/ 44 - "ابتغوا الخيرَ عند حسانِ الوجوهِ". (قط) في الأفراد عن أبي هريرة قلت: قد استوعبت طرق هذا الحديث في كتاب "الحسن والجمال" (¬1) ويأتى الكلام عليه إن شاء اللَّه تعالى في حديث "اطلبوا الخير" فإنه بذلك اللفظ أشهر. ¬

_ (¬1) للمؤلف رحمه اللَّه جزء في هذا لحديث سمَّاه في موطن آخر "جمع الطرق والوجوه لحديث اطلبوا الخير عند حسان الوجوه".

36/ 45 - "أَبْدِ المودةَ لمن وادَّك فإنها أثبتُ". الحارث بن أبي أسامة (طب) عن أبي حميد الساعدى قال الشارح: قال الهيثمى: وفيه من لم أعرفهم اهـ. زاد في الكبير: وحينئذٍ فرمز المؤلف لحسنه عليل. قلت: قال الحارث بن أبي أسامة: حدثنا داود بن رشيد ثنا عمر بن حفص عن أبي محمد الأنصارى الساعدى عن يزيد عن أبي حميد الساعدى به فالذين لم يعرفهم الحافظ نور الدين هو أبو محمد الأنصارى وشيخه. أما عمر بن حفص فالظاهر أنه الأشقر البخارى، وقد قال فيه السليمانى: فيه نظر، وذكر الذهبى أنه يروى عن محمد بن عبد اللَّه الأنصارى، فيحتمل أيضا أن يكون هو المذكور في الإسناد، وعلى كل فالحكم بحسنه غريب. 37/ 46 - "ابدأْ بنفسك فتصدّق عليها، فإنْ فَضَلَ شيءٌ فلأهْلِكَ، فإن فَضَلَ شيءٌ عن أهِلك فلذى قرابَتِكَ، فإن فَضَلَ عن ذي قرابَتِك شيء فهكذا وهكذا". (ن) عن جابر قال الشارح: ورواه عنه مسلم أيضا. قلت: هو كذلك فقد رواه مسلم [2/ 692، رقم 997/ 41] من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر قال: " أعتق رجل من بنى عذرة عبدا له عن دبر فبلغ ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "ألك مال غيره؟ فقال: لا، فقال من يشتريه منى؟ فاشتراه نعيم بن عبد اللَّه العدوى بثمانمائة درهم، فجاء بها

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فدفعها إليه ثم قال: ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فَضَلَ شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا يقول: فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك". وبهذا اللفظ رواه أيضا النسائى عن قتيبة عن الليث. وفى الباب عن جماعة. 38/ 47 - "ابدَأْ بِمَنْ تَعُولُ". (طب) عن حكيم بن حزام قال الشارح: وفيه من لا يعرف. وقال في الكبير: رمز المؤلف لصحته، وليس كما قال، فقد قال الهيثمى: فيه أبو صالح مولى حكيم ولم أجد من ترجمه. قلت: لا أصل لهذا التعقب، فإن الحديث صحيح من وجوه: أحدها: أنه في الصحيحين من حديث حكيم بن حزام (¬1) أيضا، وانما لم يعزه المصنف إليهما لأنه عندهما فيه زيادة، وأوله عندهما: "ليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول وخير الصدقة ما كان عن ظهر غِنًى ومن يستعف يعفه اللَّه ومن يستغن يغنه اللَّه". وهكذا رواه أحمد [3/ 402] والدرامى [2/ 400] والنسائى [5/ 69] والبيهقى [4/ 177] وجماعة. ثانيها: أن الحديث له عن حكيم بن حزام طرق متعددة، فإذا كان في أحدها من لا يعرف فله أخرى معروفة الرجال في الصحيحين وغيرهما، ومنها ما عند ¬

_ (¬1) البخارى (2/ 152، رقم 1472)، مسلم (2/ 717، رقم 1034/ 95).

القضاعى [2/ 221، 1227] من طريق على بن عبد العزيز البغوى في معجمه: ثنا عمرو بن عثمان سمعت موسى بن طلحة يذكر عن حكيم بن حزام به. ثالثها: أنه لا يلزم من عدم معرفة النور الهيثمى لرجل ووجد (¬1) ترجمته أن لا يعرفه غيره ولا يجد له ترجمة، فقد يجدها غيره ويقف على ما لم يقف عليه. رابعها: أن الحديث له طرق متعددة عن جماعة من الصحابة غير حكيم بن حزام منهم أبو هريرة وابن عمر وجابر وأبو أمامة وطارق المحاربى وابن مسعود وجابر بن سمرة وثعلبة بن زهدم وأكثرها صحيحح السند منها ما هو مخرج في الصحيح أيضا وقد أوردتها بأسانيدها وطرقها في مستخرجى على مسند الشهاب، ونشير إليها هنا باختصار: فحديث أبي هريرة رواه أحمد [2/ 230، 245، 278، 319] والبخارى [2/ 151، رقم 1470] وأبو داود [2/ 132، 1676] والترمذى [3/ 55، رقم 680] والنسائى [5/ 62] والدولابى [1/ 108] وأبو نعيم [2/ 181] والحاكم [1/ 415، رقم 1514] والبيهقى [4/ 178] والقضاعى [(1/ 368، رقم 634)، (2/ 222، 1232)] (¬2) من طرق عنه. وحديث ابن عمر رواه أحمد [2/ 152] والطبرانى في الكبير [رقم 12726]. وحديث جابر رواه أحمد [3/ 346]. وحديث أبي أمامة رواه أحمد [5/ 262] ومسلم [2/ 718، رقم 1036/ 97] وأبو عوانة في مستخرجه. ¬

_ (¬1) هكذا بالأصل ولعلها سبق قلم والسياق يقتضى ولا وجد ترجمته. (¬2) أيضًا عن حكيم بن حزام برقم (1227، 1228، 1229).

وحديث طارق المحاربى رواه النسائى [5/ 61]، والحاكم في المستدرك. وحديث ابن مسعود رواه أبو داود الطيالسى، وأبو نعيم في الحلية [2/ 181]، والبيهقى [4/ 178]. وحديث جابر بن سمرة رواه أحمد [5/ 86، 89] ومسلم [3/ 1453، 1454، رقم 1822/ 10] والخطيب في التاريخ. وحديث ثعلبة رواه ابن أبي شيبة في المصنف [3/ 212]. 39/ 50 - "أبردوا بالطعام فإِنَّ الحارَّ لا بركةَ فيه". (فر) عن ابن عمر (ك) عن جابر وعن أسماء، مسدد عن أبي يحيى (طس) عن أبي هريرة (حل) عن أنس قلت: أما الديلمى فقال [1/ 136، رقم 327]: أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد بن الحسين بن زنجويه عن أبيه عن عبد اللَّه بن يونس ابن أحمد بن مالك عن أحمد بن موسى البغدادى عن عباس الدورى عن إسحاق بن كعب عن عبد الصمد بن سليمان عن خزيمة بن سويد عن عبد اللَّه ابن دينار عن بن عمر به، وإسحاق بن كعب وشيخه وشيخ شيخه ضعفاء. وأما الحاكم فخرج حديث أسماء [4/ 118، رقم 7124] أولا ثم استشهد له بحديث جابر [4/ 118، رقم 7125] وإنما قدمه المصنف لأن حديث جابر بلفظ الكتاب وحديث أسماء بمعناه، فقال الحاكم: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر ثنا ابن وهب أخبرنى قرة ابن عبد الرحمن عن ابن شهاب عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر رضى اللَّه عنهما أنها كانت إذا أثردت غطته حتى يذهب فوره، وتقول: إنى سمعت

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إنه أعظم للبركة" قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم في الشواهد ولم يخرجاه. وله شاهد مفسّر من حديث محمد بن عبيد اللَّه العرزمى أخبرناه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حاتم الفقيه البخارى: ثنا صالح بن محمد بن عبيد اللَّه العرزمى حدثنى أبي عن عطاء عن جابر رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبردوا الطعام الحار فإن الطعام الحار غير ذى بركة". وأما الطبرانى فروى حديث أبي هريرة من طريق هشام بن عمار: ثنا عبد اللَّه بن يزيد البكرى عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبوى عن أبي هريرة به، وقال: لم يروه عن ابن أبي ذئب إلا البكرى تفرد به هشام اهـ. وعبد اللَّه بن يزيد البكرى ضعفه أبو حاتم وقال: ذاهب الحديث. وأما أبو نعيم فقال [8/ 252]: حدثنا إبراهيم بن محمد ثنا محمد بن المسيب ثنا عبد اللَّه بن خبيق ثنا يوسف ابن أسباط عن العرزمى عن صفوان بن سليم عن أنس قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يكره الكى والطعام الحار ويقول عليكم بالبارد فإنه ذو بركة، ألا وإن الحار لا بركة فيه، وكانت له مكحلة يكتحل منها عند النوم ثلاثا ثلاثا". قال أبو نعيم: غريب من حديث صفوان لم نكتبه إلا من حديث يوسف. 40/ 52 - "أبعدُ الناسِ من اللَّهِ يومَ القيامةِ القاضِى الذي يُخالفُ إلى غيرِ ما أُمِرَ به". (فر) عن أبي هريرة قلت: قال الديلمى:

[لا يجوز العدول عن الرواية الموصولة إلى المرسلة إلا بقرينة مقبولة]

أخبرنا أبو المكارم عبد الوارث بن محمد بن عبد المنعم المطوعى الأسدى الأبهرى عن محمد بن الحسين العسقلانى عن محمد بن أحمد المقرى عن عبد اللَّه بن أبان بن شداد عن أبي الدرداء هاشم بن محمد عن عمرو بن بكر عن ثور عن مكحول عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أبعد الناس من اللَّه يوم القيامة القاضى الذي يخالف إلى غير ما يأمر به" الحديث بطوله. كذا قال فكأنه اختصره لنكارته، فإن عمرو بن بكو هو السكسكى، وهو متهم كذاب، فالحديث موضوع يجب حذفه. 41/ 53 - "أبغض الحلال إلى اللَّه الطلاق". (د. هـ. ك) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: ورواه البيهقى مرسلا بدون ابن عمر، وقال: الوصل غير محفوظ. قال ابن حجر: ورجح أبو حاتم والدارقطنى المرسل، وأورده ابن الجوزى في العلل بسند أبي داود وانن ماجه وضعفه بعبيد اللَّه الوصافى، وقال: قال يحيى: ليس بشيء، والنسائى: متروك الحديث، وبه عرف أن رمز المؤلف لصحته غير صواب. [لا يجوز العدول عن الرواية الموصولة إلى المرسلة إلا بقرينة مقبولة] قلت: بل هو الصواب، والحديث صححه الحاكم وأقره عليه الذهبى ورجح وصله بعض الحفاظ وهو الذي تقتضيه قواعد الحديث والأصول، ومن رجح المرسل لم يراع ذلك بل لا يكاد يرد حديث مرسل وموصول إلا رجح أبو حاتم والدارقطنى المرسل بدون استناد إلى حجة غالبا مع مخالفة المقرر في الأصول،

فإن الوصل زيادة من الثقة يكون مقبولا، والراوى قد يوصل مرة ويرسل أخرى كما هو معلوم، فالراجح أنه موصول صحيح وإن وقع في سنده بعض الاضطراب إلا أن ذلك لا يضر. وبعد هذا، فكلام الشارح فيه عليه مؤاخذات منها قوله: ورواه البيهقى [7/ 322] مرسلا بدون ابن عمو فإن البيهقى لم ينفرد بروايته، كذلك رواه أبو داود [2/ 261، رقم 2178] أيضا مرسلا والبيهقى إنما أخرجه من طريقه كما سأذكره، ومنها قوله: وقال البيهقى: الوصل غير محفوظ فإنه لم يقل ذلك بل قال: وفى رواية ابن أبي شيبة عن عبد اللَّه بن عمر موصولا ولا أراه حفظه، وفرق بين ظنه أن الراوى لم يحفظ الحديث وبين حكمه على الحديث بالإرسال وكون وصله غير محفوظ، ومنها قوله: وأورده ابن الجوزى في العلل [2/ 149، رقم 1056] بسند أبي داود وابن ماجه، فإن ابن الجورى إنما أورده بسند ابن ماجه لا بسند أبي داود لأن عبيد اللَّه بن الوليد الوصافى هو في سند ابن ماجه، وأما سند أبي داود فليس فيه عبيد اللَّه كما ستعرفه، ومنها أنه نقل كل هذا من كلام الحافظ في التلخيص الحبير وزاد هذه الأوهام من عنده وبدل وغير ولو نقله بالحرف لما وقع في هذه الأوهام، وعبارة الحافظ: هكذا رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم من حديث محارب بن دثار عن ابن عمر ورواه أبو داود والبيهقى مرسلا ليس فيه ابن عمر ورجح أبو حاتم والدراقطنى في العلل والبيهقى المرسل وأورده ابن الجوزى في العلل المتناهية بإسناد ابن ماجه وضعفه بعبيد اللَّه بن الوليد الوصافى وهو ضعيف لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه معرف بن واصل إلا أن المنفرد عنه بوصله محمد بن خالد الوهبى، ورواه الدارقطنى [4/ 35، 94] من حديث مكحول عن معاذ بن

جبل بلفظ: "ما خلق اللَّه شيئا أبغض إليه من الطلاق"، وإسناده ضعيف ومنقطع أيضًا (¬1) اهـ. فعبارة الحافظ -كما ترى- سالمة من أوهام الشارح رحمه اللَّه مع أنه حذف منها أهمها وهو متابعة معرف بن واصل الثقة الذي على روايته ينبنى الحكم بصحة الحديث، وحذف منه وجود الشواهد له التي بها يتقوى ويعتضد أيضًا، ثم خطأ المصنف في رمزه للحديث بالصحة. وبعد فالحديث رواه أبو داود، قال: حدثنا كثير بن عبيد ثنا محمد بن خالد عن معرف بن واصل عن محارب بن دثار عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أبغض الحلال إلى اللَّه -عزَّ وجل- الطلاق". ورواه الحاكم في المستدرك [2/ 196] قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بابويه ثنا محمد بن عثمان ثنا أحمد بن يونس ثنا معرف بن واصل عن محارب بن دثار عن عبد اللَّه بن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما أحل اللَّه شيئا أبغض إليه من الطلاق"، ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وأقره الذهبى، وفى هذا تعقب على الحافظ في قوله: إن محمد بن خالد الوهبى تفرد بوصله عن معرف بن واصل، فقد تابعه أحمد بن يونس -كما ترى-، لكن رواه أبو داود [2/ 261، رقم 2177] في سننه عن أحمد بن يونس: ثنا معرف عن محارب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما أحل اللَّه شيئا أبغض إليه ¬

_ (¬1) انظر التخليص الحبير.

من الطلاق". فاختلف محمد بن عثمان بن أبي شيبة وأبو داود عن أحمد بن يونس، فوصله الأول وأرسله الثانى. ولما رواه البيهقى عن الحاكم من طريق الأول موصولا حول الإسناد، ورواه من طريق أبي داود مرسلا، ثم قال: وفى رواية ابن أبي شيبة عن عبد اللَّه ابن عمر موصولا، ولا أراه حفظه اهـ. فهذا ترجيح لقول أبي داود على قول قرينه محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وكلاهما حافظ ثقة فقولهما مقبول وشيخهما حدث به على الوجهين، فلا معنى للترجيح بدون مرجح. وقد تعقب البيهقى صاحب "الجوهر النقى" فقال: أخرجه الحاكم قى المستدرك من طريق ابن أبي شيبة موصولا، ثم قال: صحيح الإسناد، وقد أيده رواية محمد بن خالد الموصولة كما تقدم، وأخرجه ابن ماجه من طريق عبيد اللَّه بن الوليد الوصافى عن محارب موصولا، وقد ذكره البيهقى بعده، فهذا يقتضى ترجيح الوصل لأنه زيادة، وقد جاء من وجوه اهـ. ورواه ابن ماجه [1/ 650، رقم 2018] موصولا أيضا فقال: حدثنا كثير بن عبيد الحمصى ثنا محمد بن خالد عن عبيد اللَّه بن الوليد الوصافى عن محارب بن دثار عن عبد اللَّه بن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبغض الحلال إلى اللَّه الطلاق"، وعبيد بن الوليد -وإن كان ضعيفا- فقد تابعه معرف بن واصل وهو ثقة، قلا يضر ضعفه مع وجود متابعة الثقة، وأما كون محمد بن خالد رواه عن معرف بن واصل في رواية أبي داود وعن عبيد اللَّه بن الوليد في رواية ابن ماجه فلا ضرر في ذلك، فإن محمد بن خالد رواه عن الشيخين، فحدث به عن هذا مرة وعن هذا مرة، بدليل أنه ورد عن كل

منهما من غير طريقه، فقد سبق أن أحمد بن يونس رواه عن معرف بن واصل أيضا، ورواه عن عبيد اللَّه بن الوليد الوصافى أيضا عيسى بن يونس وسليمان ابن عبد الرحمن ومحمد بن مسروق. فأما رواية عيسى بن يونس فقال الثعلبى في تفسيره: أخبرنا أبو عبد اللَّه بن منجويه الدينورى أنا عبد اللَّه بن محمد بن شيبة أنا أحمد ابن جعفر المستملى أنا أبو محمد يحيى بن إسحاق بن شاكر بن أحمد بن حباب أنا عيسى بن يونس أنا عبيد اللَّه بن الوليد الوصافى عن محارب بن دثار عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن من أبغض الحلال إلى اللَّه تعالى الطلاق". وأما رواية سليمان بن عبد الرحمن ومحمد بن مسروق فخرجها تمَّام في فوائده. والحاصل أن الحديث رواه معرف بن واصل وعبيد اللَّه بن الوليد الوصافى عن محارب بن دثار، فأما الثانى فاتفق الرواة عنه على وصله، وأما الأول وهو معرف بن واصل، فرواه عنه محمد بن خالد الوهبى موصولا، ورواه عنه أحمد بن يونس على الوجهين فأبو داود قال: عن أحمد بن يونس مرسلا، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: عن أحمد بن يونس موصولا. ثم رأيت الحافظ السخاوى ذكر أن ابن المبارك رواه في البر والصلة عن معرف مرسلا أيضا، وكذلك رواه عنه أبو نعيم الفضل بن دكين ولأجل ذلك قال الدارقطنى في علله: إن المرسل أشبه اهـ (¬1). ¬

_ (¬1) توسع المؤلف في الكلام عن قاعدة الوصل الإرسال عند الأقدمين في صفحة 536 من الجزء السادس فراجعه هناك.

وهذا أيضا لا يكفى في ترجيح المرسل، فإن الأقدمين ولا سيما ابن المبارك يوردون الأحاديث مرسلة ويختارونها على الموصولة، ومن قرأ كتبهم عرف ذلك ورأى فيها أكثر الأحاديث المخرجة في الصحيحين مخرجة عندهم موسلة من نفس الطرق التي هى منها في الصحيح، بل وربما كانت في الصحيح موصولة من جهتهم أيضا، فيكون الحديث عند البخارى من طريق ابن المبارك موصولا، وهو في كتاب "الزهد" له مرسلا، ويكون عنده كذلك عن أبي نعيم موصولا أو عن إبراهيم بن سعد وهو في جزئه وكتب أبي نعيم مرسلًا اختيارًا منهم للإرسال على الوصل، فلا يرجح قولهم بذلك على من أوصل الحديث واللَّه أعلم. 42/ 56 - "أبْغَضُ العِبَاد إلى اللَّه مَنْ كَانَ ثَوبَاهُ خيرا مِنْ عَمَلِهِ، أَنْ تَكُونَ ثَيَابُهُ ثِيَابَ الأنِبْيَاءِ، وَعَمَلُهُ عَمَلَ الجبَّارِينَ". (عق. فر) عن عائشة قلت: هذا حديث موضوع كما حكم به ابن الجوزى والذهبى وأقرهما المصنف واعترف بوضعه، فكان الواجب عدم ذكره في الكتاب المصان عما انفرد به الكذابون والوضاعون، قال الديلمى في مسند الفردوس [1/ 449، رقم 1487]. أخبرنا البجلى أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمى ثنا ابن حمدان ثنا محمد بن محمد البغدادى ثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا عبد اللَّه بن صالح -كاتب الليث- ثنا سليم بن عيسى بن نجيح عن سفيان الثورى عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن عائشة به. وقال العقيلى [2/ 164]: ثنا يحيى بن عثمان به.

ومن عند العقيلي أورده ابن الجوزى في الموضوعات والذهبى في الميزان [2/ 231]، فقال الأول: موضوع، قال العقيلي: سليم مجهول به النقل، حديثه غير محفوظ منكر، وقال الثانى: هذا باطل، ونقل كلامه المصنف مؤيدًا به حكم ابن الجوزى. 43/ 58 - "أبْغُونى الضّعفاءَ فإِنما تُرْزقُون وتُنصَرون بضُعَفائِكُم". (حم. حب. ك) عن أبي الدرداء قلت: الحديث رواه أبو داود [3/ 32، رقم 2594] والترمذى والنسائى [6/ 46] كلهم في الجهاد من سننهم من حديث أبي الدرداء باللفظ المذكور في الكتاب، وقال الترمذى: حسن صحيح، فيتعقب على المصنف بعدم العزو إليهم كما هو مقرر عند أهل الفن أن الحديث إذا كان في الستة أو أحدها لا يعزى إلى غيرها دونها، وإن كان الأمر في ذلك سهلا. 44/ 59 - "أبلِغُوا حَاجةَ مَنْ لا يَستطيعُ إبلاغَ حاجَتِه، فَمَنْ أَبْلغَ سلطانا حاجةَ مَنْ لا يستطيعُ إِبلاغَه ثبّتَ اللَّه تعالى قَدَمَيهِ على الصّراطِ يومَ القيامةِ". (طب) أبي الدرداء قال الشارح في الكبير: وفيه إدريس بن يونس الحرانى، قال في اللسان عن ذيل الميزان: لا يعرف حاله، ثم إن المؤلف تبع في عزوه للطبرانى الديلمى، قال السخاوى: وهو وهم، والذي فيه عنه بلفظ: "رفعه اللَّه في الدرجات العلا في الجنة" وأما لفظ الترجمة فرواه البيهقى في الدلائل عن على وفيه من لم يسم اهـ. فكان الصواب عزوه للبيهقى عن على. قلت: اختصر الشارح كلام السخاوى، وفهم منه أن المخالفة في حديث

أبي الدرداء لحديث الباب إنما وقعت في آخر الحديث لا في أوله، وليس كذلك بل مراد السخاوى أن الطبرانى لم يخرج هذا الحديث عن أبي الدرداء باللفظ المذكور جملة، ولفظ السخاوى بعد إيراد من الحديث كما هنا: رواه البيهقى في الدلائل من حديث جعفر بن محمد بن على بن الحسين عن أبيه عن جده الحسين، ومن حديث من لم يسم عن ابن لأبي هالة كلاهما عن الحسن بن على عليهما السلام قال: سألت خالى هند بن أبي هالة وكان وصافا عن حلية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر حديثا طويلا، وفيه: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: "ليبلغ الشاهد الغائب وأبلغونى حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته"، وذكره، وهو من الوجه الاول عندنا في مشيخة ابن شاذان الصغرى، ومن الوجه الثانى في المعجم الكبير للطبرانى وكذا في الشمائل الترمذية، لكن بدون القصد منه هنا. وأخرجه البغوي وابن منده وآخرون. وراوه الفقيه نصر في "فوائده" من حديث على بن أبي طالب عليه السلام مرفوعا: "أبلغونى" وذكره بزيادة: "على الصراط". وفى الباب عن عائشة وابن عمر رضى اللَّه عنهما بلفظ: "من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذى سلطان في تبليغ بر أو تيسير عسير أعانه اللَّه على إجازة الصراط عند دحض الأقدام"، وهما عند الطبرانى، وصحح ثانيهما الحاكم وابن حبان، ووهم الديلمى في عزوه لفظ الترجمة للطبرانى عن أبي الدرداء، فالذي فيه عنه كحديثى عائشة وابن عمر، ولكن بلفظ: "رفعه اللَّه في الدرجات العلا من الجنة" (¬1) اهـ. فكلام السخاوى خلاف ما نقله عنه الشارح، ولفظ حديث أبي الدرداء مرفوعا: ¬

_ (¬1) انظر المقاصد المحسنة.

"من كان وصلة لأخيه إلى ذى سلطان في مبلغ بر أو إدخال سرور رفعه اللَّه في الدرجات العلا في الجنة". وهو عند الطبرانى في الأوسط، والكبير من وجهين: أحدهما ضعيف والآخر فيه من لا يعرف. ثم إن الحافظ السخاوى لم يحسن الكلام في عزو هذا الحديث، بل وقع فيه إجمال يوهم أن الحديث مروى أيضًا عن الحسن بن على عليهما السلام عن هند ابن أبي هالة وليس كذلك، وإنما الحسن بن على روى أول الحديث في وصف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وآخره عن والده في أخلاق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وزهده وفيه حديث الترجمة، فهو من حديث على من كلا الوجهين. ثم إنه وهم في قوله: إن الترمذى لم يذكر في الشمائل القصد منه هنا. يعنى حديث الترجمة، فإن الترمذى ذكره أيضًا والذي أوقعه في ذلك أنه ذكر الحديث في الشمائل في عدة مواضع مختصرا ومطولا بسند واحد (¬1)، ولم يذكره بتمامه الذي وقع فيه حديث الترجمة إلا في باب تواضعه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: حدثت سفيان بن وكيع ثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي أنبأنا رجل من بنى تميم من ولد أبي هالة زوج خديجة يكنى أبا عبد اللَّه عن ابن أبي هالة عن الحسن بن على قال: سألت خالى هند بن أبي هالة وكان وصافا عن حلية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر الحديث بطوله، وفيه: "قال الحسن: فكتمتها الحسين زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقنى إليه عما سألته عنه، ووجدته قد سأل أباه عن مدخله ومخرجه وشكله، فلم يدع منه شيئًا، قال الحسين: سألت أبي عن دخول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: كان إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة ¬

_ (¬1) انظر الشمائل (أرقام: 6، 226، 352).

أجزاء جزء اللَّه وجزءا لأهله وجزءا لنفسه، ثم جزء جزأه بينه وبين الناس فيرد بالخاصة على العامة، ولا يدخر عنهم شيئًا وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما يصلحهم والأمة من مسألتهم عنه وإخبارهم بالذي ينبغى لهم ويقول: ليبلغ الشاهد منكم الغائب وأبلغونى حاجة من لا يستطيع إبلاغها" الحديث بطوله. ورواه كذلك ابن سعد في الطبقات [1/ 2/ 120: 130]، والبغوى في معجمه ومن طريقه رواه الطبرانى في الكبير. وعن الطبرانى رواه أبو نعيم في دلائل النبوة ورواه بطوله أيضًا الحافظ أبو الفضل المقدسي في صفوة التصوف، ورواه الحاكم في المستدرك [3/ 640، رقم 6700] إلا أنه ساق سنده ولم يسق متنه وسكت عليه هو والذهبى مع أن الحديث ضعيف جدا، بل قال أبو داود: أخشى أن يكون موضوعا وقد تكلمت عليه في مستخرجى على الشمائل الترمذية. أما طريق جعفر بن محمد الصادق فرواها أيضًا أبو جعفر الطوسى في أماليه آخر الجزء السابع منها، فقال: أخبرنا محمد بن محمد النعمان ثنا أبو بكر محمد بن عمر الجفانى ثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا عبد اللَّه بن محمد حدثنى زيد بن على عن الحسين بن زيد ابن على بن الحسين أبو الحسين العلوى قال: حدثنا على بن جعفر بن محمد عن أخيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن جده على عليه السلام قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبلغونى حاجة من لا يستطيع إبلاغى حاجته فإنه من بلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت اللَّه قدميه على الصراط يوم القيامة".

45/ 60 - "ابنُوا المساجِدَ واتّخِذوهَا جُما". (ش. هق) عن أنس قال الشارح في الكبير: رمز المؤلف لحسنه هنا، وصرح به في أصله فقال: حسن، وليس كما ذكر، فقد جزم الذهبى وغيره بأن فيه ضعفا وانقطاعا، فإنه لما ساقه الذهبى من سنن أبي داود بسنده استدرك عليه، فقال: قلت هذا منقطع، وتقدمه لذلك ابن القطان فقال: ليث ضعيف وفيه انقطاع، وأطال في بيانه، وأقره مغلطاى. قلت: ما خرج أبو داود هذا الحديث، ولا رواه البيهقى من طريقه، بل قال البيهقى [2/ 439]: أخبرنا أبو الحسين بن بشران ثنا أبو عمرو بن السماك ثنا الحسن بن سلام الصواف ثنا أبو غسان ثنا هريم عن ليث عن أيوب عن أنس به. ثم رواه [2/ 439] من طريق على بن الحسن بن شقيق: ثنا أبو حمزة السكرى عن ليث به مرفوعا: "أمرت بالمساجد جما"، فلا ذكر لأبي داود في سند هذا الحديث. أما تحسين المصنف للحديث مع وجود ليث بن أبي سليم فيه، فلان ليثا صدوق عابد روى له مسلم في الصحيح وإنما كان يهم في روايته ويغلط، والحديث مع ذلك له شاهد من حديث ابن عباس كما هو مذكور بعده، فلا يبعد الحكم بصحته فضلا عن حسنه. ورواه أيضا أبو نعيم في الحلية عن أبي بكر بن خلاد [3/ 12]: ثنا أحمد بن على الخراز ثنا جندل بن والق ثنا زياد بن عبد اللَّه عن ليث به.

46/ 62 - "ابنُوا المسَاجدَ، وأَخْرِجُوا القِمامةَ منها، فَمَنْ بنى للَّه بَيْتًا بنى اللَّه له بيتًا في الجنةِ، وإخراجُ القمامةِ منها مُهورُ الحورِ العينِ" (طب) والضياء في المختارة عن أبي قرصافة. قلت: اختلف الحفاظ في الحكم على هذا الحديث، فضعفه الحافظ المنذرى في الترغيب [2/ 420، رقم 553] بتصدره إياه بصيغة التمريض، وقال الحافظ نور الدين لما أورده في الزوائد [2/ 9]: فيه مجاهيل، وسبقه إلى ذلك شيخه الحافظ العراقى فقال: في إسناده جهالة، وحكم الضياء لصحته، فأخرجه في المختارة التي استدرك بها على الصحيحين، وتبعه المصنف فرمز لصحته، واقتصر الحافظ في الفتح على تحسينه فقال [1/ 545، تحت رقم 450] في الكلام [على] حديث (¬1) عثمان: "من بنى مسجدا يبتغى به وجه اللَّه بنى اللَّه له مثله في الجنة" ما نصه: وروى البيهقى في الشعب من حديث عائشة نحو حديث عثمان وزاد "قلت: وهذه المساجد التي في الطرق؟ قال: نعم" وللطبرانى نحوه من حديث أبي قرصافة وإسنادهما حسن اهـ. وإنما قال: نحوه، لأن الحديث فيه الزيادة المذكورة وإنما اختصره المصنف على قاعدته في الكتاب من الاقتصار على المرفوع فقط، وإلا فلفظه عند مخرجيه "ابنوا المساجد وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى للَّه مسجدا بنى اللَّه له بيتًا في الجنة، فقال رجل: يا رسول اللَّه وهذه المساجد التي تبنى في الطريق؟ قال: نعم، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين". وقال الشارح: في إسناده جهالة، لكنه اعتضد فصار حسنا اهـ. ¬

_ (¬1) كتبت كلمة "حديث" في الأصل مرتين فأبدلنا الأولى بكلمة "على" واللَّه أعلم.

ولا أدرى من أين أتى باعتضاده في مسألة إخراج القمامة وكونها مهور الحور العين؟! اللهم إلا أن يكون من حديث أنس الآتى في حرف "الكاف" "كنس المساجد مهور الحور العين" وذلك لا يصلح للاعتضاد لأنه واه جدا، بل أورده ابن الجوزى في الموضوعات [3/ 254]، والذي ينشرح له الصدر الحكم بضعف الحديث كما فعل الحافظ المنذرى، فإن في متنه نكارة ظاهرة مع جهالة إسناده واللَّه أعلم. 47/ 63 - "أبِن القَدَحَ عَنْ فِيكَ ثُمَّ تَنفَّس" سمويه في فوائده (هب) عن أبي سعيد قال الشارح في الكبير: رمز المؤلف لحسنه، وفيه أمران: الأول: أنه يوهم أنه لا يوجد مخرجا في أحد دواوين الإسلام الستة، مع أنه رواه مالك في الموطإ والترمذى في الأشربة عن أبي سعيد المذكور وصححه، ولفظهما: "نهى عن النفخ في الشراب، فقال رجل: القذاة أراها في الإناء؟ قال: اهرقها، قال: فإنى لا أروى في نفس، قال: أبن القدح عن فيك ثم تنفس" اهـ. ورواه كذلك البيهقى في الشعب. الثانى: أن رمزه لحسنه يوهم أنه غير صحيح وهو غير صحيح، بل صحيح كيف وهو من أحاديث الموطإ الذي ليس بعد الصحيحين أصح منه؟!، وقال الترمذى: حسن صحيح، وأقره عليه النووي وغيره من الحفاظ اهـ. قلت: وفيه أمور: الأول: أن لفظ الحديث عند مالك والترمذى لا يدخل في حرف الهمزة لأنه مصدر بالفاء لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أجاب الرجل بقوله: "فأبن القدح عن فيك" هكذا هو في الموطإ [ص 576، رقم 12] وسنن الترمذى [4/ 303، رقم 1887] لأنه رواه من طريق مالك والمصنف إذا وجد حديثا كذلك لا يتصرف فيه غالبا، بل يعزوه إلى كل كتاب باللفظ الواقع فيه،

ولذلك يكرر الحديث مرارا في حروف متعددة بحسب الروايات الموجودة في الكتب وهو حديث واحد وقد تقدم لذلك نظائر ويأتى كثير منها. الثانى: أن الشارح عزا الحديث إلى الكتابين بدون "فا" وهو فيهما بإثباتها. الثالث: أن قوله في الموطإ أنه ليس بعد الصحيحين أصح منه باطل، فإن وجود الحديث في الموطإ لا يكفى في الحكم بصحته -كما هو معروف- وإيضاحه يطول. 48/ 64 - "ابنَ آدمَ أطِعْ رَبَّك تُسمَّى عاقِلًا، ولا تَعْصِهِ فتُسمَّى جَاهلًا". (حل) عن أبي هريرة وأبي سعيد. قلت: هذا حديث موضوع انفرد به كذاب، فكان الواجب عدم ذكره، قال أبو نعيم [6/ 345]: حدثنا على بن أحمد بن على المصيصي ثنا أبو بكر بن أيوب بن سليمان العطار ثنا على بن زياد المتوثى ثنا عبد العزيز بن أبي رجاء ثنا مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدرى به (¬1)، وقال: غريب من حديث مالك لم نكتبه إلا من حديث ابن أبي رجاء اهـ. قلت: وابن أبي رجاء قال الدارقطني: متروك له مصنف موضوع كله، وذكر الذهبى في ترجمته [2/ 628، رقم 5100] هذا الحديث، وقال: إنه باطل. ¬

_ (¬1) في المطبوع من الحلية: "أطع ربك. . . " بدون ذكر: "ابن آدم" فلعلها في نسخة أخرى.

49/ 65 - "ابنَ آدمَ عِنْدَك مَا يكِفيكَ وأنتَ تَطْلُبُ ما يُطْغِيك، ابنَ آدم لا بقليلٍ تقنعُ ولا بِكثيرٍ تشبعُ، ابنَ آدمَ إذا أَصْبَحتَ معافى في جَسدِك آمنًا في سِرْبكَ عِنْدَكُ قوتُ يَومِك فعلى الدُّنيا العَفَاءُ". (عد. هب) عن ابن عمر. قال الشارح في الكبير: ونقله عن ابن عدى وسكوته عليه يوهم أنه خرجه وسلمه والأمر بخلافه، بل قال: أبو بكر الداهرى أحد رجاله كذاب متروك، وقال الذهبى: متهم بالوضع وكذا هو في مسند البيهقى، وذكر نحوه للحافظ ابن حجر فكان ينبغى حذفه. قلت: هذا انتقاد عجيب وكلام غريب لا يصدر ممن له أدنى معرفة بالحديث وفنونه ومصنفات رجاله، فإن ابن عدى ليس له مصنف في الحديث يخرج فيه الأحاديث ويتكلم عليها تصحيحًا وتضعيفا حتى ينتقد على المصنف بعدم سكوت ابن عدى على الحديث، بل ابن عدى له الكامل في الرجال الضعفاء، وفى ترجمة الراوى الضعيف يورد له من الأحاديث ما يدل على ضعفه لنكارتها وغرابتها أو مخالفة مسندها أو نحو ذلك، فموضوع الكتاب للأحاديث الضعيفة والموضوعة والواهية، فمطلق العزو إليه يؤذن بذلك كما صرح به المصنف في خطبة الأصل أعنى الجامع الكبير وإنما يقال ما ذكره المصنف في نحو جامع الترمذى الذي يتكلم على كل حديث غالبا، وكذلك الحاكم والبيهقى والبغوى وأمثالهم ممن صنفوا في الأحكام والآداب وتكلموا على الأحاديث. أما حديث الترجمة فرواه أيضًا الطبرانى في الأوسط، وأبو نعيم في الأربعين وفى الحلية [6/ 98] في ترجمة ثور بن يزيد وأبو عبد الرحمن السلمى في الأربعين، والبيهقى في الشعب [7/ 294، رقم 10360] عنه، والقضاعى

في "مسند الشهاب" [1/ 361، رقم 618] كلهم من طريق أبي بكر الداهرى: ثنا ثور بن يزيد عن خالد بن المهاجر الحجازى عن ابن عمر، ووقع عند الطبرانى عن عمر، وكذلك عند أبي نعيم لأنه رواه عن الطبرانى، وأبو بكر الداهرى كذاب لكنه لم ينفرد به، فقد رواه العسكرى في "الأمثال" من طريق الحسين بن محمد المروزي عن سلام بن سليمان المدائنى عن إسماعيل بن رافع عن خالد بن مهاجر عن ابن عمر به مثله. ورواه البيهقى في الشعب [7/ 294، رقم 10361] من طريق عصمة بن سليمان الواسطى عن سلام المدائنى به مقتصرا على قوله: "إذا أصبحت آمنا في سربك معافى في بدنك عندك قوت يومك فعلى الدنيا العفاء"، لكن سلام المدائنى الطويل وإسماعيل بن رافع ضعيفان أيضًا، وقد ورد هذا اللفظ الأخير من حديث أبي الدرداء وعبيد اللَّه بن محص، وسيأتى في حرف الميم في "من أصبح منكم آمنا"، وهو من حديث الثانى عند أبي داود والترمذى وسنده حسن. 50/ 66 - "ابنُ أُخْتِ القَوْمِ مِنْهُم" (حم. ق. ت. ن) عن أنس (د) عن أبي موسى (طب) عن جبير بن مطعم، وعن ابن عباس، وعن أبي مالك الأشعرى. قلت: في الباب أيضًا عن أبي سعيد وكثير بن زيد عن أبيه عن جده. قال الدولابى في الكنى [2/ 49]: حدثنا أبو بكر الصنعانى ثنا معاذ بن عوذ اللَّه أبو العلاء البصرى ثنا عوف عن أبي الصديق عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "ابن أخت القوم منهم". ورواه الطبرانى في "الصغير" [1/ 142، رقم 216] عن أبي مسلم الكجى.

ثنا معاذ بن عوذ اللَّه القرشى به مطولا، وقال: لا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد، تفرد به معاذ بن عوذ اللَّه. وقال ابن قتيبة في "عيون الأخبار": حدثنى القومسى قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثنا كثير بن زيد عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ابن أخت القوم من أنفسهم، ومولى القوم من أنفسهم، وحليف القوم من أنفسهم". ومن هذا الوجه رواه الطبرانى في الكبير [17/ 12، رقم 2] وسيأتى في حرف الحاء، وله طريق آخر من حديث رفاعة بن رافع في حديث رواه البخارى في الأدب المفرد [ص 42، 75] والحاكم في "المستدرك" [4/ 73، رقم 6952] وغيرهما. 51/ 67 - "ابنُ السّبيلِ أوّلُ شَارِبٍ -يَعْنى مِنْ زَمْزَمَ-" (طس) عن أبي هريرة. قال الشارح: ورجاله ثقات لكن فيه نكارة. وقال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات وحينئذ فرمز المؤلف لحسنه تقصير وحقه الرمز لصحته اهـ. وقال فيه عند شرح الحديث: "ابن السبيل أول شارب" قال مخرجه الطبرانى وتبعه المؤلف: "يعنى من زمزم". وقال في الصغير: "ابن السبيل أول شارب". قال الديلمى: "يعنى من زمزم". اهـ. قلت: انتقاده في الكبير على المصنف تحسينه وحكمه بصحته اعتمادًا على قول

الحافظ الهيثمى: رجاله ثقات باطل من وجهين، أحدهما: أن قول الحافظ المذكور رجاله ثقات لا يدل على صحته، بل ولا على حسنه، لأن السند لا يحكم بصحته لثقة رجاله فقط، بل ولأمور أخرى تقترن به من نفى الشذوذ والعلة وغرابة المتن ونكارته، والحافظ الهيثمى لا ينظر في ذلك لأنه ليس من شرطه، وإنما شرطه الكلام على ظاهر الإسناد عند من رواه من أهل الكتب التي جمع زوائدها. ثانيهما: أن المصنف إنما اقتصر على حسنه مع ثقة رجاله مراعاة لقول الذهبى، وأصله لغيره أنه منكر فتعارض عنده ثقة الرجال مع طعن الذهبى فسلك [طريقًا] وسطا بين ذلك كما يفعل الترمذى في الحديث الذي يقول فيه: حسن صحيح على بعض الأقوال الراجحة في تفسير ذلك. وقد أتى الشارح بما هو أغرب من صنيع المصنف؛ إذ المصنف حقق واجتهد وحكم بما أداه إليه الدليل، وأما الشارح المقلد فتناقض بتناقض أقوال الرجال، ولم يدر كيف يصنع في ذلك، فزعم في الكبير: أنه صحيح، ثم قال في الصغير: فيه نكارة -أى منكر-، وكم بين الصحيح والمنكر من مراحل، وعبارة الذهبى في الميزان [1/ 100، رقم 389]: أحمد بن سعيد الجمال صدوق عن أبي نعيم وغيره، تفرد له بحديث منكر رواه عنه أحمد بن كامل وغيره، قال: حدثنا أبو نعيم ثنا هشيم ثنا عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضى اللَّه عنه مرفوعا: "ابن السبيل أول شارب -يعنى من ماء زمزم-" اهـ. وقول الشارح في الكبير: قال مخرجه الطبرانى: "يعنى من زمزم"، مع عزوه ذلك في الصغير للديلمى هو مع تناقضه غريب جدا، فإن العناية ليست من الطبرانى، وإنما هي من صحابى الحديث الذي شاهد القصة، أو السبب الدال

على أن الحديث من العام الذي أريد به الخصوص، أو التابعى الذي سمعه من الصحابى كذلك لأن العناية لا يأتى بها في مثل هذا -أعنى تخصيص العام ونحوه- إلا الصحابى والتابعى، أما من بعدهم لاسيما من أهل القرن الرابع كالطبرانى أو السادس كالديلمى لا يتصور منه ذلك، إلا إذا كان غير ثقة في دينه ولا عدل في روايته، لأنه تخصيص للعام بدون مخصص مع إضافة ذلك إلى متن الحديث، فيكون من قبيل الكذب فيه كما هو واضح، وكان الشارح غره في ذلك صنيع الخطيب في تاريخه، فإنه أسند الحديث [6/ 132] من طريق الطبرانى في المعجم الصغير عن إبراهيم بن على الواسطى المستملى عن أحمد بن سعيد الجمال، ثم حول السند فرواه عن الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضى عن أحمد بن سعيد الجمال بسنده السابق عن أبي هريرة مرفوعا: "ابن السبيل أول شارب"، قال الخطيب: زاد سليمان: "يعنى من زمزم"، ومواد الخطيب أن الطبرانى زاد في روايته هذا اللفظ على رواية أحمد بن كامل القاضى الذي رواه هو من طريقهما معا، لا أن الطبرانى زاد ذلك في الحديث من عنده، ومع هذا فهو مشكل أيضًا بالنسبة لعزوه ذلك في الصغير إلى الديلمى، فإنه لا ناقة له في هذا الحديث ولا جمل. 52/ 70 - "أبُو بَكْرٍ خَيْرُ النَّاسِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَبِيٌّ" (طب. عد) عن سلمة بن الأكوع. قال الشارح: وهو ضعيف لضعف إسماعيل الأيلى. وقال في الكبير: رواه أيضًا الديلمى والخطيب عن عكرمة بن عمار عن إياس ابن سلمة عن سلمة بن الأكوع، ثم قال مخرجه ابن عدى: هذا الحديث أحد ما أنكر على عكرمة، وقال الهيثمى: فيه إسماعيل بن زياد الأيلى وهو

ضعيف، وفى الميزان تفرد به إسماعيل هذا، فإن لم يكن هو وضعه فالآفة ممن دونه. قلت: فيه مؤاخذة على المصنف والشارح، أما المصنف: ففي إيراده هذا الحديث الباطل الموضوع كما قال الذهبى في ترجمه إسماعيل بن أبي زياد من الميزان [1/ 231، رقم 885]، وقد أورده فيه بإسناده من طريق أبي سعد عبد الملك بن أبي عثمان الواعظ: ثنا أبو عمر بن مطر ثنا أبو شبيل عبد الرحمن بن محمد بن واقد الكوفى ثنا إسماعيل بن زياد الأيلى ثنا عمر بن يونس عن عكرمة بن عمار حدثنى إياس بن سلمة عن أبيه به. ورواه الديلمى في مسند الفردوس [1/ 531، رقم 1787]: من طريق عمر ابن أحمد بن أبان: ثنا أبو شبيل إملاء به، وإسماعيل بن زياد كذاب متهم -كما قال يحيى وغيره- وقد سرقه منه بعض الكذابين، فركب له إسنادا آخر وزاد فيه ذكر عمر، أو هو سرقه وحذف منه عمر، فقد رواه الخطيب [5/ 253] في ترجمة محمد بن داود القنطرى من طريقه: ثنا جبرون بن واقد ثنا مخلد بن حسين عن هشام عن محمد عن أبي هريرة مرفوعا: "أبو بكر وعمر خير أهل السموات وخير أهل الأرض، وخير الأولين والآخرين: إلا النبيين والمرسلين"، وجبرون بن واقد كذاب متهم، قال الذهبى في الميزان [1/ 387، رقم 1435]: روى بقلة حياء عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا: "كلام اللَّه ينسخ كلامى" الحديث. وروى عنه محمد بن داود القنطرى أن مخلد بن حسين حدثه عن هشام بن

حسان عن محمد عن أبي هريرة مرفوعا: "أبو بكر وعمر خير الأولين"، الحديث تفرد به القنطرى والذي قبله، وهما موضوعان اهـ. وأما المصنف (¬1) فمن وجهين أحدهما: في ذكره أن الخطيب رواه من طريق عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن سلمة، وهو إنما رواه من حديث أبي هريرة كما سبق. ثانيهما: أنه نقل عن الذهبى في الكبير الحكم على الحديث بالوضع وأنه من رواية كذاب، ثم أضرب عن ذلك في الصغير واقتصر على الحكم بضعفه، وفى ذلك تقرير وتغير. 53/ 72 - "أبو بكرٍ منِّى وأنا مِنْهُ وأبو بَكْرٍ أخي فِي الدُّنْيا وَالآخرَةِ". (فر) عن عائشة. قال الشارح: وهو ضعيف لضعف عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة. وقال في الكبير: رمز المصنف لضعفه وليس يكفى منه ذلك، بل كان ينبغى حذفه إذ فيه عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، قال الذهبى في الضعفاء: كذبوه، وفى الميزان عن أبي حاتم: كان يكذب، وعن الدارقطنى: يضع الحديث، ثم رأيت المؤلف نفسه تعقبه بذلك في الأصل فقال: فيه عبد الرحمن ابن جبلة كذبوه. قلت: وإذ عرف الشارح هذا وذكره في الكبير فكان الواجب عليه ذكره ولو باختصار في الصغير والتصريح بأنه موضوع، إذ لا معنى للانتقاد على المصنف بشيء ثم الإتيان بمثله، والحديث موضوع جزما قصد به ذلك الكذاب معارضة ¬

_ (¬1) يقصد الشارح كما هو معلوم من السياق.

هذا المعنى الثابت لعلى عليه السلام بطريق التواتر في الآخرة، وبالسند الصحيح في قوله: "على منى وأنا من على" كما سيأتى في حرف العين. وقد كان هذا الكذاب مغرما بوضع الأحاديث في هذا المعنى، قال الذهبى في ترجمة بشر بن حرب البزار: ويقال: بشير، قال ابن حبان: منكر الحديث، ثم ساق له حديثه عن أبي رجاء عن الزبير بن العوام مرفوعا: "الخليفة بعدى أبو بكر وعمر، ثم يقع الاختلاف" حدثناه القطان بالرقة: ثنا عبد اللَّه بن جعفر العسكرى ثنا عبد الرحمن بن عمرو ثنا بشر فذكره، قال الذهبى: هذا باطل والآفة من عبد الرحمن، فإنه كذاب اهـ. فكان الواجب على المصنف حذف هذا الحديث، الذي انفرد به هذا الكذاب. 54/ 74 - "أبو سُفيانَ بنُ الحَارِثِ سيِّدُ فِتيانِ أَهْلِ الجنَّةِ". ابن سعد (ك) عن عروة مرسلًا. قال الشارح: ورواه الحاكم موصولا بلفظ: "أبو سفيان بن الحارث خير أهل الجنة". وقال في الكبير: رواه ابن سعد باللفظ المذكور، وبلفظ: "سيد فتيان أهل الجنة"، فلعل عروة سمعه مرتين. ورواه الحاكم والطبرانى موصولا بلفظ: "أبو سفيان بن الحارث خير أهل الجنة"، قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبى. قلت: ينتقد على الشارح قوله: ورواه الحاكم موصولا دون ذكر صحابيه ولا بيان الطريق الموصولة هل هي من رواية عروة الذي أرسله أم من جهة غيره؟ فإن الموصول عند الحاكم [3/ 255، رقم 5111] من طريق حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن حبة البدرى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والمرسل

عنده [3/ 255، رقم 5112] من طريق حماد بن سلمة أيضًا عن هشام بن عروة عن أبيه، وقوله: رواه ابن سعد باللفظ المذكور وبلفظ. . إلخ، كذلك وقع في الأصل المطبوع دون مغايرة بين اللفظين فكأنه تحرف، ثم إن ابن سعد لم يروه بلفظين إنما رواه بلفظ واحد فقال [4/ 1/ 36]: أخبرنا يزيد بن هارون وعفان بن مسلم قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن هشام ابن عروة عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبو سفيان بن الحارث سيد فتيان أهل الجنة، فحج عاما فحلقه الحلاق بمنى وفى رأسه ثُؤْلُول فقطعه الحلاق فمات، قال يزيد في حديثه: "فيرون أنه شهيد"، وقال في حديثه عفان: "فمات فكانوا يرجون أنه من أهل الجنة"، ولا يخفى ما وقع من المغايرة بين الذي ذكره في الكبير والذي ذكره في الصغير وهو الصواب لا ما في الكبير. 55/ 75 - "أَتَاكُم أَهلُ اليمَنِ هُمْ أَضْعفُ قُلوبًا وأرَقُّ أَفئِدةً، الفقه يَمَانٌ والحِكمةُ يَمَانِيةٌ". (ق. ت) عن أبي هريرة. قال الشارح: مرفوعًا، ووقفه الرافعى. قلت: هذا لا معنى له ولا فائدة في ذكره، فالحديث متواتر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من حديث جماعة من الصحابة، وورد عن أبي هريرة مرفوعًا من رواية أبي صالح وأبي سلمة من طرق وقد فصلت ذلك في جزء أفردته لطرق هذا الحديث سميته "موارد الأمان".

56/ 84 - "أتانِى جِبْرِيلُ في خَضِرٍ تَعَلَّقَ به الدُّرُّ" (قط) في الأفراد عن ابن مسعود. قلت: رواه أيضًا المؤمل بن إهاب في جزئه، قال: ثنا زيد بن الحباب ثنا الحسين بن واقد ثنا خصيف بن عبد الرحمن عن أبي وائل عن ابن مسعود به والحسين بن واقد ضعيف وشيخه فيه مقال. 57/ 86 - "أَتانى جبريلُ بِقِدْرٍ فَأَكَلْتُ مِنْها فأُعْطِيتُ قُوّةَ أربعينَ رجُلًا في الجِمَاعِ". قال الشارح: زاد أبو نعيم عن مجاهد: "وكل رجل من أهل الجنة يعطى قوة مائة"، ابن سعد في الطبقات عن صفوان بن سليم مرسلا. قال الشارح: وأسنده أبو نعيم وغيره عن أبي هريرة. وقال في الكبير: وصله أبو نعيم والديلمى من حديث صفوان عن عطاء عن أبي هريرة يرفعه، ورواه الخطيب وابن السنى في "الطب" عن حذيفة مرفوعا، ثم إن فيه سفيان بن وكيع، قال الذهبى عن أبي زرعة: متهم بالكذب، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات، ونازعه المؤلف بما حاصله أن له شواهد. قلت: قال ابن سعد: أخبرنا عبيد اللَّه بن موسى عن أسامة بن زيد عن صفوان بن سليم به، ووصله أبو نعيم في الحلية، وفى الطب النبوى، فقال في الحلية [8/ 376]: ثنا محمد بن على بن حبيش ثنا إسماعيل بن إسحاق السراج (ح). وحدثنا الحسن بن علان ثنا أحمد بن الحسين بن إسحاق الصولى قالا: حدثنا سفيان بن وكيع ثنا أبي عن أسامة بن زيد عن صفوان بن سليم عن عطاء بن

يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتانى جبريل بقدر يقال لها الكفيت فأكلت منها" الحديث مثله، ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث صفوان تفرد به وكيع اهـ. وليس كذلك، بل رواه عبيد اللَّه بن موسى أيضًا كما سبق عند ابن سعد، اللهم إلا أن يريد موصولا وهو بعيد عن إطلاقه. وقال في الطب النبوى: حدثنا أحمد بن محمد بن يوسف ثنا ابن ناجية ثنا سفيان بن وكيع به، لكن بلفظ: "أطعمنى جبريل الهريسة أشد بها ظهرى لقيام الليل"، وسفيان بن وكيع ضعيف، لأنه كان يقبل التلقين، وابتلى بوراق فكان يدخل عليه أحاديث فيحدث بها فكثر ذلك منه فسقط، ويدل لضعفه في هذا الحديث كون عبيد اللَّه ابن موسى أرسله وهو حافظ ثقة، وكونه اضطرب في متنه إلا أن يكون الاختلاف من الرواة عنه، والحديث باطل على كل حال، وقد أخذه الوضاعون وتفننوا في أسانيده ومتونه وهو المعروف بحديث الهريسة، وقد حكم الحفاظ بوضعه ومنهم ابن الجوزى [3/ 16]، وحاول المصنف أن يثبته فما أنجح، وقد أفرده بعض الحفاظ بالتأليف، ثم إن الشارح قال -كما تقدم- على قوله: "قوة أربعين رجلا في الجماع": زاد أبو نعيم عن مجاهد: "وكل رجل من أهل الجنة يعطى قوة مائة"، وفائدة ذكر هذا إنما تبنى على رواية أربعين رجلا من أهل الجنة، وقد ذكرها الشارح في الكبير فتمت الفائدة، وحذفها في الصغير فلم يبق لما زاده معنى، ولفظه في الكبير: "فأعطيت قوة أربعين" وفى رواية: "زيادة أهل الجنة في الجماع" راد أبو نعيم عن مجاهد: "وكل رجل من أهل الجنة يعطى قوة مائة" وصححه الترمذى وقال: غريب، وأربعون في مائة بأربعة آلاف اهـ.

قلت: والرواية التي أشار إليها أخرجها الحارث بن أبي أسامة، قال: ثنا عبد العزيز بن أبان أنا إسرائيل عن ثور عن مجاهد قال: "أعطى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قوة أربعين رجلا كل رجل من أهل الجنة". ورواه ابن سعد بلفظ آخر فقال: أخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسان ثنا إسرائيل عن ليث عن مجاهد قال: "أعطى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بضع أربعين رجلًا، وأعطى كل رجل من أهل الجنة بضع ثمانين". 58/ 87 - "أَتانى جبْريلُ في أوَّل ما أُوحِيَ إليَّ فعلَّمَنى الوضُوءَ والصَّلاةَ فلمَّا فَرَغَ مِنَ الوضُوءِ أخَذَ غَرفةً مِنَ الماءِ فنضحَ بِهَا فَرْجَه". (حم. قط. ك) عن أسامة بن زيد عن أبيه زيد بن حارثه. قال الشارح: وفيه ضعيف ومتروك. وقال في الكبير: رمز المؤلف لصحته وليس كما ظن، فقد أورده ابن الجوزى في العلل عن أسامة عن أبيه من طريقين في أحدهما ابن لهيعة والأخرى رشدين، وقال: ضعيفان، قال: والحديث باطل، وقال مخرجه الدارقطنى: فيه ابن لهيعة ضعفوه، وتابعه رشدين وهو ضعيف لكن يقويه كما قال بعض الحفاظ، وأورده من طريق ابن ماجة بمعناه، وروى نحوه عن البراء وابن عباس أما الصحة فلا فلا. قلت: فيه أمور، الأول: أن الحديث لم يخرجه أحد باللفظ المذكور لا من عزاه إليهم المصنف ولا غيرهم، بل هو عند جميعهم بسياق آخر من لفظ زيد ابن حارثة لا من لفظ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. أما أحمد فقال [4/ 161]:

حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن عروة عن أسامة بن زيد عن أبيه زيد بن حارثة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أن جبريل عليه السلام أتاه في أول ما أوحى إليه فعلمه الوضوء والصلاة فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه". وأما الدارقطنى فقال [1/ 111، رقم 1]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز البغوي ثنا كامل بن طلحة أبو يحيى الجحدرى ثنا ابن لهيعة به مثله. وأما الحاكم فقال [3/ 217، رقم 4958]: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد اللَّه التاجر ثنا على بن عثمان بن صالح ثنا أبي عثمان بن صالح ثنا ابن لهيعة به عن زيد بن حارثة عن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنه أتاه في أول ما أوحى إليه فأراه الوضوء والصلاة وعلمه الإسلام". وهكذا رواه البيهقى من طريق يعقوب بن سفيان [1/ 161]: ثنا عبد اللَّه بن يوسف ثنا ابن لهيعة به عن زيد بن حارثة: "أن جبريل نزل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في أول ما أوحى إليه فعلمه الوضوء فتوضأ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما فرغ أخذ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بيده ماء فنضح به فرجه". وإذ لفظهم هكذا والمصنف تصرف فيه فكان الأولى عزوه أيضًا إلى ابن ماجه لأنه رواه أيضًا، وإن كان المصنف قد ذكر لفظه في حرف العين. قال ابن ماجه [1/ 157، رقم 462]: ثنا إبراهيم بن محمد الفريابى ثنا حسان بن عبد اللَّه ثنا ابن لهيعة به مرفوعا: "علمنى جبريل الوضوء وأمرنى أن أنضح تحت ثوبى لما يخرج من البول بعد الوضوء".

ورواه ابن القطان صاحب ابن ماجه عن أبي حاتم وعبد اللَّه بن يوسف التنيسى كلاهما عن ابن لهيعة به. الثانى: ذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذا الحديث من رواية ابن لهيعة باللفظ السابق فقال [1/ 46، رقم 104]: هذا حديث كذب باطل، قال ابن أبي حاتم: وقد كان أبو زرعة أخرج هذا الحديث في كتاب المختصر عن ابن أبي شيبة عن الأشيب عن ابن لهيعة فظننت أنه أخرجه قديما للمعرفة اهـ. فهو سلف ابن الجوزى في ذكره الحديث في العلل [1/ 356، رقم 586] وحكمه عليه بالبطلان وهو غلو وإسراف، فإن ابن لهيعة إمام حافظ لا يحكم على حديثه بالوضع إلا ما اتضحت نكارته وعرف أنه مما أدخل عليه واختلط فيه، وليس هذا الحديث كذلك؛ لأنه توبع عليه من شيخه بلفظه ووردت شواهده الكثيرة بمعناه كما سيأتى وأبو حاتم لا ينبغى الاعتماد: على حكمه على الأحاديث، لأنه يفرط ويسرف في ذلك بدون دليل ولا حجة. الثالث: ما حكاه الشارح عن الدارقطنى عن قوله: فيه ابن لهيعة. . . إلخ غير صحيح، فإن الدارقطنى لم يقل شيئا من ذلك، فلعله رآه مذكورا في كلام بعضهم عقب ذكر الدارقطنى فظنه من قوله. الرابع: أن متابعة رشدين بن سعد رواها أحمد والدارقطنى، لكن رشدين قصر بالحديث على أسامة ولم يقل: عن أبيه، قال أحمد [5/ 203]: حدثنا هيثم بن خارجة ثنا رشدين بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير عن أسامة بن زيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أن جبريل عليه السلام لما نزل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فعلمه الوضوء فلما فرغ من وضوئه أخذ حفنة من ماء فرش بها نحو الفرج" قال: فكان النبي يرش بعد وضوئه.

وقال الدارقطنى [1/ 111، رقم 2]: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الكاتب حدثنا حمدان بن على ثنا هيثم بن خارجة به دون قوله: "فكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يرش بعد وضوئه". الخامس: أن النسخ لم تتفق على الرمز لهذا الحديث بالصحة، بل بعضها فيه رمز الحسن وهي التي ينبغى أن تكون المعتمدة، فإن حديث ابن لهيعة لا يحكم المصنف بصحته ولكن قد يحكم بحسنه مع متابعة رشدين بن سعد إياه، لأن ابن لهيعة إذا توبع من غير كذاب أو متهم لا يمتنع الحكم لحديثه بالحسن إذا لم تكن فيه مخالفة، على أن بعض الحفاظ يحكم لما انفرد به بأنه بالحسن، فإذا توبع فقد يحكم له بالصحة لاسيما إذا ثبت المعنى المذكور في حديثه من شواهد متعددة، فإنه يقوى الظن بصحته وهذا الحديث كذلك، فقد وردت شواهده من حديث الحكم بن سفيان الثقفى وأبي هريرة وجابر بن عبد اللَّه وابن عباس وأبي سعيد وغيرهم وبالنظر إلى مجموعها يكون الحديث صحيحا لغيره، فإذا كان المصحف رمز لصحته فهو صواب أيضًا واللَّه أعلم. السادس: أن النضح بعد الوضوء ورد من حديث الجماعة الذين سميناهم لا من حديث البراء وابن عباس اللذين اقتصر الشارح على ذكرهما في الباب فقط، أما حديث الحكم بن سفيان الثقفى فرواه أحمد وأبو داود والنسائى وابن ماجة والبيهقى من رواية مجاهد عنه: "أنه رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- توضأ ثم أخذ كفا من ماء فنضح به فرجه". لكن اختلف في صحابيه وفي اسمه فبعضهم يقول: الحكم بن سفيان عن أبيه، ويذكرون أن الحكم ليس له رؤية وبعضهم يثبت له الإدراك والسماع ويصرح في نفس الحديث بذلك فيقول عنه: "رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل" وبعضهم يقول: الحكم بن سفيان أو سفيان بن الحكم، وبعضهم يقول: عن أبي

الحكم بأداة الكنية، وبعضهم يقول: ابن الحكم وكل هذا مذكور في الكتب التي سمينا. قال أحمد [4/ 179]: حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني منصور (ح). قال أحمد: وحدثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا سفيان وزائدة عن منصور عن مجاهد عن الحكم بن سفيان أو سفيان بن الحكم، قال عبد الرحمن في حديثه: "رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بال وتوضأ ونضح فرجه بالماء". وقال يحيى في حديثه: "إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بال ونضح". قال أحمد [4/ 179]: حدثنا الأسود بن عامر ثنا شريك قال: سألت أهل الحكم بن سفيان فذكروا أنه لم يدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال عبد اللَّه بن أحمد: ورواه شعبة ووهيب عن منصور عن مجاهد عن الحكم بن سفيان عن أبيه أنه رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال غيرهما: عن منصور عن مجاهد عن الحكم بن سفيان قال: رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: يريد أن غيرهما لم يذكر أباه في الحديث مع التصريح بالرؤية كما قال عبد الرحمن بن مهدى عن سفيان ووافقه على ذلك قاسم بن يزيد الجرمى عن سفيان أيضًا، وأما الغير الذي أشار إليه عبد اللَّه بن أحمد فمنهم جرير بن عبد الحميد وعمار بن رزيق وزكريا بن أبي زائدة، فرواية قاسم الجرمى رواها النسائي [1/ 86] عن أحمد بن حرب عنه عن سفيان: حدثنا منصور عن مجاهد عن الحكم بن سفيان قال: "رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- توضأ ونضح فرجه". ورواية جرير عن منصور رواها أحمد [4/ 179] في ترجمة أبي الحكم أو

الحكم بن سفيان من المسند عنه عن منصور عن مجاهد عن ابن الحكم أو الحكم بن سفيان الثقفى قال: "رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بال ثم توضأ ونضح على فرجه". ورواية عمار بن رزيق عن العباس الدورى [رواها النسائي (1/ 86)] (¬1): ثنا الأحوص بن جواب ثنا عمار بن رزيق عن منصور. ورواية زكريا بن أبي زائدة رواها ابن ماجه [1/ 157، رقم 461] عن أبي بكر ابن أبي شيبة: ثنا محمد بن بسر ثنا زكريا بن أبي رائدة قال: قال منصور: حدثنا مجاهد عن الحكم بن سفيان الثقفى: "أنه رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- توضأ ثم أخذ كفا من ماء فنضح به فرجه". ورواه أبو داود [1/ 43، رقم 166] عن محمد بن كثير قال: أنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن سفيان بن الحكم الثقفى أو الحكم بن سفيان قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا بال يتوضأ وينتضح"، قال أبو داود: وافق سفيان جماعة على هذا الإسناد يعنى عن الحكم دون ذكر أبيه قال: وقال بعضهم: الحكم أو ابن الحكم. رواه البيهقى [1/ 161] من طريق أحمد بن سيار: ثنا محمد بن كثير به مثله، ثم قال: كذا رواه الثورى ومعمر وزائدة عن منصور ورواه شعبة كلما أخبرنا أبو الحسن المقرى ثنا الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب ثنا حفص بن عمر ثنا شعبة عن منصور عن مجاهد عن رجل ¬

_ (¬1) ساقط من الأصل.

يقال له: الحكم أو أبو الحكم من ثقيف عن أبيه "أنه رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- توضأ ثم أخذ حفنة من ماء فانتضح بها". قال البيهقى [1/ 161]: رواه وهيب عن منصور ورواه أبو عوانة وروح بن القاسم وجرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد عن الحكم بن سفيان مسندا ولم يذكروا أباه. قال أبو عيسى: سألت محمد -يعنى البخارى- عن هذا الحديث فقال: الصحيح ما روى شعبة ووهيب وقالا: عن أبيه وربما قال ابن عيينة في هذا الحديث: عن أبيه اهـ. قلت: وقد اختلف في هذا نظر أبي زرعة وأبي حاتم فصحح أبو زرعة قول من رواه عن الحكم مسندا، وصحح أبو حاتم قول من قال عن الحكم عن أبيه كما قال البخارى، حكى ذلك ابن أبي حاتم في العلل [1/ 46، رقم 103]، فقال: سمعت أبا زرعة يقول في حديث رواه جرير عن منصور عن مجاهد عن الحكم بن سفيان أو أبي الحكم بن سفيان عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نضح فرجه. ورواه الثورى عن منصور عن مجاهد عن الحكم بن سفيان أو سفيان بن الحكم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورواه وهيب عن منصور عن مجاهد عن الحكم بن سفيان عن أبيه، ورواه ابن عيينة عن منصور وابن أبي نجيح عن مجاهد عن رجل من ثقيف عن أبيه فقال أبو زرعة: الصحيح مجاهد عن الحكم بن سفيان وله صحبة، وسمعت أبي يقول: الصحيح مجاهد عن الحكم بن سفيان عن أبيه ولأبيه صحبة اهـ. ورواية ابن عيينة خرجها أبو داود [1/ 43، رقم 167] عن إسحاق بن إسماعيل عنه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن رجل من ثقيف عن أبيه قال: "رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بال ثم نضح فرجه".

ورواه البيهقى من طريق إبراهيم بن أبي طالب عن ابن أبي عمر عن سفيان به، وذكر أن ابن عيينة مرة قال: هكذا عن أبيه، ومرة لم يذكر أباه. وأما حديث أبي هريرة فرواه الترمذى [1/ 71، رقم 50] عن نصر بن على وأحمد بن عبيد اللَّه السلمى قال: ثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة عن الحسن بن على الهاشمى عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "جاءنى جبريل فقال: يا محمد، إذا توضأت فانتضح". وقد ذكره المصنف في حرف الجيم وعزاه للترمذى وابن ماجه مع أنه عند ابن ماجة [1/ 157، رقم 643] بدون قوله: "جاءنى جبريل" ولفظه: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إذا توضأت فانتضح". وقد ذكره المصنف كذلك في حرف "إذا" وعزاه له وحده وهو عند ابن ماجه عن الحسين بن سلمة اليحمدى عن سلم بن قتيبة. ورواه أبو نعيم في تارلخ أصبهان [2/ 48]: حدثنا عبد اللَّه بن جعفر بن أحمد ثنا إسماعيل بن عبد اللَّه ثنا عبد اللَّه بن عمر ثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة حدثني الحسن بن على الهاشمى به عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قال لى جبريل عليه السلام: يا محمد إذا توضأت فانتضح". وقال الترمذى هذا حديث غريب سمعت محمد -يعنى البخارى- يقول: الحسن بن على الهاشمى منكر الحديث. ورواه ابن حبان في الضعفاء [1/ 235]: أخبرنا ابن قحطبة ثنا الحسين بن سلمة بن أبي كبشة ثنا سلم بن قتيبة به مرفوعا: "أخبرنى جبريل عليه السلام فقال: يا محمد إذا توضأت فانتضح"،

ذكره ابن حبان في ترجمة الحسن بن على الهاشمى، وقال: روى المناكير عن المشاهير فلا يحتج به إلا فيما يوافق الثقات. وأما حديث جابر فقال ابن ماجه [1/ 157، رقم 464]: حدثنا محمد بن يحيى ثنا عاصم بن على ثنا قيس عن ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال: "توضأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فنضح فرجه" وقيس بن عاصم ضعيف. وأما حديث ابن عباس فقال الدارمى [1/ 194، رقم 711]: أخبرنا قبيصة أنبأنا سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- توضأ مرة مرة ونضح فرجه". ورواه البيهقى [1/ 162] من طريق عباس الدورى ثنا قبيصة به ثم قال البيهقى: تفرد قبيصة عن سفيان بقوله في الحديث: "ونضح". ورواه جماعة عن سفيان دون هذه الزيادة ثم روى من طريق الأعمش عن سعيد بن جبير أن رجلا أتى أبن عباس فقال: إنى أجد بللا إذا قمت أصلى فقال ابن عباس: انضح بكاس من ماء، وإذا وجدت من ذلك شيئًا فقل: هو منه. وأما حديث أبي سعيد فذكره الترمذى في الباب [1/ 71 تحت حديث رقم 51] ولم أقف الآن على حديث البراء الذي ذكره الشارح. 59/ 89 - "أَتانى جبريلُ فقالَ: يا محمَّدُ عِشْ مَا شِئْتَ فإِنَّك ميِّتٌ وأحْبِبْ مَن شِئْتَ فإِنَّك مُفَارِقَهُ واعْمَلْ ما شِئتَ فإِنَّك مجْزيٌّ بِه واعْلَمْ أنَّ شَرفَ المؤمنِ قِيامُهُ باللَّيلِ وعزَّهُ اسْتِغناؤُه عَنِ النَّاسِ". الشيرازى في الألقاب (ك. هب) عن سهل بن سعد (هب) عن جابر (حل) عن على

قال الشارح: وهو ضعيف لضعف زافر. قلت: كلام الشارح فيه اختصار مجحف بل هو فاسد لدلالته على أن جميع طرقه التي ذكرها الصنف فيها زافر بن سليمان كأنه اضطرب فيه فرواه بعدة أسانيد وليس كذلك، وإنما هو في سند حديث سهل بن سعد وحده لا في حديث جابر وعلى عليه السلام. والحديث أورده ابن الجوزى في الموضوعات [2/ 108] وتعقبه المصنف بما ذكر حاصله الشارح في الكبير، والحق أنه حديث حسن كما قال جمع من الحفاظ وله مخرجون وأسانيد لم يذكرها المصنف في استدراكه على ابن الجوزى، وقد ذكرتها في مستخرجى على مسند الشهاب والحمد للَّه. 60/ 93 - "أَتانِى مَلَكٌ فسلَّمَ عليَّ، نَزَل من السَّمْاء لَمْ يَنْزِلْ قبلَها فَبَشَّرَنِى أنَّ الحسَنَ والحسينَ سيِّدا شَباب أهْل الجنَّةِ وأنَّ فاطِمَةَ سَيدةُ نِساءِ أهلِ الجنَّةِ". ابن عساكر عن حذيفة. قال الشارح: ورواه عنه أيضًا النسائي وغيره. وقال في الكبير: ورواه عنه أيضًا النسائي خلافا لما أوهمه صنيع المؤلف من أنه لم يخرجه أحد من الستة، ورواه بمعناه الحاكم وقال: صحيح وأقره الذهبى. قلت: استدراك الشارح باطل من جهة وجواب من أخرى، فبطلانه من جهة عزو الحديث إلى النسائي، فإنه لم يخرجه ولا هو من موضوع كتابه، وصوابه من جهة من الحديث في أحد الأصول الستة وهو سنن الترمذى، وكونه في مستدرك الحاكم والعزو إليه أولى من العزو إلى تاريخ ابن عساكر، وإن لم يكن هو عندهما باللفظ الذي ذكره، لكنه لمصلحة تقوية الحديث يعزى إليهما مع ابن عساكر كما يصنعه المؤلف في كثير من الأحاديث.

قال الترمذى [5/ 660، رقم 3781]: حدثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن إسحاق بن منصور قالا: حدثنا محمد بن يوسف عن إسرائيل عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن حذيفة قال: "سألتنى أمى متى عهدك تعنى بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقلت: ما لى به عهد منذ كذا وكذا فنالت منى، فقلت لها: دعينى آتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأصلى معه المغرب وأسأله أن يستغفر لى ولكِ، فأتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فصليت معه المغرب فصلى حتى صلى العشاء ثم انفتل فتبعته فسمع صوتى فقال: من هذا حذيفة؟. قلت: نعم، قال: ما حاجتك غفر اللَّه لك ولأمك؟ هذا ملك لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه أن يسلم على ويبشرنى بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" قال الترمذى: حسن غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل. قلت: قد ورد من حديث غيره كما سيأتى. ورواه أبو نعيم في الحلية [4/ 190] عن أبي بكر بن خلاد: ثنا محمد بن غالب بن حرب ثنا الحسن بن عطية البزار ثنا إسرائيل بن يونس به، وفيه: "فأتيته وهو يصلى المغرب فصلى حتى صلى العشاء، ثم انصرف وخرج من المسجد فسمعت بعوض عرض له في الطريق فتأخرت، ثم دنوت فسمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نقيضى من خلفه فقال: من هذا؟ قلت: حذيفة، فقال: ما جاء بك يا حذيفة؟ فأخبرته، فقال: غفر اللَّه لك ولأمك، يا حذيفة أما رأيت العارض الذي عرض؟ قلت: بلى، قال: ذاك ملك لم يهبط إلى الأرض قبل الساعة استأذن اللَّه في السلام على وبشرنى بأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة". قال أبو نعيم: تفرد به ميسرة عن المنهال عن زر وخالف قيس بن الربيع إسرائيل عن ميسرة عن عدى بن ثابت عن زر.

ورواه أبو الأسود عبد اللَّه بن عامر مولى بنى هاشم عن عاصم عن زر عن حذيفة مختصرا. قلت: لم ينفرد به ميسرة بل رواه غيره كما سيأتى. ورواه الخطيب [6/ 371] من طريق حسين بن محمد المرورى: ثنا إسرائيل به مختصرا بلفظ: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" ولم يذكر نزول الملك. وقال الحاكم في المستدرك [3/ 151، رقم 4721]: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الحسن بن على بن عفان العامرى ثنا إسحاق بن منصور السلولى ثنا إسرائيل عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن زر عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نزل ملك من السماء فاستأذن اللَّه أن يسلم عَلَيَّ لم ينزل قبلها فبشرنى أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة". قال الحاكم [3/ 151، رقم 4722]: تابعه أبو مرى الأنصارى عن المنهال: أخبرنا على بن عبد الرحمن بن عيسى ثنا الحسين بن الحكم الجيزى ثنا الحسن ابن الحسين العرنى ثنا أبو مرى الأنصارى عن المنهال بن عمرو عن زر عن حبيش عن حذيفة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "نزل من السماء ملك فاستأذن اللَّه أن يسلم عَلَيَّ لم ينزل قبلها فبشرنى أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة"، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد. 61/ 94 - "اتَّبِعُوا العُلَماءَ فإنَّهُم سُرُجُ الدُّنيا ومصَابِيحُ الآخِرَةِ". (فر) عن أنس قال الشارح: وهو ضعيف لضعف القاسم بن إبراهيم الملطى. قلت: فيه انتقاد على المصنف والشارح، أما المصنف: فإنه أورد الحديث في

ذيل الموضوعات وحكم بوضعه، فقال بعد أن أورده من عند الديلمى من طريق القاسم بن إبراهيم الملطى: حدثنا لوين المصيصى ثنا مالك بن أنس عن الزهرى عن أنس به ما لفظه: القاسم بن إبراهيم الملطى قال الدارقطنى: كذاب، وقال الخطيب: روى عن لوين عن مالك عجائب من الأباطيل، وقال في الميزان: أتى بطامة لا تطاق ثم ذكر حديثا باطلا في الصفات ثم قال: وهذا باطل وضلال اهـ. وأما الشارح فإنه قال في الكبير: فيه القاسم بن إبراهيم الملطى قال الذهبى: قال الدارقطنى: كذاب وأقره ابن حجر، وجزم المؤلف في زيادادت الموضوعات بوضعه فإيراده له هنا إخلال بشرطه اهـ. ثم اقتصر في الصغير على أنه ضعيف بعد الاعتراف بأنه موضوع وهذا لا يجور، ثم لا يخفى ما في قوله: وأقره ابن حجر فإنه كلام لا معنى له في مثل هذا المقام. 62/ 95 - "أَتَتْكُمُ المنيَّةُ راتبةً لازمةً إِمَّا بِشَقَاوةٍ وإمَّا بسَعَادةِ". ابن أبي الدنيا في ذكر الموت (هب) عن زيد السلمى مرسلا قلت: قال ابن أبي الدنيا: حدثنا جعفر الآدمى ثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن أبان عن زيد السلمى "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا آنس غفلة أو غرة يعنى من أصحابه نادى فيهم بصوت رفيع أتتكم المنية. . . " الحديث. ورواه أبو نعيم في الحلية [7/ 304] في ترجمة سفيان بن عيينة.

63/ 97 - "أَتُحبُّ أنْ يَلينَ قَلْبُكَ وتُدْرِكَ حَاجَتَك، ارْحَم اليِتيمَ وامْسَحْ رأْسَه وأَطْعِمْه مِنْ طَعَامِكَ يَلِن قَلبُك وتُدْرِك حاجَتَك". (طب) عن أبي الدرداء. قال الشارح في الكبير: قال المنذرى: رواه الطبرانى من رواية بقية وفيه راوٍ لم يسم وبقية مدلس، وروى أحمد بسند قال الهيثمى تبعا لشيخه العراقى: صحيح: "أن رجلا شكا إلى المصطفى قسوة قلبه فقال له: امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين". قلت: حديث أبي الدرداء هذا حديث طويل وله عند الطبرانى طريقان طريق فيه بقية والمبهم، وطريق ليس فيه بقية، وقد ذكره الحافظ المنذرى في موضعين في الترغيب [3/ 349، رقم 14] في كفالة اليتيم وقال:. . . ما نقله عنه الشارح، وذكر جملة منه في الترغيب في لزوم المساجد وقال: رواه الطبرانى في الكبير والأوسط والبزار، وقال: إسناده حسن وهو كما قال رحمه اللَّه تعالى اهـ. وكذلك فعل الحافظ الهيثمى ذكره في باب ما جاء في الأيتام كما هنا وقال: رواه [8/ 160] الطبرانى وفيه راو لم يسم، وبقية مدلس، وذكره في باب لزوم المساجد منه جملة وقال: رواه الطبرانى في الكبير والأوسط والبزار، وقال: إسناده حسن قال الهيثمى: قلت: ورجال البزار كلهم رجال الصحيح اهـ. قلت: قال أبو نعيم في الحلية [1/ 214]: حدثنا سليمان بن أحمد هو الطبرانى ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد الرزاق (ح) وحدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا بشر بن الحكم ثنا عبد الرراق ثنا معمر عن صاحب له: أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان رضى اللَّه

عنه: يا أخى اغتنم صحتك وفراغك قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا يستطيع العباد رده واغتنم دعوة المبتلى، ويا أخى وليكن المسجد بيتك، فإنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن المسجد بيت كل تقى، وقد ضمن اللَّه عز وجل لمن كانت المساجد بيوتهم بالروح والراحة والجواز على الصراط إلى رضوان الرب عز وجل"، ويا أخى ارحم اليتيم وادنه منك وأطعمه من طعامك، فإنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأتاه رجل يشتكى قساوة قلبه، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتحب أن يلين قلبك؟ فقال: نعم، قال: ادن اليتيم منك وامسح رأسه وأطعمه من طعامك فإن ذلك يلين قلبك وتقدر على حاجتك" الحديث. ثم قال أبو نعيم: رواه ابن جابر والمطعم بن المقدام عن محمد بن واسع أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان مثله. قلت: رواية المطع خرجها القضاعى في مسند الشهاب [1/ 177، رقم 72] من طريق الربيع بن ثعلب: ثنا إسماعيل بن عياش عن المطعم بن المقدام وغيره عن محمد بن واسع قال: كتب أبو الدرداء فذكره مختصرا. ورواه أبو الليث في التنبيه من طريق عبد الرحمن بن محمد المحارابى عن ليث ابن أبي سليم عن بعض أشياخه قال: بلغ أبا الدرداء أن سلمان الفارسي رضي اللَّه عنهما اشترى خادما، فكتب إليه يعاتبه في ذلك، فكان في كتابه: "يا أخى تفرغ للعبادة قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا تستطيع معه العبادة، واغتنم دعوة المؤمن المبتلى وارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك فإنى شهدته يوما -يعنى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأتاه رجل يشكو إليه قساوة قلبه فقال: "أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ قال: نعم، قال: ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك. . . " الحديث. وقول الشارح: وروى أحمد. . . إلخ ينتقد عليه فيه أمران: أحدهما: أنه

لم يذكر صحابى الحديث وهو غير مرضى، والحديث قال أحمد [2/ 263]: حدثنا بهز ثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران عن أبي هريرة أن رجلا شكا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قسوة قلبه فقال: "امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين"، بل ينبغى ذكر صحابى الحديث وصحابيه أبو هريرة رضي اللَّه عنه. ثانيهما: قوله: بسند، قال الهيثمى تبعا لشيخه العراقى: صحيح، فإن الهيثمى لم يقل: صحيح وإنما قال: رجاله رجال الصحيح، وفرق بين قولنا: صحح وقولنا: رجاله رجال الصحيح، لأن الأول يفيد أنه صحيح لا علة له بخلاف الثانى، فإن السند قد يكون رجاله رجال الصحيح وهو غير صحيح لوجود العلة أو الشذوذ فيه، وهذا الحديث كذلك فإنه وإن كان رجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمى، إلا أنه (¬1) ليس بصحيح كما زعم المناوى لوجود العلة فيه، وهو كون أبي عمران لم يسمعه من أبي هريرة وإنما رواه عن رجل عن أبي هريرة والرجل مبهم لا يعرف فالسند غير صحيح. وقد بين ذلك الطبرانى في روايته فإنه خرج الحديث في مكارم الأخلاق فقال [ص 350 رقم 107]: حدثنا يوسف بن يعقوب القاضى ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران الجونى عن رجل عن أبي هريرة أن رجلا شكا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قسوة قلبه فقال: "إن أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم" وقد ذكره المصنف بهذ اللفظ فيما سيأتى وعزاه للطبرانى في المكارم والبيهقى في الشعب فكتب عليه الشارح: "في سنده راو مجهول"، وحقه أن يقول: "راو لم يسم"، لأن المجهول في الاصطلاح من لا يعرف بجرح ولا عدالة وإن كان مذكورا باسمه ونسبه، والمبهم الذي لم يسم قد يكون ¬

_ (¬1) في الاصل: "فإنه"، والصواب ما أثبتناه لتستقيم الجملة واللَّه أعلم.

معروفا بالجرح أو العدالة، إذا عينته رواية أخرى أو بينت اسمه. 64/ 98 - "اتَّخَذَ اللَّه إِبْراهيمَ خَليلًا، ومُوسى نجيا، واتَّخَذَنِى حَبِيبًا ثُمَّ قَالَ: وعِزَّتى وجَلالِى لأُوثِرَنَّ حَبِيبى عَلَى خَلِيْلِى ونَجِيي". (هب) عن أبي هريرة قلت: رواه ابن الجوزى في الموضوعات [1/ 290] من طريق إبراهيم بن الجنيد: ثنا ابن أبي مريم ثنا مسلمة بن على الخشنى ثنا زيد بن واقد عن القاسم بن مخيمرة عن أبي هريرة به. ثم قال ابن الجورى: لا يصح، تفرد به مسلمة وهو متروك، وتعقبه المصنف بأن البيهقى أخرجه في الشعب [2/ 185، رقم 1494]، وبأن مسلمة من رجال ابن ماجه، وهذا تعقب لا يفيد فإن في رجال ابن ماجه الكذابين والوضاعين، والبيهقى لم يوف بما قال: من أنه لا يخرج في كتبه حديثا يعلم أنه موضوع، على أنه علق ذلك بعلمه، وكم خرج من حديث موضوع لظنه أنه غير موضوع، ومسلمة المذكور في سند هذا الحديث مع كونه انفرد به فإنه اضطرب في إسناده، فمرة قال: كما سبق ومرة قال: عن زيد بن واقد حدثنى خالد بن عبد اللَّه بن الحسين حدثنى أبو هريرة به. ورواه الديلمى في مسند الفردوس إلا أن يكون سقط من كلا السندين رجل، وعلى كل فتفرد مسلمة به يوهنه أو يدل على وضعه. 65/ 99 - "اتَّخِذُوا السَّراوِيلاتِ فِإنَّها من أَسْتَر ثِيَابكُم، وحصِّنُوا بها نِسَاءَكم إِذا خَرَجْنَ". (عق. عد) والبيهقى في الأدب عن على

قلت: سيأتى في حديث "اللهم اغفر للمتسرولات من أمتى" فإن هذا قطعة منه. 66/ 100 - "اتَّخِذُوا السُّودانَ، فإن ثلاثةً مِنهُم مِن سَاداتِ أَهلِ الجنَّة: لُقمَانُ الحكِيمُ والنَّجَاشِيُّ وِبِلَال المُؤذِّنُ". (حب) في الضعفاء (طب) عن ابن عباس قال الشارح: ضعيف لضعف عثمان الطرائفى. قلت: بل موضوع كما قال ابن الجوزى فإنه أورده في الموضوعات [2/ 232] من طريق ابن حبان في الضعفاء [1/ 180] ثم من رواية عثمان بن عبد الرحمن الطرائفى: ثنا أبين بن سفيان عن خليفة بن سلام عن عطاء عن ابن عباس به. ثم قال: لا يصح أبين يقلب الأخبار وعثمان لا يحتج به، وتعقبه المصنف بأن عثمان وثق وأن له شاهدا من حديث واثلة مرفوعا: "خير السوادن ثلاثة لقمان وبلال ومهجع مولى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، رواه الحاكم [3/ 284، رقم 5242] وقال: صحيح الإسناد. ومن حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر مرفوعا: "سادة السودان أربعة لقمان الحبشى والنجاشى وبلال ومهجع" اهـ. ولا يخفى ما فيه فإن الشاهد بعد ثبوته بعيد عن المشهود له، إذ ليس فيه الأمر باتخاذ السودان ولا ما يشير إليه، ثم أى ارتباط لتعليل اتخاذهم بأن منهم ثلاثة من سادات أهل الجنة، ولو كان ذلك علة للاتخاذ لكان أولى منهم البيض لأن منهم آلافا بل آلاف الآلاف من سادات أهل الجنة، ثم ما معنى اتخاذهم هل اتخاذ نسائهم زوجات؟ فإنه معارض بما ورد في النهى عن السواد وأنه لون مشوه، أو اتخاذهم عبيدا وإماء، فإنه يستدعى استرقاقهم دون موجب شرعى وذلك لا يأمر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم فيه إساءة لهم وإهانتهم، وذلك

يعارض التعليل بكون الثلاثة منهم سادات أهل الجنة، ثم هو أيضًا معارض بما ورد في ذمهم وأن الأسود إنما هو لبطنه وفرجه، وأنه إذا جاع سرق وإذا شبع زنى. والمقصود: أن الخبر منكر باطل لا يجور أن ينطق به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أما الشاهد الذي ذكره المصنف فلا شيء فيه مما ينكر، إذ فيه الإخبار بفضيلة الأشخاص الثلاثة وأنهم سادة السودان وخيرهم، وهذا حق لا إشكال فيه بخلاف حديث الترجمة فهو باطل موضوع كما قال ابن الجوزى واللَّه أعلم. 67/ 101 - "اتَّخِذُوا الدِّيكَ الأَبيضَ فإِنَّ دارًا فيها ديِكٌ أبيضُ لا يَقرَبُهَا شَيْطَانٌ ولَا سَاحرٌ ولا الدُّوَيْرَاتُ حَوْلَهَا". (طس) عن أنس قلت: قال الطبرانى: حدثنا أحمد بن على الأبار ثنا محمد بن محص عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أنس به، ومحمد بن محص وضاع كما قال الدارقطنى وغيره، فالحديث كذب موضوع ولذلك ينتقد على المصنف في إيراده، وعلى الشارح في سكوته عنه، لاسيما وقد نقل في الكبير عن الحافظ الهيثمى [5/ 117] أنه قال: فيه محمد بن محص العكاشى وهو كذاب فكان حقه أن يذكر ذلك ولو باختصار في الصغير. 68/ 102 - "اتَّخِذُوا هَذِهِ الحمامَ المقَاصِيصَ [في بيوتكم] (¬1) فَإِنَّها تُلِهى الجنَّ عَن صِبْيَانِكم". الشيرارى في الألقاب، (خط. فر) عن ابن عباس، (عد) عن أنس ¬

_ (¬1) هذه الزيادة من فيض القدير.

قال الشارح: [خط] في ترجمة اليشكرى، (فر) عن ابن عباس. قال الشارح: وضعفه الخطيب وغيره، (عد) عن أنس، قال الشارح: من حديث عثمان بن مطر، وعثمان قال الذهبى: يروى الموضوعات. قلت: فيه انتقاد على المصنف والشارح، أما المصنف فإنه أقر ابن الجورى على حكمه على حديث ابن عباس بأنه موضوع ثم أورده هنا، وأما الشارح فمن وجوه: الأول: قوله عن الخطيب: أنه خرج الحديث في ترجمة اليشكرى لغو لا فائدة فيه إلا تسويد الورق، فإن المراد منه تعيين الترجمة للرجوع إليها ونظر الحديث فيها، وذكر هذه النسبة بدون اسم صاحبها إحالة على مراجعة الثمانية آلاف ترجمة التي يحتوى عليها تاريخ الخطيب، مع أن الرجل الذي خرج الخطيب الحديث في ترجمته لا يعرف باليشكرى، وإنما يعرف بالميمونى، فإن الخطيب قال [5/ 279]: محمد بن زياد اليشكرى الطحان يعرف بالميمونى، فلو قال الشارح: في ترجمة الميمونى لكان ذلك لغوا لا فائدة فيه أيضًا مع عدم ذكر الاسم فكيف وقد ذكر النسبة التي لا يعرف الرجل بها؟. الثانى: قوله: وضعفه الخطيب وغيره، فإن الخطيب لم يضعفه ولم يتكلم عليه، وإنما تكلم على روايه ونقل أقوال أهل الجرح فيه. الثالث: أن الشارح ذكر في الكبير خلاف ما ذكره في الصغير، فإنه قال: قضيته أن مخرجه الخطيب خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه، فإنه عقبه بنقله عن أحمد وابن معين وغيرهما: أن محمد بن زياد كان كذابا يضع الحديث، وقال ابن حجر: فيه محمد بن زياد اليشكرى كذبوه، وفي الميزان: كذاب وضاع ثم أورد له هذا الخبر، ثم قال في حديث أنس الذي رواه ابن عدى: فيه عثمان بن مطر، قال في الميزان عن ابن حبان بعد ما ساق له هذا الخبر: يروى الموضوعات عن الأثبات ومن ثم حكم ابن الجوزى [3/ 12] بوضعه

وتبعه المؤلف في مختصر الموضوعات ساكتا عليه، وحكاه عنه في الكبير وأقره، فكان ينبغى حذفه من هذا الكتاب وفاء بشرطه. وممن جزم بوضعه ابن عراق والهندى وغيرهما اهـ. فهذا جزم من الشارح بأن الحديث موضوع فكيف يقول بعد هذا في الشرح الصغير: إنه ضعيف؟ لاسيما مع نسبة ذلك إلى الخطيب والخطيب برئ منه، ثم إن قوله: قضيته أن مخرجه الخطيب خرجه ساكتا عليه. . . إلخ باطل من وجهين: أحدهما: أنه لا معنى له كما سبق التنبيه على نظيره، فإن الذي ينقل الحديث ثم يسكت عليه أو يتكلم هو الذي يصنف في الحديث، أما من يصنف في الرجال فإنه يتكلم على الرجال جرحا وتعديلا، ويورد الحديث في ترجمة الرجل ليستدل به على حاله، لأنه من أحاديث الرجل تعرف عدالته وعدمها لا أنه يورد الحديث ليقره ويسكت عليه أو ليتكلم عليه وينكره، فكلام الشارح في هذا يدل على بعده عن الفن وعدم معرفته لقواعده وأصوله. ثانيهما: أنه على تسليم ذلك فإن الخطيب لم يتكلم على الحديث لا بتضعيف ولا غيره كلما سبق، بل قال ما نصه [5/ 279]: محمد بن زياد اليشكرى الطحان يعرف بالميمونى حدث عن ميمون بن مهران فنسب إليه، رواه عنه الربيع بن ثعلب وزياد بن يحيى وغيرهما: أخبرنا محمد بن على بن الفتح ثنا على بن عمر الحافظ ثنا أبو طلحة أحمد بن محمد بن عبد الكريم ثنا زياد بن يحيى أبو الخطاب ثنا محمد بن زياد ثنا ميمون ابن مهران عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اتخذوا الحمام المقاصيص فإنها تلهى الجن عن صبيانكم". أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق أخبرنا هبة اللَّه بن محمد بن حبشى الفراء ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كان ببغداد قوم يضعون الحديث كذابون منهم محمد بن زياد كان يضع الحديث، أخبرنا

الجوهرى أخبرنا محمد بن العباس ثنا محمد بن قاسم الكوكبى ثنا إبراهيم بن عبد اللَّه بن الجنيد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن زياد الطحان ليس بشيء كذاب، الذي يروى عن ميمون بن مهران ما يروى. أخبرنا عبيد اللَّه بن عمر الواعظ ثنا أبي ثنا عبد اللَّه بن سليمان يعنى الوراق ثنا عبد اللَّه بن أحمد قال: وسألته -يعنى أباه- عن محمد بن زياد كان يحدث عن ميمون بن مهران قال: كذاب خبيث أعور يضع الحديث. أخبرنا أحمد بن أبي جعفر أخبرنا محمد بن عدى البصرى في كتابه ثنا أبو عبيد محمد بن على الآجرى قال: سألت أبا داود عن محمد بن زياد الميمونى قال: سمعت أحمد بن حنبل قال: ما كان أجرأه يقول: حدثنا ميمون بن مهران أخبرنا على بن محمد بن الحسن المالكى أخبرنا عبد اللَّه بن عثمان الصفار ثنا محمد بن عمران الصيرفى ثنا عبد اللَّه بن على المدينى قال: سألت أبي عن محمد بن زياد صاحب ميمون بن مهران قال: كتبت عنه كتابا فرميت به وضعفه جدا، ثم أطال الخطيب في مثل هذه النقول عن المجرحين لصاحب الترجمة ولم يتعرض للحديث. 69/ 103 - "اتَّخِذُوا الغَنَمَ فإِنَّ فِيهَا بَرَكة". (طب. خط) عن أم هانئ، ورواه (هـ) بلفظ: "اتخذى غنما فإنها بركة" قلت: الحديث رواه باللفظ الأول أحمد في مسنده فالعزو إليه أولى، قال أحمد [6/ 424]: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أم هانئ قالت: قال رسول اللَّه: "اتخذوا الغنم فإن فيها بركة" وهذا سند على شرط الصحيح، والمصنف اقتصر على تحسينه ولعله لأجل من وقع قبل أبي معاوية في سند

من عزاه إليهما وهما الطبرانى [24/ 427، رقم 1039] والخطيب [7/ 11]، لكن يعكر عليه أن سنده عند ابن ماجه على شرط الصحيح أيضًا، فإنه قال [2/ 773، رقم 2304]: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن هشام بن عروة به. وهذا سند كالشمس. ثم إن الشارح قال في الكبير: ورواه أحمد، قال الهيثمى بعدما عزاه لأحمد فيه موسى بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة لم أعرفه اهـ. وهذا يوهم أن المتن الذي ذكره الهيثمى وعزاه لأحمد مثل المتن المذكور في الكتاب، فيلزم عليه الاستدراك على الحافظ الهيثمى بأنه ذكر حديثا في الزوائد وهو ليس من الزوائد لوجوده في سنن ابن ماجه وليس كذلك، بل الذي سوغ للنور الهيثمى ذكره في الزوائد كونه بسياق آخر وهو: "اتخذى غنما يا أم هانئ فإنها تروح بخير وتغدو بخير"، وهذا السياق هو الذي في سنده الرجل المذكور، فإن أحمد قال [6/ 343]: حدثنا إبراهيم بن خالد حدثنى رباح عن معمر عن أبي عثمان الجحشى عن هوسى أو فلان بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة عن أم هانئ، أما لفظ الحديث المذكور في الكتاب فسنده عن أبي معاوية عن هشام عن أبيه عنها كما سبق. 70/ 105 - "اتَّخِذْهُ مِنْ وَرقٍ ولا تُتِمَّهُ مِثْقَالًا" يعنى الخاتم. (3) عن بريدة قال الشارح: وهو حسن لشواهده. وقال في الكببر: قال الترمذى: حديث غريب، قال ابن حجر: وفيه عبد الرحمن بن مسلم أبو طيبة، قال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال ابن حبان: يخطئ ومع ذلك صححه -يعنى بإخراجه إياه في الصحيح- فدل على

قبوله له، وأقل درجاته الحسن ولذلك رمز المؤلف لحسنه، لكن ضعفه النووى في المجموع وشرح مسلم وتبعه جمع من الفقهاء. قلت: كذا وقع في النسخة عبد الرحمن بن مسلم وصوابه عبد اللَّه، أما الحديث فضعيف كما قال الترمذى والجمهور لا كما قاله الحافظ والمصنف، فإن أبا طيبة لا يحتج به لخطئه، وما كان كذلك لا يكون حديثه حسنا إذا انفرد فكيف إذا خالف، فإن هذا الحديث رواه غيره فخالفه فيه. قال البخارى في الأدب المفرد [ص 341، رقم 1025]: حدثنا إسماعيل حدثنى سليمان عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن رجلا أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وفي يده خاتم من ذهب فأعرض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عنه، فلما رأى الرجل كراهيته ذهب فألقى الخاتم وأخذ خاتما من حديد فلبسه وأتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: هذا شر هذا حلية أهل النار فرجع فطرحه ولبس خاتما من ورق فسكت عنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-". وهذا الموافق للحديث الصحيح في الفضة: "ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها لعبا". وقد روى الإمام أحمد في مسنده حديث بريدة بالقصة التي رواها به أهل السنن الثلاثة لكنه لم يذكر لفظ حديث الترجمة فقال [5/ 359]: حدثنا يحيى بن واضح وهو أبو تميلة عن عبد اللَّه بن مسلم عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه قال: "رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في يد رجل خاتما من ذهب فقال: مالك ولحلى أهل الجنة، قال: فجاء وقد لبس خاتما من صفر، فقال: أجد منك ريح أهل الأصنام، قال: فمما أتخذه يا رسول اللَّه؟ قال: من فضة". على أن القصة سواء من حديث بريدة وحديث أبي سعيد يعارضها حديث آخر فيه نفس القصة، ولكنه يوافق حديث أبي سعيد في إباحة الفضة وعدم التقييد

المذكور، قال البخارى في الأدب المفرد [ص 342، رقم 1026]: حدثنا عبد اللَّه بن صالح قال: حدثنا الليث عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة عن أبي النجيب عن أبي سعيد قال: "أقبل رجل من البحرين إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فسلم عليه، فلم يرد وفي يده خاتم من ذهب وعليه جبة حرير، فانطلق الرجل محزونا فشكى إلى امرأته، فقالت: لعل برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جبتك وخاتمك فألقهما ثم عد، ففعل فرد السلام وقال: جئتك آنفا فاعرضت عنى، قال: كان في يدك جمر من نار، فقال: لقد جئت إذن بجمر كثير، قال: إنما جئت به ليس بأحد أغنى من حجارة الحرة ولكنه متاع الحياة الدنيا قال: فبماذا أتختم به؟ قال: بحلقة من ورق أو صفر أو حديد". فالحديثان أعنى حديث أبي سعيد وعبد اللَّه بن عمرو وإن تعارضا في الحديد فقد اتفقا في إباحة الورق من غير تقيد وهما مرافقان لحديث "فالعبوا بها لعبا"، والجمبع مخالف لحديث عبد اللَّه بن مسلم أبي طيبة الذي لا يحتج به فكيف يكون حسنا، بل ضعيف ساقط كما ترى واللَّه أعلم. 71/ 106 - "أتَدْروُنَ مَا العَضْهُ؟ نَقْلُ الحدِيثِ مِن بَعْضِ النَّاسِ إِلى بَعضٍ ليُفْسِدُوا بَيْنَهُمْ". (خد. هق) عن أنس قال الشارح في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد أعله الذهبى في المهذب متعقبا على البيهقى، فقال: فيه سنان بن سعد وهو ضعيف. قلت: سنان بن سعد ويقال: سعد بن سنان وثقه ابن معين وأحمد بن صالح وابن حبان، وقال غيرهم: حديثه حسن، فلأجل هذا مع شاهده الصحيح المخرج في صحيح مسلم حسنه المصنف، فقد روى مسلم في صحيحه [4/ 2012، رقم 2606/ 102] من حديث ابن مسعود قال: إن محمدا -صلى اللَّه عليه وسلم-

قال: "ألا أنبئكم ما العَضْهُ (¬1) هي النميمة القالة بين الناس" الحديث، وقد خرجه الطحاوى في فصل تكلم فيه على معنى العَضْهُ مع حديث الترجمة أيضًا فاسمعه. قال الطحاوى في مشكل الآثار [5/ 168، رقم 2390] باب بيان مشكل ما روى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أخذه على أصحابه في بيعته إياهم أن لا يعضه بعضهم بعضا: حدثنا إسماعيل بن يحيى المزنى ثنا الشافعى قال: ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفى عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن عبادة بن الصامت قال: "أخذ علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ستا كما أخذ على النساء: أن لا تشركوا باللَّه ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا يعضه بعضكم بعضا ولا تعصونى في معروف (¬2) أمرتكم به، فمن أصاب منكم منهن واحدة فعجلت عقوبته فهي كفارته، ومن تأخرت عقوبته فأمره إلى اللَّه إن شاء عذبه وإن شاء غفر له". قال الطحاوى: فتأملنا قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ولا يعضه بعضكم بعضا" لنقف على المراد به فوجدنا المزنى قد حدثنا قال: حدثنا الشافعى رحمه اللَّه قال: من كذب على أخيه فقد عضهه، ووجدنا أبا قرة محمد بن حميد قد ¬

_ (¬1) قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقى في تعليقه على صحيح مسلم (4/ 2012): هذه اللفظة رووها على وجهين: أحدهما "العِضَة" بكسر العين وفتح الضاد المعجمة على وزن العدة والزنة، والثانى: "العَضْهُ" بفتح العين وإسكان الضاد على وزن الوجه، وهذا الثانى هو الأشهر في روايات بلادنا، والأشهر في كتب الحديث، وكتب غريبه، والأول أشهر في كتب اللغة. ونقل القاض أنه رواية أكثر شيوخهم وتقدير الحديث -واللَّه أعلم-: ألا أنبئكم ما العضه؟ الفاحش الغليظ التحريم اهـ بنصه. (¬2) كتب في الأصل بسقوط الواو هكذا "معرف".

حدثنا قال: سمعت سعيد بن كئير بن عفير يقول: العاضهة الساحرة قال: وأنشدنا في ذلك: أعوذ بربى من العاضها ... ت في عقد مستعضه العاضه قال: ثم وجدنا في ذلك ما هو أعلى من هذين القولين وهو ما قد حدثنا به يزيد ابن سنان قال: حدثنا بشر بن عمر الزهرانى وأبو داود الطيالسي واللفظ لبشر قالا: حدثنا شعبة قال: أنا أبو إسحاق -يعنى السبيعى- عن أبي الأحوص قال: قال عبد اللَّه -يعنى ابن مسعود-: إن محمدا -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: " ألا أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة الفارقة بين الناس"، ووجدنا أبا أمية قد حدثنا قال: أنا سليمان بن عبد اللَّه الرقى ثنا عبيد بن عمير عن زيد بن أبي أنيسة عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "العضه هي النميمة الفارقة بين الناس" ووجدنا يزيد قد حدثنا قال: حدثنا حبان بن هلال ثنا عبد العزيز ابن مسلم القسملى أنا إبراهيم الحميرى عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه قال: "كنا نقول في الجاهلية أن العضه هو السحر، وإن العضه فيكم اليوم القالة، قيل: وحسب الرجل من الكذب أن يحدث بكل ما سمع"، ووجدنا يونس قد حدثنا قال: حدثنا ابن وهب أخبرنى عبد اللَّه بن لهيعة عن عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعيد عن أنس بن مالك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أتدرون ما العضه؟ قالوا: اللَّه ورسوله أعلم، قال: هو نقل الحديث من بعض الناس إلى بعض ليفسدوا بينهم" اهـ المراد منه. وقال البيهقى في السنن [10/ 246، 247]: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ أخبرنى عبد اللَّه بن سعد ثنا إبراهيم بن أبي طالب ثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال: سمعت أبا إسحاق يحدث قال: سمعت أبا الأحوص يحدث عن عبد اللَّه بن

مسعود رضي اللَّه عنه قال: إن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ألا أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة القالة بين الناس"، وإن محمدا -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن الرجل ليصدق حتى يكتب عند اللَّه صديقا دان الرجل ليكذب حتى يكتب عند اللَّه كذابا"، قال البيهقى: وأخبرنا أبو الحسن على بن محمد المقرئ أنبأنا الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب ثنا أحمد بن عيسى ثنا ابن وهب أخبرنى بن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس به. فالحديث بالنظر إلى حديث ابن مسعود صحيح وإنما اقتصر المصنف على تحسينه بالنظر إلى سنده مع اعتبار شاهده. 72/ 107 - "أَتْرِعُوا الطُّسُوسَ وَخَالِفُوا المَجُوسَ". (هب. خط. فر) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: وضعفه البيهقى وقال: في إسناده من يجهل، وقال ابن الجوزى: حديث لا يصح وأكثر رواته ضعفاء ومجاهيل، لكنه ورد بمعناه خبر جيد رواه القضاعى في مسند الشهاب عن أبي هريرة بلفظ: "أجمعوا وضوءكم جمع اللَّه شملكم"، وقال الحافظ العراقى: إسناده لا بأس به، وروى البيهقى عن أبي هريرة مرفوعا: "لا ترفعوا الطسوس حتى تطف، اجمعوا وضوءكم جمع اللَّه شملكم". قلت: حديث ابن عمر رواه الديلمى من طريق الخطيب فسندهما واحد، فإن الديلمى قال: أخبرنا أحمد بن سعد، أخبرنا أحمد بن على إذنا وهو الخطيب فذكره بإسناده، والخطيب رواه [5/ 9] في ترجمة أحمد بن محمد بن زكريا أبي العباس النسوى فقال: أخبرنا الحسن بن أبي طالب وعبيد اللَّه بن أبي الفتح قالا: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوى ثنا أبو صالح خلف بن محمد بن إسماعيل

ابن إبراهيم الخيام ثنا أبو هارون سهل بن شازويه الحافظ ثنا جلوان بن سمرة البَانِبى حدثنا عصام أبو مقاتل النحوى عن عيسى بن موسى غنجار عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر به. وأما حديث أبي هريرة الذي ذكره الشارح، فقال القضاعى [1/ 408، رقم 702]: أخبرنا هبة اللَّه بن إبراهيم الخولانى أنا الحسن بن على الصوفى ثنا فاروق بن عبد الكبير الخطابى أنا أبو على هشام بن على السيرافى ثنا محمد بن سليمان ابن محمد بن كعب أبو عمر الصباحى ثنا عيسى بن شعيب عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا ترفعوا الطست حتى يطف، اجمعوا وضوءكم جمع اللَّه شملكم". ورواه الديلمى في مسند الفردوس من طريق ابن لال قال [5/ 179، رقم 7537]: حدثنا ابن حمدان ثنا محمد بن غالب ثنا محمد بن سليمان بن محمد بن به مثله، فلفظ حديث أبي هريرة واحد عند القضاعى والبيهقى في الشعب وغيرهما وهو يبين المعنى من حديث ابن عمر. 73/ 108 - "أَتَرِعُونَ عَنْ ذِكْرِ الفَاجرِ أَنْ تذْكُروه؟ فاذْكُروه يَعْرِفُهُ النَّاسُ". (خط) في رواة مالك عن أبي هريرة قال الشارح: وقال -يعنى الخطيب-: تفرد به الجارود وهو منكر الحديث اهـ. وقال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه ساكتا عليه

والأمر بخلافه، بل قال: تفرد به الجارود، وهو كما قال البخارى: منكر الحديث، وكان أبو أسامة يرميه بالكذب هذا كلام الخطيب، فنسبته لمخرجه واقتطاعه من كلامه ما عقبه به من بيان حاله غير مرضى، وقد قال في الميزان: إنه موضوع، ونقله عنه في الكبير وأقره عليه، لكن نقل الزركشى عن الهروى في كتاب "ذم الكلام": أنه حسن باعتبار شواهده التي منها ما ذكره المصنف في الحديث بعده. قلت: هذا خبط وتخليط عجيب من الشارح -رحمه اللَّه- وبيانه من وجوه: الأول: في قوله تفرد به الجارود، فإن الجارود في مسند حديث بهز ابن حكيم عن أبيه [عن] جده المذكور بعد هذا لا في سند حديث أبي هريرة، أما حديث أبي هريرة فمروى من طريق أحمد بن سليمان الحرانى ثنا مالك عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة به. الثانى: أن هذا الحديث بالنظر إلى سنده موضوع بلا خلاف من أحد من أهل الحديث، والكلام الذي نقله عن الزركشى هو في الحديث الذي بعده وفي ترجمة أحمد بن سليمان الحرانى من الميزان [1/ 102، رقم 401]، قال الذهبى عن حديثه هذا: إنه موضوع. الثالث: أن الخطيب لم يقل شيئًا مما نقله عنه الشارح في كتاب الرواة عن مالك، بل قال ذلك بمعناه لا بلفظه في التاريخ [7/ 262]، في ترجمة الجارود بن يزيد النيسابورى راوى حديث بهز بن حكيم الآتى بعده، فالشارح أدخل إسنادا في إسناد ونسب كلاما مذكورا في كتاب إلى كتاب آخر، وسيأتى نص كلام الخطيب في الحديث الذي بعده.

74/ 109 - "أتَرِعُوَن عَن ذِكْرِ الفاجرِ؟ متى يعرِفُه الناسُ؟ اذكروا الفاجر بما فيه يحذَرُه الناسُ". ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة، والحكيم في نوادر الأصول. والحاكم في الكنى، والشيرازى في الألقاب. (عد. طب. هق. خط) عن بهز ابن حكيم عن أبيه عن جده. قال الشارح: في ترجمة محمد بن القاسم المؤدب عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده. وقال في الكبير عند ذكر المخرجين: والحاكم أبو عبد اللَّه في كتاب الكنى والألقاب. . . إلخ. قلت: في كلام الشارح أمران، أحدهما: أن كتاب الكنى ليس هو لأبي عبد اللَّه الحاكم وإنما هو لأبي أحمد الحاكم، وهو أكبر من أبي عبد اللَّه بل هو شيخه، واسمه محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الكرابيسى النيسابورى الحافظ الكبير، مات سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، وكتابه هذا هو أعظم كتاب ألف في بابه وأوسع، وأما الحاكم أبو عبد اللَّه فهو محمد بن عبد اللَّه بن محمد بن حمدويه الضبى النيسابورى المعروف بابن البيع، الحافظ الكبير صاحب المستدرك على الصحيحين، وتاريخ نيسابور، والمعرفة، والإكليل، والمدخل، والأربعين، ومناقب الشافعى وغيرها، المتوفى سنة خمس وأربعمائة. ثانيهما: أن الخطيب روى هذا الحديث [1/ 382] في ترجمة محمد بن أحمد أبي عبد اللَّه البرزاطى، وفي ترجمة محمد بن القاسم أبي بكر المؤدب [3/ 188]، وفي ترجمة الحسن بن أحمد بن حفص أبي القاسم الحرانى [7/ 268]، وفي ترجمة الجارود بن يزيد النيسابورى [7/ 262]، فتخصيص

محمد بن القاسم المؤدب بالذكر لا فائدة فيه لاسيما والخطيب أطال في طرق الحديث والكلام عليه في ترجمة الجارود الذي يقولون إنه انفرد به، فلو اقتصر على ذكر عزوه إلى ترجمته لكان له وجه وجيه، أما إلى ترجمة محمد ابن القاسم المؤدب فلا. أما الحديث فرواه الجارود بن يزيد، قال: لقيت بهز بن حكيم في الطواف فحدثنى عن أبيه عن جده قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره. رواه عن الجارود جماعة منهم مولى سعيد بن عبد الرحمن وأبو شجاع أحمد ابن محمد الصيدلانى، ومحمد بن سعيد الجلاب، ومحمد بن عبد الملك بن رنجويه، وسلمة بن شبيب وقطن بن إبراهيم النيسابورى وآخرون. ومن طريق هؤلاء رواه الحكيم في نوادر الأصول [2/ 64]، والبيهقى في السنن [10/ 210]، والخطيب في عدة مواضع، وابن عدى [(2/ 173، 174)، (3/ 289)]، والعقيلى [1/ 202]، وابن حبان في الضعفاء [1/ 220]، والحاكم في تاريخ نيسابور وغيرهم ممن ذكر المصنف، ثم طعنوا فيه. فقال العقيلى: ليس له أصل من بهز ولا من حديث غيره، ولا يتابع عليه يعنى الجارود من طريق يثبت. وقال الدارقطنى في العلل: هذا الحديث من وضع الجارود، وسرقه منه جماعة منهم: عمرو بن الأزهر وعمرو كذاب، ومنهم سليمان بن عيسى وكان كذابا دجالا، فرواه عن الثورى عن بهز، ومنهم العلاء بن بشر، رواه عن سفيان بن عيينة عن بهز، وابن عيينة لم يسمع من بهز، وغير لفظه فقال: "ليس لفاسق غيبة". وقال البيهقى في السنن: هذا حديث يعرف بالجارود بن يزيد، وأنكره عليه أهل العلم بالحديث.

سمعت أبا عبد اللَّه الحافظ يقول: سمعت أبا عبد اللَّه محمد بن يعقوب الحافظ غير مرة يقول: كان أبو بكر الجارود إذا مر بقبر جده في مقبرة الحسين بن معاذ يقول: يا أبت، لو لم تحدث بحديث بهز بن حكيم لزرتك. قال البيهقى: وقد سرقه منه جماعة من الضعفاء فرووه عن بهز بن حكيم، ولم يصح فيه شيء، وقال أيضا في شعب الإيمان: هذا يعد في أفراد الجارود، وقد روى عن غيره وليس بشيء، ثم روى عن الحاكم حديث العلاء ابن بشر عن سفيان بن عيينة الآتى بلفظ: "ليس لفاسق غيبة"، ثم قال: قال أبو عبد اللَّه الحاكم: هذا غير صحيح ولا معتمد. قال البيهقى: وهذا إن صح فإنما أراد به فاجرا معلنا بفجوره أو هو ممن يشهد في أمور الناس ويتعلق به بشيء من الديانات فيحتاج إلى بيان حاله لئلا يعتمد عليه اهـ. وقال ابن حبان: الجارود يروى عن الثقات ما لا أصل له، فذكر هذا الحديث وأسند عن أحمد بن حنبل أنه قال: هذا حديث منكر اهـ. وأطال ابن عدى في تضعيفه، وأخرجه أيضا عن سليمان بن عيسى بن نجيح السجزى عن سفيان الثورى عن بهز بن حكيم به، ثم قال: وسليمان هذا ممن يضع الحديث، وهذا عن الثورى باطل. وأخرجه أيضا من رواية عمرو بن الأزهر العتكى الواسطى عن بهز بن حكيم، ونقل تضعيف عمرو بن الأزهر عن البخارى والنسائى، قال: وكل من روى هذا الحديث فهو ضعيف اهـ. وقال الخطيب: روى أيضا عن سفيان الثورى والنضر بن شميل ويزيد بن حكيم عن بهز، ولا يثبت عن واحد منهم ذلك، والمحفوظ أن الجارود تفرد برواية هذا الحديث.

قلت: وهذا من الكلام الذي لا يعقل، إذ كيف يتفرد به مع رواية هؤلاء، ثم ما تمالأ عليه هؤلاء الحفاظ هو من التقليد المذموم الذي يتبع فيه الآخر الأول بدون روية ولا تأمل، فالجارود تابعه جماعة منهم من هو متهم يحتمل أن يكون سرقه، ومنهم من هو ضعيف لا يتحمل ذلك ولا يصل به الحال إلى سرقة الحديث، ومنهم من هو مستور وإنما ضعف بسبب روايته هذا الحديث كما فعلوا في غيره مما جعلوه علامة على ضعف كل من رواه، كالعلاء بن بشر، ومنهم من هو ثقة كمكى بن إبراهيم وعبد الوهاب بن همام عن معمر عن بهز، قال القضاعى في مسند الشهاب [2/ 202، رقم 1185]: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد اللَّه الكوفى أنا أحمد بن إبراهيم بن أبي حصين الهمدانى ثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا جُعْدُبة بن يحيى ثنا العلاء بن بشر عن سفيان بن عيينة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليس لفاسق غيبة". وقال ابن عدى [5/ 221]: ثنا العباس بن أحمد البرتى وغيره ثنا جعدبة بن يحيى به، ثم قال: والعلاء ابن بشر هذا لا يعرف وله تمام خمسة أحاديث لا يتابع عليها. وروى الخطيب [7/ 262] عن عمر بن مدرك قال: كنا في مجلس مكى بن إبراهيم فقام رجل فقال: يا أبي، أسكن هاهنا رجل يقال له الجارود روى عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: "أترعون عن ذكر الفاجر" الحديث؟ فقال: ما تنكرون من هذا إن الجارود رجل غنى كثير الصدقة مستغن عن الكذب، هذا معمر قد تفرد عن بهز بن حكيم بأحاديث. ثم روى الخطيب [7/ 263] عن أحمد بن سيار قال: روى الجارود بن يزيد

عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا: "أترعون عن ذكر الفاجر" الحديث، وأنكر عليه، وقد سمعت يوسف -وكان طلّابة- يذكر أنه رأى هذا الحديث في كتاب مكى بن إبراهيم، قال: وامتنع أن يحدث به، فقيل له في ذلك فقال: أما ترى ما لقى فيه الجارود. وقال الطبرانى في المعجم الصغير [1/ 357، رقم 598]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن أبي السرى العسقلانى حدثنى أبي حدثنى عبد الوهاب ابن همام أخو عبد الرزاق ثنا معمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: خطبهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "حتى متى ترعون عن ذكر الفاجر؟ هتكوه حتى يحذره الناس". ثم قال الطبرانى: لم يروه عن معمر إلا عبد الوهاب. قلت: وقد وثقه يحيى بن معين وابن حبان، ولذلك حكم الحافظ الهيثمى في الزوائد بأن هذا الطريق حسن، وقد ورد أيضًا من حديث عمر بن الخطاب، ذكر ابن طاهر المقدسى في الكلام على أحاديث الشهاب أنه رواه يوسف بن أبان عن الأبرد بن حاتم: أخبرنى منهال السراج عن عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه مرفوعا قال: وطريقه غير معروف. ومن حديث على بن أبي طالب عليه السلام بلفظ: "ليس للفاسق غيبة"، رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 240]: ثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا محمد بن يعقوب ثنا إبراهيم بن سلام المكى ثنا ابن أبي فديك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعا به. ومن حديث أنس بلفظ: "من ألقى جلباب الحياء" وسيأتى الكلام عليه إن شاء اللَّه في حرف "الميم".

وورد معناه أيضا من حديث أبي سعيد الخدرى، رواه البيهقى في الزهد من حديث عبد المؤمن بن خالد الحنفى قاضى مرو عن عبد اللَّه بن بريدة عن يحيى ابن يعمر عن أبي سعيد الخدرى قال: "قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فينا خطيبًا" فذكر حديثا، وفيه: "واشهدوا على المحسن بأنه محسن وعلى المسئ بأنه مسئ". وفي الصحيح من حديث أنس مرفوعا: "من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار، أنتم شهداء اللَّه في الأرض" (¬1). وقد قال هذا -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد أن مرت جنارة فأثنى عليها أصحابه خيرا، فقال: "وجبت، وجبت، وجبت"، ثم مرت جنارة أخرى فأثنى عليها [أصحابه] شرًا فقال: "وجبت، وجبت، وجبت" فسئل عن ذلك فذكره. فهذا شاهد صحيح لأصل الحديث الذي أنكروه واستبعدوا وروده من جهة ما فيه إباحة الغيبة والإذن بها في حق الفاجر المعلن بفجوره واللَّه أعلم. 75/ 110 - "اتْرُكُوا التُّرْكَ ما تَرَكُوكُمْ، فَإِن أوْلَ من يَسْلِبُ أُمتَّى ملْكَهُم ومَا خَوَّلَهُم اللَّهُ بَنَوُ قَنْطُورَاءَ". (طب) قال الشارح: وكذا في الأوسط والصغير عن ابن مسعود. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه مروان بن سالم متروك، وذكره في موضع آخر وقال: فيه عثمان بن يحيى الغرقسانى ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ. وقال السمهردى: المقال إنما هو في سند الكبير أما الأوسط والصغير فإسنادهما حسن ورجالهما موثقون اهـ. وبه يعرف أن اقتصار المؤلف على العزو للكبير غير جيد، وكيفما كان لم يصب ابن ¬

_ (¬1) انظر صحيح مسلم (2/ 655، رقم 949/ 60).

الجورى حيث حكم بوضعه، وقد جمع الضياء فيه جزءًا. قلت: وقع في هذا ما يتعقب به على النورين الهيثمى والسمهودى والشارح، وذلك في أمور، الأول: أن الحافظ الهيثمى ذكر الحديث في كتاب الجهاد، وقال: رواه الطبرانى في الأوسط وفيه مروان بن سالم وهو متروك، ثم أعاده في كتاب الفتن وقال: رواه الطبرانى في الكبير والأوسط، وفيه عثمان ابن يحيى الغرقسانى، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ. فهذا يفيد أن له عند الطبرانى طريقين، مع أن سنده عند الطبرانى مشتمل على الرجلين معا. قال الطبرانى [10/ 223، رقم 10389]: حدثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا عثمان بن يحيى الغرقسانى حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن مروان بن سالم عن الأعمش عن زيد بن وهب وشقيق بن سلمة عن عبد اللَّه بن مسعود به. الثانى: أن قول النور السمهودى: المقال إنما هو في سند الكبير أما الأوسط والصغير فإسنادهما حسن متعقب من وجهين، أحدهما: أن هذا الحديث لا وجود له في المعجم الصغير. ثانيهما: أن سنده في الكبير والأوسط واحد على ما يظهر من صنيع الحافظ الهيثمى والسخاوى وغيرهما، وعلى فرض تغايرهما ففى الكبير مروان بن سالم، وفي الأوسط عثمان بن يحيى وهو غير معروف. الثالث: قول الشارح: وبه يعرف أن اقتصار المؤلف على العزو للكبير غير جيد كلام مردود، فإن الإحاطة والاستقصاء في العزو غير لازم ولا مطلوب، بل هو خارج عن مقدرة العبد لا سيما في كل حديث بالنسبة لكل كتاب، وإنما

ذلك في الأصول الستة التي دائرتها محصورة وأحاديثها مرتبة مبوبة، ومجموعة محصية وإلا لما سلم حافظ من مثل هذا التعقب، فإنه لا يكاد يعزى حديثًا لكتاب أو عشرة إلا وقد يوجد في غيرها، فالتعقب بمثل هذا من اللغو الذي يجب أن يصون المرء عنه نفسه. الرابع: قوله: وقد جمع الضياء فيه جزءًا اختصار فاسد مفيد لعكس الحقيقة، ومخبر بخلاف الواقع، موقع في الغرر والغلط، فإنه يفيد أن حديث: "اتركوا الترك ما تركوكم" له طرق متعددة أفردها الحافظ ضياء الدين المقدسى بجزء مخصوص وليس كذلك، بل جزؤه مفرد لأحاديث خروج الترك وهى كثيرة هذا منها، والشارح أخذ ذلك من كلام الحافظ السخاوى، فإنه قال بعد الكلام على الحديث وذكر شواهده: وبعضها يشهد لبعض ولا يسوغ معها الحكم عليه بالوضع، وقد جمع الحافظ ضياء الدين المقدسى جزءًا في خروج الترك سمعناه اهـ. أما الحديث فإن ابن الجوزى أخرجه من طريق أحمد بن محمد الأزهر: ثنا يحيى بن معن بن منصور ثنا سلمة بن حفص السعدى ثنا عمار بن غيلان عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود مرفوعا: "اتركوا الترك ما تركوكم" وقال: موضوع. قال ابن حبان: سلمة يضع الحديث، قال: وقد جربت على أحمد بن محمد ابن الازهر الكذب اهـ. وتعقبه المصنف بأن أبا الشيخ رواه في كتاب الفتن عن إسحاق بن أيوب الواسطى: ثنا يحيى به، فزالت تهمة ابن الازهر وبان له طريقا آخر ليس فيه واحد منهما.

ثم ذكر الطريق السابقة من عند الطبرانى، ثم استشهد له بالحديث الذي خرجه أبو داود في سننه [4/ 109، رقم 4302] من حديث رجل من الصحابة مرفوعا: "دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم"، وسيأتى في حرف "الدال"، وبما رواه الطبرانى [19/ 375، رقم 882]: حدثنا يحيى بن أيوب العلاف ثنا أبو صالح الحرانى حدثنا ابن لهيعة عن كعب ابن علقمة التنوخى عن حسان بن كريب الحِمْيَرى قال: سمعت ذا الكلاع سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "اتركوا الترك ما تركوكم". قلت: وهذا الحديث خرجه الديلمى في مسند الفردوس [1/ 146، رقم 364] من طريق الطبرانى، لكن ذكر أوله بسند آخر وهو أن الطبرانى قال [19/ 376، رقم 883]: حدثنا أحمد بن عمر القطوانى ثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا بشر بن السرى ثنا ابن لهيعة به، وفيه قصة ومتنه: "تاركوا الترك ما تركوكم"، ولذلك أورده في حرف "التاء". وقد ذكره الحافظ الهيثمى في الزوائد بلفظ [5/ 304]: "اتركوا" وقال: رواه الطبرانى وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف اهـ. وعلى كل حال فحكم ابن الجوزى بوضعه خطأ، لكنه معذور إذ لم يقع له إلا من تلك الطريق المشتملة على الوضاعين. 76/ 111 - "اتْرُكُوا الحَبَشةَ ما تَرَكُوكُم، فإِنَّه لا يَسْتَخْرِجُ كَنْز الكَعْبةِ إِلا ذو السُّويْقَتِينِ مِنَ الحبَشَةِ". (د. ك) عن ابن عمرو قال الشارح: صححه الحاكم واعترض.

وقال في الكبير: رمز المصنف لصحته اغترارًا بتصحيح الحاكم وهو وهم، فقد أعله الحافظ عبد الحق بأن فيه زهير بن محمد شيخ أبي داود، كان سيء الحفظ، لا يحتج بحديثه. قلت: في هذا أمور، الأول: أن زهير بن محمد ليس شيخا لأبي داود كما زعم الشارح، بل روى أبو داود عنه بواسطتين فقال [4/ 111, رقم 4309]: حدثنا القاسم بن أحمد البغدادى ثنا أبو عامر -يعنى العقدى- عن زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد اللَّه بن عمرو به. الثانى: أن زهير بن محمد من رجال البخارى ومسلم وقد وثقه جماعة، وإنما تكلموا في رواية أهل الشام عنه خاصة، لأنه وقعت في روايتهم عنه المناكير، حتى قال أحمد: كان زهير الذي يروى عنه أهل الشام زهير آخر غير هذا، اتفقا في الاسم واسم الأب، قال البخارى: ما روى عنه أهل الشام فإنه مناكير، وما روى عنه أهل البصرة فإنه صحيح. وكذا قال الأثرم عن أحمد وراد أنه قال: أما رواية أصحابنا عنه فمستقيمة، عبد الرحمن بن مهدى وأبي عامر العقدى. قلت: وهذا الحديث من رواية هذين الرجلين عنه فهو من أصح حديثه، أما رواية أبي عامر فتقدمت عند أبي داود. وكذلك رواه الحاكم [4/ 453] من طريقه. وأما رواية عبد الرحمن بن مهدى فرواها عنه أحمد في مسنده [5/ 371]، إلا أنه أبهم صحابيه فقال: عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن رجل من

أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. الثالث: أن الحديث صححه الحاكم وأقره الذهبى، وصححه أيضا غيره. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد اتفقا جميعا على إخراج حديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة" (¬1). قلت: والشطر الأول ورد أيضا من طرق أخرى كما سبق ويأتى. الرابع: أن عبد الحق كثير الأغلاط والأوهام في أحكامه حتى تعقبه الحافظ ابن القطان بكتابه العجيب النفيس "بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام" فأجاد، بل جل كتب عبد الحق مشتملة على الأوهام، سواء في العزو أو في الكلام على الرجال وحكم الأحاديث، فإنه كان لا يحسن التصرف ولا يصيب عين الصواب في ذلك في كثير من أقواله فلا ينبغى الاعتماد على قوله والتعقب به على غيره. 77/ 112 - "اتْرُكُوا الدُّنيا لأَهِلهَا، فإِنَّه مَنْ أَخَذ مِنْهَا فَوقَ ما يكِفيهِ أخَذَ من حَتْفِهِ وهُوَ لا يَشْعُرُ". (فر) عن أنس قال الشارح: وفيه من لا يعرف. قلت: قال الديلمى [1/ 146، رقم 363]: أخبرنا والدى أخبرنا محمد بن الحسين الفورجورى ثنا أبو العباس بن حاخان الصرام أخبرنا موسى بن جعفر بن محمد البزاز ثنا عبد العزيز بن محمد الجارى ثنا عبد اللَّه بن عمرو بن أبي سعيد الوراق ثنا محمد بن عبد المجيد حدثنى أبو ¬

_ (¬1) البخارى (2/ 182، رقم 1591)، مسلم (4/ 2232، رقم 2909/ 57).

الفيض ختن الأوزاعى عن الأوزاعى عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس به بلفظ: "اتركوا الدنيا لأهلها"، ثلاثا والباقى سواء. 78/ 113 - "اتَّقِ اللَّهَ فيمَا تَعْلَمُ". (تخ. ت) عن زيد بن سلمة الجعفى قال الشارح في الكبير: وكذا رواه الطبرانى من حديث أنس بن أشوع عن زيد بن سلمة، قال الترمذى في العلل: سألت عنه البخارى فقال: سعيد بن أشوع لم يسمع من يزيد، فهو عندى مرسل، وقال المؤلف في الكبير: منقطع. قلت: فيه أمور، أحدها: أن صحابى الحديث اسمه يزيد بن سلمة بزيادة "الياء" في أوله، خلافا لما وقع في المتن والشرحين الكبير والصغير. ثانيها: أن الراوى عنه اسمه سعيد بن أشوع، كما وقع في كلام الشارح أخيرا لا أنس كما ذكره أولا. ثالثها: ما نقله عن الترمذى في العلل، قد ذكر نحوه في الجامع عقب رواية الحديث، فالعزو إليه أولى. قال الترمذى في العلم من سننه [5/ 49، رقم 2683]: ثنا هناد ثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن ابن أشوع عن يزيد بن سلمة الجعفى قال: قال يزيد بن سلمة: "يا رسول اللَّه إنى أسمع منك حديثا كثيرا أخاف أن يُنْسِى أوله آخره، فحدثنى بكلمة تكون جماعا قال: "اتق اللَّه فيما تعلم". قال الترمذى: هذا حديث ليس إسناده بمتصل هو عندى مرسل، ولم يدرك عندى ابن أشوع يزيد بن سلمة، وابن أشوع اسمه سعيد بن أشوع اهـ. ورواه البيهقى في الزهد [ص 333، رقم 894] من طريق حسن بن عطية عن

أبي الأحوص به مثله، ثم قال البيهقى: وكذلك قاله شهاب بن عباد عن أبي الأحوص، ثم أسنده من طريق يوسف بن يعقوب [ص 334، رقم 895]: ثنا أبو الوليد ثنا أبو الأحوص. ومن طريق إسماعيل بن الفضل [ص 334، رقم 895]: ثنا هناد بن السرى ثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن ابن أشوع عن يزيد بن سلمة به، قال وفي رواية أبي الوليد ثنا سعيد بن مسروق عن سعيد بن أشوع. 79/ 114 - "اتَّق اللَّهَ في عُسْرِك ويُسْرِك". أبو قرة الزبيدى في سننه عن طليب بن عرفة قال الشارح: له وفادة ولم يرو عنه إلا ابنه كليب وهما مجهولان، ذكره الذهبى كابن الأثير، وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه. قلت: قال ابن الأثير: طليب بن عرفة بن عبد اللَّه بن ناشب، قدم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فسمعه يقول: "اتق اللَّه في عسرك ويسرك"، لم يروه عنه غير ابنه كليب بن طليب، وكليب ابنه مجهول، حديثه عند أبي قرة موسى بن طارق عن المثنى بن الصباح عن كليب عن أبيه اهـ. وبه يعرف ما في نقل الشارح عن ابن الأثير من أنه قال: وهما مجهولان، فإن ابن الأثير لم يقل ذلك، ولا يقال مثله في الصحابى لأن جهالته لا تضر. وأصل عبارة ابن الاثير لابن عبد البر في الاستيعاب [2/ 323، رقم 1298] بنصها. ثم إن أبا قرة موسى بن طارق هذا يمنى زبيدى، روى عن موسى بن عقبة وابن جريج وعبيد اللَّه بن عمر وأخيه عبد اللَّه، ونافع بن أبي نعيم وجماعة، وعنه أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وصامت بن معاذ الجندى وطائفة،

كان قاضيا بزبيد، وصنف، وجمع، وألف، وأثنى عليه أحمد بن حنبل، وقال أبو حاتم: محله الصدق. وأثنى عليه ابن حبان، وروى له النسائى، وسننه المخرج منها هذا الحديث مرتبة على الأبواب في مجلد، ذكر الحافظ أنه وقف عليه، وأنه لا يقول في حديثه: حدثنا، إنما يقول: ذكر فلان، وقد سئل الدارقطنى عن ذلك فقال: كانت أصابت كتبه علة فتورع أن يصرح بالإخبار اهـ. قلت: ورأيت ابن أبي الدنيا يستعمل ذلك كثيرا في كثير من مصنفاته التي رأيت منها أصولا عتيقة، ثم رأيت الديلمى يسند تلك الأحاديث فيصرح فيها بالتحديث، ويصنع نحو ذلك على قلة أبو نعيم في تاريخ أصبهان، فيقول: حدث فلان ولا يقول: حدثنا، ويصنع فيها الديلمى مثل ما تقدم، فاللَّه أعلم. ثم إن أبا قرة لم يذكر أحد تاريخ وفاته، وإنما قال الحافظ في التقريب: إنه من الطبقة التاسعة، وهى في اصطلاح كتابه الطبقة الصغرى من أتباع التابعين كالشافعى وأبي داود الطيالسى وعبد الرزاق. 80/ 115 - "اتَّق اللَّهَ حَيثُما كُنتَ وأَتْبِعِ السَّيئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخَالِقِ النَّاسَ بخُلقٍ حسنٍ". (حم. ت. ك. هب) عن أبي ذر (حم. ت. هب) عن معاذ، ابن عساكر عن أنس قلت: الحديث رواه ميمون بن أبي شبيب واختلف عليه فيه، فرواه سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عنه عن أبي ذر، ورواه ليث والأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عنه عن معاذ بن جبل، وهكذا رواه وكيع عن سفيان الثورى أيضا. ورواه إسماعيل بن عمرو البجلى عن أبي مريم قال: حدثنى الحكم وحبيب

ابن أبي ثابت عنه عن معاذ أيضا. فأما رواية سفيان عن حبيب عن ميمون عن أبي ذر فرواها عنه عبد الرحمن بن مهدى وأبو نعيم الفضل بن دكين ويحيى بن سعيد وقبيصة ومحمد بن كثير. فرواية عبد الرحمن بن مهدى خرَّجها الترمذى [4/ 355، رقم 1987] والطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 317، رقم 13] وأبو نعيم في الحلية [4/ 378] والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 379، رقم 652]، وقال الترمذى: حديث حسن صحيح. ورواية أبي نعيم خرَّجها الدارمى [2/ 415، رقم 2791] والخرائطى في مكارم الأخلاق [1/ 9، رقم 3] والبيهقى في الزهد [ص 236، رقم 874] وابن عمشليق في جزئه وغيرهم. ورواية يحيى بن سعيد رواها عنه أحمد [5/ 177]، ورواية قبيصة ومحمد بن كثير خرَّجها الحاكم [1/ 54، رقم 178] وقال: صحيح على شرط الشيخين، ورواية الليث عن حبيب عن ميمون عن معاذ خرجها أحمد [5/ 236]. ورواية الأعمش خرَّجها الطبرانى في الصغير [1/ 192]، ورواية وكيع عن سفيان خرَّجها الترمذى [4/ 356 بعد رقم 1987] عن محمود بن غيلان عنه، ثم قال محمود: والصحيح حديث أبي ذر. ورواية إسماعيل بن عمرو البجلى خرجها أبو نعيم في الحلية [4/ 376]، وقد ذكرت أسانيد الجميع ومتونهم في المستخرج على مسند الشهاب. وقد انتقد جمع من الحفاظ حكم الترمذى والحاكم بصحة هذا الحديث، لأنه منقطع الإسناد، لأن ميمون بن أبي شبيب لم يصح سماعه من أحد من

الصحابة، وبأنه لم يخرج له البخارى في صحيحه، وإنما روى له مسلم في مقدمة الصحيح وبأنه اضطرب فيه فقال عن أبي ذر مرة وعن معاذ أخرى، وأرسله مرة فلم يذكر صحابيه، وصحح الدارقطنى هذا المرسل، وكل هذا لا يخدش في وجه الحديث. أما كون البخارى لم يحتج به فهذا يخص الحاكم وحده في شرطه لا مدخل له في صحة الحديث. وأما الاضطراب فمدفوع بسماعه الحديث من الرجلين، فحدث به عن كل واحد منهما كما يقع لكثير في كثير من الأحاديث، وكذلك الإرسال فإن الثقة قد يرسل ما هو موصول عنده لغرض من الأغراض، وإنما يبقى النظر في مسألة الانقطاع وعدم السماع من الصحابة، وهى دعوى مجردة ممن قالها، فالرجل ثقة غير موصوف بتدليس، وقد حدث عن جماعة من الصحابة وأدرك زمانهم، بل مات قبل كثير من صغار الصحابة ومن عَمَّرَ منهم كأنس رضى اللَّه عنه، فإن ميمونًا مات سنة ثلاث وثمانين، وتأخرت وفاة جماعة من الصحابة بعد هذا إلى قبيل المائة، فلقاؤه لمن روى عنهم ممكن من جهة التاريخ والمعاصرة، فلا يمكن دفعه إلا بحجة ظاهرة تقاوم هذا الأصل المنبنى عليه صحة أغلب الأحاديث. ثم لا يخفى ما على هذا الحديث من نور النبوة وطلاوة الأحاديث الصحيحة. أما حديث أنس فقال ابن الأبار في معجم أصحاب الصدفى: أخبرنى أبو محمد عبد الحق بن محمد بن على الزهرى إذنا عن الحافظ السلفى عن أبي على الصدفى قال: قرأت على أبي العباس أحمد بن إبراهيم الرازى أنا أبو الحسن على بن إبراهيم الحرفى ثنا أبو محمد الحسن بن رشيق ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن حفص بن عمر البصرى ثنا عبيد اللَّه بن محمد بن عائشة

ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: "بعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- معاذ بن جبل إلى اليمن فقال يا معاذ: اتق اللَّه وخالق الناس بخلق حسن وإذا عملت سيئة فأتبعها حسنة قال: قلت: يا رسول اللَّه، لا إله إلا اللَّه من الحسنات؟ قال: هى من كبر الحسنات"، وهذا من البلاغات الأربعة التي ذكرها مالك في الموطإ [ص 563، رقم 1] واشتهر أنها لم توجد موصولة. 81/ 116 - "اتّق اللَّه ولا تَحْقِرَنَّ من المعروفِ (¬1)، ولو أنْ تُفرغَ من دَلْوِك في إناءِ المُسْتَسْقِى، وأنْ تَلقى أخَاك وَوَجْهُك إليهِ منْبسِطٌ، وإيَّاك وإسبالَ الإزارِ فإنَّ إسبالَ الإزارِ من المخيلة ولا يُحِبُّها اللَّه، وإن امْرؤٌ شَتَمَك وعيَّرك بأمرِ ليس هُوَ فِيكَ فلا تعيِّرهُ بأمرٍ هُوَ فيه، ودعْهُ يكُونُ وبالُهُ عَليهِ وأجْرُهُ لكَ، ولا تَسُبَّنَّ أحدًا". رواه الطيالسى عن جابر بن سليم الهجيمى قال الشارح في الكبير: وقضية صنيع المؤلف تدل على أن الحديث لم يخرجه أحد أشهر من الطيالسى وأنه تفرد به والأمر بخلافه، فقد خرجه بمخالفة في الترتيب عن جابر المذكور أئمة أجلاء مشاهير منهم أحمد وأبو داود والنسائى والبغوى والباوردى وابن حبان والطبرانى وأبو نعيم والبيهقى والضياء في المختارة وغيرهم بلفظ: "اتق اللَّه ولا تحقرن من المعروف شيئا. . . " الحديث. قال النووى في رياضه: رواه أبو داود والترمذى بالإسناد الصحيح ورمز المصنف لصحته. قلت: فيه أمور أحدها: أن لفظ الحديث عند من استدركهم الشارح من المخرجين ليس مصدرًا بحرف "اتق اللَّه" بل بحروف أخرى كما اعترف ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، وفي المطبوع من الفيض: ". . . من المعروف شيئًا".

الشارح بذلك بقوله: بمخالفة في الترتيب. والمصنف يعزو الحديث غالبًا لمن هو عنده مصدَّر بالحرف المذكور، كما نبهنا على هذا مرارًا، نعم هو عند أحمد [5/ 63] مصدَّر بحرف "اتق اللَّه" فيستدرك به عليه. ثانيها: أن النسائى لم يخرجه في المجتبى أصلًا. ثالثها: أن الترمذى وإن روى أصل الحديث إلا أنه لم يذكر من اللفظ المذكور هنا حرفًا واحدا فإنه قال [5/ 72، رقم 2722]: حدثنا الحسن بن على ثنا أبو أسامة عن أبي غفار المثنى بن سعيد الطائى عن أبي تميمة الهجيمى عن جابر بن سليم قال: "أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: عليك السلام قال: لا تقل عليك السلام ولكن قل السلام عليك"، وذكر قصة طويلة، هذا حديث حسن صحيح. فهذا وان كان من جملة الحديث المذكور هنا لأن في أوله قصة هذا منها -أعنى المذكور في الجامع الصغير- إلا أن الترمذى لم يسقه فلا يصح أن يعزى إليه. والحديث رواه أيضا ابن أبي الدنيا في مكارم الاخلاق، والخرائطى فيها [(1/ 120، رقم 93)، (1/ 150، رقم 123)] أيضا، والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 85، رقم 935] مختصرا وقد ذكرت متونه وأسانيده في المستخرج عليه. 82/ 117 - "اتَّقِ اللَّه يا أبَا الوليدِ، لا تأتِ يومَ القيامةِ ببعيرٍ تحملُه له رُغَاءٌ أو بقرةٍ لها خوار أو شاةٍ لهَا ثُؤَاجٌ". (طب) عن عبادة بن الصامت قال الشارح في الكبير: وكذا رواه ابن عساكر ورمز المصنف لحسنه وهو تقصير إذ هو أعلى، فقد قال الحافظ الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، ورواه الشافعى

والبيهقى عن طاوس مرسلا. قلت: لا يلزم من كون السند رجاله رجال الصحيح أن يكون الحديث صحيحا بل قد يكون ضعيفا كما تقدَّم قريبًا، ثم إن البيهقى خرجه [4/ 158] عن طاوس موصولا لا مرسلا فقال: أخبرنا أبو الحسن بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد ثنا الحسن بن العباس الرازى ثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عن عبادة: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعثه إلى الصدقة فقال: يا أبا الوليد اتق [اللَّه] لا تأت يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة لها ثؤاجٌ فقال: يا رسول اللَّه إن ذلك لكائن؟ قال: إى والذي نفسى بيده إن ذلك لكذلك إلا من رحم اللَّه، قال: فوالذي بعثك بالحق لا أعمل على شيءٍ أبدا أو قال: على اثنين". 83/ 118 - "اتَّق المحَارِمَ تكن أعْبدَ النَّاسِ، وارضَ بما قَسَم اللَّه لك تَكُن أغنى النَّاسِ، وأحْسِنْ إلى جَارك تَكنْ مُؤمِنًا، واحببْ للنَّاسِ ما تُحِبُّ لنفْسك تكن مُسْلمًا، ولا تُكْثِرِ الضَّحِكَ فإنَّ كثرةَ الضحكِ تميتُ القلَبَ". (حم. ت. هب) عن أبي هريرة قلت: قال أحمد [2/ 310]: حدثنا عبد الرراق ثنا جعفر بن سليمان عن أبي طارق عن الحسن عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من يأخذ من أمتى خمس خصال فيعمل بهن أو يعلمهن من يعمل بهن قال: قلت: أنا يا رسول اللَّه، قال: فأخذ بيدى فعدهن فيها ثم قال: اتق المحارم" وذكره. وقال الترمذى [4/ 551، رقم 2305]: حدثنا بشر بن هلال الصواف ثنا جعفر بن سليمان به، ثم قال: غريب لا

نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان، والحسن لم يسمع من أبي هريرة شيئا هكذا روى عن أيوب ويونس بن عبيد وعلى بن زيد قالوا: لم يسمع الحسن من أبي هريرة، وروى أبو عبيدة القاضى عن الحسن هذا الحديث من قوله: ولم يذكر فيه عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه الخرائطى في مكارم الأخلاق [1/ 242، رقم 227] من طريق سيار بن حاتم ثنا جعفر بن سليمان به. ورواه أبو نعيم في الحلية من طريق إسحاق بن إبراهيم عن جعفر بن سليمان به ثم قال: غريب من حديث الحسن تفرد به جعفر عن أبي طارق. قلت: ولم يعرف لأبي طارق راو غيره ولا عرف إلا في هذا الحديث فيما يظهر. لكن الحديث ورد من طريق آخر عن أبي هريرة من رواية مكحول عن واثلة عنه، وسأذكره إن شاء اللَّه في حرف الكاف في حديث "كن ورعا تكن أعبد الناس"، وكذلك حديث على وأبي ذر في الباب. 85/ 119 - "اتَّقِ دعوةَ المظلومِ فإنَّما يسألُ اللَّه تعالى حقَّه وإنَّ اللَّه تَعَالى لَنْ يمنعَ ذا حقٍّ حقَّهُ". (خط) عن على قال الشارح في الكبير: ورواه عنه أيضا أبو نعيم من طريقه وعنه أورده الخطيب، فعزو المصنف للفرع وإهماله الأصل غير صواب، ثم قضية صنيعه أن مخرجه الخطيب خرجه وأقره والأمر بخلافه، فإنه أورده في ترجمة صالح ابن حسان وذكر أن ابن معين قال: إنه ليس بشيء، وأن البخارى ذكر أنه منكر الحديث، والنسائى قال: متروك، وأبو حاتم: ضعيف، فإهماله لذلك واقتصاره على عزوه لمخرجه من سوء التصرف، ثم إن فيه منصور بن أبي الأسود أورده الذهبى في الضعفاء والمتروكين وقال: صدوق من أعيان

الشيعة اهـ. وبه عرف اتجاه رمز المؤلف لضعفه. قلت: هذا من غث الكلام ورديئه بل هو ضرب من الهذيان، فالمصنف وضع كتابه لسرد متون الأحاديث على سبيل الاختصار والاقتصار على المرفوع دون سبب الورود، ولذلك رمز إلى المخرجين ولم يذكر أسماءهم كاملة رغبة في الاختصار، فكيف ينتقد عليه بأنه لم يذكر جملة من الجرح والتعديل نحو سطرين أو ثلاثة في حق رجل من رجال الحديث؟ ثم إن هذا لم يقع له في حديث واحد من الكتاب من أوله إلى آخره، ولو حصل ذلك منه في بعضها لأمكن أن يتعقب عليه في غيرها فإلزامه بما التزم عدم ذكره في كتابه من العبث الذي يجل عنه منصب العقلاء فضلا عن الفضلاء. ثم إن هذا ساقط من أصله من وجهين: أحدهما: أن الخطيب لم يذكر ذلك لأجل تضعيف الحديث حتى يجب على المصنف نقله، وإنما ذكره لأجل معرفة حال الرجل المترجم، والحديث إنما ذكره تبعا للترجمة وتتمة لها كما نبهنا عليه غير مرة. ثانيهما: أن المصنف قد أتى بمضمن ذلك ومحصله، فرمز للحديث بعلامة الضعف كما ذكر ذلك الشارح أخيرا، فلم يبق لذكر كلامه الأول وجه أصلا سوى تسويد الورق، وكذلك التعرض لذكر منصور بن أبي الأسود بعد اعتراف الذهبى بأنه صدوق، فإنه لا معنى له في الكلام على تضعيف الحديث، وإيراد الذهبى إياه في الضعفاء لمعنى آخر لا يمس بالحديث وإنما يمس بالنحلة والأهواء، ثم إلزام المصنف بالعزو إلى أبي نعيم دون الخطيب ونسبته إلى سوء التصرف من سوء التصرف، فإنه إلزام بما لا يلزم ولا هو من أصول الفن ولا شروط العزو ولا سبق الشارح إلى مثله، وكأنه أخذ ذلك بالقياس على الأصول الستة والقياس كله باطل وهذا أبطله لأنه تكليف بما لا يطاق لو كان

الحديث عند أبي نعيم على شرط الكتاب، فكيف وهو على غير شرطه!، فإن أوله عند أبي نعيم: "يا على اتق دعوة المظلوم"، وهذا على ترتيب الكتاب وشرطه يذكر في حرف الياء لا في حرف الهمزة فانتقاد الشارح إن أفاد شيئا فإنما يفيد أن في نفسه شيئا على المصنف فلذلك التزم انتقاده بحق أو باطل، فكان أكثر انتقاده وبالا عليه واظهارا لقصوره لا لقصور المصنف، هذا مع أن الشارح رحمه اللَّه تعالى لولا كتب المصنف لما ذهب في هذا الفن ولا جاء، فمن كتبه يتعقبه ومن علمه يتجيش عليه، فالكل منه وإليه غايته الانتهاء بعدها إلى مجمع الزوائد وكتب الحافظ العراقى وأين هى من الاحتواء على جميع أحاديث الكتاب لولا الجامع الكبير للمصنف الذي يرشد الشارح إلى المتون ويدله على مواضعها من الكتب والحديث رواه أبو نعيم في ترجمة جعفر الصادق عليه السلام من الحلية [3/ 202] قال: حدثنا فاروق الخطابى ثنا عباس بن الفضل الإسفاطى (ح). وحدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربى (ح). وحدثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا إسماعيل بن عبد اللَّه قالوا: أخبرنا سعيد بن سليمان ثنا منصور بن أبي سليمان الأسود ثنا صالح بن حسان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على عليهم السلام قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا عليُّ اتق دعوة المظلوم. . . " (¬1) الحديث. وقال: تفرد به منصور عن صالح عن جعفر. واقتصر الخطيب على الطريق الثالث لأبي نعيم فقال [9/ 301، 302]: أخبرنا أبو نعيم الحافظ ثنا عبد اللَّه بن جعفر بن أحمد بن فارس ثنا إسماعيل ابن عبد اللَّه بن مسعود العبدى ثنا سعيد بن سليمان به. ¬

_ (¬1) وهو في المطبوع بلفظ: "اتق يا على. . . ".

86/ 123 - "اتَّقوا اللَّه وأَصلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُم فإنَّ اللَّه تَعالى يُصْلِحُ بَيْنَ المُؤْمِنينَ يومَ القِيامَةِ". (ع. ك) عن أنس قلت: هذا قطعة من حديث طويل اقتصر المصنف على آخره، قال الحاكم [4/ 576، رقم 7818]: ثنا أبو منصور محمد بن القاسم العتكى ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد بن أنس القرضى ثنا عبد اللَّه بن بكر السهمى أنبأنا عباد بن شيبة الحبطى عن سعيد ابن أنس عن أنس قال: "بينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال له عمر: ما أضحكك يا رسول اللَّه بأبى أنت وأمى؟!، قال: رجلان من أمتى جثيا بين يدى رب العزة فقال أحدهما: يارب خذ لى مظلمتى من أخى فقال اللَّه تبارك وتعالى للطالب: فكيف تصنع ولم يبق من حسناته شيء؟ قال: يا رب فليحمل من أوزارى، قال: وفاضت عينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبكاء، ثم قال: إن ذلك اليوم عظيم يحتاج الناس أن يحمل عنهم من أوزارهم، فقال اللَّه تعالى للطالب: ارفع بصرك فانظر في الجنان، فرفع رأسه، فقال: يارب أرى مدائن من ذهب وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأى نبي هذا؟ أو لأى صديق هذا؟ أو لأى شهيد؟، قال: هذا لمن أعطى الثمن، قال: يا رب ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه، قال: بماذا؟ قال: بعفوك عن أخيك قال: ياربِّ فإنى قد عفوت عنه، قال اللَّه عز وجل: فخذ بيد أخيك فأدخله الجنة، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند ذلك: اتقوا اللَّه وأصلحوا ذات بينكم. . . "، الحديث. ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب حسن الظن قال [ص 66، رقم 116]: حدثنا أبو موسى هارون بن سفيان ذكر عبد اللَّه بن بكر السهمى به مثله.

وقال: "حتى بدت نواجذه" بدل: "ثناياه"، وقال: "أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب" والباقى سواء. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، فتعقبه الذهبى باأن عبادا ضعيف وشيخه لا يعرف اهـ. وذكر في الميزان [2/ 366، رقم 4120] عن البخارى أنه قال: لا يتابع عليه. 87/ 124 - "اتَّقُوا اللَّه فِيما مَلكتْ أيمَانُكُمْ". (خد) عن على قلت: قال البخارى في الأدب المفرد [ص 156، 158]: ثنا محمد بن سلام قال: أخبرنا محمد بن فضل عن مغيرة عن أم موسى عن على صلوات اللَّه عليه قال: "كان آخر كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاة الصلاة اتقوا اللَّه فيما ملكت أيمانكم". ورواه أيضا [ص 68، رقم 156] بمعناه فقال: حدثنا حفص بن عمر ثنا عمر بن الفضل ثنا نعيم بن يزيد ثنا على بن أبي طالب صلوات اللَّه عليه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما ثقل قال: "يا على ائتنى بطبق أكتب فيه ما لا تضل أمتى فخشيت أن يسبقنى فقلت: إنى لأحفظ من ذراعى الصحيفة وكان رأسه بين ذراعه وعضدى يوصى بالصلاة والزكاة وما ملكت أيمانكم وقال كذلك حتى فاضت نفسه، وأمره بشهادة أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا عبده ورسوله من شهد بهما حرم على النار". 88/ 125 - "اتَّقُوا اللَّه في الصَّلاةِ وَمَا مَلكَتْ أيمَانكُمْ". (خط) عن أم سلمة قال الشارح في الكبير: رمز المصنف لضعفه.

قلت: رواه الخطيب من طريق عبد اللَّه بن المبارك البغدادى: ثنا همام بن يحيى عن قتادة عن أبي الخليل صالح عن أم سلمة به، وهؤلاء من رجال الصحيح، وإن كان همام بن يحيى فيه مقال، لكنه منقطع فإن أبا الخليل لم يدرك أم سلمة، بل ولا رواه عنها وإنما حصل السقط في سند الخطيب. فقد رواه ابن سعد في الطبقات [2/ 2/ 44] عن يزيد بن هارون وعفان بن مسلم قالا: حدثنا همام بن يحيى عن قتادة عن أبي الخليل عن سفينة عن أم سلمة: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في الموت جعل يقول: الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم". قال يزيد: فجعل يقولها، وما يفيض بها لسانه، وقال عفان: فجعل يتكلم بها وما يفيض لسانه. ورواه البغوى في التفسير من طريق أبي عبيد القاسم بن سلام أبا يزيد به مثله، ومع هذا فهو منقطع أيضا لأن أبا الخليل لم يدرك سفينة. ورواه الطحاوى في مشكل الآثار [8/ 226، رقم 3203] من وجه آخر عن قتادة، فأسقط ذكر أبي الخليل قال الطحاوى: ثنا الربيع بن سليمان المرادى ثنا أسد بن موسى ثنا أبو عوانة عن قتادة عن سفينة مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت: "كانت عامة وصية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل يغرغر بها في صدره وما يفيض بها لسانه"، وقد حدث به قتادة عن أنس كما سيأتى بعد حديث في المتن.

89/ 127 - "اتَّقُوا اللَّه فِى الصَّلَاة، اتَّقُوا اللَّه في الصَّلاةِ، اتَّقُوا اللَّه في الصَّلاةِ اتَّقوا اللَّه فيما مَلكَتْ أَيمَانُكُمْ، اتَّقُوا اللَّه فِيمَا ملكَتْ أيمانُكُم، اتَّقُوا اللَّه فِي الضَّعِيفَينِ: المرْأةُ الأرْملَةُ والصبِيُّ اليتِيمُ". (هب) عن أنس قال الشارح: رمز المصنف لحسنه لكن فيه بشر بن منصور الحناط، أورده الذهبى في المتروكين وقال: هو مجهول قبل المائتين. قلت: بشر بن منصور الحناط بالمهملة والنون خرج له ابن ماجه، وروى عنه أبو سعيد الأشج قال: وكان ثقة، وروى عنه أيضا عبد الرحمن بن مهدى وهو لا يروى إلا عن ثقة، ولهذا قال الحافظ في التقريب [ص 124، رقم 705]: إنه صدوق، وقد قيل: إنه بشر بن منصور السليمى وهو أيضا صدوق زاهد عابد، فالحديث حسن كما قال المصنف لا سيما وقد ورد عن أنس من طريق آخر على شرط الصحيح مختصرا رواه ابن سعد [2/ 2/ 44]، والطحاوى في مشكل الآثار [8/ 226، رقم 3202] والدينورى في المجالسة وغيرهم من حديث سليمان التيمى عن قتادة عن أنس قال: "كانت عامة وصية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين حضره الموت، الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يغرغر بها في صدره وما كاد يفيض بها لسانه"، إلا أنه وقع عند الدينورى خاصة منقطعا، لأنه قال عن سليمان التيمى عن أنس، وكذا وقع في بعض الروايات عند الطحاوى (¬1). 90/ 129 - "اتَّقُوا اللَّه وصِلُوا أرحَامَكُمْ". ابن عساكر عن ابن مسعود قال الشارح: بسند ضعيف ورواه الطبرانى باللفظ (المزبور) عن جابر وزاد ¬

_ (¬1) انظر مشكل الآثار (8/ 244، 225، رقم 3199، 3200، 3201، 3202).

"فإنه ليس من ثواب أسرع من صلة الرحم". ورواه ابن جرير وعبد بن حميد عن قتادة وزاد: "فإنه أبقى لكم في الدنيا وخير لكم في الآخرة"، وبذلك يصير حسنا. قلت: حديث جابر ساقط شبه موضوع، رواه الطبرانى في الأوسط قال: حدثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا أحمد بن محمد بن طريف البجلى ثنا أبي عن محمد بن كثير الكوفى حدثنى جابر الجعفى عن أبي جعفر محمد بن على بن حسين عن جابر بن عبد اللَّه قال: "خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحن مجتمعون فقال: يا معشر المسلمين اتقوا اللَّه وصلوا أرحامكم، فإنه ليس من ثواب أسرع من صلة الرحم، وإياكم وعقوق الوالدين، فإن ريح الجنة يوجد من مسيرة ألف عام، واللَّهِ لا يجده عاق ولا قاطع رحم، وإياكم والبغى، فإنه ليس من عقوبة أسرع من عقوبة بغى ولا قاطع رحم، ولا شيخ زان، ولا جار إزاره خيلاء إنما الكبرياء للَّه رب العالمين، والكذب كلمة إثم إلا ما نفعت به مؤمنا ودفعت به عن ذنب، وإن في الجنة لسوقا ما يباع فيها ولا يشترى ليس فيها إلا الصور فمن أحب صورة من رجل أو امرأة دخل فيها". فهذا كما ترى فيه محمد بن كثير الكوفى وهو كذاب متهم، وكذلك جابر الجعفى فهو لا يصلح أن يكون شاهدا فضلا عن رافع للضعيف إلى درجة الحسن، ثم إن حديث ابن مسعود أصله في مسند أحمد [1/ 401] بسياق آخر، لفظه: "إنكم مفتوح عليكم ومنصورون ومصيبون فمن أدرك ذلك منكم فليتق اللَّه وليأمر بالمعروف ولينه عن المنكر وليصل رحمه" الحديث. ورواه جماعة ذكرت أسانيدهم في رفض اللى بتواتر حديث "من كذب على".

91/ 132 - "اتَّقُوا الحَجَرَ الحَرَامَ في الُبنْيَانِ فإنَّه أسَاسُ الخَرابِ". (هب) عن ابن عمر قال الشارح: قال ابن الجوزى: حديث لا يصح. قلت: الحديث رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان في موضعين [2/ 155، 331]، والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 388، رقم 664]، والخطيب في التاريخ [5/ 106]، والديلمى في مسند الفردوس [1/ 129، رقم 299] من طريق أبي نعيم كلهم من رواية أحمد بن يونس الضبى: ثنا معاوية بن يحيى عن الأوزاعى عن حسان بن عطية عن ابن عمر به، وقد ذكرت أسانيدهم في المستخرج على مسند الشهاب. وابن الجوزى أعله بأن معاوية ضعيف وحسان لم يسمع من ابن عمر. قال الشارح في الكبير: لكن له طرق وشواهد اهـ. وليس كما قال، فليس له إلا هذا الطريق الواحد ولا شاهد له أيضًا في خصوص هذا المعنى. 92/ 133 - "اتَّقوا الحديثَ عنى إِلَّا ما عَلمْتُمْ فَمَنْ كَذَبَ عَلىَّ مُتَعَمِّدا فَلْيتَبَّوأْ مَقْعدَه مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قاَلَ فِى القرآنِ بِرَأيِه فَليتبوأْ مَقْعدَه مِنَ النَّارِ". (حم. ت) عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: رمز المصنف لحسنه اغترارا بالترمذى، قال ابن القطان: وينبغى أن يضعف إذ فيه سفيان بن وكيع، قال أبو زرعة: متهم بالكذب لكن أبن أبي شيبة رواه بسند صحيح قال أعنى ابن القطان: فالحديث صحيح من هذا الطريق لا من الطريق الأول اهـ. وبه يعرف أن المصنف لم يصب في ضربه صفحا عن عزوه لابن أبي شيبة مع صحته عنده، وممن جرى

على سنن ابن القطان في تضعيف رواية الترمذى الصدر المناوى فقال: فيه شيخ الترمذى سفيان بن وكيع ضعيف، وأقول: فيه عند أحمد عبد الأعلى الثعلبى أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ضعفه أحمد وأبو زرعة. قلت: فيه أمور، أحدها: أن ابن القطان ضعف رواية الترمذى تعقبًا عليه لأنه حسن الحديث مع أنه رواه عن سفيان بن وكيع وهو ضعيف فتعقبه في محله، وإن كان ابن القطان قد بين أن المتن صحيح من جهه أخرى. أما الشارح فتعقبه فاسد، لأن المصنف عزا الحديث لأحمد والترمذى ورمز لحسنه باعتبار المتن المروى بسند المعزو إليهما بعا، وأحمد ليس عنده سفيان بن وكيع بل قال: حدثنا أبو الوليد ثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. ثانيها: أن قوله: وأقول فيه عند أحمد عبد الأعلى. . . إلخ استدراك باطل أيضا فإن عبد الأعلى موجود في سند الترمذى أيضا، فإن الترمذى قال [5/ 199، رقم 2951]: حدثنا سفيان بن وكيع ثنا سويد بن عمرو الكلبى ثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى به. بل الظاهر أن عبد الأعلى هذا انفرد به عن سعيد بن جبير، ولم يروه عنه غيره، فقد رواه الترمذى [5/ 199، رقم 2950] مختصرا عن محمود بن غيلان ثنا بشر بن السرى ثنا سفيان عن عبد الأعلى به مقتصرا على آخره وهو قوله: "من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار" ثم قال (ت): حسن صحيح. ورواه الدارمى [1/ 88، رقم 232] عن محمد بن عيسى: ثنا أبو عوانة عن

عبد الأعلى به مقتصرا على قوله: "من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار". وكذلك رواه الطحاوى في مشكل الآثار [1/ 358، رقم 392] من طريق عفان عن أبي عوانة. ورواه أحمد [1/ 233] عن عفان عن أبي عوانة مقتصرا على ذكر القرآن فقط. ورواه الطحاوى [1/ 358، رقم 393] عن محمد بن زكريا: ثنا يحيى أبو شريح ثنا الفريابى ثنا سفيان عن عبد الأعلى به مقتصرا على: "من كذب على متعمدا. . . " الحديث. وكذلك رواه الواحدى في أسباب النزول من طريق ليث بن حماد: ثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى به. فابن أبي شيبة الذي صحح ابن القطان حديثه [8/ 575، رقم 6304] ما رواه إلا من طريقه كما يظهر، وإذا كان كذلك فحكمه بصحته متعقب، لأن غايته الحسن، وقد صحح الطبرى والحاكم والترمذى في النسخة التي نقلنا عنها حديثه لكنه لا يرتقى إلى لرجة ذلك، وإنما غايته الحسن كما فعل المصنف. ثالثها: أن الشارح أقر ابن القطان على صحة المتن فلا معنى للتعقب بضعف سند الترمذى. 93/ 134 - حديث "اتَّقُوا الدُّنيا واتَّقُوا النِّساءَ فإنَّ إبليسَ طلَّاعٌ رصَّاد، وَمَا هُوَ بِشيْءٍ من فُخُوخِهِ بأوثق لصَيْدِهِ في الأتقِياء مِنَ النِّساءِ". (فر) عن معاذ

قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: قال الديلمى [1/ 130، رقم 301]: أخبرنا عبدوس أخبرنا على بن إبراهيم عن محمد بن يحيى عن أحمد بن سعيد عن هشام بن عمار عن محمد بن شعيب عن سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل به. سعيد بن سنان متروك منكر الحديث. 94/ 135 - "اتَّقُوا الظُّلمَ فإِنَّ الظُّلمَ ظُلُمَاتٌ يَومَ القِيامةِ". (حم. طب. هب) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: في سند (حم وطب): عطاء بن السائب وقد اختلط، وبقية رجاله رجال الصحيح. قال الشارح: وأورده البيهقى من طريقين في أحدهما مالك بن يحيى اليشكرى ساقه الذهبى في الضعفاء وقال: جرحه ابن حبان، وفي الأخرى عمرو بن مرزوق، أورده الذهبى في ذيل الضعفاء وقال: غير ثقة، وقال الدارقطنى: كثير الوهم، وبما تقرر يعرف ما في رمز المؤلف لصحته من المجازفة. قلت: الحديث له عن ابن عمر طرق تعددة منها: طريق عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن ابن عمر رواها أحمد [2/ 92] والطبرانى وأبو محمد البخارى في مسند أبي حنيفة، وعطاء بن السائب ثقة عابد زاهد روى له البخارى مقرونا. وهذا الحديث قد رواه غيره فهو على شرط البخارى. ومنها طريق عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الظلم ظلمات يوم القيامة" قال البخارى في صحيحه [2/ 169، رقم 2247]: باب الظلم ظلمات يوم القيامة:

ثنا أحمد بن يونس ثنا عبد العزيز به. وقال مسلم في صحيحه [4/ 1996، رقم 2579/ 57]: حدثنى محمد بن حاتم ثنا شبابة ثنا عبد العزيز الماجشون به. ورواه من هذا الوجه أيضا أبو داود الطيالسى [ص 257، رقم 1890] وأحمد [2/ 137] والترمذى [4/ 377, رقم 2030] والقضاعى [1/ 98، رقم 110] وآخرون. ومنها طريق: محمد بن جعفر عن زيد بن أسلم عن ابن عمر مرفوعا "إياكم والخيانة فإنها بئست البطانة، وإياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وإياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم قطعوا به أرحامهم وسفكوا دماءهم". ورواه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جماعة غير عبد اللَّه بن عمر منهم جابر بن عبد اللَّه وأبو هريرة وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص والمسور بن مخرمة ومعاذ بن جبل والهرماس بن زياد (¬1). فحديث جابر ذكره المصنف بعد هذا. وحديث أبي هريرة رواه البخارى في الأدب المفرد [ص 170، 487] والحاكم في المستدرك [1/ 12، رقم 28] بلفظ: "إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وإياكم والفحش فإن اللَّه لا يحب الفاحش المتفحش" الحديث. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وحديث عبد اللَّه بن عمرو رواه الطيالسى [ص 300، رقم 2272] وأحمد [2/ 159] والدارمى [2/ 313] والحارث بن أبي أسامة وأبو الشيخ في التوبيخ ¬

_ (¬1) في الأصل: "زيد" والصواب ما أثبتناه، وانظر: أسد الغابة (ت 5362)، والإصابة (ت 8966)، والإستيعاب (ت 2736)، واللَّه أعلم.

والحاكم في المستدرك [1/ 11، رقم 26] والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 399، رقم 685] وغيرهم من طرق بألفاظ منها عند الحارث: "اتقوا اللَّه وإياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة". وحديث المسور رواه أبو القاسم البغوى والطبرانى في الأوسط والكبير [20/ 25، رقم 29] من طريق يحيى بن عبد الحميد الحمانى: حدثنى سليمان بن بلال عن قيس بن عبد الملك بن قيس بن مخرمة عن المسور ابن مخرمة مرفوعا: "إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة". وحديث معاذ رواه الطبرانى في الأوسط مثل الذي قبله وزاد "وإياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم، الشح أمرهم بالقطيعة فقطعوا أرحامهم وأمرهم بسفك الدماء فسفكوا دماءهم"، وفي سنده من لا يعرف. وحديث الهرماس رواه الطبرانى في الأوسط والكبير [22/ 204، رقم 538] ولفظه "إياكم والخيانة فإنها بئست البطانة وإياكم والظلم فإنه ظلمات يوم القيامة وإياكم والشح فإنما أهلك من كان قبلكم الشح حتى سفكوا دماءهم وقطعوا أرحامهم". وفي الباب عن غير هؤلاء أيضا حتى عده المصنف من الأحاديث المتواترة، وبما تقرر عرف أن الشارح هو صاحب المجازفة مع تحامل وظلم للمصنف والظلم ظلمات يوم القيامة. 95/ 137 - "اتَّقُوا القدرَ فإنه شعبةٌ من النَّصْرَانيةِ". ابن أبي عاصم (طب. عد) عن ابن عباس قلت: أخرجه أيضا أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين فقال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه الشافعى ثنا أحمد بن أبي عمران ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا القاسم بن حبيب التمار عن نزار بن حيان قال: قال

عكرمة: قال ابن عباس رضى اللَّه عنهما: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . " به، ونزار ابن حيان قال ابن حبان: يأتى عن عكرمة بما ليس من حديثه حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لذلك فبطل الاحتجاج به، روى المعافى بن عمران ثنا القاسم بن حبيب عن نزار عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا: "اتقوا القدر فإنه شعبة من النصرانية"، قال ابن عباس: "اتقوا هذا الإرجاء فإنه شعبة من النصرانية"، وذكر ابن عدى في الكامل [5/ 194] في ترجمة ابنه على بن نزار حديثه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا: "صنفان من أمتى ليس لهما في الإسلام نصيب المرجئة والقدرية" ثم قال: هذا الحديث أحد ما أنكر على علِى بن نزار وعلى والده. قلت: ومن ضعف الرجل وانفراده يعرف أنه ليس للحديث أصل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. 96/ 141 - "اتَّقُوا المَجْزُومَ كما يُتَّقَى الأسَدُ". (تخ) عن أبي هربرة قال الشارح: رمز المصنف لحسنه وقال في الشرح الكبير: رمز لصحته. قلت: اضطرب الشارح في حكاية ما فعل المصنف في رمزه لهذا الحديث فاللَّه أعلم أى ذلك كان، غير أن الحديث رواه البخارى في ترجمة محمد بن عبد الرحمن بن أبي الزناد فقال: روى إبراهيم بن حمزة عن الدراوردى عن محمد بن أبي الزناد قال: إبراهيم هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي الزناد كان يطلب مع أبيه عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اتقوا المجزوم"، وقال لنا على: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان عن أبي الزناد ولم يصح الحديث، كذا قال ولم يصرح بعلة ذلك، وقال أيضا في

ترجمة محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان بن عفان: قال لى على: حدثنا عبد العزيز بن محمد أخبرنى محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا عدوى ولا هام ولا صفر وفر من المجزوم كما تفر من الأسد". وقال لى الأويسى: حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن مشيخة لهم من أهل الصلاح ممن أدرك حدثوه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله، وهذا أصح مرسل عنده عجائب يعنى محمد بن عبد اللَّه ابن عمرو ثم قال: قال إبراهيم بن حمزة حدثنا الدراوردى عن محمد بن أبي الزناد عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثل حديث على (¬1) اهـ. وقد تكلم الخطيب [2/ 306] في ترجمة محمد بن عبد الرحمن بن أبي الزناد على هذا الحديث وساق كلام البخارى فقال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان أخبرنا على بن إبراهيم المستملى ثنا أبو أحمد ابن فارس حدثنا البخارى قال: وروى إبراهيم بن حمزة عن الدراوردى عن محمد بن أبي الزناد عن الأعرج عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "اتقوا المجزوم"، قال الخطيب: وفي موضعين من هذا الحديث خطأ رواية الدراوردى عن أبي الزناد، والثانى: رواية محمد بن عبد الرحمن عن جده أبي الزناد وقد ذكر أن محمدا لم يروه عن جده وأن الواقدى انفرد بالرواية عن محمد، وقد روى حديث الدراوردى هذا غير البخارى عن إبراهيم بن حمزة على الصواب: أخبرناه الحسن بن أبي بكر أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد اللَّه القطان ثنا ¬

_ (¬1) انظر التاريخ الكبير (1/ 155).

إسماعيل بن إسحاق ثنا إبراهيم بن حمزة ثنا عبد العزيز بن محمد -يعنى الدراوردى- عن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان بن عفان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا عدوى ولا هامة ولا صفر واتقوا المجزوم كما يتقى الأسد". قال: وأخبرنا على وعبد الملك ابنا بشران قالا: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن إسحاق الفاكهى بمكة ثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة حدثنا يحيى بن محمد الحارثى ثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عبد اللَّه ابن عمرو مثله سواء. وأخبرنا القاضى أبو العلاء الواسطى حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن عثمان المزنى بواسط أخبرنا أبو يعلى الموصلى ثنا عبد الرحمن بن سلام ثنا عبد العزيز ابن محمد عن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان بنحوه. فاتفق على بن المدينى ويحيى بن محمد الحارثى وعبد الرحمن بن سلام الجمحى وإسماعيل بن إسحاق عن إبراهيم بن حمزة على أن الحديث عند الدراوردى عن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان وهو المعروف بالديباج عن أبي الزناد وهو الصحيح اهـ. ومحمد بن عبد اللَّه بن عمرو ذكره الذهبى في الميزان [3/ 593، رقم 7744] وقال: وثقه النسائى وقال مرة: لا بأس به، وقال البخارى: لا يكاد يتابع على حديثه، حدثنا على حدثنا الدراوردى أخبرنى محمد بن عبد اللَّه بن عمرو عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بالحديث مرفوعا. قال: ورواه ابن أبي الزناد عن أبيه عن حدثه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال البخارى: وهذا بانقطاعه أصح.

قلت: وهذا كله بالنسبة لهذا الإسناد، وإلا فقد صححه البخارى موصولا من جهة أخرى فقال في صحيحه [7/ 164، رقم 5707]: ثنا عفان ثنا سليم بن حيان ثنا سعيد بن ميناء قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من المجزوم فرارك من الأسد" قال الحافظ: لم أقف عليه من حديث أبي هريرة إلا من هذا الوجه ومن وجه آخر عند أبي نعيم في الطب لكنه معلول، وأخرج ابن خزيمة في كتاب التوكل له شاهدا من حديث عائشة ولفظه: "لا عدوى وإذا رأيت المجزوم ففر منه". قلت: لم يستحضر الحافظ ما سبق عند البخارى والخطيب. وله طريق آخر عن أبي هريرة أيضا وهو معلول بوجود المبهم فيه فلعله هو الذي يعنيه الحافظ لكنه أبعد في عزوه إلى طب أبي نعيم وهو في مسند أحمد [2/ 443]: حدثنا وكيع ثنا النهاس عن شيخ بمكة عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "فر من المجزوم فرارك من الأسد". فسكوت الشارح على الحديث وضربه صفحا عن جميع هذا ليس بجيد كما يقول هو في مثل هذا عن المصنف. 97/ 143 - "اتَّقوا النَّارَ ولو بِشقِّ تمرةٍ". (ق. ن) عن عدى بن حاتم، (حم) عن عائشة، البزار (طس) والضياء عن أنس، البزار عن النعمان بن بشير وعن أبي هريرة، (طب) عن ابن عباس وعن أبي أمامة قال الشارح: وهو متواتر. قلت: أورده المصنف في الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة وقال:

أخرجه الشيخان عن عدى بن حاتم (¬1)، وأحمد [6/ 137] عن ابن مسعود وعائشة، والبزار (¬2) عن أبي بكر الصديق وأنس والنعمان بن بشير وأبي هريرة، والطبرانى [12/ 163، رقم 12771] عن ابن عباس وأبي أمامة (¬3) وعبد اللَّه بن مخمر وفضالة بن عبيد وابن عساكر عن ابن عمر، وابن جرير في تفسيره من مرسل عروة بن الزبير وقتادة: وسعيد بن منصور في سننه من مرسل الحسن اهـ. قلت: وورد أيضا من حديث جرير بن عبد اللَّه وعلى بن أبي طالب وعبد اللَّه ابن معقل، وقد أوردت كثيرا من أسانيده وطرقه في المستخرج على مسند الشهاب ونستقصيها بحول اللَّه في "الإلمام بالمتواتر من حديثه عليه الصلاة والسلام". 98/ 146 - "اتَّقُوا بيتًا يُقالُ له الحمَّامُ فَمَن دَخله فَليَسْتَتِرْ". (طب. ك. هب) عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: قال (ك): صحيح على شرط مسلم، وأقره الذهبى في التلخيص مع أن فيه عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ أورده الذهبى في الضعفاء وقال: قال البخارى: لا يتابع على حديثه، وقال أبو حاتم: صدوق، ورواه عنه البزار، وقال عبد الحق: هو أصح حديث في هذا الباب، وأما ما أخرجه أبو داود والترمذى فلا يصح منه شيء، وقال في المطامح: ليس في شأن الحمام ما يعول عليه إلا قول المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- في صفة ¬

_ (¬1) أخرجه البخارى (3/ 283 رقم 1417)، ومسلم (2/ 704، رقم 1016/ 67). (¬2) أخرجه البزار كما في كشف الأستار (1/ 442، رقم 933) عن أبي بكر، و (رقم 934) عن أنس، و (رقم 935) عن النعمان، و (رقم 937) عن أبي هريرة. (¬3) المعجم الكبير (8/ 313، رقم 8017).

عيسى: "كأنما خرج من ديماس" وقد ألف فيه بعضهم مؤلفا حافلا جمع فأوعى. قلت: في هذا أمور، أحدها ما نقله عن الذهبى عن البخارى من قوله في عبد العزيز بن يحيى: لا يتابع على حديثه ليس بصحيح، بل هو تحريف نشأ عن عدم إتقانه لمسائل الفن ومعرفته بدقائقه، فالذهبى قال [2/ 638، رقم 5137]: روى عنه أبو داود وأبو زرعة والفريابى قال أبو حاتم: صدوق وقال البخارى في الضعفاء: قال لى عبد العزيز بن يحيى: ثنا عيسى بن بدر بن خليل الأسدى عن سلمة ابن عطية الفقيمى عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من جلال اللَّه على العباد إكرام ذى الشيبة المسلم ورعاية القرآن لمن استرعاه اللَّه إياه وطاعة الإمام القاسط" ثم قال البخارى: لا يتابع عليه، قال الذهبى: قلت: في إسناده سلمة ضعيف اهـ. فالبخارى قال: لا يتابع عليه يعنى الحديث المذكور، ولم يقل على حديثه مطلقا، لأن عدم متابعة على سائر حديثه تدل على أنه ساقط هالك بمرة، بخلاف عدم متابعته على الحديث الواحد، فظن الشارح أنه لا فرق بينهما فجاء بطامة لا تطاق، لا سيما وقد تعقب الذهبى البخارى بقوله: سلمة ضعيف كأنه يقول: إن العلة منه لا من عبد العزيز بن يحيى، فأعرض الشارح عن ذكر ذلك أيضا، وعن نقل الذهبى عن ابن عدى أنه قال: لا بأس برواياته، ثم إن الرجل وثقه أيضا أبو داود وذكره ابن حبان في الثقات [8/ 397] وقال ابن الحذاء: لا بأس برواياته، فالرجل ثقة على شرط الصحيح. ثانيها: أن عبد العزيز المذكور لم ينفرد به بل توبع عليه وورد الحديث من غير طريقه، قال الحكيم الترمذى في نوادر الأصول [1/ 643] في الأصل الحادى

والثلاثين ومائة (¬1): حدثنا محمد بن موسى الحرشى ثنا يحيى بن عثمان التيمى قال: حدثنا عبد اللَّه بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اتقوا بيتا يقال له الحمام قيل: يا رسول اللَّه إنه يذهب الوسخ ويذكر النار، فقال: إن كنتم لا بد فاعلين فادخلوه مستترين" وهذا السند ضعيف من أجل يحيى بن عثمان التيمى، على أن ابن حبان قد ذكره في الثقات ولكنه يفيد عدم انفراد عبد العزيز بن يحيى به الذي رواه عن محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن ابن طاوس وعن أيوب السختيانى عن طاوس به، لكن فيه عند الحاكم [4/ 228] "قالوا: يا رسول اللَّه إنه يذهب الدرن وينفع المريض قال: فمن دخله فليستتر" ورواه البزار في مسنده بلفظ "احذروا بيتا يقال له الحمام قالوا: يا رسول اللَّه إنه ينفى الوسخ، قال: فاستتروا". قال الحافظ المنذرى [1/ 144، رقم 6]: ورواته كلهم محتج بهم في الصحيح، وكأنه عنده من غير طريق عبد العزيز بن يحيى لأنه من رجال أبي داود والنسائى لا من رجال الصحيح، وكذا قال النور الهيثمى في الزوائد [1/ 278]: رجال البزار رجال الصحيح، فهو ممن يعين جزما أنه عنده من غير طريقه فهو طريق ثالث صحيح، أما قول البزار: إن الناس رووه عن طاوس مرسلا فلا يضر لأن الثقة إذا وصل فقوله مقبول لا يضره إرسال من أرسل. ثالثها: ما نقله عن عبد الحق، وصاحب المطامح من إطلاق الضعف على جميع أحاديث الحمام ليس بصحيح، فقد صحح منها ابن حبان والحاكم نحو ثلاثة أحاديث وأقرهما جمع من الحفاظ، ونقل ذلك الشارح فيما يأتى عند ذكر تلك الأحاديث في حرف الحاء وحرف الميم. ¬

_ (¬1) هو في الأصل الثلاثين ومائة من المطبوع.

رابعها: قال الشارح في خطبة كتابه النزهة الزهية في أحكام الحمام الشرعية والطبية ما نصه: لما رأيت احتياج الخاص والعام وكل مدنى بالطبع إلى دخول الحمام ولم أطلع في أحكامه على تاليف يشفى الأوام، ولا على ما يبرد الخاطر عند تصادم الأفهام لقلة كلام أئمتنا الشافعية في هذا المقام كما قال النووى شيخ مشايخ الإسلام، جمعت هذه التحفة السنية وسميتها النزهة الزهية.،. إلخ، فلعله وقف على هذا المؤلف بعد ذلك أو قصد بالبعض نفسه. 99/ 147 - "اتَّقُوا زَلَّةَ العالمِ وانْتَظروا فَيْئَتهُ". الحلوانى (عد. هق) عن كثير بن عبد اللَّه ابن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قلت: كثير بن عبد اللَّه قال الشافعى وأبو داود: ركن من أركان الكذب، وقال الدارقطنى وغيره: متروك، وقال ابن حبان: له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة. والحديث رواه البيهقى [10/ 211] بمعناه موقوفا على معاذ، فروى من طريق الزهرى: حدثنى أبو إدريس عائذ اللَّه بن عبد اللَّه الخولانى أنه أخبره يزيد بن عميرة صاحب معاذ أن معاذا رضى اللَّه عنه قال: وراءكم فتن يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق والحر والعبد والرجل والمرأة والكبير والصغير فيوشك قائل أن يقول: فما للناس لا يتبعونى، وقد قرأت القرآن، واللَّه ما هم بمتبعى حتى أبتاع لهم غيره، فإياكم وما ابتدع فإن ما أبتدع ضلالة، واحذروا زيغة الحكيم فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلال على فم الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق قال: قلت له: وما يدرينى يرحمك اللَّه أن الحكيم يقول كلمة الضلالة وأن المنافق يقول كلمة الحق؟ قال: اجتنب من كلام الحكيم المشتبهات التي تقول: ما هذه؟ ولا ينئينك ذلك منه،

فإنه لعله أن يراجع ويلقى الحق إذا سمعه فإن على الحق نورا، قال البيهقى: فأخبر معاذ أن زيغة الحكيم لا توجب الإعراض عنه ولكن يترك من قوله ما ليس عليه نور فإن على الحق نورا يعنى واللَّه أعلم دلالة من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس على بعض هذا، ثم أسند حديث الترجمة فقال: أخبرنا أبو الحسن على بن أحمد بن عبدان أنبانا أحمد بن عبيد الصفار ثنا تمتام ثنا محمد بن إسحاق المسيى ثنا عبد اللَّه بن نافع عن كثير بن عبد اللَّه به، ثم قال: وكذلك رواه معن بن عيسى عن كثير اهـ. ورواه أيضا الديلمى في مسند الفردوس [1/ 132، رقم 307] من طريق الحلوانى الذي عزاه إليه المصنف عن محمد بن خالد ومن طريق ابن السنى: ثنا عبدان ثنا دحيم عن عبد اللَّه بن نافع كلاهما عن كثير به. 100/ 148 - "اتَّقُوا دعوةَ المظلومِ فإنَّها تُحْمَلُ على الغَمَامِ، يقولُ اللَّه: وعزتى وجلالى لأَنصُرَنَّكَ ولو بعد حينٍ". (طب) والضياء عن خزيمة بن ثابت قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: فيه من لم أعرفه، وأقول: فيه سعد ابن عبد الحميد أورده الذهبى في الضعفاء وقال: فحش خطؤه، قاله ابن حبان، وضعفه غيره أيضا ولم يترك، لكن قال المنذرى: لا بأس بإسناده في المتابعات. قلت: سعد بن عبد الحميد كتب عنه ابن معين وقال: لا بأس به وكذلك قال صالح جزرة وعلم عليه الذهبى علامة الصحيح، ولكن في سنده من لا تعرف له ترجمة كما قال الهيثمى [10/ 152] فقد أخرجه البخارى في التاريخ الكبير [1/ 186، رقم 573] في ترجمة محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت فقال: قال سعد بن عبد الحميد حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن عمران بن إبراهيم بن

محمد بن طلحة بن عبيد اللَّه سمع خزيمة بن محمد عن أبيه عن جده خزيمة ابن ثابت به. وقال الدينورى في المجالسة: حدثنا أحمد بن الهيثم بن خالد ثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر به. وقال الدولابى في الكنى [2/ 123]: حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ثنا سعد بن عبد الحميد به. وقال الطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 359، رقم 126]: حدثنا حفص بن عمر بن الصباح الرقى ثنا سعد بن عبد الحميد به. 101/ 150 - "اتَّقُوا دعوةَ المظلومِ وإنْ كَان كَافِرًا فإِنَّها لَيْسَ دُونهَا حِجَابٌ". (حم. ع) والضياء عن أنس قال الشارح في الكبير: واتفق عليه الشيخان بدون "الكافر". قلت: ليس هذا بصواب فإنه يفيد أن الشيخين اتفقا على حديث أنس بدون ذكر "الكافر" وليس كذلك، بل الذي عندهما حديث ابن عباس (¬1) في قصة معاذ لما بعثه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى اليمن وفيه هذا اللفظ خطابا لمعاذ، وقد اختصره البخارى في كتاب المظالم [3/ 357، رقم 1496] فقال: حدثنا يحيى بن موسى ثنا وكيع ثنا زكريا بن إسحاق المكى عن يحيى بن عبد اللَّه ابن صيفى عن أبي معبد مولى ابن عباس عن ابن عباس: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث معاذا إلى اليمن فقال: اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين اللَّه حجاب". ¬

_ (¬1) انظر صحيح مسلم (1/ 50، رقم 19/ 29).

أما حديث أنس فقال أحمد [3/ 153]: حدثنا يحيى بن إسحاق قال: أخبرنى أبو عبد اللَّه الأسدى قال: سمعت أنى ابن مالك به. 102/ 151 - "اتَّقُوا فِرَاسةَ المؤمنِ فإنَّهُ ينظرُ بِنورِ اللَّه عَزَّ وجلَّ". (تخ. ت) عن أبي سعيد الحكيم وسمويه (طب. عد) عن أبي أمامة، ابن جرير عن ابن عمر قلت: قال البخارى في التاريخ: ثنا الفريابى ثنا سفيان عن عمرو بن قيس الملائى عن عطية عن أبي سعيد به. ورواه في موضع آخر [7/ 354، رقم 1529] عن أحمد بن سليمان ثنا مصعب بن سلام عن عمرو بن قيس. وقال الترمذى [5/ 298، رقم 3127]: حدثنا محمد بن إسماعيل ثنا أحمد بن أبي الطيب ثنا مصعب بن سلام به. ثم قال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. ورواه الحسن بن عرفة في جزئه وابن أبي حاتم وابن جرير في تفسيرهما والخطيب في التاريخ [7/ 242] والقشيرى في الرسالة كلهم من طريق محمد ابن كثير الكوفى عن عمرو بن قيس به. ثم رواه الخطيب [3/ 191] من طريق موسى بن زياد عن محمد بن كثير فقال: عن سفيان عن عمرو بن قيس عن عطية عن أبي سعيد مرفوعا في قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75] قال: للمتفرسين. ثم قال الخطيب: كذا قال في هذا الحديث عن محمد بن كثير عن سفيان عن

عمرو بن قيس والأول المحفوظ، وهو غريب من حديث عطية العوفى عن أبي سعيد لا نعلم رواه عنه غير عمرو بن قيس وتفرد به محمد بن كثير عن عمرو وهو وهم، والصواب ما رواه سفيان عن عمرو بن قيس الملائى قال: كان يقول: "اتقوا فراسة المؤمن. . . " الحديث. قلت: وليس شيء مما قال بواقع فعمرو بن قيس لم يتفرد به عن عطية ومحمد ابن كثير لم يتفرد به عن عمرو، والحديث ليس بوهم. أما عمرو بن قيس فقد تابعه أبو حنيفة وابن أبي ليلى عن عطية فرواه ابن خَسْرُو في مسند أبي حنيفة من طريق الحسن بن رشيق أنا محمد بن جعفر أنا صالح بن محمد عن حماد بن أبي حنيفة عن أبيه عن عطية العوفى به. ورواه أبو نعيم في الطب النبوى من طريق الحسن بن أبي جعفر: ثنا يحيى بن الحسين عن ابن أبي ليلى عن عطية به. وأما محمد بن كثير فقد تابعه مصعب بن سلام كما سبق عند البخارى، والترمذى ومحمد بن مروان كما رواه ابن مردويه في تفسيره، وسفيان الثورى كما سبق عند البخارى أيضا من رواية الفريابى عنه لا من رواية محمد بن كثير التي حكم عليها الخطيب بأنها غير محفوظة، مع أن الحديث قد ورد من وجه آخر عن محمد بن كثير عن سفيان أيضا، فذكر ابن بشكوال في الصلة أنه قرأ بخط أبي مروان عبد الملك بن زيادة اللَّه الطبنى في شيوخه الذين لقيهم بالمشرق قال: أخبرنى الشيخ الجليل أبو حفص عمر بن زاهر وكتبته من خطه قال: أنا أبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج الفاسى الفقيه في داره بالقيروان قال: حدثنا أبو الحسن بن الفاسى الفقيه قال: قال لنا حمزة بن محمد الكنانى حين دخلت عليه أنا وأبو موسى عيسى بن سعادة وأبو محمد الأصيلى ووجدناه نازلا في درج مسجد يقال له مسجد ابن لهيعة في حضر موت فقال: من هؤلاء؟

قيل له: مغاربة، فوقف فسلمنا عليه ثم رجع فقعد فنظر في وجوهنا وقال: ما أرى إلا خيرا حدثونا عن محمد بن كثير عن سفيان الثورى عن عمرو بن قيس الملائى عن عطية العوفى عن أبي سعيد الخدرى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "احذروا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللَّه" وتلا {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75] فهذا يدل على أن الحديث مشهور عن محمد بن كثير عن سفيان وأنها المحفوظة، وأن من قال عن محمد بن كثير عن عمرو فروايته منقطعة وقد تكون متصلة فتكون الأولى من قبيل المزيد في متصل الأسانيد. وأما حكم الخطيب على المرفوع بالوهم فمردود أيضا بوروده مرفوعا من حديث أبي أمامة وثوبان وابن عمر وغيرهم، وقد تبع ابن الجوزى الخطيب فأورد الحديث في الموضوعات [3/ 146] وقال: تفرد به محمد بن كثير وهو ضعيف جدا اهـ. وقد علمت أن محمد بن كثير لم ينفرد به وقد مشاه ابن معين وكان يحسن القول فيه وينسب الضعف الواقع في روايته إلى الرواة عنه. وحديث أبي أمامة رواه الحكيم في نوادر الأصول [2/ 221] في الأصل الثامن والعشرين ومائتين (¬1) وأعاده في الأصل الرابع والثلاثين ومائتين قال في كل منهما: حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد الحلوانى ثنا عبد اللَّه بن صالح ثنا معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن أبي أمامة به. ورواه أيضا أبو نعيم في الحلية [6/ 118]، والبيهقى في الزهد [ص 193، رقم 359]، والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 387، رقم 663]، والخطيب ¬

_ (¬1) هو في الأصل السابع والعشرين ومائتين.

في التاريخ [5/ 99]، وابن عبد البر في كتاب العلم [1/ 677, رقم 1197]، كلهم من طريق عبد اللَّه بن صالح به. وقد أوردت أسانيدهم إليه في مستخرجى على مسند القضاعى. وأورده ابن الجوزى في الموضوعات أيضا [3/ 147] وأعله بعبد اللَّه بن صالح وقال: إنه ليس بشيء، وهذا من مجازفاته فإن عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث عالم مكثار صدوق ثبت في كتابه، وإنما أتى من قبل الإكثار ووجود غفلة كانت فيه فتكلم فيه لأجل ذلك، وحديثه حسن لاسيما فيما لم ينفرد به. وحديث ابن عمر رواه ابن جرير [14/ 46] عن أحمد بن محمد الطوسى: ثنا الحسن بن محمد ثنا الفرات بن السائب ثنا ميمون بن مهران عن ابن عمر به. ورواه أبو نعيم في الحلية [4/ 94] في ترجمة ميمون بن مهران من طريق أحمد بن محمد بن عمر اليمامى: ثنا عمارة بن عقبة ثنا فرات بن السائب به. ثم قال: غريب لم نكتبه إلا من هذا الوجه، واغتر بذلك ابن الجوزى فأورده في الموضوعات [3/ 145] أيضا وأعله بالفرات واليمامى وقال: كلاهما متروك، واليمامى قد بينت رواية ابن جرير براءته منه إذ رواه من مخير طريقه، فيبقى الفرات وإذ لم ينفرد به بل وردت له شواهد من أحاديث جماعة من الصحابة فلا يضر وجوده في السند، وقد ورد أيضا من حديث ثوبان أخرجه ابن جرير [14/ 46] وأبو نعيم في الحلية [4/ 81] ومن حديث أبي هريرة أخرجه ابن الجوزى [3/ 147] وقد أوردت أسانيدهما في المستخرج مع بعض الآثار. 103/ 152 - "اتَّقُوا مَحاشَّ النِّساءِ". سمويه (عد) عن جابر

قلت: أخرجه أيضا الديلمى في مسند الفردوس قال: أخبرنا أبو على الحداد أخبرنا أبو نعيم أخبرنا ابن فارس ثنا سمويه ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ثنا ابن أبي فديك عن على بن أبي على عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . " به. وعلى بن أبي على هو اللهبى المدنى متروك هالك متهم، قال الحاكم: يروى عن ابن المنكدر أحاديث موضوعة وقال أبو حاتم والنسائى والعقيلى [3/ 240، رقم 1239]: متروك، وقال أحمد والبخارى وأبو زرعة: منكر الحديث، وقال ابن معين: ليس بشيء وقال البغوى: ضعيف الحديث روى عن ابن المنكدر معاضيل، وضعفه النقاش وابن الجارود والساجى والخطيب وابن السمعانى وآخرون، وقال أبو نعيم: روى عن ابن المنكدر مناكير، وأوردوا من مناكيره عنه هذا الحديث. 104/ 153 - "اتَّقُوا هَذِهِ المذَابِحَ يعنى المحَارِيبَ". (طب. هق) عن ابن عمرو وعزا الشارح قوله: "يعنى المحاريب" إلى الديلمى في الفردوس وغيره وعبارته عقب الحديث "اتقوا هذه المذابح"، قال الديلمى وغيره: يعنى المحاريب. وعبارته في الكبير: قال في الفردوس وغيره: يعنى المحاريب، ثم قال في الكلام على عزو الحديث: رمز المصنف لحسنه قال الهيثمى: فيه عبد الرحمن ابن مغراء وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه ابن المدينى في روايته عن الأعمش وليس هذا منها اهـ. وقال المصنف: حديث ثابت وهو على رأى أبي زرعة ومتابعيه صحيح وعلى رأى ابن عدى حسن، والحسن إذا ورد من طريق ثان ارتقى إلى الصحة اهـ.

وهو غير صواب، فقد تعقبه الحافظ الذهبى في المهذب على البيهقى فقال: هذا خبر منكر تفرد به عبد الرحمن بن مغراء وليس بحجة اهـ، وحينئذ فإثبات الحكم بصحته بفرض ما فهمه المؤلف لا يصار إليه. هذا كلام الشارح وسبق له انتقاد على المصنف في الكلام [على] معنى الحديث فقال: ووقع للمصنف أنه جعل هذا نهيا عن اتخاذ المحاريب في المساجد والوقوف فيها، وقال: خفى على قوم كون المحراب بالمسجد بدعة وظنوا أنه كان في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يكن في زمنه ولا في زمن أحد من خلفائه، بل حدث في المائة الثانية مع ثبوت النهى عن اتخاذه، ثم تعقب قول الزركشى أن اتخاذه جائز لا مكروه، ولم يزل عمل الناس عليه بلا نكير بأنه لا نقل في المذهب فيه وقد ثبت النهى عنه، أقول: وهذا بناء منه على ما فهمه من لفظ الحديث أن مراده بالمحراب ليس إلا ما هو المتعارف في المسجد الآن ولا كذلك، فإن ابن الأثير نص على أن المراد بالمحاريب في الحديث صدور المجالس قال: ومنه حديث أنس: "كان يكره المحاريب"، أى: لم يكن يحب أن يجلس في صدور المجالس ويرتفع على الناس، واقتفاه في ذلك جمع جازمين به رلم يحكوا خلافه، منهم الحافظ الهيثمى وغيره ثم نقل نحو هذا عن الحرانى والزمخشرى. وهو كلام عجيب مشتمل على أوهام ومجازفات سواء في الصناعة الحديثية أو في المعنى، أولى ذلك: أن عزوه تفسير المذابح بالمحاريب إلى الديلمى في الفردوس باطل من وجهين: أحدهما: أن ذلك تفسير من راوى الحديث إما صحابيه أو تابعيه لا من مخرجه والحديث مروى بذلك التفسير في معجم الطبرانى المتوفى قبل ولادة الديلمى بنحو مائة سنة وكذلك هو عند البيهقى [2/ 49].

ثانيهما: أنه لا وجود لهذا الحديث في فردوس الديلمى، ولا في مسنده لولده فالعزو إليه أيضا باطل. الثانى: أن تعقبه تحسين المصنف للحديث بمجرد قول الذهبى: إنه منكر، مجازفة ظاهرة، فإن قول الذهبى ليس هو بمجرده حجة ولا هو أولى من قول المصنف بدون حجة، والمصنف قد بين دليله وهو توثيق من وثق عبد الرحمن، وكذا قول الحافظ الهيثمى [8/ 60] فإنه بمعنى تحسين المصنف، لأنه أثبت أن هذا الحديث ليس من رواية عبد الرحمن عن الأعمش وهو أشد ضعفا في الأعمش، وقد كان أبو خالد الأحمر يحسن الثناء عليه وكذا وكيع، وزاد الأحمر أنه ثقة وقال أبو زرعة: صدوق وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه أيضا الخليلى، على أن الذهبى نفسه قال فيه: ما به بأس إن شاء اللَّه تعالى وهذا حال رواة الصحيح لا رواة الحسن فحكم المصنف للحديث في غاية الصواب. الثالث: أن تعقبه على المصنف حمله الحديث على المحاريب المتعارفة في المساجد تعقب باطل ومجازفة ظاهرة لأمرين: أحدهما: أن الأحاديث مصرحة بذلك معينة لمحارب المساجد دون صدور المجالس، وبها استدل المصنف لا بمجرد فهمه، فقد استدل بما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه [2/ 59] من حديث موسى الجهنى مرفوعا: "لا تزال أمتى بخير ما لم يتخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى"، وما رواه ابن أبي شيبة [15/ 65] عن عبيد بن أبي الجعد قال: كان أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولون: إن من أشراط الساعة أن تتخذ المذابح في المساجد يعنى الطاقات وبما رواه أيضا عن أبي ذر مثله، وبما رواه البزار [1/ 210، رقم 416] بسند رجاله موثقون عن عبد اللَّه بن مسعود أنه كره الصلاة في المحراب وقال: إنما كانت للكنائس فلا تشبهوا بأهل الكتاب -يعنى أنه كره الصلاة في الطاق-

وروى ابن أبي شيبة عن على عليه السلام نحوه وبآثار أخرى عن جماعة من التابعين منهم الحسن والنخعى وسالم بن أبي الجعد وأبو خالد الوالدى فهذه آثار صريحة في إرادة محارب المساجد لا صدور المجالس. ثانيهما: أن ما اعتمد عليه من كلام ابن الأثير في النهاية نقل في غير محله فإن ابن الأثير تكلم على مطلق لفظ المحراب لا على خصوص ما في هذه الأحاديث فإنه قال: المحراب الموضع العالى المشرف وهو صدر المجلس أيضا ومنه سمى محراب المسجد وهو صدره وأشرف موضع فيه ومنه حديث أنس رضى اللَّه عنه أنه كان يكره المحاريب، أى لم يكن يحب أن يجلس في صدر المجلس ويترفع على الناس، والمحاريب جمع محراب هذا كلام ابن الأثير. فاعجب لأوهام الشارح وتعسفاته. 105/ 159 - "أَثْبَتُكُمْ على الصِّراطِ أشدُّكم حبا لأهلِ بَيِتى ولأصحَابِى". (عد. فر) عن على قال الشارح: وكذا أبو نعيم عن على وإسناده ضعيف. قلت: بل موضوع في سنده القاسم بن بهرام كذاب، وكذا الحسين بن علوان وهو وضاع مشهور. 106/ 162 - "اثْنَانِ لا يَنْظُرُ اللَّه إِليهِمَا يومَ القِيامةِ قَاطِعُ الرحِم وجارُ السوءِ" (فر) عن أنس قلت: قال الديلمى [1/- 502، رقم 1680]: أخبرنا ثابت بن بنجير بن منصور بن على الصوفى عن جعفر بن محمد الأبهرى

عن أحمد بن محمد بن مهدى الأهوازى عن محمد بن على بن بكير التسترى عن أحمد بن داود عن محمد بن مهدى البصرى عن أبيه عن أبان عن أنس به، وهو حديث باطل ومهدى البصرى كذاب وضاع. 107/ 164 - "اثنان لا تُجَاوِزُ صَلاتُهما رُءُوسَهُمَا: عبدٌ أَبَقَ مِنْ مَوَاليه حَتَّى يرجِعَ وامرَأةٌ عصتْ زوجَها حتَّى ترجِعَ". (ك) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: قال (ك): صحيح، ورده الذهبى بأنه من حديث بكر بن بكار وهو ضعيف. قلت: الذي في نسختنا من المستدرك عدم تعرض الحاكم لهذا الحديث بل خرجه [4/ 173] وسكت عليه، وكذلك الذهبى لم يتعقبه بشيء بل سكت كما في نسختنا أيضا من تلخيصه وقد نقله الحافظ المنذرى في الترغيب [3/ 29، 59] وقال: رواه الطبرانى بإسناد جيد والحاكم ولم يحك أنه صححه، وتلك عادته فيما سكت الحاكم عليه، فكأن الشارح رأى تعقبا لغير الذهبى على الحاكم فظن أن كل حديث في المستدرك ينص الحاكم على صحته وأن كل تعقب عليه منقول عن الذهبى واللَّه أعلم. 108/ 167 - "اثنانِ يُعَجِّلُهُما اللَّه في الدُّنيا: البَغْيُّ، وعُقوقُ الوالِدِينِ". (تخ. طب) عن أبي بكرة قلت: قال الطبرانى: حدثنا فضيل بن محمد الملطى ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا محمد بن عبد العزيز الراسبى ثنا سعد مولى أبي بكر ثنا عبيد اللَّه بن أبي بكرة عن أبيه به.

وعن الطبرانى أسنده أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 99] ورواه أيضا إسحاق ابن راهويه في مسنده عن أبي نعيم به وهو شيخ البخارى. 109/ 168 - "أَثِيبُوا أخَاكُم ادْعُوا لَهُ بالبركةِ، فإنَّ الرجلَ إذا أكلَ طَعامَه وَشَرب شرابَه ثمَّ دُعِيَ لَهُ بالبركةِ فذاك ثوابُه مِنْهُم". (د. هب) عن جابر قال الشارح في الكبير: رمز المصنف لحسنه وفيه ما فيه، إذ فيه فليح بن سليمان المدنى أورده الذهبى في الضعفاء والمتروكين وقال: قال ابن معين والنسائى: غير قوى ولعله باعتبار شواهده. قلت: هذا وهم من وجوه: أحدها: أن الحديث ليس فيه فليح بن سليمان أصلا قال أبو داود [3/ 367، رقم 3853]: حدثنا محمد بن بشار ثنا أبو أحمد ثنا سفيان عن يزيد أبي خالد الدالانى عن رجل عن جابر بن عبد اللَّه قال: "صنع أبو الهيثم بن التيهان للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- طعاما فدعا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه فلما فرغوا قال: أثيبوا أخاكم. . . " الحديث. ثانيها: أن فليح بن سليمان على فرض وجوده في الحديث فهو [من] رجال الصحيحين الذين احتج بهم الشيخان وقد أكثر البخارى من إخراج أحاديثه فلا لوم على المصنف إذا صحح حديثه فضلا عن تحسينه لو كان موجودا في سند الحديث، والواقع بخلاف ذلك. ثالثها: أن الذي ينبغى أن يعل به الحديث هو جهالة تابعيه والراوى عنه يزيد ابن عبد الرحمن أبو خالد الدالانى فإنه كان كثير الوهم فاحش الخطأ كما قال ابن حبان، لكن وثقه مع ذلك جماعة ووصفوه بالصدق. والحديث له طريق آخر من حديث ابن عمر، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 84]:

حدثنا محمد بن على بن حبيش ثنا عبد اللَّه بن أبي داود السجستانى ثنا أحمد ابن محمد بن الحسين بن حفص ثنا خلاد بن يحيى ثنا يوسف بن ميمون الصباغ عن عطاء عن ابن عمر قال: دعى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى طعام هو وأصحابه فلما طعموا قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أثيبوا أخاكم قالوا: وما إثابته؟ قال: تدعون اللَّه له فإن في الدعاء إثابة له". 110/ 178 - "اجْتَنِبُوا دَعواتِ المظلُوم مَا بَينهَا وبين اللَّه حَجِابٌ". (ع) عن أبي سعيد وأبي هريرة معا قال الشارح: وزاد المصنف معا دفعا لتوهم أن الواو بمعنى أو. قلت: ليس كذلك بل زادها لإفادة أن السند إليهما واحد وأن التابعى رواه عنهما معا لا أنه مروى بسندين سند عن أبي سعيد وسند عن أبي هريرة هذا هو المتبع المعروف، ولم يقع في الأسانيد عن فلان أو فلان بأو التي للشك إلا نادرا بل أندر من النادر فلا يذكر لفظ "معا" لدفع ذلك التوهم الموهوم. والحديث رواه البخارى في التاريخ [7/ 139، رقم 624] عن أبي سعيد الخدرى وحده فقال: قال عبد اللَّه بن محمد ثنا عبيد اللَّه ثنا إسرائيل عن فراس عن عطية عن أبي سعيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اجتنبوا دعوات المظلوم. . . " وللحديث طرق كثيرة تقدم بعضها في "اتقوا". 111/ 181 - "اجْثُوا عَلَى الرُّكبِ ثُمَّ قُولُوا يا ربِّ يا ربِّ" أبو عوانة والبغوى عن سعد. قال الشارح: وفي سنده اختلاف. قلت: رواه أيضا العقيلى [3/ 308، رقم 1320] في الضعفاء في ترجمة عامر بن خارجة من طريق ابن عائشة عن حفص بن النضر السلمى: ثنا عامر

ابن خارجة عن جده أن قوما شكوا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قحط المطر فقال: "اجثوا على الركب وقولوا: يا رب يا رب" ففعلوا فسقوا، ونقل العقيلى عن البخارى أنه قال: في إسناده نظر، وذكر ابن حبان عامرا في الثقات لكنه قال: يروى عن جده حديثا منكرا في المطر. 112/ 187 - "اجعلُوا من صلاتِكم في بيوتِكم لا تتَّخِذُوها قُبُورًا". (حم. ق. د) عن ابن عمر (ع) والرويانى والضياء عن زيد بن خالد ومحمد بن نصر في الصلاة عن عائشة قال الشارح في الكبير: ومع وجود الحديث في الصحيحين لا حاجة لعزوه لغيرهما اللهم إلا أن يكون قصده إثبات تواتره. قلت: كلام الشارح هذا من اللغو الذي لا معنى له سوى تسويد الورق فالكتاب موضوع على طريقة الصناعة الحديثية المقتضية للإطالة في العزو والتخريج، وبيان ما للحديث من الطرق المفيدة لفوائد صناعية منها تقوية الحديث وبيان شهرته وعلى هذا مدار الكتاب من أول حديث فيه إلى آخره، ثم إن قوله: اللهم إلا أن يكون قصده إثبات تواتره باطل لوجوه: أحدها: أن قصده ليس هو ذلك، وإنما قصده الإشارة إلى جميع من خرجه وما له من الطرق بحسب ما بلغ إليه حفظه واطلاعه، ولو كان قصده بذلك الإشارة إلى تواتره لكان أربعة أخماس الكتاب متواترا لأن غالب أحاديثه كذلك. ثانيها: أن الحديث ليس بمتواتر. ثالثها: أن المتواتر لا يثبت بثلاثة طرق بل أقلها على رأى المصنف عشرة، وهو رأى مرجوح في نظرنا ونظر أهل الحق، بل العبرة في ذلك على حصول العلم اليقينى كما هو مقرر في محله.

ثم إن الحديث له طريق آخر لم يشر إليه المصنف أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 319] قال: حدثنا أبو محمد بن حيان ثنى إسماعيل بن عبد اللَّه ثنا زياد بن هشام بن جعفر ثنا عبد اللَّه ثنا سفيان الثورى عن عبدة بن أبي لبابة عن سويد بن غفلة عن أبي ذر وأبي الدرداء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم. . . ". 113/ 190 - "أجِلُّوا اللَّه يَغْفِرْ لكُم". (حم. ع. طب) عن أبي الدرداء. قال الشارح: إسناده حسن، ونقل في الكبير عن الحافظ الهيثمى أنه قال: فيه أبو العذراء مجهول وبقية رجال أحمد وثقوا. قلت: هذا تناقض، فإن ما في سنده رجل مجهول لا يحكم بأنه حسن، ثم إنه مع جهالة أبي العذراء فيه اختلاف بالوصل والإرسال والانقطاع، فرواه أحمد [5/ 199] عن موسى بن داود ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن عمير بن هانئ عن أبي العذراء عن أبي الدرداء به، وزاد قال ابن ثوبان يعنى: أسلموا. ورواه أبو نعيم [1/ 226] من وجه آخر عن عمير بن هانئ عن أبي العذراء فقال: عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال أبو نعيم: حدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا عباس بن الوليد بن صبح الدمشقى ثنا مروان بن محمد الطاطبرى ثنا مسلمة المعدل عن عمير بن هانئ عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أجلوا اللَّه يغفر لكم"، قال مروان: معنى قوله: "أجلوا اللَّه" أى أسلموا له. قال أبو نعيم: تفرد به مسلمة وهو من أهل دارى عن عمير مجودا.

ورواه ابن ثوبان عن عمير مثله دون أم الدرداء. قلت: وقد اختلف فيه على ابن ثوبان أيضا، فرواه البخارى في التاريخ [الكنى ص 63، رقم 558] عن محمد بن المثنى: ثنا موسى ثنا عبد الرحمن بن ثابت ابن ثويان عن عمير بن هانئ عن أبي العذراء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا: "أجلوا اللَّه عز وجل يغفر لكم" أى أسلموا، هكذا ذكره البخارى في ترجمة أبي العذراء ولم يقل فيه شيئًا لكن قال أبو حاتم: إنه مجهول وكأنه أخذ ذلك من سكوت البخارى، ثم قال أبو نعيم في الحلية: وهذا الحديث شبيه بما ثبت عنه يعنى أبا الدرداء مما رواه الأعمش وعبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي الدرداء أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من مات لا يشرك باللَّه شيئا دخل الجنة فقال أبو الدرداء. وإن زنا وإن سرق فقال: نعم وإن زنا وإن سرق رغم أنف أبي الدرداء". 114/ 191 - "أجْمِلوا في طَلبِ الدُّنيا فإنَّ كُلا مُيسَّرٌ لمِا كُتِبَ له منها". (هـ. ك. طب. هق) عن أبي حميد الساعدى قال الشارح: إسناده صحيح. وقال في الكبير: قال الحاكم: على شرطهما، وأقره الذهبى لكن فيه هشام بن عمار أورده هو -أعنى الذهبى- في ذيل الضعفاء، وقال: قال أبو حاتم: صدوق تغير فكان كلما لقن تلقن، وقال أبو داود: حدث بأرجح من أربعمائة حديث لا أصل لها، وإسماعيل بن عياش أورده في الضعفاء وقال: مختلف فيه وليس بقوى، وعمارة بن غزية أورده في الذيل أيضا وقال: ثقة، ضعفه ابن حزم. قلت: هشام بن عمار صدوق، وثقه ابن معين والجمهور، وإسماعيل بن

عياش يضعف في روايته عن غير أهل بلده، وبعد هذا فالرجلان إنما هما في سند ابن ماجه [2/ 724، رقم 2142] لا في سند جميع من عزاه إليهم المصنف. فإن الحاكم رواه [2/ 3، رقم 2133] عن أبي العباس الأصم: ثنا الربيع بن سليمان ثنا عبد اللَّه بن وهب أنبأنا سليمان بن بلال حدثنى ربيعة ابن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد الأنصارى عن أبي حميد الساعدى به. ومن طريق الأصم رواه البيهقى [5/ 264] أيضا. ورواه أبو نعيم في الحلية [3/ 265] عن جعفر بن محمد الأحمسى: ثنا أبو الحصين بن يحيى الحمانى ثنا سليمان بن بلال به، ثم قال: هذا حديث ثابت مشهور من حديث ربيعة رواه عمارة بن غزية والدراوردى عنه مثله اهـ. فسقط كل ما هول به الشارح. ثم إن الحديث مع هذا له طرق أخرى من حديث جماعة من الصحابة أوردتها بأسانيدها في مستخرجى على مسند الشهاب. 115/ 192 - "أجْوَعُ الناسِ طالبُ العلمِ، وأشْبَعُهُم الذي لا يَبْتَغِيهِ". أبو نعيم في العلم، (فر) عن ابن عمر قلت: الحديث رواه أبو نعيم أيضا في تاريخ أصبهان [1/ 259]، فقال: حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا ابن الجارود ثنا الحسن ثنا عفان ثنا محمد بن الحارث عن ابن البيلمانى عن أبيه عن ابن عمر قال: "سئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أى الناس أجوع؟ قال: طالب العلم، قال: فأيهم أشبع؟ قال: الذي لا يبتغيه".

ومن طريق أبي نعيم أسنده الديلمى في مسند الفردوس. ورواه أيضا ابن حبان في الضعفاء [2/ 264، 265]: ثنا محمد بن يعقوب الخطيب بالأهواز ثنا عبد اللَّه بن محمد بن الحارث به. قال الحافظ في زهر الفردوس: محمد بن الحارث وشيخه ضعيفان. قلت: بل وضاعان، والحديث كذب موضوع على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يليق بجزالة ألفاظه لأنه غير متناسق الأطراف ولا متناسب المعنى. 116/ 193 - "أجَيبُوا هذِه الدَّعْوةَ إِذَا دُعِيتُم لَهَا". (ق) عن ابن عمر. قلت: هو من رواية نافع عنه، وقد رواه عن نافع جماعة بألفاظ منهم عمر ابن محمد العمرى وموسى بن عقبة وأيوب السختيانى ومحمد بن عبد الرحمن ابن يحيى وغيرهم. وقد ذكر الكثير من طرقه مع الكلام على معانيه وأحكامه الطحاوى في مشكل الآثار أواخره (¬1). 117/ 194 - "أَجِيبُوا الدَّاعِيَ ولا تَردُّوا الهدَّيةَ ولا تَضْرِبُوا المسْلِمينَ". (حم. خد. طب. هب) عن ابن مسعود. قال الشارح: وإسناد أحمد صحيح. قلت: هذا يفيد أن سند البخارى ليس بصحيح مع أن الأمر بخلاف ذلك، فالشارح يأخذ عبارة الحافظ الهيثمى في الزوائد كما هى ويضعها في شرحه مع ¬

_ (¬1) أخرجه الطحاوى (8/ 25، رقم 3022، 3023) و (8/ 26، رقم 3024، 3025) و (8/ 27، رقم 3026، 3027).

عزو الحديث في متنه إلى أصول غير الأصول التي يعزو إليها الحافظ الهيثمى في الزوائد الذي احترز بقوله: سند أحمد صحيح عن سند الطبرانى لا عن سند البخارى والبيهقى المذكورين في الجامع الصغير. والحديث رواه أحمد [1/ 404] والبخارى في الأدب المفرد [ص 68، 157] كلاهما عن محمد بن سابق: ثنا إسرائيل عن الأعمش عن شقيق أبي وائل عن عبد اللَّه به. ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن محمد بن سابق أيضا، إلا أنه وقع كما عندى في زوائده للحافظ نور الدين الهيثمى [4/ 52] بخطه: عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي وائل، وإبراهيم غلط في هذا الإسناد ولعله سبق قلم عن الحافظ نور الدين. ثم رواه الحارث عن أبي غسان: ثنا إسرائيل عن الأعمش بإسناده نحوه، إلا أنه قال: "ولا تضربوا الناس". ومن هذا الطريق رواه الطحاوى في مشكل الآثار [8/ 29، رقم 3031] عن فهد عن أبي غسان، لكن وقع في الأصل المطبوع عن الأعمش عن عبد اللَّه، وهو سقط عن قلم الناسخ غالبا. ورواه ابن حبان في روضة العقلاء عن محمد بن صالح الطبرى: ثنا عبد اللَّه بن عمران الأصبهانى ثنا يحيى بن الضريس ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا سفيان الثورى عن الأعمش عن أبي وائل به. ومن هذا الوجه رواه أبو نعيم في الحلية [7/ 128] عن محمد بن عيسى الأديب: ثنا محمد بن إبراهيم بن زياد ثنا عبد اللَّه بن عمران به، ثم قال: غريب عن حديث الثورى تفرد به يحيى بن الضريس.

118/ 195 - "أجيفُوا أبْوَابكُم، واكفِئُوا آنيتَكُم، وأوْكئُوا أسْقِيتكمْ، وأطْفئُوا سُرُجَكُمْ فإنَّهم لَمْ يُؤْذنْ لهم بالتَّسورِ عليكم". (حم) عن أبي أمامة. قال الشارح: وإسناده صحيح خلافا لقول المؤلف: حسن. وقال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات، ورمز المؤلف لحسنه غير حسن بل حقه الرمز لصحته. قلت: الحديث في سنده فرج بن فضالة، قال أحمد [5/ 262]: حدثنا أبو النضر ثنا الفرج ثنا نعمان قال: سمعت أبا أمامة به، وفرج بن فضالة قال أبو داود: يحدث عن الثقات أحاديث مناكير، وقال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال ابن المدينى: هو وسط وليس بالقوى، وقال البخارى ومسلم: منكر الحديث، وضعفه النسائى وغيره، وقال أبو حاتم: صدوق يكتب حديثه ولا يحتج، وفيه كلام كثير يطول ذكره، فكيف يحكم بصحته؟! ومن العجيب أن الحافظ الهيثمى قال [8/ 111]: رجاله ثقات غير الفرج بن فضالة، وقد وثق اهـ. فأسقط الشارح منه ذكر الفرج بن فضالة واعتمد على الباقى في الانتقاد. 119/ 197 - "أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلى اللَّه تعالى أدْوَمُها وإِنْ قلَّ". (ق) عن عائشة قلت: في الباب عن أم سلمة وغيرها، وقد استوعبت طرقه في المستخرج على مسند الشهاب.

120/ 198 - "أحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّه أنْ تَموتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّه". (حب) وابن السنى في عمل يوم وليلة (طب. هب) عن معاذ قال الشارح: إسناده صحيح. وقال في الكبير: قال الهيثمى بعد ما عزاه للطبرانى: فيه خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، ضعفه جمع ووثقه أبو زرعة، وبقية رجاله ثقات، والمؤلف رمز لصحته تبعا لابن حبان. قلت: لا يلزم من وجود الرجل المذكور في سند الطبرانى [20/ 106، رقم 208] أن يكون في سند غيره كما قدمته وهو الواقع هنا أيضا، فإن ابن حبان وابن السنى روياه من طريق آخر، قال ابن السنى [ص 3، رقم 2]: حدثنى محمد بن عبد اللَّه بن الفضل ثنا محمود بن خالد ثنا الوليد بن مسلم عن أبي ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل رضى اللَّه عنه قال: "آخر كلمة فارقت عليها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قلت: يا رسول اللَّه أخبرنى بأحب الأعمال إلى اللَّه عز وجل، قال: أن تموت ولسانك رطب من ذكر اللَّه تعالى". وكذلك رواه ابن أبي [الدنيا] والبزار، وأشار الحافظ المنذرى [2/ 395، رقم 6] إلى صحته. وفي الباب عن عبد اللَّه بن بسر، قال البغوى الكبير في الجعديات: أخبرنا على بن الجعد أخبرنا إسماعيل بن عياش أخبرنا عمرو بن قيس السكونى عن عبد اللَّه بن بسر المازنى قال: "جاء أعرابى إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا

رسول اللَّه أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: ألا تفارق الدنيا إلا ولسانك رطب من ذكر اللَّه تعالى". ورواه الترمذى وابن ماجه وابن حبان [3/ 99، رقم 818] والحاكم بنحوه وقال: صحيح الإسناد. 121/ 200 - "أحَبُّ الأَعْمَال إِلى اللَّه بعد أَدَاء الفَرائضِ إِدْخَالُ السُّرورِ على المُسْلِمِ". (طب) عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: لم يرمز له المصنف بشيء، قال الهيثمى: فيه إسماعيل بن عمر البجلى، وثقه ابن حبان وضعفه غيره، وقال الحافظ العراقى: سنده ضعيف. قلت: للحديث طريق آخر، قال الدينورى في المجالسة: ثنا محمد بن غالب تمتام ثنا إسحاق بن كعب مولى بنى هاشم ثنا عبد الحميد أبي سليمان الأزرق عن سكين بن أبي سراج عن عبد اللَّه بن دينار عن ميمون بن مهران عن ابن عباس أن رجلا أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "أى العباد أحب إلى اللَّه عز وجل؟، قال: أنفعهم للناس، وإن من أحب الأعمال إلى اللَّه عز وجل سرورا تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضى عنه دينا أو تسد عنه جوعته، ولأن أمشى مع أخ لى في حاجة أحب إلى من اعتكاف شهرين في المسجد، ومن كفَّ غضبه ستر اللَّه عورته، ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه لأمضاه ملأ اللَّه قلبه أمنا وإيمانا، ومن مشى مع أخ له في حاجة حتى يثبتها ثبت اللَّه قدمه يوم تزل الأقدام". وسكين بن أبي سراج ضعيف، وقد اضطرب فيه فمرة قال: هكذا عن عبد اللَّه بن دينار عن ميمون بن مهران عن ابن عباس، ومرة قال: عن عمرو

ابن دينار عن عبد اللَّه بن عمر. كذلك أخرجه أبو الشيخ في التوبيخ [ص 122، رقم 94] قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن على ثنا السرى بن مهران ثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن قيس ثنا سكين بن أبي سراج ثنا عمرو بن دينار عن ابن عمر: "أن رجلا جاء إلى رسول اللَّه عني فقال: يا رسول اللَّه، أى الناس أحبُّ إلى اللَّه؟ وأى الأعمال أحب إلى اللَّه؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أحب الناس إلى اللَّه أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى اللَّه سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة". وقال الطبرانى في الصغير [2/ 106، رقم 861]: ثنا محمد بن عبد الرحيم الشافعى البصرى ثنا القاسم بن هاشم السمسار ثنا عبد الرحمن بن قيس الضبى ثنا سكين بن أبي سراج به مطولا مثل لفظ ابن عباس. وللحديث طريق آخر عن ابن عمر أسنده الذهبى [3/ 582، رقم 7684] من طريق جعفر بن محمد بن عون السمسار: ثنا محمد بن صالح فيروز التميمى ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر، قلت: "يا رسول اللَّه أى الناس أحب إلى اللَّه؟ قال: أنفعهم للناس، قلت: فأيّ الأعمال أحب إلى اللَّه؟ قال: سرور تدخله على مسلم" الحديث، ثم قال الذهبى: موضوع على مالك، قال: ولمحمد بن صالح حديث آخر عن نافع عن ابن عمر باطل أيضا. قلت: محمد بن صالح لم ينفرد به بل تابعه موسى بن محمد البلقاوى عن مالك أيضا، وموسى وضاع يسرق الحديث فلعله سرقه من محمد بن صالح أو هو الذي وضع إسناده وسرقه منه الآخر، قال أبو نعيم في الحلية [6/ 348]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا على بن رستم ثنا الهيثم بن خالد ثنا

موسى بن محمد الموقرى ثنا مالك عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر قال: "قيل يا رسول اللَّه أى العباد أحب إلى اللَّه؟ قال: أنفع الناس للناس، قال: فأى العمل أفضل؟ قال: إدخال السرور على قلب المؤمن قيل: وما سرور المؤمن؟ قال: إشباع جوعته وتنفيس كربته وقضاء دينه" الحديث. ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث مالك لم نكتبه إلا من حديث الهيثم عن الموقرى ورواه بعض الكذابين من حديث عبد اللَّه بن دينار عن بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق وفي قضاء الحوائج [ص 58 رقم 36] معا عن على بن الجعد عن محمد بن يزيد عن بكر بن خنيس عن عبد اللَّه بن دينار عن بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قيل يا رسول اللَّه من أحب الناس إلى اللَّه؟ قال: أنفعهم للناس وإن أحب الأعمال إلى اللَّه سرور تدخله على مؤمن تكشف عنه كربا أو تقضى عنه دينا" الحديث، ومحمد بن يزيد يسرق الحديث أيضا. ورواه الحاكم في المستدرك من وجه آخر عن ابن عباس مطولا من طريق محمد ابن معاوية ثنا مصادق بن زياد المدينى قال: سمعت محمد بن كعب القرظى يحدث عن ابن عباس به ثم أسنده الحاكم من وجه آخر من طريق أبي المقدام هشام بن زياد ثنا محمد بن كعب القرظى به مطولا، وسأذكره إن شاء اللَّه في حديث "إن أشرف المجالس". ثم قال الحاكم: هذا حديث قد اتفق هشام بن زياد النضرى ومصادق بن زياد المدينى على روايته عن محمد بن كعب القرظى وتعقبه الذهبى فقال: هشام متروك، ومحمد بن معاوية كذبه الدارقطنى فبطل الحديث اهـ. وفي الباب عن أبي هريرة وسيأتى في أفضل الأعمال إن شاء اللَّه تعالى.

122/ 202 - "أحبُّ الأعمالِ إلى اللَّهِ الحبُّ في اللَّه والبُغْضُ في اللَّه". (حم) عن أبي ذر قال الشارح في الكبير: قال ابن الجوزى: حديث لا يصح ويزيد بن أبي زياد أحد رجاله قال ابن المبارك: ارم به، وسوار العنبرى قال فيه الثورى: ليس بشيء اهـ. وبه يعرف أن تحسين المصنف له ليس في محله. قلت: الحديث ليس فيه سوار العنبرى إنما فيه راو لم يسم قال أحمد: حدثنا حسين ثنا يزيد يعنى ابن عطاء عن يزيد يعنى ابن أبي زياد عن مجاهد عن رجل عن أبي ذر قال: خرج إلينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "أتدرون أى الأعمال أحب إلى اللَّه عز وجل؟ قال قائل: الصلاة والزكاة، وقال قائل: الجهاد، قال: إن أحب الأعمال إلى اللَّه عز وجل الحب في اللَّه والبغض في اللَّه". وكذلك رواه أبو داود في سننه [4/ 198، 4599]: حدثنا مسدد حدثنا خالد بن عبد اللَّه ثنا يزيد بن أبي زياد به بلفظ: "أفضل الأعمال. . . "، وسيأتى للمصنف، قال الحافظ المنذرى في تلخيص السنن: فيه يزيد بن أبي زياد الكوفى لا يحتج بحديثه [4/ 24، رقم 31] وقد خرج له مسلم متابعة، وفيه أيضا رجل مجهول اهـ. ومع هذا فقد أورده في الترغيب والترهيب مصدر بـ "عن" التي هى في اصطلاحه للحسن والصحيح ثم قال: رواه أحمد وأبو داود وفي إسناده راو لم يسم فهو مع سكوت أبي داود سلف المصنف في تحسينه، وقد وهم ابن الجوزى في سوار العنبرى وهما فاحشا كما ذكره الحافظ في التهذيب.

123/ 206 - "أحبُّ الأَسْماءِ إِلى اللَّه عبدُ اللَّه وعبدُ الرَّحمنِ". (م. د. ت. هـ) عن ابن عمر قلت: في الباب عن أنس وأبي وهب وأبي سبرة وغيرهم. فحديث أنس رواه أبو يعلى [5/ 163، رقم 2778] بهذا اللفظ وفيه إسماعيل ابن مسلم المكى وهو ضعيف، وحديث أبي وهب رواه الدولابى في الكنى [1/ 112]: أخبرنا النسائى عن قتيبة بن سعيد ثنا أبو أحمد البزاز ثنا محمد بن مهاجر الأنصارى عن عقيل بن شبيب عن أبي وهب، وكانت له صحبة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أحب الأسماء إلى اللَّه عبد اللَّه وعبد الرحمن". ورواه البخارى في الأدب المفرد [ص 275، رقم 816] وفي التاريخ الكبير [الكنى رقم 749] وأبو داود [4/ 287، رقم 4950] والنسائى [6/ 218] من حديث أبي وهب المذكور بزيادة وسيأتى في حرف "التاء" في: "تسموا بأسماء الأنبياء". وحديث أبي سبرة رواه الدولابى في الكنى [1/ 35] قال: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن يزيد المقرئ ثنا أبي ثنا حماد بن سلمة عن الحجاج عن عمير بن سعد عن سبرة بن أبي سبرة أن أباه أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "ما ولدك؟ فقال: عبد العزى والحارث وسبرة فغير رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عبد العزى، وقال: هو عبد اللَّه، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن خير الأسماء عبد اللَّه وعبد الرحمن والحارث، ودعا له ولولده" قال الحجاج: فلم يزالوا في شرف حتى اليوم. ثم قال: حدثنا هلال بن العلاء حدثنا أبي ثنا عباد بن العوام ثنا حجاج عن

عمير بن سعد عن سبرة بن أبي سبرة الجعفى عن أبيه قال: "أتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ما ولدك؟ فقلت: فلان وفلان وعبد العزى قال: بل هو عبد الرحمن، وإن من خير أسمائكم عبد اللَّه وعبد الرحمن والحارث". ورواه أبو ذر الهروى في جزئه قال: أخبرنا الحسن بن أبي الحسن أبو على الفقيه ثنا عبد اللَّه بن محمد أنا محمد ابن بكار حدثنا ابن وكيع عن أبي إسحاق الهمدانى عن خيثمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: "أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مع أبي وأنا غلام فقال له ما اسم ابنك هذا؟ قال اسمه: عزيز، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا تسمه عزيز ولكن سمه عبد الرحمن فإن أحب الأسماء إلى اللَّه عز وجل عبد اللَّه وعبد الرحمن والحارث". قلت: كذا وقع في الجزء ابن وكيع عن أبي إسحاق. ورواه أحمد في مسنده [4/ 178]: عن حسين بن محمد عن وكيع عن أبي إسحاق عن خيثمة بن عبد الرحمن بن سبرة أن أباه عبد الرحمن ذهب مع جده إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما اسم ابنك هذا؟ قال: عزيز، فقال: لا تسمه عزيزا" وذكره. ورواه أيضا [4/ 178] عن وكيع عن أبيه عن أبي إسحاق. ورواه أيضا عن سريج بن النعمان ثنا زياد أو عباد عن الحجاج عن عمير بن سعيد عن سبرة بن أبي سبرة عن أبيه: "أنه أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ما ولدك؟ قال: فلان وفلان وعبد العزى، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: هو عبد الرحمن، إن أحق أسمائكم، أو من خير أسمائكم إن سميتم عبد اللَّه وعبد الرحمن والحارث".

124/ 208 - "أحَبُّ الأَديانِ إِلَى اللَّه الحَنِيفيَّةُ السَّمْحَةُ". (حم. خد. طب) عن ابن عباس قال الشارح: إسناده حسن. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد اللَّه بن إبراهيم الغفارى منكر الحديث، وقال شيخه العراقى: فيه محمد بن إسحاق رواه بالعنعنة أى هو مدلس من الضعفاء، فلا يحتج إلا بما صرح فيه بالتحديث اهـ. قال العلائى: لكن له طرق، لا ينزل عن درجة الحسن بانضمامها، وقال ابن حجر في التخريج: له شاهد مرسل في طبقات ابن سعد، قال: وفي الباب عن أبي ابن كعب وجابر بن عبد اللَّه وابن عمر وأبي أمامة وأبي هريرة وغيرهم، وقال في الفتح: وفي المختصر إسناده حسن اهـ. وبه يعرف أن رمز المؤلف لصحته غير جيد. قلت: الحديث ليس في سنده عبد اللَّه بن إبراهيم الغفارى، ولم يقل ذلك الحافظ الهيثمى كما حكاه عنه الشارح بل قال: رواه أحمد والطبرانى في الكبير والأوسط والبزار وفيه ابن إسحاق وهو مدلس ولم يصرح بالسماع، ثم أورد بعده حديث أبي هريرة مثله بعد حديث آخر ذكره، ثم قال: رواه الطبرانى في الأوسط، وفيه عبد اللَّه بن إبراهيم الغفارى منكر الحديث اهـ. فالشارح انتقل نظره من حديث ابن عباس إلى حديث أبي هريرة وسند الحديث عند أحمد هكذا [1/ 236]: حدثنا يزيد بن هارون أنا محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس به.

وقال البخارى في الأدب المفرد [ص 109، رقم 228]: حدثنا صدقة أخبرنا يزيد بن هارون به. ثم إن عنعنة ابن إسحاق لا تضر في مثل هذا الحديث المشهور من طرق كما ذكره الحافظ في كلامه الذي نقله الشارح، وقد ذكرت الكثير من طرقه بأسانيدها في مستخرجى على مسند الشهاب، فالحديث معها صحيح لا شك فيه. 125/ 213 - "أحبُّ الطَعَامِ إِلَى اللَّه ما كَثُرتْ عليه الأَيْدى". (ع. حب. هب) والضياء عن جابر قال الشارح: بأسانيد حسنة صحيحة. قال في الكبير: قال الهيثمى بعد ما عزاه للطبرانى وأبي يعلى: فيه عبد المجيد بن أبي رواد وفيه ضعف، وقال الزين العراقى: إسناده حسن اهـ. ولعله باعتبار تعدد طرقه وإلا فقد قال البيهقى عقب تخريجه: تفرد به عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج، وعبد المجيد أورده الذهبى في الضعفاء والمتروكين، وقال المنذرى: رواه أبو يعلى والطبرانى وأبو الشيخ في الثواب كلهم من رواية عبد المجيد بن أبي رواد وقد وثق، قال: لكن في الحديث نكارة اهـ. وبما تقرر عرف أن المؤلف لم يصب في رمزه لصحته بل قصاراه الحسن. قلت: هذا تناقض عجيب من الشارح إذ يثبت في شرحه الكبير أن الحديث تفرد به عبد المجيد بن أبي رواد وأنه حسن لا صحيح، ثم يقول في شرحه الصغير أنه روى بأسانيد حسنة صحيحة، والواقع أنه ليس له إلا طريق واحد من رواية عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر.

وقد رواه الطبرانى أيضا في مكارم الأخلاق فقال [ص 372 رقم 2/ 161]: حدثنا عبيد العجلى ثنا خلاد بن أسلم المروزى ثنا عبد المجيد به. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 96] عن أحمد بن موسى: ثنا عبد اللَّه بن مفلح ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا خلاد بن أسلم ثنا عبد المجيد به. وكأن الشارح أخذ تعدد طرقه من قول الحافظ العراقى: إنه حسن، إذ ظن أنه ما حسنه مع وجود ابن أبي رواد في سنده إلا لتعدد طرقه وهو ظن باطل، بل الحافظ العراقى حكم بحسنه لأن عبد المجيد بن أبي رواد وثقه ابن معين وأبو داود وغيرهما، وقال الذهبى: صدوق مرجئ كأبيه، وغالب من تكلم فيه إنما هو لأجل الإرجاء، وذلك من خلط أهل الجرح والتعديل وعدم تحريرهم لأسباب الجرح في الرواية مما بيناه في "فتح الملك العلي"، فلهذا حسنه الحافظ العراقى لا لتعدد طرقه عن جابر. نعم ورد من حديث أبي هريرة، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 81]: ثنا عبد اللَّه بن محمد حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن الحجاج ثنا مقدام بن داود المصرى ثنا النضر بن عبد الجبار ثنا ابن لهيعة عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أحب الطعام إلى اللَّه ما كثرت عليه الأيدى"، وهذا السند ضعيف لضعف المقدام بن داود وابن لهيعة. 126/ 218 - "أحبُّ عبادِ [اللَّه] (¬1) إلى اللَّه تعالى أحسنُهم خُلُقا" (¬2). (طب) عن أسامة بن شريك ¬

_ (¬1) ساقطة من الأصل، والاستدراك من المعجم الكبير. (¬2) ليس الحديث هكذا في مسند أسامة من المعجم الكبير وإنما هو قطعة من حديث طويل رواه (1/ 181، رقم 471) والحديث كله ليس من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما =

قلت: أخرجه الطبرانى أيضا في مكارم الأخلاق [ص 316، رقم 12] لكن بسياق آخر فقال: حدثنا على بن عبد العزيز ثنا مسلم بن إبراهيم (ح) وحدثنا أبو مسلم الكشى ثنا سليمان بن حرب قالا: حدثنا شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال: "قالوا يا رسول اللَّه: ما خير ما أعطى الناس؟ قال: إن الناس لم يعطوا شيئًا خيرًا من خلق حسن" (¬1). وبهذا السياق رواه الخرائطى في مكارم الأخلاق [1/ 21، 11/ 10] من طريق سفيان بن عيينة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال: "شهدت الأعاريب يسألون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولون: ما خير ما أعطى العبد؟ " الحديث. ورواه ابن حبان [1/ 121] والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. 127/ 219 - "أَحبُّ بُيُوتِكم إلى اللَّهِ بيتٌ فيه يتيمٌ مُكْرَمٌ". (هب) عن عمر قال الشارح: وفي إسناده ضعف شديد. قلت: لأنه من رواية إسحاق بن إبراهيم الحنينى، قال الذهبى: صاحب أوابد اهـ. لكنه ورد من وجه آخر من حديث أبي هريرة وسيأتى في حرف الخاء. وحديث عمر هذا أخرجه أيضا أبو نعيم في الحلية [6/ 337] قال: ¬

_ = قوله: "أحسنهم خلقًا" فقط، والجملة الأولى من الحديث سؤال من الصحابة للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. (¬1) وبهذا السند والسياق رواه كذلك في المعجم الكبير (1/ 179، رقم 364).

حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا محمد بن أحمد بن سليمان الهروى ثنا موسى بن سهل ثنا إسحاق الحنينى عن مالك عن يحيى بن محمد بن عجلان عن أبيه عن عمر به. قال أبو نعيم: تفرد به الحنينى عن مالك. وقال القضاعى في مسند الشهاب [2/ 229، رقم 1249]: أخبرنا هبة اللَّه بن إبراهيم الخولانى ثنا القاسم بن عبيد اللَّه البغدادى ثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن زيد ثنا فهد -يعنى ابن سليمان- ثنا الحنينى به. 128/ 220 - "أحبَّ اللَّه تعالى عبدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وسمحًا إِذا اشتَرى وسمحًا إِذا قَضَى وسمحًا إِذَا اقْتَضَى". (هب) عن أبي هريرة قال الشارح: رمز المؤلف لحسنه، ولعله لاعتضاده وإلا فهو ضعيف. قلت: هو على شرط الحسن كما قال المصنف، وهو في صحيح البخارى [4/ 359، رقم 2076] من حديث جابر بلفظ: "رحم اللَّه" وسيأتى في حرف الراء. 129/ 221 - "أحَبُّكُمْ إلى اللَّه أَقَلُّكُم طُعمًا وأخَفُّكُمْ بَدنَا". (فر) عن ابن عباس قلت: قال الديلمى: أخبرنا ابن خلف كتابة أخبرنا الحاكم ثنا محمد بن عامر ثنا مكى بن عبدان ثنا محمد بن يزيد ثنا حفص بن عمر الفقيه الزاهد ثنا أبو بكر بن عياش عن عباد عن عكرمة عن ابن عباس به.

130/ 223 - "أحبِبْ حَبيبَكَ هَوْنًا ما عَسَى أَنْ يكون بَغيضَكَ يومًا ما، وأَبْغِضْ بَغِيضَك هونًا ما عَسى أنْ يَكُونَ حَبيبَكَ يوما ما". (ت. هب) عن أبي هريرة، (طب) عن ابن عمر، وعن ابن عمرو (قط) في الأفراد، (عد. هب) عن على (خد. هب) عن على موقوفا. قلت: حديث أبي هريرة رواه الترمذى [4/ 360، رقم 1997] من طريق سويد بن عمرو الكلبى عن حماد بن سلمة عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به. ثم قال الترمذى: هذا حديث غريب لا نعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه. وقد روى هذا الحديث عن أيوب بإسناد غير هذا، رواه الحسن بن أبي جعفر وهو حديث ضعيف أيضا بإسناد له عن على عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والصحيح هو عن على موقوفا. ورواه ابن حبان في الضعفاء [1/ 351] من هذا الوجه أيضا، وقال في سويد ابن عمرو: إنه يضع المتون الواهية على الأسانيد الصحيحة لا يجوز الاحتجاج به بحال، وليس هو من حديث أبي هريرة، وإنما هو من قول على بن أبي طالب، وقد رفعه الحسن بن أبي جعفر عن أيوب عن حميد بن عبد الرحمن عن على وهو خطأ فاحش. قلت: سويد بن عمرو لم ينفرد به بل ورد من غير طريقه، رواه ابن عدى [2/ 298] والخطيب في التاريخ [11/ 428] من طريق شيبان: ثنا الحسن بن دينار عن محمد بن سيرين به. وقال ابن عدى: أجمع من تكلم في الرجال على ضعف الحسن بن دينار على

أنى لم أجد له حديثا جاوز الحد في الإنكار، وهو إلى الضعف أقرب اهـ. وله مع هذا طريق ثالث، قال الطبرانى في الأوسط: حدثنا محمد بن حنيفة الواسطى ثنا عمى أحمد بن محمد بن ماهان ثنا أبي ثنا عباد بن كثير عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به، وعباد بن كثير ضعيف. وحديث عبد اللَّه بن عمر رواه الطبرانى وابن حبان في الضعفاء [1/ 152]. وابن الأعرابى والقضاعى [1/ 431، رقم 739] كلهم من رواية أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروى: ثنا عباد بن العوام ثنا جميل بن زيد عن ابن عمر به. وقال ابن حبان في عبد السلام بن صالح: إنه يروى في فضائل على العجائب لا يحتج به إذا انفرد. قلت: وهذا الرجل ممن ظلمه أهل الجرح والتعديل لأجل تشيعه لأهل البيت، وقد وثقه أهل التحقيق منهم كما بينته في "فتح الملك العلى" وحديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رواه الطبرانى في الأوسط أيضا فقال: حدثنا محمد بن هشام المستملى ثنا محمد بن كثير الفهرى ثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد اللَّه بن عمرو به. وحديث على المرفوع رواه أيضا تمام في فوائده والطوسى في مجالسه من طريق يحيى بن الفضل أبي زكريا العنزى: ثنا أبو عامر العقدى ثنا هارون بن إبراهيم الأهوازى عن محمد بن سيرين عن حميد بن عبد الرحمن الحميرى عن على عليه السلام به مرفوعًا. وهذا طريق غير الطريق الذي ذكره الترمذى وابن حبان سابقا. وله طريق ثالث عنه مرفوعًا أيضا، قال القاضى عياض في معجمه:

أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد أنا القاضى يونس بن عبد اللَّه أنا جعفر بن أبي العرب ثنا على بن عثمان بن خطاب المعمر قال: سمعت على بن أبي طالب به مرفوعا، وعلى بن عثمان هو أبو الدنيا الأشج الكذاب الدجال. أما الموقوف فقال البخارى في الأدب المفرد [ص 434، رقم 1328]: ثنا عبد اللَّه قال: حدثنا مروان بن معاوية ثنا محمد بن عبيد الكندى عن أبيه قال: سمعت عليا يقول لابن الكواء: هل تدرى ما قال الأول؟ قال: "أحبب" وذكره. وهذا يدل على كذب من رفع الحديث عن على لأنه نسبه إلى الأول، فدل على أنه عنده عن غير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقد ورد معنى هذا الكلام عن عمر رضى اللَّه عنه بعبارة أخصر من هذه، قال البخارى في الأدب المفرد [ص 434، رقم 1329]: ثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر ثنا زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر رضى اللَّه عنه قال: "لا يكن حبك كلفا، ولا بغضك تلفا، فقلت: كيف ذاك؟ قال: إذا أحببت كلفت كلف الصبى، وإذا أبغضت أحببت لصاحبك التلف". وقال الخطابى في العزلة: أخبرنا ابن الأعرابى ثنا داود بن أيوب بن سليمان الأيلى حدثنا أبي ثنا بكر بن صدقة ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم به. 131/ 224 - "أحِبُّوا اللَّه لما يَغْذُوكم بِمَا به منْ نِعَمهِ، وأَحبُّونى لِحُبِّ اللَّه، وأحِبُّوا أَهل بيتى لِحُبى". (ت. ك) عن ابن عباس قلت: رواه الترمذى [5/ 664، رقم 3789] عن أبي داود صاحب السنن،

ورواه الحاكم [3/ 149] من طريق صالح بن محمد الحافظ كلاهما عن يحيى ابن معين: ثنا هشام بن يوسف عن عبد اللَّه بن سليمان النوفلى عن محمد بن على بن عبد اللَّه بن عباس عن أبيه عن ابن عباس به، وقال الترمذى: حسن غريب إنما نعرفه من هذا الوجه. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ورواه أبو نعيم في الحلية [3/ 211] من طريق عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل عن يحيى بن معين به، ثم قال: هذا حديث غريب بهذا اللفظ لا يعرف أحد رواه متصلا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا من حديث على بن عبد اللَّه بن عباس، ولا عنه إلا من حديث هشام بن يوسف وهو قاضى صنعاء محتج بحديثه أحد الثقات، رواه عنه أيضا على بن بحر مثل رواية يحيى بن معين. قلت: ورواه عنه أيضا إبراهيم بن موسى، قال البخارى في التاريخ [1/ 183، رقم 562]: قال لى إبراهيم بن موسى: أخبرنا هشام بن يوسف فذكره. وقول أبي نعيم: إنه لا يعرف عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- متصلا إلا من حديث ابن عباس متعقب بوروده من حديث على وأبي ذر، قال أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيد المنصورى قال: حدثنا عمر بن أبي موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور عن على بن محمد حدثنى أبي محمد بن على ثنا أبي على بن موسى ثنا أبي موسى بن جعفر ثنى أبي جعفر ابن محمد حدثنى محمد بن على ثنى أبي على بن الحسين عن أبيه الحسن عن على عليهم السلام عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به.

وحديث أبي ذر رواه الطوسى في مجالسه من طريق أبي المفضل الشيبانى في كتبه: ثنا عمر بن إسحاق بن أبي حماد بن حفص القاضى ثنا محمد بن المغيرة بن عبد الرحمن الحرانى ثنا أبو قتادة عبد اللَّه بن واقد التميمى ثنى شداد بن سعيد أبو طلحة الراسبى عن عنبسة بن عبد الرحمن عن رافع بن سحبان قال: حدثنى عبد اللَّه بن الصامت بن أخى أبي ذر قال: حدثنى أبو ذر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ملأ من أصحابه: "أيها الناس أحبوا اللَّه عز وجل" وذكره, وزاد: "فوالذى نفسى بيده لو أن رجلا طفق بين الركن والمقام صائما، وراكعا، وساجدا ثم لقى اللَّه عز وجل وهو غير محب لأهل بيتى لم ينفعه ذلك" الحديث. 132/ 225 - "أحِبُّوا العَربَ لِثَلاثٍ: لأني عَرَبيٌّ، والقُرآنُ عَربيٌّ، وكَلامُ أهل الجنَّةِ عَربيٌّ". (عق. طب. ك. هب) عن ابن عباس قلت: الحديث رواه أيضا ابن الأنبارى في الوقف والابتداء فقال: حدثنا أبو الحصين الكوفى حدثنا العلاء بن عمرو الحنفى ثنا يحيى بن يزيد الأشعرى عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به. ومن هذا الطريق رواه المذكورون في الكتاب وكذلك تمام في فوائده والحاكم في علوم الحديث (ص 162) في النوع الثامن والثلاثين. وقال في المستدرك بعد هذا الطريق [4/ 87]: تابعه محمد بن الفضل عن ابن جريج: حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد بن بطة الأصبهانى ثنا عبد اللَّه بن محمد بن زكريا ثنا إسماعيل بن عمرو ثنا محمد بن الفضل عن ابن جريج به بلفظ:

"احفظونى في العرب لثلاث خصال لأنى عربى" الحديث. ثم قال الحاكم: حديث يحيى بن يزيد عن ابن جريج حديث صحيح، وإنما ذكرت حديث محمد بن الفضل متابعا له، قال: والمتأول لقول المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلام أهل الجنة عربى" متهاون باللَّه ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- فإن شواهده بالوعيد منه -صلى اللَّه عليه وسلم- لمن يختار الفارسية على العربية نطقا وكتابة، وقد روينا في ذلك أحاديث ثم ذكر بعضها. وتعقبه الذهبى بأن يحيى ضعفه أحمد وغيره، وهو من رواية العلاء بن عمرو الحنفى، وليس بعمدة، وأما ابن الفضل فمتهم وأظن الحديث موضوعا اهـ. وكذا فعل ابن الجوزى فأورده في الموضوعات [2/ 46]، ونقل عن العقيلى أنه قال [3/ 348]: منكر لا أصل له، وتعقبه المصنف بأن العلاء ذكره ابن حبان في الثقات، وقال صالح جزرة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: كتبت عنه وما أعلم له خيرا، وبأن له شاهدا رواه الطبرانى في الأوسط: حدثنا مسعدة بن سعد ثنا إبراهيم بن المنذر ثنا عبد العزيز بن عمران ثنا شبل بن العلاء عن أبيه عن جده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنا عربى والقرآن عربى ولسان أهل الجنة عربى"، لكن قال الذهبى في المغنى: شبل بن العلاء بن عبد الرحمن، قال ابن عدى: له مناكير اهـ. قال الحافظ السخاوى [ص 22، رقم 320]: وحديث أبي هريرة مع ضعفه أصح من حديث ابن عباس. 133/ 229 - "احْبِسُوا عَلَى المؤْمِنِينَ ضَالَّتهم: العلْمَ". (فر) وابن النجار في تاريخه عن أنس قلت: قال الديلمى [1/ 135، رقم 320]: أخبرنا أبو نصر ظفر بن هبة اللَّه بن القاسم الكسائى المعروف بابن دحدويه

أخبرنا أبو منصور عبد اللَّه بن عيسى أخبرنا الحسين بن أحمد الصفار أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطى ثنا إبراهيم بن هانئ ثنا عمرو بن حكام عن بكر ابن خنيس عن زياد بن أبي حسان عن أنس به. وإبراهيم بن هانئ فمن فوقه كلهم ضعفاء متروكون، فالحديث باطل. 134/ 231 - "احتَرِسُوا من الناسِ بسوءِ الظَّنِّ". (طس. عد) عن أنس قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: تفرد به بقية بن الوليد وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات. وقال المؤلف في الكبير: حسن وهو ممنوع، فقد قال ابن حجر في الفتح: خرجه الطبرانى في الأوسط من حديث أنس، وهو من رواية بقية بالعنعنة عن معاوية بن يحيى وهو ضعيف فله علتان، وصح من قول مطرف أخرجه مسدد. قلت: لكنه ورد عن أنس من وجه آخر، أخرجه تمام في فوائده من حديث إبراهيم بن طهمان عن أبان بن أبي عياش عن أنس فبرئ منه بقية ومعاوية بن يحيى، أما قول مطرف الذي عزاه الحافظ لمسدد، فخرجه أيضا أحمد في كتاب الزهد له قال [ص 346، رقم 1356]: حدثنا عفان وشريح قالا: حدثنا مهدى قال شريح عن غيلان عن مطرف أنه كان يقول: "احترسوا من الناس بسوء الظن". ورواه البيهقى في سننه [10/ 129]، قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان أنبأنا أبو سهل بن زياد القطان ثنا إسحاق ابن الحسن الحربى ثنا عفان ثنا مهدى بن ميمون ثنا غيلان بن جرير قال: قال مطرف بن عبد اللَّه: فذكره.

قال البيهقى: ويروى ذلك عن أنس بن مالك مرفوعا، والحذر من أمثاله سنة متبعة اهـ. قلت: وورد أيضا عن الحسن من قوله، وذلك مما يدل على أنه ليس من قول مطرف بل منقول متداول بين علماء ذلك العصر. قال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا حجاج قال: حدثنا عمارة عن الحسن قال: "احترسوا من الناس بسوء الظن". بل ورد عن عمر رضي اللَّه عنه من قوله أيضا، قال الخطابى في العزلة: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن مالك ثنا السكونى محمد بن أيوب ثنا أبو الوليد الطيالسى ثنا الضحاك بن سيار النكرى عن أبي عثمان النهدى قال: قال عمر رضي اللَّه عنه: "احترسوا من الناس بسوء الظن". 135/ 233 - "احتكارُ الطَّعَامِ بِمكَّةَ إِلْحَادٌ". (طس) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد اللَّه بن المؤمل، وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه جمع اهـ. ولم يرمز له المؤلف بشيء، ومن زعم أنه رمز لحسنه لم يصب فقد حررته من خطه، وظاهر صنيعه حيث لم يعزه إلا للطبرانى أنه لم يعرف لغيره ممن هو أعلى والأمر بخلافه، فقد أخرجه الإمام البخارى في التاريخ الكبير عن يعلى بن أمية أنه سمع عمر يقول: "احتكار الطعام بمكة إلحاد"، وكان المصنف إنما عدل عنه لفهمه أن البخارى أشار إلى وقفه، وأنت تعلم أن هذا مما لا مجال للرأى فيه، فهو في حكم المرفوع، وأخرجه البيهقى مصرحا برفعه، فروى عن عطاء أن ابن عمر طلب رجلا فقالوا: ذهب يشترى طعاما، فقال: للبيت أو للبيع، فقالوا: للبيع،

قال: أخبروه أنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول، وذكره. قلت: كلام الشارح هذا خطأ من تسعة وجوه: الوجه الأول: أن المصنف لم يلتزم الاستقصاء والإحكام في العزو إلى جميع الكتب المخرج فيها الحديث. والوجه الثانى: [] (¬1) التي يستدرك بوجود الحديث فيها، ويعاب المحدث بعدم العزو إليها، لأن ذلك خاص بالأصول الستة بل بالصحيحين وحدهما. الوجه الثالث: أن الحديث في التاريخ الكبير [7/ 255، رقم 1083] موقوفا على عمر وكتابه خاص بالمرفوع، فالاستدراك عليه به لا معنى له أصلا. الوجه الرابع: أن قوله: "وكأن المصنف عدل عنه لفهمه أن البخارى أشار إلى وقفه" تعبير فاسد باطل، لأن البخارى لم يشر إلى وقفه، بل الخبر عنده موقوفا صريحا لا إشارة، فلا معنى لذكر الإشارة. الوجه الخامس: أن قوله: "وأنت تعلم أنه لا مجال للرأى فيه فهو في حكم المرفوع" باطل أيضا، بل فيه مجال للرأى، أو يجوز أن يرى عمر رضي اللَّه عنه في احتكار الطعام المنهى عنه أنه في مكة من جملة الإلحاد المذكور في الآية، لأن اللَّه تعالى يقول: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: 25] فيرى عمر رضى اللَّه عنه أن هذا من الظلم الذي هو إلحاد، فيخبر بذلك من رأيه واستنباطه. الوجه السادس: وعلى فرض أنه لا مجال للرأى فيه، فلا يجوز أن يقال فيما كان كذلك قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل هو ممنوع محرم بالإجماع، وإنما يقال: ¬

_ (¬1) هنا سقط من المخطوطة مقداره سطر، ولعله: "ليس التاريخ الكبير من الكتب التي يستدرك بوجود الحديث فيها".

موقوف له حكم الرفع، وكتاب المصنف خاص بالمرفوع صريحا، فلو فعل ما أشار به الشارح لكان كاذبا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وحاشاه من ذلك. الوجه السابع: أن الحديث الذي أورده المصنف من حديث ابن عمر والذي خرجه البخارى أثر عن والده عمر فهو حديث آخر ولو كان مرفوعا فضلا عن كونه موقوفا. الوجه الثامن: أن الشارح استدل على أن أثر عمر له حكم الرفع بحديث ابن عمر المخرج عند البيهقى في الشعب [7/ 527, رقم 11221]، وإنما يستدل به لو كان الأثر الموقوف عن ابن عمر لا عن عمر، إذ الواقع أنه عند عمر موقوفا وعند ابن عمر مرفوعا فلا تلازم بين الخبرين. الوجه التاسع: أن البخارى خرج حديث يعلى بن أمية الذي ذكره المصنف قبل هذا وعزاه إلى أبي داود [3/ 269، رقم 3447] وحده، فهناك كان للشارح أن يستدرك على المصنف لاتحاد المخرجين في الحديث لو ساغ له الاستدراك، فقد رواه البخارى عن أبي عاصم عن جعفر بن يحيى بن ثوبان قال: حدثنى عمى عمارة بن ثوبان عن مسلم بن باذان سمع يعلى قال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "احتكار الطعام بمكة إلحاد". ثم قال البخارى: وقال لنا الحميدى: ثنا يحيى بن سليم عن ابن خثيم عن عبيد اللَّه بن عياض بن عمرو القارى عن يعلى أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: "احتكار الطعام بمكة إلحاد". 136/ 235 - "احْثُوا في أَفْوَاهِ المدَّاحينَ التُّرابَ". (هـ) عن المقداد بن عمرو (حب) عن ابن عمر، ابن عساكر عن عبادة بن الصامت قال الشارح في الكبير: لم يرمز له المصنف بشيء، وقضية صنيع المؤلف أن

هذا لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وإلا لما ضرب عنه صفحا وعزاه لغيره، لما هو متعارف بين القوم أنه ليس لمحدث أن يعزو حديثا في أحدهما ما يفيده لغيرهما وهو ذهول عجيب، فقد عزاه الحافظ العراقى إلى الديلمى ثم إلى مسلم وأبي داود وأحمد من حديث المقداد، وأعجب من ذلك أنه هو نفسه عزاه في الدرر إلى مسلم. قلت: نعم هو ذهول عجيب، ولكن من الشارح لا من المصنف، فإن الشارح يعلم صنيع المصنف في كتابه المرتب على حروف المعجم في الحرف الأول والذي يليه، وأن ذلك يدعوه إلى تكرار الحديث مرارا عديدة بحسب الحروف المصدر بها عند مخرجيه، فيعزوه في كل حرف إلى من خرجه مصدر به. وهذا الحديث عند مسلم [4/ 2297، رقم 3002/ 68] مصدر بلفظ آخر وهو: "إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب". وأعجب من ذلك أن المصنف ذكره كذلك في حرف "إذا" وعزاه لأحمد [6/ 5] والبخارى في الأدب، ومسلم وأبي داود [4/ 255، رقم 4804] والترمذى [4/ 600، رقم 2339] كما سيأتى، فذهول الشارح وغفلته لا ينقضى تعجبى منهما. وبعد فالحديث له طرق أخرى غير التي ذكرها المصنف، وقد استوعبتها في المستخرج على مسند الشهاب. 137/ 238 - "أُحدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا ونُحِبُّهُ". (خ) عن سهل بن سعد، (ت) عن أنس، (حم. طب) والضياء عن سويد بن عامر الأنصارى، أبو القاسم بن بشران في أماليه عن أبي هريرة.

قال الشارح في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا مما تفرد به البخارى عن صاحبه وليس كذلك، بل رواه مسلم في الحج عن أنس بهذا اللفظ، وبه يعرف أن استقصاءه لمخرجيه لا اتجاه له، لأن ذلك إنما يحتاج إليه في حديث يراد تقويته لوهنه، وما اتفق عليه الشيخان في غاية الصحة والإتقان، وليس استيعاب المخرجين من دأبه في هذا الكتاب، فإنه يفعله كثيرا ويتركه أكثر حتى في الأحاديث المحتاجة للتقوية والاعتضاد، نعم لك أن تقول: حاول بذلك إدخاله في حيز المتواتر. قلت: هذا بالهذيان أشبه منه بالكلام، وما فيه من الأغلاط شبيه بما سبق له في الحديثين قبله، بل في هذا الكلام رد منه على ما ذكره في حديث "احتكار الطعام بمكة إلحاد"، إذ اعترف هنا أن المصنف ليس من دأبه الاستقصاء وانتقد عليه هناك بعدم الاستقصاء فهو تناقض عجيب، ثم إن استدراكه بوجود الحديث في مسلم باطل من وجهين: أحدهما: أنه في مسلم مصدر بحرف آخر ولفظه: "إن هذا جبل يحبنا ونحبه" وقد ذكره المصنف فيما سيأتى كذلك وعزاه للشيخين جميعا (¬1). ثانيهما: أن الشارح ادعى في الحديث أنه متفق عليه ولكنه ذكر الاتفاق ملفقا، فالمصنف عزاه للبخارى من حديث سهل بن سعد، والشارح استدركه عليه بأنه في مسلم [2/ 1011، رقم 1393/ 504] من حديث أنس، فاعجب لهذا الهذيان. 138/ 240 - "أُحدٌ رُكْنٌ مِنْ أرْكَانِ الجَنَّةِ" (ع. طب) عن سهل بن سعد قلت: الحديث رواه ابن عدى أيضا قال [4/ 176]: ¬

_ (¬1) انظر صحيح البخارى (7/ 436، رقم 4083).

ثنا أحمد بن المثنى ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ثنا عبد اللَّه بن جعفر أخبرنى أبو حازم عن سهل بن سعد به. وأورده ابن الجوزى في الموضوعات وقال [1/ 148]: تفرد به عبد اللَّه بن جعفر وهو متروك. وتعقبه المصنف بأن عبد اللَّه بن جعفر وإن كان ضعيفا لم يتهم بكذب، وقد روى له الترمذى وابن ماجه، قال: وقد تعقب الحافظ على المؤلف -يعنى ابن الجوزى- في حديث الديك، لما أعله به، فقال: عبد اللَّه بن جعفر والد على بن المدينى ضعيف، ولكن لم يبلغ أمره إلى أن يحكم على حديثه بالوضع. ثم استشهد له المصنف بما رواه ابن ماجه [2/ 1040، رقم 3115] من طريق عبد اللَّه بن مكنف عن أنس مرفوعا: "إن أحدا جبل يحبنا ونحبه وهو على ترعة من ترع الجنة، وعير على الترعة من ترع النار" لكن عبد اللَّه بن مكنف ضعيف، واستشهد له بالحديث المذكور بعده في الكتاب. 139/ 241 - "أُحدٌ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنا ونُحبُّه، على بابٍ من أبواب الجنَّةِ، وهذا عَيْرٌ يُبْغِضُنا ونُبْغضُه وإنه على بابٍ من أبواب النَّارِ". (طس) عن أبي عبس بن جبر قلت: قال الطبرانى: حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطى ثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة (ح). وأخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان الواسطى ثنا على بن شعيب السمار قالا: حدثنى ابن أبي فديك ثنا عثمان بن إسحاق عن عبد المجيد بن عبد اللَّه بن أبي عبس عن أبيه عن جده به. وقال أيضا في الأوسط:

ثنا محمد بن داود بن أسلم الصوفى ثنا عبيد اللَّه بن عبد اللَّه المنكدرى ثنا ابن أبي فديك به. قال الطبرانى: تفرد به ابن أبي فديك. 140/ 243 - "احْذَرُوا فِرَاسَةَ المؤمِنِ فإِنَّهُ ينْظُرُ بِنُورِ اللَّه، وَيَنْطِقُ بِتَوفِيقِ اللَّه". ابن جرير عن ثوبان قال الشارح في الكبير: وقضية صنيعه أن هذا لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، مع أن أبا نعيم والطبرانى خرجاه، ولعله ظهر له أن سند ابن جرير أمتن، فإن فرض أنه كذلك فكان ينبغى عزوه للكل. قلت: قد مر قريبا للشارح انتقاد المصنف على استقصائه في العزو، وهنا يلومه على عدم الاستقصاء مع أن لومه باطل، فإنه أبا نعيم خرجه [4/ 81] بلفظ: "احذروا دعوة المؤمن وفراسته، فإنه ينظر بنور اللَّه وينطق بالتوفيق"، قال أبو نعيم: حدثنا أبي ثنا محمد بن إسحاق الطبرى ثنا إبراهيم بن محمد ثنا سليمان بن سلمة ثنا مؤمل بن سعيد بن يوسف ثنا أبو العلاء أسد بن وداعة الطائى قال: حدثنى وهب بن منبه عن طاوس عن ثوبان به مرفوعا، ثم قال: غريب من حديث وهب، تفرد به مؤمل عن أسد اهـ. وأما الطبرانى فخرج من حديث أبي أمامة بلفظ [8/ 121, رقم 7479]: "اتقوا فراسة المؤمن"، وقد سبق للمؤلف ذكره في الألف مع التاء وتكلمنا عليه. 141/ 244 - "احْذَرُوا زَلَّةَ العَالِمِ، فإِنَّ زَلَّتَه تُكَبْكِبُه في النَّارِ". (فر) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: لم يرمز له المصنف بشيء وهو ضعيف، لأن فيه

محمد بن ثابت البنانى، قال الذهبى: ضعفه غير واحد، ومحمد بن عجلان أورده في الضعفاء، وقال: صدوق ذكره البخارى في الضعفاء، وقال الحاكم: سيء الحفظ عن أبيه عجلان، وهو مجهول. قلت: الشارح رجل بعيد عن علم الحديث، فلو لم يتعرض للجرح والتعديل والتصحيح والتضعيف لكان خيرا له، فإنه لا يعرف في هذا الباب ما يقول، فكل رجل يراه في الميزان يحسبه ضعيفا متروكا جهلا منه بقاعدة الميزان، بل وسائر كتب الجرح والتعديل، فمحمد بن عجلان ثقة صدوق صالح من رجال مسلم، وليس كل كلام في الرجل يدل على ضعفه، فإن أكثر الثقات المحتج بهم في الصحيحين متكلم فيهم، وما كاد أحد يسلم من كلام الناس حتى مالك والشافعى وأضرابهما، فمحمد بن عجلان وثقه ابن عيينة وأحمد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائى والواقدى والعجلى، وقال ابن سعد: كان عابدا ناسكا فقيها له حلقة في المسجد، وكان يفتى وروى عنه مالك والكبار، وأما والده عجلان فليس بمجهول بل هو معروف وقد روى له مسلم متابعة كابنه، وقال النسائى: لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات، والشارح رأى في الميزان عجلان بن إسماعيل بن سمعان عن أبي هريرة وعنه طلحة بن صالح مجهول كصاحبه اهـ، فظنه عجلان والد محمد وليس كذلك، فإن عجلان والد محمد لا يعرف أبوه وإنما يعرف بعجلان مولى فاطمة بنت عتبة، وأما محمد بن ثابت فلم يصرح في السند بأنه البنانى، بل قال الديلمى [1/ 132، رقم 307]: أخبرنا أبي أخبرنا الميدانى أخبرنا الحسن بن على الخلال أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبيد اللَّه السمين حدثنا الحسين بن على بن المغيرة عن محمد بن ثابت عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة به. وفي الرواة محمد بن ثابت كثيرون فيهم ثقات وضعفاء فلا أدرى من أين جزم

الشارح بأن المذكور هنا هو البنانى. 142/ 245 - "احْذَرُوا الدُّنْيَا فإِنَّها أَسْحرُ مِنْ هَارُوتَ وَمَارُوتَ" ابن أبي الدنيا في ذم الدنيا (هب) عن أبي الدرداء قلت: قال الذهبى في الميزان [4/ 522، رقم 10172]: أبو الدرداء الرهاوى عن رجل له صحبة بحديث: "اتقوا الدنيا فهى أسحر من هاروت وماروت" لا يدرى من ذا والخبر منكر لا أصل له. قال الحافظ في اللسان [7/ 44، رقم 416]: وهذا الحديث أخرجه البيهقى في الشعب [7/ 338، رقم 10504] من روايته عن أبي الدرداء، وأخرجه أيضا من طريق أخرى عن أبي الدرداء مرسلا وهو عند ابن أبي الدنيا في ذم الدنيا [ص 54، رقم 132] من هذا الوجه اهـ. فبهذا يعل الحديث لا بهشام بن عمار كما ذكره الشارح فإن هشام بن عمار ثقة صدوق إمام. 143/ 247 - "احْذَرُوا الشهوةَ الخفيةَ: العالمُ يحبُّ أن يُجْلَسَ إليه". (فر) عن أبي هريرة قلت: قال الديلمى: ثنا عمر بن إبراهيم التاجر المعدل ثنا محمد بن جعفر بن الحسين بن محمد ثنا محمد بن على بن (¬1) حدثنا الفضل بن عبد اللَّه اليشكرى ثنا مالك بن سليمان ثنا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن محمد بن عجلان عن أبي صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "احذروا الشهوة الخفية، قالوا: يا رسول اللَّه وما الشهوة الخفية؟ قال: ¬

_ (¬1) بياض في الأصل.

الرجل يتعلم العلم يحب أن يجلس إليه"، إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى ضعيف والحديث منكر. 144/ 248 - "احْذَرُوا الشُّهْرَتَينِ: الصُّوفَ والخَزَّ". أبو عبد الرحمن السلمى في سنن الصوفية (فر) عن عائشة قلت: قال أبو عبد الرحمن السلمى: حدثنا الحسين بن أحمد الصفار ثنا أحمد بن عيسى الوشا ثنا الربيع بن سليمان ثنا أسد بن موسى ثنا سفيان عن معمر عن الزهرى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به. وهو حديث باطل مفتعل ما حدث به الزهرى ولا معمر ولا سفيان. 145/ 249 - "احْذَرُوا صُفْرَ الوجوه، فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَكُن مِنْ عِلَّةٍ أو سَهَرٍ فإنَّهُ مِنْ غِلٍّ فِى قُلُوبهِم للمسْلِمِينَ". (فر) عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: فيه زيد بن الحباب ذكر في اللسان عن ابن حبان أنه يخالف في حديثه، وأخرجه أيضا أبو نعيم في الطب بسند واه عن أنس، وبه يعرف أن قول ابن حجر: لم أقف له على سند إن أراد ثابت جيد فمسلم وإلا فقد علمت وروده. قلت: أخذ الشارح هذا من كلام الحافظ السخاوى في المقاصد ولم يحسن إيراده، فإن الحافظ السخاوى أورد حديث ابن عباس هذا ثم قال [ص 66، رقم 34]: وأرده الديلمى وأبوه بلا سند عن أنس مرفوعا بلفظ: "إذا رأيتم الرجل أصفر الوجه من غير مرض ولا عبادة فذاك من غش للإسلام في قلبه"، وقال شيخنا -يعنى الحافظ-: إنه لم يقف له على أصل عنه وإن ذكره ابن القيم في الطب النبوى له فذاك بغير سند، قال السخاوى: قلت: قد ذكره

أبو نعيم في الطب من حديث حماد بن المبارك عن السدى بن شاهل عن الأوزاعى عن رجل عن أنس رفعه مثله سواء اهـ. فالحافظ لم يرد ما قاله الشارح بل أراد أنه لم يقف له على سند أصلا، ومراده حديث أنس لا حديث ابن عباس، فإنه أورده في زهر الفردوس بإسناده الذي قال فيه الديلمى [1/ 323، رقم 1020]: أخبرنا أبو ثابت بنجير بن منصور بن على الصوفى عن أبي محمد جعفر بن محمد بن الحسين الأبهرى عن صالح الحافظ عن أبي سعد أحمد بن محمد بن مهدى عن أحمد بن محمد بن الحسن البلخى عن رجاء بن نوح البلخى عن زيد بن الحباب عن عمران بن حدير عن عكرمة عن ابن عباس به. ومن اللطائف قول الشارح: فإن أراد بسند جيد ثابت فمسلم أى وإن لم يرد ذلك فغير مسلم قوله أنه لم يقف عليه بل وقف عليه وادعى الجهل به فاعجب لغفلته رحمه اللَّه. 146/ 250 - "احْذَرُوا البَغْى فإنَّه لَيْسَ مِنْ عُقوبةٍ هى أحضَرُ مِنْ عُقوبةِ البغِى". (عد) وابن النجار عن على قلت: هذا حديث طويل اختصره المصنف عن ابن عدى أخرجه من طريق محمد بن الفرات عن ابن إسحاق عن الحارث عن على قال [6/ 138]: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "احذروا البغى فإنه ليس من العقوبة أسرع من عقوبة البغى، وصلوا أرحامكم فإننه ليس من ثواب أعجل من ثواب صلة الرحم، وإياكم واليمين الفاجرة فإنها تنزع الديار من أهلها بلقعا، وإياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة يوجد من مسيرة ألف عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم ولا جار إزاره خيلاء إنما الكبرياء للَّه رب العالمين، والكذب كله إثم إلا ما نفعت

به مسلما أو دفعت به عن دين فلا بأس"، ومحمد بن الفرات كذبه أحمد وابن أبي شيبة، وقال البخارى: منكر الحديث وقال محارب بن دثار أحاديثه موضوعة. 147/ 252 - "أحْسَنُ النَّاسِ قراءةً الذي إذا قَرأ رَأيتَ أنَّهُ يخْشَى اللَّه". محمد بن نصر في كتاب الصلاة (هب. خط) عن ابن عباس، السجزى في الإبانة (خط) عن ابن عمر (فر) عن عائشة قال الشارح في الكبير: في سند حديث ابن عباس إسماعيل بن عمرو البجلى، قال الذهبى: ضعفوه، وفي سند حديث ابن عمر حميد بن حماد قال ابن عدى: يحدث عن الثقات بالمناكير، وفي سند حديث عائشة يحيى بن عثمان ابن صالح قال ابن أبي حاتم: تكلموا فيه وابن لهيعة فيه لين، لكن بتعدد طرقه يتقوى فيصير حسنا، وظاهر صنيع المؤلف أن هذا لم يخرج في أحد الستة وإلا لما عدل عن عزوه إلى الغير، وقد قال مغلطاى وغيره: ليس لمحدث أن يعزو حديثا لغير أصحاب الكتب الستة وهو فيها إلا أن تكون فيه زيادة أو شبهها أما إذا لم يكن كذلك فلا يجوز إلا عند من لم يكن محدثا. وقد خرجه ابن ماجه عن جابر بلفظ: "أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعته يقرأ رأيت أنه يخشى اللَّه تعالى". قال الحافظ العراقى: وسنده ضعيف، وقد رواه البزار بسند كما قال الحافظ الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، فحذفه الصحيح واقتصاره على المعلول من التقصير. قلت: في هذا أمور الأول: حديث ابن عباس لم أجده في تاريخ الخطيب، وقد رواه أيضا أبو نعيم في الحلية [4/ 19]:

ثنا عبد اللَّه بن محمد بن زكريا ثنا إسماعيل بن عمرو ثنا مسعر بن كدام عن عبد الكريم المعلم عن طاوس عن ابن عباس قال: "سئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من أحسن الناس قراءة؟ قال: من إذا سمعته يقرأ رأيت أنه يخشى اللَّه"، قال أبو نعيم: غريب من حديث مسعر لم يروه عنه مرفوعا موصولا إلا إسماعيل. الثانى: أن الشارح أعل حديث ابن عباس بإسماعيل بن عمرو البجلى وهو لم ينفرد به، بل ورد من غير طريقه، قال النقاش في فوائد العراقيين: أخبرنا أبو على محمد بن أحمد بن الصداف ثنا أبو الفضل العباس بن أحمد بن الحسن الوشاء ثنا أحمد بن عمر الوكيعى ثنا قبيصة بن عقبة عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به. وقال أبو نعيم في الحلية [4/ 19]: ثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا عباس بن أحمد بن الحسن الوشاء به، ثم قال: هذا حديث غريب من حديث الثورى عن ابن جريج عن عطاء تفرد به أحمد بن عمر عن قبيصة اهـ. وله طريق آخر من رواية طاوس أيضا، قال الطبرانى في الكبير [11/ 7, رقم 10852]: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا أبي ثنا ابن لهيعة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس مرفوعا: "إن أحسن الناس قراءة من قرأ القرآن يتحزن به". الثالث: حديث ابن عمر قال الخطيب [3/ 208]: أخبرنا على بن يعقوب القاضى ثنا على بن عمر بن محمد السكرى ثنا محمد ابن محمد بن يحيى الأزدى المقرئ ثنا محمد بن معمر النجرانى ثنا حميد بن حماد بن خوار ثنا مسعر بن كدام عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر قال:

"قيل للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أى أحسن صوتا بالقرآن قال: من إذا قرأ رأيت أنه يخشى اللَّه عز وجل"، قال الخطيب: تفرد بروايته ابن خوار وخالفه إسماعيل بن عمرو عن مسعر عن عبد الكريم عن طاوس عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: ابن خوار لم ينفرد به من حديث ابن عمر، بل رواه غيره كذلك، قال محمد بن نصر في قيام الليل: ثنا محمد بن يحيى ثنا عثمان بن عمر أخبرنا مرزوق أبو بكر عن الأحول عن طاوس عن ابن عمر به. وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان: ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عمر ثنا أبو العباس حاجب بن أركين الفرغانى ثنا أحمد بن محمد بن يحيى القطان ثنا عثمان بن عمر به. وله طريق آخر أيضا ذكره ابن أبي حاتم في العلل [2/ 119، رقم 1850] من رواية محمد بن أمية الساوى عن عيسى بن موسى غنجار عن عبد اللَّه بن كيسان عن يحيى بن يعمر عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنه سئل، من أحسن صوتا بالقرآن؟ فقال: أخوفهم للَّه"، لكن ذكر أنه سمع أباه يقول: هذا حديث غريب منكر ولم يبين علته. قلت: فهو غير مقبول إذ الحديث كما ترى له طرق متعددة لا يجوز أن يكون معها غريبا منكرا. الرابع: حديث عائشة أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان قال [2/ 58]: ثنا أبي ثنا سعيد بن يعقوب أبو عثمان السراج ثنا ابن أشكب ثنا يحيى بن عثمان بن صالح المصرى ثنا أبي ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن يزيد عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أحسن الناس قراءة الذي إذا قرأ رأيت أنه يخشى اللَّه".

الخامس: أن ابن ماجه لم يخرج الحديث باللفظ الذي ذكره الشارح، بل ذكره بلفظ آخر لا يدخل في هذا الموضوع على اصطلاح المؤلف كما مضى في غيره، قال ابن ماجه [1/ 425، رقم 1339]: ثنا بشر بن معاذ الضرير ثنا عبد اللَّه بن جعفر المدينى ثنا إبراهيم بن إسماعيل ابن مجمع عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى اللَّه"، فالشارح ما أحسن لا في التعقب ولا في إيراد الحديث بلفظه على أن سنده أضعف من الأحاديث التي أوردها المصنف. السادس: قول الشارح: وقد رواه البزار بسند كما قال الحافظ الهيثمى: رجاله رجال الصحيح فحذفه الصحيح واقتصاره على المعلول من التقصير كلام باطل لوجوه، أحدها: أن صنيعه يقتضى أن البزار خرج حديث جابر ولذلك لام المصنف على إعراضه عنه وإتيانه بالمعلول والواقع خلاف ذلك أعنى أن الحافظ الهيثمى لم يذكر حديث جابر في كتابه ولم يقل فيه ما نقله عنه الشارح ولا يمكن أن يذكره، لأن حديث جابر في سنن ابن ماجه وكتاب الهيثمى خاص بالزوائد التي لم تذكر في الكتب الستة. ثانيها: أن الحافظ الهيثمى قال: رواه الطبرانى في الأوسط وفيه حميد بن حماد بن خوار وثقه ابن حبان وقال: ربما أخطأ، وبقية رجال البزار رجال الصحيح أى بعد حميد بن حماد. ثالثها: أنه قال ذلك في حديث ابن عمر الذي ذكره المصنف لا في حديث آخر لم يذكره، فبطل قول الشارح من أصله، ونص الحافظ الهيثمى [7/ 170] عن ابن عمر قال: "سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أحسن الناس صوتا بالقرآن؟ قال: من إذا سمعت قراءته رأيت أنه يخشى اللَّه عز وجل" رواه الطبرانى في

الأوسط وفيه حميد. . . إلخ ما سبق فاعجب لتحقيق الشارح في أنقاله وانتقاداته. 148/ 254 - "أحسنوا إذا وُلِّيتم واعْفُوا عمَّا مَلكْتُم". الخرائطى في مكارم الأخلاق عن أبي سعيد قال الشارح في الكبير: وفيه ضعف. قلت: كان حقه أن يبين وجه ضعفه وهو أنه من رواية إسماعيل بن يحيى وهو كذاب مجمع على تركه، قال الخرائطى [1/ 413، رقم 712]: حدثنا الحسين بن يزيد الجصاص ثنا إسماعيل بن يحيى ثنا مسعر عن عطية عن أبي سعيد به. ومن طريق الخرائطى أسند القضاعى في مسند الشهاب، ورواه أيضا الديلمى في مسند الفردوس قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد القرمسانى ثنا عبد الواحد بن هبيرة ثنا على بن الحسن بن سعيد ثنا على بن مهرويه ثنا على بن القاسم ثنا الحسين بن يزيد الجصاص به. 149/ 255 - "أحْسِنوا جوارَ نِعَمِ اللَّه، لا تُنَفِّرُوها، فقلَّما زَالتْ عن قومٍ فعادتْ إليهِمْ". (ع. عد) عن أنس (هب) عن عائشة قال الشارح في الكبير في حديث أنس: رواه البيهقى أيضا كلهم من حديث عثمان بن مطر [1/ 170] عن ثابت عن أنس ثم قال البيهقى: عثمان ضعيف وكذا قال الذهبى والهيثمى. وحديث عائشة رواه البيهقى من طريق الوليد بن محمد الموقرى عن الزهرى

عن عروة عن عائشة، ثم قال البيهقى: الموقرى ضعيف، قال: ورواه خالد ابن إسماعيل المخزومى عن هشام عن أبيه عن عائشة وهو أيضا ضعيف. قلت: حديث عائشة أخرجه أيضا ابن أبي الدنيا في الشكر [ص 65، رقم 2] قال: ثنا صاحب بن الوليد ثنا الوليد بن محمد الموقرى عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت: "دخل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فرأى كسرة ملقاة فمسحها فقال: يا عائشة أحسنى جوار نعم اللَّه عز وجل فإنها قلما نفرت عن أهل بيت فكادت أن ترجع إليهم". ورواه الحكيم الترمذى في نوادر الأصول [2/ 70] في الأصل السبعين ومائة (¬1) قال: حدثنا على بن حجر ثنا الموقرى به، ثم قال الحكيم: فحسن المجاورة لنعم اللَّه من تعظيمها وهو من شكرها والرمى لها من الاستخفاف بها وذلك من الكفران، والكفور ممقوت مسلوب، وبلغنا أن امرأة أنجت صبيها بكسرة خبز ووضعتها في جحر فابتلى أهل ذلك الزمان بقحط فاضطرت المرأة من شدة الجوع إلى أن طلبت تلك الكسرة حتى وجدتها فأكلتها. قلت: هذه الحكاية أخرجها ابن المبارك في كتابه الزهد [ص 51, 183] عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أخبرنا بقية بن الوليد ثنا أبو سلمة الحمصى عن يحيى بن جابر الطائى قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن امرأة من بنى إسرائيل أنجت صبيا لها بكسرة من خبز ثم جعلتها في جحر فسلط اللَّه عليها الجوع حتى أكلتها". ثم أخرج ابن المبارك حديث الباب عن أبي الدرداء موقوفا عليه، قال: ¬

_ (¬1) في الأصل التاسع والستين ومائة من المطبوع.

أخبرنا بقية حدثنى أبو سلمة الحمصى قال: قال أبو الدرداء: "أحسنوا مجاورة نعم اللَّه لا تملوها ولا تنفروها فإنها لقل ما نفرت عن قوم فعادت إليهم". 150/ 270 - "أَحْفُوا الشَّوَاربَ، وأَعْفُوا اللِّحى، وانتُفُوا الشَّعْرَ الذي في الآنافِ". (عد. هب) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال الشارح: قال الإمام أحمد: هذا اللفظ الأخير غريب وفي ثبوته نظر اهـ. وقال في الشرح الكبير: ظاهر صنيعه يوهم أن مخرجيه خرجاه وسكتا عليه والأمر بخلافه، بل تعقبه البيهقى بقوله: قال الإمام أحمد. . . إلخ. قلت: ظن الشارح أن الامام أحمد هو ابن حنبل فأطلق النقل عنه في شرحه الصغير وليس كذلك، بل المراد به البيهقى نفسه، فإن الراوى للكتاب عنه يصفه بذلك، لأنه يقول عن نفسه قال أحمد كما هو صنيع المتقدمين كلهم لا يقولون كما يقول المتأخرون: قلت، وراوى الكتاب يزيد فيه لفظة التعظيم وكثيرا ما تجد ذلك في سنن البيهقى أيضا. 151/ 271 - "أَحَقُّ ما صَلَّيتُم عَلَيه أطفَالِكمْ". الطحاوى (هق) عن البراء قال الشارح في الكبير: رمز المؤلف لصحته وهو زلل فقد تعقبه الذهبى في المهذب فقال: ليث لين وعاصم لا يعرف فالصحة من أين؟! بل والحسن من أين؟!. قلت: إنما الزلل من الشارح الذي يسارع إلى الانتقاد بغير تحقيق ولا بتحرير بل بمجرد التقليد والتوهم فالحديث عزاه المصنف للبيهقى والطحاوى أما البيهقى فرواه من طريق أحمد بن حازم [4/ 9]:

أنبأنا الفضل بن دكين حدثنا عبد السلام بن حرب عن ليث عن عاصم عن البراء بن عازب به، كذا وقع عنده عاصم وهو تحريف، فلذلك لم يعرفه الذهبى وإنما هو عامر الشعبى. كذلك وقع عند الطحاوى (¬1) من رواية أبي أمية عن أبي نعيم به، ثم قال الطحاوى عقبه: وقد قال عامر الشعبى: إن محمدا -صلى اللَّه عليه وسلم- قد كان صلى على ابنه إبراهيم، ولم يقل ذلك إلا وقد ثبت. عنده ثم أسنده (1) من طريق سفيان عن جابر عن الشعبى، فاتضح أن المذكور في السند هو عامر الشعبى الإمام الثقة أحد كبار التابعين، وكون ليث فيه لين لا يخدش في صحة الحديث لاسيما وقد ورد من طرق أخرى. نعم ذكر البخارى في التاريخ [الكنى ص 10، رقم 62] أن جريرا رواه عن ليث عن أبي بكر الخزاعى عن البراء عن أبي بكر الصديق موقوفا عليه: "أحق ما صليتم عليه أطفالكم". ورواه البيهقى من طريق هشام: ثنا قتادة عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر الصديق رضى اللَّه عنه قال: "صلوا على أطفالكم فإنهم أحق من صليتم عليهم"، وهذا لا يضر المرفوع لما هو مقرر في محله من تقديم المرفوع إذا تعارضت الرواية فرفعه راو وأوقفه آخر، لأن الرفع زيادة من ثقة، على أن هذا نفسه له حكم الرفع، فإن أبا بكر رضى اللَّه عنه لم يكن ليحكم بأن الطفل أحق بالصلاة من غيره لو لم يكن ذلك عنده عن توقيف إذ الرأى يعطى أن المكلف أحق بالصلاة عليه والدعاء له لأنها شفاعة والطفل لم يجر عليه قلم فهو غير محتاج إلى الصلاة فضلا أن يكون أحق بها من المكلف. ¬

_ (¬1) أخرجه في شرح معانى الآثار (1/ 508).

152/ 272 - "أُحِلَّ الذَّهَبُ والحَرِيرُ لإِنَاثِ أُمَّتى وحُرِّم على ذُكُورهَا". (حم. ن) عن أبي موسى قال الشارح في الكبير: وظاهر صنيع المؤلف أن النسائى تفرد به من بين الستة والأمر بخلافه، بل رواه الترمذى أيضا وقال: حسن صحيح وصححه البغوى وغيره. قلت: الترمذى لم يخرجه بهذا اللفظ بل بلفظ: "حرم لباس الحرير على ذكور أمتى وأحل لإناثهم" (¬1) وقد ذكره المصنف في موضعه من حرف الحاء، وكتب عليه الشارح في الصغير: وقال الترمذى: حسن صحيح ونوزع، وذكر في الكبير من نازعه وأطال في ذلك وضرب عن جميعه هنا صفحا فهو الملوم المنتقد لا المصنف الحافظ المحقق. 153/ 274 - "احْلِفُوا باللَّه واصْدُقُوا، فإنَّ اللَّه يُحِبُّ أن يُحْلَفَ به". (حل) عن ابن عمر قلت: قال أبو نعيم [7/ 267]: ثنا محمد بن المظفر وعبد اللَّه بن محمد بن عثمان قالا: حدثنا معروف بن محمد بن زياد ثنا الفضل بن العباس الجرجانى ثنا عفان بن سيار عن مسعر عن وبرة عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، ثم قال: تفرد به عفان عن مسعر، ولما نقل الشارح في الكبير قول أبي نعيم هذا زاد: وهو ضعيف، قال البخارى: لا يصح حديثه، ومعروف قال الذهبى: فيه طعن اهـ. ¬

_ (¬1) انظر في جامع الترمذى (4/ 217، رقم 1720).

قلت: وليس هذا بصحيح فإن عفانا قال فيه أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في الثقات [8/ 522]، وقال البخارى: لا يعرف بكثرة حديث، وقال العقيلى [3/ 414، رقم 1455]: لا يتابع على رفع حديثه، وقد راجعت تاريخ البخارى [7/ 72، رقم 329] فوجدته لم يزد فيه على ما نقل عنه، ولفظه: عفان بن سيار الجرجانى لا يعرف بكثير حديث اهـ. فما نقله عنه الشارح تحريف محض منه. وقال الثقفى في الثالث من الثقفيات: ثنا القاضى أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشى ثنا أبو جعفر محمد بن على بن دحيم الشيبانى ثنا محمد بن أحمد بن عاصم الجرجانى ثنا أحمد بن يحيى بن عيسى ثنا عفان بن سيار به كما عند أبي نعيم، ثم قال: غريب من حديث مسعر لا أعرفه متصلا مرفوعا إلا من هذا الوجه. ورواه الناس عن مسعر عن وبرة عن ابن عمر موقوفا من قوله. ورواه عمر بن يحيى المقدمى عن مسعر عن وبرة عن همام عن ابن مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: هذا الطريق خرجه أبو نعيم [7/ 267] في ترجمة مسعر من الحلية لكن لفظه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "لأن أحلف باللَّه وأكذب أحب إلى من أن أحلف بغير اللَّه وأصدق" ثم قال: تفرد به محمد بن معاوية عن عمر عن مسعر. 154/ 275 - "احلقُوه كُلَّه أو اتْركُوُه كُلَّه". (د. ن) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: وصنيع المؤلف يفيد أنه لم يخرج في أحد الصحيحين وإلا لما عدل عنه وهو غريب، فقد خرجه مسلم تلو حديث النهى عن القزع بالسند الذي ذكره، وأخرجه أبو داود ولكنه لم يذكر لفظه بل قال بذلك، فلم

يتفطن له المؤلف، ومن ثم عزاه الحميدى كأبي مسعود الدمشقى إلى مسلم وتبعهما المزى في الأطراف. قلت: بل الغريب فوق الغريب هو كلام الشارح المضحك وأن يلزم المصنف بالكذب على صحيح مسلم وعزو ما ليس فيه إليه، فمسلم روى من طريق يحيى بن سعيد عن عبيد اللَّه عن عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر [3/ 1675، رقم 2120/ 113] "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن القزع، قال: قلت لنافع: وما القزع؟ قال: يحلق بعض رأس الصبى ويترك بعض". ثم رواه [3/ 1675 رقم 2120 م] من طريق أبي أسامة وابن نمير عن أبيه عن عبيد اللَّه مثله وجعل التفسير في حديث أسامة من قول عبيد اللَّه، ثم رواه [3/ 1675 رقم 2120 م] من طريق عثمان الغطفانى وروح عن عمر بن نافع بإسناد عبيد اللَّه مثله، ثم رواه [3/ 1675 رقم 2120 م] من طريق معمر عن اْيوب ومن طريق عبد الرحمن السراج عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، فهل يعقل أن يكون قوله بذلك غير راجع إلى الحديث المذكور قبله، بل راجع إلى حديث آخر مذكور في سنن أبي داود إن هذا لعجب؟!. 155/ 279 - "أَخَافُ عَلَى أُمَّتى من بَعْدِى ثَلاثًا: حَيْفَ الأَئِمَّةِ، وإِيمانًا بالنُّجومِ، وتكذيبًا بالقَدَرِ". ابن عساكر عن أبي محجن الثقفى قال الشارح في الكبير: قال الحافظ العراقى: إسناده ضعيف ولم يرمز المؤلف له، ووهم من زعم أنه رمز لحسنه لكنه أشار بتعدد طرقه إلى تقويته. قلت: هذا سبق قلم من الشارح فإن المصنف لم يذكر له إلا مخرجا واحدا فأين هي الطرق المتعددة التي أشار بها إلى تقويته؟!. والحديث أخرجه أيضا ابن عبد البر في العلم قال [2/ 795، رقم 1481]:

حدثنا عبد الوارث ثنا قاسم بن أصبغ ثنا إبراهيم بن إسحاق النيسابورى ثنا الحسين بن أبي زيد ثنا على بن يزيد الصدائى ثنا أبو سعد البقال عن أبي محجن قال: "أشهد على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال وذكره". ومن هذا الطريق رواه أبو أحمد الحاكم وأبو نعيم في المعرفة، وأبو سعد البقال ضعيف ولم يدرك أبا محجن كما قال الحافظ. 156/ 288 - "اخْتِلافُ أُمَّتى رَحْمَةٌ". نصر المقدسي في الحجة، والبيهقى في الرسالة الأشعرية بغير سند وأورده الحليمى والقاضى حسين وإمام الحرمين وغيرهم ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا. قال الشارح: والأمر كذلك فقد أسنده البيهقى في المدخل وكذا الديلمى في الفردوس من حديث ابن عباس لكن بلفظ: "اختلاف أصحابى رحمة". قلت: يعاب على المصنف رحمه اللَّه تعالى إيراده لهذا الحديث الموضوع الباطل الذي لا أصل له مع عدم وقوفه على مخرج له، ومن اعتمد على ذكرهم إياه لا ينبغى أن يعتبر بهم فإنهم قوم صناعتهم الفقه ولا دراية لهم بالحديث مطلقا، بل منهم من يورد الحديث الموضوع محتجا به في حكم، ثم يعزوه إلى الصحيحين، والبيهقى وإن كان حافظا إلا أن الروح الفقهية غالبة عليه مع ميل وتعصب، وما حمله على إيراده في الرسالة بدون إسناد إلا ذلك، أما ما ذكره الشارح من أن البيهقى والديلمى خرجاه فهو مع كونه بلفظ الصحابة لا بلفظ الأمة باطل مختلق مصنوع مركب ركيك لا يحل ذكره إلا على سبيل البيان لوضعه، قال الديلمى في حرف الميم من مسند الفردودس [4/ 447، رقم 6799]: أخبرنا عبدوس أخبرنا الطوسى أخبرنا الأصم حدثنا بكر بن سهل ثنا عمرو بن

هشام البيروتى عن سليمان بن أبي كريمة عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رفعه، "مهما أوتيتم من كتاب اللَّه فالعمل به لا عذر لأحد في تركه، وإن لم يكن في كتاب اللَّه فسنة ماضية منى، فإن لم تكن سنة ماضية فما قال أصحابى، فإن أصحابى بمنزلة النجوم من السماء بأيهم اقتديتم اهتديتم، واختلاف أصحابى لكم رحمة" فهدا السند مظلم، جويبر هالك ساقط، وسليمان بن أبي كريمة ضعفه أبو حاتم، وقال ابن عدى [3/ 262]: عامة أحاديثه مناكير، وعمرو بن هاشم البيروتى فيه مقال، وبكر بن سهل ضعفه النسائي وما عرفت الطوسى المذكور في الإسناد هذا، وكتاب اللَّه تعالى وسنة نبيه التواترة ناطقة بذم الاختلاف فكيف يقبل نقل مجهول يجعل ذلك رحمة، ولكن حبك الشيء يعمى ويصم، فالتقليد المذموم وحب تصويبه، ورفع مناره هو الموقع في مثل هذا، نسال اللَّه العافية. 157/ 290 - "أَخَذْنَا فَأْلَكَ مِنْ فِيكَ". (د) عن أبي هريرة، ابن السنى وأبو نعيم معا في الطب عن كثير بن عبد اللَّه عن أبيه عن جده (فر) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: رمز: المؤلف لحسنه ولعله لاعتضاده وإلا فقد سمع القول في كثير على أن فيه أيضا من لا يخلو من مقال. قلت: عجيب أن يعل الحديث بكثير، مع أن المصنف أورده من طريقين آخرين من حديث أبي هريرة وابن عمر، فهل ظن الشارح أن كثيرا موجود في جميع هذه الأسانيد أم ماذا؟! فحديث أبي هريرة قال فيه أبو داود [4/ 17، 3917]: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا وهيب عن سهيل عن رجل عن أبي هريرة: "أن

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سمع كلمة فأعجبته فقال: أخذنا فألك من فيك" وهذا سند على شرط الصحيح لولا وجود الرجل المجهول. وحديث ابن عمر، قال البزار في مسنده: ثنا أحمد بن محمد بن المعلى ثنا حفص بن عمارة ثنا المبارك بن فضالة عن عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لرجل سمع منه كلمة فأعجبته: "أخذنا فألك من فيك". ومن هذا الطريق رواه الديلمى في مسند الفردوس وورد أيضا من حديث سمرة أخرجه الخلعى في فوائده من طريق محمد بن يونس: ثنا عون بن عمارة ثنا السرى بن يحيى عن الحسن عن سمرة بن جندب قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعجبه الفأل الحسن فسمع عليا يوما وهو يقول: خضرة، فقال: يالبيك قد أخذنا فألك من فيك فاخرجوا بنا إلى خضرة، قال فخرجوا إلى خيبر فما سل فيها سيف إلا سيف على بن أبي طالب". 158/ 291 - "أُخِّرَ الكَلامُ في القَدَرِ لِشِرَارِ أُمَّتى في آخِرِ الزَّمَانِ". (طس. ك) عن أبي هريرة قلت: رواه أيضا الدولابى في الكنى والأسماء قال [2/ 38]: أخبرنى أحمد بن شعيب -يعنى النسائى- حدثنا الحسن بن إسحاق ثنا حفص ابن عمران الإمام أبو عمران ثنا عنبسة الحداد عن الزهرى عن سعيد وابن سلمة عن أبي هريرة به (¬1). ومن هذا الوجه رواه الحاكم [2/ 473، رقم 3765] من طريق أبي عاصم (¬2) ¬

_ (¬1) بلفظ: "أخر كلام قدرية لشرار. . . ". (¬2) الذي في المستدرك: "أبو قلابة"، "وليس أبا عاصم".

ثنا عنبسة عن الزهرى أنه تلا قول اللَّه تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ في ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} الآية إلى: {بِقَدَرٍ} فقال: حدثنا سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به، قال الحاكم: صحيح على شرط البخارى ولم يخرجاه، قال الذهبى في التلخيص: عنبسة ثقة لكن لم يرويا له كذا قال مع أنه أورد عنبسة في الميزان [3/ 302، 6514] فقال: عنبسة بن مهران البصرى الحداد عن الزهرى قال أبو حاتم: منكر الحديث، وروى عبد اللَّه بن رجاء: حدثنا عنبسة عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا: "أُخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة، ومراء في القرآن كفر"، ورواه ابن رجاء مرة أخرى فوقفه، وكذا رواه أبو عاصم النبيل بالوجهين، وقال سويد بن سعيد: ثنا أغلب بن تميم عن أبي خالد الخزاعى عن الزهرى قال: قال لى عمر بن عبد العزيز: رد على حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في القدر فقال: سمعت فلانا الأنصارى يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أُخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة في آخر الزمان" فهذا أشبه، زاد الحافظ في اللسان [4/ 384، 1155]: وقال أبو داود: ليس بشيء، وقال البخارى: لا يتابع على حديثه حكاه العقيلى [3/ 365، 1403] وقال: أراد هذا الحديث ثم ساقه مرفوعا وموقوفا وأشار إلى أن الموقوف أشبه. قلت: لكن البخارى لم يذكر في التاريخ ما حكاه عنه العقيلى، بل قال [7/ 38، 165]: عنبسة الحداد عن الزهرى روى عنه الضحاك بن مخلد أبو عاصم وعبد اللَّه بن رجاء البصرى اهـ. ولم يزد على ذلك. أما ابن أبي حاتم فقال في كتاب الجرح والتعديل: عنبسة الحداد وهو عنبسة بن مهران وفرق بينهما بعض الناس وهو واحد روى عن الزهرى ومكحول، روى عنه عبد اللَّه بن رجاء المكى وأبو عاصم النبيل ومكى بن إبراهيم، سمعت أبي يقول ذلك، وروى أيضا عن السدى، سألت أبي عنه فقال: هو منكر

الحديث، أنا يعقوب بن إسحاق فيما كتب إلى قال: أنا عثمان بن سعيد الدارمى قال: قلت ليحيى بن معين: عنبسة بن مهران عن الزهرى، من عنبسة الذي يروى عنه يحيى بن المتوكل؟ فقال: لا أعرفه، قال ابن أبي حاتم: لأنه مجهول اهـ. فهذا كله يخالف قول الذهبى في التلخيص: إنه ثقة، والظاهر أنه لم يظنه عنبسة بن مهران، لأنه وقع في المستدرك غير منسوب، وكذلك ظنه الحاكم -واللَّه أعلم- أنه غير ابن مهران، ثم إن الذهبى رجح في الميزان أنه موقوف، ثم عقبه رجح المرفوع من رواية الأنصارى فقال في كل منهما: أنه الأشبه فأتى بكلام مشتبه. 158/ 293 - "أَخْرِجُوا منْدِيلَ الغَمْرِ من بُيُوتِكم فإنه مَبِيتُ الخبيثِ وَمَجْلِسُهُ". (فر) عن جابر قلت: قال الديلمى [1/ 141، رقم 343]: أخبرنا محمد بن الحسين إذنا أخبرنا أبي أخبرنا ابن. . . (¬1) حدثنا عمير بن مرداس ثنا ابن بكير ثنا سعيد بن خيثم ثنا حوام بن عثمان عن أبي الزبير عن جابر به، قال الحافظ في الزهر: حرام متروك. 159/ 295 - "أَخْشَى ما خشيتُ على أمتى كِبَرَ البَطْنِ، ومُدَاوَمَةَ النَّوْمِ والكَسَلَ وضَعْفَ اليقينِ". (قط) في الأفراد عن جابر قال الشارح في الكبير: ورواه الديلمى أيضا وفيه محمد بن قاسم الأزدى قال الذهبى: كذبه أحمد والدارقطنى. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل.

قلت: الديلمى رواه من طريق الدارقطنى فلا يعد مخرجا مستقلا، والدارقطنى رواه عن محمد بن القاسم الأزدى عن الحسن بن على بن محمد ابن المغيرة عن محمد بن ثابت عن النعمان بن زائدة والنعمان بن سالم عن أبي سفيان عن جابر به. ومحمد بن القاسم الذي ذكر الشارح عن الذهبى أن أحمد والدارقطنى كذبه هو غير المذكور في السند، لأن ذلك قديم من رجال الترمذى وهذا شيخ للدارقطني الذي لم يدرك الترمذى فضلا عن رجاله، ولينظر في سند هذا الحديث. 160/ 297 - "اخْفِضِى ولا تَنْهِكِى، فإنه أنضرُ لِلْوجْهِ وأَحْظَى عند الزوج". (طب. ك) عن الضحاك بن قيس الفهرى قلت: ذكر الشارح في الكبير كلاما على هذا الحديث لخصه من كلام الحافظ، إلا أنه لم يحسن إيراده وأتى فيه بما يوقع في الإيهام والالتباس فراجع كلام الحافظ في التلخيص الحبير [4/ 82، 1807] تستفد حقيقته، ومما لم يذكره الحافظ من طرق الحديث ما رواه الدولابى في الكنى قال [2/ 122]: حدثنا معاوية بن صالح أبو عبيد اللَّه حدثنا محمد بن سلام الجمحى مولى قدامة بن مظعون ثنا زائدة بن أبي الرقاد أبو معاذ عن ثابت عن أنس بن مالك قال: قال: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأم عطية: "إذا اخفضتى فأشمى ولا تنهكى فإنه أثرى للوجه" الحديث. 161/ 298 - "أخْلِصْ دينَك يكْفِكَ القليلُ من العملِ". ابن أبي الدنيا في الإخلاص (ك) عن معاذ قال الشارح: رواه (ك) في النذر وقال: صحيح واعترض.

قلت: الحاكم رواه في الرقاق [4/ 306، رقم 7844] لا في النذر فقال: حدثنا أبو العباس الأصم ثنا بحر بن نصر ثنا عبد اللَّه بن وهب أخبرنى يحيى بن أيوب عن عبيد اللَّه بن زحر عن الوليد بن عمران عن عمرو بن مرة الجملى عن معاذ بن جبل: "أنه قال لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين بعثه إلى اليمن: يا رسول اللَّه أوصنى، قال: أخلص" وذكره، قال (ك): صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قال الذهبى: قلت: لا ولما نقل الحافظ المنذرى في الترغيب [541، رقم 4] تصحيحه تعقبه بقوله: كذا قال، وعزاه الحافظ العراقى في المغنى إلى مسند الفردوس للديلمى، ثم قال: وإسناده منقطع مع أنه كما ترى في مستدرك الحاكم. وكذلك رواه أبو نعيم في الحلية [1/ 244]: ثنا محمد بن على ثنا أبو العباس بن أبي الطفيل ثنا يزيد بن موهب ثنا ابن وهب بسنده ومتنه، وسبب تعقّبهم على الحاكم أن عبيد اللَّه بن زحر ضعيف، قال يحيى بن معين: ليس بشيء وقال ابن المدينى: منكر الحديث، وقال الدارقطنى: ليس بالقوى بشيء، وقال أبو مسهر: صاحب كل معضلة وإن ذلك على حديثه لبين. وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الأثبات اهـ. لكن الديلمى لم يروه من طريقه بل قال [1/ 527 رقم 1776]: أخبرنا أبو العلاء أحمد بن نصر أخبرنا أبو محمد بن ساهلة ثنا صالح الحافظ إذنا ثنا القاسم بن أبي صبح ثنا إبراهيم بن الحسين ثنا النضر بن عبد الجبار ثنا إبراهيم بن خالد بن أبي عمران عن عمرو بن مرة به. فبرئ عبيد اللَّه بن زحر منه لكن عمرو بن مرة لم يسمع من معاذ فبقى فيه الانقطاع. إذنا ثنا القاسم بن أبي صبح ثنا إبراهيم بن الحسين ثنا النضر بن عبد الجبار ثنا إبراهيم بن خالد بن أبي عمران عن عمرو بن مرّة به. فبرئ عبيد اللَّه بن زحر منه لكن عمرو بن مرّة لم يسمع من معاذ فبقى فيه الانقطاع

162/ 300 - "أَخْلِصُوا عبادةَ اللَّه تعالى وأَقيموا خمسكُم وأدّوا زكاةَ أموالِكم طَيِّبَة بها أنفُسكُم وصومُوا شهرَكُم وحجوا بيتكم تدخلوا جنةَ رِبّكم". (طب) عن أبي الدرداء قال الشارح: وفيه ضعف. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه يزيد بن فرقد ولم يسمع من أبي الدرداء. قلت: وعليه فكان حقه أن يقول في الصغير: وفيه انقطاع بدل قوله: وفيه ضعف. 163/ 301 - "اخلَعُوا نِعالكُم عندَ الطَّعامِ فإنها سنَّةٌ جميلةٌ". (ك) عن أبي عبس بن جبر قال الشارح: وفيه ضعيف ومتروك. قلت: الحديث ليس من مسند أبي عبس وإنما هو من مسند أنس، وقد نبّه الشارح على ذلك في الكبير فكان حقه ألا يغفله في الصغير. قال الحاكم [3/ 351، رقم 5497]: أخبرنى أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه بن أميّة القرشى بالساقة ثنا محمد بن أيوب ثنا سليمان بن النعمان الشيبانى ثنا يحيى بن العلاء حدثنى موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه عن أنس قال: دعا أبو عبس بن جبر الأنصارى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لطعام صنعه لهم فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اخلعوا نعالكم" الحديث. قال الذهبى: يحيى وشيخه متروكان، ونقل في الميزان عن عبد الرزاق أنه قال: سألت وكيعًا عن يحيى بن العلاء فقال: أما رأيت فصاحته؟ قلت: على

ذلك ما تنكرون منه؟ قال: يكفى أنه روى عشرين حديثا في خلع النعل على الطعام. 164/ 305 - "أخْوَفُ مَا أخافُ على أمَّتِى كلُّ مُنَافِق عَليُم اللسانِ". (عد) عن عمر قال الشارح في الكبير: بإسناد ضعيف، ورواه أيضا الطبرانى في الكبير، بل والإمام أحمد، قال السيد السمهودى: رواته محتجٌ بهم في الصحيح اهـ. فعدل المصنف عن الحديث الصحيح إلى الرواية الضعيفة واقتصر عليها. قلت: كلا لم يقتصر عليها ولم يعدل إلى الضعيفة إلا لشرط كتابه، فإن الحديث عند أحمد مصدر بـ "إن" في أوله، وقد ذكره المصنف في حرف "إن" وعزاه لأحمد ولكن الشارح لا يعقل. قال أحمد [1/ 22]: حدثنا أبو سعيد ثنا ديلم بن غزوان العبدى ثنا ميمون الكردى حدثنى أبو عثمان عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن أخوف ما أخاف على أمتى كل منافق عليم اللسان". وقال أيضًا [1/ 44]: حدثنا يزيد أنبأنا ديلم بن غزوان ثنا ميمون الكردى عن أبي عثمان النهدى قال: إنى لجالس تحت منبر عمر وهو يخطب الناس، فقال في خطبته: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن أخوف" وذكره. ثم إن ديلم بن غزوان وميمون الكردى ليس واحد منهما من رجال الصحيح وإن وثّقا، بل في كل منهما مقال فبطل نقل الشارح عن السمهودى بأن رواته مجمع عليهم في الصحيح.

والحديث رواه أيضًا عبد بن حميد في مسنده: ثنا محمد بن الفضل السدوسى ثنا ديلم بن غزوان به بلفظ: "إنما أخاف عليكم كل منافق عليم يتكلم بالحكمة ويعمل بالجور". [ورواه] الفريابى في جزء النفاق: ثنا عبيد اللَّه بن عمر القواريرى وأبو عبد اللَّه محمد بن أبي بكر المقدمى قالا: حدثنا ديلم بن غزوان به، باللفظ المذكور هنا بدون "إن" في أوله. ورواه أيضا من وجه آخر عن ميمون الكردى فقال: حدثنا محمد بن المثنى ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا الحسن بن أبي جعفر ثنا ميمون الكردى عن أبي عثمان النهدى: سمعت عمر بن الخطاب في خطبته يقول: "حذرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كل منافق عليم اللسان" وقال البزار في مسنده [1/ 97، رقم 168]: حدثنا محمد بن عبد الملك القرشى ثنا ديلم بن غزوان ثنا ميمون الكردى به مثله. وقد ذكر الذهبى في الميزان ميمون الكردى هذا وأورد له هذا الحديث من مسند أحمد لكنه ورد عن عمر من طرق أخرى مرفوعًا وموقوفًا. قال البخارى في التاريخ الكبير [كنى ص 41، رقم 351]: ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد ثنا أبو سويد وهو ابن المغيرة عن الحسن: أن الأحنف بن قيس قدم على عمر في وفد أهل البصرة فسرحهم واحتبس الأحنف حولًا ثم دعاه فقال: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حذّرنا كل منافق عليم اللسان، وإنى تخوفت أن تكون منهم وأنا أرجو ألّا تكون فالحق بأهلك. وقال أبو أحمد الغطريفى في جزئه: ثنا محمد بن هارون بن المجد ثنا أحمد بن الحسين بن خراش ثنا عارم

وهو محمد بن الفضل أبو النعمان ثنا حماد بن زيد به مثله، إلا أنه قال: "خوّفنا" بدل "حذرنا" وقال الفريابى: حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسى ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال: قدمت على عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه فاحتسبنى عنده مدة فقال: يا أحنف إنى قد بلوتك وخبرتك فرأيت علانيتك حسنة وأنا أرجو أن تكون سريرتك على مثل علانيتك، وإنا كنا نتحدّث: إنما يهلك هذه الأمة كل منافق عليم. ورواه الفريابى من حديث عمران بن الحصين فقال: حدثنا عبيد اللَّه بن معاذ ثنا أبي حدثنا حسين المعلم عن أبي بريدة عن عمران بن حصين قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أخوف ما أخاف عليكم بعدى كل منافق عليم اللسان". 165/ 306 - "أخوفُ ما أخافُ على أمتَّى الهَوَى وطُولُ الأملِ". (عد) عن جابر. قلت: رواه أيضا الحاكم في التاريخ قال: حدثنا محمد بن صالح بن هانى ثنا جعفر بن محمد بن سوار ثنا عبد اللَّه بن عمر بن الرماح ثنا على بن أبي على اللهبى عن ابن المنكدر عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أخوف ما أخاف على أمتى الهوى وطول الأمل، أما الهوى فيصدّ عن الحق، وأما طول الأمل فينسى الآخرة" ورواه الديلمى في مسند الفردوس من طريق الحاكم، وقال أحمد بن عبيد في مسنده: أخبرنا تمّام ثنا محمد بن معاوية النيسابورى ثنا على بن أبي على به بلفظ "أخوف ما أخاف". ورواه القشيرى في الرسالة من طريقه.

وقال البندهى في شرح المقامات: أخبرنا عبد السلام بن أحمد بن إسماعيل المقرى أنا الإمام أبو عاصم الفضل ابن يحيى الفضيلى أنا عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أبي شريح ثنا أبو سهل محمد بن إبراهيم بن يزيد القاضى ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن صالح بن سهل ثنا محمد بن عمرو ثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه الأويسى ثنا على بن أبي على اللهبى به، وزاد بعد قوله "وأما طول [الأمل] فينسى الآخرة وهذه الدنيا مرتحلة دائرة، وهذه الأخرة مرتحلة قادمة، ولكل واحدة منها بنون، فإن استطعتم أن تكونوا من بنى الآخرة ولا تكونوا من بنى الدنيا فافعلوا، فإنكم اليوم في دار عمل ولاحساب وأنتم غدًا في دار حساب ولا عمل" اهـ. وعلى بن أبي على اللهبى قال أحمد: له مناكير، وقال أبو حاتم والنسائى: متروك، وقال ابن معين: ليس بشيء ورقال الحاكم: يروى عن ابن المنكدر أحاديث موضوعة، وضعفة آخرون. قلت: والظاهر، بل الواقع إن شاء اللَّه تعالى أنه أخذ هذا من كلام على عليه السلام وركَّب له الإسناد عن محمد بن المنكدر عن جابر، فقد قال أحمد في كتاب الزهد: حدثنا وكيع قال: قال ابن أبي خالد عن زبيد قال: قال على عليه السلام وقال وكيع: وحدثنا يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن مهاجر العامرى عن على عليه السلام قال: "إن أخوف ما أخاف عليكم اثنين: طول الأمل، واتباع الهوى، فأما طول الأمل فينسى الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، ألا وإن الدنيا قد ولّت مدبرة والآخرة مقبلة ولكل واحد منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل".

وقال أبو نعيم في الحلية [1/ 76]: حدثنا أبو بكر الطلحى ثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا عون بن سلام ثنا أبو مريم عن زبيد عن مهاجر بن عمير به مثله، ثم قال أبو نعيم: رواه الثورى وجماعة عن زبيد مثله عن على مرسلًا ولم يذكروا مهاجر بن عمير. قال أبو نعيم: أفادنى هذا الحديث الدارقطنى عن شيخى، لم أكتبه إلا من هذا الوجه اهـ. ورواه ايضًا الدينورى في المجالسة. 166/ 307 - : أخُوكَ البِكرىَّ ولا تأمَنْهُ". (طس) عن عمر (د) وعن عمرو بن الفغواء قلت: رواه من حديث الثانى أيضا أحمد والبخارى في التاريخ الكبير، فقال أحمد [5/ 289]: حدثنا نوح بن يزيد أبو محمد أنا إبراهيم بن سعد حدثنيه ابن إسحاق عن عيسى بن معمر عن عبد اللَّه بن عمرو بن الفغواء الخزاعى عن أبيه قال: "دعانى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد أراد أن يبعثنى بمال إلى أبي سفيان يقسمه في قريش بمكّة بعد الفتح قال: فقال: التمس صاحبًا، قال: فجاءنى عمرو بن أميّة الضّمرى قال: بلغنى أنك تريد الخروج وتلتمسى صاحبًا، قلت: أجل قال: فأنا لك صاحب، فجئت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: قد وجدت صاحبًا -وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: إذا وجدت صاحبًا فآذنى- قال: فقال من؟ قلت: عمرو بن أمية الضّمرى، قال: فقال: إذا هبطت بلاد قومه فأحذره فإنه قد قال القائل: "أخوك البكرى ولا تأمنه"، الحديث. وقال البخارى [7/ 39، 172]: قال نوح بن يزيد ثنا إبراهيم بن سعد سمع ابن إسحاق سمع عيسى بن معمر

عن عبد اللَّه بن عمرو بن الفغواء عن أبيه سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أخوك البكرى ولا تأمنه". 167/ 308 - "أدِّ الأمانةَ إلى مَنْ ائَتَمَنَكَ ولا تَخُنْ مُن خَانَكَ". (تخ. د. ت. ك) عن أبي هريرة (قط) والضياء عن أنس (طب) عن أبي أمامة (د) عن رجل من الصحابة (قط) عن أبيِّ بن كعب. قلت: نقل الشارح في الكبير كلام الحفاظ في تعليل جميع هذه الطرق وختم ذلك بقوله: وقال ابن الجوزى: لا يصح من جميع طرقه. ثم قال في شرحه الصغير: والمتن صحيح اتفاقا، فاعجب لهذا التناقض الغريب. وقد قال الشافعى أيضًا: إنه ليس بثابت، وقال أحمد بن حنبل: إنه باطل لا يعرف من وجه يصح، وقال أبو حاتم: إنه منكر، وقال ابن ماجه والبيهقى والحافظ وتلميذه السخاوى وجماعة: طرقه كلها ضعيفة، فما أدرى بعد هذا من اتفق على صحة متنه؟ وقد اْوردت الحديث بأسانيده في مستخرجى على مسند الشهاب. 168/ 309 - "أدِّ ما افْتَرضَ اللَّه عَليْكَ تكُن مِنْ أعْبَدِ النَّاس، واجْتَنب مَا حرَّم اللَّه عَلَيْكَ تَكُن مِنْ أَوْرعَ النَّاسِ، وارْضَ بِمَا قَسمُه اللَّه لَكَ تكُنْ مِنْ أغْنَى النَّاسِ". (عد) عن ابن مسعود. قال الشارح في الكبير: نقل ابن الجوزى عن الدارقطنى أنه قال: رفعه وهم والصواب وقفه.

قلت: في الباب عن على وأبي أمامة من حديث عليٍّ فقال الطوسى في الرابع من أماليه: ثنا محمد بن محمد بن النعمان ثنا المظفر بن محمد البلخي ثنا محمد بن همّام أبو على ثنا حميد بن زياد ثنا إبراهيم بن عبيد بن حنَّان ثنا الربيع بن سليمان عن إسماعيل بن مسلم السكونى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدِّه على عليه السلام قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "اعمل بفرائض اللَّه تكن من أتقى الناس، وارضَ بقسم اللَّه تكن من أغنى الناس، وكفَّ عن محارم اللَّه تكن أورع الناس، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنا، وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مسلمًا". وأما حديث أبي أمامة فقال ابن أبي حاتم في العلل [2/ 110، رقم 1824]: سألت أبي عن حديث رواه موسى بن سهل الرملى عن محمد بن زياد المقدسى عن يوسف بن جواد من أهل فلسطين قال: خرجنا نريد العزف فمررنا بحمص، فقيل لى: ها هنا رجل يحدث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأتيته فإذا هو أبو أمامة الباهلى، فسمعته يحدث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أدِّ ما افترض اللَّه عليك تكن أعبد الناس وازهد فيما حرّم اللَّه عليك تكن أورع الناس وارضَ بما قسم اللَّه لك تكن أغنى الناس" قال أبي هذا حديث باطل اهـ. كذا قال: وهو باطل ويقرب من هذا حديث أبي هريرة المعروف. 169/ 310 - "أدَّبنى ربِّى فَأَحْسَنْ تأدِيبى". ابن السمعانى في أدب الإملاء عن ابن مسعود. قلت: أسند هذا الحديث الإمام الكبير العارف الشهير أبي أحمد الرفاعى في كتابه "حال أهل الحقيقة مع اللَّه" فقال: أخبرنا ابن العمّ الولى الصالح السيد سيف الدين عثمان قال: حدثنى أبو على ابن يحيى الرفاعى قال: حدثنى ابن

عمى حسن بن عسلة حدثنى النقيب يحيى بن ثابت قال: حدثنى أبي ثابت عن أبيه حازم عن أبيه على الحازم أبي الفوارس عن أبيه على أبي الفضائل عن أبيه رفاعة الحسن المكى نزيل إشبيلّية [عن] أبيه أبي القاسم محمد البغدادى نزيل مكة عن أبيه الحسن القاسم أبي موسى الرئيس عن أبيه الحسين عبد الرحمن الرضا المحدِّث القصيعى عن أبيه أحمد الأكبر عن أبيه موسى عن أبيه الأمير الكبير إبراهيم المرتضى عن أخيه على الرضا عن أبيه موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه زين العابدين على عن أبيه الحسين عن أبيه على عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أدَّبنى ربى فأحسن تأديبى" كذا أورد هذا السند مسلسلًا بالآباء فلينظر فيه (¬1). 170/ 311 - "أدِّبوا أولادَكُم على ثَلاثِ خِصالِ: حُبُّ نبيِّكم وحبُّ أهل بيته وقراءة القرآن فإنَّ حملةَ القرآن في ظل اللَّه يومَ لا ظلَّ إلَا ظلُّه مع أنْبيائِهِ وأصْفِيائِهِ". أبو نصر عبد الكريم الشيرازى في فوائده (فر) وابن النجار عن على قال الشارح في الكبير: لم يرمز المصنف له بشيء وهو ضعيف، لأن فيه صالح بن أبي الأسود له مناكير، وجعفر الصادق قال الذهبى في الكاشف عن القطان: في النفس منه شيء. قلت: هذه غلطة شنيعة من الشارح وغفلة عظيمة راج عليه معها نصب ¬

_ (¬1) قال ابن تيمية في مجموعة الرسائل الكبرى (2/ 336): معناه صحيح، ولكن لا يعرف له إسناد ثابت اهـ. وأورده السخاوى في المقاصد الحسنة (ص 73، رقم 45) بإسنادين غير هذا عن على رضي اللَّه عنه ثم قال: وبالجملة فهو كما قال ابن تيمية: لا يعرف له إسناد ثابت اهـ. وانظر كشف الخفاء (1/ 70).

الذهبى، فهل أنت يا مناوى مجنون تعلّل الحديث بجعفر الصادق أحد كبار الأئمة وسادات الأمة وبحور العلم والمعرفة من آل البيت الأطهار؟! وتجعله في مصاف الضعفاء والمتروكين الذين يردُّ بهم الحديث، إن هذا لعجب بل الذهبى نفسه لم يصل إلى هذه الدرجة أن يضعِّف حديثا بوجود جعفر الصادق فيه، وإنما أورده في الميزان على زعم أنه يورد كل من تُكُلِّم فيه بحق أو بباطل ولذلك قال في الميزان: جعفر بن محمد بن على بن الحسين الهاشمى أبو عبد اللَّه أحد الأئمة الأعلام برٌّ صدوق كبير الشأن، وهو صادق في هذا ولكنه كذاب في قصده، بل غرضه الأكيد هو جلب الطعن فيه من إخوانه النواصب، وإدراج هذا الإمام في دفتر الضعفاء والمتروكين، فإنه ذكر فيه أيضا جميع الأئمة المشاهير المتبوعين من سادات أهل البيت رضي اللَّه عنهم، كالإمام زيد بن على، والإمام على بن موسى الرضى والإمام موسى الكاظم، مع أنه ذكر في خطبة كتابه أنه سيورد كل من تكلم فيه ولا يتعرض لأحد من الأئمة المتبوعين، فهل هؤلاء ليسوا بأئمة؟ وهل هم غير متبوعين؟ وهؤلاء آلاف الآلاف من أتباعهم من الزيدية والإمامية موجودة في كل عصر، بل هذه الأمة بأجمعها مجمعة على جلالتهم وإمامتهم واعتقادهم والتبرك واستحضار الرحمات بذكرهم والثناء عليهم، فقبح اللَّه النواصب. والحديث رواه ابن النجار في تاريخه من طريق أبي نصر عبد الكريم بن محمد الشيرازى المذكور قال: حدثنا أبو معشر عبد اللَّه بن إبراهيم الواعظ الهمدانى حدثنا أبو بكر أحمد بن على بن لال الفقيه ثنا على بن محمد بن عامر النهاوندى ثنا على بن العباس بن الوليد المقانعى ثنا جعفر بن محمد بن الحسين الزهرى ثنا حسين بن الحسين ثنا صالح بن الأسود أو ابن أبي الأسود عن محارق بن عبد الرحمن عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على بن أبي طالب عليه السلام مرفوعًا به.

وقال الديلمى [2/ 468، رقم 3314]: أنا والدى أنا أبو طاهر الأمين أنا المظفّر بن الحسينى السمسار ثنا على بن محمد ابن عامر النهاوندى به. ويشهد له في كون حملة القرآن من أهل ظلّ العرش ما رواه أبو على بن شاذان في مشيخته قال: حدثنا أبو الفوارس شجاع بن جعفر بن أحمد بن خالد الأنصارى الصوفى ثنا عياش بن محمد ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا أبو عامر الأسلمى عن سهيل ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سبعة يظلهم اللَّه تَحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله إمام مقسط ورجل لقيته امرأة ذات جمال ومنصب فعرضت نفسها عليه فقال: إنّى أخاف اللَّه ربَّ العالمين، ورجل تعلم القرآن في صغره فهو يتلوه في كبره، ورجل تصدّق بصدقة بيمينه فأخفاها عن شماله، ورجل قلبه معلّق بالمساجد ورجل لقى رجلًا فقال له: إنِّى أحبّك في اللَّه، ورجل ذكر اللَّه بين يديه ففاضت عيناه خشيةً من اللَّه". 171/ 314 - "ادَرءَوا الحُدود بالشُّبهَاتِ وأقِيلُوا الكِرَامَ عَثَراتِهِم إلّا في حَدٍّ مِنْ حُدود اللَّه تعالى". (عد) في جزء له من حديث أهل مصر والجزيرة عن ابن عباس. وروى صدره أبو مسلم الكجِّى وابن السمعانى في الذيل عن عمر بن عبد العزيز مرسلا، ومسدد في مسنده عن ابن مسعود موقوفًا. قلت: مرسل عمر بن عبد العزيز لا يصح عنه لأنه مركّب في حكاية غريبة فكاهية باطلة لا توافق دين عمر بن عبد العزيز وفضله، والحكاية أسندها الرشاطى في الأنساب له من طريق أبي مسلم، الكجِّى وأسندها ابن الأبار في

معجم أصحاب الصدفى من طريق الرشاطى قال: حدثنا الفقيه الحافظ قاضي القضاة أبو على حسين بن محمد الصدفى قراءةً منه علينا قال: ثنا أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذرى إجازة، وأنبأنى شيخنا أبو بكر عن أبيه عنه قال: حدثنا أبو ذر ثنا أبو عبد اللَّه عبيد اللَّه بن محمد اْبى حمدان الحنبلى حدثنى أبو صالح محمد بن أحمد بن ثابت قال: أنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد اللَّه الكشِّى البصرى أنا محمد بن أبي بكر المقدمى ثنا محمد بن على السامى ثنا أبو عمران الجونى قال: قال عمر بن عبد العزيز: لأجلدن في الشراب كما فعل جدّى عمر بن الخطاب ثم أمر صأحب عَسَهِ وضمّ إليه صاحب خبر وقال لهما: إن وجدتما سكرانًا فأتيانى به، قال: فطافا ليلتهما حتى انتهيا إلى بعض الأسواق فإذا هما بشيخ حسن الشيبة بهى المنظر عليه ثياب حسنة مثلوِّث في ثيابه سكرًا وهو يتغنّى: سقوْنى وقالوا لا تغنَّ ولو سقوا ... جبال حنين ما سقوْنى لغنَّتِ فحركاه بأرجلهما وقالا له: يا شيخ أما تستحى هذه الشيبة الحسنة من مثل هذه الحال؟!، فقال: ارفقا بي فإن إخوانا أحداث الأسنان شربت عندهم ليلتى هذه فلما عمل الشراب في أخرجونى فإن رأيتما أن تعفوا عنّى فافعلا، فقال صاحب العسس لصاحب الخبر: اكتم على أمره حتى أطلقه، قال: قد فعلتُ، قال: انصرف يا شيخ ولا تعد، قال: نعم وأنا تائب، فلما كان في الليلة الثانية طافا حتى انتهيا إلى الموضع فإذا هما بالشيخ على مثل حالته في المرة الأولى وهو يتغنّى: إنما هّيج البلى ... حين عضّ أسفرجلا فرمانى وقال لى ... كن لعينى مبتلا ولقد قام لحظه ... لى على القلب بالقلا

فحّركاه بأرجلهما وقالا له: يا شيخ أين التوبة منك؟ قال: ارفقا بي واسمعا منى: إن إخوانى الذين ذكرتهم لكم البارحة غدوا على في يومهم هذا وحلفوا لى أنه متى عمل الشراب فى لم يخرجونى، فعمل في وفيهم فخرجت وهم لا يعلمون، فإن رأيتما أن تزيدا في العفو فافعلا، فقال صاحب العسس لصاحب الخبر: اكتم على أمره حتى أطلقه، قال: قد فعلت، قال: انصرف يا شيخ، فانصرف الشيخ، فطافا في الليلة الثالثة حتى انتهيا إلى الموضع فإذا هما بالشيخ على مثل تلك الحالة يتغنى: ارضَ عنى فطال ما قد سخطّتا ... أنت ما زلت جافيًا قد عرفتَا أنت مازلت جافيا لا وصولا ... بل بهذا فدتك نفسى الفتا ما كذا يفعل الكرام بنو النا ... س بأحبابهم فلم كنت أنتَا قال: فحركاه بأرجلهما وقالا له: هذه الثالثة ولا عفو، قال: أخطأتما، قالا: كيف؟ قال: حدثنى محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن شربها الثانية لم تقبل له صلاة أربعين ليلة فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن شربها الثالثة لم تقبل له صلاة أربعين ليلة فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن شربها الرابعة لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ثم إن تاب لم يتب اللَّه عليه وكان حقا على اللَّه أن يسقيه من طينة الخبال، فقال عمر بن الخطاب: وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار في النار"، والعفو في الثالثة وفي الرابعة غير واجب، قال: فقال صاحب العسس لصاحب الخبر: هي محنة اكتمها على حتى أطلقه قال: قد فعلت، قال: انصرف، فلما كان في الليلة الرابعة طافا حتى انتهيا إلى الوضع فإذا بالشيخ على مثل تلك الحال وهو يتغنّى:

قد كنت أبكى وما حنت لهم إبل ... فما أقول إذا ما حمِّل الثِّقلُ كأننى بك نضو لا حراك له ... تدعى وأنت عن الداعين مشتغل فغلبوك بأيديهم هناك وقد ... سارت بأحبابك المهرية الذلل حتى إذ يئسوا من أن تجيبهم ... عضّوا عليك وقالوا قد قضى الرجل فحركاه بأرجلهما وقالا له: هذه الرابعة فلا عفو، قال: واللَّه ما أسألكما عفوًا بعدها فافعلا ما بدا لكما، قال: فحملاه فأوقفاه بحضرة عمر بن عبد العزيز وقضا عليه قصته من أولها إلى آخرها، فأمر عمر باستنكاهه فوجد منه رائحة، فأمر بحبسه حتى أفاق، فلما كان الغد أقام عليه الحد فجلده ثمانين جلدة فلما فرغ قال له عمر: انصف من نفسك ولا تعد، قال: يا أمير المؤمنين قد ظلمتنى، قال: وكيف؟ قال: إنى عبد وقد حددتنى حدّ الأحرار فاغتم عمر، وقال: أخطأت علينا وعلى نفسك ألا أخبرتنا أنك عبد فنحدّك حد العبيد؟ فلما رأى اهتمام عمر تشدد عليه قال: لا يسؤك اللَّه يا أمير المؤمنين، يكون لى بقية هذا الحد سلفا عندك لعلى أرفع إليك مرة أخرى، فضحك عمر حتى استلقى وكان قليل الضحك، وقال لصاحب عسسه وصاحب خبره: إذا رأيتما مثل هذا الشيخ في هيئته وحلمه وأدبه فاحملا أمره على الشبهة فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: ادرءوا الحدود بالشبهات". قال ابن الآبار: هذا الخبر أورده الرشاطى كما سقته في باب الحنبلى من كتابه، وهو مما نقد ابن عطية في أشباه له عليه، واعتقد جميعها فكاهات نسبها إليه بل جعلها حكايات غثَة وقال: هي لغو وسفه لا يحل أن تقرأ في جوامع المسلمين على عمارة المساجد، وحكى أن في آخر هذه من ترخيص عمر بن عبد العزيز ما لا يليق بدينه وفضله، فاحتجّ هو بأن هذه الحكاية حدّثه بها أبو على قراءةً منه عليهم، قال: ولا محاباة أنه كان خيرًا منك وأورع أيها المنتقد، فهلّا تأدّبتَ معه لكن الهوى أعماك والتمكين في الدنيا أطغاك، وقد قرأتها على

شيخنا أبي الربيع الحافظ في مشيخة ابن حبيش من تأليفه، وحدثنى بها عنه قراءةً عليه عن أبي الحسن بن موهب عن العذرى، وبين الروايتين خلاف قليل اهـ. قلت: والحديث من أصله ليس له طريق ثابت كما ذكر أقوال الحفّاظ بذلك الشارح في الكبير. وذكر ابن حزم في المحلى [13/ 60، 64] بعض الآثار الواردة بذلك ثم قال: وهي كلها لا شيء، ثم بيّن عللها ثم قال: فحصل مما ذكرنا أن اللفظ الذي تعلّقوا به لا نعلمه روى عن أحد أصلًا وهو: "ادرءوا الحدود بالشبهات" لا عن صاحب ولا عن تابع وإنما جاء عن بعض الصحابة مما لم يصح: "ادرءوا الحدود ما استطعتم"، وهذا لفظ إن استعمل أدّى إلى إبطال الحدود جملة على كل حال، وهذا خلاف إجماع أهل الإسلام وخلاف الدين وخلاف القرآن والسنن، لأن كل أحد هو مستطيع أن يدرأ كل حد يأتيه فلا يقيمه، فبطل أن يستعمل هذا اللفظ وسقط أن تكون فيه حجّة. وأما اللفظ الآخر في ذكر الشبهات فقد قلنا: لا نعرفه عن أحد أصلًا إلا ما ذكرت مما لا يجب أن يستعمل، ثم لا سبيل لأحد إلى استعماله لأنه ليس فيه بيان ما هي تلك الشبهات، فليس لأحد أن يقول في شيء يريد أن يسقط به حدًّا هذا شبهة إلا كان لغيره أن يقول: ليس بشبهة، ولا كان لأحد أن يقول في شيء لا يريد أن يسقط به حدًّا: ليس هذا شبهة إلا كان لغيره أن يقول: بل هو شبهة، ومثل هذا لا يحل استعماله في دين اللَّه تعالى. 172/ 318 - "ادفِنُوا موتَاكم وسْطَ قومٍ صَالِحيَن فإن الميت يتأذَّى بجارِ السوءِ كما يتأذى الحيُّ بجارِ السُّوءِ". (حل) عن أبي هريرة.

قلت: قال أبو نعيم في الحلية [6/ 354]: ثنا أحمد بن عبيد اللَّه بن محمود ثنا محمد بن عمران بن الجنيد ثنا أبو أحمد شعيب بن محمد الهمدانى ثنا سليمان بن عيسى ثنا مالك عن عمّه أبي سهيل ابن مالك عن أبيه عن أبي هريرة به. ثم قال: غريب من حديث مالك لم نكتبه إلا من حديث شعيب. وأورده ابن الجوزى في الموضوعات من عند أبي نعيم ثم قال: لا يصح، سليمان كذّاب. ورواه داود بن الحصين عن إبراهيم بن الأشعث عن مروان بن معاوية الفزارى عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به مرفوعا، قال ابن حبّان: داود يحدّث عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات تجب مجانبة روايته والبليّة في هذا منه، قال: وهذا خبر باطل لا أصل له. وتعقّبه المصنِّف بأن له شواهد فذكر ما أخرجه المالينى في المؤتلف والمختلف من حديث على عليه السلام قال: "أمرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن ندفن موتانا وسط قوم صالحين، فإن الموتى يتأذون بجار السوء كما يتأذّى به الأحياء". وما أخرجه أيضا عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا مات لأحدكم الميّت فأحسنوا كفنه وعجّلوا إنجاز وصيّته وأعمقوا له في قبره وجنبوه جار السوء قيل: يا رسول اللَّه وهل ينفع الجار الصالح في الآخرة؟ قال: هل ينفع في الدنيا؟ قالوا: نعم، قال: كذلك ينفع في الآخرة". وما أخرجه الديلمى [1/ 134، رقم 317] أ: أنبأنا والدى أنبأنا أبو الحسن على بن محمد بن أحمد الميدانى الحافظ ثنا أبو محمد الحسن بن على الجوهرى أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن على بن يحيى الزيات ثنا أبو محمد عامر بن سيار بحلب ثنا عبد القدوس بن حبيب

الكلاعى عن ابن طاوس عن أبيه عن أم سلمة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أحسنوا الكفن ولا تؤذوا موتاكم بعويل ولا تأخير وصيّة ولا بقطيعة وعجّلوا قضاء دينه واعدلوا به عن جيران السوء" وأخرجه أبو القاسم بن منده في كتاب الأهوال والإيمان بالسؤال (¬1). قلت: غفل الحافظ السيوطى رحمه اللَّه عن شاهد صحيح وجدته لهذا الحديث في الأدب المفرد للبخارى [ص 56، رقم 117] قال: حدثنا صدقة أخبرنا سليمان بن حيان عن ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة قال: "كان من دعاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اللهم إنى أعوذ بك من جار السوء في دار المقام فإن جار الدنيا يتحول" هكذا وقع الحديث عند البخارى. ورواه الحاكم في المستدرك [1/ 532، رقم 1951] بلفظ: "اللهم إنى أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة فإن جار البادية يتحوّل" وقال: على شرط مسلم ولم يخرّجاه. ثم رواه [1/ 532، 1952] من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبرى أيضا بلفظ: "استعيذوا باللَّه من جار المقامة فإن جار المسافر إذا شاء أن يزايل زال"، وبهذا اللفظ الأخير رواه أحمد في مسنده [2/ 345] إلا أنه قال: "تعوذوا" وهو عندى من تصرّف الرواة. والصحيح ما رواه البخارى فإن دار المقامة في لسان الشارع هي الآخرة لا الدنيا، وأيضًا لا خصوصية للبادية على الحاضرة في هذا فالحديث كما عند البخارى يشير إلى سؤال مجاورة الصالحين في الدفن فيكون شاهدًا صحيحًا لحديث الباب واللَّه أعلم. ¬

_ (¬1) انظر اللألئ المصنوعة (2/ 439).

173/ 322 - "أدْنَى مَا تَقْطَع فِيهِ يَد السَارِقِ ثَمن المجنِ". الطحاوى، زاد الشارح في مسنده (طب) عن أيمن الحبشى. قلت: الطحاوى ليس له مسند، وإنما خرّج الحديث في شرح معانى الآثار [3/ 163] فقال: حدثنا فهد ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهانى أخبرنى معاوية بن هشام عن سفيان عن منصور عن مجاهد وعطاء عن أيمن الحبشى به، وزاد قال: "وكان يقوّم يومئذ دينارا". 174/ 328 - "أدُّوا العزائِمَ واقبَلُوا الرخصَ ودعُوا الناسَ فقد كفيتمُوهم". (خط) عن ابن عمر قال الشارح: إسناده ضعيف لكن له شواهد. قلت: لم أجد هذا الحديث في تاريخ الخطيب (¬1). وقد رواه الحارث بن أبي أسامه في مسنده قال: حدثنا الحسن بن قتيبة حدثنا سفيان عن العلاء بن المسيّب عن زيد بن أسلم قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أدوا الفرائض" وذكر مثله، والحسن بن قتيبة متروك. 175/ 329 - "أديموا الحجَّ والعمرةَ فإنهما ينفيانِ الفقر والذنوبَ كما ينفى الكيرُ خبثَ الحديدِ". (قط) في الأفراد (طس) عن جابر قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد الملك بن محمد بن عقيل وفيه كلام ¬

_ (¬1) قد أخرجه الخطيب في التاريخ (5/ 203، رقم 2677) من حديث الحسن عن ابن عمر.

ومع ذلك حديثه حسن. قلت: وللحديث طريق آخر من حديث ابن عباس قال ابن شاهين في الترغيب: ثنا الباغندى ثنا الحسن بن عثمان الزيادى ثنا شعيب بن صفوان عن الربيع بن الركين الفزارى عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أديموا الحجع والعمرة" الحديث مثله. 176/ 330 - "إذا أتَاك اللَّه مالًا فلْيُرَ أثرُ نَعَمِة اللَّه علَيكَ وكَرامَتُه". (3. ك) عن والد أبي الأحوص قلت: هذا الحديث كاد [أن] يكون متواترًا بل هو متواتر، فقد ورد من حديث جماعة منهم: عمران بن حصين وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص وعبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وأبو سعيد الخدرى وأبو هريرة وأنس وجابر بن عبد اللَّه وزهير ابن أبي علقمة وعليّ بن زيد مرسلًا وبكر بن عبد اللَّه كذلك وغيرهم. ورواه عن أبي الأحوص عن أبيه عبد الملك بن عمير وأبو إسحاق السبيعى وهو مشهور من حديثه، رواه عنه شريك وسفيان وزهير وإسماعيل بن أبي خالد وأبو بكر بن عيّاش وشُعبة والمسعودى ومعمر وإسرائيل وآخرون، وقد ذكرت أسانيد جميع هؤلاء من الصحابة والرواة عن أبي إسحاق في المستخرج على مسند الشهاب فأغنى عن إعادته. 177/ 332 - "إذا آخى الرجلُ الرجلَ فليسأَلْه عن اسمِهِ واسمِ أبيه وممن هو، فإنَّه أوْصَل للمودَّةِ". ابن سعد (تخ. ت) عن يزيد بن نعامة الضبّى قلت: ورواه أيضا الطبرانى وأبو نعيم في الحلية، أما الطبرانى فقال [22/ 244 رقم 637]:

حدثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى والحسين بن إسحاق التسترى قالا: حدثنا يحيى الحمانى ثنا حاتم بن إسماعيل عن عمران بن مسلم القصير حدثنى سعيد ابن سليمان عن يزيد بن نعامه الضبى به. وأما أبو نعيم فقال [6/ 181]: حدثنا محمد بن أحمد المقرى ثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا أبو بكر بن أبي شيبة وسعيد بن عمرو وضرّار بن صرد قالوا: حدثنا حاتم بن إسماعيل. 178/ 334 - "إذا آمنك الرجلُ على دَمِهِ فلا تَقْتُلْه". (حم. هـ) عن سليمان بن صرد قال الشارح في الكبير: رمز المؤلف لصحّته وليس كما قال، ففيه عبد اللَّه بن ميسرة قال في الكاشف واهٍ، وفي الميزان عن البخارى: ذاهب الحديث. وقال في الصغير: رمز المؤلف لصحّته وليس كما قال بل حسن. قلت: كيف يحسّن ما صرح بأن فيه واهيا ذاهب الحديث. أما المصنف فالظاهر أنه قلّد في تصحيحه الحافظ البوصيرى في زوائد ابن ماجه، فإن ابن ماجه قال [2/ 896 رقم 2689]: حدثنا على بن محمد ثنا وكيع ثنا أبو ليلى عن أبي عكاشة عن رفاعة قال: دخلت على المختار في قصره فقال: قام جبريل من عندى الساعة فما منعنى من ضرب عنقه إلا حديث سمعته من سليمان بن صرد فذكره. قال البوصيرى: إسناده صحيح ورجاله ثقات، لأن رفاعة بن شداد روى له النّسائي ووثّقه، وذكره ابن حبَّان في الثقات [4/ 240] وباقى رجال الإسناد على شرط مسلم اهـ. وهي غفلة منه، فإن أبا ليلى هو عبد اللَّه بن ميسرة وهو ضعيف لم يخرّج له مسلم فكأن المصنف اعتمد على قوله.

179/ 337 - "إذَا أبردتُم إلى بريدًا فابْعثُوه حَسنَ الوجْه حَسنَ الاسم". البزار عن بريدة قلت: ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 255] من مرسل لاحق بن حميد فقال: ذكر عمران بن عبد الرحيم ثنا الحسن الجصّاص صاحب "أمثال مكة والمدينة" ثنا عامر بن يساف عن يحيى بن أبي كثير حدثنى لاحق بن حميد أو غيره قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "إذا أبردتم" وذكره. 180/ 338 - "إذَا أبِقَ العبدُ لَمْ تُقبلْ لَهُ صَلاةٌ". (م) عن جرير قلت: هذا الحديث روى عن جرير مرفوعًا وموقوفًا وهما في مسند أحمد، وروى عنه بلفظ: "لم تقبل له صلاة"، وبلفظ: "فقد برئت منه الذمة"، "فقد كفر حتى يرجع إليهم"، والألفاظ الثلاثة كلها في مسند (¬1) أحمد، وصحيح مسلم [1/ 83، رقم (68/ 122)، (69/ 123)، (70/ 124)، وبعضها عند غيرهما كالنّسائى [8/ 204]، والدينورى والبيهقى [7/ 102]، والخطيب [4/ 368]. 181/ 334 - "إذَا أتى أحَدُكُم أهلَهُ فليسَتِتْر وَلا يَتجرَّدِان تَجرُّدِ العِيَرْيِن". (ش. طب. هق) عن ابن مسعود (هـ) عن عتبة بن عبد (ن) عن عبد اللَّه بن سرجس (طب) عن أبي أمامة وقد ذكر الشارح ما في بعض هذه الطرق من الضعف ثم قال: فرمز المؤلف ¬

_ (¬1) انظر مسند أحمد (4/ 362، 364، 365).

لحسنه إنما هو لاعتضاده وتقويه بكثرة طرقه وإلا فقد جزم الحافظ العراقى بضعف أسانيده. وقال في الشرح الصغير: وهو حسن بشواهده لذاته وفاقا للعراقى وخلافا للمؤلف. قلت: قابل بين الكلامين واعتبر، ففي الكبير صرّح بأن العراقى جزم بضعف جميع أسانيده وأن المصنف حسنّه، واعتذر له بأنه فعل ذلك لاعتضاده فنسب إليه أنه حسَّنه لغيره وإن لم يقل ذلك المصنف لا بالتصريح ولا بالإشارة، ثم رجع في الصغير فنسب إلى العراقى أنه حسنه لذاته خلافًا للمؤلف الذي حسّنه لغيره، وفي قوله حسّنه بشواهده لذاته عجب عجاب لا ينطق به من شمّ لعلم الحديث رائحة. 182/ 343 - "إذَا أتَى عليَّ يَومٌ لا أْزَدادُ فيه علمًا يقرُّبنى إلى اللَّه تَعَالى فَلا بُورِكَ لِي في طُلُوع شَمْسِ ذَلِكَ اليَوْمِ". (طس. عد. حل) عن عائشة قلت: أخرجه أيضًا ابن عبد البر في العلم قال [1/ 259 رقم 318]: حدثنا خلف بن القاسم ثنا الحسين بن جعفر ثنا يوسف بن يزيد ثنا المعلى بن عبد العزيز القضاعى ثنا بقية ثنا الحكم عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن عائشة مرفوعًا به مثله. قال ابن عبد البر [1/ 260، رقم 319]: ورواه يزيد بن هارون قال: حدثنا بقيّة ثنا الحكم بن عبد اللَّه عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن عائشة مرفوعًا: "كل يوم يمرّ عليَّ لا أزداد فيه علما يقربنى من اللَّه فلا بلّغنى اللَّه طلوع شمس ذلك اليوم". وأخرجه أيضًا الخطيب [6/ 100] قال:

أخبرنى أبو الفرج الطناجيرى ثنا على بن عمر الختلى ثنا أبو القاسم عيسى بن سليمان ثنا داود بن رشيد ثنا إبراهيم بن الشماس ثنا بقية بن الوليد به. أما أبو نعيم فرواه [8/ 188] في ترجمة ابن المبارك من الحلية من غير طريق بقية بل من روايته عن الحكم. وقد أورده ابن الجوزى في الموضوعات [1/ 233] وأعلّه بالحكم المذكور لأنه كذاب. 183/ 345 - "إذَا أتَاكُم كَرِيمُ قومٍ فأْكِرُموهُ". (هـ) عن ابن عمر، البزار وابن خزيمة (طب. عد. هب) عن جرر، البزار عن أبي هريرة (عد) عن معاذ وأبي قتادة (ك) عن جابر (طب) عن ابن عباس وعن عبد اللَّه بن ضمرة، ابن عساكر عن أنس وعن عدى بن حاتم، الدولابى في الكنى، وابن عساكر عن أبي راشد عبد الرحمن بن عبد بلفظ: "شريف قومه". قلت: قد استقصى المؤلف في عزو هذا الحديث، وفاته من مخرجّيه جماعة منهم ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 61 رقم 71] وأبو نعيم في الحلية [6/ 205] والبيهقى في السنن [8/ 168] أيضا، والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 443، رقم 760، 761، 762]، وأبو نعيم في المعرفة، والديلمى في مسند الفردوس [1/ 412 برقم 1355] من حديث جماعة من الصحابة وقد ذكرت أسانيد الجميع في المستخرج. ثم إن من المخرجّين الذين ذكرهم المصنف الدولابى في الكنى [1/ 31] فزاد

الشارح في الشرحْين من عنده "والألقاب" وهو وهم فإن مصنَّف الدولابى في الكنى والأسماء لا في الألقاب. 184/ 346 - "إذَا جَاءُكُم (¬1) الزَّائِر فأكْرِمُوه". (هـ) عن أنس قلت: الحديث أخرجه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 445، رقم 763] من طريق الخرائطى ثم من رواية بقية ثنا يحيى بن مسلم عن أبي المقدام عن موسى ابن أنس عن أبيه به. ورواه الديلمى في مسند الفردوس [1/ 413، رقم 1356] من طريق هلال بن العلاء: ثنا موسى بن أيوب ثنا بقية بن الوليد به. وذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال [2/ 342 رقم 2550]: إنه حديث منكر. ثم إن في عزو هذا الحديث إلى سنن ابن ماجه نظر فإنى لم أجده في نسختى من سنن ابن ماجه. 185/ 347 - "إِذَا أتَاكُم من تَرْضَوْنَ خُلقَهُ ودينهُ فزوِّجُوهُ إِنْ لا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتَنةٌ في الأرْضِ وَفسَادٌ عَرِيضٌ". (ت. هـ. ك) عن أبي هريرة (عد) عن ابن عمر (ت. هق) عن أبي حاتم المزنى وماله غيره قلت: حديث أبي حاتم أخرجه أيضا الدولابى في الكنى [1/ 25]: ثنا العباس بن محمد الدورى ثنا يحيى بن معين قال: حدثنى حاتم بن إسماعيل عن عبد اللَّه بن هرمز الفدكى عن سعيد ومحمد ابنى عبيد عن أبي حاتم المزنى به. ¬

_ (¬1) في المطبوع من الفيض: "إذا أتاكم. . ".

وأسنده الذهبى في ترجمة أبي على بن السكن من التذكرة من طريقه قال: حدثنا عبد الوهاب بن عيسى الحافظ أنا عبد الوهاب بن عيسى البغدادى ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ثنا حاتم بن إسماعيل به ثم قال: أبو حاتم صحابى ما روى سوى هذا قاله أبو على. 186/ 349 - "إذا اتّسَعَ الثوبَ فتعطّفْ به على مِنْكَبِيكَ ثُمَّ صلِّ وإنْ ضَاقَ عْنْ ذلك فشد به حِقوْكَ ثم صلِّ بغير رداء". (حم) والطحاوى زاد الشارح في مسنده عن جابر قلت: قدمنا أن الطحاوى ليس له مسند وإنما خرجه في شرح معانى الآثار [1/ 382]. 187/ 351 - "إذَا اجتمعَ الداعيان فأجبْ أقربَهما بابًا فإنَّ أقربَهما بابًا أقربَهُما جِوَارًا وإن سَبق أحدُهما فأَجِبْ الذي سَبَقَ". (حم. د) عن رجل له صحبة قال الشارح: وقد أشار المؤلف لحسنه غافلًا عن جزم الحافظ ابن حجر بضعفه وعن قول جمع: فيه أبو خالد الدالانى. قال ابن حبَّان: فاحش الوهم لا يجوز الاحتجاج به، لكن له شواهد في البخارى: "إن لى جارين فإلى أيّهما أهدى؟ قال: إلى أقربهما منك بابا". قلت: وحيئذ فهو حسن كما قال المؤلف لأن الراوى الصدوق الموصوف بالوهم إذا ورد حديثه من طريق آخر زال ما يخشى من وهمه وخطئه. والحديث رواه أيضا الطحاوى في مشكل الآثار [1/ 225، رقم 2797]: ثنا على بن معبد ثنا إسحاق بن منصور ثنا عبد السلام بن حرب عن يزيد بن عبد الرحمن عن أبي العلاء الأودى عن حميد بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وحديث البخارى الذي استشهد به الشارح أخرجه في الهبات [3/ 208، رقم 2595] والأدب [8/ 13، رقم 6020] من حديث عائشة رضي اللَّه عنها (¬1) ومن عيوب العزو عند أهل الحديث ذكر الحديث بدون صحابيه كما فعل الشارح. 188/ 362 - "إِذَا اجْتَمَعَ العَالِمُ والعَابدُ عَلَ الصِّرَاطِ قِيلَ للعَابِدَ ادْخُل الجنَّةَ وتنعَّم بعبادَتِكَ وقِيل للعالم قفْ هُنا فاشْفَع لمن احْبَبْتَ فإنَّك لا تَشْفَعُ لأحَدٍ إلا شُعِّعت، فَقَامَ الأَنْبِيَاءِ". أبو الشيخ في الثواب (فر) عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: وكذا رواه أبو نعيم ومن طريقه أورده الديلمى، فلو عزاه له كان أولى، وقد رمز المؤلف لضعفه وذلك لأن فيه عثمان بن موسى عن عطاء، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: له حديث لا يعرف إلا به، وفي الميزان له حديث منكر. قلت: الديلمى رواه [1/ 396، رقم 1300] من طريق أبي الشيخ ثم من رواية حمزة بن عبيد اللَّه الثقفى: ثنا عثمان بن موسى ثنا أبو عمر القرشى قاضى البصرة حدثنا عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس به. فعثمان بن موسى لم يروه عن عطاء كما قال الشارح، ثم إن الحديث الذي أشار إليه الذهبى ليس هو هذا، بل هو حديث ابن عباس مرفوعًا: "ملعون من أحفظ وكيله" كذلك قال العقيلى الذي أخذ كلامه الذهبى. 189/ 353 - "إذا أحبَّ اللَّه عَبْدًا ابْتَلاه لَيسَمعَ تَضرُّعَهُ". (هب. فر) عن أبي هريرة (هب) عن ابن مسعود وكردوس موقوفا عليهما ¬

_ (¬1) وأخرجه كذلك في كتاب الشفعة، باب أى الجوار أقرب (3/ 115، رقم 2259).

قلت: قال الديلمى: أخبرنا أبي أخبرنا يوسف بن محمد بن يوسف الخطيب أخبرنا ابن رزقويه أخبرنا ابن السمّاك ثنا محمد بن أحمد بن البراء ثنا عبد الملك القرقساى ثنا على بن يونس عن يحيى بن عبيد اللَّه عن أبيه عن أبي هريرة 190/ 354 - "إذَا أحبَّ اللَّه قَومًا ابتَلاهُمْ". (طس. هب) والضياء عن أنس قال الشارح: وهو صحيح. وقال في الكبير: قال الهيثمى: رجال الطبرانى موثقون سوى شيخه اهـ. وله طريق آخر فيها النعمان بن عدى متَّهم ومن طريقه أورده ابن الجوزى وحكم بوضعه، ورواه أحمد عن محمود بن لبيد وزاد: "فمن صبر فله الصبر، ومن جزع فله الجزع" قال المنذرى: رواته ثقات ولعل المؤلف أغفله سهوا. قلت: لم يورد ابن الجوزى في الموضوعات هذا الحديث ولا حديثا في معناه أعلّه بالنعمان بن عدى، ولا للنعمان بن عدى ذكر في موضوعاته، بل ولا ذكر في كتب الضعفاء فما أدرى ما يقول الشارح؟!. وفي الباب عن أبي عنبسة الخولانى، قال الدولابى في الكنى [1/ 46]: حدثنا يحيى بن عثمان بن سعيد أبو زكريا الحمصي ثنا يمان بن عدى الحضرمى ثنا محمد بن زياد عن أبي عنبسة الخولانى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه إذا أراد بعبد خيرا ابتلاه فإذا ابتلاه اقتناه، قالوا: يا رسول اللَّه وما اقتناه؟ قال: لم يترك له مالا ولا ولدا". وحديث محمود بن لبيد الذي ذكره خرجه أيضا ابن شاهين في الترغيب عن عبد اللَّه بن سليمان: ثنا محمد بن يحيى النيسابورى، ثنا يحيى بحر بن يحيى

ثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن عاصم بن عمر عن قتادة عن محمود بن لبيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. 191/ 355 - "إذا أحبَّ اللَّه عَبْدًا حَمَاه الدُّنيا كما يظلُّ أحدُكم يَحْمِى سقِيمَه الماءَ" (¬1). (ت. ك. هب) عن قتادة بن النعمان قال الشارح في الكبير: قال الحاكم: صحيح وأقرّه الذهبى، وقال الترمذى: حسن غريب، وقال المنذرى: حسن ولم يرمز له المؤلف بشيء. قلت: لكن اختلف في سنده على محمود بن لبيد على أربعة أقوال، فقيل: عنه عن قتادة بن النعمان كما ذكره المصنّف هنا، وقيل: عنه عن أبي سعيد الخدرى، وقيل: عنه عن رافع بن خديج، وقيل: عنه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أما القول الأول: فرواه أيضا عبد اللَّه بن أحمد في زوائد زهد أبيه [ص 26، رقم 57]: حدثنى محمد بن المثنى أبو موسى ثنا محمد بن جهضم ثنا إسماعيل بن جعفر عن عمارة بن غزية عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن قتادة ابن النعمان. ورواه الحاكم [4/ 207، رقم 7464] من طريق عبد العزيز بن معاوية البصرى: ثنا محمد بن جهضم به. ورواه الترمذى [4/ 381، برقم 2036] من طريق إسحاق بن محمد الفروى عن إسماعيل بن جعفر به. وأما القول الثانى: فرواه الحاكم [4/ 208، رقم 7465] من طريق يحيى بن يحيى: أنبأنا إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو عن عاصم بن قتادة ¬

_ (¬1) في فيض القدير "إذا أحبّ اللَّه عبدًا حماه من الدنيا كما يحمى أحدكم سقيمه الماء".

عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدرى مرفوعا: "إن اللَّه تعالى ليحمى عبده المؤمن الدنيا وهو يحبه، كما تحمون مريضكم الطعام والشراب تخافون عليه"، قال الحاكم: كذا قال عن أبي سعيد وفي حديث عمارة بن غزيّة: عن قتادة ابن النعمان والإسنادان عندى صحيحان. وأما القول الثالث: فقال القضاعى [2/ 296، رقم 1397]: أخبرنا محمد بن الحسن النيسابورى أنا القاضى أبو طاهر محمد بن أحمد ثنا موسى بن هارون ثنا هيثم بن خارجة عن إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزيّة عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج مرفوعًا مثل لفظ المصنف سواء. وأما القول الرابع: فقال أحمد في المسند [5/ 428] والزهد [ص 26، رقم 56] معا ثنا أبو سعيد ثنا سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو عن عاصم ابن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه عز وجل ليحمى عبده المؤمن" الحديث مثل لفظ أبي سعيد الخدرى. وقال الترمذى [4/ 381، برقم 2036]: ثنا على بن حجر ثنا إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو به، وقال: إنه حديث مرسل اهـ. وذكر ابن أبي حاتم في العلل [2/ 108، رقم 1820] عن أبيه أن هذه الرواية أصح. وفي الباب عن أنس وحذيفة وقد ذكرتهما بإسناديهما في المستخرج على مسند الشهاب، ثم إن الشارح ختم كلامه في الصغير على هذا الحديث بقوله: ووهم ابن الجوزى، ولعل ذلك وهم من الشارح.

[في الكلام عن الحسن بن زيد]

192/ 357 - "إذا أحبَّ أحدُكُم أخَاه فلْيُعْلِمُه أنه يحَّبهُ". (حم. خد. د. ت. حب. ك) عن المقدام بن معد يكرب (¬1) (حب) عن أنس (خد) عن رجل من الصحابة ثم ذكره المصنّف بلفظ آخر وعزاه لأحمد والضياء عن أبي ذر، وبلفظ آخر وعزاه للبيهقى في الشعب عن ابن عمر. قلت: وفي الباب أيضا عن أبي سعيد الخدرى خرجه ابن فيل في جزئه، وقد اكثر من إخراج طرق هذا الحديث، ورواه من طريقه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 447، رقم 766]، وخرجه القضاعى أيضا من حديث أبن عمر [1/ 446، رقم 765]، أما حديث المقدام فخرّجه أيضا ابن فيل، وابن قتيبة في عيون الأخبار، وابن السنّى في اليوم والليلة [ص 68، رقم 765]، وأبو نعيم في الحلية [6/ 99]، وحديث أبي ذر أخرجه أيضًا ابن فيل في جزئه، وقد أوردت أسانيد الجميع في المستخرج على المسند. 193/ 360 - "إذا أحبَّ أحَدُكُم أنْ يحدِّث ربَّه فَليقرأْ القُرآنَ" (خط. فر) عن أنس قال الشارح: وهو ضعيف لضعف الحسن بن زيد. [في الكلام عن الحسن بن زيد] قلت: الذي يريده الشارح هو المذكور في الميزان وهو ابن الحسين بن على بن أبي طالب، السيد الجليل العابد الشريف أمير المدينة والد السيدة الجليلة العارفة العابدة الشهيرة السيدة نفيسة رضي اللَّه عنها وعن أبيها وهو ثقة ليس بضعيف. ¬

(¬1) في الأصل: "ابن معدام" والصواب ما أثبتناه، انظر: الاستعياب (4/ 44، ت 2591) والإصابة (ت 8202).

قال العجلي: مدنى ثقة، وقال ابن سعد: كان عابدًا ثقة، وذكره ابن حبّان في الثقات [6/ 160] واحتجّ به النسائى في سننه، وقال الزبير بن بكّار: كان فاضلًا شريفًا، وإنما أورده الذهبى في الميزان [1/ 535، رقم 2002] لرواية ابن أبي مريم عن ابن معين أنه قال: ضعيف، وهي رواية مردودة على وجه قائلها وراويها عنه إن صدق ولم يكن ناصبيا، وبعد هذا فليس هو المذكور في سند هذا الحديث ولكنه رجل آخر ظنّه الشارح هو لبعده عن صناعة الحديث ومعرفة الرجال. قال الخطيب [7/ 239]: أخبرنا إبراهيم بن مخلد إجارة حدثنا أبو القاسم جابر بن عبد اللَّه بن المبارك الجلاب الموصلى حدثنا أبو يعلى الحسين بن محمد الملطى بها حدثنا الحسن بن زيد، قال جابر: سألت أبا يعلى عنه فقال: كان رجلا حلَّ عندنا على جهة الجهاد وكتبنا عنه، قال: حدثنا حميد الطويل عن أنس به، فهو غير الحسن ابن زيد الأمير الشريف الذي هو أشهر من أن يقال فيه رجل حل عندنا، ثم إنه لم يذهب إلى ملطيّة أصلًا. ورواه الديلمى [1/ 371، رقم 1200] عن أبيه عن الميدانى إجازة قال: أخبرنا العشارى ثنا جابر بن عبد اللَّه به مثله، فلينظر في إسناده بعد. 194/ 361 - "إذا أحببتَ رجلًا فلا تُمَارِه ولا تُشَارِه ولا تَسألْ عَنْه أحدًا فَعَسى أن تُوافى لَهُ عَدوًا فَيخِبُرك بِما لَيْسَ فِيه". (حل) عن معاذ قلت: أخرجه أيضًا ابن السنّى في عمل اليوم والليلة [ص 69، رقم 196]: أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلانى ثنا غالب بن وزير ثنا ابن وهب حدثنى معاوية بن صالح عن أبي الزاهريّة عن جبير بن نفير عن معاذ بن جبل قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" مثله. ومن هذا الوجه رواه أبو نعيم [5/ 136] عن أبي بكر بن خلاد: ثنا محمد بن

أحمد بن الوليد الكرابيسى ثنا غالب بن وزير به، ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث جبير بن نفير عن معاذ متصلًا، وأرسله غير ابن وهب عن معاوية. قلت: وأوقفه غيره أيضا على معاذ، قال البخارى في الأدب المفرد [ص 189، رقم 545]: حدثنا عبد اللَّه بن صالح قال: حدثنى معاوية أن أبا الزاهرية حدثه عن جبير ابن نفير عن معاذ بن جبل أنه قال "إذا أحببت" وذكره، وقال ابن قتيبة في عيون الأخبار: حدثنى القومسى قال: حدثنا أبو بكر الطبرى عن عبد اللَّه بن صالح به مثله موقوفا على معاذ. 195/ 362 - "إذَا أحبَبتُم أن تَعلمُا ما للعَبد عَنْدَ ربِّه فانْظَرُوا ما يَتبعُه مِنَ الثنَاءِ". ابن عساكر عن عليّ، ومالك عن كعب الأحبار موقوفًا زاد الشارح في الكبير بعد قوله عن عليّ: "وعن مالك عن كعب"، فأفادت زيادته لـ "عن" أن ابن عساكر رواه من الوجهين وليس كذلك، بل مالك رواه في الموطأ [ص 564، رقم 5]، عن عمّه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن كعب الأحبار فوهم الشارح وأوهم. 196/ 365 - "إذَا اخْتَلفُتم في الطِّريقِ فاجْعَلُوه سبعةَ أَذْرُعٍ". (حم. م. د. ت. هـ) عن أبي هريرة (حم. هـ. هق) عن ابن عباس قال الشارح: ورواه البخارى أيضا عن أبي هريرة ووهم المؤلف. قلت: بل وهم الشارح وقلّد وما حقق ولا حرَّر، فالبخارى رواه بلفظ لا يدخل في الكتاب أصلًا، لأنه ليس من لفظ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال البخارى في المظالم [3/ 177 رقم 2473]:

حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا جرير بن حازم عن الزبير بن خِرِّيت عن عكرمة سمعت أبا هريرة قال: "قضى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا تشاجروا في الطريق بسبعة أذرع"، فهذا من لفظ أبي هريرة وهو لا يدخل في الكتاب على اصطلاح المؤلف وأمثاله. والحديث رواه أيضا الطحاوى في مشكل الآثار من حديث أبي هريرة [3/ 226، رقم 1190، 1191] وابن عباس [3/ 225، رقم 1188، 1189]. 197/ 366 - "إذَا أخذَ المؤذِّنُ في أذَانِهِ وَضع الرب يَدَهُ فَوقَ رَأسِهِ فَلَا يزالُ كَذَلِك حَتَّى يَفرغَ مِنْ أذَانهِ وَإِنه لَيُغْفَرُ لَهُ مدَّ صوتِهِ فَإذا فَرَغَ قَالَ الربُّ: صَدَقَ عَبدِى وَشَهدت بِشَهَادَةِ الحقِّ فأَبْشِر". (فر) عن أنس قال الشارح في الكبير: ورواه عنه أيضا أبو الشيخ في الثواب ومن طريقه وعنه أورده الديلمى مصرحًا فلو عزاه له كان أولى، ثم إنه رمز لضعفه وسببه أن فيه محمد بن يعلى السلمى ضعفه الذهبى وغيره. قلت: الديلمى لم يخرجه من طريق أبي الشيخ لا مصرِّحًا ولا ملوِّحًا، قال الديلمى [1/ 389، رقم 1270]: أخبرنا الجلاد أخبرنا أبو نعيم ثنا أبو على الحسن بن على بن إبراهيم الوَّراق ثنا عبد اللَّه بن محمد بن أسد الأصبهانى ثنا الحسن بن عبد المؤمن ثنا محمد بن يعلى عن عمر بن فتح عن مقاتل عن حيّان عن زيد العمى عن أنس به، فاعجب لذهول الشارح. والحديث رواه الدينورى في المجالسة من وجه آخر مختصرًا فقال: حدثنا أحمد بن خليد ثنا يعقوب بن كعب الأنطاكى ثنا أبو حفص العبدى عن ثابت عن أنس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يد اللَّه فوق رأس المؤذّن فإذا فرغ

من أذانه غفر له مدّ صوته أين بلغ". ورواه ابن حبّان في الضعفاء: ثنا الحسن بن سفيان ثنا حسين بن منصور ثنا أبو حفص العبدى به مثله. 198/ 369 - "إذَا ادهن أحدُكُم فَليْبَدأ بِحَاجِبيهِ فإنَّه يُذهِبُ بالصُداع". ابن السنّى وأبو نعيم في الطب وابن عساكر عن قتادة مرسلًا (فر) عنه عن أنس قلت: الحديث أخرجه ابن السنى في عمل اليوم والليلة أيضا [ص 61، رقم 171] عن قتادة مرسلًا، ومن طريقه أخرجه الديلمى في مسند الفردوس فوصله عن أنس، فهو زيادة منه إما سهوًا وإمَّا عمدًا، وقد جرّبت عليه أمثال ذلك كثيرًا من تسوية الأسانيد وإيصال المقطوع منها فهو ضعيف غير معتمد، فاسمع لفظ الحديث في عمل اليوم والليلة لابن السنى: أخبرنى محمد بن الحسن بن صالح بن عميرة ثنا عيسى بن أحمد العسقلانى ثنا بقية بن الوليد عن أبي نبيه النميرى عن خليد بن دعلج عن قتادة بن دعامة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره. وقال الديلمى في مسند الفردوس: أخبرنا الدونى أخبرنا ابن الكسار أخبرنا ابن السنّى حدثنا محمد بن الحسن بن صالح فذكره بسنده وزاد فيه ذكر أنس. 199/ 373 - "إذَا أُذِّن في قَريةٍ أمَّنَها اللَّه مِنْ عَذابِ ذَلِك اليومِ". (طص) عن أنس قال الشارح: "إذا أُذِّن" بالبناء للمجهول. قلت: الحديث في المعجم الصغير بلفظ: "إذا أذن المؤذن" لا بالبناء للمجهول كما قال الشارح.

قال الطبرانى [1/ 301، رقم 499]: ثنا صالح بن شعيب أبو شعيب الزاهد البصرى بمصر ثنا بكر بن محمد القرشى ثنا عبد الرحمن بن سعيد (¬1) بن عمار بن سعد المؤذن عن صفوان بن سليم عن أن قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إذا أذّن المؤذّن في قرية أمّنها (¬2) اللَّه من عذابه ذلك اليوم". قال الطبرانى: لم يروه عن صفوان إلا عبد الرحمن. قلت: وهو ضعيف لكن له شاهد رواه في الكبير [20/ 215، رقم 498] من حديث معقل بن يسار وفيه أغلب بن تميم وهو ضعيف أيضا. 200/ 374 - "إذَا أذَّنَ المؤذِّنُ يَومَ الجمعَةِ حَرُم العَمل". (فر) عن أنس قال الشارح في الكبير: فيه عبد الجبّار القاضى أورده الذهبى في الضعفاء وقال: كان داعية للاعتزال، وإبراهيم بن الحسين الكسائى قال في اللسان: ما علمت أحدا طعن فيه حتى وقفت في جلاء الأفهام لابن القيم على أنه ضعيف وما أظنه إلا التبس عليه، وسعيد بن ميسرة قال ابن حبّان: يروى الموضوع، وفي الكامل: مظلم الأمر، وفي الميزان: كذّبه القطّان. قلت: أطال في ذكر الرجال بدون طائل ولا معرفة، فالحديث إنما يعل بسعيد ابن ميسرة فقط والباقى لغو لا فائدة فيه، على أن الذي في نسختى من سند الحديث عبد الحميد بن أحمد بن عبد الجبار لا عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار. قال الديلمى: ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، وفي مجمع البحرين "سعد" انظر مجمع البحرين (2/ 5، رقم 616)، واللَّه أعلم. (¬2) في الأصل "أمن" والتصويب من المعجم الصغير.

أخبرنا أبي أخبرنا أبو الحسن الحافظ أخبرنا عبد الواحد بن الحسن القزاز ثنا عبد الحميد بن أحمد بن عبد الجبار ثنا أبو أحمد القاسم بن أبي صالح ثنا إبراهيم بن الحسين الكسائى ثنا عقبة بن مكرم ثنا يونس بن بكير عن سعيد بن ميسرة عن أنس به. فإن كانت نسخة الشارح مصححة فعبد الجبار القاضى لا يُعَلُّ به الحديث، لأنه ثقة فيه كما قال الخليلى وغيره، وإنما تكلموا فيه من جهة الغلو في الاعتزال، وهذا أمر لا دخل له في الرواية والعدالة كما هو مقرر معروف، على أن الحديث معلول قبل وصوله إليه بوجود الضعيف المتهم فيه في الطبقة الأولى فلا فائدة في تضعيفه بغيره. 201/ 375 - "إذَا أرادَ اللَّه بِعَبْد خَيرًا جَعَلَ صَنَائعَهُ وَمَعْرُوفَهُ في أهْلِ الحفَاظ، واذَا أرادَ اللَّه بِعَبدٍ شرًا جَعَلَ صَنائِعَهُ وَمعرُوفَهُ في غَيرِ أهْلِ الحَفاظِ" (فر) عن جابر قلت: هذا حديث باطل موضوع ركيك فيه كذّاب ومتروك ومجاهيل، ثم إن له عند مخرّجه بقية لم يذكرها المصنف ولا الشارح مع مخالفة في اللفظ، فإنه قال: "وإذا أراد بعبد شرًا عكسه". فقال حسّان بن ثابت: إن الصنيعة لا تكون صنيعة ... حتى يصاب بها طريق المصنع قال: فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صدقت. 202/ 376 - "إِذَا أرادَ اللَّه بعبدٍ خيرًا جعلَ غِنَاه في نَفْسِه وتُقَاه في قلبه، وإِذا أراد بِعَبدٍ شرا جعل فَقْرَه بَيْنَ عَينيهِ". الحكيم (فر) عن أبي هريرة

قال الشارح: وفي إسناده مجهول. وقال في الكبير: كتب الحافظ ابن حجر على هامش الفردوس بخطّه يُنظر في هذا الإسناد اهـ. وأقول: فيه دَرَّاج أبو السمح نقل الذهبى عن أبي حاتم تضعيفه، وقال أحمد: أحاديثه مناكير. قلت: لو سكت الشارح عن الخوض في هذا لكان خيرًا له، فدراج أبو السمح يعلم أمره صغار المبتدئين في طلب الحديث، فكيف لا يعرفه الحافظ ويحيل على النظر في الإسناد من أجله؟! وأبو السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدرى نسخة معروفة وكثير من الحفاظ يحسّنها، والحافظ لم يقل ما قال من أجل دراج، ولكن الإسناد يفيد الانقطاع، لأن الديلمى قال [1/ 301، رقم 941]: أخبرنا عبدوس عن أبي القاسم على بن إبراهيم عن محمد بن يحيى عن أحمد ابن عبد الرحمن عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج أبي السمح عن عبد الرحمن بن حجيرة عن أبي هريرة به. وأحمد بن عبد الرحمن ابن أخى ابن وهب مات سنة (262) والديلمى مات سنة (558) فبينه وبين أحمد بن وهب نحو ثلاثمائة سنة، ولا يمكن أن يكون الواسطة بينه وبينه ثلاثة فقط، لأن التاريخ المذكور يأبى ذلك العلو ولا يقع فيه إلّا نادرًا بل أندر من النادر، فلذلك قال الحافظ: ينظر هذا الإسناد ويحقق هل هؤلاء عمروا حتى صار السند عاليا جدا أو حصل فيه انقطاع؟ فهذا مراد الحافظ لا ما ذكره الشارح. ثم إن الحكيم الترمذى رواه مختصرًا فقال في الأصل الخامس والخمسين ومائة (¬1): ¬

_ (¬1) هو في الأصل الرابع والخمسين ومائة.

ثنا عمر بن أبي عمر قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: أخبرنا عبد اللَّه بن عقبة عن دراج، لكنه قال: عن أبي الهيثم عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أراد اللَّه بعبد خيرًا جعل غناه في نفسه، وتقاه في قلبه". ورواه أحمد في الزهد [ص 547، رقم 2354] عن الحسن مرسلًا بنحوه، فقال: حدثنا حسين ثنا المبارك عن الحسن قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إذا أراد اللَّه بعبد خيرًا كف عليه صنيعته وجعل غناه في قلبه، وإذا أراد اللَّه بعبد شرا بعث عليه صنيعته وجعل فاقته بين يمينه". 203/ 377 - "إذَا أرادَ اللَّه بِعَبدٍ خَيرًا فقهُه في الدِّين وزهَّدَهُ فِي الدُّنيا وبصَّرهُ عُيوبَهُ". (هب) عن أنس بن مالك وعن محمد بن كعب القرظى مرسلًا قال الشارح: ورواه الديلمى عن أنس، وإسناده كما قال العراقى: ضعيف جدًّا. زاد في الكبير: وقال غيره واه. قلت: سبب ذلك أنه من رواية يحيى بن خِدام -بالخاء المعجمة والدال المهملة- عن محمد بن عبد اللَّه الأنصارى عن مالك بن دينار عن أنس به، والأنصارى المذكور قال ابن طاهر: كذّاب له طامات، وقال ابن حبّان: منكر الحديث جدا. قلت: من رأى أحاديثه جزم بأنه كذَّاب وضَّاع وهذا الكلام رواه الدينورى في العاشر من المجالسة عن محمد بن كعب القرظى من قوله فقال: حدثنا أحمد بن على المروزى ثنا عبد الصمد ثنا الفضيل عن عبد اللَّه بن رجاء عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب القرظى قال: "إذا أراد اللَّه بعبد خيرًا" فذكر مثله سواء.

ورواه أيضا بعد أوراق قليلة عن أحمد بن عبّاد عن عبد الصمد به مثله، وهذا هو الصحيح. 204/ 382 - "إِذَا أرادَ اللَّه بِعَبدٍ خَيرًا طهَّرَهُ قَبْلَ مَوتِهِ قَالُوا: وَمَا طُهُورُ العبدِ؟ قال: عملٌ صَالحٌ يُلهمُه إيَّاهُ حتَّى يَقْبِضَهُ عَليهِ". (طب) عن أبي أمامة قال الشارح: لم يرمز له المصنف بشيء وسها من زعم أنه رمز لضعفه، قال الهيثمى: رواه الطبرانى من عدة طرق في أحدها بقيّة بن الوليد، وقد صرح بالسماع وبقية رجاله ثقات اهـ. فالحكم عليه بالضعف في غاية الضعف. قلت: الحديث رواه القضاعى في مسند الشهاب [2/ 293، رقم 1388] من وجه آخر عن أبي أمامة، وذكره ابن أبي حاتم في العلل [2/ 124، رقم 1865] من وجه ثالث عنه، وقال عن أبيه: إنه منكر، وقد ذكره المصنف هنا بألفاظ من حديث أبي عنبة الخولانى وعمرو بن الحمق وأنس بن مالك، وقد ذكرت لهذه الأحاديث من الطرق والمخرّجين ما لم يذكره المصّنف في المستخرج على مسند الشهاب، وكذلك الأسانيد عن حذيفة وابن مسعود والحسن مرسلًا. وفي الباب أيضًا عن عمر عند أحمد [4/ 135] بسند حسن وعن عائشة عند الطبرانى في الأوسط بسند حسن أيضا. 205/ 383 - : "إذَا أرادَ اللَّه بِعبدٍ خيرًا صيَّرَ حَوائِجَ النَّاسِ إليهِ". (فر) عن أنس قلت: قال الديلمى [1/ 300، رقم 938]: أخبرنا أبي حدثنا سليمان بن إبراهيم الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن

جعفر الحافظ أخبرنا أبو سعيد الحسين بن محمد الحافظ أخبرنا أبو بكر محمد ابن عمر الأصبهانى ثنا يحيى بن شبيب ثنا حميد الطويل عن أنس به. قلت: كذا وقع يحيى بن شبيب ثنا حميد، وهو باطل فإن يحيى يروى عن سفيان الثورى عن حميد، ويحيى متروك متهم. 206/ 384 - "إِذَا أرادَ اللَّهُ بعِبَدٍ خيَرًا عاتَبه في مَنَامِهِ". (فر) عن أنس قلت: قال الديلمى [1/ 301، رقم 944]: حدثنا أحمد بن نصر إملاء ثنا عليّ بن أبي عليّ الخشاب أخبرنا الحسن بن محمد البغدادى ثنا على بن لؤلؤ إملاء ثنا أبو على الحسن بن أحمد بن محمد العطاردى ثنا رجاء بن سعيد ثنا وهب بن راشد عن ضرار بن عمرو عن يزيد الرقاشى عن أنس به. ضرار بن عمرو وشيخه والراوى عنه ضعفاء. 207/ 385 - "إِذَا أَرادَ اللَّه بِعْبدِهِ الخيرَ عَجَّل لَهُ العقوبةَ في الدُّنيا وَإِذَا أَرادَ اللَّهُ بِعَبْدِه الشَّر أمْسَكَ عَنْهُ ذَنْبهُ حَتَّى يُوافى بِه يَوم القيَامَةِ". (ت. ك) عن أنس (طب. ك. هب) عن عبد اللَّه بن مغفل (طب) عن عمار بن ياسر (عد) عن أبي هريرة قلت: حديث أنس أخرجه أيضا الطحاوى في مشكل الآثار آخر الجزء الثانى منه قال: حدثنا يونس أنا ابن وهب أخبرنى ابن لهيعة وعمر بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد الكندى عن أنس به. ورواه البغوى في تفسيره آخر سورة البقرة من طريق حميد بن زنجويه:

أخبرنا عبد اللَّه بن صالح حدثنى الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعيد بن سنان به. وحديث عبد اللَّه بن مغفل رواه أيضا أبو نعيم في تاريخ أصبهان في المحمدين منه فقال [2/ 274]: حدثنا محمد بن أحمد بن جعفر الأبح ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن سعيد بن إسحاق القطان ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا زياد الجصّاص عن الحسن عن عبد اللَّه بن مغفل قال: "جاء رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ووجهه يسيل دمًا فقال: يا رسول اللَّه إنى مررت فنظرت إلى امرأة فأتبعتها بصرى فضرب وجهى الجدار، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إذا أراد اللَّه" وذكره وزاد: "حتى يؤتى به يوم القيامة كأنه عير"، وكذلك هو ثابت في مستدرك الحاكم في موضعين في الجنائز وفي الحدود. ورواه أبو نعيم في الحلية أيضا في ترجمة يونس بن عبيد عن الطبرانى قال [3/ 25]: حدثنا محمد بن العباس المؤدب ثنا عفان بن مسلم ثنا حمّاد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عبد اللَّه بن مغفل به مثله، ثم قال أبو نعيم: وعير جبل بالمدينة شبه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عظم ذنوبه وكثرتها به. 208/ 386 - "إِذَا أَرادَ اللَّهُ بِعبدٍ خَيرًا فقَّههُ في الدِّينِ وألهَمَه رشْدَه". البزار عن ابن مسعود قال الشارح في الكبير: قال المنذرى إسناده لا بأس به، وقال الهيثمى: رجاله موثقون، فرمز المؤلف لحسنه لا يكفى بل حقّه الرمز لصحته، وظاهر كلامه أنه لم يخرجه أحد من الستة والأمر بخلافه، فقد أخرجه الترمذى باللفظ المزبور من حديث ابن عبّاس رضي اللَّه عنهما. قلت: الشارح لا يملّ من هذه الانتقادات الباطلة، فقول المنذرى: إسناده لا

بأس به هو معنى قول المصنف: حسن، لأن لا بأس به ليست من عبارة التصحيح، وما عدل المنذرى عن قوله حسن إليها إلا لاحتياطه واحترازه خوفا ألا يكون الحديث حسنًا فضلا عن أن يكون صحيحًا، وكذلك قول النور الهيثمى: رجاله موثقون يفيد أنه حسن، وربما يكون عند التحقيق ضعيفًا، لأنه لم يقل: رجاله ثقات بل قال: موثقون وهو يستعمل هذه العبارة في الرواة المختلف فيهم، أما من لم يختلف فيه منهم فإنه يقول: رجاله ثقات، وإذا كان الراوى مختلفًا فيه فحديثه حسن إذا وجد ما يشهد له كحديث الباب، فسقط كلام الشارح وبان فضل المصنف. وأما انتقاده الثانى بأنه في سنن الترمذى باللفظ المزبور ففضيحة له رحمه اللَّه، فالحديث في سنن الترمذى بلفظ: "من يرد اللَّه به خيرا يفققّه في الدين"، فهو مخالف للفظ المذكور هنا في موضعين في كونه مصدّر بـ "من"، وكونه لم تذكر فيه زيادة "وألهمه رشده"، وقد ذكره المصنّف في حرف "من" كما سيأتى وعزاه لأحمد والشيخين عن معاوية، وأحمد والترمذى عن ابن عباس، وابن ماجه عن أبي هريرة، كما أنه أعاد حديث ابن مسعود هناك، وعزاه لأبي نعيم في الحلية، لأنه وقع في روايته مصدّر بحرف "من" فاعجب لقول الشارح: إن الترمذى رواه باللفظ المزبور. ثم إنه كان من حقّه أن يعترض عليه أيضا بحديث معاوية المتّفق عليه، فإنه مثل حديث ابن عباس حرفًا حرفًا وسنورد طرق الحديث إن شاء اللَّه في حرف "من". 209/ 387 - "إذا أرادَ اللَّهُ بعبد خيرًا فتحَ له قُفْلَ قَلْبه، وَجَعَل فيه اليقينَ والصدِّقَ، وجعل قلَبه واعيًا لما سَلَكَ فيه وجعل قلبَه سليمًا، ولسانَه صَادِقًا، وخليقتَه مُسْتقِيمةً، وجَعَلَ أذَنه سَمِيعةً، وعينه بَصيرةً". أبو الشيخ عن أبي ذر

قلت: وأسنده الديلمى من طريق أبي الشيخ: حدثنا عبد الرحمن بن داود ثنا عمر بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن الضحاك حدثنى سعيد بن إبراهيم حدثنى عبد اللَّه بن رجاء عن شرحبيل بن الحكم عن عامر بن نائل عن عمرة ابن مرة عن أبي ذر به. وشرحبيل وشيخه روى عنهما ابن خزيمة في التوحيد وقال: أنا أبرأ من عهدتهما. 210/ 389 - "إِذَا أَرَادَ اللَّه بقومٍ خيرًا أكثرَ فَقَهَاءَهم وأقَلَّ جهّالَهم فإذا تكلَّم الفقيهُ وجدَ أعوانًا، وإذا تكلَّم الجاهلُ قُهَر، وإذا أرادَ اللَّه بقَوْمٍ شرًا أكثر جُهَّالَهم، وأقلَّ فقهاءَهُم، فإذا تكلَّم الجاهِلُ وجدَ أعوانًا، وإذا تكلَّم الفقيهُ قُهِرَ". أبو نصر السجزى في الأبانة عن حبان بن أبي جبلة، (فر) عن ابن عمر قال الشارح: وفيه الحسن بن على التميمى، نُقل في الميزان تضعيفه عن الخطيب، وفيه بقيَّة وهو غير حجَّة. قلت: في هذا إنتقاد على المصنف والشارح، أما المصنف ففي إطلاقه حبَّان ابن أبي جبلة دون تقييده بقوله مرسلًا؛ لأنه يوهم أن الحديث موصولًا، وأن حبيبًا صحابى وليس كذلك. ثم إنه عزا الحديث إلى الديلمى عن ابن عمر جزمًا والديلمى ذكره شكًا، قال الديلمى: أخبرنا والدى أخبرنا أبو طالب على بن أحمد بن هشيم الضرّاب ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن بهيس المقرّى ثنا أبو بكر محمد بن أحمد جعفر بن أدين ثنا الحسن ابن على التميمى ثنا المرَّار بن حمويه ثنا محمد بن مصفّى حدثنى بقية ثنا إسماعيل بن أبي نعيم عن عبد اللَّه بن بُريد عن ابن عمر أو ابن عمرو قال:

"قال رسول اللَّه" فذكر الحديث. وأما الشارح ففي أمرين أيضًا أحدهما في قوله: إن في السند الحسن بن على التميمى ضعّفه في الميزان عن الخطيب، فكان هذا من تهوراته العجيبة وخوضه فيما لا علم له به، فالحسن بن على التميمى الذي ذكره الذهبى في الميزان هو أبو على بن المذهّب راوية مسند أحمد بن حنبل عن القطيعى وقد ذكر الذهبى في نفس الترجمة عنه أنه قال: ولدت سنة خمس وخمسين وثلاثمائة والحسن المذكور في السند يروى عن المرَّار بن حمويه وهو من شيوخ البخارى وابن ماجه وقد استشهد سنة أربع وخمسين ومئتين وذلك قبل ولادة أبي على ابن المذهّب بمئة سنة وسنة أخرى فكيف يروى عنه؟ فالشارح إذا نظر في الإسناد يبحث عن رجاله في كتب الجرح والتعديل فإذا وجد فيها اسمًا يوافق ما في السند أخذه غير ناظر إلى التاريخ ولا محرر ولا باحث في قواعد ذلك فيأتى بمثل هذه الطامات، ثم هو مع ذلك مغرم بالانتقاد على المصنف الحافظ فإنا للَّه. وبعد فاعلم أن الحسن بن على المذكور في الإسناد هو رجل آخر اسم جده جعفر، ذكره الحافظ في اللسان في ترجمة الراوي عنه محمد بن أحمد بن جعفر أبو بكر الخياط البغدادى، ونقل عن ابن النجّار أنه قال: روى عن الحسن بن على بن جعفر عدة أحاديث في فضائل طالب العلم أكثرها موضوعة اهـ. قلت: وهذا منها. والأمر الثانى قوله: وفيه بقيّة وهو غير حجّة، وهو ليس كما قال، بل بقيّة ثقة حجّة وإنما هو مدلس فما رواه بالعنعنة لا يقبل، وما صرّح فيه بالسماع فهو مقبول، وهذا الحديث صرّح فيه بالسماع فلا ينبغى أن يعلّ به ولكن البليّة فيه من غيره.

211/ 390 - "إِذَا أرادَ اللَّهُ بقومٍ خيرًا مدَّ لهم في العُمْرِ وألْهَمَهُم الشكرَ". (فر) عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضا البيهقى في الزهد قال: أخبرنا على بن أحمد بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد ثنا سعيد بن عثمان ثنا سعيد بن أبي الربيع ثنا عنبسة بن سعيد أخبرني أشعث الحداني عن أبي يزيد المدني عن أبي هريرة به مرفوعًا بلفظ: "إن اللَّه تعالى إذا أراد". ومن هذا الوجه رواه الديلمى أيضًا من طريق أحمد بن الفضل بن العباس ابن خزيمة أخبرنا سعيد بن عثمان الأهوازى به. وعنبسة بن سعيد متروك. 212/ 391 - "إذا أرادَ اللَّهُ بقومٍ خيرًا ولَّى عليهم حلماءَهُم، وجعلَ المالَ في سُمَحائهم، وإذا أرادَ بقومٍ شرًا ولَّى عَلِيهم سُفَهاءَهُم، وقَضَى بينهُمْ جُهَّالهُم، وجَعلَ المالَ في بُخلائِهم". (فر) عن مهران قلت: رواه الديلمى من طريق ابن لال قال: أخبرنا القاسم بن أبي صالح ثنا ابن ديزيل وأبا حاتم قالا: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن حميد عن الحسين عن مهران به. ورواه ابن أبي الدنيا في الحلم عن الحسن مرسلًا فقال [ص 59، رقم 75]: حدثنا على بن الجعد ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إذا أراد اللَّه بقوم خيرًا جعل أمرهم إلى حلمائهم وفيئهم عند سمحائهم، وإذا أراد بقوم شرًا جعل أمرهم إلى سفهائهم وفيئهم عند بخلائهم".

ورواه أبو يوسف صاحب أبي حنيفة في أول كتاب الخراج له من حديث ابن عباس بزيادة ولفظه: حدثنا هشام بن سعد عن الضحّاك بن مزاحم عن عبد اللَّه بن عباس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إذا أراد اللَّه بقوم خيرًا استعمل عليهم الحكماء وجعل أموالهم في أيدي السمحاء، وإذا أراد اللَّه بقوم بلاءً استعمل عليهم السفهاء وجعل أموالهم في أيدي البخلاء، ألا ومن ولى في أمو أمتي شيئًا فرفق بهم في حوائجهم رفق اللَّه به في حاجته، ومن احتجب عنهم دون حوائجهم احتجب اللَّه عنه دون حاجته وخلقه"، والضحّاك لم يلق ابن عباس، وهشام فيه مقال. 213/ 392 - "إذا أرادَ اللَّه بقومٍ نماءً رزقَهم السماحةَ والعفافَ، وإذا أرادَ بقومٍ اقتطاعًا فتَحَ عليهم بابَ خيانةٍ". (طب) وابن عساكر زاد الشارح في الكبير: وكذا الدارمي والديلمي عن عبادة بن الصامت، ولم يرمز له المصنف بشيء. واقتصر في شرحه الصغير على زيادة الديلمي دون الدارمي ثم قال: وفيه ضعف. قلت: أما الدارمي فلا أتحققه فيه وأما الديلمي فرواه بزيادة، وذلك من طريق أبي الشيخ قال: حدثنا عبدان ثنا هشام ثنا عراك بن خالد ثنا أبي ثنا إبراهيم بن أبي عبلة عن عبادة به بلفظ: "إذا أراد اللَّه بقوم نماءً أو بقاءً رزقهم القصد والعفاف. . ." الحديث، وزاد: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وهكذا رواه ابن أبي حاتم في تفسيره قال:

حدثنا أبي ثنا هشام بن عمار به مثله. وعزاه ابن كثير في التفسير لأحمد في المسند، ولم أره فيه، وعزاه المصنف في الدر المنثور لابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه في تفاسيرهم. 214/ 393 - "إذا أرَادَ اللَّهُ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا أدْخَلَ عَلَيْهِمْ الرِّقةَ". (حم. تخ. هب) عن عائشة، والبزار عن جابر قال الشارح: قال المؤلف: حسن وليس ذلك منه بحسن، بل صحيح فقد ذكر المنذرى وغيره أن رجاله رجال الصحيح. قلت: لا يلزم من كون الرجال رجال الصحيح أن يكون الحديث صحيحًا، إذ قد يكون مع ذلك منقطعًا أو معلولًا بشذوذ واضطراب. وقد أشار البخارى في التاريخ [1/ 416، رقم 1327] إلى الاختلاف في سند هذا الحديث فقال: قال لي محمد بن عبيد اللَّه: ثنا ابن وهب قال: أخبرني أيوب بن سعد حديثه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "إذا أراد اللَّه بأهل بيت [خيرًا] (¬1) أدخل عليهم الرفق". وعن ابن وهب حدثنا حفص بن ميسرة عن هشام نحوه وقال: ثنا سليمان وحجاج ثنا حمّاد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد اللَّه بن معمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا. قلت: ومن طريق حفص بن ميسرة رواه أحمد في مسند [6/ 71] فهذا اختلاف على هشام فيه ولكن رواه الطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 321، رقم 26] من غير طريقه فقال: حدثنا محمد بن على الصائغ ثنا محمد بن إبراهيم الشافعى ثنا محمد بن عبد ¬

_ (¬1) ساقط من الأصل، واستدركناه من التاريخ الكبير للبخارى.

الرحمن التيمى أبو غِرازة عن القاسم بن محمد عن عائشة به مثله، لكن محمد بن عبد الرحمن التيمى أبو غرازة متروك منكر الحديث. 215/ 395 - "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِرَجُلٍ مِنْ أمَّتِى خَيْرًا ألْقَى حُبَّ أصْحَابِى فِى قَلْبِهِ". (فر) عن أنس قلت: وكذلك رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 41] إلا أنه ذكره بصيغة معلّقة فقال: حدّث أبو حامد الأشعرى ثنى أبو نصر عمران ثنا محمد بن سلمة البصرى ثنا محمد بن كثير العبدى ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس به. أما الديلمى فرواه موصولًا عن الحداد صاحب أبي نعيم وراوية كتبه قال: أخبرنا أبو على الحسين بن عبد اللَّه بن منجويه أنا أحمد بن عبد الرحمن ثنا أبو حامد الأشعرى به. 216/ 396 - "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالأميرِ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وَزيرَ صدْق إنْ نَسَى ذَكّرَهُ وَإنْ ذَكَرَ أَعَانُه، وَإِنْ أَرَادَ بهِ غَيْرَ ذَلِكَ جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ إنْ نَسِى لَمْ يُذَكّرْهُ وَإنْ ذَكَرَ لَمْ يُعِنْهُ". (د. هب) عن عائشة قال الشارح في الكبير: قال في الرياض: رواه أبو داود بإسناد جيّد على شرط مسلم، لكن جرى الحافظ العراقى على ضعفه فقال: ضعّفه ابن على وغيره ولعله من غير طريق أبي داود. وقال في الشرح الصغير: رمز المؤلف لحسنه ولعله لشواهده وإلا فقد جزم الحافظ العراقى بضعفه. قلت: لا أدرى هل الحافظ العراقى في نظره معصوم من الخطأ حتى يجعله

حجة على كل من خالفه؟ أم كل من كان في الطريق المخالفة للمؤلف فهو حجة؟ وهذا هو الأقرب، فالحديث حسن كما قال المؤلف، والعراقى إذا صحّ ما نقله عنه الشارح فإنما يحكى كلام ابن على وكلامه في راوى الحديث مردود فكان أبا داود رواه [3/ 131، رقم 2932] عن موسى بن عامر عن الوليد ابن مسلم، ثنا زهير بن محمد عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة فهذا السند على شرط مسلم كما قال النووى، إلا أن موسى بن عامر شيخ أبي داود لم يرو عنه مسلم، وقد ذكره الذهبى في الميزان [4/ 209، رقم 8886] ورمز له بعلامة الصحيح، وقال: صدوق صحيح الكتب تكلّم فيه بعضهم بغير حجّة ولا ينكر له تفرّده عن الوليد فإنه أكثر عنه اهـ. وقال الحافظ في التقريب: صدوق له أوهام اهـ. فمن أجل الكلام في الرجل حكى الحافظ العراقى ما حكى عن ابن عدى لا أنه جزم بضعفه، على أن الحديث ورد من وجه آخر من رواية عمرة عن عائشة أخرجه الخطيب في التاريخ [7/ 376، رقم 3900] في ترجمة الحسن بن على أبي سعيد الفقيه من طريق فرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة به مختصرًا "إذا أراد اللَّه بأمير خيرًا جعل له وزيرًا صالحًا". 217/ 397 - "إِذَا أرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ شَرًا خضرَ لَهُ فِى اللَّبنِ وَالطّينِ حَتَّى يَبْنِى". (طب. خط) عن جابر قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبرانى ولم أجد من ضعفه، وقال المنذرى: رواه في الثلاثة بإسناد جيّد اهـ. وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرّجه أحد من الستّة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد عزاه جمع لأبي داود من حديث عائشة قال العراقى: وإسناده جيد.

قلت: في قول الشارح: "فقد عزاه جمع لأبي داود" نظر، ولعلّه أطلق لفظ الجمع وأراد به العراقى وحده، فإنه الذي قال ذلك في المغنى وهو سبق قلم منه، فإن الحديث ليس في سنن أبي داود جزمًا لا من حديث عائشة ولا من حديث غيرها، فالذهول إنما هو [من] العراقى والشارح الذي قلّده. والحديث قال الطبرانى [2/ 185، رقم 1755]: ثنا أبو ذر هارون بن سليمان المصرى ثنا يوسف بن على الكوفى ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربى ثنا سفيان الثورى عن أبي الزبير عن جابر به. ثم قال الطبرانى: تفرّد به أبو ذر هارون بن سليمان اهـ. وليس كما قال بل تابعه عليه أحمد بن يحيى بن خالد بن حيّان الرقى، فرواه عن يوسف بن على أيضًا وروايته عند الخطيب في التاريخ [11/ 381] في ترجمة على بن الحسن بن خلف المخرمى. تنبيه: زعم ابن العربي المعافرى في كتابه "سراج المريدين" في الاسم الزاهد أنه ليس في البنيان حديث صحيح إلا حديث المطاولة، وهذا الحديث يرد عليه، وفي الباب غيره، ولابن العربي في الكتاب المذكور من هذا القبيل شيء كبير فإنه نفى كثيرًا من الأحاديث في كثير من الأبواب الوارد فيها الأحاديث الصحيحة المتعددة، وذلك لقصور نظره على الموطأ والصحيحين غالبًا. 218/ 398 - "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ هَوَانًا أَنْفَقَ مَالَهُ فِى البُنْيَانِ وَالماءِ وَالطِّينِ". البغوى (هب) عن محمد بن بشير الأنصارى وماله غيره (عد) عن أنس قلت: حديث محمد بن بشير الأنصارى أخرجه جماعة منهم ابن شاهين وابن

يونس وابن منده كلهم من طريق سلمة بن شريح عن يحيى بن محمد بن بشير الأنصارى عن أبيه، وقال البندهى في شرح المقامات: أخبرنا أبو الفرج سعد بن أبي الرجي بن منصور الصيرفى في كتابه أنا أبو طاهر بن محمد بن أحمد الثقفى أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن على المقرئ ثنا سعد بن الحسن بن قتيبة العسقلانى ثنا حرملة بن يحيى أنا عبد اللَّه بن وهب أخبرني خالد بن حميد عن سلمة بن شريح به. ورواه ابن حبّان في الثقات وقال: إنه مرسل. 219/ 399 - "إذَا أرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا جَعَلَ أمْرَهُم إلَى مُتْرَفِيهِم". (فر) عن عليّ قال الشارح: ضعيف لضعف حفص بن سلم. قلت: وقع في الصغير والكبير حفص بن مسلم بزيادة ميم في أوله، وأصله تحريف من النسَّاخ، والصواب سلم بدون ميم وهو أبو مقاتل السمرقندى، رواه عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبيّ عن عليّ. 220/ 401 - "إِذَا أرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَاهَةً نَظَرَ إِلَى أَهْلِ المسَاجِدِ فَصَرَفَ عَنْهُمْ". (عد. فر) عن أنس قال الشارح في الكبير: ورواه أيضًا البيهقى وأبو نعيم وعنه أورده الديلمى فلو عزاه إليه كان أولى ثم إن فيه مكرم بن حكيم ضعفه الذهبى، وزافر ضعفه مخرجه ابن على وقال: لا يتابع على حديثه. قلت: إطلاق الشارح العزو إلى البيهقى يفيد أنه في سننه كما هي القاعدة في

العزو عند أهل الحديث والأمر بخلافه فهو من سوء تصرّفه، والديلمى رواه من طريق أبي نعيم كما قال الشارح، ولكن لأبي نعيم كتب متعددة وأجزاء صغيرة يخرّج منها الديلمى، ففي أى كتاب منها خرّج أبو نعيم الحديث حتى يعزوه المصنف إليه؟ إن هذا لتهوّر عجيب. وبعد، فكان الديلمى قال [1/ 306، رقم 961]: أخبرنا الحداد أنا أبو نعيم ثنا أحمد بن محمد بن موسى ثنا محمد بن الحسين ابن مكرم ثنا محمد بن بكّار ثنا زافر بن لي سليمان عن عبد اللَّه بن أبي صالح عن أنس به. فلا وجود في السند لذكر مكرم بن حكيم وإنما هو مجرّد وهم من الشارح. وقد قال الذهبى في ترجمة زافر من الميزان [2/ 64، رقم 2819]: زافر عن عبد اللَّه بن أبي صالح عن أنس مرفوعًا "إِذَا أنزل اللَّه عاهة صُرفت عن عمّار المساجد" رواه عنه محمد بن بكار بن الريّان اهـ. فعلى كلام الشارح يلزم أن يكون مكرم بن حكيم قبل هذا أى راويًا عن محمد بن بكّار وهو أكبر من زافر بن سليمان، وقد ورد الحديث من وجه آخر عن أنس، قال البندهى في شرح المقامات: أخبرنا أبو الفرج بن أبي سعد بن على عن أبي الحسين أحمد بن محمد بن أحمد البزان أنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم الجرجانى ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حفص الدينورى ثنا محمد بن عبد العزيز بن المبارك الدينورى حدثتنا حُكامة بنت عثمان بن دينار قالت: حدّثنى أبي عن أخيه مالك بن دينار عن أنس به مرفوعًا "إِذَا أراد اللَّه بقومٍ عاهةً نظر إلى أهل المساجد فصرف عنهم"، حُكامة تروى عن أبيها البواطيل ولينظر في بقيّة الإسناد. 221/ 402 - "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَرْيَةٍ هَلاكًا أظْهَرَ فِيهِمُ الزِّنا". (فر) عن أبي هريرة

قال في الكبير: فيه حفص بن غياث فإن كان النخعي ففي الكاشف: ثبت إذا حدث من كتابه، وإن كان الراوى عن ميمون فمجهول. قلت: الذي في السند هو الأول، لأنه من رواية سهل بن عثمان عن حفص ابن غياث، وسهل بن عثمان يروى عن الأول، ولكن في السّند انقطاع ومن لا يعرف ويجب الكشف عنه. 222/ 404 - "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ قَبْضَ عَبْدٍ بأرْض جَعَلَ لَهُ بهَا حَاجَةً". (حم. طب. حل) عن أبي عزّة قال الشارح في الصغير: فيه موسى الجرشى، وفيه خلف، وعزا ذلك في الكبير للحافظ الهيثمى أنه قال بعد عزو الحديث لأحمد والطبرانى: فيه محمد ابن موسى الجرشى وفيه خلف. قلت: كذا قال في الصغير موسى وفي الكبير محمد بن موسى، وأن الهيثمى قال ذلك بعد عزوه الحديث لأحمد والطبرانى وليس ذلك بصحيح، فكان أحمد والطبرانى ليس في سندهما الرجل المذكور ولا قال ذلك الحافظ الهيثمى، بل هو من وهم الشارح عليه فاسمع ما قاله: عن أبي عزَّة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا أراد اللَّه قبض عبده بأرض وتَّى له إليها حاجةً فإذا بلغ أقصى أثره قبضه"، رواه البزار. وقد رواه الترمذى: [4/ 453، 2147] باختصار وفيه محمد بن موسى الجرشى وهو ثقة وفيه خلاف اهـ. فحذف الشارح من كلامه قوله: وهو ثقة، ونسب إليه أنه قال ذلك بعد عزوه لأحمد والطبرانى. والواقع كما ترى، ولا يُتصوّر أن يقول ذلك الهيثمى، وإن أحمد قال [3/ 429]:

حدثنا إسماعيل أخبرنا أيوب عن أبي المليح بن أسامة عن أبي عزّة به. ومن هذا الطريق رواه البخارى في الأدب، المفرد [ص 264، رقم 781] والترمذى وقال: حديث صحيح، والدولابى في الكنى [1/ 44] والحاكم في المستدرك [1/ 42، رقم 127] وقال: حديثًا صحيح ورواته عن آخرهم (¬1) ثقات، وأبو نعيم في الحلية [8/ 374]. فأين هو محمد بن موسى الجرشى؟! ثم إن الشارح قال في الكبير: ورواه البخارى في الأدب والحاكم وبالجملة فهو حسن اهـ. ولا أدرى في أى جملة وجد، أنه حسن؟! والحديث صحيح كما قال الترمذى والحاكم وجماعة، بل فوق الصحيح لأنه ورد بأسانيد أخرى صحيحة أيضًا من حديث جندب بن سفيان ومطر بن عكامس وعبد اللَّه بن مسعود وعروة بن مضرس وأسامة بن زيد وأبي هريرة، وكلها أسانيدها صحيحة إلا حديث أبي هريرة فعندى أنه وهم من بعض رواته، لأن سنده وسند حديث جندب بن سفيان واحد كلاهما من رواية داود ابن أبي هند عن الحسن كما بينت ذلك مع أسانيد الحديث وطرقه في المستخرج على مسند الشهاب، فارجع إليه وكن على حذر من أوهام الشارح. 223/ 406 - "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ إنْفَاذَ قَضَائه وَقَدره سَلَبَ ذَوى العُقول عُقُولَهُم حَتَّى يَنْفَذَ فِيهِمْ قَضَاؤُهُ وَقَدَرُهُ فَإِذَا مَضَى أمْرُهُ رَدَّ إِلَيْهِم عُقُولَهُم وَوَقَعَت النَّدَامَةُ". (فر) عن أنس بن مالك وعليّ قال الشارح في الكبير: وفيه سعيد بن سماك بن حرب، متروك كذّاب، فكان الأولى حذفه من الكتاب. وفي الميزان خبر منكر ثم إن ما ذكر من أن ¬

_ (¬1) في الأصل: "آخر" والاستدراك من المستدرك.

الديلمى خرّجه من حديث أنس وعليّ هو ما رأيته في نسخ الكتاب كالفردوس، وذكر المؤلف في الدرر أن البيهقى والخطيب خرّجاه من حديث ابن عباس وقال: إسناده ضعيف. قلت: في هذا مؤاخذات على المصنف والشارح. أما المصنف فمن وجوه، أحدها: أنه عزا الحديث للديلمى عن أنس وليس هو فيه عن أنس، بل عن ابن عباس كما ذكره هو في الدرر. ثانيها: أنه عزا الحديث له عن أنس وعليّ، وهو لم يخرّجه عن عليّ وإنما ذكر رواية عليّ معلقة كما ستعرفه. ثالثها: أن الديلمى فصل بين رواية أنس وعليّ والمصنف ساق الحديث مساقًا واحدًا، وهذا من الإدراج الذي هو على أنه حرام (¬1). قال الديلمى في مسند الفردوس [1/ 309، رقم 971]: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا لاحق بن الحسين بن عمران بن أبي الورد البغدادى -قدم علينا- ثنا أبو سعيد محمد بن عبد الحكيم الطائفى بها ثنا محمد بن طلحة بن محمد بن مسلم الطائفى ثنا سعيد بن سماك بن حرب عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا أراد اللَّه إنفاذ قضائه وقدره سلب ذوى العقول عقولهم حتى ينفذ فيهم قضاؤه وقدره". قال: وفي رواية عليّ: "فإذا مضى أمره ردّ إليهم عقولهم ووقعت الندامة" ومما يستغرب أن الحديث خرَّجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 342] في ترجمة لاحق بن الحسين ورواه عنه الخطيب في التاريخ [14/ 99] والديلمى عن الحداد عنه، وكلّ منهما أورده بغير اللفظ الذي ذكره أبو نعيم، فإنه قال ¬

_ (¬1) كذا بالأصل.

بهذا الإسناد مرفوعًا: "إِذَا أحبّ اللَّه إنفاذ أمر سلب كل ذى لُبٍّ لُبَّه"، ورواه الخطيب في ترجمة لاحق بن الحسين أيضًا فقال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ فذكر الإسناد مثله، وقال في المتن: "إن اللَّه تعالى إذا أحبّ إنفاذ أمر سلب كلَّ ذى لُبٍّ لبَّه"؛ ولا يخفى أن تغيير الخطيب قريب بالنسبة إلى تغيير الديلمى، ثم أسند الخطيب عن أبي سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسى أنه قال في لاحق بن الحسين: كان كذّابًا أفّاكًا يضع الحديث عن الثقات ويسند المراسيل ويحدّث عمّن لم يسمع منهم، لا نعلم راثيا في عصرنا مثله في الكذب والوقاحة مع قلّة الدراية. قلت: وهذا الحديث لم يضع متنه فيما يظهر؛ لأنه ورد من غير طريقه لكن من رواية مثله. نعم صحّ معناه عن ابن عباس من قوله كما سأذكره، وقد قلّد الحافظ السخاوى الديلمى في هذا الحديث فأورده باللفظ الذي قدّمناه عنه [ص 80، رقم 53] وقال: رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، ومن طريقه الديلمى من حديث سعيد بن سماك بن حرب عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس به مرفوعًا، وكذا خَرَّجه الخطيب وغيره بلفظ "إن اللَّه إذا أحبَّ إنفاذ أمر" وذكره، وأعلّه الخطيب بلاحق بن الحسين وقال: إنه كذّاب يضع اهـ. وسعيد أيضًا متروك. وعند البيهقى في الشعب من حديث المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس من قوله: "إن القدر إذا جاء حال دون البصر"، قال البيهقى: ورواه عكرمة عن ابن عباس قال: "إِذَا جاء القضاء ذهب البصر"، وعن نافع بن الأزرق في معناه: أرأيت الهدهد كيف يجئ فينقر الأرض فيصيب موضع الماء ويجئ إلى الفخ وهو لا يبصره حتى يقع في عنقه؟.

فصل

قال السخاوى: وحديث ابن عباس معزو للحاكم بلفظ: "إِذَا نزل القضاء عمى البصر" فينظر اهـ. قلت: كأنه لم يره في مستدرك الحاكم وهو في [2/ 405، رقم 3525] في كتاب التفسير والذي حكاه عن نافع بن الأزرق في معناه ليس كذلك، بل هو إيراد أورده نافع بن الأزرق على ابن عباس فأجابه بقوله: "إِذَا جاء القضاء عمى البصر"، قال الحاكم: حدثنا عليّ بن حمشاد العدل ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضى ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن الزبير بن الخريت عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان الهدهد يدل سليمان على الماء، فقلت: وكيف ذاك والهدهد ينصب له الفخ يلقى عليه التراب؟ فقال: أهنك اللَّه بهن أبيك، ألم يكن إذا جاء القضاء ذهب البصر! ". ورواه أيضًا [2/ 405، رقم 3526] عن أبي زكريا يحيى بن محمد العنبرى: ثنا محمد بن عبد السلام ثنا إسحاق ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا} [النمل: 21] فذكر الحديث وفيه: "فقال نافع بن الأزرق: يا وقاف أرأيت الهدهد كيف يجئ إلى الفخ وهو يبصره حتى يقع في عنقه؟ فقال ابن عفان: إن القدر إذا جاء حال دون البصر". قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه. فصل وأما الشارح فعليه انتقادات: الأول: في قوله: وفيه سعيد بن سماك بن

حرب وهو متروك كذَّاب، فإن سعيد بن سماك متروك وليس بكذَّاب. الثانى: أن الكذاب الذي أعلّ الحفاظ بوجوده الحديث هو لاحق بن الحسين. الثالث: قوله: فكان الأولى حذفه من الكتاب وذلك أن المؤلف شرط ألا يورد ما انفرد به الكذاب وهذا لم ينفرد به، بل [ورد] (¬1) من طريقين آخرين مرفوعًا من حديث عليّ كما أشار إليه الديلمى (¬2)، ومن حديث ابن عمر كما أخرجه القضاعى في مسند الشهاب [2/ 301، رقم 1408] من طريق محمد ابن محمد بن سعيد المؤدب. ثنا محمد [بن عبد اللَّه] (¬3) بن محمد البصرى ثنا أحمد بن محمد الهزانى ثنا الرياضى ثنا الأصمعى ثنا أبو عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عمر به مثل اللفظ الذي ذكر الديلمى من حديث ابن عباس، لكن قال الذهبى في المؤدّب: لا أعرفه وأتى بخبر منكر، فذكر هذا الحديث وهذا من الذهبى استنكار بدون سند ولا موجب. الرابع: قوله: وفي الميزان [4/ 40، رقم 8141] خبر منكر يفيد أن الذهبى قال ذلك في حديث ابن عباس وفي ترجمة سعيد بن سماك الذي أعلَّ الشارح به الحديث، والواقع أنه قال ذلك في حديث ابن عمر، والذهبى يقول ذلك كثيرًا في حديث بالنسبة لسنده ويكون الحديث بلفظه مرويًا في الصحيحين بسند آخر، فلا يلزم من قوله: منكر في حديث ابن عمر أن يكون حديث ابن عباس كذلك. ¬

_ (¬1) زيادة يقتضيها المقام. (¬2) انظر الفردوس (1/ 309، رقم 971). (¬3) ساقط من الأصل، واستدركناه من مسند الشهاب.

الخامس: قوله: ثم إن ما ذكره من أن الديلمى خرَّجه من حديث أنس وعليٍّ هو ما رأيته في نسخ الكتاب كالفردوس وَهمٌ ظاهر منه على الفردوس، فإن الديلمى الكبير أورده في الفردوس من حديث عبد اللَّه بن عمر وأسنده ابنه في مسنده من حديث ابن عباس، فلا وجود لذكر أنس لا في الفردوس ولا في مسنده. 224/ 410 - "إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَذْهَبْ إِلَى الْخَلاءِ وَأقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلْيَذْهَبْ إِلَى الْخَلاءِ". (حم. د. ن. هـ. حب. ك) عن عبد اللَّه بن الأرقم قلت: وفي الباب عن عائشة لكنه وهم من بعض الرواة فقد أخرجه الطحاوى في مشكل الآثار أواخر الجزء الثانى فقال: حدثنا الربيع بن سليمان الجيزى ثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي عبّاد المكيّ ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن عائشة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِذَا أراد أحدكم الخلاء وأقيمت الصلاة فليبدأ به". قال الطحاوى: هكذا روى عبد الرحمن بن أبي الزناد هذا الحديث عن هشام وقد خالفه في ذلك غير واحد ممن رواه عن هشام، فذكره عن أبيه عن عبد اللَّه بن الأرقم ثم أسنده من طريق مالك وعيسى بن يونس وعبد اللَّه بن نمير الهمدانى وأبي معاوية الضرير ووهيب بن خالد كلهم عن هشام به، ثم بسط القول في الحديث. 225/ 417 - "إِذَا أرَدْتَ أمْرًا فَعَلَيْكَ بالتُّؤَدةِ حتى يُرِيَكَ اللَّهُ مِنْهُ الْمَخْرَجَ". (خد. هب) عن رجل من بليٍّ قال الشارح في الكبير: رمز المؤلف لحسنه، وفيه سعد بن سعيد ضعّفه أحمد

والذهبى لكن له شواهد كثيرة. قلت: سعد بن سعيد الأنصارى ثقة من رجال الصحيح احتجّ به مسلم في صحيحه فهو على شرطه، وقد وثقه جماعة، وكلام أحمد فيه لا يضرّ، لأنه من أجل خطئه لا من كذبه، وقد قال ابن حبَّان: لم يفحش خطؤه فلذلك سلكناه مسلك العدول. فالحديث صحيح على شرط مسلم لا سيما والشارح يزعم أن له شواهد كثيرة. قال البخارى في الأدب المفرد [ص 297، رقم 891]: حدثنا بشر بن محمد قال: أخبرنا عبد اللَّه أخبرنا سعد بن سعيد الأنصارى عن الزهرى عن رجل من بليّ قال: أتيتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مع أبي، فناجى أبي دونى قال: فقلت لأبي ما قال لك؟ قال: "إِذَا أردت أمرًا. . . " الحديث. 226/ 426 - "إِذَا اسْتَشَاطَ السُّلْطَانُ تَسَلَّطَ الشَّيْطَانُ". (حم. طب) عن عطية السعدى قلت: أخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [2/ 297، رقم 1139] من طريق محمد بن خلف القاضى وكيع ثنا أحمد بن منصور الرمادى ثنا أميَّة ابن شبل وعمرو بن عون عن عروة بن محمد عن أبيه عن جدّه عطية السعدى به. 227/ 430 - "إِذَا اسْتكْتُم فَاسْتَاكُوا عَرْضًا". (ص) عن عطاء مرسلًا قال الشارح في الكبير: يعنى سعيد بن منصور في معجمه الكبير عن عطاء

ابن أبي رباح مرسلًا قال: ورواه أبو داود في مراسيله وعجبًا للمؤلف كيف أبعد النجعة؟!. قلت: بل عجبًا للشارح كيف لم يملّ من هذه الانتقادات السخيفة مع أغلاطه الفاحشة الكثيرة؟!، فكلامه هذا باطل من وجوه، أولها: أن الحديث خرّجه سعيد بن منصور في سننه. ثانيها: أن سعيد بن منصور ليس له معجم لا كبير ولا صغير، بل ولا لأحد من أهل عصره، فإن المعجم بمعناه الاصطلاحى لا يعرف في أهل القرن الثانى، وسعيد بن منصور مات أوائل القرن الثالث. ثالثها: أن أبا داود خرّجه في المرايل [ص 117، رقم 5] بلفظ: "إِذَا شربتم فاشربوا مصًا وإذا استكتم فاستاكوا عَرضًا"، وقد ذكره المصنف فيما سيأتي في "إِذَا" مع حرف "الشين" وعزاه لأبي داود في المراسيل فالاستدراك به في غير محله مع ذكر المصنف إياه في موضعه في غاية السخافة. رابعها: لو لم يفعل المصنف ذلك لما قيل في حقه أبعد النجعة، لأن مراسيل أبي داود ليس هو من الكتب المتداولة المشهورة كسننه، بل سنن سعيد بن منصور عند الفقهاء وأهل الحديث أشهر من المراسيل وأكثر تداولًا، فالعزو إليها أولى من العزو إلى المراسيل. 228/ 431 - "إِذَا اسْتَلجَّ أحَدُكُم في اليَمينِ فَإنَّهُ آثمٌ، لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الكَفَّارَةِ التِى أُمِرَ بِهَا". (هـ) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: ورواه عنه الحاكم وقال: على شرطهما وأقرّه الذهبى، ولعل المؤلف لم يستحضره.

قلت: هذا صحيح فإن الحاكم خرّجه بهذا اللفظ [4/ 302، رقم 7828] وبلفظ [4/ 301، رقم 7827]: "من استلجّ في أهله بيمين فهو أعظم إثمًا" وقال: على شرط البخارى، والمصنف أغفله فلم يعزه إليه هنا ولا ذكره في حرف "من" أيضًا ولا لوم عليه في ذلك. 229/ 432 - "إِذَا اسْتَلْقَى أحَدُكُمْ عَلَى قفَاهُ فَلا يَضَعْ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأخْرَى". (ت) عن البراء (حم) عن جابر، البزار عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح غير خداش العبدى وهو ثقة، ومن ثمَّ رمز المصنف لصحته. قلت: كذلك قال الحافظ الهيثمى: فيه خداش بالدال المهملة، وقد ذكره الحافظ في التهذيب فقال: خداش بن عيّاش العبدى البصرى روى عن أبي الزبير وعنه سليمان التيمى، ذكره ابن حبَّان في الثقات [6/ 276] وذكره الحافظ أيضًا في اللسان [2/ 396 رقم 1621] في باب "خراش" بالراء فقال: خراش بن عبد اللَّه روى عن أبي الزبير عن جابر عن ابن عباس مرفوعًا: وإذا استلقى أحدكم فلا يضع رجله على الأخرى"، وعنه به سليمان التيمى قال الأزدى: لا يصح اهـ. فالرجل واحد، ولعل الصواب فيه خداش "بالدال" لا "بالراء"، ثم إن قول الأزدى: لا يصح لعله يريد من رواية جابر عن ابن عباس وإلا فالحديث في مسند أحمد [3/ 297، 298] من رواية ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر (¬1). ¬

_ (¬1) وكذلك (3/ 299) من رواية عبيد اللَّه بن الأخنس عن أبي الزبير عن جابر.

230/ 437 - "إِذَا اسْتَيْقَظَ أحَدُكُم فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ للَّهِ الَّذِى رَدَّ عَليَّ رُوحِي وَعَافَانِي فِي جَسَدِي وأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ". ابن السنّى عن أبي هريرة قال الشارح: وظاهره أنه لم يخرّجه أحد من الستة ولا كذلك بل رواه الترمذى والنسائى، وقال مغلطاى: ليس لمحدّث عزو حديث في أحد الستة لغيرها إلا لزيادة ليست فيها أو لبيان سنده ورجاله. قلت: كلام مغلطاى حق، وانتقاد الشارح باطل، لأن مغلطاى يتكلم فى حقّ من يورد الحديث في الحكم والاستشهاد به للمعنى والمصنف يورد الحديث مرتبًا على حروف المعجم قاصدًا ذكر كل حديث بما وقع عند مخرجه من اللفظ، ولذلك يكرر الحديث الواحد مرارًا بحسب الألفاظ المخرجة بها في الأصول. ولفظ هذا الحديث عند الترمذى [5/ 472، رقم 3401]: "إِذَا قام أحدكم من فراشه ثم رجع إليه فلينفضه بصنْفة إزاره ثلاث مرات فإنه لا يدرى ما خلفه عليه بعده، فإذا اضطجع فليقل: باسمك ربى وضعت جنبى وبك أرفعه، فإن أمسكتَ نفسى فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين، فإذا استيقظ فليقل: الحمد للَّه الذي عافانى في جسدى وردّ على روحى وأذن لي بذكره" فهذا اللفظ في اصطلاح المصنِّف يذكر في حرف "إِذَا" مع "القاف" الذي بعده "ألف" لا هنا في حرف "إِذَا" مع "الألف" بعده "سين" ثم إن المؤلف لم يذكره فيما سيأتى؛ لأنه من الأحاديث الطوال والجامع الصغير مخصوص عنده بالأحاديث القصار غالبًا، ولذلك جعل له ذيلًا استدرك فيه الأحاديث الطوال من الكتب الستة في الأكثر وغيرها.

أما النسائى فإنه خرجه في السنن الكبرى [6/ 222، رقم 10726] لا في الصغرى، والمعدود من الكتب الستة إنما هو السنن الصغرى فبطل تعقب الشارح. 231/ 441 - "إِذَا اشتدَّ كَلَبُ الجوع فعليك برغيفٍ وجرٍّ من ماءِ القَرَاحِ وقُلْ: على الدُّنيا وأهلِها منى الدمارُ". (عد. هب) عن أبي هريرة قلت: هذا حديث موضوع كان الواجب على المصنف عدم ذكره، لأنه ليس على شرطه لانفراد كذّاب به، والذي غرّ المصنّف إخراج البيهقي له وقد زعم أنه لا يخرّج في كتبه حديثا يعلم أنه موضوع، ولكنه لا ينبغى أن يتخذ رأيه حجة مسلمة فقد يكون الحديث موضوعًا وهو لا يعلمه موضوعًا كهذا، وله أشباه كثيره منه، خرّجها وهي موضوعة. 232/ 447 - "إِذَا اشْتكَى المؤمِنُ أخْلَصَهُ مِنَ الذُنُوبِ كمَا يَخلصُ الكِيرُ خَبثَ الحَدِيدِ". (خد. حب. طس) عن عائشة قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات إلا أنى لم أعرف شيخ الطبرانى. قلت: لا معنى لذكر هذا مع عزو الحديث إلى البخارى في الأدب المفرد وابن حبَّان في الصحح، لأن الهيثمى يتكلم على الكتب التي تصدى لترتيب زوائدها ولا يلزم من وجود من لا يعرف في سند الطبرانى أن يكون في سند غيره كالبخارى وابن حبَّان [7/ 198، رقم 2936] المخرجين لهذا الحديث. فذكر ما قاله الهيثمى هنا من العبث.

والحديث خرّجه أيضًا ابن فيل في جزئه قال: ثنا مسلم بن عمرو ثنا عبد اللَّه بن نافع عن ابن أبي ذئب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. ومن طريق ابن فيل خرّجه القضاعى [2/ 300، رقم 1406] وعبد اللَّه بن نافع -هو الصائغ- ثقة إلا أنه يهم ويخطئ، وقد أخطأ في سند هذا الحديث. فإن البخارى خرّجه في الأدب المفرد في باب العبادة في جوف الليل [ص 174، رقم 497]: حدثنا إبراهيم بن المنذر ثنا عيسى بن المغيرة عن ابن أبي ذئب به، لكنه قال: عن جبير بن أبي صالح عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة. 233/ 448 - "إِذَا اشْتَكَيْتَ فَضَعْ يَدَكَ حَيْثُ تَشْتَكِى ثُمَّ قُلْ: باسْم اللَّه أعُوذُ بعزّة اللَّه وَقُدْرَته مِنْ شرِّ مَا أجِدُ مِنْ وَجَعِى هَذَا، ثُمَّ ارْفَعْ يَدَكَ، ثُمَّ أعِدْ ذَلِكَ وَتَرًا". (ت. ك) عن أنس قلت: رواه أيضًا الطبرانى في الصغير [1/ 304، رقم 504] قال: حدثنا طالب بن قرة الأذَنِى ثنا محمد بن عيسى الطبّاع ثنا محمد بن سالم البصرى عن ثابت البنانى عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا أشتكى أحدكم فليضع يده على ذلك الوجع ثم ليقل: باسم اللَّه وباللَّه، أعوذ بعزّة اللَّه وقدرته من شر وجعى هذا". قال الطبرانى: لم يروه عن ثابت إلا محمد بن سالم البصرى تفرّد به ابن الطبَّاع.

234/ 452 - "إِذَا أصَابَ أحَدُكُم مُصِيبَةٌ فَلْيَذْكُرْ مُصيبتَهُ بي، فَإنَّهَا مِنْ أعْظَم المصَائِبِ". (عد. هب) عن ابن عباس، (طب) عن سابط الجمحى قلت: في الباب أيضًا عن بريدة وعطاء بن أبي رباح مرسلًا، قال ابن السنّى في اليوم والليلة [ص 187، رقم 575]: أخبرنا الحسين بن عبد (¬1) اللَّه القطان ثنا موسى بن مروان ثنا يوسف بن الغرق عن عثمان بن مقسم عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بى فإنها من أعظم المصائب". وقال أيضًا [ص 187، رقم 576]: حدثنا محمد بن خريم بن مروان ثنا هشام بن عمار ثنا حاتم بن إسماعيل ثنا فطر بن خليفة عن عطاء بن أبي رباح قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أصابته منكم مصيبة فليذكر مصيبته بى فإنها من أعظم المصائب". 235/ 453 - "إِذَا أصْبَحتَ آمنًا في سِرْبِكَ مُعَافًى فِى بَدَنكَ عنْدَكَ قُوتَ يَوْمِكَ فَعَلَى الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا العفَاءُ". (هب) عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد ضعيف وفي الباب غيره أيضًا. قلت: فيه أبو الدرداء وعبيد اللَّه بن محص وأم الدرداء وعلى بن أبي طالب، وسأذكر أحاديثهم إن شاء اللَّه في حرف "الميم" في "مَنْ أصبحَ". ¬

_ (¬1) قد صحف في اليوم والليلة إلى "عبيد اللَّه" انظر السير (14/ 286).

236/ 454 - "إِذَا أصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تكفِّرُ اللسَانَ وَتقُولُ: اتّقِ اللَّهَ فينَا فَإنّمَا نَحْنُ بكَ فَإنْ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وَإنْ اعْوَجَجَتْ اعْوَجَجْنَا". (ت) وابن خزيمة (هب) عن أبي سعيد قلت: ورواه أيضًا الطيالسى وابن السنّى في اليوم والليلة وأبو نعيم في الحلية قال الطيالسى [ص 293، رقم 2209]: حدثنا حماد بن زيد عن أبي الصهباء عن سعيد بن جبير عن أبي سعيد، قال حماد: ولا أعلمه إلا مرفوعًا: "الأعضاء تكفر اللسان تقول: اتق اللَّه فينا فإنك إن استقمت. . . " الحديث. وقال ابن السنّى [ص 2، رقم 1]: أخبرنا أبو خليفة الفضل بن حبَّان ثنا مسدد بن مسرهد ثنا حماد بن زيد به مثل الذي هنا إلا أنه لم يقل: "فإنما نحن بك" وقال: أظنه رفعه. وقال أبو نعيم [4/ 309]: حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا سليمان بن حرب (ح). وحدثنا أبو بحر محمد بن الحسن بن كوثر ثنا محمد بن غالب تمتام ثنا عارم ومسدد وسهل بن محمود قالوا: حدثنا حمّاد بن زيد به. وقال أبو نعيم: تفرد به حماد عن أبي الصهباء. 237/ 468 - "إِذَا اقْشَعَرَّ جلْدُ الْعَبْد منْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَحَاتَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا يَتَحَاتُّ عَنِ الشَّجَرَةِ اليَابِسَةِ وَرَقِهَا". سمويه (طب) عن العباس قال الشارح في الكبير: قال المنذرى والعراقى: سنده ضعيف، وبيّنه الهيثمى

فقال: فيه أم كلثوم بنت العباس رضى اللَّه عنه لم أعرفها، وبقية رجاله ثقات. قلت: الحديث لا يضعّف بعدم معرفة الهيثمى بأم كلثوم، وقد نصّ الذهبى على أنه لا يعرف في النساء لا سيّما أهل القرن الأول ضعيفة. ولكن الحديث رواه أيضًا الحكيم الترمذى في نوادر الأصول [1/ 506]: ثنا أبي ثنا الحمانى عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم التيمى عن أم كلثوم عن أبيها العباس، والحمانى ضعيف. 238/ 469 - "إِذَا أقَلَّ الرَّجُلُ الطُّعْمَ مُلِئَ جَوْفُهُ نُورًا". (فر) عن أبي هريرة قلت: هذا حديث موضوع في سنده وضّاعان شهيران: أحدهما: إبراهيم ابن مهدى الأبلى، قال الأزدى: يضع الحديث مشهور بذلك لا ينبغى أن يخرّج عنه حديث ولا ذكر. وثانيهما: محمد بن إبراهيم بن العلاء الشامى، قال ابن حبان: لا تحلّ الرّواية عنه كان يضع الحديث فكان الأولى للمصنّف حذفه، ثم إن الشارح أتى في كلامه على هذا الحديث بعجيبة فقال: فيه علان الكرخى، قال الذهبى: لعله واضع حديث: "طلب الحق غربة" قلت: الذهبى لم يقل ذلك في علان الكرخى، بل قال في الميزان [3/ 107، رقم 5755]: علان بن زيد الصوفى لعله واضع هذا الحديث الذي في منازل السائرين، سمعت الخالدى سمعت الجنيد سمعت السرى عن معروف عن جعفر الصادق عن آبائه، "طلب الحق غربة" اهـ. والذي في سند هذا الحديث على بن إبراهيم علان، كذا هو مذكور عند الديلمى [1/ 356، رقم 1145] ولفظه:

أخبرنا أبي أخبرنا سعد بن الحسن أخبرنا أبو منصور عبد اللَّه بن عيسى الفقيه بهمدان ثنا على بن إبراهيم علان الكرخى ثنا أحمد بن محمود بن الحسن ثنا إبراهيم بن مهدى الأبلى ثنا محمد بن إبراهيم بن العلاء بن المسيب ثنا إسماعيل بن عياش عن بُرد عن مكحول عن أبي هريرة به. فالشارح خلط على من إبراهيم علان بعلان بن زيد، كأن المشاركة في هذا الاسم جرت الويل على الكرخى وإن كان بريئًا من الضعف. 239/ 473 - "إِذَا أقيمَت الصَّلاةُ وَحَضَرَ العَشَاءُ فَابْدَءُوا بالعَشَاء". (حم. ق. ت. ن. هـ) عن أنس (ق. هـ) عن ابن عمر. (خ. هـ) عن عائشة (حم. طب) عن سلمة بن الأكوع (طب) عن ابن عباس قلت: وفي الباب أيضًا عن أم سلمة وأبي هريرة، فحديث أم سلمة رواه أحمد [6/ 291] والطحاوي في مشكل الآثار آخر الجزء الثانى (ص 401) كما أخرجه من حديث عائشة [5/ 235، رقم 1981] وابن عمر [5/ 237، رقم 1986] وأنس [5/ 237، رقم 1987] وحديث أبي هريرة أخرجه الطبرانى في الصغير [2/ 130، رقم 905]: حدثنا محمد بن أبّان الأصبهانى ثنا إسماعيل بن عمر البجلى ثنا زهير بن معاوية عن سهيل بن معاوية بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به "إِذَا حضر العشاء" الحديث. وقال: تفرد به محمد بن أبان.

240/ 476 - "إِذَا أكَلَ أحَدُكُم طَعَامًا فَلْيَذْكُر اسْمَ اللَّهِ فإِنْ نَسِى أنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ في أوَلِهِ فلْيَقُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ عَلَى أَوَّلِهِ وآخِرِهِ". (د. ت. ك) عن عائشة قلت: رواه أيضًا أحمد في مسنده [6/ 246]: ثنا روح قال: حدثنا هشام بن أبي عبد اللَّه عن بديل عن عبد اللَّه بن عبيد بن عميرِ الليثى عن امرأة منهم يقال لها أم كلثوم عن عائشة " أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يأكل في سعة من أصحابه فجاء أعرابى جائع فأكل بلقمتين فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أما إنه لو ذكر اسم اللَّه لكفاكم فإذا أكل أحدكم فليذكر اسم اللَّه، فإن نسى أن يسمى اللَّه في أوله فليقل: باسم اللَّه في أوله وآخره"، ورواه أيضًا [6/ 143] عن وكيع ثنا هشام صاحب الدستوائى به بلفظ: "إِذَا أكل" كما هنا. ورواه الطحاوى في مشكل الآثار أوائل الجزء الثانى عن بكار بن قتيبة [3/ 117، رقم 1084] ثنا أبو داود الطيالسى ثنا هشام بن أبي عبد اللَّه الدستوائى به بسبب الورود كما عند أحمد عن روح. وفي الباب عن غيره كما سيأتي في "إِذَا لبس". 241/ 477 - "إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فيه وَأَبْدلْنَا خَيْرًا منْهُ، وَإِذَا شَربَ لَبَنًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَاركْ لَنَا فيه وَزِدْنَا مِنهُ، فَإنَّه لَيْسَ شَيْءٌ يَجْزِى مِنَ الطَّعَام وَالشَّراب إلّا اللَّبنَ". (حم. د. ت. هـ. هب) عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: وظاهر صنيع المؤلف أن ما ذكره جميعه لفظ الحديث والأمر بخلافه، فقد ذكر المصدر المناوى عن الخطابى أن قوله: "فإنه" إلخ من قول مسدد لا من تتمة الحديث.

قلت: هذا من أوهام الشارح العجيبة وجرأته القبيحة، ولست أدرى هل سلفه في ذلك الصدر المناوى كما يقول أو هو غلط منه عليه. أما الخطابى فلم يقل شيئًا من ذلك جزمًا. والحديث رواه الطيالسى [ص 355، رقم 2723] عن شعبة عن على بن زيد عن عمرو بن حرملة عن ابن عباس به بالزيادة المذكورة. وكذلك رواه أحمد [1/ 284] عن محمد بن جعفر عن شعبة (¬1). ورواه أيضًا [1/ 225] عن إسماعيل بن إبراهيم هو ابن عليّة عن على بن زيد به (¬2). ورواه ابن السنّى في اليوم والليلة [ص 151، رقم 468] من طريق يعقوب بن إبراهيم الدورقى عن إسماعيل ابن علية به. ورواه ابن ماجه [2/ 1133، رقم 3426] من طريق آخر عن هشام بن عمار، ثنا إسماعيل بن عياش ثنا ابن جريج عن ابن شهاب عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه ابن عتبة عن ابن عباس كلهم بالزيادة المذكورة من تمام الحديث، ولا وجود لمسدد في أسانيدهم وإنما هو شيخ أبي داود وحده. والعجب العجيب هو أن الترمذى رواه في سننه [5/ 506، رقم 3455] وشمائله [ص 170، رقم 206] (¬3) معًا عن أحمد بن منيع عن إسماعيل بن عليّة وقال في آخر الحديث بعد قوله: "اللهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه" ثم قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس شئ يجزى مكان الطعام والشراب غير اللبن" فهذه صراحة لا يبقى معها شك ولا احتمال، والشارح إن لم يكن ¬

_ (¬1) بلفظ: "ما أعلم شرابًا يجزى. . " الحديث. (¬2) بلفظ: "من أطعمه اللَّه طعامًا فليقل. . " الحديث. (¬3) بلفظ: "من أطعمه اللَّه طعامًا فليقل. . " الحديث.

رأى سنن الترمذى فإنه شرح شمائله ورأى الحديث فيه، فاعجب لهذا الذهول والتهوّر الغريبين. 242/ 483 - "إِذَا أَكَلَ أحَدُكُمْ طَعَامًا فَسَقَطَتْ لُقْمَتُهُ فَلْيُمِطْ [مَا رَابَهُ مِنْهَا] (¬1) ثُمَّ ليطعَمْهَا وَلا يَدَعَهَا لِلْشَّيْطَانِ". (ت) عن جابر قال الشارح في الكبير: ولفظه: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا أكل طعامًا لعق أصابعه الثلاث" وذكره، قال الترمذى: حسن صحيح، فاقتصار المؤلف على الرمز لحسنه تقصير. قلت: هذا خبط وتخليط من الشارح فالحديث ليست في أوله هذه الزيادة ولم يقل الترمذى: إنه حسن صحيح ولا يتصور أن يقول ذلك؛ لأنه عنده من رواية ابن لهيعة وهو ضعيف، وبعض الحفاظ يحسن حديثه وهو رأى المصنف أيضًا، فلذلك رمز لحسنه، أما الحديث الذي في أوله تلك الزيادة فهو حديث أنس وفيه قال الترمذى: حسن صحيح، وقد خرجه عقب الحديث الأول، فكأن الشارح انتقل بصره من الأول إلى الثانى، وإليك سياق الترمذى بنصّه [4/ 259، رقم 1802]: باب "ما جاء في اللقمة تسقط": حدثنا قتيبة ثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِذَا أكل أحدكم طعامًا فسقطت لقمته فليمط ما رابه منها ثم ليطعمها ولا يدعها للشيطان". وفي الباب عن أنس: حدثنا الحسن بن على الخلال ثنا عفان بن مسلم ثنا حماد بن سلمة ثنا ثابت عن أنس: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا أكل طعامًا لِعقَ أصابعه الثلاث" وقال: ¬

_ (¬1) الزيادة من جامع الترمذى، وهي كذلك في الفيض.

"إِذَا وقعت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان وأمرنا أن نسلت الصفحة وقال: إنكم لا تدرون في أى طعامكم البركة" هذا حديث حسن صحيح. 243/ 484 - "إِذَا أكْلْتُم الطَّعَامَ فَاخْلَعُوا نعَالَكُمْ فَإنَّهُ أرْوَحُ لأقْدَامِكُم". (طس. ع. ك) عن أنس قلت: رواه أيضًا الطوسى في أماليه قال: حدثنا محمد بن على بن خشيش ثنا أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم بن أحمد الدينورى بمكة ثنا عبد اللَّه بن حمدان بن وهب ثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنى عقبة بن خالد ثنا موسى بن محمد بن إبراهيم التيمى عن أبيه عن أنس به. ورواه الديلمى في مسند الفردوس [1/ 337، رقم 1073]: ثنا عبدوس عن أبي القاسم عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن خرَّجة عن جدّه عمر بن أحمد عن محمد بن أحمد بن الوضاح عن أبي سويد عن عقبة بن خالد به، وزاد: "وإنها سنّة جميلة" وهذه اللفظة تقدمت في حديث أبي عبس بن جبر عند الحاكم "اخلعوا نعالكم عند الطعام فإنها سنة جميلة". فكأن بعض الرواة أدخلها في هذا الحديث، أما الحاكم فرواه [4/ 119، رقم 7129] من طريق حفدة عقبة بن خالد السكونى مسلسلًا كل واحد عن أبيه إليه، وقال: "فإنه أروح لأبدانكم" بدل "أقدامكم"، ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، فقال الذهبى: أحسبه موضوعًا وإسناده مظلم، وموسى تركه الدارقطنى. قلت: لكن لا يصل إلى درجة الحكم على حديثه بالوضع، لا سيما مع وجود حديث أبي عبس السابق شاهدًا له.

244/ 485 - "إِذَا الْتَقَى الْمُسْلمَان بسَيْفيْهمَا فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحبَهُ فَالقَاتلُ وَالمَقْتُولُ في النَّار قيلَ: يَا رَسُولَ اللَّه هَذَا القَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ". (حم. ق. د. ن) عن أبي بكرة (هـ) عن أبي موسى قلت: حديث أبي موسى الأشعرى رواه أيضًا أحمد في مسنده [4/ 410]: حدثنا إسماعيل عن يونس عن الحسن أن أبا موسى الأشعرى قال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِذَا توجه المسلمان بسيفيهما" فذكر مثله. ورواه أبو نعيم في الحلية [3/ 36]. ثنا محمد بن أحمد بن على بن مخلد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا يزيد بن هارون ثنا سليمان التيمى عن الحسن عن أبي موسى به مثله، ثم قال أبو نعيم: كذا رواه سليمان التيمى عن الحسن وأرسله عن أبي موسى، وصحيحه رواية الأحنف بن قيس عن أبي بكرة. قلت: لكن التيمى لم ينفرد به، بل تابعه يونس كما سبق عند أحمد، ووقع في روايته بيان السبب الذي حدَّث يه أبو موسى: وهو أن أخا له دخل في الفتنة فجعل ينهاه ولا ينتهى فقال: إن كنت أرى أنه سيكفيك منى اليسير، أو قال الموعظة دون ما أرى وإنما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال، وذكره، وهذا يدل على صحته عن أبي موسى أيضًا. وفي الباب عن ابن عمر قال أبو نعيم في الحلية أيضًا [3/ 303]: حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا محمد بن غالب بن حرب ثنا بكار بن محمد ثنا عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه قال: أتيت ابن عمر فسمعته يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إِذَا التقى المسلمان" الحديث مثله.

ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث مجاهد عن ابن عمر صحيح متفق عليه من حديث الأحنف بن قيس عن أبي بكرة. 245/ 486 - "إِذَا الْتَقَى الْمُسْلمَان فَتَصَافَحَا وَحَمِدَا اللَّهَ وَاسْتَغفَرا غُفِرَ لَهُمَا". (د) عن البراء بن عازب قال الشارح في الكبير: رمز المؤلف لحسنه وليس كما قال فقد قال المنذرى: إسناده مضطرب وفيه ضعف. قلت: قال أبو داود [4/ 354، رقم 5121]: ثنا عمرو بن عون أنا هشيم عن أبي بلج عن زيد أبي الحكم العنزى عن البراء ابن عازب به. قال الحافظ المنذرى في اختصار السنن: في إسناده اضطراب، وفي إسناده أبو بلج ويقال: أبو صالح يحيى بن سليم ويقال: يحيى بن أبي الأسود الفزارى الواسطى ويقال: الكوفى، قال ابن معين: ثقة وقال أبو حاتم الرازى: لا بأس به، وقال البخارى: فيه نظر، وقال السعدى: غير ثقة، وضعَّفه الإمام أحمد وقال: روى حديثًا منكرًا اهـ. قلت: والاضطراب الذي أشار إليه هو أن أبا بلج قال مرة عن زيد أبي الحكم العنزى كما هنا. وكذلك رواه الدولابى في الكنى [1/ 154]: حدثنى أبو عون محمد بن عمرو بن عون الواسطى قال: حدثنى [أبي] (¬1) قال: حدثنا هشيم عن أبي بلج عن زيد أبي الحكم العنزى عن البراء به. وكذلك رواه البخارى في التاريخ الكبير [كنى ص 22، رقم 174] لكنه قال: ¬

_ (¬1) ساقط من الأصل، واستدركناه من الكنى.

أخبرني أبو الحكم ولم يذكر اسمه. قال البخارى: حدثنا أبو عوانة عن أبي بلج قال: أخبرني أبو الحكم عن البراء بن عازب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أيما مسلمين التقيا فأخذ أحدهما بيد صاحبه ثم حمدا اللَّه تفرقا وليس لهما خطيئة" وقال مرة أخرى: عن زياد أبي الحكم البجلى. كذلك رواه أبو داود الطيالسى [ص 102، رقم 751]: ثنا هشيم وأبو عوانة عن أبي بلج عن زياد أبي الحكم البجلى عن البراء بن عازب مرفوعًا: "إِذَا لقى المسلم أخاه فصافحه وحمدا اللَّه عز وجل واستغفراه غفر اللَّه لهما" وقال مرة أخرى: عن جابر بن زيد أبي الشعثاء. كذلك رواه ابن السنى في اليوم والليلة [ص 67، رقم 189]: أخبرنا أبو يعلى ثنا خالد بن مرداس ثنا هشيم عن أبي بلج عن جابر بن زيد أبي الشعثاء عن البراء بن عازب به مرفوعًا مثل المذكور في الكتاب. وقال مرة أخرى: عن زيد بن أبي الشعثاء. كذلك رواه أحمد بن عبيد الصفار في مسنده: ثنا أبو شعيب الحراني ثنا داود بن عمرو الضبي ثنا هشيم بن بشير عن أبي بلج قال: حدثنى زيد بن أبي الشعثاء عن البراء بن عازب به. ومن هذا الوجه رواه البيهقى في السنن [7/ 99] في كتاب النكاح، والظاهر أن هذا ليس باضطراب مضر بالحديث، فإن زيدًا أبا الحكم هو زيد بن أبي الشعثاء كما في ثبت الرجال، ومن قال زياد أو جابر بن زيد فقد وهم، وأبو بلج ثقة وثقه جماعة وأثنوا عليه. والحديث مروى عن البراء بن عازب من غير طريقه كما سيأتى في حرف الميم

في حديث "ما من مسلمين يلتقيان" فالحديث لا ينزل عمر درجة الحسن كما قال المصنف. 246/ 487 - "إِذَا الْتَقَى المُسْلمَان فَسَلَّمَ أحَدُهُمَا عَلَى صَاحبه كَانَ أحَبهُمَا إِلَى اللَّه أحْسَنَهُمَا بشْرًا بصَاحبه فَإذَا تَصَافَحَا أنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا مَائَةَ رَحْمَةٍ لِلْبَادِئ تِسْعُونَ وَلِلْمُصَافِحِ عَشْرَةُ". الحكيم وأبو الشيخ عن عمر قال الشارح في الكبير: قال المنذرى: ضعيف اهـ. وظاهر حال المصنف أنه لم يره مخرجًا لأشهر من هذين وهو عجيب، فقد رواه البزار عن عمر بهذا اللفظ قال الهيثمى: وفيه من لم أعرفهم. قلت: هذا كلام بلغ النهاية في السخافة، ولو جارينا الشارح على سخافته لقلنا أيضًا: وظاهر صنيع الشارح أنه لم يره معزوًا لأشهر من البزار وهو عجيب، فقد خرجه البيهقى في الشعب [6/ 475، رقم 8961] والديلمى في مسند الفردوس [1/ 394، رقم 1292] وهما أشهر من مسند البزار، ثم تزيد إغراقًا في السخافة المناوية فنقول: وظاهر صنيع الشارح أنه لم يره مخرجًا إلا من حديثْ عمر مع أنه ورد من حديث أبي هريرة والبراء بن عازب في كتاب هو أشهر من البزار أيضًا وهو تاريخ الخطيب، ثم نزيد إبعادًا في السخافة فنقول: وظاهر صنيع الشارح أن الحديث لم يطعن فيه أحد وهو عجيب، فإن ابن الجوزي أورده من حديث أبي هريرة في الموضوعات [3/ 79] وهو كتاب متداول مشهور، ثم ليت شحرى من أين أخذ أن البزار أشهر من أبي الشيخ ابن حيان وأن العزو لا يكون إلا إلى البالغ النهاية في الشهرة وأن المصنف أحاط علمه بكلِّ المعلومات، فما أسخف المناوى رحمه اللَّه.

وبعد، فاسمع أسانيد الحديث وطرقه على ما بلغ إليه علمنا حبًا في تكميل الفائدة لا في إظهار الإطلاع ونسبة القصور أو التقصير إلى المصنف أو غيره كما يريد أن يفعل الشارح. قال الحكيم الترمذى في "نوادر الأصول" [2/ 156] في الأصل الثانى عشر ومائتين (¬1): حدثنا ابن أبي ميسرة ثنا إسماعيل بن سويد ثنا عبيد اللَّه بن الحسن قاضى البصرة ثنى سعيد بن إياس الجريرى عن أبي عثمان النهدى عن عمر بن الخطاب به. وقال أبو الشيخ: حدثنا الفضل بن محمد بن عقيل ثنا أبو قلابة عن عمر بن عامر التمار عن عبيد اللَّه بن الحسن به. ومن طريقه رواه الديلمى في مسند الفرودس [1/ 394، رقم 1292]. وقال الدولابى في الكنى [1/ 152]: حدثنا أبو عامر بن أبي الهندام ثنا عمر بن عبد الواحد أبو حفص السلمى عن الأوزاعي قال: وحدثنا عبدة بن عبد اللَّه الصفار ثنا عمر من عامر أبو حفص التمار به. وقال البيهقى في الشعب [6/ 475 رقم 8961]: أنبأنا أبو منصور أحمد بن على الدامغانى أنبأنا أبو بكر الإسماعيلى ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه بن عبدة العمرى المصيصى ثنا محمد بن إسحاق ثنا إبراهيم بن محمد بن أبي الجهم ثنا عمر بن عامر به. وقال ابن شاهين في الترغيب [2/ 350، رقم 426]: ¬

_ (¬1) وهو في الأصل الحادى عشر ومائتين من المطبوع.

ثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن أبي الجهم بالبصرة ثنا عمر بن عامر التمار به، لكن وقع عنده ثنا عبيد اللَّه بن الحسن عن الحسن عن أبي عثمان النهدى. وفي الباب عن أبي هريرة والبراء قال الخطيب [5/ 440] في ترجمة محمد بن عبد اللَّه الأشنانى: أخبرنا القاضى أبو العلاء محمد بن على الواسطى ثنا على بن الحسن الجراحى ثنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه الأشنانى إملاءً من حفظه ثنا أبو خيثمة زهير بن حرب ثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا صافح المؤمن المؤمن نزلت عليهما مائة رحمة تسعة وتسعون لأبشهما وأحسنهما". قال الخطيب [5/ 440]: رواه الأشنانى مرة أخرى فوضع له إسنادًا غير هذا أخبرنيه عبد اللَّه بن أبي الفتح ثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن ثنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الأشنانى املاء ثنا يحيى بن معين أخبرنا عبد اللَّه بن إدريس ثنا شُعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات [3/ 79] وقال: الأشنانى وضاع ثم ذكر كلام الخطيب. 247/ 488 - "إِذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلِ". (هـ) عن عائشة وعن ابن عمرو قال في الكبير: قال ابن حجر: رجال حديث عائشة ثقات، ورواه الشافعى في الأم والمختصر وأحمد والنسائى والترمذى وقال: حسن صحيح وابن حبان في صحيحه، ومن ثم رمز المصنف لصحته لكنه قصر حيث اقتصر على عزوه لابن ماجه وحده مع وجوده لهؤلاء جميعًا.

ورواه مسلم بلفظ: "إِذَا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل". قلت: الترمذى خرج الحديث [1/ 180، رقم 108] بلفظ: "إِذَا جاوز الختان" لا بلفظ: "إِذَا التقى" أما النسائى فلم يخرجه لا من حديث عائشة ولا من حديث ابن عمرو، وإنما خرجه من حديث أبي هريرة [1/ 110] بلفظ: "إِذَا جلس" وبلفظ [1/ 111]: "إِذَا قعد"، والحافظ يقصد بالعزو إليه سننه الكبرى لا الصغرى. 248/ 492 - "إِذَا أنَا مِتُّ وَأبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَإنِ اسْتَطَعْتَ أنْ تَمُوتَ فَمُتْ". (حل) عن سهل بن أبي حثمة قلت: هذا حديث باطل موضوع كذب على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- افتراه أهل الأهواء والأغراض، وهو من رواية سلم بن ميمون الخواص الزاهد، وقد ذكروه في الضعفاء وقالوا: لم يكن الحديث من صناعته، فكان يريد أن يصيب فيخطئ، فكأن بعض الضعفاء دلسه عليه أو لقنه إياه فحدث به، ولا يجوز أن ينطق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمثل هذا الباطل. 249/ 493 - "إِذَا انتَاطَ غَزْوكُمْ وَكَثُرَتْ العَزَائِمُ وَاسْتُحِلَّتِ الغَنَائِمُ فَخَيْرُ جِهَادِكُمْ الرِّباطُ". (طب) وابن منده (خط) عن عتبة بن الندر قال الشارح: بعين مهملة وزاى، أى عزمات الأمراء على الناس في الغزو إلى الأقطار النائية. قلت: الذي في الأصول التي وقفت عليها "وكثرت الغرائم" بالغين المعجمة والراء المهملة، كأنه جمع غرامة، كذا في تاريخ الخطيب [12/ 135]

ومجمع الزوائد [5/ 290] ومسند الفردس للديلمى. والحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في المعرفة قال: حدثنا محمد بن إسحاق الأهوازى ثنا جعفر الفريابى ثنا سويد بن عبد العزيز ثنا عبيد اللَّه بن عبد الكلاعى ثنا أبو وهب عن مكحول عن خالد بن معدان عن عتبة بن الندر به ومن طريقه أخرجه الديلمى. ورواه أيضًا البغوى في معجم الصحابة قال: حدثنا إبراهيم بن هانئ أخبرنا عباس بن حماد المدائنى ثنا سويد بن عبد العزيز به، وسويد ضعيف. 250/ 494 - "إِذَا انْتَصَف شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا حَتَّى يَكُونَ رَمَضَانُ". (حم. 4) عن أبي هريرة قال الشارح: قال الترمذى: حسن صحيح واعترض. وقال في الكبير: وتبعه المؤلف فرمز لحسنه، وتعقبه مغلطاى بقوله: هو غير محفوظ، وفي سنن البيهقى عن أبي داود عن أحمد منكر، وقال ابن حجر: كان ابن مهدى يتوقاه. قلت: الحديث صحيح على شرط مسلم لأنه من رواية العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه وقد أكثر مسلم من إخراج أحاديثه والاحتجاج به، وأحمد أشكل عليه تعارف مع أحاديث أخرى فأنكره؛ لأنه لم يعرف طريق الجمع بينهما. وقد صححه من لا يحصى من الحفاظ قال ابن حزم في المحلى [6/ 453، رقم 800] بعد أن أورده من رواية الدراوردى عن العلاء ما نصه: وهكذا رواه

سفيان عن العلاء، والعلاء ثقة روى عنه شعبة وسفيان الثورى ومالك وسفيان ابن عيينة ومسعر بن كدام وأبو العميس، وكلهم يحتج بحديثه فلا يضر غمز ابن معين له اهـ. وقال الحافظ المنذرى: حكى أبو داود عن الإمام أحمد أنه قال: هذا حديث منكر، وقال: وكان عبد الرحمن بن مهدى لا يحدث به، ويحتمل أن يكون الإمام أحمد إنما أنكره من جهة العلاء، فإن فيه مقالًا لأئمة هذا الشأن، والعلاء وإن كان فيه مقال فقد حدث عنه الإمام مالك مج شدة انتقاده للرجال وتحريه في ذلك، وقد احتج به مسلم في صحيحه وذكر له أحاديث انفرد بها رواتها وكذلك فعل البخارى. وللحفاظ في الرجال مذاهب فعل كل منهم ما أدى إليه اجتهاده من القبول والرد اهـ. 251/ 495 - "إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُم فَلْيَبدَأ باليُمْنَى، وإذَا خَلَع فلْيَبْدأ باليُسْرَى، لِتكُنْ اليُمْنَى أَوَّلهُمَا تُنْعَل وآخِرْهُمَا تُنْزعَ". (حم. م. د. ت. هـ) عن أبي هريرة قلت: الحديث متفق عليه رواه البخارى [7/ 199، رقم 5856] في نزع نعله اليسرى. 252/ 496 - "إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُم إِلَى الْمَجْلسِ فَإنْ وُسِّعَ لَهُ فَلْيَجْلِس وَإِلا فَلْيَنْظُر إِلَى أوْسَعِ مَكَانٍ يَرَاهُ فَلْيَجْلِسْ فِيهِ". البغوى (طب. هب) عن شيبة بن عثمان قلت: رواه قبل هؤلاء كلهم لوين في جزئه قال: حدثنا ابن عيينة عن عبد اللَّه بن زرارة عن مصعب بن شيبة عن أبيه به.

253/ 497 - "إِذَا انْتَهى أحَدُكُم إِلَى المَجْلس فَلْيُسَلِّمْ فَإنْ بَدَا لَهُ أنْ يَجْلِسَ فَلْيَجْلِس ثُمَّ إِذَا قَامَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتِ الأولى بأحَقِّ منَ الآخِرَةِ". (حم. د. ت. حب. ك) عن أبي هريرة قلت: عقد الطحاوى في مشكل الآثار للكلام على هذا الحديث بابا أورده فيه من طرق عن ابن عجلان عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة وذلك (ص 138 من الجزء الثانى) [3/ 380، رقم 1350 - 1354]. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من طريق بكر بن وائل عن سعيد المقبرى به مختصرًا "إذا انتهى أحدكم إلى القوم فليسلم" وذلك (ص 131 من الجزء الأول). 254/ 498 - "إِذَا أنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أهْلِهِ نَفَقَةً وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ". (حم. ق. ن) عن أبي مسعود قلت: هو بأداة الكنية عقبة بن عمرو البدرى. ورواه القاضى الأشنانى في جزئه فقال: عن عبد اللَّه بن مسعود وهو وهم، قال الأشنانى: حدثنا محمد بن عيسى بن حيان ثنا شعيب بن حرب ثنا شعبة حدثنى على بن ثابت عن عبد اللَّه بن يزيد عن عبد اللَّه بن مسعود به فلا أدرى الوهم فيه من الأشنانى أو من شيخه. 255/ 502 - "إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أَحَدكُمْ فَلا يَمْشِ فِى الأخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا". (خد. م. ن) عن أبي هريرة (طب) عن شداد بن أوس قلت: رواه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار [3/ 386، رقم 1357،

1358] وروى نحوه من حديث جابر بن عبد اللَّه [3/ 387، رقم 1360] وتكلم على الإشكال الوارد فيه مع حديث عائشة [3/ 388، رقم 1361] "ربما رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يمشى في فعل واحدة، وأجاب بأن حديث عائشة ضعيف لا يقاوم حديث أبي هريرة وجابر؛ لأنه من رواية مندل وهو ضعيف عن ليث بن أبي سليم، وليس هو من أهل التثبت. 256/ 503 - "إذَا انْقَطَعَ شِسْعَ نَعْلِ أحَدِكُم فَلْيَسْتَرْجِعْ فَإِنَّهَا مِنَ المَصَائِبِ". البزار (عد) عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد ضعيف لضعف خارجة بن مصعب، لكنه تقوى بتعدد طرقه. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه بكر بن خنيس ضعيف، وقال شيخه العراقى: فيه أيضًا يحيى بن عبيد اللَّه التميمى ضعفوه، ورواه البزار أيضًا عن شداد بن أوس وفيه خارجة بن مصعب متروك وهو من طريقيه معلول. قلت: فإن من نقله في الكبير أن حديث أبي هريرة ليس في إسناده خارجة ابن مصعب، بل هو في إسناد حديث شداد بن أوس الذي لم يذكره المصنف وهو الواقع، ولكنه في الصغير خلط إسنادًا بإسناد ونسب إلى الحديث المذكور في المتن من ليس فيه وهو من التهور القبيح. وحديث أبي هريرة رواه أيضًا أبو الشيخ من وجه ليس فيه بكر بن خنيس فقال: حدثنا أبو يحيى ثنا هناد حدثنا يعلى عن يحيى بن عبيد اللَّه عن أبيه عن أبي هريرة به. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 183]:

حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن أبي يحيى ثنا إبراهيم بن أحمد بن المنخَّل ثنا سعيد بن يحيى ثنا عمر بن عطاء عن يحيى بن عبد اللَّه به. وفي الباب عن أنس قال البندهى: أخبرنا الفقيه أبو محمد بن أبي الشرف بن روح الروحى بمصر أنا أبو الحسن على بن الحسن القاضى أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر النحاس أنا محمد ابن جعفر الحضرمى ثنا يحيى بن عثمان ثنا القاسم بن هانئ الضرير ثنا الخليل ابن مرة عن البصرى عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لن ينقطع شسع أحدكم إلا من ذنب عمله فليستغفر اللَّه وليسترجع فإنها مصيبة دخلت عليه" قال النحاس: البصرى هو الحسن بن أبي الحسن. 257/ 510 - "إِذَا بَعَثْتَ سَرِيَّةً فَلا تَنْتَقِهِمْ وَاقْتَطِعْهُمْ فَإنَّ اللَّهَ يَنْصُرُ القَوْمَ بِأَضْعَفِهِمْ". الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد ضعيف لكن له شواهد. قلت: كذا عزا المصنف هذا الحديث إلى الحارث من حديث ابن عباس والذي رأيته في زوائد الحارث للحافظ الهيثمى بخطه أنه عن رجل من أهل المدينة لا من حديث ابن عباس قال الحارث: حدثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن ابن عيينة أخبرني رجل من أهل المدينة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لزيد بن حارثة أو لعمرو بن العاص: "إذا بعثت سرية" وذكره. 258/ 511 - "إِذَا بَعَثْتُمْ إلَيَّ رَجُلًا فَابْعَثُوهُ حَسَنَ الْوَجْهَ حَسَنَ الاسْمِ". البزار (طس) عن أبي هريرة

قلت: الحديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 160] من عند العقيلى [3/ 158] وأعله بعمر ابن راشد اليمانى، وتعقبه المصنف بأن عمر روى له الترمذى وابن ماجه، وقال أبو زرعة: لين، وقال العجلى: لا بأس به، وبأن الحديث ورد من وجوه أخرى من حديث بريدة وعلى وابن عباس وأبي أمامة ثم أوردها بأسانيدها (ص 58 من الجزء الأول)، ومما لم يذكره من مخرجى حديث أبي هريرة أبا نعيم فإنه خرجه في "تاريخ أصبهان" [1/ 156]: ثنا أحمد بن محمد بن مهران ثنا محمد بن العباس بن أيوب ثنا أحمد بن عثمان بن حكيم ثنا محمد بن القاسم الأسدى ثنا عمر بن راشد عن يحيى ابن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. 259/ 514 - "إِذَا تَبَايْعْتُمْ بالعينَة وَأَخَذْتُم أَذْنَابَ البَقَر، وَرَضيتُم بالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُم ذُلًا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ". (د) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: ولفظ ابن عمر قال: "أتى علينا زمان وما يرى أحدنا أنه أحق بالدينار والدرهم من أخيه المسلم، ثم أصبح الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . . " فذكره، رمز المؤلف لحسنه وفيه أبو عبد الرحمن الخراسانى عد في الميزان من مناكيره خبر أبي داود هذا، ورواه عن ابن عمر باللفظ المزبور أحمد والبزار وأبو يعلى، قال ابن حجر: وسنده ضعيف، وله عند أحمد إسناد آخر أمثل من هذا اهـ. وبه يعرف أن اقتصار المصنف على عزوه لأبي داود من سوء التصرف، فإنه من طريق أحمد أمثل كما تقرر عن خاتمة الحفاظ وكان الصواب جمع طرقه فإنها كثيرة عقد لها البيهقى بابا وبيّن عللها.

قلت: هذا كلام جامع لأنواع من الأوهام: أول ذلك: أن الزيادة التي زادها عن ابن عمر أنه قال: "أتى علينا زمان وما يرى أحدنا أنه أحق. . . إلخ" ليس هو عند أبي داود الذي عزا المصنف الحديث إليه ولا هو في الحديث من الطريق المذكورة بل من طريق آخر قال أبو داود [3/ 274، رقم 3462]: حدثنا سليمان بن داود المهرى أنا ابن وهب أخبرنى حيوة بن شريح (ح) وحدثنا جعفر بن مسافر التنيسى ثنا عبد اللَّه بن يحيى البرلسى أنا حيوة بن شريح عن إسحاق أبي عبد الرحمن الخراسانى أن عطاء الخراسانى حديثه أن نافعًا حديثه عن ابن عمر قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا تبايعتم" الحديث. الثانى: في اعتراضه على المصنف في رمزه لحسنه، فإن الحديث له طريقان آخران صحح واحدًا منهما على انفراد ابن القطان، وسبق إلى تحسينه أيضًا ابن النحاس في كتاب الجهاد، فالمصنف لم يبتدع ذلك بل هو تابع لغيره والقواعد تؤيده. الثالث: في قوله: ورواه أحمد باللفظ المزبور من طريق أمثل من هذا، وأن اقتصار المصنف على العزو لأبى داود من سوء التصرف، والواقع أن اعتقاد الشارح من سوء الفهم وقلة المعرفة، فإن أحمد لم يروه باللفظ المزبور كما زعم بل بلفظ آخر قال أحمد [2/ 28]: حدثنا أسود بن عامر أنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا ضن النَّاس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل اللَّه أنزل اللَّه بهم بلاء فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم" وبهذا اللفظ أورده المصنف في موضعه الآتى في حرف "إذا" مع "الضاد" وعزاه لأحمد

والطبرانى والبيهقى في الشعب، فبان أن انتقاد الشارح من سوء الفهم وقلة التدبر، وهذا الإسناد الثانى هو الذي صححه ابن القطان وتعقبه الحافظ بما فيه تعسف ظاهر بل بما فيه وهم صريح. الرابع: في قوله: وكان الصواب جمع طرقه فإنه كلام لا معنى له إذ (¬1) الكتاب غير موضوع لذلك ولا فيه طريق واحدة وإنما فيه العزو إلى الكتب وذلك لا يسمى طرقًا. الخامس: قوله: "فإنها كثيرة عقد لها البيهقى بابا وبين عللها" فإن البيهقى لم يذكر له إلا طريقًا واحدة من رواية جعفر بن مسافر، ومن طريق ابن وهب عن حيوة بن شريح به ثم قال [5/ 316]: وروى ذلك من وجهين ضعيفين عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر، وروى عن ابن عمر موقوفا أنه كره ذلك ونهى أن يأتى الرجل فيقول: اشتر كذا وكذا وأنا أشتريه منك بربح كذا وكذا. فهذا كل ما ذكره البيهقى، فأين هي الطرق وبيان عللها؟!، وسلف الشارح في هذا الوهم الأخير الحافظ فإنه قال ذلك في التلخيص الحبير وهو ناشئ عن تقليده للأصل الذي اختصره، بدليل أنه لما تعقب تصحيح ابن القطان للحديث من الطريق التي خرجها أحمد عن أسود بن عامر قال: إنه معلول لأنه من رواية الأعمش بالعنعة وهو مدلس ولم يذكر سماعه من عطاء، وعطاء يحتمل أن يكون هو عطاء الخراسانى فيكون فيه تدليس التسوية بإسقاط نافع بين عطاء وابن عمر، فرجع الحديث إلى السند الأول، وهذا مع ما فيه من المجازفة والتعسف صريح، قلمَ يقول ذلك عن تقليد، فإن أحمد صرح في مسنده باسم والد عطاء فقال ابن أبي رباح كما سبق وكذلك صرح به البيهقى، ولو وقف على الأصلين لما قال ذلك، وهكذا يفعل التقليد بصاحبه يجره إلى الخطأ أحب أم كره. ¬

_ (¬1) في الأصل: "إذا".

ويزيد الأمر وضوحًا أن جماعة غير الأعمش رووه عن عطاء بن أبي رباح أيضًا عن ابن عمر. قال أبو نعيم في الحلية [3/ 319]: حدثنا القاضى أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم ثنا على بن محمد بن عبد الوهاب ثنا أبو بلال الأشعرى ثنا أبو كدينة البجلى عن ليث بن أبي سليم عن عطاء عن ابن عمر قال: "أتى علينا رمان وليس أحد أحق بديناره ولا بدرهمه من أخيه المسلم حتى كان حديثا ولقد سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا ضنّ الناس" الحديث. ثم قال أبو نعيم: رواه الأعمش عن عطاء ونافع ورواه راشد الحمانى عن ابن عمر نحوه، ورواه في موضع آخر من الحلية بهذا الإسناد أيضًا، ثم قال: رواه الأعمش أيضًا عن عطاء، ورواه فضالة بن حصين عن أيوب السختيانى عن نافع عن ابن عمر فبان أن الحديث معروف من رواية عطاء بن أبي رباح ونافع معًا ومشهور من حديث ابن عمر من طريق جماعة: نافع وعطاء بن أبي رباح وراشد الحمانى. ثم هو مع ذلك وارد من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أخرجه أحمد في مسنده قال: حدثنا يزيد بن هارون عن أبي جناب عن شهر بن حوشب أنه سمع عبد اللَّه ابن عمرو عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره نحوه. وهذه طرق دونها يصحح البيهقى والحافظ الحديث لأجلها، ولما لم يقل الشافعي رضى اللَّه عنه بتحريم بيع العينة فأنت ترى كيف يصنع مقلدته بالحديث.

260/ 519 - "إِذَا تَجَشَّأ أحَدُكُم أوْ عَطَسَ فَلا يَرْفَع بِهِمَا الصَّوْتَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يُحِبُّ أنْ يُرْفَعَ بِهِمَا الصَّوْتُ". (هب) عن عبادة بن الصامت وعن شداد بن أوس وواثلة (د) في مراسيله عن يزيد بن مرثد قلت: صنيع المصنف في إعادته حرف "عن" يقتضى أن الحديث له عن عبادة إسناد وعن شداد وواثلة إسناد، والحديث له إسناد واحد عن ثلاثتهم فقد أخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس [1/ 378، رقم 1229] قال: أخبرنا أبو الفضل بن طاهر الحافظ أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الوحمن أخبرنا أبو نصر محمد بن على بن الفضل الخزاعى ثنا محمد بن يعقوب ثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج حدثنا بقية حدثنا الوضين عن يزيد بن مرثد عن عبادة وشداد بن أوس وواثلة بن الأسقع قالوا: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الحديث. 261/ 520 - "إِذَا تَخَفَّفَتْ أمَّتى بالخفَاف ذَاتِ المنَاقِبِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَخَصَفُوا نِعَالَهُم، تَخَلَّى اللَّهُ عَنْهُم". (طب) عن ابن عباس قلت: هذا الحديث وإن كان ضعيفًا إلا أن الواقع يصدقه ويدل على صحته، فإن المدار على ذلك لا على الإسناد فالحديث من أعلام نبوته -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ الوقت الذي روى فيه هذا الحديث لم يكن فيه شيء من ذلك، وإنما حدث بعده بنحو ألف سنة، ففي وقتنا هذا شاع لبس الخفاف ذات المناقب التي هي أحذية الفرنج، ولبسها الرجال والنساء، وخصفوها أى نمقوها وبرقوها بالدهن التي تدهن به من حين لآخر. وتخلى اللَّه عن هذه الأمة وسلط اللَّه عليهم الكفار في مشارق الأرض

ومغاربها، وابتلاهم بجميع أنواع المصائب والمخازى، فنسأل اللَّه برحمته الواسعة وعفوه الشامل أن يتداركنا بلطفه ويرفع عنا مقته آمين. 262/ 522 - "إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ المرْأةَ لِدَينِهَا وَجَمَالِهَا كَانَ فِيهَا سَدَادًا مِنْ عَوَزٍ". الشيرازى في الألقاب عن ابن عباس وعن عليّ قال الشارح في الكبير: وفيه هشيم بن بشير أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: حجة حافظ يدلس وهو في الزهرى لين، وحكم ابن الجوزى بوضعه. قلت: الذي حكم ابن الجوزى بوضعه حديث آخر لا هذا، فإنه أورده من طريق ابن حبان في الضعفاء [2/ 258]: حدثنا محمد بن المعافى ثنا عمرو بن عثمان ثنا عبد السلام بن عبد القدوس عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أنس: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من تزوج امرأة لعزها لم يزده اللَّه تعالى إلا ذلًا، ومن تزوج امرأة لمالها لم يزده اللَّه تعالى إلا فقرًا، ومن تزوج امرأة لحسنها لم يزده اللَّه تعالى دناءة، ومن تزوج امرأة لم يتزوجها إلا ليغض أو يحصن فرجه أو يصل رحمه بارك اللَّه له فيها وبارك لها فيه" قال ابن الجوزى: موضوع، عبد السلام يروى الموضوعات وعمر متروك وهو ضد ما في الصحيح "تنكح المرأة لمالها ولحسبها وجمالها" اهـ. وهو كما ترى غير حديث الباب. والحديث أخرجه أيضًا الديلمى [1/ 361، رقم 1164] عن الحداد عن أبي نعيم عن الطبرانى قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن العباس ثنا أبو بشر فورك بن ناصح الأصبهانى

ثنا النضر بن شميل ثنا المأمون ثنا هشيم عن مجالد عن الشعبى عن ابن عباس به مرفوعًا، كذا أخرجه مختصرًا، والحديث فيه قصة للنضر بن شميل مع المأمون، قال الزبير بن بكار: حدثنى النضر بن شميل قال: دخلت على أمير المؤمنين المأمون بمرو وعلى أطمار متر عيلة فقال: يا نضر تدخل على أمير المؤمنين في مثل هذه الثياب؟ فقلت: إن حر مرو شديد لا يدفع إلا بمثل هذه الأخلاق، قال: بل أنت رجل متقشف ثم تجارينا الحديث فأجرى ذكر النساء، وقال: حدثنى هشيم بن بشير عن مجالد عن الشعبى عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيه سداد من عوز" ففتح السين من سداد، فقلت: صدقوك يا أمير المؤمنين، وحدثنى عوف بن أبي جميلة الأعرابى عن الحسن عن على بن أبي طالب عليه السلام أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيه سداد من عوز" وكسرت السين قال: وكان المأمون متكئًا فاستوى جالسًا، وقال: السداد لحن عندك يا نضر، قلت: نعم ها هنا يا أمير المؤمنين، قال: أوتلحننى؟ قلت: إنما لحن هشيم وكان لحانًا فتبع أمير المؤمنين لفظه فقال: ما الفرق بينهما؟ قلت: السداد القصد في الدين والطريقة والأمر، والسداد بالكسر البلغة، وكل ما سددت به شيئًا فهو سداد، وقد قال العرجى: أضاعونى وأى فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر قال: فأطرق المأمون مليا ثم قال: قبح اللَّه من لا أدب له، ثم ذكر بقية ما وقع له معه. ورواه البندهى في شرح المقامات من طريق أحمد بن عبيد بن ناصح: ثنا أبو زيد ثنا النضر بن شميل فذكر القصة.

وذكرها أيضا ابن الأنبارى في الطبقات فقال: وحكى محمد بن ناصح الأهوازى قال: حدثنى النضر بن شميل فذكر الحديث والقصة أيضا. 263/ 524 - "إِذَا تَسَارَعْتُم إلى الخَيرِ فامْشُوا حُفَاةً فإن اللَّه يُضَاعِفُ أَجْرَهُ على المُنْتَعِلِ". (طس. خط) عن ابن عباس قلت: الحديث أخرجه الخطيب عن أبي نعيم عن الطبرانى، وهو موضوع افتراه سليمان بن عيسى السجزى الكذاب واضع كتاب العقل، فقال: حدثنا سفيان الثورى عن ليث عن طاوس عن ابن عباس به، ووضعه مرة أخرى بسياق آخر فقال: سفيان بن سعيد الثورى عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعًا: "ألا أنبئكم بأخف الناس حسابا يوم القيامة بين يدى الجبار المسارع إلى الخيرات ماشيا على قدميه أخبرنى جبريل أن اللَّه ناظر إلى عبد يمشى حافيا في طلب الخير" رواه الحاكم في تاريخ نيسابور عن محمد بن على ابن عمر المذكر عن سهل بن عمار العقلى عن سليمان بن عيسى السجزى يه، فكان الواجب ألا يذكر في هذا الكتاب. 264/ 529 - "إذَا تَغَوَّلَتْ لَكُمْ الغِيلانُ فَنَادُوا بِالأَذَانِ فَإنَّ الشَّيْطَانَ إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ أدْبَرَ وَلَهُ حُصَاصٌ". (طس) عن أبي هريرة قلت: في الباب عن جابر، قال ابن السنى في اليوم والليلة [ص 167، رقم 517]: حدثنا محمد بن خريم بن مروان ثنا هشام بن عمار ثنا سويد بن عبد العزيز ثنا هشام بن حسان عن الحسن عن جابر بن عبد اللَّه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه عز وجل رفيق يحب الرفق، فإذا سافرتم في الخصب فأمكنوا

الركاب ألسنتها، ولا تجاوزوا بها المنازل، وإذا سرتم في الجدب فاستنجوا، وعليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل، وإذا تغولت لكم الغيلان فنادوا بالأذان، وإياكم والصلاة على جواد الطريق فإنها ممر السباع ومأوى الحيات". 265/ 530 - "إِذَا تَمَّ فُجُورُ العَبْد مَلَك عَيْنَيْه فَبَكَى بهما مَتَى شَاءَ". (عد) عن عقبة بن عامر قال الشارح: بإسناد ضعيف. وقال في الكبير: قال ابن الجوزى: حديث لا يصح اهـ. قلت: سبب ضعفه أنه من رواية حجاج بن سليمان الرعينى المعروف بالأقمر عن ابن لهيعة عن مشرح عن عقبة بن عامر، وحجاج منكر الحديث، لكن مشاه ابن عدى وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يعتبر بحديثه إذا روى عن الثقات، وقال الحاكم: ثقة مأمون اهـ. لكن الحديث رواه أبو نعيم في الحلية في ترجمة الثورى عنه من كلامه [7/ 72] فقال: حدثنا أبو أحمد ثنا عبد الرحمن بن أبي قرصافة العسقلانى ثنا أبو عمير ثنا ضمرة عن سفيان قال: "إذا استكمل العبد الفجور ملك عينيه يبكي بهما متى شاء" فيحتمل أن يكون عند الثورى مرفوعا وذكره فلم يسنده، ويحتمل أن يكون من كلامه وسرق منه فرفع. 266/ 537 - "إِذَا تَوضّأ أحَدُكُم فأَحَسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خرج عَامِدًا إِلَى المَسْجِد فَلا يُشَبِّكنَّ بين يَدَيْهِ فإِنَّه في صَلاةٍ". (حم. د. ت) عن كعب بن عُجرة

قال الشارح: بفتح العين المهملة وسكون الجيم. قلت: بل هو بضمّ العين كما نصّ عليه أهل اللغة والحديث. 267/ 539 - "إِذَا تَوَضَّأتم فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُم". (هـ) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: ورواه أحمد وأبو داود. . . إلخ. قلت: أحمد [2/ 354] وأبو داود [4/ 70، رقم 4141] وابن حبان [3/ 370، رقم 1090] رووه بلفظ: "إذا لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بميامنكم"، وقد ذكره المصنف كذلك فيما سيأتى. ورواه باللفظ المذكور هنا أيضا ابن السنى في اليوم والليلة [ص 7، رقم 15] إلا أنه زاد "أو لبستم" فقال: أخبرنا أبو عروبة ثنا عبد الرحمن بن عمرو البجلى أخبرنا زهير بن معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا توضأتم أو لبستم فابدءوا بميامنكم". وهو سند صحيح، وما حكاه الشارح عن المصنف من أنه رمز بضعفه وهم عليه. 268/ 540 - "إِذَا تَوَضَّأتَ فَانْتَضِحْ". (هـ) عن أبي هريرة قال الشارح: رمز المصنف لحسنه ورُدَّ. قلت: تقدم الكلام على هذا الحديث مبسوطًا في حديث "أتانى جبريل". 269/ 544 - "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُم فَأَوْسَعَ له أخُوهُ فإِنَّمَا هى كَرَامَةٌ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بهَا". (تخ. هب) عن مصعب بن شيبة

قال الشارح في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وفيه عبد الملك بن عمير أورده الذهبى في الضعفاء وقال: قال أحمد: مضطرب الحديث، وابن معين: مختلط، لكنه اعتضد فمراده أنه حسن لغيره. قلت: عبد الملك بن عمير ثقة من رجال الصحيحين احتج به البخارى ومسلم والجماعة، والذهبى إنما أورده لأجل من تكلم فيه، ثم بعد ذلك اعتذر عنه على أنه صدر توثيقه في أول ترجمته فقال: عبد الملك بن عمير اللخمى الكوفى الثقة، ثم قال بعد ذكر ما نقله عنه الشارح ما لفظه: قلت: لم يورده ابن عدى ولا العقيلى ولا ابن حبان وقد ذكروا من هو أقوى حفظًا منه وأما ابن الجوزى فحكى الجرح وما ذكر التوثيق، والرجل من نظراء السبيعى أبي إسحاق وسعيد المقبرى لما وقعوا في هرم الشيخوخة نقص حفظهم وساءت أذهانهم ولم يختلطوا، وحديثهم في كتب الإسلام كلها اهـ. فأعرض الشارح عن هذا واقتصر على نقل الجرح فأساء، والحديث قال البخارى في التاريخ [7/ 352، رقم 1520]: قال موسى: ثنا حماد بن سلمة عن عبد الملك بن عمير عن ابن شيبة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. 270/ 545 - "إِذَا جَاءَ الموتُ لطالبِ العِلْمِ وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الحَالَةِ مَاتَ وَهُوَ شَهِيدٌ". البزار عن أبي ذر وأبي هريرة قلت: أخرجه أيضا ابن عبد البر في العلم [1/ 121، رقم 115] قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد المؤمن ثنا الحسن بن محمد بن عثمان ثنا يعقوب بن سفيان ثنا الحجاج بن نصير ثنا هلال بن عبد الرحمن الحنفى عن عطاء بن أبي ميمونة مولى أنس عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة وأبي ذر قالا: "باب من العلم تتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوع،

وباب من العلم تعلمه عمل به أو لم يعمل به أحب إلينا من مائة ركعة تطوع"، وقالا: سمعنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا جاء الموت" الحديث كما هنا. قال ابن عبد البر: وبعضهم يقول في ذلك لم يكن بينه وبين الأنبياء إلا درجة واحدة في الجنة، قال: وروى أيضا [1/ 403، رقم 581] مرفوعًا من حديث ابن عباس وفي إسناده اضطراب، لأن منهم من يجعله عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس، ومنهم من يجعله عن سعيد عن أبي هريرة وأبي ذر، ومنهم من يرسله عن سعيد والفضائل تروى عن كل أحد، والحجة من جهة الإسناد إنما تستقصى في الأحكام وفي الحلال والحرام اهـ. وقال الخطيب [9/ 247]: حدثنا شعيب بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل بن العباس الوراق ثنا عبد اللَّه ابن سليمان بن الأشعث ثنا أبو بكر إسحاق بن إبراهيم شاذان ثنا حجاج بن نصير به مثله، وهلال بن عبد الرحمن منكر الحديث متروك وقد أورد له العقيلى هذا الحديث وقال: منكر لا أصل له ولا يتابع عليه، كذا قال، وقد مر في كلام ابن عبد البر ما يرده. وفي ترجمة حاتم بن عثمان المعافرى أبي عثمان الإفريقى من اللسان [2/ 145، رقم 647] قال أبو العرب: كان يغرب عن مالك بأحاديث لا يرويها غيره، قال الحافظ: فمن الأباطيل التي زعم أن مالكًا حدَّث بها عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: "باب من العلم" فذكر مثله في الموقوف والمرفوع، ومراد الحافظ ببطلانه كونه من رواية مالك لا مطلقًا كما هو معلوم.

271/ 546 - "إِذَا جَاءَكُمُ الزَّائِرُ فَأَكْرِمُوهُ". الخرائطى في مكارم الأخلاق (فر) عن أنس قلت: رواه أيضا القضاعى في مسند الشهاب [1/ 445، رقم 763] من طريق الخرائطى: ثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الوراق حدثنا محمد بن مصفى، وكثير بن عدى قالا: حدثنا بقية بن الوليد ثنا يحيى بن مسلم عن أبي المقدام عن موسى بن أنس عن أببه به. أما الديلمى فرواه [1/ 413، رقم 1356] من طريق ابن لال: ثنا عبد الرحمن الجلاب ثنا هلال بن العلاء ثنا موسى بن أيوب ثنا بقية به. وذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال: إنه منكر. 272/ 547 - "إِذَا جَاءَكُمُ الأَكْفَاءُ فَأنْكِحُوهُنَّ ولا تربَّصُوا بِهِنَّ الحَدَثَان". (فر) عن ابن عمر قلت: هذا ليس من شرط الكتاب، فإنه حديث موضوع انفرد به كذاب وضاع وهو المعلى بن هلال. فالديلمى خرجه من طريق الحاكم في التاريخ قال: حدثنا محمد بن صالح ثنا العباس بن حمزة ثنا جبارة ثنا معلى بن هلال عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر به. 273/ 552 - "إِذَا جَامَعَ أَحَدُكُم حَليلَتَهُ فَلا يَنَظُرُ إلى الفَرْج فإِنَّهُ يُورِثُ العَمَى، وَلا يُكِثرُ الكَلامَ، فإنَّه يُورِثُ الخَرَسَ". الأزدى في الضعفاء والخليلى في مشيخته (فر) عن أبي هريرة

قلت: أورده ابن الجوزى في الموضوعات [2/ 271] من طريق الأزدى: ثنا زكريا بن يحيى المقدسى ثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابى ثنا محمد بن عبد الرحمن التسترى عن مسعر بن كدام عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة به، وأعله بإبراهيم، ونقل عن الأزدى أنه قال ساقط اهـ. ومن طريقه رواه الديلمى: أخبرنا أبي أخبرنا عبد الملك بن عبد الغفار البصرى ثنا محمد بن عبد الملك بن بشران ثنا محمد بن المظفر الحافظ زكريا بن يحيى بن يعقوب المقدسى به، وتعقبه المصنف بأن إبراهيم قال أبو حاتم وغيره: صدوق، وأن الأزدى وحده قال فيه: ساقط، وقد قال الذهبى: لا يلتفت إلى قول الأزدى فإن لسانه في الجرح رهقا. 274/ 559 - "إِذَا حَجَّ الرَّجُل بِمَال مِنْ غَيْر حلِّه، فَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَيَّكَ. قَالَ اللَّهُ: لا لَبَّيْكَ، وَلا سَعْدَيْكَ، هذَا مَرْدُودٌ عَلَيْكَ". (عد) (فر) عن عمر بن الخطاب قلت: قال الديلمى [1/ 363، رقم 1172]: أخبرنا أبي، أخبرنا أبو بكر المعبر، ثنا عبد اللَّه بن عيسى بن إبراهيم الفقيه، ثنا على بن الحسن بن يحيى ابن السكن، أخبرنا على الأصم، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا أبو الغصن الدجين بن ثابت من بني يربوع، ثنا أسلم مولى عمر، عن عمر به، وأبو الغصن ضعيف. 275/ 561 - "إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِحَدِيثٍ ثُمَّ الْتَفتَ فَهِى أَمَانَةٌ". (حم. د. ت) والضياء عن جابر (ع) عن أنس قلت: تكلم الحافظ السخاوى في المقاصد الحسنة [ص 84، رقم 60] على هذا الحديث بما فيه كفاية، ومما لم يذكره من مخرجيه الطحاوى فإنه أخرجه

في مشكل الآثار [9/ 12، 13، رقم 3386، 3387، 3388] أواخر الجزء الرابع من طريق ابن وهب عن ابن أبي ذئب، ومن طريق القعنبى عنه أيضا، ومن طريق سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن أبي لبيبة شيخ ابن أبي ذئب، وهى الطريق التي تعقب السخاوى بها على الترمذى في قوله: لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي ذئب، وعزاها لأحمد في مسنده إلا أنه وقع في الأصل المطبوع من مشكل الآثار في هذا الطريق حذف جابر بن عبد اللَّه إذ فيه: أن عبد الملك بن جابر بن عتيك أخبره أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. وهو وهم ولا شك أنه حصل سقط في النسخة. 276/ 563 - "إِذَا حَسَدْتُم فَلا تَبْغُوا وَإِذَا ظَنَنْتُمْ فَلا تُحَقِّقُوا وَإِذَا تَطَيَّرْتُم فَامضُوا وعلى اللَّه فَتَوَكَّلُوا". (عد) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: قال عبد الحق إسناده غير قوى، وقال ابن القطان: فيه عبد الرحمن بن سعد مدنى ضعفه ابن معين، وعبد اللَّه المقبرى متروك. قلت: كذا وقع في النسخة عبد الرحمن بن سعد، وأظنه تحريف من عبد الرحمن بن إسحاق وهو المعروف بعباد بن إسحاق، فإن السمرقندى رواه من طريقه لكنه لم يجد إسناده وقصر به على عبد الرحمن بن معاوية، وعلى كل فالحديث له طريق آخر عن أبي هريرة. قال أبو الشيخ في كتاب التوبيخ [ص 107، رقم 77]: حدثنا محمد بن خلف وكيع ثنا محمد بن جعفر ثنا الحسن بن السكن ثنا شعبة عن محمد بن إسحاق عن علقمة بن أبي علقمة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "في المؤمن ثلاث خصال الطيرة والظن والحسد

فمخرجه من الطيرة ألا يرجع، ومخرجه من الظن ألا يحقق ومخرجه من الحسد ألا يبغى". وفي الباب عن حارثة بن النعمان أخرجه أبو الشيخ أيضا [(ص 184، رقم 152)، (ص 255، رقم 237)] قال: حدثنا العباس بن حمدان ثنا على بن أحمد الجواربى قال: حدثنى عبد الرحمن بن عبد الملك الحزامي ثنا إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده حارثة بن النعمان قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثلاث لازمات لأمتى سوء الظن والحسد والطيرة، قالوا: يا رسول اللَّه فما نصنع فيهن؟ قال: إذا ظننت فلا تحقق وإذا حسدت فاستغفر وإذا تطيرت فامض"، وهذا الأخير قد ذكره المصنف فيما سيأتي في حرف "الثاء" بمثله وعزاه لأبي الشيخ والطبرانى في الكبير. وفي الباب أيضا عن جابر وسيأتى قريبا في "إذا ظننتم". 277/ 565 - "إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ". (حم. ق. د. ن. هـ) عن عمرو بن العاص (حم. ق. 4) عن أبي هريرة قلت: وقع في سند حديث أبي هريرة اختلاف هل هو من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أو من رواية أبي بكر بن عبد الرحمن عنه أو من رواية أبي سلمة مرسلا. أما الثانى: فقد أشار إليه البخارى في الصحيح [9/ 133، رقم 7352]، وأما الأول: فذكره ابن عبد البر في العلم [2/ 883، رقم 1664] ورجح

رواية الليث التي فيها عن أبي بكر بن عبد الرحمن بدل أبي سلمة مع أن رواية أبي سلمة هى التي في الصحيح، ومن الغريب أن الحافظ أغفل كلام ابن عبد البر هذا فلم يتعرض له في الفتح. والحديث رواه أيضا الطحاوى في مشكل الآثار [2/ 219، رقم 753] في بيان مشكل ما روى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من قوله: "الحلال بيّن والحرام بيّن" وذلك في وسط الجزء الأول منه. 278/ 566 - "إِذَا حَكَمْتُم فَاعْدِلُوا وَإِذَا قَتَلْتُمْ فأَحْسنُوا القِتْلَةَ فَإِنَّ اللَّه مُحْسِنٌ يُحِبُّ المُحْسِنِين". (طس) عن أنس قلت: أخرجه أيضا ابن أبي عاصم في كتاب الديات في باب "إذا دفع القاتل إلى أولياء المقتول ما لهم أن يفعلوا به" قال: حدثنا عثمان بن طالوت ثنا محمد بن بكار عن عمران عن قتادة عن أنس به مثله. وأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 113] في ترجمة عبد الرحمن بن الفضل بن الحسين والد أبي بكر الجوهرى فقال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن الفضل الجوهرى ثنا أبي ثنا أبي ثنا سليمان بن داود المنقرى ثنا محمد بن بلال عن عمران به مثله، إلا أنه قال: "فإن اللَّه محسن يحب الإحسان". 279/ 568 - "إذا حُمَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَسُنَّ عَلَيْه المَاءَ البَارِد ثَلاثَ ليالٍ مِنَ السَّحَر". (ن. ع. ك) والضياء عن أنس قال الشارح: وإسناده صحيح خلافا للمؤلف.

قلت: قد نص في الكبير على القول بضعفه إنما هو منسوب للمؤلف لا محقق منه، ولفظه بعد نقله تصحيحه عن جماعة فما نسب للمؤلف من أنه رمز لضعفه لا يعول عليه اهـ. ثم جزم في الصغير بنسبة ذلك إليه. هذا وفي عزو المصنف الحديث إلى النسائى ما فيه فإن الإطلاق يقتضى أنه في الصغرى التي هى أحد الكتب الستة والواقع أنه في الكبرى [4/ 379، رقم 7612]، وهذا التعقب ألزم للشارح إذ لم ينبه عليه وهو مغرم بذلك فيما ليس بحق ولا صواب. 280/ 569 - "إِذَا خَافَ اللَّهَ الْعَبْدُ أخَافَ اللَّهُ منه كُلَّ شئٍ، وإِذَا لَمْ يَخَفِ الْعَبْدُ اللَّهَ خَوَّفَهُ اللَّهُ من كُلِّ شيء". (عق) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: قال ابن الجوزى: لا يصح، وقال أبو زرعة: عمرو بن زياد أى أحد رجاله كذاب وأحاديثه موضوعة، وقال ابن عدى: يسرق الحديث ويحدث بالبواطيل، وقال الدارقطنى: يضع. قلت: هذا الحديث ورد أيضا من حديث واثلة بن الأسقع وعليٍّ وابْنَه الحسين وغيرهما وهو مشهور بلفظ: "من خاف اللَّه" إلا أن المصنف أغفله في حرفه، وذكر منه رواية أخرى بلفظ: "من اتقى اللَّه". وقد ذكرت أسانيده في المستخرج على الشهاب وكذلك، ذكر عزوه بشواهده الحافظ السخاوى في المقاصد الحسنة [ص 645، رقم 1119] إلا أنه لم يذكر من طرقه ما ذكرته، والحمد للَّه. 281/ 570 - "إِذَا خَتَمَ العَبْدُ الْقُرْآنَ صَلَّى عليه عِنْدَ خَتْمِهِ سِتُونَ ألفَ مَلَكٍ" (فر) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده

قال الشارح: بإسناد ضعيف. وقال في الكبير: فيه شيبان بن فروخ، قال الذهبى في ذيل الضعفاء: ثقة يرى القدر اضطر إليه الناس أخيرا عن يزيد بن زياد، أورده الذهبى في الضعفاء. قلت: هذه أعجوبة من العجائب إذ يعلل الحديث برجلين ثقتين من رجال الصحيح، ويدعى تعليله برجلين كذابين وضاعين حكم الحفاظ على الحديث بالوضع من أجلهما فإن الديلمى قال: أخبرنا والدى أخبرنا عبد الملك بن عبد الغفار أخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم ثنا عبد اللَّه بن الحسن بن سليمان ثنا الحسن بن على بن زكريا ثنا شيبان بن فروخ ثنا يزيد بن زياد ثنا عبد اللَّه بن سمعان عن عمرو بن شعيب به. فالحسن بن على بن زكريا هو أبو الحسن العدوى أحد كبار الكذابين وأئمة الوضاعين قال ابن حبان: لعله وضع على الثقات ما يزيد على ألف حديث. وعبد اللَّه بن سمعان أيضا كذاب شهير، والعجب أن المصنف أورد هذا الحديث في موضوعاته التي ذيل بها على موضوعات ابن الجوزى، وحكم بوضعه لأجل الكذابين المذكورين ثم أورده في الجامع الصغير، وغفل الشارح عن كل هذا. 282/ 571 - "إِذَا خَتَمَ أَحَدُكُم القُرْآنَ فَلْيَقُل اللَّهمَّ آنِسْ وَحْشتِى في قَبْرِى". (فر) عن أبي أمامة قال الشارح في الكبير: فيه ليث بن محمد، قال الذهبى: قال ابن أبي

شيبة: متروك، وسالم الخياط قال: يحيى ليس بشيء. قلت: هذا مثل الذي قبله من جهتيه، من جهة كون الشارح أعله بمن لا يعل به وترك من هو معلول به، وهو أحمد بن عبد اللَّه الجويبارى أحد مشاهير الوضاعين، ومن جهة كون المصنف أورده في ذيل الموضوعات حاكما بوضعه ثم أورده في الجامع الصغير المصان عنده من الموضوعات. قال في الذيل: قال الحاكم في التاريخ: أنبأنا يحيى العنبرى أخبرنا أحمد بن الخليل البستى حدثنا الليث بن محمد ثنا أحمد بن عبد اللَّه بن خالد ثنا الوليد بن مسلم عن سالم الخياط عن الحسن عن أبي أمامة به، ثم قال المصنف: أحمد بن عبد اللَّه بن خالد هو الجوييارى أحد المشهورين بوضع الحديث. قلت: ومن طريق الحاكم، رواه الديلمى فقال: أخبرنا ابن خلف كتابة أخبرنا الخياط به. 283/ 572 - "إِذَا خَرَجَ أَحَدُكُمْ إِلَى سَفَرٍ فَلْيُوَدِّعْ إِخْوَانَهُ فَإِنَّ اللَّه جَاعِلٌ لَهُ في دُعَائِهِمُ البرَكَةَ". ابن عساكر (فر) عن زيد بن أرقم قال الشارح في الكبير: فيه نافع بن الحارث، قال الذهبى في الضعفاء: قال البخارى: لا يصح حديثه. قلت: الحديث من رواية نفيع بن الحارث بالتصغير لا من رواية نافع بن الحارث المكبر، فكأن الشارح لما رأى في الميزان نافع بن الحارث ظنه هو، وظن الذي في السند تحريفا والواقع أنه نفيع بالتصغير، وهو أبو داود

الأعمى" القاضى أحد الساقطين الهلكى المتهمين في الحديث، وهو الذي يروى عن زيد بن أرقم لا نافع بن الحارث، فإنه لا تعرف له رواية إلا عن أنس قال الديلمى [1/ 368، رقم 1188]: أخبرنا عبدوس عن محمد بن أحمد الطوسى عن أبي العباس محمد بن يعقوب عن بكر بن سهل عن عبد اللَّه بن يونس عن ابنه عن نفيع بن الحارث عن زيد بن أرقم به، فما أكثر أوهام الشارح رحمه اللَّه. 284/ 573 - "إِذَا خَرَجَ ثَلاثَةٌ فِى سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ". (د) والضياء عن أبي هريرة وعن أبي سعيد زاد الشارح: معًا. قلت: زيادة "معًا" وهم لأنها تفيد أن التابعى قال: عن أبي هريرة وأبي سعيد والواقع خلاف ذلك، فإن أبا داود وإن رواه بسند واحد إلا أنه ذكر الحديث عن كل واحد منهما على حدة، بل بلفظين متغايرين، فأورده أولًا [3/ 36، رقم 2608] من حديث أبي سعيد كما هنا، ثم ذكره [3/ 36، رقم 2609] من حديث أبي هريرة بلفظ: "إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم". قال نافع: فقلنا لأبي سلمة: فأنت أميرنا. 285/ 575 - "إِذَا خَرَجَتِ المَرْأَةُ إلى المَسْجِدِ فَلْتَغْتسِلْ مِنَ الطِّيبِ كما تَغْتَسِلُ مِنَ الجَنَابَةِ". (ن) عن أبي هريرة قلت: قال النسائى [8/ 153]:

أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ثنا سليمان بن داود الهاشمى ثنا إبراهيم بن سعد قال: سمعت صفوان بن سليم ولا أسمع من صفوان غيره يحدث عن رجل ثقة عن أبي هريرة فذكره كما هنا، وقال: مختصر. والحديث خرجه إبراهيم بن سعد في نسخته عن صفوان عن أبي هريرة بدون واسطة الرجل الثقة وزاد في آخره وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سجدتان في قعر بيتها خير من أربع ركعات في الحجرة وأربع في الحجرة خير من ثمانٍ في الدار" وللحديث طريق آخر عن أبي هريرة في مسند أحمد وغيره بسياق آخر. 286/ 576 - "إِذَا خَرَجْتَ مِنَ مَنْزِلِكَ فَصَلِّ رَكْعَتَين تَمْنَعَانِكَ مَخْرَجَ السُّوء، وإِذَا دَخَلْتَ إِلَى مَنْزِلِكَ فَصَلِّ رَكْعَتَين تَمْنَعَانكَ مدْخَلَ السُّوءِ". البزار (هب) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: رواه البيهقى من رواية بكر بن عمرو عن صفوان بن سليم، قال بكر: أحسبه عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال ابن حجر: حديث حسن، ولولا شك بكر لكان على شرط الصحيح، وقال الهيثمى: رجاله موثقون اهـ. وبه يعرف استرواح ابن الجوزى في حكمه بوضعه. قلت: الحديث الذي ذكره ابن الجوزى في الموضوعات سبقه إليه البخارى والأزدى وابن عدى والعقيلى ووافقهم الذهبى في الميزان والحافظ في اللسان وكأنه لم يستحضر له الطريق الأخرى التي حكم بحسنها، أو أراد أنه موضوع من تلك الطريق خاصة، فاسمع ما قالوه:

قال البخارى في التاريخ الكبير [1/ 336، رقم 1057]: إبراهيم بن يزيد ابن قدير عن الأوزاعى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا "إذا دخل بيته فلا يجلس حتى يركع ركعتين" سمع منه سعد بن عبد الحميد. قال أبو عبد اللَّه -يعنى البخارى-: لا أصل له اهـ. وقال الأزدى: إبراهيم بن يزيد بن قدير ليس حديثه بشيء روى عن الأوزاعى مناكير منها عنه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، فذكر الحديث كما ذكره البخارى ثم قال: لا أصل له اهـ. وقال الذهبى في الميزان [1/ 74، رقم 248]: إبراهيم بن يزيد بن قدير صاحب الأوزاعى روى سعد بن عبد الحميد عنه عن الأوزاعى عن يحيى عن أبي سلمة فذكر الحديث كما ذكره البخارى أيضا، ثم قال: قال البخارى: لا أصل له من حديث الأوزاعى، وقال ابن عدى: هذا منكر بهذا الإسناد، وزاد في نسخة أخرى، ذكره العقيلى وقال: يخبط في الإسناد، قال الحافظ في اللسان [1/ 124، رقم 379]: ولفظ العقيلى [1/ 71، رقم 75]: إبراهيم بن يزيد في حديثه وهم وغلط، ثم ذكر الحديث المذكور وأوله "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين وإذا دخل أحدكم بيته" فذكره وزاد" فإن اللَّه جاعل من ركعتيه في بيته خيرًا" لا أصل له من حديث الأوزاعى، وذكره ابن حبان في الثقات [8/ 61] فقال: يعتبر بحديثه من غير رواية سعيد، قال الحافظ: قد قال ابن عدى [1/ 251]: لا يحضرنى له غيره. وسعيد بن عبد الجبار الراوى عنه خرج له ابن ماجه، وقد قال أبو أحمد: إنه يروى الكذب، فالآفة منه واللَّه أعلم اهـ كلام الحافظ.

وفيه أمران، أحدهما: أنه سلم الحكم بوضعه، وثانيهما أنه جعل الآفة من عبد الجبار الراوى عن إبراهيم وهو وهم تبع فيه ابن حبان، وذلك أن الراوى عن إبراهيم هو سعد بسكون العين ابن عبد الحميد لا عبد الجبار وسعد بن عبد الحميد لا بأس به، وهو أحد رواة الموطأ عن مالك، وإن كان ابن حبان قد تكلم فيه، وقال: كان يروى المناكير عن المشاهير، وفحش وهمه حتى حَسُن التنكب عن الاحتجاج به اهـ. ولا يبعد، بل هو الواقع إن شاء اللَّه تعالى أن ابن حبان ذكر في كلامه السابق سعد بن عبد الحميد أيضا كما ذكره البخارى وغيره، وإنما تصحف على الحافظ وحده، ولما نقل ابن الجوزى في الموضوعات [3/ 75] كلام الأزدى السابق تعقبه المصنف أن إبراهيم ذكره ابن حبان في الثقات، وأن الحديث خرجه البيهقى من طريقه، ثم قال: وله شاهد، ثم أخرج من طريق معاذ بن فضالة الزهرانى عن يحيى بن أيوب عن بكر بن عمرو عن صفوان بن سليم. قال بكر: أحسبه عن أبي سالم عن أبي هريرة به، قال: وهذا الحديث الثانى أخرجه البزار في مسنده من هذا الطريق (¬1)، وقال الحافظ أبو الحسن الهيثمى في مجمع الزوائد [2/ 283]: رجاله موثقون اهـ كلام المصنف. قلت: ومن هذا الطريق أيضا أخرجه الديلمى في مسند الفردوس [1/ 369، رقم 1193]: أخبرنا والدى ثنا محمد بن فارس أخبرنا أبو بكر بن مردويه ثنا عبد اللَّه بن إسحاق ثنا حامد بن سهل المقرئ ثنا معاذ بن فضالة به، ولم يذكر الشك ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (1/ 357، رقم 746).

في رفعه. والمقصود أن الحديث الذي ذكره ابن الجوزى في الموضوعات هو غير هذا الحديث بل هو الذي ذكره المصنف بعد عشرة أحاديث بلفظ "إذا دخل". 287/ 577 - "إِذَا خَرَجْتُم مِنْ بُيُوتِكُم بِاللَّيْل فَأَغْلِقُوا أَبْوَابَهَا". (طب) عن وحشى بن حرب قال الشارح في الكبير: ولفظه: "خرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لحاجته من الليل فترك باب البيت مفتوحا ثم رجج فوجد إبليس قائما في وسط البيت فقال: اخسأ يا خبيث من بيتى، ثم قال: إذا خرجتم" إلخ، قال الهيثمى: رجاله ثقات فاقتصار المؤلف على الرمز لحسنه تقصير. قلت: لا هو حسن ولا صحيح، بل هو كذب موضوع ظاهر النكارة والبطلان، وثقة الرجال وحدها لا تكفى ما لم يكن الحديث سالمًا من العلل الأخرى، فكم سند رجاله رجال الصحيح وهو موضوع كهذا على أنه من رواية وحشى، وقد كان لا يستفيق من الخمر إلى أن مات سكران. ثم إنه لم يجلس مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا برهة ثم طرده، وقال: "غيِّب وجهك عنى"، فكيف يكون صحيحًا وراويه كما ترى؟ وإبليس لا يدخل بيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما يدخل بيت وحشى بن حرب المخمر، ثم لو كان شيء من هذا واقعًا لاشتهر لغرابته، ورواه أفاضل الصحابة رضي اللَّه عنهم. 288/ 579 - "إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُم المرأَةَ فَلْيَسْأَلْ عَنْ شَعْرِهَا كَمَا يَسْأَلُ عَنْ جَمالِها فإنَّ الشَّعْر أَحَدُ الجَمَالَينَ". (فر) عن على

قلت: هذا حديث موضوع وقد حكم عليه المصنف بذلك، فكان عليه أن لا يذكره هنا. 289/ 582 - "إِذَا دَخَل أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِىِّ وَلْيَقُلْ: اللَّهمَّ افْتَحْ لى أَبْوابَ رَحْمتِكَ وَإِذَا خَرَجَ فَلْيُسَلم عَلَى النَّبِيِّ وَلْيَقُلْ: اللَّهَّم إِنِّى أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ". (د) عن أبي حميد أو أبي أسيد (هـ) عن أبي حميد قلت: الحديث أخرجه مسلم في صحيحه [1/ 494، رقم 713/ 68]: حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد عن أبي حميد أو عن أبي أسيد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لى أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل: اللهم إنى أسألك من فضلك". قال مسلم: سمعت يحيى بن يحيى يقول: كتبت هذا الحديث من كتاب سليمان بن بلال، قال: بلغنى أن يحيى الحمانى يقول: وأبي أسيد. قلت: وكذلك رواه أحمد [5/ 425] عن أبي عامر: ثنا سليمان بن بلال بسنده سمعت أبا حميد وأبا أسيد يقولان: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله سواء. هكذا ذكره في موضعين من المسند وهكذا رواه النسائى [2/ 53] عن سليمان ابن عبيد اللَّه الغيلانى ثنا أبو عامر به مثله. سمعت أبا حميد وأبا أسيد يقولان. وكذلك رواه الدارمى [1/ 377، رقم 1394] عن يحيى بن حسان ثنا عبد العزيز بن محمد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن مثله عنهما معًا وراد "فليسلم على النبي ثم ليقل" كما هو لفظ أبي داود [1/ 126، رقم 465].

ثم رواه في موضع [2/ 379، رقم 2691] آخر عن عبد اللَّه بن مسلمة عن سليمان بن بلال فقال: عن أبي حميد أو أبي أسيد بالشك ولم يذكر السلام على النبي. ورواه البيهقى من طريق الدراوردى وهو عبد العزيز محمد الذي رواه الدارمى من طريقه فأورده بلفظ الشك. ورواه ابن ماجه [1/ 254، رقم 772] من طريق إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمن به، فقال: عن أبي حميد وحده كما ذكره المصنف. ورواه البيهقى [2/ 441] وأبو مسلم الكشى من طريق بشر بن المفضل عن عمارة بن غزية به فذكره بالشك أيضا، فأبانت رواية بشر بن المفضل عن عمارة بن غزية أن الاقتصار على أبي حميد وحده من عمل إسماعيل بن عياش فإنه ضعيف. فما أدرى ما وجه اقتصار المصنف على عزوه لأبي داود وابن ماجه مع أنه في المسند وصحيح مسلم وسنن النسائى باللفظ الذي ذكره، ثم إن الشارح قال: وأسانيده صحيحة لا حسنة فقط اهـ. وقد علمت أنه ليس له إلا إسناد واحد. من رواية ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد عن أبي حميد أو أبي أسيد. وتعدد الطرق إنما هو عن ربيعة، وذلك لا يقال فيه: إن للحديث أسانيد متعددة. وقال في الشرح الكبير: وعزوه لابن ماجه لا يخلو من شوب شبهة، لأن فيه حديثين لفظ أحدهما عن أبي حميد: "إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم ثم ليقل: اللهم افتح لى أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل: اللهم إنى أسألك من

فضلك"، قال مغلطاى: حديث ضعيف لضعف إسماعيل بن عياش راويه، الثانى عن أبي هريرة "إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليسلم على النبي، وليقل: اللهم اعصمنى من الشيطان"، فإن كان اللفظ الذي عزاه له المؤلف في بعض النسخ وإلا فهو وهم. قلت: المصنف إنما يراعى لفظ الحديث الأول، أما ما يزيده بعض المخرجين على بعض أو ينقصه وسط الحديث وآخره، فلا ينبه عليه كما هى عادة أهل العزو أجمعهم، فالحديث واحد ذكره بعض الرواة بلفظ السلام على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عند دخول المسجد، وزاد بعضهم ذكره عند الخروج أيضا، وحذفه بعضهم جملة، فلم يذكره وهم الأكثرون لا في الدخول ولا في الخروج، فأورد المصنف الحديث بلفظ: "فخرج" وعطف عليه آخر فكان ماذا؟ ومغلطاى المتكلم في الحديث من أجل إسماعيل بن عياش لم يعرف أن الحديث في صحيح مسلم، وغيره من طرق أخرى. وفي الباب عن جماعة منهم فاطمة الزهراء -صلى اللَّه عليها وسلم- وأبو هريرة وأنس وابن عمر والحسن بن على عليهما السلام، وقد ذكرها الحافظ السخاوي في القول البديع، وبعضها مخرج أيضا في بعض الأصول التي لم يذكرها، وليس هذا محل بسطها. 290/ 584 - "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخَيْه المُسْلِمِ فَأَطْعَمَهُ مِنْ طَعَامِهِ فَلْيَأْكُلْ وَلا يَسْأَل عَنْهُ وَإِنْ سَقَاهُ مِنْ شَرَابِهِ فَلْيَشْرَب وَلا يَسْأَل عَنْهُ". (طس. ك. هب) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: قال عبد الحق: أسنده جمع وأوقفه آخرون والوقف أصح، وقال الهيثمى بعد عزوه لأحمد والطبرانى: فيه مسلم بن خالد الزنجى

تفرد به والجمهور ضعفوه وقد وثق، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح. قلت: الهيثمى [8/ 180] عزاه لأحمد وأبي يعلى، ثم قال: وفيه مسلم بن خالد الزنجى وثقه ابن معين وغيره، وضعفه أحمد وغيره، وبقية رجالهما رجال الصحيح اهـ. فلم يقل: إن مسلم بن خالد الزنجى تفرد به على ما نقله الشارح إلا أن يكون ذكر ذلك في موضع آخر، وأيا كان فمسلم لم ينفرد به بل ورد من غير طريقه، فإن الحاكم رواه [4/ 126، رقم 7160] من طريق مسلم بن خالد عن زيد بن أسلم عن سمى عن أبي صالح عن أبي هريرة، ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وله شاهد على شرط مسلم وحده. ثم رواه [4/ 126، رقم 7161] من طريق سفيان عن ابن عجلان عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة به وأقره على كل ما قال الذهبى، ولعل ما حكاه الشارح عن عبد الحق من قبيل حكايته تفرد مسلم بن خالد به. والحديث رواه أبو مسلم الكشى في سننه عن مسلم بن خالد أيضا ومن طريقه رواه الخطيب [3/ 87] والديلمى [1/ 345، رقم 1100]. 291/ 586 - "إذَا دَخَلَ أَحَدُكُم عَلَى القَومِ فَأُوْسِع لَهُ فَلْيَجْلسْ فَإنَّما هيَ كَرَامَةٌ منَ اللَّه أَكْرَمَهُ بِهَا أَخُوهُ المُسْلِمُ فَإِنْ لَمْ يُوسَّعْ لَهُ فَلْيَنْظُرْ أَوْسَعَهَا مكَانا فليجلسْ فيه". الحارث بن أبي أسامة عن أبي شيبة الخدرى قال الشارح: وهو أخو أبي سعيد الخدرى وإسناده جيد. قلت: هذا الحديث تصحف صحابيه على المصنف وليس هو أبو شيبة، وإنما هو ابن شيبة، وقع في مسند الحارث بن أبي أسامة بلفظ عن ابن شيبة فتحرف لفظ "ابن" بإداة الكنية فجاء أبو شيبة، وهو مصعب بن شيبة وكذلك وقع في التاريخ الكبير للبخارى [7/ 352، رقم 1520] عند ذكر هذا الحديث فإنه

قال: عن ابن شيبة ولم يذكر اسمه قال الحارث بن أبي أسامة: حدثنا يزيد ابن هارون ثنا حماد بن سلمة عن عبد الملك بن عمير عن ابن شيبة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال، وذكره، والعجب أن المصنف ذكر هذا الحديث قريبا بلفظ: "إذا جاء أحدكم" وعزاه للبخارى في التاريخ والبيهقى في الشعب عن مصعب ابن شيبة وذكره قبل ذلك بلفظ: "إذا انتهى أحدكم"، وعزاه للبغوى والطبرانى والبيهقى عن شيبة بن عثمان، ثم سها عن ذلك فتحرف عليه اسم الصحابى هنا. 292/ 587 - "إذَا دَخَلَ أَحَدُكم المسجدَ فَلا يَجْلِسُ حتّى يركعَ ركعتينِ، وإِذا دَخَلَ أَحدُكمْ بيتَه فَلا يجلسُ حتّى يصلي ركعتينِ فإنَّ اللَّه جَاعِلٌ له من رَكْعَتَيْهِ في بيتِهِ خيرًا". (عق. عد. هب) عن أبي هريرة قال الشارح: وأسانيده ضعيفة لكن تقوت. قلت: هذا هو المتن الذي قال فيه كل من البخارى وابن عدى والعقيلى والأزدى: لا أصل له، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات، ووافق على بطلانه الذهبى والحافظ كما سبق في حديث "إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين" والشارح ذكر كلام ابن الجوزى هناك ولم يذكره هنا، وقال: أسانيده ضعيفة مع أنه ليس له إلا سندان كما يعرف من مراجعة الحديث السابق. 293/ 588 - "إذَا دَخَلَ أَحدُكم على أخِيه فَهُو أَمِيرٌ عليه حتَّى يَخْرُجَ مِنْ عِندِهِ". (عد) عن أبي أمامة قلت: في الباب عن أبي هريرة.

قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 245] في ترجمة جعفر بن أحمد بن فارس: حدثنا أحمد بن إسحاق ثنا جعفر بن أحمد بن فارس ثنا سهل بن عثمان ثنا المعلى ثنا ليث عن مجاهد عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا دخل قوم منزل رجل، كان رب المنزل أمير القوم حتى يخرجوا من منزله، طاعته عليهم واجبة". ورواه الديلمى عن الحداد عن أبي نعيم. 294/ 589 - "إذَا دَخَلَ الضيفُ عَلَى القومِ دَخَلَ بِرِزْقِهِ وَإِذَا خَرَجَ خَرَجَ بمغفرةِ ذُنُوبِهِمْ". (فر) عن أنس قلت: قال الديلمى [3/ 12، رقم 3711]: أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد الحافظ كتابة أخبرنا أبو عثمان الصابونى ثنا عبد اللَّه بن حامد أنا ابن بلال البزاز ثنا سحفويه بن ماربار ثنا معروف بن حسان ثنا زياد الأعلم عن الحسن عن أنس به. ومعروف بن حسان منكر الحديث لكن له شواهد من حديث أبي قرصافة وأبي الدرداء وأبي ذر، فحديث أبي قرصافة قال أبو الشيخ: حدثنا محمد بن أحمد بن معدان ثنا أيوب بن على بن الهيصر ثنا زياد بن سيار عن عزة بنت أبي قرصافة عن أبيها قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أراد اللَّه بقوم خيرا أهدى إليهم هدية، قالوا يا رسول اللَّه وما تلك الهدية؟ فال: الضيف ينزل برزقه ويرتحل وقد غفر اللَّه لأهل المنزل". وحديث أبي الدرداء رواه الديلمى قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن زنجويه الزنجانى المعروف بالزنجوى عن

القاضى أبي عبد اللَّه الحسين بن محمد الزنجانى الفلالى عن إبراهيم بن عبد اللَّه البصرى الحافظ عن عبد الرحمن بن عمران العبدى عن إسحاق بن إبراهم بن خنيس عن محمد بن الفرات عن سعيد بن نعمان عن عبد الرحمن الأنصارى عن أبي الدرداء، وأخرجه أيضا أبو الشيخ، وسيأتى عند المصنف في حرف "الضاد". وحديث أبي ذر أخرجه الديلمى أيضا [3/ 12، رقم 3711] من طريق أبي عبد الرحمن السلمى: ثنا محمد بن نصر بن أشكاب عن الحسين بن محمد بن أسد عن منصور ابن أسد عن أحمد بن عبد اللَّه عن إسحاق بن نجيح عن عطاء الخراسانى عن أبي ذر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الضيف يأتى برزقه ويرحل بذنوب القوم يمحص عنهم ذنوبهم" وورد شواهد الشطر الأول وهو نزول الضيف برزقه من حديث ابن عباس وعائشة، وعزا الديلمى في الفردوس حديث أبي الدرداء له ولأنس ابن مالك، ولم أره مخرجا من طريقه في مسند ولده. 295/ 593 - "إذَا دَخَلْتُمْ عَلَى المريضِ فَنَفِّسُوا له في الأَجَلِ فإِنَّ ذلك لا يَرُدُّ شيئًا وهو يُطَيِّبُ بِنَفْسِ المريضِ". (ت. هـ) عن أبي سعيد قلت: رواه أيضا ابن السنى في اليوم والليلة [ص 171، رقم 531]: أخبرنى إبراهيم بن محمد عن أبي سعيد الأشج ثنا عقبة بن خالد عن موسى ابن محمد عن أبيه عن أبي سعيد به. وموسى بن محمد هو ابن إبراهيم التيمى، وهو منكر الحديث. 296/ 595 - "إذَا دَخَلْتَ عَلَى مَريضٍ فَمُرْهُ يَدْعُو لَك فَإِنَّ دُعَاءَه كَدُعاءِ الملائِكَةِ". (هـ) عن عمر

قلت: وكذلك أخرجه ابن السنى في اليوم والليلة [ص 178، رقم 551]: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عيسى التمار ثنا الحسن بن عرفة ثنا كثير بن هشام الجذرى عن عيسى بن إبراهيم الهاشمى عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن عمر بن الخطاب به، وميمون لم يسمع من عمر. 297/ 597 - "إِذَا دَعَا أَحَدُكُم فَلْيَعْزِم المسأَلَةَ، ولا يَقُل: اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِى، فَإِنَّ اللَّه لا مُسْتكْرِهَ له". (حم. ق. ن) عن أنس قال الشارح في الكبير: قال المناوى -يعنى الصدر-: رواه الجماعة كلهم إلا النسائى. قلت: حديث أنس لم يخرجه إلا أحمد [3/ 101] والشيخان (¬1) ولم يخرجه النسائى الذي عزاه له المصنف وإنما خرجه في اليوم والليلة له [6/ 151، رقم 10420]، والذي رواه الجماعة كلهم إلا النسائى هو حديث أبي هريرة (¬2) وهو في موطأ مالك [ص 213، رقم 28] ومسند أحمد [2/ 335] أيضا، وهو عند بعضهم مصدر بحرف "إذا" إلا أن في متنه بعض مخالفة، فكأن الصدر المناوى تكلم على حديث أبي هريرة فنقل الشارح كلامه إلى حديث أنس فأحدهما مشرق والآخر مغرب. 298/ 599 - "إذَا دَعَا الغائِبُ لِغَائِبٍ قَالَ له المَلَكُ: ولكَ مثلُ ذَلِكَ". (عد) عن أبي هريرة ¬

_ (¬1) البخارى (8/ 92)، مسلم (4/ 2063، رقم 7/ 2678). (¬2) أخرجه البخارى (8/ 92، رقم 6339)، ومسلم (4/ 2063، رقم 2679/ 8)، وأبو داود (2/ 77، رقم 1483)، والترمذى (5/ 526، رقم 3497)، وابن ماجه (2/ 1267، رقم 3854).

قال الشارح في الكبير: ورواه مسلم وأبو داود عن أم الدرداء الصغرى وهى تابعية، فهو عندهما مرسل. قلت: يتعجب هنا من صنيع المصنف، ومن كلام الشارح، أما المصنف فإنه أورد حديثا من كتاب الضعفاء مع أنه بلفظه وأتم منه في سنن أبي داود، بل وفي صحيح مسلم إلا أنه عند مسلم غير مصدر بهذا الحرف، فيبقى التعقب بأبي داود [2/ 90، رقم 1534] فإنه قال: حدثنا رجاء بن المرجا ثنا النضر بن شميل أنا موسى بن ثروان حدثنى طلحة ابن عبيد اللَّه بن كريز حدثتنى أم الدرداء قالت: حدثنى سيدى -تعنى زوجها أبا الدرداء- أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة: آمين ولك بمثل ذلك". وأما الشارح فشأنه أعجب وأغرب إذ يدعى أن مسلما وأبا داود روياه عن أم الدرداء وهى تابعية، فالحديث عندهما مرسل، إذ كيف يكون المرسل في صحيح مسلم المسند المتفق على صحته والمرسل من أقسام الضعيف إن هذه لغفلة ما بعدها غفلة، ثم إنك سمعت سند الحديث عند أبي داود، وأنه من رواية أم الدرداء عن زوجها أبي الدرداء فبطل عزو ذلك إليه، فاسمع أسانيد الحديث عند مسلم، قال مسلم [4/ 2094، رقم 2732/ 86]: حدثنى أحمد بن عمر بن حفص الوكيعى ثنا محمد بن فضيل ثنا أبي عن طلحة بن عبيد اللَّه بن كريز عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل"، ثم قال [4/ 2094، رقم 2732/ 87]: حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا النضر بن شميل فذكره بسنده السابق عند أبي داود عن أم الدرداء قالت:

حدثنى سيدى أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل"، ثم قال [4/ 2094، رقم 2733/ 88]: حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس ثنا عبد الملك بن سليمان عن أبي الزبير عن صفوان وهو ابن عبد اللَّه بن صفوان، وكانت تحته الدرداء قال: قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده، ووجدت أم الدرداء فقالت: أتريد الحج العام؟ فقلت: نعم، قالت: فادع اللَّه لنا بخير فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: "دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل، قال: فخرجت إلى السوق فلقيت أبا الدرداء فقال لى مثل ذلك، يرويه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-" فهذا الطريق الذي فيه رواية أبي الدرداء مرسلة فيها أنه موصول من سماع صفوان من أبي الدرداء، فكان اعتماد مسلم على الوصل لا على الإرسال، فكيف ينسب إليه أنه خرجه مرسلًا؟! 299/ 603 - "إِذَا دَعَا العبدُ بدعوةٍ فلم تُسْتَجَب له كُتِبَت لَهُ حَسَنةٌ". (خط) عن هلال بن يساف مرسلا قال الشارح: رمز المؤلف لضعفه اهـ. وضبط في شرحه الكبير بفتح التحتية. قلت: أما يساف فالأكثر فيه بكسر الياء، وقال النووى: الأفصح فيه بالألف بدل الياء، ولما ذكره في القاموس قال: بالكسر وقد تفتح الياء، وأما سند الحديث فإن الخطيب خرجه [12/ 205] في ترجمة عمرو بن أيوب العابد من رواية عباس الدورى عنه ثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن هلال بن يساف به، وعمرو أورده الذهبى في الميزان [3/ 246، رقم/ 6331] وأورد له

هذا الحديث ثم قال: ما رواه عنه غير عباس الدورى اهـ. وهذا وحده لا يوجب ضعف الرجل فكم في الصحيحين ممن لم يرو عنه إلا واحد. 300/ 605 - "إِذَا دَعَوْتمُ لأحدٍ من اليهودٍ أو النَّصَارَى فقولُوا: أَكْثَرَ اللَّه مَالَكَ وَوَلَدَكَ". (عد) وابن عساكر عن ابن عمر قلت: أخرجه أيضا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 289] قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن محمد بن يوسف بن مكى الجرجانى ثنا أبو الحسن محمد بن إسماعيل المروزى ثنا على بن حجر ثنا عبد اللَّه بن جعفر عن عبد اللَّه بن دينار قال: ولا أعلمه إلا ذكره عن ابن عمر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكر مثله. ورواه الديلمى في مسند الفردوس [1/ 334، رقم 1058] عن الحداد عن أبي نعيم بسنده، لكنه لم يقل ولا أعلمه إلا ذكره عن ابن عمر، بل ساق الإسناد مساقا واحدا، وذلك من صنيع الديلمى الدال على ضعفه وعدم ثقته، وعبد اللَّه بن جعفر هو والد على بن المدينى وهو منكر الحديث متروك، فالحديث في عداد الموضوع. 301/ 606 - "إِذَا دُعِى أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيمَةِ العُرْسِ فَلَيُجِب". (م. هـ) عن ابن عمر قلت: عقد الطحاوى في مشكل الآثار لأحاديث الوليمة وإجابة الدعوة بابا أخرج فيه هذا الحديث والأحاديث الآتية بعده في الصحيح من أوجه وطرق فأطال، وذلك (ص 143 من الجزء الرابع) (¬1). ¬

_ (¬1) انظر (8/ 26، 27، رقم 3024، 3027).

302/ 612 - "إِذَا دُعِى أَحَدُكم فجَاءَ مع الرسولِ فَإِنَّ ذلك له إِذْنٌ". (خد. د. هب) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: وكذلك رواه البخارى في الصحيح لكن معلقا قال: ورمز المصنف لحسنه، وبالغ بعضهم فقال: صحيح ولعله لم ير قول ابن القيم: فيه مقال، ولا قول اللؤلؤى عن أبي داود: فيه انقطاع. قلت: ولعل الشارح لم ير تعقب الحافظ على قول أبي داود فإن أبا داود خرج الحديث [4/ 348، رقم 5190] عن ابن معاذ ثنا عبد الأعلى ثنا سعيد عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة به. ثم قال أبو داود: ويقال قتادة لم يسمع من أبي رافع شيئا، وتعقبه الحافظ في الفتح [11/ 31، 32 تحت حديث 6246] فقال: وقد ثبت سماعه منه في الحديث الذي سيأتي للبخارى في كتاب التوحيد من رواية سليمان التيمى عن قتادة أن أبا رافع حدثه قال: واعتمد المنذرى على كلام أبي داود فقال: أخرجه البخارى تعليقًا لأجل الانقطاع، قال: ولو كان عنده منقطعا لعلقه بصيغة التمريض كما هو الأغلب من صنيعه اهـ. قلت: ورواه الطحاوى في مشكل الآثار [4/ 260، رقم 1588] من وجه آخر عن أبي هريرة فقال: حدثنا إبراهيم بن أبي داود ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن سلمة عن أيوب وحبيب عن محمد عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا دعى أحدكم فجاء مع الرسول فذلك إذن له". ورواه البخارى في الأدب المفرد [ص 358، رقم 1078] وأبو داود في السنن [4/ 348، رقم 5189] كلاهما عن موسى بن إسماعيل قال: ثنا حماد بن

سلمة به لكن بلفظ "رسول الرجل إلى الرجل إذنه"، وسيأتى للمصنف في حرف "الراء". 303/ 614 - "إِذَا ذَبَحَ أحَدُكم فَلْيُجْهِزْ". (هـ. عد. هب) عن ابن عمر قال الشارح: وفيه ابن لهيعة، وقرة المعافرى قال أحمد: منكر الحديث جدا، وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه. قلت: قرة روى له مسلم في صحيحه مقرونا ووثقه جماعة، ومع ذلك فابن لهيعة له فيه طريقان فرواه عن قرة بن حيوئيل عن الزهرى عن سالم عن أبيه، ورواه أيضا عن يزيد بن أبي حبيب عن سالم عن أبيه والطريقان كلاهما في سنن ابن ماجه (¬1) فلم يبق في الحديث إلا ابن لهيعة، وهو حسن الحديث على رأى كثير من الحفاظ الذين منهم المصنف لاسيما فيما له أصل وشاهد كهذا، وبما قررناه يعرف ما في انتقاد الشارح. 304/ 615 - "إِذَا ذُكرَ أَصْحَابِى فَأمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَتِ النَّجُومُ فأمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَ القَدَرُ فَأَمْسِكُوا". (طب) عن ابن مسعود وعن ثوبان (عد) عن عمر قال الشارح في الكبير: قال الحافظ العراقى سنده ضعيف، وقال الهيثمى: فيه يزيد بن ربيعة ضعيف، وقال ابن رجب: روى من وجوه في أسانيدها كلها مقال، وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه تبعا لابن صرصرى، ولعله اعتضد. قلت: نقل الشارح عن الهيثمى أنه قال: فيه يزيد بن ربيعة ضعيف، ولم ¬

_ (¬1) انظرهما في سنن ابن ماجه (2/ 1059، رقم 3172).

يبين في أى سند قال ذلك الهيثمى، لأن الحديث مذكور من طريقين طريق ابن مسعود وطريق ثوبان، والهيثمى قال ذلك في طريق ثوبان، وقال في طريق عبد اللَّه بن مسعود: فيه مسهر بن عبد الملك وثقه ابن حبان وغيره، وفيه خلاف وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ. وحديث ابن مسعود أخرجه أيضا أبو نعيم في الحلية [4/ 108] قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن على الكندى البغدادى بمكة ثنا الحسن بن على بن الوليد الفسوى ثنا سعيد بن سليمان ثنا مسهر بن عبد الملك بن سلع عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد اللَّه به، ثم قال: غريب من حديث الأعمش تفرد به عنه مسهر. قلت: وهو ضعيف لا يحتمل التفرد عن مثل الأعمش في جلالته وشهرته وكثرة أصحابه، وقد قال البخارى في مسهر: فيه نظر، وقال أبو داود: أصحابنا لا يحمدونه، وقال النسائى: ليس بالقوى وذكره ابن عدى في الضعفاء. ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده ثنا داود بن المحبر ثنا أبو قحدم عن أبي قلابة عن ابن مسعود به مختصرا "إذا ذكر القدر فأمسكوا وإذا ذكر أصحابى فأمسكوا" وداود بن المحبر كذاب وضاع، وأبو قلابة لم يدرك ابن مسعود، ثم رواه الحارث عن داود بن المحبر أيضًا فركب له إسنادا آخر عن صالح المرى عن الحسن مرسلا، وزاد فيه "وإذا ذكرت الأنواء فأمسكوا" وحديث ثوبان فيه يزيد بن ربيعة الدمشقى قال البخارى: أحاديثه مناكير، وقال النسائى: متروك، وقال الجوزجانى: أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة. قلت: يقول الجوزجانى فيه هذا، وهو شامى ناصبى على مذهبه، فلولا ظهور ضعفه وسقوط حاله ما قال فيه ذلك وأحاديثه تدل على وهنه.

ورواه عبد الرزاق في الثانى من أماليه عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه مرسلا، ورواه أبو موسى المدينى في الذيل من حديث عبد اللَّه بن عبد الغافر، وفي سنده كذاب وضاع، وبالجملة فهو حديث باطل مفتعل مصنوع. 305/ 617 - "إِذَا ذلَّتِ العَرَبُ ذلَّ الإسلامُ". (ع) عن جابر قال الشارح في الكبير: قال العراقى في الغريب: صحيح، وقال الهيثمى: فيه محمد بن الخطاب البصرى ضعفه الأزدى وغيره، ووثقه ابن حبان وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح، فرمز المصنف لضعفه باطل. ثم رجع الشارح فقال في الصغير: قال العراقى صحيح وفيه ما فيه. قلت: كتاب الغريب للحافظ العراقى لا يعتمد على ما فيه من التصحيح فإن فيه تصحيح أحاديث واهية ساقطة، فإما أن تكون مزادة فيه من غير العراقى، وإما أن يكون العراقى جمع كتابه المذكور في شبابه وبداية أمره، فالحديث فيه محمد بن الخطاب قال فيه أبو حاتم: لا أعرفه، وقال الأزدى: منكر الحديث، وفيه أيضا على بن زيد بن جذعان وهو ضعيف، فكيف يكون الحديث صحيحا؟ ويستغرب من الحافظ الهيثمى في قوله [10/ 53]: وبقية رجاله رجال الصحيح مع أن على بن زيد بن جذعان ضعيف، ولم يرو له مسلم إلا مقرونًا بغيره، فليس هو من رجال الصحيح، وقد ذكر الذهبى [3/ 537، رقم 7487] في ترجمة محمد بن الخطاب هذا الحديث من مناكيره، وأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 340] قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن الحجاج ثنا أبو ظفر الهذيل بن عبد اللَّه الضبى ثنا أحمد بن يونس ثنا منصور بن أبي مزاحم ثنا محمد بن الخطاب عن على بن زيد عن محمد بن المنكدر عن جابر به.

306/ 618 - "إِذَا رَأَى أَحَدُكم الرؤيةَ الحَسَنَةَ فَلْيفَسِّرْها وَلْيُخْبِرْ بِهَا، وإِذَا رَأَى الرُّؤْيَةَ القبيحةَ فلا يُفَسِّرْها ولا يُخْبِر بِهَا". (ت) عن أبي هريرة وكتب الشارح على قوله: "فلا يفسرها" أى: لا يقصها على أحد فيفسرها له، ثم قال: رمز المصنف لحسنه تبعا للترمذى وحقه الرمز لصحته وظاهر صنيعه أن الترمذى تفرد بإخراجه عن الستة، ولا كذلك فقد رواه ابن ماجه عن أبي هريرة باللفظ المزبور. قلت: الحديث ما خرجه الترمذى ولا ابن ماجه أصلا، ورأيت في بعض النسخ الرمز له بالنون فكأنه تحرف بالتاء، وهو إذا في سننه الكبرى أو في اليوم والليلة، ولا يخفى ما في تفسير الشارح قوله: "فلا يفسرها" ليقصها على أحد فإن ذلك ليس هو معنى التفسير وهو بعينه معنى قوله: "ولا يخبر بها"، بل معنى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فلا يفسرها"، أى: فلا يشتغل بتفسيرها والتفكر في معناها والبحث عن ذلك، بل ينبغى أن يلقيها ويعرض عنها ولا يلتفت إليها. 307/ 622 - "إِذَا رَأَى أَحَدُكم من نَفْسِهِ أو مَالِهِ أو من أخِيه ما يُعْجبُهُ فَلْيَدْعُ له بالبركةِ فإنَّ العيَن حقٌّ". (ع. طب. ك) عن عامر بن ربيعة قال الشارح: ورواه عنه النسائى وابن ماجه، فما أوهم صنيع المصنف من أنه لم يخرجه أحد من الستة غير جيد. قلت: النسائى لم يخرجه في المجتبى (¬1)، وابن ماجه خرجه مختصرا [2/ 1159، رقم 3506] بلفظ "العين حق" وقد عزاه له المصنف في حرف ¬

_ (¬1) أخرجه النسائى في السنن الكبرى (4/ 359، رقم 7511).

"العين"، فانتقاد الشارح غير جيد، والحديث أخرجه أيضا ابن السنى في عمل اليوم والليلة [ص 71، رقم 202] عن النسائى وأخرجه الطحاوى في مشكل الآثار (¬1) في (الجزء الرابع منه ص 78). ورواه أبو يعلى [13/ 153، رقم 7195] وابن السنى (¬2) [ص 71، رقم 201] من حديث سهل بن حنيف مثله قال أبو يعلى: ثنا يحيى بن عبد الحميد الحمانى ثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل ثنا مسلمة بن خالد الأنصارى عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه به، وعن أبي يعلى رواه ابن السنى. 308/ 624 - "إِذَا رَأَى أحدُكم امرأةً حَسْنَاءَ فَأَعْجَبَتْهُ فَلْيَأْت أهْلَه فإِنَّ البُضْعَ وَاحِدٌ ومَعَهَا مثلُ الذي مَعَهَا". (خط) عن عمر قال الشارح في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وهو عجيب، فقد رواه مسلم وأبو داود والترمذى في النكاح بمعناه من حديث جابر بألفاظ متقاربة ولفظ أكثرهم "إذا رأى أحدكم امرأة فوقعت في قلبه فليعمد إلى امرأته فيواقعها فإن ذلك يرد ما في نفسه". قلت: لم يخرجه أحد باللفظ الذي ذكره الشارح فضلا عن أكثرهم، بل خرجوه بلفظ: "إن المرأة تقبل في صورة شيطان"، الحديث. وقد ذكره المصنف كذلك وعزاه لأحمد ومسلم وأبي داود. قال مسلم [2/ 1021، رقم 1403/ 9]: ¬

_ (¬1) انظر (7/ 338، رقم 2901). (¬2) أخرجه ابن السنى بلفظ: "ما يمنع أحدكم إذا رأى. ." الحديث.

ثنا عمرو بن على ثنا عبد الأعلى ثنا هشام بن أبي عبد اللَّه عن أبي الزبير عن جابر "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهى تمعس منيئة لها فقضى حاجته، ثم خرج إلى أصحابه فقال: إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه". ثم رواه [2/ 1021، رقم 1403/ 10] من وجه آخر بلفظ: "إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه، فليعمد إلى امرأته فليواقعها، فإن ذلك يرد ما في نفسه"، وهذا اللفظ فات المصنف أن يذكره في حرف "إذا" مع "الألف" بعده حاء. ولفظ أبي داود [2/ 246، رقم 2151]: "إن المرأة تقبل في صورة شيطان فمن وجد من ذلك شيئا فليأت أهله فإنه يضمر ما في نفسه". ولفظ الترمذى [3/ 455، رقم 1158]: "إن المرأة إذا أقبلت أقبلت في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله، فإن معها مثل الذي معها". فأين لفظ أكثرهم الذي حكاه الشارح؟ والحديث رواه أيضا الدولابى في الكنى [2/ 167] آخره عن النسائى قال: أنبأنا محمد بن صدقة ثنا محمد بن خالد أبو يحيى الوهبى عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا: "إذا رأى أحدكم المرأة التي تعجبه فليرجع إلى أهله حتى يقع به فإن ذلك يكسره". 309/ 627 - "إِذَا رَأَيْتَ أُمَّتِى تَهَابُ الظَّالِمَ أَنْ تقولَ له: إنَّكَ ظَالِمٌ فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهُمْ". (حم. طب. ك. هب) عن ابن عمرو (طس) عن جابر

قال الشارح: فيه سيف بن هارون ضعفه النسائى والدارقطنى، وقال الهيثمى: رجال أحد إسنادى أحمد رجال الصحيح، وظاهر صنيع المؤلف أنه لم يخرجه أحد من الستة والأمر بخلافه، فقد رواه الترمذى. قلت: الحديث لم يخرجه الترمذى أصلا لا من حديث عبد اللَّه بن عمرو ولا من حديث جابر، ثم إن الهيثمى لم يقل ما حكاه عنه الشارح، بل ذكره في موضعين، قال في أحدهما [7/ 262]: رواه أحمد والبزار بإسنادين، ورجال أحد إسنادى البزار رجال الصحيح، وكذلك رجال أحمد إلا أنه وقع في الأصل غلط فلهذا لم أذكره. وقال في موضع آخر [7/ 270]: رواه أحمد والبزار والطبرانى، وأحد إسنادى البزار رجاله رجال الصحيح، وكذلك إسناد أحمد إلا أنه وقع في الأصل غلط، ثم ذكر حديث جابر وقال: رواه الطبرانى في الأوسط وفيه سنان بن هارون وهو ضعيف وقد حسن الترمذى حديثه، وبقية رجاله ثقات اهـ. وكأن الشارح رأى قوله: وقد حسن الترمذى حديثه فظن أن الهيثمى يريد هذا الحديث، وهو إنما يريد أن الترمذى حسن له حديثا خرجه من طريقه، وذلك دال على أنه ثقة عنده لا خصوص هذا الحديث، إذ لو خرجه الترمذى لما ذكره الهيثمى في الزوائد، لأن كتابه خاص بالأحاديث الزائدة على الكتب الستة التي لم تخرج في أحدها وهى في أصوله المعروفة، فغفل الشارح عن كل هذا وتعقب حبا في الانتقام من المصنف. وحديث عبد اللَّه بن عمرو خرجه أيضا الحارث بن أبي أسامة في مسنده قال: حدثنا قبيصة بن عقبة ثنا سفيان عن الحسن بن عمرو الفقيمى عن محمد بن مسلم عن عبد اللَّه بن عمرو به: "إذا رأيتم أمتى لا تقول للظالم أنت ظالم

فقد تودع منهم". ورواه الطبرانى أيضا في مكارم الأخلاق [ص 340، رقم 80] قال: حدثنا ابن أبي مريم ثنا الفريابى ثنا سفيان به. أما الغلط الذي أشار إليه الحافظ في الهيثمى في مسند أحمد فإنه قال [2/ 190]: حدثنا إسحاق بن يوسف ثنا سفيان عن الحسن بن عمرو عن ابن مسلم قال عبد اللَّه: وكان في كتاب أبي عن الحسن بن مسلم فضرب على الحسن وقال: عن ابن مسلم وإنما هو محمد بن مسلم أبو الزبير أخطأ الأزرق عن عبد اللَّه ابن عمرو به. 310/ 629 - "إِذَا رَأَيْتَ اللَّه تَعالى يُعْطِى العبدَ من الدُّنيا ما يُحِبُّ وهو مقيمٌ على مَعَاصِيه فإنما ذلك منه اسْتِدْرَاجٌ". (حم. طب. هب) عن عقبة بن عامر قال الشارح: قال الهيثمى: رواه الطبرانى عن شيخه الوليد بن العباس المصرى، وهو ضعيف، وقال العراقى: إسناده حسن، وتبعه المؤلف فرمز لحسنه. قلت: لا فائدة في ذكر شيخ الطبرانى وتعليل الحديث به مع وجود الحديث في مسند أحمد [4/ 145] الذي هو أكبر من شيوخ الطبرانى وأقدم، ثم إن الطبرانى رواه في مكارم الأخلاق [ص 359، رقم 124] من وجه آخر فقال: حدثنا مطلب بن شعيب الأزدى ثنا عبد اللَّه بن صالح ثنا حرملة بن عمران عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر به إلى قوله: "فإنما ذلك استدراج له وزاد ثم تلا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ} إلى {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 44، 45]

ثم راجعت مجمع الزوائد فرأيت الهيثمى ذكر الحديث في التفسير، ثم قال: رواه أحمد والطبرانى ولم يقل شيئا مما حكاه عنه الشارح اللهم إلا أن يكون أعاده في مكان آخر. والحديث رواه أحمد أيضا في كتاب الزهد [ص 27، رقم 62] بالسند الذي رواه به في المسند: عن يحيى بن غيلان ثنا رشدين بن سعد عن حرملة بن عمران التجيبى فقال: عن عقبة بن مسلم عن عقبة بن عامر. وهكذا رواه الدولابى في الكنى عن النسائى قال [1/ 111]: أنبأنا أحمد بن يحيى بن الوزير ثنا حجاج بن سليمان الرعينى قال: حدثنا حرملة بن عمران قال: حدثنى عقبة بن مسلم به. وكذلك رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث حرملة وابن لهيعة عن عقبة ابن مسلم أيضا، فالرواية الاولى من وهم عبد اللَّه بن صالح فإنه ضعيف كثير الأوهام. ثم إن الشارح جزم بأن المصنف تبع العراقى في تحسين الحديث، ولا أدرى من أين جزم بذلك؟! فقد يكون حكم بحسنه استقلالا أو تبعا لغير العراقى فالجزم بتبعيتة للعراقى لا يخفى ما فيه. 311/ 632 - "إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يبيعُ أو يَبْتَاعُ في المسجدِ فَقُولُوا: لا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ، وإِذَا رَأَيْتُم مَنْ يَنْشُدُ فيهِ ضَالَّةً فقُولوُا: لا ردَّها اللَّهُ عَليك". (ت. ك) عن أبي هريرة

قال الشارح في الكبير: وكذا رواه النسائى والبيهقى. قلت: لم يخرجه النسائى (¬1) أما البيهقى [2/ 447]: فنعم. وكذلك رواه ابن السنى في اليوم والليلة (ص 54، رقم 151)، واختلف فيه على بعض رواته. 312/ 633 - "إِذَا رَأَيْتُمْ الرجلَ يَتَعزَّى بِعَزَاءِ الجاهليِّةِ فَأَعْضُوهُ بِهَن أبِيِه وَلا تكَنُّوا". (حم. ت) عن أبي بن كعب قلت: ورواه أيضا الطحاوى في مشكل الآثار في الجزء الرابع منه ص (237) من طرق، وتكلم عليه مع ما يعارضه [8/ 231، 233، رقم 3204، 3205]. 313/ 634 - "إِذَا رَأْيْتُم الرَّجلَ يَعْتَاد المسَاجِد فَاشهَدُوا له بِالإيمَانِ". (حم. ت. هـ) وابن خزيمة (حب. ك. ن. هق) عن أبي سعيد قلت: أخرجه أيضا أبو نعيم في الحلية في ترجمة عبد اللَّه بن وهب (ص 327 من الجزء الثامن) والبغوى في التفسير عند قوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ} الآية في سورة التوبة [18]. ثم إن الشارح قال في الكبير: حسنه الترمذى، وصححه الحاكم وتعقبه الذهبى بأن فيه دراجا وهو كثير المناكير، وقال مغلطاى: حديث ضعيف، ثم أضرب عن هذا وقال في الصغير: إسناده صحيح وليس كذلك، بل هو ¬

_ (¬1) لم يخرجه في المجتبى وإنما في الكبرى (2/ 52، رقم 10004).

حسن إن شاء اللَّه، لأن نسخة دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد غايتها الحسن كما ذكرته سابقا. 314/ 635 - إِذَا رَأيْتُمُ الرجلَ قَدْ أُعْطِى زُهْدًا في الدُّنيا وقِلَّةَ منطقٍ فاقْتَرِبُوا منه فإنه يُلَقَّى الحِكْمَةَ". (هـ. حل. هب) عن أبي خلاد (حل. هب) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: في حديث أبي خلاد هشام بن عمار، قال الذهبى عن أبي حاتم: ثقة تغير فلقن فكان يتلقن عن الحكم بن هشام لا يحتج به. قلت: هشام بن عمار لا مدخل له في تعليل الحديث، فإنه لم ينفرد به بل الحديث مشهور عن الحكم بن هشام، رواه عنه جماعة منهم عبد اللَّه بن يوسف وكثير بن هشام وأبو مسهر عبد اللَّه بن مسهر وغيرهم. فرواية عبد اللَّه بن يوسف رواها البخارى في التاريخ [الكنى. ص 27، 232] ورواية كثير بن هشام رواها البخارى [الكنى. ص 28، رقم 232] أيضا، ورواها القشيرى في الرسالة عن حمزة بن يوسف السهمى: أخبرنا أبو الحسين عبيد اللَّه بن أحمد بن يعقوب المقرئ ثنا جعفر بن مجاشع قال: حدثنا زيد بن إسماعيل ثنا كثير بن هشام ثنا الحكم بن هشام به. ورواية أبي مسهر خرجها أبو نعيم في الحلية [10/ 405]: ثنا أبي ثنا أحمد بن جعفر بن هانئ ثنا محمد بن يوسف ثنا عبد اللَّه بن عبد الوهاب عن أبي مسهر عن الحكم بن هشام به. والحكم بن هشام وثقه ابن معين والعجلى وأبو داود ومحمد بن وهب بن عطية وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، فأخذ الشارح شطر كلام أبي

حاتم وأعرض عن ما فيه وعمن وثق الرجل، ثم هو مع هذا لم ينفرد به بل رواه عن يحيى بن سعيد أحمد بن إبراهيم الدورقى، وروايته عند البخارى في التاريخ [الكنى ص 28، رقم 232]، وابن الطباع وروايته عند أبي حاتم في العلل إلا أنه اختلف في شيخه يحيى بن سعيد، فبعض الرواة يقول: يحيى بن سعيد الأنصارى، وبعضهم يقول: يحيى بن سعيد الأموى. قال ابن عبد البر في الإستيعاب [4/ 206، 2962]: أبو خلاد رجل من الصحابة لم أقف له على اسم ولا نسب، حديثه عند يحيى بن سعيد بن أبان القرشى، عن أبي فروة عن أبي خلاد رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا رأيتم المؤمن قد أعطى زهدا في الدنيا"، الحديث. هكذا رواه هشام بن عمار عن الحكم بن هشام عن يحيى بن سعيد بن أبان، وذكره البخارى في الكنى المجردة [ص 28، 232] فقال: قال أحمد بن إبراهيم الدورقى: ثنا يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص أخو عنبسة سمعت: أبا فروة الجزرى عن أبي مريم عن أبي خلاد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله وهذا أصح. قلت: الذي في الكنى المجردة للبخارى أنه قال: والأول أصح، ولفظه: أبو خلاد قال عبد اللَّه بن يوسف: ثنا الحكم بن هشام عن يحيى بن سعيد بن أبان عن أبي فروة عن أبي خلاد، وكانت له صحبة فذكر الحديث، ثم قال: وقال القاسم بن أبي شيبة: ثنا كثير بن هشام أراه عن الحكم بن هشام عن يحيى بن سعيد الأنصارى نحوه، وقال أحمد بن إبراهيم: ثنا يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص عن عنبسة كذا في الأصل، سمع أبا فروة الجزرى عن أبي مريم عن أبي "خلاد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله،

والأول أصح اهـ. لكن الحافظ نقل في التهذيب [12/ 96، رقم 386] ما يوافق نقل ابن عبد البر إن لم يكن نقله بواسطته، فقد ذكر الحديث في ترجمة أبي خلاد وقال: رواه عنه أبو فروة، وقيل عن أبي فروة الجزرى عن أبي مريم عن أبي خلاد قال البخارى: هذا أولى، قال الحافظ: وقد روى البزار هذا الحديث من الوجه الذي أخرجه منه ابن ماجه فقال: عن أبي فروة عن أبي خلاد، وكانت له صحبة فذكره، وقال بعده: وإنما أدخلناه في المسند لقول أبي فروة: وكانت له صحبة مع أنه لم يقل في هذا الحديث رأيت ولا سمعت، قال الحافظ: وقد وقع عند ابن أبي عاصم من طريق أبي فروة عنه أنه قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكن وقع عنده عن أبي خالد وهو تصحيف. رواه ابن منده من طريق هشام بن عمار شيخ ابن ماجه فقال في سياقه: عن أبي خلاد، ويقال اسمه عبد الرحمن بن زهير فذكره اهـ. وذكر نحو هذا في الإصابة [7/ 108، رقم 9835]، وقال ابن أبي حاتم في العلل [2/ 115]: سألت أبي عن حديث رواه الحكم بن هشام فذكره، قال أبي: حدثنا بهذا الحديث ابن الطباع عن يحيى بن سعيد الأموى عن أبي فروة يزيد بن سنان عن أبي مريم عن أبي خلاد اهـ. فوقع الاختلاف في يحيى بن سعيد من هو؟، وفي زيادة أبي مريم في الإسناد وعدم زيادته، والراجح أنه يحيى بن سعيد الأموى مع زيادة أبي مريم واللَّه أعلم. وحديث أبي هريرة رواه أبو نعيم عن الطبرانى قال [7/ 317]: حدثنا أحمد بن طاهر بن حرملة ثنا جدى حرملة بن يحيى ثنا ابن وهب ثنا سفيان بن عيينة حدثنى رجل قصير من أهل مصر يقال له عمرو بن الحارث

عن ابن حجرة عن أبي هريرة مرفوعا: "إذا رأيت العبد يعطى زهدا في الدنيا وقلة منطق فادنوا منه فإنه يلقى الحكمة"، وقال: غريب بهذا لا إسناد من هذا الوجه عن ابن وهب اهـ. وفي كلام الشارح في الكبير ما يفيد أن البيهقى خرجه من وجه آخر. وفي الباب عن عبد اللَّه بن جعفر مرفوعا: "إذا رأيتم من يزهد في الدنيا فادنوا منه فإنه يلقى الحكمة"، رواه أبو يعلى [12/ 175، رقم 6803] وفيه عمر بن هارون البلخى وهو من أوعية العلم إلا أنه ضعيف. 315/ 636 - "إِذَا رَأَيْتُم الرجلَ يُقْتل صَبْرًا فَلا تَحْضُرُوا مكَانَه فإنه لَعلَّهُ يُقتلُ ظُلْمًا فَتَنْزِلُ السُّخْطَةُ فتصِيبَكُم". ابن سعد (طب) عن خَرَشة قال الشارح في الكبير: خرشة بخاء معجمة وراء وشين معجمة مفتوحات. ثم رجع عن هذا فقال في الصغير: بخاء وشين معجمتين مفتوحتين بينهما راء ساكنة. قلت: ما ذكره في الكبير هو الصواب وما ذكره في الصغير خطأ. 316/ 637 - "إِذَا رَأَيْتُم الَّذِين يَسُبُّونَ أَصْحَابِى فقُولُوا: لعنةُ اللَّهِ على شَرِّكُم". (ت) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: ظاهر صنيع المؤلف أن الترمذى خرجه وأقره وليس كذلك، بل عقبه بأنه منكر، وعزو الحديث لمخرجه مع حذف ما أعقبه به من بيان القادح من سوء التصرف، ورواه الطبرانى أيضا عن ابن عمر باللفظ المذكور، قال الهيثمى: فيه سيف بن عمر متروك.

قلت: المصنف لم يلتزم أن يذكر كلام المخرجين على ما خرجوه من الأحاديث، ولا بيان العلل وإلا كان الكتاب في شكل غير الذي هو عليه، بل لا يوجد محدث يلتزم نقل كلام المخرجين على الأحاديث حتى في كتب التخريج الموضوعة لبيان الطرق وعللها، ولكن سوء التصرف هو الواقع من الشارح في قوله: ورواه الطبرانى باللفظ المذكور مع أن الطبرانى رواه بلفظ [12/ 434، رقم 13588]: "لعن اللَّه من سب أصحابى"، وفرق بين هذا وبين "إذا رأيتم من يسب فقولوا لعنة اللَّه على شركم"، وفي كلام الشارح مع الإخبار بخلاف الواقع نسبة الحافظ الهيثمى إلى الوهم الذي هو برئ منه، إذ لو خرجه الطبرانى باللفظ المذكور لما ذكره الهيثمى في زوائد الكتب الستة، ثم الحديث من وضع سيف بن عمر سواء رواية الترمذى أو رواية الطبرانى، لأن الجميع مروى من طريقه، وهو وضاع، وقد أسنده الذهبى [2/ 255، رقم 3637] في ترجمته بلفظ آخر فقال: أنبأنا أحمد بن سلامة وأحمد بن عبد السلام عن أبي كليب: أنا المبارك بن الحسين العسال أنبأنا الحسن بن محمد الحافظ أنبأنا القطيعى ثنا محمد بن يونس أنبأنا النضر ابن حماد العتكى حدثنا سيف بن عمر السعدى ثنا عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا رأيتم الذين يسبون أصحابى فالعنوهم". ورواه الخطيب في التاريخ من طريق أبي حاتم المغيرة بن محمد المهلبي في ترجمته قال [13/ 195]: حدثنى أبو سهل النضر بن حماد ثنا سيف بن عمر به بلفظ: "إذا رأيتم الذين يسبون أصحابى فقولوا: لعن اللَّه شركم"، وهذا حديث باطل لا شك فيه.

317/ 641 - "إِذَا رَأَيْتُم الحرِيقَ فكَبِّرُوا فإنَّ التَّكْبِيرَ يُطْفِئهُ". ابن السنى (عد) وابن عساكر عن عمرو بن العاص قال الشارح: وإسناده ضعيف لكن له شواهد. قلت: منها ما رواه الدولابى في الكنى قال [2/ 137]: حدثنا محمد بن المثنى أبو موسى ثنا أبو النضر يحيى بن كثير صاحب البصرى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا رأيتم الحريق فكبروا فإن اللَّه عز وجل يطفئه". 318/ 644 - "إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّاتى أَلْقَيْنَ على رُؤُوسِهِنَّ مثل أسْنِمَةِ البعيرِ فَأعْلِمُوهُنَّ أنهنَّ لا تُقْبَلُ لهنَّ صلاةٌ". (طب) عن أبي شقرة قال الشارح: قاله ابن عبد البر في إسناده نظر. قلت: لا نظر فيه، بل الحديث صحيح يصدقه الواقع بعد رمان التحديث به بأزيد من ألف عام، وذلك أدل دليل على صحته، وأنه من أعلام نبوته -صلى اللَّه عليه وسلم- ففى هذه المائة الرابعة عشر شرع النساء يلبسن البرانيط الفرنجية التي هى كأسمنة البعير ولم يكن ذلك قبل هذا فالحديث صحيح لا شك فيه. وقد أخرجه أيضا الحسن بن سفيان وأبو نعيم وابن منده في الصحابة ووقع فيه تحريف ففسره بعض رواته على ذلك التحريف فأغرب، والعجب أن الحافظ ذكر ذلك في الإصابة ولم ينبه عليه ومن قبله ابن الأثير في أسد الغابة. 319/ 646 - "إِذَا رَأَيْتُمُ المدَّاحِين فَاحْثُوا في وجُوهِهمُ التُّرَابَ". (حم. خد. م. د. ت) عن المقداد بن الأسود (هب) عن ابن عمر (طب) عن ابن عمرو (ك) في الكنى عن أنس

قلت: حديث المقداد بن الأسود تقدمت بعض طرقه في حديث: "احثوا" وحديث ابن عمر قصر المصنف في عزوه إلى البيهقى في الشعب [4/ 225، رقم 4867]، وهو في مسند أحمد [2/ 94] والأدب المفرد للبخاري [ص 124، رقم 341]، وتاريخ الخطيب [11/ 107] من طريق عطاء بن أبي رباح عنه باللفظ المذكور هنا، ورواه أبو نعيم في الحلية [6/ 127]، والمحاملى في أماليه والنقاض في فوائد العراقيين من حديث زيد بن أسلم عن ابن عمر، وهو عند النقاش باللفظ المذكور هنا، وعند أبي نعيم بلفظ: "احثوا". ورواه أبو نعيم في الحلية [6/ 99] من وجه آخر من رواية عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن ابن عمر لكن بلفظ: "احثوا"، وحديث أنس رواه أيضا ابن ترثال في جزئه المشهور، وفي الباب أيضا عن عبادة بن الصامت وعثمان وأبي هريرة، وقد ذكرت أسانيد الجميع مع التقصى لأسانيد حديث المقداد في مستخرجى على مسند الشهاب. 320/ 649 - "إِذَا رَأَيتُمُ الرَّجُلَ أَصْفَرَ الوجْهِ من غيرِ مرضٍ ولا عِلَّةٍ فذلك من غشٍّ للإسلامِ في قلبِهِ". ابن السنى وأبو نعيم في الطب عن أنس، وهو مما بيض له الديلمى قال الشارح في الكبير: وراويه عن أنس مجهول كما قال بعض الفحول، وقال ابن حجر: لا أصل له، إن أراد لا أصل له في صحة ولا حسن فمسلم وإلا فممنوع. قلت: الحافظ لم يقل لا أصل له وإنما قال: لم أقف له على أصل، وبين العبارتين بون كبير، والعجب أن الشارح نقل كلامه على وجهه في حديث: "احذرو صفر الوجوه" السابق، ثم حرفه هنا لعدم فهمه الفرق بين قول الحافظ: لم أقف له على أصل، وقوله: لا أصل له، ثم إنه تعقبه فيما سبق بمثل هذه السخافة المذكورة هنا، وتعقبنا كلامه هناك فلا نكثر من الخوض في السخافات.

321/ 650 - "إِذَا رُجِفَ قَلْبُ المؤمنِ في سبيلِ اللَّه تَحَاتَّتْ خطايَاه كمَا يتحاتُّ عذقُ النَّخلَةِ". (طب. حل) عن سلمان قلت: قال أبو نعيم [1/ 367]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا محمد بن حبان ثنا عمرو بن الحصين ثنا عبد العزيز بن مسلم عن الأعمش عن أبي وائل عن سلمان -رضي اللَّه عنه- به (¬1). 322/ 655 - "إِذَا زَارَ أحَدُكم أَخَاه فَجَلَسَ عنده فَلا يَقُومَنَّ حتَّى يَسْتَأذِنهُ". (فر) عن ابن عمر قلت: أخرجه أيضا الحافظ أبو الفضل بن طاهر المقدسى في كتابه العجيب صفوة التصوف في باب السنة في استئذان المشايخ عند السفر فقال: أخبرنا أحمد بن محمد البزاز قال: أنا على بن عمر الحربى أنا أبو محمد عبد اله بن محمد بن الحسن بن السيد إملاء أنا يحيى بن واقد أبو صالح الطائى قال: أنا يحيى بن أبي عتبة عن أبيه عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر به. 323/ 658 - "إِذَا زَخْرَفْتُمْ مَسَاجِدَكم وحلَّيتم مصاحِفَكم فالدَّمَارُ عَلَيْكُم". الحكيم زاد الشارح في الكبير: وكذا ابن المبارك في الزهد عن أبي الدرداء. ¬

_ (¬1) ورواه الطبرانى (6/ 235، 236، رقم 6086) من طريق عمرو بن الحصن، وقال في المجمع (5/ 276): عمرو بن الحصين ضعيف اهـ. تنبيه: وقد تصحف في المطبوع من الحلية: "عمرو بن الحصين، إلى "عمر بن الحصين".

قلت: زيادة الشارح لذكر ابن المبارك عطفا على الحكيم الترمذى باطلة، لأن الحكيم رواه [2/ 395] مرفوعا وابن المبارك رواه [ص 275، رقم 797] موقوفا على أبي الدرداء فقال: أخبرنا يحيى بن أيوب عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة عن أبي الدرداء قال: "إذا حليتم مصاحفكم وزوقتم مساجدكم فالدمار عليكم". ورواه أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة موقوفا عليه أيضا فقال: حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه ثنا محمد بن إسحاق ثنا قتيبة بن سعيد ثنا الفرج بن فضالة عن أبي سعيد عن أبي هريرة قال: "إذا زوقتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم". 324/ 659 - " {إِذَا زُلْزِلَتِ} تَعْدِلُ نصفَ القُرْآن، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} تَعْدِلُ رُبعَ القرآنِ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدِلُ ثلثَ القرآنِ". (ت. ك. هب) عن ابن عباس قلت: رواه أيضا الثعلبى في تفسيره قال: أخبرنا محمد بن القاسم ثنا أبو بكر بن محمد بن عبد اللَّه ثنا الحسن بن سفيان ثنا على بن حجر ثنا يزيد بن هارون ثنا اليمان بن المغيرة ثنا عطاء عن ابن عباس به. ورواه البغوى في تفسيره أيضا من طريق الثعلبى. وفي الباب عن أنس رواه الترمذى [5/ 165، رقم 2893]: ثنا محمد بن موسى الحرشى البصرى ثنا الحسن بن سلم بن صالح العجلى ثنا ثابت البنانى عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قرأ

{إِذَا زُلْزِلَتِ} عدلت له نصف القرآن، ومن قرأ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} عدلت له ربع القرآن، ومن قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} عدلت له بثلث القرآن"، وقال: غربب لا نعرفه إلا من حديث الحسن بن سلم. ورواه العقيلى [1/ 243، رقم 290]: ثنا إبراهيم بن محمد القومسى ثنا محمد بن موسى الحرشى به، وقال: الحسن بن سلم لا يكاد يعرف وخبره منكر. ورواه البزر عن محمد بن موسى الحرشى به مرفوعا: " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن و {إِذَا زُلْزِلَتِ} تعدل ربع القرآن". 325/ 663 - "إِذَا سَأَلْتم اللَّهَ تعالى فاسْألُوه الفِرْدَوسَ فإنه سرُّ الجنَّةِ". (طب) عن العرباض بن سارية قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: ورجاله وثقوا اهـ، وبه يعلم أن رمز المؤلف لحسنه تقصير وحقه الرمز لصحته، وظاهر صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه ولا كذلك، بل بقيته عند مخرجه الطبرانى: "عليك بسر الوادى فإنه أمرعه وأعشبه"، والحديث رواه البخارى بلفظ: "إذا سألتم اللَّه فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن". قلت: قول الحافظ الهيثمى: رجاله وثقوا لا يصلح لأن يكون الحديث حسنا إلا باعتبار أمور وقرائن فضلا عن أن يكون صحيحا، لأن معنى وثقوا أنهم ضعفاء، ولكن وثقهم بعض أهل الجرح والتعديل لخلاف فيهم، وإنما يكون الحديث صحيحا لو قال: رجاله ثقات، وهذا أيضا بعد السلامة من الشذوذ والعلة، والشارح بمعزل عن فهم ذلك كله وإنما همه التعقب والانتقاد، ونسبة القصور والتقصير إلى المصنف في كل حديث وعند أدنى شبهة تعرض.

وقوله في الحديث: رواه البخارى بلفظ: "إذا سألتم اللَّه" إلخ، هو أيضا من سوء تصرفه وعدم معرفته للكلام في الأحاديث وإيراد المتون، فالحديث خرجه البخارى [4/ 19، رقم 2790] من حديث أبي هريرة لا من حديث العرباض بن سارية، وكلامه يوهم أنه خرجه من حديث العرباض، وأيضا فإن لفظه ليس كما أورده بل هو قطعة من حديث طويل، ولفظه عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من آمن باللَّه ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على اللَّه أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل اللَّه، أو جلس في أرضه التي ولد فيها، قالوا يا رسول اللَّه: أفلا ننبئ الناس بذلك؟ قال: إن في الجنة مائة درجة أعدها اللَّه للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم اللَّه فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة". وفي الباب عن جماعة منهم أبو أمامة ولفظه يقرب من لفظ حديث العرباض ويفسره، رواه الحاكم في المستدرك [2/ 371، رقم 3402] في تفسير سورة الكهف من طريق إسرائيل بن يونس عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سلوا اللَّه الفردوس فإنها سرة الجنة". قال الحاكم: لم نكتبه إلا بهذا الإسناد ولم نجد بدا من إخراجه اهـ. أى لأن جعفر بن الزبير متروك. وقد رواه الطبرانى [8/ 246، 7966] من طريقه بهذا اللفظ، وزاد: "وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش". 326/ 664 - "إِذَا سَأَلْتُم اللَّهَ تعالى فاسْأَلُوه ببطون أَكُفِّكُم، وَلا تسألُوه بظهُورِهَا". (د) عن مالك بن يسار السكونى، (هـ. طب. ك) عن ابن عباس وزاد: "وامسحوا بها وجوهكم"

قلت: في الباب عن أبي بكرة وعبد الرحمن بن محيريز مرسلا، والوليد بن عبد اللَّه بن أبي مغيث مرسلا أو معضلا. قال الطبرانى في الكبير [10/ 169]: حدثنا زكريا الساجى أنا عمار بن خالد الواسطى ثنا القاسم بن مالك المزنى عن خالد الحذاء عن أبي بكرة (ح) وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 224]: ثنا القاضى محمد بن أحمد بن إبراهيم ثنا محمد بن العباس بن أيوب أبو جعفر الأخرم ثنا عمار بن خالد ثنا القاسم بن مالك المزنى عن خالد الحذاء، فقال عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا سألتم اللَّه فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها"، لفظ أبي نعيم؛ ولفظ الطبرانى: "سلوا اللَّه ببطون أكفكم ولا تسلوه بظهورها". وقال مسدد في مسنده: ثنا بشر بن المفضل ثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عبد الرحمن بن محيريز قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا سألتم اللَّه فسلوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها". ورواه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 286، رقم 9454]. وقال الطبرانى في كتاب الدعاء [2/ 887، رقم 214]: حدثنا أبو مسلم الكشى ثنا القعنبى ثنا عيسى بن يونس ثنا إبراهيم بن يزيد ثنا الوليد بن عبد اللَّه بن أبي مغيث قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا دعا أحدكم فرفع يديه فإن اللَّه تعالى جاعل في يديه بركة ورحمة فلا يردهما حتى يمسح بهما وجهه" هذا حديث معضل، وإبراهيم بن يزيد هو الخوزى، ضعيف.

327/ 665 - إذَا سُئِلَ أحَدُكم أَمُؤْمِنٌ هو؟، فَلا يَشُكُّ في إيمانِهِ". (طب) عن عبد اللَّه بن يزيد الأنصارى قلت: رواه أيضا أبو نعيم في الحلية [7/ 238]: حدثنا أبو بكر عبد اللَّه بن يحيى الطلحى ثنا أحمد بن حماد بن سفيان القاضى الكوفى ثنا أحمد بن بديل ثنا أبو معاوية عن مسعر عن زياد بن علاقة عن عبد اللَّه بن يزيد الأنصارى به، وقال: تفرد برفعه أحمد بن بديل عن أبي معاوية. 328/ 666 - "إِذَا سَافَرْتُم فَلْيَؤمُّكم أقْرَؤُكم، وإِن كَانَ أصْغَرَكُم، وإِذَا أمَّكم فهو أمِيرُكم". البزار عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضا الديلمى [1/ 327، رقم 1033] من طريق أبي الحسين بن بشران: أخبرنا عبد الصمد بن على بن مكرم أخبرنى السرى بن سهل ثنا عبد اللَّه بن رشيد ثنا حمد بن الزبرقان عن ثور بن يزيد عن مهاجر بن حريث عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. 329/ 667 - "إذا سَافَرْتُم في الخصبِ فَأَعْطُوا الإبلَ حظَّهَا من الأرضِ، وإذا سافرْتُمِ في السنة فأسْرِعُوا عليها السيرَ، وإذَا عَرَسْتُم باللّيلِ فاجْتَنِبُوا الطريق فإنَّها طرقُ الدّوابِّ ومَأْوَى الهوامّ". (م. د. ت) عن أبي هريرة قلت: رواه أيضا الطحاوى في مشكل الآثار من حديث أبي هريرة ومن حديث أنس بن مالك.

ورواه ابن السنى في اليوم والليلة [ص 167، رقم 517] من حديث جابر بن عبد اللَّه، وقد تقدم في حديث: "إذا تغولت لكم الغيلان". 330/ 668 - "إذا سَبَّبَ اللَّهُ تعالَى لأحدِكم رزقًا من وجهٍ فَلا يَدَعْهُ حتَّى يتغيرَ لَهُ". (حم. هـ) عن عائشة قال الشارح في الكبير: رمز المؤلف لحسنه والأمر بخلافه، ففيه الزبير بن عبد اللَّه، قال الذهبى: لا يعرف، وقال العراقى: إسناده فيه جهالة، وقال السخاوى: ضعيف. قلت: قال أحمد [6/ 246]: حدثنا الضحاك بن مخلد قال: حدثنى أبي ثنى الزبير بن عبيد عن نافع، قال أبو عاصم: قال أبي: ولا أدرى من هو نافع هذا؟ قال: "كنت أتجر إلى الشام أو إلى مصر فجهزت إلى العراق، فأتيت عائشة فقلت لها: يا أم المؤمنين كنت أجهز إلى الشام فجهزت إلى العراق، فقالت: مالك ولمتجرك، إنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: إذا كان لأحدكم رزق في شيء قلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر له". وقال ابن ماجه [2/ 726، رقم 2148]: حدثنا محمد بن يحيى أخبرنا أبو عاصم، فذكر القصة والحديث بلفظ: "إذا سبب" كما في المتن. والزبير بن عبيد اللَّه لا ابن عبد اللَّه كما قال الشارح، ذكره الذهبى في الميزان، ولم يقل ما نقل عنه الشارح، بل قال: الزبير بن عبيد عن نافع ليس بمولى ابن عمر انفرد عنه والد أبي عاصم النبيل اهـ. وقال الحافظ في التهذيب: الزبير بن عبيد روى عن نافع وليس مولى ابن عمر، وعنه مخلد بن الضحاك والد أبي عاصم، ذكره ابن حبان في الثقات اهـ.

ونافع المذكور قال الحافظ في التهذيب: روى عن عائشة حديث: "إذا سبب اللَّه تعالى لأحدكم رزقا من وجه فلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر له"، وعنه به الزبير بن عبيد، قال ابن حبان في الثقات: نافع شيخ يروى عن عائشة، جهدت فلم أقف على نافع هذا من هو؟، ويقال في موضع آخر: نافع بن عطاء، قال الحافظ: وذكره ابن عساكر في الأطراف في ترجمة نافع مولى ابن عمر والصواب أنه غيره، ولم أقف في ثقات التابعين لابن حبان على أحد اسمه نافع بن عطاء اهـ. والحديث له شاهد من حديث أنس أخرجه الدولابى في الكنى [2/ 161]، وابن ماجه [2/ 726، رقم 2147] والبيهقى في الشعب [2/ 89، 1241]، والقضاعى [1/ 238، رقم 375] من حديث فروة بن يونس: ثنا هلال بن جبير مولى أنس عن أنس قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من أصاب". ولفظ القضاعى والدولابى "من رزق من شيء فليلزمه". وشاهد آخر من حديث جابر رواه أحمد فيما ذكره السخاوى في المقاصد الحسنة [ص 624، رقم 1062]، وشاهد ثالث من حديث الزبير بن العوام مرفوعا: "البلاد بلاد اللَّه والعباد عباد اللَّه فحيثما أصبت خيرا فأقم"، رواه أحمد [1/ 166]، فالحديث مع هذه الشواهد لا ينحط عن رتبة الحسن. 331/ 669 - "إِذَا سَبَقَتْ للعبد منَ اللَّهِ تعالَى مَنْزِلة لَمْ يَنَلْهَا بِعَمَلِهِ ابتلاهُ اللَّه في جسده وفي أهلِهِ ومَاله، ثم صَبره على ذَلك حتَّى ينَالَ المنزلةَ التي سَبَقَتْ لَه من اللَّهِ عزَّ وجَلَّ". (تخ. د) في رواية ابن داسة وابن سعد (ع) عن محمد بن خالد السلمى عن أبيه عن جده

قلت: قال أبو داود [3/ 180، 3090] في رواية ابن داسة: حدثنا عبد اللَّه بن محمد النفيلى وإبراهيم بن مهدى المصيصى المعنى قالا: حدثنا أبو المليح عن محمد بن خالد قال إبراهيم بن مهدى السلمى عن أبيه عن جده وكانت له صحبة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن العبد إذا سبقت له من اللَّه منزلة" الحديث. ورواه أيضا الدولابى في الكنى [1/ 27]، قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب قال حدثنى عبد اللَّه بن جعفر ثنا أبو المليح الرقى عن محمد بن خالد السلمى به. 332/ 672 - "إِذَا سَجَدَ العبدُ طَهَّرَ سجودُه ما تحتَ جَبْهَتِهِ إِلى سبعِ أَرَضِينَ". (طس) عن عائشة قال الشارح في الكبير: قال الحافظ الهيثمى وغيره: فيه بزيع متهم بالوضع، وقال ابن الجوزى: موضوع، وجزم جمع آخرون بوضعه. قلت: الشارح يخلط المتون والأسانيد، فينسب إسنادا لمتن ومتنا لإسناد. فالحديث مروى عن عائشة بلفظين من طريقين، الطريق الأول: فيه بزيع الوضاع وهذا متنه لم يذكره المصنف، وهو الذي أورده ابن الجوزى في الموضوعات من طريق ابن عدى [2/ 93]: حدثنا الفضل بن الحباب ثنا عبد الرحمن بن المبارك ثنا بزيع أبو الخليل ثنا هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلى في الموضع الذي يبول فيه الحسن والحسين فقلت له: ألا نخص لك موضعا من الحجرة أنظف من هذا؟ فقال: يا حميراء أما علمت أن العبد إذا سجد للَّه سجدة طهر اللَّه موضع سجوده إلى سبع أرضين".

ورواه أيضا الدينورى في المجالسة، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد الوراق ثنا عبد الرحمن بن المبارك العيشى ثنا بزيع به مثله، إلا أنه لم يذكر "إلى سبع أرضين". فهذا هو الطريق الذي ذكره ابن الجوزى وفيه بزيع الوضاع. أما المصنف فعزا الحديث إلى الطبرانى، وهو قد خرجه من وجه آخر ليس فيه بزيع فقال: حدثنا مطلب بن شعيب ثنا عبد اللَّه بن صالح ثني الليث عن زهرة بن معبد عن أبيه عن عائشة. وبهذا الطريق استدرك المصنف على ابن الجوزى، وقد ذكره الحافظ الهيثمى في "مجمع الزوائد" أيضا وقال: رواه الطبرانى في "الأوسط"، وفيه عبد اللَّه بن صالح ضعفه الجمهور، وقال: عبد الملك بن شعيب ثقة مأمون اهـ. على أن الحديث ظاهر النكارة سواء من الطريق الأول أو من الثانى، إلا أن الثانى طريق نظيف سالم من الوضاع، واللَّه أعلم. 333/ 673 - "إِذَا سَجَدَ أحدُكم فلا يَبْرك كَما يَبْرك البعيرُ ولْيَضَعْ يَدِيه قَبْل رُكْبَتَيْهِ". (د. ن) عن أبي هريرة قال الشارح: رمز المؤلف لصحته وليس كما قال. وقال في الكبير: رمز المؤلف لصحته اغترارا بقول بعضهم: سنده جيد، وكأنه لم يطلع على قول ابن القيم: وقع فيه وهم من بعض الرواة، وأوله يخالف آخره، فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير، إذ هو

يضع ركبتيه أولًا، وزعم أن ركبتى البعير في يديه لا في رجليه لا يعقل لغة ولا عرفا، على أن الحديث معلول بيحيى بن سلمة بن كهيل ولا يحتج به، قال النسائى: متروك، وابن حبان: منكر جدا، وأعله البخارى والترمذى والدارقطنى بمحمد بن عبد اللَّه بن حسن وغيره اهـ. قلت: الحديث صحيح كما قال المؤلف وكون راويه وهم فيه لا يدل على ضعفه، فإن كثيرا من أحاديث الصحيحين وقع فيها من بعض رواتها وهم، كما أفرد بيان ذلك بالمؤلفات العديدة، وما عد أحد تلك الأحاديث التي وقع فيها الوهم بأنها ضعيفة، ولكن يقال عنها صحيحة شاذة فيها وهم، والأصح هو ما يقابلها، على أن زعم الوهم في الحديث ليس محققا ولا مقطوعا به. فقد يكون في الواقع ليس بوهم، وإن كان الغالب على الظن أنه وهم من نوع المقلوب كما وقعت أمثلته في الصحيح، ومن ذلك حديث: حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله" فإنه انقلب على بعض الرواة. ثم إن الشارح لم يقتصر في تعليل الحديث على هذا، بل زاد ما لا أصل له ولا وجود في سند الحديث وهو كونه من رواية يحيى بن سلمة بن كهيل، فإن ذلك باطل إذ يحيى لا وجود له في الحديث لا عند أبي داود ولا عند النسائى ولا عند غيرهما، قال أبو داود [1/ 222، رقم 840]: حدثنا سعيد بن منصور ثنا عبد العزيز بن محمد حدثنى محمد بن عبد اللَّه بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكر الحديث كما هنا، ثم قال [1/ 222، رقم 841]: حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد اللَّه بن نافع عن محمد بن عبد اللَّه بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يعمد

أحدكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل". وقال النسائى [1/ 207]: أخبرنا قتيبة بن سعيد، فذكر مثل الحديث الثانى سندا ومتنا، ثم قال [1/ 207]: أخبرنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال من كتابه ثنا مروان بن محمد ثنا عبد العزيز بن محمد ثنا محمد بن عبد اللَّه بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بالحديث المذكور في المتن، فمن أين دخل يحيى بن سلمة بن كهيل؟! وأما تعليل البخارى والترمذى والدارقطنى للحديث بمحمد بن عبد اللَّه ابن حسن، فالترمذى والدارقطنى تابعان ومقلدان للبخارى، وما قاله البخارى مردود عليه، وعبارته في التاريخ الكبير [1/ 139، رقم 418]: محمد بن عبد اللَّه ويقال ابن حسن: حدثنى محمد بن عبيد اللَّه ثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عبد اللَّه عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رفعه: "إذا سجد فليضع يديه قبل ركبتيه"، لا يتابع عليه، ولا أدرى سمع من أبي الزناد أم لا. وزاد الدارقطنى فادعى أن عبد العزيز الدراوردى تفرد به عنه وكل ذلك باطل، فإن عبد اللَّه بن نافع قد تابع عبد العزيز على روايته عن محمد بن عبد اللَّه بن حسن كما تقدم عند أبي داود والنسائى. ومن ذلك الطريق خرجه الترمذى أيضا [2/ 57، رقم 269]، ومحمد بن عبد اللَّه بن حسن لم ينفرد به، بل تابعه عبد اللَّه بن سعيد المقبرى عن أبيه عن أبي هريرة كما ذكره الترمذى، وهب أنه لم يتابعه أحد فماذا يضره؟ وكم خرج البخارى في صحيحه لأفراد لم يتابعهم أحد، وكأنه -رحمه اللَّه- لا يخلو من رائحة نصب ونفور عن أهل البيت الكرام، كما يدل عليه تجنبه الرواية عن أئمتهم في صحيحه مع روايته عن أعدائهم!، بل عمن تشهد الآثار

والنصوص بانسلاخهم من الإيمان جملة واحدة لا سيما ومحمد النفس الزكية -رضي اللَّه عنه- راوى هذا الحديث قد كان خرج على بني العباس خلفاء عصر البخارى وحكامه وأولو الأمر فيه، وهم أعداء بني على وذرية الزهراء عليهم الصلاة والسلام، فلله الأمر من قبل ومن بعد. أما زعم أن ركبتى البعير في يده، فأول من تولى كبر ذلك الباطل على ما أظن هو الطحاوى في "مشكل الآثار" فإنه عقد للإشكال الوارد في هذا الحديث بابا منه فقال [1/ 168، رقم 182]: حدثنا صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث الأنصارى ثنا سعيد بن منصور ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردى بسنده ومتنه ثم قال: فقال قائل: هذا الكلام مستحيل لأنه نهاه إذا سجد أن يبرك كما يبرك البعير، والبعير إنما يترك يديه، ثم أتبع ذلك بأن قال: ولكن ليضع يديه قبل ركبتيه، فكان ما في هذا الحديث مما نهاه عنه في أوله قد أمره به في آخره، فتأملنا ما قال فوجدناه محال، ووجدنا ما روى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الحديث مستقيما لا إحالة فيه، وذلك أن البعير ركبتاه في يديه، وكذلك كل ذى أربع من الحيوان، وبنو آدم بخلاف ذلك لأن ركبتهم في أرجلهم لا في أيديهم اهـ. ولم يفعل الطحاوى شيئا سوى أنه زاد في الطين بلة، والإشكال في الحديث بحاله لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يفعل الرجل كما يفعل البعير، والبعير يبرك فيقدم يديه سواء كانت فيهما ركبتاه، أو كانتا في رجليه، فمن قدم يده في السجود فقد فعل كفعل البعير وهو منهى عنه، وآخر الحديث يأمره بتقديم يديه، فالإشكال بعينه موجود سوى أنه لم يكن مضافا إليه هذه السخافة في دعوى أن ركبة ذو الأربع كلها في يدها لا في رجلها، والذي يقتضيه النظر ويقبله العقل هو أن الحديث انقلب على الدراوردى بتفرده بتلك الزيادة فيه عن

محمد بن عبد اللَّه الحسن، لأن عبد اللَّه بن نافع الصائغ رواه عنه بدونها فثبت أنها من الدراوردى، وهو وإن كان من رجال الصحيح إلا أنه يهم إذا حدث من حفظه كما قال أحمد بن حنبل وزاد أنه ليس بشيء وأنه إذا حدث من حفظه جاء بالبواطيل. قلت: وهذا منها، وقال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال أبو زرعة: سئ الحفظ، ولما ذكره الذهبى في "الميزان" قال: هو صدوق من علماء المدينة وغيره أقوى منه. وقال أحمد أيضا: كان يقرأ من كتب الناس فيخطئ وربما قلب حديث عبد اللَّه ابن عمر يرويه عن عبيد اللَّه بن عمر. وقال النسائى: ليس بالقوى، وقال ابن سعد: ثقة كثير الحديث يغلط ولذا لم يخرج له البخارى إلا مقرونا بغيره، وفيه كلام أكثر من هذا. فلم يبق شك في أن الوهم في هذه اللفظة الباطلة منه، لاسيما وقد روى الحديث ثقة آخر عن شيخه فلم يأت بها، وبهذا تعلم تحامل البخارى رحمه اللَّه على أهل البيت، فإنه أعل الحديث بالنفس الزكية البرئ من الحديث، وسكت عن تعليله بالدراوردي المتفرد عنه بتلك الزيادة. 334/ 677 - "إذا سرَّتَك حَسَنَتُكَ وساءَتْكَ سِيْئَتُكَ فَأَنْتَ مؤمنٌ". (حم. حب. طب. ك. هب) والضياء عن أبي أمامة قلت: في الباب عن جماعة يأتى ذكرهم إن شاء اللَّه في حرف "الميم" في: "من سرته حسنته". 335/ 685 - "إِذَا سَلَمت الجمعَةُ سَلَمِتِ الأيَّامُ، وإِذا سَلِمَ رَمَضَانُ سَلمتِ السَّنَةُ". (قط) في الأفراد، (عد. حل. هب) عن عائشة

"إذا سلمت الجمعة" قال الشارح: أى سلم يومها من وقوع الآثام فيه، "سلمت الأيام" قال الشارح: أى أيام الأسبوع من المؤاخذة، "وإذا سلم رمضان" قال الشارح: من ارتكاب المحرمات فيه، "سلمت السنة كلها" من المؤاخذة. قلت: إن صح الحديث فليس معناه ما يقول الشارح، لأن كان قد ورد في السنة الصحيحة ما يشهد له وهو: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مُكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر"، ولكن معناه وللَّه أعلم إذا سلمت الجمعة من قيام الساعة سلم الأسبوع منها لأنها لا تقوم إلا في يوم جمعة، وإذا سلم رمضان فلم تقم فيه سلمت السنة كلها فلا تقوم إلا في يوم جمعة من رمضان، كما ورد في الأحاديث الأخرى، ويدل عليه رواية أبي نعيم [7/ 140] لهذا الحديث، فإن فيه من طريق يحيى بن سعيد عن الثورى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا سلمت الجمعة سلمت الأيام كلها، وما من سهل، ولا جبل، ولا شيء إلا وهو يستعيذ باللَّه من يوم الجمعة" أى خوفا من قيام الساعة فيها، وقد كان بعض كبار الصحابة يظل طول يوم الجمعة خائفا مترقبا لقيام الساعة، ولا يحصل له اطمئنان إلا بعد غروب شمسها، فهذا معنى الحديث لا ما ذكره الشارح. 336/ 686 - "إِذَا سَمِعَ أَحَدُكم النِّدَاءَ والإِنَاءُ على يدِه، فلا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِى حَاجَتَهُ منه". (حم. د. ك) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم وأقروه، لكن قال في "المنار": مشكوك في رفعه.

قلت: كأن صحاب المنار اختلق هذا الشك من قبل نفسه إذ رأى الحديث لا يوافق قول الجمهور، وإلا فلا شك في رفعه من جهة الإسناد فهى دعوى باطلة ونقل الشارح له أبطل. 337/ 687 - "إِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يقولُ: هَلَكَ النَّاسُ فهو أَهْلكُهُم". مالك (حم. خد. م. د) عن أبي هريرة قلت: رواه أيضا أبو نعيم في الحلية [6/ 345] في ترجمة مالك من رواية روح بن عبادة وإسحاق بن عيسى الطباع عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به، قال إسحاق: قلت لمالك: ما وجه هذا؟ فقال: إما رجل كفر الناس فظن أنه خيرهم فازدراهم فقال: هذا القول، وإما رجل حزن لما رأى في الناس من النقص فأحزنه ذهاب أهل الخير فقال هذا القول، فارجو أن يكون لا بأس به وليس عليه شيء اهـ. ورواه أيضا في تاريخ أصبهان [1/ 150] من طريق سفيان عن سهيل به بلفظ: "إذا قال المرء للرجل هلك الناس فهو أهلكهم"، خرجه في ترجمة أحمد بن إبراهيم بن يوسف الضرير. 338/ 688 - "إِذَا سَمِعْتَ جِيرَانَكَ يقولُونَ قَدْ أحْسَنْتَ فقدْ أحسنتَ، وإذا سَمِعْتُهم يقولونَ قد أسأْتَ فقدْ أسأتَ". (حم. هـ. طب) عن ابن مسعود (هـ) عن كلثوم الخزاعى قال الشارح في الكبير: قيل له وفادة والأصح لأبيه، ذكره الذهبى كأبي نعيم، وقال ابن عبد البر: لا يصح له صحبة وحديثه مرسل، وكذا قال ابن الأثير، قال المناوى: رجال ابن ماجه رجال الصحيح إلا شيخه محمد بن

يحيى فلم يخرج له مسلم. قلت: هذا يفيد أن كلام المناوى في سند حديث كلثوم الذي يتكلم عليه الشارح، والواقع أنه في سند حديث عبد اللَّه بن مسعود وهم أخرجوه من طريق عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن منصور عن أبي وائل عن عبد اللَّه به. أما أحمد [1/ 402] فعن عبد الرزاق، وأما ابن ماجه [2/ 1412، رقم 4223] فعن محمد بن يحيى عنه، وأما الطبرانى [10/ 238، رقم 10433] فعن إسحاق بن إبراهيم عنه وعن الطبرانى رواه أبو نعيم في الحلية [5/ 43] وقال: غريب من حديث منصور لم نسمعه إلا من هذا الوجه. أما حديث كلثوم فرواه ابن ماجه [2/ 1411، رقم 4222] عن أبي بكر بن أبي شيبة وهو في مسنده: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن جامع بن شداد عن كلثوم الخزاعى به. 339/ 690 - "إِذَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ فَأجِبْ وعليْك السَّكينَةُ، فإن أصبتَ فُرْجَةً فتقدَّمْ إليهاَ وإلا فَلا تضيقُ على أخِيكَ، واقرأْ مَا تسمعُ أذَنْيكَ، ولا تؤذِ جارَك وصَلِّ صلاةَ مودعٍ". أبو نصر السجزى في الإبانة، وابن عساكر عن أنس قال الشارح في الكبير: رمز لضعفه وذلك لأن فيه الربيع بن صبيح، قال الذهبى: ضعيف لكن قال أبو حاتم: صدوق. قلت: الربيع بن صبيح صدوق عابد مجاهد عالم، وهو أول من صنف في الحديث، ولكن الحديث في سنده سعيد بن دينار ويقال: سعيد بن عبد اللَّه ابن دينار، وهو مجهول.

وقال العقيلى: لا يتابع على حديثه ولا يعرف بالنقل. والحديث رواه أيضا أبو نعيم في الحلية قال [3/ 378]: حدثنا أحمد بن عبد اللَّه بن محمود ثنا عبد اللَّه بن وهب ثنا عباس بن عبد اللَّه الترقفى ثنا سعيد بن دينار بن عبد اللَّه عن الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس به. ورواه الديلمى قال: أخبرنا أبي أخبرنا أبو القاسم يوسف بن محمد بن يوسف الخطيب أخبرنا ابن لال إملاء حدثنا إسماعيل الصفار ثنا الترقفى -هو عباس بن عبد اللَّه- به. 340/ 692 - "إِذَا سَمِعْتُم النِّداء فقومُوا فإنَّها عَزمةٌ مِنَ اللَّهِ". (حل) عن عثمان قلت: قال أبو نعيم [2/ 174]: حدثنا محمد بن عمر ثنا محمود بن محمد المروزى ثنا أحمد بن يعقوب ثنا الوليد بن سلمة عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن عثمان به، والوليد منكر الحديث. 341/ 699 - "إِذَا سَمِعْتُم الحديثَ عنِّى تعرفُه قلوبُكم، وتلينُ له أشعارُكم وأبشارُكم، وترون أنه منكم قريبٌ فأنا أولاكُم به، وإِذَا سَمِعْتم الحديثَ عنِّى تنكرُه قلوبكم، وتنفرُ منه أشْعَارُكم وأبشَارُكم، وترَوْنَ أنه بعيدٌ منكم فأنا أبعدُكم منه". (حم. ع) عن أبي أسيد، أو أبي حميد قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح اهـ. وزعم أنه معلول خطأ فاحش، ورواه الحكيم عن أبي هريرة بلفظ: "إذا حدثتم عنى

بحديث تنكرونه ولا تعرفونه فكذبوا به، فإنى لا أقول ما ينكر ولا يعرف". قلت الذي أعل الحديث هو البيهقى في "المدخل"، فإنه رواه من طريق سليمان بن بلال ومن طريق الدراوردى كلاهما عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد عن أبي حميد أو أبي أسيد. وقال البخارى في تاريخه [5/ 416، رقم 1349]، قال لنا عبد اللَّه بن صالح: ثنا بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد اللَّه بن الأشج عن عبد الملك بن سعيد عن عباس بن سهل عن أبي رضي اللَّه عنه قال: "إذا بلغكم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يعرف ويلين له الجلد، فقد يقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الخير، ولا يقول إلا الخير"، قال البخارى: وهذا أصح من رواية من روى عنه عن أبي حميد أو أبي أسيد، قال البيهقى: فصار الحديث المسند معلولا اهـ. ولم يتفق مخرجوه على الشك في أبي حميد أو أبي أسيد، بل قال أحمد [5/ 425]: عن أبي حميد وأبي أسيد بواو العطف، رواه عن أبي عامر عن سليمان بن بلال. ورواه ابن سعد في الطبقات [1/ 295] عن عبد اللَّه بن مسلمة القعنبى عن سليمان بن بلال بالشك. أما حديث أبي هريرة الذي عزاه الشارح للحكيم الترمذى فهو عند أحمد في مسنده عن يحيى بن آدم: ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبرى عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا حدثتم عنى حديثا تنكرونه ولا تعرفونه فلا تصدقوا، فإنى لا أقول ما ينكر ولا يعرف".

ورواه الخطيب [11/ 391] من طريق فضل الأعرج عن يحيى بن آدم عن ابن أبي ذئب، فقال: عن المقبرى عن أبيه عن أبي هريرة. وهكذا رواه الدارقطنى في الأفراد، وغيره بزيادة ذكر أبيه. ورواه أحمد (¬1) والبزار (¬2) من طريق أبي معشر عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "ما جاءكم عنى من خير قلته، أو لم أقله، فأنا أقوله، وما أتاكم من شر فإنى لا أقول الشر"، وأبو معشر لين الحديث. ورواه الدارقطنى في الأفراد، والعقيلى في الضعفاء [1/ 33] من طريق محمد ابن عون الزياد: ثنا أشعث بن نزار عن قتادة عن عبد اللَّه بن شقيق عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "إذا حدثتم عنى بحديث يوافق الحق فصدقوه وخذوا به، حدثت به أو لم أحدث" وسنده ضعيف جدا. وقال العقيلى: ليس له إسناد صحيح، وقال الحافظ: إنه جاء من طرق لا تخلو من مقال. ¬

_ (¬1) رواه أحمد (1/ 367، 483)، بلفظ: "لأعرفن أحدًا منكم أتاه عني حديث وهو متكئ في أريكته فيقول: اتلوا عليَّ به قرآنًا، ما جاءكم عني. . ." الحديث. (¬2) لم أجده بهذا الطريق وبهذا اللفظ في كشف الأستار، وإنما وجدته في الكشف (1/ 105، رقم 187) عن أبي حميد وأبي أسيد مرفوعًا: "إذا سمعتم الحديث تعرفه قلوبكم، وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكر قريب فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث تقشعر منه جلودكم، وتنفر منه قلوبكم وأشعاركم، وترون أنه منكم بعيد، فأنا أبعدكم منه"، و (/ 106، رقم 188) من طريق عبد اللَّه بن شفيق، عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا حدثتم عنى حديثًا فوافق الحق فأنا قلته".

342/ 700 - "إِذَا سَمِعْتُم بالطاعونِ بأرضٍ فلا تَدْخُلُوا عليه، وإِذَا وَقَعَ وأنتم بأرضٍ فلا تَخْرُجُوا مِنْهَا فرارًا منه". (حم. ق. ن) عن عبد الرحمن بن عوف، (ن) عن أسامة بن زيد قلت: كذا في النسخ عزو حديث أسامة بن زيد إلى النسائى برمز النون، ولعله تحريف من رمز القاف، فإن الحديث متفق عليه أيضا (¬1). وكذلك رواه الترمذى والدولابى في الكنى [2/ 24]. 343/ 716 - "إِذَا صَلَّى أحدُكم فَلْيُصَلِّ صلاةَ مودعٍ، صَلاةَ من لا يظنُّ أنه يرجعُ إليها أبدًا". (فر) عن أم سلمة قال الشارح في الكبير: وإسناده ضعيف لكن له شواهد، واقتصاره على الديلمى يؤذن بأنه لم يخرجه أحد من الستة وهو عجيب، فقد خرجه ابن ماجه من حديث أبي أيوب، ورواه الحاكم والبيهقى. قلت: بل العجيب سوء صنيع الشارح وقلة تدبره، أما أولا: فإن حديث أبي أيوب خرجه ابن ماجه بلفظ [2/ 1396، رقم 4171]: "إذا قمت إلى صلاتك، فصل صلاة مودع، ولا تكلم بكلام تعتذر منه، واجمع الإياس مما في أيدى الناس". وقد ذكره المصنف في حرف "إذا" مع "القاف"، وعزاه لأحمد وابن ماجه كما سيأتى. وأما ثانيا: فإن الشارح أخذ هذا من كلام الحفاظ العراقى في المغنى، إلا أنه ¬

_ (¬1) البخارى (7/ 168، رقم 5728)، مسلم (/ 1740، رقم 2219/ 98).

لم يفهم اصطلاحه ولم يحسن سياقه، فالحديث أورده الغزالى بلفظ: وقال -صلى اللَّه عليه وسلم- للذى أوصاه: "وإذا صليت فصل صلاة مودع"، فكتب عليه العراقى: خرجه ابن ماجه من حديث أبي أيوب، والحاكم من حديث سعد ابن أبي وقاص، وقال: صحيح الإسناد، والبيهقى في الزهد من حديث ابن عمر ومن حديث أنس بنحوه اهـ. والعراقى لا يراعى ألفاظ الأحاديث، بل يقصد في العزو إلى الكتب أصل الحديث دون لفظه، كما نبه على ذلك في خطبة كتابه، فقال: وحيث عزوت الحديث لمن خرجه من الأئمة، فلا أريد ذلك اللفظ بعينه، بل قد يكون بلفظه وقد يكون بمعناه، أو باختلاف على قاعدة المستخرجات اهـ. على أنه لم يورده باللفظ الذي ذكره المصنف هنا، بل الغزالى ذكر بعض الحديث وأتى به بحرف "الواو" في أوله، ثم إن العراقى عزا الحديث إلى البيهقى في كتاب الزهد من حديث ابن عمر وأنس، والشارح حذف اسم الصحابيين، فأوهم أنه خرجه من حديث أبي أيوب، وحذف اسم الكتاب فأوهم أنه خرجه في السنن لأنه المعهود عند الإطلاق، وعطفه على الحاكم مع أنه خرجه من حديث سعد بن أبي وقاص، وإن كان البيهقى قد خرج الحديث في الزهد من حديثه أيضا ومن حديث أبي أيوب إلا أنه فرقه في مواضع، فذكر حديث ابن عمر وأنس في أواسط الكتاب، وذكر حديث سعد وأبي أيوب في أول الكتاب ولم يستحضر الحافظ العراقى إلا المذكور في وسطه. أما حديث سعد، فقال البيهقى [ص 86، رقم 101]: أخبرنا أبو سعيد الزاهد في كتاب "الفتوة": ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن جعفر الشيبانى ثنا أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدى ثنا محمد بن مهاجر ثنا

حماد بن خالد الخياط ثنا محمد بن أبي حميد عن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه عن سعد قال: "أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل فقال: يا رسول اللَّه أوصنى وأوجز، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: عليك بالإياس مما في أيدى الناس، وإياك والطمع فإنه فقر حاضر، وإذا صليت فصل صلاة مودع وإياك وما يعتذر منه". قال البيهقى: وكذلك رواه ابن وهب عن محمد بن أبي حميد. قلت: ورواه شيخه الحاكم في المستدرك من طريق أبي عامر العقدى [4/ 326، رقم 7928]: ثنا محمد بن أبي حميد به، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأما حديث أبي أيوب، فقال البيهقى [ص 87، رقم 102]: أخبرنا أبو محمد بن يوسف ثنا إبراهيم بن أحمد بن فراس المالكى ثنا على بن عبد العزيز ثنا أبو عبيد ثنا على بن عاصم عن عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم عن عثمان بن جبير عن أبيه عن أبي أيوب الأنصارى، قال: "أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل فقال: عظنى وأوجز، قال: إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع" الحديث كما مر من عند ابن ماجه، ثم قال البيهقى: وقد قيل عن ابن خثيم عن عثمان بن جبير مولى أبي أيوب عن أبيه عن جده عن أبي أيوب، وقيل عنه عن عثمان بن جبير عن أبي أيوب. قلت: وهذا القول الأخير هو الذي عند ابن ماجه فإنه رواه [2/ 1396، رقم 4171] من طريق الفضيل بن سليمان: ثنا عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم حدثنى عثمان بن جبير مولى أبي أيوب عن أبي أيوب به.

وأما حديث ابن عمر، فقال البيهقى [ص 210، رقم 528]: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بابويه ثنا أبو جعفر أحمد بن على الخراز ثنا أبو على بن راشد الوراق الواسطى ثنى أبي راشد بن عبد ربه أنبأنا نافع عن ابن عمر قال: "أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل فقال له: يا رسول اللَّه حدثنى بحديث واجعله موجزا، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: صل صلاة مودع كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك، وآيس مما في أيدى الناس تعش غنيا، وإياك وما يعتذر منه". وأما حديث أنس فقال أيضا [ص 210، رقم 527]: أخبرنا أبو سعيد يحيى بن محمد بن يحيى الإسفراينى أنبأنا أبو بحر البربهارى ثنا محمد بن يونس الكديمى ثنا أبو عاصم ثنا شبيب بن بشر ثنا أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اعمل للَّه رأى العين كأنك تراه، فإنك إن لم تكن تراه فإنه يراك، وأسبغ طهورك إذا دخلت المسجد، واذكر الموت في صلاتك، فإن الرجل يذكر الموت في صلاته لحرى أن يحسن صلاته، وصل صلاة رجل لا يظن أن يصلى صلاة غيرها، وإياك وكل ما يعتذر منه". وهذا الحديث أظنه من وضع الكديمى، أخذ بعض ألفاظه من المتن الوارد، وزاد فيه وركب له هذا الإسناد، واللَّه أعلم. أما حديث أم سلمة المذكور في المتن، فقال الديلمى: أخبرنا أبي أخبرنا الميدانى إجازة أخبرنا أبو طاهر محمد بن على بن محمد بن يوسف المقرئ ببغداد ثنا يوسف بن عمر بن مسروق ثنا محمد بن القاسم بن سليمان المؤدب ثنا أحمد بن الصلت ثنا أحمد بن يونس ثنا خالد بن إلياس عن عبد اللَّه بن رافع عن أم سلمة به.

344/ 718 - "إِذَا صَلَّى أحدُكم فليصلِّ إلى ستْرَةٍ، وَلْيَدْنُ من سترتِهِ، لا يَقْطَعُ الشيطانُ عليه صلاتَهُ". (حم. د. ن. حب. ك) عن سهل بن أبي حثمة قال الشارح في الكبير: قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبى، وقال ابن عبد البر: اختلف في إسناده، وهو حسن. قلت: الشارح يعيب دائما على المصنف النقل عن متأخر مع وجوده عن متقدم لاسيما من الأئمة المشاهير ولا سيما من أهل الكتب الستة، وما نقله عن ابن عبد البر قد سبقه إليه البخارى في التاريخ وأبو داود في سننه. قال البخارى [7/ 290، رقم 1241]: موسى بن عيسى بن لبيد بن إياس الليثى عن صفوان بن سليم عن نافع بن جبير بن مطعم عن سهل بن أبي حثمة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان صلاته". قاله أبو الربيع سليمان بن داود عن إسماعيل بن جعفر. وقال قتيبة: ثنا إسماعيل بن جعفر عن موسى بن عيسى بن إياس بن البكير عن صفوان عن نافع عن سهل بن سعد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه أبو داود [1/ 185، رقم 695] من طريق سفيان عن صفوان بن سليم عن نافع بن جبير عن سهل بن أبي حثمة به، ثم قال: ورواه واقد بن محمد عن صفوان عن محمد بن سهل عن أبيه أو عن محمد بن سهل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال بعضهم: عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد، واختلف في إسناده اهـ.

345/ 719 - "إذا صَلَّى أحدُكم رَكْعَتَى الفجْرِ فَلْيَضطَجعْ عَلَى جِنْبِهِ الأيمنِ". (د. ت. حب) عن أبي هريرة قال الشارح: صحيح غريب. وقال في الكبير: قال الترمذى: حسن غريب، وقال ابن القيم: باطل، إنما الصحيح عه الفعل لا الأمر، وقال في "الرياض": أسانيده صحيحة، وقال غيره: إسناد أبي داود على شرط الشيخين. قلت: ابن القيم لم يقل ذلك من قبل نفسه، بل نقله عن شيخه ابن تيمية معتمدا على تفرد عبد الواحد بن زيد بذكره بصيغة الأمر، وعبد الواحد ثقة من رجال الصحيح فلا يضره تفرده، وقد أشبعنا الكلام على هذه المسألة في غير هذا الموضع. 346/ 720 - "إِذَا صَلَّى أحدُكم الجُمُعةَ فَلا يُصَلِّ بَعدَها حتى يَتكلَّم أو يخرُجَ". (طب) عن عصمة بن مالك قلت: قال الطبرانى [71/ 181، رقم 481]: حدثنا أحمد بن رشدين ثنا خالد بن عبد السلام ثنا الفضل بن المختار عن عبد اللَّه بن موهب عن عصمة بن مالك به. ورواه الديلمى [1/ 381، رقم 1241] عن الحداد عن أبي نعيم، وبه يعرف أن ما زعمه الشارح من أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ذلك لرجل رآه يصلى عقب الجمعة لا ذكر له في هذا الحديث على أنه من هذا الوجه ساقط جدا، لأن الفضل بن المختار منكر الحديث متهم بالوضع، ويعارضه الحديث الصحيح المذكور في المتن بعد حديث، فإنه مطلق غير مقيد.

347/ 723 - "إِذَا صلَّى أحدُكم فأحدَثَ فليُمْسِكْ على أنفِهِ، ثم لَيَنْصَرِفَ". (هـ) عن عائشة قال الشارح: رمز المصنف لحسنه وفيه ما فيه. قلت: هذه العبارة موهمة أنه ليس بحسن بل ضعيف، لأنها تعقب على الحكم بالحسن، وقد سلم الشارح في الكبير الحكم بالحسن، فقال: رمز لحسنه، وإنما لم يصححه لأن فيه عمر بن على المقدسى، قال ابن عدى: اختلط، وقال الذهبى: ثقة مدلس اهـ. فهذا يفيد على أنه يقصد بالعبارة الأولى التعقب على الحسن بأنه أعلى من ذلك، فهى عبارة موهمة وكلام متناقض. 348/ 725 - "إذا صَلَّت المرأةُ خَمْسَهَا، وصَامَتْ شَهْرَهَا، وحَفِظَتْ فَرْجَهَا وأطاعتْ زَوْجَها دخلتْ الجنَّةَ". البزار عن أنس (حم) عن عبد الرحمن بن عوف (طب) عن عبد الرحمن بن حسنة قال الشارح في الكبير على حديث أنس: قال الهيثمى: فيه رواد بن الجراح، وثقه أحمد وجمع وضعفه آخرون، وقال ابن معين: وهم في هذا الحديث ويقية رجاله رجال الصحيح. قلت: له طريق آخر ليس فيه رواد، وإن كان فيه من هو ضعيف أيضا. قال أبو نعيم في الحلية: حدثنا أحمد بن القاسم بن الريان ثنا عبد اللَّه بن محمد بن سعيد بن أبي مريم ثنا الفريابى ثنا سفيان الثورى عن الربيع بن صبيح عن يزيد بن أبان الرقاشى عن أنس به، وقال في آخره: "فلتدخل من أى أبواب الجنة شاءت".

349/ 726 - "إِذَا صَلَّوا على جنازةٍ فَأثنُوا عليها خيرًا يقول الربُّ: أجزتُ شَهادتهُم فِيما يَعلمُونَ، وأغْفِر لَهُ مَا لا يَعلمُونَ". (تخ) عن الربيع بنت معوذ قال (ش) في الكبير: رمز لحسنه وليس ذا منه بحسن، فإن البخارى خرجه من حديث عيسى بن يزيد أبي معاذ عن خالد بن كيسان عن الربيع، قال البخارى: خالد فيه نظر، وفي اللسان ذكره العقيلى في الضعفاء، وقال: لا يحفظ هذا الخبر عن الربيع، وعيسى بن يزيد -هو ابن داب- متروك. قلت: خالد هو ابن ذكوان لأنه المعروف بالرواية عن الربيع، وإنما غلط في اسم والده عيسى بن يزيد، فجاء رجلا مجهولا لا يعرف، وخالد بن ذكوان ثقة من رجال الصحيح، والراوى عنه هو عيسى بن يزيد الأزرق القاضى وهو صدوق مقبول لا عيسى بن يزيد بن داب النحوى المتروك. فالحديث حسن كما قال المصنف، والشارح قد رأى تحقيق الحافظ في اللسان [2/ 385، رقم 1582] لهذا الإسناد، ولكنه لا يحسن معرفة ذلك فقال ما قال. 350/ 728 - "إذا صلَّيَت الصُّبْحَ فقلْ قيلَ أَنْ تكلَّمِ أحدًا من الناس: اللهمَّ أجرنِى من النارِ سبع مراتٍ، فإنك إن مِتَّ من يومِك ذلك كتبَ اللَّهُ لك جوارًا من النَّارِ، وإذا صلَّيت المغربَ فقلْ قبلَ أن تكلم أحدًا من الناسِ: اللهمَّ أجرنِى من النارِ سبع مراتٍ، فإنك إن مِتَّ من ليلتِك كتبَ اللَّهُ لكَ جوارًا من النارِ". (حم. د. ن. حب) عن الحارث التميمى قال الشارح في الكبير: هو عن الحارث بن مسلم التميمى عن أبيه، كذا هو

[في الكلام على مسلم بن الحارث بن مسلم التميمى]

عند النسائى، لكن ابن أبي حاتم قال: الحارث بن مسلم بن الحارث، فمسلم هو الذي يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عنده، قال أبو حاتم: والحارث بن مسلم تابعى، ولم يذكر لمسلم هذا أكثر من أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعثه في سرية، وأما ابنه فلا يعرف حاله اهـ. وبه يعلم ما في رمز المصنف لصحته. [في الكلام على مسلم بن الحارث بن مسلم التميمى] قلت: كان الأولى للشارح أن يقول: وبه يعلم ما في تصحيح ابن حبان له بإخراجه في الصحيح، فإن المصنف تابع له في ذلك، وقد تعقب الحافظ إخراج ابن حبان له ثم أجاب عنه بما سيأتي، أما كون صحابى الحديث هو مسلم لا الحارث، فذلك لا لوم فيه على المصنف لأن رواة الحديث اختلفوا فيه، فبعضهم يقول: مسلم بن الحارث، وبعضهم يقول: الحارث بن مسلم، وبكل من الاسمين ذكره جمع من المخرجين، ومنهم من يجمع بين الاسمين فيقول: الحارث بن مسلم، ويقول: مسلم بن الحارث، قال الحافظ في "التهذيب" [10/ 113، رقم 226]: مسلم بن الحارث ويقال الحارث بن مسلم التميمى روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الدعاء عند الانصراف من صلاة المغرب، روى حديثه عبد الرحمن بن حسان الفلسطينى، اختلف عليه فيه، قال البرقانى: قلت للدارقطنى: مسلم بن الحارث بن مسلم عن أبيه فقال: مجهول لا يروى عن أبيه غيره. توفى الحارث بن مسلم في خلافة عثمان، قال الحافظ: وصحح البخارى وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان والترمذى وابن قانع، وغير واحد أن مسلم بن الحارث هو الصحابى راوى هذا الحديث. وأخرج ابن حبان الحديث في صحيحه [5/ 336، رقم 2022] من مسند

الحارث بن مسلم، والذي يترجح ما قاله البخارى، فإن صدقة بن خالد ومحمد بن سعيد بن سابور رويا عن عبد الرحمن بن حسان الذي مدار الحديث عليه فقالا: عن الحارث بن مسلم بن الحارث عن أبيه. ورواه الوليد بن مسلم فاختلف عليه، فقال: داود بن رشيد وهشام بن عمار وعمرو بن عثمان الحمصى وعلى بن سهل الرملى ومؤمل بن الفضل الحرانى عنه عن عبد الرحمن عن مسلم بن الحارث بن مسلم عن أبيه، وقال محمد ابن مصفى وعبد الوهاب بن نجدة ومحمد بن الصلت عن الوليد: بقول صدقة ابن خالد. ومحصل ذلك الاختلاف في الصحابى هل هو الحارث بن مسلم أو مسلم بن الحارث وفي التابعى كذلك ولم أجد له في التابعين توثيقا، إلا ما اقتضاه صنيع ابن حبان، حيث أخرج الحديث في صحيحه، وقد جزم الدارقطنى بأنه مجهول. والحديث الذي رواه أصله تفرد به ما رأيته إلا من روايته، وتصحيح مثل هذا في غاية البعد، لكن ابن حبان على عادته في توثيق من لم يرو عنه إلا واحد إذا لم يكن فيما رواه ما ينكر اهـ. قلت: وقد تعرض لبيان الخلاف فيه البخارى في "التاريخ" بعد أن أخرجه [7/ 253، رقم 1076] عن محمد بن الصلت: أنا الوليد بن مسلم أبو العباس مولى بنى أمية الدمشقى ثنا عبد الرحمن بن حسان ثنا الحارث بن مسلم بن الحارث التميمى عن أبيه به. ثم قال: وقال هشام بن عمار: ثنا الوليد عن عبد الرحمن بن حسان الكنانى حدثنى مسلم بن الحارث عن أبيه به. وقال أبو صالح الحكم بن موسى: ثنا صدقة بن خالد عن عبد الرحمن بن

حسان عن الحارث بن مسلم التميمى عن أبيه، وقال إبراهيم بن موسى: أخبرنى الوليد قال: حدثنا عبد الرحمن بن حسان عن الحارث بن مسلم بن الحارث التميمى عن أبيه: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كتب له كتابا بالوصاة إلى من بعده من ولاة الأمر" اهـ. وكذلك ذكره أبو داود [4/ 321، رقم 5080] فقال: حدثنا عمرو بن عثمان الحمصى، ومؤمل بن الفضل الحرانى، وعلى بن سهل الرملى، ومحمد بن المصفى الحمصى قالوا: ثنا الوليد بن مسلم ثنا عبد الرحمن بن حسان الكنانى قال: حدثنى مسلم بن الحارث بن مسلم التميمى عن أبيه به. ورواه أيضا [4/ 320، رقم 5079] عن إسحاق بن إبراهيم الدمشقى: ثنا محمد بن شعيب أخبرنى أبو سعيد الفلسطينى عبد الرحمن بن حسان عن الحارث بن مسلم أنه أخبره عن أبيه مسلم بن الحارث التميمى به، وذكر فيه الاختلاف. ثم إن عزو هذا الحديث إلى النسائى، وقول الشارح: كذا هو عند النسائى وهم فإن النسائى لم يخرجه في المجتبى الذي هو أحد الكتب الستة فإن يكن خرجه ففى اليوم والليلة أو في الكبرى (¬1). 351/ 730 - إِذَا صَلَّيْتُم خَلْفَ أئمَّتِكم فَأحْسنُوا طهورَكم، فإنما يرتجُّ على القارِئ قِرَاءته بِسُوءِ طُهْرِ المصلِّى خَلْفه". (فر) عن حذيفة قلت: هذا حديث موضوع انفرد به أبو الطيب محمد بن فرحان وهو وضاع. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائى في الكبرى كتاب: عمل اليوم والليلة (6/ 33، رقم 9939).

352/ 739 - "إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكم أخَاه (¬1) فليتَّقِ الوجْهَ". (د) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه ليس في أحد الصحيحين وهو ذهول عجيب، فقد خرجه مسلم من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ بعينه، قال ابن حجر: ورواه البخارى بلفظ آخر. قلت: لا ذهول إلا من الشارح، فإن مسلما لم يخرجه بهذا اللفظ بعينه كما زعم، إنما رواه [4/ 2016، 2612/ 112] بلفظ: "إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه"، وأشار إلى رواية: "إذا ضرب" ولم يذكرها. 353/ 740 - "إِذَا ضَنَّ النَّاسُ بالدِّينارِ والدِّرْهَم، وتبايَعُوا بالعيْنَةِ، وتبِعُوا أذنابَ البقرِ، وتركُوا الجهادَ في سَبيلِ اللَّه، أدخلَ اللَّهُ تَعالى عليَهم ذُلًا لا يرفَعُه عنهم حتَّى يراجِعُوا دينَهُم". (حم. طب. هب) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: وفيه أبو بكر بن عياض مختلف فيه. قلت: أبو بكر بن عياض إنما هو في سند أحمد [2/ 28]، وقد نقدم هذا الحديث بلفظ: "إذا تبايعتم"، وتكلم عليه الشارح بكلام سخيف بيناه مع طرق الحديث هناك فارجع إليه. 354/ 741 - "إِذَا طَبَخْتُمُ اللَّحْمَ فَأَكْثِرُوا المَرَقَ، فإِنَّه أوسعُ وأبلغُ للجيرانِ". (ش) عن جابر قال الشارح في الكبير: قضية صنيعه أنه لم يخرجه أحد من الستة، وإلا لما عدل عنه وأبعد النجعة وهو ذهول، فقد أخرجه مسلم بلفظ: "إذا طبخت ¬

_ (¬1) في النسخة المطبوعة من فيض القدير: "خادمة".

مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك"، ذكره في البر من حديث أبي هريرة، ورواه عنه أيضا باللفظ الواقع هنا أحمد والبزار، قال الهيثمى: ورجال البزار فيهم عبد الرحمن بن مغراء، وثقه أبو زرعة وجمع، وفيه كلام لا يضر، وبقية رجاله رجال الصحيح، وإسناد أحمد منقطع اهـ. والمؤلف رمز لحسنه. قلت: في هذا أوهام متعددة: الأول: أنه حكم على المصنف بالذهول لعدم عزوه إلى مسلم، ثم ذكره بلفظ آخر مغاير للفظ الكتاب، إذ حديث الكتاب فيه: "إذا طبختم اللحم فأكثروا المرق"، وحديثه الذي استدركه، فيه: "إذا طبخت المرق فأكثر الماء" (1)، فأين هذا اللفظ من ذاك؟ ومن أحق حينئذ أن يحكم عليه بالذهول؟ الثانى: أن الحديث من رواية أبي ذر لا من رواية أبي هريرة. الثالث: أن الحديث عند مسلم غير مصدر باللفظ الذي ذكره الشارح، بل بلفظ آخر يدخل في حرف "الياء"، فإنه أخرجه من طريق أبي عمران الجونى عن عبد اللَّه بن الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك" (¬1). وهكذا أخرجه البخارى في الأدب المفرد [ص 55، رقم 114] بلفظ: "يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماء المرقة وتعاهد جيرانك، أو اقسم في جيرانك". ورواه أبو نعيم في الحلية [8/ 357] من وجه آخر من طريق الثورى عن الأعمش عن إبراهيم التيمى عن أبيه عن أبي ذر قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا طبخت قدرا فأكثر المرق واغرف لجيرانك". ¬

_ (¬1) انظر صحيح مسلم (4/ 2025، رقم 2625/ 142، 143).

الرابع: قوله: ورواه عنه أيضا أحمد والبزار، يقتضى أنه عن أبي هريرة، لأنه عطف عليه وفي سياق ذكر حديثه، والواقع أنهما خرجاه من حديث جابر. ورواه من حديثه أيضا الطبرانى في الأوسط بلفظ: "إذا طبخ أحدكم قدرا فليكثر مرقها ثم ليناول جاره منها"، وفيه عبيد اللَّه بن سعيد قائد الأعمش، وقد وثقه ابن حبان لكن ضعفه غيره. الخامس: قوله: ورواه عنه أيضا باللفظ الواقع هنا أحمد والبزار، فإن الذي رواه باللفظ الواقع هنا هو أحمد فقط [3/ 377]، أما البزار فرواه بلفظ: "إذا طبخت قدرا فأكثر ماءها، أو قال: المرق، وتعاهد جيرانك" (¬1)، وهو بعيد عن اللفظ المذكور في الكتاب والذي رواه به أحمد. السادس: أن الحافظ الهيثمى لم يقل: وإسناد أحمد منقطع، فاعجب للشارح رحمه اللَّه ما أكثر أوهامه. وفي الباب أيضا عن عائشة، قال أبو الشيخ: ثنا ابن رشيد ثنا أبي حميد ثنا سلمة ثنا إسماعيل بن مسلم عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا طبختم القدر فأكثروا الماء، واغرفوا للجيران". 355/ 742 - "إِذَا طَلَبَ أحدُكم مِنْ أخِيه حاجةً فَلا يبدَأُه بالمِدْحَةِ فيقطَعُ ظَهْرَهُ". ابن لال في "مكارم الأخلاق" عن ابن مسعود قال الشارح في الكبير: وفيه محمد بن عيسى بن حيان ضعفه الدارقطنى، وقال الحاكم: متروك عن يونس بن أبي إسحاق، ضعفه أحمد ويحيى. ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (2/ 381، رقم 1901).

قلت: في هذا أمور، الأول: أن محمد بن يحيى لم يروه عن يونس بن أبي إسحاق بل عن الحسن بن قتيبة عنه، قال ابن لال: أخبرنا عثمان بن أحمد ثنا محمد بن عيسى بن حيان ثنا الحسن بن قتيبة ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبيه أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود به. الثانى: أن يونس بن أبي إسحاق ثقة من رجال مسلم لا يذكر في مثل هذا. الثالث: أن الذي ينبغى أن يعل به الحديث هو الحسن بن قتيبة، فإنه هالك ساقط، والحديث باطل موضوع. 356/ 744 - "إِذَا طَلَعَتِ الثُّرَيَّا أمِنَ الزرعُ من العَاهَةِ". (طص) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: وفيه شعيب بن أيوب الصريفينى، أورده الذهبى في "الضعفاء"، وقال أبو داود: أخاف اللَّه في الرواية عنه، والنعمان بن ثابت إمام أهل الرأى أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: قال ابن عدى: ما يرويه غلط وتصحيف وزيادات وله أحاديث صالحة. قلت: فيه مؤاخذات على المصنف والشارح، أما المصنف فمن وجهين، أحدهما: أن لفظ الحديث عند الطبرانى مغاير للفظ الذي ذكره، بل لا يوجد بهذا اللفظ عند من رأيناه من المخرجين لهذا الحديث، فكأن أحدا نقله بالمعنى، ونقله عنه المصنف كذلك، قال الطبرانى [1/ 81، رقم 104]: حدثنا أحمد بن محمد بن يعقوب أبو بكر الخزاز الأصبهانى ثنا شعيب بن أبي أيوب الصريفينى ثنا مصعب بن المقدام عن داود الطائى عن النعمان بن ثابت عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا ارتفع النجم رفعت العاهة عن كل بلد".

قال الطبرانى: والنجم هو الثريا. ورواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [1/ 121] عن الطبرانى بهذا اللفظ إلا أنه قال: "إذا ارتفعت النجوم" بدل "النجم" ولم يذكر تفسير الطبرانى. ورواه في الحلية [7/ 367] عن عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه الكاتب: ثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا شعيب بن أيوب به مثله بلفظ الجمع في "النجوم" أيضا. ثانيهما: أن الحديث موجود في مسند أحمد بلفظ [2/ 341]: "إذا طلع النجم صباحا رفعت العاهة"، بل عزاه السخاوى في المقاصد [ص 88، رقم 69] إلى سنن أبي داود كذلك أيضا فالعزو إليه أولى. وأما الشارح فمن وجوه، أحدها: في تعليله الحديث بشعيب بن أيوب، فإنه برئ منه لأن الحديث مشهور عن أبي حنيفة رواه عنه خلق كثيرون منهم: محمد بن الحسن ويونس بن بكير وأسد بن عمرو ووكيع بن الجراح ومحمد ابن ربيعة والقاسم بن معن والصلت بن الحجاج والحسن بن زياد وعبد اللَّه بن يزيد المقري وسفيان بن عيينة وجعفر بن عون ويزيد بن هارون ومحمد بن خالد الوهبى وآخرون، بل تابع شعيب بن أيوب على روايته عن مصعب بن المقدام جماعة إلا أن بعضهم قال: عن مصعب عن أبي حنيفة بدون واسطة داود الطائى. ورواية محمد بن الحسن خرجها في كتاب الآثار له في آخره قبل أربعة أبواب من ختامه. ورواية يونس بن بكير خرجها أبو بكر بن عبد الباقى الأنصارى في مسند أبي حنيفة [ص 141] والجمال المرشدى في كتابه "الأربعين المكية من أحاديث الفقهاء الحنفية"، ونقله عنه بإسناده الكورانى في "الأمم لإيقاظ الهمم"، ورواية الباقين خرجها جماعة ذكر أسانيدهم الخوارزمى في مسانيد أبي حنيفة

فلا نطيل بذكرها، واتفقوا كلهم عليه بلفظ: "إذا طلع النجم رفعت العاهة عن أهل كل بلد". ثانيها: في تعليله بأبي حنيفة فإنه لم ينفرد به أيضا، بل تابعه عسل بن سفيان عن عطاء عن أبي هريرة. كذلك أخرجه أحمد [2/ 341]، والطحاوى في مشكل الآثار [6/ 57، رقم 2287] وغيرهما، قال الطحاوى: حدثنا محمد بن خزيمة ثنا معلى بن أسيد ثنا وهب بن خالد عن عسل بن سفيان عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا طلعت الثريا رفعت العاهة عن أهل البلد". وقال أيضا [6/ 56، رقم 2286]: ثنا محمد بن على بن داود ثنا عفان بن مسلم ثنا وهيب بن خالد به بلفظ: "ما طلع النجم صباحا قط وبقوم عاهة إلا رفعت عنهم، أو خفت". وبهذا اللفظ الأخير رواه أحمد أيضا [2/ 388] والبزار (¬1) والطبرانى في الأوسط، وعسل بن سفيان ضعفه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ ويخالف. ثالثهما: أن تعرض الشارح لذكر رجال الحديث يقتضى أنه وقف عليه في أصله، فلا أدرى ما أسكته عن التنبيه على مخالفة المصنف للفظ الحديث المخرج في الأصل المعزو إليه مع شدة اهتمامه بذلك؟. 357/ 745 - "إِذَا طَنَّتْ أُذُنُ أحدِكم، فليذْكُرْنى، وليصلِّ عليَّ، وليقلْ: ذَكَر اللَّه من ذكرنِى بخيرٍ". الحكيم وابن السنى (عق. طب. م. عد) عن أبي رافع ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (2/ 97، رقم 1292).

زاد الشارح في الكبير: في الطب (طب. عق. عد) عن أبي رافع. قال في الكبير أيضا: قال الهيثمى: إسناد الطبرانى في الكبير حسن اهـ. وبه بطل قول من زعم ضعفه فضلا عن وضعه، بل أقول: المتن صحيح، فقد رواه ابن خزيمة في صحيحه وهو ممن التزم تخريج الصحيح، ولم يطلع عليه المصنف أو لم يستحضره، وبه شنعوا على ابن الجوزى. قلت: ابن السنى لم يخرجه في الطب، ولكن في عمل اليوم والليلة [ص 58، رقم 163] فقال: أخبرنا أبو صخرة عبد الرحمن بن محمد ثنا محمد بن سليمان لوين ثنا حبان ابن على ثنا محمد بن عبيد اللَّه بن أبي رافع عن أخيه عبد اللَّه بن عبيد اللَّه عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا طنت أذن أحدكم فليذكرنى، وليصل على وليقل: ذكر اللَّه بخير من ذكرنى". ومن هذا الوجه رواه ابن أبي عاصم في كتاب الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: حدثنا أبو الربيع ثنا حسان بن عدى ثنا محمد بن عبيد اللَّه به. ورواه الخرائطى في "مكارم الأخلاق" [2/ 918، رقم 1022]: حدثنا سعدان بن يزيد ثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنيه حبان ومندل ابنا على عن ابن أبي رافع عن أبيه عن جده به، كذا أورده من غير ذكر أخيه عبد اللَّه. وهكذا رواه معمر بن محمد بن عبيد اللَّه عن أبيه فلم يقل عن أخيه، قال الطبرانى في الصغير [2/ 246، رقم 1104]: ثنا نصر بن عبد الملك السنجارى ثنا معمر بن محمد بن عبيد اللَّه بن أبي رافع ثنا أبي محمد عن أبيه عبيد اللَّه عن أبيه أبي رافع به، وقال: لا يروى عن أبي رافع إلا بهذا الإسناد تفرد به معمر بن محمد اهـ. ولا يخفى ما فيه. نعم انفرد به والده محمد وهو ضعيف منكر الحديث ذاهبه كما قال البخارى

وأبو حاتم، وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وقال الدارقطنى: متروك. وأورد الذهبى [3/ 634، رقم 7904] في ترجمته هذا الحديث وأعاده في ترجمة ابنه معمر [4/ 156، رقم 8693]، ولذلك يستغرب من قول الحافظ الهيثمى: إن سند الطبرانى في الكبير حسن، وكأنه اعتمد ذكر ابن حبان إياه في الثقات ولم ير كلام غيره فيه، وأغرب منه إخراج ابن خزيمة له في الصحيح ولعله كان يرى توثيقه أو خفى عليه حاله، وقد انتقد السخاوى ذلك على ابن خزيمة فعزاه إليه في "القول البديع"، ثم قال: وذلك عجيب لأن إسناده غريب وفي ثبوته نظر، وذكر نحو ذلك في "المقاصد الحسنة" [89، رقم 70]، وزاد: بل قال العقيلى: إنه ليس له أصل اهـ. وبهذا تعرف وهم الشارح في تصحيحه الحديث اعتمادا على تحسين الهيثمى وتصحيح ابن خزيمة. 358/ 749 - "إِذَا ظَهَرت الحيَّةُ في المسْكَنِ فقولُوا لها: إِنَّا نسألُكِ بعهدِ نوحٍ، وبعهدِ سليمانَ بنِ داودَ أن لا تُؤْذِينَا، فإن عادتْ فَاقْتُلُوهَا". (ت) عن ابن أبي ليلى قال الشارح: عبد الرحمن الفقيه الكوفى وحسنه. قلت: كذا في النسخة المشروحة ابن أبي ليلى، وذلك وهم من الشارح وصوابه عن أبي ليلى لأنه صحابى الحديث، وأما ابنه عبد الرحمن فتابعى، وكأنه كان في الأصل عن أبي ليلى، فظنه الشارح ابن وأقحم بين عن وبين أداة الكنية عبد الرحمن وصير الحديث مرسلا، والحديث مسند موصول في سند الترمذى [4/ 78، رقم 1485]، وفي نقل المصنف.

359/ 751 - "إِذَا ظَهَرت البدع ولَعَنَ آخرُ هذه الأمةِ أولَها، فَمَنْ كانَ عنده علمٌ فلينْشُرْه، فإن كاتَم العلمِ يومئذٍ ككاتمِ ما أنُزلَ على محمدٍ". ابن عساكر عن معاذ قلت: ورواه من حديثه أيضا الديلمى في مسند الفردوس [1/ 400، رقم 1313] قال: أخبرنا أبي أخبرنا أبو إسحاق الرازى ثنا الحسن بن على الصفار ثنا محمد بن على بن محمد التميمى ثنا على بن الحسين بن بندار ثنا محمد بن إسحاق الرملى ثنا هشام بن عمار ثنا الوليد بن مسلم ثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا ظهرت البدع في أمتى وشتم أصحابى، فليظهر العالم علمه، فإن لم يفعل فعليه لعنة اللَّه". قال: وأخبرنا عاليًا طاهر القومسانى أخبرتنا ميمونة أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم ابن حمير الحيارجى ثنا على بن الحسين بن بندار به. وفي الباب عن جابر وسيأتى في: "إذا لعن آخر هذه الأمة". 360/ 753 - "إِذَا عَادَ أحدُكم مريضًا فَلا يأكلْ عنده شيئًا، فإنه حظُّهُ من عِيَادَتِهِ". (فر) عن أبي أمامة قلت: قال الديلمى [1/ 373، 1207]: أخبرنا والدى أخبرنا الميدانى أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن يعقوب بن سهل أخبرنا عبيد اللَّه بن عثمان بن يحيى بن زكريا الدقاق ثنا أبو الحسن على ابن محمد المصرى ثنا القاسم بن الليث النرسى ثنا موسى بن وردان ثنا يحيى عن عثمان بن عبد الرحمن عن مكحول عن أبي أمامة به.

361/ 757 - "إذا عَطَسَ أحدُكُم فليقلْ: الحمدُ للَّه ربِّ العالمينَ، وليقلْ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وليقلْ هو: يغفرُ اللَّهُ لَنَا ولَكم". (طب. ك. هب) عن ابن مسعود، (حم. 3. ك. هب) عن سالم بن عبد اللَّه الأشجعى قلت: في الباب عن جماعة منهم أبو هريرة وعلى وأبو أيوب الأنصارى، فحديث أبي هريرة رواه البخارى [8/ 61، رقم 6224] وأحمد [2/ 353] وابن السنى [ص 85، 249] وآخرون، وحديث أبي أيوب رواه الطيالسى [ص 81، 591] وأحمد [5/ 419، 422] والدارمى [2/ 368، رقم 2659] وأبو نعيم في الحلية [7/ 163]، وحديث على رواه أحمد [1/ 120، رقم 122] وأبو نعيم في الحلية [8/ 390] أيضا. 362/ 758 - " إذا عَطَسَ أحدُكم فقالَ: الحمدُ للَّه، قالتِ الملائكةُ: ربِّ العالمينَ، فإذا قالَ: ربِّ العالمينَ، قالتْ الملائكةُ، رَحِمَكَ اللَّهُ". (طب) عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: فيه عطاء بن السائب وقد اختلط اهـ. وأقول فيه أيضا أيو كريب، قال الذهبى: مجهول. قلت: هذا من أعجب ما يسمع، بل هو من عجر الشارح وبجره، فأبو كريب من أشهر رجال الكتب الستة الذين أكثروا عنهم، بل هو بين أهل الحديث أشهر من نار على علم، والذهبى برأه اللَّه مما نسب إليه الشارح، فما أدرى ما هذا الوهم العجيب. والحديث رواه أيضا ابن السنى قال [ص 85، رقم 250]: أخبرنى إسحاق بن إبراهيم بن يونس ثنا أبو كريب ثنا عبيد بن محمد النحاس

ثنا صباح المدنى عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. ورواه البخارى في الأدب المفرد [ص 307، رقم 923] موقوفا على ابن عباس فقال: حدثنا موسى عن أبي عوانة عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا عطس أحدكم فقال: الحمد للَّه قال الملك: رب العالمين، فإذا قال: رب العالمين، قال الملك: يرحمك اللَّه". 363/ 759 - "إِذَا عَطَسَ أَحدُكم فليشمِّتْه جليسُه، فإن زَادَ على ثلاثٍ فهو مزكومٌ، ولا يشمَّتُ بعد ثلاثٍ". (د) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: كذا عزاه المصنف لأبي داود فيما وقفت عليه من النسخ، وقد عزاه في الأذكار لابن السنى، وقال: فيه رجل لم أتحقق حاله، وباقى إسناده صحيح، وعزاه ابن حجر لأبي يعلى وقال: فيه سليمان الحرانى ضعيف، ولم يتعرض إلى تخريجه لأبي داود. قلت: الحديث رواه أبو داود لكن ليس باللفظ الذي ذكره المصنف، فإنه قال [4/ 308، رقم 5034]: حدثنا مسدد ثنا يحيى عن ابن عجلان ثنى سعيد ابن أبي سعيد عن أبي هريرة قال: "شمت أخاك ثلاثا فما زاد فهو زكام". حدثنا عيسى بن حماد المصرى ثنا الليث عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال: لا أعلمه إلا رفع الحديث إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمعناه، قال أبو داود: رواه أبو نعيم عن موسى بن قيس عن محمد بن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال المصنف في شرح السنن: ولفظه كما في تاريخ ابن عساكر: "إذا عطس أحدكم"، فذكر مثل ما هنا، فهو أخذ السند من أبي داود، والمتن من ابن عساكر.

وقد رواه ابن السنى بهذا اللفظ كما نقله الشارح عن النووى، قال ابن السنى [ص 84، رقم 247]: أخبرنى أبو عروبة ثنا سليمان بن سيف ثنا محمد بن سليمان بن أبي داود ثنا أبي عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به. 364/ 760 - "إِذَا عَظَّمَتْ أُمتى الدُّنيا نُزِعَتْ منها هيبةُ الإِسلامِ، وِإذَا تركت الأمرَ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ حُرِمَتْ بركةَ الوحيِّ، وإذا تَسَابَّتْ أمتى سَقَطَت من عينِ اللَّهِ". الحكيم عن أبي هريرة قلت: قال الحكيم في الأصل الرابع والسبعين ومائة (¬1) في "هيبة الإسلام" [2/ 74]: أخبرنا عمر بن أبي عمر قال: حدثنا محمد بن المتوكل عن البخترى بن عبيد عن سليمان الأغر قال: حدثنى أبي قال: حدثنا أبو هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره، والبخترى بن عبيد ضعيف، ومحمد بن المتوكل فيه مقال وقد عزا الحافظ العراقى هذا الحديث لابن أبي الدنيا في كتاب "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر" عن الفضيل بن عياض معضلا، ومحمد بن المتوكل يروى عن الفضيل بن عياض، فإن كان ابن أبي الدنيا رواه من طريق محمد بن المتوكل عنه فهو اضطراب منه. وقد ذكره الزمخشرى في تفسير سورة الأعراف عن الفضيل بن عياض، فقال الزيلعى في تخريجه [1/ 472، رقم 474]: لم أجده عن الفضيل ثم عزاه ¬

_ (¬1) هو في الأصل الثالث والسبعين ومائة من المطبوع.

للحكيم، لكنه وقع له إسقاط من السند وغلط في تعيين الأصل المخرج فيه من النوادر. 365/ 762 - "إِذَا عَمِلَ أحدُكم عملًا فَلْيُتْقِنْه، فإنه مما يُسَلِّى بنفسِ المُصَابِ". ابن سعد عن عطاء مرسلا قال الشارح في عطاء: هو الهلالى القاضى ثم قال: وأصل هذا أن المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- لما دفن ابنه إبراهيم رأى فرجة في اللبن فأمر بها أن تسد ثم ذكره. قلت: هذا وهم من وجهين أحدهما: أن حديث الفرجة حديث آخر من رواية مكحول ذكره ابن سعد أيضا بعد حديث عطاء فأسمعهما معا، قال ابن سعد [1/ 1/ 91]: أخبرنا الفضل بن دكين ثنا طلحة بن عمرو عن عطاء قال: لما سوى جدثه "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رأي كالحجر في جانب الجدث، فجعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يسوى بأصبعه، ويقول: إذا عمل أحدكم عملًا" الحديث. ثم قال: أخبرنا وكيع بن الجراح عن سفيان عن برد عن مكحول أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "كان على شفير قبر ابنه فرأى فرجة في اللحد فناول الحفار قدرة مَدَرَة وقال: إنها لا تضر ولا تنفع ولكنها تقر عين الحى". ثانيهما: أن عطاء الهلالى القاضى هو عطاء بن أبي يسار، وراوى هذا الحديث عطاء بن أبي رباح، وهو من رواية صاحبه طلحة بن عمرو الحضرمى وهو ضعيف منكر الحديث، وللمرفوع منه شاهد سيأتي في حديث: "إن اللَّه يحب إذا عمل".

366/ 763 - "إِذَا عَمِلْتَ سيِّئَةً فَأَحْدِثْ عندها توبةً، السرُّ بالسرِّ والعلانيةُ بالعلانيةِ". (حم) في الزهد عن عطاء مرسلا قلت: لعل المصنف نقل هذا الحديث بواسطة من نقله مختصرًا، فإن هذا بعض الحديث عند أحمد في الزهد ولفظه [ص 49، رقم 141]: حدثنا عبد الرحمن ثنا زهير عن شريك بن عبد اللَّه عن عطاء بن يسار أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث معاذًا إلى اليمن فقال: يا رسول اللَّه أوصنى، قال: عليك بتقوى اللَّه ما استطعت، واذكر اللَّه عز وجل عند كل حجر وشجر، وإذا عملت سيئة" الحديث. ومن الغريب أن المصنف ذكره في حرف "العين" بتمامه، إلا أنه وهم فيه فعزاه لأحمد في الزهد عن معاذ وهو كما ترى عن عطاء مرسلا كما ذكره هنا لا عن معاذ. 367/ 764 - "إِذَا عَمِلْتَ سيئةً فَأتْبِعْها حسنةً تَمْحُهَا". (حم) عن أبي ذر قال الشارح في الكبير: رمز لصحته وهو غير صواب، فقد قال الهيثمى: رجاله ثقات إلا أن شهر بن عطية حدث به عن أشياخه عن أبي ذر ولم يسم أحدًا منهم. قلت: هذا قطعة من حديث أبي ذر السابق: "اتق اللَّه حيث ما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن". رواه بعضهم بالمعنى، وقد سبق الكلام عليه. 368/ 768 - "إذا غَضِبَ أحدُكم فَلْيَسْكُتْ". (حم) عن ابن عباس

قلت: هذا الحديث لا يدخل في هذا الحرف على اصطلاح المصنف، لأنه قطعة من حديث أوله: "علموا وبشروا ولا تعسروا، وإذا غضب أحدكم فليسكت". هكذا رواه أحمد [1/ 239] عن محمد بن جعفر: ثنا شعبة سمعت ليثًا سمعت طاوسا يحدث عن ابن عباس به. وهكذا ذكره المصنف فيما سيأتي في حرف "العين"، وعزاه لأحمد والبخارى في الأدب المفرد [ص 97، رقم 245]. 369/ 770 - "إِذَا غَضِبَ الرجلُ فقالَ: أعوذُ باللَّهِ سَكَنَ غَضَبُه". (عد) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: إسناده ضعيف، وورد من عدة طرق للطبرانى في الصغير والأوسط عن ابن مسعود رفعه بنحوه، قال الهيثمى: ورجاله ثقات وفي بعضها اختلاف. قلت: فيه أمور، أحدها: قوله: وورد من عدة طرق للطبرانى. . . إلخ، فإنه ليس له إلا طريق واحد ولعله تحرف في نسخته من مجمع الزوائد بعضهم ببعضها كما في الشرح، فظن أن ذلك راجع إلى الطرق، وإنما هو إلى رجال الإسناد. ثانيها: أن الحديث ليس من رواية ابن مسعود ولكنه من حديث ابن عباس كذلك ذكره الهيثمى في الزوائد فقال [8/ 70]: وعن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو يقول أحدكم إذا اغضب أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم ذهب عنه غضبه"، رواه الطبرانى في الصغير والأوسط، ورجاله ثقات وفي بعضهم خلاف اهـ.

والغالب على الظن أن عزوه إلى الصغير وهم من الهيثمى، وإنما هو في الأوسط وحده واللَّه أعلم (¬1). ثالثها: أن استدراك الشارح لهذا الحديث واستشهاده به يفيد أنه الوارد في الباب مع أن معناه في الصحيحين من حديث سليمان بن صرد (¬2) رضي اللَّه عنه قال: "اختلف رجلان عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمر وجهه فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنى لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم". وفي المسند والسنن (¬3) من حديث معاذ نحوه، بل مثله في هذه القصة فالاستشهاد بهما أولى. 370/ 771 - "إِذَا فَاءَتِ الأفْيَاءُ وهبَّ الأرواحُ فاذكُروا حوائِجَكُم فإنَّها ساعةُ الأوَّابينَ" (عب) عن أبي سفيان مرسلا (حل) عن ابن أبي أوفى قال الشارح: بفتح الهمزة وفتح الواو والفاء مقصورة، عقبة بن مالك الأسلمى الصحابى، ويتعدد طرقه ارتقى إلى الحسن. قلت: أوفى بسكون الواو لا بفتحها ولعله سبق قلم من الشارح، فقد نص في الكبير على أنه بسكون الواو. أما قوله: وبتعدد طرقه ارتقى إلى الحسن فتهجم مجرد لا يستند إلى دليل، ¬

_ (¬1) أخرجه الطبرانى في الصغير من حديث ابن مسعود (2/ 197، رقم 1021). (¬2) البخارى (4/ 151، رقم 3282)، مسلم (4/ 2015، 2610/ 109). (¬3) رواه أبو داود (4/ 248، رقم 4780) والترمذى (5/ 504، رقم 3452).

فإن حديث ابن أبي أوفى وحده حاله حال الصحيح. قال أبو نعيم [7/ 227]: ثنا أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد الحافظ ثنا عبد اللَّه بن إبراهيم بن العباس البزاز بأنطاكية ثنا عثمان بن خرزاذ ثنا عبد الجبار بن العلاء ثنا سفيان ابن عيينة عن مسعر عن إبراهيم السكسكى عن ابن أبي أوفى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا فاءت الافياء وهبت الأرياح فارفعوا إلى اللَّه حوائجكم فإنها ساعة الأوابين {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} "، قال أبو نعيم غريب من حديث مسعر لم نكتبه إلا عنه اهـ. وهؤلاء كلهم رجال الصحيح، وإن كان إبراهيم السكسكى لم يخرج له مسلم وخرج له البخارى، إلا أن عبد اللَّه بن إبراهيم لم أعرفه ولم يذكر في الضعفاء. ورواه ابن أبي شيبة من حديث على عليه السلام موقوفا عليه مثله. 371/ 772 - "إِذَا فُتِحَتْ مِصْرُ فاسْتَوصُوا بالقِبْطِ خيرًا، فإنَّ لَهم ذمةً ورَحمًا". (طب. ك) عن كعب بن مالك قلت: قد استوعب طرق هذا الحديث ابن عبد الحكم في مقدمة كتابه "فتوح مصر"، وأخرجه أيضا ابن جرير في "التاريخ" من رواية ابن إسحاق عن الزهرى عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك به مرسلا. 372/ 773 - "إذا فُتِحَ على العبدِ الدعاءُ فليدْعُ ربَّه، فإن اللَّهَ يستجيبُ لَهُ". (ت) عن ابن عمر، الحكيم عن أنس

قال الشارح: وفيه عبد الرحمن بن أبي مليكة قال في الكشف: ضعيف. قلت: في هذا تعقب على المصنف والشارح، أما المصنف فإن حديث ابن عمر ليس هذا لفظه، بل قال الترمذى [5/ 552، رقم 3548]: حدثنا الحسن بن عرفة ثنا يزيد بن هارون عن عبد الرحمن بن أبي بكر القرشى عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة، وما سئل اللَّه شيئا أحب إليه من أن يسأل العافيه"، وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد اللَّه بالدعاء"، ثم قال الترمذى: حديث غريب. وهكذا رواه الدينورى في "المجالسة"، واللفظ الذي ذكره المصنف إنما هو لفظ حديث أنس، قال الحكيم [2/ 22] في "الأصل الرابع والخمسين ومائة (¬1) ": حدثنا محمد بن معن البصرى قال حدثنا حبان بن هلال ثنا الهيثم البكاء قال: حدثنى أنس بن مالك به. وأما الشارح ففى قوله عقب حديث أنس: وفيه عبد الرحمن بن أبي مليكة، فإنه في حديث ابن عمر لا في حديث أنس. 373/ 774 - "إِذَا فَعَلَتْ أُمتى خَمْسَ عَشْرَةَ خصَلَةً فَقَدْ حلَّ بها البلاءُ: إِذَا كانَ المَغْنَمُ دُوَلًا، والأمانَةُ مغنمًا والزكاةُ مغرمًا، وأطاعَ الرجلُ زوجَته، وعقَّ أُمَّهُ، وبرَّ صديقَهُ، وجَفَا أبَاه، وارتفعت الأصْواتُ في المساجدِ، وكان زعيمُ القومِ أرذلَهم، وأُكْرِمَ الرجلُ مخافةَ شرِّه، وشُرِبَتِ الخمورُ، ولُبسَ الحريرُ، واتُّخِذَتِ القيناتُ والمعازفُ، وَلَعَن آخرُ هذه الأمةِ أولَهَا، فليرتَقِبُوا عند ذلك ريحًا ¬

_ (¬1) هو في الأصل الثالث والخمسين ومائة.

حَمْرَاءَ، أو خسْفًا، أو مسْخًا". (ت) عن على قلت: أخرجه أيضا ابن حبان في الضعفاء قال [2/ 207]: ثنا محمد بن إسحاق الثقفى ثنا قتيبة بن سعيد والربيع بن ثعلب قالا: حدثنا فرج بن فضاله (ح). وأخرجه أيضا أبو المفضل الشيبانى، ومن طريقه الطوسى في أماليه في الجزء الثامن عشر. وأخرجه الخطيب في التاريخ [3/ 158، رقم 1196]، ومن طريقه ابن عساكر في "تبين كذب المفترى" كلهم من طريق الفرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد الأنصارى عن محمد بن على عن أبيه على به. وقال البرقانى في سؤالات الدارقطنى: سألت الدارقطنى عن الفرج بن فضالة فقال: ضعيف. قلت: فحديثه عن يحيى بن سعيد الأنصارى عن محمد بن على عن على: "إذا عملت أمتى خمس عشرة خصلة"، قال: هذا باطل، قلت: من جهة الفرج؟ قال: نعم، قلت: يخرج هذا الحديث؟ قال: لا اهـ. وهذا غلو من الدارقطنى، فإن فرج بن فضالة إنما فيه ضعف من جهة حفظه لا من تهمته بالكذب وقد روى عثمان الدارمى عن ابن معين أنه قال: لا بأس به، وقال الفلاس عن ابن معين: صالح، وقال على بن المدينى: هو وسط وليس بالقوى، وقال أحمد: إذا حدث عن الشاميين فليس به بأس ولكنه حدث عن يحيى بن سعيد مناكير، وقال أبو حاتم: صدوق يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال الخليلى في الإرشاد: ضعفوه ومنهم من يقويه، ويشهد لهذا

الحديث مطابقته للواقع فإن حال أهل الزمان هو المذكور فيه. وقد وقع للترمذى وهم في اسم شيخ يحيى بن سعيد الأنصارى نبه عليه الذهبى في ترجمة فرج بن فضالة في الميزان [3/ 343، رقم 6696]. 374/ 775 - "إِذَا قال الرجلُ لأخِيهِ: جزاك اللَّهُ خيرًا، فقدْ أبلغَ في الثناءِ". ابن منيع في معجمه (خط) عن أبي هريرة (خط) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: فيه عمر بن زرارة الطرسوسى شيخ مفضل، وموسى ابن عبيدة الربذى: ضعيف. قلت: حديث أبي هريرة لا يدخل في هذا الحرف على اصطلاح المصنف، لأنه مصدر بحرف "من"، وقد رواه الطبرانى في الصغير [2/ 291، رقم 1184] مصدرا بحرف إذا كما هنا، ولكن المصنف لم يعزه له. قال الخطيب [11/ 203]: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحسين بن محمد بن الحسن بن بيان المكبر أخبرنا أبو العباس عبد اللَّه بن موسى بن إسحاق الهاشمى ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز ثنا أبو حفص عمر ين زرارة الطرسوسى ثنا عيسى بن يونس عن موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قال لأخيه جزاك اللَّه خيرا، فقد أبلغ في الثناء". أما تعليل الشارح للحديث بعمر بن زرارة فباطل من وجوه، أحدهما: أن عمر بن زرارة ثقة. ثانيهما: أنه توبع فقد رواه عبد الرزاق عن الثورى عن موسى بن عبيدة به. ورواه الطبرانى في الصغير [2/ 291، رقم 1184] عن أبي مسلم الكشى: ثنا سعيد بن سلام العطار ثنا موسى بن عبيدة به.

ثالثها: أن حديث ابن عمر ليس فيه عمر بن زرارة، والمصنف أورد الحديث من روايتهما معا. فقد قال الخطيب [10/ 282]: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق أخبرنا على بن محمد الواعظ ثنا عبد الرحمن بن قريش أبو نعيم الهروى ثنا إدريس بن موسى الهروى ثنا موسى ابن نصر السمرقندى عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر به، كما في المتن. وفي الباب عن أسامة بن زيد سيأتي في "من صنع إليه معروف". 375/ 776 - "إِذَا قالَ الرجلُ لأخِيه يا كافرُ فقد باءَ بها أحدُهُمَا". (خ) عن أبي هريرة (حم. خ) عن ابن عمر قلت: حديث ابن عمر خرجه مالك في الموطأ [2/ 984] عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر، ورواه ابن وهب عن مالك عن نافع عن ابن عمر ورواه الطحاوى في مشكل الآثار من وجوه متعددة عن نافع عن ابن عمر (¬1) ورواه أيضا بنحوه من حديث أبي ذر [2/ 322 رقم 862] وأبي سعيد الخدرى [2/ 323، رقم 864] وحذيفة بن اليمان [2/ 324، 865] وذلك في الباب المعقود لهذا الحديث (ص 368 من الجزء الأول). 376/ 777 - "إِذَا قَالَ العبدُ: يا ربِّ، يا ربِّ، قالَ اللَّهُ: لبيَّكَ عبدِى سلْ تُعْطَ". ابن أبي الدنيا في الدعاء عن عائشة ¬

_ (¬1) أخرجه في المشكل (2/ 320 - 322، رقم 855، 857، 858، 859، 860، 861).

قلت: رواه أيضا أبو الشيخ: حدثنا جعفر بن أحمد بن فارس ثنا الحسن بن شاذان ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا الحكم بن سعيد عن هشام عن أبيه عن عائشة به مثله. ورواه ابن شاهين في الترغيب قال [1/ 183، رقم 145]: ثنا على بن عبد اللَّه بن مبشر بواسط ثنا محمد بن حربي النشائى ثنا يعقوب بن محمد ثنا الحكم بن سعيد الأموى به مثله. وفي الباب عن جابر مثله، أخرجه الديلمى [1/ 352، رقم 1129] من طريق محمد بن الحسن بن عبد العزيز الأحدب: ثنا داود بن رشيد ثنا حفص بن عمر عن ابن المنكدر عن جابر. 377/ 778 - "إذا قال الرجل للمنافقِ يا سيد فَقَدْ أَغْضَبَ رَبَّهُ". (ك. هب) عن بريدة قال الشارح في الكبير: قال الحاكم صحيح وتعقبه الذهبى بأن فيه عقبة الأصم ضعفوه. قلت: الذهبى يتكلم على الحديث بحسب الطريق التي أمامه غير باحث عما عداه، والحديث له طرق أخرى، قال ابن المبارك في كتاب الزهد (¬1): أخبرنا المسعودى أخبرنا ابن حوط عن قتادة عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا قال الرجل للمنافق سيدا فقد أغضب اللَّه". وقال البخارى في الأدب المفرد [ص 258، رقم 761]: ثنا على بن عبد اللَّه ثنا معاذ بن هشام حدثنى أبي عن قتادة عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تقولوا للمنافق سيد، فإنه إن ¬

_ (¬1) وهو من زوائد نعيم بن حماد.

يكن سيدكم فقد أسخطتم ربكم عز وجل". وهكذا رواه أبو داود في السنن [4/ 295, رقم 4977] عن عبيد اللَّه بن عمر ابن ميسرة ثنا معاذ بن هشام به. وعزاه الحافظ المنذرى في تلخيص السنن للنسائى، وهو يريد الكبرى أو اليوم والليلة له (¬1). فقد أخرجه ابن السنى في "عمل اليوم والليلة" له [ص 126، رقم 385] عن النسائى عن عبيد اللَّه بن سعيد: ثنا معاذ بن هشام به. أما طريق عقبة الذي خرجه الحاكم فرواه أيضا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 198]: حدثنا محمد بن إبراهيم بن على ثنا محمد بن جعفر بن محمد بن سعيد القزاز ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن إبراهيم بن يزيد الأخوين ثنا حاتم بن عبيد اللَّه ثنا عقبة بن عبد اللَّه الأصم ثنا عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا قال الرجل للفاسق يا سيدى فقد أغضب ربه". 378/ 780 - "إِذَا قامَ أحدُكم يصلِّى من اللَّيلِ فليستَك، فإن أحدَكم إذا قرأَ في صلاتِه وَضَعَ مَلَكٌ فَاهُ على فِيه، ولا يخرجُ من فيه شئٌ إلا دَخَلَ فمُ المَلَكِ". (هب) وتمام والضياء عن جابر قلت: ورواه أيضا أبو طاهر المخلص: حدثنا البغوى حدثنا عثمان بن سهل عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر به مختصرا إلى قوله: "فليستك". ¬

_ (¬1) أخرجه النسائى في كتاب عمل اليوم والليلة من السنن الكبرى (6/ 70، رقم 10073).

379/ 781 - "إذا قامَ أحدُكم من الليلِ فاسْتَعْجَم القرآنُ على لسِانِهِ، فلم يَدْرِ ما يقولُ فليضطَجِع". (حم. م. د. هـ) عن أبي هريرة قلت: في الباب عن أنس قال أبو نعيم في التاريخ [1/ 233]: حدثنا أبي ثنا محمد بن محمد بن عزرة الأهوازى ثنا عيسى بن أبي حرب الصفار ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا أبو محمد الأصبهانى بشر بن الحسين عن الزبير بن عدى عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه، فلم يدر ما يقول فليضطجع". ورواه محمد بن نصر المروزى: ثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقى ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوى عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا نعس أحدكم في صلاته فلينصرف فليرقد". وأصل الحديث في الصحيحين وسنن أبي داود (¬1) وغيرها في قصة حمنة ابنة جحش التي وضعت حبلا بين ساريتى المسجد، فكانت تقوم الليل فإذا كسلت أمسكت به فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا، حُلُّوه ليصل أحدكم نشاطه، فإذا كسل أو فتر فليقعد". وفي الباب أيضا حديث عائشة نحوه، وسيأتى للمصنف في حديث "إذا نعس". 380/ 783 - "إِذَا قَامَ أَحدُكم إلى الصلاةِ فَلْيُسَكِّن أَطْرَافَهُ، ولا ¬

_ (¬1) البخارى: (2/ 67، رقم 1150)، مسلم: (1/ 541، رقم 784/ 219)، أبو داود: (2/ 33، رقم 1312) وهو عند أبي داود أيضًا (2/ 33، رقم 1311) بلفظ الترجمة كما أشار المصنف.

يتميَّلُ كما تتميَّلُ اليهودَ، فإن تسكينَ الأطرافِ في الصلاةِ من تمامِ الصلاةِ". الحكيم (عد. حل) عن أبي بكر. قال الشارح في الكبير: وكذا رواه ابن عساكر من حديث الهيثم بن خالد عن محمد بن المبارك الصورى عن يحيى عن معاوية بن يحيى عن الحكم بن عبد اللَّه عن القاسم بن محمد عن أسماء بنت أبي بكر عن أم رومان عن أبي بكر به، قال: ثم إن الهيثم بن خالد قال في الميزان: يروى الأباطيل، ومعاوية هو إما الصدفى أو الطرابلسى وكلاهما ضعيف. قلت: في هذا أمور الأول: أن الهيثم بن خالد المذكور في الإسناد هو غير الذي رأى الشارح في الميزان، بل هو أكبر من هذا. الثانى: أن الميزان ليس فيه ما نقله عنه الشارح، بل فيه [4/ 322، رقم 9302] الهيثم بن خالد الكوفى الخشاب عن مالك بإسناد الصحاح: "لو يعلم الناس ما في سورة الذين كفروا لعطلوا الأهل والمال"، الحديث، رواه فطين عنه، قال فطين: قال لي ابن نمير: هذا رجل قد كفانا مؤنته يعنى لأنه روى الباطل اهـ. فهذا غير الذي ذكره الشارح. الثالث: في تردده في معاوية بن يحيى هل هو الصدفى أو الطرابلسى، فإنه صرح في رواية لأبي نعيم بالطرابلسى، وكناه الحكيم في روايته أبا مطيع وهى كنية الطرابلسى، وأما الصدفى فكنيته أبو روح، وأيضا فإن محمد بن المبارك الصورى معروف بالرواية عن الطرابلسى. الرابع: أن تعليل الحديث بالهيثم بن خالد على فرض أنه الذي ذكره الشارح باطل، لأنه ورد من غير طريقه عند الحكيم وفي رواية لأبي نعيم. الخامس: أنه غفل في الإسناد عن الكذاب الوضاع الذي يحتمل أن يكون

وضع هذا الحديث، ومشى يسعى خلف الأبرياء من رجاله، فإن الحكم بن عبد اللَّه هو الأيلى وهو كذاب، قال أحمد: أحاديثه كلها موضوعة، وقال السعدى وأبو حاتم: كذاب، وقال البخارى والنسائى والدارقطنى وجماعة: متروك. وقد وقع في سند هذا الحديث اختلاف في اسم شيخ محمد بن المبارك، فقال الحكيم [1/ 692] في "الأصل السادس والأربعين ومائة" (¬1): ثنا إبراهيم بن عبد الحميد الحلوانى ثنا محمد بن المبارك الصنعانى ثنا معاوية ابن يحيى أبو مطيع حدثنى الحكم بن عبد اللَّه وهو الأيلى عن القاسم بن محمد عن أسماء بنت أبي بكر عن أم رومان عن أبي بكر به. وقال أبو نعيم [9/ 304]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا على بن جعفر بن سعيد ثنا الهيثم بن خالد ثنا محمد بن المبارك الصورى ثنا يحيى عن الحكم به. كذا وقع في الأصل المطبوع من الحلية وفي نقل الشارح يحيى عن معاوية، وقال أبو نعيم أيضا: حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا أبو الربيع الحسين بن الهيثم المهرى ثنا هشام بن عمار ثنا معاوية بن يحيى الطرابلسى ثنا الحكم بن عبد اللَّه به. 381/ 284 - "إذَا قامَ الرجلُ من مَجْلِسِه ثم رجَعَ إليه فهو أحقُّ به". (حم. خد. م. د. هـ) عن أبي هريرة ¬

_ (¬1) هو في الأصل الخامس والأربعين ومائة من المطبوع.

(حم) عن وهب بن حذيفة قلت: رواه أيضا الطحاوى في "مشكل الآثار" من حديثهما أيضا (¬1)، ورواه لوين في جزئه من حديث وهب بن حذيفة. 382/ 786 - "إذا قامَ أحدُكم في الصَّلاة، فإن الرحمَة تواجِهُهُ فلا يَمْسَحُ الحَصَى". (حم. 4. حب) عن أبي ذر قلت: أخرجه أيضا ابن فيل في جزئه قال: حدثنا الحسين المروزى حدثنا ابن المبارك ثنا معمر أنه سمع الزهرى يحدث عن أبي الأحوص عن أبي ذر به. ورواه الطحاوى في "مشكل الآثار" [4/ 60، رقم 1426] من طريق ابن أخى ابن شهاب الزهرى وسفيان بن عيينة [4/ 60، رقم 1427] ومن طريق ابن المبارك عن يونس [4/ 60، رقم 1427] كلهم عن الزهرى به. ورواه البيهقى [2/ 284] من طريق سفيان عن الزهرى به. 383/ 789 - "إِذَا قَدِمَ أحدُكم على أهِلِه من سفرٍ فليُهْدِ لأهلِهِ، فَلْيُطْرِفُهُم ولو كان حجارةً". (هب) عن عائشة قلت: أخرجه أيضا الديلمى في مسند الفردوس [1/ 368، رقم 1188]: أخبرنا محمد بن على بن الحسين أخبرنا أبو المظفر محمود بن جعفر بأصبهان ثنا ابن خرشيد قوله ثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن سلمان ثنا الزبير بن ¬

_ (¬1) رواه الطحاوى (3/ 312، 1280، 1281) من حديث أبي هريرة، و (3/ 311، 1277، 1278) من حديث وهب بن حذيفة.

بكار ثنا عتيق بن يعقوب عن أبي زيد محمد بن المنذر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا: "إذا خرج أحدكم إلى سفر ثم قدم على أهله فليهدهم، وليطرفهم ولو حجارة". ورواه أبو على الصدفى الحافظ في جزء التحفة من علا إلى شيوخه، من طريق الدارقطنى، ولعله في الأفراد، فقال أبو على قرأت على أبي الفضل ابن خيرون ببغداد في درب نصير قال: ثنا الشيخ أبو عبد اللَّه الحسين بن جعفر السلماسى ثنا أبو الحسن على بن عمر الدارقطنى ثنا ابن مخلد ثنا حمزة بن العباس المورورى وأحمد بن الوليد بن أبان قالا: حدثنا عتيق بن يعقوب ثنا محمد بن المنذر بن عبيد اللَّه بن المنذر ابن الزبير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، مثل اللفظ المذكور في المتن سواء. قال أبو على الصدفى: هذا حديث حسن غريب لم نكتبه إلا من هذا الطريق اهـ. وقوله هذا غريب، ولعله لا يريد حسنه من جهة الإسناد، فإن محمد ابن المنذر، قال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل الاعتبار. وقال الحاكم: يروى عن هشام أحاديث موضوعة، وقال أبو نعيم: روى عن هشام أحاديث منكرة، وله شواهد من حديث أبي رهم الغفارى وابن عمر وأبي الدرداء. أما حديث أبي رهم، فقال الدولابى في الكنى [1/ 28]: حدثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا أبو إسماعيل حفص بن عمر الأُبلى ثنا ثور بن يزيد، قال: حدثنى يزيد بن مرثد عن أبي رهم قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا رجع أحدكم من سفره فليرجع إلى أهله بهدية، وإن لم

يجد إلا أن يلقى في مخلاته حجرا، أو حزمة حطب، فإن ذلك مما يعجبهم". ورواه أبو الوليد بن الفرضى في تاريخ الأندلس فقال: أخبرنا أبو زكريا العوينى ثنا الحسن بن رشيق أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور المرادى الأندلسى ثنا أبو إسماعيل الأبلى حفص بن عمر به مثله، قال أبو الوليد: هذا حديث باطل. قلت: والبلاء فيه من حفص بن عمر فإنه متروك، يروى الأباطيل عن الثقات. وقد رواه ابن حبان في الضعفاء في ترجمته [1/ 259]، فقال: أخبرنا مكحول ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا حفص بن عمر الأُبلى به. وأما حديث ابن عمر، فقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 338]: حدثنا أبي ثنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق المدينى ثنا الهيثم بن بشر بن حماد الأزدى ثنا أبو صالح إسحاق بن نجيح عن الوضين بن عطاء عن مكحول عن ابن عمر، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا قدم أحدكم من سفر فلا يدخل ليلا، وليضع في خرجه ولو حجرا" إسحاق بن نجيح هو الملطى، وهو كذاب وضاع، بل من مشاهير الوضاعين. وأما حديث أبي الدرداء فذكره المصنف بعد هذا وعزاه لابن عساكر، قال الشارح: وإسناده ضعيف لكنه يقوى بما قبله اهـ. وهو كلام مجرد عن التحقيق، فإن ما كان من رواية الكذابين والمتهمين بالوضع لا يقوى بعضه بعضا، لأنهم يغيرون على الموضوعات فيسرقونها ويركبون لها الأسانيد، فلا تزيد الحديث إلا وهنا.

384/ 792 - "إذا قَرَأَ القارئ فأخطأ أو لَحَنَ أو كان أعجميّا كتَبَه الملك كما أُنْزِلَ". (فر) عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: فيه هشيم بن بشير، قال الذهبى: حافظ حجة مدلس، عن أبي بشر مجهول. قلت: هشيم لا يعل به الحديث لثقته وجلالته، وأبو بشر اسمه أدهم بن طريف، وفي الإسناد دونهما من يجب الكشف عنه، قال الديلمى [1/ 356، 114]: أخبرنا أبي أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن عبد الغفار عن الحسن بن محمد الخلال ثنا أحمد بن إبراهيم ثنا أحمد بن مسعود ثنا محمد بن حفص ثنا حمزة بن عمارة بن حمزة ثنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. 385/ 796 - "إِذَا قَصَّرَ العبدُ في العملِ ابتلاهُ اللَّهُ تعالَى بِالْهَمِّ". (حم) في الزهد عن الحكم مرسلا قلت: الحديث ليس من رواية أحمد ولكنه من رواية ابنه عبد اللَّه في زوائد الزهد لأبيه [ص 25، رقم 52]، قال: حدثنا بيان بن الحكم ثنا محمد بن حاتم أبو جعفر عن بشر بن الحارث أنبأنا أبو بكر بن عياش عن ليث عن الحكم به، وهو في أوائل الزهد (ص 10) منه. وأورده الذهبى في الميزان [1/ 356، رقم 1333] في ترجمة بيان بن الحكم، وقال: إنه معضل.

386/ 797 - "إذَا قَضَى اللَّهُ تَعَالى لعبدٍ أَنْ يموتَ بأرضٍ جَعَلَ له إليها حاجةً". (ت. ك) عن مطر بن عكامس (ت) عن أبي عزه قلت: وفي الباب عن جماعة تقدمت الإشارة إليهم في حديث: "إذا أراد اللَّه قبض عبد بأرض". 387/ 799 - "إذا قَضَى أحدكم الصَّلاةَ في مسجدِه، فليجْعَلْ لبيتِه نصيبًا من صلاتِه، فإن اللَّهَ تعالى جاعلٌ في بيته من صَلاتِهِ خيرًا". (حم. م. هـ) عن جابر (قط) في الأفراد عن أنس قال الشارح: ورواه الترمذى في العلل عن جابر، ثم قال: الأصح عن جابر عن أبي سعيد. قلت: ذكر تلك الرواية أبو نعيم في الحلية [9/ 27] فقال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا عباس بن محمد بن مجاشع ثنا محمد ابن أبي يعقوب ثنا عبد الرحمن بن مهدى عن سفيان عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن أبي سعيد به، وقال: تفرد به عبد الرحمن عن سفيان. 388/ 800 - "إذَا قَعَد أحدكم إلى أخيه فليسأَلْه تَفَقُّهًا ولا يسألُه تَعَنُّتًا". (فر) عن على قلت: قال الديلمى [1/ 368، رقم 1189]: أخبرنا أبي أخبرنا الميدانى أخبرنا على بن الحسن الوراق ثنا أبو نصر محمد بن أحمد الملاحمى ثنا حسنون بن الليث ثنا القاسم بن عباد الترمذى ثنا صالح

ابن عبد اللَّه الترمذى ثنا المسيب بن شريك عن عبد اللَّه بن يزيد عن مكحول عن على بن أبي طالب به. والمسيب متروك، ومكحول لم يسمع من على بل ولا من أحد من الصحابة إلا من أنس. 389/ 802 - "إذا قُمْتَ في صلاتك فصلِّ صلاةَ مودعٍ, ولا تكلَّم بكلامٍ تعتذرُ منه، واجمع الإيِاسَ ممَا في أيدِى الناس". (حم. هـ) عن أبي أيوب قلت: تقدم الكلام على هذا الحديث قريبا في: "إذا صلى أحدكم" فارجع إليه. 390/ 807 - "إذَا كَان آخر الزَّمان، واختلفَتْ الأهَواءُ فَعَلِيكُم بِدِينِ أهْلِ البَّادِيَةِ والنِّساءِ". (حب) في الضعفاء (فر) عن ابن عمر قلت: قال ابن حبان [2/ 264]: حدثتا محمد بن يعقوب بن إسحاق الخطيب ثنا عبيد اللَّه بن محمد ثنا محمد ابن الحارث الحارثى ثنا محمد بن عبد الرحمن البيلمانى عن أبيه عن ابن عمر به. وقال الديلمى: أخبرنا محمد بن عبد اللَّه بن محمد بن أبي الحارث بن جعفر ابن شبيب أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الصفار أخبرنا عبيد اللَّه بن محمد بن أحمد بن معدان العصفرى ثنا محمد بن هارون هو الرويانى ثنا بندار ثنا محمد بن الحارث به بلفظ: "إذا اختلف الزمان واختلفت الأهواء فعليكم بدين الأعراب".

وقال أيضا: أخبرنا عبدوس أخبرنا ابن لال أخبرنا على بن سليمان بن محمد ابن عبد السلام ثنا محمد بن يعقوب الأهوازى ثنا أبو الربيع الحارثى ثنا محمد بن الحارث به. وأورده ابن الجوزى في الموضوعات [1/ 271] من طريق ابن حبان وقال: محمد بن الحارث ليس بشيء وشيخه كذلك حدث عن أبيه بنسخة موضوعة، وإنما يعرف هذا من قول عمر بن عبد العزيز اهـ. وأقره المصنف على ذلك، وزاد أن الذهبى ذكره في الميزان في ترجمة محمد ابن الحارث، وقال: إنه من عجائبه اهـ. فكان حقه ألا يذكره هنا، ثم إن قول ابن الجوزى: إنما يعرف هذا من قول عمر بن عبد العزيز فتعقب بأن رزين ذكره في جامعه عن عمر بن عبد العزيز يحكيه عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه بمعناه أنه قال: "تركتم على الواضحة ليلها كنهارها، كونوا على دين الأعراب والغلمان في الكتاب". 391/ 808 - "إِذَا كَانَ الجهادُ على بابِ أحدِكم فَلا يَخْرُج إلا بإذنِ أبوَيِهِ". (عد) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: رواه ابن عدى في ترجمة أبي عبيد اللَّه المصرى من حديثه، وقال: رأيت شيوخ مصر مجمعين على ضعفه، والغرباء يمتنعون من الأخذ عنه، وقد أنكروا عليه أحاديث هذا منها اهـ. لكنه ورد بإسناد صحيح، رواه الطبرانى في الصغير بلفظ: "إذا كان الغزو على باب البيت، فلا تذهب إلا بإذن أبويك"، قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبرانى أسامة بن زيد وهو ثقة كما هو في تاريخ مصر اهـ. فاقتصار

المصنف على هذه الرواية الضعيفة وعدوله عن الصحيحة غير صواب. قلت: في هذا أوهام الأول: أن أبا عبيد اللَّه المصرى معروف باسمه وهو أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، ويقال له: بحشل فذكره بالكنية إغراب وإبعاد. الثانى: أنه ثقة وثقه جماعة كثيرة وخرج له مسلم في صحيحه، وكذلك غيره من أهل الصحاح كابن خزيمة، بل روى البخارى في صحيحه عن أحمد غير منسوب عن ابن وهب، فقيل: إنه هو ولا يبعد ذلك، لأنه كان كثير الحديث بمصر مشهورا بالرواية عن عمه، قد أكثر الحفاظ من الأخذ عنه والرحلة إليه. الثالث: أن ابن عدى قال [1/ 183]: والغرباء لا يمتنعون من الأخذ عنه أبو زرعة وأبو حاتم فمن دونهما إلا أن يكون حرف النفى سقط في نسخة الشرح من الناسخ. الرابع: قوله رواه الطبرانى في الصغير بلفظ: "إذا كان الغزو". . . إلخ، وبنى على ذلك تعقبه على المصنف مع أن لفظ الحديث عند الطبرانى: "إن كان" بالنون الساكنة الشرطية فلا تدخل روايته على اصطلاح المصنف هنا. الخامس: قوله: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح إلا شيخ الطبرانى أسامة بن زيد. . إلخ، فإنه لم يقل: أسامة بن زيد، بل قال [5/ 322]: غير شيخ الطبرانى أسامة بن على بن سعيد بن بشير وهو ثقة ثبت كما في تاريخ مصر، فالانتقال من هذا كله إلى أسامة بن زيد غريب. السادس: أن الطبرانى خرجه من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن وهب أيضا فما استدركه الشارح هو عين ما أتى به المصنف، وما صححه الحافظ الهيثمى هو عين ما ضعفه الشارح، قال الطبرانى: حدثنا أبو رافع أسامة بن على بن سعيد بن بشير الرازى بمصر ثنا أبو عبيد اللَّه

أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ثنا عمى عبد اللَّه بن وهب ثنا مخرمة بن بكير عن أبيه عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن كان العدو على باب البيت فلا تذهب إليه إلا بإذن أبويك" قال الطبرانى: تفرد به ابن وهب اهـ. فالسند واحد غاية ما في الأمر أن العزو إلى الطبرانى أولى، لكن المصنف لم يستحضره. 392/ 809 - "إذَا كَانَ لأحدِكم شَعَرٌ فَليكْرِمْهُ". (د) عن أبي هريرة، (هب) عن عائشة قال الشارح في الكبير: رمز المصنف لصحته ولا يوافق عليه ففيه سهيل بن أبي صالح، قال في الكاشف عن ابن معين: ليس بحجة، وعن أبي حاتم: لا يحتج به ووثقه ناس، وفي حديث عائشة: ابن إسحاق وعمارة بن غزية وفيهما خلف. قلت: الشارح بعيد عن علم الحديث ودرايته فليته لم يتعرض للكلام في الأسانيد، فهؤلاء الرجال الذين ذكرهم كلهم ثقات من رجال الصحيح، بل من أشهر رجاله، فسهيل بن أبي صالح خرج له البخارى، وأكثر عنه مسلم جدا إلا أن البخارى روى له مقرونا بغيره، فعاب ذلك عليه النسائى والدارقطنى وغيرهما، فقال الدارقطنى: ما أعرف له فيه عذرا، وكان النسائى يقول: هو واللَّه خير من أبي اليمان ويحيى بن بكير وغيرهما، يعنى ممن أكثر عنهم البخارى استقلالا، وقال الحاكم: قد أكثر مسلم الرواية عنه في "الأصول والشواهد" إلا أن غالبها في الشواهد، وقد روى عنه مالك وهو الحكم في شيوخ أهل المدينة الناقد لهم اهـ. ثم إنه مع هذا لم ينفرد به، بل ورد من غير طريقه، قال الطحاوى في مشكل الآثار [8/ 435, رقم 3365]:

ثنا محمد بن الورد البغدادى ثنا داود بن عمرو الضبى ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة به. وابن إسحاق حافظ ثقة، إمام كبير من رجال مسلم، وإنما عيب عليه التدليس، ولا تدليس في هذا الحديث فإنه معروف مشهور عند الشيوخ الثقات، وعمارة بن غزية من رجال مسلم، وقد أكثر عنه أيضا، ووثقه أحمد وأبو زرعة وابن سعد والدارقطنى والعجلى وابن حبان، وقال ابن معين: صالح، وقال أبو حاتم: ما بحديثه بأس وكان صدوقا، وقال النسائى: ليس به بأس، وانفود العقيلى بذكره في الضعفاء فوهموه وخطؤوه في ذلك، قال الذهبى [3/ 178، رقم 6036]: ولم يقل العقيلى فيه شيئا سوى قول ابن عيينة: جالسته كم مرة فلم نحفظ عنه شيئا، قال الذهبى: فهذا تغفل من العقيلى إذ ظن أن هذه العبارة تليين، لا واللَّه اهـ. وكذا قال الحافظ: ذكره العقيلى في الضعفاء فلم يورد شيئا يدل على وهنه اهـ (¬1). واغتر ابن حزم بذكر العقيلى إياه، فقال: ضعيف، ولعله اضطر إلى ذلك لرد حجة خصومه وإلا فابن حزم يعرف أنه من رجال مسلم الذي يحتج هو بحديثه، وبالجملة فالحديث على شرط مسلم ورجاله ثقات، ولو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف. وقد أخرج حديث عائشة هذا أيضا الطحاوى في مشكل الآثار، [8/ 432, رقم 3360] فقال: حدثنا ابن أبي داود ثنا العباس (¬2) بن الوليد الرقام ثنا محمد بن يزيد الواسطى ¬

_ (¬1) انظر تهذيب التهذيب (7/ 370، ترجمة رقم 689). (¬2) هكذا في الأصل: "العباس" والذي يروى عن محمد بن يزيد الواسطى هو عياش ابن الوليد الرقام (انظر تهذيب الكمال 22/ 562، 563، ت 6304) وكذلك رواه البيهقى في الشعب (6456) من طريق عياش، واللَّه أعلم.

ثنا ابن إسحاق عن عمارة بن غزية عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا به، مثل اللفظ المذكور في الكتاب، وهو لفظ حديث عائشة. أما حديث أبي هريرة ففيه تعقب على المصنف في إيراده هنا، لأنه مصدر بلفظ: "من كان له شعر"، وقد ذكره المصنف كذلك في حرف الميم. 393/ 812 - "إِذَا كان في آخر الزَّمانِ لابدَّ للنَّاسِ فيها مِنَ الدراهمِ والدنانيرِ يُقِيمُ الرجلُ بها دينَه ودنَياهُ". (طب) عن المقدام قلت: ورواه في الصغير [1/ 27، رقم 7] من حديثه أيضا بسياق آخر فقال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحارث الحمصى اليحصبى ثنا أبي ثنا بقية بن الوليد عن أبي بكر بن أبي مريم عن حبيب بن عبيد عن المقدام بن معد يكرب الزبيدى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يأتى على الناس زمان من لم يكن معه أصفر وأبيض لم يتهن بالعيش". قال الطبرانى: لا يروى عن المقدام إلا بهذا الإسناد. 394/ 813 - "إذا كَانَ اثنانِ يتناجَيانِ فَلا تَدْخُل بينهما". ابن عساكر عن ابن عمر قلت: أصل هذا الحديث عند أحمد في مسنده [2/ 114]، قال: حدثنا شريح ثنا عبد اللَّه بن سعيد المقبرى، قال: جلست إلى ابن عمر ومعه رجل يحدثه فدخلت معهما، فضرب بيده في صدرى، وقال: أما علمت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا ثناجى اثنان فلا تجلس إليهما حتى تستأذنهما"، عبد اللَّه بن سعيد المقبرى متروك، لكنه ورد من غير طريقه.

قال الديلمى [1/ 320، رقم 1008]: أخبرنا الدونى أخبرنا ابن الكسار أخبرنا ابن السنى عن محمد بن محمد الباهلى عن أبي همام الوليد بن شجاع عن مسلمة بن على عن الأوزاعى عن الزهرى عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كان الرجلان في المجلس يتناجيان فلا يجلس إليهما ثالث حتى يستأذنهما". وفي الباب عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص في سنن أبي داود [4/ 263، رقم 4845، والترمذى [5/ 89، رقم 2752]. 395/ 817 - "إِذَا كَانَ يومُ القيامةِ نُودِى أينَ أبناءُ الستينَ؟ وهو العمرُ الذي قالَ اللَّهُ تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} [فاطر: 37] ". الحكيم (طب. هب) عن ابن عباس قلت: قال الحكيم [1/ 677] (¬1): ثنا يحيى بن المغيرة المخزومى المدينى ثنا ابن أبي فديك عن إبراهيم بن الفضل عن أبي حسين المكى عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس به. ورواه ابن جرير [22/ 141] وابن أبي حاتم كلاهما من طريق ابن أبي فديك به. وشيخه إبراهيم بن الفضل ضعيف متروك، لا سيما وقد اضطرب فيه، فقال مرة هكذا، وقال مرة: عن المقبرى عن أبي هريرة مرفوعا: "معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين"، كذلك رواه أبو يعلى [11/ 422، رقم 6543] عن أبي موسى الأنصارى، والخطيب [5/ 476] من طريق القاسم بن بشر، والقضاعى [1/ 174، رقم 251] من طريق عبد اللَّه بن عبد الحميد القرشى ¬

_ (¬1) هو في الأصل الثانى والأربعين والمائة من المطبوع.

ثلاثتهم عن ابن أبي فديك أيضا عنه به، والصحيح في هذا أنه عن ابن عباس موقوفا عليه. كذلك أخرجه ابن جرير [22/ 141] والحاكم في المستدرك [2/ 427، رقم 3596] من رواية مجاهد عنه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 396/ 818 - "إِذَا كَانَ يومُ القيامَةِ نَادَى مُنادٍ: لا يَرفعن أحدٌ مِنْ هَذه الأمةِ كِتابهُ قَبل أبِي بكرٍ وَعُمر" ابن عساكر عن عبد الرحمن بن عوف قلت: هذا حديث موضوع فيه الفضل بن جبير، وداود بن الزبرقان، وهما متروكان كذابان. 397/ 819 - "إذَا كَانَ يومُ القيامَة دَعَا اللَّهُ تَعَالَى عبدًا من عبيدِهِ، فيقفُ بَينَ يَدِيهِ فيسألُه عن جاهِهِ كما يسألُه عن مالِهِ". تمام (خط) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: قال مخرجه الخطيب: حديث غريب جدا لا يروى: إلا بهذا الإسناد، وتفرد به أحمد بن خليد، ولا يثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بوجه من الوجوه اهـ. وقال ابن عدى لا أصل له، ورواه أيضا باللفظ المزبور عن ابن عمر الطبرانى في الصغير، قال الهيثمى: وفيه يوسف بن يونس الأفطس ضعيف، وحكم ابن الجوزى بوضعه. قلت: ظن الشارح أن الخطيب أعله بأحمد بن خليد، وأن الطبرانى خرجه من وجه آخر معلول بغيره وليس كذلك، بل أحمد بن خليد ثقة، وعلته إنما هو يوسف الأفطس، والخطيب لم يقل: ولا يثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بوجه من الوجوه كما نقله عنه الشارح.

والحديث أخرجه الدينورى في الأول من المجالسة، والطبرانى في أوائل المعجم الصغير [1/ 33، رقم 18] كلاهما عن أحمد بن خليد: ثنا يوسف بن يونس الأفطس ثنا سليمان بن بلال عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر به، وقال: تفرد به يوسف بن يونس. ورواه ابن حبان في الضعفاء [3/ 137] عن محمد بن محمد البلدى عن أحمد بن خليد به، ثم قال: لا أصل له، يوسف يروى عن سليمان ما ليس من حديثه، لا يحتج به إذا انفرد. ورواه الخطيب [8/ 99] من طريق الحسن بن على التنوخى، ومن طريق على ابن أحمد بن على الوراق المصيصى كلاهما عن أحمد بن خليد به، ثم قال: غريب جدا لا أعلمه يروى إلا بهذا الإسناد، تفرد به أحمد بن خليد اهـ. وليس كما قال الخطيب، فقد ذكر ابن عدى [7/ 171] والذهبى [4/ 476، رقم 9894]: أن عمران بن بكار ومحمد بن يزيد الكندى روياه أيضا عن يوسف الأفطس، ونقل الذهبى عن ابن الجوزى أنه قال: قال الدارقطنى في يوسف الأفطس: إنه ثقة، ثم قال الذهبى: بل من روى مثل هذا الخبر ليس بثقة ولا مأمون. 398/ 822 - "إِذَا كَانَ يومُ القيامَةِ نَادَى مُنادٍ من وراءِ الحجبِ: يا أهلَ الجمْعِ غُضُّوا أبْصَارَكُم عن فاطمَة بنتِ محمدٍ حتَّى تمرَّ". تمام (ك) عن على قال الشارح في الكبير: حكم ابن الجوزى بوضعه وتعقبه المؤلف فلم يأت بشيء سوى أن له شاهدا. قلت: بل أورد كل شيء يطلب في مثل هذا، وذكر له شواهد من حديث أبي هريرة من طرق ومن حديث أبي أيوب وعائشة وأبي سعيد الخدرى، ومما

لم يذكره من مخرجى حديث أبي أيوب أبو على النقاش في فوائد العراقين، فإنه رواه عن أبي بكر الشافعى، لكن المصنف أتى به من عند أبي بكر في الغيلانيات، ومن مخرجى حديث على الدينورى في المجالسة، فإنه قال: حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه العبسى ثنا العباس بن بكار الضبى ثنا خالد الواسطى عن بيان عن الشعبى عن أبي جحيفة عن على عليه السلام به، والطرق التي ذكرها المصنف وإن كانت كلها ضعيفة، إلا أن زهد النواصب، ونفور غيرهم من التهمة بالرفض إذا رووا فضائل أهل البيت كما كان معروفا في عصر الرواية، هو الذي جعل الضعفاء ينفردون بمثل هذا، والأمر للَّه. 399/ 823 - "إِذَا كَانَ يومُ القيامةِ نادَى منادٍ: مَنْ عَمِلَ عملًا لغيرِ اللَّهِ فليطلبْ ثوابَه مِمّنْ عَمِلَه لَهُ" ابن سعد عن أبي سعد بن أبي فضالة قلت: أخرجه أيضا الترمذى [5/ 314، رقم 3154] وابن ماجه [2/ 1406، رقم 4203] من حديثه بلفظ: "إذا جمع اللَّه الأولين والآخرين يوم القيامة ليوم لا ريب فيه، نادى مناد من كان أشرك في عمل عمله للَّه فليطلب ثوابه من عند غير اللَّه، فإن اللَّه أغنى الشركاء عن الشرك". ورواه الديلمى من حديث ابن عباس بنحوه فقال: أخبرنا أبي أخبرنا أبو الفضل المفسر الإمام أخبرنا الباز الأبيض أبو محمد جعفر ابن محمد الأبهرى أخبرنا أبو على أحمد بن محمد بن مردين القومسانى ثنا على بن عامر ثنا حميد بن عبد الرحمن حدثنا خداش بن مخلد ثنا الفضل ابن عيسى عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كان يوم القيامة نادى مناد يسمع أهل الجمع أين الذين كانوا يعبدون الناس؟ قوموا وخذوا أجوركم ممن عملتم له فإنى لا أقبل عملا

خالطه فيه شيء من الدنيا وأهلها"، والفضل بن عيسى متروك، في الباب عن جماعة. 400/ 825 - "إِذَا كَانَتْ أمراؤُكم خِيَارَكم وأغنياؤُكم سُمَحَاءَكُم، وأمورَكُم شُورَى بَينَكُم، فَظهر الأرضِ خَيْرٌ لَكم مِنْ بَطنِهَا، وإذا كَانت أمراؤُكم شِراركُم، وأغنياؤُكمُ بخلاءَكُم وأمُوركم إلى نِسائكُم، فبطنُ الأرضِ خَيرٌ لكم مِنْ ظَهرِهَا". (ت) عن أبي هريرة. قلت: رواه أيضا أبو نعيم في الحلية [6/ 176] , قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن إسحاق الأنماطى ثنا عبدان بن أحمد ثنا عبد اللَّه بن معاوية ثنا صالح عن سعيد الجريرى عن أبي عثمان النهدى عن أبي هريرة به، وقال: غريب من حديث سعيد وصالح، لم نكتبه إلا من حديث عبد اللَّه بن معاوية وهو الجمحى. 401/ 829 - "إِذَا كَانَوا ثَلاثةٌ فَليؤمُهُم أقْرؤهُم لِكِتَاب اللَّه، فَإن كَانُوا فِى القِراءة سَواء فَأكبرهُم سِنا، فإن كَانُوا فِى السنِّ سَواء فأحْسنُهُم وجها". (هق) عن أبي زيد الأنصارى قال الشارح: فيه عبد العزيز بن معاوية غمزه الحاكم بهذا الحديث وقال: هو خبر منكر، ورده في المهذب بأن مسلما روى حديثا بهذا السند اهـ. وبه يعرف أن رمز المصنف لضعفه غير صواب، وأن حكم ابن الجوزى بوضعه تهور. قلت: في هذا أمور أحدها: أن الحاكم عند أهل الحديث إذا أطلق فهو أبو عبد اللَّه صاحب المستدرك، والذي غمز عبد العزيز بن معاوية هو أبو أحمد

الحاكم وهو غير أبي عبد اللَّه وأكبر منه، بل هو من شيوخه، مات سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، والحاكم صاحب المستدرك مات سنة خمس وأربعمائة. ثانيها: أن ما نقله عن المهذب ليس بصحيح، بل هو محرف لأن مسلما لم يرو لعبد العزيز بن معاوية، بل ولا روى له أحد من أصحاب الكتب الستة، وإنما روى له أبو داود خارجها في كتاب المراسيل فليحقق هذا النقل من المهذب للذهبى. ثالثها: قوله: وبه يعرف أن رمز المصنف لضعفه غير صواب، فإنه لا يعرف به شيئًا لأنه نقل باطل. رابعها: أن الذي قال هو خبر منكر ابن حبان لا أبو أحمد الحاكم كما يعرف من مراجعة التهذيب. خامسها: قوله: وأن حكم ابن الجوزى بوضعه تهور، فإن ابن الجوزى لم يحكم بوضع هذا الحديث ولا تعرض له أصلا، بل ذكر خبرا آخر [2/ 100] من عند أبي عبيد في الغريب من رواية عبد اللَّه بن فروخ عن عائشة أنها سئلت: من يؤمنا؟ فقالت: "أقرؤكم للقرآن، فإن لم يكن فأصبحكم وجها". ونقل عن أبي حاتم أنه قال في ابن فروخ: مجهول، وعن أحمد بن حنبل أنه قال هذا حديث سوء ليس بصحيح اهـ. فهذا غير حديث أبي زيد الأنصارى، وقد تعقب المصنف ابن الجوزى بأن ابن فروخ روى له مسلم وأبو داود، وأن الذهبى تعقب أبا حاتم في قوله: إنه مجهول، فيشبه أن يكون هذا هو الذي رأى الشارح في المهذب أن مسلما روى حديثا به، فنقله إلى عبد العزيز.

402/ 830 - "إِذَا كبَّرَ العبْدُ سَترتْ تكْبيَرتهُ مَا بِينَ السَّماءِ والأرْضِ مِنْ شَيءٍ". (خط) عن أبي الدرداء قلت: هذا حديث موضوع رواه الخطيب [11/ 86] من طريق إسحاق بن نجيح الملطى عن زنكل بن على السلمى عن أم الدرداء عن أبي الدرداء، وإسحاق بن نجيح الملطى كذاب شهير. 403/ 831 - "إذَا كَتَبَ أَحَدُكُمْ كِتَابًا فليُتَرِّبْهُ، فإنَّه أنْجَحُ لِحاجَتِهِ". (ت) عن جابر. قال الشارح: وقال (ت): حديث منكر، وحمزة هو ابن عمرو النصيبى متروك اهـ. فعزو المصنف الحديث لمخرجه وحذفه ما تعقبه به من القادح غير صواب، وقد جرى على سنن الصواب في الدرر، فقال عقب تخريجه: منكر، وأفاد الزركشى أن أحمد رواه، وقال أيضا: منكر. قلت: هذا وهم من الزركشى، والغالب أنه وهم من الشارح عليه، فإن أحمد لم يخرج هذا الحديث، وإنما ذكر أبو طالب أنه سأله عنه، فقال: منكر. والحديث رواه أيضا ابن ماجه [2/ 1240، رقم 3774] بلفظ: "تربوا" وسيأتى. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 238] باللفظ المذكور هنا وراد: "وفي التراب بركة"، قال أبو نعيم: حدثنا أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن يوسف ثنا محمد بن مندويه الغزال ثنا يحيى بن حاتم العسكرى ثنا شبابة بن سوار عن حمزة بن أبي حمزة عن أبي الزبير عن جابر به.

وفي الباب عن أبي هريرة رواه ابن عدى [1/ 298] من طريق محمد بن حمير: ثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به مثله سواء، وعن أبي الدرداء وسيأتى بعد حديث، وعن حجاج بن يزيد مرسلا، وسيأتى في حرف التاء إن شاء اللَّه تعالى وكلها ضعيفة. 404/ 832 - "إِذَا كَتَبَ أَحَدُكُمْ إلى أحَدٍ فَليبدَأ بِنَفْسِهِ". (طب) عن النعمان بن بشير قلت: قال الطبرانى: ثنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن بكار بن بلال الدمشقى ثنا أبي ثنا أبو محمد بشير بن أبان بن بشير بن النعمان بن بشير بن مسعد الأنصارى عن أبيه عن جده، قال: كتب مروان بن الحكم إلى النعمان بن بشير يخطب على ابنه عبد الملك أبان بنت النعمان، فلما قرأ النعمان كتابه، كتب إليه: "بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من النعمان بن بشير إلى مروان بن الحكم، بدأت باسمى سُنَّةً من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وذلك أنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول وذكره". 405/ 833 - "إذَا كَتَبَ أحدُكُمْ إلى إنْسَانٍ فليبْدَأْ بِنَفْسِهِ، وإذَا كَتَبَ فليترِّبْ كِتَابَهُ فَهُوَ أنْجَحُ". (طس) عن أبي الدرداء قلت: قال الطبرانى: حدثنا إبراهيم حدثنا سليمان بن سلمة الخبائرى ثنا ابن إسحاق العكاشى ثنا إبراهيم بن أبي عبلة سمعت أم الدرداء تخبر عن أبي الدرداء به.

سليمان بن سلمة الخبائرى متروك. 406/ 834 - "إِذَا كَتَبَ أَحدكُمْ بِسمِ اللَّه الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ، فَليمد الرَّحمن". (خط) في الجامع (فر) عن أنس قلت: قال الديلمى [1/ 364، رقم 1174]: حدثنا أحمد بن نصر ثنا أبو الفضل أحمد بن عيسى بن عباد أخبرنا أبو أحمد عبد الرحمن بن محمد الهمدانى حدثنا حامد الهروى ثنا أبو عوانة أحمد بن أيوب بن على ثنا محمد بن عتاب بن حربى ثنا عبد الصمد بن محمد عن مسعر بن محمد الحمصى عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن أنس به، ولينظر في هذا الإسناد. 407/ 835 - "إذَا كَتَبْتَ: بِسمِ اللَّه الرَّحمنِ الرَّحيمِ فَبينِ السينَ فِيهِ". (خط) وابن عساكر عن زيد بن ثابت قلت: رواه أيضا الديلمى في مسند الفردوس قال [1/ 344، رقم 1096]: سمعت والدى سمعت مطهرا البيع بأصبهان سمعت إسماعيل بن على الرازى سمعت سلام بن إسحاق سمعت الحسن بن محمد بن الحسين سمعت على ابن الفضل سمعت عبد اللَّه بن يحيى بن خالد البغوى سمعت عبد اللَّه بن طاهر سمعت جعفر بن يحيى بن خالد سمعت أبي سمعت عبد الحميد بن يحيى سمعت سالم بن هاشم سمعت عبد الملك بن مروان سمعت زيد بن ثابت. 408/ 836 - "إِذَا كَتَبْتَ فَضعْ قَلَمَكَ عَلى أُذنِكَ، فإنَّه أذْكَرُ لَكَ". ابن عساكر عن أنس

قلت: رواه ابن عساكر من طريق عمرو بن الأزهر عن حميد عن أنس به. وعمرو بن الأزهر وضاع. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من غير طريقه، فقال [2/ 337]: حدثنا أحمد بن إسحاق ثنا أحمد بن يحيى بن نصر ثنا أبو عبد الرحمن الراعى هارون بن سعيد ثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف ثنا إبراهيم بن زكريا حدثنى عثمان بن عمرو بن عثمان البصرى عن أنس به. وإبراهيم بن زكريا -هو الواسطى- وهو متروك منكر الحديث يدلس عن الكذابين، إن لم يكن هو المتعمد كما قال ابن حبان، ويدل لذلك أنه رواه مرة أخرى فقال: عن عمرو بن الأزهر عن حميد عن أنس. كذلك أخرجه الديلمى من طريق ابن لال [1/ 341، رقم 1087]: أنبأنا أبو صالح القاضى عن محمد بن هشام عن إبراهيم بن محمد القرشى عن إبراهيم بن زكريا الواسطى به، فكأنه لما علم أن عمروا متهم بالكذب دلسه بذلك الاسم واختلقه، فرجع الحديث إلى عمرو وهو وضاع، لكن رواه الترمذى [5/ 67، رقم 2714] من حديث زيد بن ثابت كما سيأتى في حرف الضاد في "ضع القلم" إلا أنه من رواية عنبسة بن عبد الرحمن وهو متروك أيضا. 409/ 837 - "إِذَا كَتَبْتُمُ الحَدِيثَ فَاكْتبُوُهُ بإسْنَادِهِ، فإنْ يَكُ حَقًّا كُنْتُمْ شُرَكَاءَ فِى الأجْرِ، وإنْ يَكُ بَاطِلًا كَانَ وِزْرُهُ عَلِيهِ". (ك) في علوم الحديث، وأبو نعيم وابن عساكر عن على قلت: رواه الديلمى من طريق أبي نعيم: ثنا عبد الرزاق بن محمد بن داود ثنا محمد بن الحسين الخثعمى ثنا عباد بن يعقوب عن سعيد بن عمرو عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن

أبيه عن على به. ومسعدة متروك، وقد قال الذهبى في ترجمته [4/ 98، رقم 8466]: إن هذا الحديث موضوع اهـ. وذلك ظاهر فما أدرى كيف أدخله المصنف هنا؟!. 410/ 838 - "إِذَا كَثُرَتْ ذُنُوبُ العَبْدِ فَلْمَ يكُنْ لَهُ مِنَ العَمَلِ مَا يُكَفِّرهَا ابْتَلاهُ اللَّه بِالحزَنِ ليكفرَهَا عَنْهُ بِهِ". (حم) عن عائشة قال الشارح في الكبير: قال المنذرى: رواته ثقات إلا الليث بن أبي سليم، وقال العراقى: فيه ليث بن أبي سليم مختلف فيه، وقال الهيثمى: فيه ليث وهو مدلس وبقية رجاله ثقات، وقد رمز المصنف لحسنه. قلت: هذا تكرار لا فائدة فيه، فذكر نقل واحد منها يغنى عن الباقى. والحديث رواه أحمد [6/ 157] عن حسين بن على عن زائدة عن ليث عن مجاهد عن عائشة. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان قال [2/ 189]: أخبرنا عبد اللَّه بن جعفر بن أحمد فيما قرئ عليه وأنا حاضر: ثنا محمد بن عاصم ثنا حسين الجعفى عن زائدة به. ورواه الثقفى في الثقفيات: ثنا عثمان بن أحمد بن إسحاق ثنا محمد بن عمر بن حفص ثنا أبو جعفر محمد بن عاصم ثنا الحسين بن على الجعفى به. 411/ 841 - "إِذَا كُنْتُمْ فِي سَفَرٍ فَأقلُّوا المكْثَ فِي المنَازِلِ". أبو نعيم عن ابن عباس

قال الشارح في الكبير: وفيه الحسن بن على الأهوازى، قال الذهبى: اتهمه وكذبه ابن عساكر. قلت: هذا من عجيب أوهام الشارح الدال على بعده عن هذه الصناعة، فالحديث رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان قال [2/ 52]: حدثنا أبو أحمد الغطريفى ثنا الحسن بن على بن الحكم الأهوازى ثنا عبد اللَّه ابن محمد بن يحيى بن أبي بكير ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا المعلى عن عبد اللَّه ابن أبي نجيح عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس به. وأسنده الديلمى عن الحداد عن أبي نعيم، ومنه أخذه المصنف إلا أنه لم يعرف في أى كتاب خرجه أبو نعيم، فلذلك لم يبين الكتاب الذي خرجه فيه، وهو رواه في ترجمة عبد اللَّه بن محمد بن يحيى بن أبي بكير، ثم إن الحسن ابن على الأهوازى الذي نقل الشارح كلام الذهبى فيه، هو أبو على الأهوازى المقرئ صاحب التصانيف، وهو أصغر من أبي نعيم وتأخرت وفاته بعده بست عشرة سنة، لأنه توفى سنة ست وأربعين وأربعمائة فكيف يكون شيخا لأبي أحمد الغطريفى المتوفى سنة سبع وسبعين وثلاثمائة؟ وقد ذكر الذهبى أن أبا على الأهوازى ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة قبل وفاة الغطريفى بخمس عشرة سنة، وأعجب من هذا أن الذي في الإسناد اسم جده الحكم وأبو على الأهوازى إبراهيم وهو كذلك مذكور في الميزان، كما أن الحكم مذكور جدا للحسن بن على في الإسناد فاعجب لهذا التهور، ثم إن الشارح ترك علة الإسناد فلم يبحث فيه ولم يكشف عنه، وهو المعلى شيخ يحيى بن أبي بكير، وهو المعلى بن هلال المعروف بالرواية عن ابن أبي نجيح وهو كذاب وضاع، فالحديث من عمله، وقد وضع حديثًا آخر في السفر، فكأنه كان له غرامٌ بهذا المعنى، ولهذا يتعقب على المصنف في إيراده لهذا الحديث أيضا.

412/ 842 - "إِذَا كُنْتُم ثَلاثَةً فَلا يَتَنَاجى رَجُلانِ دُونَ الآخَرِ، حتَّى تَخْتَلِطُوا بالنَّاسِ، فإنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ". (حم. ق. ت. هـ) عن ابن مسعود قلت: في الباب عن ابن عمر وقد تقدم، وعن ابن عباس بلفظ: "لا يتناج اثنان دون الثالث، فإن ذلك يؤذى المؤمن، واللَّه يكره أذى المؤمن". أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 120]: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن جعفر الكسائى ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا أبو الربيع سليمان بن داود ثنا عبد اللَّه بن المبارك ثنا عبد الوهاب بن الورد عن الحسن بن كثير عن عكرمة عن ابن عباس به. ورواه أيضا أبو يعلى [4/ 332، رقم 2444]، والطبرانى في الأوسط، وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رواه أحمد (¬1) بسند حسن، وعن عمر بن الخطاب رواه البزار (¬2) بسند لين، وعن سمرة بن جندب رواه البزار (¬3) والطبرانى [7/ 262 رقم 7070] بسند ضعيف. 413/ 845 - "إِذَا لَعَنَ آخِرُ هَذه الأمَّة أوَّلهَا فمن كَتَمَ حَدِيثًا فَقَدْ كَتَمَ مَا أنزَل اللَّه عزَّ وجلَّ عَلَيَّ". (هـ) عن جابر ¬

_ (¬1) رواه أحمد في مسنده (2/ 176) بلفظ: "لا يحل أن ينكح المرأة بطلاق أخرى، ولا يحل لرجل أن يبيع على بيع صاحبه حتى يذره، ولا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلا أمروا عليهم أحدهم، ولا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة يتناجى اثنان دون صاحبهما". (¬2) انظر كشف الأستار (2/ 439، رقم 2056). (¬3) انظر كشف الأستار (2/ 440، رقم 2057).

قلت: قال ابن ماجه [1/ 97، رقم 264]: ثنا الحسين بن أبي السرى العسقلانى ثنا خلف بن تميم عن عبد اللَّه بن السرى عن محمد بن المنكدر عن جابر به. والحسين بن أبي السرى كذاب لكنه ورد من غير طريقه إلا أنه معلول، فإن عبد اللَّه بن السرى لم يدرك محمد بن المنكدر وبينهما ثلاثة أنفس. أما متابعة الحسين فقال الخطيب [9/ 471، رقم 5101]: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق ثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن زياد القطان ثنا محمد بن الفرج الأزرق ثنا خلف بن تميم به، قال الخطيب: هكذا رواه خلف عن عبد اللَّه بن السرى عن محمد بن المنكدر، وعبد اللَّه أصغر سنًا من خلف بن تميم، وبينه وبين ابن المنكدر في هذا الحديث ثلاثة أنفس، ثم أسنده من طريق الطبرانى، قال [9/ 471، رقم 5101]: حدثنا أحمد بن خليد الحلبى ثنا عبد اللَّه بن السرى الأنطاكى ثنا سعيد بن زكريا المدائنى عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر به، ثم رواه أيضا [9/ 472، رقم 5101] من طريق موسى بن النعمان المصرى: ثنا عبد اللَّه ابن السرى مثل ذلك. وأسند ابن عساكر في تبيين كذب المفترى هذه الطرق من عند الخطيب فرجع الحديث إلى عنبسة بن عبد الرحمن، وهو وضاع كما قال أبو حاتم. وفي الباب عن معاذ وقد تقدم في "إذا ظهرت البدع". 414/ 848 - "إِذَا لَمْ يُبَارك للرَّجُلِ فِى مَالِهِ جَعَلَهُ فِى المَاءِ والطِّيِن". (هب) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: فيه عبد الأعلى بن أبي المساور تركه أبو داود.

قلت: ومن طريقه رواه ابن أبي الدنيا، ومن جهته الديلمى في مسند الفردوس [1/ 414، رقم 1360] لكن من حديث على لا من حديث أبي هريرة، قال الديلمى: أخبرنا نصر بن المظفر أنا أبو عمرو بن منده أخبرنا ابن نوح أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمر ثنا ابن أبي الدنيا، قال: حدثت عن سعيد بن سليمان الواسطى ثنا عبد الأعلى بن أبي المساور عن خالد الأحول عن على ابن أبي طالب به. 415/ 849 - "إِذَا مَاتَ الميِّتُ تَقُولُ الملائِكَةُ: مَا قَدَّمُ؟ وتقُولُ النَّاسُ: مَا خَلَّفَ؟ ". (هب) عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضا الديلمى قال [1/ 349، رقم 1118]: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن زنجويه الزنجانى عن الحسين بن محمد الزنجانى الفلالى عن محمد بن هارون عن أحمد بن إسماعيل بن عاصم عن روح بن الفرج عن يحيى بن سليمان عن المحاربى عن الثورى عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به. 416/ 850 - "إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَملُهُ إلا مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيةٌ، أو عِلمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ، أو وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ". (خد. م. 3) عن أبي هريرة قلت: رواه أيضا أحمد في المسند (2/ 372) والطحاوى في مشكل الآثار (¬1) (1/ 95)، والدولابى في الكنى (1/ 190)، وابن عبد البر في العلم (¬2) (1/ 15)، ¬

_ (¬1) انظر (1/ 228، رقم 246). (¬2) انظر (1/ 70، رقم 53).

والبغوى في التفسير عند قوله تعالى في سورة البقرة: {وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ}، وهو عنده من طريق على بن حجر في تفسيره. ورواه المحاملى في أماليه، وأسنده من طريقه الذهبى في تذكرة الحفاظ (¬1) في ترجمة عبد العزيز بن محمد الدراوردى (1/ 248) من الجزء الأول. ورواه أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحين الآجرى ثنا خلف بن عمر العكبرى ثنا عبد اللَّه بن الزبير الحميدى ثنا عبد العزيز بن أبي حازم ثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة به. 417/ 852 - "إذَا مَاتَ صَاحبُكُمْ فَدعُوهُ لا تَقَعُوا فِيهِ". (د) عن عائشة قلت: رواه أبو داود الطيالسى نى مسنده [ص 204، رقم 1446]، ومن طريقه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 346] في ترجمة يونس بن حبيب راوية أبي داود الطيالسى، ورواه أيضا الخطيب في تاريخ بغداد [12/ 360] في ترجمة الفضل بن زياد الطستى كلهم بدون زيادة قوله: "لا تقعوا فيه". 418/ 853 - "إِذَا مَاتَ صَاحِبُ بِدَعةٍ فَقَدْ فُتِح في الإسْلامِ فَتْحٌ". (خط. فر) عن أنس قلت: قال الخطيب [4/ 158] (¬2): أخبرنا محمد بن الحسين القطان أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضى ثنا أحمد بن روح أبو يزيد ثنا عمرو بن مرزوق الباهلى ثنا عمران ¬

_ (¬1) انظر (1/ 269). (¬2) أخرجه الخطيب بلفظ (إذا مات مبتدع. . .).

القطان عن قتادة عن أنس به. قال الخطيب: الإسناد صحيح والمتن منكر اهـ. أورده الذهبى في ترجمة أحمد بن روح من الميزان وقال [1/ 98، رقم 377]: هذا باطل، وفي نسختى هذا منكر، لكن تابعه أبو إسماعيل الترمذى اهـ. قال الحافظ في اللسان [1/ 172، رقم 551]: لكن المتابعة من رواية محمد ابن السرى بن عثمان التمار عن أبي إسماعيل، وابن السرى كان مخلطا اهـ. قلت: والمتابعة المذكورة خرجها الديلمى [1/ 351، رقم 1125]: أخبرنا والدى أخبرنا أبو نصر الزينبى أخبرنا أبو بكر بن زنبور ثنا أبو بكر التمار ثنا أبو إسماعيل الترمذى ثنا عمرو بن مرزوق به. وخرجها الخطيب [4/ 159] عقب الرواية الأولى فقال: كنت أظن أحمد بن روح هذا تفرد بروايته حتى أخبرنى محمد بن على بن أحمد الحارثى النسائى: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن خلف الوراق ثنا محمد بن السرى به. 419/ 854 - "إِذَا مَاتَ ولَدُ العبْدِ قال اللَّه تعالى لملائِكَتِهِ: قبضْتُمْ ولَدَ عَبْدِى؟ فيقُولُونَ: نَعَمْ، فيقُولُ: قبضْتُمْ ثَمَرَةَ فؤادِهِ؟ فيقُولُونَ: نعَمْ، فيقُولُ مَاذَا قَالَ عَبدِى؟ فيقُولُون: حَمِدَكَ واسْتَرْجَعَ، فيقُولُ اللَّه تعالى: ابْنُوا لَعبْدى بيتًا في الجنَّة وسَمُّوهُ بَيْتُ الحَمْدِ". (ت) عن أبي موسى قلت: استدرك الشارح في الكبير على المصنف، فمن مخرجى هذا الحديث الطيالسي [ص 69، رقم 508] وأحمد [4/ 415] والطبرانى وابن حبان

[7/ 210، رقم 2948] والبيهقى [4/ 68] والديلمى [1/ 349، رقم 1120] وممن لم يذكره حميد بن زنجويه في الترغيب، ومن طريقه أسنده البغوى في التفسير في سورة البقرة عند قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ} الآية [البقرة: 155]. 420/ 856 - "إِذَا مُدِحَ الفاسِقُ غَضِبَ الرَّبُّ، واهتزَّ لذلك العَرْشُ". ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة (ع. هب) عن أنس (عد) عن بريدة قلت: حديث أنس، قال ابن أبي الدنيا [ص 149، رقم 91]: حدثنا رباح بن الجراح العبدى ثنا سابق بن عبد اللَّه عن أبي خلف خادم أنس عن أنس به. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان قال [2/ 277]: حدثنا عمر بن عبد اللَّه بن أحمد بن محمد بن سهل ثنا أبو بكر محمد بن مسعود ثنا سعيد بن بشر أبو عمرو ثنا بن أبي سمينة ثنا معافى بن عمران عن سابق عن أبي خلف الأعمى عن أنس به مرفوعا: "إن اللَّه عز وجل يغضب إذا مدح الفاسق". ورواه الخطيب [8/ 428] من طريق يحيى بن محمد بن صاعد، و [7/ 297، رقم 3806] من طريق الحسن بن الحسين الصواف، كلاهما عن رباح بن الجراح عن سابق به. وسابق ذكره الذهبى في الميزان [1/ 109, رقم 3041] بهذا الحديث وقال: إنه خبر منكر، ولكن أبو خلف لا يعرف كذا قال هنا، وذكر في الكنى أبا خلف، وقال: كذبه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم منكر الحديث اهـ.

وقد رأيت ابن حبان ذكر هذا الحديث في الضعفاء في ترجمة أبي خلف المذكور فقال [1/ 267]: حازم بن أبي عطاء أبو خلف الأعمى يروى عن عائشة، منكر الحديث على قلته، يأتى بالأشياء التي لا تشبه حديث الأثبات روى عن أنس -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذكر هذا الحديث. وأما حديث بريدة فتقدم قريبا في حديث: "إذا قال الرجل للمنافق سيد، فقد أغضب ربه" وبسطنا الكلام عليه. 421/ 857 - "إِذَا مَرَرْتَ بِبَلدَةٍ لَيْسَ فِيها سُلْطَانٌ فَلا تَدخُلهَا، إنَّما السُّلطانُ ظلُّ اللَّه ورمْحُهُ فِى الأرضِ". (هب) عن أنس قلت: أخرجه البيهقى في السنن أيضا فقال [8/ 162]: أخبرنا أبو محمد السكرى أنبأنا إسماعيل الصفار ثنا عباس بن عبد اللَّه الترقفى ثنا سعيد بن عبد اللَّه الدمشقى ثنا الربيع بن صبيح عن أنس به. وقال الديلمى: أخبرنا أبي أخبرنا أبو على بن البنا أخبرنا عبد اللَّه ابن محمد بن عبد الجبار السكرى ثنا إسماعيل الصفار به. والربيع بن صبيح ضعيف، ومع ذلك فهذا السند منقطع، لأن الربيع سمعه من الحسن عن أنس، قال أبو الشيخ: حدثنا حاجب بن أبي بكر ثنا عباس بن محمد ثنا سعيد بن عبد اللَّه بن دينار عن الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس به، بلفظ: "السلطان ظل اللَّه في الأرض، فإذا دخل أحدكم بلدا ليس فيه سلطان فلا يقيمن فيه"، وللحديث طرق أخرى تأتى في حرف السين.

422/ 859 - "إِذَا مَررْتُم بِرياضِ الجنَّة فارتَعُوا، قالوا: وما رِياضُ الجنَّة؟ قال: حلَقُ الذِّكرِ". (حم. ت. هب) عن أنس قال الشارح: وبإسناده وشواهده يرتقى إلى الصحة. قلت: منها حديث جابر أخرجه ابن أبي الدنيا قال: حدثنا الهيثم بن خارجة ثنا إسماعيل بن عياش عن عمر بن عبد اللَّه أن خالد ابن عبد اللَّه بن صفوان أخبره عن جابر بن عبد اللَّه، قال: خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "يا أيها الناس ارتعوا في رياض الجنة، قلنا: يا رسول اللَّه ما رياض الجنة؟ قال: مجالس الذكر" الحديث. وأخرجه أيضا البزار والطبرانى في الأوسط وأبو يعلى [6/ 155، رقم 3432] والحاكم [1/ 494، رقم 1820] والبيهقى في الشعب [1/ 398، رقم 529] كلهم من هذا الوجه، وهو عندهم مطولا، وقال الحاكم: صحيح الإسناد وتعقبه الذهبى بأن عمر بن عبد اللَّه ضعيف. ومنها حديث ابن عمر قال أبو نعيم في الحلية [6/ 354]: حدثنا أبو الحسن على بن أحمد بن عبد اللَّه المقدسى ثنا محمد بن عبد اللَّه بن عامر ثنا قتيبة بن سعيد ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: يارسول اللَّه وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر". ومنها حديث معاذ، قال ابن أبي شيبة في مصنفه [10/ 302، رقم 9506]: ثنا يحيى بن واضح عن موسى بن عبيدة الربذى عن أبي عبد اللَّه القراظ عن

معاذ بن جبل قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر ذكر اللَّه تعالى". ورواه الطبرانى [20/ 157، رقم 326] والثعلبى من طريق ابن أبي شيبة. وقال إسحاق بن راهويه في مسنده: ثنا إسحاق بن أبي سليمان الدارانى سمعت موسى بن عبيدة الربذى به. ومن هذا الطريق أيضا رواه ابن مردويه في التفسير ومنها حديث أبي هريرة المذكور في المتن بعد حديث واحد وهو عند الترمذى. 423/ 865 - "إِذَا مَرِضَ العبْدُ ثلاثَةَ أيَّامٍ خَرَج مِنْ ذُنُوبِهِ كيَوْمِ ولَدَتهُ أمُّهُ". (طس) وأبو الشيخ عن أنس قلت: قال أبو الشيخ: حدثنا عمر بن عبد اللَّه بن الحسن ثنا سليمان بن شبيب ثنا إبراهيم بن الحكم حدثنى أبي عن عكرمة عن أنس به. إبراهيم بن الحكم، قال الذهبى: تركوه وقل من مشاه. 424/ 867 - "إِذَا مَشَتْ أمَّتى المُطَيْطَاء وخَدَمَهَا أبنَاءُ الملُوكِ أبنَاءُ فَارس والرُّومِ، سَلَّط اللَّه شِرَارهَا عَلى خِيَارِهَا". (ت) عن ابن عمر قال الشارح: وفيه زيد بن الحباب، قال في الكاشف: قد وهم، وموسى ابن عبيدة ضعفوه، وعبد اللَّه بن دينار غير قوى، ورواه الطبرانى عن أبي هريرة، لكنه قال: "سلط بعضهم على بعض". قلت: الشارح لا يدرى ما يخرج من رأسه، كأنه رأى الحافظ الهيثمى يقول

في مجمع الزوائد عن الحديث: فيه فلان وفلان، فأراد أن يفعل مثله عن غير علم، فصار يأتى بمثل هذه الفضائح لظنه أن كل ما يذكر في كتب الجرح والتعديل من المفاضلات والترجيحات عن المتقدمين يجب أن يعلل بها الأحاديث، وعليه ينبغى أن يعلل الأحاديث بمالك وسفيان بن عيينة والثورى وشعبة وأقطاب الحديث وأئمته إن هذا لعجب، فعبد اللَّه بن دينار من أشهر علماء التابعين وأكبر شيوخ مالك وأوثق رجال الصحيحين البخارى ومسلم يذكر في مثل هذا المقام ويعلل به الحديث؟! عجبًا للشارح ما أغفله عن هذا الأمر وأبعده عن هذه الصناعة فلو سكت لكان خيرا له. وزيد بن الحباب أيضا ثقة حافظ من رجال الصحيح احتج به مسلم في صحيحه ووثقه الجمهور، على أنه برئ من الحديث فقد قال ابن المبارك في كتاب الزهد (¬1) [ص 51، رقم 187]: أخبرنا موسى بن عبيدة عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر به. وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 308]: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن جعفر ثنا أبو الأسود عبد الرحمن بن الفيض ثنا الخليل بن محمد ثنا روح بن عبادة ثنا موسى بن عبيدة به. فبرئ منه زيد بن الحباب، والحديث إنما يعل بموسى بن عبيدة الربذى فإنه ضعيف. على أنه قد ورد من غير طريقه، قال أبو نعيم في دلائل النبوة [ص 196]: حدثنا الحسن أبو عمر المعدل الواسطى ثنا عمر بن سهل الدقاق ثنا محمد بن إسماعيل الحسانى ثنا أبو معاوية الضرير ثنا يحيى بن سعيد عن عبد اللَّه بن ¬

_ (¬1) وهو من زوائد نعيم بن حماد.

دينار به. ورواه الترمذى أيضا [4/ 527، رقم 2261 مكرر] عن محمد بن إسماعيل الواسطى عن أبي معاوية به. وقال: لا يعرف له أصل عن يحيى بن سعيد، إنما المعروف حديث موسى ابن عبيدة قال: وقد روى مالك بن أنس هذا الحديث عن يحيى بن سعيد مرسلا لم يذكر فيه عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر اهـ. وهذا تهافت من الترمذى إذ يقول: لا يعرف له أصل عن يحيى بن سعيد بعد أن رواه عنه بالإسناد ثم أثبت أن مالكا رواه عن يحيى بن سعيد غاية ما في الأمر أنه مرسل غير موصول. 425/ 868 - "إِذَا نَادَى المنَادِى فُتِّحت أبوابُ السَّمَاءِ واسْتَجِيبَ الدُّعاء". (ع. ك) عن أبي أمامة قال الشارح في الكبير: زاد المصنف في الكبير وتُعُقِّب يعنى الحاكم. قلت: الحديث رواه الحاكم مطولا فاختصره المصنف أو حمله على رواية أبي يعلى فقد رواه الحاكم [1/ 547، رقم 2004] من طريق الوليد بن مسلم عن عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا نادى [المنادى] فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء، فمن نزل به كرب أو شدة فليتحين المنادى فإذا كبر كبروا لماذا تشهد تشهدوا، وإذا قال: حى على الصلاة قال: حى على الصلاة، وإذا قال: حى على الفلاح، قال: حى على الفلاح، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة الصادقة المستجابة المستجاب لها دعوة الحق وكلمة التقوى أحينا عليها وأمتنا عليها [وابعثنا عليها] واجعلنا من خيار أهلها أحياء وأمواتا، ثم يسأل اللَّه حاجته". قال الحاكم: صحيح

الإسناد، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبى بأن عفيرا واه جدا. وهكذا رواه أبو نعيم في الحلية [10/ 213]: حدثنا أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن يوسف ثنا أبو طاهر سهل بن عبد اللَّه ثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقى ثنا الوليد بن مسلم به، وقال: غريب من حديث سليم وعفير لا أعلم رواه عنه إلا الوليد. وقد ورد صدر الحديث المذكور في المتن من حديث أنس، قال أبو نعيم [6/ 308]: ثنا أحمد بن القاسم ثنا محمد بن غالب بن حرب ثنا قبيصة ثنا سفيان الثورى عن الربيع بن صبيح عن يزيد بن أبان الرقاشى عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أذن بالأذان فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء". ورواه أبو داود الطيالسى في مسنده [ص 282، رقم 2106] عن الربيع به بلفظ: "إذا نودى بالصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء". قال يزيد: وكان يقول الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد، وقد ذكره المصنف بعد هذا بهذا اللفظ، وعزاه للطيالسى وأبي يعلى والضياء وهو عند الطيالسى كما عند أبي نعيم من رواية الربيع بن صبيح عن يزيد بن أبان وكلاهما ضعيف. لكنه ورد من طريق آخر رواه هلال الحفار: أنبأنا الحسين بن يحيى بن عياش القطان ثنا حفص بن عمرو الربالى ثنا سهل ابن زياد ثنا سليمان التيمى عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا نودى بالصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء". وورد عنه أيضًا من طرق أخرى بمعناه.

426/ 869 - "إِذَا نَزَلَ الرَّجُلُ بِقَوْمٍ فَلَا يَصُم إلا بإذنِهِمْ". (هـ) عن عائشة قال الشارح في الكبير: رمز لضعفه وهو كذلك، فقد قال البيهقى: إسناده مظلم. قلت: أبعد الشارح في نقل ضعفه عن البيهقى، والحديث خرجه الترمذى وقال: إنه منكر، وسيأتى في حرف الميم في: "من نزل على قوم"، ورواه باللفظ المذكور هنا الدينورى في المجالسة، وسأذكر سنده هناك. 427/ 871 - "إِذَا نَزَل بكُمْ كَرْبٌ أو جَهْدٌ أو بَلَاءٌ، فَقُولُوا: اللَّه اللَّه ربَّنَا لا شَرِيكَ لَهُ". (هب) عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: رمز لحسنه وليس كما قال إذ فيه كما قال الهيثمى صالح بن عبد اللَّه أبو يحيى وهو ضعيف. قلت: الحديث ورد من طرق متعددة من حديث أسماء، وهو عند أحمد [6/ 369] وأبي داود [2/ 87، رقم 1525] والنسائى في اليوم والليلة (¬1) وابن ماجه [2/ 1277]، والخطيب [5/ 451] وغيرهم بسند صحيح، بل هو في الموطأ أيضا، ومن حديث عائشة عند الطبرانى ومن حديث ثوبان من فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عند ابن السنى [ص 109، رقم 330]، فهى شواهد تدل على صحة الحديث لغيره لا حسنه فقط، على أنى لا أجد صالحا هذا في الضعفاء (¬2). ¬

_ (¬1) هو في سنن النسائى الكبري في كتاب عمل اليوم والليلة (6/ 166، رقم 10485). (¬2) ترجم له الذهبى في الميزان (2/ 296 رقم 3807) وذكر له حديث: "ابن أخت القوم منهم"، ونقل قول البخارى فيه حيث قال: فيه نظر، وقال أيضًا: ذكره العقيلى.

428/ 873 - "إِذَا نَسِيَ أحدُكُمْ أنَ يذكر اسمَ اللَّه عَلَى طَعَامِهِ، فليقُلْ إذَا ذَكَرَ: بِسم اللَّه أوَّلَهُ وآخِرَهُ". (ع) عن امرأة قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات، وبه يعرف أن المصنف قصر حيث رمز لحسنه، ورواه الطبرانى في الأوسط بزيادة فائدة عزيزة، ولفظه: "من نسى أن يذكر اللَّه في أول طعامه، فليقل حين يذكر بسم اللَّه في أوله وآخره، وليقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} " قال العراقى: إسناده ضعيف. قلت: قد قدمنا في مثل هذا الانتقاد أن قولهم: رواته ثقات لا يلزم منه أن يكون الحديث صحيحا، بل قد يكون مع ذلك معلولا علة يوجب وضعه، والحديث ورد عن عائشة كما سبق في "إذا أكل"، وعن عبد اللَّه بن مسعود أخرجه أبو يعلى وابن السني [ص 147، رقم 453] من طريق عمر بن على المقدمى سمعت موسى الجهنى يقول: أخبرنى القاسم بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود عن أبيه عن جده عبد اللَّه مرفوعا: "من نسى أن يذكر اللَّه عز وجل في أول طعامه، فليقل حين يذكر: بسم اللَّه أوله وآخره، فإنه يستقبل من طعامه جديدا ويمتنع الخبيث، فما كان يصيب منه". أما الرواية التي أشار إليها الشارح فرواها ابن السنى [ص 148، رقم 454] عن أبي يعلى: ثنا يونس ين سريج بن يونس ثنا على بن ثابت عن حمزة النصيبي عن أبي الزبير عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من نسى أن يسمى على طعامه فليقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إذا فرغ". ورواه أبو نعيم في الحلية [10/ 114]: حدثنا أبي ثنا محمد بن إبراهيم ثنا سريج بن يونس به، وقال: لا أعلم أحدا رواه عن أبي الزبير إلا حمزة.

قلت: وهو ضعيف منكر الحديث، وقد عدوا هذا من منكراته. 429/ 877 - "إِذَا نَعَسَ أَحدُكُم وهو يصلِّي، فَلْيرقُد حتَّى يذهب عَنْهُ النَّوم، فإنَّ أحدكُم إذا صلَّى وهو نَاعِسٌ لا يَدْرِي لعلَّهُ يَذْهب يَسْتَغِفرُ فَيسبَّ نَفْسَه". مالك (ق. د. ت. هـ) عن عائشة قلت: رواه الطحاوى في مشكل الآثار من طرق عنها (ص 355 من الجزء الرابع) (¬1). 430/ 878 - "إِذَا نَعَسَ أَحدُكُمْ وهُوَ في المسْجِدِ فليتحوَّل مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ إلى غَيرِهِ". (د. ت) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: قال (ت): حسن صحيح، ورواه الحاكم وقال: على شرط مسلم. قلت: لكن أعله على بن المدينى بالوقف فروى البيهقى في كتاب الصلاة خلف الإمام عنه قال: لم أعلم لابن إسحاق إلا حديثين منكرين، نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا نعس أحدكم يوم الجمعة"، والزهرى عن عروة عن زيد بن خالد: "إذا مس أحدكم فرجه". قال البيهقى: وإنما قال هذا على بن المدينى، لأن الحديث الأول إنما روى عن عمرو بن دينار عن عبد اللَّه موقوفا، ورواه ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، وقد وجدته قد روى من وجه آخر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا: أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أنا عبد الباقى بن قانع ثنا محمد بن نصر بن منصور الصائغ ثنا أحمد بن عمر بن عمر الوكيعى ثنا عبد الرحمن بن محمد ¬

_ (¬1) انظر مشكل الآثار (9/ 59، 60، رقم 3435؛ 3438).

المحاربى عن يحيى بن سعيد الأنصارى عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا نعس أحدكم في الصلاة في المسجد يوم الجمعة، فليتحول من مجلسه إلى غيره"، ثم ذكر الحديث الثانى ثم قال: فخرج ابن إسحاق من عهدة الحديثين كما قال البخارى عن على بن المدينى، ويمكن أن يكونا صحيحين يعنى الحديثين المذكورين لكن السند الذي ذكره البيهقى ضعيف. 431/ 879 - "إِذَا نمتُمْ فأطفِئُوا المصبَاحَ، فإن الفأرَةَ تأخُذُ الفَتيلَةَ فتحْرِقُ أهْلَ البيْتِ، وأغلِقُوا الأبَوابَ، وأوكِئُوا الأسْقِيَةَ، وخمِّرُوا الشّرَابَ". (طب. ك) عن عبد اللَّه بن سرجس قلت: وفي الباب عن جابر وأبي أمامة. أما حديث جابر، فقال الحاكم في علوم الحديث في النوع الثالث من المسلسل [ص 30]: حدثنا أبو جعفر محمد بن على الصائغ ثنا أحمد بن حازم بن أبي عرزة ثنا أبو نعيم ثنا نصير بن أبي الأشعث قال: سمعت أبا الزبير يحدث أنه سمع جابرا يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا نمت فأطف السراج، وأغلق الباب، وأوك السقاء، وخمر الإناء، فإن الشيطان لا يفتح غلقا، ولا يحل وكاء، ولا يكشف إناء، وإن الفويسقة تضرم على الناس بيوتهم فإن لم تجد ما تخمره فأعرض عليه عودا واذكر اسم اللَّه". ورواه من حديثه أيضا البخارى لكن بلفظ: "أطفئوا" وسيأتى عند المصنف في موضعه، وتقدم في المتن أيضا بلفظ: "إذا سمعتم نباح الكلاب". وأما حديث أبي أمامة فتقدم في "أجيفوا".

432/ 880 - "إِذَا نَهقَ الحِمَارُ فتعوَّذُوا باللَّه مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ". (طب) عن صهيب قلت: أخرجه أيضا ابن السنى في اليوم والليلة، [ص 103، رقم 308] قال: أخبرنا ابن منيع ثنا عمى ثنا عاصم بن على ثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة عن ابن صهيب عن أبيه به. ومن هذا الوجه رواه الطبرانى [8/ 45، رقم 7312]، وإسحاق متروك، لكن الحديث في الصحيحين من حديث أبي هريرة كما سبق في المتن في "إذا سمعتم صياح الديكة". 433/ 881 - "إِذَا نُودِيَ بالصَّلَاةِ فُتحَتْ أبْوابُ السَّماءِ واستُجِيبَ الدُّعَاء". الطيالسى (ع) والضياء عن أنس قلت: تقدم قريبا بلفظ: "إذا نادى" من حديث أبي أمامة، وذكرنا هناك طرق حديث أنس هذا. 434/ 885 - "إِذَا وَجَدَ أحَدُكُم عَقْرَبًا وهو يُصَلِّى فَليقْتُلهَا بِنَعْلِهِ اليُسْرَى". (د) في مراسيله عن رجل من الصحابة قال الشارح في الكبير: رمز المصنف لضعفه، وهو غفلة عن قول علم الحفاظ ابن حجر: رجاله ثقات لكنه منقطع. قلت: بل الغفلة المركبة هى الصادرة من الشارح إذ ينقل عن الحافظ أنه قال: منقطع ثم ينتقد الحكم بضعفه، فهذا من أعجب العجائب، وكأنه لا يدرى أن الانقطاع من أسباب ضعف الحديث، لأن الواسطة المحذوف من الإسناد

قد يكون ضعيفا، بل قد يكون كذابًا، فيكون الحديث موضوعا مع ثقة رجال السند فسبحان اللَّه العظيم وبحمده. 435/ 886 - "إِذَا وَجَدت القَمْلَةَ فِى المَسْجد فَلُفَّهَا في ثَوْبِكَ حَتَّى تَخْرُجَ". (ص) عن رجل من خطمة قلت: أخرجه أيضا الحارث بن أبي أسامة في مسنده، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبان ثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن رجل من الانصار قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا وجد أحدكم القملة وهو في الصلاة فلا يقتلها، ولا يدفنها في التراب، ولكن يصرها في ثوبه". 436/ 891 - "إِذَا وُضِعَ الطَّعَامُ فَخُذُوا مِنْ حَافَّتِهِ، وَذَرُوا وَسَطَهُ، فَإِنَّ البَرَكَةَ تَنْزِلُ في وَسَطِهِ". (هـ) عن ابن عباس قلت: أخرجه أيضا أبو داود [3/ 348، رقم 3772]، والترمذى [4/ 260، رقم 1085] وصححه، والنسائى (¬1) وابن حبان [12/ 51، رقم 5245] وآخرون، إلا أن أوله عندهم لا يدخل في هذا الحرف. ورواه ابن فيل في جزئه باللفظ المذكور هنا، وفي الباب عن غير ابن عباس. 437/ 892 - "إِذَا وَضَعْتَ جَنْبَكَ عَلَى الفِراش، وقَرَأْتَ فَاتِحَةَ الكِتَابِ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فَقَدْ أَمِنْتَ مِنْ كُلِّ شَئٍ إلا المَوْتَ". البزار عن أنس ¬

_ (¬1) أخرجه النسائى في الكبرى (4/ 175، رقم 6762).

قلت: قال البزار: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهرى ثنا غسان بن عبيد عن أبي عمران الجونى عن أنس به (¬1). ورواه الديلمى في مسند الفردوس قال: أخبرنا عبدوس أخبرنا أبو القاسم على بن إبراهيم بن حامد البزاز ثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الأسدى ثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا محمد بن الحسن أبو بشر الحضرمى ثنا غسان بن عبيد الموصلى به بلفظ: "إذا وضعت جنبك على الفراش فقلت بسم اللَّه، وقرأت فاتحة الكتاب، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، أمنت من شر الجن والإنس، ومن كل شيء إلا الموت، وهى تعدل ثلث القرآن". غسان بن عبيد مختلف فيه، وقد وثقه يحيى بن معين في رواية، وقال الدارقطنى: صالح وذكره ابن حبان في الثقات، وضعفه الآخرون. 438/ 894 - "إِذَا وَعَدَ الرَّجُلُ أَخَاهُ، وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَفِى لَهُ، فَلَمْ يَفِ، وَلَمْ يَجِئ لِلْمِيعَادِ فَلا إِثْمَ عَلَيهِ". (د. ت) عن زيد بن أرقم قلت: وأخرجه أيضا البخارى في الكنى المجردة له [ص 79، رقم 753]، فقال: قال ابن المثتى: ثنا أبو عامر سمع إبراهيم بن طهمان عن على بن عبد الأعلى عن أبي النعمان عن أبي وقاص عن زيد بن أرقم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا وعد أحدكم أخاه، فلم يف، ولم يجئ إلى الميعاد فلا إثم عليه"، وأبو النعمان وشيخه مجهولان، وقد اختلف على أبي وقاص فيه، فقيل عنه عن زيد بن أرقم، وقيل عنه عن سلمان، والحديث غريب منكر. ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (4/ 26، رقم 3109).

439/ 895 - "إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ في شَرَابِ أحدكُمْ فليغْمِسْهُ ثمَّ لينْزَعهُ فإن فِى إحْدَى جِنَاحَيهِ دَاءٌ وفي الأخْرَى شِفَاءٌ". (خ. هـ) عن أبي هريرة قلت: ورواه الطحاوى في مشكل الآثار (¬1) من حديث أبي سعيد الخدرى ومن حديث أبي هريرة من طرق وذلك في (الجزء الرابع ص 282). 440/ 896 - "إِذَا وَقَعْتَ فِى وَرْطَةٍ فَقُلْ: بسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحيم، وَلا حَوْلَ وَلا قوَّةَ إلا باللَّه العَليِّ العَظِيَمِ، فَإنَّ اللَّه تَعَالَى يَصْرِفُ بِهَا مَا شَاءَ مِنْ أَنْوَاعِ البَلاءِ". ابن السنى في عمل اليوم والليلة عن على قلت: قال ابن السنى [ص 109، رقم 331]: حدثنى محمد بن عبد الحميد الفرغانى ثنا أحمد بن نذير ثنا المحاربى ثنا عمرو بن شمر عن أبيه قال: سمعت يزيد بن مرة يقول: سمعت سويد بن غفلة يقول: سمعت عليا عليه السلام يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا على ألا أعلمك كلمات إذا وقعت في ورطة قلتها؟ قلت: بلى -جعلنى اللَّه فداك- كم من خير قد علمتنيه، قال: إذا وقعت في ورطة" وذكره، وعمرو بن شمر واه جدا وأكثر روايته عن جابر الجعفى، أما روايته عن أبيه فغريبة، وأبوه لم له ذكرا في كتب الجرح والتعديل. 441/ 897 - "إِذَا وَقَعْتُمْ فِى الأَمرِ العَظِيمِ فقولوا: حَسْبُنَا اللَّه وَنِعْمَ الوَكِيلِ". ابن مردويه عن أبي هريرة قلت: قال ابن مردويه: حدثنا دعلج بن أحمد حدثنا الحسن بن سفيان أنبأنا أبو خيثمة مصعب بن ¬

_ (¬1) انظر مشكل الآثار (8/ 339، رقم 3289)، و (8/ 340، ورقم 3291)، و (8/ 341، رقم 3292، 3293)، و (8/ 342، رقم 3294، 3295).

سعيد أنبأنا موسى بن أعين عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به. مصعب بن سعيد ضعفه الذهبى لكن له شواهد منها حديث عوف بن مالك مرفوعا: "إن اللَّه يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس، فإذا غلبك أمر فقل: حسبى اللَّه ونعم الوكيل"، وهو عند أحمد وأبي داود وغيرهما، وسيأتى في المتن. وحديث ابن عباس مرفوعا: "كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن، وحنى جبهته يستمع متى يأمر فينفخ، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: قولوا حسبنا اللَّه ونعم الوكيل" رواه أحمد [1/ 326] وغيره. 442/ 900 - "إِذَا وَلى أحدُكُمْ أخاه فَلْيُحْسِن كَفَنَهُ، فإنَّهُم يُبْعَثُون في أَكْفَانِهِمْ، وَيَتَزَاوَرُنَ فِي أَكْفَانِهِمْ". سمويه (عق. خط) عن أنس، الحارث عن جابر قال الشارح عقب حديث أنس: ظاهر صنيع المصنف أن الخطيب لم يخرجه إلا من حديث أنس ولا كذلك، بل خرجه من حديثه ومن حديث جابر في موضع واحد، وحديث جابر قال في اللسان عن العقيلى: إسناده صالح بخلاف حديث أنس، فاقتصر على المعلول وحذف المقبول. قلت: هذا جمع بين الباطل والغفلة والتهور، فإن الخطيب لم يخرج الحديثين في موضع واحد، بل خرج حديث أنس من طريقين في موضعين، الأول في ترجمة سعيد بن سلام العطار قال [9/ 80]: أخبرنا الحسن بن أبي بكر أخبرنا عبد الخالق بن الحسن المعدل ثنا محمد بن سليمان بن الحارث ثنا سعيد بن سلام العطار ثنا أبو ميسرة عن قتادة عن أنس به. ومن هذا الطريق رواه أيضا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 346] في ترجمة يونس بن أحمد بن رستة.

الموضع الثانى: في ترجمة أحمد بن ريحان بن عبد اللَّه أبي الطيب فقال [4/ 160]: أخبرنا على بن أبي على البصرى ثنا محمد بن عبد اللَّه بن المطلب الشيبانى حدثنى أبو الطيب أحمد بن ريحان حدثنى على بن الحسين بن مروان القطان ثنا أبو عمرو الحوضى حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس به مختصرا إلى قوله: "فليحسن كفنه". أما حديث جابر فخرجه في ترجمة سليمان بن عبد الجبار من طرق عن جرير عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر قال [9/ 52]: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه". وهذا الحديث هو غير الذي عزاه المصنف إلى الخطيب عن أنس، لأن المقصود منه زيادة التزاور في الأكفان والبعث فيها، أما بدون ذلك فقد ذكره المصنف قبل هذا مباشرة، وعزاه لأحمد، ومسلم، وأبي داود، والنسائى عن جابر، فالحديث لم يخرجه الخطيب أصلا بتلك الزياده من حديث جابر فضلا عن أن يكون خرجهما في موضع واحد، ثم إنه عزا حديث جابر للحارث بن أبي أسامة الذي خرجه بتلك الزيادة، فاعجب لتهورات الشارح وغفلاته وأباطيله. 443/ 903 - "اذْكُرُوا اللَّه ذِكْرًا، يقُولُ المنَافِقُونَ: إنَّكُم تُرَاءُونَ". (طب) عن ابن عباس قلت: قال الطبرانى [12/ 169، رقم 12786]: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنا عقبة بن مكرم ثنا سعيد بن سفيان الجحدرى ثنا الحسن بن أبي جعفر عن عقبة بن أبي ثبيت الراسبى عن أبي الجوزاء عن ابن عباس به. ورواه أبو نعيم في الحلية عن الطبرانى، وقال [3/ 80, 81]: غريب من

حديث أبي الجوزاء لم يوصله إلا سعيد عن الحسن اهـ. قلت: والحسن ضعيف، وقد رواه عبد اللَّه بن أحمد في زوائد زهد أبيه [ص 161، رقم 556] عن أبي الجوزاء مرسلا دون ذكر ابن عباس، قال عبد اللَّه بن أحمد: أخبرنا داود بن رشيد الخوارزمى أخبرنا ابن المبارك أخبرنى سعيد بن زيد عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أكثروا ذكر اللَّه عز وجل حتى يقول المنافقون: إنكم مراءون". وقد أعاده المصنف فيما سيأتى بهذا اللفظ، وعزاه لسعيد بن منصور، وأحمد في الزهد، والبيهقى في الشعب عن أبي الجوزاء مرسلا، وهو واهم في عزوه إلى أحمد، بل هو من زوائد ابنه عبد اللَّه. 444/ 904 - "اذْكُرُوا اللَّه ذكْرًا خَامِلًا، قيل: وما الذِّكْرُ الخَامِلُ؟ قال: الذِّكْرُوا الخَفِيُّ". ابن المبارك في الزهد عن ضمرة بن حبيب مرسلا قلت: رواه ابن المبارك في أول كتاب الزهد [ص 50، رقم 155] عن أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة به، وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف. 445/ 906 - "أُذِنَ لِي أنْ أُحَدِّثَ عن مَلَكٍ، مِنْ مَلائِكةِ اللَّه تعالى مِنْ حَمَلَةِ العَرْشِ، ما بين شَحْمَة أذُنِهِ إلى عَاتِقِهِ مَسِيرةُ سَبْعِمَائَةِ سَنَةٍ". (د) والضياء عن جابر قلت: رواه أيضا ابن أبي حاتم في التفسير، قال: حدثنا أبي، قال: كتب إلى أحمد بن حفص بن عبد اللَّه النيسابورى حدثنى

أبي حدثنا إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر به، ولفظه "أذن لى أن أحدثكم عن ملك من حملة العرش بُعد ما بين شحمة أذنه إلى عنقه مخفق الطير سبعمائة عام" إسناده جيد. ورواه أبو نعيم في الحلية في ترجمة محمد بن المنكدر من رواية محمد بن عجلان عنه، فقال [3/ 158]: عن جابر وابن عباس معا، وزاد في المتن زيادة ولفظه: "أذن لى أن أحدث عن ملك من حملة العرش، رجلاه في الأرض السابعة السفلى على قرنه العرش، ومن شحمة أذنه إلى عاتقه خفقان الطير مسيرة مائة عام"، قال أبو نعيم: غريب من حديث محمد عن ابن عباس، لم نكتبه إلا من حديث جعفر عن ابن عجلان، ومن حديث جابر قد رواه عن محمد غيره. وفي الباب عن ابن عباس من رواية أخرى عين فيها أن هذا الملك هو: "إسرافيل" رواه الطبرانى، وعنه أبو نعيم في الحلية [3/ 158] أيضا. وقد ذكر الشارح في الكبير حديث أنس وأبي هريرة. 446/ 907 - "أَذِيبُوا طَعَامكُمْ بِذِكْرِ اللَّه والصَّلاةِ، ولا تَنَامُوا عليه فَتَقْسُو قُلُوبُكُمْ". (طس. عد) وابن السنى. زاد الشارح في اليوم والليلة، وأبو نعيم، زاد الشارح كلاهما في الطب (هب) عن عائشة قال الشارح في الكبير بعد أن نقل أنقالا متكررة في أنه من رواية بزيع، وهو متروك ما نصه: وأورده ابن الجوزى في الموضوع، وقال: بزيع متروك، وهو تعسف لما أن الترك لا يوجب الحكم بالوضع، واعلم أن للحديث طريقين الأول: عن عبد الرحمن بن المبارك عن بزيع عن هشام بن عروة عن عائشة، والثانى: عن أبي الأشعث عن أصرم بن حوشب عن عبد اللَّه

الشيبانى عن هشام بن عروة عن عائشة، فأخرجه من الطريق الأول الطبرانى في الأوسط، وابن السنى، وأبو نعيم، والبيهقى، ومن الطريق الثانى ابن السنى، فأما بزيع فمتروك، بل قال بعضهم متهم، وأما أصرم ففى الميزان عن ابن معين: كذاب خبيث، وعن ابن حبان كان يضع على الثقات، وقال ابن عدى: هو معروف ببزيع، فلعل أصرم سرقه منه، ولهذا حكم ابن الجوزى بأنه موضوع، فقال: موضوع بزيع متروك، وأصرم كذاب، وتعقبه المؤلف بأن العراقى اقتصر في تخريج الإحياء على تضعيفه، وأنت خبير بأن هذا التعقب أوهى من بيت العنكبوت، وبأن له عند الديلمى شاهدا من حديث أصرم هذا عن على موقوفا: "أكل العشاء والنوم عليه قسوة في القلب" هذا حاصل تعقبه. قلت: لا يخفى ما في كلام الشارح من تناقض، فأولا زاد في الصغير: أن ابن السنى خرجه في اليوم والليلة، ثم بعد ذكر أبي نعيم، قال: كلاهما في الطب فتناقض، ثم رد على ابن الجوزى حكمه بالوضع، وقال: إنه تعسف، ثم في آخر كلامه رد على المؤلف في تعقبه، وقال: إنه أوهى من بيت العنكبوت، مع أنه يجعل النقل عن العراقى دائما حجة في نقض حكم المؤلف، فلما نقل المؤلف عن العراقى لم يرض هو به، لأن ديدنه توهين كلام المؤلف ثم إنه عزا كلًا من الطريقين إلى ابن السنى وأطلق، فاقتضى أن كلا منهما عنده في اليوم والليلة وليس كذلك، بل طريق أصرم عنده في الطب النبوى، وطريق بزيع عنده في اليوم والليلة [ص 156، رقم 482]. والحديث أخرجه أيضا محمد بن نصر في قيام الليل قال: حدثنا محمد بن الوراق ثنا عبد الرحمن بن المبارك ثنا بزيع أبو الخليل به. ورواه أبو نعيم أيضا في تاريخ أصبهان قال [1/ 96]:

حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد الزهرى ثنا أحمد بن محمد بن عاصم ثنا عبد الرحمن بن المبارك به. 447/ 908 - "أَرْأَف أُمَّتِى بأمَّتى أبو بكر، وَأَشَدُّهُمْ في دِينِ اللَّه عُمَر، وَأصْدَقهُمْ حَيَاءً عُثْمانُ، وَأَقْضَاهُمْ عَليٌّ، وأقْرَضُهُمْ زَيْدُ بنُ ثابت، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبيُّ، وَأعْلَمُهُمْ بالحلال والحرام مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، ألا وإنَّ لِكُلِّ أُمّةٍ أمِينًا، وأمِينُ هذِه الأُمَّةِ أبُو عُبَيْدةَ بْنُ الجَرَّاحِ". (ع) عن ابن عمر قال الشارح: قال ابن عبد الهادى: في متنه نكارة، أى: مع صحة إسناده. وقال في الكبير: رواه أبو يعلى من طريق ابن البيلمانى عن أبيه عن ابن عمر، وابن البيلمانى حاله معروف، لكن في الباب أيضا عن أنس وجابر وغيرهما عند الترمذى وابن ماجه والحاكم وغيرهم، وقال الترمذى: حسن صحيح، والحاكم: على شرطهما، وتعقبهم ابن عبد الهادى في تذكرته: بأن في متنه نكارة، وبأن شيخه ضعفه، بل رجح وضعه، وقال ابن حجر في الفتح: هذا الحديث أورده الترمذى وابن حبان من طريق عبد الوهاب الثقفى عن خالد الحذاء مطولًا وأوله "أرحم"، وإسناده صحيح، إلا أن الحفاظ قالوا: الصواب في أوله الإرسال، والموصول منه ما اقتصر عليه البخارى. قلت: ما أحسن الشارح الكتابة لا في حالة الاختصار ولا في حالة التطويل، وأتى في كل منهما بما يوقع في الوهم ولا يفيد. فكتب في الصغير على حديث ابن عمر: أن ابن عبد الهادى قال: إن متنه فيه نكارة أى: مع صحة إسناده، فاقتضى كلامه أن سند حديث ابن عمر

صحيح ومتنه منكر على رأى ابن عبد الهادى، وأبان في الكبير أن سند حديث ابن عمر ضعيف لأنه من رواية ابن البيلمانى وهو ضعيف. وظهر من مجموع كلامه في الكبير أنه يقصد بكلامه في الصغير الحديث من جميع طرقه لا من خصوص طريق ابن عمر، ثم لما نقل كلام الحافظ اقتطعه اقتطاعا فصار موهما لا يفيد، لاسيما وقد قال في آخره: والموصول منه ما اقتصر عليه البخارى، ثم لم يذكر القدر الذي اقتصر عليه البخارى، فصار كلاما غير تام الفائدة، فاعلم أن البخارى قال في صحيحه [5/ 32، رقم 3744]: حدثنا عمرو بن على ثنا عبد الأعلى ثنا خالد عن أبي قلابة قال: حدثنى أنس، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن لكل أمة أمينا وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح". فقال الحافظ [5/ 32 تحت شرح الحديث 3744]: أورد الترمذى وابن حبان هذا الحديث من طريق عبد الوهاب الثقفى عن خالد الحذاء بهذا الإسناد مطولا، وأوله: "أرحم أمتى بأمتى أبو بكر، وأشدهم في أمر اللَّه عمر، وأصدقهم حياء عثمان وأقرؤهم لكتاب اللَّه أبي، وأفرضهم زيد، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، ألا وإن لكل أمة أمينا" الحديث، وإسناده صحيح، إلا أن الحفاظ قالوا: إن الصواب في أوله الإرسال، والموصول منه ما اقتصر عليه البخارى واللَّه أعلم اهـ. يعنى أن أبا قلابة لم يرو عن أنس إلا القدر الذي ذكره البخارى، وسائره رواه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلا دون ذكر أنس، وهذه دعوى يدعيها الحاكم والدارقطنى والخطيب تبعا لمن رواه من أهل البصرة عن أبي قلابة دون ذكر أنس.

وقد خرجه الحاكم في المستدرك [3/ 422، رقم 5784] من طريق عبد الوهاب الثقفى عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة، وإنما اتفقا بإسناده على ذكر أبي عبيدة فقط، وقد ذكرت علته في كتاب التلخيص. قلت: وكذلك في علوم الحديث [ص 114] فأخرجه من طريق قبيصة بن عقبة عن سفيان عن خالد الحذاء أو عاصم عن أبي قلابة عن أنس، ثم قال: وهذا معلول، فلو صح بإسناده لأخرج في الصحيح، إنما روى خالد الحذاء عن أبي قلابة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: ["أرحم أمتى"] (¬1) مرسلا، وأسند ووصل: "إن لكل أمة أمينا"، هكذا رواه البصريون الحفاظ عن خالد الحذاء وعاصم جميعا اهـ. وهذا من الخطأ الذي يتتابع عليه الحفاظ، فالحديث رواه الثقات الأعلام رجال الصحيح المتفق عليهم عن أبي قلابة، وهو ثقة عن أنس، فكيف ترد روايتهم بقول من قال عن أبي قلابة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلا، مع أن المقرر عندهم والمعروف فيما بينهم أن الحكم لمن وصل لا لمن أرسل، وكيف يكون أبو قلابة سمع آخر الحديث من أنس ولم يسمع أوله؟! والحديث خرجه أحمد في مسنده [3/ 189] والطحاوى في مشكل الآثار [2/ 279، رقم 808] من طرق عن أبي قلابة عن أنس، وورد من حديث جابر وابن عمر وأبي سعيد ورجل من الصحابة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقد ذكر بعض طرقه ابن عبد البر في مقدمة الاستيعاب من حديث ابن عمر وأبي سعيد وغيرهما. وحديث جابر رواه أيضا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 13] عن الطبرانى ¬

_ (¬1) الزيادة من علوم الحديث.

-وهو في معجمه الصغير [1/ 335، رقم 556]- في ترجمة على بن جعفر. ورواه الدارقطنى في الأفراد من طريق أبي قلابة عن ابن عمر، وبين أنه غلط، ثم أسنده من طريق أبي قلابة عن أنس. 448/ 912 - "أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ فَلا عَلَيْكَ ما فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا: صِدْقُ الحَدِيثِ، وحِفْظُ الأَمَانَةِ، وحُسْنُ الخُلُقِ، وعِفَّةُ مَطْعَم". (حم. طب. ك. هب) عن ابن عمر (طب) عن ابن عمرو (عد) وابن عساكر عن ابن عباس قلت: حديث عبد اللَّه بن عمر وحديث عبد اللَّه بن عمرو واحد، وإنما يهم فيه بعض الرواة، فيقول عبد اللَّه بن عمر بدون زيادة "واو". فأخرجه الحاكم [4/ 314، رقم 7876] من رواية شعيب بن يحيى: ثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن عبد اللَّه بن عمر. هكذا وقع في المستدرك عبد اللَّه بن عمر، ووقع في سنده حذف رجل بين الحارث وابن عمر. ورواه الخرائطى في مكارم الأخلاق [1/ 41، رقم 27]: حدثنا على بن حرب الموصلى ثنا زيد بن أبي الزرقاء حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن ابن حجيرة عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص به. ورواه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 319، رقم 271] من طريق يحيى بن حسان: ثنا ابن ليهعة ثنا الحارث بن يزيد الحضرمى عن عبد الرحمن بن حجيرة عن عبد اللَّه بن عمرو به، إلا أنه قال: "ثلاث إذا كن فيك لم يضرك ما فاتك

من الدنيا" فذكرهن وحذف: "حسن الخلق". وورد من وجه آخر عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أيضا، قال الحكيم في نوادر الأصول في الأصل الثانى والتسعين ومائة (¬1) [2/ 113]: أخبرنا عمر بن أبي عمر ثنا محمد بن شعيب الأزدى ثنا موسى بن على بن رباح قال: سمعت أبي يقول: سمعت عبد اللَّه بن عمرو يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أربع خلال إذا أعطى العبد فلا يضره ما عزل عنه من الدنيا: حسن خلقه، وعفاف طعمة، وصدق حديث، وحفظ أمانة". ورواه الدينورى في الثامن من المجالسة من هذا الوجه، إلا أنه أوقفه على عبد اللَّه بن عمرو، فقال: حدثنا أحمد بن محرز الهروى حدثنا حسين بن حسن عن ابن المبارك عن موسى بن على بن رباح اللخمى قال: سمعت أبي يحدث عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال، فذكره بلفظ الحكيم. ورواه أبو عمرو بن نجيد من هذا الوجه مرفوعا مطولا، فقال: حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجى ثنا روح بن الصلاح ثنا موسى بن على بن رباح عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمرو عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "الحسد في اثنتين، رجل آتاه اللَّه القرآن فقام به وأحل حلاله وحرم حرامه، ورجل آتاه اللَّه مالا فوصل منه أقاربه ورحمه وعمل بطاعة اللَّه تمنى أن يكون مثله، ومن يكن فيه أربع فلا يضره ما زوى عنه من الدنيا" الحديث. وقد ذكر المصنف صدره فيما سيأتى في حرف الحاء وعزاه لابن عساكر من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فالحديث إنما هو له لا لعبد اللَّه بن عمر بن الخطاب. ¬

_ (¬1) وهو في الأصل الحادى والتسعين ومائة من المطبوع.

وكذلك عزاه النور الهيثمى في الزوائد [10/ 295] لأحمد والطبرانى من حديث عبد اللَّه بن عمرو لا من حديث عبد اللَّه بن عمر، وقال: إسناده حسن. 449/ 915 - "أَرْبَعُ دَعَوَاتٍ لا تُرَدُّ: دَعْوَةُ الحَاجِّ حَتَّى يَرْجِعَ، ودَعْوَةُ الغَازِى حَتى يصدر، ودَعْوَة المَريضِ حَتى يَبْرأَ، ودَعْوَةُ الأَخِ لأَخِيه بِظَهْرِ الْغيْب، وأَسْرَعُ هَؤُلاءِ الدَّعَواتِ إِجَابةً دَعْوَةُ الأَخِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيبِ". (فر) عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: فيه عبد الرحمن بن زيد الحوارى، قال الذهبى: قال البخارى: تركوه. قلت: ليس في الرواة عبد الرحمن بن زيد الحوارى، وإنما هو عبد الرحيم ابن زيد الحوارى العمى، وقد كذبه يحيى بن معين، وقال أبو زرعة: واه. والحديث رواه الديلمى من طريقه عن أبيه عن جده عن عكرمة عن ابن عباس. 450/ 917 - "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ حَرَّمَهُ اللَّه عَلَى النَّارِ وعَصَمَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ: مَنْ مَلِكَ نَفْسَهُ حينَ يَرْغَب، وحينَ يَرهبِ، وحينَ يَشْتَهِى، وحينَ يَغْضَبُ، وأَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فيه نَشَرَ اللَّه عَليه رَحْمتَهُ وأَدْخَلَهُ جَنَّتَه: مَن آوَى مِسْكِينًا، ورَحِمَ الضَّعِيَفَ، وَرَفقَ بَالمَمْلُوكِ، وأَنْفَقَ عَلَى الْوَالِدَينِ". الحكيم عن أبي هريرة قلت: رواه الدينورى في المجالسة في الثالث والعشرين منها عن الحسن من قوله، فقال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق ثنا سعيد بن سليمان ثنا أبو معاوية ثنا العوام -يعنى

ابن جويرية- عن الحسن: قال: "أربع من كن فيه عصمه اللَّه من الشيطان وحرمه اللَّه على النار: من ملك نفسه عند الرغبة، والرهبة، والشهوة، والغضب". كذلك رواه ابن لال: حدثنا القاسم بن بندار ثنا أبو حاتم بن عبيد بن داود ثنا أبو معاوية به مثله. ورواه الديلمى [1/ 453 رقم 1501] هكذا مختصرا مرفوعا من حديث عثمان أسنده من طريق ابن السنى، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن سعيد الرهاوى ثنا جعفر بن محمد الحرانى عن شعيب بن يعيش بن يحيى عن جده يحيى بن عبد اللَّه عن عمر بن سالم عن محمد بن عجلان عن أبان بن عثمان عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أربع من كن فيه حرمه اللَّه على النار وعصمه من الشيطان: من ملك نفسه حين يرغب، وحين يرهب، وحين يشتهى، وحين يغضب". 451/ 918 - "أَرْبَعٌ مَنْ أُعْطِيهنَّ فقد أُعْطِى خَيْرَ الدُّنْيَا والآخِرَةِ: لِسَانٌ ذَاكِرٌ، وقَلْبٌ شاكرٌ، وَبَدَنٌ على البَلاءِ صابرٌ، وزَوجةٌ لا تَبْغِيه خَوْنًا في نَفْسِهَا وَمَالِهِ". (طب. هب) عن ابن عباس قلت: رواه أيضا ابن أبي الدنيا في الشكر قال [ص 81، رقم 34]: حدثنا محمود بن غيلان المروزي ثنا المؤمل بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة حدثنا حميد الطويل عن طلق بن حبيب عن ابن عباس به. ورواه أبو نعيم في الحلية (¬1) [3/ 65] عن محمد بن أحمد بن حمدان ثنا ¬

_ (¬1) بلفظ: "أربع من أوتيهن. . . ".

الحسن بن سفيان ثنا محمود بن غيلان به مثله، وإسناده جيد. ورواه في تاريخ أصبهان من حديث أنس بن مالك، فقال [2/ 167]: أخبرنا عبد اللَّه بن جعفر فيما أذن ثنا أبو سهل كوفى بن زاذان فروخ ثنا هشام ابن عبيد اللَّه الرازى ثنا الربيع بن بدر ثنا أبو مسعود حدثنى أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أربع من أعطيهن فقد أعطى الخير كله، خير الدنيا والآخرة: لسانا ذاكرا، وقلبا شاكرا، وبدنا على البلاء صابرا، وزوجة صالحة"، قال أبو نعيم: أبو مسعود هو سعيد بن إياس الجريرى. وله طريق آخر عن أنس، قال البندهى في شرح المقامات: أخبرنا أبو الفرج بن أبي الخير بن أبي عبد اللَّه المحمودى عن أبي على الحسن ابن أحمد بن عبد اللَّه بن البنا ثنا محمد بن أحمد الحافظ أنا أبو على مخلد بن جعفر الدقاق ثنا أبو بكر محمد بن محمد بن القاسم بن هاشم السمسار ثنا أبو سعيد سليمان بن حبيب البصرى عن يزيد بن أبان الرقاشى عن أنس به بلفظ: "من أعطى أربعا فقد أعطى خير الدنيا والآخرة" الحديث، مثل الذي قبله. ورواه أبو نعيم في التاريخ من حديث حذيفة، فقال [2/ 266]: حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن هارون بن يوسف ثنا أبو حذافة أحمد بن إسماعيل السهمى ثنا أبو ضمرة ثنا أبو سهيل بن مالك عن أبيه عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أربع من كن فيه جمع له خير الدنيا والآخرة: من رزقه اللَّه جسدا صابرا، ولسانا ذاكرا، وقلبا شاكرا، وزوجة صالحة".

452/ 919 - "أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ المُرْسَلين: الحياءُ، والتعطرُ، والنِّكاحُ، والسِّواكُ". (حم. ت. هب) عن أبي أيوب قال الشارح: كلهم من حديث مكحول عن أبي الثمال عن أبي أيوب، قال الترمذى: حسن غريب، وتبعه المصنف فرمز لحسنه، وقال المناوى وغيره: فيه أبو الثمال مجهول، وقال ابن محمود شارح أبي داود: في سنده ضعيف ومجهول، وقال ابن العربى في شرح الترمذى: فيه الحجاج ليس بحجة وعباد بن العوام. قلت: الحديث ليس في سنده عباد بن العوام، وإنما فيه أبو الثمال وهو لا يعرف، على أن أحمد وجماعة رووه عن مكحول عن أبي أيوب دون واسطة أبي الثمال، فقال: حدثنا يزيد أنا الحجاج بن أرطاة عن مكحول قال: قال أبو أيوب، فذكره (¬1). وهكذا رواه عبد بن حميد [2/ 103، رقم 220] عن يزيد بن هارون أيضا. ورواه أبو الليث في التنبيه عن الخليل بن أحمد ثنا محمد بن معاذ ثنا نصر عن الحجاج عن مكحول عن أبي أيوب. ورواه الترمذى في السنن [3/ 382، رقم 1080]، والحكيم الترمذى في نوادر الأصول [2/ 62] في الأصل السادس والستين ومائة (¬2)، كلاهما عن سفيان بن وكيع: حدثنا حفص بن غياث عن الحجاج عن مكحول عن أبي الثمال عن أبي أيوب به. ¬

_ (¬1) انظر مسند أحمد (5/ 421). (¬2) هو في الأصل الخامس والستين ومائة من المطبوع.

فليس في شيء من طرقه عباد بن العوام، وفي الباب عن حصين الخطمى وسيأتى في: "خمس من سنن المرسلين". 453/ 920 - "أَرْبَعٌ مِنْ سَعَادَةِ المَرْءِ: أَنْ تكون زَوْجَتُهُ صَالِحةً، وأَوْلادُهُ أَبْرَارًا، وَخُلَطَاؤُهُ صَالِحِينَ، وأَنْ يكون رِزْقُهُ في بَلَدِهِ". ابن عساكر (فر) عن على، وابن أبي الدنيا في كتاب "الإخوان" عن عبد اللَّه بن الحكم عن أبيه عن جده قال الشارح في الكبير: في حديث على سهل بن عامر البجلى، قال الذهبى: كذبه أبو حاتم. قلت: لكن ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدى: أرجو أنه لا يستحق الترك اهـ. ومع هذا فقد ورد الحديث من غير طريقه، قال الدينورى في المجالسة: حدثنا محمد بن الحسين ثنى أبي الحسين بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على بن الحسين عن أبيه عن على بن أبي طالب -عليه السلام- به، فهو مسلسل بالأشراف الحسينيين. والطريق الذي ذكره المصنف من طريق الأشراف الحسنيين، فإنه من رواية عبد اللَّه بن الحسن بن الحسن عن أبيه عن جده، رواه الديلمى من طريق الحاكم: أخبرنا محمد بن المؤمل بن عيسى ثنا أحمد بن حمدويه ثنا محمد بن عمارة ثنا سهل بن عامر البجلى ثنا عمرو [] (¬1) عن عبد اللَّه بن الحسن به. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل مقدار كلمة.

454/ 921 - "أَرْبَعٌ مِنْ الشَّقَاءِ: جُمُودُ العَينِ، وَقَسْوَةُ القَلْبِ، والحِرْصُ، وَطُولُ الأَمَلِ". (عد. حل) عن أنس قال الشارح في الكبير: من حديث يزيد، إن أبا نعيم رواه من حديث الحسن ابن عثمان عن أبي سعيد المازنى عن الحجاج بن منهال عن صالح المرى عن يزيد الرقاشى عن أنس، ثم قال أبو نعيم: تفرد برفعه متصلا عن صالح الحجاج اهـ. وقال الهيثمى: صالح المرى ضعيف، وفي الميزان: هذا حديث منكر اهـ. والحسن، قال الذهبى في الميزان: كذبه ابن عدى، ويزيد الرقاشى: متروك، ورواه البزار من طريق فيها هانئ بن المتوكل، قال الهيثمى: هو ضعيف جدا. ولذا حكم ابن الجوزى بوضعه، وأقره عليه المؤلف في مختصر الموضوعات. قلت: لا، لم يقره بل تعقبه، فإن ابن الجوزى أورده من طريقين [3/ 125]: الأول: من طريق محمد بن إبراهيم الشامى: ثنا وهب بن جويرية عن أبي داود سليمان بن عمرو النخعى عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس، ثم قال أبو داود النخعى، ومحمد بن إبراهيم الشامى كانا يضعان الحديث. والطريق الثانى: من رواية هانئ بن المتوكل عن عبد اللَّه بن سليمان عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة به، ثم قال: هانئ كثرت المناكير في روايته، وعبد اللَّه بن سليمان مجهول. فتعقبه المصنف بأن له طريقا ثالثا ليس فيه أحد من المذكورين، ثم ذكر طريق

أبي نعيم التي ذكرها الشارح، ثم قال: وأخرجه البيهقى، وابن أبي الدنيا عن محمد بن واسع من قوله اهـ. فهذا تعقب من المؤلف على حكم ابن الجوزى بوضعه، ولذلك ذكره ابن عراف في "تنزيه الشريعة" في الفصل الثانى المعقود للأحاديث المتعقبة. ثم إن الحديث خرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان في موضعين منه [(1/ 246) و (2/ 344)]، كل منهما من طريق أبي داود النخعى الكذاب. ورواه البيهقى في كتاب الزهد [ص 195، رقم 471] عن مالك بن دينار من قوله، فقال: أخبرنا أبو محمد بن يوسف أنبأنا أحمد بن محمد بن زياد وهو ابن الأعرابى، ولعل الأثر في كتاب الزهد (¬1) له، قال: ثنا ابن أبي الدنيا ثنا أبو إسحاق الرياحى ثنا جعفر بن سليمان، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: "أربع من علم الشقاء" فذكر مثله. وهذا محتمل لأن يكون هو الأصل، وأخذه الضعفاء فرفعوه، ويحتمل أن يكون مالك بن دينار سمعه من أنس مرفوعا، ثم حدث به ولم يرفعه. 455/ 922 - "أَرْبَعٌ لا يَشْبَعْنَ مِنْ أَرْبَعٍ: عَيْنٌ مِن نَظَرٍ، وأرضٌ من مَطَرٍ، وأُنْثَى من ذَكَرٍ، وعَالِمٌ مِنْ عِلْمٍ". (حل) عن أبي هريرة، (عد. خط) عن عائشة قلت: الحديث حكم الحفاظ بوضعه ابن حبان وابن الجوزى [1/ 235]، والذهبى في الميزان، ولكنه أورده في التذكرة من طريق الحسن بن سفيان ¬

_ (¬1) هو فيه (ص 47، رقم 71).

في مسنده، ثم من حديث عائشة وسكت عليه، خرجه في ترجمة تميم بن محمد بن معاوية الحافظ أبي عبد الرحمن الطوسى. وقد تعقب المصنف ابن الجوزى في الحكم بوضعه، فانظر ما ذكره [1/ 210]، إلا أن الحديث موضوع ولابد. وممن خرجه من حديث عائشة أيضا البندهى في شرح المقامات في الثالثة والأربعين المعروفة بالحضرمية، وهو عنده من طريق عبد السلام بن عبد القدوس أيضا. 456/ 924 - "أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ كعَدْلِهِنَّ بَعْد العِشَاءِ، وأَرْبَعٌ بعد العِشَاءِ كعدْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ القَدْرِ". (طس) عن أنس قال الشارح في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس ذا منه بحسن، فقد أعله الهيثمى بأن فيه يحس بن عقبة بن أبي العيزار، وهو ضعيف جدا. قلت: الحديث له طريقان آخران من حديث عمر بن الخطاب، ومن حديث البراء بن عازب. فالأول: أخرجه عبد بن حميد قال [2/ 38، رقم 24]: أخبرنا على بن عاصم -هو ابن صهيب الواسطى- عن يحيى البكاء -هو ابن مسلم الحدانى مولاهم البصرى- أنا عبد اللَّه بن عمر قال: سمعت عمر ابن الخطاب يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أربع قبل الظهر بعد الزوال تحسب بمثلهن في صلاة السحر، قال: وليس من شيء إلا وهو يسبح اللَّه تلك الساعة: ثم قرأ {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ} [النحل: 48] الآية". والثانى: رواه الطبرانى في الأوسط من حديثه مرفوعا: "من صلى قبل

الظهر أربع ركعات كان كمن تهجد بهن من ليلته، ومن صلاهن بعد العشاء كن كمثلهن من ليلة القدر"، وبهذه الطرق الثلاثة لا ينحط عن رتبة الحسن. 457/ 925 - "أَرْبَعٌ لا يُصَبنَ إلا بِعُجْبٍ: الصَمْتُ وهو أَوَّلُ العِبَادَةِ، والتَوَاضُعُ، وَذِكرُ اللَّه، وقِلَّةُ الشيء". (طب. ك. هب) عن أنس قال الشارح في الكبير: سكت المصنف عليه فأوهم أنه لا علة له وهو اغترار بقول الحاكم صحيح، وغفل عن تشنيع الذهبى في التلخيص، والمنذرى والعراقى عليه بأن فيه العوام ين جويرية يروى الموضوعات, وقد أورده ابن الجوزى في الموضوعات، وقال: العوام يروى الموضوعات عن الثقات, وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل على عادته. قلت: في هذا أمور أحدها: أن المصنف لم يسكت عليه، بل رمز لضعفه كما في كثير من النسخ. الثانى: أن المصنف لم يغفل عن تعقبه الذهبى والمنذرى والعراقى، بل رأى ذلك وجرى على مقتضاه في الرمز للحديث بعلامة الضعيف. الثالث: أنه لو لم يجر عليه، فإنه حافظ مجتهد يحكم برأيه وما أداه إليه نظرء واجتهاده، وليس هو مقلد كالشارح لا يقول إلا ما قاله غيره. الرابع: قوله فلم يأت بطائل كعادته فيه أمران: أحدهما: هضم الحقوق، وجحود الفضائل، وكفران النعم. ثانيها: الإخبار بخلاف الواقع، فإن جل تعقبات المصنف على ابن الجوزى صائبة طائلة مفيدة للغاية وفوق النهاية، إلا ما شذ من ذلك، والنادر لا

حكم له. وهذا الحديث ذكره ابن الجوزى [3/ 234, 235] من طريق ابن عدى، وأعله برجلين: العوام بن جويرية وقال: إنه يروى الموضوعات عن الثقات، وحميد بن الربيع، ونقل عن يحيى أنه قال: كذاب. فتعقبه المصنف بأن الحديث ورد من غير طريق حميد فبرئ من عهدته، وزالت تهمته به، ثم أتى به من عند الحاكم [4/ 311، رقم 7864]، والبيهقى في الشعب [(4/ 254، رقم 4982) (6/ 278، رقم 8150] من غير طريقه. أما العوام فإنه انفرد بروايته هكذا مرفوعا، ولو تابعه عليه غيره لأتى بمتابعته، ولم يحتج إلى قول العراقى، وابن محمود وفلان وعلان، كما يفعل الشارح فسبحان اللَّه المنزه عن النقائص والعيوب. ثم إن الحديث ذكره ابن أبي حاتم في العلل (ص 144 من الجزء الثانى) [رقم 1836]، فذكر أنه سأل أباه عنه فقال أبوه: إنما يروى عن الحسن فقط وقال بعضهم: الحسن عن أنس من قوله اهـ. قلت: رواية الحسن عن أنس خرجها ابن شاهين في الترغيب [2/ 329، رقم 391]: ثنا بدر بن الهيثم ثنا أبو كريب محمد بن العلاء ثنا أبو معاوية ثنا العوام بن جويرية عن الحسن عن أنس بن مالك، قال: "أربع لا يصبر" وذكره. ورواه ابن المبارك في الزهد، قال: أخبرنا وهيب قال: قال عيسى بن مريم، فذكر مثله.

458/ 927 - "أَرْبَعٌ أُنْزِلْنَ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ العَرْشِ: أُمُّ الكِتَابِ، وآيَةُ الكُرْسِى، وخَوَاتِيمُ البَقَرَةِ، والكَوْثَر". (طب) وأبو الشيخ والضياء عن أبي أمامة قال الشارح في الكبير: قيل: إن المصنف رمز لصحته، وفيه عبد الرحمن بن الحسن أورده الذهبى في الضعفاء وقال: قال أبو حاتم: لا يحتج به، والوليد بن جميل عن قاسم أورده الذهبى، قال: قال أبو حاتم: روى عن القاسم أحاديث منكرة، وقال في الكاشف: لينه أبو زرعة. قلت: لو سكت الشارح عن الخوض في الأسانيد، والكلام على الرجال لكان خيرا له، فإنه قلما ينفرد بذلك إلا ويأتى بطامات وأوابد كما بينا ذلك كثيرا فيما سبق. وبيان ما هنا من وجوه، أحدها: أن عبد الرحمن الذي نقل فيه كلام أبي حاتم هو غير المذكور في الإسناد، فإن الذي ذكره قديم يروى عن معمر وطبقته، ويروى عنه إسحاق بن راهويه والطبقة، وهو عبد الرحمن بن الحسن ابن مسعود الموصلى. والمذكور في سند هذا الحديث هو شيخ لأبي الشيخ في الحديث، ويروى عنه الطبرانى والطبقة، فمن يكون شيخا لإسحاق بن راهويه كيف يكون شيخا للطبرانى وأبي الشيخ؟! بل المذكور في السند ثقة حافظ، وهو: عبد الرحمن ابن الحسن بن موصى بن محمد أبو محمد الضراب، ترجمه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، وقال عنه: من كبار المحدثين وثقاتهم، كتب الكثير بالكوفة، وبغداد، وواسط، وصنف المسند والأبواب، روى عنه الطبرانى وأبو الشيخ، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم، فأين هذا من ذاك؟. ثانيهما أن الشارح ينقل عبارات الجرح ويترك عبارات التعديل، بل العبارة

الواحدة يحذف منها التعديل ويأتى بالجرح، فعبد الرحمن الذي ذكره الشارح مع كونه غير المذكور في الإسناد، قال الذهبى في ترجمته: قال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال غيره: صالح الحديث، روى عنه ابن راهويه وعلى بن حرب وابن عمار، وهذا أيضا توثيق، ثم قال: ولينه آخرون. ومن مجموع هذا يفهم الناظر أن الرجل غير ضعيف بمرة، بل مختلف فيه وأنه لين فقط، على أن أبا حاتم قال فيه: يكتب حديثه ولا يحتج به، كما في نسخة أخرى من الميزان. وكذلك فعل الشارح في الوليد بن جميل، فإنه نقل ما ذكره الذهبى فيه من الجرح عن أبي حاتم وترك قوله: قال أبو زرعة: شيخ لين، وقال أبو داود: لا بأس به. ثالثها: أن السند الذي ذكر بعض رجاله هو سند أبي الشيخ فإنه قال: حدثنا عبد الرحمن بن الحسن ثنا الدقيقى ثنا يزيد بن هارون ثنا الوليد بن جميل عن القاسم عن أبي أمامة. ورواه أبو نعيم عن أبي الشيخ، ورواه الديلمى في مسند الفردوس عن الحداد عن أبي نعيم، ومنه نقل الشارح من تكلم عليه من الرجال، ولكنه لم يقف على سنده عند الضياء في المختارة التي لا يخرج صاحبها إلا الصحيح عنده، وقالوا في تصحيحه: إنه أعلا من تصحيح الحاكم، فمن أدراه أن الضياء خرجه من هذا الطريق أيضا؟ رابعها: ولو فرض أنه رواه من هذا الوجه وصححه فذلك غير بعيد، فإن رجاله كلهم وثقوا، وما قيل في بعضهم قد قيل مثله وأكثر منه في رجال الصحيح لا سيما ولهذا الحديث شواهد.

459/ 933 - "أَرْبَعَةٌ تَجْرِى عَلَيْهِمْ أُجُورُهُم بَعْدَ المَوْت: مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنْ عَلَّمَ عِلْمًا أُجْرِيَ لَهُ عَمَلُهُ مَا عُمِلَ بِهِ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةَ فَأَجْرُهَا يَجْرِى لَهُ مَا وُجدَتْ، وَرَجُلٌ تَرَكَ وَلَدًا صَالِحًا فَهُوَ يَدْعو لهُ". (حم. طب) عن أبي أمامة قال الشارح في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وأعله الهيثمى وغيره بأن فيه ابن لهيعة ورجل لم يسم، لكن قال المنذرى: هو صحيح من حديث غير واحد من الصحابة. قلت: السند ليس فيه راو لم يسم، فلعل ذلك وقع عند غير أحمد، وهو بعيد، فقد قال أحمد [5/ 261]: حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن أبي أمامة به. وكذلك رواه الآجرى في العلم، فقال: أخبرنا الفريابى أخبرنا قتيبة بن سعيد أخبرنا ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن أبي أمامة به. 460/ 935 - "أَرْبَعَةٌ مِنْ كَنْزِ الْجنَّةِ: إِخْفَاءُ الصَّدَقَةِ، وَكِتْمَانُ المُصِيبَةِ، وَصِلَةُ الرَّحِم، وَقَوْلُ لا حَوْلَ وَلا قُوةَ إِلا بِاللَّه". (خط) عن على قال الشارح في الكبير: وأشار -يعنى الخطيب- إلى تفرده باستحسان. قلت: هكذا في النسخة، وهو كلام لا معنى له وكأنه يريد أنه استحسن تفرده به -يعنى الراوى- ولم يبعه عليه، وهذا أيضا باطل، وهو في الغالب مقصوده واللَّه أعلم. والحديث رواه الخطيب عن البرقانى عن الدارقطنى عن محمد بن القاسم بن

محمد الأزدى [3/ 186]: ثنا على بن الحسن الأنصارى ثنا وكيع عن سفيان الثورى عن أبي إسحاق عن الحارث عن على، قال البرقانى: قال لنا الدارقطنى: لم نكتبه بهذا الإسناد إلا عن هذا الشيخ. 461/ 938 - "أَرْبَعُونَ دَارًا جَارٌ". (د) في مراسيله عن الزهرى مرسلا قال الشارح في الكبير: قال أبو داود: قلت له -يعنى الزهرى-: وكيف أربعون دارًا جار؟، قال: أربعون عن يمينه وعن يساره وخلفه وبين يديه. قلت: هذا عجيب جدا، فالزهرى مات سنة أربع وعشرين ومائة، وأبو داود ولد سنة اثتين ومائتين، أى بعد وفاة الزهرى بثمان وسبعين سنة. والحديث رواه ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب، فكأن يونس هو القائل ذلك لابن شهاب، وهو شيخ شيخ أبي داود. وقد رواه أبو يعلى موصولا من حديث كعب بن مالك إلا أن سنده ضعيف (¬1). 462/ 939 - "ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ". (هـ) عن على (ع) عن أنس قال (ش) في حديث على: إسناده صحيح، وفي حديث أنس: إسناده ضعيف. وقال في الكبير في حديث على: قال ابن الجوزى: إسناده جيد بخلاف ¬

_ (¬1) لم نجده في مسند أبي يعلى، ولم نجد لكعب بن مالك مسندًا فيه، فلعله في الكبير، وقد ذكره الهيثمى في المجمع (8/ 169) وعزاه إلى الطبرانى.

طريق أنس، فقد ضعفه المنذرى، وقال الهيثمى: فيه الحارث بن زياد، قال الذهبى: ضعيف، وقال الدميرى: حديث ضعيف تفرد به ابن ماجه، وفيه إسماعيل بن سلمان الأزرق ضعفوه اهـ. وبهذا التقرير انكشف أن رمز المصنف لصحته صحيح في حديث على لا في حديث أنس فخذه منقحا. ورواه الخطيب من حديث أبي هريرة وزاد في آخره: "مفتنات للأحياء، مؤذيات للأموات". قلت: لو لم يدع الشارح أنه منقحا لكان أوفق به، فإنه في غاية التخليط، فقد ادعى أن حديث على صحيح، وأن حديث أنس ضعيف، ونقل ذلك عن ابن الجوزى، ثم نقل عن المنذرى أنه قال: ضعيف، والمنذرى قال ذلك في حديث على، ثم نقل عن الدميرى أنه ضعف حديث على وقال: تفرد به ابن ماجه وفيه إسماعيل بن سلمان: ضعفوه، ثم عزاه للخطيب من حديث أبي هريرة، وهو عند الخطيب من حديث أنس، فبينا هو يصحح حديث على ويضعف حديث أنس إذ يعود فيحكى تضعيف حديث على في سياق كلامه على حديث أنس، فهذا غاية التخليط فأين التنقيح؟!. وحديث على أيضا ضعيف، وما أرى ابن الجوزى يقول عنه صحيح، لأنه من رواية إسماعيل بن سلمان عن دينار أبي عمر عن ابن الحنفية عن على. ودينار أبو عمر ويقال: ابن عمر مختلف فيه، والراوى عنه إسماعيل بن سلمان ضعيف، فكيف يقول عنه ابن الجوزى: إنه إسناد جيد؟! ثم إن الخطيب رواه من حديث أنس لا من حديث أبي هريرة، وكأن الشارح رأى عن أبي هدبة عن أنس فانتقل ذهنه إلى أبي هريرة، لأن أبا هدبة قريب في الرسم من أبي هريرة. قال الخطيب [6/ 201]:

أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البخترى الرزاز إملاء ثنا محمد بن عبيد اللَّه المنادى ثنا أبو هدبة عن أنس: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تبع جنازة فإذا هو بنسوة خلف الجنازة، قال: فنظر إليهن وهو يقول: ارجعن مأزورات غير مأجورات، مفتنات الأحياء، مؤذيات الأموات". وهذا بهذا الإسناد باطل موضوع، وأبو هدبة من مشاهير الوضاعين الكذابين فأخطأ الشارح في إيراده وفي نسبته إلى أبي هريرة. 463/ 941 - "ارْحَمْ مَنْ في الأَرْضِ يَرْحَمْكَ مَنْ في السَّمَاءِ". (طب) عن جرير (طب. ك) عن ابن مسعود قال الشارح في الكبير: رواه الحاكم من حديث ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي قابوس عن ابن مسعود، ورواه من هذا الطريق البخارى في الأدب المفرد وأحمد وأبو داود والترمذى وقال: حسن صحيح، وصححه الحاكم، وأقره الذهبى، وقال ابن حجر: رواته ثقات، واقتفاه المصنف فرمز لصحته، قال السخاوى: وكأن تصحيح الحاكم باعتبار حاله من المتابعات والشواهد، وإلا فأبو قابوس لم يرو عنه سوى ابن دينار، ولم يوثقه سوى ابن حبان على قاعدته في توثيق من لم يجرح اهـ. قلت: هذا وهم عجيب، فالسند الذي ذكره الشارح هو سند حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص الذي أوله: "الراحمون يرحمهم الرحمن"، وهو الحديث المعروف بين أهل الحديث بحديث الرحمة المسلسل، وهو الذي خرجه البخارى في الأدب المفرد، ومن ذكرهم الشارح بعده، وهو الذي قال فيه السخاوى ما حكاه الشارح. أما حديث عبد اللَّه بن مسعود هذا فليس سنده ذلك، بل قال الطبرانى [10/ 183، رقم 10277]:

ثنا إسحاق بن محمد الأصبهانى ثنا محمد بن إسحاوق الصغانى ثنا موسى بن داود ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة بن عبد اللَّه عن أبيه به. وقال أيضا في "مكارم الأخلاق" [ص 327، رقم 46]: ثنا يحيى بن عثمان وأبو الزنباع روح بن الفرج البصريان قالا: حدثنا عبد اللَّه بن محمد القبطى أنا عبد اللَّه بن وهب (ح) وقال أيضا: ثنا على بن محمد الأنصارى ثنا حرملة بن يحيى ثنا ابن وهب أنبأنا يحيى بن عبد اللَّه بن سالم عن موسى بن عقبة عن عبد اللَّه بن على عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد اللَّه بن مسعود به. ورواه أبو نعيم في الحلية [4/ 210] عن الطبرانى بهذا السند الأخير. وقال الحاكم [4/ 248، رقم 7631]: حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن يعقوب بن يونس الشيبانى ثنا على بن الحسن الهلالى ثنا عبد الملك بن إبراهيم ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد اللَّه به. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبى مع أن فيه انقطاعا. ورواه أبو داود الطيالسى في مسنده [ص 44، 335] عن سلام بن قيس عن أبي إسحاق به. 464/ 949 - "ارْفَعُوا ألسِنَتَكُمْ عَنِ المسْلِمِينَ، وإذَا مَاتَ أحدٌ مِنْهُم فقُولُوا فِيهِ خَيرًا". (طب) عن سهل بن سعد قال الشارح: كذا رأيته في عدة نسخ، فإن لم تكن محرفة من النساخ والا

فهو سهو من المؤلف، وإنما هو سهل بن مالك أخو كعب بن مالك عن أبيه عن جده، وهكذا ذكره ابن عبد البر في ترجمة سهل بن مالك، فإن الطبرانى وكذا الضياء في المختارة إنما خرجاه من حديث سهل بن يوسف بن سهل بن مالك ثم ضعفه، وقال: سهل وأبوه مجهولان، وتبعه على ذلك في اللسان، وليس في الصحابة سهل بن مالك غيره. قلت: خلط الشارح في هذا الكلام وأتى بما يحير الناظر واختصر وحذف وتصرف، فجاء بما لا يفيد، بل وما لايفهم. والحديث ليس هو من رواية سهل بن سعد، بل من رواية سهل بن مالك، وكأن سهل بن سعد سبق قلم من الشارح إن لم يكن تحريفا من النساخ. والحديث باطل موضوع كما قال ابن عبد البر، وفي إسناده اختلاف ومجاهيل ومتهم بالوضع والكذب. قال ابن عبد البر: سهل بن مالك بن عبيد بن قيس، ويقال: سهل بن عبيد ابن قيس، ولا يصح سهل بن عبيد ولا سهل بن مالك ولا يثبت لأحدهما صحبة ولا رواية، يقال: إنه حجازى سكن المدينة لم يرو عنه إلا ابنه مالك ابن سهل أو يوسف بن سهل، ومن قال سهل بن مالك جعل ابنه يوسف بن سهل، ومن قال سهل بن عبيد جعل ابنه مالك بن سهل، حديثه يدور على خالد بن عمرو القرشى الأموى، وهو منكر الحديث متروك الحديث، يروى عن سهل بن يوسف بن سهل بن مالك عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنى راض عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن" الحديث في فضل الصحابة رضي اللَّه عنهم والنهى عن سبهم، وفي آخره: "يا أيها الناس ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين، وإذا مات رجل منهم فقولوا فيه خيرا" حديث منكر موضوع.

ويقال: إنه من الأنصار ولا يصح، وفي إسناد حديثه مجهولون ضعفاء غير معروفين، يدور على سهل بن يوسف بن مالك بن سهل عن أبيه عن جده وكلهم لا يعرف (¬1) اهـ. والحديث رواه الطبرانى قال [6/ 104، رقم 5640]: حدثنا على بن إسحاق بن الوزير ثنا محمد بن عمر بن على بن مقدم ثنا على ابن محمد بن يوسف بن شيبان بن مالك بن مسمع ثنا سهل بن يوسف بن سهل عن أبيه عن جده قال: "لما قدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من حجة الوداع صعد المنبر فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إن أبا بكر لم يسؤنى قط فاعرفوا ذلك له، أيها الناس إنى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف والمهاجرين والأنصار راض فاعرفوا ذلك لهم، أيها الناس ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين" وذكره. وهذا السند وقع فيه للطبرانى وهم إذ سقط له منه رجلان، فقد أخرجه عبد اللَّه بن على الأبنوسى في فوائده قال: حدثنى الحسن بن على ثنا على بن عمر الحربى ثنا محمد بن عمر ثنا على بن يوسف ثنا قنان بن أبي أيوب ثنا خالد بن عمرو ثنا سهل بن يوسف، وخالد ابن عمرو: متروك، وقد نبه على هذا الحافظ في الإصابة [3/ 205، رقم 3554] فقال بعد نقل كلام ابن عبد البر ما نصه: ووقع للطبرانى فيه وهم، فإنه أخرجه من طريق المقدمى عن على بن يوسف ابن محمد عن سهل بن يوسف، واغتر الضياء المقدسى بهذا الطريق فأخرج الحديث في المختارة، وهو وهم لأنه سقط من الإسناد رجلان، فإن على بن ¬

_ (¬1) انظر الاستيعاب (2/ 277، رقم 1103).

محمد بن يوسف إنما سمعه من قنان بن أبي أيوب عن خالد بن عمرو عن سهل. وقد جزم الدارقطى في الأفراد بأن خالد بن عمرو تفرد به عن سهل، لكن طريق سيف بن عمر ترد عليه، وقد خبط فيه أيضا ابن قانع فجعله من مسند سهل بن حنيف اهـ. وطريق سيف بن عمر التي أشار إليها ذكرها في صدر الترجمة فقال: روى سيف بن عمر في أوائل الفتوح عن أبي همام سهل بن يوسف بن مالك عن أبيه عن جده بالحديث. 465/ 950 - "أَرِقَّاءكُمْ أَرِقَّاءكُم، فَأَطعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبِسُونَ, وَإِنْ جَاءُوا بِذَنْبٍ لا تُرِيدُونَ أَنْ تَغْفِرُوهُ فَبِيْعُوا عِبَادَ اللَّه وَلا تُعَذِّبُوهُمْ". (حم) وابن سعد عن زيد بن الخطاب قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى بعد ما عزاه لأحمد والطبرانى: فيه عاصم بن عبيد اللَّه، وهو ضعيف اهـ. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه، وزيد هذا هو ابن الخطاب أخو عمر قتل شهيدا يوم اليمامة. قلت: هذا غلط من المصنف والشارح إلا أن المصنف له عذر وليس للشارح في ذلك عذر. أما المصنف فإنه تبع ابن سعد لأنه صرح في روايته باسم الصحابى وأنه زيد بن الخطاب، فهو سلف المصنف في ذلك وإن كان الواقع خلافه. وأما الشارح فإنه نقل كلام الهيثمى عليه في مجمع الزوائد [4/ 236]،

والهيثمى ذكره على الصواب فقال: وعن يزيد بن جارية، فلم يلتفت الشارح إلى ذلك وجعل يقرر أنه زيد بن الخطاب أخو عمر. والحديث رواه أحمد في مسنده [4/ 36] في ترجمة عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه فقال: حدثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن عاصم يعنى ابن عبيد اللَّه عن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في حجة الوداع: "أرقاءكم" وذكره. وهكذا رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده: ثنا محمد بن كثير ثنا سفيان بن سعيد عن عاصم بن عبيد اللَّه عن عبد الرحمن ابن يزيد عن أبيه. ورواه فيما ذكره الحافظ في الإصابة البغوى وابن شاهين وابن السكن وابن منده والأزرفى من طريق الثورى أيضا عن عاصم بن عبيد اللَّه عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جارية عن أبيه. وخالفهم ابن سعد فقال [3/ 274/1]: أخبرنا محمد بن عبد اللَّه الأسدى ثنا سفيان عن عاصم عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أبيه، وهو وهم لا شك فيه، ولا أدرى هل هو من الأسدى أو من ابن سعد؟. وقد قال أبو داود في كتاب المسائل التي سألها أحمد بن حنبل وهو مطبوع: ذكرت لأحمد حديث عاصم بن عبيد اللَّه عن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه. فذكر الحديث، قال أحمد: يختلفون فيه، قلت لأحمد: يزيد له صحبة؟ قال: لا أدرى له صحبة، هو أخو مجمع بن جارية، مجمع ويزيد ابنا جارية اهـ.

وهذا توقف من أحمد لأنه لم تقع إليه الرواية التي فيها قوله: "خطبنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" كما عند المذكورين، فإنها صريحة في صحبته واللَّه أعلم. 466/ 953 - "ارْكَبُوا هَذه الدَّوَابَّ سَالِمَةً وَابتَدَعُوهَا (¬1) سَالمَةً، وَلا تَتَّخذُوهَا كَرَاسى لأَحَادِيثِكُمْ في الطُّرُقِ والأَسْواقِ فَرُبَّ مَرْكُوبَةٍ خَيْرٌ مِنَ رَاكِبِهَا وأَكْثَرُ ذِكْرًا للَّه مِنْهُ". (حم. ع. طب. ك) عن معاذ بن أنس. قلت: ورواه أيضا الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وابن خزيمة [4/ 142، رقم 2544]، وابن حبان [12/ 437، رقم 5619] في صحيحيهما، وورد معناه في أحاديث أخرى تقدم بعضها في حديث: "اتقوا اللَّه في هذه الدواب المعجمة"، والحاكم خرجه مختصرا (ص 444 من الجزء الأول). 467/ 957 - "ارْهِقُوا القِبْلَةَ". البزار (هب) وابن عساكر عن عائشة قال الشارح في الكبير: فيه بشر بن السرى، أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: تكلم فيه من جهة تجهمه عن مصعب بن ثابت، وقد ضعفوا حديثه، ومن ثم رمز المصنف لضعفه. قلت: المصنف لم يرمز له بالضعف، بل بعلامة الصحة لأن رجاله رجال الصحيح إلا مصعب بن ثابت فمن رجال الأربعة خلا الترمذى، وقد ذكره ابن حبان في الثقات [7/ 478]، وذكر غيره أنه كان من أعبد أهل زمانه يصوم الدهر ويقوم اليل والنهار بالصلاة، وإنما ضعفوه لخطئه، وهذا الحديث لا يخطئ فيه أحد لقلة ألفاظه. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل وهو الصواب خلافًا لما في المطبوع من الفيض، والمعنى: أى اتركوها ورفهوا عنها، وكذا في "النهاية" و"لسان العرب" و"المستدرك" (1/ 444)، وهو افتعل من "ودع" بالضم: أى: سكن وترفه، أو من ودع أى ترك.

وأما بشر بن السرى فثقة من رجال الصحيحين، وقد كان يتبرأ مما نسب إليه من التجهم، ورؤى أمام الكعبة يدعو على من يلمزه بذلك، وهبه جهميًا فماذا يضر روايته سوء اعتقاده متى كان ثقة؟! على أنه لم ينفرد به، فقد قال البرقانى في سؤلاته للدارقطنى: إنه قال له: هل روى حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أرهقوا القبلة" غير مصعب بن ثابت؟ فقال: لا، فقلت: ثابت ابن من؟ فقال: هو مصعب بن ثابت بن عبد اللَّه بن الزبير مدنى ليس بالقوى، قلت: حدث به عن مصعب غير بشر بن السرى؟، قال: سعيد بن سلام وهو ضعيف يعنى سعيدا ضعيفا، قلت له: فبشر بن السرى؟ قال: ثقة مكى، وجدوا عليه في أمر المذهب فحلف واعتذر إلى الحميدى في ذلك، وهو في الحديث صدوق اهـ. والحديث رواه أيضًا أبو يعلى [8/ 253، رقم 4840] قال: حدثنا هارون بن معروف ثنا بشر بن السرى به. ورواه أبو بكر بن المقرئ في الأربعين له قال: أخبرنا أبو يعلى به بسنده. 468/ 960 - "ازْهَدْ في الدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللَّه، وازْهَدْ فِيمَا في أَيْدِى النَّاسِ يُحِبُّكَ النَّاسُ". (هـ. طب. ك. هب) عن سهل بن سعد قال الشارح في الكبير: حسنه الترمذى وتبعه النووى وصححه الحاكم واغتر به المصنف فرمز لصحته، وكأنه ما شعر بتشنيع الذهبى عليه بأن فيه خالد ابن عمرو وضاع، ومحمد بن كثير المصيصى ضعفه أحمد، وقال المنذرى عقب عزوه لابن ماجه: وقد حسن بعض مشايخنا إسناده، وفيه بعد لأنه من رواية خالد القرشى، وقد ترك واتهم، قال: لكن على هذا الحديث لامعة من أنوار النبوة، ولا يمنع كونه رواه الضعفاء أن يكون النبي قاله اهـ. وقال

السخاوى: فيه خالد هذا مجمع على تركه، بل نسبوه إلى الوضع، قال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالموضوعات، وقال ابن عدى: خالد يضع الحديث، وقال العقيلى: لا أصل له. قلت: الحق إن شاء اللَّه تعالى في هذا الحديث أنه صحيح لما قاله الحافظ المنذرى، فإن الأحاديث الموضوعة المختلقة ولو كانت في الزهد والوعظ تكون مكسوة ظلمة وركاكة بخلاف هذا الحديث، ثم إنه كان مشهورا في العصر الأول والثانى بين أهله، فروى عن جماعة مرسلا كما سأذكره، ولذلك خرجه الحفاظ من حديث خالد بن عمرو القرش مع تضعيفهم إياه، وكلامهم فيه لاعتمادهم على شهرته. فرواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب "المواعظ" له عن خالد بن عمرو المذكور عن سفيان الثورى عن أبي حارم عن سهل بن سعد به. ورواه ابن ماجه [2/ 1473، رقم 4102] من طريق شهاب بن عباد، وابن حبان في "روضة العقلاء" من طريق يوسف بن سعيد بن مسلم، والحاكم في "المستدرك" [4/ 313، رقم 7873] من طريق أبي جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح، وأبو نعيم في "الحلية" [7/ 136] من طريق منجاب ومتوكل بن أبي سورة المصيصى. ورواه في "تاريخ أصبهان" [2/ 245] من طريق الثانى وحده كلهم عن خالد ابن عمرو به، وقال أبو نعيم: غريب من حديث أبي حازم لم يروه عنه متصلا مرفوعا إلا سفيان الثورى، ورواه عن سفيان أبو قتادة الحمامى ومحمد ابن كثير الصنعانى مثله اهـ. ورواية محمد بن كثير ذكرها ابن أبي حاتم في العلل من رواية على بن ميمون الرقى عنه، وزعم أبوه أنها باطلة. وكذلك ذكرها العقيلى في الضعفاء [2/ 11] وقال: لعل محمد بن كثير أخذ

الحديث عن خالد بن عمرو ودلسه لأن المشهور به خالد، وذكر الخطيب أن لهما متابعا، ثالثا: وهو مهران بن أبي عمر الرازى، رواه أيضا عن الثورى. ورواه أبو نعيم في "الحلية" [8/ 41] من طريق أبي أحمد إبراهيم بن محمد الهمدانى: ثنا أبو حفص عمر بن إبراهيم المستملى ثنا أبو عبيدة بن أبي السفر ثنا الحسن ابن الربيع ثنا المفضل بن يونس ثنا إبراهيم بن أدهم عن منصور عن مجاهد عن أنس، ثم قال أبو نعيم: ذكر أنس في هذا الحديث وهم من عمر أو أبي أحمد، فقد رواه الأثبات عن الحسن بن الربيع فلم يجاوزوا فيه مجاهدا. قلت: ومرسل مجاهد هذا رواه ابن منده في مسند إبراهيم بن أدهم، وأبو نعيم في الحلية [8/ 41] كلاهما من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقى: ثنا الحسن بن الربيع ثنا المفضل بن يونس عن إبراهيم بن أدهم عن منصور عن مجاهد: "أن رجلا جاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، دلنى على عمل يحبنى اللَّه تعالى عليه ويحبنى الناس عليه، فقال: أما ما يحبك اللَّه عليه فالزهد في الدنيا، وأما ما يحبك الناس عليه فانبذ إليهم هذا الغثاء"، قال المفضل: لم يسند لنا إبراهيم حديثا غير هذا، قال أبو نعيم: ورواه طالوت عن إبراهيم فلم يجاوز به إبراهيم وقال: "فانظر ما كان في يديك من هذا الحطام فانبذه إليهم فإنهم سيحبونك"، قال: وهو من حديث منصور ومجاهد عزيز. قلت: ورواه ابن أبي السرى عن إبراهيم بن أدهم فلم يجاوز به منصور بن المعتمر. كذلك رواه ابن قتيبة في "عيون الأخبار" فقال: بلغنى عن جعفر بن أبي جعفر المازنى عن ابن أبي السرى عن إبراهيم بن أدهم عن منصور بن المعتمر

قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أحببت أن يحبك اللَّه فازهد في الدنيا، وإن أحببت أن يحبك الناس فلا يقع في يديك شيء من حطامها إلا نبذته إليهم". ورواه معاوية بن حفص عن إبراهيم بن أدهم عن منصور عن ربعى بن حراش بدل مجاهد. كذلك رواه أبو سليمان بن زفر الدمشقى في مسند إبراهيم بن أدهم. ورواه ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" من رواية على بن بكار عن إبراهيم بن أدهم فلم يسنده عن أحد، بل قال: جاء رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره. كما حكاه أبو نعيم عن طالوت عن إبراهيم. ورواه واقد بن موسى المصيصى: ثنا ابن كثير عن إبراهيم بن أدهم عن أرطاة ابن المنذر قال: جاء رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره، رواه أبو نعيم في الحلية [8/ 41 ,42] ثم قال: كذا رواه ابن كثير عن إبراهيم، ورواه المفضل بن يونس عنه عن منصور عن مجاهد، ورواه خلف بن تميم أيضا عن إبراهيم عن منصور، فخالف المفضل اهـ. قلت: خالفه في شيخ منصور فقال: عن إبراهيم عن منصور عن ربعى بن حراش عن الربيع بن خثيم. رواه أبو نعيم أيضا من طريق عبد اللَّه بن محمد بن زياد: ثنا يوسف بن سعيد ثنا خلف بن تميم به. وهذا يدل على أن الحديث عند إبراهيم على أوجه كان كل مرة يحدث به على وجه منها. وقد ورد عن جعفر الصادق معضلا، رواه الطوسى في الخامس من أماليه من

طريق ابن عقدة، ثم من رواية محمد بن عمران عن محمد بن عيسى الكندى عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال: "جاء أعرابى إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أخبرنى بعمل يحبنى اللَّه عليه، قال: يا أعرابى ازهد في الدنيا" وذكره. وورد موصولا من حديث ابن عمر، رواه ابن عساكر من طريق أحمد بن المفلس: ثنا بشر الحافى ثنا إسماعيل بن أبي أويس عن مالك عن نافع عن ابن عمر به، لكن أحمد بن المغلس وضاع، وهو الذي ركب له هذا الإسناد. 469/ 961 - "أَزْهَدُ النَّاسِ في العَالِم أَهْلُهُ وَجِيرَانِه". (حل) عن أبي الدرداء (عد) عن جابر قال الشارح في الكبير: رواه أبو نعيم عن محمد بن المظفر عن أحمد بن عمير عن حبشى بن عمرو بن الربيع عن أبيه عن إسماعيل بن اليسع عن محمد ابن سوقة عن عبد الواحد الدمشقى عن أبي الدرداء قال: ومحمد بن المظفر أورده في الميزان، وقال: ثقة حجة، إلا أن الباجى قال: كان يتشيع. قال في اللسان: كأن الباجى يشير إلى الجزء الذي جمعه ابن المظفر في فضائل العباس فكان ماذا؟! وعبد الواحد ضعفه الأزدى. قلت: هذا فضول من الشارح وبعد عن الصناعة، فابن المظفر حافظ كبير ثقة حجة مصنف، والباجى إنما تكلم فيه من أجل ميله إلى أهل البيت، لأن الباجى أندلسى ناصبى، والذهبى شامى ناصبى، يطير فرحا إذا وجد كلمة ولو باطلة ليعتمد عليه في الحط ممن فيه رائحة تشيع كهذا، والحافظ قد عابه وحط عليه في ذكر هذا الحافظ الحجة في "الميزان"، والشارح قد رأى ذلك ونقل منه، فتعليل الحديث به فضول، بل من يعلل الحديث بابن المظفر لذكر

الذهبى إياه في الميزان بالباطل فليعله أيضا بمخرجه أبي نعيم، فإنه حافظ قد ذكره الذهبى في الميزان، فما هذا التهور؟! ثم إن قوله: وعبد الواحد ضعفه الأزدى غلط من غلطات الشارح، فإن الذهبى حكى ذلك في عبد الواحد بن واصل الراوى عن أنس، وبعده ذكر عبد الواحد هذا وقال: يروى عن أبي الدرداء لا يدرى من ذا ولا حدث عنه سوى محمد بن سوقة. وقد أورد ابن الجوزى حديث جابر في الموضوعات من طريق ابن عدى: ثنا موسى بن عيسى الخوارزمى حدثنا عباد بن محمد بن صهيب ثنا يزيد بن النضر المجاشعى عن المنذر بن زياد ثنا محمد بن المنذر عن جابر: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من أزهد الناس في العالم؟ قيل يا رسول اللَّه أهل بيته، قال: لا جيرانه". ثم قال ابن الجوزى: موضوع والمنذر كذاب، وهو كما قال: وبهذا يعلم أن اللفظ الذي ذكره المصنف وعزاه لابن عدى عن جابر مخالف لما رواه ابن عدى، وإنما هو لفظ حديث أبي الدرداء، وبه تعقب المصنف على ابن الجوزى فقال: له طريق آخر، ثم أورده من عند أبي نعيم، ثم قال: قال الديلمى: وفي الباب عن أسامة ابن زيد وأبي هريرة اهـ. وكأنه لم يقف على من خرجهما، وقد وجدت حديث أبي هريرة عند أبي نعيم في تاريخ أصبهان قال [1/ 171]: حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن يزيد الزهرى ثنا أحمد بن محمد بن الحسين ثنا جدى الحسين بن حفص ثنا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن أبي عمرو ابن محمد بن حريث عن جده عن أبي هريرة به. ورواه البخارى في الكنى المجردة [ص 70، رقم 655] عن موسى بن

إسماعيل عن هلال عن أبي المغيرة قال: قال كعب لأبي مسلم: في التوراة: "أزهد الناس في العالم جاره". ورواه ابن عبد البر في العلم [2/ 1142، رقم 2249] من طريق يحيى بن معين: ثنا الأشجعى عن موسى بن قرة عن الحسن قال: "إن أزهد الناس في عالم أهله". ورواه أيضا من طريق أحمد بن حنبل [2/ 1144، رقم 2252]: ثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان يقال: "أزهد الناس في العالم أهله". ورواه ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول. . . وذكره. 470/ 962 - "أَزْهَدُ النَّاسِ فِي الأَنْبِيَاءِ وأَشَدُّهُمْ عَلَيهِم الأَقْرَبُونَ". ابن عساكر عن أبي الدرداء قال الشارح في الكبير: وعزاه ابن الجوزى لجابر ثم حكم بوضعه، وتعقبه المصنف بأن له عدة طرق منها حديث أبي الدرداء. قلت: ليس شيء من هذا واقعا، فلا ابن الجوزى ذكره في الموضوعات، ولا المصنف تعقبه بما قال الشارح، وكأنه ذهب وهمه إلى الحديث الذي قبله، فإنه الذي أورده ابن الجوزى من حديث جابر، وتعقبه المصنف بما قال الشارح كما سبق. 471/ 968 - "اسْتَتِرُوا في صَلاتِكُمْ وَلَوْ بِسَهْمٍ". (حم. ك. هق) عن الربيع بن سبرة

قلت: الربيع تابعى والحديث من رواية والده سبرة بن معبد الجهنى، والذي أوقع المؤلف في هذا أنه مروى من طريق حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده، ومن طريق أخيه عبد الملك بن عبد العزيز بن الربيع ابن سبرة عن أبيه عن جده، فظن أن المراد جده الأدنى -وهو الربيع- والواقع أنه يريد جده الأعلى -وهو سبرة بن معبد-. 472/ 969 - "اسْتِتْمَامُ المَعْرُوفِ أَفْضَلُ مِنِ ابْتِدَائِهِ". (طس) عن جابر قلت: أخرجه أيضا في المعجم الصغير [1/ 264، رقم 432] في ترجمة حامد بن الحسن الطبرانى، والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 238، رقم 1268] كلاهما من طريق عبد الرحمن بن قيس: ثنا صالح بن عبد اللَّه القرشى عن أبي الزبير عن جابر به، عبد الرحمن بن قيس: متروك. ورواه الطوسى في مجالسه من حديث على عليه السلام وقد ذكرت سنده في المستخرج. 473/ 971 - "اسْتَحِى مِنَ اللَّه اسْتحْيَاءَكَ مِنْ رَجُلَينِ مِنْ صَالِحى عَشِيْرَتِكَ". (عد) عن أبي أمامة قلت: في الباب عن سعيد بن يزيد بن الأزور، سيأتى في "أوصيك أن تستحى". 474/ 972 - "اسْتَحْيُوا منَ اللَّه تَعَالَى حَقَّ الحَيَاءِ، فَإِنَّ اللَّه قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاقَكُمْ كَمَا قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ". (تخ) عن ابن مسعود

قلت: ورواه الحاكم في المستدرك [2/ 447، رقم 3671] في كتاب التفسير منه من رواية مُرَّة عن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف: 32] فقال عبد اللَّه: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن اللَّه قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن اللَّه ليعطى الدنيا من أحب ومن لا يحب، ولا يعطى الدين إلا من أحب فمن أعطاه الدين فقد أحبه"، ثم قال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ورواه أحمد من وجه آخر عن مُرَّةَ مطولا. ورواه البخارى في الأدب المفرد من حديث ابن مسعود موقوفا عليه، وزاد: "فمن ضن بالمال أن ينفقه، وخاف العدو أن يجاهده، وهاب الليل أن يكابده فليكثر من قول لا إله إلا اللَّه، وسبحان اللَّه، والحمد للَّه، واللَّه أكبر". 475/ 973 - "اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّه تَعَالَى حَقَّ الحَيَاء مَنْ اسْتَحى مِنَ اللَّه حَقَّ الحَيَاءِ فَلْيَحْفَظِ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَلْيَحْفظِ البَطْن وما حَوَى، وَلْيَذْكُرِ المَوْتَ والبلَى وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَة تَرَكَ زِينةَ الحَيَاةِ الدُّنيَا فَمَنْ فَعَلَ ذلك فَقَد اسْتحْيَا مِنَ اللَّه حَقَّ الحَيَاءِ". (حم. ت. ك. هب) عن ابن مسعود قال الشارح: صححه المؤلف اغترارا بتصحيح الحاكم وتقرير الذهبى له، وليس هو منه بسديد مع تعقبه هو وغيره كالصدر المناوى بأن فيه أبان بن إسحاق، قال الأزدى: تركوه، لكن وثقه العجلى عن الصباح بن محمد، قال في الميزان: والصباح واه، وقال المنذرى: رواه [الترمذى] وقال:

غريب لا نعرفه إلا من حديث أبان بن إسحاق عن الصباح، قال المنذرى: وأبان فيه مقال، والصباح مختلف فيه، وتكلم فيه لرفعه هذا الحديث، وقالوا: الصواب موقوف، والترمذى قال: لا نعرفه إلا من هذا الوجه. قلت: الحديث رواه من ذكرهم المصنف وجماعة غيرهم كالسمرقندى في التنبيه، والقشيرى في الرسالة كلهم من طريق أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد عن مُرَّة الهمذانى عن ابن مسعود، والصباح بن محمد: ضعيف. لكن وقع عند الحاكم أبان بن إسحاق عن الصباح بن محارب بدل ابن محمد والصباح بن محارب ثقة صدوق، فلذلك صححه وهو غلط من بعض الرواة، فإن الأكثرين كلهم اتفقوا: عن أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد. لكنه ورد من غير طريقه، أخرجه أبو نعيم في الحلية [4/ 209] عن الطبرانى قال: ثنا السرى بن سهل الجندى ثنا عبد اللَّه بن رشيد ثنا مجاعة بن الزبير عن قتادة عن عقبة بن عبد الغفار عن أبي عبيدة عن ابن مسعود به مثله. وورد من حديث عائشة والحكم بن عمير والحسن مرسلا، قال الخرائطى في "مكارم الأخلاق" [1/ 296، رقم 282]: ثنا على بن حرب الطائى ثنا خند بن يزيد العدوى ثنا إسماعيل بن إبراهيم ابن أبي حبيبة الأشهلى عن مسلم بن أبي مريم عن عروة عن عائشة قالت: "بينا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على المنبر والناس حوله وأنا في حجرتى سمعته يقول: أيها الناس استحيوا من اللَّه حق الحياء ردد ذلك مرارا فقال رجل: إنا لنستحى من اللَّه يا رسول اللَّه، فقال: من كان يستحى منكم من اللَّه فليحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وليذكر القبر والبلى"، فما زال يردد ذلك عليهم

حتى سمعتهم يبكون حول المنبر. وقال الطبرانى [3/ 219، رقم 3192]: حدثنا يحيى بن عبد الباقى ثنا محمد ابن مصفى ثنا بقية عن عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم ابن عمير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "استحيوا من اللَّه حق الحياء، احفظوا الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، واذكروا الموت والبلى، فمن فعل ذلك كان ثوابه جنة المأوى". وقال ابن المبارك: أوائل الجزء الثانى من كتاب الزهد [ص 107، رقم 317]: أخبرنا مالك بن مغول قال: سمعت أبا ربيعة يحدث عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلكم يحب أن يدخل الجنة؟ قالوا: نعم، جعلنا اللَّه فداك، [قال]: فاقصروا من الأمل، وثبتوا آجالكم بين أبصاركم، واستحيوا من اللَّه حق الحياء، قالوا: يا رسول اللَّه كلنا يستحى من اللَّه، قال: ليس كذلك الحياء من اللَّه، ولكن أن لا تنسوا المقابر والبلى، ولا تنسوا الجوف وما [وعى]، ولا تنسوا الرأس وما احتوى، ومن يشته كرامة الآخرة يدع زينة الحياة الدنيا، هنالك استحيا العبد من اللَّه، هنالك أصاب ولاية اللَّه". ورواه أبو نعيم في الحلية [8/ 185] من طريق ابن المبارك، وقال: غريب بهذا اللفظ لا أعلمه رواه عن مالك ابن مغول عن أبي ربيعة غير عبد اللَّه بن المبارك اهـ. وبهذه الطرق لا يبعد الحكم بتصحيحه. 476/ 975 - "اسْتَرشِدُوا العَاقِلَ تَرْشُدُوا وَلا تَعْصُوه فَتَنْدَمُوا". (خط) في رواة مالك عن أبي هريرة قال في الكبير: فيه سليمان بن عيسى السجزى، قال في الميزان: هالك،

وقال الجوزجانى وغيره: كذاب، وقال ابن عدى: وضاع، ثم سرد له أحاديث هذا منها، وقال الذهبى عقب إيراده: هذا المتن هذا غير صحيح، قال في اللسان: وأورده الدارقطنى من رواية محمد بن منصور البلخى عن سليمان، وقال: هذا منكر وسليمان متروك، وقال الحاكم: الغالب على أحاديثه المناكير والموضوعات، وأورده في اللسان في ترجمة عمر بن أحمد وقال: من مناكيره هذا الخبر وساقه، ثم قال: المتهم به عمر، قاله ابن النجار في ترجمته اهـ. لكن يكسبه بعض [القوة] ما رواه الحارث بن أبي أسامة، والديلمى بسند واه: "استشيروا ذوى العقول ترشدوا"، وبه يصير ضعيفا متماسكا ولا يرتقى إلى الحسن، لأن الضعيف إن كان لكذب أو اتهام بوضع أو لنحو سوء حفظ الراوى وجهالته وقلة الشواهد والمتابعات فلا ترقيه إلى الحسن لكن يصيره بحيث يعمل به في الفضائل. قلت: ليس كذلك بل الحديث إذا تعددت طرقه وشواهده وكانت كلها من رواية الكذابين والوضاعين، وكان في متن الحديث من ركاكة اللفظ والمعنى ما يدل على وضعه فإنه لا يخرج من حيز الموضوع، وهذا كذلك لأن في كل من طرقه وضاعا كذابا، فهو موضوع. فإن الحديث رواه الخطيب في كتاب الرواة عن مالك من طريق سليمان ابن عيسى عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة وسليمان بن عيسى كذاب وضاع، وله مؤلف في العقل كله موضوع. ورواه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 419، رقم 722] من طريق عبد العزيز ابن أبي رجاء عن مالك به، وعبد العزيز قال الدارقطنى: متروك، وله مصنف موضوع كله.

ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، والطوسى في السادس من أماليه من طريقه: ثنا داود بن المحبر عن عباد عن سهيل به وداود كذاب وضاع خبيث، قليل الحياء. ورواه عمر بن أحمد بن جرجة عن الحارث بن أبي أسامة، فركب له عنه إسنادا آخر فقال: ثنا الحارث عن عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس به مرفوعا أورده ابن النجار وقال: المتهم به عمر اهـ. والوضاعون إذا هوى أحد منهم خبرا وعلم أنه من رواية وضاع مثله أخذ المتن وركب له إسنادا آخر يرفع، فكيف ينجبر الحديث برواية هؤلاء؟!. 477/ 977 - "اسْتَشفُوا بمَا حَمَدَ اللَّه تَعَالَى به نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْمَدَهُ خَلْقُهُ، وبِمَا مَدَحَ اللَّه تَعَالَى بِهِ نَفْسَهُ: {الحَمْدُ للَّه}، و {قُلْ هُوَ اللَّه أحَدٌ}، فَمَنْ لَمْ يَشْفِهِ القُرْآنُ فَلا شَفَاهُ اللَّه". ابن ناقع عن رجاء الغنوى قال الشارح في الكبير: أشار الذهبى في "تاريخ الصحابة" إلى عدم صحة هذا الخبر فقال في ترجمة رجاء هذا: له صحبة، نزل البصرة وله حديث لا يصح في فضل القرآن. قلت: الذهبى مسبوق بذلك، وقائله هو: أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب [2/ 75، رقم 772]، ولفظه: رجاء الغنوى روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "من أعْطَاه اللَّه حفظ كتابه وظن أن أحدا أوتى أفضل مما أوتى فقد حقر أعظم النعم". روت عنه سلامة بنت الجعد لا يصح حديثه، ولا تصح له صحبة يعد في البصريين اهـ. وقال الحافظ في "الإصابة" [2/ 479، رقم 2643]: ذكره البخارى

وأخرج من طريق ساكنة بنت (¬1) الجعد عنه أنه كانت أصيبت يده يوم الجمل، وقال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: فذكر الحديث الذي ذكره ابن عبد البر، ثم قال: وأخرج له ابن منده من هذا الوجه حديثا آخر، وذكره ابن أبي حاتم فقال: روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وروت عنه ساكنة بنت الجعد، وأما ابن حبان فذكره في ثقات التابعين، وقال: يروى المراسيل، وقال أبو عمر: لا يصح حديثه، روت عنه سلامة بنت الجعد كذا قال فصحف اهـ. قلت: وإنما قال أبو عمر: حديثه لا يصح لأنه من رواية أحمد بن الحارث الغسانى عن ساكنة بنت (1) الجعد عنه، وأحمد بن الحارث قال أبو حاتم: متروك، وقال البخارى: فيه نظر، وقال العقيلى [1/ 125]: له مناكير لا يتابع عليها، ثم أخرج من رواية ساكنة عنه مرفوعا: "من قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن أجمع"، وروى بهذا الإسناد عدة أحاديث، ثم قال: وروى عن سراء بنت نبهان الغنوية عدة أحاديث مناكير، وليس يعرف لسراء إلا الحديث الذي يرويه ربيعة بن عبد الرحمن بن حصن الغنوى عنها، ولا يعرف لرجاء الغنوى رواية ولا صحت صحبته، وحديث: "قل هو اللَّه أحد" ثابت من غير هذا الوجه اهـ. فكأنه كان مغرم بهذا المعنى، فكان يضع الأحاديث فيه. وحديث الباب رواه أبو نعيم، ومن طريقه الديلمى في مسند الفردوس، لكنه وقع عنده عن ساكنة بنت [الجعد]: سمعت أبي وكانت أصيبت يده يوم الجمل قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "استشفوا بما حمد اللَّه به نفسه قبل أن تحمده خليقته، وبما مدح به نفسه: الحمد للَّه، وقل هو اللَّه أحد، فمن لم ¬

_ (¬1) في الأصل "ابن" والتصويب من الإصابة.

يشفه القرآن فلا شفاه اللَّه"، رواه أبو نعيم عن أبي الشيخ: حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد بن سليمان الهروى ثنا أبو سفيان يزيد بن عمرو بن البراء الغنوى ثنا أحمد بن الحارث الغسانى حدثتنى ساكنة بنت الجعد به، وقولها: "سمعت أبي" تحريف فيما يظهر واللَّه أعلم. 478/ 978 - "اسْتَعْتِبُوا الخَيْلَ فَإِنَّهَا تُعْتَبُ" (عد) وابن عساكر عن أبي أمامة قال الشارح في الكبير والصغير: بسند ضعيف، ولم يزد على ذلك. قلت: وذلك لأنه من رواية إبراهيم بن العلاء، وهو ثقة صدوق، إلا أنه كان له ولد يدخل عليه الأحاديث، قال ابن عدى [6/ 288]: سمعت أحمد ابن عمير سمعت محمد بن عوف يقول: وذكرت له حديث إبراهيم بن العلاء عن بقية عن محمد بن زياد عن أبي أمامة بهذا الحديث فقال: رأيته على ظهر كتابه ملحقا، فأنكرته فقلت له فتركه، قال ابن عوف: وهذا من عمل ابنه محمد بن إبراهيم كان يسوى الأحاديث، وأما أبوه فشيخ غير متهم لم يكن يفعل من هذا شيئا، قال ابن عدى: وإبراهيم حديثه مستقيم ولم يرم إلا بهذا الحديث ويثبه أن يكون من عمل ابنه كما ذكر محمد بن عوف اهـ. 479/ 979 - "اسْتَعِدَّ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ المَوْتِ". (طب. ك) عن طارق المحاربى قال الشارح: وهو صحيح. وقال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبى، وهو مستند المؤلف في رمزه لصحته، لكن قال الهيثمى: فيه عند الطبرانى إسحاق بن ناصح، قال

أحمد: كان من أكذب الناس. قلت: وقع للذهبى في هذا الحديث وسنده وهمان: أحدهما: أن الحاكم أخرجه [4/ 312، رقم 7868] من طريق إسحاق بن ناصح: ثنا شيبان عن منصور عن ربعى بن حراش عن طارق بن عبد اللَّه المحاربى به، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، فأقره الذهبى على ذلك مع أنه أورد إسحاق بن ناصح في الميزان [1/ 200، رقم 794]، ونقل عن أحمد أنه قال: من أكذب الناس. ثانيهما: أنه وهم في هذا النقل عن أحمد كما بينه الحافظ في اللسان [1/ 376، رقم 1171] فقال: وقع للمؤلف هنا وهم عجيب تبع فيه ابن الجوزى، وذلك أن قول أحمد المذكور إنما هو في إسحاق بن نجيح الملطى، وسبب الوهم أولا فيه: أن ترجمة ابن ناصح في كتاب ابن أبي حاتم [2/ 235، رقم 131] بين ترجمة ابن نجيح فانتقل بصر الناقل من ترجمة إلى ترجمة واللَّه أعلم. وروى العقيلى [1/ 105] هذا الحديث في ترجمة إسحاق بن ناصح وقال: ليس هذا الحديث بمحفوظ ولا يتابع هذا الشيخ عليه أحد اهـ. فإعراض الشارح عن تعقب الحافظ على الذهبى تقصير. 480/ 981 - "اسْتَعِيْذُوا باللَّه مِنْ طَمَعٍ يَهْدِى إِلى طبْعٍ، ومن طَمَعٍ يَهْدِى إلى غَيْرِ مَطْمَعٍ، ومِنْ طَمَعٍ حَيْثُ لا مَطْمَع". (حم. طب. ك) عن معاذ بن جبل قلت: أخرجه أيضا أبو نعيم في الحلية [5/ 136] من طريق أحمد بن حنبل.

481/ 985 - "اسْتَعِينُوا على إنْجَاح حَوَائِجِكُمْ بِالكِتْمَان، فإِنَّ كُلَّ ذى نَعْمَةٍ مَحْسُودٌ". (عق. عد. طب. حل. هب) عن معاذ الخرائطى في "اعتلال القلوب" عن عمر، (خط) عن ابن عباس، الخلعى في "فوائده" عن على قلت: هذا الحديث أورده ابن الجوزى في الموضوعات [2/ 165]، وتعقبه المصنف ببعض الطرق التي لم يذكرها (¬1)، وقد بسطت القول فيه وذكرت من أسانيده ما لم يذكره الحافظ السيوطى ولا غيره في مستخرجى على مسند الشهاب، فأغنى عن إعادة ذلك هنا. 482/ 986 - "اسْتَعِيْنُوا بِطَعَمِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ، وبِالقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَام اللَّيْلِ". (هـ. ك. طب. هب) عن ابن عباس قال الشارح: قال ابن حجر: فيه زمعة بن صالح، وهو ضعيف. قلت: له طريق آخر من حديث على عليه السلام قال الطوسى في "أماليه": أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن عبد اللَّه بن وهب بن عبد العزيز أبو على الآمدى ثنا محمد بن عيسى بن عيد اليقطينى ثنا الحسين بن على بن أبي حمزة عن رفاعة بن موسى عن أبي عبد اللَّه عن آبائه عن على عليه السلام قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تعاونوا بأكلة السحر على صيام النهار، وبالقيلولة على قيام الليل". ¬

_ (¬1) انظر اللألى (2/ 43).

483/ 987 - "اسْتَعِينُوا عَلى الرزقِ بالصَّدَقَةِ". (فر) عن عبد اللَّه بن عمرو المزنى قال الشارح: صحابى موثق، وفيه محمد بن الحسين السلمى ضعفوه. قلت: في هذا أمور، الأول: أن محمد بن الحسين السلمى هو الإمام أبو عبد الرحمن السلمى الصوفى المشهور صاحب الطبقات والأربعين وحقائق التفسير وغيرها، وهو ثقة تكلم فيه بلا حجه، كما هى عادة أهل الحديث مع أمثاله من الصوفية، فيعاب على الشارح تعليل الحديث به لا سيما وهو من العارفين بقدر الرجل ومنزلته وجلالته. الثانى: أن الحديث معلول بمحمد بن خالد المخزومى الراوى له عن بكر بن عبد اللَّه المزنى عن أبيه، فإنه ضعيف وبه أعله الحافظ في زهر الفردوس، ولم يتعرض لذكر أبي عبد الرحمن السلمى كما هو الواجب صناعة وتحقيقًا. الثالث: قوله: صحابى موثق، لا معنى له على مذهب الجمهور، فإن الصحابة عندهم كلهم عدول موثقون، فذكر التوثيق في الصحابى غريب جدًا، بل هو من فضول الشارح. والحديث له طرق أخرى سيأتى ذكرها في حديث: "استنزلوا الرزق بالصدقة". 484/ 988 - "اسْتَعِينُوا على النِّساء بالعُرى، فإنَّ إحداهُنَّ إذا كَثُرتْ ثيابُهَا وأحسنَتْ زِيَنَتَها أعْجَبها الخُروج". (عد) عن أنس قلت: هذا حديث موضوع كما قال ابن الجوزى [2/ 282]، وقد تفنن

واضعه وهو إسماعيل بن عباد في لفظه، فرواه مرة بهذا اللفظ ورواه مرة أخرى بسنده عينه، وهو عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس مرفوعا: "إن من النساء عيا وعورة فكفوا عيهن بالسكوت وواروا عورتهن بالبيوت"، كذلك خرجه العقيلى [1/ 85] وقال: هذا حديث غير محفوظ. 485/ 991 - "اسْتفتِ نَفْسَك وإن أفَتاكَ المفتُونَ". (تخ) عن وابصة قال الشارح في الكبير: ورواه الإمام أحمد والدارمى في مسنديهما، قال النووى في رياضه: إسناده حسن، وتبعه المؤلف فكان ينبغى له الابتداء بعزوه إليهما كعادته، ورواه أيضا الطبرانى، قال الحافظ العراقى: فيه عنده العلاء بن ثعبة مجهول. قلت: الدارمى لم يخرجه من حديث وابصة ولكن من حديث النواس بن سمعان بنحوه (¬1)، وأحمد خرجه [4/ 227] بلفظ لا يدخل في هذا الحرف فقال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدى عن معاوية بن صالح عن أبي عبد الرحمن السلمى قال: سمعت وابصة بن معبد صاحب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "جئت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أسأله عن البر والإثم فقال: جئت تسأل عن البر والإثم؟ فقلت: والذي بعثك بالحق ما جئت أسألك عن غيره، فقال: البر ما انشرح له صدرك والإثم ما حاك في صدرك وإن أفتاك عنه الناس". ورواه أيضًا [4/ 228] عن يزيد بن هارون: ثنا حماد بن سلمة عن الزبير أبي عبد السلام عن أيوب بن عبد اللَّه بن مكرز ¬

_ (¬1) بل أخرجه الدارمى من حديث وابصة (2/ 320 رقم 2533).

عن وابصة بن معبد قال: "أتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا أريد أن لا أدع شيئًا من البر والإثم إلا سألته عنه، وإذا عنده جمع فذهبت أتخطى الناس فقالوا: إليك يا وابصة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إليك يا وابصة، فقلت: أنا وابصة دعونى أدنو منه، فإنه من أحب الناس إلى أن أدنو منه، فقال لى: ادن يا وابصة ادن يا وابصة، فدنوت منه حتى مست ركبتى ركبتاه، فقال: يا وابصة أخبرك بما جئت تسألنى عنه أو تسألنى؟ فقلت: يا رسول اللَّه فأخبرنى، قال: جئت تسألنى عن البر والإثم؟ قلت: نعم، فجمع أصابعه الثلاث فجعل ينكث بها في صدرى ويقول: يا وابصة استفت نفسك، البر ما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن افتاك الناس" قال سفيان: "وأفتوك". ورواه البخارى في التاريخ [1/ 145، رقم 432] عن عبد اللَّه بن محمد الجعفى: حدثنا يزيد بن هارون به مثله. وكذلك رواه الطحاوى في مشكل الآثار [5/ 386، رقم 2139] عن عبد الملك بن مروان الرقى: ثنا حجاج بن محمد ثنا حماد بن سلمة به، وفيه: فجعل ينكت في صدرى فيقول: يا وابصة استفت نفسك قالها ثلاثا، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في نفسك وتردد في الصدر وان أفتاك الناس وأفتوك". ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن يزيد بن هارون: أنبأنا حماد بن سلمة به مثله. ورواه أبو نعيم في الحلية [2/ 24] عن أبي بكر بن خلاد عن الحارث، وقال: غريب من حديث الزبير أبي عبد السلام لا أعرف له راويا غير حماد، زاد في موضع آخر [2/ 24]: وقد رواه أبو سكينة الحمصى وأبو عبد اللَّه الأسدى

عن وابصة نحوه اهـ. قلت: وكذلك أبو عبد الرحمن السلمى كما سبق عند أحمد، ورواية أبي عبد اللَّه الأسدى خرجها البخارى في التاريخ [1/ 144، رقم 432] قبل رواية أيوب بن عبد اللَّه السابقة عنده فقال: قال لنا عبد اللَّه بن صالح: حدثنى معاوية بن صالح عن أبي عبد اللَّه الأسدى محمد سمع وابصة الأسدى قال: "جئت لأسال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: البر ما انشرح في صدرك والإثم ما حاك في صدرك". وفي الباب عن أبي ثعلبة الخشنى عند أحمد [4/ 194] وأبي نعيم [2/ 30] والخطيب [8/ 445]، وسيأتى في حديث: "البر ما سكنت إليه النفس" عند المصنف. 486/ 992 - "اسَتفرِهُوا ضَحايكُم فإنها مَطاياكُم على الصِّراطِ". (فر) عن أبي هريرة قلت: قال الديلمى [1/ 119، رقم 267]: أخبرنا محمد بن طاهر أخبرنا أبو منصور الصوفى ثنا على بن مكى الحلاوى ثنا الحسين بن على القاضى ثنى أحمد بن الخضر المروزى ثنا عبد المجيد ثنا محمد بن مكى عن ابن المبارك عن يحيى بن عبد اللَّه عن أبيه عن أبي هريرة به، إسناده ومتنه باطل. وروى نحوه من حديث أبي سعيد الخدرى، قال سليم بن أيوب الرازى في كتاب الترغيب له: أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن أحمد أنا أبو بكر عبد اللَّه بن محمد

القتات ثنا أبو بكر أحمد بن يحيى بن الحجاج بن سعيد الشيبانى ثنا عباس بن يزيد اليشكرى ثنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدرى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "استفرهوا أضحيتكم فإنكم يوم القيامة لا تركبون شيئًا من الدواب إلا البدن والأضحية"، في رجاله من يحتاج إلى الكشف عنهم، وهو أبطل من الذي قبله وكلاهما من وضع الجهلة أو الزنادقة. 487/ 993 - "استقم وليَحْسُن (¬1) خُلُقُكَ للناسِ". (طب. ك. هب) عن ابن عمرو قال الشارح: فيه عند الطبرانى عبد اللَّه بن صالح ضعفه جماعة، وأبو السميط سعيد بن أبي سعيد مولى المهرى لم أعرفه. قلت: أبو السميط ذكره ابن حبان في الثقات [6/ 363] , والحديث كذلك هو من طريقه عند الحاكم [4/ 244، رقم 7616] وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبى، وهو من رواية عبد اللَّه بن صالح أيضًا: حدثنى حرملة بن عمران التجيبى أن أبا السميط (¬2) سعيد بن أبي سعيد المهرى حدثه عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمرو: "أن معاذ بن جبل أراد سفرا فقال: يا رسول اللَّه أوصنى، قال: اعبد اللَّه ولا تشرك به شيئا، قال: يا رسول اللَّه فزدنى، قال: إذا أسأت فأحسن، قال: يا رسول اللَّه زدنى، قال: استقم ولتحسن خلقك". ¬

_ (¬1) كتبها المؤلف بالمثناة التحتية والفوقية كأنه أراد الجمع بين الروايتين. (¬2) قد صحفت هذه الكنية في كلا طبعتي المستدرك إلى: "أبو الشرط" وانظر التاريخ الكبير للبخارى (3/ 73) والجرح والتعديل (4/ 34).

فهو على رواية الحاكم قطعة من آخر الحديث، وعليه فكان الأولى للمصنف أن يذكره في حرف "الألف" مع "العين". 488/ 994 - "اسْتَقيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، واعلمُوا أنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاةُ، وَلَنْ يحافظَ على الوضوءِ إِلا مؤمنٌ". (حم. هـ. ك. هق) عن ثوبان (هـ. طب) عن ابن عمرو، (طب) عن سلمة بن الأكوع قال الشارح في الكبير: قال الحاكم: على شرطهما ولا علة له سوى وهم بلال الأشعرى، وقال المنذرى: إسناد ابن ماجه صحيح، وقال الذهبى في المهذب: خرجه ابن ماجه من حديث منصور عن سالم، وهو لم يدرك ثوبان، وقال الحافظ العراقى مثله أيضًا. قلت: الحاكم لم يقل ما حكاه عنه الشارح في حديث ثوبان، بل قال ذلك في حديث آخر لم يذكره المصنف وهو حديث جابر كما سأذكره. وحديث ثوبان أخرجه أبو داود الطيالسي [1/ 134، رقم 996]، وأحمد [5/ 277، 282] والدارمى [1/ 174، رقم 655] والحاكم [1/ 130، رقم 447] والبيهقي [1/ 82] وأبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين وابن المقرئ في الأربعين كلهم من رواية الأعمش، زاد الدارمى من رواية سفيان عن الأعمش ومنصور (ح) وأخرجه ابن ماجه [1/ 101، رقم 277] والحاكم [1/ 130، رقم 448] أيضًا والطبرانى في الصغير [2/ 191، رقم 1011] ومن طريقه الخطيب في التاريخ [1/ 293] كلهم من رواية منصور بن المعتمر.

وأخرجه الطبرانى في الصغير أيضًا [1/ 27، رقم 8] من رواية المعافى بن عمران الطهوى عن إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد اللَّه عن الحكم ابن عتيبه ثلاثتهم -أعنى هو ومنصورا والأعمش- عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ولست أعرف له علة، وأقره الذهبى. وقد نقل الترمذى عن البخارى أنه قال: إن سالم بن أبي الجعد لم يسمع من ثوبان، ولذلك لما رواه البيهقى في الباب العشرين من الشعب [3/ 4، رقم 2713] نص عقبه على أنه منقطع وإن سكت عنه في السنن الكبرى. وقد نقل الشارح هذا عن الذهبى والعراقى، وكلامهما يقتضى أنه منقطع على الإطلاق وليس كذلك، لأنه ورد عن ثوبان من طرق أخرى، قال أحمد [5/ 280]: ثنا على بن عياش وعصام بن خالد ثنا حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن ثوبان عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "استقيموا تفلحوا وخير أعمالكم الصلاة". وقال الطبرانى في الكبير [2/ 101، رقم 1444]: ثنا هاشم بن مرثد الطبرانى ثنا صفوان بن صالح حدثنا الوليد بن مسلم (ح). وقال الدارمى [1/ 175، رقم 656]: حدثنا يحيى بن بشر ثنا الوليد بن مسلم (ح) وقال أحمد [5/ 282]:

حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا ابن ثوبان حدثنى حسان بن عطية أن أبا كبشة السلولى حدثه أنه سمع ثوبان يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سددوا وقاربوا واعملوا خيرًا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن", لفظ أحمد والدارمى. ولفظ الطبرانى مثل حديث المتن. وقد أشار إلى هذه الطريق أبو داود الطيالسي فقال: ويروى هذا الحديث عن الوليد بن مسلم، فذكره. فهذان طريقان يرفعان الانقطاع عن الحديث. وحديث عبد اللَّه بن عمرو قصر المصنف في عزوه إلى البيهقى في الشعب والطبرانى؛ لأنه في سنن ابن ماجه في باب المحافظة على الوضوء [1/ 102، رقم 278]: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب ثنا المعتمر بن سليمان عن ليث عن مجاهد عن عبد اللَّه بن عمرو به مثله، إلا أنه قال: "واعلموا أن من أفضل أعمالكم الصلاة" الحديث. وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة (¬1) وإسحاق بن راهويه والبزار وقال: لا نعلمه يروى عن عبد اللَّه بن عمرو من هذا الوجه إلا بهذا الإسناد، يشير إلى أن ليث بن أبي سليم تفرد به وهو ضعيف، لكنه في مثل هذا يكون حديثه حسنًا لوجود شواهده، فإنه ثقة مدلس. وحديث سلمة بن الأكوع رواه الطبرانى [7/ 25، رقم 6270] من طريق محمد بن عمر الواقدي: ثنا موسى بن محمد بن إبراهيم أنه سمع إياس بن سلمة بن الأكوع يحدث ¬

_ (¬1) أخرجه (1/ 10، رقم 35) بلفظ: "لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن".

عن أبيه مرفوعًا، فذكره، والواقدى وشيخه ضعيفان، وقد خرجه العقيلى في ترجمة الثاني من الضعفاء وقال [4/ 168، رقم 1741]: لا يتابع على حديثه. وفي الباب عن جابر وابن عمر وأبي أمامة وعبادة بن الصامت وربيعة الجرشى. فحديث جابر رواه الحاكم [1/ 130، رقم 450] من طريق أبي بلال الأشعرى: ثنا محمد بن خازم -يعني أبا معاوية- عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر به، وقال الحاكم: وهم فيه أبو بلال الأشعرى عن أبي معاوية، يريد أن الحديث عن أبي معاوية عن الأعمش عن سالم عن ثوبان. وحديث ابن عمر رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده قال: حدثنا الحسن بن قتيبة ثنا سفيان الثورى عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عمر به، وهو وهم من الحسن بن قتيبة، فإن سالم رواه عن ثوبان كما سبق. وحديث أبي أمامة ذكره المصنف بعد هذا وعزاه لابن ماجه [1/ 102، رقم 279] من حديثه، وللطبرانى من حديث عبادة. وحديث ربيعة الجرشى رواه الطبرانى في الكبير [5/ 65، رقم 4596] من طريق ابن لهيعة وحاله معروف، وربيعة مختلف في صحبته، وهذا المتن ذكره مالك في الموطأ [ص 47، رقم 37] بلاغا. 489/ 995 - "اسْتقِيمُوا وَنِعمَّا إن اسْتَقَمتُمْ، وخيرُ أعْمَالِكمُ الصَّلاة، ولنْ يُحَافِظَ عَلى الوضُوء إلا مؤمِنٌ". (هـ) عن أبي أمامة، (طب) عن عبادة

قال الشارح في الكبير: رمز المصنف لصحته فإن أراد أنه صحيح لغيره فقد يسلم وإلا فليس بصحيح، فقد قال مغلطاى: فيه إسحاق بن أسيد وهو وإن ذكره ابن حبان في الثقات فقد وصفه بالخطأ، وقال ابن عدى: هو مجهول أى جهالة حال لا جهالة عين وقد عيب على مسلم إخراج حديثه، والبخاري لم يخرج حديثه محتجا به بل تعليقا, وليس هو ممن تقوم به حجة، وروايته عن أبي أمامة منقطعة مع ضعفها اهـ. وقال الهيثمى: في سند الطبرانى محمد بن عبادة عن أبيه، ولم أجد من ترجمه. قلت: هذا خبط من القائل والناقل، فإسحاق بن أسيد لم يرو عن أبي أمامة بل رواه عن أبي حفص الدمشقى عن أبي أمامة، قال ابن ماجه [1/ 102، رقم 279]: حدثنا محمد بن يحيى ثنا ابن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب ثنا إسحاق بن أسيد عن أبي حفص الدمشقى عن أبي أمامة. ثم إن إسحاق بن أسيد لم يخرج له أحد من الشيخين لا تعليقا ولا احتجاجا، وإنما روى له أبو داود وابن ماجه، وقال الأزدى: منكر الحديث تركوه، والذي قيل فيه: لم يسمع من أبي أمامة هو أبو حفص الدمشقى، فما أدرى ما هذا التخليط؟ والحديث رواه أيضًا البيهقى في الشعب من طريق عثمان بن سعيد الدارمى: ثنا سعيد بن أبي مريم به مثله، وقد تقدمت له طرق في الذي قبله. 490/ 996 - "اسْتقيمُوا لقُريشٍ ما اسْتَقامُوا لَكم، فإن لَمْ يسْتقِيمُوا لكم فَضعُوا سيوفَكُم على عواتقِكُم ثم أبيدُوا خَضراءَهُم". (حم) عن ثوبان، (طب) عن النعمان بن بشير

قلت: حديث ثوبان أخرجه أيضًا الطبرانى في الصغير [1/ 134، رقم 201] وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 124] عنه عن أحمد بن منصور المعدل الأصبهانى: حدثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا شعبة عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان به، بزيادة: "فإن لم تفعلوا فكونوا حينئذ زراعين أشقياء تأكلون من كد أيديكم". وسالم لم يسمع من ثوبان كما سبق قريبًا عن البخارى. 491/ 999 - "اسْتكثُروا مِنَ النِّعَال، فإن الرَّجُل لا يزَالُ راكِبًا مَا دام مُنْتَعلًا". (حم. تخ. م. ن) عن جابر، (طب) عن عمران (طس) عن ابن عمرو قلت: حديث عمران أخرجه أيضًا أبو بكر الإسماعيلى قال: أخبرنى عبد اللَّه بن إبراهيم الضرير ثنا الحسن بن على الحلوانى حدثنى عبد الصمد بن عبد الوارث عن مجاعة بن الزبير، وكان شعبة يقول: الصوام القوام عن الحسن عن عمران بن حصين به. 492/ 1000 - "اسْتكثرُوا مِنْ قَول لا حَولَ ولا قُوةَ إلا باللَّه، فإنَّها تَدفَعُ تِسعةَ وتسعِينَ بابًا مِنَ التفسير، أدْناهَا الْهَمّ". (عق) عن جابر زاد الشارح: قال -يعني جابرا-: سمعت المصطفى يقول ذلك في غزوة غزاها، وإسناده ضعيف.

وقال في الكبير: قال جابر بن عبد اللَّه: "شكونا إلى رسول اللَّه-صلى اللَّه عليه وسلم- حر الرمضاء فلم يشكنا، وقال: استكثروا" إلى آخره، وفيه بلهط بن عباد عن ابن المنكدر لا يعرف، قال في الميزان: والخبر منكر، قال في اللسان: وخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبيه عن ابن ناجية عن ابن أبي عمر به، والطبرانى في الصغير, وقال: بلهط عندي ثقة اهـ. وبه يعرف أن إيثار المصنف للعقيلى واقتصاره عليه غير صواب. قلت: ما ذكره في الصغير من أن جابرا قال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول ذلك في غزوة باطل لا أصل له والصواب ما ذكره في الكبير. وما انتقد به على المصنف من عدم عزوه إياه للطبرانى وأبي نعيم في الحلية وجهه أنه غير مبدوء عند الطبرانى بما يدخل في هذا الموضع، بل هو عنده بلفظ: "أكثروا" ومحله الألف مع الكاف. قال الطبرانى [1/ 267، رقم 438]: حدثنا الحكم بن معبد الخزاعى ثنا محمد بن أبي عمر العدنى ثنا عبد المجيد ابن عبد العزيز بن أبي رواد ثنا بلهط بن عباد عن محمد بن المنكدر عن جابر ابن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما قال: "شكوت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حر الرمضاء فلم يشكنا، وقال: أكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا باللَّه، فإنها تدفع تسعة وتسعين بابا من الضر أدناها الهم والفقر"، قال الطبرانى: لم يروه عن محمد بن المنكدر إلا بلهط بن عباد المكى وهو عندي ثقة تفرد به ابن أبي عمر، ولا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد ولا يحفظ بلهط حديثا غير هذا اهـ.

وبلهط ذكره الذهبى في الميزان [1/ 352، رقم 1319] فقال: لا يعرف والخبر منكر، ثم أورد هذا الحديث وقال: ساقه العقيلى [1/ 166، رقم 208] زاد الحافظ في اللسان [2/ 63، رقم 243]: وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبيه عن ابن ناجية عن ابن أبي عمر به، والطبرانى في الصغير وقال: بلهط عندي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات [6/ 119] وساق هذا الحديث في ترجمته اهـ. قلت: وقول الحافظ: خرجه أبو نعيم في الحلية، لعل ذكر الحلية سبق قلم منه، فإنه خرج الحديث في ترجمة والده من تاريخ أصبهان عنه عن عبد اللَّه ابن محمد بن ناجيةكما ذكر الحافظ. 493/ 1001 - "اسْتكثرُوا مِنَ الإخوانِ فإن لكلِّ مؤمنٍ شَفاعَةٌ يومِ القِّيامةِ". ابن النجار في تاريخه عن أنس قال الشارح: رمز المصنف لضعفه. قلت: أخرجه أيضًا الحاكم في تاريخ نيسابور قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسين الهمذانى ببخارى ثنا داود بن نصر المروزى ثنا محمد بن عقدة أخبرنا أحمد بن خالد بن حماد ثنا أصرم بن حوشب ثنا إسحاق بن الجعد عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أكثروا من المعارف من المؤمنين فإن لكل مؤمن شفاعة عند اللَّه يوم القيامة". أصرم بن حوشب كذاب وشيخه لم أتحقق اسمه، ثم ما أظنه أدرك أحدا من أصحاب أنس، والحديث باطل موضوع لا ينبغى ذكره في هذا الكتاب.

494/ 1002 - "اسْتَمْتعُوا مِنْ هَذا البيت فإِنَّه قَدْ هُدمَ مَرَّتين ويُرفَعُ في الثَّالِثَةِ". (طب. ك) عن ابن عمر قلت: أخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه [15/ 153، رقم 6753] في النوع الثامن والعشرين من القسم الثالث والبزار (¬1) وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 203] في ترجمة إبراهيم بن إسحاق الصفار كلهم من طريق الحسن بن قزعة: ثنا سفيان بن حبيب ثنا حميد الطويل عن بكر بن عبد اللَّه المزنى عن ابن عمر به. وقال البزار: لم نسمع أحدا حدث به مرفوعًا إلا الحسن بن قزعة عن سفيان ابن حبيب، وقد روى عن حميد عن بكر عن ابن عمر موقوفا اهـ. وهو متعقب بمتابعة عمرو بن عوف للحسن بن قزعة فإنه رواه أيضًا عن سفيان ابن حبيب مرفوعا. كذلك أخرجه من طريقه الحاكم أول كتاب الحج من المستدرك [1/ 441، رقم 1610] وصححه على شرط الشيخين وأقره الذهبى. أما الموقوف فرواه ابن أبي شيبة في مصنفه: ثنا يزيد بن هارون عن حميد عن بكر بن عبد اللَّه المزنى عن عبد اللَّه بن عمر به. 495/ 1005 - "استَنْزِلُوا الرّزقَ بالصَّدَقةِ". (هب) عن على (عد) عن جبير بن مطعم أبو الشيخ عن أبي هريرة ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (2/ 3 رقم 1072).

قلت: حديث على أخرجه أيضًا ابن بابويه القمي في كتاب التوحيد له, قال: حدثنا أبو عبد اللَّه الحسين بن محمد الأشنانى الرازى العدل ببلخ ثنا على بن مهرويه القزوينى عن داود بن سليمان الفراء عن على بن موسى الرضى عن آبائه عن على قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "التوحيد نصف الدين واستنزلوا الرزق بالصدقة". داود بن سليمان قال الذهبى: كذبه يحيى بن معين، ولم يعرفه أبو حاتم، وبكل حال فهو شيخ كذاب له نسخة موضوعة عن الرضا رواها على بن أبي مهرويه القزوينى الصدوق عنه. وحديث جبير بن مطعم رواه ابن على [2/ 412] عن محمد بن مسعود العجمى: أنبأنا حبيب بن أبي حبيب ثنا مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير عن أبيه به. حبيب بن أبي حبيب المصري قال أبو داود: كان من كذب الناس، وقال ابن عدى: أحاديثه كلها موضوعة، وجزم الذهبى بأن هذا الحديث موضوع. وحديث أبي هريرة رواه الديلمى من طريق أبي الشيخ وفيه سليمان بن عمرو النخعى وهو كذاب أيضًا، وقد تقدم له طريق آخر من حديث عبد اللَّه بن عمرو المزنى قريبًا في حديث: "استعينوا". 496/ 1007 - "أسْتَوْدِعُ اللَّهَ دَينَكَ وَأَمانَتَك وخواتِيمَ عَمَلِكَ". (د. ت) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: ورواه النسائى أيضًا، فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد هذين عن الستة غير سديد. قلت: بل استدراك الشارح غير سديد، فإن النسائى لم يخرجه في المجتبى

الذي هو من الكتب الستة، ولو راجعه الشارح لأراح نفسه من التعقب الباطل (¬1). 497/ 1014 - "اسْتَوُوا تَستَوِ قلوبكُم، وتَماسُّوا وتَراحَمُوا". (طس. حل) عن أبي مسعود وصرح الشارح في الكبير بأنه البدرى ثم قال: قال الديلمى: وفي الباب عن أنس وعلى. قلت: وهم المصنف في صحابى هذا الحديث إذ جعله. أبا مسعود وكأنه ذهب وهمه إلى الحديث قبله فكتب مثله، وهو من حديث على لا من حديث أبي مسعود. قال الطبرانى: حدثنا محمد بن هشام بن أبي الدميك ثنا سريج بن يونس ثنا أبو خالد الأحمر عن مجالد عن الشعبى عن الحارث عن على قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "استووا تستو قلوبكم وتماسوا وتراحموا". ورواه أبو نعيم في الحلية عن الطبرانى بسنده وقال [10/ 114]: لم يروه عن مجالد إلا أبو خالد، وعنه سريج. وما نقله الشارح عن الديلمى من قوله: وفي الباب عن أنس وعلى غير سديد، فإن في الباب عن جماعة كثيرة يبلغ الحديث بهم إلى حد التواتر تقريبا منهم البراء بن عازب وعبد اللَّه بن عمر وأبو هريرة وأبو أمامة وعبد اللَّه ابن مسعود وابن عباس وأبو سعيد الخدرى وجابر بن سمرة وغيرهم، وكل ¬

_ (¬1) الحديث أخرجه النسائى في الكبرى (6/ 130 رقم 10344).

هؤلاء أحاديثهم بالأمر بتسوية الصفوف. وفي الباب عن جماعة في حكاية ذلك من فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منهم بلال وعمر والنعمان بن بشير وآخرون. 498/ 1015 - "أَسَدُّ الأَعمَالِ ثلاثة: ذكرُ اللَّهِ على كلِّ حالٍ، والإِنصافُ من نفسِك، ومواساةُ الأخ في المالِ". ابن المبارك وهناد والحكيم عن أبي جعفر مرسلًا، (حل) عن على موقوفا قال الشارح في الكبير: وفيه إبراهيم بن ناصح، عده الذهبى في الضعفاء وقال أبو نعيم: متروك الحديث، ومن ثم رمز [المصنف] لضعفه. قلت: الموقوف عن على ليس فيه إبراهيم بن ناصح، قال أبو نعيم في الحلية [1/ 85]: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن عامر الطائى ثنا أبي ثنا على بن موسى الرضى عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه على عن أبيه الحسين بن على عليهم السلام عن على قال، وذكره. وإنما ضعفه المصنف لأن عبد اللَّه بن أحمد بن عامر ضعيف، وكذا أبوه فيما يزعم الذهبى. أما إبراهيم بن ناصح فرواه عن على مرفوعا لا موقوفا، كذلك أخرجه أبو نعيم في ترجمته من تاريخ أصبهان [1/ 179] فقال: حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد بن جعفر والحسن بن إسحاق بن إبراهيم قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي يحيى الزهرى ثنا إبراهيم بن ناصح ثنا

على بن الحسن بن شقيق عن سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن على قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره. وقال في أول ترجمته: صاحب مناكير متروك الحديث. أما مرسل أبي جعفر فرواه ابن المبارك عن رجل عن الحجاج بن أرطاة عن أبي جعفر به. 499/ 1016 - "أسرَعُ الأرضِ خَرابًا يُسراهَا ثُمَّ يُمنَاهَا". (طس. حل) عن جرير قلت: أخرجه الثاني عن الأول قال [7/ 112]: حدثنا حفص بن عمر بن الصباح ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان الثورى عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن جرير به. وقال أبو نعيم: غريب من حديث الثورى لم نكتبه عاليا إلا من حديث أبي حذيفة اهـ. وقد فسر الشارح في كلامه على هذا الحديث الجنوب بتفسير غريب مخالف للمعروف، وإن كان أصله مأخوذا عن بعض أهل اللغة، ولكن ذلك في ريح الجنوب لا في جهة الجنوب، فما قاله خطأ لا شك فيه. 500/ 1017 - "أَسْرعُ الخيرِ ثوابًا: البِّرُّ وصِلَةُ الرحِم، وأَسْرعُ الشرِّ عقوبةً: البغيُ وقطيعةُ الرحمِ". (ت. هـ) عن عائشة قال الشارح: وضعفه المنذرى وغيره، فرمز المؤلف لحسنه ليس في محله. قلت: الحديث وهم المصنف في عزوه إلى الترمذى، وإنما هو عند ابن ماجه

[2/ 1408، رقم 4212] أخرجه هو وأبو يعلى [8/ 11، رقم 4512] كلاهما عن سويد بن سعيد: ثنا صالح بن موسى عن معاوية بن إسحاق عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين رضي اللَّه عنها به، وصالح بن موسى ضعيف. وقد أسند الذهبى الحديث في ترجمته من الميزان [2/ 302، رقم 3831] من طريق أبي يعلى، لكن الحديث معروف ثابت من طرق أخرى (¬1) منها حديث أبي بكرة المعروف في الباب وهو وارد من طرق بألفاظ تقدم بعضها في: "اثنان يعجلهما اللَّه في الدنيا"، ومنها مرسل مكحول: "أعجل الخير ثوابا صلة الرحم وأعجل الشر عقابا البغى واليمين الفاجرة تدع الديار بلا قع". رواه إسحاق بن راهويه في مسنده: أنا جرير عن برد بن سنان عن مكحول به. ورواه الثعلبى في تفسيره في سورة الرعد من طريق جرير أيضًا، لكنه قال: عن ثور عن مكحول. ومنها مرسل أبي جعفر أو معضله قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أسرع الخير ثوابا البر وأسرع الشر عقابا البغى، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه وأن يعير الناس بما لا يستطيع تركه وأن يؤذى جليسه بما لا يعنيه"، رواه الطوسى في أماليه: أنا محمد بن محمد بن النعمان أنا أبو غالب أحمد بن محمد الرازى حدثنى ¬

_ (¬1) انظر تخريج الأحاديث والآثار في تفسير الكشاف للزيلعى (2/ 122، رقم 592).

جدى محمد بن سليمان ثنا محمد بن خالد عن عاصم بن حميد عن أبي عبيدة الحداء قال: سمعت أبا جعفر يقول: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" به. بل حديث أبي بكرة في هذا الباب يكفى للحكم بحسن هذا الحديث، فإن صالح بن موسى لم يتهم بكذب وإنما وصف بالخطأ. 501/ 1018 - "أَسْرعُ الدُّعَاءِ إجابةً دعاءُ غائبٍ لغَائبٍ". (خد. د. طب) عن ابن عمرو قال الشارح: وكذلك رواه الترمذى خلافًا لما يوهمه اقتصاره على أبي داود، قال في الأذكار: وقد ضعفه الترمذى. قلت: الترمذى خرجه [4/ 352، رقم 1980] بلفظ لا يدخل في حرف "الألف" ولفظه: ثنا عبد بن حميد ثنا قبيصة عن سفيان عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد اللَّه بن يزيد عن عبد اللَّه بن عمرو عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما دعوة أسرع إجابة من دعوة غائب لغائب". ثم قال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والإفريقى يضعف في الحديث. على أن عزوه لأبي داود بهذا اللفظ أيضًا فيه مؤاخذة بحسب صنيع المصنف لأنه عنده بلفظ: "إن أسرع"، وإنما المذكور هنا لفظ البخارى في الأدب المفرد. 502/ 1020 - "أُسِّسَتْ السَّمَواتُ السَّبْعُ والأَرْضُونَ السَّبعْ عَلَى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ". تمام عن أنس

قلت: أخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة قال: حدثنا بكر بن سهل ثنا موسى بن محمد بن عطاء قال: حدثنى شهاب بن خراش قال: حدثنى قتادة قال: حدثنى أنس بن مالك به. ومن هذا الطريق رواه تمام وابن على وغيرهما، وموسى بن محمد بن عطاء هو البلقاوى كذاب وضاع وكان قاصا واعظًا فالحديث من إفكه. 503/ 1024 - "أَسْفِرُوا بالفَجْرِ فَإِنَّه أَعْظَمُ للأَجْرِ". (ت. ن. حب) عن رافع بن خديج قال الشارح في الكبير: واللفظ للترمذى وقال: حسن صحيح، فمن نقل عنه تحسينه فقط كالمصنف في الأصل لم يصب، غير أنك قد علمت توهين البيهقى له -أى من قوله-، وخبر الإسفار مختلف في إسناده ومتنه. قال الشارح: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا ذانك وهو ذهول، فقد عزاه هو نفسه في الأحاديث المتواترة إلى الأربعة جميعا وذكر أن هذا الحديث متواتر، وعزاه ابن حجر في الفتح إلى الأربعة وقال: صححه غير واحد. قلت: في هذا أمور، الأول: أن الشارح اضطرب في هذا الحديث فحكى في الذي قبله أن المؤلف حسنه مع أنه من رواية هرير بن عبد الرحمن عن جده رافع، وأن أبا حاتم ذكره [9/ 121، رقم 512] فلم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ثم تعقبه هنا على اقتصاره على الحكم بحسنه وأنه صحيح بل متواتر، ثم قال في حرف "النون" في: "نوروا بالفجر" إنه ضعيف خلافًا للمؤلف، مع أنه حديث واحد اختلفت ألفاظه من رواته. الثاني: أن تعقبه على المؤلف من جهة نقله عن الترمذى أنه قال: حسن

فقط تعقب باطل؛ لأن نسخ الترمذى تختلف في ذلك كما هو معروف ومنصوص عليه في كتب الاصطلاح، وإنما يلام من نقل عنه التصحيح والتحسين مع ضعف الإسناد، فإن ذلك يقع كثيرا في نسخ الترمذى. الثالث: وكذلك تعقبه عليه بإخراج الأربعة كلهم له، فإنه عند الباقين بلفظ: "أصبحوا" لا بلفظ: "أسفروا". الرابع: ما حكاه على المصنف من قوله: إن الحديث متواتر هو كما حكى، فقد ذكره في الأزهار المتناثره في الأحاديث المتواترة وقال: أخرجه الأربعة عن رافع بن خديج وأحمد عن محمود بن لبيد، والطبرانى عن بلال وابن مسعود وأبي هريرة وحواء، والبزار عن أنس وقتادة، والسعدنى في مسنده عن رجل من الصحابة اهـ. وهو واهم في الحكم بتواتره لأنه ظن أن هؤلاء الصحابة كل واحد منهم له طريق مستقل يرجع إليه وليس كذلك، بل أكثر طرقهم ترجع إلى طريق واحدة، فحديث رافع بن خديج ومحمود بن لبيد وحواء وأنس ورجل من الصحابة طريق حديثهم كلهم واحد وإنما تعدد الصحابة من اضطراب زيد بن أسلم وعاصم بن عمر أو من الرواة عنهما، وحديث أبي هريرة غلط أيضًا من أبي زيد الأنصارى. فلم يبق إلا حديث رافع بن خديج وابن مسعود وبلال و [الحديثان] الأخيران ضعيفان، فلم يبق في الباب إلا حديث رافع وحده، فأين التواتر؟ وها أنا أبين لك ذلك تتحققه، فالحديث رواه زيد بن أسلم واختلف عليه فيه على أقوال، فقيل: عنه عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج كذلك أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (¬1) والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 408، ¬

_ (¬1) أخرجه في شرح المعانى (1/ 178).

رقم 703] كلاهما من طريق آدم بن أبي إياس عن شعبة عن أبي داود عن زيد ابن أسلم. ومن هذا الوجه رواه الخطيب [13/ 45] أيضًا لكنه وقع عنده عن شعبة عن داود بدون أداة الكنية، قال الخطيب: وإنما يحفظ هذا من رواية بقية ابن الوليد عن شعبة عن داود، وأما آدم فيرويه عن شعبة عن أبي داود عن زيد بن أسلم اهـ. وقيل: عن زيد بن أسلم عن عاصم عن محمود عن رجال من قومه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، كذلك أخرجه النسائى [1/ 272] من رواية ابن أبي مريم عن أبي غسان عن زيد بن أسلم. وقيل: عنه عن عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه دون واسطة محمود، كذلك أخرجه الطحاوي من طريق حفص بن ميسرة ومن طريق هشام بن سعد كلاهما عن زيد بن أسلم. وقيل: عنه عن محمود بن لبيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دون ذكر عاصم ودون ذكر رافع ابن خديج، كذلك أخرجه أحمد [1/ 429] عن إسحاق بن عيسى: ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، وعبد الرحمن ضعيف. وقيل: عنه عن أنس، كذلك أخرجه البزار وأبو نعيم في التاريخ [1/ 95] وغيرهما من طريق يزيد بن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل عن زيد بن أسلم. وقيل: عنه عن ابن عبيد عن جدته حواء، كذلك أخرجه الطبرانى في الكبير [4/ 251، رقم 4293] وابن عبد البر من طريق قاسم بن أصبغ في مصنفه، ثم من رواية إسحاق بن إبراهيم الحنينى عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم، والحنينى مختلف فيه، ضعفه النسائى وغيره وذكره ابن حبان في الثقات.

وقد ورد عن عاصم بن عمر بن قتادة من غير طريق زيد بن أسلم فاختلف عليه فيه أيضًا، فرواه محمد بن عجلان ومحمد بن إسحاق عنه عن محمد ابن لبيد عن رافع بن خديج. وخالفهما فليح بن سليمان فقال: عن عاصم عن أبيه عن جده قتادة بن النعمان. أما رواية ابن عجلان فهي عند أحمد [4/ 140، رقم 142] والدارمى [1/ 301، رقم 1218] وأبي داود [1/ 115، رقم 242] والنسائى [1/ 272] وابن ماجه [1/ 221، رقم 672] وابن ترثال في جزئه والطحاوي (¬1). وأما رواية ابن إسحاق فهي عند الطيالسي [ص 129، رقم 959] والدارمى [1/ 300، رقم 1217] والترمذى [1/ 289، رقم 154] وأبي نعيم في الحلية [7/ 94] وتاريخ أصبهان [2/ 329] والبيهقي [1/ 457]. وأما رواية فليح بن سليمان فهي عند البزار [1/ 195، رقم 384] والطبرانى [19/ 12، رقم 16] ثم إنه ورد من وجه آخر عن رافع بن خديج وذلك من طريق هريرة بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج عن جده به، أخرجه الطيالسي [ص 129، رقم 961] والدولابى في الكنى [1/ 97] وقد ذكرت جميع هذه الطرق مفصلة مع (¬2) الإشارة إلى متونها في مستخرجى على مسند الشهاب فأغنى عن إعادة ذلك هنا. وهذا هو الاختلاف الذي ذكره البيهقى أنه في الحديث كما نقله عنه الشارح. ¬

_ (¬1) هو في شرح معاني الآثار (1/ 178). (¬2) في الأصل: "من".

وأما حديث [أبي هريرة] (¬1) فرواه أبو زيد الأنصارى النحوى عن ابن عون عن ابن سيرين عن أبي هريرة به، أخرجه ابن حبان في الضعفاء من طريقه، ثم قال: لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به من الأخبار ولا الاعتبار إلا بما وافق الثقات من الآثار, وليس هذا من حديث ابن عون ولا ابن سيرين ولا أبي هريرة، وإنما هو من حديث رافع بن خديج فقط، وهذا الإسناد إما مقلوب أو معمول اهـ. وقد ذكرت سند حديث ابن مسعود وبلال في المستخرج، وبينت وجه ضعفهما، بل سند حديث ابن مسعود فيه المعلى بن عبد الرحمن، وقد قال الدارقطنى: إنه كذاب، وبهذا يتضح وهم المؤلف في قوله: إن الحديث متواتر، والحمد للَّه على ما أنعم. 504/ 1031 - "اسمُ اللَّهِ الأَعْظَمُ الَّذِي إِذا دُعِيَ به أجَابَ في ثلاثِ سُوَرٍ من القرآنِ: في البقرةِ، وآلِ عمرانَ، وَطَهَ". (هـ. ك. طب) عن أبي أمامة قال الشارح: إسناده حسن، وقيل: صحيح. وقال في الكبير: فيه هشام بن عمار مختلق فيه. قلت: هشام بن عمار ثقة من رجال الصحيح، ومع ذلك فقد ورد من غير طريقه، قال الدولابى في الكنى [1/ 184]: ثنا العباس بن محمد ثنا يحيى وابن معين قال: حدثنا خزيمة بن زرعة الخراسانى عن أبي حفص التنيسى عن عبد اللَّه بن العلاء بن زيد عن القاسم أبي عبد الرحمن: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال" وذكر مثله، قال: وعنده ¬

_ (¬1) ساقط من الأصل.

عيسى بن موسى فقال: أخبرنى غيلان بن أنس عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة به. وقال الطحاوي في مشكل الآثار [1/ 163، رقم 177]: ثنا إبراهيم بن أبي داود ثنا أبو حفص عمرو بن أبيى سلمة الدمشقى سمعت عيسى بن موسى يقول: سمعت غيلان بن أنس يقول: سمعت القاسم أبا عبد الرحمن يحدث عن أبي أمامة به. 506/ 1032 - "اسمُ اللَّهِ الأَعظمُ في هاتينِ الآيتينِ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} وفاتحة آل عمران {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ". (حم. د. ت. هـ) عن أسماء بنت يزيد قلت: أخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة في الأول منها قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا أبو عاصم النبيل ثنا عبيد اللَّه بن أبي زياد عن شهر بن حوشب عن أسماء. وأخرجه أيضًا الطحاوي في مشكل الآثار [1/ 164، رقم 178] قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا مكى بن إبراهيم ثنا عبيد اللَّه بن أبي زياد به. وأخرجه حميد بن زنجويه في الترغيب قال: حدثنا بكر بن إبراهيم وأبو عاصم عن عبيد اللَّه بن أبي زياد به. 507/ 1033 - "اسمُ اللَّهِ الأعظمُ الذي إِذا دُعِيَ بهِ أجَابَ في هذه الآيةِ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} الآية". (طب) عن ابن عباس

قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: فيه جسر بن فرقد وهو ضعيف، وأقول: فيه أيضًا محمد بن زكريا الغلابى أورده الذهبى في الضعفاء وقال: وثقه ابن معين، وقال أحمد: ليس بقوى، والنسائى والطبرانى والدارقطنى: ضعيف، وأبو الجوزاء قال البخارى: فيه [نظر] , فتعصيب الهيثمى الجناية برأس "جسر" وحده لا يرتضى. قلت: بل الذي لا يرتضى هو عدم فهم الشارح لهذه الصناعة وخوضه فيها مع قلة الدراية، فالسند الذي ذكره هو سند الطبرانى في الكبير فإنه قال فيه [12/ 171، رقم 12792]: حدثنا محمد بن زكريا الغلابى حدثنا جعفر بن جسر بن فرقد حدثنا أبي عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس به. ومحمد بن زكريا الغلابى من الضعفاء المشاهير عند المبتدئين في هذا الفن، فكيف يخفى على الحافظ الهيثمى حتى لا يذكره؟ ولكنه عزا الحديث إلى الطبرانى في الأوسط لا الكبير، فبلا شك رواه الطبرانى في الأوسط من وجه آخر عن جسر بن فرقد، فانحصر الكلام فيه فلذلك اقتصر الهيثمى على ذكره. أما أبو الجوزاء فثقة مشهور من رجال الصحيحين والأربعة، وقول البخارى ذلك فيه هو بالنسبة لحديث واحد بل قيل: إنه قال ذلك من جهة عدم سماعه من صحابيه، وقيل: إنما قال ذلك من أجل الراوى عنه كما ذكره الحافظ في التهذيب. ثم إن ما نقله الشارح في محمد بن زكريا الغلابى من أن الذهبى قال: وثقه ابن معين، وقال أحمد: ليس بالقوى، والنسائى والطبرانى: ضعيف كل هذا باطل لا أصل له، ومحمد بن زكريا الغلابى أصغر من أن يذكره أحمد

وابن معين بجرح ولا عدالة؛ لأنه من شيوخ الطبرانى، فما أدرى من أين دخل هذا على الشارح؟ واسمع ما قاله الذهبى [3/ 550، رقم 7537]: محمد بن زكريا الغلابى البصرى الأخبارى أبو جعفر عن عبد اللَّه بن رجاء الغدانى وأبي الوليد والطبقة، وعنه أبو القاسم والطبرانى وطائفة، وهو ضعيف وقد ذكره ابن حبان في الثقات وقال: يعتبر بحديثه إذا روى عن ثقة، وقال ابن منده: تكلم فيه، وقال الدارقطنى: يضع الحديث، ثم أورد الذهبى خبرا من روايته ثم قال: هذا كذب من الغلابى اهـ. فكأن الشارح رأى ذلك في ترجمة غيره ثم نقلها بوهمه إلى الغلابى. 508/ 1034 - "اسمُ اللَّه الأعظمُ الذي إِذا دُعِيَ به أَجَابَ وإِذَا سُئِلَ به أَعْطَى دعوةُ يونسَ بنِ مَتَّى". ابن جرير عن سعد سكت عنه الشارح في الكبير، وقال في الصغير: إسناده ضعيف. قلت: قال ابن جرير: حدثنى عمران بن بكار الكلاعى ثنا يحيى بن صالح ثنا أبو يحيى بن عبد الرحمن حدثنى بشر بن منصور عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "اسم اللَّه الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى، قال: قلت: يا رسول اللَّه هي ليونس خاصة أم لجماعة المسملين؟ قال: هي ليونس ابن متى خاصة ولجماعة المؤمنين عامة إذا دعوا بها، ألم تسمع قول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} فهو شرط من اللَّه لمن دعاه به".

ورواه أحمد [1/ 170] والترمذى والنسائى في اليوم والليلة من حديثه بسياق آخر ولفظه عن سعد بن أبي وقاص: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر لنا أول دعوة ثم جاء أعرابي فشغله حتى قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فاتبعته فالتفتَ إليَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: من هذا أبو إسحاق؟ قلت: نعم، قال: فيه، قلت: لا واللَّه إلا أنك ذكرت لنا أول دعوة ثم جاء هذا الأعرابى فشغلك، قال: نعم، دعوة ذى النون إذ هو في بطن الحوت {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له". ورواه ابن أبي حاتم من حديثه أيضًا بلفظ: "من دعا بدعاء يونس استجيب له". 509/ 1037 - "اسْمح يُسْمَحُ لَك". (حم. طب. هب) عن ابن عباس قلت: أخرجه أيضًا الحارث بن أبي أسامة في مسنده والطبرانى في الصغير [2/ 281، رقم 1169] فيمن اسمه يحيى، وأبو الحسين بن النقور في فوائده، والبندهى في شرح المقامات من طريقه، والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 376، رقم 648] كلهم من طريق الوليد بن مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به. 510/ 1041 - "أَشْبَهُ مَنْ رأيتُ بجبريلَ دِحْيَةُ الكَلْبِيُّ". ابن سعد عن ابن شهاب قال الشارح: واسمه يحيى عن ابن شهاب. قال الشارح: كذا هو بخط المؤلف فما في نسخ شهاب لا أصل له وهو الزهرى.

قلت: الحديث أخرجه ابن سعد عن يعقوب [بن] إبراهيم بن سعد الزهرى عن أبيه عن ابن شهاب به. وقول الشارح: أن ابن سعد مخرج هذا الحديث اسمه يحيى غلط، بل اسمه محمد كما هو مشهور، وترجمته في تهذيب التهذيب لأنه من رجال أبي داود. 511/ 1043 - "اشتدَّ غَضَب اللَّهِ على الزُّنَاةِ". أبو سعيد الجرباذقانى في جزئه وأبو الشيخ في عواليه، (فر) عن أنس قلت: قال الديلمى: أخبرنا أبو زكريا بن منده أخبرنا أبو طاهر بن عبد الرحيم ثنا أبو محمد بن حيان ثنا أبو جعفر بن ماهان الحوال ثنا ابن مصفى ثنا بقية ثنا عباد بن كثير عن عمران القصير عن أنس به. 512/ 1045 - "اشتدَّ غضبُ اللَّهِ على مَنْ آذانى في عِتْرَتِى". (فر) عن أبي سعيد قلت: قال الديلمى: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا عمر بن أحمد بن عمر القاضى ثنا على ابن إسحاق البجلى ثنا الدقيقى ثنا بشر بن الهذيل الكوفى حدثنى أبو إسرائيل عن عطية عن أبي سعيد به. 513/ 1046 - "اشتدَّ غضبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ ظَلَمَ مَنْ لا يجدُ ناصرًا غيرَ اللَّهِ". (فر) عن على

قلت: أخرجه الطبرانى في الكبير قال: حدثنا أحمد بن محمد النخعى الكوفى ثنا مسعر بن الحجاج النهدى ثنا شريك عن أبي إسحاق عن الحارث عن على عليه السلام به. وأخرجه ابن حمويه في جزئه مرفوعًا إلى اللَّه تعالى فقال: حدثنا أبو الحسين محمد بن محمد بن بكر الهزانى ثنا ابن مقبل ثنا أحمد بن محمد بن الحسن النخعى هو شيخ الطبرانى به، لكنه قال في اسم والد شيخه مسعر بن يحيى بن الحجاج وقال في المتن: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: "اشتد غضبى على من ظلم من لا يجد ناصرا غيرى". ورواه الطوسى في الرابع عشر من أماليه عن ابن حمويه به. 514/ 1047 - "اشْتَدِّى أَزْمَةُ تَنْفَرِجِى". القضاعى (فر) عن على قال الشارح: وفيه نكارة وضعف. قلت: بل هو موضوع انفرد به الحسين بن عبد اللَّه بن ضميرة وهو كذاب. كذلك أخرجه القضاعى [1/ 436، رقم 748] وأبو أحمد العسكري كلاهما من رواية أمية بن خالد عن حسين بن عبد اللَّه بن ضميرة عن أبيه عن جده عن على، ومن طريق العسكري رواه الديلمى في مسند الفردوس [1/ 516، رقم 1736].

515/ 1049 - " أشدُّ الناسِ عذابًا للناسِ في الدنيا أشدُّ الناسِ عذابا عند اللَّهِ يومَ القِيَامَةِ". (حم. هب) عن خالد بن الوليد (ك) عن عياض بن غنم وهشام بن حكيم قال الشارح: وإسناده كما قال العراقى: صحيح. قلت: إنما الصحيح سند حديث خالد بن الوليد لا حديث عياض بن غنم، فإنه من رواية إسحاق بن إبراهيم بن العلاء وهو متروك، بل كذبه بعض أهل بلده، وقد رواه بقصة تشبه قصة حديث خالد وذلك مما يؤكد ضعفه لبعد اتفاق القصتين ورواية الحديث عند كل منهما واللَّه أعلم. قال الحاكم [3/ 290]: أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد اللَّه البغدادى ثنا أبو على الحافظ ثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زريق الحمصى ثنا أبي ثنا عمرو بن الحارث عن عبد اللَّه بن سالم عن الزبيدى ثنا الفضل بن فضالة يرده إلى عائذ يرده عائذ إلى جبير بن نفير أن عياض بن غنم الأشعرى وقع على صاحب داريا يعنى جلده حين فتحت، فأتاه هشام بن حكيم فأغلظ له القول، ومكث هشام ليالى فأتاه هشام معتذرا فقال لعياض: ألم تعلم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن أشد الناس عذابا يوم القيامة أشد الناس عذابا للناس في الدنيا" فقال له عياض: يا هشام إنا قد سمعنا الذي سمعت ورأينا الذي قد رأيت وصحبنا من صحبت، ألم تسمع يا هشام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من كانت عنده نصيحة لذى سلطان فلا يكلمه بها علانية وليأخذ بيده وليخل به، فإن قبلها قبلها وإلا كان قد أدى الذي عليه والذي له"، وإنك يا هشام لأنت المجترئ على سلطان اللَّه فهلا خشيت أن يقتلك سلطان اللَّه؟

قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبى بأن ابن زريق واه. ورواه أيضًا البيهقى في السنن [8/ 164] عن أبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد اللَّه الحزمى: ثنا حمزة بن محمد بن العباس ثنا محمد بن إسماعيل ثنا إسحاق بن إبراهيم ابن العلاء، ثم حول السند وأسنده عن الحاكم بسنده السابق. وهذه القصة شبيهة بالواقعة في حديث خالد، قال أحمد [4/ 90]: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن أبي نجيح عن خالد بن حكيم بن حزام قال: تناول أبو عبيدة رجلًا بشيء فنهاه خالد بن الوليد، فقال: أغضبت الأمير، فأتاه فقال: إنى لم أرد أن أغضبك ولكنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن أشد الناس عذابا يوم القيامة أشد الناس عذابا للناس في الدنيا". وبهذا يعلم أن الواجب على المصنف حسب اصطلاحه أن يؤخر ذكر هذا الحديث إلى حرف "إن" فإنه مصدر بها عند جميع من عزاه إليه بها اللهم إلا أن يكون وقع كما هنا في شعب الإيمان. 516/ 1050 - "أشدُّ النَّاسِ يومَ القيامةِ عذابًا إمامٌ جائِرٌ". (ع. طس. حل) عن أبي سعيد قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه ولم يصححه؛ وإن فيه محمد بن جحادة، قال الذهبى في الضعفاء: كان يغلو في التشيع، وقال الهيثمى بعد ما عزاه للطبرانى: فيه عطية وهو متروك، وقد ورد بسند صحيح بأتم من

هذا، فروى أحمد والبزار من حديث ابن مسعود موقوفا: "أشد الناس عذابا يوم القيامة من قتل نبيا أو قتله نبي وإمام جائر"، قال زين الحفاظ العراقى في شرح الترمذى: إسناده صحيح، فلو آثر المؤلف هذه الرواية كان أولى. قلت: في هذا جملة أوهام، الأول: أن محمد بن جحادة ثقة مجمع عليه من رجال الصحيحين وكان عابدا ناسكا بارا تقيا لم تحم تهمة الضعف حوله أصلًا، ولم يتكلم فيه أحد بكلمة، والذهبى إنما أورده لما قيل فيه من التشيع، وهو لا يترك شيعيا إلا أورده في الضعفاء, فذكر مثل هذا في السند وتعليل الحديث به من جهل الشارح بالصناعة الحديثية. الثاني: أن الهيثمى لم يقل في عطية العوفى: إنه متروك، ولا يتصور أن يقول ذلك إذ لم يقل فيه أحد أنه متروك، بل قال: رواه أبو يعلى والطبرانى في الكبير والأوسط وفيه عطية وهو ضعيف اهـ. لأن عطية ضعفه خفيف، بل يحسن له بعض الحفاظ وأكثر ما عيب عليه التدليس. الثالث: قوله: ورد بسند صحيح بأتم من هذا موقوفا إن لم يكن قوله موقوفا تحريفا من الكاتب وإلا فهو وهم عجيب، فإن أحمد لا يخرج الموقف وكذلك البزار والمصنف لا يذكره أيضًا، ولكن الغالب على الظن أنه تحريف من النساخ واللَّه أعلم. والحديث رواه أبو نعيم [10/ 114] عن الطبرانى: ثنا محمد بن عبدوس بن كامل ثنا سريج بن يونس ثنا أبو حفص الأبار عن محمد بن جحادة عن عطية عن أبي سعيد به.

517/ 1051 - "أَشَدُّ النَّاسِ عذابًا يومَ القيامةِ مَنْ يَرَى النَّاسَ أنَّ فيهِ خيرًا وَلَا خيرَ فِيهِ". أبو عبد الرحمن السلمى في الأربعين (فر) عن ابن عمر قلت: الديلمى أخرجه من طريق أبي عبد الرحمن السلمى وهو الحديث الحادى عشر في الأربعين له، قال أبو عبد الرحمن: ثنا أبو عمرو محمد بن محمد الرازى ثنا على بن سعيد العسكري ثنا عباد بن الوليد عن أبي شيبان كثير بن شيبان عن الربيع بن بدر عن راشد أبي محمد عن ابن عمر به، والربيع بن بدر ضعيف. 518/ 1053 - "أشدُّ الناسِ عذابًا يومَ القيامة عَالمٌ لَمْ يَنْفَعه اللَّه بِعِلْمِهِ". (طص. محمد. هب) عن أبي هريرة قلت: رواه أيضًا ابن وهب في جامعه، ومن طريقه الخطب في الكفاية وابن عبد البر في العلم، ورواه أيضًا الآجري في العلم، والدينورى في الأول من المجالسة، ومن طريقه القضاعى في مسند الشهاب كلهم من طريق عثمان ابن مقسم البرى عن المقبرى عن أبي هريرة به. وقال ابن عبد البر: هذا الحديث انفرد به عثمان البرى لم يرفعه غيره وهو ضعيف الحديث معتزلى المذهب ليس حديثه بشيء. 519/ 1054 - "أَشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ ثُمَّ الأمْثَلُ فالأمثلُ، يُبْتَلى الرجلُ على حَسَبِ دينه، فإنْ كانَ في دينه صَلْبًا اشتدَّ بلاؤُه، وإنْ كانَ في دينِه رِقَّةٌ ابتُلَى عَلَى قَدْرِ دينه، فَمَا يبرحُ البلاءُ بالعبدِ حتَّى يتركُه يمشى على الأَرْضِ وما عليه خَطِيئَةٌ". (حم. خ. ت. هـ) عن سعد

قال الشارح في الكبير: وعزوه إلى البخارى تبع فيه ابن حجر في ترتيب الفردوس، قيل: ولم يوجد فيه. قلت: ليس هو في صحيح البخارى، وقد استدركه الحاكم [3/ 243] فأخرجه من طريق مصعب بن سعد عن أبيه وقال: صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أيضًا ابن سعد في الطبقات [2/ 2، ص 13] في باب ذكر شدة المرض على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والبغوي في التفسير في سورة البقرة عند قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 155، 156] والطحاوي في مشكل الآثار (¬1) في باب عقده للكلام على هذا الحديث (ص 61 من الجزء الثالث)، وأبو نعيم في الحلية في ترجمة سعد بن أبي وقاص الثانية في أهل الصفة من طريق أبي داود الطيالسي وهو في مسنده [ص 29، رقم 215] وآخرون. 520/ 1057 - "أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ ثم الصالحُونَ، لَقَدْ كانَ أحدُهم يُبْتَلى بالفقرِ حتّى ما يجدُ إلَّا العَبَاءَ يجوبُها فَيَلْبَسُهَا، ويُبْتَلى بالقَمْلِ حتّى يقتلهُ، وَلأَحَدُهم كانَ أشدَّ فرحًا بالبلاءِ مِنْ أحَدِكم بالعَطَاءِ". (هـ. ع. ك) عن أبي سعيد قلت: أخرجه أيضًا ابن سعد في الطبقات [2/ 2 ص 12] , والبخارى في الأدب المفرد [ص 178، رقم 510] , والحكيم الترمذى في نوادر الأصول [2/ 132] في الأصل المائتين (¬2)، والطبرانى وعنه أبو نعيم في الحلية في ترجمة أبي سعيد، ورواه أحمد في الزهد [ص 549، رقم 2359] ¬

_ (¬1) انظر (5/ 454، رقم 2202، 2203). (¬2) هو في الأصل الثامن والتسعين والمائة من المطبوع.

من حديث عمر بن الخطاب. 521/ 1058 - "أشدُّ النَّاسِ حسرةً يومَ القيامةِ رجلٌ أمْكَنَه طَلَبُ العِلْمِ في الدنيا فَلَمْ يَطْلُبُه، ورجلٌ عَلِمَ علمًا فانتفَعَ به مَنْ سَمِعَهُ دُونَه". ابن عساكر عن أنس قلت: هذا الحديث أورده المؤلف في ذيل الموضوعات من عند ابن عساكر وجزم بأنه موضوع فيلام على ذكره هنا. ثم إنه عند ابن عساكر من رواية عكرمة عن ابن عباس لا من حديث أنس، فذكره هنا سبق قلم من المصنف. 522/ 1062 - "أَشَدُّكم مَنْ غَلَبَ نَفْسَه عنْدَ الغَضَبِ وَأَحْلَمكُم مَنْ عَفَا بعد القُدْرة". ابن أبي الدنيا في ذم الغضب عن على قلت: أخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس [1/ 272، رقم 849] قال: أخبرنا أبي أخبرنا أبو طالب العلوى أخبرنا على بن عبد الملك بن شبانة الأصبهانى أخبرنا أبو أحمد العسكري ثنا بدر بن الهيثم ثنا محمد بن عبيد بن عتبة أخبرنا إسماعيل بن أبيان ثنا إسماعيل بن صبح الواسطى ثنا زيد بن على عن أبيه عن جده على بن أبي طالب: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مر على قوم ينقلون حجرا، فقال: ما هذا؟ قالوا: حجر الأشداء، قال: إن أشدكم أملككم لنفسه عند الغضب، وأحلمكم من عفا بعد القدرة". وورد من حديث أنس بهذا السبب أيضًا أخرجه الطبرانى في مكارم الأخلاق

[ص 325، رقم 37] , وسأذكر سنده عند ذكر المصنف إياه في حرف: "ألا أدلكم". 523/ 1063 - "أَشْرَاف أُمَّتِى حملةُ القرآنِ وأَصْحَابُ اللَّيلِ". (طب. هب) عن ابن عباس قلت: قال البيهقى في الشعب [2/ 556، رقم 2703]: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمى وأبو الحسن محمد بن القاسم الفارسى إملاء قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن قريش ثنا الحسن بن سفيان ثنا أبو إبراهيم الترجمانى ثنا سعد بن سعيد الجرجانى أخبرنا نهشل بن عبد اللَّه عن الضحاك عن ابن عباس به. ورواه أيضًا ابن شاهين قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز البغوى ثنا أبو إبراهيم الترجمانى به. ورواه أبو بكر الإسماعيلى قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن حمدون العكبرى ثنا أبو إبراهيم الترجمانى به. ورواه الخطيب [4/ 124] عن أبي بكر البرقانى عن الإسماعيلى به. ورواه ابن الجزرى في أول "النشر" من طريق أبي بكر أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل العجلى: ثنى عمر بن أيوب السقطى ثنا أبو إبراهيم الترجمانى -يعنى إسماعيل بن إبراهيم-؛كانا سعد بن سعيد الجرجانى -وكنا نعده من الأبدال- عن نهشل به، ثم قال: نهشل ضعيف. وقد رواه الطبرانى في المعجم الكبير [12/ 125، رقم 12612] من حديث الجرجانى هذا عن كامل أبي عبد اللَّه الراسبى عن الضحاك به، ولم يذكر

نهشلا في إسناده، والصواب ذكره اهـ. قلت: ونهشل وإن كان ساقطا هالكا إلا أن هذا الحديث ذكروه في ترجمة الراوى عنه، فقال البخارى: لا يصح حديثه: "أشراف أمتي حملة القرآن" فاللَّه أعلم. 524/ 1064 - "أَشْرِبُوا أَعْيُنكُمْ مِنَ الماءِ عند الوضوءِ ولا تنفُضُوا أيديِكُم فإِنها مراوِحُ الشيطانِ". (ع. عد) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: هو من رواية البخترى بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة، والبخترى ضعفه أبو حاتم وتركه غيره، وقال ابن على: روى عن أبيه قدر عشرين حديثا عامتها مناكير هذا منها اهـ. ومن ثم قال العراقى: سنده ضعيف، وقال النووى كابن الصلاح: لم نجد له أصلًا. قلت: رواه الطبرانى من وجه آخر عن أبي هريرة فقال: ثنا المقدام بن داود ثنا أسد بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الحسن بن بحشل حدثنى أبو بكر محمد بن على بن جابر ثنا أبو الحسن بن حجر العسقلانى ثنا عبد اللَّه بن محمد الطابخى عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا توضأتم فاشربوا أعينكم الماء من الوضوء ولا تنفضوا أيديكم فإنها مراوح الشيطان". ورواه الديلمى في مسند الفردوس [1/ 328، رقم 1035] عن الحداد عن أبي نعيم عن الطبرانى.

525/ 1065 - "أَشْرَفُ المجالسِ مَا استُقْبِلَ به القبلَةُ". (طب) عن ابن عباس قال الشارح: وسنده ضعيف. قلت: هذا قطعة من حديث طويل سيأتى في حديث: "إن لكل شيء شرفا" وقد ذكر الشارح هناك أن سنده واه بل قيل: موضوع، وسنذكر مخرجيه ولفظه في الحديث المذكور إن شاء اللَّه تعالى، وانظر أيضا "أكرم المجالس". 526/ 1066 - "أشرفُ الإيمانِ أنْ يَأْمَنَكَ الناسُ، وأشرف الإِسلامِ أن يَسْلَمَ الناسُ مِنْ لسَانك ويدِك، وأشرفُ الهِجْرَةِ أن تَهْجُر السيئاتِ، وأشرفُ الجهَادِ أَنْ تقتَل ويُعْقَرَ فَرَسُكَ". (طص) عن ابن عمر، ورواه ابن النجار [في تاريخه] (¬1) وزاد: "وأشرف الزهد أن يسكن قلبك على ما رزقت، وإن أشرف ما تسأل من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ العافية في الدين والدنيا". قال الشارح في الكبير: قال الطبرانى: تفرد به منبه عن أنس قال: وفيه صدقة بن عبد اللَّه السمين، قاله أحمد والبخارى: ضعيف جدًا، عن الوضين ابن عطاء، قال أبو حاتم: تعرف وتنكر. قلت: الحديث ليس في سنده راو اسمه أنس، ولا قال الطبرانى: تفرد به منبه عن أنس، بل قال [1/ 29، رقم 10]: حدثنا أحمد بن عبد القاهر بن العنبرى اللخمى الدمشقى ثنا منبه بن عثمان ثنا صدقة بن عبد اللَّه ثنا الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين من الجامع الصغير.

عبد الرحمن بن عابد الأزدى عن ابن عمر به. ثم قال: لم يروه عن الوضين إلا صدقة تفرد به منبه بن عثمان. 527/ 1068 - "أشْفعِ الأَذَانَ وأوترِ الإِقَامَةَ". (خط) عن أنس، (قط) في الأفراد عن جابر قال الشارح: وهو حسن. قلت: يمكن أن يكون ذلك بالنسبة لحديث جابر فإنى لم أقف على سنده، أما حديث أنس فلا، فإن متنه شاذ منكر مخالف للفظ الذي اتفق عليه الحفاظ الأثبات من أصحاب حماد، ومن أصحاب خالد الحذاء، ومن أصحاب أبي قلابة، فإن الخطيب رواه [4/ 434] من طريق المعافى بن زكريا الجريرى: ثنا أحمد بن محمد بن الحسين السحيمى ثنا أحمد بن عبد الرحيم الحوطى ثنا يحيى بن يزيد الخواص ثنا حماد عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس به. فحماد المذكور في السند سواء كان ابن زيد أو ابن سلمة فإن أصحابهما روياه عنهما معا بهذا السند عن أنس، قال: "أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة"، كذلك رواه سليمان بن حرب وحجاج بن المنهال وخلف بن هشام وعلى بن المدينى عن حماد بن زيد. فرواية سليمان بن حرب عند الطحاوى (¬1) والدارقطنى. ورواية حجاج عند الطحاوى (1). ورواية خلف بن هشام عند مسلم [1/ 286، رقم 378/ 2] والبيهقى. ورواية ابن المدينى عند الخطيب [10/ 123] في ترجمة عبد اللَّه بن محمد النبيل. ¬

_ (¬1) أخرجه في شرح المعانى (1/ 132) بالطرق المذكورة.

وكذلك رواه حجاج بن المنهال أيضًا [1/ 132] ومحمد بن سنان العوفى [1/ 133] عن حماد بن سلمة وروايتهما عند الطحاوى أيضًا. وهكذا رواه سائر أصحاب خالد الحذاء كهشيم وشعبة وسفيان ومحمد بن دينار الطاحى وإسماعيل بن على وعبد الوهاب بن عطاء وعبد الوارث ووهيب وعبد الوهاب الثقفى وروح بن عطاء بن أبي ميمونة ومعتمر بن سليمان وعمر ابن على ويزيد بن زريع وآخرون. فرواية هشيم عند ابن الجارود والطحاوى [1/ 132] والدارقطنى. ورواية شعبة عند الطيالسي والدارمى [1/ 290، رقم 1194] والطحاوى [1/ 132]. ورواية سفيان عند الدارمى والطحاوى [1/ 132]. ورواية محمد بن دينار عند الطحاوى [1/ 132] أيضًا. ورواية إسماعيل بن عليه عند أحمد [3/ 189] والبخارى [1/ 158، رقم 607] ومسلم [1/ 286، رقم 378/ 2] وأبي داود [1/ 141، رقم 509] والطحاوى [1/ 133] والدارقطنى والبيهقى [1/ 412]. ورواية عبد الوهاب بن عطاء عند البيهقى [1/ 412]. ورواية عبد الوارث عند البخارى [1/ 157، رقم 603] والبيهقى [1/ 412]. ورواية وهيب عند مسلم [1/ 286، رقم 378/ 4] والبيهقى [1/ 412]. ورواية عبد الوهاب الثقفى عند البخارى [1/ 157، رقم 606] ومسلم [(2/ 286)، (3/ 378)] والبيهقى [1/ 413].

ورواية روح بن عطاء عند البيهقى [1/ 390]. ورواية معتمر بن سليمان وعمر بن على كلاهما عند ابن ماجه [1/ 241، رقم 729 و 730]. ورواية يزيد بن زريع عند الترمذى [1/ 369، رقم 193] وهكذا رواه أيوب عن أبي قلابة أيضًا، وروايته في المسند [3/ 103] والصحيحين (¬1) وغيرهما، إلا أن أصحاب أيوب اختلفوا عنه فذكره بعضهم عنه بلفظ: "إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بلالًا"، والباقون كرواية الجماعة ببناء الفعل لما لم يسم فاعله كما سأذكره. وكذلك رواه قتادة عن أنس كما خرجه الطبرانى في الصغير [2/ 227، رقم 1073] فيمن اسمه موسى من شيوخه. وكذلك رواه الزهرى عن أنس فيما ذكره ابن أبي حاتم في العلل، إلا أن أبا زرعة أنكر هذا الطريق، والمقصود أن روايته مرفوعًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من قوله غريب شاذ بمرة، لا سيما من رواية خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس، فإن أصحابه كما ترى اتفقوا على روايته من قول أنس: "أمر بلال" بالبناء للمجهول، إلا أن يحيى بن معين رواه عن عبد الوهاب الثقفى عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس: "إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بلالًا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة"، استدركه الحاكم بسبب التصريح الواقع فيه، وقال: هذا حديث أسنده إمام أهل الحديث ومزكى الرواة بلا مدافعة، قال: وقد تابعه عليه الثقة المأمون قتيبة بن سعيد ثم أسنده من طريقه عن عبد الوهاب الثقفى مثله، وكذلك أخرجه النسائى [2/ 3] عن قتيبة مثله مع [أن] الحديث في صحيح ¬

_ (¬1) البخارى (1/ 157، رقم 605، ومسلم (1/ 286، رقم 378/ 5).

البخارى [1/ 157، رقم 606] من رواية محمد بن سلام، وفي صحيح مسلم [1/ 286، رقم 3/ 378] من رواية إسحاق بن راهويه كلاهما عن عبد الوهاب الثقفى بلفظ الجماعة: "أمر بلال" بالبناء للمجهول. قال الحافظ في الفتح [2/ 80]: وقد وقع في رواية روح بن عطاء عند أبي الشيخ: "فأمر بلالًا" بالنصب، وفاعل (أمر) هو النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو بين في سياقه، وأصرح من ذلك رواية النسائى وغيره عن قتيبة عن عبد الوهاب بلفظ: "إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بلالًا"، قال الحاكم: صرح برفعه إمام الحديث بلا مدافعة قتيبة. قلت: وهم الحافظ في هذا النقل عن الحاكم كما يعرف مما نقلناه عنه. ثم قال الحافظ: ولم ينفرد قتيبة به فقد أخرجه أبو عوانة من طريق مروان المروزى عن قتيبة ويحيى بن معين كلاهما عن عبد الوهاب، وطريق يحيى عند الدارقطنى أيضًا. قلت: وغفل عن كونها في مستدرك الحاكم مع أنه نقل كلام الحاكم عليها، إلا أنه نسبه إلى قوله في رواية قتيبة. قال الحافظ: ولم ينفرد به عبد الوهاب فقد رواه البلاذرى من طريق ابن شهاب الحفاظ عن أبي قلابة. قلت: وغفل الحافظ عن متابعة خالد الحذاء عن أبي قلابة، كذلك في رواية الحسن بن حماد بن كسيب الحضرمى عن ابن عليه عن خالد الحذاء به مثله، أخرجه الدارقطنى عن عبد الباقى بن قانع: ثنا أحمد بن لحاد بن سفيان ثنا الحسن بن حماد بن كسيب الحضرمى به، لكنه سند ضعيف لا يعتمد عليه.

528/ 1069 - "اشفَعُوا تُؤْجَرُوا". ابن عساكر عن معاوية قال الشارح: وإسناده ضعيف لكن شواهده كثيرة. وقال في الكبير: رواه عنه أيضًا الخرائطى وغيره، بإسناده ضعيف لكن يجبره الحديث الآتى بعده. قلت: في هذا مؤاخذة على المصنف والشارح، أما المصنف ففي عزوه الحديث إلى ابن عساكر مع كونه في سنن أبي داود والنسائى، قال أبو داود [4/ 334، رقم 5132]: حدثنا أحمد بن صالح وأحمد بن عمرو بن السرج قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن وهب بن منبه عن أخيه عن معاوية قال: اشفعوا تؤجروا فإنى لأريد الأمر فأؤخره كيما تشفعوا فتؤجروا، فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اشفعوا تؤجروا". وقال النسائى [5/ 78]: أخبرنا هارون بن سعيد أنبأنا سفيان به، إلا أنه جعل جميعه مرفوعا فقال: عن معاوية: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن الرجل ليسألنى الشيء فأمنعه حتى تشفعوا فيه فتؤجروا"، وإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اشفعوا تؤجروا". وهذا هو عند أبي داود في رواية أخرى. وأما الشارح فمن وجهين: أحدهما: استدراكه على المصنف عزو الحديث إلى الخرائطى مع كونه في السنن. وثانيهما: زعمه أن الحديث ضعيف مع أنه صحيح على شرط الشيخين، فإن قيل: لعله يقصد سند ابن عساكر، قلت: إنه لم يقف على سند ابن عساكر.

وقد عزاه إلى الخرائطى في مكارم الأخلاق وسنده عنده أيضًا على شرط الصحيح فإنه قال [2/ 667، رقم 716]: حدثنا نصر بن داود الصاغانى ثنا أحمد بن عيسى المصرى ثنا عبد اللَّه بن وهب عن سفيان بن عيينة به. 529/ 1071 - "أَشْقَى الأشقياءِ من اجتمَعَ عليه فقرُ الدنيا وعذابُ الآخرةِ". (طس) عن أبي سعيد قال الشارح: وهو حسن لا صحيح خلافًا للمؤلف ولا ضعيف خلافًا لبعضهم. وقال في الكبير: قال الهيثمى: رواه الطبرانى بإسنادين في أحدهما خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، وثقه أبو زرعة وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات، وفي الآخر أحمد بن طاهر بن حرملة وهو كذاب، وعن العجب العجاب أنه رمز لصحته. قلت: الحديث رواه الحاكم في المستدرك [4/ 322] من طريق خالد بن يزيد المذكور ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبى، ونقله الشارح نفسه في الكلام على هذا الحديث في الرواية الآتية مفتتحة بـ "اللهم أحينى مسكينا وأمتنى مسكينا"، وزاد أن الضياء صححه أيضًا، فهؤلاء هم سلف المؤلف في تصحيحه, والشارح لعله لم يطلع على ذلك حال كتابته هذا الحديث ثم نسى ما كتب هنا حال كتابته على ذلك أيضًا فاضطرب وتناقض، وسيأتى الكلام على الحديث هناك.

530/ 1073 - "أَشْكَرُ الناسِ للَّه أشْكَرُهم للنَّاسِ". (حم. طب. هب) والضياء عن الأشعث بن قيس (طب. هب) عن أسامة بن زيد، (عد) عن ابن مسعود قال الشارح في الكبير في حديث الأشعث بن قيس: فيه محمد بن طلحة، قال الذهبى في الضعفاء: مختلف فيه، وقال النسائى: ليس بقوى، وعبد اللَّه بن شريك وفيه خلف، وفي حديث أسامة بن زيد: أبو نعيم أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ضعفه الدارقطنى وغيره، وبه أعل الهيثمى خبر الطبرانى. قلت: حديث الأشعث بن قيس رواه أيضًا أبو داود الطيالسى في مسنده [1/ 141، رقم 1048] والبيهقى في السنن من طريقه [6/ 182] , والقضاعى في مسند الشهاب (¬1) وغيرهم كلهم من طريق محمد بن طلحة عن عبد اللَّه بن شريك العامرى عن عبد الرحمن بن على الكندى عن الأشعث بن قيس. وهذا الطريق وإن كان ضعيفا كما بينه الشارح إلا أن أحمد رواه من وجه آخر رجاله ثقات فقال [5/ 211]: حدثنا وكيع عن سفيان عن سلم بن عبد الرحمن عن زياد بن كليب عن الأشعث به بلفظ: "لا يشكر اللَّه من لا يشكر الناس". وحديث أسامة بن زيد أخرجه الدولابى في الكنى في موضعين منها [(1/ 71)، (1/ 200)] قال: حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقى ثنا أبو الجهم الأزرق بن على ثنا حسان بن ¬

_ (¬1) أخرجه (2/ 113، 114، رقم 996، 997، 998) بلفظ "إن أشكر الناس للَّه. . . " الحديث.

إبراهيم ثنا عبد المنعم بن نعيم أبو سعيد حدثنا الجريرى عن أبي عثمان النهدى عن أسامة بن زيد به. وليس فيه أبو نعيم كما يقول الشارح وإنما فيه عبد المنعم بن نعيم وهو ضعيف، وكأنه كتب وفيه ابن نعيم فتحرف بأبى نعيم، وذلك من أباطيل الشارح وتسويده الورق بلا فائدة إذ ذِكرُ الراوى باسم أبيه دون اسمه إذا لم يكن مشهورا بذلك كابن شهاب لا يجدى نفعا ولا يفيد تمييزا أصلًا. وفي الباب عن أبي هريرة وابن عمر وعائشة ومحمد بن مسلمة وأبي سعيد الخدرى والنعمان بن بشير وأسامة بن عمير وعبد اللَّه بن عباس، وقد ذكرتها بأسانيدها وطرقها في مستخرجى على مسند الشهاب وسيأتى عند المصنف بعضها. 531/ 1074 - "أَشْهَدُ باللَّه وأشهدُ للَّه لَقَدْ قَالَ لي جبريلُ: يا محمّدُ إنَّ مدمنَ الخمرِ كعابدِ وَثَنٍ". الشيرازى في الألقاب، وأبو نعيم في مسلسلاته وقال: صحيح ثابت عن على قلت: قال أبو نعيم في الحلية [4/ 203]: أشهد باللَّه وأشهد للَّه لقد حدثنى القاضى أبو الحسن على بن محمد بن على ابن محمد القزوينى ببغداد قال: أشهد باللَّه وأشهد للَّه لقد حدثنى محمد ابن أحمد بن عبد اللَّه بن قضاعة قال: أشهد باللَّه وأشهد للَّه لقد حدثنى القاسم ابن العلاء الهمدانى قال: أشهد باللَّه وأشهد للَّه لقد حدثنى الحسن بن محمد ابن على الرضى قال: أشهد باللَّه وأشهد للَّه لقد حدثنى أبي محمد بن على قال: أشهد باللَّه وأشهد للَّه لقد حدثنى أبي موسى بن جعفر قال: أشهد باللَّه وأشهد للَّه لقد حدثنى أبي جعفر بن محمد قال: أشهد باللَّه وللَّه لقد

حدثنى أبي محمد بن على قال: أشهد باللَّه وللَّه لقد حدثنى أبي على بن الحسين قال: أشهد باللَّه وأشهد للَّه لقد حدثنى أبي الحسين بن على قال: أشهد باللَّه وأشهد للَّه لقد حدثنى أبي على بن أبي طالب قال: أشهد باللَّه وأشهد للَّه لقد حدثنى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أشهد باللَّه وأشهد للَّه لقد قال لي جبريل عليه السلام: يا محمد إن مدمن الخمر كعابد وثن". قلت: وقد رويناه من طريق أبي نعيم مسلسلا كما هنا وسمعناه بشرطه من أبي عبد اللَّه محمد بن جعفر بن إدريس ومن أبي محمد توفيق الأيوبى الأنصارى بدمشق ومن أبي النصر محمد بن أبي محمد القاوقجى بمصر ومن أبي حفص عمر بن أبي عمر العطار بالحجاز، فالأول والثانى والرابع في سماعى عليهم مسلسلات عقيلة، والثالث في سماعى عليه مسلسلات والده أبي المجالس القاوقجى. وقال أبو نعيم: هذا حديث صحيح ثابت روته العترة الطيبة ولم نكتبه على هذا الشرط بالشهادة باللَّه وللَّه إلا عن هذا الشيخ، وروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من غير طريق. قلت: منها حديث ابن عباس عند أحمد في المسند [1/ 272]: حدثنا أسود بن عامر ثنا الحسن بن صالح عن محمد بن المنكدر قال: حدثت عن ابن عباس أنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مدمن الخمر إن مات لقى اللَّه كعابد وثن". ورواه الطبرانى [12/ 45، رقم 12428] وأبو نعيم، في الحلية [9/ 253] من رواية حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بلفظ: "من مات وهو مدمن خمر" وسيأتى في حرف "من". ومنها حديث عبد اللَّه بن عمرو عند الحاكم وقد أخرجه أيضًا البندهى من

طريق سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن عبد اللَّه ابن عمرو مرفوعًا: "مدمن خمر كعابد وثن". ورواه البخارى في التاريخ الكبير [1/ 129، رقم 386] في ترجمة محمد بن عبد اللَّه فقال: قال لنا إسماعيل: حدثنى أخى عن سليمان عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن عبد اللَّه عن أبيه قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مدمن خمر كعابد وثن". قلت: ومحمد بن عبد اللَّه هو ابن عمرو بن العاص. ثم رواه البخارى [1/ 129، رقم 386] من حديث أبي هريرة فقال: قال فروة: حدثنا محمد بن سليمان عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله، قال: ولا يصح حديث أبي هريرة في هذا. 532/ 1080 - "أَصْحَابُ البِدَعِ كلابُ أَهْلِ النَّارِ". أبو حاتم الخزاعى في جزئه عن أبي أمامة قلت: هذا الحديث تصرف الراوى في لفظه فرواه بالمعنى وأخطأ في تصرفه إذ أتى بلفظ أعم من الوارد في حديث أبي أمامة، المعروف في هذا إنما هو بلفظ: "الخوارج كلاب أهل النار". كذلك رواه أحمد [5/ 250] وابن ماجه [1/ 62، رقم 176] والحاكم [2/ 149] وصححه، وأبو نعيم في التاريخ [2/ 324] وآخرون. 533/ 1081 - "أصدقُ كلمة قَالَها الشاعرُ كلمةُ لَبِيدٍ: أَلَا كُلُّ شيءٍ مَا خَلا اللَّه باطِلُ". (ق. هـ) عن أبي هريرة قال الشارح: زاد مسلم في رواية: "وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم".

قلت: هذه الزيادة لم ينفرد بها مسلم (¬1) بل زادها أيضًا البخارى في باب: أيام الجاهلية من صحيحه [8/ 43، رقم 6147] فقال: حدثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن عبد الملك عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا اللَّه باطل، وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم". ورواه أيضًا في التاريخ الكبير [7/ 249، رقم 1094] في ترجمة لبيد بالزيادة المذكورة. ورواه بها آخرون منهم أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 270] من طريق زائدة ابن قدامة عن عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن أصدق كلمة قالتها العرب كلمة لبيد، وكاد أمية أن يسلم"، خرجه في ترجمة الحسن بن سعيد السنبلاتى. 534/ 1082 - "أصدقُ الحديثِ ما عُطِسَ عِنْدَه". (طس) عن أنس قال الشارح في الكبير: وكذا رواه أبو يعلى والحكيم الترمذى عن أنس، وقد رمز المصنف لحسنه، لكنه قال في النكت البديعات: إنه لين، وقال الهيثمى: رواه -يعنى الطبرانى- عن شيخه جعفر بن محمد بن ماجد ولم أعرفه، وعمارة بن زاذان وثقه أبو زرعة وجماعة وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات اهـ. وفي فتاوى النووى أن له أصلًا أصيلا. قلت: عزو الشارح لهذا الحديث إلى أبي يعلى والحكيم الترمذى غلط، فإنهما أخرجاه من حديث أبي هريرة لا من حديث أنس وبلفظ: "من حدث ¬

_ (¬1) رواه مسلم (4/ 1768، رقم 2256/ 3).

حديثا فعطس عنده فهو حق" (¬1)، كذلك أخرجه الحكيم في النوادر [2/ 151] في الأصل التاسع والمائتين (¬2) وسيذكره المصنف في حرف "الميم" ونذكر إسناده والكلام عليه هناك إن شاء اللَّه تعالى. أما هذا فقال الطبرانى: حدثنا جعفر بن محمد بن ماجد ثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن مروان بن شجاع الحرانى ثنا الخضر بن محمد بن شجاع ثنا عفيف بن سالم عن عمارة ابن زاذان عن ثابت عن أنس به. وقد ذكر الحكيم الترمذى في الأصل المذكور آثارا في هذا الباب، ونقلها مع كثير غيرها الحافظ السيوطى في اللآلئ المصنوعة (ص 154 من الجزء الثاني من الطبعة الأولى). 535/ 1087 - "أَصْلُ كُلِّ داءٍ البَرَدَةُ". (قط) في العلل عن أنس، ابن السنى وأبو نعيم في الطب عن على وعن أبي سعيد، وعن الزهرى مرسلًا قال الشارح في الكبير على حديث أنس: وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الدارقطنى خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه، بل تعقبه بتضعيفه كما حكاه المصنف نفسه عنه في الدرر تبعًا للزركشى وقال: روى عن الحسن من قوله وهو أشبه بالصواب. قلت: هذا حشو لا فائدة فيه فإن عزو الحديث إلى العلل مؤذن بأن الحديث معلول إذا لا يخرج في العلل إلا ما كان كذلك هذا من جهة، ومن جهة ¬

_ (¬1) انظر مسند أبي يعلى (11/ 234، رقم 6352). (¬2) هو في الأصل الثامن والمائتين.

أخرى فإن موضوع الكتاب واصطلاح صاحبه فيه لا يساعد على نقل كلام المخرجين في علل المتون وتصحيحها, ولذلك لا ينقل شيئًا من ذلك إلا فيما هو أندر من النادر وأقل من القليل لنكتة تدعوه إلى ذلك. ثم إن المصنف عزا الحديث إلى ابن السنى وأبي نعيم في الطب عن على فزاد الشارح أن في سنده إسحاق بن نجيح الملطى وهو وضاع، وهذا وهم من المصنف والشارح، فإن الحديث لابن عباس لا لعلى، وسبب الوهم فيه أنه من رواية على بن زحر عن ابن عباس، فكان المصنف رأى في آخر السند: عن على بن زحر، فظنه على بن أبي طالب ولم يجاوز بصره بعده إلى ابن عباس واللَّه أعلم. أما الشارح فرأى إسحاق بن نجيح الملطى في سند حديث آخر في الباب ذكره السخاوى في المقاصد الحسنة في الكلام على هذا الحديث فنقله إلى الحديث المزعوم أنه من رواية على. والحديث له عن ابن عباس طريقان أحدهما: هذا وهو ما أخرجه أبو نعيم من طريق ابن المبارك عن السائب بن عبد اللَّه عن على بن زحر عن ابن عباس. والثانى: ما رواه ابن على [6/ 317]: ثنا أبو يعلى ثنا الحكم بن موسى ثنا مسلمة بن على الخشنى عن ابن جريج عن رجل عن ابن عباس به، ومسلمة بن على ضعيف. أما حديث أنس فرواه أيضًا ابن حبان في الضعفاء [1/ 204] وابن عدى في الكامل [2/ 83] وابن الجوزى في العلل المتناهية [2/ 178، رقم 1110] من طريق الدارقطنى في علله كلهم من طريق محمد بن جابر عن تمام بن نجيح عن الحسن عن أنس بلفظ: "أصل كل داء البرد" بدون زيادة هاء.

قال ابن الجوزى: هكذا رواه: "البرد"، وقد رواه غيره: "البردة" بالهاء وهي التخمة، وحكى الأعمش أنه قال: سألت أعرابيا عن البردة فقال: التخمة، قال ابن قتيبة: ولست أحفظ هذا عن علمائنا فإن كان صحيحا فالمعنى حسن اهـ. وقال الدارقطنى في كتاب التصحيف: قال أهل اللغة: رواه المحدثون بإسكان الراء والصواب البردة بالفتح وهي التخمة. وعلى ما يرويه به المحدثون درج أبو نعيم في الطب فأخرج معه حديث أبي هريرة مرفوعًا: "استدفئوا من الحر والبرد". وكذلك فعل المستغفرى في الطب له أيضًا على ما حكاه الحافظ السخاوى وهو وهم لا شك فيه. ثم إن ابن عدى وابن حبان والدارقطنى كلهم طعنوا في الحديث من جهة تمام ابن نجيح والراوى عنه محمد بن جابر وقالوا: إنه حديث منكر، ثم روى كل من ابن على والدارقطنى من طريق عباد بن منصور عن الحسن مثله من قوله، وقالا: إنه الأشبه بالصواب. وأما حديث أبي سعيد فأخرجه أيضًا ابن عدى في الكامل [3/ 114]: ثنا عبد الرحمن بن القاسم الكوفى ثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد به، ثم قال أبو نعيم: هذا باطل بهذا الإسناد وأخطأ عبد الرحمن على يونس. 536/ 1088 - "أَصْلِحْ بينَ النَّاسِ ولو تَعْنِي الكَذِبَ". (طب) عن أبي كاهل قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: فيه أبو داود الأعمى وهو كذاب اهـ. فكان الأولى للمصنف حذفه من الكتاب.

قلت: كان الأمر يكون كذلك لو انفرد أبو داود الأعمى بهذا المعنى ولكنه يكاد يكون متواترا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لوروده عنه من طريق جماعة منهم أم كلثوم بنت عقبة وابن عباس والنواس بن سمعان وأبو الطفيل وأسماء بنت يزيد وأبو أيوب الأنصارى وأنس بن مالك وأبو أمامة وشداد بن أوس وثوبان مولى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وحديث أم كلثوم بنت عقبة في الصحيحين (¬1) والمسند [6/ 404] وغيرها مرفوعا: "ليس بكذاب من أصلح بين اثنين فقال خيرا أو نمى خيرا"، وهكذا معنى الأحاديث الباقية فيها الإرشاد والأمر بالإصلاح أو الإشارة إليه بالترغيب فيه ولو مع الكذب. وقد أوردت أكثر الأحاديث المذكورة بأسانيدها في المستخرج على مسند الشهاب، ومما لم أذكره فيه حديث أبي أيوب الذي أخرجه الرامهرمزى وهو من عواليه قال: حدثنا أحمد بن حماد بن سفيان ثنا عبد اللَّه بن حفص البراد ثنا يحيى بن ميمون ثنا أبو الأشهب عن الحسن عن أبي أيوب قال: قال لى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا أبا أيوب ألا أدلك على عمل يرضاه اللَّه عز وجل؟ أصلح بين الناس إذا تفاسدوا وحبب بينهم إذا تباغضوا"، يحيى بن ميمون ضعيف. لكن رواه الطبرانى من وجه آخر عن أبي أيوب وفيه راو متروك أيضًا. ورواه البزار من حديث أنس بن مالك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ذلك لأبي أيوب، وفيه عبد الرحمن بن عبد اللَّه العمرى وهو متروك. ورواه الطبرانى (¬2) من حديث أبي أمامة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ذلك لأبي أيوب أيضًا ¬

_ (¬1) البخارى (3/ 240، رقم 2692)، ومسلم (4/ 2011، رقم 2605/ 101). (¬2) أخرجه (8/ 307 رقم 7999) بلفظ: "يا أبا أيوب ألا أدلك على عمل يرضاه اللَّه. . . " الحديث.

وسنده لا بأس به، بل لو عرف عبد اللَّه بن حفص الراوى عن أبي أمامة لكان على شرط الصحيح. 537/ 1089 - "أَصْلِحُوا دُنْيَاكُمْ، واعْمَلُوا لآخِرَتكُم كأنَّكم تَمُوتُونَ غَدًا". (فر) عن أنس. قال الشارح: وهو ضعيف لضعف زاهر الشحامي وغيره اهـ. وكأنه يعنى بغيره الحافظ أبا القاسم البغوى، فقد قال في الشرح الكبير: فيه زاهر بن طاهر الشحامي، قال في الميزان: كان يخل بالصلوات فترك الرواية عنه جمع، وعبد اللَّه بن محمد البغوى الحافظ تكلم فيه ابن عدى، وراويه عن أنس مجهول. قلت: بمثل هذا عرفنا عن الشارح أنه أبعد الناس عن معرفة هذه الصناعة، وأنه يجترئ على الكتابة فيها عن جهل بها، فيأتى بمثل هذه الطامات مع عدم الضبط وقلة الأمانة في النقل. فأبو القاسم البغوى لا يعلل به الحديث إلا من لم يشم رائحة للحديث، وما تعليل الحديث به إلا كتعليل الحديث بمالك والثوري وابن عيينة والشافعي سواء، فما أجهل الشارح بهذا الأمر، ثم هو مع ذلك متهور قليل الأمانة في النقل، فالذهبي أورد البغوى في الميزان لا لأنه ضعيف، بل لأن ابن عدى ذكره في الكامل، ثم تولى الرد على ابن عدى والحط منه في ذكر مثل هذا الحافظ الكبير في الضعفاء، بل نقل عن ابن عدى نفسه أنه رجع واعترف، فأضرب الشارح عن كل هذا صفحا واقتصر على كون الذهبى ذكره في الميزان وأن ابن عدى تكلم فيه، فكان كالمستدل على ترك الصلاة بقوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ}، فاسمع ما قاله الذهبى لتعرف قبح ما فعله الشارح، قال الذهبى: عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز أبو القاسم البغوى الحافظ الصدوق مسند عصره، تكلم فيه ابن عدى بكلام فيه تحامل، ثم في أثناء الترجمة أنصف ورجع عن الحط عليه وأثنى عليه، بحيث إنه قال: ولولا أني شرطت أن كل من تكلم فيه ذكرته وإلا كنت لا أذكره اهـ.

فكيف ينقل بعد هذا عن الذهبى أنه أورده في الضعفاء، وأن ابن عدى تكلم فيه، ثم من يعرف الرجل وحفظه وجلالته وإمامته في الحديث يستحي أن يذكره في معرض التعليل كما يستحي أن يذكر مالكًا والشافعي ونظرائهما من أجل من كلم فيهما ولا فارق أصلًا، بل زاهر بن طاهر الشحامي -وإن كان كما نقل عن الذهبى فيه- لا يستجيز عارف بالصناعة أن يعلل الحديث به، لأنه شيخ الديلمي، والحديث معروف مخرج في الأصول التي مات أصحابها قبل ولادة زاهر الشحامي، ثم إن قول الشارح: وراويه عن أنس مجهول، هو من أوهامه المصحوبة معه في غالب أنقاله، فالرجل المجهول في السند ليس هو الراوي عن أنس، ولكنه الراوي عن قتادة، قال الديلمي: أخبرنا زاهر بن طاهر ثنا سعيد بن محمد البحتري ثنا زاهر بن أحمد ثنا البغوى ثنا زهير بن حرب عن رجل عن قتادة عن أنس به. وهذا الرجل -واللَّه أعلم- هو سليمان بن أرقم أبهمه بعض رجال الإسناد لشهرته بالضعف والترك، فقد روى القضاعي في مسند الشهاب هذا الحديث من طريق عيسى بن واقد الحنفي عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن أبي هريرة به. كذا وقع في المسند عن أبي هريرة وهو غلط صوابه عن أنس، لأن الزهري لم يدرك أبا هريرة، وإنما يروي بكثرة عن أنس، وكأن سليمان بن أرقم اضطرب فيه فتارة رواه عن الزهري، وتارة قال: عن قتادة، وذلك دال على ضعفه بل كذبه، فإنه متروك متهم بالكذب ووضع الحديث. 538/ 1090 - "اصْنَعِ المعْرُوفَ إلى مَنْ هُوَ أهْلهُ، وإلى غَيْرِ أهْلِهِ، فإنْ أصبتَ أهله أصبْتَ أهلَهُ، وإنْ لَمْ تُصِبْ أهلَهُ كُنْتَ أهْلَهُ". (خط) في رواة مالك عن ابن عمر ابن النجار عن علي

قلت: حديث ابن عمر أخرجه أيضًا الدارقطنى في غرائب مالك: ثنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم ثنا محمد العتقي ثنا يحيى بن محمد الإفريقي ثنا عبد الرحمن بن بشير بن يزيد ثنا أبي مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر به. ولما رواه الخطيب قال: لا يصح هذا عن مالك، وقال الذهبى: هذا إسناد مظلم، وخبر باطل، أطلق الدارقطنى على رواته الضعف والجهالة اهـ. ونقل ابن الآبار في كتاب التكملة، وقد أورد هذا الحديث في ترجمة بشر بن يزيد الأندلسي من عند الدارقطنى، أن ابن يونس قال في تاريخه: عبد الرحمن ابن بشر بن يزيد الأزدي عن أبيه عن مالك مناكير، ثم يبين أنه أزدي تحرف على الدارقطنى فقال: أندلسي. وحديث على أخرجه -أيضًا- القضاعي في مسند الشهاب من طريق أحمد بن على بن سعيد القاضى: ثنا هارون بن معروف ثنا سعيد بن سلمة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده به، وهذه الصيغة محتملة لأن يكون عن على كما أورده المصنف، ويحتمل -وهو الأقرب- أن يكون معضلًا عن على بن الحسين وهو الواقع. فقد رواه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق وصرح به فقال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني سعيد بن سلمة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على بن الحسين قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره. فالغالب أن ابن النجار رواه كذلك فوهم المصنف في التصريح بعلي واللَّه أعلم. 539/ 1095 - "اضْمَنُوا لي ستّا مَن أنْفُسكُم أضْمَن لكم الجنَّةَ: اصدُقُوا إذا حَدثتُم، وأوْفُوا إذا وعدْتُم، وأدُّوا إذا ائتُمِنْتُم، واحفظُوا فُرُوجكُم، وغضُّوا أبْصَارَكُمْ، وكفُّوا أيْديَكُم". (حم. حب. ك. هب) عن عبادة بن الصامت

قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى بعد عزوه لأحمد والطبرانى: إلا أن المطلب لم يسمع من عبادة، وقال المنذري بعد عزوه لأحمد والحاكم وأنه صححه: المطلب لم يسمع من عبادة، وقال الذهبى في اختصاره للبيهقى: إسناده صالح، وقال العلائي في أماليه: سنده جيد وله طرق هذه أمثلها. قلت: قد ورد من حديث أبي أمامة قال الخطيب: أخبرنا الحسن بن على الأقرع ثنا أبو حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد المقرئ الكتاني وأبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس الذهبى واللفظ له قالا: حدثنا أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد البغوى حدثنا طالوت بن عباد أبو عثمان الصيرفي ثنا فضال بن جبير قال: سست أبا أمامة الباهلى يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "اكفلوا لي ستا أكفل لكم الجنة، إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذا ائتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف، غضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم". قلت: هذا من الأسانيد العالية جدا إذ هو ثلاثي لأبي القاسم البغوى، وقد توفى أوائل القرن الرابع سنة 313، وقد حكى القاضى عياض في الغنية عن أبي على الصدفي قال: سمعت الإمام أبا محمد التميمي يقول بسند لا أذكره: إن أبا القاسم البغوى حدث يومًا فقال: حدثنا طالوت ثنا فضال بن جبير عن أبي أمامة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقام رجل من خراسان فقال: أسحرٌ هذا أم أنتم لا تبصرون؟ طالوت عن فضال عن أبي أمامة قال القاضى عياض: ولا يستغرب مثل هذا، فقد حمل لنا الموطأ بنحو هذا السند أو قريب منه، ثم ذكره وذلك في ترجمة الحافظ أبي على الجياني، وقد أسند فيها هذا الحديث أيضًا فقال: حدثنى رحمه اللَّه فيما كتب لي بخطه ومن خطه نقلت -يعنى: أبا على الغساني- قال: حدثنى حكم بن محمد ثنا أبو بكر بن المهندس بمصر ثنا أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد البغوى به.

وأسنده أيضًا الذهبى في التذكرة في ترجمة الحافظ زين الدين أبي البقاء النابلسي (ص 230 من الجزء الرابع) من طريق ياقوت الرومي عن عبد اللَّه بن محمد الخطيب: ثنا محمد بن عبد الرحمن هو أبو طاهر المخلص وهو في فوائده قال: حدثنا أبو القاسم البغوى به. وأسنده الحافظ السيوطى في بغية الوعاة من طريق أبي حيان عن أبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير عن أبي إبراهيم إسحاق بن إبراهيم بن عامر الطوسى -بفتح الطاء نسبة إلى طوسة من عمل غرناطة- أخبرنا محمد بن خليل العيسى أخبرنا أبو على الحسين بن محمد الجياني الحافظ بسنده السابق عند عياض، إلا أن فضال بن جبير ضعيف. قال ابن عدى: أحاديثه غير محفوظة وهي نحو عشرة أحاديث منها: "أولى الآيات طلوع الشمس من مغربها"، ومنها: "اكفلوا لي بست. . . "اهـ. لكن حديث عبادة شاهد له. 540/ 1096 - "أَطِبِ الكَلَامَ، وأَفْشِ السَّلامَ، وصِلِ الأرْحامَ، وصلِّ بالليلِ والنَّاسُ نِيَامٌ، ثُمَّ ادْخلِ الجنَّةَ بِسَلامٍ". (حب. حل) عن أبي هريرة قال الشارح: وهو ضعيف للجهل بحال عبد اللَّه بن عبد الجبار. وقال في الكبير: فيه عند أبي نعيم عبد اللَّه بن صالح بن عبد الجبار، قال في اللسان عن العقيلى: شيخ مجهول. قلت: هذا من عجيب أوهام الشارح وسقطاته، فأبو نعيم ليس في سنده هذا الرجل المجهول ولا هو في سند أحد من مخرجي هذا الحديث، قال أبو نعيم [9/ 59]: ثنا أبو عمرو حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الرحمن ابن مهدي ثنا همام عن قتادة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة قال: "قلت:

يا رسول اللَّه، إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني، فأنبئني عن كل شيء، قال: كل شيء خلق من الماء، قال: انبئني بعمل إذا أخذت به دخلت الجنة، قال: أطب الكلام. . ." وذكره. فأين هو عبد اللَّه بن الجبار أو عبد اللَّه بن صالح، إن هذا لعجب؟! والحديث أخرجه أيضًا الحاكم في المستدرك من طريق يزيد بن هارون [4/ 160]: أنبأنا همام بن يحيى عن قتادة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة مثله، ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وبهذا السند خرجه أحمد، وابن أبي الدنيا في كتاب التهجد، ومحمد بن نصر في قيام الليل، إلا أنه وقع في روايته من طريق أبي عامر العقدي عن همام عن قتادة عن هلال بن أبي ميمونة عن أبي هريرة، والصواب عن أبي ميمونة لا عن هلال، ثم لو فرضنا أنه الرجل المذكور في سند أبي نعيم، فكيف استجاز أن يضعف به الحديث وهو مخرج في صحيح ابن حبان على ما عزاه المصنف؟ وكيف يصحح ابن حبان حديثا في سنده شيخ مجهول؟ ثم إنه قال في الصغير: عبد اللَّه بن عبد الجبار، وقال في الكبير: عبد اللَّه بن صالح بن عبد الجبار، والواقع أنه عبد اللَّه بن عبد الجبار بدون ذكر صالح، ولست أدري من أين دخل على الشارح حتى أدرجه في هذا الحديث مع أنه لا وجود له فيه ولا في الأحاديث المذكورة قبله أو بعده في الحلية، حتى يقال: إن بصره انتقل من إسناد إلى إسناد. ثم إن المصنف مؤاخذ في اقتصاره على عزو الحديث لابن حبان وأبو نعيم، مع كونه في مسند أحمد باللفظ الذي رواه به ابن حبان وأبو نعيم، وقد ذكر المصنف أوله وهو قوله: "كل شيء خلق من الماء" فيما سيأتي، وعزاه لأحمد والحاكم، فكتب عليه الشارح: إسناده صحيح، فغفل عما كتبه مما ألصقه بالحديث من وجود الرجل المجهول فيه وهو منه براء.

541/ 1097 - "أطَّتِ السَّماء، وَيُحُقَّهَا أنْ تَئِطَّ، والَّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِه مَا فِيها مَوْضِعُ شِبْرٍ إلا وَفِيه جَبْهَةُ مَلَكٍ سَاجِدٍ يُسَبِّحُ اللَّه بحمده". ابن مردويه عن أنس قلت: أخرجه أيضًا الحسن بن سفيان في مسنده قال: حدثنا محمد بن أبي بكر عن زائدة بن أبي الرقاد ثنا زياد النميري عن أنس بن مالك به، ولفظه: "أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع قدم إلا وبه ملك ساجد أو راكع أو قائم". ورواه أيضًا أبو نعيم في الحلية في ترجمة زياد بن عبد اللَّه النميري من هذا الوجه [6/ 269]. وفي الباب عن أبي ذر وعائشة وحكيم بن حزام وجابر والعلاء بن سعد وأبي سعيد مرفوعًا. فحديث أبي ذر قال أحمد: حدثنا أسود حدثنا إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر عن مورق عن أبي ذر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد، لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرا، ولما تلذذتم بالنساء على الفرشات، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى اللَّه تعالى". ورواه الترمذى وابن ماجه [2/ 1402, رقم 4190]، والطحاوى في مشكل الآثار، والحاكم في المستدرك [(2/ 510)، (4/ 544، 579)]، والبغوي في التفسير كلهم من طريق إسرائيل به. وقال الترمذى: حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

وحديث عائشة رواه الدولابي في الكنى قال: حدثنا أحمد بن شعيب أنبأنا محمد بن على بن الحسن ثنا الفضل بن خالد أبو معاذ النحوي ثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في قوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ}: كان مسروق بن الأجدع يروي عن عائشة قالت: قال نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم، ذلك قول الملائكة: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} ". ورواه محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن قهزاد ثنا أبو معاذ الفضل بن خالد النحوي به. وحديث حكيم بن حزام رواه الطحاوى في مشكل الآثار: ثنا أبو غسان مالك بن يحيى الهمداني ومحمد بن بحر بن مطر البغدادي حدثنا عبد الوهاب بن عطاء أنبأنا سعيد وهو ابن أبي عروبة عن قتادة عن صفوان بن محرز أن حكيم بن حزام قال: "بينما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مع أصحابه إذ قال لهم هل تسمعون ما أسمع؟ قالوا: ما نسمع من شيء يا رسول اللَّه، قال: إني لأسمع أطيط السماء، وما تلام أن تئط، وما فيها موضع قدم إلا وعليه ملك إما ساجد وإما قائم". ورواه محمد بن نصر في الصلاة أيضًا قال: حدثنا عمرو بن زرارة أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء به. وحديث جابر رواه الطبرانى قال [2/ 184, رقم 1751]: حدثنا حسين (¬1) بن عرفة المصرى ثنا عروة بن مروان الرقي حدثنا عبيد اللَّه بن عمرو عن عبد الكريم بن مالك عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد اللَّه ¬

_ (¬1) في المطبوع من المعجم الكبير "خير".

قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم أو ملك ساجد أو ملك راكع، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعًا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك إلا أنّا لم نشرك بك شيئًا". وحديث العلاء بن سعد رواه محمد بن نصر في الصلاة قال: حدئنا أحمد بن سيار ثنا أبو جعفر محمد بن خالد الدمشقى المعروف بابن أمه ثنا ثنا المغيرة بن عمر بن عطية من بني عمرو بن عوف ثنى سليمان بن أيوب عن سالم بن عوف ثنى عطاء بن زيد بن مسعود من بني الحبلى حدثنى سليمان ابن عمرو بن الربيع من بني سالم حدثنى عبد الرحمن بن العلاء من بني ساعدة عن أبيه العلاء بن سعد وقد شهد الفتح وما بعده أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال يوما لجلسائه: "هل تسمعون ما أسمع؟ قالوا: وما تسمع يا رسول اللَّه؟ قال: أطت السماء وحق لها أن تئط، إنه ليس فيها موضع قدم إلا وعليه ملك قائم أو راكع أو ساجد، وقالت: الملائكة: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} ". ورواه أبو نعيم وابن منده في الصحابة، ومن طريقه ابن عساكر في التاريخ في ترجمة محمد بن خالد الدمشقى. وحديث ابن مسعود رواه محمد بن نصر أيضًا عن محمد بن آدم عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن ابن مسعود أنه قال: "إن من السماوات سماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك أو قدماه قائما، ثم قرأ: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} ". 542/ 1101 - "أطْعِمُوا طَعَامكُمُ الأَتْقِيَاءَ، وَأوْلُوا مَعْرُوفكُمُ المؤمنِينَ". ابن أبي الدنيا في كتاب الأخوان (ع) عن أبي سعيد

قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: قال ابن طاهر: غريب وفيه مجهول. قلت: وهذا يناقض حكمه في الصغير بأنه حسن، ثم اعلم أن الحديث رواه ابن المبارك قال: حدثنا سعيد بن أيوب الخزاعي ثنا عبد اللَّه بن الوليد عن أبي سليمان الليثي عن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مثل المؤمن ومثل الإيمان كمثل الفرس يجول في أخيته ويرجع إلى أخيته، وإن المؤمن يسهو ثم يرجع إلى الإيمان، فاطعموا طعامكم الأتقياء وأولوا معروفكم المؤمنين". ورواه أحمد في المسند [3/ 38]، وابن فيل في جزئه، وأبو نعيم في الحلية [8/ 179]، كلهم من طريق عبد اللَّه بن المبارك به. وقال أبو نعيم [8/ 179]: هذا لا يعرف إلا من حديث أبي سعيد بهذا الإسناد وأبو سليمان الليثي قيل: اسمه عمران بن نمران (¬1) اهـ. أما ابن أبي الدنيا فرواه أيضًا في كتاب مكارم الأخلاق له قال: حدثنا محمد بن الحسين حدثنى عبد اللَّه بن يزيد المقري ثنا سعيد بن أبي أيوب ثنا عبد اللَّه بن الوليد به. ومن طريقه رواه القضاعي في مسند الشهاب، ورواه البخارى في الكنى المجردة [ص 37، رقم 322] عن عبد اللَّه بن يزيد المقري به، ذكره في ترجمة أبي سليمان الليثي ولم يقل فيه شيئًا سوى أنه أورد الحديث في ترجمته، وقد قال على بن المديني فيه: أنه مجهول، وذكره أبو أحمد الحاكم فيمن لم يعرف اسمه، وقد تقدم عن أبي نعيم أن اسمه عمران بن نمران، وسبقه إلى ذلك ¬

_ (¬1) في المطبوع من الحلية عمران بن عمران.

الدولابي في الكنى، وذكره ابن حبان في الثقات [5/ 219]. وفي الباب عن عبد اللَّه بن مسعود أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق. 543/ 1102 - "أطْفَالُ المؤمِنِينَ في جَبَلٍ في الجنَّة يَكْفُلُهُم إبراهِيم وسَارَّةُ، حتى يَرُدَّهُم إلى آبائِهم يَومَ القِيامَةِ". (حم. ك) والبيهقى في البعث عن أبي هريرة قلت: رواية أحمد مختصرة ليس فيها ما في رواية الحاكم والبيهقى، قال أحمد: حدثنا موسى بن داود ثنا عبد الرحمن بن ثابت عن عطاء بن قرة عن عبد اللَّه ابن ضمرة عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما أعلم -شك موسى- قال: "زراري المسلمين في الجنة يكفلهم إبراهيم عليه السلام". وعبد الرحمن بن ثابت مختلف فيه، لكن الحاكم رواه من غير طريقه فقال [1/ 384]: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا حميد بن عياش الرملي ثنا مؤمل بن إسماعيل ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن الأصبهانى عن أبي حازم عن أبي هريرة قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أولاد المؤمنين في جبل في الجنة. . . " الحديث كما في المتن، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ومن هذا الطريق رواه أبو نعيم في التاريخ: ثنا عبد اللَّه بن محمد بن الحجاج ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن عمر بن عبد اللَّه ابن الحسن ثنا أحمد بن عصام ثنا مؤمل بن إسماعيل به، بلفظ: "أطفال المسلمين. . . " كما في المتن. وهكذا رواه الديلمي في مسند الفردوس:

أخبرنا عبد الكريم الحسناباذي أخبرنا أبو بكر الباطرفاي ثنا عبد الرحمن بن محمد بن عيسى العمري ثنا الفضل بن الخصيف ثنا ابن أبي بزة ثنا مؤمل بن إسماعيل به. 544/ 1103 - "أَطفَالُ المشْركِينَ خَدَمُ أهْلِ الجنَّةِ". (طس) عن أنس (ص) عن سلمان موقوفًا قال الشارح في الكبير عقب قول المصنف: (طس) ما نصه: وسكت عليه، ورواه في الكبير عن سمرة، ورواه البخارى في تاريخه الأوسط عنه أيضًا، فإهمال المصنف له واقتصاره على من ذكره من ضيق العطن. قلت: هذا كلام ساقط من وجوه، أولها: أن قوله في الطبرانى: وسكت عليه لا معنى له، فإن الطبرانى لا يتكلم على الأحاديث ثبوتًا وبطلانا، وصحة وضعفا حتى ينقل سكوته أو كلامه، وإنما يتكلم على الإسناد من جهة التفرد، وهذا لا دخل له في موضوع المصنف والشارح. ثانيها: قوله: ورواه في الكبير عن سمرة، فإن تعيين الكبير باطل من جهة الصناعة، لأنه رواه فيه وفي الأوسط أيضًا، وكذلك رواه البزار وغيرهم كما ذكره الحافظ الهيثمى في الزوائد، فإنه أورد الحديث عن سمرة بن جندب قال: "سألنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أولاد المشركين، قال: هم خدم أهل الجنة"، ثم قال: رواه الطبرانى في الكبير والأوسط، والبزار، وفيه عباد بن منصور وثقه يحيى القطان وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات اهـ. والشارح كثير النقل من مجمع الزوائد والرجوع إليه في كل حديث، فاقتصاره على عزو حديث سمرة إلى الطبرانى في الكبير من ضيق العطن كما يقول. ثالثها: أن لفظ حديث سمرة كما رأيته لا يدخل على اصطلاح الكتاب هنا، وإنما يدخل في حرف "الألف" مع "الواو"، وقد ذكره المصنف كذلك وعزاه

لـ (طس) عن سمرة، فعدم النظر إلى هذا من سوء التدبر وقلة الدراية. رابعها: أن الاستدراك بالتاريخ الأوسط للبخاري جهل من الشارح، لأن ذلك الكتاب ليست له منزلة المعجم الأوسط للطبراني في الشهرة والرواج بين أهل الحديث لغرابته وندرته وقلة الأحاديث المخرجة فيه، بل لا يكاد يسمع به إلا الفرد بعد الفرد من أهل الحديث، فضلًا عن أن يراه أو يسمعه على شيوخه، فلو عكس المصنف فعزا الحديث إليه وترك عزوه للطبراني لكان عليه اللوم في ذلك، ولكن الشارح لبعده عن الفن يظن أن كل ما للبخاري فهو كصحيح البخارى، فما أضيق عطنه في هذا الفن. ثم إن حديث أنس رواه البزار أيضًا ورجاله كرجال الطبرانى رجال الصحيح. ورواه أبو يعلى من وجه آخر فيه يزيد بن أبان الرقاشي وهو ضعيف، لكن قال ابن عدى: إنه رجل صدق، ووثقه ابن عدى أيضًا. أما الموقوف على سلمان فأخرجه أيضًا لوين في جزئه قال: حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أبي مراية عن سلمان الفارسى رضي اللَّه عنه به مثله. 545/ 1106 - "اطْلبُوا الحوائِجَ إلى ذوي الرَّحمة من أمَّتي تُرزَقُوا وتنجَحُوا، فإنَّ اللَّه تعالى يقول: رحمتي في ذَوي الرَّحمة مِنْ عِبَادِي، ولا تطلبوا الحوائجَ عِنْد القاسِيَةِ قُلُوبُهُم فلا تُرْزقُوا ولا تنجحُوا، فإن اللَّه تعالى يقول: إنَّ سَخطي فِيهم". (عق. طس) عن أبي سعيد قلت: عزو الحديث إلى العقيلى بهذا اللفظ فيه مؤاخذة، لأن الحديث عنده مرفوع إلى اللَّه تعالى من أوله، ولفظه عن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يقول اللَّه عز وجل: اطلبوا الفضل من الرحماء من عبادي تعيشوا في

أكنافهم، فإني جعلت فيهم رحمتي، ولا تطلبوها من القاسية قلوبهم فإني جعلت فيهم سخطي"، رواه العقيلى من طريق أبي مالك الواسطى عن عبد الرحمن السدي عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد. وقال في عبد الرحمن السدي: إنه مجهول لا يتابع على حديثه ولا يعرف من وجه يصح، وتبعه الذهبى فقال في الميزان: عبد الرحمن السدي مجهول وأتى بخبر باطل ثم ذكر هذا الحديث، وتعقبه الحافظ في اللسان بأن الطبرانى رواه في الأوسط من طريق محمد بن مروان السدي عن داود به. وكذا رواه ابن حبان في الضعفاء، والخرائطي في مكارم الأخلاق من هذا الوجه قال: وأظن أن محمد بن مروان يكنى أبا عبد الرحمن فوقع في رواية العقيلى أنا أبو عبد الرحمن السدي وسقط من عنده "أبو" فبقيت عبد الرحمن، وتبين بهذا أنه لا وجود لصاحب هذه الترجمة. قلت: وما ظنه الحافظ هو الواقع، فقد قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان: ثنا عمر بن عبد اللَّه بن أحمد بن محمد ثنا محمد بن الحسن بن المهلب ثنا همام بن محمد بن النعمان ثنا جندل بن والق ثنا أبو مالك الواسطى عن أبي عبد الرحمن السدي به، بأداة الكنية. ثم إنه لم ينفرد به، بل تابعه عبد الملك بن الخطاب وعبد الغفار بن الحسن ابن دينار وعباد بن العوام والليث بن سعد. فمتابعة عبد الملك بن الخطاب رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق قال: حدثنا عبد الرحمن بن معاوية القيسي ثنا موسى بن محمد ثنا محمد بن مروان وعبد الملك بن الخطاب قالا: حدثنا داود بن أبي هند به، ولفظه: "اطلبوا الفضل عند الرحماء من أمتي تعيشوا في أكنافهم فإن فيهم رحمتي، ولا تطلبوا من القاسية قلوبهم، فإنهم ينتظرون سخطي".

ومتابعة عبد الغفار رواها القضاعي في مسند الشهاب: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر ثنا الفضل بن وهب ثنا الربيع بن سليمان ثنا عبد الغفار بن الحسن بن دينار عن داود بن أبي هند به، ولفظه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يقولوا اللَّه: اطلبوا الفضل عند الرحماء من عبادي تعيشوا في أكنافهم فإن فيهم رحمتي، ولا تطلبوها من القاسية قلوبهم، فإن فيهم سخطي"، ثم قال، تفرد به عبد الغفار بن الحسن بن دينار وهو غريب اهـ. وليس كما قال القضاعي. ومتابعة عباد بن العوام ذكر الحافظ السيوطي إنها عند الحاكم في تاريخ نيسابور. ومتابعة الليث ذكر أيضًا أنه خرجها أبو الحسن الموصلي الفراء في حديثه انتخاب السلفي من طريق محمد بن علي الصائغ: ثنا عبد العزيز بن يحيى ثنا الليث بن سعد عن داود بن أبي هند به. وفي الباب عن علي خرجه الحاكم في المستدرك [4/ 321] من طريق حبان ابن علي عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي عليه السلام قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا علي اطلبوا المعروف من رحماء أمتي تعيشوا في أكنافهم، ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم، فإن اللعنة تنزل عليهم، يا علي إن اللَّه تعالى خلق المعروف وخلق له أهلا فحببه إليهم وحبب إليهم فعاله ووجه إليهم طلابه، كما وجه الماء في الأرض الجريبة لتحيى به ويحيى بها أهلها، يا علي إن أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة". ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبى بأن الأصبغ واه، وحبان ضعفوه، وسيذكره المصنف قريبًا.

546/ 1107 - "اطْلُبُوا الخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الوُجُوه". (تخ) وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج (ع. طب) عن عائشة (طب. هب) عن ابن عباس (عد) عن ابن عمر، ابن عساكر عن أنس (طس) عن جابر، تمام (خط) في رواة مالك عن أبي هريرة، تمام عن أبي بكرة قلت: قد أكثر المؤلف من الرموز إلى مخرجيه، وقد كنت في بداية الطلب جمعت جزءا في طرقه وتصحيحه (¬1)، ثم بعد ذلك كتبت ما يسر لي من طرقه في مستخرجي على مسند الشهاب، وفي كتاب الحسن والجمال بما فيه طول فأغنى ذلك عن إعادته هنا. 547/ 1108 - "اطْلُبُوا الخيْرَ دَهْركُمْ كُلَّهُ، وتعرَّضوا لنفَحَاتِ رحمةِ اللَّه، فإنَّ للَّه نفحاتٍ من رحمته، يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ منْ عبادِه، وسَلُوا اللَّه تعالى أنْ يستُرَ عَوراتِكُم، وأنْ يؤمِّنَ رَوعَاتِكُمْ". ابن أبي الدنيا في الفرج، والحكيم (هب. حل) عن أنس (هب) عن أبي هريرة قال الشارح عقب حديث أنس: فيه حرملة بن يحيى التجيبي، قال أبو حاتم: لا يحتج به، وأورده الذهبى في الضعفاء والمتروكين. قلت: هذا أيضًا من طامات الشارح ودواهيه، فحرملة بن يحيى لا ذكر له في سند الحديث أصلًا، قال الحكيم في الأصل الخامس والثمانين ومائة (¬2) [2/ 93]: حدثنا عمرو بن الربيع المصرى ثنا يحيى بن أيوب عن عيسى بن ¬

_ (¬1) وسماه: تحسين الطرق والوجوه لحديث: "اطبوا الخير عند حسان الوجوه". (¬2) هو في الأصل الرابع والثمانين ومائة من المطبوع.

موسى بن إياس بن بكير أن صفوان بن سليم حدثه عن أنس بن مالك بالحديث. وقال أبو نعيم في الحلية: حدثنا الطبرانى حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا عمرو بن الربيع به، ثم قال: غريب من حديث صفوان تفرد به عمرو عن يحيى بن أيوب. ورواه أيضًا القضاعي في مسند الشهاب من طريق الدارقطنى: ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أسد الهروي ثنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه أنا عمرو بن الربيع بن طارق به. فأين حرملة بن يحيى التجيبي؟ ولو فرضنا أنه في سنده فلا يذكره في معرض التعليل إلا جاهل بهذا الشأن، فحرملة حافظ ثقة من رجال الصحيح خرج له مسلم، وهو من أصحاب الشافعى المشهورين رواة كتبه، ومن أحفظ أصحاب ابن وهب للأحاديث، والكلام في مثله لا يضر ولا يؤثر لسعة حفظه وكثرة أحاديثه، لا سيما وقد وقع بين بعض معاصريه من أهل مصر ما أوجب عداوته إياه وكلامه فيه، ومن العجب أن الشارح شافعي وهذا من أئمة مذهبه، وأفاضل الرواة عن إمامه، وأعجب من ذلك أن الذهبى لما ذكره في الميزان وثقه وردَّ الطعن فيه ونافح عنه وصرح بأنه ثقة، فأعرض الشارح عن ذلك واكتفى بكونه أورده في الميزان، وهذا ليس من الأمانة في شيء، قال الذهبى: حرملة ابن يحيى بن عبد اللَّه بن حرملة بن عمران أبو حفص التجيبي المصرى، أحد الأئمة الثقات ورواه ابن وهب وصاحب الشافعى، روى عنه مسلم وابن قتيبة والحسن بن سفيان وخلق، ثم ذكر قول أبي حاتم فيه، ثم نقل عن ابن عدى أنه قال: تبحرت حديثه وفتشته الكثير فلم أجد في حديثه ما يجب أن يضعف من أجله، قال الذهبى: قلت: يكفيه أن ابن معين قد أثنى عليه وهو أصغر من

ابن معين. . . إلخ ما ذكره. فكأن الشارح يرى الجرح ولا يرى التعديل، هذا مع برائته من هذا الحديث جملة وتفصيلًا، وإنما جره وهم الشارح وغلطه الفاحش على الأسانيد، ثم إن المصنف عزاه هذا الحديث لابن أبي الدنيا في كتاب الفرج عن أنس، وإنما وجدته فيه من حديث أبي هريرة لا من حديث أنس، فكأنه أراد أن يكتبه مع البيهقى في حديث أبي هريرة فسبقه قلمه إلى حديث أنس، ثم إنه مع ذلك فيه مؤاخذة عليه من جهة أنه حديث أبي هريرة ليس له سند مستقل، بل سند حديثه هو عين سند حديث أنس، وإنما وهم فيه بعض الرواة فجعله عن أبي هريرة، قال ابن أبي الدنيا: حدثنا أحمد بن يوسف بن خالد ثنا رويم بن يزيد ثنا الليث بن سعد عن عيسى بن موسى بن إياس بن بكير عن صفوان بن سليم عن رجل من أشجع عن أبي هريرة به. فعيسى بن موسى رواه فيما سبق عن صفوان عن أنس، وهنا قال: عن صفوان عن رجل عن أبي هريرة، فكأنه اضطرب منه، وقد ضعفه أبو حاتم، لكن ذكره ابن حبان في الثقات [7/ 234]. وفي الباب عن محمد بن مسلمة سيأتي في "إن لربكم". وعن أبي الدرداء موقوفًا عليه، قال أبو نعيم في الحلية: حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا محمد بن شبل ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا محمد ابن بشر ثنا شيخ منا يقال له الحكم بن فضيل عن زيد بن أسلم قال: قال أبو الدرداء: "التمسوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات رحمة اللَّه، فإن للَّه نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا اللَّه أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم".

548/ 1109 - "اطْلُبُوا الرِزقَ في خَبَايَا الأرضِ". (ع. طب. هب) عن عائشة قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: فيه هشام بن عبد اللَّه بن عكرمة المخزومى ضعفه ابن حبان اهـ. وقال النسائى: هذا حديث منكر، وقال ابن الجوزى: قال ابن طاهر: حديث لا أصل له وإنما هو من كلام عروة، بل أشار مخرجه البيهقى إلى ضعفه بقوله عقبه: هذا إن صح فإنما أراد الحرث وإثارة الأرض للزرع اهـ. وفي الميزان عن ابن حبان: مصعب بن الزبير ينفرد بما لا أصل له من حديث هشام، لا يعجبنى الاحتجاج بخبره إذا انفرد، ثم ساق له هذا الخبر. قلت: هذا من أوهام الشارح المنكرة، فليس في الميزان ترجمة لمصعب بن الزبير، ولا قال ابن حبان هذا الكلام فيمن اسمه مصعب، وإنما قال هذا في هشام بن عبد اللَّه بن عكرمة المخزومى، وفي ترجمته أورد ذلك الذهبى في الميزان. والحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ [2/ 313] قال: حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن يوسف ثنا أبو عمران موسى بن هارون بن سعيد ثنا مصعب بن عبد اللَّه الزبيرى ثنا هشام بن عبد اللَّه بن عكرمة المخزومى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به. وأخرجه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 404, رقم 694] قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن إسحاق القهستانى ثنا الشيخ الرئيس أبو القاسم عيسى بن الوزير على بن عيسى ثنا أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز البغوى ثنا مصعب بن عبد اللَّه الزبيرى به.

وأخرجه البندهى في شرح المقامات فقال: أخبرنا أبو الفتح عبد السلام بن أحمد بن إسماعيل المقرئ أنا أبو عبد اللَّه محمد بن عبد العزيز بن محمد الفارسى ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد الأنصارى ثنا أبو القاسم البغوى به. ورواه ابن العربى المعافرى في كتاب السراج له فقال: أخبرنا أبو محمد عبد الرزاق بن فضيل بدمشق أنا أبو بكر المالكى أنا أبو عبد اللَّه محمد بن على أنا أحمد بن إبراهيم ثنى محمد بن على أنا ابن بنت منيع. قلت: هو أبو القاسم البغوى به، وقد نص ابن العربى في أول سراجه هذا أنه لا يذكر فيه إلا الحسن والصحيح فكأنه لم ير كلام ابن حبان في هشام بن عبد اللَّه المخزومى. لكنه لم ينفرد به بل ظفرت له وللَّه الحمد بمتابع، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 247]: ثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن يوسف ثنا محمد بن أحمد بن راشد ثنا أبو السائب سلم بن جنادة ثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة به، وهذا سند صحيح، وفي سلم بن جنادة كلام لا يضر، ولذلك أتعجب مما نقله الشارح عن النسائى وابن طاهر وكأنه لم يقع لهما هذا الطريق، فالحمد للَّه على ذلك. 549/ 1110 - "اطلُبوا العلمَ ولو بالصِّينِ، فإن طَلَبَ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مُسلم". (عق. عد. هب) وابن عبد البر في العلم عن أنس

قلت: أطال الشارح هنا بما لا تحرير فيه وسنتكلم عليه إن شاء اللَّه تعالى في حرف "الطاء" في: "طلب العلم فريضة"، ولى في هذا الحديث جزء مستقل يسمى "المسهم". 550/ 1112 - "اطلبُوا العلمَ يومَ الاثنينِ فإنَّه مُيَسَّرٌ لِطَالِبِه". أبو الشيخ (فر) عن أنس قال الشارح في الكبير: وفيه مغيرة بن عبد الرحمن أورده الذهبى في الضعفاء وقال: قال ابن معين ليس بشيء ووثقه طائفة. قلت: هذا غلط فاحش وبيانه من وجوه، الأول: أن المغيرة بن عبد الرحمن المذكور في سند الحديث ليس هو الذي ذكر الشارح، لأن الديلمى رواه من طريق ابن السنى قال: حدثنا أبو عروبة الحرانى عن مغيرة بن عبد الرحمن عن عثمان بن عبد الرحمن عن حمزة الزيات عن حميد الطويل عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اطلبوا العلم في كل يوم اثنين، فإنه ميسر لطالبه". فمغيرة بن عبد الرحمن الذي نقل الشارح فيه عن ابن معين أنه قال: ليس بشيء هو مغيرة بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن خالد بن حزام الأسدى المدنى وهو قديم من طبقة مالك يروى عن أبي الزناد وموسى بن عقبة وهشام بن عروة وتلك الطبقة من شيوخ مالك، ويروى عنه ابن مهدى وأبو عامر العقدى وابن وهب والقعنبى ويحيى بن يحيى وتلك الطبقة من شيوخ أحمد والبخارى، والراوى عنه هنا هو أبو عروبة الحرانى المتوفى سنة ثمان عشرة وثلاثمائة، فكيف يروى عمن هو في طبقة مالك ممن لم يدركه أحمد والبخارى وطبقتهما ممن توفى وسط القرن الثالث؟! فضلا عن أن يدركه من

ولد في ذلك الوقت، ولكن المذكور في السند هو مغيرة بن عبد الرحمن بن عوف بن حبيب بن الريان الأسدى أبو أحمد الحرانى وهو من شيوخ النسائى، وبقى بن مخلد وأبي عروبة الحرانى وتلك الطبقة، مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين، وهو ثقة وثقه النسائى ومسلم وذكره ابن حبان في الثقات. الثانى: أن مغيرة بن عبد الرحمن الذي ذكره الشارح وإن لم يكن هو المذكور في الإسناد فإنه لو كان في السند لما استجاز عالم بالحديث تعليل الحديث به إلا عند المعارضة وظهور علامة الضعف في الحديث، فإنه ثقة من رجال الصحيحين احتج به البخارى ومسلم، وصرح بذلك الذهبى في نفس الترجمة التي نقل منها الشارح، فإن الذهبى أورده في الميزان ورمز له بعلامة الصحيح، ثم قال: وثقوه وحديثه مخرج في الصحاح، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن عدى: له نحو أربعين حديثا عامتها مستقيمة وهو ثقة اهـ. الثالث: من عجيب أمر الشارح في ذكر الرجال أنه يختار واحدا ممن اسمه موافق لاسم المذكور في السند وينقله إلى شرحه معللا به الحديث من غير دليل على التعيين ولا قرينة على الترجيح، فالذهبى ذكر أربعة رجال كل منهم يسمى المغيرة بن عبد الرحمن، فاختار الشارح منهم أولهم ذكرا في الميزان وأعل به الإسناد غير ناظر في الباقين لعل أن يكون أحدهم هو المذكور في الإسناد، وهذا صنيع مضحك واختيار مبنى عن تهور وتهاون، ومن الاتفاق الغريب في عكس اختيار الشارح لأول مذكور في الميزان بهذا الاسم أن آخرهم فيه هو صاحبنا المذكور في السند، فإن الذهبى ذكر أولا مغيرة بن عبد الرحمن الأسدى الحزامى ثم مغيرة بن عبد الرحمن المخزومى ونقل ما قيل فيه، ثم قال: أما مغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة

المخزومى شيخ مالك فثقة لا شيء له في الكتب الستة وهو أخو أبي بكر الفقيه وكذا مغيرة بن عبد الرحمن بن عون الأسدى مولاهم الحرانى أبو أحمد يروى عن عيسى بن يونس وجماعة وعنه النسائى وأبو عروبة وثقوه اهـ. فهذا الأخير هو المذكور في سند الحديث، فلو وفق الشارح لسقط عليه. الرابع: أن هذا الرجل إنما هو في سند الديلمى، أما أبو الشيخ فروى الحديث من طريق آخر فقال: حدثنا إسحاق بن محمد بن حكيم ثنا صالح بن سهل بن المنهال ثنا القاسم ابن جعفر بطرسوس ثنا موسى بن أيوب عن عثمان بن عبد الرحمن به. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 348] في ترجمة صالح بن سهل عن أبي الشيخ به. الخامس: أنه ترك الرجل الضعيف في الإسناد الذي يعلل به الحديث وتكلم على غيره، والسند إنما يعل بعثمان بن عبد الرحمن فإنه ضعيف متهم بالكذب، وكذلك حمزة الزيات شيخ القراءة المشهورة فإنه ضعيف في الحديث جدا حتى أن يعضهم يحكم على أحاديثه بالوضع. ثم إن الشارح قال في الكبير عقب قوله: "اطلبوا العلم يوم الاثنين" ما نصه: لفظ رواية أبي الشيخ والديلمى فيما وقفت عليه من نسخة مصححة بخط الحافظ ابن حجر: "في كل يوم اثنين" فكأن المصنف ذهل عنه أو تبع بعض النسخ السقيمة اهـ. وهذا أيضًا من تهوره وعدم أمانته إذ ينسب ذلك إلى أبي الشيخ والديلمى معا ثم يحكى أنه رأى ذلك في نسخة مصححة بخط الحافظ، يريد من مسند الفردوس أو من زهره الذي هو اختصار الحافظ، والواقع أن الديلمى رواه باللفظ الذي ذكره الشارح كما قدمته عند نقل إسناده، وأما أبو الشيخ فرواه

باللفظ الذي ذكره المصنف، وكذلك رواه عنه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، والمصنف أورد الحديث على لفظ أبي الشيخ وعطف عليه الديلمى، فادعاء الشارح أنه عندهما بخلاف لفظ المصنف فيه ما علمت. 551/ 1114 - "اطلُبوا الفَضْلَ عند الرُّحَمَاءِ مِنْ أُمَّتى تَعيشُوا في أَكْنَافِهم، فإن فيهم رَحْمَتى، ولا تطلُبُوا من القاسِيَةِ قُلُوَبُهم فإنهم ينتظرون سَخَطِى". الخرائطى في مكارم الأخلاق زاد الشارح: وكذا ابن حبان عن أبي سعيد الخدرى. وقال في الكبير: رواه الخرائطى في مكارم الأخلاق عن محمد بن أيوب بن الضريس عن جندل بن واثق عن أبي مالك الواسطى عن عبد الرحمن السدى عن داود بن أبي هند عن أبي سعيد. قلت: أخطأ الشارح في الصغير والكبير، أما في الصغير ففى قوله: وكذا ابن حبان فإن إطلاقه يفيد أن ابن حبان خرجه في الصحيح لأنه الذي يطلق العزو إليه، والواقع أنه خرجه في الضعفاء. وأما في الكبير ففى قوله أن الخرائطى رواه عن محمد بن أيوب بن الضريس. . . إلخ فإنه لم يروه عن محمد بن أيوب، بل قال الخرائطى [2/ 588, رقم 624]: حدثنا عبد الرحمن بن معاوية القيسى ثنا موسى بن محمد ثنا محمد بن مروان وعبد الملك بن الخطاب قالا: حدثنا داود بن أبي هند به. أما السند الذي ذكره الشارح فهو سند العقيلى لا الخرائطى، قال العقيلى: حدثنا محمد بن أيوب بن الضريس. . . إلخ ما ذكره الشارح.

وسبب هذا الوهم أن الحديث تقدم قريبا بلفظ: "اطلبوا الحوائج" وعزاه المصنف للعقيلى، فذكر الشارح سنده هذا بعينه ثم لما أعاده المصنف وعزاه للخرائطى بقى ذلك السند متعلقا بذهنه فرجع إليه وكتبه هنا أيضًا غير ناظر إلى صاحبه هناك، وقد قدمنا الكلام على هذا الحديث مبسوطا في الحديث المذكور. 552/ 1116 - "اطَّلِعْ في القُبُورِ واعْتَبِرْ بالنُّشُورِ". (هب) عن أنس قال الشارح في الكبير: قال البيهقى عقبه: هذا متن منكر، فحذف ذلك من كلامه غير صواب، وأورده في الميزان في ترجمة محمد بن يونس الكديمى وقال: هذا أحد المتروكين واتهمه ابن عدى وابن حبان بالوضع. قلت: رواه محمد بن يونس الكديمى: ثنا مكى بن إبراهيم عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال: "جاء رجل فشكى إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قسوة القلوب، فقال: اطلع" وذكره. وسرقه منه محمد بن المغيرة فرواه عن مكى بن إبراهيم بهذا الإسناد والمتن أيضًا قال: أخبرنا أبي أخبرنا محمد بن الحسين السعيدى ثنا أحمد بن إبراهيم بن حاكان ثنا حامد بن محمد الرفا ثنا محمد بن المغيرة ثنا مكى بن إبراهيم به مثله. 553/ 1117 - "اطَّلَعْتُ في الجنةِ فرأيتُ أكثرَ أهلِها الفقراءُ, واطلعتُ في النارِ فرأيتُ أكثَر أهلِها النساءُ". (حم. م. ت) عن ابن عباس, (خ، ت) عن عمران بن حصين وكتب الشارح في الصغير والكبير: عن أنس بن مالك بدل ابن عباس بخلاف نسخ المتن.

زاد الشارح في الكبير: وكذا النسائى في عشرة النساء والرقائق، فما أوهمه صنيع المؤلف من أن الترمذى انفرد بإخراجه من بين الستة غير صواب. قلت: أخطأ الشارح في ثلاثة أمور، أولها: في قوله: عن أنس، وهو في جميع النسخ عن ابن عباس كما هو الواقع، فإن الحديث من روايته لا من رواية أنس (¬1). وثانيها: عزوه الحديث إلى سنن النسائى وتوهيم المصنف في عدم العزو إليه، والحديث لم يخرجه النسائى في الصغرى التي هى من الكتب الستة, وليس في سنن النسائى الصغرى كتاب الرقائق أصلا بل الحديث في الكبرى [5/ 399, رقم 9261] ولا يقع العزو إليها إلا مقيدا. ثالثها: في قوله: انفرد بإخراجه من بين الستة، فإن صواب العبارة أن يقول: من بين الأربعة، لأنه قد عزاه إلى البخارى مع الترمذى. هذا وحديث ابن عباس وعمران بن حصين مخرجهما واحد، وإنما اختلف فيه على أبي رجاء العطاردى، فحماد بن نجيح في رواية، وأيوب السختيانى في رواية، ومطر الوراق وأبي الأشهب في رواية، وسعيد بن أبي عروبة، يقولون: عن أبي رجاء العطاردى عن ابن عباس. وعوف وقتادة وسلم بن زرير في رواية، وأيوب في رواية أخرى أيضًا، يقولون: عن أبي رجاء عن عمران بن حصين. وأبو الأشهب في رواية أخرى، وكذلك حماد بن نجيح أيضًا وجرير بن حازم وسلم بن زرير في رواية أخرى، وصخر بن جويرية يقولون: عن أبي رجاء عن عمران وابن عباس معا. ¬

_ (¬1) في الأصل: "الناس".

وكل هذه الأسانيد رجالها رجال الصحيح، بل جلها في الصحيحين إما موصولة وإما معلقة بصيغة الجزم، إلا أن رواية مطرف (¬1) ذكرها أبو نعيم في الحلية ولم أقف عليها الآن، على أنى لم أبحث عنها. أما رواية حماد بن نجيح الأولى فقال أحمد [1/ 234]: حدثنا وكيع ثنا حماد ابن نجيح سمعه من أبي رجاء عن ابن عباس به. وأما رواية [أيوب] فرواها أحمد [1/ 359] عن إسماعيل بن علية عنه، ورواها مسلم [4/ 2096، رقم 2737/ 94] عن زهير بن حرب والترمذى [4/ 715، رقم 2602] عن أحمد بن منيع كلاهما عن إسماعيل بن علية أيضًا عن أيوب. وأما رواية أبي الأشهب الأولى وكذلك جرير وسلم بن زرير وصخر بن جويرية فرواها أبو داود الطيالسى عنهم [ص 360، رقم 2759] عن أبي رجاء عن ابن عباس، ورواها مسلم [4/ 2097، رقم 2737] عن شيبان بن فروخ عن أبي الأشهب وحده. وأما رواية سعيد بن أبي عروبة فرواها مسلم [4/ 2097، رقم 2737/ 94] عن أبي كريب: حدثنا أبو أسامة عن سعيد بن أبي عروبة سمع أبا رجاء عن ابن عباس. وأما رواية عوف فرواها أحمد [4/ 429] عن محمد بن جعفر، والبخارى [7/ 40، رقم 5198] في النكاح من صحيحه عن عثمان بن الهيثم، والترمذى [4/ 716، رقم 2603] عن محمد بن بشار: ثنا ابن أبي عدى ومحمد بن جعفر وعبد الوهاب كلهم قالوا: حدثنا عوف عن أبي رجاء ¬

_ (¬1) لعله تصحف من مطر ورواية مطر في الحلية (2/ 308).

العطاردى عن عمران بن حصين به. وأما رواية قتادة فرواها أحمد عن عبد الرزاق: أنا معمر عن قتادة عن أبي رجاء العطاردى قال: جاء عمران بن حصين إلى امرأته من عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: حَدِّثْنَا ما سمعت من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: إنه ليس بعين حديث فأغضبته، فقال: "سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول" فذكره. وأما رواية سلم بن زرير الأولى -أعنى عن عمران وحده- فرواها البخارى في الصحيح [8/ 119، رقم 6449] في كتاب الرقاق: ثنا أبو الوليد ثنا سلم بن زرير ثنا أبو رجاء عن عمران بن حصين به، ثم قال البخارى: تابعه أيوب وعوف، وقال: صخر وحماد بن نجيح عن أبي رجاء عن ابن عباس. فعزا الحافظ متابعة أيوب للنسائى في الكبرى وبين الاختلاف عليه فيه أيضًا. وأما رواية الباقين فرواها عنهم أبو داود الطيالسى [ص 112، رقم 833] مرة أخرى فقال: حدثنا أبو الأشهب وجرير بن حازم وسلم بن زرير وحماد بن نجيح وصخر ابن جويرية عن أبي رجاء عن عمران بن حصين وابن عباس رضي اللَّه عنهما قالا: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره. ورواه أبو نعيم في الحلية من طريق أبي داود الطيالسى ثم قال [2/ 308]: ورواه أيوب السختيانى ومطر الوراق عن أبي رجاء عن ابن عباس من دون عمران مثله اهـ. وهذه -أعنى رواية الطيالسى- عن هؤلاء صريحة في أن الحديث عند أبي رجاء عنهما معا وأن الرواة يختصرون فيقتصرون مرة على هذا ومرة على هذا.

وقد ورد عن عمران بن حصين من غير طريق أبي الرجاء، فرواه الطيالسى [ص 122، رقم 832] وأحمد [4/ 443] ومسلم [4/ 2097، رقم 2738/ 95] والخطيب [5/ 159] كلهم من رواية مطرف عن عمران، فأما أحمد والخطيب فباللفظ المذكور في الكتاب وأما الطيالسى ومسلم فاقتصرا على ذكر النساء لكن بلفظ آخر وهو: "إن أقل ساكنى الجنة النساء". وفي الباب عن جماعة في الصحيحين وغيرهما منهم ابن مسعود وجابر وغيرهما إلا أن الذي بلفظ حديث الكتاب حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص وحديث أبي هريرة وكلاهما في مسند أحمد في الجزء الثانى منه (فالأول في ص 173، والثانى في ص 297). 554/ 1120 - "اطُووا ثيابَكم ترجِعْ إليها أرواحُهَا، فَإنَّ الشيطانَ إذا وجدَ ثوبًا مطويًّا يَلْبَسْه وإن وَجَدَه منشورًا لَبِسَهُ". (طس) عن جابر. قلت: هو من رواية عمر بن موسى الوجيهى عن أبي الزبير عن جابر، وقال الطبرانى: لا يروى إلا بهذا الإسناد، وعمر بن موسى كذاب وضاع، فالحديث موضوع. إلا أن الدينورى قال في الرابع عشر من المجالسة: ثنا محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا أبي عن بكر العائد قال: كان لسفيان الثورى عباءة يلبسها بالنهار ويرتدى بها، فكان إذا جاء الليل طواها وجعلها تحت رأسه وقال: بلغنى أن الثوب إذا طوى رجع ماؤه إليه، فهذا قد يستأنس به لهذا الحديث واللَّه أعلم. وفي الباب عن جابر سيأتى في حرف "الطاء".

555/ 1121 - "أَطيبُ الطِّيبِ المِسْكُ" (حم. م. د. ن) عن أبي سعيد قلت: لفظ حديث مسلم لا يدخل في هذا الحرف ولا يذكر هنا على اصطلاح المؤلف، وإذ ذكره فكان ينبغى أن يزيد الترمذى، فإنه خرجه [3/ 308، رقم 991] أيضًا بلفظ أقرب إلى لفظ الكتاب من لفظ مسلم. وقد رواه أيضًا الحاكم في المستدرك [1/ 361] من طريق شعبة عن خليد بن جعفر عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أطيب الطيب المسك". قال الحاكم: تابعه المستمر بن الريان عن أبي نضرة ثم أسنده من رواية عبد الوارث عن المستمر بن الريان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدرى: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل عن المسك فقال: هو أطيب طيبكم". ثم قال الحاكم: هذا صحيح الإسناد فإن خليد بن جعفر والمستمر بن الريان عدادهما في الثقات ولم يخرجا عنهما، وأقره الذهبى على ذلك وهو عجيب فإن الحديث خرجه مسلم من الطريقين المذكورين، وإنما خفى ذلك على الحاكم لأنه لم يخرجه في كتاب الجنائز كما خرجه غيره، بل خرجه في كتاب ألفاظ من الأدب [4/ 1765، رقم 2252/ 18] فقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو أسامة عن شعبة حدثنى خليد بن جعفر عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدرى: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كانت امرأة من بنى إسرائيل قصيرة تمشى مع امرأتين طويلتين، فاتخذت رجلين من خشب وخاتما من ذهب مغلق مصبو ثم حشته مسكا وهو أطيب الطيب فمرت بين المرأتين فلم يعرفوها فقالت: بيدها هكذا، ونفض شعبة يده. حدثنا عمرو الناقد ثنا يزيد ابن هارون عن شعبة عن خليد بن جعفر والمستمر

ابن الريان قالا: سمعنا أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد الخدرى: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر امرأة من بنى إسرائيل حشت خاتمها مسكا، والمسك أطيب الطيب". ورواه البيهقى في السنن [3/ 405] من هذا الوجه الأخير. 556/ 1124 - "أطيبُ اللَّحْمِ لحمُ الظَّهْرِ" (حم. هـ. ك. هب) عن عبد اللَّه بن جعفر قلت: رواه أيضًا الحارث بن أبي أسامة في مسنده، قال: حدثنا أبو نعيم ثنا مسعر عن رجل من فهم قال: سمعت عبد اللَّه بن جعفر يقول: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" به. ورواه الطبرانى قال: حدثنا على بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم به. ورواه أبو نعيم في الحلية [7/ 225] عن الطبرانى، ثم قال: رواه سفيان بن عيينة والناس عن مسعر ولم يسموا الفهمى، وسماه يحيى بن سعيد القطان عن مسعر فقال: رجل من بنى فهم يقال محمد بن عبد الرحمن، كذا حدثناه سليمان بن أحمد ثنا معاذ بن المثنى ومحمد بن محمد ابن الجدوعى القاضى قالا: حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن مسعر عن رجل يقال له محمد بن عبد الرحمن من فهم عن عبد اللَّه بن جعفر به. قال أبو نعيم: ومحمد بن عبد الرحمن مدنى تفرد بالرواية عن عبد اللَّه بن جعفر ولا أعلم راويا عنه غير مسعر. قلت: بل روى عنه المسعودى أيضًا إلا أنه لم يسمه فقال أحمد [1/ 205]: حدثنا هاشم بن القاسم ثنا المسعودى ثنا شيخ قدم علينا من الحجاز قال:

شهدت عبد اللَّه بن الزبير وعبد اللَّه بن جعفر بالمزدلفة، فكان ابن الزبير يجز اللحم لعبد اللَّه بن جعفر فقال عبد اللَّه بن جعفر: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أطيب اللحم لحم الظهر". وكذلك روى عنه رقبة بن مصقلة ولم يسمه كذلك، أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق يحيى بن عبد الحميد: ثنا جرير عن رقبة بن مصقلة عن رجل من بنى فهم عن عبد اللَّه بن جعفر به. وهذا الرجل سماه ابن ماجه في روايته [2/ 1099، رقم 3308] محمد بن عبد اللَّه، وكناه المسعودى مرة أخرى أبا حميد، فقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 237]: ثنا أبو أحمد بندار بن على ثنا أحمد بن موسى بن إسحاق ثنا سهل بن بحر ثنا عبد اللَّه بن رجاء ثنا المسعودى ثنى أبو حميد من أهل الطائف قال: رأيت ابن الزبير بمنى يقطع لعبد اللَّه بن جعفر اللحم ويناوله، فقال عبد اللَّه بن جعفر: "سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول" وذكره. 557/ 1128 - "أَعْبَدُ الناسِ أكثرُهم تلاوةً للقرآنِ". (فر) عن أبي هريرة قال الشارح: وفيه مجهول. قلت: ليس في سنده مجهول أصلا، وإنما فيه راو ضعيف. قال الديلمى: أخبرنا فيد أخبرنا أبو مسعود البجلى أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمى أخبرنا أبو أحمد الحاكم حدثنا سعيد بن عبد العزيز الحلبى ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم ثنا الهيثم بن حماز عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به، فهؤلاء كلهم معروفون، والهيثم ابن حماز كان قاصا ضعيفا، وقد أصاب الشارح في الكبير إذ قال: وفيه ضعف.

558/ 1129 - "أعبدُ الناسِ أكثرُهم تلاوةً للقرآن، وأفضلُ العبادةِ الدعاءُ". المرهبى في العلم عن يحيى بن أبي كثير مرسلا قال الشارح: وأردف المؤلف المسند بالمرسل إشارة إلى تقويته. قلت: لا، لأن مخرجهما واحد، وهو يحيى بن أبي كثير في الأول والثانى، وإنما أردفه للزيادة التي فيه. 559/ 1130 - "اعْبُدِ اللَّهَ لا تُشْرِكْ به شيئًا، وأَقمِ الصَّلاةَ المكتوبةَ، وأدِّ الزكاةَ المفروضةَ، وحُجَّ واعتمرْ وصمْ رمضانَ، وانظرْ ما تحبُ للناسِ أن يَأْتُوه إليك فافعَلْه بهم، وما تكرَه أن يأتُوه إليك فَذَرْهُم مِنْهُ". (طب) عن أبي المنتفق قلت: أخرجه أيضًا ابن أبي عاصم، قال: حدثنا محمد بن المثنى أخبرنا معاذ بن معاذ أخبرنا ابن عون أخبرنا محمد بن جحادة عن رجل عن زميل له من بنى غفر عن أبيه، وكان يكنى أبا المنتفق، قال: "أتيت مكة فسألت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: هو بعرفة فأتيته فذهبت أدنو منه، فمنعونى، فقال: اتركوه، فدنوت منه حتى اختلف عنق راحلتى وعنق راحلته، فقلت لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: نبأنى بما يباعدنى من عذاب اللَّه تعالى ويدخلنى الجنة، قال: تعبد اللَّه ولا تشرك به شيئا" الحديث، مثل ما في الكتاب سواء. ورواه الطبرانى [19/ 210، رقم 474] من طريق عبد اللَّه بن عون به مثله، ثم قال: اضطرب ابن عون في إسناده، ولم يضبطه عن محمد بن جحادة، وضبطه همام، ثم أخرجه [19/ 209، رقم 473] من طريق همام عن

محمد بن جحادة عن المغيرة بن عبد اللَّه اليشكرى عن أبيه، قال: "قدمت الكوفة ودخلت المسجد فإذا رجل من قيس، يقال له: أبو المنتفق، فسمعته يقول: وصف لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فطلبته بمكة" الحديث. 560/ 1142 - "اعْتَمُّوا تَزدادُوا حِلمًا". (طب) عن أسامة بن عمير (طب. ك) عن ابن عباس. قال الشارح في الكبير: أورده ابن الجوزى في الموضوعات وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل. قلت: بل أتى بكل طائل وبغاية ما يطلب في الباب، وأقصى ما وجد من الطرق لهذا الحديث، ولكن الشارح -عفا اللَّه عنه- يغمط حق المصنف ويبخسه فضله، فهو كما قال الشاعر: كناطح صخرة يوما ليقلعها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل وكقول الآخر: يا ناطح الجبل العالى ليكلمه ... أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل فابن الجوزى أورد الحديث من عند الخطيب من رواية سعيد بن سلام [3/ 45]: ثنا عبيد اللَّه بن أبي حميد عن أبي المليح عن ابن عباس به، وقال: سعيد كذاب وشيخه متروك. فتعقبه المصنف بأن الحاكم خرجه [4/ 193] من رواية أبي الوليد، وخرجه أبو يعلى في معجمه [ص 210، رقم 165] من رواية غياث بن حرب، كلاهما عن عبيد اللَّه بن أبي حميد به، فبرء سعيد من عهدته. ثم إن الطبرانى رواه [12/ 221، رقم 12946] من طريق بلال (¬1) بن بشر: ¬

_ (¬1) في المعجم الكبير للطبراني هلال.

ثنا عمران بن تمام عن أبي جمرة عن ابن عباس، فبرئ عبيد اللَّه بن أبي حميد من عهدته أيضًا، وهما اللذان أعله بهما ابن الجوزى، فهل من طائل فوق هذا؟ وبعد فالحديث قد تكلمت عليه في مستخرجى على مسند الشهاب، فأغنى ذلك عن إعادته هنا. 561/ 1144 - "أَعْتِمُوا خَالِفُوا على الأُمَمِ قَبْلَكُم". (هب) عن خالد بن معدان مرسلا قال الشارح: أعتموا بالتخفيف أى صلوا العشاء في العتمة، خالفوا على الأمم قبلكم، فإنهم وإن كانوا يصلون العشاء لكنهم كانوا لا يعتمون بها، بل يقارنون مغيب الشفق، (هب) عن خالد بن معدان مرسلًا قال: أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بثياب من الصدقة فقسمها بين أصحابه ثم ذكره. قلت: من كان متعجبا من غفلة وبله فليتعجب من هذه الغفلة المضحكة والبله المفرط، يذكر بنفسه ويكتب بخطه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أتى بثياب من الصدقة فقسمها بين الناس، ثم قال: أعتموا أى صلوا العشاء في العتمة بها، فهكذا الغفلة وإلا فلا، أضف إلى ذلك أن المصنف ذكر الحديث في سياق أحاديث التعمم، وبعد أن قدم حديثين بلفظ: "اعتموا"، بالتشديد، وإن الشارح نقل ما زاده من كلام المصنف في اللآلئ المصنوعة، فإنه الذي أورد الحديث من شعب البيهقى من جملة الشواهد التي ذكرها في التعقب على ابن الجوزى، وذكر معها أيضًا حديثا بمعناه، وهو حديث: "فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم" فكل هذه القرائن المشيرة والمصرحة لم توقظ الشارح من نومته ولم تنبهه من غفلته.

562/ 1145 - "أَعْجَزُ الناسِ مَنْ عَجَزَ عن الدعاءِ، وأبخلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بالسَّلامِ". (طس. هب) عن أبي هريرة قال الشارح: قال المنذرى: إسناده جيد قوى فهو صحيح لا حسن فقط خلافا للمؤلف. قلت: وإذا كان صحيحا أخذا من قول الحافظ المنذرى المذكور فلم عدل الحافظ المنذرى عن قوله: بسند صحيح، إلى قوله: جيد قوى؟ فهل عجز هو أن يقول (¬1): إسناده صحيح حتى يترجم عنه الشارح ذلك؟ لا واللَّه، بل ما عدل عن قوله: صحيح إلى قوله: جيد قوى إلا لكونه لم يبلغ درجة الصحيح، ولذلك فهم عنه المصنف المقصود فعبر بأنه حسن، أما الشارح لبعده عن الصناعة فتهور وسارع إلى الحكم بالصحة، وترجمة عبارة المنذرى بخلاف ما هو المقصود منها. ثم إن الحديث أخرجه أيضًا أبو عمرو بن نجيد في جزئه، قال: حدثنا أحمد بن داود السمنانى حدثنا مسروق بن المرزبان ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عن أبي هريرة به. ومسروق بن المرزبان وإن كان صدوقا، إلا أن أبا حاتم قال فيه: ليس بالقوى، فلهذا كان من درجة الحسن حديثه لا من درجة الصحيح. 563/ 1149 - "أَعْرِبُوا القرآنَ والتَمِسُوا غَرَائِبَهُ". (ش. ك. هب) عن أبي هريرة. ¬

_ (¬1) في الأصل: "يقوله".

قلت: قال ابن أبي شيبه (¬1): حدثنا أبو معاوية حدثنى عبد اللَّه بن سعيد المقبرى عن أبيه عن أبي هريرة به. ومن طريق ابن أبي شيبة رواه الحاكم في المستدرك [2/ 493] في تفسير سورة "حم السجدة"، وقال: صحيح الإسناد على مذهب جماعة من أئمتنا، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبى بأنه مجمع على ضعفه -يعنى- لأجل عبد اللَّه ابن سعيد المقبرى. ورواه الثقفى في الثقفيات: ثنا القاضى أبو بكر أحمد بن الحسن الجرشى ثنا أبو عباس محمد بن يعقوب الأصم ثنا محمد بن الجهم بن هارون ثنا الهيثم بن خالد عن عبيد بن عقيل قال: أخبرنى معارك بن عباد ثنا عبد اللَّه بن سعيد به مطولا، ولفظه: "أعربوا القرآن وابتغوا غرائبه وغرائبه فرائضه وحدوده، فإن القرآن نزل على خمسة أوجه: حلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فاعملوا بالحلال واجتنبوا الحرام واتبعوا المحكم وآمنوا بالمتشابه واعتبروا بالأمثال". ورواه ابن الأنبارى في الوقف والابتداء، فقال: حدثنا سليمان بن يحيى الصوفى ثنا محمد بن سعدان ثنا أبو معاوية به، لكنه قال: عن عبد اللَّه بن سعيد المقبرى عن أبيه عن جده عن أبي هريرة. وهكذا رواه أبو بكر بن مقسم المقرئ: حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى بن سليمان المروزى قال: قرأت على أبي جعفر محمد بن سعدان النحوى المقرئ: ثنا أبو معاوبة به بذكر جده أيضًا. ¬

_ (¬1) أخرجه في مصنفه (10/ 456 رقم 9961) فقال: حدثنا ابن إدريس عن المقبرى عن جده عن إبراهيم عن أبي هريرة مرفوعًا به.

وكذلك رواه الخطيب [8/ 77] من طريق يحيى بن زياد الفراء ثنا مندل بن على عن عبد اللَّه بن سعيد المقبرى بذكر جده أيضا. ورواه أبو نعيم في الحلية [8/ 309] عن ابن مسعود موقوفا عليه، فقال: حدثنا أبو بكر الطلحى ثنا الحسن بن جعفر العنانى ثنا عبد الحميد بن صالح ثنا أبو بكر بن عياش عن عبد الملك بن عمير عن الشعبى عن عمه قال: قال عبد اللَّه: "أعربوا القرآن"، قال أبو نعيم: كذا حدثناه موقوفا، وغيره يرفعه. 564/ 1150 - "أَعْرِبُوا الكَلامَ كَي تُعْرِبُوا القرآنَ". ابن الأنبارى في الوقف والابتداء والمرهبى في فضل العلم عن أبي جعفر معضلا قال الشارح: هو أبو جعفر الأنصارى التابعى. زاد في الكبير الذي قال: رأيت أبا بكر ورأسه ولحيته كأنهما جمر الغضا. قلت: هذا وهم عجيب وخطأ شنيع، فأبو جعفر هو محمد الباقر بن على ابن الحسين بن على بن أبي طالب وهو المشهور المعروف عند الإطلاق لا يعرف غيره، ولا أدرى من أين وقع الشارح على هذا الأنصارى حتى أتى به في هذا الموضع، والعجب أن المصنف يقول: عن أبي جعفر معضلا، والشارح يقول: عن أبي جعفر (¬1)، هذا أنه تابعى رأى أبا بكر، والتابعى يقال في حديثه: مرسل، ولا يقال: معضل فأمر الشارح في كثرة أوهامه وغفلته معضل. ¬

_ (¬1) في الأصل: "حجرة".

والحديث قال ابن الأنبارى: حدئنى أبي قال: حدثنا أبو منصور ثنا أبو عبيد ثنا نعيم بن حماد عن بقية بن الوليد عن الوليد بن محمد بن زيد قال: سمعت أبا جعفر يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أعربوا الكلام كي تعربوا القرآن"، ثم قال أبو جعفر: لولا القرآن وإعرابه ما باليت أن لا أعرف منه شيئا. 665/ 1154 - "اعرفُوا أنسابَكُم تَصِلُوا أَرْحَامَكُم، فإِنَّه لَا قُرْبَ بالرحمِ إذا قُطِعَتْ، وإن كانت قريبةً، ولا بُعْدَ بِهَا إذا وصِلَتْ، وإن كانت بعيدةً". الطيالسى (ك) عن ابن عباس قلت: أخرجه الحاكم [1/ 89] في كتاب العلم من طريق الطيالسى. وكذلك أخرجه ابن قتيبة في عيون الأخبار (ص 84 من الجزء الثالث) من طريق الطيالسى أيضا. 566/ 1155 - "أَعْرُوا النساءَ يَلْزَمْنَ الحِجَالَ". (طب) عن مسلمة بن مخلد قال الشارح: وإسناده ضعيف، لكن له طرق توقيه إلى الحسن، وزعم ابن الجوزى وضعه ممنوع. وقال في الكبير: أورده ابن الجوزى في الموضوعات وأعله بشعيب بن يحيى، وقال: غير معروف، ونقل عن إبراهيم الحربى أنه قال: لا أصل لهذا الحديث اهـ. وتبعه على ذلك المؤلف في مختصر الموضوعات ساكتا عليه غير متعقب له، فلعله لم يقف على تعقب الحافظ ابن حجر بأن ابن

عساكر خرجه من وجه آخر في أمالية وحسنه، وقال: بكر بن سهل وإن ضعفه جمع، لكنه لم ينفرد به كما ادعاه ابن الجوزى، فالحديث إلى الحسن أقرب، فلا اتجاه لحكم ابن الجوزى عليه بالوضع. قلت: الشارح -رحمه اللَّه- بلية ابتلى اللَّه بها فن الحديث عموما، وكتاب الجامع الصغير خصوصا، فأحسن اللَّه العزاء في هذه المصيبة، فلقد كنت قلدته في هذا النقل عن الحافظ في بداية اشتغالى بالحديث منذ خمس وعشرين سنة قبل أن أعرف منزلته من التهور وبعده من التحقيق وقلة درايته بهذا الفن، ثم بعد التحقق من أمره رجعت إلى ما كنت نقلته عن الحافظ بواسطته فشطبت عليه، فالحمد للَّه الذي أنقذنى من مهاوى الأوهام الفاحشة بتقليده، فاعلم أن الحافظ لم يقل شيئا مما نقله عنه الشارح، وكل ما ذكره فهو باطل ناشئ عن عدم تدبره فيما يرى وإتقانه لما ينقل على عادته، فالحافظ قال ما ذكره الشارح في حديث آخر، ذكره في ترجمة بكر بن سهل الدمياطى قبل هذا الحديث، فقلب ذلك الشارح ونقله إلى هذا، فاسمع الترجمة بتمامها لتعرف كيف جرى فيما جرى من الشارح، قال الحافظ في اللسان [2/ 51، رقم 195]: بكر بن سهل الدمياطى أبو محمد مولى بنى هاشم عن عبد اللَّه بن يوسف، وكاتب الليث وطائفة، وعنه الطحاوى، والأصم، والطبرانى، وخلق، توفى سنة تسع وثمانين ومائتين عن نيف وسبعين سنة، حمل الناس عنه وهو مقارب الحديث، وقال النسائى: ضعيف، قال البيهقى في الزهد [ص 244، رقم 641]: أخبرنا الحاكم وجماعة قالوا: حدثنا الأصم ثنا بكر بن سهل ثنا عبد اللَّه بن محمد بن رمح بن المهاجر حدثنا ابن وهب عن حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن أنس -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من معمر عمر في الإسلام أربعين سنة إلا صرف اللَّه عنه الجنون والجزام والبرص، فإذا بلغ

الخمسين لين اللَّه عليه حسابه، وإذا بلغ الستين رزقه اللَّه الإنابة، وإذا بلغ السبعين أحبه اللَّه وأحبه أهل السماء، وإذا بلغ الثمانين قبل اللَّه حسناته. وتجاوز عن سيئاته، وإذا بلغ التسعين غفر اللَّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وسمى أسير اللَّه في الأرض وشفع في أهل بيته" ومن وضعه ما حكاه أبو بكر القتات مسند أصبهان أنه سمع أبا الحسين بن شنيوذ المقرئ قال: سمعت بكر ابن سهل الدمياطى يقول: هجرت -أى بكرت- يوم الجمعة، فقرأت إلى العصر ثمان ختمات، فاسمع إلى هذا وتعجب اهـ. قال الحافظ [2/ 52، رقم 195]: وقد ذكره ابن يونس في تاريخ مصر وسمى جده نافعا، ولم يذكر فيه جرحًا، وقال: مسلمة بن قاسم تكلم الناس فيه، ووضعوه من أجل الحديث الذي حدث به عن سعيد بن كثير عن يحيى بن أيوب عن مجمع ابن كعب عن مسلمة بن مخلد رفعه: "أعروا النساء يلزمن الحجال"، قال الحافظ: قلت: والحديث الذي أورده المصنف لم ينفرد به، رواه أبو بكر المقرى في فوائده عن أبي عروبة الحسين بن محمد الحرانى عن مخلد بن مالك الحرانى عن الصنعانى، وهو حفص بن ميسرة به أملاه الحافظ أبو القاسم بن عساكر في المجلس التاسع والسبعين من أمالية، وقال: إنه حديث حسن، وأما حديث مسلمة فأخرجه الطبرانى عنه اهـ. فانظر كيف قلب الشارح النقل وتعجب؟!، واعلم أن الحديث رواه ابن الأعرابى في معجمه [5/ 398، رقم 1233]، والطبرانى في الكبير [19/ 438، رقم 1063]، والخطيب في التاريخ [9/ 368]، والخلعى في فوائده، والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 400، رقم 689] كلهم من طريق بكر بن سهل الدمياطى:

ثنا شعيب بن يحيى ثنا يحيى بن أيوب عن عمرو بن الحارث عن مجمع بن كعب عن مسلمة بن مخلد به. وأورده ابن الجوزى في الموضوعات [2/ 282] من عند الطبرانى، وأعله بشعيب، وقال: إنه ليس بمعروف، وسكت عليه المصنف فلم يتعقبه، وهو عجيب، فإن شعيبا من رجال النسائى، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، واحتج به ابن خزيمة في صحيحه، وقال ابن يونس كان رجل غلبت عليه العبادة، وقد روى عنه عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن الحكم والحارث بن مسكين ويوسف بن سعيد بن مسلم وبكر بن سهل الدمياطى وغيرهم، فقول ابن الجوزى: إنه غير معروف، تقصير منه وتهور، ولهذا قال الذهبى في تلخيص الموضوعات: ينبغى أن يخرج من الموضوعات، فإن أكثر ما تعلق أبو الفرج في سنده على شعيب بقول أبي حاتم: ليس بمعروف، وماذا بجرح فإن النسائى احتج به اهـ. وقال في الميزان [2/ 278، رقم 3730]: شعيب بن يحيى التجيبى مصرى صدوق، قال أبو حاتم ليس بمعروف، وقال ابن يونس صالح عابد اهـ. على أن ابن الجوزى أخطأ أيضًا في تركه إعلال الحديث ببكر بن سهل الدمياطى، فإن الحفاظ به أعلوه، وعليه انتقدوه لا على شعيب ولا على غيره، ومن الغريب أيضًا أن الحافظ الهيثمى لما ذكره في مجمع الزوائد [5/ 138] قال: فيه مجمع بن كعب لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات اهـ. فكأنه لم يعتبر ما قيل في بكر بن سهل أو لم يقف عليه، والسبب في ذلك أن نسخ الميزان مختلفة في ترجمة بكر بن سهل، فبعضها تنتهى ترجمة بكر فيها إلى قوله: وهو مقارب الحال دون ما بعد ذلك، والأولى هى المطبوعة، والثانى هى التي أدخلها الحافظ في اللسان، وقد ورد معناه من

حديث أنس، وورد في آثار موقوفة. 567/ 1156 - "أَعزَّ أَمْرَ اللَّهِ يُعِزّكَ اللَّهُ". (فر) عن أبي أمامة قال الشارح في الكبير: فيه محمد بن الحسين السلمى الصوفى، سبق عن الخطيب أنه وضاع، والمأمون بن أحمد قال الذهبى: كذاب. قلت: تعليل الحديث بأبى عبد الرحمن السلمى من جهل الشارح، بل من قلة حيائه، لأنه يدعى التصوف وإجلال الصوفية، ومن يجهل قدر أبي عبد الرحمن السلمى ويقبل قول الخطيب فيه فلم يشم للتصوف رائحة ولا قرب من ساحة ميدان الحديث، والذهبى على بغضه للصوفية وتعنته عليهم قد أورده في تذكرة الحفاظ وامتدحه وأطراه، وتكلم فيه من أجل ما لم يفهمه من تصوفه، ونقل كلام من تكلم فيه كما هو الشأن في كتب الرجال، فقال في التذكرة: أبو عبد الرحمن السلمى الحافظ العالم الزاهد شيخ المشايخ محمد ابن الحسين بن محمد بن موسى النيسابورى الصوفى الأزدى الأب السلمى الأم سمع خلقا كثيرا، وكتب العالى والنازل، وصنف وجمع، وسارت بتصانيفه الركبان، حمل عنه القشيرى والبيهقى وأبو صالح المؤذن وخلق سواهم، إلا أنه ضعيف، قال الخطيب: محله كبير، وكان مع ذلك صاحب حديث مجودا، جمع شيوخا وتراجم وأبواب، وله دويرة للصوفية، وعمل سننا وتفسيرا وتاريخا، قال الذهبى: ألف حقائق التفسير فأتى فيه بمصائب وتأويلات الباطنية، نسأل اللَّه العافية. قلت: فهذا منشأ حط الذهبى وأمثاله على أبي عبد الرحمن السلمى -رحمه اللَّه- وأمثاله، فإنهم لم يفهموا مقاصد القوم، ولا سلكوا مناهجهم، فوجهوا إليهم سهام الطعن ورشقوهم بنبال الانتقاد، واللَّه يجازى كلًا على

قدر نيته، وقال الحاكم: وهو عصريّ وتقدمت وفاته عنه، كان كثير السماع والحديث متقننا فيه من بيت الحديث والزهد والتصوف، وقال السراج: مثله إن شاء اللَّه لا يتعمد الكذب ونسبه إلى الوهم، وقال الخطيب: قدر أبي عبد الرحمن عند أهل بلده جليل، وكان مع ذلك مجودا صاحب حديث، وبالجملة فما يصنع الشارح بذكره في هذا الموضوع شيئا سوى أنه يحط من قدر نفسه ويفضحها بالجهل وعدم الدراية ولا مزيد. أما المأمون بن أحمد فدجال كذاب خبيث، فالحديث من وضعه، وبه كان الشارح يكتفى في التعليل. 568/ 1157 - "اعزِلِ الأَذَى عَنْ طريقِ المسلمين". (م. هـ) عن أبي برزة هكذا في المتن، وكتب الشارح في الشرحين عن أبي هريرة، وهو وهم منه، والصواب عن أبي برزة، وقد أخرجة من حديثه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 87] في ترجمة عبد اللَّه بن إبراهيم بن واضح، وذكره الذهبى في الميزان [1/ 8، رقم 8] في ترجمة أبان بن صمعة، وهو من رجال مسلم، ومن طريقه رواه. 569/ 1159 - "اعزِلُوا أَوْ لَا تَعْزِلُوا، مَا كَتَبَ اللَّهُ تعالى من نَسَمَةٍ هي كائِنَةٌ إلى يوم القِيامَةِ إلَّا وهي كائنةٌ". (طب) عن صرمة العذرى قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد الحميد بن سليمان، وهو ضعيف اهـ. وظاهر تخصيصه الطبرانى بالعزو أنه لا يوجد مخرجا لأحد من الستة، وإلا لما بدء بالعزو إليه مع أن الإِمام في هذا الفن البخارى خرجه

بمعناه في عدة مواضع كالتوحيد والقدر، ومسلم وأبو داود في النكاح، والنسائى في العتق عن أبي سعيد قال: "سألنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن العزل فقال: ما عليكم ألا تفعلوا، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهى كائنة"، والقانون أنه إذا كان في الصحيحين أو أحدهما ما يفى بمعنى حديث، فالسكوت عنه والاقتصار على عزوه لغيره غير لائق لإيهامه. قلت: من عرف اصطلاح المصنف في كتابه هذا وصنيعه الذي وضعه عليه، وتأمل قول الشارح: إن البخارى خرجه (¬1) بمعناه من حديث أبي سعيد بلفظ: "ما عليكم ألا تعزلوا"، علم أن هذا من الشارح كلام يشبه الهذيان، فإن المصنف يورد الحديث المشهور المتواتر المخرج في الكتب الستة، بل وأغلب كتب السنة، ثم يعزوه لأغرب كتاب من أجل كونه رواه بلفظ يدخل في حرف لا يدخل فيه اللفظ المخرج في الكتب المشهورة، ثم يعيده في ذلك الحرف أيضًا ويعزوه لهم، لأن ترتيب الحروف مع مراعاة الحرف الأول والذي يليه يوجب عليه ذلك، لاسيما وهذا من رواية صحابى، والمخرج في الصحيحين من رواية صحابى آخر، وإن كان الحديث هو عينه حديث أبي سعيد الخدرى، وإنما السياق مختلف، بل قال ابن منده: إن رواية عبد الحميد بن سليمان عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن صرمة العذرى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهم، والصواب ما رواه يحيى بن أيوب عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز قال: دخلت أنا وأبو صرمة على أبي سعيد الخدرى فحدثنا بالحديث. وهذا هو الحق -إن شاء اللَّه تعالى- لبعد تعدد القصة لاسيما وعبد الحميد ابن سليمان راوى حديث أبي صرمة ضعيف، فرفعه عنه ونسبته الصحبة ¬

_ (¬1) انظر صحيح البخارى (3/ 194، رقم 2542).

والقصة إليه من ضعفه، وإنما هى من رواية أبي سعيد الخدرى، ومع هذا فانتقاد الشارح ساقط بل لا معنى له أصلا كما عرفت، وسيعود إلى مثل هذا كثيرا، لأنه شغوف بالتعقب على المصنف بالحق أو بالباطل. 570/ 1162 - "أعْطُوا السَّائِلَ وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ". (عد) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: وقضية صنيعه أن ابن عدى خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه، فإنه أورده في ترجمة عمر بن يزيد الأزدى وقال: منكر الحديث. قلت: الشارح لا يمل من هذا الهذيان الباطل فابن عدى له كتاب الكامل في الضعفاء من الرجال لا في الأحاديث، وفي الترجمة يورد المتون التي انفرد بها الراوى والتى يستدل بها على ضعفه، وعزو الحديث لابن عدى وأمثاله ممن ألف في الضعفاء خاصة والعقيلى وابن حبان يؤذن بأن الحديث ضعيف كما صرح به المصنف في خطبة الجامع الكبير الذي هو أصل هذا الكتاب. ثم لا يخفى ما في قوله: فإنه أورده في ترجمة عمر بن يزيد الأزدى وقال: منكر الحديث، إذ هو زعم أن ابن عدى لم يسكت على الحديث بل تكلم عليه، ثم نقل أنه تكلم على راويه لا عليه، وذلك هو موضوع الكتاب -أعنى الكلام على الرواة- فهل أتى بفائدة زائدة سوى الهذيان؟ ثم اعلم أن ابن عدى ذكر هذا الحديث من ثلاثة طرق في ثلاثة تراجم، الأول [5/ 29]: في ترجمة عمر بن يزيد الأزدى المدائنى من روايته عن عطاء عن أبي هريرة. الثانية [5/ 238]: في ترجمة عاصم بن سليمان التميمى الكوزى من روايته عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا: "أعط السائل

وإن أتاك على فرس". الثالثة [4/ 187]: في ترجمة عبد اللَّه بن زيد بن أسلم من روايته عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة، والثلاثة كلهم ضعفاء. وللحديث طرق أخرى تأتى في حرف "اللام" في حديث: "للسائل حق وإن جاء على فرس". 571/ 1164 - "أُعْطُوا الأجيرَ أَجْرَه قبلَ أَنْ يجفَّ عَرَقُه". (هـ) عن ابن عمر (ع) عن أبي هريرة (طس) عن جابر، الحكيم عن أنس قلت: حديث ابن عمر أخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [1/ 433، رقم 744] كلاهما أعنى هو وابن ماجه [2/ 817، رقم 2443] من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر، وعبد الرحمن أَبن زيد بن أسلم ضعيف، بل بنو زيد بن أسلم كلهم ضعفاء. وقد ورد من غير طريقه عن زيد بن أسلم لكن عن عطاء بن يسار مرسلا أخرجه حميد بن زنجويه في كتاب الأموال له، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عثمان بن عثمان الغطفاء عن زيد بن أسلم عن عطاء ابن يسار أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وحديث أبي هريرة الذي أعله الشارح بعبد اللَّه بن جعفر المدينى والد على بن المدينى ورد من ثلاثة طرق: الطريق الأول: من رواية عبد اللَّه بن جعفر المذكور عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، أخرجه أبو يعلى [12/ 34، رقم 6682] والبيهقى في السنن [6/ 121].

ولم ينفرد عبد اللَّه بن جعفر به، بل تابعه عبد العزيز بن أبان عن سفيان عن سهيل، أخرجه أبو نعيم في الحلية [7/ 142] وقال: غريب من حديث الثورى. الطريق الثانى: من رواية حفص بن غياث عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، رواه البيهقى [6/ 120] وقال: إنه ضعيف بمرة. الطريق الثالث: من رواية محمد بن عمار المؤذن عن المقبرى عن أبي هريرة، رواه الطحاوى في مشكل الآثار [8/ 13، رقم 3014] وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 221] والبيهقى في السنن [6/ 121]، وهذا طريق حسن على انفراده. وحديث جابر أخرجه الطبرانى في الصغير أيضًا [1/ 43، رقم 34] عن أحمد ابن محمد بن الصلت البغدادى: ثنا محمد بن زياد الكلبى ثنا شرقى بن قطامى عن أبي الزبير عن جابر به. ورواه الخطيب [5/ 33] من طريق الطبرانى، ومحمد بن زياد الكلبى ضعيف، وقد اضطرب فيه فمرة رواه هكذا ومرة قال: عن بشر بن الحسين الهلالى عن الزبير بن عدى عن أنس، أخرجه كذلك الحكيم في نوادر الأصول [1/ 253] في الأصل الثانى عشر: ثنا موسى بن عبد اللَّه بن سعيد الأزدى ثنا محمد بن زياد به. 572/ 1165 - "أَعْطِى وَلا تُوكِى فَيُوكَى عليك". (د) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق قال الشارح: وسكت عليه أبو داود فهو صالح. قلت: هذا عجيب بل الحديث صحيح متفق عليه رواه البخاوى ومسلم وكرره البخارى في عدة مواضع من صحيحه في الزكاة وفي الهبة، ولعدم وقوفه على

أن الحديث في الصحيحين وسنن الترمذى [4/ 342، رقم 1960] والنسائى [5/ 74] سكت عن ذلك التعقب الذي يعتاده في مثل هذا، وإنما لم يعزه المصنف لهم، لأنه وقع عندهم بلفظ: "أنفقى ولا تحصى فيحصى عليك ولا توكى فيوكى عليك"، وقد ذكره المصنف فيما سيأتى وعزاه لأحمد [6/ 354] والبخارى ومسلم. وفي الباب عن عائشة رضي اللَّه عنها أخت أسماء الراوية لهذا الحديث، وكل منهما حدثها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بسبب ذكرته، أما أسماء فقالت: "يا رسول اللَّه، ما لى شئ إلا ما أدخل على الزبير بيته، أفأعطى منه؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" وذكره. وأما عائشة فإنها سألت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن شيء من أمر الصدقة فذكرت شيئا قليلا، فقال لها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أعطى ولا توكى فيوكى عليك"، رواه أحمد [6/ 160]: حدثنا أبو أحمد الزبيرى ثنا محمد بن شريك عن ابن أبي مليكة عن عائشة به. 573/ 1167 - "أُعْطيُت سُورةَ البقرةِ من الذكرِ الأوّلِ، وأعطيتُ طه والطواسينَ والحوامَيمَ من ألواحِ مُوسى، وأعطيتُ فَاتحةَ الكتابِ وخواتيمَ سورةِ البقرةِ من تحتِ العرشِ، والمفصَّلَ نافلةً". (ك. هب) عن معقل بن يسار قلت: الحاكم رواه مختصرا [1/ 561] من طريق مكى بن إبراهيم: ثنا عبيد اللَّه بن أبي حميد عن أبي المليح عن معقل بن يسار. ومن هذا الطريق رواه ابن مردويه: ثنا عبد اللَّه بن محمد بن كوفى ثنا أحمد بن يحيى بن حمزة ثنا مكى بن

إبراهيم به بلفظ: "أعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة من تحت العرش والمفصل نافلة". وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبى بأن عبد اللَّه بن أبي حميد قال أحمد: تركوه اهـ. لكنه لم ينفرد به، بل ورد من غير طريقه لكن من حديث ابن عباس أخرجه حميد بن زنجويه قال: حدثنا ابن أبي أويس حدثنى أبي عن أبي بكر الهذلى عن عكرمة عن ابن عباس: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أعطيت السورة التي ذكرت فيها البقرة من الذكر الأول، وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى، وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم السورة التي ذكرت فيها البقرة من كنز تحت العرش، وأعطيت المفصل نافلة". 574/ 1168 - "أعطيتُ آيةَ الكُرْسِى من تحتِ العرشِ". (تخ) وابن الضريس عن الحسن مرصلا قلت: الذي رأيته في تاريخ البخارى في ترجمة محمد بن نوح رواية البخارى لهذا الحديث معلقا غير موصول، فإنه قال [1/ 249، رقم 792]: روى يحيى بن الضريس عن حماد بن سلمة عن محمد بن نوح عن الحسن قال: "قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره. وهذا معلق لأن البخارى لم يدرك يحيى بن الضريس، وقد روى هذا الحديث موصولا من رواية أبي أمامة عن على عليه السلام، قال أبو المفضل محمد بن عبد اللَّه الشيبانى في مصنفه: ثنا أبو محمد عبد اللَّه بن أبي سفيان الشعرانى إملاء بالموصل ثنا إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكى ثنا محمد بن شعيب بن سابور ثنا عثمان بن أبي

عاتكة الهلالى عن على بن زيد أخبرنا القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة أنه سمع على بن أبي طالب عليه السلام يقول: ما أرى رجلا أدرك عقله في الإسلام يبيت حتى يقرأ هذه الآية: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} إلى قوله {الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} ولو تعلمون ما هى أو ما فيها ما تركتموها على حال، إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أعطيت آية الكرسى من كنز تحت العرش ولم يؤتها نبي قبلى"، قال على: فما بت ليلة قط منذ سمعت هذا من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى أقرأها، قال أبو أمامة: وما تركتها منذ سمعت على بن أبي طالب، وتسلسل ذلك إلى أبي المفضل فقال: وأنا ما تركت قراءتها منذ سمعت هذا الحديث من عبد اللَّه ابن سفيان. ورواه الطوسى في الثامن عشر من أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل به. ورواه الديلمى في مسند الفردوس قال: أخبرنا والدى أخبرنا أبو الغنائم النرسى أخبرنا السيد أبو عبد اللَّه محمد بن على ابن الحسين أخبرنا أبو المفضل الشيبانى به، وذكر التسلسل إليه. قلت: وقد تسلسل ذلك إلينا فسمعنا مسلسلا من أبي النصر القاوقجى عن والده عن عابد السندى عن صالح العمرى عن محمد بن سنة عن الدولاتى عن النور الزيادى عن يوسف الأرقيونى عن الجلال السيوطى المصنف عن التقى بن فهد الهاشمى عن أحمد بن منيب أنا الصدر الميدومى أنا عبد اللطيف الحرانى أنا أبو الفرج ابن الجوزى أنا محمد بن ناصر الحافظ أنا أبو الغنائم النرسى به. وقد رواه ابن أبي شيبة، وأبو عبيد في فضائل القرآن والدارمى في مسنده 21/ 541، رقم 3384، من وجه آخر عن على، إلا أنه عند الدارمى في خواتيم البقرة وإن ترجم عليه لآية الكرسى واللَّه أعلم.

575/ 1169 - "أُعْطِيُت مَا لَمْ يُعْطَ أحدٌ من الأنبياءِ قبلى: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ، وأعطيتُ مفاتيحَ الأرضِ وسُمِّيتُ أحمدَ، وجُعِل لى الترابُ طهورًا وجُعِلتْ أمتى خيرَ الأَمَمِ" (حم) عن على. قال الشارح: رمز المصنف لصحته وهو غير صواب، كيف وقد أعله الهيثمى وغيره بأن فيه عبد اللَّه بن محمد بن عقيل سئ الحفظ، وإن كان صدوقا فالحديث حسن لا صحيح. قلت: الحديث أخرجه أحمد [1/ 98] وابن فيل في جزئه والبيهقى في السنن [1/ 213] كلهم من راوية عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن محمد ابن الحنفية عن على عليه السلام به وعبد اللَّه بن محمد صدوق سئ الحفظ لكنه لم ينفرد به بل توبع عليه من رواية على فأخرجه أبو المفضل الشيبانى ومن طريقه الطوسى في أماليه من رواية محمد بن موسى بن أعين عن أبيه عن عطاء بن السائب عن أبي جعفر محمد بن على بن الحسين عن أبيه عن جده عن على، ثم إن أصل الحديث ورد في الصحيحين وغيرهما من طرق متعددة من حديث جابر وأبي ذر وحذيفة وابن عباس وأبي هريرة وابن عمر وأبي موسى الأشعرى وعبد اللَّه بن عمرو والسائب بن يزيد وأبي سعيد الخدرى، حتى عده المصنف من المتواتر كما نقله عنه الشارح في الحديث الآتى قريبا بلفظ: "أعطيت خمسا" فالحديث مع هذا صحيح، بل فوق الصحيح. 576/ 1171 - "أُعْطيتُ مكانَ التَّوْرَاة السبعَ الطِّوالَ وأُعْطيتُ مكانَ الزبُورِ المِئيِنَ وأُعطيتُ مَكانَ الإِنجيلِ المثَانِى، وفُضِّلْتُ بالمُفَصَّلِ" (طب. هب) عن واثلة قال الشارح في الكبير: قال الهيثمى: وفيه عمران القطان وثقه ابن حبان

وضعفه النسائى وغيره اهـ. وأقول فيه أيضا عمرو بن مرزوق أورده الذهبى في الضعفاء وقال: كان يحيى بن سعيد لا يرضاه فتعصيب الهيثمى الجناية برأس عمران وحده خلاف الإنصاف. قلت: لا جناية إلا منك في التقول على الحديث ونسبة من ليس فيه إليه، فإنه لا وجود لعمرو بن مرزوق في سند هذا الحديث فما أدرى من أين جره الشارح إليه على أن نسختنا من مجمع الزوائد ليس فيها أيضا ما نقله عن الهيثمى إلا أن يكون ذكر ذلك في موضع آخر أما في فضائل القرآن فإنه أورد الحديث، ثم قال رواه أحمد والطبرانى بنحوه ولم يزد على هذا وليس ببعيد أن يقول ما نقله عثه الشارح إما في موضع آخر وإما أن ذلك سقط من نسختنا، لأن عمران القطان موجود في سند الحديث عند أحمد، أما عمرو بن مرزوق فلا وجود له في سنده لا عند أحمد ولا عند الطبرانى. قال أحمد [4/ 107]: حدثنا سليمان بن داود أبو داود الطيالسى أخبرنا عمران القطان عن قتادة عن أبي المليح الهذلى عن واثلة بن الأسقع به. ورواه الطحاوى في مشكل الآثار (ص 154 جـ ثانى) عن يزيد بن سنان ثنا أبو داود الطيالسى به (¬1) وهو ثابت في مسنده على أن الحديث لو كان فيه عمرو بن مرزوق كما زعم الشارح لما ذكره الحافظ الهيثمى، لأن عمرو بن مرزوق ثقة من رجال الصحيح، وإنما تكلم فيه بلا حجة والحديث ورد من وجه آخر ليس فيه عمران القطان، قال أبو عبيد في فضائل القرآن: حدثنا هشام بن إسماعيل الدمشقى عن محمد بن شعيب عن سعيد بن بشير عن قتادة به. ¬

_ (¬1) انظر مشكل الآثار (3/ 409، رقم 1379).

وقال حميد بن زنجويه: أخبرنا أبو أيوب الدمشقى ثنا سعدان بن يحيى ثنا عبيد اللَّه بن أبي حميد عن أبي المليح الهذلى به. 577/ 1173 - "أعطيتُ ثلاثةَ خصالٍ: أعطيتُ صلاةً في الصُّفُوفِ واْعطيتُ السلامَ وهو تحيَّةُ أهلِ الجنّة وَأعطيتُ "آمين" ولم يُعْطَها أحدٌ ممن كانَ قبلكم إِلا أنْ يكونَ اللَّهُ أعَطَاهَا هارونَ، فإنَّ موسى كَانَ يَدْعُو ويؤمِّنُ هَارُونُ". الحارث وابن مردويه عن أنس قلت: سكت عنه كل من المصنف والشارح وهو حديث ساقط في سنده كذاب وضعيف قال الحارث بن أبي أسامة: حدثنا عبد العزيز بن أبان ثنا زربى مولى أنس عن أنس به، وعبد العزيز كذاب متهم وشيخه ضعيف منكر الحديث. 578/ 1175 - "أعطيتُ سبعينَ ألفًا من أمتى يَدْخُلون الجنةَ بغيرِ حسابٍ، وجوهُهُم كالقمرِ ليلةَ البدرِ، قلوبُهم على قلبِ رجلٍ واحدٍ، فاستزدتُ ربِّى عزَّ وجلَّ فزادَنِى مع كلِّ واحدٍ سبعينَ ألفًا" (حم) عن أبي بكر الصديق. قال الشارح: ضعيف لاختلاط المسعودى وعدم تسمية تابعيه. قلت: كل من العلتين لا يؤثر في هذا الحديث لورود أصله متواتر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من حديث نحو عشرين صحابيا فأكثر، ومنهم من لهم طرقا متعددة إليه، منهم عبد الرحمن بن أبي بكر وابن عباس وأبو هريرة وأبو أمامة وابن مسعود وأبو سعيد وجابر بن عبد اللَّه وعمران بن حصين وأبو أيوب الأنصارى وثوبان وأنس وحذيفة والفلتان بن عمر ورفاعة الجهنى وسمرة بن جندب وعمير الليثى

وعمرو بن حزم وأسماء بنت أبي بكر وأبو سعيد الأنصارى وقد عده الصنف من المتواتر وذكر أكثر هذه الطرق وجلها في مجمع الزوائد [10/ 410] وأطال في إيرادها أيضا ابن القيم في حادى الأرواح وغيره. 579/ 1177 - "أُعْطِيَتْ قريشٌ مَا لَمْ يُعْطَ الناسُ: أُعْطُوا مَا أَمْطَرَتِ السماءُ، وَمَا جَرَتْ به الأنهارُ وما سالتْ به السيولُ" الحسن بن سفيان، زاد الشارح: في جزئه وأبو نعيم في المعرفة عن حلبس قال الشارح: بحاء وسين مهملتين بينهما موحدة وزن جعفر، وقيل: بمثناة تحتية مصغرا صحابى صغير يعد في الحمصيين. قلت: الحسن بن سفيان ليس له جزء وإنما له المسند، وهو مشهور جدا ولو فرضنا أن له جزءا فهذا الحديث لم يخرجه في جزئه الموهوم وإنما خرجه في مسنده كما صرح به الحافظ في الإصابة، وكان الشارح ذهب وهمه إلى الحسن ابن عرفة فإنه صاحب الجزء المشهور أو ظنهما واحدا واللَّه أعلم. وما ضبط به اسم الصحابى أولا خطأ، والصواب أنه حليس بالتصغير، وإنما الذي حكى فيه الحافظ القولين رجل آخر ذكره قبل هذا. 579 (مكرر) / 1180 - "أَعظمُ الخَطَايَا اللسانُ الكَذُوبُ". ابن لال عن ابن مسعود (عد) عن ابن عباس. قلت: هذا قطعة من حديث طويل، بل من خطبة خطبها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رويت من حديث جماعة من الصحابة منهم عقبة بن عامر وزيد بن خالد وعبد اللَّه بن عباس وعبد اللَّه بن مسعود بأسانيد ضعيفة فبعض الرواة يذكرها

بتمامها وأكثرهم يختصرها ويفرقها فيخرج في كل موضع جملة منها، وحديث ابن مسعود روى عنه مرفوعا وموقوفا عليه، فأخرج ابن لال هذه القطعة وحدها مرفوعة فقال: حدثنا إسماعيل بن على الخطبى ثنا محمد بن موسى بن حماد ثنا سليمان بن أبي شيخ حدثنا أبي ثنا الحسن بن عمارة عن عبد الرحمن بن عابس بن ربيعة عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره. كذا وقع في الأصل وهو منقطع فإن عبد الرحمن بن عابس عنعن عن عبد اللَّه ابن مسعود. ورواه الحكيم الترمذى في نوادر الأصول [1/ 220] في الأصل السابع والعشرين والمائتين (¬1) فذكر جملة أخرى منه فقال حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن يزيد المقرى ثنا الحسن بن عمارة عن عبد الرحمن بن عابس بن ربيعة عن أبيه عن ابن مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رأس العلم مخافة اللَّه". ورواه أبو نعيم في الحلية [1/ 138] موقوفا على ابن مسعود فقال: ثنا محمد بن إسحاق بن أيوب ثنا إبراهيم بن سعدان ثنا بكر بن بكار ثنا عمرو بن ثابت ثنا عبد الرحمن بن عابس قال: قال عبد اللَّه بن مسعود: "إن أصدق الحديث كتاب اللَّه عز وجل وأوثق العرى كلمة التقوى وخير الملل ملة إبراهيم وأحسن السنن سنة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وخير الهدى هدى الأنبياء وأشرف الحديث ذكر اللَّه وخير القصص القرآن وخير الأمور عواقبها وشر الأمور محدثاتها وما قل وكفى خير مما كثر وألهى ونفس تنجيها خير من إمارة لا تحصيها وشر المعذرة حين يحضر الموت وشر الندامة ندامة القيامة وشر الضلالة الضلالة بعد الهدى وخير الغنى غنى النفس وخير الزاد التقوى وخير ما ألقى ¬

_ (¬1) هو في الأصل السادس والعشرين والمائتين من المطبوع.

في القلب اليقين والريب من الكفر وشر العمى عمى القلب والخمر جماع كل إثم والنساء حبائل الشيطان والشباب شعبة من الجنون والقدح من عمل الجاهلية ومن الناس من لا يأتى الجمعة إلا دبرا ولا يذكر اللَّه إلا هجرا وأعظم الخطايا الكذب وذكر بقية الخطبة". ورواه نصر بن محمد الزاهد في كتاب التنبيه حدثنا أبو جعفر محمد بن الفضل ثنا أبو حذيفة بالبصرة ثنا سفيان ثنا عبد الرحمن بن عابس به فقال: حدثنى ناس من أصحاب عبد اللَّه بن مسعود أنه قال: "أصدق الحديث كلام اللَّه وأشرف الحديث ذكر اللَّه وشر العمى عمى القلب وما قل وكفى خير مما كثر وألهى وشر الندامة ندامة يوم القيامة وخير الغنى غنى النفس وخير الزاد التقوى والخمر جماع الإثم والنساء حبائل الشيطان والشباب شعبة من الجنون وشر المكاسب كسب الربا وأعظم الخطايا اللسان الكذوب". وحديث ابن عباس هو من هذه الخطبة أيضا فقد قال ابن عدى [1/ 41]: ثنا يعقوب بن أبي إسحاق ثنا أحمد بن الفرج ثنا أيوب بن سويد عن الثورى عن ابن أبي نجيح عن طاوس عن ابن عباس قال: كان من خطبة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أعظم الخطايا اللسان الكذوب" ثم قال ابن عدى: لا أعلم يرويه عن الثورى غير أيوب. قلت: قد رواه عنه إسحاق بن بشر لكنه قال عن سفيان الثورى عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس فذكر جملة من تلك الخطبة أخرجه أبو الشيخ قال: حدثنا الحسن بن علوية ثنا الحسن بن على العطار ثنا إسحاق بن بشر به وإسحاق كذاب. ورواه أيوب بن سويد مرة أخرى فلم يقل عن الثورى، بل قال: عن المثنى ابن الصباح عن عمرو بن شعيب عن طاوس عن ابن عباس بحديث الترجمة.

أخرجه ابن عدى عن محمد بن أحمد الوراق عن موسى بن سهل النسائى عن أيوب بن سويد به، ثم قال وهذا إنما يروى عن أيوب بهذا الإسناد اهـ. وحديث عقبة بن عامر خرجه أبو أحمد العسكرى والديلمى والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 263، رقم 1324] مفرقًا والبيهقى في دلائل النبوة [5/ 241] وغيرهم قال أبو أحمد العسكرى: ثنا أبو عمرو بن حكيم ثنا أبو أمية الطرسوسى ثنا يعقوب بن محمد الزهرى ثنا عبد العزيز بن عمران عن عبد اللَّه بن مصعب بن منظور بن جميل ين سنان عن أبيه عن عقبة بن عامر قال "خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزوة تبوك فاسترقد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قيد رمح قال: ألم أقل لك يا بلال اكلأ لنا الفجر؟ فقال: يا رسول اللَّه ذهب بى النوم مثل الذي ذهب بك قال: فانتقل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من منزله غير بعيد يرحل وسار بقية يوميه وليلته فأصبح بتبوك فحمد اللَّه وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: "أيها الناس، أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب اللَّه وأوثق العرى كلمة التقوى وخير الملل ملة إبراهيم وخير السنن سنة محمد وأشرف الحديث ذكر اللَّه وأحسن القصص هذا القرآن وخير الأمور عوارفها وشر الأمور محدثاتها وأحسن الهدى هدى الأنبياء وأشرف الموت قتل الشهداء وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى وخير الأعمال ما نفع وخير الهدى ما اتبع وشر العمى عمى القلب واليد العليا خير من اليد السفلى وما قل وكفى خير مما كثر وألهى وشر المعذرة حين يحضر الموت وشر الندامة يوم القيامة، ومن الناس من لا يأتى الجمعة إلا دبرا ومن الناس من لا يذكر اللَّه إلا هجرا، ومن أعظم الخطايا اللسان الكذوب، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة اللَّه عز وجل، وخير ما وقر في القلب اليقين والارتياب من الكفر، والنياحة من عمل الجاهلية والغلول من جثاء جهنم، والشعر من

إبليس، والخمر جماع الإثم، والنساء حبائل الشيطان، والشباب شعبة من الجنون، وشر المكاسب كسب الربا، وشر المأكل أكل مال اليتيم، والسعيد من وعظ بغيره، والشقى من شقى في بطن أمه، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أدرع، والأمر إلى الآخرة، وملاك العمل خواتمه، وشر الرواية رواية الكذب وكل ما هو آت قريب وسباب المؤمن فسوق وقتاله كفر وأكل لحمه من معصية اللَّه وحرمة ماله كحرمة دمه ومن يتألى على اللَّه يكذبه ومن يستغفره يغفر له ومن يعف يعف اللَّه عنه ومن يكظم الغيظ يأجره اللَّه ومن يصبر على الرزية يعوضه اللَّه ومن يبتغى المشمعة يشمع اللَّه به ومن يصبر يضعف اللَّه له ومن يعص اللَّه يعذبه اللَّه اللهم اغفر لى ولأمتى قالها ثلاثا ثم قال: استغفر اللَّه لى ولكم". قال العسكرى: المشمعة بالشين المعجمة المزاح وامرأة شموع كثيرة الضحك والمعنى من عيب بالناس يعيب اللَّه به ومن رواه بالمهملة أراد المروى. قال: ابن كثير هذا غريب وفيه نكارة وفي اسناده ضعف واللَّه أعلم بالصواب. وحديث زيد بن خالد أخرجه الحكيم الترمذى في نوادر الأصول [2/ 305] في الأصل الثانى والأربعين بعد المائتين (¬1) والدارقطنى [4/ 247] والقضاعي [1/ 66، رقم 55] كلهم من رواية عبد اللَّه بن نافع الصائغ حدثنى عبد اللَّه بن مصعب بن خالد بن زيد بن خالد الجهنى عن أبيه عن جده زيد بن خالد قال: تلقفت هذه الخطبة من في رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بتبوك فذكرها بطولها. وعبد اللَّه بن مصعب قال الذهبى: رفع عن أبيه عن جده خطبة منكرة وفيه جهالة اهـ. قلت: ووجدت بعض هذه الخطبة مرويا أيضا عن أبي الدرداء موقوفا عليه ¬

_ (¬1) هو في الأصل الأربعين بعد المائتين من المطبوع.

أخرجه أحمد في الزهد [ص 204، رقم 756]: ثنا هاشم حدثنى جرير عن عبد الرحمن بن أبي عوف قال: قال أبو الدرداء فذكر نحو هذه الخطبة. ووجدت حديث الترجمة وحده مرويا عن على عليه السلام موقوفا عليه. قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 326] في ترجمة المرزبان بن محمد أبي سهل الأبهرى: حدثنا المرزبان بن محمد حدثنا محمد بن إبراهيم ثنا لوين ثنا أبو عقيل يحيى بن المتوكل عن محمد بن نعيم مولى عمر عن محمد بن عمر عن جده على بن أبي طالب عليه السلام قال: "زين الحديث الصدق وأعظم الخطايا اللسان الكذوب". كمل الجزء الأول من المداوى لعلل الجامع وشرحى المناوى ويليه إن شاء اللَّه الجزء الثانى، وكان الفراغ من كتابة هذا ضحوة يوم الخميس رابع عشر رمضان المعظم سنة خمس وستين وثلاثمائة وألف، على يد كاتبه الفقير إلى رحمة مولاه أحمد بن محمد ابن الصديق الحسنى الغمارى خادم الحديث والسنة وصلى اللَّه على أشرف خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم * * * *

رقم الإيداع بدار الكتب المصرية: 2891/ 96 الترقيم الدولي: 0 - 03 - 5235 - 977 بتاريخ: 3/ 2/ 1996 الطبعة الأولى

«من أَرَادَ صناعَة الحَدِيث فَعَلَيهِ بالمداوي» عبد اللَّه بن الصّديق المُداوي لعلل الْجَامِع الصَّغِير وشرحي الْمُنَاوِي [2]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

هَذِه هِيَ الطبعة الشَّرْعِيَّة الوحيدة لكتاب «المداوي» علمًا بِأَن الْحُقُوق مَمْلُوكَة بالكامل لدار الكتبي وَحدهَا وكل من يتجرأ على طبع الْكتاب سَوف يُتَابع قضائيًا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وسلم 580/ 1182 - "أعْظَمُ الغُلولِ عند اللَّه يَوْمَ القيامة ذراعٌ من الأرض، تَجدُون الرَّجُليْن جَاريْن في الأرض أو في الدَّارِ فَيْقتطِعُ أحدُهُما من حَظِّ صَاحِبهِ ذِرَاعًا، فإن اقْتَطَعَه طُوِّقهُ من سَبْع أَرْضِينَ يَوْمَ القيامةِ". (حم. طب) عن أبي مالك الأشجعي قال الشارح في الكبير: أبو مالك الأشجعي تابعي، قال ابن حجر: سقط الصحابي، أو هو الأشعري فليحرر، كذا رأيته بخطه. ثم قال: إسناده حسن اهـ. والظاهر من احتماليه الأول: فإن أحمد خرجه عن أبي مالك الأشعري، ثم خرجه بالإسناد نفسه عن أبي مالك الأشجعي، فلعله أسقط الصحابي سهوا، قال الهيثمي: وإسناده حسن، وذكر المؤلف أن حديث "تطويق الأرض المغصوبة" رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة وغيرها متواترا، وليس مراده هذا الحديث كما وهم بدليل أنه لما سرد من رواه من الصحابة لم

يذكر الأشجعي. قلت: في هذا أمران: الأول: أن ما استظهره من أحد احتمالي الحافظ وأن صحابي الحديث سقط هو استظهار باطل خطأ بل الواقع خلافه، فإن صحابي الحديث لم يسقط وإنما الرواة اختلفوا في نسبة أبي مالك فبعضهم يقول: الأشعري، وبعضهم يقرل: الأشجعي، فرواه أحمد عن عبد الملك بن عمرو: ثنا زهير بن محمد عن عبد اللَّه بن عقيل عن عطاء بن يسار عن أبي مالك الأشجعي به، وترجم عليه: حديث أبي مالك الأشجعي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وذكر في موضع آخر ترجمة حديث أبي عامر الأشعري، ثم أخرجه بهذا السند عينه وقال: عن أبي مالك الأشجعي ثم ترجم في موضع آخر لأبي مالك الأشعري، ثم رواه بهذا الإسناد عينه فقال: عن أبي مالك الأشعري، ثم بعد ذلك قال: حدثنا وكيع عن شريك عن عبيد اللَّه بن محمد بن عقيل عن عطاء ابن يسار عن أبي مالك الأشعري به، ثم قال: حدثنا أسود بن عامر عن شريك قال الأشعري، ثم قال: حدثنا أسود عن شريك ثنا يحيى بن أبي كثير وأبو النضر قالا: الأشجعي، أو قال: الأشعري. قال عبد اللَّه بن أحمد: وجدت في كتاب أبي بخط يده: حدثت عن الفضل ابن العباس الوافقي -يعنى الأنصاري- عن قرة بن خالد ثنا بديل ثنا شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم قال: قال أبو مالك الأشعري: ألا أحدثكم بصلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: وسلم عن يمينه وعن شماله ثم قال: وهذه صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. ثم قال أحمد: حدثنا زكريا بن عدى أنا عبيد اللَّه -يعنى ابن عمرو- فذكر الحديث، إلا أنه قال: الأشجعي، فأشار أحمد إلى أن الرواة يختلفون في نسبته، فمنهم من يقول: الأشعري، ومنهم من يقول: الأشجعي، كما أنهم اختلفوا في اسمه اختلافا كثيرًا وفي الفرق بينه وبين راو آخر يسمى أبي مالك

الأشعري أيضًا، فقيل: إنهما واحد، وقيل: إنهما اثنان، وأعيا أمرهما كبار الحفاظ فلم يهتدوا للتحقيق بينهما، فبان سقوط ما استظهره الشارح من سقوط صحابي الحديث. الأمر الثاني: ما حكاه عن المصنف من أنه حكم لهذا الحديث بالتواتر ثم قال: وليس مراده هذا الحديث خطأ بَيِّنٌ، بل هذه الطريق من جملة الطرق الدالة على تواتره، وكون المؤلف ذكر رواته فلم يذكر أبا مالك الأشعري منهم فذلك لعدم وقوفه عليه ساعة الكتابة، أو عدم استحضاره، فكم حديث حكم بتواتره وذكر له طرقًا فزدنا عليه الكثير منها، بل ربما زدنا عليه ضعفها أو أكثر من الضعف، ولنا في ذلك كتاب "الإعلام بما تواتر من حديثه عليه الصلاة والسلام" أعان اللَّه على إكماله آمين. والرواة الذين ذكرهم المصنف لهذا الحديث مع عائشة وسعد بن زيد وأبو هريرة ويعلى بن مرة وأنس وسعد بن أبي وقاص وابن عباس والحكم بن الحارث السلمى، وشداد بن أوس وأبو شريح الخزاعي والمسور بن مخرمة وعبادة بن الصامت وأميمة مولاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وابن عمر، فبقي عليه أبو مالك الأشعري وكذلك عبد اللَّه بن مسعود، فإنه روى حديثًا بمعناه، وقد ذكره المصنف بعد هذا مباشرة واستحضره في كتاب المتواتر. وقد يكون في الباب غير هؤلاء أيضًا عند البحث والتنقيب فعدم ذكره راويه لا يدل على كونه ليس بداخل في الباب مع اتحاد معنى الرواية. 580/ -مكرر/ 1185 - "أَعْظَمُ النَّاسِ همّا المؤمِنُ، يهْتَمُّ بأمرِ دنْيَاهُ وأمْرِ آخِرتِه". (هـ) عن أنس قال الشارح في الكبير: فيه يزيد بن أبان الرقاشي متروك، ورواه باللفظ المزبور

عن أنس أيضًا البخارى في الضعفاء، فكان ينبغي للمصنف ذكره للتقوية وبه يصير حسنًا لغيره. قلت: هذا غلط من وجوه: الأول: أن الحديث لا يتقوى بكثرة المخرجين بل يتقوى بالمتابعين ووجود الشواهد، فإذا انفرد بالحديث راوٍ ضعيف فلو أخرجه من طريقه ألف حافظ في ألف مصنف لما زاده ذلك مثقال ذرة من قوة، لأن المدار على تهمة الراوي أو سوء حفظه، وإذ الحديث منحصر في روايته فلا فائدة في تواتره عنه، بل رواية الواحد والألف عنه سواء. الثاني: لا يخلو أن يكون البخارى رواه من غير طريق يزيد بن أبان الرقاشي أو من طريقه، فإن كان رواه من غير طريقه فالواجب أن يقول: أن يزيد لم ينفرد به بل توبع عليه، والمتابعة عند البخارى (¬1)، فينبغي أن يعزوه -أى المصنف- إليهما معًا ليشير بذلك إلى الطريقين، أما مجرد العزو إلى كتاب آخر فلا يفيد، وإن كان رواه من طريق يزيد بن أبان الرقاشي -وهو الواقع- فذكره لضعفاء البخارى والتقوية به من قبيل الهذيان. والحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [3/ 52] وهو أقرب إلى العزو وأشهر من الضعفاء للبخاري، ولو اطلع على ذلك الشارح لزاده في طينه بلة، وفي طنبوره نغمة، وبذلك يتعقب عليه أيضًا. فقد قال أبو نعيم: حدثنا الحسن بن حمويه الجثعمي في جماعة قالوا: حدثنا عبيد بن غنام ثنا إسماعيل بن بهرام ثنا الحسن بن محمد بن عثمان عن سفيان الثورى عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس به. الثالث: قوله: وبه يصير حسنا لغيره لم يترك من التهور شيئًا، بل هو غاية ما يأتي به [من الحماقة] (¬2) في مثل هذا الباب، وقياسًا على هذا فالحديث الموضوع (¬3) ورواه الخطيب مثلًا إذا خرجه معه أبو نعيم من طريق ذلك الكذاب ¬

_ (¬1) انظر: "الهم والحزن" 2/ 74. (¬2) ساقط من الأصل. (¬3) طمس في الأصل.

نفسه يرتقي إلى درجة الضعيف، فإذا رواه الطبرانى من طريقه أيضًا يرتقى إلى درجة الحسن، فإذا رواه البزار من طريقه أيضًا يرتقى إلى درجة الصحيح، فإذا رواه الدارقطنى وأبو يعلى والبيهقى وابن عدى والعقيلي من طريقه أيضًا يرتقى إلى درجة التواتر، فهل سمع بمثل هذه السخافة إلا من الشارح!! 581/ 1187 - "أعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أيْسَرُهُنَّ مُؤنةً". (حم. ك. هب) عن عائشة قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وأقره الذهبى وقال الزين العراقى: إسناده جيد اهـ. وقال الهيثمى: فيه ابن سخبرة، ويقال: اسمه عيسى بن ميمون وهو متروك، والمؤلف رمز لصحته فليحرر. قلت: الحديث رواه أحمد [6/ 154] عن عفان: حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنى ابن الطفيل عن القاسم بن محمد عن عائشة. ورواه الدينوري في المجالسة عن أحمد بن عبد اللَّه بن عبد الكريم: ثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة، فقال عن ابن سخبرة به، فقيل كما حكاه الحافظ الهيثمى أن ابن سخبرة هذا هو عيسى بن ميمون الواسطى، فقد ذكر في التهذيب أن حماد بن سلمة يسميه الطفيل بن سخبرة، ولعل شبهة من قال هذا كون الحديث مروي من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة. كذلك أخرجه أبو عروبة الحراني والقضاعي من طريقه: حدثنا عبد الرحمن بن خالد ثنا محمد بن مصعب عن عيسى بن ميمون به، وهو: باطل جزما إذ كيف يسمى عيسى بن ميمون بالطفيل بن سخبرة، فإنها أسماء متغايرة فيكون ذلك كذبا من فاعله. وقد رواه أبو داود الطيالسى في مسنده [رقم 1427] فقال:

حدثنا موسى بن تليدان من آل أبي بكر الصديق قال: سمعت القاسم بن محمد يحدث به عن عائشة، لكنه (¬1) فقالوا أيضًا أن موسى بن تليدان هذا هو عيسى بن ميمون كما ذكره الحافظ في التقريب [2/ 102/ 926] في ترجمة عيسى بن ميمون المدني مولى القاسم المعروف بالواسطي فقال: ويقال له ابن تليدان بفتح المثناة اهـ. وهذا أيضًا باطل وقد ذكر في التهذيب [5/ 14/ 26] الطفيل بن سخبرة، فقال: روى حماد بن سلمة عنه عن القاسم عن عائشة مرفوعًا: "أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة" اهـ. ولم يزد على ذلك حرفا ولم يقل إنه عيسى بن ميمون ولا موسى بن تليدان. ثم إن الحاكم رواه في المستدرك [2/ 178] من طريق إسحاق بن الحسن الحربي: ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة فقال: عن عمر بن طفيل بن سخبرة، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبى مع أني لم أر في رجال مسلم من اسمه عمر بن طفيل. ورواه أبو نعيم في الحلية [7/ 290] من طريق يزيد بن هارون والعلاء بن عبد الجبار أو غيره ومسلم بن إبراهيم كلهم عن حماد بن سلمة، فقال: حدثنا الطفيل بن سخبرة وسماه مرة أخرى يزيد بن سخبرة، كذلك ذكره أبو نعيم في الحلية [6/ 257]، لكن لما أسنده من طريقه لم يقل يزيد، بل قال: ابن سخبرة، ولفظ أبي نعيم [2/ 186]: حدثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا موسى بن تليدان -من آل أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه- قال: سمعت القاسم بن محمد يحدث عن عائشة -رضي اللَّه تعالى عنها- قالت: "أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة" فقال لي أبي: عائشة -رضي اللَّه عنها- أخبرتك عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: هكذا حدثت وهكذا حفظت، قال أبو نعيم: رواه عمر بن على المقدمي وعبد ¬

_ (¬1) مطموسة من الأصل.

الصمد وسعيد بن عامر عن موسى مرفوعًا. ورواه حماد بن سلمة عن يزيد بن سخبرة عن القاسم عن عائشة مرفوعًا حدثناه أبو بكر بن خلاد قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا يزيد بن هارون ثنا حماد بن سلمة عن أبي سخبرة عن القاسم عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة". قال أبو نعيم: رواه أحمد بن حنبل وأبو خيثمة والناس عن يزيد بن هارون مثله، ورواه صفوان بن سليم عن عروة عن عائشة نحوه اهـ. وبالجملة فقد اختلف على حماد بن سلمة في اسم شيخه، في هذا الحديث اختلافا شديدًا، كما اختلف في الرجل نفسه من هو وما اسمه فاللَّه أعلم، غير أنه ليس عيسى بن ميمون جزما، وإنما عيسى بن ميمون أحد رواته عن القاسم ابن محمد. 582/ 1188 - "أعْظَمُ آيَةً فِي القرآنِ آيةُ الكُرسِي، وأعْدَلُ آية فِي القرآن {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} إلى آخرهَا، وأخْوَفُ آية في القُرآن {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} وَأرجَى آية في القرآن {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} ". الشيرازي في الألقاب، وابن مردويه، والهروي في فضائله عن ابن مسعود قال الشارح: رمز المصنف لضعفه. قلت: أما أوله في كون أعظم آية في القرآن آية الكرسي فورد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من طريق جماعة من الصحابة في صحيح مسلم [مسافرين (258)] والسند [5/ 58، 142] والسنن وغيرها.

ومنهم عبد اللَّه بن مسعود أخرجه ابن مردويه أيضًا قال: حدثنا عبد الباقي بن قانع أخبرنا عيسى بن محمد المروزي أخبرنا عمر بن محمد البخارى أخبرنا عيسى بن موسى عنجار عن عبد اللَّه بن كيسان ثنا يحيى أخبرنا يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب أنه خرج ذات يوم على الناس وهم. . . (¬1) فقال: أيكم يخبرني بأعظم آية في القرآن؟ فقال ابن مسعود: على الخبير سقطت سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أعظم آية في القرآن: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}. وأما الحديث بطوله فالأقرب في صحته أنه موقوف فقد أخرجه الطبرانى (¬2) من طريق الشعبي عن سنيد بن شكل أنه قال: سمعت ابن مسعود يقول: "إن أعظم آية في كتاب اللَّه: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، وإن أجمع آية في القرآن بخير وشر: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} وإن أكثر آية في القرآن فرحًا في سورة الغرف: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} وإن أشد آية في كتاب اللَّه تفويضًا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} فقال له مسروق: صدقت. 583/ 1189 - "أَعْظَمُ النَّاس فِرْيةً اثْنَان: شَاعرٌ يَهْجُو القَبيلة بأسْرِهَا، وَرَجلٌ انْتَفى مِنْ أبيه". ابن أبي الدنيا في ذم الغضب (هـ) عن عائشة قالت: أخرجه أيضًا البخارى في الأدب المفرد قال: حدثنا قتيبة ثنا جرير عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن يوسف بن ماهان عن عبيد بن عمير عن عائشة به، وإسناده جيد حسن. 584/ 1190 - "أَعَفُّ النَّاسِ قتْلة أهْلُ الإيمَانِ". (د. هـ) عن ابن مسعود ¬

_ (¬1) مطموسة من الأصل. (¬2) انظر "مجمع الزوائد" (6/ 323).

قلت: أخرجه أيضًا ابن أبي عاصم في كتاب الديات وترجم عليه: باب إذا دفع القاتل إلى أولياء المقتول ما لهم أن يفعلوا به، ثم قال: حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة ثنا غندر عن شعبة عن مغيرة عن شِباك عن إبراهيم عن هُنَيّ بن نويرة عن علقمة عن عبد اللَّه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، ورجاله ثقات (¬1). 585/ 1191 - "اعْقِلْهَا وَتَوَكَّل". (ت) عن أنس. قال في الكبير: واستغربه، ثم حكى عن الفلاس أنه منكر، وقال يحيى القطان: حديث منكر، وقال غيره: فيه المغيرة بن أبي قَرة السدوسي مجهول فهو معلول، فعزو المصنف الحديث لمخرجه وسكوته عما عقبه به من القدح في سنده من سوء التصرف. قلت: ذاك هو اصطلاحه في كتابه من أوله إلى آخره، فيجب انتقاد الكتاب عليه من أصله، وهو إنما دعاه إلى ذلك الاختصار، ولأجله رمز للرجال ورمز للصحة والحسن والضعف؛ فبدل أن يقول: قال الترمذى: كذا، يرمز بسورة (ض) فتكفي عن ذلك، فالشارح إنما يسود الورق بلا طائل، ثم إنه أخطأ فيما نقله عن الترمذى، فإن الترمذى لم ينقل ذلك عن الفلاس، وإنما نقله بواسطته عن يحيى القطان، فإنه أخرج الحديث في الزهد وفي العلل، قال في كل منهما: حدثنا أبو حفص عمرو بن على ثنا يحيى بن سعيد القطان ثنا المغيرة بن أبي قرة السدوسي قال: سمعت أنس بن مالك يقول: "قال رجل: يا رسول اللَّه: أعقلها وأتوكل أو أطلقها وأتوكل؟ قال: اعقلها وتوكل". قال: عمرو بن علي هو الفلاس، قال يحيى بن سعيد: هذا عندي حديث ¬

_ (¬1) انظر الييهقي (8/ 61)، ابن أبي شيبة (9/ 420).

منكر، قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه لا نعرفه من حديث أنس بن [مالك] إلا من هذا الوجه، وقد ورد عن عمرو بن أمية الضمري عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحو هذا اهـ. فالفلاس إنما هو راوٍ لا قائل. وقد أخرج الحديث ابن أبي الدنيا في التوكل [ص 27، رقم 12] عن أبي حفص الصيرفي وهو عمرو بن على الفلاس شيخ الترمذى فيه به مثله. ورواه أبو نعيم في الحلية [8/ 390]: حدثنا حبيب بن الحسن ثنا عبد اللَّه بن محمد بن الفضل الحربي ثنا عمرو بن علي به. ورواه القشيري في الرسالة من طريق أحمد بن عبيد الصفار في مسنده قال: حدثنا غيلان بن عبد الصمد ثنا إسماعيل بن مسعود الجحدري ثنا خالد بن يحيى ثنا عمر [ثنا] المغيرة بن أبي قرة به. أما حديث عمرو بن أمية الضمري الذي أشار إليه الترمذي فسيأتي في حرف "القاف" في: "قيدها وتوكل"، وهو عند الحاكم في المستدرك، وقال عنه الذهبى: سنده جيد. وفي الباب عن أبي هريرة وغيره. 586/ 1192 - "أَعْلَمُ النَّاسِ مَنْ يَجْمَعُ عِلمَ النَّاسِ إلى عِلمِهِ، وَكُلُّ صَاحِبِ عِلمٍ غَرْثَانُ" (ع) عن جابر قلت: قال أبو يعلى [2/ 120]: ثنا عقبة بن مكرم ثنا مسعدة بن اليسع عن شبل بن عباد عن عمرو بن دينار عن جابر أن رجلًا جاء إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "أى الناس أعلم؟ فقال: من يجمع علم الناس إلى علمه، وكل صاحب علم غرثان إلى علم".

ورواه ابن السني وأبو نعيم في رياضة المتعلمين، والقضاعي في مسند الشهاب والديلمي في مسند الفردوس [1/ 1، رقم 121] وأبو بكر بن خير في فهرسته كلهم من طريق أبي يعلى به، إلا أن القضاعي اختصره فاقتصر على قوله: "كل صاحب علم غرثان إلى علم" فأفسد معناه إذ صيره جملة مستأنفة مكونة من مبتدأ وخبر، فجاء منها ما لا يوافق الواقع، لأنه ليس كل صاحب علم غرثان إلى علم، لا سيما في هذه العصور المظلمة. وإنما معنى الحديث إن صح: أن أعلم الناس هو الذي يجمع علم الناس إلى علمه، والذي يكون جائعا حريصًا على العلم والاستفادة لا يمل ولا يشبع، فإن ذلك يؤل به إلى أن يكون أعلم الناس، وهذا لو صح الحديث وإلا فمسعدة بن اليسع هالك ساقط وقد كذبه أبو داود، وقال أحمد: ضربنا حديثه منذ دهر اهـ. فالغالب على الظن أنه مما عملت يداه، وقد ورد في معناه أثر ذكرته في المستخرج على مسند الشهاب. 587/ 1194 - "اعْلَمْ يَا أبَا مَسْعودٍ أن اللَّه أقْدَرُ عَليكَ مِنْكَ عَلى هَذَا الغُلام". (م) عن أبي مسعود قلت: أخرجه أيضًا الحسن بن سفيان في مسنده: ثنا محمد بن أبي بكر ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي مسعود الأنصاري قال: "بينا أنا أضرب غلامًا بالسوط إذ سمعت صوتا من خلفي: اعلم يا أبا مسعود، فجعلت لا أعقل من الغضب حتى دنا مني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما رأيته وقع السوط من يدي، فقال: اعلم أبا

مسعود أن اللَّه أقدر عليك منك على هذا، فقلت: والذي بعثك بالحق لا أضرب عبدًا أبدا". ورواه الطبراني [17/ 245] قال: حدثنا زكريا بن حمدويه ثنا سفيان ثنا شعبة وأبو عوانة عن الأعمش به. ورواه أبو نعيم في الحلية عن الطبراني ثم قال [4/ 219]: رواه الثوري وقيس ابن الربيع وجرير والناس عن الأعمش. 588/ 1197 - "أَعْلِنُوا النِّكاحَ". (حم. حب. طب. حل. ك) عن ابن الزبير قال الشارح: ورجال أحمد ثقات. قلت: لا معنى لتخصيص أحمد [4/ 5] فإن سند الحديث عند جميع المذكورين واحد فكلهم رووه من طريق عبد اللَّه بن وهب عن عبد اللَّه بن الأسود القرشى عن عامر بن عبد اللَّه بن الزبير عن أبيه به، ثم قال الحاكم [2/ 183]: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال أبو نعيم: تفرد به ابن وهب. 589/ 1198 - "أَعْلنُوا هَذَا النِّكاحَ، واجعلُوهُ فِي المساجد، وَاضْرِبُوا عَليهِ بَالدُّفُوفِ". (ت) عن عائشة قلت: قال الترمذي [رقم 1089]: ثنا أحمد بن منيع ثنا يزيد بن هارون ثنا عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة به. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان قال [1/ 174]:

حدثنا أبي أنبأنا محمد بن أحمد بن يؤيد ثنا إبراهيم بن عون ثنا الحجاج بن نصير ثنا عيسى بن ميمون به ورواه البيهقي من طريق أبي العباس الأصم [7/ 290]: ثنا محمد بن إسحاق ثنا محمد بن جعفر ثنا عيسى بن ميمون به. وزاد بعد قوله: "واضربوا عليه بالدفوف": "وليولم أحدكم ولو بشاة، فإذا خطب أحدكم امرأة وقد خضب بالسواد فليعلمها ولا يغرنها"، ثم قال: عيسى ابن ميمون ضعيف وكذلك قال الترمذي عقب الحديث: وعيسى بن ميمون يضعف في الحديث. قلت: لكنه توبع عليه، فأخرجه ابن ماجه [رقم 1895] قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي والخليل بن عمرو قالا: ثنا عيسى بن يونس عن خالد بن إلياس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالغربال". ورواه أبو نعيم في الحلية [3/ 265]: حدثنا القاضي أبو أحمد ثنا محمد بن موسى الحلواني ثنا نصر بن علي به، ثم قال أبو نعيم: هذا حديث مشهور من حديث القاسم عن عائشة تفرد به خالد عن ربيعة. ورواه البيهقي [7/ 290] من طريق الأصم: ثنا محمد بن إسحاق ثنا أصبغ ثنا عيسى بن يونس به، لكن وقع [به] خالد بن إياس. ثم قال البيهقي عقب الحديث: كذا قال: وإنما هو خالد بن إلياس وهو ضعيف اهـ. قلت: بل هو أضعف من عيسى بن ميمون.

590/ 1199 - "أعْمَارُ أمَّتِي مَا بَينَ السِّتِّينَ إلى السَّبْعِينَ وأقَلهُمْ منْ يجوز ذَلِكَ". (ت) عن أبي هريرة (ع) عن أنس قال في الكبير: وقال الترمذي عقب حديث أبي هريرة: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، قال ابن حجر: وهو عجيب منه فقد رواه في الزهد أيضًا من طريق أخرى عن أبي هريرة وإليه أشار المصنف بقوله (ع) عن أنس، قال: وفيه عند أبي يعلى شيخ هشيم لم يسم، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: هذا وهم من أوهام الشارح يريد أن يجر رجل الحافظ إليه وهو منه برئ فالترمذي لم يخرجه من حديث أنس أصلًا، فكيف يقول: وهو الذي أشار إليه المصنف بقوله: ورواه أبو يعلى [1/ 311] عن أنس، وإنما الواقع أن الحديث رواه الحسن بن عرفة في جزئه المشهور عن عبد الرحمن بن عمر المحاربي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. ومن طريق الحسن بن عرفة أخرجه الترمذي [2/ 272]، وابن ماجه [رقم: 246]، والحاكم في المستدرك [1/ 427]، والخطيب في التاريخ [6/ 397]، والقضاعي في مسند الشهاب [1/ 174]، والثعلبي في التفسير [3/ 158/ 2]، وابن النقور في فوائده، وأبو الحسن بن المغيرة في فوائده أيضًا وآخرون، وادعى الترمذي عقب هذه الطريق أنه لا يعرف الحديث إلا من هذا الوجه عن أبي هريرة مع أنه نفسه أخرجه من وجه آخر عن أبي هريرة، فقال [رقم: 233]: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ثنا محمد بن ربيعة عن كامل أبي العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عمر أمتي من ستين سنة إلي سبعين". ثم قال: هذا حديث حسن غريب من حديث أبي صالح عن أبي هريرة وقد

روى من غير وجه عن أبي هريرة اهـ. وهذا هو الصواب فقد ورد عن أبي هريرة من رواية سعيد بن أبي سعيد المقبري عنه، أخرجه أحمد [3/ 320] من رواية محمد بن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعًا: "من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر اللَّه إليه في العمر". وأخرجه أيضًا [2/ 405] من رواية أبي معشر عن سعيد بلفظ: "من عمَّر ستين سنة أو سبعين سنة فقد عذر إليه في العمر". وأخرجه أيضًا من طريق أبي حازم عن سعيد بنحو اللفظ الأول. وأخرجه البخاري [8/ 111] في الرقاق من صحيحه من رواية معن بن محمد الغفارى عن سعيد بلفظ: "أعذر اللَّه إلى امرئ [أخر] أجله حتى بلغه ستين سنة". ورواه أحمد [2/ 275] من هذا الوجه إلا أنه أبهم الغفاري فقال: حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن رجل من بني غفار عن سعيد به. ورواه ابن جرير والبزار كلاهما من طريق أبي حازم عن سعيد. ورواه ابن أبي حاتم في التفسير، والبندهي في شرح المقامات من طريق سعيد ابن أبي عروبة عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري به. ورواه الحاكم من طريق الليث بن سعد عن سعيد به بلفظ [2/ 427]: "إذا بلغ الرجل من أمتي ستين سنة فقد أعذر إليه في العمر"، ثم قال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه فوهم في ذلك. ورواه أيضًا من طريق عبد الرزاق عن معمر كما سبق عند أحمد. ورواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول في الأصل الثالث والأربعين بعد المائة (¬1). ¬

_ (¬1) هو في الأصل الثاني والأربعين بعد المائة من المبطوع، (1/ 675 - 679).

وأبو يعلى [رقم: 542] والخطيب [5/ 476]، والقضاعي [2/ 15]، كلهم من طريق ابن أبي فديك: ثنا إبراهيم بن الفضل بن سليمان عن المقبري عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين". وله أيضًا طريق آخر رواه ابن جرير [22/ 93]، والحاكم في المستدرك [2/ 427]، من طريق معمر بن راشد عن محمد بن عبد الرحمن الغفاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لقد أعذر إلى عبد عمره ستين أو سبعين سنة، لقد أعذر اللَّه في عمره إليه". وحديث أنس له طريق آخر عند الحاكم في تاريخ نيسابور من رواية محمد بن مروان السدي عن عمرو بن قيس الملائي عن أنس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: فناء أمتي ما بين الخمسين إلى الستين ولن يعذب اللَّه أبناء الثمانين من أمتي". محمد بن مروان السدي ضعيف. وله طريق آخر أيضًا سيأتي في حديث: "أقل أمتي أبناء السبعين"، وإن وهم المصنف فجعله من حديث أبي هريرة. وفي الباب عن ابن عباس وسهل بن سعد وحذيفة وغيرهم وقد ذكرت أحاديثهم مسندة في مستخرجي على مسند الشهاب. 591/ 1200 - "اعْمَلْ لِوَجْهٍ واحِدٍ يَكْفِيكَ الوُجُوهَ كُلهَا". (عد. فر) عن أنس قال الشارح في الكبير: فيه أبو عبد الرحمن السلمي سبق أنه وضاع للصوفية ومحمد بن أحمد بن هارون، قال الذهبي في الضعفاء: متهم بالوضع، ونافع ابن هرمز أبو هرمز، قال في الميزان: كذبه ابن معين وتركه أبو حاتم وضعفه أحمد.

قلت: تقدم لنا مرارا أن تعليل الشارح الأحاديث بأبي عبد الرحمن السلمي من جهله التام بالحديث وبعده الشاسع عن دراية صناعته، بل تعرضه لذكر الرجال من فضوله المجرد الذي لا يصنع به شيئًا سوى أنه يفضح نفسه، وقدمنا ترجمة أبي عبد الرحمن السلمي وبيان ثقته وجلالته ونزيد هنا أن هذا الحديث رواه ابن عدي في الكامل [7/ 2513] عمن هو في طبقة أشياخ شيوخ أبي عبد الرحمن السلمي لأنه أكبر منه، ومات قبله بسبع وأربعين سنة، فبرئت ساحة أبي عبد الرحمن منه، فإن أبا عبد الرحمن إنما هو في سند الديلمي إذ قال: أخبرنا فيد بن عبد الرحمن أخبرنا أبو مسعود البجلي أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا محمد بن أحمد بن هارون ثنا عبد الرحمن بن محمد علي بن زهر القرشي ثنا أيوب بن علي بن مغلاص حدثنا أحمد بن يونس سمعت نافعًا أبا هرمز سمعت أنسا به. ولما ذكره الحافظ في زهر الفردوس أعله بنافع وحده فقال: نافع ضعيف جدًا، وكذلك فعل ابن عدي فأخرجه في ترجمة نافع، وتبعه الذهبي في الميزان فأورده في ترجمته على أنه من مناكيره، فأين أبو عبد الرحمن السلمي الإمام الثقة الجليل من التهمة بهذا الحديث؟! لولا جهل الشارح بهذه الصناعة، وكذلك شيخه محمد بن أحمد بن هارون لا دخل له في الحديث. 592/ 1201 - "اعْمَلْ عَمَلَ امْرِئٍ يَظنُّ أنْ لَنْ يَمُوتَ أَبدًا، واحْذَر حَذَرَ امْرِئٍ يَخْشى أنْ يَموتَ غَدًا". (هق) عن ابن عمر وقال الشارح في الكبير في الكلام على معنى الحديث: والمراد تقديم أمر الآخرة وأعمالها حذر الموت بالفوت على عمل الدنيا، وتأخير أمر الدنيا كراهة الاشتغال بها على عمل الآخرة، وأما ما فهمه البعض أن المراد: "اعمل لدنياك

كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا"، ويكون فيه الحث على عمارة الدنيا لينتفع بها من يجئ بعده والحث على عمل الآخرة فغير مرضي، لأن الغالب على أوامر الشارع ونواهيه الندب إلى الزهد في الدنيا والتقلل من متعلقاتها والوعيد على البناء وغيره، وإنما مراده أن الإنسان إذا علم أنه يعيش أبدًا قل حرصه وعلم أن ما يريده لن يفوته تحصيله بترك الحرص عليه والمبادرة إليه فإنه يقول: إن فاتني اليوم أدركته غدًا فإني أعيش أبدا فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اعمل عمل من يظن أنه يخلد" فلا يحرص على العمل فيكون حثا على التقلل بطريق أنيق ولفظ رشيق ويكون أمره بعمل الآخرة على ظاهره فيجمع بالأمرين حالة واحدة وهو الزهد والتقلل لكن بلفظين مختلفين، أفاده بعض المحققين. قلت: أخطأ المصنف في عزو هذا الحديث، وأخطأ الشارح في معناه. أما المصنف فإنه عزا الحديث إلى البيهقي في السنن [3/ 19]، والبيهقي لم يخرجه بهذا اللفظ بل خرجه مطولًا، وهذه الجملة المذكورة هنا هي من تمامه، فرواية البيهقي لا تدخل في هذا الحرف على اصطلاحه، وإنما رواه بهذا اللفظ الديلمي في مسند الفردوس فقال: أخبرنا محمود بن إسماعيل أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن على المكفوف حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن الحسن الكرخي ثنا أحمد بن محمد بن زنجويه ثنا عبد اللَّه بن صالح ثنا ليث عن ابن عجلان عن مولى لعبد اللَّه بن عمرو عن عبد اللَّه بن عمرو قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: اعمل. . . " وذكر مثله. وهذا اختصار من بعض جهلة الرواة وهو الذي أوقع في الغلط في فهم معناه حتى رواه بعضهم باللفظ المشهور المتداول بين الناس، لا سيما خطباء القاهرة وعلماء الازهر المفتونين بالدنيا الجاهلين بالآخرة، فإن الواحد منهم لا يكاد

يحفظ إلا هذا الحديث، يتخذه عدة لما هو عليه من محبة الدنيا والافتتان بها وبأهلها وهو قولهم: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"، لأن الراوي الذي وقف على هذا الحديث مختصرًا وهو قوله: "اعمل عمل امرئ يظن أنه لن يموت أبدا واحذر حذر امرئ يخشى أن يموت غدا"، فهم أن المراد بالشطر الاول وهو الأمر بالعمل العمل للدنيا، وبالشطر الثاني وهو الأمر بالحذر العمل للآخرة، فرواه على هذا المعنى فأخرجه ابن قتيبة في عيون الأخبار عن أبي حاتم عن الأصمعي عن حماد بن سلمة عن عبيد اللَّه بن العيزار عن عبد اللَّه بن عمرو أنه قال: "احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا واحرث لأخرتك كأنك تموت غدا". ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده فبين أن في هذا السند انقطاعًا، لأنه رواه من طريق ابن عمر الصفار عن عبد اللَّه بن العيزار قال: لقيت شيخًا بالرملة من الأعراب كبيًا، فقلت: أما لقيت أحدًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: نعم. فقلت: من؟ قال: عبد اللَّه بن عمرو بن العاص. فقلت له: فما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول: "احرز لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا" هكذا ذكره موقوفًا، وهو في الأصل مرفوعًا، وكأن الذي تصرف فيه ورواه على هذا المعنى الباطل المنكر هو ابن العيزار فإنه مجهول. ويؤيد ذلك أن ابن عجلان رواه عن مولى لعبد اللَّه بن عمرو الذي يحتمل أن يكون هو هذا الشيخ فذكره مرفوعًا بلفظ آخر وهو الذي قدمناه، وذكره المصنف في الكتاب وهو أيضًا مختصر. وأصل الحديث ما رواه جماعة منهم البيهقي الذي عزاه المصنف إليه فقال في باب القصد في العبادة والجهد في المداومة من سننه [3/ 18، 19]:

أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى ثنا الفضل بن محمد الشعراني ثنا أبو صالح ثنا الليث عن ابن عجلان عن مولى لعمر بن عبد العزيز عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك فإن المنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى، فاعمل عمل امرئ يظن أن لن يموت أبدا، واحذر حذر امرئ يخشى أن يموت غدا". فعزو المصنف آخر الحديث إليه لا يخفى ما فيه، مع أنه كذلك موهم لا يتضح معناه إلا بإيراده بتمامه، ولذلك وهم الشارح في معناه وقرر ما سمعت وهو خلاف المراد، إذ معنى الحديث ظاهر من أوله وهو الأمر بالرفق في العمل، والاقتصاد في العبادة، وعدم التوغل فيها، والاجتهاد والإكثار الذي قد يؤدي بصاحبه إلى الملل والضجر والترك بالكلية فيكون كالمنبت لا أرضًا قطع ولا ظهر أبقى، بل يعمل بعد أداء الفرائض عمل من يظن أن لن يموت أبدا، فهو في كل وقت يكتسب قليلًا من العمل والقليل في المدة الطويلة كثير هذا في جانب العمل والتحلي به، وأما في جانب الحذر والترك للمعاصي والتباعد منها جملة وتفصيلًا كبيرها وصغيرها فليحذر حذر من يظن أنه يموت غدا، فلم يبق له متسع للتدارك بالمكفرات ولا تسويف بإحضار التوبة، لأن ترك المنهيات آكد في الدين وأصلح للمرء من الإتيان بالمأمورات، كما في مسند عائشة رضي اللَّه عنها أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أحب أن يسبق الدائب المجتهد فليكف عن الذنوب". وكما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث الصحيح (¬1): "إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عنه فانتهوا"، فقيد الأمر بالاستطاعة وأطلق في النهي، لأن المطلوب التباعد من المنهيات جملة وتفصيلًا، فهذا معنى قوله في هذا الحديث: "اعمل عمل امرئ يظن أن لن يموت أبدا واحذر حذر امرئ يخشى أن يموت غدا"، كما هو ظاهر من تمامه وقد شرحه على هذا المعنى غير واحد من ¬

_ (¬1) انظر صحيح البخاري (9/ 117)، ومسلم في: الحج (412).

العلماء، وتكلم عليه بمثل ما هنا الشاطبي في الاعتصام وابن رجب في بعض رسائله، كما نقلت ذلك في جزء أفردته للكلام على الحديث المتداول الباطل وسميته: "إياك من الاغترار بحديث أعمل لدنياك"، وبينت فيه أن معنى هذه الجملة مستحيل لا يتصور في العقل وجوده، إذ من عمل للدنيا كأنه يعيش أبدا وانقطع إليها هذا الانقطاع كيف ينقطع إلى الآخرة انقطاعًا كليا كانقطاع من يظن أنه يموت غدا؟!، فإنه لم يبق له متسع لغير العمل والتوبة والرغبة إلى اللَّه تعالى في هذا الزمن القصير، فالجملة الشائعة حديثا آمرة بالمتناقضين وذلك محال. 593/ 1202 - "اعْمَلُوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لهُ". (طب) عن ابن عباس وعن عمران بن حصين قال في الكبير: قال الهيثمي: رجاله ثقات ومن ثم رمز المصنف لصحته. قلت: هذا كلام مجمل لا يدري معه هل قال هذا الحافظ الهيثمي في حديث ابن عباس أو في حديث عمران أو فيهما معا؟، بل صنيع الشارح صريح في أنه قال ذلك في حديث عمران، لأن الشارح زاد عقب قول المصنف: وعن عمران قال: "قال رجل يا رسول اللَّه أنعمل فيما جرت به المقادير وجف به القلم أو شيء نستأنفه؟ قال: بل بما جرت به المقادير وجف به القلم. قال: ففيم العمل؟ قال: اعملوا. . . "، قال الهيثمي: ورجاله ثقات اهـ. وهذا غير صحيح ولا صواب، فإن الهيثمي لم يورد حديث عمران، وإنما أورد حديث ابن عباس [7/ 195] باللفظ الذي أتى به الشارح، ثم قال: رواه الطبراني والبزار بنحوه إلا أنه قال في آخره: فقال القوم بعضهم لبعض: "فالجد إذًا" ورجال الطبراني ثقات اهـ. أما حديث عمران فلم يذكره وليس هو من شرط كتابه، ولو ذكره لكان واهما فيه، لأن موضوع كتابه الأحاديث الزائدة على الكتب الستة مما أخرجه أصحاب الكتب التي قصد جمع زوائدها، وحديث عمران خرجه البخاري [6/ 211]،

ومسلم [القدر: 6]، وأبو داود [رقم 16]، فقال البخاري: حدثنا آدم ثنا شعبة حدثنا يزيد الرشك قال: سمعت مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير يحدث عن عمران بن حصين قال: "قال رجل: يا رسول اللَّه، أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟ قال: نعم. قال: فلم يعمل العاملون؟ قال: كل يعمل لما خلق له أو لما يسر له". ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى: أخبرنا حماد بن زيد عن يزيد الضبعي ثنا مطرف به. ورواه أيضًا من طريق عبد الوارث عن يزيد وفيه عن عمران "قلت: يا رسول اللَّه. . . ". ورواه أبو داود عن مسدد عن حماد بن زيد به. وإنما لم يعزه المصنف لهم، لأن أوله غير مصدر بالحرف الذي يدخل هنا. والحديث متواتر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لوروده من حديث جماعة بلفظه ومعناه، والذين رووه بلفظه خاصة منهم أيضًا سعد بن أبي وقاص وعمر بن الخطاب وعبد اللَّه بن مسعود وجابر بن عبد اللَّه وعلي بن أبي طالب والبراء بن عازب وسراقة بن مالك وأبي بكر وذي اللحية الكلاعي وأبي الدرداء وعبد اللَّه بن عمر وأبي هريرة وأبي أمامة وبشير بن كعب مرسلًا. فحديث سعد بن أبي وقاص رواه محمد بن الحسن في الآثار، والقضاعي في مسند الشهاب، وأبو بكر بن محبد الباقي وأبو محمد البخاري وطلحة بن محمد في مسانيد أبي حنيفة كلهم من رواية أبي حنيفة عن عبد العزيز بن رفيع عن مصعب بن سعد عن أبيه به. وحديث عمر رواه أحمد [1/ 82]، والبزار والطبراني [4/ 280]. وحديث ابن مسعود رواه أحمد من رواية علي بن زيد: سمعت أبا عبيدة يحدث، قال: قال عبد اللَّه: وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، وأصل حديثه في

الصحيح. وحديث جابر رواه أحمد ومسلم وابن جرير في التفسير ومحمد بن الحسن في الآثار، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 106، 109]، وأبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين كلهم من رواية أبي الزبير عنه. وحديث علي رواه البخاري [رقم: 6217]، ومسلم [القدر: 6]، والترمذي [رقم: 2136]، وابن ماجه [رقم: 78]، والدولابي في الكنى [2/ 102]، وأبو نعيم في التاريخ، والبيهقي في الاعتقاد. وحديث البراء رواه أبو الحسين بن بشران في فوائده. وحديث سراقة رواه ابن ماجه [رقم: 91]، والدولابي في الكنى [2/ 102] والطبراني في الكبير. وحديث أبي بكر رواه أحمد [1/ 18، 19] وأبو داود في كتاب القدر المفرد له، والبزار والطبراني. وحديث ذي اللحية رواه أحمد والطبراني. وحديث أبي الدرداء رواه أحمد والحاكم في المستدرك [2/ 3]. وحديث ابن عمر رواه أحمد والترمذي في القدر من سننه [رقم: 2135]. وحديث أبي هريرة رواه البزار والطبراني في الصغير. وحديث أبي أمامة رواه الطبراني في الكبير والأوسط. ومرسل بشير بن كعب وهو بضم الباء مصغرًا رواه ابن جرير في التفسير [27/ 65]. وقد خرجت أسانيدها في المستخرج على مسند الشهاب. 594/ 1204 - "اعْمَلي وَلا تَتَّكلي، فإنَّ شفَاعَتِي للهَالِكينَ مِن أمَّتِي". (عد) عن أم سلمة

قال في الكبير: أورده ابن عدي في ترجمة عمرو بن مخرم، وقال له بواطيل منها هذا الخبر، وأخرجه الطبراني من هذا الوجه بهذا اللفظ، فقال الهيثمي: فيه عمرو بن مخرم وهو ضعيف، وبه يعرف أن عزو المصنف الحديث لابن عدي، وحذفه ما عقبه به من بيان حاله من سوء التصرف، وبتأمل ما تقرر يعرف أن من جعل حديث الطبراني شاهدًا لحديث ابن عدي فقد أخطأ؛ لأن الطريق واحد والمتن واحد. قلت: في هذا أمور: الاول: أن ما فعله المصنف ليس من سوء التصرف بل ذاك هو اصطلاحه في كتابه المختصر، وقد عوض عن كلام المخرجين الرموز بالحروف، فرمز للحديث بعلامة الضعيف فأغنى عن ذكر كلام ابن عدي فكلام الشارح من سوء الفهم وقلة التدبر. الثاني: حكمه بالخطأ على من جعل حديث الطبراني شاهدا لحديث ابن عدي من أجل اتحاد الطريق والمتن ينبغى أن يكون حكما على نفسه بالخطأ من باب أولى، لأنه يسلك هذه الطريق التي عابها وحكم بخطأ فاعلها، وقريبا تقدم حديث: "أعظم الناس همّا المؤمن يهتم بأمر دنياه وآخرته"، عزاه المصنف لابن ماجه عن أنس، فكتب عليه الشارح: فيه زيد الرقاشي متروك، ورواه باللفظ المزبور عن أنس أيضًا البخاري في الضعفاء، وكان ينبغى للمصنف ذكره للتقوية وبه يصير حسنا لغيره اهـ. فهذا هو عين ما عابه هنا وخطأ فاعله، بل هو أولى بالخطأ، لأنه زاد التصريح بأنه يصير حسنا مما لم يقله المردود عليه هنا، وقد بينا خطأ الشارح في هذا عند ذكر ذلك الحديث (¬1). الثالث: أن حكمه بالخطأ على من جعل حديث الطبراني شاهدا لحديث ابن عدي خطأ أيضًا، لأن الصواب مع من فعل ذلك، وبيانه أن ابن عدي روى الحديث من طريقين: أحدهما من رواية أيوب بن سليمان عن محمد بن دينار الطاحي عن يونس عن الحسن عن أحد (¬2) عن أم سلمة به، وقال: هذا الإسناد ¬

_ (¬1) الحديث رقم (580/ 1185، ص 90). (¬2) هكذا في الأصل 30 (أ)

غير محفوظ، فكأن الذي جعل طريق الطبراني شاهدا لحديث ابن عدي عني هذا الطريق لأن الطبراني خرجه من طريق آخر فقال: حدثنا أحمد بن داود المكي ثنا أبو قتادة عمرو بن مخرم الليثي ثنا محمد بن دينار الطاحي به. فأيوب بن سليمان الموجود في السند الأول ضعيف وهذه متابعة له، وإن كان ابن عدي أخرجه من هذه الطريق أيضًا فقال: حدثنا فخر بن أحمد بن هارون ثنا أحمد بن الهيثم عن عمرو بن مخرم به، لكنه قال: عن ابن عيينة عن يونس به. فاتضح أن من جعل طريق الطبراني شاهدًا لطريق ابن عدي لم يخطأ بل أصاب. 594/ -مكرر (أ) / 1206 - "أغْبَطُ النَّاسِ عنْدي مؤمنٌ خفيفُ الحاذِ، ذو حظّ منْ صَلاةٍ، وكان رزقُهُ كفافًا، فصبرَ عليه حتى يلقى اللَّه، وأحسنَ عبادةَ ربِّهِ، وكان غَامِضًا في النَّاسِ، عُجِّلَتْ منيَّتُهُ، وقلَّ تراثُهُ، وقلَّتْ بواكِيهِ". (حم. ت. ك. هب) عن أبي أمامة قال الشارح: وإسناده ضعيف لضعف علي بن زيد، لكن حسنه بعضهم. قلت: علي بن زيد لم ينفرد به، بل توبع عليه والمتابعة عند ابن ماجه والخطابي في العزلة وغيرهما، وسأذكر طرقه ومخرجيه في حرف: "إن أغبط" أو أعاده المصنف هناك. 594/ -مكرر (ب) / 1207 - "أغبُّوا في العيادة، وأربعُوا". (ع) عن جابر قال في الكبير: قال الحافظ العراقي: إسناده ضعيف. قلت: سبب ضعفه أنه من رواية موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي وهو ضعيف، وقد أخرجه من طريقه أيضًا الخطيب في ترجمة علي بن أحمد بن 30 (ب)

إبراهيم بن غريب عنه، فقال: حدثنا أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن سعيد الإصطخري ثنا العباس بن الفضل القواريري ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا عقبة بن خالد السكوني عن موسى ابن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن جابر به، إلا أنه اقتصر على قوله: "أغبوا في العيادة". ورواه الطوسى في مجالسه من طريق أبي المفضل الشيباني: ثنا محمد بن صاعد ثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج ثنا عقبة بن خالد ثنا موسى بن محمد التيمي به بلفظ: "أغبوا في العيادة وأربعوا"، إلا أن يكون مقلوبًا. 595/ 1208 - "اغْتَسلُوا يَومَ الجُمُعَة، ولو كأسًا بدينَار". (عد) عن أنس (ش) عن أبي هريرة موقوفًا قال الشارح في الكبير: رواه ابن عدي عن إبراهيم بن مرزوق عن حفص بن عمر الأبلي عن عبد اللَّه بن المثنى عن عميه النضر وموسى عن أبيهما أنس، ثم قال مخرجه ابن عدي: أحاديث حفص عن أنس كلها إما منكرة المتن أو السند وهو إلى الضعف أقرب، وفي الميزان عن أبي حاتم: كان كذابا ثم ساق له أحاديث هذا منها ومثله في اللسان، ورواه ابن أبي شيبة عن أبي هريرة لكن موقوفا على أنس، وهو شاهد للأول وبه رد المصنف على ابن الجوزي جعله الحديث موضوعًا. قلت: في هذا أوهام: الأول: أن المصنف لم يرد على ابن الجوزي بأثر أبي هريرة الموقوف، بل ابن الجوزي أورد الحديث من طريق الأزدي: ثنا محمد بن زكريا الحذاء ثنا الحسن بن سعيد الصفار ثنا إبراهيم بن حياة 31 (أ)

حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعًا: "اغتسلوا يوم الجمعة ولو كأسا بدينار" ثم قال ابن الجوزى: إبراهيم هو ابن البحتري ساقط لا يحتج به، فتعقبه المصنف بأن له طريقًا آخر من حديث أنس، أخرجه ابن عدي: حدثنا إبراهيم بن مرزوق، وذكر السند الذي أتى به الشارح. وأخرجه أيضًا الديلمي في مسند الفردوس: أخبرنا والدي أخبرنا عبد الوهاب بن أبي عبد اللَّه بن منده أخبرنا أبي أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الجبار المصري أخبرنا إبراهيم بن مرزوق به. ثم ذكر المصنف أن أبي شيبة روى عن أبي هريرة أنه قال: "لأغتسل يوم الجمعة ولو كأسًا بدينار"، وروى الخطيب عن كعب الأحبار مثله، فاعتماد المصنف في التعقب إنما هو على طريق أنس لا على أثر أبي هريرة، وإن كان الطريق الذي أتى به لا يصلح أن يتمسك به في تقوية الحديث لأنه ساقط أيضًا، فالصواب مع ابن الجوزى في الحكم بوضعه. الثاني: قوله: ورواه ابن أبي شيبة عن أبي هريرة لكن موقوفًا على أنس فإنه كلام لا معنى له. الثالث: قوله في سياق الإسناد: عن عميه النضر وموسى عن أبيهما عن أنس بزيادة "عن"، والصواب حذفها، فإن أباهما هو أنس، فالسند فيه عن أبيهما أنس بدون "عن". 596/ 1210 - "اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: حَياتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ، وَصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وفَراغكَ قَبْلَ شُغْلكَ، وَشَبَابكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وغنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ". (ك. هب) عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: قال الحاكم في المستدرك: على شرطهما، وأقره الذهبي 31 (ب)

في التلخيص، واغتر المصنف فرمز لصحته وهو عجيب ففيه جعفر بن برقان أورده الذهبي -نفسه- في الضعفاء والمتروكين، وقال: قال أحمد: يخطئ في حديث الزهري، وقال ابن خزيمة لا يحتج به، (حم) في الزهد، زاد الشارح قال الزين العراقي: بإسناد حسن، (حل. هب) عن عمرو بن ميمون مرسلا. قال الشارح: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وليس كذلك، فقد خرجه النسائي في المواعظ عن عمرو هذا باللفظ المزبور. قلت: كل هذا خبط وتخليط وإخبار بما لا أصل له وقلب للحقائق، وبيان ذلك من وجوه: الأول: أن حديث ابن عباس الذي رواه الحاكم وصححه ليس فيه جعفر بن برقان، قال الحاكم [4/ 306]: أخبرني الحسن بن حكيم المروزي أنبأنا أبو الموجه أنبأ عبدان أنبانأ عبد اللَّه ثنا عبد اللَّه بن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس "قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لرجل وهو يعظه: اغتنم خمسا. . . " وذكره، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهو كما قال وأقره الذهبي عليه، ولا ذكر لجعفر بن برقان فيه. وكذلك أخرجه الديلمي من طريق ابن أبي الدنيا: ثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا ابن المبارك ثنا عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس. الثاني: أن جعفر بن برقان موجود في سند حديث ميمون بن مهران الذي نقل الشارح عن العراقي أنه حسنه. قال أبو نعيم [4/ 148]: ثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا محمد بن شبل ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع

عن جعفر بن برقان عن زياد بن الجراح عن عمرو بن ميمون أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لرجل: "اغتنم خمسا. . . ". ورواه أيضًا ابن المبارك في كتاب الزهد [1/ 7، رقم 2]، وهو ثاني حديث فيه عن جعفر بن برقان به. الثالث: أن جعفر بن برقان ثقة من رجال الصحيح، احتج به مسلم في صحيحه، ووثقه الأئمة وأثنوا عليه (¬1)، وإنما تكلموا فيه في حديث الزهري خاصة، وهذا ليس من حديثه عن الزهري، ولذلك قال العراقي عن هذا المرسل: إنه حسن (¬2). الرابع: ما نقله عن الميزان من الجرح في جعفر بن برقان يفيد أن الرجل ضعيف على الإطلاق، وأن الذهبي لم يورد فيه إلا ذلك الجرح لا سيما وهو يدلس -أعني الشارح- فيسمى الميزان الضعفاء والمتروكين، والذهبي لم يذكر الجرح فقط بل ذكر معه التوثيق (¬3)، والتوثيق أكثر، وهذه خيانة في النقل وجهالة بالصناعة واعتداء على العلم، قال الذهبي [1/ 403]: جعفر بن برقان صاحب ميمون بن مهران من علماء أهل الرقة روى عنه وكيع وكثير بن هشام وأبو نعيم وخلق، قال أحمد: يخطئ في حديث الزهري وثقة في حديث ميمون ويزيد الأصم، وانظر كيف اقتطع الشارح كلام أحمد فأخذ منه الجرح وترك بقيته في التعديل، ثم قال الذهبي وقال ابن معين: ثقة، وقال ابن خزيمة: لا يحتج به، وقال العجلي: ثقة جزري، وعن سفيان الثوري: ما رأيت أفضل من جعفر بن برقان، وروى عثمان الدارمي عن يحيى: ثقة وهو في الزهري ضعيف مات سنة أربع وخمسين ومائة اهـ. ¬

_ (¬1) التقريب (1/ 129/ 72). (¬2) المغنى (4/ 443). (¬3) (1/ 403/ 1490).

[في الكلام على الحافظ عمر بن أحمد بن شاهين]

هذا ما ذكره الذهبي فاعجب لأمانة الشارح وفهمه!، ومن رجع إلى ترجمة جعفر بن برقان من التهذيب رأى فيها من ثناء الأئمة عليه ووصفه بأنه ثقة ما يملأ صحيفة بتمامها إلا أنهم يستثنون حديثه عن الزهري ويصفونه بأنه اضطرب فيه. الخامس: ما استدرك به على المصنف من أن النسائي خرج هذا الحديث في كتاب المواعظ من سننه عن عمرو بن ميمون أيضًا، ونقل عن مغلطاي ذلك النقل الذي يكرره في مثل هذا من أنه "ليس لمحدث أن يعزو الحديث إلى كتاب وفي أحد الكتب الستة ما يؤدي معناه"، هو باطل من أصله فإن الحديث لم يخرجه النسائي أصلًا وليس في سنن النسائي كتاب مترجم بكتاب المواعظ، فإن كان ذلك في الكبرى فهي غير معتبرة من الكتب الستة كما هو معروف فالاستدراك بها خارج عن محل النزاع ولم يرده مغلطاي في كلامه، وقد روى هذا الحديث عن جعفر بن برقان عن نافع عن ابن عمر به موصولًا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لرجل وهو يعظه: "اغتنم. . . " وذكره. ورواه البندهي من طريق محمد بن خالد الأزهري: ثنا الربيع بن بدر عن جعفر ابن برقان به، والربيع بن بدر ضعيف لا شيء، فهذا من وهمه وضعفه، والصواب: جعفر بن برقان عن زياد بن الجراح عن عمرو بن ميمون. 597/ 1211 - "اغْتَنِمُوا الدُّعَاء عِنْدَ الرِّقة، فإنّها رحْمَةٌ". (فر) عن أبي زاد الشارح في الكبير: وكذا القضاعي عن أبي قال: وفيه عمر بن أحمد أبو حفص بن شاهين، قال الذهبي: قال الدارقطني: يخطئ وهو ثقة، وشبابة بن سوار، قال في الكاشف: مرجئ صدوق، وقال أبو حاتم: لا يحتج به. [في الكلام على الحافظ عمر بن أحمد بن شاهين] قلت: هذا من عجائب الدنيا وأغرب ما يراه المحدث، بل ومن شم للعلم رائحة

فسطره في كتب العلم، وإن كان ذلك بالنسبة إلى الشارح غير غريب لإكثاره من مثل هذه الطامات الفاضحات، وبيان ذلك من وجوه: الأول: أن عمر بن أحمد بن شاهين الذي أعل الشارح به الحديث هو الحافظ الكبير الثقة المصنف الشهير صاحب التصانيف الكثيرة وأحد مشاهير المخرجين الذين يكثر عزو الحفاظ الأحاديث إلى تخريجهم فهو كالطبراني والدارقطني وابن حبان والبيهقي وتلك الطبقة. فعلى صنيع الشارح ينبغي أن تعلل الأحاديث بمخرجيها الحفاظ الأثبات فيقال: رواه الطبراني وفيه كلام، وكذلك أبو نعيم وابن منده وابن حبان وغيرهم، لأنه ما من هؤلاء الحفاظ أحد إلا وقد تكلم فيه وذكر في الضعفاء من أجل ذلك الكلام الذي لا يخلو أحد في الدنيا من مثله حتى مالك والشافعي وسفيان وأمثالهم، ومن قرأ ترجمة ابن شاهين انبهر من حفظه وسعة مروياته وكثرة مؤلفاته حتى قيل: إنه لم يؤلف أحد في الإسلام مثله، وقد نقل عنه أنه كان يقول: كتبت بأربعمائة رطل حبر، وصنفت ثلاثمائة وثلاثين مصنفًا منها: التفسير الكبير ألف جزء حديثي في ثلاثين مجلدا ضخما، والمسند ألف وخمسمائة جزء كذلك، والتاريخ مائة وخمسون جزءًا، والزهد مائة جزء وغير ذلك كالترغيب والناسخ والمنسوخ وغيرها، وأثنى عليه الأئمة ووثقوه، قال ابن أبي الفوارس: كان ثقة مأمونا قد جمع وصنف ما لم يصنفه أحد، وقال الأزهري: كان ثقة وكان عنده عن البغوي سبعمائة أو ثمانمائة جزء، قال: وذكرت لأبي مسعود الدمشقي أن ابن شاهين لا يخرج لنا أصوله وإنما يحدث من فروع، فقال لي: إن أخرج إليك ابن شاهين خرقة عليها حديث مكتوب فاكتبه، وقال العقيقي: مات ابن شاهين في ذي الحجة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، وكان صاحب حديث ثقة مأمون، وكذلك وثقه عصريه وقرينه الدارقطني إلا أنه وصفه بالخطأ، كما ذكره الشارح وتلك رواية حمزة بن يوسف السهمي عن الدارقطني، وقد روى محمد بن عمر الداودي عن الدارقطني تفسير ذلك والسبب الحامل له على وصفه بالخطأ، فذكر الداودي أن

الدارقطني قال له يومًا: ما أعمى قلب ابن شاهين حمل إلى كتابه الذي صنفه في التفسير وسألني أن أصلح ما أجد فيه من الخطا فرأيته قد نقل تفسير أبي الجارود وحرفه في الكتاب وجعله عن أبي الجارود عن زياد بن المنذر وإنما هو عن أبي الجارود زياد بن المنذر. قلت: وهذا إسراف من الدارقطني دفعه إليه ما يقع بين المتقارنين لا سيما من مثل ابن شاهين الذي يزاحم الدارقطني في الحفظ وسعة الرواية، ويربوا عليه في التأليف وكثرة المؤلفات، وإلا فمثل هذا الوهم في اسم رجل لا يستدعى أن يوصف صاحبه بالخطأ ولا بعمى القلب، وإنما يوصف بالخطأ من يكثر ذلك منه ويفحش حتى تعدم الثقة بقوله ونقله كالشارح المناوي رحمه اللَّه، ولو كان كل من يغلط مرة [أو] مرتين أو عشرة يطرح ويعد خطَّاءً لما سلم من ذلك بشر على الإطلاق، ولكان أول الخطائين الضعفاء الدارقطني نفسه، فإنه على علو كعبه في التحقيق وبلوغه الدرجة القصوى في الحفظ وإجادة المعرفة وإتقان متعلقات هذا الفن له أيضًا أخطاء تعقبها عليه من جاء بعده بل ومن عاصره، فمثل هذا إنما يحصل من المنافسة وحب لمز القرين واظهار عرته ولا مزيد، وقد قال فيه الداودي أيضًا: كان ابن شاهين شيخًا ثقة يشبه الشيوخ إلا أنه كان لحانا وكان لا يعرف من الفقه قليلًا ولا كثيرًا، وكان إذا ذكر له مذهب الفقهاء يقول: أنا محمدي المذهب، وهذه أيضًا نعرة مذهبية والا فمن يقول أنه محمدي المذهب ويكون بالغًا في حفظ السنن والآثار ما لم يحفظ ربعه مجموع الأئمة الثلاثة مالكا وأبو حنيفة والشافعي، كيف يعاب بعدم معرفة أقوالهم وهو عارف دينه من الأصل الذي يجب على كل مسلم أن يعرفه منه وهو الكتاب والسنة؟! على أن هذه حكاية لا تخلوا أيضًا من مبالغة ومنافسة فابن شاهين معدود من فقهاء الحنابلة ورجال مذهب ابن حنبل، وكيفما كان الحال فالثقة والعدالة والحفظ والإتقان للرواية شيء ومعرفة الفقه وأقوال الأئمة وآراء الناس شيء آخر، فابن شاهين حافظ ثقة يستحي من له أدنى دراية بالعلم أن يعلل به الحديث كما صنع الشارح. . . والسلام.

[في الكلام على شبابة بن سوار]

الثاني: أن ابن شاهين إذا أنزلناه بالمنزلة التي أنزله بها الشارح وانحططنا إلى درجته وخاطبناه على قدر فهمه، فإن ابن شاهين لم ينفرد به بل ورد من غير طريقه، والشارح قد رأى ذلك لأن متابعته موجودة عند القضاعي في مسند الشهاب، وهو قد استدرك العزو إليه على الصنف الذي عزاه إلى الديلمي وحده، وأنا ذاكر لك سند الديلمي الذي فيه ابن شاهين الحافظ الثقة وسند القضاعي الذي ليس فيه ابن شاهين، قال الديلمي: أخبرنا أبو منصور سعد بن علي العجلي أخبرنا أبو طالب العشاري ثنا ابن شاهين ثنا أحمد بن محمد بن شيبة ثنا الحسن بن سعد البزار ثنا شبابة عن أبي غسان المدني عن زيد بن أسلم قال: قرأ أبي بن كعب عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فرقَّ أصحابه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "اغتنموا الدعاء" وذكره. وقال القضاعي: أخبرنا أبو محمد عبد اللَّه بن جعفر المقري الحذاء أنا أبو أحمد عبد اللَّه بن أحمد المعروف بابن المفسر ثنا محمد بن حامد بن السرى ثنا يعقوب الدورقي ثنا شبابة به، فبرئ ابن شاهين الحافظ الثقة من عهدته. [في الكلام على شبابة بن سوار] الثالث: أنه أعله مع ابن شاهين بشبابة بن سوار وهو تعليل باطل أيضًا فإن شبابه ثقة من رجال الصحيحين لا يضعف الحديث به إلا من لم يشم للحديث رائحة، ولما ذكره الذهبي في الميزان [2/ 260] من أجل الإرجاء المتهم به رمز له بعلامة الصحيح المتفق عليه، ثم قال: شبابة بن سوار المدائني صدوق مكثر صاحب حديث فيه بدعة، قال أحمد بن حنبل: كان داعية إلى الإرجاء ذم ختم ترجمته بقوله: وشبابة محتج به في كتب الإسلام ثقة اهـ. أما وصفه بالإرجاء والبدعة فذلك أمر غير ضائره في الرواية كان داعية أو غير داعية كما اتفق عليه عمل أهل الحديث وانعقد إجماعهم على العمل به وإن خالفه أكثرهم أو الكثير منهم في قوله كما حققته في فتح الملك العلي بما لم أسبق إليه والحمد للَّه. 37 (أ)

الرابع: أنه نطق في موضع السكوت وسكت في موضع النطق. فإن المصنف عزا الحديث إلى الديلمي عن أبي بن كعب، وهو كما سبق عند الديلمي عن زيد بن أسلم لا عن أبي بن كعب، فهو منقطع معضل، لأن زيد ابن أسلم لم يدرك أبي بن كعب ولا رواه عنه، بل حكى أنه قرأ عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهذه صيغة إرسال. فالمصنف واهم في جعله الحديث من مسند أبي بن كعب، والشارح واهم في السكوت عليه أيضًا، واللَّه أعلم. 597/ -مكرر/ 1212 - "اغْتَنِموا دَعْوةَ المؤْمن المبْتَلَى". أبو الشيخ عن أبي الدرداء قال الشارح في الكبير: وفيه الحسين بن الفرج، قال الذهبي: قال ابن معين: كذاب يسرق الحديث، وفرات بن سليم ضعيف جدًا. قلت: هذا وهم فإن الذي في السند فرات بن سلمان لا فرات ين سليم، قال أبو الشيخ: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن زكريا ثنا الحسين بن الفرج ثنا معتمر بن سليمان، سمعت الفرات بن سلمان يحدث عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . . وذكره. والفرات بن سلمان قال أحمد: ثقة، وقال ابن عدي: لم أرهم صرحوا بضعفه، وأرجوا أنه لا بأس به اهـ. إلا أنه منقطع لأنه لم يدرك أبا الدرداء، وقد ورد هذا الحديث موقوفًا على أبي الدرداء، فرواه أبو نعيم في الحلية من طريق عبد الرزاق: ثنا معمر عن صاحب له أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان: "أما بعد، يا أخي فاغتنم صحتك وفراغك قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا يستطيع أحد من الناس رده، ويا أخي اغتنم دعوة المؤمن المبتلى. . . " الحديث. 37 (ب)

ورواه قطر بن محمد الزاهد في التشبيه من طريق ليث بن أبي سليم عن بعض أشياخه قال: "بلغ أبا الدرداء أن سلمان الفارسي رضي اللَّه عنهما اشترى خادما فكتب إليه يعاتبه في ذلك فكان في كتابه: يا أخي تفرغ للعبادة قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا تستطيع معه العبادة واغتنم دعوة المؤمن المبتلى وارحم اليتيم وامسح رأسه. . . " الحديث. ورواه القضاعي في مسند الشهاب من طريق إسماعيل بن عياش عن مطعم بن المقدام وغيره عن محمد بن واسع قال: كتب أبو الدرداء إلى سلمان، فذكر مثله. 598/ 1213 - "اغْد عَالِمًا، أو مُتَعَلِّمًا أو مُسْتَمِعًا، أو مُحِبًا، ولا تَكُنْ الخامِسَة فتَهلَك". البزار (طس) عن أبي بكرة قال في الكبير: قال الهيثمي: رجاله موثقون، وتبعه السمهودي وهو غير مُسَلَّم، فقد قال الحافظ أبو زرعة العراقي في المجلس الثالث والأربعين بعد الخمسمائة من الأمالي: هذه حديث فيه ضعف، ولم يخرجه أحد من أصحاب الستة، وعطاء بن مسلم وهو الخفاف مختلف فيه، وقال أبو عبيد عن أبي داود: ضعيف، وقال غيره: ليس بشيء. قلت: الشارح يظن أن مراد الحافظ الهيثمي بقوله رجاله موثقون أنهم ثقات، فيتعقب بذلك دائمًا على المصنف إذا حكم على الحديث بالضعف، وهنا عكس القضية فتعقب على الهيثمي بكلام ولي الدين العراقي وتصريحه بأنه ضعيف، وقد نبهنا فيما سبق على أن قول الهيثمي: رجاله موثقون ليس هو معنى قوله: رجاله ثقات، بل موثقون يستعملها في الرجال المختلف فيهم الذين ضعفهم بعض أئمة الجرح والتعديل ووثقهم آخرون، أما من لم يختلف فيه فيعبر عنه بقوله: رجاله ثقات، هذا اصطلاحه فلو عرفه الشارح لأراح نفسه من هذه التعقبات. ولما وهم هنا فعبر في الشرح الصغير عن هذا الحديث بأن رجاله ثقات، 38 (أ)

والحديث رواه الدينوري في المجالسة عن أبي إسماعيل الترمذي: ثنا أبو سعيد عبيد بن جناد الحلبي ثنا عطاء: قال لي مسعر: يا عطاء هذه خامسته، زادني اللَّه في هذا الحديث، لم تكن في أيدينا، إنما كان في أيدينا عالمًا أو متعلمًا أو مستمعًا ولا تكن الرابع فتهلك، يا عطاء ويل لمن تكن فيه واحدة من هذه". ورواه الطبراني في الصغير عن محمد بن الحسين الأنماطي: ثنا عبيد بن جناد به، وفيه قال عطاء بن مسلم: فقال لي مسعر: زدتنا خامسة لم تكن عندنا "والخامسة أن تبغض العلم وأهله"، قال الطبراني لم يروه عن خالد إلا عطاء ولم يروه أيضًا عن مسعر إلا عطاء تفرد به عبيد بن جناد. قلت: وليس كذلك بالنسبة لمسعر فقد رواه أبو نعيم في الحلية [7/ 237] عن أبي بكر محمد بن حميد عن بيان بن أحمد القطان عن عبيد بن جناد به مثله، ثم قال: ورواه عبد اللَّه بن المغيرة عن مسعر نحوه، ومن هذا الطريق أعني رواية بيان بن أحمد القطان رواه ابن عبد البر في العلم [1/ 30]، وعطاء بن مسلم مختلف فيه كما سبق عن العراقي، فروى إسحاق بن موسى عن أبي دواد قال: كان ثقة، وروى أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: سألت أبا داود عن عطاء بن مسلم الحلبي فقال: ضعيف روى عن خالد عن عبد الرحمن ابن أبي بكرة فذكر هذا الحديث وليس هو بشيء وقال معاوية بن صالح عن ابن معين ليس به بأس وأحاديثه منكرات، وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: ثقة، وقال أبو زرعة: كان دفن كتبه ثم روى من حفظه فوهم، وكان رجلًا صالحًا، وكذا قال أبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن أبي داود: في حديثه لين، وقال أحمد: مضطرب الحديث، فلأجل هذا قال الهيثمي عنه موثق ولم يقل ثقة. 598/ -مكرر/ 1215 - "اغدُوا في طَلَبِ العِلْم، الغُدُوُّ بركةٌ ونَجاحٌ". (خط) عن عائشة قال في الكبير: رمز المصنف لضعفه، وهو كما قال ففيه ضعفاء. 38 (ب)

قلت: ليس كذلك بل فيه معلى بن هلال وهو كذاب وضاع، قال الخطيب [13/ 270]: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب الواسطي ثنا على بن عمر الحربي ثنا أبو بكر مطرف بن جمهور الأشروسني حدثنا حمدان بن ذي النون ثنا إبراهيم بن سليمان الزيات ثنا معلى بن هلال عن محمد بن عطاء عن عائشة به. 599/ 1217 - "اغْسِلُوا أَيْدِيَكُم ثُمَّ اشْربُوا فِيهَا، فَلَيْسَ مِنْ إنَاءٍ أطيَبُ مِنَ اليدِ". (هـ. هب) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الحافظ ابن حجر: إسناده ضعيف. قلت: الحافظ لم يقل: إسناده ضعيف ولكن قال: في سنده ضعف وهذه عبارة أخف من التي ذكر الشارح، والواقع أنه كذلك فيه ضعف قليل لا أنه ضعيف مطلقًا وذلك أنه من رواية ليث بن أبي سليم عن سعيد بن عامر عن ابن عمر قال: "مررنا على بركة فجعلنا نكرع فيها، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا تكرعوا ولكن اغسلوا أيديكم. . . " الحديث، هكذا رواه ابن ماجه [رقم: 3433] عن واصل بن عبد الأعلى ثنا ابن فضيل عن ليث. ورواه الدينوري في المجالسة: ثنا عباس بن محمد الدوري ثنا أبو غسان ثنا عبد السلام بن حرب عن ليث به مثله، إلا أنه قال: "لا إناء أنظف منها"، فسعيد بن عامر هذا لا يعرف إلا بهذا الحديث، لكن قال عثمان الدارمي عن ابن معين: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، والراوي عنه ليث بن أبي سليم حاله معروف وحديثه حسن، فلهذا عبر عنه الحافظ بأن فيه ضعفًا. 600/ 1218 - "اغْسِلُوا ثِيَابَكُم، وخُذُوا مِنْ شُعُورِكُم، واسْتَاكُوا،

وَتَزيَّنُوا، وتنظَّفُوا؛ فإنَّ بَنِي إسرائيل لَمْ يكونُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك فَزَنَتْ نِسَاؤُهُمْ". ابن عساكر عن علي قلت: قال ابن عساكر: أنا علي بن المسلم أنا عبد العزيز بن أحمد أنا أبو نصر عبد الوهاب بن عبد اللَّه المري قال: حدثني عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري ثنا أحمد بن علي ابن نصر الكاتب ثنا أبو نصر أحمد بن سهل ثنا قيس بن أنيف ثنا محمد بن صالح ثنا محمد بن سليمان المكي ثنا عبد اللَّه بن ميمون القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي به. أورده الذهبي في التذكرة وقال: هذا لا يصح وإسناده ظلمة. قلت: والواقع يدل على أنه كذب فإن حال هذه الأمة على خلاف ذلك فنساؤها تزني على نظافة الرجال وزينتهم، فالعفيفة الديِّنة لا يغرها في دينها زينة ولا يشينها في عرضها نظافة والفاجرة بخلاف ذلك. 601/ 1222 - "افْتُتِحَتْ القُرَى بالسَّيْفِ، وافْتُتِحَتْ المدِينَةُ بالقُرآنِ". (هب) عن عائشة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو زلل، فقد قال الذهبي: قال أحمد: هذا حديث منكر، إنما هذا من قول مالك، وقد رأيت هذا الشيخ -يعني محمد بن زبالة راويه- وكان كذابا. اهـ. وقال في الضعفاء. قال ابن معين وأبو داود: وهو كذاب، وفي الميزان: هذا منكر، وقال ابن حجر في اللسان: إن هذا حديث معروف لمحمد بن الحسن بن زبالة وهو متروك متهم، وفي المطالب العالية: تفرد برفعه محمد بن الحسن بن زبالة وكان ضعيفًا جدًا، هانما هو قول مالك فجعله ابن الحسن مرفوعًا وأبرز له إسنادًا اهـ.

والحديث أورده ابن الجوزي من حديث أبي يعلى عن عائشة وحكم بوضعه، وتعقبه المؤلف بأن الخطيب رواه بسند هو أصلح طرقه فكان عليه أن يؤثره هنا. قلت: هذا وهم من وجوه: أحدها: أن المؤلف لم يرمز لحسنه بل رمز لضعفه كما في النسخ المتداولة. ثانيها: لو رمز لحسنه لكان لذلك وجه وجيه فقد برهن على ذلك بالحجج القوية والطرق المقبولة المعتبرة في هذا الباب، فإن ابن الجوزي [2/ 217] أورده من رواية محمد بن الحسن بن زبالة: ثنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأعله هو ومن سبق مما حكى عنهم الشارح بمحمد بن الحسن بن زبالة لأنه كذاب، فتعقب ذلك المصنف بأنه لم ينفرد به بل ورد عن مالك من ثلاثة طرق أخرى: الطريق الأول من رواية أبي غسان محمد بن يحيى بن علي المديني عن مالك، ذكره الخطيب في الرواة عن مالك. الطريق الثاني من رواية ذويب بن عمامة السهمي عن مالك، أخرجه الخطيب في الرواة عن مالك أيضًا من طريق الطبراني عن المقدام بن داود ثنا ذؤيب بن عمامة السهمي ثنا مالك به، قال الخطيب: ورواه الداقطني عن الطبراني إجازة اهـ. وذؤيب قال أبو زرعة: صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يعتبر حديثه من غير رواية شاذان عنه، واحتج به الحاكم في المستدرك، وقال الحافظ في اللسان [26/ 436]: هذا حديث معروف لمحمد بن الحسن بن زبالة عن مالك وهو متروك، وكأن ذؤيبا إنما سمعه منه فدلسه عن مالك اهـ. وهذا مجرد ظن وزعم لا يستند إلى دليل يمكن دعوى مثله في كل متابعة، وحينئذ فلا يعتمد على متابعة ولا يفرح بوجودها أصلًا، وهذا باطل يكفي في بطلانه سماعه.

الطريق الثالث: من رواية إبراهيم بن حبيب بن الشهيد عن مالك أخرجه الخطيب في الرواة أيضًا من طريق الإسماعيلي: أنبأنا ابن عمير حدثنا بكر بن خالد بن حبيب ثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب ابن الشهيد عن أبيه به، وهذا الطريق قال عنه المؤلف: هو أصلح طرقه، مع أنه لم يتعرض للطريق الأول من رواية أبي غسان، وربما تكون تلك الطريق أقوى من هذه لأن أبا غسان من رجال الصحيح، إلا أني لم أقف على السند إليه لكن جزم الخطيب بأنه رواه فكأن السند إليه صحيح، فهؤلاء ثلاثة متابعون لمحمد بن الحسن بن زبالة ترتفع معهم تهمته به، وإذا زالت التهمة وارتفع التفرد وتعددت الطرق مع صلاح بعضها فالحديث يرتفع إلى درجة الحسن لاسيما والواقع يصدقه، ثم إن لهؤلاء متابعًا رابعًا عن مالك وهو أبو غزية محمد بن موسى إلا أنه رواه عن مالك بإسناده موقوفًا على عائشة، وهو يرد دعوى أنه من قول مالك، ولو روى من طرق صحيحة عنه كذلك، لأن الراوي قد يذكر الحديث في المذاكرة فلا يرفعه ولا سنده ولكن إذا سئل عنه ذكر إسناده فلا يدل ذلك على أنه عنده غير منقول عن غيره مرفوعًا أو موقوفًا. ثالثها: وهو من العجائب أن ما تعقب به الشارح على المصنف هو منقول من كللامه وبواسطة نقله في اللآلئ المصنوعة [2/ 71] عن أحمد والحافظ ابن حجر والخطيب وغيرهم ولكنه مع ذلك أتى بطرق لم يقف عليها أحمد بن حنبل ولا ابن الجوزي ولا ذكرها الحافظ فكيف يتعقب الشارح عليه بنفس كلامه مظهرًا أن ذلك من علمه الزائد على المصنف واطلاعه الذي لم يصل إليه المصنف، فهذا من التدليس الممقوت والتجيش الساقط الباطل. 602/ 1223 - "افْتَرقتْ اليَهُودُ عَلى إحْدَى وسَبْعِينَ فِرقة، وتفرَّقتِ النَّصَارى عَلى اثْنَتِينِ وسَبْعِينَ فرقة، وَتَفَرقت أمَّتي عَلَى ثَلاث وَسَبْعِينَ فِرقة". (4) عن أبي هريرة

قال الشارح: بأسانيد جيدة. وقال في الكبير: قال الزين العراقي في أسانيده جياد، ورواه الحاكم من عدة طرق، ثم قال: هذه أسانيد تقوم بها الحجة وعده المؤلف من المتواتر. قلت: في هذا تعقب على المصنف والشارح: أما المصنف ففي عزوه الحديث إلى الأربعة وليس هو في سنن النسائي، وإنما هو عند أبي داود [رقم: 4596]، والترمذي [رقم: 2640]، وابن ماجه [رقم: 3992]. وأما الشارح ففي قوله: بأسانيد جيدة، وحكايته ذلك عن العراقي والحاكم، فإن حديث أبي هريرة بالاصطلاح العام ليس له إسناد واحد من رواية محمد ابن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وعن محمد بن عمرو تفرقت له الطرق وتعددت الأسانيد، وهذا لا يقال فيه له أسانيد إلا باصطلاح خاص، لأن مخرجه واحد لانفراد أبي سلمة به عن أبي هريرة، وانفراد محمد بن عمرو به عن أبي سلمة، ثم رواه عن محمد بن عمرو جماعة كما سأذكره، أما العراقي فلم يقل ذلك باعتبار حديث أبي هريرة بل باعتبار الحديث من أصله من رواية أبي هريرة وغيره، وكذلك قول الحاكم في المستدرك [1/ 128] فإنه قال ذلك بعد أن أورده عن محمد بن عمرو من طريقين، ثم أورده من حديث معاوية بن أبي سفيان، وبذلك يتعقب على الشارح في قوله: وعده المؤلف من التواتر فإنه لم يذكره في "الأزهار المتناثرة في الأحاديث التواترة" اللهم إلا أن يكون ذكر ذلك في غيره، على أنه لا يبعد القول بتواتره، فقد وقع لنا من طريق عدد يفيد العلم بصدوره عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذلك من حديث أبي هريرة وأنس بن مالك وعبد اللَّه بن عمرو، ومعاوية وسعد بن أبي وقاص، وعمرو بن عوف المزنى، وعلي بن أبي طالب وأبي الدرداء وابن عباس، وجابر بن عبد اللَّه وأبي أمامة وواثلة بن الأسقع، وعوف بن مالك وعبد اللَّه بن مسعود وقتادة مرسلًا.

فحديث أبي هريرة رواه كما سبق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه، ورواه عن محمد بن عمرو جماعة كمحمد بن بشر وخالد بن عبد اللَّه والفضل بن موسى، فالأول: رواه أبو بكر بن أبي شيبة وأحمد عنه، وعن أبي بكر بن أبي شيبة رواه ابن ماجه. والثاني: رواه من طريقه أبو داود في "السنة" من سننه [رقم: 4596]، والحاكم في "العلم" من المستدرك [1/ 128]، وعبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق. والثالث: رواه من طريقه الترمذي في "الإيمان" من سننه [رقم: 2640]، والحاكم في المستدرك [1/ 128]، وابن حبان في النوع السادس من القسم الثالث من صحيحه. وحديث أنس بن مالك ورد عنه من طرق متعددة من رواية سعيد بن أبي هلال وزياد النميري والزبير بن عدي وقتادة ويحيى بن سعيد الأنصاري وزيد بن أسلم ويزيد بن أبان الرقاشي. فرواية سعيد بن أبي هلال وزياد النمري خرجهما أحمد [2/ 332]. ورواية الزبير بن عدي خرجها الخطيب في شرف أصحاب الحديث [ص: 40]. ورواية قتادة خرجها ابن ماجه [رقم 3993]، والطبراني والخطيب في شرف أصحاب الحديث [ص: 40] وعبد القاهر في كتاب الفرق. ورواية يحيى بن سعيد خرجها الطبراني في الصغير والعقيلي في الضعفاء [4/ 10]. ورواية زيد بن أسلم خرجها أبو نعيم في الحلية في ترجمته، وابن مردويه في التفسير.

ورواية يزيد الرقاشي خرجها ابن جرير في التفسير، وأبو نعيم في الحلية [3/ 53] في ترجمته أعني يزيد الرقاشي. وحديث عبد اللَّه بن عمرو أخرجه الترمذي [رقم: 2641] والحاكم [1/ 129]، وابن وضاح في كتاب البدع، وعبد القاهر في كتاب الفرق. وحديث معاوية أخرجه أحمد [4/ 102]، والدارمي [2/ 241]، وأبو داود [2/ 403 - 504]، والحاكم [1/ 128]، والبيهقي في المدخل. وحديث سعيد بن أبي وقاص أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة والبزار في مسنديهما. وحديث عمرو بن عوف أخرجه الطبراني والحاكم في المستدرك [1/ 129]. وحديث علي ورد عنه من طرق متعددة إلا أنه موقوفًا عليه وله حكم الرفع، فأخرجه ابن وضاح في البدع من رواية زاذان عنه وأخرجه أبو نعيم في الحلية [5/ 8] في ترجمة محمد بن سوقة من رواية أبي الطفيل عنه، وأخرجه الطوسى في الثامن عشر من "أماليه" من رواية آل البيت عنه. وحديث أبي الدرداء وواثلة أخرجه الطبراني في الكبير عنهما وأخرج حديث أبي أمامة أيضًا وسنده ساقط. وحديث ابن عباس لم أقف على سنده الآن. وحديث جابر أخرجه أسلم بن سهل الواسطي المعروف ببحشل في تاريخ واسط. وحديث أبي أمامة أخرجه الطبراني وأبو نعيم في تاريخ أصبهان في ترجمة حزور الأصبهاني أبي غالب صاحب أبي أمامة وأصله في مسند أحمد، وسنن الترمذي في التفسير منه، وسنن ابن ماجه في ذكر الخوارج مختصرًا.

وحديث عوف بن مالك ورد عنه من طريقين: أحدهما من رواية راشد بن سعد عنه أخرجه ابن ماجه [رقم: 3992]، والطبراني. والطريق الثاني من رواية جبير بن نفير عنه، أخرجه ابن المبارك في الزهد والبزار والطبراني والحاكم في المستدرك [1/ 129]، وابن حزم في المحلى أوائله، وفي الأحكام في كتاب القياس وأبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين، وابن عبد البر في العلم [2/ 76]، والخطيب في التاريخ [13/ 310]، وآخرون. وحديث عبد اللَّه بن مسعود ورد عنه من طريقين أيضًا: الأول من رواية سويد بن غفلة عنه أخرجه الطبراني في الصغير، وأبو يعلى وابن جرير والثعلبي في تفسيريهما، والحاكم في المستدرك، وأبو نعيم في الحلية في ترجمة سويد بن غفلة. والطريق الثاني من رواية القاسم بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود عن أبيه عن جده أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير. ومرسل قتادة رواه عبد الرزاق عن معمر عنه، وقد أوردت جميع هذه الطرق ومتونها واختلاف ألفاظها وما لها من المتابعات في جزء خصصته لطرق هذا الحديث والحمد للَّه. 603/ 1224 - "افْرشُوا لِي قَطِيفَتِي في لَحدِي، فإنَّ الأرْضَ لَمْ تُسَلَّط عَلَى أَجْسَادِ الأنْبِياءِ". ابن سعد عن الحسن مرسلا قلت: قال ابن سعد [2/ 2/ 75]: أخبرنا حماد بن خالد الخياط عن عقبة بن أبي الصهباء قال: سمعت الحسن

يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . وذكره، وهنا مرسل صحيح أو حسن. 604/ 1225 - "أفْرَضُ أمَّتِي زَيدُ بنُ ثَابِتٍ". (ك) عن أنس قال في الكبير: وصححه -يعني الحاكم- فاغتر به المصنف فرمز لصحته وفيه ما فيه، فقد قال الحافظ ابن حجر: قد أعل بالإرسال، قال: وسماع أبي قلابة من أنس صحيح إلا أنه قيل لم يسمع منه هذا، وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه على أبي قلابة في العلل، ورجح هو وغيره إرساله اهـ. ولكن ذكر ابن الصلاح أن الترمذي والنسائي وابن ماجه رووه بإسناد جيد بلفظ: "أفرضكم"، قال: وهو حديث حسن. قلت: وهذا تراجع واغترار من الشارح بابن الصلاح، فإنه عند ابن ماجه من رواية أبي قلابة عن أنس، وعند الترمذي [مناقب: 32] من رواية قتادة عن أنس لكن بإسناد ضعيف، أما النسائي فلم يخرجه في الصغرى، وليس هو عند الترمذي ولا ابن ماجه باللفظ الذي قاله ابن الصلاح، ثم إن الحاكم يعلم أنه معلول ومع ذلك صححه، فقد قال عقب إخراجه في كتاب الفضائل من المستدرك [4/ 335]: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين وقد ذكرت علته في كتاب التلخيص اهـ. قلت: وكذلك ذكرها أيضًا في علوم الحديث له في النوع السابع والعشرين [41/ 335]، وقد قدمت الكلام على هذا مفصلًا مع عزو الحديث وطرقه في حديث "أرْأف أمتي بأمتي أبو بكر. . . " (¬1) فلا الحاكم صححه جهلًا بعلته ولا المصنف تبعه اغترارا به، ولكن الحديث صحيح كما قال الحاكم، وتلك العلة التي هي إرسال الحديث وكون أبي قلابة روى عنه بدون ذكر أنس إنما هي من وسواس المحدثين وقد أوضحت ذلك فيما سبق فأغنى عن إعادته. ¬

_ (¬1) حديث: رقم 908 من الفيض.

605/ 1227 - "افشُوا السَّلام تَسْلَمُوا". (خد. ع. حب. هب) عن البراء قلت: أخرجه أيضًا أحمد [4/ 286] قال: حدثنا أبو معاوية ثنا قنان بن عبد اللَّه النهمي عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: افشوا السلام تسلموا والأشرة شر" وهكذا هو بهذه الزيادة عند البخاري في الأدب المفرد [رقم: 787، 979] عن محمد بن سلام قال: أخبرنا الفذاري وأبو معاوية قالا: أخبرنا قنان به، وزاد قال أبو معاوية: والأشرة: العبث، وترجم عليه باب الغناء. وأخرجه كذلك أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 277]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا جعفر بن محمد بن شريك ثنا الحسين ابن الفرج ثنا أبو معاوية به مثله، إلا أنه قال: قال أبو معاوية: تعني كثرة اللعب، والظاهر أن الحديث هو بهذه الزيادة عند جميع المخرجين وإنما سقطت من قلم المصنف واللَّه أعلم. 606/ 1229 - "افْشُوا السَّلام فإنَّهُ للَّه تعَالى رِضًا". (طس. عد) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه سالم بن عبد الأعلى أبو الفيض، وهو متروك، فرمز المصنف لحسنه غير مرضي. قلت: ليس كل حديث المتروك متروك، فحديثه هذا ثابت أصله من عدة طرق ثم إنه توبع على أصله عن نافع فرواه سليمان بن موسى عن نافع أيضًا عن ابن عمر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: افشوا السلام وأطعموا الطعام وكونوا عبادًا كما وصفكم اللَّه عز وجل"، رواه الخطيب [4/ 212] من طريق أحمد ابن سلمان النجاد:

ثنا الحسن بن مكرم ثنا حجاج بن محمد أخبرنا ابن جريج قال: قال سليمان ابن موسى فذكره. ورواه ابن ماجه من هذا الوجه كما سيذكره المصنف بعد حديث. 607/ 1230 - "افْشُوا السَّلامَ كَي تَعلُوا". (طب) عن أبي الدرداء قال الشارح: رمز المؤلف لضعفه وليس كما زعم، بل حسن جيد كما بينته في الأصل. قلت: أنت لم تبين في الأصل شيئًا وإنما قلت قول الحافظ المنذري [3/ 426]: إسناده جيد، والهيثمي [8/ 30] وغيره: إسناده حسن اهـ. وهذا ليس يبيان بل هو نقل مجرد عن الغير، والبيان هو البيان بطرقه المعروفة لأهل البيان كالمصنف، ثم إنه نقل عن الهيثمي أنه قال: حسن وغاير بين قوله وقول المنذري مع أنه قال: جيد، كما قال المنذري. 608/ 1232 - "افْشُوا السَّلام، وأطْعِمُوا الطَّعَامَ، وكُونُوا إخوَانًا كَمَا أمركُمْ اللَّه" (هـ) عن ابن عمر قال الشارح: وكذا رواه عنه النسائي. قلت: لا لم يخرجه النسائي بل هو من زوائد ابن ماجه على الخمسة وأخرجه الخطيب كما سبق قريبًا قبل حديث، وسنده صحيح إن سلم من تدليس ابن جريج. 609/ 1233 - "أفْضَلُ الأعْمَالِ الصَّلاةُ لوقتِهَا، وَبرُّ الوَالِدَين". (م) عن ابن مسعود زاد الشارح في الكبير: قال -أي ابن مسعود-: سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أي

العمل أفضل؟ فقال: "الصلاة لوقتها. قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قلت ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل اللَّه". قلت: هذه الزيادة التي زادها الشارح ليست هي من الرواية التي ذكرها المصنف بل الزيادة هي في رواية متفق عليها خرجها البخاري [مواقيت الصلاة: 5]، ومسلم [إيمان: 140]، وغيرهما، وفيها ذكر الجهاد [أما] الرواية التي عزاها المصنف لمسلم وحده فليس فيها ذكر الجهاد ولا سؤال ابن مسعود، قال مسلم [ايمان: 140]: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير عن الحسن بن عبيد اللَّه عن أبي عمرو الشيباني عن عبد اللَّه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أفضل الأعمال أو العمل الصلاة لوقتها وبر الوالدين". 610/ 1235 - "أفْضَلُ الأعمَال الصَّلاة لوقْتِهَا، وبر الوَالِدَين، والجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّه". (خط) عن أنس قلت: في هذا تعقب على المصنف من وجهين: أحدهما: أن الحديث في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود بهذا اللفظ، وهو في الصحيحين وغيرهما بلفظ: "أحب الأعمال. . ." كما سبق للمصنف فكان حقه أن يعزوه لمسلم من حديث ابن مسعود وبعده الخطيب من حديث أنس. ثانيها: أن الخطيب لم يروه مطولا بهذا اللفظ فيما رأيته فيه، بل رواه في ترجمة عبد الرحمن بن الحسن الشعيري من روايته عن عبد الأعلي بن حماد [3/ 205]: ثنا حماد بن سلمة وحماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال: "سألت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها". 611/ 1236 - "أَفْضَلُ الأَعمَالِ أنْ تُدخِلَ عَلَى أخِيكَ المؤمِنَ سُرُورًا أو

تقضِيَ عَنْهُ دَينًا أو تُطْعِمُه خُبْزًا". ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج (هب) عن أبي هريرة (عد) عن ابن عمر قال في الكبير: ابن أبي الدنيا اسمه يحيى، وحديث أبي هريرة ضعفه المنذري، وذلك لأن فيه الوليد بن شجاع، قل أبو حاتم: لا يحتج به، وعمار بن محمد ضعيف. ثم قال الشارح بعد حديث ابن عمر: وظاهر صنيع المؤلف أن البيهقي خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه بل قال: عمار فيه نظر، وللحديث شاهد مرسل ثم ذكره، الحاصل أنه حسن لشواهده. قلت: في هذا جملة أوهام الأول: أن ابن أبي الدنيا ليس اسمه يحيى، ولا هو اسم أحد من أجداده، بل هو عبد اللَّه بن محمد بن عميد بن سفيان بن قيس أبو بكر بن أبي الدنيا، ومن الغريب أن الشارح سمي فيما سبق ابن سعد صاحب الطبقات يحيى أيضًا مع أن اسمه محمد فلا أدري ما الحكمة عنده في هذا الاسم الذي يسمى به الناس وإن لم يكن هو اسما لهم. الوهم الثاني: أن حديث أبي هريرة ليس فيه الوليد بن شجاع كما قال، ولا هو علة له، وإنما فيه عمر بن محمد، قال ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج: ثنا أحمد بن جميل ثنا عمار أبو اليقظان ابن أخت سفيان الثوري عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قاله: "سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أي الأعمال أفضل؟ قال: أن تدخل على أخيك المؤمن سرورًا أو تقضي له دينا أو تطعمه خبزًا". ورواه أيضًا الطبراني في مكارم الأخلاق [رقم: 91] قال:

حدثنا الحضرمي ثنا محمد بن حاتم المؤذن ثنا عمار بن محمد هو أبو اليقظان به. ورواه ابن لال في مكارم الأخلاق قال: أخبرنا ابن شوذب حدثنا علي بن محمد الناقد حدثنا أحمد حدثنا عمار ابن أخت سفيان به، بدون ذكر السؤال بل قال: عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أفضل الأعمال. . . " وذكره. الوهم الثالث: ولو قلنا يمكن أن يكون البيهقي رواه في الشعب من طريق الوليد بن شجاع، فالمصنف عزاه له ولابن أبي الدنيا، والوليد بن شجاع من طبقة ابن أبي الدنيا وإن تقدمت وفاته عنه، فلا يعل الحديث إلا بمن تفرد بالحديث واجتمعت الطرق فيه. الوهم الرابع: ولو فرضا أن الوليد بن شجاع موجود في سنده عند جميع من خرجه، فالوليد ثقة من رجال الصحيح احتج به مسلم في صحيحه (¬1)، وقال الذهبي [4/ 339] عنه: حافظ صدوق. فقول أبي حاتم لا يحتج به غير مقبول، ولا هو دال على ضعف الرجل بإطلاق حتى لو قبلناه من أبي حاتم. الوهم الخامس: أن عمار بن محمد أيضًا ثقة من رجال الصحيح احتج به مسلم في صحيحه، وقال عنه الذهبي [3/ 168]: أحد الأولياء يكنى أبا اليقظان ثقة، قال الحسن بن عرفة: كان لا يضحك وكنا لا نشك أنه من الأبدال، وقال عليه ابن حجر: ثبت حجة، وقال أبو حاتم وغيره: لا بأس به، قال الذهبي [3/ 168/ 6002]: وأما ابن حبان فقال: كان ممن فحش خلافه وكثر وهمه حتى استحق الترك، وقال الجوزجاني: عمار وسيف ابنا أخت سفيان الثوري ليسا بالقويين. ¬

_ (¬1) انظر "تهذيب التهذيب" 11/ 119/ 226.

قال الذهبي: لم ينصف الجوزجاني، فإن سيفا ليس بثقة، وعمار فصدوق، وثقه ابن سعد، وأرخ وفاته في سنة اثنتين وثمانين ومائة، وقال البخاري: مجهول وحديث منكر يعني حديث: "من نزعت منه الرحمة فهو شقى". قلت: وليس كما قال البخاري، وقال ابن معين: ثقة، وقال أبو معمر القطيعي: ثقة، وبالجملة فهو ثقة، وكلام ابن حبان فيه لا يضر لأنه غلو منه وإسراف، فالرجل وإن كان يهم بعض الوهم سبق ذلك مما فحش منه حتى استحق الترك كما قال ابن حبان، ولذلك احتج به مسلم ووثقه من سبق من الحفاظ، وهذا الحديث ورد من طرق أخرى من حديث ابن عباس وأنس وجابر والحسن بن علي -عليهما السلام- وعمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه وعبد اللَّه ابن عمر. أما حديث ابن عباس فأخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 270]: حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن يعقوب الشيباني ثنا يحيى بن محمد بن يحيى ثنا محمد بن معاوية ثنا مصادف بن زياد المديني قال -وأثنى عليه خيرا-: قال: سمعت محمد بن كعب القرظي قال: قال ابن عباس: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر حديثا أوله: "إن لكل شيء شرفا وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة" وفيه قال: "وسئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أفضل الأعمال إلى اللَّه تعالى، فقال: من أدخل على مؤمن سرورًا إما أطعمه من جوع أو قضي عنه دينًا وإما نفس عنه كربة". الحديث، قال الحاكم: ولهذا الحديث إسناد آخر بزيادة أحرف فيه، فذكره [4/ 270] من طريق أبي القاسم عبد اللَّه بن محمد البغوي: ثنا عبيد اللَّه بن محمد العبسي ثنا أبو المقدام هشام بن زياد ثنا محمد بن كعب القرظي فذكره مطولا إلا أنه لم يذكر فيه لفظ حديث الترجمة، ثم قال: هذا حديث قد اتفق هشام بن زياد النصري ومصادف بن زياد المديني على روايته عن محمد بن كعب القرظي، فتعقبه الذهبي بأن هشام متروك ومحمد بن

معاوية كذبه الدارقطني فبطل الحديث، كذا قال وهو غير صواب، فإن الحديث رواه أيضًا عن محمد بن كعب جماعة تبرئ روايتهم ساحة مصادف وهشام، منهم عيسى بن ميمون والقاسم بن عروة وزيد العمي إلا أن أحاديثهم مختلفة، منهم من رواه بطوله ومنهم من اقتصر على بعض جمله، وقد ذكرت أسانيد هذه المتابعات ومتونها في مستخرجي على مسند الشهاب في "الثالث والستين ومائتين" و"الحادي والعشرين وثلاثمائة"، ولما كانت تلك الطرق والمتابعات لم يذكر في شيء منها هذه الجملة لم أذكرها هنا فاطلبها هناك، ثم إن الحديث ورد عن ابن عباس من طريق آخر، قال الدينوري في المجالسة: حدثنا محمد بن غالب تمتام ثنا إسحاق بن كعب مولى بني هاشم ثنا عبد الحميد بن سليمان الأزرق عن سكين بن أبي سراج عن عبد اللَّه بن دينار عن ميمون بن مهران عن ابن عباس أن رجلًا أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أي العباد أحب إلى اللَّه عز وجل؟ فقال: "أنفعهم للناس، وإن من أحب الأعمال إلى اللَّه عز وجل سرورا تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تسد عنه جوعة" الحديث، وسكن بن أبي سراج ضعيف، وقد رواه غيره عن عبد اللَّه بن دينار فقال: عن بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يذكر ميمون بن مهران، قال ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق وفي قضاء الحوائج معا: حدثنا علي بن الجعد ذكر محمد بن يزيد عن بكر بن حسين عن عبد اللَّه بن دينار عن بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: قيل يا رسول اللَّه: من أحب الناس إلى اللَّه؟ قال: "أنفعهم للناس، وإن أحب الأعمال إلى اللَّه سرورا تدخله على مؤمن تكشف عنه كربا أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا" الحديث، وقد تقدم حديث ابن عباس. هذا عند المصنف مختصرًا بلفظ: "أحب الأعمال إلى اللَّه بعد الفرائض إدخال السرور على المسلم"، وعزاه للطبراني في الكبير [10/ 89]. وأما حديث أنس وجابر والحسن فسأذكرها في حديث: "إن من موجبات

المغفرة إدخالك السرور على أخيك المسلم" (¬1). وأما حديث عمر فرواه الطبراني في الأوسط ولفظه: "سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أي الأعمال أفضل؟ قال: إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته أو سترت عورته أو قضيت له حاجة، وفيه محمد بن بشير الكندي ضعيف. وأما حديث ابن عمر فهو الذي عزاه المصنف لابن عدي [2/ 745] هنا، وأسنده الذهبي في الميزان [3/ 582] في ترجمة محمد بن صالح بن فيروز العسقلاني، فقال: روى عن مالك ليس هو بثقة فإن عبد الحافظ بن بدران أخبرنا أن أحمد بن الخضر أخبرهم قال: أنا حمزة بن أحمد السلمي أنا نصر بن إبراهيم الفقيه أنا علي بن طاهر القرشي بالقدس أنا أحمد بن محمد بن عثمان العثماني ثنا علي بن الفضل البلخي ثنا جعفر بن محمد بن عون السمسار ثنا محمد بن صالح فيروز التميمي ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال: "قلت يا رسول اللَّه: أي الناس أحب إلى اللَّه؟ قال: أنفعهم للناس. قلت: فأي الأعمال أحب إلى اللَّه؟ قال: سرور تدخله على مسلم" الحديث، وبه [3/ 582/ 7684]: ثنا محمد بن صالح بن فيروز -سنة سبع وثلاثين ومائتين- قال: ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "لأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرًا -يعني المسجد الحرام"، قال الذهبي: فهذان حديثان موضوعان على مالك. قلت: الحديث الثاني من تمام الحديث الأول ومحمد بن صالح لم ينفرد به عن مالك بل تابعه عليه موسى بن محمد الموقري وهو تالف هالك أيضًا، إلا أنه يرفع تهمة بن صالح إذا لم يكن أحدهما سرقه من الآخر، لكن الحديث ثابت من حديث ابن عباس، وهو عنده بتلك الزيادة التي ذكرها الذهبي حديثا ¬

_ (¬1) وسيأتي قريبًا برقم (1131 ص 552).

مستقلا وقال: إنهما موضوعان على مالك، فلئن سلم وضعهما على مالك فهو عن غيره غير موضوع، أما متابعة موسى بن محمد فقال أبو نعيم في الحلية [6/ 348]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا علي بن رستم ثنا الهيثم بن خالد ثنا موسى بن محمد الموقري ثنا مالك لكنه قال: عن عبد اللَّه بن دينار بدل نافع عن ابن عمر قال: "قيل: يا رسول اللَّه، أي العباد أحب إلى اللَّه؟ قال: أنفع الناس للناس. قيل: فأي العمل أفضل؟ قال: إدخال السرور على قلب المؤمن. قيل: وما سرور المؤمن؟ قال: إشباع جوعته وتنفيس كربته وقضاء دينه ومن مشى مع أخيه في حاجته كان كصيام شهر واعتكافه، ومن مشى مع مظلوم يعينه ثبت اللَّه قدميه يوم تزل الأقدام، ومن كف غضبه ستر اللَّه عورته، وإن الخلق السيء يفسد الأعمال، كما يفسد الخل العسل". الوهم السادس: كونه ذكر كلام البيهقي بعد حديث ابن عمر فإنه يفيد أن عمار ابن محمد في سند حديث ابن عمر، وإنما هو في سند حديث أبي هريرة كما سبق. الوهم السابع: في تعقبه على المصنف بحذفه كلام البيهقي، فإن ذلك ليس من شرطه في الكتاب مع أنه قد رمز لضعفه فأغنى عن ذكر كلامه. 612/ 1237 - "أفْضَلُ الأعمَال بَعْدَ الإيمَانِ باللَّه التودُّدُ إلى النَّاسِ". الطبراني في مكارم الأخلاق عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد حسن. قلت: لا بل ضعيف، قال الطبراني في "مكارم الأخلاق" [رقم 139]: حدثنا عبدان ثنا الوليد بن سفيان القطان البصري ثنا عبيد بن عمرو الحنفي ثنا علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به، وعبيد بن عمرو ضعفه الأزدي والدارقطني وابن عدي، وإنما ذكره ابن حبان في الثقات وعلي بن زيد حاله معروف.

613/ 1238 - "أفْضَلُ الأعْمَالِ الكَسْبُ الحَلال". ابن لال عن أبي سعيد قال في الكبير: وفيه إسماعيل بن عمر شيخ لا يعرف، وعطية العوفي أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: ضعفوه. قلت: إسماعيل بن عمر معروف وهو إسماعيل بن عمرو البجلي، وإنما سقط من قلم الكاتب الواو الزائدة فصار عمر، لأنه روى الحديث عن مسعر عن عطية عن أبي سعيد، وإسماعيل بن عمرو البجلي راويه عن مسعر، قال ابن لال: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني ثنا أحمد بن محمد بن حميد المقري ثنا نصر بن الصامت ثنا داود بن سليمان عن إسماعيل بن عمرو عن مسعر به، وإسماعيل بن عمرو ضعيف، وقد ذكره ابن حبان في الثقات وأثنى عليه غيره. 614/ 1239 - "أَفْضَلُ الأَعْمَالِ الإيمَانُ باللَّه وَحْدَهُ، ثُمَّ الجِهَادُ، ثُمَّ حَجَّةٌ بَرَّةٌ تَفْضُلُ سَائِرَ الأَعمَالِ، كَمَا بَيْنَ مَطِلعَ الشَّمْسِ إلى مَغرِبَها". (طب) عن ماعز قال الشارح في الكبير: ماعز في الصحابة متعدد، فكان اللائق تمييزه، وقيل إن هذا تمييز منسوب، وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد إلا عند الطبراني، وهو عجيب! فقد خرجه أحمد في المسند، قال الهيثمي بعد ما عزاه له وللطبراني: رجال أحمد رجال الصحيح، فاقتضى أن رجال الطبراني ليسوا كذلك، فكان ينبغي للمصنف عزوه إليه، لكن الحديث له شواهد ترقيه إلى الصحة، بل ادعى تواتره فمنها ما رواه أحمد عن عبادة: "أن رجلًا أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا نبي اللَّه. أي العمل أفضل؟ قال: إيمان باللَّه وتصديق به، وجهاد في سبيله، قال: أريد أهون من ذلك. قال: السماحة والصبر. قال: أريد أهون من ذلك. قال: لا تتهم اللَّه في شيء قضى لك به".

قلت: أما ما استدرك على المصنف بكونه في سند أحمد صحيح، فإنه أخرجه [4/ 342] فيه بهذا اللفظ لكن لا يلزم العزو إليه بل أكثر الحفاظ لا يعزون إليه، وأما كونه لم يميز ماعزا فكلام فيه تهافت، والواقع أنه وقع في كتب الحديث غير منسوب وقال ابن عبد البر: لم أقف على نسبه وكذلك وقع عند أحمد [2/ 268] والبخاري في التاريخ الكبير من طريق أبي مسعود الجريري عن يزيد بن عبد اللَّه بن الشخير عن ماعز [8/ 37] "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: الإيمان باللَّه وحده. . . " وذكره. رواه أحمد عن محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي مسعود به. ورواه أيضًا عن هدبة بن خالد: ثنا وهيب بن خالد عن الجريري فقال: عن حيان بن عمير ثنا ماعز "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل. . . " الحديث، فكأن الجريري سمعه من شيخين، ومن هذا الوجه رواه أيضًا البخاري والبغوي في الصحابة. وقول الشارح: لكن الحديث له شواهد ترقيه إلى الصحة بعد نقله عن الهيثمي [3/ 135] أنه قال: رجاله رجال الصحيح -لا يخفى ما فيه، وكذلك إيراده حديث عبادة شاهدا له فإنه شاهد لأوله دون آخره في أن "الحج المبرور يفضل سائر الاعمال، كما بين مطلع الشمس إلى مغربها". 615/ 1240 - "أفْضَلُ الأعْمَال العِلمُ باللَّه، إنَّ العلْمَ يَنْفَعُكَ مَعَهُ قَلِيلُ العَمَلِ وَكَثِيرُهُ، وإنَّ الجهَلَ لَا ينفعُكَ مَعَهُ قليلُ العَمَلِ ولا كَثِيرُهُ". الحكيم عن أنس قال الشارح في الكبير: قال الزين العراقي سنده ضعيف اهـ. فكان على المصنف استيعاب مخرجيه إيماءً إلى تقويته، فمنهم ابن عبد البر وغيره. قلت: ينتقد على المصنف إيراده هذا الحديث هنا مع أنه أورده في ذيل الموضوعات وحكم بوضعه، وينتقد على الشارح في تهافته وتسويده الورق بما

لا معنى له، وهو قوله: فكان على المصنف استيعاب مخرجيه. . . إلخ، فإن استيعاب المخرجين وكثرتهم لا يزيد الحديث قوة أصلًا إذا كانت أسانديهم كلهم ترجع إلى رجل واحد كهذا الحديث، فإن سنده واحد رواه مؤمل بن عبد الرحمن الثقفي عن عباد بن الصمد عن أنس قال: "جاء رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه أي الأعمال أفضل؟ قال: العلم باللَّه عز وجل فعدد له الثانية والثالثة وهو يقول: العلم باللَّه. قال: يا رسول اللَّه أسألك عن العمل وتخبرني عن العلم؟! فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن قليل العمل ينفع مع العلم" الحديث. ومن طريق مؤمل بن عبد الرحمن رواه المخرجون، فقال ابن عبد البر: [1/ 45] حدثني أحمد بن فتح ثنا الحسن بن رشيق ثنا الحسين بن حميدة ثنا محمد بن روح بن عمران القشيري ثنا مؤمل بن عبد الرحمن الثقفي به. وقال الديلمي: أنبأنا أبي أخبرنا أبو القاسم بن البشرى أخبرنا محمد بن إسماعيل بن الحسن الصرصري ثنا محمد بن أحمد العتكى ثنا الحسين بن حمدون به. وعباد بن عبد الصمد قال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن حبان: روى مؤمل بن عبد الرحمن الثقفي عنه عن أنس نسخة كلها موضوعة وهذا منها، فاقتصار الحافظ العراقي على الحكم بضعفه فيه نظر، واقتصار الشارح على النقل عنه دون الكلام على إسناده وإيراده المصنف إياه في الموضوعات قصور. 616/ 1242 - "أفْضَلُ الأيَّامِ إلى اللَّه يَوْمْ الجُمُعَةِ". (هب) عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد حسن. قلت: بل هو في صحيح مسلم [الجمعة: 17، 18] بلفظ: "خير يوم طلعت فيه الشمس"، كما سيأتي في حرف الخاء. 617/ 1243 - "أَفْضَلُ الإيمانِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّه مَعَكَ حَيْثُمَا كنْتَ". (طب. حل) عن عبادة بن الصامت

قال الشارح في الكببر: روياه من حديث نعيم بن حماد عن عثمان بن كثير عن محمد بن مهاجر عن عروة عن ابن غنم عن عبادة به، ونعيم بن حماد أورده الذهبي في الضعفاء وقال: وثقه أحمد وجمع، وقال النسائي: غير ثقة، وقال الأزدي وابن عدي: قالوا كان يضع، وقال أبو داود: عنده غير عشرين حديثًا لا أصل لها اهـ. ومحمد بن مهاجر فإن كان هو القرشي فقال البخاري: لا يتابع على حديثه أو الراوي عن وكيع فكذبه جزرة كما في الضعفاء للذهبي وبه يتجه رمز المؤلف لضعفه. قلت: محمد بن المهاجر ليس هو القرشي ولا الراوي عن وكيع ولكنه محمد ابن المهاجر الأنصاري الشامى الثقة المخرج له في صحيح مسلم (¬1)، فإنه الذي يروي عن عروة بن رويم ويروي عنه عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، ومن العجيب أن الذهبي ذكر الثلاثة فقال: محمد بن المهاجر القرشي عن نافع وغيره، قال البخاري: لا يتابع على حديثه، قال الذهبي [3/ 48، 49، رقم 8216، 8217، 8218]، قلت: ولا يعرف، أما محمد بن مهاجر الأنصاري فشامي ثقة مشهور يروى عن التابعين، محمد بن مهاجر شيخ متأخر وضاع هو الطالقاني يروي عن أبي معاوية وغيره كذبه صالح جزرة وغيره اهـ. فلم يقع اختيار الشارح إلا على الأول والثالث وأغمض عينه عن الثاني، الذي لو فتحها ورآه لأصاب عين الصواب واللَّه الموفق. ثم إن الحديث أخرجه أبو نعيم عن الطبراني: ثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا نعيم بن حماد بالسند الذي ذكره الشارح، وكذلك رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول في الأصل التاسع والثمانين والمائة: ثنا عمر بن أبي عمر ثنا نعيم بن حماد به مثله، ونعيم مختلف فيه وقد روى له البخاري في الصحيح إلا أنه روى هذا الحديث عنه عن عثمان بن سعيد بن ¬

_ (¬1) انظر: التهذيب (9/ 421/ 773).

كثير بن دينار على وجه آخر فقال الدولابي في الكنى: ثنى يحيى بن عثمان الحمصي ثنا نعيم بن حماد ثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار عن محمد بن مهاجر عن حميد بن ميمون أبي عبد الحميد عن حمزة بن الزبير عن عبادة بن الصامت به بلفظ: "إن من أفضل إيمان المرء أن يعلم أن اللَّه معه حيث كان" فإما أن يكون محمد بن مهاجر له فيه سندان وإلا فالوهم فيه من يحيى بن عثمان الراوي عن نعيم، فإنه إن كان صدوقا إلا أن أبا عروبة تكلم فيه وقال: لا يساوي حديثه شيئًا، فكأنه لوهمه واللَّه أعلم. وقد ورد شاهد لهذا الحديث من حديث عبد اللَّه بن معاوية الغاضري أخرجه أبو داود في الزكاة من سننه والحكيم في نواد الأصول في الأصل المذكور والطبراني في الكبير من طريق يحيى بن جابر عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عبد اللَّه بن معاوية الغاضري أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ثلاث من فعلهن فقد ذاق طعم الإيمان: من عبد اللَّه وحده بأنه لا إله إلا هو، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه واحدة عليه كل عام ولا يعطي الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا اشترط اللئيمة ولكن من وسط أموالكم، فإن اللَّه لم يسألكم خيره ولا يأمركم بشره، وزكى نفسه. فقال رجل: ما تزكية نفسه؟! قال: أن يعلم أن اللَّه معه حيث ما كان". ورواه البخاري في التاريخ الكبير [5/ 31] من هذا الطريق أيضًا فاقتصر على آخر الحديث أن عبد اللَّه بن معاوية الغاضري حرثهم قال: "قيل للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما تزكية المرء نفسه؟ قال: أن يعلم أن اللَّه معه حيث كان" واختصره أبو داود فلم يذكر الخصلة الثالثة. 618/ 1244 - "أفْضَلُ الإيمَانِ الصَّبْرُ والسَّمَاحَةُ". (فر) عن معقل بن يسار (تخ) عن عمير الليثي

قال الشارح في الكبير: في حديث معقل بن يسار زيد العمى، قال الذهبي في الضعفاء: ضعيف متماسك، وفي حديث عمير الليثي: شهر بن حوشب، ورواه البيهقي في الزهد بلفظ: "أي الأعمال أفضل؟ قال: الصبر والسماحة"، وقال الحافظ العراقي: ورواه أبو يعلى وابن حبان في الضعفاء من حديث جابر بلفظ: "سئل عن الإيمان. . . فذكره"، وفيه يوسف بن محمد بن المنكدر ضعفه الجمهور، ورواه أحمد من حديث عمرو بن عبسة (¬1) بلفظ: "ما الإيمان؟ قال: الصبر والسماحة وحسن الخلق" وإسناده صحيح، إلى هنا كلام الحافظ، وبه يعرف أن إهمال المصنف لرواية البيهقي مع صحة سندها وزيادة فائدتها غير جيد. قلت: في هذا تعقب على المصنف والشارح، أما المصنف فإن الذي روى الحديث باللفظ المذكور هنا هو الديلمي من حديث معقل بن يسار فقال: أخبرنا والدي أخبرنا أبو الحسن الميداني حدثنا أبو الفرج الطيبي حدثنا الحسن ابن عبد الرزاق أخبرنا أبو حاتم حدثنا عبدة بن عيسى أخبرنا الحجاج بن عثمان المروزي عن عبد العزيز بن الزبير عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن معقل ابن يسار قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أفضل الإيمان الصبر والسماحة" (¬2). وورد بهذا اللفظ أيضًا من حديث الحسن البصري مرسلًا، أخرجه عبد اللَّه بن أحمد في زوائد الزهد، فقال: حدثني بيان بن الحكم حدثنا محمد بن حاتم حدثني بشر بن الحارث أنبأنا عباد ابن العوام عن هشام -هو ابن حسان- عن الحسن "أن رجلًا أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أي الإيمان أفضل؟ قال: الصبر والسماحة". أما عمير الليثي فرواه بلفظ: "الإيمان: الصبر والسماحة"، كذلك أخرجه جماعة وأسنده القشيري في الرسالة من طريق البخاري: ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل وفي فيض القدير عنبسة، والصحيح ما أثبتناه من الأصل. (¬2) انظر "الكنز" (6503).

حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا سويد أبو حاتم عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن أبيه عن جده قال: "سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الإيمان فقال: الصبر والسماحة". وهكذا رواه أبو الحسين بن بشران في الثاني من فوائده، والحاكم في المستدرك وأبو نعيم في الحلية وجماعة كما سأذكره، فكان من حق المصنف أن يذكره في حرف الهمزة المحلى بالألف واللام من جملة رواة حديث: "الإيمان: الصبر والسماحة" إذ ذكره كذلك واقتصر على عزوه إلى الطبراني في مكارم الأخلاق" [رقم 31] من حديث جابر. وأما الشارح فمن وجوه، الأول: في قوله: إن حديث عمير الليثي فيه شهر بن حوشب فإنه لا وجود لشهر بن حوشب فيه لا عند البخاري ولا عند غيره، أما البخاري فقد ذكرت سنده، وأما غيره فقال أبو الحسين بن بشران في الثاني من فوائده: حدثنا عبد اللَّه بن محمد الفاكهي بمكة ثنا أبو يحيى بن أبي مسرة ثنا يوسف ابن كامل ثنا سويد أبو حاتم ثنا عبد اللَّه بن عبيد بن عمير الليثي عن أبيه عن جده قال: "بينا أنا عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ جاءه رجل فقال: يا رسول اللَّه ما الإيمان؟ قال: الصبر والسماحة" الحديث، وقال الحاكم في المستدرك [3/ 626]: أخبرنا أبو جعفر البغدادي حدثنا أبو علاثة حدثني أبي ثنا محمد بن مسلمة (¬1) الحراني عن بكر بن خنيس عن أبي بدر (¬2) عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن أبيه عن جده قال: "كانت في نفسي مسألة قد أحزنني أني لم أسأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عنها ولم أسمع أحدًا يسأل عنها، فدخلت عليه ذات يوم وهو يتوضأ فوافقته على حالتين كنت أحب أن أوافقه عليهما فوجدته فارغًا وطيب النفس، فقلت: يا رسول اللَّه أتأذن لي أن أسألك؟ قال: نعم سل عما بدا لك. قلت: يا رسول اللَّه ما الإيمان؟ قال: الصبر والسماحة" الحديث. ¬

_ (¬1) في المطبوع من المستدرك "سلمة". (¬2) سقط أبي بدر الراوي عن عبد اللَّه من الإسناد في النسخة المطبوعة من المستدرك.

وقال أبو نعيم في الحلية: ثنا سليمان بن أحمد -هو الطبراني- ثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا عمرو ابن خالد الحراني عن بكر بن خنيس به، وقال الحاكم [3/ 626]: أبو بدر اسمه بشار بن الحكم شيخ من البصرة وقد روى عن ثابت البناني غير حديث، وكذلك قال الطبراني: أبو بدر هو بشار بن الحكم البصري صاحب ثابت البناني. قلت: وقد اختلف في سنده اختلافا شديدًا فرواه سويد أبو حاتم وأبو بدر كلاهما عن عبد اللَّه بن عبيد عن عمير عن أبيه عن جده كما سبق. ورواه إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عبد اللَّه بن عبيد ابن عمير عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دون ذكر جده. ورواه محمد بن نصر في الصلاة: ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ثنا حجاج عن ابن جريح حدثني عثمان بن أبي سليمان عن علي الازدي عن عبيد بن عمير عن عبد اللَّه بن حبشي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه عمران بن جدير عن بديل عن ميسرة عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن أبيه ولم يسمعه منه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه جرير بن حازم عن عبد اللَّه بن عبيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دون ذكر أبيه وجده معا. ذكر هذه الوجوه كلها البخاري في التاريخ وبنصه أبو حاتم في العلل وقال: قد صح الحديث عن عبيد بن عمير عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا، واختلفوا فيمن فوق عبيد وقصر قوم مثل جرير بن حازم وغيره عن عبد اللَّه بن عبيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يقولون: عبيد. قال، وحديث عمران بن جدير أشبه لأنه بين عورته. وأما حديث الزهري فأخاف أن لا يكون محفوظا وأخاف أن يكون صالح بن كيسان عن عبد اللَّه بن عبيد نفسه بلا الزهري اهـ. والمقصود أن طرق حديث عمير الليثي ليس فيها شهر بن حوشب كما زعم

الشارح إنما هو في سند حديث عمرو بن عبسة كما سيأتي. الثاني: قوله: ورواه البيهقي في الزهد فإن يقتضي أنه خرجه من حديث عمير الليثي أيضًا، وليس كذلك بل خرجه من حديث عمرو بن عبسة الذي عزاه العراقي إلى أحمد من حديثه، قال البيهقي في الزهد: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ أنبأنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ أنبأنا عبد اللَّه ابن محمد بن بشر بن صالح الدينوري ثنا سعيد بن عمرو بن أبي سلمة ثنا أبي عن عمر بن يحيى بن الحارث الزماري عن أبيه عن القاسم بن عبد الرحمن عن كثير بن مرة الحضرمي عن عمرو بن عبسة السلمي قال: "أتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: من معك على هذا الأمر؟ قال: حرٌّ وعبد. قال: قلت: فأي الأعمال أفضل؟ قال: الصبر والسماحة وحسن الخلق. . . " الحديث فهو عنده من حديث عمرو بن عبسة كما ترى لا من حديث عمير، وقال أحمد [4/ 385]: حدثنا ابن نمير ثنا حجاج -يعني ابن دينار- عن محمد بن ذكوان عن شهر بن حوشب عن عمرو بن عبسة قال: "أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: يا رسول اللَّه من تبعك على هذا الأمر؟ قال: حر وعبد. قلت: ما الإسلام؟ قال: طيب الكلام وإطعام الطعام. قلت: ما الإيمان؟ قال: الصبر والسماحة. قلت: أي الإسلام أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده. . . " الحديث. ورواه في موضع آخر من المسند من وجه آخر فقال: حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن عمرو بن عبسة به. ورواه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [رقم 60] من طريق حجاج بن دينار الذي رواه أحمد من طريقه أيضًا إلا أنه قال: عن محمد بن ذكوان عن عبيد ابن عمير عن عمرو بن عبسة أن رجلًا سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "ما الإيمان؟ قال: الصبر والسماحة وخلق حسن".

قال ابن أبي الدنيا حدثني بعض أهل العلم عن خلف بن خليفة ثنا الحجاج ابن دينار به، فلعل لمحمد بن ذكوان فيه شخصين سمعه من شهر بن حوشب ومن عبيد بن عمير إن لم يكن بعض الرواة هنا وهم فيه. الثالث: قوله: وبه يعرف إهمال المصنف لرواية البيهقي مع صحة سندها فإن لفظ رواية البيهقي كما ذكره الشارح نفسه: "أفضل الأعمال" والمصنف قد فرغ من أحاديث "أفضل الأعمال" ودخل في أحاديث "أفضل الإيمان" فهذا نهاية في الغفلة. الرابعة: أن الرواية التي صرح بصحتها هي رواية أحمد لا رواية البيهقي. الخامسة: أن ذكر حديث جابر لا موضع له هنا لأنه بلفظ: "الإيمان" وقد ذكره المصنف فيما سيأتي ذلك، أما هنا فالموضع لحديث: "أفضل الإيمان"، لا مجرد "الإيمان"، وسيأتي الكلام على حديث جابر في موضعه إن شاء اللَّه تعالى. 619/ 1245 - "أفْضَلُ الإيمَان أنْ تُحِبَّ للَّه وَتُبْغِضَ للَّه، وتُعْمِلَ لِسَانَكَ في ذِكرِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ، وانْ تُحِبَّ للنَّاسِ ما تُحِبُّ لنَفْسِكَ، وَتَكْرَهَ لَهُمْ ما تكرَهُ لنَفْسِكَ، وأن تَقُوَلَ خَيْرًا أو تَصْمُتَ". (طب) عن معاذ بن أنس قال الشارح: وفيه ابن لهيعة لين. قلت: أخرجه الطبراني أيضًا في مكارم الأخلاق له [رقم 70] فقال: حدثنا المقدام بن داود ثنا أسد بن موسى ثنا ابن لهيعة عن زيد بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أنه سأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أفضل الإيمان، فقال: "إن أفضل الإيمان إن تحب للَّه وتبغض للَّه وتعمل لسانك في ذكر اللَّه. قال: ثم ماذا يا رسول اللَّه؟ قال: أن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك، وأن تقول خيرًا أو تصمت". 620/ 1246 - "أَفْضَلُ الجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ".

(هـ) عن أبي سعيد (حم. هـ. طب. هب) عن أبي أمامة (حم. ن. هب) عن طارق بن شهاب قال الشارح في الكبير في حديث أبي سعيد: وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه ولا كذلك بل تمامه عند مخرجه كأبي داود: "أو أمير جائر"، وقد رواه أبو داود والترمذي باللفظ المذكور من الوجه المزبور، ولعل المصنف ذهل عن ذلك. قلت: حديث أبي سعيد عند ابن ماجه [رقم 4011] باللفظ الذي ذكره المصنف دون زيادة: "أو أمير جائر" كما زعم الشارح، وأخرجه أبو داود [رقم 4344] من طريق محمد بن جحادة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر أو أمير جائر"، وأخرجه أيضًا الترمذي [رقم 2174] والطبراني في مكارم الأخلاق والخطيب في التاريخ كلهم من رواية محمد بن جحادة أيضًا عن عطية عن أبي سعيد به، لكن لفظه عند الترمذي والطبراني: "إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر". وأما الخطيب فلفظه: "أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر أو أمير جائر"، قال الترمذي: حديث حسن غريب كذا قال، مع أنه من رواية عطية العوفي لكنه دم ينفرد به بل تابعه عليه أبو نضرة عن أبي سعيد، أخرجه أحمد ابن عبيد الصفار في مسنده قال: أخبرنا العباس بن الفضل الإسفاطي أخبرنا ابن كاسب أخبرنا ابن عيينة عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: "سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أفضل الجهاد فقال: "كلمة عدل عند سلطان جائر ودمعت عينا أبي سعيد" وأخرجه أحمد في مسنده [3/ 19]، عن يزيد بن هارون وعفان كلاهما عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: "خطبنا

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خطبة بعد العصر إلى مُغَيْرِبَانِ الشمس"، فذكر حديثًا طويلًا وفيه: "ألا لا يمنعن رجلًا مهابة الناس أن يقول بالحق إذا علمه، ألا إن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر". ورواه أبو داود الطيالسي وابن ماجه [رقم 4012]، والطبراني في الصغير [1/ 57]، وأبو نعيم في الحلية [3/ 357]، وآخرون فلم يذكروا الخطبة بتمامها واقتصروا على بعضها. وحديث أبي أمامة أخرجه أيضًا البغوي في التفسير عند قوله تعالى في سورة البقرة: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} أسنده من طريق أبي القاسم البغوي في الجعديات: أخبرنا علي بن الجعد أخبرني حماد بن سلمة عن أبي غالب عن أبي أمامة أن رجلًا قال: "يا رسول اللَّه أي الجهاد أفضل؟ قال: أفضل الجهاد من قال كلمة حق عند سلطان جائر". وحديث طارق بن شهاب أخرجه أيضًا الدولابي في الكنى [1/ 78]: حدثنا محمد بن المثنى أبو موسى ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن طارق بن شهاب "أن رجلًا سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أي الجهاد أفضل؟ قال: كلمة حق عند سلطان جائر". وفي الباب عن جماعة منهم عمير بن قتادة في حديثه السابق قريبًا في "أفضل الإيمان" فإنه في آخره عند مخرجيه. 621/ 1247 - "أَفْضَلُ الجِهَادِ أنّ يُجَاهِدَ الرَّجْلَ نَفْسَهُ وهَوَاهُ". ابن النجار عن أبي ذر الغفاري قلت: أخرجه من قبل ابن النجار أبو نعيم في الحلية [2/ 249] في ترجمة العلاء بن زياد فقال: حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا أبو الربيع الحسين بن الهيثم المهري ثنا هشام بن

خالد ثنا أبو خليد عتبة بن حماد عن سعيد بن بشير عن قتادة عن العلاء بن زياد عن أبي ذر قال: "سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أي الجهاد أفضل؟ قال: أن تجاهد نفسك وهواك في ذات اللَّه عز وجل"، قال أبو نعيم: كذا رواه قتادة وتفرد به عنه سعيد بن بشير وخالف سويد بن حجير قتادة فقال: عن العلاء عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص حدثناه محمد بن طاهر بن يحيى اين قبيصة حدثني أبي حدثنا أحمد بن حفص ثنا أبي حدثنا إبراهيم بن طهمان عن الحجاج بن الحجاج عن سويد بن حجير عن العلاء بن زياد أنه قال: "سأل رجل عبد اللَّه بن عمرو بن العاص: أي المجاهدين أفضل؟ قال: من جاهد نفسه في ذات اللَّه عز وجل، قال: أنت قلته يا عبد اللَّه بن عمرو أم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: بل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قاله. قلت: وفي الباب عن عمرو بن عبسة أخرجه البيهقي في الزهد بسنده السابق قريبًا في حديث: "أفضل الإيمان الصبر والسماحة" ففيه بعد قوله "الصبر والسماحة وحسن الخلق": قلت: فأي الإسلام أفضل؟ قال: العفة في دين اللَّه والعمل في طاعة اللَّه وحسن الظن باللَّه، قلت: فأي المسلمين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده، قلت. فأي العمل أحب إلى اللَّه عز وجل؟ قال: إطعام الطعام وافشاء السلام وطيب الكلام، قلت: فأي الصلاة أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها وطول القنوت وحسن الركوع والسجود، قلت: فأي الهجرة أفضل؟ قال: أن تهجر ما كره اللَّه، قلت: فأي الجهاد أفضل؟ قال: من جاهد تفسه في طاعة اللَّه وهجر ما حرم اللَّه، قلت: فأي ساعات الليل أفضل؟ قال: جوف الليل الآخر، فإن اللَّه يفتح فيه أبواب السماء ويطلع فيه إلى خلقه ويستجيب فيه الدعاء. 622/ 1248 - "أَفْضَلُ الحجِّ العجُّ والثَّجُّ". (ت) عن ابن عمر (هـ. ك. هق) عن أبي بكر (ع) عن ابن مسعود

قال الشارح في الكبير في حديث الترمذي عن ابن عمر: فيه الضحاك بن عثمان، قال أبو زرعة ليس بالقوي، ووثقه ابن معين، وقال في حديث أبي بكر: صححه الحاكم، وأقره الذهبي في التلخيص، وإنه لشيء عجاب مع أن فيه يعقوب بن محمد الزهري أورده هو -أعني الذهبي- في الضعفاء وقال ضعفه أبو زرعة وغير واحد وفيه أيضًا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أورده في ذيل الضعفاء، وقال: ثقة مشهور، وقال ابن سعد: ليس بحجة، وقال عقب حديث ابن مسعود: واستغربه الترمذي وهو معلول من طرقه الثلاثة، قال ابن حجر: حديث ابن ماجه عن ابن عمر فيه إبراهيم بن يزيد الخوزي، وحديث الحاكم عن أبي بكر فيه انقطاع بين ابن المنكدر وعبد الرحمن بن يربوع، نبه عليه الترمذي وحديث أبي يعلي عن ابن مسعود فيه الواقدي. قلت: هذا خبط وتخليط في القول وتحريف في النقل وكلام مشتمل على جملة أوهام. الوهم الأول: في قوله: إن حديث الترمذي عن ابن عمر فيه الضحاك بن عثمان، فإن الأمر ليس كذلك، قال الترمذي [رقم 998]: حدثنا عبد بن حميد ثنا عبد الرزاق أنا إبراهيم بن يزيد قال: سمعت محمد بن عباد بن جعفر يحدث عن ابن عمر قال: "قام رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من الحاج يا رسول اللَّه؟ قال: الشعث التفل، فقام رجل آخر فقال: أي الحج أفضل يا رسول اللَّه؟ قال: العج والثج، فقام رجل آخر فقال: ما السبيل يا رسول؟ قال: الزاد والراحلة"، قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي، وقد تكلم بعض أهل العلم في إبراهيم بن يزيد من قبل حفظه. وهكذا أخرجه ابن ماجه [رقم 2896] أيضًا بسند ليس فيه الضحاك بن عثمان، قال ابن ماجه: حدثنا هشام بن عمار ثنا مروان بن معاوية (ح)

وثنا علي بن محمد وعمرو بن عبد اللَّه قالا: حدثنا وكيع ثنا إبراهيم بن يزيد المكي هو الخوزي به مثله، وزاد في آخره قال وكيع: يعني بالعج: العجيج بالتلبية، والثج: نحر البدن. الوهم الثاني: أن الضحاك بن عثمان هو في سند حديث أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه ولم يتعرض لذكره فيه. الوهم الثالث: أن الضحاك بن عثمان ثقة من رجال الصحيح احتج به مسلم في صحيحه، وقول أبي زرعة فيه: ليس بقوي، لا يضر، فإنه لا يكاد يوجد ثقة لم يقل فيه مثل ذلك، والضحاك قال فيه أحمد وابن معين ومصعب الزبيري وأبو داود وابن سعد وابن بكير وعلي بن المديني: ثقة، زاد ابن سعد: كثير الحديث وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن نمير: لا بأس به جائز الحديث، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به وهو صدوق، وهذا مردود على أبي حاتم فقول الجمهور واحتجاجهم به أولى من قوله وحده، والشارح لعدم مزاولته لهذه الصناعة يظن أن الثقة هو الذي لم يتكلم فيه أحد مطلقًا وعلى هذا فليس في الدنيا ثقة ولا يوجد حديث صحيح. الوهم الرابع: قوله في حديث أبي بكر: صححه الحاكم وأقره الذهبي، وإنه لشيء عجاب مع أن فيه يعقوب بن محمد الزهري. . . إلخ، فإن العجب العجاب هو كثرة أوهام الشارح وتعقبه على الحفاظ بلا علم ولا تثبت فإن الحديث ليس في سنده عند الحاكم يعقوب بن محمد الزهري المذكور قال الحاكم [1/ 450، 451]: أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني ثنا جدي ثنا إبراهيم بن حمزة حدثني محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أنبأنا الضحاك بن عثمان عن محمد ابن المنكدر عن عبد الرحمن بن يربوع عن أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل: "أي العمل أفضل؟ قال: العج والثج" قال الحاكم:

صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قال: أبو عبيد: العج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: نحر البُدْن ليثج الدم من المنحر. وأخرجه أيضًا الترمذي [رقم 827] وإن غفل المصنف عن عزوه إليه، فقال: حدثنا محمد بن رافع ثنا ابن أبي فديك (ح) وحدثنا إسحاق بن منصور أنا ابن أبي فديك به مثله. وقال البيهقي [4/ 330]: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ -يعني الحاكم- فذكره بسنده في المستدرك. وقال ابن ماجه [رقم: 2896]: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ويعقوب بن حميد كاسب قالا: حدثنا ابن أبي فديك به، فلا وجود ليعقوب بن الزهري فيه أصلًا. الوهم الخامس: قوله: وفيه محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، قال الذهبي [3/ 483]: ثقة مشهور، وقال ابن سعد: ليس بحجة، فإن هذا بالهذيان أشبه منه بالكلام فإذا كان ثقة مشهورًا فكيف يعل الحديث بالثقة المشهور ويتعقب به على الحاكم والذهبي إن هذا لهو العجب العجاب حقا؟! وبعد، فابن أبي فديك من رجال الصحيحين احتج به البخاري ومسلم معا. الوهم السادس: أنه ترك ذكر علته الحقيقية وأعرض عن نقل كلام المخرجين في ذلك، وهو كثير الكلام على المصنف في تركه نقل كلام المخرجين مع أن ذلك من شأن الشارح لا من شأن المصنف، فأعرض عن ذلك ثم صار يتعلق بالباطل وينسب إلى الحديث من ليس فيه ويُعلله بالثقات المتفق على صحة حديثهم فاسمع ما قيل في الحديث، قال الترمذي: حديث أبي بكر حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان، ومحمد بن المنكدر لم يسمع من عبد الرحمن بن يربوع، وقد روى محمد بن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه غير هذا الحديث.

وروى أبو نعيم الطحان ضرار بن صرد هذا الحديث عن ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه عن أبي بكر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأخطأ فيه ضرار، سمعت أحمد بن الحسن يقول: قال أحمد بن حنبل: من قال في هذا الحديث عن محمد بن المنكدر عن ابن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه فقد أخطأ، وسمعت محمدا -يعني البخاري- يقول: وذكرت له حديث ضرار بن صرد عن ابن أبي فديك فقال: هو خطأ. فقلت له: قد روى غيره عن ابن أبي فديك أيضًا مثل روايته. فقال: لا شيء إنما وروه عن ابن أبي فديك ولم يذكروا فيه عن سعيد بن عبد عبد الرحمن، ورأيته يضعف ضرار بن صرد اهـ. قلت: ورواية ضرار بن صرد خرجها البيهقي من طريق أحمد بن عبيد في مسنده: ثنا محمد بن هارون الأزدي ثنا أبو نعيم ضرار بن صرد ثنا أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه عن أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه بالحديث، قال البيهقي: وكذلك رواه محمد بن عمرو السواق البلخي عن ابن أبي فديك اهـ. قلت: وكذلك رواه محمد بن عمر الواقدي عن ربيعة بن عثمان والضحاك جميعا عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع لكنه قال: عن أبي بكر، أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده [4/ 90]: ثنا محمد بن عمر الواقدي به. وذكر ذلك الدارقطني في علله فقال: اختلف في هذا الحديث على محمد بن المنكدر فرواه ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن يربوع عن أبي بكر، وقال: ضرار بن صرد عن ابن أبي فديك عن الضحاك عن ابن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه. ورواه الواقدي عن ربيعة بن عثمان والضحاك جميعًا عن محمد بن المنكدر عن

سعيد بن عبد الرحمن عن أبي بكر، وقال الواقدي أيضًا عن المنكدر بن محمد عن أبيه عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع عن جبير بن الحويرث عن أبي بكر، والقول الأول أشبه بالصواب، وقال أهل النسب: إنه عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع، ومن قال سعيد بن عبد الرحمن فقد وهم اهـ. قلت: ورواه إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة عن محمد بن المنكدر فقال: عن جابر بن عبد اللَّه أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب من رواية إسماعيل بن عياش عن إسحاق، وإسحاق متروك وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين، وإسحاق مدني فإن لم يكن الخطأ منه فمن إسماعيل. الوهم السابع: في قوله: إن حديث أبي يعلى عن ابن مسعود فيه الواقدي ونسبته ذلك إلى الحافظ فلا الحديث فيه الواقدي ولا الحافظ قال ذلك، بل هو مجرد وهم عليه، فاسمع كلام الحافظ وبعده أورد لك سند حديث ابن مسعود، قال الحافظ في تخريج أحاديث الهداية أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر وفيه إبراهيم بن يزيد الخوزي. وفي الباب عن أبي بكر مثله أخرجه الترمذي [رقم 2998]، والحاكم [1/ 450]، وفيه انقطاع بين ابن المنكدر وعبد الرحمن بن يربوع، نبه عليه الترمذي، وأصله ابن أبي شيبة من وجه آخر فقال [4/ 90]: عن ابن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه وفيه الواقدي، وعن ابن مسعود مثله أخرجه ابن أبي شيبة وأبو يعلى، وعن جابر مثله أخرجه التيمي في الترغيب اهـ. فالحافظ ذكر أن الواقدي في سند حديث أبي بكر وأخذه الشارح ونسبه إلى حديث عبد اللَّه بن مسعود، وحديث عبد اللَّه ليس فيه الواقدي أصلًا بل رواه أبو حنيفة [2/ 296] عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبد اللَّه بن

مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أفضل الحج العج والثج، والعج: العجيج بالتلبية والثج: نحور الدماء". ورواه عن أبي حنيفة جماعة منهم أبو أسامة وعنه رواه ابن أبي شيبة وأبو يعلى الذي عزاه المصنف إليه، وكذلك رواه من طريقه ابن المقري وأبو محمد البخاري وطلحة بن محمد والحافظ بن المظفر كلهم في مسانيد أبي حنيفة. ورواه ابن المظفر أيضًا من رواية الحسن بن زياد عن أبي حنيفة. ورواه أبو محمد البخاري من طريق حاتم بن إسماعيل عن أبي حنيفة، وخالف هؤلاء جماعة فرووه عن أبي حنيفة موقوفًا، ذكر طرقهم أبو محمد البخاري في مسنده. الوهم الثامن: أنه كتب عقب قول المصنف (ع) عن ابن مسعود قال: "سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أي الحج أفضل؟. . . " فذكر، واستغربه الترمذي فأفاد أن هذا هو من تمام حديث ابن مسعود وليس كذلك، وأن الترمذي استغرب حديث ابن مسعود وليس كذلك، فإنه ما ذكره ولا تعرض له أصلًا. وفي الباب عن ابن عباس قال أبو عمرو إسماعيل بن نجيد في جزئه: حدثنا محمد بن عثمان بن عطية الرازي ثنا عبد اللَّه بن الحسن ثنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عبد اللَّه بن سعيد عن أبيه عن ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل أي الحج أفضل؟ فقال: العج والثج. 623/ 1249 - "أَفْضَلُ الحَسَنَاتِ تَكْرِمَةُ الجُلَسَاءِ". القضاعي عن ابن مسعود قلت: قال القضاعي: أخبرنا محمد بن منصور التستري أنا القاضي أبو بكر محمد بن يحيى بن إسماعيل الضبعي الأهوازي ثنا الحسن بن زياد أبو عبد اللَّه الكوفي ثنا ابن أبي

بشير حدثني وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد اللَّه بن مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، ولم أعرف أحدًا ممن دون وكيع. 624/ 1250 - "أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ المرْءِ لِنَفْسِهِ". (ك) عن عائشة قال الشارح في الكبير: قال الحاكم: صحيح، واغتر به المصنف فرمز لصحته ذهولًا عن تعقب الذهبي له بأن مباركًا بن حسان واه اهـ. نعم، رواه الطبراني بإسنادين أحدهما -كما قال الهيثمي- جيد، فلو عزاه المصنف له لكان أولى. قلت: الذهبي بالغ في قوله في المبارك بن حسن: واه، فإن ابن معين قد وثقه وذكره ابن حبان في الثقات، وروى له البخاري في الأدب المفرد، ومن كان كذلك لا يقال فيه واه، وقد عبر عنه الحافظ في التقريب [2/ 227]: بأنه لين الحديث وهو الأعدل فيه. والحديث رواه أيضًا البخاري في الأدب المفرد [رقم 715] قال: حدثنا عبيد اللَّه عن مبارك بن حسان عن عطاء عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: "سئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أي العبادة أفضل؟ قال: دعاء المرء لنفسه". وهكذا رواه الدينوري في المجالسة عن محمد بن سليمان: ثنا عبيد اللَّه بن موسى به مثله بلفظ: "سئل أي العبادة أفضل". ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 211] عن أبي الشيخ: ثنا إسماعيل بن عبد اللَّه ثنا موسى بن إسماعيل ثنا مبارك بن حسان به بلفظ: "سئل أي الدعاء" كما هنا. تنبيه: وهم الشارح في قوله: رواه الطبراني بإسنادين أحدهما كما قال الهيثمي [10/ 152]: جيد، فإن الهيثمي قال: رواه البزار بإسنادين. . . إلخ ما نقله عنه الشارح.

625/ 1253 - "أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إلَه إلا اللَّه، وأفضَلُ الدُّعَاءِ الحمْدُ للَّهِ". (ت. ن. هـ. حب. ك) عن جابر قلت: النسائي لم يخرجه في المجتبى، وإنما خرجه في عمل اليوم والليلة فكان الواجب تقييد العزو إليه، والمصنف ظن أنه في السنن وليس كذلك، وأخرجه أيضًا البغوي في التفسير آخر سورة الإسراء عند قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: 111]. وأسنده أيضًا التاج السبكي في مقدمة الطبقات دون قوله: "وأفضل الدعاء الحمد للَّه"، قال: فلعل الراوي اقتصر فيه على رواية بعض الحديث لعدم ارتباطه بالبعض المتروك منه، قال: وقد روى الطبراني هذا الحديث في كتاب "الدعاء" ولفظه: "أفضل الكلام لا إله إلا اللَّه، وأفضل الذكر الحمد للَّه". قلت: وكذلك رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الشكر" لكنه قال: "أفضل الدعاء لا إله إلا اللَّه، وأفضل الذكر الحمد للَّه"، رواه عن إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا موسى بن إبراهيم الأنصاري ثنا طلحة بن خراش عن جابر بن عبد اللَّه به، وكان التصرف فيه من ابن أبي الدنيا، فقد رواه الحاكم في المستدرك من طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ ابن أبي الدنيا فيه فقال كما هنا، ولعل ابن أبي الدنيا استشكل كون "الحمد للَّه" دعاء فرواه بالمعنى مع أنه يشكل عليه أيضًا الشطر الأول. 626/ 1254 - "أَفْضَلُ الرِّبَاطِ الصَّلاةُ ولُزومُ مجَالسِ الذِّكْرِ وَمَا مِنْ عَبد يُصَلِّي ثُمَ يقْعُدُ في مُصلاهُ إلا لَمْ تَزَلِ الملائِكَةُ تُصَلِّي عَليهِ حَتَّى يُحْدِث أو يَقُومَ". الطيالسي عن أبي هريرة

قال الشارح: ولفظ رواية الطيالسي: "الصلاة بعد الصلاة" فكأنه سقط من قلم المصنف. قال: وفيه محمد بن أبي حميد، فإن كان المدني فضعفوه، أو الزهري فشبه المجهول كما في الضعفاء للذهبي. قلت: أما لفظ الحديث عند الطيالسي فليس كما قال الشارح ولا كما ذكر المصنف بل لفظه: "أفضل الرباط انتظار الصلاة". وأما محمد بن أبي حمد المدني فهو محمد بن أبي حميد الزهري على الصحيح، والتفرقة بينهما لا معول عليها، ثم اعلم أنه وقع في مسند الطيالسي محمد بن أبي حميد عن سعيد بن المهدي عن أبيه عن أبي هريرة، وترجم عليه من جمع المسند ورتبه، المهدي عن أبي هريرة ولا وجود لهذا المهدي الذي يروى عن أبي هريرة ولا لابنه سعيد وإنما هو سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة تحرف على ذلك الجامع بالمهدي فجعل له ترجمة خاصة في المسند واللَّه أعلم. 627/ 1256 - "أَفْضَلُ السَّاعَاتِ جَوْفُ اللَّيلِ الآخِرِ". (طب) عن عمرو بن عبسة قال الشارح: بموحدة ومهملتين مفتوحتين. قلت: هذا خبط لا يفيد بل هو كالعدم، لأنه يبين حال الباء الموحدة وهي موضع الالتباس في النطق والصواب أن يقول مفتوحات. 628/ 1260 - "أَفْضَلُ الصَّدَقَة ما كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنَى، واليَدُ العليَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وابْدَأ بِمَنْ تَعولُ". (حم. م. ن) عن حكيم بن حزام قال الشارح: بفتح المهملة وزاي معجمة.

قلت: هذا غلط والصواب كسر الحاء المهملة. 629/ 1261 - "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ سَقْيُ المَاءِ". (حم. د. ن. هـ. حب. ك.) عن سعد بن عبادة زاد الشارح في الكبير: قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا رسول اللَّه، أي الصدقة أعجب إليك؟. . . فذكره (ع) عن ابن عباس، زاد الشارح -أيضًا- قال: قال سعد: يا رسول اللَّه: ماتت أم سعد، فأي الصدقة أفضل؟. . . فذكره، فحفر بئرا، وقال: هذه لأم سعد. قلت: هذا من قبيح أوهام الشارح الموقعة للغير في الوهم فإن سؤال سعد للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما هو في حديثه لا في حديث ابن عباس. وحديث سعد هو الذي ورد باللفظين في السؤال لأنه ورد عن رواية الحسن وسعيد بن المسيب ورجل عنه. فأما رواية الحسن فخرجها أحمد [5/ 285]: ثنا حجاج قال: سمعت شعبة يحدث عن قتادة قال: سمعت الحسن يحدث عن سعد بن عبادة أن أمه ماتت، فقال: "يا رسول اللَّه إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم. قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: فتلك سقاية آل سعد بالمدينة". ورواه أبو داود [زكاة 41] من طريق محمد بن عرعرة عن شعبة نحوه، إلا أنه قال: عن قتادة عن سعيد بن المسيب والحسن. ورواه النسائي [6/ 254 - 255] عن إبراهيم بن الحسن عن حجاج بمثل ما رواه عنه أحمد. وأما رواية سعيد بن المسيب فخرجها أبو داود: ثنا محمد بن كثير ثنا همام عن قتادة عن سعيد أن سعدا أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال:

"أي الصدقة أعجب إليك؟ قال: الماء". ورواه النسائي من طريق وكيع عن هشام عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن سعد بن عبادة قال: قلت: يا رسول اللَّه إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم. قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء". ورواه ابن ماجه [رقم 3684] عن علي بن محمد ثنا وكيع به مثله، ورواه الحاكم [1/ 414] من طريق محمد بن عرعرة عن شعبة عن قتادة عن سعيد والحسن معا كما سبقت روايته بذلك عند أبي داود، رواه أيضًا من طريق محمد بن كثير: ثنا همام عن قتادة عن سعيد وحده وفي الروايتين قال: "أي الصدقة أعجب إليك؟ قال: سقي الماء"، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وأما رواية الرجل فقال أبو داود [رقم 1681]: حدثنا محمد بن كثير أنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل عن سعد بن عبادة أنه قال: "يا رسول اللَّه إن أم سعد ماتت فأي الصدقة أفضل؟ قال: الماء. قال: فحفر بئرا وقال: هذه لأم سعد"، فهذه الرواية هي التي عزاها الشارح لابن عباس وهي في حديث سعد نفسه. أما حديث ابن عباس فرواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط عنه قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أفضل الصدقة الماء، ألم تسمع إلى أهل النار لما استغاثوا بأهل الجنة قالوا: {أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} [الأعراف: 50]، هكذا أورده النور الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال ابن أبي حاتم في التفسير: حدثنا أبي حدثنا نصر بن علي أخبرنا موسى بن المغيرة ثنا أبو موسى الصفار قال: سألت ابن عباس أو سئل أي الصدقة أفضل؟ فقال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أفضل الصدقة الماء، ألم تسمع أهل النار. . . " وذكر مثله. وقال الذهبي في الميزان [4/ 224] موسى بن المغيرة عن أبي موسى الصفار

مجهول وشيخه لا يعرف، قرأت على زينب بنت عبد اللَّه أخبره أبو عبد اللَّه الحافظ أنا أبو جعفر الصيدلاني أنا محمود بن إسماعيل حضورا أنا ابن شاذان أنا القباب أنا ابن أبي عاصم حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ثنا موسى بن المغيرة الرقاق به مثله. 630/ 1262 - "أَفْضَلُ الصَّدَقَة أنْ يَتَعَّلمَ المرءُ المسْلِمُ عِلْمًا ثُمَّ يُعَلِّمُه أخَاهُ المسْلِمَ". (هـ) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: قال المنذري: إسناده حسن لو صح سماع الحسن من أبي هريرة اهـ. وبه يعرف أن رمز المصنف لصحته غير حسن. قلت: وكذلك يعلم أن قول الشارح في الصغير إسناده حسن غير حسن. 631/ 1263 - "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ الصَّدَقَةُ عَلَى ذِي الرَّحِم الكَاشِح". (حم. طب) عن أبي أيوب، وعن حكيم بن حزام (خد. د. ت) عن أبي سعيد (طب. ك) عن أم كلثوم بنت عقبة قلت: هذا الحديث رواه الزهري واختلف عليه فيه فرواه حجاج بن أرطاة عن الزهري عن حكيم بن بشير عن أبي أيوب هكذا أخرجه أحمد (3/ 402) ثنا أبو معاوية عن حجاج به وهو غلط من حجاج، إنما هو الزهري عن أيوب بن بشير عن حكيم بن حزام فانقلب على حجاج فإنه ضعيف، لكن رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [3/ 21] من طريق عبد الملك بن نمير الهمداني عن حجاج ابن أرطاة على الصواب، فقال: عن الزهري عن أيوب بن بشير عن حكيم. ورواه سفيان بن حسين عن الزهري عن أيوب بن بشير عن حكيم بن حزام أيضًا.

كذلك أخرجه الدارمي [زكاة: 38]، وعبد اللَّه بن أحمد في الزوائد، والطبراني في الكبير [1/ 153/ 2]. ورواه محمد بن الوليد الزبيري عن الزهري عن أيوب بن بشير أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:. . . "، فجعله من مسند أيوب بن بشر. كذلك أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده وابن شاهين في الصحابة، فالأول من رواية محمد بن حرب، والثاني من رواية يحيى بن حمزة وفرج بن فضالة ثلاثتهم عن الزبيري به. ورواه سفيان بن عيينة عن الزهري فقال: عن حميد بن عبد الرحمن عن أم كلثوم بنت عقبة. كذلك أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق والحاكم [1/ 406]، والقضاعى في المسند. أما حديث أبي سعيد الخدري فذكر الحافظ في الإصابة أن البخاري في الأدب المفرد وأبا داود والترمذي رووه من طريق سميل بن أبي صالح عن سعيد بن عبد الرحمن الأعشى عن أيوب بن بشير عن أبي سعيد، وأنا ما رأيته في السنن ولا رأيت من عزاه إليها سوى ما ذكره الحافظ، ولعله سلف المصنف فقد ذكره هنا، وقد راجعت الأطراف فلم أر لهذا الحديث ذكرا في مسند أبي سعيد ولا عزاه الحافظ المنذري في الترغيب إلى السنن فاللَّه أعلم. 632/ 1264 - "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ ما تُصُدِّقَ بِه عَلَى مَمْلُوكٍ عِنْدَ مَالِكِ سُوءٍ". (طس) عن أبي هريرة قلت: هذا حديث لا شيء شبه موضوع، بل هو إن شاء اللَّه موضوع، قال الطبراني:

حدثنا محمد بن أبان ثنا عمار بن خالد الواسطي ثنا أبو صيفى هو بشير بن ميمون قال: سمعت مجاهدا أبا الحجاج يحدث عن أبي هريرة به. ورواه البخاري في الضعفاء: حدثنا علي بن حجر ثنا بشير بن ميمون به. ورواه الخطيب في التاريخ من طريق الطبراني بسنده فبشير بن ميمون متروك مجمع على طرح حديثه، بل قال البخاري: متهم بوضع الحديث اهـ. وقد وضع حديثا آخر في فضل العبيد أيضًا فكان له غرضًا في ذلك. 633/ 1265 - "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ في رَمَضَان". سليم الرازي في جزئه عن أنس قال في الكبير: قال ابن الجوزي هذا لا يثبت فيه صدقة بن موسى، قال ابن معين: ليس بشيء اهـ، وظاهر صنيع المصنف إنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذي وضع لهم الرموز، وهو ذهول، فقد خرجه البيهقي في الشعب، والخطيب في التاريخ، بل خرجه الترمذي عن أنس كما في الفردوس وغيره، ولفظه: "أفضل الصدقة في رمضان". قلت: الترمذي خرجه [رقم 770] بلفظ: "أفضل الصوم" وسيأتي معزوا إليه عند الصنف قريبًا، أما الخطيب فأخرجه [3/ 315] من طريق ابن أبي حاتم عن أبيه: حدثنا أبو سلمة المنقري ثنا صدقة بن موسى أبو المغيرة عن ثابت البناني عن أنس به مرفوعًا: "أفضل الصدقة صدقة في رمضان"، وصدقة بن موسى روى له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي، وقال أبو حاتم: لين الحديث يكتب حديثه ولا يحتج [به] ليس بقوي، وقال ابن حبان: كان شيخًا صالحًا إلا أن الحديث لم يكن من صناعته فكان إذا روى قلب الأخبار حتى خرج عن حد الاحتجاج به، وقال البزار: ليس بالحافظ عندهم، وقال في موضع آخر: ليس به بأس.

634/ 1266 - "أَفْضَلُ صَدَقَة اللِّسَان الشَّفَاعَةُ، تفكُّ بِهَا الأسيرَ، وتحقِنُ بِهَا الدَّمَ وتجر بِهَا المَعُرَوف والإحَسَانَ إلى أخِيكَ، وَتَدْفَعُ عَنْهُ الكَرِيهَةَ". (طب. هب) عن سمرة قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه أبو بكر الهذلي، ضعفه أحمد وغيره، وقال البخاري: ليس بالحافظ، ثم أورد له هذا الخبر، وأقول: فيه -أيضًا- عند البيهقي مروان بن جعفر السمري، أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: قال الأزدي: يتكلمون فيه. قلت: ما زاده الشارح من ذكر مروان بن جعفر السمري باطل لا أصل له ولا موجب لذكره، فالحديث يعرف بأبي بكر الهذلي وهو مروي عنه من طرق فلا مدخل لمروان بن جعفر فيه. قال الطبراني في مكارم الأخلاق: حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا محمد بن أبي نعيم الواسطي ثنا محمد بن يزيد عن أبي بكر الهذلي عن الحسن عن سمرة به. وقال القضاعي في مسند الشهاب: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر التجيبي أنا أحمد بن إبراهيم بن جامع ثنا علي بن عبد العزيز به. وقال الخرائطي في مكارم الأخلاق: حدثنا أحمد بن سهل العسكري ثنا عبيد اللَّه الرازي ثنا المسيب بن واضح ثنا الحجاج عن أبي بكر الهذلي به بلفظ: "ما من صدقة أفضل من صدقة اللسان. قيل: وكيف ذلك يا رسول اللَّه قال: الشفاعة تحقن بها الدم وتجر بها المنفعة إلى آخر وتدفع بها المكروه عن آخر". فلم يبق في الحديث إلا أبو بكر الهذلي كما قال الهيثمي.

635/ 1267 - "أَفْضَلُ الصَّدقَةِ أنْ تُشْبِعَ كَبِدا جَائِعًا". (هب) عن أنس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، ولعله لاعتضاده وإلا ففيه هشام بن حسان أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: قال شعيب عن شعبة: لم يكن يحفظ. قلت: هشام بن حسان ثقة من رجال الصحيحين احتج به البخاري ومسلم، فالحديث إذا لم يكن فيه ضعيف فهو صحيح لا حسن فقط. 636/ 1268 - "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ إِصْلَاحُ ذَاتِ البَيْنِ". (طب. هب) عن ابن عمر زاد الشارح: ابن الخطاب، وإسناده ضعيف لضعف ابن أنعم، لكنه اعتضد. وقال في الكبير: عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب أيضًا، وزاد قال العراقي: فيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وهو ضعيف، وقال المنذري: فيه ابن أنعم، وحديثه هذا حسن لحديث أبي الدرداء المتقدم. قلت: في هذا أمور، الأول: أن صحابي الحديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص لا ابن الخطاب كما عزاه الشارح، وهو كذلك في الأصول التي ينقل منها كالترغيب والترهيب [3/ 489]، ومجمع الزوائد [8/ 80]. الثاني: قوله في الصغير: ضعيف لضعف ابن أنعم. كلام لا فائدة فيه لذكر الراوي لاسم والده دون اسمه. الثالث: قوله: قال المنذري: وحديثه هذا حسن لحديث أبي الدرداء المتقدم اهـ. ولم يذكر حديث أبي الدرداء فكانت الفائدة ناقصة بل معدومة. وحديث الترجمة خرجه أيضًا ابن الأعرابي في معجمه قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ثنا عبد اللَّه بن يزيد ثنا الإفريقي هو عبد الرحمن بن زيد بن أنعم الشعباني عن راشد بن عبد اللَّه المعافري عن عبد اللَّه

ابن يزيد عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص به. ورواه الخرائطي في مكارم الأخلاق ثنا العباس الترقفي ثنا عبد اللَّه بن يزيد أبو عبد الرحمن المقرى به. أما حديث أبي الدرداء الذي استشهد به الحافظ المنذري لحديث الباب فرواه أبو داود [أدب 50] والترمذي [قيامة 56]، وصححه هو وابن حبان ولفظه: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى. قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة؟. 637/ 1269 - "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ حِفْظُ اللِّسَانِ". (فر) عن معاذ قال في الكبير: وكذا أخرجه القضاعي عن معاذ، ورمز المصنف لضعفه، ووجهه أن فيه الخصيب بن جحدر، قال الذهبي: كذبه شعبة والقطان. قلت: القضاعي لم يخرج هذا الحديث، وإنما خرج حديث سوة المار قريبًا بلفظ: "أفضل صدقة اللسان: الشفاعة"، إلا أنه رواه [2/ 243] بلفظ: "أفضل الصدقة اللسان. قيل: يا رسول اللَّه ما صدقة اللسان؟ قال: الشفاعة تفك بها الأسير وتحقن بها الدماء وتجر بها المعروف والإحسان إلى أخيك، وتدفع عنه الكريهة". قال القضاعي: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر التجيبي أنا أحمد بن إبراهيم بن جامع ثنا علي بن عبد العزيز ثنا محمد بن أبي نعيم الواسطي ثنا محمد بن يزيد عن أبي بكر الهذلي عن الحسن عن سمرة به، فهذا حديث، وحديث معاذ المذكور هنا حديث آخر أخرجه الديلمي من طريق صالح بن عبد اللَّه: ثنا محمد بن الحسن عن خصيب بن جحدر عن السمان عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل.

638/ 1270 - "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ سِرٌّ إلى فَقِيرٍ، وجُهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ". (طب) عن أبي أمامة قال الشارح: وهو ضعيف لضعف راويه علي بن زيد، لكن له شواهد، منها ما رواه أحمد في حديث طويل عن أبي ذر وفيه أبو عمر الدمشقي متروك. قلت: كذا قال: علي بن زيد والصواب علي بن يزيد بزيادة الياء في أوله، وهو علي بن يزيد الألهاني الشامى الراوي عن القاسم بن عبد الرحمن صاحب أبي أمامة، وحديث أبي ذر الذي ذكره شاهدا لهذا الحديث هما حديث واحد قال فيه بعض الرواة: عن أبي أمامة، وقال بعضهم: عن أبي ذر، وقال بعضهم: عن أبي أمامة عن أبي ذر، وقال بعضهم: عن أبي أمامة أن أبا ذر سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو حديث طويل ذكرت متنه واستوعبت طرقه وأسانيده في المستخرج على أحاديث الشهاب، ولعلنا نعود إلى الكلام عليه فيما سيأتي من جمله المفرقة في هذا الكتاب. 639/ 1271 - "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ المنِيحُ أنْ يَمْنَحَ الدَّرَاهِمَ أو ظَهَر الدَّابةِ". (طب) عن ابن مسعود قال في الكبير: ورواه -أيضًا- أحمد وأبو يعلى والبزار، قال الهيثمي: ورجال أحمد رجال الصحيح اهـ. وظاهره أن رجال الطبراني ليسوا كذلك، فلو عزاه المصنف إليه لكان أولى. قلت: أحمد رواه [1/ 463] بلفظ لا يدخل هنا فقال: حدثنا عفان حدثنا شعبة عن إبراهيم الهجري قال: سمعت أبا الأحوص عن عبد اللَّه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أتدرون أي الصدقة أفضل؟ قالوا: اللَّه ورسوله أعلم، قال: المنيحة أن يمنح أحدكم أخاه الدرهم أو ظهر الدابة أو لبن الشاة أو لبن البقرة" فهذا اللفظ فات المصنف أن يذكره في حرف "الألف" مع "التاء".

ورواه أيضًا أبو نعيم في الحلية [4/ 236] من وجه آخر عن ابن مسعود فقال: حدثنا محمد بن معمر ثنا عبد اللَّه بن محمد بن ناجية ثنا عمر بن يحيى بن نافع ثنا حفص بن جميع عن سماك بن حرب عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه به بلفظ: "هل تدرون أي الصدقة أفضل؟ قلنا: اللَّه ورسوله أعلم، قال: الصدقة المنيحة: أن يمنح الدرهم أو ظهر الدابة". 640/ 1272 - "أَفْضَلُ الصَّدَقَاتِ ظلُ فُسْطَاطٍ فِي سَبِيلِ اللَّه عَزَّ وجلَّ، أو مِنْحةُ خَادِمٍ في سَبِيلِ اللَّه، أو طَرُوقَةُ فَحْلٍ في سبيلِ اللَّهِ". (حم. ت) عن أبي أمامة (ت) عن عدي بن حاتم قال في الكبير: صححه الترمذي، وتبعه عبد الحق، واعترضه ابن القطان بأن فيه القاسم بن عبد الرحمن مختلف فيه، قال: فحق الحديث أن يقال فيه: حسن لا صحيح، وأقول: فيه -أيضًا- الوليد بن جميل، قال الذهبي: قال أبو حاتم: روى عن الحسن أحاديث منكرة. قلت: في هذا أمور، أولها: أنه يفصل ما ذكر هل هو في حديث أبي أمامة أو في حديث عدي بن حاتم؟، بل ذكره ذلك عقب حديث عدي بن حاتم صريح في أن ذلك في سنده وليس كذلك، فالوليد بن جميل إنما هو في حديث أبي أمامة. قال الترمذي [رقم 1627]: حدثنا محمد بن رافع ثنا زيد بن الحباب ثنا معاوية بن صالح عن كثير بن الحارث ثنا القاسم أبي عبد الرحمن عن عدي بن حاتم الطائي أنه سأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أي الصدقة أفضل؟ قال: خدمة عبد في سبيل اللَّه أو ظل فسطاط أو طروقة فحل في سبيل اللَّه"، قال الترمذي: وقد روى هذا الحديث عن معاوية بن صالح مرسلًا، وخولف زيد في بعض إسناده.

وروى الوليد بن جميل عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، حدثنا بذلك زيد بن أيوب ثنا يزيد بن هارون ثنا الوليد بن جميل القاسم أبي عبد الرحمن عن [أبي] أمامة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . " فذكره باللفظ المذكور في المتن، ثم قال: هذا حديث حسن صحيح وهو أصح عندي من حديث معاوية ابن صالح. ثانيها: أن أبا حاتم لم يقل في الوليد بن جميل: روى عن الحسن أحاديث منكرة، بل قال: روى عن القاسم أحاديث منكرة، فإن الوليد بن جميل لم يرو عن الحسن شيئًا وهو شامي فلسطيني لم ير الحسن، بل قال ابن عدي: لم أجد له رواية عن غير القاسم، وإن ذكره غيره، له رواية عن مكحول ويحيى بن أبي كثير. ثالثها: أن الرجل ثقة، رضيه علي بن المديني، وقال الآجري عن أبي داود: ما به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات، وصحح له الترمذي. رابعها: أن الوليد المذكور غير موجود في سند أحمد بل هو عنده من غير طريقه. قال أحمد [5/ 270]: حدثنا الحكم بن موسى ثنا إسماعيل بن عياش عن مطرح بن يزيد الكناني عن عبيد اللَّه بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة به. 641/ 1273 - "أَفْضَلُ الصَّلَواتِ عِنْدَ اللَّه تَعالى صَلَاةُ الصبْحِ يَوْمَ الجُمُعَةِ في جَمَاعَةٍ". (حل. هب) عن ابن عمر قال في الكبير: رمز المؤلف لضعفه وذلك لأن فيه الوليد بن عبد الرحمن، أورده الذهبي في الضعفاء، وقال ابن معين: ليس بشيء. قلت: هذا غلط صريح وتهور قبيح فإن الوليد بن عبد الرحمن المذكور في سند

هذا الحديث ليس هو الذي ذكره الذهبي، وقال فيه ابن معين: ليس بشيء، بل هو الوليد بن عبد الرحمن الجرشي الحمصي الزجاج التابعي الثقة الراوي عن ابن عمر وأبي هريرة وأبي أمامة، والراوي عنه يعلى بن عطاء وإبراهيم بن أبي عبلة وداود بن أبي هند وجماعة، روى له مسلم في الصحيح، ووثقه يحيى بن معين وابن خراش وابن عون وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات ولم يغمزه أحد بشيء أصلا فهذا هو الذي في سند الحديث (¬1)، أما الذي ذكره الذهبي في الميزان [4/ 341/ 9379] فليس بتابعي بل يروي عن معتمر بن سليمان وهو مجهول لا يعرف كما قال أبو حاتم، فأين هذا من ذاك؟!، والشارح إذا رأى في الضعفاء اسما يوافق اسما في سند الحديث ضعف به الحديث غير ناظر إلى الفرق بين الرواة المتفقين في الاسم واسم الأب، ولا محقق ذلك من التاريخ والرواة والشيوخ والطرق المعلومة لتحقيق ذلك فيأتي بمثل هذه الطامات، ثم إن ما حكاه عن المصنف من رمزه لهذا الحديث بعلامة الضعيف لا وجه له فهو غالبًا من وهمه على المصنف أيضًا واللَّه أعلم، فإن النسخة التي بين أيدينا ليس فيها رمز لهذا الحديث لا بضعف ولا غيره، وسند الحديث لا يوافق على ذلك فإن رجاله ثقات رجال الصحيح. قال أبو نعيم [7/ 207]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا محمد بن يحيى ثنا عمرو بن علي ثنا خالد بن الحارث ثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن أن ابن عمر قال لعمران بن أبان: "ما منعك أن تصلي في جماعة؟ قال: قد صليت الصبح قال: أو ما بلغك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال. . . " وذكره. قال أبو نعيم: تفرد به خالد مرفوعًا ورواه غندر موقوفًا فرجال هذا السند كلهم ثقات فعبد اللَّه ابن محمد هو أبو الشيخ ابن حيان الحافظ، ومحمد بن يحيى هو ابن منده، وعمرو بن علي هو الفلاس الحافظ، وخالد بن الحارث هو ابن ¬

_ (¬1) انظر "تهذيب التهذيب" 11/ 123/ 234.

عبيد الهجيمي أبو عثمان البصري ثقة من رجال الشيخين، وشعبة هو شعبة ويعلى بن عطاء ثقة من رجال الصحيح، والوليد بن عبد الرحمن ثقة من رجال الصحيح كما قدمته. فلا وجه لضعف الحديث إلا أن يكون معلولا لما أشار إليه أبو نعيم من أن غندرا خالف خالد بن الحارث فيه فرواه عن شعبة موقوفًا على ابن عمر، وهذه ليست بعلة قادحة على الصحيح، لأن الحكم لمن رفع أو معه زيادة وهو ثقة فقوله مقبول ما لم تقم القرائن على خطئه في رفعه، ثم إن لهذا الحديث شاهدا من المرفوع أيضًا من حديث أبي عبيدة بن الجراح أخرجه الحكيم والطبراني وسيأتي في حرف "اللام" في حديث "ليس من الصلوات"، بل له شواهد كثيرة في فصل تفضيل مطلق صلاة الصبح والعشاء في جماعة وهي في الصحيح، بل الحكم على صلاة بأنها أفضل الصلوات لا مجال للرأي فيه فهو في حكم المرفوع. 642/ 1274 - "أَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ المكتُوبَة الصَّلاةُ فِي جَوفِ الليلِ، وأفْضَل الصِّيام بَعْدَ شهرِ رَمَضَان شَهْر اللَّهِ المحَرَّمِ". (م. 4) عن أبي هريرة، الروياني في مسنده (طب) عن جندب قال في الكبير: جندب في الصحابة متعدد، فكان ينبغي تمييزه. قلت: لا، لا ينبغي ذلك لأن جندبا إذا أطلق لا ينصرف إلا إلى جندب البجلي، كما أن جابرا إذا أطلق فهو ابن عبد اللَّه، وأبو سعيد إذا أطلق فهو الخدري، وعبد اللَّه فهو ابن مسعود، وأنس هو ابن مالك، مع أن في الصحابة من هذه الأسماء الكثير ومع ذلك فالمصنف لم يزد على جندب للخلاف في اسم والده، فالرواة من أهل البصرة يقولون: جندب بن عبد اللَّه، والرواة من أهل الكوفة يقولون: جندب بن سفيان، غير شريك وحده وهو جندب بن عبد

اللَّه بن سفيان ينسبه بعضهم إلى أبيه وبعضهم إلى جده واشتهر بكلا الاسمين، ويقال فيه أيضًا: جندب الخير وجندب الفاروق وجندب بن خالد بن سفيان إلا أنهم وهموا قائل هذا الأخير، فمن أجل هذا الاختلاف اقتصر المصنف على الاسم المجرد، ولكن الشارح من الغافلين عن مقاصد المحدثين. 643/ 1275 - "أَفْضَلُ الصَّلاةِ طُول القنُوتِ". (حم. م. ت. هـ) عن جابر (طب) عن أبي موسى وعن عمرو بن عبسة وعن عمر بن قتادة الليثي قلت: وفي الباب أيضًا عن أبي ذر وأبي أمامة في حديثهما الطويل المخرج في مسند أحمد [(3/ 302، 391، 412) و (4/ 385)]، وصحيح ابن حبان [5/ 144]، وغيرهما كما أشرت إليه قريبا في حديث "أفضل الصدقة سر إلى فقير". 644/ 1276 - "أَفْضَلُ الصَّلاةِ صَلاةُ المرء في بَيْتِهِ إلا المكتُوبَة". (ن. طب) عن زيد بن ثابت قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرج في الصحيحين وإلا لما ساغ له العدول عنه لغيره، وهو ذهول فاحش، فقد خرجاه معا باللفظ المذكور. قلت: إنما الذهول من الشارح مع زيادة التهور في العزو وعدم التثبت فيه والتنبه لدقائق الألفاظ في اصطلاح المصنف، فاسمع لفظ الحديث في الصحيحين، أما البخاري (¬1) فلفظه: "عن زيد بن ثابت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- اتخذ ¬

_ (¬1) رواه الإمام البخاري في صحيحه: (10 - كتاب الآذان، 81 - باب صلاة الليل، رقم: 731).

حجرة من حصير في رمضان فصلى فيها ليالي، فصلى بصلاته ناس من أصحابه فلما علم بهم جعل يقعد فخرج إليهم، فقال: قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"، فأول المرفوع قد عرفت الذي رأيت فكان صنيع المصنف يوجب عليه أن يذكره في حرف "القاف" إلا أنه لم يفعل، ولفظ رواية مسلم (¬1) عن زيد بن ثابت قال: "احتجر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه وسلم حجيرة بخصفة أو حصير فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي فيها قال: فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته قال: ثم جاءوا ليلة فحضروا وأبطأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عنهم فلم يخرج إليهم، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب فخرج إليهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- معقبًا فقال لهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة"، فأول المرفوع في هذه الرواية "ما زال بكم" فكان حقه أن يذكر في حرف "الميم" إلا أن المصنف لم يذكره فيه أيضًا لأنه ليس من الخطاب العام وإنما هو خطاب للصحابة في قضية مخصوصة، وهذه الأحاديث لا يذكرها غالبًا في هذا المختصر وإنما يذكرها في الكبير وفي زوائد الجامع الصغير، فأنت ترى لفظه في الصحيحين مع قول الشارح: روياه باللفظ المذكور، فذلك من غفلته عن مراعاة صنيع المصنف واصطلاحه، أما الحديث بالاصطلاح العام فإنه يعزى لمالك وأحمد [5/ 187]، والبخاري ومسلم وأبي داود [2/ 70، رقم 1447]، والترمذي والنسائي فإن جميعهم خرجوه، كما خرجه أيضًا غيرهم كالطحاوي في مشكل الآثار (ص 250 من الجزء الأول). 645/ 1278 - "أَفْضَلُ الصوم صَوْمُ أخِي دَاود كَانَ يَصُومُ يَومًا وَيُفطِرُ ¬

_ (¬1) رواه الإمام مسلم في صحيحه: (6 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، 29 - باب استحباب صلاة النافلة في ييته وجوازها في المسجد، رقم: 213).

يَومًا، ولا يَفر إذا لاقَي". (ت. ن) عن ابن عمرو بن العاص قلت: رواه أيضًا أحمد [2/ 164، 190] في مسنده، وأبو عمرو بن نجيد في جزئه وتقدم معزوا لاحمد والشيخين (¬1) وغيرهما بلفظ "أحب الصيام إلى اللَّه". وفي الباب عن أبي هريرة وعمر وابن عباس، فحديث أبي هريرة قال أبو نعيم في الحلية [3/ 42]: حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا محمد بن غالب بن حرب حدثنا بكار بن محمد حدثني ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "أفضل الصوم صوم أخي داود كان يصوم يومًا ويفطر يومًا"، وحديث عمر أسنده الذهبي في الميزان في ترجمة إبراهيم بن أبي يحيى من طريق الحافظ السلفي [1/ 57، رقم 189]: ثنا أبو حسن العلاف أنبأنا علي بن أحمد الحمامي أنبأنا إبراهيم بن أحمد القرميسيني بالموصل ثنا أبو علي الحسين بن سهل الثعلبي إملاء حدثنا يحيى بن غيلان ثنا إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم عن علقمة بن أبي علقمة عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفضل الصيام صيام داود، ومن صام الدهر كله فقد وهب نفسه للَّه". وحديث ابن عباس قال أحمد [1/ 314]: حدثنا أبو النضر ثنا الفرج بن فضالة عن أبي هرم عن صدقة الدمشقي قال: ¬

_ (¬1) رواه البخاري في صحيحه: (30 - كتاب الصوم، 55 - باب حق الجسم في الصوم، رقم 1975) ورواه في (60 - كتاب أحاديث الأنبياء، 37 - باب قول اللَّه تعالى، [النساء: 162]، [الإسراء: 55]، رقم 3418). ورواه مسلم في صحيحه: (13 - كتاب الصيام، 35 - باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرَر به أو فوت به حقًا أو لم يفطر العيدين والتشريق، رقم 189، 190).

جاء رجل إلى ابن عباس سأله عن الصيام فقال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن من أفضل الصيام صيام أخي داود كان يصوم يومًا ويفطر يومًا". 646/ 1280 - "أَفْضَلُ العِبَادَةِ الفقهُ، وأَفْضَلُ الدِّينِ الورعُ". (طب) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: وظاهر تخصيصه بالكبير يوهم أنه لا يوجد للطبراني إلا فيه، وليس كذلك؛ بل خرجه في معاجمه الثلاثة، وقد أشار المصنف لضعفه؛ وذلك لأن فيه -كما قال المنذري ثم الهيثمي- محمد بن أبي ليلى ضعفوه لسوء حفظه. قلت: هذا انتقاد سخيف، ومتى عزى الحديث إلى الطبراني فقد عزى إلى الطبراني سواء في ذلك الكبير والأوسط والصغير (¬1) [2/ 124]، أو واحد منها إذ لا فضل لكتاب على آخر منها، ولا شرط فيه أشد وأعلى من شرط الآخر، وما التزم مخلوق الإحاطة في العزو، فأعجب للشارح رحمة اللَّه ما أسخفه! ولو أراد سخيف أن يسخف مثله لقال: وظاهر صنيع الشارح يوهم أنه لم يخرجه إلا الطبراني وليس كذلك. فقد خرَّجه أيضًا القضاعي في مسند الشهاب قال [2/ 249]: أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد بن الحسن الناقد أنا أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد الخياش ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا محمد بن آدم ثنا معلى عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر وابن عباس قالا: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفضل العبادة الفقه، وأفضل الدين الورع". ولكن لا معنى لتلك السخافة فلا نغرق فيها، ونقول بدون تعقب: في الباب أيضًا أبو هريرة وسعد بن أبي وقاص وحذيفة بن اليمان وأنس بن مالك ¬

_ (¬1) أورده الهيثمي في المجمع (1/ 120) من حديث ابن عمر، وعزاه إلى الثلاثة.

وآخرون موصولا ومرسلًا يأتي ذكرهم إن شاء اللَّه في حرف "الفاء" في فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة. 647/ 1282 - "أَفْضَلُ العِبَادةِ قِراءةُ القُرآنِ". ابن قانع زاد الشارح في الكبير: من طريق يونس بن عبيد عن بعض أصحابه عن أسير ابن جابر، السجزي في الإبانة عن أنس. قال الشارح: ورواه -أيضًا- أبو نعيم في فضائل القرآن عن النعمان بن بشير وأنس معا بلفظ: "أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن"، قال الحافظ العراقي: وإسنادهما ضعيف. قلت: في هذا أمران، أحدهما: قوله: إن ابن قانع رواه من طريق يونس بن عبيد عن بعض أصحابه، وهو وهم منه بل تهور وعدم إتقان وتحقيق للنقل، فإن ذلك السند روى به ابن قانع حديثا آخر كما ذكره الحافظ في الإصابة فأخذه الشارح منه وألصقه بهذا الحديث. قال الحافظ في الإصابة: أسير بن جابر بن سليم بن حبال بن عمير بن عمرو ابن أنمار بن الهجيم بن عمرو بن تميم التميمي، روى ابن قانع من طريق يونس ابن عبيد عن بعض أصحابه عن أسير بن جابر بن سليم التميمي قال: "أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو محتب ببردة فقلت: يا رسول اللَّه علمني مما علمك اللَّه. فقال: لا تحقرن من المعروف شيئًا"، وهذا غير أسير بن جابر التابعي اهـ. ثم إن الحافظ قصر في الكلام على هذا الراوي، وعندي أنه غير صحابي وأن هذا الإسناد سقط منه عن أبيه، لأن الحديث المذكور معروف من رواية أبي جرى الهجيمي واسمه جابر بن سليم وهو والد أسير فهو القائل: أتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو محتب ببردة، لا ابنه أسير. كذلك أخرجه أحمد [3/ 483، 5/ 63]، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق

والقضاعي في المسند وغيرهم من طريق سلام بن مسكين عن عقيل بن طلحة عن أبي جرى الهجيمي. ورواه الطيالسي في مسنده من طريق قرة بن موسى عن جابر بن سليم الهجيمي قال [ص 767، رقم 1208]: "أنتهيت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو محتب في بردة له كأني انظر إلى أهدابها على قدميه فقلت: يا رسول اللَّه أوصني، قال: اتق اللَّه ولا تحقرن من المعروف شيئًا" الحديث. ورواه أبو داود [4/ 55، رقم 4084]، والترمذي [رقم 1833]، والخرائطي في مكارم الأخلاق من وجه آخر من رواية أبي تميمة الهجيمي واسمه طارق بن مجالد عن جابر بن سليم أبي جرى الهجيمي به مطولا. فالحديث له لا لولده، ورواية ولده مرسلة، وأيا كان فالسند الذي ذكره الشارح ليس هو سند حديث الباب. ثانيهما: قوله: ورواه أيضًا أبو نعيم في فضائل القرآن من حديث النعمان بن بشير. . إلخ، فإن هذا التعقب لا فائدة فيه إذ حديث النعمان المذكور ذكره المصنف بذلك اللفظ فيما سيأتي قريبًا بعد اثنين وعشرين حديثا في الأحاديث التي فيها كلمة "أفضل" مضافة إلى غير المعرف بالألف والام. 648/ 1283 - "أَفْضَلُ العِبَادَةِ انْتظَارُ الفَرج". (هب) والقضاعي عن أنس قال الشارح: فيه مجاهيل، وهو غير ثابت، وعزاه في الكبير للطبراني، وقال قال الهيثمي: فيه من لم أعرفه، وقال ابن الجوزي: حديث لا يثبت. قلت: أخطأ الشارح في قوله عن حديث أنس: فيه مجاهيل، لأنه أخذ ذلك من قول الحافظ الهيثمي: فيه من لم أعرفه، وقوله ذلك لا يدل على ما فهمه الشارح لأنه قد يكون من لم يعرفه الحافظ معروفًا لغيره، ثم على فرض أنه غير معروف للغير فاللفظ لا يدل على الجمع بل هو صريح في الواحد إذ لو

كانوا جماعة لقال: فيه من لم أعرفهم كما هو الواقع فإنه يقول ذلك في السند الذي يكون فيه جماعة لم يعرفهم، ثم بعد هذا كله فإن حديث أنس ليس فيه مجاهيل أصلًا لا واحد ولا جماعة وإنما فيه من هو ضعيف. قال القضاعي: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مرزوق أنا أبو عبد اللَّه محمود بن يعلى القزويني ثنا أبو صالح محمد بن الحسن بن المهلب بأصبهان ثنا أحمد بن عمرو ابن الضحاك ثنا أبو أيوب الخبائري ثنا بقية عن مالك عن الزهري عن أنس به. ورواه الخطيب من طريق محمد بن محمد بن سليمان الباغندي أبي بكر الواسطي: ثنا سليمان بن سلمة الخبائري -هو أبو أيوب- به بلفظ: "العبادة انتظار الفرج من اللَّه"، والخبائري ضعيف. وقد رواه الخطيب [2/ 155] أيضًا من طريق أبي الفرج محمد بن جعفر بن الحسن بن سليمان صاحب المصلى عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي به لكنه قال: أنبأنا أبو نعيم عبيد بن هشام الحلبي أنبأنا مالك به بلفظ: "انتظار الفرج عبادة"، ثم قال الخطيب [2/ 155]: وهم محمد بن جعفر على الباغندي وعلى من فوقه في هذا الحديث وهما قبيحا، لأنه لا يعرف إلا من رواية سليمان بن سلمة الخبائري عن بقية عن مالك. قلت: وليس كذلك بل تابعه نعيم بن حماد عن بقية عن مالك إلا أنه قال: عن الزهري مرسلا ولم يذكر أنسا كذلك أخرجه البيهقي في شعب الإيمان. وفي الباب عن ابن مسعود وسيأتي بلفظ: "سلوا اللَّه من فضله فإنه اللَّه يحب أن يسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج"، وعن جماعة آخرين بلفظ (¬1): "انتظار الفرج عبادة" منهم جابر وعلي وابن عمر وغيرهم. ¬

_ (¬1) انظر: سنن الترمذي (رقم: 3571) من حديث ابن مسعود، والطبراني (10/ 125)، وفتح الباري (11/ 95)، والمشكاة (رقم 2237)، والترغيب والترهيب (2/ 482)، وتفسير القرطبي (5/ 164).

649/ 1284 - "أَفْضَلُ العَمَلِ النَّيةُ الصَّادِقَةُ". الحكيم عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: رجال إسناده كلهم موثقون إلا شيخ الحكيم عمر بن أبي عمر، قال الحكيم في الأصل الثالث والثلاثين ومائتين: حدثنا عمر بن أبي عمر عن نعيم بن حماد عن عبد الوهاب بن همام الحميري قال: سمعت أبي يقول: سمعت وهبا يحدث عن ابن عباس "أن رجلا قال: يا رسول اللَّه ما أفضل العمل؟ قال: النية الصادقة" 650/ 1285 - "أَفْضَلُ العِيادةِ أجرًا سُرْعَةُ القِيام مِن عنْد المريض" (فر) عن جابر قال في الكبير: فيه على بن أحمد بن النضر، قال الدارقطني: ضعيف، ومحمد بن يوسف الرقى، قال الذهبي: كذبة الخطيب، وكان حافظا رحالا. قلت: الشارح رجل جاهل بهذا الشأن فاسمع سند الحديث أولًا، قال الديلمي: أخبرنا محمد بن عيسى الصوفي إذنا أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن إسحاق الفالي أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن محمد الساوي بمرو اخبرنا محمد بن عبد اللَّه الأصبهاني ثنا على بن أحمد بن النضر ثنا محمد بن يوسف الرقى ثنا ابن وهب عن الأوزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به. فمحمد بن يوسف الرقي يروي عن ابن وهب كما ترى، ومحمد بن يوسف الرقي الذي قال فيه الذهبي [4/ 72، رقم 8345]: كذبه الخطيب، قال في ترجمته أيضًا: لقى خيثمة بن سليمان وطبقته ووضع على الطبراني حديثا باطلًا في حشر العلماء بالمحابر اهـ. فمن يروى عن الطبراني ويضع عليه حديثا وقد مات الطبراني سنة ستين

وثلاثمائة كيف يكون هو الراوي عن ابن وهب المتوفي سنة سبع وتسعين ومائة؟!! إن هذا التهور عجيب. 651/ 1287 - "أَفْضَلُ الفَضَائِلِ أنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعكَ، وَتُعْطِى مَنْ حَرَمَك، وَتَصْفَحَ عَمن ظَلَمكَ". (حم. طب) عن معاذ بن أنس قال في الكبير: قال العراقي سنده ضعيف، وبينه تلميذه الهيثمي، وتبعه المنذري فقال: فيه زبان بن فائد ضعيف، وأقول: فيه -أيضًا- ابن لهيعة وحاله معروفة، وسهل بن معاذ أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: ضعفه ابن معين. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن استدراكه على الحافظين المنذري والهيثمي بوجود ابن لهيعة وسهل بن معاذ في السند أيضًا باطل. أما أولًا: فإنه ابن لهيعة إنما هو في سند أحمد لا في سند غيره ولذلك لم يتعرضا لذكره فإنه ابن لهيعة لم ينفرد به، بل رواه عن زبان بن فائد أيضًا رشدين بن سعد. قال الخرائطي في مكارم الأخلاق [رقم 48]: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا جعفر بن عيسى ثنا رشدين بن سعد عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه به. ومن هذا الوجه رواه القضاعي في مسند الشهاب [2/ 248]، فبطل استدراك الشارح بابن لهيعة. وأما ثانيًا: فإن سهل بن معاذ ثقة وحديثه حسن بل صححه له الحاكم وغيره، وإنما أتاه الضعف من قبل الراوي عنه زبان بن فائد، ولذلك قال ابن حبان: كل ما رواه سهل بن معاذ وكان من رواية زبان عنه فهو ضعيف، فلما أعله الحافظان المنذري والهيثمي بزبان فلم يبق لذكر سهل بن معاذ مزية. ثانيهما: قوله: وبينه تلميذ الهيثمي وتبعه المنذري، فإن المنذري مات قبل ولادة

جد الحافظ الهيثمي بل قبل ولادة أبي جده فكيف يكون تابعًا لمن سيولد بعد وفاته بنحو المائة عام فسبحان اللَّه العظيم وبحمده هذا وفي الباب عن جماعة منهم عقبة بن عامر وأبو هريرة وأبي بن كعب وأبو أيوب وعبد اللَّه بن أبي الحسين مرسلًا، وقد ذكرتها بأسانيدها في المستخرج على مسند الشهاب. 652/ 1288 - "أَفْضَلُ القُرآن: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ". (ك. هب) عن أنس قلت: لفظه عند الحاكم [1/ 560] عن أنس قال: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في مسير فنزل ونزل رجل إلى جانبه قال: فالتفت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ألا أخبرك بأفضل القرآن؟ قال: فتلى عليه {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} " قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. 653/ 1290 - "أَفْضَلُ الكَسْبِ بَيْعٌ مَبْرُور، وَعَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ". (حم. طب) عن أبي بردة بن نيار قال الشارح: إسناده حسن. وقال في الكبير: فيه جميع بن عمير، قال الذهبي في الضعفاء: صدوق رموه بالكذب، وفي الكاشف: شيعي واه، وقال البخاري: فيه نظر. قلت: وإذا كان هذا حاله فكيف يقول في الصغير: سنده حسن، والواقع أن جميع بن عمير لا يحكم لحديثه بالحسن، وإن كان أصل هذا الحديث واردًا من طرق أخرى إلا أنه اقتصر على حسنه من هذا الطريق وهو وهم، وسيأتي ذكر الحديث بلفظ: "أفضل كسب الرجل ولده وكلُّ بيع مبرور". أخرجه أيضًا الديلمي في مسند الفردوس قال: أخبرنا محمد بن الحسن الثقفي كتابه أخبرنا أبي حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن شنْبَه حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن سنان ثنا محمد بن أبان الواسطي ثنا شريك ابن عبد اللَّه عن عبد اللَّه بن عيسى عن جميع بن عمير عن خاله أبي بردة بن نيار به.

وفي الباب عن رافع بن خديج وابن عمر تقدم حديثهما للمصنف بلفظ: "أطيب الكسب" وهو اللفظ المتداول المشهور. 654/ 1291 - "أَفْضَلُ الكَلَامِ سُبْحَان اللَّه، والحَمْدُ للَّه، ولا إلهَ إلا اللَّه، واللَّه أكبَر". (حم) عن رجل من الصحابة قال في الكبير: قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث سمرة بن جندب بلفظ: "أفضل الكلام أربع: سبحان اللَّه. . . " إلى أخر ما هنا، بل رواه مسلم في الأسماء والصفات، والنسائي في اليوم والليلة عن سمرة أيضًا، بلفظ: "أحب الكلام إلى اللَّه أربع: سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت" اهـ. وقد مر، ويجئ أن الحديث إذا كان في الصحيحين أو أحدهما فليس لحديثي عزوه لغيره. قلت: الحديث قد ذكره المصنف فيما مضى في حرف "الألف" مع "الحاء" باللفظ الذي ذكره الشارح وعزاه لأحمد [4/ 36]، ومسلم فكيف يعيده بلفظ لم يخرجه به مسلم ثم يعزوه إليه، ثم إن صحيح مسلم ليس فيه كتاب "الأسماء والصفات" كما يزعم الشارح. 655/ 1292 - "أَفْضَلُ المؤمنينَ إسْلامًا مَنْ سَلِمَ المسْلِمُونَ مَنْ لِسَانِهِ وَيَدِهٍ، وَأَفْضَلُ المؤمِنِينَ إيْمَانًا أَحْسَنُهُم خُلُقًا، وأَفْضَلُ المُهَاجرينَ مَنْ هَجَر مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ، وأَفْضَلُ الجِهَاد مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طاعَةِ (¬1) اللَّه عَزَّ وجلَّ". (طب) عن ابن عمرو قال الشارح: وإسناده حسن، ذكره الهيثمي. ¬

_ (¬1) في المطبوع من الفيض: "من جاهد نفسه في ذات اللَّه".

قلت: هو حسن باعتبار هذه الرواية المطولة، أما أصل حديث عبد اللَّه بن محمرو فصحيح مشهور عنه من رواية الشعبي وأبي الخير وأبي رشيد الهجرى وعلى بن رباح وأبي سعد وأبي كثير وهلال الهجري وغيرهم، وهو مخرج في المسند [(2/ 160، 163، 187، 191) و (3/ 154، 372)، (4/ 114)، (6/ 21)]، والصحيحين (¬1)، وسنن الدارمي [رقم: 2716] وأبي داود [3/ 4، رقم 2481]، والنسائي [8/ 104، 105]، وصحيح ابن حبان [1/ 309 رقم 400]، والحاكم [3/ 626] ومعجم الطبراني الصغير [1/ 253] وغيرها إلا أن لفظ أكثرهم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهي اللَّه عنه"، وفي بعضها "أن رجلا قال: يا رسول اللَّه أي الإسلام أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده". 656/ 1293 - "أَفْضَلُ المؤمنِينَ أحْسَنُهم خُلُقًا". (هـ. ك) عن ابن عمر قال الشارح: بإسناد صحيح. قلت: هو صحيح باعتبار أصله وبالنظر إلى سند الحاكم، أما سند ابن ماجه فليس بصحيح، بل قال الذهبي في هذا الحديث من أجل سند ابن ماجه: إنه باطل، فإن ابن ماجه رواه في الزهد من سننه في باب "ذكر الموت" من طريق فروة بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر قال [2/ 1423، رقم 4259]: "كنت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فجاء رجل من الأنصار فسلم على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ثم قال: يا رسول اللَّه أي المؤمنين أفضل؟ قال: أحسنهم خلقا، قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال: أكثرهم للموت ذكرًا وأحسنهم لما بعده استعدادا أولئك الأكياس"، وفروة بن قيس (¬2) لا يعرف وكذا الرواي عنه نافع بن عبد ¬

_ (¬1) رواه البخاري في: 2 - كتاب الجهاد، 4 - باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، برقم: (10)، ورواه مسلم في: 1، كتاب الإيمان، 14 - باب بيان تفاضل الإسلام، وأي أموره أفضل، برقم: (64، 65). (¬2) قال الذهبي في المغني في الضعفاء (2/ 510، رقم، 490): فروة بن قيس عن عطاء لا يعرف.

اللَّه وفي ترجمته قال الذهبي: إن الخبر باطل، كذا قال مع أنه لم ينفرد به فإن الحاكم رواه من طريق أبي معبد حفص بن غيلان عن عطاء بن أبي رباح به مثله، وقال [4/ 540]: صحيح الإسناد وأقره الذهبي، وأخرجه البيهقي في الزهد من طريق مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن عطاء بن أبي رباح به. وأخرجه أبو نعيم في الحلية [1/ 313] في ترجمة يزيد بن عبد الملك من روايته عن عطاء بن أبي رباح به. أخرجه أيضًا من طريق إسماعيل بن عياش عن العلاء بن عتبة عن عطاء بن أبي رباح به مختصرًا. وأخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق من وجه آخر من رواية مجاهد عن ابن عمر به مختصرًا. لكنه أخرجه في كتاب ذكر الموت له بتمامه وهذا أيضًا باعتبار الزيادة التي فيه، أما القدر الذي ذكره المصنف فمتواتر عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم من رواية جماعة يأتي ذكرهم إن شاء اللَّه في حديث "أكمل المؤمنين". 657/ 1294 - "أَفْضَلُ المؤمِنيِنَ إيمَانًا الذي إذَا سَأَلَ أعْطِى، وإذَا لَمْ يُعطَ اسْتغنى". (خط) عن ابن عمرو قال الشارح في الكبير: وكلام المصنف يؤذن بأن هذا الحديث لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما أبعد النجعة عازيًا للخطيب، وهو ذهول، فقد خرجه ابن ماجه في الزهد من حديث ابن عمرو هذا بلفظ: "أفضل المؤمنين المقل الذي إذا سأل أعطى، وإذا لم يعط استغنى". قلت: لم أر هذا الحديث في زهد ابن ماجه كما قال الشارح، ولا في تاريخ الخطيب كما عزاه المصنف. 658/ 1297 - "أَفْضَلُ النَّاس مؤمِنٌ مُزهدٌ". (فر) عن أبي هريرة

قال في الكبير: فيه علي بن عبد العزيز، فإن كان البغوي فثقة، لكنه يطلب على التحديث، أو الكاتب لم يكن في دينه بذاك. قلت: فيه أمران، أحدهما: أنه لا معنى لهذا التردد، فإن علي بن عبد العزيز المذكور في هذا الإسناد راويًا عن أبي عبيد. قال الديلمي: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن زنجويه ثنا الحسين بن محمد الفلاكي الزنجاني ثنا الحسين بن هارون ثنا علي بن عبد العزيز في كتاب أبي عبيد ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به. والراوي عن أبي عبيد القاسم بن سلام هو علي بن عبد العزيز البغوي وهو راوية كتاب "الأموال" له وغيره، وأبو عبيد مات سنة أربع وعشرين ومائتين فكيف يروى عنه علي بن عبد العزيز الكاتب المتوفى سنة إحدى وعشرين وأربعمائة كما هو مذكور في نفس ترجمته من الميزان؟ ثانيهما: أن علي بن عبد العزيز البغوي حافظ كبير ثقة شهير من كبار رجال هذا الشأن لا يذكره في تضعيف الحديث إلا من لم يبرز للوجود في عالم الحديث، وكونه كان يطلب أجرًا على التحديث فذلك أمر لا تعلق له بالرواية، وقد أبدى هو عذره في ذلك مما عوتب عليه فقال: يا قوم أنا بين الأخشبين وإذا ذهب الحجاج نادى أبو قبيس (¬1) قعيقعان (¬2) يقول: من بقى؟ فيقول: المجاورون، فيقول: أطبق، فهذا مثل ضربة للمجاورين المنقطعين بمكة من الغرباء لا سيما أهل العلم المنقطعين للسماع والإسماع مع فقرهم وقلة ذات يدهم فمن أين يعيش إذا كان يظل طول يومه يسمع الرواة والقاصدين وليس له ¬

_ (¬1) أبو قبيس جبل مشرف على مكة وجهه إلى قعيقعان اهـ (القاموس المحيط). (¬2) (قُعَيْقِعَان) بصيغة التصغير جبل مشرف على الحرم من جهة الغرب قيل سمى بذلك لأن جرهما كانت تجعل فيه سلاحها من الدَّرَق والقِسييِّ والجعاب فكانت تقعقع أي تصوت، قال ابن فارس: القعقعة حكاية أصوات الترسة وغيرها اهـ (المصباح المنير).

معونة ولا نصيب في بيت المال، وإذا كان العالم يعاب مع هذه العلة على أخذ الأجرة فكل العلماء إلا قومًا معدودين على رءوس الأصابع كذلك وفي مقدمتهم الشارح وشيوخ عصره ومن قبله وبعده. . . (¬1) هذا يأخذون الأجرة والمرتبات الشهرية من الأوقاف في مقابلة التدريس، فالشارح كما ورد في الحديث المرفوع "يبصر أحدكم القذى في عين أخيه وينسى الجذع معترضًا في عينه" نقول هذا ونحن وللَّه الحمد ما دخلنا في تدريس بأجرة قط ولا أخذت عن العلم أجرًا، ولكن الحق أحق بالإشهار والإعلان. 659/ 1298 - "أَفْضَلُ النَّاس رَجُل يُعطي جَهْدَهُ". الطيالسي عن ابن عمر قلت: سكت عنه الشارح ورمز له المصنف في بعض النسخ بعلامة الضعيف، ولعل ذلك من أجل أبي عتبة شيخ الطيالسي فإني لم أعرفه ويجب الكشف عنه، قال الطيالسي: حدثنا أبو عتبة عن عبد اللَّه بن دينار عن نافع عن ابن عمر "أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال لأصحابه: أي الناس خير؟ قالوا: يا رسول اللَّه رجل يعطي ماله ونفسه، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: نعم الرجل هذا وليس به، ولكن أفضل الناس رجل يعطي جهده". ومن هذا يعلم ما في إيراد المصنف للحديث في هذا الحرف. 660/ 1299 - "أَفْضَلُ النَّاس مُؤمِن بَيْن كرِيمَينِ". (طب) عن كعب بن مالك قال الشارح: ضعيف لضعف معاوية بن يحيى. قلت: قد ورد من غير طريقه لكن لم يسم صاحبه بل فيه عن رجل من الصحابة، قال الطحاوى في مشكل الآثار [2/ 428]: ¬

_ (¬1) طمس من الأصل.

حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ثنا عمي عبد اللَّه بن وهب أخبرني إبراهيم بن سعد الزهري عن الزهري أخبرني عبد الملك بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه أخبرني رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يوشك أن يغلب على الدنيا لكع بن لكع، وأفضل الناس مؤمن بين كريمين". ثم رواه موقوفًا فقال: حدثنا إبراهيم بن أبي داود وهارون بن كامل قالا: حدثنا عبد اللَّه بن صالح حدثني الليث حدثني عقيل عن ابن شهاب أخبرني عبد اللَّه بن أبي بكر أن أبا بكر بن عبد الرحمن أخبره أن بعض أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال، ثم ذكر مثله ولم يرفعه، ثم تكلم الطحاوي على معناه فراجعه (ص 428 من الجزء الثاني). 661/ 1300 - "أَفْضَلُ أمَّتي الَّذِين يَعْمَلُونَ بالرخصِ" ابن لال عن عمر قال الشارح: ضعيف لضعف عبد الملك بن عبد ربه. قلت: عبد الملك المذكور متهم بالوضع وقد حكم الحفاظ بوضع أحاديثه فينبغي أن يكون الحديث موضوعًا، وقد أورده الحافظ في ترجمة عبد الملك بن زيد الطائي من اللسان فقال: وأخرج أبو بكر ابن لال في مكارم الأخلاق من طريق عبد الملك بن عبد ربه الطائي عن عصاء بن يزيد عن أبي سعيد رضي اللَّه عنه رفعه "أفضل أمتي الذين يتبعون الرخص" اهـ. كذا قال الحافظ عن أبي سعيد وهو سبق قلم منه، بل هو عن عمر كما ذكره المصنف في المتن. قال ابن لال: حدثنا حامد بن عبد اللَّه الحلواني ثنا أحمد بن القاسم الطائي حدثنا عبد الملك بن عبد ربه ثنا عطاء عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه

قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفضل أمتي الذين يعملون بالرخص". تنبيه: قال الشارح في معنى الخبر: إن الرخص جمع رخصة وهي التسهيل في الأمور كالقصر والجمع والفطر في السفر وغير ذلك من رخص المذاهب لكن بشرط أن لا يتبعها بحيث تنحل ربقة التكليف من عنقه وإلا أثم اهـ. فما ترك من الجهل باللَّه شيئًا قوله: وغير ذلك من رخص المذاهب، فكأن المذاهب هي المشرعة وهي أصل الدين الذي نزل به القرآن وجاء به الرسول صلى اللَّه عليه وسلم فإنا للَّه وإنا إليه راجعون من داء التقليد وجهل المقلدين وجرأتهم على اللَّه تعالى وعلى دينه. 662/ 1303 - "أفْضَل طَعام الدُّنيَا والآخِرةِ اللحم". (عق. حل) عن ربيعة بن كعب قال الشارح في الكبير: قال السخاوي أخرجه أبو نعيم من طريق عمرو بن بكر السكسكي وهو ضعيف جدًا، قال العقيلي: ولا يعرف هذا الحديث إلا به وهو غير محفوظ، ولا يصح فيه شيء، وقال ابن حبان: عمرو يروي عن الثقات الطامات، وأدخله ابن الجوزي: في الموضوع وتعقبه المؤلف بما حاصله أن له شواهدا وقد مر، ويأتي أن الشاهد إنما يفيد في الضعيف لا في الموضوع. قلت: الحافظ السخاوي (¬1) أطال في الكلام على الحديث بما يفيد مجموعه أن للحديث أصلًا، والشارح اقتصر من كلامه على ما ذكره في هذا الطريق خاصة فأفاد موافقة ما يريده الشارح من الحكم على الحديث بالوضع، وسيأتي بيان الحق فيه إن شاء اللَّه في حرف السين في حديث "سيد طعام الدنيا". ثم إن قوله في الشاهد: إنما يفيد في الضعيف لا في الموضوع كلام فاسد معنى وتعبيرًا: أما الأول: فإن الشاهد يفيد في الموضوع أيضًا ويدل على أن الكذاب الراوي ¬

_ (¬1) انظر المقاصد الحسنة (ص 69، رقم 137).

للخبر لم يحصل منه كذب فيه لوجود الشاهد له بذلك إذ لو وضعه لما وجد له شاهد ما لم يكن راو الشاهد كذابًا وضاعًا مثله، لأن الكذابين يسرقون الأحاديث ويغيرون أسانيدها ومتونها، فإذا كان الشاهد من رواية الثقة أو الضعيف فإنه يرفع الموضوع إلى الدرجة اللائقة بحال الشاهد، وكم من موضوع حكم بعض الحفاظ بوضعه وشاهده بلفظه أو معناه في الصحيحين أو أحدهما فكيف لا يفيد الشاهد في الموضوع؟! وأما التعبير: فحقه أن يقول: إن الشاهد إنما يفيد في رواية الضعيف لسوء حفظه ووهمه لا لكذبه واتهامه بالوضع، فإن من كان وضاعًا لا يرتفع حديثه إلى درجة أخرى بوجود الشاهد له وإنما يرتفع حديث السيء الحفظ لزوال ما يخشى من سوء حفظه بذلك الشاهد ومنه يتركب الحديث الحسن لغيره كما هو معروف، وهذا باعتبار السند بخصوصه فيقال في الحديث: هو موضوع بهذا الإسناد والمتن صحيح من جهة أخرى، فوقع في تعبيره اختصار مخل. 663/ 1304 - "أَفْضَلُ عَبادَةِ أمَّتي القُرآنِ". (هب) عن النعمان بن بشير قال في الكبير: ورواه عنه -أيضًا- الحاكم في التاريخ، ومن طريقه وعنه أورده البيهقي، فلو عزاه له فكان أولى، ثم إن المصنف رمز لضعفه، وهو فيه تابع للحافظ العراقي، حيث قال: سندهما ضعيف اهـ، وسببه أن فيه العباس ابن الفضل الموصلي، أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: قال ابن معين: ليس بشيء، ومسكين بن بكير، قال الذهبي، قال الحاكم: له مناكير كثيرة، وعباد بن كثير، فإن كان الثقفي، قال الذهبي: قال البخاري: تركوه، أو الرملي، فقال: ضعفوه، ومنهم من تركه. قلت: في هذا أمور، الأول: قوله: إن الحاكم رواه في التاريخ فلو عزاه إليه لكان أولى باطل من وجهين:

أحدهما: أن ذلك ليس بشرط لو تحقق وجود. في التاريخ فضلًا عن كون ذلك غير محقق. ثانيهما: أن الأولوية منتفية بل ما فعله المصنف هو الأولى، لأن الحاكم يخرج في التاريخ أحاديث موضوعة بل أكثر أحاديث التاريخ موضوعة ساقطة، والبيهقي ينتقي منها ما هو المتماسك والأقوى منها لأنه شرط أن لا يخرج في حديثه كتاب (¬1) يعلم أنه موضوع فالعزو إليه أولى لهذه الفائدة. الثاني: قوله: وهو فيه تابع للحافظ العراقي، جزم باطل ورجم بالظن بل يكفي تهجم قبيح وتهور مسقط، ويكفي في إبطاله كون العراقي عزاه لأبي نعيم في فضائل القرآن والمصنف عزاه للبيهقي، فلو قلده في الحكم بضعفه لقلده في عزوه إلى أبي نعيم فإنه أقدم من البيهقي، وإذ أبي الشارح إلا أن يسلب عن المصنف استقلاله بالحكم على الأحاديث فليسلبه أيضًا اطلاعه على وجوده في الشعب للبيهقي الذي لم يعزه إليه العراقي وليجزم بمن قلد فيه أيضًا المصنف. الثالث: أن العراقي قال: رواه أبو نعيم في فضائل القرآن من حديث النعمان ابن بشير وأنس وإسنادهما ضعيف، فأسقط المصنف (¬2) ذكر حديث أنس واقتصر على قوله: وإسنادهما ضعيف، فذكر التثنية مع أنه لم يذكر إلا حديث النعمان فإن في ذلك من الإيهام وسوء التصرف ما لا يخفى. الرابع: قوله: وسببه أن فيه العباس بن الفضل الموصلي. . . إلخ فيه نظر من وجهين، أحدهما: أني أخشى أن يكون العباس بن الفضل المذكور ليس هو الموصلي إذ في الرواة من اسمه العباس بن الفضل جماعة كثيرة، والشارح لا يميز بين المتفق والمفترق كما سبق بيان ذلك في كثير من المواضع التي وهم فيها، إذ من عادته إذا رأى راويًا في سند الحديث ووجد ذلك الاسم في الضعفاء ¬

_ (¬1) كذا بالأصل ولعل الصواب "في كتابه حديثا". (¬2) يقصد الشارح.

يحكم بأنه الموجود في السند ولو كان بينهما في التاريخ أزيد من ثلاثة قرون أو أربعة. ثانيهما: أن العباس المذكور إذا تحقق أنه هو وأنه موجود في سند الحديث فذلك إنما هو عند البيهقي لا عند غيره، فقد رواه الديلمي من طريق أبي عبد الرحمن السلمي [1/ 432، رقم 1420]: أخبرنا محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي ثنا إبراهيم بن عبد العزيز الموصلي أخبرنا إسحاق بن عبد الواحد عن المعافى بن عمران عن عباد بن كثير عن محمد بن جحادة عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي عن النعمان بن بشير به. ورواه أيضًا القضاعي في مسند الشهاب من طريق الدارقطني: ثنا أبو الطيب محمد بن القاسم الكوكبي وأبو الحسن علي بن أحمد بن البزاز قال: حدثنا علي بن حرب حدثني إسحاق بن عبد الواحد به. فبرئ العباس بن الفضل من عهدته. الخامس: وكذلك مسكين بن بكير لا وجود له في سند الحديث كما تقدم. السادس: أنه قال في الصغير: في إسناد هذا الحديث حسن لغيره ولم يبين وجه ذلك مع أنه قال في الكبير ما ترى مما يدل على أنه ضعيف جدًا فليحرر ذلك. 664/ 1306 - "أَفْضَلُ كَسبِ الرَّجلِ وَلدهُ، وَكلُّ بَيعٍ مَبرُورٍ". (طب) عن أبي بردة بن نيار قال الشارح: في إسناده مقال. وقال في الكبير: هو من رواية جميع بن عمير، قال الذهبي في الضعفاء: رموه بالكذب.

قلت: تقدم الحديث قريبًا بلفظ: "أفضل الكسب" من هذا الطريق أيضًا فكتب عليه الشارح: إسناده حسن، وهو منه تناقض كما نبهنا عليه. 665/ 1307 - "أَفْضَلُ نِساء أهَل الجنَّة: خَدِيجةُ بنْتُ خُويلِد، وَفَاطِمَةُ بنت مُحمَّد، وَمريم بنت عِمَران، وآسية بنْت مُزَاحِم". (حم. طب. ك) عن ابن عباس قال في الكبير: وقضية تصرف المؤلف أن هذا الحديث مما لم يخرج في أحد دواوين الإسلام وإلا لما عدل عن عزوه لغيره، والأمر بخلافه: فقد خرجه النسائي، قال: ابن حجر في الفتح: بإسناد صحيح. قلت: في هذا أمران، أحدهما: أن قوله: في أحد داووين الإسلام تعبير شنيع إذ يفهم أن مسند أحمد ومعجم الطبراني ومستدرك الحاكم ليست من دواوين الإسلام. ثانيهما: أن التعقب بوجوده في سنن النسائي باطل، فإن العزو إذا أطلق إلى النسائي إنما ينصرف إلى "المجتبى" الذي هو أحد الكتب الستة، وهذا الحديث ليس هو فيه وإنما هو في الكبرى، والحافظ واهم في إطلاقه فلم يبق لذكر هذا التعقب موقع وإلا فحقه أن يتعقب عليه بوجود الحديث في كتب أخرى، فقد أخرجه أيضًا الطحاوي في مشكل الآثار قال: حدثنا إبراهيم بن أبي داود حدثنا علي بن عثمان اللاحقي البصري ثنا داود بن أبي الفرات عن علباء بن أحمد عن عكرمة عن ابن عباس قال: "خط النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أربعة خطوط ثم قال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: اللَّه ورسوله أعلم، قال: أفضل"، وذكر مثله. خرجه في باب ما روى في أفضل بناته -صلى اللَّه عليه وسلم- وذلك (ص 50) من الجزء الاول". 666/ 1308 - "أفْضَلُكُم الذينَ إذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّه تعالى لرُؤيَتِهِم". الحكيم عن أنس

قال الشارح: وهو ضعيف لكن له شواهد. قلت: ستأتي في حديث "ألا أخبركبم بخياركم"، وحديث: "أولياء اللَّه الذين إذا رءوا ذكر اللَّه"، وحديث: "خياركم الذين. . . " الحديث. 667/ 1312 - "أَفْلَح منْ رُزِقَ لُبّا". (تخ. طب) عن قرة بن هبيرة قال الشارح: فيه راو لم يسم، وبقية رجاله ثقات، ونقل ذلك في الكبير عن الحافظ الهيثمي. قلت: الحديث له طريقان في أحدهما راو لم يسم والآخر فيه إرسال. فالأول: ذكر البخاري تعليقًا فقال (¬1): وقال يزيد بن جابر: أخبرني شيخ بالساحل عن رجل من بني قشير يقال له: قرة بن هبيرة أنه أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال له: إنه كانت لنا أرباب تعبد من دون اللَّه فبعثك اللَّه فدعوناهن فلم يجبن وسألناهن فلم يعطين وجئناك فهدانا اللَّه، وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قد أفلح من رزق لبًّا قال: يا رسول اللَّه اكسني ثوبين من ثيابك قد لبستهما فكساه، فلما كان بالموقف في عرفات قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أعد عليَّ مقالتك، فأعاد عليه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أفلح من رزق لبًا". ورواه ابن عاصم وابن شاهين من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا شيخ بالساحل عن رجل من بني قشير يقال له: هبيرة فذكر مثله. وهكذا رواه الطبراني [19/ 34]. والطريق الثاني رواه البغوي: حدثني إبراهيم بن هانئ ثنا عبد اللَّه بن صالح ويحيى بن بكير قالا: حدثنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن سعيد بن نشيط أن قرة بن هبيرة العامري قدم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر القصة نحوه. ¬

_ (¬1) انظر التاريخ الكبير (7/ 182).

ومن هذا الوجه رواه أيضًا ابن أبي داود وابن شاهين وسعيد بن نشيط عنه مرسلًا كما قال ابن أبي حاتم. 668/ 1314 - "أفلَحتَ يا قُديْمُ إنْ مِتَّ وَلَمْ تكُنْ أمِيرًّا، وَلَا كَاتِبًا، وَلَا عريفًا". (د) عن المقدام بن معدي كرب قال الشارح في الكبير: فيه صالح بن يحيى، قال البخاري: فيه نظر، وقال الذهبي: قال موسى بن هارون: صالح لا يعرف، لكن قال المنذري عقب تخريجه الحديث: فيه كلام لا يقدح. قلت: له طريق آخر قال ابن السني في اليوم والليلة [387]: حدثني أبو عروبة ومحمد بن عبد اللَّه بن الفضل الحمصي قالا: حدثنا أبو البنا هشام بن عبد الملك حدثنا محمد بن حرب الأبرش حدثتني أمي عن أمها أنها سمعت المقدام بن معد يكرب يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفلحت يا قديم. . . " وذكر مثله. 669/ 1316 - "إِقَامة حَد مِنْ حُدُودِ اللَّه تَعالى خَيْرٌ منْ مَطَر أرْبَعِينَ لَيْلة فِي بِلَادِ اللَّه". (هـ) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: فيه سعيد بن سنان الحمصي، ضعفوه، وقال البخاري: منكر الحديث وساق له في الميزان من مناكيره هذا الخبر، وظاهر صنيع المصنف أن ابن ماجه تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه، فقد رواه النسائى عن جرير مرفوعًا بلفظ: "ثلاثين" ورواه ابن حبان بلفظ "أربعين". قلت: هذا خطأ من وجهين، أحدهما: أن النسائي لم يخرجه من حديث جرير ولا الحديث وارد من حديث جرير أصلًا، وإنما رواه النسائي من حديث أبي هريرة مرفوعًا وموقوفًا فقال:

أخبرنا سويد بن نصر أنبأنا عبد اللَّه عن عيسى بن يزيد قال: حدثني جرير بن يزيد أنه سمع أبا زرعة بن عمرو بن جرير يحدث أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حد يعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا ثلاثين صباحًا". وكذلك رواه ابن حبان [6/ 290، رقم 4381، 4382] من حديث أبي هريرة أيضًا وقال: "ثلاثين أو أربعين صباحًا" على الشك. ورواه النسائي أيضًا موقوفًا على أبي هريرة بلفظ: "أربعين ليلة". ثانيهما: أن لفظ الحديث عند النسائي في المرفوع حد يعمل به" كما سبق وهو يدخل في حرف "الحاء" لا في "الألف"، وقد ذكره المصنف في "الحاء" كما سيأتي وعزاه للنسائى وابن ماجه [2/ 848، رقم 2538] من حديث أبي هريرة فسقط انتقاد الشارح وثبت تحقيق المصنف وبقى الشارح ملموزا بخطئه في العزو وقلب الأسانيد. 670/ 1318 - "اقْتَدُوا باللَّذَيْنَ مِنْ بَعْدِي: أبِي بَكْر، وَعُمَر" (حم. ت. هـ) عن حذيفة قال في الكبير: رووه من طريق عبد الملك بن عمير عن ربعي عن حذيفة، قال ابن حجر: اختلف فيه على عبد الملك، وأعله أبو حاتم، وقال البزار كابن حزم: لا يصح؛ لأن عبد الملك لم يسمعه من ربعى، وربعى لم يسمعه من حذيفة، لكن له شاهد اهـ. قلت: اختصر الشارح كلام الحافظ ولفظه في التلخيص الحبير [4/ 190]: واختلف فيه على عبد الملك وأعله ابن أبي حاتم عن أبيه، وقال العقيلي بعد أن أخرجه من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر [4/ 95]: لا أصل له من حديث مالك، وهو يروي عن حذيفة بأسانيد جياد تثبت، وقال البزار وابن حزم: لا يصح لأنه عن عبد الملك عن مولى ربعى وهو مجهول عن ربعى.

ورواه وكيع عن سالم المرادي عن عمرو بن مرة عن ربعى عن رجل من أصحاب حذيفة عن حذيفة، فتبين أن عبد الملك لم يسمعه من ربعى وأن ربعيا لم يسمعه من حذيفة. قال الحافظ: أما مولى ربعي فاسمه هلال، وقد وثق، وقد صرح ربعى بسماعه من حذيفة في رواية، وأخرج له الحاكم شاهدًا من حديث ابن مسعود وفي إسناده يحيى بن سلمة بن كهيل وهو ضعيف، ورواه الترمذي من طريقه وقال [رقم 3662]: لا نعرفه إلا من حديثه اهـ. كلام الحافظ. فتبين منه أن الشارح حذف منه محل الفائدة وهو إثبات الحافظ لسماع ربعى من حذيفة وعدم جهالة مولى ربعى بوجود من وثقه وإن كان في ذلك كله نظر، أما أولًا: فإن هلال مولى ربعى إنما ذكره ابن حبان في الثقات على قاعدته المعروفة وهي لا تفيد المطلوب في التوثيق ولا ترفع جهالة عين الراوي فيبقى مجهولًا كما قال ابن حزم. وأما ثانيًا: فإن من صرح بسماع ربعى من حذيفة لا يقبل قوله مع مخالفة جمهور الثقات الأثبات إياه بذكره عنه بصيغة العنعنة التي بينت الطريق الأخرى أنها منقطعة فرجع الأمر فيه إلى ما قال البزار وابن حزم. وقد أسند ابن عبد البر في العلم كلام البزار على هذا الحديث من طريق أبي الحسن الصموت قال: سمعت أبا بكر أحمد بن عمرو البزار يقول: حديث العرباض بن سارية في الخلفاء الراشدين حديث ثابت صحيح وهو أصح إسنادًا من حديث حذيفة "اقتدوا باللذين من بعدي"، لأنه مختلف في إسناده ومتكلم فيه من أجل مولى ربعى وهو مجهول عندهم، قال ابن عبد البر: وهو كما قال البزار حديث عرباض حديث ثابت، وحديث حذيفة حديث حسن، وقد روى عن مولى ربعى عبد الملك بن عمير وهو كبير، ولكن البزار وطائفة من أهل الحديث يذهبون إلى أن المحدث إذا لم يرو عنه رجلان فصاعدًا فهو مجهول اهـ.

وأما ابن حزم فقال في الإحكام في مبحث التقليد: وأما الرواية "اقتدوا باللذين من بعدي" فحديث لا يصح لأنه مروي عن مولى لربعى مجهول، وعن المفضل الضبي وليس بحجة، ثم أسنده من الطريقين ثم قال: وقد سمى بعضهم المولى فقال: هلال مولى ربعى وهو مجهول لا يعرف من هو أصلًا اهـ. قلت: ومع هذا فقد وقع فيه اضطراب فرواه ابن سعد [2/ 2/ 98، 99] وأحمد بن منيع [5/ 382، 385، 399، 401، 402] وثابت بن موسى وإبراهيم بن يسار وحامد بن يحيى وعبيد بن أسباط وجماعة عن سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعى بن حراش عن حذيفة، فرواية ابن سعد ذكرها في الطبقات، ورواية أحمد بن منيع ذكرها الترمذي فقال: حدثنا أحمد بن منيع وغير واحد قالوا: حدثنا سفيان به. ورواية ثابت بن موسى أخرجها البغوي في التفسير عند قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} من طريق خيثمة ابن سليمان الأطرابلسي [1/ 556، 6/ 216]: ثنا أبو عمرو بن أبي غرزة أخبرنا ثابت بن موسى العابد عن سفيان بن عيينة به. ورواها أبو أحمد الغطريفي في جزئه كما في الرواية التي بعدها. ورواية إبراهيم بن يسار رواها الغطريفي قال: حدثنا أبو خليفة ثنا أو عمرو الضرير وإبراهيم بن يسار عن سفيان به. ورواية حامد بن يحيى رواها الطحاوي في مشكل الآثار قال [2/ 83، 85]: حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة ثنا حامد بن يحيى ثنا ابن عيينة غير مرة فذكره. ورواية عبيد بن أسباط خرجها العارف الرفاعي في الأربعين من طريق أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ثنا عبيد بن أسباط عن سفيان به.

قال الترمذي عقب هذه الرواية: وكان سفيان بن عيينة يدلس في هذا الحديث فربما ذكره عن زائدة عن عبد الملك بن عمير وربما لم يذكر فيه عن زائدة. قلت: وذكره مرة أخرى عن مسعر عن عبد الملك، أما روايته عن زائدة فقد رواها أحمد بن حنبل في المسند عنه، ورواها الترمذي عن الحسن بن الصباح البزار عنه، ورواها الطحاوي في مشكل الآثار عن محمد بن النعمان السقطي عن الحميدي عنه، ورواها أيضًا عن يونس بن عبد الأعلى عن يحيى بن حسان عنه، وروراها ابن عبد البر في العلم من طريق قاسم بن أصبغ ثنا محمد بن إسماعيل ثنا الحميدي ثنا سفيان، إلا أنه وقع فيه عن عبد الملك عن مولى ربعى عن ربعى، ثم قال ابن عبد البر: رواه جماعة عن ابن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعى، لم يذكروا مولى ربعى، والصحيح ما ذكرناه من رواية الحميدي عنه. قلت: لكن الرواة عن الحميدي لم يتفقوا على ذلك، بل من تقدم عند الطحاوي لم يذكروا في روايتهما عن الحميدي عن مولى ربعى، وقد ذكرها الصباغ في روايته عن ابن عيينة كما في الذي بعده، وكذلك نص الحاكم في المستدرك على أن الحميدي قصر به عن ابن عيينة ولم يضم إسناده، فهو اضطراب من الحميدي أيضًا في الإسناد. أما روايته عن مسعر فقال الحاكم في المستدرك: حدثني أبو بكر محمد بن عبد اللَّه الفقيه ثنا محمد بن حمدون بن خالد ثنا علي بن عثمان النفيلي ثنا إسحاق بن عيسى الطباع ثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن عبد الملك بن عمير عن ربعى بن حراش عن حذيفة به. كذا وقع في الأصل، وفي اختصار الذهبي عن عبد الملك عن هلال مولى ربعى عن ربعى، قال الحاكم: وقد أقام هذا الإسناد عن ابن عيينة إسحاق بن عيسى الطباع فثبت بما ذكرناه صحة هذا الحديث. قلت: لا يثبت ذلك مع جهالة المولى، ووجود الاضطراب في سنده، فإن مسعرًا قد اختلف عليه فيه أيضًا فرواه عنه ابن عيينة من رواية الطباع عنه

هكذا، ورواه عنه جماعة بدون ذكر المولى أيضًا منهم: حفص بن عمر الأيلي وعبد الحميد الحماني ووكيع كلهم قالوا: عن مسعر عن عبد الملك بن عمير عن ربعى عن حذيفة وروايتهم عند الحاكم أيضًا وعلى ما في الأصل الطبوع. لكن رواه الخطيب في التاريخ [4/ 337، 7/ 403، 12/ 20] من طريق وكيع بإثبات ذكر المولى. ورواه أبو حنيفة عن عبد الملك بن عمير عن ربعى بن حراش بدون ذكر المولى، أخرجه أبو محمد البخاري (¬1) عن صالح بن أبي رميح عن أبي عبد اللَّه الفضل ابن محمد الواسطي عن عبد القدوس بن عبد القاهر عن أبي أسامة عن أبي حنيفة. ورواه سفيان الثوري عن عبد الملك بن عمير واختلف عليه فيه أيضًا فقيل فقال أكثر الرواة عنه: عن سفيان عن عيد الملك عن مولى لربعى عن ربعى. فرواه أحمد بن حنبل [5/ 385] عن وكيع عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعى عن ربعى عن حذيفة قال: "كنا عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جلوسًا فقال: إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر، وتمسكوا بعهد عمار، وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه". ورواه ابن سعد عن وكيع والضحاك بن مخلد وقبيصة بن عقبة (ح). ورواه حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع (ح). وحدثنا محمد بن بشار حدثنا مؤمل (ح). ورواه قاسم بن أصبغ ومن طريقه هرم وابن عبد البر من رواية محمد بن كثير (ح). ورواه الطحاوي في مشكل الآثار وابن عبد البر في العلم من طريق إبراهيم بن سعد كلهم عن الثوري مثله بذكر المولى، وسماه إبراهيم بن سعد في روايته "هلال"، وخالفهم بعض الرواة عن سفيان الثوري فلم يذكر المولى، أخرج روايته الطحاوي في مشكل الآثار ورواه عن ربعي أيضًا عمرو بن هرم واختلف ¬

_ (¬1) انظر التاريخ الكبير (8/ 209، 9/ 50).

عليه فيه أيضًا فقال الترمذي: حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ثنا وكيع عن سالم أبي العلاء المرادي عن عمرو بن هرم عن ربعى بن حراش عن حذيفة به. وقال الطحاوي في مشكل الآثار: حدثنا يونس بن عبد الأعلى والربيع بن سليمان جميعًا قالا: ثنا يحيى بن حسان ثنا إسماعيل بن زكريا ثنا سالم أبو العلاء به. ثم قال الطحاوي: سالم أبو العلاء هذا هو رجل من أهل الكونة يقال له: الأنعمي وهو ثقة مقبول، فقد روى عنه أبو نعيم وقال: هو سالم بن العلاء اهـ. قلت: هذا رأي الطحاوي فيه وكذلك قال العجلي عنه: إنه ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، لكن روى الدوري عن ابن معين أنه قال: ضعيف الحديث، وقال ابن عدي: حديثه ليس بالكثير، وقال ابن حزم في الأحكام: ضعيف، ورواه ابن سعد في الطبقات، والبخاري في الكنى، وابن حزم في الأحكام من طريقه أيضًا عن عمرو بن هرم فقال: عن ربعى بن حراش وأبي عبد اللَّه رجل من أهل المدائن، وفي رواية ابن حزم: رجل من أصحاب حذيفة، وفي رواية ابن سعد: رجل من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن حذيفة به. وبالجملة فطرق الحديث فيها مقال إلا أنه بمجموعها والنظر إلى شواهده يكون صحيحًا أو حسنًا على الأقل. 671/ 1319 - "اقْتَدُوا باللذين من بَعْدي مِنْ أصْحَابِي: أبِي بَكْر وَعُمر، واهْتَدُوا بِهدي عَمار، وتمسَّكُوا بِعَهْد ابن مَسْعُود". (ت) عن ابن مسعود، الروياني عن حذيفة (عد) عن أنس قال الشارح في حديث ابن مسعود: حسنه الترمذي. قلت: لا، لم يحسنه الترمذي بل رواه من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي الزعراء عن ابن مسعود، ثم قال [4/ 569] هذا حديث غريب لا

نعرفه إلا من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل، ويحيى بن سلمة يضعف في الحديث. ومن هذا الطريق رواه أيضًا الدينوري في المجالسة، والحاكم في المستدرك وصححه [3/ 75] وتعقبه الذهبي بأنه واه، لكن يحيى بن سلمة بن كهيل لم ينفرد به بل تابعه أبو حنيفة فروى أبو محمد البخاري عن صالح بن أبي رميح كتابة عن محمد بن عمر الوراق عن خالد بن نزار عن يحيى بن نصر بن حاجب قال: دخلت على أبي حنيفة في بيت مملوء كتبًا فقلت له: ما هذه؟ قال: هذه أحاديث كلها ما حدثت بها إلا اليسير الذي ينتفع به، فقلت له: حدثني ببعضها، فأملى على: حدثنا سلمة بن كهيل فذكر مثله. لكن صالح بن رميح أو ابن أبي رميح ضعيف لا شيء، وكذلك يحيى بن نصر بن حاجب، وعندي في روايته عن أبي حنيفة نظر إلا أن يكون عمر نحو المائة أو فوقها لأنه مات سنة خمس وعشرين ومائتين بعد وفاة أبي حنيفة بخمس وسبعين سنة. وفي الباب أيضًا عن امرأة من الصحابة، قال ابن حزم: حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور حدثنا أحمد بن الفضل الدينوري ثنا محمد ابن جرير ثنا عبد الرحمن بن الأسود الطفاوي ثنا محمد بن كثير الملائي ثنا المفضل الضبي عن ضرار بن مرة عن عبد اللَّه بن أبي الهذيل العنزي عن جدته عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد"، المفضل الضبي ضعيف في الحديث والقراءة. 672/ 1320 - "اقْتَربت السَّاعة وَلا تَزْدَادُ منْهُم إلا قُرْبًا". (طب) عن ابن مسعود قال الشارح في الكبير: قال المنذري: رواته يحتج بهم في الصحيح، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. اهـ، وبه يعرف أن رمز المصنف لحسنه قصور، أو تقصير وإنما كان حقه الرمز لصحته.

قلت: إنما القصور من الشارح الذي لا يدري دقائق الفن ولا اصطلاح أهله، فإن قول الحافظ المنذري: رواته محتج بهم في الصحيح، لا يفيد أنه صحيح كما شرحت غير مرة، ولذلك عدل عن قوله: صحيح إلى قوله: رواته محتج بهم في الصحيح، وكذلك قول الحافظ الهيثمي لأن السند قد يكون رجاله رجال الصحيح ولكن فيهم من ليس في الدرجة العليا ممن هو موصوف بالوهم وذلك صفة الحديث الحسن، بل قد يكون الحديث مع ذلك ضعيفًا بل موضوعًا لوجود علة فيه، وهذا الحديث رواه الطبراني من طريق هارون بن معروف [10/ 13، 14، رقم 9787]: ثنا مخلد بن يزيد عن بشير بن سلمان عن سيار أبي الحكم عن طارق بن شهاب عن ابن مسعود به. ومخلد بن يزيد وإن كان من رجال الصحيح إلا أنه موصوف بالوهم كما قال أحمد وغيره، وقد اضطرب فيه فمرة قال: عن بشر بن سلمان كما سبق، ومرة قال: عن مسعر. كذلك أخرجه أبو نعيم في الحلية من طريق عبد الحميد بن المستهام الحراني [8/ 315]: ثنا مخلد بن يزيد عن مسعر بن كدام عن سيار به مثله. وهذا إنما يحكم له بالحسن كما فعل المصنف، وقد اضطرب الشارح فيه كما سيأتي في الذي بعده. تنبيه: قال الشارح: لفظ رواية الطبراني والحلية: "ولا تزداد منهم إلا بعدا" ولكل منهما وجه صحيح، والمعنى على الأول: كلما مر بهم زمن وهم في غفلتهم ازداد قربها منهم، وعلى الثاني: كلما اقتربت ودنت كلما تناسوا قربها وعملوا عمل من أخذت الساعة في البعد عنه. هذا ليس بصحيح لأن معنى الحديث ليس كما فهم على كلا اللفظين، لأن الحديث وقع فيه اختصار من بعض الرواة فانقلب معناه، ولفظه: "اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا فرحا، ولا يزدادون من اللَّه إلا بعدا" كما سيأتي في الحديث الذي بعده (¬1). ¬

_ (¬1) وقع خرم في المخطوطة مقداره سطر واحد.

673/ 1321 - "اقْتربت السَّاعةُ ولا يزْدَاد النَّاسُ عَلَى الدُّنيا إلا حِرصًا، وَلا يَزْدَادون مِنَ اللَّه إلا بُعْدًا". (ك) عن ابن مسعود قال الشارح في الكبير: قال الحاكم: صحيح، وشنع عليه الذهبي بأنه مكر، وفيه بشير بن زاذان ضعفه الدارقطني، وأتهمه ابن الجوزي، فأنى له الصحة؟. قلت: هذا في الحقيقة تناقض من الشارح، وإن كان مبنيًا على تحقيق ينبو عنه نظره ويقصر دونه إدراكه، فإن هذا الحديث هو الذي قبله بعينه وسندهما واحد مع أنه حكم للأول بالصحة ولم يرض باقتصار المصنف على تحسينه، وصرح في هذا بأنه منكر تقليدًا للذهبي الذي اغتر بظاهر الإسناد ولم يتفطن لما وقع من القلب في بعض رجاله، فإن الحاكم قال [4/ 324]: أخبرني محمد بن المؤمل بن الحسين ثنا الفضل بن محمد الشعراني ثنا مخلد ابن يزيد ثنا بشير بن زاذان عن سيار أبي الحكم عن طارق بن شهاب عن عبد اللَّه بن مسعود به. ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، فقال الذهبي: هذا منكر، وبشير ضعفه الدارقطني واتهمه ابن الجوزي اهـ. والواقع أن الذي في الإسناد هو بشير بن سلمان وهو ثقة من رجال الصحيح. كذلك أخرجه الطبراني فقال: حدثنا علي بن عبد العزيز وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قالا: حدثنا هارون بن معروف ثنا مخلد بن يزيد عن بشير بن سلمان عن سيار أبي الحكم عن طارق ابن شهاب عن ابن مسعود فذكره مختصرًا باللفظ المذكور في الحديث قبله. وعنه رواه أبو نعيم في الحلية [7/ 242، 8/ 315]، ورواه القضاعي في مسند الشهاب فقال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر الصفار ثنا أحمد بن إبراهيم بن جامع ثنا علي بن

عبد العزيز ثنا هارون بن معروف به. ووقع في متنه اختصار أيضًا ولفظه: "اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصًا، ولا تزداد منهم إلا بعدا". ورواه مخلد بن يزيد مرة أخرى فقال: عن مسعر بدل بشير بن سلمان. قال أبو نعيم في الحلية: حدثنا أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم بن موسى السهمي حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن مسلم ثنا أبو عمر عبد الحميد بن محمد بن المستهام ثنا مخلد بن يزيد ثنا مسعر عن سيار أبي الحكم عن طارق بن شهاب به بلفظ القضاعي سواء، فظهر أن الحديث واحد وسنده واحد فكيف يكون الأول صحيحًا وهذا منكرًا؟!. 674/ 1322 - "اقْتلُوا الحيَّةَ والعقرَبَ وإنْ كُنْتُم فِي الصَّلاةِ" (طب) عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: فيه أمران، الأول: أنه يوهم أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف، فقد خرجه أبو داود وكذا الحاكم بلفظ: "اقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في صلاتكم"، الثاني: أنه لم يرمز له بتضعيف ولا غيره، فاقتضى سلامته من العلل، وليس كما أوهم، فقد جزم خاتمة الحفاظ ابن حجر بضعف سنده في تخريج الهداية. قلت: هذا خطأ من وجوه، أحدها: أن أبا داود لم يخرج هذا الحديث ولا ذكر متنه وإنما روى بسنده قطعة أخرى من متنه فقال في كتاب الدعاء من سننه [2/ 78، رقم 1485]: حدثنا عبد اللَّه بن مسلمة ثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد اللَّه بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظى عن ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تستروا الجدر، من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في

النار سلوا اللَّه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم". قال أبو داود: روى هذا الحديث عن محمد بن كعب من غير وجه كلها واهية وهذا أمثلها وهو ضعيف أيضًا. ثانيها: أن الحاكم [4/ 270] روى اللفظ المذكور ولكن أثناء حديث طويل أوله: "إن لكل شيء شرفا، وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة" الحديث، وهو في نحو ورقة وساذكره إن شاء اللَّه عند حديث "إن لكل شيء شرفا"، وإذ أوله عند الحاكم كذلك فليس هو من شرط المصنف. ثالثها: عدم معرفته باصطلاح كتب التخريج، فإنهم يعنون عند عزو الحديث أصله لا متنه بخلاف المصنف. 675/ 1333 - "اقْرَأ القُرآنَ مَا نَهَاك، فَإذَا لَم يَنْهَكَ فَلسَت تَقْرَؤُهُ" (فر) عن ابن عمرو قال الشارح: قال الزين العراقي: سنده ضعيف، وظاهره أنه لم يره لأقدم من الديلمي، ولا أحق بالعزو إليه منه، وهو عجيب، فقد خرجه أبو نعيم والطبراني وعنهما أورده الديلمي مصرحًا، فأهماله لذنيك واقتصاره على ذا غير سديد. قلت: أكثر الشارح من التهريج وتسويد الورق بلا تحقيق ولا طائل بل بالأوهام والأغاليط فالطبراني لم يخرج الحديث بهذا اللفظ بل قال: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد اللَّه عن شهر بن حوشب عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رب حامل فقه غير فقيه ومن لم ينفعه علمه ضره جهله، واقرأ القرآن ما نهاك" وذكره. وقد عزاه المصنف إليه بهذا اللفظ في حرف "الراء" كما سيأتي، والديلمي رواه

عن الحداد عن أبي نعيم عن الطبراني بهذا الإسناد ولكن تصرف فيه تبعًا لتخريج ألفاظ والده وقلده المصنف في لفظه وعزاه إليه لأنه المتصرف فيه، وإن كان الديلمي أعاده مرة أخرى بتمامه في حرف "الراء"، وكذلك فعل القضاعي فرواه عن عبد الرحمن بن عمر التجيبي أنا أحمد بن إبراهيم بن جامع ثنا علي ابن عبد العزيز ثنا أبو ربيعة فهد بن عوف ثنا إسماعيل بن عياش به بلفظ: "من لم ينفعه علمه ضره جهله، اقرأ القرآن ما نهاك" الحديث، وأعاده في موضع آخر بهذا الإسناد إلا أنه ترجم عليهأ اقرأ القرآن" كما هنا عند المصنف. ورواه ابن عبد البر في العلم من طريق أحمد بن زهير: ثنا عبد الوهاب بن نجرة الحوصي بسنده السابق إلا أنه ذكر أوله ولم يذكر لفظ حديث الباب وسنده ضعيف كما هو ظاهر. وقد ورد عن الحسن من قوله، قال الدولابي في الكنى: حدثنا محمد بن المثني ثنا يحيى بن محمد بن قيس قال: سمعت أبا شبرمة عبد اللَّه بن شبرمة قال: قال الحسن: "اقرأ القرآن ما نهاك فإذا لم ينهك فلست تقرؤه، رب حامل فقه غير فقيه، ومن لم ينفعه علمه ضره جهله". وورد مرفوعًا أيضًا من حديث النعمان بن بشير قال الخطيب [3/ 192]: ثنا الحسن بن علي الجوهري قراءة عن محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن القاسم الكوكبي أنبأنا إبراهيم بن عبد اللَّه بن الجنيد قال: قلت ليحيى بن معين: محمد بن كثير كوفي، قال: ما كان به بأس قدم فنزل ثم عند نهر "كرخايا"، قلت: إنه روى أحاديث منكرات، قال: ما هي؟ قلت: عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن النعمان بن بشير مرفوعًا: "اقرأ القرآن ما نهاك فإذا لم ينهك فلست تقرؤه" قال: من روى هذا عنه؟ قلت: رجل من أصحابنا، قال: عسى هذا سمعه من السندي بن شاهك، وإن كان الشيخ روى هذا فهو كذاب وإلا فإني رأيت حديث الشيخ مستقيمًا.

676/ 1334 - "اقْرَءُوا المعَوِّذَاتِ فِي دُبرِ كُلِّ صَلاةٍ". (د. حب) عن عقبة بن عامر قال الشارح في الكبير: وصححه ابن حبان، ورواه عنه الترمذي وحسنه والنسائي، والحاكم وصححه، فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد أبي داود به من بين الستة غير جيد. قلت: بل تهور الشارح غير جيد فإن الترمذي والنسائي لم يخرجاه من لفظ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بل من لفظ عقبة (¬1) قال: "أمرني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن أقرأ المعوذات دبر كل صلاة"، وقال الترمذي: غريب، ولم يقل كما حكاه عنه الشارح: حسن، لأنه عنده من رواية ابن لهيعة وقد يكون ذلك في بعض النسخ أو في موضع آخر إلا أن التعقب به وبالنسائي ساقط كسائر تعقبات الشارح، نعم رواه الحاكم باللفظ المذكور هنا من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال [1/ 253]: صحيح على شرط مسلم. 677/ 1335 - "اقْرَءُوا القُرآنَ بالحَزنِ، فإنَّهُ نَزِلَ بالحَزنِ". (ع. طس. حل) عن بريدة قال الشارح في الكبير: قال الهيثمي: فيه إسماعيل بن سيف وهو ضعيف اهـ. وفي الميزان قال ابن عدي: كان يسرق الحديث، وفي اللسان ضعفه البزار، أقول: فيه -أيضًا- عوين بن عمرو، أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: قال ابن مبين: لا شيء، وكان ينبغي للمصنف الإكثار من مخرجيه إشارة إلى جبر ضعفه فمن مخرجيه العقيلي في الضعفاء، وابن مردويه في تفسيره وغيرهم. قلت: وكان ينبغي للشارح أيضًا أن يسكت عما لا علم له به، فإن كثرة المخرجين ولو بلغوا ألفًا لا تفيد في تقوية الحديث شيئًا إذا كان له طريق واحد، وهذا الحديث انفرد به إسماعيل بن سيف، وبه يعرف، فأي فائدة للإكثار من ¬

_ (¬1) رواه النسائي (3/ 68).

المخرجين من طريقه؟ قال أبو يعلي: حدثنا إسماعيل بن سيف ثنا عويس بن عمرو عن الجريري عن أبي بردة عن أبيه به. وقال أبو نعيم في الحلية [6/ 196]: حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ثنا إبراهيم بن هاشم البغوي ثنا إسماعيل بن سيف به. ومن هذا الوجه رواه أيضًا العقيلي وغيره. 678/ 1336 - "اقْرَءُوا القُرْآنَ ما ائْتَلفَتْ عليه قُلُوبُكُم، فإِذَا اخْتَلفْتُم فِيهِ فَقُومُوا". (حم. ق. ن) عن جندب قال الشارح في الكبير: ورواه مسلم والطبراني عن ابن عمر والنسائي عن معاذ. قلت: هذا من عجيب أوهام الشارح، فمعاذ ما روى هذا الحديث ولا خرجه النسائي من حديثه، وإنما أخذ الشارح ذلك من قول الحافظ في الفتح [9/ 101، 13/ 335، 336] في طريق ابن عون عن أبي عمران عن عبد اللَّه ابن الصامت عن عمر من قوله وصلها أبو عبيد عن معاذ بن معاذ عنه، وأخرجها النسائي من وجه آخر عنه اهـ. فرأى الشارح اسم معاذ فاكتفى به ولم يحقق من هو ولا ما رواه، وكذلك حديث ابن عمر فإنه أخذه من قول الحافظ أيضًا، وقد أخرج مسلم (¬1) من وجه آخر عن أبي عمران هذا حديثا آخر في المعنى أخرجه من طريق حماد عن أبي عمران الجوني عن عبد اللَّه بن رباح عن عبد اللَّه بن عمر قال: "هاجرت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فسمع رجلين اختلفا في آية فخرج يعرف الغضب في وجهه فقال: ¬

_ (¬1) رواه مسلم في كتاب الحلم، حديث (رقم: 2).

إنما هلك من كان قبلكم بالاختلاف في الكتاب"، وهذا مما يقوي أن يكون لطريق ابن عون أصل اهـ. والسبب في هذا أنهم اختلفوا في رواية هذا الحديث عن أبي عمران الجوني اختلافًا كثيرًا أشار إلى بعضه البخاري فرواه من طريق حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني عن جندب بن عبد اللَّه به مرفوعًا، ثم من طريق سلام بن أبي مطيع عنه كذلك، ثم قال: تابعه الحارث بن عبيد وسعيد بن زيد عن أبي عمران، ولم يرفعه حماد بن سلمة وأبان وقال: غندر عن شعبة عن أبي عمران سمعت جندب قوله، وقال: ابن عون عن أبي عمران عن عبد اللَّه بن الصامت عن عمر قوله، وجندب أصح وأكثر اهـ. فاستشهد الحافظ لرواية ابن عون بحديث ابن عمر السابق وبينه وبين حديث الباب بون كبير، إذ ذاك حكاية عن فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهذا من قوله وأمره. 679/ 1337 - "اقْرَءُوا القُرآنَ فإنَّه يَأتِي يَومَ القِيَامَة شَفِيعًا لأصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزهرَاوين: البَقرة، وآل عِمْرَانَ، فإنَّهما يأتِيَان يوم القيامَةِ كأنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أو غَيَابَتَانِ، أو كأنَّهُمَا فِرقَانِ مِنْ طَيرٍ صَواف، يُحَاجانِ عَنْ أصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة". (حم. م) عن أبي أمامة قلت: أخرجه أيضًا حميد بن زنجويه في الترغيب ومن طريقه البغوي أول التفسير، وخرجه أيضًا ابن المغير في فوائده الموجودة بمجموعة حديثية بدار الكتب المصرية. 680/ 1338 - "اقْرَءُوا القُرآنَ واعْمَلُوا بِهِ، ولا تَجفُوا عَنْهُ، ولا تَغلُوا فِيهِ (¬1)، ولا تَستَكثروا بِهِ". (حم. ع. طب. هب) عن عبد الرحمن بن شبل ¬

_ (¬1) في المطبوع من فيض القدير زيادة هي: ". . .، ولا تغلو فيه، ولا تأكلوا، ولا تستكثروا به".

قلت: أخرجه أيضًا أبو ذر عبد الرحمن بن أحمد الهروي في جزئه قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن عثمان ثنا عبد الملك بن سليمان ثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي ثنا أبو زيد الهروي سعيد بن الربيع ثنا علي بن المبارك عن يحيى ابن أبي كثير ثنا أبو زيد بن سلام عن جده أبي سلام عن أبي راشد الجراني قال: "نزلنا مرجًا يقال له: مرج صالوجا فلما أذن المؤذن أرسل معاوية إلى عبد الرحمن بن شبل فقال: إنك من قدماء أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفقهائهم، فإذا صليت ودخلت فسطاطي فقم في الناس فعظهم وذكرهم وحدثهم ما سمعت من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقام فيهم عبد الرحمن بن شبل فقال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . . " وذكر مثله. وقال أبو يعلى: حدثنا هدبة بن خالد ثنا أبان حدثني يحيى بن أبي كثير به بدون القصة. 681/ 1339 - "اقْرَءوا القُرآنَ بلحُونِ العربِ وأصْوَاتِهَا، وإيَّاكُم ولِحونَ أهْلِ الكتَابِ (¬1)، وأهْلِ الفسْقِ فإنَّه سَيجِئ بَعْدِي قَومٌ يُرَجّعُونَ بالقُرْآن تَرْجِيعَ الغِنَاءِ والرَهبَانِيةِ والنَّوحِ، لا يُجَاوِز حَناجِرهُم، مَفْتُونَةٌ قُلُوبهم، وَقُلوبُ مَنْ يُعجِبُهُمْ شَأنهُمْ". (طس. هب) عن حذيفة قلت: قال الطبراني (¬2): حدثنا الوليد محمد بن سعيد بن جابان ثنا محمد بن مهران الجمال ثنا بقية بن الوليد عن حصين بن مالك الفزاري سمعت شيخا يكنى بأبي محمد وكان قديمًا يحدث عن حذيفة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذكره. ورواه أبو عبيد في فضائل القرآن عن نعيم بن حماد عن بقية به. ¬

_ (¬1) في المطبوع من فيض القدير: ". . .، ولحون أهل الكتابين". (¬2) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 169) من حديث حذيفة، وعزاه إلى الطبراني في الأوسط وفيه راو لم يسم.

ورواه أبو أحمد الحاكم في الكنى عن أحمد بن عبد الرحمن بن خلاد عن محمد بن مهران عن بقية. ورواه ابن عدي [2/ 510] عن الحسين بن عبد اللَّه القطان عن سعيد بن عمرو عن بقية، وقال الطبراني بعده: لا يروى عن حذيفة إلا بهذا الإسناد، تفرد به بقية، قال الحافظ في أماليه: وما روى شيخه حصين أحد غيره، وشيخه أبو محمد لا يعرف اسمه وليس له إلا هذا الحديث اهـ. وقال ابن الجوزي في العلل [1/ 111]: لا يصح، كما نقل عه الشارح، فكان الأولى عدم ذكره في هذا الكتاب. 682/ 1341 - "اقْرءُوا القُرآنَ، وابْتَغُوا بِه اللَّهِ تَعَالى، من قَبْلِ أن يأتِي قَومٌ يقِيمُونَهُ إقَامَة القدْحِ، يَتَعَجَّلُوْنَهُ ولا يتأَجَّلونَهُ". (حم. د) عن جابر قلت: هذا لفظ رواية أحمد [3/ 357]، أما رواية أبي داود ففيها مخالفة فإنه أخرجه في باب "ما يجزئ الأمي والأعجمي من القرآن" من كتاب الصلاة من طريق حميد الأعرج عن محمد بن المنكدر عن جابر قال [1/ 217، رقم 830]: "خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحن نقرأ القرآن وفينا الأعرابي والعجمي فقال: اقرءوا فكل حسن، وسيجئ أقوام يقيمونه كما يقام القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه". ورواه ابن المبارك في الزهد عن ابن عيينة عن المنكدر مرسلًا قال: "خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على أصحابه وهم يقرءون القرآن فقال: اقرءوا فكل كتاب اللَّه قبل أن يأتي أقوام يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه". وروى أبو داود نحوه من حديث سهل بن سعد الساعدي قال [1/ 218، رقم 831]: "خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحن نقترئ فقال: الحمد للَّه كتاب اللَّه واحد، وفيكم الأحمر وفيكم الأبيض وفيكم الأسود اقرءوه قبل أن يقرأه أقوام

يقيمونه كما يقوم السهم يتعجل أجره ولا يتأجله". 683/ 1342 - "اقرءُوا سُورَة البقرةِ فِي بيُوتِكم، ولا تَجْعَلُوها قبُورًا، وَمَنْ قَرأ دُورة البقرةِ تُوِّج بِتَاجٍ فِي الجنَّةِ". (هب) عن الصلصال بن الدلهمس قال الشارح في الكبير: قال الذهبي: هو صحابي له حديث عجيب المتن والإسناد اهـ. وأشار به إلى هذا الحديث، ثم إن فيه -أيضًا- أحمد بن عبيد، قال ابن عدي: صدوق له مناكير. قلت: هذا وهم قبيح في أمرين، أحدهما: أن الذهبي بكلامه المذكور إلى هذا الحديث لأنه ليس بعجيب بل يشير إلى غيره، أما ما ذكره الحافظ في ترجمته من الإصابة في قصة وقعت له حين إسلامه وأما إلى حديث ذكره الذهبي في ترجمة محمد بن الضوء جعيد الصلصال من الميزان [3/ 586، رقم 7707]، والغالب أنه يقصد الأول. ثانيهما: أن أحمد بن عبيد الذي قال فيه ابن عدي ذلك ليس هو هذا بل هذا أحمد بن عبيد بن إسماعيل البصري الصفار الحافظ الثقة صاحب المسند والسنن المتوفي بعد الأربعين وثلاثمائة وهو شيخ شيوخ البيهقي يروى عنه بواسطة كعلي بن أحمد بن عبدان وغيره، ويكثر عنه جدًا في جميع كتبه بل كتب هذا وكتب الحاكم هي عمدة البيهقي فيما يسنده في الأحكام والأخلاق والآداب وغيرها، وأما الذي ذكره الشارح فهو أحمد بن عبيد بن ناصح البغدادي النحوي المعروف بأبي عصيدة وهو قديم يروي عن أبي داود الطيالسي وطبقته مات بعد السبعين ومائتين. قال ابن عدي: حدث عن الأصمعي ومحمد بن مصعب بمناكير. وقال أبو أحمد الحاكم: لا يتابع على حديثه، ففرق بين هذا وذاك، والسند مع ذلك ضعيف ولكن الشارح لم يهتد لوجه ضعفه واقتصر على أحمد بن عبيد

إذ وجد اسمه في الضعفاء فاكتفى به على عادته. 684/ 1343 - "اقْرءوا سوُرةَ هودٍ يوم الجمعةِ". (هب) عن كعب مرسلًا قال الشارح في الكبير: رمز المصنف لضعفه، ولعله من قبيل الرجم بالغيب، فقد قال الحافظ ابن حجر: حديث مرسل سنده صحيح، هكذا جزم به في أماليه. . . إلخ. قلت: بل كلام الشارح هو الذي من قبيل الرجم بالغيب والجهل بالعيب، فالمصنف يرمز إلى الحديث من أصله، والحديث مرسل وكل مرسل ضعيف لإرساله، والحافظ يتكلم على سند المرسل ويقول: إن سنده صحيح إلى كعب الذي أرسله، وفرق بين صحة السند إلى المرسل بكسر السين وبين صحة المرسل بفتحها، ولكن الشارح منعزل عن معرفة دقائق أهل الفن. 685/ 1344 - "اقْرءوا على مَوْتاكُم يَس". (حم. د. هـ. حب. ك) عن معقل بن يسار قال الشارح: لاشتمالها على أحوال البعث والقيامة، فيتذكر ذلك بها أو المراد: اقرءُوها عليه بعد موته، والأولى الجمع، قال ابن القيم: وخص "يس" لما فيها من التوحيد والميعاد والبشرى بالجنة لأهل التوحيد، وغبطة من مات عليه، لقوله: {يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. . .} الآية. قلت: الأولى تعليل قراءتها بالوارد، فقد قال أبو نعيم في التاريخ: حدثنا القاضي محمد بن أحمد بن إبراهيم ثنا إبراهيم بن بندار ثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ثنا عبد المجيد بن أبي رواد عن موقرى بن سالم عن صفوان بن عمرو عن شريح عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من ميت يموت فيقرأ عنده "يس" إلا هون اللَّه عليه" (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: التلخيص الحبير (2/ 104).

ويؤيد هذا ما حكاه الشارح نفسه في الكبير عن ابن العربي أنه قال: مرضت وغشى عليَّ وعددت من الموتى فرأيت قومًا كرش المطر يريدون أذيتي، ورأيت شخصًا جميلًا طيب الرائحة شديدًا دفعهم عني حتى قهرهم، فقلت: من أنت؟ قال: سورة يس، فأفقت فإذا بأبي عند رأسي وهو يبكي ويقرأ يس وقد ختمها اهـ. وأيضًا فإن الميت في حالة الاحتضار لا يكون غالبًا من أهل الفهم والتدبر لما هو فيه من ألم الموت وكربه وهوله، بل الشارح قد اختار الجمع وهو قراءتها على الميت بعد مفارقة الروح كما يفيده عموم لفظ الحديث ويصرح به حديث أبي الدرداء، فبطل التعليل بما قاله ابن القيم واعتمده الشارح. 686/ 1345 - "اقْرءوُا علَى من لقِيتُم من أُمَّتي السَّلامَ، الأول فالأول إلى يومِ القيامةِ". الشيرازي في الألقاب عن أبي سعيد قلت: في إيراد هذا الحديث أمران، أحدهما: أنه من رواية عبد اللَّه بن مسعود لا من حديث أبي سعيد الخدري. قال الشيرازي: أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب ثنا محمد بن الحسن بن الصباح ثنا سهل بن عبد اللَّه التسترى عن محمد بن سوار عن الحسن العرني عن الأشعث ابن طليق عن مرة الهمداني عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه قال: "جمعنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بيت ميمونة رضي اللَّه عها ونحن ثلاثون رجلًا فودعنا وسلم علينا ودعا لنا ووعظنا وقال: اقرءوا على من لقيتم. . . " الحديث، وهو مشهور من حديث عبد اللَّه بن مسعود، فلعل ذكر أبي سعيد وقع تحريفًا من النساخ أو سبق قلم من المصنف. ثانيهما: أن هذا الحديث كذب موضوع مركب ما حدث به ابن مسعود ولا وقع

شيء مما فيه أصلًا، فإن رواية الشيرازي هذه مختصرة وأصل الخبر طويل في نحو ورقة، خرجه بطوله البزار والطبراني في الأوسط والأزدي في الضعفاء وغيرهم، وعلامة الوضع لائحة عليه لبرودته وركاكة ألفاظه بحيث لا يخفي بطلانه على من مارس السنة واستطعم ألفاظها الشهية. ورواه الحاكم في المستدرك ببعض اختصار من طريق عبد الملك بن عبد الرحمن عن الحسن العرني به، ثم قال: عبد الملك بن عبد الرحمن مجهول لا نعرفه بعدالة ولا جرح والباقون كلهم ثقات، فتعقبه الذهبي بقوله: بل كذبه الفلاس، وهذا شأن الموضوع يكون كل رواته ثقات سوى واحد، فلو استحى الحاكم لما أورد مثل هذا اهـ. وصدق الذهبي واللَّه، ثم إنه يتعجب من إقراره الحاكم على قوله: والباقون كلهم ثقات، مع أنه ذكر في الميزان الأشعث بن طليق، وقال: روى عن مرة الطيب لا يصح حديثه قاله الأزدي، ثم ساق له هذا الحديث، ويتعجب أيضًا من الحافظ الهيثمي في كلامه على هذا الحديث في مجمع الزوائد (¬1) وعدم تصريحه بوضعه، مع أن متنه يكاد ينطق بذلك ففيه ألفاظ يجل منصب النبوة عنها مع اختلاف واضطراب في التاريخ الذي جمعهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه، وكذلك في البيت الذي وقع الاجتماع فيه، فبعضهم يقول: قبل وفاته بشهر، وبعضهم يقول: قبل وفاته بست، وبعضهم يطلق، وأما البيت فبعضهم يقول: في بيت ميمونه وبعضهم يقول: في بيت عائشة وفيه: "فنظر إلينا فدمعت عيناه ¬

_ (¬1) أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 24، 25) من حديث ابن مسعود، وعزاه إلى البزار وقال: روى هنا عن مُرَّة عن عبد اللَّه من غير وجه والأسانيد عن مُرَّة متقاربة وعبد الرحمن لم يسمع هذا من مُرَّة إنما أخبره عن مُرَّة ولا نعلم رواه عن عبد اللَّه غير مُرَّة. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي وهو ثقة، ورواه الطبراني في "الأوسط" بنحوه إلا أنه قال: قبل موته بشهر، وذكر في إسناده ضعفاء منهم أشعث ابن طابق [هكذا في المطبوع من المجمع "طابق" والصواب ما أثبتاه وأثبته الشيح رحمه اللَّه وهو طليق، محققه] قال الأزدي: لا يصح حديثه.

ثم قال: مرحبا بكم وحياكم اللَّه وحفظكم اللَّه، آواكم اللَّه، ونصركم اللَّه، رفعكم اللَّه هداكم اللَّه، رزقكم اللَّه، وفقكم اللَّه، سلمكم اللَّه، قبلكم اللَّه" في كلام بارد، مثل هذا لا يجوز لمسلم اعتقاد نطق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به لسخافته، ثم ما معنى أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحابه أن يقرءوا السلام على من لقوه من أمته الأول فالأول إلى يوم القيامة؟ فإن كان لاعتقاده عيشهم إلى يوم القيامة فقد صح عنه أنه "على رأس [كل] مائة سنة لا يبقي ممن هو على ظهر الأرض أحد"، وإن كان ذلك باعتبار طبقات الأمة فهو أمر متعذر، ثم لم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين والسلف الصالح أنه بلغ ذلك السلام، وفيه من تعيين غاسله وما يكفن فيه ومن يصلي عليه وكيفية ذلك ما يشهد بكذبه اختلاف الصحابة في جميع ذلك عند انتقاله، ولو كان عندهم أمر من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك قبل انقاله بشهر أو بست لما وقع منهم اختلاف، وبالجملة فلا يشك عالم بالسنة في وضعه وكذبه، فلا يغتر بكلام النور الهيثمي في "مجمع الزوائد"، ولا ينقل صاحب "منار الإسعاد في طرق الإسناد" عن النجم الغيطي أنه قال: حديث حسن باعتبار طرقه وثقة رجاله سوى الحسن العرني، لكنه توبع عن مُرَّة من غير وجه، والأسانيد عن مُرَّة متقاربة كما قال البزار اهـ. فكل ذلك لا أصل له. 687/ 1353 - "أقْطَفُ القَوْمِ دابَّةً أمِيرُهم". (خط) عن معاوية بن قرة مرسلًا قلت: لهذا الحديث عند مخرجه الخطيب قصة فأخرجه من طريق علي بن خشرم: أخبرنا عيسى بن يونس عن شبيب بن شيبة قال: "كنت أسير في موكب أبي جعفر أمير المؤمنين فقلت: يا أمير المؤمنين رويدًا فإني أمير عليك، قال: ويلك أمير عليَّ؟!، قلت: نعم، حدثني معاوية بن قرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أقطف القوم دابة أميرهم، فقال أبو جعفر: أعطوه دابة فهو أهون علينا من أن

يتأمر علينا". 688/ 1354 - "أقَلُّ ما يُوجَدُ في أُمتِي في آخِرِ الزمَانِ درْهمٌ حلالٌ، أو أخٌ يُوثقُ به". (عد) وابن عساكر عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: قال ابن الجوزي: هذا لا يصح، قال يحيى: يزيد بن سنان أحد رجاله غير ثقة، وقال النسائي: متروك الحديث، ومن ثم رمز المصنف لضعفه. قلت: لا يلزم من ضعف السند ضعف الحديث، فإن الواقع يشهد بصدق هذا الحديث فأقل ما يوجد اليوم درهم حلال لكثرة معاملات الربا وأخذ الرشاوي والأموال بالباطل، وأخ يوثق به لكثرة الجواسيس وتحاسد الناس وتباغضهم ومحبة إفشاء الأسرار وتتبع العورات وايصالها إلى الأعداء فلا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم. ثم إن هذا الحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية، ولو اطلع على ذلك الشارح لأكثر من الصياح على عادته، فقال أبو نعيم: حدثنا محمد بن على ثنا محمد بن سعيد الحراني ثنا ابن أبي فروة الرهاوي ثنا أبي ثنا محمد بن أيوب الرقي عن ميمون بن مهران عن ابن عمر به. أبو فروة هو زيد بن سنان. 689/ 1355 - "أقل أمَّتي أبْناءُ السَّبْعين". الحكيم بن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: فيه محمد بن ربيعة، أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال: لا يعرف، وكامل أبو العلاء جرحه ابن حبان. قلت: في هذا وهم من المصنف وأوهام من الشارح.

أما المصنف فإن الحديث عند الحكيم الترمذي من حديث أنس لا من حديث أبي هريرة. وأما الشارح فمن وجوه، أولها: أن محمد بن ربيعة وكامل أبا العلاء لا وجود لهما في سند الحديث. قال الحكيم الترمذي في (الأصل الثالث والأربعين): حدثنا أبي قال: حدثنا عثمان بن زفر عن محمد بن كناسة رفعه إلى أنس به. وهو منقطع لأن ابن كناسة ولد بعد موت أنس بنحو خمس عشرة سنة. ثانيها: أن المذكورين موجودان في بعض أسانيد حديث أبي هريرة ولم ينفردا به كما سبق ذلك في حديث "أعمار أمتي". ثالثها: أن محمد بن ربيعة المذكور في سند حديث أبي هريرة وليس هو الذي قال فيه الذهبي: لا يعرف، بل هذا محمد بن ربيعة الكلابي الرؤاسي معروف روى عنه جماعة كثيرة ووثقه ابن معين والنسائي والدارقطني وغيرهم، وهو متأخر عن الذي قال فيه ذلك الذهبي، فإنه أقدم من هذا وهو محمد بن ربيعة الراوي عن رافع بن سلمة عن علي. رابعها: أن كاملًا أبا العلاء من رجال مسلم، وثقه ابن معين ويعقوب بن سفيان، وقال النسائي: لا بأس به، وقال مرة أخرى: ليس بالقوي، وتكلم فيه ابن حبان بأنه يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، وهذا ليس بضائره لا سيما مع تعدد الطرق عن أبي هريرة وهذا كله بالنسبة إلى حديث أبي هريرة، وقد عرفت أن الحديث لأنس لا لأبي هريرة (¬1). 690/ 1358 - "أقِلَّ من الذُنوب يهُنْ عليك الموتُ، وأقلَّ من الدَّيْنِ تَعِشْ حُرًّا". (هب) عن ابن عمر ¬

_ (¬1) انظر الكامل لابن عدي (4/ 1481).

قال في الكبير: ظاهر صنيعه أن مخرجه البيهقي خرجه ساكتًا عليه، والأمر بخلافه بل تعقبه بقوله: في إسناده ضعيف اهـ. فاقتصار المصنف على عزوه له، وحذفه من كلامه ما عقبه به من بيان علته غير مرضي، وإنما ضعفوا إسناده، لأن فيه محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه، وقد ضعفهما الدارقطني وغيره، وقال ابن حبان: يروي عن أبيه نسخة كلها موضوعة اهـ. ومن ثم رمز المصنف لضعفه. قلت: هذا من سخافة عقل الشارح وقد مر نظيره فأغنى عن الإطالة بإعادة الكلام فيه، والحديث رواه أيضًا ابن الأعرابي في معجمه (¬1)، والقضاعي في مسند الشهاب (¬2)، والبندهي في شرح المقامات من طريق الخلعي ثم من طريق ابن الأعرابي ثم من رواية محمد بن عبد الرحمن البيلماني أيضًا، وله طريق آخر أخرجه الديلمي في مسند الفردوس من طريق ابن لال: أخبرنا الحسن بن عباس ثنا القاسم بن محمد ثنا أبو بلال الأشعري ثنا كدام بن مسعر بن كدام عن أبيه عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر به بزيادة: "وانظر في أي نصاب تضع ولدك، فإن العرق دساس". 691/ 1363 - "أقِيلُوا ذَوي الهيْئاتِ عَثَراتِهم إلا الحدُودَ". (حم. خد. د) عن عائشة قال الشارح: ضعيف لضعف عبد الملك بن زيد العدوي. قلت: في هذا أمور، الأول: أن عبد الملك بن زيد ليس هو في سند البخاري وإنما هو عند أحمد وأبي داود. الثاني: أن عبد الملك ليس متفقًا على ضعفه بل قال النسائي وغيره: ليس به بأس. ¬

_ (¬1) انظر: كشف الخفاء: (1/ 163/ 491). (¬2) انظر: العلل المتناهية لابن الجوزي: (2/ 123).

الثالث: أنه لم ينفرد به بل تابعه أبو بكر بن نافع وعبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر وعبد العزيز بن عبد اللَّه بن عمر، وله مع ذلك طريق آخر عن عائشة وشواهد من حديث جماعة من الصحابة منهم زيد بن ثابت وابن مسعود، أما رواية عبد الملك بن زيد فخرجها أبو داود [4/ 131، رقم 4375] من طريق ابن أبي فديك عنه عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عائشة، كذا وقع عند أبي داود محمد بن أبي بكر عن عمرة وفيه انقطاع، لأن محمد بن أبي بكر لم يسمعه من عمرة بل سمعه من أبيه عنها. كذلك أخرجه الطحاوي [3/ 129] عن يونس بن عبد الأعلى ومحمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم، وأخرجه البيهقي [8/ 334] من طريق ابن عبد الحكم وحده كلاهما عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن عبد الملك بن زيد عن محمد بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة عن عائشة، قال البيهقي: وكذلك رواه دحيم وأبو الطاهر بن السرح عن ابن أبي فديك، ورواه جماعة عنه دون ذكر أبيه اهـ. وتابعه على ذكر أبيه في الإسناد عن عبد الملك عبد الرحمن بن مهدي، كذلك رواه أحمد [6/ 181] عن عبد الرحمن، والطحاوي عن النسائي عن عمرو ابن علي عن عبد الرحمن لكن أسنده ابن حزم في المحلى من طريق النسائي أيضًا ثم قال: حديث عبد الملك بن زيد كان يكون جيدا لولا أن محمد بن أبي بكر مقدر أنه لم يسمع من عمرة، لان هذا الحديث إنما هو عن أبيه أبي بكر اهـ. فكأنه وقع له بدون ذكر أبيه، وهو ثابت من رواية غيره. وكذلك رواه أبو نعيم في الحلية [9/ 43] من طريق محمد بن أبي يعقوب عن عبد الرحمن بن مهدي بإثبات ذكر الأب، فيكون هذا الطريق جيدا على رأي ابن حزم مع تعنته. وأما رواية أبي بكر بن نافع فرواها البخاري في "الأدب المفرد" [رقم 465]، وسعيد بن منصور في السنن، والطحاوي، والطبراني في مكارم الأخلاق [رقم

61]، والبيهقي [8/ 334]، وابن حزم من رواية جماعة عنه عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عمرة دون ذكر أبيه، بل وقع عند الطبراني: سمعت عمرة وهو عنده عن بكر بن سهل الدمياطي عن نعيم بن حماد عن أبي بكر بن نافع، وبكر بن سهل فيه ضعف وإن كان مقارب الحال، ونعيم بن حماد فيه مقال وإن كان من رجال الصحيح، فالغالب أن التصريح بالسماع وهم من أحدهما. وأما رواية عبد الرحمن بن محمد فرواها الطحاوي من طريق سعيد بن أبي مريم عن عطاف بن خالد المخزومي عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عمرة. وأما رواية عبد العزيز بن عبد اللَّه فرواها الشافعي عن إبراهيم بن محمد، والطحاوي من طريق ابن أبي ذئب كلاهما عن عبد العزيز بن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة به دون قوله: "إلا الحدود" قال الشافعي بعده: سمعت من أهل العلم من يعرف هذا الحديث ويقول: "يتجافى للرجل ذي الهيئة عن عثرته ما لم يكن حدًا" هكذا روياه دون ذكر أبيه. ورواه النسائي في الكبرى من طريق عبد اللَّه بن المبارك عن عبد العزيز بن عبد اللَّه عن محمد بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة. ومن طريق النسائي رواه الطحاوي في "مشكل الآثار" [3/ 128]، وابن حزم في "المحلى"، ووقع فيه اختلاف آخر على عبد العزيز بينته في مستخرجي على مسند الشهاب. وأما الطريق الثاني عن عائشة فقال ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" [ص 32، رقم 62]: حدثنا أبو عبد اللَّه يحيى بن محمد بن السكن البزار ثنا ريحان بن سعد ثنا

عرعرة بن البريد (¬1) ذكر المثنى أبو حاتم عن عبد اللَّه بن العيزار عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أقيلوا الكرام عثراتهم". ورواه الطبراني في "الأوسط" عن محمد بن يحيى [1/ 185]: ثنا محمد بن يحيى بن السكن به مطولًا ولفظه: "تهادوا تزدادوا حبا، وهاجروا تورثوا أبناءكم مجدا، وأقيلوا الكرام عثراتهم". ورواه أيضًا عن محمد بن عبد اللَّه الحضرمي: ثنا إسحاق بن زيد الخطابي ثنا محمد بن سليمان بن أبي داود ثنا المثنى أبو حاتم به مثله. ورواه القضاعي من طريق أبي عروبة الحراني: ثنا إسحاق بن يزيد وسليمان بن يوسف قالا: حدثنا محمد بن سليمان ثنا المثنى أبو حاتم به. وأما حديث زيد بن ثابت فرواه الطبراني في الصغير [2/ 43] من طريق محمد ابن كثير بن مروان الفلسطيني: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تجافوا عن عقوبة ذوي المروءة إلا في حد من حدود اللَّه عز وجل". وأما حديث ابن مسعود فرواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [2/ 234] عن الطبراني: ثنا محمد بن عاصم الأصبهاني ثنا عبد اللَّه بن محمد بن يزيد الحنفي الكوفي حدثنا أبي ثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أقيلوا ذوي الهيئات زلاتهم". ¬

_ (¬1) في المطبوع من مكارم الأخلاق "البِرِنْد".

ورواه الخطيب [10/ 85، 86] عن أبي عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي عن محمد بن مخلد عن عبد اللَّه بن محمد بن يزيد الحنفي به. فالحديث مع هذه الطرق لا ينزل عن درجة الحسن أصلًا إن لم يكن صحيحًا، وبه يبطل زعم الشارح في الكبير أنه ضعيف لا حسن خلافًا للعلائي، ولا موضوع كما قال القزويني. 692/ 1364 - "أَقِيلوا السَّخِيَّ زلَّتَهُ، فإنَّ اللَّه آخذٌ بيدهِ كُلَّما عَثَر". الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن عباس قال في الكبير: قال الحافظ العراقي: فيه ليث بن أبي سليم مختلف فيه، ورواه الطبراني وأبو نعيم من حديث ابن مسعود بنحوه بسند ضعيف، ورواه ابن الجوزي في الموضوع من طريق الدارقطني اهـ. وفي الميزان: لا يصح في هذا شيء. قلت: حديث ابن مسعود سيأتي الكلام عليه في حديث "تجافوا عن ذنب السخي"، وحديث ابن عباس أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية " [4/ 108، 110, 411] " وفي "تاريخ أصبهان" [1/ 166] والخطيب في التاريخ [8/ 335] والقضاعي في "مسند الشهاب" من طرق كلها ترجع إلى ليث بن سليم عن مجاهد عنه، وقد ذكرت أسانيدهم في المستخرج على مسند الشهاب. 693/ 1365 - "الحُدود في القَريبِ والبعيدِ، ولا تأخُذكُم في اللَّه لَوْمةَ لَائِم". (هـ) عن عبادة بن الصامت قال في الكبير: قال الذهبي: إسناده واه جدًا، وقال المنذري: رواته ثقات إلا أن ربيعة بن ناجد لم يرو عنه إلا أبو صادق. قلت: لم يبين في أي كتاب قال ذلك الذهبي، وهذا من عيوب الشارح ينقل عن الرجل صاحب المؤلفات ولا يسمي الكتاب المنقول عنه، وما أراه إلا واهمًا

على الذهبي ناقلًا كلامه من حديث إلى حديث على عادته، فإنه ذكر في الميزان ربيعة بن ناجد وقال [2/ 45]: لا يكاد يعرف، وعنه أبو صادق بخبر منكر فيه: "عليٌّ أخي ووارثي" اهـ. وهذا إنما قاله الذهبى في هذا الحديث لأنه لا يجب أن يسمع ما فيه فضيلة لعلي وكل خبر فيه ذلك فهو في نظر الذهبي منكر ولو رواه مالك وشعبة وسفيان، أما حديث كهذا في الحدود فلا داعي للذهبي إلى تضعيفه بمثل هذه العبارة الشديدة، لأن ربيعة بن ناجد قال فيه العجلي: تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، ولذلك قال الحافظ البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح على شرط ابن حبان فقد ذكر جميع رواته في ثقاته اهـ. وفي معناه كلام الحافظ المنذري الذي نقله الشارح. 694/ 1375 - "أَكبرُ الكَبائرِ حُبُّ الدُّنيا". (فر) عن ابن مسعود قال في الكبير: رمز المصنف لضعفه، ووجهه أنه فيه حمدا أبا سهيل، قال في الميزان: طعن ابن منده في اعتقاده. قلت: في هذا أمور، الأول: أن حمدا أبا سهيل لم يدركه الديلمي فإنه مات سنة ثلاث وستين وأربعمائة، ومات الديلمي سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، فينبغي أن يكون الديلمي عمَّر فوق المائة بنحو عشرين سنة حتى يروى عنه بالسماع لأنه قال: حدثني، والديلمي لم يبلغ المائة ولا قاربها. الثاني: أن الذهبي لم يذكر حمدا في الميزان، وإنما ذكره الحافظ في لسانه من زوائده [2/ 357، رقم 1448]. الثالث: أن الطعن في العقيدة لا يضر الحديث إذ كثير من رجال الصحيحين مطعون في عقائدهم. الرابع: أن حمدا المذكور اسمه حمد بن أحمد بن عمر بن دلكيز أبو سهل

الصيرفي، والمذكور في سند الحديث حمد بن سهيل، على أن الذي في نسختي من زهر الفردوس "محمد بن سهيل" بزيادة الميم في أوله، قال الديلمي: أخبرنا عبدوس كتابة أخبرنا أبو بكر الشيرازي الحافظ إجازة وحدثني عنه محمد ابن سهيل أخبرنا إبراهيم بن أحمد هو المستملي ببلخ أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن طاهر الروقاني حدثنا الحسين بن حمويه البلخي ثنا أبو جعفر محمد ابن عبد اللَّه بن عيسى بن إبراهيم حدثنا الفضيل بن عياض ثنا منصور بن المعتمر عن إبراهيم بن يزيد عن علقمة بن قيس عن ابن مسعود به. 695/ 1377 - "أكبرُ أُمَّتي الذين لم يُعطَوْا فيَبْطَروا، ولم يُقْتر عليهم فَيَسْألوا". (تخ) والبغوي وابن شاهين عن الجذع الأنصاري قلت: هكذا ذكره بالباء الموحدة في "أكبر" وشرحه الشارح بقوله: أي أعظمهم قدرًا، وذلك تحريف بل لفظ الحديث: "أكثر أمتي" بالثاء المثلثة ومعناه على ذلك ظاهر واضح، فإن أكثر أمته ليسوا بالأغنياء، ولا بالفقراء الذين يسألون، أما المعنى الذي ذكره الشارح فباطل. 696/ 1378 - "اكتَحلُوا بالإثْمِد المروحِ فإنه يَجْلو البصَرَ، وَيُنْبِتُ الشَّعَر". (حم) عن أبي النعمان الأنصاري قال الشارح في الكبير: لم أره في أسد الغابة، ولا في التجريد، والذي فيهما أبو النعمان الأزدي، وأبو النعمان غير منسوب فليحرر. قلت: المصنف تابع في هذا لأحمد بن حنبل، فإنه ترجم في المسند [3/ 476] بحديث أبي النعمان الأنصاري ثم قال:

حدثنا أبو أحمد الزبيري ثنا أبو النعمان عبد الرحمن بن النعمان الأنصاري عن أبيه عن جده وكان قد أدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره، فكأن أحمد لم يعرف اسم جد عبد الرحمن فكناه بابنه النعمان كما هي كنيته كذلك واسمه معبد بن هوذة الأنصاري فهذا تحريره، ثم إن الشارح سكت عن الحديث في الكبير، وزعم في الصغير أن سنده حسن، وهو زعم باطل فإن عبد الرحمن بن النعمان منكر الحديث، وقال ابن المديني: مجهول، وقال يحيى بن معين: ضعيف، وقال أبو حاتم: صدوق وذكره ابن حبان في الثقات، وقد روى له أبو داود في سننه [2/ 320، رقم 2377] هذا الحديث عن أبيه عن جده بسياق آخر لفظه: "أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالإثمد عند النوم، وقال: ليتقه الصائم"، ثم قال أبو داود عقبه: قال لي يحيى بن معين: هو منكر. 697/ 1379 - "أكثرُ أهلِ الجنَّةِ البُلْهُ". البزار عن أنس قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن البزار خرجه ساكتًا عليه، والأمر بخلافه، بل ضعفه فعزوه له مع حذف ما عقبه به من تضعيفه [غير سديد]. قلت: هذه سخافة، فالمصنف قد رمز لضعفه، وهو يكتفي بالرموز عن العبارة، والحديث رواه أيضًا الطحاوي في مشكل الآثار، وابن عدي في الكامل [3/ 1160]، والخلعي في فوائده (¬1)، والقضاعي في مسند الشهاب (¬2)، والديلمي في مسند الفردوس كلهم من رواية محمد بن عزيز الأيلي عن سلامة بن روح عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن أنس، وقد ضعفوا الحديث من أجل سلامة بن روح مع أنه لم ينفرد به، فقد أخرجه القضاعي أيضًا من طريق يحيى بن الربيع العبدي أنا عبد السلام بن محمد ¬

_ (¬1) انظر كشف الخفاء (1/ 164، رقم 495) وعزاه إليه. (¬2) انظر: الميزان: (1361) وتذكرة الموضوعات لابن القيراني (29) والعلل المتناهة (2/ 452).

الأموي ثنا سعيد بن كثير بن عفير ثنا يحيى بن أيوب ثنا عقيل به. وأخرجه أبو سعد الكنجروذي من طريق محمد بن العلاء الأيلي عن يونس بن يزيد عن الزهري به. وله شاهد من حديث جابر أخرجه البيهقي في الشعب [2/ 125، رقم 1366] من طريق مصعب بن ماهان عن الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر، لكن قال البيهقي عقبه: إنه بهذا الإسناد منكر، ومن هذا الوجه خرجه ابن شاهين في الأفراد، وابن عدي في الكامل، وابن عساكر، وسيذكره المصنف في حرف "الدال" بلفظ: "دخلت الجنة فإذا [أكثر] أهلها بله". 698/ 1380 - "أَكثرُ خَرزِ أهلِ الجنَّةِ العَقِيقُ". (حل) عن عائشة قال الشارح في الكبير: رواه أبو نعيم من حديث محمد بن الحسن بن قتيبة عن عبيد بن الغازي عن سلم بن عبد اللَّه الزاهد عن القاسم بن معن عن أخته أمينة عن عائشة بنت سعد عن عائشة أم المؤمنين، هكذا رواه في نسخ من الحلية، وفي بعضها بدل سالم مسلم بن ميمون الخواص الزاهد، فأما سلم بن عبد اللَّه، فقال في الميزان: وهاه ابن حبان، قال: وله بلايا منها هذا الحديث، وقال ابن الجوزي: هو كذاب، وأما سلم بن ميمون فعده الذهبي في الضعفاء والمتروكين، وقال: قال ابن حبان: بطل الاحتجاج به، وقال أبو حاتم: لا يكتب حديثه، وقال غيره: له مناكير، ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه. قلت: خلط الشارح في الكلام على هذا الحديث، وإن كان التخليط وقع ممن قبله إلا أنه زاد في الطنبور نغمة، فالحديث قال فيه أبو نعيم [8/ 281]: حدثنا محمد بن علي ثنا محمد بن الحسن لن قتيبة ثنا عبيد بن الغازي (¬1) ثنا أبو سلم الزاهد ثنا القاسم بن معن بسنده السابق عند الشارح، ثم قال أبو ¬

_ (¬1) في المطبوع من الحلية القاري وهو تصحيف.

نعيم: غريب من حديث القاسم، لم نكتبه إلا من هذا الوجه اهـ. فاختلفوا في سلم الزاهد هذا من هو؟، فأما ابن الجوزي فأورد الحديث في الموضوعات [3/ 58] من عند أبي نعيم ثم قال: سلم بن سالم كذاب، وأما الذهبي فذكره في الميزان في ترجمة سلم بن عبد اللَّه الزاهد [3373]، وأما أبو نعيم فخرجه في ترجمة سلم بن ميمون الخواص [8/ 281]، وبذلك تعقب الحافظ السيوطي على ابن الجوزي فقال: ثم راجعت الحلية فوجدته أخرجه في ترجمة سلم بن ميمون الخواص الزاهد المشهور وهو صوفي من كبار الصوفية والعباد غير أن في حديثه مناكير، قال ابن حبان [1/ 344]: غلب عليه الصلاح حتى شغل عن حفظ الحديث وإتقانه اهـ. فلما رأى الشارح هذا ظن أن ذلك ناشئ من اختلاف النسخ، فجعل ظنه محققًا ونسب ذلك إلى اختلاف النسخ، ولم يتفطن لكون أبي نعيم خرجه في ترجمة سلم بن ميمون، وقد تعقب الحافظ في اللسان ذكر الذهبي لهذا الحديث في ترجمة سلم بن عبد اللَّه الزاهد فقال [3/ 237]: وحديث العقيق أخرجه أبو نعيم في ترجمة سلم بن ميمون الخواص الزاهد، ولم يقع في روايته ولا رواية ابن حبان تسمية والد سلم والعلم عند اللَّه اهـ. فنص على أنه لم يقع في الإسناد تسمية والد سلم لا بعبد اللَّه ولا بميمون، فاعجب لأمانة الشارح وتحقيقه. 699/ 1381 - "أَكثرُ خطَايَا ابْن آدمَ من لِسَانِهِ". (طب. هب) عن ابن مسعود قال في الكبير: قال المنذري: رواه الطبراني رواة الصحيح، وإسناد البيهقي حسن، وقال الهيثمي: رجال الطبراني رجال الصحيح، وقال شيخه العراقي: إسناده حسن، وبذلك يعرف ما في رمز المصنف لضعفه. قلت: قدمنا مرارًا أنه لا يلزم من رواة الصحيح أن يكون الحديث صحيحًا،

ولذلك قال العراقي: إنه حسن مع كون رواته رواة الصحيح، لأنه من رواية عون بن سلام عن أبي بكر النهشلي عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد اللَّه، وفي كل من عون بن سلام وأبي بكر النهشلي كلام وتضعيف، ولم يقف الحفاظ الثلاثة على قول أبي حاتم في هذا الحديث: إنه باطل، فقد قال ولده أوائل كتاب الزهد من العلل [2/ 101، رقم 1796]: سألت أبي عن حديث رواه عون بن سلام عن أبي بكر النهشلي عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد اللَّه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أكثر خطايا ابن آدم في لسانه" قال أبي: هذا حديث باطل اهـ. وهذا غلو وإسراف من أبي حاتم إلا أن كلامه لا يجعل الحديث حسنا كما قال العراقي ويؤيد القول بضعفه كما فعل المصنف، والحديث رواه الطبراني عن محمد بن عبد اللَّه الحضرمي عن عون بن سلام به، ورواه أبو نعيم في الحلية [4/ 107] عن أبي إسحاق بن حمزة ومحمد بن عبد اللَّه الكاتب عن محمد ابن عبد اللَّه الحضرمي به. 700/ 1384 - "أَكثَرُ مُنافقِي أُمَّتي قُرَّاؤهَا". (حم. طب. هب) عن ابن عمرو بن العاص قال الشارح في الكبير: قال في الميزان: إسناده صالح (حم. طب) عن عقبة ابن عامر، (طب. عد) عن عصمة بن مالك، قال الحافظ العراقي: فيه ابن لهيعة، وقال الهيثمي: أحد أسانيد أحمد ثقات، وسند الطبراني فيه الفضل بن المختار ضعيف. قلت: في هذا الكلام تخليط يوقع في الحيرة والوهم كما هو ظاهر، فالطبراني روى الأحاديث الثلاثة، والفضل بن المختار إنما هو عنده في سند عصمة بن مالك وحده، وعبد اللَّه بن لهيعة موجود في سند حديث عبد اللَّه بن عمرو وفي سند حديث عقبة بن عامر، وذلك أن حديث عبد اللَّه بن عمرو له

طريقان: الأول: من رواية عبد الرحمن بن جبير عنه أخرجه أحمد [2/ 175، 4/ 151]: حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: إن أكثر منافقي أمتي قراؤها". الثاني: من رواية محمد بن هديَّة الصدفي أخرجه ابن المبارك في الزهد في باب الرياء قال [رقم 451]: أخبرنا عبد الرحمن بن شريح المعافري حدثني شراحيل بن يزيد عن محمد بن هدية عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أكثر منافقي أمتي فقهاؤه" هكذا في أصل الزهد لابن المبارك رواية نعيم بن حماد عنه. ورواه البخاري في التاريخ الكبير [1/ 1/ 257] في ترجمة محمد بن هدية عن محمد بن مقاتل، وجعفر الفريابي في جزء النفاق عن محمد بن الحسن البلخي كلاهما عن ابن المبارك به بلفظ: "قراؤها"، قال البخاري: وتابعه ابن وهب، وقال بعضهم: شرحبيل بن يزيد المعافري ولا يصح اهـ. قلت: يريد البخاري أن بعضهم وهم في اسمه فقال: شرحبيل، والصواب فيه شراحيل، والذي قال ذلك زيد بن الحباب، فقد رواه عنه أحمد في المسند فقال: حدثنا زيد بن الحباب من كتابه ثنا عبد الرحمن بن شريح سمعت شرحبيل بن يزيد المعافري أنه سمع محمد بن هدية الصدفي فذكر مثله. وحديث عقبة بن عامر رواه عنه مشرح بن هاعان، ثم رواه عن مشرح ابن لهيعة والوليد بن المغيرة، فرواية ابن لهيعة أخرجها ابن المبارك في "الزهد"

أخبرنا ابن لهيعة قال: حدثني أبو مصعب مشرح بن عاهان (¬1) قال: سمعت عقبة بن عامر الجهني فذكره. ورواه جعفر الفريابي في النفاق [ص 53 - 54] عن محمد بن الحسن البلخي عن ابن المبارك به. ورواه الفريابي أيضًا عن قتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة. ورواه الخطيب في ترجمة محمد بن أحمد بن عمر بن المعلمة من طريق جعفر الفريابي عن قتيبة عن ابن لهيعة. ورواه أحمد عن عبد اللَّه بن يزيد المقري عن ابن لهيعة، وكذلك رواه جعفر الفريابي عن محمد بن أبي بكر المقدمي عن عبد اللَّه بن يزيد. ورواية الوليد بن المغيرة رواها أحمد عن أبي سلمة الخزاعي: ثنا الوليد بن المغيرة ثنا مشرح بن عاهان (1) عن عقبة بن عامر به ولفظه مرفوعًا: "إن أكثر منافقي هذه الأمة لقراؤها". ورواه الفريابي عن أحمد بن خالد الخلال ثنا أبو سلمة الخزاعي به بلفظ المتن. ففي كل من الحديثين عبد اللَّه بن لهيعة، ولذلك لما أورده الهيثمي في باب "الخوارج" من مجمع الزوائد وذلك في كتاب قتال أهل البغي منه، قال في حديث عقبة بن عامر [6/ 229]: رواه أحمد والطبراني، وأحد أسانيد أحمد ثقات أثبات، ثم أورده من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص وقال: رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات، وكذلك رجال أحد إسنادي أحمد ثقات اهـ. فالطبراني لم يخرج الحديثين إلا من الطريق السالمة من ابن لهيعة بخلاف أحمد. ¬

_ (¬1) مر قريبًا باسم مشرح بن هاعان وهو الصواب، وهو سبق قلم من المؤلف رحمه اللَّه، ولمشرح بن هاعان ترجمة في التهذيب، وتقريب التهذيب (ص 532، رقم 6679) وفي التاريخ الكبير (8/ 45، رقم 2095) والثقات لابن حبان (5/ 452).

أما حديث عصمة بن مالك فرواه الطبراني من طريق الفضل بن المختار عن عبيد اللَّه بن موهب عنه، والفضل بن المختار منكر الحديث. 701/ 1385 - "أكثرُ من يَموتُ من أُمَّتي -بعدَ قضَاءِ اللَّه وقَدرِه- بالعَينِ". الطيالسي (تخ) والحكيم والبزار والضياء عن جابر قلت: الظاهر أن قوله في الحديث: "بالعين" تصرف من المصنف، فإن الرواية عند أكثرهم بالنفس أو بالأنفس وفسرها الراوي بالعين، وقال الحافظان ابن كثير في التفسير [8/ 233]، والهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 106]: إن الذي فسر ذلك هو البزار في المسند وليس ذلك بصواب، بل التفسير من أحد رواة الحديث قبله، ولهذا لما أورده الحافظ في الفتح وعزاه للبزار قال عقبه [10/ 204]: قال الراوي: يعني بالعين، ولم يعز ذلك للبزار لأنه رواه من طريق أبي داود الطيالسي، والحديث موجود بذلك التفسير فيه، قال أبو داود: حدثنا طالب بن حبيب بن عمرو بن سهل هجيع خمرة حدثني عبد الرحمن بن جابر عن أبيه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "جل من يموت من أمتي بعد قضاء اللَّه وكتابه وقدره بالأنفس، يعني بالعين" (¬1). وقال البزار في مسنده: حدثنا محمد بن معمر ثنا أبو داود به مثله. وقال الطحاوي في مشكل الآثار أوائل الجزء الرابع: ثنا بكار ثنا أبو داود به مثله. وقال الحكيم الترمذي في نوادر الأصول في الأصل الثامن عشر ومائتين [2/ 186]: حدثنا محمد بن إياد الهلالي حدثنا إسحاق بن إسماعيل الرازي ثنا طالب بن ¬

_ (¬1) انظر المطالب العالية (448).

حبيب به ولفظه: "أكثر من يموت من أمتي بالنفس بعد كتاب اللَّه وقضائه، يعني العين". وبهذا يعلم ما في قول (ش) في الكبير: وفي رواية بالنفس وفسر بالعين، فإن الروايات كلها بالنفس أو الأنفس ومن رواه بالعين فهو إختصار منه. فائدة: قال البزار في مسنده عقب الحديث: لا نعلم يروى هذا الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا بهذا الإسناد، وتعقبه الحافظ ابن كثير بأنه روى من وجه آخر عن جابر، قال الحافظ أبو عبد الرحمن محمد بن المنذر الهروي المعروف بـ "شَكَّر" -يعني بفتح الشين المعجمة والكاف المشددة- في كتاب العجائب: حدثنا الرمادي ثنا يعقوب بن محمد ثنا علي بن أبي علي الهاشمي ثنا محمد ابن المنكدر عن جابر بن عبد اللَّه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "العين حق لتورد الرجل القبر والجمل القِدْرَ، وإن أكثر هلاك أمتي في العين"، ثم رواه عن شعيب بن أيوب عن معاوية بن هشام عن سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قد تدخل الرجل العين في القبر، وتُدخِل الجمل القدْرَ"، قال: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات ولم يخرجوه اهـ. قلت: وفي هذا تعقب على الحافظ ابن كثير أيضًا من وجهين، أحدهما: في اقتصاره على عزو حديث جابر إلى شَكَّر في كتاب العجائب وهو غريب، مع أن حديثه المذكور مخرج في الكتب المشهورة المتداولة كالحلية لأبي نعيم [7/ 90] وتاريخ الخطيب [9/ 244]، ومسند الشهاب للقضاعي، والكامل لابن عدي [4/ 1440]، والضعفاء لابن حبان [2/ 107] كما سيأتي عزوه في حرف "العين" لكن بدون الزيادة الشاهدة لحديث الباب. ثانيهما: أن الطريق الثاني معلول، فقد أسنده الخطيب من طريق أبي نعيم ابن عدي الحافظ عن شعيب بن أيوب عن معاوية بن هشام عن سفيان كما سبق، ثم قال: قال أبو نعيم: وحديث سفيان هذا عن محمد بن المنكدر يقال: إنه

غلط، وإنما هو عن معاوية عن علي بن أبي علي عن المنكدر عن جابر اهـ. فرجع السند الثاني إلى الأول، وعلي بن أبي علي الهاشمي هو اللهبي من ولد أبي لهب، ذكره ابن حبان في الضعفاء وقال: يروى عن الثقات الموضوعات وعن الأثبات المقلوبات لا يجوز الاحتجاج به، ثم أورد له هذا الحديث، وحديث الديك الذي عنقه منطو تحت العرش ورجلاه في التخوم، ولعله لضعفه سرق هذا الحديث من طالب بن حبيب، ثم رواه عن محمد بن المنكدر عن جابر، واللَّه أعلم. 702/ 1386 - "أَكثرُ النَّاس ذُنوبًا يَوْمَ القِيامَةِ أكْثَرُهُم كلَامًا فيمَا لا يُعنِيهِ". ابن لال وابن النجار عن أبي هريرة السجزي في الإبانة عن عبد اللَّه بن أبي أوفى -قال الشارح: بفتح الهمزة والواو- (حم) في الزهد عن سلمان موقوفًا قال في الكبير: رمز المصنف لضعفه وفيه كلامان، الأول: أنه قد انجبر بتعدد طرقه كما ترى، وذلك يرقيه إلى درجة الحسن بلا ريب، وقد وقع له الإشارة إلى حسن أحاديث في هذا الكتاب هي أوهى إسنادًا من هذا بمراحيل لاعتضاده بما دون ذلك. الثاني: أن له طريقًا جيدة أغفلها، فلو ذكرها واقتصر عليها أو ضم إليها هذا لكان أصوب، وهي ما رواه الطبراني بلفظ: "أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضًا في الباطل"، قال الهيثمي: ورجاله ثقات اهـ. والخلف لفظي بين الحديثين عند التدقيق، فضربه عن الطريق الموثقة وعدوله إلى المعللة ورمزه لتضعيفها من ضيق العطن كما لا يخفي على ذوي الفطن. قلت: لا واللَّه، بل الضيق وكذا الخراب إنما هو واقع في عطنك لتهورك المفرط وقلة درايتك بالحديث وجرأتك على إلصاق العيب الباطل المعدوم بالمصنف

البرئ فليس شيء مما قلته حقًا، بل كلامك مشتمل على عدة أوهام فاحشة، الوهم الأول: قولك في "أوفى": إنه بفتح الهمزة والواو كما تكرر ذلك منك مرارًا، والصواب أنه بسكون الواو كما سبق التنبيه عليه. الثاني: قوله: إنه قد انجبر بتعدد طرقه، دعوى جهل مبنية على جهل وتهور مركب على تهور، فإنه بنى دعواه انجبار الحديث وترقيه إلى الحسن على تعدد الطرق، والتعدد المذكور لم يره وإنما بناه على تعدد المخرجين على قاعدته الجهلية التهورية، فالحديث ليس له إلا طريقان: طريق عن أبي هريرة، وآخر عن عبد اللَّه بن أبي أوفى، وأما الذي عن سلمان فموقوف لا ينجبر رفع المرفوع به، بل وجوده يفت في عضد المرفوع لا سيما إذا كان صحيح السند فيكون هو الأصل والمرفوع إنما وهم في رفعه بعض الضعفاء أو سرقه وركب له الإسناد ورفعه كما هو حال أكثر الضعاف، وليس هذا من قبيل ما لا يدرك بالرأي حتى يكون له حكم المرفوع فيعتضد به المرفوع، بل الأصول الدالة على هذا المعنى كثيرة جدًا فيكون الصحابي رضي اللَّه عنه أخذ قوله هذا من تلك الأصول لا سيما وقد تعدد هذا القول عن غيره من الصحابة كما سيأتي، فلم يبق للحديث إلا طريقان ضعيفان لا يرتقي بهما إلى درجة الضعيف المقبول في الفضائل، فضلًا عن الحسن المحقق بلا ريب كما يعبر عنه الشارح، فإن حديث أبي هريرة قال فيه ابن لال: حدثنا أبو بكر الشافعي حدثنا جعفر الصائغ ثنا سعد بن عبد الحميد ثنا عصام ابن طليق عن شعيب عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وأخرجه أيضًا أبو الشيخ قال: حدثنا الحسن بن محمد بن أسيد حدثنا عبيد اللَّه بن سعد ثنا سعد بن عبد الحميد به. وأخرجه أبو علي بن البنا في الرسالة المغنية في السكوت ولزوم البيوت فقال:

أخبرنا أبو علي الحسن بن شهاب بن الحسن العكبري ثنا أبو عبد اللَّه عبيد اللَّه ابن محمد بن حمدان بن بطة ثنا إسماعيل بن العباس الوراق ثنا أحمد بن ملاعب ثنا سعد بن عبد الحميد به. وسعد بن عبد الحميد، قال ابن حبان: كان ممن فحش خطؤه فلا يحتج به وكان يأتي عن الثقات بالمناكير، وعصام بن طليق ويقال: ابن أبي عصام ضعيف مجهول، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: مجهول منكر الحديث، قال الذهبي: تفرد عنه التبوذكي بحديثه عن شعيب عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: "أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضًا في الباطل". قلت: لم ينفرد به التبوذكي بل تابعه سعد بن عبد الحميد، ولكن التبوذكي أتى به موقوفًا وسعد بن عبد الحميد رفعه، ورواية التبوذكي تدل أن الأصل في حديث أبي هريرة الوقف أيضًا إن كان عصام لم يهم في روايته عن أبي هريرة، فإن المعروف في هذا اللفظ عن سلمان وعبد اللَّه بن مسعود. وحديث عبد اللَّه بن أبي أوفى لم أقف على سنده إلا أنه من واهي أحاديثه وغريبها إذ لم يخرجه ابن صاعد في مسند عبد اللَّه بن أبي أوفى، فأين التعدد المزعوم الذي يرتقي معه الحديث إلى درجة الحسن؟! أما حديث سلمان الموقوف فقال أحمد في الزهد: ثنا وكيع ثنا الأعمش عن شمر بن عطية عن سلمان رضي اللَّه عنه قال: "أكثر الناس ذنوبًا أكثرهم كلامًا في معصية اللَّه عز وجل". وقال ابن أبي الدنيا في "الصمت": ثنا إسحاق بن إسماعيل ثنا جرير عن الأعمش به مثله. الثالث: قوله: إن له طريقًا جيدة أغفلها، فلو ذكرها واقتصر عليها. . . إلخ، كلام فاسد بالنسبة لشرط الكتاب، فإنه مخصوص بالأحاديث المرفوعة، واللفظ الذي استدركه موقوف فكيف يقتصر عليه؟! أما ذكره لأثر سلمان الموقوف بعد

ذكره المرفوع فلإتمام الفائدة فقط. الرابع: قوله: وهو ما رواه الطبراني بلفظ: "أكثر الناس خطايا" جهل بالصناعة الحديثية وطرق العزو عند المحدثين إذ لم يذكر صحابي الحديث فكان عديم الفائدة مع إيهام أنه من رواية أحد صحابة الحديث المتقدمين. الخامس: أن الحامل له على حذف صحابي الحديث التدليس وإيهام أن الحديث مرفوع لأنه لو ذكر الصحابي لكان الحال لا يخلو من أن يقول عقبه: مرفوعًا فيكون كاذبًا، أو يتركها فيكون مصرحًا بالوقف، فيفوته المقصود من التهويل والغض من مقام المصنف بالباطل. وبعد، فالحديث المذكور هو عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه موقوفًا عليه، أخرجه أحمد في الزهد أيضًا قال: حدثنا أبو معاوية ووكيع قالا: حدثنا الأعمش عن صالح بن حيان الكسي عن حصين بن عقبة عن ابن مسعود قال: "من أكثر الناس خطايا" وقال وكيع: "ذنوبًا يوم القيامة أكثرهم خوضًا في الباطل". وأخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا جرير عن الأعمش به مثله. وهكذا أورده الحافظ نور الدين في مجمع الزوائد الذي نقله منه الشارح، فإنه ذكر فيه عدة آثار موقوفة عن ابن مسعود منها هذا. السادس: ولو فرضنا أنه مرفوع على شرط المصنف، فإن المصنف لم يغفله بل أورده في موضوع آخر على حسب اللفظ الوارد به الحديث عند مخرجه، وسيأتي في حرف "إن" بلفظ: "إن أعظم الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضًا في الباطل" ولكن من مرسل قتادة كما خرجه ابن أبي الدنيا، فبان أن المصنف لم يغفله وإنما الغفلة من الشارح. السابع: قد زعم الشارح أن الحديث الذي ذكره المصنف حسن بلا ريب،

فكيف رجع إلى انتقاده بعدم إيراد ما رجاله ثقات والاقتصار على الضعيف؟ الثامن: قوله: فضربه عن الطريق الموثقة وعدوله إلى المعللة ورمزه لتضعيفها من ضيق العطن -كلام سخيف جدًا، فبينما هو ينتقد على المصنف الحكم بضعف الطرق المذكورة ويثبت أن الحديث حسن إذ يرجع فيحكم عليها أنها معللة وينتقد على المصنف ذكرها، ثم بينما هو يسميها معللة إذ ينتقد على المصنف الرمز لها بالضعف، فاعتبروا يا أولي الابصار. 703/ 1389 - "أكثر أن تقولَ سُبْحَانَ الملك القدوسِ، رب الملائكةِ والروحِ، جَلَّلْتَ السمواتِ والأرضَ بالعزَّة والجَبَروُتِ". ابن السني والخرائطي في مكارم الأخلاق وابن عساكر عن البراء قلت: سكت عنه الشارح، ووقع في النسخة المطبوعة الرمز له بعلامة الحسن وذلك خطأ، فإن الحديث ضعيف، لأنه من رواية درمك بن عمرو عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: "أتي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل فشكا إليه الوحشة، فقال: أكثر" وذكر الحديث، فقالها الرجل فذهب عنه الوحشة. ودرمك بوزن جعفر، قال أبو حاتم: منكر الحديث مجهول، وقال الذهبي في خبره هذا: إنه منكر، وأورده العقيلي في الضعفاء وقال [2/ 46]: لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به. 704/ 1390 - "أكْثر من الدُّعَاء فإن الدُّعاءَ يردُّ القضاءَ المبْرمَ". أبو الشيخ عن أنس قال في الكبير: فيه عبيد اللَّه بن عبد المجيد أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: قال ابن معين: ليس بشيء، ورقم عليه علامة الشيخين، ولقد أبعد المصنف النجعة حيث عزاه لأبي الشيخ مع وجوده لبعض المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو الخطيب في التاريخ باللفظ المزبور عن أنس المذكور.

قلت: فيه أوهام، الاْول: أن سند الحديث ليس فيه عبيد اللَّه بن عبد المجيد كما سيأتي. الثاني: أن الخطيب لم يخرجه باللفظ المذكور كما زعم الشارح في وهمه المزبور، بل قال الخطيب [13/ 36]: أخبرنا أبو محمد عبد اللَّه بن أحمد بن عبد اللَّه الأصبهاني ثنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشافعي ثنا يعقوب بن يوسف القزويني ثنا موسى بن محمد أبو هارون البكاء ثنا كثير بن عبد اللَّه أبو هاشم قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا بني أكثر من الدعاء. . . " الحديث. وهكذا رواه ابن شاهين في الترغيب قال: حدثنا زيد بن محمد الكوفي ثنا يعقوب بن يونس القزويني مثله. وقد أعاده المصنف في حرف "الياء" وعزاه للخطيب وابن عساكر والحافظ أبي محمد عبد الصمد بن أحمد السليطي في الأحاديث السباعية، والرافعي عن أنس، لكن ذكر ذلك في الجامع الكبير لا في الصغير، لأنه لم يذكر فيه في حرف "الباء" إلا أحاديث يسيرة جدًا، فاتضح أن المصنف لم يغفل عزوه إلى الخطيب ولكنه ذكره في موضعه، وإنما الغفلة والوهم من الشارح المسكين. الثالث: قد اتضح أن سند الحديث ليس فيه عبيد اللَّه بن عبد المجيد الذي أعله به الشارح وأنه من رواية أبي هاشم الأيلي عن أنس، وأبو هاشم ضعيف منكر الحديث، فسكت الشارح عن إعلاله بمن هو علته، وأعله بمن لا وجود له فيه ولو كان فيه لما كان علة له لأنه من رجال الصحيح. 705/ 1391 - "أَكْثِرْ من السجُودِ فإنَّه ليس من مُسلمٍ سَجَد للَّه سَجْدةً إلا رفَعَه اللَّه بها درجةً في الجنَّةِ، وحطَّ عنه بها خَطيئة". ابن سعد (حم) عن أبي فاطمة قلت: هكذا ذكره الشارح في الكبير على الصواب، وأما في الصغير فقال:

عن فاطمة الزهراء، وهو غلط فاحش، فالحديث معروف لأبي فاطمة الأزدي ويقال: الأسدي، ولحديثه ألفاظ وهو مخرج في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه وغيرها وأكثر ألفاظه مصدر بحرف النداء، قال أحمد [3/ 428]: ثنا يحيى بن إسحاق قال: أخبرني ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن كثير الأعرج عن أبي فاطمة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صل يا أبا فاطمة، أكثر من السجود. . . " الحديث. 706/ 1392 - "أكثر الدُّعاءَ بالعَافيَةِ". (ك) عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه عنه الطبراني باللفظ المزبور، قال الهيثمي: وفيه عنده هلال بن خباب، وهو ثقة، وضعفه جمع، وبقية رجاله ثقات. قلت: زاد الشارح: عنده، لظنه أن هلال بن خباب إنما هو في سند الطبراني وليس كذلك، بل في سند الحاكم أيضًا، قال الحاكم [1/ 529]: حدثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأنا أبو المثنى ثنا مسدد ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعمه: أكثر الدعاء بالعافية"، قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري. وأخرجه أيضًا ابن أبي الدنيا في الشكر قال [رقم 72]: حدثنا سعيد بن سليمان عن عباد بن العوام عن هلال بن خباب به "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: يا عباس يا عم النبي، أكثر الدعاء بالعافية". 707/ 1393 - "أَكْثر الصَّلاةَ في بَيتكَ يكثُر خيرُ بيْتكَ، وسَلِّم على من لقِيتَ من أُمَّتي تكْثُر حَسَناتُك". (هب) عن ابن عباس قال في الكبير: الذي وقفت عليه في الشعب إنما هو عن أنس، ثم إن فيه:

محمد بن يعقوب الذي أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: له مناكير، وعلي ابن الجند، قال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: خبره موضوع، وعمرو بن دينار متفق على ضعفه. قلت: فيه أمور، الأول: أن الحديث من رواية أنس جزما، وإنما وقع ابن عباس سهوا من الكاتب أو سبق قلم من المصنف، فكان حق الشارح أن يجزم به لأنه قطعة من حديث وصية أنس المشهور. الثاني: أن محمد بن يعقوب لا دخل له في الحديث، بل علته على بن الجند، وهو مروي عنه من طرق: قال الحافظ عبد الغني: ثنا أبو سعد الماليني أنا أبو الشيخ عبد اللَّه بن محمد بن جعفر بن حيان ثنا علي بن سعيد ثنا أبو قلابة ثنا أبي ثنا علي بن الجند الطائفي به. وقال البيهقي في الشعب [6/ 427، رقم 8761]: أنبأنا أبو عبد اللَّه الحافظ أنبأنا أحمد بن كامل القاضي ثنا أبو قلابة بنحوه. وقال الطبراني في الصغير: ثنا محمد بن محمد الجدوعي القاضي حدثنا مسدد بن مسرهد ثنا علي بن الجند به. فلم يبق لذكر محمد بن يعقوب أثر. الثالث: قوله: عمرو بن دينار متفق على ضعفه غلط ظاهر، فإن عمرو بن دينار هذا هو المكي أحد الأثبات الأعلام لا البصري قهرمان آل الزبير. الرابع: هذا الحديث قطعة من حديث وصية أنس المشهور عنه من رواية سليمان التيمي وثابت والزهري وأبي محمد الثقفي وسعيد بن زون وأبي عمران الجوني وضرار بن مسلم وحميد الطويل وسعيد بن المسيب وأبي هاشم الأيلي والحسن

البصري بروايات مختلفة مطولة ومختصرة وكلها واهية، بل أورد الكثير منها ابن الجوزي في الموضوعات، وقد استوعبت طرقه وأسانيده في المستخرج على مسند الشهاب في الحديث الخامس عشر وأربعمائة. 708/ 1395 - "أكْثر ذكرَ الموْتِ فإن ذِكْرَه يُسَلِّيكَ عمَّا سِوَاه". ابن أبي الدنيا في ذكر الموت عن سفيان عن شريح مرسلًا قلت: أخرجه ابن أبي الدنيا أيضًا في كتاب الشكر له مطولًا فقال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا سفيان قال: حدثني رجل من أسنانا "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أوصى رجلًا بثلاث قال: أكثر ذكر الموت يسلك عما سواه، وعليك بالدعاء فإنك لا تدري متى يستجاب لك، وعليك بالشكر فإن الشكر زيادة". كذا وقع في الأصل دون ذكر شريح. 709/ 1396 - "أكْثِروا ذكر هَادمِ اللذاتِ، الموت". (ت. ن. هـ. حل) عن ابن عمر (ك. هب) عن أبي هريرة (طس. حل. هب) عن أنس قلت: وهكذا وقع في المتن عزوه هذا الحديث للترمذي [رقم 2037] والنسائي [4/ 4] وابن ماجه [رقم 4258] وأبي نعيم عن ابن عمر [9/ 252، 355]، ثم للحاكم [4/ 321] والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة [7/ 354، رقم 10559، 10560]. . . إلخ. وعلى هذه النسخة شرح الشارح في الصغير وكتب على قوله: عن ابن عمر أمير المؤمنين، وهذا غلط من المصنف والشارح معا، فإن المذكورين لم يخرجوه عن ابن عمر، إنما خرجوه من حديث أبي هريرة، وقد ذكر الشارح رموزه في

الكبير هكذا (ت. ن. هـ. ك. هب) عن أبي هريرة (طس. حل. هب) عن أنس وهذا هو الصواب، وزاد في الكبير أيضًا على أنه من المتن (حل) عمر، فكأن النسخ مختلفة وكأن النسخة التي شرح المصنف (¬1) عليها في الكبير غير التي شرح عليها في الصغير وهو غريب. واعلم أن حديث أبي هريرة رواه أيضًا أحمد [2/ 293]، ونعيم بن حماد في زوائد الزهد لابن المبارك، وابن حبان في روضة العقلاء، والبيهقي في الزهد والقضاعي في مسند الشهاب، والخطيب في التاريخ [1/ 384، 9/ 470، 12/ 73]، والديلمي في مسند الفردوس، وقد ذكرت أسانيد الجميع في المستخرج على مسند الشهاب. وحديث أنس رواه أيضًا الخطيب وابن لال والديلمي في مسند الفردوس، وزعم أبو حاتم في العلل أنه باطل لا أصل له [3/ 2، رقم 119]. وفي الباب عن أبي سعيد وزيد بن أسلم مرسلًا ذكرتها بأسانيدها في المستخرج. 710/ 1397 - "أَكْثِرُوا ذكرَ اللَّهِ حتَّى يَقُولوا: مَجْنون". (حم. ع. حب. ك. هب) عن أبي سعد قلت: أخرجه أيضًا ابن السني في عمل اليوم والليلة [رقم 4] وأسنده عن أبي يعلى (¬2)، وكذلك رواه ابن شاهين في الترغيب: ثنا عبد اللَّه بن سليمان هو ابن أبي داود ثنا أحمد بن عمرو بن السرح ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد به. وكلهم رووه من هذا الوجه، أعني من طريق ابن وهب، وقال الحاكم [1/ 499]: هذه صحيفة للمصريين صحيحة الإسناد، وأبو الهيثم سليمان بن عتبة العتواري من ثقات أهل مصر اهـ. ¬

_ (¬1) يقصد الشارح. (¬2) انظر كشف الخفاء (1/ 165) وعزاه إليه.

وهذا الحديث عظيم الشأن جليل المقدار يشتمل على فوائد كثيرة أوصلها العارف أبو عبد اللَّه محمد بن علي الزواوي البجاي إلى مائة وستة وستين فائدة في مجلد لطيف سمَّاه "عنوان أهل السير المصون وكشف عورات أهل المجُون بما فتح اللَّه به من فوائد حديث: "اذكروا اللَّه حتى يقولوا: مجنون" وقد قرأته وانتفعت به والحمد للَّه. 711/ 1398 - "أكْثِرُوا ذِكرَ اللَّه حتَّى يقولَ المنَافِقُون: إنكم مُراءوُن". (ص. حم) في الزهد (هب) عن أبي الجوزاء مرسلًا قلت: كذا عزاه المصنف لأحمد في الزهد وأقره الشارح وهو وهم منهما، فإن أحمد لم يخرجه إنما خرجه ولده عبد اللَّه في زوائده فقال [ص 108]: أخبرنا داود بن رشيد الخوارزمي أخبرنا ابن المبارك أخبرني سعيد بن زيد عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره. وقد ورد موصولًا من رواية أبي الجوزاء عن ابن عباس كما سبق في حديث: "اذكروا اللَّه ذكرا يقول المنافقون" (¬1)، وسبق التنبيه على ما وقع للمصنف من الوهم هنا في هذا الحديث، وعمرو بن مالك النكري ضعيف. 712/ 1399 - "أكْثِرُوا ذكرَ هَادِمِ، اللذات فإنَّه لا يكونُ في كثيرٍ إلا قلَّلَه ولا في قليلٍ إلا أجْزَلَهَ". (هب) عن ابن عمر قال الشارح: رمز المؤلف لحسنه، ثم زاد في الكبير: والأمر بخلافه، فقد قال ابن الجوزي: حديث لا يثبت. قلت: ولما لا يكون الأمر بخلاف ما قال ابن الجوزي، لأن المصنف حسنه إذ ¬

_ (¬1) رواه الطبراني (3/ 77/ 1)، وأبو نعيم (3/ 80 - 81).

هو ترجيح بلا مرجح؟ ثم لما كان يعتقد أن الأمر بخلافه فلم أقره في الصغير وسكت عليه، إن هذا لعجب؟! وبعد، فالحق ما قال المصنف، فإن البيهقي رواه من طريق عبد اللَّه بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر، وعبد اللَّه بن عمر ضعيف ضعفًا قريبًا يرتقي حديثه إلى الحسن بوجود الشواهد، فقد مرت شواهده قريبا من حديث أبي هريرة وأنس وعمر وأبي سعيد وزيد بن أسلم وشريح مرسلًا. 713/ 1400 - "اذكُروا هَادِمَ اللذات المْوتَ، فإنه لم يذكُرْه أحدٌ في ضِيقٍ من العَيْشِ إلا وَسَّعَه عَليه، ولَا ذكَره في سِعَةِ إلا ضَيَّقَها عَليه". (حب. هب) عن أبي هريرة، البزار عن أنس قال في الكبير في حديث أبي هريرة: فيه عبد العزيز بن مسلم أي المدني أورده الدارقطني والذهبي في الضعفاء والمتروكين، وقال: لا يعرف، ومحمد بن عمر ابن علقة ساقه فيهم أيضًا، وقال: قال الجوزجاني: غير قوي، وقواه غيره، ثم قال في حديث أنس: فال الهيثمي كالمنذري: إسناده حسن اهـ. وبهذا يعرف ما في رمز المصنف لصحته. قلت: في هذا عجائب، الأولى: عبد العزيز بن مسلم المذكور في سند حديث أبي هريرة هو القسملي وهو ثقة من رجال الصحيحين، ما غمزه أحد بسوء أصلًا، على أن عبد العزيز بن مسلم الذي يقول عنه الشارح: المدني، قد قال عنه الذهبي: شيخ ثقة فيه جهالة، ولعله هو القسملي اهـ. فكيفما دار الحال دار على ثقة. الثانية: أن الحديث رواه عن محمد بن عمرو جماعة غير عبد العزيز منهم محمد بن إبراهيم والد أبي بكر بن أبي شيبة والفضل بن موسى والعلاء بن محمد بن سنان كلهم رووه عن محمد بن عمرو.

الثالثة: محمد بن عمرو من رجال الصحيح صدوق له أوهام لا تؤثر في مثل هذا الحديث، فلا يليق التعليل به إلا عند المخالفة للثقات لا سيما وهو لم ينفرد به، بل ورد من طرق أخرى عن أبي هريرة وغيره كما سبق. الرابعة: ما حكاه عن الحافظين المنذري والهيثمي من أنهما حسَّنا حديث أنس، ذلك الحكم قد صدر منهما بالنسبة لحديث أنس على إنفراده، لأنهما لم يذكرا غيره، والمصنف رمز بالصحة للحديث بمجموع طريقيه من حديث أنس الحسن، ومن حديث أبي هريرة الصحيح على رأي ابن حبان والحاكم، أو الحسن على رأي الجمهور، والحسن إذا تعدد إرتقى إلى درجة الصحيح، فأين عقلك يا مناوي؟! وبعد، فحديث أنس أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [9/ 252] في ترجمة محمد بن أسلم الطوسى، والخطيب في ترجمة علي بن محمد العنبري كلاهما من طريق حماد بن سلم عن ثابت عن أنس قال: "مر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوم يضحكون أو يمرحون"، وفي لفظ الخطيب: "بمجلس الأنصار وهم يضحكون ويمرحون، فقال" فذكره بدون زيادة: "فإنه لم يذكره أحد. . . " الحديث، وأخرجه الديلمي في مسند الفردوس من طريق ابن لال، ثم من رواية عنبسة ابن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان وهما واهيان عن أنس به بلفظ: "أكثروا ذكر الموت، فإن ذلك تمحيص للذنوب وتزهيد في الدنيا" (¬1). 714/ 1403 - "أَكْثِروا من الصَّلاة عليَّ في يوم الجمُعةِ، فإنَّه يومٌ مَشْهودٌ تَشْهدُه الملائكةُ، وإنَّ أحدًا لن يصلي عليَّ إلا عُرضتْ عليَّ صلاتُه حين يفْرغُ منها". (هـ) عن أبي الدرداء قال الشارح: رجاله ثقات. ¬

_ (¬1) انظر: اتحاف السادة المتقين (9/ 11، 10/ 228، 230) والمغني عن حمل الأسفار (4/ 435).

تنبيه

وقال في الكبير: تتمته: "قلت: وبعد الموت؟ قال: وبعد الموت؛ إن اللَّه حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء"، قال الدميري: رجاله ثقات. قلت: فيه أمران، الأول: لفظ الحديث لم يذكره بتمامه لا المصنف ولا الشارح، قال ابن ماجه آخر كتاب الجنائز من سننه [1/ 524، رقم 1637]: حدثنا عمرو بن سواد المصري ثنا عبد اللَّه بن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أيمن عن عبادة بن نسي عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أكثروا الصلاة عَلَيَّ يوم الجمعة، فإنه مشهود وتشهده الملائكة، وإن أحدًا لن يصلي عليَّ إلا عرضت عليَّ صلاته حين يفرغ منها، قال: قلت: وبعد الموت؟ قال: وبعد الموت، إن اللَّه حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، فنبي اللَّه حيَّ يرزق". وهكذا رواه الثقفي في الثقفيات أيضًا فقال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن المقري أنا أبو العباس محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني ثنا حرملة ثنا ابن وهب به مثله. وأخرجه الطبراني في الكبير قال: ثنا يحيى بن أيوب العلاف ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب عن خالد ابن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أبي الدرداء به. الثاني: أن الشارح نقل توثيق رجاله وغفل عن علته وهي الانقطاع، فقد قال الحافظ البوصيري في زوائد ابن ماجه: حديث صحيح إلا أنه منقطع في موضعين، لأن عبادة روايته عن أبي الدرداء مرسلة، وزيد بن أيمن عن عبادة مرسلة قاله البخاري اهـ. تنبيه وقع لابن القيم في جلاء الأفهام وهم عجيب في هذا الحديث، فإنه أورده أولًا

في الكلام على حديث أوس بن أوس من الثقفيات بالسند المتقدم، ثم قال: وسيأتي بإسناد آخر من الطبراني، ورواه ابن ماجه أيضًا ثم ذكره بعد أوراق استقلالًا فقال: قال الطبراني: ثنا يحيى بن أيوب العلاف ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب عن خالد ابن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أبي الدرداء به اهـ. فظن أن هذا سند آخر، والواقع أنه عينه وإنما سقط منه على ظاهره رجلان زيد ابن أيمن وعبادة بن نسي كما سبق، وكيف يروي سعيد بن أبي هلال المولود سنة سبعين عن أبي الدرداء المتوفي في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين؟! 715/ 1404 - "أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلاةِ عليَّ في كل يومِ جُمُعة، فإن صلاة أُمتي تُعْرَضُ عليَّ في كل يومِ جمعةٍ، فَمَنْ كَانَ أَكثرَهُمْ عليَّ صلاةً كان أقربَهم مني مَنْزِلةً". (هب) عن أبي أمامة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وليس كما قال؛ فقد أعله الذهبي في المهذب بأن مكحولًا لم يلق أبا أمامة فهو منقطع. قلت: في هذا مؤاخذة على المصنف والشارح، أما المصنف: ففى عزوه الحديث إلى البيهقي في الشعب مع أنه عنده مخرج في السنن الكبرى [3/ 249] والعزو إليه أولى، قال في السنن المذكورة أواخر كتاب الجمعة: أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد ثنا الحسن بن سعيد ثنا إبراهيم بن الحجاج ثنا حماد بن سلمة عن برد بن سنان عن مكحول الشامى عن أبي أمامة به. وبهذا السند رواه أيضًا في حياة الأنبياء له. وأما الشارح فمن وجوه، أحدها: في عدم تعقبه على المصنف بهذا وهو تعقب وجيه.

ثانيها: في نقله عن الذهبي الجزم بأن مكحولًا لم يلق أبا أمامة، والذهبي لم يجزم بذلك بل قال في المهذب عقب الحديث: قلت: مكحول، قيل: لم يلق أبا أمامة اهـ. وهكذا قال جماعة من الحفاظ كالمنذري وابن القيم والسخاوي أعني: عبروا عن ذلك بصيغة التمريض لوجود الخلاف في سماعه من أبي أمامة وعدم وجود ما يدل على القطع بانتفائه يل في مسند الشاميين للطبراني التصريح بسماعه منه. ثالثها: في سكوته عن تعليله ببرد بن سنان، فإن فيه مقالًا خفيفًا أورده من أجله الذهبي في الضعفاء، وأعله به ابن القيم فقال عقب الحديث ما نصه: لكن لهذا الحديث علتان، أحدهما: أن برد بن سنان قد تكلم فيه، وقد وثقه يحيى بن معين وغيره. العلة الثانية: أن مكحولًا قد قيل: إنه لم يسمع من أبي أمامة، واللَّه أعلم اهـ. رابعها: في تعقبه على المصنف الحكم بحسن الحديث، فإن كل هذا لا يضر ولا يؤثر في الحكم بحسنه، وقد حسنه الحافظ المنذري فقال: رواه البيهقي بإسناد حسن إلا أن مكحولًا قيل: لم يسمع من أبي أمامة اهـ. وبيانه أن رجال الحديث كلهم ثقات، وبرد بن سنان لا يضر ما قيل فيه، فقد وثقه ابن معين ودحيم والنسائي وخراش، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال يزيد بن زريع: ما رأيت شاميًا أوثق من برد، وقال أبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود: صدوق، وقال أحمد: صالح الحديث، ولم يصرح بضعفه إلا علي بن المديني وحده، ولعل ذلك لأجل المذهب فقد قيل: إنه كان يرى القدر وذلك غير ضائره في الرواية فلم يبق إلا مسألة الانقطاع بين مكحول وأبي أمامة وهي غير محققة، ثم لو كانت محققة فإن الحديث بشواهده الكثيرة يرتقي إلى الصحيح فضلًا عن الحسن.

716/ 1405 - "أَكْثِروا من الصَّلَاةِ عليَّ في يَوْمِ الجُمُعةِ، ولَيلَةِ الجُمُعةِ، فمن فَعَل ذلَكَ كُنتُ له شهيدًا وشفِيعًا يوْمَ القِيَامَةِ". (هب) عن أنس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد قال الذهبي: الأحاديث في هذا الباب عن أنس طرقها ضعيفة، وفي هذا السند بخصوصه "درست بن زياد" وهاه أبو زرعة وغيره، "ويزيد الرقاشي" قال النسائي وغيره: متروك. قلت: في هذا أمران، أحدهما: ما نقله عن الذهبي ليس هو من كلامه إنما ذكره في المهذب من كلام الأصل وهو البيهقي في السنن [3/ 249]، فإنه لما خرج حديث أبي أمامة السابق قال عقبه: وروى ذلك من أوجه عن أنس بألفاظ مختلفة ترجع كلها إلى التحريض على الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة الجمعة ويوم الجمعة، وفي بعض إسنادها ضعف اهـ. ثانيهما: إنما حسنه المصنف على طريقته المعروفة في الحكم بذلك للأحاديث التي تعددت طرقها كهذا وهي طريقة وإن كانت غير مرضية ولا مقبولة على الإطلاق الذي يفعله المصنف إلا أنها في هذا الحديث غير مدفوعة لثبوت أصله وتعدد شواهده المقبولة، قال الطبراني: حدثنا محمد بن علي الأحمر ثنا نصر بن علي ثنا النعمان بن عبد السلام ثنا أبو ظلال عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أكثروا الصلاة عليَّ يوم الجمعة، فإنه أتاني جبريل آنفًا من ربه عز وجل فقال: ما على الأرض من مسلم يصلي عليك مرة واحدة إلا صليت أنا وملائكتي عليه عشرًا". وقال محمد بن إسماعيل الوراق: حدثنا جبارة بن مغلس ثنا أبو إسحاق حازم عن يزيد الرقاشي عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أكثروا الصلاة على يوم الجمعة، فإن صلاتكم تعرض

عليَّ". قال ابن القيم: وهذان وإن كانا ضعيفين فيصلحان للاستشهاد. ورواه ابن أبي السري: ثنا داود بن الجراح ثنا سعيد بن بشر عن قتادة عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "أكثروا الصلاة على يوم الجمعة" (¬1). وقال ابن عدي: ثنا إسماعيل بن موسى الحاجب ثنا جبارة بن مغلس ثنا أبو إسحاق الحمسي عن يزيد الرقاشي مثل ما سبق عنه عن أنس، قال ابن القيم أيضًا: وهذا وإن كان سنده ضعيفًا فهو محفوظ في الجملة ولا يضر ذكره في الشواهد اهـ. وله طرق أخرى غير هذه عن أنس، ثم له شواهد أخرى من غير حديث أنس، وقد أنصف الشارح في الصغير فقال: لكن شواهده كثيرة ولعل مراده أنه حسن لغيره. 717/ 1408 - "أَكْثروا في الجَنازَة قَولَ: "لَا إلَه إلا اللَّه". (فر) عن أنس قال الشارح: بسند فيه مقال. قلت: كان من حقه تبيين ذلك، فإن الحديث ساقط جدًا بل هو موضوع، لأنه من رواية عبد اللَّه بن محمد بن وهب وهو كذاب دجال كان يضع الحديث، قال الديلمي: أخبرنا والدي أخبرنا أبو محمد الناقد ثنا محمد بن علي البزار ثنا محمد بن عمر الكاتب ثنا محمد بن يحيى الفقيه ثنا عبد اللَّه بن محمد بن وهب حدثني ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه (رقم 1637) والبيهقي (3/ 249) مجمع الزوائد (3/ 144، 169) والشافعي في المسند (70) وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 517).

يحيى بن محمد بن صالح ثنا خالد بن مسلم القرشي حدثنا يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس به. 718/ 1409 - "أَكْثِرُوا من قَوْلِ القَرِينَتَيْنِ: سُبْحَان اللَّه، وبحَمْدِه". (ك) في تاريخه عن علي قال في الكبير: رمز المصنف لضعفه، ووجهه أن فيه جماعة من رجال لشيعة كلهم متكلم فيهم. قلت: هذا تهور من الشارح قريب من الكذب أو هو كذب، فإنه لما رأى المصنف رمز للحديث بالضعف، ورأى في سند الحديث جماعة من أهل البيت عدَّهم شيعة، ثم ركب على ذلك أنهم متكلم فيهم وليس شيء من ذلك واقعًا، فما رأيت واحدًا منهم في رجال الشيعة ولا في كتب الضعفاء، وإنما ضعفه المصنف لأن فيه مجاهيل ومن لا يعرف، قال الحاكم في التاريخ: أخبرنا أحمد بن أبي عثمان الزاهد أخبرنا موسى بن عبد المؤمن البستي حدثنا محمد بن علي بن إبراهيم بن عمر بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب حدثنا الحسين بن عبد اللَّه بن يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي به. فهؤلاء الأشراف المذكورون هم الذين يقصد الشارح أنهم شيعة متكلم فيهم، فاعجب لهذه الأمانة والديانة. 719/ 1410 - "أكْثرُوا من شَهَادة أنْ لَا إلَه إلا اللَّه قَبْلَ أنْ يُحالَ بَيْنكُم وبَيْنهَا، ولقِّنوهَا مَوْتَاكُم". (ع. عد) عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز المصنف لضعفه، وتقدمه الحافظ العراقي مبينا لعلته فقال: فيه موسى بن وردان مختلف فيه. اهـ، ولعله بالنسبة لطريق ابن عدي أما طريق أبي يعلي فقد قال الحافظ الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير

ضمام بن إسماعيل وهو ثقة اهـ.، وبذلك يعرف أن إطلاق رمز المصنف لضعفه غير جيد. قلت: طرق الحديث كلها ترجع إلى موسى بن وردان، لأن ضمام بن إسماعيل رواه عن موسى بن وردان عن أبي هريرة، فكيف يكون فيه ضمام بن إسماعيل ولا يكون فيه موسى بن وردان؟ فإما أن يكون سقط من معجم أبي يعلى في نسخة الهيثمي، أو الهيثمي غفل عن ذكره، قال الحافظ أبو القاسم حمزة بن محمد الكناني في مجلس البطاقة أو غيره: أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد بن داود بن عثمان بن سعيد بن أسلم ثنا يحيى بن يزيد أبو شريك عن ضمام بن إسماعيل عن موسى بن وردان عن أبي هريرة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به: ومن هذا الطريق أسنده ابن السبكي في "الطبقات" والكوراني في "إنباه الأنباه". وقال الحافظ أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد البغوي: حدثنا سويد بن سعيد الحدثاني أبو محمد ثنا ضمام ثنا ضمام بن إسماعيل عن موسى بن وردان به. ومن هذا الوجه أخرجه الخطيب في التاريخ. على أن الحديث وإن كان من رواية موسى بن وردان فلا ينبغي أن يطلق عليه اسم الضعف، وقد قال عنه الحافظ المنذري: إسناده جيد قوي اهـ، لأن موسى ابن وردان قد وثقه أبو داود والعجلي ويعقوب بن سفيان، وقال آخرون: إنه كان صالحًا لا بأس به، وإنما تكلم فيه من جهة الخطإِ ورواية المناكير، لأنه كان قاصًا بمصر فكان القصص يحمله على ذلك كعادة القصاص، وقد احتج به الأربعة فلا ينبغي إطلاق الضعف على روايته إلا إذا انفرد وخالف، وليس في هذا الحديث إفراد ولا مخالفة، والمصنف اغتر بإخراج ابن عدي [4/ 394،

رقم 1424] للحديث في كتاب الضعفاء، واللَّه أعلم. 720/ 1412 - "أَكْثرُوا من تِلاوة القُرآن فِي بُيُوتكم، فإنَّ البيْتَ الذي لا يُقْرأُ فيه القُرآن يقِلُّ خيَرهُ، ويَكثُر شَرُّه، ويَضِيقُ على أهْلهِ". (قط) في الأفراد عن أنس وجابر قال في الكبير: أورده الدارقطني من حديث عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسلم عن سعيد بن بزيغ وضعفه، فرمز المصنف لحسنه غير حسن. قلت: المصنف لم يرمز لحسنه بل رمز لضعفه، والشارح واهم فيما قال أو وقعت إليه نسخة محرفة. 721/ 1414 - "أكْذَبُ النَّاسِ الصبَّاغُون والصواغُون". (حم. هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، وقال السخاوي: سنده مضطرب، ولهذا أورده ابن الجوزي في العلل، وقال: لا يصح، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة والأمر بخلافه، فقد خرجه ابن ماجه من هذا الوجه. قلت: المصنف عزا الحديث لأحمد [2/ 292] وابن ماجه [رقم 2152] معًا وكذلك هو مكتوب في الشرحين الكبير والصغير، ولكن الشارح كتب ذلك بخطه ثم نساه بعد سطرين أو تناساه لينتقد على المصنف بحق أو بباطل كما التزمه في هذا الشرح، والحديث أخرجه أيضًا أبو داود الطيالسي، وابن حبان في الضعفاء [2/ 205، 313] والبيهقي في السنن [10/ 249] وغيرهم، وهو في نقدي حديث باطل موضوع ما نطق به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا رواه عنه أبو هريرة، وكيف ينطق من لا ينطق عن الهوى بما يخالف الواقع؟ فما الصواغون والصباغون بكذب الناس ولا هم مخصوصون بذلك من بين سائر الصناع، وإذا كان الحديث يردُّ بمثل هذا ولو كان من رواية الثقة بل من رواية

الآحاد فكيف به وهو من رواية الضعفاء والمتروكين؟ ثم هو مع ذلك مضطرب، قال أبو داود الطيالسي: حدثنا همام عن فرقد السبخي عن يزيد بن عبد اللَّه بن الشخير عن أبي هريرة به. وقال أحمد: حدثنا يزيد أنا همام عن فرقد به. وهكذا رواه ابن ماجه من طريق عمر بن هارون، وأبو يعلي وابن حبان في الضعفاء من طريق هدبة، والخطيب [14/ 216] من طريق عفان كلهم عن همام عن فرقد به مثله. أعني عن يزيد بن عبد اللَّه بن الشخير عن أبي هريرة، قال البيهقي في سننه بعد أن رواه من طريق الطيالسي: هذا هو المحفوظ حديث همام عن فرقد، وأخطأ فيه بعضهم على همام فقال: عنه عن قتادة عن يزيد، وقال بعضهم: عن قتادة عن أنس وكلاهما باطل، وروى من وجه آخر عن أبي هريرة وقيل: عن أبي سعيد مرفوعًا، وفي صحة الحديث نظر اهـ. قلت: الوجه الآخر عن أبي هريرة الذي يقصده البيهقي هو من رواية محمد ابن يونس الكديمي وهو وضاع، أخرجه ابن حبان في ترجمته من الضعفاء فقال: كان يضع الحديث على الثقات وضعًا، ولعله قد وضع أكثر من ألف حديث، روى عن أبي نعيم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أكذب الناس الصباغون والصواغون". حدثنيه أحمد بن محمد بن إبراهيم ثنا الكديمي محمد بن يونس، فيما يشبه هذا من الأحاديث التي تغنى شهرتها عند من سلك مسلك الحديث عن الإغراق في ذكرها للقدح فيه, وهذا الحديث ليس يعرف إلا من حديث همام عن فرقد السبخي عن يزيد بن عبد اللَّه بن الشخير عن أبي هريرة، وفرقد ليس بشيء في الحديث، حدثناه أبو يعلى والحسن بن سفيان وعدة قالوا:

حدثنا هدبة بن خالد ثنا همام ثنا فرقد في بيت قتادة عن يزيد بن عبد اللَّه بن الشخير اهـ. وأخرجه الخطيب في ترجمة الكديمي أيضًا من رواية عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي عن الكديمي قال: كنت عند أبي نعيم الفضل بن دكين فذكر حديث الأعمش، فقلت: عندي منه ألف حديث، قال: فحدثني منه بحديث غريب، فحدثته ثم ذاكرني أبو نعيم بحديث الصباغون والصواغون عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، وأما حديث أبي يسعيد، فقال الديلمي في مسند الفردوس: أخبرنا مكي بن منصور أخبرنا أبو بكر الحيري أنا أبو سهل نا إسحاق بن إبراهيم الختلي ثنا المنذر بن عمار أبو الخطاب ثنا معمر بن الكاهلي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أكذب الناس الصناع"، وفي هذا السند ضعفاء على أنه أعم من الذي قبله، وفيه موافقة للواقع، ومع ذلك فإني أجزم ببطلانه أيضًا، وإنه ما خرج من شفتي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. 722/ 1416 - "أكْرَمُ النَاسِ أتْقَاهُمُ". (ق) عن أبي هريرة قلت: وقع في نسخة الشارح الرمز لهذا الحديث "بالخاء" علامة البخاري، فكتب عليه في الكبير ما لفظه: وظاهر أفراد المصنف للبخاري بالعزو وتفرده به عن صاحبه وهو عجيب، فقد خرجه مسلم في المناقب عن أبي هريرة أيضًا ولفظه: "قيل: يا رسول اللَّه من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم. قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: فيوسف نبي اللَّه ابن نبي اللَّه ابن نبي اللَّه ابن نبي اللَّه ابن خليل اللَّه، قالوا ليس عن هذا نسألك. قال: فعن معادن العرب تسألون؟، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" اهـ. وهو ساقط بالنسبة للنسخة الصحيحة المرموز فيها للحديث بعلامة الصحيحين.

723/ 1415 - "أكرمُ المجَالِس ما استُقْبِلَ به القبلة". (طس. عد) عن ابن عمر قال في الكبير ورواه عنه -أيضًا- أبو يعلى، قال السمهودي: وفي إسناد كل منهما متروك. اهـ، ومن ثم رمز المصنف لضعفه. قلت: كلامه يوهم أن الطبراني وأبا يعلي روياه من طريقين في كل منهما متروك، وليس كذلك، ولا قال ذلك السمهودي، بل الشارح حرف النقل عنه على عادته في تحريف سائر ما ينقله أو أكثره، وعبارة السمهودي في جواهر العقدين هكذا: "ويجلس مستقبل القبلة" كما في شرح المهذب أي إن أمكن لحديث: "أكرم المجالس ما استقبل به القبلة" رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط (¬1) عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما مرفوعًا، وللطبراني في الكبير (¬2) عن ابن عباس نحوه مرفوعًا وفي إسناد كل منهما متروك اهـ. يريد السمهودي سند حديث عبد اللَّه بن عمر وحديث عبد اللَّه بن عباس، لأن في الأول حمزة بن أبي حمزة، وفي الثاني هشام أبو المقدام وهما متروكان. وحديث ابن عباس تقدم في: "أشرف المجالس"، ويأتي بسط الكلام عليه في: "إن لكل شيء شرفًا"، ولحديث ابن عمر طريق آخر، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان في ترجمة يزيد بن خالد أبي مسعود التاجر [2/ 344]: حدثنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد اللَّه بن محمود بن الفرج ثنا يزيد ابن خالد أبو مسعود ثنا يزيد بن الحربش ثنا محمد بن الصلت عن أبي شهاب عن الأعمش عن نافع عن ابن عمر قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خير المجالس ما ¬

_ (¬1) انظر مجمع الزوائد (8/ 59) من حديث ابن عمر، وعزاه إلى الطبراني في الأوسط، وقال: وفيه حمزة بن أبي حمزة وهو متروك اهـ. (¬2) انظر مجمع الزوائد (8/ 59) وقد عزاه إلى الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس، وقال: وفيه هشام بن زياد أبو المقدام وهو متروك اهـ.

تستقبل به القبلة". وفي الباب عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "إن لكل شيء سيدا وإن سيد المجالس قبالة القبلة"، رواه الطبراني في الأوسط (¬1)، ويقول النور الهيثمي عنه: إن سنده حسن [8/ 59]. 724/ 1419 - "أَكْرِمُوا أَوْلادَكُم وأحْسِنُوا أدَبَهُمْ". (هـ) عن أنس قال الشارح: وفيه نكارة وضعف. قلت: ليس هذا من التعبير الجيد اللائق بحال الحديث، بل كان حقه أن يقول: وفيه ضعف أو شده ضعيف، لأن فيه نكارة يقولها الحفاظ عن الحديث الذي يكون في لفظه أو معناه نكارة وإن كان شده قويًا ظاهر الصحة وليس هذا المتن كذلك، والشارح لما رأى في سنده الحارث بن النعمان وقد قال البخاري عنه: منكر الحديث، ظن أن قوله: وفيه نكارة مرادف لقول البخاري في راويه: منكر الحديث، وليس الأمر كما ظن بل بينهما فرق ظاهر. والحديث أخرجه أيضًا القضاعي في مسند الشهاب، قال: أخبرنا هبة اللَّه بن إبراهيم الخولاني أنا علي بن الحسين الأدنى ثنا الحسين بن محمد الحراني ثنا عمر بن حفص الوصابي حدثنا بقية عن سعيد بن عمارة عن الحارث بن النعمان عن أنس. وأخرجه الخطيب من طريق سلمة بن بشير بن صيفي ثنا سعيد بن عمارة الكلاعي به، وهو متروك عند الأزدي، لكن قال الذهبي: إنه جائز الحديث، أما شيخه فتقدم قول البخاري فيه: منكر الحديث، ولينه أبو حاتم، واضطرب فيه ابن حبان فذكره في الثقات وفي الضعفاء. ¬

_ (¬1) انظر كشف الخفاء (1/ 395، رقم 1261) وعزاه إلى الطبراني من حديث ابن عمر.

725/ 1420 - "أكْرِمُوا حَملةَ القُرآنِ فَمَنْ أكْرَمَهُم فَقَدْ أكْرَمَنِي". (فر) عن ابن عمرو قال الشارح في الكبير: وكذا رواه الدارقطني، ومن طريقه خرجه الديلمي مصرحًا، فإهماله الأصل وعزوه للفرع غير لائق، ثم قال الديلمي: غريب جدا من رواية الأكابر عن الأصاغر اهـ. وقال السخاوي: فيه من لا يعرف وأحسبه غير صحيح اهـ. وأقول: فيه "خلف الضرير" أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن الجوزي: روى حديثا منكرا كأنه يشير إلى هذا. قلت: في هذا مؤاخذات على المصنف والشارح، أما المصنف فمن وجوه، أحدها: أن هذا الحديث موضوع باطل انفرد به وضاع وقد التزم المصنف ألا يورد فيه ما انفرد به كذاب أو وضاع. ثانيها: أن المصنف حكم بوضعه واستدركه على موضوعات ابن الجوزي فأورده في الذيل في كتاب العلم وأعله بخلف بن عامر البغداد الضرير، فكيف يورد هنا ما جزم بوضعه في الموضوعات؟!. ثالثها: أنه حذف من الحديث بقيته المنكرة الدالة على وضعه صراحة لركاكتها لفظا ومعنى، ولفظ الحديث عند مخرجه كما رأيته في مسند الفردوس [1/ 108، رقم 230] وكما نقله المصنف نفسه في الموضوعات: "أكرموا حملة القرآن، فمن أكرمهم فقد أكرم اللَّه فلا تنقصوا حملة القرآن حقوقهم فإنهم من اللَّه بمكان، كاد حملة القرآن أن يكونوا أنبياء إلا أنه لا يوحى إليهم". وأما الشارح فمن وجوهين، أولهما: انتقاده على المصنف في عدم عزوه الحديث إلى الدارقطني باطل، فإن الديلمي لم يبين في أي كتاب خرجه الدارقطني، فقد يكون خرجه في الأفراد وقد يكون في الضعفاء وقد يكون في جزء من الأجزاء وقد يكون أملاه في مجلس ولم يخرجه في كتاب، فكيف يعزوه المصنف إليه وهو لم يعرف في أي كتاب هو؟

ثانيهما: قوله في خلف الضرير: "أورده ابن الجوزي وقال روى حديثا منكرًا، كأنه يشير إلى هذا- ليس بظاهر، فقد يكون أشار إلى حديث آخر رواه خلف المذكور وهو: "من رأى أبا بكر الصديق في المنام فإن الشيطان لا يتمثل به". 726/ 1424 - "أكْرِمُوا الخُبْزَ فَإنَّ اللَّه أكْرَمَهُ، فَمَنْ أكْرَمَ الخُبْزَ أكْرَمَهُ اللَّه". (طب) عن أبي سكينة قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه خلف بن يحيى، قاضي الري، وهو ضعيف، وأبو سكينة قال ابن المديني: لا صحبة له. وقال غيره: فيه خلف ابن يحيى، قاضي الرى، قال الذهبي في الضعفاء: قال أبو حاتم: كذاب اهـ. وأورده المصنف في الموضوعات لابن الجوزي. قلت: هذا وهم من جهتين: فلا ابن الجوزي ذكره في الموضوعات ولا المصنف ذكره فيها أيضًا بل ابن الجوزي ذكر حديث أبي موسى وحديث بريدة وحديث عبد اللَّه بن أم حرام وحديث أبي هريرة، فتعقبه المصنف بأن للحديث طرقًا أخرى فأوردها وأورد من جملتها حديث أبي سكينة المذكور واللآلئ المصنوعة [2/ 116] التي تعقب بها المصنف على ابن الجوزي هي غير موضوعاته بل موضوعاته كتاب آخر مستقل ذيل به على ابن الجوزي بذكر ما فاته من الموضوعات فخرج من هذا أن الحديث لم يذكره أحد منهما في الموضوعات. 727/ 1425 - "اكْرِمُوا الخُبْزَ فَإنَّ اللَّهَ أنْزَلَهُ مِنْ بَرَكَات السَّمَاءِ، وأخْرَجَهُ مِنْ بَرَكَاتِ الأرَضْ". الحكيم عن الحجاج بن علاط السلمي وابن منده عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه قال الشارح في الكبير -نقلا عن السخاوي- طرقه كلها ضعيفة مضطربة،

وبعضها أشد في الضعف من بعض، قال: وأورد المؤلف الحديث في الموضوعات تبعا لابن الجوزي. قلت: هذا مثل الذي قبله إلا أن نصفه حق ونصفه باطل، فحديث بريدة أورده ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 290 - 291] من عند المخلص في فوائده من طريق طلحة بن زيد عن ثور عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه، ثم قال: طلحة متروك، وتعقبه المصنف بأن له طرقا أخرى فذكر منها حديث الحجاج بن علاط السلمي الذي رواه الحكيم الترمذي في التاسع والتسعين ومائة عن الجارود عن عبد الحميد بن أبي رواد عن مروان بن سالم عن إسماعيل بن فلان عن الحجاج به. 728/ 1426 - "أكْرِمُوا الخُبْزَ؛ فإنَّه منْ بَركَات السَّمَاءِ والأَرْضِ، من أكَلَ ما سَقَطَ مِنَ السُّفْرَةِ غُفِر لهُ". (طب) عن عبد اللَّه بن أم حرام قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه عبد اللَّه بن عبد الرحمن الشامي، لم أعرفه، وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح، فيه غياث بن إبراهيم وضاع، وتابعه عبد الملك بن عبد الرحمن الشامى وهو كذاب اهـ. وأقره على وضعه المؤلف في مختصر الموضوعات، وفي الميزان عن ابن حبان أن عبد اللك هذا يسرق الحديث ثم أورد له هذا الخبر. قلت: فيه أمور، الأول: كلام الحافظ الهيثمي [5/ 34] له بقية حذفها الشارح ونصه: رواه البزار والطبراني فيه عبد اللَّه بن عبد الرحمن الشامي ولم أعرفه، وصوابه عبد الملك بن عبد الرحمن الشامي وهو ضعيف. الثاني: قوله: وأقره على وضعه المؤلف في مختصر الموضوعات باطل، بل تعقبه بإيراد الأحاديث الأخرى والطرق المتعددة له على قاعدته فيما لم يقر ابن الجوزي عليه، إلا أنه جمع الطرق الأربعة من حديث بريدة وابن أم حرام وأبي

هريرة، ثم تعقب الجميع ولم يتعقب كل حديث على انفراد، فلذلك ظن الشارح أنه أقر ابن الجوزي على وضعه. الثالث: هذا الحديث رواه أبو نعيم في الحلية عن الطبراني [5/ 246]: ثنا محمد بن جعفر الرازي ثنا علي بن الجعد ثنا غياث بن إبراهيم ثنا إبراهيم ابن أبي عبلة العقيلي عن عبد اللَّه بن أم حرام به. وغياث بن إبراهيم كذاب، وتابعه عبد الملك بن عبد الرحمن، ويقال: عبد الملك بن عبد العزيز، ويقال: عبد اللَّه بن عبد الرحمن الشامي عن إبراهيم بن أبي عبلة به. أخرجه العقيلي [3/ 28] عن محمد بن عيسى عن المفضل بن غسان الغلابي عن عبد الملك بن عبد الرحمن الشامي. وأخرجه الطبراني أيضًا عن الحسن بن علي المعمري عن عمر بن علي الفلاس فقال: عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن الكناني به، وهي الطريق التي تكلم عليها الحافظ الهيثمي [5/ 34]. وأخرجه ابن حبان في الضعفاء فقال [2/ 134]: عبد الملك بن عبد العزيز أبو العباس الشامي المرواني الذي يقال له: المصلي، وقد قبل: إنه عبد الملك بن عبد اللَّه كان ممن يسرق الحديث ويقلب الأسانيد، لا يحل ذكر حديثه إلا عند أهل الصناعة، فكيف الاحتجاج به؟! وهو الذي روى عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد اللَّه بن أم حرام، فذكر الحديث، ثم قال: حدثنا ابن فوه ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عرعرة ثنا أبي ثنا أبو العباس المصلي به اهـ. وقد أشار إلى الخلاف في اسمه وأسم أبيه الذهبي في الميزان [رقم 5224] أيضًا. 729/ 1428 - "أكْرِمُوا العُلَمَاءَ فإنَّهم وَرَثَةُ الأَنْبِيَاء، فمَنْ أكْرَمَهُمْ فَقَدْ

أكْرَمَ اللَّه ورسُولَهُ". (خط) عن جابر قال في الكبير: قال الزيلعي -كابن الجوزي-: حديث لا يصح، فيه الضحاك ابن حجرة، قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، وقال الدارقطني: يضع الحديث اهـ. ومن ثم رمز المصنف لضعفه. قلت: وأخطأ المصنف في ذلك فإن الحديث موضوع لا ضعيف، فكان الأولى ألا يذكر هنا لا سيما وقد ذكرها المصنف نفسه في ذيل الموضوعات من عند الديلمي في مسند الفردوس حاكمًا بوضعه وأعله بالضحاك المذكور، وقال: يضع الحديث، قال في الميزان [2/ 324، رقم 3931]: وهذا الحديث من مصائبه اهـ. فكيف يجوز بعد هذا الاقتصار على الحكم بضعفه؟ 730/ 1429 - "أَكْرِمُوا بُيُوتَكُمْ بِبَعْضِ صَلَاتِكْم، وَلا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا" (عب) وابن خزيمة (ك) عن أنس قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما زعم وغوه قول الحاكم: ابن فروخ صدوق، وما درى أن الذهبي تعقبه بقول ابن عدي إن أحاديثه غير محفوظة. قلت: بل دراه، ولكن لم يعتبوه لأنه ساقط عن درجة الاعتبار لوجوه، أحدها: أن ابن فروخ وثقه جماعة وهو صدوق اتفاقًا وذلك يكفي في مثل هذا الحديث. ثانيها أن تصحيح ابن خزيمة [رقم 1082]، والحاكم ومن وافقهما مقدم على كلام الذهبى. ثالثها: أن ما استدل به الذهبي وهو كلام ابن عدي [4/ 1516] لا يضر تصحيح هذا الحديث لأنه وإن سلم أن له أحاديث غير محفوظة فلا يلزم أن

تكون أحاديثه كلها غير محفوظة، وهذا من المحفوظ بدليل وروده من طرق أخرى كلها صحيحة. رابعها: أن هذا الحديث بمعناه ولفظه تقريبًا مخرج في الصحيحين كما أشار إليه الحاكم [1/ 313] نفسه، فإنه عقب إخراج هذا الحديث قال: قد اتفقا الشيخان (¬1) على إخراج حديث عبد اللَّه عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا". قلت: وفي لفظ عندهما: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا". 731/ 1430 - "أكْرِمُوا الشَّعرَ". البزار عن عائشة قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه خالد بن إلياس وهو متروك، ورواه عنه -أيضًا- أبو نعيم والديلمي، وفيه خالد بن إلياس، قال الذهبي في الضعفاء: ترك وليس بالساقط. قلت: هذا تكرار لا فائدة فيه والحديث خرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان في ترجمة محمد بن يعقوب بن مهران فقال [2/ 214]: حدثنا أحمد بن إسحاق ثنا محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن سنان ثنا عبيد اللَّه ابن موسى ثنا خالد بن إلياس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، وخالد بن إلياس مجمع على ضعفه. 732/ 1431 - "أَكْرِموا الشُّهُودَ؛ فإنَّ اللَّه يَسْتَخْرِجْ بِهِمُ الْحُقُوقَ، وَيَدْفَعُ بِهِمُ الظُّلْمَ". البانياسي في جزئه (خط) ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري (1/ 118)، (777).

قال الشارح في ترجمة عبد الرحمن بن عبيد الهاشمي: ابن عساكر عن ابن عباس. قال في الكبير: قال الخطيب -فيما حكاه ابن الجوزي-: تفرد به عبيد اللَّه بن موسى، وقد ضعفوه اهـ. وقال ابن عساكر: قال العقيلي: حديث غير محفوظ، وفي الميزان عنه: حديث منكر، ولعل الحفاظ إنما سكتوا عنه مداراة للدولة اهـ. وجزم الصاغاني بوضعه، ولم يستدركه عليه العراقي وحكم المؤلف في الدرر بأنه منكر. قلت: فيه أمور، الأول: هذا الحديث باطل جزمًا ولم يكن في زمنه -صلى اللَّه عليه وسلم- شهود مخصوصون للشهادة حتى يأمر بإكرامهم ولا تخصص قوم للشهادة إلا بعده -صلى اللَّه عليه وسلم- بقرون. الثاني: لم يخرج الخطيب هذا الحديث في ترجمة عبد الرحمن بن عبيد كما زعم الشارح، بل خرجه في موضعين [5/ 94، 6/ 138]: أولهما في ترجمة أحمد بن محمد بن موسى المعروف بابن العلاف، وثانيهما في ترجمة إبراهيم ابن عبد الصمد الهاشمي. الثالث: قوله: قال الخطيب: تفرد به عبيد اللَّه بن موسى هكذا وقع في الشرحين عبيد اللَّه بن موسى وهو تحريف والصواب عبد الصمد بن موسى، ولفظ الخطيب: تفرد برواية هذا الحديث عبد الصمد بن موسى الهاشمي بهذا الإسناد. الرابع: قوله: قال العقيلي: حديث غير محفوظ، وفي الميزان: حديث منكر ولعل الحفاظ إنما سكتوا عنه مداراة للدولة اهـ. -يفيد أنهم سكتوا عن الحديث وليس كذلك، بل مراد الذهمي أنهم سكتوا عن راويه، فقال في الميزان [2/ 620]: عبد الصمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس الهاشمي الأمير عن أبيه بحديث: "أكرموا الشهود"، وهذا منكر وما عبد الصمد بحجة، ولعل

الحفاظ إنما سكتوا عنه مراعاة للدولة اهـ. فاختصر الشارح كلامه اختصارًا أفاد غير ما أراده، وقد تعقب الحافظ في اللسان [4/ 21، 22] ما قاله الذهبي بأن العقيلي ذكر عبد الصمد في الضعفاء وساق الحديث من طريقه، وقال: لا يعرف إلا به. الخامس: الحديث رواه عبد الملك بن أحمد البانياسي في جزئه قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت أنا إبراهيم ابن عبد الصمد الهاشمي ثنا أبي عبد الصمد بن موسى ثنا عمي إبراهيم بن محمد عن عبد الصمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس عن أبيه عن ابن عباس به. ورواه البندهي في شرح المقامات في المقامة الثلاثين من طريق البانياسي. وقال ابن بشكوال في معجم مشيخته: أخبرنا أبو علي -يعني الصدفي- قال: قرأت على الشيخ أبي عبد اللَّه مالك بن الدهر البانياسي فذكره بسنده، ثم قال أبو علي: هذا حديث حسن غريب لم نكتبه إلا من هذا الوجه اهـ. وهو غريب جدا إن لم يكن يقصد حسن معناه. ورواه القضاعي في مسند الشهاب من طريق عبد اللَّه بن عثمان الصفار، والديلمي في مسند الفردوس [1/ 110، رقم 236] من طريق ابن جهضم كلاهما عن إبراهيم بن عبد الصمد به. 733/ 1432 - "أَكْرِمُوا عَمَّتَكُمُ النَّخْلَةَ؛ فإنَّها خُلِقَتْ مِنْ فَضْلَة طينَة أبيكُم آدمَ، ولَيْسَ منَ الشجَرَ شَجَرَة أكْرَمُ عَلَى اللَّه من شَجَرة ولدت تَحْتَهَا مَرْيَم بِنْت عِمْرَانَ، فَأَطْعِمُوا نِسَاءَكُمُ الْولد الرُّطبَ، فَإنْ لم يكُنْ رُطَبٌ فَتَمْرٌ". (ع) وابن أبي حاتم (عق. عد) وابن السني وأبو نعيم -معا- في الطب وابن مردويه عن علي

قال الشارح: بأسانيد كلها ضعيفة وفي بعضها انقطاع، لكن باجتماعها تقوى. وقال في الكبير: عند ذكر الرموز (ع) عن شيبان بن فروخ عن مسرور بن سعيد التميمي عن الأوزاعي عن عروة بن رويم اللخمي عن علي وابن أبي حاتم في العلل، (عق) بالسند المذكور، ثم قال: هو غير محفوظ لا يعرف إلا بمسرور (عد) من الوجه المذكور، وقال. هذا منكر عن الأوزاعي وعروة عن علي مرسل، وسرور غير معروف لم نسمع به إلا في الحديث، وابن السني وأبو نعيم -معا- في الطب عن أبي بكر الآجري عن أحمد بن يحيى الحلواني عن شيبان عن مسرور عن الأوزاعي عن عروة بن رويم عن علي، ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث الأوزاعي عن عروة تفرد به مسرور بن سعيد اهـ. وظاهر كلام المؤلف أن أبا نعيم لم يخرجه في الحلية وإلا لما عزاه له في الطب، وليس كذلك بل أخرجه فيه باللفظ المذكور من هذا الوجه، وابن مردويه في التفسير من هذا الوجه، كلهم عن علي أمير المؤمنين، قال الهيثمي بعد عزوه لأبي يعلى: فيه مسرور بن سعيد وهو ضعيف وأورده ابن الجوزي في الموضوع، وقال: مسرور منكر الحديث، وأورده من حديث ابن عمر، وقال: فيه جعفر بن أحمد وضاع اهـ. ولم يتعقبه المؤلف إلا بأن لأوله وآخره شاهدًا، فالحديث في سنده ضعف وانقطاع. قلت: لو عدل الشارح عن الكتابة في الحديث لكان أوفق به وأرفق، فهذه الجملة من العجائب كما يتضح من وجوه، الأول: أن فيها تكرار بلغ الغاية في القبح والسماجة، فلا هو على طريقة أهل الحديث ولا على طريقة أهل البلاغة والتفتن في أساليب الكتابة. الثاني: أنه مع هذا التكرار البالغ الذي صرح فيه عند ذكر كل مخرج بالسند وهو مسرور بن سعيد عن الأوزاعي عن عروة عن علي، ناقض ذلك في الشرح الصغير فقال: بأسانيد كلها ضعيفة وفي بعضها انقطاع، فلا أسانيد لهم

إلا سند مسرور عن الأوزاعي عن عروة عن علي، ولا انقطاع إلا في هذا السند بين عروة وعلي، فهذا السند هو الأسانيد كلها، وهو البعض المنقطع، وهو الذي باجتماعه تقوى الحديث، فاعجب لهذا الكلام الغريب، فإن قيل: قد أشار هو في الكبير إلى أن ابن الجوزي أورده في الموضوعات [1/ 184] من حديث ابن عمر أيضًا، قلنا: لم يتقدم له في الشرح الصغير ذكر، وهو يقول عن المخرجين المذكورين في المتن: أنهم رووه بأسانيد كلها. . . إلخ، فلو فرضنا أن رواية ابن عمر ذكرت في المتن لما ساغ له أن يقول: بأسانيد كلها، لأنه يكون حينئذ بسندين فكيفما دار الحال، دار عل غلط وتهور، فكيف وطريق ابن عمر لم يتقدم له ذكر؟! الثالث: زيادته تعيين الكتاب الذي رواه فيه ابن أبي حاتم بأنه العلل زيادة باطلة، فإن ابن أبي حاتم لم يخرجه في العلل، ولكن خرجه [في] التفسير عند قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم: 25]، فقال: ثنا علي بن الحسين ثنا شيبان ثنا مسرور بن سعيد يه. الرابع: انتقاده على المصنف الاقتصار في عزو الحديث إلى كتاب الطب النبوي لأبي نعيم دون الحلية له انتقاد فاسد باطل لا فائدة لذكره إلا تسويد الورق وكثرة اللفظ، ومن كثر كلامه كثر سقطه وأي مزية للحلية على كتاب الطب النبوي؟ فهما كتابان لرجل واحد وبمنزلة واحدة، لم يشترط في أحدهما شرطًا دون الآخر، ولا كتاب الحلية أشهر بين أهل الحديث من كتاب الطب النبوي، لا سيما وقد روى أبو نعيم الحديث في الكتابين معًا بسند واحد عن أبي بكر الآجري، ذكره في الحلية في ترجمة عروة بن رويم [6/ 123]، فأي مزية للحلية عن الطب حتى يسود الورق بمثل هذا التعقب الفارغ؟ الخامس: قوله: فالحديث في سنده ضعف وانقطاع بعد نقله عن ابن الجوزي الحكم بوضعه وأن مسرورًا الذي تفرد به منكر الحديث باطل أيضًا، فإن ما كان كذلك لا يقال: فيه ضعف، بل يقال: منكر أو واه أو ضعيف جدًا، إن لم

يتبين له التصريح بأنه موضوع، أما فيه ضعف فإنما يقولها أهل الحديث فيما ضعفه قريب محتمل. السادس: قوله في الصغير باجتماعها تتقوى، خطأ من وجهين، أحدهما: ما تقدم وهو أنه لم تتعدد طرقه ولم يسبق له هو إلا ذكر طريق واحد وهو مسرور عن الأوزاعي عن عروة بن رويم عن علي. ثانيهما: وعلى فرض أنه يقصد طريق مسرور مع حديث ابن عمر المروي من طريق جعفر بن أحمد الغافقي فإنهما طريقان لا طرق، ثم هما من رواية وضاع ومتروك منكر الحديث، ورواية الوضاعين لا تتقوى بالتعدد ولو بلغت عشرين طريقًا فضلًا عن طريقين. السابع: هذا الحديث موضوع كما قال ابن الجوزي لوجود الكذابين الوضاعين في سنده ونكارة لفظه ومعناه، فالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أجلُّ من أن يجعل النخلة كامة للإنسان، وأعلى وأكمل من أن ينطق بهذا اللفظ البارد، أو يأمر بإكرام شجرة، ثم ما معنى هذا الإكرام؟ فإن كان المراد به سقيها وتلقيحها وتعهدها فالأشجار المطعمة كلها كذلك ونصوص الشرع العامة آمرة بتعهد الجميع وسقيه وإكرامه وحفظ المال وعدم إضاعته، وإن كان المراد به أكل طعمها فكل الأشجار كذلك، وإن كان المراد تقبيلها أو زيارتها والأدب معها واحترامها كاحترام العالم والشيخ والوالد فالإجماع منعقد على عدم مطلوبيته، فلم يبق إلا أنه كلام من لا يدري عاقبة ما يقول من الكذابين والوضاعين قبحهم اللَّه وجزاهم على جرأتهم على اللَّه تعالى وعلى دينه وعلى رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- شر جزاء. 734/ 1433 - "اكْفُلُوا لِي ستَّ خِصَال أكْفُلُ لكُمُ الْجَنَّةَ: الصَّلاة، والزَّكَاة، والأَمَانَة، والْفَرج، والْبَطْنَ، وَاللِّسَان". (طس) عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه أيضًا في الصغير، قال المنذري: إسناده لا بأس به، وقال

الهيثمي: فيه يحيى بن حماد الطائي، لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. قلت: لم يخرجه الطبراني في الصغير كما زاده الشارح، وهو تبع في ذلك للحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد، ولعله وقع له في نسبته إليه وهم، فإني ما وجدته في المعجم الصغير أصلًا على أن الحافظ الهيثمي نفسه اختلف فيه فذكره في كتاب الصلاة [1/ 293]، وعزاه إلى الطبراني في الأوسط كما فعل المصنف، وقال: إسناده حسن، ثم أعاده في كتاب الزهد [10/ 301] وعزاه للطبراني في الأوسط والصغير، وقال ما نقله عنه الشارح، والصواب ما ذكره أولًا في كتاب الصلاة. 735/ 1435 - "أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ حَرَامٌ". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: قضية عدول المصنف واقتصاره عليه أنه لم يتعرض أحد من الشيخين لتخريجه، وهو ذهول عجيب، فقد خرجه سلطان الفن باللفظ المزبور من حديث أبي ثعلبة ونقله عنه جمع، منهم الديلمي وغيره. قلت: نعم هو ذهول عجيب، ولكن من الشارح لا من المصنف، فسلطان الفن خرج حديث أبي ثعلبة في موضعين من صحيحه، ولكن ليس بهذا اللفظ المزبور كما يزعمه الشارح، بل ولا من لفظ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاسمع لفظ روايته، قال في كتاب الذبائح [باب: 28، 29]: ثنا عبد اللَّه بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة رضي اللَّه عنه "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع"، ثم أعاده في كتاب الطب في باب: ألبان الأتن، [رقم 57] فقال: حدثني عبد اللَّه بن محمد حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي إدريس عن أبي ثعلبة الخشني قال: "نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أكل كل ذي ناب من السباع"، فأين اللفظ المزبور الذي يزعمه الشارح في غلطه المذكور؟ وأعجب من هذا أن

المصنف ذكر هذا الحديث فيما سيأتي في باب المناهي وعزاه للستة بأجمعهم فهذا أدهى وأمر! 736/ 1436 - "أَكْلُ اللَّيْلِ أمَانَةٌ". أبو بكر بن أبي داود في جزء من حديثه (فر) عن أبي الدرداء قال الشارح: ضعيف لضعف بقية ويزيد بن حجر. قلت: بقية ما هو ضعيف، ولكنه مدلس، ويزيد بن حجر غير معروف أو مجهول كما قال الشارح في الكبير، والمجهول لا يرادف الضعيف في الواقع ونفس الأمر فقد يكون من أوثق الثقات، ولذلك لا يعبر عنه علماء الحديث بالضعيف، بل يعبرون عنه بالمجهول، والحديث قال فيه الديلمي: أخبرنا محمد بن الحسين إذنا أخبرنا أبي حدثنا محمد بن حنش بن عمر المقري حدثنا أبي حدثنا محمد بن داود عن كثير بن عبيد ثنا بقية بن الوليد عن مهدي ابن الوليد اليزني عن يزيد بن حجر عن أبي الدرداء به، وأحسبه باطلًا. 737/ 1437 - "أَكْلُ السَّفَرْجَلِ يُذْهِبُ بَطْخَاءَ الْقَلْبِ". القالي في أماليه عن أنس قلت: هذا حديث موضوع انفرد بروايته وضاع، بل وضاعان، فكان الواجب على المصنف عدم ذكره، ولكن الشره وحب الإغراب أوقعه في مخالفة شرطه ورواية الموضوع المحقق. قال القالي: حدثنا محمد بن القاسم ثنا محمد بن يونس الكديمي حدثنا إبراهيم بن زكريا البزاز حدثنا عمرو بن أزهر الواسطي عن أبان عن أنس به. فعمرو بن أزهر من مشاهير الوضاعين، وكذلك الكديمي، وأبان متروك، وإبراهيم بن زكريا فيه مقال، فالسند ظلمات متراكمة.

738/ 1439 - "اكْلفُوا مِنَ الْعَمَل مَا تُطيْقُونَ؛ فَإنَّ اللَّه لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وإنَّ أحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّه أَدْوَمهُ وَإن قَلَّ". (حم. د. ن) عن عائشة قال الشارح في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه ليس في أحد الصحيحين، وليس كذلك؛ فقد قال الحافظ العراقي: متفق عليه. قلت: الحافظ العراقي يتكلم على أصل الحديث غير مراع حروف أوله، والمصنف ملتزم ترتيب الأحاديث على الحروف، والحديث وقع في الصحيحين (¬1) مصدرًا بلفظ: "أحب الأعمال"، وقد مضى في حرف "الحاء" للمصنف عزوه إلى الشيخين، على أن جملة: "اكلفوا من العمل ما تطيقون" لم تقع في مسلم، وإنما وقعت في البخاري. 739/ 1440 - "أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا". (حم. د. حب. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا مما لم يخرج في الصحيحين، وهو ذهول؛ فقد عزاه هو نفسه في الأحاديث المتواترة إلى البخاري وعده من المتواتر. قلت: المصنف في الأحاديث المتواترة يعزو الأحاديث ويذكر صحابتها ولا يذكر متونها، وهو قد عزا الحديث إلى البخاري [أدب: 38، 39] من رواية عبد اللَّه بن عمرو بن العاص لا من حديث أبي هريرة ولفظه: "إن من أحبكم إليَّ أحسنكم أخلاقًا"، وقد ذكره المصنف فيما سيأتي بهذا اللفظ وعزاه للبخاري، فما أصاب الشارح لا في الاستدراك على المصنف، ولا في الاحتجاج بصنيعه في الأحاديث المتواترة. فائدة: أفردت طرق هذا الحديث في جزء، قلت في أوله: أما بعد، فقد ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب "الإيمان" (32)، مسلم في صلاة المسافرين (216، 218).

أورد الحافظ السيوطي في الأحاديث المتواترة حديث: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا"، وقال: أخرجه البخاري عن ابن عمرو، والحاكم عن أبي هريرة وعائشة وابن أبي شيبة من مرسل الحسن، والطبراني عن عمير بن قتادة وأبي سعيد الخدري، وأبو يعلى عن أنس، والبزار عن جابر وعن ابن عمر قال (¬1): "كنت عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عاشر عشرة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وحذيفة وأبو سعيد الخدري ورجل آخر سماه دانا، فجاء فتى من الأنصار فسلم ثم جلس، فقال: يا رسول اللَّه أي المؤمنين أفضل؟ قال: أحسنهم خلقا" اهـ. وقد وقع لي من طرق أخرى تبلغ ضعف ما ذكره الحافظ السيوطي وذلك حديث أبي ذر وعلي وجابر بن سمرة وعمرو بن عبسة وأبي أمامة وأسامة بن شريك ومعاذ بن جبل وابن عباس، ومرسلًا من رواية مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير وسعد بن مسعود، فأحببت ضمها إلى ما ذكره مع التوسع في تخريج الجميع وإيراد الأسانيد في هذا الجزء وسميته بالهدى المتلقى في طرق حديث: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا". 740/ 1442 - "اللَّهَ اللَّهَ في أَصْحَابِي: لَا تَتَّخذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدي، فَمَنْ أحَبَّهُمْ فَبحُبِّي أَحبهمْ، وَمَنْ أبْغَضَهُمْ فَبِبغْضي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّه، ومَنْ آذَى اللَّه يُوشِكُ أَنْ يَأخُذَهُ". (ت) عن عبد اللَّه بن مغفل قال الشارح في الكبير: قال الصدر المناوي: فيه عبد الرحمن بن زياد، قال الذهبي: لا يعرف، وفي الميزان: في الحديث اضطراب. قلت: ليس في الميزان شيء من هذا، والاضطراب وقع في اسم عبد الرحمن ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في الصغير (1/ 318).

ابن زياد فقيل كذلك، وقيل عبد اللَّه بن عبد الرحمن، وكذلك وقع في رواية أبي نعيم في الحلية [8/ 287] كما سيأتي، وقيل: عبد الرحمن بن عبد اللَّه، وقيل: عبد الملك بن عبد الرحمن، وإليك نص الذهبي في الميزان [2/ 452]: عبد الرحمن بن زياد، وقيل: عبد اللَّه، وقيل: غير ذلك عن عبد اللَّه بن مغفل حديث: "اللَّه اللَّه في أصحابي"، تفرد عنه عبيدة بن أبي رائطة، قال ابن معين: لا أعرفه اهـ. والحديث رواه أيضًا أحمد في مسنده [5/ 54، 55، 57] عن سعد بن إبراهيم ابن سعد عن عبيدة بن أبي رائطة قال: حدثني عبد الرحمن بن زياد أو عبد الرحمن بن عبد اللَّه عن عبد اللَّه بن مغفل به. ومن طريق أحمد رواه الخطيب في التاريخ [9/ 123]، ورواه الطبراني عن محمد بن عبد اللَّه بن رزين الحلبي عن عبيد بن جناد الحلبي عن عبد اللَّه بن عبد العزيز العمري العابد عن إبراهيم بن سعد عن عبيدة بن أبي رائطة عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن به. وعن الطبراني رواه أبو نعيم في الحلية [8/ 287] في ترجمة عبد اللَّه بن عبد العزيز العمري. 741/ 1443 - "اللَّه اللَّه فَيمَا مَلكَتْ أَيْمَانُكُمْ: ألْبِسُوا ظُهُورَهُم، وأشْبِعُوا بُطُونَهُمْ، وألِينُوا لَهُمُ الْقَوْلَ". ابن سعد (طب) زاد الشارح وكذا ابن السني: عن كعب بن مالك. قلت: ابن السني [316] لم يذكر في روايته كعب بن مالك، بل جعله من حديث أبي أمامة فقال: أخبرنا أبو يعلى ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ثنا موسى -يعني المنقري- عن ابن المبارك عن عبيد اللَّه بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ومن هذا الوجه رواه بن سعد فقال: [2/ 2/ 44]: عن أبي أمامة عن كعب بن مالك قال: "أغمى على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ساعة ثم أفاق فقال: اللَّه. . . " وذكره، قال ابن سعد: أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه بن يونس ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي المهلب عن عبيد اللَّه بن زحر به، وهو وشيخه ضعيفان. 742/ 1446 - "اللَّهُ مَعَ القَاضِي مَا لَمْ يَجُرْ، فَإذَا جَارَ تَخَلَّى اللَّه عَنْهُ، وَلَزِمَهُ الشَّيْطَانُ". (ت) عن عبد اللَّه بن أبي أوفى قال الشارح في الكبير -بعد أن غلط في ضبط اسم أوفى على عادته- ما نصه: ظاهر صنيع المصنف أن الترمذي تفرد به من بين الستة، والأمر بخلافه؛ بل رواه ابن ماجه -أيضًا- كما ذكره ابن حجر، قال: وصححه ابن حبان والحاكم. قلت: ابن ماجه [رقم 2312]، والحاكم [4/ 93] وجماعة خرجوه بلفظ: "إن اللَّه"، وقد ذكره المصنف كذلك فيما سيأتي، لكن لم يعزه لابن ماجه أيضًا، بل عزاه للحاكم والبيهقي [10/ 134]، وسيأتي هناك ذكر من خرجه غيرهما أيضًا، وقد خرجه باللفظ المذكور هنا الدينوري في المجالسة فقال: حدثنا أبو قلابة الرقاشي ثنا عمرو بن عاصم الكلابي ثنا عمران القطان سليمان عن ابن أبي أوفى به مثله، إلا أنه قال: "فإذا جار برئ اللَّه منه ولزمه الشيطان". أما ابن ماجه [رقم 2312] فرواه عن أحمد بن سنان: ثنا محمد بن بلال عن عمران القطان فقال: عن حسين -يعني ابن عمران- عن أبي إسحاق الشيباني عن عبد اللَّه بن أبي أوفى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه مع القاضي ما لم يجر فإذا جار وكله إلى نفسه" وسيأتي بسط طرقه في حرف "إن" إن شاء اللَّه تعالى.

743/ 1449 - "اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ فِي الدُّنْيَا قُوتًا". (م. ت. هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهره أن هذا مما تفرد به مسلم وهو وهم، بل رواه البخاري في الرقائق. قلت: لفظ البخاري [رقم 6460]: "اللهم ارزق آل محمد قوتًا"، وفرق بين الروايتين لا من جهة اللفظ الذي يعتبره المصنف، ولا من جهة المعنى، قال الحافظ على رواية البخاري [11/ 299]: كذا وقع هنا يعني من رواية فضيل، وفي رواية الأعمش عن عمارة عند مسلم [رقم 730] والترمذي [رقم 2361]، والنسائي وابن ماجه [رقم 4139]: "اللهم ارزق آل محمد قوتًا"، وهو المعتمد، فإن اللفظ الأول صالح لأن يكون دعاء بطلب القوت في ذلك اليوم، وأن يكون طلب لهم القوت، بخلاف اللفظ الثاني، فإنه يعين الاحتمال الثاني وهو الدال على الكفاف. . . إلخ اهـ. 744/ 1450 - "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُتَسَرولاتِ مِنْ أمَّتِي". البيهقي في الأدب عن علي قلت: الحديث أخرجه جماعة منهم ابن عدي [4/ 1]، والبزار والدولابي في الكنى فيمن كنيته أبو إسحاق، والديلمي في مسند الفردوس، كلهم من طريق إبراهيم بن زكريا الضرير: ثنا همام عن قتادة عن قدامة بن ورة عن الأصبغ بن نباتة عن علي عليه السلام قال: "كنت قاعدا عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبقيع في يوم مطر فمرت امرأة على حمار ومعها مكاري فهوت يد الحمار في وهدة من الأرض فسقطت المرأة فأعرض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بوجهه، فقالوا: يا رسول اللَّه إنها متسرولة. فقال: اللهم اغفر للمتسرولات من أمتي ثلاثًا"، زاد بعضهم: "يا أيها الناس اتخذوا السراويلات فإنها من أستر ثيابكم، وحصنوا بها نساءكم إذا خرجن"، وقال ابن عدي:

إبراهيم حدث عن الثقات بالبواطيل، وقال العقيلي [ص: 18]. لا يعرف مسندًا إلا به ولا يتابع عليه، وقال ابن أبي حاتم في العلل: سألت أبي عن حديث رواه إبراهيم بن زكريا المكفوف البصري العجلي قال: حفظت أن همام ابن يحيى حدثنا عن قتادة، فذكر الحديث بتمامه، قال أبي: هذا حديث منكر وإبراهيم مجهول اهـ. وقال ابن الجوزي [3/ 46]: إنه حديث موضوع، وقال الذهبي في الميزان [1/ 31، رقم 90]: إنه من بلاياه، وهذا هو الحق الذي لا شك فيه أعني أن الحديث موضوع، أما المؤلف فحاول أن يثبته فقال في التعقبات على ابن الجوزي: إبراهيم بن زكريا المتهم هو الواسطي العبدي، وليس هذا الذي في إسناد هذا الحديث، إنما هذا إبراهيم بن زكريا العجلي البصري كما أفصح به العقيلي، وقد التبس على طائفة منهم الذهبي في الميزان فظنهما واحدا، وفرق بينهما غير واحد منهم ابن حبان، فذكر العجلي في الثقات والواسطي في الضعفاء، وكذا فرق أبو أحمد الحاكم في الكنى والنباتي في الحافل والذهبي في المغنى، قال الحافظ ابن حجر في اللسان [1/ 59]: وهو الصواب. وإذا عرفت أن المذكور في الإسناد هو العجلي الذي ذكره ابن حبان في الثقات لا الواسطي الذي ذكره في الضعفاء علمت خروج الحديث عن حيز الوضع، وعرفت جلالة البيهقي في كونه لا يخرج في كتابه شيئًا من الموضوع كما التزمه انتهى. وليس هذا بنافع، فإن الفرق بين العجلي والواسطي إنما حصل ممن فرق بينهما على حدس وتخمين على جزم وقطع، لأنه لما رأى حديثا نظيفا روى من طريق العجلي وآخر منكرا روى [من] طريق الواسطي فرق بينهما لأجل ذلك، والواقع أنهما واحد، ولو فرضناهما اثنين فكل منهما مجهول، والحفاظ يجرحون بالأحاديث ويحكمون عليها بالنكارة لذاتها ويجعلونها علامة على جرح الراوي، وقد حكموا على الحديث بالنكارة لذاته بقطع النظر أولا عن

راويه ثم لما وجدوا في سنده إبراهيم المجهول، ألصقوه به وجرحوه بروايته، فليكن من كان منهما سواء العجلي أو الواسطي فحديثه منكر باطل وهو به مجروح، والأحاديث الصحيحة لها صولة وعظمة ولمعانيها أنوار ومهابة ولألفاظها حلاوة وطلاوة. وأما ما التزمه البيهقي من عدم إخراج الموضوع فإنه ما وفَّى بما التزم فأخرج الكثير جدا من الموضوعات الظاهرة التي لا يشك من ليس الحديث صناعته أنها موضوعة فضلًا عمن هو من أهل الحديث، على أن البيهقي قال: لا يخرج حديثا يعلم هو أنه موضوع، وعلمه لا يلزم أن يكون موافقًا للواقع في كل شيء، فقد لا يعلم هو أنه موضوع، ويكون الأمر في الواقع على خلاف ما يعلم كما هو الواقع له في هذه المسألة وغيرها، والواقع لغيره أيضًا لاسيما وعلم جماعة مقدم على علم واحد، وقد حكم ابن عدي والعقيلي وأبو حاتم [1/ 492 - 493] وابن الجوزي والذهبي وآخرون ببطلانه، ويؤيدهم الواقع من اللفظ والحال من النكارة التي معها فنجزم بما جزموا به بقطع النظر عن ضعف الراوي وتعيين المتهم بالحديث. 745/ 1452 - "اللَّهُمَّ ربَّ جبْرِيلَ وَميكَائِيلَ وَإِسْرَافيلَ وَمُحَمَّدٍ نَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ". (طب. ك) عن والد أبي المليح قال الشارح: واسمه: عامر بن أسامة، وفيه مجاهيل، لكن المؤلف رمز لصحته. وقال في الكبير: قال الهيثمي: وفيه من لا أعرفه اهـ. وبه يعرف أن رمز المصنف لصحته غير صواب. قلت: هذا خطأ من وجوه، أحدها: أنه أراد أن يعين اسم صحابي الحديث وهو والد أبي المليح فذكر اسم أبي المليح نفسه على أحد الأقوال فيه.

أما والده فاسمه أسامة بن عمير، وكأن الذي أوقعه في ذلك قول النووي في الأذكار: روينا في كتاب ابن السني [رقم 101] عن أبي المليح واسمه عامر بن أسامة عن أبيه. . . إلخ. فلم يفرق بين هذا وبين قول المصنف: عن والد أبي المليح، فأعاد الضمير على الوالد تقليدا للنووي الذي أعاده على أبي المليح. ثانيها: أن انتقاده تصحيح المصنف للحديث بقول الهيثمي [10/ 104]: فيه من لم أعرفه -من أعجب ما يقع له من التهور والتخبيط، كأن الهيثمي نبي يوحى إليه ما يقول فلا يَهِمُ ولا يحصل منه قصور أو تقصير، ولعمري ما الذي جعل الهيثمي حجة دون المؤلف، إن هذا لشيء عجاب؟! ثالثها: أنه قال في الصغير: وفيه مجاهيل، وظهر من كلامه في الكبير أن مراده بالمجاهيل قول الحافظ الهيثمي: وفيه من لم أعرفه، وهذا غلط فاحش من جهتين: من جهة الفن ومن جهة العربية. أما الفن: فمن يقول عنه حافظ لا سيما من المتأخرين: لا أعرفه، لا يقال فيه مجهول، بل يحكي لفظه كما قال، لأن المجهول هو الذي لم يعرف تمامًا ولم تذكر له ترجمة في كتاب أصلًا، وأما ما يقول عنه بعض المتأخرين كالهيثمي: لم أعرفه، فالغالب أنه لم يقف له على ترجمة فيما بين يديه من كتب الرجال، وقد لا يكون عنده منها إلا الميزان والثقات لابن حبان مثلًا، ويكون ذلك الراوي معروفا ومترجما في كتب أخرى كما يقع كثيرا للمتأخرين، فكيف يقال فيمن لا يعرفه الهيثمي: إنه مجهول؟! وأما من جهة العربية: فإن الهيثمي قال: فيه من لم أعرفه، و"من" كما تقع على الواحد تقع على الجماعة، ألا أن الهيثمي عين المراد بإفراد الضمير وهو الذي لم يعرفه في السند راوٍ واحد، فلم يعبأ الشارح بهذا، بل زاد من عنده جماعة فقال: فيه مجاهيل.

رابعها: أن المصنف عزا الحديث للطبراني والحاكم ثم صححه، والهيثمي إنما قال ذلك في سند الطبراني، ومن عرف الشارح أن الحديث عند الطبراني والحاكم سند واحد وهذا الواقع يكذبه، فإن الحاكم [3/ 622] خرجه من غير الطريق الذي خرجه منه الطبراني كما سأذكره، ثم لو فرضنا أنه عندهما من طريق واحد فلم لا يكون الحاكم قد عرف ما جهله الهيثمي وهو أحفظ من ملء الأرض من الهيثمي؟!، ولم لا يكون تصحيح الحاكم والمؤلف مقدما على قول الهيثمي: فيه من لم أعرفه؟!، فهو ترجيح باطل بالبداهة للسامعين. وبعد، فالحديث حسنه الحافظ في تخريج أحاديث الأذكار، وقال: أخرجه الدارقطني في الأفراد، وقال: تفرد به مُبَشِّر وهو بضم "الميم" وفتح الموحدة وكسر المعجمة، ذكره ابن حبان في الثقات واسم أبيه أبو المليح عامر وهو من رجال الصحيح، وأما عباد بن سعيد الراوي عنه فلم أر فيه جرحا ولا تعديلا، إلا أن ابن حبان ذكر في الثقات عباد بن سعيد، ولم يذكر ما يتميز به، وأخرج هذا الحديث الحاكم في المستدرك من طريق آخر اهـ. قلت: فبان من هذا أن طريق الطبراني غير طريق الحاكم، وأن الذي لم يعرفه الهيثمي هو عباد بن سعيد، وأن ابن حبان قد ذكر في الثقات هذا الاسم، إلا أنه لم يذكر ما يميزه، فالغالب أنه هو، وعلى فرض أنه غير معروف، فالاعتماد على طريق الحاكم السالم منه، قال الحاكم [3/ 622]: أخبرنا الحسن بن محمد الأزهري ثنا إسحاق بن داود الصواف ثنا إبراهيم بن المستمر العروقي ثنا عبد الوهاب بن عيسى الواسطي ثنا يحيى بن أبي زكريا الغساني حدثني مبشر (¬1) بن أبي المليح بن أسامة عن أبيه عن جده أسامة بن عمير: "أنه صلى مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ركعتي الفجر فصلى قريبًا منه، فصلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ركعتين خفيفتين، فسمعه يقول: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ¬

_ (¬1) صحفت في المطبوع من المستدرك إلى "ميسرة"، والصواب ما أثبتناه هنا وهو مُبَشِّر بضم الميم وفتح الموحدة وكسر المعجمة.

ومحمد أعوذ بك من النار، ثلاث مرات". ومن هذا الوجه رواه ابن السني في اليوم والليلة [رقم 101] عن إبراهيم بن محمد بن الضحاك عن محمد بن سنجر عن عبد الوهاب بن عيسى به، ومع هذا فله شاهد من حديث عائشة، أخرجه النسائي [8/ 278] من رواية جسرة عنها قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم رب جبريل وميكائيل ورب إسرافيل أعوذ بك من حر النار ومن عذاب القبر". ورواه أبو يعلى بلفظ: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي ركعتين قبل طلوع الفجر، ثم يقول: اللهم رب جبريل وميكائيل ورب إسرافيل ورب محمد أعوذ بك من النار، ثم يخرج إلى الصلاة"، وشيخ أبي يعلى فيه سفيان بن وكيع وهو ضعيف، وفيه عبد اللَّه بن أبي حميد وهو متروك. خامسها: بعد كتابة هذا راجعت مجمع الزوائد، فإذا الحافظ الهيثمي لم يقل فيه ما نقله عنه الشارح، بل قال [10/ 104] رواه الطبراني في الكبير، وفيه عباد بن سعيد قال الذهبي: عباد بن سعيد عن مبشر لا شيء، قلت: قد زكاه ابن حبان في الثقات اهـ. كلام الحافظ الهيثمي. فاعجب لأمانة الشارح وتحقيقه في النقل لا حول ولا قوة إلا باللَّه! 746/ 1454 - "اللَّهُمَّ أحْينِي مِسْكينًا، وَتَوَفَّنِي مسْكينًا، واحْشُرْنِي في زُمْرَةِ المْسَاكِين، وَإِنَّ أَشْقَى الأَشْقِيَاءِ مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الآخِرَةِ". (ك) عن أبي سعيد قال الشارح: قال (ك): صحيح، وصححه الضياء أيضًا، وأخطأ ابن الجوزي. قلت: نسى الشارح ما انتقد به على المصنف إذ ذكر آخر هذا الحديث بلفظ: "أشقى الأشقياء" كما وقع عند مخرجه الطبراني في الأوسط كما نبهت عليه هناك.

والحديث أخرجه جماعة منهم البخاري في التاريخ وابن ماجه [2/ 1381 رقم 4126] والخطيب [4/ 111] وابن الجوزي [3/ 141 - 142] كلهم من طريق أبي خالد الأحمر عن يزيد بن سنان عن أبي المبارك عن عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد به، وأعله ابن الجوزي بأن أبا المبارك مجهول ويزيد بن سنان متروك. وقد رواه المؤمل بن أحمد في جزئه من طريق محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه عن عطاء دون ذكر أبي المبارك ولفظه: "اللهم توفني فقيرًا ولا توفني غنيًا واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة فإن أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة"، ثم قال: هذا حديث غريب من حديث عطاء عن أبي سعيد لا أعلم له وجهًا غير هذا كذا قال. وقد ورد من وجه آخر أخرجه الحاكم [4/ 322] والبيهقي [7/ 12] وأبو الشيخ والديلمي في مسند الفردوس من طريقه كلهم من رواية خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه وأقره الذهبي، ولم أدر كيف وقع له ذلك مع أن خالدا ضعيف؟، بل وهاه ابن معين، وأورد الذهبي نفسه هذا الحديث في ترجمته من الميزان، [رقم 10560] لكن الحديث له طرق أخرى من حديث أنس وعبادة بن الصامت وابن عباس. فحديث أنس رواه الترمذي [رقم 2352]، والبيهقي [7/ 12] في سننيهما من طريق ثابت بن محمد العابد الكوفي. ثنا الحارث بن النعمان الليثي عن أنس بن مالك به مطولًا، وقال الترمذي: حديث غريب، وأعله ابن الجوزي بالحارث بن النعمان، وقال: منكر الحديث. وحديث عبادة بن الصامت أخرجه تمام في فوائده والطبراني في الكبير والبيهقي في السنن والضياء في المختارة [65/ 1 - 2] وصححه وسيأتي للمصنف ذكره. وحديث ابن عباس رواه الشيرازي في الألقاب من طريق طلحة بن عمرو عن

عطاء عن ابن عباس، وطلحة متروك 747/ 1456 - "اللَّهُمَّ إِنَّكَ سَأَلْتَنَا مِنْ أَنْفُسِنَا مَا لَا نَمْلِكهُ فَأَعْطِنَا مِنْكَ مَا يُرْضيِكَ عَنَّا". ابن عساكر عن أبي هريرة قال الشارح -في الكبير والصغير-: قال المؤلف: وهذا متواتر. قلت: ما قال المؤلف ذلك ولا خطر على باله يومًا أن يقوله، لأن الحديث فرد غريب ليس له إلا طريق واحدة، ولكن الشارح أراد أن يكتب هذا على الحديث المذكور قبله، وهو حديث: "اللهم بارك لأمتي في بكورها"، لأنه الذي أورده المصنف في الأحاديث المتواترة [رقم 18] فسبق قلم الشارح في الكبير فكتبه على هذا الحديث الفرد الغريب، ثم قلد وهمه وغلط نفسه فكتب ذلك أيضًا في الشرح الصغير، وقد قلده شيخنا أبو عبد اللَّه محمد بن جعفر الكناني، فأورده في نظم المتناثر من الحديث المتواتر، وقال: وقال المناوي في الفيض والتيسير: قال المؤلف -يعني السيوطي-: متواتر اهـ. ولم أره في الأزهار ويتبادر إلى الذهن أنه سبق قلم أو تحريف من الناسخ، إلا أن يريد أن رجوع سيدنا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى اللَّه تعالى في أحواله كلها وسؤاله التوفيق منه متواتر عنه معنى فيصح واللَّه أعلم اهـ. وليس شيء من هذا واقعًا، وإنما هو سبق قلم منه كما قاله أولًا، وكان من حقه ألا يتبعه في هذا الوهم الفاحش، ولا يدنس كتابه به ولو مع التنبيه عليه. ثم اعلم أن الحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 10] عن أبي الشيخ بن حيان قال: حدثنا أبو علي بن إبراهيم ثنا عبد العزيز بن عمران ثنا محمد بن يعقوب بن حبيب بدمشق ثنا دلهاث بن جبير ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي عن عطاء

ابن أبي رباح عن أبي هريرة قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يدعو فيقول. . . " وذكره مثله، إلا أنه قال: "فأعطنا منا" بدل قوله: "منك"، ودلهاث بن جبير ضعيف جدًا، ومن طريقه خرجه أيضًا المستغفري في الدعوات. 748/ 1461 - "اللَّهُمَّ إنّي أعُوذُ بكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ في دَارِ الْمُقَامَةِ، فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَة يَتَحولُ" (ك) عن أبي هريرة قال الشارح: فمدته قصيرة فلا يعظم الضرر في تحملها، ولعله ذلك، لمَّا بالغ جيرانه -ومنهم عمه أبو لهب وزوجه وابنه- في إيذائه، فقد كانوا يطرحون الفرث والدم على بابه. قلت: فيه أمران: الأول: ما ترجاه الشارح من أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دعا بذلك لما بالغ جيرانه بمكة في إيذائه باطل لوجهين، أحدهما: أن أبا هريرة قال عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنه كان يدعو بذلك، وأبو هريرة ما أسلم إلا بالمدينة، بل في السنة السابعة من الهجرة. ثانيهما: في رواية أخرى للحاكم [1/ 532]: "استعيذوا باللَّه من جار المقام" الحديث، فإنه صريح على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يدعو بذلك ابتهالًا إلى اللَّه تعالى وتعليمًا لأمته لا لإذاية عم ولا قريب. الأمر الثاني: قوله في الحديث: "فإن جار البادية يتحول" -أراه وهمًا من راويه، رواه بالمعنى فغلط فيه، فقد روى هذا الحديث البخاري في الأدب المفرد [رقم 117] مثله، وقال: "فإن جار الدنيا" بدل "البادية"، وهذا هو الصواب، لأن جار البادية لا يختص بالتحول، بل جار الحاضرة كذلك، بل أولى من جار البادية، بل لو قيل: إن جار الحاضرة يتحول دون جار البادية لما كان بعيدًا، بل هو الواقع إلا في العرب الوحل وهم عدد قليل، والحكم للغالب لا القليل، فالصواب حينئذ في معنى الحديث -واللَّه أعلم- أن المراد

بـ "دار المقامة" الآخرة، لأن الدنيا ليست دار إقامة، ويكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أرشد إلى التعوذ من جار السوء في المقابر، لأن الميت يتأذى منه ويتألم مما يصيبه، وهو شاهد لحديث: "ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين، فإن الميت يتأذى بجار السوء كما يتأذى الحي بجار السوء"، كما تقدم ذلك عند ذكر هذا الحديث، ولا يعكر على هذا رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري عند الحاكم أيضًا في هذا الحديث: "استعيذوا باللَّه من جار المقام، فإن جار المسافر إذا شاء أن يزايل زال"، فإنها رواية بالمعنى وتصوف من الراوي جزمًا، إذ صحابى الحديث واحد وتابعيه واحد، وهو سعيد المقبري، ثم رواه عنه ابن عجلان كما عند البخاري والحاكم في الرواية السابقة، وعبد الرحمن بن إسحاق كما في هذه الرواية، فلا يجوز أن يكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نطق به على الوجهين، ولا أبو هريرة حدث به كذلك ولا المقبري، وإنما هو تصرف من الراوي، وإذ ذلك كذلك فاللفظ الصحيح من الروايات هو السالم المعنى الموافق للواقع، وهو ما وقع عند البخاري. 749/ 1464 - "اللَّهم مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيهمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ". (م) عن عائشة زاد الشارح: وغيرها. قلت: وهو غلط صريح، فإنه ما خرجه مسلم (¬1) عن غير عائشة، ولعله أراد أن يقول: وغيره قاصدًا ما ذكره في الكبير من أن النسائي خرجه أيضًا في السير من سننه. 750/ 1468 - "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة (19).

لَا يُسْمَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ عِلمٍ لَا يَنْفَعُ، أعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلَاءِ الأربع". (ت. ن) عن ابن عمرو (د. ن. هـ. ك) عن أبي هريرة (ن) عن أنس قال الشارح في الكبير: قال الترمذي: حسن غريب، وأخرج مسلم نحوه بأتم منه وأكثر فائدة، فلو آثره المصنف لكان أحسن. قلت: ولو سكت الشارح وعرف قدره لكان أحسن وأحسن، فكلامه هذا خطأ من وجوه، الأول: أنه لم يذكر صحابي حديث مسلم حتى يعرف هل هو واحد من هؤلاء الثلاثة فيصح الاستدراك به أو غيرهم فيكون حديثًا آخر. الثاني: أن مسلمًا خرج الحديث الذي يقصده الشارح من حديث زيد بن أرقم ولفظه [رقم 2088، 2089]: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها". الثالث: أن المصنف ذكر هذا الحديث بعد تسعة وثمانين حديثًا آخر أحاديث الأدعية قبل حديث ألبان: "البقر شفاء" بحديثين، وعزاه لأحمد وعبد بن حميد ومسلم والنسائي عن زيد بن أرقم. الرابع: قوله عقب حديث النسائي عن أنس: وقال (ت): حسن غريب، يوهم أن الترمذي قال ذلك في حديث أنس بعد أن خرجه، والترمذي لم يخرج حديث أنس، وإنما قال ذلك عقب حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص [رقم 3572]، فكان حق الشارح أن يذكر هذا عقب حديث عبد اللَّه بن عمرو. الخامس: أن تأخيره النقل عن الترمذي بذلك إلى آخر الحديث يفيد أن رتبته

كذلك، وأنه بجميع طرقه حسن والأمر بخلافه، بل هو حديث صحيح، بل الترمذي قد قال في حديث عبد اللَّه بن عمرو وحده: حسن صحيح غريب، بخلاف ما نقله عنه الشارح، هذا وحديث أنس لم ينفرد به النسائي، بل أخرجه أيضًا أحمد [3/ 113] وابن حبان في الصحيح [2/ 176 - 181] وفي الباب عن غير هؤلاء منهم جابر وجرير وابن عباس وابن مسعود، وسيأتي للمصنف حديث ابن مسعود. أما حديث ابن عباس فأخرجه الطبراني [1/ 114] وابن عبد البر في العلم، وحديث جابر ذكره الترمذي في الباب، وحديث جرير رواه الطبراني في الكبير دون ذكر العلم. 751/ 1473 - "اللَّهُمَّ مَتعنْي بِسَمْعِي وَبَصَرِي، واجْعَلْهُمَا الْوَارِثَ مِني، وانْصُرْني عَلَى مَنْ ظَلَمَني، وَخُذْ مِنْهُ بِثَأرِي". (ت. ك) عن أبي هريرة قلت: رواه البخاري في الأدب المفرد [رقم 650] من حديث أبي هريرة، ومن حديث جابر بن عبد اللَّه، وسيأتي قريبًا عزوه للحاكم [1/ 523] من حديث علي عليه السلام مطولًا، ومن حديث عائشة بعضه أيضًا. 752/ 1475 - "اللَّهُمَّ إني أَسْأَلُكَ غِنَايَ وَغِنى مَوْلاي". (طب) عن أبي صومة قال في الكبير: ورواه عنه -أيضًا- أحمد، قال الهيثمي: أحد إسنادي [أحمد] رجاله رجال الصحيح، وكذا إسناد الطبراني غير لؤلؤة مولاة الأنصاري وهي ثقة. قلت: الحافظ الهيثمي لا يتعرض لذكر علل الأحاديث، وهذا الحديث رواه أحمد [3/ 453]، عن يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد أن محمد بن يحيى ابن حبان أخبره أن عمه أبا صرمة كان يحدث "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول"، وذكره، وهذا الإسناد هو الذي يقول عنه الهيثمي: رجاله رجال

الصحيح، وهو وإن كان كذلك إلا أنه معلول بالانقطاع بدليل الطريق الثاني الذي أخرجه أحمد أيضًا عن قتيبة بن سعيد عن ليث عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن لؤلؤة عن أبي صرمة به، وهذا هو السند الثاني في كلام الهيثمي، وهو كالأول رجاله رجال الصحيح، إلا أن فيه زيادة ذكر لؤلؤة، وهي التي بينت أن السند الأول منقطع. ورواه البخاري في الأدب المفرد من طريقين عن يحيى بن سعيد في كل منهما إثبات الواسطة، فرواه أولًا عن عمرو بن خالد عن الليث كما سبق بذكر لؤلؤة، ثم رواه عن أحمد بن يونس عن زهير عن يحيى عن محمد بن يحيى فقال: عن مولى لهم عن أبي صرمة، وأظن لفظ المولى تحرف عن مولاة، فقد أخرجه الدولابي في الكنى [1/ 40] عن إسحاق بن سويد عن إسماعيل بن أبي إويس عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى عن لؤلؤة عن أبي صرمة به لفظ: "اللهم إن الغنى وغنى الموالي"، وأخرج أيضًا [1/ 40] بهذا الإسناد من رواية يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حيان عن مولاة لهم عن أبي صرمة مرفوعًا: "من ضارَّ ضارَّ اللَّه به، ومن شان شان اللَّه عليه". 753/ 1476 - "اللَّهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءَ أُمَّتي قَتْلًا في سَبِيِلكَ بالطَّعْنِ والطَّاعُونِ". (حم. طب) عن أبي بردة قال الشارح: أخي أبي موسى. وقال في الكبير: ابن أبي موسى الأشعري، واسمه الحارث أو عمارة أو عامر، سمع عليا وعائشة، وولى قضاء الكوفة، ورواه عنه -أيضًا- الحاكم في المستدرك باللفظ المزبور، وصححه، وأقره عليه الذهبي، بل رواه أحمد باللفظ المذكور، قال الهيثمي: رجاله ثقات اهـ. فلو عزاه المصنف له لكان أحسن

على عادته في البداءة في العزو إليه، وما أراه إلا ذهل عنه، قال الحافظ ابن حجر: وحديث ابن أبي موسى هذا هو العمدة في هذا الباب؛ فإنه يحكم له بالصحة لتعدد طرقه إليه. قلت: هذا من عجر الشارح وبجره، بل هو من عجائب الدنيا، فاسمع ما فيه من الأغلاط والأوهام. الأول: قال في الصغير: أبو بردة أخو أبي موسى، وقال في الكبير: ابن أبي موسى، فهذا تناقض. الثاني: جزم في الكبير بأنه ابن أبي موسى وذكر أن اسمه الحارث أو عمارة أو عامر، وأنه سمع عليا وعائشة. . . إلخ، فأبو بردة بن أبي موسى تابعي ليس بصحابي، وعليه فالحديث مرسل، والمصنف إذا روى حديثًا مرسلًا صرح بذلك، ثم لم يكتف الشارح بهذا حتى زاد عقبه: ورواه عنه أيضًا الحاكم في المستدرك وصححه وأقره الذهبي بل رواه أحمد، فكيف يخرج الحاكم (¬1) حديثًا مرسلًا ويصححه، ويقره الذهبي عليه؟! وكيف يخرج أحمد حديثًا مرسلًا في مسنده؟! فهكذا الغفلة والبلية وإلا فلا تكن. الثالث: صحابي الحديث أبو بردة بن قيس أخو أبي موسى الأشعري وهو مشهور بكنيته كأخيه. الرابع: قوله: بل رواه أحمد باللفظ المذكور، فلو عزاه المصنف إليه لكان أحسن، وما أراه إلا ذهل عنه. . . إلخ هو ذهول كما قال الشارح، بل من أعجب ذهول رُئِيَ في الدنيا ولكن من الشارح لا من المصنف، فالمصنف عزاه لأحمد وكتب ذلك الشارح بيده، ولكن بعد سطرين نسى ما كتب وحصل له هذا الذهول المضحك الذي أوقعه فيه حبه الشديد للانتقاد على المصنف حتى صار قلمه يجري بالانتقاد عليه دون إرادة منه. الخامس: قوله: قال الحافظ ابن حجر: وحديث ابن أبي موسى هذا هو العمدة ¬

_ (¬1) في الأصل الذهبى وهو سبق قلم من المؤلف رحمه اللَّه.

في الباب. . . إلخ، هو غلط على الحافظ أيضًا، فإنه ما قال ذلك في هذا الحديث، ولكن قاله في حديث آخر رواه أبو موسى، فاسمع نص كلامه، قال في الفتح: ومما يؤيد أن الطاعون إنما يكون من طعن الجن وقوعه غالبًا في أعدل الفصول وفي أصح البلاد وأطيبها ماء، إلى أن قال: فدل على أنه من طعن الجن كما ثبت في الأحاديث الواردة في ذلك، منها حديث أبي موسى رفعه: "فناء أمتي بالطعن والطاعون، قيل: يا رسول اللَّه هذا الطعن قد عرقاه، فما الطاعون؟ قال: وخز أعدائكم من الجن وفي كل شهادة"، أخرجه أحمد [4/ 395] من رواية زياد بن علاقة عن رجل عن أبي موسى، وفي رواية له عن زياد حدثني رجل من قومي قال: كنا على باب عثمان ننتظر الإذن فسمعت أبا موسى، قال زياد: فلم أرض بقوله: فسألت سيد الحي فقال: صدق. وأخرجه البزار والطبراني من وجهين آخرين عن زياد فسميا المبهم يزيد بن الحارث، وسماه أحمد في رواية أخرى أسامة بن شريك، فأخرجه من طريق أبي بكر النهشلي عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال: خرجنا في بضع عشرة نفسًا من بني ثعلبة فإذا نحن بأبي موسى، ولا معارضة بينه وبين من سماه يزيد بن الحارث لأنه يحمل على أن أسامة هو سيد الحي الذي أشار إليه في الرواية الأخرى واستثبته فيما حدثه به الأول وهو يزيد بن الحارث ورجاله رجال الصحيح إلا المبهم، وأسامة بن شريك صحابي مشهور والذي سماه وهو أبو بكر النهشلي من رجال مسلم فالحديث صحيح بهذا الاعتبار، وقد صححه ابن خزيمة والحاكم [2/ 93] وأخرجاه، وأحمد [4/ 413] والطبراني من وجه آخر عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري قال: "سألت عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: هو وخز أعدائكم من الجن وهو لكم شهادة"، ورجاله رجال الصحيح إلا أبا بَلْج بفتح الموحدة وسكون اللام بعدها جيم واسمه يحيى، وثقه ابن معين والنسائي وجماعة، وضعفه جماعة بسبب التشيع، وذلك لا يقدح في قبول روايته عند الجمهور.

وللحديث طرق ثلاثة أخرجها الطبراني من رواية عبد اللَّه بن المختار عن كريبًا ابن الحارث بن أبي موسى عن أبيه عن جده، ورجاله رجال الصحيح إلا كريبًا وأباه وكريب وثقه ابن حبان، وله حديث آخر في الطاعون أخرجه أحمد وصححه الحاكم من رواية عاصم الأحول عن كريب بن الحارث عن أبي بردة ابن قيس أخي أبي موسى الأشعري رفعه: "اللهم اجعل فناء أمتي قتلًا في سبيلك بالطعن والطاعون"، قال العلماء: أراد -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يحصل لأمته أربعة أنواع [من] الشهادة وهو القتل في سبيل اللَّه بأيدي أعدائهم إما من الأنس وإما من الجن، ولحديث أبي موسى شاهد من حديث عائشة أخرجه أبو يعلى من رواية ليث بن أبي سليم عن رجل عن عطاء عنها، وهذا سند ضعيف، وآخر من حديث ابن عمر سنده أضعف منه، والعمدة في هذا الباب على حديث أبي موسى، فإنه يحكم له بالصحة لتعدد طرقه إليه اهـ. السادس: الحافظ قال: والعمدة على حديث أبي موسى، والشارح قال زيادة من عنده: ابن أبي موسى ليجر كلام الحافظ السالم من الوهم إلى وهمه الفاحش. 754/ 1477 - "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي، وتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي، وَتَلُم بِهَا شَعْثِي، وتُصْلِحُ بَهَا غائِبِي، وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهدِي، وتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي، وتُلْهمني بِهَا رُشْدي، وَتَرُدُّ بِهَا ألْفَتِي، وتَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوء، اللَّهُمَّ أعْطنِي إيمَانًا، ويَقينًا لَيْسَ بَعْدَهُ كُفرٌ، وَرَحْمَةٌ أنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتكَ في الدُّنْيَا وَالآخِرَة، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْألُكَ الْفَوْزَ في القَضَاءِ، وَنُزُلَ الشُّهَدَاءِ، وَعَيْش السُّعَدَاء، والنَّصْرَ عَلَى الأَعْدِاء، اللَّهُمَّ إنِّي أنْزِلُ بكَ حَاجَتِي، فإن قَصُرَ رَأْيي وَضَعُفَ عَمَلي افْتَقَرْتُ إلى رَحْمَتِكَ، فَأسْألُكَ يَا قَاضي الأُمورَ، وَيَا شَافِي الصُّدُور كَمَا تُجِيْرُ بَيْنَ البحورِ أنْ تُجيَرنِي مِنْ عَذَابِ السَّعِير، وَمِنْ

دَعْوَة الثُّبُورِ، وَمِنْ فتْنَة القُبُورِ، اللَّهُم مَا قَصُرَ عَنْهُ رَأيي، ولَمْ تَبْلُغْهُ نِيَّتِي، ولَمْ تَبلُغْهُ مَسْأَلتي، مِنْ خَير وَعدْتَهُ أحَدًا منْ خَلْقكَ، أوْ خَيرٍ أَنْتَ مُعْطِيه أَحَدًا منْ عِبَادكَ، فَإِنِّي أرْغَبُ إلَيْكَ فيه، وأسْألُكَ بِرحْمَتِك يا رَبَّ العَالِمينَ، اللَّهُمَّ ياذَا الْحَبْل الشَّديدِ، والأَمْرِ الرشيد، أسْألُكَ الأَمْنَ يَوْمَ الْوَعيد، والجَنَّة يَوْمَ الخُلُود، مَع المُقرَّبيِنَ الشُّهُودِ، الرُّكع السُّجُود، الْمُوفِينَ بالْعُهُود، إنَّكَ رَحيمٌ وَدُودٌ، وإنَّكَ تَفْعَلُ مَا تُريدُ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هَادِيْنَ مُهْتَدينَ، غَيْرَ ضَالِّينَ وَلا مُضلِّينَ، سَلَمًا لأَوْلِيَائِكَ وَعَدوًا لأعْدائِكَ، نحُبُّ بحُبِّكَ مَنْ أحَبَّكَ، وَنُعَادي بَعَداوَتِكَ مَنْ خَالفَكَ، اللَّهُمَّ هَذَا الدعاء، وعَلَيْكَ الإجَابَة، وهَذَا الجَهْدُ وَعَلَيْكَ التُّكْلَان. اللَّهُمَّ اجْعَلْ لي نورًا فِي قَلْبِي، وَنُورًا فِي قَبْري، ونُورًا بَيْنَ يَدَيَّ، وَنُورًا مِنْ خَلْفِي، ونُورًا عَن يَمِينِي، ونُورًا عَنْ شِمَالِي، ونُورًا مِنْ فَوْقِي، وَنُورًا مِنْ تَحْتِي، وَنُورًا في سَمْعِي، ونُورًا في بَصَرِي، وَنُورًا فْى شَعْرِي، وَنُوْرًا في بَشَرِي، وَنُورًا فِي لَحْمِي، وَنُوْرًا فِي دَمِي، وَنُورًا فِى عِظَامي، اللَّهُمَّ أَعْظِمْ لِي نُوْرًا، وَأَعْطِنْى نُوْرًا، واجْعَلْ لِي نُورًا، سُبْحَانَ الَّذِي تَعَطَّفَ بالْعزِّ وَقَالَ به سُبْحَانَ الَّذي لَبِسَ الْمَجْدَ وَتَكَرَم بِهِ، سُبْحَان الَّذِي لا يَنْبغِي التَّسْبِيحُ إلا لَهُ، سُبْحَانَ ذي الفَضْلِ والنِّعَمَ، سُبْحَانَ ذِي الْمَجْدِ والكَرَمِ، سُبْحَانَ ذِي الْجَلَال والإِكْرَامِ". (ت) ومحمد بن نصر في الصلاة (طب) والبيهقي في الدعوات عن ابن عباس قال الشارح: وفي أسانيده مقال لكنها تعاضدت. قلت: قابل بين هذا وبين قوله في الكبير: رووه كلهم من حديث داود بن علي ابن عبد اللَّه ابن عباس عن أبيه عن جده عبد اللَّه بن عباس، وداود هذا وثقه

ابن حبان وغيره، وقال ابن معين: أرجو أنه لا يكذب. . . إلخ، تعلم أن الشارح بلغ أقصى ما يبلغ إليه البشر في الغفلة والتهور بل والكذب المكشوف، فكيف يقول في الكبير: إنهم رووه كلهم من طريق داود بن علي ابن عبد اللَّه بن عباس ثم يقول في الصغير: وفي أسانيده مقال لكنها تعاضدت. 755/ 1484 - "اللَّهُمَّ وَاقِية كَوَاقِيَةِ الْوَلِيدِ". (ع) عن ابن عمر قال الشارح: وفي إسناده مجهول. وقال في الكبير: قال الهيثمي: فيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات. قلت: إذا فقوله في الصغير: وفي إسناده مجهول غلط، لأنه أخذ من قول الهيثمي [10/ 182]: فيه راو لم يسم وهو التعبير اللائق بل الواجب لا ما فعله الشارح لعدم فهمه اصطلاح أهل الحديث، لأن الذي لم يسم لم يعرف، فكيف يحكم عليه بأنه مجهول؟! فقد يسمى في رواية أخرى فيتضح أنه من أعرف المعروفين وأشهر المشهورين، والطريق التي فيها المبهم خرجها أيضًا أحمد في الزهد، قال: حدثنا عبد الرزاق أنبأنا الثوري عن رجل من أهل المدينة عن سالم عن ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول في دعائه: "اللهم واقية كواقية الوليد -يعني: المولود-" وقد ورد ما يعين هذا المبهم الذي هو من أهل المدينة، قال القضاعي في مسند الشهاب: أخبرنا هبة اللَّه بن إبراهيم الخولاني أنا علي بن الحسين بن بندار ثنا أبو عروبة ثنا عبد الوهاب بن الضحاك ثنا ابن عياش عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سالم بن عمر به، فيحيى بن سعيد الأنصاري من أهل المدينة وهو من شيوخ الثوري فبان من هذا أنه ليس بمجهول وأنه من أوثق الثقات وأعرف المعروفين.

756/ 1485 - "اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي". (حم) عن ابن مسعود قال الشارح في الكبير: قال الزين العراقي: ووهم من زعم أنه أبو مسعود. قلت: كذلك وقع عند الخرائطي في مكارم الأخلاق فإنه قال: حدثنا علي بن حرب ثنا محاضر بن المورع ثنا عاصم بن محمد بن عوسجة عن عبد اللَّه ابن أبي الهذيل عن أبي مسعود البدري قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . . " وذكره، ولعل الوهم فيه من علي بن حرب أو من الخرائطي، فقد رواه أحمد [1/ 403] عن محاضر بن المورع بسنده فقال: عن عبد اللَّه بن مسعود، وكذلك رواه علي بن عبد العزيز البغوي في معجمه، والقضاعي من طريقه من رواية علي بن مسهر عن عاصم بن عوسجة، وكذلك رواه ابن حبان في الصحيح. وفي الباب عن علي وعائشة. فحديث علي رواه ابن السني في اليوم والليلة [رقم 160] من طريق الحسن ابن أبي السري عن محمد بن الفضيل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان ابن سعد عن علي عليه السلام أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا نظر وجهه في المرآة قال: "الحمد للَّه، اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي". وحديث عائشة رواه أحمد [6/ 68] من طريق عبد اللَّه بن الحارث عنها قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي". 757/ 1486 - "اللَّهُمَّ احْفَظْنِي بالإِسْلام قَائمًا، واحْفَظْنِي بالإِسْلامِ قَاعدًا، واحْفَظْنِي بالإِسْلامِ راقدًا، وَلَا تُشْمت بِي عَدُوًا وَلَا حَاسدًا، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْألُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ خَزَائِنهُ بِيَدِكَ". (ك) عن ابن مسعود

قال الشارح في الكبير: وزاد البيهقي في الدعوات من طريق هاشم بن عبد اللَّه ابن الزبير أن عمر بن الخطاب أصابته مصيبة، فأتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فشكى إليه وسأله أن يأمر له بوسق تمر، فقال: إن شئت أمرت لك، وإن شئت علمتك كلمات خيرا لك منه، فقال: علمنيهن ومر لي بوسق، فإني ذو حاجة إليه، قال: أفعل، وقال: قل: اللهم احفظني. . . إلخ. قلت: هذه الرواية أخرجها أيضًا الديلمي في مسند الفردوس قال: أخبرنا محمد بن طاهر الحافظ أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الصوفي أخبرنا أبو الحسين بن الفضل أخبرنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان ثنا أصبغ أخبرنى ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب حدثنا المعلى بن رؤبة عن هاشم بن عبد اللَّه بن الزبير أن عمر بن الخطاب أصابته مصيبة فذكر القصة بلفظها وفيه: "قل: اللهم احفظني بالإسلام قائمًا واحفظني بالإسلام قاعدًا واحفظني بالإسلام راقدًا ولا تطع في عدوا ولا حاسدا، وأعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها وأسألك من الخير الذي هو بيدك كله". قلت: والحديث عليه هيمنة النبوة ولكن القصة التي في أوله لعمر في القلب منها شيء فأخاف أن يكون الحديث مأخوذ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والقصة مركبة. 758/ 1488 - "اللَّهُمَّ أمْتعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي حَتَّى تَجْعَلَهُما الْوَارِثَ مِنِّي، وعَافِني فِي دينْي وجَسَدِي وانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمنِي، حتَّى تُرينِي فيه ثَأرِي، الَلَّهُمَّ إنِّي أسلَمْتُ نَفسْي إليْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إليْكَ، وأَلجَأتُ ظَهْرِي إليْكَ، وَخَلَّيْتُ وجْهِي إليْكَ، لَا مَلْجَأ وَلَا مَنْجَي مِنْكَ إِلَّا إليْكَ، آمَنْتُ بِرسولِكَ الذِي أرسلتَ وبِكِتَابِكَ الذِي أنزَلتَ". (ك) عن علي قال (ش) في الكبير: قال (ك): صحيح، وأقره الذهبي، وظاهر كلام المصنف أنه لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة، وهو كذلك على الجملة، وإلا ففي

البخاري ومسلم نحوه مفرقا بزيادة ونقص. قلت: هذا كلام فاسد الغرض منه تسويد الورق بانتقاد المؤلف أو ما يشبه انتقاده ويقاربه فإن للَّه. 759/ 1490 - "اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنفع، وقَلبٍ لَا يَخْشَع، ودعَاءٍ لَا يُسْمَع، ونَفْسٍ لَا تَشْبَع، ومِنْ الجُوع؛ فَإنَّهُ بِئسَ الضَّجيع، وَمِنَ الخيَانَة؛ فإنَّها بئْسَت البِطَانَة، ومِنَ الكَسَلِ، والبُخْلِ، وَالجُبْنِ، وَمِنَ الهَرَمِ، وَأنْ أرَدُّ إلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَمِنْ فِتْنَة الدَّجَّالِ، وَعَذَابِ القَبْر، وَمِنْ فتْنَة المَحْيَا والممَات، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ قُلُوبًا أوَّاهَةً، مُنِيْبَةً في سَبِيلِكَ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ عَزَائمَ مَغْفرتِكَ، ومُنْجَيات أمْرِكَ، واَلسَّلامَة من كُلِّ إثْم، وَالغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِر، والفَوْزَ بِالجنَّة، والنَّجَّاةَ مِنَ النَّارِ". (ك) عن ابن مسعود قال الشارح: قال (ك): صحيح الإسناد، قال الحافظ العراقي: وليس كما قال إلا أنه ورد في أحاديث جيدة الإسناد. قلت: إنما تعقب العراقي [1/ 325] تصحيح الحاكم [1/ 104] لأن الحديث عنده من رواية خلف بن خليفه عن حميد الأعرج عن عبد اللَّه بن الحارث عن عبد اللَّه بن مسعود ثم قال: صحيح الإسناد إلا أن الشيخين لم يخرجا عن حميد الأعرج الكوفي إنما اتفقا على إخراج حديث حميد بن قيس الأعرج المكي اهـ، وتعقه الذهبي بأن حميدا متروك. 760/ 1491 - "اللَّهُمَّ اجْعَلْ أوْسَعَ رِزْقكَ عَليَّ عِنْدَ كِبَرِ سِنِّي، وانْقِطَاع عُمُرِي". (ك) عن عائشة

قال في الكبير: قال الحاكم: حسن غريب، ورده الذهبي بأن عيسى بن ميمون متهم -أي بالوضع- ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه، نعم، رواه الطبراني بسند، قال فيه الهيثمي: إنه حسن، وبه تزول التهمة. قلت: الطبراني خرجه أيضًا من طريق عيسى بن ميمون فلم تزل التهمة؛ إذ طريق الحاكم والطبراني واحدة. فأما الحاكم فقال: حدثنا أبو نصر أحمد بن سهل بن حمدويه الفقيه ثنا أبو علي صالح بن محمد ابن حبيب الحافظ ثنا سعيد بن سليمان ثنا عيسى بن ميمون مولى القاسم عن القاسم بن محمد عن عائشة. وأما الطبراني فقال في الأوسط: حدثنا محمد بن المغيرة ثنا سعيد بن سليمان ثنا عيسى بن ميمون به، ثم قال: لا يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا من حديث القاسم عن عائشة اهـ. فلعل الحافظ الهيثمي رجح جانب من قال في عيسى بن ميمون: لا بأس به فحسنه اعتمادا على تحسين الحاكم. 761/ 1499 - "اللَّهُمَّ مَن آمَنَ بِي وصدَّقَنِي، وعَلمَ أنَ مَا جئْتُ بِهِ هُو الحقُّ مِنْ عِنْدَكَ، فَأقْلِلَ مَالَهُ وَوَلَدهُ، وحبِّبْ إليه لقَاءَكَ، وعَجِّلْ لَهُ القَضَاء، ومَنْ لَمْ يُؤمِنْ بِي ولَمْ يُصَّدِقْنِى، ولَمْ يَعْلَمَ أنَّ مَا جِئْتُ بِه هُو الحَقُّ مِنْ عِنْدكَ، فأَكْثِرْ مَالَهُ وولَدَهُ، وأْطِلْ عُمُرَهُ". (هـ) عن عمرو بن غيلان الثقفي (طب) عن معاذ بن جبل قال الشارح: وهو ضعيف لضعف عمرو بن واقد، لكنه يقوى بوروده من طريقين.

قلت: إن كان مراده بالضعيف حديث معاذ وحده فمسلم، لكنه لم يرد من طريقين بل ورد من طريق واحدة، وإن كان مراده الحديث من أصله فباطل من وجهين، أحدهما: أنه ليس بضعيف، لأن حديث عمرو بن غيلان رجاله ثقات كما نقله الشارح نفسه في الكبير عن المصنف في الفتاوى، وانضمام حديث معاذ إليه يزيده قوة فيكون صحيحًا أو حسنا كما رمز له المصنف. ثانيهما: أنه ليس له طريقان فقط بل طرق متعددة مها المذكوران، ومها حديث فضالة بن عبيد وأبي هريرة ونقادة الأسدي. أما حديث فضالة فذكره المصنف بعد هذا. وأما حديث أبي هريرة فقال الدينوري في المجالسة: حدثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا يحيى بن عبد الحميد ثنا أبو بكر بن عياش عن عبد اللَّه بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "اللهم من أحبني فارزقه العفاف والكفاف، ومن أبغضني فأكثر ماله وولده"، وقال ابن شاهين: ثنا عمر بن الحسن بن علي ثنا يحيى بن إسماعيل ثنا جعفر بن علي الجريري ثنا سيف -يعني: ابن عمر- عن عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند عن جده عن أبي هريرة به. وأما حديث نقادة فقال الدينوري في المجالسة: حدثنا جعفر ثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني وعفان بن مسلم الصفار جميعا يزيد أحدهما على الآخر قالا: حدثنا غسان بن برزين ثنا أبو المنهال سيار بن سلامة عن البراء السليطي عن نقادة الأسدي قال: "بعثني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى رجل يستمنحه ناقة له وإن الرجل رده، فبعثني إلى آخر سواه فبعث بها إليه فقال نقادة: فجئت بها أقودها فلما أبصرها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: اللهم بارك فيها وفيمن أرسل بها. فقلت: يا رسول اللَّه وفيمن جاء بها؟ قال: وفيمن جاء بها، ثم أمر بها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فحلبت فدرت فقال: اللهم أكثر مال فلان

وولده -يعني: المانع الذي رده- اللهم اجعل رزق فلان يوما بيوم -يعنى: صاحب الناقة الذي أرسل بها-". ورواه أحمد عن يونس وعفان قالا: ثنا غسان بن برزين به. 762/ 1500 - "اللَّهُمَّ مَنْ آمَنَ بِكَ وشَهِدَ أنِّي رَسولُكَ فَحبِّب إليه لقاءَكَ، وسَهِّلْ علِيه قَضاءكَ، وأقْلِلْ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا، ومَنْ لَمْ يُؤْمنْ بِكَ وَلَمْ يَشْهَدْ أنِّي رَسُولُكَ فَلَا تُحبِّبْ إليه لِقَاءَكَ ولا تُسَهِّلْ عَليَهِ قَضَاءَكَ وكَثِّرْ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا". (طب) عن فضالة بن عبيد قلت: أخرجه أيضًا أبو ذر الهروي في جزء من حديثه قال: أخبرنا ابن شاهين أخبرنا عبد اللَّه بن سليمان بن الأشعث ثنا أبو الطاهر أحمد ابن عمرو بن السرح أنا ابن وهب عن سعيد وهو ابن أبي أيوب عن أبي هانئ عن أبي علي الجنبي عن فضالة بن عبيد به. 763/ 1502 - "اللَّهمَّ لَكَ أسْلمت، وبِكَ آمنْتُ، وَعليْكَ تَوكلتُ، وَإِليكَ أنبْتُ، وَبكَ خَاصَمْتُ اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بعزتك، لا إلهَ إلَا أنْتَ أنْ تُضلَّنِي، أنْتَ الحيُّ الذِي لا يَمُوت، وَالجِنُ والإنْسُ يَمُوتُونَ". (حم) عن ابن عباس قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أن هذا من مفردات مسلم عن صاحبه، وليس كذلك؛ فقد رواه البخاري في التوحيد عن ابن عباس. قلت: الذي رواه مسلم حديث والذي رواه البخاري حديث آخر من وجه آخر لا يجتمع مع هذا إلا في بعض الألفاظ. أما حديث الباب فقال مسلم (¬1): ¬

_ (¬1) رواه الإمام مسلم في كتاب الذكر والدعاء (67).

حدثني حجاج بن الشاعر ثنا عبد اللَّه بن عمرو أبو معمر ثنا عبد الوارث ثنا الحسين ثنا ابن بريدة عن يحيى بن يعمر عن ابن عباس (¬1) أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول. . . وذكره. وأما حديث البخاري فرواه في التوحيد كما قال الشارح وفي الدعوات أيضًا، فقال في التوحيد [8/ 86]: ثنا قبيصة ثنا سفيان عن ابن جريج عن سليمان عن طاوس عن ابن عباس قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يدعو من الليل. . . ح. وقال في الدعوات [9/ 143، 162]: ثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا سفيان قال: سمعت سليمان بن أبي مسلم عن طاوس عن ابن عباس كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قام من الليل يتهجد قال: "اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك حق، وقولك حق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، والنبيون حق ومحمد حق، اللهم لك أسلمت وعليك توكلت وبك آمنت وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم المؤخر لا إله إلا أنت أو لا إله غيرك" اهـ. فأين حديث الكتاب من هذا وأين رواية البخاري من رواية مسلم؟! 764/ 1509 - "اللَّهمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّ". (د. ك) عن شكل قال في الكبير: وكذلك رواه الترمذي خلافًا لما يوهمه كلام المصنف من تفرد ¬

_ (¬1) كتبت في الأصل المخطوط كلمة "ابن" بالتكرار "ابن ابن عباس".

أبي داود به بين الستة. قلت: الاقتصار على ذكر مخرج لا يدل على تفرده بإخراجه؛ إذ لا يلزم الاستقصاء ولا ذكر جميع الستة، وإنما يعاب أن يذكر مخرج غريب بعيد مع وجود الحديث في مصنف مشهور متداول قريب أو يعزى إلى غير الستة مع وجود الحديث في أحدها. أما عزوه إلى أحد السنن الأربعة ولا سيما أعلاها وأولها في الذكر، فلا يلزم معه ذكر الباقين إلا على سبيل التوسع في الإفادة، ثم ما ذكره الشارح في حق المصنف لازم له هو أيضًا فإن كلامه يوهم أنه لا يوجد في الكتب الستة إلا عند أبي داود والترمذي [رقم 3492] والأمر بخلافه، فقد أخرجه النسائي وكرر ذكره أربع مرات، وأخرجه أيضًا البخاري في الأدب المفرد والبغوي في معجمه، ومن طريقه البغوي في التفسير عند قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}، والحاكم في علوم الحديث وقال: شكل ابن حميد صحابي وليس في رواة الحديث شكل غيره، وقال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث سعد بن أوس عن بلال بن يحيى. قلت: قد رواه الحاكم في علوم الحديث من غير طريق سعد بن أوس عن بلال فرواه من طريق هاشم بن القاسم ثنا شيبان بن عبد الرحمن عن ليث عن بلال به. 765/ 1512 - "اللَّهُمَّ إنَّ قُلُوْبَنَا وَجَوَارِحَنَا بِيَدِكَ لَمْ تُملِّكنَا مِنْهَا شَيئًا، فإذَا فَعلتَ ذَلِكَ بِهمَا فَكُن أَنْتَ وَلِيهما". (حل) عن جابر قلت: لم أجد هذا الحديث في الحلية، بل ليس هو فيها جزمًا على ما في النسخة المطبوعة.

766/ 1516 - "اللَّهمَّ اسْتر عَورَتِي، وآمِن رَوعَتِي، واقضِ عَنِّي دَيْنِي". (طب) عن خباب قال الشارح: وفيه مجاهيل. قلت: هذا غلط لغة وفنًا، فإنه أخذه من قول الهيثمي [10/ 180]: وفيه من لم أعرفه كما صرح بذلك في الكبير، وقد نبهت على هذا قريبًا في حديث: "اللهم رب جبريل وميكائيل" فارجع إليه. 767/ 1517 - "اللَّهمَّ اجْعَل حُبكَ أحبَّ الأشْيَاء إلَيَّ، واجْعَل خَشيتكَ أخوفُ الأشْيَاء عِندي واقْطع عَنِّي حَاجَات الدُّنْيا بالشوقِ إلى لقَاَئِكَ، وإذا أقررتَ أَعْين أَهْلِ الدُّنيا مِنْ دُنْيَاهُم فَأقرِر عَينِي مِنْ عِبَادَتِكَ". (حل) عن الهيثم بن مالك الطائي قلت: في هذا تعقب على المصنف من وجهين، أحدهما: أن الهيثم بن مالك الطائي ليس بصحابي، فكان حقه أن يقول؛ مرسلًا أو معضلًا حتى لا يظن أنه صحابي وأن الحديث موصول. ثانيهما: إني لم أجد هذا الحديث في الحلية ولا في ترتيبها إلا في عبد العزيز فلينظر هل هو موجود فيها؟! نعم، أخرجه الديلمي في مسند الفردوس: أخبرنا محمد بن طاهر بن عمان (¬1) عن هارون بن باهلة عن أحمد بن إبراهبم بن تركان عن أحمد بن محمد بن أوس المقري أخبرنا إبراهيم بن الحسين عن عبد اللَّه بن صالح عمن حدثه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اللهم. . . " وذكره. ¬

_ (¬1) كتب المؤلف على الحاشية اليسرى: كذا ولعله عثمان.

768/ 1519 - "اللَّهمَّ إنِّي أسْأَلُكَ الصِّحَّةِ، والعِفَّة، والأمَانَة، وحُسْنَ الخُلُقِ، والرضَى بالقَدَرِ". البزار (طب) عن ابن عمرو بن العاص قلت: أخرجه أيضًا البخاري في الأدب المفرد [رقم 307] قال: حدثنا محمد بن سلام أخبرنا مروان بن معاوية الفزاري عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي عن عبد اللَّه بن عمرو به، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم ضعيف. 769/ 1523 - "اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ التوفيق لمحَابِّكَ منَ الأعمَالِ، وصدقَ التوكلِ عَليكَ، وَحُسنَ الظَّنِّ بِكَ". (حل) عن الأوزاعي مرسلًا قال الشارح في الكبير: تابعي ثقة جليل، الحكيم عن أبي هريرة. قلت: هذا غريب من المصنف وهو من الشارح أغرب. أما المصنف: فكان حقه أن يقول: معضلًا لا مرسلًا، وأما الشارح: فزاد في الطين بلة إذ قال عن الأوزاعي: تابعي ثقة جليل، فإن الأوزاعي ما هو تابعي ولكنه من كبار أتباع التابعين. 770/ 1527 - "اللَّهم الْطف بِي فِي تَيسيرِ كُلِّ عَسِيْرِ، فإنَّ تَيسِيرَ كُلِّ عَسِيرِ عَليكَ يَسِيرٌ، وأسألُكَ اليسرَ والمعافَاةَ في الدُّنيا والآخِرةِ". (طس) عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا الدولابي في الكني [2/ 164] عن النسائي عن أبي زرعة الرازي قال: حدثنا بشر بن عبد الملك أبو يزيد الكوفي ثنا عبد العزيز بن عبد الرحمن بن

إبراهيم قال: حدثني أبي عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما وجه جعفر إلى الحبشة شيعه وزوده كلمات قال: "قل: اللهم. . . " وذكره، كذا وقع عنده عبد العزيز بن عبد الرحمن، وقد أخرجه العقيلي [2/ 274] وسماه عبد اللَّه بن عبد الرحمن، وقال: بصري لا يتابع على حديثه، ثم قال العقيلي: حدثنا إبراهيم بن محمد ثنا بشر بن عبد الملك الكوفي ثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن المسمعي حدثني أبي به مثله، قال الذهبي [رقم 4443]: إسناده مظلم وما حدث به العلاء أبدًا. قلت: وكذلك ما نظن به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أصلًا. 771/ 1529 - "اللَّهم طَهِّر قَلبِي مِنَ النِّفَاقِ، وَعملِي مِنَ الريَاءِ، وَلسانِي مِنَ الكَذِبِ، وَعينِي مِنَ الخيانَةِ، فإنَّكَ تَعلم خَائِنَةَ الأعيُنِ، وَمَا تُخفِي الصدُورُ". الحكيم (خط) عن أم معبد الخزاعية قال في الكبير: قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف قلت: وذلك لأنه من رواية فرج بن فضالة عن عبد الرحمن بن زياد عن مولى أم معبد عن أم معبد، فالمولى مجهول لا يعرف والراوي عنه عبد الرحمن ضعيف وكذا الراوي عنه فرج بن فضالة. 772/ 1535 - "اللَّهم إنِّي أعُوذُ بكَ مِنْ خَلِيلٍ مَاكرٍ، عَينَاهُ تَريَانِي وَقَلبُه يَرعَانِي، إنْ رَأى حَسنَةً دَفنَهَا، وإنْ رَأى سَيئَةً أذاعَهَا". ابن النجار عن سعيد المقبري مرسلًا قلت: ورد موصولًا عن المقبري عن أبي هريرة أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن الحداد عن أبي نعيم:

ثنا محمد بن معمر: ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا الحسن بن سهل ثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة به. 773/ 1540 - "اللَّهم إنِّي أعُوذُ بِكَ منْ غَلبةِ الدَّين، وَغَلبة العدُّوِ، وَمِنْ بَوارِ الأيمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المسِيحِ الدجَّال". (قط) في الأفراد (طب) عن ابن عباس قال الشارح: فيه عباد بن زكريا مجهول، وبقية رجاله ثقات. قلت: هذا غلط من وجهين: أحدهما: أنه أخذ هذا من قول الحافظ الهيثمي [10/ 143]: لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح، وقد قدمنا أن من لم يعرفه الحافظ الهيثمي لا يسمى مجهولًا. ثانيهما: أنه قال ذلك في سند الطبراني ولا تلازم بينه وبين سند الدارقطني، فقد يكون عنده من وجه آخر. 774/ 1543 - "اللَّهم لا يُدرِكني زَمَانٌ، ولا تُدرِكُوا زَمانًا لا يُتَّبعُ فيهِ العَليمُ، ولا يُستحيَا فِيهِ مِنَ الحلِيمِ، قُلوبُهم قلوبُ الأعاجِمِ، وألسِنَتُهُمَ ألسَنة العربِ". (حم) عن سهل بن سعد (ك) عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد ضعفوه. قلت: ليس هو بضعيف إنما هو من رواية ابن لهيعة وحديثه حسن؛ إذا لم يخالف فيه لا سيما إذا كان له شاهد أو صدقه الواقع كهذا، فإن الزمان الذي أشار إليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هو هذا، فإنه لا يتبع فيه العليم ولا يستحى فيه من الحليم، بل رفع اللَّه من أهله الحياء واحترام أهل الفضل والدين وعدم الالتفات

للعلماء، بل أصبح العليم فيهم مرذولًا محتقرًا، لا سيما الطائفة العصرية فإنهم لا يقيمون للدين وأهله وزنًا ولا يرضون علم عالم، ولا إرشاد مرشد، بل يرون الحق ما هم عليه من التفرنج والفجور والإلحاد والفسق والكفور، قلوبهم قلوب الأعاجم وهواهم هوى الفرنج وحالهم حال الزنادقة وألسنتهم ألسنة العرب، لم يبق لهم من الإسلام إلا اللسان والأسماء، فإذا قيل لواحد منهم: إن الدين الإسلامي ينافي ما أنتم عليه وتلى القرآن والسنة قال: أنتم أعداء الدين تشوهونه وتنفرون منه الناس، إنما الدين في القلب وما عدا ذلك من الأفعال وامتثال الأوامر واجتاب المناهي فغلو وتنطع وضلال من أهله يأكلون به أموال الناس. هذا حالهم أصبح مشهورًا ذائعًا والناس يدخلون معهم فيه أفواجًا أفواجًا فيصبح الرجل مؤمنًا ويمسي عصريًا كافرًا ملحدًا لسانه لسان العرب وقلبه قلب العجم لا يهوى إلا حالة العجم ولا يقدس إلا سيرتهم ولا يعتقد الفضل والخير إلا في اتباعهم، فكيف يكون الحديث ضعيفًا وقد ظهر مصداقه بعد مضي أزيد من ألف سنة؟!. هذا وإني في شك من وجود حديث أبي هريرة في مستدرك الحاكم فقد تتبعته في مظانه فلم أره فيه (¬1)، وقد اقتصر الحافظان المنذري والعراقي على عزوه لأحمد من حديث سهل بن سعد وما تعرضا لحديث أبي هريرة فالغالب أنه سبق قلم من المصنف واللَّه أعلم. نعم، ورد في الباب حديث عن علي عليه السلام قال الديلمي في مسند الفردوس: أخبرنا أبي أخبرنا ابن النقور أخبرنا أبو سعد الإسماعيلي ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حفص الدينوري ثنا عبد اللَّه بن محمد بن حمدان الدينوري ثنا إسماعيل بن توبة الثقفي ثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم ¬

_ (¬1) هو فيه (4/ 510) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.

الرماني عن زاذان عن سلمان عن علي عليه السلام قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يأتي على الناس زمان لا يتبع فيه العالم، ولا يستحى فيه من الحليم، ولا يوقر فيه الكبير، ولا يرحم فيه الصغير، يقتل بعضهم بعضًا على الدنيا، قلوبهم قلوب الأعاجم وألسنتهم ألسنة العرب، لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا، يمشي الصالح فيهم مستخفيًا، أولئك شرار خلق اللَّه ولا ينظر اللَّه إليهم يوم القيامة". 775/ 1544 - "اللَّهم ارْحَم خُلفَائِي الَّذِينَ يَأتُونَ مِنْ بَعدِي الَّذِينَ يَرْوونَ أحَادِيثِي وَسُنَّتِي وَيُعلِّمُونَها النَّاس". (طس) عن علي قال في الكبير: قال مخرجه -الطبراني-: تفرد به أحمد بن عيسى أبو طاهر العلوي، قال الزين العراقي: وأحمد هذا قال الدارقطني: كذاب اهـ.، وفي الميزان: هذا حديث باطل وأحمد كذاب، فكان ينبغي حذفه من الكتاب. قلت: وهو كذلك إلا أن أحمد بن عيسى لم ينفرد به كما قال الطبراني (¬1) بل توبع عليه كما سأذكره وورد من وجه آخر عن علي ومن حديث الحسن مرسلًا، وقد أخرجه جماعة غير الطبراني من طريق أحمد بن عيسى فرواه الرامهرمزي في المحدث الفاضل [ص 5] قال: حدثنا أبو حصين الوادعي ثنا أبو الطاهر أحمد بن عيسى ثنا ابن أبي فديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس سمعت علي بن أبي طالب يقول: "خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: اللهم ارحم خلفائي، قلنا: ومن خلفاؤك يا رسول اللَّه؟ قال: الذين. . . " وذكره. وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 81] في ترجمة أحمد بن عيسى المذكور: حدثنا الطلحي أبو بكر ثنا أبو حصين به، وقال الحافظ يوسف بن خليل: ¬

_ (¬1) انظر "مجمع الزوائد" 1/ 126.

أنا أبو الفتح ناصر بن محمد الوبري أنا أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي ثنا أبو بكر أحمد بن الفضل الباطرقاني قال إملاء: ثنا محمد بن إسحاق ثنا أحمد بن أبي عبيدة الكوفي ثنا محمد بن الحسن الهمداني ثنا أحمد بن عيسى العلوي به. وقال الخطيب في شرف أصحاب الحديث: [1/ 36/ 1] أخبرني محمد بن أبي علي الأصبهاني ثنا أحمد بن محمود القاضي بالأهواز قال: قرئ على ابن أبي الحصين محمد بن الحسين: حدثكم أحمد بن عيسى ابن عبد اللَّه العلوي (ح) وأخبرنا علي بن أبي علي البصري ثنا أبو القاسم عبيد اللَّه بن الحسين بن جعفر أبي موسى القاضي الموصلي ثنا سعيد بن علي بن الخليل ثنا عبد السلام ابن عبيد قالا: حدثنا ابن أبي فديك به. فهذه متابعة لأحمد بن عيسى ترد على ادعاء الطبراني انفراده به. وأما الطريق الأخرى فقال الخطيب في شرف أصحاب الحديث أيضًا: [1/ 36/1] أخبرني أبو بكر عبد اللَّه بن محمد بن أحمد بن الفِلُو الكاتب أنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الدقاق المعروف بالولي ثنا أبو جعفر الحسن بن الوليد بن النعمان الفارسى الفسدي الكرابيسي ثنا خلف بن عبد الحميد بن أبي الحسناء ثنا أبو الصباح عن عبد الغفور عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن علي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "ألا أدلكم على آية الخلفاء مني ومن أصحابي ومن الأنبياء قبلي هم حملة القرآن والأحاديث عني وعنهم في اللَّه وللَّه عز وجل" وهذا حديث باطل أيضًا. وأما مرسل الحسن فقال ابن عبد البر: أخبرنا خلف بن أحمد ثنا أحمد بن سعيد ثنا محمد بن أحمد ثنا أبو وضاح

ثنا أحمد بن عمرو قال: حدثني ابن أبي خيرة ثنا عمرو بن أبي كثير عن أبي العلاء عن الحسن قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: رحمة اللَّه على خلفائي ثلاث مرات. قالوا: ومن خلفاؤك يا رسول اللَّه؟ قال: الذين يحيون سنتي ويعلمونها عباد اللَّه". 776/ 1554 - "اللَّهُمَّ أحْينِي مِسْكِينًا، وَأمتِني مسْكِينًا، واحْشُرنِي في زُمرةِ المسَاكِينِ" عبد بن حميد (هـ) عن أبي سعيد (طب) والضياء عن عبادة قال الشارح: وادعى ابن الجوزي أنه موضوع، ورد بأنه ضعيف فقط. قلت: ابن الجوزي [3/ 141 - 142] إنما أورد حديث أبي سعيد وأنس ولا يلزم من حكمه على طريقين بالوضع لوجود كذاب فيهما أن تكون طرقه كلها كذلك، والمصنف يورد الأحاديث ويكررها باعتبار ألفاظها وطرقها المتباينة، وإلا فالحديث قد تقدم وذكر الشارح عنده هذا الكلام أيضًا. 777/ 1562 - "الْبَسِ الخَشِنَ الضَّيق حتَّى لا يَجِدَ العِزُّ والفخْرُ فِيكَ مَسَاغًا". - ابن منده عن أنيس بن الضحاك قال الشارح في الكبير: وظاهر صنيعه أنه لم يره لأحد من المشاهير، وليس كذلك؛ فقد أخرجه أبو نعيم والديلمي من حديث أبي ذر، قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي ذر: يا أبا ذر. . . " إلخ. قلت: وانظر كيف يستدرك على المصنف في حرف "الألف" بحديث مصدر "بياء النداء" التي لم يذكرها المصنف في كتابه هذا قط، ثم يقول: ظاهر صنيعه

أنه لم يره، وليس كذلك -يعني بل رآه- فقد أخرجه أبو نعيم والديلمي، فأعجب للشارح ما أبلده! ثم لعمري من جعل أبا نعيم والديلمي أشهر بين أهل الحديث من ابن منده؟! إن هذا لعجب. 778/ 1565 - "الْتَمِسوا الجَارَ قَبْلَ الدَّار، والرَّفِيق قَبْلَ الطَّرِيقِ". (طب) عن رافع بن خديج قال الشارح: ضعيف لضعف عثمان الطرائفي. قلت: ما علته عثمان الطرائفي، ولكن علته أبان بن المحبر، فإنه كذاب وضاع وشيخه سعيد بن معروف لا تقوم به حجة، أما عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي فهو وإن تكلم فيه، إلا أنه كان من علماء الحديث متماسك الحال ما يعلل به الحديث مع وجود مثل أبان بن المحبر في السند، فإن عثمان الطرائفي قال فيه ابن معين: صدوق، وكذا قال أبو حاتم: وعاب على البخاري إدخاله في الضعفاء، وقال أبو عروبة: متعبد لا بأس به، فكيف يعلل به الحديث ويترك ذكر أبان بن المحبر الكذاب الذي به أعله الحفاظ، وأوردوه في ترجمته، ومن العجيب أن الشارح ذكر ذلك في الكبير فقال ما نصه: وعثمان قال ابن نمير: كذاب، وفي الميزان في ترجمة سعيد قال الأزدي: لا تقوم به حجة، وأبان متروك، ثم ساق الخبر، وقال الكمال بن أبي شريف: الحديث منكر ساقه الأزدي في ترجمة سعيد وقال لا تقوم به حجة، ولكن الحمل فيه ليس عليه بل على أبان فإنه متروك اهـ. فبعد كتابة هذا في الكبير يقتصر في الصغير على تعليل الحديث بالطرائفي المسكين البرئ من عهدته، فكأن العود في الاختصار خرج عليه، ثم ما نقله عن ابن نمير من أنه قال في عثمان المذكور: كذاب، قد رده عليه الحفاظ وعدوه إسرافًا وغلوًا من ابن نمير كما قال الذهبي، وهذا أيضًا من سوء تصرف الشارح وعدم معرفته بمسالك هذا الفن.

أما الحديث فأخرجه جماعة آخرون منهم الأزدي وابن أبي خيثمة والقضاعي والبندهي كلهم من طريق عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي عن أبان بن المحبر عن سعيد بن معروف بن رافع بن خديج عن أبيه عن جده به، وورد عن عطاء الخراسانى عن قوله، وكأنه هو الأصل فسرقه منه أبان بن المحبر وركب له الإسناد. قال الدولابي في الكني: ثنا يزيد بن سنان وعلي بن معبد ومحمد بن معمر قالوا: حدثنا روح بن عبادة القيسي أبو محمد وحدثني عبد العزيز بن منيب أبو الدرداء قال حدثني يحيى ابن أكثم قال: حدثنا أبو محمد راهويه بن محمد بن النسوي عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: "الرفيق قبل الطريق والجار قبل الدار" اهـ. وسيذكره المصنف من حديث علي في حرف "الجيم". 779/ 1567 - "الْتَمِسُوا الرزقَ بالنِّكاحَ". (فر) عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: رواه الديلمي من حديث مسلم بن خالد عن سعيد بن أبي صالح عن ابن عباس وسلم بن خالد، قال الذهبي في الضعفاء: قال البخاري وأبو زرعة: منكر الحديث، قال السخاوي: وشيخه ضعيف، لكن له شواهد عن ابن عباس. قلت: فيه أمور، الأول: قال الديلمي في مسند الفردوس: أخبرنا والدي أخبرنا عبد الملك بن عبد الغفار البصري ثنا محمد بن عيسى الصوفي ثا صالح بن أحمد الحافظ ثنا إبراهيم بن محمد بن يعقوب البزاز ثنا أبو يحيى الساجي ثنا محمد بن إسحاق البكائي ثنا أبو نعيم ثنا مسلم بن خالد عن سعيد بن أبي صالح عن ابن عباس به، قال الحافظ في زهر الفردوس: مسلم فيه لين وشيخه وتبعه على هذا التعبير الحافظ السخاوي في

المقاصد الحسنة [ص 82، رقم 162] كما سيأتي نصه، ولكن الشارح لم يرض بهذا وهو كلام أهل الفن فنقل عن ضعفاء الذهبي أن البخاري وأبا زرعة قالا في مسلم بن خالد [2/ 655، رقم 6206]: منكر الحديث، وكأنه لم ير في الميزان قول الذهبي: قال ابن معين [4/ 102، رقم 8485]: ليس به بأس، وقال مرة: ثقة، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به وهو حسن الحديث، وروى عثمان الدارمي عن يحيى ثقة، وكذلك نقل مثل هذا في التهذيب، وزاد أن ابن حبان ذكره في الثقات وقال: كان من فقهاء الحجاز ومنه تعلم الشافعي الفقه قبل أن يلقى مالكًا، وكان مسلم بن خالد يخطئ أحيانًا، وقال الساجي: صدوق كثير الغلط، وقال أحمد بن محرز سمعت يحيى بن معين يقول: كان مسلم بن خالد ثقة صالح الحديث، وقال الدارقطني: ثقة اهـ. فمثل هذه الأقوال من الحفاظ هي معتمد الحافظين ابن حجر والسخاوي في قولهما: فيه لين، ولكن الشارح لكونه بعيدًا عن دراية الفن ظن أن السخاوي قال ذلك عن غلط وجهل بما في الضعفاء للذهبي. والحديث أخرجه أيضًا ابن مردويه في التفسير قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد الوهاب ثنا أبو زرعة ثنا إبراهيم بن موسى الفراء ثنا مسلم بن خالد به. الأمر الثاني: قوله: قال السخاوي: وشيخه ضعيف لفظ ضعيف زيادة من الشارح كمل بها النقص في كلام السخاوي، لأنه لما رآه قال: مسلم بن خالد فيه لين وشيخه لم يفهم ذلك لأنه مبتدأ بدون خبر، فأتى بالخبر من عنده واختار اجتهادًا من عنده أن يكون لفظ ضعيف هو ذلك الخبر الساقط من قلم المصنف، والحقيقة أنها مسألة غامضة يحار فيها من هو أذكى من الشارح وأشد تحريًا في النقل وفهمًا للقول، وسرها أن الحافظ في زهر الفردوس كان يعلق الأحاديث على شرطه من مسند الفردوس، وعقب كل حديث يذكر من فيه من الضعفاء، وكأنه لاستعجاله كان لا يرجع إلى كتب الجرح والتعديل،

بل إن مر عليه رجل يعرفه ذكر حاله عقب الحديث، وإن انبهم عليه حاله أو حال الإسناد من أصله قال عقبه: قلت، وترك البياض إلى حين الفراغ من الكتاب، ثم يراجع كتب الجرح والتعديل فيعمر ذلك البياض فاخترمته المنية وبقى الكتاب كذلك فتجد عند أكثر الأحاديث: قلت وليس بعدها شيء، وفي هذا الحديث قال الحافظ: قلت: مسلم بن خالد فيه لين وشيخه، ثم ترك ذلك بياضًا ليبحث عنه فبقى كذلك، فنقل الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة عبارته كما هي خوفًا من أن يكون شيخه أراد: "وشيخه كذلك فيه لين"، والواقع أنه ليس كذلك، فإن شيخه سعيد بن أبي صالح يذكر في الضعفاء، لا ضعفاء ابن حبان ولا الميزان ولا اللسان ولا تهذيب التهذيب أيضًا، فكأن الحافظ أراد أن يقول: ما عرفته، ولكن رجى أن يبحث عنه فيعرفه فبقى الأمر كذلك، فتسارع الشارح وزاد من عنده ضعيف فكان في ذلك افتيات على السخاوي وعلى الرجل نفسه. الثالث: قوله: لكن له شواهد عن ابن عباس غلط على السخاوي من جهة وفي نفس الأمر من جهة، فالسخاوي ما قال ذلك، بل قال [ص 82، رقم 162]: حديث "التمسوا الرزق بالنكاح"، رواه الثعلبي في تفسيره والديلمي من حديث مسلم بن خالد عن سعيد بن أبي صالح عن ابن عباس رفعه بهذا، ومسلم فيه لين وشيخه، ولكن له شاهد أخرجه البزار والدارقطني في العلل والحاكم وابن مردويه والديلمي كلهم من رواية أبي السائب سلم بن جنادة عن أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا: "تزوجوا النساء فإنهن يأتين بالمال"، ثم تكلم على الخلاف في وصله وإرساله بما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى عند ذكر هذا الحديث في حرف "التاء"، ثم قال: وفي الباب ما رواه الثعلبي من رواية الدراوردي عن ابن عجلان "أن رجلًا أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فشكى إليه الحاجة والفقر [قال]: فعليك بالبائة"، ولعبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن عمر قال: عجبت لرجل لا يطلب الغناء بالبائة واللَّه تعالى يقول في

كتابه: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32]. وعن هشام بن حسان عن الحسن عن عمر نحوه قال: وفي المعنى ما في صحيح ابن حبان [6/ 135] والحاكم [2/ 160] عن أبي هريرة مرفوعًا: "ثلاثة حق على اللَّه أن يغنيهم"، وذكر منهم "الناكح يستعفف"، ولابن منيع عن أبي هريرة رفعه: "حق على اللَّه عون من نكح يريد العفاف عما حرم اللَّه". وفي الباب عن أبي أمامة وجابر ولفظه كما للحارث بن أبي أسامة في مسنده رفعه: "ثلاث من أدان فيهن ثم مات ولم يقض قضى اللَّه عنه"، وذكر: "ورجل يخاف على نفسه الفتنة في العزوبة" اهـ. فلم يذكر السخاوي شاهدًا عن ابن عباس، ولا وقفت لابن عباس على حديث آخر مرفوع في الباب، نعم ورد عنه أثر موقوف في تفسير الآية قال ابن جرير: حدثني علي قال: حدثنا عبد اللَّه ثني معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}، قال أمر اللَّه سبحانه بالنكاح ورغبهم فيه، وأمرهم أن يزوجوا أحرارهم وعبيدهم ووعدهم في ذلك الغنى فقال: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} اهـ. وهذا لا يسمى شاهدًا فضلًا عن شواهد، لأنه تفسير للآية، بل منطوقها ولا تعرض للنقل فيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد ورد نحوه عن أبي بكر الصديق وعبد اللَّه بن مسعود، بل الوارد عن ابن مسعود هو بلفظ الحديث. أما أثر أبي بكر فقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ثنا محمود بن خالد الأزرق ثنا عمر بن عبد الواحد عن سعيد يعني ابن عبد العزيز قال: بلغنى أن أبا بكر الصديق رضي اللَّه عنه قال: "أطيعوا اللَّه فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى، قال تعالى:

{إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}. وأما أثر ابن مسعود فقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب ثنا حسن أبو الحسن، وكان إسماعيل بن صبيح مولى هذا قال: سمعت القاسم بن الوليد عن عبد اللَّه بن مسعود قال: التمسوا الغنى في النكاح، بقول اللَّه: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}. واستشهد ابن كثير بحديث أبي هريرة: "ثلاثة حق على اللَّه عونهم"، وبقصة الذي أمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يتزوج وهو فقير لم يجد عيه إزاره ولم يقدر على خاتم من حديد، ثم قال: وأما ما يورده كثير من الناس على أنه حديث: "تزوجوا فقراء يغنكم اللَّه"، فلا أصل له ولم أره بإسناد قوي ولا ضعيف إلى الآن وفي القرآن غنية اهـ. 780/ 1568 - "الْتَمِسُوا السَّاعَةَ التِي تُرجَى فِي يَومِ الجمعَةِ بَعْدَ العصرِ إلى غَيبُوبَةِ الشَّمْسِ". (ت) عن أنس قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 177]: حدثنا أبي ثنا محمد بن إبراهيم بن يحيى بن الحكم بن الحزور حدثني أبي ثنا بكر بن بكار ثنا محمد بن أبي حميد ثنا موسى بن وردان عن أنس بن مالك به، ومحمد بن أبي حميد ضعيف. 781/ 1569 - "الْتَمِسُوا لَيلةَ القدرِ فِي أربعٍ وعشريِنَ" محمد بن نصر في الصلاة عن ابن عباس قلت: لمحمد بن نصر كتاب "الصلاة وأحكامها" في مجلد توجد منه نسخة بدار الكتب المصرية كتب عنها في فهرستها مسند المروزي غلطًا من جامع الفهرسة، وله أيضًا كتاب قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر، وقد أخرج

هذا الحديث فيه، فلا أدري هل خرجه في الكتابين معًا؟ أو وهم المصنف في قوله: كتاب الصلاة والمراد قيام الليل، لأن هذا الحديث من موضوعه لا من موفوع كتاب الصلاة، قال محمد بن نصر: ثنا إسحاق أخبرنا الثقفي ثنا خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس به. وأخرج أيضًا نحوه عن بلال فقال: حدثنا أبو الوليد أحمد بن بكار ثنا الوليد ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي الخير عن الصنابحي عن بلال عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليلة القدر ليلة أربع وعشرين". 782/ 1570 - "الْتَمِسُوا ليلةَ القدرِ ليلةَ سَبْعٍ وَعشرِينَ". (طب) عن معاوية. قلت: أخرجه أيضًا محمد بن نصر قال: ثنا عبيد اللَّه بن معاذ ثنا أبي ثنا شعبة عن قتادة سمع مطرفًا عن معاوية بن أبي سفيان به. 783/ 1571 - "الْتَمِسُوا لَيلَةَ القدرِ آخرَ ليلةٍ مِنْ رَمَضَان". ابن نصر عن معاوية قلت: قال ابن نصر ثنا محمد بن يحيى ثنا علي بن عاصم عن الجريري عن بريدة عن معاوية به، وعلي بن عاصم صدوق إلا أنه يهم ويغلط، وقد روى هذا الحديث عن أنس، رواه عنه خالد بن مجدوح أو مقدوح وهو كذاب كما في ترجمته من الميزان للذهبي [1/ 642، رقم 2465]. 784/ 1572 - "الْحِدُوا وَلا تَشقُّوا؛ فإنَّ اللحدَ لنا، والشقَّ لغيرِنا". (حم) عن جرير قال الشارح: وفيه عثمان بن عمير ضعفوه.

قلت: هذا باطل فإن اللفظ الذي أورده المصنف ما فيه عثمان بن عمير، قال أحمد [4/ 359]: حدثنا إسحاق بن [يوسف] (¬1) ثنا أبو جناب واسمه يحيى بن أبي حية عن زاذان عن جرير بن عبد اللَّه قال: "خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلما برزنا من الدينة إذا راكب يوضع نحونا" فذكر قصة وفي آخرها: "فجاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى جلس على شفير القبر، فقال: الحدوا ولا تشقوا فإن اللحد لنا والشق لغيرنا". ورواه أيضًا عن عفان ثنا حماد بن سلمة عن الحجاج عن عمرو بن مرة عن زاذان عن جرير به. وأما الطريق الذي فيه عثمان بن عمير فقال أحمد [4/ 357]: حدثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي اليقظان عثمان بن عمير البجلي عن زاذان عن جرير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللحد لنا والشق لأهل الكتاب". ومن هذا الوجه رواه ابن ماجه عن إسماعيل بن موسى السدي عن شريك عن أبي اليقظان به بلفظ: "اللحد لنا والشق لغيرنا"، ولهذا لم يعزه المصنف إليه هنا، والشارح لم يعرف أن ابن ماجه خرجه [و] إلا لسود الورق بانتقاده البارد السمج المألوف. 785/ 1573 - "أُلْحِدَ لآدمَ، وغُسّلَ بالماءِ وِترًا، فَقَالت الملائِكةُ: هَذِه سُنةُ وَلدِ آدمَ من بَعدِه". ابن عسكر عن أبي قلت: من العجيب أن الطبراني خرج هذا الحديث في الأوسط وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 42]، وقال: رجاله موثقون وفي بعضهم كلام، والشارح كثير النقل عن مجمع الزوائد، فلم يتعقب المصنف بذلك التعقب ¬

_ (¬1) ساقطة من الأصل.

السخيف على عادته، وإن كان المصنف غير وارد عليه عزوه للطبراني، لأنه خرجه بلفظ يدخل في حرف اللام وإن لم يورده هناك، ولفظه عن أبي بن كعب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لما توفي آدم غسلته الملائكة بالماء وترًا ولحد له، وقالت: هذه سنة آدم وولده". ورواه "الدارقطني" [2/ 71] من حديث أبي بن كعب لكنه لم يذكر فيه اللحد، بل قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الملائكة صلت على آدم فكبرت عليه أربعًا وقالوا: هذه سنتكم يا بني آدم". ورواه أحمد وابن سعد في الطبقات والحاكم في المستدرك [1/ 345] والبيهقي في السنن [3/ 408] بألفاظ، وقال الحاكم: صحيح الإسناد لم يخرجاه، لأن عتي بن ضمرة ليس له راوٍ غير الحسن، وبسط طرقه وألفاظه في كتب الأحكام. 786/ 1575 - "الزَم بَيتَك". (طب) عن ابن عمر قال في الكبير: فيه الفرات بن أبي الفرات، قال في الميزان عن ابن معين: ليس بشيء، وعن ابن معين: الضعف بين على رواياته، ثم أورد له هذا الخبر. قلت: لكن ذكره ابن حبان في الثقات وقال [7/ 321]: هو حسن الاستقامة في الروايات، والحديث رواه أبو الربيع الزهراني عنه قال: سمعت معاوية بن قرة يحدث عن ابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استعمل رجلًا على عمل فقال: يا رسول اللَّه خِر لي فقال: "الزم بيتك". 787/ 1579 - "أَلِظُّوا بـ "يَا ذَا الجلَالِ والإكرَامِ". (ت) عن أنس (حم. ن. ك) عن ربيعة بن عامر قال الشارح: قال الترمذي: حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح.

قلت: الذي في نسختنا من الترمذي [رقم 3525] أنه قال: غريب فقط وهو الصواب، لأنه صحح إرساله فرواه من طريق مؤمل عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم قال: غريب وليس بمحفوظ، وإنما يروى هذا عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهذا أصح، والمؤمل غلط فيه فقال: عن حميد عن أنس ولا يتابع فيه اهـ. قلت: وليس كذلك فما غلط فيه ولا تفرد به بل توبع عليه كما سأذكره. وهكذا رواه أبو يعلى عن أبي يوسف الحربي عن مؤمل بن إسماعيل ثم قال: غلط فيه المؤمل والصحيح ما رواه أبو سلمة: ثنا حماد عن ثابت وحميد عن الحسن عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اهـ. وهذا المرسل رواه ابن أبي حاتم في العلل [2003، 2069] عن أبيه عن أبي سلمة قال: ثنا حماد عن ثابت وحميد وصالح المعلم عن الحسن عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: وهذا الصحيح وأخطأ مؤمل اهـ. قلت: التقليد أضر بالمحدثين كما أضر بالفقهاء، وفتك بالعقول كما فتك بالأديان، فكل منهم يقول: أخطأ فيه مؤمل بدون حجة ولا برهان بل تقليد الأول قائِل قال ذلك، فإن مؤملًا لم ينفرد بوصله حتى يحكم عليه بالخطأ بل توبع عليه، قال ابن السبط في فوائده: أخبرنا أبو الخطاب الحسين بن حيدرة ثنا القاضي أبو عبد اللَّه الحسين بن إسماعيل القاضي ثنا علي بن حرب ثنا روح بن عبادة ثنا حماد بن سلمة عن ثابت وحميد عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. والعجب أن ابن أبي حاتم سأل أباه عن رواية مؤمل وروح فأجاب بأن مؤملًا أخطأ فيه وسكت عن رواية روح. ومع هذا فله طريق أخرى موصولة عن أنس وهي وإن كانت ضعيفة إلا أنها

تؤيد انتشار الحديث عن أنس أخرجها الترمذي أيضًا [رقم 3524] من رواية الرحيل بن معاوية عن الرقاشي عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وحديث ربيعة بن عامر ما خرجه النسائي في الصغرى، وإنما خرجه في الكبرى. ورواه أيضًا القضاعي في مسند الشهاب. ورواه الحاكم أيضًا من طريق رشدين بن سعد عن موسى بن حبيب عن سهيل ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه ابن مردوبه في التفسير من طريق المعافى: ثنا ابن عياش ثنا عمر بن محمد بن زيد بن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب عن عبد اللَّه بن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. 788/ 1582 - "الْهُوا والعَبُوا؛ فإنِّي أكْرَهُ أنْ يُرى فِي دِينكُم غِلْظَةٌ". (هب) عن المطلب بن عبد اللَّه قال الشارح في الصغير: "الهو" بكسر أوله أي إباحة. وقال في الكبير: المطلب بن عبد اللَّه بن حنظل. قلت: والصواب الهوا بضم الهمزة والهاء كما قال في الكبير، ووالد عبد اللَّه إما أن يكون تحريف من الناسخ أو من الشارح نفسه، وصوابه حنطب بالطاء المهملة وآخره باء موحدة. والحديث أخرجه أيضًا الديلمي في مسند الفردوس: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم عن الغطريفي عن أبي بكر الذهبي عن محمد بن عبد السلام عن يحيى بن يحيى عن عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد اللَّه به. وهو مختلف في اسمه وصحبته، وسنده ضعيف وفي معناه أحاديث تشهد له.

789/ 1584 - "أَمَا إن رَبكَ يُحِبُ المدْحَ". (حم. خد. ن. ك) عن الأسود بن سريع قال الشارح في الكبير: "أما إن" بكسر الهمزة إن جعلت "إما بمعنى حقًا"، وبفتحها إن جعلت استفتاحية، فكتب عليه مصحح النسخة: "هذا سهو والصواب العكس"، لأن "إن" تكسر بعد أداة الاستفتاح، كقوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} وتفتح بعد حقًا كقول الشاعر: أحقًا أن جيرتنا استقلوا كما في مغنى اللبيب، والظاهر أن السهو وقع من أول ناسخ فعمت النسخ، وإلا فليس مثل هذا مما يخفى على المناوي. قلت: لا واللَّه بل يخفى عليه ما أوضح من هذا كما يعلمه من سابر أقواله وعرف كثرة أوهامه، ولئن سلم ما قاله هذا المعلق في حق الشرح الكبير، فمن فعل ذلك بالشرح الصغير؛ فإنه مذكور فيه مثل هذا أيضًا. والحديث أخرجه أيضًا من طرق معه قصة الطحاوي في شرح معاني الآثار في باب "الشعر" [441/ 298]، وأبو نعيم في الحلية [1/ 46] أوائل ترجمة عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه. 790/ 1592 - "أمَا ترضَى إحدَاكُنَّ أنَّها إذَا كانْتَ حَامِلًا مِنْ زَوجِها وهوَ عَنْها رَاضٍ، أنَّ لهَا مِثل أجْرِ الصَّائم القائِم في سَبيلِ اللَّه، وَإِذَا أصابَها الطَّلقُ لم يَعْلَم أهل السَّمَاء والأَرضِ مَا أُخْفِى لهَا مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنْ، فإذَا وَضَعت لَمْ يَخرجْ مِنْ لَبنِها جُرعةٌ، وَلَمْ يُمَصَّ من ثَديها مصَّةٌ إلا كانَ لَهَا بكل جُرعةٍ وبكل مَصَّةٍ حَسَنَةٌ، فإنْ أسهرهَا لَيْلَةً كانَ لهَا مثل أجرِ سبعينَ رَقبة تعتقهُم في سبيل اللَّه، سلامةُ، تَدرينَ مَنْ أعنِي بهذَا؟ الممتنِعَاتِ، الصَالحَاتِ، المطِيعَاتِ لأزواجِهن، اللواتِي لا

يكفُرن العَشِيرَ". الحسن بن سفيان (طس) وابن عساكر عن سلامة حاضنة السيد إبراهيم قلت: هذا حديث باطل موضوع -كما قال ابن الجوزي [2/ 274]- ووضعه ظاهر، فالعجب من المصنف في إيراده له في هذا الكتاب. 791/ 1609 - "أمَّا بَعْدُ، فإنَّ أصدقَ الحدِيثِ كتابُ اللَّه تَعَالى، وَأوثقَ العُرَى كَلمةُ التقوَى، وخيْرَ المللِ ملَّةُ إبراهيمَ، وخيرَ السننِ سنةُ محمَّدٍ، وأشرفَ الحدِيثِ ذكرُ اللَّهَ، وأحسنَ القصصِ هَذا القرآن، وخيرَ الأمور عَوازِمُهَا، وَشرَّ الأمُورِ مُحدثَاتُهَا، وأحْسَنَ الهَدي هَديُ الأنبياءِ، وأشرفَ الموتِ قتلُ الشهدَاء، وأعمَى العَمَى الضلالةُ بعْدَ الهُدى، وخيرَ العلم مَا نَفع، وخيرَ الهُدى ما اتُّبِعَ، وَشَرَّ العَمَى عَمَى القلْبِ، واليد العُليَا خيرٌ مِنَ اليدِ السفلى، ومَا قَل وكَفَى خيرٌ مما كَثر وألْهَى، وشرَّ المعذرة حِينَ يحضُرُ الموتُ، وشرَّ النَّدامة يومَ القِيامَة، ومِنَ النَّاس من لا يَأتِي الصَّلاة إلا دُبرًا، ومنْهُم مَنْ لَا يَذْكر اللَّه إِلا هجرًا، وأعظمَ الخطايَا اللسَانُ الكذُوبُ، وخيرُ الغِنى غِنَى النفس، وخيرَ الزادِ التقوى، ورأسَ الحِكمةِ مَخافةُ اللَّه، وخيرَ مَا وَقرَ فِي القُلوب اليقين، والارتيابَ مِنَ الكفْرِ، والنيَاحةَ مِن عَملِ الجَاهِليةِ، والغُلولَ مِنْ جُثا جَهنَّم، والكنزَ كِيٌّ مِنَ النَّار، والشعرَ مَن مَزَامِير إبلِيس، والخمرَ جِمَاع الإثم، والنِّساء حبَالةُ الشيطان، والشبابَ شُعبةٌ مِنَ الجنُونِ، وشر المكاسِبِ كَسبُ الرِّبَا، وشرَّ المأكِلِ مَالُ اليتِيم، والسعِيدَ مَنْ وُعِظَ بغيره، والشقي مَنْ شَقى فِي بَطنِ أمِّه، وإنَّما يَصير أحدُكم إلى مَوضع أربعِ أذرعٍ، والأمرَ بآخِرِهِ، ومِلاكَ العَملِ خَواتمهُ، وشرَّ الرَّوايَا رَوايا الكذب، وكلَّ مَا هُوَ آتٍ قَريبٌ، وَسبَابَ المَؤمِن

فُسُوقٌ، وَقِتَالَ المؤمنِ كُفر، وأكلَ لحمِهِ مِنْ مَعصيةِ اللَّه، وَحرمة مَالهِ كحرمَةِ دَمِهِ، وَمن يتألَّ عَلى اللَّه يُكذِبَهُ، وَمَنْ يَغْفِر يَغْفِرِ اللَّه له، وَمَن يَعْفُ يَعف اللَّه عَنْهُ، وَمَن يكظِم الغَيظَ يأجرهُ اللَّه، وَمَنْ يَصْبر عَلَى الرزيةِ يُعوضه اللَّه، وَمَنْ يَتبِع السمعَة يسمِع اللَّه بِه، وَمَنْ يَصْبِر يُضعف اللَّه لَهُ، وَمَنْ يَعِصِ اللَّه يُعذبهُ اللَّه، اللَّهم اغْفِر لِي ولأمَّتِي، اللَّهمَّ اغْفِر لي ولأمَّتي، اللهم اغْفِر لي ولأمَّتي، اسْتغفرُ اللَّه لِي وَلكم". البيهقي في الدلائل وابن عساكر عن عقبة بن عامر الجهني أبو نصر السجزي في الإبانة عن أبي الدرداء (ش) عن ابن مسعود موقوفًا قال الشارح: وإسناده حسن. قلت: أخذ هذا من قول العامري في شرح الشهاب كما صرح به في الكبير، والعامري يحسن الأحاديث ويصححها بحسب ذوقه وهواه غير مرتكن في ذلك إلى قاعدة حديثية ولا ناظر إلى إسناد فهو كالشارح من أعجب من رأينا من الرجال المتكلمين على الأحاديث، [والحديث] بطوله منكر وإن ورد بعض ألفاظه في أحاديث أخرى. فحديث عقبة بن عامر أخرجه أيضًا القضاعي في مسند الشهاب، والديلمي في مسند الفردوس كلاهما من طريق محمد بن. . . (¬1) ثنا عبد العزبز بن عمران ثنا عبد اللَّه بن مصعب بن منظور أخبرني أبي قال: سمعت عقبة بن عامر الجهني به، وعبد العزيز بن عمران متروك الحديث. وحديث أبي الدرداء رواه أحمد في الزهد موقوفًا فقال: ¬

_ (¬1) كذا في الأصل.

حدثنا هاشم ثنا جرير عن عبد الرحمن بن أبي عوف قال: قال أبو الدرداء، فذكر جملة منه. وحديث ابن مسعود رواه عنه بعضهم مرفوعًا أيضًا مقطعًا: فرواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول في الأصل السابع والعشرين ومائتين عن محمد بن عبد اللَّه المقري عن الحسن بن عمارة عن عبد الرحمن بن عابس ابن ربيعة عن أبيه عن عبد اللَّه بن مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر منه جملة. ورواه الديلمي من طريق ابن لال، ثم من رواية سليمان بن أبي شيخ عن أبيه عن الحسن بن عمارة أيضًا فقال: عن عبد الرحمن بن عابس بن ربيعة عن عبد اللَّه بن مسعود دون واسطة عابس بن ربيعة، لكن رأيته ذكر هذا الإسناد في موضع آخر، فقال: عن عبد الرحمن بن عابس عن عامر بن ربيعة. ورواه أبو نعيم في الحلية من طريق عمرو بن ثابت عن عبد الرحمن بن عابس قال: قال عبد اللَّه بن مسعود، فذكره موقوفًا بطوله. ورواه أبو الليث في التنبيه من طريق أبي حذيفة عن سفيان عن عبد الرحمن بن عابس فقال: حدثني ناس من أصحاب عبد اللَّه بن مسعود أنه قال، وذكره. وقد رويت هذه الخطبة أيضًا من حديث زيد بن خالد الجهني، وبعض ألفاظها من حديث ابن عباس وأبي هريرة، ذكرت جميعها في مستخرجي على مسند الشهاب. 792/ 1612 - "أمانٌ لأهلِ الأرْضِ مِنَ الغرق القوسُ، وأمانٌ لأهلِ الأرْضِ مِنَ الاختلافِ المُوَالاةِ لِقُريشٍ، قُريشٌ أَهْل اللَّه، فَإذَا خَالفتْهَا قَبيلة مِنَ العربِ صَارُوا حِزبَ إبْلِيسَ". (طب. ك) عن ابن عباس

قلت: الحديث أخرجه أيضًا ابن حبان والأزدي كلاهما في الضعفاء وابن عساكر في التاريخ من طريق خليد بن دعلج عن عطاء عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو مكذوب موضوع ما قاله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما صح عن ابن عباس منه ذكر "القوس" فقط من قوله، وكأنه أخذه عن علي عليه السلام. فرواه سعيد بن منصور في سننه، والبخاري في الأدب المفرد، وأبو نعيم في الحلية من طرق عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: "القوس أمان لأهل الأرض من الغرق، والمجرة باب السماء الذي تنشق منه". وقال ابن وهب في جامعه: حدثني عبد اللَّه بن عياش عن عمر مولى غفرة وحماد بن هلال أن ابن الكوي قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام: "ما قوس قزح؟ قال: لا تقولوا قوس قزح، فإن قزح شيطان، ولكنه أمنة من اللَّه لأهل الأرض من الغرق بعد قوم نوح". 793/ 1613 - "أمانٌ لأمَّتِي مِنَ الغرق إذَا رَكبُوا البحَر أن يَقُولُوا: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا. . .} الآية [هود: 41]، {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ. . .} الآية [الزمر: 67] ". (ع) وابن السني عن الحسين قال الشارح في الكبير: رواه ابن السني عن أبي يعلى قال: أنبأنا جنادة، ثنا يحيى بن العلاء، أنبأنا مروان بن سالم، أنبأنا طلحة العقيلي عن الحسين بن علي، قال ابن حجر: وجنادة ضعيف وشيخه أضعف منه، وشيخ شيخه كذلك بالاتفاق فيهما وطلحة مجهول اهـ.، وفي الميزان يحيى بن العلاء، قال أحمد: كذاب يضع الحديث، ثم ساق له أخبار هذا منها. قلت: لكن له طريق آخر من حديث علي عليه السلام، وآخر من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما.

أما طريق علي فقال ابن قتيبة في عيون الأخبار: حدثني محمد بن عبيد عن حمزة بن وعلة عن رجل من مراد يقال له: أبو جعفر عن محمد بن علي عن علي عليه السلام قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا علي، أمان لامتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا: بسم اللَّه الملك الرحمن، {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}، {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}. وأما حديث ابن عباس فقال المخلص في فوائده: ثنا عبد اللَّه بن محمد البغوي ثنا سويد ثنا عبد الحميد بن الحسن الهلالي ثنا نهشل عن الضحاك عن ابن عباس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . ." مثله. ورواه الطبراني في الكبير [12/ 125] قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي ثنا محمد بن أبي بكر المقدم (ح). وحدثنا زكريا بن يحيى الساجى ثنا محمد بن موسى الحرثى قالا: حدثنا عبد الحميد بن الحسن الهلالي به، ولا يخفى ما في هذين الطريقين أعني: حديث علي وابن عباس، ففي الأول انقطاع وجهالة، وفي الثاني نهشل وهو كذاب. 794/ 1618 - "أمُّ أيمَنَ أمِّي بَعْدَ أمِّي". ابن عساكر عن سليمان بن أبي شيخ معضلًا زاد الشارح في الكير والصغير: "معًا" قبل قول المصنف معضلًا مرسلًا. قلت: هذا من العجائب الدالة على أن الشارح ما خالط علم الحديث ولا فهمه، إنما كان يجترئ فيكتب في فنونه عن غير علم ولا دراية، وكأنه أراد أن يخلق لنا مشكلة أخرى تشابه مشكلة قول الترمذي: حسن صحيح، وتلك المشكلة قد وجدت من الأئمة أقوامًا خاضوا في حلها بحسب ما بلغ إليه علمهم حتى جاء خاتمة الحفاظ الحافظ أبو الفضل ففك لغزها، وأتى بما يمكن

أن تطمئن إليه النفوس، أما مشكلة شارحنا هذا فلا حل لها، إلا أنه -رحمه اللَّه تعالى- يهرف بما لا يعرف والسلام. ومن الملح والنوادر الطريفة أن المصحح للنسخة المطبوعة من الشرح الكبير علق على قوله: معضلًا ما لفظه: هو يعني المعضل ما سقط منه اثنان من أي موضوع (¬1) كان وإن تعددت المواضع سواء كان الساقط الصحابي أو التابعي أم غيرهما انتهى. فكان هذا أغرب مما قاله الشارح، وهكذا أعرض الناس عن هذا العلم الشريف، لا سيما أهل الأزهر حتى أصبحوا يأتون بمثل هذه الطامات، نسأل اللَّه العافية. 795/ 1622 - "أمَّتي أمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْس عَليها عَذَابٌ فِي الآخِرَةِ، إنَّما عَذابُها فِي الدُّنيا: الفتنُ، والزلَازلُ، والقتلُ، والبلايا". (د. طب. ك. هب) عن أبي موسى قال في الكبير: قال: الحاكم: صحيح، وأقره الذهبي، قال الصدر المناوي: وفيه نظر؛ فإن في سند أبي داود والحاكم وغيرهما: المسعودي عبد الرحمن بن عبد اللَّه الهذلي استشهد به البخاري، قال ابن حبان: اختلط حديثه فاستحق الترك، وقال العقيلي: تغير فاضطرب حديثه. قلت: الصدر المناوي كان عالمًا محققًا فالغالب أن قوله: وغيرهما من زيادة الشارح وأن الواقع أن يكون الصدر المناوي قال في تخريج له: رواه أبو داود [رقم 4278] والحاكم [4/ 444] وفيه عندهما المسعودي. . . إلخ، لأن المسعودي ليس هو عند غيرهما، بل توبع عليه المسعودي متابعة تامة وقاصرة، فإن المسعودي رواه عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى، فتابعه على روايته عن سعيد يحيى بن زياد وقتادة وعون، وتابعه على روايته عن أبي بردة ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل المخطوط، وأيضا في الشرح الكبير (2/ 184)، والسياق يقتضي أن تكون: "موضع"، واللَّه أعلم.

سالم أبو النضر، وعبد اللَّه بن خثيم، وعمارة القرشي، وعمرو بن قيس السكوني، وعبد الملك بن عمير، وطلحة بن يحيى، والوليد بن عيسى، وليث ابن أبي سليم، ومعاوية بن إسحاق، وأبو حنيفة، وأبو حصين، وحميد، ورباح بن الحارث، وبريد بن أبي بردة، وعلي بن مدرك، إلا أنه وقع فيه اضطراب ومخالفة في الخمسة المذكورين بعد أبي حنيفة. فرواية يحيى بن زياد عند البخاري في التاريخ الكبير [1/ 1/ 38 - 39] عن محمد بن عبادة: ثنا يزيد ثنا يحيى بن زياد قال: حدثني سعيد بن أبي بردة قال: وفد أبي إلى سليمان بن عبد الملك فحدثه عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، كذا قال سليمان بن عبد الملك وخالفه الأكثرون فقالوا: عمر بن عبد العزيز. ورواية قتادة وعون عنده أيضًا عن ابن سنان: ثنا همام قال: حدثنا قتادة عن سعيد بن أبي بردة وعون شهدا أبا بردة يحدث عمر بهذا. وأما المتابعات القاصرة فرواية سالم أبي النضر وعبد اللَّه بن خثيم رواها الطبراني في الصغير من طريق عمرو بن أبي سلمة التنيسي: ثنا زهير بن محمد التميمي عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد اللَّه بن معمر التيمي وعبد اللَّه بن عثمان بن خثيم عن أبي بردة به مرفوعًا: "أمة مرحومة جعل اللَّه عذابها بأيديها، فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كل رجل من المسلمين رجل من أهل الأديان، فكان فداءه من النار"، قال الطبراني [1/ 10]: لم يروه عن سالم وابن خثيم إلا زهير تفرد به عمرو. قلت: وليس كذلك بالنسبة لابن خثيم، فقد رواه الباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز: ثنا إبراهيم بن عبد اللَّه بن حاتم ثنا يحيى بن سليم ثنا عبد اللَّه بن خثيم عن

بعض ولد طلحة بن عبيد اللَّه قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز فدخل عليه أبو بردة بن أبي موسى فحدثه عن أبيه وذكر مثله. ورواه البخاري في التاريخ الكبير وسمى بعض ولد طلحة محمدا، فروى عن بشر بن مرحوم عن يحيى بن سليم سمع ابن خثيم سمع محمدا سمع أبا بردة يحدث عمر سمع أباه فذكره. ورواية عمارة القرشي ومن بعده إلى معاوية بن إسحاق أخرج جميعها البخاري في التاريخ الكبير. ورواية أبي حنيفة أخرجها أبو محمد البخاري وأبو بكر بن عبد الباقي كل هؤلاء اتفقوا على روايته عن أبي بردة عن أبيه أبي موسى الأشعري عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وخالفهم الباقون. فأما أبو حصين فقال: عن أبي بردة كنت عند ابن زياد فقال عبد اللَّه بن زيد: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، رواه البخاري في التاريخ الكبير عن محمد بن حوشب: حدثنا أبو بكر ثنا أبو حصين به. وأما حميد فقال عن أبي بردة: إنه خرج من عند زياد أو ابن زياد فجلس إلى رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وذكره، رواه البخاري أيضًا عن موسى بن إسماعيل: أخبرنا حماد أخبرنا يونس عن حميد به. وأما رباح بن الحارث فقال: عن أبي بردة عن رجل من الأنصار وكان لوالده صحبة قال: سمعت والدي أنه سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، رواه البخاري عن ابن فضيل: ثنا صدقة بن المثنى عن رباح بن الحارث به. وأما بريد بن أبي بردة فوافق الذي قبله على قوله: عن أبي بردة عن رجل من الأنصار عن أبيه، رواه البخاري عن سعيد بن يحيى عن أبيه عن بريد بن أبي بردة. وهكذا قال علي بن مدرك عن أبي بردة إلا أنه قال: عن رجل من الأنصار عن

بعض أهله يرفعه، رواه البخاري عن علي بن المديني: ثنا محمد بن بشر ثنا مسعر حدثني علي بن مدرك به. 796/ 1624 - "امرؤُ القيسِ صَاحِبُ لِواءِ الشُّعَرَاءِ إلى النَّارِ". (حم) عن أبي هريرة قال الشارح: فيه أبو الجهم مجهول وبقية رجاله ثقات، ثم أورد المصنف رواية أخرى بلفظ: "امرؤ القيس قائد لواء الشعر إلى النار، لأنه أول من أحكم قوافيها" أخرجه أبو عروبة في كتاب الأوائل وابن عساكر عن أبي هريرة، قال الشارح في الكبير: هو من حديث الحسين بن فهم عن يحيى بن أكثم عن أبي هريرة، قال يحيى: قال لي: المأمون أريد أن أحدث، فقلنا من أولى بهذا منك؟ فصعد المنبر، فأول حديث حدثنا هذا ثم نزل، والحسين بن فهم أورده الذهبي في ذيل الضعفاء، وقال: قال الحاكم: ليس بالقوي، ويحيى بن أكثم قال الأزدي: يتكلمون فيه، وقال ابن الجنيد: كانوا لا يشكون أنه يسرق الحديث. قلت: في هذا أمور، الأول: قوله في الطريق الأول: فيه أبو الجهم مجهول، يعارضه قوله في الكبير: قال الهيثمي [1/ 119]: فيه أبو الجهم شيخ بشير ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ. وأقول: أبو الجهم ضعيف جدًا، قال الذهبي في الضعفاء: أبو الجهم عن الزهري، قال أبو زرعة: واهي الحديث اهـ. وإذا عرفه الشارح بالضعف وكتب ذلك في الكبير، فكيف عاد إلى قوله: إنه مجهول اعتمادًا على قول الهيثمي: لم أعرفه؟ الثاني: قوله في الطريق الثاني: رواه الحسين بن فهم عن يحيى بن أكثم عن أبي هريرة، سند غريب عجيب، فيحيى بن أكثم ولد بعد موت أبي هريرة بأزيد من مائة سنة، فإنه ولد سنة ستين ومائة تقريبًا، فكيف روى عن أبي

هريرة؟! الثالث: قوله: قال يحيى: قال المأمون: أريد أن أحدث. . . إلخ، يعارض ما سبق له من أن يحيى رواه عن أبي هريرة، والواقع أن يحيى بن أكثم رواه عن المأمون عن هشيم عن أبي الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة. الرابع: ذكره الجرح في الحسين بن فهم ويحيى بن أكثم لا لزوم له، فإن هذا الطريق راجع إلى الأول، وقد سبق تعليله إياه بأبي الجهم، لأن أحمد رواه عن هشيم كما رواه عنه المأمون، فلم يبق ليحيى بن أكثم ولا للحسين بن فهم فيه مدخل، لا سيما وقد رواه عن هشيم جماعة منهم: الحسن بن عرفة ويحيى ابن معين وبشر بن الحكم ومسدد وحميد بن الربيع وغيرهم. قال البخاري في الكني: قال مسدد ثنا هشيم ثنا شيخ يكنى أبا الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: "صاحب لواء الشعراء إلى النار امرؤ القيس، لأنه أول من أحكم الشعر". هكذا أورده موقوفًا، وقال ابن السبط في فوائده: أخبرنا أبو الخطاب الحسين بن حيدرة ثنا أبو بكر بن البهلول ثنا حميد بن الربيع ثنا هشيم به مرفوعًا. ورواه ابن عدي من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري به، ونقله ابن كثير في البداية عن ابن عدي من طريق عبد الرزاق عن الزهري بدون واسطة معمر، ثم قال: وهذا منقطع، وكأنه وقع له سقط في النسخة، فقد نقله الحافظ في اللسان عن ابن عدي كما نقلناه بإثبات معمر واللَّه أعلم أيهما أصح. قال ابن كثير: وورد من وجه آخر عن أبي هريرة ولا يصح من غير هذا الوجه.

قلت: كأنه يشير إلى ما أخرجه الخطيب [9/ 370] من طريق أبي هفان الشاعر واسمه عبد اللَّه بن أحمد بن حرب: ثنا الأصمعي عن ابن عون عن محمد عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "امرؤ القيس قائد الشعراء إلى النار" وأبو هفان الشاعر ذكره الحافظ في اللسان ولم يذكر فيه جرحًا، إلا أنه قال: كان كبير المحل في الأدب، لكنه أتى عن الأصمعي بخبر باطل، قال: حدثنا الأصمعي، فذكر هذا الحديث، وهو عجيب من الحافظ، فإنه لم يذكر في الرجل جرحًا إلا روايته لهذا الحديث عن الأصمعي، ولا نكارة في الحديث ولا غرابة في روايته عن الأصمعي حتى يجعل دليل على جرح الرجل ويحكم ببطلانه، وقد ورد الحديث عن غير أبي هريرة من حديث الصلصال بن الدلهمس وعُفيف الكندي. فحديث الصلصال رواه ابن حبان في الضعفاء: [2/ 310] ثنا علي بن سعيد العسكري ثنا محمد بن الضو بن الصلصال عن أبيه عن جده الصلصال قال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار يوم القيامة". وقال ابن حبان: محمد بن الضو روى عن أبيه المناكير، لا يجوز الاحتجاج به. وحدبث عُفيف الكندي رواه البغوي والطبراني [18/ 99 - 100] وأبو زرعة أحمد بن الحسين الرازي في كتاب الشعراء، وابن عساكر في التاريخ من طريق هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن سعيد بن فروة، وفي رواية أبي زرعة وابن عساكر [3/ 111] فروة بن سعيد بن عفيف بن معدي كرب عن أبيه عن جده قال: "بينا نحن عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ أقبل إليه وفد من اليمن فقالوا: يا رسول اللَّه لقد أحيانا اللَّه ببيتين من شعر امرئ القيس"، فذكر قصة مع راكب أرشدهم إلى الماء وفيه: فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذاك رجل مذكور في الدنيا

منسي في الآخرة، شريف في الدنيا خامل في الآخرة يجئ يوم القيامة بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار". ورواه الدينوري في المجالسة: ثنا محمد بن موسى بن حماد ثنا محمد بن سهل الأزدي عن هشام بن محمد فقال: عن أبيه قال: أقبل قوم من اليمن يريدون رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر القصة معضلة وفي آخرها الحديث أيضًا. 797/ 1627 - "أمر النِّساء إلى آبَائِهنَّ، ورضَاهُنَّ السكُوت". (طب. خط) عن أبي موسى قلت: كذا في جميع النسخ الرمز إلى الخطيب [4/ 216]، وما هو فيه بهذا اللفظ على النسخة المطبوعة. 798/ 1630 - "أمرتُ أن أقَاتِلَ النَّاس حَتَّى يَشهَدُوا أن لا إله إلا اللَّه وأنِّي رَسُول اللَّه، فَإذَا قَالُوهَا عَصَمُوا منِّي دمَاءَهُم وأمُوالَهُم، إلا بِحَقهَا، وَحسابُهُم عَلى اللَّه". (ق 4) عن أبي هريرة، وهو متواتر قال الشارح: لأنه رواه خمسة عشر صحابيًا. قلت: ما هذا التعبير بصواب، فإنه اعتمد فيه على ما ذكره المصنف في الأزهار المتناثرة إذ قال: أخرجه الشيخان عن ابن عمر وأبي هريرة ومسلم عن جابر ابن عبد اللَّه وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 122، 123] عن أبي بكر الصديق وعمر وأوس وجرير والطبراني عن أنس وسمرة بن جندب وسهل بن سعد وابن عباس وأبي بكرة وأبي مالك الأشجعي عن أبيه والبزار عن عياض الأنصاري والنعمان بن بشير انتهى. وكلام الحافظ المصنف هذا مع ما فيه من المؤاخذات لا يكون دليلًا على حصر طرق الحديث فيما ذكره، فقد استدركت عليه في كتاب المتواتر طرقًا أخرى من

حديث طارق بن أشيم ومعاذ بن جبل وسعد بن أبي وقاص ورجل من بلقين وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان، فبلغت رواة الحديث أحدا وعشرين وإن كان في بعضها وهم كما بينته في جزء أفردته لطرق هذا الحديث سميته "تعريف الساهي اللاهي (¬1) " والحمد للَّه رب العالمين. 799/ 1631 - "أمرتُ بالوترِ والأضْحَى وَلم يُعزم عَليَّ". (قط) عن أنس قال الشارح في الكبير: قضية تصرف المؤلف أن مخرجه الدارقطني خرجه وسلمه والأمر بخلافه، بل تعقبه ببيان علته، فقال: هو من رواية بقية، وقد تقدم تدليسه وتليينه، عن عبد اللَّه بن محرز وضعفه غير واحد، وقال: منكر الحديث، وقال ابن أبي شيبة: متروك اهـ.، وقال الذهبي: إسناده واه. قلت: كذب الشارح على الدارقطني وجهل جهلًا فاحشًا عليه وعلى الفن، فالدارقطني ما فاه بشيء مما حكاه عنه الشارح، بل قال [2/ 21]: ثنا الحسن بن سعيد بن الحسن بن يوسف المروزي قال: وجدت في كتاب جدي وحدثني به أبي عن جدي: ثنا بقية ثنا عبد اللَّه بن محرز عن قتادة عن أنس قال: "قال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-. . ." وذكر الحديث. ثم قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري. . . فذكر حديثًا آخر، ولم يعقب الأول بشيء. وقاعدة الدارقطني إذا تكلم على رجل في إسناد حديث أن يقول: فلان كذا، ولا يقول ما حكاه عنه الشارح: فيه فلان. . . إلخ؛ لأن ذلك تعبير المتأخرين الذين يوردون الأحاديث بغير إسناد ثم يخبرون بعدها بمن فيها من الضعفاء والمجروحين، أما المتقدمون الذين يوردون الأحاديث بالأسانيد فلا ¬

_ (¬1) وسماه: تعريف الساهي اللاهي بتواتر حديث: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه. . .".

يخبرون عنها بأن فيها فلانًا والقارئ قد رآه في الإسناد، وإنما يتكلم على الضعيف من أول مرة كما قدمناه، والشارح رأى هذا في كلام بعض المتأخرين عقب عزوه الحديث إلى الدارقطني فعده من كلامه وهمًا وغلطًا، ثم استدرك بوهمه على المصنف فأعجب له ما أجرأه بالباطل على الباطل. 800/ 1635 - "أمرتُ بالنِّعلَينِ والخَاتَمِ". الشيرازي في الألقاب (عد. خط) والضياء عن أنس قال الشارح في الكبير: رواه الخطيب في ترجمة وكيع بن سفيان قال الخطيب -وتبعه ابن الجوزي-: لم يروه عن يونس بن يزيد إلا عمر بن هارون، وعمر تركه أحمد وابن مهدي، وقال ابن حبان: يروى عن الثقات المعضلات، ويدعي شيوخًا لم يرهم اهـ. وقضية صنيع المصنف أن ابن عدي والخطيب خرجاه وسكتا عليه وهو غير صواب، فأما الخطيب فقد سمعت ما قال، وأما ابن عدي فخرجه وقال: هو باطل، فإنه أورده في ترجمة ابن الأزهر، وقال: إنه باطل، فاقتصار المصنف على عزوه تلبيس فاحش. قلت: بل الشارح ملبس جاهل كذاب سخيف كما يتضح ذلك كله من وجوه، الأول: أن كتاب المصنف غير موضوع لذكر العلل وأسماء من في الأحاديث من الضعفاء والمجروحين فهو من أوله إلى آخره فارغ من هذا، فانتقاد الشارح عليه بهذا تلبيس وسخافة. الثاني: أنه نص في أول خطبة كتابه الجامع الكبير الذي منه اختصر الجامع الصغير على أن كل ما فيه ابن عدي فهو ضعيف، فالعزو إليه مغن عن التصريح بضعفه، فعدم اطلاع الشارح على هذا من قصوره وجهله وغفلته. الثالث: أنه حيث لم يذكر ذلك في أول الجامع الصغير فقد استعاض عنه بما هو أفيد وأصرح في الموضوع، فرمز لكل حديث برتبته من الصحة والحسن

والضعف على حسب نظره واجتهاده، وقد رمز لهذا الحديث بعلامة الضعيف فكلام الشارح مع ذلك من سخافته وصفاقة وجهه. الرابع: أنه نقل عن الخطيب أنه رواه في ترجمة وكيع بن سفيان، وأنه قال: لم يروه عن يونس. . . إلخ، فاسمع ما قاله الخطيب [8/ 448] في ترجمة وكيع من أولها إلى آخرها: وكيع بن سفيان أبو سفيان المروزي قدم بغداد وحدث بها عن زيد بن المهتدي المروزي، روى عنه محمد بن عبد الرحيم المازني: أخبرنا علي بن أبي بكر المازني حدثني أبي ثني أبو سفيان وكيع بن سفيان المروزي ثنا أبو حبيب زيد ابن المهتدي (ح) وأخبرنا الحسن بن أبي بكر أخبرنا محمد بن الحسن بن زياد المقري ثنا زيد بن المهتدي ثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني عن عمر بن هارون البلخي عن يونس ابن يزيد الأيلي عن الزهري عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أمرت بالخاتم والنعلين" لفظ حديث وكيع، انتهى ما كتبه الخطيب بتمامه. الخامس: أن الكلام المذكور هو كلام الطبراني في المعجم الصغير [1/ 166]، وقد رواه من طريقه الخطيب أيضًا في ترجمة زيد بن المهتدي فقال: أخبرنا محمد بن عبد اللَّه بن شهريار الأصبهاني أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ثنا زيد بن المهتدي المروزي أبو الحبيب البغدادي ثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني فذكره بلفظ الكتاب، ثم قال الخطيب: قال سليمان الطبراني: لم يروه عن الزهري إلا يونس ولا عن يونس إلا عمر بن هارون تفرد به أبو حبيب عن سعيد بن يعقوب انتهى بتمامه. السادس: ومع كون الخطيب نقله عن الطبراني مصرحًا باسمه، فلم يتعرض في كلامه لجرح الرجال أصلًا إنما تعرض للتفرد، فقول الشارح عنه: وعمر تركه أحمد وابن مهدي. . . إلخ كذب منه على الخطيب أو جهل وغباوة، لأن

ذلك من كلام ابن الجوزي [2/ 203] لا من كلام الخطيب. السابع: قوله: أما الخطيب، فقد سمعت ما قال تلبيس منه وجهل، فإن الخطيب ما قال شيئًا أصلًا. الثامن: قوله: وأما ابن عدي فخرجه في ترجمة ابن الأزهر، [1/ 205] وقال: إنه باطل كذب وهذيان، فابن الأزهر لم يتقدم له ذكر ولا هو من رجال السند ولا روى الحديث من طريقه فاعجب لصنع اللَّه تعالى بأهل الحقد، يريد الشارح أن يوقع المصنف فيفضح نفسه ويوقعها في المهالك والمعاطب ويبرئ اللَّه المصنف من افترائه وجسارته. 800 - مكرر/ 1639 - "أُمْرِتُ بقريةٍ تأكُلُ القرى، يَقُولُونَ يَثربَ، وهي المدِينَةُ، تَنْفِي النَّاسِ كَما يَنْفِي الكِيرُ خبثَ الحدِيدِ". (ق) عن أبي هريرة قلت: خرجه أيضًا مالك [رقم 887] وأحمد [2/ 237] والطحاوي في مشكل الآثار وعقد له بابا ص 332 من الجزء الثاني. 801/ 1640 - "أمرتِ الرسلُ ألَّا تَأكُلَ إلا طَيبًا ولا تَعمل إلا صَالِحًا". (ك) عن أم عبد اللَّه بنت أوس أخت شداد بن أوس قلت: صححه الحاكم [4/ 126] وتعقبه الذهبي بأن أبا بكر بن أبي مريم راويه عن ضمرة بن حبيب عن أم عبد اللَّه واه، وقد قال الحافظ في الإصابة [4/ 171 - 172]: أخرجه أحمد في الزهد والطبراني وابن منده والمعافى بن عمران في تاريخه من طرق عن ضمرة بن حبيب، فهذا يدل على أن أبا بكر ابن أبي مريم توبع عليه، والغالب أنه سبق قلم من الحافظ، فإن الحاكم أخرجه من طريق المعافى بن عمران عن أبي بكر بن أبي مريم به، وقال أحمد آخر الزهد له:

حدثنا الهيثم بن خارجة ثنا المعافى بن عمران الموصلي الأزدي عن أبي بكر بن عبد اللَّه بن أبي مريم به. وكذلك رواه الطبراني من طريقه كما صرح به الهيثمي في الزوائد، وقال ابن أبي حاتم في التفسير: حدثنا أبي ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ثنا أبو بكر بن أبي مريم به. فهذا صريح في أنهم رووه من طريقه لا من طرق كما يقول الحافظ. 802/ 1645 - "امْسح رَأسَ اليتِيم هَكذا إلى مَقدَّمِ رَأسِهِ، ومنْ لَهُ أبٌّ هكذَا إلى مُؤخَّرِ رَأسِهِ". (خط) وابن عساكر عن ابن عباس قلت: يلام المصنف على ذكر هذا الحديث، فإن صغار الولدان يعرفون أنه موضوع وأنه خرافة فقبح اللَّه عقولًا تضيف مثل هذا إلى سيد المرسلين -صلى اللَّه عليه وسلم-. والعجب أن الشارح مولع بالانتقاد على المصنف، مغرم بالتعقب عليه لاسيما بما يقوله الذهبي، وقد صرح في الميزان بأنه موضوع فلم يعرج الشارح على كلامه، فكأن اللَّه تعالى ما أراد به التوفيق للصواب. 803/ 1649 - "أمطِ الأذَى عَن الطريق، فإنَّه لك صدقةٌ". (خد) عن أبي برزة قال في الكبير: وكذا رواه عنه الديلمي كالطبراني قلت: الذي في الأدب المفرد [رقم 228] عن أبي برزة الأسلمي قال: "قلت: يا رسول اللَّه دلني على عمل يدخلني الجنة، قال: أمط الأذى عن طريق الناس"، والشارح ما استحضر أن هذا الحديث في صحيح مسلم [إيمان 58] وسنن ابن ماجه [رقم 3681] بلفظ: "اعزل الأذى" كما سبق للمصنف وإلا لاستدركه وهول به على قاعدته.

804/ 1651 - "أملِك يَدكَ". (تخ) عن أسود بن أصرم قال في الكبير: ورواه عنه -أيضًا- الطبراني، قال الهيثمي: وإسناده حسن. قلت: الطبراني رواه بسياق آخر سأذكره، أما البخاري [1/ 444] فرواه عن عمرو بن أبي سلمة عن صدقة بن عبد اللَّه الدمشقي عن عبد اللَّه بن علي عن سليمان بن حبيب أخبرني أسود بن أصرم المحاربي قال: "قلت: يا رسول اللَّه أوصني. قال: أملك يدك"، قال البخاري: وفي إسناده نظر اهـ. ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت عن يونس بن عبد الرحيم العسقلاني عن عمرو بن أبي سلمة بسنده لكنه قال في متنه: "قلت: يا رسول اللَّه أوصني، قال: أتملك يدك؟ قلت: فما أملك إذا لم أملك يدي، قال: أتملك لسانك؟ قلت: فما أملك إذا لم أملك لساني، قال: لا تبسط يدك إلا إلى خير، ولا تقل بلسانك إلا معروفًا"، ورواه الطبراني من طريق عبد الوهاب ابن بخت عن سليمان بن حبيب المحاربي به نحوه وفي أوله قصة. 805/ 1652 - "أملكَ عَلِيكَ لِسَانَكَ". ابن قانع (طب) عن الحارث بن هشام قال الشارح في الكبير: ابن قانع اسمه: أحمد. قلت: هذا خطأ فاحش بل اسمه عبد الباقي وهو مشهور متداول الاسم بين أهل الحديث. 806/ 1653 - "أمْلك عَليكَ لسَانَكَ، وَليسعَكَ بَيْتُك، وَابْكِ عَلى خطِيئَتِكَ". (ت) عن عقبة بن عامر

قال (ش) في الكبير: كذا قاله المصنف تبعًا لعبد الحق في الأحكام، قال ابن القطان: وهو خطأ إنما هو عن أبي أمامة. قلت: ما أظن هذا إلا وهما من الشارح على ابن القطان فإن الرواة والمخرجين كلهم ذكروه عن أبي أمامة عن عقبة بن عامر، وكذلك هو في سنن الترمذي [رقم 406] فلا أدري ما معنى قول الشارح: إن المصنف تبع في ذلك عبد الحق في أحكامه؟ ولا ما نقله عن ابن القطان من أن صوابه عن أبي أمامة فقط، قال الترمذي: حدثنا صالح بن عبد اللَّه ثنا ابن المبارك (ح) وحدثنا سويد بن نصر ثنا عبد اللَّه بن المبارك عن يحيى بن أيوب عن عبيد اللَّه ابن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن عقبة بن عامر قال: "قلت: يا رسول اللَّه ما النجاة؟ قال: أملك عليك لسانك. . ." الحديث. وقال أبو نعيم في الحلية [2/ 9]: حدثنا جعفر بن محمد بن عمرو ثنا أبو حصين ثنا يحيى بن عبد الحميد ثنا ابن المبارك به عن أبي أمامة قال: قال عقبة بن عامر: قلت: "يا رسول اللَّه. . ." وذكره. وقال أبو سعد الماليني في الأربعين له من رواية الصوفية: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل بن محمد الضراب ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن المولد الصوفي ثنا إبراهيم بن عبد الرحيم القواس أنبأنا أبو الأصبغ محمد بن عبدون السراج أنبأنا ابن المبارك به مثله، بذكر عقبة بن عامر أيضًا. وقال أبو علي بن البنا في الرسالة المغنية في السكوت ولزوم البيوت: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن داود الرزاز أنا أبو بكر الشافعي ثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا داود بن عمرو بن زهير الضبي ثنا عبد اللَّه بن المبارك

به مثله عن أبي أمامة قال: قال عقبة بن عامر وتابعه ابن أبي مريم. قال البيهقي في الزهد: أخبرنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ ثنا محمد بن عبد اللَّه الشافعي ثنا عبيد بن عبد الواحد ثنا ابن أبي مريم أنبأنا يحيى بن أيوب به مثله أيضًا بذكر عقبة بن عامر. فلم يبق إلا أن النقل عن ابن القطان غلط عليه، واللَّه أعلم. 807/ 1654 - "أَملِكُوا العَجِينَ فَإِنَّه أعْظَمُ للبرَكَةِ". (عد) عن أنس قال الشارح: وذا حديث منكر. قلت: بل موضوع، فكان على المصنف حذفه من الكتاب. 808/ 1656 - "أمْنعُ الصُفُوفِ مِنَ الشَّيطَان الصفُّ الأوَّل". أبو الشيخ عن أبي هريرة قلت: قال أبو الشيخ: حدثنا محمد بن يعقوب الأهوازي ثنا محمد بن سنان ثنا حكيم بن سيف قاضي الأيلة ثنا هشام بن المقدام عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. هشام بن المقدام ضعيف. 809/ 1658 - "أمِيرَانِ وَليْسَا بأميرَينِ، المرأة تَحجُّ مَعَ القومِ فَتَحِيضُ قَبْلَ أن تَطوفَ بالبيَتِ طَواف الزِّيَارَةِ، فَليس لأَصْحَابِهَا أنْ يَنفرُوا حَتَّى يَستأمِروُهَا، والرَّجُل يَتبعُ الجنَازةِ فَيصلي عَلِيهَا، فَليسَ لَهُ أن يَرجعَ حَتَّى يَستأمرَ أهلَهَا". المحاملي في أماليه عن جابر قلت: هذا كذب مكشوف يلام المصنف على ذكره في هذا الكتاب، وما ألفاظه

ألفاظ نبوية، بل هي أشبه بالفاظ الفقهاء وتراكيبهم، افتراه عمرو بن عبد الغفار وادعى أنه رواه عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر، أخرجه البزار أيضًا في مسنده عن أحمد بن يزداذ الكوفي عن هذا الكذاب، وسرقه منه عمرو بن عبد الجبار السنجاري فركب له إسنادًا آخر عن أبي شهاب عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وقد يكون الأول هو الذي سرقه من هذا. أخرجه العقيلي في الضعفاء عن أبي شيبة داود بن إبراهيم عن عبيد بن صدقة عن عمرو بن عبد الجبار به. وقد ورد هذا من أوجه أخرى عن أبي هريرة من قوله. 810/ 1663 - "إِنَّ اللَّه احْتَجرَ التوبَة عَنْ كُلِّ صَاحِب بَدعَةٍ". ابن فيل (طس. هب) والضياء عن أنس قلت: تحرف اسم ابن فيل على الشارح فكتبه أولًا بالقاف، ثم قال: وفي نسخ: فيل ولعله الصواب اهـ. وهذا الترجي لا معنى له، فإن ابن فيل بالفاء كاسم الحيوان المعروف، واسمه: أبو طاهر الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل الأسدي البالسي وهو مشهور كجزئه الذي خرج فيه هذا الحديث، وهو ثاني حديث فيه، قال: حدثنا هارون بن موسى الفروي ثنا أبو ضمرة أنس بن عياض عن حميد الطويل عن أنس به. وهارون بن موسى ذكره الذهبي في الميزان وقال: صدوق من شيوخ النسائي، ثم قال: روى الساجي وابن ناجية عنه عن أبي ضمرة فذكر هذا الحديث، ثم قال: هذا منكر اهـ. وهو غريب فإن هارون بن موسى صدوق، كما قال مسلمة والدارقطني: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: شيخ، والنسائي: لا بأس به.

ومع هذا فلم ينفرد به فرواه ابن وضاح في البدع: ثنا أسد بن موسى ثنا عبد اللَّه بن خالد عن بقية قال: حدثني محمد عن حميد الطويل به. ومحمد شيخ بقية هو ابن عبد الرحمن صرح به علي بن عمر الحربي في جزء من حديثه فقال: حدثنا علي بن الحسين بن جناب ثنا هارون بن أبي هارون العبدي ثنا بقية بن الوليد ثنا محمد بن عبد الرحمن عن حميد به. ومحمد بن عبد الرحمن هذا لعله ابن عرف فإنه من شيوخ بقية المعروفين، ومع هذا فله طريق آخر أيضًا قال أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب في زوائد كتاب المجالسة للدينوري: ثنا عبد الملك بن بحر بن شاذان ثنا جعفر السوسي ثنا إسحاق الفروي عن حميد الطويل به. إلا أن في هذا انقطاعًا فيما أحسب، فإن الفروي ما أدرك حميدًا الطويل وله شوأهد كثيرة منها ما سبق بلفظ: "أبى اللَّه أن يقبل عمل صاحب بدعة حتى يدع بدعته"، وقد ذكر ابن مفلح في الآداب الكبرى عن المروزي قال: سئل أحمد بن حنبل عما روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أن اللَّه عز وجل احتجر التوبة عن صاحب بدعة" أي شيء معناه؟ قال أحمد: لا يوفق ولا ييسر صاحب بدعة لتوبة، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما قرأ هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159]، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هم أهل البدع والأهواء ليست لهم توبة"، قال ابن تيمية: لأن اعتقاده لذلك يدعوه إلى أن لا ينظر نظرًا تامة إلى دليل خلافه فلا يعرف الحق، ولهذا قال السلف: إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية اهـ. 811/ 1665 - "إنَّ اللَّه تعالى إذا أحبَّ إنْفَاذَ أمْرٍ سَلب كُلَّ ذِي لُبٍّ

[في الكلام على لاحق بن الحسين]

لُبَّهُ". (خط) عن ابن عباس وكتب الشارح في الصغير: عن أنس. وقال في الكبير: ظاهر صنيع المؤلف أن الخطيب خرجه ساكتًا عليه، وليس كما وهم؛ بل أعله بلاحق بن الحسين، وقال: إنه يضع، وقال في موضع آخر: كان كذابًا إذ يضع الحديث على الثقات، ويسند المراسيل اهـ، فعزوه له مع حذف ما عقبه به من هذه العلة التي هي أقبح العلل غير صواب. [في الكلام على لاحق بن الحسين] قلت: كذب الشارح في هذا وأسخف فإن الخطيب [14/ 99] ما عقبه بشيء ولا ذكر له علة بل ترجم للاحق بن الحسين وذكر ما قيل فيه من الجرح، وأسند في ترجمته هذا الحديث على عادته فقال: لاحق بن الحسين بن عمران ابن أبي الورد أبو عمر يعرف بالمقدسي، تغرب وحدث بأصبهان وخراسان وما وراء النهر عن خلق لا يحصون من الغرباء والمجاهيل أحاديث مناكير وأباطيل، حدثنا عنه أبو نعيم الأصبهاني: أخبرنا أبو نعيم الحافظ ثنا أبو عمر لاحق بن الحسين فذكر الحديث، ثم قال: حدثني أبو عبد اللَّه الحسين بن محمد أخو الخلال والقاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي كلاهما عن أبي سيد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي قال لاحق بن الحسين: كنيته: أبو عمر كان يذكر أنه مقدسي الأصل، وربما كان يقول: إنه بغدادي كان كذابًا أفاكًا يضع الحديث عن الثقات ويسند المراسيل ويحدث عمن لم يسمع منهم، حدثنا يومًا عن الربيع بن حسان الكسي والمفضل بن محمد الجندي فقلت: أين كتبت ومتى كتبت عنهما؟ فذكر أنه كتب عنهما بمكة بعد العشرين والثلاثمائة فقلت: كيف كتبت عنهما بعد العشرين وقد ماتا قبل العشرين؟! ووضع نسخًا لأناس لا تعرف أساميهم في

جملة رواة الحديث مثل: طرغال وطربال وكركدن وشعبوب ومثل هذا شيئًا غير قليل ولا نعلم رأينا في عصرنا مثله في الكذب والوقاحة مع قلة الدراية، وأطال الإدريسي في الكلام عنه بما يراجع من تاريخ الخطيب، فبان أن الخطيب لم يعلل الحديث بشيء، وإنما ذكر ترجمة الرجل وما قيل فيه من الجرح وأسند عنه الحديث الذي قد يعد هو من أسباب جرحه. ثم إن قول الشارح: وقال في موضع آخر: كان كذابًا يضع الحديث على الثقات ويسند المراسيل كذب من وجهين: أحدهما: أنه لم يذكره في موضع آخر بل في نفس ترجمة لاحق بن الحسين. ثانيهما: أن الخطيب نقل ذلك عن الإدريسي كما سبق ولم يقله من عنده. وبعد هذا كله فقد نبهنا مرارًا على أن هذا من سخافة الشارح وأن المصنف ما وضع كتابه لينقل فيه العلل وجرح الرواة بل اكتفى عن ذلك بالرموز، وقد رمز للحديث بعلامة الضعيف، وقد غلط الشارح في الصغير إذ كتب: صحابي هذا الحديث أنس والصواب ابن عباس، كما أنه غلط فيه أغلاطًا أخرى إذ ذكره المصنف سابقًا في حرف إذا بلفظ: "إذا أراد اللَّه إنفاذ قضائه" فارجع إلى تلك الأغلاط وضمها إلى ما هنا واحمد اللَّه على السلامة. 812/ 1668 - "إنَّ اللَّه تَعالى إذَا أنْعَم عَلى عَبدٍ نِعمةً يُحب أن يَرى أثَر النعمَة عَليه، وَيَكرهُ البؤسَ وَالتَباؤسَ، ويبغضُ السائِلَ الملحِفَ، وَيُحبُّ الحيى العَفيفَ المتعَفِّفَ". (هب) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: قال الذهبي في المهذب: إسناده جيد. وقال في الصغير: أسانيده جيدة كما في المهذب. قلت: إذا فلا ندري ما قاله الذهبي في المهذب، هل قال إسناده جيد كما نقله الشارح في كبيره، أو قال: أسانيده بلفظ الجمع كما نقله عنه في صغيره؟! ثم

لا تدري هل هذا النقل موجود في مهذب الذهبي، وهل هو مهذب السنن أو مهذب آخر؟! اللَّه أعلم بحقيقة الحال. والحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان: [1/ 78] ثنا أبو الشيخ ثنا عبد اللَّه بن محمد بن زكريا ثنا أحمد بن سعيد (ح) وثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ثنا أحمد بن سعيد بن جرير ثنا عيسى بن خالد عن ورقاء عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن اللَّه عز وجل يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ويكره البؤس والتباؤس، ويحب الحيى الحليم العفيف المتعفف، ويبغض الفاحش البذئ السائل الملحف". وله طريق أخرى عن أبي هريرة لكن في ذكر إظهار النعم فقط، بل هذا المعنى ورد أيضًا من حديث والد أبي الأحوص وعمران بن حصين، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وعبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، وأبي سعيد الخدري وأنس وجابر، وزهير بن أبي علقمة ومرسلًا عن علي بن زيد وبكر بن عبد اللَّه ذكرت جميعها بأسانيدها في مستخرجي على مسند الشهاب. 813/ 1669 - "إِنَّ اللَّه إذَا رَضي عَنِ العَبْد أثْنَى عَليه بِسَبعة أصنافٍ مِنَ الخير لَمْ يَعمله، وإذَا سَخِطَ عَلى العبْدِ أثْنَى عَلَيه بِسَبعةِ أصْنَافٍ مِنَ الشرِّ لمْ يَعْمَلْه". قال الشارح في الكبير: قال الهيثمي: رجاله وثقوا على ضعف في بعضهم اهـ. وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح. قلت: أخطأ ابن الجوزي [المتناهية 2/ 342]، بل إسناده لا بأس به، بل حسن إن شاء اللَّه تعالى، وقد أخرجه جماعة آخرون، فقال الحارث بن أبي أسامة في مسنده: ثنا أبو عبد الرحمن المقري ثنا حيوة عن سالم بن غيلان أنه سمع أبا السمح يحدث عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري به، وقال: "سبعة أضعاف"،

بالضاد المعجمة والعين المهملة كما هو بخط الحافظ نور الدين الهيثمي في بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث، وكذلك أسنده أبو نعيم في الحلية [1/ 370] في ترجمة أبي سعيد عن أبي بكر بن خلاد عن الحارث به بلفظ: "أضعاف" أيضًا. وكذلك وقع عند الطحاوي في مشكل الآثار [1/ 389]، فإنه عقد فيه بابًا للكلام على هذا الحديث فقال: حدثنا يونس ثنا ابن وهب أخبرني حيوة بن شريح به. ثم أخرجه من وجهين آخرين من رواية أبي عاصم وأبي عبد الرحمن المقري كلاهما عن حيوة به (1/ 389). وهكذا أخرجه أبو القاسم المؤمل بن أحمد الشيباني في السادس من فوائده فقال: ثنا القاضي أبو عمر محمد بن يوسف بن محمد ثنا عبد اللَّه بن يزيد هو أبو عبد الرحمن المقري به، ثم قال: غريب من حديث أبي الهيثم عن أبي سعيد تفرد به دراج. وأخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 196] كذلك بلفظ: "أضعاف" فقال: حدثنا أحمد بن إسحاق ثنا عبد اللَّه بن محمد بن العباس ثنا أبي أنا أبو عاصم ثنا حيوة بن شريح به. ورواه البيهقي في الزهد بلفظ: "أصناف" كما في المتن، فقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ ومحمد بن موسى قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا أبو عاصم عن حيوة به. 814/ 1671 - "إنَّ اللَّه إذَا أرادَ بِالعِبَادِ نِقْمَةً أمَاتَ الأطْفَالَ، وعَقَمَ

النِّساءَ، فَتْنزِلُ بِهِم النقْمةُ وليْسَ فِيهِم مَرْحُومٌ". الشيرازي في الألقاب عن حذيفة وعمار بن ياسر معًا قلت: هذا حديث باطل موضوع. 815/ 1674 - "إنَّ اللَّه تَعَالَى إِذَا أطْعَمَ نَبِيا طُعمةً فَهِي للَّذي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ". (د) عن أبي بكر قال في الكبير: وكذا أحمد، وكأنه أهمله لذهول، وهو من رواية أبي الطفيل قال: "أرسلت فاطمة -رضي اللَّه عنها- إلى أبي بكر -رضي اللَّه عنه- أنت ورثت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أم أهله؟ قال: لا بل أهله، قالت: فأين سهمه؟ قال: سمعته يقول. . ." وذكره، قال ابن حجر: فيه لفظة منكرة وهي قوله: "بل أهله، فإنه معارض للحديث الصحيح أنه قال: "لا نورث" اهـ. وقال في تخريج المختصر: رجاله ثقات أخرج لهم مسلم لكنه شاذ المتن لأن ظاهره إثبات كون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يورث، وهو مخالف للأحاديث الصحيحة المتواترة اهـ. وفيه محمد بن فضيل، قال الذهبي: ثقة شيعي، وقال بعضهم: لا يحتج به، وقال أبو حاتم: كثير الخطأ، والوليد بن جميع قال ابن حبان: فحش تفرده فبطل الاحتجاج به. قلت: لكنه لم ينفرد بهذا الحديث فقد أخرجه ابن حبان نفسه في الضعفاء [1/ 347] من طريق سيف بن مسكين عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه، لكنه قال: سيف بن مسكين لا يحل الاحتجاج به لمخالفته الأثبات في الروايات، وروايته المقلوبات والموضوعات. 816/ 1675 - "إِنَّ اللَّه تَعَالى إذَا أرادَ رَحمةَ أمَّةٍ مِن عبَاده قَبَضَ نَبْيَّهَا قَبْلَهَا، فَجعلهُ لَهَا فرطًا وسلفًا بَيْنَ يَديهَا، وإذَا أراد هَلكة أمَّةٍ عَذَّبَهَا

ونبيها حيٌّ، فأهَلَكهَا وهو يَنْظُرُ، فأقرَّ عَيْنَهُ بِهَلكتِهَا؛ حينَ كَذَّبُوهُ وَعصوا أمرَهُ". (م) عن أبي موسى قال الشارح في الكبير: قال القرطبي وغيره: هذا من الأربعة عشر حديثا المتقطعة الواقعة في مسلم لأنه قال في أول سنده: حدثنا عن أبي أسامة. قلت: ليس هو بانقطاع كما تعقبه النووي على قائله، والشارح أيضًا لم ينقل صيغة مسلم بتمامها، فمسلم قال [فضائل: 24]: حدثت عن أبي أسامة وممن روى ذلك عنه إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا أبو أسامة الحديث، قال النووي بعد نقله عن المازري والقاضي أنه هذا من الأحاديث المنقطعة ما نصه: وليس هذا حقيقة انقطاع وإنما هو رواية مجهول، وقد وقع في حاشية بعض النسخ المعتمدة قال الجلودي: ثنا محمد بن المسيب الأرغياني قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري بهذا الحديث عن أبي أسامة بإسناده انتهى. قلت: أسنده من طريقه الذهبي في ترجمته من التذكرة من رواية أحمد بن محمد بن أحمد البالوني، عنه قال: وسمعت ابن المسيب يقول: كتب هذا الحديث عني ابن خزيمة، ويقال تفرد به إبراهيم الجوهري اهـ. قلت: وسمعه من إبراهيم بن سعيد الجوهري أيضًا أبو طاهر الحسن بن أحمد ابن إبراهيم بن فيل، وأخرجه في جزئه المشهور عنه، لكنه ذكره عن أبي موسى موقوفًا ولم يرفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على ما في نسختي من ابن فيل، ثم راجعت نسخة أخرى مقروءة مسموعة فإذا هو كذلك موقوفًا، وسمعه منه أيضًا عبيد العجل كما ذكره الخطيب [7/ 370] في ترجمة الحسن بن علي المعمري عن أبي عمرو بن حمدان قال: سمعت أبي يقول: قصدت الحسن بن علي المعمري من خراسان في حديث محمد بن عباد عن ابن عيينة عن عمرو عن سعيد بن أبي بردة فامتنع عليّ فبينا أنا عنده ذات يوم وعبيد العجل عنده يذاكره فسألته

عن الحديث فردني فقمت وقلت: لا ردك اللَّه كما رددتني، فقال لي: اقعد وذاكرني، ثم قال لي: سل عن غير هذا، فقلت: حديث أبي أسامة عن بريدة عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه إذا أراد رحمة أمة"؟ قال: لا أعرفه، فقال عبيد العجل: أنا أعرفه، حدثناه إبراهيم الجوهري ثنا أبو أسامة فذكره. 817/ 1676 - "إنَّ اللَّه إذَا أرَادَ أن يَخْلُقَ عَبْدًا للخِلَافَةِ مَسح يَدَهُ عَلى جَبْهَتِه". (خط) عن أنس قال الشارح: فيه مغيث بن عبد اللَّه ذاهب الحديث. وقال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن الخطيب خرجه ساكتًا عليه، وهو تلبيس فاحش، فإنه خرجه وأعله، فقال عقبه: مغيث بن عبد اللَّه -أي أحد رجاله- ذاهب الحديث. قلت: لا تلبيس من المصنف فإنه رمز لضعفه بعد أن نص في كبيره على أن كل ما في الخطيب ضعيف فالعزو إليه مغن عن النص على ضعفه إلا ما وافق فيه الصحاح، ولكن الشارح وقح قليل الحياء جاهل عديم الأمانة في النقل، فليس في رجال هذا الحديث من اسمه مغيث كما يقوله في كبيره وصغيره، ولكن فيه مسرة بن عبد اللَّه، وفيه قال الخطيب [2/ 150]: ذاهب الحديث. 679/ 1818 - "إن اللَّه تعالى إذا غَضِبَ عَلى أمَّةٍ، وَلم يُنْزلْ بِهَا عَذاب خَسْفٍ ولا مَسْخٍ، غَلت أسْعَارُهَا ويُحبسُ عَنهَا أمْطَارها، ويَلي عَليهَا شْرَارُهَا". ابن عساكر عن على وكتبه الشارح في الصغير عن أنس، ثم قال: وكذا الديلمي بزيادة. قلت: لما وقفت على هذا أولًا كتبت بهامش النسخة هذا الاطلاق غلط، فإن

الديلمي خرجه من حديث علي لا من حديث أنس، ثم لما راجعت المتن وجدته فيه عن علي كما خرجه الديلمي، وإنما لفظ أنس تحريف من الشارح، فكيفما دار الحال يدور على وجود غلط مه، فهو أكثر خلق اللَّه أغلاطًا عقوبةً من اللَّه تعالى بسبب جرأته على المصنف وإقدامه على الباطل في حق الأبرياء. ثم إنه سكت عن الحديث فلم يتعرض لذكر من فيه، وهو من رواية الأصبغ ابن نباتة عن علي، والأصبغ فيه مقال ومنهم من كذبه، قال الديلمي: أخبرنا والدي أخبرنا عبد الملك بن عبد الغفار أخبرنا أبو الفرج الطناجيري ثنا عمر بن محمد الزيات ثنا الحسن بن الطيب ثنا الحسين بن أبي الحجاج ثنا مندل عن محمد بن مطرف عن مسمع بن الأسود عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن اللَّه إذا غضب على أمة ثم لم ينزل عليها العذاب غلت أسعارها، وقصرت أعمارها، ولم تربح تجارها، وحبس عنا أمطارها، ولم تغزر أنهارها، وسلط عليها شرارها". قلت: وفي هذا السند أيضًا غير الأصبغ بن نباتة وهو موافق للحال الحاضرة ومطابق لها إلا أن القلب إلى كونه من كلام علي عليه السلام أميل واللَّه أعلم. 819/ 1681 - "إِنَّ اللَّه تعالى اسْتَخْلَصَ هَذا الدِّينَ لِنفسِه، ولا يَصلحُ لِدَّينِكُم إلا السَّخَاءُ وَحُسنُ الخُلقِ، ألا فَزينُوا دِينَكم بِهِمَا". (طب) عن عمران بن حصين قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه عمر بن الحصين العقيلي، وهو متروك اهـ. وله طرق عند الدارقطني في المستجاد، والخرائطي في المكارم من حديث أبي سعيد وغيره أمثل من هذا الطريق، وإن كان فيها أيضًا لين كما بينه الحافظ العراقي، فلو جمعها المصنف أو آثر ذلك لكان أجود. قلت: ليس في ألفاظ حديث من ذكر ما يدخل في هذا الحرف.

أما حديث أبي سعيد فلفظه: "عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: جاءني جبريل عليه السلام فقال: إن اللَّه ارتضى هذا الدين لنفسه، ولا يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق، فأكرموه بهما ما صحبتموه"، أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 148] من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: ثنا أبو قتادة العذري عن جرير بن رزين بن دعلج الحذاء عن ابن المنكدر، وصفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد وفيه ضعف واضراب. وما رأيته في مكارم الخرائطي كما زعم الشارح، وأما غيره فورد أيضًا من حديث جابر بن عبد اللَّه وأنس وعائشة. فحديث جابر رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق، وابن حبان في الضعفاء [2/ 134]، وابن شاهين في الترغيب، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 80]، والقضاعي في مسند الشهاب، والحميدي في جزء من حديثه، والبغوي في التفسير، وآخرون كلهم من رواية عبد الملك بن مسلمة عن إبراهيم ابن أبي بكر بن المنكدر قال: سمعت عمي محمد بن المنكدر يقول: سمعت جابر بن عبد اللَّه يقول: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: قال اللَّه تعالى: هذا دين أرتضيه لنفسي ولن يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق، فأكرموه بهما ما صحبتموه". وحديث أنس رواه ابن عساكر في التاريخ وقد ذكرت سنده في المستخرج على مسند الشهاب. وحديث عائشة رواه ابن عدي من طريق بقية عن يوسف بن السفر عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة، ويوسف ضعيف. 820/ 1682 - "إِنَّ اللَّه اصْطَفى كِنَانةَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيل، واصْطَفَى قُريشًا مِنْ كِنَانة، وَاصْطَفَى مِنْ قُريشٍ بَنِي هَاشمٍ، واصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ".

(م. ت) عن واثلة بن الأسقع قال الشارح: وله طرق كثير أفردت بالجمع. قلت: كذب الشارح، فما للحديث طرق كثيرة ولا قليلة، بل له طرق واحدة من رواية الأوزاعي عن شداد أبي عمار عن واثلة، ومن طريق الأوزاعي رواه البخاري في التاريخ [1/ 1/ 4]، وأحمد [4/ 107] وابن سعد ومسلم [فضائل: 1] والترمذي [رقم 3606] والحاكم في علوم الحديث، والخطيب [3/ 64] وآخرون، ولم يفرده أحد بالجمع كما يفتريه الشارح، وقد ذكر في الكبير ما يدل على منشإ غلطه وخطئه فقال: قال ابن حجر: وله طرق جمعها شيخنا العراقي في محجة القرب في محبة العرب، فهذا هو الجمع الذي يقصده في الصغير، والحافظ لم يتكلم على هذا الحديث بل على حديث اختيار العرب من الخلق وفضلهم الذي جمعه الحافظ العراقي في الكتاب المذكور. 821/ 1686 - "إِنَّ اللَّه تَعَالَى اطلَعَ عَلَى أهْلِ بَدْرٍ فَقَال: اعْمَلُوا مَا شِئتُم فَقد غَفرتُ لَكُمْ". (ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أحمد وأبو داود باللفظ المزبور، فاقتصار المؤلف على الحاكم غير جيد. قلت: أما أحمد [2/ 295]: فرواه باللفظ المذكور هنا، وأما أبو داود: فرواه بلفظ لا يدخل في هذا الحرف، فقال [رقم 4654]: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة (ح) وثنا أحمد بن سنان ثنا يزيد بن هارون ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: قال موسى: "فلعل اللَّه"، وقال ابن سنان: اطلع اللَّه على أهل بدر. . ." الحديث، فسقط الاستدراك به وهو الذي يعاب به المحدث لأنه من الكتب الستة، أما أحمد فلا يلزم المحدث

العزو إليه. 822/ 1687 - "إِنَّ اللَّهَ أعْطَانِي فِيمَا مَنَّ به عَليَّ أَنِّي أعْطيتكَ فَاتِحَةَ الكِتَابِ، وهِي مِنْ كُنوزِ عَرْشِي، ثم قسمتهَاَ بَينِي وَبَينِكَ نِصْفَينِ". ابن الضريس (هب) عن أنس قال الشارح في الكبير: ابن الضريس بضم المعجمة وشد الراء الحافظ يحيى البجلي. قلت: في هذا وهمان الأول: قوله: وشد الراء بل هو بتخفيفها، كما هو مشهور ومنصوص عليه في كتب ضبط الأسماء، بل وفي القاموس: الضريس كزبير اسم. الثاني: أن يحيى بن الضريس ليس هو صاحب فضائل القرآن المعزو إليه هذا الحديث، بل هو حفيده محمد بن أيوب بن يحيى، قال الذهبي في التذكرة [2/ 643]: أبو عبد اللَّه محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس البجلي الرازي مصنف كتاب فضائل القرآن ولد على رأس المائتين، وسمع القعنبي ومسلم بن إبراهيم وأبا الوليد الطيالسي ومحمد بن كثير العبدى وطبقتهم، قال بعض العلماء: سمعت محمد بن أيوب يقول: آخر قدمة قدمتها البصرة أديت أجرة الوراقين عشرة آلاف درهم، وثقه عبد الرحمن بن أبي حاتم والخليلي، وقال: هو محدث ابن محدث، وجده يحيى من أصحاب الثوري مات بالري في يوم عاشوراء سنة أربع وتسعين ومائتين اهـ. وأما جده يحيى الذي ذكره الشارح فقديم من رجال مسلم والترمذي مات في ربيع الأول سنة ثلاث ومائتين، والحديث أخرجه أيضًا الديلمي قال: أخبرنا والدي أخبرنا أبو بكر بن حمدون الرزاز: ثنا أبو علي بن خزيمة ثنا عبد اللَّه بن الدورقي ثنا مسلم بن إبراهيم عن صالح المري عن ثابت عن أنس به. 823/ 1688 - "إن اللَّه تَعَالَى أَعْطَانِي السبْعَ مكان التورَاةِ، وأعْطَانِي

الراءاتَ إلى الطَّواسينَ مكان الإنْجِيلِ، وأَعْطَانِي مَا بَيْنَ الطواسِينَ إلي الحواميم مَكان الزَّبُور، وَفَضلنِي بالحواميم والمفصل، مَا قَرَأهُنَّ نَبيٌّ قَبلِي". محمد بن نصر زاد الشارح في كبيره في كتاب الصلاة: عن أنس بإسناد ضعيف. قلت: محمد بن نصر ما خرج هذا الحديث في كتاب الصلاة، ولكن في كتاب قيام الليل، وهو غير كتاب الصلاة كما بينته سابقًا، قال ابن نصر في قيام الليل: حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا خارجة عن عبد اللَّه بن عطاء عن إسماعيل بن رافع عن الرقاشي وعن الحسن كلاهما عن أنس به. وإسماعيل بن رافع ضعيف، لكن له شاهد من حديث ثوبان، قال الثعلبي: حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي أنا أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد، وعبد اللَّه بن محمد بن مسلم قالا: حدثنا هلال بن العلاء ثنا حجاج ابن محمد عن أيوب بن عتبة عن يحيى بن كثير عن شداد بن عبد اللَّه عن أبي أسماء الرحبى عن ثوبان أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه تعالى أعطاني السبع الطوال مكان التوراة، وأعطاني المئين مكان الإنجيل، وأعطاني مكان الزبور المثاني، وفضلني ربي بالمفصل". 824/ 1689 - "إن اللَّه أعْطَى مُوسَى الكَلام، وأعْطَانِي الرؤيَةَ، وَفضلَنِي بالمَقَامِ المحْمُودِ والحوضِ المَوْرُوْدِ". ابن عساكر عن جابر قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: هذا تلبيس فاحش منه، فقد نقل في كبيره أن في سنده محمد بن يونس الكديمي وهو وضاع، وأن ابن الجوزي ذكره في الموضوعات [1/ 290]،

فكيف اقتصر على ضعفه في الصغير ولم يذكر أن ابن الجوزي حكم بوضعه حتى يبرأ من عهدت؟! هذه خيانة في السنة. ويتعجب أيضًا من المصنف في ذكره هذا الحديث مع أنه أقر ابن الجوزي على وضعه ولم يستطع أن يأتي له بمتابع لمحمد بن يونس الكديمي؛ وإذ هو قد انفرد به وهو كذاب فهذا الكتاب قد صانه عما انفرد به كذاب أو وضاع. 825/ 1691 - "إن اللَّه تعَالى أمرنِي أنْ أعلِّمكُم ممَّا علَّمنِي، وأن أؤدّبَكُم، إذَا قُمتُم عَلى أبْوَابِ حُجرِكُم فَاذكُرُوا اسْمَ اللَّه يَرجع الخَبِيثُ عَنْ مَنَازلكُم، وإذَا وُضع بَينَ يَدي أحدِكم طَعَام فَليُسَمِّ اللَّه حَتَّى لا يُشاركُكُم الخَبيثُ فِي أرزَاقِكُم، وَمَنِ اغْتَسَل باللَّيلِ فَليُحَاذِرْ عَنْ عَورته، فَإنْ لَمْ يَفعَل فأصابَهُ لَممٌ فلا يَلومنَّ إلا نَفْسَهُ، ومن بَال فِي مُغتَسله فَأصَابَهُ الوسوَاسُ فلا يَلومَنَّ إلا نَفْسَهُ، وإذَا رَفعتُم المائدَةَ فَاكنُسُوا مَا تَحتهَا فإنَّ الشَّياطينَ يَلتَقِطُونَ مَا تَحتَها، فلا تَجعلُوا لهُمْ نَصِيبًا فِي طَعَامِكُم". الحكيم عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: لكنه لم يسنده كما يوهمه صنيع المصنف، بل قال: حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق البصري يرفعه إلى أبي هريرة. قلت: والعجيب أنه مرموز له بعلامة الحسن، وهو في نقدي موضوع باطل، وإنما وردت بعض ألفاظه في أحاديث أخرى، فركبها بعض الكذابين وزاد فيها من عنده. 826/ 1692 - "إن اللَّه أمرَنِي بحُبِّ أرْبَعَةٍ، وأخبَرَنِي أنه يُحِبُّهُم: عَليٌّ مِنْهُم وأبُو ذَر، والمقدَادُ، وسَلْمَان". (ت. هـ. ك) عن بريدة

قال الشارح: قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ورده الذهبي. قلت: هذا اختصار ممقوت؛ إذ يفيد بادئ ذي بدء أن الذهبي رد الحكم بصحته وليس كذلك، فقد نقل الشارح نفسه في الكبير عبارته، فقال: وتعقبه الذهبي بأنه لم يخرج لأبي ربيعة وهو صدوق اهـ. فالذهبي لم ينازع في صحة الحديث، وإنما في كونه على شرط مسلم، وهذا لو ذكر بتمامه لما كان في ذكره فائدة، لأنه أمر فني لا يعرفه إلا البزل (¬1) من أهل الشأن، فكيف بذكره مقصوصًا موهمًا لغير المراد. والحديث أخرجه أيضًا جماعة منهم البخاري في الكني قال [ص 31، رقم: 271]: حدثنا محمد بن الطفيل ثنا شريك عن أبي ربيعة الإيادي عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه أمرني بحب أربعة من أصحابي. فقلنا: يا رسول اللَّه من هم، فكلنا نحب أن نكون منهم؟ فقال: إن عليًا منهم، ثم سكت ساعة، ثم قال: إن عليًا منهم، وسلمان الفارسى، وأبا ذر، والمقداد بن الأسود الكندي". 827/ 1695 - "إن اللَّه أمَرنِي بِمُدَارَاةِ النَّاسِ كَمَا أمَرنِي بإِقَامَةِ الفرَائِضِ". (فر) عن عائشة قال (ش) في الكبير: فيه أحمد بن كامل أورده الذهبي في الضعفاء، وقال الدارقطني: كان متساهلًا، وبشر بن عبيد الدارسي قال الذهبي: ضعيف جدًا كذبه الأزدي، وقال ابن عدي: منكر الحديث، ثم ساق من مناكيره هذا الخبر. ¬

_ (¬1) بزل الرأي: استقام (المصباح المنير ص 19) وبَزُل الرجل: كملت تجربته فهو بازل (المعجم الوسيط 1/ 56).

قلت: أخطأ الشارح في تعليله الحديث بأحمد بن كامل من وجوه، الأول: أنه ليس بضعيف، بل كان إمامًا حافظًا متفننًا، وإنما لينه الدارقطني لأنه كان يعتمد على حفظه فيقع منه بعض الوهم، ومن كان كذلك لا يعل به مثل هذا الحديث. الثاني: أن الحديث رواه أبو إسماعيل الترمذي الحافظ في مصنفاته، كما عزاه له ابن كثير في التفسير عند قوله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]. وأحمد بن كامل رواه عن أبي إسماعيل الترمذي، وعن أحمد بن كامل رواه ابن مردويه، الذي خرجه الديلمي من طريقه، فلم يبق لذكر أحمد بن كامل معنى، والحديث موجود في كتاب شيخه. الثالث: أن الحديث يعلل بمن هو الأضعف في الإسناد، وقد ذكر فيه بشر بن عبيد المتهم بالكذب. الرابع: أنه نقل عن الحفاظ أئمة الجرح والتعديل أنهم ذكروا الحديث في ترجمة بشر بن عبيد الدارسي، فكيف يذكر بعد ذلك أحمد بن كامل؟ فإنه لقول لا فائدة فيه حتى لو كان ضعيفًا. والحديث لو انفرد به بشر بن عبيد الدارسي لحكمنا بوضعه، ولكنه ورد من حديث علي عليه السلام من وجهين، قال الطوسى في أماليه: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: ثنا أبو صالح محمد بن صالح بن فيض العجلي الساوي حدثني أبي قال: حدثني عبد العظيم بن عبد اللَّه الخشني قال: حدثنا محمد بن علي الرضا عن أبيه عن جده عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض". وقال أيضًا: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الفضل بن محمد بن

المسيب الشعراني أبو محمد البيهقي ثنا هارون بن عمرو بن عبد العزيز بن محمد أبو موسى المجاشعي قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد عليهم السلام قال المجاشعي: وحدثنا الرضى علي بن موسى عن أبيه عن أبي عبد اللَّه جعفر بن محمد عن آبائه عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّا أمرنا معاشر الأنبياء بمداراة الناس، كما أمرنا بإقامة الفرائض". وينظر في هذين السندين فإن فيهما من لم أعرفه. 828/ 1696 - "إن اللَّه أنْزَل الدَّاءَ والدَّوَاءَ، وَجعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَواءً، فَتَدَاووا ولا تَداوَوا بِحَرَامٍ". (د) عن أبي الدرداء قلت: كتبه الشارح في الكبير هكذا على الصواب، وكتبه في الصغير: عن أبي هريرة تكثيرًا لأوهامه، والحديث ورد عن أبي هريرة وأسامة بن شريك، وابن عباس، وطارق بن شهاب، وابن مسعود، وأنس وجابر، وصفوان بن عسال، وأبي سعيد الخدري، والأقمر أبي علي ورجل من الأنصار ورجل من الأنصار وآخرين، ذكرتها مسندة في المستخرج على مسند الشهاب. 829/ 1700 - "إن اللَّه أيدَنِي بِأرْبَعةِ وزرَاء: اثْنَين مِنْ أهْلِ السَّمَاءِ: جبريلَ وَميكَائِيلَ، واثْنَينِ مِنْ أهْلِ الأرضِ: أبي بَكر وَعُمرَ". (طب. حل) عن ابن عباس قلت: ورواه الخطيب أيضًا، كلهم من رواية محمد بن مجيب عن وهب المكي عن عطاء عن ابن عباس به. ومحمد بن مجيب كذاب، وقد تفرد به عن وهب كما قال الخطيب، فكان على المصنف ألا يذكره اتباعًا لشرطه.

830/ 1703 - "إن اللَّهَ تعَالَى بَنى الفِردَوسَ بِيَدِهِ، وَحظرهَا عَلَى كُلّ مُشْرِكٍ، وعَلَى كُلِّ مُدمِنِ خَمرٍ سِكيرٍ". (هب) وابن عساكر عن أنس قال الشارح: وفيه اضطراب وضعف. قلت: الشارح جاهل بفن الحديث ولابد، فإنه قال في الكبير: فيه عند البيهقي عبد الرحمن بن عبد الحميد، قال الذهبي في الضعفاء [2/ 383، رقم 3596]: قال ابن يونس: أحاديثه مضطربة، ويحيى بن أيوب فإن كان الغافقي فقد قال النسائي وغيره: غير قوي أو البجلي فضعفه ابن معين انتهى. فقوله في الصغير: فيه اضطراب أخذه مما حكاه في الكبير عن ابن يونس أنه قال في عبد الرحمن: أحاديثه مضطربة، ولا يخفى ما بينهما من البعد، فمعنى قوله: في الحديث اضطراب أنه روى من طريق جماعة عن راو اضطرب فيه، فبعضهم قال: عنه عن زبد، وبعضهم قال: عنه عن عمرو، وبعضهم قال: عنه عن بكر مثلًا، وهكذا. وهذا الحديث لم يقع فيه ذلك، بل رواه البيهقي وابن عساكر، وأبو نعيم في الحلية [3/ 95]، والديلمي في مسند الفردوس كلهم من طريق أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح: ثنا خالي أبو رجاء عبد الرحمن بن عبد الحميد قال: حدثني يحيى بن أيوب عن داود بن أبي هند عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. لم يختلف أحد من رواته في هذا الإسناد. وأما قول ابن يونس أحاديثه مضطربة فبمعنى أن الراوي غير حافظ ولا ضابط، بل قد يقع في حديثه اضطراب واختلاف، ولا يلزم أن يكون كل أحاديثه كذلك، بل إن وقف على اضطراب فيه علم أن ذلك منه لعدم ضبطه وإلا فلا يحكم عليه بالاضطراب، على أن قول ابن يونس هذا ليس على اطلاقه، فإنه

قال في تاريخ مصر: كان من أفاضل أهل مصر، وكان قد عمى فكان يحدث حفظًا، فأحاديثه مضطربة أي لأجل عماه وتحديثه من حفظه، ومع هذا فهو معارض بقول أبي داود ثقة حدث عنه ابن وهب، وقال أبو عمرو الكندي: كان من أفضل أهل مصر، ولذلك احتج به أبو داود والنسائي. ثم إن قول الشارح: ويحيى بن أيوب فإن كان الغافقي فقال النسائي: غير قوي أو البجلي: فضعفه ابن معين، خطأ على كلا الاحتمالين فما هو الغافقي ولا البجلي، ولكنه يحيى بن أيوب المقابري أبو زكريا البغدادي العابد الثقة من رجال مسلم، لأن عبد الرحمن بن عبد الحميد معروف بالرواية عنه ومذكور في جملة شيوخه. 831/ 1704 - "إِنَّ اللَّه تَعَالَى تَجَاوَزَ لأمَّتِي عمَّا حدَّثَت بِهِ أنْفُسهَا مَا لَمْ تَتكلم بِهِ أو تَعمَل بِهِ". (ق. 4) عن أبي هريرة (طب) عن عمران بن حصين قال في الكبير: في طريق الطبراني المسعودي وقد اختلط، وبقية رجاله رجال الصحيح ذكره الهيثمي. قلت: خالف المسعودي الثقات في سند هذا الحديث، فقد رواه هشام الدستوائى ومسعر وهمام وسيبان وأبو معاوية وأبو عوانة، وحماد بن سلمة، والثوري وابن أبي عروبة، وصالح بن أبي الأخضر، وشعبة وأبان، وعمران بن خالد، والقاسم بن وليد، ومجاعة بن الزبير كلهم عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة، وخالفهم المسعودي فقال: عن قتادة عن زرارة عن عمران بن حصين، ومع هذه المخالفة اختلف عليه فيه أيضًا، فرواه يزيد بن هارون عنه هكذا، رواه عبد اللَّه بن داود الخريبي عنه عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة. 832/ 1705 - "إن اللَّه تَجَاوَزَ لِي عَنْ أمَّتي الخَطَأ والنِّسيانَ وما

اسْتُكْرِهُوا عَليه". (هـ) عن أبي ذر (طب. ك) عن ابن عباس (طب) عن ثوبان قال الشارح: وأخرجه الطبراني أيضًا في الأوسط عن ابن عمر، قال المؤلف في الأشباه: وإسناده صحيح، ومن العجب اقتصاره هنا على رواية الطبراني الضعيفة وحذفه للصحيحة. قلت: ومن العجب وصول الغفلة بالشارح إلى هذه الدرجة القبيحة التي لم يتفطن معها لألفاظ الأحاديث ولا لشرط المصنف في ترتيبها في كتابه، فالمصنف قال في الأشباه والنظائر في الكلام على عزو الحديث: وأخرجه في الأوسط من حديث ابن عمر وعقبة بن عامر بلفظ: "وضع عن أمتي. . ." إلى آخره، وإسناد حديث ابن عمر صحيح اهـ. فأول هذه الرواية "وضع" دون: "إن اللَّه" في أولها، وقد ذكرها المصنف فيما سيأتي في حرف الواو، وعزاها للبيهقي في السنن [7/ 357]. 833/ 1708 - "إن اللَّه جَعَلَ الحقَّ عَلى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلبهِ". (حم. ت) عن ابن عمر (حم. د. ك) عن أبي ذر قال الشارح في الكبير: لفظ رواية هؤلاء الثلاثة من حديث أبي ذر هذا "يقول به" بدل قوله: "وقلبه"، كما قاله ابن حجر في الفتح فإطلاق عزو المؤلف لهم غير قويم. قلت: بل عقل الشارح غير قويم وقلبه غير سليم وقلمه غير مستقيم، فلفظ: "يقول به" إنما وقعت عند أبي داود وفي رواية لأحمد [2/ 53] اهـ، وأما الرواية الأخرى لأحمد ورواية الحاكم [3/ 86] فهي: "وقلبه" كما ذكره المصنف، وهي رواية الأكثرين والصحابة المذكورين. فلا يعتبر تلك المخالفة وينص على اختلاف الألفاظ إلا الشراح كالحافظ في الفتح، أما المصنف فلا يعتبر مثل هذا إذا كان وسط الحديث وآخره، وإنما

يعتبره إذا كان في أول الحديث فيعيد الحديث من أجله، ولكن الشارح لا يفهم ويريد أن لا يفهم حتى يملأ الكتاب بالانتقاد على المصنف. 834/ 1709 - "إن اللَّه جَعَلَ مَا يَخْرُجُ مِنَ ابنِ آدَمَ مَثلًا للدُّنيَا". (حم. طب. هب) عن الضحاك بن سفيان قال الشارح: رجاله رجال الصحيح غير علي بن جدعان وقد وثق. قال في الكبير: والضحاك بن سفيان في الصحب اثنان، فكان ينبغي تمييزه. قلت: غالب أسماء الصحابة متشابهة متعددة من اثنين إلى خمسة وأكثر والتمييز بينها يطلب من كتب الرجال، على أن الحافظ اختار أنهما واحد أعني الترجمتين الذين ذكرهما المتقدمون للضحاك بن سفيان. أما الحديث فلم ينفرد علي بن جدعان به، بل توبع عليه، لكن الحسن البصري اختلف عليه فيه، فقيل: عنه عن الضحاك بن سفيان كما سبق، وقيل: عنه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال للضحاك، وقيل عنه عن أبي السفر عن أبي بن كعب، وقيل عنه عن عتي بن ضمرة عن أبي، وقيل عنه عن أبي بن كعب موقوفًا. فأما القول الأول: فرواه أحمد [3/ 452] من رواية حماد بن زيد عن علي بن جدعان عن الحسن عن الضحاك بن سفيان الكلابي أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: "يا ضحاك ما طعامك؟ قال: يا رسول اللَّه اللحم واللبن، قال: ثم يصير إلى ماذا؟ قال: إلى ما قد علمت، قال: فإن اللَّه تبارك ضرب ما يخرج من ابن آدم مثلًا للدنيا". وأما القول الثاني: فقال ابن قتيبة في عيون الأخبار: حدثني محمد بن داود ثنا أبو الربيع عن حماد بن علي بن زيد عن الحسن أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال للضحاك، وذكره. وأما القول الثالث: فقال أحمد بن عبيد الصفار:

حدثنا محمد بن غالب ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان عن يونس عن الحسن عن أبي السفر عن أبي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه جعل مطعم ابن آدم مثلًا للدنيا". وأما القول الرابع: فرواه أحمد [5/ 136] والبغوي والطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية [1/ 245] والبيهقي في الزهد كلهم من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عتي عن أبي بن كعب مرفوعًا: "إن مطعم ابن آدم جعل مثلًا للدنيا، فانظر ما يخرج من ابن آدم وإن ملحه وقِزْحه قد علم إلى ما يصير"، وفي لفظ أحمد: "إن مطعم ابن آدم جعل مثلًا للدنيا وإن قَزَّحه وملَّحه فانظروا إلى ما يصير". وأما القول الخامس: فرواه أبو نعيم في الحلية من طريق أبي داود الطيالسي: ثنا أبو الأشهب عن الحسن عن أبي بن كعب رضي اللَّه عنه قال: "ألا إن طعام ابن آدم ضرب للدنيا مثلًا وإن ملحه وقزحه"، هكذا رواه أبو نعيم عن الحسن عن أبي، وهو في مسند أبي داود الطيالسي عن أبي الأشهب عن أبي دون ذكر الحسن. ثم قال: ورواه سفيان عن الحسن عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اهـ. وهذا قول سادس للحسن وهو الإرسال. 835/ 1713 - "إن اللَّه تَعَالى جَعَلَ للمَعْروف وجُوهًا من خَلقهِ، حَبَّبَ إليهم المعرُوف، وَحَبب إليهِم فعَالهُ، وَوَجَّه طُلابَ المعْرُوف إليهم، وَيَسَّر عَليهم إعطاءهُ كَما يَسرَ الغَيثَ إلى الأرضِ الجدبَةِ ليُحييهَا ويحيى به أهْلهَا، وَإِنَّ اللَّه تَعَالى جَعَل للمَعرُوف أعَداءً مِنْ خَلقِهِ بغَّضَ إليهم المعْرُوفَ وَبَغضَ إليهم فِعَاله وَحَظَّر عَلِيهم إعْطَاءَهُ كَمَا يُحظِّرُ الغَيثَ عَن الأَرْضِ الجدبَةِ ليُهْلِكَهَا وَيُهلِكَ بِهَا أَهْلهَا، وَمَا يَعفُو أكثر". ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج عن أبي سعيد

قال الشارح في الكبير: وفيه عثمان السماك عن أبي هارون العبدي، قال في اللسان عن العقيلي: حديثه غير محفوظ وهو مجهول بالنقل ولا يعرف إلا به، وقال الزين العراقي: رواه الدارقطني في المستجاد من رواية أبي هارون عنه وأبو هارون ضعيف، ورواه الحاكم من حديث علي وصححه اهـ. ورواه أيضًا أبو الشيخ وأبو نعيم والديلمي من حديث أبي باللفظ المزبور. قلت: الشارح رتب الأحاديث التي ذكرها الذهبي في الميزان على حروف المعجم فاستعان بها في الكلام على أحاديث الكتاب وقد رأى في ترجمة عثمان بن سماك من اللسان [4/ 143] قوله: قال العقيلي [3/ 205] بعد أن ساق له من طريق عبد الرحمن الثقفي عنه عن أبي هارون عن أبي سعيد رضي اللَّه عنه رفعه: "إن اللَّه خلق المعروف وخلق له وجوهًا" الحديث، حديثه غير محفوظ وهو مجهول بالنقل ولا يعرف إلا به اهـ. فاغتر الشارح بكلام العقيلي وظن أن كل من خرجه إنما خرجه من طريق عثمان المذكور وليس كذلك، فإن عثمان ما وقع في سند ابن أبي الدنيا الذي عزاه إليه المصنف ولا في سند الدارقطني في "المستجاد" الذي استدركه الشارح من كلام الحافظ العراقي، بل روياه من وجهين آخرين عن أبي هارون العبدي، كما إن كلام العقيلي لا يفيد ما فهمه منه الشارح من انفراد عثمان به، بل مراد العقيلي أن عثمان بن سماك ليس له رواية إلا هذا الحديث ولا يعرف بين أهل الحديث إلا برواية هذا الحديث وحده، واسمع سند ابن أبي الدنيا والدارقطني في المستجاد. قال ابن أبي الدنيا [ص 23، رقم 4]: ذكر أبو تمام السكوني: ثنا أبو يحيى الثقفي عن الحارث النميري عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري به. وقال الدارقطني: ثنا القاضي أبو جعفر أحمد بن إسحاق البهلول حدثني أبي

حدثني أبو المطرف المغيرة بن مطرف المخزومي ثنا أبو هارون العبدي به. ومن طريق الدارقطني أخرجه البندهي في شرح المقامات. أما حديث علي فخرجه الحاكم [4/ 321] من طريق حبان بن علي عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-[قال]: "يا علي اطلبوا المعروف من رحماء أمتي تعيشوا في أكنافهم، ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم، فإن اللعنة تنزل عليهم، يا علي إن اللَّه تعالى خلق المعروف وخلق له أهلًا فحببه إليهم، وحبب إليهم فعاله ووجه إليهم طلابه" الحديث، ثم قال: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بأن الأصبغ واه وحبان ضعفوه. وأما حديث أبي فأخرجه أيضًا الطبراني في مكارم الأخلاق [رقم 118]: ثنا موسى بن جمهور السمسار ثنا علي بن وهب الموصلي ثنا حفص بن عمر الحبطي ثنا أبو مطرف السلمي عن زياد النميري عن عبد اللَّه بن عمر عن أبي ابن كعب قال: "مرَّ بي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومعي رجل، فقال: يا أبي من هذا الرجل معك؟ قلت: غريم لي فأنا ألازمه، قال: فأحسن إليه يا أبي، ثم مضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لحاجته، ثم انصرف عليَّ وليس معي الرجل، فقال يا أبي: ما فعل غريمك وأخوك؟ فقلت: وما عسى أن يفعل يا رسول اللَّه، تركت ما لي عليه للَّه، وتركت الثاني لرسول اللَّه، وتركت الباقي لمساعدته إياي على وحدانيته، فقال: رحمك اللَّه يا أبي ثلاث مرار، بهذا أُمرنا، ثم قال: يا أبي، إن اللَّه جعل للمعروف وجوهًا من خلقه حبب إليهم المعروف" وذكر الحديث بنحوه. أما أبو نعيم فرواه عن أحمد بن محمد بن يحيى بن خالد العبدي (¬1): ثنا أبي ثنا أحمد بن يونس بن المسيب الضبي ثنا حفص بن عمر به. وأما أبو الشيخ فرواه عن أبي بكر الجارودي: ثنا أحمد بن يونس به. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ أصبهان (2/ 282).

كذا أسنده من طريقهما الديلمي، ثم إن زياد النميري ضعيف، وحفص بن عمر قال يحيى: ليس بشيء أحاديثه كذب. 836/ 1715 - "إن اللَّه جَعَلَ البركةَ فِي السحُور والكيلِ". الشيرازي قال الشارح في الكبير: هو الحافظ محمد بن منصور في كتاب الألقاب له عن أبي هريرة. قلت: لا أدري من أين دخل الوهم على الشارح في اسم الشيرازي، فإن اسمه أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن موسى أبو بكر لا محمد بن منصور كما زعم الشارح، ثم اتضح لي أن الوهم سلط عليه لجرأته على المصنف. 837/ 1718 - "إن اللَّه جَعَلَها لَكَ لِبَاسًا وجَعَلَكَ لَهَا لِبَاسًا، وأهْلِي يَرونَ عَورتِي وأنا أرَى ذَلِكَ مِنْهُم". ابن سعد (طب) عن سعد بن مسعود قال الشارح في الكبير: صوابه ابن محيصة بن مسعود الأنصاري، قال الذهبي: له ذكر وصحبة وفي التقريب: قيل له صحبة أو رؤية وروايته مرسلة اهـ، فالحديث مرسل. قلت: في هذا تعقب على المصنف والشارح من وجوه: الأول: أن هذا الحديث منكر باطل لمخالفته الصحيح من سنة [رسول] اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والثابت المعروف من هديه وأمره، والصحيح عن عائشة رضي اللَّه عنها من قولها: "ما رأيت ذلك منه ولا رأى ذلك مني"، وفي سيأتى الحديث من أصله نكارة وهو سعد بن مسعود الليثي قال: "أتى عثمان بن مظعون رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: إنى أستحي أن يرى أهلي عورتي، قال: ولم وقد جعلك اللَّه لهن لباسًا وجعلهم لك لباسًا، قال: أكره ذلك، قال: فإنهم يرونه مني وأراه منهم، قال: أنت رسول اللَّه، قال: أنا، قال: أنت فمن بعدك إذا؟! فلما أدبر عثمان

قال: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن ابن مظعون لحيى ستير. ففي هذا السياق ومراجعة ابن مظعون للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الأمر بذلك التعبير الغريب ما يدل على نكارته وبطلانه قبل مخالفته للثابت من سنته -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكيف وفي سنده عند ابن سعد [3/ 1/ 287] "عبد الرحمن بن زياد الإفريقي" راوي الغرائب والمنكرات والمدلس عن الكذابين والراوي عن المجهولين، وفي سنده عند الطبراني يحيى بن العلاء وهو كذاب يضع الحديث كما قال أحمد بن حنبل، فكيف يقبل ما رواه مثل هؤلاء في معارضة الصحيح من سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهديه. الثاني: سعد بن مسعود ليس بصحابي فالحديث مرسل، فكان لزامًا على المؤلف أن ينص على ذلك إن عرفه، لأن الإرسال من علل الحديث، وإن لم يعرفه فهو تقصير منه في البحث، بل ربما يعد قصورًا إن كان وقف على الحديث في طبقات ابن سعد ولم يقلد في العزو إليه غيره، لأن سياق ابن سعد ظاهر في الإرسال لأهل الحديث كما سأذكره في الوجه الذي بعده. الثالث: أن ابن سعد قرن بسعد بن مسعود عمارة بن غراب اليحصبي، فكان على المصنف أن يذكر ذلك، لأنه به يتبين أن سعد بن مسعود ليس بصحابي، وهذا مما يدل على أن المصنف لم ينقله من نفس الطبقات بل قلد فيه غيره، قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن يزيد الواسطي ويعلي بن عبيد الطنافسي قالا: حدثنا الإفريقي عن سعد بن مسعود وعمارة بن غراب اليحصبي أن عثمان بن مظعون أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "يا رسول اللَّه إني لا أحب أن ترى امرأتي عورتي" الحديث. فعمارة بن غراب ليس بصحابي بل ولا تعلم له رواية عن الصحابة، إنما روى عن عمته عن عائشة، وقد قال أحمد بن حنبل: ليس بشيء، وقال ابن حبان: يعتبر حديثه من غير رواية الإفريقي عنه أي كهذا الحديث، فإنه من رواية

الإفريقي عنه فلا يعتبر به، فقرينه مثله ليس بصحابي، بل هو تابعي مجهول من شيوخ الإفريقي المجهولين فيما يظهر، وقد قيل في عمارة له صحبة وهو قول باطل. الرابع: قول الشارح في سعد بن مسعود صوابه سعد بن محيصة بن مسعود الأنصارى باطل، فإن ابن محيصة قيل فيه إنه صحابي، وليس راوي الحديث كذلك، بل هو تابعي مجهول، ثم قد صرح الراوي عنه كما في رواية الطبراني، بأنه الليثي وابن محيصة ليس بالليثي، ثم العجب أن المتن وقع فيه سعد بن مسعود مجردًا وقد ذكر في الصحابة سعد بن مسعود الأنصاري، وسعد بن مسعود الكندي، وسعد بن مسعود الثقفي، وسعد بن مسعود غير منسوب، وسعد بن محيصة بن مسعود، فما أدري كيف وقع اختيار الشارح على الأخير مع مخالفته لما في المتن، وترك الأربعة المذكورين مع الموافقة لما في المتن إن هذا لشئ عجاب. الخامس: قوله فالحديث مرسل تعريفًا على قول الحافظ وروايته مرسلة غلط، وبعدٌ عن فهم كلام أهل الفن واصطلاحهم، فقول الحافظ: روايته مرسلة غير ما فهمه الشارح فقال: فالحديث مرسل، بل مراد الحافظ أن صحبته إنما تثبت بالرؤية، وإنه لم يصح له سماع من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإذا كان كذلك فالحديث يقال فيه مرسل صحابي بهذا القيد ولابد إذ لا يتصور على المعنى الاصطلاحي أن يكون الحديث من رواية صحابي وهو مرسل بإطلاق. 838/ 1721 - "إن اللَّه جَميل يُحبُ الجَمَالَ، ويُحبُ أن يَرى أثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبدِهِ، ويَكْرَهُ البؤسَ والتَبَاؤسَ". (هب) عن أبي سعيد قال في الكبير: وفيه أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي وسبق أنه وضاع، ورواه عنه أيضًا أبو يعلي.

[في الكلام على أبي عبد الرحمن السلمي]

قال الهيثمي: وفيه عطية العوفي ضعيف وقد وثق. [في الكلام على أبي عبد الرحمن السلمي] قلت: هذا غلط من وجوه، أحدها: أن أبا عبد الرحمن السلمي ثقة صوفي زاهد جليل نبيل من بيت علم وفضل (¬1) وله معرفة تامة بالحديث و [له] مصنفاته زادت على المائة، وحاشاه من الكذب، وإنما تكلم فيه لأجل تصوفه أهل الجمود من علماء الرسوم الجاهلين باللَّه تعالى على أنهم برءوا ساحته من الكذب، وقالوا: هو أنبل وأجل من ذلك، وإنما فاه بذلك محمد بن يوسف القطان حسدًا وبغيًا من عنده وبنى ما قال على أنه لم يكن سمع من الأصم سوى شيء يسير، فلما مات الحاكم وتأخر أبو عبد الرحمن السلمي بعده حدث بعده عن الأصم بتاريخ ابن معين وبأشياء كثيرة سواه، وهذا مع كونه ناشئًا عن حسد وعداوة ومنافسة فهو دال على جهل قائله، فقد يكون الأصم أجاز لأبي عبد الرحمن السلمي سائر مروياته، بل هو الواقع المحقق المعروف من حال أهل الرواية، فكان أبو عبد الرحمن السلمي يحدث بذلك من طريق الإجازة وأي ضرر في هذا، بل ما صار المتأخرون يحدثون غالبًا إلا من طريق الإجازة، هذا لو سلم أنه لم يسمع من الأصم ما حدث به وإلا فهي دعوى مضروب بها وجه صاحبها، وإذا الأمر كذلك فلا معنى لإطلاق اسم الوضاع على مثل أبي عبد الرحمن السلمي الحافظ الكبير الثقة الصوفي الجليل، وهذا مما يدلك على عظيم جهل الشارح وفراغ قلبه من الوقوف على حقيقة الأشياء وثمرات العلوم، وإنما هو رجل ينقل ويحطب ويهرف بما لا يعرف. ثانيها: أن أبا عبد الرحمن السلمي من شيوخ البيهقي الذين أكثر الرواية عنهم في كتبه، والحديث لا يعل بتلك الطبقة إلا فيما انفردوا به من الغرائب التي لم توجد قبلهم في كتاب، وهذا الحديث مخرج في الأصول التي مات مؤلفوها ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط: العلم والفضل.

قبل ولادة أبي عبد الرحمن السلمي بأزيد من مائة سنة، فكيف يتهم به أبو عبد الرحمن أو يعل به الحديث، إن هذه لجهالة مزرية فاضحة، فقد قال أبو يعلي في مسنده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا عمران بن محمد بن أبي ليلى عن أبيه عن عطية العوفي عن أبي سعيد به. وقد نقل الشارح نفسه أن الحديث خرجه أبو يعلي، وقد مات قبل ولادة السلمي بمدة، ثم هو مخرج أيضًا في مسند عثمان بن أبي شيبة شيخ أبي يعلي فيه، ومن طريقه أسنده القضاعي في مسند الشهاب فقال: أخبرنا أبو الحسن علي بن موسى السمسار ثنا أحمد بن عبد اللَّه بن أبي دجانة ثنا أحمد بن إبراهيم الحوراني ثنا عثمان بن أبي شيبة به. ثالثها: قوله: ورواه أبو يعلي وفيه عطية. . . إلخ يفيد أن طريق أبي يعلي غير طريق البيهقي والواقع خلافه، بل البيهقي [5/ 163، رقم 6201] رواه أيضًا من طريق عطية العوفي عن أبي سعيد وذلك في الباب التاسع والثلاثين من الشعب كما حكاه الزيلعي. 839/ 1723 - "إن اللَّه جَوادٌ يُحِبُّ الجود، ويُحِبُّ مَعَالِي الأخْلاقِ، وَيكرَهُ سَفسافَهَا". (هب) عن طلحة بن عبيد اللَّه زاد الشارح في الكبير: "ابن كريز"، قال الزين العراقي: هذا مرسل اهـ. ولعل المصنف ظن أنه طلحة الصحابي فوهم، فكما أنه لم يصب في ذلك لم يصب في اقتضاء كلامه أن مخرجه البيهقي سكت عليه وليس كما وهم بل تعقبه بما نصه: في هذا الإسناد انقطاع بين سليمان وطلحة اهـ. (حل) عن ابن عباس زاد الشارح قال ابن الجوزي: لا يصح. قلت: أما وهم المصنف في طلحة بن عبيد اللَّه فمسلم، وقد رواه الحاكم في

المستدرك [1/ 48]، والبيهقي في السنن [10/ 191] من وجه آخر صحيح عن طلحة المذكور، وصرح الحاكم بأنه معضل والبيهقي بأنه مرسل، لكنهما خرجاه بلفظ: "إن اللَّه كريم"، وسيأتي للمصنف قريبًا من حديث سهل بن سعد، وأما كونه لم ينص على علحْه ولم ينقل كلام البيهقي فسخافة نبهنا عليها مرارًا. 840/ 1724 - "إن اللَّه حَرَّمَ مِنَ الرَّضَاع مَا حَرَّمَ مِنَ النسَبِ". (ت) عن علي قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه إلا الترمذي مع أن الشافعي رضي اللَّه عنه خرجه بل عزاه في المنضد شرح المجرد لمسلم والنسائي معًا اهـ. قلت: الحديث خرجه مسلم [رضاع 2، 9] وغيره من حديث عائشة بلفظ آخر لا يدخل في هذا الحرف ولكن الشارح لا يعقل. 841/ 1726 - "إن اللَّه تَعَالَى حَرَّمَ عَلِيكُم عُقُوقَ الأمهَاتِ، وَوأدَ البَنَاتِ، ومنعًا وهاتِ، وكرِهَ لكُم قيلَ وَقَال، وَكَثرَةَ السؤَالِ، وإِضَاعَةَ المَالِ". (ق) عن المغيرة بن شعبة. قلت: عقد الطحاوي في مشكل الآثار بابا للكلام على هذا الحديث (4/ 233) وأخرجه فيه من حديث المغيرة وحديث عبد اللَّه بن مسعود وتكلم عليه، وأخرجه أيضًا الآجري في كتاب أخلاق العلماء وانظر: "إن اللَّه يرضى لكم ثلاثًا" الآتي. 842/ 1732 - "إن اللَّه تَعَالى خَلقَ الجنَّة بَيضَاء، وأحبُّ شيءٍ إلى اللَّه البَياضُ". البزار عن ابن عباس

قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه هشام بن زياد وهو متروك، وظاهر حال المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من الستة وإلا لما عدل عنه وإنه لشيء عجاب، فقد خرجه ابن ماجه عن ابن عباس المذكور بلفظ: "إن اللَّه خلق الجنة بيضاء، وأحب الزي إليه البياض، فليلبسها أحياءكم، وكفنوا فيها موتاكم" اهـ. بلفظه. قلت: بل العجب العجاب هو جرأة الشارح مع جهله، وجهله مع جرأته الممزوجة بالكذب، فالحديث ما خرجه ابن ماجه أصلًا فضلًا عن أن يكون بلفظه، وإنما خرج لابن عباس [رقم 1472] حديثًا مختصرًا لفظه: "خير ثيابكم البياض فكفنوا فيها موتاكم والبسوها"، وهذا سيأتي للمصنف في حرف الخاء. أما ذكر "إن اللَّه تعالى خلق الجنة بيضاء، وإن أحب شيء إلى اللَّه البياض". . . إلخ ما ذكره الشارح فلا وجود له في سنن ابن ماجه، فهل أعجب من هذه الجرأة؟ وأعجب من هذا أنه ينقل عن الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 128] كلامه على الحديث الذي ذكره فيه، فلو كان عنده شيء من الذكاء لعرف أن حديثًا ذكره الهيثمي لا يكون مخرجًا في شيء من الأصول الستة، لأن الهيثمي يجمع الزوائد عليها من الكتب التي عينها، وهي مسند أحمد والبزار ومعاجم الطبراني وأبي يعلى. 843/ 1733 - "إن اللَّه خَلَقَ خَلقَهُ في ظُلمَةٍ فألْقَى عَليهِم مِنْ نُورِهِ فَمَنْ أصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النورِ يَومئِذٍ اهْتَدَى وَمَنْ أخْطَأهُ ضَلَّ". (حم. ت. ك) عن ابن عمرو قال الشارح في الكبير، بعد نقل تصحيحه عن الحاكم وابن حبان وغيره: وظاهر صنيع المصنف أن مخرجيه لم يزيدوا فيه على ما ذكره والأمر بخلافه،

بل بقية الحديث عندهم: "فلذلك أقول: جف القلم على علم اللَّه" اهـ. لكن ادعى بعضهم أن قائل ذلك هو ابن عمرو فلعل المؤلف يميل إلى هذا القول. قلت: لا معنى لهذا الترجي، بل الواقع هو ذلك وأن المصنف ترك اللفظ المذكور لكونه ليس من المرفوع، بل من كلام عبد اللَّه بن عمرو جزمًا والسياق يوضحه، فلا معنى لقول الشارح: لكن ادعى بعضهم، قال الدينوري في المجالسة: ثنا أبو إسماعيل الترمذي ثنا أبو توبة الربيع بن نافع ثنا محمد بن مهاجر عن عروة بن رويم عن ابن الديلمي وكان يسكن ايليا قال: "ركبت أطلب عبد اللَّه بن عمرو فوجدته قد سار إلى ضيعته فدخلت عليه فوجدته يمشي فيها محاضرًا رجلًا من قريش فقلت: يا عبد اللَّه بن عمرو ما هذا الحديث الذي بلغنا عنك؟ قال: ما هو؟ قلت: بلغنا أنك تقول: جف القلم بما هو كائن، فقال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: ان اللَّه تبارك وتعالى خلق" الحديث. فلذلك أقول: جف القلم لما هو كائن. وهكذا رواه ابن حبان في صحيحه [رقم 1812] فلم يبق شك في كون اللفظ المذكور مدرجًا في الحديث. 843/ 1736 - "إنَّ اللَّه خَلَقَ آدَمَ منْ طِينِ الجَابِيةِ، وَعجنَهُ بِمَاءٍ مِنْ مَاءِ الجنَّةِ". ابن مردويه عن أبي هريرة قلت: هذا حديث موضوع. 844/ 1738 - "إنَّ اللَّه خَلَقَ الخْلقَ، حَتَّى إذَا فَرَغَ مِنْ خَلقِهِ قَامتِ الرحِمُ، فَقَال: مَه؟ فَقَالت: هَذَا مَقَامُ العَائذُ بِكَ، قَال: نَعَم، أمَا تَرضينَ أن أصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وأقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَت: بَلى يَا ربِّ، قَال: فَذَلِكَ لَكِ". (ق. ن) عن أبي هريرة

قلت: في هذا الحديث لفظة حذفها الرواة لعدم فهمهم إياها ولفظ الحديث: "فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقوى الرحمن فقال: مه" الحديث، هكذا أنقله ابن كثير في التفسير [7/ 300] من صحيح البخاري، ووقع في سورة القتال من الصحيح: "فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت فقال له: مه" الحديث، قال الحافظ: كذا الأكثر بحذف مفعول أخذت، وفي رواية ابن السكن: "فأخذت بحقو الرحمن"، وفي رواية الطبري: "بحقوى الرحمن" بالتثنية، قال القابسي: أبي أبو زيد أن يقرأ لنا هذا الحرف لإشكاله، ومشى بعض الشراح على الحذف فقال: أخذت بقائمة من قوائم العرش اهـ. ولم يتعرض الحافظ لمن خرج الحديث مصرحًا بالزيادة المذكورة من غير رواية ابن السكن في صحيح البخاري، وقد وجدته كذلك في الأصل التاسع والأربعين ومائة (¬1) من نوادر الأصول للحكيم الترمذي فرواه عن قتيبة بن سعيد [1/ 710]: ثنا حاتم بن إسماعيل عن معاوية بن أبي مزرد مولى أبي هاشم قال: حدثني أبو الجناب سعيد بن يسار عن أبي هريرة به بإثبات: "فأخذت بحقو الرحمن". وكذلك في تفسير سورة الرعد من تفسير البغوي من طريق حميد بن زنجويه في الترغيب: ثنا ابن أبي أويس قال: حدثني سليمان بن بلال عن معاوية بن أبي مزرد به مثله، وقال: "بحقوى الرحمن" بالتثنية. وخرجه البيهقي في الأسماء والصفات من طريق أبي بكر الحنفي، ومن طريق حاتم بن إسماعيل كلاهما عن معاوية بن أبي مزرد، ثم عزاه للبخاري وصح على عادته. ¬

_ (¬1) هي في الأصل الثامن والأربعين ومائة من المطبوع.

846/ 1739 - "إنَّ اللَّه تَعَالى خَلَق الرحمَةَ يَوم خَلَقَها مائَةَ رَحمة، فأمسَكَ عِندَهُ تِسْعًا وتِسْعِينَ رحمةً، وأرسَلَ في خَلقِهِ كُلهم رَحمةً واحدةً، فلوَ يَعلم الكافِرُ بكَل الذِي عنْد اللَّه مِنَ الرحمةِ لمْ ييأسْ مِن الجنَّة، ولو يعلم المؤمِنُ بالذِي عِند اللَّه مِنَ العَذَابِ لم يأمْن مِن النَّارِ". (ق) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفي الباب عن معاوية بن حيدة وعبادة وغيرهما. قلت: كسلمان الفارسى وأبي سعيد الخدري وجندب البجلي وابن عباس والحسن البصري وابن سيرين وخلاس مرسلًا. وسيذكر المصنف حديث سلمان وأبي سعيد بعد هذا مباشرة. أما حديث معاوية وعبادة فرواهما الطبراني وفي سند الأول ضعيف، وفي الثاني انقطاع. وأما حديث جندب فرواه أحمد [2/ 433] والدولابي في الكنى والحاكم في المستدرك [1/ 56] والطبراني في الكبير وأصله في سنن أبي داود. وأما حديث ابن عباس فرواه البزار والطبراني بسند حسن. وأما المراسيل فرواها أحمد، ثم عطف عليها رواية أبي هريرة وهي في مستدرك الحاكم موصولة عن أبي هريرة، وقد أطال الحاكم في طرقه، وكذلك خرج حديث أبي هريرة الدولابي في الكني (2/ 160)، والبغوي في التفسير من طريق ابن المبارك وذلك في سورة الأنعام عند قوله تعالى: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}. 847/ 1741 - "إن اللَّه خَلَقَ الجنَّة وخَلَقَ النَّار، وخَلَقَ لِهَذِهِ أهْلًا، وَلِهَذِهِ أهْلًا". (م) عن عائشة

قال في الكبير: فظاهر صنيع المصنف أن مسلمًا لم يروه إلا كما ذكر والأمر بخلافه، بل زاد بعد قوله "لهذه أهلًا" ما نصه: داوهم في أصلاب آبائهم". قلت: وظاهر حال الشارح أنه ذكي محقق لما ينقل أو يقول والأمر بخلافه، فإن الزيادة المذكورة لم يذكرها مسلم في هذه الرواية، بل في رواية أخرى لفظها [قدر: 5]: "إن اللَّه خلق للجنة أهلًا، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلًا، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم". 848/ 1743 - "إن اللَّه تَعَالَى رَفيقٌ يُحِبُّ الرفْقَ وَيُعطي عَلِيهِ مَا لا يُعطِي عَلى العنفِ". (خد. د) عن عبد اللَّه بن مغفل (هـ. حب) عن أبي هريرة، (حم. هب) عن علي (طب) عن أبي أمامة، البزار عن أنس قلت: حديث عبد اللَّه بن مغفل رواه أيضًا الطبراني [رقم 23] والخرائطي [رقم 77] كلاهما في مكارم الأخلاق. وحديث أبي هريرة أخرجه أيضًا الدولابي في الكني [2/ 41]، وأبو نعيم في الحلية [8/ 306]. وحديث علي أخرجه أيضًا البخاري في التاريخ الكبير [1/ 308]، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 336]. وحديث أنس أخرجه أيضًا الطبراني في الصغير [1/ 81]، والخطيب في التاريخ [6/ 124]. وفي الباب أيضًا عن عائشة وأبي الدرداء وابن عباس وجابر وأبي بكرة والنعمان بن بشير. فحديث عائشة رواه البخاري [8/ 14] ومسلم [بر: 77] والترمذي [استئذان:

12] والطبراني في الصغير وفي مكارم الأخلاق [رقم 77] وأبو نعيم في الحلية [80/ 306] والخطيب [6/ 124] والقضاعي وأبو الليث وآخرون. وحديث أبي الدرداء رواه الديلمي في مسند الفردوس. وحديث ابن عباس رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان. وحديث جابر رواه ابن السني في اليوم والليلة. وحديث أبي بكرة رواه الخرائطي. وحديث النعمان بن بشير رواه جعفر الخلدي في جزئه. وقد ذكرت أسانيد هذه الأحاديث في مستخرجي على مسند الشهاب. 849/ 1744 - "إن اللَّه زَوجَنِي فِي الجنَّةِ مَريم بِنْت عِمْرَانَ، وامْرأةَ فِرعَونَ، وأخت مُوسَى". (طب) عن سعد بن جنادة قال الشارح: اسمها مريم كما قال البيضاوي وغيره، (طب) عن سعد بن جنادة. قلت: طرق هذا الحديث مصرحة بأن اسم أخت موسى كلثم لا مريم كما نقله الشارح عن البيضاوي، فقد قال أبو يعلى: ثنا إبراهيم بن عرعرة ثنا عبد النور بن عبد اللَّه ثنا يونس بن شعيب عن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أشعرت أن اللَّه زوجني مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وكلثم أخت موسى". ورواه العقيلي في الضعفاء [4/ 459] وابن عدي في الكامل عن أبي يعلى بسنده وزاد في آخره: "فقلت: هنيئًا لك يا رسول اللَّه"، خرجوه في ترجمة يونس بن شعيب، وقال ابن عدي: هذا الحديث هو الذي أنكره عليه البخاري، وقال العقيلي: هو مجهول وحديثه غير محفوظ، كذا قال مع أنه ورد من طرق

أخرى من حديث ابن عباس وابن عمر وسعد بن جنادة وابن أبي داود أو رواد وبريدة. فحديث ابن عباس رواه ابن عساكر من طريق محمد بن زكريا الغلابي: ثنا العباس بن بكار ثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة عن ابن عباس: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل على خديجة وهي في مرض الموت فقال: يا خديجة إذا لقيت ضرائرك فاقرئيهن مني السلام، قالت: يا رسول اللَّه وهل تزوجت قبلي؟ قال: لا ولكن اللَّه زوجني مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وكلثم أخت موسى". ومحمد بن زكريا الغلابي ضعيف وشيخه العباس كذاب. وحديث ابن عمر رواه ابن عساكر أيضًا من طريق سويد بن سعيد: ثنا محمد بن صالح بن عمر عن الضحاك ومجاهد عن ابن عمر: "أن جبريل نزل إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأمره أن يبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب، فقالت: ما ذلك البيت الذي من قصب؟ قال: لؤلؤة جوفاء بين بيت مريم بنت عمران وبيت آسية بنت مزاحم وهما من أزواجي يوم القيامة"، وسويد فيه مقال وشيخه ضعيف أو مجهول. وحديث سعد بن جنادة هو الذي ذكره المصنف، وقد أخرجه الطبراني [6/ 64] عن شيخه عبد اللَّه بن ناجية: ثنا محمد بن سعد العوفي ثنا أبي أنبأنا عمي الحسين ثنا يونس بن نفيع عن سعد بن جنادة به. وحديث ابن أبي رواد (¬1) رواه الزبير بن بكار: حدثني محمد بن الحسن عن يعلى بن المغيرة عن ابن أبي رواد قال: "دخل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على خديجة وهي في مرضها الذي توفيت فيه فقال لها: ما يكره مني ما أرى منك يا خديجة وقد يجعل اللَّه في الكره خيرًا كثيرًا، أما ¬

_ (¬1) وضع المؤلف فوق هذه الكلمة حرف "ض" وكتب في الهامش "داود".

علمت أن اللَّه قد زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران وكلثم أخت موسى وآسية امرأة فرعون، قالت: وقد فعل اللَّه بك ذلك يا رسول اللَّه قال: نعم. قالت: بالرفاء والبنين". وحديث بريدة موقوفًا، أخرجه الطبراني في الكبير: ثنا أبو بكر بن صدقة ثنا محمد بن محمد بن مرزوق ثنا عبد اللَّه بن أبي أمية ثنا عبد القدوس عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه في قوله تعالى: {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} قال: وعد اللَّه نبيه في هذه الآية أن يزوجه بالثيب آسية امرأة فرعون وبالأبكار مريم بنت عمران. 850/ 1748 - "إن اللَّه تَعَالى طَيبٌ يُحب الطيبَ، نَظِيفٌ يُحب النَّظَافَةَ، كَريم يُحب الكرمَ، جَوادٌ يُحِبُ الجود، فَنظفُوا أفنِيتَكُم، ولا تَشبَهُوا باليَهُودِ". (ت) عن سعد قال الشارح في الكبير: وحسنه ورواه من طريق أخرى عن أبي ذر وفيها: "شهر بن حوشب" وهو ضعيف، والأولى سالمة منه اهـ. وقال في الصغير: قال أبو داود: ومدار السنة على أربعة أحاديث، وعد هذا منها. قلت: في هذا ثلاث غلطات، الأولى: قوله: إن الترمذي حسنه، فإنه ما حسنه، بل ضعفه ونص على عليه، فرواه [رقم 2799] من طريق خالد بن إلياس عن صالح بن أبي حسان قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: "إن اللَّه طيب"، فذكره، قال: فذكرت ذلك لمهاجر بن مسمار فقال: حدثنيه عامر بن سعد عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله، ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب وخالد ابن إلياس يضعف، ويقال: ابن إياس اهـ. ورواه ابن حبان في الضعفاء [1/ 279] في ترجمة خالد المذكور فقال: أخبرنا ابن قتيبة يعني محمد بن الحسن: ثنا دحيم ثنا عبد اللَّه بن نافع ثنا خالد

بن إلياس به، وزاد بعد قوله: "ولا تشبهوا باليهود التي تجمع الأكناف في دورها"، وقال في خالد: يروي الموضوعات عن الثقات، لا نحب أن يكتب حديثه إلا على جهة التعجب، وأسند عن يحيى بن معين أنه قال: ليس بشيء. الثانية: قوله: ورواه من طريق أخرى عن أبي ذر، وفيها شهر بن حوشب. . . إلخ، فإن أبا ذر لم يرو هذا الحديث أصلًا، إنما روى حديثًا فيه ذكر الجواد، والشارح رأى أحدًا استدل بهذا الحديث على أن من أسمائه تعالى "الجواد"، وذكر في الباب حديث أبي ذر فظن أنه يقصد الحديث بتمامه، فاسمع حديث أبي ذر قال الترمذي [رقم 2490]: حدثنا هناد ثنا أبو الأحوص عن ليث عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي ذر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يقول اللَّه عز وجل: يا عبادي كلكم ضال إلا من هديت فسلوني الهدى أهدكم، وكلكم فقير إلا من أغنيت فسلوني أرزقكم، وكلكم مذنب إلا من عافيت فمن علم منكم أني ذو قدرة على المغفرة فاستغفرني غفرت له ولا أبالي، ولو أن أولكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على اتقى قلب عبد من عبادي ما زاد ذلك في ملكي جناح بعوضة، ولو أن أولكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على أشقى قلب عبد من عبادي ما نقص ذلك من ملكي جناح بعوضة، ولو أن أولكم وآخركم وجنكم وإنسكم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا في صعيد واحد فسأل كل إنسان منكم ما بلغت أمنيته فأعطيت كل سائل منكم ما نقص ذلك من ملكي إلا كما لو أن أحدكم مر بالبحر فغمس فيه إبرة ثم رفعها إليه ذلك بأني جواد واجد ماجد أفعل ما أريد، عطائي كلام وعذابي كلام، إنما أمري لشيء إذا أردت أن أقول كن فيكون"، قال الترمذي: هذا حديث حسن اهـ. فانظر الحديث الذي ذكره الناس فظنه الشارح كحديث الترجمة.

الثالثة: قوله: قال أبو داود: مدار السنة على أربعة أحاديث وعد هذا منها، فإن أبا داود لم يعد هذا أعني حديث الترجمة منها ولا يتصور ذلك لا من جهة موضوعه ولا من جهة إسناده، فإنه ضعيف ساقط، ولكن الأحاديث الأربعة التي ذكرها أبو داود هي حديث: "إنما الأعمال بالنيات" وحديث: "الحلال بين والحرام بين بين"، وحديث: "ازهد في الدنيا يحبك اللَّه"، وحديث "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه". 851/ 1750 - "إن اللَّه تَعَالى عند لِسَانِ كُلِّ قَائِلٍ فَليتَّقِ اللَّه عبد ولينظُر مَا يَقُولُ". (حل) عن ابن عمر، الحكيم عن ابن عباس قال (ش) في الكبير: ورواه عنه أيضًا -أي عن ابن عباس- البيهقي في الشعب والخطيب في التاريخ. قلت: لم يخرجه الخطيب [9/ 329] من حديث ابن عباس، بل الرواة كلهم خرجوه من حديث ذر بن عبد اللَّه معضلًا، وإنما أخرجه الحكيم عن شيخه عمر بن أبي عمر وهو هالك فقال: عنه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، فقد أخرجه ابن المبارك في كتاب الزهد [رقم 125] فقال: أخبرنا عمر بن ذر عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه عند لسان كل قائل فاتقي اللَّه امرؤ وعلم ما يقول". وقال الحكيم الترمذي في نوادر الأصول [في الأصل] الخمسين ومائة (¬1) [2/ 3 - 6]: حدثنا أبي ثنا الفضل بن دكين عن عمر بن ذر عن أبيه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وقال أبو نعيم في الحلية [8/ 160]: ¬

_ (¬1) هو في الأصل التاسع والأربعين ومائة من المطبوع.

حدثنا أبو بكر عبد اللَّه بن عمر ثنا عبد الرحمن بن عمر ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا عمر بن ذر عن أبيه مرفوعًا به، وقال الخطيب: كتب إلينا عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي يذكر أن الحسن بن حبيب أخبرهم قال: ثنا صالح بن محمد الجلاب ثنا حفص بن عمر الأزدي ثنا محمد بن عبد الأعلى الكناسي عن عمر بن ذر الهمذاني عن أبيه به. [و] لم يذكر ابن عباس، وخالف هؤلاء كلهم قطبة بن العلاء فقال: عن عمر ابن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، ورواه الحكيم الترمذي عن شيخه عمر عنه، وعمر ضعيف وقطبة كثير الوهم. 852/ 1767 - "إن اللَّه كتَبَ الغِيرَة عَلى النِّساء، والجِهَادَ عَلَى الرِّجَال، فَمن صَبر مِنهنَّ إيمانًا واحْتِسَابًا كانَ لَها مِثل أجَر شَهِيدٍ". (طب) عن ابن مسعود قال الشارح: بإسناد لا بأس به. قلت: الحديث أخرجه أيضًا الدولابي في الكنى [2/ 100] قال: أخبرني أحمد بن شعيب أنبأنا أحمد بن الأزهر قال: حدثني عبيد بن الصباح أبو محمد حدثنا كامل بن العلاء عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. ورواه ابن حبان في الضعفاء عن محمد بن عمر بن يوسف [2/ 226، 227]: ثنا المسروقي موسى بن عبد الرحمن ثنا عبيد بن الصباح به، أخرجه في ترجمة كامل بن العلاء وقال: كان ممن يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل من حيث لا يدري فلما فحش ذلك من أفعاله بطل الاحتجاج بأخباره اهـ. وأما العقيلي فأخرجه في ترجمة عبيد بن الصباح، وقال: لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به، وقد ذكر الحافظ في الفتح هذا الحديث وقال: أخرجه البزار

وأشار إلى صحته، ورجاله ثقات، لكن اختلف في عبيد بن الصباح منهم اهـ. وهو غريب مع ما سبق عن ابن حبان في كامل بن العلاء، وأيضًا فإن سبب ورود الحديث يدل على نكارته، وهو قول ابن مسعود: "كنت جالسًا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ أقبلت امرأة عريانة فقام إليها رجل فألقى عليها ثوبًا وضمها إليه، فتغير وجه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: أحسبها غيرى"، ثم ذكره وهذا ما وقع إن شاء اللَّه تعالى. 853/ 1768 - "إن اللَّه كَره لَكم ثَلاثًا: اللغو عنْد القرآنِ، ورفَع الصوتِ في الدُّعَاءِ، والتخصُّرَ فِي الصَّلاةِ". (عب) عن يحيى بن أبي كثير مرسلًا قلت: ورد موصولًا من حديث جابر بن عبد اللَّه، قال الديلمي: أخبرنا والدي أخبرنا الميداني أخبرنا أبو بدر عبد اللَّه بن أحمد بن علي بنهاوند ثنا أبو الفتح أحمد بن الحسين بن أحمد التميمي الدينوري ثنا عبد اللَّه بن محمد بن شيبة ثنا ابن وهب حدثنا اليمان بن سعيد ثنا الوليد بن عبد الرحيم الهمي ثنا معقل بن عبيد اللَّه عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به مثله. 854/ 1769 - "إنَّ اللَّه كَرِهَ لَكُمْ ستًّا: العَبثَ في الصلَاةٍ، والمنَّ في الصدقةِ، والرفَثَ في الصيَام، والضَحِكَ عندَ القُبَورِ، ودُخولَ المسَاجِدِ وأنْتُمْ جُنُبٌ، وإدخَالَ العِيُونِ البُيُوتَ بغِيرِ إذْنٍ". (ص) عن يحيى بن كثير مرسلًا قال الشارح في الكبير: وكذا ابن المبارك عن إسماعيل بن عياش عن عبد اللَّه بن دينار الحمصي عن يحيى بن أبي كثير مرسلًا، قال ابن حجر: وهو في مسند الشهاب من هذا الوجه، وقال ابن طاهر: عبد اللَّه بن دينار هو الحمصي وليس المدني وهذا منقطع.

قلت: الحديث الذي تكلم عليه الحافظ ليس هو هذا بتمامه، بل ذاك مختصر، فإن صاحب الهداية [1/ 63] أورده بلفظ: "إن اللَّه كره لكم ثلاثًا"، وذكر منها: "العبث في الصلاة"، فكتب الحافظ في إتمام الدراية ما نقله عنه الشارح؛ وقال الزيلعي في أصله نصب الراية: رواه القضاعي في مسند الشهاب من طريق ابن المبارك عن إسماعيل بن عياش عن عبد اللَّه بن دينار عن يحيى بن أبي كثير مرسلًا: "إن اللَّه كره لكم ثلاثًا العبث في الصلاة والرفث في الصيام والضحك في المقابر" اهـ. وذكره شيخنا شمس الدين الذهبي في كتابه الميزان [1/ 923] وعده من مكرات إسماعيل بن عياش، قال ابن طاهر في كلامه على أحاديث الشهاب: هذا منقطع، وعبد اللَّه بن دينار شامي من أهل حمص وليس بالمكي اهـ. قلت: وهذا الحديث قال فيه القضاعي: أخبرنا محمد بن أبي سعيد أنا زاهر بن أحمد أنا محمد بن معاذ أنا الحسين بن الحسين أنا ابن المبارك به. والرواية التي خرجها المصنف من سنن سعيد بن منصور يحتمل أن تكون من هذا الوجه، ويحتمل أن تكون من وجه آخر لأنها مطولة، فقول الشارح: وكذا ابن المبارك. . . إلخ، لا يخفي ما فيه من التساهل والتهور. 855/ 1773 - "إن اللَّه لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيما حَرَّمَ عَلَيْكُم". (طب) عن أم سلمة. قال الشارح في الكبير: قال الهيثمي: إسناده منقطع ورجاله رجال الصحيح، ورواه عنها أيضًا ابن حبان والبيهقي باللفظ المذكور، قال في المهذب: وإسناده صويلح اهـ.، وقال: ذكره ابن خالد تعليقا عن ابن مسعود، قال -أي ابن حجر-: وقد أوردته في تغليق التعليق من طرق صحيحه. قلت: حديث ابن مسعود أخرجه علي بن حرب الطائي في نسخته، وأسنده

الذهبي من طريقه في الجزء الذي سماه "الدينار من أحاديث المشايخ الكبار"، قال علي بن حرب: ثنا ابن عيينة عن منصور عن أبي وائل قال: "اشتكى رجل منا يقال: له خثيم ابن العلاء بطنه فنعت له السكر فأرسل إلي ابن مسعود يسأله فقال: إن اللَّه لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم". 856/ 1777 - "إن اللَّه لمْ يَأْمُرْنَا فِيما رَزَقَنا أنْ نَكسُوَ الحجَارَةَ واللَّبِنَ والطِّينَ". (م. د) عن عائشة قال في الكبير: ظاهر صنيع المؤلف أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول؛ فقد خرجه البخاري أيضًا في اللباس. قلت: هو ذهول من الشارح لا من المصنف، فالبخاري ما خرج هذا اللفظ في صحيحه أصلًا، ولكن الحديث له سبب وأصل من رواية أبي طلحة، ثم تكميل من حديث عائشة، وذلك السبب الذي رواه أبو طلحة وهو في تحريم الصور هو الذي خرجه البخاري فقط. 857/ 1779 - "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْنِي لَحَّانًا، اختَارَ لِي خَيْرَ الكَلامِ: كِتابَه القُرُآنَ". الشيرازي في الألقاب عن أبي هريرة قال الشارح: وإسناده حسن لغيره. قلت: بل ضعيف لنفسه، فإنه من رواية عبد الرحمن بن يحيى العذري عن مالك عن سمى عن أبي صالح عن أبي هريرة، كذلك أخرجه الديلمي من طريقه (¬1)، وعبد الرحمن بن يحيى ضعيف (¬2) ولعله انفرد به عن مالك. ¬

_ (¬1) انظر "كنز العمال" (31990). (¬2) انظر "المغنى" (2/ 389).

858/ 1780 - "إنَّ اللَّه لمْ يَخْلُقْ خَلْقًا هُو أبغضُ إليهِ مِنَ الدُّنيَا، وما نَظَر إليْهَا مُنْذُ خَلَقَها بُغْضًا لهَا". (ك) في التاريخ عن أبي هريرة قلت: هذا الحديث مما انفرد به وضاع، وهو داود بن المحبر، فكان ينبغي أن لا يذكر في هذا الكتاب، ولعمري إنه لحق لولا أننا ميزنا أحاديث داود بن المحبر، فإذا هي كلها كذب. قال الحاكم في التاريخ: ثنا محمد بن إبراهيم بن فضلويه ثنا أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم الشمني ثنا داود ابن الحبر ثنا الهيثم بن حماز عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. 859/ 1783 - "إنَّ اللَّه تَعَالى لمْ يُنْزِلْ داءً إلا أنزلَ لهُ دَواءٌ، عَلمهُ منْ عَلِمَهُ، وجهِلَهُ مَنْ جَهِلهُ، إلا السَّامَ وهُو الموتُ". (ك) عن أبي سعيد قال الشارح في الكبير: ونحوه للنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان. قلت: ما خرج النسائي ولا ابن ماجه حديثا لأبي سعيد في هذا الباب. 860/ 1785 - "إنَّ اللَّه لمْ يكْتُبْ عَليَّ في اللَّيلِ صِيامًا فَمنْ صامَ تَعنَّى ولَا أجرَ لهُ". ابن قانع والشيرازي في الألقاب عن أبي سعد الخير قال في الكبير: صوابه كما في التقريب: وغيره سعد وأبو سعيد الخير الأنماري صحابي شامي، قيل: اسمه عامر بن سعد له حديث واحد وهو هذا، قال في التقريب: ووهم وصحف من خلطه بأبي سعيد الحبراني، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد أعلى ولا أشهر ممن ذكره وهو عجيب، فقد خرجه

الترمذي في العلل عن أبي فروة الرهاوي عن معقل الكناني عن عبادة بن نسى عن أبي سعد الخير ثم ذكر أنه سأل عنه البخاري فقال: ما أراه إلا مرسلًا، وما أرى عبادة سمع من أبي سعد، قال البخاري: وأبو فروة صدوق ولكن ابنه محمد روى عنه مناكير ورواه ابن منده عن أبي سعد أيضًا بلفظ: "إن اللَّه لم يكتب عليكم صيام الليل فمن صام فليتعن ولا أجر له"، قال ابن منده: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وفيه معقل الكناني، قال ابن حجر: لا أعرفه إلا في هذا الحديث، وقد ذكره البخاري وغيره ولم يعرفه إلا فيه. قلت: في هذا من تخليط الشارح وخبطه أمور، الأول: قوله: صوابه كما في التقريب وغيره سعد، فإن هذا يقتضي أن المصنف ذكره بغير لفظ "سعد"، مع أنه ذكره كذلك بدون "ياء". الثاني: قوله: له حديث واحد وهو هذا، فإن له أحاديث أخرى منها حديث: "توضؤا مما مست النار" وحديث: "إن ربي وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب" الحديث كما في ترجمته من الاستيعاب [4/ 91 - 92] والإصابة [4/ 89 - 533]، وغيرهما. الثالث: قوله: فظاهر صنيع المصنف أنه لم يره. . . إلخ. فإنه كلام ساقط سخيف. الرابع: قوله: قال البخاري: أبو فروة صدوق، لكن ابنه محمد يروي عنه مناكير، الذي في التهذيب [11/ 293، رقم 541] قال البخاري: مقارب الحديث. . . إلخ. الخامس: قال الحافظ في الفتح على قول البخاري باب الوصال: ومن قال ليس في الليل صيام كأنه يشير إلى حديث أبي سعيد الخير، وهو حديث ذكره الترمذي في الجامع ووصله في العلل المفرد، وأخرجه ابن السكن وغيره في الصحابة، والدولابي وغيره في الكنى، من طريق أبي فروة الرهاوي عن معقل

الكندي عن عبادة بن نسى عنه، ولفظ المتن مرفوعًا: "إن اللَّه لم يكتب الصيام بالليل فمن صام فقد تعنى، ولا أجر له" قال ابن منده: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقال الترمذي: سألت البخاري عنه فقال: ما أرى عبادة سمع من أبي سعيد الخير اهـ. فقابل كلام الحافظ بنقل الشارح. 861/ 1789 - "إنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ الإسلامَ برِجالٍ ما هُمْ منَ أهلهِ". (طب) عن ابن عمرو وقال الشارح في الكبير: وهذا يحتمل أنه أراد به رجالا في زمانه ويحتمل أنه أخبر بما سيكون فيكون من معجزاته، فإنه إخبار عن غيب وقع، والأول هو الملائم للسبب الآتي، وقد يقال الأقرب الثاني؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. قلت: بل هذا هو الواقع بخلاف الأول، فإن ذلك حديث في قصة وهذا حديث آخر عام ظهر مصداقه الآن، فإن الدين اليوم يؤيد بالكفار أعدائه الذين قاموا على ساق للقضاء عليه وعلى أهله وبذلوا المهج والأرواح والنفس والنفيس في أن لا يبقى على وجه الأرض من يوحد اللَّه تعالى ويؤمن بحبيبه سيدنا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومع ذلك فإن الذي بيده ناصية المخلوقات وأزمة الأمور يصرفها كيف يشاء يسخرهم في مصالح الدين وإقامة كثير من شعائره وإحياء أصوله وفروعه بما لولاهم لوقع القضاء عليه، فإن من ينتمي إلى الإسلام اليوم باللغة العربية ومجرد دعوى الإسلام لو وجدوا سلطة ونفوذ أمر لقضوا عليه وقلعوه من عروقه بدعوى أن الرقي والحضارة والتمدن في خلافه، وأن الإيمان حسبه القلب ولا مزيد، ولكن لما علم اللَّه تعالى منهم ذلك سلط الكفار على الأقطار الإسلامية فامتلكوها ليبقى الدين محفوظًا، ولو عند شرذمة قليلة تقوم بهم الحجة ويثبت بهم الوعد الصادق: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على

الحق" (¬1)، ولولاهم أعنى الكفار لقضى على هذه الشرذمة ومحى الإسلام كما في تركيا فظهر مصداق هذا الخبر، وإن اللَّه يؤيد هذا الدين برجال ما هم من أهله ويخذله برجال يزعمون أنهم أهله. 862/ 1790 - "إنَّ اللَّه تَعَالى لَيُؤيِّدُ الدِّينَ بالرجُلِ الفَاجِر". (طب) عن عمرو بن النعمان بن مقرن قال (ش) في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا لا يوجد مخرجًا في الصحيحين ولا أحدهما وهو ذهول شنيع وسهو عجيب؛ فقد قال الحافظ العراقي: إنه متفق عليه من حديث أبي هريرة بلفظ: "إن اللَّه تعالى يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر"، وقال المناوي: رواه البخاري في "القدر" و"غزوة خيبر"، ورواه مسلم من حديث أبي هريرة مطولًا فذكره، ثم قال: فعزو المصنف الحديث للطبراني وحده لا يرتضيه المحدثون فضلًا عمن يدعي الاجتهاد. قلت: الشارح رجل جاهل ابتلى اللَّه به علم الحديث وأهله، وكنت أظن أنه مع جهله شديد الغفلة والبلادة ولا مزيد، فإذا هو مع ذلك شديد الوقاحة فاقد العقل، فلذلك ابتلاه اللَّه بصدور الاغلاط الفاحشة التي ما صدرت من مخلوق ينتمي إلى العلم على ما بلغ إليه علمنا إلا أن يكون علماء الوقت الحاضر من أهل الأزهر الذين جعلوا العلم بالشهادة ونيل ورقة يعطاها الرجل ولو كان أجهل الناس فيصير بها عالما، ومع ذلك فما رأينا منهم من وصل إلى كثرة الأوهام الفاحشة التي وصل إليها هذا الشارح الجاهل مع البلادة المتناهية، فهو يشرح كتابًا رتبه مؤلفه على حروف المعجم مراعيًا في ذلك الدقة والتحقيق وتقديم كل حرف على الذي بعده في الأول والثاني والثالث وهكذا حتى يسهل على الناس مراجعة الحديث من غير تعب، ثم يغفل عن هذا ويستدرك عليه ¬

_ (¬1) رواه البخاري (9/ 125)، ومسلم في الإمارة (170).

في كل حديث تقريبًا بمن خرج ذلك الحديث بلفظ آخر لا يدخل في الوضع الذي ذكره فيه ذلك الاستدراك كهذا، وألف [من] أمثاله مما سبق ويأتي، ومن فرط بلادته أنه ينقل الحديث من صحيح مسلم [إمان 178] في شرحه مستدركًا به على المصنف، وهو يذكره بلفظ أوله: "اللَّه أكبر أشهد أني عبد اللَّه ورسوله، ثم أمر بلالا فنادى في الناس أثه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وأن اللَّه يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر"، فانظر إلى عمى قلب هذا الرجل وغباوته المتناهية، وهكذا لفظ البخاري [4/ 88] وأوله: "يا بلال قم فأذن لا يدخل الجنة إلا مؤمن فإن اللَّه ليؤيد هذا الدين. . . " الحديث، فرواية البخاري تدخل في حرف "الياء"، ورواية مسلم التي ذكرها الشارح تدخل في حرف "الألف" مع "اللام"، وأين هما من رواية الطبراني [17/ 39] المصدرة بحرف: "إن اللَّه"؟! ثم هب أن الحديث في الصحيحين باللفظ الذي عزاه المصنف للبخاري، فأي دلالة في ذلك على عدم بلوغ رتبة الاجتهاد؟! فهذا أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد المجمع على أئمتهم واجتهادهم كانوا قبل وجود البخاري ومسلم، فكان ماذا؟ ولو فرضنا أن المصنف لم يعلم بهذا الحديث أصلًا ولا سمع به قط ولا بعشرة آلاف مثله، فماذا يكون أو يؤثر في بلوغه رتبة الاجتهاد؟! فإنه أعلم وأحفظ من ملء الأرض من مثل أبي حنيفة وملء نصفها من مثل الشافعي وملء ربعها من مثل مالك وهم مجتهدون بالإجماع، فكيف بمن هو أحفظ منهم؟! وكأن هذا الجاهل ما رأى في كتب أئمة الأصول أن المجتهد لا يشترط فيه حفظ القرآن، وإنما يشترط فيه معرفة آيات الأحكام ولا يشترط فيه حفظ القرآن، وإنما يشترط فيه معرفة آيات الأحكام ولا يشترط فيه حفظ السنة، وإنما يجب أن يكون عنده كتاب فيه أحاديث الأحكام، ومثلوه بسنن أبي داود الذي ما بلغت أحاديثه أربعة آلاف، فكيف والجامع الكبير للمصنف قد رقم فيه بخطه أزيد من ثمانين ألف حديثا، ولكن الشارح من عوام المقلدة

فائدة

الذين يجعلون الاجتهاد فوق درجة النبوة والرسالة، والمجتهد كالإله لا تخفى عليه خافية، فقبحهم اللَّه ما أجرأهم على إفساد دين اللَّه وما أجهلهم بأمر اللَّه. فائدة في الباب أيضًا عن عبد اللَّه بن مسعود قال الدينوري في المجالسة: حدثنا محمد بن إسحاق البغدادي ثنا معاوية بن عمرو الأزدي ثنا زائدة عن عاصم عن زر عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه عز وجل ليؤيد الدين بالرجل الفاجر". 863/ 1793 - "إِنَّ اللَّه لَيَحْمِي عَبْدَهُ المؤمِنَ من الدُّنْيَا وهو يُحبُّهُ، كما تَحمونَ مريضَكُمْ الطَّعامَ والشراب تخَافُونَ عَليهِ". (حم) عن محمود بن لبيد (ك) عن أبي سعيد قلت: وقع في هذا الحديث اضطراب بينته سابقًا في حديث: "إذا أحب اللَّه عبدًا حماه الدنيا كما يظل أحدكم. . . " الحديث 864/ 1794 - "إنَّ اللَّه لَيدْفَعُ بالمسلِمِ الصالحِ عن مِائَةِ أهلِ بيتٍ مِنْ جيرانهِ البَلاءَ". (طب) عن ابن عمر قال (ش) في الكبير: وتمام الحديث عند مخرجه الطبراني {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ. . .} الآية، ثم قال: والحديث ضعفه المنذري، وقال الهيثمي: فيه يحيى بن سعيد العطار وهو ضعيف، وفي الميزان: يحيى هذا ضعفه ابن معين ووهاه أبو داود، وقال ابن خزيمة: لا يحتج به، وقال ابن عدي: بين الضعف ثم أورد له هذا الخبر.

قلت: البقية التي زادها الشارح ليست من تمام الحديث لا عند مخرجه ولا عند غيره، بل هي من قول ابن عمر راوي الحديث، قال ابن جرير [2/ 404]: حدثني أبو حميد الحمصي أحد بني المغيرة ثنا يحيى بن سعيد ثنا حفص بن سليمان عن محمد بن سوقة عن وبرة بن عبد الرحمن عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر الحديث، وفي آخره قرأ ابن عمر: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ. . .} [الحج: 40] الآية. ورواه الثعلبي في تفسيره من طريق عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: أخبرنا أبو حميد الحمصي به، وفي آخره ثم قرا ابن عمر رضي اللَّه عنهما مثله، ويحيى ابن سعيد العطار ضعيف كما نقله الشارح وقد رواه مرة أخرى بسياق آخر إسناد آخر من حديث جابر، فقال ابن جرير [2/ 204]. حدثنا أبو حميد الحمصي ثنا يحيى بن سعيد ثنا عثمان بن عبد الرحمن عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه ليصلح بصلاح الرجل المسلم ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويرات حوله ولا يزالون في حفظ اللَّه عز وجل ما دام فيهم". 865/ 1795 - "إنَّ اللَّه تَعَالى لَيَرْضَى عن العبد أنْ يأكْلَ الأكلة أو يَشربَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَ اللَّه عَليْهَا". (حم. م. ت. ن) عن أنس قلت: أخرجه أيضًا جماعة، قال الدينوري في المجالسة: حدثنا أبو جعفر بن المنادى ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ثنا زكريا بن أبي زائدة عن سعيد بن أبي بردة عن أنس بن مالك مرفوعًا: "إن اللَّه يرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمد اللَّه عز وجل عليها، أو يشرب الشربة فيحمد اللَّه عليها". وقال الحكيم الترمذي في الأصل السابع والثلاثين ومائتين من نوادر الأصول:

ثنا الجارود بن معاذ ثنا إسماعيل بن أبان الأكبر عن زكريا بن أبي زائدة به. وقال أبو يعلى: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو أسامة ومحمد بن بشر قالا: حدثنا زكريا بن أبي زائدة به. وقال ابن السني في اليوم والليلة [رقم 480]: أخبرنا أبو يعلى به. وقال أبو الليث [ص 361، رقم 1397]: حدثنا أبو جعفر نا أبو القاسم أحمد ابن حم ثنا محمد بن سلمة ثنا ابن أبي شيبة به. 866/ 1796 - "إنَّ اللَّه تعَالى لَيَسْألُ العبدَ يومَ القِيامةِ حتَّى يسألَهُ مَا منعَكَ إذْ رأيتَ منكرًا أنْ تُنكِرهُ؟ فَإذا لقَّنَ اللَّه العبدَ حُجَّتَهُ قالَ: يا ربِّ رجَوْتُكَ وفَرِقْتُ مِنَ النَّاسِ". (حم. هـ. حب) عن أبي سعيد قال (ش): بإسناد لا بأس به. قلت: قال الخطابي في العزلة [رقم 67]: ثنا أحمد بن إبراهيم بن مالك ثنا بشير بن موسى ثنا الحميدي ثنا سفيان ثنا يحيى بن سعيد أنه سمع أبا طوالة يحدث عن نهار العبدى عن أبي سعيد به، ثم قال: هذا طريق في الرواية يرتضيه أهل النقل من أهل الحديث اهـ. قلت: لكن اختلف فيه علي أبي طوالة فقيل: عنه كما سبق، وقيل: عنه عن أنس؛ قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 288]: ثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن أيوب الصيدلاني ثنا إبراهيم بن الحارث ثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي ثنا مسلم بن خالد ثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن الأنصاري أبو طوالة -وكان قاضيًا بالمدينة- عن أنس مرفوعًا به مثله. 867/ 1799 - "إنَّ اللَّهَ تَعالَى لَيَعْجَبُ مِنَ الشَّابِّ لَيْسَتْ له صَبْوَةٌ". (حم. طب) عن عقبة بن عامر

قال الشارح في الكبير: قال الهيثمي: إسناده حسن، وضعفه ابن حجر في فتاويه لضعف ابن لهيعة راويه. قلت: له طريق آخر من غير رواية اين لهيعة لكنه موقوف، قال ابن المبارك في الزهد: أخبرنا رشدين بن سعد قال: حدثني عمرو بن الحارث عن أبي عشانة أنه سمع عقبة بن عامر يقول: "يعجب ربك للشاب ليست له صبوة"، وهذا موقوف له حكم الرفع، لا سيما وأبو عشانة هو شيخ ابن لهيعة فيه. وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 69] من طريق عبد اللَّه بن محمد بن يزيد الأصبهاني: ثنا الطنافسي ثنا وكيع عن سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا: "يعجب ربكم عز وجل من شاب ليست له صبوة". 868/ 1801 - "إنَّ اللَّهَ لَيَنْفَعُ العبدَ بالذنْبِ يُذْنِبُهُ". (حل) عن ابن عمر قال الشارح: فيه ضعف وجهالة. وقال في الكبير: قال أبو نعيم: غريب من حديث عبد العزيز بن أبي رواد، لم نكتبه إلا من حديث مضر بن نوح السلمي اهـ. ومضر قال في الميزان: فيه جهالة، وقال العقيلي: حديثه غير محفوظ، وعبد العزيز بن أبي رواد قد سبق بيان حاله. ورواه أبو نعيم من طريق آخر فيه عبد الرحيم بن هارون، وقد قالوا: كان يكذب، ومن ثم قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، والزين العراقي: غير محفوظ. قلت: هذا لقب جديد اخترعه الشارح للحديث، وهو قوله: فيه جهالة،

فالحفاظ يقولونها في الرواة، وهو نقلها لغفلته إلى متون الأحاديث، فلم يفرق بين الراوي والمروي، وقوله: إن أبا نعيم خرجه من وجه آخر فيه عبد الرحيم ابن هارون، غريب بل أراه غلطا منه، فإني ما رأيته في نسختنا من الحلية، ويؤيد عدم وجوده فيه قول أبي نعيم [5/ 199] الذي نقله الشارح نفسه: لم نكتبه إلا من حديث مضر بن نوح اهـ. وعبد الرحيم بن هارون يروي [عن] عبد العزيز بن أبي رواد شيخ مضر في الحديث فكأنه تابعه عليه، وكتبه أبو نعيم ثم نسى فاللَّه أعلم. أما هذا فخرجه في ترجمة عبد العزيز بن أبي رواد قال [5/ 199]: حدثنا أبي ثنا أبو الحسن بن أبان ثنا أبو بكر بن عبيد ثنا محمد بن عمرو بن العباس ثنا مضر بن نوح السلمي ثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر به، ثم قال: غريب من حديث نافع وعبد العزيز، لم نكتبه إلا من حديث مضر، وحدثناه عاليا محمد بن الحسن اليقطيني ثنا أبو طاهر بن نفيل ثنا محمد بن عمرو بن العباس مثله. 869/ 1804 - "إنَّ اللَّه مَعَ القَاضِي ما لمْ يَجُرْ، فَإذا جَار تبرَّأ اللَّه مِنْهُ، وألزَمَهُ الشَّيطَانَ". (ك. هق) عن ابن أبي أوفى قال الشارح في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن هذا لم يخرج في شيء من الكتب الستة وإلا لما عدل عنه علي القانون المعروف بل خرجه الترمذي وابن ماجه باللفظ المزبور. قلت: وقضية حال الشارح أنه عالم عاقل وإلا لما تعرض للكتابة في الحديث، والأمر بخلافه، فقد أكثر من الجهل والأخطاء الفاحشة، فالحديث قدمه المصنف بلفظ: "اللَّه مع القاضي" دون "إن" في أوله وعزاه للترمذي [رقم 1330] كما هو شرطه في ترتيب كتابه، فاعترض عليه هذا الجاهل هناك بأن ابن ماجه

خرجه أيضًا [رقم 2312] وصححه ابن حبان [رقم 1540] والحاكم [4/ 93]، ثم هنا اعترض عليه بالترمذي فما أصاب أولًا ولا ثانيًا، ولا عرف أولا ولا ثانيًا، ولا أراح العلم وأهله من جهله وكذبه، فهو يقول: إن الترمذي خرجه باللفظ المزبور مع أنه خرجه باللفظ الذي قدمه المصنف في أول حرف الألف مع اللام. أما ابن ماجه فخرجه باللفظ المذكور هنا ولا ضرر في ذلك على المحدث ولا عيب فيه إلا عند الجهلة أمثال الشارح، وهذا ابن تيمية يكثر من عزو الأحاديث إلى مسند أحمد وهو في الكتب الستة بأجمعها، ويعزو الحديث إلى سنن أبي داود وهو في باقي السنن، بل يعزو الحديث إلى جزء ابن بطة والخلال وأمثالهما وهو في الكتب الستة. ثم لو شئنا أن نسخف سخف هذا الشارح لاستدركنا عليه في كل حديث بمثل هذه السخافة المزرية لفضل المرء ودينه، ولركبناه بذلك التركيب البارد السمج الثقيل ولقلنا: ظاهر صنيع الشارح أن هذا مما انفرد به من ذكرهم، والأمر بخلافه، فقد قال أبو نعيم في مسند فراس: حدثنا إبراهيم بن محمد بن حمزة ثنا محمود بن محمد المروزي ثنا علي بن حجر ثنا داود بن الزبرقان عن نصر عن فراس عن الشعبي عن ابن أبي أوفى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه مع القاضي ما لم يجر، فإذا جار وكله إلى نفسه". وقال الدينوري في المجالسة: حدثنا أبو قلابة الرقاشي ثنا عمرو بن عاصم الكلابي ثنا عمران القطان عن الشيباني سليمان عن ابن أبي أوفى به، بلفظ: "فإذا جار برئ اللَّه منه، وألزمه الشيطان". وقال أبو القاسم بن بشران: أنا أبو أحمد حمزة بن محمد بن العباس الدهقان ثنا عبد الملك بن محمد بن

عمرو بن عاصم الكلابي ثنا عمران القطان به. 870/ 1810 - "إنَّ اللَّه وضَعَ علَى المُسافِرِ الصَّومَ وشطْرَ الصلاةِ". (حم 4) عن أنس بن مالك القشيري وماله غيره قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه؛ بل بقيته: "وعن المرضع والحبلى"، هذا نص الحديث، ثم إنه ليس في رواية الترمذي "الصوم". قلت: تساهل المصنف في عزو هذا الحديث بهذا اللفظ، فإنه لا يوجد هكذا من حديث أنس المذكور في كتاب من الكتب الخمسة التي عزاه إليها، بل يوجد كذلك في سنن النسائي [4/ 180] لكن ليس من حديث أنس بل من حديث غيره كما سأذكره، فإن هذا الحديث وقع فيه اضطراب شديد في السند والمتن. أما السند فرواه أبو قلابة الجرمي واختلف عليه فيه على أقوال: القول الأول: عنه عن أنس، قال النسائي: أخبرنا عمر بن محمد بن الحسن بن التل قال: حدثنا أبي حدثنا سفيان الثوري عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه وضع عن المسافر -يعني نصف الصلاة والصوم- وعن الحبلى والمرضع". ورواه البيهقي في الخلافيات من طريق قبيصة: ثنا سفيان عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك مرفوعًا: "إن اللَّه وضع عن المسافر والحامل والمرضع الصوم وشطر الصلاة". قال البيهقي: تفرد به قبيصة، وإنما رواه الناس عن الثوري عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عقيل عن رجل يقال له: أنس بن مالك. قلت: وما ادعاه من تفرد قبيصة به يرده رواية محمد بن الحسن بن التل عنه

كذلك كما سبق عند النسائي، وهذا القول هو الذي صححه أبو حاتم في العلل (1/ 266) فقال: والصحيح ما يقوله أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك القشيري اهـ. كذا قال وليس بظاهر، فإن الطرق تعددت بذكر عدم سماع أبي قلابة لهذا الحديث من أنس على أن أيوب اختلف عليه فيه أيضًا كما سأذكره. القول الثاني: عنه عن رجل من بني عقيل عن أنس كما حكاه البيهقي في الخلافيات فقال: وإنما رواه الناس عن الثوري عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عقيل عن أنس كما مر في الذي قبله. القول الثالث: عنه عمن حدثه عن أنس بن مالك قال أحمد [4/ 347]: حدثنا إسماعيل ثنا أيوب قال: كان أبو قلابة حدثني بهذا الحديث ثم قال لي: هل لك في الذي حدثنيه؟ قال: فدلني عليه؟ فأتيته، فقال: حدثني قريب لي يقال له: أنس بن مالك قال: "أتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في إبل لجار لي أخذت فوافقته وهو يأكل فدعاني إلى طعامه، فقلت: إني صائم، فقال: ادن أو قال: هَلمَّ أخبرك عن ذلك، إن اللَّه تبارك وتعالى وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع"، قال: فكان بعد ذلك يتلهف يقول: ألا أكون أكلت من طعام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين دعاني إليه". وقال النسائي [4/ 180 - 181]: أخبرنا أبو بكر بن علي قال: حدثنا سريج ثنا إسماعيل بن علية به مثله إلا أنه قال في المتن: "ادن أخبرك عن ذلك إن اللَّه وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة". وقال أبو بكر الرازي في الأحكام: ثنا جعفر بن محمد الواسطي ثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن اليمان ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام ثنا إسماعيل به مثله. القول الرابع: عنه عن أبي المهاجر عن أبي أمية الضمري، قال الداومي [رقم 1712]:

حدثنا أبو المغيرة ثنا الأوزاعي عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي المهاجر عن أبي أمية الضمري قال: "قدمت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من سفر فسلمت عليه، فلما ذهبت لأخرج قال: انتظر الغذاء يا أبا أمية، قال: فقلت: إني صائم يا نبي اللَّه، فقال: تعال أخبرك عن المسافر، إن اللَّه وضع عنه الصيام ونصف الصلاة". وقال النسائي [4/ 179]: أخبرنا إسحاق بن منصور قال: أنبأنا أبو المغيرة به مثله، ثم قال: أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا موسى بن مروان حدثنا محمد ابن حرب عن الأوزاعي قال: أخبرني يحيى قال: حدثني أبو قلابة قال: حدثني أبو المهاجر قال: حدثني أبو أمية -يعني الضمري-: "أنه قدم على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . " فذكر نحوه. قلت: واختلف فيه على الأوزاعي اختلافًا كبيرًا كما سأذكره. القول الخامس: عنه عن عبيد اللَّه بن زياد عن أبي أمية أخي ابن جعدة، قال البخاري في التاريخ الكبير [2/ 29]: قال عبد اللَّه بن صالح: عن معاوية بن صالح أن عصام بن يحيى حدثه عن أبي قلابة عن عبيد اللَّه بن زياد عن أبي أمية أخي ابن جعدة أنه قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتغذى في بيت وأنا قريب منه جالس، فقال: هلم إلى الغذاء، فقلت: إني صائم، قال: هلم أحدثك، إن اللَّه عز وجل وضع عن أمتي نصف الصلاة والصيام في السفر". قلت: وقد اختلف فيه أيضًا على كل من عبد اللَّه بن صالح وعصام بن يحيى كما سأذكره. وقال الدولابي في الكنى [1/ 42]: ثنا إبراهيم بن يعقوب السعدي، قال: حدثنا عبد اللَّه بن صالح به مثله. القول السادس: عنه عن رجل أن أبا أمية أخبره، قال الدولابي في الكنى [2/ 84]: حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عثمان بن عمر ثنا علي بن المبارك عن يحيى

بن أبي بكير عن أبي قلابة عن رجل أن أبا أمية أخبره أنه أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من سفر وهو صائم فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تعال أخبرك عن المسافر، إن اللَّه وضع الصيام ونصف الصلاة عن المسافر". قال الدولابي [2/ 84]: هكذا قال: "أن أبا أمية أخبره"، والصواب أبا أميمة. قلت: كذا وقع في الأصل المطبوع ولعله مقلوب، بل هو الواقع، كما أنه وقع فيه يحيى بن أبي بكير، والصواب ابن أبي كثير. وقال النسائي [4/ 180]: أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر به نحوه. وقال الدولابي أيضًا في كنية أبي قلابة: حدثنا العباس بن الوليد بن مؤيد أخبرني عقبة بن علقمة عن الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو قلابة الجرمي عبد اللَّه بن زيد قال: حدثني رجل عن أبي أمية الضمري قال: "قدمت من سفر على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ألا تنتظر الغذاء يا أبا أمية؟ فقلت: إني صائم، فقال: تعال أخبرك عن المسافر، إن اللَّه وضع عنه الصيام ونصف الصلاة". القول السابع: عنه أن أبا أمية عمرو بن أمية الضمرى أخبره، قال النسائي [4/ 180]: أخبرنا محمد بن عبيد اللَّه بن يزيد بن إبراهيم الحواني ثنا عثمان قال: حدثنا معاوية عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة أن أبا أمية الضمري أخبره أنه أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من سفر وهو صائم فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا تنتظر الغذاء؟ قال: إني صائم، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: تعال أخبرك عن الصيام، إن اللَّه عز وجل وضع عن المسافر الصيام ونصف الصلاة". ورواه أيضًا [4/ 179] من طريق شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير به مثله.

ومن هذا الطريق أورده ابن حزم في المحلى. القول الثامن: عنه قال: حدثني أبو أمية أو قال: أبو المهاجر عن أبي أمية، قال ابن أبي حاتم في العلل [1/ 266، رقم 784]: سمعت أبي وذكر حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة الجرمي قال: حدثني أبو أمية أو قال: أبو المهاجر عن أبي أمية قال: "قدمت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ألا تنتظر الغذاء؟ قلت: إني صائم، قال: تعال أخبرك عن المسافر، إن اللَّه وضع عنه الصيام ونصف الصلاة". القول التاسع: عنه عن جعفر بن عمرو بن أمية عن أبيه، قال النسائي [4/ 179 - 178]: أخبرني عمرو بن عثمان ثنا الوليد عن الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو قلابة حدثني جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن أبيه قال: "قدمت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ألا تنتظر الغذاء يا أبي أمية؟. . . " الحديث. القول العاشر: عنه عن شيخ من قشير عن عمه، قال النسائي [4/ 180]: أخبرنا محمد بن حاتم ثنا حبان أنبأنا عبد اللَّه عن ابن عيينة عن أيوب عن شيخ من قشير عن عمه حدثنا ثم ألفيناه في إبل، فقال له أبو قلابة: حدثه، فقال: "حدثني عمي أنه ذهب في إبل له فانتهى إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يأكل، فقال: ادنُ فكل، فقلت: إني صائم، فقال: إن اللَّه عز وجل وضع عن المسافر شطر الصلاة والصيام، وعن الحامل والمرضع". القول الحادي عشر: عنه عن رجل أنه أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال النسائي [4/ 181]: أخبرنا سويد بن نصر أنبأنا عبد اللَّه عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن رجل قال: "أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لحاجة فإذا هو يتغذى، قال: هلم إلى الغذاء، فقلت: إني صائم، قال: هلم أخبرك عن الصوم، إن اللَّه وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم، ورخص للحبلى والمرضع".

القول الثاني عشر: عنه مرسلًا، قال النسائي [4/ 184]: أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا عبيد اللَّه أنبأنا إسرائيل عن موسى -هو ابن أبي عائشة- عن غيلان قال: "خرجت مع أبي قلابة في سفر فقرب طعامًا فقلت إني صائم فقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج في سفر فقرب طعامًا فقال لرجل: ادنُ فاطعم، قال: إني صائم، قال: إن اللَّه وضع عن المسافر نصف الصلاة والصيام في السفر فادنُ فاطعم، فدنوت فطعمت". فهذه اثنا عشر قولًا عن أبي قلابة وفي ضمنها الاختلاف على أيوب السختياني، وعلى يحيى بن أبي كثير، وعلى الأوزاعي وعلى خالد الحذاء، وعلى الثوري، وعلى عبد اللَّه بن صالح، وعلى عصام بن يحيى. أما أيوب فقال الثوري: عنه عن أبي قلابة عن أنس، وقال ابن علية: عنه عن أبي قلابة عمن حدثه عن قريب له يقال له: أنس، وقال سفيان بن عيينة: عنه عن شيخ من قشير عن عمه، وهذه الأقوال كلها تقدمت، وقال ابن جريج: عنه أن أبا حمران أخبره عن رجل من بني عامر، قال عبد اللَّه بن صالح في نسخته: حدثني ابن وهب عن ابن جريج أن أيوب السختياني أخبره أن أبا حمران المعافري أخبره عن رجل من بني عامر: "أنه جاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يسأله فوجده يأكل فدعاه إلى طعامه فقال: إني صائم، فقال: تعال أو ادن أخبرك عن ذلك، إن اللَّه عز وجل وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحبلى أو المرضع". وأما يحيى بن كثير فقال علي بن المبارك: عنه عن أبي قلابة عن رجل أن أبا أمية، ووافقه الأوزاعي في رواية عقبة بن علقمة عنه، وقال معاوية: عنه عن أبي قلابة عن أبي أمية، ووافقه الأوزاعي في رواية شعيب بن إسحاق عنه، وقال الأوزاعي: عنه عن أبي قلابة عن جعفر بن عمرو عن أبيه، هكذا قال الوليد عن الأوزاعي، وقال محمد بن حرب وأبو المغيرة: عن الأوزاعي عنه عن أبي قلابة عن أبي المهاجر عن أبي أمية، وخالفهم محمد بن شعيب فقال:

عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة أخبرني عمرو بن أمية الضمري. وأما الأوزاعي فقد ذكرنا اختلاف هؤلاء الرواة عنه. وأما خالد الحذاء فقال ابن المبارك: عنه عن أبي قلابة عن رجل أنه أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كما سبق، وقال ابن المبارك مرة أخرى: عنه عن أبي العلاء بن الشخير عن رجل نحوه، أخرجه النسائي: عن سويد بن نصر عن ابن المبارك. وأما الثوري فقال الناس: عنه عن أيوب عن رجل عن أنس، وقال قبيصة ومحمد بن الحسن التل عنه عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس. وأما عبد اللَّه بن صالح فقال البخاري: عنه عن معاوية بن صالح أن عصام بن يحيى، وهكذا قال إبراهيم بن يعقوب السعدي عنه، وقال هو في نسخته: حدثني ابن وهب عن ابن جريج كما سبق. وأما عصام بن يحيى فقال عبد اللَّه بن صالح: عن معاوية بن صالح عنه عن أبي قلابة عن عبيد اللَّه بن زياد عن أبي أمية، وقال قتيبة: عن الليث عن معاوية عن عصام بن يحيى عن أبي أميمة أخي ابن جعدة، هكذا رواه البخاري في التاريخ [2/ 29] عن قتيبة، والدولابي في الكني [2/ 84] عن جعفر بن محمد الفريابى عن قتيبة وترجم عليه بأبي أميمة الجعدي بعد أن ترجم قبله بأبي أمية الجعدي أو الضمري -أعني بدون زيادة ميم ثانية. ورواه أبو عوانة عن أبي بشر، واختلف عليه فيه فقيل: عنه عن هانئ بن الشخير عن رجل من بلحريش عن أبيه قال: "كنت مسافرًا فأتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا صائم وهو يأكل، قال: هلم، قلت: إني صائم: قال: تعال ألم تعلم ما وضع اللَّه عن المسافر؟ قلت: وما وضع عن المسافر؟ قال: الصوم ونصف الصلاة". أخرجه النسائي عن قتيبة [4/ 182]: حدثنا أبو عوانة به، وقيل: عنه عن هانئ بن عبد اللَّه بن الشخير عن رجل من بلحريش عن أبيه قال: "كنا نسافر

ما شاء اللَّه فأتينا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يطعم، فقال: هلم فاطعم، فقلت: إني صائم، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أحدثكم عن الصيام، إن اللَّه وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة". رواه النسائي [4/ 181 - 182] عن عبد الرحمن بن محمد بن سلام: ثنا أبو داود ثنا أبو عوانة عن أبي بشر وقيل: عنه عن هانئ بن عبد اللَّه بن الشخير عن أبيه قال: كنت مسافرًا فأتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر مثل رواية قتيبة عن أبي عوانة سواء، رواه النسائي عن عبيد اللَّه بن عبد الكريم: ثنا سهل بن بكار ثنا أبو عوانة عن أبي بشر به. ورواه أبو هلال عن عبد اللَّه بن سوادة واختلف عليه فيه فقيل: عنه عن أنس رجل من بنى عبد اللَّه بن كعب، وقيل: عنه عن عبد اللَّه بن سوادة عن أبيه عن أنس. فأما القول الأول: فرواه أحمد [4/ 347]، والترمذي [رقم 715]، وابن ماجه [رقم 1667] كلهم من رواية وكيع: ثنا أبو هلال عن عبد اللَّه بن سوادة عن أنس بن مالك رجل من بنى عبد اللَّه ابن كعب قال: "أغارت علينا خيْل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأتيته وهو يتغذى، فقال: ادن فكل، قلت: إني صائم، قال: اجلس أحدثك عن الصوم أو الصيام، إن اللَّه عز وجل وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم أو الصيام، والقَه لقد قالهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كلاهما أو أحدهما، فيا لهف نفسي هلا كنت طعمت من طعام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-". ورواه أبو داود [صيام ب 43] وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل عن شيبان بن فروخ عن أبي هلال به مثله. وأما القول الثاني: فرواه البيهقي من طريق مسلم بن إبراهيم ثنا وهيب ثنا عبد اللَّه بن سوادة القشيري عن أبيه عن أنس بن مالك رجل منهم أنه أتى المدينة

غريبة

والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يتغذى فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "هلم للغذاء، فقلت يا نبي اللَّه إني صائم، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن اللَّه وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع". هذا ما وقع في إسناده من الاضطراب، وأما المتن فلا يخفى ذلك من اختلاف المتون التي أوردناها، واللَّه أعلم. 871/ 1814 - "إنَّ اللَّه وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ علَى الصَّفِّ الأَوَّلِ". (حم. د. هـ. ك) عن البراء (هـ) عن عبد الرحمن بن عوف (طب) عن النعمان بن بشير، البزار عن جابر قلت: حديث البراء أخرجه جماعة منهم: الدارمي [1/ 289] والدينوري في المجالسة، والبيهقي في السنن [3/ 103]، والنقاش في أماليه، وأبو نعيم في مسند الفردوس [5/ 27] وابن مخلد العطار في جزئه، وآخرون، وحديث النعمان بن بشير أخرجه أيضًا الدارقطني في الأفراد قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري ثنا أحمد بن منصور بن راشد ثنا علي بن الحسن ثنا الحسين بن واقد ثنا سماك بن حرب عن النعمان بن بشير به. غريبة قال عمر النسفي في تاريخ سمرقند: أخبرنا بهرام بن حمزة المرغيناني بسرخس أخبرنا موسى بن يعقوب بن محمد الحامدي عن أسد بن القامس التركي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه وملائكته يصلون على الصف الأول". فهذا سند باطل مفتعل، وبهرام كان في القرن السادس وموسى شيخه ذكره

فائدة

الذهبي في الميزان [4/ 227/ 8944] وقال: روى عن أسد التركي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حديثًا وعنه بهرام المرغيناني، وهذا إفك مببن ما في الصحابة تركي، والآفة من موسى وإلا من بهرام، رواه النسفي في تاريخ سمرقند عن بهرام اهـ. وقال الحافظ في اللسان [2/ 65، رقم: 250]: بهرام بن حمزة بن المبارك المرغيناني أبو المظفر ذكره عمر بن محمد النسفي في علماء سمرقند فقال الإمام الحجاج: أقام بسرخس ودخل سمرقند وقال في معجمه: سمع كتاب الصلاة وكتاب المناجاة وكتاب الفكر والصبر كلها للحافظ أبي عبد اللَّه الحسين بن الحسن بن خلف الكاشغري منه ثم أسند عنه هذا الحديث، قال أبو سعد السمعاني: سلوا اللَّه الثبات على الصدق فليس العجب من رواية بهرام عن الحامدي إنما العجب من رواية عمر هذا في كتابه ولم يذكره منكرًا عليه، قال النسفي: مات بسرخس سنة ست عشرة وخمسمائة أو بعدها اهـ. فهو من بابة رتن ومكلبة وأبي الدنيا ونحوهم من دجاجلة المعمرين. فائدة قال ابن أبي داود في المصاحف: حدثنا محمد بن معمر ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال: أخبرني ابن أبي حميد قال: أخبرتني حميدة قالت: أوصت لنا عائشة رضي اللَّه عنها بمتاعها فكان في مصحفها: "إن اللَّه وملائكته يصلون على النبي والذين يصلون الصفوف الأولى". 872/ 1817 - "إنَّ اللَّه ومَلائكَتَهُ يُصَلُّونَ علَى أَصْحَابِ العَمائِم يَوْمَ الجُمُعَةِ". (طب) عن أبي الدرداء

قلت: وأخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية عن الطبراني لكن بسند آخر إلى أيوب ابن مدرك، فإن للطبراني فيه سندين قال في الأول: ثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمي ثنا العلاء بن عمرو الحنفي ثنا أيوب بن مدرك عن مكحول عن أبي الدرداء. وقال أبو نعيم: [5/ 190] حدثنا سليمان بن أحمد هو الطبراني ثنا عبد الرحمن بن معاوية العتبي ثنا يوسف بن عدي ثنا أيوب بن مدرك به. وهو موضوع باطل كما قال ابن الجوزي [2/ 105] والأزدي والمتهم به أيوب فإنه كذاب فالأولى حذف الحديث من هذا الكتاب. 873/ 1816 - (¬1) - "إنَّ اللَّه تعَالَى وَملائِكَتَهُ يُصَلُّونَ علَى المتَسَحِّرِينَ". (حب. طس. حل) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا إلا لمن ذكر والأمر بخلافه، فقد خرجه أحمد في المسند باللفظ المذكور عن ابن عمر المزبور، وقد سيق أو يجئ قول الحافظ ابن حجر: "إذا كان الحديث في مسند أحمد لا يعزي لغيره ممن دونه". قلت: هذا باطل من وجهين، أحدهما: أن أحمد لم يخرج الحديث أصلًا لا باللفظ المذكور ولا عن ابن عمر المزبور وإنما هذا من تهور الشارح المتواتر المشهور. ثانيهما: أن ما نقله عن الحافظ لو صح عنه لكان هو أول داخل فيه، فكم حديث في أحمد يعزوه هو إلى غيره. والحديث أخرجه أيضًا الحاكم في علوم الحديث قال: ¬

_ (¬1) هكذا جاء ترتيب هنا الحديث بعد سابقه في الأصل الذي بين يدينا على خلاف ترتيبه في "فيض القدير".

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا إبراهيم بن منقذ الخولاني حدثني إدريس بن يحيى عن عبد اللَّه بن عياش حدثني عبد اللَّه بن سليمان عن نافع عن ابن عمر به. قال الحاكم: ابن عمر ونافع مدنيان، وعبد اللَّه بن سليمان وعبد اللَّه بن عياش وإدريس وإبراهيم بن منقذ مصريون اهـ. وسأل ابن أبي حاتم أباه عنه فقال: هذا حديث منكر، ذكره في (ص 243 من الجزء الأول) وهو من تشدبده، فإن الحديث له شواهد كثيرة منها: عن علي بن الحسين مرسلًا: "إن اللَّه وملائكته يصلون على المستغفرين والمتسحرين بالأسحار، فتسحروا ولو بجرع الماء". أخرجه الطوسي في السابع عشر من أماليه من طريق الحسن بن علي بن سهل العاقولي ثنا محمد بن معاذ بن ثابت المدائني حدثني أبي حدثني عمر بن جميع عن أبي عبد اللَّه جعفر الصادق حدثني أبي عن جدي علي بن الحسين قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره. ومنها حديث أبي سويد رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: اللهم صل على المتسحرين". أخرجه البخاري في التاريخ الكبير [9/ 40] والدولابي في الكني والبغوي وابن السكن والطبراني (¬1) من رواية عبادة بن نسي عنه. 874/ 1820 - "إنَّ اللَّه لَا يُحِبُّ الذَّوَّاقِينَ ولَا الذَّوَّاقَاتِ". (طب) عن عبادة بن الصامت قلت: وفي الباب عن أبي موسى وأبي هريرة وقتادة مرسلًا، فحديث أبي موسى يأتي للمصنف في: "تزوجوا ولا تطلقوا"، وحديث أبي هريرة رواه ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في الأوسط (1/ 99).

الدارقطني في الأفراد من طريق بكر بن بكار عن أبي عروبة عن قتادة عن شهر ابن حوشب عنه. ومرسل قتادة قال البندهي في شرح المقامات: أخبرنا أبو الضيوف إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم الحريزي أنا عبد العزيز بن أحمد بن محمد التميمي أنا أبو العباس الفضل بن سهل بن محمد أنا أبو سعيد عبد اللَّه بن محمد بن عبد الوهاب القرشي ثنا محمد بن أيوب الرازي ثنا مسلم بن هشام عن قتادة أن رجلًا أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا نبي اللَّه، إني طلقت امرأتي، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه لا يحب. . . " وذكره. 875/ 1822 - "إنَّ اللَّه لَا يَسْتَحِي مِنَ الحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ". (ن. هـ) عن خزيمة بن ثابت قال في الكبير: قال المنذري: بأسانيد أحدها جيد. قلت: لكن وقع فيه إضطراب بينه الحافظ في كتابه "تحفة المستريض؛ بحكم التحميض". وفي الباب عن عمر وأبي هريرة وأنس وعلي بن أبي طالب وعلي بن طلق وطلق بن علي وابن مسعود وجابر بن عبد اللَّه. فحديث عمر قال البزار في مسنده: حدثنا محمد بن سعيد بن يزيد التستري ثنا عثمان بن اليمان ثنا زمعة (ح). وقال أبو نعيم في الحلية [8/ 376]: ثنا إسحاق بن أحمد بن علي ثنا إبراهيم بن يوسف بن خالد ثنا محمد بن أبان -مستملي وكيع- ثنا وكيع ثنا زمعة بن صالح (ح) وقال الهيثم بن خلف الدوري في كتاب "ذم اللواط".

ثنا محمد بن أبان ثعا زمعة بن صالح عن ابن طاوس عن أبيه وعن عمرو بن دينار عن عبد اللَّه بن يزيد قالا: قال عمر بن الخطاب: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "استحيوا من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن". قال البزار: لا نعلمه يروي عن عمر إلا بهذا الإسناد من هذا الوجه. وقال أبو نعيم: غريب من حديث طاوس وعمر ولم نكتبه إلا من حديث زمعة. قلت: ووقع في سنده اضطراب، وكذلك في متنه فرواه النسائي من طريق زمعة أيضًا نقال: عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن الهاد عن عمر موقوفًا، ورواه أيضًا من طريقه فقال: عن عمرو بن دينار عن طاوس عن عبد اللَّه بن الهاد قال: قال عمر موقوفًا. ورواه الخرائطي من طريق عثمان بن اليمان: ثنا هارون المكي عن زمعة بن صالح عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن الهاد عن عمر مثله. ورواه أيضًا عن أحمد بن منصور: ثنا يزيد بن أبي حكيم ثنا زمعة عن عمرو ابن دينار عن طاوس عن عبد اللَّه بن الهاد مثله. وذكره الدارقطني في العلل وبين الاختلاف في إسناده وحديث أبي هريرة قال النسائي في الكبرى [2/ 76]: ثنا عثمان بن عيد اللَّه ثنا سليمان بن عبد الرحمن من كتابه عن عبد الملك بن محمد الصنعاني عن سعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "استحيوا من اللَّه حق الحياء لا تأتوا النساء في أدبارهن". وقال الدارقطني في الأفراد:

ثنا عبيد اللَّه بن عبد الصمد بن المهتدي باللَّه ثنا الحسن بن علي بن خلف الدمشقي ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا عبد الملك بن محمد الصنعاني به، ولفظه: "استحيوا فإن اللَّه عز وجل لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن"، قال الدارقطني: غريب من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وهو غريب من حديث سعيد بن عبد العزيز عن الزهري تفرد به سليمان بن عبد الرحمن عن عبد الملك عنه اهـ. وقال حمزة الكناني الراوي عن النسائي: هذا حديث منكر باطل من حديث أبي سلمة ومن حديث الزهري ومن حديث سعيد، فإن كان عبد الملك سمعه من سعيد فإنما سمعه بعد اختلاطه، وقد روى عن الزهري عن أبي سلمة أنه كان ينهى عن ذلك، فأما عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا اهـ. وعبد الملك متكلم فيه. وحديث أنس رواه الإسماعيلي في معجمه من طريق الحسن بن عرفة ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن"، الرقاشي ضعيف. وحديث علي رواه أحمد والخطيب من طريقه: ثنا وكيع ثنا عبد الملك بن مسلم الحنفي عن أبيه عن علي قال: "جاء أعرابي إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، إنَّا نكون بالبادية فتخرج من أحدنا الرويحة؟ فقال: إن اللَّه لا يستحي من الحق، إذا فعل ذلك فليتوضأ، ولا تأتوا النساء في أدبارهن". قال الخطيب [3/ 197]: هكذا روى هذا الحديث وكيع بن الجراح عن عبد الملك بن مسلم عن أبيه، ولم يسمع عبد الملك من أبيه وإنما رواه عن عيسى ابن حطان عن أبيه مسلم بن سلام كما رواه شبابة عنه فيما سقناه سابقًا قبل هذا ووافقه عبيد اللَّه بن موسى وأبو نعيم، وأبو قتيبة سلم بن قتيبة، وأحمد بن

خالد الوهبي، وعلي بن نصر الجهضمي، فرووه كلهم عن عبد الملك عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام قال: وعلي الذي أسند هذا الحديث ليس بابن أبي طالب، وإنما هو علي بن طلق الحنفي بيّن نسبه الجماعة الذين سميناهم في روايتهم هذا الحديث عن عبد الملك، وقد وهم غير واحد من أهل العلم فأخرج هذا الحديث في مسند علي بن أبي طالب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال الحافظ: وأظن الوهم فيه من عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، فإنه هو الذي رتب مسند أبيه ثم تبين لي أن وكيعًا هو الذي وهم فيه إهـ. وحديث علي بن طلق رواه أحمد [1/ 86] والترمذي [رقم 1164] وابن حبان من رواية عاصم الأحول عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام عن علي بن طلق قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تأتوا النساء في أعجازهن". وقال (ت) [رقم 1164]: حديث حسن، ورواه البغوي في معجمه من طريق إسماعيل بن عياش عن ليث بن أبي سليم، فقلب إسناده فقال: عن مسلم بن سلام عن عيسى بن حطان عن علي بن طلق. وحديث طلق بن علي هو الذي قبله وإنما اختلف في اسمه بعض الرواة، فأخرجه الترمذي [رقم 1164] من طريق أبي معاوية عن عاصم الأحول عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلم عن طلق بن علي. ورواه أحمد [1/ 86] من طويق شعبة عن عاصم عن مسلم بن سلام عن طلق ابن يزيد أو يزيد بن طلق عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في استاههن". وحديث ابن مسعود قال ابن عدي في الكامل: ثنا أبو عبد اللَّه المحاملي ثنا سعيد بن يحيى الأموي ثنا محمد بن حمزة عن زيد بن رفيع عن أبي عبيدة بن عبد اللَّه عن أبيه مرفوعًا: "لا تأتوا النساء في أعجازهن".

تنبيه

ومحمد بن حمزة وهو الجزي وشيخه ضعيفان، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه. وحديث جابر رواه الدارقطني وابن شاهين من طريق إسماعيل بن عياش عن سهيل عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "استحيوا من اللَّه فإن اللَّه لا يستحي من الحق، لا يحل لك مأتاك النساء في حشوشهن". تنبيه تقدم للمصنف عزو هذا الحديث للنسائي، وزاد الشارح تعيين أنه في عشرة النساء، والحديث لا يوجد في السنن الصغرى لا في عشرة النساء ولا في غيره وإنما هو في الكبرى. 876/ 1825 - "إنَّ اللَّه تعَالَى لَا يُغْلَبُ، ولَا يُخْلَبُ، ولَا يُنَبَّأ بِمَا لَا يَعْلَمُ". (طب) عن معاوية قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه يزيد بن يوسف الصاغاني ضعيف متروك. قلت: الحديث ورد من غير طريقه كما سأذكره وله بقية من روايته ورواية غيره. أما روايته فقال أبو نعيم في الحلية [5/ 162، 163]: حدثنا محمد بن علي بن حبيش ثنا محمد بن عبدوس بن كامل ثنا منصور بن أبي مزاحم ثنا يزيد بن يوسف عن ثابت بن ثوبان عن أبي عبد رب قال: سمعت معاوية يقول: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن اللَّه لا يغلب ولا يخلب ولا ينبأ بما لا يعلم، ومن يرد اللَّه به خيرًا يفقهه في الدين". وأما رواية غيره فقال الطبراني: ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنا سويد بن سعيد ثنا الوليد بن محمد الموقري عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه لا يخلب ولا يغلب ولا ينبأ بما لا يعلم، ومن يرد اللَّه به خير يفقهه في الدين، ومن لم يفقهه في الدين لم يبال به". ورواه أبو نعيم في الحلية عن الطبراني. 877/ 1829 - "إنَّ اللَّه لَا يَقْبَلُ صلاةَ مَنْ لَا يُصِيبُ أَنْفَهُ الأَرْضَ". (طب) عن أم عطية قال الشارح. قال الهيثمي: فيه سليمان القافلاني وهو متروك. قلت: القافلاني اسمه: سليمان بن أبي سليمان ضعفه جماعة، والحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 363] قال: حدثنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم ثنا محمد بن أحمد بن يزيد الزهري ثنا يسار بن سمير ثنا أبو وهب عبد اللَّه بن وهب عن سليمان القافلاني عن محمد ابن سيرين عن أم عطية به. 878/ 1830 - "إنَّ اللَّه لَا يُقَدِّسُ أمَّةً لَا يُعْطُونَ الضَّعِيفَ مِنْهُمْ حَقَّهُ". (طب) عن ابن مسعود قال الشارح: ضعيف لضعف أبي سعيد البقال. وقال في الكبير: قال الهيثمي: فيه أبو سعيد البقال وهو ضعيف، وظاهره أنه لا يوجد مخرجًا في شيء من الستة وإلا لما عدل عنه والأمر بخلافه، فقد خرجه ابن ماجه بلفظ: "لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم"، وقال ابن حجر: ورواه ابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان عن جابر وغيرهما. قلت: كذب الشارح في هذا الكلام والمصحف ودلس، فإن الحافظ الهيثمي لم يقل في الحديث ما نقله عنه الشارح، بل قال: رواه الطبراني في الكبير،

والأوسط ورجاله ثقات، وهكذا قال الحافظ المنذري في الترغيب والواقع أنه ليس في سند الحديث أبو سعيد البقال، قال الطبراني [10/ 274]: حدثنا أبو خليفة ثنا محمد بن سلام الجمحي ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن ابن مسعود قال: "لما أقطع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة أقطع الدور، وأقطع ابن مسعود فيمن أقطع، فقال له أصحابه: يا رسول اللَّه نكبه عنا، قال: فلم بعثني اللَّه إذًا؟ إن اللَّه لا يقدس أمة. . . ". وذكره. ورواه أبو نعيم في الحلية [7/ 315] عن الطبراني وقال: غريب من حديث ابن عيينة ما رواه عنه متصلًا إلا الجمحي فيما أعلم. ورواه ابن سعد في الطبقات [3/ 1/ 108] مرسلًا دون ذكر ابن مسعود فقال: أخبرنا محمد بن عمر ثنا ابن جريج وسفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة قال: "لما قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أقطع الناس الدور فقال يحيى من بني زهرة -يقال لهم: بنو عبد بن زهرة-: نكب عنا ابن أم عبد، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: فلم بعثني اللَّه إذًا؟ إن اللَّه لا يقدس قومًا لا يعطى الضعيف منهم حقه". وأما قوله: وظاهر صنيعه أنه لا يوجد مخرجًا في شيء من الستة. . . إلخ، فسخف معلوم وجهل مشئوم اعتاد الشارح تسويد الورق به، وكنت أظن أن ذلك منه عن بلادة وغفلة إلى أن وصلت إلى هذا الحديث فعلمت أن ذلك منه مجرد تهويل قاصدًا به الازدراء على المصنف والإكثار من الحط عليه بالباطل المتعمد، لأنه لم يأت بأول الحديث، بل قال: والأمر بخلافه، فقد خرجه ابن ماجة بلفظ: "لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم. . . " إلخ. فانظر هذا التلبيس العجيب، فإنه أتى بلفظ يوهم أن ابن ماجه خرج الحديث كما عند المصنف بلفظ: "إن اللَّه لا يقدس أمة"، ولكنه قال بعد ذلك: "لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم"، مع أن لفظ الحديث عند ابن ماجه

فائدة

[2/ 1329، رقم 4010]: "كيف يقدس اللَّه أمة لا يؤخذ. . . " إلخ، وهذا اللفظ يدخل في حرف "الكاف" وقد ذكره المصنف هناك وعزاه لابن ماجه وابن حبان من حديث جابر، فلو ذكره الشارح بتمامه لأرشد إلى غلطه وإلى موضع ذكر المصنف له، ولكنه حذف أوله يبتغي سهام اللوم والانتقاد موجهة إلى المصنف، ويزيد تحققًا من تلبيسه أنه نقل العزو إلى ابن ماجة عن الحافظ وهو قد ذكر الحديث بتمامه فكتب على الحديث: وقد أورده الرافعي بلفظ: "إن اللَّه لا يقدس أمة. . . "- ما نصه: ابن خزيمة وابن حبان وابن ماجه من حديث جابر بلفظ: "كيف تقدس أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم؟! " وفيه قصة اهـ. وإلى اللَّه عاقبة الأمور. فائدة هذا الحديث متواتر على طريق المصنف لوروده عن عشرة من الصحابة، وإن كان المصنف لم يذكره في الأزهار المتناثرة فهو وارد عليه، بل قد ذكر فيه ما هو أقل رواة منه. فقد ورد من حديث ابن مسعود وجابر بن عبد اللَّه، وعائشة وبريدة ومعاوية، وعبد اللَّه بن عمرو، وأبي سعيد الخدري، ومخارق وأبي سفيان بن الحارث وابنه عبد اللَّه، وخولة بنت قيس. فحديث جابر أخرجه ابن ماجه [رقم 4010]، وابن خزيمة، وابن حبان [رقم 2584]، والطبراني في الكبير [10/ 74] والأوسط، والخطيب في ترجمة الحسن بن عمرو الشيعي [4/ 188]. وحديث ابن مسعود تقدم عزوه. وحديث عائشة رواه البزار والطبراني في الأوسط بلفظ: "لا يقدس اللَّه أمة لا تأخذ لضعيفها من شديدها"، وفيه المثنى بن الصباح وهو ضعيف، وقد مشاه ابن معين، بل وثقه في رواية.

وحديث بريدة رواه البزار والطبراني [19/ 388]، وأبو يعلي والبيهقي (10/ 94) كلهم من طريق عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه وفيه قصة، وقد ذكره المصنف في حرف الكاف على اللفظ الذي ذكره أبو يعلى. أما البزار والطبراني فوقع عندهما بلفظ: "لا قدست أمة لا يأخذ ضعيفها حقه من شديدها وهو غير متعتع". ووقع عند البيهقي [10/ 94]: "لا قدست أمة، أو كيف قدست؟! لا يؤخذ. . . " الحديث. وعطاء بن السائب ثقة اختلط لكن [لا] يضر اختلاطه هنا. وحديث معاوية رواه الطبراني ولفظه: "لا يقدس اللَّه أمة لا يقضى فيها بالحق ويأخذ الضعيف حقه من القوي غير متعتع"، ورجاله ثقات وسيأتي في الذي بعده. وحديث عبد اللَّه بن عمرو رواه الطبراني وأبو نعيم في الحلية من حديث ربيعة ابن يزيد عن معاوية بن أبي سفيان وعبد اللَّه بن عمرو أنهما سمعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول [6/ 128]: "لا قدست أمة لا يقضى فيها بالحق، فليأخذ ضعيفها حقه من قويها غير متعتع"، هذا لفظ أبي نعيم في ترجمة سعيد بن عبد العزيز (6/ 128). أما الطبراني فقال: عن ربيعة بن يزيد أن معاوية كتب إلى مسلمة بن مخلد: أن سل عبد اللَّه بن عمرو بن العاص هل سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا قدست أمة لا يأخذ ضعيفها حقه من قويها وهو غير مضطهد"، فإن قال: نعم فاحمله على البريد، فسأله فقال: نعم، فحمله على البريد من مصر إلى الشام، فسأله معاوية فأخبره، فقال معاوية: وأنا قد سمعته ولكن أحببت أن أتثبت. ورجاله ثقات.

وحديث أبي سعيد الخدري رواه ابن ماجه في باب: "لصاحب الحق سلطان" من أبواب الدين. وأبو يعلى بسند رجاله رجال الصحيح بلفظ: "لا قدست أمة لا يعطى الضعيف فيها حقه غير متعتع"، وله عند ابن ماجه قصة. وحديث مخارق رواه الطبراني في الكبير [19/ 388]، والأوسط وابن قانع في المعجم من رواية قابوس بن مخارق عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا قدست أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه غير متعتع"، ورجاله ثقات. وحديث أبي سفيان بن الحارث رواه الحاكم [3/ 256]، والبيهقي عنه [10/ 9301]، والخطيب [4/ 188] من طريق عثمان بن جبلة: ثنا شعبة عن سماك قال: كنا عند مدرك بن مهلب فسمعت شيخًا يحدث عن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه لا يقدس أمة لا يأخذ الضعيف حقه من القوي وهو غير متعتع". وحديث عبد اللَّه بن أبي سفيان رواه الطبراني والبغوي، والحاكم [3/ 256]، والبيهقي من طريق محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سماك بن حرب عن عبد اللَّه ابن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يقدس اللَّه أمة لا يأخذ ضعيفها من قويها الحق وهو غير متعتع". قال الحاكم: لم يقم إسناده عن شعبة غير بندر، ولم يسمع عبد اللَّه بن أبي سفيان من أبيه، كذا قال. أما البيهقي فقال: هذا مرسل وهو الصحيح اهـ. وقد اختلف في صحبة عبد اللَّه فقال ابن منده: لا يصح له صحبة ولا رؤية، وأثبت غيره الصحبة له ولأبيه. وحديث خولة رواه ابن أبي عاصم والحسن بن سفيان والطبراني، وأبو نعيم من طريق بقية عن سليمان بن عبد الرحمن بن أبي الجون عن أبي سعيد بن العاص

تنبيه

عن معاوية بن إسحاق عن خولة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما يقدس اللَّه أمة لا يأخذ ضعيفها من قويها حقه. . . " الحديث. تنبيه لأكثر هذه الأحاديث قصص وأسباب تركناها اختصارًا. 879/ 1831 - "إنَّ اللَّه لَا يَنَامُ، ولَا يَنْبَغي لَهُ أنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرفَعُهُ، يرفَعُ إِليْه عَمَلُ اللَّيلِ قَبْلَ عَملِ النَّهارِ، وعَملُ النَّهارِ قَبْلَ عَملِ اللَّيلِ، حِجَابُهُ النُّورُ لو كَشَفَهُ لأحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وجْهِهِ مَا انْتَهى إِليْه بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِه". (م. هـ) عن أبي موسى قلت: أخرجه أيضًا أبو داود الطيالسي وأحمد [4/ 395] في مسنديهما وابن خزيمة في كتاب التوحيد، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول في الأصل الثاني والثلاثين ومائتين، والثعلبي في التفسير ومن طريقه البغوي [1/ 269] فيه أيضًا عند قوله تعالى: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}، والبيهقي في الأسماء والصفات وآخرون. 880/ 1835 - "إنَّ اللَّه لَا يَنْظُرُ إلى منْ يَخْضبُ بالسَّوادِ يَوْمَ القِيامَةِ". ابن سعد عن عامر مرسلًا قال في الكبير: عامر في التابعين كثير، فكان ينبغي تمييزه. قلت: لا يكلف اللَّه نفسًا إلا وسعها وإذا لم يتميز له بعد بذل جهده ماذا يصنع؟ يتهور كما يتهور الشارح لا ما هي طريقة الحفاظ المحققين أهل التحقيق والورع في النقل والقول فابن سعد قال في هذا الحديث: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن ليث عن عامر رفعه، فالغالب أنه

الشعبي، ولكن لم يجد المصنف ما يفيده القطع به فأتى به كما في الأصل. 881/ 1836 - "إنَّ اللَّه لَا يَهْتِكُ سِتْرَ عبدٍ فِيه مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ". (عد) عن أنس قال (ش) في الكبير: فيه الربيع بن بدر، قال النسائي: متروك، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه ثم ساق له هذا الخبر فما أوهمه صنيع المصنف من أن مخرجه رواه وأقره غير صواب. قلت: كذب الشارح وهو معاود للكذب فإن موضوع كتاب ابن عدي جرح الرواة لا تخريج الأحاديث والكلام على عللها، وإنما يخرجها ليستدل بها على ضعف الراوي، والشارح يعلم هذا ولكن يريد التلبيس على الناس، كما أنه يعلم أن رمز المصنف للحديث بعلامة الضعيف كاف ومغني عن نقل كلام ابن عدي [3/ 990]. 882/ 1837 - "إنَّ اللَّه لَا يُؤَاخِذُ المَزَّاحَ الصَّادِقَ فِي مزاحِهِ". ابن عساكر عن عائشة قال في الكبير: قضية كلام المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن الديلمي خرجه مسندًا باللفظ المزبور من حديث عائشة رضي اللَّه عنها. قلت: كذب الشارح فإن الديلمي ما خرج الحديث عن عائشة، ولكن عن أنس ابن مالك، قال الديلمي: أخبرنا فيد بن عبد الرحمن أخبرنا أبو مسعود البجلي أخبرنا السلمي أخبرنا عبد السلام بن علي بن محمد بن مهران ثنا محمد بن أحمد بن بندار الأصبهاني ثنا يوسف بن أحمد بن الحكم ثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه لا يؤاخذ. . . " مثله، وهذا الخبر مكذوب على موسى بن إسماعيل التبوذكي ما حدث به جزمًا.

وأحمد بن محمد بن بندار لا شيء، وما عرفت من فوق السلمي، فإن كان ابن عساكر خرجه من وجه آخر فهو سبب اقتصار المصنف على العزو إليه وإلا فالحديث موضوع. 883/ 1838 - "إنَّ اللَّه يُؤَيِّدُ هَذا الدِّينَ بأَقْوَامٍ لا خَلاقَ لَهُمْ". (ن. حب) عن أنس (حم. طب) عن أبي بكرة قال الشارح: "لا خلاق لهم" أي: لا أوصاف حميدة يتلبسون بها. قلت: هذا تفسير باطل لأن الخلاق هو الحظ والنصيب، وليس هو بمعنى الوصف أصلًا، وإنما ذلك الخلق، فمعنى الحديث: إن اللَّه يؤيد الدين بأقوام لا حظ لهم فيه، وإنما يجري ذلك على يدهم كالكفار والفجار، فهو كالحديثين السابقين: "إن اللَّه يؤيد الدين بالرجل الفاجر" و"إن اللَّه يؤيد الدين برجال ما هم من أهله"، وقد ورد هذا صريحًا في حديث الباب أيضًا، فقال الدولابي في الكني [1/ 95]: أخبرني النسائي: ثنا محمد بن عوف ثنا عمر بن حفص بن غيلة الدمشقي ثنا سهل بن هاشم أبو إبراهيم ثنا بسطام عن مالك بن دينار عن الحسن عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليؤيدن اللَّه هذا الدين بقوم لا خلاق لهم في الآخرة" والحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [2/ 387] في ترجمة مالك بن دينار، وفي ترجمة حماد بن زيد من حديث أنس [6/ 262]. 884/ 1839 - "إنَّ اللَّه تعَالَى يُبَاهِي مَلائِكَتَهُ بالطَّائِفينَ". (حل. هب) عن عائشة قال الشارح في الكبير: قال أبو نعيم: لم يروه عن عطاء إلا عائذ بن بشير،

ولا عنه إلا محمد بن السماك اهـ، وابن السماك قال ابن نمير: ليس حديثه بشيء. قلت: أخطأت است الشارح الحفرة فإن ابن السماك واسمه: محمد بن صبيح صدوق كما قال ابن نمير أيضًا، وذكره ابن حبان في الثقات [9/ 32] وقال: مستقيم الحديث، وقال الدارقطني: لا بأس به. ومع هذا فلم ينفرد به بل توبع عليه كما سأذكره، وعلة الحديث إنما هو عائذ ابن بشير، وفي ترجمته خرجه ابن عدي، وابن حبان، والعقيلي في الضعفاء، إلا أنه -أعني العقيلي- اقتصر على أول (¬1) الحديث، ورواه الأولان بتمامه فقال ابن حبان: ثنا محمد بن عمر بن يوسف ثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي ثنا حسين ابن علي ثنا محمد بن السماك عن عائذ بن بشير عن عطاء عن عائشة مرفوعًا: "من خرج في هذا الوجه لحج أو عمرة فمات فيه لم يعرض ولم يحاسب، وقيل له: ادخل الجنة"، قالت عائشة: "وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن اللَّه تعالى يباهي بالطائفين". وقال ابن حبان في عائذ: كان كثير الخطإ فبطل الاحتجاج بما انفرد به. ورواه ابن عدي من طريق يحيى بن يمان عنه عن عطاء عن عائشة مرفوعًا: "من مات في طريق مكة لم يعرضه اللَّه يوم القيامة ولم يحاسبه" ثم رواه من طريق حسين الجعفي: ثنا محمد بن مسلم الطائفي عن سفيان الثوري عن رجل هو عائذ عن عطاء به، وزاد: "إن اللَّه يباهي بالطائفين". ورواه العقيلي من طريق يحيى بن يمان بالشطر الأول فقط، وقال: عائذ منكر الحديث وبهذا يعلم أن ابن السماك لم ينفرد به بل تابعه يحيى بن يمان، والثوري وإن أبهم اسمه. ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط: "أوله".

ورواه الخطيب من طريق ابن السماك أيضًا عن عائذ عن عطاء عن عائشة مرفوعًا: "من مات في هذا الوجه من حاج أو معتمر لم يعرض ولم يحاسب وقيل له: ادخل الجنة"، وقالت عائشة: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه يباهي بالطائفين". أما أبو نعيم فروى الحديثين مفرقين. فأخرج الأولى من طريق أبي يعلي: ثنا الحسن بن حماد ثنا حسين الجعفي ثنا ابن السماك عن عائذ بن بشير مرفوعًا: "من مات في طريق مكة لم يعرض ولم يحاسب". ثم قال: حدثنا إبراهيم بن أحمد المقري المروزي ثنا أحمد بن عيسى العطار ثنا هناد بن السري ثنا حسين بن علي الجعفي عن ابن السماك فذكر المتن الثاني الذي هو حديث الباب. 885/ 1840 - "إن اللَّه تعَالَى يُبَاهِي مَلائِكَتَهُ عَشية عَرَفَةَ بعَرفَةَ، يَقُولُ: انْظُروا إِلَى عبادِي أتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا". (حم. طب) عن ابن عمرو قال الشارح: ورواه الحاكم من حديث أبي هريرة بنحوه، وقال الهيثمي: رجال أحمد موثقون. قلت: رواه من طريق أبي نعيم الفضل [3/ 305]: ثنا يونس بن أبي إسحاق عن مجاهد عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن اللَّه يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شعثًا غبرًا"، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين. ورواه أبو القاسم الحرفي في فوائده فقال: حدثنا حمزة بن محمد ثنا محمد بن عيسى ثنا شبابة بن سوار ثنا يونس به، ثم قال:

غريب من حديث مجاهد لا نعرفه يحفظ إلا من حديث يونس بن أبي إسحاق عنه، وقال أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد: قرئ على يحيى بن جعفر وأنا أسمع، قيل له: أخبرك حماد بن مسعدة: ثنا يونس بن أبي إسحاق به بلفظ: "إن اللَّه يباهي بأهل عرفة أهل السموات والملائكة". وأخرجه ابن سيد الناس في عواليه من طريق النجاد المذكور. 886/ 1841 - "إِنَّ اللَّه يُبَاهِى بالشَّابِّ؛ العَابِدِ المَلائِكَةَ، يَقُولُ: انْظُرُوا إلى عبْدِي تَركَ شَهْوَتهُ منْ أَجْلِيَ". ابن السني زاد الشارح في الكبير: في عمل اليوم والليلة، (فر) عن طلحة. زاد الشارح: ابن عبيد اللَّه أحد العشرة المبشرة، قال: وفيه يحيى بن بسطام، قال الذهبي: قال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه، ويزيد بن زياد الشامي قال في الضعفاء: قال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك. قلت: في هذا من الشارح أغلاط: الأول: قوله: في عمل اليوم والليلة، فإن ابن السني له كتب أخرى غير عمل اليوم والليلة، كالطب النبوي وكتاب العلم وغيرهما، والمصنف لم يصرح بالكتاب لأنه لم يعرف من أي كتاب أسنده الديلمي من طريق ابن السني، والشارح لتهوره وعدم معرفته زاد من عنده: عمل اليوم والليلة. الثاني: قوله: عن طلحة بن عبيد اللَّه أحد العشرة، وهو باطل، فإن طلحة راوي هذا الحديث ما هو طلحة بن عبيد اللَّه أحد العشرة ولا صحابي مطلقًا، بل هو طلحة بن كريز أو ابن مصرف أو نحوهما، فالحديث مرسل أو معضل، ولو كان طلحة هو ابن عبيد اللَّه لصرح به المصنف، ولكنه إذ لم يعرفه ذكره كما وقع في الأصل، والشارح لتهوره وجهله زاد من عنده: ابن عبيد اللَّه أحد العشرة.

قال الديلمي: أخبرنا عبدوس أخبرنا الكسار أخبرنا ابن السني أخبرنا الحسن بن علي بن الحكم ثنا معمر بن سهل ثنا يحيى بن بسطام ثنا كثير بن زياد عن يزيد بن زياد الشامي عن مروان عن طلحة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به بزيادة: "أيها الشاب أنت عندي كبعض ملائكتي". فما أحد من أهل الحديث يقف على هذا السند ويظن أن طلحة هو ابن عبيد اللَّه لبعد ما بين تاريخ وفاته ووقت الراوي عنه. الثالث: أن ابن حبان قال في يحيى بن بسطام: لا تحل الرواية عنه لأنه داعية إلى القدر، ولأن في روايته مناكير، فحذف هذا من كلام ابن حبان يدل على جهل بالصناعة، فإن الرجل صدوق كما قال أبو حاتم وكونه داعية إلى القدر لا دخل له في تضعيف الرواية. 887/ 1845 - "إِنَّ اللَّه يَبْعثُ لهذِه الأُمَّةِ علَى رأْسِ كل مِائةِ سنَةٍ منْ يُجَدِّدُ لَها دِينها". (د. ك) والبيهقي في المعرفة عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: أخر الكلام على هذا الحديث وذكر قصيدة المصنف ما نصه. . .، وفي حديث لأبي داود: "المجدد منا أهل البيت" أي لأن آل محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- كل تقي. قلت: لا يوجد في الدنيا حديث لفظه: "المجدد منا أهل البيت"، فضلًا عن كونه في سنن أبي داود. أما قوله: أي لأن آل محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- كل تقي فكلام يشبه هدرمة المجانين ولعله كان مصابًا بداء يعتريه فيخرجه عن دأئرة حسه فلا يدري ما يقول، فلو فرضنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: المجدد من أهل بيتي وكان مراده بأهل بيته أتقياء أمته لقال: المجدد من أتقياء أمتي، ثم لو قال ذلك لكان مفهومه الإخبار بأن المجدد لا

يكون من فساق الأمة، وهذا لا ينطق به عاقل فضلًا عن سيد المرسلين. وبعد، فالرجل كأنه يقصد قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المهدي منا أهل البيت"، فهو الذي في سنن أبي داود [مهدي: 1]، ثم بعد هذا أيضًا ذهب ذهنه لفساده إلى حديث: "آل محمد كل تقي" فربطه بهذه الجملة فأتى بعجيبة من العجائب، ولو أراد أن المهدي من أتقياء (¬1) أمته لكذبه الإجماع وحديث أبي داود [2/ 207] أيضًا: "المهدي من ولد فاطمة"، وبالجملة فما أدري معنى هذه الجملة ولا يمكن لمخلوق أن يفهم معناها إلا لو بعث اللَّه قائلها من مرقده (¬2) ورد إليه عقله قبل أن يصاب بالداء الذي من أجله فاه بها فيعترف بأنه قالها وهو في حالة لا يعد فيها من المكلفين، فهذا هو الرجل الذي يسخر من الحافظ السيوطي لفضله واجتهاده. 888/ 1847 - "إنَّ اللَّه تعَالَى يَبْغَضُ السائِلَ الْمُلْحِفَ". (حل) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه "ورقاء" فإن كان اليشكري فقد لينه ابن القطان، أو الأسدي فقال يحيى: ما كان بالذي يعتمد عليه، وقد أوردهما معًا الذهبي في الضعفاء. قلت: أقسم باللَّه أن الشارح لكان مصابًا في ذاكرته ومبتلى في ذهنه وعلمه بسبب جرأته على المصنف رحمه اللَّه تعالى ورضي عنه، فلذلك صار يأتي بالمخازي الخارجة عن الحد، نسال اللَّه العافية، فالحديث رواه الديلمي من طريق أبي نعيم: حدثنا أبو الشيخ ثنا محمد بن يحيى بن منده ثنا أحمد بن سعيد بن جوير ثنا عيسى بن خالد حدثنا ورقاء عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به. ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط اتقيائه. (¬2) يقصد الشارح.

تنبيه

فورقاء هو ابن عمر اليشكري، وليس في الرواة ورقاء بإثبات الراء لاسيما في الكتب الستة والضعفاء إلا هذا. وأما الأسدي فهو وِقاء بكسر الواو وليس بعدها راء وهو ابن إياس الأسدي، فأين هذا من ذاك، والعجب أن الذهبي ذكر ورقاء في موضع الواو مع الراء ثم ذكر بعده الأسماء التي فيها الزاي والضاد والعين بعد الواو، فذكر بعد الوركاني وزير بن صبيح الوزان، ووزير بن صبيح السامي، ووزير بن عبد اللَّه الخولاني، ووزير الجزري ثم وضاح بن حسان، ووضاح بن خيثمة، ووضاح بن عباد، ووضاح بن عبد اللَّه، ووضاح بن يحيى، والوضين بن عطاء ثم وعلة بن عبد الرحمن، ثم بعد هذا كله وِقاء بن إياس، فلم يتفطن الشارح لحذف الراء من هذا الاسم الثاني، ولا لوجود هذا الترتيب المعروف في كتب الرجال، ولا لوجود هذه التراجم كلها الفارقة بين الاسمين وضمهما إلى بعض وجعلهما من قبيل واحد، وأشبه عليه الحال في الإسناد فلم يعرف المذكور فيه من هو منهما، فسبحان اللَّه العظيم وبحمده. ثم إن كلا من ورقاء بن عمر اليشكري ووقاء بن إياس الاسدي ثقتان لاسيما ورقاء الموجود في السند، فإن الذهبي رمز له بعلامة الصحيح، وإنما تكلم فيه كلام خفيف من أجل غلط وقع منه في بعض الأسانيد لا يكاد يخلو من مثله اكثر الناس، فتعرض الشارح لهذا إنما هو فضول منه. تنبيه لا يوجد هذا الحديث في الأصل المطبوع من الحلية ولا ذكره الحافظ نور الدين الهيثمي في كتاب الزكاة من البغية بترتيب أحاديث الحلية، فإن لم يكن المصنف واهمًا في عزوه إلى الحلية لكونه رأى الديلمي أسنده من طريقه فظنه في الحلية فهو ساقط من النسخة واللَّه أعلم. ثم إن الديلمي قال بعده: وأخبرنا أبي أخبرنا أحمد بن عمر أخبرنا أحمد بن

محمد البجلي حدثنا أبو منصور القومساني ثنا أبو بكر محمد بن محمد بن الحسين الخطيب الزنجاني كتابة ثنا بكر بن سهل ثنا عبد الغنى بن سعيد ثنا موسى بن عبد الرحمن الصنعاني عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به مثله. قال: وفي الباب عن ابن عمر وأنس وأبي أمامة. قلت: حديث ابن عمر أخرجه الطوسي في أماليه من طريق أبي بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ قال: حدثنا الفضل بن الجناب الجمحي ثنا عبد الواحد بن سليمان عن أبيه عن الأجلح الكندي عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه يحب الحيي المتعفف ويبغض البذئ السائل الملحف". وقال ابن أبي الدنيا في الحلم [ص 49، رقم 54]: حدثني إسحاق بن إسماعيل ثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه يحب الحليم الحيي الغني المتعفف، ويبغض الفاحش البذئ السائل الملحف". 889/ 1850 - "إنَّ اللَّه يَبْغَضُ البَذِخِينَ الفَرِحينَ المَرِحِينَ". (فر) عن معاذ قلت: قال الديلمي: أخبرنا حمد بن نصر أخبرنا أبو طالب المزكى ثنا محمد بن عمر الصوفي أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثنا الحسين بن القاسم ثنا إسماعيل الشامي عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه يبغض البذخين الفرحين المرحين ويحب كل قلب حزين". 890/ 1851 - "إنَّ اللَّه تعَالَى يَبْغَضُ الشَّيْخَ الغِرْبِيبَ". (عد) عن أبي هريرة

قال الشارح: وكذا الديلمي عن أبي هريرة وفيه رشدين فإن كان ابن سعد فقد ضعفه الدارقطني، أو ابن كريب فضعفه أبو زرعة. قلت: الحديث رواه الديلمي من طريق عبد اللَّه بن سليمان حدثنا عيسى بن حماد ثنا رشدين عن عبد الرحمن بن عمر عن عثمان بن عبيد اللَّه بن رافع عن أبي هريرة، فرشدين المذكور في السند هو ابن سعد لأنه مصري، وعيسى بن حماد الراوي عنه هو زغبة وهو مصري أيضًا ومن شيوخه رشدين بن سعد كما هو مذكور في ترجمته. وأما رشدين بن كريب فهو مدني ثم هو أكبر من ابن سعد وأقدم لأنه رأى عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وأدْرَك زمن الصحابة. وأما رشدين بن سعد فكانت وفاته سنة ثمان وثمانين ومائة. 891/ 1852 - "إِنَّ اللَّه يَبْغَضُ الغَنِيَّ الظَّلُومَ، والشَّيْخَ الجَهُولَ، والعَائِلَ المُخْتَالَ". (طس) عن علي قلت: وأخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان قال: حدثنا سعد بن محمد بن إبراهيم الناقد ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا أبي قال: وجدت في كتاب أبي: أخبرني إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عليه السلام به. 892/ 1853 - "إِنَّ اللَّه يَبْغَضُ الفَاحِشَ المُتَفَحِّشَ". (حم) عن أسامة بن زيد قلت: أخرجه أيضًا البخاري في التاريخ الكبير [1/ 27/1، رقم 31] عن عبد اللَّه بن محمد عن معلى بن منصور سمع ابن أبي زائدة سمع عثمان بن حكيم سمع محمد بن أفلح عن أسامة بن زيد مرفوعًا: "لا يحب اللَّه الفاحش المتفحش".

وأخرجه الخطيب طريق أبي العباس الأصم: ثنا محمد بن إسحاق الصاغاني ثنا معلى بن منصور به بلفظ المتن. 893/ 1854 - "إِنَّ اللَّه يَبْغَضُ المُعَبِّسَ فِي وُجوهِ إِخْوَانه". (فر) عن علي قال في الكبير: وفيه محمد بن هارون الهاشمي أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: قال الدارقطني: ضعيف عن عيسى بن مهران، قال في الضعفاء: كذاب رافضي. قلت: الذي وقفت عليه في مسند الفردوس أن هذا الحديث من رواية الباقر معضلًا ليس فيه ذكر علي فلا أدري هل وقع السقط في نسختي؟ قال الديلمي: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم ثنا محمد بن علي بن حبيش ثنا محمد بن هارون ابن عيسى ثنا عيسى بن مهران ثنا الحسن بن الحسين عن الحسن بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به. والحديث موضوع. 894/ 1855 - "إِنَّ اللَّه يَبْغَضُ الوَسِخَ والشَّعِثَ". (هب) عن عائشة قال في الكبير: وفيه محمد بن الحسين الصوفي، وقد سبق أنه كان وضاعًا، وخالد بن نجيح قال الذهبي في الضعفاء: قال أبو حاتم: كذاب. قلت: محمد بن الحسين الصوفي هو الإمام أبو عبد الرحمن السلمي وقد كان حافظًا ثقة تكلم فيه بعض من لا يتقي اللَّه، فأخذ ذلك الشارح قضية مسلمة لبعده عن هذه الصناعة وجهله التام بالحديث ورجاله، والسند ليس فيه خالد ابن نجيح بل هو من زيادات أوهام الشارح، قال أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي:

حدثنا أبو الحسين الحجاجي ثنا أسامة بن علي الرازي بمصر ثنا عبد الرحمن بن نجيح ثنا أبي ثنا ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. هكذا أخرجه الديلمي من طريقه، وأبو عبد الرحمن السلمي من شيوخ البيهقي الذين أكثر عنهم الرواية في كتبه. 895/ 1856 - "إِنَّ اللَّه تَعَالى يَبْغَضُ كُلَّ عالِمٍ بالدُّنيا جَاهِلٍ بالآخِرَةِ". الحاكم في التاريخ عن أبي هريرة قال (ش) في الكبير: وفيه أبو بكر النهشلي شيخ صالح تكلم فيه ابن حبان. قلت: الحديث رواه أبو بكر النهشلي عن عبد اللَّه بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة ولم ينفرد به بل توبع عيه كما سأذكره. قال الحاكم في التاريخ: حدثنا خلف بن محمد البخاري ثنا موسى بن أفلح ثنا إسحاق بن بشر ثنا أبو بكر النهشلي به. وقال البيهقي في السنن: أخبرنا أبو الطاهر الفقيه وأبو محمد عبد اللَّه بن يوسف الأصبهاني قال: أنبأنا أبو بكر القطان ثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا عبد الرزاق أنبأنا عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه يبغض كل جعظري جواظ سخاب في الأسواق، جيفة بالليل حمار بالنهار، عالم بالدنيا جاهل بالآخرة". وقال ابن لال: حدثنا عمر بن عبد العزيز بن يسار ثنا جعفر بن محمد الصائغ ثنا هاشم بن عبد الواحد الحساس عن يزيد بن عبد العزيز بن سياه عن عبد اللَّه بن سعيد

المقبري. كذا قال عن أبيه عن أبي هريرة به مثل سياق البيهقي، فهذان متابعان لأبي بكر النهشلي فالحديث صحيح. 896/ 1858 - "إِنَّ اللَّه يَبْغَضُ المُؤمِنَ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ". (عق) عن أبي هريرة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن العقيلي أخرجه وأقره والأمر بخلافه، فإنه أورده في ترجمة "مسمع الأشعري"، وقال: لا يتابع عليه ولا يعرف بالنقل وتبعه في اللسان كأصله. قلت: الشارح لا يخفى عليك ما يقصد، فلا العقيلي وضع كتابه لأفراد الأحاديث وتعليلها، ولا المصنف وضع كتابه لنقل كلام الناس على الأحاديث، ولكنه رمز لها بعلامات تكفي عن المراتب كما تكفي عن ذكر أسماء المخرجين، وقد رمز لهذا بعلامهْ الضعيف وصرح بأن كل ما يوجد في كتب الضعفاء كالكامل لابن عدي، وضعفاء ابن حبان والعقيلي فهو ضعيف، ولكنه لا يبلغ ضعف عقل الشارح. 897/ 1860 - "إِنَّ اللَّه تَعَالى يَتَجَلَّى لأَهْلِ الجنَّةِ فِي مقدارِ كُلِّ يومِ جُمُعة عَلى كَثِيبِ كَافُورٍ أَبْيَضَ". (خط) عن أنس قلت: حكم ابن الجوزي بوضع هذا الحديث وأقره المصنف فلا معنى لإيراده هنا. 898/ 1861 - "إِنَّ اللَّه يُحب إِذَا عَمِلَ أحَدُكم عَمَلًا أنْ يُتْقِنَهُ". (هب) عن عائشة قال في الكبير: وفيه بشر بن السري تكلم فيه من قبل تجهمه، وكان ينبغي للمصنف الإكثار من مخرجيه؛ إذ منهم أبو يعلى وابن عساكر وغيرهما.

قلت: ولم ذلك؟! فالفائدة تحصل بالعزو إلى واحد ما لم يكن لغيره مزية أو يكون عند جمع من طرق متعددة، والغرض إثبات شهرة الحديث أو تواتره أو صحته وإلا فكلام الشارح لا أصل له، ثم إن بشر بن السري ليس هو في سند كل من خرجه، فقد أخرجه ابن أبي داود في المصاحف من غير طريقه قال: حدثنا محمود بن آدم ثنا الفضل بن موسى عن مصعب بن ثابت عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا: "إن اللَّه يحب إذا عمل العبد عملًا أن يحكمه". وانظر حديث: "إذا عمل أحدكم". 899/ 1863 - "إِنَّ اللَّه يُحِبُّ إِغَاثَةَ اللَّهْفَانِ". ابن عساكر عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أحق بالعزو منه إليه، وهو عجيب فقد رواه أبو يعلي والديلمي من حديث أنس باللفظ المزبور. قلت: وأعجب منه بلادة الشارح فحديث أنس أوله: "الدال على الخير كفاعله، واللَّه يحب إغاثة اللهفان"، وقد ذكره المصنف في حرف "الدال" فهذا هو العجيب لا عدم ذكر المصنف لأبي يعلى في حديث لم يخرجه بلفظه، نعم أخرجه الطبراني في مكارم الأخلاق من حديث أنس باللفظ المذكور هنا، قال الطبراني: حدثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمي ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ثنا دسكر بن أبي دسكر البرجمي عن زياد بن ميمون عن أنس مرفوعًا: "إن اللَّه عز وجل يحب إغاثة اللهفان". ورواه من حديث أبي هريرة باللفظ المذكور هنا ابن حبان في الضعفاء في ترجمة حمد بن يونس الكديمي، فقال: حدثنا محمد بن يحيى ثنا الكديمي عن أزهر السمان عن ابن عون عن محمد عن أبي هريرة مرفوعًا إلى اللَّه وذكره.

ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من حديثه أيضًا وفي أوله: "الدال على الخير". قال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن حمشاذ ثنا أبو بكر عبد اللَّه بن محمد بن النعمان ثنا سليمان بن داود الشاذكوني ثنا حماد بن عيسى ثنا موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الدال على الخير كفاعله واللَّه عز وجل يحب إغاثة اللهفان". 900/ 1864 - "إِنَّ اللَّه يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلَّهِ". (خ) عن عائشة قال الشارح: ورواه مسلم فهو متفق عليه، وذهل المؤلف. قلت: الحديث عند مسلم بلفظ: "يا عائشة إن اللَّه يحب. . . ". وعند البخاري بلفظ: "مهلا يا عائشة إن اللَّه يحب. . . "، هكذا في كتاب الأدب وفي كتاب الإستئذان: "مهلًا يا عائشة فإن اللَّه يحب. . . "، وكأنه وقع في بعض روايات البخاري: "إن اللَّه يحب. . . " دون زيادة: "مهلًا يا عائشة" في أوله، فلذلك عزاه المصنف إلى البخاري دون مسلم وإلا فهو على شرطه لا يذكر هنا على رواية الصحيحين، وإنما الذي أخرجه باللفظ المذكور هنا الطبراني في مكارم الأخلاق، والحاكم في علوم الحديث في باب: رواية الأقران، وأبو نعيم في الحلية في ترجمة مالك [6/ 350]، كلهم من روايته -أعني مالكًا- عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه يحب الرفق في الأمر كله". 901/ 1865 - "إِنَّ اللَّه يُحِبُّ السَّهْلَ الطَّلِيقَ". الشيرازي، (هب) عن أبي هريرة

قال الشارح في الكبير: قال الحافظ العراقي بعد ما عزاه للبيهقي: وسنده ضعيف اهـ. وذلك لأن فيه أحمد بن عبد الجبار البلخي، أورده الذهبي في الضعفاء وقال: مختلف فيه وحديثه مستقيم، قال الدارقطني وغيره: متروك. قلت: علة الحديث ليس هو البلخي الذي يقول الشارح، ولكن علته جويبر فإنه ضعيف، وهو الذي يقصده الحافظ العراقي، أما أحمد بن عبد الجبار البلخي فما رأيته في سند هذا الحديث، ولا في كتاب الضعفاء للذهبي ولا في اللسان للحافظ، فإما أن يكون الاسم تحرف وإما أن يكون من أوهام الشارح المعتادة، فقد أخرج هذا الحديث أبو عمر السلمي في جزئه قال: حدثنا أحمد بن عثمان الأبهري الصوفي ثنا محمد بن يحيى ثنا أبو كريب ثنا أبو معاوية الضرير عن جويبر عن محمد بن واسع عن أبي صالح الحنفي عن أبي هريرة به بلفظ: "إن اللَّه يحب السهل القريب". وأخرجه الديلمي من طريق أبي عبد الرحمن السلمي: ثنا محمد بن يعقوب الحجاجي ثنا أبو جعفر الإسناي ثنا محمد بن عبيد ثنا أبو معاوية به بلفظ: "إن اللَّه يحب السهل الطلق". 902/ 1866 - "إِنَّ اللَّه يُحِبُّ الشَّابَّ التَّائِبَ". أبو الشيخ عن أنس قلت: الحديث أخرجه الديلمي من طريق أبي الشيخ، ومن طريق الحسن بن سفيان في مسنده كلاهما من طريق اليمان بن المغيرة أبي حذيفة عن أبي الأبيض عن حذيفة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، كذا قال عن حذيفة فاللَّه أعلم (¬1). 903/ 1869 - "إِنَّ اللَّه يُحِبُّ العَبْدَ التَّقيَّ الغَنِيَّ الخَفِيَّ". (حم. م) عن سعد ¬

_ (¬1) انظر "الإتحاف" 8/ 506.

قلت: أخرجه أيضًا الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وأبو سليمان الخطابي في العزلة، وأبو نعيم في الحلية. 904/ 1870 - "إنَّ اللَّه تَعَالَى يُحِبُّ العَبْدَ المُؤْمِنَ المُفَتَّنَ التَّوَّابَ". (حم) عن علي قلت: وهم المصنف في عزو هذا الحديث إلى أحمد وسببه وجوده في مسند أحمد لكنه ليس هو من روايته، بل هو من زوائد ابنه عبد اللَّه في مسند أبيه [رقم 608] فهو الذي يقول: حدثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا داود بن عبد الرحمن ثنا أبو عبد اللَّه مسلمة الرازي عن أبي عمرو البجلي عن عبد الملك بن سفيان الثقفي عن أبي جعفر محمد بن علي عن محمد ابن الحنفية عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به. ومن طريق عبد اللَّه بن أحمد رواه أبو نعيم في الحلية [3/ 178 - 179]، ورواه الدولابي في الكنى [2/ 62] عن النسائي قال: حدثنا زكريا بن يحيى ثنا عبد الأعلى بن حماد به، ثم قال: قال أحمد -يعني شيخه النسائي-: هذا حديث منكر. قلت: ولعله لضعف أبي عمرو البجلي، فقد قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به أو لغيره. لكن الحديث له سند آخر قال الحارث بن أبي أسامة في مسنده: حدثنا محمد بن عمر الواقدي ثنا إبراهيم بن إسماعيل عن عبد اللَّه بن أبي سفيان عن يزيد بن طلحة بن ركانة عن محمد ابن الحنفية به، وهذا السند ضعيف أيضًا إلا أنه يبرئ ساحة الأول. ورواه الديلمي في مسند الفردوس من طريق الواقدي بهذا السند، لكن متنه "خياركم كل مفتن تواب" كما سيأتي في حرف "الخاء".

905/ 1871 - "إنَّ اللَّه تَعَالَى يُحِبُّ العُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ". (خ. د. ت) عن أبي هريرة قال الشارح: ورواه مسلم أيضًا فهو متفق عليه، ووهم المؤلف. قلت: بل وهم الشارح فإن مسلما ما خرجه أصلًا. 906/ 1872 - "إنَّ اللَّه تَعَالَى يُحبُّ المُؤْمِنَ المُتَبَذِّلَ الَّذِي لَا يُبالِي مَا لَبِسَ". (هب) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: رواه البيهقي من حديث ابن لهيعة عن عقيل عن يعقوب بن عتبة عن المغيرة بن الأخنس عن أبي هريرة ثم قال -أعني البيهقي-: كذا وجدته في كتابي، والصواب عن يعقوب عن المغيرة مرسلًا، وعزاه المنذري للبيهقي وضعفه. قلت: أفسد الشارح هذا النقل وأتلفه بتحريفه، ونحن لم نقف على شعب الإيمان فنصلحه، وكأن البيهقي [5/ 155، 156 رقم 6175، 6176] أراد أنه وجده في كتابه عن يعقوب ين عتبة عن المغيرة -يعني: رواه عن جده المغيرة- عن أبي هريرة، والصواب أنه من رواية يعقوب بن عتبة بن المغيرة عن أبي هريرة مرسلًا أي منقطعًا؛ لأن يعقوب لم يدرك أبا هريرة، ولا له رواية عن أحد من الصحابة فيما أرى، فهذا واللَّه أعلم مراد البيهقي، ويؤيده أن الديلمي رواه كذلك منقطعًا من طريق حرملة عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن عقيل عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة عن أبي هريرة به، وهذا منقطع كما قلنا واللَّه أعلم. 907/ 1873 - "إِنَّ اللَّه يُحِبُّ المؤمنَ المُحْترِفَ الحكِيمَ". (طب. هب) عن ابن عمر

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي [خرجه] وسكت عليه والأمر بخلافه، بل تعقبه بقوله: تفرد به أبو الربيع عن عاصم وليسا بالقويين. قلت: قد رمز المصنف لضعفه فأغنى عن ذكر كلام المخرج. والحديث رواه أبو الربيع السمان عن عاصم بن عبيد اللَّه عن سالم عن أبيه به، ولم ينفرد به أبو الربيع، بل ورد من وجه آخر، قال ابن ترثال في جزئه: حدثنا إبراهيم بن محمد بن بطما ثنا محمد بن أحمد بن عبد اللَّه الزيات ثنا عبيد ابن إسحاق ثنا قيس عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر به، ومن طريق ابن ترثال أخرجه القضاعي في مسند الشهاب، وعبيد بن إسحاق ضعيف، وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث عبيد بن إسحاق هذا فقال: إنه منكر، ذكر في كتاب الزهد من العلل (2/ 128)، وكذلك أورده الذهبي في الميزان في ترجمة عبيد [3/ 18]؛ وفي نظري أن الحديث يقوى بمجموع الطريقين. 908/ 1874 - "إِنَّ اللَّه يحبُّ المُدَاوَمَةَ على الإخَاءِ القَدِيم، فَدَاوِمُوا عَليهِ". (فر) عن جابر قلت: الديلمي أخرجه من طريق أبي نعيم وهو عنده في تاريخ أصبهان [2/ 58] في ترجمة عبد اللَّه بن محمد بن سلام، قال أبو نعيم: حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا خالي أبو عبد الرحمن وأبو علي قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن سلام ثنا داود بن إبراهيم ثنا سفيان بن عيينة عن محمد ابن المنكدر عن جابر به. وأسنده الحافظ في اللسان [3/ 354] في ترجمة عبد اللَّه المذكور أيضًا من طريق أبي نعيم، ثم قال: هذا منكر بمرة ما أظن سفيان حدث به قط.

909/ 1876 - "إنَّ اللَّهَ يحبُّ المُلِحِّينَ في الدُّعاءِ". الحكيم، (عد. هب) عن عائشة قال الشارح في الكبير: قال ابن حجر: تفرد به يوسف بن السفر عن الأوزاعي وهو متروك، وكأن بقية دلسه اهـ. وعزاه في موضع آخر إلى الطبراني في الدعاء ثم قال: سنده رجاله ثقات إلا أن بقية عنعنه. قلت: دعوى تفرد يوسف به كأن الحافظ قلد فيها أبا حاتم، فإن ولده ذكر في العلل أنه سأله عن الحديث الذي رواه بقية عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة فذكره، فقال: إنه منكر نرى أن بقية دلسه عن ضعيف عن الأوزاعي اهـ. وإلا فأكثر الطرق فيها بقية عن الأوزاعي، قال الحكيم في نوادر الأصول في الحادي والثمانين ومائة (¬1): حدثنا الفضل بن محمد ثنا كثير بن عبيد الحمصي ثنا بقية عن الأوزاعي به. وقال أبو الشيخ في الثواب: حدثنا العباس بن أحمد الشامي ثنا بكر بن عبيد أخبرنا بقية عن الأوزاعي به. وقال القضاعي في مسند الشهاب: أخبرنا هبة اللَّه بن إبراهيم الخولاني ثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار ثنا أبو عروبة ثنا كثير بن عبيد ثنا بقية عن الأوزاعي به. 910/ 1778 - "إِنَّ اللَّه تَعَالَى يحبُّ أنْ يُعْمَلَ بِفَرَائِضِهِ". (عد) عن عائشة قال الشارح في الكبير: هذا ما وقفت عليه في نسخ الجامع، والذي رأيته في كلام الناقلين عن الكامل لابن عدي "رخصه". بدل "فرائضه" فليحرر. ¬

_ (¬1) هي في الأصل الثمانين والمائة من المطبوع، (2/ 84).

قلت: المصنف وقع له في الحديث حذف وإيصال، ولفظ الحديث عند ابن عدي [5/ 1718] من طريق الحكم بن عبد اللَّه بن سعد الأيلي عن القاسم عن عائشة مرفوعًا: "إن اللَّه يحب أن يعمل برخصه، كما يحب أن يعمل بفرائضه"، والحكم بن عبد اللَّه ضعيف. ورواه أيضًا من طريق عمر بن عبيد البصري: ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا: "إن اللَّه يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه، قلت: وما عزائمه؟ قال: فرائضه"، وعمر ابن عبيد ضعيف أيضًا، ومن هذا الوجه الثاني ولفظه أخرجه أبو يعلى في معجمه، والطبراني في الأوسط [1/ 104/ 2]. 911/ 1879 - "إنَّ اللَّه يحبُ أنْ تُؤتَى رُخَصهُ كَمَا يُحِبُّ أنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ". (حم. هق) عن ابن عمر (طب) عن ابن مسعود وعن ابن عباس قال الشارح: والأصح وقفه. قلت: هذا فاسد من وجهين، أحدهما: أن الوقف قيل في حديث ابن مسعود لا في حديث ابن عباس وقد ذكر الشارح ذلك في الكبير ثم في الصغير قدم ذكر ابن مسعود على ابن عباس وكتب عقبه: والأصح وقفه، فجاء بالغلط الفاحش، فإن حديث ابن مسعود رواه الطبراني، وأبو نعيم في الحلية [2/ 101]، والعقيلي في الضعفاء من طريق معمر بن عبد اللَّه الأنصاري: ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه مرفوعًا، ثم قال أبو نعيم: لم يروه عن شعبة إلا معمر ورواه غندر وبكر بن بكار وغيرهما عن شعبة موقوفًا اهـ.

وقال العقيلي في ترجمة معمر الأنصاري: لا يتابع على رفعه ووقفه غيره وهو أولى اهـ. ثانيهما: قوله: والأصح وقفه عقب الحديث هكذا مجملا يوقع الناظر في حيرة؛ إذ يفهم منه أن الحديث من أصله الأصح وقفه، فكان الواجب أن يصرح باسم الحديث الذي قيل فيه ذلك كما فعل في الكبير. ثم إن الحديث ورد أيضًا من حديث أبي هريرة وأنس وأبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة ذكرتها مع حديث ابن عمر وابن مسعود وعائشة بأسانيدها في المستخرج على مسند الشهاب وسيأتي حديث أربعة منهم بعد حديث. 912/ 1880 - "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أنْ يُرَى أثَرُ نِعْمتِهِ عَلَى عَبْدِهِ". (ت. ك) عن ابن عمرو قال الشارح في الكبير: قال الترمذي: حسن، وفي الباب عن عمران بن حصين وأبي هريرة وجابر وأبي الاحوص وأبي سعيد وغيرهم. قلت: منهم أيضًا عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وأنس بن مالك وزهير بن أبي علقمة وعلي بن زيد وبكر بن عبد اللَّه مرسلًا وآخرون ذكرت أسانيدهم مسندة في المستخرج. 913/ 1882 - "إنَّ اللَّه يُحِبُّ أنْ يَرَى عَبْدَهُ تَعِبًا في طَلَبِ الحَلَالِ". (فر) عن علي قال الشارح: بإسناد ضعيف بل قيل بوضعه. قلت: ما قال أحد بوضعه، وإنما أخذ الشارح هذا مما نقله في الكبير عن العراقي أنه قال: فيه محمد بن سهل العطار، قال الدارقطني: يضع الحديث اهـ. ولا يلزم من قول العراقي هذا أنه قال بوضعه فواعجبا للشارح ما أكثر تهوره وأقل أمانته!

والحديث قال فيه الديلمي: أخبرنا عبدوس أخبرنا أبو طاهر بن سلمة ثنا الفضل بن الفضل الكندي ثنا محمد بن سهل بن الحسن العطار ثنى أبو محمد عبد اللَّه بن محمد البلوي حدثني إبراهيم بن عبد اللَّه بن العلاء عن أبيه عن زيد بن علي عن أبيه عن جده الحسين بن علي عن علي به. ومحمد بن سهل العطار كذاب وضاع فلا يبعد أن يكون الحديث من إفكه، لكن لم يصرح بذلك أحدكما حكاه الشارح مبهما من كلام العراقي. 914/ 1887 - "إنَّ اللَّه تَعَالى يحبُّ عَبْدَهُ المُؤْمِنَ الفَقِيرَ المُتَعَفِّفَ أبَا العِيَالِ". (هـ) عن عمران قال (ش) في الكبير: قال العراقي: سنده ضعيف اهـ. وذلك لأن فيه حماد بن عيسى قال الذهبي: ضعفوه، وموسى بن عبيدة قال في الكشاف: ضعفوه، وفي الضعفاء عن أحمد: لا تحل الرواية عنه. قلت: وفيه علة أخرى لم يذكرها وهي الانقطاع، لأنه من رواية حماد بن عيسى عن موسى بن عبيدة عن القاسم بن مهران عن عمران. والقاسم بن مهران قال العقيلي [ص: 361]: لا يثبت سماعه من عمران اهـ. لكن له طريق آخر عن عمران، قال أبو نعيم في الحلية في ترجمة ابن سيرين: ثنا علي بن حميد الواسطي ثنا بشر بن موسى ثنا محمد بن مقاتل ثنا محمد ابن الفضل عن زيد العمي عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ اللَّه تعالى يحب المؤمن إذا كان فقيرًا متعففا". 915/ 1888 - "إنَّ اللَّه يحبُّ كُلَّ قلْبٍ حَزِينٍ". (طب. ك) عن أبي الدرداء

قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير: رواه (ك) من حديث أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة عن أبي الدرداء، ثم قال (ك): صحيح، ورده الذهبي بأنه مع ضعف أبي بكر منقطع اهـ. وقال الهيثمي: إسناد الطبراني حسن. قلت: الحافظ الهيثمي [10/ 309] يتكلم على ظاهر الإسناد ولا ينظر إلى العلل غالبا، وسند الطبراني هو سند الحاكم [4/ 415] وعلتهما واحدة فإن سلم تصحيح الحاكم يسلم تحسين الهيثمي، وإن رد تصحيح الحاكم يرد تحسين الهيثمي، قال الطبراني: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب ثنا أبو المغيرة ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن أبي الدرداء به. وقال الحاكم: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن عوف الطائي ثنا أبو المغيرة ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن أبي الدرداء به. وهكذا رواه القضاعي في مسند الشهاب [2/ 89] من طريق جعفر بن محمد الفريابي: ثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن ثنا عمرو بن بشر بن السرح ثنا أبو بكر ابن أبي مريم به. وله طريق آخر من رواية أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء مرفوعًا: "إن اللَّه رفيق يحب الرفق في الأمر كله، ويحب كل قلب خاشع حزين رحيم يعلم الناس الخير ويدعو إلى طاعة اللَّه، ويبغض كل قلب قاس لاه ينام الليل كله ولا يذكر اللَّه، فلا يدري يرد اللَّه روحه أم لا" رواه الديلمي في مسند الفردوس:

أخبرنا محمد بن الحسين بن منجويه إجازة أخبرنا أيي أخبرنا عبد اللَّه بن إبراهيم بن علي ثنا عبد اللَّه بن محمد بن وهب ثنا يوسف بن الصباح ثنا إبراهيم بن سليمان بن الحجاج ثنا يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولاني به. وفي الباب عن معاذ تقدم قريبا في حديث: "إن اللَّه يبغض البذاخين الفرحين المرحين، ويحب كل قلب حزين" فانظر سنده فيه. 916/ 1889 - "إنَّ اللَّهَ يحبُ مَعَالِى الأمُورِ وَأشْرَافَها وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا". (طب) عن الحسين بن علي قال الشارح: ورجاله ثقات. وقال في الكبير: قال الهيثمي: فيه خالد بن إلياس ضعفه أحمد وابن معين والبخاري والنسائي، وبقية رجاله ثقات، وقال شيخه العراقي: رواه البيهقي متصلًا ومنفصلًا، ورجالهما ثقات. قلت: في هذا من عجر الشارح وبجره أمور: الأول: قوله في الصغير: ورجاله ثقات مخالف للواقع، فإن رجاله ليسوا ثقات كلهم بل فيهم خالد بن إلياس وهو ضعيف، فإن الطبراني [3/ 142]، والقضاعي [رقم 1076، 1077] روياه في مسند الشهاب من طريق خالد بن إلياس عن محمد بن عبد اللَّه عن فاطمة ابنة الحسين عن الحسين بن علي به مرفوعًا، وخالد بن إلياس مع ضعفه قد اختلف عليه فيه فقيل: عنه هكذا، وقيل: عنه عن مسافر بن مسلم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه مرفوعًا: "إن اللَّه كريم يحب الكرم جواد يحب الجود ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها". أخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 20، رقم 8]: حدثني إبراهيم بن

سعيد ثنا أبو معاوية عن خالد بن إلياس به. الثاني: قوله: ورجاله ثقات مخالف ومناقض لما نقله في الكبير عن الحافظ الهيثمي من أن فيه خالد بن إلياس وقد ضعفه أحمد وابن معين. . . إلخ، فما وجه هذا التناقض؟! الثالث: قوله: وقال العراقي: رواه البيهقي غلط فاحش على العراقي، فإن البيهقي لم يروه من حديث الحسين بن علي أصلا، إنما رواه [10/ 191] من حديث سهل بن سعد الساعدي، ومن حديث طلحة بن عبيد اللَّه بن كريز مرسلًا، والحفاظ لا يخلطون سندًا بسند، بل ذلك من دأب المتهورين كالشارح الذي يريد أن يلصق عيبه بالحافظ العراقي. الرابع: قوله: متصلًا ومنفصلًا هو فتح جديد في علم الحديث ونقل لعبارة النحاة وعلماء العربية إلى علم الحديث، والعراقي أجل وأعلا من هذا التخليط، بل العراقي قال: متصلا ومرسلًا، وهو الواقع كما قد قدمته من أن البيهقي خرجه أولا من رواية عبد الرزاق عن معمر عن أبي حازم عن طلحة ابن كريز به، ثم قال: هذا مرسل. وكذلك رواه الثوري عن أبي حازم، ثم رواه من طريق محمد بن ثور عن معمر عن أبي حازم عن سهل بن سعد به متصلا، ثم قال: وكذلك روى عن أبي غسان عن أبي حازم اهـ. وكأن الشارح كان في تقرير عبارة نحوية فيسبق قلمه إليها هنا. والحديث ورد من طرق كثيرة من حديث جماعة ذكرتها في المستخرج. 917/ 1891 - "إِنَّ اللَّه يحبُّ أبْنَاءَ السَّبعِينَ، وَيَسْتَحِيي مِنْ أبْنَاءِ الثمانينَ". (حل) عن علي قال في الكبير: فيه محمد بن خلف القاضي، قال الذهبي عن ابن المنادي: فيه

بين، وأبان بن تغلب قال [ابن عدي]: غال في التشيع لا بأس به. قلت: هراء فارغ لا يأتي بمثله إلا مثل الشارح البعيد من دراية هذا الفن، فأبان ابن تغلب ثقة من رجال الصحيح، ومحمد بن خلف القاضي هو وكيع صاحب "الغوز" و"طبقات الفقهاء" علامة ثقة مصنف، قال الذهبي نفسه [3/ 538]: صدوق إن شاء اللَّه، وابن المنادي لم يقل: فيه لين، ولكن قال: أقل الناس عنه للين شهرته اهـ. وفرق كبير وبون شاسع بين فيه لين وأقلوا عنه للين شهرته، ولكن هكذا أراد اللَّه بالشارح قلة أمانة قلة دراية وفضول وجرأة على أهل الدراية والأمانة. والحديث أخرجه أبو نعيم في ترجمة جعفر الصادق [3/ 200] وسنده كلهم أشراف عدا محمد بن خلف القاضي، وأبان بن تغلب وشيخي أبي نعيم. 918/ 1896 - "إِنّ اللَّه يحبُّ النَّاسِكَ النَّظِيفَ". (خط) عن جابر قلت: سكت عنه الشارح وهو من رواية عبد اللَّه بن إبراهيم الغفاري، قال ابن حبان: يضع الحديث. 919/ 1901 - "إنَّ اللَّه يَحْمِي عَبْدَه المُؤْمنَ كَمَا يَحْمِي الرَّاعِي الشَّفِيقْ غَنَمَهُ مَرَاتِعَ الهَلَكَةِ". (هب) عن حذيفة قال الشارح في الكبير: فيه الحسين الجعفي، قال الذهبي: مجهول متهم. قلت: ما قال الذهبي في الميزان، والحسين المذكور اسم والده: علي، نعم في اللسان [2/ 302]: الحسين بن علي بن نجيح الجعفي الكوفي، ذكره الطوسي في رجال الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق رحمه اللَّه تعالى اهـ. وفرق بين هذا وبين ما نقله الشارح فليحرر.

والحديث أخرجه أيضًا الديلمي قال: أخبرنا الحسن بن محمد حدثنا أبو مسعود ثنا الحسين بن علي الجعفي عن زائدة عن أبان عن أمية بن قيسم عن حذيفة به. وأخشى أن يكون في هذا السند سقط. وفي الباب عن رافع بن خديج ومحمود بن لبيد وقتادة بن النعمان وأبي سعيد الخدري وأنس مع اضطراب في السند، انظر: "إذا أحب اللَّه عبدًا حماه الدنيا وإن اللَّه يحمي". 920/ 1903 - "إِنَّ اللَّه يُدْخِلُ بالسَّهْم الوَاحد ثَلاثَةَ نَفَرٍ الجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ في صَنْعَتِهِ الخَيْرَ، والرَّامِي به، ومُنَبِّلَهُ". (حم. 3) عن عقبة بن عامر قال الشارح: وفيه خالد بن يزيد مجهول الحال. قلت: ذكره ابن حبان في الثقات، والحديث روى من طريقه عن عقبة بن عامر وروى من طريق عبد اللَّه بن زيد عن عقبة، فقيل: هما واحد، وقيل: هما اثنان وهو الذي رجحه الحافظ في تهذيب التهذيب. وللحديث عند مخرجيه بقية، قال الطحاوي في مشكل الآثار [1/ 118]: ثنا بكار أبو الوليد الطيالسي ثنا هشام الدستوائى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام عن عبد اللَّه بن زيد الأزرق عن عقبة بن عامر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه تعالى يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة: صانعه يحتسب في صنعه الأجر، والرامي به ومنبله، فارموا واركبوا وإن ترموا أحب إلي من أن تركبوا، وليس من اللهو إلا ثلاثة: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته امرأته، ورميه يقوسه، ومن ترك الرمي بعد ما علمه كانت نعمةً كفرها". ثم قال: حدثنا الربيع ثنا بشر بن بكر ثنا أبو رجاء حدثني أبو إسلام حدثني خالد بن زيد قال: قال لي عقبة بن عامر: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر مثله.

ورواه البغوي في التفسير [3/ 46] من طريق أبي الحسين بن بشران: ثنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن عبد اللَّه بن زيد الأزرق عن عقبة بن عامر به. ورواه الحاكم في المستدرك [2/ 95] من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: ثنا أبو سلام الأسود عن خالد بن زيد به، ثم قال: صحيح الإسناد وأقره الذهبي. وكذلك أخرجه أبو عوانة في صحيحه. 921/ 1904 - "إنَّ اللَّه يُدْخِلُ بلُقْمَةِ الخُبْزِ وَقبْضَةِ التَّمْرِ وَمثْلِهِ مِمَّا يَنْفَعُ المسْكينَ ثلاثةً الجَنَّةَ: صَاحبَ البيت الأمر به، والزوجةَ المُصْلَحَةَ، والخادمَ الذي ينَاولُ المسْكينَ". (ك) عن أبي هريرة قلت: رواه الحاكم من طريق سويد بن عبد العزيز [4/ 134]: ثنا محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة، ثم صححه على شرط مسلم، فتعقبه الذهبي بأن سويدا متروك. وأخرجه ابن شاهين في الترغيب بزيادة: وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الحمد للَّه الذي لم ينس خدمنا" أخرجه عن أحمد بن مغلس: ثنا أبو همام ثنى سويد بن عبد العزيز به. 922/ 1907 - "إنَّ اللَّه تَعَالَى يُدْني المُؤْمنَ فَيَضَعُ عليه كَنَفَهُ، ويَسْتُرَهُ منَ النَّاس، ويقرِّرُه بذنوُبه فيقولُ: أتعرفُ ذنبَ كذا؟ أتعرفُ ذنبَ كذا؟ فيقول: نعم أيْ رَبِّ، حَتَّى إذا قرَّره بذنُوبه ورأى في نفسه أنه قد

هَلَكَ قال: فإني قد سَتَرْتُها عليك في الدنيا، وأنا أغفرُها لك اليوم، ثم يعطى كتابَ حسناته بيَمينه، وأمَّا الكافرُ والمنافقُ فيقول الأشهادُ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} ". (حم. ق. ن. هـ) عن ابن عمر قلت: أخرجه أيضًا الدينوري في المجالسة والبغوي في التفسير [1/ 312] آخر سورة البقرة وابن خزيمة في كتاب التوحيد في باب عقده لهذا الحديث وهو حديث النجوى. 923/ 1908 - "إِنَّ اللَّه يَرْضَى لكُم ثَلاثًا، ويكرَهُ لكُم ثَلاثًا، فَيَرْضَى لكم: أن تعبُدُوه ولا تشْركُوا به شيئًا، وأن تَعْتَصمُوا بحبل اللَّه جميعًا ولا تفرَّقوَا، وأن تناصَحُوا من ولاهُ اللَّهُ أمْرَكم، ويكرَهُ لكم: قيلَ وقالَ، وكثْرَةَ السُّؤال، وإضَاعَةَ المَالِ". (حم. م) عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا البخاري في الأدب المفرد [رقم 442]، والبغوي في التفسير [1/ 392] كلاهما من طريق مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. ورواه العارف الرفاعي في "حال أهل الحقيقة مع اللَّه" [7/ 40] من طريق إسحاق بن شاهين عن خالد بن عبد اللَّه عن سهيل بن أبي صالح به. 924/ 1909 - "إنَّ اللَّه يَرْفَعُ بِهَذا الكِتَابِ أقْوَامًا، ويَضَعُ به آخَرِينَ". (م. هـ) عن عمر قلت: أخرجه أيضًا الطحاوي في مشكل الآثار [3/ 57]. 925/ 1912 - "إنَّ اللَّه تعَالَى يُسْعِرُ لَهَبَ جَهَنَّمَ كُلَّ يَومٍ في نِصْفِ

النَّهارِ، ويُخْبِتُها في يوم الجُمُعَةِ". (طب) عن واثلة قلت: هذا من نسخة بشر بن عون عن بكار بن تميم عن مكحول عن واثلة، وهي نسخة نحو مائة حديث كلها موضوعة كما قال ابن حبان، وسبب ورود الحديث ظاهر في وضعه، فيلام المصنف على إيراده. 926/ 1914 - "إنَّ اللَّهَ تَعَالى يُعَافي الأمِّيِّينَ يَومَ القيَامَة مَا لا يُعَافِي العُلَمَاءَ". (حل) والضياء عن أنس قلت: أبو نعيم خرجه في موضعين من الحلية [2/ 331] من طريق أحمد بن حنبل، وهو في مسنده: ثنا سيار بن حاتم ثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت عن أنس به، فكأن المصنف ما عرف أنه في المسند. وكذلك رواه أحمد في كتاب الورع له، ففيه (ص 12) منه، قال أبو بكر -يعني: المروزي- قلت لأبي عبد اللَّه -يعني: أحمد-: كتبت عن سيار عن جعفر عن ثابت، فذكر الحديث، قال: نعم. وقال أبو نعيم في الحلية في ترجمة أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر وما حدثني به إلا مرة اهـ. ولهذا أورده ابن الجوزي في الواهيات [1/ 133] فكان مع الضياء المقدسي على طرفي نقيض، والحق من جهة الصناعة مع المقدسي، فإن رجال الحديث ثقات، جعفر بن سليمان من رجال الصحيح تكلم فيه لأجل التشيع، وسيار بن حاتم صدوق، فالحكم على الحديث بالنكارة أمر خارج عن السند بل هو من باب الاستحسان، والحكم بالميل القلبي والاستطعام للمعنى مع بعض الأمارات وإلا

مجال السند لا يعطي ذلك واللَّه أعلم. 927/ 1915 - "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْجَبُ مِنْ سَائل يَسألُ غَيْرَ الجنَّةِ، ومِنْ مُعْطٍ يُعْطِى لغيرِ اللَّهِ، ومنْ متعوَّذٍ يتعوَّذُ من غيرِ النَّارِ". (خط) عن ابن عمرو بن العاص قلت: الخطيب لم يسند هذا الحديث بل ذكره معلقًا في ترجمة شيخ بن عميرة الأسدي، فقال: [9/ 267] وقال يوسف بن ميمون: خطب شيخ بن عميرة الناس يومًا، فقال في خطبته: ولقد حدث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا، فذكر الحديث وزاد: "ألا فليباهى في العبادة لمن فوقه وفي الغنى لمن دونه حتى يكتب شاكرًا صابرًا، فإن أولياء اللَّه أخَّروا النعيم للآخرة وعجلوا الشدة في الدنيا للراحة". 928/ 1917 - "إِنَّ اللَّه تَعَالى يُعْطِي الدُّنيَا على نيَّةِ الآخِرَة، وأبَى أنْ يُعْطِي الآخرة علي نيَّةِ الدُّنْيا". ابن المبارك عن أنس قلت: في سنده عند ابن المبارك [رقم 193] انقطاع، فإنه قال: أخبرنا من سمع أنس بن مالك يحدث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكره. ورواه الديلمي من وجه آخر: أخبرنا أحمد بن نصر أخبرنا أبو مسلم بن غير ثنا أحمد بن إبراهيم بن فراس ثنا محمد بن إبراهيم الأبيلي حدثنا سعيد بن عبد الرحمن ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس به. 929/ 1921 - "إنَّ اللَّه تَعَالى يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ". (حم. ت. هـ. حب. ك. هب) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: قال المزي: ووهم من قال: ابن عمرو بن العاص، قال

الترمذي: حسن غريب، ولم يبين لم لا يصح، قال ابن القطان: وذلك لأن فيه عبد الرحمن بن ثابت، وثقه أبو حاتم، وقال أحمد: أحاديثه مناكير، ونقل في الميزان تضعيفه عن ابن معين، وتوثيقه عن غمره، ثم أورد من مناكيره أخبارا هذا منها. قلت: الحديث أخرجه أيضًا أبو يعلى والطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية [5/ 190] والبغوي في التفسير وآخرون كلهم من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن عبد اللَّه بن عمر به. ووقع عند ابن ماجه في الأصول الصحيحة: عبد اللَّه بن عمرو -يعني: ابن العاص- وهو وهم نبه عليه ابن عساكر في الأطراف، قال ابن القطان: وهذا الحديث عندي يحتمل أن يقال فيه: صحيح؛ إذ ليس في إسناده من تكلم فيه إلا عبد الرحمن بن ثابت فقال ابن معين: صالح الحديث، وقال أبو زرعة: لا بأس به، ووثقه أبو حاتم وقال ابن حنبل: أحاديثه مناكير وأظن أن الترمذي لم يصححه من أجله اهـ. قلت: وبالنظر إلى ورود الحديث من طرق أخرى يرتقى إلى درجة الصحيح دون احتمال، فقد ورد من حديث أبي هريرة وعبادة بن الصامت ومن مرسل الحسن وبشير بن كعب بلفظه، ومن حديث جماعة من الصحابة أيضًا بمعناه. فحديث أبي هريرة رواه ابن مردويه في التفسير: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد ثنا عمران بن عبد الرحيم ثنا عثمان بن الهيثم ثنا عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ اللَّه يقبل توبة عبده ما لم يغرغر". ورواه البزار من وجه آخر من حديث يزيد بن عبد الملك النوفلي عن داود بن فراهيج عن أبي هريرة به وقال: "ما لم يغرغر بنفسه".

ورواه الديلمي من وجه آخر بسياق آخر فقال: أخبرنا محمد بن طاهر بن عثمان عن محمد بن عيسى عن صالح أبي حاتم عن أبيه عن عبد المؤمن عن عبد السلام عن أبي خالد عن أبي رافع عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه ليقبل التوبة من عبده ما دام الروح في جسده ولم يبق من أجله إلا غير فواق" قيل لأبي هريرة: ما غير فواق؟ قال: طرف لمحه. وحديث عبادة رواه إسحاق بن راهويه في مسنده: أخبرنا معاذ بن هشام الدستوائى حدثني أبي عن قتادة عن عبادة بن الصامت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال مثله. ورواه ابن جرير من وجه آخر عن قتادة فقال: حدثنا محمد بن بشار ثنا عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به، وهو منقطع لأن قتادة لم يدرك عبادة. ومرسل الحسن رواه ابن جرير: ثنا محمد بن بشار ثنا ابن أبي عدي عن عوف عن الحسن قال: بلغني أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال، وذكره. وكذلك روى مرسل بشير بن كعب فقال: حدثنا ابن بشار ثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن العلاء بن زياد عن أبي أيوب بشير بن كعب أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال مثله. 930/ 1930 - "إنَّ اللَّه تَعَالَى يَقُولُ: إنَّ عَبْدًا أصْحَحْتُ له جسْمَهُ، وَوَسَّعْتُ عليه في مَعيشَته، تَمْضي عليه خَمْسَةُ أعْوَام لا يَفِدُ إليَّ لَمَحْرُومٌ". (ع. حب) عن أبي سعيد

قال الشارح في الكبير: وفيه صدقة بن يزيد الخراساني، ضعفه أحمد، وقال ابن حبان: لا يجوز الاشتغال به، وقال البخاري: منكر الحديث، ثم ساق له في الميزان هذا الخبر، وفي اللسان قال البخاري عقبه: هذا منكر، وكذا قال ابن عدي اهـ. ورواه الطبراني من حديث أبي هريرة بلفظ: "إن اللَّه تعالى يقول: "إن عبدا أصححت له بدنه، وأوسعت عليه في الرزق، ثم لم يعد إلى بعد أربعة أعوام لمحروم"، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح اهـ. وبه يعرف أن اقتصار المصنف على الطريق [الذي] آثره غير جيد. قلت: هكذا يكون قلب الحقائق وعكس الوقائع وإلا فلا، فحديث أبي سعيد الذي ذكره المصنف ليس فيه صدقة بن يزيد الخراساني، وهو الذي قال فيه الحافظ الهيثمي [3/ 206]: رجاله رجال الصحيح، وحديث أبي هريرة الذي تركه المصنف واستدركه الشارح هو الذي فيه صدقة بن يزيد وهو الذي ذكره الذهبي في الميزان، وقال ابن عدي والبخاري عنه: إنه منكر، فاسمع سند حديث أبي سعيد أولًا ثم ما ذكره فيه الهيثمي ثم سند حديث أبي هريرة الذي استدركه الشارح وما قال فيه الذهبي ثم احكم على الشارح بما شئت، قال محمد بن مخلد العطار في جزئه: ثنا الحسن بن عرفة ثنا خلف بن خليفة عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن أبي سعيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. ومن هذا الوجه رواه ابن حبان [رقم 960] وغيره. ومن حديث أبي سعيد أورده الهيثمي (ص 206 من الجزء الثالث) وقال: رواه الطبراني في الأوسط [1/ 110] وأبو يعلى ورجال الجميع رجال الصحيح اهـ. ومن العجيب أن الشارح يرى الحديث معزوا إلى صحيح ابن حبان ثمَّ يدعي أن فيه صدقة بن يزيد وينقل عن ابن حبان أنه يقول: لا يجوز الاحتجاج به، فكيف يقول ابن حبان هذا في رجل ثم يحتج به في صحيحه؟!.

وقال الربعي السدار في جزئه: حدثنا علي بن الحسين الرزدي ثنا هشام بن خالد ثنا الوليد بن مسلم ثنا صدقة ابن يزيد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة به، فهذا حديث أبي هريرة الذي استدركه الشارح هو الذي من رواية صدقة بن يزيد وهو الذي ذكره الذهبي في ترجمته من الميزان فقال [1/ 313]: وقال الوليد بن مسلم: حدثنا صدقة بن يزيد الخراساني ثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة فذكره. وأعجب من هذا أن الحافظ قال في اللسان [3/ 187 - 188]: قال البخاري عقبه: هذا منكر، وكذا قال ابن عدي وزاد: ولا أعلمه يرويه عن العلاء غير صدقة وإنما يروي هذا خلف بن خليفة عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن أبي سعيد الخدري، فلعل صدقة سمع بذكر العلاء فظن أنه العلاء بن عبد الرحمن، وهى طريق سهل عليه وليس كذلك اهـ. فحذف هذا التصريح من كلام الحافظ يرشدك إلى أن الشارح ملبس قاصد لقلب الحقائق نسأل اللَّه السلامة. 931/ 1933 - "إنَّ اللَّه تَعَالى يَقُولُ: أنَا عنْدَ ظَنِّ عَبْدي بِي، إنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وإنْ شَرًّا فشرٌّ". (طس. حل) عن واثلة قال (ش) في الكبير: وهو في الصحيحين بدون قوله: "إن. . . " إلخ. قلت: ليس هو في الصحيحين أصلا. نعم رواه أحمد [2/ 315]، وابن حبان [رقم 2393] في الصحيح بلفظ: "قال اللَّه تعالى". 932/ 1932 - "إنَّ اللَّهَ يَكْرَهُ فَوقَ سَمَائه أنْ يُخَطَّأ أبُو بَكْر في الأرْض". الحارث (طب)، وابن شاهين في السنة عن معاذ

قال الشارح في الكبير: وأورده ابن الجوزي في الموضوع وقال: تفرد به أبو الحارث نصر بن حماد عن بكر بن خنيس، وقال يحيى: نصر كذاب، ومحمد ابن سعيد هو المصلوب كذاب يضع، إلى هنا كلامه، ونازعه المؤلف على عادته فلم يأت بطائل. قلت: بل أتى بكل طائل، فابن الجوزي [علل 1/ 186] أتى بالحديث من طريق الحارث بن أبي أسامة: ثنا أحمد بن يونس ثنا أبو الحارث الوراق عن بكر بن خنيس عن محمد بن سعيد عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل به، ثم أعله بنصر بن حماد وبكر بن خنيس ومحمد بن سعيد، فتعقبه المصنف بأن الحديث ورد من غير طريق هؤلاء كلهم فبرئوا من عهدته وزالت تهمتهم به. ثم أورده من عند ابن شاهين في السنة: حدثنا إبراهيم بن حماد بن إسحاق القاضي ثنا عبد الكريم بن الهيثم ثنا مصرف بن عمرو حدثنا أبو يحيى الحماني عن أبي العطوف جراح بن المنهال عن الوضين بن عطاء عن عبادة بن نسى به. وأخرجه الطبراني وأبو نعيم في فضائل القرآن عنه: ثنا الحسن بن العباس الرازي وغيره قالوا: حدثنا سهل بن عثمان ثنا أبو يحيى الحماني به. وهذا الطريق قال عنه الحافظ الهيثمي في الزوائد [9/ 46]: فيه أبو العطوف لم أعرفه وبقية رجاله ثقات وفي بعضهم خلاف اهـ. فماذا يتعقب به مدعى وضع حديث واتهام الناس به أكثر من أنه روى من غير طريقهم وأنهم برآء منه، والاطلاع على ذلك واستحضاره من الكتب الغريبة النادرة وحفظ ما لم يحفظه ابن الجوزي ولا يمكن لملء الأرض من مثل الشارح أن يقفوا عليه أو يهتدوا لمثله إلا بإرشاد ودلالة من مجتهد حافظ مثل المؤلف

الذي لولا هو وأمثاله من الحفاظ لما عرف المقلدة الجهلة أمثال الشارح عن نبيهم -صلى اللَّه عليه وسلم- وشريعته حرفا. ثم المصنف عزا الحديث للطبراني وابن شاهين وليس عندهما في السندين ابن الجوزي ولكن الشارح لا يعقل. 933/ 1939 - "إِنَّ اللَّه تعالى يَكْرَهُ منَ الرِّجال الرَّفيعَ الصَّوْت، ويحبُّ الخَفيْضَ من الصَّوْت". (هب) عن أبي أمامة قلت: أخرجه أيضًا الديلمي في مسند الفردوس قال: أخبرنا محمد بن طاهر الحافظ أخبرنا أبو المظفر الأنصاري بنيسابور أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي ثنا عبد اللَّه بن حماد ثنا نعيم بن حماد ثنا مسلمة بن علي عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن أبي أمامة به. 934/ 1940 - "إنَّ اللَّه يَلُومُ عَلَى العجَز ولكنْ عليك بِالكَيْس، فإذا غَلَبَكَ أمْرٌ فقُل: حَسْبيَ اللَّهُ ونعْمَ الوَكيلُ". (د) عن عوف بن مالك قلت: أخرجه أيضًا أحمد في مسنده [6/ 25]: حدثنا حيوة بن شريح وإبراهيم بن أبي العباس قال: ثنا بقية قال: حدثني بحير ابن سعد عن خالد بن معدان عن سيف عن عرف بن مالك أنه حدثهم: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى بين رجلين فقال المقضى عليه لما أدبر: حسبي اللَّه ونعم الوكيل، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ردوا على الرجل، فقال: ما قلت؟ قال: حسبي اللَّه ونعم الوكيل، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن اللَّه يلوم. . . " وذكره. ورواه ابن السني في اليوم والليلة عن النسائي [رقم 343]. حدثنا عمرو بن عثمان ثنا بقية به.

وانظر: "إذا وقعتم في الأمر العظيم". 935/ 1944 - "إنَّ اللَّه تَعَالَى يُنَزِّلُ، المعَونَةَ عَلَى قَدْرِ المَئُونَةِ، وَيُنَزِّلُ الصَّبْرَ على قَدْر البَلاء". (عد) وابن لال عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: وكذا خرجه البيهقي في الشعب، وكأن المؤلف أغفله ذهولا، وفيه عبد الرحيم بن واقد أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: ضعفه الخطيب عن وهب بن وهب، قال أحمد وغيره: كذاب لكن يأتي ما يقويه بعض قوة. قلت: في هذا أمور، الأول: قوله: وكان المؤلف أغفله ذهولا كذب منه فإن المؤلف ما أغفله لأن البيهقي خرج الحديث بلفظ: "المعونة" [10/ 181]، وقد ذكره المصنف فيما سيأتي قريبا على حسب الترتيب. كذلك وعزاه للحكيم والبزار وأبي أحمد الحاكم والبيهقي في الشعب، والشارح عالم بذلك لأنه قال: لكن يأتي ما يقويه بعض قوة، وهو يقصد هذا الحديث الذي رآه في كلام المصنف معزوا إلى البيهقي، فلذلك قلت: إنه كاذب ملبس. الثاني: أنه قال في الكبير: فيه عبد الرحيم بن واقد، وفي الصغير: عبد الرحمن بن واقد. الثالث: أنه أعله في الكبير بابن واقد وبوهب بن وهب، واقتصر في الصغير على ذكر بن واقد وذلك جهل منه بصناعة الحديث، فإن الاختصار لا يدخل العلة في الحديث: ولو عكس واقتصر على ذكر وهب بن وهب وحذف ابن واقد لكان قد قارب الصواب، لأن ابن وهب متهم بخلاف ابن واقد. والحديث أخرجه الديلمي في مسند الفردوس من طريق ابن لال، وابن لال خرجه من طريق الحارث بن أبي أسامة، وهو عند الحارث في مسنده، قال: حدثنا عبد الرحيم بن واقد حدثنا وهب بن وهب ثنا عباد بن كثير عن أبي

الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به. 936/ 1946 - "إنَّ اللَّه يُوصيكُمْ بأمَّهَاتكم ثلاثا، إنَّ اللَّه يُوصيكُم بآبَائكُم مَرَّتَين، إن اللَّه يوصيكُم بالأقْرب فالأقرْب". (خد. هـ. طب. ك) عن المقدام قال في الكبير: فيه إسماعيل بن عياض، قال الحاكم: إنما نقم عليه سوء الحفظ فقط، وقال الهيثمي: هو ضعيف، قال ابن حجر: وأخرجه البيهقي بإسناد حسن. قلت: إسماعيل بن عياش إنما رواه من طريقه ابن ماجه [رقم 3661] ومَنْ بعده، أما البخاري في الأدب فرواه من غير طريقه [رقم 60] فقال: حدثنا حيوة بن شريح ثنا بقية عن بحير عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب به. وقال البيهقي [4/ 179]: أنا الحاكم وأبو سعيد بن أبي عمرو وأبو بكر القاضي قالوا: ثنا أبو العباس الأصم ثنا أبو عتبة ثنا بقية به. وقال أبو بكر الربعي السدار في جزئه: أخبرنا أحمد بن عامر بن المعمر حدثنا هشام بن عمار ثنا يحيى بن حمزة ثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان به. قلت: وكأن لهشام بن عمار فيه طريقين، فقد رواه ابن ماجه عنه عن إسماعيل ابن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان به. ومن طريق إسماعيل بن عياش أخرجه أبو القاسم الحرفي في فوائده قال: حدثنا أحمد بن سلمان ثنا هلال بن العلاء ثنا أبي ثنا إسماعيل بن عياض به. 937/ 1947 - "إنَّ اللَّه يُوصِيكُم بالنِّسَاء خَيْرًا فَإنَّهُنَّ أمَّهَاتُكم،

وبَنَاتُكم، وخَالاتُكم، إنَّ الرَّجُلَ من أهْل الكتابِ يَتَزَوَّجُ المرأةَ وَمَا تَعْلُقُ يَداهَا الخَيْطَ، فَمَا يَرْغَبُ وَاحدٌ منْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ". (طب) عن المقدام قال في الكبير: قال الهيثمي: رجاله ثقات إلا أن يحيى لم يسمع عن المقدام، ورواه عنه -أيضًا- أحمد وأبو يعلى فاقتصار المصنف على الطبراني غير حميد. قلت: بل افتراء الشارح غير حميد، فالحديث ما خرجه أحمد ولا رأيته في مسنده، وكذلك الحافظ الهيثمي [4/ 302] الذي جمع زوائده على الكتب الستة، وكذلك زوائد أبي يعلى عليها لم يعزه إليهما أيضًا، بل أورد الحديث ثم قال: روى له ابن ماجه -أي للمقدام-: "إن اللَّه يوصيكم بأمهاتكم، إن اللَّه يوصيكم بآبائكم، إن اللَّه يوصيكم بالأقرب فالأقرب" فقط رواه الطبراني ورجاله ثقات إلا أن يحيى بن جابر لم يسمع من المقدام اهـ. 938/ 1949 - "إنَّ الأرْضَ لَتَعُجُّ إلى اللَّهِ تَعَالى من الَّذينَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ ريَاءً". (فر) عن ابن عباس قال الشارح: بسند ضعيف. وقال في الكبير: ورواه عنه -أيضًا- الحاكم ومن طريقه خرجه الديلمي مصرحا، فعزو المصنف الحديث للفرع وإضرابه عن الأصل صفحا تقصيرا أو قصورا، وفي الميزان ما محصله أنه خبر باطل اهـ، ولعله لأن فيه سهل بن عمار، قال في الضعفاء: رماه الحاكم بالكذب وعباد بن منصور وقد ضعفوه. قلت: في هذا عجائب، الأولى: أنه صرح في الكبير بأن الحديث باطل، ثم تراجع في الصغير فقال: إنه ضعيف جدًا، والحق ما قاله الذهبي؛ إذ الحديث باطل موضوع جزما، والمصنف ملام على ذكره في هذا الكتاب.

الثانية: كان الواجب على الشارح إذ حكم عليه بالقصور أو التقصير في عدم عزوه للحاكم وعزاه هو إليه أن يبين في أي كتاب خرجه الحاكم، فإن له كتبا كثيرة أشهرها: المستدرك والتاريخ، فإذا لم يعين الكتاب ولم يعرفه فكان الواجب عليه أن يسلك طريقة المصنف التي هي طريقة العلماء المحققين ويعزوه إلى الديلمي الذي رأى الحديث فيه محققا دون غيره، فلو طُولب بتعيين الكتاب لعجز عن ذلك، فكيف لا يستحي من إلصاق العيب بالأبرياء؟ الثالثة: أنه حكم على المصنف بالقصور أو التقصير رغبة منه في إطلاق هذه الألفاظ عليه دون أن يكون أدنى موجب لها، فالقصور يلمز به المصنف لو لم يطلع على ما اطلع عليه المناوي، والواقع أن المصدر واحد فالمصنف رأى الحديث في مسند الفردوس للديلمي مسندا من طريق الحاكم، والشارح كذلك رآه في الديلمي بعد أن أرشده المصنف إليه، فكيف يستدرك عليه بأمر سبقه إلى رؤيته وهو المرشد له إليه؟! لكن المصنف حافظ إمام محقق لم يقدر أن يعزو الحديث إلى كتاب لم يتحققه فاقتصر على ما رآه. الرابعة: قوله: وفي الميزان ما محصله أن الخبر باطل، عبارة فيها تدليس وتلبيس، فإن قوله: ما محصله يقتضي أنه لخص ذلك من كلام طويل، والواقع أن الذهبي قال عن الحديث: خبر باطل، فأي لزوم لقول الشارح: ما محصله؟!. الخامسة: قوله: ولعله لأن فيه سهل بن عمار فضول منه ودخول فيما ليس من شأنه، فالحديث ذكره الذهبي في الميزان في ترجمة أبي حكيم الأزدي واتهمه به، فقال ما نصه: أبو حكيم الأزدي عن عباد بن منصور بخبر باطل، تكلموا فيه، روى يزيد بن هارون: ثنا أبو حكيم الأزدي عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: "إن الأرض لتضج إلى ربها من الذين يلبسون الصوف رياء" تفرد به عبد اللَّه بن أحمد الحداد عنه اهـ.

وسبقه إلى هذا ابن حبان كما سأذكره، فكيف ساغ له بعد هذا أن يبدي هو رأيه ويعلله بسهل بن عمار؟! كأنه رأى أنه أعرف من الذهبي بعلل الحديث فأراد أن يظهر علمه فأخطأت استه الحفرة، بن عمار برئ من الحديث لوروده من غير طريقه، قال ابن حبان في الضعفاء في ترجمة أبي الحكيم الأزدي [3/ 156]: حدثنا محمد بن المسيب ثنا عبد اللَّه بن أحمد الحداد ثنا يزيد بن هارون ثنا أبو حكيم الأزدي عن عباد منصور عن عكرمة عن ابن عباس به. وقال ابن حبان: أبو حكيم شيخ يروى المناكير عن أقوام ضعاف ويأتي عن الثقات بما لا يتابع عليه، قال: وعباد قد تبرأنا من عهدته أيضًا اهـ. فبان خطأ الشارح في تعليله الحديث بسهل بن عمار لوروده من غير طريقه. ثم إن الديلمي رواه من طريق محمد بن عبيد الهمداني عن عباد بن منصور، فإن لم يكن وقع في السند تدليس فيجب أن تبقى الهمة محصورة في عباد بن منصور. 939/ 1950 - "إنَّ الأَرْضَ لَتُنَادى كُلَّ يَوم سَبْعينَ مَرَّةً: يَا بَني آدَمَ كُلُوا مَا شئتُم واشْتَهَيْتُمْ، فَوَاللَّه لأكلَنَّ لُحُومَكُمْ وَجُلُودَكمْ". الحكيم عن ثوبان قلت: سكت عنه الشارح، وفي بعض نسخ المتن الرمز له بعلامة الصحيح، وهو غلط فاحش، فإن الحديث منكر باطل لأنه من رواية عباد بن منصور وهو متروك صاحب مناكير، والراوي عنه متكلم فيه، وشيخ الحكيم متهم أيضًا، قال الحكيم في الأصل التسعين ومائة: أخبرنا الحبلي عن عبد اللَّه بن عمرو. وقال الحاكم: ثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ ثنا محمد بن إسماعيل بن مهران ثنا أبو

الطاهر أنبأنا ابن وهب به مثله. وهكذا عزاه الهيثمي في الزوائد للطبراني من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فلم تبق ثقة بكلام هذا الشارح. 940/ 1959 - "إِنَّ البَرَكةَ تَنْزلُ وَسْطَ الطَّعَام فَكُلُوا من حَافَاتِه، ولا تأكُلُوا من وسْطه". (ت. ك) عن ابن عباس قلت: أخرجه أيضًا الطحاوي في مشكل الآثار (ص 55 من الجزء الأول)، وأبو الحسن علي بن المفرج الصقلي في فوائده، قال: أخبرني محمد بن الحسين بن أحمد قراءة عليه ثنا أبو القاسم الحسين بن علي ثنا عبيد اللَّه بن الحسين ثنا سليمان بن شعيب ثنا أسد ثنا ورقاء بن عمر عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعًا: "إن البركة تنزل في ذروة الثريد فكلوا من حافته". وانظر: "كلوا في القصعة من جوانبها" الآتي. 941/ 1961 - "إِنَّ البَيْتَ الذي يُذكرُ اللَّه فيه لَيُضِئُ لأهْل السَّمَاء كمَا تُضئُ النُّجُومُ لأهْل الأرض". أبو نعيم في المعرفة عن سابط قلت: قال أبو نعيم: حدثنا عبد اللَّه بن المنذر العاقولي ثنا أبو طلحة محمد بن محمد بن عبد الكريم ثنا يزيد بن عمرو الغنوي ثنا بائل بن نجيح ثنا قطن (¬1) العباسي عن الحسن بن عمارة عن طلحة عن عبد الرحمن بن سابط عن أبيه سابط بن أبي حُميضَة به. والحسن بن عمارة متروك، وطلحة إن كان هو الحضرمي فكذلك، لكن قال ¬

_ (¬1) كتب فوقها المؤلف الرمز (ض) وكتب في الهامش: قطب.

الديلمي في مسند الفردوس: رواه عبد الرزاق عن معمر عن ليث عن ابن سابط. 942/ 1965 - "إِنَّ الخَصْلَةَ الصَّالحةَ تكُونُ في الرجل فَيُصْلحُ اللَّهُ له بها عَمَلَه كُلَّه، وطُهُورُ الرجل لصَلاته يكفِّرُ اللَّهُ به ذُنُوبَه، وتبْقَى صَلاتُه له نَافلةً". (ع. طس. هب) عن أنس قال (ش): بإسناد حسن. وقال في الكبير: قال الهيثمي: فيه بشار بن الحكم ضعفه أبو زرعة وابن حبان، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. قلت: كم مرة يحسن المصنف الحديث فيتعقبه الشارح بأن في سنده فلانا وهو ثقة صدوق إلا أن فلانا قال: فيه لين، ويكون ذلك الرجل ثقة على الإطلاق من رجال الصحيحين، فما باله الآن حسن حديثا في سنده رجل ضعفه أبو زرعة وابن حبان؟! ذلك لأن هذا حسنه غير المصنف. والحديث خرجه أيضًا محمد بن نصر في قيام الليل، قال: حدثنا محمد بن يحيى ثنا المعلى بن أسد ثنا بشار بن الحكم أبو زيد الضبي ثنا ثابت عن أنس، فذكره مختصرا. 943/ 1968 - "إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ للَّه ولكتَابه ولرسُولِهِ ولأئِمَّةِ المسلمين وعَامَّتِهم". (حم. م. د. ن) عن تميم الداري (ت. ن) عن أبي هريرة (حم) عن ابن عباس قلت: في الباب عن جماعة، انظر: "الدين النصيحة" في حرف "الدال" و

"رأس الدين النصيحة" في حرف "الراء" ومستخرجنا على مسند الشهاب. 944/ 1969 - "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلا غَلَبَه، فَسَدِّدُوا، وَقَارِبُوا، وَأبْشرُوا، واستَعِينُوا بالغَدْوَة، والرَّوْحَة، وشئ من الدُّلْجَةِ". (خ. ن) عن أبي هريرة. قلت: في الباب عن بريدة يأتي في حرف "العين": "عليكم هديا قاصدا"، وعن عروة الفقيمي في التاريخ الكبير للبخاري (ص 30 من الجزء الرابع)، وحديث أبي هريرة المذكور هنا خرجه أيضًا ابن قتيبة في عيون الأخبار (ص 326 من الجزء الأول). 945/ 1973 - "إِنَّ الرجلَ لَيتكلَّمُ بالكلمة من رضوان اللَّه تعالى ما يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، فيكتبُ اللَّهُ له بها رضوانَه إلى يوم القيامة، كان الرجلَ ليتكلمُ بالكلمة من سخط اللَّه، ما يظنُّ أنْ تبلغَ ما بلغتْ، فيكتبُ اللَّهُ عليه بها سخطَهُ إلى يوم القيامَة". مالك (حم. ت. ن. هـ. حب. ك) عن بلال بن الحارث قلت: وقع في سند هذا الحديث بعض اختلاف بنقص علقمة في قول بعض الرواة، ولكن القول فيه قول الأكثرين من الحفاظ كما يبين ذلك الحاكم في المستدرك فأجاد وذلك في كتاب الإيمان منه [1/ 46]. وخرجه أيضًا أحمد في الزهد كما خرجه في المسند [3/ 469]، والبيهقي في السنن في كتاب قتال أهل البغي، وأبو نعيم في الحلية في ترجمة عبد اللَّه بن المبارك [رقم 490]. وفي الباب عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، وسيذكرها المصنف قريبا لأنه خالف ترتيبه فيهم؛ إذ كان الواجب ذكرهما عقب هذا.

وعن أبي أمامة أخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة يوسف بن أسباط [8/ 248]. 946/ 1974 - "إِنَّ الرجلَ لَيُوضَعُ الطَّعَامُ بينَ يديه فَمَا يُرْفَعُ حتى يُغْفَرَ لَه، يقولُ: "بسم اللَّه" إذا وُضِعَ، و"الحمدُ للَّه" إذا رُفِعَ". الضياء عن أنس قلت: أخرجه أيضًا الديلمي في مسند الفردوس قال: أخبرنا الدوني أخبرنا ابن الكسار حدثنا علي بن الحسن بن أقطبة ثنا الحسين بن علي الصدائي ثنا عبيد بن إسحاق ثنا مندل عن عبد الوارث عن أنس به. وهو سند ضعيف. 947/ 1975 - "إِنَّ الرجلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بالذَّنْبِ يُصِيبُه، ولا يَرُدُّ القَضَاءَ إلا الدُّعَاء ولا يزيدُ في العُمْرِ إلَّا البِرُّ". (حم. ن. هـ. حب. ك) عن ثوبان قلت: النسائي خرجه في الكبرى وخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 10] وغيره بتقديم: "لا يرد القضاء إلا الدعاء"، وسيأتي ذكر أسانيده هناك إن شاء اللَّه تعالى. وقال ابن أبي حاتم في التفسير: ذكر عن أحمد بن الصباح أنبأنا بشر بن زاذان عن عمر بن صبح عن ليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن سابط عن ابن مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إياكم والمعاصي، إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقا قد كان هيئ له، ثم تلا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} قد حرموا خير سنتهم بذنبهم، عمر بن صبح قال ابن حبان: يضع الحديث. 948/ 1977 - "إنَّ الرجلَ إذَا نَظَرَ إلى امرَأته وَنَظَرتْ إليه نَظَر اللَّهُ

تعالى إليهما نَظْرَةَ رَحْمَة فَإذا أخَذَ بكفِّها تَسَاقَطت ذُنُوبُهما من خلال أصابعهما". ميسرة بن عدي في مشيخته زاد الشارح: المشهورة، والرافعي في تاريخ قزوين عن أبي سعيد. قلت: هذا حديث باطل موضوع، وقول الشارح عن مشيخة ميسرة أنها مشهورة قياس فاسد أخذه من قول الحفاظ عن بعض الأجزاء كجزء الحسن بن عرفة المشهور، فظن أن كل جزء وكل مشيخة يقال عنها: مشهورة، وذلك غلط فإن المشيخة المذكورة ما هي مشهورة ولا متداول ذكرها ولا النقل منها عن أحد من المحدثين إلا على قلة. 949/ 1978 - "إنَّ الرجلَ لينصرفُ وما كُتبَ لَه إلا عُشْرُ صَلاته، تُسُعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدُسُهَا، خُمُسُهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا". (حم. د. حب) عن عمار قال الشارح في الكبير: قال العراقي: إسناده صحيح، ولفظ رواية النسائي: "إن الرجل يصلى ولعله لا يكون له من صلاته إلا عشرها أو تسعها أو ثمنها أو سبعها، حتى انتهى إلى آخر العدد"، وفي رواية له أيضًا: "منكم من يصلي الصلاة كاملة ومنكم من يصلي النصف والثلث والربع حتى بلغ العشر"، قال الحافظ الزين العراقي: رجاله رجال الصحيح، وسبب الحديث كما في رواية أحمد أن عمار بن ياسر صلى صلاة فأخف بها فقيل له: يا أبا اليقظان خففت، فقال: هل رأيتموني نقصت من حدودها شيئًا؟؟ قالوا: لا. قال: قد بادرت سهو الشيطان، إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:. . . فذكره. قلت: في هذا أمور، الأول: ما نقله عن العراقي من قوله: إسناده صحيح هو كذلك بحسب ظاهر الإسناد وإلا فهو معلول بالاضطراب، فقد وقع في سنده اضطراب على أقوال متعددة، القول الأول وهو الأكثر: ما رواه ابن

عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عمر بن الحكم عن عبد اللَّه بن عنمة قال: رأيت عمار بن ياسر دخل المسجد فصلى فأخف الصلاة، قال: فلما خرج قمت إليه فقلت: يا أبا اليقظان لقد خففت. . . إلخ ما حكاه الشارح. هكذا رواه أحمد عن صفوان بن عيسى [2/ 271]: أخبرنا ابن عجلان. ورواه البيهقي من طريق أبي عمرو إسماعيل بن نجيد السلمي: أنبأنا أبو مسلم ثنا أبو عاصم عن ابن عجلان به. ورواه أبو داود [رقم 796] عن قتيبة بن سعيد عن بكر بن مضر عن ابن عجلان به. ورواه الطحاوي في مشكل الآثار من طريق حيوة بن شريح وسعيد بن أبي أيوب والليث بن سعد كلهم عن ابن عجلان به مثله. القول الثاني: عن المقبري عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبيه أن عمارًا صلى ركعتين فقال له عبد الرحمن بن الحارث: "يا أبا اليقظان لا أراك إلا قد خففتهما. . . " الحديث مثله، رواه أحمد عن يحيى بن سعيد عن عبيد اللَّه بن عمر حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري به. ورواه البخاري في التاريخ عن صدقة عن يحيى بن سعيد به مثله. القول الثالث: عن المقبري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: "رأيت عمار بن ياسر صلى ركعتين. . . " الحديث رواه الطيالسي في مسنده: ثنا العمري حدثني سعيد المقبري به. القول الرابع: عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة، رواه البخاري في التاريخ عن عبد اللَّه بن صالح: حدثني الليث عن خالد عن سعيد بن أبي هلال عن عمر بن الحكم الأنصاري عن أبي اليسر كعب بن عمرو صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن رسول اللَّه قال: "إن منكم من يصلي الصلاة كاملة ومنكم من يصلي النصف والربع والخمس حتى

بلغ العشر"، رواه الطحاوي في مشكل الآثار: حدثنا يوسف بن يزيد ثنا حجاج بن إبراهيم ثنا عبد اللَّه بن وهب عن عمرو ابن الحارث عن سعيد بن أبي هلال به، هكذا قال: حجاج عن ابن وهب، وقال أحمد بن عبد الرحمن: عنه عن عمرو بن الحارث حدثني عمر بن الحكم دون واسطة سعيد. القول الخامس: عن عمر بن الحكم عن أبي لاس الخزاعي قال: قلت لعمار فقال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه، رواه البخاري في التاريخ الكبير عن عمرو بن محمد: ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثنى محمد بن إبراهيم التيمي عن عمر بن الحكم به. وقد قيل: أبو لاس الخزاعي هذا هو عمر بن عنمة السابق، هكذا نقل عن علي ابن المديني مع أن ابن عنمة مزني وهذا خزاعي. القول السادس: عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: "دخل عمار بن ياسر المسجد فصلى فيه ركعتين خفيفتين فقال له عبد الرحمن بن الحارث: لقد خففتهما، فقال: إني بادرت السهو إني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: إن أحدكم يصلي ثم لا يكون له من صلاته عشرها ولا تسعها ولا ثمنها ولا سبعها ولا سدسها حتى انتهى في العدد"، رواه الدارقطني في الأفراد قال: حدثنا أبو محمد بن صاعد ثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثني أبي ثنا عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث به. الأمر الثاني: إطلاق الشارح العزو إلى النسائي يفيد أنه في المجتبى الذي هو أحد الكتب الستة وليس كذلك فإنه ما خرجه في الصغرى. الأمر الثالث: قوله: وليس الحديث كما في رواية أحمد غلط، فإن ذلك سبب التحديث لا سبب الحديث؛ لأن سبب الحديث هو ما كان واردا لأجله وهذا إنما كان سببًا لتحديث عمار بن ياسر به.

950/ 1980 - "إنَّ الرَّجُلَ لا يَزَالُ في صحَّة من رأيه مَا نَصَحَ لمُسْتَرْشِدِه، فَإذَا غَشَّ مُسْتَرشِدَه سَلَبَهُ اللَّهُ تعالى صحَّةَ رأيه". ابن عساكر عن ابن عباس قلت: هذا حديث موضوع. 951/ 1985 - "إن الرجلَ إذَا مَاتَ بغَير مَولِده قيسَ له من مَوْلِدِه إلى مُنْقَطِع أثَرِهِ في الجنَّةِ". (ن. هـ) عن ابن عمرو قلت: أخرجه أحمد في مسنده [2/ 177]: حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثني حيي بن عبد اللَّه عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد اللَّه بن عمرو قال: "توفى رجل بالمدينة فصلى عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ياليته مات في غير مولده، فقال رجل من الناس: لم يا رسول اللَّه؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . ." وذكره. وقال ابن طاهر في صفوة التصوف: أنا القاضي أبو منصور محمد بن أحمد الفقيه الأصفهاني ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد اللَّه بن خرشيد قوله ثنا أبو بكر عبد اللَّه بن محمد بن زياد النيسابوري ثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا ابن وهب قال: حدثني حيي بن عبد اللَّه به. 952/ 1989 - "إنَّ الرجلَ لَيُدرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ القائِم باللَّيل، الظامئ بالهَواجِرِ". (طب) عن أبي أمامة قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه عفير بن معدان وهو ضعيف اهـ، ورواه الحاكم من حديث أبي هريرة وقال: على شرطهما، وأقره الذهبي، فلو آثره

المصنف لصحته كان أولى من إيثاره هذا لضعفه. قلت: لفظ حديث أبي هريرة عند الحاكم [1/ 60]: "إن اللَّه ليبلغ العبد بحسن خلقه درجة الصوم والصلاة". وهذا اللفظ قد فات موضعه في حرف "إن اللَّه"، والعجب أن الحاكم خرج قبل حديث أبي هريرة مباشرة حديث عائشة بلفظ: "إن الرجل ليدرك" كما هنا، فما اختار الشارح الاستدراك إلا بما لا يصلح للاستدراك كأنه حليف الأخطاء والأوهام وعدم الإصابة في القول والنقل، فلو آثر حديث عائشة على حديث أبي هريرة لأصاب. وفي الباب أيضًا عن أبي سعيد وأبي الدرداء وعبد اللَّه بن عمر وعلي وعبد اللَّه ابن عمرو بن العاص، ذكرت الجميع مسندا في مستخرجي على مسند الشهاب، وانظر: "إن المؤمن" و"ما من شيء أثقل في الميزان" من الأصل. 953/ 1991 - "إنَّ الرجلَ لَيَطْلُبُ الحَاجَةَ فَيَزْويهَا اللَّهُ تَعالى عَنْهُ لمَا هو خيرٌ لهُ، فَيَتَّهِمُ النَّاسَ ظُلمًا لَهُم فيقولُ: مَنْ سَبَعَني". (طب) عن ابن عباس قال الشارح: قال الهيثمي: فيه عبد الغفور أبو الصباح وهو متروك. فك: له طريق آخر بسياق أوسع مما هنا، قال أبو نعيم في الحلية [3/ 305]: حدثنا محمد بن المظفر ثنا أحمد بن حمير بن يوسف ثنا علي بن معبد ثنا صالح بن بيان ثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن العبد ليشرف على حاجة من حوائج الدنيا فيذكره اللَّه من فوق سبع سموات فيقول: ملائكتي إن عبدي هذا قد أشرف على حاجة من حوائج الدنيا فإن فتحتها له فتحت له بابًا إلى النار ولكن ازووها عنه، فيصبح العبد عاضا على أنامله يقول: مَنْ سَبَعني من دهاني؟ وما هي إلا رحمة رحمه اللَّه بها". قال أبو نعيم: غريب من حديث شعبة تفرد به صالح. قلت: وهو متروك أيضًا.

تنبيه: اضطرب الشارح في ضبط كلمة سبعني فقال في الكبير: بالشين المعجمة والباء الموحدة والعين، وزعم أن ذلك بضبط المصنف بخطه، ومعناه: مَنْ تزين بالباطل وعارضني فيما سألته من الأجر مثلًا، وكتب في الصغير: بفتح السين المهملة على ما في بعض الحواشي والموحدة والعين المهملة أي: مَنْ تزين بالباطل وعارضني فيما طلبته. . . إلخ ما قال، فالمعنى لم يتغير عنده واللفظ تغير من الكبير إلى الصغير، وكل ما ذكره باطل، فإن المعنى الذي ذكره مع بعده وعدم ارتباطه بالكلام يقال فيه: تشبع أي ادعى ما ليس له وتظاهر بما لا يملك، وهذا لا يتفق مع شبعني كما هو واضح. والواقع أن الكلمة بالسين المهملة والياء آخر الحروف أي: مَنْ أضاعني؟ 954/ 1996 - "إنَّ الرجل لَيُصَلِّي الصَّلاةَ ولَمَا فَاتَه منْهَا أَفْضَلُ مِنْ أهْله وَمَالِهِ". (ص) عن طلق بن حبيب قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أنه لم يقف عليه مسندًا وهو قصور؛ فقد خرجه ابن منيع والديلمي من حديث أبي هريرة باللفظ المزبور. قلت: هذا كذب صراح فحديث أبي هريرة باللفظ المزبور ولكنه بلفظ: "إن العبد ليصلي الصلاة في آخر وقتها ولم تفته، ولما فاته من أول وقتها خير له من الدنيا وما فيها"، فهذا حقه أن يذكر فيما بعد في حرف "إن" مع العين، والشارح يعلم هذا ولكنه يدلس. ثم قضية صنيعه أنه لم ير حديث أبي هريرة مخرجًا فيما هو أشهر مما ذكر، وذلك قصور، فإن حديث أبي هريرة خرجه الدارقطني كما ذكره العراقي في المغنى وهو من أهم مصادر الشارح فهو قصور عجيب. 955/ 1997 - "إنَّ الرَّحْمَةَ لا تَنْزِلُ على قَومٍ فيهم قَاطِعُ رَحِم". (خد) عن ابن أبي أوفى

قال الشارح: بفتحات. وزاد في الكبير: ورواه عنه أيضًا الطبراني وضعفه المنذري، وقال الهيثمي: فيه أبو داود المحاربي وهو كذاب. قلت: في هذا غلطتان، الأولى: قوله: أوفى بفتحات، والصواب بسكون الواو كما نبهنا عليه مرارا. الثانية: نقله عن الهيثمي أنه قال: فيه أبو داود، وما قال الهيثمى ذلك ولكنه قال: أبو آدم وهي كنية الرجل لا أبو داود. والحديث من ثلاثيات البخاري فإنه قال: حدثنا عبيد اللَّه بن موسى قال: أخبرنا سليمان أبو آدم قال: سمعت عبد اللَّه ابن أبي أوفى به. وهو أيضًا من ثلاثيات محمد بن أسلم الطوسي الزاهد فإنه قال: حدثنا محمد بن عبيد ثنا سليمان بن يزيد المحاربي هو أبو آدم به. وأسنده الذهبي في التذكرة من طريقه. والحديث في نقدي موضوع، فإن راويه كذاب، وقد ذكر لوروده سببًا ظاهر البطلان، قال أبو الليث في التنبيه: حدثنا الحاكم أبو الحسن علي السرمري ثنا أبو محمد عبد اللَّه بن الأحوص ثنا الحسن بن علي بن عفان ثنا هانئ بن سعيد الحنفي عن سليمان بن يزيد عن عبد اللَّه بن أبي أوفى قال: "كنا جلوسًا عشية عرفة عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا يجالسني من أمسى قاطع الرحم إلا قام عنا، فلم يقم أحد إلا رجل كان من أقصى الحلقة، فمكث غير بعيد ثم جاء، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: مالك لم يقم أحد من الحلقة غيرك؟ قال: يا نبي اللَّه، سمعت الذي قلت فأتيت خالة لي كانت تصارفني فقالت: ما جاء بك؟ ما هذا من دأبك، فأخبرتها بالذي قلت فاستغفرت لي واستغفرت لها، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أحسنت

اجلس، ألا إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم". فهذا سياق ظاهر النكارة، ومع هذا كله فإن سليمان اضطرب فيه فمرة قال: عن عبد اللَّه بن أبي أوفى، ومرة قال: عن أنس. قال ابن شاهين في الترغيب: حدثنا عبيد اللَّه بن أحمد بن ثابت ثنا أبو سعيد الأشج ثنا القاسم بن مالك المزني عن سليمان بن زيد أبي آدم عن أنس بن مالك قال: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: لا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطع رحم". 956/ 2008 - "إنّ السَّعَادةَ كُلَّ السَّعَادَةِ طُولُ العُمْرِ في طاعةِ اللَّه". (خط) عن المطلب عن أبيه قال الشارح: "المطلب" هو ابن ربيعة بن الحارث الهاشمي عن أبيه ربيعة وله ولأبيه صحبة: كما في الكاشف وسبقه إلى ذلك ابن الأثير مع الإيضاح فقال: ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب القرشي الهاشمي ابن عم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو الذي قال فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نعم الرجل ربيعة لو قصر شعره وشمر ثوبه"، وابنه المطلب كان غلامًا على عهد المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- وقيل: كان رجلا سكن دمشق وقدم مصر، ثم إن فيه ابن لهيعة وفيه ضعف. قلت: في هذا أوهام، الأول: المطلب هذا ليس هو ابن ربيعة بن الحارث كما يقوله الشارح بل هو غيره، وهو المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب. والحديث مرسل غير موصول، قال: أخبرنا محمد بن عمر بن بكير ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم البزوري المقرئ حدثنا القاضي جعفر بن محمد الفريابي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن ابن الهاد عن المطلب عن أبيه به. والدليل على أن المطلب هذا ليس هو ابن ربيعة أمران: أحدهما: أن ابن الهاد لم يدركه أو لم يدرك الرواية عنه لأن المطلب مات سنة إحدى وستين وابن

الهاد مات سنة تسع وثلاثين ومائة، فيجب أن يكون عمَّر نحو المائة حتى يدرك السماع منه. ثانيهما: أن الحديث وقع فيه إسقاط عند الخطيب [6/ 17]، فقد رواه بقية فقال: حدثنا ابن لهيعة عن ابن الهاد عن المطلب عن أبيه عن ابن عمر، أخرجه الديلمي في مسند الفردوس: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن زنجويه أخبرنا الحسين بن محمد الزنجاني الفلاكي ثنا أبو الحارث علي بن القاسم الخطابي ثنا محمد بن الفضل بن العباس ثنا بقية به. فبان أن رواية الخطيب مرسلة وأن الحديث لابن عمر لا لربيعة بن الحارث وأن المطلب ليس هو ابن ربيعة. الثاني: أنه أعل الحديث بابن لهيعة مع أن الخطيب خرجه في ترجمة إبراهيم ابن أحمد البزورى وقال: لم يكن محمودا في الرواية وكان فيه غفلة وتساهل اهـ. والشارح دائم التعقب للمصنف بعدم ذكر كلام المخرجين الذي ليس هو من شرطه، فما له أغفل هو ذلك وهو من شرطه؟! الثالث: أن ابن لهيعة برئ منه فقد ورد من غير طريقه، قال القضاعي في مسند الشهاب: أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي ثنا محمد عبد اللَّه الحافظ ثنا بكر بن أحمد ابن سهل الحداد بمكة ثنا أبو نعم عبد الرحمن بن قريش ثنا إدريس بن موسى الهروي ثنا موسى بن ناصح ثنا ليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر به، دون "إن" في أوله. وقد ذكره المصنف كذلك فيما سيأتي في حرف السين ولكن الشارح بعيد عن هذا الفن.

957/ 2009 - "إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَنَ وَلَمَنْ ابْتُلِى فَصَبَرَ". (د) عن المقدام قال في الكبير: ابن معد يكرب الكندي، وفي نسخة المقداد قال: وأيم اللَّه لقد سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول، وذكره. قلت: فيه أمور، الأول: الحديث من رواية المقداد بن الأسود، والمقدام تحريف من النساخ. الثاني: قول الشارح: وفي نسخة المقداد لا يدرى هل يريد نسخة من الجامع الصغير أو نسخة من السنن؛ فإن أراد الأول فكان الواجب التنصيص على أنها خطأ وأن الصواب المقداد بن الأسود لأنه نقل الحديث من أصل السنن ورأى فيها المقداد، وأن أراد نسخة من السنن فهو باطل لأن الحديث في سنن أبي داود [رقم 4263] مصرح فيه بالمقداد بن الأسود، وكذلك هو في كتب الأطراف فلم يبق لذكر النسخة هنا معنى على كلا الاحتمالين. الثالث: في آخر الحديث لفظة تركها المصنف كأنه رآها مدرجة لكن أوله مكرر وهو من أصل الحديث اتفاقا، ولفظه عن المقداد بن الأسود قال: "أيم اللَّه لقد سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلى فصبر فواهًا". وأخرجه البزار: حدثنا محمد بن مسكين ثنا عبد اللَّه بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن المقداد بن الأسود موقوفًا عليه من قوله. كذلك أسنده من طريقه ابن الدباغ في معالم الإيمان. 958/ 2011 - "إِنَّ السَّلَام اسمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى وُضِعَ في الأَرْضِ فَأفشُوا السَّلَام بَيْنكُمْ". (خد) عن أنس

قال في الكبير: وفي الباب عن أبي هريرة بلفظ: "إن السلام اسم من أسماء اللَّه تعالى وضعه في الأرض تحية لأهل ديننا وأمانا لأهل ملتنا" رواه الطبراني في الصغير. قلت: حديث أبي هريرة الذي ذكره الشارح في الباب غير لائق لوجهين: أحدهما: أنه من رواية عصمة بن محمد الأنصاري عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وعصمة كذاب، وقد تفرد به عن يحيى كما قال الطبراني، بل قال ابن الجوزي: إنه تفرد به مطلقا ولذلك أورده في الموضوعات. ثانيهما: أنه مع كونه من رواية كذاب فلفظه غير موافق تمامًا لحديث الباب مع أن هناك في الباب ما هو أجود إسنادا وأقرب إلى متن الباب من هذا وهو حديث ابن مسعود، قال الطبراني [10/ 224]: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا سفيان بن بشر ثنا أيوب بن جابر عن الأعمش عن زيد بن وهب عن ابن مسعود قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن السلام اسم من أسماء اللَّه وضعه في الأرض فأفشوه فيكم". وقال ابن حبان في روضة العقلاء: أنبأنا أحمد بن صالح الطبري ثنا الفضل بن سهل الأعرج ثنا محمد بن جعفر المدائني ثنا ورقاء عن الأعمش به مثله، وزاد: "فإن الرجل المسلم إذا مرَّ بالقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب". وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي معاوية عن الأعمش به موقوفًا مختصرًا. ثم وجدت لحديث أبي هريرة طريقا آخر بمثل لفظ حديث الباب، أخرجه المؤمل بن إهاب في جزئه:

حدثني عبد الرزاق أنا بشر بن رافع الحارثي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا: "السلام اسم من أسماء اللَّه وضعه في الأرض فأفشوه بينكم". 959/ 2022 - "إنَّ الشَّيطَانَ ذئْبُ الإنْسَانِ كَذِئب الغَنَم يَأخُذُ الشَّاةَ القَاصيَةَ والنَّاحيَةَ، فإيَّاكم والشِّعَابَ، وعليكم بالجماعة والعامَّة والمسْجدِ". (حم) عن معاذ قلت: أخرجه أيضًا الحارث بن أبي أسامة في مسنده، قال: حدثنا روح بن عبادة ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ثنا العلاء بن زياد عن معاذ به مثله، إلا أنه لم يقل: "والمسجد". وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبي بكر بن خلاد عن الحارث بن أبي أسامة به [2/ 247]. ورواه روح عن شعبة عن قتادة أيضًا، قال السلفي في الوجيز: كتب إلى أبو شجاع عمر بن الحسن البلخي من مكة أنبأنا أبو القاسم أحمد بن محمد بن عبد اللَّه الخليلي ببلخ أنا أبو القاسم علي بن أحمد بن الحسن الخزاعي ثنا الهيثم بن كليب الشاشي ثنا محمد بن عبيد اللَّه المنادى ثنا روح به بمثل اللفظ المذكور هنا وفيه انقطاع لأن العلاء بن زياد لم يسمع من معاذ. ويزعم المعافري في سراج المريدين أنه حديث باطل، قال: ومعناه حق، والجماعة لا تفارق في الاعتقاد والعمل إذا كانوا على حق اهـ، وليس كما قال، ومعرفته بالحديث ضيقة جدا فهو لا يزال فقيها. 960/ 2030 - "إنَّ الشَّيْطَانَ يأتي أحَدَكُم فيقولُ: مَنْ خَلَقَكَ؟ فَيقولُ: اللَّهُ. فيقول: فَمَنْ خَلَقَ اللَّهُ؟ فإذَا وَجَدَ أحَدُكم ذلك فَلْيَقُلْ: "آمَنْتُ باللَّه ورَسُوله"، فإنَّ ذَلك يَذْهَبُ عَنْهُ".

ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان عن عائشة قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير وإلا لما أبعد النجعة وهو عجيب، فقد خرجه أحمد وأبو يعلى والبزار، قال الحافظ العراقي: ورجاله ثقات. قلت: هذا تدليس من الشارح وتلبيس، فلفظ هؤلاء كلهم: "إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول له: من خلقك؟ " الحديث، وهذا غير موضعه كما هو معلوم. 961/ 2031 - "إنَّ الشَّيْطَانَ وَاضعٌ خَطْمَهُ عَلَى قَلْب ابْن آدَمَ فَإنْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالى خَنَسَ وإنْ نَسيَ اللَّه الْتَقَمَ قَلْبَهُ". ابن أبي الدنيا (ع. هب) عن أنس قال الشارح: قال الهيثمي: فيه عدى بن أبي عمارة وهو ضعيف. قلت: قد ذكره ابن حبان في الثقات، وإنما تكلم فيه العقيلي بأن في حديثه اضطرابًا كأنه كان يهم. والحديث أخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب قال: حدثنا أمية بن محمد بن إبراهيم الباهلي ثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ثنا عدي بن أبي عمارة الجرمي ثنا زياد النميري عن أنس به. وقال أبو نعيم في الحلية [6/ 268]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا أحمد بن علي الخزاعي ثنا مسلم بن إبراهيم (ح) وحدثنا حبيب بن الحسن ثنا يوسف القاضي ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قالا: حدثنا عدي بن أبي عمارة الذارع به.

962/ 2035 - "إنَّ الشَّيْطَانَ حَسَّاسٌ لَحَّاسٌ فَاحْذَرُوه عَلَى أنْفُسِكُمُ، فَإنَّهُ مَن بَاتَ وَفي يَده ريحُ غَمر فأصَابَه شيءٌ فَلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ". (ت. ك) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: قال الحاكم: صحيح على شرطهما، واغتر به المصنف فلم يرمز لضعفه وما درى أن الذهبي رده عليه ردا شنيعا فقال: بل هو موضوع فإن يعقوب بن الوليد كذيه أحمد والناس اهـ، وقال الذهبي في موضع آخر: يعقوب بن الوليد الأزدي هذا كذاب واتهم فلا يحتج به، قال: لكن رواه البيهقي والبغوي من وجه آخر من حديث زهير بن معاوية عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، وقال البغوي في شرح السنة: حديث حسن وهما كما قال سهيل بن أبي صالح وإن كان قد تكلم فيه لكنه مقارب فهو من هذا الوجه حسن. قلت: في هذا أمران، أحدهما: أن المصنف لم يغتر بالحاكم كما زعمه الشارح بل رمز لضعفه، وقد رأى تعقب الذهبي على الحاكم وهو كثير النقل منه، والشارح يعلم ذلك ويتحققه. ثانيهما: أن قوله: وقال الذهبي في موضع آخر كذب منه أو سبق قلم فإن هذا لم يقله الذهبي، ولكنه كلام الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب [3/ 151] بالحرف. 963/ 2036 - "إنَّ الشَّيطَانَ يَجْرِي من ابْن آدَمَ مَجْرَى الدَّم". (حم. ق. د) عن أنس (ق. د. هـ) عن صفية قلت: حديث أنس لم يخرجه البخاري إنما خرجه مسلم [في: الدم (24)]. وخرجه الطحاوي في مشكل الآثار [1/ 29].

وحديث صفية خرجه أيضًا أحمد [3/ 156] والطحاوي في المشكل [1/ 29] وفي الباب عن جابر وابن مسعود، فحديث جابر رواه أحمد [رقم 1956]. والدارمي [2/ 320]، والترمذي [رقم 1172] والطحاوي [1/ 29]. وحديث ابن مسعود رواه أبو نعيم في الحلية [9/ 92]، وقد ذكرتها مسندة في المستخرج على مسند الشهاب. 964/ 2041 - "إنَّ الصَّبْرَ عنْدَ الصَّدْمَة الأولَى". (حم. ق. 4) عن أنس قال في الكبير: وكلام المصنف صريح في أن الجماعة كلهم رووه، ورأيت الصدر المناوي استثنى منهم ابن ماجه. قلت: إن كان الصدر المناوي استثنى منهم ابن ماجه كما يقوله الشارح فلعله لأمر لم يفهمه الشارح وإلا فالحديث خرجه ابن ماجه فقال [رقم 1596]: حدثنا محمد بن رمح أنبأنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس به. وهذا الطريق غير الطريق الذي خرج الحديث منه بقية الستة، فإنهم أخرجوه من طريق شعبة عن ثابت عن أنس، فلهذا استثنى الصدر المناوي ابن ماجه، فكأنه ذكر إسناده فقال: روى الجماعة إلا ابن ماجه من طريق شعبة. . . إلخ فلم يفهم الشارح مقصوده لبعده عن صناعة الحديث ودرايته. 965/ 2043 - "إنَّ الصُّدَاعَ والمَليلَةَ لا يَزَالان بالمُؤْمِنِ وَإنَّ ذُنُوبَهُ مثْلَ أحُد فَمَا يَدَعَانه وَعَلَيه منْ ذُنُوبه مثْقَالُ حَبَّة منْ الخَرْدَل". (حم. طب) عن أبي الدرداء قال في الكبير: قال المنذري: فيه ابن لهيعة وسهل بن معاذ، وقال الهيثمي: فيه ابن لهيعة وهو ضعيف.

قلت: ورد الحديث من غير طريقهما لكن وقع فيه اضطراب، قال أحمد [5/ 198]: حدثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا يزيد بن أبي حبيب عن معاذ بن سهل ابن أنس الجهني عن أبيه عن جده أنه دخل على أبي الدرداء فقال: بالصحة لا بالمرض، فقال أبو الدرداء: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول، وذكره. قال في تعجيل المنفعة: كذا وقع في بعض النسخ، وفي بعضها سهل بن معاذ ابن أنس الجهني وهو الصواب، قال الحافظ: سهل بن معاذ مترجم في التهذيب، ولو كان لمعاذ بن سهل أصل لكانت لسهل بن أنس ترجمة وليس كذلك، انتهى. قلت: لكن معاذ بن سهل إن كان وهما فليس هو من بعض نسخ المسند كما يفيده كلام الحسنى بل هو اضطراب من يزيد بن أبي حبيب فقد وجدت الحديث كذلك في الترغيب لابن شاهين، قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد البغوي ثنا أحمد بن إبراهيم العبدي ثنا سعيد بن شرحبيل الكندي ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن معاذ بن سهل بن أنس عن أبيه عن جده مثله. ويحتمل أن يكون الاضطراب من ابن لهيعة، فقد رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده من طريقه عن يزيد بن أبي حبيب فقال: عن معاذ بن عبد اللَّه الجهني عن أبيه عن جده مثله. قال الحارث: ثنا يحيى بن إسحاق ثنا ابن لهيعة به. ورواه سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن يزيد بن أبي حبيب فقال: عن سهل ابن معاذ بن أنس الجهني قال: دخلت على أيي الدرداء فذكره دون ذكر أبيه وجده، أخرجه ابن فيل في جزئه قال: حدثنا أبي رحمه اللَّه ثنا إبراهيم بن هشام الغساني ثنا سعيد بن عبد العزيز

التنوخي به. 966/ 2051 - "إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحلُّ لَنَا، وإنَّ مَوْلَى القَوم مِنْهُم". (ت. ن. ك) عن أبي رافع قال في الكبير: فظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد أعلى من الثلاثة وهو عجيب فقد رواه الإمام أحمد وكأنه ذهل عنه. قلت: نعم لكنك لم تذهل عن سخافتك، فلفظ الحديث عند أحمد [6/ 8]: "يا أبا رافع إن الصدقة حرام على محمد وعلى آل محمد إن مولى القوم من أنفسهم" وهذا على اصطلاح المؤلف موضعه حرف الباء. 967/ 2053 - "إنَّ الصَّفَا الزّلَالَ الذي لا يَثْبُتُ عَليه أقْدَامُ العُلَمَاء الطَّمَعُ". ابن المبارك وابن قانع عن سهيل بن حسان مرسلا قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مسندا وإلا لما عدل لرواية إرْسَالُه، ورواه ابن عدي والديلمي موصولا من حديث أسامة بن زيد وابن عباس وأورده ابن الجوزي في الموضوعات. قلت: الموصول من حديث أسامة بن زيد لا يصح إيراده لأمرين أحدهما: أنه من رواية محمد بن مسلمة عن خارجة بن مصعب عن أبي معن عن أسامة بن زيد، ومحمد بن مسلمة وخارجة واهيان ومن أجلهما أورده ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 234]. ثانيهما: أن الحديث ليس بموصول وأن أسامة بن زيد المذكور ليس هو الصحابي، وإن لم يتفطن لهذا ابن الجوزي ولا المصنف لأن أبا معن لم يدرك أسامة بن زيد بل ولد بعده بزمن طويل ولم يرو عن أحد من الصحابة مطلقا وإنما الإسناد انقلب على راويه أو قصد ذلك بعض الضعفاء المذكورين في الإسناد، والواقع أن أسامة بن زيد هذا هو راوي الحديث عن ابن معن لا

شيخه فيه كما بين ذلك ابن قتيبة في عيون الأخبار فقال: حدثني شيخ لنا عن وكيع عن سفيان عن أسامة بن زيد عن أبي معن الإسكندراني به، وأسامة بن زيد معروف بالرواية عن أبي معن كما هو مذكور في ترجمة أبي معن من كتب الرجال، فاتضح أن الحديث غير موصول من جهة وساقط الإسناد من أخرى. وأما حديث ابن عباس ففيه محمد بن زياد وهو كذاب وضاع، فلعله سرقه من أبي معن وركب له الإسناد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس، وفيه أيضًا عبد الرحمن بن الحسن الأسدي وهو كذاب، فلم يبق نظيفًا يصلح للإيراد إلا مرسل سهيل بن حسان، فإن ابن المبارك قال في باب ذم الدنيا من الزهد له: أخبرنا أبو معن ثنا سهيل بن حسان الكلبي أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال، وذكره، وهو مرسل جيد الإسناد. 968/ 2064 - "إنَّ العَبْدَ لَيُذْنبُ الذَّنْبَ فَيَدْخُلُ به الجنَّةَ، يَكُونُ نُصْبَ عَيْنَيْه تائبًا فَارًّا حَتَّى يَدخلَ به الجنَّةَ". ابن المبارك عن الحسن مرسلا قال الشارح: ولأبي نعيم نحوه. قلت: يريد حديث ابن عمر مرفوعًا: "إن اللَّه لينفع العبد بالذنب يذنبه" وقد سبق. أما حديث الباب فقال ابن المبارك في باب الخوف من الذنوب: أخبرنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن العبد ليذنب الذنب فيدخل به الجنة، قيل: وكيف يكون؟ قال: يكون نصب عينيه تائبًا فارا حتى يدخل الجنة". ورواه أحمد آخر الزهد له [ص: 474]: ثنا حسين بن محمد ثنا المبارك عن الحسن به مثله.

969/ 2065 - "إنَّ العَبْدَ إذَا كَانَ هَمُّهُ الآخرةَ كَفَّ اللَّهُ تَعالى عليه ضَيْعَتَه، وجَعَلَ غنَاهُ في قَلْبه، فَلا يُصْبحُ إلا غَنيًّا، ولا يُمْسِي إلا غَنِيًّا، وإذَا كانَ هَمُّه الدنيا أَفْشَى اللَّه تعالى ضَيْعَتَه، وجَعَلَ فَقْرَهُ بين عَيْنَيْه، فَلا يُمسي إلا فَقيرًا، ولا يُصْبحُ إلا فَقيرًا". (حم) في الزهد عن الحسن مرسلا قلت: قال أحمد في الزهد: ثنا روح ثنا عوف عن الحسن به. ورواه أبو نعيم في الحلية [1/ 72] عنه مطولا بسياق آخر يأتي إن شاء اللَّه في حديث: "من زهد في الدنيا". 970/ 2073 - "إنَّ العبدَ آخذٌ عن اللَّه تعالى أدَبًا حَسنًا، إذَا وَسَّعَ اللَّهُ عليه وَسَّعَ، وَإذَا أمْسَكَ عليه أمْسَكَ". (حل) عن ابن عمر قلت: قال أبو نعيم [6/ 315]: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم في كتابه وحدثني عنه منصور بن أحمد ابن ممية ثنا جعفر بن كزال ثنا إبراهيم بن بشير المكي ثنا معاوية بن عبد الكريم عن أبي حمزة عن ابن عمر به، ثم قال: غريب من حديث معاوية مسندا متصلا مرفوعًا وإنما يحفظ هذا من قبل الحسن مستشهدا بقول تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ. . .} الآية. قلت: أخرجه أبو الشيخ في كتاب النوادر والنتف له وهو في عشرة أجزاء، فقال في الجزء الأول منه: حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر ثنا عبد الواحد بن غياث ثنا سعد بن براز عن الحسن قال: "المؤمن أخذ عن اللَّه أدبا حسنًا. . ." فذكره.

وأخرجه الحاكم في علوم الحديث في نوع المعضل، فقال: والنوع الثاني من المعضل أن يعضله الرواي من أتباع التابعين فلا يرويه عن أحد ويوقفه فلا يذكره عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم يوجد ذلك الكلام عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- متصلًا، مثاله ما حدثناه إسماعيل بن أحمد الجرجاني أنا محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني ثنا عثمان بن محمد الدعلجي ثنا خليد بن دعلج قال: سمعت الحسن يقول: "أخذ المؤمن عن اللَّه أدبا حسنا. . ." فذكره، ثم قال الحاكم: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه الشافعي ثنا جعفر بن محمد بن كزال بسنده السابق عند أبي نعيم مرفوعًا. وأخرجه كذلك مرفوعًا البندهي في شرح المقامات قال: أخبرنا أبو الفتح نصر بن سيار بن صاعد الكناني بقراءتي عليه وأبو عبد المعز ابن عبد الواسع بن عبد الهادي الأنصاري في كتابه وآخرون قالوا: أنا أبو سهل نجيب بن ميمون بن سهل الواسطي أنا أبو علي منصور بن عبد اللَّه بن خالد ثنا أبو بكر محمد بن عثمان بن ثابت الصيدلاني ثنا جعفر بن محمد بن كزال به، ولفظه: "إن المؤمن أخذ عن اللَّه أدبا حسنا فإذا وسع عليه وسع على نفسه وإذا أمسك عنه أمسك". وأخرجه علي بن عبد العزيز بن مردك في فوائده قال: حدثنا علي بن محمد بن عبيد الحافظ ثنا جعفر بن محمد البزار ثنا إبراهيم بن بشير المكي به مثله، ثم قال: تفرد به إبراهيم بن بشير وهو مجهول، والحديث غير محفوظ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. 971/ 2080 - "إنَّ الغَضَب منَ الشيطَان وإنَّ الشَّيْطَان خُلِقَ منَ النَّار وإنمَا تُطْفأ النَّار بالماء، فَإذَا غَضِبَ أحدُكُم فَلْيَتَوضأ". (حم. د) عن عطية العوفي

قال الشارح: وسكت عليه أبو داود فهو صالح. قلت: لا ليس بصالح فإنه من رواية أبي وائل القاص، وقد قال ابن حبان: إنه يروي العجائب التي لا شك [أنها] معمولة لا يجوز الاحتجاج به، وللحديث طريق آخر من حديث معاوية سيأتي في حرف الغين فانظر الكلام عليهما معًا هناك. 971 - مكرر/2081 - "إنَّ الفتْنَة تَجيءُ فَتَنْسفُ العبَادَ نَسْفًا، وَلَيَنْجُو العَالِمُ مِنْهَا بِعِلْمِهِ". (حل) عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا ابن منده في مسند إبراهيم بن أدهم والقضاعي في مسند الشهاب، راجع إسنادهما في مستخرجنا عليه. 972/ 2084 - "إنَّ القَاضِي العَدْلَ لَيُجَاءُ بِهِ يومَ القيامةِ فَيَلْقَى مِنْ شِدَّة الحِسابِ مَا يَتَمَنَّى ألا يَكُونَ قَضَى بين اثنين في تَمْرَة". (قط) والشيرازي في الألقاب عن عائشة قال في الكبير: قال ابن الجوزي: حديث لا يصح فيه عمران بن حطان، قال العقيلي: لا يتابع على حديث. قلت: عمران بن حطان خارجي خبيث لعين، ومع ذلك فهو ثقة في الرواية ولذلك احتج به البخاري في صحيحه، وقد انتقد الذهبي في الميزان [3/ 253/ 6277] ذكر العقيلي هذا الحديث في ترجمته [2/ 204] فقال: قال العقيلي: لا يتابع على حديثه وكان خارجيا، روى موسى بن إسماعيل عن عمرو بن العلاء ولقبه حريز: حدثنا صالح بن سرج عن عمران بن حطان عن عائشة في "حساب القاضي العادل"، قال الذهبي: كان الأولى أن يلحق الضعف في هذا الحديث بصالح أو بمن بعده، فإن عمران صدوق في نفسه، ثم

ذكر توثيقه عن جماعة، وابن الجوزي إن كان أعلَّ الحديث بعمران فهو تابع للعقيلي في الضعفاء لأن ابن الجوزي لا تحقيق معه بل ولا علم ولا فهم، وإنما هو رجل يرى في الكتب فينقل ويسود الورق فلا يغتر به. 973/ 2085 - "إنَّ القَبْرَ أوَّلُ مَنَازل الآخرَة، فَإنْ نَجَا منه فَمَا بَعْدَه أيْسَرُ منْهُ، وإنْ لَمْ يَنْجُ منه فَمَا بَعده أشدُّ منه". (ت. هـ. ك) عن عثمان بن عفان قال الشارح في الكبير: صححه الحاكم فاعترضه الذهبي بأن ابن بجير ليس بعمدة ومنهم من يقويه، وهانئ روى عنه جمع لكن لا ذكر له في الكتب الستة. قلت: هذا وهم من الذهبي فإن هانئا روى له الترمذي وابن ماجه، وهذا الحديث عندهما من طريقه، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي: لا بأس به. والحديث أخرجه أيضًا أحمد في مسنده [1/ 63]، والقضاعي في مسند الشهاب، والخطيب في التاريخ. 974/ 2086 - "إنَّ القلوبَ بين أصْبعَيْن منْ أصَابع اللَّه يُقَلِّبُها". (حم. ت. ك) عن أنس قلت: في الباب عن جماعة منهم: أم سلمة والنواس بن سمعان وأبي ذر، فحديث أم سلمة خرجه ابن خزيمة في التوحيد، والربعى السدار في جزئه، وأبو نعيم في الحلية، وحديث النواس وأبي ذر خرجهما ابن خزيمة، وسيأتي حديث النواس للمؤلف. 975/ 2087 - "إنَّ الكافرَ لَيُسْحَبُ لِسانُهُ يومَ القيامة وواءَه الفَرْسخَ والفَرْسَخَيْن يَتَوطؤُه الناسُ". (حم. ت) عن ابن عمر

قال في الكبير: قال (ت): غريب، وقال في المنار: ولم يبين لم لا يصح؛ وذلك لأنه من رواية الفضل بن يزيد وهو ثقة عن أبي المخارق عن ابن عمر، وأبو المخارق هو معن العبدي وهو ضعيف اهـ. وقال العراقي: سنده ضعيف؛ إذ أبو المخارق لا يعرف، وقال ابن حجر في الفتح: سنده ضعيف. قلت: أبو المخارق إنما وقع في سند الترمذي [رقم: 2580]، وهو تحريف من المحاربي، والصواب: أبو العجلان المحاربي، قال أحمد [1/ 92]: حدثنا أبو النضر ثنا أبو عقيل -يعني: عبد اللَّه بن عقيل- عن الفضل بن يزيد الثمالي حدثني أبو العجلان المحاربي سمعت ابن عمر به. وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 129]: حدثنا الحسين بن محمد بن علي ثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم بن عبد الرحيم بن أسد ثنا علي بن محمد بن سعيد ثنا منجاب بن الحارث ثنا علي بن مسهر عن الفضل بن يزيد الثمالي عن أبي العجلان المحاربي به. وأبو العجلان ثقة، وأبو المخارق إنما تحرف من المحاربي كما قدمناه فكأنه سقط لفظ العجلان وبقى أبو المحاربي، فقرئ: أبو المخارق فلم يعرف، وقد ادعى أبو أحمد الحاكم أن أبا المخارق هذا اسمه مقراء العبدي وعليه اعتمد صاحب المنار لكنه لم يقل أحد عنه: إنه ضعيف، بل قال الترمذي: إنه ليس بالمعروف، والذي أجزم به أنه أبو العجلان. 976/ 2092 - "إنَّ الَّذي يَأكُلُ أوْ يَشْرَبُ في آنيَة الفِضَّة والذَّهَب إنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنه نَارَ جَهَنَّمَ". (م. هـ) عن أم سلمة زاد (طب): "إلا أن يتوب". قلت: زاد الحاكم فيه لفظة أخرى من حديث ابن عمر فقال في كتاب علوم

الحديث في النوع الحادي والثلاثين [ص: 131] في معرفة زيادات ألفاظ فقهية في أحاديث ينفرد بالزيادة فيها راو واحد، فذكر أمثلة لذلك وقال: ومنه ما أخبرنا أبو عبد اللَّه الحسين بن الحسن الطوسي بنيسابور وأبو محمد عبد اللَّه بن محمد الخزاعي بمكة قالا: حدثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة ثنا يحيى ابن محمد الجاري ثنا زكريا بن إبراهيم بن عبد اللَّه بن مطيع عن أبيه عن جده عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من شرب في إناء ذهب أو فضة أو في إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم"، قال الحاكم: هذا حديث روى عن أم سلمة وهو مخرج في الصحيح. وكذلك روى من غير وجه عن ابن عمر واللفظة: "أو إناء فيه شيء من ذلك" لم نكتبها إلا بهذا الإسناد. 977/ 2097 - "إنَّ المَاءَ لا يُجنِبُ". (د. ت. هـ. حب. ك. هق) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الترمذي: حسن صحيح وصححه النووي في شرح أبي داود، وظاهر اقتصار المصنف على عزوه لهؤلاء أنه لم يره مخرجا [لغيرهم] وهو عجيب، فقد خرجه أحمد والنسائي وابن خزيمة، وصححه الدارمي وغيرهم كلهم عن الحبر. قلت: [في هذا أمور]، أول ذلك: أنه لم يخرجه أحد ممن ذكرهم الشارح باللفظ المذكور هنا أصلا، فالنسائي خرجه [1/ 173] بلفظ: "إن الماء لا ينجسه شيء"، وكذلك أحمد [1/ 235] في عدة روايات إلا في رواية واحدة قال فيها [1/ 337]: "إن الماء ليست عليه جنابة"، ولفظ الدارمي [رقم: 734]: "إنه ليس على الماء جنابة" وهذه ألفاظ كلها لا تدخل مع هذا اللفظ على اصطلاح المصنف.

الثاني: ما قال أحد من أهل العلم أنه يجب الاستقصاء في العزو والإحاطة بجميع المخرجين، ولا هو داخل في مقدور البشر. الثالث: أنه إذا استدرك على المصنف هؤلاء المذكورين كان حقه أن يستقصى ولا يقتصر على قوله: وغيرهم، وإلا فقد أتى بمثل ما تعجب منه من المصنف. الرابع: قوله في الصغير: إن هؤلاء المخرجين رووه بأسانيد صحيحة كذب منه، وقول بلا تحقيق ولا اطلاع على الواقع، فإن الحديث ليس له عند جميع المذكورين إلا سند واحد من رواية سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس. الخامس: قوله: وصححه النووي في شرح أبي داود كذب أيضًا، فإن النووي ما شرح أبا داود أصلا. 978/ 2098 - "إنَّ المؤمنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْن الخُلُقِ دَرَجَةَ القَائِم الصَّائِم". (د. حب) عن عائشة قال في الكبير: ورواه عنها أيضًا البغوي في شرح السنة وغيره، وعزاه المنذري إلى أبي الشيخ عن علي وضعفه. قلت: ما عزاه المنذري إلى أبي الشيخ ولا ضعفه لا عن علي ولا عن غيره، فاسمع ما ذكره المنذري [3/ 404] بتمامه: وعنها إلى عائشة رضي اللَّه عنها أنها سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم"، رواه أبو داود [رقم 1798] وابن حبان في صحيحه [رقم 1927] والحاكم [1/ 60] وقال: صحيح على شرطهما ولفظه: "إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجات قائم الليل وصائم النهار". ورواه الطبراني [8/ 198] من حديث أبي أمامة إلا أنه قال: "إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم الليل الظامئ بالهواجر".

وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه ليبلغ العبد بحسن خلقه درجة الصوم والصلاة" رواه الطبراني في الأوسط وقال: صحيح على شرط مسلم. ورواه أبو يعلى [8/ 25] من حديث أنس وزاد في أوله: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا". وعن أنس رضي اللَّه عنه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل، وإنه لضعيف العبادة، وإنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة في جهنم"، رواه الطبراني [1/ 233] ورواته ثقات سوى شيخه المقدام بن داود وقد وثق. وعن عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات اللَّه بحسن خلقه وكرم ضريبته" رواه أحمد [2/ 77] والطبراني في الكبير، ورواة أحمد ثقات إلا ابن لهيعة، الضَّرِيْبَةُ: الطبيعة وزنا ومعنى. هذا كل ما ذكره الحافظ المنذري من طرق هذا الحديث ومتونه، فلعل الشارح رآه ذكر حديث عليٍّ عليه السلام وعزاه لأبي الشيخ وضعفه في رؤيا منامية. ثم إن الشارح عزا حديث عائشة للبغوي في شرح السنة [13/ 81 - 82] مع أنه عند البغوي في التفسير وهو أشهر وأكثر تداولا من شرح السنة، فعلى سخافته المعهودة مع المصنف يقال: وقضية صنيع الشارح أنه لم يره للبغوي في كتاب أشهر من شرح السنة وهو عجيب، فقد أخرجه في التفسير عند قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} فقال: أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه الصالحي أنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ثنا أبو العباس الأصم ثنا محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحاكم أنا أبي وشعيب قالا: ثنا الليث عن ابن الهاد عن عمرو بن أبي عمرو بن عبد المطلب بن عبد اللَّه

عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل صائم النهار". 979/ 2101 - "إنَّ المؤمنَ يُنْضِي شَيْطَانَه كَمَا يُنْضِي أحَدُكُمْ بَعِيْرَه في السَّفَر". (حم) والحكيم وابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الهيثمي تبعا لشيخه العراقي: فيه ابن لهيعة، وأقول: فيه أيضًا سعيد بن شرحبيل أورده الذهبي في الضعفاء وعده من المجاهيل، وفي الميزان: قال أبو حاتم: مجهول، وموسى بن وردان ضعفه ابن معين ووثقه أبو داود. قلت: لو كان للشارح تدبر لاكتفى بما ذكره الحافظان العراقي [3/ 29]، والهيثمي [1/ 116] ولكنه ظن أنه أعرف منهما أو فاتهما ما لم يفته فأتى بما يضحك على عادته وهو أمور، الأول: أن الحديث ليس في سنده سعيد بن شرحبيل، قال أحمد في مسنده [2/ 380]: حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة به. وقال ابن أبي الدنيا: حدثني محمد بن الحسين حدثني مجاعة بن ثابت ويحيى بن إسحاق قالا: حدثنا ابن لهيعة به. الثاني: لو فرضنا أن الحكيم رواه من طريق سعيد بن شرحبيل عن ابن لهيعة فهو في سند الحكيم وحده لا في سند الجميع. الثالث: أنه قد تابعه عليه قتيبة بن سعيد ومجاعة بن ثابت ويحيى بن إسحاق. الرابع: أن سعيد بن شرحبيل هنا ليس هو المجهول بل هو ثقة معروف من

رجال الصحيح وهو سعيد بن شرحبيل الكندي العقيقي الكوفي، روى عن الليث وابن لهيعة وجماعة، وعنه البخاري في الصحيح، وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب والقاسم بن زكريا وأحمد بن إبراهيم الدورقي والحارث بن أبي أسامة وعباس الدوري وآخرون، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: روى عنه الكوفيون، وقال الدارقطني: لا بأس يه. وأما سعيد بن شرحبيل الذي قال عنه الذهبي [2/ 145/ 3211] مجهول، فلم تعرف له رواية إلا عن زيد بن أبي أوفى. الخامس: قوله: وفي الميزان: قال أبو حاتم: مجهول، ليس ذلك في الميزان ولكنه في اللسان [3/ 34]، أما الميزان ففيه: سعيد بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى، وسعيد بن أبي صخر أبو أحمد الدارمي عن حماد بن سلمة، وسعيد ابن عبد اللَّه الجهني عن محمد بن عمر بن علي شيخ لابن وهب قواه ابن حبان وسعيد بن عبد اللَّه عن الحسن وسعيد بن عبد اللَّه عن فلان عن علي هؤلاء مجهلون اهـ. السادس: ليس كل من تكلم فيه وأورد في كتب الضعفاء يعلل به الحديث فإن ذلك لا يفعله إلا جاهل بعيد عن الفن، فإن أكثر رجال الصحيح بل كلهم متكلم فيهم، وحتى مالك والثوري وابن عيينة، ومن ذا الذي ينجو من الناس سالما؟ ولكن العبرة بالجرح المقبول المؤثر، ولذلك لم يعلل الحافظان العراقي [3/ 29]، والهيثمي [1/ 116] الحديث بموسى بن وردان مع أنهما رأياه في سند الحديث واقتصرا على ذكر ابن لهيعة. السابع: موسى بن وردان لم يوثقه أبو داود وحده بل نفس يحيى بن معين اختلف قوله فيه، فقال الدوري عنه: كان يقص بمصر وهو صالح، وقال عثمان الدارمي عنه: ليس بالقوي، وقال ابن أبي خيثمة عنه: كان قاصا بمصر ضعيف الحديث، وقال العجلي: مصري تابعي ثقة، وقال أحمد:

لا أعلم إلا خيرا، وقال أبو حاتم: ليس به بأس، وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به، وكذلك قال الدارقطني، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال البزار: مدني صالح أي أصله مدني كما قال أبو داود، ثم انتقل إلى مصر. 980/ 2106 - "إنَّ المُتَحَابِّينَ في اللَّهِ في ظِلِّ العَرْشِ". (طب) عن معاذ قال في الكبير: ورواه الحاكم أيضًا وقال: على شرطهما، وقال العراقي: هو عند الترمذي عن معاذ بلفظ آخر. قلت: ظاهر صنيع الشارح في استدراكه على المصنف وجود الحديث في مستدرك الحاكم أنه لم يره مخرجًا لغيره وهو قصور، فقد خرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة أبي مسلم الخولاني [5/ 206]، وابن فيل في جزئه المشهور: ثنا الحسين بن الحسن المروزي ثنا عبد اللَّه بن المبارك أنا عبد الحميد بن بهرام ثنا شهر بن حوشب حدثني عائذ اللَّه بن عبد اللَّه وهو أبو إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل به. وأخرجه أيضًا من وجه آخر مطولا فقال: صالح بن زياد المقرئ ويوسف بن سعيد المصيصي قالا: حدثنا الأوزاعي عن يونس بن ميسرة بن جلس عن أبي إدريس الخولاني به مطولا. 981/ 2108 - "إنَّ المجالِسَ ثَلاثَةٌ: سَالمٌ وَغَانِمٌ وشَاجِبٌ". (حم. ع. حب) عن أبي سعيد قال (ش) في الكبير: شاجب بمعجمة "وجيم" أي: هالك، يقال: شجب يشجب إذا هلك. ثم قال: وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه، بل تتمته كما في الميزان واللسان وغيرهما: "فالغانم: الذاكر، والسالم: الساكت،

والشاجب: الذي يشغب بين الناس" اهـ. وقال في الصغير: شاجب "بشين" معجمة "وحاء" مهملة أي: هالك، قال: ثم زاد في رواية: "فالغانم: الذاكر، والسالم: الساكت، والشاجب: الذي يشغب بين الناس". قلت: تأمل هذه العجائب، الأولى: أنه قال في الكبير: شاجب بشين معجمة وجيم، وهذا هو الصواب، ثم بعد ذلك لم يرض بهذا الصواب فرجع عنه إلى الخطإ، فقال في الصغير: بشين معجمة وحاء مهملة، وهذا خطأ صراح. الثانية: قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه، وعارض هذا في الصغير فقال: ثم زاد في رواية، فبرهن على أن الرواية التي ذكرها المصنف هي كذلك ليس فيها زيادة، وهذا هو الواقع كما سأذكره. الثالثة: هذه التتمة التي زعم في الكبير أنها بقية الحديث هي من حديث أنس ابن مالك من رواية كذاب وضاع قد يكون سرق الحديث الأصلي وزادها فيه كالتفسير من عنده، وكذلك هو مذكور في الميزان الذي نقله منه، ومع ذلك فإنه ادعى أنه من حديث أبي سعيد الذي ذكره المصنف. الرابعة: قال: كما في الميزان واللسان، وهو كاذب على اللسان؛ لأن الحديث مذكور في ترجمة العلاء بن زيد، وله ترجمة في التهذيب، وكل ماله ترجمة في التهذيب لا يذكره الحافظ في اللسان. الخامسة: قال: كما في الميزان وسكت عن الترجمة المذكور فيها الحديث، بل وأضرب صفحا عن تعليله وذكر من أعل به حتى لا تراجع تلك الترجمة فيظهر تدليسه ويفتضح كذبه وتلبيسه. السادسة: قال: كما في الميزان واللسان وغيرهما، وقد عرفنا أنه كذب على اللسان فلا ندري ما هو الغير الذي كذب عليه أيضًا، فكأنه يكيل الكلام جزافا

دون حساب ولا عد وهذا من الجنون والخيانة. وبعد فحديث أبي سعيد هو كما ذكره المصنف لا زيادة فيه، قال أحمد في مسنده [5/ 328]: حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن المجالس ثلاثة: سالم، وغانم، وشاجب". والحديث الذي فيه الزيادة هو حديث آخر مروي عن أنس، أخرجه ابن حبان في الضعفاء فقال [2/ 181]: حدثنا محمد بن زهير أبو يعلى بالأبلة ثنا عمر بن يحيى الأبلي ثنا العلاء بن زيدك عن أنس بن مالك مرفوعًا: "المجالس ثلاثة: غانم، وسالم، وشاجب، فأما الغانم فالذاكر، وأما السالم فالساكت، وأما الشاجب فالذي يشغب بين الناس" خرجه في ترجمة العلاء من نسخة له رواها بهذا الإسناد وقال: كلها موضوعة ومقلوبة، وتبعه الذهبي فذكر الحديث في ترجمته أيضًا من الميزان [3/ 99 - 100/ 5730] بعد أن نقل عن ابن المديني أنه قال: كان يضع الحديث، وعن أبي حاتم والدارقطني: متروك، وعن البخاري: منكر الحديث. 982/ 2120 - "إنَّ المعونَةَ تَأتِي مِنَ اللَّه للعَبْد عَلَى قَدْرِ المَؤُنَةِ، وإنَّ الصَّبْرَ يَأتِي من اللَّه عَلَى قَدْر المصيبَة". الحكيم والبزار والحاكم في الكنى (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه طارق بن عمار، قال البخاري: لا يتابع على حديثه وبقية رجاله ثقات. قلت: ورد من غير طريقه، قال ابن فيل في جزئه: حدثنا يحيى بن عثمان الحمصي ثنا بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن

عبد اللَّه بن ذكوان عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به مثله، لكن ذكر ابن أبي حاتم في العلل [رقم 1892] أنه سأل أباه وأبا زرعة عنه فقال أبو حاتم: كنت معجبا بهذا الحديث حتى ظهرت لي عورته فإذا هو معاوية عن عباد بن كثير عن أبي الزناد. وقال أبو زرعة: الصحيح ما رواه الدراوردي عن عباد بن كثير عن أبي الزناد، فبين معاوية وأبي الزناد عماد بن كثير وليس بالقوي. قلت: ورواه من طريق عباد جماعة، قال الحارث بن أبي أسامة في مسنده: ثنا عبد الرحيم بن واقد ثنا وهب بن وهب ثنا عباد بن كثير عن أبي الزناد به. وقال الحسن بن سفيان في مسنده: ثنا يزيد بن صالح ثنا خارجة عن عباد بن كثير به، لكنه قال: عن أبي الزناد عن أبي صالح بدل الأعرج. وقال ابن شاهين في الترغيب: حدثنا عبد اللَّه بن محمد البغوي ثنا عمار بن نصير أبو ياسر حدثني بقية حدثني معاوية ثنى أبو بكر العتبي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. أبو بكر هذا أظنه عباد بن كثير دلسه بقية. 983/ 2124 - "إنَّ المَلائكَةَ لَتُصَافِحُ رُكَّابَ الحُجَّاجِ وَتَعْتَنِقُ المُشَاةَ". (هب) عن عائشة قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه، بل تعقبه بقوله: هذا إسناد فيه ضعف فحذفه لذلك من سوء التصرف، وسبب ضعفه أن فيه محمد بن يونس؛ فإن كان الجمال فهو يسرق الحديث كما قال ابن عدي، وإن كان الحارثي فمتروك الحديث كما قال الأزدي، وإن كان القرشي فوضاع كذاب كما قال ابن حبان.

قلت: سبق التنبيه على هذا مرارا، وإن المصنف يرمز للحديث بالضعف عوضا عن النصوص والكلام كما فعل في رموز المخرجين، ولو كان للشارح إنصاف لعلم أن سكوت المصنف خير من كلامه فقوله هنا: فيه محمد بن يونس فإن كان الجمال. . . إلخ فرجل لا يميز بين الرجال ولا يعرف الفرق بين طبقاتهم إلى هذا الحد المزري ينبغي له السكوت سترًا لنفسه، فمحمد بن يونس الحارثي الراوي عن قتادة التابعي المتوفي سنة سبع عشرة ومائة كيف يشتبه بمحمد بن يونس القرشي المولود سنة ثلاث وثمانين ومائة وبمحمد بن يونس الجمال الراوي عن سفيان بن عيينة المتوفي سنة ثمان وتسعين ومائة؟! ثم محمد ابن يونس القرشي غير مشهور بهذه النسبة ولا معروف بها وإنما هو مشهور بالكديمي وإنما يذكر القرشي في كتب الرجال لتمام التعريف به، ثم هو من مشاهير الوضاعين الذين يستغرب جدًا عزو نسبتهم إلى الوضع والكذب إلى ابن حبان وحده. 984/ 2129 - "إِنَّ الملائِكَةَ لا تَزَالُ تُصَلِّي عَلَى أحَدِكُمْ مَا دَامَتْ مَائِدَتُهُ مَوضُوعةً". الحكيم عن عائشة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الطبراني في الأوسط باللفظ المذكور عن عائشة، فاقتصار المؤلف على الحكيم غير مرضي. قلت: أما عزو الحديث لكتاب وقف العالم عليه فيه فلا شيء فيه ولا يكلف اللَّه نفسًا إلا وسعها، ومن جعل الطبراني أولى بالعزو من الحكيم والحكيم أسبق وأقدم من الطبراني، والكل يخرج الصحيح والحسن والضعيف والواهي والموضوع، ولو أردنا أن نسخف سخافة الشارح لقلنا: واقتصاره هو أيضًا على الاستدراك بالطبراني في الأوسط الذي يجد العزو إليه وإلى كثير من الكتب في أبواب مرتبة في كتاب مجمع الزوائد [5/ 24] غير مرضي ولا مقبول، فإن الطبراني لم يخرج الحديث في الأوسط فقط بل خرجه أيضًا في

مكارم الأخلاق [رقم 160] فقال: حدثنا حفص ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ثنا مندل بن علي عن عبد اللَّه بن سيار مولى عائشة بنت طلحة عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين رضي اللَّه عنها عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تزال الملائكة تصلي على الرجل ما دامت مائدته موضوعة". وأخرجه أيضًا أبو نعيم في الأربعين له قال: حدثنا سليمان بن أحمد ثنا عبد الرحمن بن مسلم الرازي ثنا الحسن بن الزبرقان الكوفي ثنا مندل بن علي به. وأخرجه أيضًا أبو نعيم في فضل إطعام الطعام عن الطبراني قال: حدثنا أحمد بن داود بن المكي عن عبد العزيز بن الخطاب الكوفي عن مندل بن علي به. وأخرجه أيضًا الحسن بن سفيان قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا مندل بن علي به. وأخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في الأربعين له من طريق الحسن بن سفيان، فإعراض الشارح عن جميع هذا واقتصاره على ما يجده في مجمع الزوائد أقصى ما يتصور من القصور، ثم بعد هذا يأتي من يوقفه اللَّه تعالى على الحديث في كتب أخرى لم نرها أو لم نر الحديث فيها فيقول عنا كما قال هذا الشارح، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون. 985/ 2130 - "إِنَّ الملائِكةَ صَلَّتْ عَلَى آدَمَ فكَبَّرَت عليه أربعًا". الشيرازي عن ابن عباس قال الشارح: ورواه عنه أيضًا الخطيب باللفظ المذكور. قلت: ما خرجه الخطيب باللفظ المذكور أصلًا بل ولا بغير اللفظ المذكور.

غريبة

986/ 2132 - "إِنَّ المَوتَى لَيُعَذَّبُونَ في قُبُورِهِمْ حتَّى إِنَّ البَهَائِمَ لَتَسْمَعُ أَصْوَاتَهُمْ". (طب) عن ابن مسعود قلت: على سخافة الشارح نقول: ظاهر سكوته على اقتصار المصنف العزو إلى الطبراني أنه لم يره مخرجًا لغيره وهو قصور، فقد أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [6/ 198] قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن الحجاج ثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى ثنا محمد ابن شيرازاد ثنا يعلي بن المنهال السكوني ثنا إسحاق بن منصور عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد اللَّه به. 987/ 2133 - "إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبكاءِ الحَىِّ". (ق) عن عمر قال في الكبير: لكنه في البخاري بعض حديث ولفظه: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه، ومسلم رواه مستقلًا بهذا اللفظ، فجعله في الجمع بين الصحيحين من أفراد مسلم سهو نشأ عن عدم تأمل ما في البخاري؛ لكونه في ذيل حديث. قلت: لم أفهم كلام الشارح إلا أني فهمت أنه خاطئ فيما يقول، قال البخاري في صحيحه [2/ 101]: ثنا إسماعيل بن خليل ثنا علي بن مسهر ثنا أبو إسحاق وهو الشيباني عن أبي بردة عن أبيه قال: "لما أصيب عمر رضي اللَّه عنه جعل صهيب يقول: واأخاه، فقال عمر: أما علمت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: إن الميت ليعذب ببكاء الحي؟ ". غريبة قال الحاكم في علوم الحديث [ص 87، 88] في نوع المنسوخ ما نصه:

حديث منسوخ: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني بالكوفة ثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري ثنا محمد بن عبيد عن عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الميت يعذب ببكاء أهله عليه"، رواه يحيى بن سعيد وقال فيه: عن عمر، والناسخ لذلك ما أخبرنا أبو بكر بن أبي نصر الداربُردي بمرو: ثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي ثنا القعنبي عن مالك عن عبد اللَّه بن أبي بكر عن أمه عمرة أنها أخبرته أنها سمعت عائشة، وذكر لها أن عبد اللَّه ابن عمر يقول: "إن الميت يعذب ببكاء الحي عليه، فقالت عائشة: يغفر اللَّه لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب ولكنه نسى أو أخطأ، إن رسول اللَّه مر على يهودية يبكى عليها فقال: إنهم يبكون وإنها تعذب في قبرها" اهـ. فكأن الحاكم ما عرف معنى النسخ أصلًا. 988/ 2134 - "إِنَّ الميِّتَ يَعْرِفُ مَنْ يَحْمِلُهُ وَمَنْ يُغَسِّلُهُ وَمَنْ يُدَليهِ فِي قَبْرِهِ". (حم) عن أبي سعيد قال الشارح: وفيه راو مجهول. وقال في الكبير: قال الهيثمي: فيه رجل لم أجد من ترجمه اهـ. وظاهر حاله أنه لم ير فيه من يحمل عليه إلا ذلك المجهول وهو غير مقبول، ففيه إسماعيل بن عمرو البجلي، قال الذهبي: ضعفوه عن فضيل بن مرزوق، قال الذهبي: ضعفه ابن معين عن عطية فإن كان العوفي فضعفوه أيضًا، أو ابن عارض فلا يعرف، أو الطفاوي فضعفه الأزدي وغيره. قلت: لا يتصور من عاقل أن يظن بحافظ كالنور الهيثمي أن يصل في الجهل بالحديث إلى هذه الدرجة، وهي أن يكون سند الحديث مشتملًا على جماعة من الضعفاء فيغفل ذكرهم ويقتصر على ذكر الذي لم يعرف ترجمته، فاسمع

سند الحديث، قال أحمد [3/ 3]: حدثنا أبو عامر ثنا عبد الملك بن حسن الحارثي ثنا سعيد بن عمرو بن سليم قال: سمعت رجلًا منا قال عبد الملك: نسيت اسمه ولكن اسمه معاوية أو ابن معاوية يحدث عن أبي سعيد الخدري أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن الميت يعرف من يحمله ومن يغسله ومن يدليه في قبره" فقال ابن عمر وهو في المجلس: ممن سمعت هذا؟ قال: من أبي سعيد، فانطلق ابن عمر إلى أبي سعيد فقال: يا أبا سعيد ممن سمعت هذا؟ قال: من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال أحمد أيضًا: حدثنا حماد الخياط ثنا عبد الملك الأحول عن سعيد بن عمرو بن سليم عن رجل من قومه يقال له: فلان بن معاوية أو معاوية بن فلان عن أبي سعيد الخدري به، فليس في السند أحد ممن قال الشارح وإنما فيه من قال الهيثمي، وهو فلان بن معاوية أو معاوية بن فلان فإنه غير معروف. ومن هذا الطريق أخرجه أيضًا الطبراني في الأوسط، والخطيب في التاريخ [12/ 212] في ترجمة عمرو بن على الفلاس الحافظ، وابن أبي الدنيا، وابن منده وآخرون، فإعراض الشارح عن الاستدراك بكل هذا قصور. ثم اعلم أن أبا نعيم خرج هذا الحديث في تاريخ أصبهان من الطريق التي يشير إليها الشارح [1/ 208] فكأنه رآها في كلام بعض الحفاظ معزوة لمن خرج الحديث فظن أن الحديث لم يخرج إلا من تلك الطريق وأن الهيثمي مقصر أو جاهل، فاستدرك عليه بما يضحك، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 208]: حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد ثنا عبيد بن الحسن ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي ثنا الفضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري به مثله، وهو كما ترى مصرحًا بأن عطية هو العوفي، ثم لو لم يصرح كما وقع

في السند الذي رآه الشارح فإن صغار الولدان في هذا الشأن يعلمون أن الراوي عن أبي سعيد الخدري هو عطية العوفي. 989/ 2135 - "إِنَّ المَيِّتَ إِذَا دُفِنَ سَمِعَ خَفْقَ نِعَالِهِم إذَا وَلَّوْا عَنْهُ مُنْصَرِفِينَ". (طب) عن ابن عباس قلت: على طريق الشارح المعهودة نقول: ظاهر سكوت الشارح أنه لم يره لغير الطبراني ولذلك لم يستدرك على المصنف، وهو قصور عجيب وجهل غريب، فإن الحديث خرجه أيضًا غير الطبراني من حديث ابن عباس ورد من حديث أبي هريرة، بل هو في الصحيح [جنة 71] من حديث أنس، قال الدينوري في المجالسة: ثنا بشر بن موسى ثنا فروة بن أبي المقراء الكندي ثنا علي بن مسهر عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس به. وقال أحمد [2/ 445]: حدثنا وكيع عن سفيان عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن الميت ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين". وقال الحسن بن سفيان: ثنا سفيان بن وكيع ثنا أبي عن سفيان الثوري عن إسماعيل السدي به مثله. وقال البغوي [4/ 42]: أخبرنا أبو الفرج المظفر بن إسماعيل التميمي ثنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي ثنا أبو أحمد عبد اللَّه بن عدي الحافظ ثنا عبد اللَّه بن سعيد ثنا أسد ابن موسى ثنا عنبسة بن سعيد بن كثير حدثني جدي عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن الميت يسمع خفق النعال إذا ولوا عنه الناس مدبرين، ثم يجلس ويوضع كفنه في عنقه ثم يسأل".

ورواه الخطيب [2/ 46] في ترجمة عمر بن ثابت من طريق أبي مقاتل السمرقندي: ثنا مالك عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به مرفوعًا: "إن الميت ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين". وقال مسلم في صحيحه [جنة 71]: ثنا محمد بن منهال الضرير ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الميت إذا وضع في قبره أنه يسمع خفق نعالهم إذا انصرفوا". وأصله في صحيح البخاري بسياق آخر. 990/ 2138 - "إِنَّ النَّاسَ لَكُمْ تَبَعٌ وإِنَّ رِجَالًا يَأْتُونكُم منْ أَقْطَارِ الأَرْضِ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ فَاسْتَوصُوا بِهِم خَيْرًا". (ت. هـ) عن أبي سعيد قال في الكبير: فيه أبو هارون العبدي وهو ضعيف، وقال مغلطاي: ورد من طريق غير طريق الترمذي حسن بل صحيح اهـ. وبذلك يعرف أن المصنف لم يصب في إيثاره الطريق المعلول واقتصاره عليه. قلت: حكى ابن الجوزي في أخبار الحمقى والمغفلين: أن قاصًا كان يقص فسأله مغفل عن اسم الذئب الذي أكل يوسف، فأجابه القاص بأن يوسف لم يأكله الذئب فقال له: فالذئب الذي لم يأكل يوسف ما اسمه؟ فهكذا حال الشارح مع المصنف؛ فإنه ينتقد عليه بعدم العزو إلى كتاب موهوم غير معروف حتى للشارح فإن لم يكن هذا جنونًا فما في الدنيا جنون. وبعد هذا فاعلم أن مغلطاي يقصد أصل حديث الوصاية بأهل العلم من حديث أبي سعيد الخدري لا بخصوص هذه الزيادة، فإن الحديث المذكور خرجه الحاكم في المستدرك [1/ 88] من طريق الجريري عن أبي نضرة عن أبي

سعيد أنه قال: "مرحبًا بوصية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوصنا بكم" قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولا علة له، قال: ولهذا الحديث طرق يجمعها أهل الحديث عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد، وأبو هارون ممن سكتوا عنه. 991/ 2140 - "إِنَّ النَّاسَ لا يَرْفَعُونَ شَيئًا إِلا وَضَعَهُ اللَّهُ". هب عن سعيد بن المسيب مرسلًا قال الشارح: بفتح السين أو كسرها. قلت: انظر هذا وتعجب وسل اللَّه تعالى السلامة والعافية. 992/ 2141 - "إِنَّ النَّاسَ لَمْ يُعْطوا شَيئًا خَيرًا مِن الخُلقِ الحَسَنِ". (طب) عن أسامة بن شريك قلت: سكوت [الشارح] وعدم استدراكه يفيد أن الطبراني ما خرجه إلا في الكبير [1/ 145] وهو من الشارح قصور كبير، فقد أخرجه الطبراني أيضًا في مكارم الأخلاق [رقم 12] قال: حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا مسلم بن إبراهيم (ح) وحدثنا أبو مسلم الكشي ثنا سليمان بن حرب قالا: حدثنا شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال: "قالوا: يا رسول اللَّه ما خير ما أعطى الناس؟ قال: إن الناس. . ." وذكره. 993/ 2145 - "إِنَّ النُّهْبَةَ لا تَحِلُّ". (هـ. حب. ك) عن ثعلبة بن الحكم قلت: لم يستدرك الشارح على المصنف شيئًا وهو على طريق سخافته قصور، فقد أخرجه أيضًا الطحاوي في مشكل الآثار [4/ 130]. وقال أبو الحسين بن بشران في الثاني من فوائده:

أخبرنا أبو محمد دعلج بن أحمد ثنا ابن البراء ثنا المعافى ثنا زهير ثنا سماك قال نبأني ثعلبة بن الحكم أخو بني ليث: "أنه رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مرَّ على قدر فيها لحم غنم انتهبوها فأمر بها فأكفيت، وقال: إن النهبة لا تصلح". 994/ 2148 - "إِنَّ الهَدْيَ الصَّالحَ وَالسَّمْتَ الصَّالِحَ، والاقْتِصَادَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النَّبُوَّةِ". (حم. د) عن ابن عباس قال الشارح: قال في المنار: فيه قابوس بن أبي ظبيان وهو ضعيف. قلت: لم يذكر الحافظ الهيثمي هذا الحديث في مجمع الزوائد فلذلك لم يجد الشارح ما يسخف به على المصنف وهو قصور عجيب، فإن الحديث خرجه أيضًا البخاري في الأدب المفرد [رقم 791]، والطحاوي في مشكل الآثار [2/ 86]، وابن قتيبة في عيون الأخبار [1/ 326]، وأبو نعيم في الحلية [7/ 263]، والبيهقي في السنن الكبرى، والخطيب، فلو علم الشارح ببعض هذا لملأ الدنيا صياحًا وسود الورق انتقادًا وسخافة، قال البخاري (ص 117) من الطبعة المصرية: حدثنا فروة ثنا عبيدة بن حميد عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس به. وقال الطحاوي في مشكل الآثار (2/ 85): ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا بشر بن عمر الزهراني ثنا زهير بن معاوية ثنا قابوس ابن أبي ظبيان به. وقال ابن قتيبة في عيون الأخبار (1/ 326): حدثني القومسي عن أحمد بن يونس عن زهير عن قابوس به. وقال أبو نعيم في الحلية (7/ 263): ثنا محمد بن المظفر ثنا محمد بن محمد بن سليمان حدثني إدريس بن عيسى ثنا زيد بن الحباب ثنا مسعر عن قابوس به.

تنبيه

وقال البيهقي (10/ 194): أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد أنبأنا دعلج بن أحمد ثنا محمد بن عمرو النضر ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير ثنا قابوس به. وقال الخطيب (7/ 12): أخبرني الحسن بن علي الطناجيري ثنا عمر بن أحمد الواعظ ثنا أحمد بن محمد ابن محمد بن سليمان الباغندي ثنا إدريس بن عيسى المخرمي ثنا زيد بن الحباب ثنا سفيان عن قابوس به، كذا قال سفيان. وسبق عند أبي نعيم أنه قال: عن مسعر، فكأنه سمعه منهما. تنبيه اتفق هؤلاء الرواة كلهم على خمسة وعشرين. ورواه البخاري في الأدب المفرد [رقم 791] مرة أخرى عن أحمد بن يونس عن زهير عن قابوس به مرفوعًا: "إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من سبعين جزء من النبوة"، مع أن ابن قتيبة والبيهقي روياه من طريق أحمد بن يونس على موافقة الجماعة، فلا يدري هل هو اختلاف منه أو من البخاري عليه؟. 995/ 2149 - "إِنَّ الوُدَّ يُوْرَثُ وَالعَدَاوَةَ تُوْرَثُ". (طب) عن عفير قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الحاكم باللفظ المزبور وصححه، فتعقبه الذهبي بأن فيه يوسف بن عطية هالك. قلت: الحاكم ما خرجه باللفظ المزبور ولا خرجه من طريق يوسف بن عطية وحده بل خرجه [4/ 176] بلفظين من طريقين، الأول: من طريق عامر العقدي عن عبد الرحمن بن أبي بكر التيمي عن محمد بن طلحة عن أبيه عن عفير مرفوعًا: "الود يتوارث والبغض يتوارث".

الثاني: من طريق يوسف بن عطية عن أبي بكر المليكي عن محمد بن طلحة ابن عبيد اللَّه عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن عفير مرفوعًا: "إن الود والعداوة يتوارثان". والحديث خرجه أيضًا البخاري في الأدب المفرد [رقم 43] وفي التاريخ الكبير في موضعين منه، وأطال في بيان الاختلاف في إسناده، وابن أبي عاصم، والوحدان، والقضاعي في مسند الشهاب، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات، وقد أعاده المصنف في حرف الواو وعزاه للحاكم وغيره، وهناك نبسط الكلام عليه إن شاء اللَّه. 996/ 2156 - "إِنَّ أَبْخَلَ النَّاسِ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَه فَلَمْ يُصلِّ عَلَيَّ". الحارث عن عوف [بن] مالك قال في الكبير: وفيه رجل مجهول وآخر مضعف، ورواه ابن عساكر عن أبي ذر بسند ضعيف أيضًا. قلت: ليس في سند الحارث رجل مضعف إنما فيه رجل لم يسم، وبقية رجاله ثقات، وكذلك سند حديث أبي ذر هو بعينه سند حديث عوف بن مالك، قال الحارث بن أبي أسامة: حدثنا عبيد اللَّه بن محمد بن عائشة حدثنا حماد عن معبد بن هلال العنزي قال: حدثني رجل في مسجد دمشق عن عوف بن مالك الأشجعي أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قعد إلى أبي ذر أو قعد أبو ذر إليه قال: في حديث أطاله، وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . .، وذكره. وأما حديث أبي ذر فقال إسماعيل بن إسحاق القاضي: ثنا حجاج بن المنهال ثنا حماد بن سلمة عن معبد بن هلال العنزي حدثني رجل من أهل دمشق عن عوف بن مالك عن أبي ذر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال مثله. وأخرجه أبو الفرج بن الشيخة في الثاني من شعار الأبرار في الأدعية والأذكار

من هذا الوجه. 997/ 2157 - "إِنَّ أَبْخَلَ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلامِ، وَأَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الدُّعَاءِ". (ع) عن أبي هريرة قال في الكبير: وكذلك رواه ابن حبان والإسماعيلي والبيهقي في الشعب، كلهم عن أبي هريرة موقوفًا، وفيه إسماعيل بن زكريا أورده الذهبي في الضعفاء وقال: مختلف فيه وهو شيعي غال. قلت: ما قال الذهبي شيئًا مما نقله عنه الشارح، ولكن قال [1/ 81/ 656]: صدوق شيعي، ثم نقل اختلافهم فيه، والعزو الذي زاده الشارح أخذه من المقاصد الحسنة للسخاوي [109/ 215] فإنه قال: أخرجه أبو يعلي وعنه ابن حبان في صحيحه [رقم 1939] والإسماعيلي، ومن طريقه البيهقي في الشعب من رواية إسماعيل بن زكريا عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة موقوفًا. ورواه الطبراني في الأوسط والدعاء، والبيهقي في الشعب من حديث حفص ابن غياث عن عاصم به مرفوعًا، وقال: لا يروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا بهذا الإسناد ورجاله رجال الصحيح اهـ. فالشارح لسوء تصرفه ترك نقل عزوه الحديث إلى الطبراني في الأوسط الذي خرجه مرفوعًا، والمرفوع هو موضوع الكتاب ونقل عزوه إلى من خرجه موقوفًا وليس الكتاب موضعًا للموقوفات فاعجب لهذا التصرف. ثم على ظاهر كلام السخاوي يكون المصنف وهم في عزوه الحديث مرفوعًا إلى أبي يعلى لأنه لم يخرجه إلا موقوفًا، ويؤيده كون الحافظ الهيثمي اقتصر على عزوه في الزوائد [10/ 146] إلى الطبراني في الأوسط وقال: رجاله رجال الصحيح فلو كان عند أبي يعلى مرفوعًا لذكره مع الطبراني واللَّه أعلم.

على أن الحديث اختلف فيه على أبي هريرة لا على عاصم الأحول وحده، فقد روى من وجه آخر عنه مرفوعًا وموقوفًا أيضًا، قال ابن شاهين في الترغيب: ثنا عبد اللَّه بن عبد الصمد الهاشمي ثنا محمد بن عمرو بن خالد حدثني أبي ثنا خديج بن معاوية الجعفي ثنا كنانة وهو مولى صفية عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أبخل الناس من بخل بالسلام والمغبون من لم يرده، وإن صحبك أخوك في سفر فحالت بينكما شجرة فإن استطعت أن تسبقه بالسلام فافعل". ورواه البخاري في الأدب المفرد من هذا الوجه موقوفًا، قال البخاري [رقم 1015]: حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير قال: حدثنا كنانة مولى صفية عن أبي هريرة قال: "أبخل الناس من بخل بالسلام. . ."، وذكر مثله. وله طريق آخر عن أبي هريرة مرفوعًا أيضًا، قال ابن شاهين في الترغيب: حدثنا ابن صاعد ثنا محمد بن عبد الرحمن المقريء ثنا مروان بن معاوية الفزاري عن عطاء بن عجلان ثنا أبو نضرة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبخل الناس من بخل بالسلام وأعجز الناس من عجز عن الدعاء، يا أيها الناس بالغوا في الدعاء، وإذا دعوتم فادعوا بالنصح منكم، فإن أبخل الناس من بخل بالسلام وأعجز الناس من عجز عن الدعاء". هكذا وقع الحديث في الأصل وكأن فيه حذفًا واللَّه أعلم. وبه وبما قبله يرد على الطبراني في قوله: إنه لا يروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا من الطريق الذي ذكره، أما إسماعيل بن زكريا فقد وافقه على وقفه عن عاصم علي بن مسهر، قال البخاري في الأدب المفرد [رقم 1042]: حدثنا إسماعيل بن أبان ثنا علي بن مسهر عن عاصم عن أبي عثمان عن أبي هريرة قال: "أبخل الناس الذي يبخل بالسلام وإن أعجز الناس. . ." الحديث.

وأخرجه عياض في معجمه في ترجمة أبي محمد بن عتاب من رواية منجاب عن علي بن مسهر به مثله. 998/ 2161 - "إِنَّ أَبْغَضَ الخَلْقِ إِلى اللَّهِ تَعَالَى العَالِمُ يَزُورُ العُمَّالَ". ابن لال عن أبي هريرة قال الشارح: ضعيف لضعف محمد بن السياح. قلت: هذا اختصار متلف للعلم فليس في الرواة محمد بن السياح، ومن أراد الكشف عنه في كتب الرجال المرتبة على حروف المعجم في الأسماء والآباء لا يهتدي إليه إلا بعد التعب الطويل بل قد لا يهتدي إليه لأنه قال: ابن السياح، والمعروف في الرجل وصفه بالسايح، ثم هو محمد بن إبراهيم بن العلاء، قال ابن لال: حدثنا حامد بن أحمد المروزي ثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمي ثنا محمد بن إبراهيم السايح ثنا عصام بن رواد عن بكير الدامغاني عن محمد عن أبي هريرة به. وقد ذكره الشارح في الكبير باسمه كاملًا فقال: فيه محمد بن إبراهيم السياح شيخ ابن ماجه قال البرقاني: سألت عنه الدارقطني فقال: كذاب، وعصام بن رواد العسقلاني قال في الميزان [3/ 66/ 5622]: لينه الحاكم، وبكير الدامغاني منكر الحديث اهـ. قلت: لا أدري ما جعله يعلل الحديث في الصغير بالسايح فقط مع أن الدامغاني متهم أيضًا، وقد حدث بالموضوعات، ثم إن السند فيه انقطاع لم يهتد إليه الشارح فإن عصام بن رواد لا يروي عن بكير بن شهاب مباشرة بل روى عن أبيه رواد عن أبي الحسن الحنظلي عنه. 999/ 2162 - "إِنَّ أبْغَضَ العِبَادِ إِلى اللَّه العِفْرِيتُ النِّفْرِيتُ، الَّذِي لَمْ يُرْزَأ فِي مَالٍ وَلا وَلَدٍ". (هب) عن أبي عثمان النهدي مرسلًا

قلت: سكت عنه الشارح كأنه لم يره مخرجًا لغير البيهقي ولا رآه موصولًا وهو قصور، فقد أخرجه أيضًا الحارث بن أبي أسامة في مسنده قال: حدثنا يحيى بن إسحاق أنبأنا عبد الواحد بن زياد عن عاصم الأحول عن أبي عثماد النهدي قال: "دخل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعرابي جسيم أو ذو جثمان عظيم فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: متى عهدك بالحمى؟ قال: لا أعرفها، قال: فالصداع؟ قال: لا أدري ما هو، قال: فأصبت بمالك؟ قال: لا، قال: فرزئت بولدك؟ قال: لا، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن اللَّه عز وجل يبغد (¬1) العفرية النفرية الذي لا يرزأ في ولده ولا يصاب في ماله". ورواه القضاعي في مسند الشهاب من طريق ابن قتيبة في كريب الحديث قال: يرويه عبد الواحد بن زياد عن عاصم الأحول فذكره مختصرًا. ورواه الرامهرمزي في الأمثال موصولًا من حديث أبي سعيد الخدري: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بايع الناس وفيهم رجل ذو جثمان، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا عبد اللَّه أرزئت في نفسك شيئًا قط؟ قال: لا، قال: ففي ولدك؟ قال: لا، قال: يا عبد اللَّه، إن أبغض عباد اللَّه إلى اللَّه العفريت النفريت. ." الحديث كما هنا. وقد رويت نحو هذه القصة من حديث أبي هريرة وأنس بن مالك ولكن قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها: "من سره أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا". رواه الحاكم في الجنائز من المستدرك من حديث أبي هريرة، والطبراني في الأوسط من حديث أنس. 1000/ 2165 - "إِنَّ ابْنَ آدمَ لَحَرِيصٌ عَلَى مَا مُنِعَ". (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: رواه الديلمي من حديث يوسف بن عطية عن هارون بن كثير ¬

_ (¬1) هكذا بالأصل، ولعلها سبق قلم والصواب: يبغض.

عن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر، ورواه عنه أيضًا الطبراني وعبد اللَّه بن أحمد، ومن طريقهما أورده الديلمي مصرحًا، فكان عزوه إليهما لكونهما الأصل أولى، ثم إن يوسف بن عطية الصفار ضعفه أبو زرعة والدارقطني، وهارون بن كثير مجهول، ولهذا قال السخاوي: سنده ضعيف، قال: وقوله: ابن أسلم تحريف والصواب: سالم، والثلاثة مجهولون، ولهذا قال أبو حاتم: هذا باطل اهـ. قلت: اسمع ما قال السخاوي [110/ 216]: رواه الطبراني ومن طريقه الديلمي من جهة يوسف بن عطية عن هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر وسنده ضعيف، وقوله: ابن أسلم تحريف والصواب: سالم، وحينئذ فالثلاثة مجهولون؛ لقول أبي حاتم عقب حديث هارون عن زيد بن سالم عن أبيه عن أبي أمامة: هذا باطل لا أعرف من الإسناد سوى أبي أمامة اهـ. ويوسف أيضًا ضعيف اهـ. كلام السخاوي، فالحديث الذي قال عنه أبو حاتم: باطل هو حديث أبي أمامة لا حديث الباب، وإنما ذكره السخاوي؛ ليستشهد به على أن الثلاثة مجهولون لأنهم وقعوا أيضًا في حديث أبي أمامة فقال ذلك عنهم أبو حاتم. وحديث أبي أمامة الذي قال فيه ذلك أبو حاتم هو ما رواه هارون بن كثير عن زيد عن أبيه عن أبي أمامة مرفوعًا: "خياركم شبابكم وشراركم شيوخكم" قالوا: ما تفسير هذا؟ "قال: إذا رأيتم الشباب يأخذ برأي الشيخ العابد المسلم في تقصيره ومسيره فذلك خياركم، وإذا رأيتم الشيخ سحب ثيابه فذلك شراركم" قال أبو حاتم [رقم: 1180]: هذا باطل لا أعرف من الإسناد سوى أبي أمامة انتهى. فانظر وتعجب، ثم إن البلاء صادف محله فالحديث موضوع بلا شك والمصنف ملام على إيراده، وكذلك السخاوي في اقتصاره على الحكم بضعفه.

1001/ 2169 - "إنَّ أبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ عِند زَوَالِ الشَّمْسِ فَلا تُرْتَج حتى يُصَلَّى الظُّهْرُ، فَأُحِبُّ أنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا خَيْرٌ". (حم) عن أبي أيوب قال في الكبير: قال ابن الجوزي: فيه عبيدة بن معَتِّب ضعفوه. قلت: وقع في الأصل عبيدة بن مُغِيث بالغين المعجمة والثاء المثلثة وهو خطأ، وصوابه: مُعَتِّب بالعين المهملة المفتوحة والتاء المثناة من فوق المكسورة المشددة، وعُبيدة بضم العين. ثم إن في هذا انتقاد على الشارح من وجهين، أحدهما: أن الحديث ورد من غير طريق عبيدة عند أحمد نفسه كما سأذكره، فلا معنى لتعليل الحديث به. ثانيهما: أنه سكت على الحديث ولم يستدرك على المصنف مخرجًا آخر؛ إذ يفيد أن أحمد انفرد بإخراجه مع أن الترمذي خرجه في كتاب الشمائل الذي شرحه الشارح وعرف ما فيه، وهو من أكثر الكتب تداولًا، فهو منه قصور عجيب على حد تعبيره في حق المصنف، قال الترمذي في باب صلاة الضحى من الشمائل [رقم 151]: حدثنا أحمد بن منيع عن هشيم أنبأنا عبيدة عن إبراهيم عن سهم بن منجاب عن قرثع الضبي أو عن خزيمة عن قرثع عن أبي أيوب الأنصاري رضي اللَّه عنه: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يدمن أربع ركعات عند زوال الشمس فقلت: يا رسول اللَّه، إنك تدمن هذه الأربع ركعات عند زوال الشمس، فقال: إن أبواب السماء. . ." وذكر مثال هذا وزاد: "قلت: أفي كلهن قراءة؟ قال: نعم، قلت: هل فيهن تسليم فاصل؟ قال: لا". ثم قال الترمذي: أخبرني أحمد بن منيع أبو معاوية ثنا عبيدة عن إبراهيم عن سهم بن منجاب عن قزعة عن قرثع عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به نحوه.

ومن طريق أبي معاوية رواه أحمد أيضًا من وجه آخر فقال [5/ 420]: حدثنا عبد اللَّه بن الوليد ثنا سفيان ثنا الأعمش عن المسيب بن رافع عن رجل عن أبي أيوب الأنصاري به، والرجل هو علي بن الصلت كما صرح به أحمد في رواية أخرى فقال: حدثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن علي بن الصلت عن أبي أيوب به. ورواه الطبراني [4/ 200]، وأبو نعيم في الحلية من وجه آخر عن المسيب بن رافع عن أبي أيوب دون واسطة، قال الطبراني: ثنا أحمد بن زهير التستري ثنا محمد بن منصور الطوسي ثنا علي بن ثابت ثنا المفضل بن صدقة عن سعيد بن مسروق عن المسيب بن رافع عن أبي أيوب الأنصاري، وعن الطبرانى رواه أبو نعيم. 1002/ 2171 - "إِنَّ أحَبَّ عِبَادِ اللَّهِ إِلى اللَّهِ أَنْصَحُهُم لِعِبَادِهِ". (عم) في زوائد الزهد عن الحسن مرسلًا قلت: ما رأيته في الزهد وقد رواه أبو الشيخ في كتاب التوبيخ. حدثنا جعفر بن شريك ثنا لوين ثنا حزم القطيعي قال: سمعت الحسن قال: "قال [رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-]: والذي نفس محمد بيده لئن شئتم لأقسمن لكم أن أحب عباد اللَّه إلى اللَّه الذين يحببون اللَّه إلى عباده، ويحببون عباد اللَّه إلى اللَّه، ويمشون في الأرض بالنصيحة". 1003/ 2172 - "إِنَّ أحَبَّ عِبَادِ اللَّه إلى اللَّه مَنْ حُبِّبَ إِليه المعرُوفُ، وَحُبِّبَ إِليه فِعَالُهُ". ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج وأبو الشيخ عن أبي سعيد

قال في الكبير: فيه الوليد بن شجاع أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ثقة، قال أبو حاتم: لا يحتج به. قلت: الشارح علل هذا الحديث بالوليد بن شجاع السكوني وهو ثقة من رجال الصحيح احتج به مسلم، وترك في السند أبا هارون العبدي وهو متروك وقد كذبه جماعة، وفي السند أيضًا من لا يعرف، قال ابن أبي الدنيا: ثنا الوليد بن شجاع السكوني ثنا أبو يحيى الثقفي عن الحارث النميري عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري به. وقال أبو الشيخ: ثنا أحمد بن محمد بن عمر ثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا الوليد بن شجاع به، وعبد اللَّه بن محمد هو ابن أبي الدنيا. 1004/ 2173 - "إِنَّ أَحَبَّ مَا يَقُوْلُ العبدُ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَومِهِ: سُبْحَانَ الَّذِي يُحْيى المَوْتَى وَهو عَلى كلِّ شئٍ قَدِيرٌ". (خط) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب سكت عليه وأقره وهو تلبيس فاحش، فإنه عقبه ببيان حاله، ونقل عن ابن معين أن الوقاصي هذا لا يكتب حديثه، كان يكذب. قلت: الخطيب ما أعل الحديث ولا تكلم عنه بحرف واحد ينقل عنه، إنما أسند الحديث في ترجمة الوقاصي [11/ 279] ثم بعده أسند عن الحفاظ ما قالوا في الرجل بقطع النظر عن الحديث كما هو صنيعه في تاريخه. 1005/ 2174 - "إِنَّ أَحَبَّ النَاسِ إِلى اللَّه يَومَ القِيَامة وأَدْنَاهُمْ منه مَجْلِسًا: إِمَامٌ عَادِلٌ، وأَبْغَضَ النَّاسِ إِليه وَأَبْعَدَهُم منه: إِماَمٌ جَائِرٌ". (حم. ت) عن أبي سعيد

قال في الكبير: فيه عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث كذبه جزرة، وفضيل بن مرزوق ضعفه ابن معين وغيره، وعطية العوفي مضعف، قال ابن القطان: والحديث حسن صحيح. قلت: ليس في سند الحديث عبد اللَّه بن صالح لا عند من ذكرهما المصنف ولا عند غيرهما، قال أحمد [3/ 22]: حدثنا علي بن إسحاق أنا عبد اللَّه بن المبارك أنا فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد. وقال أيضًا: حدثنا يحيى بن آدم ثنا فضيل به. وقال الترمذي: [رقم 1329]: حدثنا علي بن المنذر الكوفي ثنا محمد بن فضيل عن فضيل بن مرزوق به. وأخرجه أيضًا جماعة آخرون من غير طريق عبد اللَّه أيضًا، قال أبو يوسف في أوائل كتاب الخراج له: حدثني فضيل بن مرزوق به. وقال البيهقي في السنن [10/ 88]: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ ثنا محمد بن صالح بن هانئ ثنا أبو سعيد الحسن ابن عبد الصمد الفهندري ثنا عبدان بن عثمان ثنا ابن المبارك أنبأنا فضيل بن مرزوق به. وقال البغوي في تفسير سورة النساء: أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا عبد الرحمن بن أبي شريح أنا أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد البغوي أنا علي بن الجعد أنا فضيل بن مرزوق به. فما أدري من أين دخل عبد اللَّه بن صالح في هذا الحديث عند الشارح؟! وكأنه رآه في سند آخر ملاحق لهذا الإسناد فأدرجه فيه. 1006/ 2182 - "إِنَّ أَحْسَابَ أَهْلِ الدُّنيَا الذِي يَذْهَبُونَ إِليه: هَذَا

المَالُ". (حم. ن. حب. ك) عن بريدة قال الشارح بأسانيد صحيحة. قلت: ليس للحديث عند هؤلاء وغيرهم إلا سند واحد من رواية الحسين بن واقد عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه، ومن طريقه أخرجه أيضًا القضاعي في مسند الشهاب، والبيهقي في السنن [7/ 135]: 1007/ 2187 - "إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُم عَلِيه أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ". (خ) عن ابن عباس قال في الكبير: وهذا المتن أورده ابن الجوزي في الموضوعات وقعقع المؤلف عليه وأبرق وأرعد وما ضره ذلك شيئًا، فإن ابن الجوزي أورده بسند غير سند البخاري، وقال: إنه من ذلك [الطريق] موضوع وليس حكم على المتن. قلت: بل ضره ذلك غاية الضرر وأبان عدم اطلاعه وبعده من التحقيق والدراية، وما قال [المصنف] هذا في هذا الحديث قط، بل كل حديث يورده ابن الجوزي ويتعقبه المصنف عليه يقول عنه الشارح مثل هذا البهتان. أما قوله: إن ابن الجوزي حكم بوضعه [1/ 229] من ذلك الطريق ولم يرد الحكم على المتن -فجهل منه باصطلاح ابن الجوزي على العموم، وكذب منه في هذا الحديث على الخصوص، فإن الذي يحكم على الأسانيد دون المتون هي الكتب المؤلفة في الرجال والعلل لا سيما كتب الأقدمين، كعلي بن المديني وأحمد وأبي زرعة وأبي حاتم والبخاري وابن عدي والدارقطني، أما الكتب المؤلفة في الموضوعات فإنما يقصد منها أصحابها المتون دون الأسانيد وإذا قصدوا الأسانيد على قلة فإنهم يصرحون بذلك فيقولون: هو بهذا الإسناد باطل، وهو صحيح من وجه كذا، وابن الجوزي لم يفعل ذلك في هذا الحديث فكان حكمه على المتن لا على الإسناد.

ثم إن الشارح كذب على المصنف أيضًا في قوله: إنه قعقع على ابن الجوزي وأرعد وأبرق، فإن المصنف ما فاه بكلمة أصلًا، فاسمع ما ذكره ابن الجوزي وما تعقبه به المصنف، أورد ابن الجوزي من طريق ابن عدي: حدثنا عمر بن المخرم البصري ثنا ثابت الحفار عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: "سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن كسب المعلمين فقال: إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب اللَّه" قال ابن الجوزي: عمر له مناكير وثابت لا يعرف، والحديث منكر. قال المصنف: أي من هذا الطريق بهذه القصة وإلا فهو بهذا اللفظ في صحيح البخاري، ثم ذكره ولم يزد عليه حرفًا، فاعجب لهذا العداء. 1008/ 2189 - "إِنَّ أَخَا صُدَاء هو أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ فهو يُقِيمُ". (د. ت. هـ) عن زياد بن الحارث الصدائي قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن مخرجيه رووه ساكتين عليه والأمر بخلافه، بل تعقبه الترمذي بأنه إنما يعرف من حديث الإفريقي، وهو ضعيف عندهم، وقال الذهبي: رواه أبو داود من حديث الإفريقي عن زياد بن نعيم عن زياد الصدائي، والإفريقي ضعيف، وزياد لا يعرف اهـ. لكن صرح ابن الأثير بأن زياد بن الحارث صحابي معروف نزل مصر وبايع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأذن بين يديه. قلت: في هذا أمور الأول: قوله: قضية صنيع المصنف. . . إلخ سخافته المعهودة أجبنا عنها مرارًا بما هو ظاهر لكل أحد من صنيع المصنف في كتابه، وأنه لا ينقل فيه كلام الناس على الأحاديث وبيان من فيها من الضعفاء وما فيها من العلل وإنه عوض من ذلك كله الرمز بالضاد. الثاني: أنه أتى أول كلامه بما يوهم أن جميع المخرجين تكلموا عن الحديث ثم لم يذكر كلامًا إلا عن الترمذي [رقم 199].

الثالث: أنه لم ينقل كلام الترمذي بتمامه إرادة التلبيس أيضًا؛ لأنه زعم أن مخرجيه تعقبوه بالضعف، والترمذي حكى الخلاف في الإفريقي فاقتصر هو على حكاية الضعف تأييدًا لدعواه، ونص الترمذي: حديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي والإفريقي ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره، ورأيت محمد بن إسماعيل البخاري يقوي أمره ويقول: هو مقارب الحديث. الرابع: أنه حرف كلام الترمذي، فإنه قال: إنما نعرفه من حديث الإفريقي والشارح نقل عنه أنه قال: إنما يعرف، وفرق كبير بين العبارتين؛ إذ لا يلزم من عدم معرفته هو عدم معرفة غيره وروده من غير طريق الإفريقي كما هو الواقع وما حكاه عنه الشارح أنه لا يعرفه من غير طريقه لا هو ولا غيره. الخامس: وعلى فرض أن الترمذي بل وكل المخرجين المذكورين اتفقوا على تضعيفه؛ فالمصنف غير ملزم بتقليدهم بل له نظره ورأيه، فهذا لم يوافقهم عليه فلا يلزمه نقله، والإفريقي غير متفق على ضعفه بل مختلف فيه، وعلى فرض الاتفاق على ضعفه فهو برئ منه لأنه توبع عليه كما سأذكره بعده. السادس: أن الإفريقي الذي اعتمد على تضعيف الحديث به لم ينفرد بالحديث، بل ورد من غير طريقه، فرواه الباوردي في الصحابة من طريق محمد بن عيسى بن جابر الرشيدي قال: وجدت في كتاب أبي عن عبد اللَّه بن سليمان عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم عن زياد الصدائي. ورواه المبارك بن فضالة عن عبد الغفار بن ميسرة عنه. السابع: من المضحكات قوله -عقب قول الذهبي: وزياد لا يعرف-: لكن صرح ابن الأثير بأن زياد بن الحارث صحابي، فالذهبي يقول عن زياد بن نعيم: لا يعرف، وهو يستدرك عليه بزياد بن الحارث وأنه معروف. الثامن: لم يذكر في أي مكان ذكر الذهبي هذا الكلام وما أراه إلا من أباطيل

الشارح عليه فإن الذهبي أعرف الناس بالرجال بل إليه المنتهى في ذلك، وزياد بن نعيم معروف روى عنه الإفريقي وبكر بن سوادة والحارث بن يزيد الحضرمي ويزيد بن عمرو المعافري، وروى هو عن زياد بن الحارث وأبي ذر وأبي أيوب وابن عمر وحبان بن بح وغيرهم، ووثقه يعقوب بن سفيان وقال العجلي: تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات وحكى ابن يونس عن الحسن بن العداس أنه مات سنة خمسة وتسعين، فكيف يقول الذهبي عن هذا: إنه لا يعرف؟! بل ذلك من أوهام الشارح وأباطيله جزمًا إن شاء اللَّه. ثم على سخافته المعهودة مع المصنف أيضًا نقول: ظاهر صنيعه أنه لم يره مخرجًا لغير المذكورين وإلا لاستدرك على المصنف وهو قصور عجيب، فقد خرجه أيضًا ابن سعد في الطبقات في وفد صداء، والبغوي في معجمه وأسنده من طريقه، وابن الدباغ في معالم الإيمان في ترجمة زياد بن الحارث المذكور، وابن ترثال في جزئه المشهور، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [3/ 315 - 316] والبيهقي في موضعين من سننه الكبرى [1/ 399] وآخرون. 1009/ 2190 - "إِنَّ أَخْوفَ مَا أَخَافُ عَلَيكُم (¬1) الأئِمَّةُ المُضِلُّون". (حم. طب) عن أبي الدرداء قال الشارح: وفيه راويان مجهولان. قلت: هذا غلط فإنه أخذه من قول الحافظ نور الدين الهيثمي كما نقله عنه في الكبير: فيه راويان لم يسميا، وهو الواقع كما سأذكره، والراوي الذي لم يسم لا يقال فيه: مجهول، وإنما يقال عنه: مبهم أو لم يسم كما قال الحافظ نور الدين؛ لأنه قد لا يكون مجهولًا إذا سمى وعرف من طريق أخرى بل قد يكون حينئذ من أشهر الناس. ¬

_ (¬1) في المطبوع من الفيض: "إن أخوف ما أخاف على أمتي. . . " الحديث.

والحديث قال فيه أحمد بن حنبل [6/ 441]: حدثنا يعقوب ثنا أبي عن أبيه قال: حدثني أخ لعدي بن أرطاة عن رجل عن أبي الدرداء قال: "عهد إلينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن أخوف مما أخاف عليكم. . . " وذكره، ويعقوب شيخ أحمد هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري. والحديث في جزء والده إبراهيم بن سعد بهذا الإسناد عينه والمتن أيضًا إلا أنه قال: عن أخ لعدي بن أرطاة عن رجل عن أبي ذر بدل أبي الدرداء، والجزء من رواية عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث عن إبراهيم، وعبد اللَّه فيه مقال. لكن في مسند أحمد [5/ 145] وجود هذا الحديث من وجه آخر عن أبي ذر فروى أحمد عن يحيى بن إسحاق: أنا ابن لهيعة عن عبد اللَّه بن هبيرة أخبرني أبو تميم الجيشاني قال: أخبرني أبو ذر قال: "كنت أمشي مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: لغير الدجال أخوفني على أمتي -قالها ثلاثًا-[قال:] ما هذا الذي غير الدجال أخوفك على أمتك؟ قال: أئمة مضلون". 1010/ 2193 - "إِنَّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الإِشْرَاكُ بِاللَّه، أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَقُولُ: يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلا قَمَرًا وَلا وثنًا, ولكن أَعْمَالًا لغيرِ اللَّه وشَهْوَةً خَفِيَّةً". (هـ) عن شداد بن أوس قال في الكبير: فيه رواد بن الجراح ضعفه الدارقطني عن عامر بن عبد اللَّه، قال المنذري: لا يعرف عن الحسن بن ذكوان، قال أحمد: أحاديثه بواطيل، قال الحافظ العراقي: ورواه أحمد عن شداد أيضًا بزيادة، وهو حديث لا يصح لعلة فيه خفية وعبد الوهاب بن زياد وهو ضعيف. قلت: ليس في سنده عبد الوهاب بن زياد ولكن عبد الواحد بن زيد. والحديث له طرق، الأول: طريق ابن ماجه [رقم 4205] الذي أشار إليه

الشارح من رواية رواد بن الجراح عن عامر بن عبد اللَّه عن الحسن بن ذكوان عن عبادة بن نسي عن شداد بن أوس به، وسنده لا بأس به فالحسن بن ذكوان وإن قال ذلك فيه أحمد فقد وثقه غيره واحتج به البخاري في صحيحه, وعامر ابن عبد اللَّه هو ابن يساف، وقد قال الرقي عن ابن معين: ثقة، وقال أبو داود: لا بأس به رجل صالح، وقال العجلي: يكتب حديثه، وكذا قال ابن عدي مع أنه ضعفه، ورواد بن الجراح صدوق صالح إنما ضعف لأجل الوهم والاختلاط، والحديث محفوظ من غير طريق هؤلاء فلم يبق أثر للضعف. الطريق الثاني: من رواية عبد الواحد بن زيد عن عبادة بن نسي عن شداد وهو الذي أشار إليه الشارح فيما نقله عن الحافظ العراقي، قال أحمد: [4/ 124] حدثنا زيد بن الحباب حدثني عبد الواحد بن زيد أخبرنا عبادة بن نسي عن شداد بن أوس أنه بكى فقيل له: ما يبكيك؟ قال: شيئًا سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقوله، فذكرته فأبكاني، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أتخوف على أمتي الشرك والشهوة الخفية، قال: قلت: يا رسول اللَّه أتشرك أمتك من بعدك؟ قال: نعم، أما إنهم لا يعبدون شمسًا ولا قمرًا ولا حجرًا ولا وثنًا ولكن يراءون بأعمالهم، والشهوة الخفية أن يصبح أحدهم صائما فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه". وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن موسى السامي البصري ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عبد الواحد بن زيد به، ولفظه: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: إن أخوف ما أخاف على أمتي الشرك باللَّه والشهوة الخفية؛ يصبح الرجل صائما فيرى الشيء يشتهيه فيواقعه، وأشرك قوم لا يعبدون حجرًا ولا وثنا ولكن يعملون عملًا يراءون". وقال الحاكم في المستدرك [4/ 451]: ثنا أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان ثنا عبد الصمد بن الفضل ثنا مكي بن

إبراهيم ثنا عبد الواحد بن زيد به، مثل لفظ أحمد، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، فتعقبه الذهبي بأن عبد الواحد متروك. الطريق الثالث: من رواية خالد بن محمود بن الربيع عن عبادة بن نسي، قال أبو نعيم في الحلية [1/ 268]: ثنا أبو علي محمد بن الحسن ثنا أبو شعيب الحراني ثنا جدي ثنا موسى بن أعين عن بكر بن خنيس عن عطاء بن عجلان عن خالد بن محمود بن الربيع عن عبادة بن نسي عن شداد بن أوس أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن أخوف ما أخاف على أمتي الشرك والشهوة الخفية, قال: قلت: أما إحداهما فلا سبيل إليها، قال: هكذا قلت لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين قال لي، قال: إنما أتخوفهما ثم قال: أما إنهم لم يعبدوا شمسًا ولا قمرًا ولم ينصبوا أوثانًا ولكنهم يعملون أعمالًا لغير اللَّه عز وجل". الطريق الرابع: من رواية شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن شداد، قال الحسن بن سفيان في مسنده: ثنا جبارة بن المغلس ثنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب أنه سمع عبد الرحمن بن غنم يقول: لما دخلنا الجابية أنا وأبو الدرداء لقينا عبادة بن الصامت قال: فبينا نحن كذلك إذ طلع علينا شداد بن أوس وعوف بن مالك فجلسا إلينا فقال شداد: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس ما سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من الشرك والشهوة الخفية. . . " الحديث مطولًا، وفيه لفظ آخر مرفوع إلى [اللَّه] عز وجل. ورواه أحمد بن حنبل [4/ 126]: ثنا أبو النضر ثنا عبد الحميد بن بهرام به، أطول مما عند الحسن بن سفيان وهو في (4/ 125). الطريق الخامس: من رواية محمود بن الربيع عن شداد قال إسحاق بن راهويه:

ثنا سفيان بن عيينة قال: سمعت الزهري يقول: أخبرني محمود بن الربيع عن شداد بن أوس أنه قال لما حضرته الوفاة: إن أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشهوة الخفية. وقال ابن المبارك في الزهد: أخبرنا سفيان بن عيينة به مثله، وقد وقع فيه اختلاف على الزهري. وقال أبو نعيم في الحلية [1/ 268]: ثنا إبراهيم بن عبد اللَّه ثنا محمد بن إسحاق ثنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث بن سعد عن ابن عجلان عن رجاء بن حيوة عن محمود بن الربيع عن شداد بن أوس قال: أخاف عليكم الشرك والشهوة الخفية، قلت له: أبَعْدَ الإِسلام تخاف علينا الشرك؟ قال: ثكلتك أمك يا محمود أوما من شرك إلا أن تجعل مع اللَّه إلهًا آخر؟ قال أبو نعيم: ورواه أيضًا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان. قلت: هكذا رواه محمود بن الربيع موقوفًا وأصله الرفع وله حكم ذلك. 1011/ 2194 - "إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَنْظُرُ إلى جِنَانِه، وأَزْوَاجِه، ونِعَمِه، وَخَدَمِهِ، وسُررِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، وَأَكرَمهُم عَلى اللَّهِ مَنْ يَنْظُرُ إلَى وَجْهِهِ الكَرِيمِ غَدْوةً وعَشِيَّةً". (ت) عن ابن عمر قال في الكبير: قال المناوي وغيره: فيه نوير بن أبي فاختة، قال الذهبي: واه، وأقول: فيه شبابة بن سوار قال في الكاشف: صدوق يرى الإرجاء، وقال أبو حاتم: لا يحتج به. قلت: شبابة بن سوار ثقة من رجال الصحيحين، ومع ذلك فالحديث ورد من غير طريقه، قال الحاكم في المستدرك [2/ 509]: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا أبو معاوية ثنا عبد الملك بن أبجر عن ثور به، ثم قال: هذا حديث مفسر في الرد على

المبتدعة، وثور بن أبي فاختة وإن لم يخرجاه فلم ينقم عليه التشيع، وتعقبه الذهبي بأنه واهي الحديث، والترمذي نفسه صرح بأن له طرقًا متعددة عن ثور به. والحديث خرجه عبد بن حميد في مسنده, وعن عبد رواه الترمذي [جنة 17] , ومن طريق مسنده أيضًا أخرجه الذهبي في الجزء المسمى بـ "الدينار من أحاديث المشايخ الكبار". 1012/ 2195 - "إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الجَنَّة مَنْزِلًا لَرَجُلٌ له دَارٌ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ، منها غُرَفُهَا وَأَبْوَابُهَا". هناد في الزهد عن عبيد بن عمير مرسلًا قال في الكبير: هناد بن إبراهيم النسفي روى الكثير، قال السمعاني: الغالب على روايته المناكير، ولعله ما روى في مجموعاته حديثًا صحيحًا إلا ما شاء اللَّه، وهو تلميذ المستغفري مات سنة خمس وستين وأربعمائة عن عبيد بن عمير بن قتادة الليثي مرادف الأسد. قلت: سار المصنف مشرقًا وسار الشارح مغربًا شتان بين مشرق ومغرب. فهناد الذي يعزو إليه المصنف والذي هو صاحب الزهد المشهور ليس هو هذا بل هو هناد بن السري بن مصعب التميمي الدارمي أكثر الترمذي عنه لا سيما من كتاب الزهد، وروى عنه بقية الستة إلا أن البخاري لم يرو عنه إلا في خلق أفعال العباد، مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين وفيها أرخه ابن العماد فقال: وفيها هناد كان السري الحافظ الزاهد القدوة أبو السري الدارمي الكوفي صاحب كتاب الزهد روى عن شريك وإسماعيل بن عياش وطبقتهما فأكثر وجمع وصنف وروى عنه أصحاب الكتب الستة إلا البخاري اهـ. يعني في الصحيح وإلا فقد روى عنه خارجة كما قدمته. أما قول الشارح في عبيد بن عمر بن قتادة الليثي: مرادف الأسد فكلام يدرك بطلانه بالبداهة من ينطق بالضاد.

1013/ 2196 - "إِنَّ أَرْحَمَ مَا يَكُونُ اللَّه بِالعَبْدِ إِذَا وُضِعَ في حُفْرَتِهِ" (فر) عن أنس قال في الكبير: وفيه نوح بن سالم، قال الذهبي: قال ابن معين: ليس بشيء. قلت: أتى [الشارح] هنا بعجيبتين، إحداهما: الحذف والإيصال الذي استخرج به رجلًا لا وجود له في الإسناد وهو نوح بن سالم، فإن الحديث من رواية نوح بن خالد عن يغنم بن سالم، فحذف والد نوح وابن سالم ثم وصلهما فطلع من بينهما نوح بن سالم، ووافق في قدر اللَّه السابق أن يوجد في الميزان رجل يسمى نوح بن سالم، قال فيه ابن معين: ليس بشيء، فكان ذلك وفق غلطة الشارح العجيبة. وثانيهما: أنه ترك في السند وضاعا مشهورًا هو آفة الحديث وعلته وهو يغنم بن سالم ثم أعله بمن لا وجود له في الإسناد، قال الديلمي: أنا أبي أنا المدبراني ثنا أبو إسحاق الرملي ثنا الكتاني ثنا إبراهيم بن حسن بن دينار ثنا محمد بن يونس ثنا أحمد بن مخلد الأهوازي ثنا نوح بن خالد عن يغنم بن سالم عن أنس به، ومحمد بن يونس أيضًا كذاب. 1014/ 2197 - "إِنَّ أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ فِي طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُق مِنْ ثَمَرِ الجَنَّةِ". (ت) عن كعب بن مالك قلت: أخرجه أيضًا الدولابي في الكنى وقال: "المؤمنين" بدل: "الشهداء" قال: حدثنا عبيد بن مهدي أبو محمد الواسطي ثنا يزيد بن هارون أنبأنا محمد بن إسحاق عن الحارث بن فضيل عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: لما حضرت كعب الوفاة أتته أم مبشر ابنة البراء بن معرور فقالت: يا أبا عبد الرحمن إن لقيت ابني فلانا فاقرأ عليه مني السلام، فقال: غفر اللَّه

لك يا أم مبشر نحن أشغل من ذلك، فقالت: يا أبا عبد الرحمن أما سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أرواح المؤمنين في طير خضر تعلق بشجر الجنة"؟ قال: بلى، قالت: فهو ذلك. 1015/ 2198 - "إِنَّ أَرْوَاحَ المُؤمِنينَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ يَنْظُرُونَ إلى مَنَازِلِهم في الجنَّة". (فر) عن أبي هريرة قال في الكبير: فيه محمد بن سهيل، قال البخاري: يتكلمون فيه، وحفص بن سالم أبو مقاتل السمرقندي، قال الذهبي: متروك، وأبو سهل حسام بن مصك متروك. قلت: في هذا أمور، الأول: الشارح إن رأى المصنف عزا حديثا للديلمي وكان عنده مسندًا من طريق أحد المشاهير -يتعقبه بعدم العزو إلى الأصل ولو كان مجهولا وهنا سكت عن ذلك فإن الديلمي قال: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم أخبرنا أحمد بن إبراهيم المؤدب الكيال حدثني موسى بن شعيب السمرقندي ثنا محمد بن سهيل ثنا أبو مقاتل السمرقندي ثنا أبو سهل -هو حسام بن مصك- عن الحسن عن أبي هريرة به. وأبو نعيم خرج الحديث في تاريخ أصبهان في ترجمة أحمد بن إبراهيم الكيال، فالشارح ينطق بالخطإ في موضع السكوت ويسكت عن الصواب في موضع الكلام. الثاني: هذا السند فيه انقطاع، فإن أبا نعيم لم يقل: حدثنا أحمد بل قال: أحمد بن إبراهيم الكيال المؤدب أبو عبد اللَّه سمع بخراسان من عبد اللَّه بن محمد المروزي وغيره وسمع بأصبهان، توفي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، حدث عن موسى بن شعيب أبي عمران السمرقندي. . . إلخ. فلم يقل: حدثنا، وإنما أخبر أنه حدث، ولما توفي هذا كان أبو نعيم ابن ثمان سنين فإنه

ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة. ثم إني جربت هذا كثيرًا على الديلمي يستعمله مع أبي نعيم وابن أبي الدنيا وغيرهما أيضًا، فاللَّه أعلم كيف ذلك. الثالث: محمد بن سهيل المذكور في الإسناد لم يقل البخاري فيه ذلك، بل قاله في محمد بن سهل مكبرًا، وهو أيضًا أقدم من هذا لأنه يروي عن الشعبي، والعجب أنه مع كون والده سهلًا مكبرًا فإن الذهبي نبه على أنه غلط أيضًا وأن والده سالم أو سلام، فقال الذهبي ما نصه: محمد بن سهل أبو سهل عن الشعبي، قال البخاري: يتكلمون فيه، كذا عندي في نسختي من الضعفاء للبخاري وهو خطأ كأنه من الناسخ، وإنما هو محمد بن سالم بلا ريب اهـ. 1016/ 2204 - "إِنَّ أَطَيبَ الكَسْب كَسْبُ التُّجَّارِ الَّذينَ إِذَا حَدَّثوا لَمْ يَكْذِبُوا، وَإِذَا ائْتُمِنُوا لَمْ يَخُونُوا، وَإِذَا وَعَدُوا لَمْ يَخْلَفُوا، وَإِذَا أشْتَرُوا لَمْ يَذُمُّوا، وَإِذَا بَاَعُوا لَمْ يُطْرُوا، وَإِذَا كان علِيهم لَمْ يَمْطُلُوا، وَإِذَا كَانَ لَهُم لَمْ يُعَسِّرُوا". (هب) عن معاذ قال في الكبير: فيه ثور بن يزيد الكلاعي الحمصي، قال الذهبي في الضعفاء: ثقة مشهور بالقدر أخرجوه من حمص وحرقوا داره. قلت: لا يعلل الحديث بثور بن يزيد الثقة القدري إلا جاهل بالحديث، وما للقدر وضعف الرواية؟ هذا كلامنا مع الجمهور ومع الذهبي المورد للرجل في الضعفاء من أجل القدر مع تصريحه بكونه ثقة، أما الشارح فزاد خطأ على خطإ؛ إذ ترك في السند بقية وهو مدلس وذهب إلى ثور الثقة يعلل به الحديث. وقد ذكر أبو حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذا الحديث وقد أورده من رواية

أبي تقي هشام بن عبد الملك عن بقية قال: حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل فذكره، فقال أبو حاتم: هذا حديث باطل ولم يُغبط أبو تقي عن بقية وكأن بقية، لا يذكر الخبر في مثل هذا اهـ. يريد أبو حاتم أن بقية لم يصرح بالتحديث في مثل هذه الأخبار بل يعنعنها وهو يدلس عن الضعفاء والمتروكين فيكون الحديث باطلًا، هذا رأيه وقد يكون فيه نوع من تشديده المعروف، أما العنعنة فمسلم أن بقية رواه بها، فقد أخرجه كذلك من طريقه الديلمي أيضًا فقال: أخبرنا أبي أخبرنا أبو الفضل القومساني ثنا عمر أبو منصور محمد بن أحمد ثنا علي بن الحسن القزويني ثنا علي بن يزداد بعكبري أنا الحسين بن سعيد ثنا جحدر عن بقية عن ثور بن يزيد به. 1017/ 2205 - "إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُم مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَوْلَادَكُم مِنْ كَسْبِكُمْ". (تخ. ت. ن. هـ) عن عائشة قلت: الحديث خرجه جماعة كثيرون وقد بسطت أسانيده في مستخرجي على مسند الشهاب. 1018/ 2207 - "إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ خَطَايَا يَومَ القِيَامَةِ أَكْثَرُهُم خَوْضًا فِي البَاطِلِ". ابن أبي الدنيا في الصمت عن قتادة مرسلًا قلت: تقدم الكلام على هذا الحديث مبسوطًا في: "أكثر الناس ذنوبًا" فعليك به. 1019/ 2210 - "إِنَّ أَغْبَطَ النَّاس عِنْدِي لَمُؤمِنٌ خَفِيفُ الحَاذِ ذُو حَظٍّ

مِنَ الصَّلاةِ، أَحْسَنَ عبَادَةَ رَبِّهِ، وأَطَاعَهُ في السِّرِّ، وَكانَ غَامضًا في النَّاس لا يُشَارُ إليه بالأَصَابِعِ، وكَانَ رِزقُهُ كَفَافًا فَصَبَرَ عَلَى ذَلِك، عُجِّلَتْ مَنِيَّتُهُ (¬1)، وَقَلَّ تُرَاثُهُ". (حم. ت. هـ. ك) عن أبي أمامة قلت: ظاهر صنيع الشارح في عدم استدراكه علي المصنف مخرجين أنه لم يره لغير المذكورين في المتن وهو قصور، فقد خرجه ابن المبارك في الزهد وأحمد أيضًا في الزهد والبيهقي في الزهد والطبراني وأبو نعيم في الحلية (1/ 25) والنقاش في فوائد العراقيين والخطابي في العزلة (ص 40) والبغوي في التفسير عند قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} في سورة البقرة، والشيخ الأكبر محيى الدين بن العربي في محاضرة الأبرار (2/ 203). 1020/ 2214 - "إِنَّ أَفْوَاهَكُمْ طُرُقٌ لِلقُرْآنِ فَطَيِّبُوهَا بِالسِّوَاكِ". أبو نعيم في السواك والسجزي في الإبانة عن علي قال في الكبير: هو عند أبي نعيم من حديث بحر بن كثير السقا، قال الذهبي: اتفقوا على تركه عن عنه ان بن عمرو بن ساج أورده الذهبي في الضعفاء, وقال: تكلم فيه عن سعيد بن جبير عن علي، قال الديلمي: وسعيد لم يدرك عليا. قلت: هكذا وقع في الأصل بحر بن كثير بالثاء المثلثة والراء المهملة وهو تحريف، والصواب: كنيز بالنون والزاي المعجمة وهو مفرد في بابه، وكأن الشارح لم يعلم بأن الحديث خرجه أبو نعيم في الحلية وإلا لملأ الدنيا صياحًا والورق سوادًا بالانتقاد على المصنف على عادته، وليس في ذلك ما يستغرب، ¬

_ (¬1) في المطبوع من الفيض: ". . . عجلت منيته، وقلت بواكيه، وقل تراثه".

ثم إن قوله: سعيد بن جبير هو كذلك عند أبي نعيم؛ لأنه خرجه في ترجمته من الحلية, ووقع عند الدينوري في المجالسة: سعيد بن خثيم بالخاء المعجمة والثاء المثلثة وآخره ميم، قال الدينوري: حدثنا أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد الوراق ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا بحر بن كنيز عن عثمان بن ساج عن سعيد بن خثيم عن علي به، وسعيد بن خثيم له ترجمة في التهذيب وهو ممن أدرك بعض الصحابة أيضًا، ولعله تحرف على أبي نعيم واللَّه أعلم. 1021/ 2217 - "إِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شَبَعًا في الدنيا أَطْوَلُهم جُوعًا يَومَ القِيَامَةِ". (هـ. ك) عن سلمان قال في الكبير: فيه عند ابن ماجه محمد بن الصباح قال في الكاشف: وثقه أبو زرعة وله حديث منكر، وزيد بن وهب، قال في ذيل الضعفاء: ثقة مشهور، وقال النسوي: في حديثه خلل كثير، وقال ابن حجر: أخرجه ابن ماجه عن سلمان بسند لين، وخرجه عن ابن عمر بنحوه وفي سنده مقال، وخرجه البزار عن أبي جحيفة بسند ضعيف. قلت: في هذا من عجر الشارح وبجره أمور، الأول: أن محمد بن الصباح صدوق لا بأس به صالح الحديث كما قال أئمة "الجرح والتعديل" بل قال أبو زرعة ووضين: ثقة وإنما أنكر عليه حديث: "صنفان من أمتي ليس لهما في الإِسلام نصيب: المرجئة والقدرية", وإنكار مثل هذا عليه لا يضره، ومن كان بهذه المثابة لا يعل به الحديث إلا عند المخالفة أو الانفراد على الأقل. الثاني: أن ابن ماجه لم يروه عنه وحده بل قرنه بآخر فقال [2/ 1112، رقم 3351]: حدثنا داود بن سليمان العسكري ومحمد بن الصباح قالا: حدثنا سعيد بن

محمد الثقفي عن موسى الجهني عن زيد بن وهب عن عطية بن عامر الجهني قال: سمعت سلمان وأكره على طعام يأكله فقال: حسبي أني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . .، وذكره، فلو فرضنا أن محمد بن الصباح ضعيف لكان ملغي اعتباره لأن العمدة على قرينه وهو ثقة فكيف وهو ليس بضعيف؟! الثالث: أنه ورد من غير طريقه، قال الحاكم [1/ 379]: حدثنا أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حمشاد قالا: حدثنا أبو المثني العنبري ثنا علي بن المديني ثنا سعيد بن محمد الوراق به. وقال الطوسي في أماليه: أخبرنا ابن الصلت أخبرنا ابن عقدة أخبرنا أبو الحسين القاسم بن جعفر بن أحمد بن عمران المعروف بابن الشامي ثنا عباد بن أحمد القزويني حدثنا عمي عن أبيه عن موسى الجهني به. الرابع: أن زيد بن وهب ثقة متفق عليه من رجال الصحيحين لا يعل به الحديث وما ذكره الشارح عن يعقوب بن سفيان من قوله: في حديثه خلل، كلام لا يخلو من مثله إمام وليس هو بمقبول من قائله. الخامس: أنه سكت عن الضعيف الموجود في السند الذي به أعله الحفاظ وانتقل إلى غيره من الثقات، فإن علة الحديث هو سعيد بن محمد الثقفي الوراق فإن فيه مقالًا، وبه تعقب الذهبي على الحاكم قوله: غريب صحيح الإسناد ولم يخرجاه فقال: بل الوراق تركه الدارقطني وغيره اهـ. وبه أعله أيضًا الحافظ البوصيري في زوائد ابن ماجه فقال: في إسناده سعيد بن محمد الوراق الثقفي ضعفوه، ووثقه ابن حبان والحاكم. السادس: حديث ابن عمر الذي استدركه قد ذكره المصنف فيما سيأتي في حرف "الكاف" في حديث: "كف عنا جشاءك"، وهناك أبسط الكلام عليه وعلى حديث أبي جحيفة إن شاء اللَّه تعالى.

1022/ 2218 - "إِنَّ أَكَثَرَ شُهَدَاءِ أُمَّتِي لأَصْحَابُ الفُرُش، وَرُبَّ قَتِيلٍ بين الصَّفَّينِ اللَّه أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ". (حم) عن ابن مسعود قال في الكبير: جزم المصنف بعزوه لأحمد عن ابن مسعود غير جيد؛ لأن أحمد إنما قال: عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة أن أبا محمد أخبره -وكان من أصحاب ابن مسعود- أنه حدثه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، قال الهيثمي: هكذا رواه أحمد ولم أره ذكر ابن مسعود، والظاهر أنه مرسل وفيه ابن لهيعة وبقية رجاله ثقات اهـ. نعم، قال ابن حجر في الفتح: الضمير في "أنه" لابن مسعود فإن أحمد خرجه في مسند ابن مسعود، قال: ورجال سنده موثقون. قلت: وحينئذ فما صنعه المصنف جيد. 1023/ 2222 - "إِنَّ أَمْرَ هَذِه الأُمَّةِ لَا يَزَالُ مُقَاربًا حتَّى يَتكلَّمُوا فِي الوِلْدَانِ والقَدَرِ". (طب) عن ابن عباس قال الشارح: ورجاله رجال الصحيح. وقال في الكبير: قال الهيثمي بعد ما عزاه للبزار والطبراني: رجال البزار رجال الصحيح اهـ. وقضيته [أن] رجال الطبراني ليسوا كذلك، فلو عزاه المصنف للبزار لكان أولى. قلت المصنف لم يعزه للبزار لأنه ليس مصدرًا عنده بما هو مصدر عند الطبراني، وقد أخرجه ابن حبان أيضًا: حدثنا الحسن بن سفيان ثنا يزيد بن صالح السكري وعمر بن أبان الواسطي قالا: حدثنا جرير بن حازم سمعت أبا رجاء العطاردي سمعت ابن عباس على المنبر يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يزال أمر هذه الأمة قوامًا أو مقاربًا ما لم يتكلموا في الولدان والقدر".

وأخرجه أيضًا الضياء المقدسي من هذا الوجه، فهذا لفظ يدخل في حرف اللام ألف فهذا عذر المصنف، ولكن الشارح لا عذر له في قوله في الصغير عقب عزو المصنف له إلى الطبراني: رجاله رجال الصحيح، مع إقراره في الكبير بأن رجال الطبراني ليسوا كذلك. 1024/ 2225 - "إِنَّ أُنَاسًا مِن أُمَّتِي يَسْتَفْقهُونَ في الدِّينِ وَيَقْرَءُونَ القُرْآنَ، ويقُولُون: نَأْتِي الأُمَرَاءَ فَنُصِيبُ مِنْ دُنْيَاهُم، وَنَعْتَزِلُهُم بِدِيننَا، ولا يَكون ذَلِك، كما لَا يُجْتَنَى مِن القَتَادِ إِلَّا الشُّوكُ، كذَلِك لَا يُجْتَنَى مِنْ قُربِهِم إِلَّا الخَطَايَا". (هـ) عن ابن عباس قلت: سكت عنه الشارح فلم يتكلم على سنده ولا ذكر من خرجه غير ابن ماجه وهو منه قصور، فإن الحديث من رواية عبيد اللَّه بن أبي بردة عن ابن عباس، وعبيد اللَّه المذكور لا يعرف، لكن رواه الطبراني والضياء المقدسي في المختارة من الوجه الذي أخرجه منه ابن ماجه -أعني: من رواية يحيى بن عبد الرحمن الكندي- فقال: عن عبيد اللَّه بن المغيرة أبي بردة، قال الحافظ: ومقتضى هذا أن يكون عبيد اللَّه ثقة عند الضياء. قلت: وأخرجه الدولابي في الكنى وصرح باسم والده أيضًا وزاد أن كنيته أبو المغيرة فقال: حدثني محمد بن عبد اللَّه بن مخلد ومحمد بن سفيان وأخبرني أحمد بن شعيب قالوا: حدثنا هشام بن عمار ثنا الوليد بن مسلم ثنا أبو شيبة يحيى بن عبد الرحمن الكندي عن أبي المغيرة عبيد اللَّه بن المغيرة عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أناسًا من أمتي سيقرءون القرآن ويتفقهون في الدين، يأتيهم الشيطان فيقول: لو أتيتم الملوك فأصبتم من دنياهم واعتزلتموهم بدينكم، ألا ولا يكون ذلك".

1025/ 2231 - "إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ العُلَى لَيَرَاهُمْ مَنْ هو أَسْفَلُ مِنْهُم، كَمَا تَرَوْنَ الكَوْكَبَ الطَّالِعَ فِي أُفُقِ السَّمَاء، وإِنَّ أَبَا بَكرٍ وعُمَرَ مِنهم وأَنْعَمَا". (حم. ت. هـ) عن أبي سعيد (طب) عن جابر بن سمرة، ابن عساكر عن ابن عمرو، وعن أبي هريرة قال الشارح: بالتحريك، ابن عساكر عن ابن عمرو وعن أبي هريرة. قال الشارح: وذكر الديلمي أن الشيخين خرجاه. قلت: ما خرجه الشيخان بهذا اللفظ، والديلمي قال ذلك عن حديث أبي سعيد المذكور في الأصل قبل هذا معزوا لأحمد والشيخين، ثم ما قاله الشارح في ضبط سمرة خطأ واضح لا يستريب فيه أحد. هذا وحديث أبي سعيد الخدري رواه مجالد بن سعيد عن أبي الوداك عن أبي سعيد. ورواه عطية العوفي عن أبي سعيد، ثم رواه عن عطية خلق منهم: سالم بن أبي حفصة والأعمش وعبد اللَّه بن صهبان وابن أبي ليلى وكثير النواء وإسماعيل بن أبي خالد وأبو حنيفة والهيثم بن حبيب وإسماعيل بن سميع ومسعر والمسعودي وإبراهيم بن سليمان وسوار بن مصعب وسالم المرادي وأبو الضحاك. فرواية الخمسة الأوائل عند الترمذي. وروى طريق الأعمش أيضًا ابن ماجه والدينوري في المجالسة والبغوي في التفسير في سورة طه. ورواية إسماعيل بن أبي خالد عند أحمد (3/ 50).

ورواية أبي حنيفة في جامع مسانيده (1/ 225). ورواية الهيثم بن حبيب في معجم الطبراني الصغير (ص 71). ورواية إسماعيل بن سميع فيه أيضًا (ص 118). ورواية مسعر عند ابن منده في فوائده (ص 329) من المجموعة المحفوظة بدار الكتب المصرية. قال ابن منده: ثنا محمد بن سعيد بن إسحاق ثنا أبو عمرو أحمد بن حازم ثنا علي بن قادم عن مسعر عن عطية به. ورواها أيضًا أبو نعيم في الحلية (7/ 250)، والخطيب (4/ 64). ورواية المسعودي عند الخطيب أيضًا (2/ 394). ورواية إبراهيم بن سليمان بن أبي إسماعيل المؤدب عنده أيضًا (3/ 195) وعند الذهبي في تذكرة الحفاظ من طريق غيره (2/ 62). ورواية سالم المرادي في الثقفيات: حدثنا أبو عمرو محمد بن محمد بن بالويه الصائغ ثنا محمد بن يعقوب الاسم ثنا أحمد بن يونس الضبي ثنا محمد بن عبيد الطنافسي ثنا سالم المرادي عن عطية به. وأما رواية مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد فهي عند أحمد في المسند (3/ 61)، وقال ابن حبان في الضعفاء [3/ 11]: حدثنا الصوفي ثنا يحيى ابن معين ثنا ابن أبي زائدة عن مجالد به. 1026/ 2235 - "إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ لَيَحْتَاجُونَ إِلَى العُلَمَاء فِي الْجَنَّةِ وذَلِك أَنَّهُم يَرَوْنَ (¬1) اللَّه تَعَالى (¬2) كُلَّ جُمُعَةٍ، فَيَقُولُ لَهُم: تَمَنَّوا عليَّ مَا شِئْتُم، ¬

_ (¬1) في المطبوع من الفيض: "وذلك أنهم يزورون اللَّه تعالى. . . ". (¬2) في المطبوع من الفيض: "يزورون اللَّه تعالى في كل جمعة. . . ".

فَيَلْتَفِتونَ إِلى العُلماءِ فَيقولُون: ماذا نَتَمَنَّى؟ فَيَقُولُون: تَمنُّوا عليه كذا وكذا، فهُم يَحْتَاجُون إِليهم في الجنَّةِ كما يَحْتَاجُون إِليهم فِي الدنيا". ابن عساكر عن جابر قلت: هذا حديث موضوع ظاهر البطلان لا يخفى أمره على صغار طلبة هذا الفن فما أدري كيف استجاز المؤلف ذكره؟! وهو من منفردات مجاشع بن عمرو الكذاب الوضاع، ومن العجيب كون الشارح نقل عن الذهبي الحكم بوضعه، ثم قال في الصغير: إنه ضعيف. 1027/ 2240 - "إِنَّ أَهْلَ البَيْتِ لَيَقِلُّ طعمُهُم فَتَسْتَنِيرُ بُيُوتُهم". (طس) عن أبي هريرة قال: بإسناد ضعيف قلت: الحديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات من عند العقيلي وأعله بعبد اللَّه بن المطلب لأنه مجهول، وبشيخه الحسن بن ذكوان لأن أحمد قال: أحاديثه أباطيل وأقره المصنف على وضعه، والشارح نقل ذلك في كبيره ثم في الصغير اقتصر على قوله: إسناده ضعيف، فهذا تلاعب، والمصنف أيضًا يلام على إيراده في هذا الكتاب الذي صانه عما انفرد به وضاع أو كذاب. 1028/ 2241 - "إِنَّ أَهْلَ البَيْتِ إِذَا تَواصَلُوا أَجْرَى اللَّه عَلِيهم الرِّزْقَ وَكَانُوا في كَنَفِ اللَّهِ". (عد) وابن عساكر عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه عنه ابن قال والحاكم والديلمي، فاقتصار المصنف على ذينك غير جيد لإيهامه. قلت: لا أدري ما فيه من الإيهام؟ ولا أحد يدري أن عزو الحديث إلى كتاب أو كتابين من أصول الحديث وعدم استقصاء الجميع الذي لا يدخل في طوق البشر فيه إيهام، ثم لا أدري يوهم ماذا؟!

لكن الذي يوهم أعظم الإيهام هو إطلاق الشارح عزوه إلى الحاكم فإن المقرر عند أهل الحديث أن الإطلاق إلى الحاكم لا يكون إلا إذا كان الحديث في صحيحه فإذا كان في غيره قيد، فإطلاق الحاكم كالصريح على أنه في المستدرك والواقع ليس كذلك بل هو عنده في التاريخ, والعزو إلى الصحيح مؤذن بالصحة. إلا ما تعقب، وإلى التاريخ مؤذن بالضعف، فاعجب لجهل الشارح. والحديث قال فيه الحاكم في التاريخ: حدثنا أحمد بن محمد بن نصر بن إسكاف ثنا حامد بن سهل ثنا هشام بن عمار ثنا إسماعيل بن عياش عن الثوري عن عبيد اللَّه بن الوليد عن عطاء عن ابن عباس به. وقال ابن لال: حدثنا عبد الرحمن بن حمدان ثنا محمد بن عبدة المصيصي ثنا هشام بن عمار به. ثم إن الشارح قال: فيه هشام بن عمار عن إسماعيل بن عياش وقد سبق ما فيهما من المقال. قلت: وقد سبق لنا أيضًا ما فيك من المقال وأنك لا تعرف من الحديث إلا تسويد الورق بالانتقاد الباطل على المصنف الحافظ الإِمام، فعلة الحديث عبيد اللَّه بن الوليد الوصافي فإنه ضعيف متروك راويةٌ للمناكير، لا هشام بن عمار ولا إسماعيل بن عياش. 1029/ 2242 - "إِنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ لَا يَسمَعُونَ شَيْئًا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ إِلا الأَذَانَ". أبو أمية الطرسوسي في مسنده (عد) عن ابن عمر

قال في الكبير: قال ابن الجوزي: حديث لا يصح فيه يحيى بن عبيد اللَّه الوصافي، قال: يحيى ليس بشيء، والنسائي: متروك. قلت: ما قال ابن الجوزي: يحيى بن عبيد ولا هو في سنده أصلًا وإنما الذي في سنده عبيد اللَّه بن الوليد الوصافي المذكور في الحديث قبله وفي ترجمته خرجه ابن عدي وابن حبان في الضعفاء أيضًا فقال: حدثنا أبو يعلى ثنا أحمد بن جناب ثنا عيسى بن يونس عن عبيد اللَّه الوصافي عن محارب بن ديثار عن ابن عمر به. وقال أبو الشيخ: حدثنا عبد الرحمن بن الحسن ثنا الأحمسي ثنا المحاربي عن عبيد اللَّه بن الوليد به. 1030/ 2243 - "إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ إِذَا جَامَعُوا نِسَاءَهُم عَادُوا أبْكَارًا". (طص) عن أبي سعيد الخدري قال الشارح في الكبير: لفظ رواية الطبراني: "عدن أبكارًا" وهو القياس، فقول المؤلف: "عادوا" سبق قلم، ثم قال: قال الهيثمي: فيه معلي بن عبد الرحمن الواسطي وهو كذاب. قلت: كذب الشارح على الطبراني في قوله: لفظ روايته: "عدن" بالنون وإنما رأى ما في الأصل مخالفًا للقياس فجزم بأنه سبق من قلم المصنف وأن رواية الطبراني على الصواب وصرح بنسبة ذلك إليه لقلة عقله وأمانته، فالحديث في معجم الطبراني (ص 49) باللفظ الذي ذكره المصنف. وكذلك خرجه الخطيب في التاريخ (6/ 53) في ترجمة إبراهيم بن جابر أبي إسحاق الفقيه من طريق الطبراني أيضًا. وكذلك نقله الحافظ الهيثمي في الزوائد (10/ 417) وعزاه للبزار والطبراني، وقد رأى الشارح ذلك فيه كما رآه في الطبراني لأنه نقل نص كلامه في

الإسناد، ومع ذلك فقد تعمد الكذب على الطبراني ليوهم المصنف. 1031/ 2244 - "إِنَّ أَهْلَ المَعْرُوف فِي الدُّنيا أَهْلُ المَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ، وإِنَّ أَهْلَ المُنْكَرِ فِي الدنيا أَهْلُ المُنْكَرِ فِي الآخِرَةِ". (طب) عن سلمان، وعن قتيبة بن برمة، وعن ابن عباس (حل) عن أبي هريرة، (خط) عن علي، وعن أبي الدرداء قال في الكبير في حديث سلمان: قال ابن الجوزي: لا يصح، فيه هشام بن لاحق، قال أحمد: تركت حديثه، وقواه النسائي، وبقية رجاله ثقات، وفي حديث قبيصة مختلف في صحبته، وفيه علي بن أبي هاشم، وفي حديث ابن عباس فيه عبد اللَّه بن هارون القروي وهو ضعيف ذكره الهيثمي، وفي حديث علي قال ابن الجوزي: لا يصح؛ إذ فيه محمد بن الحسين البغدادي كان يسمي نفسه لاحقًا وقد وضع على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما لا يحصى ذكره الخطيب، وفي حديث أبي الدرداء فيه هيدام بن قتيبة قال ابن الجوزي: مجهول. قلت: في هذا أمور، الأول: حديث سلمان إنما ينكر منه رفعه ووصله وإلا فقد ورد من طرق أخرى من رواية أبي عثمان النهدي عن سلمان موقوفًا وبدون سلمان مرسلًا، وكلاهما شاهد لرواية هشام بن لاحق؛ إذ الموقوف الذي من هذا القبيل في حكم المرفوع، فالموقوف رواه البخاري في الأدب المفرد: ثنا الحسن بن عمر ثنا معتمر قال: ذكرت لأبي حديث أبي عثمان النهدي عن سلمان أنه قال: "أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة" فقال: إني سمعته من أبي عثمان يحدثه عن سلمان. والمرسل رواه البخاري في الأدب المفرد من طريق عبد الواحد وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق من طريق ابن شهاب (¬1)، والخرائطي في المكارم أيضًا من طريق سفيان الثوري كلهم عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي قال: قال ¬

_ (¬1) لم أجده في مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا، بل في قضاء الحوائج (ص 31، رقم 16).

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة" لفظ ابن أبي الدنيا. الثاني: قال في حديث قبيصة: فيه علي بن أبي هاشم ولم يذكر بعده شيئًا ولعله سقط من قلم الناسخ، والمقصود تضعيف الحديث به وهو ثقة من رجال الصحيح روى عنه البخاري في صحيحه وتكلموا فيه لأجل الوقف، وذلك أمر لا دخل له في العدالة والرواية. الثالث: أن فيه راويًا لم يسم لم يذكره وأعله بالقصة. الرابع: حديث قبيصة خرجه البخاري في الأدب المفرد: ثنا علي بن أبي هاشم قال: حدثني ابن عمر بن زيد بن قبيصة بن زيد الأسدي عن فلان قال: سمعت برمة بن ليث بن برمة أنه سمع قبيصة بن برمة الأسدي قال: كنت عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فسمعته يقول: "أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة"، فعدم استدراكه بالبخاري قصور منه على طريقته، أما المصنف فغير وارد عليه لأنه غير مصدر بـ "أن" في رواية البخاري. الخامس: حديث عبد اللَّه بن عباس ورد من طريق أخرى ليس فيها عبد اللَّه ابن هارون فأخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (¬1) وأبو نعيم في تاريخ أصبهان كلاهما من طريق محمد بن عمر وأبو أحمد البلخي: ثنا عبد اللَّه بن منصور الحراني عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن الأصبهاني عن عطاء عن ابن عباس به مرفوعًا بزيادة: "قيل: وكيف ذلك؟ قال: إذا كان يوم القيامة جمع اللَّه أهل المعروف فقال: قد غفرت لكم على ما كان منكم: وصانعت عنكم عبادي ووهبت لكم حسناتكم فهبوها اليوم لمن شئتم؛ لتكونوا أهل المعروف في الدنيا وأهل المعروف في الآخرة" وهي زيادة غريبة فليكشف ¬

_ (¬1) ليس في مكارم الأخلاق، بل قضاء الحوائج (ص 32, رقم 18).

فائدة

عن رجال هذا الحديث، وأبو أحمد البلخي هو شيخ ابن أبي الدنيا فيه. السادس: حديث علي ورد من طريقين آخرين أحدهما عند الخطيب أيضًا والثاني عند الحاكم في المستدرك، فإعراض الشارح عنهما قصور عجيب منه ومن ابن الجوزي، وقد ذكرت أسانيده في المستخرج على مسند الشهاب. السابع: حديث أبي هريرة أخرجه أيضًا الطبراني في المعجم الصغير وفي مكارم الأخلاق له والقضاعي في مسند الشهاب، فعدم استدراك الشارح بهذا قصور منه لا سيما وهو قد رتب أحاديث الشهاب. فائدة هذا الحديث متواتر على شرط المصنف وإن لم يذكره في الأزهار المتناثِرة لأنه ورد من عشرة طرق فأكثر وهي الطرق الستة التي ذكرها هنا. والثامن: حديث أبي موسى. والتاسع: حديث أنس. والعاشر: حديث ابن عمر. والحادي عشر: حديث أم سلمة. والثاني عشر: حديث أبي أمامة وهو المذكور بعده. والثالث عشر. مرسل سعيد بن المسيب. والرابع عشر: مرسل أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، وقد ذكرت الجميع بأسانيده في المستخرج وللَّه الحمد. 1032/ 2224 - "إِنَّ أَهْلَ الشَّبَعِ فِي الدُّنيَا هُمْ أَهْلُ الجُوعِ غدًا فِي الآخِرَةِ". (طب) عن ابن عباس قال الشارح: قال المنذرى: إسناده حسن، وقال الهيثمي: فيه يحيى بن سليمان

القرشي الحضرمي، وفيه مقال، وبقية رجاله ثقات. قلت: لو لم يكن الحافظ المنذري حسنه لهول الشارح على المصنف بكلام الهيثمي ولو وقف على الحديث في أصل المعجم لأطال في الضجيج ولكن اللَّه سلم، فإن الحديث عند الطبراني في أوله حديث آخر غريب عجيب فاسمعه، قال الطبراني: حدثنا جبير بن عيسى المقري المصري ثنا يحيى بن سليمان القرشي ثنا فضيل بن عياض عن منصور عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن موسي بن عمران مر برجل وهو يضطرب فقام يدعو اللَّه له أن يعافيه فقيل له: يا موسى إن الذي يصيبه ليس هو خبط من إبليس ولكن جوع نفسه لي فهو الذي ترى، إني انظر إليه كل يوم مرات، فمره ليدع لك فإن له عندي كل يوم دعوة، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن أهل الشبع. . . "، وذكره. ورواه أبو نعيم في الحلية عن الطبراني ثم قال: غريب من حديث فضيل ومنصور وعكرمة، لم يروه عن فضيل إلا يحيى بن سليمان وفيه مقال. 1033/ 2247 - "إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الإِسْلامِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللَّهِ وتَبْغضَ فِي اللَّهِ". (حم. ش. هب) عن البراء قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير: قال الهيثمي: فيه ليث بن أبي سليم ضعفه الأكثر. قلت: ورد الحديث من وجه آخر، قال البخاري في الكنى: قال أبو أسامة: ثنا أبو اليسع قال: حدثني عمرو بن مرة عن عطاء أبي حمزة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أوثق عرى الإِسلام الحب في اللَّه والبغض في اللَّه".

ثم إِن حديث البراء في أوله قصة عن البراء قال: "كنا جلوسًا عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أي عرى الإِسلام أوسط؟ قالوا: الصلاة، قال: حسنة وما هي بها، قالوا: الزكاة، قال: حسنة وما هي بها، قالوا: صيام رمضان، قال: حسن وما هو به، قالوا: الحج، قال: حسن وما هو به، قالوا: الجهاد، قال: حسن وما هو به، قال: إن أوسط عرى الإِسلام. . . "، وذكره بلفظ: "أوسط" كما في (4/ 286) من المسند. 1034/ 2248 - "إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلامِ". (د) عن أبي أمامة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن أبا داود قد تفرد يه من بين الستة والأمر بخلافه، بل رواه الترمذي وابن ماجه. قلت: ابن ماجه لم يروه قط بل روى عن أبي أمامة حديثًا آخر سأذكره، وأما الترمذي فروى هذا الحديث من وجه آخر بالمعنى لا باللفظ [رقم 2694] قال الترمذي: حدثنا علي بن حجر ثنا قران بن تمام الأسدي عن أبي فروة الرهاوي يزيد بن سنان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة قال: "يا رسول اللَّه الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام؟ فقال: أولاهما باللَّه" هذا لفظ الترمذي وهو لا يدخل في هذا الكتاب أصلًا فضلًا عن هذا الحرف كما يعلمه الشارح. وأما ابن ماجه فقال [أدب: 11]: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن زياد عن أبي أمامة قال: "أمرنا نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- أن نفشي السلام", فهذا حديث آخر ذكره صاحب الأطراف وحده ولم يضمه إلى الأول. 1035/ 2250 - "إِنَّ أَوَّلَ مَا يُجَازَى بِهِ المؤمنُ بَعْدَ مَوتِهِ أَنْ يُغْفَرَ لِجمِيعِ مَنْ تَبِعَ جِنَازَتَهُ". عبد بن حميد والبزار (هب) عن ابن عباس

قال في الكبير: وضعفه المنذري، وقال الهيثمي: فيه مروان بن سالم الشامي ضعيف، وفي الميزان عن الدارقطني: متروك، ثم ساق هذا الخبر من مناكيره، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات. قلت: إن كل حديث يورده ابن الجوزي في الموضوعات ولا يوجد شيء كثير في الباب يتعقب به عليه يقول عنه الشارح: وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل، ولما كان هنا شيء كثير في الباب وكتب المصنف في التعقب على ابن الجوزي نحو صحيفة سكت الشارح عن ذلك وضرب عنه صفحًا، مع أن المصنف ما هو من أقرانه ولا هو من أهل عصره فكيف لو كان معاصرًا له؟! فإنا للَّه وإنا إليه راجعون، فراجع صحيفة (2/ 229) من اللآلئ المصنوعة والصحيفة التي بعدها تر ما يسرك من طرق هذا الحديث وشواهده. ومما لم يذكره الحافظ السيوطي هناك كون أبي نعيم خرج حديث أبي هريرة في تاريخ أصبهان فقال [2/ 298]: حدثنا أبو جعفر محمد بن جعفر المقري الصابوني ثنا أبو الفضل العباس بن الوليد بن شجاع ثنا أبو صالح أحمد بن راشد المروزي ثنا عبد الرحمن بن قيس أبو معاوية الزعفراني ثنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن أول كرامة المؤمن على اللَّه أن يغفر لمن شيع جنازته". وقال يحيى بن صالح في نسخته: حدثنا حفص بن عمر ثنا موسى بن حبيب عن يحيى بن كثير عن. . . (¬1) عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن أول ما يتحف به المؤمن في قبره أن يغفر لجميع من اتبع جنازته"، هكذا وقع في الأصل إسقاط من بعد يحيى بن كثير. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل نبه عليه المؤلف بعد سطرين.

1036/ 2253 - "إنَّ أوَّلَ مَا يُسْأَلُ عنه العبدُ يَومَ القِيَامةِ من النَّعِيمِ أَنْ يُقَالَ له: أَلم نُصِحَّ لك جِسمَكَ وَنَرْوِيكَ من المَاءِ البَارِدِ؟ ". (ت. ك) عن أبي هريرة قلت: أخرجه الحاكم أيضًا في علوم الحديث (ص 187)، والدينوري في المجالسة قال: حدثنا عباس بن محمد الدوري ثنا شبابة بن سوار ثنا عبد اللَّه بن العلاء عن الضحاك بن عبد اللَّه عن أبي هريرة به مثله. 1037/ 2254 - "إِنَّ بَابَ الرِّزْقِ مَفْتُوحٌ مِن لَدُنِ العَرْشِ إِلَى قَرَارِ بَطْنِ الأَرْضِ، يَرْزُقُ اللَّهَ كُلَّ عَبدٍ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ وَنَهْمَتِه (¬1) ". قال (ش) في الكبير: وكذلك رواه ابن عدي كلاهما عن علي بن سعيد بن بشير عن أحمد بن عبد اللَّه بن نافع بن ثابت بن عبد اللَّه بن الزبير عن هشام عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر عن الزبير به. . . إلخ. أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال: عبد اللَّه يروى الموضوعات عن الأثبات وأقره المؤلف على ذلك في مختصر "الموضوعات" وقال قبله في الكلام على معنى الحديث: وظاهر صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه، بل له بقية: "إن اللَّه تعالى يحب السخاء ولو بفلق تمرة، ويحب الشجاعة ولو بقتل الحية والعقرب". قلت: في كلامه أوهام وأباطيل، الأول: أنه أسقط من الإسناد كما ستراه مصححًا. الثاني: أنه كذب في قوله: كلاهما عن علي بن سعيد بن بشير، فإن أبا نعيم لم يروه عنه. ¬

_ (¬1) في المطبوع من الفيض: "يرزق اللَّه كل عبد على قدر مهنته وهمته".

الثالث: أنه كذب أيضًا في قوله: إن للحديث بقية لم يذكرها المصنف، فإن المصنف عزا الحديث لأبي نعيم وحده، وأبو نعيم ليست عنده الزيادة بل هي عند ابن عدي الذي لم يتعرض له المصنف، فاسمع نص الحديث عند أبي نعيم بسنده ومتنه، قال أبو نعيم [10/ 73]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر حدثنا خالي عبد اللَّه بن محمود بن الفرج ثنا أبي محمود بن الفرج ثنا أبو عثمان سعيد بن العباس الرازي ثنا أحمد بن عبد اللَّه بن نافع بن ثابت حدثني أبي عن عبد اللَّه بن محمد بن عروة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قال لي الزبير: "مررت برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فجذب عمامتي فالتفت إليه فقال لي: يا زبير إن باب الرزق مفتوح من لدن العرش إلى قرار بطن الأرض يرزق اللَّه كل عبد على قدر همته ونهمته". أما ابن عدي فقال: حدثنا علي بن سعيد بن بشير ثنا أحمد بن عبد اللَّه بن نافع به، وزاد بعد قوله: "فيرزق اللَّه كل عبد على قدر همته، يا زبير: إن اللَّه يحب السخاء. . . " إلى آخر ما ذكره الشارح. الرابع: ذكر ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات ولم يتعقبه المصنف بشيء كما حكاه الشارح، فأين علمه هو ومعرفته واطلاعه؟ فلنذكر نحن ما وقفنا عليه من طرقه لنبين أن ابن الجوزي أخطأ في الحكم بوضعه لأن عبد اللَّه بن محمد الزبيري لم ينفرد به بل ورد من حديث ابن عباس ومن حديث أنس. أما حديث ابن عباس فقال أبو نعيم في الحلية [10/ 216] في ترجمة أحمد بن مسروق: حدثنا حبيب بن الحسن ثنا أبو العباس بن مسروق ثنا خالد بن عبد الصمد ثنا عبد الملك بن قريب الأصمعي قال: حدثني القاسم بن سلام مولى الرشيد أمير

المؤمنين وكان من أهل الدين والأدب عن الرشيد عن المهدي عن أبيه عن محمد ابن علي عن أبيه عن ابن عباس قال: "بلغ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الزبير إمساك فأخذ بعمامته فجذبها إليه وقال: يا ابن العوام أنا رسول اللَّه إليك وإلى الخاص والعام، يقول اللَّه عز وجل: أنفِقْ أنفِقُ عليك، ولا ترد فيشتد عليك الطلب، إن في هذه السماء بابًا مفتوحًا ينزل منه رزق كل امرئ بقدر نفقته أو صدقته ونيته، فمن قلل قلل له ومن كثر كثر عليه، فكان الزبير بعد ذلك يعطي يمينًا وشمالًا". وأما حديث أنس فقال الدارقطني: حدثنا عبيد اللَّه بن عبد الصمد ثنا أبو زيد عبد الرحمن بن حاتم ثنا هارون بن عبد اللَّه الزهري عن الواقدي عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن أنس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا زبير، مفاتيح الرزق بإزاء العرش ينزل اللَّه للعباد أرزاقهم على قدر نفقاتهم، فمن كَثَّر كُثِّر له ومن قَلَّل قُلِّلَ له". هكذا رواه الديلمي في مسند الفردوس من طريق الدارقطني به، ولعله في الأفراد أو العلل. ورواه الخطيب فيمن حدث ونسى وفي التاريخ مطولًا وفيه قصة، قال الخطيب: أخبرنا أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن يوسف بن دوست البزار ثنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المصري ثنا أبو زيد عبد الرحمن بن حاتم المرادي بمصر ثنا هارون بن عبد اللَّه الزهري وكان قاضي مصر قال: كتب الواقدي رقعة إلى المأمون يذكر فيها غلبة الدين وغمه بذلك، فوقع المأمون على ظهرها: فيك خلتان: السخاء والحياء، وإما السخاء فهو الذي أطلق ما ملكت، وأما الحياء فهو الذي منعك من اطلاعنا على ما أنت عليه، وقد أمرنا بكذا وكذا، فإن كنا أصبنا إرادتك في بسط يدك فإن خزائن اللَّه مفتوحة، وأنت كنت حدثتني وأنت على قضاء الرشيد عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن

أنس بن مالك: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال للزبير: إن باب الرزق مفتوح بباب العرش، ينزل اللَّه على العباد أرزاقهم على قدر نفقاتهم، فمن قلل قلل له ومن كثر كثر له" قال الواقدي: وكنت قد أنسيت هذا الحديث فكان تذكرته إياي أحب من جائزته. قال هارون بن عبد اللَّه القاضي الزهري: بلغني أن الجائزة مائة ألف درهم فكأن الحديث أحب إليه من المائة ألف. 1038/ 2255 - "إِنَّ بَني إِسْرَائِيلَ لَمَّا هَلَكُوا قَصُّوا". (طب) والضياء عن خباب قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [4/ 362] قال: حدثنا أبو بكر الآجري ثنا الحسن بن الحباب المقري ثنا الفضل بن سهل (ح) وحدثنا أبو جعفر محمد بن محمد بن أحمد المقري ثنا أبو شعيب الحراني ثنا عبيد اللَّه بن عمر قالا: حدثنا أبو أحمد الزبيري ثنا سفيان عن الأجلح عن عبد اللَّه بن أبي الهذيل عن خباب بن الأرت به، قال أبو نعيم: تفرد به أبو أحمد. 1039/ 2259 - "إِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعَرَةٍ جَنَابَةً، فَاغْسِلُوا الشَّعَرَ وانْقُوا البَشَرَةَ". (د. ت. هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: بعد أن نقل تضعيفه عن جماعة من الحفاظ وأطال في ذلك حسبما نقله من التلخيص الحبير للحافظ وإن لم يسمه ما نصه: وبعد أن استبان لك شدة ضعفه علمت أن المصنف لم يصب في إيثاره وإهمال ما هو بمعناه وهو حديث صحيح كما جزم به ابن حجر، وهو خبر أبي داود وابن ماجه عن علي مرفوعًا: "من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل به كذا وكذا. . . " الحديث بتمامه.

قلت: يريد الشارح من المصنف العاقل أن يورد حديثا أوله حرف "من" وموضعه باب الميم في حرف "إن" من باب الألف، ويدخل حرفًا في حرف، ثم لعمري متى التزم المصنف في كتابه هذا ألا يورد فيه إلا الصحيح ولا يورد الضعيف حتى يتعقب بمثل هذا التعقب؟!. 1040/ 2261 - "إِنَّ جَهَنَّمَ تُسْجَرُ إِلا يَومَ الجُمُعَةِ". (د) عن أبي قتادة قال في الكبير: ظاهر سكوت المصنف أن مخرجه أقره والأمر بخلافه، بل أعله بالانقطاع كما نقله الحافظ العراقي وغيره وأقروه، فسكوت المصنف عنه غير صواب. قلت: بل صواب؛ لأنه ليس من شرطه الكلام على علل الحديث وإنما فائدته العظمى التنبيه على وجود الحديث ومن خرجه، ثم على الواقف البحث والتحقيق، ولو شرع في تعليل الأحاديث لجاء الكتاب في عشرة مجلدات، ثم أعجب للشارح كلما ذكر الحافظ العراقي حلاه بالحافظ لكونه جده من قبل الأم وإذا ذكر الحافظ ابن حجر وهو أحفظ من شيخه العراقي يقول عنه: ابن حجر ولا عليه!. والحديث ورد من وجه آخر شاهد لحديث أبي قتادة لم يتعرض له الشارح لقصوره، قال الطبراني: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا علي بن بحر ثنا سويد بن عبد العزيز عن النعمان بن المنذر عن مكحول عن عبد اللَّه بن عمرو عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن جهنم تسعر في كل يوم وتفتح أبوابها إلا يوم الجمعة، فإنها لا تسعر ولا تفتح أبوابها". 1041/ 2266 - "إِنَّ حَقًّا عَلَى المؤمنِينَ أَنْ يَتَوجَّعَ بَعضهم لِبَعْضٍ كَمَا يَأْلَم الجَسَدُ للرَأْسِ".

أبو الشيخ في التوبيخ عن محمد بن كعب القرظي مرسلًا قلت: قال أبو الشيخ: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ثنا أحمد بن سعيد ثنا ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة عن أبي رافع عن محمد بن كعب به. 1042/ 2273 - "إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعِي أَنَّ نَفْسا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتكمِلَ رِزْقَهَا، فاتَّقُوا اللَّه وأَجْمِلُوا في الطَّلَب، وَلَا يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمْ اسْتبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبُه بِمَعْصِيَة اللَّه، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا يُنَالُ مَا عنده إِلا بِطَاعَتِهِ". (حل) عن أبي أمامة قال الشارح: وفيه انقطاع. قلت: لو كان لأهل العلم محتسب لمنع الشارح من الخوض في الحديث، فإنه قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الطبراني ورواه ابن أبي الدنيا والحاكم عن ابن مسعود، ورواه البيهقي في المدخل وقال: منقطع اهـ. فهو ينقل في الكبير عن البيهقي أنه قال في حديث ابن مسعود: منقطع، ثم ينقل ذلك ويعديه إلى حديث أبي أمامة بعلة المجاورة ويقول في الصغير عنه: إنه منقطع، وما هو بمنقطع ولكن الشارح عن التحقيق منقطع، قال أبو نعيم [10/ 27]: حدثنا إسحاق بن أحمد ثنا إبراهيم بن يوسف ثنا أحمد بن أبي الحواري ثنا يحيى بن صالح الوحاضي ثنا عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة به، وهذا سند لا انقطاع فيه. أما حديث ابن مسعود فهو منقطع كما قال البيهقي ولكن لا تزر وازرة وزر أخرى، فما ذنب حديث أبي أمامة يلمز أيضًا بالانقطاع؟!

فائدة

وفي الباب عن جابر بن عبد اللَّه وحذيفة بن اليمان وعبد اللَّه بن عمر والمطلب ابن حنطب مرسلًا خرجتها في المستخرج على مسند الشهاب. فائدة قال الشارح في الكلام على هذا الحديث: ذكر المقريزي أن بعض الثقات أخبره أنه سار في بلاد الصعيد على حائط العجوز ومعه رفقة، فاقتلع أحدهم منها لبنة فإذا هي كبيرة جدًا، فسقطت فانفلقت عن حبة فول في غاية الكبر فكسروها فوجدوها سالمة من السوس كأنها كما حصدت، فأكل كل منهم قطعة منها فكانت دخرت لهم من زمن فرعون، [فإن] العجوز بنيت عقب غرقه، فلن تموت نفس حتى تستكمل رزقها. قلت: ووقع في زماننا هذا ما هو أغرب من هذا في تحقيق مصداق هذا الحديث الشريف، وهو أن ملاح سفينة صغيرة لصيد الأسماك أمر زوجته صباحًا عند إرادة الخروج إلى الصيد أن تحضر له رغيفًا، وتجعل داخله قطعة لحم قديد يتغذى به في البحر، فجاءت هرة فأخذت قطعة القديد وهربت بها، فأدركها الرجل وأخذ القطعة منها وردها داخل الرغيف وخرج به في خرجه، فلما أراد الصعود إلى المركب سقط منه الرغيف بما فيه من القديد في البحر، ثم دخل البحر ومدَّ بشبكته، وبعد المدة المضروبة لها جمعها على العادة المتبعة، فخرج فيها سمك كثير ومن بينه سمكة كبيرة فاختار أن يأخذها بيته ولا يبيعها، فلما دفعها لزوجته وشرعت في إصلاحها شقت بطنها فوجدت فيه قطعة القديد التي سقطت مثله في البحر بعد أن أخذت من فم الهرة، فقالت لزوجها: انظر رزق الهرة فإنه بعد أن غرق في البحر رجع إليها والهرة حاضرة فرفعته إليها فأكلته، فلن تموت نفس حتى تستكمل رزقها. 1043/ 2274 - "إِنَّ رُوْحَي المؤمِنَيْنِ تَلْتَقِي عَلَى مَسِيرَةِ يَومٍ وَلَيْلَةٍ، وَمَا رَأَى وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَجْهَ صَاحِبِهِ". (خد. طب) عن ابن عمرو

قال الشارح على قوله: "تلتقي": كذا هو بخط المصنف لكن لفظ رواية الطبراني: "ليلتقيان"، ثم قال: ورواه عنه أحمد أيضًا، قال الهيثمي: ورجاله وثقوا على ضعف فيهم اهـ. وأقول: فيه ابن لهيعة وفيه ضعف، ودراج قال الذهبي: ضعفه أبو حاتم، وقال أحمد: أحاديثه مناكير. قلت: ما زاد الشارح شيئًا علي كلام الحافظ الهيثمي، فإن كلا من ابن لهيعة ودراجًا وثق على ضعف فيه، ثم إن ابن لهيعة إنما هو عند أحمد الذي لم يعز الشارح عليه لعلة ستعرفها من لفظه، أما البخاري فليس في سنده ابن لهيعة، قال البخاري في باب: الألفة من الأدب المفرد [رقم 261]: ثنا أحمد بن عاصم ثنا سعيد بن عفير حدثني ابن وهب عن حيوة بن شويح عن دراج عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا: "إن روح المؤمن لتلتقيان. . . " الحديث. أما أحمد فقال [2/ 175 و 220]: حدثنا حسن بن لهيعة ثنا دراج به بلفظ: "إن أرواح المؤمنين تلتقي. . . " الحديث. 1044/ 2275 - "إِنَّ زَاهِرا بَادِيَتُنَا وَنَحنُ حَاضِرُوهُ". البغوي عن أنس قال الشارح في الكبير: ورواه عنه أيضًا الترمذي وأحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني وغيرهم، وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح اهـ. فما أوهمه عدول المصنف للبغوي واقتصاره عليه من عدم وجوده لأحد من المشاهير الكبار غير صواب. قلت: ما خرجه الترمذي في جامعه أصلًا ولو كان للشارح دراية لعلم أن ما

ذكره الحافظ الهيثمي في الزوائد لا يكون مخرجا في الترمذي؛ لأنه حينئذ لا يكون من الزوائد، نعم خرجه الترمذي في الشمائل في باب: مزاحه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليست الشمائل من الكتب الستة ولا من الأصول التي يستدرك بعدم العزو إليها. والحديث فيه قصة، قال الترمذي في الشمائل [121، 122]: حدثنا إسحاق بن منصور ثنا عبد الوراق ثنا معمر عن ثابت عن أنس بن مالك أن رجلًا من أهل البادية كان اسمه زاهرًا وكان يهدي إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هدية من البادية فيجهزه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا أراد أن يخرج، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن زاهرًا باديتنا ونحن حاضروه" وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يحبه وكان رجلًا ذميمًا، فأتاه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يومًا وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال: من هذا؟ أَرْسِلْني، فالتفت فعرف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فجعل لا يألوا ما ألصق ظهره بصدر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين عرفه، فجعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من يشتري هذا العبد؟ فقال: يا رسول اللَّه إذا واللَّه تجدني كاسدًا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لكن عند اللَّه لست بكاسد" أو قال: "أنت عند اللَّه غال". وقال أحمد [3/ 161]: حدثنا عبد الوراق له مثله. ورواه الطبراني من حديث أنس [5/ 316] ومن حديث زاهر نفسه، وقد ذكرته في مستخرجي على الشمائل. 1045/ 2287 - "إِنَّ شَهَرَ رَمَضَانَ مُعَلَّقٌ بَيْنَ السَّماءِ والأَرْضِ لَا يُرْفَعُ إِلا بِزَكَاةِ الفِطْرِ". ابن صرصرى في أماليه عن جرير قلت: أخرجه أيضًا الديلمي في مسند الفردوس، وقال: أخبرنا أبي أخبرنا محمد بن عثمان القومساني ثنا محمد بن عمر الحافظ ثنا أبو حذيفة أحمد بن محمد بن علي ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن عبيد الصفار بحمص

ثنا عبيد اللَّه بن علي بن عبيدة ثنا محمد بن عبيد البصري ثنا معمر بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد اللَّه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ربه. 1046/ 2288 - "إِنَّ صَاحِبَ السُّلْطَانِ عَلى بَابِ عَنَتٍ إِلا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ". الباوردي عن حميد قال الشارح: هو في الصحابة كثير فكان ينبغي تمييزه. قلت: وإذ ذلك كذلك فكان الواجب عليك إذ أغفل تمييزه المصنف أن تميزه أنت لأن وظيفتك الشرح والبيان لما أبهم وأغلق في المتن، ولكنك رجعت إلى كتب الصحابة فوجدت الرجل غير مميز في نفسه فكتمت ذلك ودلست وألصقت العيب بالمصنف، قال الحافظ في الإصابة: حميد غير منسوب، روى الباوردي من طريق عطاء بن السائب عن مالك بن الحارث عن رجل وكان في الكتاب عن حميد قال: "استعمل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلًا على سرية فلما رجع قال: كيف وجدت الإمارة؟ قال: كنت كبعض القوم، فقال: إن صاحب السلطان. . . "، وذكره. قال: وقد أخرجه الطبراني من هذا الوجه لكن أورده في ترجمة حميد بن ثور، والذي يظهر أنه غيره، فإنه أخرجه من وجه آخر فقال: عن خيثمة بدل حميد اهـ. قلت: لكن الذي في نقل الحافظ الهيثمي: عن الطبراني عن مالك بن الحارث عن رجل، قال الحضرمي في كتاب أبي كريب: عن حميد عن رجل قال: "استعمل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلًا على سرية، فلما مضى ورجع إليه قال: كيف وجدت الإمارة؟. . . " الحديث. 1047/ 2291 - "إِنَّ صَاحِبَ الشِّمَالِ لَيَرْفَعُ القَلَمَ سِتَّ سَاعَاتٍ عن

العبدِ المُسْلِم المُخْطِئِ، فإِنْ نَدِمَ واسْتَغْفَر اللَّه منها أَلْقَاهَا وإِلا كُتِبَتْ وَاحِدَةً". (طب) عن أبي أمامة قال الشارح: قال الهيثمي: بأسانيد أحدها رجاله وثقوا. قلت: أخرجه أيضًا الحسن بن سفيان في مسنده: ثنا عبد الوهاب بن الضحاك ثنا ابن عياش ثنا عاصم بن رجاء بن حيوة عن عروة عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. 1048/ 2299 - "إِنَّ عِلْمًا لا يُنْتَفَعُ بِهِ كَكَنْزٍ لا يُنْفَقُ مِنْهُ". ابن عساكر عن أبي هريرة قلت: سكت عنه الشارح فلم يتكلم على إسناده ولا استدرك مخرجًا على المصنف وما درى أن الحديث في مسند أحمد ومعجم الطبراني والحلية لأبي نعيم [7/ 228] وإلا لأتى بسخافته المعروفة. وقد وقع في سند الحديث اختلاف، فبعضهم رواه عن أبي هريرة وبعضهم رواه عن ابن مسعود وقد ذكر المصنف حديثه في حرف العين، وهناك إن شاء اللَّه نبين الخلاف في سنده مع الكلام عليه. 1049/ 2300 - "إِنَّ عُمَّارَ بُيُوتِ اللَّهِ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ". عبد بن حميد، (ع. طس. هق) عن أنس قال في الكبير نقلًا عن الحافظين العراقي والهيثمي: فيه صالح بن نسير المري وهو ضعيف، وأقول: فيه عند البيهقي هاشم بن القاسم أورده [الذهبي] في الضعفاء, وقال: ابن أبي عروبة كبر وتغير. قلت: لا فائدة في هذه الزيادة من الشارح إلا تسويد الورق وإظهار الجهل بالصناعة الحديثية والبعد من المعرفة بها، فإن الحديث إنما يعلل بمن تفرد

بالحديث وانحصرت طرقه فيه لا فيمن توبع عليه، فهاشم بن القاسم وإن كان فيه مقال فهو لم يقع إلا في طريق البيهقي لا في طريق غيره، ولذلك لم يعلله البيهقي به بل علله بصالح المري وحده، فقال عقب إخراجه: صالح غير قوي. هذا مع أنه لم يسنده إلا من رواية هاشم بن القاسم عن صالح المري عن ثابت عن أنس، ولكنه يعلم أن الحديث له عن صالح طرق أخرى تبرئ ساحة هاشم، فإن عبد بن حميد قال في مسنده: حدثنا يونس بن محمد ثنا صالح المري به. ورواه البزار من طريق عبد الواحد بن غياث عن صالح المري، على أن صالحًا لم ينفرد به أيضًا بل تابعه سليمان بن المغيرة عن ثابت، قال أبو بكر بن مقسم في جزئه: حدثنا موسى بن إسماعيل الختلي ثنا زكريا ثنا الأصمعي ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس به. 1050/ 2303 - "إِنَّ غِلَظَ جِلْد الكَافِرِ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا بِذرَاعِ الجَبَّارِ، وإِنَّ ضِرْسَه مِثْلُ أُحُدٍ، وَإِنَّ مَجْلِسَه من جهنَّم ما بين مَكَةَ والمَدِينةِ". (ت. ك) عن أبي هريرة كتب الشارح على قوله: "بذراع الجبار": هو اسم ملك من الملائكة، وعلى قوله: "وإن مجلسه من جهنم ما بين مكة والمدينة" ما نصه: وعلينا اعتقاد ما قاله الشارع وإن لم تدركه عقولنا. قلت: قارن بين هذا وبين جزمه بأن الجبار اسم ملك من الملائكة كذبًا وزورًا، ثم تعجب من هذا التلاعب بالنصوص، فلو وفق -وأني له ولكل أشعري التوفيق في مثل هذا- لقال عند ذراع الجبار كما قال عند مجلس الكافر من

جهنم: إن عقولنا لا تدرك هذا فيجب علينا الإيمان به والتفويض في معناه مع التنزيه عن مشابهة المخلوق كما هو الواجب في جميع الصفات، ثم إنه لم يتعرض لنصب خبر "إن" في الحديث مع أنه في الأصلين المنقول منهما برفعه على الجادة فكأنه سبق قلم من المصنف أو من الكاتب. وقال عبد اللَّه بن أحمد في كتاب السنة: حدثني أبو خيثمة زهير بن حرب ثنا عبيد اللَّه بن موسى ثنا شيبان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن غلظ جلد الكافر اثنان وسبعون ذراعًا بذراع الجبار وضرسه مثل ذلك". كذا قال: "اثنان وسبعون", وقد خرجه البيهقي في الأسماء والصفات من طريق أحمد بن عبيد النرسي عن عبيد اللَّه بن موسى به فقال: "اثنان وأربعون". والحديث رجاله ثقات على شرط الصحيح إلا أن عبد اللَّه بن أحمد روى أيضًا عن هارون بن معروف وأبي معمر قالا: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال لي عبد اللَّه ابن مسعود: يا أبا هريرة أتدري كم عرض جلد الكافر؟ قال: قلت: لا أدري، قال: أربعون ذراعًا بذراع الجبار. فهذا صريح في أن الحديث عند أبي هريرة عن ابن مسعود، ولكن مثل هذا له حكم الرفع. 1051/ 2309 - "إِنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَحَرَّمَها اللَّه وذُرِّيَّتها على النَّارِ". البزار (ع. طب. ك) عن ابن مسعود قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، فقال الذهبي: لا بل ضعيف تفرد به معاوية وفيه ضعف عن عمرو بن غياث وهو واه بمرة اهـ. لكن له شواهد، منها خبر البزار والطبراني أيضًا. "إن فاطمة حصنت فرجها وإن اللَّه أدخلها

بإحصان فرجها وذريتها الجنة"، قال الهيثمي: فيه عمرو بن غياث ضعيف. قلت: لا يكتب مثل هذا إلا فاقد العقل بمرة، والنظر فيه يغني عن إبطاله، فسبحان اللَّه العظيم وبحمده، وقد تكلم المصنف على هذا الحديث في اللآلئ المصنوعة وذكر متابعًا بل اثنين أو ثلاثة لعمرو بن غياث الذي أعله به ابن الجوزي، إلا أنه وقع من بعضهم اختلاف فقال: عن عاصم بن بهدلة عن زر عن حذيفة، والصواب: عن زر عن ابن مسعود، فانظر ذلك فيه. 1052/ 2313 - "إِنَّ فِي الجنَّة لَعُمُدًا مِنْ يَاقُوتٍ عَليها غُرَفٌ منْ زَبَرْجَدٍ، لَهَا أَبْوابٌ مُفَتَّحَةٌ، تُضِئُ كَمَا يُضِئُ الكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ، يَسْكُنُهَا المُتحَابُّون فِي اللَّه تَعَالى، والمُتَجَالسُون في اللَّه تَعَالى، والمُتَلاقُونَ في اللَّه تَعَالَى". ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا البزار وضعفه المنذري وذلك لأن فيه يوسف بن يعقوب القاضي قال الذهبي: مجهول، وحميد بن الأسود قال الذهبي: كان عفان يحمل عليه، ومحمد بن أبي حميد ضعفوه، وحينئذ فتعصيب الهيثمي الجناية برأس الأخير وحده ليس على ما ينبغي. قلت: بل دخولك في الفضول وخوضك فيما لا تحسنه ليس على ما ينبغي لا كلام الحفاظ المحققين، فإن محمد بن أبي حميد هو الذي تفرد بالحديث وأما الآخران فتوبعا عليه ولم يقعا في سند البزار الذي تكلم عليه الهيثمي إنما وقع في سند البيهقي في الشعب. وقد أخرجه ابن فيل في جزئه من وجه آخر أيضًا عن محمد بن حميد فقال: حدثنا الحسين بن الحسن المروزي ثنا محمد بن أبي عدي ثنا محمد بن أبي حميد (ح) وثنا مؤمل بن إهاب المكي ثنا محمد بن يحيى الجدي ثنا عبد العزيز بن محمد

عن محمد بن أبي حميد عن موسى بن وردان عن أبي هريرة به. وعلى فرض أن البزار رواه من طريق المذكورين في تعليل الشارح فهو تعليل الجهال بالحديث، [فإن]؛ حميد بن الأسود من رجال الصحيح روى له البخاري، ويوسف بن يعقوب القاضي الذي قال الذهبي [فيه]: مجهول نقلًا عن أبي حاتم، قد تعقب الذهبي قول أبي حاتم فيه بقوله: قلت: كان قاضي صنعاء ومفتيها، أخذ عن طاوس وعمر بن عبد العزيز، وحدث عنه هشام بن يوسف وسفيان الثوري وعبد الرزاق وغيرهم وهو صدوق إن شاء اللَّه. هذا نص الذهبي، فكيف استجاز الشارح أن ينقل من كلامه المبتدأ ويترك الخبر؟! إن هذا لمنتهى التصور بل التلاعب، ومع هذا فيوسف بن يعقوب الذي وقع في سند هذا الحديث ليس هو القاضي كما فهم هذا الجاهل فإلى اللَّه المشتكى من هذا التهور والتلاعب بحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. 1053/ 2314 - "إنَّ فِي الجنَّة غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنهَا، وبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ تَعَالَى لِمَنْ أَطعَمَ الطَّعَامَ، وَأَلانَ الكلَامَ، وتَابعَ الصِّيَامَ، وصَلَّى بِالليلِ والنَّاسُ نِيَامٌ". (حم. حب. هب) عن أبي مالك الأشعري (ت) عن علي قال في الكبير: قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق، وقد تكلم فيه من قبل حفظه اهـ. ولهذا جزم الحافظ العراقي بضعف سنده، وكثيرًا ما يقع للمصنف عزو الحديث ومخرجه قد عقبه بما يقدح في سنده، فيحذف المصنف ذلك ويقتصر على عزوه له، وذلك من سوء التصرف. قلت: بل غفلتك من سوء الأخلاق والطبيعة، فقولك: كثيرًا, تدليس منك، فإن المصنف من أول الكتاب إلى آخره لا يذكر كلام المخرجين، وهكذا أكثر المصنفين لا يذكرون كلام المخرجين منهم إلا أصحاب كتب التخاريج، وعلل

الأحاديث إلا النادر جدًا كالنووي في بعض الأحيان، والشارح نفسه له الجامع الأزهر وكنوز الحقائق لم ينقل فيهما كلام المخرجين مع أنه جمع في الثاني كل موضوع ومنكر وباطل وهو لم يعد في الأول الجامع الكبير للمصنف. وحديث علي أخرجه أيضًا عبد اللَّه بن أحمد في زوائده [رقم 227] قال: ثنا عباد بن يعقوب ثنا محمد بن فضيل عن ابن إسحاق (ح) وقال المروزي في قيام الليل: حدثنا إسحاق -يعني ابن راهويه- أخبرنا أبو معاوية ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن [سعد] عن علي بن أبي طالب به. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ثنا فروة بن أبي المقراء الكندي ثنا القاسم وعلي بن مسهر عن عبد الرحمن بن إسحاق به. وهو وإن كان ضعيفًا فالحديث ورد من طرق متعددة منها: حديث أبي مالك الأشعري المذكور معه، وحديث عبد اللَّه بن عمرو وابن عباس وأنس وعبد اللَّه ابن عمر بن الخطاب وابن مسعود، وفي حديث ابن عباس وأنس زيادة لطيفة سهلة لو صح سندها، قال ابن حبان في الضعفاء [1/ 260]: أخبرنا عبد الكبير بن عمر الخطابي ثنا علي بن حرب الموصلي ثنا حفص بن عمر بن حكيم ودلني عليه إسماعيل بن زبان ثنا عمرو بن قيس الملائي عن عطاء عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن في الجنة غرفًا إذا كان ساكنها فيها لم يخف عليه ما خلفها، وإذا خرج منها لم يخف عليه ما فيها، قيل: هي لمن يا رسول اللَّه؟ قال: لمن أطاب الكلام وواصل الصيام وأطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام، قيل: وما طيب الكلام؟ قال: سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلا اللَّه واللَّه أكبر، فإنها تأتي يوم القيامة ولها مقدمات ومجنبات ومعقبات، قيل: وما وصال الصيام؟

قال: من صام رمضان ثم أدرك رمضان فصامه، قيل: وما إطعام الطعام؟ قال: من قات عياله وأطعمهم قيل: ما إفشاء السلام؟ قال: مصافحة أخيك وتحيته، قيل: ما الصلاة والناس نيام؟ قال: صلاة العشاء الآخرة. وأخرجه الخطيب في ترجمة أحمد بن سليمان العباداني، وبَيَّنَ أنه أخطأ في سنده وزاد بعد قوله: "صلاة العشاء الآخرة": "واليهود والنصارى نيام". وحفص بن عمر قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، وقال ابن عدي: حدث بالبواطيل. وقال السمرقندي [ص 280، رقم 1025]: حدثنا الفقيه أبو جعفر ثنا إسحاق بن عبد الرحمن القاري ثنا أبو عيسى موسى ابن هارون الطوسي ببغداد ثنا أبو معاوية عمرو ثنا طعمة بن عمرو عن إسماعيل بن رجاء عن رجل من أهل البصرة عن أنس عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن في الجنة غرفًا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، قيل: ومن سكانها يا رسول اللَّه؟ قال: الذين يطعمون الطعام، ويطيبون الكلام، ويديمون الصيام، ويفشون السلام، ويصلون بالليل والناس نيام، قالوا: يا رسول اللَّه إن هؤلاء أهل لذلك، ومن يطيق ذلك؟ قال: من قال: سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلا اللَّه واللَّه أكبر فقد أطاب الكلام، ومن أطعم أهله فقد أطعم الطعام، ومن صام رمضان فقد أدام الصيام، ومن لقى أخاه فسلم عليه فقد أفشى السلام، ومن صلى العشاء الآخرة والفجر فقد صلى بالليل والناس نيام، يعني: اليهود والنصارى والمجوس". وقد روى الحاكم في المستدرك حديث عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا: "إن في الجنة غرفا. . . " الحديث، فقال أبو مالك الأشعري: "لمن يا رسول اللَّه؟ قال: لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وبات قائمًا والناس نيام". ثم صححه على شرط الشيخين، وهي رواية ترد التفسير بصلاة العشاء

والفجر؛ لأنه قال فيها: "بات قائمًا" وفيها تشديد أظنه وهمًا من الراوي,, واللَّه أعلم. 1054/ 2317 - "إِنَّ فِي الجنَّةِ لَمَراغًا مِنْ مِسْكٍ مِثْلَ مَرَاغِ دَوَابِّكُم فِي الدُّنيا". (طب) عن سهل بن سعد قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ: حدثنا أبي وأبو محمد بن حيان قالا: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الملك ثنا محمد بن عبد اللَّه بن سابور ثنا عبد الحميد بن سليمان الأنصاري أخو فليح عن أبي حازم عن سهل به. 1055/ 2320 - "إِنَّ فِي الجنَّةِ لَسُوقًا مَا فِيهَا شِرَاءٌ ولا بَيْعٌ إلا الصُّوَرَ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ، فَإِذَا اشْتَهَى الرّجلُ صُورَةً دَخَلَ فِيهَا". (ت) عن علي قلت: خرجه أيضًا عبد اللَّه بن أحمد في زوائد مسند أبيه (1/ 156) وإسحاق ابن راهويه في مسنده, ومن طريقه خرجه البغوي في أول سورة البقرة، وأخرجه ابن النقور في فوائده، ومن طريقه الذهبي في ترجمة أبي غريب محمد بن العلاء من تذكرة الحفاظ، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات من عند عبد اللَّه بن أحمد، وأعله بعبد الرحمن بن إسحاق أبي شيبة الواسطي، ورد عليه الحافظ في القول المسدد (ص 3)، ونقل كلامه المصنف في اللآلئ المصنوعة (2/ 241) طبعة أولى، وزاد طريقًا آخر للحديث لم يذكره الحافظ وفيه متابعة لعبد الرحمن بن إسحاق. إذا علمت هذا تحقق عندك كذب الشارح في قوله: ودندن عليه ابن حجر، ثم قال: وفي القلب منه شيء، فإن الحافظ ما قال ذلك أصلًا وإنما نقله عن ابن خزيمة في حديث خرجه في باب الصيام من صحيحه من طريق عبد الرحمن

ابن إسحاق المذكور، ثم قال ابن خزيمة: لكن في القلب من عبد الرحمن شيءٌ اهـ. 1056/ 2326 - "إِنَّ فِي الجنَّةِ نَهَرًا يُقَالُ له: رَجَبٌ، أَشَدُّ بَيَاضًا من اللَّبنِ وأَحْلَى مِنَ العَسَلِ، مَنْ صَامَ يَوْمًا مِنْ رَجَبٍ سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ ذلك النَّهَرِ". الشيرازي في الألقاب (هب) عن أنس قلت: هذا حديث موضوع يلام المصنف على إيراده فإنه مكشوف الحال ظاهر البطلان كما قال الذهبي وغيره. 1057/ 2327 - "إِنَّ فِي الجنَّةِ دَرَجَةً لا يَنَالُهَا إِلا أَصْحَابُ الهُمُومِ". (فر) عن أبي هريرة قلت: الديلمي خرجه من طريق أبي نعيم، وأبو نعيم وجدته عنده في تاريخ أصبهان [2/ 292] , خرجه في موضعين منه في ترجمة محمد بن عبد اللَّه بن منده أبي بكر المقري المعروف بالمفتولي عنه، قال: حدثنا حاجب بن الركين ثنا سيار بن نصر ثنا محمد بن عبد اللَّه المروزي ثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به، وزاد: قال أبو سلمة: فقلت لأبي هريرة: الهموم في طلب المعيشة؟ قال: نعم. وهذا السند هو الذي أورده الديلمي في مسند الفردوس لكنه اختصر الزيادة المذكورة، فقال: "إن في الجنة درجة لا ينالها إلا أصحاب الهموم، أي: في طلب المعيشة". ثم أخرجه أبو نعيم بعد هذا في ترجمة مسعود بن يزيد أبي أحمد القطان فقال: حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ثنا مسعود بن يزيد أبو أحمد ثنا صالح ابن عبد اللَّه المروزي ثنا الفضل بن موسى السناني به مثل اللفظ المذكور في

الكتاب فقط. 1058/ 2328 - "إِنَّ فِي الجُمُعَةِ سَاعةً لا يَحْتَجِمُ فِيها أَحَدٌ إِلا مَاتَ". (ع) عن الحسين بن علي قلت: هذا حديث موضوع. 1059/ 2332 - "إِنَّ فِي المَعَارِيضِ لَمَنْدُوحةً عَنِ الكَذِبِ". (عد. هق) عن عمران بن حصين قال في الكبير: رواه ابن عدي من حديث أبي إبراهيم الترجماني عن داود بن الزبرقان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن عمران ابن حصين مرفوعًا، ثم قال ابن عدي: لا أعلم أحدًا رفعه غير داود، ورواه (هق) وكذا ابن السني كما في الدرر عن عمران بن حصين موقوفًا، قال البيهقي: الصحيح هكذا ورواه أبو إبراهيم عن داود الزبرقاني عن ابن عروبة فرفعه، قال الذهبي: داود تركه أبو داود اهـ. وتخصيص ذنيك بالعزو يوهم أنه لا يعرف لأشهر منهما, ولا أحق بالعزو وهو غفلة، فقد خرجه -باللفظ المزبور عن عمران المذكور- البخاري في الأدب المفرد. قلت: وفي هذا جهل وقصور، وخبط وخلط في أمور: الأول: أن داود لم ينفرد برفعه كما قال ابن عدي، بل توبع على رفعه، قال ابن السني في اليوم والليلة: أخبرنا محمد بن جرير الطبري ثنا الفضل بن سهل الأعرج ثنا سعيد بن أوس ثنا شعبة عن قتادة عن مطرف عن عمران به مرفوعًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وهذا سند لا بأس به، إلا أن جماعة رووه عن شعبة موقوفًا. الثاني: زعمه أن ابن السني والبيهقي خرجه موقوفًا عقب رمز المصنف -غلط

من جهة، وتخليط من أخرى، أما ابن السني فلم يخرجه موقوفًا أصلًا، وأما البيهقي فخرجه موقوفًا ومرفوعًا، والمرفوع هو الذي عناه المصنف؛ لأن كتابه خاص بالمرفوع، فقوله عقب رمز البيهقي: موقوفًا -خروج من موضوع إلى آخر، مع أنه سلك في الصغير مسلكًا أحسن من هذا، وإن كان غير خارج عن الغلط، فقال عقب العزو لابن عدي والبيهقي ما نصه: مرفوعًا وموقوفًا، قال البيهقي: الصحيح موقوف اهـ. فهذا على خطئه أقرب إلى الصواب مما صنعه في الكبير، ووجه خطئه في الصغير أن كلامه يوهم إخراج كل من ابن عدي والبيهقي له على الوجهين، مع أن الذي أخرجه كذلك إنما هو البيهقي وحده، فإنه أخرجه أولًا من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن مطرف عن عمران موقوفًا، ثم قال: هذا هو الصحيح موقوفًا، قال: وقد أخبرنا أبو الحسن بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد ثنا محمد بن الفضل بن جابر ثنا أبو إبراهيم الترجماني بسنده السابق مرفوعًا. ثم أخرجه من طريق ابن عدي كذلك مرفوعًا، وهذا هو الذي يقصده المصنف بالعزو إليه. الثالث: قوله: وتخصيص ذنيك بالعزو يوهم أنه لا يعرف لغيرهما، مع أن البخاري خرجه في الأدب المفرد لا يخلو أن يكون جهلًا منه بما في الأدب المفرد أو غفلة عظيمة عن شرط كتاب المصنف، أو تلبيسًا وتدليسًا على الناس، فإن البخاري ما خرجه مرفوعًا، وإنما خرجه موقوفًا على عمران وذلك في موضعين من الأدب المفرد، في باب: من الشعر حكمة وفي باب: المعاريض، فقال في الأول: حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة. وقال في الثاني: حدثنا آدم حدثنا شعبة عن قتادة سمع مطرفًا قال: صحبت عمران بن حصين

من الكوفة إلى البصرة فقل منزل ينزله إلا وهو ينشدني شعرًا، وقال: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب. الرابع: أنه ترك الاستدراك بمن خرجه مرفوعًا وهو القضاعي في مسند الشهاب، مع أنه رتب أحاديثه ورمز في أكثرها بـ "الضاد" كأنه تخريج، وكذلك خرجه الديلمي في مسند الفردوس من حديث علي عليه السلام مرفوعًا بسند واه ذكرته في المستخرج مع أثر عمر الموقوف. 1060/ 2337 - "إِنَّ فِيك لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّه: الحِلْمُ وَالأَنَاةُ". (م. ت) عن ابن عباس قلت: خرجه أيضًا البخاري في الأدب المفرد من حديث ابن عباس ومن حديث الأشج نفسه، ومن حديث فريدة العبدي وغيرهم. وخرجه الطبراني في مكارم الأخلاق من حديث الأشج أيضًا، والخطيب في التاريخ، والطبراني في الصغير من حديث ابن عباس، والخطيب من حديث ابن عمر. 1061/ 2342 - "إِنَّ قَلْبَ ابْنِ آدَمَ، يَتَقَلَّبُ فِي اليَوْمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ". ابن أبي الدنيا في الإخلاص (ك. هب) عن أبي عبيدة قال [ش]: قال الحاكم: على شرط مسلم، ورده الذهبي، وقال: فيه انقطاع. قلت: وسببه أنه من رواية خالد بن معدان عن أبي عبيدة، وخالد لم يلقه أو لم يدركه، والحديث خرجه أبو نعيم أيضًا من هذا الوجه (5/ 216). 1062/ 2346 - "إِنَّ كَسْرَ عَظْمِ المُسْلِمِ مَيِّتًا كَكَسْرِهِ حَيّا". (عب. ص. د. هـ) عن عائشة قلت: أخرجه أيضًا أحمد (6/ 58 [رقم 24362])، والدارقطني في السنن (ص 367) في كتاب الحدود والديات.

1063/ 2348 - "إنَّ للَّهِ تَعَالَى عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَومٍ وليلةٍ، لِكلِّ عَبدٍ منهم دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ". (حم) عن أبي هريرة أو عن أبي سيد سمويه عن جابر قال الشارح في الكبير: قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح، كذا ذكره في موضوع، وأعاده في آخر، وقال: فيه أبان بن أبي عياش متروك. قلت: كأن الشارح يريد أن يلصق أوهامه بالحافظ الهيثمي، ويحكم عليه بالتناقض والاضطراب وذلك عنه بعيد، فإن الحافظ الهيثمي عزا حديث أبي هريرة أو أبي سعيد بالشك لأحمد، وقال: رجاله رجال الصحيح وهو كذلك، فإن أحمد قال: حدثنا معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد، وهؤلاء الرجال رجال الصحيح. وكذلك رواه ابن أبي الدنيا في حسن الظن [ص 103، رقم 152] عن إسحاق ابن إسماعيل عن أبي معاوية. ورواه أبو نعيم في الحلية [8/ 257، 9/ 319] من طريق أبي إسحاق الفزاري عن الأعمش فقال: عن أبي هريرة وحده ولم يشك. وذكره الحافظ الهيثمي في الصيام وفي الدعوات, من حديث أبي سعيد وحده، وعزاه للبزار والطبراني في الأوسط، وقال في كل منهما: أبان بن عياش وهو متروك اهـ. والأمر كما قال، فإن حديث أبي سعيد وحده ورد من طريق أبان بن أبي عياش، قال أبو عمرو إسماعيل بن نجيد في جزئه: أخبرنا علي بن الحسين بن الجنيد الرازي ثنا المعافى بن سليمان ثنا زهير ثنا محمد ابن حجادة أن أبان حدثه عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري به. 1064/ 2350 - "إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى عِبَادًا اخْتَصَّهُم بِحَوائِج النَّاس، يَفْزَعُ

النَّاسُ إِلَيْهِم فِي حَوَائِجِهم، أُولَئِكَ الآمِنُونَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ". (طب) عن ابن عمر قال [ش] في الكبير: قال الهيثمي: فيه شخص ضعفه الجمهور، وأحمد بن طارق الراوي عنه لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: ما قال الهيثمي: فيه شخص، ولا يجوز أن يقول ذلك؛ إذ لا لزوم لستره وعدم تسميته، ولكن النسخة وقع فيها بياض ذهب منه اسم الرجل، فتصرف الشارح هذا التصرف السيء، ولو حكى الواقع لكان أوفى بالأمانة، والشخص هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقال الطبراني في مكارم الأخلاق [ص 341، رقم 82]: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا أحمد بن طارق الوالبي ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر به. ورواه أبو نعيم في الحلية من هذا الوجه [3/ 225] فقال: حدثنا سعد بن محمد بن إبراهيم الناقد ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة به، ثم قال: غريب من زيد عن ابن عمر، لم يروه عنه إلا ابنه عبد الرحمن، وما كتبناه إلا من حديث أحمد بن طارق. ورواه الدينوري في المجالسة من حديث أبي هريرة فقال: حدثنا ابن أبي موسى الأنطاكي حدثني أحمد بن أعين البصري عن عمرو بن جميع عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن اللَّه تبارك وتعالى خلق خلقًا لحوائج الناس يفزع الناس إليهم في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب اللَّه يوم القيامة". ورواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج [ص 55، رقم 49] عن الحسن مرسلًا، لكنه من رواية داود بن المحبر عن الربيع بن صبيح عن الحسن، وداود كذاب. ورواه أبو الشيخ في الثواب من حديث علي عليه السلام.

1065/ 2352 - "إِنَّ للَّه تَعالَى أَقْوَامًا يَخْتَصُّهُمْ بِالنِّعَم لِمنَافِعِ العِبَادِ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَدلُوْهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَها مِنْهُمْ، فَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ". ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج (طب. حل) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: وكذا رواه البيهقي في الشعب والحاكم، بل وأحمد، ولم يحسن المصنف في إهماله، قال الحافظ العراقي والهيثمي: فيه محمد بن حسان السمتي وفيه لين، ووثقه ابن معين يرويه عن عبد اللَّه بن زيد الحمصي، وقد ضعفه الأزدي. قلت: ما خرجه أحمد ولا الحاكم، ولقد أساء الشارح في عزوه إليهما مع نسبة المصنف إلى عدم الإحسان بذلك. أما الحديث فرواه ابن أبي الدنيا [ص 23، رقم 5]: ثنا محمد بن حسان السمتي ثنا أبو عثمان عبد اللَّه بن زيد الكلبي عن الأوزاعي عن عبد اللَّه بن أبي لبابة عن ابن عمر. ورواه أبو نعيم [6/ 115 و 10/ 215] عن حبيب بن الحسن: ثنا أحمد بن عيد ومحمد بن مسروق الطوسي قالا: حدثنا محمد بن حسان السمتي به، وقال: تفرد أبو عثمان عبد اللَّه بن زيد الكلبي عن الأوزاعي بهذا الحديث. ورواه أحمد بن يونس الضبي عن أبي عثمان وسماه معاوية بن يحيى، ثم أسنده كذلك عن أبي الشيخ: ثنا محمد بن أحمد بن معدان حدثني أحمد بن يونس ثنا معاوية بن يحيى أبو عثمان عن الأوزاعي مثله.

وأخرجه أيضًا في تاريخ أصبهان [2/ 276] عن الحسين بن علي بن أحمد بن بكر: ثنا أبو بكر محمد بن سهل بن المرزبان ثنا أحمد بن يونس ثنا معاوية بن يحيى ثنا الأوزاعي به. قلت: ورواه غير أحمد بن يونس فقال: عن معاوية بن يحيى، وأراه غير عبد اللَّه بن زيد ولا مانع أن تكون كنيته أيضًا أبا عثمان، قال البندهي في شرح المقامات: أخبرنا أبو القاسم بن أبي عبد الرحمن بن أبي حامد المزعي في كتابه أنا أبو سعد أحمد بن إبراهيم بن موسى المقري أنا أبو محمد عبد اللَّه بن يوسف الأصبهاني أنا أبو بكر أحمد بن سعيد الإخميمي ثنا مالك بن يحيى السوسي ثنا معاوية بن يحيى ثنا الأوزاعي به. 1066/ 2351 - "إِنَّ للَّه تَعَالَى عند كلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ مِنَ النَّارِ، وذلك فِي كلِّ لَيْلَةٍ". (هـ) عن جابر (حم. طب. هب) عن أبي أمامة قال في الكبير: قال الهيثمي: رجال أحمد والطبراني موثقون اهـ. وقال البيهقي: هذا غريب من رواية الأكابر عن الأصاغر وهو رواية الأعمش عن الحسين بن واقد اهـ. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات ولكن ردَّ. قلت: هذا خبط وتخليط ووهم دمايهام، فابن الجوزي ما أورد هذا الحديث في الموضوعات، وإنما أورد حديث ابن عباس بلفظ: "إن للَّه تعالى في كل ليلة من رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق من النار". وحديث أنس نحوه بلفظ: "ستمائة ألف عتيق من النار، كلهم قد استوجبوا النار". فذكر المصنف في التعقب عليه أحاديث في المعنى، وأورد منها حديث أبي

أمامة من عند البيهقي في الشعب، وفرق بين حديث الباب وبين ما ذكره ابن الجوزي. 1067/ 2355 - "إِنَّ لِلَّهِ تعَالَى مَلائِكَةً سَيَّاحِينَ في الأَرضِ يُبَلِّغُونِى مِنْ أُمَتِي السَّلامَ". (حم. ن. حب. ك) عن ابن مسعود قلت: أخرجه أيضًا أبو يوسف في كتاب الخراج (ص 4) من الطبعة الأولى، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 205)، والبيهقي في حياة الأنبياء (ص 12). 1068/ 2360 - "إِنَّ للَّه تَعَالَى مَلَكًا لو قيلَ له: الْتَقمِ السَّمَوات السَّبْع والأَرَضِينَ بِلَقْمَةٍ وَاحِدةٍ لَفَعَلَ، تَسْبِيحُهُ: سُبْحَانَكَ حَيْثُ كُنْتَ". (طب) عن ابن عباس قال الشارح: وفعه رجل مجهول. قلت: أخذ هذا من قول الحافظ الهيثمى: فيه وهب اللَّه بن رزق ولم أر من ذكر له ترجمة اهـ. وقدمنا مرارًا أن هذا ليس هو المجهول؛ إذ قد يكون مترجمًا في كتاب لم تصل إليه يد الحافظ الهيثمي، وإنما المجهول من ينص على جهالته مثل أبي حاتم والبخاري وابن حبان. والحديث خرجه أبو نعيم في الحلية [3/ 318] عن الطبراني: ثنا محمد بن عبد اللَّه بن عريش المصري ثنا وهب اللَّه بن رزق أبو هبيرة ثنا بشر بن بكر ثنا الأوزاعي حدثني عطاء عن عبد اللَّه بن عباس به. وقال أبو نعيم: غريب من حديث الأوزاعي عن عطاء لم نكتبه إلا من حديث بشر بن بكر اهـ.

وأورده ابن كثير في تفسير سورة النبإ [8/ 334] من عند الطبراني، وقال: غريب جدًا وفي رفعه نظر، وقد يكون موقوفًا على ابن عباس، ويكون مما تلقاه من الإسرائيليات اهـ. وهذا من ابن كثير غريب أيضًا، وأي غرابة في الحديث حتى يبعد أن يكون مرفوعًا، بل في المرفوع الصحيح من أخبار ملائكة اللَّه تعالى وعظمته ما هو أعظم من هذا، وليس في قدرة اللَّه ما هو غريب. 1069/ 2364 - "إِنَّ للَّهِ مائَةَ خُلُقٍ وسَبْعَةَ عَشَرَ خُلُقًا، مَن أَتَاهُ بِخُلُقٍ دَخَلَ الجَنَّةَ". الحكيم (ع. هب) عن عثمان بن عفان قال الشارح: قال البيهقي: قد خولف عبد الرحمن البصري في إسناده ومتنه. وقال في الكبير عقب الرموز: من حديث عبد الواحد بن زيد عن عبد اللَّه بن راشد عن عثمان، ثم قال البيهقي: هكذا رواه عبد الواحد بن زيد البصري الزاهد وليس بقوي في الحديث، وقد خولف في إسناده ومتنه اهـ. ولما عزاه الهيثمي إلى أبي يعلى قال: فيه عبد اللَّه بن راشد ضعيف اهـ. وقال في اللسان: قال ابن عبد البر: عبد الواحد بن زيد الزاهد أجمعوا على تركه، وقال ابن حبان: يقلب الأخبار من سوء حفظه وكثرة وهمه فاستحق الترك اهـ. وعبد اللَّه بن راشد ضعفوه، وبه أعل الهيثمي الخبر، لكن عصب الجناية برأسه وحده فلم يصب. قلت: في هذا أوهام، الأول: قال في الصغير: عبد الرحمن وهو عبد الواحد. الثاني: ذكره بغير اسم أبيه وهو كالعدم، وهكذا يفعل دائمًا في الصغير فيسود الورق دون فائدة. الثالث: ما نقله عن الحافظ في اللسان من قوله: قال ابن عبد البر. . . إلخ.

لا يوجد في نسختنا من اللسان أصلًا، بل فيه بعد كلام الميزان [4/ 80، 81]: وقال يعقوب بن شيبة: صالح متعبد وأحسبه كان يقول بالقدر، وليس له علم بالحديث وهو ضعيف، وقد دلس بشيء، وقال النسائي في التمييز: ليس بثقة، وذكره الساجي والعقيلي، وابن شاهين، وابن الجارود في الضعفاء فقال: كان ممن يقلب الأخبار من سوء حفظه وكثرة وهمه، فلما كثر ذلك منه استحق الترك، وذكره أيضًا في الثقات فما أجاد، وقال: كنيته أبو عبيدة له حكايات كثيرة في الزهد والرقائق، وروى عنه أهل البصرة، يعتبر بحديثه إذا كان دونه ثقة وفوقه ثقة، ويجتنب ما كان من حديثه من رواية سعيد بن عبد اللَّه بن دينار، فإن سعيدًا يأتي بما لا أصل له عن الأثبات، انتهى ما في اللسان. الرابع: نقل عن اللسان أيضًا أنه قال: وقال ابن حبان:. . . إلخ. وقد رأيت مما نقلنا أن ذلك في اللسان عن ابن الجارود لا عن ابن حبان، وقد يكون سقط من نسختنا ذكر ابن حبان إلا أن نصه في الضعفاء ليس كذلك، فإن عندي منه نسخة عتيقة ونصه: عبد الواحد بن زيد البصري العابد يروي عن الحسن وعبادة بن نسي، روى عنه أهل البصرة، كان ممن غلب عليه العبادة حتى غفل عن الإتقان فيما يروي، فكثر المناكير في روايته -على قلتها- فبطل الاحتجاج به اهـ. الخامس: قوله: لكنه عصب الجناية. . . إلخ. باطل فإنه لا يجوز أن يقوله إلا لو تحقق بأن عبد الواحد بن زيد تفرد به، ولم يرو إلا من طريقه، أما كونه رآه هو في سند البيهقي، فلا يلزم أن يكون أبو يعلي خرجه من طريقه، مع أن الشارح نفسه ينقل عن البيهقي أنه قال: خولف عبد الواحد بن زيد في سنده ومتنه، ومعناه: أن غيره رواه فخالفه في متنه وإسناده، فزاد في السند أو نقص أو قال: عن شيخ آخر، وكذلك فعل في المتن. 1070/ 2365 - "إِنَّ لِلَّه تَعَالَى مَلَكًا أَعْطَاهُ سَمْعَ العِبَادِ، فليس من

أحدٍ يُصَلِّي عَليَّ إلا أَبْلَغَنِيهَا، وإِنَّي سَأَلْتُ رَبِّي أَلا يُصَلِّي عليَّ عَبْدٌ صَلاةً إِلا صَلَّى عليه عَشْرَ أَمْثَالِهَا". (طب) عن عمار بن ياسر قال الشارح: وهذا الحديث مدني لأن آية الصلاة نزلت بالمدينة وفيه ضعيف ومجهول. قلت: أما قوله: وهذا الحديث مدني. . . إلخ. فعلم سخيف بارد لا يحتاج إليه، بل هو قريب من العلم الضروري البديهي؛ إذ أكثر أحاديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مدنية، وإذا كانت الآية مدنية فلم لا يكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حدث به وهو في مكة عام الفتح أو في الطريق أو في غزوة من الغزوات فلا يكون مدنيًا، وبالجملة فهذا العلم من أصله سخيف فضلًا عما يقوله الشارح هنا. وأما قوله: فيه ضعيف مجهول فأخذه من قول الهيثمي: فيه نعيم بن ضمضم ضعيف، وابن الحميري لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح، هكذا نقله عنه في الكبير، مع أن الهيثمي لم يقل ذلك، بل قال: نعيم بن ضمضم ضعيف، وابن الحميري اسمه عمران، قال البخاري: لا يتابع على حديثه، وقال صاحب الميزان: لا يعرف وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ. ومع كونه نسب ذلك إلى الذهبي، فقد سبقه إلى ذلك الحافظ المنذري، فلا يعبر عنه بمجهول كما يفعله الشارح في مثل هذا كما نبهنا عليه مرارًا، فقد ذكره ابن حبان في الثقات، وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وذكر حديثه هذا عن عمار نقلًا عن أبيه، ولم يصفه بجهالة. والحديث أسنده الذهبي في الميزان في ترجمة إسماعيل بن إبراهيم التيمي، وخرجه جماعة كثيرة منهم الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وابن أبي عاصم في كتاب الصلاة، وأبو القاسم التيمي في "الترغيب" وأبو الشيخ في الثواب، والبزار في مسنده وآخرون.

1071/ 2366 - "إِنَّ للَّه عزَّ وجلَّ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً غَيْرَ وَاحدة، إِنَّه وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، وَمَا من عَبْدٍ يَدْعُو بِهَا إِلا وَجبَتْ لَهُ الجَنَّةُ". (حل) عن علي قلت: سكت عنه الشارح وكان الواجب أن يتكلم عليه أو ينقل كلام مخرجه فيه على الأقل؛ لأن مهمته الشرح والبيان وتوسيع الكلام على الأحاديث؛ بخلاف المتن فإنه مختصر. والحديث خرجه أبو نعيم [10/ 380] في ترجمة القاسم السياري من طريقه عن أحمد بن عباد بن سلم وكان من الزهاد: ثنا محمد بن عبيدة النافقاني ثنا عبد اللَّه بن عبيدة العامري ثنا سورة بن شداد الزاهد عن سفيان الثوري عن إبراهيم بن أدهم عن موسى بن يزيد عن أويس القرني عن علي بن أبي طالب مرفوعًا: "إن للَّه تسعًا وتسعين إسمًا، مائة غير واحد، ما من عبد يدعو بهذه الأسماء إلا وجبت الجنة، إنه وتر يحب الوتر، هو اللَّه الذي لا إله إلا هو، الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس السلام" إلى قوله: "الرشيد الصبور" مثل حديث الأعرج عن أبي هريرة، وحديث الأعرج عن أبي هريرة صحيح متفق عليه، وحديث الثوري عن إبراهيم فيه نفر لا صحة له اهـ. وحديث الأعرج تقدم في المتن قبل هذا بنحو أحد عشر حديثًا. 1072/ 2371 - "إِنَّ للَّه تَعَالى عِبَادا يَضنُّ بِهم عن القَتْلِ، وَيُطِيلُ أَعْمَارَهُم في حُسْنِ العَمَلِ، وَيُحَسِّنُ أَرْزَاقَهُم، وَيُحْيِيهمْ في عَافِيةٍ، وَيَقبِضُ أَرْوَاحَهُمْ في عَافِيَةٍ على الفُرُشِ فَيُعْطِيهم مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ". (طب) عن ابن مسعود قال الشارح: ضعفه البيهقي.

قلت: سقط من نسختنا من الكبير كلامه على هذا الحديث وهو من رواية جعفر ابن محمد الواسطي الوراق، قال الحافظ الهيثمي: لم أعرفه وبقية رجاله ثقات اهـ. قلت: إن كان هو جعفر بن محمد بن يوسف الأزرق الواسطي الذي يروي عن الواقدي ويروي عنه أحمد بن سماعة المدني، فقد ضعفه الدارقطني. وللحديث شواهد منها حديث ابن عمر المذكور بعده وحديث أنس مرفوعًا: "إن للَّه ضنائن من خلقه يضن بهم عن البلاء، يحييهم في عافية ويميتهم في عافية ويدخلهم الجنة في عافية"، رواه ابن أبي الدنيا في الأولياء [ص 29، رقم 3]: ثنا علي بن داود ثنا آدم بن أبي إياس ثنا الهيثم بن حماد عن يزيد الرقاشي عن أنس. وحديث أبي سعيد مرفوعًا: "إن للَّه خواص من خلقه يحييهم في عافية ويميتهم في عافية ويدخلهم الجنة في عافية"، رواه ابن أبي الدنيا فيه أيضًا [ص 30، رقم 4] عن الفضل بن جعفر عن محمد بن القاسم الأسدي (¬1): أنا أبو طاهر عن الحسن وأبي طاهر عن أبي يزيد المدني عن أبي سعيد. وعن حوشب مرفوعًا معضلًا: "إن للَّه عبادًا يضن بهم عن الأمراض والأسقام في الدنيا، يحييهم في عافية ويميتهم في عافية، ويدخلهم الجنة في عافية"، رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول في الخامس والأربعين ومائة: حدثنا محمد بن بشر عن عباد بن كثير عن حوشب به. وعن ثابت البناني مقطوعًا: "إن للَّه عز وجل عبادًا يضن بهم في الدنيا عن ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط "الأزدي" والصواب ما أثبتناه، ومحمد بن القاسم الأسدي شامي الأصل كذبوه، من الطبقة التاسعة، مات سنة سبع ومائتين، وانظر تقرب التهذيب (ص 502) ط. دار الرشيد، والتهذيب (9/ 408) والتاريخ الكبير (1/ 1/ 214).

القتل والأمراض، يطيل أعمارهم ويحسن أرزاقهم ويميتهم على فرشهم ويطبعهم بطباع الشهداء"، رواه ابن أبي الدنيا في الأولياء [ص 31، رقم 5]: ثنا محمد بن عثمان ثنا الحسين الجعفي عن فضيل بن عياض عن العلاء بن المسيب عن فضيل بن عمرو عن ثابت به. 1073/ 2372 - "إِنَّ للَّه تعالى ضَنَائِنَ مِنْ خَلْقِهِ، يَغْدُوهم في رَحْمَتِه، يُحْيِيهِم في عَافية، ويُميتُهم في عَافية، وإِذَا تَوفَّاهُم تَوفَّاهُم إلى جَنَّتِهِ، أُولئكَ الذِين تَمُرُّ عَلِيهَمُ الفِتَنُ كَقِطَع اللَّيلِ المُظْلِمِ وهم منها في عَافية". (طب. حل) عن ابن عمر قال الشارح: بإسناد فيه مجهول، وبقيته ثقات. قلت: يريد بالمجهول مسلم بن عبد اللَّه راويه عن نافع عن ابن عمر، فإن العقيلي قال فيه: مجهول بالنقل وحديثه غير محفوظ، ثم ساق هذا الحديث من رواية إسماعيل بن عياش عنه، وأخذ ذلك منه الذهبي فقال: لا يعرف والخبر منكر اهـ. والحديث خرجه أيضًا ابن أبي الدنيا في الأولياء [ص 28، 29، رقم 2] عن الحكم بن موسى عن إسماعيل بن عياش، ومن طريق الحكم المذكور خرجه أبو نعيم في خطبة الحلية [1/ 6]. 1074/ 2373 - "إنَّ للَّه تعالى عِنْدَ كلِّ بِدْعةٍ كِيدَ بِهَا الإِسْلامُ وَأَهْلُهُ وَليّا صَالِحًا يَذُبُّ عنه، وَيَتكلَّم بعلامَاتِهِ، فَاغْتَنِمُوا حُضُورَ تلكَ المَجَالِسِ بِالذَّبِّ عن الضُّعَفَاءِ، وَتَوكَّلُوا عَلَى اللَّه، وكَفَى باللَّه وكِيْلًا". (حل) عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد واه جدًا، بل له ريح الوضع تلوح عليه.

وقال في الكبير: رواه أبو نعيم من طريق زكريا بن الصلت عن عبد السلام بن صالح عن عباد بن العوام عن عباد الغفار المدني عن أبي المسيب عن أبي هريرة، وقال أبو نعيم: تفرد به عبد الغفار اهـ. وقال الحافظ العراقي في ذيل الميزان: لم أر من تكلم في زكريا بالضعف وإنما الآفة من شيخه المذكور وأقره ابن حجر. قلت: عبد السلام بن صالح مظلوم من المحدثين، فآفة الحديث هو عبد الغفار المدني، فإنه وضاع كذاب، والحديث موضوع بلا شك وقد خرجه أبو الشيخ في طبقات الأصفهانيين، وأبو نعيم في تاريخ أَصبهان [1/ 322] كما خرجه في الحلية [10/ 400] كلاهما في ترجمة زكريا بن الصلت العابد الأصبهاني. 1075/ 2375 - "إِنَّ للَّه تعالى آنيةً منْ أَهْلِ الأَرضِ، وَآنيةُ رَبِّكُمْ قُلُوبُ عِبَادِهِ الصَّالِحينَ، وَأَحَبُّهَا إِليه أَلْيَنُهَا وَأَرَقُّهَا". (طب) عن أبي عنبة قال في الكبير: قال الهيثمي: إسناده حسن، وقال شيخه العراقي: فيه بقية بن الوليد وهو مدلس، لكنه صرح بالتحديث فيه. قلت: ومع ذلك فله طريق آخر من حديث أبي أمامة، قال عبد اللَّه بن أحمد في زوائد الزهد لأبيه [ص 153]: حدثني هارون بن معروف ثنا محمد بن القاسم ثنا ثور عن خالد بن معدان عن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن للَّه تبارك وتعالى آنية في الأرض، وأحب الآنية إليه ما رق منها وصفا، وآنيته في الأرض قلوب عبادة الصالحين" رواه (ص 153). وأخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 97) من طريق عبد اللَّه بن أحمد، ثم قال: غريب من حديث ثور، لم نكتبه إلا من حديث محمد بن القاسم اهـ. لكن رواه أحمد نفسه في الزهد (ص 384) عن عبد اللَّه بن الحارث: حدثني

فائدة

ثور بن يزيد عن خالد بن معدان من قوله، وهذا لا يقال من قبل الرأي فله حكم الرفع. فائدة هذا الحديث هو معنى الحديث المتداول بين الصوفية: "ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن". وقد روى أحمد في الزهد عن وهب بن منبه ما هو قريب من اللفظ المتداول المذكور، فقال أحمد: أخبرنا إبراهيم بن خالد حدثني عمرو بن عبيد أنه سمع وهب بن منبه يقول: "إن اللَّه عز وجل فتح السماوات لحزقيل حتى نظر إلى العرش -أو كما قال- فقال حزقيل: سبحانك ما أعظمك يا رب، فقال اللَّه: إن السموات والأرض لم تطق أن تحملني، وضقن من أن تسعني، ووسعني قلب المؤمن الوادع اللين"، ذكره (ص 81) طبع مكة المكرمة. 1076/ 2376 - "إِنَّ للإِسْلام صُوًى ومَنَارًا كَمَنَارِ الطَّرِيقِ". (ك) عن أبي هريرة قلت: هكذا أخرجه الحاكم مختصرًا من طريق محمد بن أبي السري العسقلاني: ثنا الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي هريرة به، وقال: صحيح على شرط البخاري، فقد روى عن محمد بن خلف العسقلاني، واحتج بثور بن يزيد الشامي، فأما سماع خالد بن معدان من أبي هريرة فغير مستبعد، فقد حكى الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عنه أنه قال: لقيت سبعة عشر رجلًا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ولعل متوهمًا يتوهم أن هذا متن شاذ، فلينظر في الكتابين ليجد من المتون الشاذة التي ليس لها إلا إسناد واحد ما يتعجب منه، ثم ليقس هذا عليها اهـ.

وهو كلام حسن للغاية وعلى ضوئه نسير -والحمد للَّه- في اجتهادنا وكلامنا على المتون قبل أن نقف عليه، وهو طريق اجتهاد كل الحفاظ، أما من وقف مع القواعد المقعدة والأصول المقررة في الكتب، فإنه يضيع عليه علم جم، ويفوته خير كبير. والحديث خرجه جماعة مطولًا، فقال ابن السني في اليوم والليلة [ص 157]: أخبرني أبو عروبة ثنا سليمان بن عمر بن خالد ثنا عيسى بن يونس عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن للإسلام صوى ومنارًا كمنار الطريق، من ذلك أن تعبد اللَّه عز وجل لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة المفروضة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتصوم شهر رمضان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتسليمك على أهل بيتك إذا دخلت عليهم، وتسليمك على من مررت به من المسلمين، فإن ردوا عليك ردت عليهم الملائكة، وإن لم يردوا عليك ردت عليك ولعنتهم أو سكتت عنهم، فمن ترك شيئًا من ذلك فهو سهم من الإِسلام تركه، ومن نبذهن فقد ولى الإِسلام ظهره". وقال ابن شاهين في الترغيب: حدثنا عبد اللَّه بن سليمان بن الأشعث ثنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال ثنا محمد بن عيسى بن سميع عن ثور بن يزيد به مثله مطولًا. وقال أبو نعيم في الحلية [5/ 217 - 218]: حدثنا عبد الرحمن بن العباس الوراق ثنا محمد بن يونس الكديمي ثنا روح بن عبادة ثنا ثور بن يزيد به مثله أيضًا، ثم قال: تفرد به ثور، حدث به أحمد بن حنبل والكبار عن روح. 1077/ 2379 - "إِنَّ للحَاجِّ الرَّاكِب بِكُلِّ خَطْوَةٍ تَخْطُوهَا رَاحِلَتُه سَبْعِينَ حَسَنَةً، وَلِلمَاشِي بِكلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا سَبْعَمِائْةِ حَسَنَةٍ". (طب) عن ابن عباس

كتب الشارح في الكبير والصغير على قوله: "بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة": من حسنات الحرم، ثم قال: وفيه يحيى بن سليم، فإن كان الطائفي فقد قال النسائي: غير قوي ووثقه ابن معين، وإن كان الفزاري فقال البخاري: فيه نظر عن محمد بن مسلم الطائفي، وقد ضعفه أحمد. قلت: في هذا أمور، الأول: أن للحديث بقية لم يذكرها المصنف وهي قوله: "سبعمائة حسنة من حسنات الحرم، قيل: يا رسول اللَّه، وما حسنات الحرم؟ قال: الحسنة بمائة ألف حسنة"، هكذا هو عند مخرجه الطبراني وسائر من خرَّجه كما سأذكره. الثاني: أن الشارح عكس القضية فزاد هذه الزيادة في غير موضعها عند ذكر حسنات الراكب، وسكت عنها في موضعها عند ذكر حسنات الماشي. الثالث: أنه لم يعرف يحيى بن سليم المذكور، هل هو الطائفي أو الفزاري؟ والواقع أنه الطائفي كما هو معروف من الشيوخ والرواة، وكما هو مصرح به في نفس الإسناد. الرابع: أنه تعرض لمن في السند من الثقات، وسكت عمن فيه من المجهول الذي لا يعرف، فإن محمد بن مسلم الطائفي رواه عن إبراهيم عن سعيد بن جبير، وإبراهيم هذا غير معروف. والحديث رواه البزار، والطبراني في الأوسط [1/ 112/ 2]، والكبير [3/ 165/ 2]، قال الحافظ الهيثمي: وله عند البزار إسنادان، أحدهما: فيه كذاب، والآخر: فيه إسماعيل بن إبراهيم عن سعيد بن جبير، ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات. قلت: ومن هذا الطريق الثاني أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 354]، لكن وقع عنده: إبراهيم لا إسماعيل بن إبراهيم. قال أبو نعيم في ترجمة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الحمال:

حدث عنه عبد العزيز بن محمد الخفاف: ثنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الحمال ثنا سهل بن عثمان ثنا يحيى بن سليم عن محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم عن سعيد بن جبير أن ابن عباس قال لبنيه: أخرجوا من مكة مشاة حتى ترجعوا إلى مكة مشاة، فإني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة، وللماشي سبعمائة حسنة من حسنات الحرم، قيل: يا رسول اللَّه، وما حسنات الحرم؟ قال: الحسنة بمائة ألف حسنة". واختلف فيه على يحيى بن سليم اختلافًا آخر، قال أبو يعلى الموصلي في معجمه رواية أبي بكر بن المقرى: حدثنا مجاهد بن موسى ثنا يحيى بن سليم الطائفي عن (من) حدثه عن سعيد ابن جبير به مثله. وللحديث طريق آخر قال الدولابي في الكني [2/ 13]: أخبرنا أحمد بن شعيب -هو النسائي- أنبأنا عمار بن الحسين ثنا أبو الصباح عيسى بن سوادة النخعي ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن زاذان قال: مرض ابن عباس مرضة ثقل فيها فجمع إليه بنيه وأهله فقال لهم: يا بني إني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من حج مكة ماشيًا كتب اللَّه له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم، فقال بعضهم: وما حسنات الحرم؟ قال: كل حسنة بمائة ألف حسنة". وقال ابن خزيمة في صحيحه: حدثنا علي بن سعيد ثنا عيسى بن سوادة (ح) وقال الحاكم في المستدرك [1/ 461]: ثنا أبو علي الحافظ ثنا محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي ثنا علي بن سعيد ابن مسروق الكندي ثنا عيسى بن سوادة له، ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد،

وقال ابن خزيمة: إن صح الخبر ففي القلب من عيسى بن سوادة اهـ. ولذلك تعقب الذهبي الحاكم فقال: ليس بصحيح، أخشى أن يكون كذبا، وعيسى قال أبو حاتم: منكر الحديث اهـ. وهذا منه غلو وإسراف، مع أن أبا حاتم قال في هذا الحديث: إنه منكر، وهو تابع في ذلك للبخاري، فإنه خرجه في الضعفاء الكبير: ثنى عبد اللَّه ثنا محمد بن حميد ثنا عيسى به، وقال: منكر الحديث. ورواه البيهقي في السنن [4/ 331، رقم 8646] من طريق بشر بن موسى الأسدي: ثنا فروة بن أبي المقراء الكندي ثنا عيسى بن سوادة به، وقال: تفرد به عيسى بن سوادة وهو مجهول. وتعقبه المارديني بأن الحاكم خرج له في المستدرك، وذكره ابن حبان في الثقات [7/ 236]، وقال: روى عن عمرو بن دينار المقاطيع، روى عنه أهل مصر (¬1). وخفى عليه أنه لم ينفرد به كما قال البيهقي، بل ورد من غير طريقه كما سبق، وبه يرد على الذهبي ومن سبقه في الحكم على الحديث بالنكارة. 1078/ 2381 - "إنَّ للشَّيطَان كُحْلًا وَلَعُوقًا، فَإذَا كَحَّلَ الإِنْسَانَ من كُحْله نَامَتْ عَيْنَاهُ عن الذِّكْر، وَإِذَا لَعَّقَهُ من لَعْوقه ذَرِبَ لسَانُهُ بالشَّرِّ". ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان (طب. هب) عن سمرة قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه الحكم بن عبد اللَّه القرشي وهو ضعيف اهـ. وأقول: تعصيبه الجناية برأس الحكم وحده مع وجود من هو أشد جرحًا فيه غير صواب، كيف وفيه أبو أمية الطرسوسي المختط؟، وهو كما قال الذهبي ¬

_ (¬1) في المطبوع من الثقات: روى عنه أهل البصرة، وفي هامش الصفحة المذكورة إشارة إلى أن الموجود في نسخة المكتبة الظاهرية من كتاب الثقات هو: روى عنه أهل مصر، أما المذكور في النسخة المطبوعة فهو من مخطوطة المكتبة الآصفية. بحيدرآباد بالهند.

في الضعفاء: متهم، أي: بالوضع، وهو أول من اختط دارًا بطرسوس، وفيه الحسن بن بشر الكوفي، قال ابن خراش: منكر الحديث. قلت: الشارح أحمق يختلق أغلاطًا من نفسه ثم يستدرك بها على الحفاظ، وما الهيثمي بحافظ، بل ولا محدث إذا كان يأتي بمثل ما لمزه به الشارح، ولكن الواقع أن أبا أمية الطرسوسي الذي رآه الشارح في سند البيهقي ليس هو المختط أولًا، بل هو الحافظ محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي أبو أمية الطرسوسي صاحب المسند المشهور، من رجال الترمذي والنسائي، وهو ثقة إلا أنه ربما وهم. أما المختط فهو أقدم من هذا؛ لأنه روى عن مالك، وهذا لم يدرك مالكًا ثم إن المختط لا يعرف بأبي أمية الطرسوسي، بل يعرف بأبي أمية المختط وإنما الشارح رأى في الميزان بعد قوله: المختط: هو أول من اختط دارًا بطرسوس، فظن أنه الطرسوسي الذي رآه في سند الحديث. ثانيًا: أبو أمية الطرسوسي مع كونه ثقة لم يقع في سند الطبراني ولا ابن أبي الدنيا، إنما وقع في سند البيهقي، فكيف يتكلم الهيثمي عن ثقة لم يقع في سند الطبراني؟!. قال ابن أبي الدنيا: حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن الحسين بن صبيح المروزي ثنا الحسن بن بشر بن سلم ثنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب به. أما الحسن بن بشر فهو ثقة من رجال الصحيح احتج به البخاري، ومن شرط الهيثمي ألا يذكر الرجل المختلف فيه إذا كان من رجال الصحيح؛ لأن رواية صاحب الصحيح عنه ترجح جانب التوثيق عملا بالمقالة المعروفة: من روى عنه صاحب الصحيح فقد جاوز القنطرة.

1079/ 2382 - "إنَّ للشَّيطَان كُحْلا وَلَعُوقًا وَنَشُوقًا: أمَّا لَعُوقُه فالكَذبُ، وأمَّا نَشُوقُهُ فَالغَضَبُ، وأمَّا كُحْلُهُ فَالنَّومُ". (هب) عن أنس قال في الكبير: فيه عاصم بن على شيخ البخاري، قال يحيى: لا شيء وضعفه ابن معين، قال الذهبي: وذكر له ابن عدي أحاديث مناكير، والربيع بن صبيح ضعفه النسائي وقواه أبو زرعة، ويزيد الرقاشي قال النسائي وغيره: متروك. قلت: الحديث على طريقة أهل الحديث إنما يعل بيزيد الرقاشي، لأنه متروك، أما غيره فالتعرض لذكرهما إنما هو من فصول الشارح وجهله بالفن، لا سيما عاصم بن على، فإنه لا يذكر لأمرين: أحدهما: أنه ثقة من رجال الصحيح. ثانيهما: أنه لم ينفرد به، بل ورد من غير طريقه، قال الطبراني: حدثنا حفص بن عمر حدثنا قبيصة (ح) وحدثنا عبد اللَّه بن محمد بن سعيد بن أبي مريم ثنا محمد بن يوسف الفريابي قالا: حدثنا سفيان الثوري عن الربيع بن صبيح عن يزيد الرقاشي عن أنس به. ثم لا يخفى ما في قول الشارح: قال يحيى: لا شيء، وضعفه ابن معين؛ إذ يحيى هو ابن معين. 1080/ 2383 - "إنَّ للشَّيطَان مَصَالى وفُخُوخًا، وإنَّ مِنْ مَصَاليه وفُخُوخِه البَطَر بنعَم اللَّه تَعَالى، والفَخْرَ بعَطَاء اللَّه، والكِبْرَ عَلَى عبَاد اللَّه، وَاتباعَ الهَوَى في غير ذات اللَّه". ابن عساكر عن النعمان بن بشير قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأشهر من ابن عساكر،

وهو عجيب، فقد خرجه البيهقي في الشعب. قلت: وقضية صنيع الشارح أيضًا أنه لم يره مخرجًا لغير البيهقي وهو أعجب، فقد خرجه الديلمي في مسند الفردوس المرتب على الحروف، والذي هو في هذا الباب أشهر من شعب البيهقي، فإنه أسنده من طريق ابن لال قال: حدثنا الحسن بن محمد الفسوي ثنا يعقوب بن سفيان ثنا أبو اليمان حدثنا إسماعيل بن عياش عن أبي رواحة يزيد بن أيْهَم الحمصي عن الهيثم بن مالك عن النعمان بن بشير به مثله. 1081/ 2384 - "إنَّ للشَّيطان لَمَّةً بابْن آدَمَ، وَللْمَلَك لَمَّةً، فأمَّا لَمَّةُ الشَّيطان فإيعَادٌ بالشَّرِّ، وَتَكَذْيبٌ بالحَقِّ، وأمَّا لمَّةُ المَلَك فَإيعَادٌ بالخير، وتَصْديقٌ بالحَقِّ، فَمَنْ وَجَدَ ذَلكَ فَلْيَعْلَمْ أنَّه من اللَّه تعالى، فَلْيَحْمَد اللَّه، ومَنْ وجد الأخرى فليتعوَّذْ باللَّه من الشيطان". (ت. ن. حب) عن ابن مسعود قال الشارح في الكبير: قال (ت): حسن غريب لا نعلمه مرفوعًا إلا من حديث أبي الأحوص وسندهما سند مسلم إلا عطاء بن السائب، فلم يخرج له مسلم إلا متابعة. قلت: الشارح يأتي إلى رجال ثقات قيل فيهم كلام لا يضر فيعلل الحديث بهم، ويأتي لأناس ضعفاء فيسكت عنهم، فعطاء بن السائب ثقة ولكنه تغير وساء حفظه بأخرة، بل اختلط فصار يخلط في الحديث، فلم يبق عليه اعتماد، وقد اضطرب في هذا الحديث واختلف عليه فيه، فرواه الترمذي [رقم 2988] والنسائي في "الكبرى" وابن أبي الدنيا، وأبو يعلى، وابن جرير في التفسير، خمستهم قالوا: حدثنا هناد بن السري ثنا أبو الأحوص عن عطاء بن السائب عن مرة الهمداني عن عبد اللَّه بن مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به.

ورواه ابن حبان عن أبي يعلى بسنده. ورواه ابن جرير عن ابن حميد عن جرير عن عطاء عن مرة عن عبد اللَّه موقوفًا. ورواه أيضًا عن ابن حميد عن الحكم بن بشير بن سليمان: ثنا عمرو عن عطاء مثله موقوفًا. ورواه أيضًا عن يعقوب: ثنا ابن علية ثنا عطاء بن السائب فقال: عن أبي الأحوص -يعني عوف بن مالك- أو عن مرة عن عبد اللَّه موقوفًا كذلك. ورواه مسعر عنه فقال: عن أبي الأحوص -ولم يشك- ذكره ابن كثير ووافقه على وقفه المسيب بن رافع عن عامر بن عبدة أبي إياس البجلي عن عبد اللَّه ابن مسعود قال: "من تطاول تعظما خفضه اللَّه عز وجل، ومن تواضع للَّه تخشعًا رفعه اللَّه عز وجل، وإنَّ للملك لمة وللشيطان لمة. . . " وذكر مثله. أخرجه أحمد في الزهد عن إسرائيل عن سعيد بن مسروق عن المسيب بن رافع واللفظ له. وأخرجه ابن جرير عن المثنى عن سويد بن نصر: أخبرنا ابن المبارك عن فطر عن المسيب بنحوه ولم يذكر متنه. وكذلك أوقفه الزهري عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة عن ابن مسعود، أخرجه ابن جرير عن الحسن بن يحيى أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري به. وقد تعقب ابن كثير قول الترمذي: لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث أبي الأحوص سلام بن سليم بأن ابن مردويه رواه في التفسير من طريق هارون الفرون عن أبي ضمرة عن ابن شهاب عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة عن عبد اللَّه مرفوعًا. وخفى عليه أن معمرًا رواه عن الزهري موقوفًا أيضًا كما قدمناه، واللَّه أعلم.

1082/ 2385 - "إِنَّ للصَّائِم عند فطْره لَدَعْوَةٌ مَا تُرَدُّ". (هـ. ك) عن ابن عمرو قال الشارح: في كتاب الجنائز من حديث إسحاق بن عبد اللَّه عن ابن أبي مليكة عن ابن عمرو بن العاص، قال الحاكم: إن كان إسحاق مولى زائدة فقد روى له مسلم وإن كان ابن أبي فروة فواهٍ. قلت: أبى اللَّه للشارح إلا أن يهم، فإن الحديث معلوم بالضرورة أنه مخرج في كتاب الصيام، ولكن الشارح أراد أن ينص على هذا العلم الضروري فضولا منه فوقع في الغلط المضحك فقال: في كتاب الزكاة، معاملة من الحق تعالى له على قدر كبره وغمطه حق الأئمة الحفاظ. ثم نقله عن الحاكم أنه قال: وإن كان ابن أبي فرواة فواه، هو من تهوره أيضًا، فإن هذه عبارة الذهبي في تلخيص المستدرك لا عبارة الحاكم؛ لأن الذهبي تصرف فيها حسب نظره واجتهاده؛ لأنه يتعقب على الحاكم، والشارح اغتر بقوله: قال الحاكم، فنسب ذلك إليه، وعبارة الحاكم بعد إخراجه الحديث من طريق الوليد بن مسلم: ثنا إسحاق بن عبد اللَّه قال: سمعت عبد اللَّه بن أبي مليكة يقول: سمعت عبد اللَّه بن عمرو بن العاص [يقول]: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، ثم قال: إسحاق هذا إن كان ابن عبد اللَّه مولى زائدة فقد خرج عنه مسلم، وإن كان ابن أبي فروة فإنهما لم يخرجاه اهـ. والواقع أنه ليس واحدًا منهما، بل هو إسحاق بن عبيد اللَّه المدني، وعبيد اللَّه بالتصغير كما عند ابن ماجه وابن السني في عمل اليوم والليلة، كلاهما من رواية الوليد بن مسلم أيضًا، وإسحاق هذا ذكره ابن حبان في الثقات [6/ 48]. 1083/ 2386 - "إنَّ للطَّاعِم الشَّاكر من الأجْر مثْلَ مَا للصَّائم

الصَّابر". (ك) عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: رواه في الأطعمة ولم يصححه بل سكت عليه، ورواه البخاري تعليقًا. قلت: الحاكم خرجه أولًا في الصيام [4/ 137] وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، فتعقبه الذهبي بقوله: هذا في الصحيحين فلا وجه لاستدراكه اهـ. وهو واهم في ذلك، بل ما ذكره إلا البخاري تعليقًا. 1084/ 2389 - "إنَّ للقُلُوب صَدأ كَصَدإ الحَديد، وجلَاؤُهَا الاسْتغْفَار". الحكيم (عد) عن أنس قال (ش): قال الهيثمي: فيه الوليد بن سلمة الطبراني وهو كذاب. قلت: ومع ذلك فإن الهيثمي أورد الحديث في ترجمة شيخه النضر بن محرز، قال الحكيم الترمذي في الأصل السادس والثلاثين ومائة (¬1): حدثنا الفضل بن محمد ثنا إبراهيم بن الوليد بن سلمة الدمشقي قال: حدثنا أبي حدثنا النضر بن محرز عن محمد بن المنكدر عن أنس به. وقال الطبراني في الصغير [1/ 184]: ثنا طاهر بن على الطبراني ثنا إبراهيم بن الوليد بن سلمة الطبراني به. وقال الديلمي في مسند الفردوس: أخبرنا أبي أخبرنا عبد الملك بن عبد الغفار أخبرنا عمر بن إبراهيم حدثنا عبد ¬

_ (¬1) في الأصل الخامس والثلاثين ومائة من النسخة المطبوعة من النوادر، وبدون ذكر السند (1/ 656).

اللَّه بن الحسن بن سليمان ثنا عبد اللَّه بن يزيد بن محمد ثنا أحمد بن على بن فضالة البصري ثنا إبراهيم بن الوليد به. 1085/ 2391 - "إنَّ للمُسْلِمِ حَقّا إذَا رَآه أخُوهُ أنْ يَتَزَحْزَحَ لَهُ". (هب) عن واثلة بن الخطاب قال الشارح في الكبير: فيه إسماعيل بن عياش، قال الذهبي: مختلف فيه وليس بقوي، ومجاهد بن فرقد قال في اللسان: حديثة منكر تكلم فيه. قلت: إسماعيل بن عياش ثقة إذا روى عن أهل بلده الشام، والظاهر أن شيخه شامي، ثم إنه مع ذلك لم ينفرد به، بل تابعه محمد بن يوسف الفريابي، قال البيهقي في الآداب -وتوجد منه نسخة بدار الكتب المصرية-: أخبرنا أبو طاهر الفقيه ثنا أبو بكر القطان ثنا محمد بن يوسف الفريابي ثنا مجاهد أبو الأسود عن واثلة بن الخطاب به. 1086/ 2393 - "إنَّ للمُهَاجرين مَنَابرَ منْ ذَهَب يَجْلسُون عليها يومَ القيامة قَدْ أمِنُوا من الفَزَع". البزار (ك) عن أبي سعيد قال الشارح: بإسناد فيه مجهول وبقية رجاله ثقات. وقال في الكبير: قال الهيثمي: رواه البزار عن شيخه حمزة بن مالك بن حمزة لم أعرفه وبقية رجاله ثقات. قلت: وإذ كان مستندك هو هذا فلا يجوز لك أن تقول: فيه مجهول كما بينته مرار، ثم إن حمزة المذكور ليس هو في سند الحاكم، فإنه قال [4/ 77]: أخبرني أبو محمد بن زياد العدل ثنا محمد بن إسحاق ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب حدثني عمي أخبرني سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن

عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أَبيه به. ثم قال: صحيح الإسناد، فتعقبه الذهبي بأن أحمد بن عبد الرحمن واه، فإن كان البزار رواه من غير طريقه فهو شاهد جيد له. 1087/ 2394 - "إِنَّ للوضُوء شَيطَانًا يُقَالُ له: الوَلْهَانُ، فاتَّقُوا وسْوَاسَ المَاء". (ت. هـ. ك) عن أُبي قال الشارح العجيب الغريب في كبيره: قال الترمذي: غريب ليس إسناده بالقوي، لا نعلم أحدًا أسنده غير خارجة بن مصعب اهـ. وقد رواه أحمد وابن خزيمة أيضًا في صحيحه من طريق خارجة، قال ابن سيد الناس: ولا أدري كيف دخل هذا في الصحيح؟! قال ابن أبي حاتم في العلل: كذا رواه خارجة وأخطأ فيه، وقال أبو زرعة: رفعه منكر، وقال جدي في أماليه: هذا حديث فيه ضعف، وخارجة ضعيف جدًا وليس بالقوي ولا يثبت في هذا شيء اهـ. وذلك لأن فيه خارجة بن مصعب وهاه أحمد، وكذبه ابن معين، وذكر في الميزان أنه انفرد بهذا الخبر، وقال في التنقيح: وهوه جدًا، وقال ابن حجر: خارجة ضعيف جدًا، وقال أبو زرعة: رفعه منكر، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه غير الترمذي وإلا لذكره تقوية له لضعفه، وليس كذلك بل رواه عبد اللَّه بن أحمد في زوائد المسند. قلت: اعجب لما في هذا الكلام من التكرار السخيف أولًا، ثم من قوله عقب كلام جده: وذلك لأن فيه خارجة، مع أن جده صرح بذكر خارجة، ثم لتكراره ذكر خارجة عن مرات، ثم لقوله: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه غير الترمذي، مع أن المصنف عزاه لابن ماجه، والحاكم أيضًا، ثم لقوله: وليس كذلك، بل رواه عبد اللَّه بن أحمد في زوائد المسند، مع أنه سبق له قبل ذلك أنه عزاه لأحمد وابن خزيمة، ثم لقوله: وإلا لذكره تقوية

لضعفه، مع أنه نقل عن الحفاظ تصريحهم بأن خارجة تفرد به، فهل يبقى بعد هذا شك فيما قلت من خلل الرجل، اللهم إلا أن يكون هذا من كرامات المصنف رضي اللَّه عنه. 1088/ 2395 - "إنَّ لإِبليسَ مَرَدَةً من الشَّيَاطين يقولُ لهم: عليكم بالحُجَّاج والمجاهدينَ فأَضلُّوهم عن السَّبيل". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: وفيه شيبان بن فروخ أورده الذهبي في الذيل وقال: ثقة، قال أبو حاتم: يرى القدر، اضطر الناس إليه بآخره عن نافع أبي هرمز، قال النسائي وغيره: غير ثقة. قلت: شيبان بن فروخ ثقة على الإطلاق، احتج به مسلم، وكونه يرى القدر لا دخل له في تعليل الأحاديث، أما نافع أبو هرمز فكان متروك. ثم إن هذا السند هو لحديث أنس لا لحديث ابن عباس اللهم إلا أن يكون المصنف وهم في قوله: عن ابن عباس، وهو عند الطبراني عن أنس، فسبقه قلمه إلى ابن عباس، وقد أسند الذهبي هذا الخبر في ترجمة نافع من طريق الكنجروذي: أنا أبو بكر الطرازي أنا أبو القاسم البغوي ثنا شيبان بن فروخ ثنا نافع أبو هرمز عن أنس به. 1089/ 2396 - "إنَّ لجهنَّم بابًا لا يَدْخُلُه إلَّا مَنْ شَفَى غَيْظَهُ بمَعْصيَة اللَّه". ابن أبي الدنيا في ذم الغضب عن ابن عباس قال في الكبير: قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف، ورواه عنه أيضًا البزار من حديث قدامة بن محمد عن إسماعيل بن شيبة، قال الهيثمي: وهما ضعيفان

وقد وثقا وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: نعم قال ذلك الهيثمي، وأورد الذهبي في الميزان في ترجمة إسماعيل بن شيبة الطائفي هذا الحديث أيضًا من روايته عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وقال: رواه عنه قدامة بن محمد الأشجعي، قال النسائي: منكر الحديث، وذكر الحافظ في اللسان [1/ 410] أن العقيلي أخرجه في ترجمته أيضًا، وأن ابن حبان ذكره في الثقات، وقال: يتقي حديثه من رواية قدامة عنه، وقال العقيلي: روى عن ابن جريج أحاديث مناكير لا تحفظ من وجه يثبت، قال: ورجح النباتي في الحافل أنه إسماعيل بن إبراهيم بن شيبة الذي تقدم ذكره (¬1)، وأن العقيلي صحفه ونسبه إلى جده، وذكره ابن عدي فقال: إسماعيل بن شيبة الطائفي يروي عن ابن جريج ما لا يرويه غيره، ثم ذكر الحافظ أن ابن عدي خرج في ترجمته أيضًا من طريق هارون بن موسى بن هارون عن أَبيه عن إسماعيل بن إبراهيم بن شيبة الطائفي بالسند المذكور: "لا وصية لوارث"، ثم قال: وإسماعيل بن إبراهيم هذا لا أعلم له رواية عن غير ابن جريج، فقوى قول صاحب الحافل، واللَّه أعلم، اهـ كلام الحافظ، ولم يعرج فيه على خلاف ما ذكر. وقد أخرج هذا الحديث ابن أبي عاصم في كتاب الديات فسمى شيخ قدامة: شيبة بن عباد الطائفي وكناه: أبا عباد فقال في (ص 16): حدثنا يعقوب بن حميد حدثنا قدامة بن محمد بن قدامة حدثني أبو عباد شيبة ابن عباد الطائفي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس به. وكذلك رواه الديلمي من طريق الحاكم: حدثنا علي بن عيسى ثنا أبو عفان يسار بن حمدان ثنا إسحاق بن منصور المروزي ثنا قدامة بن محمد الخشرمي ثنا أبو عباد شيبة بن عباد الطائفي عن ¬

_ (¬1) تقدم ذكره في الميزان (1/ 391).

عطاء عن ابن عباس به. وأبو عباد هذا لم أجد له ترجمة الآن، إلا أنه مذكور في التهذيب في شيوخ قدامة بن محمد، هو وإسماعيل بن شيبة بن تميم الطائفي، فكأن قدامة له في الحديث شيخان: إسماعيل بن شيبة عن ابن جريج عن عطاء، وشيبة بن عباد عن عطاء، إن لم يكن ذلك اضطرابًا منه أو غلطًا من بعض الرواة عنه في أحد الاسمين، واللَّه أعلم. 1090/ 2397 - "إِنَّ لِجَوَابِ الكِتَابِ حَقًّا كَرَدَّ السَّلامِ". (فر) عن ابن عباس قال في الكبير: فيه جويبر بن سعيد متروك، والضحاك وقد سبق، قال ابن تيمية: والمحفوظ وقفه. قلت: الحديث له طرق أخرى ذكرتها في مستخرجي على مسند الشهاب، وقد أورده ابن الجوزي في الموضوعات من بعض طرقه، وتعقبه المصنف بما يراجع فيه (2/ 157). 1091/ 2398 - "إِنَّ لربِّكم في أَيَّامِ دَهْرِكُم نَفَحَاتٍ فَتَعَرَّضُوا لَها، لَعلَّ أَنْ يُصِيبكُم نَفْحَةٌ مِنها فلا تَشقونَ بَعدهَا أَبدًا". (طب) عن محمد بن مسلمة قلت: أخرجه أيضًا الحكيم في نوادر الأصول في الخامس والثمانين ومائة: حدثنا الفضل بن محمد حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الأنطاكي عن يعقوب ابن كعب عن نائل بن نجيح البصري عن عائذ بن حبيب عن محمد بن سعيد الأنصاري قال: وجدت في قائم سيف محمد بن مسلمة كتابًا فيه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن لربكم. . . " (¬1) وذكره. ¬

_ (¬1) لم نهتد إليها في المطبوع من نوادر الأصول.

وانظر حديث: "اطلبوا الخير دهركم" السابق. 1092/ 2400 - "إِنَّ لِصَاحِبِ القُرْآنِ عندَ كلِّ خَتْمَةٍ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً، وشَجَرَةً في الجَنَّة، لَو أَنَّ غُرَابًا طَارَ مِن أَصْلِهَا لَم يَنْتَهِ إلى فَرْعِهَا حتى يُدْرِكَهُ الهرَمُ". (خط) عن أنس قلت: أخرجه أيضًا أبو سعيد الكنجروذي: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحسين بن الحسن الحليمي ثنا بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي أنا أحمد (¬1) بن الحسين ثنا مقاتل بن إبراهيم ثنا نوح بن أبي مريم عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعًا: "لصاحب القرآن دعوة مستجابة عند ختمه"، أسنده الذهبي في التذكرة من طريقه، ثم قال: نوح الجامع مع جلالته في العلم تُرك حديثه، وكذلك شيخه مع عبادته، فكم من إمام في فن مقصر في غيره، كسيبويه مثلًا إمام في النحو ولا يدري ما الحديث، ووكيع إمام في الحديث ولا يعرف العربية، وكأبي نواس رأس في الشعر عرى عن غيره، وعبد الرحمن بن مهدي إمام في الحديث لا يدري ما الطب قط، ومحمد بن الحسن رأس في الفقه ولا يدري ما القراءات، وكحفص إمام في القراءة تالف في الحديث. وللحروب رجال يعرفون بها ... وللدواوين حساب وكتاب قلت: وكأن هذا من الذهبي مداراة للحنفية في هذا الشخص الذي هو من كبار أئمتهم وفقهائهم، وهو وضاع كذاب، قيل فيه: نوح الجامع؛ لتبحره في الفقه، فقال بعض الحفاظ: هو جامع لكل شيء إلا الصدق. ¬

_ (¬1) وضع فوقها ضبة وكتب في الحاشه اليمني: "أجيد".

أما ابن السبكي فروى هذا الحديث أيضًا عن الذهبي في ترجمة الحليمي من الطبقات، ثم قال: تفرد به نوح بن أبي مريم وهو نوح بن يزيد قاضي مرو الجامع أبو عصمة، قال أبو عبد اللَّه الحاكم: وضع نوح الجامع حديث فضائل القرآن الطويل، وقال فيه البخاري: منكر الحديث، وقد نقل ابن القطان عنه أنه قال: كل من قلت فيه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه اهـ. 1093/ 2401 - "إِنَّ لُغَةَ إِسْمَاعِيلَ كانت قد دَرَسَتْ فَأتَانِي بها جبريلُ فَحَفَّظنِيهَا". الغطريف في جزئه وابن عساكر عن عمر قال الشارح: قال ابن عساكر: غريب معلول. قلت: تبع ابن عساكر في القول بأنه معلول الحاكم، فإنه سبقه في ذلك في كتاب علوم الحديث [ص 116] فقال في الجنس السادس من علل الحديث: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى ثنا أبو العباس الثقفي ثنا حاتم ابن الليث الجوهري ثنا حامد بن أبي حمزة السكري ثنا علي بن الحسين بن واقد حدثني أبي عن عبد اللَّه بن بريدة عن أَبيه عن عمر بن الخطاب قال: قلت: يا رسول اللَّه، مالك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا؟ قال: كانت لغة إسماعيل قد درست. . . " الحديث. قلت: ومن هذا الوجه خرجه أبو أحمد الغطريف عن أبي بكر أحمد بن محمد ابن أبي شيبة عن حاتم بن الليث الجوهري به، ثم قال: ولهذا الحديث علة عجيبة: حدثني أبو عبد اللَّه محمد بن العباس الضبي أنا أحمد بن على بن رزيق الفاشاني ثنا علي بن خشرم ثنا علي بن الحسين بن واقد قال: بلغني أن عمر ابن الخطاب قال: يا رسول اللَّه، إنك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن لغة. . . " وذكره.

قلت: وهذا من الحاكم عجيب جدًا، فإن هذا ليس بعلة أصلًا، وأي علة في أن يذكر الرَّجل حديثًا بإسناده مرة ومرة أخرى لا ينشط لذلك فيقول: بلغني أن فلانًا قال كذا، لكنه إذا سئل: من أي طريق بلغك؟ قال: حدثني فلان عن فلان عنه؟! إن هذا لعجب، ولهذا كان الجرح الذي لا يفسر غير مقبول، فلو قال الحاكم: إنه معلول وسكت لراج أمره علينا، فالحمد للَّه على البيان. 1094/ 2406 - "إِنَّ لِكلِّ أُمَّةٍ حكيمًا، وحكيمُ هَذه الأُمةِ أَبُو الدَّرْدَاءِ". ابن عساكر عن جبير بن نفير مرسلًا قلت: أخرجه من المتقدمين الدينوري في المجالسة قال: حدثنا محمد بن يحيى السعدي ثنا أبو أسامة ثنا الأحوص بن حكيم عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير به. 1095/ 2407 - "إِنَّ لكلِّ أُمَّةٍ فِتْنةً، وفِتْنَةُ أُمَّتِي المَالُ". (ت. ك) عن كعب بن عياض قال في الكبير: قال (ت): حسن غريب، وقال (ك): صحيح، وأقره الذهبي لكن قال في اللسان عن العقيلي: لا أصل له من حديث مالك، ولا من وجه يثبت اهـ. وخرجه ابن عبد البر وصححه. قلت: كأن الشارح يتكلم على حديث آخر، أما هذا الحديث فليس هو من رواية مالك، قال الترمذي [2/ 54]: حدثنا أحمد بن منيع ثنا الحسن بن سوار ثنا الليث بن سعد عن معاوية ابن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير حدثه عن أَبيه عن كعب ابن عياض به. وقال الحاكم [4/ 318]:

أخبرنا عبيد اللَّه بن محمد البلخي التاجر ببغداد ثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل ثنا أبو صالح ثنا معاوية بن صالح به. وأخرجه أيضًا أحمد في المسند قال [4/ 160]: حدثنا أبو العلاء الحسن بن سوار، بسنده السابق عند الترمذي. وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير فقال [4/ 1/ 222]: حدثني مخلد ثنا حجاج بن محمد عن ليث بن سعد به. ولعل بعض الضعفاء رواه من طريق مالك وهو غير معروف من حديثه، بل من حديث الليث، فلذلك قال العقيلي ما نقله عنه الشارح إن صح الخبر، فظن الشارح أنه يتكلم على هذا الحديث. 1096/ 2411 - "إِنَّ لِكلِّ دِينٍ خُلُقًا، وإِنَّ خُلُقَ الإِسلامِ الحَيَاءُ". (هـ) عن أنس وابن عباس قال الشارح: قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، وقال الدارقطني: حديث غير ثابت. قلت: لعله يريد غير ثابت موصولًا وإلا فهو ثابت في الموطإِ مرسلًا [2/ 905/ 9] على اختلاف بين الرواة عن مالك في وصله وإرساله أيضًا. أما حديث أنس فرواه ابن ماجه [2/ 1399، رقم 4181] والخرائطي في مكارم الأخلاق، والقضاعي في مسند الشهاب، والخطيب في التاريخ [8/ 4]، من طريق جماعة عن عيسى بن يونس عن معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري عن أنس به، ومعاوية بن يحيى ضعيف، لكن رواه محمد بن عبد الرحمن بن سهم عن عيسى بن يونس فقال: عن معاوية بن يحيى ومالك بن أنس كلاهما عن الزهري به، أخرجه الطبراني في الصغير [ص 13] عن أحمد بن محمد بن أبي موسى الأنطاكي:

ثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي ثنا عيسى بن يونس عن معاوية ابن يحيى ومالك بن أنس به. ورواه أبو علي الحسن بن أحمد المالكي عن محمد بن عبد الرحمن بن سهم عن عيسى بن يونس عن مالك وحده عن الزهري به. وأخرجه الخطيب عن البرقاني عن أبي بكر الإسماعيلي عن الحسن بن أحمد المالكي به. ورواه الحسن بن على البراد عن معاوية بن يحيى، فزاد في الإسناد رجلًا، فقال: عن محمد بن عبد العزيز عن الزهري، أخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 41، رقم 98]: ثنا أبو محمد ثنا أبو عتبة الحسن بن على بن مسلم البراد الحمصي -وكان من خيار المسلمين- ثنا معاوية بن يحيى به، وأبو محمد كذا وقع في الأصل غير مسمى، ولعله أسد بن عمار الذي روى عنه قبل هذا، واللَّه أعلم. ثم إِنَّ للحديث طريقًا آخر عن الزهري أخرجه الباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم بن عبد العزيز [ص 13]: ثنا علي بن زهير ثنا علي بن عياش عن عباد بن كثير عن عمر بن عبد العزيز عن الزهري عن أنس به. ورواه أبو نعيم في الحلية [5/ 363] من طريق محمد بن خلف القاضي وكيع: ثنا علي بن أبي دلامة ثنا علي بن عياش به، لكنه قال: عن أبي مطيع الأطرابلسي عن عباد بن كثير، فزاد في الإسناد ابن مطيع، وعباد بن كثير فيه مقال أيضًا. وأما حديث ابن عباس فأخرجه ابن ماجه [2/ 1399، رقم 4182]، والخرائطي في مكارم الأخلاق [ص 49]، وأبو نعيم في الحلية [3/ 220]، كلهم من طريق سعيد بن محمد الوراق عن صالح بن حسان عن محمد بن

كعب القرظي عن ابن عباس، وسعيد وشيخه ضعيفان، هذا ما يتعلق بحديثي المتن. وفي الباب عن أبي هريرة، وطلحة بن ركانة ويزيد ابنه مرسلًا، ذكرتها في المستخرج على مسند الشهاب، وبمجموعها يثبت الحديث ولا بد، خلافًا لما يقول ابن الجوزي، إن صح ما نقله عنه الشارح. 1097/ 2412 - "إِنَّ لكلِّ ساع غَايَةً، وغايةُ ابن آدمَ الموتُ، فعليكم بذكْر اللَّه؛ فإنَّهُ يُسَهِّلُكم ويُرَغِّبُكُمْ في الآخرة". البغوي عن جُلاس بن عمرو قال الشارح: أبو القاسم هبة اللَّه في معجم الصحابة عن جَلاس، قال الشارح: بفتح الجيم وتشديد اللام ابن عمرو الكندي ضعيف لضعف علي بن قرين. قلت: أبو القاسم البغوي صاحب المعجم اسمه: عبد اللَّه بن محمد لا هبة اللَّه، والجُلاس: هو بضم الجيم وتخفيف اللام كغراب، والشارح ضبطه بحسب فهمه ونظره، لا بحسب ما في كتب الرجال واللغة، وقد نُص في القاموس على أنه كغراب -لو رجع الشارح إليه- وليس في الرجال من اسمه جَلاس كما ضبطه الشارح بالفتح والتشديد أصلًا، وكأنه ضبطه من طريق القياس فظن أنه فَعَّال كثير الإجلاس وليس كذلك، قال ابن دريد في كتاب الاشتقاق: واشتقاق جلاس من الجَلْس، والجلس: الغليظ من الأرض اهـ. والحديث ورد أيضًا من حديث أبي أَيوب، أخرجه القضاعي في مسند الشهاب بسياق باطل موضوع. وأخرجه ابن المبارك في الزهد [ص 403] عن أبي جعفر معضلًا مختصرًا بلفظ: "لكل ساع غاية، وغاية كل ساع الموت، فسابق ومسبوق، وهو ضعيف ومنقطع أيضًا.

1098/ 2414 - "إِنَّ لكل شيء أنَفَةً، وإنَّ أنَفَةَ الصَّلاة التكبيَرة الأولى فَحَافِظُوا عَلَيْها". (ش. طب) عن أبي الدرداء قال في الكبير: قال الحافظ ابن حجر: في إسناده مجهول، وقال الهيثمي: هو موقوف وفيه رجل لم بسم. قلت: ما قال الهيثمي ذلك، ولكن الشارح قليل الأمانة في النقل، بل قال: رواه البزار والطبراني في الكبير بنحوه موقوفًا، وفيه رجل لم يسم اهـ. فحكى أن البزار رواه مرفوعًا، والطبراني رواه موقوفًا بنحو رواية البزار التي ساق هو متنها، ثم ذلك إما لكونه لم يقف على الرواية المرفوعة في الطبراني أو وقع في أصله كذلك، وإلا فالحديث مرفوع عنده أيضًا، وإني أتعجب من قول الهيثمي: فيه رجل لم يسم، مع أنه ذكره مسمى، فقال ما نصه: وعن أبي الدرداء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن لكل شيء أنفة، وإن أنفة الصلاة التكبيرة الأولى فحافظوا عليها"، قال أبو عبد اللَّه: فحدثت به رجاء بن حيوة، فقال: حدثتني أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم قال: رواه البزار. . . إلخ ما سبق عنه. وهذا يرفع وجود المبهم، ويرفع تأثيره في الحديث فلا يحتاج على تنصيص عليه؛ لأنه يوهم أن الحديث من أصله فيه راو لم يسم وليس كذلك، وبيانه أن ابن أبي شيبة قال: ثنا أبو أسامة عن أبي فروة يزيد بن سنان ثنا أبو عبيد الحاجب قال: سمعت شيخًا في المسجد الحرام يقول: قال أبو الدرداء: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-:. . . فذكره. قال أبو عبيد: فحدثت به رجاء بن حيوة، فقال: حدثتنيه أم الدرداء عن أبي الدرداء به، فصار الحديث لا إبهام فيه أصلًا، لأن المبهم ألغى بوجود حيوة بن

شريح، وكذلك لا وقف فيه، اللهم إلا أن يكون الطبراني لم يقع في روايته: "قال أبو عبيد"، فيكون قول الهيثمي: فيه راو لم يسم -خاص بطريق الطبراني وهو الظاهر، واللَّه أعلم. 1099/ 2415 - "إِنَّ لكلِّ شيءٍ بَابًا وبابُ العبادةِ الصِّيامُ". هناد عن ضمرة بن حبيب مرسلا قال في الكبير: قال الحافظ العراقي: وأخرجه ابن المبارك في الزهد، وأبو الشيخ في الثواب من حديث أبي الدرداء بسند ضعيف اهـ. فما اقتضاه صنيع المصنف من أنه لم يقف عليه مسندًا وإلا لما عدل للرواية المرسلة مع ضعفهما جميعًا غير سديد. قلت: في هذا أمور، الأول: أنه كلام يشبه كلام المجانين. الثاني: أن فيه عدم أمانة في النقل، فإن العراقي قال: أخرجه ابن المبارك في الزهد، ومن طريقه أبو الشيخ في الثواب، وهذا قد لا يدرك الفرق بينه إلا الماهر في الصناعة، وذلك العراقي رأى الحديث عند أبي الشيخ في الثواب من طريق ابن المبارك، وعلم أن الحديث عند ابن المبارك في الزهد فعزاه لهما معا بنوع تساهل، فإن الحديث عند ابن المبارك في الزهد مرسلًا كما عند هناد، قال ابن المبارك: حدثنا أبو بكر بن أبي مريم الغساني حدثني ضمرة بن حبيب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-:. . . فذكره. وهكذا أيضًا أخرجه القضاعي في مسند الشهاب من طريق ابن المبارك. أما وصله عن أبي الدرداء فكان بعض رجال الإسناد الضعفاء عند أبي الشيخ قبل ابن المبارك وصله عنه، فظن الحافظ العراقي أنه كذلك في أصل الزهد. الثالث: هب أنه رأى المسند وأراد الاقتصار على المرسل، فماذا فيه؟!

1100/ 2418 - "إِنَّ لكلِّ شيء دِعَامَةً، وِدعَامةُ هذا الدين الفقهُ، ولفقيهٌ واحدٌ أشدُّ على الشيطان من أَلف عابد". (هب. خط) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه خلف بن يحيى كذبه أبو حاتم، قال الذهبي: قال أبو حاتم: كذاب اهـ. وأورده ابن الجوزي في العلل وقال: هذا لا يصح، فيه خلف بن يحيى كذبه أبو حاتم. قلت: ما أسخف هذا التكرار، والحديث له طرق أخرى ذكرتها في مستخرجي على مسند الشهاب في الحادي والأربعين ومائة. 1101/ 2419 - "إنَّ لكلِّ شيء صِقَالَةً وإنَّ صِقَالَةَ القُلُوب ذكْرُ اللَّه، ومَا مِنْ شيء أَنْجَى مِنْ عذاب اللَّه من ذكر اللَّه، ولو أنْ تضربَ بسيفِك حتى يَنْقَطعَ". (هب) عن ابن عمر قال في الكبير: فيه سعيد بن سنان وهما اثنان، أحدهما: قال أحمد: غير قوي، والثاني: قال الذهبي: متهم بالوضع. قلت: الذي في السند هو الأول. 1102/ 1421 - "إن لكلِّ شيء شَرَفًا، وإنَّ شرفَ المجَالس ما استُقْبِلَ به القِبْلَةُ". (طب. ك) عن ابن عباس قال في الكبير: إيراد المصنف لهذا الحديث يوهم سلامته من الوضاعين والكذابين وهو ذهول عجيب، فقد قال ابن حبان في وصف الاتباع وبيان الابتداع: إنه خبر موضوع تفرد به أبو المقدام هشام بن زياد عن محمد بن كعب

عن ابن عباس وهو طريق الطبراني، وقال الذهبي: رواه الحاكم من طريقين، أحدهما: هذا وهشام متروك، والآخر: فيه محمد بن معاوية النيسابوري كذبه الدارقطني وغيره قال: فبطل الحديث اهـ. وقال الهيثمي بعد عزوه للطبراني: فيه هشام بن زياد أبو المقدام وهو متروك جدًا اهـ. نعم ورد في الباب حديث جيد حسن وهو ما رواه الطبراني أيضًا عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه مرفوعًا: "إن لكل شيء سيدا وإن سيد المجالس قبالة القبلة"، قال الهيثمي والمنذري وغيرهما: إسناده حسن اهـ. فاعجب للمصنف حيث آثر ما جزموا بوضعه على ما جزموا بحسنه. قلت: هذا الحديث قطعة من حديث طويل رواه جماعة مطولًا واقتصر جماعة على ذكر جمل منه، وهو بجملته أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وأبو داود في السنن [2/ 78/ رقم 1485] وأَحمد بن منيع في المسند، وابن أبي الدنيا، وابن حبان في الضعفاء، والطبراني [10/ 389 و 19/ 389]، والحاكم [4/ 270]، وأبو نعيم في الحلية، وفي تاريخ أَصبهان، والقضاعي في مسند الشهاب، وآخرون من طرق متعددة كلها ترجع إلى أبي المقدام هشام بن زياد عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس به. ورواه الحاكم أيضًا من رواية محمد بن معاوية عن مصادف بن زياد المدني عن محمد بن كعب القرظي به، قال الحاكم: هذا حديث قد اتفق هشام بن زياد النضري ومصادق بن زياد المديني على روايته عن محمد بن كعب، ولم أستجز إخلاء هذا الموضوع منه، فقد جمع آدابًا كثيرة، وتعقبه الذهبي بما نقله عنه الشارح، وهو غلو من الذهبي وإسراف نشأ عن عدم اطلاعه على بقية طرق الحديث ومن تابع المذكورين عليه، وذلك مما يبرئ ساحتهما منه، ويدفع دعوى بطلانه، فقد رواه عن محمد بن كعب القرظي أيضًا عيسى بن ميمون، والقاسم بن عروة، وزيد العمى. أما رواية عيسى بن ميمون فذكرها أبو نعيم في الحلية [2/ 175]:

وأما رواية القاسم بن عروة فرواها أبو عثمان الصابوني في العقيدة. وأما رواية زيد العمى فرواها ابن أبي الدنيا في كتاب التوكل. وقد ذكرت أسانيد هذه الطرق ومتونها في مستخرجي على مسند الشهاب بما يطول نقله هنا، وبمجموع ذلك يندفع ما قاله ابن حبان والذهبى من بطلان الحديث، ولا سيما وقد خرجه أبو داود في سننه، وهو لا يخرج فيها الموضوع، فإنه أخرج منه قطعة في كتاب الدعاء أواخر الصلاة فقال [2/ 78، رقم 1485]: حدثنا عبد اللَّه بن مسلمة ثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد اللَّه بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس مرفوعًا: "لا تستروا الجدر، من نظر في كتاب أخيه كمن نظر في النار، سلوا اللَّه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها، فهذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم"، قال أبو داود: روى هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية، وهذا الطريق أمثلها وهو ضعيف أيضًا اهـ مما أخرجه أبو داود وهو قطعة منه. وقد صرح بأن له طرقا واهية، وأن هذا ضعيف، ومجموعها يحدث قوة، فأين جزمهم بوضعه كما يقول الشارح؟ أما جزم ابن حبان والذهبي فليس هو حجة على المصنف؛ لأنه مجتهد له رأيه ونظره في الأسانيد، وقد أوضحنا خطأ الذهبي فيما قال، والحمد للَّه. 1103/ 2426 - "إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً، ولكلِّ شِرَّةٍ فتْرةً، فَمَنْ كَانَتْ فتْرَتُهُ إِلى سُنَّتِي فقد اهْتَدَى، وَمَنْ كَانَتْ إلى غَيْرِ ذلك فَقَدْ هَلَكَ". (هب) عن ابن عمر قال الشارح: بإسناد صحسِح. قلت: نقل ذلك في الكبير عن الحافظ الهيثمي وهو كذلك، لكن اختلف فيه

على مجاهد اختلافًا كثيرًا، فرواه أحمد بن أبي أسامة، والطحاوي في مشكل الآثار كلهم من رواية شعبة عن حصين عن مجاهد عن عبد اللَّه بن عمرو، وهكذا أخرجه الطحاوي أيضًا، ومن طريقه القضاعي من رواية هشيم عن حصين مثله. ورواه الطحاوي في المشكل أيضًا [2/ 89]، وكذلك القضاعي في مسند الشهاب من طريق مسلم بن كيسان الأعور عن مجاهد فقال: عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه الحارث بن أبي أسامة عن أبي النظر: ثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد فقال: عن عبد الرحمن بن أبي عمرة مرسلًا. ورواه الطحاوي [2/ 89] من طريق يحيى بن سعيد عن سمان عن منصور عن مجاهد فقال: عن جعدة بن هبيرة. ورواه الطحاوي [2/ 89] أيضًا من طريق جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد فقال: دخلت أنا ويحيى بن جعدة على رجل من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال. . . وذكره عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في قصة، وفيه اختلاف آخر ذكره ابن أبي خاتم في العلل وذكر عن أَبيه أن حديث عبد الرحمن بن أبي عمرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا أشبه، وقد ذكرت أسانيده ومتونه في المستخرج. 1104/ 2439 - "إِنَّ مَا قَدْ قُدِّرَ في الرحِمِ سَيكُوْنُ". (ن) عن أبي سعيد الزرقي قال الشارح: بفتح الزاي وسكون الراء وآخره قاف نسبة إلى زرق قرية من قرى مرو. قلت: أبو سعيد هذا صحابي أنصاري ونسبته زُرَقي بضم الزاي وفتح الراء وآخره [ياء النسب] نسبة إلى بني زريق، وكل ما يأتي من الرواة ولا سيما الأنصاري فهذه نسبته، بل ليس في الرواة زُرْقي بالضبط الذي ذكره الشارح إلا

رجل واحد، قال الذهبي في المشتبه: الزرقي بنو زريق، وهم خلق من الأنصار وأقاربهم، بالفتح وشكون الراء نسبة إلى زرق من قرى مرو محمد ابن أحمد بن يعقوب الزرقي روى عن أبي حامد أحمد بن عيسى، وعنه أبو مسعود البجلي اهـ. 1105/ 2441 - "إِنَّ مَثَلَ العُلَمَاء في الأَرْضِ كَمَثَل النُّجُوْمِ فِي السَّمَاءِ؛ يُهْتَدى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فَإِذَا انْطَمَسَتِ النُّجُومُ أَوشَكَ أَنْ تَضِلَّ الهُدَاةُ". (حم) عن أنس قال في الكبير: قال المنذري: فيه رشدين ضعيف، وأبو حفص صاحب أنس لا أعرفه، وكذلك قال الهيثمي. قلت: وأخرجه أيضًا الآجري في فضل العلم من هذا الوجه، ثم أخرجه من طريق زهير بن محمد عن الحسن بن موسى عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن أن أبا الدرداء قال: "مثل العلماء في الناس كمثل النجوم في السماء يهتدى بها". 1106/ 2444 - "إِنَّ مَثَلَ الَّذِي يَعْمَلُ السَّيئات ثُمَّ يَعْمَلُ الحَسَناتِ كَمَثل رَجُلٍ كَانَتْ عَليهِ دِرْعٌ ضَيِّقَةٌ قَدْ خَنَقتهُ، ثُمَّ عَمِلَ حَسَنَةً فَانْفَكَّتْ حَلَقَةٌ، ثُمَّ عَمِلَ أخرى فَانْفكَّتْ الأُخْرَى، حَتَّى يَخْرُجَ إِلى الأَرْضِ". (طب) عن عقبة بن عامر قال في الكبير: ظاهره أنه لا يوجد مخرجًا لأعلى من الطبراني ولا أحق بالعزو منه إليه، وأنه لا علة فيه والأمر بخلافه، أما الأول: فقد رواه الإِمام أحمد بهذا اللفظ عن عقبة بن عامر، وأما الثاني: فلأن فيه ابن لهيعة. قلت: أما الثاني: فليس من شرطه ذكر الرجال في علل المتون، بل استغنى عنهم بالرموز وقد رمز للحديث بالضعف، فقوله: ظاهره أنه لا علة له تهور

بالغ، كيف يكون ظاهره عدم العلة وهو مرموز بضعفه؟!. وأما الأول: فلا ضير على المحدث في عزوه إلى كتاب وعدم عزوه إلى آخر، فذكر هذا من فضول الشارح، ولولا وجود مجمع الزوائد وكتاب المصنف هذا لما عرف هو عن الحديث شيئًا ولا سمع به قط، ولو كان من أهل هذا الشأن لعيرناه أيضًا بأن الحديث خرجه أيضًا البيهقي في الزهد قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد ثنا محمد بن أحمد العوى ثنا كامل ثنا ابن لهيعة ثنا يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر به مثله. وأخرجه أيضًا البغوي في التفسير في سورة الرعد عند قوله تعالى: {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} [الآية 22] من طريق عبد اللَّه بن المبارك عن ابن لهيعة به مثله أيضًا، ولكن هذه الكتب ليست من شرط مجمع الزوائد فلذلك لا يعلم عما فيها شيئًا. 1107/ 2445 - "إِنَّ مَجُوسَ هَذِه الأُمَّةِ المكذِّبُون بأقْدَارِ اللَّه تعالى، إِنْ مَرِضُوا فَلا تَعُودُوهم، وَإِنْ مَاتُوا فَلا تَشْهَدُوهُم، وَإِنْ لَقِيتُمُوهُمْ فَلا تُسَلَّمُوا عَلَيهِم". (هـ) عن جابر قال في الكبير: قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، وأطال في بيانه، وهو مما انتقده السراج القزويني على المصابيح وزعم وضعه، ونازعه العلائي ثم قال. مدار الحديث على بقية وقد قال فيه عن الأوزاعي: والذي استقر عليه أكثر الأمر من قول الأئمة أن بقية ثقة في نفسه، لكنه مكثر من التدليس عن الضعفاء والمتروكين فلا يحتج من حديثه إلا بما قال فيه: حدثنا أو أخبرنا أو سمعت أو عن. قلت: هذا كلام مضحك، وإذا كانت عنعنة المدلس الثقة تقبل فماذا يرد من

حديثه؟! إن هذا لعجب. 1108/ 2446 - "إِنَّ مَحَاسِنَ الأَخْلاقِ مَخزُوْنَةٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا أحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا مَنَحَهُ خُلُقًا حَسَنَا". الحكيم عن العلاء بن أبي كثير مرسلًا قال في الكبير: والعلاء هو الإسكندراني مولى قريش ثقة عابد. قلت: إذا كان هو الإسكندراني كان الواجب على المصنف أن يقول: معضلًا لا مرسلًا؛ لأن الإسكندراني لم يدرك أحدًا من الصحابة، والحديث رواه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص: 26، رقم 34] عن علي بن شعيب: ثنا ابن أبي فديك عن بعض أشياخه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. ورواه أيضًا [ص: 25، رقم 31] عن الحسن بن الصباح: ثنا سمان بن عيينة عن عمر وابن دينار عن أبي المنهال قال: "مر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على رجل له عكَر من أبل وغنم وبقر فاستضافه فلم يضفه، ومر بامرأة لها شويهات فاستضاقها فأضافته وذبحت له، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ألم تروا إلى فلان مررنا وله عكر من أبل وغنم وبقر فاستضفناه فلم يضفنا، ومررنا بهذه ولها شويهات فاستضفناها فأضافتنا وذبحت لنا، إن هذه الأخلاق بيد اللَّه من شاء أن يمنحه خلقة حسنًا فعلًا. وروى أيضًا عن سليمان بن يسار نحوه. وقال الطبراني في مكارم الأخلاق: ثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمي ثنا محمد بن يوسف الأنباري ثنا أبي عن يحيى بن أبي أنس المكي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عمر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يقول اللَّه عز وجل: أنا خلقت العباد بعلمي فمن أردت به خيرًا منحته خلقًا حسنًا، ومن أردت به شرًا منحته خلقًا سيئًا". 1109/ 2447 - "إِنَّ مَرْيَمَ سَأَلَت اللَّهَ أَنْ يُطْعِمَهَا لَحْمًا لا دَمَ فِيْه

فَأَطْعَمَهَا الْجَرَاد". (عق) عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد ضعيف. وقال في الكبير: ورواه الطبراني عن أبي أمامة الباهلي، وكذا الديلمي. قلت: لم يبين سبب ضعف الأول ولا تكلم على الثاني أيضًا، وكأنه رآه في مسند الفردوس من طريق الطبراني لا في مجمع الزوائد فكذلك لم يجد ما يقول عنه. والأول: رواه العقيلي في ترجمة النضر بن عاصم الهجري وقال: لا يتابع عليه كذا قال. وقال الأزدي: متروك، ورواه ابن حبان في الثقات، قال العقيلي: حدثنا موسى بن هارون ثنا حفص بن عمر المازني ثنا النضر بن عاصم أبو عباد عن قتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة به. وأما الثاني: فرواه أيضًا البندهي في شرح المقامات قال: أخبرنا الوزير أبو المظفر سعد بن سهل بن محمد الفلكي بدمشق ثنا الإمام أبو الحسن علي بن أحمد المدينى الأخرم إملاء بنيسابور أنا أبو صادق محمد بن أحمد بن شاذان العطار ثنا أبو العباس الأصم ثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصي ثنا بقية بن الوليد ثنا نمير بن يز العسى عن أَبيه قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن مريم ابنة عمران سألت ربها أن يطعمها لحمًا لا دم فيه فأطعمها الجراد، فقالت: اللهم أعشه بغير رضاع وتابع بينه بغير شياع". ورواه الذهبي [الميزان: 9071] فقال: أخبرنا أبو الفضل بن عساكر أنا زين الأمناء (ح)

وأخبرنا محمد بن حازم أنا محمد بن غسان قالا: أخبرنا سهل بن محمد الخوارزمي ثنا علي بن أحمد المدينى به مثله، وزاد: قلت: "يا أبا الفضل ما الشياع؟ قال: الصوت"، قال الذهبي: فهذا الإسناد على ركاكة متنه أنظف من الأول، ويريبني فيه هذا الدعاء، فإنها ما كانت تدعو بأمر واقع، وما زال الجراد بلا رضاع ولا شياع اهـ. قال الحافظ: وهذا الإشكال غير مشكل لجواز أن يكون الجراد ما كان موجودًا قبل اهـ. 1110/ 2449 - "إِنَّ مِصْرَ سَتُفْتَحُ عليكم فانْتَجِعُوا خَيْرَهَا، ولا تَتَّخِذُوها دارًا؛ فَإِنَّها يُسَاقُ إليها أَقَلُّ النَّاسِ أَعمارًا". (تخ) والباوردي، (طب) وابن السني، وأبو نعيم في الطب عن رباح اللخمي قلت: هذا حديث موضوع يلام المصنف على ذكره في هذا الكتاب. 1111/ 2450 - "إِنَّ مَطْعَمَ ابنِ آدَمَ قَدْ ضُرِبَ مَثَلًا للدُّنْيَا وَإِنْ قَزَّحَهُ ومَلَّحَهُ فَانْظُرْ إِلى مَا يَصِيرُ". (حم. طب) عن أبي بن كعب قال الشارح: وإسناده جيد قوي. قلت: قلد في ذلك الحافظ المنذري وقوله صحيح من جهة ظاهر الإسناد، ولكنه معلول بالاضطراب كما بينته سابقًا في حديث: "إن اللَّه جعل ما يخرج من ابن آدم" فأرجع إليه. 1112/ 2452 - "إِنَّ مَعَ كُلِّ جَرَسٍ شَيْطَانًا". (د) عن عمر قال الشارح: بإسناد فيه مجاهيل.

قلت: عجيب جدًا أن يكون فيه مجاهيل مع أنه أخذ ذلك من قول الحافظ المنذري وقد روى أبو داود الحديث من طريق عامر بن عبد اللَّه بن الزبير قال: ذهبت مولاة لآل الزبير بابنة لهم إلى عمر وفي رجلها أجراس فقطعها ثم قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . وذكره. ومولاتهم مجهولة، وعامر لم يدرك عمر اهـ. فغاية ما في هذا أن في السند امرأة مجهولة، فمن أين جاءت جماعة المجاهيل؟ على أن الحافظ المنذري رحمه [اللَّه] لم يحسن التعبير ولم يدقق النظر في الإسناد، فإن عامر لم يصرح بروايته الحديث عن المولاة، بل ذكر الحديث بسياق يفيد حضور القصة، وإذ شهد التاريخ بعدم إدراكه عمر فالحديث منقطع ولا دخل للمجهول فيه؛ لأنه لم يصرح برواية الخبر عن المولاة، فيحتمل أنه رواه عنها أو أنه رواه عن أهل بيته ممن حضر القصة أيضًا أو ممن سمعه من المولاة، وكيفما كان الحال فالشارح مخطئ في قوله: بإسناد فيه مجاهيل. 1113/ 2455 - "إِنَّ مَلَكًا مُوَكَّلٌ بِالقُرْآنِ، فَمَنْ قَرَأَ مِنْهُ شَيْئًا لَمْ يُقَوِّمْهُ، قَوَّمَهُ المَلَكُ وَرَفَعَهُ". أبو سعيد السمان في مشيخته، والرافعي في تاريخه عن أنس قال الشارح في ضبط لفظ السمان وقد كتبه بزيادة ياء النسبة بعد النون ما نصه: بكسر السين وشدة الميم نسبة إلى سعد السمان الحافظ المروزي. وقال في الكبير: السمَّاني بشد الميم بخط المصنف، وفي التحرير للحافظ ابن حجر: السماني بكسر السين المهملة وتشديد الميم، وبعد الألف نون معروف منسوب إلى سعد السمان الحافظ الرازي، ثم قال: وفي صنيع المصنف إشعار بأنه لم يره لأشهر من هذين في فن الحديث وهو عجيب، فقد رواه البخاري في الضعفاء عن أنس المذكور باللفظ المزبور، وفيه يعلى بن هلال قال الذهبي: رماه السفيانان بالكذب.

قلت: في هذا من عجر الشارح وبجره أمور، الأول: قد أعاذ اللَّه الحافظ ابن حجر أن يقول شيئًا مما نقله عنه بل هو برئ منه براءة الشارح من التحقيق. الثاني: كتاب الحافظ اسمه "تبصير المنتبه بتحرير المشتبه" لا "التحرير" كما يقول الشارح. الثالث: ليس السمان من موضوع كتابه غالبًا، لأنه ليس من المشتبه، ولم يذكره الذهبي في كتابه الذي هو أصل كتاب الحافظ. الرابع: ليس في الرواة سماني بكسر السين، ولا بياء النسبة أصلًا، وإنما هو السَمان بفتح السين وفي آخره نون دون ياء النسبة. الخامس: قوله: منسوب إلى سعد السمان الحافظ كلام لا أصل له، بل لا معنى له. السادس: قال في الصغير: الحافظ المروزي، وقال في الكبير: الحافظ الرازي، وبين المروزي والرازي فرق لا يخفى على أهل العلم، قال السمعاني في الأنساب: السَمان بفتح السين المهملة وتشديد الميم وفي آخرها النون هذه النسبة إلى بيع السمن، ثم ذكر جماعة من المعروفين بهذه النسبة، ثم قال: وأبو سعد إسماعيل بن على بن الحسين الحافظ الرازي من أهل الري. . . فأطال في ترجمته ثم قال: وابن أخيه أبو بكر طاهر بن الحسن بن على السمان من أهل الري، ثم قال: وابنه أبو سعيد يحيى بن طاهر بن الحسين بن علي بن الحسين السمان من أهل الري يروي عن أَبيه، وأبي الحسين يحيى بن الحسين الشجري (¬1) العلوي الحسني، وكان يعلم الصبيان بباب رامهران سمعت منه، وكتبت عنه بالري في مكتبه وتركته حيا سنة 537. السابع: قوله: وفي صنيع المصنف إشعار. . . إلخ، كلام ساقط مسقط لقائله كما نبهنا عليه مرارًا، على أن ضعفاء البخاري ليس هو بأشهر من تاريخ قزوين ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط: الشجري الشجري، هكذا مرتين.

للرافعي بين أهل الحديث. الثامن: من دلائل الحمق في الرجل إبداؤه التعجب من غير عجيب. 1114/ 2456 - "إنَّ مِنَ البَيَانِ سِحْرًا، وإِنَّ مِنَ العِلْمِ جَهْلًا، وإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكَمًا، وإِنَّ مِنَ القَوْلِ عِيالًا". (د) عن بريدة قال في الكبير: قال الحافظ العراقي: في إسناده من يجهل. قلت: كأنه صخر بن عبد اللَّه بن بريدة، فإنه لا يعرف له في سنن أبي داود [رقم 5011، 5012] إلا هذا الخبر، ولم يخرج له من أصحاب الكتب الستة إلا أبو داود، لكن روى عنه أبو جعفر عبد اللَّه بن ثابت النحوي، وحجاج بن حسان القيسي، وذكره ابن حبان في الثقات [6/ 473] ومع ذلك فلم ينفرد به كما سأذكره. وقد خرجه من طريقه أيضًا الدولابي في الكني عن النسائي عن أبي زرعة الرازي: ثنا سعيد بن محمد الجرمي ثنا يحيى بن واضح حدثني أبو جعفر النحوي عبد اللَّه بن ثابت حدثني [صخر] بن عبد اللَّه بن بريدة عن أَبيه عن جده به. أما المتابعة فقال أبو نعيم في تاريخ أَصبهان [1/ 338]: ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن عمر أبو علي المعدل ثنا أبو العباس أحمد بن الحسن بن أبي عبد اللَّه ثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا حسام بن مصك ثنا عبد اللَّه بن بريدة عن أَبيه به. ورواه الفضاعي من طريق أبي عروبة الحراني في الأمثال: ثنا مغيرة بن عبد الرحمن ثنا يحيى بن السكن ثنا شعبة عن عمارة بن أبي حفصة عن ابن بريدة عن صعصعة بن صوحان عن علي عليه السلام به مرفوعًا.

وهذا غلط من بعض رجاله واللَّه أعلم. 1115/ 2461 - "إِنَّ مِنَ الذُّنُوب ذُنُوبًا لا يُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ وَلا الصِّيَام ولا الحَجُّ ولا العُمْرَةُ، يُكفِّرُها الهُمُومُ في طلبِ المَعِيشَةِ". (حل) وابن عساكر عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الحافظ العراقي في المغني: سنده ضعيف، ورواه الطبراني في الأوسط والخطيب في تلخيص المشتبه من طريق يحيى بن بكير عن مالك عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال ابن حجر: وإسناده إلى يحيى واه، وقال الحافظ الهيثمي: فيه محمد بن سلام المصري، قال الذهبي: حدث عن يحيى بن بكير بخبر موضوع وهذا مما روى عن يحيى بن بكير. قلت: ظاهر صنيعه يقتضي أن سند الطبراني غير سند أبي نعيم، لأنه نقل تضعيفه أولًا عن العراقي ثم عطف عليه تخريج الطبراني وتكلم عليه. والواقع أن أبا نعيم رواه عن الطبراني وذلك في ترجمة مالك (6/ 335) وقال: غريب تفرد به محمد بن سلام عن يحيى عن مالك اهـ. وأخرجه الدارقطني في غرائب مالك من وجوه أخرى عنه مع اختلاف في نسبته، وكان العمل فيه عليه كما قال الحافظ، وقد رواه بعض الضعفاء من حديث أبي أمامة مثله إلا أنه قال: "الغموم والهموم في طلب العلم". قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 287]: ثنا القاضي محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثني أحمد بن علي بن زيد الدينوري ثنا يزيد بن شريح بن مسلم الخوارزمي ثنا علي بن الحسين بن واقد حدثني أبي ثنا أبو غالب عن أبي أمامة مرفوعًا: "إن من الذنوب ذنوبًا لا يكفرها صيام ولا صلاة ولا حج ولا جهاد إلا الغموم والهموم في طلب العلم".

1116/ 2462 - "إِنَّ مِنَ السَّرَفِ أَنْ تَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَيْتَ". (هـ) عن أنس قال في الكبير: رواه ابن ماجه من حديث بقية عن يوسف بن أبي كثير عن فرح بن ذكوان عن الحسن عن أنس، ورواه عنه أيضًا ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع، والبيهقي، قال المنذري: وقد صحح الحاكم إسناده لمتن غير هذا، وحسنه غيره اهـ. وأقول: بقية حاله معروف، ويوسف قال الذهبي: شيخ لبقية لا يعرف، ونوح قال أبو حاتم: ليس بشيء، وابن عدي: أحاديثه غير محفوظة، وابن حبان: منكر الحديث جدًا، وساق من مناكيره هذا الخبر، وعده ابن الجوزي في الموضوع، لكن تعقب بأن له شواهد. قلت: هذا تطويل لا داعي إليه، والحديث من مفردات نوح بن ذكوان وإن أعله ابن الجوزي به، وبيحيى بن عثمان راويه عن بقية عند الدارقطني، وذلك أيضًا من قصوره، فإنَّ يحيى بن عثمان لم ينفرد به عن بقية بل رواه عنه أيضًا هشام ابن عمار ويحيى بن سعيد بن كثير بن دينار كما عند ابن ماجه [2/ 1112، رقم 3352]. ورواه أبو نعيم في الحلية [10/ 213] عن أولهما فقط. وسويد بن عبد العزيز كما عند أبي يعلى وابن حبان في الضعفاء، ومحمد بن عبد العزيز الرملي كما عند الخرائطي في اعتلال القلوب. فعلة الحديث هو نوح بن ذكوان، فإنه الذي انفرد به، وفي ترجمته أورده رجال الجرح والتعديل وقالوا: إنه ينفرد عن الحسن بمناكير، ويؤيد ذلك أن هذا الكلام مروي عن الحسن عن عمر رضي اللَّه عنه من قوله: قال أحمد في كتاب الزهد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا يونس عن الحسن قال: دخل عمر على ابنه عبد اللَّه وإذا عندهم لحم، فقال: ما هذا اللحم؟! فقال: اشتهيته، قال:

أو كلما اشتهيت شيئًا أكلته؟! كفي بالمرء سرفًا أن يأكل كلما اشتهاه. فكأن نوح بن ذكوان سمع هذا من الحسن هكذا فركب له إسنادًا عن أنس ورفعه واللَّه أعلم. 1117/ 2463 - "إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ الرجلُ مَعَ ضَيْفِهِ إِلى بَابِ الدَّارِ". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال البيهقي: وفي إسناده ضعف اهـ. وذلك لأن فيه عدي بن عروة الدمشقي، قال في الميزان عن ابن رجب: يضع الحديث، وكذبه صالح جزرة وغيره ثم أورد له هذا الخبر. قلت: أخرجه من طريقه أيضًا ابن الأعرابي في المعجم والقضاعي في مسند الشهاب، وله شاهد بلفظه من حديث ابن عباس، لكنه من رواية سلم بن سالم البلخي وهو منكر الحديث أيضًا، قال ابن حبان في ترجمته من الضعفاء [1/ 3444]: حدثنا محمد بن صالح بن دريح ثنا جبارة بن مغلس ثنا سلم بن سالم البلخي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن من السنة تشييع الضيف إلى باب الدار". 1118/ 2465 - "إِنَّ مِنَ النَّاسِ نَاسًا مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ للْشَرِّ، وإِنَّ مِنَ النَّاسِ نَاسًا مفاتيحَ للشرِّ مغاليقَ للخيرَ، فطُوبى لمَنْ جَعلَ اللَّهُ مفاتيحَ الخيرِ على يديهِ، وويلٌ لمنْ جعلَ اللَّهُ مفاتيحَ الشرِّ على يَدِيهِ". (هـ) عن أنس قال الشارح في الكبير: ورواه الطيالسي كلاهما من حديث محمد بن أبي حميد عن حفص بن عبيد اللَّه بن أنس عن جده أنس بن مالك، ومحمد بن أبي حميد قال في الكاشف: ضعفوه، وقال السخاوي: منكر الحديث، وله

شاهد مرسل ضعيف. قلت: السخاوي لم يقل: له شاهد مرسل، بل ذكر له شاهدا من حديث سهل ابن سعد وضعفه أيضًا. ثم إن حديث أنس له طريق آخر لم يتعرض له السخاوي أخرجه ابن شاهين في جزء له من أحاديث شيوخه فقال: حدثنا الحسن ابن عبد الرحمن الثقفي بحمص ثنا عيسى بن غيلان ثنا سعيد بن سليمان ثنا النضر بن إسماعيل ثنا حميد عن أنس مرفوعًا: "إن من الرجال مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الرجال مغاليق للخير مفاتيح للشر". أما حديث سهل بن سعد فعزاه السخاوي لابن ماجه أيضًا، وهو أيضًا عند الطبراني في مكارم الأخلاق: حدثنا محمد بن الفضل السقطي ثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي ثنا معتمر ابن سليمان عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبي حازم عن سهل رفع الحديث إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "عند اللَّه خزائن الخير والشر ومفاتيحها الرجال، فطوبى لمن جعله اللَّه مفتاحًا للخير ومغلاقًا للشر، وويل لمن جعله اللَّه مفتاحًا للشر ومغلاقًا للخير". وعبد الرحمن بن زيد ضعيف ومن طريقه رواه ابن ماجه. 1119/ 2467 - "إِنَّ مِنَ النِّسَاءِ عِيّا وَعَوْرَةً، فكفُّوا عِيهُنَّ بالسُّكُوتِ، وَوَارُوا عَوْرَاتِهِنَّ بِالبيوتِ". (عق) عن أنس قال في الكبير: قال العقيلي: هذا حديث غير محفوظ، وقال ابن الجوزي: موضوع، وإسماعيل وزكريا -يعني هنا رجال سنده- متروكان، وتعقبه المؤلف بأن له شاهدًا.

قلت: هذا باطل فيه شائبة حق، وذلك أن ابن الجوزي أورد في الموضوعات [2/ 282] من طريق ابن عدي عن الحسن بن سفيان: ثنا زكريا بن يحيى الخزاز ثنا إسماعيل بن عباد الكوفي ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس مرفوعًا: "استعينوا على النساء بالعرى". ثم قال: إسماعيل وزكريا متروكان، فتعقبه المصنف بقوله: أخرجه الطبراني في الأوسط، ورواه العقيلي [1/ 85] بلفظ آخر فقال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا زكريا بن يحيى الخزاز بالسند السابق مرفوعًا: "إن من النساء عيا وعورة. . ." الحديث، ونقل عن العقيلي أنه قال: هذا حديث غير محفوظ ولم يزد شيئًا، فأتى الشارح بالباطل في أمور، الأول: زعمه أن ابن الجوزي أورده في الموضوعات وليس كذلك، فابن الجوزي إنما أورد حديثًا آخر بإسناد حديث الباب. الثاني: زعمه أن ابن الجوزي أعله بإسماعيل وزكريا، وهو إنما أعل بهما حديثًا آخر. الثالث: زعمه أن المؤلف تعقبه بأن له شاهدًا وليس كذلك، فالمؤلف ما أورد له شاهدًا أصلًا، وإنما أعاد الحديث بالسند عينه بسياق آخر. الرابع: لو اعتبرنا مخالفة اللفظ مع اتحاد السند شاهدًا فلفظ الكتاب هو الذي زاده المصنف شاهدًا إلا أنه أورد غيره شاهدًا له، مع أن ما يريده الشارح على ما فيه من قلب الحقائق فاسد باطل؛ إذ لا شاهد مع اتحاد السند، فما أبرع الشارح في الأوهام وأطول باعه في تناول الأخطاء وأساليب الأغلاط. هذا وقد وجدت للحديث شاهدًا من حديث علي عليه السلام، قال الطوسي في المجالس: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو عبد اللَّه جعفر بن محمد بن جعفر الحسني ثنا موسى بن عبد اللَّه بن موسى الحسني عن جده موسى بن

عبد اللَّه عن أبيه عبد اللَّه بن الحسن وعميه إبراهيم والحسن ابني الحسن عن أمهم فاطمة بنت الحسين عن جدها علي بن أبي طالب عليه السلام عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "النساء عي وعورة، فاستروا عيهن بالسكوت وعورتهن بالبيوت". 1120/ 2469 - "إِنَّ مِنْ إجْلالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَة المسلمِ، وحَامِلِ القرآنِ غيرِ الغَالِي فيه والجَافِي عنه، وإِكرامَ ذِي السُّلطانِ المُقْسِطِ". (د) عن أبي موسى قال في الكبير: سكت عليه أبو داود، وقال في الرياض: حديث حسن، وقال الحافظ العراقي، وتلميذه ابن حجر: سنده حسن، وقال ابن القطان: ما مثله يصح، وأورده ابن الجوزي في الموضوع بهذا اللفظ من حديث أنس، ونقل عن ابن حبان أنه لا أصل له ولم يصب، بل له الأصل الأصيل من حديث أبي موسى، واللوم فيه على ابن الجوزي أكثر. قلت: في هذا أمور، الأول: ابن الجوزي لم يورد هذا الحديث من حديث أنس بل من حديث ابن عمر ومن حديث جابر بن عبد اللَّه. الثاني: قوله: ولم يصب. . . إلخ، هو كلام الحافظ لم يعزه إليه، لكنه حذف منه جملة أفسدت معناه وهو لم يره في نفس كتب الحافظ بل نقله من اللآلئ المصنوعة للمصنف، فإنه نقل فيه عن الحافظ أنه قال في تخريج أحاديث الرافعي: لم يصب ابن حبان ولا ابن الجوزي جميعا في قولهما: لا أصل لهذا الحديث أصلًا، بل له الأصل الأصيل من حديث أبي موسى الأشعري بهذا اللفظ عند أبي داود بسند حسن، قال: واللوم فيه على ابن الجوزي أكثر، لأنه خرج على الأبواب اهـ. فقوله: لأنه خرج على الأبواب هي محل الفائدة الموجهة لقوله: واللوم فيه على ابن الجوزي أكثر. الثالث: أطال المؤلف في اللآليء المصنوعة في إيراد الطرق والشواهد لهذا

الحديث بحيث كتب في ذلك نحو صحيفتين، وهنا يلتزم الشارح السكوت غمطًا لحق الفضلاء، ولكنه إذا لم يكن في الباب ما يطيل به المؤلف في التعقب على ابن الجوزي هناك يتكلم الشارح. 1121/ 2470 - "إِنَّ مِنْ إِجْلالي تَوقيرُ الشَّيخِ مِنْ أُمَّتِي". (خط) في الجامع عن أنس قلت: هذا حديث موضوع. 1122/ 2471 - "إِنَّ مِنْ أَخْلاقِ المؤمنِ قُوَّةً في دينٍ، وحَزْمًا في لِينٍ، وإِيمانًا في يقينٍ وحِرْصًا في علمٍ، وشفقةً في مِقَةٍ، وحِلْمًا في علمٍ، وقصدًا في غنى وتَجَمُّلًا في فَاقَةٍ، وتَحَرُّجًا عن طمعٍ، وكسبًا في حلال، وبرّا في استقامةٍ، ونشاطًا في هدى، ونهيًا عن شهوةٍ، ورحمةً للمجهودِ، وإِنَّ المؤمنَ من عبادِ اللَّهِ لا يحيفُ على مَنْ يبغضُ، ولا يَأْثَمُ فيمن يُحِبُّ، ولا يضِّيعُ ما استُودِعَ ولا يَحْسُدُ، ولا يَطْعَنُ، ولا يَلْعَنُ، ويَعْتَرِفُ بالحقِّ وَإِنْ لَمْ يُشْهَدْ عليه، ولا يتنابز بالأَلْقَاب، في الصَّلاة مخشعًا، إلى الزكاة مُسْرِعًا، في الزلازِلِ وقُورًا، في الرَّخَاءِ شَكُورًا، قَانِعًا بالَّذِي له، لا يدعي مَا لَيْسَ له، ولا يَجْمَعُ في الغَيْظِ، ولا يَغلبُهُ الشُّحُّ عن معروفٍ يُرِيدُهُ، يُخالِطُ النَّاسَ كي يَعْلَم، ويناطقُ النَّاسَ كي يفهَم، وإِنْ ظُلِمَ وبُغِى عليه صبرَ حتَّى يكونَ الرحمنُ هو الذي ينتصرُ له". الحكيم عن جندب بن عبد اللَّه قلت: هو حديث ركيك وآثار الوضع لائحة عليه. 1123/ 2477 - "إِنَّ مِنْ أَعظمِ الأمانة عند اللَّه تعالى يَومَ القيامةِ الرجلَ يُفْضِي إِلى امرأتِهِ وتُفْضِي إِليه ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا". (حم. م. د) عن أبي سعيد

قال الشارح في الشرحين معًا: هو خبر إِنَّ وذكر تمام الحديث. قلت: قوله في الرجل: خبر إن غلط يدركه صغار طلبة العربية. 1124/ 2486 - "إِنَّ مِنْ تَمَامِ إِيمَانِ العبدِ أَنْ يَسْتَثْنِي في كُلِّ حَدِيثِهِ". (طس) عن أبي هريرة قال في الكبير: حكم ابن الجوزي بوضعه، وقال: فيه معارك بن عباد متروك منكر الحديث، قال المصنف: وفيه نظر اهـ، ولم يوجهه بشيء. قلت: هذا كذب على المصنف لا أدري كيف استباحه الشارح لنفسه فاسمع ما قاله المصنف بنصه: أورد ابن الجوزي من طريق الحسن بن سفيان: ثنا علي بن سلمة ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ثنا معارك بن عباد عن عبد اللَّه بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن من تمام إيمان العبد أن يستثني فيه"، ثم قال ابن الجوزي: لا يصح، ومعارك منكر الحديث متروك، قال المصنف: وشيخه أيضًا واه، ولكن الجوزقاني أورد هذا الحديث على أنه ثابت واستدل به على بطلان الأحاديث الثلاثة السابقة على عادته، وقال عقبه: هذا حديث غريب والاستثناء في الإيمان سنة فمن قال: إنه مؤمن فليقل: إن شاء اللَّه تعالى، وهذا ليس باستثناء شك، ولكن عواقب المؤمنين مغيبة عنهم، ثم أورد حديث جابر: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك. . . " الحديث. وحديث ابن مسعود: "إن أحدكم يجمع خلقه. . . " الحديث. وحديث أبي هريرة في المقبرة "وإنَّا إن شاء اللَّه بكم لاحقون". فجعل هذه الأحاديث دالة على سنة الاستثناء في الإيمان وعلى بطلان تلك الأحاديث المعارضة لها. نعم، قال الذهبي في الميزان: داود بن المحبر حدثنا معارك بن عباد القيسي عن

عبد اللَّه بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن من تمام إيمان العبد أن يستثني في كل حديثه"، ثم قال الذهبي: هذا الحديث باطل، قد يحتج به المرازقة الذين لو قيل لأحدهم: أنت مسيلمة الكذاب؟ لقال: إن شاء اللَّه اهـ. وهذا الحديث غير الذي أورده المؤلف -يعني ابن الجوزي- والآفة فيه من داود، فإنه وضاع. وقد أخرجه الديلمي في مسند الفردوس من طريقه واللَّه أعلم اهـ. فاعجب لأمانة الشارح، ثمَّ مما نقلناه يعلم ما في قوله: إن حديث الباب أورده ابن الجوزي في الموضوعات، فإن الذي أورده لفظ آخر دون المذكور هنا. وإن كان المصنف نقل عن الذهبي بطلان هذا أيضًا وأقره على ذلك بسبب وجود داود بن المحبر فيه بخلاف الذي أورده ابن الجوزي، فإن المصنف نازع في الحكم بوضعه وذلك مما يدعو إلى العجب من حال المصنف أيضًا؛ إذ أورد المتن الذي حكم هو بوضعه وترك الذي نازع في الحكم بوضعه. 1125/ 2489 - "إنَّ منْ حَقِّ الوَلَد عَلَى وَالده أَنْ يُعَلِّمَه الكِتابةَ، وَأنْ يُحْسنَ اسْمَه، وأنْ يُزَوِّجَه إذَا بَلَغَ". ابن النجار عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد ضعيف لكن له شاهد. قلت: كأنه يشير إلى ما رواه محمد بن مخلد الدوري في جزئه: ثنا علي بن شاذان -المعروف بابن أبي مكرمة- حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز ابن أبي رواد أخبرني أبي عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن من حق الولد على والده ثلاث خصال: أن يحسن أدبه، وأن يحسن اسمه، وأن يعفه إذا بلغ". علي بن شاذان ضعفه الدارقطني.

1126/ 2491 - "إنَّ منْ شَرِّ النَّاص عنْدَ اللَّه مَنْزَلةً يَوْمَ القيامَة: الرَّجُلَ يُفْضي إلى امْرأته، وَتُفْضي إلَيْه ثُمَّ يَنْشُر سرَّهَا". (م) عن أبي سعيد قال في الكبير: قال ابن القطان: إنما يرويه مسلم من طريق عمر بن حمزة عن عبد الرحمن بن سعد عن أبي سعيد، وعمر ضعفه ابن معين، وقال أحمد: أحاديثه مناكير، فالحديث به حسن لا صحيح. قلت: هذا بحث ضائع، فإن الرجل وثقه مسلم وأخرج له بعد سبر أحواله، واعتبار أحاديثه وثبوت ثقته عنده، ولم يكفه ذلك حتى كان هذا المعنى واردًا في أحاديث أخرى تشهد لأصله وتبين أنه لم ينفرد بمعناه، ولهذا احتج به أيضًا الحاكم وقال: أحاديثه كلها مستقيمة، وهذا يقوله الحاكم بعد علمه بقول ابن معين وأحمد، كأنه لم يرض قوله أن أحاديثه مناكير. والحق يقال أن النكارة تكون ظاهرة على متن الحديث، ولا نكارة في هذا الحديث بل نور النبوة لائح عليه، ثم إنه لا معنى لأن يكون حسنا كما ينقله الشارح، لأنه إما أن يعتبر توثيق مسلم له ومن وافقه على توثيقه فيكون الحديث صحيحًا لاسيما بعد دخوله في الكتاب المجمع من الأمة على صحته، وإما أن يعتبر قول أحمد فيه: إنه منكر الحديث، فيكون الحديث ضعيفًا كما هو مقتضى هذه اللفظة من الجرح، أما كونه حسنا فلا محل له من الحديث. 1127/ 2492 - "إنَّ منْ شَرِّ النَّاسِ مَنْزلَةً عنْدَ اللَّه يَوْمَ القيَامَة، عَبْدًا أذهَبَ آخرَتَهُ بدُنْيَا غَيْره". (هـ. طب) عن أبي أمامة قلت: سكت عليه الشارح، وهو من رواية شهر بن حوشب عن أبي أمامة، كذا رواه ابن ماجه [2/ 1312, رقم 3966] عن سويد بن سعيد عن مروان بن معاوية الفزاري عن عبد الحكم عن شهر بن حوشب.

ورواه القضاعي في مسند الشهاب من طريق يوسف بن عدي عن مروان بن معاوية الفزاري بهذا الإسناد فقال: عن أبي هريرة بدل: أبي أمامة. وكذلك رواه الطيالسي في مسنده عن عبد الحكم عن شهر عن أبي هريرة. ومن طريق الطيالسي رواه أبو نعيم في الحلية [6/ 65]. فالصواب حينئذٍ: أنه من حديث أبي هريرة لا من حديث أبي أمامة، وأن ذكر أبي أمامة وهم من سويد واللَّه أعلم. 1128/ 2493 - "إنَّ مِنْ ضَعْف اليَقين أَنْ تُرْضى النَّاسَ بسَخَط اللَّه تَعَالى، وَأَنْ تَحمدَهُمْ عَلى رزْق اللَّه تَعَالى، وَأَنْ تَذُمَّهمْ عَلى مَا لَمْ يؤْتكَ اللَّهُ تعَالَى، إنَّ رزْقَ اللَّه لا يَجُرُّهُ إليْكَ حِرْصُ حَريْص، وَلا يَردُّهُ كَراهَةُ كَاره، وَإِنَّ اللَّه بِحِكْمَته وَجَلاله الرَّوحَ والفَرَحَ في الرِّضَا واليَقيْن، وجَعَلَ الهَمَّ وَالحَزَنَ في الشَّكِّ والسَّخَطِ". (حل. هب) عن أبي سعيد قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وأقره؛ والأمر بخلافه، بل تعقبه بقوله: محمد بن مروان السدي -أي أحد رجاله- ضعيف اهـ. وفيه أيضًا عطية العوفي قال الذهبي: ضعفوه، وموسى بن بلال قال الأزدي: ساقط. قلت: الحديث إنما يعل بمحمد بن مروان السدي كما فعل البيهقي، وعطية العوفي أحاديثه متماسكة، أما موسى بن بلال فلا معنى لذكره أصلا؛ لأنه توبع عليه، وليس هو عند أبي نعيم، إنما هو عند البيهقي، قال أبو نعيم [5/ 106]: حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد قال: ثنا محمد بن الحسين بن حفص ثنا علي بن بن مروان ثنا أبي عن عمرو بن قيس عن عطية عن أبي سعيد به، ثم قال: غريب من حديث عمرو، تفرد به علي بن محمد بن مروان

عن أبيه اهـ. يريد تفرده من طريق معروفة وإلا فقد رواه هو أيضًا في ترجمة أبي يزيد البسطامي من روايته عن أبي عبد الرحمن السندي عن عمرو بن قيس الملائي به. لكن شيخ أبي نعيم فيه -وهو أبو الفتح أحمد بن الحسين بن سهل الحمصي- كان كذابا، ولذلك صرح أبو نعيم [10/ 41] ببطلان هذه الطريق فقال: وهذا الحديث مما ركب على أبي يزيد، والحمل فيه على شيخنا أبي الفتح فقد عثر منه على غير حديث ركبه اهـ. ولأجل هذا لم يعتبر أبو نعيم هذا الطريق وصرح بتفرد على بن محمد بن مروان وأبيه بهذا الحديث، وذلك أيضًا بالنسبة لحديث أبي سعيد الخدري وإلا فقد ورد من حديث عبد اللَّه بن مسعود وأنس بن مالك. فحديث ابن مسعود رواه أبو نعيم في الحلية [4/ 121] عن أبي أحمد محمد ابن أحمد بن إسحاق عن أحمد بن سهل بن أيوب: ثنا خالد بن يزيد العمري ثنا سفيان الثوري وشريك [بن عبد اللَّه] (¬1) وسفيان بن عيينة عن سليمان الأعمش عن خيثمة عن عبد اللَّه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا ترضين أحدا بسخط اللَّه، ولا تحمدن أحدا على فضل اللَّه، ولا تَذُمَّنَّ أحدا على ما لم يؤتك اللَّه، فإن رزق اللَّه لا يسوقه إليك حرص حريص ولا يرده عنك كراهية كاره، وإن اللَّه بقسطه وعدله جعل الروح والفرح في الرضى واليقين، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط"، وقال أبو نعيم: تفرد به العمري. قلت: كذا وقع في روايته سليمان الأعمش. ورواه القشيري في الرسالة عن أبي محمد بن الحسين بن فورك: ¬

_ (¬1) الزيادة من الحلية.

ثنا أبو بكر أحمد بن محمود بن خرزاذ الأهوازي ثنا أحمد بن سهل بن أيوب ثنا خالد بن يزيد ثنا الثوري وشريك وابن عيينة عن سليمان التيمي عن خيثمة به. ورواه القضاعي في مسند الشهاب من طريق الحسن بن رشيق عن الحسين بن حميد العكي عن محمد بن روح القشيري عن خالد عن الثوري عن سليمان -ولم يعينه- عن خيثمة به، قال القضاعي: ووقع في الأصل خالد بن نجيح وإنما هو خالد بن يزيد العمري. وحديث أنس رواه ابن ودعان في الأربعين من طريق موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن حميد وثابت جميعا عن أنس مرفوعًا: "إن من ضعف اليقين. . . " فذكر مثله، وزاد فيه زيادة أخرى وإسناده مركب مفتعل كسائر أسانيد الأربعين المذكورة، فإنها كلها موضوعة مركبة. ورواه الدينوري في المجالسة: ثنا محمد بن إسحاق ثنا إسماعيل بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال جعفر ابن محمد: "إن من اليقين ألا ترضى الناس بما يسخط اللَّه. . . " وذكر نحوه. 1129/ 2498 - "إِنَّ منْ مَعَادن التَّقْوَى تَعَلُّمَكَ إلى مَا قَدْ عَلمْتَ علْمَ مَا لَمْ تَعْلَمْ، وَالنَّقْصُ فيمَا قَدْ عَلمْتَ قلَّةُ الزِّيَادَة فِيْه، وَإنَّمَا يُزَهِّدُ الرَّجُلَ في علْم مَا لَمْ يَعْلَمْ قلَّةُ الانْتفَاع بمَا قَدْ عَلمَ". (خط) عن جابر قلت: هو حديث موضوع، وقد رواه أيضًا ابن عبد البر في العلم (1/ 95). 1130/ 2499 - "إِنَّ مِنْ مُوْجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ بِذْلَ السَّلامِ، وَحُسْنَ الكَلام". (طب) عن هانئ بن يزيد

قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه أبو عبيدة بن عبد اللَّه الأشجعي، روى عنه أحمد وغيره ولم يضعفه أحد وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ. وهو ذهول، فإن الأشجعي هذا من رجال الصحيحين. قلت: هو ذهول حقيقة ولكنه من الشارح لا من الهيثمي الحافظ، فإن أبا عبيدة المذكور لم يرو له من أصحاب الكتب الستة إلا أبو داود وحده، ولم يضعفه أحد كما قال الحافظ الهيثمي، بل ذكره ابن حبان في الثقات وسماه: عبادا، والحديث له عند الطبراني أسانيد متعددة، وأخرجه أيضًا في مكارم الأخلاق عن حفص بن عمر السدوسي: ثنا عاصم بن علي ثنا قيس بن الربيع عن المقدام بن شريح عن أبيه عن جده به، لكنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن من موجبات المغفرة إطعام الطعام وبذل السلام". ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 207] عن الطبراني فقال: حدثنا محمد بن يحيى بن منده ثنا عبد اللَّه بن داود العابد ثنا إبراهيم بن أيوب عن أبي هانئ إسماعيل بن خليفة عن سفيان الثوري عن المقدام بن شريح عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول اللَّه أخبرني بعمل يدخلني الجنة، قال: إن موجبات المغفرة بذل الطعام وحسن الكلام". قال أبو نعيم: وحدثناه أبو محمد بن حيان هو أبو الشيخ: ثنا علي بن رستم ثنا الهذيل ثنا إبراهيم بن أيوب ثنا أبو هانئ مثله: "بذل الطعام. . . ". ورواه أحمد بن حنبل فيما أعطاه الأشجعي من كتاب أبيه عن الثوري فقال: "بذل السلام وحسن الكلام". 1131/ 2500 - "إِنَّ مِنْ مُوْجِبَاتِ المَغْفِرَةِ إِدْخَالَكَ السُّرُورَ عَلى أَخِيْكَ الْمُسْلِمِ". (طب) عن الحسن بن علي

قال في الكبير: ضعفه المنذري، وقال الهيثمي: فيه جهم بن عثمان وهو ضعيف، وقال ابن حجر: جهم بن عثمان فيه جهالة وبعضهم تكلم فيه. قلت: رواه القضاعي في مسند الشهاب، من هذا الوجه أيضًا من رواية يعقوب ابن محمد الزهري: ثنا جهم بن عثمان أبو رجاء النهدي عن عبد اللَّه بن الحسن بن الحسن عن أبيه عن جده به. وله شاهد من حديث أنس وجابر بن عبد اللَّه. فحديث أنس رواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج [ص 45, رقم 34] ومكارم الأخلاق معا من طريق وهب بن راشد عن فوقد السبخي عن أنس بن مالك مرفوعًا: "يا أنس أما علمت أن من المغفرة إدخال السرور على أخيك المسلم تنفسى عنه كربة، تفرج عنه غما، تزجى له صنعة، تقضي عنه دينًا لحقه في أهله". وحديث جابر رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [7/ 90] وفي جزء أفرده لترجمة الحارث، وبعض أحاديثه من رواية الحارث عن يحيى بن هاشم: ثنا سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعًا: "إن من موجبات المغفرة إدخالك السرور على أخيك المسلم إشباع جوعته، وتنفيس كربته". ويحيى بن هاشم كذاب. 1132/ 2509 - "إِنَّ هَذَا الدِّيْنَ مَتِيْنٌ فَأَوْغِلْ فِيْهِ بِرِفقٍ؛ فَإنَّ الْمُنبَتَّ لا أَرْضًا قَطَعَ وَلا ظَهْرًا أَبْقَى". البزار عن جابر قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه يحيى بن المتوكل أبو عقيل وهو كذاب اهـ. ورواه البيهقي في السنن من طرق وفيه اضطراب، روى موصولًا ومرسلًا

ومرفوعًا وموقوفًا، واضطرب في الصحابي أهو جابر أو عائشة أو عمر؟ ورجح البخاري في التاريخ إرساله. قلت: ليس في رواة هذا الحديث عمر ولا اختلف به على راويه، وإنما الحديث يروى عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص من وجه آخر لا يدخل في حكم الاضطراب بالنسبة لراوي حديث جابر، كما أن حديث الباب لم يختلف الرواة في رفعه ووقفه، بل ذكروه مرفوعًا، وإنما اختلفوا على محمد بن سوقة في وصله وإرساله وفي تعيين صحابيه، والذي اختلف في رفعه ووقفه هو حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص. أما حديث الباب فرواه الحاكم في علوم الحديث، وأبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين، والخطابي آخر العزلة، والبيهقي في كتاب الصلاة من سننه، كلهم من طريق أبي يحيى بن أبي مسرة وسماه النقاش عبد اللَّه بن أحمد بن زكريا: حدثنا خلاد بن يحيى ثنا أبو عقيل يحيى بن المتوكل عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة اللَّه، فإن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى"، هذا لفظ الحديث عند جميعهم، ورواية البزار وقع فيها اختصار، قال الحاكم: هذا حديث غريب الإسناد والمتن، وكل ما روى فيه فهو من الخلاف على محمد بن سوقة. فأما ابن المنكدر عن جابر فليس يرويه غير محمد بن سوقة وعنه أبو عقيل وعنه خلاد بن يحيى، وقال البيهقي: هكذا رواه أبو عقيل، وقد قيل: عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن عائشة، وقيل: عنه عن محمد بن المنكدر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا، وقيل عنه غير ذلك. قلت: المرسل رواه البخاري في التاريخ الكبير [1/ 1/ 102, رقم 287] في ترجمة محمد بن سوقة فقال: قال لي إسحاق: أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا

محمد بن سوقة قال: حدثني [ابن محمد] (¬1) بن المنكدر قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن هذا الدين متين. . . ". قال البخاري [1/ 1/ 103]: ورواه أبو عقيل يحيى عن ابن سوقة عن ابن المنكدر عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والأول أصح. وأما حديث عبد اللَّه بن عمرو فلا يدخل في الاضطراب في هذا الحديث، لأنه مروي من وجه آخر من طريق الليث عن ابن عجلان عن مولى لعمر بن عبد العزيز عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك، فإن المنبت لا سفرًا قطع ولا ظهرًا أبقى، فاعمل عمل إمرئ يظن أن لن يموت أبدا، واحذر حذر امرئ يخشى أن يموت غدا". رواه البيهقي هكذا مطولًا مجودًا. ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وابن قتيبة في عيون الأخبار، وابن زنجويه، والديلمي في مسند الفردوس مختصرًا، وبعضهم وقفه على عبد اللَّه ابن عمرو مع اختصار متنه، فهذا حديث آخر غير حديث الباب، وهذا هو الذي اختصره بعضهم، ورواه بالمعنى فجاء بذاك اللفظ الباطل الموضوع المتداول بين الناس لاسيما جهلة الخطباء والمدرسين منهم وهو: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"، فإنه لا أصل له من حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كما بينته في كتاب أفردته لذلك سميته: "إياك من الاغترار بحديث: اعمل لدنياك"، واختصرته في جزء صغير سميته: "سبل الهدى إلى إبطال حديث: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا" وهذا الاختصار طبع مرتين والحمد للَّه على فضله وامتنانه. 1133/ 2510 - "إِنَّ هَذَا الدِّينَارَ وَالدِّرْهَمَ أَهْلَكَا مَنْ قَبْلَكُمْ، وَهُمَا مُهْلِكَاكُمْ". (طب. هب) عن ابن مسعود وعن أبي موسى ¬

_ (¬1) الزيادة من التاريخ الكبير (1/ 1/ 102، رقم 287).

قال في الكبير: قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني: فيه يحيى بن المنذر وهو ضعيف. قلت: الهيثمي قال ذلك في كتاب الزكاة عن حديث ابن مسعود. أما حديث أبي موسى فقال عنه في كتاب الزهد: إسناده حسن، فهذا من الشارح خلط للموضوع. وحديث أبي موسى أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [4/ 112] من طريق مؤمل بن إهاب. ثنا أبو داود ثنا شعبة عن الأعمش عن أبي وائل عن أبي موسى به. 1134/ 2511 - "إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ". (ك) عن أنس، السجزي عن أبي هريرة قال في الكبير: قال ابن الجوزي في العلل: فيه إبراهيم بن الهيثم وخليد بن دعلج ضعيف. قلت: سقط من الأصل وصف إبراهيم بن الهيثم من الجرح وهذا كلام لا تمييز فيه بين من في سند حديث أنس وحديث أبي هريرة، وخليد بن دعلج إنما هو في سند حديث أنس, كما أن حديث أبي هريرة روى من غير طريق إبراهيم ابن الهيثم، ثم إن المصنف عزا الحديث للحاكم وأطلق فيقتضي ذلك أنه في المستدرك وما أظنه فيه، فإني ما رأيته فيه في كتاب العلم، وإنما أسنده من طريقه الديلمي في مسند الفردوس، وهو إنما يسند غالبًا عنه من التاريخ، قال الديلمي: أخبرنا ابن خلف كتابة أخبرنا الحاكم ثنا إسماعيل الشعراني ثنا علي بن الفضل ابن طاهر الحافظ البلخي ثنا حامد بن محمد الكتاني ثنا مخيمرة بن سعيد ثنا خليد بن دعلج عن قتادة عن أنس به.

وورد عن أنس من وجه آخر أسقط من هذا، بل ظاهر البطلان، لأن فيه كذابين وضاعين، قال أبو نعيم في رياضة المتعلمين: حدثنا أبو النضر شافع بن محمد بن أبي عوانة ثنا يعقوب بن إسحاق بن حجر ثنا محمد بن سليمان بن هشام ثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس به. يعقوب وشيخه كذابان. وحديث أبي هريرة رواه أيضًا أبو نعيم في رياضة (¬1) المتعلمين قال: حدثنا محمد بن علي بن حبيش ثنا أحمد بن القاسم بن مساور ثنا سريج بن يونس ثنا أصرم بن غياث عن سويد بن سنان عن هارون بن عنترة عن أبي هريرة قال: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه"، قال أبو نعيم: رواه محمد بن معاوية من حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعًا. قلت: طريق محمد بن معاوية أخرجه الديلمي عن الروني عن أبي نصر الدستوائى عن سهل بن يحيى عن عبد اللَّه بن الوكيل عن عبدان عن محمد ابن معاوية عن جعفر ابن أخي الماجشون عن سعيد المقبري عن أبي هريرة به مرفوعًا. ثم قال أبو نعيم: والصحيح من ذلك كله ما حدثناه أبو بكر بن خلاد: ثنا محمد بن يونس السامي ثنا أزهر بن سعد ثنا عبد اللَّه بن عون عن محمد بن سيرين قال: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه". قلت: وهكذا هو في مقدمة صحيح مسلم كما ذكره الشارح أيضًا. 1135/ 2513 - "إِنَّ هَذَا القُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ فَاقْبَلُوا مِنْ مَأْدُبَتَهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ". (ك) عن ابن مسعود ¬

_ (¬1) هنا كتب رياض.

قال في الكبير: قال الحاكم: تفرد به صالح بن عمر عن إبراهيم الهجرى وهو صحيح، وتعقبه الذهبي بأن صالحًا ثقة خرج له مسلم، لكن إبراهيم بن مسلم ضعيف. قلت: الحديث عند الحاكم مطولًا اختصره المصنف، والشارح غيَّر كلام الحاكم فأفسده، فإن الحاكم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بصالح بن عمر، فتعقبه الذهبي بما نقله الشارح، وبهذا اتضح الكلام فالحاكم ادعى أن الشيخين لم يخرجاه من أجل أنه من رواية صالح بن عمر، فقال له الذهبي: صالح من رجال مسلم، ولكنهما لم يخرجاه من أجل إبراهيم بن مسلم فهو ضعيف. أما كون صالح تفرد به فلم يقله الحاكم، بل هو من زيادة الشارح عليه وهي زيادة لا يرضاها الحاكم، لأنها تنادي عليه بالقصور، فإن صالح بن عمر لم ينفرد به عن إبراهيم، بل رواه علي بن عاصم عنه أيضًا مرفوعًا، وجعفر بن عون وغيره عنه موقوفًا، أخرج الأولى البغوى في التفسير من طريق أبي بكر الآجري: ثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصولي ثنا الحسن بن محمد الزعفراني ثنا علي ابن عاصم عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد [اللَّه] قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمعناه. وأخرج الموقوف حميد بن زنجويه عن جعفر بن عون: أنا إبراهيم بن مسلم به موقوفًا. ثم إن إبراهيم بن مسلم لم ينفرد به أيضًا لا مرفوعًا ولا موقوفًا، بل ورد من غير طريقه على الوجهين أيضًا. فالمرفوع أخرجه أبو نعيم في التاريخ عن أبي الشيخ: حدثنا محمد بن الحسن ثنا أبو إسماعيل الترمذي ثنا أيوب بن سليمان ثنى أبو

بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن محمد بن عجلان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن هذا القرآن مأدبة اللَّه فتعلموا من مأدبة اللَّه ما استطعتم". والموقوف له طرق، فرواه عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص به، ورواه ابن المبارك في الزهد عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن أبي الأحوص به. ورواه أبو نعيم في التاريخ من طريق سعد بن الصلت عن القاسم بن معن عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص به، وآخرون. 1136/ 2518 - "إِنَّ هَذِهِ القُلُوْبَ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا، فَإِذَا سَأَلْتُم اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ وَأَنْتُمْ وَاثِقُونَ بَالإِجابَةِ، فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءَ مَن دَعَا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ غَافِلٍ". (طب) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الهيثمي: فيه بشر بن ميمون الواسطى مجمع على ضعفه. قلت: ورد من غير طريقه لكنه مرسل عمن يرسل عن ابن عمر أيضًا، قال ابن المبارك في الزهد [ص 391, رقم 85]: أخبرنا سعيد بن أبي أيوب عن بكر بن عمرو عن صفوان بن سليم قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . فذكره. 1137/ 2535 - "إِنَّكُمْ سَتُبْتَلونَ فِي أَهْلِ بَيْتِي مِنْ بَعْدِي". (طب) عن خالد بن عرفطة قال الشارح في الكبير: بفتح المهملة أوله. قلت: بل بضمها وضم الفاء. 1138/ 2542 - "إِنَّكُمْ فِي زَمَان مَنْ تَرَكَ مِنْكُمْ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِه هَلَكَ،

ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِعُشْرِ مَا أُمِرَ بهِ نَجَا". (ت) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال (ت): غريب، وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: قال النسائي: حديث منكر، رواه نعيم بن حماد وليس بثقة. قلت: رواه أيضًا أبو نعيم في الحلية من رواية إسماعيل بن عبد اللَّه عن نعيم ابن حماد عن ابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به، ثم قال: غريب، تفرد به نعيم عن سفيان، وأسنده الذهبي في ترجمة نعيم بن حماد من التذكرة من طريق الترمذي عن إبراهيم الجوزجاني عن نعيم به، ثم قال: هذا حديث منكر لا أصل له من حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا شاهد، ولم يأت به عن سفيان سوى نعيم، وهو مع إمامته منكر الحديث اهـ. كذا قال، وهو ظلم وإسراف، وليس في الحديث ما ينكر، بل الحال والواقع شاهد له، فإن السلف الصالح ولا سيما الصحابة لو رأوا زماننا وأعمالنا لحكموا علينا بالردة، نعوذ باللَّه من سوء القضاء. وليس المراد بعشر ما أمر به الفرائض، ولكن المراد جملة المأمورات؛ بحيث يكون التمسك بالفرائض وحدها أو مع بعض المؤكدات من نوافل الخيرات عشر ما أمر به المرء، فلا يكون في الحديث نكارة، واللَّه أعلم. ومن غريب ما يدخل في هذا الباب قول حذيفة رضي اللَّه عنه: "يأتي على الناس زمان لا يصلح فيه إلا بالذي كان ينهى عنه"، أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد بسند صحيح (ص 79). 1139/ 2543 - "إِنَّكُمْ لا تَرْجِعُونَ إِلى اللَّهِ تَعَالى بِشَيءٍ أَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ، يَعْنِي القُرْآنَ". (حم) في الزهد، (ت) عن جبير بن نفير مرسلًا (ك) عنه عن أبي ذر

قال في الكبير: سكت عليه المصنف فلم يشر إليه بعلامة الضعيف فاقتضى جودته، وكأنه لم يقف على قول سلطان هذا الشأن -البخاري- في كتاب خلق الأفعال: إنه لا يصح لإرساله وانقطاعه؛ هكذا قال وأقره عليه الذهبي. قلت: البخاري قال ذلك حسب الرواية المرسلة أو ترجيحًا منه للإرسال، والرواية الموصولة سندها صحيح بل هو عين سند المرسلة فإن الحديث رواه أحمد في الزهد عن عبد الرحمن بن مهدي. ورواه الترمذي عن إسحاق بن منصور عن عبد الرحمن بن مهدي أيضًا [2/ 150] قال: حدثنا معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن زيد بن أرطأة عن جبير بن نفير به مرسلًا. ورواه الحاكم في المستدرك [1/ 555] عن عبد اللَّه بن محمد بن زياد العدل: حدثنا جدي أحمد بن عبد اللَّه ثنا سلمة بن شبيب حدثني أحمد بن حنبل به موصولًا عن أبي ذر، ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره على ذلك الذهبي، هكذا رواه في كتاب فضائل القرآن، ورواه في كتاب التفسير عن محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى: ثنا الفضل بن محمد الشعراني ثنا عبد اللَّه بن صالح حدثني معاوية بن صالح به موصولًا أيضًا، لكن قال: عن عقبة بن عامر بدل: أبي ذر، وزاد [2/ 441] أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تلا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 41, 42]، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنكم لن ترجعوا إلى اللَّه. . . " وذكره، ثم قال أيضًا: صحيح الإسناد، وأقره عليه الذهبي، مع أن عبد اللَّه بن صالح فيه مقال، والوهم منه في قوله: عقبة بن عامر، إن لم يكن اضطرابًا من زيد بن أرطأة، فإنه روى حديثًا بمعناه عن أبي أمامة وهو لم يدركه، إنما روى عنه

بواسطة جبير بن نفير أيضًا، وهو ثقة لم يوصف بضعف إلا أن الثقة قد يهم وينسى. والغالب -إن شاء اللَّه تعالى- أن حديث أبي أمامة شاهد لحديث أبي ذر، وأن عقبة بن عامر وهمٌ من عبد اللَّه بن صالح فإنه ضعيف، وأن الإرسال لا يضر الموصول، والمتقدمون غالبًا يرجحون المرسل وذكره على الموصول، وكم حديث خرجه الأئمة موصولًا خرجه أحمد في الزهد مرسلًا، بل ربما خرج في الزهد مرسلًا ما خرجه هو نفسه في المسند مسندا، وكذلك أحاديث عبد اللَّه بن المبارك أكثرها عنده في الزهد وفي البر مرسلة، وهي في المسند والأصول الأخرى مروية من طريقه موصولة، وذلك اختيارًا منهم لذكر المرسل، فلا يدل على ضعف الحديث ولا على كون المرسل أرجح (¬1)، فقول الشارح باطل على كل حال. 1140/ 2548 - "إِنَّمَا الأَعْمَالُ كَالْوِعَاءِ إِذَا طَابَ أَسْفَلهُ طَابَ أَعْلاهُ، وَإِذَا فَسَدَ أَسْفَلهُ فَسَدَ أَعْلاهُ". (هـ) عن معاوية قال في الكبير: فيه الوليد بن مسلم وسبق أنه ثقة، وعبد الرحمن بن يزيد أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعفه أحمد، وقال البخاري: منكر الحديث. قلت: عبد الرحمن بن يزيد المذكور في سند هذا الحديث هو ابن جابر أبو عتبة الأزدي وهو ثقة، وعبد الرحمن بن يزيد الذي ذكره الشارح هو ابن تميم الدمشقي، فأين هذا من ذاك؟! والوليد بن مسلم مع كونه ثقة لم ينفرد بالحديث، بل تابعه عبد اللَّه بن المبارك وصدقة بن خالد وغيرهما، فمتابعة [ابن] المبارك عنده في كتاب الزهد. ¬

_ (¬1) راجع بحث المؤلف في قاعدة الوصل والإرسال ص 536 من الجزء السادس.

ومن طريقه رواه أحمد في المسند [4/ 904]، والقضاعي في مسند الشهاب، ومتابعة صدقة أخرجها أبو نعيم في الحلية من طريق جعفر الفريابي: ثنا هشام بن عمار ثنا صدقة بن خالد ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به. فالتحقيق مشرق والشارح مغرب. 1141/ 2550 - "إِنَّمَا الأَمَلُ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّه لأمَّتي لَوْلا الأَمَلُ مَا أَرْضَعَتْ أُمٌّ وَلَدًا، وَلا غَرَسَ غَارِسٌ شَجَرًا". (خط) عن أنس قلت: أخرجه أيضًا الديلمي في مسند الفردوس كلاهما من طريق محمد بن إسماعيل الرازي وهو كذاب وضاع انفرد به، فيلام المصنف على إيراده هذا الحديث هنا. أما انتقاد الشارح على المصنف فساقط كما نبهنا عليه في كثير من أمثاله. 1142/ 2554 - "إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلاثَة: فِي الْفَرَس، وَالْمَرْأَةِ، وَالْدَّارِ". (خ. د. هـ) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: قال الذهبي: هو مع نكارته إسناده جيد ولم يخرجوه. قلت: هذا من عجائب الشارح في أوهامه، ولعله يريد بنقله هذا حديثًا لعائشة خرجه البيهقي، وأورده هو قبل ذكر مخرجي حديث الأصل، لكنه أخر الكلام عنه إلى ما بعد حديث الأصل فأتى بهذه الأعجوبة. 1143/ 2567 - "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، تَدْمَعُ الْعَينُ، وَيَخْشَعُ الْقَلْب وَلا نَقُوْلُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ، وَاللَّهِ يَا إِبْرَاهِيم إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ". ابن سعد عن محمود بن لبيد قال في الكبير: ورواه البخاري وأبو داود في الجنائز، ومسلم في الفضائل عن

أنس بلفظ: "إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون" اهـ. وقد سمعت غير مرة أن الحديث إذا كان في أحد الصحيحين ما يفيد معناه فالعدول عنه لغيره ممنوع عند المحدثين. قلت: وكذلك الغفلة المفرطة والبلادة المتناهية ممنوعة عندهم وصاحبها في عرفهم ساقط، فإن الذي يستدرك حديثا مصدرًا بـ "إن" في موضع أحاديث مصدرة بـ "إنما" في كتاب مرتب ترتيبًا دقيقًا على حروف المعجم ساقط عن درجة الاعتبار، وكذلك الذي يخلط موضوع كتب الأبواب والتراجم بكتب الحروف المعجمة. 1144/ 2581 - "إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبدُ، وَأَشْرَبُ كَمَا يَشْرَبُ الْعَبْدُ". (عد) عن أنس قلت: في الباب عن أبي هريرة عند الديلمي في مسند الفردوس (1/ 320) من الأصل المخطوط بدار الكتب المصرية. وعن ابن عمر عند أبي نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 273). وعن أبي جحيفة عند أبي نعيم في الحلية (7/ 256)، وسيأتي في حرف "لا" وهو أول حديث فيه. وعن عطاء بن أبي رباح مرسلًا في زهد أحمد (ص 5). وعن الحسن مرسلًا عنده أيضًا (ص 6). وانظر حرف الهمزة أول الكتاب فقد اطلنا في طرقه والحمد للَّه. 1145/ 2592 - "إِنَّمَا سَمَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى الأَبْرَارَ؛ لأَنَّهُمْ بَرُّوا الآبَاءَ وَالأمَّهَاتِ وَالأَبْنَاءَ، كَمَا أَنَّ لِوَالِدَيكَ عَلَيكَ حَقّا كَذَلِكَ لِوَلدِكَ". (طب) عن ابن عمر

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأعلى من الطبراني، وهو قصور فقد رواه البخاري في الأدب المفرد عن ابن عمر وترجم عليه باب بر الأب لولده، فالضرب عنه صفحًا والعدول عنه إلى الطبراني من سوء التصرف. قلت: هو كما يقول: قصور وسوء تصرف بل وجهل مفرط، ولكن من الشارح المسكين لا من المصنف الحافظ، فالبخاري ما خرجه في الأدب المفرد مرفوعًا، بل موقوفًا على ابن عمر من قوله، فلا يليق خلط الموقوف بالمرفوع إلا من فاقد التحقيق كالشارح، أما المصنف الحافظ المحقق فأعاذه اللَّه من ذلك، راجع (ص 17) من الأدب المفرد طبعة التازي بمصر. وقد أخرجه الدينوري في المجالسة عن محارب بن دينار من قوله دون ذكر ابن عمر أيضًا. وأخرجه مرفوعًا ايضًا ابن عساكر، كما أورده من عنده ابن كثير في التفسير (9/ 136). 1146/ 2594 - "إِنَّمَا سُمِّى الخضرُ خَضرًا؛ لأَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ, فَإِذَا هِي تَهْتَزُّ تَحْتَهُ خَضْرَاءَ". (حم. ق. ت) عن أبي هريرة (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: ما ذكره من أن الشيخين معًا خرجاه هو ما جرى عليه البعض فتبعه، لكن الصدر المناوي قال: لم يخرجه مسلم فليحرر. قلت: ما رأيته في صحيح مسلم، وقد عزاه الحافظ في الإصابة للصحيحين أيضًا، وذكر غيره أنه من أفراد البخاري، والواقع كذلك والعلم عند اللَّه تعالى.

وصلى اللَّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا والحمد للَّه رب العالمين، كمل الجزء الثاني من المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي، للفقير إلى اللَّه تعالى خادم الحديث أحمد بن محمد بن الصديق الحسني الغماري المنصوري التجكاني بعد عصر يوم الجمعة خامس عشر شعبان سنة ست وستين وثلاثمائة وألف ويليه الجزء الثالث والحمد للَّه رب العالمين أولًا وآخرًا.

رقم الإيداع بدار الكتب المصرية: 2891/ 96 الترقيم الدولي: 0 - 03 - 5235 - 977 بتاريخ: 3/ 2/ 1996 الطبعة الأولى

«من أَرَادَ صناعَة الحَدِيث فَعَلَيهِ بالمداوي» عبد اللَّه بن الصّديق المُداوي لعلل الْجَامِع الصَّغِير وشرحي الْمُنَاوِي [3]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

هَذِه هِيَ الطبعة الشَّرْعِيَّة الوحيدة لكتاب «المداوي» علمًا بِأَن الْحُقُوق مَمْلُوكَة بالكامل لدار الكتبي وَحدهَا وكل من يتجرأ على طبع الْكتاب سَوف يُتَابع قضائيًا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وسلم 1147/ 2595 - "إنَّما سُمِّى القلبُ من تقلُّبِه، إنَّما مثلُ القلبِ مثل الرِّيشةِ بالفلاةِ تَعلقتْ في أصلِ شجرةٍ يُقلِّبُها الرِّيحُ ظهرا لبطنٍ". (طب) عن أبي موسى قال في الكبير: قال العراقي: إسناده حسن، وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف وهو ذهول، فقد خرجه منهم بعضهم باللفظ المزبور. قلت: هذا كلام ساقط يشتمل على كذب وجهل وتدليس كما نشرحه من وجوه، الأول: قوله: خرجه بعضهم باللفظ المزبور كذب صراح، بل خرجه ابن ماجه في باب القدر [1/ 34, رقم 88] من رواية يزيد الرقاشي عن غنيم بن قيس عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا: "مثل القلب مثل الريشة تقلبهما الرياح بفلاة"، فأين هو اللفظ المزبور في الكتاب المصدر

بـ "إنما" الزائد فيه عدة جمل؟. الثاني: أن المصنف قد أورده بهذا اللفظ في حرف الميم، وعزاه لابن ماجه، فالشارح إما جاهل بذلك، وإما عنيد ملبس. الثالث: قوله: فقد خرجه منهم بعضهم تدليس قصد به التستر حتى لا يفتضح إن صرح باسم المخرج من الستة ووقع الرجوع إليه. الرابع: عدم تصريحه باسم المخرج له من الستة زيادة لا فائدة فيها إلا تسويد الورق، وإيقاع الناظر في حيرة إذ لا يعلم هل خرجه البخاري أو مسلم أو أحد الأربعة أهل السنن؟، فلم يكن في كلامه فائدة أصلا. الخامس: الحديث خرجه أحمد في مسنده مع هذا كان على الشارح ألا [يعزوه] لابن ماجه، قال أحمد [4/ 408, رقم 19683]: ثنا عفان ثنا [عبد الواحد بن زياد] ثنا عاصم الأحول عن أبي كبشة قال: سمعت أبا موسى يقول: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنما سمى القلب من تقلبه، إنما مثل القلب كمثل ريشة معلقة في أصل شجرة يقلبها الريح ظهرا لبطن" ورواه (¬1) والقضاعى في مسند الشهاب وسيأتى الكلام عليه. 1148/ 2595 - "إنما سُمِّى رمضانُ لأنَّه يَرمضُ الذنوبَ" محمد بن منصور السمعانى وأبو زكريا يحيى بن منده في أماليهما عن أنس قلت: هذا موضوع، ويأتى الكلام عليه في الذي بعده. 1149/ 2597 - "إنما سُمِّى شعبانُ لأنه يَتشعبُ فيه خيرٌ كثيرٌ للصائمِ فيه حتى يَدخلَ الجنةَ". الرافعى في تاريخه عن أنس ¬

_ (¬1) سقط من المخطوطة.

قلت: هذا حديث موضوع باطل لا أصل له عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كالذى قبله وهما حديث واحد، فرقهما المصنف بحسب مما وقع له في كتب المخرجين، قال أبو زكريا بن منده في أماليه: حدثنا سعد بن أبي سعيد الصوفى ثنا عمر بن أحمد بن محمد النيسابورى ثنا عبد الرحمن بن حمدان ثنا إسحاق بن أحمد بن مهران الرازى أبو يعقوب ثنا الحارث بن مسلم ثنا زياد بن ميمون أبو عمار صاحب الفاكهة عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تدرون لم سمى رمضان؟ لأنه ترمض فيه الذنوب، وإن في رمضان ثلاث ليال من فاتته فاته خير كثير: ليلة سبع وعشرين، وليلة إحدى وعشرين وآخر ليلة، فقال عمر: يا رسول اللَّه هي سوى ليلة القدر؟ قال: نعم، ومن لم يغفر له في شهر رمضان ففى أى شهر يغفر له؟ ". وقال أبو الشيخ: حدثنا على بن أبي على ثنا إسحاق بن أحمد الجزار الرازى ثنا الحارث بن مسلم به، ولفظه: "تدرون لم سمى شعبان؟ لأنه يتشعب فيه لرمضان خير كثير، وإنما سمى رمضان لأنه يرمض الذنوب، أى يذيبها من الحر". فهذا كله من افتراء زياد بن ميمون الوضاع الدجال، الذي اعترف أنه لم يلق أنسا ولم يسمع منه شيئًا وأن كل ما حدثه به عنه فهو كذب وافتراء عليه، فقد أساء المصنف بإيراد هذه الأخبار المكذوبة، واللَّه المستعان. 1150/ 2598 - "إنّما سُميتِ الجمعةُ لأن آدمَ جمعَ فيها خلقهُ". (خط) عن سلمان قال في الكبير: وفيه عبد اللَّه بن عمرو بن أبي أمية، قال الذهبى: فيه جهالة، وقرثع الضبى ذكره ابن حبان في الضعفاء. قلت: فيه تعقب على المصنف والشارح.

أما المصنف فإنه عزاه إلى الخطيب وأطلق والخطيب لم يوصله، بل ذكره معلقا فقال في ترجمة محمد بن عيسى بن أبي موسى العطار: روى عنه محمد بن عمر العطار: ثنا محمد بن عيسى، فذكره بسنده، ثم بعد هذا أسند عنه الخطيب حديثا بواسطتين. وأما الشارح ففى قوله: فيه عبد اللَّه بن عمرو بن أبي أمية، قال الذهبى: فيه جهالة فإن الذهبى لم يذكر الرجل في الضعفاء ولا قال ذلك عنه في الميزان. 1151/ 2599 - "إنَّما مثلُ المؤمنِ حينَ يُصيبه الوعكَ أو الحمى كمثلِ حديدةِ تدخل النَّار فيذهبُ خبثها ويبقى طيبها". (طب. ك) عن عبد الرحمن بن أزهر قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبى وقال في المهذب: مرسل جيد. قلت: نعم قال ذلك الذهبى وهو وهم منه وتناقض، فعبد الرحمن بن أزهر لا شك في صحبته ولا اختلاف، فكان الواجب على الشارح أن يتعقب الذهبى على هذا الوهم والتناقض، ولا يسكت عليه فيوقع الناظر في الحيرة. 1152/ 2601 - "إنَّما مثلُ الجليسِ الصالحِ، والجليسِ السوءِ كحاملِ المسكِ ونافخِ الكير: فحاملُ المسكِ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أن تبتاعَ منه وإما أنْ تجدَ منه ريحا طيبةً، ونافخُ الكيرِ إما أن يَحرقَ ثيَابَك، وإما أنْ تجدَ ريحا خبيثةً" (ق) عن أبي موسى قلت: ينتقد على المصنف عزو هذا الحديث إلى المتفق عليه بهذا اللفظ الداخل في حرف الهمزة على حسب اصطلاحه في هذا الكتاب، فإن البخارى لم يخرجه بلفظ: "إنما" في أوله، بل الذي خرجه كذلك مسلم وحده، وقد

أعاده المصنف بدونها في حرف "الميم"، وعزاه إلى البخارى وحده فكان الواجب عزوه لهما معا هناك أيضًا كما هو الواجب المتبع بين أهل الحديث، فلا هو تمسك باصطلاحه في كتابه، ولا اتبع طريقة أهل الحديث. 1153/ 2602 - "إنَّما مثلُ صوم التطوعِ مثلُ الرَّجلِ يخرجُ مِن مَالِهِ الصَّدقَةَ، فإن شاءَ أمضَاهَا، وإنْ شَاءَ حبَسَهَا". (ن. هـ) عن عائشة قال الشارح في معناه: يصح النفل بنية من النهار أى قبل الزوال والفطر عند الشافعى، ويثاب من طلوع الفجر، ثم قال عقب عزوه: فيه انقطاع ونقل ذلك في الكبير عن عبد الحق، وأنه قال: إنه من رواية طلحة بن يحيى عن مجاهد عن عائشة، ومجاهد لم يسمعه منها كما في علل الترمذى. قلت: فيه أمور، الأول: أن الحديث مشرق والمعنى الذي ذكره الشارح مغرب، بل معناه: أن الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء أتم صومه، وإن شاء أفطر ولم يتم صومه، كالمتصدق إن شاء أمضاها وإن شاء ردها، أو كون التطوع يصح بنية من النهار، فلا دلالة في الحديث عليه أصلا. الثانى: إنما دخل الوهم على الشارح في هذا المعنى من جهة كون الحديث له أصل وقصة تفيد ذلك الحكم، وعليه اقتصر مسلم وغيره في رواية الحديث، ولم يذكروا هذه الزيادة التي خرجها النسائي وابن ماجه، بل ذكرها مسلم مدرجة في الحديث من قول مجاهد فروى من طريق طلحة يحيى بن عبيد اللَّه: حدثتنى عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين رضي اللَّه عنها قالت: "قال لى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذات يوم يا عائشة هل عندكم شيء؟ قالت: فقلت يا رسول اللَّه ما عندنا شيء، قال: فإنى صائم، قالت: فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأهديت لنا هدية أو جاءنا زور، قالت: فلما رجع

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قلت: يا رسول اللَّه أهديت لنا هدية أو جاءنا زور، وقد خبأت لك شيئًا، قال: ما هو؟ قلت: حيس، قال: هاته، فجئت به فأكل، ثم قال: قد كنت أصبحت صائما"، قال طلحة: فحدثت مجاهدا بهذا الحديث فقال: ذاك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله، فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها هذا لفظ الحديث، فكأن الشارح رأى من تكلم عليه واستخرج منه حكم صيام النافلة وأنه يجوز بنية في النهار كما هو صريح أول الحديث، فنقله إلى آخره الذي ذكر مرفوعًا مجردا في الكتاب مع أنه لا ارتباط له بذلك أصلا. الثالث: ما ذكره من أن الحديث منقطع، وأن مجاهدا لم يسمع من عائشة غير صحيح، بل الصحيح أنه سمع من عائشة كما صرح بذلك في صحيح البخارى. الرابع: لو أعل الحديث بالوقف كما وقع في صحيح مسلم لكان له وجه أو بالاختلاف على طلحة بن يحيى، فإنه رواه مرة عن عمته عائشة بنت طلحة عن عائشة، وزاد في آخره الزيادة المذكورة عن مجاهد من قوله، ورواه مرة عن مجاهد عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرفوعًا. 1154/ 2604 - "إنَّما هَلَكَ مَنْ كَانَ قْبلَكُمْ بِاخِتلاِفهم في الكِتَابِ" (م) عن ابن عمرو بن العاص قال في الكبير: وقضية كلام المؤلف أن ذا مما تفرد به مسلم عن البخارى وهو ذهول بل خرجه عن النزال بن سبرة عن ابن مسعود ليس بينهما إلا اختلاف قليل، ومن ثم أطلق عزوه إليهما أئمة كالديلمى. قلت: هذا باطل من وجهين، أحدهما: أن لفظ البخارى لا يدخل في هذا الكتاب، أو على الأقل في هذا الحرف. قال البخارى: حدثنا سليمان بن حرب ثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن

النزال بن سبرة عن عبد اللَّه "أنه سمع رجلا يقرأ آية سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ خلافها فأخذت بيده فانطلقت به إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: كلاكما محسن فأقرأ أكبر علمى قال: فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم". [6/ 245، رقم 5062]: الثانى: لا يتصور من الأئمة عزوهم الحديث إلى المتفق عليه مع أن مسلما خرجه من حديث ابن عمرو [4/ 2053, 2/ 2666]، والبخارى من حديث ابن مسعود اللهم إلا أن يكون وقع ذلك في كلام بعض الفقهاء الذين يقصدون المعنى من حيث هو دون مراعاة الطرق واصطلاح أهل الحديث، وأولئك لا يعتبر قولهم في كتب التخريج فضلا عن هذا الكتاب المرتب على حروف المعجم، والشارح يتيقن ذلك، ولكنه يتغافل لحاجة في نفسه. 1155/ 2606 - "إنَّمَا هُما اثنَتَان، الكلام والهدى، فَأحْسن الكلام كَلامُ اللَّه، وَأحسن الهدى هَدى مُحمَّدٍ، ألا وَإِيَّاكُم وَمحَدثات الأمُورِ، فإنَّ شر الأمُورِ مُحدثَاتُها، وَكلّ مُحدثةٍ بدعة، وَكلُّ بدعة ضلالة، ألا لا يطُولنَّ عَليكُم الأمد فَتقسُو قُلُوبكُم، ألا إنَّ كُلَّ مَا هُو آتٍ قَرِيب، وَإنَّما البعيدُ مَا لَيسَ بِآتٍ، ألا إنَّما الشَّقيُّ مَن شقى في بطنِ أمهِ والسعيدُ من وُعِظ بغيره، ألا إن قِتالَ المؤمن كفر، وسبَابُه فسوقَ، ولا يحل لمسلمَ أن يهجرَ أخَاهُ فوقَ ثلاث، ألا وإياكم والكذب، فإن الكذبَ لا يصلح لا بالجدِّ ولا بالهزل، ولا يعد الرجل صبيه لا يفى له، وإن الكذبَ يهدى إلى الفجورِ، وإنَّ الفجورَ يَهدى إلى النَّارِ، وإنَّ الصدقَ يَهدِى إلى البرِ، وإن البرَ يَهدِى إلى الجنةِ، وإنه يقال للصادقِ: صدق وبر، ويُقَال للكاذبِ: كذب وفجر، ألا وإن العبدَ يكذب حتّى يُكْتَبَ عَنْد اللَّه كذابًا". (هـ) عن ابن مسعود

قلت: هذا الحديث ورد عن ابن مسعود مرفوعًا وموقوفًا، ومختصرًا كما هنا ومطولًا في نحو ورقة، وقد بسطت طرقه في مستخرجى على مسند الشهاب في عدة مواضع منها في الخامس والعشرين والثانى عشر بعد اللَّه الثمانمائة وغيرهما. 1156/ 2608 - "إنَّما يُبْعَثُ المقتَتِلُونَ عَلى النّياتِ" ابن عساكر عن عمر قال في الكبير: وفيه عمرو بن شمر، قال في الميزان عن الجوزجانى: كذاب وعن ابن حبان: رافضى يروى الموضوعات، وعن البخارى: منكر الحديث ثم ساق له مناكير هذا منها. ثم قال: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجب، فقد خرجه أبو يعلى والطبرانى باللفظ المزبور. قال الهيثمى [10/ 332]: وفيه جابر الجعفى، ضعيف. قلت: بل هذا من التهور الظاهر، والكذب المكشوف، فأبو يعلى والطبرانى خرجاه بلفظ: "إنما يبعث المسلمون" (¬1) وهو أعم من المقتتلين، فأين اللفظ المزبور؟!. ¬

_ (¬1) لم أجده في معاجم الطبرانى الثلاثة، وإنما هو في مسند أبي يعلى (11/ 121، رقم 6247) عن أبي هريرة بلفظ: "يبعث الناس على نياتهم". وذكره في المطالب العالية (2/ 143، رقم 1877) عن عمر بلفظ: "إنما يبعث المقتتلون يوم القيامة على النيات" وعزاه إلى أبي يعلى فقط. وقال في المجمع (10/ 232) بعد أن ذكر الحديث: رواه أبو يعلى في الكبير اهـ. ولأبى يعلى المسند الكبير، فعله ظن العبارة: رواه أبو يعلى والطبرانى في الكبير فنسبه إليهما، فاللَّه أعلم.

1157/ 2610 - "إنَّما يَدخل الجنَّةَ مَنْ يرجُوها، وإنَّما يُجنب النَّار مَنْ يَخافها، وإنَّما يرحمُ اللَّه من يَرحَم" (هب) عن ابن عمر قال في الكبير: قال العلائى: إسناده حسن على شرط مسلم، وأقول: هذا غير مقبول، ففيه سويد بن سعيد، فإن كان الهروى فقد قال الذهبى: قال أحمد: متروك، وقال البخارى: عمى فلقن فتلقن، وقال النسائى: غير ثقة. وإن كان الدقاق فمنكر الحديث كما في الضعفاء للذهبى. قلت: الشارح تسلط على الحديث وهو ليس من أهله ولا ضُرب له بسهم فيه ومن لا يفرق بين سويد بن سعيد الهروى الحدثانى، وبين سويد بن سعيد الطحان، كيف يتعقب على مثل الحافظ العلائى إن هذا لعجب، فسويد بن سعيد المذكور في سند الحديث هو الأول، وهو من رجال مسلم، فالحديث على شرطه كما قال العلائى. وسويد بن سعيد وإن كان مختلفا فيه إلا أن أكثر ما عيب به التدليس، وكونه عمى فصار يتلقن، وإنما أفحش القول فيه ابن معين للعصبية المذهبية، ومشاركته نعيم بن حماد في رواية الحديث الوارد في ذم الحنفية، وإلا فقد وثقه جماعة، وقال مسلمة: هو ثقة ثقة، وقال إبراهيم بن أبي طالب: قلت لمسلم كيف استجزت الرواية عن سويد في الصحيح؟ فقال: ومن أين كنت آتى بنسخة حفص بن ميسرة؟! اهـ. فمسلم روى عنه نسخة حفص بن ميسرة وهى معروفة مأمون أمرها؛ لأنها مكتوبة محفوظة، وهذا الحديث أيضًا منها، فإن سويدا رواه عن حفص بن

ميسرة عن زيد بن أسلم عن ابن عمر. قال أبو نعيم [3/ 225]: حدثنا حميد ثنا عبد اللَّه بن محمد بن ناجية ثنا سويد بن سعيد ثنا حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن ابن عمر به، ثم قال: غريب من حديث زيد مرفوعًا متصلا تفرد به حفص، ورواه ابن عجلان عن زيد مرسلا اهـ. وقال أبو الشيخ: ثنا قاسم بن زكريا ثنا سويد بن سعيد به. ورواه الديلمى في مسند الفردوس من طريق أبي الشيخ، فالقول ما قال العلائى. أما قول الشارح "وإن كان الدقاق فمنكر الحديث كما قال الذهبى في الضعفاء" فداهية أخرى تنبئك ببعد الشارح عن فن الحديث وفهم اصطلاح أهله، فسويد بن سعيد الدقاق لم يقل فيه الذهبى منكر الحديث، بل قال: لا يكاد يعرف، روى عن على بن عاصم خبرا منكرا قاله ابن الجوزي اهـ. وبون كبير بين قولهم روى خبرا منكرا، وقولهم منكر الحديث كما هو ظاهر حتى في قواعد اللغة العربية فضلا عن اصطلاح أهل الحديث. والرجل ذكره [ابن] حبان في الثقات، وقال عنه الحافظ: لين الحديث. وأين هذا من منكر الحديث؟! بل الشارح منكر الكلام في الحديث. 1158/ 2612 - "إنَّما يَرحمُ اللَّه مِن عِبادِه الرحماءُ" (طب) عن جرير قال في الكبير: وعزوه للطبرانى كالصريح في أنه لم يره في شيء من الكتب

الستة وهو غفول قبيح، فقد عزاه هو نفسه في الدرر للشيخين معًا من رواية أسامة بن زيد، وهو في كتاب الجنائز من البخارى ولفظه عن أسامة بن زيد: قال: "أرسلت بنت للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تقول إن ابنى قد احتضر فاشهدنا فأرسل يقرئ السلام ويقول إن للَّه ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب فأرسلت إليه تقسم [عليه] ليأتينها، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل، وأبيُّ بن كعب، وزيد بن ثابت ورجال، فرفع إليه الصبى فأقعده في حجره ونفسه تقعقع ففاضت عيناه فقال سعد: يا رسول اللَّه ما هذا؟ قال هذه رحمة جعلها اللَّه في قلوب عباده إنما يرحم اللَّه من عباده الرحماء". قلت: في هذا أمور: الأول: حيث عرف أن المصنف نفسه عزاه في الدرر إلى الشيخين فكان حقه أن يستحى ويعلم أنه غير جاهل بوجوده فيهما. الثانى (¬1): صنيع المصنف في الدرر صنيع أهل التخريج، والكلام على الحديث من حيث هو، وصنيعه في هذا الكتاب مقيد باصطلاح خاص وهو إيراد الأحاديث القولية المختصرة مرتبة على حروف المعجم في الأول والذي يليه بحسب لفظ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على ما عند كل راوٍ على حسب روايته، وحديث أسامة بن زيد كما ترى وقع في آخر حديث، وأوله "إن للَّه ما أخذ وله ما أعطى"، ولو اعتبرنا الجملة الأخيرة وحدها فأولها "هذه رحمة جعلها اللَّه في قلوب عباده" فحقه أن يذكر الحديث في حرف "الهاء" فكيف وهو لا يقتصر على أواخر الحديث بل يذكره بتمامه، ولذا خص هذا الكتاب ¬

_ (¬1) في الأصل: "الثالث".

بالمختصرات دون المتون المطولة فأفردها بكتابه "زوائد الجامع الصغير"، وحديث جرير هو حديث بتمامه غير مختصر. الثالث (¬1): ولو حكمنا على المصنف بإيراد آواخر الحديث في كتابه فحقه أن يذكلر في حرف "الواو" لأن الرواية "وإنما يرحم اللَّه من عباده الرحماء". الرابع: الحديث بزيادة الواو كما ذكرنا والشارح حذفها سهوًا أو عمدًا. الخامس: الحديث ذكره البخارى في عدة مواضع من صحيحه منها: في الجنائز [2/ 100، رقم 1284] وفي الطب [7/ 152، رقم 5655] وفي النذور [8/ 166، رقم 6655] وفي التوحيد [9/ 141, رقم 7377] في مواضع مكررة وقع في جميعها بزيادة الواو إلا في موضع واحد في التوحيد [9/ 164، رقم 7448] قال فيه: "فقال سعد بن عبادة، أتبكى فقال إنما يرحم اللَّه من عباده الرحماء"، فلو كان التعقب حقا لكان بما في هذا الموضع لا بما في الجنائز. 1159/ 2613 - "إنما يعرف الفضلَ لأهل الفضلِ أهلُ الفضل". (خط) عن أنس، ابن عساكر عن عائشة. قال الشارح: بإسناد ضعيف، وقال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أن الخطيب خرجه وسكت عليه وهو تلبيس فاحش، فإنه أورده في ترجمة جعفر الدقاق الحافظ من روايته عنه. فإن أبا زرعة ذكر عن الجرجانى أنه قال: ليس هو بمرضى في الحديث ولا في كتبه كان فاسقًا كذابًا هذه عبارته، فاقتصار ¬

_ (¬1) في الأصل: "الرابع"

المصنف على عزوه إليه وسكوته عما أعلَّه به غير صواب، ثم إن فيه أيضًا محمد بن زكريا الغلابى، قال الذهبى في الضعفاء: قال الدارقطنى: يضع الحديث، وقال ابن الجوزي: موضوع، فإن الغلابى يضع. قلت: الشارح رحمه اللَّه يخلق المعايب ويفتريها بجهله ثم ينسبها إلى المؤلف وهو منها برئ، وانظر كيف عبر عنه هنا بأنه لبَّس تلبيسًا فاحشا مع ما كان عليه الحافظ رحمه اللَّه من خدمة الشريعة المحمدية والسنة النبوية والنصح للَّه ولرسوله ولدينهما والذب عن كل ما يحوم حوله مما له أدنى تعلق بالدين مع الإخلاص والصدق والمبالغة وبذل المجهود في الإيضاح والتبيين، بحيث قضى عمره رضي اللَّه عنه كله في الذب والانتصار والجهاد للمبتدعة والجهلة وفسقة العلماء المتلاعبين بالشريعة، ولذلك ابتلاه اللَّه تعالى بكثرة الحسدة والأعداء في حياته وحتى بعد مماته. فهنا نسب المؤلف إلى التلبيس وهو الملبس على الحقيقة، فإن المؤلف رمز للحديث بعلامة الضعيف على ما اصطلح عليه في كتابه، وجعل ذلك بدل النص والتصريح اختصارا كما فعل في أسماء المخرجين، والضعيف يشمل المنكر والواهى وما هو أقوى منهما وسائر أنواع الضعيف، وبذلك أدَّى ما وجب عليه خدمة للدين والشريعة، بل جميع محدثى الدنيا ومؤلفيها ما التزم أحد منهم أن ينص عقب كل حديث على رتبته كما التزمه هو في هذا الكتاب مع أن الحفاظ المتقدمين والفقهاء والصوفية والمتكلمين والمفسرين لكلام اللَّه تعالى يكثرون من إيراد الأحاديث الباطلة الموضوعة من غير بيان بل ولا عزو ولا تخريج (¬1) فهم أولى أن يحكم عليهم الشارح الملبس بالتلبيس الفاحش ومعاذ اللَّه أن يقصد أحد منهم التلبيس في دين اللَّه والتلاعب بشريعته ¬

_ (¬1) ظاهر جدًا أن مقصود المصنف محمول على الأغلب، وإلا فهناك من المحدثين قد صنف ونص على درجة كل حديث، وما في جامع الترمذى لشاهد على ذلك.

نعم الملبس على الحقيقة بدون شك ولا ريب هو الشارح في كتابه كنوز الحقائق، فإنه يزعم معرفة الحديث والاطلاع على كتب المحققين من أهله، ككتب الحافظ العراقى، وتلميذه الحافظ، وتلميذه السخاوى، والمؤلف والحافظ نور الدين الهيثمى، وإلى كتب هؤلاء المرجع في معرفة غالب الأحاديث ومع ذلك، فقد لبس على الناس في ذلك الكتاب وسخفه بالموضوعات الباطلة المنكرة مع علمه بأكثرها، بل الغالب أنه نقلها من كتب الموضوعات وجعلها كتاب حديث، فهو المدلس الملبس الخداع لأهل العلم والدين، لا المؤلف الإمام الحافظ ناصر الشريعة والذاب عن الدين. وبعد فلنبين ما وقع له من التلبيس والأخطاء في هذه الجملة وذلك من وجوه: الأول: أن المصنف غير ملزم بالتبيين كسائر أهل الحديث والمؤلفين الذين منهم الشارح. الثانى: أنه قد تبرع وبين بالرمز له بعلامة الضعيف. الثالث: أنه ليس من صنيعه في كتابه نقل كلام الناس على الحديث، لأن ذلك وظيفة الشروح والتخاريج لا المصنفات. الرابع: أن الخطيب لم يتعقب الحديث ولم يتكلم عليه بحرف واحد ولا ذلك من وظيفته، بل ذكر الحديث ثم ذكر ما قيل في راويه لا باعتبار الكلام على الحديث، بل باعتبار ما قيل في الرجل لأنه بصدد الترجمة.

قال الخطيب [7/ 223، رقم 224]: جعفر بن على بن سهل أبو محمد الدقاق الدورى الحافظ، حدث عن أبي إسماعيل الترمذى وعن محمد ابن زكريا الغلابى وإبراهيم بن إسحاق الحربى ونحوهم في الطبقة، روى عنه عبد اللَّه بن إبراهيم بن ماسى وأبو أحمد الغطريفى الجرجانى، وعلى بن عمرو الحريرى وأبو الحسن الدارقطنى. أخبرنا على بن طلحة بن محمد المقرئ حدثنا عبد اللَّه بن إبراهيم بن أيوب ثنا جعفر بن على الحافظ ثنا محمد بن زكريا الغلابى بالبصرة ثنا عبيد اللَّه بن عائشة أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: "دخل أبو بكر الصديق رضي اللَّه عنه على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فجلس عنده ثم استأذن على بن أبي طالب، فدخل فلما رآه أبو بكر تزحزح له وتزعزع فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لم فعلت هذا يا أبا بكر؟ فقال إكراما له وإعظاما يا رسول اللَّه، فقال: إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل". حدثنى على بن محمد بن نصر قال: سمعت حمزة بن يوسف يقول سمعت أبا زرعة محمد بن يوسف الجرجانى يقول: جعفر الدقاق الحافظ ليس بمرضى في الحديث ولا في دينه كان فاسقا كذابا، قرأت في كتاب أبي القاسم بن الثلَّاج بخطه: توفى أبو محمد جعفر بن على بن سهل الدقاق الحافظ الدورى في سنة ثلاثين وثلاثمائة اهـ. فلم يتكلم على الحديث بحرف، وما ذكره الشارح جهل منه على المصنف، وكذب على الخطيب. الخامس: يدلك على صدق ما نقول -إن لم تكن من أهل معرفة هذا الشأن

أن الخطيب خرج هذا الحديث في موضع آخر من تاريخه، فلم يتكلم بحرف واحد أيضًا لا عليه ولا على راويه فقال [3/ 105] في ترجمة محمد بن على الأنبارى ما نصه: محمد بن على بن أحمد بن إسماعيل بن جعفر أبو طاهر الواعظ يعرف بابن الأنبارى كان يسكن بدرب الموالى، وحدث عن محمد بن عبد اللَّه بن محمد الموصلى، والحسن بن العباس بن الفضل الشيرازى وغيرهما، كتبت عنه حديثا واحدا: أخبرنا أبو طاهر محمد بن على الأنبارى، فذكر الحديث بالقصة كما سبق، ثم قال عقبه: سألت ابن الأنبارى عن مولده فقال في سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، وقد سمعت من الدارقطنى وابن شاهين، لكن ذهبت كتبى. ومات يوم الأربعاء العاشر من شعبان سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. السادس: لو كان الخطيب يتكلم على الأحاديث، ويبين عللها، لعلله بمحمد ابن زكريا الغلابى، لأنه آفته كما سأذكره، فكيف وهو لا يتعرض للأحاديث أصلًا إلا نادرًا جدا لغرض يدعوه إلى ذلك؟ السابع: لو كان المصنف يتكلم على أحاديث الكتاب وينقل كلام الناس فيها لما أجار له علمه وتحقيقه أن ينقل عليه كلام الخطيب في الدقاق، فإنه لا دخل له في الحديث أصلا، بل الحديث معروف بزكريا الغلابى، وبه أعله الحفاظ. أما جعفر الدقاق فقد توبع عليه فرواه ابن الأعرابى في معجمه: ثنا محمد بن زكريا الغلابى ثنا العباس بن بكار الضبى أبو الوليد ثنا عبد اللَّه [بن] المثنى الأنصارى عن عمه ثمامة بن عبد اللَّه بن أنس عن أنس به.

ورواه القضاعى في مسند الشهاب [2/ 191، رقم 1164] عن عبد الرحمن بن عمر النحاس عن ابن الأعرابى. ورواه الخطيب [3/ 105] عن أبي طاهر محمد بن على الأنبارى أنبأنا القاضى أبو الحسن محمد بن عبد اللَّه بن محمد بن أحمد بن حماد الموصلى ثنا الحسن بن هشام بن عمرو ثنا محمد بن زكريا الغلابى به. فبرئ جعفر ابن على الدقاق من عهدته. والحديث آفته الغلابى، فإنه وضاع لاسيما وقد اضطرب فيه، فمرة قال عن العباس بن بكار الضبى عن عبد اللَّه بن المثنى عن عمه عن أنس، ومرة قال: عن عبيد اللَّه بن عائشة عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس به، كما سبق في رواية جعفر الدقاق عنه. وتابعه أحمد بن نصر الذارع فرواه عن صدقة بن موسى عن العباس بن بكار الضبى بسنده السابق، والذارع وضاع أيضًا، فكأنه سرقه من الغلابى. أخرج متابعته الخطيب [3/ 105] في ترجمة محمد بن على الأنبارى، ولو سلم من الذارع والغلابى، فالعباس بن بكار الضبى وضاع أيضًا، فيمكن أن يكون هو السابق إلى وضعه، وسرقه منه الباقون. وقد ورد من وجه آخر عن أبي سعيد قال الديلمى [5/ 398، رقم 8280]: أخبرنا محمد بن أبي القاسم بن على بن خيثمة ثنا عبد اللَّه بن شبيب ثنا المظفر ابن الحسين بن على السمسار ثنا على بن محمد بن عامر النهاوندى ثنا محمد ابن رزيق ثنا حسين بن الفضل ثنا مأمون بن سعيد بن يوسف ثنا سليمان عن سليم عن أبي سعيد مرفوعًا: "يا أبا بكر إنما يعرف الفضل لذوى الفضل

أهل الفضل"، وهذا السند يجب الكشف عنه، وأرى فيه انقطاعا. الثامن: أن الشارح نقل في الكبير حكم ابن الجوزي بوضعه وأنه من رواية محمد بن زكريا الغلابى الوضاع، ثم اقتصر في صغيره على قوله: بإسناد ضعيف، فكان ذلك غاية التلبيس ونهاية الغش والتدليس. أما المصنف فإنه مجتهد لم يظهر له في اجتهاده أنه موضوع بدليل تعقبه على ابن الجوزي الحكم بوضعه، فلذلك أورده هنا ورمز لضعفه، وإن كان الحق عندنا أنه موضوع، والمجتهد مأجور ولو أخطأ، ولا لوم عليه في خطئه مع الاجتهاد. 1160/ 2616 - "إنَّمَا يَكْفِى أَحَدَكُمْ ما كان في الدُّنْيا مِثْلُ زَادِ الرَّاكِبِ" (هب) عن خباب قلت: حديث خباب أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [1/ 360]، وورد عن حديث سلمان وبريدة وعائشة، نذكرها إن شاء اللَّه تعالى في حرف "اللام" عند حديث "ليكف الرجل منكم"، وقد أطلت الكلام على طرقه في مستخرجى على مسند الشهاب. 1161/ 2617 - "إنَّمَا يكْفِيكَ مِنْ جَمْعِ المَال خَادِمٌ وَمرْكَبٌ في سَبِيلِ اللَّه" (ت. ن. هـ) عن أبي هاشم بن عتبة قلت: أخرجه أيضًا أحمد في مسنده [5/ 290، 3/ 443، 444]

والبغوى وابن السكن وأبو عمر ابن عبد البر في الاستيعاب [12/ 166] وفي كتاب العلم أوائل الجزء الثانى من وجهين عنه. ورواه أحمد أيضًا والنسائى وابن عبد البر في العلم، والضياء المقدسى في المختارة من حديث بريدة، وسيأتى للمصنف في حرف "اللام". 1162/ 2620 - "إِنَّمَا يَنصُرُ اللَّه هذه الأُمَّةَ بِضَعِيفِهَاِ بدَعْوَتِهِمْ وَصَلاتِهِمْ وإخلاصِهِمْ" (ن) عن سعد قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [5/ 26] قال: حدثنا حبيب بن الحسن ثنا عمر بن حفص السدوسى ثنا عاصم بن على ثنا محمد بن طلحة عن طلحة بن مصرف عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال: "رأى سعد أن له فضلًا عن من دونه فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنما ينصر اللَّه هذه الأمة بضعفائها بدعواتهم وإخلاصهم". قال أبو نعيم: رواه يحيى عن أبي زائدة عن محمد بن طلحة مثله، ورواه عن طلحة ليث بن أبي سليم وزهير ومسعر والحسن بن عمارة ومعاوية بن سلمة. قلت: ورواه عن مصعب بن سعد عمرو بن مرة أيضًا فقال: عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ينصر المسلمون بدعاء المستضعفين". أخرجه أبو نعيم أيضًا [5/ 100] من طريق عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالانى عن عمرو بن مرة به.

1163/ 2621 - "إنَّهُ لَيُغان عَلَى قَلْبِى، وإنِّى لأسْتَغْفِرُ اللَّه في اليَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ". (حم. م. د. ن) عن الأغر المزنى. قلت: ورد من حديث أبي موسى بسند ظاهر الصحة لكنه معلول كما قال الحاكم في علوم الحديث [ص 114، 115]: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغانى ثنا ابن أبي مريم ثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير عن موسى بن عقبة عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنى لأستغفر اللَّه وأتوب إليه في اليوم مائة مرة". قال الحاكم: وهذا إسناد لا ينظر فيه حديثى إلا علم أنه من شرط الصحيح، والمدنيون إذا رووا عن الكوفيين زلقوا، حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ ثنا يحيى بن محمد بن يحيى ثنا أبو الربيع ثنا حماد بن زيد عن ثابت البنانى قال: سمعت أبا بردة يحدث عن الأغر المزنى وكانت له صحبة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنه ليغان على قلبى فأستغفر اللَّه في اليوم مائة مرة". قال الحاكم: رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح [4/ 2075، رقم 2702/ 41] عن أبي الربيع، وهو الصحيح المحفوظ. ورواه الكوفيون أيضًا: مسعر وشعبة وغيرهما عن عمرو بن مرة عن أبي بردة كذلك. قلت: ورواه جماعة عن أبي بردة عن الأغر أيضًا منهم ثابت البنانى وغيره (¬1) ¬

_ (¬1) منهم أحمد في مسنده (4/ 211)، والبيهقى في السنن الكبرى (7/ 52).

1164/ 2623 - "إنِّى أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ" (حم. م) عن ابن مسعود. قال في الكبير: ظاهره أن هذا مما تفرد به مسلم عن البخارى، والأمر بخلافه، فقد رواه البخارى في الطب إلخ. قلت: هذه سخافة لم يمل منها الشارح ويكفى في إبطال كلامه صيغة المتن الذي ذكره الذي أوله "أجل". 1165/ 2625 - "إِنِّى فِيمَا لَمْ يُوحَ إِلَيَّ كَأَحَدِكُمْ". (طب) وابن شاهين في السنة عن معاذ. قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه أبو العطوف، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات وفي بعضهم خلاف. قلت: في هذا عدة أخطاء الأول: قوله في الصغير عن الحديث: إنه حسن، باطل لا أصل له ولا مستند إلا التهور والتلاعب بنصوص الشرع، بل الحديث باطل موضوع كما ستعرفه. الثانى: أنه أخذ ذلك من كلام الحافظ الهيثمى اتكالا على قوله: "وبقية رجاله ثقات" مع إلغاء قوله: "فيه أبو العطوف لم أعرفه" والبلاء منه، مع أن الشارح نفسه دائما يجعل قول النور الهيثمى "لا أعرفه" حكمًا على الرجل بالجهالة، وكيف يكون حسنا ما في سنده مجهول؟! الثالث: أن الشارح نفسه حكم على هذا الحديث بالضعف، بل

_ (1) الزيادة من المجمع (1/ 178).

نسى ذلك لكونه بعيدًا من دراية الفن، فحكم بحسنه هنا وذلك أن هذا الحديث له قصة وهو مشتمل على جملتين مرفوعتين تقدم إحداهما؛ ولفظ الحديث عن معاذ "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما أراد أن يسرح معاذًا إلى اليمن فاستشار ناسا من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة بن الزبير وأسيد بن حضير، فاستشارهم فقال أبو بكر: لولا أنك استشرتنا ما تكلمنا، فقال: إنى فيما لم يوح إلى كأحدكم، قال فتكلم القوم فتكلم كل إنسان برأيه فقال: ما تريد يا معاذ؟ فقلت: أرى ما قال أبو بكر، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن اللَّه يكره فوق سمائه أن يخطئ أبو بكر". هكذا أخرجه الطبرانى في الكبير [20/ 67، رقم 124]: حدثنا الحسن بن العباس الرازى وغيره قالوا: حدثنا سهل بن عثمان ثنا أبو يحيى الحمانى عن أبي العطوف عن الوضين بن عطاء عن عبادة بن نسى عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ به. قال الحافظ الهيثمى بعد أن أورده في كتاب العلم: فيه أبو العطوف، لم أر من ترجمه [يروى] عن الوضين بن عطاء، وبقية رجاله موثقون اهـ. وهو غريب من الحافظ المذكور، فإن أبا العطوف مترجم في الميزان، ذكره الذهبى في الكنى وقال: هو الجواح بن منهال قد ذُكر، وذُكر في الجراح ما سنذكر منه، وكذلك صرح باسمه ابن شاهين في كتاب "السنة" فقال: حدثنا إبراهيم بن حماد بن إسحاق القاضى ثنا عبد الكريم بن الهيثم ثنا مصرف بن عمرو ثنا أبو يحيى الحمانى عن أبي العطوف جراح بن منهال عن الوضين بن عطاء به. ولما ذكر المصنف فيما سبق الجملة الأخيرة من هذا الحديث وهى قوله: "إن اللَّه يكره فوق سمائه أن يخطئ أبو بكر"، وعزاه للطبرانى وابن شاهين في

السنة أيضًا كما فعل هنا، كتب عليه الشارح في الكبير ما نصه: وأورده ابن الجوزي في الموضوع وقال: تفرد به أبو الحارث نصر بن حماد عن بكر بن خنيس، وقال يحيى: نصر كذاب ومحمد بن سعيد هو المصلوب كذاب يضع إلى هنا كلامه، ونازعه المؤلف على عادته فلم يأت بطائل اهـ. يعنى أن الحديث موضوع كما قال ابن الجوزى وتعقب المصنف عليه غير مفيد وهنا يقول: إن الحديث حسن، أما هناك فقد وفيناه حقه على تلك الجهالة، وبينا أن المصنف أتى بكل طائل وبما لا يستطيع ملء الأرض من الشارح أن يأتوا بمثله وهو كل ما في الإمكان. الرابع: أنه أقر الهيثمى على أن أبا العطوف لا يعرف له ترجمة مع أن أبا العطوف مترجم في الميزان وهو عمدة الشارح، وقد قال الذهبى في ترجمته: قال ابن المدينى: لا يكتب حديثه، وقال البخارى ومسلم: منكر الحديث، وقال النسائى والدارقطنى: متروك، وقال ابن حبان: كان يكذب في الحديث ويشرب الخمر، مات سنة 168، وزاد الحافظ في اللسان: قال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وقال أبو حاتم والدولابى: متروك الحديث ذاهب لا يكتب حديثه، وقال ابن سعد: كان ضعيفا في الحديث، وذكره البرقى في باب "من اتُهم بالكذب"، وقال النسائي في "التمييز": ليس بثقة ولا يكتب حديثه، وقال ابن الجارود: ليس بشيء، وذكره الساجى والعقيلى والجوزجانى في الضعفاء اهـ. وحكم ابن الجوزى على حديثه أنه موضوع، أعنى حديثا غير هذا حكم بوضعه وأعله به، فكيف يكون حديث هذا حسنا لاسيما وآثار النكارة ظاهرة على متنه والغرابة بادية عليه، وكون لفظه ورد من حديث سهل بن سعد بسند رجاله ثقات كما يقوله الهيثمى، لا يفيد هذا قوة، على أن قول الحافظ

الهيثمى في مثل ما يرويه الضعفاء والكذابون لا تقوم به حجة، لكونه لا ينظر في العلل، بل يقتصر على الحكم لمجرد ظاهر الإسناد وذلك لا يفيد، فكم حديث قال عنه: رجاله ثقات، واتضح أنه معلول موضوع لا أصل له من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. 1166/ 2626 - "إِنِّي لَمْ ابْعَثُ لَعَّانًا" (طب) عن كريز بن أسامة قال الشارح: وفيه مجهول. وقال في الكبير: قال الهيثمى: وفيه من لم أعرفهم. قلت: فما قاله في الصغير يناقض ما نقله في الكبير الذي هو عمدته فيما قال من وجهين: أحدهما: أن الهيثمى قال: من لم أعرفهم بميم الجمع، والواقع كذلك، فإن فيه ثلاثة لا يعرفون. فقد أخرجه ابن أبي عاصم قال: حدثنا عمر بن راشد أبو حفص ثنا يحيى بن راشد عن الرحَّال ابن المنذر قال: حدثنى أبي عن أبيه عن كريز قال: "قيل للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- العن بنى عامر، قال: إنى لم أبعث لعانا". ومن هذا الوجه أخرجه الطبرانى وأبو نعيم في الصحابة، إلا أنه وقع عندهما كريز بتصغير كما في المتن، وزاد أبو نعيم بعد قوله: "لم أبعث لعانا"، "اللهم اهد بنى عامر". والرحال بمهملتين، لا يعرف حاله ولا حال أبيه ولا جده كما قال الحافظ

أيضًا، فهؤلاء هم الذين عنى الحافظ الهيثمى بقوله: لم أعرفهم، فمن أين اقتصر الشارح على قوله "فيه مجهول"؟ ثانيهما: قدمنا مرارا أن ما يقول فيه المتاخرون: لا أعرفه، يجب أن ينقل قوله كذلك، ولا يتصرف فيه بأنه مشغول، لأن كثيرا ممن يقول فيه أمثال الهيثمى: "لا أعرفه" قد يكون معروفا مترجما لغيره، والمجهول عند أهل الحديث خلاف هذا كما هو معروف. 1167/ 2628 - "إِنِّى لأَمْزَحُ وَلا أَقُولُ إلا حَقّا" (طب) عن ابن عمر، (خط) عن أنس قال في الكبير: قال الهيثمى: إسناد الطبرانى حسن اهـ. وإنما لم يصح لأن فيه الحسن بن محمد بن عنبر، ضعفه ابن قانع وغيره، وقال ابن عدى: حدث بأحاديث أنكرتها عليه منها هذا. قلت: الحسن المذكور لا يوجد في هذا الحديث، لا في سند حديث ابن عمر ولا في سند حديث أنس. أما حديث ابن عمر فقال الطبرانى: حدثنا محمد بن أبي النعمان الأنطاكى ثنا الهيثم بن جميل ثنا مبارك بن فضالة عن بكر بن عبد اللَّه المزنى عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وذكره (¬1). قال الطبرانى: لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد. وأما حديث أنس فقال الخطيب [3/ 378]: أخبرنى الأزهرى ثنا محمد بن ¬

_ (¬1) هذا الإسناد لم أره إلا في الصغير (2/ 59، رقم 179)، والأوسط (1/ 298، رقم 995) حدثنا أحمد، ثنا الهيثم به، و (9/ 217، رقم 732) حدثنا محمد ابن العباس، ثنا محمد بن مسعود العجمى ثنا الهيثم به، ورواه الطبرانى في الكبير (12/ 391، رقم 13443) بإسناد آخر عن ابن عمر، واللَّه أعلم.

المظفر ثنا محمد بن محمد الباغندى حدثنى محمد بن يزيد بن سعيد النهروانى ثنا أحمد بن عبد الصمد الأنصارى ثنا وكيع بن الجراح ثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. والذي أوقع الشارح في هذا هو أنه رتب أحاديث الميزان على حروف المعجم فرأى في ترجمة الحسن المذكور هذا الحديث، فحكم عليه بأنه في هذا الإسناد أيضًا، فقد قال الذهبى في الميزان: قال ابن عدى: حدث بأحاديث أنكرتها عليه، ثم قال: حدثنا الحسن ثنا محمد بن بكار ثنا جعفر بن سليمان عن كثير بن شنظير عن أنس بن سيرين عن أنس به. زاد الحافظ في اللسان: قال ابن عدى: وهذا باطل بهذا الإسناد، وإنما يرويه محمد بن بكار عن أبي معشر عن سعيد عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، فإن لم يكن ابن عنبر تعمد، فلعله دخل له حديث في حديث اهـ. وهذا من ابن عدى غير مقبول فقد ورد حديث أنس من وجه آخر كما سبق، وحديث أبي هريرة الذي يشير إليه خرجه أحمد [2/ 340، 360]، والبخارى في الأدب المفرد [ص 102، رقم 265]، والترمذى في الجامع [4/ 357، رقم 1990] والشمائل [ص 195، رقم 238] من طرق عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة قال: "قالوا: يا رسول اللَّه إنك تداعبنا، قال إنى لا أقول إلا حقا" وهو المذكور في المتن بعد هذا. [ثم إن] الشارح تكلم على سبب عدم ارتقاء حديث ابن عمر من الحسن إلى الصحة، وبين أن ذلك لوجود الحسن بن عنبر فيه مع [أن] الحسن إنما وقع في حديث أنس من رواية ابن عدى خاصة دون رواية الخطيب المذكورة في

في المتن، فكيف انتقل الحكم به من حديث أنس إلى حديث ابن عمر؟. ثم إن من يُذكر بالضعف والوصف الذي حكاه الشارح كيف يكون حديثه حسنا؟ فما الشارح إلا مخلط متهور. 1168/ 2632 - "إِنِّى لأَرْجُو أَنْ لا تَعْجزَ أُمَّتِى عِنْدَ رَبِّهَا أَنْ يُؤَخِّرَهُمْ نِصْفَ يَوْمٍ" (حم. د) عن سعد قال الشارح: أى أغنياؤها عن الصبر على الوقوف للحساب عند ربها أن يؤخرهم في الدنيا نصف يوم من أيام الآخرة. قلت: انظر كلام الشارح أولا وأخيرا وتعجب من غفلته المتناهية، فبينما هو يخصص العام ويحمل الأمة على الأغنياء فقط، وأن المراد صبرهم للحساب في الآخرة، إذ يقول: "أن يؤخرهم في الدنيا نصف يوم"، فهذا أشبه شيء بكلام المجانين وإلى اللَّه ترجع الأمور. 1169/ 2633 - "إِنِّى نهِيتُ عَنْ قَتْلِ المُصَلِّينَ" (د) عن أبي هريرة قال في الكبير: أورده ابن الجوزى في الواهيات وقال: لم يثبت، وقال الزين العراقي: ضعيف، وعده في الميزان من المناكير. قلت: الذهبى لم يعده من المناكير، بل تعقب من قال ذلك ورده بقوله: "قلت: قد رَوى عن أبي يسار إمامان، الأوزاعى والليث، فهذا شيخ ليس بضعيف، وهذا الحديث في سنن أبي داود من طريق مفضل بن يونس عن الأوزاعى عنه، والمفضل هذا كوفى مات شابا، ما علمت به بأسا، تفرد بهذا وقد وثقه أبو حاتم" اهـ. وله شاهد من حديث أنس، قال ابن عدى:

ثنا عبد اللَّه بن العباس الطيالسى ثنا عمر بن محمد بن الحسن الأسدى ثنا أبي ثنا عامر بن عبد اللَّه بن يساف عن سعيد عن قتادة عن أنس قال: "ذُكر عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل فقيل: يا رسول اللَّه ذاك كهف المنافقين، فلما رآهم اكثروا فيه رخص لهم في قتله ثم قال: هل يصلى؟ قالوا: نعم، صلاة لا خير فيها، قال: إنى نهيت عن قتل المصلين". 1170/ 2635 - "إِنِّى لا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ" (طب) عن كعب بن مالك قال الشارح في الكبير: رواه (طب) عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب عن كعب بن مالك قال: "جاء ملاعب الأسنة إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بهدية، فعرض عليه الإسلام فأبى" فذكره. قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح وفيه قصة، وقال ابن حجر: رجاله ثقات إلا أنه مرسل، وقد وصله بعضهم عن الزهرى ولا يصح. قلت: في هذا إجمال وبيانه أن الحديث رواه عن الزهرى جماعة فقالوا: عنه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، ورجال من أهل العلم أن "عامر بن مالك الذي يدعى ملاعب الأسنة قدم وهو مشرك" الحديث ورواه بعضهم عن الزهرى فقال: عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه في رجال من أهل العلم حدثوه "أن عامرا" الحديث، بزيادة أبيه كعب بن مالك، والمحفوظ ما رواه الأكثرون عن الزهرى مرسلا دون ذكر أبيه. 1171/ 2644 - "إِنِّى لا أَخِيسُ بِالعَهْدِ وَلا أَحْبسُ البَردَ" (حم. د. ن. حب. ك) عن أبي رافع

قال الشارح: "إنى لا أخيس" بفتح الخاء (¬1) المعجمة وسكون المثناة التحتية بـ "العهد". "ولا أحبس البرد" قال الشارح بضم فسكون، جمع بريد. قلت: ما ضبط بـ "أخيس" و"البرد" باطل معروف بالبداهة. 1172/ 2648 - "إنِّى أَشْهدُ عددَ تُرابِ الدُّنيا أن مُسَيْلَمَةَ كَذَّابٌ" (طب) عن وبر الحنفي قال الشارح في ضبط أشهد: بضم الهمزة وكسر الهاء. قلت: هذا باطل، بل بفتح الهمزة والهاء كما هو ظاهر. 1173/ 2651 - "إنى أُحَرِّجُ عليكم حقَّ الضَّعيفَين: اليتيمُ والمرأةُ" (ك. هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبى، لكن فيه أبو صالح كاتب الليث ضعيف ومحمد بن عجلان أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ذكره البخارى في الضعفاء، وقال الحاكم: سئ الحفظ، وسعيد ابن أبي سعيد المقبرى، قال الذهبى: لا يحل الاحتجاج به. وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة، والأمر بخلافه، فقد رواه النسائى عن خويلد بن عمرو الخزاعى مرفوعًا بلفظ "اللَّهم إنى أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة"، قال في الرياض: وإسناده حسن جيد، فلو عزاه المؤلف إليه كان أولى. قلت: بل لو سكت الشارح كان أولى بل أوجب: [أولا]: لأن هذا موضع "إني" لا موضع "اللهم"، بل موضع الأحاديث ¬

_ (¬1) الذي في النسخة المطبوعة من فيض القدير: "إنى لا أخيس" بكسر الخاء المعجمة وسكون المثناة التحتية. انظر 3/ 18 رقم 2644

المصدرة بها قد مضى، ولو جاز للمصنف ذلك هنا لعزاه لأحمد الذي رواه من حديث أبي هريرة نفسه مصدرا بـ "اللهم" أيضًا، فكيف بحديث غيره؟. الثانى: أن النسائى لم يخرجه في الصغرى التي هي أحد الكتب الستة، والنووى واهم في إطلاق ذلك. الثالث: أن الحديث ليس في سنده عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث، قال الحاكم [1/ 63، رقم 211/ 211]: أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد بن يعقوب الحافظ ثنا يحيى بن محمد بن يحيى ثنا مسدد (ح) وثنا على بن حمشاد أنبأنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: حدثنى أبي قالا يعنى هو ومسدد: ثنا يحيى بن سعيد ثنا ابن عجلان عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة به. وهكذا هو في مسند أحمد (2/ 934). الرابع: ابن عجلان صدوق من رجال مسلم، قال عنه الذهبى في الميزان: إمام صدوق مشهور، وثقه أحمد وابن معين وابن عيينة وأبو حاتم، وروى عنه مالك وشعبة ويحيى القطان، وكفى بهذا توثيقا له وفخرا. الخامس: ما نقله عن الذهبى من أنه قال في سعيد بن أبي سعيد المقبرى: لا يحل الاحتجاج به، كذب صراح على الذهبى، ولقد أعاذ اللَّه الذهبى من ذلك، وأشهد باللَّه أن الذهبى لو سلب اللَّه عقله وجن ما نطق بذلك، ولكن الشارح لا يحل قبول قوله ولا الاعتماد على نقله، فسعيد المقبرى ثقة من رجال البخارى ومسلم، وإنما ذكره الذهبى في الميزان لكونه هرم آخر عمره ومع ذلك فقد رمز له بعلامة الصحة، واسمع ما قاله بالحرف:

"سعيد بن أبي سعيد المقبرى صاحب أبي هريرة وابن صاحبه، ثقة حجة، شاخ ووقع في الهرم ولم يختلط. وروى أن شعبة قال: حدثنا بعدما كبر، وقال أحمد وابن معين: ليس به بأس، وقال ابن المدينى وأبو زرعة والنسائى: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن خراش وغيره: ثقة، وقال ابن سعد: ثقة، لكنه اختلط قبل موته بأربع سنين ومات سنة خمس وعشرين ومائة، وقيل سنة ثلاث وعشرين. قلت: ما أحسب أن أحدا أخذ عنه في الاختلاط، فإن ابن عيينة أتاه فرأى لعابه يسيل، فلم يحمل عنه، وحدث عنه مالك والليث، ويقال: أثبت الناس فيه الليث" اهـ. 1174/ 2652 - "إنَّى رأيتُ البارحةَ عجبًا: رأيتُ رجلا من أمَّتى قد احْتَوَشَتْهُ ملائكة العذابِ، فجاء وُضُوؤُهُ فاسْتنقذهُ من ذلك، ورأيتُ رجلا من أمَّتى قدَ بُسط عليه عذابُ القبرِ فجاءتهُ صلاتهُ فاستنقذتْهُ من ذلك، ورأيت رجلا من أمَّتى قد احْتَوَشَتْه الشَّياطينُ فجاءه ذكر اللَّه فخلصه منهم، ورأيت رجلا من أمَّتى يلهث عطشًا فجاءه صيامُ رمضان فسقاه، ورأيتُ رجلا من أمَّتى من بين يَديهِ ظُلمةٌ ومن خلفه ظُلمةٌ وعن يمينه ظلمةٌ وعن شماله ظُلمةٌ ومن فوقه ظُلمةٌ ومن تحته ظُلمةٌ فَجاءته حجَّتهُ وعُمرتُهُ فاستخرجاه من الظُّلمةِ، ورأيتُ رجلا من أمَّتى جاءه ملك الموت ليقبض رُوحَهُ فجاءه بره بوالديه فردَّه عنه، ورأيتُ رجلا من أمَّتى يُكلِّم المؤمنين ولا يُكلِّمونهُ فجاءته صلةُ الرَّحم فقالت: إنَّ هذا كان واصلا لرحمه فكلَّمَهم وكلَّمُوهُ وصار معهم، ورأيتُ رجلا من أمَّتى يأتى النَّبيِّين وهم حِلقٌ حِلقٌ كلَّما مرَّ على حَلقةٍ طُرد فجاءه اغْتسالُهُ من الجنابة فأخذ بيده فأَجْلسهُ إلى جنبى، ورأيتُ رجلا من أمَّتى يتَّقى وهجع النَّار بيديه عن وجههِ فجاءته صدقتُه فصارت ظلا على رأسه وستْرًا عن وجهِهِ،

ورأيتُ رجلا من أمَّتى جاءتْهُ زبانيةُ العذاب فجاءه أمرُهُ بالمعروف ونهيُهُ عن المنكر فاسْتنقذَهُ من ذلك، ورأيتُ رجلا من أمَّتى هوى في النَّار فجاءته دُموعُهُ اللاتى بكى بها في الدُّنيا من خشية اللَّه فأخرجتْهُ من النَّار، ورأيتُ رجلا من أمَّتى قد هوت صحيفتُهُ إلى شماله فجاء خوفهُ من اللَّه تعالى فأخذ صحيفتَهُ فجعلها في يمينه، ورأيتُ رجلا من أمَّتى قد خفَّ ميزانُهُ فجاءه أفْراطُه فثقَّلوا ميزانَهُ، ورأيتُ رجلا من أمَّتى على شَفير جهنَّم، فجاءه وَجلُهُ من اللَّه تعالى فاسْتنقذَهُ من ذلك، ورأيتُ رجلا من أمَّتى يرْعد كما ترعد السَّعْفةُ فجاءه حُسنُ ظنِّه باللَّه تعالى فسكّن رعْدتَهَ، ورأيتُ رجلا من أمَّتى يزحفُ على الصِّراط مرَّة ويحبو مرة فجاءته صلاتُهُ عليَّ فأخذتْ بيَده فأقامتْهُ على الصِّراط حتَّى جاز، ورأيتُ رجلا من أمَّتى انتهى إلى أبوابِ الجنَّة فَغُلقت الأَبوابُ دُونَهُ فجاءتْهُ شهادةُ أن لا إله إلا اللَّه فأخذت بيَدهِ فأدْخلتهُ الجنّةَ" الحكيم، (طب) عن عبد الرحمن بن سمرة قال في الكبير: قال الهيثمى: رواه الطبرانى بإسنادين في أحدهما سليمان بن أحمد الواسطى، وفي الآخر خالد بن عبد الرحمن المخزومى، وكلاهما ضعيف اهـ. وعزاه الحافظ العراقى إلى الخرائطى في الأخلاق، وقال: سنده ضعيف اهـ، وقال ابن الجوزى بعد ما أورده من طريقيه: هذا الحديث لا يصح، لكن قال ابن تيمية: أصول السنة تشهد له، وإذا تتبعت متفرقات شواهده رأيت منها كثيرا. قلت: الحديث له طرق متعددة، من رواية مجاهد وسعيد بن المسيب وغيرهما عن عبد الرحمن بن سمرة. فأما رواية مجاهد فقال الباغبان في فوائده واسمه أبو الخير محمد بن أحمد بن

محمد بن عمر: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن منده أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد اللَّه البصرى حدثنا أحمد بن معاذ السلمى حدثنا خالد بن عبد الرحمن السلمى حدثنا عمر بن ذر -أراه- عن مجاهد عن عبد الرحمن ابن سمرة قال: "خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على أصحابه فقال: رأيت الليلة عجبا، رأيت رجلا من أمتى" وذكره وزاد في آخره بعد شهادة أن لا إله إلا اللَّه "ورأيت أعجب العجب، ناس تقرض شفاههم، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: المشاءون بالنميمة بين الناس، ورأيت رجالا يعلقون بألسنتهم فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يرمون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا". قال ابن منده: هذا حديث غريب بهذا الإسناد، تفرد به خالد بن عبد الرحمن عن عمر بن ذر. وروى من حديث يحيى بن سعيد الأنصارى وعبد الرحمن بن حرملة وعلى بن زيد وغيرهم عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة. قلت: وكذلك رواه عن سعيد بن المسيب: هلال أبو جبلة، كما سأذكر كل ذلك. ومن هذه الطريق -أعنى طريق مجاهد- خرجه الطبرانى كما سبق تعليل الهيثمى إياه بخالد بن عبد الرحمن، وهو وإن كان ضعيفا فغاية ما يمكن أن يعلل به رواية الحديث من طريق مجاهد عن عبد الرحمن لتفرده به عن عمر ابن ذر عنه، كما يقول ابن منده. أما أصل الحديث فوارد عن سعيد بن المسيب عنه من طريق الجماعة السابق ذكرهم في كلام أبي عمرو بن منده وغيرهم.

أما رواية يحيى بن سعيد فقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 9]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر من أصله ثنا عبد اللَّه بن محمد بن زكريا ثنا على بن بشر ثنا نوح بن يعقوب بن عبد اللَّه الأشعرى عن أبيه عن يحيى ابن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، إلا أنه لم يورد متنه بتمامه بل اقتصر على ذكر "رمضان" منه فقال: "خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "رأيت البارحة عجبا، رأيت رجلا من أمتى يلهث عطشا كلما ورد حوضا مُنع، فجاءه صيام رمضان فسقاه وأرواه" ذكره في ترجمة نوح بن يعقوب الأشعرى. وأما رواية على بن زيد فقال أسلم بن سهل الواسطى بحشل في تاريخ واسط [ص 189، 190]: حدثنا سريع أبو عبد الرحمن قال: حدثنا حمزة بن عبد القاهر بن حمزة ثنا مخلد بن عبد الواحد الواسطى عن على بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة قال: "خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحن في مسجد المدينة فقال: ألا أخبركم بالعجب فلقد رأيت البارحة عجبا، رأيت رجلا من أمتى أتاه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرده عنه"، وذكر الحديث بطوله إلا أن فيه تقديما وتأخيرا. ورواه ابن حبان في الضعفاء [3/ 43، 44] قال: حدثنا الحسين بن عبد اللَّه بن يزيد القطان بالرقة من كتابه ثنا عامر بن سنان ثنا مخلد بن عبد الواحد أبو الهذيل البصرى عن على بن زيد به، أورده في ترجمة مخلد بن عبد الواحد وقال: إنه منكر الحديث جدا، ينفرد بأشياء مناكير لا تشبه حديث الثقات، فبطل الاحتجاج به إلا فيما وافق الروايات اهـ. وتبعه الذهبى، فأورد الحديث في ترجمته من الميزان، ولا معنى لإيراد

الحديث في ترجمته لأنه لم ينفرد به لا مطلقا ولا عن على بن زيد بن جدعان، بل تابعه عليه جماعة متابعة تامة وقاصرة، والرجل إنما يورد في ترجمته ما تفرد بروايته وقد اعترف ابن حبان بأن الحديث مشهور فقال بعد أن ذكر جملة من الحديث نحو عشرة أسطر ما نصه: "وذكر حديثا طويلا مشهورا تركت ذكره لشهرته" اهـ. وما كان مشهورا لا يتهم به واحد ولا يضعف به، فقد تابعه هلال بن عبد الرحمن وأبو عبد اللَّه المدينى عن على بن زيد. أما متابعة هلال بن عبد الرحمن، فقال أبو على الحسن بن أحمد بن شاذان في مشيخه: أخبرنا أبو محمد عبد الخالق بن الحسن بن محمد بن العدل السقطى أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن الحسن بن ميمون الحربى حدثنا الفضل بن زياد ثنا عباد بن عباد المهلبى عن سعيد بن عبد اللَّه عن هلال بن عبد الرحمن عن على بن زيد به مطولا. ورواه الخرائطى في مكارم الأخلاق [ص 9] قال: حدثنا نصر بن داود الصاغانى ثنا محمد بن كثير الحضرمى ثنا عباد بن عباد المهلبى به مختصرا. وذكره العقيلى في الضعفاء [4/ 350، ترجمة 1956] في ترجمة هلال بن عبد الرحمن فقال: وروى عن على بن زيد عن سعيد عن عبد الرحمن بن سمرة الحديث الطويل في المنام، ثم ذكر له حديثين آخرين ثم قال: وكل هذه مناكير لا أصول لها ولا يُتابع عليها اهـ. وهو كلام مردود على العقيلى بوجود الأصول والمتابعات الكثيرة له على هذا الحديث. وأما متابعة أبي عبد اللَّه المدينى فقال ابن شاهين في الترغيب [2/ 403،

رقم 526]: حدثنا محمد بن محمد بن عثمان بن عبيد اللَّه بن المنذر بن الزبير بن العوام بالبصرة ثنا عمرو بن على بن مقدام أبو محمود حدثتنا حمادة بنت شهاب بن سهيل بن عبد اللَّه بن الأخنس الأسدية أم بدر الجوهرية قالت: حدثنى أبو عبد اللَّه المدينى عن على بن زيد به مطولا نحو رواية الكتاب أو مثلها. وأما رواية عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب فقال أبو عثمان الصابونى: حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدى إملاء أخبرنا أبو الوفاء المؤمل بن الحسن بن عيسى الماسرجسى ثنا عمرو بن محمد بن يحيى القمانى ثنا عبد اللَّه بن نافع عن ابن أبي فديك عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللَّه عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة به مطولا. وعبد الرحمن بن أبي عبد اللَّه هو ابن حرملة فيما أرى واللَّه أعلم. وأما رواية هلال أبي جبة فقال الخرائطى في مكارم الأخلاق [ص 9]: حدثنا أبو سهل بنان بن سليمان الدقاق حدثنا بشر بن الوليد حدثنا المفضل بن فضالة ثنا هلال أبو جبلة عن سعيد بن المسيب به مختصرا. قلت: كذا وقع عنده بشر بن الوليد عن المفضل بن فضالة. ورواه أبو موسى المدينى في الترغيب والترهيب من طريق بشر بن الوليد فوقع عنده عن فرج بن فضالة بدل مفضل بن فضالة: ثنا هلال أبو جبلة عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة قال: "خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحن في صفة المدينة فقام علينا فقال: إنى رأيت البارحة عجبا" فذكر الحديث بطوله. قال أبو موسى المدينى: هذا حديث حسن جدا، رواه عن سعيد بن المسيب وعمر بن ذر جماعة منهم على بن زيد بن جدعان.

قال ابن القيم في كتاب الروح بعد إيراده في المسالة العاشرة من هذا الطريق: وراوى هذا الحديث عن سعيد بن المسيب، هلال أبو جبلة مدنى لا يُعرف بغير هذا الحديث ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه هكذا، وذكره الحاكم أبو أحمد والحاكم أبو عبد النه أبو جبل بلا هاء، وحكياه عن مسلم ورواه عنه الفرج بن فضالة وهو وسط الرواية ليس بالقوى ولا المتروك، ورواه عنه بشر بن الوليد الفقيه المعروف بأبى الخطيب، كان حسن المذهب جميل الطريقة، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يعظم أمر هذا الحديث وقال: أصول السنة تشهد له وهو من أحسن الأحاديث اهـ. قلت: وقد قدمنا أن الحديث وقع عند الخرائطى من رواية مفضل بن فضالة بدل فرج بن فضالة. ونقل الحافظ السخاوى في القول البديع عن الحافظ رشيد الدين العطار أنه قال: هذا أحسن طرقه، يعنى رواية هلال أبي جبلة عن ابن المسيب، ثم قال السخاوى: وذكر الشيخ العارف أبو ثابت محمد بن عبد الملك الأيلى في كتابه أصول مذاهب العرفاء باللَّه ما معناه: أن هذا الحديث وإن كان غريبا عند أهل الحديث فهو صحيح لا شك فيه ولا ريب، حصل له العلم القطعى بصحته من طريق الكشف في كثير من وقائعه وأحواله. كذا قال والعلم عند اللَّه تعالى اهـ. وذكر التاج السبكى في الطبقات أنه خرج جزءًا أملاه في طرق هذا الحديث واستوعبها، قال: وليس هو في شيء من الكتب الستة. 1175/ 2653 - "إِنْ أتَّخذ منبرًا فقد اتَّخذَهُ أبي إبراهيم، وإنْ أتَّخذ العصا فقد اتَّخذَها أبي إبراهيم" البزار (طب) عن معاذ بن جبل

قال في الكبير عن الهيثمى: فيه موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى وهو ضعيف. قلت: ومن طريقه خرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 175]: حدثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا إسماعيل بن عبد اللَّه ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهانى ثنا عقبة هو ابن خالد عن موسى بن محمد بن إبراهيم حدثنى أبي عن السلولى عن معاذ بن جبل به. 1176/ 2654 - "إن اتَّخذَت شَعْرًا فأكرمه" (هب) عن جابر قال في الكبير: وفيه أحمد بن منصور الشيرازى، قال الذهبى: في الضعفاء، قال الدارقطنى: أدخل [على] جمع من الشيوخ بمصر وأنا بها. قلت: أنا في شك من صدق هذا وأخشى أن يكون أحمد بن منصور المذكور في سند الحديث غير هذا، فإن الشارح لا يميز يين رجال الحديث وقد يكون فيه من هو أضعف من هذا، بل هذا لا يعلل به الحديث. وكيفما كان فالحديث له شاهد حسن أو صحيح في سنن أبي داود [4/ 74، رقم 4163] ومشكل الطحاوى [8/ 435، رقم 3365] من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "من كان له شعر فليكرمه". 1177/ 2655 - "إنْ أُدخلتَ الجنة أُتيتَ بفرسٍ من ياقُوتةٍ له جناحان فحُملتَ عليه ثمَّ طار بك حيث شئت" (ت) عن أبي أيوب قال في الكبير: قال الترمذى: إسناده ليس بالقوى ولا نعرفه من حديث أبي أيوب الأنصارى إلا من هذا الوجه اهـ. نعم رواه الطبرانى عنه بهذا

اللفظ المزبور، قال المنذرى والهيثمى: ورجاله ثقات اهـ. فكان ينبعى للمصنف أن يضمه إلى الترمذى في العزو. قالت: الحديث الذي قال عنه الحافظان: رجاله ثقات هو من حديث عبد الرحمن بن ساعدة لا من حديث أبي أيوب. قال الهيثمى: باب في خيل الجنة: عن عبد الرحمن بن ساعدة قال: "كنت أحب الخيل فقلت: يا رسول اللَّه هل في الجنة خيل؟ فقال: إن أدخلك اللَّه الجنة يا عبد الرحمن كان لك فيها فرس من ياقوت له جناحان يطير بك حيث شئت". رواه الطبرانى ورجاله ثقات اهـ. وهكذا أورده الحافظ المنذرى فكيف يتأتى الاشتباه فيه وعزوه لأبي أيوب إن هذا لعجب. والحديث وإن قال الحافظان المذكوران: رجاله ثقات فإنه معلول، وقد خرجه الترمذى في جامعه إلا أنه ساق سنده ولم يسق متنه ووقع عنده مرسلا، فقال [4/ 681، رقم 2543]: حدثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن ثنا عاصم بن على ثنا المسعودى عن علقمة ابن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "يا رسول اللَّه هل في الجنة من خيل؟ قال إن أدخلك اللَّه الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت، قال: وسأله رجل فقال: يا رسول اللَّه هل في الجنة من إبل؟ قال: فلم يقل ما قاله لصاحبه، قال: إن أدخلك اللَّه الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك". حدثنا سويد بن نصر أنبأنا عبد اللَّه بن المبارك عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن عبد الرحمن بن سابط عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه بمعناه [4/ 682]، وهذا

أصح من حديث المسعودى. قال الحافظ في الإصابة: يريد -يعنى الترمذى- على قاعدتهم أن طريق المرسل إذا كانت أقوى من طريق المتصل رجح المرسل على الموصول اهـ. وأما ابن القيم فقال: لأن سفيان أحفظ من المسعودى وأثبت اهـ. وكيفما كان الحال فإن علقمة بن مرثد اضطرب فيه اضطرابا يمنع صحة الحديث مع ثقة رجاله، فإنه روى عنه على أقوال: الأول: عنه عن سليمان بن بريدة عن أبيه. الثانى: عنه عن عبد الرحمن بن سابط مرسلا، وهذا الذي صححه الترمذى. الثالث: عنه عن عبد الرحمن بن ساعدة، وهو الذي قال عنه المنذرى والهيثمى: رجاله ثقات. الرابع: عنه عن عبد الرحمن بن سابط عن عمير بن ساعدة قلت: "يا رسول اللَّه". الخامس: عنه عن أبي صالح عن أبي هريرة أن أعرابيا قال: "يا رسول اللَّه". السادس: عنه عن يحيى بن إسحاق عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة. خرج هذه الطرق أبو نعيم في كتاب صفة الجنة [2/ 276، رقم 427 مكرر] الموجود منه نسخة بمكتبة شيخ الإسلام بالمدينة المنورة، وأشار إليها ابن القيم في حادى الأرواح، والحافظ في الإصابة باختصار.

1178/ 2658 - "إنْ أردتَّ أنْ يلين قلبُك فأطعِم المسكينَ وامسحْ رأسَ اليتيمِ" (طب) في مكارم الأخلاق (هب) عن أبي هريرة. قال الشارح: وفي إسناده مجهول. قلت: تقدم هذا الحديث بنحوه من رواية أبي الدرداء بلفظ "أتحب أن يلين قلبك"، وتعرض الشارح في الكلام عليه لهذه الرواية فاخطأ هناك كما أخطأ هنا، وقد فصلنا القول في ذلك وأوردنا طرقه وأشبعنا القول فيه هناك فارجع اليه. 1179/ 2660 - "إنْ استطعتَ أنْ تكون أنت المقتول ولا تقتل أحدًا من أهل الصَّلاة فافعل" ابن عساكر عن سعد قلت: أخرجه من قبل ابن عساكر الخطيب في التاريخ [3/ 447، 448] أيضًا من طريق إسماعيل بن محمد الصفار: ثنا محمد بن عبد اللَّه المنادى ثنا محمد بن يعلى زنبور الكوفى أخبرنا الربيع ابن صبيح عن على بن زيد بن جدعان عن الحسن عن سعد. وفيه قصة. ومحمد بن يعلى زنبور وشيخه وشيخ شيخه كلهم فيهم مقال. 1180/ 2662 - "إن تغفر اللهمَّ تغفر جمَّا وأى عبد لك لا ألمَّا" (ت. ك) عن ابن عباس قال الشارح: في الكبير خرجه (ت) في التفسير و (ك) في الإيمان والتوبة، قال: وهذا بيت لأمية بن أبي الصلت تمثل به المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم-

قلت: في هذا أمران الأول: أن الحاكم خرجه في ثلاثة مواضع من المستدرك في الإيمان والتفسير والتوبة، فأما في الإيمان والتفسير فصرح برفعه وأما في التوبة فلم يصرح برفعه، فإطلاق أنه خرجه في الموضعين مرفوعًا كما في المتن غير صواب. الثانى: أنه جزم بأن البيت لأمية بن أبي الصلت وفيه خلاف وأقوال الأول: أنه من كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كما [هو] ظاهر قول ابن عباس فيما رواه أبو عاصم عن زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وذكره. هكذا رواه الترمذى [5/ 396، رقم 3284] عن أحمد بن عثمان أبي عثمان البصرى عن أبي عاصم، ثم قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث زكريا بن إسحاق اهـ. وكذا قال البزار في مسنده: لا نعلمه يروى متصلا إلا من هذا الوجه اهـ. ورواه ابن جرير [27/ 39] عن سليمان بن عبد الجبار عن أبي عاصم به مثله، إلا أنه قال عن ابن عباس {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} قال هو الرجل يلم بالفاحشة ثم يتوب وقال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وذكره. وهكذا رواه بهذه الزيادة الحاكم في المستدرك [1/ 54، 55، رقم 180]: عن الأصم عن محمد بن منان القزاز عن أبي عاصم به لكنه قال: "اللَّهم إن تغفر"، فاختل بذلك وزنه، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لحديث منصور عن مجاهد عن ابن عباس به ولم يرفعه، قال: والتوقيف لا يوهن سند المرفوع، فإن زكريا بن إسحاق حافظ ثقة، وقد حدث به روح بن عبادة عن زكريا.

قلت: رواية روح أخرجها هو أيضًا في كتاب التفسير [2/ 469، رقم 3750] من طريق الحارث بن أبي أسامة: ثنا روح بن عبادة ثنا زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن ابن عباس في الآية قال: "يلم بها ثم يتوب منها" قال ابن عباس: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: إن تغفر اللَّهم" وذكره وصححه على شرطهما أيضًا لكنه أعاده بهذا الإسناد عينه في التوبة [4/ 245، رقم 7620] فقال فيه ابن عباس: "هو الرجل يصيب الفاحشة يلم بها ثم يتوب منها قال: يقول إن تغفر اللَّهم" وذكره غير مصرح باسم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. القول الثانى: أنه من كلام شاعر وهو منقول عن ابن عباس أيضًا أخرجه الحاكم [1/ 55، رقم 181] من طريق شعبة عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس في هذه الآية {إِلَّا اللَّمَمَ}، قال: "الذي يلم بالذنب ثم يدعه ألم تسمع قول الشاعر إن تغفر اللهم" وذكره. هكذا رواه موقوفًا على ابن عباس من رواية آدم بن أبي إياس وعفان بن مسلم عن شعبة. ورواه ابن جرير [27/ 66] من طريق غندر عن شعبة فوقف به على مجاهد، ولم يذكر ابن عباس. القول الثالث: أنه من قول أهل الجاهلية وهو كالذى قبله إلا أن فيه تعيين أنه شعر جاهلى قديم رواه ابن جرير [27/ 66]: ثنا ابن حميد ثنا جرير عن منصور عن مجاهد في قول اللَّه تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ} قال: "الرجل يلم بالذنب ثم ينزع منه، قال: وكان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت وهم يقولون إن تغفر اللَّهم" وذكره. القول الرابع: أنه لأبي خراش خويلد بن مرة الهذلى كما ذكر ذلك السكرى

في أشعار هذيل، وابن الشجرى في أماليه كلاهما من طريق الأصمعى عن أبي طرفة الهذلى عن أبي خراش، كما حكاه الحافظ السيوطى في شرح شواهد المغنى، وفي لسان العرب عن ابن برى قال: وذكر عبد الرحمن عن عمه عن يعقوب عن مسلم بن أبي طرفة الهذلى، قال: مرَّ أبو خراش يسعى بين الصفا والمروة وهو يقول: لا همَّ هذا خامس إن تمَّ ... أتمه اللَّه وقد أتمّا إن تغفر اللهم تغفر جمّا ... وأى عبد لك لا ألمّا وأبو خراش هذا من المخضرمين، أدرك الجاهلية والإسلام ومات في زمن عمر رضي اللَّه عنه. القول الخامس: أنه لامية بن الصلت وهو الذي ذكره الأكثرون ووقع من شعره في قصة غريبة خرجها إسحاق بن بشر "في المبتدأ" عن محمد بن إسحاق عن الزهرى وعن عثمان بن عبد الرحمن عن الزهرى عن سعيد بن المسيب قال: "قَدِمَت الفارعة أخت أمية بن أبي الصلت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكانت ذات لب وعقل وجمال فقال لها ذات يوم: يا فارعة هل تحفظين من شعر أخيك شيئًا؟ فقالت نعم، وأعجب من ذلك ما قد رأيت، قالت: كان أخى في سفر فلما انصرف بدأنى فدخل عليّ فرقد على سريرى وأنا أحلق أديما في يدى إذ أقبل طائران أبيضان فوقع على الكوة أحدهما ودخل الآخر فوقع عليه فشق ما بين قصمه إلى عانته ثم أدخل يده في جوفه فأخرج قلبه فوضعه في كفه ثم شمه فقال له الطائر الآخر أوعى؟ قال وعى قال: أزكى؟ قال: أبي، ثم رد القلب إلى مكانه فالتأم الجرح أسرع من طرفة عين ثم ذهبا، فلما رأيت ذلك دنوت منه فحركته فقلت: هل تجد شيئًا؟ قال لا إلا توهينا في جسدى وقد كنت ارتعبت مما رأيت، فقال: ما لى أراك مرتاعة؟

قالت: فأخبرته الخبر فقال: خير أريد بى ثم صرف عنى ثم أنشأ يقول: باتت همومى تسرى طوارقها ... أكفَّ عينى والدمع سابقها مما أتانى من اليقين ولم ... أُوتَ برآة بُغْضِ ناطقهما أم مَّن تلظى عليه واقدة النـ ... ـارِ محيطٌ بهم سرادقها أم أسكُنِ الجنة التي وُعِد الأ ... برار مصفوفةٌ نمارقها لا يستوى النزلان ثم ولا لأ ... عمال لا تستوى طرائقها هما فريقان فرقة تدخل الجـ ... ـنة حفت بهم حدائقها وفرقةٌ منهم قد أدخلت النا ... ر فسائتهم مرافقها تعاهدت هذه القلوب إذا ... همت بخير عاقت عوائقهما وصدها للشقاء عن طلب الجـ ... ـنة دنيا اللَّه ما حقها عبدٌ دعا نفسه فعاتبها ... يعلم أن الصبر رامقها فأرغب النفس في الحياة وإن ... تحيى قليلا فالموت لاحقها يوشكٍ من فرَّ من منيته ... يوما على غرةٍ يوافقها إن لم تمت غبطةً تمت هرما ... للموت كأسٌ والمرءُ ذائقها قال: ثم انصرف إلى رحله فلم يلبث إلا يسيرا حتى طُعن في صيارته (¬1) فأتانى الخبر فانصرفت إليه فوجدته منعوشا قد سُجى عليه فدنوت منه فشهق شهقة وشق بصره ونظر نحو السعف ورفع صوته وقال: لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما، لا ذو مال فيفدينى، ولا ذو أهل فتحمينى، ثم أغمى عليه إذ شهق شهقة فقلت قد هلك الرجل، فشق بصره نحو السعف فرفع صوته ¬

_ (¬1) كذا بالأصل، وكتب المؤلف فوقها كلمة "كذا".

فقال: لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما، لا ذو براءة فاعتذر ولا ذو عشيرة فأنتصر، ثم أغمى عليه إذ شهق شهقة وشق بصره ونظر نحو السعف فقال: لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما، بالنعم محفود وبالذنب محصود، ثم أُغمى عليه إذ شهق شهقة فقال: لبيكما لبيكما ها أنا فا لديكما إن تغفر اللهم تغفر جما ... وأى عبد لك لا ألما ثم أُغمى عليه إذ شهق شهقة فقال: كل عيش وإن تطاول دهرا ... صائرٌ مرة إلى أن يزولا ليتنى كنت قبل ما قد بدا لى ... في قلال الجبال أرعى الوعول قالت: ثم مات، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا فارعة، إن مثل أخيك كمثل الذي آتاه اللَّه آياته فانسلخ منها" الآية. وقال أبو الفرج في الأغانى [4/ 1341]: أخبرنى أحمد بن عبد العزيز حدثنا عمر بن شبة ثنا أبو غسان محمد بن يحيى ثنا عبد العزيز بن عمران عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عامر بن مسعود عن الزهرى قال: "دخل يوما أمية بن أبي الصلت على أخته" فذكر القصة دون الأبيات التي أولها "باتت هموم تسرى" والباقى سواء وفيها البيت المذكور والبيتان بعده. وقال أيضًا: أخبرنى الخرقى قال: حدثنى عمى عن مصعب بن عثمان عن ثابت بن الزبير قال: "لما مرضه أمية مرضه الذي مات فيه جعل يقول: قد دنا أجلى وهذه المرضة منيتى، وأنا أعلم أن الحنيفية [حقّ] ولكن الشك يداخلنى في محمد، قال: ولما دنت وفاته أغمى عليه قليلا ثم أفاق وهو يقول "وذكر نحو ما سبق وفيه البيت المذكور والبيتان بعده، وزاد فيهما ثالث وهو قوله:

اجعل الموت نصب عينيك واحذر ... غولة الدهر إن للدهر غولا قال: ثم قضى نحبه ولم يؤمن بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب [4/ 445] عن أبي القاسم خلف بن القاسم: حدثنا أحمد بن الحسن بن عتبة الرارى ثنا روح بن الفرج القطان حدثنا وثيمة بن موسى ثنا سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق حدثنى محمد بن شهاب عن سعيد بن المسيب قال: "قدمت الفارعة" فذكر مثل ما سبق عند إسحاق بن بشر إلا أنه اختصر القصة وبعض الأبيات. وذكرها أيضًا ابن الأثير في أسد الغابة. 1181/ 2665 - "إِنْ شئتُم أنبأْتكُم ما أوَّلُ ما يقولُ اللَّه تعالى للمؤمنين يومَ القيامةِ، وما أوَّلُ ما يقولون لَهُ، فإنَّ اللَّه تعالى يقولُ للمؤمنين: أحْببتُم لقائى؟ فيقولون: نعمْ يا ربَّنا، فيقول لِمَ؟ فيقولون: رجَونا عفْوَك ومغفرتَك، فيقول: قد أوْجبتُ لكم عفوى ومغفرتى". (حم. طب) عن معاذ قال الشارح: بإسنادين أحدهما حسن. قلت: هذا يقتضى أن كلا من أحمد والطبرانى خرجاه بإسنادين وليس الأمر كذلك، يل الحافظ الهيثمى قال ذلك عن الطبرانى وحده، كما نقله الشارح نفسه في الكبير فقال: قال الهيثمى: فيه عبيد اللَّه بن زحر، ضعيف، وأعاده مرة أخرى وقال: رواه الطبرانى بسندين أحدهما حسن اهـ. والحديث رواه عبد اللَّه بن المبارك [ص 93، رقم 276] عن يحيى بن أيوب عن عبيد اللَّه بن زحر عن خالد بن أبي (¬1) عمران عن أبي عياش عن معاذ. ¬

_ (¬1) هو خالد بن أبي عمران التُّجيبيُّ، انظر التاريخ الكبير (3/ 163) وتهذيب الكمال (8/ 142) ترجمة (1639).

وأخرجه أيضًا أبو داود الطيالسى [ص 77، رقم 564] والحسن بن سفيان في مسنديهما، وأبو نعيم في الحلية [8/ 179]، كلهم من طريق ابن المبارك وقال أبو نعيم: لا يعرف له راو غير معاذ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تفرد به عبيد اللَّه عن خالد. 1182/ 2668 - "إنْ قامتِ السَّاعة وفي يد أحدكم فَسِيلَةٌ، فإنِ اسْتطاع أن لا يقوم حتَّى يغرِسَها فليغرسْها" (حم. خد) عن أنس قال في الكبير: وكذا خرجه البزار والطيالسى والديلمى ورجاله ثقات أثبات كما قال الهيثمى. قلت: سقط من قلم الشارح في الكبير من المخرجين: عبد بن حميد، وهو ثابت في جميع نسخ المتن، قال عبد بن حميد في مسنده [ص 366، رقم 1216]: حدثنى أبو الوليد ومحمد بن الفضل قالا: حدثنا حماد بن سلمة ثنا هشام بن زيد عن أنس به. وأخرجه الخلال في "الحث على التجارة": أخبرنا محمد بن إسماعيل أنبأنا وكيع عن حماد بن سلمة به. 1183/ 2669 - "إنْ كان خرج يسْعى على ولدِهِ صغارًا فهو في سبيل اللَّه، وإنْ كان خرج يسْعى على أبوَيْن شيخين كبيرَيْن فهو في سبيل اللَّه، وإنْ كان خرج يسْعى على نفسه يُعِفُّها فهو في سبيل اللَّه، وإنْ كان خرج يسْعى رياءً ومفاخرةً فهو في سبيَل الشَّيطان" (طب) عن كعب بن عُجرة قال في الكبير: بفتح فسكون. قلت: هذا غلط، بل بضم فسكون.

1184/ 2675 - "إِنْ كنت صائمًا بعد شهرِ رمضان فَصُم المحرَّم، فإنَّهُ شهرُ اللَّه فيه يومٌ تاب اللَّه على قومٍ، ويتوبُ فيه على آخرينَ" (ت) عن على قال الشارح في الكبير: قال الزين العراقى: تفرد بإخراجه الترمذى، وقد أورده ابن عدى في الكامل، في ترجمة عبد الرحمن الواسطى، ونقل تضعيف الأئمة له، أحمد وابن معين والبخارى والنسائى اهـ. وما ذكره من تفرد الترمذى به لعله من حديث على وإلا فقد أخرجه النسائى من حديث أبي هريرة، قال: "جاء أعرابى بأرنب شواها فوضعها بين يديه فأمسك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يأكل، وأمر القوم أن يأكلوا، فأمسك الأعرابى فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما يمنعك أن تأكل؟ قال: إنى أصوم من كل شهر ثلاثة أيام فذكره". قلت: الشارح فضولى جدا، يتعقب الحفاظ فيفضح نفسه ويأتى بمثل هذه المخازى التي لولا فضوله لما وقع فيها، فهذا الحديث الذي استدركه على العراقى مغرب وكلام العراقى في حديث مشرق، وشتان بين مشرق ومغرب. قال النسائى [4/ 222]: أخبرنا محمد بن معمر ثنا حبان ثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة قال: "جاء أعرابى إلى رسوله اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأرنب قد شواها" فذكر الحديث إلى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "إنى أصوم ثلاثة أيام من الشهر، قال: إن كنت صائما فصم الغر -يعنى البيض-". فكيف يستدرك بحديث في صيام البيض على حديث في صيام المحرم؟ إن هذا لعجب وأعجب منه أنه لم يذكر محل الشاهد منه حتى يخيل لى (¬1) أنه يتعمد التدليس والكذب، ولولا أنه تعقب على جده من قبل الأم لقلت: إنه تعمد ذلك، سامحنا اللَّه وإياه. ¬

_ (¬1) في الأصل: "له" والسياق يقتضى ما أثبتناه، واللَّه أعلم.

تنبيه

تنبيه: مراد الحافظ العراقى بقوله "لم يخرجه إلا الترمذي" يعنى من أهل الكتب الستة، لا مطلق المخرجين، كما هو معروف عند أهل الحديث كافة، فلا يرد عليه كون الحديث مخرجا في أصل آخر غير الأصول الستة. فقد أخرجه أيضًا عبد اللَّه بن أحمد في زوائد مسند أبيه [1/ 154]، قال: حدثنا محمد بن المنهال أخو حجاج ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عبد الرحمن ابن إسحاق عن النعمان بن سعد قال: "قال رجل لعلى: يا أمير المؤمنين أى شهر تأمرنى أن أصوم بعد رمضان؟ فقال: ما سمعت أحدا سأل عن هذا بعد رجل سأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه أى شهر تأمرنى أن أصوم بعد رمضان؟ فقال: إن كنت" وذكره. 1185/ 2676 - "إنْ كنتَ صائمًا فعليك بالغُرِّ البيضِ: ثلاثَ عشرةَ وأربعَ عشرةَ وخمسَ عشرةَ" (ن) عن أبي ذر زاد الشارح في الكبير من عنده رمز الطبرانى في الكبير ثم قال: قال الهيثمى: وفيه حكيم بن جبير، وفيه كلام كثير. ورواه عنه أيضًا أحمد وفيه عنده عبد الرحمن بن عبد اللَّه المسعودى وقد اختلط. قلت: في هذا أغلاط، الأول: أن المصنف لم يعز الحديث للطبرانى ولا رمز به إليه كما في الشرح الصغير أيضًا، وإنما زاده قلم الشارح في الكبير. الثانى: أن النسائى الذي عزاه إليه المصنف ليس عنده في سند هذه الرواية حكيم بن جبير: قال النسائى [3/ 223]: أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم عن بكر عن

عيسى عن محمد عن الحكم -يعنى ابن عتيبة- عن موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية قال: قال أبي: "جاء أعرابى إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومعه أرنب قد شواها وخبز فوضعها بين يدى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم قال: إنى وجدتها تدمى، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأصحابه: لا يضر، كلوا، وقال للأعرابى: كل، قال: إنى صائم، قال: صوم ماذا؟ قال: صوم ثلاثة أيام من الشهر، قال: إن كنت صائما فعليك بالغر البيض ثلاث عشرة" الحديث. قال النسائى: الصواب عن أبي ذر، ويشبه أن يكون وقع في الكتاب ذر فقيل "أبى" الثالث: أن الرواية التي قال فيها الهيثمى ذلك رواية أخرى بلفظ آخر عن موسى بن طلحة قال: قال عمر لأبي ذر وعمار أو أبي الدرداء: "أتذكرون يوم كنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكان كذا وكذا فأتاه أعرابى بأرنب بها دم فأمرنا فكلنا ولم يأكل؟ قال: نعم، قال له: ادنه فأطعم، قال: إنى صائم، أصوم ثلاثة أيام من الشهر، أوله وآخره كما تيسر على، قال عمر: هل تدرون ما الذي أمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قالوا: أمره أن يصوم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، فقال عمر: هكذا قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال الهيثمى: قلت: حديث أبي ذر وحده رواه الترمذى باختصار، ورواه الطبرانى في الكبير، وفيه حكيم بن جبير وفيه كلام كثير، وقال أبو زرعة: محله الصدق إن شاء اللَّه اهـ. وذكر الهيثمى قبل هذه الرواية رواية أخرى من حديث عمار، لا من حديث أبي ذر، ثم قال: رواه أحمد، وفيه عبد الرحمن بن عبد اللَّه المسعودى وقد اختلط.

تنبيه

تنبيه: اختلف في سند هذا الحديث اختلافا شديدا يطول ذكره، وقد عقد النسائى لبيانه بابا في سننه. 1186/ 2677 - "إنْ كنتَ لا بدَّ سائلا، فاسأل الصَّالحين" (د. ن) عن الفِراسى قال الشارح في الكبير: روياه عن مسلم بن مخشى عن ابن الفراسى عن الفراسى بفتح الفاء، قال: "قلت: أسال يا رسول اللَّه؟ قال: لا"، ثم ذكره. ثم قال الشارح: قال عبد الحق: وابن الفراسى لا يعلم أنه روى عنه إلا بكر بن سوادة. قلت: في هذا غلطتان فاحشتان، الأولى: الفِراسى بكسر الفاء اتفاقا لا بفتحها كما يقول. الثانية: قوله عن عبد الحق "لا يعلم" إلخ هو بلا شك خطأ على عبد الحق، والعجب أن الشارح نفسه قدم أن أبا داود والنسائى روياه من طريق مسلم بن مخشى عن ابن الفراسى، ثم نقل أنه لم يرو عن ابن الفراسى إلا بكر بن سوادة، والواقع أن بكر بن سوادة رواه عن مسلم بن مخشى، فلعل عبد الحق قال: لم يرو عن مسلم إلا بكر بن سوادة وهو كذلك، فأسقط الشارح مسلما وجعل ذلك عن ابن الفراسى. والحديث خرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير [7/ 138]: عن أبي صالح عن الليث عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة به. وخرجه أحمد [4/ 334] وابنه عبد اللَّه [4/ 334] كلاهما عن قتيبة بن سعيد عن الليث به.

وعن قتيبة رواه أيضًا أبو داود [2/ 125، رقم 1646] والنسائى [5/ 95]، ورواه البيهقى [4/ 197] من طريق يحيى بن بكير عن الليث، وهو من مسند أحمد بن عبيد الصفار. ثم رواه البيهقى [4/ 197] من وجه آخر من طريق مسلم بن وارة عن محمد ابن موسى بن أعين قال: رجدت في كتاب أبي عن عمرو بن الحارث عن بكر ابن سوادة به، إلا أنه قال عن مسلم بن مخشى أن الفراسى حدثه عن أبيه، لم يقل ابن الفراسى، وفي اسمه اختلاف مذكور في الإصابة. 1187/ 2678 - "إنْ كنتَ ألممت بذنبٍ فاستْغفرْى اللَّه وتُوبى إليه، فإنَّ التَّوبةَ من الذَّنبِ النَّدم والاستغفارُ" (هب) عن عانشة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد لأعلى من البيهقى ولا أحق بالعزو، وهو ذهول، فقد خرجه أحمد، قال الهيثمى ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن يزيد الواسطى، وهو ثقة اهـ. وهو في الصحيحين بدون قوله: "فإن. . . " إلخ. قلت: أول الحديث عند أحمد "يا عائشة إن كنت" فموضعه على اصطلاحه حرف "الياء" لا حرف "الألف"، وقد وقع في مسند أحمد المطبوع إبدال راو بغيره في سند هذا الحديث قال أحمد [6/ 264]: حدثنا محمد بن يزيد يعنى الواسطى عن سفيان بن عيينة عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت: "قال لى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا عائشة إن كنت" وذكره. فقوله سفيان بن عيينة تحريف أو وهم، إنما هو سفيان بن حسين. كذلك خرجه ابن السبط في فوائده قال: أخبرنا أبو على الحسن بن القاسم بن العلاء الخلال ثنا أبو بكر أحمد بن عبد اللَّه بن محمد صاحب أبي صخرة ثنا على بن مسلم الطوسى ثنا محمد بن

يزيد الواسطى عن سفيان بن حسين به. 1188/ 2680 - "إن لقيتم عشَّار فاقتلوه" (طب) عن مالك بن عتاهية قال في الكبير: قال الذهبى: له هذا الحديث، وفيه رجل مجهول، وابن لهيعة اهـ. وظاهر كلام المصنف أنه لم يره مخرجا لأحق بالعزو من الطبرانى، وهو عجب، فقد خرجه أحمد والبخارى في التاريخ وجازف ابن الجوزى فحكم بوضعه. قلت: هو عجب حقيقة ولكن من الشارح الذي يتغافل قصدا عن صنيع المصنف واصطلاحه. فأحمد أخرجه بلفظ "إذا لقيتم" لا بلفظ "إن"، وهبه خرجه بلفظ "إن" ولم يعزه لأحمد فكان ماذا؟! وهل من شرط العزو عزوه لأحمد ولابد؟، وأكثر الحفاظ كالمنذرى والنواوى بل والحافظ لا يعزون لأحمد ما فيه إلا على "قلة"، ويكتفون بالعزو إلى الطبرانى والبيهقى وأمثالهما، وإنما يعتنى بالعزو لأحمد ناس مخصوصون كابن تيمية الكبير صاحب المنتقى، وابن كثير، وابن رجب ونحوهم من الحنابلة. والحديث خرجه جماعة كما يعلم من الإصابة. 1189/ 2682 - "أنا مُحمدُ بن عبد اللَّهِ بن عبد المطَّلب بن هاشم ابن عبد مناف بن قُصى بن كِلَاب بن مُرة بن إِلياس بن كعب بن لؤى ابن غَالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كِنانة بن خزيمة بن مُدْركة ابن إلياس بن مُضر بن نزار بن سعد بن عدْنانَ وما افترق الناس فرقتين إلا جعلنى اللَّه في خيرهما، فأُخْرِجْتُ من بين أبوى فلم يصبنى شيء من عَهِد الجاهلية وِخَرجتُ من نكاح ولم أُخرجْ من سفاحٍ من لدن آدمَ حتى انْتَهْيِت إلى أبي وأمى فأنا خيرُكُم نَسبًا وخَيرُكُم أبا". البيهقى في الدلائل عن أنس

قال الشارح في الكبير: ورواه الحاكم أيضًا باللفظ المزبور عن أنس المذكور: قال: بلغ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن رجالا من كنده يزعمون أنه منهم، فقال: "إنما يقول ذلك العباس وأبو سفيان إذا قدما إليكم ليأمنا بذلك وإنا لا ننتقى من آباءنا نحن بنوا النضر بن كنانة، ثم خطب الناس فقال: أنا محمد" الخ. قلت: إطلاقه العزو إلى الحاكم يفيد أنه خرجه في المستدرك، وليس كذلك بل خرجه في علوم الحديث في النوع التاسع والثلاثين منه فقال: حدثنى أبو على الحسين بن على الحافظ اخبرنا محمد بن سعيد بن بكر القاضى بعسقلان ثنا صالح بن على النوفلى ثنا عبد اللَّه بن محمد بن ربيعة قال: حدثنا مالك بن أنس عن الزهرى عن أنى ابن مالك قال: "بلغ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . " بمثل ما ذكره الشارح. وأخرجه الديلمى في مسند الفردوس قال: أخبرنا ابن خلف كتابة أخبرنا الحاكم أخبرنا أبو على الحافظ فذكره، وكان الشارح رآه كذلك في مسند الفردوس فظن أنه الحاكم خرجه في المستدرك فأطلق، وأوهم، وكان الواجب أن يقول: رواه الديلمى من طريق الحاعم، وكيف يخرجه الحاكم في المستدرك وهو من رواية عبد اللَّه بن محمد ابن ربيعة القدامى، وهو متهم، وقال الحاكم نفسه عنه أنه يروى الموضوعات عن مالك ووهاه آخرون.

ومن طريقه أخرجه البيهقى أيضًا في الدلائل، فقال: أنبأنا أبو الحسين على بن أحمد بن عمر بن حفص المقرى ثنا أبو عيسى بكار ابن أحمد بن بكار ثنا أبو جعفر أحمد بن موسى بن سعد ثنا أبو جعفر محمد بن أبان القلانسى ثنا أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن ربيعة القدامى ثنا مالك بن أنس عن الزهرى عن أنس وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: "بلغ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن رجالا من كنده يزعمون أنهم منه وأنه منهم فقال" وذكره بمثل ما حكاه الشارح 1190/ 2685 - "أنا ابن العَوَاتك من سُلَيم" (ص. طب) عن سبابة بن عاصم قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، وقال الذهبى كابن عساكر في التاريخ: اختلف على هشم فيه. قلت: وذلك على أقوال الأول: حال سعيد بن منصور في سننه حدثنا هشيم عن يحيى بن عمرو القرشى أخبرنى سيابة بن عاصم السلمى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال يوم حنين: "أنا ابن العواتك". الثانى: قال محمد بن سنان القزاز في جزئه: حدثنا إسحاق بن إدريس أنا هشيم أنا يحيى بن سعيد بن العاص أنا سيابة بن عاصم السلمى، به مثله. الثالث: قال أبو حاتم: حدثنا محمد بن الصباح ثنا هشيم عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن سعيد عن سيابة به، وهكذا أخرجه الطبرانى من طريق عمرو بن عوف عن هشيم.

تنبيه

الرابع: قال البغوى: ثنا محمد بن سليمان لوين ثنا هشيم عن يحيى بن سعيد بن عمرو عن سيابة به مثله، قال لوين: لا أدرى لعل بينهما رجلا. الخامس: هشيم عن يحيى بن سعيد بن عمرو عن أبيه عن جده عن سيابة، ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب، واستغربه الحافظ في الإصابة. تنبيه: لم يقع ذكر سليم في رواية سعيد بن منصور والأكثرين، فكأنها لم تقع إلا عند الطبرانى، وقد قال ابن عبد البر: لا يصح ذكر سليم فيه. 1191/ 2699 - "أنا فِئةُ المسْلِمينَ" (د) عن ابن عمر قال في الكبير في معنى فئة المسلمين: أى الذي يتحيز المسلمون إليه، فليس من انحاز إلى في المعركة يعد فارا ويأثم، قاله لابن عمر وجمع فروا من زحف ثم ندموا فقالوا نعرض أنفسنا عليه فإن كانت لنا توبة قمنا وإلا ذهبنا، فأتوه فقالوا: نحن الفارون، قاله: لا بل أنتم العكارون -أى العائدون للقتال- فقبلوا يده" فذكره، وأما قول المؤلف في المرقاة معناه: "أنا وحدى كاف لكل شيء من جهاد وغيره، وكل من انحاز إليّ برئ مما يضره دينا ودنيا، فلا يخفى ركاكته وبعده من ملائمة السبب،

ثم قال عقب عزوه: وفيه يزيد بن زياد، فإن كان المدنى فثقة، أو الدمشقى ففي الكاشف "واه". قلت: في هذا أخطاء وأوهام الأول: أن الذي في سند الحديث يزيد بن أبي زياد لا يزيد بن زياد. الثانى: أن يزيد بن أبي زياد المذكور في سند الحديث مشهورا بين أهل الحديث لا يمكن أن يشبه أمره على من شم رائحة الحديث. الثالث: من عجيب صنع اللَّه به أنه لم يجعل الأمر دائرا بين المذكور في السند وغيره بل جعله دائرا بين رجلين لم يذكر أحد منهما في السند. الرابع: أن الحديث خرجه الترمذى وحسنه، وكذلك حسنه جماعة من الحفاظ فكيف يكون حسن وفيه يزيد الدمشقى وهو واه. الخامس: السياق الذي ذكره في سبب الحديث وركب عليه ما ردَّ به قول المؤلف، ليس هو كذلك بل فيه حذف واختصار، ولفظه عند أبي داود الذي نقله منه عن عبد اللَّه بن عمر: "أنه كان في سرية من سرايا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: فحاص الناس حيصة فكنت فيمن حاص، فلما برزنا قلنا: كيف نصنع وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب، فقلنا ندخل المدينة فنثبت فيها لنذهب ولا يرانا أحد، قال: فدخلنا فقلنا: لو عرضنا أنفسنا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فإن كانت لنا توبة أقمنا وإن كان غير ذلك ذهبنا، قال فجلسنا لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل صلاة الفجر، فلما خرجنا قمنا

إليه فقلنا: نحن الفرارون، فأقبل إلينا نقال: لا بل أنتم العكارون، قال: فدنونا فقبلنا يده فقال: أنا فئة المسلمين". وهكذا أخرجه أحمد والبخارى في الأدب المفرد، والطحاوي في مشكل الآثار، وأبو نعيم في الحلية وآخرون، واختصره ابن ماجه وابن الأعرابى في جزء الفيل. السادس: قوله في شرح الحديث: "فليس من انحاز إليَّ في المعركة يعد فارا"، باطل من وجهين: أحدهما أن ابن عمر وأصحابه لم ينحازوا إليه في المعركة بل بعد انتهائها قدموا إليه في المدينة كما ذكرناه، ثانيهما: أن هذا حكم يستوى فيه كل الناس، فأى خصوصية فيه لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حتى يذكره لأمته، بل يكون إخباره به من باب تحصيل الحاصل. السابع: ما حكاه عن المؤلف في "مرقاة الصعود" واستبعده وعده ركيكا، هو المعنى الواجب المتعين في الحديث وما ذكره هو باطل فاسد من وجوه أولها: أنه اعتمد على بعده من ملائمة السبب، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. ثانيها: أن ابن عمر لم يتحيز إليه في المعركة بل رجع إلى المدينة وأخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بما صدر منه في مسجده الشريف عند خروجه لصلاة الفجر، فأجابه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنه فئة المسلمين، فكان دليلا صريحا على أن المراد هو ما قاله المؤلف رضي اللَّه عنه لا ما هذى به الشارح، إذ لو كان ما قاله حقا لكان موضع ذلك في المعركة وقت القتال.

ثالثها: أنه لو كان المعنى ما قاله الشارح لما كان في ذلك مزية وخصوصية للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل كل من تحيز إليه في وقت القتال فهو فئته، فأى مزية لذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نفسه بذلك لولا إرادة المعنى الذي يقوله المؤلف. رابعها: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أنا فئة المسلمين" والمسلمين لفظ عام يشمل المتصف بالإسلام إلى قيام الساعة ولا موجب لتخصيصه، بل التخصيص خلاف الأصل، وهو بدون مخصص تحكم باطل بإجماع، فتعين المعنى الذي قاله المؤلف -رضي اللَّه عنه- وهو أن من صدر منه ما يوجب اللوم والانزعاج شرعا وطبعا ودين ودنيا، فليرجع إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فإنه فئته، وبالرجوع إليه والاستشفاع بجنابه الكريم وجاهه العظيم يزول عنه كل ضيم ويدفع عنه كل عار ويمحى عنه كل ذنب، كما وقع للفارين من الزحف -وهو من أكبر الكبائر- برجوعهم إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- فإن من فاء إلى جنابه الأقدس وحِماه المنيع الأرفع ولو بعد تحقق الفرار من الزحف، فكأنه رجع إلى الفئة التي أباح اللَّه الرجوع إليها ساعة القتال، فلله در المؤلف رضي اللَّه عنه ما أسدَّ نظره وأصدق فراسته في الحديث.

1192/ 2701 - "أنا محمَّدُ وأحمدُ والمقفَّى والحاشرُ ونبيُّ التَّوبةِ ونبيُّ الرحمةِ" (حم. م) عن أبي موسى، زاد (طب) "ونبى الملحمة" قال في الكبير: وظاهر تخصيص المصنف الطبرانى بهذه الزيادة، أنها لا تعرف لأعلى منه، والأمر بخلافه، فقد خرجه أحمد عن حذيفة بلفظ "الملاحم" قال الزين العراقى: وإسناده صحيح. قلت: المصنف يورد حديث أبي موسى ويتكلم على ما وقع فيه من الروايات عند مخرجيه على حب ما وقف عليه أو ما تيسر له حال الكتابة، وهو ينتقده ويستدرك عليه بحديث آخر من رواية حذيفة كما هو حال الحمقى والمغفلين، وأى رابطة بين حديث أبي موسى وحديث حذيفة، فالرجل لا يتكلم على الألفاظ والمعانى من حيث هو ويعزوها لمخرجيها حتى ينتقد عليه بذلك، بل يتكلم على عزو الحديث من حيث لفظه الأول حسيما يقتضيه ترتيب كتابه، ومن حيث راويه الصحابى حسبما تقتضيه صناعة الحديث التي تجعل حديث كل صحابى وحده، وتحكم على كل حديث بحكمه. ولو أن الشارح استدرك عليه بوجود بتلك الزيادة عند من هو أولى بالعزو من الطبرانى من حديث أبي موسى نفسه لا من حديث حذيفة البعيد عن الموضوع، لكان استدراكه بتلك اللهجة المزرية ساقطا مسقطا لصحابه، إذ ليس ذلك من الواجب على المحدث، ولا المسيئ لمن سلك غيره وإلا فصنيع أكثر الحفاظ الكبار كذلك، ولو كان ذلك سائغا وكان الشارح في نظرنا محدثا أو معتبرا على الإطلاق لألزمناه بما هو أفحش حقيقة لا غلطا كما فعل هو مع المصنف، فإن هذه الزيادة التي عزاها لأحمد من حديث حذيفة البعيد عن حديث أبي موسى، هي موجودة من حديث أبي موسى نفسه في كثير من

كتب السنة المشهورة، منها تاريخ البخارى الصغير [1/ 36] قال فيه: حدثنا عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش عن عمرو -يعنى مرة- عن أبي عبيدة عن أبي موسى قال: "علمنا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أسمائه فمنها ما نسينا ومنها ما حفظنا، فقال: أنا محمد وأحمد والمقفى والحاشر ونبي الرحمة ونبي الملحمة". ومنها "الكنى والأسماء" للدولابى [1/ 2، 3] قال فيه: حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد العدوى أنا محمد بن شعيب قال: أخبرنى شيبان بن عبد الرحمن عن سليمان بن مهران الأعمش به مثله. ومنها في مشكل الآثار للطحاوى قاله فيه: حدثنا سليمان بن شعيب الكيسانى ثنا خالد بن عبد الرحمن الخراسانى ثنا المسعودى عن عمرو بن مرة به، إلا أنه زاد "نبي التوبة" وأسقط "نبي الرحمة" فقال: "أنا محمد وأحمد والمقفى والحاشر ونبي التوبة ونبي الملحمة". وكذلك حديث حذيفة الذي استدركه من مسند أحمد هو بذلك اللفظ فيما هو أشهر من المسند وأكثر تداولا منه، وهو شمائل الترمذى [ص 306، رقم 368]، قال فيه: حدثنا محمد بن طريف الكوفى ثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل عن حذيفة قال: "لقيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في بعض طرق المدينة فقال: أنا محمد وأنا أحمد وأنا نبي الرحمة ونبي التوبة وأنا المقفى وأنا الحاشر ونبي الملاحم". 1193/ 2703 - "أنا دعوةُ إبراهيم، وكان آخر من بشَّر بى عيسى ابن مريم" ابن عساكر عن عبادة بن الصامت

قال في الكبير: قضية كلام المصنف أنه لم يقف لأشهر ولا أقدم من ابن عساكر وهو غفلة، فقد رواه الحارث بن أبي أسامة والطيالسى والديلمى بأتم من هذا ولفظه: "أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة أخى عيسى ولما ولدت خرج من أمى نور أضاء ما بين المشرق والمغرب". قلت: المذكورون خرجوه بلفظ لا يدخل في هذا الكتاب أصلا، ومن حديث أبي أمامة لا من حديث عبادة بن الصامت، فالشارح ترك بيان ذلك تلبسيا وإتقانا للانتقاد. قال الحارث بن أبي أسامة: حدثنا الحكم بن موسى ثنا فرج بن فضالة عن لقمان بن عامر عن أبي أمامة قال: "قلت يا نبي اللَّه ما كان بدؤ أمرك؟ قال: دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى، ورأت أمى أنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام (¬1) ". وقال أبو داود الطيالسى [ص 155، رقم 1140]: حدثنا فرج بن فضالة به عن أبي أمامة قال: "قيل يا رسول اللَّه، فذكر مثله، فأول المرفوع منه "دعوة أبي إبراهيم" فيدخل في حرف "الدال"، إلا أنه يكون غير تام الفائدة، خبر مبتدأ محذوف دل عليه السؤال، وعليه فالواجب أن يعاد السؤال فيه من كلام أبي أمامة حتى يتم المعنى ويدخل في حرف الكاف فيقال: "كان بدؤ أمره دعوة أبي إبراهيم" وهذا تكلف أوجب للمصنف العدول إلى حديث عبادة بن الصامت. 1194/ 2705 - "أنا مدينةُ العلمِ وعَلي بابُها فمن أراد العلمَ فليأتِ البابَ" (عق. عد. طب. ك) عن ابن عباس. (عد. ك) عن جابر ¬

_ (¬1) انظر بغية الحارث (2/ 867، رقم 927).

قال الشارح: وهو حسن باعتبار طرقه لا صحيح ولا ضعيف فضلا عن كونه موضوعا، ووهم ابن الجوزى. قلت: بل الحديث صحيح لا شك في صحته، بل هو أصح من كثير من الأحاديث التي حكموا بصحتها كما أوضحت ذلك في جزء مفرد سميته: "فتح الملك العلى بصحة حديث باب مدينة العلم على" وهو مطبوع فارجع إليه تر ما يبهج خاطرك ويسر ناظرك. 1195/ 2706 - "أنا أوْلى النَّاس بعيسى ابن مريم في الدُّنيا والآخرة، ليس بيني وبينهُ نبيّ، والأنبياءُ أولاد علَّات أمهاتهم شتى ودينهم واحدٌ". (حم. ق. د) عن أبي هريرة قال في الكبير على قوله "ليس بيني وبينه نبي": أى من أولى العزم فلا يرد خالد بن سنان بفرض تسليم كونه بينهما، وإلا فقد قيل إن في سند خبره مقالا، وإنما دل بهذه الجملة الاستثنائية على الأولوية لأن عدم الفصل بين الشريعتين واتصال ما بين الدعوتين، وتقارب ما بين الزمانين صيرهما كالنسب الذي هو أقرب الأنساب. قلت: في هذا أمران أحدهما: أن خبر خالد بن سنان له طرق متعددة أفردته بجزء مستقل، وهو بتلك الطرق ثابت جزما لا شك فيه. ثانيهما: أن الإشكال الوارد من نبوته على هذا الحديث مدفوع بأمر واضح، إلا أنى لم أر من تنبه له ممن تكلم على الحديث وهو أن المراد بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس بينى وبينه نبي" في المستقبل فهو متضمن للإخبار بنزول عيسى عليه السلام آخر الزمان، وصريح أو كالصريح في أنه لا نبي بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا نبي بعدى"، يرشد إلى هذا أنه ورد في

بعض طرق هذا الحديث "لا نبي بيني وبينه إلا أنه خليفتى في أمتى من بعدى" وهذا هو وجه أولوية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به لأنه خليفته في أمته وسيحكم بشريعته، ويتولى أمر إصلاح أمته في آخر الزمان لا ما ذكره الشارح واللَّه أعلم. 1196/ 2708 - "أنا الشَّاهدُ على اللَّه أن لا يَعثُرَ عاقل إلا رفعهُ، ثمَّ لا يعثُرَ إلا رفعهُ، ثمَّ لا يعثُرَ إلا رفعهُ، حتَى يجعلَ مصيرَهُ إلى الجنَّة" (طس) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الهيثمى: إسناد. حسن، وأعاده في موضع آخر ثم قال: فيه محمد بن عمر الرومى، وثقه ابن حبان وضعفه جمع، وبقية رجاله ثقات. قلت: سند الحديث واحد ومن طريقه خرجه في المعجم الصغير أيضًا [2/ 98، رقم 852] فقال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن منصور البصرى ثنا يعقوب بن إسحاق أبو يوسف القلوسى ثنا محمد بن عمر الرومى الباهلى ثنا محمد بن مسلم الطائفى عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس به، وفي القلب من هذا الحديث شيء فلينظر فيه. 1197/ 2709 - "أنا برئ ممن حَلَقَ وَسَلَقَ وخَرَقَ" (م. ن. هـ) عن أبي موسى قال المؤلف: وظاهر صنيع المؤلف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه، والأمر بخلافه فقد عزاه لهما معا جمع منهم الصدر المناوى. قلت: لو سكت من لم يعلم لسقط الخلاف، قال البخارى [2/ 103، رقم 1296] وقال الحكم بن موسى: ثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمن بن جابر أن القاسم بن مخيمرة حدثه،

فائدة

قال: حدثنى أبو بردة بن أبي موسى قال: "وجع أبو موسى وجعا فغشى عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فلم يستطع أن يرد عليها شيئًا، فلما أفاق قال: إنى برئ ممن برئ منه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- برئ من الصالقة والحالقة والشاقة" اهـ. فانظر كم بين المتنين من الفرق وتعجب. 1198/ 2710 - "أنا وكافلُ اليتيم في الجنَّة هكذا" (حم. خ. د. ت) عن سهل بن سعد قال في الكبير: وظاهر صنع المصنف أن ذا مما تفرد به البخارى عن صاحبه، وليس كذلك، بل رواه مسلم عن عائشة وابن عمر بزيادة ولفظه: "أنا وكافل اليتيم له أو لغيره كهاتين". قلت: هذا كذب من وجهين: أحدهما ة أن مسلما لم يخرجه من حديث عائشة وابن عمر أصلا، وإنما خرجه من حديث أبي هريرة. ثانيهما: أن لفظ حديث أبي هريرة عنده [4/ 2287، رقم 2983/ 42]: "كافل اليتيم له أو لغيره" الحديث. وقد ذكره المصنف في حرف "الكاف" وعزاه إلى مسلم. فائدة في الباب عن جماعة بحيث يكاد يصل حد التواتر. 1199/ 2717 - " انْتظارُ الفرجِ عبادةٌ" (عد. خط) عن أنس

قال الشارح: بإسناد واه. وقال في الكبير عقب الرمزين: من حديث الحسن بن سليمان صاحب المصلى عن محمد الباغندى عن عبيد بن هشام الحلبى عن مالك عن الزهرى عن أنى ثم قال الخطيب: وهم هذا الشيخ على الباغندى وعلى من فوقه، وهما قبيحا، لأنه لا يعرف إلا من رواية سليمان الخبائرى عن بقية عن مالك، وكذا حدث به الباغندى وصاحب المصلى له أحاديث تدل على سوء ضبطه وضعف حاله اهـ. وقضية كلام المصنف أن هذا مما لم يتعرض له أحد من الستة لتخريجه وهو ذهول، فقد قال هو نفسه في الدرر عند الترمذى من حديث ابن مسعود في أثناء حديث بسند حسن هذه عبارته، وبه يعرف أنه كما لم يصب في اقتصاره على العزو للخطيب وحذف ما عقبه من بيان علته وضعفه لم يصب في عدوله عن العزو للترمذى لخروجه عن قانونهم. قلت: المصنف مصيب أولا وآخرا وأنت مخطئ في كل ما تهذى به كما أبينه من وجوه: الأول: أنه يقول عن الترمذى أنه خرجه أثناء حديث وهو يعلم أن موضوع هذا الكتاب ذكر الأحاديث بتمامها على ترتيب حروف أولها، فكيف ينتقل من حديث إلى قطعة من غيره، والشارح يتيقن هذا. الثانى: أنه يحتج على المصنف بما ذكره هو في الدرر ويريد أن يتجاهل الفرق بين موضوع كتاب الدرر الذي يقصد منه الكلام على الأحاديث المشتهرة من حيث هي، وموضوع الجامع الصغير الذي يقصد منه جمع الأحاديث مرتبة على حروف المعجم حسبما

وقعت عند مخرجيها ولو تكررت مرارا متعددة بحسب اختلاف ألفاظ رواتها ليسهل الكشف عنها. الثالث: من جهله أن ينقل عن المؤلف في "الدرر المنتثرة"، أن الترمذى خرجه ثم يتعقب عليه ويخطئه، ولا يدرى أن المصنف ذكره في الكتاب الذي هو بصدد شرحه، فقد ذكره في حرف السين بلفظ: "سلوا اللَّه من فضله، فإن اللَّه يحب أن يسأل، وأفضل العبادة" الحديث، وعزاه للترمذى عن ابن مسعود فكتب عليه هناك: "بإسناد حسن لا صحيح كما زعمه المؤلف ولا ضعيف كما جزم به غيره" اهـ. ونسى أنه نقل هنا عن المؤلف أنه قال في الدرر: بسند حسن، فرد عليه هنا وهناك. ونسى أيضًا أنه قال هنا: بسند واه، فقال هناك: ولا ضعيف كما جزم به غيره، لا يقال أنه يتكلم هنا على حديث أنس وهناك على حديث ابن مسعود، فإنه يضطرب ولا يمشى على قانون واحد، بل تارة يقصد الحديث من أصله -كما يفعل في العزو ويريد أن يلزم به المصنف- وتارة يقصد الطرق. الرابع: أنه قاله عقب رمز مخرجيه من حديث الحسن بن سليمان صاحب المصلى إلخ، وهو غلط فاحش، بل من حديث محمد بن جعفر بن الحسن ابن سليمان، فنقل الحديث من رواية الرجل إلى جده، وهذا منتهى ما يكون من الخبط والتخليط. الخامس: أنه قال: عقب مخرجيه من حديث الحسن بن سليمان إلخ فأفاد أن كلا من ابن عدى والخطيب خرجاه من طريقه، والواقع أن ابن عدى

تابع محمد بن جعفر بن الحسن عليه فشاركه في روايته عن شيخه محمد بن محمد بن سليمان الباغندى، إلا أن ابن عدى رواه عن الباغندى على الصواب، وصاحب المصلى غلط في سنده على الباغندي. السادس: أن تعرضه لذكر صاحب المصلى وتعليل الحديث به جهل تام بالصناعة الحديثية، فإن صاحب المصلى إنما تعرض الخطيب في ترجمته لبيان أنه روى هذا الحديث وغلط في إسناده لأنه قال [2/ 154، 155]: عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندى عن عبيد بن هشام الحلبي عن مالك. والحديث إنما رواه الباغندى عن سليمان بن سلمة الخبائرى عن بقية عن مالك، وعلته هو الخبائرى لا محمد بن جعفر صاحب المصلى، فإنه توبع عليه وخرَّجه ابن عدى وهو في طبقة صاحب المصلى راويه عن الباغندى، فلو تعرض المصنف لذكر هذا -كما يريده منه الشارح- لكان جاهلا، وحاشاه من ذلك. السابع: أنه لم يمل من هذا الانتقاد الباطل، وهو عدم تعرض المصنف لكلام المخرجين على الحديث الذي هو إلزام بما التزم المصنف عدم ذكره. الثامن: أن المصنف عوَّض عن ذكر كلام المخرجين الرمز، وقد رمز للحديث بعلامة الضعيف. التاسع: أن الشارح تعرض لمحمد بن جعفر صاحب المصلى الذي لا أثر لذكره في الحديث، وسكت عن علة الحديث وهو سليمان بن سلمة الخبائرى. العاشر: أنه قال في الصغير: "بسند واه" وهو حكم باطل، فإن الحديث إذا كان له طرق متعددة وشواهد قوية لا يقال عنه واه، كيف وهو يذكر وروده من حديث ابن مسعود بسند حسن فضلا عن كونه ورد من طرق أخرى أيضًا من حديث ابن عمر وعلى وجابر وابن عباس كما سيأتي بعد هذا في المتن.

1200/ 2718 - "انتظارُ الفرجِ بالصَّبرِ عبادةٌ" القضاعى عن ابن عمر وعن ابن عباس قال في الكبير على حديث ابن عمر: قال العامرى في شرح القضاعى: حديث حسن، وأقول: فيه عمرو بن حميد عن الليث، قال في الميزان: هالك أتى بخبر موضوع اتهم به. ثم ساق هذا الخبر ثم قال الشارح عقب حديث ابن عباس: قال الحافظ العراقى: وسنده ضعيف، قال: وروى من أوجه أخرى كلها ضعيفة، وقضية صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أحق بالعزو من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو عجيب، فقد خرجه البيهقى في الشعب باللفظ المذكور عن على أمير المؤمنين. قلت: المصنف قد ذكر حديث على عقب هذا مباشرة وإنما لم يجمعه مع هذا لمخالفته متنه بالزيادة المذكورة في حديث على، ولكونه لم يذكر فيه "الصبر" كما ذكر في حديث ابن عمر وابن عباس، كما نص عليه الحافظ العراقى في المغنى والسخاوى في المقاصد، وكل هذا لم يحل بين الشارح وبين اعتدائه على المصنف. 1201/ 2719 - "انتظارُ الفرجِ من اللَّه عبادةٌ، ومن رضى بالقليلِ من الرِّزق رضي اللَّه تعالى منه بالقليلِ من العملِ" ابن أبي الدنيا في الفرج، وابن عساكر عن على قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف كأنه لم يره لأشهر ولا أحق بالعزو من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو عجيب فقد خرجه البيهقى في

الشعب باللفظ المذكور عن على. قلت: البيهقى خرجه من طريق ابن أبي الدنيا فالعزو إليه أولى، لأنه هو الأصل مع أنه مشهور وكتابه متداول، بل أكثر تداولا وشهرة من شعب البيهقى، ولذلك لما عزاه السخاوى في المقاصد قال: رواه ابن أبي الدنيا [ص 17] والبيهقى [7/ 204، رقم 10003] من طريقه والديلمى، ومنه نقل الشارح ولكنه يتغافل. 1202/ 2721 - "انتهاءُ الإيمانِ إلى الورعِ، من قنع بما رزقهُ اللَّه دخل الجنَّةَ، ومن أراد الجنَّةَ لا شك فلا يخافُ في اللَّه لومةَ لائمٍ" (قط) في الأفراد عن ابن مسعود قلت: ومن أراد المقت من اللَّه لا شك فليكذب على رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن الحديث موضوع، فكان الواجب على المصنف عدم ذكره هنا. 1203/ 2723 - "أنزل اللَّه جبريلَ في أحسنَ ما كان يأتينى في صورةٍ فقال: إنَّ اللَّه يُقرئُك السَّلام يا محمدُ ويقول لك: إنِّى أوْحيتُ إلى الدُّنيا أن تمرَّرى وتكدَّرى وتضيَّقى وتشدَّدى على أوليائى كى يحبُّوا لقائى، فإنَّى خلقتُها سجنًا لأوليائى وجنَّةً لأعدائى" (هب) عن قتادة بن النعمان قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أن البيهقى خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه: لم نكتبه إلا بهذا الإسناد وفيهم مجاهيل. قلت: وقضية ظاهر حال الشارح أنه عاقل، والأمر بخلافه، فإن المصنف رمز له بالضعف كما رمز لاسم مخرجه ولم يتعرض لنقل كلام مخرج في علل الحديث، ولو فعل ذلك لما وضع الرموز، وكلام البيهقى المذكور نقله الشارح بواسطة المصنف فإنه لا يذهب ولا يجئ إلا في علمه ولا يعوم إلا في بحار فضله.

وبعد فالحديث أخرجه أيضًا الطبرانى في الكبير [19/ 7، رقم 11] قال: حدثنا الوليد بن حماد الرملى أنبأنا أبو محمد عبد اللَّه بن المفضل بن عاصم ابن عمر بن قتادة الأنصارى حدثنى أبي المفضل عن أبيه عاصم [عن أبيه عمر] عن أبيه قتادة بن النعمان قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر مثله. وهذا هو الطريق الذي يقول عنه البيهقى ما سبق، وله شاهد من حديث ابن مسعود مرفوعًا يقول اللَّه تعالى: "يا دنيا مرى على أوليائى لا تحلولى لهم فتفتنيهم وأكرمى مَنْ خدمنى وأتعبى مَنْ خدمك" أخرجه الحاكم في علوم الحديث في النوع الخامس والعشرين [ص 101]. ومن طريق عياض في معجمه. وأخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [2/ 325، 326، رقم 1453، 1454] والديلمى في مسند الفردوس [1/ 182، رقم 520] والخطيب في التاريخ [8/ 44] وابن الجوزى في الموضوعات [3/ 136]، وقد أوردت أسانيدهم في مستخرجى على مسند الشهاب، ويقول الخطيب ثم ابن الجوزى: إنه موضوع، فاللَّه أعلم. 1204/ 2726 - " أُنْزلَ القرآنُ على سبعةِ أحرفٍ، فمنْ قرأ على حرفٍ منها فلا يتحولْ إلى غيره رغبةً عنه" (طب) عن ابن مسعود قال في الكبير: ظاهر كلامه أن ذا لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول شنيع، فقد خرجه مسلم باللفظ المزبور من حديث أبي بن كعب، وهكذا عزاه له جمع منهم الديلمى. قلت: ما خرجه مسلم بهذا اللفظ لا من حديث ابن مسعود ولا من حديث أبي، وإنما أخرجه من حديث أبي بلفظين بعيدين عن هذا اللفظ:

أولهما [1/ 561، رقم 820/ 273]: عنه قال: "كنت في المسجد فدخل رجل يصلى فقرأ قرأءة أنكرتها عليه ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخَلنا جميعًا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ قراءة، فقرأ سوى قرأءة صاحبه فأمرهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقرأ فحسن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شأنهما، فسقط في نفسى من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما قد غشينى ضرب في صدرى ففضت عرقا وكأنما انظر إلى اللَّه عز وجل فرقا، فقال لى: يا أبي، أُرسل إلى أن اقرأ القرآن على حرف فرددت إليه أن هون على أمتى، فرد إلى الثانية اقرأه على حرفين، فرددت إليه أن هون على أمتى، فرد إلى الثالثة اقرأه على سبعة أحرف، فلك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها، فقلت: اللهم اغفر لأمتى، اللهم اغفر لأمتى، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إليَّ الخلق كلهم حتى إبراهيم -صلى اللَّه عليه وسلم-". ثانيهما [1/ 562، رقم 821/ 274]: عنه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان عند أضاة بنى غفار، قال: فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن اللَّه يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف، فقال: أسال اللَّه معافاته ومغفرته وإن أمتى لا تطيق ذلك، ثم أتاه الثانية فقال: إن اللَّه يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين، فقال: أسال اللَّه معافاته ومغفرته وإن أمتى لا تطيق ذلك، ثم جاءه الثالثة فقال: إن اللَّه يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف فقال: أسأل اللَّه معافاته ومغفرته وإن أمتى لا تطيق ذلك، ثم جاءه الرابعة فقال: إن اللَّه يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا" اهـ. فانظر كم بين الحديثين وحديث الباب ولكن الشارح لا يعقل ولا يبصر. وقد زاد في الشرح الصغير طامة أخرى فقال: بل خرجه عنه مسلم فذهل عنه

المؤلف اهـ. ففي الكبير قال: خرجه مسلم عن أبي، وفي الصغير جعل مسلما خرجه من حديث ابن مسعود نفسه. 1205/ 2727 - "أُنزلَ القرآنُ على سبعةِ أحرفٍ، لكلِّ حرفٍ منها ظهرٌ وبطنٌ، ولكلِّ حرفٍ حدٌ، ولكلّ حَدٍ مطلعٌ" (طب) عن ابن مسعود قال في الكبير: ورواه البغوى في شرح السنة عن الحسن وابن مسعود مرفوعًا. قلت: كذا وقع في الأصل، وهو غير متزن، وكأنه أراد أن يقول: رواه عن الحسن مرسلا، وابن مسعود موصولا، ثم في عزوه مرسل الحسن للبغوى في شرح السنة نظر (¬1)، فإنه أخرجه في تفسيره من حديث ابن مسعود كما سيأتى، أما مرسل الحسن فأخرجه الفريابى في تفسيره، قال: ثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: مثله سواء. ورواه السهروردى في العوارف من طريق أبي عبيد، ولعله في الغريب قال: حدثنا حجاج عن حماد بن سلمة عن على بن زيد عن الحسن عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما نزل من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن، ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع، فقلت: يا أبا سعيد ما المطلع؟ قال: قوم يعملون به". وأما حديث ابن مسعود، فورد عنه مرفوعًا وموقوفًا، فالمرفوع رواه ابن جرير ¬

_ (¬1) بل رواه البغوى في شرح السنة عن الحسن (1/ 262، رقم 122) بلفظ: "ما نزل من القرآن آية إلا لها ظهر وبطن، ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع. . "، ورواه عن ابن مسعود (1/ 263) باللفظ المذكور.

عن محمد بن حميد الرازى، ثنا جرير بن عبد الحميد عن مغيرة عن واصل ابن حيان عمن ذكره عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه، به مثله. ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده، والبغوى من طريقه [1/ 46] من هذا الوجه، فبين المهمل، قال ابن راهويه: ثنا جرير بن عبد الحميد عن المغيرة عن واصل بن حيان عن ابن هذيل عن أبي الأحوص به، ولفظه: "إن القرآن أُنزل على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن، ولكل حد مطلع". ورواه ابن جرير عن ابن حميد أيضًا [1/ 12]: ثنا مهران ثنا سفيان عن إبراهيم الهجرى عن أبي الأحوص به. ورواه الطحاوى في مشكل الآثار [8/ 87، رقم 3077]: ثنا إبراهيم بن أبي داود ثنا أيوب بن سليمان بن بلال ثنى أبو بكر بن أبي بشر عن سليمان بن هلال عن محمد بن عجلان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص به مختصرا: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن". وهكذا رواه محمد بن مخلد العطار في جزئه: ثنا على بن أحمد السواق ثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثنى أخى عن سليمان عن محمد بن عجلان به مثله. ورواه البزار من هذا الوجه ثم قال: لم يرو محمد بن عجلان عن إبراهيم الهجرى غير هذا الحديث. وتعقبه الحافظ نور الدين في الزوائد [3/ 90، رقم 2312] بأن ابن عجلان إنما يروى عن أبي إسحاق السبيعى. قلت: فكأن البزار لما رأى الحديث مرويا من طريق إبراهيم الهجرى، ظن أن

بعض الرواة دلسه بالاقتصار على ذكر كنيته والحديث صححه ابن حبان فأخرجه في الصحيح [1/ 276، رقم 75] وهو صحيح لا شك فيه واللَّه أعلم 1206/ 2728 - "أُنزلَ القرآنُ على ثلاثةِ أحرفٍ" (حم. طب. ك) عن سمرة قال الشارح: قال (ك): صحيح ولا علة له، وأقره الذهبى. قلت: لم يصب الحاكم في قوله "لا علة له"، ولا الذهبى في إقراره، فإن الحديث رواه أحمد [5/ 22] عن عفان: ثنا حماد أنا قتادة عن الحسن عن سمرة به. ورواه الطحاوى في المشكل [8/ 135، رقم 3119] عن إبراهيم بن مرزوق وعبد الرحمن بن الجارود كلاهما عن عفان به. ورواه الحاكم [2/ 223، رقم 3495] من طريق جعفر بن أبي عثمان الطيالسى ثنا عفان به ثم قال: قد احتج البخاري برواية الحسن عن سمرة واحتج مسلم بأحاديث حماد بن سلمة وهذا الحديث صحيح وليس له علة اهـ وهكذا رواه العقيلى عن حماد بن سلمة فيما ذكره الذهبى في الميزان [2/ 594، ترجمة رقم 2251]، ولعله من عند ابن عدى [2/ 262]. وكذلك رواه حجاج بن المنهال عن حماد فيما خرجه الخطيب في تاريخه [3/ 285]، لكنه مع كل هذا معلول، فقد رواه الدينورى في المجالسة فقال: حدثنا أحمد بن ملاعب ثنا عفان بن مسلم ثنا حماد بن سلمة فقال: حدثنا حميد ثنا أنس بن مالك عن عبادة أن أبيا قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنزل القرآن على ثلاثة أحرف" اهـ. وأحمد بن ملاعب ثقة حافظ متقن. وقد ذكر الذهبى هذا الحديث فيما أنكر على حماد مما تفرد به، لا سيما وقد اختلف عليه في إسناده كما ترى، فقول الحاكم: لا علة له غريب، وأغرب منه إقرار الذهبى واللَّه أعلم.

1207/ 2729 - "أُنزلَ القرآنُ على ثلاثةِ أحرفٍ، فلا تختلفوا فيه، ولا تحاجُّوا فيه، فإنَّه مباركٌ كلُّه، فاقرءوه كالذى أُقْرِئتُمُوه" ابن الضريس عن سمرة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الطبرانى والبزار لكن بلفظ: "ولا تجافوا عنه" بدل "تحاجوا فيه"، قال الهيثمى: وإسنادهما ضعيف اهـ. فما أوهمه صنيع المصنف من أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز غير جيد. قلت: لفظه عند البزار (¬1) والطبرانى [7/ 254، رقم 7032] عن سمرة: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يأمرنا أن نقرأ القرآن كما أقرئناه، وقال: إنه أنزل على ثلاثة أحرف، فلا تختلفوا فيه، فإنه مبارك كله، فاقرءوه كالذى أقرئتموه". وقال البزار: "لا تجافوا عنه" بدل "ولا تحاجوا فيه"، فما أوهمه كلام الشارح من أنهما روياه بلفظ "تجافوا" غلط، كما أن أوله مخالف للفظ المذكور هنا، فاستدراكه على المصنف ساقط. 1208/ 2731 - "أُنزلَ القرآنُ بالتفخيم" ابن الأنبارى في الوقف (ك) عن زيد بن ثابت قال في الكبير: رواه الحاكم من حديث بكار بن عبد اللَّه عن محمد بن عبد العزيز العوفى عن أبي الزناد عن خارجة عن زيد بن ثابت، قال الحاكم: صحيح، فقال الذهبى: لا واللَّه العوفى مجمع على ضعفه، وبكار ليس بعمدة والحديث واه منكر اهـ. وأنت بعد إذ عرفت حاله، علمت أن المصنف في سكوته عليه غير مصيب. ¬

_ (¬1) انظر مختصر الزوائد (2/ 129، رقم 1554).

قلت: بكار بن عبد اللَّه لم ينفرد به، فإن ابن الأنبارى رواه من غير طريقه، فقال: حدثنا بشر بن موسى ثنا محمد بن مقاتل ثنا عمار بن عبد الملك قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز القرشى قاض المدينة قال: حدثنا أبو الزناد عن خارجة ابن زيد عن زيد بن ثابت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أنزل القرآن بالتفخيم"، قال محمد بن مقاتل: سمعت عمارا يقول: "عذرا أو نذرا". قلت: وقد أبانت رواية ابن الأنبارى هذه أن الزيادة التي ذكرها الحاكم مدرجة في الحديث من بعض رواته، وإن ساقها الحاكم مساقا واحدا، ولفظه: "أنزل القرآن عليّ بالتفخيم كهيئة الطير عذرًا أو نذرا والصدفين، وألا له الخلق والأمر"، وأشباه ذلك في القرآن. وأما محمد بن عبد العزيز فلم أجد له متابعا، وليس من شرط المحدث أن ينص على رتبة كل حديث يذكره، بل لا يوجد في الدنيا من يفعل ذلك إلا ثلاثة أو أربعة من بين مائة ألف أو يزيدون. 1209/ 2732 - "أُنزلَ عليَّ آياتٌ لم يُر مثلَهنَّ قطُّ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} " (م. ت. ن) عن عقبة بن عامر قلت: لهذا الحديث عن عقبة طرق وألفاظ خرجها الطحاوى في مشكل الآثار (¬1). ¬

_ (¬1) انظر شرح مشكل الآثار (1/ 113: 117) أرقام (122: 128).

عن محمد بن حميد الرازى، ثنا جرير بن عبد الحميد عن مغيرة عن واصل ابن حيان عمن ذكره عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه، به مثله. ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده، والبغوى من طريقه [1/ 46] من هذا الوجه، فبين المهمل، قال ابن راهويه: ثنا جرير بن عبد الحميد عن المغيرة عن واصل بن حيان عن ابن هذيل عن أبي الأحوص به، ولفظه: "إن القرآن أُنزل على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن، ولكل حد مطلع". ورواه ابن جرير عن ابن حميد أيضًا [1/ 12]: ثنا مهران ثنا سفيان عن إبراهيم الهجرى عن أبي الأحوص به. ورواه الطحاوى في مشكل الآثار [8/ 87، رقم 3077]: ثنا إبراهيم بن أبي داود ثنا أيوب بن سليمان بن بلال ثنى أبو بكر بن أبي بشر عن سليمان بن هلال عن محمد بن عجلان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص به مختصرا: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن". وهكذا رواه محمد بن مخلد العطار في جزئه: ثنا على بن أحمد السواق ثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثنى أخى عن سليمان عن محمد بن عجلان به مثله. ورواه البزار من هذا الوجه ثم قال: لم يرو محمد بن عجلان عن إبراهيم الهجرى غير هذا الحديث. وتعقبه الحافظ نور الدين في الزوائد [3/ 90، رقم 2312] بأن ابن عجلان إنما يروى عن أبي إسحاق السبيعى. قلت: فكأن البزار لما رأى الحديث مرويا من طريق إبراهيم الهجرى، ظن أن

بعض الرواة دلسه بالاقتصار على ذكر كنيته والحديث صححه ابن حبان فأخرجه في الصحيح [1/ 276، رقم 75] وهو صحيح لا شك فيه واللَّه أعلم 1206/ 2728 - "أُنزلَ القرآنُ على ثلاثةِ أحرفٍ" (حم. طب. ك) عن سمرة قال الشارح: قال (ك): صحيح ولا علة له، وأقره الذهبى. قلت: لم يصب الحاكم في قوله "لا علة له"، ولا الذهبى في إقراره، فإن الحديث رواه أحمد [5/ 22] عن عفان: ثنا حماد أنا قتادة عن الحسن عن سمرة به. ورواه الطحاوى في المشكل [8/ 135، رقم 3119] عن إبراهيم بن مرزوق وعبد الرحمن بن الجارود كلاهما عن عفان به. ورواه الحاكم [2/ 223، رقم 3495] من طريق جعفر بن أبي عثمان الطيالسى ثنا عفان به ثم قال: قد احتج البخاري برواية الحسن عن سمرة واحتج مسلم بأحاديث حماد بن سلمة وهذا الحديث صحيح وليس له علة اهـ وهكذا رواه العقيلى عن حماد بن سلمة فيما ذكره الذهبى في الميزان [2/ 594، ترجمة رقم 2251]، ولعله من عند ابن عدى [2/ 262]. وكذلك رواه حجاج بن المنهال عن حماد فيما خرجه الخطيب في تاريخه [3/ 285]، لكنه مع كل هذا معلول، فقد رواه الدينورى في المجالسة فقال: حدثنا أحمد بن ملاعب ثنا عفان بن مسلم ثنا حماد بن سلمة فقال: حدثنا حميد ثنا أنس بن مالك عن عبادة أن أبيا قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنزل القرآن على ثلاثة أحرف" اهـ. وأحمد بن ملاعب ثقة حافظ متقن. وقد ذكر الذهبى هذا الحديث فيما أنكر على حماد مما تفرد به، لاسيما وقد اختلف عليه في إسناده كما ترى، فقول الحاكم: لا علة له غريب، وأغرب منه إقرار الذهبى واللَّه أعلم.

وهذا عجيب من ابن حبان، وليته إذ أنكر الحديث من رواية الزهرى عن أنس لم ينكره من حديث المخرج لهما في الصحيح. أما حديث عائشة فرواه ابن قتيبة في عيون الأخبار، قال. حدثنى شبابة قال: ثنا القاسم بن الحكم عن إسماعيل بن عياش عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أعن أخاك ظالما أو مظلوما، إن كان مظلوما فخذ له بحقه، وإن كان ظالما فخذ له من نفسه". وقال ابن منده في الأول من فوائده: أخبرنا على بن محمد بن عبد اللَّه المروزي بها ثنا سيف بن ريحان المروزى ثنا النضر بن شميل أنا هشام بن عروة به، ولفظه: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فخذ منه، وإن كان مظلوما فخذ له". 1213/ 2741 - "انظُروا قريشا، فخذُوا من قولِهم، وذَرُوا فعلَهُم" (حم. حب) عن عامر بن شهر قلت: أخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار [8/ 156، رقم 3131]، قال: حدثنا محمد بن على بن محرز البغدادى أبو عبد اللَّه ثنا محمد بن بشر العبدى ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن مجالد عن الشعبى عن عامر بن شهر قال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، مثله. وأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 40]، قال: حدثنا أبي ثنا أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن زياد أبو عمر الشروطى ثنا أحمد بن يونس الضبى ثنا محمد بن عيد ثنا إسماعيل بن أبي خالد به.

1214/ 2742 - "انظُروا إلى مَنْ هو أسفلَ منكُمْ، ولا تنظُروا إلى مَنْ هو فوقكُمْ، فهو أجدرُ أن لا تزْدَرُوا نعمةَ اللَّه عليكُمْ" (حم. م. ت. هـ) عن أبي هريرة قلت: رواه أيضًا الخطابى في العزلة [ص 42]، والبغوى في التفسير [4/ 74]، كلاهما من طريق إبراهيم بن عبد اللَّه العبسى: ثنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. ورواه ابن أبي الدنيا في الشكر [ص 76] من طريق جرير وأبي معاوية، كلاهما عن الأعمش به. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 260]، من طريق سعيد بن سالم القداح عن على بن صالح عن الأعمش به. ورواه في الحلية [8/ 118] من طريق محمد بن جعفر زنبور عن فضيل بن عياض عن الأعمش به مثله، ثم قال: رواه عبد الأعلى بن عبد الواحد الكلاعى عن عبد اللَّه بن وهب عن فضيل، فخالف أصحاب الأعمش -يعنى في إسناده إذ قال: عن الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن أبي هريرة، ثم أسنده كذلك، ثم قال: وهذا وهم من عبد الأعلى، أو ممن دونه، إنما يعرف للأعمش في هذا الحديث ثلاثة أقوال: الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة. والأعمش عن أبي سفيان عن جابر. والأعمش عن أبي وائل عن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهم أجمعين. قلت: القول الأخير أخرجه الطبرانى في الصغير [2/ 247، رقم 1107]: ثنا نفيس الرومي بمدينة عكا ثنا عبد الواحد بن إسحاق الطبرانى ثنا يحيى بن عيسى الرملى ثنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. قال الطبرانى: لم يروه عن الأعمش هكذا إلا يحيى بن عيسى

تفرد به عبد الواحد بن إسحاق، ورواه أصحاب الأعمش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وله طريق آخر عن أبي هريرة، أخرجه ابن أبي الدنيا في الشكر [ص 76]، من طريق ابن المبارك: أنا يحيى بن عبيد اللَّه قال: سمعت أبي قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أحب أحدكم أن يعلم قدر نعمة اللَّه عليه فلينظر إلى من هو تحته ولا ينظر إلى من فوقه". وفي الباب عن أبي ذر، في حديث الوصية الطويل عند أبي نعيم، في الحلية [1/ 168] وغيره، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص في الشكر لابن أبي الدنيا [ص 76]. 1215/ 2744 - "انظُرى أين أنتِ منه، فإنَّما هو جنَّتُك ونارُك" ابن سعد (طب) عن عمة حصين بن مِحصَن قال في الكبير: بضم أوله -يعنى الميم- وسكون ثانيه وكسر الصاد المهملة قال حصين: حدثتنى عمتى أنها ذكرت زوجها للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره، وصنيع المؤلف قاض بأنه لم ير هذا في أحد الكتب الستة وإلا لما أبعد النجعة لغيرها، وهو عجيب، فقد رواه النسائى من طريقين، وعزاه له جمع جم، منهم الذهبى في الكبائر. قلت: في هذا أمور، الأول: محصن بكسر الميم وفتح الصاد، لا كما ضبطه الشارح، فإنه خطأ محض. الثانى: الحديث لم يخرجه النسائى في الصغرى، التي هي أحد الكتب الستة، إنما خرجه في الكبرى [5/ 310، 8963]، والذهبى تابع فيما قال للحافظ المنذرى فإنه الذي قال ذلك في الترغيب والترهيب، وهو كأهل زمانه

ومن قبلهم، لم يكن عندهم الفرق بين الصغرى والكبرى شائعا مستعملا، وإنما شاع ذلك بين أهل القرن الثامن فمن بعدهم، فلذلك لم ينص على أن النسائى خرجه في الكبرى، وتبعه الذهبى، فأوقعا الشارح [في] الغلط والارتباك. الثالث: الحديث أخرجه أيضًا أحمد في المسند، والحاكم في المستدرك، قال أحمد [4/ 341، 6/ 419]: حدثنا يزيد بن هارون ويعلى -يعنى ابن عبيد- قالا: حدثنا يحيى بن سعيد عن بشر بن يسار عن حصين بن محصن أن عمة له أتت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حاجة، ففرغت من حاجتها، فقال لها: "أذات زوج أنت؟ قالت: نعم، قال: فأين أنت منه؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: انظرى أين أنت منه، فإنه جنتك ونارك". وعن يعلى بن عبيد، رواه ابن سعد في الطبقات [8/ 336]. وقال الحاكم [2/ 189، رقم 2769]: أخبرنى أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنا بشر بن موسى ثنا الحميدى ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد به، ثم قال: وهكذا رواه مالك بن أنس وحماد بن زيد والدراوردى عن يحيى بن سعيد، وهو صحيح، ولم يخرجاه. 1216/ 2745 - "أنْعمْ على نفسِك كما أنْعمَ اللَّه عليك" ابن النجار عن والد أبي الأحوص قلت: قال ابن النقور: أنا على بن محمد العلاف أنا على بن أحمد الحمامى أنا أبو عمرو بن السماك ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن أبيه قال: "أبصر على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثيابا خلقانا، قال: ألك مال؟ قلت: نعم، قال: أنعم على نفسك كما

أنعم الله عليك، قلت: إن رجلاً مر بي فأقريته فمررت به فلم يقرني أفأقريه؟ قال: نعم"، قال الذهبي: حديث صحيح. قلت: وهو مشهورٌ عن أبي الأحوص، وعن أبي إسحاق عنه، رواه عن أبي الأحوص أيضًا عبد الملك بن عمير، وأبو الزعراء عمرو بن عمرو. ورواه عن أبي إسحاق أيضًا شريك وسفيان وزهير وإسماعيل بن أبي خالد وشعبة والمسعودي ومعمر وإسرائيل وآخرون، ذكرت أسانيد جميعهم في مستخرجي على مسند الشهاب. 1217/ 2750 - "أنْكحُوا أمهاتِ الأولادِ، فإنِّي أُباهي بهمُ الأمم يوم القيامة". (حم) عن أبي عمرو قال الشارح: يحتمل أن المراد النساء اللاتي يلدن، فهو حث على نكاح الولود، وتجنب العقيم، وأن المراد السراري. قلت: الاحتمال الأول باطل، فإن الولود لا يقال لها أم ولد، لا لغة ولا عرفًا، اللهم إلا إذا كان المراد المرأة التي تزوجت وولدت ثم طلقت، أو مات عنها زوجها، وهؤلاء مرغوبٌ عنهن، بل ورد الحديث على تزوج الأبكار، والبكر لا يقال لها أم ولد، فليس للحديث إلا المعنى الثاني، وقد وردت فيه أحاديث أخرى تأتي في حرف العين بلفظ: "عليكم بالسراري". 1218/ 2756 - "أَنْهرِ الدَّم بما شئتَ، واذكرِ اسم الله عليه". (ن) عن عدي بن حاتم قال في الكبير: وظاهر صنيع المؤلف أن النسائي تفرد به عن الستة، والأمر بخلافه، بل خرجه أيضًا عن عدي: أبو داود وابن ماجه. قال ابن حجر:

ورواه أيضًا الحاكم وابن حبان، ومداره على سماك بن حرب عن مري بن قطري عن عدي اهـ. قلت: أبو داود وابن ماجه روياه بلفظ "أمرر الدم"، وقد قدمه المصنف كذلك في حرف الألف مع الميم، وعزاه لأحمد وأبي داود وابن ماجه والحاكم، والحديث مخرج في الستة، كلها بألفاظ متعددة، فلو جاز الاستدراك هنا، لكان بالبخاري ومسلم أولى. 1219/ 2758 - "أنْهكُوا الشَّواربَ، وأعفوا اللِّحى". (خ) عن ابن عمر قال في الكبير: وظاهره أنَّ ذا مما تفرد به البخاري عن صاحبه، والأمر بخلافه، فقد عزاه الديلمي وغيره إلى مسلم من حديث عبد الله بن عمر. قلت: هذا كالذي قبله، فمسلمٌ أخرجه بلفظ: "احفوا الشوارب، واعفوا اللحى" وقد تقدم للمصنف في حرف الألف مع الحاء، وعزاه لمسلم، والترمذي، والنسائي من حديث ابن عمر ولابن عدي من حديث أبي هريرة، فأين عقل الشارح من هذا حتى يفهم ويسكت. 1220/ 2759 - "اهتَبِلوا العفو عن عثراتِ ذوي المرُوءاتِ". أبو بكر بن المَرزُبان في كتاب المروءة عن عمر قال الشارح في الكبير في ضبط المرزبان بفتح الميم وسكون الراء وضم الزاي وفتح الباء الموحدة، نسبةً إلى جده، وهو محمد بن عمران بغدادي، صاحب أخبار وتصانيف، وقال في الصغير في ضبط المرزبان بضم الميم وسكون ... إلخ. قلت: هذا خطأ من وجوه: الأول: المرزبان هو بفتح الميم كما قال في

الكبير، لا بضمها كما قال في الصغير، فإنه رجوع من الصواب إلى الخطأ. الثانى: قوله نسبة إلى جده خطأ أيضًا، لأن المذكور ليس بنسبة، ولا فيه ياء النسب، بل هو نفس الاسم كما هو ظاهر. الثالث: قوله "وهو محمد بن عمران" خطأ أيضًا، فإن المذكور هنا هو أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان بن بسام الآجرى، وهو أقدم من الذي ذكره الشارح، مات سنة تسع بتقديم التاء وثلاثمائة، وأما محمد بن عمران الذي ذكره الشارح فهو المرزبانى، بزيادة ياء النسب، وكنيته أبو عبيد اللَّه بالتصغير لا أبو بكر، وهو المرزبانى المشهور صاحب المؤلفات الكثيرة في التاريخ واللغة والشعر والأدب، وهو متأخر الوفاة عن أبي بكر المذكور في الكتاب، فإنه مات سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وكتاب المروءة لأبي بكر محمد بن خلف بن المرزبان، لا لأبي عبيد اللَّه محمد بن عمران بن موسى الكاتب المرزبانى. 1221/ 2760 - "اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ" (حم. م) عن أنس (حم. ق. ت. هـ) عن جابر قال الشارح: وهو متواتر. قلت: تبع في هذا المؤلف، فإنه أورده في "الأزهار لمتناثرة" وقال: أخرجه أحمد والشيخان عن جابر، ومسلم عن أنس، والحاكم عن أسيد بن حضير، وأحمد والبزار عن ابن عمر، والطبرانى عن معيقيب، وأحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد اهـ. وليس هذا عدد التواتر، وإن ذكروا أنه وصل إلى عشرة طرق.

[قاعدة جليلة]

[قاعدة جليلة] وصرح المتأخرون بتواتره أيضًا، اعتمادا على قول ابن عبد البر أنه روى من وجوه كثيرة متواترة، لأن المتواتر في لسان الأقدمين كالطحاوى وابن حزم وابن عبد البر لا يريدون منه معناه الأصولى الاصطلاحى، وإنما يريدون منه تتابع الطرق وتواردها على معنى واحد، لأنهم يعبرون بذلك عما له ثلاثة طرق وأربعة، وهو لا يفيد التواتر جزما، وذلك غرَّ جماعة ومنهم المؤلف، فأكثر في كتابه من الأحاديث المشتهرة، وظنها متواترة، وكذلك شيخنا في "نظم المتناثر"، بل أورد فيه الضعيف وعده متواترا. 1222/ 2761 - "أهل البدع شر الخلق والخليقة" (حل) عن أنس قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: ما هو ضعيف، بل شده على شرط الصحيح، فأبو نعيم رواه في الحلية من طريق الطبرانى وغيره، ثم من رواية محمد بن عبد اللَّه بن عمار: ثنا المعافى بن عمران عن الأوزاعى عن قتادة عن أنس به، ثم قال: تفرد به المعافى عن الأوزاعي بهذا اللفظ ورواه عيسى بن يونس عن الأوزاعى نحوه. فهؤلاء ثقات من رجال الصحيح إلا محمد بن عبد اللَّه بن عمار الموصلى، فهو من رجال النسائى وهو أيضًا ثقة حافظ، وقد رواه عنه جماعة منهم أحمد بن حماد بن سفيان كما عند أبي نعيم في الحلية، وعلى بن سعيد

الرازى كما عند الطبرانى، وأبي نعيم في الحلية أيضًا، وأحمد بن محمد بن السكن كما عند أبي نعيم في "تاريخ أصبهان" ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندى الحافظ. كما أسنده الذهبى في الميزان من رواية الدارقطنى، ولعله في "الأفراد" عن الباغندى. ثم قال الذهبى عقبه: غريب جدا، وتابع محمد بن عبد اللَّه بن عمار، على بن عمر الموصلى كما عند أبي نعيم في "تاريخ أصبهان" في ترجمة فيروز بن عبد العزيز، فالحديث على شرط البخارى. 1223/ 2762 - "أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون منها من هذه الأمة، وأربعون من سائر الأمم" (حم. ت. هـ. حب. ك) عن بريدة (طب) عن ابن عباس، وعن ابن مسعود قال في الكبير على حديث مبريدة: قال الحاكم: على شرطهما، وقال الترمذى: حسن ولم يبين لم لا يصح، قيل: لأنه روى مرسلا ومتصلا، قال في المنار: ولا ينبغى أن يعد ذلك مانعا لصحته. وقال على حديث ابن عباس: قال الهيثمى: فيه خالد بن يزيد الدمشقى، وهو ضعيف ووثق. وعلى حديث ابن مسعود قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، غير الحارث ابن حصيرة، وهو ثقة. وعلى حديث أبي موسى قال الهيثمى: فيه القاسم بن غص، وهو ضعيف،

وأعاده مرة أخرى ثم قال: فيه سويد بن عبد العزيز، وهو ضعيف جدا، وفي اللسان كالميزان: هذا حديث منكر. قلت: هذا تهافت ونقل متضارب يوقع الناظر في حيرة وفيه مع ذلك خطأ في النقل، فاللسان ليس فيه أنه منكر، وإنما ذلك في الميزان بالنسبة لرواية ضرار بن عمرو الملطى خاصة، ورد ذلك الحافظ في اللسان، قال الذهبى: ضرار بن عمرو الملطى عن يزيد الرقاشى وغيره، روى أحمد بن سعيد بن أبي مريم عن يحيى: لا شيء، وقال الدولابى: فيه نظر، ومن مناكيره عن محارب بن دثار عن أبي بريدة عن أبيه رضي اللَّه عنه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أهل الجنة عشرون ومائة صف، هذه الأمة منها ثمانون صفا" ثم ذكر حديثين آخرين، فقال الحافظ: وحديث بريدة ليس هو من منكراته كما هنا، فقد رواه ضرار بن مرة الثقة الثبت عن محارب بن دثار عن سليمان ابن بريدة عن أبيه، أخرجه الترمذى من طريقه، وقال: حسن. وقد روى عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعنى مرسلا. قلت: لكن اختلف فيه على علقمة، فوصله ابن حفص عن الثورى عنه، واللَّه أعلم اهـ. فالحافظ لم يقل في اللسان: إنه منكر، كما عزاه إليه الشارح، بعد أن نقل تحسينه عن الترمذى، وتصحيحه عن غيره. والحديث رواه عن محارب بن دثار رجلان كل منهما اسمه ضرار، فالأول ضرار بن عمرو الملطى كما سبق.

والثانى ضرار بن مرة، ومن طريقه أخرجه أحمد في مسنده: ثنا عفان ثنا عبد العزيز بن مسلم ثنا أبو سنان عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكره. ورواه الترمذى: حدثنا حسين بن يزيد الطحان الكوفى ثنا محمد ابن فضيل عن ضرار بن مرة به، ثم قال: "وقد روى هذا الحديث عن علقمة ابن مرثد عن سليمان بن بريدة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلا، ومنهم من قال: سليمان بن بريدة عن أبيه، وحديث أبي سنان عن محارب ابن دثار حسن، وأبو سنان اسمه ضرار بن مرة اهـ. ورواه الطحاوى في "مشكل الآثار": ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا عفان بسنده المار عند أحمد. وأخرجه الحاكم عن شيخه الأصم: ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا محمد بن فضيل ثنا أبو سنان ضرار بن مرة به، ثم قال: صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبى. وأخرجه أبو سعيد النقاش في "فوائد العراقيين": أخبرنا أبو بكر عمر بن أحمد بن القاسم النهاوندى ثنا محمد بن أيوب بن يحيى الرازى ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عبد العزيز ابن مسلم ثنا ضرار أبو سنان به. لكنه وقع مرسلا في أصلى من نسخة الفوائد دون ذكر بريدة.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن باللَّه" [84 رقم 74]: ثنا يحيى ابن إسماعيل ثنا ابن فضيل ثنا أبو سنان ضرار (¬1) بن مرة. وروى هذا الحديث سفيان الثورى، وورد عنه على قولين: القول الأول: عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه، هكذا قال عنه حسين بن حفص الأصبهانى ومؤمل بن إسماعيل وعمرو بن محمد العنقزى وعماز بن محمد ومعاوية بن هشام، إلا أن الأخير شك في ذكر أبيه، وخالفهم يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدى فروياه عن الثورى مرسلًا دون ذكر بريدة. أما رواية الحسين بن حفص فخرجها ابن ماجه [2/ 1433، رقم 4289] عن عبد اللَّه بن إسحاق الجوهرى. وخرجها الحاكم [1/ 82، رقم 274] من طريق لبيد بن عاصم. وخرجها أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 328] من طريق محمد بن يونس الكديمى ثلاثتهم عن الحسين بن حفص: ثنا سفيان الثورى عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به. وأما رواية مؤمل بن إسماعيل فأخرجها الحاكم في المستدرك [1/ 82 رقم 274] من طريق عبدان الأهوازى عن الحسن بن الحارث عن مؤمل بن إسماعيل عن سفيان به مثله. وأما رواية العنقزى [1/ 82 رقم 274] فخرجها الحاكم أيضًا من رواية محمد ابن غالب عن عبد اللَّه بن عمر عن عمرو بن محمد العنقزى عن سفيان به. وأما رواية عمار بن محمد فقال ابن السبط في فوائده: وهو أبو سعيد المظفر ¬

_ (¬1) في الأصل "ضرير" والصواب ما أثبتناه، وانظر تهذيب الكمال (13/ 306، ترجمة 2933) وهو الذي يروى عنه محمد بن فضيل.

ابن الحسن بن السبط أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت ثنا يوسف ابن البهلول ثنا الحسن بن عرفة ثنى عمار بن محمد عن سفيان الثورى به. وأما رواية معاوية بن هشام فأخرجها الدارمى [2/ 337]: أخبرنا محمد بن العلاء ثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة قال: أراه عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره. وأما رواية يحيى بن سعيد وابن مهدى فذكرها الحاكم في المستدرك [1/ 82، رقم 274]، ولا شك أن القول قول من وصل الحديث دون من أرسله. القول الثانى: لسفيان في هذا الحديث عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، قال أبو عمرو بن حمدان في "فوائد الحاج": حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن موسى عبدان الأهوازى ثنا محمد بن بكار العيشى ثنا حماد بن عيسى عن الثورى عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أهل الجنة عشرون ومائة صف، أنتم ثمانون صفا والناس بعد ذلك". وقال خيثمة بن سليمان: ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن بكار الصيرفى ثنا حماد بن عيسى به. وأما حديث ابن مسعود، فلم ينفرد الطبراني بإخراجه، بل أخرجه أحمد [1/ 453]: ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا الحارث بن حصيرة ثنا القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وأخرجه الطحاوى في مشكل الآثار: [1/ 337، رقم 166] عن إبراهيم ابن مرزوق عن عفان شيخ أحمد، ورواه الحاكم في المستدرك وقال: عبد

الرحمن لم يسمع من أبيه في أقصر الأقاويل، وأخرجه الطبرانى أيضًا في الصغير عن أحمد بن القاسم بن مساور الجوهرى عن عفان به، ثم قال لم يرويه عن القاسم إلا الحارث تفرد به ابن زياد. 1224/ 2763 - "أهلُ الجنَّةِ جُردٌ مُردٌ كُحلٌ، لا يَفنَى شَبابُهم ولا تَبْلى ثِيابُهُم". (ت) عن أبي هريرة قال في الكبير: وقال (ت): حسن غريب اهـ. وفيه معاذ بن هشام حديثه في الكتب الستة، قال ابن معين: صدوق وليس بحجة. قلت: كأنه يشير إلى الرد على الترمذى في تحسينه الحديث، فمعاذ بن هشام ثقة من رجال الصحيحين والسند فيه من هو متكلم فيه، بل هو ضعيف وهو شهر بن حوشب، ولذلك في نسختنا من الترمذى: غريب وليس فيه حسن، فترك الشارح من يعلل به الحديث وتعلق بأذيال الثقة الذي لا مغمز فيه، وكون يحيى قال فيه ذلك فمن أجل القدر لا من ضعفه في الرواية على أن في الباب شواهد لهم من حديث أبي هريرة وأنس ومعاذ وغيرهم. 1225/ 2764 - "أهلُ الجنَّةِ مَنْ مَلأَ اللَّهُ أُذنَيهِ من ثَنَاءِ النَّاسِ خَيْرًا وهو يَسْمَعُ، وأهَلُ النَّارِ مَنْ مَلأَ اللَّه أُذَنيه من ثَناءِ الناسِ شرًّا وهو يَسْمَعُ" (هـ) عن ابن عباس قال الشارح: وفيه أبو الجوزاء فيه مقال. وقال في الكبير: فيه أبو الجوزاء، قال الذهبى: قال البخارى: فيه نظر

قلت: الحديث صحيح، وأبو الجوزاء ثقة عابد صدوق من رجال البخارى ومسلم والأربعة، لا مطعن فيه ولا مغمز أصلًا، والبخارى لم يقل: فيه نظر ولا نقل الذهبى ذلك عنه أصلًا، بل قال البخارى: في إسناده نظر، وهكذا نقله عنه الذهبى ولكن الشارح لبعده عن الفن يحرف ويقلب ويبدل ويغير ويأتي بالطامات، وفرق كبير بين "فيه نظر"، و"في إسناده نظر" فإن الأول: طعن في الرجل بل هو في اصطلاح البخارى من أشد الجرح. والثانى: وهو في إسناده نظر ليس بطعن في الرجل ولا يحوم حوله أصلًا وإنما هو كلام في السند إليه أو في سماعه من شيوخه، وقد تكلم الحفاظ وأئمة الجرح على هذه المقالة بخصوصها: فقال ابن حبان في الثقات: [1/ 278، رقم 1045] كان عابدًا فاضلًا، وقول البخارى: في إسناده نظر ويختلفون فيه، إنما قاله عقب حديث رواه في التاريخ من رواية عمرو بن مالك النكرى، والنكرى ضعيف عنده. وقال ابن عدى: حدث عنه عمرو بن مالك قدر عشرة أحاديث غير محفوظة، وأبو الجوزاء روى عن الصحابة وأرجو أنه لا بأس به، ولا يصح روايته عنه أنه سمع منهم، وقول البخارى في إسناده نظر يريد أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما، لا أنه ضعيف عنده، وأحاديثه مستقيمة. قلت: لو كان ضعيفا عنده، لما روى عنه في الصحيح، وليس كل من ذكره الذهبى في الميزان ضعيفًا، لا في نفى الأمر ولا عند الذهبى أيضًا، فقد قال هو نفسه: قد كتبت في مصنفى الميزان عددًا كثيرًا من الثقات الذين احتج البخارى ومسلم أو غيرهما بهم لكون الرجل منهم قد دون اسمه في مصنفات الجرح، وما أوردتهم لضعف فيهم عندى، بل ليعرف ذلك، وما زال يمر بى

الرجل الثبت، وفيه مقال مَنْ لا يعبأ به، ولو فتحنا هذا الباب على نفوسنا لدخل فيه عدة من الصحابة والتابعين والأئمة إلخ ما قال في الفصل المعروف عنه في ذلك وهو في جزء صغير مطبوع. والشارح في غفلة عن هذا وعن التحقق بحقائق الرجال، كلما رأى رجلًا في الميزان أو رأى فيه كلمة جرح طار بها وحكم على الحديث بالضعف من أجله، فجرح بذلك نفسه وأسقط عن درجة الاعتبار كلامه وكتابه. والحديث خرجه أيضًا الطبرانى [12/ 170، رقم 12787] وعنه أبو نعيم في الحلية [3/ 80] من رواية على بن عبد العزيز البغوى وهو شيخ الطبرانى، فيه عن مسلم بن إبراهيم: ثنا أبو هلال الراسبى ثنا عقبه بن أبي ثبيت الراسبى عن أبي الجوزاء عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. قال أبو نعيم لم يرفعه ولم يسنده إلا مسلم عن أبي هلال. وأخرجه البيهقى في الزهد: أخبرنا أبو نصر بن قتادة أنبأنا أبو على الرفا ثنا على بن عبد العزيز به. ورواه ابن المبارك في الزهد [ص 154، رقم 455] في باب الرياء: قال أخبرنا محمد بن سليم عن عقبة بن أبي ثبيت عن أبي الجوزاء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا أخبركم بأهل الجنة وأهل النار، أهل الجنة" وذكره هكذا أخرجه مرسلًا دون ذكر ابن عباس. وأخرجه كذلك مرسلًا أحمد في مقدمة كتاب الزهد [1/ 51] قال: حدثنا عبد الصمد ثنا أبو هلال ثنا عقبة بن أبي ثبيت عن أبي الجوزاء مرسلًا: "ألا أنبئكم بأهل الجنة وأهل النار". الحديث.

ورواه الحاكم في المستدرك [1/ 378، 1400] في كتاب الجنائز منه من حديث أنس بن مالك فقال: حدثنا عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عبيد الأسدي بهمدان ثنا إبراهيم بن الحسين ديزيل ثنا آدم بن أبي إياس ثنا حماد بن سلمة ثنا ثابت البنانى عن أنس بن مالك قال: "قيل يا رسول اللَّه من أهل الجنة؟ قال: من لا يموت حتى تملأ أذناه مما يحب، قيل من أهل النار؟ قال: من لا يموت حتى تملا أذناه مما يكره" ثم قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبى. ورواه البيهقى في الزهد عن الحاكم بهذا الإسناد، ثم قال: هكذا أخبرنا موصولًا، وقد ذكره البخارى في التاريخ [2/ 93] عن موسى: هو ابن إسماعيل عن حماد عن ثابت عن أبي الصديق عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا. ورواه عن عبد السلام بن مطهر عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أهل الجنة من لا يموت حتى يملأ مسامعه مما يحب" قلت: لكن رواه ابن المبارك في الزهد في باب الاجتهاد في العمل (¬1)، والخشوع عن سليمان بن المغيرة عن ثابت مرسلًا مثل سياق الحاكم، فهذا اختلاف على ثابت في الحديث. 1226/ 2765 - "أهلُ الجورِ وأعوانُهم في النارِ". (ك) عن حذيفة قال الشارح: قال الحاكم: صحيح، وتعقبه الذهبى فقال: بل منكر. قلت: لم يبين سبب ذلك، والحديث رواه الحاكم [4/ 89، رقم 7007] ¬

_ (¬1) لم أجده في الزهد لابن المبارك، ولم أجد بابا بهذا الاسم فيه، وإنما وجدته في زوائد الزهد برواية أبي نعيم (ص 61، رقم 214) باب في الذب عن عرض المؤمن بنفس السند واللفظ المذكورين، فاللَّه أعلم.

عن أبي بكر بن إسحاق الفقيه: أنا محمد بن أيوب أنا عتبان بن مالك ثنا عيينة بن عبد الرحمن أخبرنى مروان ابن عبد اللَّه مولى صفوان بن حذيفة عن أبيه عن حذيفة به، ومروان بن عبد اللَّه، ذكره الذهبى في الميزان فقال مروان بن عبد اللَّه بن صفوان بن حذيفة بن اليمان عن أبيه لا يعرف هو ولا أبوه، قال العقيلى وحديثه غير محفوظ، وقال الحافظ في اللسان: قال العقيلى مجهول بالنقل هو وأبوه، وحديثه غير محفوظ، ثم ساق من طريق عيينة بن عبد الرحمن عنه عن أبيه فذكر هذا الحديث، كذا وقع في الميزان، ولسانه، مروان بن عبد اللَّه بن صفوان بن حذيفة، على أنه من ذرية حذيفة، والذي في المستدرك: مروان ابن عبد اللَّه مولى صفوان بن حذيفة، وكذلك هو في مسند الفردوس للديلمى [3/ 42، رقم 3813] من طريق أبي بكر الدارع عن إبراهيم الحربى عن عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه عن عنبسة ابن عبد الرحمن عن مروان مولى حذيفة عن أبيه عن حذيفة، مرفوعًا: "الظلمة وأعوانهم في النار"، وقد وقع في سند الديلمى عنبسة بن عبد الرحمن بالنون والباء الموحدة والسين، بدل عيينة، وعنبسة متروك وعيينة ثقة، فيحتاج إلى تحرير، إلا أن الحاكم غالبًا لا يخرج لعنبسة بن عبد الرحمن واللَّه أعلم. 1227/ 2766 - "أهلُ الشامِ سوطُ اللَّه تعالى في الأرض، ينتقمُ بهم ممن يشاءُ من عبادِه، وحرامٌ على منافقِيهم أن يظهرُوا على مؤمنيهِم، وأن يَموتُوا إلا همَّا وغمَّا وغيظًا وحزنًا". (حم. ع. طب) والضياء عن خريم بن فاتك قلت: هذا حديث كذب موضوع على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليس هو من كلامه ولا ألفاظه بألفاظ نبوية ولا خبره مطابق للواقع، والصحيح فيه أنه من كلام

خريم بن فاتك كما أخرجه أحمد في مسنده موقوفًا عليه لم يرفعه، ولذلك يلام المصنف على عزوه لأحمد مرفوعًا، وخريم كان بالشام وكانت السياسة المعاوية تأمر بمثل هذا الكلام، ونسبة مثله إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تثيبتًا لقدم المملكة وانتصارًا على الخصوم وإغواء للعامة والدهماء، وجل الأحاديث الواردة في فضل الشام وأهله من هذا القبيل وللَّه الأمر من قبل ومن بعد. 1228/ 2768 - "أهلُ القرآنِ أهلُ اللَّه وخاصتهِ". أبو القاسم بن حيدر في مشيخته عن على قال في الكبير: وظاهره أنه لا يوجد مخرجا لأحد من الستة، وإلا لما أبعد النجعة وهو ذهول عجيب فقد خرجه النسائى في الكبرى وابن ماجه وكذا الإمام أحمد والحاكم من حديث أنس، قال الحافظ العراقى: بإسناد حسن، والعجب أن المصنف نفسه عزاه لابن ماجه وأحمد في الدرر عن أنس. قلت: ليس العجب من المصنف ولكن العجب من غفلة الشارح، فإن حديث أنس لفظه: "إن للَّه أهلين من الناس قالوا من هم يا رسول اللَّه؟ قال: أهل القرآن" الحديث. وقد سبق للمصنف ذكره في حرف "إن" وعزاه لأحمد والنسائى وابن ماجه والحاكم، أما "الدرر المنتثرة" فالمصنف لا يراعى فيها ألفاظ المخرجين وإنما يراعى اللفظ المتداول المشهور على الألسنة. 1229/ 2771 - "أهلُ شغلِ اللَّهِ في الدنيا هم أهلُ شغل اللَّه في الآخرةِ، وأهلُ شغلِ أنفسِهم في الدنيا هم أهلُ شغلِ أنفسِهم في الآخرة". (قط) في الأفراد، (فر) عن أبي هريرة

قلت: قال الديلمى [1/ 497، رقم 1665]: أخبرنا أبو ثابت بنجير بن منصور بن على الصوفى عن جعفر بن محمد الأبهرى عن على بن أحمد الجزرى عن محمد بن القاسم بن محمد عن الحسن بن على عن محمد بن ثابت عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به. 1230/ 2777 - "أوتى موسى الألواحَ، وأوُتيتُ المثانى". أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين عن ابن عباس قلت: قال النقاش: في فوائده المذكورة: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الجرجانى ثنا الحين بن أحمد بن منصور أبو عبد اللَّه ثنا أبو معمر ثنا جرير عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. 1231/ 2778 - "أوثق عرى الإيمان الموالاة في اللَّه، والمعاداة في اللَّه، والحب في اللَّه والبغض في اللَّه عز وجل". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: وفي الباب عن البراء أيضًا كما خرجه الطيالسى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تدرون أى عرى الإيمان أوثق، قلنا الصلاة، قال: الصلاة حسنة وليست بذلك، قلنا: الصيام، قال: مثل ذلك حتى ذكرنا الجهاد، فقال: مثل ذلك" ثم ذكره. قلت: في هذا الاستدارك أمور أحدها: أن حديث البراء لم يخرجه الطيالسى وحده بل خرجه من هو أشهر منه وهو أحمد في المسند [4/ 286]، والبيهقى في الشعب [1/ 445، رقم 13]. ثانيها: أنه تقدم قريبًا للمصنف بلفظ: "إن أوثق عرى الإسلام" وعزاه لأحمد وابن أبي شيبة والبيهقى في الشعب فنسى الشارح وغفل.

ثالثها: أن في الباب ما لم يذكره المصنف وهو حديث ابن مسعود أخرجه أبو داود الطيالسى في مسنده [ص 50 رقم 378]، والطبرانى في الصغير [1/ 373، رقم 624]، وأبو يعلى، وابن جرير في التفسير، والحاكم في المستدرك [2/ 480، رقم 3790] وأبو نعيم في الحلية [4/ 177] وابن عبد البر في العلم وآخرون مطولًا ومختصرًا، وفيه: "أوثق عرى الإيمان الولاية في اللَّه، والحب فيه والبغض فيه" الحديث، وقد أطلت الكلام عليه في "فك الربقة بطرق حديث تفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة". 1232/ 2780 - "أوحَى اللَّه تعالى إلى نبي من الأنبياءِ أن قلْ لفلان العابدِ: أما زهدُك في الدنيا فتعجلتَ [به] راحةَ نفسِك، وأما انقطاعُكَ إليَّ فتعززتَ بى، فماذا عملتَ فيما لى علَيك؟ قال يا ربِ وماذا لك عليَّ؟ قال: هل عاديتَ فيَّ عدوا؟ أو هل واليتَ فيَّ وليا؟ ". (حل. خط) عن ابن مسعود قال في الكبير: وفيه على بن عبد الحميد، قال الذهبى: مجهول، وخلف ابن خليفة أورده في الضعفاء، وقال: ثقة كذبه ابن معين. قلت: خلف بن خليفة صدوق من رجال مسلم وإنما اختلط في آخر عمره، وليس هو علة الحديث، ولا على بن عبد الحميد، وإنما علته حميد بن عطاء الأعرج، فالحديث رواه أبو نعيم في الحلية [10/ 316]: ثنا على بن محمد ابن إسماعيل الطوسي بمكة حدثنا على بن عبد الحميد الجرجانى ثنا محمد بن محمد بن أبي الورد قال: حدثنى سعيد بن منصور ثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعوج عن عبد اللَّه بن الحارث عن عبد اللَّه بن مسعود به. ورواه أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن في الأربعين له عن شيخ أبي نعيم

على بن محمد بن إسماعيل الطوسي به، ومن طريقه رواه القاضى عياض في معجمه. ورواه الخطيب عن عبد اللَّه بن على القرشى [3/ 202]: ثنا أبو جعفر محمد بن الحسن اليقطينى ثنا على بن عبد الحميد الغضائري به. فعلي بن عبد الحميد هذا ليس هو الذي قال فيه أبو حاتم: مجهول، ونقل ذلك في الميزان، بل ذاك أقدم من هذا، وحميد الأعرج منكر الحديث قال ابن حبان: يروى عن عبد اللَّه بن الحارث عن ابن مسعود نسخة كأنها موضوعة، وقال الدارقطنى: متروك وأحاديثه شبه موضوعة، وقال ابن عدى: هذه الأحاديث عن عبد اللَّه بن الحارث ليست بمستقيمة ولا يتابع عليها، وقال أبو حاتم: لا نعلم لعبد اللَّه بن الحارث عن ابن مسعود شيئًا. قلت: وقد وجدت هذا الخبر عن الفضيل بن عياض مقطوعا، قال الدينورى: في السابع من المجالسة: ثنا محمد بن يونس ثنا الحميدى قال: سمعت الفضيل يقول: "أوحى اللَّه تعالى إلى نبي من الأنبياء" فذكر مثله، فإن لم يكن رواه عن حميد الأعرج فهو شاهد جيد واللَّه أعلم. 1233/ 2781 - "أوحَى اللَّه تعالى إلى إبراهيمَ: يا خليلي، حسِّنْ خلقكَ ولو مع الكفارِ تدخلُ مداخلَ الأبرارِ فإن كلمتِى سبقتْ لمن حَسُن خلقُه أن أظلَّه في عرشِى، وأن أسُكنَه حظيرةَ قُدسى، وأن أُدنِيهِ من جوارِى". الحكيم (طس) عن أبي هريرة

قال في الكبير: رواه الحكيم الترمذى عن أبي هريرة. قال الزيلعى: وهذا معضل. قلت: وكذلك نقْلُ الشارح معضل، وهو بمجرده غير مفهوم، وإن كان الزيلعى لم يجد التعبير عنه، وذلك أنه ذكره في سورة مريم، من تخريج أحاديث الكشاف [2/ 326]، وعزاه إلى الطبرانى في الأوسط، ثم قال: ورواه أبو عبد اللَّه الترمذى الحكيم في كتابه "نوادر الأصول" في الأصل الثانى والثلاثين بعد المائتين، فقال: حدثنا عمر بن أبي عمر يرفعه إلى أبي هريرة فذكره، ثم قال: وهذا معضل، يريد معلقا بدون إسناد من شيخ الحكيم إلى أبي هريرة، وكان حقه أن يقول معلقا أو منقطعا لأن هذه ليست صورة للمعضل على كل قول فيه، ثم إن الحديث لم يقع كذلك في نوادر الأصول، بل وقع مسندا موصولا، وإنما حصل ذلك في النسخة التي وقف عليها الزيلعى، كما أنه لم يذكره في الأصل الثانى والثلاثين ومائتين، بل في الحادى والثلاثين قبيل الثانى والثلاثين فانتقل بصره إليه، قال الحكيم الترمذى: ثنا عمر بن أبي عمر قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن عن مؤمل بن عبد الرحمن الثقفى قال: حدثنا أبو أمية بن يعلى عن سعيد بن أبي سعيد المقبرى عن أبي هريرة به. وأما الطبرانى فقال [6/ 315، رقم 6506]: حدثنا محمد بن داود بن أسلم الصدفى ثنا عمرو بن سوار السَّرحيُّ (¬1) ثنا مؤمل بن عبد الرحمن به. ¬

_ (¬1) في الأصل: "عمرو بن سوار السروجى" والصواب ما أثبتناه، وانظر تهذيب الكمال (22/ 57).

ورواه أبو نعيم في أربعين الصوفية (¬1) عن الطبراني بهذا الإسناد، ثم قال: لا يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا بهذا الإسناد. ورواه ابن عدى في الكامل: عن موسى بن الحسن الكوفى عن عمرو بن سوار به، وقال: تفرد به مؤمل بن عبد الرحمن عن أبي أمية بن يعلى، وليس كما قال، بل رواه عن أبي أمية بن يعلى أيضًا كادح بن رحمة، أخرجه الأصبهانى في الترغيب [2/ 84، رقم 1204]، وأبو عبد الرحمن السلمى في الأربعين، كلاهما من روايته عن أبي أمية إسماعيل بن يعلى الثقفي به، وهو ضعيف. 1234/ 2782 - "أوحى اللَّهُ تعالى إلى داودَ أن قُلْ للظَلَمة لا يذكرُونى، فإنى أذكرُ من يذكرنى. وإنَّ ذكرِى إياهم أن ألْعَنهم". ابن عساكر عن ابن عباس قال في الكبير: قضية صنيع المؤلف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير وهو قصور، فقد خرجه الحاكم والبيهقى في الشعب، والديلمي باللفظ المزبور، عن ابن عباس المذكور. قلت: وظاهر كلام الشارح وإطلاقه العزو إلى الحاكم أنه خرجه في المستدرك، وهو القصور على الحقيقة ونهاية الغرور، فإنه رأى الديلمى أسنده في مسند الفردوس من طريق الحاكم، فظنه في مستدركه، وهو في تاريخ نيسابور، قال الديلمى [1/ 176، رقم 497]: أخبرنا ابن خلف إجازة أخبرنا الحاكم ثنا على بن عيسى بن إبراهيم ثنا جعفر بن محمويه الفارسى ثنا محمد بن المثنى ثنا مؤمل بن إسماعيل ثنا سفيان عن الأعمش عن المنهال عن عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل عن عبد اللَّه ¬

_ (¬1) لأبي نعيم أربعين التصوف، وأما أربعين الصوفية فهو لعبد الرحمن السلمى، وقد روى الحديث فيه أيضًا.

ابن عباس به. وإذ الحديث في التاريخ لا في المستدرك، فالعزو إلى التاريخين سواء، بل تاريخ ابن عساكر أشهر من تاريخ نيسابور وأكثر تداولًا. 1235/ 2783 - "أوحَى اللَّه تعالى إلى داودَ ما من عبد يعتصمُ بى دون خلقِى أعرفُ ذلك من نيتهِ فتُكيدُه السمواتُ بمن فيها إلا جعلتُ له من بين ذلك مخرجًا، وما من عبدٍ يعتصمُ بمخلوقٍ دونى أعرفُ ذلك من نيتهِ إلا قطعتُ أسبابَ السماء بين يديهِ وأرسختُ الهوَى من تحت قدميه، وما من عبد يطِيعنى إلَا وأنا مُعطِيه قبل أن يسألَني وغافرٌ له قبل أن يستغفرنى". ابن عساكر عن كعب بن مالك قلت: أخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس [1/ 175، رقم 495] قال: أخبرنا أبي أخبرنا الحسن المرجانى عن ابن أبرك عن على بن الحسين بن الربيع عن أبي العباس الفضل بن الحسين الضبى عن أحمد بن محمد بن أبي موسى الانطاكي عن هشام بن خالد عن يوسف بن السهر عن الأوزاعى عن يونس ابن يزيد عن الزهرى عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه به. 1236/ 2784 - "أوسعُوا مسجدَكم تملؤُوه". (طب) عن كعب بن مالك قال الشارح: وإسناده واه. وقال في الكبير: أخرجه أيضًا أبو نعيم والخطيب عن كعب بن مالك قال: "مر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على قوم يبنون مسجدا"، فذكره، قال الهيثمى: وفيه محمد ابن درهم ضعيف اهـ. وقال الذهبى في المهذب: هو واه، وفي الميزان عن

جمع: هذا ضعيف، ثم ساق له هذا الحديث. وأقول: فيه أيضًا يحيى الحمانى، قال الذهبى في الضعفاء: قال أحمد كان يكذب جهارًا، ووثقه ابن معين، وقيس بن الربيع ضعفوه وهو صدوق. قلت: في هذا أوهام: الأول: قوله وإسناده واه، فإن الحديث ليس بواه غايته ضعيف، وهو إنما أخذ ذلك من قول الذهبى في محمد بن درهم، واه، ولا يلزم من قوله ذلك أن يكون الحديث واهيًا، فقد قال يحيى بن معين في رواية عباس: ليس به بأس. وروى هذا الحديث عنه الأئمة الكبار من أهل هذا الشأن، وما كان كذلك لا يكون واهيًا. الثانى: قوله أخرجه أيضًا أبو نعيم، فإن إطلاقه يوهم أنه خرجه في الحلية وليس كذلك، إنما أسنده الخطيب في التاريخ عنه، فقد يكون في كتاب أو جزء من أجزائه الكثيرة، وقد يكون حدث به من مسموعاته ولم يدونه في كتاب فكان حق الشارح أن يقول رواه الخطيب عن أبي نعيم. الثالث: قوله رواه أبو نعيم والخطيب عن كعب بن مالك، والخطيب لم يروه عن كعب بن مالك إنما رواه عن أبي قتادة لأنه اختلف فيه على محمد بن درهم كما سيأتى، قال الخطيب [5/ 268]: أنا أبو نعيم الحافظ ثنا عبد اللَّه بن جعفر بن أحمد بن فارس ثنا إسماعيل بن عبد اللَّه بن مسعود العبدى ثنا عاصم بن على ثنا محمد بن درهم المدائنى عن كعب بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي قتادة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أتى على رهط من الأنصار قد التمسوا مسجدًا لهم ليبنوا فقال: "أوسعوه تملؤوه". الرابع: قوله: وأقول فه أيضًا يحيى الحمانى إلخ، فإنه لا وجود ليحيى

الحمانى فيه أصلًا ولا أدرى من أين أدخله في سند هذا الحديث، وكأن نظره شق إليه في حديث قبله أو بعده. الخامس: قوله: وفيه قيس بن الربيع، ضعفوه وهو صدوق، فإن قيس بن الربيع إنما هو أحد من رواه عن محمد بن درهم، وقد تابعه عليه جماعة منهم شبابة وحجاج بن المنهال وأبو داود الطيالسى وعاصم بن على ومحمد ابن جعفر المدائنى وسعيد بن زكريا ومحمد بن الفضل بن عطية وغيرهم، لكنهم اختلفوا عليه في إسناده، كما أشار إليه البخارى في التاريخ الكبير فقال [7/ 226]: كعب بن عبد الرحمن بن أبي قتادة عن أبيه، قال عبد اللَّه بن محمد: عن أبي داود عن محمد بن درهم، وقال عبد اللَّه: عن شبابة عن محمد عن كعب بن عبد الرحمن الأنصارى عن جده أبي قتادة، وقال أبو سعيد: عبد الرحمن عن محمد عن كعب بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي قتادة قال: "مر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأناس من الأنصار يبنون مسجدًا فقال: أوسعوه تملؤوه" اهـ. وقال الخطيب [5/ 268، 269]: أخبرنا البرقانى قال: سئل أبو الحسن الدارقطنى عن حديث عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبي قتادة، فذكر هذا الحديث، قال: يرويه محمد بن درهم المدائنى، واختلف عنه فرواه محمد بن جعفر المدائنى وحجاج بن منهال وسعيد بن زكريا فقالوا: عن كعب بن عبد الرحمن الأنصارى عن أبيه عن أبي قتادة. ورواه أبو داود ومحمد بن الفضل بن عطية عن محمد بن درهم عن كعب الأنصارى عن أبي قتادة، ولم يقولا عن أبيه. رواه قيس بن الربيع عن محمد بن درهم فقال:

عن كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأسنده عن كعب بن مالك، والقول قول من أسنده عن أبي قتادة لاتفاقهم على خلاف قيس، ومحمد بن درهم ضعيف، والحديث غير ثابت اهـ. واقتصر الذهبى من هذا الخلاف على ذكر قول قيس بن الربيع وحجاج فقال في الميزان: محمد بن درهم القسى مولى بنى هاشم حدث عنه شبابة بن سوار وقال: ثقة، وقال يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال الدارقطنى ضعيف، قيس بن الربيع وحجاج بن المنهال، واللفظ لقيس عن محمد بن درهم عن كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده فذكره قال: وأما حجاج فقال: كعب عن أبيه عن أبي قتادة وهو أشبه اهـ. قال الحافظ في اللسان: والثانى أورده العقيلى من طريق حجاج. قلت: طريق حجاج أخرجه أيضًا البيهقى في السنن [2/ 439] من طريق يعقوب بن سفيان: ثنا أبو محمد حجاج بن المنهال ثنا محمد بن درهم عن كعب بن عبد الرحمن الأنصارى عن أبيه عن أبي قتادة به. وأخرجه أيضًا من طريق يحيى بن أبي طالب [2/ 439]: ثنا أبو داود الطيالسى أنبأنا محمد بن درهم به مثله. 1237/ 2789 - "أُوصيك أن تَستَحى من اللَّه كما تَستَحى من

الرجل الصالح من قَومِك". الحسن بن سفيان (طب. هب) عن سعيد بن يزيد بن الأزور قلت: وهم الشارح في قوله عن الحسن بن سفيان أنه أخرجه في جزئه، وليس للحسن جزء معروف إنما له المسند، بل قيل له ثلاثة مسانيد، وله الأربعون، قرأناها وللَّه الحمد. والحديث ففي مسنده جزما، والشارح ذهب به الوهم إلى الحسن بن عرفة صاحب الجزء المشهور والحديث مرسل وسعيد بن يزيد ليس بصحابى جزمًا ولم يصرح في طريق من طرق هذا الحديث بقوله سمعت، بل اتفق الرواة كلهم على قوله: إن رجلا قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أوصنى. ووردت طرق أخرى مصرحة بأن ذلك الرجل هو ابن عم له، وأنه رواه عنه، قال أسلم بن سهل بحشل في تاريخ واسط [ص 232]: حدثنا حمدون بن سلم ثنا أبو سفيان الحميرى عن عبد الملك بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب عن سعيد بن يزيد عن ابن عم له قال: قلت: "يا رسول اللَّه أوصنى قال: استحى" وذكره. وهكذا رواه ابن أبي حاتم، وقال الباقون عنه: إن رجلًا كما قال ابن أبي الدنيا في مكلارم الأخلاق [ص 20، رقم 91]: ثنا عبيد اللَّه بن عمر الجشمى (¬1) ثنا هشام (¬2) بن عبد الملك ¬

_ (¬1) في الأصل: "الخشنى" والصواب ما أثبتناه، وانظر تهذيب الكمال (7/ 40، 41) (¬2) في الأصل "هاشم" وصوابه "هشام" انظر تهذيب الكمال (11/ 45).

ثنا ليث بن سعد ثنا يزيد بن أبي حيب عن أبي الخير أنه سمع سعيد بن يزيد يقول: "إن رجلًا قال: يا رسول اللَّه" وذكره. وقال محمد بن سنان القزاز في جزئه، ثنا بشر بن عمر ثنا ليث به مثله، وهكذا قال الباقون. وقد ورد هذا الحديث من حديث أبي أمامة كما سبق للمصنف ذكره بلفظ: "استحى من اللَّه" في الألف مع السين. 1238/ 2793 - "أُوصِيك بتقوَى اله، فإنه رأسُ الأمرِ كلِّه، وعليك بتلاوةِ القرآنِ، وذكرِ اللَّه، فإنه ذكرٌ لك في السماءِ ونورٌ لك في الأرضِ، عليك بطولِ الصمتِ إلا في خيرٍ، فإنه مطردةٌ للشيطان عنك. وعونٌ لك على أمرِ دينِك، إياك وكثرةُ الضحكِ، فإنه يميتُ القلبَ، ويُذهبُ بنور الوجه، عليك بالجهادِ فإنه رهبانيةُ أمتى، أحِبَّ المساكينَ وجالسْهم، وانظُر إلى من تحتك ولا تنظُر إلى من فوقَك، فإنه أجدَر أن لا تَزدرِى نعمةَ اللَّهِ عندك، صلْ قرابتَك وإن قطعُوك، قلْ الحقَّ وإن كان مرا، لا تخفْ في اللَّه لومةَ لائمٍ، ليُحجزْك عن الناس ما تعلمُ من نفسِك ولا تجدْ عليهم فيما تأتى، وكفَى بالمرءِ عيبا أن يكون فيه ثلاثُ خصالٍ: أن يعرفَ من الناس ما يجهلُ من نفسِه، ويستحِى لهم مما هو فيه، ويؤذِى جليسَه، يا أبا ذر لا عقلَ كالتدبير، ولا ورعَ كالكف، ولا حسبَ كحسنِ الخلقِ". عبد بن حميد في تفسيره (طب) عن أبي ذر قال في الكبير: ورواه ابن لال والديلمى في مسند الفردوس.

قلت: لا معنى لهذا الاستدراك فإن حديث أبي ذر هذا قطعة من حديثه الطويل، وقد أخرجه جماعة مطولا ومختصرًا منهم ابن سعد في الطبقات [4/ 229] وأحمد [5/ 181] وابن ماجه [2/ 1410، رقم 4218] والآجرى وابن مردويه في التفسير والحاكم في المستدرك والخرائطى في مكارم الأخلاق [ص 8] وابن شاهين في الترغيب [ص 259، رقم 261] وابن حبان في الصحيح [2/ 76، رقم 361] وابن أبي حاتم [2/ 142] والطبرانى في مكارم الأخلاق والحارث بن أبي أسامة في مسنده وأبو نعيم في الحلية [1/ 168] والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 431، رقم 740] وآخرون. وطرقه وألفاظه تستدعى جزءًا مفردًا، وقد كتبت فيه عدة أوراق في مستخرجى على مسند الشهاب فلينظر ذلك فيه. 1239/ 2796 - "أُوصِيكم بالجارِ". الخرائطى في مكارم الأخلاق عن أبي أمامة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من الخرائطى وهو غفلة، فقد رواه الطبرانى عن أبي أمامة بلفظه، قال المنذرى والهيثمى: إسناده جيد. قلت: لا يخفى ما في عبارة الشارح من الغفلة التي هي الغفلة، فأما المصنف فلا لوم عليه في عزو الحديث إذ عزاه إلى أصل من أصوله المسندة، وليس لكتب الطبراني مزية على مكارم الخرائطى لا في الصحة ولا في الشهرة. والحديث أخرجه أيضًا أبو عمرو بن منده في الأول من فوائده:

أخبرنا الهيثم بن كليب الشاشى ثنا عيسى بن أحمد العسقلانى ثنا بقية بن الوليد عن محمد بن زياد الألهانى سمعت أبا أمامة الباهلى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حجة الوداع يقول: "أوصيكم بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه". وأخرجه أحمد في المسند [5/ 267]: حدثنا حيوة بن شريح ثنا بقية ثنا محمد بن زياد الألهانى قال: "سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوصي بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" 1240/ 2801 - "أولياءُ اللَّه تعالى الذين إذا رُءُوا ذُكرَ اللَّه تعالى" الحكيم عن ابن عباس قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا لأشهر من الحكيم ولا أعلى، وهو عجب فقد رواه البزار عن ابن عباس، رواه عن شيخه على ابن حرب الرازى، قال الهيثمى: لم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا اهـ. ورواه أبو نعيم في الحلية من حديث ابن أبي وقاص. قلت: وظاهر صنيع الشارح في استدراكه على المصنف بالبزار أنه لا يوجد مخرجا لأشهر منه ولا أعلى وهو عجب عجاب، فقد خرجه النسائى في الكبرى ومن قبله ابن أبي شيبة في المصنف وابن المبارك في الزهد، وأخرجه أيضًا الدولابى في الكنى والأسماء وابن أبي الدنيا في الأولياء وابن جرير في التفسير وكذا ابن مردويه فيه، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان وآخرون، كما سأذكر أسانيد جميعهم، فأين هو من هذا كله. أما قوله أن أبا نعيم خرجه في الحلية من حديث ابن أبي وقاص فغلط فاحش ما خرجه من حديثه أصلًا وإنما خرجه من حديث سعيد بن جبير مرسلًا في موضعين من الحلية، في الخطبة [1/ 6] وفي ترجمة مسعر [7/ 231]، إلا

أنه ذكره في الموضعين باسم سعيد مجردًا فوقع في نسخة الشارح سعد بحذف الياء فظنه ابن أبي وقاص وإنما هو سعيد بن جبير. والحديث روى عنه على ثلاثة أقوال، القول الأول: عنه عن ابن عباس مرفوعًا، قال البزار: حدثنا على بن حرب الرازى ثنا محمد بن سعيد بن سابق ثنا يعقوب بن عبد اللَّه الأشعرى القمى عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "قال رجل يا رسول اللَّه من أولياء اللَّه؟ قال: الذين إذا رءوا ذكر اللَّه". وهكذا رواه النسائى في الكبرى [6/ 362، رقم 11235]، والحكيم الترمذى في النوادر [1/ 567] والطبرانى في الكبير [12/ 13، رقم 12325] (¬1) كلهم من طريق محمد بن سعيد بن سابق به مثله، قال البزار: وقد رواه غير محمد بن سعيد عن يعقوب عن جعفر عن سعيد بن جبير عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا. قلت: رواه عن يعقوب كذلك يحيى الحمانى، وأبو يزيد الرازى ومحمد بن عبد الوهاب وتابعهم عن جعفر بن أبي المغيرة أشعث بن إسحاق في رواية يحيى بن يمان عن أشعث كما سأذكره في القول الثانى، وذلك أيضًا في رواية ابن أبي شيبة وأبي كريب وأبي هشام عن يحيى بن يمان، وخالفهم عبد اللَّه بن عمر بن أبان فقال: حدثنا يحيى بن يمان عن أشعث بن إسحاق عن جعفر بن المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موصولًا. القول الثانى: عن سعيد بن جبير مرسلًا، وهو رواية يحيى الحمانى ¬

_ (¬1) ولكنه ليس من طريق محمد بن سعيد بن سابق.

وأبي يزيد الرازى ومحمد بن عبد الوهاب عن يعقوب القمى عن جعفر بن أبي المغيرة. ورواية أشعث بن اسحاق عن جعفر أيضًا. ورواية سهل عن أبي الأسد وأبي سعد وبكر بن خنيس عن سعيد بن جبير. أما رواية يحيى الحمانى فروإها ابن مردويه في تفسيره من طريقه: ثنا يعقوب بن عبد اللَّه القمى عن جعفر بن المغيرة عن سعيد بن جبير "أن رجلًا قال: يا رسول اللَّه" فذكره. وأما رواية أبي يزيد فقال ابن جرير [11/ 132]: ثنا أبو يزيد الرازى عن يعقوب عن جعفر عن سعيد بن جبير عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا. وأما رواية محمد بن عبد الوهاب فقال ابن أبي الدنيا في الأولياء [ص 38، رقم 15]: ثنا محمد بن عبد الوهاب ثنا يعقوب القمي به مثله. وأما رواية أشعث بن إسحاق عن جعفر فقال ابن أبي شيبة في المصنف: ثنا يحيى بن اليمان عن أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال: "سئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-" به مثله، وقال ابن جرير: ثنا أبو كريب وأبو هشام قالا: حدثنا ابن يمان به. وأما رواية أبي الأسد فرواها ابن المبارك في الزهد [ص 72، رقم 217] وابن أبي الدنيا في الأولياء [ص 48، 27] والدولابى في الكنى [1/ 106] وابن جرير في التفسير [11/ 131] كلهم من رواية مسعر عن سهل أبي الأسد عن سعيد بن جبير، قال: سئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وأما رواية [سعد] فقال ابن جرير [11/ 132]: ثنا القاسم ثنا الحسين ثنا فرات عن أبي سعد عن سعيد بن جبير به.

وأما رواية بكر بن خنيس فقلل أبو نعيم في الحلية [7/ 231]: ثنا أحمد بن يعقوب بن المهرجان العدل ثنا حسن بن علويه القطان ثنا إسماعيل بن عيسى ثنا الهياج ابن بسطام عن مسعر عن بكير بن الأخنس عن سعيد، قال: "سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أولياء اللَّه؟ " الحديث، وهذه الطريق هي التي زعم الشارح أنها من حديث ابن أبي وقاص. القول الثالث: عنه عن ابن عباس موقوفًا، قال ابن جرير [11/ 131]: ثنا أبو كريب وابن وكيع قالا: حدثنا ابن يمان ثنا ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم وسعيد بن جبير عن ابن عباس: " {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} قال: الذين يذكر اللَّه لرؤيتهم". 1241/ 2802 - " أولُ الآياتِ طلوعُ الشمسِ من مغربِها" (طب) عن أبي أمامة قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه فضال بن جبير وهو ضعيف، وأنكر عليه هذا الحديث اهـ، وقضية تصرف المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة، وهو ذهول شنيع فقد عزاه الديلمى وغيره، بل وابن حجر إلى مسلم وأحمد وغيرهما من حديث ابن عمر باللفظ المذكور مع زيادة: "وخروج الدابة إلى الناس ضحى". قلت: هو ذهول عجيب حقًا ولكن من الشارح لا من المؤلف الحافظ الواعى، فمسلم خرج الحديث بزيادة "إن" في أوله، وقد ذكره المؤلفه سابقًا في حرف "إن" وعزاه لأحمد ومسلم وأبي داود وابن ماجه من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص لا من حديث عبد اللَّه بن عُمر كما وهم الشارح، فذاك حديث وذا حديث آخر، وذاك صحيح وذا ضعيف. وقد أخرجه أيضًا أبو الصيرفى في السداسيات، قال:

أخبرنا القاضي أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي بمصر أنا عبيد اللَّه بن محمد بن بطة العكبري بها أنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز البغوى ثنا طالوت بن عباد ثنا فضال ثنا أبو أمامة به. وهو أيضًا من سداسيات الخطيب، فقد رواه في التاريخ [2/ 156] عن عبد الغفار بن محمد بن جعفر عن أبيه عن البغوي به، ورواه [5/ 24] في موضع آخر من وجه آخر من رواية أحمد بن محمد بن سليمان المعروف بـ "ابن الفافا" عن طالوت به وهو سداسى أيضًا. وأخرجه القاضي عياض في معجمه عن أبي على الجيانى: ثنا حكم بن محمد ثنا أبو بكر بن المهندس بمصر ثنا أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد البغوي به، فهو سباعى للقاض عياض. وأخرجه ابن حبان في الضعفاء [2/ 204] قال: حدثنى محمد بن على الصيرفى غلام طالوت بالبصرة ثنا طالوت بن عباد به، قال: وهو من نسخة كتبناها عنه أكثرها لا أصل لها، قال: والحديث هو من قول عبد اللَّه بن عمرو بن العاص ليس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: وهذا عجيب غريب فالحديث في صحيح مسلم مرفوعًا، قال مسلم: [4/ 226، رقم 2941/ 118] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا محمد ابن بشر عن أبي حيان عن أبي زرعة عن عبد اللَّه بن عمرو قال: "حفظت من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حديثا لم أنسه بعد، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى وأيهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبًا". 1242/ 2803 - "أولُ الأرضِ خرابًا يُسراها ثم يُمناها". ابن عساكر عن جرير

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الومرز وهو غفلة فقد رواه الطبرانى وأبو نعيم والديلمى وغيرهم باللفظ المزبور عن جابر المذكور. قلت: نعم هي غفلة ولكن من الشارح لا من المصنف فهؤلاء رووه بلفظ: "أسرع" وقد سبق ذكره للمصنف في حرف الألف مع السين، وعزاه للطبرانى في الأوسط وأبي نعيم في الحلية، فكتب عليهما الشارح نفسه: إسناده حسن كما بينه الهيثمى، ثم نسى ذلك، فالذنب ذنبه لا ذنب المصنف الحافظ المحقق، ثم إنه مع هذا نسى كون الحديث عن جرير فقال: إنه عن جابر. 1243/ 2804 - "أولُ العبادةِ الصمتُ". هناد عن الحسن مرسلًا قلت: هو قطعة من حديث رواه الحسن عن أنس فقيل عنه مرفوعًا وقيل موقوفًا، راجع حديث "أربع لا يصبن إلا بعجب". 1244/ 2806 - "أوَّل الناس فناءً قريشٌ، وأوَّل قريشٍ فناءً بنو هاشم". (ع) عن ابن عمرو بن العاص قال الشارح: وفيه ابن لهيعة. قلت: له طريق آخر من حديث عائشة أخرجه البخارى في التاريخ الكبير [1/ 318] عن موسى بن إسماعيل عن سعد عن أبي عاصم عن إبراهيم بن محمد بن على بن عبد اللَّه بن جعفر الهاشمى عن أبيه سمع عائشة رضي اللَّه

عنها أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لها: "أول الناس فناء قومك قريش" 1245/ 2810 - "أوَّل تُحفةِ المؤمن أن يُغفر لمن صلى عليه". الحكيم عن أنس قال في الكبير بعد أن تكلم على سنده: ورواه الخطيب عن جابر والديلمى عن أبي هريرة، وفيه عنده عبد الرحمن بن قيس رمى بالكذب، ولأجله حكم الحاكم على الحديث بالوضع، وعده ابن الجوزى من الموضوعات. قلت: حديث جابر لم يخرجه الخطيب وحده، بل خرجه ابن أبي الدنيا في ذكر الموت من وجه غير الوجه المخرج منه عند الخطيب. وحديث أبي هريرة لم ينفرد بإخراجه الديلمي، بل خرجه جماعة من أهل الأصول الأقدمين الذين لا يخرج الديلمي إلا من كتبهم وكتب أمثالهم، فلا معنى للعزو إليه وحده، فقد أخرجه ابن عدي في الكامل وأبو نعيم في تاريخ أَصبهان [2/ 289] والخطيب في موضعين من تاريخه [11/ 81 (¬1)، 12/ 212 (¬2)]. وفي الباب أيضًا عن ابن عباس وسلمان الفارسى، ولا أدرى ما الحامل للشارح على ذكر كون ابن الجوزى ذكر الحديث في الموضوعات ولم يتعرض مع ذلك لتعقب المصنف عليه. (راجع: "إن أول ما يجازى به العبد" من كتابنا هذا تعرف السبب). ¬

_ (¬1) بلفظ: "أول كرامة المؤمن أن يغفر لمشيعيه". (¬2) بلفظ: "أول تحفة المؤمن أن يغفر لمن شيع جنازته".

1246/ 2814 - "أوَّلُ سابقٍ إلى الجنَّة عبدٌ أطاع اللَّه وأطاع مواليهِ" (طس. خط) عن أبي هريرة قلت: ما رأيت هذا الحديث في تاريخ الخطيب فليحرر (¬1). وقد أخرجه أيضًا أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج، وهو آخر حديث فيه، قال: أخبرنا العباس بن أحمد بن محمد بن عيسى البرتى القاضى ببغداد حدثنا أحمد بن عاصم العبادانى ثنا بشيو بن يمون أبو صيفى الخراسانى عن مجاهد عن أبي هريرة به، وبشير بن ميمون ضعيف متهم بالوضع. 1247/ 2815 - "أوَّلُ شهرِ رمضان رحمةٌ، ووسطُهُ مغفرةٌ، وآخرُه عتقٌ من النَّارِ". ابن أبي الدنيا في فضل رمضان (خط) وابن عساكر عن أبي هريرة قلت: وهذا أيضًا ما رأيته في نسختنا من تاريخ الخطيب فاللَّه أعلم (¬2). 1248/ 2816 - "أوَّلُ شئٍ يحشُرُ النُّاسَ، نارٌ تحشرُهُم عن المشرقِ إلى المغربِ". الطيالسى عن أنس قال الشارح في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما بتخريجه، وإلا لما أبعد النجعة بالعزو إلى الطيالسى، وهو ¬

_ (¬1) تحريره أن الخطيب رواه في التاريخ (4/ 335)، وأخرجه من طريقه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج. (¬2) رواه الخطيب في موضع أوهام الجمع والتفريق (2/ 147).

ذهول شنيع، فقد عزاه الديلمى وغيره إلى البخارى ومسلم وكذا أحمد، ولفظهم: "أول من يحشر النَّاس نار تجيئ من قبل المشرق فتحشر الناس إلى المغرب". قلت: أما مسلم فما خرجه أصلًا فهو غلط عليه، وأما البخارى فما أخرجه أيضًا بهذا اللفظ بل بلفظ: "أما أول أشراط الساعة فنار تخرج من المشرق فتحشر النَّاس إلى المغرب، وأما أول ما يأكل أهل الجنة" الحديث. وقد ذكره المصنف بهذا اللفظ وعزاه لأحمد والبخارى كما مر ذلك قريبًا ولكن الشارح نسى. 1249/ 2817 - "أوَّلُ شيءٍ يأكلُهُ أهلُ الجنَّة زِيَادةُ كبد الحوتِ". الطيالسى عن أنس وقد هذى الشارح في الكبير بمثل ما هذى به في الذي قبله، وهما حديث واحد رواه الطيالسى بهذا اللفظ ورواه البخارى باللفظ الذي قدمناه. 1250/ 2818 - "أوَّلُ ما يُحاسبُ به العبدُ يومَ القيامةِ الصَّلاة، فإنْ صَلحتْ صلحَ له سائرُ عملِهِ، وإنْ فَسدتْ فسدَ سائرُ عملِهِ". (طس) والضياء عن أنس قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه القاسم بن عثمان، قال البخارى: له أحاديث لا يتابع عليها، وقال ابن حبان: هو ثقة وربما أخطأ، وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف عندهم وهو ذهول، فقد رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه عن أبي هريرة مع تغيير يسير، ولفظه عند الترمذى: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد

خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب تبارك وتعالى: انظروا هل لعبدى من تطوع فيكمل به ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على مثل ذلك". قلت: المؤلف أورد حديثًا لأنس بلفظ والشارح يلزمه أن يعزو ذلك الحديث إلى من خرج حديثًا آخر من رواية أبي هريرة بلفظ آخر, إن هذا لعجب. فالحديث ورد أيضًا من حديث عبد اللَّه بن مسعود كما سيذكره المصنف سابع حديث بعد هذا، ومن حديث تميم الدارى وابن عمر ورجل من الصحابة ويحيى بن سعيد الأنصارى بلاغًا. وحديث أبي هريرة خرجه أيضًا أبو داود الطيالسى [ص 323، رقم 2468] وأحمد [2/ 290] والنسائى [1/ 232، رقم 233] والطحاوي في مشكل الآثار [6/ 387، رقم 2553] والحاكم في المستدرك [1/ 262، رقم 965] وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 254] والبيهقى في السنن [2/ 386] وابن المبارك في الزهد [ص 320، رقم 915] وآخرون كلهم من رواية الحسن البصرى، واختلف عليه فيه على أقوال: فقيل عنه قدم رجل المدينة فقال له أبو هريرة: كأنك لست من أهل البلد، قال: أجل، قال: أفلا أحدثك حديثًا سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الحديث. وقيل: عنه عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة، وقيل: عنه عن رجل من بنى سليط عن أبي هريرة، وقيل: عنه عن حريث بن قبيصة عن أبي هريرة، وقيل: عنه عن صعصعة بن معاوية عن أبي هريرة، وقيل: عنه عن أبي هريرة دون واسطة، واختلف على قتادة عن الحسن فيه أيضًا، فقيل: عنه عن الحسن وقيل: عنه عن الحسن بن زياد عن أبي رافع عن أبي هريرة، واختلف على حماد بن سلمة فيه أيضًا، فقيل: عنه عن حميد عن الحسن وقيل: عنه عن داود بن أبي هند عن زرارة بن أوفى عن تميم الدارى به،

وقيل: عنه عن الأزرق بن قيس عن يحيى بن يعمر عن رجل من الصحابة، وقيل: عنه بهذا الإسناد عن أبي هريرة بدل رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد فصلت هذه الطرق كلها في مستخرجى على مسند الشهاب. 1251/ 2891 - "أوَّلُ ما يُرفعُ منِ النَّاسِ الأمانةُ، وآخر ما يبقى من دينهم الصَّلاة، ورُبَّ مصلٍّ لا خلاقَ له عند اللَّه تعالى". الحكيم عن زيد بن ثابت قال في الكبير: قال في اللسان عن العقيلى: حديث فيه نكارة ولا يروى من وجه يثبت، وقال الأسدي: سلام بن واقد، أى أحد رواته منكر الحديث اهـ. وقضية تصرف المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين رمز لهم، والأمر بخلافه، فقد خرجه البيهقى من حديث ابن عمر وغيره وخرجه الطبرانى في الصغير من حديث عمر. قلت: في هذا أمور، الأول الحديث ورد من طرق متعددة، وبألفاظ مختلفة من حديث شداد بن أوس وعمرو ابن مسعود وأنس بن مالك وعائشة وأبي هريرة وغيرهم. وقد ذكر المصنف بعد هذا حديث شداد بن أوس وحديث أبي هريرة ولم يلتزم هو استيعاب جميع الطرق والأحاديث ولا ذلك في إمكان مخلوق. الثاني: أن حديث زيد بن ثابت غير حديث عمر وابن عمر لو صح أن البيهقى خرجه عن ابن عمر، فإن الشارح لا يعبأ بنقله لكثرة أوهامه، فكيف يدرج حديثًا في حديث؟ الثالث: ما نقله عن اللسان خطأ قبيح وغلط فاحش، فإنه ليس في هذا الحديث بل في حديث عائشة, فإن سلام بن واقد رواه عن محمد بن

عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن هشام بن عروة عن أَبيه عن عائشة مرفوعًا: "أول ما يرفع من هذه الأمة الأمانة، وآخر ما يبقى الصلاة، ومن لم يصل فلا خلاق له عند اللَّه يوم القيامة"، أخرجه العقيلى من هذا الطريق ثم قال ولا يروى هذا من وجه يثبت اهـ. فلا يدرج حديثًا في حديث من شم رائحة للحديث. تنبيه: حديث ابن مسعود الذي أشرنا إليه خرجه عبد الرزاق في مصنفه وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 68، رقم 267] والخرائطى فيها [ص 28] والخطيب وغيرهم مختصرًا ومطولًا موقوفًا عليه، لكن له حكم الرفع لأن فيه إخبارا عن أمور ستقع في آخر الزمان لا يمكن العلم بها إلا من طريق الوحى، وقد أورده ابن العربى المعافرى المالكى في "سراج المريدين" عنه كذلك موقوفًا، ثم قال: وأنا أقول: آخر ما يفقد منه الأمر بالمعروف ثم التوحيد اهـ. وهذا لا يخفى ما فيه من سوء الأدب مع ابن مسعود أولًا، ومن معارضة كلام رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ثانيا، فإنه مع كونه له حكم الرفع قد ورد مرفوعًا من طرق أخرى كما أشرنا إليه، ومن مخالفة الواقع ثالثًا، فإن الأمر بالمعروف فقد منذ قرون وصار أغرب شيء يتصور في العقول فضلًا أن يوجد ويعمل به، ولا تزال المساجد عامرة بالمصلين، فصدق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخطأ المعافرى. 1252/ 2820 - "أوَّلُ ما تفقدُون من دينِكُم الأمانةُ". (طب) عن شداد بن أوس قال الشارح: تمامه عند مخرجه الطبرانى: "ولا دين لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له، وحسن العهد من الإيمان" وإسناده حسن. وقال في الكبير: وتمامه عند مخرجه الطبرانى في روايته عن أنس ثم ذكره،

ثم قال: قال الهيثمى: فيه المهلب بن العلاء لم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات. قلت: قابل بين كلامه في الصغير وكلامه في الكبير تدرك ما فيه من الغلط والتحريف والتبديل. 1253/ 2821 - "أوَّلُ ما يرفعُ من النَّاسِ الخشُوعُ". (طب) عن شداد بن أوس قال في الكبير: قال الزين العراقى في شرح الترمذى وتبعه الهيثمى: فيه عمران القطان، ضعفه ابن معين والنسائى، ووثقه أحمد. قلت: من عجيب شأن الشارح أنه يحصر الفضيلة في قرابته كالحافظ العراقى الذي يقول: إنه جده الأعلى من قبل أمه، فإنه لا يكاد يسمى حافظًا غيره، ويجعل كل قول قاله حافظ موافقًا للعراقى تابعًا له فيه، ولعمرى من عرفه أن الهيثمى تبع العراقى فيما قال، وهو قد التزم ذلك الصنيع والكلام على كل حديث وقع في مسند أحمد ومعاجم الطبرانى الثلاثة ومسند البزار ومعجم أبي يعلى وهى أحاديث تكاد تبلغ العشرين ألفًا، فهل كل ما قاله فيه تبع العراقى، وأين قال ذلك العراقى؟ ثم إن الحديث ورد من وجه آخر ليس فيه عمران القطان، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 334]: ثنا أبو محمد بن حيان ثنا أبو الفضل ورقاء بن أحمد التميمى ثنا أحمد بن يونس ثنا يزيد بن هارون ثنا حسام بن مصك عن الحسن عن شداد بن أوس به. ورواه الطحاوى في مشكل الآثار آخر حديث عوف بن مالك موقوفًا على شداد بن أوس وهو حديث وقع في سنده اضطراب، ربما أذكره في "أنى"

بعده مع طرق أخرى. 1254/ 2822 - "أوَّلُ شيءٍ يرفعُ من هذه الأمة الخشُوعُ حتَّى لا ترى فيها خاشعًا". (طب) عن أبي الدرداء قال في الكبير: قال الهيثمى: سنده حسن اهـ. وظاهر اقتصار المصنف على عزوه للطبرانى أنه لا يوجد مخرجًا لأحد أعلى ولا أولى بالعزو وهو قصور، فقد خرجه الإمام أحمد في المسند من حديث عوف بن مالك ولفظه "أول ما يرفع من هذه الأمة الأمانة والخشوع، حتى لا يكاد ترى خاشعًا وليكونن أقوام يتخشعون هم ذئاب ضوارى" اهـ بحروفه. قلت: الحديث ما أخرجه أحمد عن عوف بن مالك أصلًا، إنما روى عن علي بن بحر [6/ 26]: ثنا محمد بن حمير الحمصى حدثنى إبراهيم بن أبي عبلة عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشى قال حدثنا جبير بن نفير عن عوف بن مالك أنه قال: "بينما نحن جلوس عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذات يوم فنظر في السماء ثم قال: هذا أوان العلم أن يرفع، فقال له رجل من الأنصار يقال له زياد بن لبيد: أيرفع العلم يا رسول اللَّه وفينا كتاب اللَّه وقد علمناه أبناءنا ونساءنا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن كنت لأظنك من أفقه أهل المدينة". ثم ذكر ضلالة أهل الكتابين وعندهما ما عندهما من كتاب اللَّه عز وجل، فلقى جبير بن نفير شداد بن أوس بالمصلى فحدثه هذا الحديث عن عوف بن مالك، فقال: صدق عوف ثم قال: وهل تدرى ما رفع العلم؟ قال: قلت: لا أدرى، قال: ذهاب أوعيته، قال: وهل تدرى أى العلم أول أن يرفع؟ قلت: لا أدرى، قال: الخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعًا.

فهذا من حديث شداد بن أوس موقوفًا آخر حديث عوف لا من حديث عوف وليس فيه الذئاب الضوارى كما نقل الشارح. ثم إن الحديث اختلف فيه على جبير بن نفير، فرواه الوليد بن عبد الرحمن الجرشى عنه هكذا كما مر عند أحمد وكما رواه الطحاوى في مشكل الآثار [1/ 278، رقم 302] من طريق خطاب بن عثمان الفوزى عن محمد بن حمير به مثله. ورواه أيضًا [1/ 277، رقم 301] من طريق الليث عن إبراهيم بن أبي عبلة به مثله أيضًا، إلا أنه قال فيه: "فقال رجل يقال له: لبيد بن زياد" بدل قوله في الرواية السابقة: زياد بن لبيد. ورواه أيضًا [1/ 278، رقم 303] من طريق يحيى بن أيوب عن إبراهيم بن أبي عبلة مثله، إلا أنه قال: "فقلنا يا رسول اللَّه كيف يرفع العلم". وهكذا رواه عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك في رواية بعضهم عنه كما ذكره الترمذى [5/ 31، رقم 2653]. ورواه معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه فخالف في موضعين: أولهما: قال عن أبي الدرداء: "قال: كنا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فشخص ببصره إلى السماء"، فذكر الحديث عنه لا عن عوف بن مالك. وثانيهما: أنه قال في آخره: فلقيت عبادة بن الصامت بدل قوله شداد بن أوس، هكذا أخرجه الدارمى [1/ 87]: أخبرنا عبد اللَّه بن صالح حدثنى معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير ابن نفير عن أبيه عنه أبي الدرداء به. ورواه الترمذى عن الدارمى [5/ 31، 32، 2653]، ثم قال هذا حديث حسن غريب، قال: وروى بعضهم هذا الحديث عن عبد الرحمن بن جبير ابن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ورواه الطحاوى [1/ 279، رقم 304] عن فهد عن عبد اللَّه بن صالح به. وقد روى هذا الحديث عبد اللَّه بن المبارك في الزهد له [ص 56، رقم 172] عن أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب مرسلًا: "قال: أول شيء يرفع من هذه الأمة الأمانة والخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعًا". ورواه أحمد في الزهد [2/ 395] عن إسحاق عن عبد اللَّه بن المبارك به. فأما ابن المبارك فأخرجه في باب الخشوع أوائل كتاب الزهد. وأما أحمد فأخرجه في آخر كتاب الزهد له مختصرًا كما ترى دون الزيادة التي ذكرها الشارح. وكذلك ورد من حديث أنس وأبي هريرة مرفوعًا ومن حديث حذيفة موقوفًا قال الدولابى في الكنى [2/ 10]: حدثنى أحمد بن محمد بن المغيرة أبو حميد بن سيار الحمصى ثنا يحيى بن سعيد القطان ثنا العلاء بن زيدى أبو محمد عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أول شيء يرفع من أمتي الخشوع، قلت: ما الخشوع؟ قال: خوف اللَّه جل ثناؤه". وقال الدارقطني في الأفراد: ثنا أحمد بن محمد بن مسعدة ثنا أبو الحسين محمد بن عبد اللَّه البلخى ثنا سعيد بن يعقوب ثنا ابن المبارك عن سفيان عن يحيى بن عبيد اللَّه عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أول ما يرفع من هذه الأمة الخشوع". وقال الدولابى في الكنى: ثنا محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا عكرمة بن عمار عن جنيد أبي عبد اللَّه الفلسطينى قال: حدثنى عبد العزيز ابن أخي حذيفة عن حذيفة قال: "أول ما تفقدون من دينكم الخشوع وآخر ما تفقدون الصلاة". ورواه أبو نعيم في الحلية من طريق وكيع عن عكرمة بن عمار به.

1255/ 2823 - "أوَّلُ ما يوضعُ في الميزانِ الخُلُقُ الحسنُ". (طب) عن أم الدرداء قال الشارح: بإسناد ضعيف، بل قيل لا أصل له. قلت: هذا تخليط وتدليس، فإن هذا الحديث ما قال أحد فيه: لا أصل له، بل قال فيه الحافظ العراقى في المغنى: لم أقف له على أصل، كما نقله الشارح في الكبير متعجبا من العراقى في قوله ذلك مع كون الحديث مخرجًا عند الطبرانى والقضاعى وأبي الشيخ والديلمى، ثم حرف ذلك هنا إلى ما ترى وهو تحريف مضر لأن قول الحافظ: لم أقف له على أصل معناه أنه لم يجد من خرجه بإسناده ساعة كتابة الكتاب، ومعنى قولهم لا أصل له أنه موضوع باطل لا يصح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أصلًا، فانظر كم بين العبارتين من البون الشاسع، وكم حديث قال فيه الحافظ العراقى: لم أقف له على أصل، فوقفنا نحن وغيرنا له على أصل أو أصول. فالحديث خرجه أبو نعيم [5/ 75] من طريق منجاب وأبي بكر بن أبي شيبة وأحمد بن أبي أسد. وأخرجه القضاعي [1/ 155، رقم 214] من طريق محمد بن سعيد الأصبهانى كلهم عن شريك عن خلف بن حوشب عن ميمون بن مهران عن أم الدرداء قال: "قيل لها سمعت من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا، قالت نعم، سمعته يقول" وذكرته، وهذا السند حسن ظاهرًا لكنه معلول، فإن أكثر الرواة قالوا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء بلفظ: "أثقل ما يوضع "لا" أول ما يوضع" وسيذكره المصنف في حرف اللام في: "ليس شيء أثقل في الميزان"، وفي حرف الميم في: "ما من شيء أثقل" ولعلنا نتكلم عليه هناك إن شاء اللَّه.

1256/ 2825 - "أوَّلُ ما يُقْضى بين النَّاسِ يومَ القيامةِ في الدماءِ" (حم. ق. ن. هـ) عن ابن مسعود قال في الكبير: ظاهره أنه لم يروه من الستة إلا هؤلاء الأربعة، وليس كذلك بل رواه الكل إلا أبا داود. فقلت: خلاصة هذا أن الترمذى أخرجه أيضًا وهو كذلك إلا أنه رواه بلفظ [4/ 17، رقم 1396]: "إن أول ما يحكم به بين العباد" وفي لفظ آخر له أيضًا [4/ 71، رقم 1397]: "إن أول ما يقضى فيه بين العباد"، وهذا على ترتيب المصنف موضعه حرف "إن" إلا أنه لم يذكره هناك. 1257/ 2827 - "أوَّلُ ما يرفعُ من هذه الأمةِ الحياءُ والأمانةُ". القضاعى عن أبي هريرة قال في الكبير: تمامه كما في الفردوس: "فسلوهما اللَّه"، قال: ررواه أيضًا أبو يعلى وأبو الشيخ، وفيه كما قال الهيثمى: أشعث بن براز وهو متروك، فقول العامرى حسن غير حسن. قلت: العامرى شارح الشهاب لا يلتفت إلى قوله في الحكم على الأحاديث فإنه مخبول، انفرد في الدنيا -فيما أعلم- بالحكم على الأحاديث بالهوى والرأى والذوق لا بالإسناد وأصول الحديث، فهو أطرح عن أن يلتفت إليه، والحديث ليس في سنده عند القضاعى أشعث بن براز بل رواه عن وجه آخر كما سأذكره. قال الخرائطى في مكلارم الأخلاق [29، 50]: حدثنا محمد بن غالب تمتام حدثنا مسدد ثنا خزيمة (¬1) بن سويد عن داود بن أبي هند قال: مررت على غاز بالجديلة فقال سمعت أبا هريرة يقول: "أول ¬

_ (¬1) الذي في مكارم الأخلاق "قزعة".

ما يرفع من هذه الأمة الحياء والأمانة فسلوهما اللَّه". هكذا رواه الخرائطى بهذه الزيادة موقوفًا على أبي هريرة. ورواه القضاعى [1/ 155، رقم 215] من طريق الخرائطى فذكره مرفوعًا بدون الزيادة المذكورة. وقد رواه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 67، رقم 265] عن أزهر ابن مروان الرقاشى عن قزعة بن سويد به مرفوعًا أيضًا. فكأنه سقط ذكر قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من نسخة الخرائطى المطبوعة كما سقط منها عدة أبواب من الكتاب فإنها ناقصة كثيرًا، وخزيمة بن سويد ضعيف. 1258/ 2828 - "أوَّلُ ما نهانى عنه ربِّى بعد عبادةِ الأوثانِ شربُ الخمرِ ومُلاحاةُ الرِّجالِ". (طب) عن أبي الدرداء، وعن معاذ قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عمرو بن واقد وهو متروك رمى بالكذب، وقال الذهبى في المهذب: فيه إسماعيل بن رافع واه، وأورده في الميزان في ترجمة عمرو بن واقد من حديثه وقال: قال البخارى: منكر الحديث. قلت: في هذا خبط وتخليط ووهم وإيهام من وجوه الأول: نقله عن النور الهيثمى أنه قال؛ فيه عمرو بن واقد، ثم نقله عن الذهبى في المهذب أنه قال فيه إسماعيل بن رافع يدل على [أن] كلًا من عمرو بن واقد وإسماعيل بن رافع وقعا في سند الحديث، والأمر بخلافه. الثانى: نقله عن الذهبى في المهذب يفيد أن الحديث خرجه البيهقى عن أبي الدرداء ومعاذ، والأمر بخلافه أيضًا.

الثالث: نقله عن كل من الهيثمى والذهبى يفيد أنهما تكلما على سند هذا الحديث، فذكر أحدهما راويًا ضعيفًا وسكت عن آخر، وذكر ثانيهما راويًا ضعيفًا غير الذي ذكره الأولى وترك آخر، وليس شيء من ذلك واقعًا، فإن عمرو بن واقد إنما هو في حديث أبي الدرداء ومعاذ؛ لأنه رواه بسندين له عنهما، قال الطبرانى: حدثنا موسى بن عيسى ثنا محمد بن المبارك الصورى ثنا عمرو بن واقد ثنا إسماعيل بن عبيد اللَّه عن أم الدرداء عن أبي الدرداء. و [20/ 83، رقم 157]: ثنا عمرو بن واقد عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولانى عن معاذ بن جبل به. ورواه أبو نعيم في الحلية [9/ 303] عن الطبرانى. ورواه ابن حبان في روضة العقلاء [ص 94]: أنبأنا محمد بن عبد اللَّه بن عبد السلام ببيروت ثنا محمد بن محمد بن مصعب حدثنى ابن المبارك عن عمرو بن واقد عن إسماعيل بن عبيد اللَّه عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به (¬1)، لم يذكر سند معاذ. وذكره الذهبى من رواية هشام بن عمار عن عمرو بن واقد عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولانى عن معاذ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، ولم يذكر سند أبي الدرداء. وليس في شيء من طرق هؤلاء إسماعيل بن رافع، ولذلك لم يذكره الهيثمى، وأما ما ذكره الذهبى في المهذب فهو عن حديث آخر أخرجه البيهقى [10/ 194] من حديث أم سلمة رضي اللَّه عنها قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد ثنا ابن أبي قماش ثنا ¬

_ (¬1) رواه بلفظ: "لعن الحمير" بدل قوله: "شرب الخمر".

سعدويه عن أبي عقيل عن إسماعيل بن رافع عن ابن لأم سلمة المخزومى عن أم سلمة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قالت: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أول ما نهانى عنه ربي عز وجل وعهد إلى بعد عبادة الأوثان وشرب الخمر لملاحاة الرجال". 1259/ 2829 - "أوَّلُ ما يُهرَاقُ من دم الشَّهيد يُغفر له ذنبه كله إلا الدَّين". (طب. ك) عن سهل بن حنيف قال في الكبير: وفيه عند الحاكم عبد الرحمن بن سعد المدنى، قال الذهبى: له مناكير، وقال الهيثمى: رجال الطبرانى رجال الصحيح. قلت: ما قال الذهبى ذلك ولا ذكره في الميزان والذي في المستدرك [2/ 119، رقم 2555] عبد الرحمن بن سعد المازنى وهو شيخ ابن وهب في الحديث، رواه عن سهل ابن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه عن جده، أخرجه الحاكم شاهد الحديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص مرفوعًا [2/ 119، رقم 2554]: "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين"، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. 1260/ 2830 - "أوَّلُ مَنْ أشفعُ له يومَ القيامةِ من أمَّتى أهل بيتى ثُمَّ الأقربُ فالأقربُ إلى قريش، ثمَّ الأنصارُ، ثمَّ من آمن بى واتبعنى من اليمنِ، ثُمَّ من سائرِ العربِ، ثمَّ الأعاجمُ، ومن أشفعُ له أولا أفضلُ". (طب) عن ابن عمر قلت: هذا حديث باطل موضوع ظاهر الركاكة لفظا ومعنى وقد اعترف

المصنف بوضعه وإقراره لابن الجوزى على ذلك، فلا معنى لإيراده هنا فهو ملوم على ذلك جدًا. 1261/ 2831 - "أوَّل من أشفعُ له من أمَّتى أهلُ المدينةِ وأهلُ مكةَ وأهلُ الطائف". (طب) عن عبد اللَّه بن جعفر قال في الكبير: قال الهيثمى: وفيه من لم أعرفهم اهـ. وقال في الصغير: فيه مجاهيل. قلت: من لم يعرفهم الحافظ الهيثمى ليسوا بمجاهيل كما شرحته سابقا مرات عديدة. 1262/ 2834 - "أولُ من يشفعُ يوم القيامة الأنبياءُ ثمَّ العلماءُ ثمَّ الشهداءُ". الموهبى في فضل العلم، (خط) عن عثمان قال في الكبير: وفيه عنبسة بن عبد الرحمن، قال الذهبى: متروك، متهم عن علاف بن أبي مسلم قال الذهبى: وهاه الأزدى عن أبان بن عثمان، قال: متكلم فيه. قلت: أبان بن عثمان الذي قال فيه ذلك الذهبى هو أبان بن عثمان الأحمر متأخر، والذي في سند هذا للحديث هو أبان بن عثمان بن عفان الراوى للحديث عن أبيه، وهو ثقة من رجال مسلم، فأحدهما مشرق والآخر مغرب، فالصواب تعليل الحديث بعنبسة بن عبد الرحمن وحده.

1263/ 2835 - "أوَّلُ من يُدعى إلى الجنَّة الحمَّادون الَّذين يحمدون اللَّه على السَّراء والضَّراء". (طب. ك. هب) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبى، وقال الحافظ العراقى بعد ما عزاه للطبرانى وأبي نعيم والبيهقى: فيه قيس بن الربيع، ضعفه الجمهور، وقال الهيثمى: في أحد أسانيد الطبرانى قيس بن الربيع وثقه شعبة وضعفه القطان وغيره وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: هذه أنقال عن تقليد وعدم دراية توقع الناظر في حيرة، وشرح المقام أن الحديث خرجه أبو نعيم في الحلية [5/ 69] قال: حدثنا حبيب بن الحسن ثنا عمر بن حفص السدوسى ثنا عاصم بن على ثنا قيس بن الربيع عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وأخرجه الطبرانى في الصغير [1/ 181، رقم 288]: ثنا إدريس بن عبد الكريم الحداد المقرى ثنا عاصم بن على به، ثم قال لم يروه عن حبيب إلا قيس بن الربيع وشعبة بن الحجاج، تفرد به عن شعبة نصر بن حماد الوراق. قلت: وليس كما قال بل رواه عن حبيب أيضًا عبد الرحمن المسعود. ورواه عن شعبة أيضًا سعيد بن عامر. أما رواية نصر بن حماد عن شعبة فقال الطبرانى في الصغير [1/ 182، رقم 288]: ثنا عبد اللَّه بن ناجية البغدادى ثنا محمد بن مطر الصاغانى

ثنا نصر بن حماد ثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت به. وقال البغوى في التفسير [5/ 139]: أنا أبو على الحسين بن محمد القاضى أنا أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان ثنا أبو العباس الأصم ثنا محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصاغانى ثنا نصر بن حماد به. وقال ابن مردك في الفوائد, تخريج الدارقطنى: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن أبي سعيد ثنا أحمد بن الضحاك بن حبيب الخشاب ثنا نصر بن حماد به، ثم قال: تفرد به نصر بن حماد عن شعبة مرفوعًا، ورواه المسعودى وقيس بن الربيع عن حبيب مسندًا ولا يصح. قلت: وهو كلام لغو لا معنى له، وأما رواية سعيد بن عامر عن شعبة فقال أبو سعد المالينى في مسند الصوفية وهو آخر حديث فيه: أخبرنا أبو على محمد بن الحسين بن حمزة الصوفى الرازى أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه ببلخ أنبأنا محمد بن الفضيل الزاهد أنبأنا سعيد بن عامر عن شعبة به مثله، إلا أنه قال: "أولُ من يدعى إلى اللَّه" بدل "الجنة". وأما رواية المسعودى عن حبيب فقال الحاكم في المستدرك [1/ 502، رقم 1851]: أخبرنا حمزة بن العباس القعنبى ببغداد ثنا العباس بن محمد الدورى ثنا قراد بن نوح ثنا عبد الرحمن بن عبد اللَّه المسعودى عن حبيب ابن أبي ثابت به. 1264/ 2836 - "أوَّلُ من يُكسى من الخلائقِ إبراهيم". البزار عن عائشة قال في الكبير نقلًا عن الهيثمى: فيه ليث بن أبي سليم وهو مدلس.

قلت: له طريق آخر من حديث أبي هريرة مطولًا إلا أن فيه من لم أعرفهم، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 344]: ثنا سليمان بن أحمد هو الطبرانى إملاء ثنا محمد بن إبراهيم بن عامر بن إبراهيم ثنا أبي ثنا أبي ثنا شعبة بن عمران ثنا عيسى بن صالح عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم خليل الرحمن وأول من يدخل الجنة محمد ثم من بعد محمد النبيون ثم من بعد النبيين الشهداء ثم من بعد الشهداء المؤذنون ثم من بعد المؤذنين عبدٌ عبد ربه وأطاع مواليه ثم من بعد العبيد الفقراء، قال: ويدخل العبيد قبل الفقراء بنصف يوم وذلك خمسمائة عام والفقراء قبل الأغنياء بنصف يوم وذلك خمسمائة عام". قلت: حديث غريب وفيه نكارة. 1265/ 2837 - "أوَّلُ من فُتقَ لسانهُ بالعربيةِ المبيَّنة إسماعيل وهو ابن أربعَ عشرةَ سنةً". الشيرازى في الألقاب عن على قال في الكبير: ظاهر عدول المصنف للشيرازى أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو عجيب فقد خرجه الطبرانى والديلمى من حديث ابن عباسى باللفظ المزبور، قال ابن حجر: وإسناده حسن، ورواه الزبير بن بكار من حديث على رفعه باللفظ المزبور وحسَّن ابن حجر إسناده أيضًا. قلت: ليس شيء من هذا واقعًا، فلا الطبرانى خرجه ولا الحافظ قال عن

حديث ابن عباس: سنده حسن ولا ورد من حديث ابن عباس مرفوعًا بل كتب الحافظ على قوله في حديث ابن عباس: "حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام وتعلم العربية منهم ما نصه: فيه إشعار بأن لسان أمه وأبيه لم يكن عربيا وفيه تضعيف لقول من روى أنه أول من تكلم بالعربية، وقد وقع ذلك من حديث ابن عباس عند الحاكم في المستدرك بلفظ: "أول من نطق بالعربية إسماعيل"، وروى الزبير بن بكار في النسب من حديث على بإسناد حسن قال: "أول من فتق اللَّه لسانه بالعربية المبينة إسماعيل" وبهذا القيد يجمع بين الخبرين فتكون أوليته في ذلك بحسب الزيادة في البيان لا الأولية المطلقة، فيكون بعد تعلمه أصل العربية من جرهم ألهمه اللَّه العربية الفصيحة المبينة فنطق بها" اهـ. فالحافظ إنما حسن حديث على دون حديث ابن عباس، بل أشار إلى ضعف حديث ابن عباس ولم يعزه إلى الطبرانى، بل إلى الحاكم في المستدرك وهو عنده موقوفًا عليه بسند واه كما قال الذهبى وسأذكره بلفظه، ولم يذكره الحافظ الهيثمى في الزوائد، ولو خرجه الطبرانى لذكره فيه، وكذلك لم أره في زهر الفردوس، فالعجب إنما من كثرة أوهام الشارح وأغلاطه الفاحشة لا من المصنف. قال الحاكم في المستدرك [2/ 552، 553، رقم 4029]: أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب ثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامى ثنى عبد العزيز بن عمران ثنى إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: "أول من نطق بالعربية ووضع الكتاب على لفظه ومنطقه ثم جعل كتابًا واحدًا مثل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الموصول حتى فرق بينه ولده إسماعيل بن إبراهيم"

ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، فتعقبه الذهبى بأن عبد العزيز بن عمران واه. أما حديث على فقال الشيرازى في الألقاب: أخبرنا أحمد بن سعيد الميدانى أنبأنا محمد بن أحمد بن إسحاق الماسى ثنا محمد بن جابر ثنا أبو يوسف يعقوب بن السكيت قال حدثنى الأثرم عن أبي عبيدة حدثنا مسمع بن عبد الملك عن محمد بن على بن الحسين عن آبائه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به مثل اللفظ المذكور في المتن. وعزاه ابن كثير في البداية للأموى قال: حدثنى علي بن المغيرة ثنا أبو عبيدة ثنا مسمع بن مالك به مثله أيضًا. وفي كل من الطريقين: فقال له يونس صدقت يا أبا سيار، هكذا أبو جرى حدثنى. وقال محمد بن سلام الجمحى في طبقات الشعراء: قال يونس بن حبيب: "أول من تكلم بالعربية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام"، ثم قال محمد بن عبد السلام: أخبرنى مسمع بن عبد الملك أنه سمع محمد بن على يقول: قال ابن سلام: لا أدرى رفعه أم لا، وأظنه قد رفعه: "أول من تكلم بالعربية ونسى لسان أَبيه إسماعيل عليه السلام". 1266/ 2838 - "أوَّل من خضَّب بالحنَّاء والكتم إبراهيمُ، وأولُ من اختضب بالسَّواد فرعونُ". (فر) وابن النجار عن أنس

قال في الكبير: وفيه منصور بن عمار، قال العقيلى فيه تجهم، وقال الذهبى: له مناكير. قلت: المذكور في سند الحديث منصور مولى عمار لا منصور بن عمار، والذي في السند متقدم يروى عن أنس بن مالك، ومنصور بن عمار متأخر يروى عن ابن لهيعة، قال الديلمى [1/ 59، رقم 47]: أخبرنا أبو العلاء أحمد بن نصر الحافظ ثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن غزو ثنا محمد بن عبد اللَّه الهروانى القاضى ثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم المكى ثنا محمد بن عبد اللَّه بن الجنيد التسترى ثنا عبد اللَّه بن موسى الخلى ثنا منصور مولى عمار عن أنس به. وأنا ما عرفت منصورا هذا ولا الراوى عنه. 1267/ 2839 - "أوَّلُ من دخلَ الحمامات وصُنعت له النَّورةَ سليمانُ بن داود، فلمَّا دخلَهُ وجد حرَّه وغمَّه، فقال: أوَّه من عذاب اللَّه أوَّه قبل أن لا تكون (¬1) ". (عق. طب. عد. هق) عن أبي موسى قال الشارح: بأسانيد ضعيفة. وقال في الكبير: قضية كلام المصنف أن مخرجيه سكتوا عليه، والأمر بخلافه فقد تعقبه البيهقى بما نصه: "تفرد به إسماعيل الأودى قال البخارى: ولا يتابع عليه، وقال مرة: فيه نظر اهـ كلام البيهقى، وفيه أيضًا إبراهيم بن مهدى ضعفه الخطيب وغيره، وقال الذهبى كابن عساكر: حديث ضعيف، وفي اللسان كأصله: هذا من مناكير إسماعيل ولا يتابع عيه ¬

_ (¬1) كذا بالأصل، والذي في النسخة المطبوعة من فيض القدير "قبل أن لا تكون أوّه".

وقال الهيثمى بعد ما عزاه للطبرانى: فيه صالح مولى التوأمة ضعفوه بسبب اختلاطه، وابن أبي ذوئيب سمع منه قبل الاختلاط وهذا من روايته عنه اهـ وأقول لكن فيه أيضًا هشام بن عمار، وفيه كلام وعبد اللَّه بن زيد البكرى أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ضعفه أبو حاتم اهـ، فتعصيب الهيثمى الجناية برأس صالح وحده غير صالح. قلت: كل ما نقله الشارح هنا كذب لا شيء منه واقع البتة، إلا ما نقله عن البيهقى في الشعب، فإنه موافق للواقع، وما عداه فباطل، أول ذلك: أن الحديث ليس له أسانيد كما زعمه في الصغير بل ليس له إلا إسناد واحد من رواية إسماعيل بن عبد الرحمن الأولى عن أبي بردة عن أبي موسى عن أبيه به، قال البخارى في التاريخ [1/ 362]: قال لى حسن بن صباح: ثنا إبراهيم بن مهدى ثنا أبو حفص الأبار عن إسماعيل به، ثم قال البخارى: فيه نظر لا يتابع في حديثه. وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان: حدثنا علي بن أحمد بن على المصيصى ثنا أحمد بن خليد الحلبى ثنا إبراهيم بن مهدى ثنا أبو حفص الأبار به، ثم قال: تفرد به الأبار عن إسماعيل اهـ. وقال العقيلى: لا يتابع عليه ولا يعرف به. الثانى: أن قضية كلام المصنف من أول كتابه إلى آخره لا تفيد سكوت المخرجين ولا كلامهم لأن كتابه غير موضوع لذلك ولكن المخرجين تكلموا على الحديث بما ناقضه الشارح وأتى بخلافه فإنهم نصوا على تفرد إسماعيل به، وهو زعم أن له أسانيد متعددة، أما المصنف فقد رمز لضعفه فوافق

كلامهم وأفاده برمزه. الثالث: ما نقله عن الهيثمى كذب عليه فإنه ما قال ذلك أصلًا بل ذكر الحديث في موضعين من مجمع الزوائد في الطهارة وفي الأنبياء، قال في كل منهما: فيه إسماعيل بن عبد الرحمن الأودى وهو ضعيف اهـ. فالعجب من هذا الشارح يكذب على الرجل أو يغلط عليه ثم لا يكفيه ذلك حتى يشينه بما هو منه برئ. 1268/ 2841 - "أوَّلُ من يبدّلُ سنَّتي رجلٌ من بني أمية". (ع) عن أبي ذر قال الشارح: زاد الرويانى وابن عساكر في روايتهما: "يقال له: يزيد". قلت: هذه الزيادة باطلة افتعلها المجومون ليدفعوا بها عن حمى معاوية حتى لا يحوم الظن حوله. والحديث مطلق بدون تلك الزيادة الباطلة، كذلك أخرجه الأقدمون. قال الدولابى في الكنى [1/ 163]: أخبرنى أحمد بن شعيب يعنى النسائى أنبأنا سليم بن سلم أنبأنا التفسير بن إسماعيل أنبأنا عوف عن أبي المهاجر عن أبي خالد عن رفيع أبي العالية قال: قال أبو ذر: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: إن أول من يبدل سنتى رجل من بني أمية". 1269/ 2842 - "أوَّلُ ما يرفع الرُّكنُ والقرآنُ ورؤيا النَّبيِّ في المنامِ". الأزرقى في تاريخ مكة، عن عثمان بن ساج بلاغًا.

قال الشارح: قال في التقريب: وفيه ضعف. قلت: لأن الأزرقى قال: حدثنى جدى ثنا سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج به، وسعيد بن سالم هو القداح وفيه ضعف يسير وهو صدوق. 1270/ 2847 - "أولادُ المشركين خدمُ أهلِ الجنَّةِ". (طس) عن سمرة وعن إنس قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عباد بن منصور وثقه القطان، وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات. قلت: في هذا تحريف ووهم وإيهام فإنه يفيد أن سند الحديثين واحد من رواية عباد بن منصور وأن الهيثمى هو صاحب هذا الإيهام المنقول عنه مع أنه برئ من ذلك وإنما الشارح حرف النقل عنه إذ أبى اللَّه تعالى له أن يقول صوابا أو ينقل صوابا، فالحافظ الهيثمى أورد حديث سمرة ثم قال: رواه الطبرانى في الكبير والأوسط والبزار وفيه عباد بن منصور، وثقه يحيى بن معين وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات، ثم أورد حديث أنس ثم قال: رواه أبو يعلى والبزار والطبرانى في الأوسط, وفي إسناد أبي يعلى يزيد الرقاشى، وهو ضعيف، وقال فيه ابن معين: رجل صدوق، ووثقه ابن عدى، وبقية رجالهما رجال الصحيح اهـ. فحديث أنس الذي كتب الشارح عقبة فيه عباد بن منصور ليس هو فيه إنما هو في سند سمرة. وقد أخرجه من طريقه أيضًا ابن فيل في جزئه: قال: حدثنا عقبة بن مكرم ثنا عيسى بن شعيب ثنا عباد بن منصور عن أبي

رجاء العطاردى عن سمرة بن جندب قال: "سألنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أولاد المشركين فقال: هم خدم أهل الجنة". ورواه لوين في جزئه من حديث سلمان الفارسى موقوفًا عليه، قال: حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أبي قراية عن سلمان رضي اللَّه عنه قال: "هم خدم أهل الجنة". 1271/ 2851 - "ألا أخبرك بأَخيرِ سورة في القرآن، الحمدُ للَّه ربِّ العالمينَ". (حم) عن عبد اللَّه بن جابر البياضى قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد اللَّه بن أحمد بن عقيل، سئ الحفظ وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات اهـ. وقضية صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه، وهو ذهول شنيع، فقد رواه البخارى في التفسير والفضائل وأبو داود والنسائى في الصلاة وابن ماجه في ثواب التسبيح بلفظ: "ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن الحمد للَّه رب العالمين هي السبع المثانى والقرآن العظيم، الذي أوتيته، وأعظم سورة في القرآن". قلت: عبد اللَّه بن جابر البياضى ليس له في الكتب الستة حديث أصلًا، والذي يشير إليه الشارح وعين مواضع إخراجه فيه من الكتب المذكورة، هو حديث أبي سعيد بن المعلى، وهو مروى في أكثر ألفاظه بلفظ: "لأعلمنك أعظم سورة"، وقد ذكره

المصنف في حرف الحاء في الحمد للَّه رب العالمين. وعزاه للبخارى وأبي داود كما سيأتى، فلو سكت المصنف لكان أستر لحاله. 1272/ 2852 - "ألا أخْبرُك عن ملوكِ الجنَّة؟ رجلٌ ضَعِيفٌ مستضعفٌ ذو طمرين لا يُؤبه له، ولو أقسمَ على اللَّه لأبرَّه". (هـ) عن معاذ قال الشارح: بإسناد صحيح. وقال في الكبير: قال المنذرى: رواته محتج بهم في الصحيح إلا سويد ابن عبد العزيز، وقال الحافظ العراقى في المغنى: سنده جيد، وفي أماليه: حديث حسن، وفيه سويد بن عبد العزيز ضعفه أحمد وابن معين والجمهور ووثقه دحيم، والحديث له شواهد اهـ. وظاهر كلامه أنه إنما هو حسن لشواهده. قلت: وإذا كان كذلك فلم قلت في الصغير: إسناده صحيح، فإنه تلاعب منك وتهور لا سيما وقد ذكر ابن أبو حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذا الحديث الذي رواه سويد بن عبد العزيز عن زيد بن واقد عن بسر بن عبيد اللَّه عن أبي إدريس عن معاذ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: هذا حديث خطأ إنما يروى عن أبي إدريس من كلامه فقط.

1273/ 2854 - "ألا أخْبرُك بأفضلَ ما تعوَّذ به المتعوَّذون؟ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ". (طب) عن عقبة بن عامر قال في الكبير: ظاهره أنه لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول، فقد رواه النسائى باللفظ المزبور عن عابس الجهني، قال في الفردوس: ويقال له صحبة. قلت: صحابى الحديث ابن عابس لا عابس (¬1)، وأوله عند النسائى [8/ 251، 252]: "يا ابن عابس ألا أدلك" أو قال: "ألا أخبرك" فموضعه في اصطلاح المؤلف حرف الياء آخر الحروف لا الألف، ولولا مراعاة أوائل الحروف لكان عزو حديث عقبة إلى الطبرانى وحده قصورا من المؤلف، واستدراك الشارح بحديث ابن عابس قصورا أيضًا، فإن حديث عقبة بن عامر مخرج في صحيح مسلم [1/ 558، رقم 814/ 264، 265] وسنن أبي داود [2/ 74، رقم 1426] والترمذى [5/ 170، رقم 2902] والنسائى [8/ 254] من طرق عديدة بألفاظ مختلفة، ولكن الشارح لا لوم عليه لأنه يذكر كل حرف في موضعه حسب رواية المخرج والشارح ملوم جدًا لو كان من أهل الحديث، ولكنه ملوم لجرأته بالخطأ والباطل وعدم التحقيق. ¬

_ (¬1) انظر تحفة الأشراف (11/ 120، رقم 15523)، وانظر أيضًا تهذيب الكمال كلاهما للمزي (34/ 455، رقم 7738).

1274/ 2860 - "ألا أخبرُكم عنِ الأجْود؟ اللَّه الأجْودُ الأجْود، وأنا أجودُ ولدِ آدم، وأجودُهم من بعدي رجلٌ علم علمًا فنشرَ عِلمَهُ، يبُعثُ يوم القيامة أمةً وحدهُ، ورجلٌ جاد بنفسِهِ في سبيل اللَّه حتى يُقتلَ". (ع) عن أنس قال في الكبير: قال المنذرى: ضعيف، وقال الهيثمى وغيره: فيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك الحديث اهـ، وخرجه ابن حبان عن مكحول عن محمد بن هاشم عن سويد بن عبد العزيز عن نوح بن ذكوان عن أخيه عن الحسن عن أنس، وأورده ابن الجوزى من حديث ابن حبان هذا، ثم حكم بوضعه وقال: قال ابن حبان: منكر باطل، وأيوب منكر الحديث وكذا نوح، ولم يتعقبه المؤلف سوى بأن أبا يعلى أخرجه ولم يزد على ذلك. قلت: لا يخفى ما في كلامه من الاختصار المجحف في موضع التطويل، والإجمال في موضع الحاجة إلى البيان، فابن حبان خرج الحديث في الضعفاء خلاف ما يوهمه إطلاقه، ونوح رواه عن أخيه أيوب وهو لم يذكر اسمه في السند، ثم في كلام ابن الجوزى ذكر أيوب فلا يعرف الناظر أين ذكر أيوب من الإسناد، ثم إن ابن الجوزى توسع في النقل عن ابن حبان وذكره بالمعنى وإلا فابن حبان ذكر هذا الحديث في موضعين من كتاب الضعفاء ولم يصرح بأنه باطل في واحد منهما، فذكره أولًا في ترجمة أيوب ابن ذكوان وقال: هو أخو نوح بن ذكوان، يروى عن الحسن، روى عنه أخوه نوح بن ذكوان، منكر الحديث يروى عن الحارث وغيره المناكير، ولا أعلم له راويًا غير أخيه فلا أدرى التخليط في حديثه منه أو من أخيه، وهو الذي يروى

عن الحسن، فذكر حديثًا وأسنده، ثم قال: وهو الذي يروى عن الحسن عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ألا أخبركم بأجود الأجودين قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال: فإن اللَّه أجود الأجودين، وأنا أجود بني آم وأجودهم بعدي رجل علم علمًا فنشر علمه، يبعث يوم القيامة أمة وحده كما يبعث النبي أمة وحده" أخبرناه مكحول ثنا محمد بن هاشم البعلبكى ثنا سويد بن عبد العزيز ثنا نوح بن ذكوان عن أخيه أيوب بن ذكوان عن الحسن. ثم ذكره ابن حبان أيضًا في ترجمة محمد بن إبراهيم الشامى فقال: كان يدور بالعراق وتجاوز عبادان يضع الحديث على الشاميين، حدثنا عنه أبو يعلى والحسن بن سفيان وغيرهما، لا تحل الرواية عنه إلا عند الاعتبار، روى عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا تعزير فوق عشرين سوطا" فيما يشبه هذا مما لا أصل له من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لا يحل الاحتجاج به، وهو الذي روى عن سويد بن عبد العزيز عن نوح بن ذكوان عن أخيه أيوب عن الحسن عن أنس مرفوعًا: "ألا أخبركم عن الأجود، الأجود اللَّه أجود الأجود" الحديث مثل ما في المتن، ثم قال: حدثناه أحمد بن على بن المثنى هو أبو يعلى ثنا محمد ابن إبراهيم الشامى به، ثم ذكر أحاديث أخرى، فابن الجوزى أخذ ذلك من عموم كلام ابن حبان في الترجمة الثانية، وهو غلو وإسراف بالنسبة لهذا الحديث واللَّه أعلم.

1275/ 2762 - "ألا أخبرُكم بسورةٍ ملأ عظمتُها ما بين السماء والأرض، ولِكاتبهِا من الأجرِ مثلُ ذلك، ومن قرأها يومَ الجمعة غُفر له ما بينه وبين الجمعةِ الأخرى وزيادةُ ثلاثة أيامٍ، من قرأ الخَمْس الأواخر منها عند نومه بَعَثَهُ اللَّه أيَّ الليل شاء؟ سورةُ أصحاب الكهفِ". ابن مردويه عن عائشة قال الشارح: وفيه إعضال أو إرسال. وقال في الكبير: ورواه عن عائشة أيضًا أبو الشيخ وابن جرير، وأبو نعيم والديلمى وغيرهم، فاقتصار المصنف على ابن مردويه غير سديد لإيهامه، وروى من طرق أخرى عند ابن الضريس وغيره، لكن بعضها كما قال الحافظ ابن حجر في أماليه: معضل وبعضها مرسل. قلت: في هذا أمور: الأول: قوله في الصغير وفيه إعضال أو إرسال، كلام مضحك، إذ لا يتصور الإعضال مع وجود عائشة في السند، أما الإرسال فقد يعبر به بعض القدماء عن الانقطاع توسعا في معناه، وإن كانوا يخصون ذلك بالمصدر ويتمسكون بالاصطلاح في الاسم، لكن الشارح بنقله كلام الحافظ في كبيره دلَّ على أنه يريد المرسل الاصطلاحى، فكان ذلك أغرب وأعجب. الثانى: عزوه الحديث إلى أبي الشيخ وأبي نعيم وابن جرير قلة أمانة منه وعدم تحقيق فإنه لم ير الحديث في هذه الكتب ولا رأى أحدًا من ألفاظ عزاه إليها، وإنما رأى الديلمى أسنده عن طريق هؤلاء فقال في مسند الفردوس: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم أخبرنا أبو محمد بن حيان هو أبو الشيخ ثنا

محمد بن جرير ثنا عمرو بن عثمان الزهري ثنا عبد الرحمن بن هشام ثنا أبي ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. فهؤلاء قد لا يكون أخرجوه جميعهم، وقد راجعت تفسير ابن جرير فلم أره فيه، وإذا كان أخرجه أبو الشيخ وأبو نعيم فإن لكل منهما عدة كتب، ففي أى منها أخرجاه أو واحد منهما، وقد يكون أحدهما أملاه في مجلس من مجالسه، وبالجملة فعزوه إلى الثلاثة بعيد عن الأمانة والتحقيق، فكيف يستدرك بذلك على المصنف ويلام على التحقيق والأمانة وعدم سلوك سبيل التهور والخيانة. الثالث: ولو فرضنا أن هؤلاء أخرجوه في كتب معينة ورآه الشارح فيها فأى شيء في عزو الحديث إلى كتاب دون غيره، وهل اشترط ذلك أحد أو جعل ضده عيبا إلا هذا الشارح؟ 1276/ 2863 - "ألا أخبرُكم بمن تحرم عليه النارُ غدًا؟ على كلِّ هينٍ لينٍ قريبٍ سهلٍ". (ع) عن جابر (ت. طب) عن ابن مسعود قال الشارح: بأسانيد جيدة. وقال في الكبير: (ت) في الزهد، وقال: حسن غريب، (طب) كلهم عن ابن مسعود، قال الهيثمى بعدما عزاه لأبي يعلى: فيه عبد اللَّه بن مصعب الزبيرى، ضعيف، وقال عقب عزوه للطبرانى: رجاله رجال الصحيح، وقال العلائى: سند هذا أقوى من الأول. قلت: في هذه الجملة البسيطة أوهام، الأول: قوله بأسانيد جيدة لا يخلو أن يكون مراده بذلك حديث ابن مسعود وحده، أو حديثه مع حديث جابر، فإن كان الأول فليس له إلا إسناد واحد من رواية هشام بن عروة عن موسى بن

عقبة عن عبد اللَّه بن عمرو الأودى عن عبد اللَّه بن مسعود، هكذا أخرجه الترمذى [4/ 654، رقم 2488]: ثنا هناد ثنا عبدة عن هشام، وهكذا أخرجه ابن حبان [2/ 216، رقم 470] من طريق يحيى بن معين: أنا عبدة به، وأخرجه ابن النقور: أنا على السكرى أنا أحمد بن الحسين الصوفى ثنا يحيى بن معين به. وإن كان الثانى، فسند حديث جابر قد نص على أن فيه مصعب بن الزبير، وهو ضعيف، فكيف يكون جيدًا؟ وأيضًا فحقه أن يقول حينئذ: بإسنادين جيدين لا بأسانيد جيدة. الثانى: قوله: كلهم عن ابن مسعود، وحقه أن يقول كلاهما. الثالث: قوله: قال الهيثمى بعدما عزاه لأبي يعلى، فأوهم أن أبا يعلى خرجه من حديث ابن مسعود أيضًا لأنه لم يصرح بحديث جابر وعطف عليه قوله، وقال عقب عزوه للطبرانى: مع أن أبا يعلى إنما خرج حديث جابر، وهو الذي في سنده عبد اللَّه بن مصعب، وقد أخرجه أيضًا الطبرانى في الصغير [1/ 72، رقم 89] قال: حدثنا أحمد بن سعيد بن شاهين ثنا مصعب بن عبد اللَّه الزبيرى ثنا أبي عن هشام بن عروة عن محمد بن المنكدر عن جابر به. وأخرجه أيضًا في مكارم الأخلاق: ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنى مصعب ابن عبد اللَّه به. الرابع: قوله وقال بعد عزوه للطبرانى: رجاله رجال الصحيح، فإن هذا كذب على الهيثمى، فإنه ما ذكر حديث ابن مسعود في كتابه ولا عزاه للطبرانى ولا قال رجاله رجال الصحيح أصلا ولا الحديث من شرط كتبه. الخامس: لو فرضنا أن الهيثمى وَهِمَ وذكر الحديث في الزوائد، وهو في الأصول لكان الواجب أن ينبه على وهم الهيثمى، فكيف يهم هو عليه

وينسب إليه ما هو برئ منه بالاختلاق المجود، فإنه لم يذكر في الباب حديثًا بهذا اللفظ إلا حديث معيقيب وحديث جابر وحديث أبي هريرة وحديث أنس، ولم يقل في واحد منها رجاله رجال الصحيح حتى يقال إن بصره انتقل عن حديث إلى حديث، فاعجب لهذا الأمر. 1277/ 2866 - "ألا أخبرُكم بأفضلَ من درجة الصيام والصَّلاةِ والصَّدقةِ؟ صلاحُ ذاتِ البين، فإنَّ فساد ذات البين هي الحالقةُ" (حم. د. ت) عن أبي الدرداء قال الشارح: بأسانيد صحيحة. قلت: ليس له عندهم إلا سند واحد صحيح من رواية أبي معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن هذا الطريق أخرجه أيضًا البخارى في الأدب المفرد [ص 142، رقم 391] والطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 68، رقم 75] وآخرون. نعم له سند آخر عن أبي الدرداء لكن موقوفًا عليه، قال محمد بن يحيى الذهلى في جزئه: ثنا عثمان بن عمر ثنا يونس عن الزهرى عن أبي إدريس أن أبا الدرداء قال: "ألا أخبركم بخير لكم من الصيام والصدقة؟ صلاح ذات البين، وإياكم والبغضة فإنها الحالقة". وقال ابن المبارك في الزهد [ص 256، رقم 739]: أخبرنا صخر (¬1) أبو المعلى قال حدثنى يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولانى ¬

_ (¬1) بياض بالأصل، والتصويب من الزهد.

قال: سمعت أبا الدرداء يحلف باللَّهِ، وأيم اللَّه ما سمعته يحلف قبلها: "ما من مسلم يعمل عملا أفضل من مشى إلى الصلاة وصلاح ذات البين". ورواه ابن المبارك أيضًا من وجه آخر عن سعيد بن المسيب مرسلا [ص 256، رقم 738] فقال: أخبرنا أسامة بن زيد عن إسماعيل بن أبي حكيم عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا أخبركم بخير من كثير من الصدقة والصلاة قالوا: بلى، قال: إصلاح ذات البين وإياكم [والبغضة] (¬1) فإنها هي الحالقة". 1278/ 2867 - "أَلا أخبرُكم برجالِكُم من أهل الجنَّةِ؟ النَّبي في الجنةِ، والشَّهيدُ في الجنَّةِ، والصديقُ في الجنَّةِ، والمولودُ في الجنَّةِ، والرجلُ يزور أخاه في ناحية المِصر في اللَّه في الجنَّةِ. ألا أخبرُكم بنسائِكُم من أهل الجنَّةِ؟ الودودُ العئُودُ التي إذا ظُلمت قالت: هذه يدي في يدك لا أذوقُ غُمضًا حتَّى ترضى". (قط) في الأفراد، (طب) عن كعب بن عجرة. قال في الكبير: قال الطبرانى لا يروى عن كعب إلا بهذا الإسناد. قال الهيثمى: فيه السرى بن إسماعيل، وهو متروك اهـ. وفيه سعيد بن خيثم، قال الذهبى، عن الأزدى: منكر الحديث، والسرى بن إسماعيل قال الذهبى: قال يحيى القطان: استبان لي كذبه في مجلس واحد، وقال النسائى: متروك، ورواه البيهقى في الشعب عن ابن عباس وقال إسناد ضعيف بمرة. ¬

_ (¬1) الزيادة من الزهد.

قلت: أطال وكرر وأملَّ في موضع الاختصار، فإنه لا حاجة إلى تكرار القول في السرى بعد النقل عن الهيثمى، واختصر في موضع الحاجة إلى الإطالة بذكر حديث ابن عباس متنا وسندا حتى يستفاد المتن والسند، ويعرف هل هو كما قال البيهقى أم لا. فقد أخرجه أبو نعيم في الحلية [4/ 303] عن محمد بن جعفر بن الهيثم: ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربى ثنا سريج بن النعمان ثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم الرمانى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة؟ النبي والصديق والشهيد والمولود ورجل يزور أخاه في ناحية المصر، لا يزوره إلا للَّه" وهذا سند رجاله ثقات. ورواه الطبرانى [12/ 59، رقم 12467] عن علي بن عبد العزيز البغوى: ثنا محمد بن أبي نعيم ثنا سعيد بن زيد عن عمرو بن خالد عن أبي هاشم به. فحديث ابن عباس على شرط الصحيح لا كما نقل الشارح عن البيهقى إن لم يكن واهما عليه. وفي الباب أيضًا عن أنس قال الطبرانى في الصغير [1/ 89، رقم 118]: حدثنا أحمد بن الجعد الوشاء البغدادى ثنا محمد بن بكار بن الريان ثنا إبراهيم بن زياد القرشي عن أبي حازم عن أنس بن مالك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ألا أخبركم" مثل اللفظ المذكور في المتن، وقال ابن وهب في جامعه: وحدثنى من سمع سعيد بن أبي أيوب يقول: "إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة؟ قالوا: بلى يَا رسول اللَّه، قال: النبيون والصديقون ورجل زار أخاه في اللَّه، ثم قال: ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ قالوا: بلى يَا رسول اللَّه، قال: الودود والولود العئود التي إذا أساءت أو أسئ إليها وضعت يدها في يده ثم قالت: اعمل وافعل ما بدا لك".

1279/ 2874 - "ألا أدلُكم على أشدِكم؟ أمْلكُكُم لنفسه عند الغضبِ". (طب) في مكارم الأخلاق عن أنس قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه شعيب بن بيان، وعمران القطان وثقهما ابن حبان، وضعفهما غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: قد يدل على ضعف الحديث كون راوييه الضعيفين أو أحدهما رواه بلفظين، وكذلك أخرجه عنهما الطبرانى في مكارمه فقال أولا: "في باب فضل من يملك نفسه عند الغضب". حدثنا عبد اللَّه بن أحمد ثنا إبراهيم بن المستمر العرزمى ثنا شعيب بن بيان الصفار عن عمران القطان عن قتادة عن أنس "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مر على قوم يرفعون حجرًا فقال: ما هذا؟ قالوا: يَا رسول اللَّه حجرًا كنا نسميه في الجاهلية حجر الأشداء، فقال: ألا أدلكم" وذكر مثل ما هنا. ثم قال في "باب فضل كظم الغيظ": حدثنا عبدان ثنا إبراهيم بن المستمر بسنده السابق عن أنس "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مر بقوم يصطرعون فقال: ما هذا؟ فقالوا: يَا رسول اللَّه فلان الصريع لا ينتدب له أحد إلا صرعه، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: ألا أدلكم على من هو أشد منه، رجل كلمه رجل فكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه" اهـ. لكن ورد من حديث على عليه السلام بالسند (¬1) الأول واللفظ الأول، ذكره المصنف سابقًا بلفظ "أشدكم" وذكرنا سنده عند الديلمى فارجع إليه. ¬

_ (¬1) في الأصل: "بالسبب"، والصواب ما أثبتناه, واللَّه أعلم.

1280/ 2875 - "لا أدلُّكم على الخلفاءِ منِّى ومن أصحابى ومنَ الأنبياء قبلى؟ هم حملةُ القرآنِ والأحاديث عنِّى وعنهم في اللَّه وللَّه" السجزى في الإبانة، (خط) في شرف أصحاب الحديث عن على قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا اللالكائى في السنة وأبو نعيم والديلمى باللفظ المزبور، فاقتصار المصنف على ذينك غير جيد. قلت: بل جيد وفوق الجيد، قال الديلمى في مسند الفردوس [1/ 170، رقم 469]: أنا الحداد أنا أبو نعيم ثنا الحسن بن علان ثنا عبد الوهاب بن عصام ثنا إسماعيل بن يزيد القطان ثنا قتيبة بن مهران ثنا عبد الغفور عن أبي هاشم عن زاذان عن علي به. فاستدركه به، وهو لا يدرى في أي كتاب خرجه، وأبو نعيم خرجه في تاريخ أصبهان [2/ 134] في ترجمة عبد الوهاب بن عصام، وقال الخطيب في شرف أصحاب الحديث [ص 32]: أخبرنى أبو بكر عبد اللَّه بن محمد بن أحمد بن القلون الكاتب أنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الدقاق المعروف بالولى ثنا أبو جعفر الحسن بن على ابن الوليد بن النعمان الفارسى الفسوى الكرابيسى ثنا خلف بن عبد الحميد ابن أبي الحسناء ثنا أبو الصباح عبد الغفور به، وهو كذاب وضاع، والحديث باطل موضوع على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومخالف لأمر وسنته، وليس عن الأنبياء أحاديث تروى وتحفظ حتى يجعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حملتها خلفائهم، بل نهى أمته عن قراءة كتبهم والاشتغال بغير كتاب اللَّه تعالى وسنته -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: "لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعى"، فالمصنف ملوم جدًا على ذكره هذا الباطل في كتابه الذي صانه عما انفرد به الوضاع لا سيما وقد أورد هو في ذيل اللآلئ حديثًا حكم بوضعه وأعلَّه بعبد الغفور المذكور.

1281/ 2884 - "ألا أنبِّئُك بشرِّ النَّاس؟ مَنْ أكل وَحْدهُ ومنعِ رَفْدَهُ وسافر وحدَهُ وضربَ عبدَهُ، ألا أنبِّئُك بشرٍّ من هذا؟ من يبغضُ النَّاس ويَبغضُونه، ألا أنبِّئُك بشرٍّ من هذا؟ من يُخْشى شرُّهُ ولا يُرجى خيرُه، ألا أنبِّئُك بشرٍّ من هذا؟ مَن باع آخرَتَهُ بدنيا غيره، ألا أنبِّئُك بشرٍّ من هذا؟ مَن أكل الدُّنيا بالدِّين". ابن عساكر عن معاذ قال في الكبير: ورواه الطبرانى في الكبير من حديث ابن عباس، وضعفه المنذرى. قلت: حديث ابن عباس أخرجه الحكيم الترمذى في النوادر مختصرًا فقال: حدثنا عبد الوهاب بن فليح ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد ثنا هشام أبو المقدام عن محمد بن كعب عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى يَا رسول اللَّه، قال: من أكل وحده ومنع رفده وجلد عبده" اهـ. فلينظر هل خرجه الطبرانى مطولًا وذلك بعيد، بل هو إطلاق فاسد من الشارح. 1282/ 3885 - "ألا أخبرُكُم (¬1) بخيارِكُم؟ خيارُكُم الَّذين إذا رُءوا ذُكرَ اللَّه" (حم. هـ) عن أسماء بنت يزيد قال الشارح: بإسناد حسن أو صحيح. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه شهر بن حوشب، وثقه غير واحد وضعف، وبقية رجال أحد أسناديه رجال الصحيح. ¬

_ (¬1) في النسخة المطبوعة من فيض القدير: "ألا أنبئكم"

قلت: ما رأيت هذا الحديث في مجمع الزوائد، بل ترجم لهذا المعنى في كتاب الذكر بباب خاص وأورد فيه حديث ابن عباس بلفظين وحديث ابن مسعود، ولم يورد حديث أسماء ولا يتصور أن يورده إلا إذا كان واهما أو كان في الحديث زيادة أخرى ليست في رواية الأصل الذي هو سنن ابن ماجه. ثم وجدته كذلك في باب الغيبة والنميمة بزيادة: "ألا أخبركم بشراركم المشاءون بالنميمة المفسدون بين الأحبة الباغون للبرءاء العيب"، فكان الواجب أن ينبه الشارح على أن أحمد رواه بزيادة سوغت الهيثمى ذكره في الزوائد من أجلها. ورواه البخارى في الأدب المفرد [ص 119، رقم 323] كذلك بالزيادة المذكورة. ورواه ابن أبي الدنيا في الأولياء [ص 39، رقم 16] وأبو نعيم في الحلية [1/ 6] مختصرًا كما في المتن، وقد تقدم من حديث ابن عباس بلفظ: "أولياء اللَّه الذين" ومن حديث أنس بلفظ: "أفضلكم الذين" ويأتى من حديث ابن عمر بلفظ: "خياركم الذين". 1283/ 2887 - "ألا يارُبَّ نفسٍ طاعمةٍ ناعمةٍ في الدنيا جائعةٌ عاريةٌ يوم القيامة، ألا يارُبَّ نفسٍ جائعةٍ عاريةٍ في الدُّنيا طاعمةٌ ناعمةٌ يومَ القيامةِ، ألا يارُبَّ مكرمٍ لنفسه وهو لها مهينٌ، ألا يارُبَّ مهينٍ لنفسه وهو لها مكرمٌ، ألا يارُبَّ متخوصٍ ومتنعمٍ فيما أفاء اللَّه على رسوله ما له عند اللَّه عن خلاق، ألا وإنَّ عمل الجنَّة حَزَنٌ بربوةٍ وإنَّ عمل النَّار سهلٌ بسهوةٍ، ألا يارُبَّ شهوةِ ساعةٍ أورثت حزنا طويلا". ابن سعد (هب) عن أبي البجير

قال في الكبير: وخرجه عنه الديلمى أيضًا، وعزاه المنذرى إلى تخريج ابن أبي الدنيا، ثم ضعفه. قلت: الحديث أخرجه أيضًا ابن أبي عاصم في كتاب الآحاد والمثانى [5/ 165، رقم 2703] , وأبو نعيم في المعرفة، والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 308، رقم 1423] كلهم من طريق بقية، عن سعيد بن سنان الحمصى عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن أبي البجير -وكان من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أصاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يومًا جوع، قال: فوضع الحجر على بطنه ثم قال: ألا يارب" وذكره. ووقع عند ابن سعد [7/ 139] قال بقية هكذا تعليقًا. وهو عند الديلمى من رواية الربيع بن روح الحمصى عن سعيد بن سنان، وسعيد متروك منكر الحديث، وقال الجوزجانى: أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة. قلت: لكن ورد نحوه من وجه آخر من حديث ابن عباس وشداد بن أوس، فحديث ابن عباس أخرجه أحمد [1/ 327] والقضاعى [2/ 199، رقم 1180] وابن الأعرابى وإسحاق بن راهويه وغيرهم، وفيه كلام طويل ذكرته في المستخرج على مسند الشهاب. وحديث شداد رواه أبو يوسف في كتاب الخراج عنه مرفوعًا والبخارى في التاريخ الكبير عنه موقوفًا مختصرًا والجميع في المستخرج. 1284/ 2888 - "إيَّاك وكلُّ أمرٍ يُعتذرُ منه". الضياء عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس، وسنده حسن، قال: وأخرج البخارى في تاريخه وأحمد في الإيمان والطبرانى في

الكبير بسند جيد عن سعد بن عبادة الأنصارى وله صحبة موقوفًا: "انظر إلى ما يعتذر منه من القول والفعل فاجتنبه". وأخرجه الحاكم في المستدرك من حديث سعد، والطبرانى في الأوسط من حديث ابن عمر وجابر بلفظ: "إياك وما يعتذر منه". قلت: حديث أنس أخرجه أيضًا البيهقى في الزهد من رواية محمد بن يونس الكديمى: ثنا أبو عاصم ثنا شبيب بن بشر ثنا أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اعمل للَّه رأى العين كأنك تراه فإنك إن لم تكن تراه فإنه يراك، وأسبغ طهورك إذا دخلت المسجد، واذكر الموت في صلاتك فإن الرجل يذكر الموت في صلاته لحرى أن يحسن صلاته، وصل صلاة رجل لا يظن أن يصلى صلاة غيرها، وإياك وما يعتذر منه" اهـ. ومحمد بن يونس الكديمى متهم بالوضع، وإن كان من العباد الزهاد. لكن رواه الديلمى من طريق أبي الشيخ: ثنا ابن أبي عاصم ثنا أبي ثنا أبي ثنا شبيب به. وكذا قال الحافظ في زهر الفردوس، سنده حسن. وقول الشارح: عن سعد بن عبادة تحريف، والصواب سعد بن عمارة. وحديث سعد بن أبي وقاص أخرجه أيضًا البيهقى في الزهد كلاهما -أعنى هو والحاكم [4/ 326، رقم 7928]- من رواية محمد بن أبي حميد عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده به. ثم صححه الحاكم وأقره الذهبى مع أن محمد بن أبي حميد ضعيف، ومع ضعفه اختلف عليه فقيل عنه هكذا، وقيل عنه عن محمد بن المنكدر عن جابر، كما خرجه الطبرانى في الأوسط [7/ 369، رقم 7753] من رواية

منصور بن أبي نويرة عنه، وقيل عنه عن إسماعيل بن محمد الأنصارى عن أبيه عن جده. كذلك أخرجه أبو نعيم في المعرفة من رواية ابن أبي فديك عنه. وحديث جابر سيذكره المصنف قريبًا بلفظ: "إياكم والطمع". وحديث ابن عمر أخرجه أيضًا العسكرى والقضاعى [2/ 93، رقم 952] والمخلص في السادس من فوائده والبيهقى في الزهد كلهم من رواية الحسن ابن راشد بن عبد ربه: ثنى أبي عن نافع عن ابن عمر به. وفي الباب أيصا عن علي وأبي أيوب مرفوعًا وعمر موقوفًا ذكرتها في المستخرج. 1285/ 2895 - "إيَّاك ونار المؤمن لا تحرقُك، وإن عَثَر كلَّ يوم سبعَ مراتٍ، فإنَّ يمينَه بيد اللَّه إذا شاء أن يُنعشَه أنْعشَه". الحكيم عن الغار بن ربيعة قال في الكبير: لم أر في الصحابة فيما وقفت عليه من اسمه كذلك فلينظر. قلت: الحديث مرسل، والغاز بن ربيعة ليس بصحابى غالبًا فإن ابنه هشام متأخر يروى عن الزهرى وطبقته من صغار التابعين مات بعد الخمسين ومائة قال الحكيم [2/ 46]: حدثنا داود بن حماد القيسى ثنا عمر بن سعيد الدمشقى ثنا مكرم البجلى عن هشام بن الغاز عن أبيه الغاز بن ربيعة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وذكره، وعمر بن سعيد ضعيف. وقد رواه الحكيم أيضًا عن يزيد بن ميسرة موقوفًا قال: "إن اللَّه تبارك وتعالى يقول: ابن آدم لا تحرقك نار المؤمن فإن يمينه في كف الرحمن منعشة، وإن عثر في كل يوم سبع مرات".

قال الحكيم حدثنا الفضل بن محمد ثنا عمرو بن عثمان القرشى ثنا محمد بن حرب ثنى أبو سلمة سليمان بن سليم عن يحيى بن جابر الطائى عن يزيد بن ميسرة به. 1286/ 2797 - "إيَّاكُم والحمرةِ فإنَّها أحبُّ الزينة إلى الشَّيطان". (طب) عن عمران بن حصين قال الشارح: وفي إسناده مجهول، وبقيته ثقات. وقال في الكبير: قال الديلمى: وفي الباب عبد الرحمن بن يزيد اهـ. قال الهيثمى: رواه الطبرانى بإسنادين في أحدهما يعقوب بن خالد بن نجيح البكرى العبدى، لم أعرفه، وفي الآخر بكر بن محمد يروى عن سعيد عن شعبة، وبقية رجالهما ثقات. قلت: لا يخفى ما بين كلامه في الصغير وكلامه في الكبير من الفرق، وقدمنا مرارًا أن ما يقول عنه النور الهيثمى: "لم أعرفه"، لا يقال عنه مجهول. أما حديث خالد بن يزيد الذي في الباب أخرجه ابن منده، قال: حدثنا أحمد بن سليمان بن أيوب ثنا أبو زرعة ثنا يحيى الوحاظى ثنا سعيد بن بشير ثنا قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن يزيد ابن رافع قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إياكم والحمرة فإنها أحب الزينة إلى الشيطان". قال ابن منده: عبد الرحمن مختلف في صحبته. وأخرجه أيضًا الحسن بن سفيان في مسنده، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثانى [5/ 264، رقم 2789] وأبو نعيم في المعرفة كلهم من طريق سعيد بن بشير به، وهو ضعيف، وقد اختلف

عليه في اسم جد الصحابي فبعضهم قال عنه عبد الرحمن بن يزيد بن رافع، وبعضهم قال: راشد بدل رافع، واختلف عليه أيضًا في إسناده، فقال الوحاظى ومحمد بن عثمان: عنه هكذا، وقال بكر بن محمد: عنه عن عمران بن حصين. كذلك أخرجه الطبرانى [18/ 148، رقم 317] وهي الرواية المذكورة في المتن. 1287/ 2898 - "إيَّاكم وأبْوابَ السُّلطان فإنَّهُ قد أصْبحَ صعبًا هَبُوطًا". (طب) عن رجل من سليم قال في الكبير: ثم إن لفظ هبوطا بالهاء هو ما وقفت عليه في نسخ هذا الجامع، والذي وقفت عليه في نسخ البيهقى والطبرانى حبوطا بحاء مهملة، ثم قال: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، ورواه عن أبي الأعور المذكور أبو نعيم والديلمى والبيهقى في الشعب. قلت: الذي في مسند الفردوس هبوطا بالهاء وهو -أي الديلمى- أسنده [1/ 464، رقم 1539] عن الحداد عن أبي نعيم عن الطبرانى: ثنا الحضرمى ثنا عتبة بن يعيش ثنا محمد بن فضيل عن إسماعيل عن قيس عن أبي الأعور السلمى به. ولعل الشارح تجاوز وسلك المعاريض في قوله: نسخ البيهقى والطبرانى، فإنه ما رأى الطبرانى الكبير فضلًا عن نسخ منه، نعم رأى الشعب للبيهقى، فاللَّه أعلم ما أراد. 1288/ 2899 - "إيَّاكم ومشارَّةُ النَّاس فإنها تدفنُ الغُرَّة وتُظهرُ العُرَّة". (هب) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ظاهره أن البيهقى خرجه وأقره والأمر بخلافه، بل تعقبه بما نصه: تفرد به الوليد بن سلمة الأردنى، وله من أمثال هذا أفراد لم يتابع عليها اهـ. والوليد هذا قال الذهبى: تركه الدارقطنى. ورواه الطبرانى أيضًا، قال الهيثمى: ورجاله ثقات إلا أن شيخ الطبرانى محمد بن الحسن بن هديم لم أعرفه. قلت: في هذا أمور، الأول: قوله: ظاهره أن البيهقى. . إلخ هو عكس الواقع، بل ظاهره إن كان يفيد شيئًا فهو عكس ما قال الشارح، وهو أن البيهقى ضعفه لأن المصنف رمز له بالضعف كما رمز للمخرج. الثانى: قوله: ورراه الطبرانى أيضًا هو صريح في أن الطبرانى خرجه عن حديث أبي هريرة المتكلم عليه والعائد ضمير أخرجه عليه في عرف أهل الحديث، وليس كذلك، بل أخرجه عن حديث ابن عباس. الثالث: إطلاقه الطبرانى يفيد في عرف أهل الفن أنه خرجه في الكبير وليس كذلك بل خرجه في الصغير. الرابع: إقراره للحافظ الهيثمى أن رجاله ثقات وليس كما قال، بل فيه سيف الثمالى ضعفه الدارقطنى وغيره، وقال الأزدى: ضعيف مجهول لا يكتب حديثه روى عن مجالد عن الشعبى عن ابن عباس رفعه: "إياك ومشارة الناس" الحديث ولا يعرف إلا به اهـ. وليس الأمر كما قال الأزدى، بل ورد من غير طريقه من حديث أبي هريرة كما سبق ومن حديث على كما سيأتى. وقد أخرج حديث أبي هريرة أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [2/ 96، رقم 956] من طريق عصمة بن الفضل: ثنا الوليد بن سلمة الأزدى ثنا الأوزاعى عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن

أبي هريرة به. أما حديث ابن عباس فقال الطبرانى في الصغير [2/ 217، رقم 1055]: ثنا محمد بن الحسن بن هريم الكوفى ثنا عبد اللَّه بن عمر بن أبان ثنا محبوب ابن محرر القواريرى عن سيف الثمالى عن مجالد بن سعيد عن الشعبى عن ابن عباس به. وأما حديث على فأخرجه الطوسى في السابع عشر من أماليه من طريق محمد بن الحسن ابن بنت إلياس عن أبيه عن علي بن موسى الرضا عن آبائه. 1289/ 2902 - "إيَّاكم والتعريس على جوادِّ الطريق، والصَّلاة عليها، فإنَّها مأوى الحيَّات والسِّباع وقضاءِ الحاجةِ عليها، فإنَّها المَلاعِنُ". (هـ) عن جابر قال الشارح: ورواته ثقات. وقال في الكبير: سكت عليه المصنف فلم يشر إليه بعلامة الضعف كعادته في الضعيف، وكأنه اغتر بقول المنذرى: رواته ثقات، لكن قال الحافظ مغلطاى في شرح ابن ماجه: هذا الحديث معلل بأمرين الأول ضعف عمرو بن أبي سلمة أحد رجاله، فإن ابن معين ضعفه وقال لا يحتج به، الثانى: ان فيه انقطاعًا، لكن رواه البزار مختصرًا بسند على شرط مسلم اهـ. وقال الولى العراقى: فيه سالم الخياط وفيه خلف واختلف في سماع الحسن بن جابر، ورواه الطبرانى أيضًا، قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح. قلت: في هذا أمور الأول: ما ذكره في الكبير يناقض ما اختاره بعده في

الصغير من قوله: رجاله ثقات، مع تقريره أن السند ليس كذلك. الثانى: ما قاله عن المصنف من أنه لم يرمز له، خلاف الواقع فإنه رمز له بعلامة الحسن. الثالث: عمرو بن أبي سلمة وإن تكلم فيه فهو ثقة من رجال الصحيحين. الرابع: سالم المذكور في السند، لم يصرح ابن ماجه بأنه الخياط ولا المكى، وقد فرق بينهما ابن حبان فجعل المكى ثقة، على أن الخياط ليس متفقا على ضعفه، بل هو موثق أيضًا، والحديث له شواهد تؤيده. الخامس: الحديث ليس من الزوائد، فالهيثمى لم يذكره ولم يقل رجاله رجال الصحيح. 1290/ 2908 - "إيَّاكُم والحسدَ فإنَّ الحسدَ يأكلُ الحسناتِ كما تأكلُ النارُ الحطبَ". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه أبو داود من حديث إبراهيم بن أسيد عن جده عن أبي هريرة وجده لم يسم، وذكر البخارى إبراهيم هذا في تاريخه الكبير وذكر له هذا الحديث وقال: لا يصح. قلت: هذا تحريف، لم يقل البخارى ذلك في الحديث، وإنما قاله في ضبط اسم الرجل ولفظه [1/ 272]: إبراهيم بن أبي أسيد المدنى البراد عن جده عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إياكم والحسد"، الحديث، روى عنه سليمان بن بلال وأبو ضمرة، ويقال ابن أبي أسيد ولا يصح اهـ. يعنى الأول بالفتح والثاني بالضم ولا يصح، فحرفه الشارح وحمله على الحديث. وفي الباب عن أنس سيأتى في حرف الحاء.

1291/ 2919 - "إيَّاكُم والغيبةَ، فإنَّ الغيبةَ أشدُّ من الزِّنا، إن الرجلَ قد يزنى ويتوبُ فيتوبَ اللَّه عليه، وإن صاحبَ الغيبةِ لا يُغفرُ له حتى يغفرَ له صاحبهُ". ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة، وأبو الشيخ في التوبيخ عن جابر وأبي سعيد قلت: قال ابن أبي الدنيا [ص 44، رقم 25]: حدثنا يحيى بن أيوب ثنا أسباط بن محمد عن أبي رجاء الخراسانى عن عباد ابن كثير عن الجريرى عن أبي نضرة عن جابر وأبي سعيد به. وقال أبو الشيخ [ص 203، رقم 168]: أخبرنا ابن أبي عاصم النبيل ثنا الحسين بن الحسن (ح) وحدثنا عبد الرحمن بن الحسن قال: حدثنا الحسن بن الصباح (ح) وثنا أبو يحيى الرازى ثنا هناد قالوا: حدثنا أسباط به. وأخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة قال: حدثنا النضر بن عبد اللَّه الحلوانى قال قال أسباط بن محمد. . . فذكره، وعباد بن كثير هو والراوى عنه متروكان وقد قيل عنهما بسند آخر قال ابن حبان في الضعفاء [2/ 168]: ثنا عمران بن موسى بن مجاشع ثنا إبراهيم بن عيسى الأيلى ثنا أسباط بن محمد ثنا أبو رجاء الخراسانى عن عباد بن كثير عن الحسن عن أبي نضرة عن أبي سعيد وجابر به. قال ابن حبان بعد تضعيف عباد: وأبو رجاء هذا هو روح بن المسيب وهو أيضًا لا شيء اهـ.

كذا أدخل ابن حبان في السند الحسن وقال: إن أبا رجاء هو روح بن المسيب، وخالفه ابن أبي حاتم فسماه عبد اللَّه بن واقد، فقال في العلل: سألت أبي عن حديث رواه أسباط بن محمد عن أبي رجاء عبد اللَّه بن واقد الخراسانى عن عباد بن كثير عن الجريرى عن أبي نضرة عن جابر فذكره دون ذكر أبي سعيد، قال: فقلت لأبي هذا حديث منكر، قال: كما يكون، أسال اللَّه العافية، يجئ عباد بن كثير البصرى بمثل هذا اهـ. 1292/ 2925 - "إيَّاكُم والدَّيْن فإنه همٌ بالليلِ ومذلةٌ بالنَّهار". (هب) عن أنس قال الشارح: ضعيف لضعف الحارث بن نبهان. قلت: لكن له شواهد تأتى في حرف الدال، وهذا أخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [2/ 97، رقم 958] من طريق ابن وهب: أخبرنى الحارث بن نبهان عن يزيد بن خالد عن أبي أيوب عن أنس به. وأخرجه الديلمى [1/ 384، رقم 1544] من طريق محمد بن عبدة بن حرب: ثنا أبو كامل الجحدرى ثنا الحارث بن نبهان به. 1293/ 2927 - "إيَّاكم والطمعَ فإنه الفقرُ الحاضرُ، وإيَّاكم وما يُعتذر منه". (طس) عنه جابر قال الشارح: ضعيف لضعف محمد بن أبي حميد.

قلت: ومع ضعفه اختلف عليه في إسناده كما بينته فيما مر قريبا في حديث: "إياكم وكل ما يعتذر منه". 1294/ 2930 - "إيَّاكُم والعضْةَ النَّميمةَ القالةَ بين النَّاس". أبو الشيخ في التوبيخ، عن ابن مسعود قلت: سكت عنه الشارح، وراجع ما كتبناه على حديث: "أتدرون ما العضة؟ "، تقف على طرقه. 1295/ 2931 - "إيَّاكُم والكذبَ، فإنَّ الكذبَ مجانبٌ للإيمان". (حم) وأبو الشيخ في التوبيخ، وابن لال في مكارم الأخلاق عن أبي بكر قال في الكبير: قال أبو بكر رضي اللَّه عنه: قام فينا خطيبا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مقامى هذا عام أول ثم بكى وقال: "إياكم والكذب" إلخ. قال الزين العراقى: وإسناده حسن اهـ. وقال الدارقطنى: الأصح وقفه. قلت: في هذا أمور الأول: وهم المصنف في عزوه الحديث إلى مسند أحمد مرفوعًا، فإن أحمد خرجه فيه موقوفًا. الثانى: قول الشارح قال أبو بكر رضي اللَّه عنه: قام فينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خطيبا إلخ، ليس هو في هذا الحديث، بل ذلك في حديث آخر قال فيه

أحمد [1/ 5]: حدثنا هاشم بن القاسم ثنا شعبة أخبرنى يزيد بن حمير سمعت سليم بن عامر -رجلًا من حمير- يحدث عن أوسط بن إسماعيل بن أوسط البجلى يحدث عن أبي بكر أنه سمعه حين توفى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام الأول مقامى هذا ثم بكى ثم قال: عليكم بالصدق فإنه مع البر وهما في الجنة، وإياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار، وسلوا اللَّه المعافاة، فإنه لم يؤت رجل بعد اليقين شيئًا خيرا من المعافاة، ثم قال: لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد اللَّه إخوانا". أما حديث الباب فقال أحمد [1/ 5]: حدثنا هاشم ثنا زهير يعنى ابن معاوية قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد ثنا قيس قال: قام أبو بكر رضي اللَّه عنه فحمد اللَّه عز وجل وأثنى عليه فقال: "يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} إلخ الآية، وإنكم تضعونها على غير موضعها، وإنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيروه أوشك اللَّه أن يعمهم بعقابه، قال: وسمعت أبا بكر رضي اللَّه عنه يقول: يا أيها الناس إياكم والكذب فإن الكذب مجانب للإيمان". الثالث: قوله وقال الزين العراقى: سنده حسن، لم يقل العراقى ذلك في هذا الحديث، بل في الحديث الذي ذكرته قبل هذا، فإن الغزالى قال: سمعت إسماعيل بن أوسط سمعت أبا بكر الصديق رضي اللَّه عنه يخطب بعد وفاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: قام فينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مقامى هذا عام أول ثم بكى وقال: "إياكم والكذب فإنه مع الفجور" الحديث، فقال العراقى: رواه ابن ماجه والنسائى في اليوم والليلة ثم قال: وإسناده حسن اهـ.

وحديث الباب رجاله رجال الصحيح إلا أن الصحيح فيه أنه موقوف كما قال جماعة من الحفاظ منهم الدارقطنى كما حكاه عنه الشارح، ولفظ الدارقطنى لم يرفعه إلا إسماعيل بن أبي خالد، واختلف عنه، فرفعه عنه يحيى بن عبد الملك وجعفر بن زياد الأحمر وعمرو بن ثابت، ووقفه عنه غيرهم وهو أصح. وروى عن أبي أسامة ويزيد بن هارون أنهما رفعاه ولا يثبت عنهما اهـ. قلت: وممن رفعه عنه أيضًا يعلى بن عبيد، ومن طريقه أخرجه ابن لال: ثنا إسماعيل الصفار ثنا محمد بن إسحاق وعباس الدورى قالا: حدثنا يعلى ابن عبيد ثنا إسماعيل بن أبي خالد به. وممن وقفه ابن المبارك في كتاب الزهد له [ص 299، رقم 736] ووكيع رواه عنه ابن أبي شيبة في الأدب من مصنفه [8/ 404، رقم 5654] 1296/ 2932 - "إيَّاكُم والالتفات في الصَّلاة فإنَّها هلكةٌ". (عق) عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه -يعنى العقيلى- من حديث بكر بن الأسود عن الحسن عن أبي هريرة، ثم قال العقيلى: لا يتابع على هذا اللفظ، قال: وفي النهى عن الالتفات أحاديث صالحة، كذا في لسان الميزان عنه، وبكر هذا، قال البخارى: عن يحيى بن كثير كذاب، وضعفه النسائى وغيره، وبه يعرف أن المصنف كما لم يصب في اقتصاره على العزو للعقيلى واقتطاعه من كلامه ما عقب به الخبر من بيان حاله الموهم أنه خرجه وأقره، لم يصب في إيثاره الطريق المعلول على الطريق الصالحة التي أشار إليها العقيلى نفسه، وأعجب

من ذلك أنه اقتصر على العزو للعقيلى الموهم أنه لا يوجد لأحد من الستة، وقد خرجه الترمذى عن أنس مرفوعًا بأتم من هذا ولفظه: "إياكم والالتفات في الصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان لابد ففي التطوع لا في الفريضة" اهـ. بحروفه، ثم قال الترمذى: حديث حسن، فعدول المصنف عنه تقصير أو قصور. قلت: في هذا الكلام من جهالات الشارح أمور، الأول: أن كتاب العقيلى ليس مصنفا ولا صحيحا ولا سننا بل هو كتاب في الرجال الضعفاء، وما يخرجه فيه من الأحاديث "إنما يورده يستدل به على ضعف الرجل لنكارة الحديث وغرابته أو وهم في متنه وإسناده، فكل الأحاديث المخرجة فيه ضعيفة إلا القليل النادر الذي لم يصب العقيلى في الاستشهاد به أو الذي أورده خارجا عن موضوع استدلاله، فمطلق العزو إليه مؤذن بالضعف كما صرح به المصنف في خطبة الأصل أعنى الجامع الكبير. الثانى: وحتى لو كان مصنفا أو سننا فإن المصنف قد عرض عن كلام الرجال في الحديث بالرموز للضعف والصحة والحسن. الثالث: لم تجر عادة المصنف بنقل كلام المصنفين على الأحاديث من أول الكتاب إلى آخره، فهذا الترمذى والحاكم يقصان كل حديث بالكلام عليه، وقد أخرج المصنف من كتابيهما آلافا من الأحاديث، فما نقل في واحد منها كلامًا لواحد فهما استغناء بالرموز، فالتعقب بمثل هذا سخافة وتعنت ظاهر. الرابع: قوله: في العقيلى يوهم أنه خرجه وأقره تلبيس منه وتدليس يوهم أن العقيلى صنف كتابا في الأحاديث المختلفة التي فيها الصحيح وغيره، وهو إنما ألَّف في الضعفاء.

الخامس: أن المتن الذي خرجه الترمذى هو قطعة من وسط حديث طويل جدا في نحو ورقة، وهو حديث الوصية المشهور عن أنس، وقد اقتصر الترمذى منه على ثلاث قطع ذكرها مفرقة في ثلاثة كتب بإسناد واحد، فقال في كتاب العلم: "باب الأخذ بالسنة واجتناب البدعة" [5/ 46، رقم 2678]، ثم قال: حدثنا مسلم بن حاتم الأنصارى البصرى ثنا محمد بن عبد اللَّه الأنصارى عن أبيه عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: قال أنس بن مالك: "قال لى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا بنى إن قدرت أن تصبح وتمسى ليس في قلبك غش لأحد فافعل، يا بنى وذلك من سنتى ومن أحيا سنتى فقد أحيانى ومن أحيانى كان معى في الجنة". قال الترمذى: وفي الحديث قصة طويلة، هذا حديث حسن غريب عن هذا الوجه، ثم قال: ولا نعرف لسعيد بن المسيب عن أنس رواية إلا هذا الحديث بطوله اهـ. وذكر في كتاب الاستئذان قطعة أخرى منه فقال [5/ 59، رقم 2698]: "باب في التسليم إذا دخل بيته"، ثم ذكر بالإسناد نفسه عن أنس قال: قال لى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا بنى إذا دخلت على أهلك فسلم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك"، ثم قال: هذا حديث حسن صحيح غريب. وذكر في كتاب الصلاة [2/ 484، رقم 589] قطعة أخرى بهذا السند أيضًا عن أنس قال: قال لى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا بنى إياك والالتفات في الصلاة" إلخ ما نقله الشارح. والحديث رواه جماعة مطولا ومختصرا، وممن رواه مطولا الطبرانى في

الصغير [2/ 100، 102، رقم 856] من طريق مسلم بن حاتم شيخ الترمذى، فيه بسنده إلى أنس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أوصاه فقال: "يا بنى أسبغ الوضوء يزد في عمرك ويحبك حافظاك، ثم قال: يا بنى إن استطعت أن لا تبيت إلا على وضوء فافعل، فإنه من أتاه الموت وهو على وضوء أعطى الشهادة، ثم قال: يا بنى إن استطعت أن لا تزال تصلى فافعل فإن الملائكة لا تزال تصلى عليك ما دمت تصلى، ثم قال: يا بنى إياك والالتفات في الصلاة" الحديث بطوله. فلو كان المصنف ذاكرا حديث أنس بقطع النظر عن حذف النداء لذكره بلفظ: "أسبغ الوضوء"، فإنه أول الحديث، ويما عزاه إلى الترمذى أيضًا لأنه لم يخرجه بتمامه، إنما أخرج قطعا منه، لكن المصنف اختار أن لا يذكر في الجامع الصغير إلا الأحاديث القصار دون الطوال أمثال هذا. السادس: لو فرضنا أن ما ذكره الترمذى هو الحديث بتمامه لكان محل ذكره حرف الياء لأن أوله عند الترمذى: "يا بنى". السابع: ولو أسقط حرف النداء لكان محل ذكره قد فات، لأن حديث أنس مصدر بـ "إياك" خطابا للمفرد، وحرف إياك تقدم، وإنما المصنف الآن في "إياكم" خطابا للجمع. الثامن: أن الشارح أورده بلفظ "إياكم" بميم الجمع وعزاه للترمذى وقال عقبه انتهى بحروفه، تأكيدا وإعلاما بأنه لم يذكره بالمعنى، وهو كذب ظاهر، فإن حديث أنس بدون الميم كما علمت. التاسع: قوله: ولم يصب في إيثاره الطريق المعلول على الطريق الصالحة التي أشار إليها العقيلى جهل تام منه بمراد العقيلى أو تجاهل يريد منه قضاء

حاجة في نفسه، فإن العقيلى لا يريد أن الحديث بحروفه ولفظه ورد من طريق أخرى صالحة، بل قال: وفي النهى عن الالتفات أحاديث صالحة، يشير إلى ما في الباب من الأحاديث الواردة فيه كحديث عائشة رضي اللَّه عنها قالت: "سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الالتفات في الصلاة فقال: اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد"، رواه البخارى [1/ 191، رقم 751] وأبو داود [1/ 237، رقم 910] وغيرهما. وحديث أبي ذر مرفوعًا: "لا يزال اللَّه مقبلًا على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه". رواه أحمد [5/ 272] وأبو داود [1/ 237، رقم 909] وصححه ابن خزيمة [1/ 244، رقم 482] والحاكم في [1/ 237، رقم 864]، أحاديث أخرى معروفة في كتب الأحكام والترغيب والترهيب، والمصنف جعل كتابه على الحروف لا على الأبواب، فكيف يورد حديثا مصدرا بحرف في موضع حرف آخر؟ العاشر: أن المصنف لم يجعل كتابه خاصا بالصحيح حتى يتعقب عليه بمثل هذا لو كان التعقب واردا، بل قصد أن يورد فيه أكثر الأحاديث التي يحتاج إليها من صحيح وحسن وضعيف بجميع أنواعه، إلا الواهى الساقط والموضوع المكذوب، وكل هذا ظاهر واضح، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه. 1297/ 2938 - "أيُّما إمام سها فصَّلى بالقوم وهو جنبٌ فقد مضتْ صلاتُهم، ثمَّ لِيغتسل هو ثمَّ لِيُعد صلاتَه، وإن صلَّى بغير وضوءٍ فمثلُ ذلك". أبو نعيم في معجم شيوخه، وابن النجار عن البراء

قال في الكبير: ولقد أبعد المصنف النجعة حيث عزاه لمن ذكر مع وجوده لغيره، فقد رواه الدارقطنى والديلمى عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن البراء. وجويبر متروك، والضحاك لم يلق البراء. قلت: لو عزا المصنف الحديث إلى الدارقطنى لقال الشارح مثل قوله واستدرك بأبى نعيم وابن النجار، وكأنه لم يعرف أن الحديث في سنن البيهقى وإلا لهول به، وأى فرق بين الدارقطنى وأبي نعيم لو كان هناك إنصاف؟! 1298/ 2943 - "أيُّما امرأةٍ خَرجتْ من بيتها بغير إذنِ زوجِها كانتْ في سَخَط اللَّه تعالى حتى ترجعَ إلى بيتها أو يرضى عنها زوجُها". (خط) عن أنس قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أن الخطيب خرجه وأقره، وهو تلبيس فاحش، فإنه تعقبه بقوله: قال أحمد بن حنبل: إبراهيم بن هدبه لا شيء، في حديثه مناكير، وقال ابن معين: إنه كتب عنه ثم تبين له أنه كذاب خبيث، وقال على بن ثابت: هو أكذب من حمارى هذا اهـ. وقال الذهبى في الضعفاء: هو كذاب ينبغى للمصنف حذفه من الكتاب، وليت إذ ذكره بيَّن حاله، وكما أنه لم يصب في ذلك لم يصب في اقتصاره على عزوه للخطيب وحده، فإن أبا نعيم خرجه وعنه الخطيب، فعزوه للفرع وإهماله الأصل من سوء التصرف. قلت: الشارح أكذب من إبراهيم بن هدبة ومن حمار على بن ثابت، أول ذلك: ادعاؤه أن المصنف لبس تلبيسا فاحشا، وحاشاه من ذلك بل الملبس هو الشارح، وإذا كان المصنف الذي رمز بالضعف للحديث ونص على أن كل ما في الخطيب أو أكثره ضعيفا يعد مع هذا ملبسا تلبيسا فاحشا، ماذا

يكون حال الشارح في كتابه "كنوز الحقائق" الذي شحنه بالموضوعات والأكاذيب التي يستحى العاقل من نسبتها إلى عاقل مثله فضلا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يبين حالها لا بالرموز ولا بالصراحة. الثانى: قوله عن الخطيب أنه تعقب الحديث بقوله. . إلخ فإنه كذب وتدليس وتزوير وتلبيس، فالخطيب ليس مصنفا في الحديث حتى يورد الحديث ويتكلم عليه، بل في الرجال، والحديث إنما يورده في ترجمة الرجل اتصالا به ورواية من طريقه، فهو ترجمة لإبراهيم بن هدبة الفارسى وافتتح ترجمته بأحاديث من روايته عن أنس لقرابة هذا الإسناد، منها حديث الباب، ثم بعدها شرع يتكلم على الرجل وينقل ما قاله النقاد فيه بقطع النظر عن الأحاديث، فنسبة كونه تعقب الحديث إليه كذب صراح لا تعريض فيه. الثالث: قوله: وكما أنه لم يصب في ذلك لم يصب في اقتصاره على الخطيب. . إلخ، فإنه كذب إذ المصنف الذي رأى الحديث في تاريخ الخطيب وعزاه إليه، قد رأى أن الخطيب أسنده عن شيخه أبي نعيم كما رأى ذلك الشارح، فلو كان ذلك يجور لأهل العلم والأمانة والتحقيق والصدق في النقل لعزاه إلى أبي نعيم، ولكن المصنف عزا الحديث الى من رآه مخرجا في كتابه، وكونه رواه عن شيخ مصنف لا يدل على أن ذلك الشيخ المصنف أثبته في مصنفاته، فقد يكون أبو نعيم حدث الخطيب بهذا الحديث إملاء أو من أصول سماعاته ولم يدرجه في مصنفاته، فكيف يجوز للعالم الأمين أن يعزو الحديث إليه وهو غير عارف بموضع تخريجه ولا جازم بذلك فضلا

عن أن يلام فاعل ذلك والسالك فيه مسلك الصدق والأمانة. 1299/ 2947 - "أيُّما إِهابٍ دُبغَ فقد طَهُرْ". (حم. ت. ن. هـ) عن ابن عباس قال في الكبير: وقضية صنيع المؤلف أن هذا الحديث ليس في أحد الصحيحين ولا كذلك بل هو في مسلم وهو مما تفرد به عن البخارى. قلت: مسلم لم يخرج هذا الحديث بلفظ يدخل هنا أصلا بل رواه بلفظ: "هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به" [1/ 276، رقم 363/ 100] وبلفظ "ألا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به" [1/ 277، رقم 363/ 102] وبلفظ "ألا أخذتم إهابها" [1/ 277، رقم 364/ 103] وبلفظ "ألا انتفعتم بإهابها" [1/ 277، رقم 365/ 104] وبلفظ "إذا دبغ الإهاب فقد طهر" [105/ 366] وبلفظ "دباغه طهوره" [1/ 278، رقم 366/ 106]. ثم ما زعمه من أن مسلما تفرد به عن البخارى باطل، بل خرجه البخارى في باب جلود الميتة من كتاب الذبائح [7/ 125، رقم 5532] بلفظ "ما على أهلها لو انتفعوا بإهابها" [124/ 71، رقم 5531] وبلفظ "هلا استمتعتم بإهابها" فما صدق الشارح لا أولا ولا ثانيا. 1300/ 2953 - "أيُّما رجلٍ عَادَ مَريضًا فإنَّما يَخُوضُ في الرَّحمةِ، فإذا قَعَد عند المريضِ غَمَرتْهُ الرحمةُ". (حم) عن أنس

قال في الكبير: رواه أحمد من حديث أبي داود ولعله الحبطى عن أنس، قال الهيثمى: وأبو داود ضعيف جدا اهـ. ثم جزم في الصغير بأنه أبو داود الحبطى ولم يشك. قلت: الذي في السند هو الأعمى واسمه نفيع بن الحارث الهمدانى الدارمى الكوفى القاضى فلا أدرى من أين أتى الشارح بأبى داود الحبطى؟ وما عرفت في الرجال من هو أبو داود الحبطى؟ والعجب أنه شك أولا في الكبير بأنه الحبطى ثم جزم بذلك في الصغير وهذا لقلة أمانته وتحقيقه. 1301/ 2959 - "أيُّما عبدٍ أبقَ منْ مَوالِيه فَقدْ كفرَ حتَّى يرْجعَ إليهم". (م) عن جرير قال في الكبير: موقوفًا ونقل عنه بعض رواته أنه قال: سمعته من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لكن أكره أن يروى عنى هنا بالبصرة. قلت: لا يكاد الشارح يصيب في نقل ولا قول، فالذي نقل عنه هذا هو منصور بن عبد الرحمن أحد رجال إسناده لا جرير، قال مسلم [1/ 83، رقم 68/ 122]: حدثنا على بن حجر السعدى ثنا إسماعيل -يعنى ابن علية- عن منصور بن عبد الرحمن عن الشعبى عن جرير أنه سمعه يقول: "أيما عبد أبق من مواليه

فقد كفر حتى يرجع إليهم" قال منصور قد واللَّه روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولكنى أكره أن يروى عنى هاهنا بالبصرة اهـ. فهذا مبلغ أمانة الشارح. 1302/ 2961 - "أيُّما مُسلمٍ كسا مُسلِما ثَوْبا كان في حِفْظِ اللَّه تعالى ما بَقيتْ عليه منه رُقعةٌ". (طب) عن ابن عباس قلت: أخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب، قال [ص 317، رقم 368]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا داود بن رشيد الخوارزمى ثنا محمد بن ربيعة عن خالد بن طهمان عن حصين الجعفى عن ابن عباس به، وخالد بن طهمان صدوق اختلط بآخره. 1303/ 2969 - "أيُّما نائحةِ مَاتْت قبل أن تَتُوبَ ألْبَسَها اللَّه سِرْبَالا من نارٍ وأقامها للنَّاس يوم القيامةِ". (ع. عد) عن أبي هريرة قال الشارح نقلا عن الهيثمى: إسناده حسن. قلت: إن كان أبو يعلى رواه بإسنادين فممكن ذلك، وإلا فالحديث منكر أو موضوع لأن ابن حبان رواه في الضعفاء [2/ 186] عن أبي يعلى، قال: ثنا أبو إبراهيم الترجمانى ثنا عبيس بن ميمون عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.

وعبيس بن ميمون منكر الحديث متروك، قال ابن حبان يروى عن الثقات الأشياء الموضوعات توهما لا تعمدا، فإذا سمعها أهل العلم سبق إلى قلوبهم أنه كان المتعمد لها اهـ. وتكلم فيه آخرون، فلعل النور الهيثمى غفل عن وجوده في سند الحديث واللَّه أعلم. 1304/ 2971 - "أيُّما امرأةٍ استعطرتْ ثمَّ خَرجتْ فَمَرتْ على قوم ليجِدُوا ريحَها فهى زانيةٌ وكلُّ عينٍ زانيةٌ". (حم. ن. ك) عن أبي موسى قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبى، وأقول فيه عند الأولين ثابت بن عمارة، أورده الذهبى في ذيل الضعفاء، وقال: قال أبو حاتم ليس بالمتين عندهم، ووثقه ابن معين. قلت: تقييده بالأولين يفيد أنه عند الثالث ليس كذلك، مع أن الجميع رواه من طريقه عن غنيم بن قيس عن أبي موسى الأشعرى به. ومن طريقه أيضًا رواه الطحاوى في مشكل الآثار [(7/ 141، رقم 2716) و (11/ 478، رقم 4553)] وأما الانتقاد بثابت بن عمارة فمن فضول الشارح فإنه ثقة مطلقا، وقول أبي حاتم فيه غير ضائر بل ليس هو بشيء. 1305/ 2973 - "أيُّما امرئٍ وُلى من أمر المسلمين شيئًا لم يحطْهم بما يحوطُ نفسَهُ لم يُرح رائحةَ الجنَّةِ" (عق) عن ابن عباس

قال في الكبير: قضية كلام المصنف أن العقيلى خرجه ساكتًا عليه، والأمر بخلافه، فإنه ساقه من حديث إسماعيل بن شبيب الطائفى وقال: أحاديثه مناكير غير محفوظة. قلت: بل قضية كلام المصنف لا تدل على شيء ولا المصنف ملزم بنقل كلام الناس على الأحاديث ولا قائل بذلك أصلا إلا في عرف الشارح، ثم إن المصنف رمز للحديث بالضعف وهى قضية تشر إلى أن العقيلى لم يسكت عليه، على أنا قدمنا مرارا أن العقيلى ألف في الرجال الضعفاء، فكل حديث يعزى إليه فهو معلوم الضعف، وقد صرح المصنف بذلك في خطبة الجامع الكبير، والشارح ممن يعلم ذلك. والحديث ورد من غير هذا الوجه من حديث أبي سعيد الخدرى، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 319]: حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا ابن عامر ثنا أبي وعمى قالا حدثنا أبي ثنا زياد بن طلحة عن الأعمش عن أبي سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيما امرئ لم يحط رعيته بالنصيحة حرم اللَّه عليه الجنة". 1306/ 2976 - "أيُّما صبيٍّ حجَّ ثم بلغ الحنْثَ فعليه أن يحُجَّ حجةً أخرى، وأيُّما أعرابى حجَّ ثم هاجرَ فعليه أنْ يَحُجَّ حجةً أخرى، وأيُّما عبدٍ حَجَّ ثم اعتق فعليه أن يحُجَّ حجةً أخرى". (خط) والضياء عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد ضعيف، ورواه الطبرانى بإسناد صحيح. وقال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن الخطيب خرجه ساكتا عليه، والأمر

بخلافه، بل تعقبه بقوله: لم يرفعه إلا يزيد بن زريع عن شعبة، وهو غريب اهـ. قال ابن حجر: تفرد برفعه محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع عن شعبة عن الأعمش عنه، وأخرجه ابن عدى، وقال إن يزيد بن زريع سرقه من محمد بن المنهال اهـ. ورواه الطبرانى في الأوسط، قال الهيثمى: ورجاله رجال الصحيح، فلو عزاه المصنف له لكان أولى. قلت: في هذا أمور، الأول: ظن الشارح أن قول الخطيب "لم يرفعه إلا يزيد بن زريع" تضعيف للحديث، وطعن في سنده وهو في ذلك غالط جاهل بمعنى قول الحفاظ لم يرفعه إلا فلان، فإنه لا مسيس له بضعف الحديث أصلا، وإنما هو بيان لاختلاف الرواة في رفع الحديث ووقفه، وبيان من انفرد برفعه منهم على حسب مبلغ علم القائل، فقد يكون الأمر كما قال وقد يكون ذلك الراوى لم ينفرد به كالواقع هنا، فإن يزيد بن زريع لم ينفرد برفعه كما قال الخطيب، بل تابعه على رفعه جماعة كما سأذكره. الثانى: زعم أن الخطيب أخرجه بسند ضعيف، والأمر بخلافه، بل سند الخطيب صحيح ورجاله ثقات، والشارح أخذ ضعفه من قول الخطيب [8/ 209] تفرد برفعه يزيد بن زريع عن شعبة وهو غريب، وقد بينا أنه لا مدخل لهذا: في الضعف أصلا. الثالث: وزعم أيضًا أن الطبرانى رواه برجال الصحيح بخلاف الخطيب، مع أن شد الحديث واحد من رواية شعبة عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس، وعن شعبة اشتهر الحديث، ورواه جماعة كثيرة فلا يعتبر باختلاف السند قبله، وإنما أصل الحديث من شعبة فما فوق. الرابع: ونسب إلى الحافظ أنه قال تفرد برفعه محمد بن المنهال عن يزيد بن

زريع عن شعبة، والحافظ لم يقل ذلك بل نقله عن البيهقى، ثم تعقبه بقوله: لكن هو عند الإسماعيلى والخطيب عن الحارث بن سريج عن يزيد ابن زريع متابعة لمحمد بن المنهال، قال: ويؤيد صحة رفعه ما رواه ابن أبي شيبة [ص 405، رقم 274] عن ابن عباس قال: "احفظوا عنى ولا تقولوا قال ابن عباس" فذكره، وهذا ظاهره أنه أراد أنه مرفوع، فلذا نهاهم عن نسبته إليه اهـ. وكأن الحافظ لم يستحضر أن لمحمد بن المنهال متابعين آخرين على رفعه غير الحارث بن سريج كما سأذكره في الكلام على يزيد بن زريع. الخامس: وزعم أن الحافظ أيضًا قال: وأخرجه ابن عدى وقاله: إن يزيد بن زريع سرقه من محمد بن المنهال اهـ. وهذا كذب، فالحافظ ما نطق بحرف من هذا ولقد أعاذه اللَّه تعالى وكل عالم بل وكل عاقل أن ينطق بهذا المحال، فإن يزيد بن زريع هو شيخ محمد بن المنهال في الحديث، وهو الذي حدثه به فكيف يسرقه منه، وأيضا يزيد بن زريع ثقة كبير وإمام حافظ متفق على ثقته وجلالته، بل قلَّ في الثقات من انعقد الإجماع على ثقة مثله، وهو من رجال الصحيحين والأربعة، فكيف يتهم بسرقة حديث وينسب ذلك إلى ابن عدى وإلى نقل الحافظ ذلك عنه؟ السادس: قوله: ورواه الطبرانى في الأوسط. . إلخ. كأنه لما رأى ذلك في مجمع الزوائد ظن أن ذلك هو المنتهى، مع أن الحديث مخرج في صحيح ابن خزيمة [4/ 349، رقم 3050] ومستدرك الحاكم وسنن البيهقى [4/ 325، 5/ 179]، وهى أشهر وأصح من الطبرانى، ومخرج أيضًا في معانى الآثار للطحاوى ومحلى ابن حزم وغيرها، فلو كان الاستقصاء في العزو واجبا وتركه عيبا ونقصا كما يفهمه الشارح أو يريد أن يفهمه لكان هذا

أكبر نقص في حقه إذ استدرك بالطبرانى وترك ابن خزيمة والحاكم والبيهقى. السابع: أن ما نقله عن الخطيب من تفرد يزيد بن زريع برفعه غير مسلم بل تابعه على ذلك عفان وأبو الوليد ومحمد بن كثير كلهم عن شعبة، قال الحاكم في المستدرك [1/ 481، رقم 1769]: حدثنا أحمد بن سلمان الفقيه ثنا جعفر بن محمد بن شاكر ثنا عفان ثنا شعبة (ح) وأخبرنا إسماعيل بن محمد الفقيه بالرى ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس ثنا أبو الوليد ومحمد بن كثير قالا حدثنا شعبة (ح) وثنا أبو بكر بن اسحاق ثنا أبو المثنى ثنا محمد بن المنهال ثنا يزيد بن زريع ثنا شعبة عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا حج الصبى فهى له حجة، حتى يعقل وإذا عقل فعليه حجة أخرى، وإذا حج الأعرابى فهى له حجة فإذا هاجر فعليه حجة أخرى" ثم قال: صحيح على شرط الشيخين اهـ. ويؤيد رفعه ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه [ص 405، رقم 272] (¬1): ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: "احفظوا عنى ولا تقولوا قال ابن عباس" فذكره. ورواه الطحاوى في مشكل الآثار: ثنا محمد بن خزيمة ثنا عبد اللَّه بن رجاء ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي السفر قال: سمعت ابن عباس يقول: "يا أيها الناس اسمعونى ولا ¬

_ (¬1) القسم الأول من القسم الرابع من المصنف، المعروف بالجزء المفقود.

تخرجوا تقولون قال ابن عباس، أيما غلام" فذكره. ورواه البيهقى في السنن [5/ 179] من طريق أحمد بن خالد الوهبى: ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي السفر به. ورواه ابن أبي شيبة [ص 405]: ثنا وكيع عن يونس بن أبي إسحاق قال: سمعت شيخا يحدث [أبا إسحاق] (¬1) عن محمد بن كعب القرظى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيما صبى حج به أهله ثم مات أجزأ عنه، وإن أدرك فعليه الحج" الحديث. وقد اعترف ابن حزم بصحة حديث محمد بن المنهال المرفوع، قال: لأن رواتها ثقات، إلا أن الخبر منسوخ بلا شك، ثم ذكر ناسخه. وبالجملة فالحديث صحيح وسند الخطيب أيضًا صحيح، وما ذكره الشارح لا طائل تحته. 1307/ -بدون رقم - "أيُّما امرئٍ اقتَطَع (¬2) حقَّ امرئٍ مُسلم بيمينٍ كاذبةٍ كانت له نكتةٌ سوداءُ في قلبه لا يغيرها شيءٌ إلى يوم القيامةِ". الحسن بن سفيان (طب. ك) عن ثعلبة الأنصارى قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: اعتاد الشارح الغلط على الناس حتى صار يغلط على نفسه، فإن ¬

_ (¬1) الزيادة من المصنف، وأبو إسحاق هذا والد يونس، وقد سمع يونس منه، وانظر التهذيب (32/ 489). (¬2) سقط الحديث من متن فيض القدير مع وروده في الحاشية، انظر (3/ 149).

الحديث صحيح لا غبار عليه، وقد صححه الحاكم [4/ 294، رقم 7800] وأقره الذهبى ولكن الشارح نقل في الكبير هذه العبارة: "قيل هو أحد الستة الذين تخلفوا عن تبوك"، قال الذهبى: وذلك ضعيف اهـ. فنقل هذا من كبيره إلى صغيره ولكن حرفه فجعله في الحديث مع أنه ذكره في كون الرجل من الستة الذين تخلفوا. 1308/ 3001 - "أيَّما مسلمٍ استرْسل إلى مسلمٍ فَغَبَنه كان غُبْنُه ذلك ربا" (حل) عن أبي أمامة قال في الكبير: ورواه عنه الطبرانى أيضًا باللفظ المزبور وفيه موسي بن عمير القرشى، قال أبو حاتم: ذاهب الحديث. قلت: الطبرانى لم يروه باللفظ المزبور كما زعم الشارح، بل رواه بلفظ: "غبن المسترسل حرام". وقد ذكره المصنف كذلك في حرف الغين وعزاه للطبرانى، قال الطبرانى [8/ 149، رقم 7576]. ثنا أحمد بن خليد ثنا أبو توبة ثنا محمد بن عبيد ثنا موسى بن عمير عن مكحول عن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "غبن المسترسل حرام". والذي غرَّ الشارح في هذا أنه رأى أبا نعيم أسنده في الحلية عن الطبرانى أولا ثم حول الإسناد ورواه عن أبي عمرو بن حمدان، فساقه أولا بلفظ الحسن بن سفيان ثم نص على لفظ الطبرانى فلم ينتبه الشارح لذلك. ولفظ أبي نعيم [5/ 178]: ثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن

خليد ثنا أبو توبة (ح) وحدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا الحارث بن عبد اللَّه ثنا محمد بن عبيد ثنا موسى بن عمير عن مكحول عن أبي أمامة قال: قال رسوله اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيما مؤمن استرسل إلى مؤمن فغبنه كان غبنه ذلك ربا" هذا لفظ الحارث، وقال أبو توبة: "غبن المسترسل حرام" اهـ. فلم يفرق الشارح بين كوع الإسناد وبوعه. 1309/ 3004 - "أيُّما ناشئٍ نشأ في طلبِ العلمِ والعبادِ حتَّى يكْبُرَ أعطاهُ اللَّه يومَ القيامةِ ثوابَ اثنينِ وسبعينَ صدِّيقًا". (طب) عن أبي أمامة قال في الكبير: قال في الميزان: هذا منكر جدا اهـ. وقال الهيثمى: فيه يوسف بن عطية متروك الحديث. قلت: الحديث باطل موضوع، وقد أخرجه أيضًا ابن عبد البر من هذا الوجه من رواية محمد بن أبي السرى: ثنا يوسف بن عطية ثنا مروان أبو عبد اللَّه عن مكحول عن أبي أمامة به. 1310/ 3007 - "أيُّما راعٍ استرعى رعيةً فلم يحطْها بالأمانةِ والنصيحةِ، ضاقت عليه رحمة اللَّه التي وسعتْ كلَّ شيء". (خط) عن عبد الرحمن بن سمرة قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: لم يبين وجه ضعفه، وهو من رواية أبو محمد البخارى الفقيه صاحب مسند أبي حنيفة:

ثنا خالد بن تمام الأسدى ثنا سليمان الشاذكونى ثنا الفضيل بن عياض عن هشام بن حسان عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة به، وأبو محمد البخارى ضعيف صاحب مناكير. لكنه ورد من وجه آخر قال الدينورى في المجالسه: حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشى ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا محمد بن ذكوان حدثنى مجالد بن سعيد قال: سمعت الشعبى يقول: سمعت الحسن يحدث ابن هبيرة عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما استرعى اللَّه عبدا رعية فلم يحطها بنصيحة إلا حرم اللَّه عليه الجنة". 1311/ 3008 - "أيُّما والٍ وَلى شيئًا من أمر أمَّتى فلم ينصحْ لهم ويجتهدْ لهم كنصيحتهِ وجهدهِ لنفسهِ كبَّهُ اللَّهُ تعالى على وجههِ يومَ القيامة في النَّار". (طب) عن معقل بن يسار قلت: سكت عنه الشارح، وقد خرجه الطبرانى في الثلاثة. قال في الصغير [1/ 282، رقم 465]: حدثنا الزبير بن محمد البغدادى ثنا العباس بن محمد بن حاتم ثنا عبد الرحمن بن غزوان أبو نوح ثنا السرى بن يحيى ثنا عبد الرحمن بن معقل بن يسار عن أبيه به. ورواه جماعة من طرق أخرى عن معقل بن يسار منهم البخارى ومسلم والحاكم وسيأتى بلفظ "ما من عبد يسترعيه اللَّه" في حرف الميم، والشارح لا يعلم ذلك.

1312/ 3022 - "أيْمنُ امرئ وأشْأمُهُ ما بين لحييْه" (طب) عن عدى بن حاتم قلت: أخرجه أيضا ابن خزيمة في كتاب التوحيد مرفوعًا [2/ 364] وموقوفا [2/ 365]. وقال: إن الموقوف هو الصحيح، قال: حدثنا زيد بن أخزم الطائى ثنا وهب بن جرهـ ثنا أبي قال سمعت الأعمش يحدث عن خيثمة بن عبد الرحمن عن عدى بن حاتم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أيمن امرئ وأشأمه بين لحييه". قال لنا زيد: سمعته مرتين، مرة رفعه، ومرة لم يرفعه، وقال لنا زيد مرة، وسمعته مرة، وسئل عنه فقال: لا أهاب أن أرفعه. ثم قال ابن خزيمة: حدثنا أبو كريب ثنا أبو أسامة ثنا جرير بن حازم فذكره موقوفًا ثم قال وهذا هو الصحيح. 1313/ 3023 - "الآخذُ بالشُبهاتِ يَستَحِلُّ الخمرَ بالنبيذ، والسُّحتَ بالهديَّة، والبخسَ بالزَّكاة". (فر) عن على قلت: هذا حديث موضوع ظاهر البطلان، وقد أسخف الشارح على عادته فقال: ورواه عنه أيضًا [أبو نعيم] وأبو الشيخ، ومن طريقهما أورده الديلمى، فعزوه إلى الأصل كان أولى، ثم إن فيه بشار بن قيراط، قال الذهبى: متهم بالوضع اهـ. مع أن المصنف لم يره عند أبي الشيخ وأبي نعيم ولا صرح الديلمى في أى كتاب خرجاه، فكيف يعزوه المصنف إلى من لم يتحقق أنهما أخرجاه، ثم إن

الذهبى لم يقل في بشار متهم كما نقل عنه الشارح، بل نقل تكذيبه عن أبي زرعة. والحديث قال فيه الديلمى [1/ 163، رقم 441]: أنا الحداد أنا أبو نعيم أنا أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن شعيب ثنا عبد الرحمن بن. . . (¬1) حدثنا بشار بن قيراط ثنا على بن صالح المكى عن محمد بن عمر بن على عن أبيه عن جده به. 1314/ 3029 - "الآياتُ بعدَ المائتينِ". (هـ. ك) عن أبي قتادة قال في الكبير: قال الحاكم: على شرطهما، وشنع عليه الذهبى، وقال: أحسبه موضوعا وعون بن عمارة ضعفوه اهـ. وفيه ابن المثنى ضعفوه أيضًا، وسبقه إلى الحكم بوضعه ابن الجوزى، وتعقبه المصنف فما راح ولا جاء. قلت: بل جاء بالفائدة وراح بخيبة الشارح، فابن الجوزى أخرج الحديث [3/ 198]، من طريق محمد بن يونس الكديمى: ثنا عون بن عمارة ثنا عبد اللَّه بن المثنى عن أبيه عن جده أنس عن أبي قتادة به، ثم قال: موضوع، عون وابن المثنى ضعيفان، غير أن المتهم به الكديمى اهـ. فحكم بوضعه لأجل وجود الكديمى في سنده لا لأجل عون ولا عبد اللَّه بن المثنى، فتعقبه المصنف بأن ابن ماجه والحاكم روياه من غير طريق الكديمى المتهم به فبرئ من عهدته، فأى تعقب بعد هذا، أما عون وعبد اللَّه فلم يبلغ الحال بهما إلى الوضع. ¬

_ (¬1) بياض بالأصل.

1315/ 3031 - "الآيتانِ مِنْ آخرِ سورة البقرةِ من قَرَأهُما في ليلةٍ كَفَتاهُ". (حم. ق. هـ) عن ابن مسعود قال في الكبير: ظاهر صنيع المؤلف أنه لم يخرجه من الأربعة إلا ابن ماجه، وليس كما أوهم فقد رواه أبو داود والترمذى والنسائى في فضائل القرآن عن ابن مسعود أيضًا فاقتصاره على القزوينى رحمه اللَّه تعالى غير جيد قلت: بل تهور الشارح وفضوله غير جيد فهؤلاء رووه بلفظ "من قرأ الآيتين" وقد أعاده المصنف كذلك في حرف الميم وعزاه للأربعة فانتقد عليه الشارح هناك بأنه في مسلم فما أصاب لا هنا ولا هناك 1316/ 3037 - "الأبدالُ من الموَالى". الحاكم في الكنى عن عطاء مرسلًا قال في الكبير: ظاهره أن ذا هو الحديث بتمامه، وليس كذلك بل بقيته عند مخرجه الحاكم: "ولا يبغض الموالى إلا منافق" اهـ. وظاهر صنيعه أيضًا أن هذا لا علة له غير الإرسال والأمر بخلافه بل فيه الرجال بن سالم، قال في الميزان: لا يدرى من هو والخبر منكر اهـ. وخرجه عنه أيضًا أبو داود في مراسيله اهـ. قلت: ليس شيء من هذا واقعا، فالذي خرجه بالزيادة المذكورة هو الطيورى في "الطيوريات"، وأسنده الذهبى في الميزان من طريقه ثم من طريق أبي داود، فنقل الشارح الزيادة منه وجزم بأنها عند مخرجه الحاكم، وجزم أيضًا بأن أبا داود خرجه في المراسيل كأنه رأه فيه، وإنما وقع ذكر أبي داود في السند فقط، فقد يكون في مراسيله وقد لا يكون، وما زعمه من أن ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة له باطل، بل ظاهر صنيعه أنه معلول لأنه رمز له

بالضعف. قال الذهبى في الميزان [2/ 47، رقم 2766]: أخبرنا سليمان الحاكم أنا جعفر ثنا السلفى ثنا المبارك بن الطيورى ثنا العتيقى ثنا محمد بن عدى كتابة ثنا أبو عبيد الآجرى (¬1) ثنا أبو داود السجستانى أنبأنا محمد بن عيسى بن الطباع ثنا ابن فضيل عن أبيه عن الرحال بن سالم عن عطاء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الأبدال من الموالى، ولا يبغض الموالى إلا منافق" اهـ. والحديث ظاهر البطلان إن لم يكن مؤولا أو مختصرا قد ذهب منه ما أفسد معناه، فإن الإبدال كما يكونون من الموالى يكونون من العرب، وكما يكونون من العبيد يكونون من الأحرار كما هو مشاهد، وفضل اللَّه لا يختص بفريق دون فريق. 1317/ 3040 - "الإثْمدُ يجْلو البَصرَ ويُنبتُ الشعرَ". (تخ) عن معبد بن هوذة قلت: خالف المصنف صنيعه في هذا الحديث، فإن البخارى قال [7/ 398]: ثنا أبو نعيم ثنا عبد الرحمن بن النعمان الأنصارى عن أبيه عن جده، وكان أتى به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فمسح على رأسه وقال: "لا تكتحل وأنت صائم اكتحل ليلًا، الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر"، فالحديث على اصطلاحه يجب أن يدخل في حرف "لام الألف" ¬

_ (¬1) في الأصل الأزدى، والتصويب من الميزان، وانظر التهذيب (11/ 361).

وقد رواه أبو داود بسياق آخر فقال [2/ 320، رقم 2377]: حدثنا النفيلى ثنا على بن ثابت حدثى عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال: ليتقه الصائم"، قال أبو داود: قال لى يحيى بن معين: هذا حديث منكر. ثم أسند أبو داود عن أنس أنه كان يكتحل وهو صائم، وهو عن الأعمش [2/ 321، رقم 2379] قال: ما رأيت أحدًا من أصحابنا يكره الكحل للصائم. قلت: ونكارة الحديث من قبل عبد الرحمن بن النعمان فإنه ضعيف. 1318/ 3041 - "الأجْدعُ شيْطانٌ". (حم. د. هـ. ك) عن عمر قاله الشارح: بإسناد ضعيف. وقال في الكبير: قال المناوى: فيه مجالد بن سعيد، قال أحمد: ليس بحجة، وابن معين: لا يحتج به، والدارقطنى: ضعيف وكذا الحاكم اهـ. فعزو المصنف الحديث للحاكم وسكوته عن تضعيفه له غير سديد. قلت: مجالد بن سعيد صدوق من رجال مسلم، وإن كان فيه لين كما قال الذهبى، والحاكم لم يضعف الحديث، بل رواه [4/ 279، رقم 7742] من طريق مجالد عن عامر عن مسروق قال: "قدمت على عمر فقال: ما اسمك؟ قلت: مسروقه، قال: ابن من؟ قلت: ابن الأجدع، قال: أنت مسروق بن عبد الرحمن، حدثنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن الأجدع شيطان". قال الحاكم: تفرد به مجالد بن سعيد وليس من شرط هذا الكتاب اهـ.

وليس معنى هذا تضعيف الحديث بل معناه أنه ليس في الدرجة العليا من الصحة كما هو شرط الشيخين المصنَّفُ كتابه على شرطهما لأن الشيخين غالبا لم يخرجا للين المتكلم فيه، مثل مجالد، ما تفرد به، بل ما له شواهد ومتابعات فيكون الحديث صحيحا لكن ليس على شرطهما أو يكون حسنا، أما ضعيف فلا، ولو اعتقد تضعيفه لما خرجه في صحيحه إلا مع التنبيه عليه. 1319/ 3045 - "الأذانُ تِسْعَ عشْرَةَ كلمَةً، والإقامةُ سَبْعَ عشْرةَ كلِمةً". (ن) عن أبي محذورة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن النسائى تفرد به عن الستة والأمر بخلافه، فقد خرجه الترمذى أيضًا، بل عزاه القسطلانى لمسلم أيضًا. قلت: الحديث خرجه مسلم وأبو داود والترمذى وابن ماجه، وليس عند واحد منهما هذا اللفظ. أما مسلم فلفظه [1/ 287، رقم 379/ 6] عن أبي محذورة: "أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علمه هذا الأذان: اللَّه أكبر اللَّه أكبر أشهد أن لا إله إلا اللَّه" وذكر صفة الأذان بتمامه. وأما أبو داود فلفظه [1/ 134، رقم 502] مثل ذلك ورواه أيضًا عنه: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة، الأذان اللَّه أكبر اللَّه أكبر" وذكر صفته. وهكذا رواه الترمذى [1/ 367، رقم 192] لكنه لم يذكر لفظ الأذان بل قال: عن أبي محذورة: "أنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة". ورواه ابن ماجه مطولا ولفظه: "علمنى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الأذان تسع عشرة

كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة، الأذان اللَّه أكبر"، وذكره بتمامه. فألفاظ هؤلاء موقوفة لأن الصحابى عبر عما لقنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجملة فذكر عدده ولم يذكر لفظه، ومتى كان موقوفًا فليس هو من شرط الكتاب، ولفظ النسائى مرفوع يدل على أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هو الذي نطق بلفظ العدد أولا مجملًا ثم فضله كما عند الآخرين، ففرق بعيد بين الروايتين لو كان الشارح يعقل بل لو عزاه المصنف باللفظ المذكور إلى الترمذى والمذكورين لكان منتقدا ومخطئا غاية الخطأ إذ أدرج الموقوف في المرفوع. 1320/ 3054 - "الاستئذانُ ثلاثٌ، فالأولى تستمعونَ، والثانيةُ تستصلحونَ، والثالثةُ تؤْذنونَ أو تُرَدونَ". (قط) في الأفراد عن أبي هريرة قلت: قاله الدارقطنى: ثنا مراد ثنا محمد بن أبي صالح الأزدى وأبو شيبة عبد العزيز بن جعفر بن بكر الخواررمى قالا: ثنا العباس بن يزيد ثنا عمر بن عمران قال: حدثنا دهشم بن قران عن يحيى بن أبي كثير عن عمرو بن عثمان عن أبي هريرة به. ثم قال: تفرد به دهشم بن قران عن يحيى بن أبي كثير. قلت: ودهشم متروك وكذا الراوى عنه، وقد أورده الذهبى في ترجمته وهو باطل لا شك فيه إن شاء اللَّه. 1321/ 3060 - "الإسلامُ عَلَانيةٌ والإِيمانُ في القَلبِ". (ش) عن أنس قال في الكبير: قال عبد الحق: حديث غير محفوظ، تفرد به على بن مسعدة وفي توثيقه خلف، قال أبو حاتم: لا بأس به، والبخارى: فيه نظر، وابن عدى: أحاديثه غير محفوظة، وقال الهيثمى: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجاله رجال الصحيح.

قلت: هذا يفيد أن هؤلاء خرجوه من غير طريق على بن مسعدة مع أنهم رووه من طريقه، والحافظ الهيثمى استثناه مما قال، ولكن الشارح حذف ذلك من كلامه فوهم وأوهم. وعبارة الهيثمى عن أنس قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: الإسلام علانية والإيمان في القلب، قال: ثم يشير بيده إلى صدره ثلاث مرات ثم يقول: التقوى ههنا، التقوى ههنا، رواه أحمد وأبو يعلى بتمامه والبزار باختصار، ورجاله رجال الصحيح ما خلا على بن مسعدة، وقد وثقه ابن حبان وأبو داود الطيالسى وأبو حاتم وابن معين وضعفه آخرون اهـ. هذا نص كلام الهيثمى بحروفه. ثم إن ابن حبان ذكر على بن مسعدة في الضعفاء أيضًا وقال: كان ممن يخطئ على قلة روايته ويتفرد بما لا يتابع عليه فاستحق ترك الاحتجاج به فيما لا يوافق الثقات من الأخبار، ثم قال: حدثنا الحسن بن سفيان ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا زيد بن الحباب ثنا على بن مسعدة ثنا قتادة عن أنس بالحديث. 1322/ 3062 - "الإسلامُ يَزيدُ ولا يَنْقصُ". (حم. د. ك. هق) عن معاذ قال الشارح في الكبير: أى أبو داود الطيالسى في مسنده، [ثم] قال أيضًا: قلل الحافظ في الفتح: قال الحاكم: صحيح، وتعقب بالانقطاع بين أبي الأسود ومعاذ، لكن سماعه منه ممكن، وقد زعم الجوزقانى أنه باطل، وهى مجازفة، وقال القرطبى في "المفهم": هو كلام يحكى ولا يروى ولعله ما وقف على ما ذكر اهـ. وسبب هذا الحديث كما في أبي دارد عن عبد اللَّه بن بريدة: "أن أخوين اختصما إلى يحيى بن يعمر، يهوديا ومسلما في ميراث أخ لهما يهودى فورَّث المسلم" وقال حدثنى أبو الأسود،

ووقع في الأصل المطبوع أبو الدرداء، أن رجلًا حدثه عن معاذ سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول فذكره، قال ابن عبد البر: وهذا لا حجة فيه وليس في اللفظ ما يعطيه، وجعله ابن الجوزى موضوعا ونازعه المؤلف. قلت: في هذا أمور، الأول: تفسيره رمز "الدال" بأبى داود الطيالسى من أعجب ما يرى من الوهم والغفلة، فإن المصنف لم يجعل لأبي داود الطيالسى رمزا، بل إذا عزا إليه يذكره بكامل اسمه، وكون "الدال" لأبي داود السجستانى في هذا الكتاب بل وسائر كتب الحديث أمر ضرورى لا يغفل عنه إلا غارق في بحار الغفلة والحيرة والوله. الثانى: أنه قال: وسبب هذا الحديث كما في أبي داود: "أن أخوين يهوديا ومسلما اختصما في أخ لهما يهودى"، وهذه زيادة من عنده فليس هذا في الحديث لا في سند أبي داود ولا في مسند أبي داود (¬1) عن عبد اللَّه بن بريدة: "أن أخوين اختصما إلى يحيى بن يعمر، يهودى ومسلم، فورَّث المسلم منهما". وقال: حدثنى أبو الأسود وذكره لم يقل: "في أخ لهما يهودى". وأما أبو داود الطيالسى فعين في روايته [ص 77، رقم 568] أن الميراث كان من والد لا من أخ، إلا أنه جعل ذلك من حكم معاذ نفسه لا من حكم يحيى بن يعمر. وكذلك هو عند الحاكم في المستدرك [4/ 345]. الثالث: أنه حكى تصحيحه عن الحاكم والذهبى والحافظ وغيرهم، ثم ذكر أن ابن الجوزى ذكره في الموضوعات فأوهم أنه حكم عليه بالوضع من الطريق ¬

_ (¬1) أى: الطيالسى.

التي حكم له بها أولئك بالصحة وليس كذلك، بل ابن الجوزى أتى به من موضوعات الجوزقانى الذي رواه من طريق محمد بن المهاجر: ثنا يزيد بن هارون ثنا حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن عمرو بن كردى عن يحيى بن يعمر عن معاذ، ثم اتهم به محمد بن المهاجر. وهؤلاء رووه من طريق شعبة عن عمرو بن حكيم عن عبد اللَّه بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود عن معاذ، فبرئ محمد بن المهاجر منه، وبهذا الطريق تعقبة المولف. 1323/ 3063 - "الإسلامُ يَعْلو ولَا يُعْلَى". الرويانى (قط. هق) والضياء عن عائذ بن عمرو قال في الكبير: وعلقه البخارى، ورواه الطبرانى في الصغير والبيهقى في الدلائل، قال ابن حجر: وسنده ضعيف. قلت: ما رواه الطبرانى في الصغير أصلا (¬1) ولا رواه البيهقى في الدلائل عن عائذ بن عمرو، وإنما رواه هو (¬2) والطبرانى في الأوسط (¬3) لا ¬

_ (¬1) بل رواه في الصغير (2/ 153، رقم 948) عن عمر بن الخطاب في حديث "الضب"، وفيه: "الحمد للَّه الذي هداك إلى هذا الدين الذي يعلو ولا يعلى". (¬2) رواه في السنن الكبرى (6/ 205) من حديث عائذ بن عمرو، وفي الدلائل (6/ 36) من حديث عمر بن الخطاب. (¬3) لم أجده في المعجم الأوسط، ولم أرَ من عزاه إليهم إلا الزيعلى في نصب الراية (3/ 213)، وقد ذكره ابن حجر في التلخيص الحبير (4/ 126) وعزاه إلى المعجم الصغير فقط، ولعل ما ذكره الحافظ الزيلعى بعد عزوه الحديث للأوسط ما يؤكد أنه ليس في الأوسط وإنما في الصغير، ولعله سبق قلم منه رحمه اللَّه حيث قال: أخرجاه الطبرانى والبيهقى في حديث الضب الذي كلم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اهـ. وحديث الضب بأكمله في الصغير عن عمر، وكذلك بنفس السند الذي ساقه الزيلعى في نصب الراية، فاللَّه أعلم.

في الصغير من حديث عمر، والشارح نقل هذا من المقاصد الحسنة للسخاوى فحرفه بل مسخه على عادته، قال الحافظ السخاوى [ص 114 رقم 109]: حديث "الإسلام يعلو ولا يعلى" رواه الدارقطنى في النكاح من سننه والرويانى في مسنده، ومن طريقه الضياء في المختارة كلاهما من جهة شباب ابن خياط العُصفري: ثنا حشرج بن عبد اللَّه بن حشرج حدثنى أبي عن جدى عن عائذ بن عمرو المزنى رفعه بهذا. ورواه الطبرانى في الأوسط والبيهقى في الدلائل عن عمر وأسلم بن سهل في تاريخ واسط عن معاذ كلاهما به مرفوعًا، وعلقه البخارى في صحيحه اهـ. قلت: وحديث عائذ بن عمرو أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 92] في ترجمة عائذ المذكور قال: حدثنا أبو إسحاق بن حمزة ثنا أحمد بن الحسين الحذاء ثنا خليفة بن خياط ثنا حشرج بن عبد للَّه بن حشرج حدثنى أبي عن جدى عن عائذ بن عمرو: "أنه جاء مع أبي سفيان يوم الفتح ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جالس حوله المهاجرون والأنصار، فقالوا: هذا أبو سفيان وعائذ بن عمرو فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: هذا عائذ بن عمرو وأبو سفيان، الإسلام أعز من ذلك الإسلام يعلو ولا يعلى" وحشرج وابنه عبد اللَّه لا يعرفان. أما حديث معاذ فقال أسلم بن سهل في تاريخ واسط [ص 173]: حدثنا إسماعيل بن عيسى ثنا خالى عمران بن أبان ثنا شعبة عن عمرو بن أبي حكيم عن عبد اللَّه بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدؤلى عن معاذ قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: الإيمان يعلو ولا يعلى". قلت: عمران بن أبان ضعيف، وقد وهم في هذا الحديث، فإن هذا السند سند حديث: "الإسلام يزيد ولا ينقص" كما مر قريبا في الذي قبله.

1324/ 3064 - "الإسلامُ يَجُبُّ ما كانَ قَبلَه". ابن سعد عن الزبير، وعن جبير بن مطعم قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن الطبرانى خرجه باللفظ المزبور. قلت: وقضية كلام الشارح أنه لم يره في أحد من الأصول الستة وهو عجيب، فإن مسلما خرجه في صحيحه [1/ 112، رقم 128/ 192] من حديث عبد اللَّه بن عمرو في قصة إسلامه، لكن بلفظ لا يدخل أوله هنا، والشارح لا يعتبر الحروف. 1325/ 3066 - "الأشِرَةُ شَرٌّ". (خد. ع) عن البراء قلت: انظر ما كتبناه سالفا على حديث: "افشوا السلام تسلموا". 1326/ 3067 - "الأشْعَريوُن في النَّاسِ كَصُرةٍ فيها مسكٌ". ابن سعد عن الزهرى مرسلا قال في الكبير: رواه ابن سعد في الطبقات عن الحسن البصرى عن الزهرى مرسلا. قلت: لا أدرى من أين يختلق الشارح هذه الزيادات، فابن سعد رواه [1/ 2/ 79] عن جماعة عنهم على بن مجاهد عن محمد بن إسحاق عن الزهرى، لا ذكر للحسن البصرى فيه أصلا، راجع وفد الأشعريين من الجزء الأول من الطبقات. 1327/ 3069 - "الأضْحَى عليَّ فريضةٌ وعليكم سنةٌ". (طب) عن ابن عباس

قال في الكبير: قال ابن حجر: رجاله ثقات، لكن في رفعه خلف. قلت: ما قال الحافظ هذا ولا يتصور أن يقوله، بل نص على أنه ضعيف من جميع طرقه، وكيف يمكن ورود الخلاف في رفعه ووقفه وابن عباس يقول: "على فريضة وعليكم سنة"، فإنه ليس في الأمة من خص بفريضة إلا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا يتصور أن يكون الحديث إلا مرفوعًا، فاسمع ما قال الحافظ في هذ الحديث، قال في الفتح [10/ 4 تحت شرح حديث 5545]: واستدل من قال بعدم الوجوب بحديث ابن عباس: "كتب على النحو ولم يكتب عليكم" وهو حديث ضعيف أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبرانى [11/ 301، رقم 11802] والدارقطنى [4/ 282]، وصححه الحاكم فذهل وقد استوعبت طرقه ورجاله في الخصائص من تخريج أحاديث الرافعى اهـ. وقال في باب الخصائص من تخريج الرافعى: رواه أحمد [1/ 317] من طريق إسرائيل عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ: "أمرت بركعتى الضحى ولم تؤمروا بها وأمرت بالأضحى ولم تكتب" وإسناده ضعيف من أجل جابر الجعفى. ورواه أبو يعلى من طريق شريك بلفظ: "كتب على النحر ولم يكتب عليكم وأمرت بصلاة الضحى ولم تؤمروا بها". ورواه البزار بلفظ: "أمرت بركعتى الفجر والوتر وليس عليكم (¬1) ". ومن طريق أبي جناب الكلبى عن عكرمة عنه بلفظ: "ثلاث هن على فرائض ولكم تطوع، النحر والوتر وركعتا الفجر (¬2) ". ورواه الحاكم [1/ 300، رقم 1119] وابن عدى [2/ 513] من هذا الوجه ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (3/ 144، رقم 2434). (¬2) المصدر السابق (3/ 144، رقم 2433).

ولفظه: "الأضحى" بدل "النحر" "وركعتا الفجر" بدل "الضحى". وكذلك رواه الدارقطنى [2/ 21] والبيهقى [2/ 468، 9/ 264] ورواه ابن حبان في الضعفاء وابن شاهين في ناسخه [1/ 300، رقم 1447] من طريق وضاح بن يحيى عن مندل عن يحيى بن سعيد عن عكرمة عنه بلفظ: "ثلاث على فريضة وهن لكم تطوع، الوتر وركعتا الفجر وركعتا الضحى" والوضاح ضعيف، فتلخص ضعف الحديث من جميع طرقه اهـ. وقال في صلاة التطوع منه: رواه أحمد والدارقطنى والحاكم والبيهقى من حديث ابن عباس بلفظ: "ثلاث هن على فرائض ولكم تطوع، النحر والوتر وركعتا الضحى" لفظ أحمد [1/ 231]، وفي رواية للدارقطنى [2/ 21]: "وركعتا الفجر" بدل "وركعتا الضحى"، وفي رواية لابن عدى [2/ 513]: "الوتر والضحى وركعتا الفجر" ومداره على أبي خباب الكلبى عن عكرمة، وأبو خباب ضعيف ومدلس أيضًا، وقد عنعنه، وأطلق الأئمة على هذا الحديث الضعف، كأحمد والبيهقى وابن الصلاح وابن الجوزى والنووى وغيرهم، وخالف الحاكم فأخرجه في مستدركه. لكن لم يفرد به أبو خباب بل تابعه أضعف منه وهو جابر الجعفى، رواه أحمد والبزار وعبد بن حميد [ص 512، رقم 1586] من طريق إسرائيل عنه عن عكرمة عنه، وله متابع آخر من رواية وضاح بن يحيى عن مندل بن على عن يحيى بن سعيد عن عكرمة، قال ابن حبان في الضعفاء: وضاح لا يحتج به، كان يروى الأحاديث التي كأنها معمولة، ومندل أيضًا ضعيف اهـ. فما الشارح إلا أعجوبة من عجائب الدنيا في الأغلاط.

1328/ 3070 - "الاقتصادُ نصفُ العيشِ، وحُسْنُ الخُلقِ نصفُ الدينِ". (خط) عن أنس قلت: أخرجه أيضًا أبو الشيخ في النوادر والنتف في الجزء العاشر منه، والعقيلى في الضعفاء والديلمى في مسند الفردوس كلهم من طريق على بن عيسى: ثنا خلاد بن عيسى عن ثابت عن أنس به. فأما أبو الشيخ والديلمى فبلفظ [2/ 119، رقم 2240]: "التودد نصف العقل والهم نصف الهرم وقلة العيال أحد اليسارين". وأما العقيلى فرواه مختصرا بلفظ [2/ 19 ترجمة رقم 432]: "الخلق الحسن نصف الدين" وذلك في ترجمة خلاد بن عيسى، وقال: إنه مجهول بالنقل، كذا في نقل الذهبى عن ضعفاء العقيلى. وفي التهذيب عنه أيضًا: "حسن الخلق نصف الدين" وخلاد وثقه ابن معين وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: حديثه متقارب. 1329/ 3071 - "الاقْتصَادُ في النَّفقَةِ نصفُ المعِيشَةِ، والتَّوددُ إلى الناسِ نصفُ العقلِ، وحُسْنُ السؤالِ نصفُ العلمِ". (طب) في مكارم الأخلاق، (هب) عن ابن عمر قلت: أخرجه أيضًا أبو الشيخ في العاشر من النوادر والنتف، والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 55، رقم 33] والديلمى في مسند الفردوس [1/ 158، رقم 418] كلهم من طريق هشام بن عمار: ثنا محيسن بن تميم ثنا حفص بن عمر أخبرنى إبراهيم بن عبد اللَّه عن نافع عن ابن عمر به، وإبراهيم بن عبد اللَّه منكر الحديث.

1330/ 3073 - "الأكلُ في السُّوقِ دَناءةٌ". (طب) عن أبي أمامة، (خط) عن أبي هريرة قلت: أورده ابن الجوزى في الموضوعات من عند ابن عدى [3/ 37]، قال: سمعت عمران السختيانى يقول: حدثنا سويد بن سعيد ثنا بقية عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة به، ثم قال: القاسم وجعفر مجروحان ثم أورده من وجه آخر من عند العقيلى [3/ 191] من رواية بقية عن عمر بن موسى الوجيهى عن القاسم به، ثم قال: الوجيهى كذاب. وأورده أيضًا من حديث أبي هريرة من عند الخطيب [10/ 124] ثم من رواية الهيثم بن سهل: ثنا مالك بن سعيد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به مرفوعًا مثله، وقال: الهيثم ضعيف. ومن عند ابن عدى ثم من رواية محمد بن الفرات [3/ 163، 7/ 283]: حدثنى سعيد بن نعمان عن عبد الرحمن الأنصارى عن أبي هريرة به، وقال: محمد بن الفرات كذاب اهـ. وأخرجه أبو يعلى عن جبارة عن محمد بن الفرات به، وعن أبي يعلى أورده الأزدى في الضعفاء وقال: خالفه يونس بن محمد وهو ثبت عن محمد بن الفرات، فقال: عن سعد بن بكر عن بشر بن عبد الرحمن الأنصارى عن أبي هريرة، قال الأزدى: وكلا الإسنادين غير قائم. 1331/ 3074 - "الأَكلُ بأُصْبُع واحدةٍ أكلُ الشيطانِ، وباثْنَينِ أكلُ الجَبَابِرة، وبالثَلاثِ أكلُ الأنْبيَاء". أبو أحمد الغطريفى في جزئه، وابن النجار عن أبي هريرة قلت: قال الغطريفى في جزئه:

ثنا الحسن بن سفيان لفظا ثنا أبو طاهر أحمد بن عمرو بن السرح ثنا رشدين عن أبي حفص المكى عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة به، ورشدين فيه مقال. ورواه الديلمى [1/ 162، رقم 434] في مسند الفردوس من طريق الغطريفى والتي بالسند معنعنا وليس هو كذلك في أصل الجزء. 1332/ 3076 - "الإمامُ ضَامنٌ والمؤذن مُؤتَمنٌ، اللَّهمَّ أَرْشِدِ الأئمَة واغْفْر للمؤذنينَ". (د. ت. حب. هق) عن أبي هريرة، (حم) عن أبي أمامة قلت: في الباب عن جماعة، وللحديث طرق كثيرة استوعبتها في المستخرج على مسند الشهاب والحمد للَّه. 1333/ 3090 - "الأَنبياءُ قَادةٌ والفُقَهاءُ سَادَةٌ ومُجَالستُهُم زيادةٌ" القضاعى عن على قلت: يأتى الكلام عليه في العين في: "العلماء قادة". 1334/ 3099 - "الإِيمانُ الصَبْرُ والسَّماحَةُ". (ع. طب) في مكارم الأخلاق عن جابر قلت: قال أبو يعلى [3/ 380، رقم 1854]: حدثنا عبيد بن جناد الحلبى ثنا يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر قال: "سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الإيمان فقال: الصبر والسماحة". وقال الطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 51 رقم 31]: ثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن يونس الرقى ثنا عبيد بن جناد الحلبى به، ولفظه: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: الإيمان الصبر والسماحة".

وقال ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق له [ص 13 رقم 61]: حدثنا إسماعيل بن أسد ثنا عبيد بن جناد به بلفظ أبي يعلى. ورواه ابن حبان في الضعفاء عن أبي يعلى وقال في يوسف بن محمد بن المنكدر: إنه يروى عن أبيه ما ليس من حديثه من المناكير التي لا يشك عوام أصحاب الحديث أنها مقلوبة، وكان يوسف شيخا صالحا ممن غلب عليه الصلاح حتى غفل عن الحفظ والإتقان، فكان يأتى بالشيء على التوهم فبطل الاحتجاج به على الأحوال كلها اهـ. قلت: لكنه لم ينفرد بهذا الحديث، بل ورد من وجوه أخرى من حديث عمرو بن عبسة وعمير الليثى، وقد أطلت الكلام على أسانيده في حديث: "أفضل الإيمان" سابقا فراجعه. 1335/ 3101 - "الإِيمَانُ بالقَدَرِ يُذْهبُ الهَمَّ والحَزَنَ". (ك) في تاريخه، والقضاعى عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه السرى بن عاصم الهمذانى مؤدب المعتز، قال في الميزان: وهاه ابن عدى، وقال: يسرق الحديث، وكذبه ابن خراج، قال: ومن بلاياه هذا الخبر، وأورده ابن الجوزى في الواهيات وقال: السرى، قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به. قلت: السرى بن عاصم لا يوجد في سند هذا الحديث لا عند القضاعى ولا عند الحاكم، والشارح رأى الذهبى أورد الحديث في ترجمته من الميزان فظن أنه انفرد به وأن الحاكم والقضاعى روياه من طربقه، وليس كذلك، قال القضاعى [1/ 187، رقم 277]: أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد بن منصور التسترى ثنا أبو عقيل عيسى بن محمد بن أحمد الأشترى ثنا أبو سعيد الحسن بن أحمد الطوسى ثنا جماهير هو ابن

محمد ثنا على بن الحسين ثنا المزاحم بن عوام عن الأوزاعى عن عبدة بن أبي لبابة عن أبي هريرة به. وقال الحاكم في التاريخ: ثنا محمد بن إبراهيم ثنا موسى بن عبد المؤمن ثنا أبو محمد سعيد بن محمد بن سعيد الرهاوبى ثنا على بن الحسن القرشى به. لكنه قال: ثنا الأوزاعى دون ذكر المزاحم بن عوام على ما في نقل الديلمى في مسند الفردوس [1/ 150، رقم 384]، فإنه أخرجه من طريق الحاكم كذلك، أما السرى بن عاصم فقال: حدثنا محمد بن مصعب ثنا الأوزاعى فذكره، فلم يذكر في سند الحديث عندهما لا هو ولا شيخه محمد بن مصعب، وهكذا يتهور الشارح ويحقق ظنه ويجزم به ويعزوه إلى غير من وقع كذلك عنده، فيقع في مثل هذه الأخطاء الفاحشة. 1336/ 3102 - "الإِيمانُ عَفِيف عن المحَارمِ، عَفِيفٌ عن المطَامعِ". (حل) عن محمد بن النضر الحارثى قلت: قال أبو نعيم [8/ 224]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا أحمد بن الحسين ثنا أحمد بن إبراهيم ثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا بشر -يعنى ابن منصور- عن عمارة بن راشد عن محمد بن النضر الحارثي به، ثم قال: وهذا مما لا يعرف له طريق عن غير محمد بن النضر، ثم ذكر أحاديث عنه كلها مرسلة ثم قال: كان محمد بن النضر وضرباؤه من المتعبدين لم يكن من شأنهم الرواية، كانوا إذا أوصوا إنسانا أو وعظوه ذكروا الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إرسالا اهـ. وقال: قبل ذلك كان محمد بن النضر من المتمسكين بالآثار فعلا نقل الرواية

نقلا، حفظ عنه أحاديث لم يذكر إسنادها فذكرها إرسالا اهـ. قلت: لكنه أخرج هذا الحديث أيضًا في تاريخ أصبهان [2/ 356] من رواية محمد بن النضر المذكور عن أسماء بنت عميس، فقال في ترجمة يحيى بن زكريا المزنى: ثنا محمد بن جعفر بن يوسف ثنا أحمد بن الحسين الأنصارى ثنا يحيى بن زكريا بن يحيى المزنى في كتابه ثنا الحسين بن حفص ثنا بشر بن منصور عن عمارة بن راشد عن محمد بن النضر عن أسماء بنت عميس قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله، وهو منقطع، محمد لم يدرك أسماء. ورواه أحمد في الزهد عن أبي معاوية الغلابى: حدثنى رجل عن بشر بن منصور قال: "إن الإيمان عفيف عن المطامع، عفيف عن المحارم" هكذا وقف به عليه ولم يسنده. 1337/ 3103 - "الإِيمَانُ بالنيَّةِ واللسَانِ، والهجرةُ بالنفسِ والمالِ". عبد الخالق بن زاهر الشحامى في الأربعين عن عمر قلت: حرف الشارح هذه النسبة أو تحرفت عليه فضبطها من عنده فقال: الشحنانى بضم المعجمة وإهمال الحاء ثم نون محدث مشهور اهـ. وهذا من عجائب وهمه فإن النسبة لفظها الشحامى بفتح الشين وآخره ميم نسبة إلى الشحم فيما يظن، وهى نسبة مشهورة بين أهل الحديث كصاحبها، ووالده زاهر بن طاهر الشحامى أشهر من أن يجهله طالب حديث. 1338/ 3104 - "الإيمانُ والعملُ أخوانِ شريكلانِ في قرنٍ لا يقْبَلُ اللَّه أحدَهُما إلا بصَاحِبِه". ابن شاهين في السنة عن على

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو ذهول، فقد خرجه الحاكم والديلمى باللفظ المزبور عن على المذكور. قلت: إطلاق الشارح العزو إلى الحاكم يفيد أنه عنده في المستدرك كما هي القاعدة عند أهل الحديث، ويتبنى على ذلك اعتقاد صحة الحديث، مع أن الحاكم خرجه في تاريخ نيسابور من طريق أصرم بن حوشب: ثنا أبو سنان ثنا عمرو بن مره عن محمد بن على عن أبيه، وأصرم بن حوشب وضاع، فالحديث باطل من طريقه. والشارح رأى الديلمى قال [1/ 148، رقم 375]: أنا ابن خلف أنا الحاكم، فاستدرك به ولم يدر في أى كتاب خرجه الحاكم، ولئن درى أنه في التاريخ وأطلق فذلك تدليس منه وغش، ثم إنه سكت عليه مع أن فيه أصرم بن حوشب وهو من أشهر الوضاعين. وقد ورد من طريق آخر لكنه من رواية وضاع أيضًا، ذكره ابن حبان في الضعفاء [1/ 189] من رواية بشر، ويقال له بشار بن إبراهيم الأنصارى عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن على عليه السلام عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به مثله. وقال ابن حبان: بشر بن إبراهيم يضع الحديث على الثقات، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه اهـ. ولا أدرى هل ابن شاهين خرجه من طريق بشر هذا أو من طريق غيره. 1339/ 3106 - "الإيمَانُ نصْفانِ، فنصفٌ في الصَّبْرِ ونِصْفٌ في الشُّكْرِ". (هب) عن أنس قال الشارح: وفيه يزيد الرقاشى، متروك، ورواه الحكيم الترمذى بلفظ:

"نصفان، نصف للشكر، ونصف للصبر"، وبه يتقوى اهـ. وقال في كبير: فيه يزيد الرقاشى قال الذهبى وغيره: متروك، ورواه القضاعى بهذا اللفظ، وذكر بعض شراحه أنه حسن. قلت: فيه أمران، الأول: أن الحديث ليس له طريق إلا من رواية يزيد الرقاشى، فقوله رواه الحكيم الترمذى بلفظ كذا وبه يتقوى، كأن الحديث في نظره يتقوى باختلاف الألفاظ وإن اتحد الطريق، وهذا من أعجب ما يسمع. الثانى: قوله: وذكر بعض شراحه أنه حسن، هو عجيب أيضًا، فإن القضاعى خرجه من طريق يزيد الرقاشى الذي اعترف الشارح بأنه متروك، فكيف ينقل كلام العامرى وهو رجل جاهل أحمق يصحح الموضوع ويحسن المنكر بهواه ولمجرد ذوقه غير ناظر إلى الإسناد ولا قواعد التصحيح والتحسين ولكن الشارح لا يستغرب منه النقل عن العامرى، فاسمع سند الحديث عند القضاعى، قال [1/ 127، رقم 159]: أخبرنا هبة اللَّه بن إبراهيم بن عمر ثنا ابن بندار ثنا محمد بن القاسم ثنا الحسن بن عياش الحمصى ثنا عتبة بن السكن عن العلاء بن خالد عن يزيد الرقاشى عن أنس قال: "قال لى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يا أنس الإيمان نصفان، نصف شكر، ونصف صبر". وأخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس [1/ 149، رقم 378] (¬1) من طريق محمد بن مصعب: ثنا الأوزاعى ثنا العلاء بن خالد عن يزيد الرقاشى به. ¬

_ (¬1) عن معاذ بن جبل، وليس أنسا.

حرف الباء

حرف الباء 1340/ 3113 - " بَابَانِ مُعجَّلَانِ عُقوبَتُهُما في الدّنيَا، الْبَغيُ والعُقُوق". (ك) عن أنس قال في الكبير: قال (ك): صحيح وأقره الذهبى. قلت: نص الشارح على أن الحاكم خرجهم في كتاب البر من المستدرك، ونقل تصحيحه وإقرار الذهبى، فأفاد ذلك أنه وقف عليه في الأصل، وغفل عن تعقب المصنف بأن أول الحديث عند الحاكم ليس هكذا بل أوله: "من عال جاريتين حتى تدركا دخلت الجنة أنا وهو كهاتين، وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى، وبابان معجلان عقوبتهما في الدنيا" الحديث. وهكذا أخرجه البخارى في الأدب المفرد [ص 308 رقم 894، 895]: حدثنا عبد اللَّه بن أبي الأسود ثنا محمد بن عبيد الطنافسى ثنا محمد بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبيد اللَّه بن أنس عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-

مثله، إلا أنه قال: "وبابان معجلان في الدنيا البغى وقطيعة الرحم كذا قال: "وقطيعة الرحم"، بدل "العقوق"، مع أن الحاكم خرجه من هذا الطريق أيضًا [4/ 177، رقم 7350] من رواية إبراهيم بن إسحاق القاضى: ثنا محمد بن عبيد الطنافسى به، وشيخه محمد بن عبد العزيز هو الجرمى، وقد اختلف عليه في هذا الحديث اختلافًا ذكره البخارى في التاريخ الكبير، فقال في ترجمته [1/ 166، رقم 494]: قال أبو نعيم: حدثنا محمد سمع سعدا عن عبيد اللَّه بن أبي بكرة عن أبي بكرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اثنتان يعجلهما اللَّه عز وجل في الدنيا البغى وعقوق الوالدين". وقال لى ابن أبي الأسود: ثنا محمد بن عبيد الطنافسى ثنا محمد بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبيد اللَّه ابن أنس عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله: "ومن عال جاريتين". وقال عمرو الناقد: ثنا أبو أحمد الزبيرى ثنا محمد بن عبد العزيز عن عبيد اللَّه بن أبي بكر بن أنس عن أنس قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من عال جاريتين". وقال ابن أبي خلف: ثنا محمد بن عبيد ثنا محمد بن عبد العزيز الراسبى عن أبي بكر بن عبيد اللَّه عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثل حديث ابن أبي الأسود، وقال لى محمد: حدثنا محمد بن عبيد ثنا محمد بن عبد العزيز الراسبى عن أبي بكر بن عبيد اللَّه بن أنس عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من عال" و"بابان يعجلان".

1341/ 3114 - "بادِرُوا الصُبْحَ بالوِتْرِ". (م. ت) عن ابن عمر قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من الستة غير هذين وهو عجيب فقد خرجه معهما أبو داود. قلت: ليس ذلك بعجيب وإنما العجيب استعجاب الشارح مما لا عجب فيه. 1342/ 3120 - "بادِرُوا بالأعمال سِتا: إِمَارة السُّفَهاءِ، وكَثرَة الشُّرط، وبيع الحُكْمِ، واستخفافا بالدَمِ، وقطيعة الرَّحم، ونشْئا يتَخذونَ القرآن مزَاميرَ يُقدمونَ أحدَهُم ليُغَنيهم وإنْ كانَ أقلَّهم فقها". (طب) عن عابس الغفارى قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عثمان بن عمير وهو ضعيف. قلت: الشارح دائما يستدرك على المصنف في غير موضع الاستدراك فيخطئ، وأحيانا يسكت في موضعه فيخطئ، فإن هذا الحديث خرجه أحمد أيضًا وكذلك الحارث بن أبي أسامه كلاهما قال: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا شريك بن عبد اللَّه عن عثمان بن عمير عن زاذان أبي عمر عن عُليم (¬1) عن عبس الغفارى به مثل ما هنا (¬2). 1343/ 3122 - "بَاكِرُوا بالصَّدَقة فإنَّ البَلاءَ لا يَتَخطَّاها" (طس) عن على، (هب) عن أنس قال في الكبير: قال الهيثمى فيه عيسى بن عبد اللَّه بن محمد وهو ضعيف، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات. ¬

_ (¬1) في الأصل: "عكيم" والصواب ما أثبتناه، وهو في المسند "عُليم" وانظر الجرح والتعديل (7/ 40) وأسد الغابة (3/ 520)، ذكره ابن حجر في الإصابة (3/ 567) وقال: راوه أحمد. . . فسمى المبهم الأول: حكيما الكندى اهـ وفي المسند "عليم" واللَّه أعلم. (¬2) انظر بغية الحارث (2/ 640، رقم 613).

قلت: في هذا أمور: الأول: أنه أورد كلام الهيثمى عقب حديث أنس فأوهم أن عيسى بن عبد اللَّه في سند حديثه، وإنما هو في سند حديث على، فكان حقه أن يورده عقب حديثه لا حديث أنس. الثانى: أنه أطلق عزو إيراد ابن الجوزى له في الموضوعات فأوهم أنه أورده من كلا الطريقين من حديث أنس ومن حديث على، وهو إنما أورد حديث أنس وحده. الثالث: أنه سكت عن تعقب المصنف له فأوهم أنه سلم الحكم بوضعه وليس كذلك، فإن ابن الجوزى أورده من عند ابن أبي الدنيا [2/ 153] ثم من رواية بشر بن عبيد: ثنا أبو يوسف عن المختار بن فلفل عن أنس. ومن عند ابن عدى [2/ 153] ثم من رواية يحيى بن سعيد العطار: ثنا سليمان بن عمرو عن المختار بن فلفل به. ثم قال: لا أصل له أبو يوسف لا يعرف، وبشر قال ابن عدى: منكر الحديث، وسليمان هو أبو داود النخعى وضاع، قال: وقد رواه أيضًا عن المختار عبد الأعلى بن أبي المساور وهو كذاب، ورواه الصقر بن عبد الرحمن عن ابن إدريس عن المختار، والصقر كذاب اهـ. فتعقبه المؤلف بأن أبا يوسف هو القاضى صاحب أبي حنيفة كما عينه أبو الشيخ في الثواب، وبشر بن عبيد وإن قال عنه ابن عدى: منكر الحديث، فقد استدرك في اللسان بأن ابن حبان ذكره في الثقات، والصقر ذكره ابن حبان في الثقات أيضًا، وقال أبو حاتم: صدوق، وللحديث طريق آخر، ثم أورد حديث على من عند الطبرانى في الأوسط [6/ 9، رقم 5643] ثم من طريق عيسى بن عبد اللَّه عن أبيه عن جده عن على به ثم قال: عيسى ضعيف اهـ.

1344/ 3131 - "بَراءةٌ من الكِبْرِ لبسُ الصُّوفِ، ومُجَالَسةُ فُقَراءِ المؤْمِنينَ ورُكوبُ الحِمارِ، واعْتقَالُ العَنْزِ" (حل. هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: من حديث محمد بن عيسى الأديب عن عثمان بن مرداس عن محمد بن بكير عن القاسم بن عبد اللَّه العمرى عن زيد عن عطاء عن أبي هريرة، قال أبو نعيم: ورواه وكيع عن خارجة بن زيد مرسلًا، وقال البيهقى: رواه القاسم من هذا الوجه وروى أيضًا عن أخيه عاصم عن زيد كذلك مرفوعًا، وقيل عن زيد عن جابر مرفوعًا. قلت: حرف الشارح هذا النقل وأسقط منه ومن الإسناد فأتى بما لا يفيد، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه أورد السند عقب رمز البيهقى فأوهم أن السند له، وليس كذلك فإن محمد بن عيسى الأديب هو شيخ أبي نعيم في الحديث، قال أبو نعيم [3/ 229]: حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن عيسى الأديب ثنا عمير بن مرداس ثنا محمد بن بكير ثنا القاسم بن عبد اللَّه العمرى عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة به، ثم قال: هذا حديث غريب لم نسمعه مرفوعًا إلا من حديث القاسم عن زيد، ورواه وكيع بن الجراح عن خارجة بن مصعب عن زيد مرسلًا اهـ. وأما البيهقى فلم أقف على سنده، ولكن نقل المؤلف في اللآلئ عقب نقله إسناد أبي نعيم الذي وقع له محرفا كما نقله الشارح عنه أنه قال: هكذا رواه القاسم من هذا الوجه مرفوعًا، وروى أيضًا عن أخيه عاصم عن زيد كذلك مرفوعًا، وقد قيل عن زيد عن جابر مرفوعًا اهـ. وبهذا استقام الكلام وتم معناه.

1345/ 3132 - "بَرِئ من الشُّحِ منْ أدَّى الزَكَاةَ، وقَرَى الضَّيفَ، وأعَانَ في النَّائِبَةِ". هناد (ع. طب) عن خالد بن زيد بن حارثة قال في الكبير: قال في الإصابة: إسناده حسن لكن ذكره -يعنى خالد بن زيد- البخارى وابن حبان في التابعين. قلت: عبارة الحافظ في الإصابة [1/ 406، رقم 2165]: روى أبو يعلى والطبرانى من طريق مجمع بن يحيى بن زيد بن حارثة سمعت عمى خالد بن زيد بن حارثة الأنصارى يقول: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: برئ من الشح" الحديث إسناده حسن لكن ذكره البخارى وابن حبان في التابعين اهـ. قلت: خالد تابعى جزما، وهذه الأسماء تحرفت والعجب كيف لم يتنبه لها الحافظ هنا، فقد أخرج ابن جرير في التفسير هذا الحديث من هذا الوجه فقال: حدثنى محمد بن إسحاق ثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقى ثنا إسماعيل ابن عياش ثنا مجمع بن جارية الأنصارى عن عمه يزيد بن جارية الأنصارى عن أنس بن مالك قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: برئ من الشح" الحديث. فالمذكور في السند جارية بالجيم والياء آخر الحروف، وقد ذكره الحافظ نفسه في الإصابة في ترجمة يزيد بن جارية [3/ 653، رقم 9241] بعد حكاية الاختلاف في صحبته، وقول أبي داود: قلت لأحمد: يزيد بن جارية له صحبة، قال: لا أدرى، وهو أخو مجمع، فقال الحافظ: قلت إنما توقف فيه لأنه وقع في روايته: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأما الرواية التي وقع فيها: خطبنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وسمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمقتضاها إثبات

صحبته، قال: ومن حديثه أيضًا ما أخرج ابن منده من طريق يزيد بن هارون عن مجمع بن يحيى: حدثنى عمى خالد بن يزيد بن جارية عن أبيه قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: برئ من الشح" الحديث اهـ. فاتضح أن ما ذكره الحافظ في حرف الخاء باسم خالد بن حارثة بالحاء المهملة والثاء المثلثة تحريف من الرواة لم يتنبه له الحافظ هناك والصواب ما هنا، كما أن خالدا تابعى جزما أيضًا، كما أفادته هذه الرواية، بل وكذلك والده يزيد ابن جارية، فإنه روى الحديث عن أنس كما سقناه من عند ابن جرير، ولم يقف عليه الحافظ، إلا أن كل سند يرد عن مجمع بن يحيى فإنه مضطرب اضطرابا شديدا كما سيأتى أيضًا في حديث "بلوا أرحامكم ولو بالسلام" قريبا، فالظاهر أن مجمعا المذكور ساقط كثير الغلط إن لم يكن كذابا يتعمد ذلك وإن لم أره في الضعفاء. 1346/ 3133 - "بَرِئت الذمَّةُ ممن أَقامَ معَ المشْركينَ في ديَارِهمْ" (طب) عن جرير قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يوجد مخرجا لأحد من الستة لكن رأيته في الفردوس رمز للترمذى وأبي داود فلينظر. قلت: نعم رواه أبو داود [3/ 46، رقم 2645] والترمذى [4/ 155، رقم 1604] ولكن بلفظ: "أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا: يا رسول اللَّه ولم؟ قال: لا تراءى ناراهما" اهـ. فموضع رواية أبي داود والترمذى حرف الهمزة، لكن المصنف لم يذكره في الصغير وإن ذكره في الكبير.

1347/ 3137 - "بِرُّ الوَالِدينِ يَزيدُ في العُمُرِ، والكَذِبُ يُنقصُ الرِزقَ، والدعاءُ يَردُّ القضَاءَ، وللَّه عزَّ وجلَّ في خلْقِهِ قَضَاءان، قضاءٌ نافذٌ وقضاءٌ مُحَدث، وللأنْبيَاءِ على العُلَماءِ فَضْلُ دَرَجتينِ، وللعُلمَاءِ على الشُّهَداءِ فَضْلُ دَرَجةٍ". أبو الشيخ في التوبيخ، (عد) عن أبي هريرة قال الشارح: ضعفه المنذرى. قلت: وذلك لأنه من رواية عثمان بن عبد الرحمن القرشى الزهرى وهو متروك، رواه سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، ومن طريقه أخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس [2/ 10، رقم 1922]، وأورده الذهبى في ترجمته من الميزان. 1348/ 3138 - " بِرُّوا آبَاءكُم تَبركُم أبْنَاؤكُم، وعِفُّوا تَعفُّ نِسَاؤكم". (طس) عن ابن عمر قال في الكبير: قال المنذرى: إسناده حسن، وقال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبرانى أحمد، غير منسوب، والظاهر أنه من المكثرين من شيوخه فلذلك لم ينسبه اهـ. وبالغ ابن الجوزى فجعله موضوعا. قلت: هذا صريح في أن ابن الجوزى أورد في الموضوعات حديث ابن عمر الذي حسنه المنذرى، وليس كذلك، إنما أورد حديث ابن عباس مختصرا [6/ 106]: "عفوا تعف نساؤكم" وحديث جابر الآتى بعده مطولا، أما حديث ابن عمر فذا فلم يتعرض له أصلًا، وهما في عرف أهل الحديث حديثان متباينان.

1349/ 3139 - "بِرُّوا آباءكُم تبركم أبْنَاؤكم، وعفُّوا عن النِّساءِ تَعفُّ نِسَاؤكُم، ومنْ تَنَصَّل إليه فلم يَقْبل فلَن يَرِدَ على الحَوْضِ". (طب. ك) عن جابر قال في الكبير: قال ابن الجوزى: موضوع، على بن قتيبة يروى عن الثقات البواطيل اهـ. وتعقبه المؤلف بأن له شاهدًا. قلت: عادة الشارح أن يبخس المصنف فضله فإذا تعقب ابن الجوزى وقصر في ذلك طبل به الشارح وزمر، وإذا أجاد في التعقب سكت عنه أو أشار إليه إجمالا أو شوهه وحذف منه كما هنا، فإن المؤلف تعقبه بشواهد متعددة لا بشاهد واحد، وبوجود المتابعة لبعض من أعله به ابن الجوزى، فإنه أورده من عند الخطيب [6/ 311] ثم من رواية محمد بن يونس الكديمى عن على ابن قتيبة الرفاعى عن مالك بن أنس عن أبي الزبير عن جابر، ثم قال: الكديمى كذاب، وعلى بن قتيبة يروى عن الثقات البواطيل (¬1)، فتعقبه المؤلف بأن الكديمى لا مدخل له في الحديث، لأن الطبرانى (¬2) والخطيب في كتاب الرواة عن مالك روياه من طريق أحمد بن داود المكى عن على بن قتيبة وأخرجه الحاكم [4/ 154، رقم 879] من طريق إبراهيم بن الحسين بن ديزيل عنه أيضًا، فهذان متابعان للكديمى. وقد ذكر الخطيب في تاريخه أنه محفوظ عن على بن قتيبة رواه عنهم غير واحد. قلت: وكذا قال أبو القاسم الحزمى في فوائده، وأخرجه ابن عمشليق في جزئه من طريق إبراهيم بن الحسين أيضًا، قال المؤلف: وله مع هذا شواهد من ¬

_ (¬1) "قوله: الكديمى كذاب. إلخ، هو من كلام ابن الجوزى في الموضوعات (3/ 85، 86) نقلا عن العقيلى وليس من كلام الخطيب. (¬2) رواه في المعجم الأوسط (1/ 299، رقم 1002) عن ابن عمر.

حديث ابن عمر وعائشة وأبي هريرة وأنس ثم أورد جميعها، فحذف الشارح كل هذا واقتصر على أنه ذكر له شاهدًا. 1350/ 3144 - "بَشِّرِ المشَّائِينَ في الظُّلَم إلى المَسَاجدِ بالنُّورِ التَامِّ يوْمَ القِيَامَةِ". (د. ت) عن بريدة (هـ. ك) عن أنس، وعن سهل بن سعد قال في الكبير: قال ابن الجوزى: حديث لا يثبت، وعده المصنف في الأحاديث المتواترة. قلت: هذان نقلان متقاربان، كان الشارح يقصد منهما التنكيت على المصنف، إذ بون كبير بين قول ابن الجوزى: "لا يثبت" وعد المصنف إياه متواترا، والمصنف أصل في المتواتر أصلا تبع فيه بعض أئمة الفقه والأصول وهو ما رواه عشرة، وعليه بنى كتابه في المتواتر. وقد أورد هذا الحديث فيه من رواية خمسة عشر نفسا، فقال: أخرجه أبو داود [1/ 151، رقم 561] والترمذى [1/ 453، رقم 223] عن بريدة، وابن ماجه [1/ 257، رقم 781] والحاكم [1/ 212، رقم 1021، 1022] عن أنس وسهل بن سعد، والطبرانى عن زيد، بن حارثة [5/ 86، رقم 4662، وابن عباس [10/ 351، رقم 10689] وابن عمر [12/ 358، رقم 13335] وأبي أمامة [8/ 353، رقم 8125، 8/ 168، رقم 7633] وأبي الدرداء وأبى هريرة (¬1) وعائشة (¬2)، والبزار (¬3) عن أبي موسى الأشعرى والطيالسى في مسنده [294، رقم 2212] عن أبي سعيد الخدرى. ¬

_ (¬1) انظر المعجم الأوسط (1/ 257، رقم 843). (¬2) انظر المعجم الأوسط (2/ 68، رقم 1275). (¬3) انظر كشف الأستار (1/ 217، رقم 432).

وابن شاهين في ترغيبه [1/ 142، رقم 91] عن حارثة بن وهب. وأبو موسى المدينى عن مطعم الحرانى مرسلًا، وسعيد بن منصور عن عطاء ابن يسار مرسلًا اهـ. قلت: وورد أيضًا عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه، وقد ذكرت أسانيدهم في مستخرجى على مسند الشهاب وللَّه الحمد. 1351/ 3145 - "بُطحانُ على بِرْكَةٍ منْ بَركِ الجنَّةِ". البزار عن عائشة قال الشارح: فيه راو مجهول. قلت: اللائق التعبير براو لم يسم، كما فعل الحافظ الهيثمى، ونقله الشارح في الكبير، فإن المجهول هو من عرف اسمه ولم يعرف عينه وحاله، والمذكور في السند مبهم لم يسم أصلًا، فقد أخرجه أيضًا الديلمى [2/ 37، رقم 1995] من طريق حمير بن خزيمة: ثنا هشام بن عمار ثنا حاتم بن إسماعيل ثنا الجعد بن عبد الرحمن أخبرنى رجل من آل المعلى عن عروة عن عائشة به. 1352/ 3151 - " بُعِثْتُ بِمُدَاوَاةِ النَّاسِ". (هب) عن جابر قال في الكبير: فيه عبيد اللَّه بن لؤلؤ عن عمر بن واصل، قال في لسان الميزان: يروى عنه الموضوع، وعمر بن واصل اتهمه الخطيب بالوضع، وفيه أيضًا مالك بن دينار الزاهد، أورده الذهبى في الضعفاء ووثقه بعضهم. قلت: ذكر مالك بن دينار فضول من الشارح، بل جهل بحال الرجل وبمن يضعف به الحديث، فالرجل ثقة والذهبى نفسه وثقه ولكن ذكره لكلمة قالها الأزدى، كما هو شرطه في الميزان في إيراد كل من تكلم فيه بحق أو بباطل،

وصيغة كلام الشارح تقتضى أنه ضعيف وإنما وثقه بعضهم، والواقع أنه ثقة وإنما تكلم فيه الأزدى وحده بكلام ضعيف. قال الذهبى في الميزان [3/ 426، رقم 716]: مالك بن دينار من علماء البصرة وزهادها المشهورين، وكان ينسخ المصاحف صدوق، وثقه النسائى وغيره، وقال بعضهم: صالح الحديث، وقال الأزدى: يعرف وينكر، وقال ابن المدينى: له نحو من أربعين حديثا. قلت: استشهد به البخارى، واحتج به النسائى، وذكره ابن حبان في الثقات يكنى أبا يحيى يروى عن أنس بن مالك، وفي وفاته أقوال أحدها سنة ثلاثين ومائة اهـ. كلام الذهبى فهو كله توثيق إلا كلام الأزدى، والأزدى لا يعتبر بجرحه بل هو نفسه مجروح. والحديث أخرجه أيضًا أبو سعد المالينى في مسند الصوفية، قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عمر بن مسرور أنبأنا عبيد اللَّه بن لؤلؤ الصوفى أخبرنى عمر بن واصل قال: سمعت سهل بن عبد اللَّه يقول: أخبرنى محمد بن سوار أخبرنى مالك بن دينار ومعروف بن على عن الحسن عن محارب بن دثار عن جابر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما نزلت سورة براءة: بعثت بمداراة الناس". فلو كان مالك بن دينار ضعيفا لما جاز تعليل الحديث به، لأنه توبع في نفس السند بمعروف بن على، فكيف وهو ثقة. أما عبيد اللَّه بن جعفر فذكره الحافظ في اللسان وقال: روى عن عمر بن واصل حديثا موضوعا ساقه الخطيب في ترجمته، فذكر حديثا طويلًا ظاهر البطلان، قال الخطيب: هذا الحديث موضوع من عمل القصاص وضعه عمر ابن واصل أو وضع عليه اهـ، وهو من الخطيب رجم بالظن في جزمه

بوضع عمر بن واصل له أولا، بل الظاهر انه سمعه من كذاب فحدث به أو أدخل عليه واللَّه أعلم. 1353/ 3153 - "بُعثْتُ دَاعيا ومُبلِّغا، وليس إليَّ من الهُدى شئٌ، وخُلقَ إِبْليسُ مُزيِّنا، ولَيْس إِليه من الضَّلَالةِ شئٌ". (عق. عد) عن عمر قلت: هذا الحديث رواه العقيلى [2/ 9، رقم 410] عن محمد ابن زكريا البلخى: ثنا عيسى بن أحمد أبو يحيى -يعرف بالعسقلانى- ثنا إسحاق بن الفرات المصرى ثنا خالد بن عبد الرحمن أبو الهيثم عن سماك بن حرب عن طارق ابن شهاب عن عمر به. وأورده ابن الجوزى في الموضوعات [1/ 272] من طريق العقيلى، ثم نقل عنه أنه قال: خالد ليس بمعروف بالنقل وحديثه غير محفوظ ولا يعرف له أصل، وتعقبه المؤلف بأن ابن عدى أخرجه وقال: في قلبى من هذا الحديث شيء، ولا أدرى سمع خالد من سماك أم لا، ولا أشك أن خالدًا هذا هو الخراسانى، فكأن الحديث مرسلًا عنه عن سماك، قال المؤلف: وخالد الخراسانى روى له أبو داود والنسائى ووثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وحينئذ فليس في الحديث إلا الإرسال اهـ. قلت: هو كذلك لو كان خالد بن عبد الرحمن هو الخراسانى كما قال ابن عدى، ولكن وقع اختلاف فيه هل هو الخراسانى أو غيره، فبعضهم جزم بأنه الخراسانى ومنهم ابن حبان فقال في الضعفاء [1/ 277]: خالد بن عبد الرحمن العبدى أبو الهيثم الخراسانى يروى عن سماك بن حرب ومالك بن مغول، روى عنه إسحاق بن الفرات، كان ممن يخطئ حتى خرج عن حد العدالة لكثرته لا يعجبنى الاحتجاج به إذا انفرد، ومن زعم أن هذا خالد بن

القاسم فقد وهم، وهو الذي روى عن سماك عن طارق عن عمر فذكر هذا الحديث ثم قال: أخبرناه محمد بن عثمان بن سعيد وعدة قالوا: حدثنا عيسى بن أحمد ثنا إسحاق بن الفرات عن خالد بن عبد الرحمن اهـ. ورواء جماعة فاقتصروا في وصفه على العبدى، قال الدولابى في الكنى [2/ 157]: أخبرنى أحمد بن شعيب قال: أنبأنا عيسى بن أحمد البلخى ثنا إسحاق بن الفرات المصرى ثنا خالد بن عبد الرحمن العبدى به. وقال اليونارتى في جزء من موافقاته: أخبرنا محبب بن ميمون بن سهل أبو سهل الواسطى أنا أبو على منصور بن عبد اللَّه بن خالد الذهلى الخالدى أخبرنى أبو الفضل محمد بن حاتم بن الهيثم الصغدى وأبو بكر عيسى بن محمد بن عيسى البلخى قالا: حدثنا عيسى ابن أحمد بن وردان العسقلانى ثنا إسحاق بن الفرات المصرى ثنا أبو الهيثم خالد بن عبد الرحمن العبدى به، ثم قال: لا يروى إلا بهذا الإسناد، تفرد به عيسى بن أحمد العسقلانى، رواه عنه جماعة من الأعلام. وقال الديلمى [2/ 12، رقم 1916]: أخبرنا الحسن بن أحمد السمرقندى كتابة أنا إسماعيل بن عبد الرحمن الصابونى أنا أبو عمرو الفراتى أنا الهيثم ابن كليب ثنا عيسى بن أحمد العسقلانى ثنا إسحاق بن الفرات عن خالد بن عبد الرحمن العبدى به. فاقتصر هؤلاء على وصفه بالعبدى، وقد مشى على هذا جماعة ففرقوا بين العبدى والخراسانى، فذكر الذهبى في الميزان [1/ 633، رقم 2440] خالد ابن عبد الرحمن الخراسانى أبو الهيثم وقال: نزل الشام ومصر وحدث عن

عمر بن ذر ومالك بن مغول وسفيان، وعنه بحر بن نصر والربيع المرادى وجماعة، وثقه ابن معين وقال أبو حاتم: لا بأس به، وقال العقيلى: في حفظه شيء ثم ذكر له حديثا معللًا روى على وجوه، لعل الخطأ من غيره، وقال ابن عدى: ليس بذاك، ثم ترجم بعده لخالد بن عبد الرحمن أبي الهيثم العطار العبدى الكوفى، وقال: روى عن سماك وعنه إسحاق بن الفرات، قال الدارقطنى: لا أعلمه روى غير هذا الحديث الباطل يعنى ما رواه عيسى ابن أحمد بن أحمد العسقلانى ثم ذكر هذا الحديث. ثم أسنده الذهبى [1/ 634، رقم 2441] من طريق الكنجروذى: ثنا أحمد بن محمد البالوى ثنا أبو العباس الثقفى ثنا عيسى بن أحمد به. وهكذا فرق بينهما صاحب التهذيب، فذكر أولا الخراسانى ثم بعد ترجمةٍ ذكر العبدى وقال: قال الحاكم أبو عبد اللَّه في الضعفاء وتبعه النقاش: أبو الهيثم الخراسانى ويقال العبدى روى عن سماك بن حرب ومالك بن مغول أحاديث موضوعة حدث بها عنه عيسى بن أحمد العسقلانى وغيرهم. قال الحافظ: وقد وهم الحاكم في جمعه بين العبدى والخراسانى، فقد قال ابن يونس: إن العبدى قديم وصدق، هو أقدم من الخراسانى. وقال الدارقطنى في العبدى: لا أعلم روى غير هذا الحديث الباطل، ثم ذكر حديث الباب ثم قال: وجمع ابن عدى بين الخراسانى والعبدى فنقل عن يحيى بن معين أنه قال: ثقة، وقال أيضًا [3/ 36، 37]: حدثنا ابن صاعد ثنا بحر بن نصر وابن عبد الحكم قالا: حدثنا خالد بن عبد الرحمن أبو الهيثم الخراسانى وكان ثقة ثم أورد له عن مالك والمسعودى والثورى ومالك بن مغول ومسعر وكامل أبي العلاء وأبي شيبة الواسطى عدة أحاديث مناكير. ثم أورد من طريق عيسى بن أحمد العسقلانى عن إسحاق بن الفرات [3/ 39]:

ثنا خالد بن عبد الرحمن العبدى أبو الهيثم عن سماك الحديث الذي ذكره الدارقطنى، وقال: لا أدرى سمع خالد سماك بن حرب أم لا، ثم قال: ولا أشك أنه الخراسانى وروايته عن سماك مرسلة كذا قال اهـ كلام الحافظ. وأقول: قد اتفق ابن حبان وابن عدى والحاكم والنقاش على أنهما واحد، وليس هناك ما يدل على التفرقة إلا وجود أحاديث صالحة ووجود أحاديث منكرة توهم من قال بالتفرقة أن العبدى هو صاحبها لا الخراسانى، وقد أورد ابن عدى للخراسانى أحاديث منكرة كما حكاه الحافظ نفسه فالظاهر أنهما واحد واللَّه أعلم. 1354/ 3154 - "بُعثْتُ مَرحَمةً ومَلحَمةً، ولم أُبعَثْ تَاجِرا ولا زَرَّاعا، ألا وإنَّ شِرارَ الأمَّةِ التجارُ والزارعونَ إلا مَنْ شَحَّ على دِينه" (حل) عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه ابن عدى أيضًا من طريق آخر حكاه عنه ابن الجوزى ثم حكم بوضعه فتعقبه المؤلف بوروده من طريق أخرى هي طريق أبي نعيم وبأن الدارقطنى خرجه في الأفراد من طريق ثالث فينجبر. قلت: طريق الدارقطنى ليس هو ثالثا، إنما وقع فيه متابعة لبعض رجال الطريق الذي خرجه منه ابن عدى، قال ابن عدى [3/ 312]: حدثنا عمر بن محمد بن شعيب ثنا محمد بن عيسى بن حيان المدائنى ثنا سلام سليمان ثنا حمزة الزيات عن الأجلح بن عبد اللَّه الكندى عن الضحاك عن ابن عباس. ومن هذا الطريق خرجه البندهى في شرح المقامات من رواية أبي سهل أحمد ابن محمد بن عبد اللَّه بن زياد القطان: ثنا محمد بن عيسى بن حيان المدائنى به، فأورده ابن الجوزى في الموضوعات

من طريق ابن عدى ثم قال: سلام متروك والأجلح كان لا يدرى ما يقول، ومحمد بن عيسى ضعيف، فتعقبه المؤلف بأن الدارقطنى رواه في الأفراد: ثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل الآدمى ثنا الحسين بن نصر الحوشى ثنا سلام بن سليمان الثقفى به، قال: فهذه متابعة لمحمد بن عيسى. ثم قال: وقال أبو نعيم في الحلية [4/ 72]: ثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا أبو صالح الوراق ثنا عمر بن سعيد الحمال ثنا الحسين بن حفص عن سفيان عن أبي موسى السمالى عن وهب بن منبه عن ابن عباس به اهـ. فهذان طريقان فقط طريق أبي نعيم وطريق ابن عدى فإنه متحد هو وطريق الدارقطنى في الأفراد إلا في محمد بن عيسى، نعم له طريق ثالث لم يذكره المؤلف إلا أنه معضل أو مرسل، أخرجه ابن قتيبة في عيون الأخبار قال: حدثنى محمد بن عبيد عن معاوية بن عمرو عن ابن إسحاق عمن حدثه يرفعه فذكر مثله إلا أنه قال: "بعثت مرغمة ومرحمة" والباقى مثله. 1355/ 3156 - "بُكاءُ المؤُمنِ من قَلْبِه، وبُكَاءُ المنَافِقِ منْ هَامَتِهِ" (عق. طب. حل) عن حذيفة قال في الكبير: وفيه إسماعل بن عمرو البجلى، قال العقيلى والأزدى: منكر الحديث ثم ساق له العقيلى هذا، قاله في لسان الميزان: ويشبه أن يكون موضوعا اهـ. فما أوهمه صنيع المصنف من أن مخرجه العقيلى خرجه ساكتا عليه غير صواب. قلت: العقيلى لم يتعقب الحديث والشارح لم ينقل عنه ذلك، والمصنف لم يوهم صنيعه ذلك بل أشار إلى ضعفه. والحديث خرجه أبو نعيم في الحلية [4/ 111] عن الطبرانى:

ثنا الفضل بن أحمد الأصبهانى ثنا إسماعيل بن عمرو البجلى ثنا عبد السلام ابن حرب عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة به. ورواه في تاريخ أصبهان [1/ 220]: ثنا أحمد بن إسحاق ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا إسماعيل بن عمرو به وهو موضوع جزما. فقد خرجه أبو نعيم في الحلية عن ثور بن يزيد [1/ 95] قال: قرأت في بعض الكتب "بكاء المؤمن في قلبه وبكاء المنافق في عينه". وروى في الحلية أيضًا عن جعفر قال: سمعت عبادا يسأل شميطا هل يبكى المنافق؟ فقال: يبكى من رأسه فأما قلبه فلا. اهـ. فكأن إسماعيل أو غيره ركب له إسنادا ورفعه واللَّه أعلم. 1356/ 3158 - " بَكِّروا بالصَّلاةِ في يومِ الغَيْمِ، فَإِنَّهُ منْ تَركَ صَلاةَ العصرِ حبطَ عَمَلهُ". (حم. هـ. حب) عن بريدة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن ذا ليس في الصحيحين ولا أحدهما وهو ذهول عجيب مع كونه كما قال الديلمى وغيره: في البخارى عن بريدة باللفظ المزبور. قلت: هو ذهل عجيب ولكن من الشارح فإن البخارى لم يخرجه بزيادة: "بكروا بالصلاة في يوم الغيم" بل اقتصر [1/ 145، رقم 553] على قوق: "من ترك صلاة العصر حبط عمله"، فقوله باللفظ المزبور من تهوره المشهور؛ وقد ذكره المصنف في حرف "الميم" وعزاه لأحمد والبخارى والنسائى، فكون الشارح لم يعرف ذلك هو الذهول العجيب الغريب. 1357/ 3159 - "بَلِّغوا عَنِّى ولو آية، وحَدِّثوا عنْ بنى إِسْرائيِل ولا حَرج، ومن كَذبَ عليَّ مُتعمِدًا فلْيَتَبوأ مَقْعَده من النَّار". (حم. خ. ت) عن ابن عمرو

وزاد الشارح ابن الخطاب. قلت: هذا غلط بل هو من رواية عبد اللَّه بن عمرو بن العاص. 1358/ 3160 - "بِلُّوا أرْحَامكُم ولو بالسَّلامِ". البزار عن ابن عباس (طب) عن أبي الطفيل (هب) عن أنس وسويد بن عمرو قلت: حديث سويد مرسل على الصحيح، وإن صرح بعضهم بأنه صحابى فقد أخرجه القضاعى [1/ 379، رقم 654] من طريق يحيى بن صالح الوحاظى عن خالد بن عبد اللَّه الواسطى عن مجمع بن يحيى بن يزيد بن جارية عن سويد بن عامر -وهو أنصارى صحابى- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وذكره. ورواه أيضًا [1/ 379، رقم 653] من طريق هلال بن العلاء: ثنا أبي ثنا عيسى بن يونس عن مجمع بن يحيى بن مجمع بن جارية الأنصارى قال: حدثنى رجل من الأنصار أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "بلوا" وذكره ورواه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 51، رقم 207]: ثنا بشر بن معاذ ثنا عمر بن على ثنا مجمع بن يحيى بن زيد قال: سمعت أحد عمومتى سويد بن عامر الأنصارى قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلوا أرحامكم ولو بالسلام" هكذا ذكره بالصاد (¬1). ورواه أبو القاسم البغوى: ثنا عبيد اللَّه بن محمد العبسى ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا مجمع بن يحيى عن سويد بن عامر به. ورواه ابن منده من طريق يزيد بن هارون عن مجمع بن يحيى ثنا سويد بن عامر عن يزيد بن جارية به. ¬

_ (¬1) بل ذكره باللفظ الأول.

وسبق قريبا في حديث: "برئ من الشح" أن مجمعا رواه واضطرب أيضًا في إسناده مما يدل على عدم ضبطه وثقته. 1359/ 3163 - "بُوركَ لأُمَّتِى في بُكُورِها". (طس) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال ابن حجر حديث ضعيف أخرجه الطبرانى من حديث نبيط "بنون" و"موحدة" مصغرا عبد الغنى في الإيضاح عن ابن عمر. قال في الكبير أيضًا: قال الديلمى وفي الباب عن جابر. قلت: في هذا أمران: أحدهما: قوله قال ابن حجر: حديث ضعيف أخرجه. . إلخ. كلام لا معنى له عقب حديث أبي هريرة فإنه وحديث نبيط الصحابى منفردان ثم هو ضعيف بالنسبة لحديث نبيط، فلا يصح أن يكون الحافظ قد أطلق ذلك الإطلاق واقتصر في عزوه على حديث نبيط، فهو تحريف من الشارح واختزال جزما. ثانيهما: قوله: وقال الديلمى: "وفي الباب عن جابر" هو كلام فيه إيهام فإن في الباب عن نحو عشرين صحابيا ولذلك عده المصنف من المتواتر، وقد سبق في حرف "الألف" في "اللهم" من حديث صخر الغامدى وابن عمر وابن عباس وابن مسعود وعبد اللَّه بن سلام وعمران بن حصين وكعب بن مالك والنواس بن سمعان وأبي هريرة. وفي الباب أيضًا عن أبي بكر وعلى بن أبي طالب وأنس بن مالك وأبي أمامة وعبد اللَّه بن عمرو [بن] العاص وعائشة وسهل بن سعد وأبي رافع وبريدة بن الحصيب وعمارة بن وسمة وواثلة بن الأسقع وأبي ذر والعُرس بن عَميرة وغيرهم.

1360/ 3165 - "بَيْتٌ لا تَمرَ فِيهِ جِيَاعٌ أهلهُ". (حم. م. د. ت. هـ) عن عائشة قال في الكبير: ذكر الترمذى في العلل عن البخارى أنه قال: لا أعرفه إلا من حديث يحيى بن حسان عن سليمان بن بلال. قلت: هذا النقل هنا فضول لا معنى له ولا فائدة لو كان صحيحا فكيف وهو باطل فإن مسلما خرجه من طريقين من رواية يحيى بن حسان [3/ 1618، رقم 2046/ 152]: ثنا سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. و [3/ 1618، رقم 153] من طريق يعقوب بن محمد بن طحلاء عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عن عائشة، ومن هذا الطريق رواه أحمد [6/ 188]، وأبو نعيم في التاريخ [1/ 92، 2/ 116] وغيرهم، فلعل البخارى قال: لا أعرفه من حديث هشام بن عروة إلا من رواية يحيى ابن حسان، ومع ذلك فإن أبا داود [3/ 361، رقم 3831] وابن ماجه [2/ 1104، رقم 3327] روياه من طريق مروان بن محمد عن سليمان بن بلال فلينظر في نص البخارى كيف هو. 1361/ 3166 - "بَيْتٌ لا صِبْيَان فيه لا بَرَكَةَ فيِهِ". أبو الشيخ عن ابن عباس قال في الكبير: ظاهره أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أبو الشيخ: "وبيت لا خل فيه قفار أهله، وبيت لا تمر فيه جياع أهله"، ثم قال: وفيه عبد اللَّه بن هارون الفروى، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: له مناكير واتهمه بعضهم -أى بالوضع- وقدامة بن محمد المدنى جرحه ابن حبان.

قلت: ليس في الحديث: "وبيت لا تمر فيه جياع أهله" بل هو من كيس الشارح، قال أبو الشيخ [3/ 78، رقم 379]: ثنا زكريا الساجى ثنا عبد اللَّه بن هارون القزوينى ثنا قدامة بن محمد بن خشرم عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن الزهرى عن عبيد اللَّه عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بيت لا صبيان فيه لا بركة فيه، وبيت لا خل فيه قفار أهله" اهـ. وقوله أورده الذهبى في الضعفاء وقال: اتهم -أى بالوضع- لم يقل الذهبى اتهم بل قال: روى عن القعنبى وغيره مناكير، ولم يترك ذكره ابن عدى وطعن فيه ثم ذكر أنه أسند عنه حديثين وقال: هذان باطلان بهذا الإسناد اهـ. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ ويخالف. 1362/ 3169 - "بينَ كلِّ أذانيْنِ صلاة إلا المغربَ". البزار عن بريدة قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: بل هو بهذه الزيادة باطل موضوع كما قال ابن الجوزى، فإن الأحاديث الصحيحة معارضة له والاستثناء إنما افتراه صاحبه لتمشيته مذهبه وتعصبه لإمامه كما هو حال أكثر الأحاديث الباطلة في الأحكام. 1363/ 3175 - "بَيْنَ يَدَى الساعةِ فِتنٌ كَقِطَعِ اللَّيلِ المظلمِ". (ك) عن أنس قال في الكبير: وفي الباب النعمان بن بشير. قلت: بل في الباب جماعة منهم أبو سعيد عند ابن فيل في جزئه، وأبو هريرة وأبو أمامة وأبو موسى عند الفريابى في النفاق وآخرون.

1364/ 3178 - "بين العَالمِ العَابدِ سبْعُونَ درَجَة". (فر) عن أبي هريرة قلت: أسنده الديلمى من طريق أبي نعيم معلقا وهو عند أبي نعيم كذلك في التاريخ [2/ 117، رقم 1259] في ترجمة غياث بن إبراهيم التميمى، فقال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن عامر ثنا أبي ثنا أبي ثنا غياث بن إبراهيم عن عبد اللَّه بن محرز عن الزهرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. ورواه ابن شاهين في الترغيب [2/ 227، رقم 208] فقال: حدثنا عبد اللَّه بن سليمان بن الأشعث ثنا موسى بن عبد الرحمن القلا ثنا مبشر بن إسماعيل عن عبد اللَّه بن محرز به، وزاد: "بين كل درجتين مسيرة مائة سنة حضر الفرس السريع". 1365/ 3179 - "بِئْس العَبدُ عَبدٌ تَخَيَّل واختَالَ ونَسَى الكَبيرَ المتَعال، بِئْس العَبدُ عَبدٌ تَجبَّر واعْتدَى ونَسَى الجبَّارَ الأعلَى، بِئْس العَبدُ عَبدٌ سهَا ولهَا ونَسَى المقَابِرَ والبلَى، بِئْس العَبدُ عَبدٌ عَتَا وطَغَى ونَسَى المبتَدى والمنْتهى، بِئْس العَبدُ عَبد يَخْتلُ الدُنيَا بالديِنِ، بِئْس العَبدُ عَبد يَخْتلُ الدينَ بالشبهاتِ، بِئْس العَبدُ عَبد طَمَع يقودهُ، بِئْس العَبدُ عَبد هوًى يُضلهُ، بِئْس العَبدُ عَبد رَغَب يُزِلُّهُ". (ت. ك) عن أسماء بنت عميس (طب. هب) عن نعيم بن حمار

قلت: حديث أسماء وقع للشارح في صغيره عزوه إلى ابن ماجه والحاكم، ورمز ابن ماجه تحريف وإنما هو الترمذى. والحديث أخرجاه هما والحكيم الترمذى في "نوادر الأصول" [1/ 178] والخرائطى في "اعتلال القلوب"، والخطيب في "الكفاية" كلهم من طريق هاشم بن سعيد الكوفى عن زيد بن عطية الخثعمى عن أسماء بنت عميس به وقال الحاكم: هذا حديث ليس في إسناده أحد منسوب إلى نوع من الجرح وإذا كان هكذا فإنه صحيح، وتعقبه الذهبى بأن سنده مظلم ولم يعلله، وذلك لأن هاشم بن سعيد ضعفه أبو حاتم، وقال ابن معين: ليس بشيء وقال ابن عدى: مقدار ما يرويه لا يتابع عليه اهـ لكن هذا توبع عليه، وورد له شاهد من حديث نعيم بن همار، وقد ذكر ابن حبان هاشما المذكور في الثقات وإن لم يذكر الذهبى ذلك في الميزان، بل قال في ترجمته: ومن مناكيره ما ساق له الترمذى فذكر هذا الخبر ثم قال: هذا غريب جدا، وزيد ابن عطية لا يعرف إلا في هذا الحديث اهـ. وحديث نعيم أخرجه أيضًا الخطيب وأسنده الذهبى في "التذكرة" من طريقه ثم من رواية محمد بن غالب الأنطاكى: ثنا يحيى بن زياد الرقى عن طلحة بن زيد عن ثور بن يزيد بن شريح عن نعيم بن همار به. ثم قال: غريب جدا وطلحة ضعيف ويزيد لم يدرك نعيما اهـ. وهكذا قال أبو حاتم في العلل مع أنه وقع في طريقه عن يزيد بن جريح، قال: سمعت نعيم بن همار القطفانى، كذا أسنده ولده وذكر أنه سأل أباه عنه فقال: هذا حديث منكر وطلحة ضعيف ويزيد لم يدرك نعيم بن همار.

1366/ 3181 - "بِئْسَ البَيْتُ الحَمَّام، تُرفَعُ فيه الأصْوَاتُ وتُكْشَفُ فيه العَوْراتُ". (عد) عن ابن عباس قال في الكبير: وفيه صالح بن أحمد القيراطى البزار، قال في الميزان: قال الدارقطنى: متروك كذاب دجال أدركناه ولم نكتب عنه، وقال ابن عدى: يسرق الحديث ثم ساق هذا الخبر، فما أوهمه اقتصار المصنف من أن ابن عدى خرجه وأقره غير صواب. قلت: بل تجاهل الشارح وتغافله غير صواب، فإن [ابن] عدى كتابه في الضعفاء، فمطلق العزو إليه معلن بأن الحديث ضعيف كما نعى عليه المؤلف، فكيف وهو رمز له بالضعف، فكيف وكتابه لم يوضع لنقل كلام الناس على الأحاديث، ثم إن الذهبى ذكر في ترجمة صالح المذكور [2/ 287، رقم 3767] أن أبا محمد الحارثى قال في مسند أبي حنيفة: كتب إلى صالح: ثنا الخضر بن أبان الهاشمى ثنا مصعب بن المقدام ثنا زفر ثنا أبو حنيفة عن عطاء عن عائشة قالت: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: بئس البيت الحمام، بيت لا يستر، وماء لا يطهر"، ثم قال: فهذا من اختلاق صالح اهـ. فأخشى أن يكون الشارح نقل صالحا المذكور من سند حديث عائشة الآتى بعد هذا إلى سند حديث ابن عباس بل هو الواقع إن شاء اللَّه. 1367/ 3182 - "بِئْس البَيْتُ الحَمَّام، بيتٌ لا يَسْتُر ومَاءٌ لا يَطْهُر" (هب) عن عائشة قال في الكبير: رواه (هب) من حديث يحيى بن أبي طالب عن أبي

جناب عن عطاء عن عائشة، ويحيى أورده الذهبى في "ذيل الضعفاء"، وقال: وثقه الدارقطنى، وقال موسى بن هارون: أشهد أنه يكذب، وأبو جناب: هو يحيى بن أبي حية أورده الذهبى وقال: ضعفه النسائى والدارقطنى اهـ. قلت: في هذا أمور، الأول: سبق في الذي قبله أن حديث عائشة هذا رواه صالح بن أحمد القيراطى من وجه آخر. الثانى: أن يحيى بن أبي طالب أورده الذهبى في "الضعفاء" لا في "ذيل الضعفاء". الثالث: أن موسى بن هارون قال: أشهد أنه يكذب عليَّ في كلامه، قال الذهبى: ولم يعن في الحديث. الرابع: أن الذهبى قال: وثقه الدارقطنى وغيره، ثم قال: والدارقطنى من أخبر الناس به -يعنى فتوثيقه مقدم على كلام غيره-. الخامس: أن الشارح ذكر هذا الحديث في أول كتابه "النزهة الزهية" وقال: إسناده حسن، فلا أدرى كيف ذلك مع ما هنا. 1368/ 3183 - "بِئْسَ الشِّعبُ جِيَادٌ تَخْرُجُ الدَّابَّةُ فتَصْرخُ ثلاث صرخَاتٍ فيَسمعُها مَنْ بيْن الخَافِقينِ". (طب) عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج، وابن حبان في الضعفاء [1/ 296] كلاهما قال: أخبرنا أبو يعلى ثنا يحيى بن معين ثنا هشام بن يوسف عن رباح بن عبيد اللَّه ابن عمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به.

وأخرجه الدينورى في "المجالسة" قال حدثنا أحمد بن محمد الوراق ثنا يحيى بن معين به. وأخرجه ابن النقور في "فوائده"، قال: أنا على بن عمر الحربى ثنا أحمد بن الحسن الصوفى ثنا يحيى بن معين به. وأسنده الذهبى في ترجمة هشام بن يوسف من تذكرة الحافظ [1/ 346، رقم 331]، ثم قال: هذا منكر تفرد به رباح بن عبيد اللَّه العمرى اهـ. قلت: ورباح قال فيه ابن حبان: كان قليل الحديث منكر الرواية على قلتها لا يجوز الاحتجاج بخبره عندى إلا بما وافق الثقات من الروايات، ثم أسند هذا الحديث عن أبي يعلى، ولعله عنده في "المعجم" أو "المسند". 1369/ 3184 - "بِئْسَ الطَّعَامُ طَعَامُ الْعُرسِ يطْعَمُهُ الأغْنِياءُ ويُمنَعُه المسَاكِينُ". (قط) في فوائد ابن مردك عن أبي هريرة قلت: الحديث له بقية، قال في فوائد ابن مردك: ثنا الحسين بن إسماعيل الضبى ثنا يعقوب الدورقى ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوى ثنا أيوب عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بئس الطعام طعام العرس يطعمه الأغنياء ويمنعه المساكين ومن لم يجب فقد عصى اللَّه ورسوله"، ثم قال: تفرد به الطفاوى اهـ. يعنى مرفوعًا بهذا السياق، فقد أخرجه مسلم في صحيحه [2/ 1054، رقم 1432/ 107] من طريق مالك وهو في موطئه عن الزهرى عن الأعرج عن أبي هريرة موقوفًا: "بئس الطعام" (¬1) الحديث. ¬

_ (¬1) رواه في الموطأ (ص 338، رقم 50) بلفظ: "شر الطعام طعام الوليمة. . .".

وكذلك رواه من طريق سفيان عن الزهرى [2/ 1055، رقم 1432/ 108] ومن طريق معمر عنه عن ابن المسيب والأعرج [2/ 1055، رقم 1432/ 109]، كلاهما عن أبي هريرة موقوفًا أيضًا. ثم رواه من طريق زياد بن سعد [2/ 1055، رقم 1432/ 110] عن ثابت الأعرج عن أبي هريرة مرفوعًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بلفظ: "شر الطعام" كما سيأتى للمصنف في حرف الشين. 1370/ 3187 - "بِئْسَ الكَسْبُ أجْرُ الزمَّارَة وثَمنُ الكَلبِ". أبو بكر بن مقسم في جزئه عن أبي هريرة قلت: قال أبو بكر بن مقسم في الجزء المذكور وهو ثالث حديث فيه: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن موسى البزاز ثنا أبو طالب هاشم بن الوليد الهروى ثنا ابن علية عن يونس عن ابن سيرين عن أبي هريرة به، ثم قال أبو بكر: "الزمارة الزانية" 1371/ 3194 - "البَخِيلُ مَن ذُكِرتُ عِندهُ فَلم يُصلِّ عَليَّ". (حم. ت) عن الحسين قال الشارح في الكبير: وقال: حسن غريب. قال في الكبير أيضًا: (ن. حب. ك) عن الحسين، وظاهر صنيع المصنف أن ذا لا يوجد مخرجا في أحد دواوين الإسلام وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف وهو ذهول عجيب، فقد عزاه هو نفسه في الدرر للترمذى من حديث الحسين، وقال ابن حجر: أخرجه باللفظ المذكور الترمذى والنسائى وابن حبان والحاكم وإسماعيل القاضى، وأطنب في تخريج طرقه وبيان الاختلاف فيه من حديث على ومن حديث ابنه الحسين، ولا يقصر عن درجة الحسن، فاقتصار المؤلف على عزوه لابن حبان والحاكم من حديث الحسين وحده قصور وتقصير.

قلت: انظر هنا وتعجب كيف يكتب [الشارح] بيده رمز المصنف للترمذى والنسائى ويزيد هو عقب رمز الترمذى: وقال حسن غريب ثم بعد نصف سطر يذهل وينسى ما كتب وينتقد على المصنف بأنه لم يعزه للترمذى والنسائى فهذا أقصى ما تتصور العقول في الذهول والتخليط. 1372/ 3196 - "البَذاذةُ مِن الإِيمَانِ". (حم. هـ. ك) عن أبي أمامة الحارثى قال في الكبير: صححه الحاكم وأقره الذهبى، وقال العراقى في أماليه: حديث حسن، وقال الديلمى: صحيح، ورواه عنه أبو داود في "الترجل" وصححه الحافظ، فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد ابن ماجه به غير جيد. قلت: هؤلاء رووه باللفظ المذكور هنا، وأما أبو داود فلفظه [4/ 74، رقم 4161]: "ألا تسمعون، ألا تسمعون، إن البذاذة من الإيمان". وقد رواه أيضًا أحمد في الزهد [1/ 41]، والبخارى في التاريخ الكبير في الكنى منه [9/ 3] والطحاوي في مشكل الآثار [4/ 191، رقم 1531] والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 125، رقم 157]. ونقل الحافظ المنذرى في تلخيص السنن عن ابن عبد البر أنه قال: اختلف في إسناد هذا الحديث اختلافا سقط معه الاحتجاج به ولا يصح من جهة الإسناد اهـ. قلت: وذلك ظاهر من أسانيده التي ذكرتها في المستخرج على مسند الشهاب. 1373/ 3198 - "البِرُّ ما سَكنَتْ إليه النَّفْسُ، واطْمَئنَ إليه القَلبُ، والإثْمُ ما لم تَسْكُن إليه النَّفْسُ ولم يطْمَئنَ إليه القَلبُ، وإن أفْتَاكَ المفْتُونَ". (حم) عن أبي ثعلبة قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [2/ 30] من طريق أحمد:

حدثنا زيد بن يحيى الدمشقى ثنا عبد اللَّه بن العلاء ثنا مسلم بن مشكم قال: "سمعت أبا ثعلبة الخشنى قال: قلت: يا رسول اللَّه أخبرنى ما يحل لى وما يحرم على، قال: فصعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وصوب فقال: البر" وذكره. ورواه الخطيب [8/ 445] من طريق أحمد أيضًا بهذا الإسناد. وفي الباب عن وابصة تقدمت أسانيده في حديث: "استفت نفسك" فارجع إليه ولابد. 1374/ 3199 - "البِرُّ لا يبْلى والذَّنبُ لا يُنْسى والديَّانُ لا يَمُوتُ، اعْمَل ما شِئتَ كمَا تَديِنُ تُدَانُ". (عب) عن أبي قلابة مرسلا قال الشارح: ووصله أحمد في الزهد بإثبات أبي الدرداء. وقال في الكبير: ورواه عن أبي قلابة أيضًا البيهقى في الزهد والأسماء، ووصله أحمد فرواه في الزهد له من هذا الوجه بإثبات أبي الدرداء من قوله، وهو منقطع مع وقفه، ورواه أبو نعيم والديلمى مسندا عن ابن عمر رفعه، وفيه محمد بن عبد الملك الأنصارى ضعيف، وحينئذ فاقتصار المصنف على رواية إرساله قصور أو تقصير. قلت: فيه أمور: الأول: قوله في الصغير ووصله أحمد في الزهد. . . إلخ صريح في أنه وصله مرفوعًا والواقع أنه موقوف كما صرح به في الكبير، وذلك من جهله بالصناعة وقلة أمانته. الثانى: أن ما ذكره في الكبير أخذه من المقاصد الحسنة للسخاوى بالحرف، ولم يعزه إليه وذاك من قلة أمانته أيضًا. الثالث: قوله وحينئذ فاقتصار المصنف. . إلخ، هو قصور من الشارح في العلم والفهم، فإن طريق المرسل جيدة وطريق الموصول عن ابن عامر ساقطة

واهية، على أن كثير من الأئمة والحفاظ ولا سيما المتقدمين عندهم المرسل مقدم على الموصول، ولذا تجد أكثر أحاديث كتب الأئمة كمالك والشافعى وأبي حنيفة والمصنفين من أصحابهم مراسيل ومعاضيل. الرابع: هب أن الموصول صحيح ثم لم يذكره واقتصر على المرسل فكان ماذا؟ وبعد، فالحديث خرجه عبد الرزاق في مصنفه [11/ 178، رقم 20262]: أنبأنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره. وأخرجه البيهقى في الزهد [ص 296، رقم 704] وفي الأسماء والصفات [1/ 197، رقم 132] قال في كل منهما: أخبرنا أبو الحسين بن بشران أنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا أحمد بن منصور ثنا عبد الرزاق به. وقال أحمد في الزهد [2/ 63]: حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال: قال أبو الدرداء. فذكره من قوله موقوفًا مع [أن] السند واحد، وهو في أصل الجامع لعبد الرزاق مرفوع، فإما أن يكون الحديث عنده على الوجهين أو أحد الروايتين غلط، وقد يكون الرفع أدرج غلطا في أصل الجامع، واللَّه أعلم. اما حديث ابن عمر، فقال الديلمى [2/ 49، رقم 2024]: أخبرنا عبدوس إذنا عن أبي القاسم عن محمد بن يحيى عن الحسن بن أبي على عن محمد بن عبيد اللَّه بن عبد الملك عن مكرم بن عبد الرحمن الجوزجانى عن محمد بن عبد الملك عن نافع عن ابن عمر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" مثله، إلا أنه قال: "فكن كما شئت" بدل قوله: "اعمل ما شئت"، ثم قال الديلمى:

وأخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم ثنا محمد بن محمد بن عبد الوهاب العكبرى حدثنا جدى ثنا محمد بن عبيد الهمدانى عن مكرم به. وأخرجه أبو الحسن بن المغير في جزئه من طريق أحمد بن نصر الدارع: ثنا على بن يحيى البزار ثنا محمد بن عبيد الهمدانى ثنا مكرم بن عبد الرحمن به، وشيخه محمد بن عبد الملك الأنصارى، قال أحمد: كان يضع الحديث ويكذب رأيته وكان أعمى. قلت: وقد تابعه أبو حنيفة عن نافع، لكن السند جله ضعفاء رواه أبو محمد البخارى عن صالح بن أبي رميح عن يحيى بن إبراهيم عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حميد بن عبد الرحمن الرواسى عن أبي حنيفة عن نافع عن ابن عمر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: البر لا يبلى والإثم لا ينسى". 1375/ 3202 - "البَرَكةُ في ثَلاثةٍ: في الجمَاعَةِ، والثريِد، والسُّحُورِ". (طب. هب) عن سلمان قال الشارح: وفيه البصرى لا يعرف وبقيته ثقات. قلت: قوله وفيه البصرى كلام ساقط لا فائدة في ذكره إلا تسويد الورق، والشارح اعتاد اختصار أسماء الرجال بهذا الطريق في شرحه الصغير، فيذكر مجرد نسبة الرجل أو كنيته أو يذكره بابن فلان، بحيث لا يمكن لأحد الاهتداء إلى اسمه ولا معرفة طريق للوقوف عليه في كتب الرجال، وهذا من سوء التصرف، فالبصرى المذكور مجهول لا يعرف، وزاده هو نكرة وجهالة. قال الطبرانى [6/ 251، رقم 6127]:

حدثنا يحيى بن أيوب العلاف ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا داود بن عبد الرحمن العطار حدثنى أبو عبد اللَّه البصرى عن سليمان التيمى عن أبي عثمان عن سلمان به. وعن الطبرانى رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 57]. 1376/ 3204 - "البَرَكةُ في المُسَامَحة". (د) في مراسيله عن محمد بن سعد قال الشارح: محمد بن سعد بن منيع الهاشمى مولاهم البصرى نزيل بغداد، كاتب الواقدى صدوق مات سنة ثلاثين ومائة عن اثنين وستين سنة. قلت: هذا منتهى الغفلة فمحمد بن سعد ليس تابعيا حتى يروى عنه أبو داود في المراسيل بل هو متأخر يروى عن مالك الذي هو من تبع التابعين بواسطة معن بن عيسى وكانت ولادته سنة ثمان وستين ومائة، ووفاته سنة ثلاثين ومائتين لا ومائة كما وهم فيه الشارح أيضًا، وإنما محمد بن سعد هو ابن أبي وقاص. 1377/ 3205 - "البَرَكةُ مَع أَكَابِركُمْ". (حب. حل. ك. هب) عن ابن عباس قال في الكبير: قال (ك): على شرط البخارى، وقال الديلمى: صحيح لكن قال الهيثمى: فيه نعيم بن حماد وثقه جمع وضعفه آخرون، وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ، وصححه في الاقتراح قال الزركشى: وفي صحته نظر وله علة ثم أطال في بيانها، وقال: لم يقف على هذه العلة تقى الدين فصححه قال: لكن له شواهد منها خبر الصحيح: "كبر كبر" قلت: نعيم بن حماد لم ينفرد يه، راجع مستخرجنا على مسند الشهاب فإنى ذكرت طرق هذا الحديث فيه.

1378/ 3210 - "البِضْعُ ما بينَ الثَّلاثِ إلى التِّسْعِ". (طب) وابن مردويه عن نيار بن مكرم قال في الكبير: له صحبة ورواية، قال الهيثمى: فيه إبراهيم بن عبد اللَّه بن خالد المصيصى وهو متروك. قلت: نيار مختلف في صحبته، وحديثه خرجه الترمذى والنسائى في الكبرى وابن خزيمة، وآخرون وصححه الترمذى، لكن وقع عنده موقوفًا في قصة أبي بكر رضي اللَّه عنه مع كفار قريش في قصة سورة الروم. ورواه الترمذى [5/ 342، 345، أرقام: 3191، 3193، 3194]، وأحمد [1/ 276، رقم 304] والطحاوى في مشكل الآثار من حديث ابن عباس، وفي بعض ألفاظه لفظ الباب مرفوعًا، وأطال الطحاوى في المشكل في طرقه (ص 124 من الرابع). وفي الباب عن جماعة من التابعين ذكر أحاديثهم ابن جرير وابن أبي حاتم، وساقها ابن كثير في التفسير. 1379/ 3212 - "البَطِّيخُ قَبلَ الطَّعامِ يَغسِلُ البَطْنَ غَسْلًا ويَذْهبُ بالدَّاءِ أَصلًا". ابن عساكر عن بعض عمات النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: شاذ لا يصح قال في الكبير: ورواه أيضًا الطبرانى وعنه ومن طريقه أخرجه ابن عساكر ثم قال: أخطأ فيه الطبرانى في موضوعين أحدهما: أنه أسقط الفضل بن صالح بينه وبين أبي اليمان. الثانى: أنه صحف اسم جده قال: بشير، وإنما هو بشر. قلت: الشارح أعجوبة دهره في الأوهام والأخطاء، كان واللَّه من حقه لو نصح نفسه أن لا يتعرض للكتابة في العلم، فإنه لا يكاد ينطق بحرف صحيح،

فالطبرانى ما خرج هذا الحديث أصلا وإنما الذي رواه أبو بكر الطرازى بكسر "الطاء" بعدها راء ثم زاى نسبة إلى من يطرز الثياب، فمن طريقه رواه ابن عساكر وعنه قال ما قال، ومن طريقه أيضًا أسنده الذهبى من طريق الكنجروذى: أنا أبو بكر الطرازى أنا أحمد بن يعقوب الأموى أبو بكر بابيورد ثنا الفضل بن صالح بن بشير ثنا أبو اليمان ثنا شعيب عن الزهرى أنه كان عند عبد الملك فلما فرغوا من الأكل قدموا البطيخ فقال: "يا أمير المؤمنين حدثنى أبو بكر بن عبد الرحمن عن أبيه عن بعض عمات النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره، قال: فأمر له بثمانية آلاف درهم. وأحمد بن يعقوب، قال الحاكم: كان يضع الحديث، قصدته، وكاشفته ونصحته، فرأيت من فصاحته وبراعته ما يمنع من الزيادة في المكشافة. قلت: وأبو بكر الطرازى واسمه محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان، قال الخطيب: ذاهب الحديث، روى مناكير وأباطيل، وزاد في نسخة خراش ما ليس منها اهـ. وقال ابن عساكر: أسقط الطرازى بين الفضل بن صالح وبين أبي اليمان رجلا. . الخ. 1380/ 3214 - "البَقَرةُ عنْ سَبعَةٍ، والجَزُورُ عن سَبعَةٍ". (حم. د) عن جابر قال في الكبير: ظاهره أنه لم يخرجه من الستة غيره وليس كما أوهم، بل أخرجه مسلم في المناسك والنسائى وابن ماجه في الأضاحى عن جابر، ولفظه: "البقرة عن سبعة والجزور عن سبعة". قلت: ما خرج أحد من الثلاثة هذا الحديث مرفوعًا من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-

أصلا، وإنما أخرجوه كلهم عن جابر (¬1)، قال: "نحرنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- البعير عن سبعة والبقر عن سبعة"، والمصنف يورد المرفوع من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خاصة إلا في الشمائل المصدرة بـ "كان" خاصة، والشارح يعرف هذا جيدا ولكنه يتجاهل. 1381/ 3215 - "البَقَرةُ عنْ سَبعَةٍ، والجَزُورُ عنْ سَبعَةٍ في الأضَاحِى". (طب) عن ابن مسعود قال في الكبير: ومر غير مرة أن الحديث إذا كان في الصحيحين لا يعزى لغيرهما، فاقتصار المصنف على ذلك من ضيق العطن وما أراه إلا ذهل عنه. قلت: ما ضاق عطن المصنف ولا ذهل وإنما الشارح كذاب مدلس وبهات ملبس، فالحديث ما خرجه أحد من أهل الصحيحين من حديث ابن مسعود مرفوعًا من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أصلا. 1382/ 3217 - "البَلَاءُ مُوَكَّلٌ بِالقَولِ" ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة عن الحسن مرسلا (هب) عنه عن أنس قال في الكبير: ورواه القضاعى أيضًا، وقال بعض شراحه: غريب جدا. قلت: ما رواه القضاعى لا من مرسل الحسن ولا من حديث أنس وإنما رواه من حديث حذيفة [1/ 161، رقم 22] ومن حديث على [1/ 162، رقم 228]، وقول بعض شراحه: غريب جدا، غريب جدا، فالحديث ورد من طرق متعددة من حديث أنس وحذيفة وعلى وأبي الدرداء وابن عباس وابن ¬

_ (¬1) مسلم (2/ 955، رقم 1318/ 352)، النسائى (7/ 222)، ابن ماجه (2/ 1407، رقم 3132).

مسعود، فمن أين جاءته الغرابة؟. 1383/ 3218 - "البَلَاءُ مُوَكَّلٌ بالقَولِ، ما قال عبدٌ لشيءٍ: لا وَاللَّه لا أفعلُهُ أبدًا، إلا تَرَكَ الشَّيْطَانُ كلَّ عَملٍ، وَوَلعَ بذلك منه حَتَّى يُؤثمَهُ". (هب. خط) عن أبي الدرداء قال في الكبير: وفيه هشام بن عمار، قال أبو حاتم: صدوق تغير فكان يلقن فيتلقن، وقال أبو داود: حدث بأرجح من أربعمائة حديث لا أصل لها، وفيه محمد بن عيسى بن سميع الدمشقى، قال أبو حاتم: لا يحتج [به]، وقال ابن عدى: لا بأس به، وفيه محمد بن أبي الزعيزعة، وهما اثنان أحدهما كذاب والآخر مجروح، ذكرهما ابن حبان وأوردهما الذهبى في الضعفاء. قلت: في هذا أمور: الأول: ذكره لهذا السند عقب الرمزين يقتضى أنه سند كل من البيهقى والخطيب وليس كذلك، إنما هو سند البيهقى وحده. الثانى: أنه أطال بذكر هؤلاء الرجال مع أن الحديث ورد من غير طريقهم، فالخطيب أخرجه [7/ 389] من طريق القاضى أبي عبد اللَّه الحسين بن إسماعيل المحاملى: ثنا يوسف بن موسى عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن أبي الدرداء به. ومن هذا الوجه خرجه عبد العزيز بن مردك في فوائده تخريج الدارقطنى، والديلمى في مسند الفردوس [2/ 53، رقم 2042] كلاهما من رواية يوسف ابن موسى به. وله طريق ثالث أخرجه ابن بطة في جزء الحيل من طريق محمد بن جعفر الرقى: ثنا أيوب بن محمد الوراق أخبرنى عثمان بن عطاء عن أبيه عن أبي الدرداء به.

1384/ 3219 - "البَلاءُ مُوَكَّلٌ بالمَنْطِق". القضاعى عن حذيفة، وابن السمعانى في تاريخه عن على قال الشارح عقب المتن: زاد في رواية ابن أبي شيبة: "ولو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبا". وقال في الكبير: ظاهر كلام المصنف أنه لم يره مخرجا لأعلى منهما وهو عجيب، فقد خرجه البخارى في الأدب المفرد من حديث ابن مسعود وكذا ابن أبي شيبة وغيرهما. قلت: فيه أمور، الأول: قوله زاد في رواية ابن أبي شيبة. . إلخ. غلطة شنيعة تدل على منتهى الغفلة، فإن هذا من كلام ابن مسعود لا كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد صرح الشارح في كبيره بذلك وأتى بهذه الطامة في صغيره. الثانى: أن البخارى لم يخرجه في الأدب المفرد. الثالث: أن ابن أبي شيبة خرجه [8/ 390، رقم 5599] من حديث ابن مسعود موقوفًا عليه لا مرفوعًا، والكتاب خاص بالمرفوع. الرابع: أنه لا معنى لاستدراك حديث ابن مسعود عند ذكر حديث حذيفة وعلى. الخامس: أن المصنف ذكر حديث ابن مسعود بعد هذا مباشرة، وعزاه لمن رواه مرفوعًا وهو الخطيب. السادس: كان من حقه أن يتكلم على سند الحديثين، فإن حديث حذيفة خرجه القضاعى [1/ 161، رقم 227] من طريق عبد الأعلى بن حماد النرسى: ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن جندب عن حذيفة. وحديث على أخرجه أيضًا القضاعى [1/ 162، رقم 228] من طريق العسكرى:

حرف التاء

ثنا أحمد بن زهير ثنا يوسف بن موسى ثنا العلاء بن عبد الملك بن هارون عن أبيه عن جده عن على عليه السلام به، وعبد الملك بن هارون متروك. 1385/ 3220 - "البَلاء مُوَكَّلٌ بالمَنْطقِ، فلو أنَّ رَجُلَّا عَيَّر رجُلًا بِرضَاعِ كَلْبةٍ لرَضَعهَا". (خط) عن ابن مسعود قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أن الخطيب خرجه وسكت عليه وليس كذلك، فإنه أورده في ترجمة "نصر" ونقل عن جمع أنه كذاب خبيث اهـ وفيه أيضًا عاصم بن ضمرة، قال ابن عدى: يحدث بأحديث باطلة، ومن ثم حكم ابن الجوزى بوضعه. قلت: قضية كلام المصنف لا تدل على ما زعم الشارح، بل تدل على خلافه لأنه رمز لضعفه، والخطيب كما نقل تكذيب نصر [نقل] كذلك تبريئه منه، والمصنف تعقب ابن الجوزى فأجاد وأفاد، ولكن الشارح يمر على ذلك مر الكرام فإذا لم يكن هناك ما يتعقب به على ابن الجوزى شنع عليه الشارح فإنا للَّه وإنا إليه راجعون. [حرف التاء] 1386/ 3228 - " تَابعُوا بَين الحَجِّ والعُمرةِ فإنَّ مُتَابعَة (¬1) بيِنهما تَزِيدُ في العُمُر والرزق، وتَنْفى الذنُوبَ منْ بَنى آدمَ كما يَنفى الكِيرُ خَبثَ الحَديدِ". (قط) في الأفراد، (طب) عن ابن عمر قال في الكبير: اقتصاره على هذين يؤذن بأنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا ¬

_ (¬1) في المطبوع من فيض القدير "فإن متابعة ما بينهما".

لما عدل عنه وهو ذهول، فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المذكور لكنه قال: "وينفيان الذنوب". قلت: لا يخلو أن يريد الشارح باستدراكه هذا مجرد المتن أو الحديث من حيث راويه الذي يعد عند المحدثين حديثا على انفراده، فإن عنى المتن وحده فقد ذكره المصنف قبل هذا وعزاه لأحمد والترمذى والنسائى من حديث ابن مسعود، وإن عنى الحديث باعتبار راويه فابن ماجه لم يخرج حديث ابن عمر هذا إنما خرج الحديث من رواية والده عمر -رضي اللَّه عنه- وبخلاف اللفظ الذي حكاه الشارح، قال ابن ماجه [2/ 964، رقم 9887]: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا سفيان بن عيينة عن عاصم بن عبيد اللَّه عن عبد اللَّه بن عامر عن أبيه عن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "تابعوا بين الحج والعمرة فإن المتابعة بينهما تنفى الفقر والذنوب كما ينفى الكير خبث الحديد". أما حديث ابن عمر فأخرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء [1/ 154] عن أحمد ابن العباس بن عيسى الهاشمى: ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا سفيان بن عيينة عن الزهرى عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأحمد بن العباس قال ابن حبان: كان يقلب الأخبار ويهم في الآثار الوهم الفاحش، لا يحل الاحتجاج به بحال. 1387/ 3230 - "تَبًّا لِلذَّهَبِ والفِضَّةِ". (حم) في الزهد عن رجل (هب) عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه الطبرانى وغيره عن ثوبان. قلت: وقع اضطراب في سند هذا الحديث، وقد أطال في تخريجه وذكر أسانيده الجمال الزيلعى في تخريج أحاديث الكشاف في سورة التوبة [2/ 68].

1388/ 3232 - "تَبْلُغُ الحِلْيَةُ من المُؤمن حيثْ يبلغُ الوُضُوءُ" (م) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه، والأمر بخلافه، فقد عزاه جمع منهم الصدر المناوى لهما معًا. قلت: يرى الشارح أن كل من خالف المصنف فهو حجة عليه، وليس المصنف محقا في شيء ولا هو حجة على غيره، وإذ لم ير هو الحديث في البخارى فما أدراه أن الحق مع من عزاه إليه دون المصنف، فالحديث ليس هو في صحيح البخارى، وإنما هو في مسلم [1/ 219، رقم 250/ 40] والنسائى [1/ 93] وابن ماجه. 1389/ 3233 - "تَجَافوا عَن عُقُوبَةِ ذوى المُروءةِ". أبو بكر بن المرزبان في كتاب المروءة. (طب) في مكارم الأخلاق عن ابن عمر قال في الكبير: واعلم أنى قد وقفت على هذا الحديث بخط الكمال بن أبي شريف عازيا للطبرانى في المكارم بلفظ: "تجافوا عن عقوبة ذوى المروءة، وهو ذو الصلاح"، فلعل قوله: "وهو. . . إلخ" سقط من كلام المصنف أو ظهر له أنه مدرج، قال: وفيه محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عوف، قال فيه البخارى: منكر الحديث، وقال ابن أبي شيبة: متروك. قلت: ليس قوله: "وهو ذو الصلاح"، موجودا عند الطبرانى في المكارم، فإنه قال [ص 62، رقم 62]: حدثنا فضيل بن محمد الملطى ثنا موسى بن داود الضبى ثنا محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد العزيز بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه عن ابن عمر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تجافوا عن عقوبة ذوى المروءة"، هكذا هو في الأصل دون الزيادة

وإنما رأيته بالزيادة المذكورة عند الطحاوى في مشكل الآثار [6/ 150، رقم 2378]، فإنه قال: حدثنا الحسن بن عبد اللَّه بن منصور البالسى ثنا موسى بن داود ثنا محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه عن جده مرفوعًا: "تجافوا عن عقوبة ذوى المروءة، وهم ذووا الصلاح"، هكذا وقع هذا الإسناد، وقد سقط منه محمد بن عبد العزيز الزهرى. ويقول ابن حزم في المحلى عن هذا الحديث: إنه باطل. وما نقله الشارح من أن ابن أبي شيبة قال متروك هو غلط، بل قائل ذلك هو النسائى. 1390/ 3234 - "تَجَافُوا عَن عُقُوبَةِ ذَوِى المرُوءَةِ، إِلا في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّه". (طس) عن زيد بن ثابت قال الشارح: بإسناد ضعيف لضعف الفهرى. قلت: هذا جنون فمن هذا الفهرى وما اسمه حتى يتميز ويعرف؟ فهذا من تسويد الورق بلا فائدة، فالفهرى هو محمد بن كثير بن مروان الفلسطينى، والحديث قدمته في حديث: "أقيلوا ذوى الهيئات". 1391/ 3235 - "تَجَاوزُوا عَن ذَنْبِ السَّخيِّ، فإنَّ اللَّه تعالى آخِذ بِيدِه كُلَّمَا عَثَر". (قط) في الأفراد، (طب. حل. هب) عن ابن مسعود قال في الكبير: قال البيهقى عقبه: هذا إسناد ضعيف مجهول، ثم قال: وظاهر صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وأقره وهو تلبيس شنيع، فإنه تعقبه بما

نصه: هذا إسناد مجهول ضعيف وعبد الرحيم بن حماد -أى أحد رجاله- تفرد به واختلف عليه في إسناده اهـ، وقال الذهبى: عبد الرحيم له مناكير اهـ، ومن ثم حكم ابن الجوزى بوضعه وتعقبه المصنف فأبرق وأرعد ولم يأت بطائل كعادته. قلت: ما خلق فيمن ينسب إلى العلم أكثر أغلاطا ولا أفحش أخطاء من الشارح على الإطلاق، بحيث أسقطت الثقة من كلامه تمامًا، وجعل كتبه مهزئة ومسخرة يسخر منها الفضلاء وذوو التحقيق، أضف إلى ذلك أنه يتعمد الكذب غير مبال بوعيد الشرع عليه وكونه من أكبر الكبائر كما جربناه عليه مرارا في هذا الكتاب، كل ذلك ليشين المؤلف رضي اللَّه عنه بما هو برئ منه ويغطى شمس فضله المشرقة، كما أنه يحب أن يفعل ذلك مع الحافظ الذي لا يعبر عنه بلقب الحافظ أصلًا إلا نادرًا جدًا، يسبق قلمه لسانه فيجرى بذلك وهو غافل عنه، وإلا فهو لا يذكره بلقب تعظيم أصلًا لا له ولا لغيره، ويخص ذلك بقرابته كالعراقى والصدر المناوى، ومن عدا قرابته فهو لا يحب أن يرى لهم فضلًا وتحقيقا، فلا بارك اللَّه في الحسد ولا في الحساد. فإن ابن الجوزى أورد الحديث [2/ 185] من طريق عبد الرحيم بن حماد البصرى عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي وائل عن عبد اللَّه، ثم قال: تفرد به عبد الرحيم. وقد قال العقيلى: إنه حدث عن الأعمش بما ليس من حديثه، فتعقبه المصنف بأن عبد الرحيم لم ينفرد به بل تابعه محمد بن حميد العتكى عن الأعمش، أخرجه الطبرانى من رواية بشر بن عبيد الدارسى عن محمد بن حميد العتكى به، والدارسى وإن كان ضعيفا إلا أن الحديث له مع ذلك شواهد من حديث أبي هريرة ومن حديث ابن عباس، ثم ذكرها بأسانيدها من عند ابن عساكر والخطيب [8/ 335] وأبي نعيم في الحلية [9/ 43]

والخرائطى في مكارم الأخلاق [ص 55]. فهل بعد هذا الطائل من طائل؟ وهل يمكن أن يتدارك ضعف الحديث بغير هذا؟ لأن من اتهمه به ابن الجوزى قد برئ من عهدته بوجود المتابعة والشواهد وهذا أقصى ما في الإمكان، وليس بعده إلا السماع من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مشافهة. 1392/ 3240 - "تَجِدُ المُؤمِنَ مُجْتَهدا فِيمَا يُطِيقُ، مُتَلهفا على مَا لا يُطِيقُ" (حم) في الزهد عن عبيد بن عمير مرسلًا قلت: قال أحمد في الزهد: حدثنا أسود بن عامر حدثنى شريك عن عبيد اللَّه بن الوليد عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن أبيه به. 1393/ 3244 - "تَجوَّزُوا في الصَّلاةِ، فإنَّ خَلفَكم الضعِيفَ والكَبِيرَ وذَا الحَاجَةِ". (طب) عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد صحيح. قلت: وفي الباب عن أبي هريرة، قال أبو نعيم في الحلية [7/ 364]: حدثنا الطبرانى ثنا أحمد بن شعيب (ح) وحدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق قالا حدثنا محمد بن رافع ثنا مصعب ثنا داود الطائى عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" مثله حرفا حرفا، ثم قال: صحيح ثابت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بغير إسناد لم يروه عن داود إلا مصعب. وقال إسماعيل الصفار في جزئه:

ثنا إبراهيم بن عبد اللَّه بن عمر العبسى أنا وكيع عن الأعمش به ورواه الذهبى في التذكرة من طريق محمد بن عبد اللَّه الصورى الحافظ ثم من رواية موسى بن أعين عن عبد اللَّه عن الأعمش به. ثم قال: هذا حديث صحيح، وعبد اللَّه هو ابن بسر إن شاء اللَّه. ورواه الخطيب [7/ 415، 416] من طريق يعقوب بن إبراهيم الدورقى عن وكيع عن الأعمش كما سبق. وللأعمش فيه إسناد آخر، فقد أخرجه أبو نعيم [7/ 364] والحسن بن سفيان من طريق زيد بن حبان عن الأعمش عن إبراهيم التيمى عن الحارث بن سويد عن أبي مسعود به. 1394/ 3246 - "تَحْرُمُ الصَّلاةُ إذا انْتَصفَ النَهَّارُ كُلَّ يَومٍ إلا يَومَ الجُمُعةِ". (هق) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر كلام المصنف أن البيهقى خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه، بل قال: إسناده ضعيف وتبعه الذهبى، قالا: وفي الباب عمر وابنه وأبو سعيد. قلت: أما كون المصنف لم ينقل كلام البيهقى، فهذه سخافة ما شبع منها الشارح وهو يعلم أن المصنف لا ينقل كلام المخرجين على الحديث إلا نادرا بل أندر من النادر لأنه يكتفى بالرموز لرتبة الأحاديث من جهة، ومن جهة فإنه مجتهد يرى رأيه في الحكم على الأحاديث ولا يتقيد بحكم المخرجين، فقد يرى المخرج في الحديث رأيا، ويرى هو فيه خلافه. وأما ما نقله الشارح عن البيهقى من قوله: وفي الباب عمر وابنه، فسقطة من سقطاته وتحريف من تحريفه اللارم لنقله لزوم الظل للشاخص، فالبيهقى لم

يذكر عمر بل قال [2/ 464، 465]: وروى في ذلك عن أبي سعيد الخدرى وعمرو بن عبسة وابن عمر مرفوعًا اهـ. 1395/ 3257 - "تُحْفَةُ المُؤمِنِ المَوْتُ". (طب. حل. ك. هب) عن ابن عمر قال في الكبير: قال المنذرى بعد عزوه للطبرانى: إسناده جيد، قال: وقال الحاكم: صحيح ورده الذهبى بأن عبد الرحمن بن زياد الإفريقى ضعيف، لكن قال الهيثمى: رجال الطبرانى ثقات، وأفاد الحافظ العراقى أنه ورد من طريق جيد فقال: رواه محمد بن خفيف الشيرازى في "شرف الفقراء"، والديلمى في مسند الفردوس من حديث معاذ بسند لا بأس به، ورواه الديلمى من حديث ابن عمر بسند ضعيف جدا اهـ. وبه يعرف أن المصنف قصر حيث اقتصر على عزوه للطرق التي لا تخلوا عن مقال وإهمال الطريق السالمة من الإشكال. قلت: أقسم باللَّه أن الشارح مصيبة على العلم فبنما هو ينقل عن الحافظ المنذرى أن سند الطبرانى -أحد من عزاه إليه المصنف- جيد وعن الحافظ الهيثمى أن رجال الطبرانى ثقات إذ يعود فيهذى ذلك الهذيان السخيف، وليته كان صادقا فيما حكاه عن العراقى، بل هو واللَّه كاذب فيه، فالعراقى قال عن هذا الحديث ما نصه: رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الموت والطبرانى والحاكم من حديث عبد اللَّه بن عمر بسند حسن اهـ. وأما ما نقله عنه الشارح فقد قاله الحافظ العراقى في الحديث الآتى بعد هذا وهو حديث: "تحفة المؤمن في الدنيا الفقر" انظر صفحة 169 من الجزء الرابع من الإحياء، طبع الحلبى.

1396/ 3258 - "تُحْفةُ المُؤمِنِ في الدُّنيَا الفَقْرُ". (فر) عن معاذ قال في الكبير: وفيه يعقوب بن الوليد المدنى، قال الذهبى: كذبه أحمد والناس، وقال السخاوى: حرف اسمه على بعض رواته فسماه إبراهيم، وللحديث طرق كلها واهية. قلت: ليس في سند الحديث يعقوب بن الوليد، ولا قال السخاوى شيئًا مما نقله عنه الشارح، بل كله غلط بل كذب، فاسمع سند الحديث: قال الديلمى: أخبرنا الشيخ محمد بن الحسين كتابة أخبرنا أبي أخبرنا ابن السنى ثنا ابن صوفيا ثنا عمر بن خرزاد ثنا محمد بن عبد اللَّه بن عمارة ثنا بسرة بن صفوان عن أبي حاجب عمن (¬1) واسمه صخر عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل به وأما السخاوى فذكره في المقاصد الحسنة مثل ما سبق للعراقى في المغنى، وإن لم يعزه إليه، ونصه في حرف الفاء [ص 480]: ومن الواهى في الفقرة ما للطبرانى عن شداد بن أوس رفعه: "الفقر أزين من العذار الحسن على خد الفرس" وسنده ضعيف، والمعروف أنه من كلام عبد الرحمن ابن زياد بن أنعم، كذلك رواه ابن عدى في الكامل، ولمحمد بن خفيف الشيرازى في شرف الفقراء، والديلمى عن معاذ رفعه: "تحفة المؤمن في الدنيا الفقر" وسنده لا بأس به، وهو عند الديلمى أيضًا عن ابن عمر بسند ضعيف جدًا اهـ. 1397/ 3259 - "تُحْفةُ المَلائِكة تَجْمِيرُ المَسَاجدِ". أبو الشيخ عن سمرة قلت: قال أبو الشيخ: حدثنا أحمد بن سليمان بن داود ثنا محمد بن أحمد ¬

_ (¬1) يوجد هنا كشط في المخطوطة والمثبت هو الظاهر، ويستقيم المعنى حينئذ لو حذفت الواو فيصبح: عمن اسمه صخر.

ابن الحارث ثنا أبي ثنا حريث مؤذن مسجد بنى أميه عن الحسن عن سمرة به. 1398/ 3267 - "تَخَلَّلُوا فَإِنَّهُ نَظَافَةٌ، وَالنَّظَافَةُ تَدْعُو إِلَى الإيمَانِ، وَالإيمَانُ مَعَ صَاحِبِهِ في الجَنَّةِ". (طس) عن ابن مسعود قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه إبراهيم بن حيان، قال ابن عدى: أحاديثه موضوعة، وقال المنذرى: رواه في الأوسط هكذا مرفوعًا ووقفه في الكبير على ابن مسعود بإسناد حسن وهو الأشبه اهـ. قلت: وحينئذ فقوله في الصغير عن المرفوع: سنده حسن باطل إذ كيف يكون مرفوعًا من في سنده أحاديثه موضوعة. والحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ [1/ 183]، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن الهيسانى ثنا محمد بن العباس بن أيوب ثنا النضر بن هشام بن راشد ثنا إبراهيم بن حيان بن حكيم ثنا شريك عن المغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه به. 1399/ 3270 - "تَخيَّروا لِنُطَفِكُمْ، وَاجْتَنِبُوا هَذَا السَّوَادَ فَإنَّهُ لَوْن مُشَوَّهٌ". (حل) عن أنس قال الشارح: وهو كما قال أبو حاتم، حديث ضعيف من جميع طرقه. قلت: ذكرها الجمال الزيعلى في تخريج أحاديث الكشاف في أول حديث من سورة النساء [1/ 273]، والمصنف في اللآلئ المصنوعة في بقية المناقب [1/ 231]، وقال المعافرى في كتاب السراج: إنه لا يصح.

1400/ 3274 - "تَدَارَكُوا الغُمُومَ وَالهُمُومَ بِالصَّدَقَاتِ يَكْشِفُ اللَّه ضُرَّكُمْ، وَيَنْصُرُكُمْ عَلَى عَدُوكُمْ". (فر) عن أبي هريرة قلت: هذا حديث موضوع ولا بد، فيلام المصنف على ذكره هنا لاسيما وهو من رواية أحد المشاهير في الكذب ووضع الحديث، وهو ميسرة بن عبد ربه، قال الديلمى [2/ 66، رقم 2085]: أخبرنا أبي أنا عبد اللَّه بن محمد بن الحسن البستى حدثنى أبي ثنا ثابت بن أحمد بن عبدوس الصدفى ثنا محمد بن القاسم الفارسى ثنا محمد بن أحمد ابن عقيل ثنا على بن المؤمل ثنا جعفر بن محمد بن سوار ثنا محمد بن نصر ثنا شعيب بن إبراهيم الإسكندرانى ثنا حميد بن سليمان عن ميسرة بن عبد ربه عن عمر بن سليمان عن مكحول عن أبي هريرة به، وزاد: "وثبت عند الشدائد أقدامكم". 1401/ 3275 - "تَدْرُونَ مَا يَقَولُ الأَسَدُ في زَئِيرِهِ؟ يَقُولُ اللَّهُم لَا تُسَلِّطْنِى عَلَى أحَدٍ مِنْ أَهْلِ المَعْرُوفِ". (طب) في مكارم الأخلاق عن أبي هريرة قلت: سمعت عنه الشارح وزاد عزوه للديلمى، وأبي نعيم. والديلمى رواه عن أبي نعيم عن الطبرانى بسنده في مكارم الأخلاق، قال في باب فضل اصطناع المعروف [ص 83، رقم 115]: ثنا محمد بن داود الصدفى ثنا الزبير بن محمد العثمانى ثنا على بن عبد اللَّه ابن الحباب المدنى عن محمد بن عبد الرحمن بن داود المدنى عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة به، ومحمد بن عبد الرحمن المدنى كذاب.

1402/ 3276 - "تَذْهَبُ الأَرضُونَ كُلُّهَا يَوْمَ القِيَامَةِ إلا المَسَاجِدَ، فَإنَّهَا يَنضَمُ بَعْضُها إلى بَعْضٍ". (طس. عد) عن ابن عباس قلت: هذا حديث موضوع يلام المصنف على ذكره هنا، وهو يعلم أنه [من] رواية أصرم بن حوشب الكذاب الوضاع، وقد ذكره ابن الجوزى في الموضوعات. 1403/ 3289 - "تَرْكُ الدُّنيَا أمرٌّ مِنَ الصَّبْرِ، وَأَشَدُّ مِن حَطْمِ السُّيُوفِ في سبِيلِ اللَّه عزَّ وَجَلَّ". (فر) عن ابن مسعود قال في الكبير: ورواه عنه البزار ومن طريقه وعنه أورده الديلمى. قلت: ما رواه البزار ولا سمع به، وإنما الشارح جاهل برجال الحديث، فالديلمى قال: أخبرنا أبي أخبرنا أحمد بن عمر البزار، والبزار صاحب المسند توفى سنة اثنتين وتسعين ومائتين وشيرويه الديلمى والد صاحب المسند توفى سنة تسع وخمسمائة، ولعله ولد بعد العشرين أو الثلاثين وأربعمائة، فيكون ولد بعد وفاة البزار بنحو مائة وثلاثين سنة فأكثر، وأيضًا والد البزار صاحب المسند اسمه عمرو بفتح العين، ووالد هذا اسمه عمر بضمها. والحديث باطل موضوع لأنه من رواية عبد اللَّه بن عبد الرحمن الجزرى، وهو كذاب وضاع، وللحديث بقية تدل على بطلانه اختصرها المصنف وذكرها الشارح في الكبير. 1404/ 3280 - "تَرْكُ السَّلَام عَلَى الضَّرِيرِ خِيَانَةٌ". (فر) عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه الديلمى من طريق الطيالسى، فلو عزاه المصنف إليه

لكان أولى، ثم إن فيه على بن زيد بن جدعان، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: قال أحمد ويحيى: ليس بشيء، وأبو زرعة غير قوى. قلت: الشارح جاهل بالحديث وأهله، ويريد من المصنف أن يكون مثله فالطيالسى ما خرج هذا الحديث ولا هو من أحاديثه، وأعجب من ذلك أنه ليس هو الطيالسى صاحب المسند، بل ذاك أبو داود، والمذكور في سند الحديث أبو الوليد، قال الديلمى [2/ 109، رقم 2212]: أخبرنا أبي حدثنا محمد بن عثمان ثنا الحسين بن محمد بن منجويه ثنا عبد اللَّه ابن محمد بن سعد ثنا محمد بن الحسن البغدادى ثنا أبو الوليد الطيالسى ثنا كثير بن جابر ثنا سفيان بن عيينة عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به، وليس هذا عندى من أحاديث أبي الوليد الطيالسى، فلينظر فيمن قبله من الرجال. 1405/ 3283 - "تَزَوَّجُوا في الحُجْزِ الصَّالحِ، فَإِنَّ العِرْقَ دَسَّاسٌ". (عد) عن أنس قال الشارح: من طرق كلها ضعيفة. وقال في الكبير: فيه الموقرى، قال ابن الجوزى: قال يحيى: ليس بشيء وقال النسائى: متروك، ورواه الديلمى في مسند الفردوس والمدينى في كتاب تضييع العمر عن ابن عمر، وزاد: "وانظر في أى نصاب تضع ولدك"، قال الحافظ العراقى: وكلها ضعيف. قلت: في هذا وهمان، الأول: قوله في الصغير: من طرق كلها ضعيفة باطل، فإنه لم يرو إلا من طريق واحد، ولم يخرجه ابن عدى كذلك إلا من رواية الموقرى عن الزهرى. الثانى: قوله ورواه الديلمى وابن المدينى من حديث ابن عمر باطل أيضًا،

فإن الديلمى لم يخرجه من حديث ابن عمر بل خرجه من حديث أنس، فرواه [2/ 76، رقم 2110] من طريق أبي إسحاق إبراهيم بن خرشيد قوله الحافظ (¬1): ثنا أبو بكر بن زياد ثنا إسماعيل بن حص حدثنا عبيد بن المرخص عن الموقرى عن الزهرى عن أنس به. وإنما الذي رواه من حديث ابن عمر أبو موسى المدينى، والشارح نقل ذلك من كلام الحافظ العراقى فغيره وقدم وأخر فيه كما هي عادته في تحريف النصوص وقلبها، وعبارة الحافظ العراقى: وروى أبو منصور الديلمى في مسند الفردوس من حديث أنس: "تزوجوا في الحجز الصالح فإن العرق دساس". وروى أبو موسى المدينى في كتاب "تضييع العمر والأيام" من حديث ابن عمر: "وانظر في أى نصاب تضع ولدك، فإن العرق دساس"، وكلاهما ضعيف اهـ. ومن هنا أخذ الشارح أيضًا ما حرفه في الصغير من قوله: من طرق وكلها ضعيفة. 1406/ 3287 - "تَزَوَّجُوا فَإنِّى مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَم، وَلا تَكُونُوا كَرَهْبَانِيَّةِ النَّصَارَى". (هق) عن أبي أمامة قال في الكبير: قال البيهقى: ثنا الفلاس أنا محمد بن ثابت البصرى عن أبي غالب عن أبي أمامة، قال الذهبى في المهذب: محمد بن ثابت ضعيف قلت: بين البيهقى والفلاس مفاوز، والشارح رأى الذهبى علق الحديث في ¬

_ (¬1) هكذا بالأصل، والمعنى غير مستقيم.

المهذب عن الفلاس، فظنه شيخا للبيهقى قال البيهقى [7/ 78]: أخبرنا أبو سعد المالينى أنا أبو أحمد بن عدى ثنا أحمد بن عبد الرحيم الثقفى البصرى ثنا عمرو بن على هو الفلاس به. 1407/ 3288 - "تَزَوَّجُوا وَلا تُطَلِّقُوا، فَإنَّ اللَّه لا يُحِبُّ الذوَّاقِينَ، ولا الذوَّاقَاتِ". (طب) عن أبي موسى قال في الكبير: قال الديلمى: وفي الباب عن أبي هريرة. قلت: وكذا عبادة بن الصامت وغيره، انظر حديث: "إن اللَّه لا يحب الذواقين". 1408/ 3289 - "تَزَوَّجُوا وَلا تُطَلِّقُوا، فَإنَّ الطَّلَاقَ يَهْتَزُّ له العَرْشُ". (عد) عن على قال في الكبير: وكذا رواه أبو نعيم والديلمى. قلت: الديلمى رواه [2/ 76، رقم 2112] عن الحداد عن أبي نعيم، وهو عنده في تاريخ أصبهان [1/ 157] من رواية عمرو بن جميح عن جويبر عن الضحاك عن النزال [بن سبرة] عن على به، وعمرو بن جميح كذاب وضاع وجويبر متروك. 1409/ 3304 - "تَصَدَّقُوا، فَإنَّ الصَّدَقَةَ فَكَاكُكُم مِنَ النَّارِ" (طس. حل) عن أنس قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات اهـ، وكأنه لم يصدر عن تحرير فقد قال الدارقطنى: تفرد به الحارث بن عمير عن حميد، قال ابن حبان: الحارث يروى عن الأثبات الموضوعات.

قلت: بل صدر قول الهيثمى عن تحرير، ولكنه رجح من وثق الحارث بن عمير على من ضعفه، فإن الحارث علق له البخارى وروى له الأربعة، وكان حماد بن زيد يقدمه ويثنى عليه ويقول: هو من ثقات أصحاب أيوب، وقال ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائى والدارقطنى: ثقة وكذبه آخرون، فرجح الحافظ الهيثمى قول المتقدمين. والحديث أخرجه أيضًا المخلص في فوائده، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد إملاء حدثنا محمد بن زنبور المكى ثنا الحارث بن عمير عن حميد عن أنس به. 1410/ 3311 - "تَعَاهَدُوا نِعَالَكُمْ عِنْدَ أَبْوَابِ المَسَاجِدِ" (قط) في الأفراد (خط) عن ابن عمر قال في الكبير: وقال -أعنى الخطيب-: هو غريب من حديث يزيد الفقير ومن حديث مسعر، تفرد به يحيى بن هاشم السمسار اهـ. وقال ابن الجوزى: حديث باطل لا يصح، قال ابن عدى: يحيى بن هاشم كان [يضع] اهـ. قلت: لم يقل ذلك كذلك ولا قاله من عنده، بل نقله عن الدارقطنى فإنه أسنده من طريقه ثم من رواية محمد بن روح العكبرى: ثنا يحيى بن هاشم ثنا مسعر بن كدام عن يزيد الفقير عن ابن عمر ثم قال: قال على بن عمر: غريب من حديث مسعر عن يزيد الفقير تفرد به يحيى ابن هاشم عنه ولم نكتبه إلا عن أبي القاسم السكرى، وكان من الثقات اهـ. وابن الجوزى لم يورد هذا الحديث في الموضوعات والشارح لا يوثق بنقله، والحديث له شواهد كثيرة صحيحة.

1411/ 3318 - "تَعَشَّوْا وَلَو بِكفٍّ منْ حَشفٍ، فَإنَّ تَرْكَ العَشَاءِ مَهْرَمَةٌ". (ت) عن أنس قال في الكبير: قال الترمذى: هذا حديث منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه وعنبسة ضعيف وعبد الملك بن علاق مجهول اهـ، وبه يعرف أن حذف المؤلف لذلك غير صواب. . . إلخ. قلت: المؤلف ما حذف ذلك، بل أشار إليه بعلامة الضعيف، والحديث خرجه جماعه ذكرتهم في مستخرجى على مسند الشهاب، وفيه اضطراب وقع من عنبسة مع ضعفه كما بينته في المستخرح المذكور. 1412/ 3320 - "تَعَلَّمُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإنَّها مِنْ دِينِكُمْ". ابن عساكر عن أبي سعيد قال في الكبير: ظاهره أنه لم يره مخرجا لأشهر من ابن عساكر مع أنه خرجه أبو نعيم والطبرانى والديلمى وغيرهم. قلت: كذب الشارح في قوله وغيرهم وتهور في عزوه الحديث إلى أبي نعيم والطبرانى، فإنه ما رآه عندهما ولا عند من عزاه إليهما، وإنما قال الديلمى في مسند الفردوس: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا الطبرانى ثنا الحسن بن المتوكل ثنا سريج ابن النعمان ثنا جعفر بن يزيد عن عبادة بن نسى عن أبي سعيد به. 1413/ 3323 - "تَعَلَّمُوا مَا شِئْتُمْ أنْ تَعْلَمُوا، فَلَنْ يَنْفَعَكُمُ اللَّه حَتَّى تَعْمَلُوا بِمَا تَعْلَمُونَ". (عد. خط) زاد الشارح في كبيره: في اقتضاء العلم العمل: عن معاذ، ابن

عساكر عن أبي الدرداء. قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف، قال: ورواه الدارمى موقوفًا على معاذ بسند صحيح اهـ. وقال في الصغير عقب ذكر حديث أبي الدرداء: بإسناد ضعيف ووقفه صحيح قلت: في هذا وهمان: الأول: زيادته اسم كتاب اقتضاء العلم العمل، فإن المصنف عزا للخطيب وأطلق، وقاعدته إذا أطلق يكون مراده التاريخ والحديث مخرج فيه، فذكر كتاب اقتضاء العلم العمل من عجيب أوهام الشارح المتغايرة، قال الخطيب في التاريخ [10/ 94]: أنا محمد بن أحمد بن رزق ثنا عثمان بن أحمد الدقاق ثنا عبد اللَّه بن محمد ابن إسماعيل التبان ثنا محمد بن أبي بكر المقدمى ثنا بشر بن عباد عن بكر بن خنيس قال: حدثنى حمزة النصيبى عن يزيد بن يزيد بن جابر عن أبيه عن معاذ به. الثانى: قوله في الصغير عقب حديث أبي الدرداء: بإسناد ضعيف ووقفه صحيح، يفيد أن ذلك في حديث أبي الدرداء وأنه الصحيح موقوف عليه، والواقع خلافه، بل موقوف على معاذ. وكذلك أخرجه ابن المبارك [ص 21، رقم 62] ومن طريقه ابن عبد البر في العلم وأبو نعيم في الحلية [1/ 236]، من رواية ابن المبارك عن سعيد بن عبد العزيز عن يزيد بن يزيد بن جابر، قال: قال معاذ، فذكره. قال أبو نعيم: رفعه حمزة النصيبى عن ابن جابر عن أبيه عن معاذ، ثم أخرجه كذلك مرفوعًا، وحمزة النصيبى متروك. ورواه ابن عبد البر من طريق قاسم بن أصبغ ثم من رواية عباد بن عبد الصمد قال: سمعت أنس يقول: "تعلموا ما شئتم أن تعلموا فإن اللَّه لا

يأجركم على العلم حتى تعملوا به، إن العلماء همتهم الرعاية، وإن السفهاء همتهم الرواية، ثم قال ابن عبد البر: هكذا حدثنا به موقوفًا وهو أولى من رواية من رواه مرفوعًا، وعباد بن عبد الصمد ليس ممن يحتج به. قلت: والمرفوع هو المذكور في المتن بعد هذا. 1414/ 3326 - "تَعْلَّمُوا الفَرَائِضَ وَالقُرْآنَ، وَعَلِّمُوا النَّاسَ، فإنِّى مَقْبوضٌ". (ت) عن أبي هريرة قال في الكبير: وقال (ت): فيه اضطراب اهـ، فاقتصار المصنف على عزوه دون ما عقبه به من بيان حاله غير مرضى، وقضية صنيع المؤلف أيضًا أن الترمذى تفرد به والأمر بخلافه، فقد قال الحافظ في الفتح: خرجه أحمد والترمذي والنسائى وصححه الحاكم. قلت: المصنف لا ينفل كلام الناس على الأحاديث إلا نادرا وهكذا كل الحفاظ والمؤلفين، لا يوجد فيهم من يلتزم نفل كلام المخرجين عقب كل حديث إلا قول الترمذى: حسن أو صحيح، أو في قول الحاكم: على شرطهما لبيان ثبوت الحديث، ولو كان لهذا الشارح قيمة بين أهل العلم لضربنا به المثل، فإنه لا يفعل شيئًا من ذلك في مؤلفاته، ولكنه ساقط عن درجة الاعتبار، فلا يعتبر لا بذكره ولا بإسقاطه، فإن ذَكَرَ ذَكَرَ كذبا وغلطا وتحريفا وخبطا وتخليطا، وإن سكت سكت عن جهل وعدم معرفة. وأما قوله: ظاهره أن الترمذى تفرد به من بين الستة. . . إلخ فكذلك هو تفرد به من بين الستة، والنسائى لم يخرجه في سننه الصغرى التي هي أحد

الستة، وإنما خرجه في الكبرى [4/ 36، رقم 6305] الخارجة عن الستة ولكن أين الشارح من الفضل حتى يعرف وينصف؟. 1415/ 3230 - "تَعلَّمُوا مِنَ النُّجُومِ مَا تَهْتَدُونَ بِهِ في ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالبَحْرِ ثُمَّ انْتَهُوْا". ابن مردويه (خط) في كتاب النجوم عن ابن عمر قال في الكبير: قال عبد الحق: وليس إسناده مما يحتج به، وقال ابن القطان: فيه من لا أعرف اهـ، لكن رواه ابن زنجويه من طريق آخر وزاد: "وتعلموا ما يحل لكم من النساء ويحرم عليكم ثم انتهوا". قلت: ليس هو من طريق آخر، بل الحديث من رواية هانئ بن يحيى أبي مسعود عن مبارك بن فضالة عن عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر، إلا أن بعض الرواة اختصر الحديث فذكر أوله، وبعضهم اقتصر على آخره، وبعضهم ذكره بتمامه. فرواه الدولابى في الكنى عن النسائى [2/ 114] قال: أنبأنا رجاء بن محمد البصرى ثنا هانئ بن يحيى السلمى أبو مسعود ثنا مبارك ابن فضالة عن عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر عن عمر: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: تعلموا من أمر النساء ما يحل لكم وما يحرم عليكم ثم انتهوا" قال النسائى: هذا حديث منكر. قلت: كذا وقع عنده بزيادة ذكر عمر وكأنه الأشبه، فقد روى عن عمر رضي اللَّه عنه موقوفًا كما سأذكره. ورواه الديلمى في مسند الفردوس من طريق ابن السنى: ثنا أبو على بن شعبة عن محمد بن عبد اللَّه الخباز الواسطى عن هانئ بن يحيى به عن ابن عمر مرفوعًا: "تعلموا من أمر النجوم ما تهتدون في ظلمات البر

والبحر ثم انتهوا، ومن أمر النساء ما يحل لكم وما يحرم عليكم ثم انتهوا، وتعلموا من الأنساب ما تصلون به أرحامكم ثم انتهوا". ورواه ابن أبي شيبة [8/ 414، رقم 5701] موقوفًا على عمر مختصرًا، فقال: حدثنا غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد عن أبي نضرة قال: قال عمر: "تعلموا من النجوم" الحديث مثل ما في المتن. ومن طريق ابن أبي شيبة رواه ابن عبد البر في العلم من رواية بقية عن ابن أبي شيبة. 1416/ 3331 - "تَعْمَلُ هذه الأُمَّةُ بُرْهَةً بِكِتَابِ اللَّه، ثُمَّ تَعْمَلُ بُرْهَةً بسُنَّة رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ تَعْمَلُ بالرَّأْي. فإذا عَملُوا بالرَّأْي فَقَدْ ضَلُّوا وأَضَلُّوا". (ع) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال المحقق أبو زرعة: لا ينبغى الجزم بهذا الحديث لأنه ضعيف اهـ، ولم يبين وجه ضعفه وبينه الهيثمى قال: فيه عثمان بن عبد الرحمن الزهرى متفق على ضعفه اهـ، وبه يعرف أن سكوت المصنف عليه غير مرضى. قلت: كذب الشارح ما سكت المصنف على الحديث بل رمز لضعفه، فكذبه غير مرضى، والحديث أخرجه أيضًا أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج عن أبي يعلى: ثنا الهذيل بن إبراهيم العمانى ثنا عثمان بن عبد الرحمن الزهرى عن الزهرى عن سعيد عن أبي هريرة به. وأخرجه ابن عبد البر من طريق الحارث بن عبد اللَّه الهمدانى عن عثمان بن عبد الرحمن به، وعثمان وإن ضعفوه فإن الترمذى يمشى حاله ويقول عنه: ليس بالقوى.

ومع ذلك فلم ينفرد به بل تابعه حماد بن يحيى الابح عن الزهرى به مثله أخرجه ابن عبد البر من رواية جبارة بن المغلس عن حماد وهو ثقة إلا أن بعضهم تكلم فيه من أجل هذا الحديث، وقال: إنه معروف بالوقاص يعنى عثمان بن عبد الرحمن. وأكبر شاهد للحديث الواقع، فإن الناس لما تركوا العمل بكتاب اللَّه تعالى وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- ضلوا وأضلوا, ولم يكن ذلك في زمن الخبر بهذا الحديث فدل على صدقه واللَّه أعلم. 1417/ 3332 - "تَعَوَّذُوا بِاللَّه مِنْ جَهْدِ البَلاءِ، وَدَرْك الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ". (خ) عن أبي هريرة قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أن ذا مما تفرد به البخارى عن صاحبه والأمر بخلافه، فقد عزاه جمع منهم الديلمى والصدر المناوى إلى مسلم أيضًا في الدعوات، ورواه عنه أيضًا النسائى وغيره. قلت: مسلم والنسائى خرجاه بلفظ: "كان يتعوذ" وفرق عظيم بين رواية البخارى وبين روايتهما لا في اللفظ ولا في المعنى. أما اللفظ: فإن المذكور هنا من أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المصدر بحرف "التاء"، وروايتهما من لفظ الصحابى المصدر بـ "كان" إخبار عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأما المعنى: فإن المذكور هنا أمر من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وروايتهما إخبار عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يقول ذلك، وقد ذكره المصنف في باب "كان" الآتى، وعزاه للشيخين والنسائى، والشارح بعيد عن الفطنة قال مسلم [4/ 2080، رقم 2707/ 53]: حدثنى عمرو الناقد وزهير بن حرب قالا ثنا سفيان بن عيينة حدثنى سُمَىٌّ عن

أبي صالح عن أبي هريرة "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتعوذ من سوء القضاء ومن درك الشقاء ومن شماتة الأعداء ومن جهد البلاء". وقال النسائى [8/ 270]: أخبرنا قتيبة ثنا سفيان به مثله. ورواه أيضًا [8/ 269] عن إسحاق بن إبراهيم عن سفيان مثله. وأما الديلمى والمناوى فيقصدان أصل الحديث ولا يراعيان هذا التدقيق، فهما أحق باللوم. 1418/ 3335 - "تَعَوَّذوا بِاللَّه مِن الرَّغَبِ". الحكيم عن أبي سعيد قال في الكبير: الرغب بالتحريك العشار المكاس، وأقره بعض الشراح ثم وقفت على نسخة المصنف بخطه فرأيته كتب على الحاشية بإزاء الرغب: وهو كثرة الأكل كذا بخطه، وهو معنى حسن غريب، ثم رأيت مخرج الحديث الحكيم الترمذى فسره بكثرة الأكل والجماع فقال: الرغب كثرة الأكل والشبع مفقود حتى يحتاج صاحبه أن يأكل في اليوم مرات. . . إلخ. قال: وكانت لأبي سعيد الخدرى ابنة رغيبة فدعا اللَّه عليها فماتت. قلت: هذا يفيد أن أثر أبي سعيد الخدرى في قصة ابنته ذكره الحكيم تعليقًا أثناء كلامه على معنى الحديث وليس كذلك، بل هو عنده من تمام الحديث بإسناده، قال الحكيم في الأصل (239): ثنا يعقوب بن شيبة ثنا موسى بن إسماعيل ثنا عبد العزيز الدراوردى عن إسماعيل بن رافع عن محمد بن يحيى ابن حبان عن عمه واسع بن حبان عن أبي سعيد الخدرى قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تعوذوا باللَّه من الرغب"، قال: وكانت له ابنة رغيبة فدعا اللَّه عليها فماتت. . . اهـ. قلت: ويؤيد هذا ويشهد له ما عند أبي نعيم في تاريخ أَصبهان أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى غلامًا يأكل كثيرًا فقال: "الرغبة شؤم".

1419/ 3343 - "تَفرَّغُوا مِن هُمُومِ الدُّنْيَا ما اسْتَطعْتمْ، فإنَّه من كَانت الدُّنْيَا أَكْبرَ هَمِّه أفْشَى اللَّه ضَيْعَتهُ، وجَعَلَ فَقْرهُ بيْنَ عَينَيهِ، ومن كانتِ الآخِرَةُ أكَبَر هَمِّهِ جَمعَ اللَّه تعَالى لهُ أمْرَه، وجَعَلَ غِنَاهُ في قَلبِه، وما أَقْبَلَ عَبْدٌ بقَلبِه إلى اللَّه تَعَالى إِلا جَعَلَ اللَّه قُلوبَ المُؤمِنينَ تَفِدُ إليه بِالود والرَّحْمَةِ، وكانَ اللَّه تَعَالى بِكُلِّ خَيرٍ إِليهِ أَسْرَعُ". (طب) عن أبي الدرداء قال في الكبير: وضعفه المنذرى، وقال الهيثمى: فيه محمد بن سعيد بن حسان المصلوب، وهو كذاب اهـ. وكذا ذكره غيره. قلت: لا أدرى من هو هذا الغير، فإن الحافظ الهيثمى رحمه اللَّه وهم في قوله هذا واشتبه عليه راو بآخر وافقه في الاسم واسم الأب والجد، فالذي في سند هذا الحديث هو محمد بن سعيد بن حسان المدنى الحمصى، وهو متأخر الطبقة عن المصلوب كما نبه عليه الخطيب والذهبى والحافظ. والحديث خرجه أيضًا ابن الأعرابى في معجمه، وابن شاهين في الترغيب [ص 310، رقم 354] والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 404، رقم 696] وأبو نعيم في الحلية [1/ 227] والبيهقى في الزهد [ص 201] كلهم من طريق محمد بن بشر العبدى: ثنا جنيد بن العلاء ثنا محمد بن سعيد عن إسماعيل بن عبيد اللَّه عن أم الدرداء عن أبي الدرداء به، وقد سقت أسانيد هؤلاء إلى محمد بن بشر في مستخرجى على المسند. 1420/ 3344 - "تَفَقَّدُوا نِعَالكُمْ عِنْدَ أَبْوَابِ المَسَاجِدِ". (حل) عن ابن عمر قال في الكبير: ثم قال أبو نعيم: لم نكتبه إلا من حديث أحمد بن صالح

الشمومى اهـ، وأحمد هذا قال الذهبى عن ابن حبان: يضع الحديث وساق هذا الحديث من مناكيره. قلت: أحمد بن صالح برئ من هذا الحديث، فقد أخرجه الخطيب [5/ 277، 278] من رواية محمد بن روح العكبرى عن يحيى بن هاشم كما سبق سنده قريبًا في حديث: "تعاهدوا نعالكم". وهذا اللفظ رواه أبو نعيم من طريق أحمد بن صالح عن يحيى بن هاشم، فأصبح بريئا منه بمتابعة محمد بن روح العكبرى. والذهبى ما قال شيئًا مما نقله عنه الشارح ولا ذكر الحديث وإنما ذلك في لسان الميزان للحافظ، والشارح يكاد يختلط عليه الليل بالنهار فكيف بالميزان ولسانه 1421/ 3348 - "تَفَكَّروا في آلاءِ اللَّه، ولا تَفَكَّرُوا في اللَّه". أبو الشيخ (طس. عد. هب) عن ابن عمر قلت: أخرجوه كلهم من رواية الوازع بن نافع عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه، والوازع قال ابن حبان: كان ممن يروى الموضوعات عن الثقات على قلة روايته، ويشبه أنه لم يكن المتعمد لذلك بل وقع ذلك في روايته لكثرة وهمه، فبطل الاحتجاج به لما انفرد عن الثقات بما ليس من أحاديثهم. ثم أسند هذا الحديث عن الحسن بن سفيان: ثنا الصلت بن مسعود ثنا على ابن ثابت ثنا الوازع بن نافع عن سالم عن أبيه به. 1422/ 3349 - "تَفَكَّروا في خَلْقِ اللَّه، ولا تَفكَرُوا في اللَّه". (حل) عن ابن عباس قال في الكبير: قال ابن عباس: "خرج علينا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ما تفكرون؟ قالوا: نتفكر في اللَّه" فذكره، قال الهيثمى: فيه الوازع متروك. وهم المصنف وجماعة من الحفاظ منهم العراقى في المغنى والسخاوى في

المقاصد الحسنة في عزو هذا الحديث إلى أبي نعيم في الحلية من حديث ابن عباس، وليس هو فيه من حديثه، إنما [هو عندى] من حديث عبد اللَّه بن سلام. وزاد الشارح في الطين بلة، فوهم فيه وهما آخر إذ نقل عن الهيثمى أنه قال: فيه الوازع بن نافع متروك، والهيثمى إنما أورد حديث ابن عمر: "تفكروا في آلاء اللَّه ولا تفكروا في اللَّه"، وعزاه للطبرانى في الأوسط، وقال: فيه الوازع. . . إلخ، فنقله الشارح منه إلى حديث ابن عباس. وأما أبو نعيم فإنه لم يخرجه في الحلية من حديث ابن عباس وإن اتفق الحفاظ الثلاثة على عزوه إليه من حديثه، بل زاد السخاوى فذكره بسنده وعبارته: ولأبى نعيم من حديث إسماعيل بن عياش عن الأحوص بن حكيم عن شهر عن ابن عباس: "أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج على أصحابه فقال: ما جمعكم؟ قالوا اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته، فقال: تفكروا في خلق اللَّه ولا تتفكروا في اللَّه فإنكم لن تقدروا قدره" الحديث اهـ. وأبو نعيم إنما أخرج بهذا السند حديثًا آخر فقال [6/ 66]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا عبد الغفار بن أحمد الحمصى ثنا محمد ابن المصلى ثنا يحيى بن سعيد القطان عن إسماعيل بن عياش عن الأحوص ابن حكيم عن شهر عن ابن عباس: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج على أصحابه فقال: ما جمعكم؟ فقالوا: أجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته، فقال: ألا أخبركم ببعض عظمته؟ قلنا بلى يا رسول اللَّه، قال: إن ملكًا من حملة العرش يقال له إسرافيل، زاوية من زوايا العرش على كاهله، قد مرقت قدماه في الأرض السفلى ومرق رأسه من السماء العليا في مثله من خليقة ربكم"، ثم قال أبو نعيم: تفرد به إسماعيل بن عياش عن الأحوص عن شهر عن

ابن عباس، ورواه عبد الجليل بن عطية عن شهر عن عبد اللَّه بن سلام اهـ وأما اللفظ الذي ذكره السخاوى والمصنف، فأخرجه أبو نعيم [6/ 66، 67] في ترجمة شهر أيضًا عن الطبرانى، قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل حدثنى أبي ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا عبد الجليل بن عطية عن شهر عن عبد اللَّه بن سلام قال: "خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على ناس من أصحابه وهم يتفكرون في خلق اللَّه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: فيم تتفكرون؟ قالوا: نتفكر في اللَّه، قال: لا تتفكروا في اللَّه وتفكروا في خلق اللَّه، فإن ربنا خلق ملكًا قدماه في الأرض السابعة السفلى ورأسه قد جاوز السماء العليا، ما بين قدميه إلى ركبتيه مسيرة ستمائة عام، وما بين كعبيه إلى أخمص قدمية مسيرة ستمائة عام، والخالق أعظم من المخلوق" اهـ. فلا أدرى كيف وقع في هذا الوهم من هؤلاء الحفاظ، وقد كنت أظن أن في نسختنا المطبوعة من الحلية سقط فراجعت ترتيبها للحافظ الهيثمى، فرأيته ذكر فيه الحديثين كما ذكرته هنا ولم يذكر حديث ابن عباس بهذا اللفظ، فاللَّه أعلم. وقد أخرج ابن أبي شيبة في كتاب العرش، والبيهقى في الأسماء والصفات [ص 530] عن ابن عباس موقوفًا عليه: "تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات اللَّه". وإسناده جيد كما قال الحافظ في الفتح. 1423/ 3351 - "تَقَرَّبُوا إلى اللَّه بِبُغْضِ أهْلِ المَعَاصِي، والقُوهُمْ بِوُجُوهٍ مُكْفَهِرَّةٍ، والتَمِسُوا رِضَا اللَّه بِسَخَطِهِم، وتَقَرَّبوا إلى اللَّه بِالتَّبَاعُدِ مِنْهُم". ابن شاهين في الأفراد عن ابن مسعود

قلت: هكذا أخرجه الديلمى في مسند الفردوس [2/ 84، رقم 2138] من طريق ابن شاهين: ثنا على بن الحسن الحرانى ثنا أبي ثنا يحيى بن عبد اللَّه الحرانى ثنا عمر بن سالم الأفطس عن أبيه عن الحسن وعن عروة عن عبد اللَّه بن مسعود به. ورواه ابن شاهين أيضًا في الترغيب [ص 377، رقم 482] .. . . (¬1) اللَّه فمن نجالس فقال: من تذكركم اللَّه رؤيته ويزيد في علمكم منطقه ومن يرغبكم في الآخرة عمله". 1424/ 3354 - "تَقُولُ النَّارُ للمُؤَمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ: جُزْ يَا مُؤمِنُ فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي". (طب. حل) عن يعلى بن منية قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه سليم بن منصور وهو ضعيف. قلت: وقع في الأصل المطبوع من الشرح الكبير هنا حذف جملة كأنها: وفيه أيضًا منصور بن عماره ذكره الذهبى في الميزان, وقال: قال ابن عدى: هو منكر الحديث. . . إلخ. ما في الأصل. فلذلك لم نعده من أوهامه، نعم فيه وهم آخر وهو أن سليم بن منصور لا يوجد في سند أبي نعيم، وإنما هو في سند الطبرانى، والمصنف عزاه لهما معا، قال الطبرانى [22/ 358، رقم 668]: حدثنا على بن سعيد الرازى ثنا سليمان بن منصور بن عمار ثنا أبي ثنا بشير ابن طلحة عن خالد بن دريك عن يعلى بن منية به. وأما أبو نعيم فقال [6/ 329]: حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه ثنا محمد بن ¬

_ (¬1) بياض في المخطوطة (ص 210) متفرق في سطرين.

إسحاق الثقفى ثنا محمد بن جعفر صاحب منصور بن عمار ثنا منصور به. وأخرجه الحكيم في النوادر من غير طريق سليم بن منصور أيضًا، فقال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن منصور بن عمار به. 1425/ 3355 - "تَكْفيرُ كُلِّ لِحَاءٍ رَكْعَتَانِ". (طب) عن أبي أمامة قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: إسناده ضعيف، وقال الهيثمى: فيه مسلمة بن على وهو متروك وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم وفيه كلام كثير قلت: وقد ورد عن أبي هيرة موقوفًا عليه بسند صحيح فكأنه الأصل فيه، قال الحاكم في علوم الحديث [ص 71]: ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل حدثنى قال: حدثنا مخلد بن يزيد عن الأوزاعى عن عبد الواحد بن قيس عن أبي هريرة قال: "تكفير كل لحاء ركعتان" ذكره في النوع العشرين (ص 70). 1426/ 3356 - "تَكُونُ لأَصْحَابِي زَلَّةٌ يَغْفِرُهَا اللَّه تعالى لهم لِسَابِقَتِهِمْ مَعِى". ابن عساكر عن على قال في الكبير: ورواه الطبرانى عن حذيفة، قال الهيثمى: وفيه إبراهيم بن أبي الفياض، يروى عن أشهب مناكير. قلت: إبراهيم بن أبي الفياض لم ينفرد به بل توبع عليه، قال أبو نعيم في تاريخ أَصبهان [2/ 125]: ثنا أبو بكر عبد اللَّه بن محمد بن محمد ثنا عبد العزيز بن عمران ثنا أحمد بن عبد الرحمن الوهبى ثنا أشهب بن عبد العزيز ثنا ابن لهيعة عن أبي عشانة عن

عقبة بن عامر الجهنى حدثنى حذيفة بن اليمان قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يكون لأصحابى بعدى هنيهة يغفرها اللَّه لهم لصحبتى إياهم يقتدى بهم من بعدهم يكبهم اللَّه في النَّار على وجوههم"، وهذا سند ضعيف أيضًا. 1427/ 3359 - "تَكُونُ النَّسَمُ طَيْرا تَغلُقُ بِالشَّجَرِ، حَتَّى إذا كان يَومُ القِيَامَةِ دَخَلَت كُلُّ نَفْسٍ في جَسَدِهَا". (طب) عن أم هانئ قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أنه لم يره مخرجًا لأعلى من الطبرانى وهو عجيب فقد خرجه أحمد باللفظ المذكور عن أبي هريرة المزبور، وقد سبق عن الحافظ ابن حجر وغيره أن الحديث إذا كان في غير الكتب الستة ورواه أحمد لا يعزى لغيره، قال الهيثمى: وفيه ابن لهيعة. قلت: فيه أمران: الأول: كذب الشارح في قوله: وقد سبق عن الحافظ ابن حجر، فإنه ما سبق له ذلك وإنما سبق له نقل عن مغلطاى في الكتب الستة لا في مسند أحمد، على أن ما نقله مسلم عند علم الرجل بالحديث في المسند وغيره، أما من لم يطلع عليه في المسند ولم يحضره ساعة العزو فلا يكلف اللَّه نفسا إلا وسعها، وليس الأمر فيه كالكتب الستة عند أهل الحديث بل أكثر الحفاظ، وفي مقدمتهم الحافظ نفسه، لايعزو لأحمد ما فيه إلا نادرًا بل جل الحفاظ الشافعية كذلك، تجدهم يعزون الحديث للحاكم والبيهقى والطبرانى وأبي يعلى وأمثالهم ولا يعزونه لأحمد، وهو فيه، ومنهم الحافظ المنذرى والنووى بل ما رأيت من يعتنى بالعزو إليه إلا بعض الحنابلة كابن كثير وابن تيمية وابن القيم والمصنف، فما يقوم الشارح هنا بإظهاره لا طائل تحته الثانى: الحديث من رواية أم هانئ (¬1) كما في المتن، وهو يقول: خرجه أحمد باللفظ المذكور عن أبي هريرة المزبور، فانظر إلى التهور الفاحش المشهور من هذا الرجل المغرور. ¬

_ (¬1) انظر مسند أحمد (6/ 425).

1428/ 3363 - "تَمسَّحُوا بِالأَرْضِ، فَإنَّهَا بِكُمْ بَرَّةٌ". (طص) عن سلمان قال الشارح: وفي سنده مجهول وبقيته ثقات. قلت: يريد بالمجهول ما نقله في الكبير عن الهيثمى أنه قال: رواه الطبرانى عن شيخه حملة بن محمد الغزى، وصحفه الشارح بجبلة بن محمد، ولم أعرفه. . . إلخ. وقد قدمنا مرارًا أن من لم يعرفه أمثال الحافظ الهيثمى لا يقال عنه مجهول، ولكن الشارح لا يفرق في هذا الباب بين الكوع والبوع، ثم إنه استدرك في الكبير كون القضاعى خرجه في مسند الشهاب [1/ 409، رقم 704]، وهو استدراك باطل على إطلاقه، لأنه أخرجه من طريق الطبرانى في الصغير أيضًا [1/ 254، رقم 216] فلا فائدة في استدراكه إلا مع التقييد بكونه رواه من طريق الطبرانى. ثم إن الحديث خرجه ابن أبي شيبة في مصنفه في باب التبسم من [1/ 161] عن أبي عثمان النهدي مرسلًا، كما ذكرته بسنده في المستخرج. 1429/ 3364 - "تَمَعْدَدُوا، وَاخْشَوْشَنُوا، وَانْتَضِلُوا، وَامْشُوا حُفَاةً". (طب) عن ابن أبي حدرد قال في الكبير: وكذا رواه أبو الشيخ وابن شاهين وأبو نعيم كلهم من حديث يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبي سعيد المقبرى وهو ضعيف، وقال الحافظ العراقى: ورواه أيضًا البغوى وفيه اختلاف، ورواه ابن عدى من حديث أبي هريرة والكل ضعيف. قلت: هذا كلام من لا يحسن الكلام من جهل مفرط أو غلبة على عقل،

وبيان ذلك من وجوه: الأول: أن لكل من أبي الشيخ وابن شاهين وأبي نعيم مصنفات كثيرة، فإطلاق العزو إليهم دون بيان الصنفات التي خرجوا فيها الحديث كلام لا فائدة فيه ولغو لا طائل تحته، بل فيه إيهام أن أبا نعيم خرجه في الحلية لأنه أشهر مؤلفاته، والواقع أن أبا الشيخ خرجه في كتاب السبق وابن شاهين في كتاب الصحابة، وأبو نعيم في معرفة الصحابة أيضًا. الثانى: ذكره لإسناد مقطوعا غير موصول بالصحابى لغو أيضًا لا تتم به الفائدة. الثالث: قوله: من رواية يحيى بن زكريا عن أبي سعيد المقبرى باطل فإنه رواه عن عبد اللَّه بن سعيد عن أبيه. الرابع: قوله: عن أبي سعيد المقبرى وهو ضعيف باطل، أيضًا فإن الضعيف هو ابنه عبد اللَّه لا أبو سعيد. الخامس: قوله: ورواه ابن عدى من حديث أبي هريرة يفيد أن له طريقًا مستقلًا، وهو أيضًا من طريق عبد اللَّه بن سعيد، وإنما ذلك من الاختلاف الواقع عليه في الحديث، فإنه روى عنه على خمسة أقوال: القول الأول: عنه عن أبيه عن القعقاع بن أبي حدرد، هكذا أخرجه الثلاثة المذكورون أولا في كلام الشارح من رواية يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عنه، وهكذا أخرجه أيضًا الطبرانى (¬1) وأبو نعيم في المعرفة من رواية صفوان بن عيسى عنه، وادعى الطبرانى أنه لا يروى عن القعقاع إلا بهذا الإسناد، وأن صفوان ابن عيسى تفرد به عن عبد اللَّه بن سعيد، وهذا الأخير غير مسلم، بل رواه عن عبد اللَّه بن سعيد جماعة كما تقدم ويأتى، ورواه أبو نعيم في المعرفة أيضًا من رواية إسماعيل بن زكريا عنه مثل الذي قبله. ¬

_ (¬1) رواه في الأوسط (6/ 152، رقم 6061)، وهو في الكبير (22/ 353، رقم 885) ولكن من طريق إسماعيل بن زكريا, وليس صفوان بن عيسى.

القول الثانى: عنه عن عبد اللَّه بن أبي حدرد، هكذا أخرجه أبو الشيخ والطبرانى من رواية صفوان بن عيسى عنه، وكذلك رواه الطبرانى من رواية مندل بن على عنه. القول الثالث: عنه عن أبيه عن ابن أبي حدرد غير مسمى هكذا أخرجه البغوى من رواية إسماعيل بن زكريا عنه، وكذلك رواه أبو شبيب الحرانى في فوائده، قال: حدثنا سعدويه ثنا إسماعيل بن زكريا به. القول الرابع: عنه عن أبيه عن رجل من أسلم يقال له ابن الأدرع، هكذا أخرجه ابن أبي شيبة [9/ 22، رقم 6374] (¬1) والرامهرمزى في الأمثال من روايته عن عبد الرحمن عنه. القول الخامس: عنه عن أبيه عن جده عن أبي هريرة، هكذا أخرجه أبو الشيخ من رواية سعيد بن سعيد -وهو أخوه- عنه. 1430/ 3368 - "تَنَزَّهُوا مِنَ البَوْلِ، فإنَّ عَامَّةَ عَذَابِ القَبْرِ مِنْهِ". (قط) عن أنس قال في الكبير: ثم عقبة مخرجه الدارقطنى بقوله مرسل. قلت: الدارقطنى أعاذه اللَّه من الجهل بالحديث حتى يقول حديث فيه ذكر صحابية أنس: إنه مرسل، ولكنه رواه [1/ 127] من طريق أبي جعفر الرازى عن قتادة عن أنس به، ثم قال: المحفوظ مرسل أى بدون ذكر أنس فيه، والشارح لا يدرى ما يخرج من رأسه ولا يبصر ما أمامه، فيحرف ويأتى بالطامات. وفي الباب عن أبي هريرة وابن عباس، فحديث أبي هريرة تقدم للمصنف ¬

_ (¬1) في المطالب العالية؛ (2/ 422) "ابن الأكوع"

بلفظ: "أكثر عذاب القبر من البول" وعزاه لأحمد وابن ماجه والحاكم. ورواه الدينورى في المجالسة باللفظ المذكور هنا، فقال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد الوراق ثنا عمان بن مسلم الصفار ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر من البول". وحديث ابن عباس قال أبو نعيم في التاريخ [2/ 357]: ثنا أبي ثنا أحمد بن محمد بن سهل بن ممجة ثنا أبو بشر يحيى بن محمد بن [قيس] البصرى ثنا عبد اللَّه بن رجاء ثنا إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس، "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: إن عامة عذاب القبر من البول، فتنزهوا من البول". 1431/ 3369 - "تَنَظَّفُوا بِكُلِّ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّ اللَّه تعالى بَنَى الإِسْلامَ على النَّظَافَةِ، وَلَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلا كُلُّ نَظِيفٍ". أبو الصعاليك الطرسوسى في جزئه عن أبي هريرة قلت: في الباب عن عائشة مثله، قال ابن حبان في الضعفاء [3/ 57]: ثنا محمد بن المسيب ثنا الفضل بن أبي طالب ثنا نعيم بن مورع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: تنظفوا فإن الإِسلام نظيف، ولا يدخل الجنة إلا نظيف". وقال ابن حبان: وحدثناه الفضل بن محمد العطار بأنطاكية ثنا عقبة بن مكرم ثنا نعيم بن المورع به، وقال: "لا يدخل الجنة إلا كل نظيف" ونعيم، قال ابن حبان: يروى عن الثقات العجائب، لا يجوز الاحتجاج به بحال. قلت: فإن كان أبو الصعاليك رواه من حديث أبي هريرة، فكأن بعض الضعفاء ركب له إسنادًا آخر عنه.

1432/ 3371 - "تَنَقَّهْ، وَتَوقَّهْ" (طب. حل) عن ابن عمر قال الشارح: وفيه ابن كدام متروك. قلت: هذا كلام ساقط لوجهين: أحدهما: أنه لغو لا فائدة فيه. والثاني: وهو أن المشهور بين الرجال مسعر بن كدام فيتبادر إلى الذهن أنه المراد ومسعر ثقة من مشاهير الثقات، وإنما المراد هنا ابنه عبد اللَّه بن مسعر بن كدام، والحديث خرجه أيضًا ابن مردك في فوائده والعقيلى [2/ 304]. 1433/ 3373 - "تَهَادُوا تَحَابُّوا". (ع) عن أبي هريرة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من الستة وليس كذلك، فقد رواه النسائى في الكنى والبخارى في الأدب المفرد، قال الزين العراقى: وسنده جيد، وقال ابن حجر: سنده حسن. قلت: في هذا من غفلته الشنيعة أمران: أحدهما قوله: وظاهره أنه لم يره ثم قال: وليس كذلك فهي غفلة ظاهرة. ثانيهما أنه ظن أن مراد المحدثين بالستة الرجال لا خصوص الصحيحين والسنن و (¬1) الأربعة، فلذلك جعل الكنى للنسائى والأدب المفرد للبخارى من هذا القبيل، ومن الذي يعتبر كنى النسائى وأدب البخارى المفرد من الأصول الستة حتى يتم له التعقب بهما إن هذا لعجب؟! وإذا لم يعزه إليهما فكان ماذا؟. وعلى سخافة الشارح نقول: فظاهر صنيعه أنه لم يره لأشهر من الكنى والأدب المفرد وهو قصور من الشارح، فقد خرجه البيهقى في سننه [6/ 169] ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل المخطوط ولعلها زائدة.

وهو أشهر من الكتابين وأكبر وأفضل وأحق بالعزو إليه لأنه من كتب الأحكام المعتمدة المشهورة. وكذلك خرجه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 381، رقم 657] (¬1)، وهو قد رتبه على حروف المعجم، فلم لم يعزه إليه؟. وكذلك خرجه الدولابى في الكنى [1/ 150، 2/ 7] وهو في الشهرة ككنى النسائى. 1434/ 3378 - "تَهَادُوا، فَإنَّ الهَديَّة تَذْهَبُ بِالسَّخِيمَة، وَلَوْ دُعِيتُ إلى كِرَاعٍ لأجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِي إلَيَّ كِرَاعٌ لَقَبِلْتُ" (هب) عن أنس قال في الكبير: رواه البيهقى من حديث محمد بن منده عن بكر بن بكار عن عائذ بن شريح عن أنس ومحمد بن منده قال أبو حاتم: لم يكن بصدوق وبكر بن بكار هو القسى، قال النسائى: غير ثقة وعائذ لم يروه عن أنس غيره وقد ضعف، وفي اللسان عن مهران أنه كذاب، وفي الميزان عن أبي طاهر: ليس بشيء. قلت: فيه أمور: الأول: أن محمد بن منده لا مدخل له في الحديث، فقد توبع، قال أبو نعيم في التاريخ [2/ 91]: ثنا عبد اللَّه بن محمد بن محمد بن فورك ثنا محمد بن إبراهيم أبو عبد اللَّه الحرانى ثنا بكر بن بكار به. وقال أيضًا [1/ 157]: حدثنا عبد اللَّه بن جعفر بن أحمد بن فارس ثنا محمد ابن عمر بن يزيد ثنا بكر بن بكار به. الثانى: أن بكر بن بكار توبع عليه أيضًا، قال ابن أبي الدنيا في مكارم ¬

_ (¬1) عن عبد اللَّه بن عمر

الأخلاق [ص 89، رقم 368]: ثنا أبو عمار المروزى ثنا الفضل بن موسى عن عائذ بن شريح به. وقال ابن حبان في الضعفاء [2/ 194]: ثنا محمد بن الحسين بن مكرم ثنا الحسين بن حريث ثنا الفضل بن موسى السنانى عن عائذ بن شريح به. الثالث: أن الحافظ لم ينقل في اللسان عن مهران أنه قال: كذاب، قال في اللسان [3/ 226]: عائذ بن شريح صاحب أنس الذي روى عنه بكر بن بكار، قال أبو حاتم: في حديثه ضعف، وقال ابن طاهر: ليس بشيء روى عن أنس حديث: "ما الذي يعطى من سعة بأعظم أجرًا من الذي يأخذ إذا كان محتاجًا"، وقال الخطيب في "الموضح": روى عنه عبد اللَّه بن محمد بن المغيرة، فقال عن أبي الخليج عن أنس، فذكر حديث الطير اهـ، يعنى إنه يكنى أبا الخليج فهذا نص اللسان ليس فيه نقل عن أحد أنه قال في عائذ كذاب. الرابع: ولو فرضنا أنه سقط من نسختنا، فليس في رجال الجرح والتعديل من اسمه مهران. والحديث ورد من وجه آخر عن مكحول مرسلا، أخرجه بن قتيبة في عيون الأخبار وأبو القاسم البغوى، ومن طريقه القضاعى في مسند الشهاب [2/ 381، رقم 658]. 1435/ 3379 - "تَهَادَوا، فَإِنَّ الهَدِيَّة تُضعفُ الحُبَّ" (¬1) (طب) عن أم حكيم بنت وداع ¬

_ (¬1) في النسخة المطبوعة من فيض القدير: "تهادوا، فإن الهدية تضعف الحب، وتذهب بغوائل الصدر".

قلت: أخرجه أيضًا ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 89، رقم 367]، وابن قتيبة في عيون الأخبار، وأبو نعيم في المعرفة عن الطبرانى، والديلمى عن الحداد عن أبي نعيم [2/ 681، رقم 2088] والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 382، رقم 659] وقد ذكرت أسانيدهم في المستخرج. 1436/ 3380 - "تَوَاضَعُوا وَجَالِسُوا المَسَاكِيِنَ تَكُونُوا مِنْ كُبَراءِ اللَّه، وَتَخْرُجُوا مِنْ الكِبْرِ" (حل) عن ابن عمر قلت: هذا حديث موضوع رواه أبو نعيم [8/ 197] من طريق خالد بن يزيد العمرى عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر، وخالد العمرى كذاب يروى الموضوعات والحديث ظاهر الركاكة والافتعال. 1437/ 3381 - "تَوَاضَعُوا لِمَنْ تَعَلَّمُونَ مِنْهُ، وتَوَاضَعُوا لِمَنْ تُعَلِّمُونَهُ، ولا تَكُونُوا جَبَابِرَةَ العُلَمَاءِ" (خط) في الجامع عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس من طريق ابن السنى، ولعله في رياضة المتعلمين عن عثمان بن سهل بن مخلد عن إبراهيم بن راشد الآدمى عن حجاج بن نصير عن عباد بن كثير عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به. 1438/ 3382 - "تُوبُوا إلى اللَّه تعالى، فَإنِّى أَتُوبُ إليه كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ" (خد) عن ابن عمر

قال الشارح: ورواه مسلم أيضًا. قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن ذا لا يوجد في أحد الصحيحين وهو ذهول، فقد خرجه مسلم في الدعوات من حديث الأغر المزنى الصحابى. قلت: في هذا وهمان: الأول: قوله في الصغير: ورواه مسلم، يفيد أنه رواه من حديث ابن عمر أيضًا، وهو باطل كما صرح به نفسه في الكبير بأنه رواه من حديث الأغر. الثانى: حديث الأغر رواه مسلم بلفظين، أحدهما [4/ 2074، رقم 2027/ 42]: "يأيها الناس توبوا إلى اللَّه" والمصنف قد أسقط من هذا الكتاب الأحاديث المصدرة بياء النداء، وليس هذا موضعها، واللفظ الثانى [4/ 2074، رقم 2027/ 41]: "إنه ليغان على قلبي، وإنى لأستغفر اللَّه في اليوم مائة مرة" قد ذكره المصنف سابقًا في حرف الألف، وعزاه لأحمد ومسلم وأبي داود والنسائى، فالذاهل الغافل الناسي هو الشارح. 1439/ 3385 - "التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ" (هـ) عن ابن مسعود، الحكيم عن أبي سعيد قال في الكبير عقب حديث ابن مسعود: قال في الميزان: قال أبو حاتم: حديث ضعيف، وابن أبي سعيد مجهول رواه عنه مجهول وهو يحيى بن خالد، وقال المنذرى بعد ما عزاه لابن ماجه والطبرانى: رواة الطبرانى رواة الصحيح لكن أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، وقال ابن حجر حسن. ثم قال الشارح عند ذكر المصنف لحديث أبي سعيد: الحكيم عن أبي سعيد الخدرى

قلت: في هذا من خبطه وتخليطه أمران: الأول: قوله عقب حديث ابن مسعود: قال أبو حاتم: حديث ضعيف، وابن أبي سعيد مجهول، هو صريح في أن ذلك واقع في سند حديث ابن مسعود لأنه ذكره عقبة وقدمه على ذكر حديث أبي سعيد، والواقع أن ذلك في حديث أبي سعيد لا في حديث ابن مسعود. ومن تخليطه أنه عقَّب كلام المنذرى على حديث ابن مسعود بعد الكلام الذي نقله عن أبي حاتم في حديث أبي سعيد ليتم التخليط. قال ابن ماجه [2/ 1420، رقم 4250]: حدثنا أحمد بن سعيد الدارمى ثنا محمد بن عبد اللَّه الرقاشى ثنا وهيب بن خالد ثنا معمر عن عبد الكريم الجزرى عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود به. ورواه الطبرانى في الكبير [10/ 150، رقم 10281] وأبو نعيم في الحلية عنه [4/ 210]: ثنا على بن عبد العزيز البغوى ثنا معلى بن أسد ثنا وهيب به. ورواه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 97، رقم 108] من طريق أبي سعيد بن الأعرابى وهو في معجمه: ثنا على بن عبد العزيز عن محمد بن عبد اللَّه الرقاشى عن وهيب به. ورواه البيهقى في السنن [10/ 154] في باب شبهادة القاذف، من طريق على بن عبد العزيز أيضًا، ثم قال البيهقى عقبة: كذا قال وهو وهم، والحديث عن عبد الكريم عن زياد بن أبي مريم عن عبد اللَّه بن معقل عن عبد اللَّه بن مسعود، ثم أخرجه كذلك من طريق عبد الرزاق [10/ 154]: أنا معمر عن عبد الكريم الجزرى عن زياد بن أبي مريم عن عبد اللَّه أنه قال: "الندم توبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له".

ثم قال البيهقى: كذا رواه عبد الرزاق عن معمر موقوفًا بزيادة. قلت: وهذا الحديث وقع فيه اختلاف شديد في سنده ربما نذكره إن شاء اللَّه في حديث: "الندم توبة" وقد بسطته في المستخرج، والمقصود من ذكر هذه الأسانيد بيان غلط الشارح وأن حديث ابن مسعود ليس فيه من ذكر. الثانى: أنه زاد لفظ الخدرى بعد ذكر أبي سعيد وليس هو بالخدرى، قال الحكيم الترمذى في نواد الأصول في الأصل الخامس ومائتين (¬1) [2/ 141]: حدثنا الفضل بن محمد ثنا موسى بن سهل عن ابن أبي فديك قال: حدثنى يحيى بن أبي خالد عن ابن أبي سعيد الأنصارى عن أبيه به. ورواه أيضًا أبو نعيم في الحلية عن أبي الشيخ [10/ 398]: ثنا عبد اللَّه بن محمد بن العباس ثنا أبو عبد الرحمن الراعى ثنا دحيم ثنا ابن أبي فديك به مثله. وابن أبي سعيد الأنصارى مجهول غير معروف وكذا أبوه لا يعرف، وليس هو بأبي سعيد الخدرى أصلا. 1440/ 3387 - "التَّائِبُ مِنَ الذَّنْب كَمَن لا ذَنْبَ لَهُ، وَالمُسْتَغْفِرُ مِنَ الذَّنْبِ وَهُوَ مُقِيمٌ عليه كَالمُسْتَهْزَئ بِرَبِّهِ، ومَنْ آذَى مُسْلِمًا كَان عليه مِنَ الذُّنُوبِ مِثْلُ مَنَابَتِ النَّخْلِ". (هب) هو ابن عساكر عن ابن عباس قلت: أخرجه البيهقى أيضًا في السنن الكبير [10/ 154]، قال: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ أنا أبو عبد اللَّه محمد بن على الروذبارى والد أبي الحسن المزكى ثنا إبراهيم بن إسماعيل العنبرى ثنا أبو كريب ثنا سلم بن سالم عن سعيد بن عبد الجبار عن عاصم الحدانى عن عطاء عن ابن عباس به مختصرًا، ثم قال: هذا إسناد ضعيف. ¬

_ (¬1) وهو في الأصل الرابع ومائتين.

1441/ 3388 - "التُّؤَدَةُ في كُلِّ شَيءٍ خَيرٌ إلا في عَمَلِ الآخِرَةِ" (د. ك. هب) عن سعد قلت: أخرجه البيهقى أيضًا في السنن الكبرى [10/ 194] وفي كتاب الزهد [ص 299، رقم 708، 709] وهو من رواية الأعمش، وقد شك في رفعه ومع ذلك فقد رواه أحمد في الزهد عن عمر رضي اللَّه عنه من قوله وهو من رواية الأعمش أيضًا فكأن الأشبه فيه أنه موقوف قال أحمد [2/ 28، 29]: حدثنا وكيع وعبد الرحمن قالا: حدثنا سفيان عن الأعمش عن مالك بن الحارث قال: قال عمر رضي اللَّه عنه: "التؤدة في كل شيء إلا ما كان من أمر الآخرة" 1442/ 3390 - "التَّأنِّى من اللَّه وَالعَجَلةُ مِنَ الشَّيْطَانِ" (هب) عن أنس قال في الكبير: رواه (هب) من حديث سعد بن سنان عن أنس، قال الذهبى: وسعد ضعفوه، وقال الهيثمى: لم يسمع من أنس، ورواه أبو يعلى باللفظ المزبور وزاد فيه: "وما أحد أكثر معاذير من اللَّه وما من شيء أحب إلى اللَّه من الحمد"، قال المنذرى: ورواته رواة الصحيح، وقال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح اهـ. وبه يعرف أن المصنف لم يصب في إهماله وإيثاره رواية البيهقى. قلت: فيه أمران: الأول: سند أبي يعلى والبيهقى واحد كلاهما روياه من طريق سنان بن سعد أو سعيد عن أنس إلا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في روايته: سعد بن سنان, لأن الرواة يختلفون في اسمه فبعضهم يقول سنان بن سعد وبعضهم يقول سعد بن سنان. وقد أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة في مسنده وعنه رواه أبو يعلى [7/ 248،

رقم 4256] وأخرجه الحارث بن أبي أسامه في مسنده [2/ 828، رقم 868] قال: حدثنا أبو النضر ثنا الليث حدثنى يزيد بن أبي حبيب عن سعيد بن سنان عن أنس بن مالك، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "التأنى من اللَّه والعجلة من الشيطان، وما من شيء أكثر معاذير من اللَّه عز وجل وما من شيء أحب إلى اللَّه عز وجل من الحمد" هكذا قال في روايته سعيد بن سنان كما هو عدنا في زوائد مسند الحارث للحافظ الهيثمى بخطه. وقال الحافظ السخاوى في المقاصد: رواه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو يعلى عنه وابن منيع والحارث بن أبي أسامة كلهم في مسانيدهم من حديث سنان بن سعد عن أنس، وأخرجه البيهقى في سننه وغيرها كذلك، فسمى الراوى عن أنس: سعد بن سنان اهـ. فلعل السخاوى تجوز في عزوه ذلك إلى الحارث بن أبي أسامة أو اختلفت نسخه أيضًا في اسم الراوى المذكور. أما البيهقى فأخرجه في السنن الكبرى في كتاب آداب القاضى [10/ 104] من طريق عثمان بن سعيد: ثنا أبو الوليد ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان به مختصرا كالمذكور في الكتاب، وسعد بن سنان يختلف الرواة في اسمه، فروى ابن إسحاق عن يزيد عنه أحاديث سماه في بعضها سعد بن سنان وفي بعضها سنان بن سعد وفي بعضها سنان بن سعيد، قال ابن حبان: حدث عنه المصريون وأرجو أن يكون الصحيح سنان بن سعد، وقال أحمد بن حنبل: لم أكتب أحاديث سنان بن سعد لأنهم اضطربوا فيها، فقال بعضهم: سعد بن سنان وبعضهم سنان بن سعد، وقال ابن أبي خيثمة: سألت يحيى ابن معين

عن سعد بن سنان الذي يروى عنه يزيد بن حبيب فقال: ثقة، وقال أبو داود: قلت لأحمد بن صالح: سنان بن سعد سمع أنسًا فغضب من إجلاله له، وقال الجوزجانى: سعد بن سنان أحاديثة واهية، وقال النسائى وابن سعد: منكر الحديث، وذكر البخارى الخلاف في اسمه قال: والصحيح سنان. فعلم من هذا أن الرجل مختلف في اسمه وفي توثيقه، وكأن الحافظ المنذرى اعتبر فيه جانب التوثيق وتبعه الهيثمى، وبه يعلم أن الشارح يهرف بما لا يعرف. الثانى: ما نقله عن الهيثمى من أنه قال: لم يسمع سعد بن سنان من أنس باطل لم يقله الهيثمى. 1443/ 3391 - "التَّاجِرُ الأمِينُ الصَّدُوق المُسْلِمُ مع الشُّهَداءِ يَومَ القِيَامَةِ". (هـ. ك) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الحاكم. صحيح، واعترضه ابن القطان بأنه من رواية كثير بن هشام وإن أخرج له مسلم، فقد ضعفه أبو حازم وغيره. قلت: بن القطان حافظ بارع لا يقول مثل هذا فإنه لا أصل له ولا يعلل الحديث بكثير بن هشام الثقة، ويدع شيخه كلثوم بن جوش المتكلم فيه فلا بد أن يكون الشارح قلب هذا النقل على عادته. والحديث خرجه أيضًا الدارقطنى في سنن [3/ 7]، من رواية على بن شعيب والفضل بن سهل كلاهما عن كثير بن هشام: ثنا كلثوم بن جوش عن أيوب السختيانى عن نافع عن ابن عمر به. وأخرجه ابن حبان في الضعفاء [2/ 230، 231] عن الحسن بن سفيان: ثنا أبو بكر بن الأعين ثنا كثير بن هشام به، وقال في كلثوم: يروى عن

الثقات الملزقات وعن الأثبات الموضوعات لا يحل الاحتجاج به بحال اهـ. وذكره أيضًا في كتاب الثقات فاضطرب فيه. وقد وثقه أيضًا البخارى، وقال ابن معين: لا بأس به. وذكره الذهبى في الميزان وأورد له هذا الحديث ثم قال: وهو حديث جيد الإسناد صحيح المعنى، ولا يلزم من المعية أن يكون في درجتهم، ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ} اهـ. كذا قال في الميزان، مع أنه لما ذكره الحاكم في المستدرك تعقبه بقوله: كلثوم ضعفه أبو حاتم فاضطرب الذهبى أيضًا في الحديث كما اضطرب ابن حبان في رواية كلثوم، ولا أشك أن ابن القطان أعلَّ الحديث بكلثوم لا بكثير بن هشام، فوهم عليه الشارح واللَّه أعلم. وحديث أبي سعيد المذكور في المتن بعد هذا شاهد له. 1444/ 3393 - "التَّاجِرُ الصَّدُوقُ تَحْتَ ظِلِّ العَرْشِ يَومَ القِيَامَةِ" الأصبهانى في الترغيب (فر) عن أنس قلت: قال الديلمى [2/ 128، رقم 2265]: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن على الكرجى إمام جامع قزوين إجازة أخبرنا عبد الجبار بن أحمد القاضى حدثنى أبو بكر محمد بن إبراهيم بت الحسن بن ديمة بن فيروز المؤدب حدثنا أبو جعفر محمد بن محمد بن جعفر ثنا يحيى بن شبيب حدثنا حميد الطويل عن أنس به، ويحيى بن شبيب وضاع. 1445/ 3395 - "التَّاجِرُ الجَبَانُ مَحْرُومٌ، والتَّاجِرُ الجَسُورُ مَرْزُوقٌ" القضاعى عن أنس قال في الكبير: قال العامرى في شرح الشهاب: حسن قلت: العامرى رجل جاهل بالحديث، مجترئ على تصحيح الأحاديث

وتحسينها برأيه وهواه، فهو أجهل من رأينا في هذا الباب، بل هو الوحيد الذي يصحح الأحاديث بهواه. والحديث في سنده كذاب ومتهم بالكذب، فأحسبه حديثًا موضوعًا. 1446/ 3398 - "التَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّه شُكْرٌ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ، ومَنْ لا يَشْكُرُ القَلِيلَ لا يَشْكُرُ الكَثِيرَ، ومَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ لا يَشْكُر اللَّه والجَمَاعةُ بَرَكةٌ، والفُرْقَةُ عَذَابٌ". (هب) عن النعمان بن بشير قال في الكبير: وفيه أبو عبد الرحمن الشامى، أورده الذهبى في الضعفاء وقال الأزدى: كذاب، ورواه عنه أحمد بسند رجاله ثقات كما بينه الهيثمى فكان يبغى للمؤلف عزوه له. قلت: في هذا أمور: الأول أن أبا عبد الرحمن الشامى المذكور في سند هذا الحديث ليس هو الكذاب الذي ذكره الذهبى في الميزان. الثانى: أن أبا عبد الرحمن المذكور في سند البيهقى هو مذكور في سند أحمد أيضًا كما سأذكره فالسند واحد. الثالث: أن أحمد لم يروه بلفظ يدخل هنا في هذا الحرف بل قال [4/ 375]: حدثنا منصور بن أبي مزاحم ثنا أبو وكيع الجراح بن مليح عن أبي عبد الرحمن الشامى عن الشعبى عن النعمان بن بشير قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على هذه الأعواد أو على هذا المنبر: من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر اللَّه، التحدث بنعمة اللَّه شكر وتركها كفر، والجماعة رحمة والفرقة عذاب". الرابع: أن الهيثمى لم يقل ما نقله عنه الشارح ودلسه وأبهمه، بل قال:

رواه عبد اللَّه بن أحمد، وأبو عبد الرحمن الشامى راويه عن الشعبى لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات اهـ. وذكره في موضع آخر فقال: رواه عبد اللَّه بن أحمد والبزار والطبرانى ورجالهم ثقات. فهو من جهة لم يعزه لأحمد أصلًا، بل اقتصر على عزوه لابنه عبد اللَّه، وهو واهم في ذلك كما بينته في المستخرج. ومن جهة استثنى أبا عبد الرحمن الشامى بأنه لم يعرفه، ونص في موضع آخر على أن رجاله ثقات، ولكن عزاه للبزار والطبرانى والشارح لم ينقل ذلك فهو ما أصاب في شئ أصلًا. والحديث أخرجه أيضًا أبو يعلى [3/ 365، رقم 122] وابن أبي الدنيا (¬1) وابن الأعرابى والقضاعى [1/ 239، رقم 377]. 1447/ 3399 - "التَّدْبِيرُ نِصْفُ العَيشِ، والتَّودُّد نِصْفُ العَقْلِ، والهَمُّ نِصْفٌ الهرَمِ، وَقِلَّةُ العِيَالِ أحَدُ اليَسَارَيْنِ". القضاعى عن على، (فر) عن أنس قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير عقب حديث على: قال العامرى في شرح الشهاب: غريب حسن، وأقول: فيه إسحاق بن إبراهيم الشامى أورده الذهبى في الضعفاء وقال: له مناكير وابن لهيعة وقد مر غير مرة، ثم قال عقب حديث أنس قال العراقى: فيه خلاد (¬2) بن عيسى جهله العقيلى ووثقه ابن معين. قلت: العامرى أحمق يصحح الأحاديث بهواه، والشارح بعد نقله كلامه في ¬

_ (¬1) رواه في قضاء الحوائج (77). (¬2) "خالد" وانظر الضعفاء الكبير للعقيلى (2/ 19)، لسان الميزان (2/ 382).

الكبير ورده بوجود الضعيف بل الضعفاء فيه أضرب عن ذلك صفحا، فكتب في الصغير: سنده حسن. وحديث على خرجه أيضًا الطوسى في مجالسه من وجه آخر ذكرته في المستخرج. أما حديث أنس فأخرجه أبو الشيخ في النوادر والنتف، والعقيلى في الضعفاء [2/ 19] والخطيب في التاريخ [12/ 11] وابن لال ومن طريقه رواه الديلمى [2/ 119، رقم 2240] لكن كلهم رووه من طريق خلاد بن عيسى المذكور عن ثابت عن أنس. وللحديث شاهد من حديث ابن عمر خرجه أبو الشيخ في النوادر والطبرانى في المكارم [140]، والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 55، رقم 33]. 1448/ 3400 - "التَّذَلُّلُ لِلْحَقِّ أَقْرَبُ إِلى العِزِّ مِنَ التَّعَزُّزِ بِالبَاطِلِ" (فر) عن أبي هريرة، الخرائطى في مكارم الأخلاق عن عمر موقوفًا قلت: المرفوع حديث باطل موضوع يتعجب من ذكر المصنف له مع كونه من رواية جماعة من الكذابين. 1449/ 3402 - "التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ، والتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ". (حم) عن جابر قال الشارح: بل هو متفق عليه، بل أخرجه الستة وذهل المؤلف. قلت: ما ذهل المؤلف ولكن ذهل الشارح، فحديث جابر ما خرجه البخارى ومسلم أصلًا بل ولا أحد من الستة أيضًا أصلًا، إنما أخرجوه من حديث سهل بن سعد ومن حديث أبي هريرة، وهما غير حديث جابر عند أهل الحديث الذين منهم المصنف. أما الشارج فلا خبو له عن هذا، وإنما يتعقب المصنف لو ذكر الحديث دون

صحابيه وقال: رواه أحمد، أما مع التقييد بصاحبيه جابر بن عبد اللَّه فلا. فالذاهل هو الشارح، والحديث استوعبت طرقه في المستخرج على مسند الشهاب. 1450/ 3405 - "التَّسوِيفُ شِعَارُ الشَّيْطَانِ يُلْقِيهِ في قُلُوبِ المؤْمِنِينِ" (فر) عن عبد الرحمن بن عرف قال في الكبير: وفه حميد بن سعد. قال الذهبى في الضعفاء: مجهول. قلت: في هذا تعقب على المصنف والشارح، أما المصنف فلإيراده هذا الحديث الباطل الموضوع الذي تفرد به كذاب، وأما الشارح فمن وجهيين: أحدهما: أن الذي قال فيه الذهبى ذلك هو حميد بن سعيد بإثبات الياء، وزاد الذهبى تعيين والده فقال: حميد بن سعيد بن العاص، يروى عنه ولده سليمان، مجهول اهـ. والمذكور في سند هذا الحديث حميد بن سعد بدون ياء، يروى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه. ثانيهما: أن علة الحديث إسماعيل بن يحيى فإنه كذاب وضاع، والديلمى خرج الحديث من طريقين. 1451/ 3406 - "التَّضَلُّعُ مِنْ مَّاءِ زَمْزَمَ بَرَاءةٌ مِنَ النِّفَاقِ". الازرقى في تاريخ مكة عن ابن عباس قال في الكبير: هذا كالصريح في أن المصنف لم يره مخرجًا لأحد من الستة، وهو ذهول شنيع، فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور عن ابن عباس. قلت: ما أشنع هذا الذهول ولكن من الشارح لا من المصنف مضافًا إليه الكذب أيضًا، أما الكذب ففي قوله رواه ابن ماجه باللفظ المزبور، فابن ماجه رواه [2/ 1017، رقم 3061] بلفظ: "إن آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم".

وأما الذهول فإن المصنف ذكر هذا الحديث في حرف الهمزة وعزاه للبخارى في التاريخ الكبير وابن ماجه والحاكم، وكتب عليه الشارح ثم نسى ذلك، فهو أذهل الذاهلين. 1452/ 3407 - "التَّفْلُ في المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهُ أنْ يُوَارِيَهُ". (د) عن أنس قال في الكبير: وظاهره أنه لا يوجد مخرجًا في أحد الصحيحين، لكن في مسند الفردوس عزاه لهما فليحرر. قلت: ما أكثر نسيان الشارح، فالحديث مر قريبًا أواخر حرف الباء بلفظ: "البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها" وعزاه للصحيحين والثلاثة. 1453/ 3411 - "التَّوَاضُعُ لا يَزِيدُ العَبْدَ إِلا رِفعَةً، فَتَواضَعُوا يَرْفَعكُمُ اللَّه تعالى، وَالعَفْوُ لا يَزِيدُ العَبْدَ إِلا عِزّا، فَاعْفُوا يُعِزّكُمُ اللَّه والصَّدَقةُ لا تَزِيدُ المَالَ إِلا كثرَةً، فَتَصدَّقُوا يَرْحَمكُمُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ". ابن أبي الدنيا في ذم الغضب عن محمد بن عميرة العبدى قال الشارح: وإسناده ضعيف. وقال في الكبير: رواه الأصبهانى في الترغيب والديلمى في مسند الفردوس عن أنس، قال الحافظ العراقى: وسنده ضعيف. قلت: كان من حق الشارح أن يبين وجه ضعفه لأنه كثير النقل من مسند الفردوس، وذلك أنه من رواية بشر بن الحسين عن الزبير بن عدى عن أنس به، وبشر بن الحسين كذاب متهم. 1454/ 3412 - "التَّوْبَةُ مِنَ الذَّنْبِ أَنْ لا تَعُودَ إِلَيْهِ أَبَدا". ابن مردويه (هب) عن ابن مسعود

قال في الكبير: ثم قال البيهقى: رفعه ضعيف اهـ. وهو مع وقفه ضعيف أيضًا، ففيه كما قال العلائى إبراهيم بن مسلم الهجرى، وبكر بن خنيس، ضعفهما النسائى وغيره، وقال الهيثمى: رواه أحمد بلفظ: "التوبة من الذنب أن يتوب منه ثم لا يعود فيه"، وسنده ضعيف أيضًا. قلت: فيه أمران: أحدهما: قوله عقب كلام البيهقى: وهو مع وقفه ضعيف أيضًا، كلام في غاية السقوط والركاكة، فإن البيهقى قال: رفعه ضعيف، فجعله هو موقوفًا، ثم عطف على كونه ضعيفًا كونه ضعيفًا أيضًا وهذا كلام يجل عنه العقلاء. ثانيهما: قوله: رواه أحمد بسند ضعيف أيضًا، قد يفهم أنه رواه من وجه آخر أيضًا، إلا أنه ضعيف، مع أن أحمد رواه [1/ 446] من طريق إبراهيم الهجرى، فالسند واحد غير أنه ليس عنده بكر بن خنيس، لا رواه من طريق على بن عاصم عن الهجرى عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه، أما البيهقى [10/ 155] والديلمى [2/ 122، رقم] فروياه من طريق بكر بن خنيس عن الهجرى.

حرف الثاء المثلثة

حرف الثاء المثلثة 1455/ 3417 - " ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيِه آوَاهُ اللَّه في كَنَفِهِ، ونَشَرَ عليه رَحْمَتَهُ، وأدْخَلَهُ جَنَّتهُ: مَنْ إِذا أُعْطِيَ شَكَرَ، وإِذا قَدَرَ غَفَرَ، وإِذا غَضِبَ فَتَرَ". (ك. هب) عن ابن عباس قال في الكبير: روياه من حديث عمر بن راشد عن هشام عن محمد بن على عن ابن عباس، وقال الحاكم: فرده الذهبى بقوله: بل واه، فإن عمر قال فيه أبو حاتم: وجدت حديثه كذبا اهـ. وذكر نحوه في الفردوس مع زيادة، بل نبه على ذلك مخرجه البيهقى فقال: عمر بن راشد هذا شيخ مجهول من أهل مصر يروى ما لا يتابع عليه، قال: وهو غير اليمامى اهـ. وبه يعرف أن المصنف كما أساء التصرف في إسقاطه من كلام البيهقى ما أعل به الحديث، لم يصب في إيراده رأسًا.

قلت: في هذا أمور: الأول: أن عمر بن راشد لم يروه عن هشام بل رواه عن ابن أبي ذئب عن هشام بن عروة، الثانى: أن ما نقله عن الفردوس غلط، إنما هو في مسند الفردوس لولد صاحب الفردوس. الثالث: أن صاحب مسند الفردوس إنما نقل عن الحاكم كلامه ثم قال: وذكره أبو حاتم فكذبه وعاب على يعقوب بن سفيان الرواية عنه. الرابع: أن المصنف لا ينقل كلام المخرحين على الأحاديث لا تصحيحا ولا تضعيفًا إلا فيما هو أندر من النادر. الخامس: لو كان ناقلًا كلام البيهقى لنقل كلام الحاكم في مقابله، وهو قوله: هذا حديث صحيح الإسناد، فإن عمر بن راشد شيخ من أهل الحجاز من ناحية المدينة قد روى عنه أكابر المحدثين اهـ. وما الذي جعل كلام البيهقى أولى بالذكر من كلام شيخه؟ السادس: أن المصنف مجتهد يحكم برأيه لا برأى البيهقى ولا برأى الحاكم. السابع: المصنف التزم ألا يورد ما انفرد به وضاع أو كذاب، وهذا الحديث له طريق آخر من حديث ابن عمر، أخرجه الدارقطنى في غرائب مالك من رواية أحمد بن أبي إسحاق عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك عن نافع عن ابن عمر به، وأحمد بن أبي إسحاق لا يعرف، وزعم الدارقطنى أن الحديث باطل كما زعم ذلك ابن حبان في حديث ابن عباس فذكره في الضعفاء في ترجمة عمر بن راشد وقال: إنه لا أصل له. 1456/ 3418 - "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيه فَهُوَ مِنَ الأَبْدَالِ: الرِّضَا بالقَضَاءِ، وَالصَّبرُ عَن مَحَارَم اللَّه، وَالغَضَبُ في ذَاتِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ". (فر) عن معاذ

قلت: هذا حديث موضوع أخرجه الديلمى [2/ 133، رقم 2276] من طريق ميسرة بن عبد ربه عن المغيرة بن قيس عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ به، بالزيادة التي ذكرها الشارح، وميسرة كذاب وضاع. 1457/ 3420 - "ثَلاثٌ مَن كُنَّ فِيه وُقِيَ شُحَّ نَفْسِهِ: مَن أَدَّى الزَّكَاةَ، وَقَرَى الضَّيْفَ، وَأَعْطَى في النَّائِبَةِ". (طب) عن خالد بن زيد بن حارثة قلت: تقدم قريبًا الكلام على ما في سند هذا الحديث وراويه من الاختلاف في حديث: "برئ من الشح". 1458/ 3424 - "ثَلاثٌ مَن كُنَّ فِيه أو وَاحِدَةٌ منْهُنَّ فَليَتَزوَّج مِنَ الحُور العِينِ حَيْثُ شَاءَ: رَجُلٌ ائْتُمِنَ عَلَى أَمَانَة فَأَدَّاهَا مَخَافةَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وَرَجُلٌ خَلَّى عَن قَاتِلِهِ، ورَجُلٌ قَرأ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ، "قُل هُوَ اللَّه أَحَدٌ"، عَشْرَ مَرَّاتٍ". ابن عساكر عن ابن عباس قلت في الباب أيضًا: عن جابر وأم سلمة. أما حديث جابر فيذكره المصنف بعد حديث، وأما حديث أم سلمة فقال الدينورى في المجالسة: ثنا محمد بن عبد الرحمن مولى بنى هاشم ثنا أبي ثنا رواد بن الجراح ثنا محمد بن مسلم عن عبد اللَّه بن الحسن عن أم سلمة رضي اللَّه عنها: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من كانت فيه واحدة من ثلاث زوجه اللَّه من الحور العين، من كانت عنده أمانة خفية شهية فأداها عن مخافة اللَّه، أو رجل عفا عن قاتله، أو رجل قرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} دبر كل صلاة".

1459/ 3426 - "ثَلاثٌ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ مَعَ الإِيمَانِ دَخَلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّة شَاءَ وَزُوِّجَ مِنَ الحُور العينِ حَيْثُ شَاءَ: مَنْ عَفَا عَنْ قَاتِلِهِ وَأَدَّى دَيْنًا خَفِيًا وقَرَأَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوَبةٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ". (ع) عن جابر قال الشارح: بإسناد ضعيف جدًا. وقال في الكبير: رواه أبو يعلى من حديث عمر بن نبهان عن جابر، قال مغلطاى: في عمر هذا، كلام اهـ. وقال الهيثمى: فيه عمر بن شهاب متروك، وأعاده في محل آخر وقال: ضعيف جدًا، وقال الزين العراقى: رواه أيضًا الطبرانى وهو ضعيف. قلت: فيه أمور، الأول: أن الحديث ليس بضعيف جدًا بل ضعفه قريب لا سيما وله شاهد من حديث ابن عباس وأم سلمة، تقدم في الذي قبله. الثانى: أن عمر بن نبهان لم يروه عن جابر بل رواه عن أبي شداد عن جابر. الثالث: أنه غير متروك كما يقوله الهيثمى، بل هو من رجال أبي داود، وقد قال الدورى عن ابن معين: صالح الحديث. والحديث أخرجه أيضًا العباس بن أحمد البرتى في جزئه: ثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا بشر بن منصور السلمى عن عمر بن نبهان عن أبي شداد عن جابر. وأخرجه الحسن بن سفيان وأبو نعيم في الحلية [2/ 243] من طريقه ومن طريق محمد بن إسحاق الثقفى كلاهما عن عبد الأعلى بن حماد به، وقال أبو نعيم: تفرد به بشر بن منصور.

1460/ 3428 - "ثَلاثٌ مَنْ فَعَلهُنَّ فَقَدْ أَجْرَمَ: مَنْ عَقَدَ لِوَاءً في غَيرِ حَقٍّ، أَوْ عَنْ وَالِدَيهِ، أو مَشَى مَعَ ظَالِمٍ لِيَنْصُرَهُ". ابن منيع (طب) عن معاذ قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبيد اللَّه بن حمزة وهو ضعيف. قلت: ومن طريقه خرجه أيضًا ابن جرير في التفسير، قال [21/ 112]: حدثنا عمران بن بكار الكلاعى ثنا محمد بن المبارك ثنا إسماعيل بن عياش ثنا عبد العزيز بن عبيد اللَّه عن عبادة بن نسى عن جنادة بن أبي أمية عن معاذ به، وزاد في آخره: "يقول اللَّه {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}. 1461/ 3429 - "ثَلاثٌ مَن فَعَلهُنَّ أَطَاقَ الصَّوْمَ: مَن أَكَلَ قَبْلَ أنْ يَشْرَبَ، وَتَسَحَّرَ، وَقَالَ". البزار عن أنس قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير: ورواه عنه الحاكم أيضًا، لكن قال: ويمس شيئًا من الطيب مكان القيلولة. قلت: ظاهر إطلاقه العزو إلى الحاكم يفيد أنه في المستدرك كما هي القاعدة عند الإطلاق، وهو إنما خرجه في التاريخ, فإن الديلمى أسنده [2/ 135، رقم 2282] أولًا من طريق أبي الشيخ: ثنا أبو العباس الحمال ثنا إسماعيل بن يزيد ثنا أبو داود ثنا سلام بن مسكين عن قتادة عن أنس به كما هنا. ثم أسنده من طريق الحاكم: حدثنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم العدل ثنا محمد بن الحجاج بن عيسى ثنا القعنبى عن سلمة بن وردان عن أنس به باللفظ الذي ذكره الشارح، ولينظر في سنديه.

1462/ 3432 - "ثَلاثٌ منْ أَخْلاقِ الإِيمَانِ: مَنْ إِذَا غَضِبَ لَمْ يُدْخِلْهُ غَضَبُهُ في بَاطِلٍ، ومَنْ إِذَا رَضِيَ لَمْ يُخْرِجْهُ رِضَاهُ مِنْ حَقِّ، ومَنْ إِذَا قَدَرَ لَمْ يَتعَاطَ مَا لَيسَ لَهُ". (طس) عن أنس قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه بشر بن الحسين وهو كذاب اهـ. فكان ينبغى للمصنف حذفه من هذا الكتاب. قلت: لكنه ورد من وجه آخر من حديث على كما سأذكره. وحديث أنس خرجه أبو نعيم في التاريخ [1/ 132] عن الطبرانى: حدثنا أحمد بن الحسين أبو جعفر الأنصارى ثنا حجاج بن يوسف بن قتيبة ثنا بشر بن الحسين عن الزبير بن عدى عن أنس به. وأما حديث على، فقال الطوسى في مجالسه: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا محمد بن محبوب ابن بنت الأَشج الكندي بأسوان ثنا محمد بن عيسى بن هشام الناشرى الكوفى ثنا الحسن بن على بن فضال ثنا عاصم بن حميد الحناط عن أبي حمزة ثابت بن أبي صفية قال: حدثنى أبو جعفر محمد بن على عليهما السلام عن آبائه قال عاصم: وحدثنى أبو حمزة عن عبد اللَّه بن الحسن بن الحسين عن أمه فاطمة بن الحسين عن أبيها الحسين عليه السلام قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكر مثله. 1463/ 3439 - "ثَلاثٌ مِنْ كُنُوزِ البِرِّ: إِخْفَاءُ الصَّدقَةِ، وَكِتْمَانُ المُصِيبَةِ وَكِتْمَانُ الشَّكْوَى، يَقُوُل اللَّه تعالى: إِذَا ابْتَلَيتُ عَبْدِي فَصَبَرَ لَمْ يَشْكُنِي إلى عُوَّادِه أَبْدَلْتُهُ لحَمًا خَيرًا مِنْ لَحْمِه، وَدَمًا خَيرًا مِن دَمِهِ، فَإنْ أَبْرَأْتُهُ أَبْرَأْتُهُ وَلَا ذَنْبَ لَهُ، وإِن تَوَفيتُهُ فَإِلَى رَحْمَتِى". (طب. حل) عن أنس

قال في الكبير: أورده ابن الجوزى في الموضوع، وقال: تفرد به الجارود، وهو متروك، وتعقبه المؤلف بأنه لم يتهم بوضع بل هو ضعيف، قال الحافظ العراقى: ورواه أيضًا أبو نعيم في كتاب "الإيجاز وجوامع الكلم" من حديث ابن عباس، وسنده ضعيف. قلت: المصنف لم يقتصر في التعقب على ما نقله الشارح، بل ذكر للحديث شواهد من حديث ابن عمر وابن مسعود وابن عباس وعلى، وأكثر من ذكر المخرجين، ثم إن لحديث أنس طريق آخر لم يذكره المصنف في التعقب، أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، إلا أنه من رواية داود بن المحبر عن عنبسة ابن عبد الرحمن، وهما كذابان، وقد ذكرته مع غيره في المستخرج على مسند الشهاب. 1464/ 3444 - "ثَلاثٌ من الفواقرِ: إمامُ إن أحسنتَ لم يشكرْ وإنْ أسأت لم يغفرْ، وجارٌ إن رأى خيرًا دفنهُ وإن رأى شرًّا أذاعهُ (¬1)، وامرأةٌ إن حَضَرْتَ آذتك وإن غبتَ عنها خانتْكَ". (طب) عن فضالة بن عبيد قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ [1/ 210] قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الإِمام ثنا محمد بن على بن الجارود ثنا إسماعيل ابن محمد بن عصام بن يزيد بن عجلان الهمدانى ثنا أبي ثنا أبي ثنا سفيان الثورى عن منصور عن هلال بن يساف عن نعيم بن ذى الخيار عن فضالة بن عبيد به. ¬

_ (¬1) في النسخة المطبوعة من فيض القدير: "أشاعه".

1465/ 3446 - "ثَلاثٌ أَحْلِفُ عَلَيهِنَّ: لا يَجْعَلُ اللَّه تعالى مَنْ لَهُ سَهْمٌ في الإسْلامِ كَمَنْ لا سَهْمَ لَهُ وَأَسْهُمُ الإِسْلامِ ثَلاثَةٌ: الصَّلاةُ، والصَّوْمُ، والزَّكَاةُ، ولا يَتولَّى اللَّه عَبْدًا في الدُّنْيَا فَيولِّيهِ غَيْرَهُ يَومَ القيَامَة، ولا يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْمًا إِلا جَعَلهُ اللَّه مَعَهُمْ، والرَّابِعَةُ لوَ حَلَفْتُ عليها رَجَوْتُ أَنْ لا آثَمَ: لا يَسْتُرُ اللَّه عَبْدًا في الدُّنْيَا إِلا سَتَرهُ يَوْمَ القِيَامَةِ". (حم. ن. ك. هب) عن عائشة (ع) عن ابن مسعود (طب) عن أبي أمامة قال الشارح عقب حديث عائشة: وفيه جهالة، وقال عقب حديث أبي أمامة: رواته ثقات. وقال في الكبير عقب رموز المخرجين لحديث عائشة: رووه من حديث شيبة الحضرمى عن عائشة، قال الحاكم: شيبة الحضرمى، أخرج له البخارى، وتعقبه الذهبى بأنه ما أخرج له النسائى سوى هذا الحديث، وفيه جهالة اهـ. وفيه أيضًا همام بن يحيى، قال الذهبى في الميزان: هو من رجال الصحيحين لكن قال القطان: لا يرضى حفظه، ثم قال الشارح عقب حديث أبي أمامة: قال الهيثمى: رجاله ثقات. قلت: فيه أمور، الأول؛ قوله في الصغير عن حديث عائشة فيه جهالة، تعبير ساقط، فإن الذي فيه جهالة هو شيبة الحضرمى راوى الحديث لا الحديث، والشارح ظن أن الضمير في كلام الذهبى عائد على الحديث، وهو يتكلم على الرجل، فالضمير عائد إليه. الثانى: قوله: من حديث شيبة الحضرمى عن عائشة باطل، بل رواه شيبة

عن عروة عنها. الثالث: تعرضه لذكر همام بن يحيى فضول لا معنى له، فالرجل من رجال الصحيحين، وكونه غير حافظ لا يضره متى كان ضابطًا. الرابع: قوله عن الذهبى أنه قال: وقال ابن القطان: لا يرضى حفظه، تحريف منه، بل قال الذهبى: وكان ابن القطان لا يرضى حفظه. الخامس: كل من همام وشيبة توبعا على الحديث، قال أبو نعيم في التاريخ [1/ 268]: ثنا أبو بكر الطلحى ثنا الحسن بن محمد بن الحسين الأصبهانى بالكوفة ثنا أبو مسعود ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ثلاث أحلف عليهن، والرابعة لو حلفت عليها لرجوت أن لا آثم ما جعل اللَّه ذا سهم في الإِسلام كمن لا سهم له، ولا يتولى اللَّه عبدًا في الدنيا فيوليه غيره يرم القيامة، والمرء مع من أحب، والرابعة التي لو حلفت عليها لرجوت أن لا آثم لا يستر اللَّه على عبد في الدنيا إلا ستره اللَّه يوم القيامة". السادس: قوله عن حديث أبي أمامة رواته ثقات، [فالحديث من رواية] طالوت بن عباد عن فضال بن جبير عن أبي أمامة، [] (¬1) من هذا الطريق أخرجه أيضًا أبو عمرو بن حمدان في فرائد الحاج له: أخبرنا الحسن بن سفيان ثنا طالوت بن عباد به. السابع: قوله في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات، باطل أيضًا بل الهيثمى قال ذلك عن حديث عائشة، وأما حديث أبي أمامة فقال: فيه فضال ¬

_ (¬1) ساقط من الأصل.

ابن جبير وهو ضعيف، وحديث ابن مسعود خرجه أبو الليث في التنبيه، وأبو نعيم في الحلية [1/ 137] موقوفًا عليه، وحديث عائشة خرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار [5/ 428، رقم 2185]. 1466/ 3449 - "ثَلاثٌ أُقْسمُ عَلَيهِنَّ: مَا نَقَصَ مَالٌ قطُّ مِنْ صَدَقَةٍ فَتَصدَّقُوا ولا عَفَّ رَجُلٌ عَنْ مَظْلَمَةٍ ظُلِمَهَا إلا زَادَهُ اللَّه تعالى بِهَا عزَّا فاعْفُوا يَزِدْكُمُ اللَّه عِزا، وَلَا فَتَحَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلةٍ يَسأَلُ النَّاسَ إلا فَتَحَ اللَّه عليه بَابَ فَقْرٍ". ابن أبي الدنيا في ذم الغضب عن عبد الرحمن بن عوف قلت: أخرجه أيضًا أحمد في المسند [1/ 193] قال: حدثنا عفان ثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه قال: حدثنى قاضى أهل فلسطين قال سمعت عبد الرحمن بن عوف يقول: "إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: ثلاث والذي نفس محمد بيده إن كنت لحالفًا عليهن، لا ينقص مال من صدقة" فذكره. 1467/ 3453 - "ثَلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ، ودَعْوَةُ المَظْلُومِ، ودَعْوَةُ المُسَافِرِ". (عق. هب) عن أبي هريرة قاله في الكبير: فيه محمد بن سليمان الباغندى، أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: صدوق فيه لين. قلت: هذا جهل وفضول، فالباغندى حافظ ثقة مصنف.

والحديث له طرق أخرى من غير رواية الباغندى، منها الروايات المذكورة بعده، والعجب أنه ترك ما فيه ممن يعلل به وهو أبو جعفر محمد بن على الذي لم يعرف أو الذي اختلف فيه، وذكر من لا ينبغى أن يذكر. 1468/ 3454 - "ثَلاثُ دَعَوَات يُسْتَجَابُ لَهُنَّ لا شَكَ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ، ودَعْوَةُ المُسَافِرِ، ودَعْوَةُ الوَالِدِ لِوَلَدِهِ". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: عدل عن عزوه للترمذى لأنه عنده من رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر، وأبو جعفر لا يعرف حالة، ولم يروه عنه غير يحيى ذكره ابن القطان. قلت: ابن ماجه خرج [الحديث] أيضًا من طريق أبي جعفر، قال ابن ماجه [2/ 1270، رقم 3862]: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد اللَّه بن بكر السهمى عن هشام الدستوائى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر عن أبي هريرة به. وأيضًا فالمصنف قد عزاه للترمذى بعد هذا بلفظ روايته، وأيضًا فالكتاب ليس خاصًا بالصحيح حتى يتجنب العزو إلى من وقع في روايته رجل مثل أبي جعفر المذكور. 1469/ 3456 - "ثَلاثُ دَعَوَاتٍ لا تُرَدُّ: دَعْوَةُ الوَالِدِ لِوَلَدِهِ، ودَعْوَةُ الصَّائِم، ودَعْوَةُ المُسَافِرِ". أبو الحسن بن مهرويه في الثلاثيات، والضياء عن أنس قلت: حرف الشارح في هذا الحديث وفي مخرجه، فقال في الصغير:

"ودعوة العالم" بدل "الصائم"، وزاد هو في شرحه: "العامل بعلمه". وقال في الكبير: "الصائم حتى يفطر". وأما مخرجه، فقال في الصغير كما نقل من خطه: مهوديه, بالواو بعد الهاء وبالدال، وكتب في الكبير: ابن مردويه وهو مهرويه، بالهاء والراء واسمه على بن محمد بن مهرويه القزوينى، روى عن العباس بن محمد الدورى وجعفر الصائغ ويحيى بن عبدك وآخرين, ذكره صالح بن أحمد في طبقات أهل همدان، وقال: سمعت عنه مع أبي وكان يأخذ الدراهم على نسخة على ابن موسى الرضا، وتكلموا فيه، ومحله عندنا الصدق اهـ. 1470/ 3457 - "ثَلاثُ أَعْلَمُ أنَّهُنَّ حَقٌّ؛ مَا عَفَا امرُؤٌ عَنْ مَظْلَمة إلا زَادَهُ اللَّه تعالى بِهَا عِزًا، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسهِ بَابَ مَسْأَلةٍ يَبتَغِي بِهَا كَثَرةً، إلا زَادَهُ اللَّه تعالى بها فَقْرًا، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ صَدَقةٍ يَبْتغِي بِهَا وَجْهَ اللَّه تعالى إلا زَادَه اللَّه كَثرةً". (هب) عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا عبد اللَّه بن أحمد في كتاب السنة, قال. حدثنا الهيثم بن خارجة أبو أحمد ثنا الوليد بن مسلم عن محمد بن عجلان عن المقبرى عن أبي هريرة به مثله، إلا أنه قال: "ولا فتح رجل على نفسه باب صدقة يلتمس به كثرة إلا زاده اللَّه بها كثرة" كذا وقع في الأصل المطبوع من كتاب السنة فلا أدرى هل هو تحريف أو كذلك هي الرواية؟ 1471/ 3461 - "ثَلاثُ خِصَالٍ مَنْ لَمْ تكن فِيهِ وَاحدَةٌ مِنْهُنَّ كان الكَلْبُ خيرًا منه: وَرَعٌ يَحْجزُهُ عَنْ مَحَارِم اللَّه عَزَّ وَجلَّ، أَوْ حِلْمٌ يَرُدُّ بِهِ جَهْلَ جَاهِلٍ، أَوْ حُسْنُ خُلُقٍ يَعِيشُ بِهِ في النَّاسِ". (هب) عن الحسن مرسلا

قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مسندًا لأحد، وهو عجيب، فقد رواه الطبرانى من حديث أم سلمة، قال الهيثمى: رواه عن شيخه إبراهيم بن محمد، وضعفه الذهبى. قلت: في هذا أمور، أحدها: أن حديث أم سلمة لا يدخل في هذا الحرف بل لفظها عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنه قال: من لم تكن فيه واحدة من ثلاث فلا يحنى من عمله (¬1)، تقوى تحجزه عن معاصى اللَّه أو حلم يكف به سفيهًا أو خلق يعيش به في الناس" وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال "من كان فيه واحدة من ثلاث زوجه اللَّه من الحور العين، من كانت عنده أمانة خفية شهية فأداها مخافة اللَّه، أو رجل عفا عن قاتله، أو رجل قرأ "قل هو اللَّه أحد" دبر كل صلاة" هكذا أورده الهيثمى [8/ 190] في كتاب الأدب (¬2)، وقال ما نقله عنه الشارح وأعاده في كتاب الزهد ولفظه عن أم سلمة رضي اللَّه عنها قالت: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: من لم تكن فيه واحدة من ثلاث فلا يعتد بشيء من عمله، تقوى تحجزه عن المحارم أو حلم يكف به السفيه، أو خلق يعيش به في الناس" ثم قال: رواه الطبرانى، وفيه عبد اللَّه بن مسلم ابن هرمز، قال أبو حاتم: يكتب حديثه وليس بالقوى، وبقية رجاله ثقات اهـ فبان من هذا أن الشارح دلس ولبس بعدم ذكره للمتن حتى يوهم أن لفظ حديث أم سلمة كلفظ حديث الحسن. ثانيها: أنه لا يلزم من ذكر المرسل، ذكر المسند، ولا قال أحد بذلك، ولو ¬

_ (¬1) كذا بالأصل بياضا هنا وفي مجمع الزوائد (8/ 9190)، والحديث أخرجه الطبرانى في الكبير (23/ 395، 944) "المطبوع" كما أشار إليه الهيثمى عن إبراهيم بن محمد ولكنه بلفظ: "من لم يكن فيه واحدة من ثلاث فلا يحتسب بشيء من عمله: تقوى يحجزه". وأخرجه كذلك (23/ 395، رقم 694) عن أم سلمة واللَّه أعلم. (¬2) بل في كتاب "البر والصلة".

كان هذا واجبًا وعدم ذكر المسند عيبًا لكاتب كتب الأئمة مالك والشافعى وأضرابهما المشحونة بالمراسيل مع وجودها مسنده ساقطة، وأهلها ملامون موصوفون بالقصور. ثالثها: أن المصنف قد ذكره سابقًا موصولًا من حديث أنس، ولكن الشارح لا يذكر ما مضى له قبل سطر واحد فكيف بما مضى قبل أوراق؟!. رابعها: لو كان هذا الاستدراك حقًا، لكان بحديث على وبحديث ابن عباس الواردين باللفظ المذكور هنا مصدرين بكلمة "ثلاث" أما حديث على، فقال الطبرانى في الصغير: حدثنا عبد الوهاب بن رواحة الرامهرمزى ثنا أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني ثنا حفص بن بشير الأسدى ثنا حسن بن بشر الأسدى ثنا حسن بن الحسين بن زيد العلوى عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن الحسين عن على عليهم السلام قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ثلاث من لم تكن فيه فليس مني ولا من اللَّه، قيل وما هي يا رسول اللَّه؟ قال: حلم يرد به جهل الجاهل وحسن خلق يعيش به في الناس وورع يحجزه عن معاصى اللَّه عز وجل" ورواه أيضًا في الأوسط [5/ 120، رقم 4848] وقال: لا يروى إلا بهذا الإسناد. وأما حديث ابن عباس، فقال ابن أبي الدنيا في الحلم [ص 50، رقم 55]: حدثنى يعقوب بن عبيد أنا هشام بن عمار أنا حماد بن عبد الرحمن الكلبى أنا إسماعيل بن إبراهيم الأنصارى عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قال: ثلاث من لم يكن فيه واحدة منهن فلا يعتد بشيء من

عمله، تقوى تحجزه عن معاصى اللَّه، وحلم يكف به السفيه، وخلق يعيش به في الناس". 1472/ 3462 - "ثَلاثُ سَاعَاتٍ لِلْمَرْءِ المُسْلِمِ مَا دَعَا فِيهِنَّ إلا اسْتُجيبَ لَهُ مَا لَمْ يَسْأَلْ قَطِيعَةَ رَحِمٍ أَوْ مَأْثَمًا: حِينَ يُؤَذِّنُ المُؤَذِّنُ بِالصَّلاة حَتَّى يَسْكُتَ، وحِينَ يَلْتَقَى الصَّفَّان حَتَّى يَحْكُمَ اللَّه تعالى بَيْنَهُمَا، وحِينَ يَنْزِلُ المَطَرُ حَتَّى يَسْكُنَ". (حل) عن عائشة قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: لم يبين وجه ضعفه، وأخشى أن يكون الحديث موضوعًا، فإنه من رواية الحكم بن عبد اللَّه بن سعد الأيلى وهو كذاب وضاع، وللحديث بقية في الحلية (ص 320 من التاسع). 1473/ 3469 - "ثَلاثٌ ليس لأحَد من النَّاسِ فيهنَّ رُخصةٌ: برُ الوالدين مسلمًا كان أو كافرًا، والوفَاءُ بالعهْدِ لمسلمٍ كان أو كافرِ، وأداءُ الأمانةِ إلى مسلمٍ كان أو كافرٍ". (هب) عن على قال الشارح: بإسناد فيه كذاب. وقال في الكبير: فيه إسماعيل بن أبان، فإن كان هو الغنوى الكوفى فهو كما قال الذهبى: كذاب، وإن كان الوراق فثقة. قلت: وإذا كنت شاكا في المذكور في السند من هو منهما، فكيف جزمت في الصغير بأنه الكذاب؟

1474/ 3470 - "ثَلاثٌ مُعَلَّقَاتٌ بِالعَرْشِ: الرَّحِمُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّى بِكَ فلا أُقْطَعُ وَالأمَانَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي بكَ فلا أُخْتَانُ وَالنِّعْمَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّى بِكَ فلا أُكْفَرُ". (هب) عن ثوبان قال الشارح: بضم المثلثة، وزاد في الكبير أن ذلك بخط المصنف. قلت: معاذ اللَّه أن يكون ذلك بخط المصنف، وإنما هو من سوء أوهام الشارح فهو بفتح الثاء المثلثة، لا يرتاب فيه إلا مثل الشارح المسكين. 1475/ 3471 - "ثَلاثٌ مُنجِيَاتٌ: خَشْيَةُ اللَّه تعالى في السِّرِّ وَالعَلانِيَةِ، والعَدْلُ في الرِّضَا وَالغَضَبِ، وَالقَصْدُ في الفَقْرِ وَالغِنَى، وَثَلاثٌ مُهْلِكَاتٌ: هَوَى مُتَّبَعٌ، وَشُحٌ مُطَاعٌ، وَإِعْجَابُ المَرْءِ بِنَفْسِهِ". أبو الشيخ في التوبيخ (طس) عن أنس قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف. قلت: لهذا الحديث عن أنس طرق متعددة، الطريق الأول: قال ابن حبان في الضعفاء [1/ 263]: أخبرنا محمد بن المسيب ثنا يوسف بن سعيد بن مسلم ثنا داود بن منصور ثنا حميد بن الحكم قال: سمعت الحسن يقول: ثنا أنس بن مالك فذكره. وقال الدولابى في الكنى [1/ 151]: أخبرنى أحمد بن شعيب -هو النسائى- أنا أبو بكر الأثرم ثنا داود ابن منصور ثنا حميد بن الحكم أبو حصين قال: "جاء رجل إلى الحسن وأنا جالس فقال: يا أبا سعيد، ما سمعت يقول؟ فقال الحسن: حدثنا

أنس بن مالك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال وذكره. وحميد قال ابن حبان: منكر الحديث لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد. قلت: وهنا لم ينفرد. الطريق الثانى: قال الدينورى في المجالسة: ثنا عباس الدورى ثنا أحمد بن عبد اللَّه بن يونس ثنا أيوب بن عتبة ثنا الفضل ابن بكر العبدى عن قتادة عن أنس به. ورواه [أبو] نعيم في الحلية [2/ 343]: حدثنا محمد بن على بن حبيش ثنا أحمد بن يحيى الحلوانى [قال]: ثنا أحمد بن يونس ثنا أيوب بن عتبة به، ثم قال أبو نعيم (¬1). ورواه العقيلى في الضعفاء [3/ 447/ ترجمة 1497] من هذا الوجه من رواية أيوب بن عتبة، والفضل بن بكر لا يعرف، وقال العقيلى: لا يتابع على حديثه. قلت: وليس كما قال، بل ذكر أبو نعيم في الحلية: أن عكرمة بن إبراهيم رواه عن هشام عن يحيى بن أبي كثير عن قتادة عن أنس به. الطريق الثالث: رواه أبو نعيم في الحلية [6/ 268] من طريق الحسن بن سفيان: ثنا المقدمى ثنا زائدة بن أبي الوقاد ثنا زياد النميرى عن أنس به مطولًا، ولفظه: "ثلاث كفارات وثلاث درجات وثلاث منجيات وثلاث مهلكات، ¬

_ (¬1) وقع كشط في المخطوطة والمثبت هو الظاهر منه: "ثم قال أبو نعيم" ولكنه لم يأت بما قاله في الحلية, وعند أبي نعيم في الحلية بعد أن ذكر السند السابق قوله: "هذا حديث غريب من حديث قتادة"، ورواه عكرمه بن إبراهيم عن هشام عن يحيى بن أبي كثير عن قتادة عن أنس رضي اللَّه تعالى عنه.

فأما الكفارات فإسباغ الوضوء في السبرات وانتظار الصلوات بعد الصلوات ونقل الأقدام إلى الجماعات، وأما الدرجات فإطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة في الليل والناس نيام، وأما المنجيات فالعدل في الغضب والرضا والقصد في الغنى والفقر وخشية اللَّه في السر والعلانية، وأما المهلكات فشح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه". وهكذا رواه ابن شاهين في الترغيب [ص 102، رقم 33]: حدثنا نصر بن القاسم بن نصر الفرائضى ثنا عبيد اللَّه بن عمر القواريرى ثنا زائدة بن أبي الرماد به مثله، وزياد النميرى: ضعيف. الطريق الرابع: قال ابن عبد البر في العلم: حدثنا أحمد بن قاسم ثنا عبيد اللَّه بن إدريس ثنا يحيى بن عبد العزيز ثنا عبد الغنى بن أبي عقيل ثنا يغنم بن سالم عن أنس به مختصرًا كالمذكور في المتن، إلا أنه قدم: "المهلكات" على "المنجيات"، ويغنم بن سالم كذاب. إلا أن الطرق الثلاثة قبله بانضمامها يكون الحديث حسنًا ولا بد إن شاء اللَّه لا سيما مع شاهده الآتى من حديث ابن عمر وابن عباس. 1476/ 3472 - "ثَلاثٌ مُهْلِكَاتٌ، وثَلاثٌ مُنْجِيَاتٌ، وثَلاثٌ كَفَّارَاتٌ، وثَلاثٌ دَرَجَات: فَأَمَّا المُهْلِكَاتُ: فَشُحٌ مُطَاعٌ، وهَوًى مُتَّبَعٌ وَإِعْجَابُ المَرْءِ بِنَفْسِه، وَأَمَّا المُنْجِيَاتُ: فَالعَدْلُ في الغَضَبِ والرِّضَا، والقَصْدُ في الفَقْرِ والغِنَى، وخَشْيَةُ اللَّه تعالى في السِّرِّ والعَلانِيَةِ، وأمَّا الكَفْارَاتُ: فَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، وإسْبَاغُ الوُضُوءِ في السَّبرَاتِ، ونَقْلُ الأقْدَام إلى الجَمَاعَات، وأمَّا الدَّرَجَاتُ: فإِطَعَامُ الطَّعَام، وإِفشَاءُ السَّلامِ والصَّلاةُ بِاللَّيلِ والنَّاسُ نِيَامٌ" (طس) عن ابن عمر

قال في الكبير: وكذا أبو نعيم عن ابن عمر قال: قال العلائى سنده ضعيف وعده في الميزان من المناكير، وقال الهيثمى: فيه ابن لهيعة ومن لا يعرف. قلت: أبو نعيم لم يخرجه من حديث ابن عمر، إنما خرجه من حديث ابن عباس مختصرًا (¬1)، فقال: حدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا شيبان بن فروخ ثنا عيسى ابن ميمون ثنا محمد بن كعب قال: سمعت ابن عباس يقول: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وعجب كل ذى رأى برأيه". ورواه البندهى من طريق أبي القاسم البغوى: ثنا شيبان بن فروخ به. وله طريق آخر من رواية سعيد بن جبير، قال ابن حبان في الضعفاء: ثنا محمد بن علان بإذنه ثنا لوين ثنا إسماعيل بن زكريا عن محمد بن عون عن محمد بن زيد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به، ذكره في ترجمة محمد بن عون وقال: لا يحتج به إلا فيما وافق الثقات. 1477/ 3476 - "ثَلاثٌ هُنَّ عليَّ فريضةٌ وهنَّ لكم تَطوعٌ: الوترُ، وركعتا الضُحى، والفَجرُ" (حم. ك) عن ابن عباس قال في الكبير والصغير: قال ابن حجر: يلزم من قال به وجوب ركعتى الفجر ولم يقولوا به وإن وقع في كلام بعض السلف ووقع في كلام الآمدى وابن الحاجب، وقد ورد ما يعارضه أقول: أخشى أن يكون ذلك تحريفًا فإن الذي وقفت عليه بخط الحافظ الذهبى في تلخيص المستدرك "النحر" بالنون وحاء ¬

_ (¬1) ورواه من طريق أنس بلفظه [6/ 268].

مهملة لا بفاء وجيم ولعله هو الصواب فلينظر، ثم نقل كلام الحافظ في تضعيفه وفي غضونه ذكر روايات فيها: "وركعتا الفجر" بدل الضحى. قلت: ومن عظيم غفلة الشارح أنه ينقل في كلام الحافظ عدة روايات مصرحة بـ "ركعتى الفجر" بدل الضحى، وفيها إضافة الركعتين إلى الفجر، ثم يظن بعد ذلك أنها تحريف وأن الصواب "النحر" بالنون والحاء ولا يهتدى إلى أن ذلك هو التحريف وأن الروايات المذكور فيها "ركعتا الفجر" قاضية على ذلك التصحيف، والحديث سبق كلامى عليه ونقل كلام الحافظ برمته في آخر حرف "الألف" في حديث "الأضحى على فريضة وعليكم. . . ". 1477/ -مكرر (أ) / 3479 - "ثلاثٌ لا تُردُّ: الوسَائِدُ والدُّهنُ واللَّبَنُ". (ت) عن ابن عمر قال في الكبير: قال (ت): غريب، وفي الميزان عن أبي حاتم: هذا حديث منكر، وقال ابن القيم: حديث معلول رواه الترمذى وذكر علته، ولا أحفظ الآن ما قيل فيه إلا أنه من رواية عبد اللَّه بن مسلم بن حبيب عن أبيه عن ابن عمر، وقال ابن حبان: إسناده حسن لكنه ليس على شرط البخارى. قلت: هكذا وصالح هذا النقل عن ابن حبان ولا أدرى ممن تصحف، هل من الشارح أو من الناسخ؟ ولا أدرى قائله، إلا أنه عن ابن حبان باطل كما سأذكره، وعبد اللَّه بن مسلم وقع اسم والده في الأصل: "حبيب" وهو تحريف والصواب: "جندب" بالجيم والنون والدال. والترمذي لم يذكر علة الحديث كما نقله عن ابن القيم، بل رواه عن قتيبة: ثنا ابن أبي فديك عن عبد اللَّه بن مسلم عن أبيه عن ابن عمر به. ثم قال: غريب، وعبد اللَّه بن مسلم هو ابن جندب وهو مديني اهـ. وهكذا أخرجه أبو نعيم في التاريخ من طريق قتيبة ولم يسم جد عبد اللَّه أيضًا، أما ابن حبان فذكر هذا الحديث في الضعفاء في ترجمة عبد اللَّه بن مسلم بن هرمز فقال: 325 (أ)

حدثنا الحسن بن سفيان ثنا هارون بن عبد اللَّه الحمال ثنا ابن أبي فديك قال: حدثنى عبد اللَّه بن مسلم عن أبيه عن ابن عمر به. قال ابن حبان: هكذا حدثنا الحسن بن سفيان وقال: عبد اللَّه بن مسلم فقط. وقد قيل إن رواي هذا الخبر هو عبد اللَّه بن مسلم بن جندب الهذلي، وهو بحديث عبد اللَّه بن مسلم بن هرمز أشبه، وقد روى مسلم بن جندب الهذلي ومسلم بن هرمز جميعًا عن ابن عمر، واسم ابن كل واحد منهما عبد اللَّه، فلذلك اشتبه على القائل هذا بذاك اهـ. كذا قال ابن حبان، وقد صرح بعض الرواة بأنه عبد اللَّه بن مسلم بن جندب لا ابن هرمز، قال الطبرانى في مكارم الأخلاق: ثنا مسعدة بن سعيد المكي ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا ابن أبي فديك عن عبد اللَّه بن مسلم بن جندب عن أبيه به، وعبد اللَّه بن مسلم بن جندب ثقة. وللحديث طريق عن ابن عمر، قال الروياني في مسنده: ثنا العباس بن محمد ثنا أبو الربيع سليمان بن داود بن رشيد الختلي ثنا خالد بن زياد الدمشقي ثنا زهير بن محمد عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "ثلاث لا ينبغى لأحد أن يردهن: اللبن والدهن والوسادة". 1477/ -مكرر (ب) / 3482 - "ثلاث لا يُحاسَبُ بهنَّ العبْدُ: ظلُ خُصٍ يَسْتظلُ به وكسْرةٌ يَشدُّ بها صُلبَه، وثوْبٌ يُوارى به عَوْرَته". (حم) في الزهد، (هب) عن الحسن مرسلًا قلت: وهم المصنف في عزو هذا اللفظ إلى أحمد في الزهد، بل هذا لفظ ابنه عبد اللَّه في زوائد زهد أبيه، فإنه قال: حدثنا بيان بن الحكم ثنا محمد بن حاتم حدثنى بشر بن الحارث ثنا عيسى بن يونس عن هشام عن الحسن به. أما أحمد فقال: حدثنا حسين ثنا المبارك عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثلاث ليس على ابن آدم فيها حساب: ثوب يوارى به عورته وطعام يقيم 325 (ب)

صلبه وبيت يكنه، فما فوق ذلك فعليه فيه حساب"، خرجه أحمد آخر الزهد (ص 396)، وأما ابنه عبد اللَّه فذكره أول الكتاب (ص 12). 1477/ -مكرر (جـ) / 3486 - "ثلاثٌ يُجلِّينَ البَصَر: النَّظُر إلى الخُضْرةِ وإلى الماءِ الجَارِي وإلى الوجْهِ الحَسَنِ". (ك) في تاريخه عن على وعن ابن عمر وأبو نعيم في الطب عن عائشة الخرائطي في اعتلال القلوب عن أبي سعيد قال في الكبير في الكلام على حديث على: قال ابن الجوزى: باطل موضوع، ووهب كذاب -يعنى ابن وهب البختري-. . . إلخ، قال: ولم يتعقبه المؤلف إلا بأنه ورد من طريق آخر وهو ينافي قوله: وعن ابن عمر. . . إلخ. قلت: كلام الشارح هنا لا يفهم، والمصنف تعقبه بطرق متعددة لم يذكر جميعها هنا بل أطال في ذلك في نحو صحيفتين، فما أدرى ما يقول الشارح، واذ ذكرت من طرقه ما لم يذكره المصنف في كتاب "الحسن والجمال الذي أفردته لما ورد فيه من المرفوع خاصة، وكذا في مستخرجى على مسند الشهاب. 1478/ 3488 - "ثَلَاثٌ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ: رَجُلٌ غَسَلَ ثِيَابَهُ فَلَمْ يَجدْ لَهُ خَلَفًا، ورَجُلٌ لَمْ يَنْصِبْ علىَ مُسْتَوقِدِهِ قَدْرَانِ، ورَجُلٌ دَعَا بِشَرَاب فَلَمْ يُقَلْ لَهُ: أيُّهُمَا تُرِيدُ" أبو الشيخ في الثواب عن أبي سعيد قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: بل هو حديث موضوع، قال أبو الشيخ: حدثنا الوليد بن أبان ثنا عبد اللَّه بن أحمد الأشتكى ثنا محمد بن عمران بن الحكم ثنا منصور بن عمار ثنا ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد به وعبد اللَّه بن أحمد الأشتكى كذاب وقال الذهبى: روى خبرًا موضوعًا. 326 (أ)

قلت: أحسبه هذا. 1479/ 3489 - "ثَلَاثٌ يُدْرِكُ بِهِنَّ العَبْدُ رَغَائِبَ الدُّنْيَا والآخِرَة: الصَّبْرُ على البَلاءِ، والرِّضَا بِالقَضَاء، والدُّعَاءُ في الرَّخَاءِ" أبو الشيخ عن عمران بن حصين قلت: وهم المؤلف في ذكر هذا الحديث، فكان أبا الشيخ رواه عن عمران موقوفًا، قال أبو الشيخ: ثنا أبو العباس الهروى ثنا محمد بن عبد الملك المروزى ثنا أبو صالح ثنا الليث ابن سعد حدثنى خالد بن يزيد عن محمد بن عبد اللَّه عن عمران بن حصين قال: وذكره موقوفًا. نعم أخرجه الديلمى من طريق أبي يزيد البسطامى: ثنا عبد اللَّه بن عبد الوهاب ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن أبي هلال التيمى قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره. 1480/ 3491 - "ثَلاث إذا رَأَيْتَهُنَّ فَعنْدَ ذلك تَقُومُ السَّاعَةُ: خَرَابُ العَامِرِ وَعِمَارَةُ الخَرَابِ، وأَنْ يكُونَ المَعرُوفُ مُنْكَرًا والمُنْكَرُ مَعْرُوفًا، وأَنْ يَتَمرَّسَ الرَّجُلُ بالأَمَانَةِ تَمَرُّسَ البَعِيرِ بِالشَّجَرَةِ" ابن عساكر عن محمد بن عطية السعدى قال في الكبير: وكلام المؤلف كالصريح في أنه صحابى، وهي غفلة عن قول التقريب وغيره: وَهِمَ من زعم أن له صحبة مات على رأس المائة. ورواه أيضًا من هذا الوجه الطبرانى، قال الهيثمى: وفيه يحيى بن عبد اللَّه البابلتى، وهو ضعيف، فما أوهمه صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من المشاهير غير سديد. قلت: فيه أمور، الأول: ما أوهمه استدراك الشارح من أنه لم يخرجه إلا 326 (ب)

وابن منده، وابن شاهين، وأبو بكر الإسماعيلى، والديلمى في مسند الفردوس، لا سيما وهذا الأخير من مراجع الشارح. الثانى: أن الهيثمى ذكره بغير اللفظ المذكور في الكتاب، جل لفظه عن عروة ابن محمد السعدى عن أبيه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ثلاث إذا رأيتهن فعندك عندك إخراب العامر وإعمار الخراب، وأن يكون الغزو رفدا وأن يتمرس الرجل بأمانته تمرس البعير بالشجرة" رواه الطبرانى [19/ 243، رقم 545]، وفيه يحيى بن عبد اللَّه البابلتى وهو ضعيف اهـ. وفي نقل الهيثمى أيضًا خلاف لما أسنده الديلمى من طريق الطبرانى كما سأذكره. الثالث: أن محمد بن عطية السعدى اختلف في صحبته، والرواة بهذا الحديث عن الأوزاعى عن محمد بن حُزابة اختلفوا عليه في صحابيه على أقوال، القول الأول: عن الأوزاعى عن محمد بن حُزابة عن محمد بن عروة عن أبيه، فيكون صحابى الحديث هو عروة، هكذا رواه البغوى من طريق أبي المغيرة عن الأوزاعى، قال البغوى: والصواب عندى رواية الوليد وهو عروة بن محمد بن عطية السعدى عن أبيه، ولا أحسب لمحمد صحبة، فكأن محمد بن عروة مقلوب عروة بن محمد اهـ. وقال الحافظ: هذا غلط نشأ عن قلب وإسقاط، أما القلب فإن الصواب: عن الأوزاعى عن عروة بن محمد، وأما الإسقاط فإنما هو: عن عروة بن محمد عن أبيه عن جده عطية اهـ. القول الثانى: عن الأوزاعى عن محمد بن حُزابة عن عروة بن محمد بن عطية عن أبيه، كذا رواه البغوى من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعى

وكذا رواه ابن منده من طريق رواد بن الجراح ويحيى بن عبد اللَّه البابلتى كلاهما عن الأوزاعى، ورواه أبو نعيم من طريق عبد اللَّه بن الضحاك عن الأوزاعى مثله، وهذا القول هو الذي أسنده أيضًا ابن عساكر كما في المتن. القول الثالث: عن الأوزاعى عن محمد بن حُزابة عن عروة بن محمد بن عطية عن أبيه عن جده عطية، هكذا قال يحيى بن عبد اللَّه البابلتى مرة أخرى عن الأوزاعى، أخرجه من طريقه الطبرانى [19/ 243، رقم 545]: ثنا أبو شعيب ثنا البابلتى حدثنا الأوزاعى حدثنى محمد بن حُزابة حدثنى عروة ابن محمد السعدى عن أبيه محمد بن عطية (¬1) قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ثلاث إذا رأيتهن فعند ذلك تقوم الساعة، إخراب العامر وإعمار الخراب، وأن يكون الغزو نداء، وأن يتمرس الرجل بأمانته" الحديث وعن الطبرانى أخرجه أبو نعيم، ومن جهته الديلمى في مسند الفردوس، وهكذا رواه يحيى بن حمزة عن الأوزاعى، إلا أنه قال: عن عروة بن محمد عن أبيه عن جده ولم يسم عطية، وهذا القول الأخير هو الصواب -أعنى كون صحابى الحديث عطية بن عروة السعدى والد محمد- وإن ذكر كثير أن محمد بن عطية صحابى أيضًا أدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو صغير، إلا أن الرواية والسماع لأبيه، أما المصنف الذي عزا الحديث لابن عساكر فذكره كما وقع عنده، وليس الكتاب كتاب توسع حتى يبين ما وقع فيه من الاختلاف والاضطراب، وقد يكون لم يتبين له من جهة الدليل أرجحية قول على آخر في صحبته وعدمها، فذكره كما وقع عند مخرجه. ¬

_ (¬1) في الأصل: "عن أبيه محمد بن عطية عن أبيه" والصواب ما أثبتناه، واللَّه أعلم.

فائدة

فائدة وقع في مجمع الزوائد في هذا الحديث: "وأن يكون الغزو رفدا" وفي أسد الغابة نقلًا عن معجم الإسماعيلى والصحابة لأبي موسى المدينى: "وأن يكون الغزو فيئًا" وفي مسند الفردوس للديلمى عن أبي نعيم عن الطبرانى: "وأن يكون الغزو نداء"، وهذا هو الصحيح المطابق للواقع وهو من عجيب معجزاته -صلى اللَّه عليه وسلم- وإخباره بالكائن بعده من المغيبات، فإن أهل العصر قصروا غزوهم على النداء في الشوارع بـ "يسقط فلان" و"يعيش فلان" و"لتسقط دولة كذا" و"ليعش الاستقلال" طامعين أنهم بهذا سيخرجون المستعمرين من الدول العظام أهل العدة والعدد والبطش والقوة من بلادهم، وذلك [لم] يكن يخطر ببال أحد من البشر حتى أُحدث في هذه الأزمان، فصلى اللَّه على هذا الرسول الكريم والنبي العظيم. 1481/ 3494 - "ثَلاثَةٌ أنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَمَنْ كُنْتُ خَصْمُهُ خَصمْتُهُ: رَجُلٌ أَعْطَى بى ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ بَاعَ حُرًا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأجَرَ أجِيرًا فَاستوفَى مِنْهُ ولَمْ يُوَفِّهِ" (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر اقتصاره على ابن ماجه أنه لا يوجد مخرجًا في الصحيحين والأمر بخلافه، فقد رواه البخارى في البيع والإجارة لكن بدون: "ومن كنت خصمه خصمته" ولفظه عن اللَّه تعالى: "ثلاثة أنا خصمهم" الحديث. قلت: انظر إلى تدليس الشارح وتلبيسه لتمشية غرضه، يقول: ولفظه: عن اللَّه تعالى: "ثلاثة أنا خصمهم" الحديث، حتى يوهم

أن أول الحديث في صحيح البخارى: "ثلاثة" كما هنا، فيكون المصنف مقصرًا في عدم عزوه إليه، ولو أنصف الشارح واتقى اللَّه لقال: ولفظه: "قال اللَّه تعالى: ثلاثة" فإن البخارى [3/ 108، رقم 2227] كذلك خرجه، فقال: حدثنى يشر بن مرحوم ثنا يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قال اللَّه: ثلاثة" الحديث، فموضع هذا حينئذ حرف "القاف"، وقد ذكره المصنف فيه وعزاه لأحمد والبخارى وافتضح تلبيس الشارح وتدليسه وبان قصوره وتقصيرة. 1482/ 3495 - "ثَلاثةٌ تَحتَ العَرْشِ يَومَ القِيَامَةِ: القُرْآنُ لَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ يُحَاجُّ العِبَادِ، والرَّحِمُ تُنَادِى: صِلْ مَنْ وَصَلنِى، واقْطَعْ مَن قَطَعنِى، والأمَانَةُ" الحكيم ومحمد بن نصر قال في الكبير: زاد الشارح في فوائده عن عبد الرحمن بن عوف، ورواه عنه أيضًا البغوى في شرح السنة، قال المناوى: وفيه كثير بن عبد اللَّه اليشكرى متكلم فيه. قلت: محمد بن نصر لم يخرجه في فوائده كما زعمه الشارح، وزاده من عنده بل أخرجه في كتاب قيام الليل، قال: حدثنى أبو زرعة ثنا محمد بن أبي بكر المقدمى ثنا كثير بن عبد اللَّه قال: زعم الحسن بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره. والبغوى أخرجه أيضًا في كتاب التفسير كما خرجه في شرح السنة، وأسنده

في كلا الكتابين من طريق ابن زنجويه، وهو عنده في كتاب الأدب قال: ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا كثير بن عبد اللَّه اليشكرى ثنا الحسن بن عبد الرحمن به. وأخرجه أيضًا أبو الشيخ، قال: حدثنا أبو العباس الخزاعى ثنا مسلم بن إبراهيم به. وأما الحكيم الترمذى فأخرجه في النوادر في الأصل التاسع والأربعين ومائة (¬1) قال [1/ 709]: حدثنا أبي رحمه اللَّه ثنا الحمانى ثنا زيد بن الحباب قال: أخبرنى كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف قال: أخبرنى الحسن بن عبد الرحمن به. كذا وقع عنده كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف، ووقع عند البغوى: كثير ابن عبد اللَّه اليشكرى، وهما اثنان فرقهما ابن أبي حاتم، فذكر أولًا كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف، ونقل الجرح فيه عن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبي زرعة، ثم ذكر كثير بن عبد اللَّه اليشكرى، وقال: روى عن الحسن بن عبد الرحمن بن عوف وعنه مسلم بن إبراهيم وعبيد اللَّه القواريرى ومحمد بن أبي بكر المقدمى والصلت بن مسعود الجحدرى، ولم يذكر فيه جرحًا، وتبعه الذهبى في الميزان فذكر أولًا كثير بن عبد اللَّه المزنى ثم ذكر كثير بن عبد اللَّه اليشكرى، وقال: روى عن الحسن بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه، وعنه مسلم بن إبراهيم، قال العقيلى: لا يصح إسناده، ثم ذكر هذا الحديث، وتبعه أيضًا الحافظ في اللسان فأسقط المزنى لأنه في التهذيب وذكر اليشكرى، وزاد بعد ذكر هذا الحديث قوله: وذكره ابن حبان في الثقات، ثم حكى عن الحسينى أنه وهم الذهبى في اسم أبيه وأنه ¬

_ (¬1) وهو في الأصل الثامن والأربعين ومائة، وليس في التاسع والأربعين ومائة، فلعله انتقل بصره.

حبيب، ثم رده بأن ابن حبان فرق بين ابن حبيب وبين ابن عبد اللَّه، لكنه في التهذيب وهو بلا شك تابع لأصله جعل المزنى هو اليشكرى، فلم يفرق بينهما ولم ينبه على من فرق بينهما، فقال: كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف بن زيد ابن ملحة اليشكرى المزنى المدنى، فالظاهر أن ما سلكه صاحب التهذيب من جعلهما واحدًا هو الصواب، بل هو كذلك جزمًا إن شاء اللَّه تعالى، لأن الحكيم الترمذى صرح باسم جده وأبي جده، والرواة عنهما واحد، ولأنهم لم يعرفوا اليشكرى بشيء ولم يذكروا فيه كلامًا إلا روايته لهذا الحديث، فكأنه لما وقع في بعض الأسانيد بذكر اليشكرى وهو مشهور بنسبة المزنى، ولم يذكر مع اليشكرى اسم والده وجده ظنوه أو من ظنه أولًا اثنين وتبعه الآخرون وهما واحد واللَّه أعلم. 1483/ 3498 - "ثَلاثَةٌ عَلَى كُثْبَانِ المِسْكِ يَوْمَ القِيَامَة يَغْبطُهُمُ الأَوَّلونَ والآخَرُونَ: عَبْدٌ أدَّى حَقَّ اللَّه وحَقَّ مَوَاليهِ ورَجُلٌ يَؤُمُّ قَوْمًا وهُمْ بِهِ رَاضُونَ، ورَجُلٌ يُنَادِى بِالصَّلَوَاتِ الخَمْسِ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيلَةٍ" (حم. ت) عن ابن عمر قال في الكبير: قال (ت): حسن غريب، وقال المصدر المناوى: فيه أبو اليقظان عثمان بن عمير، قال الذهبى: كان شيعيا ضعفوه. قلت: يأتى الكلام عليه في الذي بعده. 1484/ 3499 - "ثَلاثَةٌ عَلَى كُثبَانِ المِسْكِ يَومَ القِيَامَةِ لا يَهُولُهُمُ الفَزَعُ ولا يَفْزَعُونَ حِينَ يَفْزَعُ النَّاسُ: رَجُلٌ تَعَلَّمَ القُرآنَ فَقَامَ به يَطْلُبُ وجهَ اللَّه وَمَا عنْدَهُ، ورَجُلٌ نَادَى في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيلةِ خَمْسَ صَلوَاتٍ يَطلُبُ وَجْهَ اللَّه وَمَا عِنْدَه، ومَمْلُوكٌ لَمْ يَمْنَعْهُ رِقُّ الدُّنيَا مِنْ طَاعَةِ ربِّهِ" (طب) عن ابن عمر

قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه بحر بن كنيز السقاء ضعيف بل متروك. قلت: هذا الحديث والذي قبله واحد له طريقان: الأول: رواه أحمد [2/ 26] والترمذى [4/ 697] وابن ترثال في جزئه وأبو نعيم في الحلية [9/ 320] والتاريخ [2/ 335] كلهم من رواية أبي اليقظان عن زاذان عن ابن عمر. والطريق الثانى: رواه الطبرانى [12/ 433، رقم 13584] وأبو نعيم في الحلية [3/ 318] من طريق بحر بن كنيز السقا عن الحجاج بن فرابصة عن الأعمش عن عطاء عن ابن عمر: قال لو لم أسمعه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا مرة ومرة ومرة حتى عدَّ سبع مرات، ما حدثت به فذكره، وبحر بن كنيز ضعيف. لكن الطريق الأول متابعة حسنة له، وله مع ذلك شاهد من حديث أبي سعيد الخدرى، أخرجه أبو نعيم في الحلية [5/ 106] عن الطبرانى: ثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا عباد بن أحمد العرزمى ثنا عمى عن أبيه عن عمرو بن شمر عن عمرو بن قيس عن عطية عن أبي سعيد الخدرى به مثله. 1485/ 3500 - "ثَلاثَةٌ في ظِلِّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ، رَجُلٌ حَيثُ تَوَجه عَلِمَ أن اللَّه تَعَالى مَعَهُ، ورَجُلٌ دَعَتهُ امْرَأةٌ إلى نَفْسِهَا فَترَكَها مِنْ خَشيَةِ اللَّه ورَجُلٌ أحَبَّ لجلالِ اللَّه" (طب) عن أبي أمامة قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه بشر بن نمير وهو متروك. قلت: ومن طريقه أيضًا أخرجه الديلمى [2/ 158، رقم 2350]:

أخبرنا نصر بن محمد بن على الخياط أخبرنا أبي أنا أبو بكر عبد اللَّه بن أحمد ابن روزنه ثنا إبراهيم بن أحمد بن وهبان ثنا خلف بن عمرو ثنا غسان بن المفضل ثنا عمر بن على عن بشر بن نمير عن القاسم عن أبي أمامة به. 1486/ 3501 - "ثَلاثَةٌ في ظِلِّ العَرْشِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: وَاصِلُ الرَّحِم يَزِيدُ اللَّه في رِزْقِهِ وَيَمُدُّ في أَجَلِهِ وامرَأةٌ مَاتَ زَوْجُهَا وَتَرَكَ عَلَيْهَا أَيْتَامًا صِغَارًا فَقَالَتْ: لا أَتَزَوَّجُ أُقِيمُ عَلَى أَيْتَامى حَتَّى يَمُوُتوا أَوْ يُغْنِيَهُمُ اللَّه، وَعَبْدٌ صَنَعَ طَعَامًا فَأَضَافَ ضَيْفَهُ، وَأَحْسَنَ نَفَقتَهُ فَدَعَا عَلَيهِ اليَتِيمَ وَالمِسْكِينَ فَأَطْعَمَهُمْ لِوَجْهِ اللَّه عَزَّ وَجلَّ". أبو الشيخ في الثواب والأصبهانى (فر) عن أنس قال الشارح: بإسناد فيه ضعف واضطراب. وقال في الكبير: فيه حفص بن عبد الرحمن، قال الذهبى في الضعفاء: قال أبو حاتم: مضطرب الحديث. قلت: في هذا أوهام، الأول: أن قوله في الصغير فيه اضطراب خطأ فاحش يدل على أنه لا يعرف معنى المضطرب ولو أنه شرح النخبة وشرحها أيضًا، فإنه ظن أن قول أبي حاتم في حفص "مضطرب الحديث" هو مثل قول أهل الحديث "فيه اضطراب"، وبينهما بعد ما بين الشارح رحمه اللَّه وبين التحقيق كما هو معروف بداهة لطلاب الحديث. الثانى: أن حفص بن عبد الرحمن إنما هو في سند الديلمى [2/ 157، رقم 2349]، فإنه قال:

أخبرنا أبي ثنا على بن الحسين ثنا عبد الملك يحيى محمد بن ساد المغربى ثنا نصر ابن محمد العطار الزاهد حدثنا محمد بن أحمد بن دلويه الدقاق ثنا إبراهيم بن منصور ثنا حفص بن عبد الرحمن ثنا الهيثم بن حماز عن يزيد الرقاشى عن أنس به. أما أبو الشيخ فقال: قال جدى: حدثنا أبو عثمان ثنا ابن أبي جعفر ثنا أبي عن الهيثم ابن حماز به. الثالث: أنه تعرض لمن لا مدخل له في الحديث وسكت عمن يضعف به الحديث وهو الهيثم بن حماز وشيخه يزيد الرقاشى، فكأنهما متروكان. 1487/ 3502 - "ثَلاثَةٌ في ضَمَانِ اللَّه عَزَّ وَجلَّ: رَجُلٌ خَرَجَ إِلى مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ اللَّه تَعالى، ورَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا في سبيلِ اللَّه، ورَجُلٌ خَرَجَ حَاجًّا". (حل) عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: ليس بضعيف فإن رجال السند ثقات، ولم أر فيهم من ذكر في الضعفاء، قال أبو نعيم [9/ 251]: ثنا أبو نصر أحمد بن الحسين المروانى ثنا زنجويه بن محمد ثنا محمد بن أسلم ثنا عبد اللَّه بن الزبير هو الحميدى ثنا سفيان ثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به، لا سيما وله شواهد في الصحيح. 1488/ 3515 - "ثَلاثَةٌ هُمْ حُدَّاثُ اللَّه يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ لَمْ يَمشِ بَينَ اثنَينِ بمِرَاءٍ قَطُّ، ورَجُلٌ لَمْ تُحَدِّثه نَفْسُهُ بِزِنًا قَطُّ، ورَجُلٌ لَم يَخْلِطْ كَسْبَهُ بِرِبًا قَطُّ". (حل) عن أنس

قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: الغالب على الظن أنه باطل لأنه من رواية عبد الغفار بن الحسن، قال الأزدى: كذاب عن محمد عن منصور بن النضر بن محرز وهما مجهولان عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أنس. وقد أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 294]، بسنده في الحلية [3/ 363]. 1489/ 3525 - "ثَلاثَةٌ لا تَقرَبُهُمُ المَلائِكَةُ بخيرٍ: السَّكْرَانُ، وَالمُتَضَمِّخُ بِالزَّغْفَرَانِ، وَالحَائِضُ وَالجُنُبُ". البزار عن بريدة قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد اللَّه بن حكيم لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. قلت: له طريق آخر من حديث ابن عباس، قال أبو نعيم في الحلية [4/ 98]: حدثنا أحمد بن عبيد اللَّه ثنا عبد اللَّه بن وهب ثنا اليمان بن سعيد ثنا خالد ابن يزيد القسرى ثنا عمرو بن ميمون بن مهران عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثلاثة لا يقبل اللَّه لهم صلاة ولا تقربهم الملائكة، السكران حتى يفيق من سكره، والجنب حتى يغتسل ويصلى، والمتخلق بالزعفران حتى يغسل عنه". 1490/ 3532 - "ثَلاثَةٌ لا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الجَنَّةِ: رَجُلٌ ادَّعَى إِلى غَيرِ أَبِيهِ، ورَجُلٌ كَذَبَ عَلَيَّ، ورَجُلٌ كَذَبَ عَلَى عَيْنَيْهِ". (خط) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ورواه عنه البزار، قال الهيثمى وفيه عبد الرزاق بن عمر ضعيف ولم يوثقه أحد. قلت: هذا الحديث ما وقفت عليه في تاريخ الخطيب فليحرر. وقد أخرجه أيضًا الديلمى [2/ 151، رقم 2330] من طريق أبي نعيم عن الطبرانى عن المقداد عن أبي صالح الحرانى عن عبد الرزاق وهو ابن عمر عن الزهرى عن سعيد بن سلمة عن أبي هريرة. 1491/ 3533 - "ثَلاثَةٌ لا يَسْتَخِفُّ بهِمْ إلا مُنَافِقٌ: ذُو الشَّيْبَةِ في الإسْلامِ، وذُو العِلْمِ، وَإِمَامٌ مُقْسِطٌ". (طب) عن أبي أمامة قال الشارح: بإسناد ضعيف لكن له شواهد. قلت: أنف الشارح أن يقول عن هذه الشواهد أن المصنف ذكرها في اللآلئ المصنوعة، فإنه أطال في ذكر الأحاديث الواردة في هذا الباب وذكر منها حديث أبي أمامة هذا، وحديث جابر المذكور قبله (وذلك في الجزء الأول ص 78 وما بعدها). 1492/ 3537 - "ثَلاثَةٌ لا يَقْبَلُ اللَّه لَهُمْ صَلاة ولا تُرْفَعُ لَهُمْ إلى السَّمَاء حَسَنَة: العَبْدُ الآبِقُ حَتَّى يَرجِعَ إلى مَوَاليه، والمَرْأةُ السَّاخِطُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى يَرْضَى، والسَّكْرَانُ حَتَّى يَصْحُو". ابن خزيمة (حب. هب) عن جابر قال في الكبير: قال البيهقى في السنن: تفرد به زهير، قال الذهبى في المهذب: قلت: هذا من مناكير زهير اهـ. وفيه هشام بن عمار سبق فيه كلام

قلت: الحديث في نسخة هشام، رواه أيضًا الربعى السوار في جزئه من رواية هشام: ثنا الوليد بن مسلم ثنا زهير بن محمد عن محمد بن المنكدر عن جابر. وكلام الذهبى ذكره أيضًا في ترجمة زهير من الميزان [2/ 84، ترجمة 2918]. 1493/ 3541 - "ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّه يَوْمَ القِيَامَةِ ولا يُزْكِّيهمْ ولا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ ولَهمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ". (م. ن) عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار [9/ 114، رقم 3489] وأبو الليث في باب الكبر من التنبيه. 1494/ 3547 - "ثَلاثَةٌ لا يَنْفَعُ مَعَهُنَّ عَمَلٌ: الشِّرْكُ بِاللَّه، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَالفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ". (طب) عن ثوبان قال [في الكبير]: قال الهيثمى: فيه يزيد بن ربيعة وهو ضعيف. قلت: قال الطبرانى [2/ 95، رقم 1420]: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة ثنا إسحاق بن إبراهيم أبو النضر ثنا يزيد بن ربيعة ثنا أبو الأشعث عن ثوبان به.

1495/ 3551 - "ثَلاثَةٌ يُحبُّهم اللَّه تعالى وثَلاثَةٌ يَشْنُؤُهم اللَّه: الرَّجُلُ يَلْقَى العَدُوَّ فِي فِئَةٍ فَيَنْصِبُ لَهُمْ نَحْرَهُ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يَفْتَحَ لأَصْحَابِهِ، والقَوْمُ يُسَافِرُونَ فَيَطُولُ سُرَاهُمْ حَتَّى يُحِبُّوا أَنْ يَمَسُّوا الأَرْضَ فَيَنْزِلُونَ فَيَتنَحَّى أَحَدُهُمْ فَيُصَلِّى حَتَّى يُوقِظَهُمْ لِرَحِيلِهِمْ، والرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الجَارَ يُؤْذِيهِ جَارُهُ فَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ حَتَّى يُفَرَّق بَيْنَهُما بِمَوْتٍ أَوْ ظَعْنٍ، والذين يَشْنُؤُهُمُ اللَّه: التَّاجِرُ الحَلَّافُ، والفَقِيرُ المُخْتَالُ، والبَخِيلُ المَنَّانُ". (حم) عن أبي ذر قال [في الكبير]: قال الحافظ العراقى: فيه ابن الأحمس ولا يعرف حاله، قال: ورواه أيضًا أحمد والنسائى بلفظ آخر بإسناد جيد. قلت: اللفظ الآخر هو الذي ذكره المصنف قبل هذا وأخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار [7/ 214، رقم 2784] بنحو هذا، فقال: حدثنا أبو غسان مالك بن يحيى بن مالك الهمدانى ثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا الجريرى عن أبي العلاء عن مطرف عن أبي ذر، ثم أخرجه من وجوه أخرى [7/ 214، رقم 2784] عن يزيد أبي العلاء به. 1496/ 3554 - "ثَلاثَةٌ يَدْعُونَ اللَّه عَزَّ وَجلَّ فَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ: رَجُلٌ كَانتْ تَحْتَهُ امْرَأةٌ سَيِّئَةُ الخُلُقِ فلَم يُطَلِّقهَا، ورَجُلٌ كَانَ لَهُ على رَجُلٍ مَالٌ فَلَمْ يُشهِد عَلَيه، ورَجُلٌ آتَى سَفِيهًا مَالَهُ وَقَدْ قال اللَّه تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}. (ك) عن أبي موسى الأشعرى قلت: رواه الحاكم [2/ 202، رقم 3181]: من طريق أبي المثنى معاذ بن معاذ العنبرى:

ثنا أبي ثنا شعبة عن فراس عن الشعبى عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لتوقيف أصحاب شعبة هذا الحديث على أبي موسى. قلت: لكن معاذًا لم ينفرد برفعه من بين أصحاب شعبة بل توبع على رفعه قال أبو نعيم في مسند فراس: ثنا على بن محمد بن إسماعيل وإبراهيم بن إسحاق قالا: حدثنا أبو بكر بن خزيمة ثنا محمد بن خلف الحدادى ثنا عثمان وعمرو بن حكام قالا: حدثنا شعبة، فذكره وقال: رفعه عمرو بن حكام، ثم ذكر متنه، ثم قال أبو نعيم: ورواه غندر وروح موقوفًا. قلت: وقد ورد عن روح مرفوعًا أيضًا كما سأذكره. وقال الطحاوى في مشكل الآثار [6/ 357، رقم 2530]: ثنا أبو أمية ثنا عمرو بن حكام به مرفوعًا، ثم قال الطحاوى: واحتملنا هذا الحديث عن عمرو بن حكام، وإن كانوا يقولون في روايته ما يقولونه فيها، إذ كان معاذ بن معاذ العنبرى قد حدث به عن شعبة، كما حدث هو عنه مرفوعًا. قلت: وقد تابعهما غيرهما على رفعه أيضًا، قال أبو نعيم في مسند فراس: ثنا الطبرانى ثنا محمد بن جعفر الرازى ثنا أبو بكر بن أبي الأسود ثنا داود بن إبراهيم الواسطى ثنا شعبة به مرفوعًا، إلا أنه خالف في متنه ولفظه: "ثلاثة يدعون اللَّه فلا يستجيب لهم، رجل تحته امرأة سوء فلم يطلقها، ورجل له جار سوء فلا يتحول عنه، ورجل كان له غريم سوء فأعطاه البعض فلم يأخذ فذهب الكل". وقال البندهى في شرح المقامات:

أخبرنا أبو القاسم إبراهيم بن أبي القاسم المسجدى في كتابه أنا أبو سعيد فضل ابن أبي الخير محمد بن أحمد بن إبراهيم الميهى شيخ الصوفية أنا زاهر ابن أحمد السرخسى أنا أحمد بن محمد البرتى الحافظ ثنا أبو الأزهر أحمد ابن الأزهر ثنا روح بن عبادة ثنا شعبة به مرفوعًا مثل لفظ المتن. 1497/ 3555 - "ثَلاثَةٌ يَضْحَكُ اللَّه إِلَيْهِمْ: الرَّجلُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّى، والقَوْمُ إِذَا صفُّوا للِصَّلاةِ، والقَوْمُ إِذَا صفُّوا لِلقِتَالِ" (حم. ع) عن أبي سعيد قال في الكبير: ورواه ابن ماجه في باب ما أنكرت الجهمية، من حديث أبي سعيد مع بعض خلف لفظى. قلت: لو سلك الشارح هذا المسلك في كل الكتاب لكان قد أنصف وأعطى العلم والأدب وضعه، ولكنه كما ترى فيما سبق وهذا الحديث الذي عزاه لابن ماجه قد ذكره المصنف سابقًا بلفظ: "إن اللَّه ليضحك إلى ثلاثة"، وعزاه لابن ماجه أيضًا [1/ 73، رقم 200]، والشارح نَسيٌّ جدًا. 1498/ 3560 - "ثَمَنُ الجَنَّةِ: لا إِلَهَ إِلا اللَّه". (عد) وابن مردويه عن أنس، عبد بن حميد في تفسيره عن الحسن مرسلًا قلت: أخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس [2/ 164، رقم 2370]، من طريق الحسن عن أنس بهذا اللفظ وزيادة: "وثمن النعمة الحمد للَّه". وأخرجه في حرف الثاء بلفظ آخر من رواية ثابت عن أنس، قال: أخبرنا والدى أخبرنا عبد الملك بن عبد الغفار أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن عثمان البزار ثنا أحمد بن محمد بن صالح البروجردى ثنا إبراهيم ابن الحسين بن دازيل ثنا آدم بن أبي إياس ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن

الشهيد عن الحسن عن أنس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ثمن الجنة لا إله إلا اللَّه، وثمن النعمة الحمد للَّه". وقال أيضًا في حرف التاء [2/ 117، رقم 2233]: أخبرتنا أسماء بنت محمد بن عمر عن أبي طاهر الحسناباذى عن محمد بن إبراهيم عن خيثمة عن ابن ميسرة عن حماد بن زيد الجبلى عن عصام بن طليق عن ثابت عن أنس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: التوحيد ثمن الجنة والحمد ثمن كل نعمة، ويتقاسمون الجنة بأعمالهم". 1499/ 3562 - "ثَمَنُ القَينَة سُحْتٌ، وَغِنَاؤُهَا حَرَامٌ، وَالنَّظَرُ إِلَيْهَا حَرَامٌ، وثَمَنُهَا مثْلُ ثَمَنِ الكَلبَ، وثَمَنُ الَكلبِ سُحتٌ، وَمَن نَبَتَ لَحْمُهُ عَلَى السُّحتِ فَالنَّارُ أولَى بِهِ". (طب) عن عمر قال في الكبير: ورواه عنه الديلمى أيضًا، قال الذهبى: والخبر منكر. قلت: الذهبى قال ذلك في حديث عبد اللَّه بن عمر من رواية محمد بن إبراهيم بن زياد المصرى: ثنا أحمد بالنهروان ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر به مختصرًا. قال الذهبى [1/ 117/ 453] فأحمد هذا لا يعرف، والخبر منكر اهـ. ذكره في ترجمة أحمد بن عبد الصمد أبي أيوب الأنصارى الزرقى. أما حديث عمر فهو من رواية يزيد بن عبد الملك النوفلى وهو مختلف فيه، ضعفه الجمهور، وقال ابن معين في رواية: لا بأس به. 1500/ 3567 - "الثَّالثُ مَلعُونٌ، يَعْنِى عَلَى الدَّابَّةِ". (طب) عن المهاجر بن قنفذ

قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقال اهـ. وأورده ابن الجوزى في الموضوعات فلم يصب. قلت: وكذلك أجمل الشارح النقل وأبهمه فلم يصب، لأن ظاهره يفيد أنه وقع اختلاف في إسنادٍ واحد من الوضع إلى كون رجاله ثقات، وليس كذلك بل الحديث أورده ابن الجوزى [2/ 222] من طريق ابن النقور، ثم من رواية عبد اللَّه بن محمد البغوى: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن أبي العنبس عن زاذان: أنه رأى ثلاثة على بغل، فقال: "لينزل أحدكم، فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعن الثالث" ثم قال ابن الجوزى: منقطع الإسناد، فهو لم يقع له موصولًا. كما خرجه الطبرانى من وجه آخر إذ قال [20/ 330، 782]: حدثنا المقدام بن داود ثنا أسد بن موسى ثنا أبو معاوية محمد بن خازم عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن المهاجر قال: "رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاثة على دابة، فقال: الثالث ملعون". * * *

حرف الجيم

حرف الجيم 1501/ 3574 - " جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ غَيْرِهِ". ابن سعد عن الشريد بن سويد قلت: قال ابن سعد: أخبرنا عفان بن مسلم ثنا همام عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن الشريد بن سويد الثقفى به. ورواه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج عن عبدان الأهوازى: ثنا عبد الوارث بن عبد الصمد ثنا أبي ثنا عمر بن إبراهيم عن قتادة عن عمرو ابن شعيب فقال: عن أبيه عن جده عن الشريد بن سويد به بلفظ: "جار الدار أحق بعقب أرضه"، فإن كان هذا محفوظًا فهو من رواية صحابى عن صحابى، والسند الأول منقطع.

1502/ 3577 - "جَالِسُوا الكُبَرَاءَ، وَسَائِلُوا العُلَمَاءَ، وَخَالِطُوا الحُكَمَاءَ". (طب) عن أبي جحيفة قال في الكبير: قال الهيثمى: رواه الطبرانى من طريقين أحدهما هذه والأخرى موقوفة، وفيه عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعى، ضعفه أبو زرعة والدارقطنى وساق له مناكير هذا منها. قلت: كذا وقع في الأصل المطبوع وكأنه سقط منه جملة، فإن الهيثمى قال: وفيه عبد الملك بن الحسين أبو مالك النخعى وهو منكر الحديث، والموقوف صحيح الإسناد اهـ. والحديث أسنده الذهبى (¬1) في ترجمة يزيد بن عبد اللَّه القرشى من طريق أبي سعيد النقاش: أنا غسان بن أحمد بن غسان العسكرى بها ثنا عبدان ثنا قطن بن نسير ثنا يزيد أبو خالد ثنا أبو مالك أخبرنى سلمة بن كهيل عن أبي جحيفة به. وقال الذهبى في يزيد المذكور: أورده بن عدى ومشاه، فقال: ليس هو بمنكر الحديث، زاد الحافظ في اللسان [6/ 290]: وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: مستقيم الحديث، قال الحافظ: وأبو مالك لا يدرى من هو. قلت: بل هو معروف، وهو عبد الملك بن الحسين النخعى كما ورد مصرحًا به عند البندهى كما سأذكره، وقد ترجمه الحافظ في التهذيب في الكنى منه، وأطال فيه قال البندهى: 345 (أ) ¬

_ (¬1) في الميزان (4/ 431 ترجمة 9722)

أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن منصور الصفار أنا أبو بكر أحمد بن على ابن خلف الشيرازى أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادى أنا أبو طاهر محمد أبي الحسن المحمدبادي ثنا محمد بن غالب تمتام ثنا عبد الصمد ابن النعمان ثنا عبد الملك بن حسين عن سلمة بن كهيل به. وله طريق آخر عن سلمة بن كهيل، قال الخطابى في العزلة: ثنا أبو عمر غلام ثعلب حدثنا محمد بن يونس الكديمى ثنا إبراهيم بن زكريا البزار ثنا عبد اللَّه بن عثمان بن عطاء الخراسانى عن أبيه عن سلمة بن كهيل به. والديلمى كذاب وعثمان بن عطاء فيه مقال. 1502/ -مكرر/ 3583 - "جَزَاءُ الغَنِّى منَ الفَقير النَّصيحة والدُّعَاء". ابن سعد (ع. طب) عن أم حكيم قال: قال البيهقى: فيه أربع نسوة بعضهن عن بعض وهو مما يعز وجوده. قلت: قال أبو سعيد: أخبرنا موسى بن إسماعيل حدثتنا حبابة بنت عجلان الخزاعية عن أمها عن أم حفص بنت جرير عن أم حكيم بنت وداع قالت: للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما جزاء الغني من الفقير؟ قال: النصيحة والدعاء". 1503/ 3585 - "جَزَى اللَّهُ العَنْكَبُوتَ عَنَّا خَيرًا، فَإِنَّهَا نَسَجَتْ عَلَى فم الغَارِ" (¬1). أبو سعد السمان في مسلسلاته (فر) عن أبي بكر 345 (ب) ¬

_ (¬1) في المطبوع من الفيض: "نسجت عليَّ في الغار".

قال الشارح في مخرج هذا الحديث. أبو بكر أزهر بن سعد البصرى السمان في مسلسلاته؛ أي في الأحاديث المسلسلة بمحبة العنكبوت، عن أبي بكر الصديق، وهذا عنده مسلسل بمحبة العنكبوت وإسناده ضعيف. قال في الكبير: ابن سعد البصرى السمان روى عن حميد الطويل، وعنه أهل العراق، مات سنة ثلاث أو سبع ومائتين (في أحاديثه المسلسلة بمحبة العنكبوت)، والديلمى كلاهما عن أبي بكر الصديق، وهو عنده مسلسل أيضًا بمحبة العنكبوت فقال: أخبرنا والدى وأنا أحبها أخبرنا فلان وأنا أحبها منذ سمعت ذلك. . . إلخ. قلت: في هذا من عجائب أوهام الشارح أمور: الأول: أن المصنف قال في مخرج الحديث: أبو سعد، وهو قال في صغيره: أبو بكر أزهر بن سعد. الثانى: أنه قال في الكبير: ابن سعد وحذف أداة الكنية. الثالث: أنه قال: روى عن حميد الطويل مع أنه رآى الحديث في مسند الفردوس ورأى أبا سعد هذا شيخ لشيخ والد أبي منصور صاحب الكتاب المتوفى في نصف القرن السادس، فكيف يروى عن حميد الطويل التابعي المتوفى في سنة ثلاث وأربعين ومائة؟! وكيف يكون بينه وبين ابن سيرين وبين حميد الطويل ثمانية أنفس كما سيأتى؟! قال الديلمى: أخبرنا أبي أخبرنا إبراهيم بن أحمد المراغي والمطهر بن محمد بن جعفر قالا: سمعنا من أبي سعد إسماعيل بن على السمان سمعت أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد اللَّه بن حفص سمعت من يزيد بن أحمد بن محمد الزاهر ببلخ سمعت أبا سهل ميمون بن محمد بن يونس سمعت من عبد اللَّه موسى السلاماني قال: سمعت من إبراهيم بن محمد سمعت من أحمد بن العباس 346 (أ)

الحضرمى قال: سمعت من عبد الملك بن قريب الأصمعي قال: سمعت من ابن عون قال: سمعت من محمد بن سيرين سمعت من أبي هريرة سمعت من أبي بكر الصديق قال: "لا أزال أحبُّ العنكبوت منذ رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحبها وقال: جزى اللَّه العنكبوت عنَّا خيرًا نسجت عليَّ وعليك يا أبا بكر في الغار حتى لم يرنا المشركون ولم تصلْ إلينا"، قال ابن سيرين: لا أزال أحبها منذ سمعت من أبي هريرة ذلك، وتسلسل. الرابع: أن المصنف قال: أبو سعد، والشارح وقف عليه مسمى في مسند الفردوس أبو سعد إسماعيل بن على، فلم يتنبه لا من كنيته ولا من اسمه واسم أبيه الذي صرح به الديلمى، ثم ذهب إلى أبي بكر أزهر بن سعد السمان وأتى به إلى هذه الطامة الكبرى وجرَّه من القرن الثانى إلى القرن الخامس، والواقع أن مخرج الحديث هو الحافظ أبو سعيد إسماعيل بن على بن الحسين بن زنجويه الرازى السمان من شيوخ الخطيب وأبي على الحداد والطبقة، مات سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وكان حافظًا كبيرًا صنف كتبًا كثيرة منها المسلسلات، وكان معتزلى المذهب في العقائد، جمال البلاد وطاف، وكان له ثلاثة آلاف شيخ فيما حكاه الذهبى عن ابن عساكر، ثم قال الذهبى: هذا العدد لشيوخه لا أعتقد وجوده ولا يمكن. قلت: وهو غريب من الذهبى فإنه نفسه حكى في ترجمة أبي سعد بن السمعانى عن ابن النجار أنه قال: شيوخ السمعانى سبعة آلاف شيخ، وكذلك نقل هذا العدد أو قريبًا منه عن شيوخ البرزالى. وترجمة السمان المذكور في طبقات الحفاظ للذهبى وغيره معروفة، والمقصود أنه مات سنة 445 في منتصف القرن الخامس، فأين هو من الرواية عن أصحاب أنس بن مالك. الخامس: أن أبا بكر أزهر بن سعد السمان مات سنة ثلاث ومائة، ولم يقل 346 (ب)

أحد أنه توفى سنة سبع فيما أحسب. السادس: أنه قال: في أحاديثه المسلسلة بمحبة العنكبوت، وهذا لا ينطق به من له أدنى أدنى خبرة بالحديث، فإنه لا يوجد مسلسل بمحبة العنكبوت إلا هذا الحديث الباطل الموضوع، فكيف يكون هناك أحاديث مسلسلة بمحبة العنكبوت خاصة حتى أفردت بالتأليف؟!. السابع: أنه قال عن الديلمى: وهو عنده مسلسل أيضًا بمحبة العنكبوت، فاقتضى أن سند الديلمى غير سند السمان، والديلمى إنما أسنده من طريق السمان. 1504/ 3586 - "جُزُّوا الشَّوَارِبَ، وأَرْخُوا اللِّحَى، خَالِفُوا المجُوسَ" (م) عن أبي هريرة قلت: ورد لهذا الحديث سبب غريب، قال إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبسى في جزء من حديثه: حدثنا جعفر بن عون عن أبي عميس عن عبد المجيد بن سهيل عن عبيد اللَّه ابن عبد اللَّه بن عتبة قال: "جاء رجل من المجوس إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد حلق لحيته وأطال شاربه، فقال له: لم تفعل هذا؟ قال: هذا في ديننا، قال: ولكن في ديننا نجز الشوارب ونعفى اللحى". 1505/ 3591 - "جَعَلَ اللَّه الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالهَا: الشَّهْرُ بِعَشْرَة أَشْهُرٍ، وَصيَامُ سِتَّة أَيَّامٍ بَعْدَ الشَّهْرَ تَمَامُ السَّنَةِ". أبو الشيخ في الثواب عن ثوبان قال الشارح: بضم المثلثة، بإسناد ضعيف.

قلت: ثوبان بفتح المثلثة لا بضمها كما نبهت عليه سابقًا. والحديث رواه أبو الشيخ: ثنا محمد بن يحيى بن منده ثنا أبو سحام ثنا محمد بن شعيب عن يحيى بن الحارث عن أبي أسماء عن ثوبان به. وهؤلاء الرجال ثقات إلا أبو سحام فإنه وقع في الأصل كذا غير مبين ولا منقوط فما عرفته. 1506/ 3596 - "جَعَلَ اللَّه الخَيْرَ كُلَّهُ في الرَّبعَةِ". ابن لال عن عائشة قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: لأنه من رواية صبيح بن عبد اللَّه الفرغانى عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمى: ثنا جعفر بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، وصبيح منكر الحديث. 1507/ 3597 - "جُلَسَاءُ اللَّه غَدًا أَهْلُ الوَرَعِ فِى الزُّهْدِ فِى الدُّنْيَا" ابن لال عن سلمان قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: لأنه من رواية عيسى بن إبراهيم عن مقاتل بن الأسدى عن علقمة بن مرثد عن سلمان الفارسى به، وعيسى بن إبراهيم بن طهمان متروك. 1508/ 3599 - "جَمَالُ الرَّجُلِ فصَاحَةُ لِسَانِهِ". القضاعى عن جابر قال في الكبير: وكذا رواه الخطيب والقضاعى وفيه أحمد بن عبد الرحمن بن

الجارود، قال في الميزان عن الخطيب كذاب، ومن بلاياه هذا الخبر وفي اللسان عن ابن طاهر: كان يضع الحديث. قلت: لا يخفى ما في قوله: وكذا رواه الخطيب والقضاعى إذ المصنف عزاه للقضاعى. والحديث له طرق أخرى ذكرتها في المستخرج على مسند القضاعى 1509/ 3601 - "جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانكُمْ، وَمَجَانِينَكُمْ، وَشِرَاءكُمْ، وَبَيْعكُمْ، وَخُصُومَاتِكُمْ، وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ، وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ، وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ، وَاتْخِذُوا عَلَى أَبوَابِهَا المَطَاهِرَ، وجَمِّرُرهَا في الجُمَعِ". (هـ) عن واثلة قال في الكبير: أخرجه ابن ماجه من طريق الحارث بن نبهان عن عتبة عن أبي سعيد عن مكحول عن واثلة، قال الزين العراقى في شرح الترمذى: والحارث بن نبهان ضعيف، وقال ابن حجر في المختصر: حديث ضعيف، وأورده ابن الجوزى في الواهيات، وقال ابن حجر في تخريج الهداية: له طرق وأسانيد كلها واهية، وقال عبد الحق: لا أصل له. قلت: لم أر هذا الحديث في تخريج أحاديث الهداية فليحرر (¬1). والحديث وإن كان له طرق إلا أن أكثرها راجع إلى مكحول، فرواه ابن ماجه [1/ 274، رقم 750] من طريقه كما سبق عنه عن واثلة، ورواه الطبرانى في الكبير [22/ 57، رقم 136] والعقيلى [3/ 347، 348] وابن عدى في الضعفاء [5/ 219] من طريق العلاء بن كثير عن مكحول عن أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة، والعلاء بن كثير ضعفه ابن معين وابن المدينى ¬

_ (¬1) ذكر في الدراية (1/ 288) وفيه ما ذكره المناوى بتمامه.

والنسائى، وقال البخارى: منكر الحديث، ورواه عبد الرزاق في مصنفه [1/ 441، 442، رقم 1726] وإسحاق بن راهويه في مسنده، والطبرانى في الكبير، كلهم من حديث محمد بن مسلم الطائفى عن عبد ربه ابن عبد اللَّه السامى عن مكحول عن معاذ بن جبل، ومكحول لم يسمع من معاذ. ورواه ابن عدى [4/ 135] من طريق عبد اللَّه بن محرر محمد عن يزيد الأصم عن أبي هريرة. وعبد اللَّه بن محرر بمهملات، ضعفه ابن المبارك وابن معين والفلاس والنسائى وآخرون، وقال ابن عدى: أحاديثه غير محفوظة، وأما عبد الحق: فذكره من طريق البزار ثم من حديث عبد اللَّه بن مسعود، وقال: ليس له أصل، كذا قال ولم نقف على سنده. 1510/ 3603 - "جَهْدُ البَلاءِ كَثْرَةُ العِيَالِ مَعَ قِلَّةِ الشَّيْءِ". (ك) في تاريخه عن ابن عمر قلت: سكت عنه المصنف والشارح، وهو من رواية إسماعيل بن عياش عن حسان بن عبد اللَّه عن إياس بن معاوية عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمر، وإسماعيل بن عياش فيه مقال، وحسان بن عبد اللَّه قال الأزدى: منكر الحديث، فقال الذهبى: ذلك من جهة الراوى عنه ابن عياش، قال الحاكم في التاريخ: حدثنى حسين بن سرجس ثنا أبو نعيم الجرجانى ثنا محمد بن عوف ثنا الربيع ابن روح (¬1) ثنا ابن عياش به، ولينظر أيضًا فيمن قبل ابن عياش. 1511/ 3604 - "جَهْدُ البَلاءِ قِلَّةُ الصَّبْرِ". أبو عثمان الصابونى في المائتين (فر) عن أنس ¬

_ (¬1) قال الذهبى في الكاشف (1/ 235 رقم 154): ثقة نبيل.

قلت: رمز له المؤلف بالضعف ورجاله كلهم ثقات إلا أن سلم بن جنيد فيه كلام ضعيف لا يضر. والديلمى خرجه عن طريق الصابونى [2/ 177، رقم 2404]: أخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق البالوى ثنا محمد بن جمعة ثنا سلم بن جنادة -وهو بفتح السين وتحرف على الشارح فسماه مسلم- حدثنا وكيع حدثنا شعبة عن عبد الحميد بن كرديد عن ثابت عن أنس به. ثم إن قوله: "قلة الصبر" كذا وقع عند الصابونى والديلمى ورواه غيرهما فقال: "قتل الصبر". قال البندهى في شرح المقامات عقب حديث "اللهم إنى أعوذ بك عن سوء القضاء وجهد البلاء ودرك الشقاء وشماتة الأعداء" ما نصه: قلت: وقد روى أن جهد البلاء هو قتل الصبر، أخبرناه أبو القاسم بن أبي عبد الرحمن بن أبي حامد المزكى في كتابه: أنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد الأديب أنا أبو حامد أحمد بن سهل بن إبراهيم بن سهل الأنصارى ثنا أبو قريش محمد بن جمعة بن خلف النهستانى الحافظ ثنا سلم بن جنادة، فذكره بالسند السابق عن أنس مرفوعًا: "قتل الصبر: جهد البلاء". قال البندهى: يقال قتل فلان صبرًا أى حبس على القتل ثم قتل. وقال أبو الحسن على بن إسماعيل بن سيده النحوى: روى عن ابن الأعرابى أنه قال: حدثنى بعض أصحابى عن ابن الكلبى عن رجل عن مجالد قال: "كنت جالسًا عند عبد اللَّه بن معاوية بن عبد اللَّه بن جعفر بن أبي طالب بالكوفة فأتى برجل فأمر بضرب عنقة، فقلت: هذا واللَّه جهد البلاء، فقال:

واللَّه ما هذا إلا كشرطة حجام بمشرطته، ولكن جهد البلاء فقر مدقع بعد غنى موسع". قال البندهى: ويؤيد هذا القول ما أخبرناه فلان، ثم ذكر الحديث الآتى بعده. 1512/ 3605 - "جَهْدُ البَلاءِ أَنْ تَحْتَاجُوا إلى مَا في أَيْدِى النَّاسِ فَتُمنَعُوا". (فر) عن ابن عباس قلت: قال الديلمى [2/ 176، رقم 2403]: أخبرنا والدى أخبرنا يوسف بن محمد الخطيب أخبرنا ابن لال حدثنا أبو داود سليمان بن يزيد من سليمان القزوينى ثنا على بن أبي طاهر حدثنا هارون بن عيسى بن إبراهيم الهاشمى ثنا أحمد بن عبد الأعلى ثنا أبو عيد اللَّه اليشكرى ثنا ميمون بن مهران عن ابن عباس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره. ورواه البندهى من وجه آخر عن ميمون بن مهران مفصلًا بذكر السبب، فقال: أخبرنا الإمام أبو محمد عبد الصمد من محمد بن عمر بن عبد اللَّه الخطيب البغوى بها أنا القاضى الإمام أبو سعيد محمد بن على بن أبي صالح البغوى أنا الحاكم أبو الحسن على بن الإسترباذى أنا أبو يعلى النسفى ثنا محمد بن زكريا عن مضمون بن مهران عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: "اختصم أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في جهد البلاء، فقال بعضهم: جهد البلاء القتل، وقال بعضهم: جهد البلاء الفقر، وقال بعضهم: جهد البلاء الصلب، واختلفوا في ذلك فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: فيم أنتم؟ فأخبروه، فقال: كل الذي ذكرتموه شديد، ولكن جهد البلاء أن تحتاج إلى ما في أيدى الناس فيمنعون" ومحمد بن زكريا هو ابن دويد الكندى، قال الذهبى: لا أعرفه ولينظر بقية السند.

1513/ 3606 - "جَهَنَّمُ تُحِيطُ بالدُّنْيَا، وَالجَنَّةُ مِنْ وَرَائِهَا، فَلِذَلِكَ صَارَ الصِّرَاطُ عَلَى جَهَنَّمَ طَرِيقًا إِلىَ الجَنَّةِ". (خط. فر) عن ابن عمر قال في الكبير: وفيه محمد بن مخلد، قال الذهبى: قال ابن عدى حدث بالأباطيل، ومحمد بن حمزة الطوسى قال الذهبى: قال ابن منده: حدث بمناكير عن أبيه، وقال ابن معين: ليس بشيء، قال الذهبى في الضعفاء: ضعف وهو صدوق اهـ. وفي الميزان: هذا الخبر منكر ومحمد واه وحمزة ترك، وقال معن: سألت أحمد عن حمزة الطوسى فقال: لا يكتب عن الخبيث شيء. قلت: هذا خطأ فاحش، ووهم قبيح من وجوه، الأول: أن محمد بن مخلد إنما هو موجود في سند الخطيب، فإنه قال [2/ 291]: أخبرنا أبو عمر بن مهدى أنبأنا محمد بن مخلد العطار أنبأنا محمد بن حمزة ابن زياد الطوسى أنبأنا أبي أنبأنا قيس بن الربيع عن عبيد المكتب عن مجاهد عن ابن عباس به. أما الديلمى فقال [2/ 183، رقم 2422]: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم ثنا عبد اللَّه بن محمد بن الموفق ثنا محمد بن جعفر بن أحمد المطيرى ثنا محمد بن حمزة بن زياد الطوسى به. الثانى: أن الخطيب صرح بأن محمد بن مخلد هو العطار، ومحمد بن مخلد الذي ذكره الذهبى قال فيه: محمد بن مخلد أبو أسلم الرعينى الحمطى. الثالث: أن محمد بن مخلد العطار هو شيخ شيخ الخطيب في الحديث، ومحمد بن مخلد الذي ذكره الذهبى قال فيه: يروى عن مالك وغيره، ومالك توفى سنة 179، فكيف يدرك الخطيب وهو من أهل القرن الخامس من روى عن أصحاب مالك؟!

فالمذكور في السند هو الحافظ الثقة أبو عبد اللَّه محمد بن مخلد بن حفص الدورى البغدادى المتوفى بها سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة عن سبع وتسعين سنة، وقد خرج هذا الحديث في جزئه المشهور ومنه خرجه الخطيب. وقد ذكره (1) شيخنا أبو عبد اللَّه الكتانى في "رسالته المستطرفة في مشهور كتب السنة المشرفة"، وقال عنه: هو جزء لطيف مشتمل على نحو من تسعين حديثًا اهـ. وليس كما قال، فإن عندى الجزء الثانى منه، وهو مشتمل على نحو من مائتين وخمسين حديثًا. الرابع: أن الذهبى لم يقل في محمد بن حمزة الطوسى: ضعف وهو صدوق، بل ذلك من كيس أوهام الشارح. 1514/ 3609 - "الجَارُ قَبْلَ الدَّارِ، والرَّفيقُ قَبْلَ الطَّرِيقِ، والزَّادُ قَبْلَ الرَّحيلِ". (خط) في الجامع عن علي قال في الكبير: قال المصنف في الدرر: سنده ضعيف اهـ. ورواه عنه أيضًا الحاكم والدارمى والعقيلى في الضعفاء والعسكرى، قال السخاوى: وكلها ضعيفة لكن بالانضمام يتقوى. قلت: ما خرجه الحاكم ولا الدارمى ولا قال ذلك السخاوى، وإنما هو وهم من الشارح عليه. بل عزاه للطبرانى في الكبير وابن أبي خيثمة وأبي الفتح الأزدى والعسكرى في الأمثال والخطيب في الجامع [2/ 350، رقم 1771] من حديث أبان بن المحبر عن سعيد بن معروف بن رافع من خديج عن أبيه عن جده بلفظ: "التمسوا الرفيق قبل الطريق، والجار قبل الدار"، قال: وأبان بن المحبر متروك وهو وسعيد لا تقوم بهما حجة.

ولكن له شاهد رواه العسكرى فقط من حديث عبد الملك بن سعيد الخزاعى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه: قال: "خطب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" وذكر حديثًا طويلًا وفي آخره: "الجار ثم الدار، الرفيق ثم الطريق"، وهو عند الخطيب في جامعه [2/ 350، رقم 1772] باختصار من حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه على عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الجار قبل الدار، والرفيق قبل الطريق، والزاد قبل الرحيل"، وللخطيب أيضًا [2/ 351، رقم 3773] من طريق عبد اللَّه بن محمد اليمامى عن أبيه عن جده قال: قال خفاف بن ندبة: "أتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقلت: يا رسول اللَّه محمد من تأمرنى أن أنزل أعلى قريش أم على الأنصار أم أسلم أم عمار؟ فقال: يا خفاف ابتغ الرفيق قبل الطريق، فإن عرض لك أمر لم يضرك، وإن احتجت إليه نفعك"، وكلها ضعيفة لكن بانضمامها تقوى، وفي قول اللَّه تعالى حكاية عن السيدة آسية: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ}، ما يشير إلى الجملة الثانية اهـ. كلام السخاوى بحروفه (¬1). وقد قدمت الكلام عليه أيضًا في حديث: "التمسوا". 1515/ 2610 - "الجَالِبُ مَرزُوقٌ، والمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ". (هـ) عن عمر قال في الكبير: رواه ابن ماجه من حديث على بن سالم عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب عن عمر، قال الذهبى: على عن على ضعفاء اهـ، وقال المناوى: على بن سالم مجهول، وقال البخارى: لا يتابع على حديثه اهـ. وقال ابن حجر: سنده ضعيف. قلت: أخرجه أيضًا الدارمى [2/ 249] وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى في ¬

_ (¬1) انظر المقاصد الحسنة (ص 151 - 152، رقم 163) بتصرف يسير.

مسانيدهم، والحاكم في المستدرك [2/ 11، رقم 2164]، لكنه لم يصححه (¬1) ولم يذكر إلا شطره الثانى، وكذلك خرجه العقيلى في الضعفاء، كلهم من الطريق السابق عن عمر. وفي الباب عن أنس، قال الثقفى في الثقفيات: حدثنا أبو الفرج عثمان بن أحمد بن إسحاق البرحى ثنا محمد بن عمر بن حفص ثنا حجاج بن يوسف بن قتيبة ثنا بشر بن الحسن عن الزبير بن عدى عن أنس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون". 1516/ 3612 - "الجَاهِرُ بِالقُرْآنِ كَالجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ، والمُسِرُّ بِالقُرْآنِ كَالمُسِرِّ بِالصَّدَقَةِ". (د. ت. ن) عن عقبة بن عامر (ك) عن معاذ قلت: حديث عقبة أخرجه أيضًا الربعى السدار في جزئه، وأبو الحسين بن بشران في فوائده، وعنه الثقفى في الثقفيات وآخرون كلهم من طريق إسماعيل ابن عياش عن بكر بن سعد الكلاعى عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة الحضرمى عن عقبة بن عامر به. وحديث معاذ، قال عنه الحاكم [1/ 555، رقم 2038]: صحيح على شرط البخارى، وأقره الذهبى، مع أن الحاكم رواه من طريق سعيد بن أبي ¬

_ (¬1) لم يصححه لأنه ليس على شرطه في كتابه، فإنه قال قبل هذا الحديث مباشرة [2/ 11]: وقد روى في الزجر عن احتكار الطعام. . . أخبار لابد من ذكرها، ثم ذكره وذكر معه خمسة أحاديث آخر، ثم قال [2/ 13]: هذه الأحاديث الستة طلبتها، وخرجتها في موضعها من هذا الكتاب يعنى كتاب البيوع احتسابًا لما فيه الناس من الضيق، واللَّه يكشفها، وإن لم يكن من شرط هذا الكتاب اهـ. ومع هذا قال الذهبى في التلخيص [2/ 11، رقم 2164]: على بن سالم ضعيف وهذا رواه ابن ماجه اهـ. واللَّه أعلم.

مريم عن يحيى بن أيوب عن بحير بن سعد (¬1) عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة الحضرمى عن معاذ به، وهذا السند عينه سند حديث عقبة، فالظاهر أن بعض الرواة وهم في قوله: عن معاذ. وفي الباب عن أبي أمامة مرفوعًا: "من خَفتَ بالقرآن فهو كالذى يَخْفِتُ بالصدقة، ومن جهر بالقرآن فهو كالذى يجهر بالصدقة"، رواه ابن حبان في الضعفاء [1/ 187]: أخبرنا الحسن بن سفيان ثنا جعفر بن مهران ثنا عبد الوارث عن بشر بن نمير القشيرى عن القاسم عن أبي أمامة به، وقال ابن حبان في بشر بن نمير: منكر الحديث. 1517/ 3613 - "الجَبَرُوتُ فِي القَلْبِ". ابن لال عن جابر قال في الكبير: بإسناد ضعيف، لكن شاهده خبر أحمد وابن منيع والحارث عن على مرفوعًا: "إن الرجل ليكتب جبارًا وما يملك غير أهل بيته". قلت: كذا وقع في الأصل، أحمد وابن منيع بواو العطف، وإنما هو أحمد ابن منيع، والشارح أخذ ذلك من كلام الحافظ السخاوى فإنه قال: ويدخل هنا ما رواه أحمد بن منيع والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما عن على. أما حديث الباب فقال ابن لال: حدثنا إسماعيل بن محمد ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا يزيد بن هارون ثنا محمد بن عبد الملك عن ابن المنكدر عن جابر به، ومحمد بن عبد الملك متهم بالكذب ووضع الحديث. ¬

_ (¬1) كذا في الكاشف للذهبى، وفي التهذيب لابن حجر والخلاصة "سعيد" بدلًا من سعد.

1518/ 2614 - "الجِدَالُ في القُرْآنِ كُفرٌ". (ك) عن أبي هريرة قال الشارح: وصححه الحاكم ونوزع. قلت: الحاكم ما صحح هذه الرواية ولا نازعه أحد، والشارح نفسه نقل في الكبير عن الحاكم أنه قال: لم يحتج الشيخان بعمر، كذا نقل ذلك مجملًا ثم حرفه في الصغير فما أصاب في الكتابين معًا. والواقع أن الحاكم خرج الحديث أولًا [2/ 223، رقم 2882]: من طريق المعتمر بن سليمان عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة (¬1)، ثم قال: تابعه عمر بن أبي سلمة عن أبيه، ثم أخرجه [2/ 223، رقم 2883] من طريق سعد بن إبراهيم عن عمر بن أبي سلمة ثم قال: حديث المعتمر عن محمد بن عمرو صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، فأما عمر بن أبي سلمة فإنهما لم يحتجا به اهـ. والحديث عند إبراهيم بن سعد في جزئه عن أبيه، لكنه قال: عن حميد بن عبد الرحمن أو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن فذكره مرسلًا. وأخرجه الطبرانى (¬2) وعنه أبو نعيم في الحلية [6/ 134] من رواية ضمرة بن شوذب عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. ورواه أبو داود في سننه وسيعزوه المصنف له في حرف الميم في: "المرآة في القرآن"، وهناك إن شاء اللَّه نذكر له مخرجين غير هؤلاء. ¬

_ (¬1) خرجه بلفظ: "مراء في القرآن كفر". (¬2) رواه في الصغير في موضعين [1/ 299، رقم 496] من رواية الزهرى، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة به [1/ 345، رقم 574] من طريق هشام بن عروة عن أبيه، عن أبي سلمة به بلفظ: "المراء في القرآن كفر".

1519/ 3618 - "الجَزُورُ عَنْ سَبْعَةٍ". الطحاوى عن أنس قال الشارح: رواه الطحاوى في مسنده. وقال في الكبير: ظاهر اقتصاره على الطحاوى أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول، فقد خرجه أبو داود في الأضاحى عن جابر [بزيادة] فقال: "البدنة عن سبعة والجزور عن سبعة" ورواه الترمذى بلفظ: "الجزور عن سبعة والبقرة عن سبعة في الأضاحى"، وما أراه إلا ذهل عنه. قلت: ما ذهل عنه ولكنك كثير النسيان، فإن أبا داود خرجه بلفظ: "البقرة عن سبعة والجزور عن سبعة"، وقد قدمه المصنف في حرف الباء، وعزاه لأحمد وأبي داود، والعجب أن الشارح يقول: بلفظ: "البدنة"، ولا يتفطن لكون لفظ: "البدنة" ليس هذا موضعها بل موضعها حرف الباء، وهو يستدرك بها في حرف الجيم. ثم إنه لم يقع أيضًا عند أبي داود بلفظ: "البدنة" كما يقول الشارح، بل بلفظ: "البقرة" كما سبق للمصنف، أما لفظ: "البدنة" فوقع عند أبي داود [3/ 98، رقم 2809] في رواية لا تدخل في هذا الكتاب أصلًا، وهي قولة: "نحرنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة". وبهذا اللفظ أيضًا خرجه الترمذى [4/ 21، رقم 1502]، فما ذهل المصنف وإنما ذهل الشارح. ثم إنه قال عن الطحاوى أنه خرج هذا الحديث في مسنده، وليس للطحاوى مسند إنما خرجه في شرح معاني الآثار [4/ 175].

1520/ 3622 - "الجُلُوسُ مَعَ الفُقَرَاءِ مِنَ التَّوَاضُع، وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الجِهَادِ". (فر) عن أنس قال في الكبير: فيه محمد بن الحسين السلمى الصوفى، قال الخطيب: قال لي محمد بن يوسف القطان: كان يضع الحديث. قلت: محمد بن الحسين هو أبو عبد الرحمن السلمى الحافظ الصوفى شيخهم في وقته اجل من أن يكذب، ومن اتهمه بذلك فما عرفه ولا قدره قدره. والسند فيه مجاهيل لا يعرفون، فلا معنى لاتهام أبي عبد الرحمن به، قال الديلمى [2/ 196، رقم 2454]: أخبرنا يزيد أخبرنا البجلى أخبرنا السلمى حدثنا أحمد بن إبراهيم الفقيه ثنا محمد بن على بن الأشعث ثنا جعفر بن محمد العلوى ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عروة بن ثابت عن طاهر بن عبيد اللَّه عن أنس به. 1521/ 3623 - "الجَمَاعَةُ بَرَكَةٌ، والسُّحُورُ بَرَكَةٌ، والثَّرِيدُ بَرَكَةٌ" ابن شاذان في مشيخته عن أنس قال في الكبير: ورواه الحارث بن أبي أسامة وأبو ليلى والديلمى من حديث أبي مريرة ولقد أبعد المصنف النجعة حيث عزاه لابن شاذان مع وجوده لمن ذكر قلت: أما الحارث بن أبي أسامة فلم يروه من حديث أبي هريرة، بل رواه عن أبي سعيد الإسكندرانى مرسلًا بسند فيه كذاب ومتروك، فقال الحارث (¬1): حدثنا داود بن المحبر ثنا بحر بن كنيز السقا عن عمران القصير عن أبي سعيد الإسكندرانى قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: الجماعة بركة، والثريد بركة، والسحور بركة، تسحروا فإنه يزيد في القوة، وهو من السنة، تسحروا ¬

_ (¬1) انظر بغية الحارث: [1/ 414، رقم 323].

ولو بجرعة من ماء أو على جرع من ماء تسحروا صلوات اللَّه على المتسحرين" فهذا الحديث بهذه الزيادة موضوع وداود بن المحبر وضاع، وشيخه متروك منكر الحديث. وأما أبو يعلى فرواه بلفظ: "السحور بركة"، فموضعه حرف السين، إلا أن المصنف لم يذكره هناك وإن ذكره في الأصل، قال أبو يعلى [11/ 330، رقم 6447]: حدثنا أبو ياسر عمار بن هارون المستملى ثنا مسلمة بن علقمة -إمام مسجد داود بن أبي هند- ثنا داود من أبي هند عن الشعبى عن أبي هريرة مرفوعًا: "السحور بركة، والجماعة بركة، والثريد بركة". وكذلك رواه الحسن بن سفيان في مسنده عن عمار بن عمرو، وعنه رواه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج، وبهذا اللفظ ذكره النور الهيثمى في الزوائد وعزاه لأبي يعلى، ثم قال: فيه أبو ياسر عمار بن هارون وهو ضعيف اهـ. 1522/ 3624 - "الجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، والفُرْقَةُ عَذَابٌ". عبد اللَّه في زوائد المسند، والقضاعى عن النعمان بن بشير قلت: تقدم الكلام عليه قريبًا في حديث: "التحدث بنعمة اللَّه شكر". 1523/ 3626 - "الجَمَالُ صَوَابُ القَوْلِ بِالحَقِّ، وَالكَمَالُ حُسْنُ الفِعَالِ بِالصِّدْقِ". الحكيم عن جابر قال الشارح: بسند ضعيف جدًا.

وقال في الكبير: قضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجيب، فقد رواه أبو نعيم في الحلية والديلمى في مسند الفردوس والبيهقى في الشعب فعدوله للحكيم واقتصاره عليه الموهم غير لائق، ثم إن فيه أيوب بن يسار الزهرى قال الذهبى: ضعيف جدًا تفرد به عنه عمر بن إبراهيم وهو ضعيف جدًا. قلت: فيه أمور، الأول: هذا الحديث باطل موضوع جزمًا، وليس هو من الألفاظ النبوية. الثانى: لم يخرجه أبو نعيم في الحلية، وإنما قال الديلمى [2/ 195، رقم 2451]: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا أحمد بن محمد بن موسى ثنا إسحاق بن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن مصعب ثنا عمر بن إبراهيم عن أيوب بن سيار عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: "أقبل العباس وعليه ثياب بياض" فلما نظر إليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تبسم، فقال العباس: ما الجمال يا رسول اللَّه؟ قال: الجمال صواب القول" وذكره. فلما رأى الشارح الديلمى أسنده من طريق أبي نعيم نسبه إليه في الحلية وهو غير موجود فيها، ولأبى نعيم كتب كثيرة، وقد خرج هذا الحديث في تاريخ أصبهان ولكن بسند آخر غير هذا السند كما سأذكره. الثالث: قوله: تفرد به عنه عمر بن إبراهيم باطل، بل رواه عنه أيضًا همام ابن مسلم وعلى بن حفص المدائنى. أما رواية همام فقال أبو نعيم في التاريخ [2/ 86، 87]: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن عبد اللَّه بن مسعود فيما أذن ثنا عبد اللَّه بن أحمد ابن السيد ثنا سليمان بن الربيع النهدى ثنا همام بن مسلم عن أيوب بن سيار

عن محمد بن المنكدر عن جابر به مثله. وأما رواية على من حفص فقال الطوسى في أماليه. أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن بن محمد بن الإسكاف حدثنا أبي قال: حدثنا على بن حفص المدائنى حدثنى أيوب بن سيار به، وفيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنك يا عم لجميل، فقال العباس: ما الجمال بالرجال يا رسول اللَّه؟ قال: صواب القول بالحق، قال: فما الكمال؟ قال: تقوى اللَّه عز وجل وحسن الخلق". الرابع: ليس من ذكر بأشهر من الحكيم الترمذى ولا في العزو إليه أدنى إيهام لشئ. 1524/ 3628 - "الجُمُعَةُ إلى الجُمُعَةِ كَفارَة لِمَا بَينهمَا مَا لَمْ تُغْش الكَبَائِرُ". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه الحاكم والديلمى. قلت: هذا هو الوهم والإيهام على الحقيقة لا ما يلمز به الشارح المصنف جهلًا، فقوله رواه الحاكم يفيد أنه في المستدرك وليس كذلك إنما هو في التاريخ، وعدم ذكره لصحابى الحديث يفيد أنه أبو هريرة أيضًا، وإنما رواه الحاكم في التاريخ والديلمى من حديث عثمان، قال الديلمى: أخبرنا ابن خلف أخبرنا الحاكم حدثنا الحسين بن محمد ثنا أحمد بن محمد الفقيه ثنا عبد اللَّه بن مصعب عن أبيه عن عبد اللَّه بن عبد الخالق عن أبيه عن سعيد بن عثمان عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الجمعة إلى الجمعة

كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر" وأعمل الحديث في صحيح مسلم وغيره (¬1). 1525/ 3635 - "الجُمُعَةُ حَجُّ المَسَاكِين". ابن زنجويه في ترغيبه والقضاعى عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: في الباب عن على وابن عمر وأبي الدرداء ذكرتها بأسانيدها في المستخرج. 1526/ 3637 - "الجَنَارَةُ مَتبُوعَةٌ، وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ، لَيْسَ منَّا مَنْ تَقَدَّمَهَا". (هـ) عن ابن مسعود قال في الكبير: قال ابن الجوزى حديث لا يثبت وفيه أبو مساجد قال الدارقطنى: مجهول، وظاهر صنيع المصنف أن ابن ماجه تفرد بإخراجه من بين الستة وأنه لا علة له والأمر بخلافه، أما أولًا: فإن أبا داود والترمذى خرجاه أيضًا في الجنائز واستغربه الترمذى، وأما ثانيًا: فإنه عندهم من رواية أبي مساجد وهو ضعيف. . . إلخ. قلت: كلا الوجهين باطل، أما الأول: فإن أبا داود والترمذى لم يخرجاه بلفظ يدخل في هذا الكتاب، إنما وقع اللفظ المذكور أثناء حديثهما، قال أبو داود [3/ 202، رقم 3184]: ثنا مسدد ثنا أبو عوانه عن يحيى المجبر وهو يحيى بن عبد اللَّه التيمى عن أبي ماجد عن ابن مسعود قال: "سألنا نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المشى مع الجنارة فقال: ما دون الخبب، إن يكن خيرًا تعجل إليه وإن يكن ¬

_ (¬1) مسلم (1/ 209، رقم 14، 15، 16).

غير ذلك فبعدًا لأهل النار، والجنازة متبوعة ولا تتبع، وليس معها من يقدمها". وقال الترمذى [3/ 323، رقم 1011]: ثنا محمود بن غيلان ثنا وهب بن جرير عن شيبة عن يحيى إمام بنى تيم اللَّه عن أبي مساجد عن عبد اللَّه بن مسعود قال: "سألنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المشى خلف الجنازة فقال: ما دون الخبب" وذكر مثله، فالحديث في روايتهما أثناء حديث آخر. أما ابن ماجه فقال [1/ 2476، رقم 1484]: حدثنا أحمد بن عبدة أنبأنا عبد الواحد بن زياد عن يحيى بن عبد اللَّه التيمى عن أبي ماجد الحنفى عن عبد اللَّه بن مسعود قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: الجنازة متبوعة" الحديث. والمصنف في كتابه هذا إنما يورد الأحاديث على ما وردت عليه عند مخرجيها، ولذلك يكرر الحديث مرارًا ويفرق بين ما اتفق عليه أصحاب الكتب الستة في عدة مواضع بحسب اللفظ الواقع عند كل واحد منهم، والشارح يعلم هذا جيدًا. وأما الثانى: فإن المصنف رمز له بعلامة الضعيف التي اكتفى بها عن نقل الكلام الطويل في علل الأحادبث اختصارًا، كما اكتفى بالرمز عن أسماء الرجال. 1527/ 3628 - "الجَنَّةُ أَقْرَبُ إلى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، والنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ". (حم. خ) عن ابن مسعود قلت: في الباب عن جابر، قال أبو نعيم في التاريخ [2/ 9]:

ثنا أحمد بن عبيد اللَّه بن محمود ثنا على بن الحسين بن سلم بالرى ثنا أبي ثنا أحمد بن معاوية بن الهذيل ثنا الحسين بن حفص ثنا أبو سلم خادم الأعمش عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: أظنه رفعه إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك". 1528/ 3640 - "الجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَينِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ". ابن مردويه عن أبي هريرة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير وهو عجيب، فقد خرجه الحاكم وقال على شرطهما. قلت: الشارح لجهله بصناعة الحديث يظن أن من شرط العزو أن يعزى الحديث إلى جميع من خرجه، وأن من لم يفعل ذلك فهو قاصر، وأنه باستدراكه على المصنف بأمثال هذا سيفوقه وينقص من قدره، وكل هذا محال بل من أمحل المحال. والحديث خرجه قبل الحاكم البخارى في التاريخ الكبير [1/ 203] من حديث أبي الدرداء: فروى عن عبد الرحمن بن يحيى عن محمد بن عيسى بن سميع القرشى عن زيد بن واقد عن بسر بن عبيد اللَّه عن أبي إدريس عن أبي الدرداء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الجنة مائة درجة أعدها اللَّه للمجاهدين". ورواه ابن أبي داود في البعث [ص 11] من حديث أبي هريرة، فقال: ثنا أحمد بن سنان ثنا يزيد بن هارون أنا شريك عن محمد بن جحادة عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الجنة مائة درجة ما بين كل

درجتين مسيرة خمسمائة عام". ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 305]: ثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم ثنا أبو بكر محمد بن موسى بن أحمد بن الزبرقان ثنا محميد بن شيرزاذ ثنا يحيى الحمانى ثنا شريك عن محمد بن جحادة به مثله. وأما الحاكم [1/ 80، رقم 357] فرواه من طريق فليح بن سليمان عن هلال ابن على عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: الجنة مائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس من أعلاها درجة، ومنها تفجر أنهار الجنة، فإذا سألتم اللَّه فاسألوه الفردوس". ورواه أيضًا من حديث أبي هريرة وأبي سعيد معا، ورواه أيضًا [1/ 80، رقم 359] من حديث زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبادة ابن الصامت، وهي كلها عند الترمذى. وهذا كله باعتبار الرواية المصدرة باللفظ الذي ذكره المصنف دون أصل الحديث، وإلا فهو في صحيح البخارى [4/ 19، رقم 2790] وسنن الترمذى [4/ 674، رقم 2529] ومسند أحمد [2/ 335] وغيرها من حديث أبي هريرة أيضًا ولفظه: "من آمن باللَّه ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقًا على اللَّه أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل اللَّه أو جلس في أرضه التي ولد فيها، قالوا يا رسول اللَّه: أفلا ننبئ الناس بذلك؟ قال: إن في الجنة مائة درجة أعدها اللَّه للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم اللَّه فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة".

1529/ 3641 - "الجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ، وَلَو أن العَالَمِينَ اجْتَمَعُوا في إِحْدَاهُنَّ لوَسِعَتْهُم". (حم. ع) عن أبي سعيد قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه وإلا لما عدل عنه، والأمر بخلافه، فقد رواه الترمذى عن أبي سعيد المذكور بلفظ: "الجنة مائة درجة، ولو أن الناس كلهم في درجة واحدة لوسعتهم، اهـ. بلفظه فالعدول عنه من ضيق العطن. قلت: كذب الشارح في قوله بلفظ الجنة. . . إلخ، فإن الترمذى قال [4/ 676، رقم 2532]: حدثنا قتيبة ثنا ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن في الجنة مائة درجة لو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن لوسعتهم". فرواية الترمذى مصدرة بـ "إن" وقد ذكره المصنف في حرف "إن" وعزاه للترمذى فكتب عليه الشارح هناك: وقال الترمذى: حسن صحيح اهـ وهو واهم أيضًا فيما قال، فإن الترمذى قال: هذا حديث غريب فالشارح أضيق خلق اللَّه عطنا وأكثرهم غفلة ونسيانًا. 1530/ 3642 - "الجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأُمَّهَاتِ". القضاعى (خط) في الجامع عن أنس قال الشارح: وفيه مجهولان، ورواه مسلم عن النعمان بن بشير. وقال في الكبير: روياه كلاهما من حديث منصور بن مهاجر عن أبي النضر الأبار عن أنس، قال ابن طاهر: ومنصور وأبو النضر لا يعرفان والحديث منكر اهـ. فظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من الستة وإلا لما

أبعد النجعة وهو ذهول، فقد خرجه النسائى وابن ماجه وكذا أحمد والحاكم وصححه، وأعجب من ذلك أن المصنف في الدرر عزاه إلى مسلم باللفظ المذكور من حديث النعمان بن بشير فيا له من ذهول ما أبشعه!. قلت: أى نعم ما أبشعه وأشنعه ولكن من الشارح لا من المصنف، وإن وقع منه بعض تسامح في عزو هذا الحديث في الدرر لا في الجامع كما سأبينه، أما الشارح فذهوله أعجب وأعجب وإن كان ذلك لا يعد منه عجببًا لأنه أصل كلامه ومبنى كتابته، فإنه لا يقول إلا خطأ ولا يسطر إلا وهمًا كما تراه في كتابنا هذا من أوله إلى آخره، وفي هذا الحديث من ذهوله الشنيع ووهمه الشيخ وخطائه الفاحش أمور، الأول: أنه ليس المصنف الذي عزاه إلى مسلم، بل الذي عزاه إليه الزركشى في الأصل، نعم المصنف أقره ولم يتعقبه فهو من جملة ذلك متساهل. الثانى: أن الزركشى عزاه إلى مسلم من حديث أنس لا من حديث النعمان ابن بشير، وسلفه في ذلك الديلمى فإنه الذي عزاه لمسلم عن أنس كما ذكره الحافظ السخاوى وقال: فلينظر. الثالث: أن مسلمًا لم يخرجه لا من حديث أنس ولا من حديث النعمان والديلمى ومن تبعه واهمون في ذلك. الرابع: أن النسائى وابن ماجه والحاكم لم يخرجوه من حديث أنس كما يفيده كلام الشارح بل خرجوه من حديث معاوية بن جاهمة السلمى. الخامس: أن لفظه عندهم وعند غيرهم كأحمد وابن شاهين وابن أبي عاصم وابن عبد البر عن معاوية أنه قال: "يا رسول اللَّه أردت الغزو وجئتك أستشيرك، فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم، قال: الزمها، فإن الجنة عند رجلها" (¬1). ¬

_ (¬1) النسائى (6/ 11) وابن ماجه (2/ 930، رقم 2781) الحاكم (4/ 151 رقم 7248) أحمد [3/ 429].

وهو حديث وقع فيه اضطراب، فهذا لفظ لا يدخل في هذا الحرف. السادس: ما نقله عن ابن طاهر من أن منصور بن مهاجر وأبا النضر الأبار لا يعرفان باطل، فمنصور بن مهاجر معروف، روى عنه يعقوب بن شيبة ومحمد بن عبد الملك الدقيقى والحسن بن على الحلوانى ومحمد بن إسماعيل الحسانى وإسحاق بن وهب العلاف وعلى بن إبراهيم بن عبد المجيد وأبو هاشم سهم بن إسحاق بن إبراهيم وعلى بن إبراهيم الواسطى وآخرون، وروى له ابن ماجه في التفسير وله ترجمة في التهذيب، وأبو النضر الأبار هو جرير بن حازم كما ذكره الدولابى في الكنى، وهو ثقه من رجال الجميع. 1531/ 3643 - "الجَنَّةُ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوفِ". (ك) عن أبي موسى قال في الكبير: قال الحاكم: على شرط مسلم، وأقره الذهبى وكان على المصنف إثبات هذا في حرف "إن" لأنه في رواية الحاكم بـ "إن" في أوله كما رأيته في المستدرك بخط الذهبى، ثم إن ظاهر كلام المصنف أن هذا مما لم يخرجه الشيخان ولا أحدهما وهو ذهول، فقد رواه البخارى عن ابن أبي أوفى مرفوعًا بلفظ: "اعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف". وأخرجه مسلم أيضًا في المغازى وأبو داود في الجهاد، فاقتصار المؤلف على الحاكم من ضيق العطن. قلت: هذا مما يدل على أن الشارح ملبس، فبينما هو يتعقب المؤلف على ذكر حديث الحاكم هنا ويقول أن حقه أن يذكر في حرف "إن" لأنه مصدر بها عند الحاكم على ما رآه بخط الذهبى، إذ يتعقب عليه بعدم عزوه للبخارى من حديث ابن أبي أوفى الذي هو مصدر بـ "اعلموا"، على ما يفتريه هو ويدلسه ويقترف به الذي موضعه حرف الألف مع العين.

وأما الواقع فلفظ حديث ابن أبي أوفى عند البخارى [4/ 77، رقم 3026]: "يا أيها الناس لا تمنوا لقاء العدو وسلوا اللَّه العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف" وهكذا هو عند مسلم [3/ 1362، رقم 1742] وأبي داود [3/ 42، رقم 2631]، فالشارح يكذب ويدلس ليتوصل إلى قوله من ضيق العطن أو قصور وتقصير. 1532/ 3645 - "الجَنَّةُ لَبِنَةٌ مِن ذَهَبٍ ولَبِنَةٌ مِن فِضَّةٍ". (طس) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح اهـ. وقضية كلام المصنف أن ما ذكره هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه، بل بقيته: "وملاطها المسك". قلت: الشارح أخذ هذا مما ذكر الحافظ الهيثمى، وهو قد ذكره كذلك ولكن عزاه للبزار والطبرانى معًا، فالزيادة المذكورة وقعت في رواية البزار، والحديث روى بهذه الزيادة وبدونها، فقد أخرجه أبو مسلم الكشى ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [2/ 248] من رواية عمران القطان عن قتادة عن العلاء بن زياد عن أبي هريرة باللفظ المذكور في الكتاب فقط، قال أبو نعيم: وكذلك رواه إبراهيم بن طهمان عن مطر الوراق عن العلاء مثله، قال: ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة وزاد: "ترابها الزعفران، وطينها المسك". رواه الحسن بن أبي سفيان: ثنا محمد بن المنهال ثنا يزيد بن زريع عن سعيد به. ورواه معمر عن قتادة عن العلاء عن أبي هريرة موقوفًا وزاد: "درجها الياقوت واللؤلؤ ورضراض أنهارها اللؤلؤ وترابها الزعفران". ورواه ابن أبي الدنيا والطبرانى في الأوسط أيضًا من حديث ابن عمر: "سئل

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الجنة ما بناؤها؟ قال: لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك، وترابها الزعفران، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت". 1533/ 3646 - "الجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ، مَا بَيْنَ كُل دَرَجَتَينِ مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ عام". (طس) عن أبي هريرة قال في الكبير: هذا من المصنف كالصريح في أن هذا الحديث لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه وإلا لما عدل عنه وأعظم بها من غفلة، فقد خرجه البخارى وكذا أحمد والترمذى باللفظ المزبور وزادوا: "والفردوس أعلاها درجة ومنها تفجر أنهار الجنة الأربع وفوق ذلك يكون العرش" اهـ. قلت: أى واللَّه أعظم بها من غفله ولكن من الشارح لا من المؤلف وذلك في أمور، الأول: أن هؤلاء خرجوا الحديث بلفظ لا يدخل في هذا الحرف، بل المذكور هنا هو بعض الحديث الذي خرجوه، قال البخارى [4/ 19، رقم 2790]: حدثنا يحيى بن صالح ثنا فليح عن هلال بن على عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: "قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: من آمن باللَّه وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقًا على اللَّه أن يدخله الجنة جاهد في سبيله أو جلس في أرضه التي ولد فيها، فقالوا: يا رسول اللَّه أفلا نبشر الناس؟ قال: إن في الجنة مائة درجة أعدها اللَّه للمجاهدين في سبيله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم اللَّه فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة أراه قال: وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة". فهذا كما ترى حديث مطول أوله حرف "من". الثانى: إن هذا فيه: "ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض"، والذي رواه الطبرانى: "ما بين كل درجتين خمسمائة عام".

الثالث: أن الذي رواه البخارى ومن وافقه مخالف أيضًا للفظ الذي عزاه إليهم الشارح. الرابع: أن الترمذى لم يخرجه من حديث أبي هريرة بل خرجه من حديث معاذ [4/ 675، رقم 2530] لاختلاف وقع في إسناده، وإنما خرج حديث أبي هريرة مرفوعًا [4/ 674، رقم 2529]: "في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مائة عام"، وقال: حسن غريب، فما أعظمها من الشارح كفلة وجرأة. 1543/ 3647 - "الجَنَّةُ بِالمَشْرِقِ". (فر) عن أنس قال في الكبير: فيه يونس بن عبيد، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: مجهول، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد أعلى ولا أشهر ولا أقدم من الديلمى وهو عجيب، فقد خرجه الحاكم من هذا الوجه بهذا اللفظ ومن طريقه وعنه أورده الديلمى مصرحا، فإهمال المصنف للأصل واقتصاره على العزو للفرع غير جيد. قلت: فيه من الجهل رالتدليس أمور: الأول: أن المصنف نقل الحديث من مسند الفردوس ورأى الديلمى أسنده من طريق الحاكم كما رآه الشارح، فلو كان خائنًا في النقل متهورًا في العزو لما عجز عن أن يعزوه للحاكم، ولكنه أمين إذ لم ير الحديث في كتاب الحاكم فعزاه إلى من خرجه، فهل أعجب من شأن الشارح يعيب المصنف بالصدق والأمانة، وينقصه بعدم الكذب والخيانة. الثاثى: أن إطلاقه العزو الى الحاكم يوهم بل يمد صراحة أنه في المستدرك، والديلمى إنما يروى عن ابن خلف إجازة عن الحاكم ما خرجه في التاريخ،

كما أن الحافظ أسقط في زهر الفردوس كل ما أشده الديلمى من الكتب المشهورة وترك ما في الكتب الغريبة كما نص عليه في خطبته، والشارح رآه ووقف عليه وعلم أن الحديث عند الحاكم في التاريخ ولكنه قصد الإيهام بالتدليس والتلبيس ليوهم أن الحديث في مستدرك الحاكم ولم يعزه المصنف إليه قصورًا منه. الثالث: أنه قال: ومن طريقه وعنه خرجه الديلمى، فزيادة "وعنه" تفيد صريحًا في اصطلاح أهل الحديث والمخرجين أنه رواه عنه مباشرة وإلا فقوله من طريقه يكفى، وذلك باطل فإن الديلمى ما أدرك الحاكم وإنما يروى عن ابن خلف عنه. الرابع: قوله: وفيه يونس بن عبيد، قال الذهبى: مجهول هي فضيحة وخزى، فإن يونس بن عبيد أشهر من نار على علم ولا يمكن أن يجهله أحد من صغار طلبة الحديث، لأن السند فيه يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس، ويونس بن عبيد صاحب الحسن، أشهر بين طلبة الحديث من سيبويه بين طلبة النحو، وهو إمام ثقة من رجال الصحيح بل الستة بل من أشهر الثقات وأفاضل العباد لا يمكن أن يجهله أو يشتبه حاله إلا على من لم يسمع بلفظ الحديث فضلًا عما فوق ذلك. الخامس: أن يونس بن عبيد الذي ذكره الذهبى قال فيه: يروى عن البراء بن عازب، والذي في السند لم يدرك أحدًا من الصحابة، وأيضا فإن الذهبى قال: ذكره ابن حبان في الثقات، وذكر له حديثًا ثم قال: هو حديث حسن. السادس: أن الحديث موضوع باطل، ويونس بن عبيد المذكور قد قال عنه الذهبى: ذكره ابن حبان في الثقات وحديثه حسن، ومن كان كذلك لا يروى مثل هذا الباطل. السابع: أن الشارح ترك الراوى الكذاب الذي هو علة الحديث وذكر يونس

ابن عبيد الإمام الثقة الشهير، فإن الديلمى رواه [2/ 189، رقم 2434] من طريق الحاكم: ثنا محمد بن العباس ثنا أحمد بن محمد بن عطاء الفقيه ثنا إبراهيم بن على النيسابورى ثنا الحسين بن إسحاق البصرى ثنا محمد بن الزبرقان عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس به، والحسين بن إسحاق كذاب وضاع وهو الذي افتراه. الثامن: أن الحافظ قد ذكر هذا الرجل في اللسان وذكر له هذا الحديث ونص على وضعه، والشارح قد رتب أحاديث الميزان واللسان، فأين كان عن هذا الحديث، ولكنه ينسى ما يكتبه قبل أربعة أسطر، فكيف يذكر ما في كتاب آخر. قال الحافظ في اللسان [2/ 335]: الحسن بن إسحاق البصرى عن محمد ابن الزبرقان عن يونس عن الحسن عن أنس رفعه: "إن الشمس بالجنة والجنة بالمشرق" وعنه إبراهيم بن على النيسابورى، أورده الجوزقانى في كتاب الأباطيل، وقال: الحسين مجهول اهـ. التاسع: أن الحديث ظاهر الوضع والبطلان، والمصنف قد تساهل وغفل جدًا في إيراده في هذا الكتاب، فبدلًا من أن ينبه الشارحُ على ذلك شرع يخبط خبط عشواء ويهرف بما لا يعرف ويأتى بالطامات الفاضحة لأنه غير موفق وإلى اللَّه عاقبة الأمور. 1535/ 3648 - "الجَنَّةُ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ فَاحِشٍ أَنْ يَدْخُلَهَا" ابن أبي الدنيا في الصمت (حل) عن ابن عمرو قلت: كأن المصنف قلد الحافظ العراقى في عزو هذا الحديث إلى الحلية مرفوعًا وهو واهم في ذلك فإن أبا نعيم لم يخرجه عنه إلا موقوفًا [1/ 288] وذلك في ترجمته من طريق موسى بن هارون عن قتيبة بن سعيد عن الليث بن

سعد عن عياش بن عياش عن أبي عبد الرحمن قال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو بن العاص يقول: "إن الجنة حرام على كل فاحش أن يدخلها". وهكذا رواه الدولابى في الكنى عن النسائى عن قتيبة به مثله. 1536/ 3649 - "الجَنَّةُ لِكُلِّ تَائِبٍ، وَالرَّحْمَةُ لِكُلِّ وَاقِفٍ". أبو الحسين بن المهتدى في فوائده عن ابن عباس قال في الكبير: فظاهر حال المصنف أنه لم يقف عليه مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن الديلمى خرجه في مسند الفردوس. قلت: ما رأيته في زهر الفردوس، وإن ذكره صاحب الفرودس من حديث ابن عباس ولو خرجه ولده لذكره الحافظ في الزهر فهو لا يعدو تدليس الشارح وإرادته الفردوس فاللَّه أعلم. نعم خرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، قال [2/ 84]: حدثنا أبو بكر بن المقرى ثنا عبد اللَّه بن الحسن بن فورك ثنا عباد بن الوليد ثنا حجاج بن نصير ثنا قتادة عن عطاء عن ابن عباس به، وما أرى الحديث إلا باطلًا. 1537/ 3654 - "الجِهَادُ أَرْبَعٌ: الأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ، وَالصِّدْقُ في مَوَاطِنِ الصَّبْرِ، وَشَنَآنُ الفَاسِقِ". (حل) عن على قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أبي نعيم: "فمن أمر بالمعروف شد عضد المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الفاسق، ومن صدق في مواطن الصبر فقد قضى ما عليه" اهـ بحروفه. فاقتصار المصنف على بعض الحديث بغير ملجئ تقصير وإن كان جائزا، ثم قال: فيه عبيد اللَّه الوصافى نُقِلَ في الميزان عن جمع

تضعيفه واستحقاقه للترك، ثم أورد له أخبارا هذا منها. قلت: نسخ الحلية مختلفة في هذا الحديث، فبعضهم اقتصر على ذكر ما نقله المصنف هنا وذلك ما في نسخته، وبعضهم زاد تلك الزيادة كما نبه عليه الخانجى طابع الحلية عند ذكر هذا الحديث (ص 10 من الجزء الخامس)، وذكر أن هذه الزيادة إنما هي في النسخة المغربية التي كنت قدمت له منها أجزاء ليطبع عليها، ثم إن الشارح لم ينقل الحديث من الحلية وإنما نقله من الميزان، وهو ذكر الزيادة كما ذكرها الشارح، وفيها أيضًا نقص على ما في الحلية، وهى قوله: "ومن شنأ الفاسقين غضب للَّه وغضب اللَّه له"، فهل نسخف على الشارح كما يسخف هو على المؤلف، كلا. وأغرب من ذلك أنه دائمًا يعيب المصنف بعدم ذكره لكلام المخرجين على الحديث الذي التزم هو أن لا يذكره وعوض عنه الرموز، وهذا الحديث قد قال عنه أبو نعيم: غريب من حديث محمد تفرد به الوصافى ومشهوره ما تقدم من قول على اهـ. أى أن المشهور فيه أنه موقوف من كلام على عليه السلام، وهذا يدلك صريحًا أن الشارح ما رآى الحديث في الحلية وإنما نقله من الميزان، والذهبى لا ينقل إلا من كتب الضعفاء كضعفاء العقيلى وابن عدى غالبًا، فما ذكره فهو رواية تلك الكتب لا رواية أبي نعيم، فتعجب من أمانة الشارح. * * *

حرف الحاء

حرف الحاء 1538/ 3658 - " حَامِلُ القُرآنِ مُوَقَّى". (فر) عن عثمان قال في الكبير: رواه عنه من طريقين وفيه محمد بن راشد المكحولى، قال النسائى: ليس بثقة. قلت ما رواه الديلمى إلا من طريق واحد، قال [2/ 215، رقم 2512]. أخبرنا محمد بن الحسين الثقفى إذنا أخبرنا أبي حدثنا الفضل بن الفضل الكندى حدثنا حمزة بن الحسين بن عمر البزار ثنا العباس بن محمد بن حاتم ثنا سورة بن الحكم ثنا محمد بن راشد عن مكحول عن عثمان به. وليكشف عن رجاله، فإن محمد بن راشد ثقة.

1539/ 3659 - "حَامِلُ كِتَابِ اللَّه تَعَالَى لَهُ في بَيْتِ مَالِ المُسْلِمينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِائَتَا دِينَارٍ". (فر) عن سليك الغطفانى قاله في الكبير: وفيه العباس بن الضحاك قال الذهبى: قال ابن حبان: دجال كذاب، ومقاتل بن سليمان قال الذهبى: قال ابن حبان: كذبه وكيع وغيره، ومن ثم حكم ابن الجوزى بوضعه وأقره عليه المؤلف. قلت: هذا كذب يشبه الصدق وصدق هو في الواقع كذب، فابن الجوزى ما أورد حديث سليك الغطفانى وإنما أورد حديثا مثله من حديث على، والمؤلف ما أقره بل تعقبه، وفي ضمن تعقبه أورد حديث سليك الغطفانى من عند الديلمى بسنده ثم قال: العباس بن الضحاك دجال، ومقاتل بن سليمان قال وكيع وغيره: كذاب، فخلط الشارح حديث على بحديث سليك، وكلام ابن الجوزى بكلام المؤلف وافترى عليه من جهة وصدق من جهة، والحديث موضوع بلا شك، والأمانة والصدق والتحقيق خلاف طريق الشارح. 1540/ 3660 - "حَامِلُ القُرْآنِ حَامِلُ رَايَة الإِسْلامِ، مَن أَكْرَمَهُ فَقَدْ أَكْرَمَ اللَّه، وَمَنْ أَهَانَهُ فَعَليهِ لَعْنَةُ اللَّه". (فر) عن أبي أمامة قال في الكبير: وفيه محمد بن يونس، قال الذهبى: قال ابن عدى: اتهم بالوضع، وعبد اللَّه بن داود قال الذهبى: ضعفوه، وأبو بكر بن عياش قال الذهبى: ضعفه ابن نمير وهو ثقة، وثور بن يزيد قال الذهبى: ثقة مشهور بالقدر. قلت: الشارح أدخل نفسه في بحر لا يحسن السباحة فيه فالحديث علته محمد ابن يونس الكديمى، فإنه وضاع شهير ومن يكون في سنده مثله لا يذكره معه

إلا من هو وضاع مثله أو شر منه، وأما أبو بكر بن عياش وابن نمير وثور بن يزيد فثقات لا يذكرهم إلا جاهل بصناعة الحديث بعيد عن دراية الرجال، والحديث حكم المصنف نفسه في الذيل بوضعه، فكان حقه أن لا يورده هنا. 1541/ 3663 - "حُبُّ الثَّنَاءِ مِنَ النَّاسِ يُعْمِى وَيُصمُّ". (فر) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الحافظ العراقى في سنده: ضعيف، وذلك لأن فيه حميد بن عبد الرحمن قال الخطيب: مجهول، والفضل بن عيسى قال الذهبى: ضعفوه عن عباد بن منصور ضعيف أيضًا، وهذا الحديث رواه أيضًا البغوى والعسكرى عن أبي الدرداء بلفظ: "حبك الشيء يعمى ويصم" وعده العسكرى من الأمثال. قلت: قوله: وهذا الحديث رواه البغوى. . . إلخ غريب جدًا، بل لا غريب بالنسبة إلى أوهام الشارح فهو أبو العجائب والغرائب في هذا الباب، وكذلك عزوه إلى البغوى والعسكرى مع أنه في مسند أحمد [6/ 450] وسنن أبي داود [4/ 336، رقم 5130] كما سيذكره المصنف قريبًا بعد نحو عشرة أحاديث في المتن، والشارح مما يعيب على المصنف عزو الحديث لمن ليس من أهل الكتب الستة إذا كان فيها، فماذا يقول الآن. 1542/ 3664 - "حُبُّ العَرَبِ إِيْمَانٌ، وَبُغْضُهُمْ نِفَاقٌ". (ك) عن أنس قال في الكبير: رواه الحاكم من حديث معقل بن مالك عن الهيثم بن حماد عن ثابت عن أنس، قال الحاكم: صحيح، ورده الذهبى بأن الهيثم متروك ومعقل ضعفوه. قلت: كذا وقع في الأصل الهيثم بن حماد بالحاء المهملة والدال، وصوابه

جماز بالجيم والزاى المعجمتين. والحديث رواه أبو نعيم في الحلية [2/ 333] من طريق أبي مسلم الكشى عن معقل بن مالك عن الهيثم بن جماز عن ثابت عن أنس بلفظ: "حب العرب إيمان وبغض العرب كفر، فمن أحب العرب فقد أحبنى ومن أبغض العرب فقد أبغضنى". وقال أبو نعيم: تفرد به الهيثم بن جماز. ورواه الديلمى هن هذا الوجه أيضًا إلا أنه قال: معقل بن سويد بدل معقل بن مالك. ورواه الدارقطنى في الأفراد من حديث عبد اللَّه بن عمر فقال: حدثنا على بن محمد الواعظ ثنا عبد اللَّه بن وهب ثنا مورع بن جبر ثنا سفيان عن الزهرى عن سالم عن أبيه قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: حب العرب إيمان وبغضهم نفاق". 1543/ 3665 - "حُبُّ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ إِيْمَانٌ، وَبُغْضُهُمَا نِفَاقٌ". (عد) عن أنس قال في الكبير: وفيه حازم بن الحسين، قال في الميزان عن أبي داود: روى مناكير، وقال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه ثم ساق له هذا الخبر. قلت: ما ذكر الذهبى في الميزان شيئًا من هذا أصلًا، بل قال: حازم بن الحسين بصرى مجهول اهـ. ولم يزد على هذا شيئًا. 1544/ 3668 - "حُبُّ أَبِي بَكْر وَعُمَرَ منَ الإِيْمَانِ وَبُغْضُهُمَا كُفْرٌ، وحُبُّ الأَنْصَارِ مِنَ الإِيْمَان وبُغْضُهُمْ كُفْرٌ، وحُبُّ العَرَبِ مِنَ الإِيْمَان وبُغْضُهُمْ كُفْرٌ، وَمَنْ سَبَّ أَصْحَابِى فَعَليهِ لَعْنَةُ اللَّه، وَمَنْ حَفَظَنِى فِيهِم فَأَنَا أَحْفَظُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ". ابن عساكر عن جابر

قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما عدل عنه وهو غفلة، فقد رواه أبو نعيم في الحلية والديلمى في مسند الفردوس عن جابر باللفظ المزبور لكنهما قالا: بدل قوله هنا "فأنا". . . إلخ "فلا لعنة اللَّه". قلت: أبو نعيم ما خرجه في الحلية أصلًا وإنما خرج حديث أنس باللفظ الذي سقته قبل حديث، وأما الديلمى فخرجه بدون ذكر الأنصار، وهو من أقران ابن عساكر في الطبقة، والعزو إلى ابن عساكر أولى عند المحققين. 1545/ 3669 - "حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ، وَالطِّيبُ وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِى في الصَّلَاةِ". (حم. ن. ك. هق) عن أنس قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وقال الحافظ العراقى: إسناده جيد، وقال ابن حجر: حسن، واعلم أن المصنف جعل في الخطبة (حم) رمزًا لأحمد في مسنده فاقتضى ذلك أن أحمد روى هذا في المسند وهو باطل، فإنه لم يخرجه فيه وإنما خرجه في كتاب الزهد فعزوه إلى المسند سبق ذهن أو سبق قلم، وممن ذكر أنه لم يخرجه في مسنده المؤلف نفسه في حاشيته للقاضى فتنبه لذلك. قلت: المصنف عزا الحديث لأحمد عن علم وتحقيق، وما حكاه عنه الشارح أنه نفى في حاشية البيضاوى كونه في المسند لعله من وهمه الكثير الذي يهمه على العلماء وينسب إلى كتبهم ما ليس فيها، فلا أصدقه بل أكاد أجزم ببطلان قوله، فإن الحديث ذكره أحمد في مسند أنس من مسنده عدة مرات، فقال [3/ 128]: حدثنا أبو عبيدة عن سلام بن المنذر عن ثابت عن أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:

فائدة

"حبب إلى من الدنيا النساء والطيب وجعلت قرة عينى في الصلاة"، ثم قال بعده مباشرة [3/ 128]: ثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا سلام أبو المنذر القارى ثنا ثابت عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حبب إلى من الدنيا النساء والطيب وجعلت قرة عينى في الصلاة". وقال في موضع آخر [3/ 199]: حدثنا عبد الواحد أبو عبيدة عن سلام أبي المنذر عن أنس: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال" وذكر مثله وقال في موضع آخر أيضًا: ثنا عفان ثنا سلام أبو المنذر فذكر بإسناده مثله، فهل أعجب من هذا؟ ينكر وجود حديث في مسند أحمد وهو قد ذكره فيه مرات متعددة؟ كل ذلك حرصًا على تخطئة المؤلف وبيان وهمه وقصوره. فائدة للحافظ السخاوى جزء في طرق هذا الحديث ومعناه ضمنه جزء ابن فورك الذي شرح به هذا الحديث، وقد قرأناه والحمد للَّه. وللجمال الزيلعى في تخريج الكشاف إطالة في عزوه وتخريجه أيضًا في الحديث الحادى والعشرين من آل عمران. 1546/ 3670 - "حَبِّبُوا اللَّه إلى عِبَادِهِ يُحِبُّكمُ اللَّه". (طب) والضياء عن أبي أمامة

قال في الكبير: فيه عبد الوهاب بن الضحاك كذبه أبو حاتم، وقال النسائى وغيره: متروك. قلت: رواه أيضًا البخارى في التاريخ، قال: قال يوسف بن موسى ثنا عبد الوهاب ثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمر عن عبد اللَّه بن بسر عن أبي أمامة به، وعبد الوهاب وإن كان ضعيفا إلا أنه لم ينفرد به بل توبع عليه عن إسماعيل لكن بسند آخر مرسلًا. قال ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء [ص 57، رقم 43]: ثنا شجاع بن أشرس ثنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن عبد اللَّه عن ضمرة بن حبيب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حببوا اللَّه عز وجل إلى الناس وحببوا الناس أن يحببكم اللَّه"، وشجاع فما عرفته الآن. 1547/ 3671 - "حَبَّذَا المُتَخَللُونَ مِن أُمَّتِى". ابن عساكر عن أنس قال الشارح: بإسناد فيه مجهول. وقال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن الطبرانى خرجه في الأوسط، قال الهيثمى: وفيه محمد بن أبي حفص الأنصارى، لم أجد من ترجمه. قلت: الشارح يراجع مجمع الزوائد المرتب على الأبواب، فما وجده فيه بسهولة ذكر هذه السخافة، وما لم يجده فيه أظلم عليه وسكت، مع أن

حديث أنس المذكور خرجه القضاعى في مسند الشهاب، والشارح قد رتبه، وربما وضع شرحًا عليه، فأين كان عنه، لكنه غير مرتب على الأبواب حتى يرجع إليه كمجمع الزوائد، ولا هو بحافظ ذاكر كالمصنف حتى يذكره من غير مراجعة كتاب. قال القضاعى [2/ 267، رقم 1333]: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر الصفار أنا أحمد بن إبراهيم بن جامع ثنا على بن عبد العزيز ثنا محمد بن عمار ثنا عفيف عن محمد بن أبي حفصر الأنصارى عن رقبة بن مصقلة العبدى عن أنس به. وأما قوله في الصغير: فيه مجهول استنادًا على قول الهيثمى: فيه من لم أجد ترجمته فقد بينت مرارًا أنه خطأ ناشئ عن جهل بقواعد الحديث وفنون الرواية، فإن من يقول فيه الهيثمى ذلك لا يقال عنه مجهول. 1548/ 3672 - "حَبَّذَا المُتَخَللُون من الوُضُوءِ وَالطَّعَامِ". (حم) عن أبي أيوب قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير: ورواه القضاعى في الثواب، وقال شارحه: حسن، وقال المنذرى: مدار طرقه كلها على واصل بن عبد الرحمن الرقاشى وفيه خلاف. قلت: في هذا أمور، الأول: أنه قال في الصغير: شده حسن، وقال فيه في الحديث الذي بعده: سنده ضعيف، وقال في حرف الراء في حديث: "رحم اللَّه المتخللين" إنه حسن غريب، مع أن الأحاديث الثلاثة حديث واحد مروى من طريق واحد. الثانى: أنه قال: رواه القضاعى في الثواب، والقضاعى له مسند الشهاب، والثواب إنما هو لأبي الشيخ. الثالث: أنه قلد العامرى في ذلك، والعامرى رجل أحمق يحسن ويصحح الضعيف والموضوع بهواه.

الرابع: نقل عن المنذرى أنه فيه واصل بن عبد الرحمن الرقاشى، وفيه خلاف، والمنذرى قال: مداره على واصل بن عبد الرحمن الرقاشى، وقد وثقه شعبة وغيره اهـ. فلم يذكر فيه خلافًا. الخامس: أن الحافظ المنذرى رضي اللَّه عنه وهم في هذا الحديث فإن الذي في سنده واصل بن السائب الرقاشى، وهو ضعيف متفق عليه، وأما واصل بن عبد الرحمن فليس هو الرقاشى. السادس: أن فيه أيضًا أبا سورة شيخ واصل بن السائب، وهو متفق على ضعفه ولم يتعرض له، قال أحمد: [5/ 416] حدثنا وكيع عن واصل الرقاشى عن أبي سورة عن أبي أيوب وعن عطاء قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" الحديث. السابع: أن الحافظ الهيثمى ذكر هذا الحديث في مجمع الزوائد وعزاه لأحمد ثم ذكر بعده الرواية المطولة المذكورة في المتن بعد هذا، وعزاه للطبرانى في الكبير ثم قال: وفي إسنادهما واصل الرقاشى وهو ضعيف اهـ. ففرق الشارح بينهما وخص كلام الهيثمى بالحديث الآتى دون هذا. 1549/ 3676 - "حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وحُجِبَتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ" (خ) عن أبي هريرة قال في الكبير: فظاهر صنيع المصنف أن هذا مما تفرد به البخارى عن صاحبه وهو ذهول بل هو في مسلم أيضًا كما ذكره الديلمى وغيره. قلت: مسلم خرجه بلفظ [4/ 2174، رقم 2822/ 1]: "حفت النار"، وقد عزاه المصنف له بعد أحاديث في الحاء مع الفاء، وأسخف عليه الشارح هناك أيضًا بالبخارى، وأن مسلما لم يتفرد به، وهو يعلم يقينًا في كل من

الموضعين ما هو مقصد المصنف وترتيب أحاديث كتابه ولكنه يتغافل. 1550/ 3677 - "حِجَجٌ تَتْرَى، وَعُمرٌ نَسَقًا يَدْفَعْنَ مَيْتَةَ السُّوءِ، وَعَيْلَةَ الفَقْرِ". (عب) عن عامر بن عبد اللَّه بن الزبير مرسلًا، (فر) عن عائشة قال في الكبير: وفيه أحمد بن عصام فإن كان هو الموصولى فقد قال الدارقطنى: ضعيف، أو البلخى، فقال أبو حاتم: مجهول. قلت: هذا من عجيب خبط الشارح وتخليطه فإن الذي في السند أحمد بن عصام بالصاد بعد العين وبعد الصاد ألف، والبلخى الذي قال فيه أبو حاتم: مجهول، اسم والده عاصم بالألف بعد العين، وبينهما بعد فلا يشبهان أصلًا. وأيضًا فإن ابن عاصم مذكور في الميزان قبل ابن عصام بنحو ثمانية وأربعين ترجمة على حسب الترتيب، فالتخليط بينهما من أعجب العجائب، ثم إن البلخى لما ذكر الذهبى عن أبي حاتم أنه مجهول، تعقبه بقوله بل هو مشهور روى عنه البخارى في الأدب المفرد اهـ. وهو أيضًا من رجاله في الصحيح، وله ترجمة في التهذيب، والشارح ذكر أنه مجهول فضرب عن بقية كلام الذهبى صفحًا. ومن العجيب أنه تغافل هنا عن سخافته المعهودة، فإن متن الحديث عند الديلمى مخالف لما في المتن هنا، والديلمى أسنده من طريق الدارقطنى فلم يقل الشارح: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أقدم. . . إلخ، فكأنه ذهل عن ذلك. قال الدارقطنى فيما أسنده الديلمى من طريقه:

حدثنا أحمد بن محمد بن مسعدة أخبرنا أحمد بن عصام بن عبد المجيد ثنا أبو عامر ثنا محمد بن أبي حميد عن عامر بن عبد اللَّه بن الزبير، قال محمد: لا أعلمه إلا عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حجج تترى، وعمر نسقا ينفيان الفقر والذنوب كما ينفى الكير خبث الحديد" 1550 - مكرر/3682 - "حُجَّ عَن نَفْسِكَ، ثُم حُجَّ عَن شُبرُمَةَ". (د) عن ابن عباس قال في الكبير: ظاهر اقتصاره على أبي داود أنه تفرد به عن الستة والأمر بخلافه، فقد رواه ابن ماجه. قلت: ابن ماجه رواه بلفظ آخر لا يدخل هنا فقال [2/ 969، رقم 3903]: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن نمير ثنا عبدة بن سليمان عن سعيد عن قتادة عن عَزرَة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سمع رجلًا يقول: لبيك عن شبرمة، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من شبرمة قال: قريب لى قال: هل حججت قط؟ قال: لا، قال: فاجعل هذه عن نفسك ثم حج عن شبرمة". وقد أطال الطحاوى في مشكل الآثار (ص 223) من الثالث فما بعدها [3/ 223] الكلام على هذا الحديث مع إيراد طرقه والاختلاف فيه. 1551/ 3684 - "حُجُّوا قَبْلَ أَنْ لا تَحُجُّوا، تَقْعُدُ أَعْرَابُهَا عَلَى أَذْنَابِ أَوْدِيَتِهَا فَلا يَصِلُ إلى الحَجِّ أَحَدٌ". (هق) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الذهبى في المهذب: إسناده واه اهـ. ورواه الدارقطنى باللفظ المزبور عن أبي هريرة، وتعقبه مختصره الغريانى بأن فيه عبد اللَّه بن

عيسى بن يحيى شيخ لعبد الرزاق مجهول، ومحمد بن أبي محمد مجهول، وأورده ابن الجوزى في العلل وجعل علته محمد بن أبي محمد. قلت: الحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ [2/ 77] في ترجمة عبد اللَّه ابن محمد بن عبد الكريم من طريقه، قال: حدثنا أحمد بن منصور ثنا عبد الرزاق ثنا عبد اللَّه بن عيسى بن عمر أخبرنى محمد بن أبي محمد عن أبيه عن أبي هريرة به، كذا وقع عنده عبد اللَّه بن عيسى بن عمر. وكذلك أخرجه الديلمى [2/ 207، رقم 2483] من طريقه، فقول الشارح: ابن يحيى تحريف، ثم راجعت سنن الدارقطنى فوجدت فيه عبد اللَّه بن عيسى ابن بحير بالباء الموحدة وآخره راء مهملة، وهذا هو الصواب. وكذلك ذكره البخارى في التاريخ [1/ 226] في سند هذا الحديث أيضًا، فقال في ترجمة محمد بن أبي محمد عن أبيه وقال على: حدثنا عبد الرزاق حدثنا عبد اللَّه بن بحير بن ريسان عن محمد بن أبي محمد عن أبيه عن أبي هريرة: "حجوا قبل أن لا تحجوا" اهـ. وقد أزاحت هذه الرواية الإشكال وبينت عبد اللَّه بن عيسى من هو، فكأنه نسب إلى جده، أو بحير لقب لعيسى فيما يظهر، وعبد اللَّه بن بحير المذكور له ترجمة في التهذيب، والميزان، وهو مختلف فيه هل هما واحد أو اثنان، والصحيح أنهما واحد، وقد وثقه ابن معين، أما الذهبى فذكر عبد اللَّه بن عيسى الجندى ولم يعرج على ما ذكره البخارى في هذا الإسناد، بل قال: عبد اللَّه بن عيسى الجندى شيخ لعبد الرزاق، يروى عن محمد بن أبي محمد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: "حجوا قبل أن لا تحجوا" الحديث رواه سلمة بن شبيب عن عبد الرزاق عنه، وهذا إسناد مظلم وخبر منكر اهـ.

زاد الحافظ في اللسان: وذكره العقيلى في الضعفاء وساق له هذا الحديث عن الفاكهى عنه وقال: إسناده مجهول فيه نظر اهـ. زاد الزيلعى في تخريج أحاديث الكشاف نقلًا عن العقيلى أنه قال: لا يصح في هذا الباب شيء اهـ. ومحمد بن أبي محمد ذكره البخارى في التاريخ كما سبق ولم يقل فيه شيئًا، وذكره الذهبى في الميزان بهذا الحديث أيضًا، وقال: مجهول، وزاد الحافظ في اللسان: أن ابن حبان ذكره في الثقات بهذا الحديث، وقال: هذا خبر باطل، وأبو محمد لا يدرى من هو اهـ، ومن الغريب أن يذكره في الثقات ويقول عنه هذا. 1552/ 3686 - " حُجُّوا تَسْتَغْنُوا، وَسَافِرُوا تَصِحُّوا". (عب) عن صفوان بن سليم مرسلًا قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يقف عليه متصلًا، وإلا لما اقتصر على رواية إرساله وهو عجيب، فقد رواه الديلمى في مسند الفردوس عن حديث ابن عمر. قلت: وجه عدول المصنف عن الموصول إلى الموصل كون الموصول ساقط الإسناد لأنه عن رواية محمد بن الحارث الحارثى عن محمد بن عبد الرحمن البيلمانى عن أبيه عن ابن عمر، والحارثى والبيلمانى متروكان منكرا الحديث. 1553/ 3687 - "حَدُّ الجِوَارِ أَرْبَعُونَ دَارًا". (هق) عن عائشة قال في الكبير: حد بدال مهملة على ما وقفت عليه من الحروف ثم رأيته في نسخة المصنف بخطه كذلك، لكن رأيته ثانيًا في أصل الروضة حق بالقاف، وهكذا ذكره ابن الملقن وابن جماعة، وأثبته الكمال بن أبي شريف هكذا

بخطه، ثم رأيت في مسند أبي يعلى وغيره من الأصول كذلك، وبه يعرف أنه التحريف إنما هو من المصنف لا من النساخ، ثم قال بعد العزو: ظاهر صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وسلمه، والأمر بخلافه بل قال: روى عن عائشة هذا، وروى عنها: "أوصانى جبريل بالجار إلى أربعين دارًا"، وكلاهما ضعيف، والمعروف المرسل الذي خرجه أبو داود اهـ. قلت: الشارح كذاب بليد أحمق، أما الكذب ففيما عزاه إلى البيهقى وفيما نسبه إلى المصنف من التحريف، وفي زعمه أنه رأى الحديث في مسند أبي يعلى وفي زعمه أنه راه في غيره من الأصول، فإن هذا كله كذب صراح. وأما الحمق والجهالة، فإنه يترك الأصل الذي عزاه إليه المصنف ويذهب إلى الروضة وكتب الفقهاء الذين هم أجهل الناس بالحديث وأشدهم تحريفًا لألفاظه بحيث تعب الحفاظ في تخريج أحاديث كتبهم والبحث عن وجودها بألفاظها في كتب السنة ونعوا على عدم وجود الكثير منها، والبيهقى عقد بابًا للألفاظ الدائرة بين الفقهاء ولا أصل لها، وكتب رسالة إلى الجوينى يمدح له كتاب النهاية في الفقة ويلومه على ما ذكر فيه من الأحاديث التي لا أصل لها، وهذا أمر معلوم لأهل الحديث بالضرورة، وأيضًا فإن كل فن يرجع فيه إلى أربابه فكيف [بمن] يرجع في تحقيق المتون إلى الفقهاء، بل لو ورد الحديث بـ "الفاء" في مسند أبي يعلى، وعزاه المصنف بـ "الدال" إلى البيهقى، واعترض عليه معترض برواية أبي يعلى، لكان ذلك المعترض جاهلًا أحمق، لأن لكل أحد رواية، والحديث تختلف الروايات فيه، وبون كبير بين مسند أبي يعلى وسنن البيهقى، فكيف بكتب الفقهاء الذين ينقلون ولا يحققون ويصحفون ويحرفون؟! وأما البلادة فظاهرة لأن اللفظ الموافق للجوار هو الحد لا الحق، بل الحق بالقاف لا يستقيم إلا على مجاز وتقدير في الكلام، وإلا استحال الخبر مع

المبتدأ. وبعد هذه المقدمة فاعلم أن البيهقى قال في كتاب الوصايا [6/ 276]: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحسين بن محمد بن الحسن الدينورى ثنا عمر بن الخطاب العنبرى ثنا عبد اللَّه بن الفضل بن داخرة ثنا محمد بن أبي بكر المقدس ثنا دلال بنت أبي المدل قالت: حدثتنا الصهباء عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: "يا رسول اللَّه ما حق -أو قال: ما حد- الجوار، قال: أربعون دارًا"، هكذا أورده البيهقى بالشك، وهكذا هو في اختصار المهذب للذهبى. وبلا شك ندرى أن الشك إنما هو من الراوى، وأن السؤال إنما هو من عائشة رضي اللَّه عنها، ولكن المقرر في الأصول أن السؤال معاد في الجواب، وعليه يبنى أهل الحديث في ترتيب الأحاديث القولية على حروف المعجم، فيجعلون أولها هو أول لفظ السائل على هذه القاعدة ليتم الكلام، وإذ ذلك كذلك فالمصنف اختار لفظة "حد" بالدال لأنها الصحيحة الموافقة للمعنى دون مجاز ولا تقدير بخلاف: "حق الجوار أربعون دارًا" فإنه لا يستقيم حمل الخبر على المبتدأ إلا بتقدير: "إذ حق الجوار، ليس هو أربعين دارًا، وإنما حق الجوار البر والإحسان ومراعاة الحقوق، وذلك ينتهى في المجاورين إلى حد أربعين دارًا"، فكان اللفظ راجعًا إلى الحد أيضًا، فاتضح أن الشارح جاهل بمعانى الألفاظ وكاذب فيما نسبه إلى المؤلف من التحريف أيضًا لأنه على فرض أنه لم يقف على سنن البيهقى فإنه وقف على مهذب السنن للذهبى، وهو كثير النقل منه عند كل حديث ذكر من السنن، والحديث قد وقع في المهذب كما وقع في السنن باللفظين على الشك كما ذكرته وكما فعل المصنف في اختحاره لفظ "حد" بالدال. كذلك فعل الحافظ في التلخيص [3/ 93، رقم 1374]، فإن الرافعى ذكره بلفظ

"حق" بالقاف، فقال الحافظ: أخرجه أبو داود في المراسيل [ص 257، رقم 350] بسند رجاله ثقات إلى الزهرى بلفظ: "أربعون دارًا جار"، قال الأوزاعى: فقلت لابن شهاب: كيف قال: "الأربعين عن يمينه وعن شماله" الحديث. قال البيهقى [6/ 276]: وروى من حديث عائشة أنها قالت: "يا رسول اللَّه ما حد الجوار، قال: أربعون دارًا". وفي رواية عنها [6/ 276]: "أوصانى جبريل بالجار إلى أربعين دارًا، عشرة من هنا" الحديث. قال البيهقى: وكلاهما ضعيف، والمعروف المرسل الذي أخرجه أبو داود اهـ. ورواه ابن حبان في الضعفاء [2/ 150] مثل ما ذكره الرافعى سواء من حديث أبي هريرة، وفي إسناده عبد السلام بن أبي الجنوب، وهو متروك اهـ. فالحافظ أورده بلفظ "حد" بالدال ولم يعتبر اللفظ الواقع في السنن بالقاف على الشك، والشارح نقل منه وأغمض عية عما وقع فيه، ونسب التحريف إلى المؤلف لغرض له في ذلك. ثم إن الحافظ قاله: ورواه ابن حبان في الضعفاء مثل ما ذكره الرافعى -يعنى بالقاف- فإنه وقع عند ابن حبان [2/ 150] كذلك قال في ترجمة عبد السلام المذكور: حدثنا أبو يعلى ثنا محمد بن جامع القطان ثنا محمد بن عثمان ثنا عبد السلام ابن أبي الجنوب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: حق الجوار أربعون جارًا هكذا وهكذا وهكذا يمينًا وشمالًا وقدام وخلف". فاللفظ الذي ذكره الفقهاء هو لفظ ابن حبان من رواية أبي هريرة لا لفظ

البيهقى الذي ذكره المؤلف، وكذلك ذكره الحافظ في الفتح بالدال أيضًا فقال: واختلف في حد الجوار، فجاء عن على رضي اللَّه عنه: من سمع النداء فهو جار، وقيل من صلى معك صلاة الصبح في المسجد فهو جار، وعن عائشة: حد الجوار أربعون دارًا من كل جانب. . . إلخ ما ذكره. فاعجب لجرأة الشارح على الكذب، ثم إن ما نقله عن البيهقى ليس كذلك هو فيه أيضًا، بل البيهقى [6/ 276] قال عقب حديث عائشة: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللَّه السراج أنا أبو محمد القاسم بن غانم بن حمويه الطويل حدثنا أبو عبد اللَّه أبو شنجى ثنا إسماعيل ابن سيف حدثتنى سكينة قالت: أخبرتنى أم هانئ بنت أبي صفرة عن عائشة رضي اللَّه عنها أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أوصانى جبريل عليه السلام بالجار إلى أربعين دارًا، عشرة من ههنا وعشرة من ههنا وعشرة من ههنا وعشرة من ههنا، قال إسماعيل: عن يمينه وعن يساره وقباله وخلفه. قال البيهقى: في هذين الإسنادين ضعف، وإنما يعرف من حديث ابن شهاب الزهرى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا: "أربعون دارًا جار" قيل لابن شهاب: وكيف أربعون دارًا؟ قال: أربعون عن يمينه وعن يساره وخلفه وبين يديه، أورده أبو داود بإسناده عن الزهرى في المراسيل اهـ. والمؤلف لم يسكت عن ذلك كما افتراه الشارح عليه، بل رمز للحديث بعلامة الضعف، وهو بذلك يكتفى عن نقل كلام المخرجين. ثم ما ذكره الشارح من أنه وقف على الحديث بلفظ: "حق" بالقاف في مسند أبي يعلى كذب من جهتين: إحداهما: أن أبا يعلى لم يخرج حديث عائشة المذكور في المتن، وإنما خرج حديث أبي هريرة [5/ 385، رقم 5982] (¬1) الذي أسنده عنه ابن حبان في الضعفاء. ¬

_ (¬1) رواه بلفظ: "حق الجوار. . . ".

ثانيهما: أنه لم ير مسند أبي يعلى بعينه وإنما رأى الحديث في مجمع الزوائد معزوًا إلى أبي يعلى. 1554/ 3688 - "حَدُّ السَّاحِرِ ضَربَةٌ بِالسَّيْفِ". (ت. ك) عن جندب قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح غريب، وقال الترمذى: لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وفيه إسماعيل بن مسلم المكى وهو مضعف من قبل حفظه، والصحيح وقفه اهـ. كذا في جامعه، وقال في العلل: سألت عنه محمدًا يعنى البخارى فقال: هذا لا شيء وإسماعيل ضعيف جدًا اهـ. ولهذا قال في الفتح: في سنده ضعف، وقال الذهبى في الكبائر: الصحيح أنه من قول جندب اهـ، ورواه الطبرانى والبيهقى عن جندب مرفوعًا، وأشار مغلطاى إلى أنه وإن كان ضعيفا يتقوى بكثرة طرقه، وقال: خرجه جمع منهم البغوى الكبير والصغير، والطبرانى والبزار ومن لا يحصى كثرة. قلت: الغالب أن هذا النقل محرف من الشارح، فما أرى مغلطاى يدعى أنه لهذا الحديث طرقًا كثيرة، ويجعل الدليل على ذلك كثرة مخرجيه، فإن كثرة المخرجين لا تفيد شيئًا مع اتحاد الطريق، فإن الحديث إنما يعرف بإسماعيل بن مسلم المكى، ومن طريقه خرجه أكثر المخرجين أو كلهم، قال ابن أبي عاصم في الديات: حدثنا إسحاق بن سليمان أبو يعقوب ثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب به. وقال أبو بكر الرازى في الأحكام: حدثنا ابن قانع ثنا بشر بن موسى ثنا ابن الأصبهانى ثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن مسلم به. وقال الدارقطنى [3/ 114]:

حدثنا محمد بن أحمد بن صالح الأزدى الوكيل ثنا أحمد بن بديل ثنا أبو معاوية ثنا إسماعيل به. وقال الحاكم [4/ 360، رقم 8073]: حدثنا على بن حمشاد العدل ثنا إسماعيل بن قتيبة والحسن بن عبد الصمد قالا: حدثنا يحيى بن يحيى أنبأنا أبو معاوية ثنا إسماعيل بن مسلم به. وقال البيهقى [8/ 136]: أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن الخليل المالينى أنا أبو أحمد ابن عدى الحافظ ثنا عمران بن موسى ثنا أبو معمر ثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن مسلم به. وقال عبد الرزاق فيما أسنده ابن حزم من طريقه: عن سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن مسلم به، إلا أنه ذكره عن الحسن مرسلًا دون ذكر جندب، فهو بادٍ كما ترى، كلهم خرجوه من طريق إسماعيل بن مسلم مع كثرتهم. ونص الترمذى (¬1) على أنه لا يعرفه إلا من طريقه، نعم ذكر ابن كثير أن الطبرانى خرجه من وجه آخر عن الحسن عن جندب، ولكن هذا لا يقال معه أن للحديث طرقًا كثيرة. 1555/ 3691 - "حَدِّثُوا عَن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا حَرَجَ". (د) عن أبي هريرة ¬

_ (¬1) قال الترمذى: هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وإسماعيل بن مسلم المكى يضعف في الحديث، وإسماعيل بن مسلم العبدى البصرى، قال وكيع: هو ثقة ويروى عن الحسن أيضًا، والصحيح عن جندب موقوفًا.

قال في الكبير: قال السخاوى: أصله صحيح، وفي رواية ابن منيع وتمام والديلمى: "حدثوا عن بنى إسرائيل فإنه كانت فيهم أعاجيب". قلت: قوله: وفي رواية ابن منيع وتمام. . . إلخ يفيد أنها رواية في حديث أبي هريرة يم أنها رواية أخرى من حديث جابر بن عبد اللَّه. كذلك أخرجه أحمد في الزهد [1/ 56] قال: حدثنا وكيع أخبرنا الربيع بن سعد الجعفى سمعه من عبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج، فإنه كانت فيهم الأعاجيب"، ثم أنشا يحدث، قال: خرجت طائفة من بنى إسرائيل حتى أتوا مقبرة لهم من مقابرهم فقالوا: لو صلينا ركعتين ودعونا اللَّه عز وجل أن يخرج لنا رجلًا ممن قد مات نسأله عن الموت قال: ففعلوا، فبينما هم كذلك إذ أطلع رجل رأسه من قبر من تلك المقابر خلاسى بين عينيه أثر السجود، فقال: يا هؤلاء ما أردتم إلى فقد مت منذ مائة سنة، فما سكنت عنى حرارة الموت حتى الآن فادعوا اللَّه عز وجل لى يعيدنى كما كنت". وقال أبو يعلى [2/ 416، رقم 1209]: حدثنا أبو خيثمة ثنا وكيع به مثله. وقال السمرقندى: حدثنا محمد بن فضل ثنا محمد بن جعفر ثنا إبراهيم بن يوسف ثنا وكيع به مثله. ورواه البزار من هذا الوجه مختصرًا إلى قوله: "فإنه كان فيهم الأعاجيب"، فذا حديث، والمذكور في المتن حديث آخر، ثم راجعت المقاصد الحسنة التي نقل منها الشارح، فوجدته قال: وفي لفظ لأحمد بن منيع عن جابر: "حدثوا عن بنى إسرائيل فإنه كانت فيهم أعاجيب". وكذا هو عند تمام في فرائده، ثم ذكره مطولًا.

أما حديث أبي هريرة فأخرجه أيضًا أحمد في مسنده [2/ 474] قال: حدثنا يحيى هو القطان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. وقال الطحاوى في مشكل الآثار [1/ 126، رقم 135]: حدثنا يونس أنبأنا ابن وهب حدثنى سليمان بن بلال عن محمد بن عمرو به. 1556/ 3692 - "حَدِّثُوا عَنِّى بِمَا تَسْمَعُونَ، وَلا تَقُولُوا إِلا حَقًّا وَمَن كذَبَ عَلَيَّ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي جَهَنَّمَ يَرْتَعُ فِيهِ". (طب) عن أبي قرصافة قال الشارح: بكسر القاف حيدرة بن خيثمة. وقال في الكبير: حيدرة بن خيشنة. قلت: والصواب في هذا الاسم جندرة بالجيم وبعدها النون ثم الدال والراء، وخيشنة بالخاء والشين المعجمة ثم النون. 1557/ 3697 - "حَرسُ لَيْلَةٍ في سَبِيلِ اللَّه عَزَّ وَجلَّ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ لَيْلَةٍ يُقَامُ لَيْلُهَا وَيُصَامُ نَهَارُهَا" (طب. ك. هب) عن عثمان قال في الكبير: رووه من حديث كهمس عن مصعب بن ثابت عن أبي الزبير عن عثمان، قال أبو الزبير: قال عثمان وهو يخطب: "أحدثكم حديثا لم يمنعنى أن أحدثكم به إلا الضن يه سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول" فذكره، قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبى في التلخيص وهو غير سديد، كيف وقد أورد هو مصعبًا في الضعفاء وقال: ضعفوا حديثه، وقال في الكاشف: فيه لين

لغلطه، نعم قال ابن حجر: إسناده حسن. قلت: إذًا فلم يفعل الشارح شيئًا، فإن الحسن والصحيح شيء واحد، على أن الحديث له طريق آخر عند الحاكم [2/ 81، رقم 2426]، قال أحمد [1/ 61]: ثنا الحسن بن حكيم المرورى ثنا أبو الموجه أنبأنا عبدان أنبأنا عبد اللَّه أنبأنا محمد بن معن الغفارى أبو معن ثنا زهرة بن معبد القرشى عن أبي صالح مولى عثمان قال: سمعت عثمان بن عفان في مسجد الخيف بمنى وحدثنا: "أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: يوم في سبيل اللَّه خير من ألف يوم فيما سواه، فلينظر كل امرئ لنفسه"، ثم صححه على شرط البخارى وأقره الذهبى أيضًا. ثم إن الشارح حرف ووهم، أما التحريف: فإن الحديث من رواية كهمس عن مصعب بن ثابت عن عبد اللَّه بن الزبير عن عثمان لا عن أبي الزبير، وأما الذهبى فلم يقل: ضعفوا حديثه، بل نقل تضعيفه عن ابن معين وأحمد وأبي حاتم. والحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [6/ 215]، والديلمى في مسند الفردوس. 1558/ 3706 - "حُرْمَةُ الجَارِ عَلَى الجَارِ كَحُرْمَة دَمِهِ". أبو الشيخ في الثواب عن أبي هريرة قلت: قال أبو الشيخ: حدثنا ابن صاعد ثنا عبد اللَّه بن محمد بن سعيد الحرانى ثنا محمد بن سليمان ابن أبي داود حدثنى أبي عن عبد الكريم الجزرى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا به.

ورواه أبو الليث في التنبيه [ص 106، رقم 322] من وجه آخر عن سعيد بن المسيب مرسلًا، لكنه قال: "حرمة الجار على الجار كحرمة أمه" بدل "دمه"، قال أبو الليث: حدثنا محمد بن داود بن ظهير ثنا محمد بن جعفر ثنا إبراهيم بن يوسف ثنا محمد بن القاسم عن موسى بن عبيدة الربدى عن زيد بن عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب به. 1559/ 3710 - "حُزقَّةٌ حُزقَّةٌ تَرَقَ عَيْنَ بَقَّةٍ". وكيع في الغرر وابن السنى في عمل يوم وليلة (خط) وابن عساكر عن أبي هريرة قال [الشارح]: وفي إسناده مجهول وبقيته ثقات. وقال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير غير هؤلاء وهو عجيب، فقد خرجه الطبرانى وأبو نعيم وغيرهما، ومن طريقهم أورده ابن عساكر، قال الهيثمى: وأبو مزرد لم أجد من وثقه، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: في هذا أمور، أحدها: [أنه] بمقتضى هذا نقول: ظاهر صنيع الشارح أنه لم يره مخرجًا لأشهر من هؤلاء وأقدم، وهو عجيب فقد خرجه البخارى في الأدب المفرد [ص 103، رقم 270] والحاكم في علوم الحديث [ص 89] في النوع الثانى والعشرين. أما البخارى فمن طريق وكيع، وأما الحاكم فمن طريق خالد بن مخلد الغطوانى كلاهما عن معاوية بن أبي مزرد عن أبيه عن أبي هريرة به، إلا أن البخارى ذكره مختصرًا، وزاد الحاكم بعد قوله

"عين بقة"، "اللهم إنى أحبه فأحبه. . حب من يحبه" وهذا ما استحضرناه دون بحث ولا مراجعة، وإلا فيمكن استدراك أزيد من عشرة على من ذكرهم الشارح، والتخريج ليس من شرطه الجمع والإحاطة، بل العزو إلى أصل واحد يكفى. ثانيها: أن إطلاق العزو إلى أبي نعيم يفيد أنه في الحلية، وهو لم يخرجه فيه، وابن عساكر إذا أسنده من طريقه، فلأبى نعيم كتب كثيرة. ثالثها: قوله في الصغير: وفي إسناده مجهول، هو غلط مركب على غلط، أما الغلط الأول، فإن الحافظ الهيثمى كثيرًا ما يقول عن الأسانيد: فيه فلان لم أعرفه، فيأخذ الشارح ذلك منه ويعبر عنه بقوله فيه مجهول، وقد بينا مرارًا أن هذا جهل من الشارح وغلط على الفن، وأن من لم يعرفه الهيثمى لا يقال عنه مجهول. وأما الغلط الثانى المرعب على هذا: فهو أن الهيثمى لم يقل ذلك في هذا الحديث، بل قال: لم أجد من وثقه، كما نقله الشارح في كبيره، ولكنه لم يفرق بين قوله لم أجد من وثقه، وقوله: لم أجد من ترجمه، وجعلهما واحدًا، ثم عبر في الصغير بقوله: وفيه مجهول، والواقع أنه مترجم في التهذيب واسمه عبد الرحمن بن يسار، وهو أخو سعيد بن يسار، روى عن أبي هريرة واحتج به البخارى في الأدب المفرد، إلا أنه لم ينقل عن أحد فيه كلام لا جرحًا ولا تعديلًا، فهو الذي يقصد الهيثمى كما هو صريح لفظه، لا أنه مجهول.

1560/ 2711 - "حَسَّانُ حِجَازٌ بين المُؤْمِنِينَ وَالمُنَافِقِينَ: لا يُحِبُّهُ مُنَافِقٌ وَلا يُبْغِضُهُ مُؤْمِنٌ". ابن عساكر عن عائشة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من أصحاب الرموز التي اصطلح عليها مع أن أبا نعيم خرجه في الحلية والديلمى في الفردوس. قلت: كذب الشارح على حلية أبي نعيم، ما الحديث مخرج في الحلية، وإنما أسنده الديلمى من طريق أبي نعيم، ولعله عنده في المعرفة فظنه الشارح في الحلية، فجزم بظنه جهلًا وافتراء، ثم قوله: والديلمى في الفردوس، غلط أيضًا فإن صاحب الفردوس ما خرجه إنما خرجه ولده في مسند الفردوس، قال: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا على بن أحمد بن محمد المقرى الخياط ثنا إسحاق بن إبراهيم بن جميل ثنا محمد بن عمر الصامى ثنا يحيى بن عبد الرحيم الازجى ثنى أبو ثمامة الأنصارى أخبرنى عمر بن إسماعيل عن هشام بن عروة عن أبيه قال: حضرت عائشة فذكر عندها حسان فنيل منه فانتبهت له فقالت: من تذكرون حسان؟ قالوا: نعم، قالت: مه "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول" وذكرته بلفظ "حجاب" بالباء. 1561/ 3715 - ""حَسْبِى اللَّه وَنِعْمَ الوَكِيلُ" أمانُ كُلِّ خَائِفٍ". (فر) عن شداد بن أوس قال في الكبير: فيه بقية بن الوليد وحاله معروف، ومكحول، قال الذهبى: حكى ابن سعد أنه ضعيف، ووثقه غيره، ورواه أيضًا أبو نعيم،

ومن طريقه وعنه رواه الديلمى مصرحًا، فلو عزاه المصنف إليه لكان أولى. قلت: ذكر مكحول هنا جهل، فإنه ثقة يجل عن تضعيف الحديث به، وذكر بقية بن الوليد هنا أيضًا فضول، والذي يعلل به الحديث هو شيخه أبو فروة الرهاوى فإنه ضعيف، وإطلاق العزو إلى أبي نعيم يفيد أنه في الحلية، وأبو نعيم خرجه في تاريخ أصبهان في ترجمة الحسين بن محمد الزعفرانى، وإذ لم يصرح الديلمى بالكتاب الذي خرجه منه، فالمصنف أعقل وأصدق من أن يعزو لكتاب مجهول، بل ذلك تركه لأمثال الشارح. قال أبو نعيم في التاريخ [1/ 283]: ثنا الحسين بن محمد بن على ثنا الحسين بن على بن زيد ثنا محمد بن عمرو ابن حنان الحمصى ثنا بقية بن الوليد عن أبي فروة الرهاوى عن مكحول عن شداد بن أوس به. 1562/ 3718 - "حُسْنُ الخُلُقِ نِصْفُ الدِّينِ". (فر) عن أنس قال الشارح: وفيه مجهول. وقال في الكبير: فيه خلاد بن عيسى، ضعفوه، وقال العقيلى: مجهول، وساق في الميزان هذا الخبر من مناكيره. قلت: قوله في الصغير: فيه مجهول، غلط فاحش، فإنه قصد بالمجهول خلاد بن عيسى كما صرح به في الكبير أخذًا من قول العقيلى: مجهول، وهو أيضًا تحريف من الشارح، فإن العقيلى قال: مجهول بالنقل ولم يقل مجهول فقط، فإن الرجل غير مجهول بل روى عنه الحكم بن بشير وعلى ابن عيسى المخرمى ووكيع وعمر بن محمد العنقزى وجماعة، والجهالة ترتفع برواية اثنين، ومع هذا فقد قال الدورى عن ابن معين: ثقة، وقال عثمان

عنه: لا بأس به، وقال أبو حاتم: حديثه متقارب، وذكره ابن حبان في الثقات، أما العقيلى فقال: مجهول بالنقل، ثم قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنا على بن عيسى المخرمى حدثنا خلاد بن عيسى عن ثابت عن أنس به، فكلام العقيلى مردود عليه مع توثيق هؤلاء له، وهو من رجال الترمذى وابن ماجه، والشارح لا يفهم كلام أهل الفن. 1563/ 3719 - "حُسْنُ الخُلُقِ يُذِيبُ الخَطَايَا كَمَا تُذِيبُ الشَّمْسُ الجَلِيدَ". (عد) عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه البيهقى في الشعب وضعفه، والخرائطى في مكارم الأخلاق، قال العراقى: وسنده ضعيف لكن شاهده خبر الطبرانى بسند ضعيف. قلت: خبط الشارح في هذا وخلط ووهم فأوهم، والكلام أصله للحافظ العراقى ونصه: حديث أنس: "إن حسن الأخلاق يذيب الخطيئة كما تذيب الشمس الجليد"، رواه الخرائطى في مكارم الأخلاق بسند ضعيف ورواه الطبرانى في الكبير والأوسط والبيهقى في الشعب من حديث ابن عباس وضعفه، وكذا رواه من حديث أبي هريرة: وضعفه أيضًا اهـ. فساق الشارح المخرجين مساقًا واحدًا كان الجميع خرجوه من حديث ابن عباس. أما حديث أنس فرواه الخرائطى [ص 7] من حديث بقية بن الوليد: حدثنى أبو سعيد حدثنى عبد الرحمن بن سليمان عن أنس قال: "بينما نحن مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومًا إذ قال: إن حسن الخلق"، وذكره، وأبو سعيد لا أدرى من هو؟ وكأن بقية دلسه لضعفه.

وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أيضًا الطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 43، رقم 11] قال: حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسى ثنا الحسين بن أبي سلمة بن أبي كبشة ثنا أبو بكر بن إسحاق الحضرمى ثنا النضر بن معبد الحرمى عن محمد ابن سيرين عن أبي هريرة به باللفظ المذكور في المتن، والنضر ضعيف. 1564/ 3720 - "حُسْنُ الشَّعْرِ مَالٌ، وَحُسْنُ الوَجْهِ مَالٌ، وَحُسْنُ اللِّسَانِ مَالٌ، وَالمَالُ مَالٌ". ابن عساكر عن أنس قال الشارح: بسند ضعيف. وقال في الكبير عقب المتن: قال في الميزان: متصلًا بهذا، يعنى في المنام، ثم قال الشارح: وقضية عزوه لابن عساكر أنه لم يره مخرجًا لأشهر ممن وضع لهم الرمور وكأنه ذهول، فقد رواه أبو نعيم في الحلية والديلمى في مسند الفردوس باللفظ المذكور. قلت: فيه أمور، الأول: أن الحديث موضوع لا ضعيف كما يقول الشارح، وقد أورده المصنف في ذيل اللآلئ وحكم بوضعه فكان حقه أن لا يورده هنا. الثانى: كذب الشارح على حلية أبي نعيم، فإنه غير مخرج فيها وإنما أسنده الديلمى عن الحداد عن أبي نعيم، فألصق الشارح ذلك بالحلية، والواقع أن أبا نعيم خرجه في التاريخ [1/ 111] في ترجمة أحمد بن أبي السرى منه فقال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن الفضل ثنا أبو حامد الأشعرى ثنا أحمد بن أبي السرى الغزاء ثنا يوسف بن سعيد المصيصى ثنا يحيى بن عنبسة ثنا حميد ثنا أنس به.

الثالث: أن المصنف قد رآه في مسند الفردوس كما رآه في تاريخ أصبهان لأنه عزاه إليه في ذيل الموضوعات وإن لم يصرح بذكر التاريخ إلا أنه أورده بهذا الإسناد ثم قال عقبه: قال في الميزان: هذا الحديث من وضع يحيى بن عنبسة، قال ابن حبان: دجال وضاع، وقال الدارقطنى: دجال يضع، وقال ابن عدى: مكشوف الأمر اهـ، فكان المؤلف عزاه إلى ابن عساكر هنا لوروده من غير طريق يحيى بن عنبسة، لكنه بعيد، إذ الظاهر أنه تفرد به، فقد أخرجه البندهى في شرح المقامات من طريق أبي طاهر محمد بن الفضل ابن محمد بن إسحاق: أنا عبد الملك بن محمد بن عدى الجرجانى ثنا يوسف بن سعيد ثنا يحيى بن عنبسة به. الرابع: أن الشارح قد وقف على الحديث في الميزان ونقل منه بقية الحديث في روايته وهى قوله: يعنى في المنام، والذهبى قد صرح بوضع هذا الحديث فقال بعد ذكره وذكر أحاديث أخرى: هذا كله من وضع هذا المدبر اهـ. ومع هذا صرح بأن الحديث ضعيف. 1565/ 3721 - "حُسْنُ الصَّوْت زِينَةُ القُرْآنِ". (طب) عن ابن مسعود قال الشارح: فيه سعيد بن رزين، ضعيف. قلت: حرف الشارح هذا الاصم، وصوابه سعيد بن زربى. والحديث خرجه من طريقه أيضًا الدينورى في المجالسة، قال: حدثنا عباس بن محمد الدورى ومحمد بن على المقرى قالا: حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا سيد بن زربى ثنا حماد عن إبراهيم عن علقمة قال: "كنت رجلًا قد أعطانى اللَّه حسن الصوت بالقرآن، فكان عبد اللَّه بن مسعود

يستقرئنى ويقول: اقرأ فداك أبي وأمى فإنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن حسن. . . " وذكره. ورواه أبو نعيم في الحلية [4/ 236]: ثنا أحمد بن جعفر بن معبد ثنا عبد اللَّه بن محمد بن النعمان ثنا أبو ربيعة ثنا سعيد بن زرى به. وقد ذكره الذهبى في الميزان [2/ 136، رقم 3177] مختصرًا كما في المتن، وقال: إنه من مناكير سعيد. 1566/ 3722 - "حُسْنُ الظَّنِّ مِنْ حُسْنِ العِبَادَةِ". (د. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه عند أبي داود مهنأ بن عبد الحميد البصرى، قال أبو حاتم: مجهول، وعند الحاكم صدقة بن موسى، قال الذهبى: ضعفوه. قلت: هذا باطل من وجوه، الأول: أن أبا داود [4/ 300، رقم 4993] رواه من طريقين، فقال: ثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد (ح) وثنا نصر بن على عن مهنأ أبي شبل عن حماد بن سلمة عن محمد بن واسع عن شتير بن نهار عن أبي هريرة. فمهنا إنما هو في الطريق الثانى إلى حماد دون الأول، وما كان كذلك فهو لاغ لا يعتبر به ولا يُعلِل به الحديث إلا مجنون، إذ لو فرضنا أن أبا داود لم يذكره واقتصر على ذكر التبوذكى عن حماد لكان كافيًا في صحة الحديث، لأنهما ثقات. الثانى: أن مهنأ ليس بمجهول بل روى عنه أحمد بن حنبل وإسحاق بن منصور الكوسج وبندار ونصر بن على ووثقه على بن مسلم ويحيى بن

سعيد، فقول أبي حاتم فيه: مجهول غير مقبول. الثالث: أن الحاكم لم يقع عنده صدقة بن موسى بل قال [4/ 256، رقم 7657]: حدثنا على بن حمشاد ثنا على بن عبد العزيز وثنا أبو مسلم قالا: حدثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة به. وإنما رأيته من طريق صدقة بن موسى عن محمد بن واسع عند ابن أبي الدنيا في حسن الظن [ص 21، رقم 6]، وابن الأعرابى في المعجم. ورواه من الطريق الأول من رواية حماد أيضًا الدينورى في المجالسة والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 103، رقم 974] كلاهما من طريق عفان عن حماد. وفي الباب عن أنس عند الخطيب [5/ 377]، وسيأتى للمصنف في حرف الميم بلفظ: "من حسن العبادة حسن الظن". وعن جابر أخرجه أبو نعيم في التاريخ بلفظ [2/ 179]: "ما عبد اللَّه بشيء أحب إليه من حسن الظن به" رواه من طريق الفضل بن الخطيب بن نصر: ثنا محمد بن يحيى بن أبان العنبرى ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر به. 1567/ 3724 - "حُسْنُ المَلَكَةِ يمُنٌ، وَسُوءُ الخُلُقِ شُؤْمٌ". (د) عن رافع بن مكيث قال في الكبير: بفتح الميم وكسر الكاف بعدها تحتية ثم مثلثة الجهنى، شهد الحديبية كذا في الكاشف، وقيل بل هو تابعى فهو مرسل، وفيه بقية وفيه مقال معروف، وقال في الإصابة: الحارث بن مكيث أرسل حديثا فذكره بعضهم في الصحابة وقد ذكره ابن حبان في ثقات التابعين. قلت: رافع بن مكيث صحابى متفق عليه لم يختلف أحد فيه، قال الحافظ في

في الإصابة: شهد بيعة الرضوان وكان أحد من يحمل ألوية جهينة يوم الفتح، واستعمله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على صدقات قومه، وشهد الجابية مع عمر اهـ. والشارح قد نقل كلام الذهبى في الكاشف وقوله: شهد الحديبية، فما الذي حمله بعد ذلك على البحث في الإصابة؟ وإذ بحث فيها فلم ترك القسم الأول وذهب إلى القسم الرابع؟ وإذ فعل ذلك فما الدافع له إلى حرف الحاء ليبحث عن الحارث وهو يتكلم على رافع الذي يجب أن يبحث عنه في حرف الراء؟ أليس هذا من فعل المجانين؟! وأعجب من هذا أن الحافظ قال في ترجمة الحارث المذكور: الحارث بن رافع ابن مكيث الجهنى أرسل حديثًا فذكره بعضهم في الصحابة، وهذا الحديث إنما هو من رواية الحارث بن رافع عن رافع، والحديث مشهور لرافع بن مكيث، وكان شهد الحديبية، وقد ذكر ابن حبان في ثقات التابعين الحارث بن رافع المذكور اهـ. فبعد هذا البيان والصراحة والتكرار من الحافظ، يلتقط منه الشارح ما ذكره من الغلط البشع، إن هذا واللَّه لهو العجب ولا حول ولا قوة إلا باللَّه. 1568/ 3725 - "حُسْنُ المَلَكَة يمُنٌ، وَسُوءُ الخُلُقِ شُؤْمٌ، وَطَاعَةُ المَرْأةِ نَدَامَةٌ، وَالصَّدَقَةُ تَدْفَعُ القَضَاءَ السُّوء". ابن عساكر عن جابر قال في الكبير: وكذلك القضاعى في الشهاب، وقال العامرى: حديث حسن. قلت: هذا غلط من وجهين، أحدهما أن القضاعى لم يخرج هذا الحديث بجملته أصلًا. ثانيهما: أنه خرج بعض جمله لكن ليس فيها واحد من حديث جابر أصلًا

أيضًا، فأخرج حديث [1/ 170، رقم 244]: "حسن الملكة يمان وسوء الخلق شؤم" من حديث رافع بن مكيث، وأخرج حديث [1/ 160، رقم 226]: "طاعة النساء ندامة" من حديث عائشة، وأخرج حديث: "الصدقة تمنع ميتة السوء" من حديث رافع بن مكيث [1/ 91، رقم 97، 1/ 170، رقم 245] ومن حديث أبي هريرة [1/ 91، رقم 98]. 1569/ 3726 - "حَسِّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ، فَإِنَّ الصَّوْتَ الحَسَنَ يَزِيدُ القُرْآنَ حُسْنًا". الدارمى وابن نصر في الصلاة (ك) عن البراء قلت: محمد بن نصر خرج هذا الحديث في كتاب قيام الليل، وهو موضوعه، فالغالب أن قول المصنف في الصلاة سبق قلم، وقد يكون خرجه في الكتابين واللَّه أعلم. وروى ابن قانع في مسند أبي حنيفة هذا الخبر عن عمر رضي اللَّه عنه موقوفًا، وذلك من طريق أبي بكر الشافعى عن أحمد بن إسحاق بن صالح عن خالد ابن خداش عن خويلد الصفار عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عمر، قال: "حسنوا القرآن بأصواتكم". 1570/ 3731 - "حَضَرَ مَلَكُ المَوْتِ رَجُلًا يَمُوْتٌ فَشَقَّ أَعْضَاءَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ عَمِلَ خَيْرًا قط، ثُمَّ شَقَّ قَلْبَهُ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ خَيْرًا قَط، فَفَكَّ لَحْيَيْهِ فَوَجَدَ طَرَفَ لِسَانِهِ لاصِقًا بِحَنَكِهِ يَقُولُ: "لا إلَهَ إلا اللَّه" فَغُفِرَ لَهُ بِكَلِمَةِ الإِخْلَاصِ". ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين (هب) عن أبي هريرة قلت: قال أبو الحسين بن المهتدى باللَّه:

أخبرنا الحسين بن محمد المؤدب ثنا أبو بكر النقاش حدثنا سليمان بن سلام الزينى بحمص ثنا مبارك بن أيوب ثنا خالد بن عبد اللَّه حدثنى عطاه بن السائب عن سعيد بن جبير عن أبي هريرة به، وقال: "فغفر اللَّه له وأدخله الجنة". ورواه الطبرانى في كتاب الدعاه [3/ 1486، رقم 1473] من هذا الوجه، وله طريق آخر، قال ابن لال فيما رواه الديلمى من طريقه: حدثنا القاسم بن أبي صالح ثنا الحسن بن على بن زياد ثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه العامرى ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ثنا موسى بن عقبة عن رجل من ولد عبادة عن أبي هريرة به. 1571/ 3732 - "حُفَّتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ، وحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَواتِ" (حم. م. ت) عن أنس (م) عن أبي هريرة (حم) في الزهد عن ابن مسعود موقوفًا قال في الكبير: فظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول، فقد رواه البخارى في الرقائق وقال: "احتجبت" بدل "حفت"، والعجب أن المصنف في الدرر عزاه للشيخين عما باللفظ المذكور هنا بعينه من حديث أنس. قلت: بينما الشارح يتعجب من ذهول المصنف الموهوم المزعوم إذ يورد الحديث بلفظ: "احتجبت" الذي موضعه من الكتاب حرف الألف لا حرف الحاء، فهل بعد هذه الغفلة من غفلة؟! ومع هذا فإنه لم يحقق لفظ البخارى، فإن البخارى ما رواه بلفظ: "احتجبت" ولكن بلفظ: "حجبت"، وقد قدمه المؤلف قريبًا بذلك اللفظ في موضع الحاء مع الجيم وعزاه للبخارى فتعقبه الشرح هناك بمسلم الذي رواه بلفظ: "حفت" الذي هذا موضعه.

1572/ 3733 - "حفْظُ الغُلام في الصِّغرِ كَالنَّقْشِ في الحَجَرِ، وَحِفْظُ الرَّجُلِ بَعْدَمَا يَكْبُرُ كَالكِتَابَةِ (¬1) عَلَى المَاءِ". (خط) في الجامع عن ابن عباس قلت: سكت عنه الشارح، وقد قال أبو نعيم فيما رواه الديلمى من طريقه: حدثنا محمد بن هارون ثنا إسحاق بن مروان ثنا أبي ثنا إسحاق بن وزير عن عبد الملك بن موسى عن الزهرى عن عبيد اللَّه عن ابن عباس به، وفي هذا السند من لم أعرفه. 1573/ 3738 - "حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى المَرْأَة أَنْ لا تَهْجُرَ فِرَاشَهُ، وَأَنْ تَبرَّ قَسَمَهُ، وَأَنْ تُطِيعَ أَمْرَهُ، وَأَنْ لا تَخْرُجَ إِلا بِإِذْنِهِ، وَأَنْ لا تُدْخِلَ إِلَيهِ مَن يَكْرَهُ". (طب) عن تميم الدارى [قال في الكبير: قال الهيثمى:] فيه ضرار بن عمرو وهو ضعيف. قلت: ومن طريقه أيضًا أخرجه محمد بن سنان القزاز في جزئه، وهو ثانى حديث فيه، قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو ثنا محمد بن طلحة عن الحكم أبي عمرو عن ضرار بن عمرو عن أبي عبد اللَّه الشامى عن تميم الدارى به. 1574/ 3740 - "حَقُّ المَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ: أَنْ يُطعِمهَا إِذَا طَعِمَ وَيَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَى، وَلا يَضْرِب الوَجْهَ، وَلا يُقَبِّح، وَلا يَهْجُر إلا فِي البَيْتِ". (طب. ك) عن معاوية بن حيدة ¬

_ (¬1) في النسخة المطبوعة من فيض القدير: "كالكتاب على الماء".

قال في الكبير: قال (ك): صحيح وأقره الذهبى، وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة والأمر بخلافه، فقد رواه أبو داود وابن ماجه في النكاح والنسائى في عشرة النساء عن معاوية المذكور باللفظ المزبور. . . إلخ. قلت: أما النسائى فما خرجه في المجتبى الذي هو أحد الكتب الستة أصلًا، وأما أبو داود فرواه بلفظ: "ائت حرثك أنى شئت، وأطعمها إذا طعمت" الحديث. وقد عزاه المصنف له في حرف الهمزة وتكلم عليه الشارح هناك، فوهم عدة أوهام بيناها فيه فارجع إليه. 1575/ 3742 - "حَقُّ الوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ أَنْ يُعلِّمَهُ الكِتَابَةَ، والسِّبَاحَةَ، والرِّمَايَةَ، وأَنْ لا يَرْزُقَهُ إلا طَيبا". الحكيم وأبو الشيخ في الثواب (هب) عن أبي رافع قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن البيهقى سكت عليه وهو خلاف الواقع، بل تعقبه بقوله: عيسى بن إبراهيم يروى ما لا يتابع عليه. قلت: كلام [المصنف] (¬1) لا يفيد ما قال الشارح بل يفيد خلافه، فإنه رمز لضعفه بدلا عن الكلام عليه، وهو غير ملزم ولا أحد من أهل العزو والتخريج بتقل كلام المخرجين، ولا رأينا اعتباره في كلام هذا البعيد عن الفن والصواب والإنصاف، ولو نقل المصنف كلام البيهقى مخالفا لشرط كتابه لكان ملزما بالتعقب عليه فيطول الكتاب ويخرج عن وضعه أو يسكت عنه فيهم وهمه، فإن ما زعمه البيهقى من أن عيسى بن إبراهيم لم يتابع على حديثه غير مطابق للواقع، فإن عيسى تربع عليه كما سأذكره. فإن عيسى بن إبراهيم رواه عن الزهرى عن أبي سليمان مولى أبي رافع عن أبي ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط الشارح.

أبي رافع قال: "قلت يا رسول اللَّه: للولد علينا حق كحقنا عليهم، قال: نعم حق الولد على الوالد" وذكره. قال الحكيم في الأصل الرابع ومائتين (¬1) [2/ 140]: ثنا عمر بن أبي عمر ثنا يزيد بن عبد ربه الحمصى عن بقية بن الوليد عن عيسى بن إبراهيم به. وتابعه الجراح بن المنهال أبو العطوف عن الزهرى. قال ابن السنى فيما رواه الديلمى من طريقه [2/ 209، رقم 2491]: حدثنا أبو عروبة عن المغيرة بن عبد الرحمن عن عمر بن عبد الرحمن عن الجراح بن المنهال عن الزهرى به، والجراح ضعيف. وقد أورده الذهبى في ترجمته من الميزان لكن قال: روى عثمان بن عبد الرحمن عنه، والذي في أصل الديلمى عمر بن عبد الرحمن، وكان الذي في الميزان أشبه واللَّه أعلم. ثم وجدته من طريقه ومن طريق غيره عن الجراح بن المنهال مطولا، قال أبو نعيم في الحلية [1/ 184]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا صالح بن زياد (ح) وحدثنا محمد بن على ثنا الحسين بن محمد بن حماد ثنا المغيرة بن عبد الرحمن قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن وحدثت عن أبي جعفر محمد بن إسماعيل ثنا الحسن بن على الحلوانى ثنا يزيد بن هارون واللفظ له قالوا: حدثنا الجراح بن المنهال عن الزهرى عن أبي سليم مولى أبي رافع عن ¬

_ (¬1) وهو في الأصل الثالث ومائتين.

أبي رافع مولى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: كيف بك يا أبا رافع إذا افتقرت؟ قلت: أفلا أتقدم في ذلك؟ قال: بلى، قال: ما مالك؟ قلت؟ أربعون ألفا وهى للَّه عز وجل، قال: لا، قال: أعط بعضا وأمسك بعضا وأصلح إلى ولدك، قال: قلت: أوَلهُم علينا يا رسول اللَّه حق كما لنا عليهم؟ قال: نعم حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتاب"، وقال عثمان بن عبد الرحمن: "كتاب اللَّه عز وجل والرمى والسباحة" زاد يزيد: "وأن يورثه طيبا، قال: ومتى يكون فقرى؟ قال: بعدى" قال أبو سليم: فلقد رأيته افتقر بعد حتى كان يقعد فيقول من يتصدق على الشيخ الكبير الأعمى؟ من يتصدق على رجل أعلمه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سيفتقر بعده؟ من يتصدق فإن يد اللَّه العليا ويد المعطى الوسطى ويد السائل السفلى، ومن سأل عن ظهر غنى كان له شِيَةٌ يعرف بها يوم القيامة، ولا تحل الصدقة لغنى ولا لذى مرة سوى، قال: فلقد رأيت رجلا أعطاه أربعة دراهم فرد عليه منها درهما، فقال: يا عبد اللَّه لا ترد على صدقتى، فقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهانى أن أكنز فضول المال، قال أبو سليم: فلقد رأيته بعد استغنى حتى أتى له عاشر عشرة وكان يقول: ليت أبا رافع مات في فقره -أو وهو فقير- قال: ولم يكن يكاتب مملوكه إلا بثمه الذي اشتراه به. وهذا سياق غريب منكر لا يشك في أنه من افتعال الجراح بن المنهال واللَّه أعلم. 1576/ 3743 - "حَقُّ الوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ أَنْ يُحْسِنَ اسْمَهُ، وَيُزَوِّجَهُ إذا أَدْرَكَ، وَيُعَلِمَهُ الكِتَابَ". (حل. فر) عن أبي هريرة

قلت: هذا الحديث رواه الديلمى [2/ 209، 2491] من طريق أبي نعيم لكنى لم أجده في الحلية، إنما وجدت فيه حديث أبي رافع المذكور قبله، فالغالب على الظن أن أبا نعيم خرجه في كتاب آخر من كتبه، واشتبه على المصنف فعزاه إلى الحلية إن لم يكن سقط من نسختنا، إلا أن الحافظ أورد هذا الحديث في زهر الفردوس، وهو لا يورد فيه ما في الكتب المشهورة المتداولة وإنما يورد ما في الكتب الغريبة، وهذا مما يؤيد أنه لم يخرج في الحلية أصلا واللَّه أعلم. أما السند الذي ذكره الديلمى من طريق أبي نعيم فهو قول أبي نعيم: حدثنا نصر بن أبي نصر عن محمد بن أحمد بن صفوة ثنا يوسف ابن سعيد عن أبي هروة السندى عن الحسن بن عمارة عن محمد بن عبد الرحمن بن عبيد عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة به. ورواه أبو الليث في التنبيه من طريق إبراهيم بن يوسف: ثنا أبو معاوية عن الحسن بن عمارة به، لكن قال: عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى بن أبي عبيد. 1577/ 3744 - "حَقُّ كَبِيرِ الإخْوَةِ عَلَى صَغِيرِهِمْ كَحَقِّ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ". (هب) عن سعيد بن العاص قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف، ورواه الحاكم والديلمى باللفظ المزبور ثم قال: وفي الباب أبو هريرة -أى عند أبي الشيخ وغيره.

قلت: صريح إطلاق الشارح العزو إلى الحاكم أنه في المستدرك، وهو باطل، إنما رواه في التاريخ، وأسنده الديلمى من طريقه [2/ 210، رقم 2494]: حدثنا على بن عيسى ثنا إبراهيم بن محمد المروزى حدثنا على بن حجر ثنا الوليد بن مسلم عن محمد بن السائب عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده سعيد به. وأما حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الديلمى فأخرجه أبو نعيم في التاريخ [1/ 122] قال: حدثنا محمد بن أحمد بن شبويه ثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن مشكان ثنا عبد الرحمن بن أيوب ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعى عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله بالحرف. وفي الباب أيضًا عن كليب الجهنى، تقدم للمصنف في المتن بلفظ: "الأكبر من الإخوة". 1578/ 3745 - "حَقُّ الوَلَدِ عَلَى الَوالِدِ أنْ يُحْسِنَ اسْمَه، وَيُحْسِنَ أدَبَهُ". (هب) عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد واه، بل قيل موضوع. وقال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أن مخرجه البيهقى خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه، بل قال محمد بن الفضل بن عطية: أحد رواته ضعيف بمرة لا يحتج بما انفرد به اهـ. وقال الذهبى: محمد هذا تركوه واتهمه بعضهم أى بالوضع. قلت: في هذا أوهام وأغاليط، الأول: تصرف المصنف يفيد خلاف ما افتراه

[قاعدة جليلة]

الشارح، لأنه رمز للحديث بالضعف ولأنه لا ينقل كلام المخرجين، وليس هو موضوع كتابه كما يعلم ذلك الشارح جيدا. الثانى: قوله: بل قيل موضوع، هو تهور فاسد، فإنه لم يقل أحد عن الحديث أنه موضوع، والبيهقى نص على أنه لا يخرج في كتبه حديثا يعلم هو أنه موضوع، والشارح إنما أخذ ذلك مما نقله في الكبير عن الذهبى أنه قال اتهم، وفسر هو ذلك من عنده بالوضع، وفرق بين كون الرجل متهما بالوضع وبين كون حديثه هذا بخصوصه قيل فيه إنه موضوع فهو لا ينفك عن الكذب أصلًا، لاسيما والحديث له شواهد منها الذي قبله والذي بعده، فقد يكون متهما بوضع حديث غير هذا، فكيف يقال عنه أنه قيل موضوع؟! [قاعدة جليلة] الثالث: أن هذا من أصله باطل، فإن الذهبى ما قال متهم أصلا، وإنما لفق ذلك الشارح من عنده، ثم لفق ما شرحه بفهمه، وعلى فرض أن الذهبى قال: متهم في غير الميزان، فتعبير الاتهام بخصوص الوضع باطل، بل المتبادر عندهم إلى هذه اللفظة أنه متهم بالكذب لا بخصوص الوضع، فإذا أرادوا الوضع قيدوه غير محتاجين إلى تفسير أمثال الشارح، أما إذا أطلقوا التهمة فالمراد به الكذب، وهو أكثر ما يكون من الرواة في الكلام والحكايات، وقد يكون في الأسانيد وادعاء اللقى لشيوخ لم يلقهم أو لم يسمع منهم لا في خصوص تلفيق الأحاديث واختلاقها ونسبتها إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقد صرح الذهبى في الميزان بهذا المعنى فقال: رماه ابن أبي شيبة بالكذب، وقال الفلاس: كذاب، وقال أحمد: حديثه حديث أهل الكذب، فلو قال الذهبى في موضع آخر: اتهموه، فمراده هؤلاء الذين اتهموه بالكذب لا بالوضع، بل الاتهام بالوضع موضوع من الشارح.

1579/ 3746 - "حَقُّ الوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ أَنْ يُحْسِنَ اسْمَهُ، وَيُحْسِنَ مَوْضِعَهُ، وَيُحْسِنَ أَدَبَهُ". (هب) عن عائشة قال الشارح: بإسناد ضعيف جدا كما قال مخرجه. وقال في الكبير: قال البيهقى: وهو ضعيف اهـ. وقد مر غير مرة أن ما يفعل المصنف من عزو الحديث لمخرجه وحذفه من كلامه ما عقبه به من تضعيفه غير صواب، وإنما ضعف لأن فيه عبد الصمد بن النعمان، أورده الذهبى في ذيل الضعفاء، قال: قال الدارقطنى: غير قوى عن عبد الملك ابن حسين وقد ضعفوه عن عبد الملك بن عمير وهو مضطرب الحديث، وقال ابن معين: مختلط. قلت: وقد قدمنا غير مرة أن تجاهل الشارح وتغافله غير صواب، فإن المصنف غر ملزم بذلك أولا، ولا هو من شرط كتابه ثانيا، ومع هذا فقد رمز لضعفه ثالثا. وبعد هذا فقد وهم الشارح وتهور في قوله في الصغير: بإسناد ضعيف جدا كما قال مخرجه، فإن مخرجه لم يقل: جدا، بل هي من زوائد الشارح عليه، كما نقله نفسه في كبيره، ووهم في نقله عن ذيل الضعفاء، والرجل مذكور في الضعفاء لا في الذيل، وأيضًا مذكور أنه وثقه ابن معين وغيره، فحذف ذلك والاقتصار على قول الدارقطنى ليس بقوى، غير صواب. والحديث أخرجه أيضًا القشيرى في الرسالة قال: أخبرنا على بن أحمد الأهوازى أخبرنا أبو الحسن الصفار البصرى ثنا غنام قال: حدثنا عبد الصمد بن النعمان ثنا عبد الملك بن الحسين عن عبد الملك بن عمير عن مصعب بن شيبة عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به.

1580/ 3747 - "حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ انْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ". (ق) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الذهبى في المهذب: إنما رواه البخارى تعليقا، وسنده صحيح. قلت: البخارى رواه موصولا فقال [2/ 12، رقم 896]: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا وهيب حدثنى ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: نحن الآخرون السابقون يوم القيامة أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا اللَّه فغدًا لليهود وبعد غد للنصارى، فسكت ثم قال: حق على كل مسلم" وذكره. ثم قال البخارى [2/ 444، ح 898]: رواه أبان بن صالح عن مجاهد عن طاوس عن أبي هريرة، فوصل البيهقى [1/ 297] هذا الطريق من رواية الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أبان بن صالح، ثم قال: قال البخارى: ورواه أبان بن صالح. . . إلخ. فكتب عليه الذهبى العبارة التي نقلها الشارح يريد الذهبى أن طريق أبان بن صالح لم يوصله البخارى إنما ذكره تعليقا، والشارح لحدم تمكنه وإمعانه، حمله على الحديث من أصله، وربك يفعل ما يشاء بخلقه. 1581/ 3753 - "حَلْقُ القَفَا مِنْ غَيرِ حِجَامَة مَجُوسِيةٌ". ابن عساكر عن عمر قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن الطبرانى والديلمى خرجاه باللفظ المزبور فكأنه ذهل عنه.

قلت: الطبرانى والديلمى ما خرجاه باللفظ المزبور، بل قال الطبرانى في الصغير [1/ 166، رقم 261]: ثنا إسماعيل بن قيراط الدمشقى ثنا سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل ثنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنهما قال: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن حلق القفا إلا للحجامة". وبهذا اللفظ رواه في الأوسط [3/ 220، رقم 2969] أيضًا كما ذكر النور الهيثمى في مجمع الزوائد. وكذلك رواه ابن حبان في الضعفاء [1/ 315] في ترجمة سعيد بن بشير فقال: أخبرنا القاسم بن عيسى العطار بدمشق ثنا وزير بن محمد ثنا سليمان بن عبد الرحمق وإبراهيم بن الحورانى ومحمد بن أبي السرى قالوا: حدثنا الوليد بن مسلم به. وكذلك رواه أيضًا أبو نعيم في التاريخ [1/ 339]: ثنا أحمد بن إبراهيم بن يوسف ثنا سهل بن عبد اللَّه ثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن ثنا الوليد بن مسلم به، وقال: "نهى عن حلق القفا بالموسى إلا عند الحجامة". فالحديث عند الطبرانى وغيره بلفظ: "نهى"، وقد ذكره المصنف كذلك في باب المناهى، وعزاه لمسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة، وهذه أيضًا طامة على الشارح أكبر مما مضى، وسبحان اللَّه العظيم وبحمده. 1582/ 3755 - "حَلِيفُ القَوْمِ مِنْهُمْ، وَابْنُ أُخْتِ القَوْمِ مِنْهُمْ". (طب) زاد في الكبير: وكذا البزار: عن عمرو بن عوف

قال في الكبير عن الهيثمى: فيه الواقدى وهو ضعيف، قال ابن حجر: وفيه قصة. قلت: خلط الشارح في عزو هذا الحديث والكلام عليه خلطا شنيعا بين ثلاثة أحاديث. فالبزار رواه من حديث أبي هريرة لا من حديث عمرو بن عوف، وهو الذي قال عنه الهيثمى: فيه الواقدى، والحافظ قال: وفه قصة عن حديث أبي رافع وعبارته: حديث "مولى القوم منهم" رواه أصحاب السنن (¬1) وابن حبان من حديث أبي رافع وفيه قصة، وفي الباب عن عتبة بن غزوان عند الطبرانى [12/ 118، رقم 291]، وعمرو بن عوف عنده [17/ 12، رقم 2] وعند إسحاق وابن أبي شبة، وعن أبي هريرة عند البزار (¬2)، وعن رفاعة بن رافع عند أحمد [4/ 341] والحاكم [2/ 328، رقم 3266] والبخارى في الأدب المفرد [ص 40، رقم 75] اهـ. وأما حديث عمرو بن عوف فهو من رواية كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده، وكثير ضعيف جدا. وقد رواه من طريقه أيضًا ابن قتيبة في عيون الأخبار، فقال: حدثنى القومسى ثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثنى كثير بن زيد عن أبيه عن جده به. كذا قال: كثير بن زيد نسبة إلى جده الأعلى أحد الرواة، تدليسا. 1583/ 3751 - "حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ أخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ". ابن سعد عن ابن عباس وأم سلمة ¬

_ (¬1) أبو داود (2/ 126، رقم 1650)، الترمذى (3/ 37، رقم 657)، النسائى (5/ 107). (¬2) انظر كشف الأستار (رقم 219)، ومختصر زوائد مسند البزار (رقم 135).

قال في الكبير: وهو في مسلم بدون "ابن عبد المطلب" فعدول المصنف عنه غير صواب. قلت: بل تهور الشارح غير صواب، فمسلم ما رواه بلفظ يدخل هنا، أما حديث ابن عباس فلفظه عنده عنه [2/ 1071، رقم 1447/ 12]: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أريد على ابنة حمزة فقال: إنها لا تحل لى، ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من الرحم". وأما حديث أم سلمة فلفظه عنده عنها قالت [3/ 627]: "قيل لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أين أنت يا رسول اللَّه من ابنة حمزة؟ أو قيل: ألا تخطب بنت حمزة بن عبد المطلب؟ قال: إن حمزة أخي من الرضاعة". فكلا اللفظين محله حرف الألف. 1584/ 3759 - "حَمَلَةُ القُرآنِ عُرَفَاءُ أَهْلِ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيَامَةِ". (طب) عن الحسين بن على قال في الكبير: وفيه إسحاق بن إبراهيم بن سعيد المدنى، وهو ضعيف ذكره الهيثمى، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات، وقال: فيه أيضًا فائد متروك، وتعقبه المؤلف بأن المتن صحيح. قلت: هكذا يصنع الشارح في تعقبات المؤلف الممتعة، يضرب عنها صفحا أو يأتى منها بمحمل لا يفيد كما هنا، فإذا قصر الشارح أو كان البحث لا يحتمل توسعا قال: وتعقبه المؤلف، فلم يأت بطائل كعادته. وبعد فاعلم أن ابن الجوزى أورد الحديث (¬1) من عند الخطيب ثم من رواية عبد اللَّه بن ماهان: ثنا فائد المدنى حدثتنى سكينة بنت الحسين بن على عن أبيها به مرفوعا. ¬

_ (¬1) انظر الموضوعات (1/ 253).

ثم قال: فائد متروك، فتعقبه المؤلف بأن فائدا روى له أبو داود والترمذى والنسائى، ووثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وبأن ابن جميع خرجه في معجمه [1/ 253، 254]: ثنا محمد بن منصور أبو بكر الواسطى ثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم ثنا يزيد ابن هارون عن حميد عن أنس مرفوعًا: "حملة القرآن عرفاء أهل الجنة". وصححه الضياء المقدسي فأخرجه في المختارة من طريق ابن جميع، ثم ذكر ابن الجوزى حديث أنس من وجه آخر وقع فيه مجاشع بن عمرو وهو كذاب، فتعقبه المؤلف بأنه ورد من ثلاثة طرق أخرى من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وعلى ثم أورد جميعها، فضرب الشارح عن كل هذا صفحا وقال: تعقبه بأن المتن صحيح. 1585/ 3760 - "حَمَلَةُ القُرآن أَوْلِيَاءُ اللَّه فَمَنْ عَادَاهُمْ فَقَدْ عَادَى اللَّه، ومَنْ وَالاهُمْ فَقَدْ وَالَى اللَّه". (فر) وابن النجار عن ابن عمر قال في الكبير: وفيه داود بن المحبر، قال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات، ورواه عنه أبو نعيم في الحلية، ومن طريقه أورده الديلمى مصرحا فلو عزاه له لكان أولى. قلت: ولو سكت الشارح عن مثل هذا التهور لكان أولى، فإن أبا نعيم ما خرج الحديث في الحلية أصلًا، إنما خرجه في تاريخ أصبهان [1/ 264]، في ترجمة الحسن بن إدريس العسكرى من طريقه عن إبراهيم بن سلم عن داود بن المحبر عن صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر. والحديث موضوع، وداود بن المحبر من أكذب الكذابين وأوقحهم.

1586/ 3766 - "حَوْضِى مِنْ عَدَنٍ إلى عُمَانَ البَلْقَاءِ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ العَسَلِ، وَأَكْوَابُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأ بَعْدَهَا أَبَدًا، أوَّلُ النَّاسِ وُرُودًا عَلَيهِ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ: الشُّعْثُ رُؤُسًا، الدُّنْسُ ثِيَابًا، الذين لا يَنْكَحُونَ المُتَنَعِّمَاتِ وَلا تُفْتَحُ لَهُمْ السُّدَدُ". (ت. ك) عن ثوبان قال في الكبير: صححه الحاكم، وأقره الذهبى، وفيه قصة، ورواه عنه أيضًا ابن ماجه، فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد الترمذى به عن الستة غير جيد. قلت: ابن ماجه رواه [2/ 1438، رقم 4303] بـ "إن" في أوله وبألفاظ أخرى وقد ذكره المصنف سابقًا في حرف إن وعزاه لأحمد [5/ 275] والترمذى [4/ 629، رقم 2444] وابن ماجه والحاكم [4/ 184، رقم 7374] لروايات وقعت عندهم كذلك أيضًا. 1587/ 3770 - "حَيَاتِى خَيْرٌ لَكُمْ، وَمَمَاتِى خَيْرٌ لَكُمْ" الحارث عن أنس قال في الكبير: قال الحافظ العراقى في المغنى: إسناده ضعيف أي: وذلك لأن فيه خراش بن عبد اللَّه ساقط عدم، وما أتى به غير أبي سعيد العدوى الكذاب، وقال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه إلا للاعتبار، ثم ساق له أخبارًا هذا منها، ورواه البزار باللفظ المزبور من حديث ابن مسعود، قال الحافظ العراقى: ورجاله رجال الصحيح إلا أن عبد المجيد بن أبي رواد -وإن خرج له مسلم ووثقه ابن معين والنسائى- ضعفه بعضهم اهـ. فاعجب للمصنف كيف عدل العزو لرواية مجمع على ضعف سندها وأهمل طريق البزار

مع كون رجاله رجال الصحيح، ووقع له -أعنى المؤلف- في تخريج الشفاء أنه عزا الحديث للحارث من حديث بكر بن عبد اللَّه المزنى وللبزار وأطلق تصحيحه وليس الأمر كما ذكر. قلت: في هذا أمور، الأول: هذا الحديث وإن عزاه أيضًا السخاوى في القول البديع إلى الحارث بن أبي أسامة من حديث أنس، فإن الحافظ نور الدين الهيثمى لم يذكره في زوائد الحارث إلا من حديث بكر بن عبد اللَّه المزنى كما سأذكره، فلعل من عزاه إليه وهم في قوله: من حديث أنس، نعم ذكر الحافظ المذكور في خطبة زوائد الحارث أن النسخة التي وقعت إليه فيها نقص، فيجور أن يكون الحديث خرج في القدر الذي ضاع من نسخته. الثانى: على فرض أنه روى حديث أنس، فإنه لم يروه من طريق خراش لأن خراشًا بَيِّنُ الأمر مكشوف الحال، ومن عزاه للحارث لم يذكر أنه من رواية خراش، وإنما الشارح رتب أحاديث الميزان على حروف المعجم، ورأى هذا الحديث في ترجمة خراش منه فألصق ذلك بسند الحارث تهورًا وافتراء على عادته، فإن الحديث روى عن أنس بسند نظيف من غير طريق خراش، قال أبو طاهر المخلص: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد ثنا يحيى بن خزام بالبصرة ثنا محمد بن عبد اللَّه بن زياد أبو سلمة الأنصارى ثنا مالك بن دينار عن أنس به، وأبو سلمة الأنصارى ضعيف. الثالث: أن حديث ابن مسعود ليس أوله حرف الحاء بل أوله حرف همزة، قال البزار [5/ 308، رقم 1925]: حدثنا يوسف بن موسى ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن أبيه عن سفيان عن عبد اللَّه بن السائب [عن راذان] عن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه قال:

قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن للَّه ملائكة سياحين يبلغون عن أمتى السلام"، قال: وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حياتى خير لكم تحدثون ويحدث لكم، ومماتى خير لكم تعرض على أعمالكم، فما رأيته من خير حمدت اللَّه عليه وما رأيت من شر استغفرت لكم". قال البزار: لا نعلمه يروى عن عبد اللَّه إلا بهذا الإسناد. الرابع: أن ما ذكر المصنف في تخريج أحاديث الشفاء ورده الشارح هو الصواب، فإن الحارث رواه من مرسل بكر بن عبد اللَّه المزنى، فقال: حدثنا الحسن بن قتيبة ثنا جسر بن فرقد عن بكر بن عبد اللَّه المزنى به (¬1). ورواه عنه أيضًا ابن سعد كما سيذكره المصنف بعد هذا، فقال ابن سعد [2/ 149]: أخبرنا يونس بن محمد المؤدب ثنا حماد بن زيد عن غالب عن بكر بن عبد اللَّه المزنى. وفي الباب أيضًا عن أبي جعفر محمد بن على أخرجه الطوسى في أماليه مطولا، وقد ذكرته في تخريجى لأحاديث الشفاء. 1588/ 3773 - "الحَاجُّ الشَّعِثُ التَّفْلُ". (ت) عن ابن عمر قال الشارح: ورجاله رجال الصحيح. وقال في الكبير عقب رمز الترمذى: وكذا ابن ماجه خلافا لما يوهمه إفراد المصنف للترمذى بالعزو، ثم قال: وكذا رواه عنه أحمد، قال الهيثمى: ورجاله رجال الصحيح. قلت: كم جمعت هذه الجملة الصغيرة من أخطاء شنيعة وأوهام قبيحة، أول ذلك: أن أول الحديث عند ابن ماجه لا يدخل في هذا الحرف، فإنه ¬

_ (¬1) انظر بغية الحارث (2/ 884، رقم 953).

رواه من طريق إبراهيم بن يزيد المكى عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومى عن ابن عمر قال [2/ 967، رقم 2896]: "قام رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه ما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة، قال يا رسول اللَّه: فما الحاج؟ قال: الشعث التفل" اهـ. قام آخر فقال: يا رسول اللَّه وما الحج؟ قال: العج والثج". الثانى: أنه قال: ورجاله رجال الصحيح، مع أنه من رواية إبراهيم بن يزيد الخوزى المكى وهو ضعيف، وما روى له أحد من أهل الصحيح، وإنما نقل ذلك من كلام الهيثمى [عن] حديث أحمد، وألصقه جهلًا بهذا الحديث. الثالث: أنه قال: وكذا رواه عنه أحمد، وأحمد لم يروه عن ابن عمر بل رواه عن والده عمر بن الخطاب. الرابع: أن أحمد لم يرو اللفظ المذكور هنا أصلًا، وإنما روى أصل الحديث، والشارح نقل ذلك من مجمع الزوائد، لكنه لا يحقق النقل كما لا يفهم الفن. ولفظ ما أورده الهيثمى [3/ 218]: وعن عمر بن الخطاب أنه وجد ريح طيبٍ بذى الحليفة فقال: ممن هذه الريح؟ فقال معاوية: منى يا أمير المؤمنين، فقال: منك لعمرى؟ قال: طيبتنى أم حبيبة وزعمت أنها طيبت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند إحرامه، قال: أذهب فاقسم عليها لما غسلته، فرجع إليها فغسلته". رواه أحمد والبزار، وزاد بعد الأمر بغسله: "فإنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: الحاج الشعث التفل"، ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أن سليمان ابن يسار لم يسمع من عمر، وإسناد البزار متصل إلا أن فيه إبراهيم بن يزيد الخوزى وهو متروك اهـ.

فاللفظ المذكور في المتن ما رواه أحمد وإنما رواه البزار [1/ 285، رقم 182]. الخامس: أن الهيثمى لم يقل: رجاله رجال الصحيح فقط، بل ذكر مع ذلك أنه منقطع. السادس: أنه قال فى حديث البزار: إنه من رواية إبراهيم الخوزى وهو متروك، ومن طريق إبراهيم المذكور رواه الترمذى [5/ 225، رقم 2998] وابن ماجه [2/ 967، رقم 2896]، فرجع الامر إلى حديثه وهو ضعيف، فصار قوله في الصغير: ورجاله رجال الصحيح من أبطل الباطل. السابع: أن مجمع الزوائد مؤلف للأحاديث الزائدة في الكتب التي اختارها على الكتب الستة مما لم يذكر فيها، وإذا كان الحديث المذكور في المتن معزوًا للترمذى وزاد الشارح أنه في ابن ماجه، فكيف لم يتنبه لأن الهيثمى لا يذكره في الزوائد إلا لأمر زائد فيه لم يذكر في الكتب الستة أو لكونه من حديث صحابى آخر غير الصحابى المذكور في الستة، فما أعجب شأن هذا الرجل! 1589/ 3774 - "الحَاجُّ الرَّاكِبُ لَهُ بِكُلِّ خُفٍّ يَضَعُهُ بَعِيرُهُ حَسَنَةٌ" (فر) عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير: فيه عبد اللَّه بن محمد بن ربيعة، قال الذهبى: ضعفه ابن عدى، ومحمد بن مسلم الطائفى ضعفه أحمد ووثقه غيره، وقال قبل ذلك: وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه، بل بقيته عند مخرجه الديلمى: "والماشى له بكل خطوة يخطوها سبعون حسنة" اهـ. فاقتصاره على لفظه من سوء التصرف. قلت: في هذا أمور، الأول: أن قوله في الصغير: سنده حسن يناقض ما

ذكره في الكبير من وجود ضعيفين في سنده. الثانى: ذكره لمحمد بن مسلم الطائفى فضول وجهل بقواعد الفن والكلام على التعليل، فإنه ثقة من رجال الصحيح، وإنما علة الحديث عبد اللَّه بن محمد ابن ربيعة لا سيما وقد ذكره الذهبى في ترجمته من الميزان. الثالث: ما ذكره من بقية الحديث هو كذلك عند الديلمى، ولكن ما صنعه المصنف وعابه عليه الشارح أتى هو أيضًا مثله، فإن للحديث بقية لم يذكرها الشارح وهو قوله: "من حسنات الحرم". قال الديلمى: أخبرنا أبي ومحمد بن طاهر الحافظ قالا: أخبرنا أبو عمرو بن منده أخبرنا أبي أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الجلاب ثنا أحمد بن إسماعيل ثنا عبد اللَّه بن محمد بن ربيعة ثنا محمد بن مسلم الطائفى عن إبراهيم بن ميسرة عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس مرفوعًا مثل المذكور في المتن، وزاد: "والماشى له بكل خطوة يخطوها سبعون حسنة من حسنات الحرم". فاقتصار الشارح على بعض الحديث من سوء التصرف. وقد أورده الذهبى بزيادة أخرى، فذكره من طريق إبراهيم بن محمد الرقى الصفار: ثنا عبد اللَّه بن محمد بن ربيعة بسنده السابق إلى ابن عباس قال: "ما آسى على شيء إلا أنى لم أحج ماشيًا، إنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: من حج راكبًا له بكل خطوة حسنة، ومن حج ماشيًا كان له بكل خطوة سبعون حسنة من حسنات الحرم، الحسنة بمائة ألف". وللحديث طريق آخر عن ابن عباس أخرجه البخارى في الضعفاء الكبير، وابن خزيمة في صحيحه [4/ 244]، والحاكم في

المستدرك [1/ 461، رقم 1692]، والدولابى في الكنى [2/ 13] كلهم من طريق عيسى بن سوادة النخعى: ثنا إسماعل بن أبي خالد عن زاذان قال: مرض ابن عباس مرضة ثقل فيها، فجمع إليه بنيه وأهله فقال لهم: يا بنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من حج مكة ماشيًا كتب اللَّه له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم، فقال بعضهم: وما حسنات الحرم؟ قال: كل حسنة بمائة ألف حسنة". قال الحاكم: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبى فقال: ليس بصحيح وأخشى أن يكون كذبًا، وعيسى قال أبو حاتم: منكر الحديث اهـ. 1590/ 3775 - "الحَاجُّ في ضَمَانِ اللَّه مُقْبِلًا وَمُدْبِرًا". (فر) عن أبي أمامة قلت: هذا حديث موضوع، وله بقية تدل على وضعه ذكرها الشارح، وفي سنده من اتهم بالوضع ومن لا يعرف. 1591/ 3779 - "الحُبَابُ شَيْطَانٌ". ابن سعد عن عروة، وعن الشعبى، وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم مرسلا قال في الكبير: ظاهره أنه لم يقف عليه مسندًا وهو قصور، فقد رواه الطبرانى من حديث خيثمة بن عبد الرحمن عن أبيه، قال: "دخلت على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال لأبي: هذا ابنك؟ قال: نعم، قال: ما اسمه، قال: الحباب، قال: لا تسمه الحباب فإن الحباب شيطان". قلت: بينما هو يتعقب المصنف ويستدرك عليه في حديث أوله حرف الحاء إذ يورد حديثًا أوله حرف لام الألف، فهكذا الغفلة والبلادة وإلا فلا تكن.

1592/ 3780 - "الحَبَّةُ السَّوْدَاءُ فِيهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إلا المَوْتَ" أبو نعيم في الطب عن بريدة قال في الكبير: ورواه الطبرانى عن أسامة بن زيد، قال الهيثمى: ورجاله ثقات. قلت: الحديث ذكره الهيثمى عن أسامة بن شريك لا عن أسامة بن زيد، وقال: رواه الطبرانى في الأوسط ورجاله ثقات اهـ. والحديث رواه أبو نعيم في التاريخ (2/ 267) من حديث أبي هريرة، وكذلك الخطيب في التاريخ أيضًا [11/ 437]. 1593/ 3781 - "الحِجَامَةُ في الرَّأْسِ هِيَ المُغِيثَةُ، أَمَرَنِي بِهَا جِبْرِيلُ حِينَ أَكَلْتُ طَعَامَ اليَهُودِيَّةِ". ابن سعد عن أنس قلت: سكت عنه الشارح في الكبير، ونقل في الصغير تضعيفه عن القسطلانى فرارًا من أن ينقل ذلك عن رموز المصنف، مع أن القسطلانى لا يعدو النقل عن مثل المؤلف في هذا الباب، إذ ليس هو من فرسان هذا الميدان. وبعد، فالحديث قال فيه ابن سعد [1/ 345]: أخبرنا عمر بن حفص عن أبان عن أنس به، وعمر بن حفص متروك وشيخه ضعيف. وفي الباب عن أبي هريرة بمعناه، قال البخارى في التاريخ الكبير [1/ 1/ 213 رقم 667]. قال عمرو بن عثمان: ثنا عبيد اللَّه عن زيد بن أبي أنيسة عن محمد بن قيس النخعى سمع أبا الحكم البجلى سمع أبي هريرة قال: أخبرنى أبو القاسم -صلى اللَّه عليه وسلم- "أن جبريل أخبره أن الحجامة من أنفع ما تداوى به الناس".

وهكذا رواه الطبرانى في الأوسط وأصله في سنن أبي داود [4/ 3، رقم 3875] وابن ماجه [2/ 1151، رقم 3476] دون ذكر جبريل. 1594/ 3782 - "الحِجَامَةُ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِسَبْع عَشْرة مِنَ الشَّهْرِ دَوَاءٌ لِدَاءِ سَنَةٍ". ابن سعد (طب. عد) عن معقل بن يسار قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير: قال الهيثمى عقب عزوه للطبرانى: فيه زيد بن أبي الحوارى العمى وهو ضعيف، وقد وثقه الدارقطنى، وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ. وقال ابن جرير: هذا عندنا خبر واه لا يثبت في الدين بمثله حجة ولا نعلمه يصح، لكن روى من كلام بعض السلف، وقال ابن الجوزى: موضوع، وسلام وشيخه متروكان. قلت: الهيثمى ذكر ما نقله عنه الشارح في حديث لابن عباس بنحو هذا، ولم يذكر حديث معقل بن يسار، ولا أدرى ما الحامل للشارح على قوله في الصغير: سنده حسن، بعد ما نقل في الكبير عن ابن الجوزى وغيره: أنه باطل موضوع؟! 1595/ 3783 - "الحِجَامَةُ في الرَّأْسِ مِنَ الجُنُونِ، وَالجُذَامِ، وَالبَرَصِ، وَالأَضْرَاسِ، وَالنُّعَاسِ". (عق) عن ابن عباس، (طب) وابن السنى في الطب عن ابن عمر قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه مسلمة بن سالم الجهنى ويقال مسلم بن سالم وهو ضعيف، وفيه عند غير الطبرانى إسماعيل بن شبيب أو ابن شيبة الطائفى، قال في الميزان: واه وأورد له مما أنكر عليه هذا الحديث، وقال: قال النسائى: منكر الحديث.

قلت: في هذا الكلام إيهام وإجمال، والتفصيل أن إسماعيل بن شبيب هو في سند حديث ابن عباس، رواه العقيلى من طريقه عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، ومسلمة بن سالم هو في حديث عبد اللَّه بن عمر عنه يروى عن عبد اللَّه بن عمر الصغير عن نافع مولى ابن عمر. 1596/ 3784 - "الحِجَامَةُ في الرَّأْسِ شِفَاءٌ مِن سَبْعٍ إِذَا مَا نَوى صَاحِبُهَا: مِنَ الجُنُونِ، وَالصُّدَاع، وَالجُذَامِ، وَالبَرَصِ، وَالنُّعَاسِ، وَوَجَعِ الضَّرْسِ، وَظُلْمَةٍ يَجِدُهَا في عَيْنَيْهِ". (طب) وأبو نعيم عن ابن عباس قال في الكبير: فيه عمر بن رباح العبدى وهو متروك، وقال ابن الجوزى: حديث لا يصح. قلت: ابن الجوزى ما ذكره، وأخرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء قال [2/ 86]: حدثنا الحسن بن سفيان ثنا إبراهيم بن عيسى الأيلى ثنا عمر بن رباح عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس به، وقال في عمر: كان ممن يروى الموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب. 1597/ 3785 - "الحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ أَمْثَلُ، وَفيهَا شِفَاءٌ وَبَرَكةٌ، وَتَزِيدُ في العَقْلِ، وَفِي الحِفْظِ، فَاحْتَجِمُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّه يَوْمَ الخَميسِ، وَاجْتَنبُوا الحِجَامَةَ يَوْمَ الجُمُعَة وَيَوْمَ السَّبْتِ وَيَوْمَ الأَحَدِ، وَاحْتَجمُوا يَوْمَ الاثْنَينِ والثُّلاثَاء، فَإِنَّهُ الَيَومُ الذي عَافَى اللَّه فِيه أَيُّوبَ منَ البَلَاءِ، وَاجْتَنِبُوا الحِجَامَةَ يَوْمَ الأَرْبعَاءِ، فَإِنَّهُ اليَوْمُ الذي ابْتُلِى فِيهِ أَيُّوب، وَمَا يَبْدُو جُذَامٌ وَلا بَرَصٌ إِلَّا فِي يَوْمِ الأَرْبِعَاءِ أَو فِي لَيْلَةِ الأَرْبِعَاءِ". (ك) وابن السنى وأبو نعيم عن ابن عمر

قال في الكبير: لم يصححه الحاكم، وقال الذهبى: فيه عطاف وثقه أحمد وغيره، وقال أبو حاتم: ليس بذاك، وأورده ابن الجوزى في الواهيات، وقال: لا يصح من جميع طرقه. قلت: الحديث له عن ابن عمر طرق عن نافع عنه، والحاكم وحده رواه من ثلاثة طرق: الطريق الأول [4/ 211، رقم 3479]: من رواية غزال بن محمد عن محمد بن جحادة عن نافع عن ابن عمر به، وقال: رواة هذا الحديث كلهم ثقات إلا عدال بن محمد فإنه مجهول لا أعرفه بعدالة ولا جرح، وقد صح الحديث عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما من قوله غير مسند ولا متصل، ثم أخرجه من طريق عبد اللَّه بن هشام الدستوائى عن أبيه عن أيوب عن نافع عن ابن عمر به موقوفًا، ثم قال: وقد أسند هذا الحديث عطاف بن خالد المخزومى عن نافع. الطريق الثانى [4/ 211، رقم 7481]: هو طريق عطاف، فإنه بعد هذا أسند من طريق عثمان بن سعيد الدارمى عن عبد اللَّه بن صالح المصرى: ثنا عطاف بن خالد عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا. الطريق الثالث [4/ 409، رقم 8255]: من رواية عبد الملك ابن عبد ربه الطائى: ثنا أبو على عثمان بن جعفر ثنا محمد بن جحادة عن نافع عن ابن عمر به، وقال: رواته ثقات إلا عثمان بن جعفر فإنى لا أعرفه. كذا نقل عنه الحافظ في اللسان وغيره في غيره، إلا أنى لم أره في النسخة المطبوعة من المستدرك في كتاب الطب، فاقتصار الشارح على ذكر طريق

عطاف من قصوره وعدم درايته، لاسيما والحديث في سنن ابن ماجه [2/ 1153، رقم 3487] من طريق عثمان بن مطر عن الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا، ومن طريق عثمان بن عبد الرحمن: ثنا عبد اللَّه بن عصمة عن سعيد بن ميمون عن نافع عن ابن عمر به مرفوعًا أيضًا. وقد أخرجه ابن حبان في الضعفاء [2/ 100]: ثنا الحسن بن سفيان ثنا محمد بن أبان الواسطى ثنا عثمان بن مطر به بالسند الأول عند ابن ماجه، وقال: عثمان بن مطر يروى الموضوعات عن الأثبات، لا يحل الاحتجاج به. وله طريق آخر عن ابن عمر، قال الدينورى في المجالسة: ثنا محمد بن أحمد بن أبي الأسود البغدادى ثنا أبو عبد الرحمن المقرى عن إسماعيل بن إبراهيم عن المثنى بن عمرو عن أبي سنان عن أبي قلابة عن عبد اللَّه بن عمر به. وأخرجه البندهى في شرح المقامات من هذا الوجه من طريق خيثمة بن سليمان: ثنا إسحاق بن سيار ثنا عبد اللَّه بن يزيد هو أبو عبد الرحمن المقرى به. 1598/ 3787 - "الحِجَامَةُ يَوْمَ الأَحَدِ شِفَاءٌ". (فر) عن جابر، عبد الملك بن حبيب في الطب النبوى عن عبد الكريم الحضرمى معضلا

قال في الكبير: واعلم أن الديلمى خرج الحديث عن جابر مرفوعًا، فاقتصار المصنف على رواية إعضاله تقصير أو قصور، ثم إن فيه المنكدر بن محمد، قال الذهيى: اختلف قول أحمد وابن معين فيه وقد وثق. قلت: صدق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "حبك الشيء يعمى ويصم"، فالشارح لما كان كلفًا بالانتقاد على المصنف بالباطل، مولعًا بذلك أعماه ذلك وأصمه وأنساه ما رقمه بيده قبل سبع كلمات، فالمصنف قد عزاه للديلمى عن جابر، والشارح كتب ذلك بيده في المتن، وعقبه بسبع كلمات مباشرة في وشرع في الانتقاد والاستدراك. فهذا الحديث رواه عن المنكدر رجل كذاب وضاع مشهور بين أهل الفن بذلك، وهو موسى بن محمد البلقاوى، فترك الشارح تعليل الحديث به، وذهب إلى المنكدر الثقة فإن من له إلمام بالحديث ودراية بفنونه أول ما يسمع هذا الحديث يعلم أنه موضوع، وأن المنكدر لا يتحمله، فكيف لو وقف على إسناده وعلم أنه من رواية البلقاوى الكذاب؟! 1599/ 3788 - "الحِجَامَةُ تُكْرَهُ في أَوَّلِ الهِلالِ، وَلا يُرْجَى نَفْعُهَا حَتَّى يَنْقُصَ الهِلالُ". ابن حبيب عن عبد الكريم معضلا قلت: هذا حديث ظاهر الوضع والبطلان، وهو بكلام الفقهاء ومختصراتهم أشبه منه بكلام النبوة، والمؤلف ملام جدًّا على ذكر أمثال هذا في الكتاب الذي صانه عن الموضوعات. 1600/ 3790 - "الحُجَّاجُ وَالعُمَّارُ وَفْدُ اللَّه: يُعْطِيهِمْ مَا سَأَلُوا، وَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ مَا دَعَوا، وَيُخْلِفُ عَلَيْهِمْ مَا أَنْفَقُوا الدِّرهَمَ أَلْفَ أَلْفَ". (هب) عن أنس

قال الشارح: بإسناد لين. وقال في الكبير: فيه ثمامة البصرى، قال أبو حاتم: منكر الحديث، وفيه أيضًا محمد بن عبد اللَّه بن سليمان أورده الذهبى في الضعفاء وقال: قال ابن منده: مجهول. قلت: ومن يكون في سنده باعترافه راو منكر الحديث وآخر مجهول كيف يقرل عنه في الصغير سنده لين إن هذا لعجب، بل الحديث باطل موضوع لا أصل له عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولو كان الخبر صحيحًا لكان مخبره ظاهرًا واقعًا، والناس جلهم يحج، فلو كان كل من أنفق درهم في الحج أخلف له بألف ألف، لاغتنى العالم، ولكن القصاص والكذابين لا يفكرون فيما يكذبون. 1601/ 3793 - "الحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلا الجَنَّةَ". (طب) عن ابن عباس (حم) عن جابر قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه محمد بن ثابت وهو ضعيف اهـ. وقضية تصرف المصنف أن ذا لا يوجد في الصحيحين، وإلا لما ساغ له العدول عنه وهو ذهول، فقد رواه الشيخان باللفظ المزبور، وزادا عقبه: "والعمرة إلى العمرة تكفر ما بينهما" اهـ. بلفظه. قلت: الشيخان (¬1) روياه من حديث أبي هريرة بلفظ: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور. . . " الحديث. وقد ذكره المصنف كذلك في حرف العين وعزاه لمالك وأحمد والشيخين وأصحاب السنن الأريعة، فأعجب للشارح يقلب الحديث فيجعل أوله آخره ¬

_ (¬1) البخارى (3/ 2، رقم 1773)، ومسلم (2/ 983 رقم 1349/ 437)

وآخره أوله، ويقول أنه زاد عقب الحج ذو العمرة، والواقع أنه زاد ذكر الحج عقب العمرة، ويقول بعد ذلك: انتهى بلفظه، فيكذب على اللَّه وعلى رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، فانظر كم كبيرة ارتكبها، [وبعد] ذلك يصفه أهل التاريخ والتراجم بالفضل والزهد. ومن الغريب أيضًا أنه يحذف اسم الصحابى ويعزو الحديث إلى الصحيحين مع أن المذكور في المتن من حديث ابن عباس وجابر، والمخرج في الصحيحين من حديث أبي هريرة، ويقول البخارى في التاريخ الكبير: إن هذا الحديث لا يصح من حديث جابر، وإنما يصح من حديث أبي هريرة راجع [6/ 129]. وحديث جابر خرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 261]. 1602/ 3795 - "الحَجُّ وَالعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ، لا يَضُرُّكَ بِأَيهمَا بَدَأْتَ" (فر) عن جابر (ك) عن زيد بن ثابت زاد الشارح في الكبير: في كتاب الحج عن جابر، وقال: الصحيح موقوف، وقال الذهبى في التنقيح: هذا الحديث إسناده ساقط. قلت: أما قوله: رواه الديلمى في كتاب الحج فطرقه فاتت ابن الجوزى أن يذكرها في نوادر الحمقى والمغفلين، على أن شرحه الكبير كله من نوادر الحمقى والمغفلين، وما نقله عن الذهبى في التنقيح إلا مثله، فإنى لا أعرف للذهبى تنقيحًا، وإنما التنقيح لابن الجوزى، وما نقل عنه من أن سند الحديث ساقط ساقط، فإن الحديث له طرق متعددة، وبيان ذلك في كتب الأحكام، فلا نطيل بما هو مُيسرٌ لكل أحد أن يقف عليه. وحديث جابر خرجه الديلمى من طريق الحاكم [2/ 238، رقم 2577]، وهو عنده في كتاب علوم الحديث في النوع التاسع والعشرين [ص 127]، قال:

أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعرانى ثنا جدى ثنا عبد اللَّه بن صالح قال: أخبرنا ابن لهيعة عن محمد بن المنكدر عن جابر به. ولابن لهيعة فيه شيخ آخر، قال أبو عمر إسماعيل بن نجيد في جزئه: ثنا أبو بكر محمد بن نعيم ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن عطاء عن جابر به. وعلى هذا القول لابن لهيعة عن عطاء رواه البيهقى [4/ 351] من طريق جعفر الفريابى عن قتيبة. 1603/ 3797 - "الحجُّ جهادٌ، والعمرَةُ تطوع" (هـ) عن طلحة بن عبيد اللَّه (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الهيثمى: وفيه محمد بن الفضل بن عطية كذاب، وقال الذهبى في المهذب: متروك، وفي المطامح: فيه ماهان ضعيف، وقال ابن حبان وابن حجر: خرجه ابن ماجه عن طلحة وهو ضعيف، والبيهقى عن ابن عباس وقال: لا يصح من ذلك شيء. قلت: في هذا أوهام، الأول: ما نقله عن المطامح من أن فيه ماهان، فإن ماهان غير موجود لا في سند حديث طلحة ولا في سند حديث ابن عباس، وإنما روى عنه من وجوه أخرى مرسلًا. فحديث طلحة رواه ابن ماجه [2/ 995، رقم 2989] من طريق عمر ابن قيس: أخبرنى طلحة بن يحيى عن عمه إسحاق بن طلحة عن طلحة بن عبيد اللَّه به، وعمر بن قيس ضعيف والراوى عنه الحسن بن يحيى الخشنى ضعيف أيضًا. لكنه توبع عن عمر بن قيس إلا أن المتابع ذكره عن عمر بن قيس بسند آخر من حديث ميمونة، قال ابن أبي داود في المصاحف:

ثنا يعقوب بن عبد اللَّه بن أبي مخلد ثنا أبو منصور ثنا عمر بن قيس عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن عمه عن ميمونة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وحديث ابن عباس رواه الطبرانى [11/ 442، رقم 1225] وغيره من طريق محمد بن الفضل بن عطية عن سالم الأفطس عن ابن جبير عن ابن عباس به. فلا وجود لماهان في واحد من الطريقين. الثانى: أن ماهان هو أبو صالح الحنفى، وهو ثقة من رجال الصحيح، ما ضعفه أحد بشيء مطلقًا. الثالث: قوله: وقال ابن حبان وابن حجر: خرجه ابن ماجه، كلام معلوم فساده بالبداهة. الرابع: قوله عن البيهقى: وقال لا يصح من ذلك شيء، كلام باطل، بل هو من قول الحافظ، قاله عقب عزوه الحديث إلى البيهقى، أما مرسل أبي صالح الحنفى ماهان، فأخرجه البيهقى [4/ 348] من طريق الشافعى، ثم من رواية الثورى عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح الحنفى به. ورواه ابن أبو داود في المصاحف من طريق شعبة وسفيان عن معاوية به. ورواه أيضًا من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن معاوية بن إسحاق به. ورواه أيضًا من طريق حجاج: ثنا أبو عوانه عن معاوية بن إسحاق به. 1604/ 3800 - "الحَجَرُ الأَسْوَدُ مِن حِجَارَةِ الجَنَّةِ". سمويه عن أنس قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو عجيب فقد خرجه البيهقى في الشعب وكذا البزار والطبرانى في الأوسط.

قلت: ما هو بعجيب إلا من أمثال الشارح الذي يجعل من الحبة قبة ويستولد من الوهم وهمًا، ومن جعل الطبرانى والبيهقى أولى من سمويه في العزو إلا هذا المعاند الذي لولا وجود مجمع الزوائد لما عرف عن الحديث قليلًا أو كثيرًا، على أن المصنف قد عزاه قبل هذا لأحمد، وهو بلا شك أهم من غيره. وقد أخرجه أيضًا أبو أحمد الغطريفى في جزئه، قال: حدثنا أبو خليفة ثنا شاذ بن فياض ثنا عمر بن إبراهيم العبدى ثنا قتادة عن أنس به. 1605/ 3807 - "الحِدَّةُ تَعْتَرِى خِيَارَ أُمَّتِى". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: أورده ابن الجوزى في الواهيات، وقال: لا يصح وفيه آفات سلام الطويل متروك، والفضل بن عطية والبلاء فيه منه. قلت: سلام الطويل توبع عليه، قال أبو نعيم في التاريخ [2/ 61]: حدثنا أحمد بن إسحاق ثنا عبد اللَّه بن بندار الباطرقانى ثنا إسماعيل بن عمرو البجلى ثنا محمد بن الفضل بن عطية عن أبيه عن عطاء عن ابن عباس به. وإسماعيل بن عمرو البجلى ضعيف أيضًا وإن وثقه ابن حبان. وفي الباب عن أبي منصور الفارسى قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 7]: ثنا عبد اللَّه بن محمد بن محمد ثنا على بن محمد بن سعيد الثقفى ثنا أحمد ابن عبد اللَّه بن يونس ثنا على بن غراب عن ليث بن سعد عن ذويد مولى خريش عن أبي منصور الفارسى قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: الحدة تعترى خيار أمتى". وأخرجه أيضًا الحسن بن سفيان والبغوى وجماعة من وجوه ذكرها،

والاختلاف في أبي منصور، [قال] الحافظ في الإصابة [4/ 186]، وقال الدينورى في المجالسة: ثنا النضر ثنا محمد بن سلام قال: قال معاوية لأبى إدريس الخولانى: "يا أهل اليمن إن فيكم خلالا ما تخطئكم، قال: وما هي؟ قال: الجود والحدة وكثرة الأولاد، قال: أما ما ذكرت من الجود فذلك لمعرفتنا من اللَّه عز وجل بحسن الخلف، وأما الحدة فإن قلوبنا ملئت خيرًا فليس فيها للشر موضع، وأما كثرة الأولاد فإنا لسنا نعزل ذلك عن نسائنا، قال: صدقت لا يفضض اللَّه فاك". 1606/ 3811 - "الحَرَائِرُ صَلاحُ البَيْتِ، وَالإِمَاءُ فَسَادُ البَيْتِ". (فر) عن أبي هريرة قال الشارح: وضعفه السخاوى. قلت: السخاوى ما قال ضعيف، ولكن قال: فيه أحمد بن محمد بن عمر متروك، وكذبه أبو حاتم، وفيه يونس وهو مجهول، وهذا ليس حكمًا منه بالضعف، بل إخبار عن سند الحديث بمن فيه من الضعفاء. والحديث باطل موضوع، أخرجه الثعلبى والديلمى [2/ 261، رقم 2642] كلاهما من طريق أبي سهل اليمامى وهو أحمد بن محمد بن عمر بن يونس: ثنا أحمد بن يوسف العجلي ثنا يونس بن مرداس -خادم أنس- قال: كنت بين أنس وأبي هريرة فقال له أنس: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من أحب أن يلقى اللَّه طاهرًا مطهرًا فليتزوج الحرائر"، وقال أبو هريرة: سمعته يقول: "الحرائر صلاح البيت" وذكره. وهذا عندى لا يعدو تركيب أحمد اليمامى.

وحديث: "من أحب أن يلقى اللَّه طاهرًا" ورد من وجه آخر عن أنس عند ابن ماجه [1/ 598، رقم 1862]، ومن حديث على وابن عباس، وهو من رواية الوضاعين والكذابين. أيضًا أورده ابن الجوزى في الموضوعات [1/ 261]، وسيأتى للمصنف ذكر حديث أنس في حرف "من"، وكان هذا اليمامى أخذ ذلك منهم وركب له هذا الإسناد وزاد فيه ذكر "الحرائر صلاح البيت" واللَّه أعلم. 1607/ 3815 - "الحَزْمُ سُوءُ الظَّنِّ". أبو الشيخ في الثواب عن على القضاعى عن عبد الرحمن بن عائد قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير: قال العامرى في شرحه: صحيح، وأقول: فيه على بن الحسين بن بندار قال الذهبى في ذيل الضعفاء: اتهمه ابن طاهر أي بالوضع، وبقية وقد مر ضعفه، والوليد بن كامل قال في الميزان: ضعفه أبو حاتم والأزردى، وقال البخارى: عنده عجائب وساق هذا منها. قلت: وهم المصنف في عزو هذا الحديث إلى أبي الشيخ عن على مرفوعًا، وهو إنما رواه عنه موقوفًا عليه. أما الشارح فوهم في هذا عدة أوهام، الأول: أنه استدرك كون الديلمى خرجه أيضًا من حديث على وأطلق، مع أن الديلمى إنما خرجه من طريق أبي الشيخ. الثانى: أنه عزاه له مرفوعًا مع أنه خرجه موقوفًا، ونص على وقفه عقب إسناده فقال: موقوف. وفي الباب عن عبد الرحمن بن عائذ.

والشارح دائمًا يتعقب المصنف بالباطل والوهم على ما هو صواب، فلما جاء ذكر الوهم أقره على ذلك رغمًا عن كون الديلمى صرح بالوقف. الثالث: أنه قال في الصغير: بإسناد حسن، مع أن كلا من السندين ضعيف، ففي سند حديثه على: جابر الجعفى وغيره، وفي سند حديث عبد الرحمن بن عائذ: جماعة من الضعفاء كما ذكره الشارح نفسه في الكبير، ثم بعد ذلك قال: إنه حسن. الرابع: أنه نقل عن العامرى تصحيحه مع وجود جماعة من الضعفاء فيه، فما نسبه إلى قصوره تقصير مع أن العامرى جاهل أحمق يقدم على تصحيح الأحاديث الضعيفة والموضوعة بمجرد رأيه وهواه، وليس عنده في الدنيا حديث ضعيف أصلًا. الخامس: قال عن على بن الحسين بن بندار: ذكره الذهبى في ذيل الضعفاء، وهذا تدليس وإيهام مع أنه ذكره في الميزان. السادس: أن الحديث مرسل كما نص عليه جماعة، وذكره الذهبى في الميزان عقب الحديث، وعبد الرحمن بن عائذ مختلف في جرحه وتوثيقه، وقد ذكره الذهبى في الميزان. 1608/ 3817 - "الحَسَدُ يَأَكُلُ الحَسَنَات كَمَا تأكُلُ النَّارُ الحَطَب، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وَالصَّلاةُ نُورُ المُؤْمِنِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ". (هـ) عن أنس قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف، وقال البخارى: لا يصح، لكنه في بغداد بسند حسن. قلت: للحديث عن أنس ثلاثة طرق، الأول: من رواية عيسى بن أبي عيسى

الحناط وهو ضعيف متروك، واختلف عليه فيه فقيل: عنه عن أبي الزناد عن أنس. كذلك أخرجه ابن ماجه [2/ 1408، رقم 4210] من رواية ابن أبي فديك عنه، وقيل: عنه عن الشعبى عن أنس. كذلك أخرجه أبو الشيخ في التوبيخ [ص 93/ رقم 60] من رواية ابن أبي فديك أيضًا عنه. الطريق الثانى: من رواية يزيد الرقاشى وهو ضعيف أيضًا، واختلف عليه فيه، فقيل: عنه عن أنس. كذلك أخرجه أبو الشيخ في التوبيخ [91/ رقم 59]، والخطيب في الكفاية من رواية واقد بن سلامة عنه عن أنس، وقيل عنه عن الحسن مرسلًا. كذلك أخرجه أبو الشيخ [104/ رقم 73] أيضًا، وأبو الليث في التنبية كلاهما عن رواية الأعمش عنه عن الحسن مرسلًا. الطريق الثالث: من رواية قتادة عنه، أخرجه الخطيب في التاريخ [2/ 227] عن طريق الحسن بن موسى الأشيب: ثنا أبو هلال عن قتادة به. 1609/ 3818 - "الحَسَدُ في اثْنَتَينِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّه القُرْآنَ فَقَامَ بِهِ وَأَحَلَّ حَلالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّه مَالًا فَوَصَلَ بِهِ أَقْرِبَاءَهُ وَرَحِمَةُ وَعَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّه تَمنَّى أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ". ابن عساكر عن ابن عمر قال في الكبير: وفيه روح بن صلاح ضعفه ابن عدى وقواه غيره، وخرجه الجماعة كلهم بتفاوت قليل، ولفظهم: "لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه اللَّه القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ررجل آتاه اللَّه مالًا فهو ينفق منه

آناء الليل والنهار". قلت: في هذا وهمان، أحدهما: أن الحديث لم يخرجه الجماعة كلهم، إنما أخرجه البخارى [9/ 189، رقم 7528] ومسلم [1/ 559، رقم 816/ 368] وابن ماجه [2/ 1408، رقم 4209]. ثانيهما: أن المذكورين لم يخرجوه من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، إنما أخرجوه من حديث عبد اللَّه بن مسعود، وأخرجه البخارى [6/ 236، رقم 5025] ومسلم [1/ 558، رقم 815/ 266/ 267] من حديث عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، وانفرد البخارى [6/ 236، رقم 5026] به من حديث أبي هريرة. ورواه الطحاوى في مشكل الآثار من حديث هؤلاء الثلاثة، ومن حديث أبي سعيد الخدرى (¬1). أما حديث عبد اللَّه بن عمرو المذكور هنا فأخرجه أيضًا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد جزء من حديثه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجى ثنا روح بن صلاح المصرى ثنا موسى بن عدى بن رباح عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص به مثل اللفظ المذكور هنا، وزاد: "ومن تكن فيه أربع خصال فلا يضره ما زوى عنه من الدنيا: حسن خليقة، وعفاف، وصدق حديث، وحفظ أمانة"، ومن طريق بن نجيد أسنده الذهبى في التذكرة في ترجمة البوشنجى شيخ ابن نجيد، وفي الميزان [2/ 158] في ترجمة روح بن الصلاح. 1610/ 3823 - "الحَسَنُ مِنِّى، وَالحُسَيْنُ مِن عَلى". (حم) وابن عساكر عن المقدام بن معد يكرب ¬

_ (¬1) الطحاوى عن ابن عمر (1/ 400، 401، أرقام: 459، 460، 461)، عن ابن مسعود (1/ 400، رقم 458)، وعن أبي هريرة (1/ 401، رقم 462)، وعن أبو سعيد (1/ 402، رقم 463).

قلت: أخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة، وجواهر العلم قال: حدثنا يحيى بن أبي طالب ثنا الليث بن سعد أبو منصور ثنا محمد بن مصفى الحمصى أبو عبد اللَّه عن بقية بن الوليد عن بحير بن سعيد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معد يكرب به. 1611/ 3825 - "الحَقُّ أَصْلٌ في الجَنَّةِ، وَالبَاطِلُ أَصْلٌ فِي النَّارِ". (تخ) عن عمر قلت: سكت عنه الشارح، ورمز له المصنف بعلامة الضعيف على ما في النسخة المطبوعة، وأنا لم أر أحدا من رجاله في الضعفاء، ثم إن هذا اللفظ وقع عند البخارى في التاريخ أثناء حديث عمر الذي خطب به في الجابية. قال البخارى في التاريخ [7/ 313]: ثنا عمرو بن خالد ثنا مجاهد بن سعيد بن أبي زينب الأصبحى لقيته بالجزيرة من أهلها حدثنى عبد اللَّه بن مالك بن إبراهيم بن الأشتر النخعى عن أبيه عن جده قال: قام عمر عند باب الجابية وذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن يد اللَّه على الجماعة وأبعد مع الشيطان، والحق أصل في الجنة، والباطل أصل في النار، وإن أصحابى خياركم فكرموهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب والهرج". 1612/ 3826 - "الحَقُّ بَعْدىِ مَعَ عُمَرَ (¬1) ". الحكيم عن الفضل بن العباس قال في الكبير: فيه القاسم بن يزيد، قال في الميزان عن العقيلى: حديث منكر، ثم ساق هذا الخبر مما أنكر عليه. قلت: هذا الحديث قطعة من حديث طويل يرويه بعضهم بتمامه، وبعضهم ¬

_ (¬1) في النسخة المطبوعة من فيض القدير "الحق من بعدى مع عمر حيث كان".

يروى جملًا منه، وهذه الجملة رواها البخارى في التاريخ الكبير [7/ 114] أيضًا عن الحميدى: ثنا معن قال: حدثنى الحارث بن عبد الملك بن إياس عن القاسم بن يزيد بن قسيط عن أبيه عن عطاء عن عبد اللَّه بن عباس عن الفضل بن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الحق بعدى مع عمر حيث كان". ورواه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 170، رقم 246] من طريق حسين ابن الفرج عن معن بن عيسى القزاز به، فذكر قطعة منه وهى "فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة. . . ". وكذلك رواه البندهى وأبو بكر الشافعى في الغيلانيات عن طريق على بن المدينى عن معن بن عيسى. ورواه البيهقى في السنن [6/ 74] عن طريق موسى بن إسماعيل أبي عمران الجبلى عن معن بن عيسى باللفظ الذي ذكره القضاعى. ورواه العقيلى [3/ 482، 483] عن طريق على بن المدينى وعبد الرحمن ابن يعقوب القلزمى قالا: حدثنا معن بن عيسى به مطولًا عن الفضل بن عباس قال: "جاءنى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فخرجت إليه فوجدته موعوكًا قد عصب رأسه فأخذ بيدى وأخذت بيده، فأقبل حتى جلس على المنبر ثم قال: ناد في الناس، فصحت في الناس فاجتمعوا، فقال: "أما بعد أيها الناس فإنى أحمد اللَّه الذي لا إله إلا هو وإنه قد دنا منى خلوف بين أظهركم، فمن كنت جلدت له ظهرًا فهذا ظهرى فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضًا فهذا عرضى فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالًا فهذا مالى فليأخذ منه ولا يقولن رجل: إنى أخشى الشحناء من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أن قال: ثم نزل فصلى الظهر ثم رجع إلى المنبر فأعاد بعض مقالته، فقام رجل فقال: عندى ثلاثة دراهم غللتها في

سبيل اللَّه، قال: فلم غللتها؟ قال: كنت محتاجًا، قال: خذها منه يا فضل، وقام آخر فقال: إن لى عندك يا نبي اللَّه ثلاثة دراهم، قال: أما إنا لا نكذب قائلًا ولا نستحلفه أعطه يا فضل، فقام رجل فقال يا رسول اللَّه: إنى لكذاب وإنى لفاحش وإنى لنؤوم فقال: اللهم ارزقه صدقًا، وأذهب عنه من النوم، ثم قام آخر فقال: إنى لكذاب، وإنى لمنافق وما شيء إلا قد جنيته، فقال عمر: فضحت نفسك، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، اللهم ارزقه صدقًا وإيمانًا وصيِّر أمره إلى خير، فقال عمر كلمة فضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال: عمر معى وأنا مع عمر، والحق بعدى مع عمر حيث كان". قال على بن المدينى: هو عندى عطاء بن يسار، وأخاف أن يكون عطاء الخراسانى، لأنه يرسل عن ابن عباس، فقال الذهبى: بل أخاف أن يكون كذبًا مختلقًا. قلت: هو كذب بلا خوف، وعطاء ليس هو ابن يسار ولا الخراسانى كما ظن ابن المدينى، بل هو عطاء بن أبي رباح، كما صرح به الترمذى في الشمائل، فإنه رواه من طريق محمد بن المبارك [ص 121، رقم 137]: ثنا عطاء بن مسلم الخفاف ثنا جعفر بن برقان عن عطاء بن أبي رباح عن الفضل بن عباس دون ذكر عبد اللَّه بن عباس، قال: "دخلت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مرضه الذي توفى فيه وعلى رأسه عصابة صفراء فسلمت عليه فقال: يا فضل، قلت: لبيك يا رسول اللَّه قال: اشدد بهذه العصابة رأسى ففعلت، قال: ثم قعد فرضع كفه على منكبى، ثم قام فدخل المسجد". قال الترمذى: وفي هذا الحديث قصة. ورواه ابن سعد في الطبقات من هذا الوجه عن كثير بن هشام عن جعفر بن برقان، قال [2/ 196]:

حدثنى رجل من أهل مكة قال: دخل الفضل بن عباس على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. فذكره مطولًا إلا أن فيه مخالفة للسياق الذي ذكرناه من رواية على بن المدينى عن معن بن عيسى القزاز. وبالجملة فالحديث بهذه القصة الطويلة المنكرة باطل لا أصل له، وهو مضطرب المتن والإسناد، ولا أدرى من أين دخل الدخيل فيه واللَّه أعلم. 1613/ 3827 - "الحِكْمَة تَزِيدُ الشَّرِيفَ شَرَفًا، وَتَرْفَعُ العَبْدَ المَمْلُوكَ حَتَّى تُجْلِسَهُ مَجَالِسَ المُلُوكِ". (عد. حل) عن أنس قال في الكبير: قال العراقى: سنده ضعيف، وقال العسكرى: ليس هذا من كلام رسول اللَّه، بل من كلام الحسن أو أنس. قلت: علة الحديث صالح بن بشر المرى، فإنهما أخرجاه من طريقه، وكذلك أخرجه من طريقه ابن عبد البر في العلم وابن حبان في الضعفاء [1/ 369] وقال في المرى: كان من عباد أهل البصرة وقرائهم غلب عليه الخير والصلاح حتى غفل عن الإتقان في الحفظ أصلًا وكان يروى الشيء الذي سمعه من ثابت والحسن وهؤلاء على التوهم، فيجعله عن أنس عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فظهر في روايته الموضوعات التي يرويها عن الأثبات، فاستحق الترك عند الاحتجاج، كان يحيى بن معين شديد الحمل عليه ثم ذكر له أحاديث منها هذا، قال فيه: أخبرنا محمد بن المسيب ثنا يوسف بن سعيد بن مسلم ثنا عمرو بن حمزة ثنا صالح المرى قال: سمعت الحسن يحدث عن أنس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره بزيادة "إن" في أوله، وما ذكره عن صالح المرى من رفعه لما يسمعه من ثابت والحسن والجماعة يؤيد ما نقله الشارح عن العسكرى.

لكنى وجدته عن ابن عباص من قوله، وذلك في السابع من النوادر والنتف لأبي الشيخ قال: حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن الفضل ثنا أبو حاتم ثنا العلاء بن عمرو ثنا ابن أبي زائدة عن أبي خلدة عن أبي العالية قال: كنت آتى ابن عباس فيرفعنى على السرير فتغامزنى قريش وهم أسفل السرير تقول: هذا المولى على السرير ففطن لهم ابن عباس فقال: إن هذا العلم يزيد الشريف شرفًا، ويحمل العبيد على الأسرة. ولما أخرج ابن عبد البر حديث الباب قال عقبه: أخذه الشاعر فقال: العلم ينهض بالخسيس إلى العلا ... والجهل يقعد بالغنى المنسوب 1614/ 3828 - "الحكمةُ عشرةُ أجزاءٍ: تسعةٌ منها في العزلةِ، وواحدةٌ في الصمتِ" (عد) وابن لال عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الذهبى في الزهد: إسناده واه. قلت: أخرجه أيضًا البيهقى في الزهد [ص 126، رقم 128] من طريق ابن عدى: ثنا محمد بن أحمد بن هلال ثنا محمد بن محمد أبو بكر السالمى ثنا سليمان ابن عبد الملك عن عمه محرز بن هارون عن الأعرج عن أبي هريرة به مرفوعًا، ثم قال البيهقى: إسناده ضعيف ومتنه مرفوع منكر. وأخرجه الديلمى في مسند الفردوس [2/ 244، رقم 2593] من طريق ابن لال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن يزيد ثنا محمد بن أحمد السطوى ثنا أبو بكر السالمى به، ومحرز بن هارون منكر الحديث، وقد حسن له الترمذى.

1615/ 3829 - "الحَلِفُ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ". (تخ. ك) عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه البيهقى، وقال الذهبى في المهذب: ضعيف. قلت: أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة [10/ 62، رقم 5697] وابن ماجه [1/ 680، رقم 2103]، إلا إنه وقع عنده بزيادة "إنما" في أوله، والعسكرى في الأمثال والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 179، رقم 260] وابن بطة في الحيل، ووقع في سنده اختلاف بينته في المستخرج على مسند الشهاب. 1616/ 3831 - "الحَلِيمُ سيِّدٌ في الدُّنْيَا، وَسَيِّدٌ في الآخِرَةِ". (خط) عن أنس قلت: لفظ الحديث في تاريخ الخطيب [1/ 311]: "الحليم رشيد في الدنيا، رشيد في الآخرة"، وكذلك هو في مسند الفردوس للديلمى من طريق الخطيب، فكأن الأصل الذي وقف عليه المؤلف وقع فيه "سيد" بدل "رشيد"، أو هو سبق قلم منه، وفي سند الحديث من ذكر الشارح. 1617/ 3834 - "الحَمْدُ للَّه، دَفْنُ البَنَاتِ مِنَ المَكْرُمَاتِ". (طب) عن ابن عباس قاله في الكبير: قال الهيثمى: فيه عثمان بن عطاء الخراسانى، وهو ضعيف، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات، وتبعه المؤلف في مختصره ساكتًا عليه، قال ابن الجوزى: سمعت شيخنا الأنماطى الحافظ يحلف باللَّه ما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من هذا شيئًا قط، وقال الخليلى في الإرشاد: رواه بعض الكذابين من حديث جابر، وإنما يروى عن عطاء الخراسانى عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا، وعطاء متروك.

قلت: في هذا أمران، أحدهما: أن المؤلف لم يسكت على حكم ابن الجورى بالوضع، بل رده في التعقبات المفردة، فقال: أورده ابن الجوزى من حديث ابن عباس، وقال: فيه عراك بن خالد مضطرب الحديث، ليس بالقوى عن عثمان بن عطاء عن أبيه وهما ضعيفان، وتابعه محمد بن عبد الرحمن بن طلحة القرشى عن عطاء وهو ضعيف، ومن حديث ابن عمر وقال: فيه حميد يحدث عن الثقات بالمناكير. قلت: وليس في شيء مما ذكر ما يقتضى الوضع، أما عراك فهو إن ضعفه أبو حاتم بما ذكر، فقد قال فيه صاحب الميزان: إنه معروف حسن الحديث، وأما عثمان بن عطاء فأخرج له ابن ماجه، ووثقه أبو حاتم فقال: يكتب حديثه، ودحيم فقال: لا بأس به، ومن ضعفه لم يجرحه بكذب، وأما أبوه فالجمهور على توثيقه وخرج له في البخارى اهـ. فالمؤلف ما سكت عليه، وكان الشارح انتهز فرصة كونه ذكره في التعقبات المفردة فأراد أن يظهر أنه لم ير ذلك حتى يتمشى معه الحال الذي يدندن حوله. ثانيهما: أن النقل الذي نقله عن الخليلى حرفه الشارح بل مسخه، فالخليلى قال: إنما يروى عن عثمان بن عطاء الخراسانى عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا، وابن عطاء متروك اهـ. فجعل الشارح أنه من رواية عطاء عن أبيه، وأن عطاء متروك، مع أن عطاء لم يقل أحد [فيه] متروك، ولا هو يروى عن أبيه والنقل المذكور عن الخليلى ذكره السخاوى في المقاصد الحسنة على الصواب فنقله منه الشارح ومسخه على عادته. والحديث خرجه جماعة كما ذكرته في المستخرج على مسند الشهاب، وسيأتى للمصنف في حرف الدال أيضًا.

1618/ 3835 - "الحَمْدُ رَأْسُ الشُّكْرِ، مَا شَكَرَ اللَّهَ عَبْدٌ لا يَحْمَدُهُ". (عب. هب) عن عبد اللَّه بن عمرو قال في الكبير: قال المصف في شرح التقريب: رواه الخطابى في غريبه والديلمى في مسند الفردوس بسند رجاله ثقات لكنه منقطع، وفي حاشية القاضى منقطع بين قتادة وابن عمرو. قلت: الحديث رواه أيضًا الحكيم في نوادر الأصول في الأصل الثالث والخمسين ومائة [2/ 14] (¬1)، والبغوى في التفسير آخر سورة الإسراء [5/ 139] وكل هؤلاء رووه من طريق عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن قتادة. أما الحكيم فرقع عنده عن ابن عمرو، وأما البغوى فقال: عن قتادة أن عبد اللَّه بن عمرو. وأما الديلمى فوقع عنده [2/ 248، رقم 2607] عن قتادة عن (ثم بياض) ثم عن ابن عمرو، كذا في زهر الفردوس للحافظ. 1619/ 3836 - "الحَمْدُ عَلَى النِّعْمَةِ أَمَانٌ لِزَوَالِهَا". (فر) عن عمر قلت: في بعض النسخ المطبوعة رمز لهذا الحديث بعلامة الحسن وذلك بعيد، فإنه من رواية محمد بن الحسن النقاش. ثنا الحسين بن منصور بن أحمد ثنا يزيد بن سليمان ثنا بكير بن مسعدة عن عاصم بن مرة عن أبي سعد عن عمر بن الخطاب به، ومحمد بن الحسن النقاش متهم بالكذب، وأبو سعد لا أدرى من هو الآن فيجب الكشف عنه. ¬

_ (¬1) وهو في الأصل الثانى والخمسين ومائة.

1620/ 3837 - "الحُمْرَةُ مِنْ زِينَةِ الشَّيْطَانِ". (عب) عن الحسن مرسلا قال في الكبير: وخرجه عنه أيضًا ابن أبي شيبة، قال في الفتح: ووصله ابن السكن. قلت: هذا كلام غير مفيد لأنه مبتدأ بدون خبر، فكان الواجب ذكر صحابيه الذي أوصله ابن السكن من طريقه فكيف والحافظ ذكر مع ذلك كلامًا يتعلق بالحديث كان من اللائق ذكره لما فيه من الفوائد فاسمعه بنصه [10/ 306]: وأخرج ابن أبي شيبة من مرسل الحسن: "الحمرة من زينة الشيطان" والشيطان يحب الحمرة"، ووصله أبو على بن السكن وأبو أحمد بن عدى [3/ 325] ومن طريقه البيهقى في الشعب من رواية أبي بكر الهذلى، وهو ضعيف عن الحسن عن رافع بن يزيد الثقفى رفعه: "إن الشيطان يحب الحمرة وإياكم والحمرة وكل ثوب ذى شهرة". وأخرجه ابن منده وأدخل في رواية له بين الحسن ورافع رجلًا (¬1)، فالحديث ضعيف، وبالغ الجوزقانى فقال: إنه باطل، وقد وقفت على كتاب الجوزقانى المذكور وترجمه بالأباطيل، وهو بخط ابن الجوزى، وقد تبعه على ما ذكر في أكثر كتابه في الموضوعات لكنه لم يوافقه على هذا الحديث، فإنه ما ذكره في الموضوعات فأصاب اهـ. قلت: وأسنده الذهبى في التذكرة من طريق ابن منده قال: أنبأنا أحمد بن سليمان بن أيوب ثنا أبو زرعة ثنا يحيى الوحاظى ثنا سعيد بن بشير ثنا قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن يزيد بن رافع قال: "قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إياكم والحمرة فإنها أحب الزينة إلى الشيطان"، ثم قال ابن منده: عبد الرحمن هذا مختلف في صحبته اهـ. فصحابى الحديث عبد الرحمن بن يزيد لا رافع بن يزيد، وقد ذكره الحافظ ¬

_ (¬1) في الأصل: "رجلا رجلا" بالتكرار

في الإصابة وقال [2/ 425]: عبد الرحمن بن يزيد بن رافع أو راشد، روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "إياكم والحمرة فإنها من أحب زينة الشيطان" أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده من طريق يحيى بن صالح الوحاظى، ومحمد ابن عثمان كلاهما عن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن البصرى، فسمى جده رافعًا، وسعيد بن بشير ضعيف. وأخرجه ابن أبي عاصم من طريقه محمد بن بلال عن سعيد بهذا الإسناد فسمى جده راشد (¬1). وكذا أخرجه ابن منده من طريق الوحاظى، وقال: مختلف في صحبته، ولم يتردد في اسم جده، وكذا قال أبو نعيم وتردد في اسم جده في اختلاف الروايتين المذكورتين. واختلف فيه على سعيد بن بشير اختلافًا ثانيًا، أخرجه الطبرانى في المعجم الكبير [18/ 148، رقم 318] من طريق بكر بن محمد عنه فقال: عن عمران بن حصين بدل عبد الرحمن وأخرجه من وجه آخر [18/ 148، رقم 317] عن عمران اهـ. وقال أيضًا في ترجمة رافع بن يزيد الثقفى: قال ابن السكن: لم يذكر في حديثه سماعًا ولا رواية، ولست أدرى أهو صحابى أم لا، ولم أجد له ذكرًا إلا في هذا الحديث، وروى هو وأبو أحمد بن عدى من طريق أبي بكر الهذلى عن الحسن عن رافع بن يزيد، فذكر مثل ما سبق عنه في الفتح، ثم قال: قال ابن منده: رواه سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن يزيد عن رافع نحوه. وقال الجوزقانى في كتاب الأباطيل: هذا حديث باطل وإسناده منقطع، كذا قال، وقوله باطل مردود، فإن أبا بكر الهذلى لم يوصف بالوضع، وقد ¬

_ (¬1) انظر الآحاد والمثانى (5/ 264، رقم 2789).

وافقه سعيد بن بشير وإن زاد في السند رجلًا فغايته أن المتن ضعيف، أما حكمه عليه بالوضع فمردود اهـ. قلت: الحافظ رحمه اللَّه تعالى لم يجمع بين أطراف هذه المسألة، ولم يمعن النظر فيها، وغاب عليه في الفتح وفي ترجمة رافع بن يزيد من الإصابة ما كتبه في ترجمة عبد الرحمن بن يزيد بن رافع، فادعى أنه وقع في بعض الطرق زيادة راو هو عبد الرحمن بن بزيد بين رافع وبين الحسن، والواقع أن لفظ "ابن" تحرف بـ "عن"، فجاء منه توهم زيادة رجل في الإسناد، والحديث إنما هو عن الحسن عن عبد الرحمن بن يزيد بن رافع. وأما من قال عن الحسن عن رافع بن يزيد فقد نسى فأسقط ذكر عبد الرحمن، وقلب ما بعده فجعله رافع بن يزيد، وإنما هو يزيد بن رافع والد عبد الرحمن، والحافظ لم يتنبه لهذا وإلا لذكر رافعًا في القسم الرابع دون الأول واللَّه أعلم. 1621/ 3839 - "الحُمَّى كِيرٌ مِنْ جَهَنَّمَ فَمَا أَصَابَ المُؤْمِنَ مِنْهَا كَانَ حَظُّهُ مِنَ النَّارِ". (حم) عن أبي أمامة قال في الكبير: قال المنذرى: إسناد أحمد لا بأس به، وقال الهيثمى: فيه أبو الحصين الفلسطينى، ولم أر له راويًا غير محمد بن مطرف. قلت: وقد اختلف في إسناده، فرواه أحمد عن يزيد بن هارون [5/ 264]: أنبأنا محمد بن مطرف عن أبي الحصين عن أبي صالح الأشعرى عن أبي أمامة به. ورواه الطحاوى في مشكل الآثار عن على بن معبد عن يزيد بن هارون، فقال: أنا ابن عيينة عن محمد بن مطرف الليثى عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي موسى الأشعرى به.

1622/ 3841 - "الحُمَّى كِيرٌ من جَهَنَّمَ وَهِى نَصِيبُ المُؤْمِن مِنَ النَّارِ". (طب) عن أبي ريحانة قال في الكبير: قال الهيثمى كالمنذرى: فيه شهر بن حوشب وفيه كلام معروف، وقال ابن طاهر: إسناده فيه جماعة ضعفاء. قلت: أما المنقول عن المنذرى والهيثمى فصحيح، وأما المنقول عن ابن طاهر فباطل فإن سند الحديث ليس فيه إلا شهر بن حوشب. وقد أخرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير [7/ 63]، والطحاوى في مشكل الآثار [5/ 469، رقم 2217]، والبيهقى في شعب الإيمان [7/ 162، رقم 9846] من طريق مسلم بن إبراهيم: ثنا عصمة بن سالم الهنانى ثنا الأشعث بن جابر الحدائى عن شهر بن حوشب عن أبي ريحانة به. وابن طاهر إنما له الكلام على أحاديث الشهاب للقضاعى والقضاعى لم يخرج هذا الحديث إنما خرج حديث ابن مسعود مرفوعًا [1/ 71، رقم 62] "الحمى حظ كل مؤمن من النار، وحمى ليلة تكفر خطايا سنة مجرمة". رواه من طريق صالح بن أحمد الهروى: ثنا أحمد بن راشد الهلالي ثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسى عن الحسن بن صالح عن الحسن بن عمرو عن إبراهيم عن الأسود عن عبد اللَّه بن مسعود به فهذا السند هو الذي فيه جماعة من الضعفاء: صالح بن أحمد، قال الحاكم: أبو أحمد فيه. وأحهمد بن راشد، قال الذهبى: أتى بخبر باطل، وذكره ابن حبان في الثقات.

والحسن بن صالح، تركه يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدى. فهذا هو الذي يقصده ابن طاهر، لا حديث أبي ريحانة. 1623/ 3848 - "الحُمَّى حَظُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنَ النَّارِ، وَحُمَّى لَيلَةٍ تُكَفِّرُ خَطَايَا سَنَةٍ مُجَرَّمَةٍ". القضاعى عن ابن مسعود قال الشارح: بإسناد ضعيف ووهم من صححه. قلت: يريد بمن صححه العامرى شارح الشهاب كما صرح به في الكبير، والعامرى ساقط عن درجة الاعتبار لا يعتبره إلا جاهل بالفن. والحديث فيه جماعة ضعفاء كما ذكرته قريبًا في حديث أبي ريحانة. 1624/ 3849 - "الحُمَّى شَهَادَة". (فر) عن أنس قال في الكبير: فيه الوليد بن محمد المرقرى، قال الذهبى في الضعفاء: كذبه يحيى اهـ. ورواه الخطيب أيضًا في التاريخ. قلت: الخطيب ما خرجه أصلًا بل عزوه إليه وهم من أوهام الشارح، والسند فيه من هو شر من الوليد بن محمد وهو الراوى عنه، قال الديلمى: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو منصور عبد الرزاق أخبرنا أبو محمد بن حيان أخبرنا ابن أبي عاصم ثنا أبو أيوب الخبائرى ثنا موسى بن محمد ثنا الوليد بن محمد الموقرى عن الزهرى عن أنس به. 1625/ 3851 - "الحَوَامِيمُ دِيَباجُ القُرآنِ". أبو الشيخ في الثواب عن أنس، (ك) عن ابن مسعود موقوفًا قلت: حديث أنس أخرجه الديلمى عن الحداد عن أبي نعيم

عن أبي الشيخ قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام ثنا إبراهيم بن سليمان الجزار ثنا عثمان المرى ثنا عبد القدوس بن حبيب عن الحسن عن أنس به، وعبد القدوس بن حبيب مجمع على تركه، بل قال ابن المبارك: كذاب. 1626/ 3852 - "الحَوَامِيمُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ". ابن مردويه عن سمرة قال في الكبير: ورواه عنه الديلمى، فما أوهمه عدول المصنف لابن مردويه من أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز عجيب. قلت: ابن مردويه أقدم من الديلمى وكتابه أصح من كتاب الديلمى، وهو أجل من الديلمى، والعزو إليه مقدم عند أهل الحديث على العزو إلى الديلمى، بل لا يعزو أهل الحديث إلى الديلمى إلا ما لا يجدون له مخرجًا غيره، لأن جل أحاديثه أباطيل ومنكرات وغرائب لا تقوم بها حجة في حكم ولا أدب. والحديث رواه الديلمى [2/ 260، رقم 2638] من طريق عبد الصمد بن على الطبسى: ثنا أبو سهل السرى بن سهل ثنا عبد اللَّه بن رشيد ثنا مجاعة بن الزبير عن أبان عن سعيد بن أبي الحسن عن سمرة به. 1627/ 3854 - "الحُورُ العِينُ خُلِقنَ مِنَ الزَّعفَرَانِ". ابن مردويه (خط) عن أنس قال في الكبير: فيه الحارث بن خليفة، قال الذهبى في الذيل: مجهول، وقال ابن القيم: وقفه أشه بالصواب.

قلت: الشارح ينوع الأسماء في كتب الذهبى فتارة ينقل عن الضعفاء وتارة عن الميزان وتارة عن الذيل، والكل في الميزان، والحارث مذكور فيه [1/ 433]، وما ذكر في الأصل لا يذكر في الذيل إذ لا يكون حينئذ ذيلًا. والحديث لو ورد موقوفًا لكان حكمه الرنع إذ لا يدرك ما فيه بطريق الرأى والاجتهاد، فكيف يروى مرفوعًا؛ ويقول ابن القيم: الأشبه وقفه، فهذا باطل، وما أرى النقل عن ابن القيم إلا من أوهام الشارح فليراجع. والحديث ورد من وجه آخر من حديث أبي أمامة، قرأت في فوائد العراقيين لأبى سعيد النقاش: حدثنا أبو بكر الشافعى محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم ثنا محمد بن غالب بن حرب حدثنى يحيى بن إسماعيل الواسطى ثنا عبد السلام بن حرب عن مطرح ابن يزيد عن عبيد اللَّه بن زفر عن على بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "حور خلقن من زعفران". 1628/ 3857 - "الحَلالُ بَيْنٌ، وَالحَرَامُ بَيْنٌ، فَدَعْ مَا يُرِيبُكَ إلى مَا لا يُرِيبُكَ". (طس) عن عمر قال في الكبير: قال الهيثمى في موضع: إسناده حسن، وقال في موضع آخر فيه: فيه أحمد بن شبيب، قال الأزدى: منكر الحديث، وتعقبه الذهبى بأن أبا حاتم وثقه. قلت: الحديث من رواية عبد اللَّه بن عمر لا من حديث عمر، والهيثمى لم يقل ما نقله عنه الشارح في الموضع الثانى ولا يقوله، لأن الطبرانى لم يخرج الحديث من طريق أحمد بن شبيب وإنما رأى الشارح ذلك في ترجمته من

الميزان ونسبه إلى الهيثمى فيما أرى. قال الطبرانى في الصغير [1/ 41، رقم 32]: حدثنا أحمد بن محمد الشافعى المكى ابن بنت محمد بن إدريس الشافعى ثنا عمى إبراهيم بن محمد الشافعى ثنا عبد اللَّه بن رجاء المكى عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر به، ثم قال: لم يروه عن عبيد اللَّه بن عمر إلا عبد اللَّه بن رجاء. وقد رواه أيضًا عبد اللَّه بن رجاء عن عبد اللَّه بن عمر -يعنى المكبر- يريد أن عبد اللَّه بن رجاء سمعه منهما معًا، لكن أبا حاتم وغيره يجعل الصحيح أنه عن عبد اللَّه بن عمر المكبر وأنه عن عبيد اللَّه المصغر غير صواب، فقد قال ابن أبي حاتم في العلل [2/ 142]: سمعت أبي وحدثنا عن أحمد بن شبيب بن سعيد عن عبد اللَّه بن رجاء عن عبيد اللَّه بن عمر به. قال أبو حاتم ثم كتب الينا أحمد بن شبيب: اجعلوا هذا الحديث عن عبد اللَّه بن عمر. وهكذا قال أبو زرعة أيضًا، فقد نقل عنه ابن أبي حاتم في موضع آخر من العلل أنه قال: حدثنا به أحمد بن شبيب من حفظه، ثم رجع فقال: عن عبد اللَّه بن عمر، وهو الصحيح اهـ. وقال البيهقى في الزهد [ص 339، رقم 1861]: أنا على بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد ثنا عبيد بن شريك ثنا إبراهيم ابن محمد الشافعى ثنا عبد اللَّه بن رجاء عن عبد اللَّه بن عمر (ح) وأنا أبو على الروذبارى ثنا الحسين بن الحسن بن أيوب ثنا أبو حاتم الرازى ثنا الشافعى وهو إبراهيم بن محمد وأحمد بن شبيب بن سعيد قالا: حدثنا

عبد اللَّه بن رجاء عن عبد اللَّه بن عمر به، وهو المكبر. ثم قال البيهقى: وأنا على بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد ثنا محمد بن غالب ثنا أحمد ابن شبيب بن سعيد المصرى ثنا عبد اللَّه بن رجاء عن عبيد اللَّه بن عمر المصغر. ثم قال: تفرد به عبد اللَّه بن رجاء المكى، ويشبه أن يكون رواية أبي حاتم عنهما عن ابن رجاء عن عبد اللَّه بن عمر أصح من رواية من قال: عبيد اللَّه اهـ. وعلى هذا فالحديث ليس بحسن كما يقول الحافظ نور الدين لأن عبد اللَّه بن عمر المكبر ضعيف، ويؤيده أنه اضطرب في متنه، فلم يتفق الرواة عنه على لفظ واحد، بل بعضهم يذكر المتن مثل حديث النعمان بن بشير المشهور، ولا يذكر فيه: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، وذكر ذلك يطول. وإن صح ما ارتآه الطبرانى من أن عبد اللَّه بن رجاء سمعه من الأخوين جميعًا، فالحديث يكون حسنًا، إلا أن الغالب على الظن والذي يسبق إلى القلب تصحيح ما صححه أبو زرعة والبيهقى من أنه عن عبد اللَّه بن عمر المكبر واللَّه أعلم. 1629/ 3858 - "الحَلالُ مَا أَحَلَّ اللَّه في كِتَابِهِ، وَالحَرَامْ مَا حَرَّمَ اللَّه في كِتَابِهِ، وَمَا سكَتَ عَنهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ". (ت. هـ. ك) عن سلمان قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ [1/ 212] من طريق إسماعيل بن موسى:

ثنا سيف بن هارون البرجمى عن سليمان التيمى عن أبي عثمان النهدى عن سلمان قال: "سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن السمن والجبن والفراء، فقال: الحلال" وذكره. ومن طريق سيف بن هارون رووه كلهم. وقال ابن حبان في الضعفاء [1/ 342]: أخبرنا أبو يعلى ثنا داود بن رشيد ثنا سيف بن هارون به، وقال في سيف بن هارون: يروى عن الأثبات الموضوعات. 1630/ 3859 - "الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ". (م. ت) عن ابن عمر قال في الكبير: وكلام المصنف كالصريح في أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول، فقد عزاه هو في الدرر إلى الشيخن معًا من حديث ابن عمر، وعزاه لهما أيضًا في الأحاديث المتواترة وذكر أنه متواتر. قلت: المصنف يعزو في الدرر الأحاديث باعتبار أحوالها وجملتها لأن مقصود تأليفه الدرر الأحاديث المشتهرة على الألسنة، فيقصد أصل الحديث ولا يراعى الدقة في اختلاف الرواة في ألفاظه، وأما في كتابه هذا فيقصد الألفاظ على حسب ما وقعت عند مخرجيها، والحديث أوله عند البخارى [1/ 12، رقم 24]: "دعه فإن الحياء من الإيمان"، بخلاف مسلم فإن أوله عنده كما ذكره المصنف هنا. وهذا قد يكون ضروريًا للشارح ولكن الأخلاق والمروءة مواهب، والحديث جمعت طرقه في جزء مفرد والحمد للَّه. 1631/ 3867 - "الحَيَاءُ وَالإِيمَانُ فِي قَرْنٍ، فَإِذَا سُلِبَ أحَدُهُمَا تَبِعَهُ الآخَرُ". (طس) عن ابن عباس

قال في الكبير: قال الهيثمى وغيره: فيه يوسف بن خالد السمتى كذاب خبيث اهـ. فكان ينبغى للمصنف حذفه. قلت: بل لا ينبغى حذفه لأن يوسف بن خالد السمتى لم ينفرد به، فقد ورد من غير طريقه، قال محمد بن مخلد العطار الدورى في جزئه: ثنا يحيى بن ورد بن عبد اللَّه ثنا أبي ثنا عدى بن الفضل عن مسلم بن بشير عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الحياء والإيمان في قرن، فأيهما ذهب تبعه الآخر". وأيضًا فإن له شاهدًا من حديث أبي موسى ومن حديث ابن عمر تقدما قريبًا، ونقل الشارح عن العراقى تصحيح حديث ابن عمر، ولفظهما واحد تقريبًا، والمصنف إنما اشترط أن لا يورد ما انفرد به كذاب وهذا كما ترى لم ينفرد به. 1632/ 3868 - "الحَيَاءُ زِينَةٌ، وَالتُّقَى كَرَمٌ، وَخَيْرُ المَرْكبِ الصَّبْرُ، وَانْتِظَارُ الفَرَجِ مِنَ اللَّه عَزَّ وَجلَّ عِبَادَةٌ" الحكيم عن جابر قلت: سكت عنه الشارح في الكبير، وقال في الصغير: سنده ضعيف، وكأنه أخذ ذلك من رموز المؤلف. والحديث في سنده وضاع، وما أراه إلا موضوعًا، بل هو موضوع بلاشك. قال الحكيم [2/ 29]: ثنا عمر بن أبي عمر ثنا عمر بن عمرو ثنا يونس بن يزيد عن الزهرى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر به، وعمر بن عمرو الذي والده بفتح العين وضاع. 1633/ 3870 - "الحَيَاءُ عَشَرَةُ أجْزَاءٍ: فَتِسْعَةٌ في النِّسَاءِ، وَوَاحِدٌ في الرِّجَالِ". (فر) عن ابن عمر

[قال في الكبير]: وفيه الحسن بن قتيبة الخزاعى قال الذهبى: قال الدارقطنى: متروك، ورواه عنه أيضًا أبو نعيم، ومن طريقه وعنه خرجه الديلمى مصرحًا، فلو عزاه المصنف إليه لكان أجود. قلت: بل الأجود والواجب ما فعله المصنف، ولو فعل ما استجوده الشارح لكان خائنا عديم الأمانة والتحقيق، فإن لأبي نعيم كتبًا كثيرة لا يدرى في أي كتاب خرجه، ولا يجور إطلاق العزو دون تقييد يالكتاب الذي خرج فيه، والحديث ليس في الحلية، فهو في كتاب آخر لأبي نعيم، وقول الشارح: ومن طريقه وعنه رواه الديلمى مصرحًا، كلام في غاية الركاكة والسقوط، بل قوله: "ومن طريقه وعنه" جمع بين المتضادين في اصطلاح أهل الحديث، إذ "من طريقة" تستعمل فيما يروى عن الرجل بواسطة أو أكثر، و"عنه" تستعمل فيما يروى عنه مباشرة، فلو قال: "وعنه" وحدها لكان مخطئًا أيضًا، لأن الديلمى لم يدرك أبا نعيم، وإنما يروى كتبه بالإجارة عن أبي على الحداد عنه، فكان صواب العبارة أن يقول: ومن طريقه، ولا يزيد "عنه"، وأما زيادة "مصرحًا" فهو أسقط مما قبله لأنه ظن أن من لم يكن مصرحًا باسمه المشهور لا يعرفه مثل المصنف ويخفى عليه بخلاف كونه مصرحًا بكنيته أو لقبه، وهذا قياس مع الفارق، لأنه يقيس المؤلف على نفسه مع وجود الفارق الكبير وهو العلم في المؤلف والجهل في الشارح. قال الديلمى [2/ 242، رقم 2588]: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم أخبرنا سعيد بن يعقوب حدثنا أحمد بن مهران ثنا الحسن بن قتيبة ثنا عبد اللَّه بن زياد النحوى عن نافع عن ابن عمر به، بالزيادة التي ذكرها الشارح. ورواه أبو بكر الربعى في جزئه من مرسل سعيد بن المسيب مطولًا فقال:

حدثنا على بن الحسين ثنا هشام بن خالد ثنا مروان بن معاوية الفزارى عن محمد بن حسان عن الحكم بن سلمة عن سعيد بن المسيب قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: خير الرجال الغيور على أهله الحصان من غيرهم، وخير النساء الغلمة لبعلها الحصان من غيره أصدقوهن ولا تعجلوهن فإن لهن حاجة كحاجتكم، والحياء عشرة أجزاء فللنساء تسعة وللرجال جزء، ولولا ذلك لتساقطن تحت ذكوركم كما تساقط البهائم تحت ذكورها". * * *

حرف الخاء

حرف الخاء 1634/ 3837 - " خَابَ عَبْدٌ وَخَسِرَ لَمْ يَجْعَلِ اللَّه في قَلْبِهِ رَحْمَةً لِلْبَشَرِ". الدولابى في الكنى، وأبو نعيم في المعرفة، وابن عساكر عن عمرو بن حبيب قال الشارح في ضبط الدولابى بضم الداله وآخره موحدة تحتية نسبة إلى دولاب بفتح الدال قرية بالرى. قلت: انظر إلى قوله في النسبة بضم الدال وفي المنسوب إليه بفتحها، وتعجب من فهم الشارح وعلمه. والحديث خرجه الدولابى [1/ 173] وأبو نعيم كلاهما عن طريق صفوان بن عمرو قال: حدثنا أبو رواحة عن عمرو بن حبيب أنه قال لسعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان: "أما علمت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال" وذكره.

1635/ 3875 - "خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّه سَلَّهُ اللَّه عَلَى المُشْرِكِينَ". ابن عساكر عن عمر قال في الكبير: وفيه الوليد بن شجاع، قال أبو حاتم لا يحتج به. قلت: ورد من غير طريقه، قال أبو الحسن بن مخلد البزاز في جزئه: حدثنى ورقاء بن الحسين الكلابى ثنا أيوب بن محمد ثنا ضمرة عن أبي زرعة عن أبي العجفاء عن عمر رضي اللَّه عنه. 1636/ 3877 - "خَالِدُ بنُ الوَلِيد سَيْفُ اللَّه، وَسَيْفُ رَسُولِهِ، وَحَمْزَةُ أَسَدُ اللَّه، وَأَسَدُ رَسُولِهِ، وأَبُو عُبَيدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ أَمِينُ اللَّهَ، وَأَمْينُ رَسُوِلِهِ، وَحُذَيفَةُ بن اليَمَانِ من أَصْفِيَاء الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوفٍ مِنْ تُجَّارِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجلَّ". (فر) عن ابن عباس قال في الكبير: وفيه أحمد بن عمران، قال البخارى: يتكلمون فيه. قلت: الشارح يحسب أن كل بيضاء شحم وكل حمراء لحم، فأحمد بن عمران الذي قال البخارى: يتكلمون فيه هو الأخنسى الكوفى، وأحمد بن عمران المذكور في السند هو البغدادى، وأيضًا فالأخنسى قديم يروى عن عبد السلام بن حرب المتوفى في نحو الثمانين ومائة، والمذكور في السند يروى عن أبي يحيى أحمد بن محمد بن شاهين: ثنا الحسن بن الفضل أبو على الزعفرانى، والحسن بن الفضل هذا الذي هو شيخ شيخه أحمد بن عمران مات سنة ثمان وخمسين ومائتين، فمن روى عن عبد السلام بن حرب وطبقته أهل المائة الثانية كيف يكون شيخ شيخه من أهل المائة الثالثة؟

نعم أبو على الزعفرانى هذا ضعيف متهم متروك قال الديلمى [2/ 309، رقم 2789]: أخبرنا محمد بن على الحسنى حدثنا أبي حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن بن عفان السهنانى ثنا الحسن بن محمد بن محفوظ بسمرقند ثنا أحمد بن عمران البغدادى ثنا أبو يحيى أحمد بن محمد بن شاهين ثنا الحسن بن الفضل أبو على الزعفرانى ثنا أبو معمر ثنا عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به. 1637/ 3884 - "خَذِّلْ عَنَّا، فَإنَّ الحَرْبَ خُدْعَةٌ". الشيرازى في الألقاب عن نعيم الأشجعى قال الشارح في الشرحين معًا: "خذل عنا يا حذيفة"، ثم قال: ورواه عنه أيضًا أبو نعيم والديلمى، وكأن المصنف ذهل عنه وإلا لما أبعد النجعة. قلت: فيه أمران، أحدهما: جعله الخطاب بهذا الأمر لحذيفة وهم من أوهامه الغريبة بل زيادة من زوائده واختراعاته، فإن الخطاب لنعيم نفسه كما وقع في الحديث مفسرًا في قصة طويلة في غزوة الخندق عند البيهقى في دلائل النبوة [3/ 405، 445، 446]. [ثانيهما]: أن الديلمى أسنده من طريق أبي نعيم ولم يسم الكتاب، والغالب أنه خرجه في المعرفة، وكأن المصنف لم يقف على كتاب المعرفة، إلا أن الاستدارك بمثل هذا سخيف. والحديث خرجه أيضًا جماعة منهم البيهقى في الدلائل ومحمد بن سنان القزاز في جزئه وكثير ممن ألف في الصحابة، وليس من شرط العزو الاستقصاء. 1638/ 3891 - "خُذُوا مِنَ العِبَادَة مَا تطِيقُونَ، فَإنَّ اللَّه لا يَسْأَمُ حَتَّى تَسْأَمُوا". (طب) عن أبي أمامة

قلت: وفي الباب عن ابن عباس مطولًا إلا أنه بسند ساقط، قال ابن شاهين [ص 436، رقم 581]: حدثنا ابن أبي داود ثنا محمد (¬1) بن عامر عن أبيه عن نهشل عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خذوا من العبادة بقدر ما تطيقون وإياكم أن يتعود أحدكم عبادة فيرجع عنها، فإنه ليس شيء أشد على اللَّه أن يتعود الرجل العبادة ثم يرجع عنها". قلت: قبح اللَّه واضع هذا، فنهشل كذاب ومحمد بن عامر يجب الكشف عنه وأحسبه متهمًا أيضًا. 1639/ 3893 - "خُذُوا العَطَاءَ مَا دَامَ عَطَاءً، فَإذَا تجَاحَفَتْ قُرَيْشٌ بَيْنَهَا المُلْكَ وَصَارَ العَطَاءُ رُشًا عَن دِينِكُمْ فَدَعُوهُ". (تخ. د) عن ذى الزوائد قال في الكبير: صحابى جهنى سكن المدينة، قيل اسمه يعيش، روى عنه ابن أبي ليلى، وحكى ابن ماكولا عن بعضهم أنه البراء بن عازب. قلت: هذا من خرافات الشارح وأوهامه، فما قال أحد أن اسمه يعيش ولا روى عنه ابن أبي ليلى، ولا قال ابن ماكولا أنه البراء بن عازب بل كل هذا كذب لا أصل له. والحديث خرجه البخارى في التاريخ الكبير [1/ 235]، في ترجمة محمد ابن مطير (1/ 235)، ورواه أبو نعيم في الحلية [5/ 165]، من حديث معاذ بن جبل مطولا فقال: حدثنا الطبرانى ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنا الهيثم بن خارجة ثنا عبد اللَّه ابن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد عن ¬

_ (¬1) في الأصل (حمد) والصواب ما أثبتناه.

معاذ بن جبل قال: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: خذوا العطاء ما دام عطاء فإذا صار رشوة على الدين فلا تأخذوه، ولستم بتاركيه، يمنعكم الفقر والحاجة، ألا إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الكتاب حيث دار، ألا إن الكتاب والسلطان سيفترفان، فلا تفارقوا الكتاب، ألا إنه سيكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم، إن عصيتموهم قتلوكم وإن أطعتموهم أضلوكم، قالوا: يا رسول اللَّه كيف نصنع؟ قال: كما صنع أصحاب عيسى بن مريم عليه السلام، نشروا بالمناشير وحملوا على الخشب موت في طاعة اللَّه خير من حياة في معصية اللَّه". قال أبو نعيم: غريب من حديث معاذ لم يروه عنه إلا يزيد وعنه الوضين. ورواه إسحاق بن راهويه عن سويد بن محمد اللَّه بن عبد الرحمن عن يزيد من دون الوضين. قلت: وللطبرانى فيه شيخ آخر، فقد قال في المعجم الصغير [2/ 42، 43، رقم 749]: ثنا الفضل بن محمد بن القاسم أبو الليث النحوى العسكرى ثنا الهيثم بن خارجة به مثله، إلا أنه زاد بعد موله: "يمنعكم الفقر والحاجة، ألا إن رحا بنى مَرْحٍ قد دارت، وقد قتل بنو مرح ألا إن رحا الإسلام دائرة" وذكر مثله سواء ورواه الخطيب [3/ 398] من طريق محمد بن يوسف العطشى وأحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفى قال: حدثنا الهيثم بن خارجة به مطولًا، إلا أنه لم يسق متنه بتمامه. 1640/ 3894 - "خُذُوا عَلَى أَيْدِى سُفَهَائِكُمْ". (طب) عن النعمان بن بشير قلت: أخرجه الطبرانى أيضًا في مكارم الأخلاق له قال [ص 70، رقم 81]: حدثنا الحسن بن العباس الرازى ثنا سهل بن عثمان ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن الشعبى عن النعمان بن بشير قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-:

خذوا" وذكره. وحفص بن غياث ثقة، إلا أنه يهم كثيرًا لأنه كان يحدث من حفظه. وهذا الحديث الصحيح فيه أنه من كلام النعمان بن بشير، أدرجه في الحديث، فقد خرجه ابن المبارك [ص 47، رقم 1349] ومن طريقه ابن قتيبة في عيون الأخبار عن حسين بن حسن المروزى راوية كتب ابن المبارك عنه قال: أخبرنا الأجلح عن الشعبى قال: سمعت النعمان بن بشير يقول على المنبر: يا أيها الناس خذوا على أيدى سفهائكم فإنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن قومًا ركبوا البحر في سفينة واقتسموها، فأصاب كل واحد منهم مكانًا، فأخذ رجل منهم الفأس فنقر مكانه فقالوا: ما تصنع؟ فقال: مكانى أصنع به ما شئت، فإن أخذوا على يديه نجا ونجوا وإن تركوه غرقوا وغرق". وأصل هذا الحديث في صحيح البخارى [3/ 182، رقم 2493] بسياق آخر ليس في أوله هذا المدرج. 1641/ 3895 - "خُذُوا جَنَّتَكُمْ مِنَ النَّارِ، "قُولُوا: سُبْحَانَ اللَّه وَالحَمْدُ للَّه، وَلا إِلَهَ إِلا اللَّه وَاللَّه أَكْبَرُ" فَإِنَّهُنَّ يأتينَ يَوْمَ القِيَامَةِ مُقَدِّمَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ وَمُجَنِّبَاتٍ، وَهُنَّ البَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ". (ن. ك) عن أبي هريرة قاله في الكبير: قال الحاكم: على شرط مسلم، وأقره الذهبى. قلت: لكنه مع ذلك معلول، فإنه من رواية عبد العزيز بن مسلم عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبرى عن أبي هريرة به، قال أبو حاتم في العلل [2/ 100]: كنا نرى أن هذا غريب، كان حدثنا به أبو عمر الحوضى حتى حدثنا أحمد بن يونس عن فضيل بن عياض عن ابن عجلان عن رجل من أهل الأسكندرية عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فعلمت أنه قد أفسد على عبد العزيز بن مسلم وبين عورته، وحديث فضيل أشبه.

1642/ 3896 - "خُذُوا يَا بَنِى أَرْفدَةَ حَتَّى يَعْلَمَ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى أَنَّ في دِينِنَا فُسْحة". أبو عبيد في الغريب، والخرائطى في اعتلال القلوب عن الشعبى مرسلا قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يقف عليه مسندًا، وإلا لما عدل لرواية إرساله، وأنه لم يخرجه أحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو ذهول، فقد خرجه أبو نعيم والديلمى من حديث الشعبى عن عائشة، قال في الميزان: هذا منكر، وله إسناد آخر واه. قلت: الشارح يعلم يقينا أن مسند الفردوس كان عند المصنف وأنه شحن كتابه بالعزو إليه بل وسائر كتبه، وإذ ذلك كذلك فكان الإنصاف يحمله على عدم تكرار هذا الهراء، ويعلم أن المصنف ما عدل عن العزو إلى الديلمى إلا لكون العزو إلى غيره أولى، لأن كتاب الديلمى مجموع أكاذيب وخرافات وموضوعات، وكون الديلمى أسند الحديث [من] طريق أبي نعيم وهو لا يعلم في أى كتاب من كتبه خرجه، لا تسمح عداله وأمانته بالعزو إلى ما لا يعرف ولا يتحققه. وهب أنه ذهول ونسيان، بل وعدم اطلاع على كونه في مسند الفردوس من أصل الأمر فكان ماذا؟ وقد خرجه أيضًا الحارث بن أبي أسامة في مسنده فقال: حدثنا أبو عبيد ثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الشعبى: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مر على أصحاب الدركلة، قال: خذوا يا بنى أرفدة" وذكره، قال: "فبينما هم كذلك إذ جاء عمر فلما رأوه ابذعرّوا" (¬1). ¬

_ (¬1) انظر بغية الباحث بزوائد مسند الحارث (2/ ص 826، رقم 866).

فلو كان الشارح من أهل الحديث لعيرناه بهذا جزاء وفاقا ولكنه ليس هناك. وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الواسطى وهو ضعيف متروك منكر الحديث، وقد اضطرب فيه فتارة قال عن الشعبى مرسلًا. ورواه الديلمى من طريق أبي نعيم ثم من رواية بقية عن عبد الواحد بن زياد عنه، فقال: عن الشعبى عن عائشة موصولا، ورواه مروان بن معاوية عنه فقال: عن القاسم عن عائشة، وهو الطريق الذي ذكره الذهبى في الميزان [2/ 547، رقم 4811]. 1643/ 3897 - "خُذُوا لِلرَّأْسِ مَاءً جَدِيدًا". (طب) عن جاريه بن ظفر قال الشارح: بإسناد حسن. قلت: هذا باطل، وكيف يكون حسنا وهو من رواية دهثم بن قُرَّان عن نمران ابن جارية عن أبيه، ودهثم ضعيف، ونمران مجهول، وقد قال الذهبى في الحديث [2/ 29، رقم 2683]: لا يصح لحال دهثم وجهالة نمران، وقال الحافظ: دهثم ضعيف جدًا ونمران لا نعرف له رواية إلا من طريق دهثم. 1644/ 3898 - "خُذُوا مِن عَرْضِ لِحاَكُمْ، وَأَعْفُوا طُولَهَا". أبو عبد اللَّه بن مخلد الدورى في جزئة عن عائشة قال في الكبير: ورواه الديلمى في الفردوس عنها وبيض لسنده. قلت: هذا كلام غير صواب، وحقه أن يقول: ذكره الديلمى في الفردوس وبيض له ولده في مسند الفردوس. 1645/ 3906 - "خَرَج نَبِي مِنَ الأَنْبيَاء بِالنَّاسِ يَسْتسقُون، فَإذَا هُوَ بنَمْلَةٍ رَافِعَةٍ بَعْضَ قَوَائِمِهَا إِلَى السَّمَاءَ فَقال: ارْجِعُوا فَقَدِ اسْتُجِيبَ لَكُمَ مِنْ أَجْلِ هَذِهِ النَّمْلَةِ". (ك) عن أبي هريرة

قلت: أخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار قال [2/ 331، رقم 875]: حدثنا محمد بن عزيز ثنا سلامة بن روح عن عقيل عن ابن شهاب أخبرنى أبو سلمة عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به مثله وهو حديث صحيح. 1646/ 3907 - "خُرُوجُ الآيَات بَعْضُهَا عَلَى إِثْرِ بَعْضٍ يَتَتَابَعَن كَمَا تَتَابَعُ الخَرَزُ في النِّظَامِ". (طس) عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف أبو بكر ثنا أبو الربيع ثنا أبي عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به. 1647/ 3910 - "خُصَّ البَلاءُ بِمَنْ عرفَ النَّاسَ، وَعَاشَ فِيهِمْ مَنْ لَم يَعْرِفْهُمْ". القضاعى عن محمد بن على مرسلا قال في الكبير: محمد بن على بن أبي طالب الهاشمى أبي القاسم ابن الحنفية، قال: وظاهر صنيع المصنف أنه لا علة له غير الإرسال وأنه لا يوجد مسندًا والا لما عدل للمرسل (¬1)، والأمر بخلافه أما أولا: فلأن جمعًا منهم السخاوى ضعفوه فقالوا: ضعيف مع إرساله، وأما ثانيا: فلأن الديلمى وابن لال والحلوانى خرجوه مسندًا من حديث عمر بن الخطاب، فاقتصار المصنف على ذلك غير صواب. قلت: في هذا جملة أخطاء شنيعة، أما أولا: فإن محمد بن على ليس هو ابن الحنفية، بل هو الباقر محمد بن على زين العابدين بن الحسين عليهم السلام، وأمره ظاهر لا يشتبه إلا على عامى لا يعرف من العلم قليلًا ولا كثيرا ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط: "لمرسل".

لأمرين، أحدهما: أنه من رواية جعفر بن محمد عن أبيه، وجعفر هو الصادق، ووالده هو الباقر وذلك أشهر من نار على علم، ولا تظن أنه لم يقف على سنده، فإنه نقل عن السخاوى في المقاصد، والسخاوى صرح بأنه من رواية جعفر بن محمد عن أبيه. ثانيهما: أن محمد بن على لا يقال لابن على بن أبي طالب عند الإطلاق، وإنما هو مشهور بمحمد ابن الحنفية، فلو كان هو راوى الحديث لقال المؤلف: محمد ابن الحنفية. قال القضاعى في مسند الشهاب [1/ 343، رقم 588]: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر الصفار أنا أحمد بن محمد بن زياد ثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان ثنا هارون بن سليمان ثنا خلف بن سهل ثنا يوسف بن على: ثنا عثمان بن سماك عن محمد بن إسحاق عن جعفر بن محمد عن أبيه مرفوعًا به. وأما ثانيا: فظاهر صنيع المصنف يفيد أنه معلول علة غير الإرسال لأنه رمز لضعفه، والمرسل من جهة سنده قد يكون صحيحا وقد يكون حسنا وقد يكون ضعيفا بقطع النظر عن ذاته، فقول الشارح كذب على المصنف. وأما ثالثا: فإن الحديث لم يرو مسندًا عن عمر رضي اللَّه عنه، بل ذلك من فاحش أوهام الشارح أو من كذبه الصراح، بل الخبر روى عن عمر رضي اللَّه عنه موقوفًا عليه من كلامه. قال الديلمى في مسند الفردوس [2/ 307، رقم 2782]: أخبرنا أبي أخبرنا على بن محمد بن عبد الحميد عن أبي بكر بن لال قال: حدثنا أحمد بن محمد الصائغ ثنا الحلوانى ثنا عبد اللَّه بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عمر رضي اللَّه عنه قال مثله.

وقد نص على ذلك السخاوى [ص 223، رقم 440] الذي نقل منه الشارح فقال بعد عزوه للقضاعى: وسنده ضعيف مع إرساله أو إعضاله، لكن أخرجه الديلمى من حديث أبي بكر بن قال ثم من جهة معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عمر، قال: وذكره موقوفًا اهـ. وأما رابعا: فقوله رواه الحلوانى كذب عليه، فإن الحلوانى وإن كان له كتاب السنن إلا أنه قديم لم يشهر ولم يره إلا الأقدمون كتلامذته البخارى ومسلم وتلك الطبقة، وأيضًا ليس هذا من موضوع كتاب السنن، ولو كان فيه لكان أحق بالعزو إليه الحافظ السخاوى مع أنه رآه في السند ولم يعزه إلا إلى الديلمى مصرحًا بأنه رواه من طريق ابن قال ولم يقل: رواه ابن لال. وأما خامسًا: فقوله: أن جمعا منهم السخاوى ضعفوه فقالوا. . . إلخ، هو كذب منه يتجيش باسم الجمع على المصنف، وما قال ذلك إلا السخاوى ولا رآه هو إلا في كتابه المقاصد الحسنة. 1648/ 3914 - "خَصْلَتَانِ لا تَجْتَمِعَانِ في مُنَافِقٍ: حُسْنُ سَمْتٍ، وَلا فِقْهٌ في الدِّينِ". (ت) عن أبي هريرة قال في الكبير: وقال يعنى (ت): غريب لا نعرفه من حديث عوف عن خلف بن أيوب العامرى، ولا أدرى كيف هو اهـ. وقال الذهبى: تفرد به خلف وقد ضعفه ابن معين، وقال السخاوى: سنده ضعيف. قلت: هكذا وقع النقل لكلام الترمذى وهو محرف مقلوب، فلا أدرى هل ذلك من صنع يد الشارح التي اعتادت مثل هذا أو هو من موافقة النساخ لحال الشارح وتكميل أوهامه.

وعبارة الترمذى [5/ 49، رقم 2684]: لا نعرفه من حديث عوف إلا من حديث هذا الشيخ خلف بن أيوب العامرى، ولم أر أحدًا يروى عنه غير محمد بن العلاء، ولا أدرى كيف هو اهـ. ثم إن الحديث له طريقان آخران من حديث عبد اللَّه بن سلام ومن حديث على بن أبي طالب. فحديث عبد اللَّه بن سلام خرجه عبد اللَّه بن المبارك في الزهد قال [ص 155، رقم 459]. أخبرنا معمر عن محمد بن حمزة عن عبد اللَّه بن سلام قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خصلتان لا تكونان في منافق حسن سمت ولا فقه في الدين". ومن طريق عبد اللَّه بن المبارك أخرجه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 210، رقم 318] وهو منقطع، لأن محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد اللَّه بن سلام لم يدرك جده، إنما روى عن أبيه عنه. وحديث على خرجه الطوسى في الثانى من أماليه من طريق جعفر بن محمد ابن مروان عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن عيسى ثنا محمد بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خلتان لا تجتمعان في منافق: فقه في الإسلام وحسن سمت في الوجه"، وحال هذا السند معلوم. 1649/ 3915 - "خَصْلَتَان لا تَجْتَمِعَان في مُؤْمِنٍ: البُخْلُ، وَسُوءُ الخُلُق". (خد. ت) عن أبي سعيد قال في الكبير: وقال الترمذى: غريب لا نعرفه إلا من حديث صدقة بن موسى اهـ. قال الذهبى: وصدقة ضعيف ضعفه ابن معين وغيره. قلت: عدم استدراك الشارح مخرجين على المؤلف دليل على أنه لا يعرف له

مخرجًا غير من ذكر المصنف وذلك قصور. فقد خرجه أبو داود الطيالسى في مسنده [ص 293، رقم 2208] وعبد اللَّه ابن أحمد في زوائد الزهد لأبيه [ص 351، رقم 1384] والدولابى في الكنى والأسماء [2/ 125] وابن قتيبة في عيون الأخبار وابن شاهين في جزء من حديثه وأبو نعيم في موضعين من الحلية في ترجمة عبد اللَّه بن غالب [2/ 258] وفي ترجمة مالك بن دينار [2/ 388] والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 211، رقم 319]، كما ذكرت أسانيد جميع هؤلاء في مستخرجى على الأخير، ورواه الدارقطنى في غرائب مالك، وابن عبد البر في التمهيد من حديث أبي هريرة، هكذا يسخف الشارح على المصنف. 1650/ 3918 - "خَصْلَتَان مَنْ كَانَتَا فيه كَتَبَهُ اللَّه شَاكِرًا صَابرًا" وَمَنْ لَمْ يَكُونَا فِيهِ لَمْ يَكتُبْهُ اللَّه لا شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا: مَنْ نَظَرَ في دِينِهِ إلى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَاقْتَدَى بِهِ، وَنَظَر فِي دُنْيَاهُ إلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فَحَمَدَ اللَّه عَلَى مَا فَضَّلَهُ بهِ عَلَيهِ، كَتَبَهُ اللَّه شَاكِرًا وصَابِرًا، وَمَن نَظَرَ فِي دِينهِ إلى مَنْ هُوَ دُونَهُ، وَنَظَر فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَأَسفَ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْهُ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّه شَاكِرًا وَلا صَابِرًا". (ت) عن ابن عمرو قال في الكبير: وفيه المثنى بن الصباح ضعفه ابن معين، وقال النسائى: متروك. قلت: هذا يفيد أنه لم يره في غير الترمذى الذي عزاه إليه المصنف، وهو قصور، فقد أخرجه ابن المبارك في الزهد [ص 50، رقم 180] (¬1) وابن أبي الدنيا في كتاب الشهر [ص 168، رقم 200] من طريق المثنى بن الصباح أيضًا. ¬

_ (¬1) وهو من زوائد نعيم بن حماد.

1651/ 3922 - "خَففوا بُطُونَكُمْ وَظُهُورَكُمْ لِقِيَامِ الصَّلاةِ". (حل) عن ابن عمر قلت: سكت عنه الشارح كأنه لم يهتد لمكانه في الحلية، ولا عرف من هو علته. والحديث خرجه أبو نعيم [7/ 255] في ترجمة مسعر من رواية إسماعيل ابن يحيى التميمى: ثنا مسعر عن عطية عن ابن عمر به، وإسماعيل متروك متهم بوضع الحديث. 1652/ 3923 - "خَلَفْتُ فِيكُمْ شَيْئَينِ لَنْ تَضِلُّوا بَعدَهُمَا: كتابَ اللَّه، وَسُنَّتِى وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يردا عَلَى الحَوْضِ". أبو بكر الشافعى في الغيلانيات عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الدارقطنى باللفظ المزبور، وفيه كما قال الفريابى: صالح بن موسى ضعفوه، وعنه داود بن عمر الضبى، قال أبو حاتم: منكر الحديث. قلت: الدارقطنى لم يخرجه باللفظ المزبور (¬1) بل بلفظ: "إنى تارك فيكم شيئين" وفي لفظ: "إنى قد خلفت فيكم"، وموضع ذلك حرف الألف. ثم إن ذكر داود بن عمر الضبى لا معنى له لأمرين: أحدهما: أنه وإن قال فيه أبو حاتم ذلك فقد وثقه جماعة وأثنوا عليه، وخرج له مسلم في صحيحه. وثانيهما: أنه لم ينفرد به، بل ورد من غير طريقه، قال ابن شاهين في الترغيب [2/ 406، رقم 528]: ثنا إسماعيل بن على بن إسماعيل ثنا موسى بن إسحاق الأنصارى ثنا محمد ¬

_ (¬1) بل أخرجه باللفظ نفسه في السنن (4/ 245، رقم 149).

ابن عبيد بن محمد المحاربى ثنا صالح بن موسى عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح مولى أم حبيبة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أبي هريرة به. 1653/ 3925 - "خَلَقَ اللَّه الخَلْقَ فكَتَبَ آجَالَهُمْ، وَأَعْمَالَهُمْ، وَأَرْزَقَهُمْ" (خط) عن أبي هريرة رمز له المصنف بعلامة الحسن، وقال الشارح: في إسناده مجهول. وزاد في الكبير: فيه عبد الرحمن بن عبد العزيز، قال الذهبى: مضطرب الحديث، وبشر بن المفضل مجهول. قلت: في هذا عدة أوهام شنيعة، الأول: أن عبد الرحمن بن عبد العزيز وثقه جماعة وروى له مسلم، فهو من رجال الصحيح. الثانى: أن عبد الرحمن بن عبد العزيز المذكور في سند هذا الحديث ليس هو الذي يقصد الشارح والمذكور في الضعفاء، بل المذكور في سند هذا الحديث رجل آخر وافقه في اسمه واسم أبيه، وافترقا في اسم الجد، فالمذكور في السند عبد الرحمن بن عبد العزيز بن صادر، والمذكور في الميزان عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد اللَّه بن عثمان بن حنيف الأنصارى. وأيضًا المذكور في السند متأخر عن هذا، فإن هذا توفى سنة اثنتين وستين ومائة، والمذكور في السند روى الحديث عن بشر بن المفضل، وبشر الذي هو شيخه مات سنة ست وثمانين ومائة. الثالث: أن بشر بن المفضل أوثق ثقة وأعرف معروف، وأشهر راو من رجال الصحيحين والسنن الأربعة وغيرها، وإنما الذي ذكره الذهبى في الميزان ونقل عن الأزدى أنه قال: مجهول، بشر بن فضل بدون ميم في أوله، فسبحان

اللَّه العظيم وبحمده. 1654/ 3930 - "خَلَقَ اللَّه التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الجِبَالَ يَوْمَ الأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأَرْبعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ العَصْرِ مِنْ يَوْمِ الحُمُعَةِ، فِي آخِرِ الخَلْقِ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الجُمُعَةِ، فِيمَا بَيْنَ العَصَرِ إلى الليلِ". (حم. م) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الزركشى: أخرجه مسلم وهو من غرائبه، وقد تكلم فيه ابن المدينى والبخارى وغيرهما من الحفاظ، وجعلوه من كلام كعب الأحبار، وأن أبا هريرة إنما سمعه منه، لكن اشتبه على بعض الرواة فجعله مرفوعًا، وقد حرر ذلك البيهقى، ذكره ابن كثير في تفسيره. قلت: ابن كثير ذكر ذلك في تفسير سورة البقرة، والبخارى ذكره في التاريخ الكبير وذكر أن بعض الرواة صرح بأن أبا هريرة رواه عن كعب الأحبار فقال [1/ 413، رقم 1317] في ترجمة أيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصارى: وروى إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد الأنصارى عن عبد اللَّه بن رافع عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خلق اللَّه التوبة يوم السبت" وقال بعضهم: عن أبي هريرة عن كعب وهو أصح اهـ. وأما البيهقى فتكلم على الحديث في الأسماء والصفات [2/ 251، 255] فقال بعد أن أخرجه: هذا حديث قد خرجه مسلم في كتابه وزعم بعض أهل العلم بالحديث أنه غير محفوظ لمخالفته ما عليه أهل التفسير وأهل التواريخ، وزعم بعضهم أن إسماعيل بن أمية إنما أخذه عن إبراهيم بن أبي يحيى عن أيوب بن خالد، وإبراهيم غير محتج به، ثم أسند عن محمد بن يحيى أنه سأل على بن المدينى عن هذا الحديث فقال: هو حديث مدنى رواه هشام بن

يوسف عن ابن جريج عن إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن ابن رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة قال: "أخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيدى" قال على: وشبك بيدى إبراهيم بن أبي يحيى، وقال: شبك بيدى أيوب بن خالد، وقال: شبك بيدى عبد اللَّه، وقال لى: شبك بيدى أبو هريرة، وقال لى: شبك بيدى أبو القاسم -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال لى: "خلق اللَّه الأرض يوم السبت" فذكر الحديث. قال على بن المدينى: وما أرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا من إبراهيم بن أبي يحيى. قال البيهقى: وقد تابعه على ذلك موسى بن عبيدة الربذى عن أيوب بن خالد، إلا أن موسى بن عبيدة ضعيف، وروى عن بكر بن الشرود عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم عن أيوب بن خالد، وإسناده ضعيف اهـ. 1655/ 3931 - "خَلَقَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الجِنَّ ثَلاثَةَ أصنافٍ، صِنْفٌ حَيَّاتٌ وَعَقَارِبٌ وَخشاشُ الأَرْضِ، وَصِنْفٌ كَالرِّيْحِ في الهَوَاءِ، وَصِنْفٌ عَلَيهمُ الحِسَابُ وَالعِقَابُ، وَخَلَقَ اللَّه الإِنْسَ ثَلاثَةَ أَصْنَافٍ: صنفٌ كَالبَهَائِمِ، وَصِنْفٌ أَجْسَادُهُمْ أَجْسَادُ بَنِي آدَمَ وَأَروَاحُهُم أَرْوَاحُ الشَّيَاطِين، وَصِنْفٌ في ظِلِّ اللَّه يَوْمَ لا ظَلَّ إلا ظلهُ". الحكيم وابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان، وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه عن أبي الدرداء قال الشارح: بأسانيد ضعيفة. وقال في الكبير: فيه يزيد بن سنان الرهاوى، قال في الميزان: ضعفه ابن معين وغيره وتركه النسائى، ثم ساق له مناكير هذا منها. قلت: وحينئذ فقوله في الصغير: بأسانيد ضعيفة من تهوره وعدم ضبطه لما يقول لأن الحديث ليزيد بن سنان، ومن طريقه خرجه هؤلاء، فكيف يقول لما

انفرد به راو أنه روى بأسانيد ضعيفة؟ وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل. والحديث رواه أيضًا ابن حبان في الضعفاء [3/ 107] في ترجمة يزيد المذكور من روايته عن أبي المنيب عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. قال ابن حبان: ومتن هذا الإسناد إنما هو: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] قال: الرؤيا الصالحة [يراها المسلم أو ترى له] (¬1) 1656/ 3933 - "خَلَقَ اللَّه يَحْيَى بْنَ زكريَّا في بَطْنِ أُمِّهِ مُؤْمِنًا، وَخَلَقَ فَرْعَوْنَ في بَطْنِ أُمِّهِ كَافِرًا". (عد. طب) عن ابن مسعود قال في الكبير: قال الهيثمى: إسناده جيد اهـ. وأورده الذهبى في الميزان في ترجمة محمد بن سليم العبدى من حديثه، ونقل عن النسائى وغيره أنه قوى، وعن آخرين [أنه] ثقة. قلت: ومع ذلك فلم ينفرد به بل تابعه عليه نصر بن طريف عن قتادة، قال أبو نعيم في التاريخ [2/ 190]: ثنا أبو الشيخ ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عيسى ثنا محمد بن معروف العطار ثنا أبو عبيدة حاتم بن عبيد اللَّه ثنا نصر بن طريف عن قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ناجية بن كعب عن ابن مسعود به، ولكن نصر بن طريف هالك. 1657/ 3937 - "خُلِقتُ النَّخْلَةُ، وَالرُّمَّان وَالعِنَب من فَضْلِ طِينَةِ آدَمَ". ابن عساكر عن أبي سعيد قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من ابن عساكر ولا أقدم مع أن الديلمى خرجه عن أبي سعيد أيضًا، لكن سنده مطعون فيه. ¬

_ (¬1) الزيادة من المجروحين (الضعفاء) لابن حبان.

قلت: الديلمى ليس أشهر من ابن عساكر ولا أقدم، بل كان الديلمى وابن عساكر في عصر وأحد وإنما تأخرت وفاة ابن عساكر بثلاث عشرة سنة، فإن الديلمى مات سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، وابن عساكر مات سنة إحدى وسبعين، فأين الأقدمية؟ والحديث في سنده من لا يعرف. 1658/ 3940 - "خَلِّلُوا بَيْنَ أَصَابِعِكُمْ لا يُخَلِّلُ اللَّه بَيْنَهمَا بِالنَّارِ، وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ". (قط) عن عائشة قال في الكبير: رواه الدارقطنى من رواية عمر بن قيس ثم قال -أعنى الدارقطنى-: ضعيف لضعف ابن قيس ويحيى بن ميمون، وقال ابن حجر: سنده ضعيف جدًا اهـ. ورواه الطبرانى والديلمى من حديث ابن مسعود، ثم قال الديلمى: وفي الباب أبو هريرة اهـ. فكان ينبغى للمصنف استيعاب مخرجيه إشارة لاكتسابه بعض القوة. قلت: بل كان ينبغى للمصنف (¬1) أن لا يتعرض للكتابة في الحديث، ففي هذه الجملة عدة أوهام وأخطاء فاحشة، الأول: قوله عن الدارقطنى أنه قال: ضعيف لضعف عمر بن قيس ويحيى بن ميمون، فإن الدارقطنى ما قال شيئًا من ذلك أصلًا، بل خرج الحديث وسكت. الثانى: قوله: لضعف عمر بن قيس ويحيى بن ميمون، فإن يحيى بن ميمون لا وجود له في سند الحديث. قال الدارقطنى [1/ 95، رقم 2]: حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق ثنا على بن إبراهيم الواسطى ثنا الحارث بن منصور ثنا عمر بن قيس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة بالحديث. ولكن يحيى بن ميمون وقع في سند حديث أبي هريرة (¬2) المذكور في المتن قبل حديث عائشة، فأدخله المصنف (1) في هذا الحديث. ¬

_ (¬1) يعنى الشارح. (¬2) وقد رواه الدارقطنى أيضًا (1/ 95، رقم 3).

الثالث: قوله: ورواه الطبرانى والديلمى (¬1) من حديث ابن مسعود ثم قال وفي الباب أبو هريرة. . . إلخ، فإن الطبرانى روى حديث ابن مسعود مرفوعًا وموقوفًا، أما الموقوف فهو بنحو اللفظ المذكور هنا (¬2)، والمصنف لا يورد في كتابه هذا الموقوفات، وأما المرفوع فلفظه: "لتنتهكن الأصابع بالطهور أو لتنتهكنها النار" (¬3)، وهذا اللفظ موضعه حرف اللام، وقد ذكره المصنف فيه كما سيأتى إن شاء اللَّه. الرابع: أن حديث أبي هريرة قد ذكره المصنف قبل هذا مباشرة ولكن الشارح مبتلى بالغفلة. الخامس: أن استيعاب المخرجين لا يفيد شيئًا ولا يكسب الحديث قوة، وإنما الذي يفيد الحديث قوة كثرة الطرق لا كثرة المخرجين، والشارح لا يميز بين كثرة الطرق وكثرة المخرجين. 1659/ 3943 - "خَمِّرُوا الآنِيةَ، وَأَوْكِئُوا الأَسْقِيَةَ، وأَجيفُوا الأَبْوَابَ، وَأَكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ المَسَاءِ، فَإِن للجَنِّ انْتِشَارًا وَخَطْفَةً، وَأَطْفِئُوا المصَابيحَ عِنْدَ الرقَادِ، فَإِنَّ الَفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا اجْتَرَّتِ الفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ البَيْتِ". (خ) عن جابر قال في الكبير: كلام المصنف كالصريح في أن ذا مما تفرد به البخارى عن صاحبه، وهو غفلة، فقد عزاه الديلمى وغيره لهما معًا. ¬

_ (¬1) أخرجه الديلمى (2/ 269، رقم 2666) من حديث أبي هريرة وليس ابن مسعود. (¬2) رواه الطبرانى في الكبير بألفاظ منها: (9/ 246، رقم 9211) بلفظ: "لينتهكن رجل بين أصابعه في الوضوء، أو لنتهكه النار" و (9/ 246، رقم 9212) بلفظ: "لينتهكن رجل بين أصابعه بالطهور أو لتنتهكه النار، و (9/ 247، رقم 9213) بلفظ: "خللوا الأصابع الخمس، لا يحشوها اللَّه نارا". (¬3) رواه في الأوسط (3/ 122، رقم 2674).

قلت: نعم هو غفلة عظيمة ولكن من الشارح لا من المصنف، فمسلم عقد بابا لهذا الحديث وأورد له طرقًا كثيرة، وأورده بلفظ: "غطوا" وقد ذكره المصنف في حرف الغين وعزاه لأحمد (¬1) ومسلم (¬2)، فما أعظمها غفلة!! 1660/ 3944 - "خَمِّرُوا وُجُوهَ مَوْتَاكُمْ، وَلا تَشَبَّهوا بِاليَهُودِ". (طب) عن ابن عباس قلت: وفي الباب عن ابن مسعود، قال أبو نعيم في التاريخ [2/ 338]: حدثنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ثنا الهيثم بن خالد البغدادى ثنا يحيى بن صالح الوحاظى ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن عبد اللَّه بن مرة عن مسروق عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خمروا وجوه موتاكم، لا تشبهوا باليهود". 1661/ 3945 - "خَمْسٌ بخَمْسٍ: مَا نَقَضَ قَوْمٌ العَهْدَ إلا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيهِمْ عدوهُم، وَمَا حَكمُوا بغيرِ مَا أَنْزَلَ اللَّه إلا فَشَا فِيهِمُ الفقْرُ، وَلا ظَهَرَتْ فِيهِمُ الفَاحشَةُ إلا فَشَا فِيهِمُ المَوْتُ، وَلا طَفَّفُواَ المِكْيَالَ إلا مُنِعُوا النَّبَاتَ [وَأُخِذُوا بِالسِّنِين]، وَلا مَنَعُوا الزَّكَاةَ إلا حُبِسَ عَنْهُمُ القَطْرُ". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة وهو ذهول، فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور عن ابن عباس كما بينه الديلمى وغيره. قلت: ما أخرجه ابن ماجه أصلًا لا باللفظ المزبور ولا بغيره (¬3)، ولا ذكر ¬

_ (¬1) انظر مسند أحمد (3/ 388). (¬2) انظر صحيح مسلم (3/ 1594، 2012/ 96). (¬3) بل أخرجه بمعناه (2/ 1333، رقم 4019) من حديث عبد اللَّه بن عمر مرفوعًا أقبل علينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ باللَّه أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا =

ذلك الديلمى ولا غيره وإنما هو من أخطاء الشارح فقد ذكره الحافظ المنذرى [1/ 544] وعزاه للطبرانى وقال: إنه حسن، وذكره أيضًا الحافظ الهيثمى في الزوائد [3/ 65] على الكتب الستة وعزاه للطبرانى وقال: فيه إسحاق بن عبد اللَّه بن كيسان المروزى لينه الحاكم، وبقية رجاله موثقون وفيهم كلام اهـ فما عزاه لابن ماجه إلا الشارح وحده تهورًا وخطأ. 1662/ 3946 - "خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضهُنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلّ، مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ، وَصَلاهُنَّ لِوَقْتِهِن، وَأَتَمَ رُكُوعَهُنَّ وسُجُودَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ، كَانَ له عَلَى اللَّه عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَل فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّه عهدٌ: إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ". (د. هق) عن عبادة بن الصامت قال في الكبير: ظاهر صنيع المؤلف أن أبا داود تفرد به من بين الستة وليس كذلك، بل قد عزاه الصدر المناوى وغيره إلى الترمذى والنسائى. قلت: أما الترمذى فما خرجه، وأما النسائى فأخرجه [1/ 230] بلفظ مخالف لهذا، وقد عزاه له المصنف بعد هذا مباشرة، وزاد عزوه لمالك [ص 96، رقم 14] وأحمد [5/ 315، 317] وابن ماجه [1/ 448، رقم 1401] وابن حبان [5/ 23، رقم 1732] والحاكم، ولكن الشارح لا يذكر ما مضى له قبل نصف سطر فكيف يعرف ما سيأتى بعد سطر. ¬

_ = بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد اللَّه وعهد رسوله، إلا سلط اللَّه عيهم عدوا من غيرهم، فأخذوا بعض ما فى أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب اللَّه، ويتخيروا مما أنزل اللَّه إلا جعل اللَّه بأسهم بينهم.

1663/ 3952 - "خَمْسُ لَيَال لا تُردّ فيهنَّ الدَّعْوَةُ: أَوَّلُ لَيْلَة مِنْ رَجَب، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبانَ، وَلَيَلةُ الجُمُعَةِ، لَيْلَةُ الفِطِر، وَلَيْلَةُ النَّحْرِ" ابن عساكر عن أبي أمامة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الديلمى في الفردوس، فما أوهمه صنيع المصنف من كونه لم يخرجه أحد ممن وضع لهم الرموز غير سديد، ورواه البيهقى من حديث عمر وكذا ابن ناصر والعسكرى، قال ابن حجر: وطرقه كلها معلولة. قلت: صنيع المصنف ما أوهم شيئًا، وللحافظ أن يعزو الحديث إلى من استحضره من غير تكليف زيادة إلا في نظر الجهلة، وما نقله عن الحافظ يجب أن يحقق ويبحث عنه. والديلمى ما خرجه في الفردوس ولكن خرجه ولده في مسند الفردوس فقال: أخبرنا عبدوس بن عبد اللَّه إذنًا أخبرنا عم والدى على بن عبد اللَّه بن عبدوس أخبرنا (¬1) ابن جفر بن أدير ثنا على بن محمد بن مهرويه ثنا إبراهيم ابن محمد بن مرة الصنعانى ثنا عبد القدوس بن مرداس ثنا إبراهيم بن أبي يحيى عن أبي قعنب عن أبي أمامة به (¬2)، إبراهيم ضعيف وفي ابن قيس من لم أعرفه. 1664/ 3957 - "خَمْسٌ مِنْ الإيْمَانِ: مَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيءٌ مِنْهُنَّ فَلا إِيْمَانَ لَهُ: التَّسْليمُ لأَمْرِ اللَّه، وَالرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ، وَالتَّفْوِيضُ إلى اللَّه، وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللَّه، وَالصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُوْلَى". البزار عن ابن عمر قال في الكبير: رواه البزار من طريق سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن ¬

_ (¬1) بياض في الأصل. (¬2) انظر الفردوس (2/ 311، رقم 2797)

كثير بن مرة عن ابن عمر، ثم قال مخرجه البزار عقبه: علته سعيد بن سنان أى وهو ضعيف. قلت: هذا الحديث خرجه الخطيب في تاريخه [9/ 444] من طريق زيد ابن رفاعة الهاشمى: ثنا محمد بن يحيى ثنا عبد اللَّه بن المعتز ثنا عفان بن مسلم ثنا حماد بن سلمة عن رجل عن نافع عن ابن عمر بنحوه. ثم قال الخطيب: هذا حديث باطل بهذا الإسناد، وابن المعتز لم يكن وُلِدَ في وقت عفان بن مسلم عن أن يكون سمع منه، وأراه من صنعة زيد بن رفاعة، فإنه كان يضع الحديث اهـ. ومن أجل هذا أورده ابن الجوزى في الموضوعات [1/ 136] ونقل كلام الخطيب، فتعقبه المصنف بقوله: لا ينبغى أن يذكر في الموضوعات فإنه وارد بغير هذا الإسناد، قال البزار: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن شبويه ثنا أبو اليمان ثنا سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن ابن عمر، فذكر المتن المذكور هنا، ثم ذكر له شاهدا آخر لبعضه (¬1)، فالشارح رأى ذلك في كلام المصنف وأوهم أنه رأى الحديث في مسند البزار ومنه نقل. 1665/ 3958 - "خَمْسٌ مِنْ سُنَنِ المُرْسَلِينَ: الحَيَاءُ، وَالحِلْمُ، وَالحِجَامَةُ، وَالسُّوَاكُ، وَالتَّعَطُّرُ". (تخ) والحكيم، والبزار، والبغوى (طب) وأبو نعيم في المعرفة (هب) عن حصين الخطمى ¬

_ (¬1) انظر اللآلئ المصنوعة (1/ 43).

قال في الكبير: ابن عبد اللَّه الخطمى، قال البيهقى عقب تخريجه هذا: ذكره البخارى في التاريخ عن عبد الرحمن بن أبي فديك ومحمد بن إسماعيل عن عمر بن محمد الأسلمى فعمر تفرد به إلى هنا كلامه، وعمر هذا أورده الذهبى في الضعفاء وقال: هو من المجاهيل اهـ. وقال الحافظ العراقى: سنده ضعيف، وللترمذى وحسنه من حديث أبي أيوب أربع، فأسقط الحلم والحجامة وزاد النكاح. قلت: في هذا أمور، الأول: أن حصينا ليس هو ابن عبد اللَّه ولا يعرف أحد اسم والده، بل لم يقع هو مسمى إلا في رواية هارون الحمال، وكل الرواة يقولون: عن مليح بن عبد اللَّه عن أبيه عن جده، وأصحاب كتب الصحابة ذكروه بحصين أبي عبد اللَّه، فصحف الشارح أداة الكنية بلفظ الابن. الثانى: أن الذهبى لم يقل في عمر: من المجاهيل، بل قال: مجهول نقلًا عن أبي حاتم، وهو وإن لم يصرح باسم أبي حاتم فقد ذكر اصطلاحه في ذلك في أول الكتاب. الثالث: أنه لم يوافق أبا حاتم على كونه مجهولًا بل تعقبه بقوله: قلت وروى عنه أيضًا معلى بن أسد حديثًا عن ثابت في فضل الدعاء وروى له صاحب المستدرك (¬1) اهـ. يعنى: ومن روى عنه اثنان فقد ارتفعت جهالته. الرابع: أن الشارح لم يستدرك على المصنف مخرجًا غير المذكورين وهو منه قصور، فقد أخرجه أيضًا ابن أبي الدنيا في الحلم قال [ص 21، رقم 6]: حدثنى على بن مسلم ثنا ابن أبي فديك أنا عمر بن محمد الأسلمى عن مليح ¬

_ (¬1) انظر الضعفاء (3/ 222، رقم 6208)

ابن عبد اللَّه الخطمى عن أبيه عن جده به. وأخرجه أيضًا الدولابى في الكنى قال [1/ 44]: حدثنا إبراهيم بن يعقوب قال: حدثنى محمد بن أحد وهشام بن عمار قالا: حدثنا ابن أبي فديك به. الخامس: قوله: وللترمذى، وحسنه من حديث أبي أيوب. . . إلخ لا يخلو أن يكون هو من كلامه أو من بقية كلام الحافظ العراقى، وكيفما كان الحال فإن المصنف قد ذكر حديث أبي أيوب هذا سابقًا ورمز لحسنه فكتب عليه الشارح في كبيره ما رد به تحسينه، ووهم في كلامه على ذلك كما هي عادته، وقد نبهنا عليه سابقًا، ثم أقر هنا تحسينه. السادس: أن حديث أبي أيوب المذكور رواه جماعة غير الترمذى منهم أحمد [5/ 421] وعبد بن حميد [ص 103، رقم 220] والحكيم في النوادر [2/ 62] وأبو الليث في التنبيه والبيهقى في الشعب [6/ 937، رقم 7719] كما ذكرته سابقًا، فلم لم يتعقب الشارح العراقى بذلك ولم يظهر قصوره وتقصيره؟ 1666/ 3963 - "خَمْسٌ لا يَعلَمُهنَّ إلا اللَّه: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} " [لقمان: 34]. (حم) والرويانى عن بريدة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين مع أن البخارى خرجه في الاستسقاء بلفظ: "مفاتيح الغيب خمس". قلت: من غفلة الشارح وبلادته أنه يسخف ويذكر مع سخافته ما يفضحه ويكشف ستره وهو لا يشعر، فيستدرك في حرف الخاء حديثًا مصدرًا بحرف الميم، وقد ذكره المصنف بذلك اللفظ في حرف الميم وعزاه لأحمد [5/ 353]

والبخارى [2/ 41، رقم 1039] ولكن من حديث ابن عمر لا من حديث بريدة، وإن كان جهل الشارح بالصناعة يوهم أنه من حديث بريدة أيضًا. 1667/ 3965 - "خَمْسٌ هُنَّ مِنْ قَوَاصِمِ الظَّهْرِ: عُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، والمَرْأَةُ يَأْتَمِنُهَا زَوْجُهَا تَخُونُهُ، وَالإِمَامُ يُطِيعُهُ الناسُ وَيَعْصِى اللَّه، وَرَجُلٌ وَعَدَ عَنْ نَفْسِهِ خَيْرًا فَأَخْلَفَ، وَاعْتِرَاضُ المَرْءِ في أَنْسَابِ النَّاسِ". (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه، والأمر بخلافه بل بقيته كما في الفردوس وغيره: "وكلكم لآدم وحواء" ثم قال: وفيه الحارث بن النعمان، أورده الذهبى في الضعفاء، وقال أبو حاتم: غير قوى، ورواه عنه أيضًا الديلمى. قلت: من عجائب غفلة الشارح أن يستدرك على المصنف ويتعقبه ببقية الحديث عند مخرج لم يعز اليه الحديث، فالمصنف إنما عزا الحديث للبيهقى [4/ 291، رقم 5144] وهو لم يخرجه بتلك الزيادة، فهل كان من نظر الشارح وفهمه أن يعمد المصنف إلى زيادة في رواية غيره ويعزوها إليه، فيدرج في الحديث ما ليس منه؟ ومن قلة [فهمه] أن يقول: والأمر بخلافه مع أن الأمر عند البيهقى هو كما نقل عنه المصنف لا خلافه، ثم إنه ذكر أن في سند الحديث الحارث بن النعمان، ثم قال عقبه: ورواه عنه أيضًا الديلمى مع أن الحارث لم يقع في السند عند الديلمى (¬1) فقد قال: أخبرنا محمد بن طاهر بن يمان أخبرنا عمى أخبرنا أبو منصور محمد بن عمرو ابن درويه بالدينور ثنا موسى بن محمد بن على الشيبانى ثنا أحمد ابن منصور الجوهرى ثنا أبو داود عبد اللَّه بن عبد السلام البصرى ثنا وهب ¬

_ (¬1) لا يفهم من قول المناوى أن الديلمى رواه من طريق الحارث، وإنما يفهم أنه في سند الحديث كما عند البيهقى.

اللَّه بن راشد أبو زرعة عن سعيد بن أبي أيوب عن ابن عجلان عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به. 1668/ 3967 - "خَمْسٌ مَنْ أُوْتيَهُنَّ لَمْ يُعْذَرْ عَلَى تَرْكِ عَمَلِ الآخِرَةِ: زَوْجَةٌ صَالِحَةٌ، وَبَنُونَ أَبْرَارٌ، وَحُسْنُ مُخَالَطَة النَّاسِ، وَمَعِيشَةٌ فِي بَلَدِهِ، وَحُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-". (فر) عن زيد بن أرقم قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو نعيم ومن طريقه، وعنه أورده الديلمى مصرحًا فكان عزوه إليه أولى. قلت: إن من لم يعرف في أى كتاب خرجه أبو نعيم لا يجوز له عزوه إليه، وقوله: ومن طريقه وعنه رواه مصرحًا، كلام في غاية السقوط والركاكة مع التناقض الذي يستحى من ذكره من يعرف الصناعة، فإن قوله: "من طريقه"، لا تجامع "وعنه" كما بينته سابقا، وقوله: "مصرحًا" لغو لا فائدة فيه إلا تسويد الورق، لأن المحدث الحافظ لا يحتاج إلى تصريح في معرفة أغلب الرجال، فكيف بأبى نعيم الذي لم يرو الديلمى إلا عن الحداد عنه؟ فإلى اللَّه المشتكى وإنا للَّه وإنا إليه راجعون، ولو أسقط هذه السخافة وأبدلها بالكلام على سند الحديث لأفاد ولو مع الوهم اللازم لكلامه، فوهم دون سخافة خير من وهم وسخافة. والحديث من رواية هلال بن العلاء عن أبيه قال: حدثنا أبو إسحاق لشيخ كان معنا في السفينة عن شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن زيد بن أرقم به. والعلاء منكر الحديث وشيخه نكرة، وما هذا من حديث شعبة، بل هو موضوع عليه جزمًا. 1669/ 3969 - "خَمْسُ خِصَالٍ يُفْطِرْنِ الصَّائِمَ، وَيَنْقُضْنَ الوُضُوءَ

الكَذِبُ، والغِيَبةُ، وَالنَّمِيمَةُ، وَالنَّظرُ بِشَهْوَةٍ، وَاليَمِينُ الكَاذِبَةُ" الأزدى في الضعفاء (فر) عن أنس قلت: هذا مما أخطأ المصنف في إيراده هنا، فإنه موضوع كما قال ابن الجوزى [/ 195] وأقره المصنف نفسه (¬1). 1670/ 3970 - "خَمْسُ دَعَوَاتٍ يُسْتَجَاب لَهُنَّ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ حَتَّى يَنْتَصِرَ، وَدَعْوَةُ الحَاجِّ حَتَّى يُصْدِرَ، وَدَعْوَةُ الغَازِى حَتَّى يَقْفِلَ، وَدَعْوَةُ المَرِيضِ حَتَّى يَبْرَأ، وَدَعْوَةُ الأَخِ لأَخِيه بِظَهْرِ الغَيْبِ، وَأَسْرَعُ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ إِجَابَةً: دَعْوَةُ الأَخِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ". (هب) عن ابن عباس قال في الكبير: وفيه زيد العمى، قال الذهبى: ضعيف متماسك، ورواه عنه أيضًا الحاكم ومن طريقه أورده البيهقى مصرحًا، فكان عزوه إليه أولى. قلت: ظاهر إطلاقه الحاكم أنه في المستدرك وليس كدلك، بل خرجه في التاريخ. ومن طريقه أيضًا أسنده الديلمى في مسند الفردوس عن ابن خلف عنه قال: حدثنا على بن عيسى بن إبراهيم ثنا زكريا بن داود ثنا يونس بن أفلح حدثنا مكى بن إبراهيم ثنا عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. 1671/ 3971 - "خَمْسٌ مِنَ العِبَادَة: النَّظَرُ إلى المُصْحَفِ، وَالنَّظَرُ إلى الكَعْبَةِ، والنَّظَرُ إلى الوَالِدَيْنِ، والنَّظُر فِي زَمْزَمٍ، وَهِيَ تَحُطُّ الخَطَايَا، وَالنَّظَرُ فِي وَجْهِ العَالِمِ". ¬

_ (¬1) انظر اللآلئ المصنوعة (2/ 106).

قال الشارح: كذا في خط المصنف، وبيض للصحابى. قلت: ما أظن أن يعزى المؤلف هذا الحديث إلى النسائى، فإنه ليس فيه ولا هو من أحاديثه، ثم لو كان عند النسائى وهو محال لقدم رمزه على رمز الدارقطنى، وكذلك ليس هو عند الدارقطنى في السنن كما يفيده إطلاق العزو إليه، فإن كان ذلك حقًا فلعله في الأفراد أو غيره من كتبه، وقد ورد الحديث بنحوه من حديث عائشة. 1672/ 3972 - "خِيَارُ المُؤْمِنِينَ القَانِعُ، وشِرَارُهُمُ الطَّامِعُ". القضاعى عن أبي هريرة قلت: رواه من طريقين، الطريق الأول [2/ 241، رقم 1274]: من رواية موسى بن سهل عن العباس بن الهيثم عن أبي همدان (¬1) عن منصور ابن المعتمر عن محمد بن كعب القرظى عن أبي هريرة به. ومن هذا الطريق رواه الديلمى في مسند الفردوس [2/ 283، رقم 2707] وسمى أبا همدان القاسم بن بهرام. والطريق الثانى للقضاعى [2/ 241، رقم 1275]: من طريق عبد اللَّه بن أبان: ثنا أبو الدرداء هاشم بن محمد ثنا عمرو بن بكر السكسكى عن الربذى عن محمد بن كعب به. ومن هذا الطريق أخرجه الخلعى في فوائده قال: أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن رجاء بن سعيد العسقلانى ثنا أبو بكر أحمد بن محمد المقرئ ثنا عبد اللَّه بن أبان بن شداد به، وكلا الطريقين ضعيف. 1673/ 3975 - "خِيَارُ أُمَّتِى عُلَمَاؤُهَا، وَخِيَارُ عُلَمَائِهَا رُحَمَاؤُهَا، أَلا وإِنَّ اللَّه تَعَالَى لَيَغْفِرُ لِلعَالِمِ أَرْبَعِينَ ذَنْبًا قَبْل أَنْ يَغْفِرَ للْجَاهِلِ ذَنْبًا ¬

_ (¬1) كتب المصنف فرق هذه الكلمة (خـ عمران) أى وفي نسخة أخرى عمران.

وَاحِدًا، أَلا وَإِنَّ العَالِمَ الرَّحيم يِجِيءُ يَوْمَ القِيَامَة وَإِنَّ نُوْرَهُ قَدْ أَضَاءَ، يَمْشِى فِيهِ مَا بَيْنَ المَشْرَقِ والمَغْرِبِ كَمَا يُضِئُ الكَوْكَبُ الدُّرِّيُ". (حل. خط) عن أبي هريرة والقضاعى عن ابن عمر قلت: أبدع الشارح في الكلام على هذا الحديث غاية الإبداع وأتى من التخليط والتهور والتبديل والتغيير والتقديم والتأخير والحذف والإسقاط بما يأنف القلم عن نقله ويضيق الصدر عن كتابته، فلنكتف بهذا ولندعه للناظر فيه يحكم عليه بما شاء. والحديث باطل موضوع كما قال ابن الجوزى (¬1) والذهبى (¬2)، وقد استخرجت عليه في كتابتى على مسند الشهاب. 1674/ 3976 - "خِيَارُ أُمَّتِى الَّذينَ إِذَا رُءوا ذُكِرَ اللَّه، وَشِرَارُ أُمَّتِى المَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ، المُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ، البَاغُون البُرآء العنَتَ". (حم) عن عبد الرحمن بن غنم (طب) عن عبادة بن الصامت قال في الكبير: بضم المعجمة وسكون النون. وقال في الصغير: إسناده صحيح، (طب) عن عبادة بن الصامت. قال في الكبير في حديث عبد الرحمن بن غنم: قال الهيثمى: فيه شهر بن حوشب وثق وضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: عبد الرحمن بن غنم بفتح الغين المعجمة لا بضمها كما يهم الشارح. وقوله في الصغير: سند الحديث صحيح، يبطله ما ذكره في الكبير عن الهيثمى والمنذرى أن فيه شهر بن حوشب وهو مختلف فيه، ومع ذلك فقد اختلف عليه فيه أيضًا، فأخرجه ابن أبي شيبة وأحمد [6/ 459] والبخارى في الأدب المفرد [ص 120، رقم 324] وابن ماجه [2/ 1379، رقم ¬

_ (¬1) أخرجه في العلل المتناهية (1/ 132، رقم 203). (¬2) انظر ميزان الاعتدال (3/ 477، رقم 7205)

4119] وابن أبي الدنيا في الصمت [142، رقم 255] وأبو نعيم في الحلية [1/ 6] وابن ماسى في فوائده وآخرون من طريق عبد اللَّه بن عثمان ابن خثيم عن شهر بن حوشب فقال: عن أسماء بنت يزيد. ورواه أحمد عن سفيان عن ابن أبي الحسين عنه فقال [4/ 227]: عن عبد الرحمن بن غنم كما هنا. نعم، للحديث طرق أخرى من حديث أبي هريرة عند ابن أبي الدنيا في الصمت [142، رقم 253] ومن حديث عبد اللَّه بن عمرو عند الحكيم الترمذى في نوادر الأصول، ومن حديث عبد اللَّه بن عمر عند البيهقى في الشعب [5/ 297، رقم 6708]، ومن حديث ابن عباس عند الحكيم الترمذى [1/ 567]، ومن حديث أنس عنده أيضًا [1/ 568]، وانظر حديث: "ألا أخبركم بخياركم"، وحديث: "أولياء اللَّه الذين إذا رءوا ذكر اللَّه". 1675/ 3977 - "خِيَارُ أُمَّتِى أحِدَّاؤُهُمْ الَّذِينَ إِذَا غَضِبُوا رَجَعُوا". (طس) عن على قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه يغنم بن سالم بن قنبر، وهو كذاب اهـ. وفي الضعفاء لابن حبان: قال الذهبى: يضع الحديث. قلت: ليس في سند الحديث يغنم بن سالم بن قنبر، وإن قال ذلك الحافظ الهيثمى، والظاهر أن الطبرانى وقع عنده: ثنا ابن قنبر، فظنه الحافظ الهيثمى يغنم بن سالم، وإنما هو عمه عبد اللَّه بن قنبر، فقد قال العقيلى في الضعفاء: حدثنا فطين ثنا محمد بن جعفر ثنا عبد اللَّه بن قنبر عن أبيه عن على، فذكره (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه العقيلى (2/ 289، رقم 862) ولكنه قال: حدثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى قال: حدثنا محمد بن عثمان أبو جعفر الفراء الأسدى قال: حدثنا عبد اللَّه ابن قنبر به.

ثم قال العقيلى: لا يتايع على حديئه من وجه يثبت. وفي الباب رواية من غير هذا الوجه فيها لين أيضًا اهـ. وفطين شيخ الطبرانى فأحسبه رواه عنه أيضًا. والعجب أن الشارح عزاه للبيهقى، والبيهقى رواه في الشعب [6/ 313، رقم 8301]، عن الحاكم، قال: أخبرنا أبو الحسن بن عقبة الشيبانى ثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المروزى ثنا محمد بن عثمان الفراء أبو جعفر ثنا عبد اللَّه بن قنبر مولى على، وكان قد أتى عليه مائة وعشرون سنة، فذكره، ثم مع بهذا قال: إن فيه يغنم بن سالم. ولكن الشارح يحرف الصحيح ويغلط في الصواب فكيف يصحح المحرف ويصوب الغلط؟ 1676/ 3978 - "خِيَارُ أُمَّتِى أَوَّلُهَا، وَآخِرُها نَهْجٌ أَعْوجُ، لَيْسُوا مِنِّى، وَلَسْتُ مِنْهُمْ". (طب) عن عبد اللَّه بن السعدى قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه يزيد بن ربيعة وهو متروك. قلت: وقع في هذا الحديث سقط أوقع الشارح في شرحه على غير مراده. ولفظ الحديث: "خيار أمتى أولها وآخرها وفي وسطها نهج أعوج" هكذا أخرجه الطحاوى في مشكل الآثار من هذا الوجه فقال [6/ 270، رقم 2473]: حدثنا أبو أمية ثنا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم الدمشقى ثنا يزيد بن ربيعة عن زيد بن واقد عن بسر بن أرطاة عن عبد اللَّه بن وقدان السعدى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن خيار أمتى أولها وآخرها وبين ذلك ثبج أعوج ليسوا منى ولست منهم". وهكذا رواه الحكيم في النوادر من حديث أبي الدرداء مرفوعًا بلفظ

[1/ 616]: "خير أمتى أولها وآخرها وفي وسطها الكدر" وسيأتى للمصنف قريبًا. وكذلك رواه أبو نعيم في الحلية [6/ 123] من مرسل عروة بن رويم، فروى من طريق محمد بن خلف العسقلانى: ثنا الفريابى عن الأوزاعى عن عروة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خير هذه الأمة أولها وآخرها، أولها فيهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وآخرها فيهم عيسى ابن مريم، وبين ذلك ثبج أعوج ليس منك ولست منهم" وسيأتى للمصنف أيضًا. وهذه الرواية بينت المراد من الحديث ورفعت الإشكال، ونحو هذا قال ابن مسعود: لا يأتى على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه، أما إنى لست أعنى عامًا -يريد وقت عيسى والمهدى-. 1677/ 3979 - "خِيَارُ أُمَّتِى مَنْ دَعَا إِلَى اللَّه تَعَالَى، وحبَّبَ عِبَادَهُ إِلَيْهِ". ابن النجار عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد ضعيف لكن يقويه ما رواه الحكيم الترمذى: "خيار عباد اللَّه الذين يحببون اللَّه تعالى إلى عباده، ويحببون العباد إلى اللَّه تعالى، ويمشون في الأرض نصحاء". قلت: هكذا ذكر هذا الشاهد دون ذكر صحابيه، ولا بيان رفعه أو وققه، وهو مبهم لا يفيد، وقد وردت أحاديث وآثار بنحوه ذكرتها في تخريجى لأحاديث عوارف المعارف للسهروردى في الأول من الباب العاشر منه. 1678/ 3980 - "خِيَارُ أَئِمَّتكُمْ الَّذِينَ تُحبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيهِمْ وَيُصَلُّوَنَ عَلَيكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تَبْغَضُونَهُمْ وَيَبْغَضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ". (م) عن عوف بن مالك

قال في الكبير: ولم يخرج البخارى عن عوف قلت: كذا وقع في الأصل المطبوع: ولم يخرج بدون ضمير، كأنه يريد أن البخارى لم يرو في صحيحه لعوف أصلًا لا هذا ولا غيره، ويحتمل أنه قال: ولم يخرجه البخارى بالهاء وسقطت من قلم الناسخ، وكلا الأمرين غلط، أما الأول: فإن البخارى خرج لعوف بن مالك في صحيحه حديث [4/ 124، رقم 3176]: "اعدد ستًا بين يدى الساعة". وأما الثانى: فإن التقييد بكونه لم يخرجه من حديث عوف يفهم أنه خرجه من حديث غيره، وهو لم يخرجه لا من حديثه ولا من حديث غيره. نعم خرجه في التاريخ الكبير في ترجمة مسلم بن قرظة الأشجعى ابن عم عوف بن مالك (4/ 270). وأخرجه أيضًا أبو بكر الربعى السدار في جزئه، والثقفى في التاسع من الثقفيات كلهم من حديث عوف. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 316] من حديث أنس بن مالك، فقال: حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد ثنا أبو مسلم محمد بن حميد ثنا أبو الحسن عباد ابن أحمد العرزمى ثنا عمى عن أبيه عن جابر عن النضر بن أنس عن أبيه قال: "قعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على المنبر فقال: ألا إن خيار أمرائكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم، ألا وإن شرار أمرائكم الذين تلعنونهم ويلعنونكم وتبغضونهم ويبغضونكم، ألا إن خياركم من يرجى خيره ولا يخاف شره، ألا وإن شراركم من يخاف شره ولا يرجى خيره، من قال الناس: اتقوا شر فلان، فهو في النار، يقول ثلاثًا ثم نزل". 1679/ 3986 - "خِيَارُكم (¬1) الَّذينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّه بِهِمْ، وَشِرَارُكم المَشَّاءُونَ، المُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ، البَاغُون البُرآءَ العَنَتَ". (هب) عن ابن عمر ¬

_ (¬1) في المطبوع من الفيض: "خيار أمتى".

قال في الكبير: وفيه ابن لهيعة وابن عجلان وفيهما كلام سبق، وخرجه الحاكم أيضًا فكان عزوه إليه أولى. قلت: أى على طريقة الشارح في عزو الحديث إلى من يرى غيره أسنده من طريقه، وإن لم يتحقق كونه خرجه، فالشارح رأى البيهقى رواه عن الحاكم فألزم المصنف بذلك مع أنه إذ نقل الحديث من الشعب قد رأى البيهقى رواه عن شيخه الحاكم، ولكن الأمانة والتحقيق منعتاه من ذلك بخلاف الشارح، والحديث مر الكلام عليه قريبًا. 1680/ 3989 - "خِيَارُكُمْ أحسَنُكُم قَضَاءً لِلدَّيْنِ". (ت. ن) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه وهو ذهول عجيب، فقد عزاه هو في الدرر إليهما معًا باللفظ المزبور، وقال الحافظ العراقى: متفق عليه. قلت: هو ذهول عجيب ولكن من الشارح لا من المصنف، فإن الشيخين لم يروياه بهذا اللفظ بل بألفاظ منها: "إن خياركم"، وقد عزاه المصنف سابقًا إلى أحمد [2/ 393، 509] والبخارى [3/ 130، رقم 2306] وغيره، وأما مسلم فلم يقع عنده بلفظ يصح ذكره في هذا الكتاب إلا على سبيل الحذف من أول الحديث (¬1)، واصطلاح المصنف في الدرر غير اصطلاحه هنا كما بيناه غير مرة. 1681/ 3994 - "خِيَارُكُمْ الَّذِينَ إِذَا سَافَرُوا قَصَرُواِ الصَّلاةَ وَأَفْطَرُوا". الشافعى، والبيهقى في المعرفة عن ابن المسيب مرسلا ¬

_ (¬1) رواه مسلم (3/ 1225، رقم 1601/ 121، 122) بألفاظ مختلفة.

قال الشارح: ووصله أبو حاتم عن جابر. قلت: قال ابن أبي حاتم [1/ 255، رقم 755]: سألت أبي عن حديث رواه سهل بن عثمان العسكرى قال: ثنا غالب بن فائد عن إسرائيل عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خياركم من قصر الصلاة في السفر وأفطر"، قال أبي: حدثنا عبد اللَّه بن صالح بن مسلم قال: أنا إسرائيل عن خالد العبد عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال أبي: وغالب بن فائد مغربى ليس به بأس. قلت: لكن خالد العبد قال الذهبى: تركه غير واحد، وكذبه الفلاس، والحديث خرجه أيضًا البخارى في الضعفاء [3/ 165] عن محمد بن إدريس هو أبو حاتم بسنده. 1682/ 3995 - "خِيَارُكُمْ مَنْ ذَكَّرَكُمْ بِاللَّه رُؤيتهُ، وَزَادَ في عِلْمِكُمْ منْطِقه، وَرَغَّبَكُمْ فِي الآخِرَةِ عمَلهُ". الحكيم عن ابن عمرو قال في الكبير: قال عبد اللَّه بن عمرو بن العاص: "قيل يا رسول اللَّه من نجالس؟ " فذكره، ورواه العسكرى من حديث ابن عباس. قلت: لفظ الحديث لا يطابق ما حكاه الشارح عن ابن عمرو بل هو نقل ذلك من حديث ابن عباس الذي قال: "قيل يا رسول اللَّه أى الجلساء خير؟ قال: من ذكركم باللَّه رؤيته" الحديث مثله. وهذا مطابق للسؤال بخلاف حديث ابن عمرو، ثم إن حديث ابن عباس قد ذكره المصنف فيما سيأتى قريبًا بلفظ: "خير جلسائكم" وعزاه لعبد بن حميد، والحكيم أيضًا.

فكون الشارح لم يعرف ما في الكتاب الذي يشرحه واقتصر على عزوه للعسكرى قصور وذهول، على أن الحديث خرجه أيضًا ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء [ص 39، رقم 16] وغيره كما سأذكره قريبًا عند ذكر المصنف للحديث. 1683/ 3996 - "خِيَارُكُمْ كُل مُفَتَّنٍ تَوَّابٍ". (هب) عن على قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف اهـ. وذلك لأن فيه ضعيفًا ومجهولًا هو النعمان بن سعد، قال الذهبى في الضعفاء: مجهول. قلت: النعمان بن سعد يروى عن على عليه السلام، فإن كان في سند البيهقى فهو غير موجود في سند الديلمى، والغالب على الظن أنه غير موجود في سند البيهقى أيضًا (¬1) لأن الحديث معروف من رواية محمد بن الحنفية عن أبيه، هكذا رواه الديلمى [4/ 275، رقم 2684] قال: أخبرنا أبو القاسم الرويانى أنا أبو القاسم بن عبد الرحمن ثنا أبو بكر بن أبي سعيد ثنا عبد الرحمن بن إسحاق المقرئ ثنا الواقدى ثنا إبراهيم بن إسماعيل عن عبد اللَّه بن أبي سفيان عن يزيد بن طلحة عن محمد بن على بن أبي طالب عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خياركم كل مفتن تواب". ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن الواقدى بهذا الإسناد، إلا أنه قال في المتن: "إن اللَّه يحب المفتن التواب" (¬2). وبهذا اللفظ وواه عبد اللَّه بن أحمد في زوائد المسند [1/ 80، 103] من طريق أبي عمرو البجلى عن عبد الملك بن سفيان الثقفى عن أبي جعفر محمد ¬

_ (¬1) بل هو في سند البيهقى في الشعب (5/ 418، رقم 7120، 7121). (¬2) انظر بغية الباحث بزوائد مسند الحارث (2/ 972، رقم 1076).

ابن على عن محمد بن الحنفية به. ومن هذا الوجه رواه الدولابى في الكنى [2/ 62] وأبو نعيم في الحلية [3/ 178، 179] كما ذكرته سابقًا في حديث: "إن اللَّه يحب العبد المفتن التواب". وفي الباب عن ابن عباس مرفوعًا: "إن المؤمن خلق مفتنا توابا نسيا إذا ذكر ذكر" رواه أبو نعيم في الحلية [3/ 211] من طريق عبد اللَّه بن نمير عن عتبة ابن يقظان عن داود بن على عن أبيه عن جده ابن عباس به. 1684/ 4003 - "خَيْرُ التَّابِعِينَ أُوَيْسٌ". (ك) عن على قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجًا في أحد الصحيحين، وهو ذهول فقد عزاه الديلمى وغيره لمسلم بأزيد فائدة من هذا ولفظه: "خير التابعين رجل من قرن يقال له أويس القرنى وله والدة. . " إلخ قال: وفي مسلم أيضًا: "إن خير التابعين رجل يقال له أويس" الحديث. قلت: في هذا من سخافة هذا الرجل وأوهامه أمور، الأول: أن حديث على لم يخرجه مسلم أصلًا، ولو كان عند مسلم لما استدركه الحاكم. الثانى: أن مسلمًا خرجه من حديث عمر بن الخطاب (¬1) ولكن لم يذكره باللفظ الأول الذي أتى به الشارح أصلًا فقوله: ولفظه: "خير التابعين" إلخ كذب. الثالث: أنه ذكره باللفظ الثانى المصدر بحرف "إن" وموضع ذلك حرف الهمزة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم (4/ 1968، رقم 2542/ 224).

1685/ 4005 - "خَيْرُ الدُّعَاءِ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لا إِلَهَ إلا اللَّهَ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قدِيرٌ". (ت) عن ابن عمرو قال في الكبير: وقال (ت): غريب، وفيه حماد بن حميد ليس بالقوى عندهم اهـ. فعزو المصنف الحديث له وحذفه من كلامه ما عقبه به غير جيد، قال ابن العربى: ليس في دعاء عرفة حديث يعول عليه إلا هذا، وما ذكروا من المغفرة فيه والفضل لأهله أحاديث لا تساوى سماعها. قلت: في هذا أمران، الأول: المصنف لا ينقل كلام المخرجين وقد عوض عن ذلك الرموز، فرمز لهذا الحديث بعلامة الضعيف. الثانى: ما نقله عن ابن العربى وأقره عليه باطل، فالأحاديث الواردة بفضل يوم عرفة والمغفرة لأهله كثيرة صحيحة وحسنة ومنها ما هو في صحيح مسلم (¬1)، وابن العربى بضاعته في الحديث مزجاة لا يكاد يتعدى في معرفة المتون ما في الموطأ والصحيحين وبعض السنن الأربعة، وقد ينكر أحاديث في الصحيحين كما نقل عنه الشارح هنا، ويكفيك أنه ادعى في موطأ إمامه أنه أصح الكتب وأنه أصل الصحيحين، وفيه حديث في فضل عرفة وأهله، ثم يقول: إن جميع تلك الأحاديث لا تساوى سماعها، وقد يورد حديثًا موضوعًا فيصححه، أو يورده محتجًا به كما فعل في حديث السؤال عن الإخلاص وغيره. 1686/ 4006 - "خَيْرُ الدُّعَاءِ الاسْتَغْفَارُ". (ك) في تاريخه عن على ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم (2/ 982، رقم 1348/ 436) من حديث عائشة رضي اللَّه عنها.

قلت: سكت عنه الشارح مع أن الديلمى أخرجه [2/ 288، رقم 2720] من طريق الحاكم، والديلمى من مراجع الشارح، وفي سنده كذابان متهمان، محمد بن أشرس وأبو البخترى وهب بن وهب. قال الحاكم: حدثنا أبو الطيب محمد بن محمد السعدى ثنا محمد بن أشرس ثنا إبراهيم ابن نصر الفقيه ثنا أبو البخترى ثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن الحسين بن على عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خير الدعاء الاستغفار وخير العبادة قول لا إله إلا اللَّه". 1687/ 4009 - "خَيْرُ الذِّكْرِ الخفيُّ، وَخَيْرُ الرِّزْقِ مَا يَكْفِى". (حم. حب. هب) عن سعد بن مالك قال الشارح في الشرحين: أو ابن أبي وقاص. قلت: هذا تعبير غريب واختراع عجيب لا يدرى ما معناه، فسعد بن مالك هو سعد بن أبي وقاص وكأن الشارح لم يعرف سعدًا هذا، هل هو ابن أبي وقاص، أو أبو سعيد الخدرى، فإن كلًا منهما اسمه سعد بن مالك، ولكن أبا سعيد الخدرى لا يذكر باسمه أصلًا، وإنما يذكر باسمه سعد بن أبي وقاص. ثم إن ظاهر سكوت الشارح عن استدراك المخرجين يفيد أنه لا يعرف له مخرجًا آخر وهو قصور، فقد أخرجه أيضًا جماعة منهم: قاسم بن أصبغ وابن شاهين في الترغيب [1/ 200، رقم 171] (¬1) وابن الأعرابى في المعجم والثقفى في الثقفيات وابن عبد البر في العلم [1/ 734، رقم 1349] والقضاعى في ¬

_ (¬1) أخرجه في الترغيب بلفظ: "خير الرزق ما يكفى، وخير الذكر الخفى".

مسند الشهاب [2/ 217، رقم 1218] (¬1) الذي رتبه الشارح على حروف المعجم. 1688/ 4010 - "خَيْرُ الرِّجَالِ رِجَالُ الأَنْصَارِ، وَخَيْرُ الطَّعَامِ الثَّرِيدُ". (فر) عن جابر قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو نعيم، ومن طريقه وعنه أورده مصرحًا فلو عزاه للأصل كان أولى. قلت: بل لو ترك الشارح فضوله وعرف قدر نفسه لكان أولى، وإذا لم ير المصنف الحديث إلا في الديلمى ولم يتحقق من أى كتاب استخرجه من كتب أبي نعيم الكثيرة، فلا ينبغى عزوه إلا للديلمى. وقوله: ومن طريقه وعنه أورده مصرحًا، كلام ركيك دال على جهالة بالصناعة الحديثية، بل فيه تناقض ظاهر كما بيناه غير مرة لأن قولهم: "من طريقه" صيغة انقطاع، وقولهم: "عنه" صيغة اتصال. والحديث يرويه الديلمى عن الحداد إجازة عن أبي نعيم، فكيف يقال: "عنه"؟ وإنما يقال: من "طريقه"، دون "عنه". قال أبو نعيم: ثنا محمد بن حميد ثنا على بن الحسين بن سليمان ثنا محمد بن محمد بن مرزوق ثنا أحمد بن الحارث بن بهرام ثنا عبد اللَّه بن الأشعث بن سوار عن أبيه عن أبي الزبير عن جابر به. ¬

_ (¬1) ورواه كذلك بالعكس (2/ 217، رقم 1220): "خير الرزق ما يكفى، وخير الذكر الخفى".

1689/ 4024 - "خَيْرُ العبادة أَحقُّها" القضاعى عن عثمان. قال الحافظ ابن حجر: يروى بالموحدة وبالمثناة التحتية. قال في الكبير: قال الحافظ بن حجر: يروى بالموحدة وبالمثناة التحتية ثم قال: واقتصاره على عزو ذلك لابن حجر يؤذن بأنه لم يره لغيره من المتقدمين، مع أنه مسطور في كتاب مشهور وهو الفردوس، فقال فيه بعدما قدم رواية العبادة بالباء الموحدة ما نصه: وفي رواية: "خير العيادة أخفها" أى قيامًا من عند المريض. قلت: تأمل هذا تجده بلغ الغاية في السخافة، والحديث قال القضاعى: أخبرنا أبو النعمان تراب بن عمر بن عبيد أنا أبو أحمد عبد اللَّه بن محمد المفسر ثنا أحمد بن على بن سعيد المروزى ثنا ابن أبي زائدة ثنا المحاربى عن سلام المدائنى حدثنى عبد الرحمن بن زياد بن أبي مريم عن عثمان بن عفان به. 1690/ 4025 - "خَيْرُ العَمَلِ أَنْ تُفَارِقَ الدُّنْيَا وَلِسَانُكَ رَطبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّه". (حل) عن عبد اللَّه بن بسر قلت: ما رأيت هذا الحديث في النسخة المطبوعة من الحلية، وقد أخرجه أحمد في الزهد من مرسل الحسن، فقال: حدثنا حسين بن محمد ثنا المبارك عن الحسن قال: "سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أى العمل خير؟ قال: تموت يوم تموت ولسانك رطب من ذكر اللَّه عز وجل". 1691/ 4026 - "خَيْرُ الغذَاءِ بَوَاكِرُهُ، وَأَطْيَبُهُ أَوَّلُهُ". (فر) عن أنس

قال في الكبير: رواه من طريق غسان بن مالك عن عنبسة بن عبد الرحمن عن أبي زكريا اليمامى عن أنس، وغسان ليس بالقوى وعنبسة متروك، قال: ورواه أبو نعيم أيضًا، وعنه أورده الديلمى مصرحًا بعزوه إلى الأصل فلو عزاه المؤلف إليه كان أولى. قلت: بل لو سكت الشارح وستر سخافته لكان أولى، فالديلمى ما رواه عن أبي نعيم بل عن الحداد عنه، فيقال: رواه من طريقه لا عنه. وقوله: مصرحًا بعزوه إلى الأصل جهالة وكذب فالديلمى ما عزاه، وإنما أسنده من طريق أبي نعيم، وذلك [لا] يقال فيه عزو، وإنما يقال فيه إسناد. أما كونه ذكر الأصل فكذب، إذ الأصل هو الكتاب المخرج فيه الحديث، والديلمى لم يذكر كتابًا، وأبو نعيم خرج الحديث في تاريخ أصبهان في ترجمة أحمد بن محمد بن على بن رستة أبي حامد الجمال الصوفى (1/ 162)، وإذا لم يقف المصنف عليه في الأصل ولا عرف في أى كتاب خرجه أبو نعيم فلا ينبغى له أن يعزوه إلا إلى الديلمى كما فعل. 1692/ 4030 - "خَيْرُ المَاءِ الشَّبمُ، وخَيْرُ المَالِ الغَنَمُ، وخَيْرُ المَرْعَى الآرَاكُ والسلمُ". ابن قتيبة في غريب الحديث عن ابن عباس قال في الكبير: فظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة وهو ذهول، فقد خرجه الديلمى من مسند الفردوس عن أبي هريرة المذكور باللفظ المزبور. وقال في الصغير: ورواه الديلمى عن أبي هريرة. قلت: إن [المصنف] إذا عزا الحديث للديلمى وكان عنده من طريق أبي

نعيم أو الحاكم، يتعقبه [الشارح] بأن الأولى عزوه إلى الأصل دون الفرع وهو مخطئ في ذلك من جهة كون المصنف لم يتحقق الحديث في الأصل ولم يره فيه، وفي هذا الموضع لما تحققه المصنف أو وقف عليه في أصل الغريب لابن قتيبة تعقبه بعكس ذلك، وهو كونه كان ينبغى له العزو إلى الفرع دون الأصل، فهذا غاية في التعنت وسوء القصد، ولذلك كتب في الكبير: وخرجه الديلمى عن أبي هريرة المذكور، مع أن المذكور في الأصل ابن عباس وكذلك هو في مسند الفردوس، بل الديلمى في الحقيقة لم يخرجه إنما أورده من الغريب لابن قتيبة بسنده، قال ابن قتيبة: ثنا إبراهيم بن مسلم عن إسماعيل بن مهران عن الريان بن عباد عن عمر بن موسى عن الزهرى عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه عن ابن عباس به، بالزيادة التي نقلها الشارح، وعمر بن موسى كذاب وضاع فالحديث من إفكه. 1693/ 4033 - "خَيْر النَّاسِ قرنِى، ثُمَّ الذِينَ يلُوَنُهم، ثمَّ الذِينَ يلُونَهُم، ثُمَ يَجِئ أَقْوام تَسْبِق شَهَادةُ أَحَدِهِم يمينُهُ، ويمينُهُ شَهَادُتُه". (حم. ق. ت) عن ابن مسعود قال في الكبير: ورواه عنه النسائى في الشروط، وابن ماجه في الأحكام، فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد الترمذى به من بين الأربعة غير جيد، بل قال المصنف: يشبه أن الحديث متواتر. قلت: ما خرجه النسائى في الصغرى الذي هو أحد الكتب الستة من حديث ابن مسعود، وإنما خرجه من حديث عمران بن حصين في كتاب الإيمان والنذور، وليس في الصغرى كتاب الشروط أصلًا. وابن ماجه خرجه في أبواب الشهادات لا في أبواب الأحكام، وما قال أحد أن العزو إلى جميع أهل السنن الأربعة واجب وتركه نقص، وقوله: بل قال

المصنف يشبه. . . إلخ. فيه أمران، أحدهما: أن هذا التعبير فاسد إذ لا معنى لذكر "بل" هنا. ثانيهما: أن المصنف لم يقل: الأشبه بل جزم بذلك، وعده في الأزهار من المتواتر فقال: أخرجه الشيخان عن ابن مسعود وعمران بن حصين وأحمد ومسلم عن أبي هريرة وعائشة، وأحمد عن بريدة والنعمان بن بشير، والطيالسى عن عمر، والطبرانى عن سعد بن تميم وجعدة بن هبيرة، وفي الأوسط عن سمرة، وفي الكبير أيضًا عن أبي برزة وجميلة بنت أبي لهب، وابن أبي شيبة عن عمرو بن شرحبيل مرسلًا اهـ. قلت: وفي الباب أيضًا عن آخرين منهم جابر بن سمرة وعبد اللَّه بن عمرو ابن العاص وسعد بن أبي وقاص خرجتها في مرضع آخر. 1694/ 4040 - "خَيْرُ النَّاسِ خَيْرُهُمْ قَضَاءً". (هـ) عن العرباض بن سارية قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن ابن ماجه تفرد به من بين الستة وإلا لما أفرده بالعزو وهو ذهول، فقد رواه الجماعة كلهم إلا البخارى عن أبي رافع، قال: "استسلف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بكرًا فجاءته إبل الصدقة فأمرنى أن أقضى الرجل بكره، فقال: لا آخذ إلا جملًا رباعيا، فقال: أعطه إياه فإن خير الناس أحسنهم قضاء". قلت: قبح اللَّه الغباوة والبلادة، فانظر كيف يتعقب المصنف بحديث يورد لفظه الذي لا يدخل في هذا الحرف فيبرهن على بلادته المتناهية وهو لا يشعر، نسأل اللَّه العافية. 1695/ 4043 - "خَيْرُ النَّاسِ مُؤمن فَقِيرٌ يعْطِى جَهْدَهُ". (فر) عن ابن عمر

قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف جدًا اهـ. وقال في الصغير: إسناده صحيح. قلت: هكذا حرمان التوفيق، ينقل في كبيره عن العراقى أنه ضعيف جدًا ثم يقول في صغيره: إسناده صحيح. والحديث خرجه الديلمى من طريق أبي نعيم فاختصوه مقتصرًا على المتن المرفوع كما هنا، وهو عند أبي نعيم في تاريخ أصبهان في ترجمة إسحاق بن إسماعيل الرملى من روايته عن عبد الوهاب بن الضحاك: ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد اللَّه بن دينار عن نافع عن ابن عمر: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قام في أصحابه فقال: أى الناس خير؟ فقال بعضهم: مؤمن غنى يعطى حق نفسه وماله، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: نعم الرجل هذا وليس به ولكن خير الناس مؤمن. . . " وذكره. وعبد الوهاب بن الضحاك متروك منكر الحديث متهم، فالحديث ساقط، فكيف يكون سنده صحيحًا؟ 1696/ 4044 - "خَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهم لِلنَّاسِ". القضاعى عن جابر قال في الكبير: وفيه عمرو بن بكر السكسكى، قال في الميزان: واه، وقال ابن عدى: له مناكير، وقال ابن حبان: يروى عن الثقات الطامات، ثم أورد له أخبارا هذا منها. قلت: لا وجود لعمرو بن بكر السكسكى في سنده، قال القضاعى: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر النحاس أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن

الأعرابى ثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا على بن بهرام ثنا عبد الملك بن أبي كريمة عن ابن جريج عن عطاء عن جابر به. وعمرو بن بكر إنما رواه من طريقه ابن حبان في الضعفاء، فقال: حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة بعسقلان ثنا أبو الدرداء هاشم بن محمد بن يعلى الأنصارى مؤذن مسجد بيت المقدس ثنا عمرو بن بكر السكسكى عن ابن جريج به. ومن تهور الشارح أنه يرى الحديث في ترجمة رجل فيجزم بأن المخرج رواه من طريقه فيأتى بالباطل والكذب كهذا، فينه جزم بأن القضاعى أخرجه من طريقه. والسند وإن كان ضعيفًا إلا أنه ورد من طرق أخرى متعددة من حديث ابن عباس وابن عمر وأنس وابن مسعود وأبي هريرة وبعض الصحابة والحسن مرسلًا، أسندت جميعها في مستخرجى على مسند الشهاب والحمد للَّه. 1697/ 4046 - "خَيْرُ النِّسَاءِ مَنْ تَسُرُّكَ إِذَا أبْصَرتَ، وَتُطِيعُكَ إِذَا أمَرْتَ، وَتَحْفَظُ غَيْبَتَكَ فِي نَفْسِهَا ومالكَ". (طب) عن عبد اللَّه بن سلام قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا مما لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه وهو وهم، فقد خرجه ابن ماجه بخلف لفظى يسير، مع الاتحاد في المعنى، ولفظه: "خير النساء إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها". قلت: كذب الشارح واللَّه فإنه لا يخلوا أن يكون أراد الحديث من أصله، أو حديث عبد اللَّه بن سلام بخصوصه، فإن أراد الحديث من أصله فقد قدمه

المصنف قبل هذا من حديث أبي هريرة وعزاه لأحمد والنسائى، وإن أراد حديث عبد اللَّه بن سلام فابن ماجه ما خرجه أصلًا، وإنما خرج حديثًا لأبي أمامة لا باللفظ الذي ذكره الشارح، بل ذلك من صريح كذبه الممقوت، قال ابن ماجه: حدثنا هشام بن عمار ثنا صدقة بن خالد ثنا عثمان بن أبي العاتكة عن على ابن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يقول: "ما استفاد المؤمن بعد تقوى اللَّه خيرًا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله"، وقد ذكره المصنف في حرف الميم وعزاه لابن ماجه. 1698/ 4052 - "خَيْرُ أُمَّتِى بَعْدِى أَبُو بَكْرٍ وَعمر". ابن عساكر عن على والزبير معًا قال في الكبير: زاده يعنى قوله معا دفعًا لتوهم أن الواو بمعنى أو. قلت: بل زاده ليتحقق أنك بعيد عن دراية الحديث وأدخلت نفسك فيه وأنت لا تعرفه، فالمخرج قد يروى الحديث بسندين عن صحابيين، وقد يرويه بسند واحد عن صحابيين، يقول التابعى: سمعت فلانا وفلانا يقولان: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كذا، فالمؤلف قال: معًا، ليبين أنه رواه بسند واحد عنهما، ولم يروه عن كل واحد بسند خاص إليه. 1699/ 4058 - "خَيْرُ بَيْتٍ في المُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيهِ، وَشَرُّ بَيْتٍ فِي المُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيه، أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذَا" (خد. هـ. حل) عن أبي هريرة

قال في الكبير: وقال المنذرى: رجال ابن ماجه موثقون، وقال العراقى: فيه ضعف. قلت: أخرجه أيضًا ابن المبارك في الزهد، والطبرانى في مكارم الأخلاق والبغوى في التفسير في سورة الضحى، وليس لهذا ذكرته ولكن لما سيذكره الشارح بعد هذا. 1700/ 4059 - "خَيْرُ بيوتِكُمْ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ مُكْرَمٌ". (عق. حل) عن عمر قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول، فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور من حديث أبي هريرة، وعنه أورده في الفردوس. قلت: كتب [الشارح] بيده الحديث قبل هذا مباشرة وقد عزاه المصنف للبخارى في الأدب وابن ماجه، وزاد هو النقل عن المنذرى بأن رجال ابن ماجه موثقون، ثم عقبه مباشرة يستدرك به كأنه لم يره، وبدلًا من أن يستدرك حديث أبي هريرة الذي ذكره المصنف قبل هذا مباشرة في غير موضعه -وهو حديث عمر هذا- كان من حقه أن يتنبه لقصوره وجهله، فإن حديث عمر خرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب وهو من مراجعه، بل قد رتب أحاديثه وادعى أنه خرجها، وقد رأيت تخريجه بل كان عندى، وأخرجته لأنه أسخف من عقله، فإنه عمد إلى أحاديث الشهاب ورتبها على حروف المعجم ورمز عقب كل حديث بعلامة الضاد إشارة إلى أنه خرجه القضاعى مؤلفه، وهذا نهاية في السخافة بحيث لا يأتى به إلا مثله.

1701/ 4060 - "خَيْرُ تَمْرِكُمْ البرنى يُذْهِبُ الدَّاءَ وَلا دَاءَ فِيهِ". الرويانى (عد. هب) والضياء عن بريدة (عق. طس) وابن السنى وأبو نعيم في الطب (ك) عن أنس (طس. ك) وأبو نعيم عن أبي سعيد قال في الكبير: وهذا أورده ابن الجوزى في الموضوعات لكن تعقبه المؤلف بأن الضياء أخرجه أيضًا في المختارة ولم يتعقبه الحافظ ابن حجر في أطرافه، هذا قصارى [ما رد] به عليه ولا يخفى ما فيه. قلت: نعم لا يخفى ما فيه، [إذ] لا يربك في المصنف تعقبًا إلا إذا جاء بالمهاجرين والأنصار من مراقدهم يشهدون لابن الجوزى بأنهم سمعوا الحديث من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فحينئذ يكون في نظرك متعقبًا، وقد تختلق لتلك المعجزة الكبرى أيضًا ما يوحيه إليه شيطانك، والغريب أنه يكذب صريحا، إذ يدعى أن قصارى ما تعقب به المصنف كون الضياء خرجه في المختارة، ولم يتعقبه الحافظ مع أنه لو اقتصر على ذلك لكان آتيًا بغاية الإفادة، ولكن شيئًا من ذلك لم يكن، بل ابن الجوزى أعل الحديث بعقبة بن عبد اللَّه الأصم، ونقل عن ابن حبان أنه ينفرد بالمناكير عن المشاهير فتعقبه المصنف بأمور، أحدها: أن عقبة المذكور خرج له الترمذى. ثانيها: أن ابن عدى قال: بعض أحاديثه مستقيمة وبعضها مما لا يتابع عليه، وهذا الحديث قد توبع عليه من طرق متعددة. ثالثها: أن البخارى خرجه في تاريخه الكبير وكذلك البيهقى في الشعب، وهو لا يخرج حديثًا لعلم أنه موضوع، كما أن البخارى لا يسكت على حديث موضوع.

رابعها: أن الحافظ ضياء الدين صححه فأخرجه في المختارة وأقره على ذلك الحافظ. خامسها: أن له شواهد من حديث أبي سعيد الخدرى وأنس بن مالك ومزيدة العصرى وبعض وفد عبد القيس، وهى في مسند أحمد ومستدرك الحاكم ومعجم الطبرانى ونوادر الأصول للحكيم وغيرهم، فهذا مفصل ما تعقب به المصنف لا ما افتراه الشارح فالعجب ممن ترجمه ووصفه بالزهد والصلاح، فواللَّه ما حام الصلاح حول كذاب. 1702/ 4061 - "خَيْرُ ثيابِكُمْ البَيَاضُ أَلْبِسُوهَا أحياءَكُمْ، وَكفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ". (قط) في الأفراد عن أنس قال في الكبير: ورواه الحاكم باللفظ المزبور عن ابن عباس، وصححه ابن القطان، قال ابن حجر: ورواه أصحاب السنن غير أبي داود والحاكم أيضًا من حديث سمرة واختلف في وصله وإرساله اهـ. فعدول المصنف للدارقطنى تقصير. قلت: حديث ابن عباس قد ذكره المصنف بعد هذا مباشرة وعزاه لابن ماجه والطبرانى والحاكم. وحديث سمرة قد قدمه المصنف سابقًا بلفظ: "البسوا الثياب البيض" وعزاه لأحمد والترمذى والنسائى وابن ماجه والحاكم، فلو كان للشارح حياء لاقتصر على التعقب بحديث سمرة، لأنه قد طال عهده به من حرف الهمزة إلى حرف الخاء، وهو نسى جاهل بالحديث، ولكن إذ كتب حديث ابن عباس بعد هذا مباشرة كان يتذكر ما كتبه هنا ويرجع عنه، ولكنه ساقط. ثم إن الحديث خرجه الدارقطنى في الجزء الثالث والثمانين من الأفراد، قال:

حدثنا عبد الصمد بن على الكرمى ثنا الفضل بن العباس الصواف ثنا عبد الوهاب بن إبراهيم ثنا أيوب بن سليمان أبو اليسع ثنا زكريا بن حكيم عن الشعبى عن أنس به. ثم قال تفرد به زكريا بن حكيم، ولم يروه عنه غير أبي اليسع أيوب بن سليمان. 1703/ 4063 - "خَيْرُ جُلَسَائِكُمْ مَنْ ذَكَّرَكُمْ اللَّه رُؤْيتهُ، وَزَادَ فِي عملكم منطقهُ، وَذَكَّرَكُمْ الآخِرة عَمَلُهُ". عبد بن حميد والحكيم عن ابن عباس قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجًا لأشهر من هذين والأمر بخلافه، بل رواه أبو يعلى باللفظ المزبور عن ابن عباس المذكور. قلت: ليس أبو يعلى أشهر من عبد بن حميد ولا الحكيم الترمذى بل كلهم في الشهرة سواء، وإنما يختلق الشارح هذا ليتمكن من التعنت على المصنف لظنه أن ذلك يحط من قدره، وإنما يتوهم الشارح ذلك وإذا تركنا مجمع الزوائد والترغيب للمنذرى المصنفين على الأبواب، وقلنا للشارح استدرك من غيرهما أو من نفس الأصول كالمسانيد والأجزاء والمصنفات، فلا يدرى ما يقول، فهلا استحى وعلم أن الرجوع إلى المصنفات المرتبة على الأبواب شأن العجزة الضعفة، فإن مطلق العامة يمكنه أن يفعل مثل ما فعل الشارح مع التحفظ من الغلط والكذب، والنباهة والفطنة في الإيراد.

والحديث خرجه أيضًا ابن أبي الدنيا في الأولياء (رقم 25) من طريق عبيد اللَّه بن موسى: أنا مبارك بن حسان عن عطإء عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا أخبركم بخير جلسائكم، من ذكركم اللَّه رؤيته" الحديث. وأخرجه الطوسى في (6/ 97) من أماليه من طبع بلاد العجم، من طريق عبيد اللَّه بن سليمان عن محمد بن على العطار عن هارون ابن أبي بردة عن عند اللَّه بن موسى به، لكنه قال: عن مبارك بن حسان عن عطية بدلَ عطاء، وتقدم الحديث قريبًا من حديث عبد اللَّه بن عمرو. 1704/ 4067 - "خَيْرُ دِينكُمْ أَيْسرهُ". (حم. خد. طب) عن محجن بن الأدرع (طب) عن عمران بن حصين (طس. عد) والضياء عن أنس قلت: لم يجد [الشارح] في مجمع الزوائد ما يستدرك به على المؤلف، فحديث محجن رواه جماعة منهم ابن أبي شيبة ومسدد وأبو داود الطيالسى في مسانيدهم والقضاعى في مسند الشهاب وآخرون ممن ألفوا في الصحابة. وحديث أنس رواه أيضًا الطبرانى في الصغير وأبو نعيم في تاريخ أصبهان وابن عبد البر في العلم، ورواه أحمد من حديث أعرابى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد وقع في حديث محجن اضطراب ذكرته في المستخرج على مسند الشهاب.

1705/ 4071 - " خَيْرُ شَبَابِكُمْ مَنْ تَشَبَّهَ بِكُهُولِكُمْ، وَشَرُّ كُهُولِكُمْ مَنْ تَشَبَّهَ بِشَبَابِكُمْ". (ع. طب) عن واثلة (هب) عن أنس وعن ابن عباس (عد) عن ابن مسعود قلت: أسخف الشارح هنا في كون المصنف لم يذكر كلام البيهقى على الحديث، وهو تعنت ممقوت، فإن المصنف التزم أن لا يذكر كلام أحد إلا نادرًا لحاجة تدعو إلى ذلك، لكنه لم يجد ما يسخف به من جهة استدراك المخرجين لأنه ليس في مجمع الزوائد شيء زائد. وحديث واثلة أخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة، قال: حدثنا الحسن بن حبيب الكرمانى ثنا سعد بن الربيع السمان ثنا عنبسة بن سعيد ثنا حماد مولى بنى أمية عن جناح مولى الوليد عن واثلة به. وحديث أنس أخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب، قال: حدثنا أبي ثنا محمد بن على الجوزجانى ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا الحسن بن أبي جعفر ثنا ثابت عن أنس به، وقال أبو نعيم في التاريخ: أخبرنا عبد اللَّه بن جعفر فيما أذن ثنا عامر بن عامر أبو يحيى ثنا مسلم بن إبراهيم به، وزاد: "ولا يقبل اللَّه صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول، ولو يعلم المتخلفون عن هاتين الصلاتين لأتوهما ولو حبوا". 1706/ 4074 - "خَيْرُ طَعَامِكُمُ الخُبْزُ، وَخَيْرُ فَاكِهَتِكُمُ العِنَبُ". (فر) عن عائشة قال في الكبير: كتب الحافظ ابن حجر على حاشية الفردوس بخطه: هذا

السند مختلط، وأقول: فيه الحسن بن شبل، أورده الذهبى في ذيل الضعفاء وقال: كان ببخارى معاصرًا للبخارى، كذبه سهل بن شاذويه الحافظ وغيره اهـ. وخرجه ابن على أيضًا عنها مرفوعًا بلفظ: "عليكم بالمرازقة، أكل الخبز مع العنب، وخير الطعام الخبز"، قال: -أعنى ابن عدى- هذا موضوع، والبلاء فيه من عمرو بن خالد الأسدى وأورده ابن الجوزى في الموضوعات، وأقره عليه المؤلف في مختصرها. قلت: في هذا أمور، الأول: هذا الحديث موضوع، فيلام المصنف على ذكره هنا ولا بد. الثانى: ما نقله الشارح عن الحافظ مما كتبه بهامش مسند الفردوس هو حق وصواب، ولكن الشارح فهم منه أن الحافظ لم يهتد لعلة الحديث ولم يعرف منه إلا كونه مختلطًا، فتبرع هو ما شاء اللَّه على الحافظ بالبيان، وليس غرض الحافظ ما ظن الشارح المسكين، فإن ذلك معلوم بالضرورة لمن هو دون الحافظ، فكيف به؟. ولكن سند الديلمى وقع فيه اختلاط فاسمعه لتعرفه إن كنت من أهل دراية الحديث، قال الديلمى: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم أخبرنا أبو على بن منجويه وحدثنا أحمد بن على ثنا أحمد بن أبي نضر ثنا القاسم بن أبي صالح ثنا أحمد بن رزق اللَّه ثنا الحسن ابن شبل ثنا عمرو بن خالد عن هضام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، فأول هذا السند مختلط فيه شيوخ أبي نعيم بشيوخ الديلمى. الثالث: أن الحسن بن شبل المذكور في السند هو العبدى، وأظنه أقدم ممن ذكره الذهبى لأن ذاك معاصر للبخارى، والبخارى لم يدرك أصحاب هشام بن عروة.

الرابع: ما نقله عن الذهبى في ذيل الضعفاء هو موجود في الضعفاء بالنص، فذكر الذيل كذب وتدليس. الخامس: سند الحديث عند الديلمى وابن عدى واحد إذ كلاهما رواه من طريق الحسن بن شبل عن عمرو بن خالد عن هشام بن عروة، وابن عدى قد أعله بعمرو بن خالد واتهمه به، فكيف ساغ بعد ذلك للشارح أن يعلله بالحسن بن شبل البرئ منه، وإن كان ابن عدى قد أعله مرة أخرى بشيخه أحمد بن حفص بن عمر السعدى وادعى أن سنده موضوع منه على من فوقه ولكن ذلك غير صواب لأنه كما عند الديلمى مروى من غير طريق السعدى. 1707/ 4075 - "خَيْرُ طِيبِ الرجالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِي لَوْنُهُ، وَخَيْرُ طيب النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِي رِيحُهُ". (عن) عن أبي موسى قال (ش): بإسناد ضعيف. قلت: خفى على الشارح أن الحديث صحيح من حديث أبي هريرة وعمران ابن حصين وأنس بن مالك وغيرهم كما سيأتى في حرف "الطاء" بلفظ: "طيب الرجال" الحديث، ولو علم ذلك لأسخف على الشارح ولكن اللَّه سلم لكون الحديث لم يذكر في مجمع الزوائد، فالحمد للَّه. 1708/ 4076 - "خَيْرُ لَهْوِ المُؤْمِنِ السِّبَاحَةُ، وَخَيْرُ لَهْوِ المَرْأَةِ المَغْزَلُ". (عد) عن ابن عباس قال في الكبير: رواه من طريق جعفر بن نصر ثم قال: إنه يحدث عن الثقات بالبواطيل اهـ. ومن ثم حكم ابن الجوزى بوضعه وأقره عليه المصنف.

قلت: كذب الشارح، بل تعقبه بذكره شاهده الذي أخرجه أبو نعيم من حديث أنس رفعه: "نعم لهو المرأة مغزلها". وللمصنف: "الأجر الجزل في الغزل" أورد فيه الآثار الواردة في الباب. 1709/ 4081 - "خَيْرْ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الحِجَامَةُ وَالقَسْطُ النَّجرى، وَلا تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالغَمْزِ مِنَ العُذْرَةِ". (حم. ن) عن أنس قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يتعرض أحد الشيخين لتخريجه، وهو كذلك من حيث اللفظ، أما في المعنى فهو في الصحيحين معًا. قلت: وقضية حال الشارح أنه عالم عاقل، وهو كذلك من حيث الظاهر أما في الحقيقة والباطن فهو كما ترى. 1710/ 4083 - "خَيْرُ مَا رُكِبَتْ إِلَيهِ الرَّوَاحِلُ مَسْجِدى هَذَا وَالبَيْتُ العَتِيق". (حم. ع. حب) عن جابر قال في الكبير: ورواه عنه أحمد بلفظ: "خير ما ركبت إليه الرواحل مسجد إبراهيم ومسجدى"، قال الهيثمى: وسنده حسن. قلت: الشارح أسقط رمز أحمد وهو ثابت في الأصل، ثم استدرك به من مجمع الزوائد، والواقع أن الحديث في مسند أحمد باللفظ المذكور هنا كما عزاه إليه المصنف. ورواه باللفظ الثانى الطحاوى في مشكل الآثار (1/ 241) عن الربيع الخيرى:

ثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه الأويسى عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى ابن عقبة عن أبي الزبير عن جابر: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: خير ما ركب إليه الرواحل مسجد إبراهيم عليه الصلاة والسلام ومسجد محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-". 1711/ 4084 - "خَيْرُ مَا يَخْلفُ الإنْسَانُ بَعْدَهُ ثَلاثٌ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، وَصَدَقَةٌ تَجْرِي يَبْلُغُه أَجْرُهَا، وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِه مِنْ بَعْدِهُ". (هـ. حب) عن أبي قتادة قال في الكبير: قال المنذرى بعدما عزاه لابن ماجه: إسناده صحيح، فظاهر صنيع المصنف أن ابن ماجه تفرد بصراجه عن الستة وهو ذهول، فقد عزاه ابن حجر إلى مسلم، وعبارته بعدما عزا خبر "إذا مات ابن آدم" إلى مسلم ما نصه: وله وللنسائى وابن ماجه وابن حبان من طريق أبي قتادة: "خير ما يخلف الرَّجل بعده. . . " إلى آخر ما هنا. قلت: كل ما تعقب به الشارح المصنف باطل، والعجب أنه نقل عن الحافظ المنذرى اقتصاره في عزو الحديث إلى ابن ماجه، ولكنه لم يتنبه بذلك ولم يكتف به، لأنه ليس فيه بغيته المنشودة، وفيه ما يبين قصور المصنف على ظنه، فانتقل إلى هذا النقل الخطأ الذي وهم فيه الحافظ تبعًا لأصله، فإنه ذكر ذلك في كتاب الرقف من التلخيص الحبير الذي اختصر فيه كتاب ابن الملقن، وتبع فيه كلامه دون تحرير. فهذا الحديث ما خرجه مسلم ولا النسائى أصلًا بل انفرد به من بين الستة ابن ماجه وحده، وإنما الموجود في صحيح مسلم حديث أبي هريرة: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث" الحديث. نعم أخرجه الديلمى في مسند الفردوس من حديث أبي قتادة من طريق النسائى

ولعله في كناه أو غيره من كتبه. وأورده الحافظ في زهر الفردوس مع أنه لا يورد فيه من الأصل ما هو مخرج في الكتب المشهورة كما ذكره في خطبة كتابه، وذلك مما يدل على أنه قلد ابن الملقن في عزوه إلى مسلم ولم يحرر ذلك في التلخيص. وأخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة، قال: حدثنا سعيد بن عبد اللَّه الفرغانى المعروف بعثكل ثنا إسماعيل بن عبيد بن عمر ابن أبي كريمة الحرانى ثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم ثنى زيد بن أبي أنيسة عن زيد بن أسلم عن عبد اللَّه بن أبي قتادة عن أبيه به. 1712/ 4085 - "خَيْرُ مَا يَمُوتُ عَلَيهِ العَبْدُ أَنْ يَكُونَ قَافِلا مِنَ حجٍّ أَوْ مُفْطِرًا مِنْ رَمَضَانَ". (فر) عن جابر قال في الكبير: وفيه أبو جناب الكلبى، ضعفه النسائى والدارقطنى، ورواه عنه أيضًا الطبرانى، وعنه ومن طريقه أورده الديلمى مصرحًا، فلو عزاه المصنف لكان أولى. قلت: ولو سكت الشارح وحقق ما ينقل لكان أولى فالديلمى ما أسنده من طريق الطبرانى أصلًا، بل قال: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم ثنا عبد اللَّه بن محمد بن جبير ثنا أحمد بن محمد ابن حمدويه ثنا أحمد بن محمد بن غالب ثنا أحمد بن عبيد اللَّه ثنا سلمة بن عوانة عن أبي جناب الكلبى عن أبي الزبير عن جابر به. وقوله: وعنه وعن طريقه، كلام ركيك فاسد نبهنا عليه مرارًا. 1713/ 4086 - "خَيْرُ مَالِ المَرْءِ مُهْرَةٌ مَأْمُوْرَةٌ أَوْ سكة مَأْبُورَة". (حم. طب) عن سويد بن هبيرة قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات.

قلت: لم يجد الشارح ما يستدرك به على المصنف لعدم وقوفه على من ذكر وهو قصور، وإن كان لا يعد على مثله. فالحديث خرجه أيضًا ابن أبي شيبة والحارث بن أبي أسامة وابن سعد في الطبقات وأبو عبيد القاسم بن سلام وأبو إسحاق الحربى في غريب الحديث لهما، وإسحاق بن راهويه في مسنده، والبخارى في التاريخ الكبير، والدولابى في الكنى والأسماء، وابن الأعرابى في المعجم، والقضاعى في مسند الشهاب، وقد رتبه الشارح وخرجه فيما زعم ذلك التخريج العدم الباطل، فأين كان عن ذكره هنا؟ 1714/ 4087 - "خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْر بُيُوتِهِنَّ". (حم. هق) عن أم سلمة زاد في الكبير: وكذا أبو يعلى والديلمى قال: وقال في المهذب: إسناده صويلح اهـ. وقال الديلمى: صحيح، وهو زلل لأنه من حديث ابن لهيعة عن دراج. قلت: لم يقع ابن لهيعة إلا في أحد سندى أحمد، ورواه من وجه آخر ليس فيه ابن لهيعة وهو ما رواه عن يحيى بن غيلان: ثنا رشدين حدثنى عمرو بن الحارث عن أبي السمح عن السائب مولى أم سلمة عن أم سلمة رضي اللَّه عنها. وكذلك لم يقع ابن لهيعة في سند البيهقى، فإنه رواه من طريق ابن وهب: أَنبأنا عمرو بن الحارث به. ورواه الحاكم في المستدرك من هذا الوجه أيضًا، وعنه رواه البيهقى. وكذلك رواه القضاعى في مسند الشهاب من غير طريق ابن لهيعة أيضًا بل رواه من طريق موسى بن أعين عن عمرو بن الحارث به. وفي الباب عن ابن عمر وابن مسعود وغيرهما.

1715/ 4091 - "خَيْرُ نِسَاءِ أُمَّتِي أَصْبَحُهُنَّ وَجْهًا وَأَقَلُّهُنَّ مَهْرًا". (عد) عن عائشة قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن ابن عدى خرجه وأقره، والأمر بخلافه، فإنه أخرجه في ترجمة الحسين بن المبارك الطبرانى وقال: إنه متهم. قلت: ابن عدى لا يخرج ما يقر ولا كتابه مؤلف لذلك، بل هو في الرجال الضعفاء، فكل ما فيه أو أغلبه فهو مردود منكر، والعزو إليه مؤذن بذلك كما صرح به المؤلف في خطبة الأصل، وزاد الرمز له بعلامة الضعيف. والحديث باطل موضوع فكان على المؤلف ألا يذكره. 1716/ 4093 - "خَيْرُ نِسَائِكُمْ العَفِيفَةُ الغلمةُ، عَفِيفَةٌ في فَرْجِهَا، غلمة عَلَى زَوْجها". (فر) عن أنس قال في الكبير: وفيه عبد الملك بن محمد الصنعانى، قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به عن زيد بن جبيرة، قال الذهبى: تركوه، ورواه ابن لال ومن طريقه أورده الديلمى مصرحًا، فلو عزاه المصنف للأصل لكان أصوب. قلت: ابن لال له مصنفات فإذ لم يتحقق المصنف في أى مصنف منها خرج الحديث، فكيف يعزوه إليه؟ وقوله: مصرحًا، كلمة سخيفة اعتادها الشارح لظنه أن الناس كلهم مثله لا يعرفون من الرجال إلا ما صرح باسمه وكنيته ولقبه. ثم إن الحديث ورد من وجه آخر عن يحيى بن سعيد، فقد أخرجه ابن عدى في الكامل من رواية أبي اليمان عن إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن أنس، فهي متابعة لعبد الملك الصنعانى الذي رواه عن زيد بن جبيرة عن يحيى ابن سعيد. وقد أورد الذهبى الحديث في ترجمة إسماعيل بن عياش من الميزان، والشارح قد رتب أحاديثه فأين كان عن ذكر طريقه هنا؟.

1717/ 4098 - "خَيْرُ مَا تَدَاوَيْتُمْ به اللدُود، وَالسعوطُ، وَالحِجَامَة، وَالمَشْى" (ت) وابن السني وأبو نعيم في الطب عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه ابن ماجه عنه أيضًا، فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد الترمذى به من بين الستة غير صواب. قلت: بل كذب الشارح وتهوره غير صواب، فابن ماجه ما خرجه أصلًا مطلقًا. 1718/ 4100 - "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي" (ت) عن عائشة (هـ) عن ابن عباس (طب) عن معاوية قال في الكبير: وظاهر كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه وألامر بخلافه، بل بقيته عند الترمذى كما في الفردوس وغيره: "وإذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه". قلت: من تهور الشارح أنه لا ينقل نقلًا عن أحد أو كتاب إلا ويقول: "وغيره"، ولو كان ذلك المنقول منفردًا بما نقل عنه، فكلمة "غيره" لا يراها شيئًا في تهوره، وهي من الكذب. فآخر الحديث عند الترمذى: "وإذا مات صاحبكم فدعوه"، ليس عنده: "ولا تقعوا فيه"، وأخشى أن تكون زيادة من كيس أوهام الشارح حتى على الديلمى، أما ذلك الغير فهو موهوم لا وجود له. وحديث ابن عباس أخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار (3/ 211). وحديث معاوية أخرجه أيضًا الثقفى في الثقفيات في أول الثامن منها. وأبو عبد اللَّه الحسين بن يحيى القطان في جزئه دون قوله: "وأنا خيركم لأهلى". ورواه أبو العباس أحمد بن يوسف بن صرفا في جزء من حديثه (تخريج عبد اللطيف بن الفقصى إسلامى) قال:

أخبرنا أبو الفتوح عبد الخالق بن أحمد الحنبلي اليوسفي أنا أبو القاسم محمد بن علي بن ميمون القرشي أنا محمد بن علي بن عبد الرحمن وعلي بن محمد بن بزة الثمالي قالا: حدثنا محمد بن الحسن الثملي أنا عبد الله بن زيدان ثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد ثنا عقبة عن عبد الرحمن بن زياد حدثني سعد بن مسعود: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: اضربوا النساء على تعليم الخير، ألا إن خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله". قال المخرج: هذا حديث حسن غريب وألفاظه صحيحة، وسعد بن مسعود في الصحابة ثلاثة هذا أحدهم، وسعد بن مسعود الثقفي عم المختار بن أبي عبيد، وسعد بن مسعود الكندي الكوفي روى عنه قيس بن أبي حازم. 1719/ 4103 - "خَيْرُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَرَدَّ السَّلامَ ". (ع، ك) عن صهيب قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أحمد باللفظ المزبور، وكأنه أغفله ذهولاً لما سبق أن الحديث إذا كان في مسند أحمد لا يعدل عنه لمن دونه. قلت: كل هذا كذب فلا المصنف أغفله ولا أحمد رواه باللفظ المزبور، ولا الحديث إذا كان في المسند لا يعدل عنه لمن دونه. أما أحمد فرواه بلفظ: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أطعم الطعام ورد السلام"، فكونه باللفظ المزبور كذب فإن أوله ألف، والمذكور هنا أوله حاء، وأيضًا هو أمر وحديث الباب خبر، فلهذا لم يذكره المصنف لأنه ليس بموضع له. وأما كون الحديث إذا كان في المسند فلا يعدل عنه إلى غيره فلا قائل به، ولا معول عليه. والحديث خرَّجه أيضًا الطبراني في مكارم الأخلاق، قال:

حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنا مصعب بن عبد اللَّه الزبيرى ثنا أبي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن صهيب قال: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: خياركم من أطعم الطعام"، ولتحديث صهيب به قصة مع عمر رضي اللَّه عنه ذكرها أحمد في مسنده [6/ 16، رقم 23982، 23985] ولوين في جزئه قال: حدثنا عبيد اللَّه بن عمرو عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن حمزة بن صهيب عن أبيه رضي اللَّه عنه قال: "قال عمر رضي اللَّه عنه لصهيب: أى رجل أنت لولا خصال ثلاث فيك، قال: وما هن؟ قال: اكتنيت وليس لك ولد، وانتميت إلى العرب وأنت من الروم، وفيك سرف في الطعام، قال: أما قولك اكتنيت ولم يولد لي فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كنانى أبا يحيى، وأما قولك وانتميت إلى العرب وأنت من الروم فإني رجل من النمر بن قاسط سبتنى الروم من الموصل بعد إذ أنا غلام قد عرفت نسبى، وأما قولك فيك سرف في الطعام فإني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: خياركم من أطعم الطعام". ثم قال لوين: ثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خياركم من أطعم الطعام". 1720/ 4105 - "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِي مِنْ بَعْدِي". (ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه أيضًا أبو يعلى وأبو نعيم والديلمى، ورجاله ثقات. قلت: عزوه لأبي نعيم إنما استفاده من كون الديلمى أخرجه من طريقه وهو عنده في التاريخ في ترجمة محمد بن عبد الرحمن الجوهرى عنه، قال: ثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ثنا يحيى بن معين ثنا خربش بن أنس عن

محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. 1721/ 4110 - "خَيْرُكُم المُدَافعُ عَنْ عَشِيرَتِهِ مَا لَمْ يَأْثَمْ". (د) عن سراقة بن مالك قلت: أخرجه أيضًا الثقفى في الثالث من الثقفيات، قال: حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن حبيب قراءة عليه ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف الأموي ثنا محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم البصرى أنا أيوب بن سويد ثنا أسامة بن زيد الليثى عن سعيد بن المسيب عن سراقة بن مالك قال: "خطبنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: خيركم" وذكره. 1722/ 4112 - "خَيْرُكُمْ مَنْ لَمْ يَترُكْ آخِرَتَهُ لِدُنْيَاهُ وَلا دنياهُ لآخِرَتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ كَلا عَلَى النَّاسِ". (خط) عن أنس قلت: هذا حديث موضوع كما بينته في جزء أفردته للكلام عليه سميته: "صفع التياه بإبطال حديث خيركم من لم يترك دنياه". 1723/ 4119 - "خُيِّرْتُ بَيْنَ الشَّفَاعَة وَبَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الجَنَّةَ، فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ لأَنَّهَا أُعَمُّ وَأَكْفَى أَتَرَونَهَا لِلْمُؤْمِنِينَ المُتَّقِينَ؟ لا، وَلَكِنَّهَا لِلْمُذْنِبِينَ المُتَلَوِّثِينَ الخَطَّائِينَ". (حم) عن ابن عمر (هـ) عن أبي موسى قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الطبرانى، قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح خير النعمان بن قراد وهو ثقة. قلت: هو كذلك ولكن اختلف على زياد بن خيثمة الراوى عنه، فرواه الحسن بن عرفة في جزئه عن عبد السلام بن حرب الملائى عن زياد بن خيثمة

عن نعمان بن قراد عن عبد اللَّه بن عمر به. ومن طريق الحسن بن عرفة أخرجه ابن مردك في فوائده، والبيهقى في الاعتقاد والصابونى في العقيدة وابن الأبار في المعجم وغيرهم. ورواه أحمد في المسند [6/ 75، رقم 5451]، ومن طريقه الخطيب في الكفاية عن معمر بن سليمان الرقى عن زياد بن خيثمة فقال: عن على بن النعمان بن قراد عن رجل عن ابن عمر، فجعل اسمه على بن النعمان وأدخل في السند رجلًا مبهمًا. لكن له طريق آخر من رواية أيوب السختيانى عن نافع عن ابن عمر عند البيهقى في الاعتقاد، ومن رواية مالك عن نافع عند الخطيب في التاريخ. وفي الباب عن جماعة يأتى ذكرهم إن شاء اللَّه في حرف الشين في حديث: "شفاعتى لأهل الكبائر من أمتى". 1724/ 4121 - "الخاصرةُ عِرقُ الكليةِ إذا تحركَ أذى صاحبِها فَداوها بالماءِ المحرقِ والعسل" الحارث وأبو نعيم في الطب عن عائشة قال الشارح: بإسناد صحيح، لكن متنه منكر. وقال في الكبير: قال ابن الجوزى: لا يصح فيه الحسين بن علوان، قال ابن عدى: يضع الحديث اهـ. ورواه الحاكم باللفظ المزبور عن عائشة وقال: صحيح وأقره الذهبى في التلخيص، لكنه في الميزان أشار إلى أنه خبر منكر. قلت: فيه أمور، الأول: قوله في الصغير: بإسناد صحيح باطل، فإن الحارث رواه عن يحيى بن هاشم السمسار عن هشام بن عروة عن أبيه عن

عائشة، ويحيى بن هاشم متروك متهم بوضع الحديث. الثانى: نقله عن ابن الجوزى أن فيه الحسين بن علوان باطل أيضًا، فإنه لا وجود له في سنده كما ترى، إلا أن يكون في سند أبي نعيم، لكن له طريقان آخران لا يصح معهما الحمل فيه عليه: الطريق الأول: تقدم عند الحارث. والطريق الثانى: عند الحاكم في المستدرك من رواية مسلم بن خالد عن عبد الرحمن بن محمد المدينى عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة به بزيادة "إن" في أوله، وقال: صحيح الإسناد. الثالث: قوله باللفظ المزبور باطل أيضًا، بل هو عنده بزيادة إن في أوله كما ذكرته. الرابع: نقله عن الذهبى إلى أنه أشار إلى أن المتن منكر باطل أيضًا، فإن الذهبى ما أشار إلى ذلك ولا ذكر الحديث، والمتن لا نكارة فيه أصلًا. 1725/ 4125 - "الخالةُ وَالِدةٌ". ابن سعد عن محمد بن على مرسلًا قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مسندًا مع أن الطبرانى خرجه عن ابن مسعود مرفوعًا، قال الهيثمى: وفيه قيس بن الربيع مختلف فيه وبقية رجاله ثقات، وقصارى ما يعتذر به عن المؤلف أن رواة المرسل أمثل، وهو بفرض تسليم الأمثلية لا ينجع، إذ الجمع بينهما أنفع وأمنع. قلت: أولًا: [المصنف] لم يقل أنه ألف كتابه في الصحيح المجرد المسند الموصول كصحيح البخارى حتى يتعقب ويحتاج إلى الاعتذار عنه بمثل هذا

الاعتذار السخيف، بل الرجل جمع في كتابه كل ما أراد أن يدخله فيه من المرفوع خاصة من الصحيح والحسن والضعيف والواهى والمرسل والمعضل، ولم يشر إلا أنه لا يورد الموضوع فقط، فكل تعقب بعد هذا كقوله: إذ الجمع بينهما أجمع وأمنع من أسخف السخافة، مع أن المصنف قد جمع بينهما وقدم الموصول من حديث على أولًا وعزاه للصحيحين من حديث البراء، وسنن أبي داود من حديث على، فجمع بين الموصول والمرسل بالشرط المعتبر عند أهل الحديث، وهو أن يكون الموصول من جهة من رواه عنه المرسل، فإن محمد بن على الذي أرسل الحديث أرسله من طريق أسلافه عن جده على كما سأذكره، والمصنف ذكره موصولًا من حديث على نفسه. قال الطوسى في أماليه: أخبرنا ابن الصلت أخبرنا ابن عقدة أخبرنى عبيدة اللَّه بن على قال: هذا كتاب جدى عبيد اللَّه بن على فقرأت فيه: أخبرنى على بن موسى أبو الحسن عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن آبائه عن على عليه السلام: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى بابنة حمزة لخالتها، وقال: الخالة والدة". فلو كان مع الشارح علم واطلاع لأوصل الحديث من هذا الطريق الذي هو من رواية المرسل نفسه. 1726/ 4126 - "الخبثُ سبعُونَ جُزْءًا: للبربر تسعةٌ وستون جزْءًا وللجنِّ والإنس جُزْءٌ واحد" (طب) عن عقبة بن عامر قلت: هذا حديث موضوع. 1727/ 4129 - "الخِتَانُ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَمَكْرَمَةٌ لِلنِّسَاءِ". (حم) عن ابن أبي المليح (طب) عن شداد بن أوس وعن ابن عباس

قال الشارح: وإسناده ضعيف، خلافًا لقول المؤلف: حسن. وقال في الكبير: رمز المؤلف لحسنه، وقال البيهقى: ضعيف منقطع، وأقره الذهبى، وقال الحافظ العراقى: في سنده ضعف، وقال ابن حجر: فيه الحجاج بن أرطأة مدلس، وقد اضطرب فيه قتادة، وقال أبو حاتم: هذا خطأ من حجاج أو الراوى. قلت: الحديث بمجموع طرقه حسن خلافًا لهذيان الشارح، بل سند حجاج على انفراده يحكم بحسنه كثير من الحفاظ، فكيف بانضمامه إلى حديث ابن عباس. ثم إن قوله أخيرًا: اضطرب فيه قتادة، كلام يضحك منه صغار الولدان، فإنه أسقط من الكلام جملة، وحرف "تارة" بـ "قتادة"، فأتى بعجيبة من العجائب، فاسمع كلام الحافظ، قال في التلخيص: رواه أحمد والبيهقى من حديث الحجاج بن أرطأة عن أبي المليح بن أسامة عن أَبيه والحجاج مدلس وقد اضطرب فيه، فتارة رواه كذا وتارة رواه بزيادة شداد بن أوس بعد والد أبي المليح، أخرجه ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم في العلل والطبرانى في الكبير، وتارة رواه عن مكحول عن أبي أيوب أخرجه أحمد، وذكره ابن أبي حاتم في العلل، وحكى عن أبيه أنه خطأ من حجاج أو من الراوى عنه عبد الواحد بن زياد، وقال البيهقى: هو ضعيف منقطع، وقال ابن عبد البر في التمهيد: هذا الحديث يدور على حجاج بن أرطأة وليس ممن يحتج به، قال الحافظ: وله طريق أخرى من غير رواية حجاج، فقد رواه الطبرانى في الكبير والبيهقى من حديث ابن عباس مرفوعًا، وضعفه البيهقى في السنن, وقال في المعرفة: لا يصح رفعه، وهو من رواية الوليد عن ابن ثوبان عن ابن عجلان عن عكرمة عنه، ورواته موثقون إلا أن فيه تدليسًا اهـ. فانظر كلام الحافظ وتأمله واعتبر.

1728/ 4130 - "الخِرَاجُ بِالضَّمَانِ". (حم. 4. ك) عن عائشة قال في الكبير: قال الترمذى: حسن صحيح غريب اهـ. وحكى البيهقى عنه أنه عرضه على البخارى فكأنه أعجبه اهـ. وقد حقق الصدر المناوى تبعًا للدارقطنى وغيره أن هذا الطريق جيدة وأنها غير الطريق التي قال البخارى في حديثها: إنه منكر وتلك قصة مطولة وهذا حديث مختصر. قلت: وليس الأمر كذلك بل البخارى قال ذلك في هذا الحديث المختصر، ومن هذا الطريق الذي هو من رواية عروة بن الزبير عن عائشة فقال في التاريخ الكبير [1/ 243، رقم 771] في ترجمة محمد بن المنذر الزبيرى، قال إبراهيم بن المنذر: حدثنا أبو زيد محمد بن المنذر الزبيرى حدثنا هشام بن عروة عن أَبيه: "الخراج بالضمان". وقال: مسلم بن خالد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا يصح. ورواه جرير عن هشام ولم يسمحه من أَبيه عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا يصح اهـ. وإن كان الأمر خلاف ما يقول البخارى، وموضع بيان ذلك كتب أحاديث الأحكام. 1729/ 4131 - "الخَرْقُ شَؤْمٌ، وَالرِّفْقُ يُمْنٌ". ابن أبي الدنيا في ذم الغضب عن ابن شهاب مرسلا قلت: ورواه الطبرانى في الأوسط من حديث ابن مسعود موصولًا كما سيذكره المصنف في حرف الراء، والشارح لم يعلم ذلك فسلم اللَّه تعالى.

1730/ 4134 - "الخَطُّ الحَسَنُ يَزِيدُ الحَقَّ وُضُوحًا". (فر) عن أم سلمة قال في الكبير: قال في الميزان: هذا خبر منكر، ورواه عنه ابن لال، ومن طريقه وعنه أورده الديلمى مصرحًا، فلو عزاه المصنف للأصل لكان أجود. قلت: بل لكان أكذب، ثم إن هذا الحديث في الأصل عن سلمة، وكانت له صحبة، قال الديلمى: أخبرنا عبدوس عن ابن لال أخبرنا محمد بن يحيى الفقيه عن محمد بن عقيل عن أبي بكر بن الأصفر عن أبي اليمان عن عاصم بن مهاجر عن أبيه عن سلمة وكانت له صحبة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره. أما الذهبى فأورده بهذا السند من حديث أنس، والشارح نقل عنه أنه قال: منكر، لكنه لم ينتبه لكونه أورده من حديث أنس، كما لم يتنبه لكونه في أصل الديلمى من حديث سلمة. 1731/ 4135 - "الخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ اللَّه، فَأَحَبُّهُمْ إلى اللَّه أنفعُهُمْ لِعِيَالِهِ". (ع) والبزار عن أنس (طب) زاد الشارح في الكبير: وكذلك في الشعب، [ثم قال]: وكذا الديلمى عن ابن مسعود. قلت: في هذا أمران، أحدهما: زيادته في حديث أنس كون البيهقى خرجه في الشعب صريح في أنه لم يره مخرجًا لغيره وهو قصور، فقد خرجه أيضًا الحارث بن أبي أسامة في مسنده وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق وفي قضاء الحوائج [ص 35، رقم 24] والطبرانى في مكارم الأخلاق، والقضاعى في مسند الشهاب، وقد زعم الشارح أنه خرجه ورتب أحاديثه.

وحديث ابن مسعود أخرجه أيضًا ابن حبان في "الضعفاء" وأبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج، وأبو نعيم في الحلية [2/ 102] في موضعين منها (¬1) والخطيب في التاريخ, فالعدول عن كل هذا قصور، هكذا يسخف الشارح على المصنف فنكيل له بكيله، وإلا فلا ضير على الحافظ والحدث في عزو الحديث إلى أى مخرج كان. ولو شئنا أن نزيده من سخافته لقلنا له: وفي الباب أيضًا عن جماعة من الصحابة أضربت عنهم صفحًا وذلك من القصور. ثانيهما: أن قوله: وكذا الديلمى عقب رمز الطبرانى غلط، فإن الديلمى خرجه من حديث أبي هريرة لا من حديث ابن مسعود، وفي متنه زيادة ولفظه: "الخلق كلهم عيال اللَّه وتحت كنفه فأحب الخلق إلى اللَّه من أحسن إلى عياله وأبغض الخلق إلى اللَّه من ضن على عياله"، وقد ذكرت سنده مع أسانيد الباقين في المستخرج على مسند الشهاب. 1732/ 4136 - "الخَلْقُ كُلُّهُمْ يُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّم الخَيْرِ حَتَّى نِينَانَ البَحْرِ". (فر) عن عائشة قلت: كتب الشارح هذا الحديث عن أنس وهو غلط، بل الصواب عن عائشة كما في المتن. قال الديلمى: أخبرنا أبي أخبرنا عبد الواحد بن إسماعيل بن منارة أخبرنا على بن محمد بن ميلة ثنا أحمد بن الحسن بن أيوب ثنا عمران بن عبد الرحيم ثنا شاذ بن فياض عن الحارث بن شبل عن أم النعمان عن عائشة. ¬

_ (¬1) لم نجده في الحلية إلا في موضع واحد.

1733/ 4138 - "الخُلُقُ الحَسَنُ زِمَامٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّه". أبو الشيخ في الثواب عن أبي موسى قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من المشاهير أصحاب الرموز والأمر بخلافه، بل خرجه الحاكم والديلمى والبيهقى في الشعب عن أبي موسى المذكور من طريقين وقال: كلا الإسنادين ضعيف. قلت: وظاهر إطلاقه العزو إلى الحاكم يفيد أنه في المستدرك وليس كذلك، إنما أسنده الديلمى من طريقه، فقد يكون في التاريخ وقد يكون في غيره، قال الديلمى: أخبرنا ابن خلف إجازة أخبرنا الحاكم ثنا أبو سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان ثنا محمد بن حامد أبو بكر النيسابورى الحيرى ثنا الذهلى ثنا أبو نعيم ثنا سفيان الثوري عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده أبي موسى به. 1734/ 4139 - "الخُلُقُ الحَسَنُ لا يُنزعُ إلا مِنْ وَلَدِ حَيْضَةِ أوْ وَلَدِ زَانِيَةٍ". (فر) عن أنس قلت: هذا حديث موضوع لا يشبه كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد ذكر الشارح في الكبير هنا أعجوبة فقال: ورواه عنه أيضًا ابن المرزبان وابن زنجويه والقطان قلت: وهذا مما يدل على أن الشارح رجل جاهل، فإنه يرى أهل الحديث يعزون الأحاديث لابن زنجويه وابن المرزبان فجعل كل من له هذا الاسم هو ذلك المخرج، وإنما هما رجلان وقعا في السنده قال الديلمى: أخبرنا عبد الرحيم بن محمد بن المرزبان حدثنا على بن الحسن الوراق ثنا الحسين بن على بن محمد بن زنجويه القطان ثنا على بن محمد بن مهرويه ثنا

السليل بن موسى عن أبيه موسى بن السليل الصغانى عن أبيه عن بشر بن رافع عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. فإلى اللَّه المشتكى من جرأة هذا الرَّجل وجهله. 1735/ 4141 - "الخَمْرُ أُمُّ الفَوَاحِش وَأَكْبَرُ الكَبائِرِ، مَنْ شَرِبَهَا وَقَعَ عَلَى أُمِّهِ وَخَالَتِهِ وَعَمَّتِهِ". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد الكريم أبو أمية وهو ضعيف، فرمز المؤلف لصحته غير سديد. قلت: بل سديد وفي غاية السداد لأن عبد الكريم من شيوخ مالك، والحديث الذي بعده بلفظه شاهد له، وقد نقل الشارح نفسه تصحيحه عن الحافظ الهيثمى. 1736/ 4144 - "الخَمْرُ أُمُ الخَبَائِثِ، فَمَنْ شَرِبَهَا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإنْ مَاتَ وَهِي في بَطْنِهِ مَاتَ ميتةً جَاهلية". (طس) عن ابن عمرو قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وفيه الحكم بن عبد الرحمن البجلى أورده الذهبى في الضعفاء وقال: مختلف فيه, ورواه الدارقطنى بهذا اللفظ عن ابن عمرو، وفيه الحكم بن عبد الرحمن بن أنعم ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: صالح. قلت: السند الأول هو عين السند الثانى والرجل اسمه الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم -لا ابن أنعم كما حرفه الشارح- البجلى، وقد ذكره الذهبى بالاسم والنسبة معًا فقال: الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم البجلى ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: صالح الحديث وقواه ابن حبان اهـ.

قال الطبرانى في الأوسط: ثنا شهاب بن صالح ثنا محمد بن حرب النسائى ثنا محمد بن ربيعة الكلابى عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي بشر بن عبادة قال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو بن العاص يقول، فذكره. وقال الدارقطنى: ثنا أبو بكر النيسابوري وأبو عمر القاضى قالا: حدثنا على بن أشكاب ثنا محمد بن ربيعة به. ومن طريق الدارقطنى رواه القضاعى في مسند الشهاب، ورواه الدارقطنى من وجه آخر من طريق أبي صالح كاتب الليث عن ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد اللَّه بن عمرو به مختصرًا: "الخمر أم الخبائث". وله شاهد من حديث عثمان وابن عباس، فهو حديث صحيح كما قال المصنف. 1737/ 4146 - "الخِلافَةُ بِالمَدِينَةِ، وَالمُلْكُ بِالشَّامِ". (تخ. ك) عن أبي هريرة قلت: لم يذكر الشارح هذا الحديث في الكبير، وذكر في الصغير أن الحاكم صححه ورد عليه، كذا أبهم الراد وهو الذهبى، فإن الحاكم خرجه من طريق يحيى بن معين عن هشيم عن العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن أبيه عن أبي هريرة به، وقال: صحيح، فتعقبه الذهبى بأن سليمان وأباه مجهولان اهـ. وسليمان خرج له الترمذى ووثقه ابن حبان، وصحح له ابن خزيمة كما فعل الحاكم.

لطيفة

والحديث خرجه أيضًا ابن عبد البر في العلم من رواية سعيد بن سليمان سعدويه عن هشيم به. وخرجه الديلمى في مسند الفردوس من طريق ابن لال ثم من رواية يحيى بن أبي بكير: ثنا هشيم به. 1738/ 4147 - "الخِلافَةُ بَعْدِى في أُمَّتِي ثَلاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ مُلكٌ بَعْدَ ذَلِكَ" (حم. ت. ع. حب) عن سفينة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو داود في السنة والنسائى في المناقب. قلت: أبو داود رواه بلفظ: "خلافة النبوة"، وأما النسائى فليس عنده في المجتبى كتاب المناقب أصلًا، والسنن الكبير له لا يعد من الكتب الستة، وإذا عزا إليه قيد رفعًا للإيهام. والحديث خرجه أيضًا الحاكم في المستدرك والبيهقى في المدخل وفي دلائل النبوة [6/ 341، 342] والثعلبى في التفسير وابن عبد البر في العلم وجماعة. لطيفة قال ابن عبد البر: أخبرنا عبد بن أحمد إجازة حدثنا أحمد بن عبدان ثنا عبد اللَّه بن سليمان ثنا إبراهيم بن الحسن القسملى ثنا حجاج بن محمد حدثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: وفدت مع أبي على معاوية أوفدنا إليه زياد، فدخلنا على معاوية فقال: حدثنا يا أبا بكرة فقال: إني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "الخلافة ثلاثون ثم يكون الملك"، قال: فأمر بنا فوجئ في أقفالنا حتى أخرجنا.

1739/ 4148 - "الخَوَارِج كِلابُ النَّارِ". (حم. هـ. ك) عن ابن أبي أوفى قال الشارح: بفتحات، (حم. ك) عن أبي أمامة قال الشارح: وفي إسناده وضاع. وقال في الكبير على حديث ابن أبي أوفى: هو من رواية الأعمش عنه، وقال أحمد: لم يسمع الأعمش من ابن أبي أوفى، وقال على حديث أبي أمامة: قال ابن الجوزى: تفرد به المخزومى عن إسماعيل، وإسماعيل ليس بشيء، قال أحمد: حدث بأحاديث موضوعة، وقال ابن حبان: يضع على الثقات. قلت: ليس في سند الحديث مخزومى ولا إسماعيل أصلًا، ثم لا يدرى من هذا المخزومى ولا إسماعيل، فإنها أسماء مبتورة ناقصة. والحديث صحيح لا مطعن فيه ولا مغمز، نعم حديث ابن أبي أوفى قيل إنه منقطع؛ لأن الأعمش لم يثبت سماعه من ابن أبي أوفى على ما يقال، لكنه ورد عنه من غير طريق الأعمش ممن صح سماعه منه، بل أحمد والحاكم الذين [عزاه] (¬1) المصنف إليهما روياه من طريق سعيد بن جمهان قال: أتيت عبد اللَّه بن أبي أوفى صاحب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فسلمت عليه وهو محجوب البصر فقال لي: من أنت؟ قلت: أنا سعيد بن جمهان، قال: ما فعل والدك؟ قلت: قتلته الأزارقة، قال: لعن اللَّه الأزارقة، حدثنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنهم كلاب النار". ومن طريقه رواه أيضًا أبو داود الطيالسى في مسنده وغيره، وإنما خرجه من طريق الأعمش أحمد في رواية أخرى وابن ماجه في سننه [1/ 61، رقم 173] فسقط ما ذكره الشارح من الانقطاع بين الأعمش وابن أبي أوفى. ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط: عزاهما.

وأما حديث أبي أمامة فورد عنه من طرق ليس في واحد منها من ذكر الشارح أصلًا، فأخرجه الحاكم من طريقين عن عكرمة بن عمار عن شداد بن عبد اللَّه أبي عمار عن أبي أمامة ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبى. وأخرجه أحمد من طريق عبد اللَّه بن بحير [5/ 250، رقم 22213]: ثنا سيار عن أبي أمامة به وأخرجه أيضًا عن أنس بن عياض عن صفوان بن سليم عن أبي أمامة [5/ 269، رقم 22377]، وأخرجه أيضًا عن وكيع [5/ 256، رقم 21227]: ثنا حماد بن سلمة عن أبي غالب عن أبي أمامة به. ومن هذا الطريق الأخير رواه جماعة، ولا وجود لمن ذكر الشارح في شيء من أسانيد الحديث أصلًا، وإنما هو مجرد وهم ساقط، كما وهم أيضًا في ضبط "أوفى" بفتحات وإنما هو بسكون الواو كما نبهنا على هذا الغلط منه مرارًا. 1740/ 4149 - "الخَيْرُ أَسْرعُ إلى البَيْتِ الَّذِي يُوْكَلُ فِيهِ مِنَ الشَّهْوَةِ إلى سَنَامِ البَعِيرِ". (هـ) عن ابن عباس قال في الكبير: قال العراقى كالمنذرى: سنده ضعيف. قلت: لكن له طرق أخر منها عن أنس، قال الطبرانى في مكارم الأخلاق: ثنا بكر بن سهل ثنا عبد اللَّه بن صالح ثنا كثير بن سليم عن أنس بن مالك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به مثله. ورواه ابن ماجه عن جبارة بن مغلس عن كثير بن سليم به بلفظ [2/ 1114، رقم 3356]: "البيت الذي يغشى"، وهو المذكور في المتن بعد هذا، وإن سقط للشارح من الصغير.

1741/ 4151 - "الخَيْرُ مَعَ أَكَابِرَكُمْ". البزار عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه عنه الديلمى أيضًا. قلت: نسى الشارح أن المصنف عزا هذا الحديث سابقًا في حرف الباء بلفظ: "البركة مع أكابركم" لابن حبان وأبي نعيم في الحلية [8/ 172] والحاكم في المستدرك والبيهقى في الشعب من حديث ابن عباس أيضًا. والحديث له طرق ذكرتها في مستخرجى على مسند الشهاب. 1742/ 4152 - "الخَيْرُ عَادَة، والشَّرُّ لِجَاجَةٌ، وَمَنْ يُرِدِ اللَّه بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ". (هـ) عن معاوية قلت: لم يستدرك الشارح مخرجًا غير ابن ماجه مع أن أبا نعيم خرجه في الحلية [5/ 252] وتاريخ أصبهان معًا، وكذلك القضاعى في مسند الشهاب الذي رتبه الشارح على حروف المعجم. 1743/ 4154 - "الخَيْرُ كَثِيرٌ، وَقَلِيلٌ فَاعِلُهُ". (خط) عن ابن عمرو قال في الكبير: فيه أحمد بن عمران الأخفش، قال البخارى: يتكلمون فيه. قلت: أحمد بن عمران مختلف فيه، فالبخارى سماه محمدا، وابن حبان: سماه أحمد وذكره في الثقات، وقال: مستقيم الحديث، وقال أبو حاتم: شيخ، وقال ابن عدى في أحمد: كوفى ثقة، ولا أعرف محمد بن عمران وأبو عوانة: وثق محمد بن عمران وأكثر الرواية عنه في الصحيح، فالظاهر

أنهما واحد، وقد قال أبو زرعة في أحمد أيضًا: إنه كوفي تركوه، وقال الأزدي: منكر الحديث غير مرضي اهـ. ومع هذا فقد ورد الحديث من غير طريقه كما ذكره المصنف في المتن قبل هذا مباشرة وعزاه إلى أوسط الطبراني، ونقل الشارح عن النور الهيثمي أن فيه الحسن بن عبد الأول، وهو ضعيف اهـ. وله مع هذين الطريقين شاهد من حديث أبي أيوب، أخرجه طلحة بن محمد في مسند أبي حنيفة من رواية يحيى بن مهاجر العبدي عن أبي حنيفة عن ولاد بن داود بن علي المدني عن أبي أيوب به مثله مرفوعًا. 1744/ 4156 - "الخَيْلُ مَعْقُودٌ في نَوَاصِيهَا الخير إلى يَوْمِ القِيَامَةِ". مالك (حم. ق. ن. هـ) عن ابن عمر (حم. ق. ن. هـ) عن عروة بن الجعد (خ) عن أنس (م. ت. ن. هـ) عن أبي هريرة (حم) عن أبي ذر وعن أبي سعيد (طب) عن سوادة بن الربيع وعن النعمان بن بشير وعن أبي كبشة قال في الكبير: قال ابن حجر: وفي الباب أبو هريرة وجابر وحذيفة وغيرهم. قلت: هذا من غفلة الشارح فإن حديث أبي هريرة مذكور في المتن كما ترى، وحديث جابر مذكور فيه أيضًا بعد هذا مرتين، فذكرهما تسويد للورق بلا طائل وتكرار قبيح. نعم حديث حذيفة لم يذكره المصنف هنا وإن ذكره فيما سيأتي في حرف الغين في حديث: "الغنم بركة" لأن ذلك أوله، وعزاه للبزار وهو عند أبي نعيم في التاريخ أيضًا.

وفي الباب جماعة ذكرت أحاديثهم مسندة في مستخرجى على مسند الشهاب، وهم بعد من ذكرهم المصنف هنا: عتبة بن عبد، وسلمة بن نفيل، وأسماء بنت يزيد، وابن عباس، والبراء بن عازب، وسهل بن الحنظلية، والحارث العكلى، والمغيرة بن شعبة، وعلى بن أبي طالب، وأبو أمامة، ومكحول مرسلًا، وسيأتى للمصنف قريبًا حديث ابن عباس، واللَّه أعلم. آخر المجلد الثالث من المداوى لعلل المناوى ويليه المجلد الرابع أوله حرف الدال وصل اللَّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

رقم الإيداع بدار الكتب المصرية: 2891/ 96 الترقيم الدولي: 0 - 03 - 5235 - 977 بتاريخ: 3/ 2/ 1996 الطبعة الأولى

«من أَرَادَ صناعَة الحَدِيث فَعَلَيهِ بالمداوي» عبد اللَّه بن الصّديق المُداوي لعلل الْجَامِع الصَّغِير وشرحي الْمُنَاوِي [4]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

هَذِه هِيَ الطبعة الشَّرْعِيَّة الوحيدة لكتاب «المداوي» علمًا بِأَن الْحُقُوق مَمْلُوكَة بالكامل لدار الكتبي وَحدهَا وكل من يتجرأ على طبع الْكتاب سَوف يُتَابع قضائيًا

حرف الدال

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وسلم حرف الدال 1745/ 4165 - " دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ". أبو الشيخ في الثواب عن أبي أمامة قال في الكبير: وقد أبعد المصنف النجعة؛ حيث عزاه لهذا مع وجوده لبعض المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو البيهقى في سننه، والخطيب من حديث ابن مسعود، ورواه أيضًا الطبرانى من حديث أبي أمامة، والديلمى من حديث ابن عمر، وعزاه إليهما في الدرر. قلت: ما أبعد المصنف النجعة، وإنما الشارح نَسى، فحديث ابن مسعود أوله: "حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة". وقد ذكره المصنف سابقًا في حرف الحاء، وعزاه للطبرانى [10/ 158]، وأبي نعيم في الحلية [2/ 104]، والخطيب في التاريخ, وأما عزو الشارح له إلى البيهقى في السنن فذاك من تهوراته وأوهامه، بل هو عند البيهقى في شعب الإيمان [3/ 282، رقم 3557]. وحديث ابن عمر قد ذكره المصنف بعد هذا، أما حديث أبي أمامة فلم أره في مجمع الزوائد، وإن كان المصنف قد عزاه له في الدرر كما نقله الشارح،

إلا أنه في الدرر يقصد الحديث من حيث هو ولا يراعى لفظه، فالغالب على الظن أنه عنده مصدر بجملة أخرى، وهب أنه عنده كما هنا فكلام الشارح من السقط كما بيناه مرارًا، وليس العزو إلى الطبرانى أولى منه إلى أبي الشيخ إلا عند الشارح المتعنت وحده. وفي الباب عن أنس عند الديلمى بلفظ: "ما عولج مريض بدواء أفضل من الصدقة". 1746/ 4170 - "دَبَّ إليكُم دَاءُ الأمَم قَبْلَكُم: الحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ، هِيَ الحَالقَةُ حَالقَةُ الديْن لا حَالقَةُ الشَّعْر، وَالَّذى نَفْسُ مُحَمَّد بيَده لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمنُوا، وَلا تُؤْمنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلا أنَبِّئُكُم بِشَيءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُم؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنكُمْ". (حم. ت)، الضياء عن الزبير بن العوام قلت: أخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب في باب فضل السلام ورده: حدثنا عبد اللَّه بن سليمان ثنا عمر بن شبة ثنا أبو داود ثنا حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش بن الوليد بن هشام أن مولى الزبير بن العوام حدثه أن الزبير بن العوام حدثه به. وهو بهذا السند عند أبي داود الطيالسى في مسنده. ورواه ابن عبد البر في العلم من طريق قاسم بن أصبغ قال [2/ 150]: حدثنا ابن وضاح ثنا موسى بن معاوية ثنا عبد الرحمن بن مهدى عن حرب ابن شداد به. ورواه أيضًا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: ثنا يزيد بن هارون عن شيبان وهشام عن يحيى بن أبي كثير به.

ورواه الطوسى في أماليه قال: أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان أنا أبو منصور محمد بن الحسين البصير ثنا على بن أحمد بن شيبان ثنا عمر بن عبد الجبار حدثنا أبي ثنا على ابن جعفر بن محمد عن أخيه موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذات يوم لأصحابه: ألا إنه قد دب إليكم داء الأمم من قبلكم وهو الحسد، ليس بحالق الشعر، لكنه حالق الدين، وينجى منه أن يكف الإنسان يده ويخزن لسانه، ولا يكون ذا غمر على أخيه المؤمن". 1747/ 4171 - "دُثِرَ مكانُ البَيْتِ فَلَمْ يَحُجَّهُ هُودٌ وَلا صَالِحٌ، حَتَّى بَوَّأهُ اللَّه لإبْرَاهِيمَ". الزبير بن بكار في النسب عن عائشة قال في الكبير: فيه إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهرى، قال في الميزان: واه، وقال ابن عدى: عامة أحاديثه مناكير. قلت: الحديث أخرجه أبو الشيخ قال: حدثنا الطوسى ثنا الزبير بن بكار حدثنى إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز عن أَبيه عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة به. ومن طريق أبي الشيخ أخرجه الديلمى في مسند الفردوس، وإبراهيم بن محمد كما ذكر الشارح، وقد نقل هذا الكلام عن مجاهد مطولًا، أخرجه الأزرقى في تاريخ مكة من حديث سعيد بن سالم عن ابن جريج عن مجاهد قال: كان موضع الكعبة قد خفى ودرس من الغرق فيما بين نوح وإبراهيم عليهما السلام، وكان موضعه أكمة حمراء مدرة لا تعلوها السيول، غير أن

الناس يعلمون أن موضع البيت فيما هنالك، ولا يثبت موضعه، وكان يأتيه المظلوم والمتعوذ من أقطار الأرض، ويدعو عنده المكروب، فقل من دعا هنالك إلا استجيب له، وكان الناس يحجون إلى موضع البيت حتى بوأ اللَّه مكانه لإبراهيم عليه السلام. 1748/ 4173 - "دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَسَمعْتُ خَشَفَةً، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ قَالُوا: هَذَا بِلالٌ، ثُمَ دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَسَمعتُ خَشَفَةً فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ قَالُوا: هَذِهِ الغُمَيْصاءُ بِنْتُ مِلْحَان". عبد بن حميد عن أنس، الطيالسى عن جابر قال في الكبير: الغميصاء، ويقال: الرميصاء: امرأة أبي طلحة، وهي أم سليم خالة أنس، قال: ورواه عنه الديلمى أيضًا. قلت: في هذا وهمان شنيعان، أحدهما: أن أم سليم هي أم أنس بن مالك لا خالته كما هو أشهر من نار على علم. ثانيهما: أن الحديث رواه البخارى له ومسلم [رقم: 105] في صحيحيهما من حديث جابر أيضًا، وإنما لم يعزه المصنف إليهما لأن لفظه عندهما: "رأيتنى دخلت الجنة. . . " الحديث، فموضعه حرف الراء، إلا أن المصنف لم يذكره فيه، وأما الشارح في استدراكه فلا يعتبر مراعاة الحروف، ولو علم ذلك لأسخف سخافته المعروفة، ولكن اللَّه تعالى سلم فلم يعرف إلا أنه في الديلمى. 1749/ 4176 - "دَخَلْت الجَنَّةَ فَرَأَيْتُ لِزَيدِ بْنِ عَمرِو بْنِ نُفَيْلٍ دَرَجَتَيْنِ". ابن عساكر عن عائشة

قال في الكبير: فيه الباغندى مضعف، لكن قال الحافظ ابن كثير: إسناده جيد. قلت: الباغندى حافظ كبير مصنف من بحور الحديث وأئمته، يجل قدره عن تضعيف الحديث به، وقد وثقه الحفاظ وأثنوا عليه وبالغوا في وصف حفظه، وإنما وصفوه بالتدليس، ومن زاد على ذلك ووصفه بالكذب فإنما غشاه الحسد الذي يكون بين الأقران، لا سيما لمن كان بارعا ذا موهبة عظيمة كالباغندى، ولذا قال ابن كثير: سنده جيد؛ لأنه لم يعتبر كلام الحسدة فيه؛ لمعرفته بالفن وتذوقه طعم مسائله بخلاف الشارح الذي لا يميز بين غثه من سمينه، وعبارة ابن كثير في التاريخ: وقال الباغندى عن أبي سعيد الأشج عن أبي معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة به مرفوعًا، ثم قال: وهذا إسناد جيد، وليس هو في شيء من الكتب، يعنى الستة. 1750/ 4178 - "دَخَلْت الجَنَّةَ فَسَمِعْتُ فِيهَا قِرَاءَةً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، كَذَلِكُمْ الْبِرُّ، كَذَلِكُمْ الْبرُّ". (ت. ك) عن عائشة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه، والأمر بخلافه بل بقيته: "وكان أبو الناس بأمه" اهـ. فكأنه أغفله سهوًا أو توهم أنه مدرج في الحديث وهو ذهول، فقد قال الصدر المناوى وغيره: صح لنا برواية الحاكم والبيهقى أن قوله: "وكان أبر الناس" من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وليس بمدرج، ثم بسطه، قال الشارح: وكذا رواه أحمد، وأبو يعلى بسند قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح. قلت: في هذا أمران، أحديث: أن الحديث خرجه النسائى في الكبرى لا في

المجتبى الذي هو أحد الكتب الستة، ولذلك ذكره الحافظ الهيثمى في الزوائد كما نقله الشارح غير متفطن؛ لأن الهيثمى لا يذكر ما في الكتب الستة. ثانيهما: أن ما هذى به الشارح في الزيادة المذكورة باطل لا أصل له، فإن المصنف ما ذهل عن الزيادة ولا ظن أنها مدرجة، بل لفظ الحديث عند النسائى والحاكم [3/ 208] في الرواية المصدرة بـ "دخلت" هو ما ذكره المصنف فقط، وأما الرواية التي فيها "وكان بارا بأمه" فخرجها الحاكم [4/ 151] بلفظ: "نمت فرأيتنى في الجنة فسمعت صوت قارئ. . . " الحديث. وهكذا هو عند أحمد [6/ 151 و 167] مصدر أيضًا بلفظ: "نمت"، ولذلك لم يعزه إليه المصنف أيضًا والشارح في غفلة عن هذا أو تغافل. 1751/ 4179 - "دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَرَأَيتُ جَنَابِذَ مِنَ اللُّؤْلُؤ تُرَابُهَا الْمِسْكُ فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: لِلمُؤَذِّنِينَ وَالأئِمَّةِ مِن أمَّتِكَ (¬1) ". (ع) عن أبي بن كعب قال الشارح: بإسناد ضعيف، ولم يتعرض لذلك في الكبير، وزاد أن أبا الشيخ والديلمى خرجاه أيضًا. قلت: أما أبو الشيخ والديلمى فكلاهما خرجاه من طريق أبي يعلى، فأبو الشيخ قال: حدثنا أبو يعلى ثنا محمد بن إبراهيم الشامى بعبدان ثنا محمد بن العلاء عن يونس عن الزهرى عن أنس به. ¬

_ (¬1) في المطبوع من فيض القدير زيادة هي: ". . . أمتك يا محمد".

والديلمى رواه من طريق الفضل بن الفضل الكندى: ثنا أبو يعلى به، فمخرجه الأصلى هو أبو يعلى. وأما قول الشارح: إنه ضعيف، فهو تقصير بل الواقع إن شاء اللَّه أنه موضوع، فإن محمد بن إبراهيم الشامى أحد جهلة الزهاد الوضاعين. 1752/ 4187 - "دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَإذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا البُلْهُ". ابن شاهين في الأفراد، وابن عساكر عن جابر قال في الكبير: قال ابن الجوزى: حديث لا يصح فيه أحمد بن عيسى، قال ابن حبان: يروى عن المجاهيل المناكير، وفي الميزان: آفته محمد بن إبراهيم القرشى. قلت: هذا غلط فاحش على الميزان وعلى محمد بن إبراهيم القرشى فإنه ما رواه، وإنما رواه أحمد بن عيسى الخشاب عن عمرو بن أبي سلمة: ثنا مصعب بن ماهان عن الثورى عن ابن المنكدر عن جابر. ومن هذا الطريق رواه أيضًا ابن عدى في الكامل [1/ 194] في ترجمة أحمد ابن عيسى، وفيها ذكره أيضًا الذهبى وقال: هو بهذا الإسناد باطل، وكذلك أخرجه البيهقى وقال: هو بهذا الإسناد منكر اهـ. لكنه تقدم من حديث أنس في "أكثر أهل الجنة" وتكلمنا عليه. أما محمد بن إبراهيم القرشى فهو راوى الحديث المذكور بعد هذا، وفيه قال في الميزان: هو آفته. 1753/ 4188 - "دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَرَأيْتُ أَكْثَرَ أَهْلهَا الْيَمَنُ، وَوَجَدْتُ أَكْثَر أَهْل اليمن مذحج". (خط) عن عائشة

قال في الكبير: فيه حمزة بن الحسين السمسار، قال الذهبى في الضعفاء عن حمزة بن الحسين الدلال: قال الخطيب: كذاب. قلت: هذا بالتلاعب والهزء أشبه به من الجد، فالمذكور في السند حمزة بن الحسين السمسار وهو ثقة، ترجمه الخطيب ووثقه، ونقل توثيقه عن غيره، والمذكور في الميزان: حمزة بن الحسين الدلال باعتراف الشارح في الموضعين، وعلة السند هو محمد بن إبراهيم القرشى، فإن الخطيب رواه من طريق حمزة ابن الحسين السمسار: ثنا الحكم بن عمرو بن الحكم الأنماطى ثنا محمد بن إبراهيم القرشى عن سفيان الثورى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. ومحمد بن إبراهيم القرشى ذكره الذهبى في الميزان, وأورد له هذا الحديث وقال: هو آفته اهـ. والحديث كذب واضح، فإن أهل الجنة لا يحصيهم إلا اللَّه تعالى فكيف يكون أكثرهم من قطر صغير وهو اليمن، فضلًا عن قبيلة واحدة منه وهي مذحج، فالعجب من المؤلف كيف أورد هذا الباطل! 1754/ 4190 - "دَخَلَت الْعُمْرَةُ في الحَجِّ إِلَى يَوْم القِيامَة". (م. د) عن جابر، (د. ت) عن ابن عباس قال الشارح: غريب ضعيف. وقال في الكبير بعد عزوه لمسلم: عن جابر قال: رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قصر على المروة بمشقص ثم ذكره، وقال بعد رمز (د. ت) عن ابن عباس مرسلًا: ورواه عنه البزار والطبرانى والطحاوى، قال الحافظ ابن حجر في تخريج المختصر: حديث غريب تفرد به داود بن يزيد، وفيه مقال، تفرد به عن عبد الملك بن ميسرة، وقد خولف.

قلت: كل ما قاله الشارح باطل لا أصل له فحديث جابر ليس فيه ما ذكره، بل فيه: "حتى إذا كان آخر طوافه على المروة قال: لو أنى استقبلت من أمرى ما استدبرت لم أسق الهدى وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدى فليحل وليجعلها عمرة، فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول اللَّه ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أصابعه واحدة في الأخرى وقال: دخلت العمرة في الحج -مرتين- لا بل لأبد آبد". وحديث ابن عباس أخرجه مسلم في صحيحه [2/ 911] من طريق شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن عنده الهدى فليحل الحل كله، فإن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة" فليس هو بغريب ولا ضعيف كما يقول الشارح، وليس في سنده أيضًا داود بن يزيد، ولا عبد الملك بن ميسرة، بل الشارح نقل ذلك من حديث إلى حديث، فالحافظ ما قال شيئًا من ذلك أصلًا، وأغرب من هذا قوله: عن ابن عباس مرسلًا، وقد وقع ذلك فى بعض نسخ المتن، وما أراه إلا منقولًا من الشارح، نعم حديث ابن عباس طعن فيه أبو داود، فإنه رواه عن عثمان بن أبي شيبة عن محمد بن جعفر عن شعبة به، ثم قال: هذا منكر، إنما هو قول ابن عباس اهـ. وهو واهم في ذلك فرجال الإسناد كلهم ثقات رجال الصحيح، وهو في الصحيح أيضًا، وقد تعقبه الحافظ المنذرى فقال: وفيما قاله أبو داود نظر، وذلك أنه رواه أحمد بن حنبل، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، ومحمد بن جعفر عن شعبة مرفوعًا، ورواه أيضًا يزيد بن هارون، ومعاذ العنبرى، وأبو داود الطيالسى، وعمرو بن مرزوق عن شعبة مرفوعًا، وتقصير من يقصر به من الرواة لا يؤثر فيما أثبته الحفاظ اهـ.

ويؤيده حديث جابر الصحيح أيضًا، وقد ورد من حديث سراقة بن مالك أيضًا. 1755/ 4192 - "دخُولُ الْبَيْتِ دخولٌ في حسنةٍ، وخروجٌ من سيئةٍ". (عد. هب) عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد فيه كذاب. وقال في الكبير: فيه محمد بن إسماعيل البخارى أورده الذهبى في الضعفاء, وقال: قدم بغداد شابا سنة خمسمائة، قال ابن الجوزى: وكان كذابا. قلت: إلى الشارح ينتهى أمر الغفلة، فواللَّه ما كان من حقه أن يفضح نفسه بالدخول في هذا الأمر، فاعجب لرجل يعزو الحديث لابن عدى المتوفى سنة خمس وستين وثلاثمائة، وللبيهقى المتوفى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، ثم يجعل من رجال سندهما الذي رووا عنه بوسائط رجلًا قدم بغداد وهو شاب طالب للحديث سنة خمسمائة، أى بعد وفاة ابن عدى بمائة وخمس وثلاثين سنة وبعد وفاة البيهقى باثنتين وأربعين سنة، فإن الذهبى قال: محمد بن إسماعيل أبو عبد اللَّه البخارى شاب قدم بغداد طالب حديث على رأس سنة خمسمائة، فيكون في ذلك الوقت أيضًا لم يلحق أن يحدث ويروى عنه، وإنما هو طالب سامع، فهل في الدنيا أعجب من هذا؟!. وبعد، فمحمد بن إسماعيل البخارى المذكور في السند هو صاحب الصحيح روى الحديث من طريقه، وكأنه في تاريخه الكبير.

1756/ 4193 - "درْهَمُ رِبًا يَأكُلُهُ الرَّجلُ وهو يَعْلَمُ أشَدُّ عِند اللَّهِ مِنْ سِتٍ وثَلاثِينَ زَنْيَةً". (حم. طب) عن عبد اللَّه بن حنظلة قال في الكبير: أورده ابن الجوزى في الموضوع وقال: فيه حسين بن محمد بن بهرام المروزى، قال أبو حاتم: رأيته ولم أسمع منه، وتعقبه الحافظ بأنه احتج به الشيخان، ووثقه غيرهما وبأن له شواهد اهـ. ورواه الدارقطنى أيضًا وقال: الأصح موقوف، وقال الحافظ العراقى: رجاله ثقات. قلت: اختلس الشارح هذا من كلام المصنف في اللآلئ وأسقط منه ما زاده على الحافظ، كما أنه اختصر كلام الحافظ اختصارًا مجحفا والمقام مقام بسط وتحرير، فالحديث أورده ابن الجوزى من طريق أحمد: حدثنا حسين بن محمد ثنا جرير بن حازم عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عبد اللَّه بن حنظلة. ومن طريق الدارقطنى: ثنا البغوى ثنا هاشم بن الحارث ثنا عبيد اللَّه بن عمرو عن ليث عن عبد اللَّه بن أبي مليكة به نحوه. وأعل الطريق الأول بحسين بن محمد، وذكر ما نقله الشارح. وأعل الطريق الثانى بليث بن أبي سليم، وقال: إنه مضطرب الحديث، قال: وإنما يروى هذا عن كعب، قال أحمد: حدثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن ابن حنظلة عن كعب قال: "لأن أزنى أحب إلى من أكل درهم من ربا" قال الدارقطنى: وهذا أصح من المرفوع اهـ.

وتعقبه المصنف بأن الحافظ قال في القول المسدد: حسين احتج به الشيخان، ولم يترك أبو حاتم السماع منه باختيار أبي حاتم، فقد نقل ابنه عنه قال: أتيته مرات بعد فراغه من تفسير شيبان، وسألت أن يعيد على بعد المخلفين فقال: تكرير، ولم أسمع منه شيئًا. وقال معاوية بن صالح: قال لي أحمد بن حنبل: اكتبوا عنه. ووثقه العجلي، وابن سعد، والنسائى، وابن قانع، ومحمد بن مسعود العجمى وآخرون، ثم إن كان كل امرئ وهم في حديث سرى الوهم في جميع حديثه حتى يحكم على كل أحاديثه بالوهم لم يسلم أحد، ولو كان ذلك كذلك لم يلزم منه الحكم على حديثه بالوضع لا سيما مع كونه لم ينفرد به [و] توبع، ووجدت للحديث شواهد، فقد أورده الدارقطنى عن البغوى عن هاشم بن الحارث عن عبيد اللَّه بن عمرو الرقى عن ليث عن ابن أبي مليكة به. وليث وإن كان ضعيفًا فإنما ضعف من قبل حفظه فهو متابع قوى، وشاهده حديث ابن عباس أخرجه ابن عدى من طريق على بن الحسن بن شقيق عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس نحوه. وأخرجه الطبرانى [الأوسط 1/ 142 - 143] من وجه آخر عن ابن عباس في أثناء حديث. وأخرجه الطبرانى أيضًا من طريق عطاء الخراسانى عن عبد اللَّه بن سلام مرفوعًا. وعطاء لم يسمع من ابن سلام وهو شاهد قوى، وقال ابن الجوزى: إنما يعرف هذا من كلام كعب رواه عنه عبد اللَّه بن حنظلة أيضًا، ونقل عن

الدارقطنى أن هذا أصح من المرفوع، ولا يلزم من كونه أصح أن يكون مقابله موضوعًا, ولا مانع أن يكون الحديث عند عبد اللَّه مرفوعًا وموقوفًا اهـ كلام الحافظ. قال المصنف: ومن شواهد الحديث قال الطبرانى في الأوسط [1/ 143 رقم 1]: ثنا محمد بن عبد الرحيم الديباجى التسترى ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا معاوية ابن هشام ثنا عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن البراء بن عازب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الربا اثنان وسبعون بابا أدناها: مثل إتيان الرجل أمه، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه". وقال الحاكم في المستدرك [2/ 37] بسنده: عن شعبة عن زيد عن إبراهيم عن مسروق عن ابن مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الرِّبَا ثَلاثةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا أَيْسَرُهَا: مثْلُ أنْ يَنْكحَ الرَّجلُ أمَّهُ، وَإن أَرْبَى الربا عِرْضُ الرَّجلِ المسْلمِ" قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين اهـ. قلت: بقى مما لم يذكره الحافظ ولا المصنف أن للحديث عن ابن أبي مليكة طريقًا آخر إلا أنه قال: عن عائشة بدل: عبد اللَّه بن حنظلة. قال الدولابى في الكنى عن أبي تميلة يحيى بن واضح: ثنا عمران بن أنس أبو أنس المكى عن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن أبي مليكة عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "درْهَمُ ربًا أَعْظَمُ عنْدَ اللَّه حَرَجًا منْ تسْعَة وَثَلاثين زَنْيَةً، إنَّ أَرْبَى الرِّبا اسْتحْلالُ عرْض الرَّجُل المسْلم ثُمَّ قَرَأ: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا. . .} الآية إلى: {مُبِينًا} "،

وهذا وإن كان اختلافًا على ابن أبي مليكة إلا أن فيه متابعة لحسين بن محمد وليث بن أبي سليم ورفعا للوهم عنهما، ويجوز أن يكون الحديث عنده عن ابن عباس وعائشة. وأما ما رواه عن كعب فليس هو هذا الحديث، إنما هو كلام يدل على أن كعبا يرى أن الربا أعظم من الزنا, وليس فيه تعيين أنه أشد من ست وثلاثين فمن [أين] يكون هذا المرفوع هو ذلك الموقوف؟! فالعجب كيف أقر ذلك الحافظ؟!. وبقى أيضًا من طرق حديث ابن عباس ما أخرجه أبو نعيم في التاريخ [1/ 284] قال: حدثنا أبو عبد اللَّه الحسين بن محمد المؤدب ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ثنا سعيد بن رحمة ثنا محمد بن حمير عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من نبت لحمه من السحت فالنار أولى به، ومن أكل درهمًا من ربا فهو ثلاث وثلاثون زنية". وأخرجه ابن حبان في الضعفاء [1/ 328]: حدثنا أحمد بن عمر بن جوصا بدمشق ثنا سعيد بن رحمة به، وقال في سعيد بن رحمة: لا يجوز الاحتجاج به لمخالفته الأثبات في الروايات يروى عن محمد بن حمير ما لم يتابع عليه. قلت: لكن هذا مما توبع عليه كما سبق. وقال ابن حبان في الضعفاء أيضًا: حدثنا بل أخبرنا الحسين بن عبد اللَّه القطان ثنا الوليد بن عتبة ثنا محمد بن حمير ثنا إسماعيل عن حسين بن قيس الرحبى عن عكرمة به، أورده في

ترجمة حسين بن قيس وقال: كذبه أحمد بن حنبل، وتركه يحيى بن معين. فالحديث بمجموع طرقه لا ينزل عن درجة الصحيح أصلًا. 1757/ 4195 - "دِرْهَمٌ حَلالٌ يُشْتَرَى بِهِ عَسَلًا وَيُشْرَبُ بِمَاءِ الْمَطَرِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ". (فر) عن أنس قلت: أخرجه الديلمى من طريق أبي نعيم، وهو عنده في تاريخ أصبهان [2/ 22] في ترجمة على بن محمد بن حسين أبي بكر الضراب عنه قال: حدثنا أبو زرعة الموصلى تريك بن كناس بن يعقوب ثنا يوسف بن زريق الموصلى ثنا عمى ثنا حميد عن أنس به، وهذا الحديث في نقدى موضوع. 1758/ 4196 - "دِرْهَمُ الرَّجُلِ يُنْفَقُ فِي صِحَّتِهِ خَيْرٌ مِنْ عِتْقِ رَقَبَةٍ عِنْدَ مَوْتِهِ". أبو الشيخ عن أبي هريرة قلت: وهذا أيضًا موضوع فيه يوسف بن السفر كذاب، ومن طريق أبي الشيخ رواه الديلمى في مسند الفردوس. 1759/ 4199 - "دُعَاءُ الوَالِدِ لِوَلَدِهِ كَدُعَاءِ النَّبِيِّ لأمَّتِهِ". (فر) عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو نعيم، ومن طريقه وعنه أورده الديلمى مصرحًا، فلو عزاه إليه لكان أحسن، قال الزين العراقى في شرح الترمذى: هذا حديث منكر، وحكم ابن الجوزى بوضعه، وقال أحمد: هذا حديث باطل منكر، وأقره عليه المؤلف في مختصر الموضوعات.

قلت: المصنف رأى الحديث في مسند الفردوس من طريق أبي نعيم، ولم يعرف في أى كتاب خرجه أبو نعيم، فكانت الأمانة تقضى عليه بأن يعزوه إلى من خرجه دون من لم يعرف في أى كتاب خرجه، فلا لوم على واجب، بل لو فعل ذلك لكان ملوما. والحديث خرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 185] في ترجمة إبراهيم بن معمر بن شريس فقال: حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ثنا إبراهيم بن معمر ثنا أبو أيوب بن أخي زريق الحمصى ثنا يحيى بن سعيد الأموي ثنا خلف بن حبيب الرقاشى سمعت أنس بن مالك به. هكذا وقع في الأصل المطبوع من تاريخ أصبهان خلف بن حبيب الرقاشى عن أنس، وفي نسختنا من زهر الفردوس في هذا السند: ثنا خالد بن حبيب عن أنس. وأورده ابن الجوزى في الموضوعات معلقًا فقال: روى يحيى بن سعيد القطان عن سعد بن حبيب الأزدى عن يزيد الرقاشى عن أنس ثم قال: قال أحمد: هذا حديث منكر باطل وسعد ليس بشيء اهـ. ولم أر لخلف بن حبيب ولا لخالد بن حبيب ذكرًا، أما سعد بن حبيب فذكره الذهبى في الميزان وقال: يروى عن الحسن، مجهول. ولم يزد على ذلك. فالظاهر أن اسم سعد تحرف على أبي نعيم في أصل السند بـ "خلف"، وتحرف على كاتب الزهر بـ "خالد"، والأصل سعد كما ذكر ابن الجوزى. 1760/ 4200 - "دُعَاءُ الأخِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الغَيْب لا يُرَدُّ". البزار عن عمران

قال في الكبير: سكت عليه الهيثمى فلم يتعقبه، قال الحافظ: وهو في مسلم بلفظ: "دعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب مستجابة" اهـ. وحينئذ فعدول المصنف إلى البزار وإهماله العزو للصحيح غير جيد. قلت: بل بلادة الشارح وغفلته المفرطة هي القبيحة الضارة به وبمن يغتر به، فحديث عمران بن حصين ما خرجه مسلم أصلا، ولو كان للشارح أدنى نباهة لعلم أن ما خرجه مسلم لا يذكره الحافظ الهيثمى في الزوائد، وأقبح من هذا تحريفه لكلام العراقى، أو كذبه الصراح عليه، فالعراقى قال: حديث: "دعوة الأخ لأخيه في الغيب لا ترد" رواه الدارقطنى في العلل من حديث أبي الدرداء، وهو عند مسلم إلا أنه قال: "مستجابة" مكان: "لا ترد" اهـ. فالحافظ العراقى يتكلم على حديث أبي الدرداء لا حديث عمران، وحديث أبي الدرداء قد ذكره المصنف في المتن قبل هذا بحديثين وعزاه لأحمد ومسلم وابن ماجه. 1761/ 4202 - "دُعَاءُ المُحْسنُ إلَيْهِ لِلْمُحْسِنِ لا يُرَدُّ". (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وليس كما زعم، ففيه محمد بن إسماعيل بن عياش، قال أبو داود: لم يكن بذاك، وعبد الرحمن بن زيد ابن أسلم أورده الذهبى في الضعفاء والمتروكين، وقال: ضعفه أحمد والدارقطنى. قلت: كان الواجب على أهل العلم أن يستعدوا على هذا الرجل ويمنعوه من الخوض في هذا العلم، فإن جهله به فاق جهل الجاهلين مع تهور وكذب

وجرأة، فالمصنف ما رمز للحديث بالصحة، بل رمز له بالضعف، ولا يتصور أن يرمز له بالصحة، بل ولا لحديث في مسند الفردوس لأنه نص في خطبة الأصل أن جل ما فيه ضعيف، وأن مجرد العزو إليه مؤذن بذلك، ولولا أن النسخ تختلف في تلك الرموز لتخليط يقع من النساخ لجزمت بأن ذلك من كذب الشارح عليه، وهذا هين، ولكن البلية قوله: فيه محمد بن إسماعيل بن عياش، قال أبو داود: لم يكن بذاك فإن المذكور في السند محمد بن إسماعيل بن العباس بالباء الموحدة وآخره سين مهملة لا عياش بالمثناة التحتية والشين المعجمة، وهذا قد يتحرف ويلتبس، ولكنه وقع في السند موصوفا بالمستملى، وابن عياش غير موصوف بذلك، والطامة الكبرى أن المذكور في السند روى هذا الحديث عن أبي يعلى الموصلى الذي تأخرت وفاته بعد أبي داود باثنتين وثلاثين سنة، ومحمد بن إسماعيل بن عياش يروى عنه أبو داود بواسطة، فكيف يكون المذكور في السند هو الذي تكلم فيه أبو داود، لو فرضنا أنه تحرف عليه العباس المعرف بالألف واللام والذي هو بالموحدة والمهملة بعياش، فكيف وهو موصوف بالمستملى ومعروف مترجم في كتب الحديث مذكور بالثقة والعدالة، وأنه ولد سنة ثلاث وتسعين ومائتين، أى بعد وفاة أبي داود بثمان عشرة سنة؟! قال الخطيب: سألت عنه البرقانى فقال: ثقة ثقة. وقال الذهبى: محدث فاضل مكثر، لكنه يحدث من غير أصول ذهبت أصوله وهذا التساهل قد عم وطم. وقال الأزهرى: كانت كتبه ضاعت، وكان يفهم الحديث قديما، وكان أمره مستقيما، مات في ربيع الثانى سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، فكيف يلتبس هذا بأبى إسماعيل بن عياش الراوى عن أبيه المتوفى أبوه سنة إحدى وثمانين ومائة؟! والعجب أيضًا أنه ترك في السند أبا العباس السندى، وهو كذاب،

وبه يعل الحديث ويحكم بوضعه، وراح يخبط خبط عشواء، ويذكر عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ويخلط رجلا من أهل أواخر القرن الرابع برجل مش أهل القرن الثانى وأوائل الثالث. قال الديلمى: أخبرنا أبي أخبرنا الميدانى وكتب لى بخطه أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن لؤلؤ أخبرنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن العباس بن المستملى أخبرنا أبو بكر أحمد بن على الحافظ حدثنا أبو العباس السندى ثنا الحارث بن مسكين عن ابن المبارك عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر به. 1762/ 4205 - "دَعْوَةُ الرَّجُل لأخيه بظَهْر الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، وَمَلكٌ عِنْدَ رَأسهِ يَقُولُ: آمِين، وَلَكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ". أبو بكر في الغيلانيات عن أم كرز قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف، وهو وهم فقد خرجه مسلم عن أم الدرداء وأبي الدرداء معا. قلت: مسلم رواه بلفظ: "دعاء" لا بلفظ: "دعوة"، وقد تقدم معزوا إليه قبل ستة أحاديث. 1763/ 4206 - "دَعْوَةٌ فِى السِّرِّ تَعْدِلُ سَبْعِينَ فِى الْعَلانيَة". أبو الشيخ في الثواب عن أنس قلت: أسنده الديلمى من طريق أبي الشيخ، ولكن من حديث بعض الصحابة لا من حديث أنس.

قال أبو الشيخ: أخبرنا جعفر حدثنا الحسين بن الأسود ثنا ابن فضيل أخبرنا أبان عن الحسن عن بعض الصحابة مرفوعًا به. 1764/ 4207 - "دَعْوَتَان لَيْسَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ: دَعْوَةُ المظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمَرْءِ لأخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما ظن، فقد أعله الهيثمى وغيره بأن فيه عبد الرحمن بن أبي بكر المليكى وهو ضعيف، وجزم المنذرى بضعفه ثم قال: لكن له شواهد. قلت: المصنف لم يرمز له بشيء في النسخة المطبوعة، ولئن فعل فحكمه في غاية الصواب فإنه نظر إلى أصل الحديث، وهو أصح من الصحيح، فكل من الشطرين ورد بأسانيد متعددة صحيحة بل مخرجة في الصحيح كما سبق، والحافظان المنذرى والهيثمى نظرا إلى الحديث بانفراده والمصنف نظر إليه بشواهده، فالحكمان صواب والشارح خاطئ على كل حال. 1765/ 4209 - "دَعْ دَاعِى اللَّبَنِ". (حم. تخ. حب. ك) عن ضرار بن الأزور قلت: في الباب عن عبد اللَّه بن عمرو، ومخول البهزى، وعبد اللَّه بن بسر ورجل من بنى أسد. قال أبو نعيم في الحلية [8/ 176]: ثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن الحلوانى ثنا سعيد بن سليمان عن عبد اللَّه

ابن المبارك عن سعد بن أيوب عن عبد اللَّه بن جنادة عن أبي عبد الرحمن الحُبلى عن عبد اللَّه بن عمرو قال: "مَرَّ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بِرَجُلٍ يَحْلِبُ شَاةً فَقَالَ: إذَا حَلَبْتَ فَأبْقِ لِوَلَدِهَا، فَإنَّهَا مِنْ أبَرِّ الدَّوَابِّ". وقال الحاكم في المستدرك [4/ 134]: أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد بن على بمكة ثنا على بن المبارك الصنعانى ثنا يزيد بن المبارك ثنا محمد بن سليمان بن مسمول ثنا القاسم بن مخول البهزى، سمع أباه يقول: قلت: يا رسول اللَّه، الإبل نلقاها وبها اللبن، وهى مصراة ونحن محتاجون، فقال: ناد صاحب الإبل ثلاثًا، فإن جاء وإلا فاحلب واحتلب، واحلل ثم صر وبق اللبن لدواعيه". وقال ابن سعد في الطبقات [1/ 223]: أخبرنا هشام بن محمد قال: حدثنى أبو سفيان النخعى عن رجل من بنى أسد ثم من بنى مالك بن مالك قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لنقادة الأسدى: يا نقادة، ابغ لى ناقة حلبانة ركبانة ولا تُولِهها على ولد، فطلبها في نعمه فلم يقدر عليها، فوجدها عند ابن عم له يقال له: سنان بن ظفير، فأطْلَبَه إياها، فساقها نقادة إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمسح ضرعها، ودعا نقادة فحلبها حتى إذا أبقى فيها بقية من لبنها قال: أى نقادة، اترك دواعى اللبن. . . " الحديث. وقال ابن حبان في الضعفاء في ترجمة طلحة بن زيد الرَّقِّى: روى طلحة هذا عن برد بن سنان، عن راشد بن سعد، عن عبد اللَّه بن بسر رضي اللَّه عنه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تقالوا بالشاة، فإنما هي سقيا من اللَّه، وإذا حلبتم ذوات الذر فدعوا اللبن واعيًا فإنها أبر الدواب بأولادها". وقال ابن حبان في طلحة: إنه منكر الحديث جدا، يروى عن الثقات المقلوبات لا يحل الاحتجاج بحديثه.

قلت: لكنه لم ينفرد به، فقد أخرجه الديلمى في مسند الفردوس من طريق أبي بكر بن المقرى: حدثنا أبو يعلى ثنا سعيد بن أبي الربيع السمان أخبرنى عنبسة عن الخطيب عن راشد بن سعد به مثله. 1766/ 4210 - "دَعْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعةَ الْمَالِ". (طس) عن ابن مسعود قال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وهو غير صحيح، فقد قال الحافظ الهيثمى وغيره، فيه السرى بن إسماعيل وهو متروك. قلت: الشارح لا يتحاشى الكذب، فتراه كلما ذكر نقلًا عن أحد كائنًا من كان إلا وأضاف إليه قوله: وغيره؛ إرادة للتجيش على المصنف، وهو -واللَّه- كاذب في قوله: وغيره، ثم إن النسخ تختلف بها الرموز، فكم حديث منكر ساقط موضوع عليه علامة الصحيح، فالغالب أن المصنف لم يرمز بذلك، ولئن صح ذلك عن المصنف فله وجه وجيه، فأصل الحديث في صحيح البخارى [8/ 124] عن وراد كاتب المغيرة أن معاوية كتب إلى المغيرة: أن اكتب إليَّ بحديث سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فكتب إليه: "إنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول عند انصرافه من الصلاة: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، قال: وكان ينهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال" والحديث فهو بعينه كما ترى في الصحيح. 1767/ 4211 - "دَعْ مَا يَريبُكَ إِلَى مَا لا يَريبُكَ". (حم) عن أنس (ن) عن الحسن (طب) عن وابصة بن معبد (خط) عن ابن عمر

قال الشارح: بإسناد حسن، وله شواهد ترقيه إلى الصحة. قلت: الشارح لفرط غفلته لا يدرى ما يخرج من رأسه، فهذا كلام في غاية الفساد، كما هو ظاهر واضح، فإن المذكور في المتن أربعة أحاديث، إن كان لكل واحد منها سند واحد فقط فهى أربعة أسانيد، فكيف وبعضها روى من عدة طرق! فما معنى قوله حينئذ: بإسناد حسن؟!. . . إلخ. ولكن أبَى اللَّه لهذا الرجل أن ينطق بالصواب في هذه الصناعة. 1768/ 4213 - "دَعْ مَا يَريبكَ إلى مَا لا يَرِيبُكَ، فَإنَّ الصِّدْقَ طُمَأنينةٌ، وإن الكذبَ رِيبَةٌ". (حم. ت. حب) عن الحسن قال في الكبير: قال الحاكم: حسن صحيح، وقال الذهبى: سنده قوى، ورواه عنه أيضًا النسائى وابن ماجه، فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد الترمذى به من بين الستة غير صحيح. قلت: أقسم باللَّه ما خلق اللَّه في المنسوبين إلى العلم أسخف من هذا الرجل، فالنسائي خرج الحديث [2/ 234] بدون زيادة: "فإن الصدق. . . " إلخ. وقد عزاه المصنف إليه قبل هذا كما ترى، وأما ابن ماجه فما خرجه أصلا، بل ذلك من جهل الشارح. كما أن الحاكم لم يقل: حسن صحيح، بل سكت عليه. 1769/ 4214 - "دَعْ مَا يريبكَ إلى مَا لا يُريبكَ، فَإنَّكَ لَنْ تجدَ فَقْدَ شَيء تَرَكْتَه للَّه". (حل. خط) عن ابن عمر قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن الخطيب سكت عليه والأمر بخلافه، بل تعقبه بما نصه: هذا الحديث باطل عن قتيبة عن مالك، وإنما

يحفظ من حديث عبد اللَّه بن أبي رومان عن ابن وهب عن مالك تفرد به، واشتهر به ابن أبي رومان وكان ضعيفا، والصواب عن مالك من قوله: وقد سرقه ابن أبي رومان. قلت: صنيع المصنف لا يفيد ظاهرا ولا باطنا، وقاعدته في كتابه أنه يختصر ولا يذكر أسماء المخرجين بتمامها، ولا أسباب ورود الأحاديث فضلا عن أن يذكر كلام المخرجين، ولكنه لسخافة عقله يكرر هذا عند كل حديث، ثم لو كان من عادته أنه ينقل كلام المخرجين فلم يقل أحد أن ذلك واجب ولا مطلوب للعالم نقله، بل ذلك إلى اختيار المؤلف، والعازى إن شاء نقل كلام المخرج وإن شاء ترك، هذا لو كان كلام المخرج حقا، فكيف وما قاله الخطيب باطل لا ينبغى نقله؛ إذ لم يأت بحجة على بطلانه عن قتيبة عن مالك سوى كونه معروفا بابن أبي رومان؟! وهى دعوى غير مقبولة، فإن رواية قتيبة تبطلها فكيف يحكم عليها بالبطلان بمجرد الدعوى؟ إن هذا لعجب! وكيف يتصور أن يكون من قول مالك والحديث معروف عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من طرق متعددة بل ورد من رواية نافع شيخ مالك فيه؟!. كذلك أخرجه الطبرانى في الصغير [1/ 102]، والبيهقى في الزهد، والقضاعى في مسند الشهاب من رواية عبيد اللَّه بن رجاء عن عبد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر به. قال الطبرانى: ورواه عبد اللَّه بن رجاء عن عبد اللَّه بن عمر أيضًا، يعنى: عبد اللَّه المكبر والمصغر. قلت: وروايته عن عبد اللَّه بن عمر المكبر خرجها أبو حاتم في العلل والبيهقى في الزهد، وبين أبو حاتم وأبو زرعة أن ذلك اختلاف من أحمد بن شبيب ابن سعيد الراوى عن عبد اللَّه بن رجاء، فإنه حدث به أولا من حفظه عن

عبد اللَّه بن رجاء عن عبيد اللَّه بن عمر المصغر، قال أبو حاتم: ثم كتب إلينا أحمد بن شبيب أن اجعلوا هذا الحديث عن عبد اللَّه بن عمر -يعنى المكبر- وكذا قال أبو زرعة، وصحح أنه عبد اللَّه بن عمر. وهب أنه عنه فهو متابع لمالك في روايته عن نافع ومقوٍّ لرواية من رواه عنه من الطريقين السابقين، وإذا ذكره مالك مرة من قوله ولم يرفعه فلا يلزم منه ألا يكون عنده مرفوعًا، وأن ذلك يبطل رواية المرفوع عنه، وقد روى أيضًا عن شريح من قوله، وهو أقدم من مالك، بل ومن شيوخ مالك. قال ابن المبارك في الزهد: أخبرنا إسماعيل المكى عن محمد بن سيرين عن شريح قال: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإنك لن تجد فقد شيء تركته ابتغاء وجه اللَّه". فهل يقال أن شريحا أخذه عن مالك؟! بل لو كان قول الخطيب حقا في نفسه لكان ينبغى أن يقول: إنه من قول شريح ذكره مالك فرفعه ابن أبي رومان، فكيف ورواية عبيد اللَّه أو أخيه عبد اللَّه بن عمر عن نافع تبطل هذا مع ورود الحديث مرفوعًا من طرق؟! فإذا كان كلام الخطيب باطلا كما أوضحناه فكيف يلزم المصنف بنقل الباطل؟! ولكن هكذا الجهل. 1770/ 4218 - دَعُوا الحَبَشَةَ مَا وَدَعُوكُم، وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُم". (د) عن رجل قال الشارح: هو عبد اللَّه بن عمرو. وقال في الكبير: كذا في أصول متعددة، والذي وقفت عليه في مسند الفردوس أن أبا داود خرجه في الملاحم عن ابن عمرو، هكذا قال. قلت: يهم الشارح ويلصق وهمه بالغير، فالديلمى حافظ ما أراه يتوافق مع

الشارح على أوهامه الفاحشة، بل الشارح لا يفهم كلام الحفاظ، فأبو داود [رقم: 4302] روى هذا الحديث من حديث أبي سُكَينة عن رجل من الصحابة، ثم روى في باب آخر حديثًا آخر من رواية أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا: "اتركوا الحبشة ما تركوكم، فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة" فهذا حديث وذاك آخر، وهذا الأخير هو الذي قال عنه الديلمى: رواه أبو داود من حديث ابن عمرو، فخلطهما الشارح خلطا. 1771/ 4220 - "دَعُوا الدُّنْيَا لأهْلِهَا، مَنْ أَخَذَ مِنَ الدُّنْيَا فَوْقَ مَا يَكْفِيهِ أخَذَ حَتْفَهُ وَهُوَ لا يَشْعُر". ابن لال عن أنس زاد الشارح: في مكارم الأخلاق عن أنس، زاد الشارح: قال -يعنى أنس في هذا الحديث-: "ينادى مناد يوم القيامة: دعوا الدنيا. . . " إلخ. وقال في الكبير: ظاهره أنه لم يره مخرجًا لأشهر من ابن لال وإلا لما عدل إليه واقتصر عليه والأمر بخلافه، بل خرجه باللفظ المزبور -عن أنس- البزار وقال: لا يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا من هذا الوجه، وقال الهيثمى كشيخه العراقى: فيه هانئ بن المتوكل، ضعفوه. قلت: نوادر الشارح ينبغى أن يذيل بها على أخبار الحمقى والمغفلين، فإنها -واللَّه- من أطرف ما يتسلى به العاقلون، فانظر إلى قوله: "ينادى مناد يوم القيامة: دعوا الدنيا لأهلها. . . " إلخ. وتعجب، وانظر هل يمكن أن يصدر هذا ممن له مسكة عقل وإيمان بالبعث، فهل في الآخرة -وبيد الناس- يوم القيامة تجارة وحراثة ودنيا حتى يقال لهم: دعوا الدنيا؟! فهل بعد هذه الغفلة من غفلة؟! نسأل اللَّه العافية. فالحديث فيه عن أنس أنه قال: "ينادى مناد: دعوا الدنيا" يعنى: ينادى ملك

كل يوم أهل الدنيا: دعوا الدنيا، كحديث: "ما من يوم تطلع فيه الشمس إلا وبجنبها ملكان يناديان: اللهم أعط منفقا خلفا. . . " الحديث، فزاد الشارح: "يوم القيامة" فأتى بهذه الأعجوبة المضحكة، ثم مع هذه النادرة الطريفة فيه أيضًا أوهام: الأول: زيادته أن ابن لال خرجه في مكارم الأخلاق؛ لأنه ظن أن ابن لال ليس له من المؤلفات إلا مكارم الأخلاق، والحديث ليس من موضوع المكارم، ولو كان فيه لعزاه إليه المصنف، وابن لال له مصنفات أخرى منها السنن. الثانى: سخافته التي لم يمل منها في التعقب على المصنف بأن الحديث في مسند البزار مع أنه عند البزار مصدر بقوله: "ينادى مناد" فموضعه حرف الياء على اصطلاح المصنف في الكتاب. الثالث: أن الهيثمى عزاه إلى البزار موقوفًا على أنس، ووقع في الترغيب قوله: مرفوعًا، ولم يذكر: قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على عادته، فأخشى أن يكون ذكر قوله: مرفوعًا من الناسخ لا من الحافظ المنذرى. الرابع: أن الذي عزاه إليه المصنف -وهو ابن لال- ليس عنده في سنده هانئ بن المتوكل ولا عنده في أوله: "ينادى مناد"، بل قال ابن لال: حدثنا أحمد بن يونس ثنا محمد بن أبي هارون ثنا منصور بن الحارث ثنا خالد بن وهب ثنا إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "دعوا. . . " فذكره. 1772/ 4221 - "دَعُوا النَّاسَ يُصيِبُ بَعْضهُم مِنْ بَعْضٍ، فَإذَا اسْتَنْصَحَ أحَدُكُم أَخَاهُ فَلْيَنْصَحَهُ". (طب)

زاد الشارح في الكبير: وكذا القضاعى عن أبي السائب، زاد الشارح أيضًا: قال -يعنى أبا السائب-: "مر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- برجل وهو يساوم صاحبه، فجاءه رجل فقال للمشترى: دعه. . . " فذكره، قال الهيثمى بعد ما عزاه للطبرانى: وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط، ورواه بهذا اللفظ من هذا الوجه أحمد، ولعل المصنف ذهل عنه، والمصنف رمز لصحة حديث أبي السائب فليحرر، وروى مسلم: "دعوا الناس يرزق اللَّه بعضهم من بعض". قلت: فيه أوهام، الأول: قوله: وكذا القضاعى عن أبي السائب؛ فإن القضاعى ما خرجه من حديثه، إنما خرجه من حديث جابر بن عبد اللَّه فرواه من طريق الحسن بن صالح عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا: "دعوا الناس يرزق اللَّه بعضهم من بعض"، وقال القضاعى عقبه: مختصر، أى أن الحديث ليس هذا أوله إنما أورده هو مختصرًا. الثانى: قوله: عن السائب أنه قال: "مر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- برجل. . . " إلخ، لا أصل له في الحديث. الثالث: قوله: وروى مسلم: "دعوا الناس يرزق. . . " إلخ، يفيد أنه من حديث أبي السائب أيضًا، وإنما رواه مسلم [2/ 1157/ 20] من حديث جابر. الرابع: أنه صريح في أن مسلمًا رواه بذلك اللفظ وليس كذلك، بل أوله عنده: "لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس. . . " الحديث. الخامس (¬1): أنه بهذا اللفظ لم يختص به مسلم، بل رواه أيضًا الأربعة: أبو داود [رقم: 3442]، والترمذى [رقم: 1223]، والنسائى [7/ 256]، وابن ماجه [رقم: 2176]، وكذا الطيالسى والبيهقى [5/ 346 - 347] وآخرون. ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط: الرابع.

1773/ 4223 - "دَعُوا لِى أصْحَابِى وَأصْهَارِى". ابن عساكر عن أنس قال في الكبير: رواه ابن عساكر في ترجمة معاوية من حديث وكيع عن فضيل بن مرزوق عن رجل من الأنصار عن أنس، وفضيل إن كان هو الرقاشى فقد قال الذهبى: ضعفه ابن معين وغيره، وإن كان الكوفى فقد ضعفه النسائى وغيره، وعيب على مسلم إخراجه له في الصحيح، والرجل مجهول. قلت: فضيل بن مرزوق الرقاشى هو فضيل بن مرزوق الكوفى، والعجب أن الذهبى نبه على أنهما واحد ووهم من فرق بينهما. وما حكاه الشارح عنه من أنه قال في ترجمة الرقاشى: ضعفه ابن معين وغيره -كذب صراح، ما قال شيئًا من ذلك، بل ترجم ترجمة مطولة نقل فيها ما قيل في الرجل من الجرح، ثم قال: فضيل بن مرزوق الرقاشى هو الأول، روى عن عطية وضعف، ووهم من فرقهما اهـ بالحرف. فالشارح يهم ويغلط ثم يختلق الأكاذيب لتدعيم وهمه. والحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 175] قال: حدثنا أبي ثنا أحمد بن إبراهيم بن أبي يحيى ثنا أبي ثنا يزيد بن هارون أنا الفضيل بن مرزوق به بزيادة: "لا تؤذونى فيهم فمن آذانى فقد آذى اللَّه، ومن آذى اللَّه تخلى اللَّه عنه، ومن تخلى اللَّه عنه أوشك أن يأخذه"، والغالب على الظن أن الحديث مختلق مصنوع لتسكين نار الفتنة على معاوية. 1774/ 4227 - "دَعُوهُ، فَإنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا". (خ. ت) عن أبي هريرة قال في الكبير بعد أن ذكر سبب وروده: رواه الشيخان معا، كما عزاه لهما

فائدة

النووى ثم العراقى، فما أوهمه صنيع [المؤلف] أنه مما تفرد به البخارى غير صحيح. قلت: النووى والعراقى وغيرهما إذا عزوا الحديث يريدون أصله والمؤلف رتب الكتاب ترتيبا دقيقا على حروف المعجم، ومسلم لم يقع عنده لفظ: "دعوه"، بل أول الحديث عنده [3/ 1225, رقم 120]: "إن لصاحب الحق مقالا"، والمصنف قد ذكره كذلك في حرف الهمزة، إلا أنه لم يعزه لمسلم فهناك حصل فيه نوع تقصير لا هنا. 1775/ 4228 - "دَعُوهُ يئِنُّ، فَإنَّ الأنِينَ اسْمٌ منْ أسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى يَسْتَرِيحُ إلَيْهِ الْعَلِيلُ". الرافعى عن عائشة قلت: أخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس من طريق الطبرانى: حدثنا مسعود بن محمد الرملى ثنا محمد بن أيوب بن سويد ثنا أبي عن نوفل ابن الفرات عن القاسم عن عائشة قالت: "دخل علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعندنا مريض يئن فقلنا له: اسكت، فقال: يا حميراء، أما شعرت أن الأنين. . . " وذكره، ومحمد بن أيوب بن سويد قال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه ولا الاحتجاج به، يروى عن أبيه الأشياء الموضوعة، كان أبو زرعة يقول: رأيته أدخل في كتب أبيه أشياء موضوعة بخط طرى وكان يحدث بها اهـ. فالحديث موضوع. فائدة بعض الشاذلية بمصر يستدلون بهذا الحديث على الذكر الذي يذكرون به، ويسمونه اسم الصدر وهو آه آه، والحديث كما ترى، وقد كان شيخنا أبو

ثابت محمد بخيت المطيعى المصرى -رحمه اللَّه- سئل عن الذكر بهذا الاسم فشرع في الجواب في إبطاله وإبطال كون آه اسما من أسماء اللَّه تعالى، إلا أنه توقف في الجواب ولم يمضه لتوقفه في الحديث وعدم اهتدائه للجواب عنه لظنه أنه ثابت، فاتفق أنى زرته يوما مع حفيد الشيخ الفاسى المكى -وأصحابه هم الذين يذكرون بذلك الاسم- فلما استقر بنا المجلس وعرفت الشيخ أن الذي معى هو حفيد الشيخ الفاسى، قال له: هل لازلتم تذكرون باسم آه؟ فقال له: نعم، فشرع يتكلم عليه وذكر أنه سئل عنه وأنه أجاب بالإبطال إلا أنه توقف في الحديث وذكر عن الحفنى كلاما نسيته الآن، فبادرته وقلت له: إن الحديث غير صحيح، فلما سمع منى هذا طار فرحا وفرج عنه هم كبير من جهة الحديث، وطلب منى أن اكتب له بيان ضعفه ليعتمد عليه في الجواب، فلما خرجنا من عنده طلب منى حفيد الفاسى ألا أذكر له ذلك؛ لئلا يتجيش بفتواه أعداؤهم عليهم، فتشاغلت عنه مدة لا لكلام الفاسى، فكتب إليَّ كتابا مع قيم خزانته يستحثنى فيه على الجواب عن الحديث، وأرسل معه نسخة من حاشيته على شرح الإسنوى على منهاج البيضاوى، فكتبت له بيان وضعه وعدم صحته (¬1) ودفعته للقيم، وقلت له: إذا تم تأليف الشيخ في الجواب عن المسألة فليتحفنا منه بنسخة، فلما مضت على ذلك نحو خمسة عشر يوما لم يرعنا إلا خبر وفاته وذلك في منتصف شعبان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة وألف. 1776/ 4229 - "دَفْنُ البَنَاتِ مِنْ المكْرُمَاتِ". (خط) عن ابن عمر قال الشارح: بإسناد ضعيف. وقال في الكبير: أورد ابن الجوزى هذا الحديث في الموضوعات من ¬

_ (¬1) وذلك في جزء سماه: "الحنين بوضع حديث الأنين"، وهو مما حوته مكتبة الأستاذ حسن التهامى.

هذا الطريق وحكم بوضعه، وأقره عليه الذهبى والمؤلف في مختصر الموضوعات. قلت: في هذا أمران، أحدهما: حيث ذكر في الكبير ما ترى من أنه موضوع، فكيف ساغ له الاقتصار بعد ذلك في الصغير على أنه ضعيف؟!. ثانيهما: المؤلف له اللآلئ المصنوعة، وليس هو اختصارًا للموضوعات، بل هو ذكر لها بتمامها مع التعقب على المتعقب وإقرار ما ليس بمتعقب في نظره، وغاية ما حذف منه أسانيد ابن الجوزى إلى مشاهير المخرجين دون غيرهم، وهذا لم أر فيه تعقبا على ابن الجوزى في هذا الحديث، وله أيضًا اختصار اللآلى الذي هو اختصار لكتاب الموضوعات بإفراد المتعقب دون غيره، وهذا قد ذكره فيه المؤلف وتعقب ابن الجوزى على الحكم بوضعه، فقال: حديث: "دفن البنات من المكرمات" أورده -يعنى ابن الجوزى- من حديث ابن عباس، وفيه عراك بن خالد مضطرب الحديث ليس بالقوى عن عثمان بن عطاء عن أبيه، وهما ضعيفان، وتابعه محمد بن عبد الرحمن بن طلحة القرشى عن عطاء وهو ضعيف ومن حديث ابن عمر، وفيه يحدث عن الثقات بالمناكير. قلت: ليس في شيء مما ذكر ما يقتضى الوضع، أما عراك: فهو وإن ضعفه أبو حاتم بما ذكر فقد قال فيه صاحب الميزان: إنه معروف حسن الحديث، وأما عثمان بن عطاء: فأخرج له ابن ماجه، ووثقه أبو حاتم فقال: يكتب حديثه، ودحيم فقال: لا بأس به ومن ضعفه لم يجرحه بكذب، وأما أبوه فالجمهور على توثيقه، وخرج له في البخارى اهـ. فالمؤلف لم يقر ابن الجوزى على وضعه.

1777/ 4230 - "دُفِنَ بِالطِّينَةِ التي خُلِقَ مِنْهَا". (طب) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الهيثمى: وفيه عبد اللَّه بن عيسى وهو ضعيف. قلت: أورد الشارح هنا أحاديثًا وآثارا بمعنى هذا الحديث نقلها من المصنف في اللآلئ المصنوعة؛ لأن ابن الجوزى أورد حديثا من رواية ابن مسعود في هذا المعنى وحكم بوضعه فتعقبه المؤلف، وذكر عدة أحاديث وآثار انتقى منها الشارح ما ذكره، ولم يشر إلى قضية حكم ابن الجوزى بالوضع ليبقى نقله عن علم المصنف مستورًا غير مكشوف [وهو] لا يذهب ويجئ إلا في علمه. والمصنف قد أطال واستوعب في ذكر الأخبار الواردة في الباب إلا أنه فاته ذكر شيء لم يذكره، أعنى من المخرجين. فمن ذلك أنه ذكر حديث أبي سعيد: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مر بالمدينة فرأى جماعةً يحفرون قبرًا، فسأل عنه، فقالوا: حبشيٌّ قَدمَ فمات، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا إله إلا اللَّه، سيقَ من أرضه وسمائه إلى التُّرْبَة التي خُلقَ منها" وعزاه إلى البزار [رقم: 842] قال: حدثنا بشر بن معاذ العقدى ثنا عبد اللَّه بن جعفر بن نجيح ثنا أنيس بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد به اهـ. وهذا السند ضعيف لأن عبد اللَّه بن جعفر والد على بن المدينى متفق على ضعفه مع أن الحديث وارد بسند صحيح من غير طريقه: قال الحاكم في المستدرك: أخبرنا أبو نصر الفقيه وأحمد بن محمد العنزى قالا: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمى، ثنا يحيى بن صالح الوحاظى ثنا عبد العزيز بن محمد حدثنى أنيس بن أبي يحيى مولى الأسلميين عن أبيه عن أبي سعيد الخدرى به مثله.

ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأنيس بن أبي يحيى الأسلمى هو عم إبراهيم بن أبي يحيى، وأنيس ثقة معتمد، ولهذا الحديث شواهد أكثرها صحيحة اهـ. وأقره الذهبى في التلخيص، فهذا الطريق أحسن من كل ما ذكره المصنف في التعقب على ابن الجوزى، بل لو ذكره وحده لكان كافيا لصحته، وفيه أيضًا فائدة كبرى بتنصيص الحاكم وإقرار الذهبى أن شواهد هذا الحديث أكثرها صحيح، ومن ذلك أنه عزا حديث ابن عمر المذكور في الكتاب هنا للطبرانى قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنا عقبة بن مكرم ثنا عبد اللَّه بن عيسى الخزاز عن يحيى البكاء عن ابن عمر: "أن حبشيا دفن بالمدينة فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: دفن بالطينة التي خلق منها". وقد أخرجه أيضًا ابن فيل في أواخر جزئه قال: حدثنا عقبة بن مكرم العمى به، وأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان قال: حدثنا محمد بن على البرجى ثنا ابن أبي حاتم ثنا عمر بن شيخ ثنا أبو خلف عبد اللَّه بن عيسى الخزاز به. 1778/ 4237 - "دِيَةُ المُعَاهِدِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ". (د) عن ابن عمرو قال الشارح: في إسناده مجهول. وقال في الكبير في صحابيه: هو عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، قال الهيثمى: فيه جماعة لم أعرفهم. قلت: في هذا أوهام فاحشة، الأول: أن الحديث ليس في سنده مجهول.

الثانى: أن الحافظ الهيثمى لم يقل شيئًا مما نقله عنه الشارح، بل هو كذب عليه. الثالث: أن الحديث في سنن أبي داود، والهيثمى لا يذكر حديثا في الكتب الستة إنما يذكر الزوائد عليها. الرابع: لو فرضنا أنه قال: فيه جماعة لم أعرفهم لما جاز للشارح أن يقول: فيه مجهول، لأن من لم يعرفه الهيثمى لا يقال عنه: مجهول. الخامس: ولو فرضنا أن ذلك جائز لكان من حقه أن يقول: فيه مجاهيل. السادس: أن الحديث هو الذي بعده، فإنه عند الترمذى بسند أبي داود، وقد قال الشارح عنه: إنه حسن. السابع: أنه من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص لا من حديث عبد اللَّه ابن عمر بن الخطاب. الثامن: أن الشارح صرح في الكبير بأنه ابن الخطاب، وكتبه في الصغير على الصواب بزيادة الواو. قال أبو داود [4/ 194/ رقم 4583]: حدثنا يزيد بن خالد بن موهب الرملى ثنا عيسى بن يونس عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "دية المعاهد نصف دية الحر". قال أبو داود: رواه أسامة بن زيد الليثى وعبد الرحمن بن الحارث عن عمرو ابن شعيب مثله اهـ. ورواه أيضًا الترمذى [رقم: 1413] باللفظ الذي ذكره المصنف بعد هذا، وقال الترمذى: حديث حسن، ورواه النسائى بنحوه.

ورواه ابن ماجه [2/ 883، رقم 2644] بلفظ: "قضى أن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين، وهم اليهود والنصارى". 1779/ 4241 - "دِيَةُ الذِّمِّى دِيَةُ المُسْلِمِ". (طس) عن ابن عمر قال (ش): بإسناد ضعيف والمتن منكر. قلت: بل الحديث باطل موضوع كما قال الحفاظ، وإنما افتراه من افتراه ليدعم به رأى أبي حنيفة الباطل في هذه المسألة. وقد حكى الشارح في كبيره قول الحفاظ وحكمهم بأنه موضوع، فلا معنى لهذا التراجع في الصغير. قال ابن حبان في الضعفاء في ترجمة عبد اللَّه بن كرز: لا أصل لهذا الحديث من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-, وهو موضوع لا شك فيه. 1780/ 4242 - "دِينُ الْمَرْءِ عَقْلُهُ، وَمَنْ لا عَقْلَ لَهُ لا دِيَن لَهُ". أبو الشيخ في الثواب، وابن النجار عن جابر قلت: رمز المصنف لضعفه وسكت عنه الشارح مع أنه رآه في مسند الفردوس للديلمى، وعزاه له في الكبير، وقد أخرجه الديلمى من طريق أبي الشيخ: حدثنا سهل بن عثمان ثنا محمد بن حرب ثنا عمير بن عمران ثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر به. وعمير بن عمران قال ابن عدى: حدث بالبواطيل، والضعف على روايته بين اهـ. فالحديث موضوع، وليس في العقل حديث صحيح.

1781/ 4244 - "الدَّارُ حَرَمٌ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْكَ حَرَمَكَ فَاقْتُلْهُ". (حم. طب) عن عبادة بن الصامت قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وهو زلل، فقد أعله الهيثمى بأن فيه: محمد بن كثير السلمى، وهو ضعيف. قلت: بل الزلل من الشارح الذي يعتمد الرموز وهو يعلم أن جلها محرف مقلوب، فكم حديث هالك واه وضع عليه النساخ رمز الصحيح، والحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ [1/ 349] من طريق صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه ثنا محمد بن كثير قال: سألت يونس بن عبيد عن رجل دخل داره سارق مجردًا ليس في يده سلاح، فبادره صاحب الدار فقتله فقال: حدثنى محمد بن سيرين عن عبادة بن الصامت، فذكره. 1782/ 4245 - "الدَّاعى وَالمُؤَمِّنُ في الأجْر شَريكَان، وَالقَارئُ وَالمُسْتَمعُ فِى الأجْرِ شَرِيكَانِ، والعالمُ وَالمُتَعَلِّمُ فِى الأجْرِ شَرِيكَانِ". (فر) عن ابن عباس قلت: قال الديلمى: أخبرنا أحمد بن نصر أخبرنا أبو طالب على بن إبراهيم بن جعفر بن الحسن المزكى أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن خرز أخبرنا الطنان، أنا الحسين بن القاسم ثنا إسماعيل الشامى عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به. والشامى وجويبر ضعيفان، والضحاك لم يلق ابن عباس، ويشهد له في الدعاء قول اللَّه: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا} , فإن الذي دعا موسى وحده بقوله: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} الآية، وخاطبهما اللَّه تعالى لأن هارون كان يؤمن كما ورد عن المفسرين فجعلهما اللَّه داعيين معا، واللَّه أعلم.

1783/ 4246 - "الدَّالُّ عَلَى الخَيْر كَفَاعله". البزار عن ابن مسعود (طب) عن سهل بن سعد وعن ابن مسعود قال الشارح: كذا فيما وقفت عليه من نسخ الكتاب، وهو سهو وصوابه عن أبي مسعود وعن أنس، ثم قال: وإسناده ضعيف. وقال في الكبير عقب البزار: وكذا القضاعى عن ابن مسعود، وإنما قال عبد الحق: البزار عن أنس، ثم رأيت المصنف في الدرر قال: البزار عن أنس، فما هنا سهو، (طب) عن سهل بن سعد، وقال: لم يرو عن سهل إلا بهذا الإسناد وعن أبي مسعود، وفيه من طريقه -كما قال في المنار- زياد النهرى ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، ومن طريق الطبرانى: عمران بن محمد بن سعيد لم يسمع من أبي حازم، قال الهيثمى: فيه من لم أعرفه، وقال العراقى: إسناده ضعيف جدًا. قلت: خبط الشارح هنا خبطًا، وخلط الكلام خلطًا، بما سود به الورق وأضاع به الزمان، مع الغلط فيما قال، والوهم فيما نقل، وبيان ذلك وتحرير المقام يقع من وجوه، الأول: أن المصنف عزا الحديث للبزار من حديث عبد اللَّه بن مسعود، وللطبرانى من حديث سهل بن سعد، ومن حديث أبي مسعود البدرى الأنصارى، والشارح حكم عليه بالوهم في أمرين، أحدهما: أنه جعل في الصغير حديث البزار عن أبي مسعود البدرى، لا عن عبد اللَّه بن مسعود، وإن رأى ذلك في عدة نسخ كما قال، وجعله في الكبير من حديث أنس بن مالك لا من حديث ابن مسعود، ولا من حديث أبي مسعود البدرى، وكل هذا خبط وغلط، فالبزار روى الحديث عن عبد اللَّه بن مسعود كما ذكره المصنف هنا، وعن أنس كما ذكر في الدرر هو وغيره، ولا تنافى بين ذلك إلا عند الشارح، والعجب

أنه نقل من مجمع الزوائد كلام الهيثمى على حديث سهل بن سعد، والهيثمى في نفس الباب وقبل حديث سهل بن سعد بحديث واحد ذكر حديث ابن مسعود مصرحا باسمه فقال [1/ 166]: وعن عبد اللَّه -يعنى ابن مسعود- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الدال على الخير كفاعله" رواه البزار، وفيه عيسى بن المختار، تفرد عنه بكر بن عبد الرحمن اهـ. فبان أن قول المصنف صواب وأن الساهى هو الشارح كما هو حاله في كل تعقباته. الثانى: أنه قال في الصغير: والصواب عن أبي مسعود وعن أنس، وهذا كلام لا يدرى معناه هل البزار رواه عنهما معا أى من حديثهما أو من حديث كل واحد على انفراد؟ وأيًا ما كان فلا وجه لتعقبه في الكبير، فإنه لم يروه إلا عن أنس. الثالث: أنه قال في الكبير عقب قول المصنف البزار: وكذا القضاعى عن ابن مسعود، فاقتضى ذلك أن القضاعى رواه من حديث عبد اللَّه بن مسعود، كما رواه البزار، والواقع أن القضاعى رواه من حديث أبي مسعود البدرى. الرابع: أنه قال في الصغير عقب جميع المخرجين: وإسناده ضعيف، وهو باطل فإن الحديث صحيح، بل في صحيح مسلم [3/ 1506/ رقم 133] بلفظ: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله"، وسيأتى للمصنف كذلك في حرف "الميم". الخامس: أنه قال في الكبير: وفيه -أى في حديث أبي مسعود- زياد النهرى ضعفه ابن معين. . . إلخ. وهذا أيضًا باطل، فإن زيادا لا وجود له في حديث أبي مسعود، وإنما هو في حديث أنس المذكور بعد هذا كما نقله الشارح نفسه.

السادس: أنه قال: ومن طريق الطبرانى عمران بن محمد. . . إلخ. وهو كلام فاسد لا معنى له، وكأنه أراد أن يقول: وفي سند حديث سهل بن سعد عمران بن محمد. قال الهيثمى: يروى عن أبي حازم، ويروى عنه عبد اللَّه بن محمد ابن عائشة، وليس هو عمران بن محمد بن سعيد بن المسيب لأن ذاك مدنى، وقال الطبرانى في هذا أنه نصري، وابن سعيد لم يسمع من أبي حازم، ولم أجد من ذكر هذا، هكذا قص الحافظ الهيثمى. السابع: أن الحافظ الهيثمى قال كما ترى، وليس هو عمران بن محمد بن سعيد بن المسيب، والشارح عكس كلامه فجعل الذي في السند هو عمران ابن محمد بن سعيد، فلو أعطى لعالم أجر على أن يقلب الأحاديث ويتلاعب بالأسانيد لما أحسن -واللَّه- أن يفعل ما يفعله هذا الرجل، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون. وجملة القول أن الحديث رواه البزار [رقم: 154] من حديث عبد اللَّه بن مسعود وفيه عيسى بن المختار كما سبق، ورواه أبو داود الطيالسى وأحمد [4/ 120]، والبخارى في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود [4/ 233 رقم 5139] والترمذى [رقم: 2671]، والخرائطى في مكارم الأخلاق، وأبو نعيم في الحلية [6/ 266] وفي التاريخ [2/ 265]، والقضاعى في مسند الشهاب، والطبرانى [6/ 230]، والخطيب [7/ 383]، وآخرون كلهم من رواية الأعمش عن أبي عمرو الشيبانى عن أبي مسعود البدرى الأنصارى، إلا أنه عند بعضهم بلفظ: "من دل"، كما ذكرته وسيأتى، ورواه الطبرانى والطحاوى في مشكل الآثار [1/ 484] من حديث سهل بن سعد الساعدى، وهو عند الأخير من رواية عمران بن يزيد القرشى عن أبي

حازم عن سهل، وورد من حديث بريدة وأنس كما سيذكره المصنف بعد هذا، ومن حديث أبي هريرة عند أبي نعيم في التاريخ. 1784/ 4247 - "الدَّالُّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِهِ، وَاللَّهُ يُحبُّ إغَاثَةَ اللَّهْفَانِ". (حم. ع) والضياء عن بريدة، ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج عن أنس قلت: حديث بريدة رواه أبو حنيفة عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه. ومن اللطائف أن أحمد رواه في المسند من طريقه إلا أنه لم يسم أبا حنيفة. قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثنا أبي ثنا إسحاق بن يوسف أنا أبو فلانة كذا قال أبي لم يسمه على عمد وحدثناه غيره فسماه -يعنى أبا حنيفة- عن علقمة. . . إلخ. وهذا مما يدل على أن أحمد تورع من ذكر أبي حنيفة لسوء سمعته عند أئمة الحديث والسلف الصالح. وحديث أنس رواه أيضًا ابن شاهين في الترغيب، وابن عبد البر في العلم، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق أيضًا، كلهم من حديث زياد عن أنس، ورواه الترمذى [رقم: 2671] وابن فيل في جزئه من رواية شبيب بن بشر عن أنس بلفظ: "إن الدال على الخير كفاعله" وقال (ت): غريب من هذا الوجه من حديث أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. 1785/ 4248 - "الدُّباءُ يُكَبِّرُ الدِّمَاغَ، وَيَزِيدُ فِى العَقْل". (فر) عن أنس قلت: هذا حديث موضوع يلام المصنف على ذكره لانفراد وضاع به.

1786/ 4354 - "الدَّجَّالُ تَلِدُهُ أمُّهُ وَهِيَ مَنْبُوذَةٌ فِى قَبْرِهَا، فَإذَا وَلَدَتْهُ حَمَلَت النِّسَاء بِالخَطَّائِينَ". (طس) عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [4/ 22] قال: حدثنا محمد بن عمر ثنا عبد اللَّه بن محمد بن ناجية ثنا سويد بن سعيد ثنا عثمان بن عبد الرحمن الجمحى ثنا عبد اللَّه بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة قال: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الدجال فقال: "تلده أمه مقبورة فتحمل النساء بالخطائين". قال أبو نعيم: تفرد به عثمان الجمحى عن عبد اللَّه. قلت: وحاله كما ذكره الشارح في الكبير. 1787/ 4256 - "الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ". (ت) عن أنس قلت: أخرجه أيضًا الحكيم الترمذى في نوادر الأصول [ص 636] [السابع] والعشرين ومائة، والقشيرى في الرسالة [ص 119] في باب الدعاء، كلاهما من رواية ابن لهيعة أيضًا عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر عن أبان بن صالح عن أنس. 1788/ 4257 - "الدُّعَاءُ مفْتَاحُ الرَّحْمَة، وَالوضُوءُ مِفْتَاحُ الصَّلاة، وَالصَّلاةُ مِفْتَاحُ الجنَّة". (فر) عن ابن عباس قلت: والكذب على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مفتاح جهنم. رواه الديلمى عن ابن عباس، وهو في نقدى موضوع، قال الديلمى:

أخبرنا والدى أخبرنا أبو الفضل بن برنمة ثنا أحمد بن إبراهيم بن تركان ثنا على ابن إبراهيم بن عبد اللَّه ثنا محمد بن على بن الحسين الهمدانى ثنا محمد بن عبيد ثنا عبد اللَّه بن عبيد اللَّه المقرى ثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به. 1789/ 4259 - "الدُّعَاءُ لا يُرَدُّ بَيْنَ الأذَانِ وَالإِقَامَةِ". (حم. د. ت. ن. حب) عن أنس قال في الكبير: حسنه الترمذى وضعفه ابن عدى وابن القطان ومغلطاى، لكن قال الحافظ العراقى: رواه النسائى في اليوم والليلة بسند آخر جيد، وابن حبان والحاكم وصححه. قلت: النسائى لم يخرجه في السنن -المجتبى- وإنما خرجه في عمل اليوم والليلة، وقد يكون خرجه في الكبرى إلا أن العزو إليه إذا أطلق لا يكون إلا إلى الصغرى، والطريق الثانية التي أشار إليها العراقى هي عند بعض من عزا الحديث إليه المصنف، فالطريق الأول من رواية أبي إياس معاوية بن قرة عن أنس. والطريق الثانية من رواية يزيد بن أبي مريم عنه، ومن هذا الطريق خرجه ابن السنى في عمل اليوم والليلة [رقم: 100] عن النسائى بزيادة: "فادعوا" ورواه من الطريق الأول محمد بن مخلد البزاز في جزئه، والدينورى في المجالسة. وأما الحاكم فرواه من طريق حميد عن أنس بلفظ آخر ذكره المصنف بعد حديث، ورواه أبو القاسم على بن المحسن التنوخى في أماليه من رواية يزيد الرقاشى عن أنس، وكذا أبو يعلى وهو المذكور بعده. 1790/ 4260 - "الدُّعَاءُ بَينَ الأذَانِ والإقَامَةِ مُسْتَجَابٌ، فَادْعوا". (ع. هـ) عن أنس

قال الشارح: بإسناد ضعيف. وقال في الكبير عن الهيثمى: فيه يزيد الرقاشى مختلف في الاحتجاج به. قلت: لا يقال عن الحديث ضعيف مع أنه مذكور قبله وبعده بأسانيد حسنة صحيحة، ورواه عن أنس جماعة، وليس كل سند فيه ضعيف يحكم عليه بالضعف لأنه لا يحكم على رواية الضعيف بالضعف إلا لما يتطرق من الظن فيه، فإذا عرف من طرق أخرى حديثه فلا معنى للحكم على حديثه بالضعف؛ إذ الضعف ليس هو من ذاته وإنما هو من جهة الظن به، وقد ارتفع ذلك وزال بمتابعة غيره له من الثقات، والحديث هو عين الذي قبله وبعده اختلفت ألفاظه باختلاف طرقه، والمصنف يتبع ألفاظ الكتب فيدعوه ذلك إلى التعدد والتكرار. وقد أخرج هذا الحديث عينه من رواية الرقاشى أيضًا ابن ماسى في فوائده، والتنوخى في أماليه. بلفظ آخر، فقال ابن ماسى: حدثنا الحسن بن علوية القطان ثنا عاصم بن على ثنا المسعودى عن يزيد الرقاشى عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة". وقال أبو القاسم التنوخى في أماليه: حدثنا أبو الحسين عبد اللَّه بن إبراهيم بن جعفر بن بيان الزينبى ثنا الحسن بن علوية القطان به مثله. 1791/ 4262 - "الدُّعَاءُ يَرُدُّ الْقَضَاءَ، وَإنَّ البِرَّ يَزِيدُ فِى الرِّزْقِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ". (ك) عن ثوبان قال الشارح: بضم المثلثة وقيل بفتحها، وصححه (ك) ورد عليه بأنه واه.

وقال في الكبير: رواه (ك) في المناقب عن على بن قرين عن سعيد بن راشد، عن الخليل بن مرة عن الأعرج عن مجاهد عن ثوبان، قال الذهبى: ابن قرين كذاب، وسعيد واه وشيخه ضعفه ابن معين اهـ. فكان يجب حذفه من الكتاب. قلت: إنما كان يجب حذفه لو انفرد به على بن قرين، فإن المصنف قال: إنه صان كتابه هذا عما انفرد به كذاب أو وضاع. وحديث ثوبان هذا ورد من طريق آخر، قال الدينورى في المجالسة: حدثنا إبراهيم بن دازيل ثنا أبو نعيم ثنا سفيان الثورى عن عبد اللَّه بن عيسى عن عبيد بن أبي الجعد عن ثوبان قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القَدَر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه". ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 10] من رواية محمد بن عصام عن أبيه عن سفيان به. ومن هذا الوجه أخرجه ابن قتيبة في عيون الأخبار إلا أنه أرسله فلم يذكر ثوبان. ورواه الطحاوى في مشكل الآثار [4/ 169]: حدثنا فهد بن سليمان ثنا إبراهيم ثنا سفيان به موصولا مثله. ورواه أبو بكر محمد بن عبد الباقى الأنصارى في مسند أبي حنيفة من رواية أبي حنيفة عن سفيان الثورى. ورواه أحمد [5/ 277]، والنسائى في الكبرى، وابن ماجه [رقم 90/ 4022]، والحاكم [1/ 493] وغيرهم من هذا الوجه أيضًا من رواية سفيان بلفظ: "إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القضاء إلا

الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر"، وصححه الحاكم وأقره الذهبى، وذكره المصنف سابقا، وكتب عليه الشارح: قال (ك): صحيح واقروه. وله مع هذا شاهد من حديث سلمان أخرجه الترمذى وحسنه [رقم: 2139]، وكذلك الحاكم، وسيأتى في حرف لام ألف بلفظ: "لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر" ونقل الشارح هناك أيضًا تحسينه ولكنه يهرف بما لا يعرف. ثم إنه مع ذلك له وهمان آخران، أحدهما: قوله: ثوبان بضم المثلثة، وهو بفتحها. والثانى: قوله عن الحاكم: وصححه، ورد بأنه واه، فإن الحاكم سكت على تلك الرواية فلم يصححها. وقوله في حكاية سند الحاكم عن الأعرج يوهم أنه صاحب أبي هريرة، والواقع أنه حميد الأعرج. 1792/ 4263 - "الدُّعَاءُ جُنْدٌ مِنْ أجْنَادِ اللَّهِ مُجَنَّدٌ، يَرُدُّ الْقَضَاءَ بَعْدَ أنْ يُبْرَم". ابن عساكر عن نمير بن أوس مرسلا قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مسندا وهو ذهول، فقد رواه أبو الشيخ والديلمى من حديث أبي موسى. قلت: نعم ذلك كذلك فكان ماذا، وهذا موطأ مالك إمام أئمة الحديث وأم الشافعى، ومصنفات السلف الصالح مشحونة بالمراسيل والمعاضيل المسندة في كتب غيرهم فهل ذلك أيضًا ذهول أو نقص؟! فلو كان الشارح عاقلًا لزاد هذه الفائدة كما يزيدها غيره ممن لهم فضلٌ وخدمة للعلم دون هذه المقدمات السخيفة، ولكن هكذا شأن الجهلة.

قال أبو الشيخ: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ثنا. . . (¬1) بن يحيى ثنا نمير بن الوليد بن نمير الأشعرى عن أبيه عن جده عن أبي موسى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذكره. وفي الباب عن أنس وعائشة وغيرهما، قال ابن شاهين في الترغيب: حدثنا زيد بن محمد الكوفى ثنا يعقوب بن يوسف القزوينى ثنا موسى بن محمد البكاء ثنا كثير بن عبد اللَّه أبو هاشم عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "يا بنى أكثر من الدعاء، فإن الدعاء يرد القضاء المبرم" وقال أيضًا: حدثنا عبد اللَّه بن سليمان ثنا سهل بن الديلمى ثنا الحارث بن أبي الزبير النوفلى ثنا عباية بن عمر المخزومى -أو قال: عبادة- عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لن ينفع حذر من قدر وإن الدعاء ينفع مما نزل من السماء ومما لم ينزل، وإنه ليلقى القضاء المبرم فيعتلجان إلى يوم القيامة". 1793/ 4264 - "الدُّعَاءُ يَنْفَعُ ممَّا نَزَلَ وَممَّا لَمْ يَنْزِلْ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ". (ك) عن ابن عمر قلت: أخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة قال: حدثنا يزيد بن إسماعيل السيروانى ثنا يزيد بن هارون ثنا عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر به، وعبد الرحمن قد ذكره الشارح. ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل بياض.

1794/ 4265 - "الدُّعَاءُ يَرُدُّ الْبَلاء". أبو الشيخ عن أبي هريرة قلت: قال أبو الشيخ: حدثنا زكريا بن يحيى الساجى ثنا أحمد بن محمد الجمحى ثنا ابن أبي أويس عن السرى بن سليمان عن الزجاجى عن أبي سهيل عن مالك عن أبي صالح عن أبي هريرة به. 1795/ 4266 - "الدُّعَاءُ مَحْجُوبٌ عَنِ اللَّهِ، حَتَّى يُصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ". أبو الشيخ عن على قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير، مع أن البيهقى خرجه في الشعب عن على مرفوعًا وموقوفًا باللفظ المذكور، بل رواه الترمذى عن ابن عمر بلفظ: "إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض، ولا يصعد منه شيء حتى يصلى على محمد". قلت: قبح اللَّه الجهل، فلفظ حديث عليٍّ المرفوع (¬1) عند البيهقى: "ما من دعاء إلا بينه وبين اللَّه حجاب حتى يصلى على محمد وعلى آل محمد، فإذا فعل ذلك انخرق ذلك الحجاب ودخل الدعاء، وإذا لم يفعل رجع الدعاء". ولفظه الموقوف عنده: " [2/ 216، رقم 1575] كل دعاءٍ محجوبٌ حتى يصلّى على محمدٍّ وآل محمد"، فاعجب لعدم تحرُّج هذا الرجل من الكذب في قوله: إن البيهقى رواه باللفظ المذكور. وأما قوله: بل رواه الترمذى عن ابن عمر. . . إلخ. ففيه كذب من وجهين، ¬

_ (¬1) خرجه البيهقى مرفوعًا من حديث علي رضي اللَّه عنه ولفظه: "الدعاء محجوب عن اللَّه حتى يصلي على محمد وعلى آل محمد". انظر شعب الإيمان (2/ 216، رقم 1576).

أحدهما: أن الترمذى رواه عن عمر رضي اللَّه عنه لا عن ابنه. الثانى: أنه رواه عنه موقوفًا من كلامه لا مرفوعًا ولفظه [2/ 356]: حدثنا أبو داود سليمان بن مسلم البلخى المصاحفى ثنا النضر بن شميل عن أبي قرة الأسدى عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال: "إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض. . " إلخ. فلا المصنف يورد الموضوعات ولا لفظه يدخل في هذا الحرف، نعم أخرجه الديلمى في مسند الفردوس من حديث عمر مرفوعًا فقال: أخبرنا فيد أخبرنا أبو منصور المحتسب عن الفضل بن الفضل عن عبيد اللَّه بن عبد الرحمن السكرى عن محمد بن عيسى العطار عن نصر بن حماد الوراق عن الهيثم بن جماز عن الراسبى عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "الدعاء يحجب عن السماء، ولا يصعد إلى السماء من الدعاء شيء حتى يصلى على النبي، فإذا صلى على رسول اللَّه صعد إلى السماء". أما حديث الباب فقال أبو الشيخ: حدثنا محمد بن سهل ثنا أبو مسعود ثنا ابن الأصبهانى ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبد الكريم عن أبي إسحاق عن الحارث عن على قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكره. 1796/ 4268 - "الدَّنَانيرُ وَالدَّرَاهِمُ خَوَاتِيمُ اللَّهِ فِى أرْضِهِ، مَنْ جَاءَ بِخَاتَمِ مَوْلاهُ قُضِيَتْ حَاجَتُهُ". (طس) عن أبي هريرة قال في الكبير عن الهيثمى الحافظ: فيه أحمد بن محمد بن مالك بن أنس، وهو ضعيف.

قلت: هو حفيد الإمام مالك. قال ابن حبان: يأتى بالأشياء المقلوبة اهـ. وكأنه قلب هذا فصيره مرفوعًا، فإنه نقل عن وهب بن منبه من قوله. قال القاضى أبو الحسن على بن المفرج الصقل في فوائده: أخبرنا أبو ذر أنا أبو الحسن على بن عمر الدارقطنى ثنا القاضى أبو عمر محمد بن يوسف ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن أبي مسرة ثنا زيد بن المبارك الصنعانى حدثنا مرداس أبو عبيد سمعت أبا رفيق سمعت وهب بن منبه يقول: الدنانير والدراهم خواتيم رب العالمين، وضعها لمعايش بنى آدم لا تؤكل، ولا تشرب، من جاد بخواتيم رب العالمين قضيت حاجته. وورد أيضًا عن الباقر من قوله: قال الطوسى في أماليه: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الفضل بن محمد البيهقى ثنا هارون بن عمرو المجاشعى ثنا محمد بن جعفر حدثنا أبي أبو عبد اللَّه عن أبيه أبي جعفر أنه سئل عن الدنانير والدراهم وما على الناس فيها، فقال: هي خواتيم اللَّه في أرضه جعلها اللَّه مُصْلحَة لخلقه، وبها تستقيم شئونهم ومطالبهم، فمن أكثر منها فقام بحق اللَّه فيها وأدى زكاتها فذاك الذي طابت وخلصت له، ومن أكثر منها فبخل بها ولم يؤد حق اللَّه منها واتخذ منها. . . الآية، فذاك الذي حق عليه وعيد اللَّه عز وجل في كتابه، قال اللَّه تعالى: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ. . .} الآية. 1797/ 4219 - "الدُّنْيَا حَرَامٌ عَلَى أَهْل الآخرَة، وَالآخِرَةُ حَرَامٌ عَلَى أهْلِ الدُّنْيَا، وَالدُّنْيَا وَالآخِرَةُ حَرَامٌ عَلَى أهْلِ اللَّهِ". (فر) عن ابن عباس

قال في الكبير: وفيه جبلة بن سليمان أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: قال ابن معين: ليس بثقة. قلت: لكن ذكره ابن حبان في الثقات. وقال العقيلى: لا بأس به إلا أن هذا يروى عن سعيد بن جبير الذي قتله الحجاج سنة خمس وتسعين. والمذكور في السند يروى عن ابن جريج المتوفى سنة خمسين ومائة، فمن يروى عنه كيف يدرك سعيد بن جبير؟!. قال الديلمى: أخبرنا أبي أخبرنا عبد الملك بن عبد الغفار ثنا جعفر بن محمد الأبهرى ثنا أبو سعيد القاسم بن علقمة الأهوازى ثنا الحسن بن على بن نصر الطوسى ثنا محمد بن حرب ثنا جبلة بن سليمان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به. فإما أن يكون هذا جبلة آخر، وإما أن يكون سقط من السند راو بينه وبين سعيد بن جبير في السند الذي نسب فيه روايته إليه، واللَّه أعلم. 1798/ 4270 - "الدُّنْيَا حُلْوَةٌ رَطِبَةٌ". (فر) عن ابن عباس قال في الكبير: وفيه مصعب بن سعيد أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: جرحه ابن عدى ورواه عنه الحاكم أيضًا ومن طريقه وعنه أورده الديلمى مصرحا، فلو عزاه إليه لكان أولى. قلت: مصعب بن سعد روى الحديث عن أبيه سعد بن أبي وقاص، وهو بدون ياء ثم هو ثقة. متفق عليه من رجال الصحيحين.

والمذكور في الضعفاء مصعب بن سعيد بزيادة الياء كما أثبته الشارح أيضًا، ثم هو مذكور في نفس الضعفاء بأنه يروى عن زهير بن معاوية، وابن المبارك وطبقتهما، فهو من أهل القرن الثانى بل من أواخره، فكيف يكون هو مصعب بن سعد بن أبي وقاص الراوى عن أبيه أحد العشرة؟!. قال الديلمى: أخبرنا ابن خلف كتابة أخبرنا الحاكم ثنا أبو جعفر الوراق ثنا عبد اللَّه بن محمد بن يونس السمنانى ثنا الفضل بن سهل الأعرج ثنا زيد بن الحباب ثنا الثورى عن الزبير بن عدى عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . وأما قوله: رواه الحاكم ومن طريقه وعنه: فقد بينا أنها عبارة متناقضة؛ إذ لا يجمع بين قوله: ومن طريقه وعنه إلا من يجمع بين المنقطع والمتصل. 1799/ 4274 - "الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لا دَارَ لَهُ، وَمَالُ مَنْ لا مَالَ لَهُ، وَلَهَا يَجْمَعُ مَنْ لا عَقْلَ لَهُ" (حم. هب) عن عائشة (هب) عن ابن مسعود موقوفًا قلت: الموقوف أخرجه أيضًا أحمد في الزهد قال: حدثنا عبد اللَّه بن نمير عن مالك بن مغول قال: قال عبد اللَّه، وذكر مثله وهذا منقطع. 1800/ 4275 - "الدُّنْيَا سِجْنُ المُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الكَافِرِ". (حم. م. ت. هـ) عن أبي هريرة (طب. ك) عن سلمان، البزار عن ابن عمر قال في الكبير: (تتمة): ذكروا أن الحافظ ابن حجر لما كان قاضى القضاة،

مر يوما بالسوق في موكب عظيم وهيئة جميلة، فهجم عليه يهودى يبيع الزيت الحار وأثوابه ملطخة بالزيت، وهو في غاية الرثاثة والشناعة، فقبض على لجام بغلته وقال: يا شيخ الإسلام تزعم أن نبيكم قال: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر"، فأى سجن أنت فيه وأى جنة أنا فيها؟! فقال: أنا بالنسبة لما أعد اللَّه لى في الآخرة من النعيم كأنى الآن في السجن، وأنت بالنسبة لما أعد اللَّه لك في الآخرة من العذاب كأنك في جنة، فأسلم اليهودى. قلت: هذه الحكاية قديمة لم تقع مع الحافظ بل حكاها ابن العربى المعافرى في السراج عن الإمام أبي الطيب سهل بن محمد الصعلوكى إمام الشافعية بنيسابور: أنه مر في موكب وأبَّهة فخرج عليه يهودى من مسخن حمام وذكر الحكاية، ولم يقل: فأسلم اليهودى، بل قال: فأفحمه. وحديث ابن عمر رواه أيضًا أبو نعيم في الحلية [8/ 177 و 185]، والبيهقى في الزهد، والقضاعى في مسند الشهاب، والخطيب في التاريخ [6/ 401]، والشيخ الأكبر في الكوكب الدرى في مناقب ذى النون المصرى. وحديث سلمان أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية، وهو الذي وقع عنده تلك الزيادة التي ذكرها الشارح. 1801/ 4286 - "الدُّنْيَا سِجْنُ المؤْمِنِ وَسَنتُهُ، فَإذَا فَارَقَ الدُّنْيَا فَارَقَ السِّجْنَ وَالسَنَةَ". (حم. طب. حل. ك) عن ابن عمرو بن العاص قال الشارح: بإسناد صحيح. قلت: لكن ذكر ابن أبي حاتم في العلل (2/ 141) أنه سأل أباه عنه فقال:

الناس لا يرفعون هذا الحديث، والموقوف عندنا أشبه اهـ. قلت: والموقوف أخرجه ابن المبارك في الزهد [رقم: 212] قال: أخبرنا شريك بن عبد اللَّه عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمرو قال: "إن الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن، وإنما مثل المؤمن حين تخرج نفسه مثل رجل كان في سجن فأخرج فجعل يتقلب في الأرض ويتفسح فيها". ثم أخرجه ابن المبارك مرفوعًا باللفظ المذكور هنا من رواية يحيى بن أيوب عن عبد اللَّه بن جنادة عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد اللَّه بن عمرو به مرفوعًا. 1802/ 4278 - "الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلاف سَنَة، أَنَا في آخرهَا ألفًا". (طب) والبيهقى في الدلائل عن الضحاك بن زمل قال الشارح: بإسناد واه، بل قال جمعٌ منهم ابن الأثير: ألفاظه موضوعة. قلت: ليس المراد هذه الألفاظ المذكورة هنا فقط، بل هو حديث طويل اختصره المؤلف، وأخرجه كذلك مختصرا ابن لال والديلمى من طريقه. وقد ذكره بطوله ابن كثير في التفسير عند قوله تعالى في سورة الواقعة: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 13, 14] أتى به من عند البيهقى في الدلائل بسنده. وذكره أيضًا الحافظ نور الدين في مجمع الزوائد في كتاب التعبير، من عند الطبرانى. وأخرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء في ترجمة سليمان بن عطاء الحرانى،

وقال: يروى عن مسلمة بن عبد اللَّه الجهنى أشياء موضوعة لا تشبه حديث الثقات، فلست أدرى التخليط فيها منه أو من مسلمة بن عبد اللَّه اهـ. والحديث باطل موضوع بكل حال، وكذا كل حديث فيه: "الدنيا سبعة آلاف سنة"، وإنما ذلك مأخوذ من الإسرائيليات وعن أهل الكتاب، أخذه الضعفاء فركبوا له الأسانيد ورفعوه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. 1803/ 4279 - "الدُّنْيَا كُلُّهَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعهَا المرْأةُ الصَّالحةُ". (حم. م. ن) عن ابن عمرو بن العاص قلت: أخرجه أيضًا ابن ماجه [1/ 596، رقم 1855] بلفظ: "إنما الدنيا متاع، وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة" وبهذا اللفظ أخرجه النقاش في فوائد العراقيين. وأخرجه أبو تعيم في الحلية [3/ 310] من طريق داود بن الجراح ثنا عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن جابر به مرفوعًا: "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة" وقال: غريب من حديث مجاهد عن جابر لم نكتبه إلا من هذا الوجه. 1804/ 4280 - "الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إلا مَا كَانَ مِنْهَا للَّهِ عَزَّ وَجلَّ" (حل) والضياء عن جابر قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه. قلت: الذي في النسخة المطبوعة من المتن الرمز له بالصحة، وهو مقتضى إخراج الضياء له في المختارة، وهو عند أبي نعيم في

الحلية [3/ 157, 7/ 90]، والبيهقى في الزهد من رواية عبد اللَّه بن الجراح عن أبي عامر العقدى عن الثورى عن محمد بن المنكدر عن جابر به. وقال أبو نعيم: غريب عن الثورى تفرد به عنه أبو عامر العقدى. قلت: وليس كذلك ما لم يكن مراده به موصولا، فقد رواه أحمد في الزهد عن يحيى عن الثورى لكنه قال: عن محمد بن المنكدر، وذكره مرسلًا دون ذكر جابر. وقال أبو حاتم في العلل [رقم: 1863]: إن هذا المرسل هو الصواب ورفعه خطأ اهـ. فإن كان الأمر كما قال فرواية عبد اللَّه بن الجراح معلولة، ذكر ذلك ابن أبي حاتم (2/ 124). 1805/ 4281 - "الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إلا ذِكْرُ اللَّهِ، وَمَا وَالاهُ، وَعَالمًا أوْ مُتَعَلِّمًا". (هـ) عن أبي هريرة (طس) عن ابن مسعود قال الشارح: رمز المؤلف لصحته، وليس كما قال؛ إذ فيه مجهول، وقال في الكبير عن الهيثمى: فيه أبو المطرف المغيرة بن مطرف، ولم أر من ذكره. قلت: في هذا أوهام، الأول: أن المصنف لم يرمز لصحته بل لحسنه فقط. الثانى: أن المصنف رمز لحسن الحديث من حيث هو، لأنه أورده من حديث أبي هريرة ومن حديث ابن مسعود، فانتقده الشارح بوجود المجهول في حديث ابن مسعود وسكت عن حديث أبي هريرة. وقد خرجه أيضًا الترمذى [رقم: 2322] وقال: حسن بزيادة "إن" في أوله، وقد ذكره المصنف سابقا في الهمزة وكتب الشارح عليه: قال الترمذى: حسن

غريب، ثم نسى ذلك وَهَذِى هنا بما ترى. الثالث: أنه قال: في حديث ابن مسعود راو مجهول، وإنما أخذ ذلك من قول النور الهيثمى أنه لم ير من ذكر أبا المطرف، وهذا لا يلزم منه أن يكون أبو المطرف مجهولا كما نبهنا عليه غير مرة. 1806/ 4283 - "الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فيهَا، إلا مَا ابْتُغِى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى". (طب) عن أبي الدرداء قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وهو غير جيد، فقد قال الهيثمى: فيه خراش بن المهاجر ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات، لكن قال المنذرى: إسناده لا بأس به. قلت: وإذًا فكلامك ساقطٌ وانتقادك مردود عليك، وكلام المصنف أجود من الجيد؛ لأنه إذا قال الحافظ المنذرى: إسناده لا بأس به، وله مع ذلك طرق أخرى متعددة منها ما حكم له الحفاظ بالصحة على انفراده، وهو حديث جابر المار قريبًا قبل حديث بمثل هذا اللفظ وقد صححه الضياء المقدسى، ومنها حديث أبي سعيد الخدرى نحوه عند ابن المبارك عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي سعيد، ورواه من طريقه ابن عبد البر في العلم، فالحديث حينئذٍ مع هذه الطرق لا يشك في صحته إلا معاند متعنت. 1807/ 4284 - "الدُّنْيَا لا تَنْبَغِى لمُحَمَّد، وَلا لآل مُحَمَّد". أبو عبد الرحمن السلمى في الزهد عن عائشة قال في الكبير: ورواه عنها أيضًا الديلمى من طريقين. قلت: ما رواه الديلمى إلا من طريق واحد من جهة أبي عبد الرحمن السلمى فقال:

أخبرنا فيد أخبرنا البجلى أخبرنا السلمى أخبرنا محمد بن على الإسفراينى حدثنا أبو عوانة ثنا محمد بن الحجاج الحضرمى ثنا السرى بن حسان ثنا عباد بن عباد حدثنا مجاهد عن الشعبى عن مسروق عن عائشة به. 1808/ 4285 - "الدُّنْيَا لا تَصْفُو لِمُؤْمِنٍ، كَيْفَ وَهِى سِجْنُهُ وَبَلاؤُهُ؟! ". ابن لال عن عائشة قال في الكبير: ورواه عنها أيضًا الديلمى، وذكر أن الحاكم خرجه. قلت: الديلمى خرجه من طريق ابن لال، وذكر أن الحاكم أخرجه في التاريخ لا في المستدرك، خلاف ما يوهمه إطلاق الشارح. قال ابن لال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان الآدمى ثنا محمد بن عبد اللَّه بن سليمان ثنا جعفر بن يحيى ثنا موسى بن سهل ثنا داود بن عبد اللَّه عن إبراهيم بن محمد عن صالح بن قيس عن عامر بن عبد اللَّه عن عروة عن عائشة به. وقال الحاكم: حدثنا أحمد بن الشافعى ثنا على بن حمدويه الطوسى ثنا جعفر بن يحيى به. 1809/ 4289 - "الدَّوَاوينُ ثَلاثَةٌ: فَديوَانٌ لا يَغْفرُ اللَّه منْهُ شَيْئًا، وَديوانٌ لا يَعْبَأ اللَّهُ به شَيْئًا، وَديوَانٌ لا يَتْرُكُ اللَّهُ منْهُ شَيئًا، فَأمَّا الدِّيوَانُ الَّذى لا يَغْفرُ اللَّهُ منْهُ شَيْئًا: فَالإشْرَاك باللَّه، وَأمَّا الدِّيوَانُ الَّذى لا يَعْبَأ اللَّه به شَيْئًا فَظُلْمُ الْعَبْد نَفْسَه فيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهُ منْ صَوْم يَوْم تَرَكَهُ أوْ صَلاة تَرَكَهَا، فَإنَّ اللَّهَ يَغْفرُ ذَلكَ إنْ شَاءَ ويَتَجَاوزُ، وَأمَّا الدِّيوَانُ الَّذى لا يَتْرُكُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا: فَمَظَالِمُ الْعِبَادِ بَيْنَهُمْ، القِصَاصُ لا مَحَالَة". (حم. ك) عن عائشة

قلت: أخرجه أيضًا الدينورى في أول المجالسة قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز الدينورى ثنا أبو سلمة التبوذكى ثنا صدقة عن أبي عمران الجونى عن زيد بن بابنوس عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الدواوين عند اللَّه تبارك وتعالى ثلاثة: فديوان لا يغفره اللَّه، قال اللَّه تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وقال: {مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ. . .}، وأما الديوان الذي لا يعبأ اللَّه به شيئًا: فظلم الناس بينهم وبين اللَّه من صلاة وصيام، وأما الديوان الذي [لا] يدع منه شيئًا: فظلم الناس بعضهم بعضا". 1810/ 4293 - "الدِّيكُ الأْبْيَضُ صَدِيقِى، وَعَدُوُّ عَدُوِّ اللَّهِ، يَحْرُسُ دَارَ صَاحِبِهِ وَسَبْعَ دُورٍ". البغوى عن خالد بن معدان زاد الشارح: ناصر السنة في المعجم عن خالد بن معدان، قال الشارح: وهو تابعى فكان على المؤلف أن يقول: مرسلا. قلت: نعم هو كذلك، إلا أن كونه تابعى مشهور جدا بين أهل الحديث، فالتنصيص على إرساله إنما هو زيادة إيضاح لا لزوم له، لكن الشارح وهم هنا في أمرين، أحدهما: قوله في البغوى: ناصر السنة، وهذا خطأ، ليس في البغويين من يعرف بناصر السنة، وإنما البغوى المتأخر معروف بمحيى السنة، فكأن الشارح انقلب عليه ذلك. ثانيهما: أن صاحب المعجم ليس هو محيى السنة، بل صاحب المعجم هو الحافظ الكبير المعمر أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز البغوى، أحد شيوخ الدارقطنى الذين أكثر من الرواية عنهم في السنن وغيرها من كتبه، مات سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وأما محيى السنة فهو صاحب التفسير والمصابيح ليس له معجم، وهو متأخر عن هذا مات سنة ست عشرة

وخمسمائة، ثم إن الحديث رواه ابن قتيبة في عيون الأخبار موصولا فقال: حدثنى أبو سفيان الغنوى عن معاوية بن عمرو عن طلحة بن زيد عن الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن رجل من الأنصار عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به مثله. 1811/ 4294 - "الدِّيكُ الأبْيَضُ الأفْرَقُ حَبيبى، وَحَبيبُ حَبيبى، جبْريلُ يَحْرُس بَيتَهُ وَستَّةَ عَشَرَ بَيْتًا منْ جيرَانه: أرْبَعَةٌ عَن اليَمين، وَأرْبَعَةٌ عَنِ الشِّمَالِ، وَأرْبَعَةٌ مِن قُدَّامٍ، وَأرْبَعَةٌ مِن خَلْف". (عق) وأبو الشيخ في العظمة عن أنس قال في الكبير: ظاهر كلام المصنف أن العقيلى خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه، بل قال في راويه أحمد بن محمد البزى: منكر الحديث، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات فقال: موضوع فيه الربيع بن صبيح ضعيف، والبزى منكر الحديث، وتبعه المؤلف على ذلك في مختصرها ولم يذكر إلا كلام ابن حجر السابق. قلت: كل هذا كذب، أما كون العقيلى خرجه وضعفه، فإن المصنف قد رمز له بالضعف، على أنه لو لم يفعل لكان مجرد العزو إليه كافيًا في ذلك، فإن كتابه في الضعفاء، فكل ما يخرج فيه فهو ضعيف كما نبه المصنف على ذلك، وأما كونه أقر ابن الجوزى ولم يعقبه، فإنه تعقبه بقوله: والربيع بن صبيح استشهد به البخارى وابن أبي بزة فيه ضعف، وهذا وإن كان نقله عن الحافظ فإنه عين التعقب المطلوب وغيره تكرار لا يليق بالعقلاء، وقول الشارح: لم يتعقبه إلا بكلام الحافظ، غث ساقط من الكلام يكفى في بطلانه سماعه. 1812/ 4295 - "الدِّيكُ يُؤذِّنُ بالصَّلاة، مَن اتَّخَذَ ديكًا أبيضَ حُفِظَ مِنْ ثَلاثَةٍ: مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْطَانٍ، وَسَاحِرٍ، وكَاهنٍ". (هب) عن ابن عمر

قال الشارح: ثم قال -يعنى البيهقى-: الأشبه إرساله. وقال في الكبير: قال مخرجه البيهقى: هذا إسناد مرسل وهو به أشبه. قلت: لو كان الشارح من أهل الفن لسخر من نفسه على هذه الأعاجب، ولكنه بعيد عن الفن عديم الدراية به، فلذلك غاير بين عبارته في الكبير وعبارته في الصغير لظنه أن معناهما واحد، ولم يفهم كلام البيهقى ولا ما أراد فأتى به أيضًا على غير وجهه، فالبيهقى خرج حديثًا في الباب من رواية على بن أبي على اللهبى عن محمد بن المنكدر عن جابر ثم قال: هذا إسناد منكر تفرد به اللهبى، وروى فيه إسناد مرسل وهو أشبه، أى: في أنه ضعيف مثله. ثم أخرج حديث الباب من رواية عمر بن محمد بن زيد عن عبد اللَّه بن عمر به، وعمر بن محمد لم يدرك عبد اللَّه بن عمر فهو مراد البيهقى بقوله: مرسل، أي: منقطع، فغير [الشارح] (¬1) كلامه من هذا المعنى إلى معنى آخر، ثم لم يكتف حتى تصرف فيه وفرق بين عبارته في الكبير والصغير. 1813/ 4298 - "الدِّينَارُ كَنْزٌ، والدِّرْهَمُ كَنْزٌ، والقِيرَاطُ كَنْزٌ". ابن مردويه عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار قال: حدثنا موسى بن نعمان المكى ثنا أبو عبد الرحمن المضرى ثنا ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي تميم الجيشانى عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله وزاد: قالوا: "يا رسول اللَّه، أما الدينار والدرهم فقد عرفنا فما القيراط؟ قال: نصف درهم نصف درهم". 1814/ 4302 - "الدِّينُ النَّصِيحَةُ". (تخ) عن ثوبان، البزار عن ابن عمر قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد الشيخين وهو ذهول، ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط المصنف، والصواب ما أثبتاه.

فقد عزاه هو نفسه في الدرر إلى مسلم من حديث تميم الدارى. . . إلخ. قلت: حديث تميم الدارى أشهر من أن يذهل عنه مطلق طلبة الحديث فضلًا عن المصنف، ولكن حديث تميم مطول والمصنف اختار أن يورد في كتابه هذا الأحاديث القصار، وجعل ذيله للأحاديث الطوال، ثم إن حديث ثوبان أخرجه أيضًا أبو عمر بن منده في فوائده، والبندهى في شرح المقامات، وحديث ابن عمر أخرجه أيضًا الدارمى في مسنده، والطحاوى في مشكل الآثار [2/ 188]، وأبو الشيخ في التوبيخ، والطبرانى في مكارم الأخلاق. وفي الباب أيضًا عن أبي هريرة وابن عباس ذكرت جميعها بالأسانيد في المستخرج على مسند الشهاب. 1815/ 4303 - "الدَّيْنُ شَيْنُ الدِّينِ". أبو نعيم في المعرفة عن مالك بن يخامر القضاعى عن معاذ قال في الكبير على سند أبي نعيم: فيه عبد اللَّه بن شبيب الربعى، قال في الميزان: إخبارى علامة لكنه واه، وقال الحاكم: ذاهب الحديث، وبالغ فضلك فقال: يحل ضرب عنقه، وقال ابن حبان: يقلب الأخبار ثم ساق له هذا الخبر، ثم قال عند سند القضاعى: فيه إسماعيل بن عياش قال الذهبى: مختلف فيه وليس بالقوى، لكن قال العامرى في شرحه: حسن. قلت: فيه أوهام، الأول: أن سند أبي نعيم ليس فيه عبد اللَّه بن شبيب، قال أبو نعيم: حدثنا محمد بن محمد بن يعقوب في كتابه ثنا محمد بن شعيب أخبرنا سعدان بن نصر ثنا أبو قتادة عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن مالك بن يخامر عن أبيه به. الثانى: أن عبد اللَّه بن شبيب موجود في سند القضاعى الذي اقتصر هو على

تعليله بإسماعيل بن عياش، قال القضاعى [4/ 1]: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر الجواربى ثنا أبي ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا عبد اللَّه بن شبيب حدثنى سعيد بن منصور ثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن مالك بن يخامر عن أبيه عن معاذ به. الثالث: أنه ورد موصولا بسند ليس فيه عبد اللَّه بن شبيب ولا إسماعيل بن عياش، أخرجه الديلمى من طريق أبي الشيخ: حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا سلمة ثنا أبو اليمان ثنا صفوان بن عمرو به. والشارح كثير النقل من مسند الفردوس. الرابع: أن ابن حبان لم يسق هذا الخبر في ترجمة عبد اللَّه بن شبيب، ولا نقل ذلك عنه الذهبى ولا الحافظ، وإنما أورده الذهبى في ترجمته عقب قوله: وقال ابن حبَّان: يقلب الأخبار ويسرقها، لكن قال الذهبى بعد هذا: قلت: آخر من حدث عنه المحاملى والوراق الميزانى ممن حدثه عنه عن سعيد بن منصور، ثم ذكر هذا الحديث، فهو من عند الذهبى لا من عند ابن حبان. وقد راجعت ترجمته من الضعفاء لابن حبان فلم أجد فيه الحديث كما ذكرت. الخامس: أنه ذكره عقب حديث مالك بن يخامر، فاقتضى أن الذهبى أورده كذلك، والواقع أنه أورده موصولا بذكر معاذ. السادس: أنه اعتمد النقل عن العامرى وهو رجل جاهل يصحح الأحاديث بهواه ولو كانت موضوعة. 1816/ 4304 - "الدَّيْنُ رَايَةُ اللَّهِ فِى الأرْضِ، فَإذَا أرَادَ أنْ يُذِلَّ عَبْدًا وَضَعَهَا فِى عُنُقِهِ". (ك) عن ابن عمر

قلت: هذا حديث موضوع انفرد به بشر بن عبيد الدارسى، وهو كذاب. وقد أخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس من وجهين عن بشر المذكور. 1817/ 4306 - "الدَّيْنُ هَمٌّ بِاللَّيْلِ وَمَذَلَّةٌ بِالنَّهَارِ". (فر) عن عائشة قال في الكبير: ثم قال -أعنى الديلمى-: وفي الباب عن أنس وغيره. قلت: لفظة غيره: اعتاد الشارح زيادتها في كلامه وكلام الناس من عنده. وحديث الباب كذا هو في المتن عن عائشة، والذي في مسند الفردوس عن عائشة عن أبيها، قال الديلمى: أخبرنا أبو سعيد الأبهرى عن جده محمد بن عبد العزيز عن أبي زرعة أحمد ابن الحسين الرازى عن ابن أبي قراسان عن أبي محمد أحمد بن محمد بن الأشعر عن محمد بن الحكم المروزى عن حسين بن يحيى قاضى مرو عن هشام عن أبيه عن عائشة، عن أبيها به. وأما حديث أنس الذي قال الديلمى أنه في الباب: فأخرجه هو أيضًا في حرف الألف قال: أخبرنا أبي أخبرنا إبراهيم القفال أنا أبو الغنايم بن المأمون أخبرنا الحربى ثنا محمد بن عبدة بن حرب ثنا أبو كامل الجحدرى ثنا الحارث ابن نبهان ثنا يزيد بن عبد الرحمن عن أبي أيوب عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إياكم والدين، فإنه هم بالليل ومذلة بالنهار". 1818/ 4307 - "الدَّينُ يُنْقِصُ مِنَ الدِّينِ وَالحَسَبِ". (فر) عن عائشة قلت: هذا موضوع.

حرف الذال المعجمة

حرف الذال المعجمة 1819/ 4310 - " ذَاكِرُ اللَّهِ فِى الْغَافِلِينَ بِمَنْزِلَةِ الصَّابرِ فِي الفَارِّينَ". (طب) عن ابن مسعود قال في الكبير: وكذا رواه في الأوسط، قال الهيثمى بعدما عزاه لهما: رجال الأوسط وثقوا، وقضيته أن رجال الكبير لم يوثقوا، فلو عزاه المصنف للأوسط لكان أحسن. قلت: وقد عزاه الحافظ المنذرى للبزار والطبرانى في الكبير والأوسط، وقال: بإسناد لا بأس به، وهذا يفيد أن سنده واحد في كل من الكتابين، لكن رواه أبو نعيم في الحلية [4/ 268] عن الطبرانى قال: حدثنا مسعدة بن سعد العطار قال: ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامى ثنا محمد ابن عمر الواقدى ثنا هشام بن سعد عن محص بن على عن عون بن عبد اللَّه ابن عتبة عن أبيه عن ابن مسعود به. ثم قال: غريب من حديث عون متصلا مرفوعًا لم يروه عنه إلا محص، ولم نكتبه إلا من هذا الوجه اهـ.

فإن كان لم يرو إلا من هذا الوجه كما يفهم من كلام أبي نعيم فسنده إذًا واحد، إلا أن هذا فيه الواقدى وهو ضعيف، فلعله توبع عليه، وقد روى هذا عن عون بن عبد اللَّه موقوفًا عليه. قال ابن المبارك في الزهد: أخبرنا المسعودى عن عون بن عبد اللَّه قال: "الذاكر في الغافلين كالمقاتل خلف الفارين". وورد أيضًا عن حسان بن أبي سنان من قوله. قال أبو نعيم في الحلية [6/ 181]: ثنا أبو محمد بن حيان ثنا أحمد بن نصر ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقى ثنا عبد اللَّه بن محمد بن أسماء ثنا مهدى بن ميمون ثنا الحجاج بن فرافصة عن حسان بن أبي سنان قال: "ذاكر اللَّه في الغافلين كالمقاتل عن المدْبرين"، قال أبو نعيم: كذا رواه حسان موقوفًا، ورواه غيره متصلا عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اهـ. قلت: حديث ابن عمر هو المذكور في المتن بعد هذا. 1820/ 4311 - "ذَاكرُ اللَّه في الغَافلينَ مثلُ الَّذى يُقَاتلُ عَن الفَّارينَ، وَذَاكرُ اللَّه في الغَافلينَ كَالمصبَاح في البَيْت المُظْلم، وَذَاكرُ اللَّه في الغَافلينَ كَمَثَل الشَّجَرة الخَضْرَاء في وَسَط الشَّجَر الَّذى قَدْ تحَات منَ الصَّريد، وَذَاكرُ اللَّه في الغَافلينَ يُعَرِّفُهُ اللَّهُ مَقْعَدهُ منَ الْجَنَّةِ، وَذَاكِرُ اللَّهِ فِى الْغَافِلِينَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ بِعَدَدِ كُلِّ فَصِيحٍ وَأعْجَمٍ". (حل) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف، أى: وذلك لأن فيه

عمران بن مسلم القصير، قال في الميزان: قال البخارى: منكر الحديث ثم أورد له هذا الخبر. قلت: في هذا أمور، الأول: أن عمران بن مسلم القصير ثقة من رجال الصحيحين. الثانى: أن ما نقله عن الذهبى كذب صراح، فإن الذهبى قال: عمران بن مسلم عن عبد اللَّه بن دينار وعنه يحيى بن سليم قال البخارى: منكر الحديث ثم أورد له هذا الحديث من جزء ابن عرفة، ثم قال: عمران بن مسلم القصير، أبو بكر صاحب الحسن ثقة. . . إلخ. ففرق بين عمران بن مسلم المذكور في سند هذا الحديث وبين عمران بن مسلم القصير الثقة المخرج له في الصحيحين، وهما وإن كان الحفاظ اختلفوا فيهما هل هما رجل واحد أو اثنان إلا أن الذهبى الذي نقل عنه الشارح جعلهما اثنين وأورد الحديث في ترجمة الأول دون القصير. وهكذا أخرجه ابن شاهين في الترغيب قال: حدثنا جعفر بن حمدان الشحام ثنا محمد بن يزيد الأدمى ثنا يحيى بن سليم عن عمران بن مسلم عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر به. أما أبو نعيم فصرح في روايته بأنه القصير فقال [6/ 181]: حدثنا أبي ثنا جعفر بن محمد بن يعقوب (ح) وحدثنا أبو محمد بن حيان ثنا جعفر بن أحمد بن المهرجان قالا: حدثنا الحسن بن عرفة ثنا يحيى بن سليم عن عمران القصير عن عبد اللَّه بن دينار به. والظاهر أن ذكر القصير من بعض الرواة وهم، فإن جزء الحسن بن عرفة ليس فيه ذكر القصير، وقد فرق بينهما إمام الفن البخارى، وابن أبي حاتم،

وابن أبي خيثمة، ويعقوب بن سفيان، وابن عدى، والعقيلى. الثالث: أن عمران لم ينفرد به بل تابعه عباد بن كثير، وكذلك أورده الذهبى في الميزان الذي نقل منه الشارح، فقال الذهبى: وفي جزء الحسن بن عرفة عن يحيى بن سليم عن عمران بن مسلم وعباد بن كثير عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر، فذكر الحديث. وهكذا رواه أيضًا البيهقى في الشعب [1/ 412، رقم 567] من طريق عباد ابن كثير عن عبد اللَّه بن دينار لكنه اختلف عليه فيه، فرواه مرة هكذا، ورواه البيهقى من طريقه أيضًا فقال: عن محمد بن جحادة عن سلمة بن كهيل عن ابن عمر به، قال البيهقى: كذا وجدته ليس بين سلمة وبين ابن عمر أحد، وهو منقطع الإسناد غير قوى. 1821/ 4314 - "ذَبْحُ الرَّجُل أنْ تُزَكيه في وَجْهه". ابن أبي الدنيا في الصمت عن إبراهيم التيمى مرسلا قال في الكبير: هو إما بفتح المثناة الفوقية وفتح المثناة التحتية نسبة إلى تَيَم -بالتحريك بطن من غافق، وبفتح الفوقية وسكون التحتية نسبة إلى قبيلة تَيْمية- بالسكون، وهو الزاهد العابد. قلت: كون إبراهيم التيمى بسكون المثناة من تحت أشهر من أن يخفى على من شم للحديث رائحة، بل وعلى كثير من العوام الذين يجالسون أهل العلم، لا سيما وأول حديث في صحيح البخارى وهو حديث: "إنما الأعمال. . . " مروى من طريق إبراهيم التيمى المذكور، فهلا قرأ هذا الرجل يومًا أول حديث في الصحيح، أو سمعه من عالم؟! إن هذا لعجب، بل هذه النسبة كلها بسكون الياء المثناة من تحت، وليس في الرجال بفتحها إلا رجل واحد

هو: الماضى بن محمد التيمى الغافقى أبو مسعود، روى عن ابن وهب. 1822/ 4315 - "ذَبيحَةُ المُسْلم حَلالٌ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ أوْ لَمْ يَذكُرْ، إنَّهُ إنْ ذَكَرَ لَمْ يَذْكُرْ إلا اسْمَ اللَّهِ". (د) في مراسيله عن الصلت مرسلا قال في الكبير: قال عبد الحق: هو مع إرساله ضعيف، قال ابن القطان: وعلته أن الصلت لا يعرف حاله، قال ابن حجر في التخريج: رواه البيهقى من حديث ابن عباس موصولًا وفي سنده ضعف، وأعله ابن الجوزى بمغفل ابن عبد اللَّه، فزعم أنه مجهول فأخطأ، لكن قال البيهقى: الأصح وقفه على ابن عساكر، وقال في الفتح: الصلت ذكره ابن حبان في الثقات وهو مرسل جيد أما كونه يبلغ درجة الصحة فلا. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: بل الأصح وقفه على ابن عساكر غلط واضح، والصواب: على ابن عباس. الثانى: أنه اختصر كلام الحافظ وحذف منه ما تتم به الفائدة، وعبارته في التلخيص عقب ذكر المرسل: ورواه البيهقى [9/ 240] من حديث ابن عباس موصولا وفي إسناده ضعف، وأعله ابن الجوزى بمغفل بن عبيد اللَّه فزعم أنه مجهول فأخطأ، بل هو ثقة من رجال مسلم، لكن قال البيهقى: الأصح وقفه على ابن عباس، وقد صححه ابن السكن، وقال: وَرُوى عن أبي هريرة، وهو منكر أخرجه الدارقطنى، وفيه مروان بن سالم، وهو ضعيف اهـ. الثالث: ما قاله عبد الحق وابن القطان من أنه ضعيف مع إرساله غير صواب، فإن رجاله ثقات، قال أبو داود في المراسيل: حدثنا مسدد ثنا عبد اللَّه بن داود ثنا ثور بن يزيد عن الصلت به، وهؤلاء كلهم ثقات والصلت وثقه أيضًا ابن حبان إلا أنه ذكره في أتباع التابعين فيكون الحديث معضلا.

وقد ورد مرسلا من وجه آخر، قال الحارث بن أبي أسامة في مسنده [رقم: 99]: ثنا الحكم بن موسى ثنا عيسى بن يونس عن الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذبيحة المسلم حلال، وإن لم يسم ما لم يتعمد، والصيد كذلك". وهذا الإسناد فيه ضعف، إلا أن المرسلين يتقويان بالموصولين من حديث ابن عباس وأبي هريرة مع الموقوف الصحيح على ابن عباس. 1823/ 4316 - "ذبوا عَنْ أعْرَاضكُم بأمْوَالكُم". (خط) عن أبي هريرة، ابن لال عن عائشة قال في الكبير: ورواه عنها أيضًا الديلمى. قلت: هذا غلط، بل الديلمى خرجه من حديث أبي هريرة فقال: حدثنا أبي ثنا نصر بن حمد بن مرثد ثنا أبو طاهر بن سلمة ثنا أبو محمد عدى بن محمد بن عدى الحافظ ببخارى أخبرنا على بن الخليل حدثنا موسى بن عمر بن على ثنا الهيثم بن أيوب الطالقانى ثنا سهل بن عبد الرحمن الجرجانى عن محمد بن المطرف عن ابن المنكدر عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا: "ذبوا بأموالكم عن أعراضكم، قالوا: يا رسول اللَّه كيف نذب بأموالنا عن أعراضنا؟ قال: تعطون الشاعر ومن تخافون لسانه". وبهذه الزيادة رواه الخطيب من وجه آخر عن محمد بن المطرف. أما حديث عائشة فأخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 213] قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن محمد ثنا محمد بن شيرزاذ ثنا العلاء بن عمرو ثنا الحسين بن علوان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذبوا بأموالكم عن أعراضكم"، والحسين بن علوان كذاب وضاع، وفي كل من السندين إلى محمد بن مطرف من حديث أبي هريرة من لم أعرفهم وأخشى أن يكون أيضًا موضوعا. 1824/ 4317 - "ذَرَارى المسْلمين يَوْمَ القيَامَة تَحْتَ الْعَرْش، شَافعٌ وَمُشَفِّعٌ، مَنْ لَمْ يَبْلُغ اثْنَتَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَنْ بَلَغَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَعَلَيْهِ وَلَهُ". أبو بكر الشافعى في الغيلانيات، وابن عساكر عن أبي أمامة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو نعيم والديلمى فما أوهمه عدول المصنف لذنيك من أنه لا يوجد لأحد من المشاهير غير سديد. قلت: هذه السخافة لم يمل الشارح منها، والحديث خرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 115] في ترجمة على بن الحسن بن على المظالمى من طريقه: ثنا محمد بن غالب ثنا عبد الصمد بن النعمان ثنا ركن أبو عبد اللَّه عن مكحول عن أبي أمامة به، وركن كذاب، والحديث موضوع. 1825/ 4320 - "ذَرْوَةُ الإيمَان أرْبَعُ خلال: الصَّبْرُ لِلْحُكْمِ، وَالرِّضَا بِالْقَدَرِ، وَالإخْلاصُ للتَّوَكُّلِ، وَالاسْتِسْلامُ لِلرَّبِّ". (حل) عن أبي الدرداء قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه، بل بقيته عند مخرجه أبي نعيم: "ولولا ثلاث خصال صلح الناس: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه". قلت: وهم المصنف في هذا الحديث، وزاد الشارح وهما على وهمه، أما

المصنف فإن أبا نعيم ذكر هذا الحديث موقوفًا على أبي الدرداء من كلامه لا من كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذلك ظاهر واضح فإنه ليس [به] حلاوة النبوة. وأما الشارح مع إقراره على ذلك وزيادته أن بقيته: "ولولا ثلاث. . . " إلخ وليس شيء من ذلك واقعا. قال أبو نعيم [1/ 216]: حدثنا محمد بن على بن حبيش ثنا موسى بن هارون الحافظ ثنا أبو الربيع وداود بن رشيد قالا: حدثنا بقية ثنا بحير بن سعيد عن خالد بن معدان حدثنى يزيد بن مرثد الهمدانى أبو عثمان عن أبي الدراء أنه كان يقول: ذروة الإيمان الصبر، وذكر مثل ما هنا دون ما زاده الشارح. 1826/ 4323 - "ذَرُوا الحَسْنَاءَ الْعَقِيمَ، وَعَلَيْكُمْ بِالسَّوْدَاءِ الوَلُودِ". (عد) عن ابن مسعود قال في الكبير: ورواه أيضًا الموصلى والديلمى وفيه حسان الأزرق، ضعفه الدارقطنى وغيره، وأورد له ابن عدى ثمانية عشر حديثا مناكير، وعد هذا منها، ونقله عنه في الميزان. وبه يعرف أن سكوت المصنف على عزوه لابن عدى مع حذفه من كلامه إعلاله غير صواب. قلت: إن كتاب ابن عدى في الضعفاء، ومجرد العزو إليه يكفى في التعريف بأنه ضعيف كما نص عليه المؤلف في خطبة الأصل، وأيضًا فإنه لا ينقل تعليل المخرجين للأحاديث، لأنه بنى كتابه على الاختصار، وأيضًا فإنه رمز للحديث بالضعف، فالإعراض عن كل هذا وتكرار هذا الكلام السخيف عند كل حديث يدل على أن الشارح بلغ الغاية في السخافة. وبعد هذا ففي كلامه أوهام فاحشة كما هي لازمة لكلامه لزوم الظل

للشخص، الأول: أن المصنف ذكر أن صحابى هذا الحديث ابن مسعود، والحديث الذي في سنده حسان بن سياه الأزرق من حديث أنس بن مالك لا من حديث ابن مسعود. قال ابن حبان في الضعفاء: حسان بن سياه أبو سهل البصرى، يروى عن ثابت البنانى وأهل البصرة، يروى عنه البصريون منكر الحديث جدا يروى عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد؛ لما ظهر من خطئه في روايته على ظهور الصلاح منه، وهو الذي يروى عن ثابت عن [أنس] (¬1) عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعائشة: "إذا جاء الرطب فهنئينى" أخبرناه جماعة عن الحرشى عنه، وبإسناده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ذروا الحسناء العقيم، وعليكم بالسوداء الولود، فإنى مكاثر بكم الأمم" اهـ. الثانى: فإن كان المصنف وهم في قوله: عن ابن مسعود، فإقرار الشارح له على ذلك وهم فاحش، لاسيما وهو قد وقف عليه في الميزان على الصواب. الثالث: قوله: وأورد له ابن عدى ثمانية عشر حديثا وعد هذا منها ونقله عنه في الميزان، فإن هذا غلط وكذب، فإن الذهبى لم ينقل الحديث عن ابن عدى بل عن ابن حبان، ولا صرح بأن ابن عدى ذكر هذا من بين الثمانية عشر حديثا وإن كان ذلك محتملا، فاسمع عبارة الذهبى بنصها: حسان بن سياه أبو سهل الأزرق بصرى عن ثابت وعاصم بن بهدلة وجماعة، ضعفه ابن عدى والدارقطنى وقال ابن حبان يأتى عن الأثبات بما لا يشبه حديثهم، انفرد عن ثابت عن أنس مرفوعًا: "يا عائشة إذا جاء الرطب فهنئينى"، وبه: "ذروا الحسناء العقيم. . . " الحديث، وساق له ابن عدى ثمانية عشر حديثا مناكير اهـ. ¬

_ (¬1) سقط من الأصل، انظر الضعفاء لابن حبان (1/ 268).

الرابع: قوله: ورواه الموصلى، فإن هذا تعبير لا يستعمله أهل الحديث إن كان يريد به أبا يعلى وهو الواقع، وإلا فهو رجل مجهول. الخامس: أن الموصلى لم يروه لا هو ولا الديلمى في مسند الفردوس. 1827/ 4324 - "ذَرُوا العَارفين المُحَدِّثينَ منْ أمَّتى، لا تُنْزلُوهُم الجَنَّةَ وَلا النَّارَ، حَتَّى يكونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِى يَقْضِى فِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". (خط) عن على قلت: أخرجه أيضا الثقفى في السادس من الثقفيات قال: حدثنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفى بنيسابور ثنا محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم ثنا الربيع بن سليمان ثنا أيوب بن سويد حدثنى سفيان عن خالد بن أبي كريمة عن عبد اللَّه بن مسور بعض ولد جعفر بن أبي طالب عن محمد بن على بن الحنفية عن أبيه به. وعبد اللَّه بن المسور متروك، لكنه ورد من وجه آخر من حديث عائشة، قال الديلمى في مسند الفردوس: أخبرنا عبدوس عن أبي بكر محمد بن أحمد بن حمدويه الطوسى أخبرنا الأصم أخبرنا أبو عتبة عن بقية عن عبد اللَّه بن أبي موسى عن الحجاج عن الحسن عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دعوا المذنبين العارفين لا تنزلوهم جنةً ولا نارًا؛ ليكونَ اللَّه الحكمَ فيهم". 1828/ 4325 - "ذَرُونى مَا تَرَكْتكُم، فَإنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلكُم بكَثْرَة سُؤَالهمْ وَاخْتلافهمْ عَلَى أنْبيَائهمْ، فَإذَا أَمَرْتُكُم بِشَيْءٍ فَأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم، وَإذَا نَهَيْتُكُم عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ". (حم. م. ن. هـ) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم وليس كذلك، بل رواه البخارى في الاعتصام عن أبي هريرة. قلت: البخارى خرجه [9/ 117] بلفظ: "دعونى" فموضعه على اصطلاح المصنف في كتاب حرف الدال، والشارح يتغافل عن ذلك، ويتجاهله عمدًا، وقد أخرج الحديث جماعة منهم: الطحاوى في مشكل الآثار [3/ 202]، وابن بشران في فوائده، وأبو الفضل الجاروذى في جزئه، ومن طريقه الذهبى في التذكرة وآخرون. 1829/ 4326 - "ذَكَاةُ الجَنِينِ إذَا أشْعَرَ ذَكَاةُ أمِّهِ، وَلَكِنَّهُ يُذْبَحُ حَتَّى يَنْصَاب مَا فِيهِ مِنَ الدَّمِ". (ك) عن ابن عمر قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وكأنه ذهول، فقد خرجه أبو داود باللفظ المزبور من حديث جابر. قلت: هذا كذب على أبي داود ما خرجه أبو داود باللفظ المزبور، إنما خرجه [رقم: 2828] بلفظ: "ذكاة الجنين ذكاة أمه" وقد عزاه المصنف في الذي قبله لأبي داود والحاكم، ثم إن الحديث موضوع ظاهر البطلان والافتعال وإن زعم ابن حبان أنه موقوف على ابن عمر، فإن الذي يميل إليه القلب أنه مصنوع في عهد أبي حنيفة. قال ابن حبان في الضعفاء [2/ 275]: ثنا عبد اللَّه بن قحطبة ثنا وهب بن بقية ثنا محمد بن الحسن المزنى عن محمد ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به.

قال ابن حبان: محمد بن الحسن المزنى يرفع الموقوفات ويسند المراسيل، وهذا الحديث إنما هو موقوف من قول ابن عمر. 1830/ 4331 - "ذكْرُ الأنْبيَاء منَ العبَادَة، وذكْرُ الصَّالحينَ كَفَّارَةٌ وَذِكْرُ المَوْتِ صَدَقَةٌ، وَذِكْرُ الْقَبْرِ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ". (فر) عن معاذ قال في الكبير: وفيه محمد بن محمد بن الأشعث، قال الذهبى: اتهمه ابن عدى -أى بالوضع- وكذبه الدارقطنى، والوليد بن مسلم ثقة مدلس، ومحمد بن راشد قال النسائى: ليس بالقوى. قلت: الحديث موضوع ولابد، والوليد بن مسلم لا يذكر في مثل هذا الباطل ولو كان الشارح من أهل الحديث لاستحى أن يذكره، ومحمد بن محمد بن الأشعث لا وجود له في سند الحديث، ولو فرضنا أن المذكور في السند هو لما كان لذكره فائدة، لأنه إنما وجد في سند كتاب مثبوت فيه الحديث كيف ولا وجود له في السند؟! وإنما فيه أبو على بن الأشعث، وهو دون محمد بن محمد والعجب من الشارح بل لا عجب، فإن غفلته فاقت الحد. أن الذهبى ذكر أن محمد بن محمد بن الأشعث كنيته أبو الحسن، والمذكور في السند أبو على، قال الديلمى: أخبرنا أحمد بن نصر أخبرنا الميدانى حدثنا محمد بن يحيى العاصمى حدثنا أحمد بن إبراهيم الغول ثنا أبو على بن الأشعث ثنا شريح بن عبد الكريم ثنا جعفر بن محمد بن جعفر بن محمد الحسينى أبو الفضل في كتاب العروس حدثنا الوليد بن مسلم ثنا محمد بن راشد عن مكحول عن معاذ به. فعلة الحديث هو صاحب كتاب العروس، وكل ما ذكره الشارح خبطٌ مضحك.

1831/ 4332 - "ذِكْرُ عَلِيٍّ عِبَادَةٌ". (فر) عن عائشة قلت: هذا أيضًا موضوع، وضعه الحسن بن صابر، فرواه عن وكيع عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة، ولا شيء من ذلك أصلًا. 1832/ 4334 - "ذمَّةُ المُسْلمينَ وَاحدَةٌ، فَإذَا جَارَتْ عَلَيْهمْ جَائِرَةٌ فَلا تَخْفُرُوهَا، فَإنَّ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُعْرَفُ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ". (ك) عن عائشة قال الشارح: ورواه عنها أيضًا الموصلى ورجاله رجال الصحيح. قلت: ورواه أيضًا ابن مردك في فوائده تخريج الدارقطنى، وأبو القاسم الموصلى بن أحمد الشيبانى في السادس من فوائده كلاهما قال: حدثنا عبد الغافر بن سلامة ثنا يحيى بن عثمان ثنا محمد بن حميد أبو عبد الحميد ثنا معاوية بن يحيى عن أبي سعد عن عمرو بن مرة عن أبي البخترى عن عائشة به مثله. زاد الشيبانى: هذا حديث غريب من حديث عمرو بن مرة عن أبي البخترى، وهو غريب من حديث معاوية عن أبي سعد. ورواه أبو نعيم في الحلية [7/ 243] من حديث أبي هريرة بسياق آخر، ولفظه مرفوعًا: "ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل اللَّه منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا" رواه من طريق خالد بن عبد الرحمن بن سلمة المخزومى ثنا مسعر عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به، وقال: تفرد به خالد عن مسعر.

1833/ 4335 - "ذَنْبُ العَالِمِ ذَنْبٌ وَاحِدٌ، وَذَنْبُ الجَاهِلِ ذَنْبَانِ". (فر) عن ابن عباس قلت: هذا حديث موضوع، وفيه مع جويبر مجاهل. 1834/ 4336 - "ذَنْبٌ لا يُغْفَرُ، وَذَنْبٌ لا يُتْرَكُ، وَذَنْبٌ يُغْفَرُ: فَأمَّا الذَّنْبُ الَّذي لا يُغْفَرُ: فَالشِّرْكُ باللَّه، وَأمَّا الَّذي يُغْفَرُ: فَذَنْبُ العَبْد مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّه عَزَّ وَجلَّ، وَأَمَّا الَّذِي لا يُتْرَكُ: فَظُلْمُ العبَاد بَعْضُهُم بَعْضًا". (طب) عن سلمان قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه يزيد بن سفيان بن عبد اللَّه بن رواحة ضعيف تكلم فيه ابن حبان وغيره، وبقية رجاله ثقات، وذكر في الميزان أن له نسخة منكرة، وساق منها هذا الخبر، وبه يعرف وهم المصنف في رمزه لصحته. قلت: كأن الشارح لما رأى المصنف رمز لصحته والذهبى تبع ابن حبان في الحكم بنكارته عملها هو صلحا بينهم فحكم بحسنه، والرموز لا يوثق بها لأنها تتحرف، فإن كان المصنف فعل ذلك فلعله لشواهده، فإن الذي بعده من حديث أنس شاهد له، وورد نحوه عن ابن عباس موقوفًا عليه، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان: حدثنا أبي حدثنا أحمد بن الحسين ثنا إبراهيم بن سعيد بن يحيى ثنا عبيد اللَّه ابن موسى ثنا أبو يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس قال: "الذنوب ثلاثة: فذنب مغفور، وذنب لا يغفر، وذنب لا يترك منه شيء، فأما الذنب الذي لا يغفر: فالشرك باللَّه إذا مات عليه العبد، وأما الذنب الذي

يغفر: فالعبد يذنب فيستغفر اللَّه منه فيغفر له، وأما الذي لا يترك منه شيء: فظلم الرجل أخاه، ثم قرأ ابن عباس: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}. 1835/ 4338 - "ذهَابُ البَصَر مَغْفرَةٌ للذُّنُوب، وَذهَابُ السَّمْعِ مَغفِرَةٌ للذُّنُوبِ، وَمَا نَقَصَ مِنَ الجَسَدِ فَعَلَى قَدْرِ ذَلِك". (عد. خط) عن ابن مسعود قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن مخرجه سكت عليه والأمر بخلافه، بل تعقبه ابن عدى بقوله: هذا منكر المتن والإسناد، وهارون بن عنترة لا يحتج به، وداود بن الزبرقان ليسى بشيء اهـ. ولهذا حكم ابن الجوزى بوضعه وتبعه على ذلك المؤلف في مختصر الموضوعات. قلت: المؤلف لا ينقل كلام المخرجين ومع هذا فقد نص على أن كل ما يخرجه ابن عدى فهو ضعيف، لأن كتابه في الرجال الضعفاء، ولكن الشارح لا يمل من السخافة. والحديث خرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 296] في ترجمة محمد بن جعفر أبي بكر الوراق غندر، وعنه رواه الخطيب في التاريخ [2/ 152]، ومن طريقه أيضًا رواه الديلمى في مسند الفردوس عن الحداد عنه، وأسنده الذهبى في التذكرة من طريق الخطيب في ترجمة غندر المذكور، وقال عنه: غريب جدا، ولم يعرج على وضعه كما فعل ابن الجوزى. فاللَّه أعلم. 1836/ 4340 - "ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ، وَبَقِيَتِ المُبَشِّرَاتُ". (هـ) عن أم كرز

قال في الكبير: ورواه عنها أحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان والبزار، وقال: لا نعلمه يروى عنها إلا من هذا الوجه، ورواه البخارى في تاريخه الوسط باللفظ المزبور عن أبي الطفيل مرفوعًا. قلت: حديث أم كرز أخرجه أيضًا ابن جرير في التفسير، والطحاوى في مشكل الآثار (3/ 47)، وأما حديث أبي الطفيل فهو بعينه حديث حذيفة بن أسيد المذكور بعد هذا، وقف به بعض الرواة على أبي الطفيل، وبعضهم قال: عنه عن حذيفة بن أسيد، قال البخارى في التاريخ الوسط: ثنا سليمان عن حماد بن زيد عن عثمان بن عبيد عن أبي الطفيل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. ورواه أيضًا الطبرانى في الكبير [3/ 200] قال: حدثنا موسى بن هارون ثنا عبد اللَّه بن محمد بن أسماء حدثنى مهدى بن ميمون ثنا عثمان بن عبيد الراسبى عن أبي الطفيل به. ورواه أبو يعلى في مسنده: ثنا عبد اللَّه بن محمد بن أسماء به مثله. ورواه الطبرانى أيضًا [3/ 200]: ثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا الحسن بن على الحلوانى ثنا أبو عاصم فقال: عن مهدى بن ميمون عن عثمان بن عبيد الراسبى عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ذهبت النبوة وبقيت المبشرات، قالوا: يا رسول اللَّه وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة يَرَى الرجل أو تُرَى لَهُ". 1837/ 4343 - "ذُو الدِّرْهَمَيْن أشَدُّ حسابًا مِنْ ذِى الدِّرْهَمِ، وَذُو الدِّينَارَيْنِ أشَدُّ حِسَابًا مِنْ ذِى الدِّينَارِ". (ك) في تاريخه عن أبي هريرة (هب) عن أبي ذر مرفوعًا

قلت: سكت عنه الشارح ورمز المؤلف له بالضعف، أما حديث أبي ذر الموقوف فما عرفت حاله، وأما حديث أبي هريرة المرفوع فموضوع، لأنه من رواية عمرو بن عبد الغفار وهو كذاب متهم بالوضع. قال الحاكم: حدثنا محمد بن عبد اللَّه المباركى ثنا محمد بن أحمد بن مجاهد السمرقندى ثنا الحسن بن حريث ثنا عمرو بن عبد الغفار ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . .، فذكره. 1838/ 4344 - "ذُو السُّلْطَانِ وَذُو العِلْم أحَقُّ بِشَرَفِ المجْلِسِ". (فر) عن أبي هريرة وكتبه الشارح في الصغير: عن أنس. وقال في الكبير: فيه يعقوب بن حميد، قال الذهبى: ضعفه أبو حاتم وغير واحد وما ترك، وفيه رجل مجهول، ورواه عنه أيضًا أبو نعيم ومن طريقه وعنه أورده الديلمى مصرحا فلو عزاه المصنف للأصل لكان أولى. قلت: ولو سكت الشارح وترك الدخول في الفضول لكان أوجب، فإن المصنف الذي نقل الحديث من مسند الفردوس قد رآه مسندا فيه من طريق أبي نعيم، فلو كان عديم التحقيق كالشارح لعزاه إلى أبي نعيم، وإذ لم يعرف في أى كتاب خرجه أبو نعيم فإن الأمانة تقضى عليه بعزوه إلى الأصل الذي رآه فيه. فإن أبا نعيم ما خرجه في الحلية، ولا في التاريخ، ولا في مسند فراس، فلعله خرجه في رياضة المتعلمين، ثم إن قول الشارح: ومن طريقه وعنه أورده

مصرحا عبارة ساقطة باردة خاطئة، فإن الجمع بين: من طريقه، وعنه جهل بالصناعة كما بينته مرارًا. والحديث من رواية أبي هريرة لا من حديث أنس كما كتبه الشارح في الصغير. قال الديلمى: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم ثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا عبد اللَّه بن الصقر ثنا يعقوب بن حميد ثنا إسحاق بن إبراهيم عن صفوان بن سليم عن رجل عن أبي هريرة به. 1839/ 4345 - "ذُو الوَجْهَيْنِ فِى الدُّنْيَا يَأتِى يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَهُ وَجْهَانِ مِنْ نَارٍ". (طس) عن سعد قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو خطأ، فقد جزم المنذرى بضعفه، وقال الهيثمى وغيره: فيه خالد بن يزيد العمرى، وهو كذاب. قلت: وكذلك الشارح في قوله: وغيره، عطفًا على الهيثمى، ثم اعلم أنه لا يلزم من وجود الكذاب في السند ألا يكون الحديث حسنا ولا صحيحا، فإنه ليس كل ما يرويه الكذاب كذبا. والحديث له طرق أخرى من حديث أنس وأبي هريرة وعمار بن ياسر بأسانيد جيدة صحيحة، فلذلك حكم المصنف بحسنه. 1840/ 4349 - "الذَّبِيحُ إسْحَاقُ". (قط) في الأفراد عن ابن مسعود، البزار وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، ابن مردويه عن أبي هريرة

قال في الكبير في حديث العباس: ورواه عنه الحاكم من طرق، وقال: على شرطهما؛ وقال الذهبى: صحيح. قلت: كل هذا كذب باطل، فما خرج الحاكم حديث العباس في أن "الذبيح إسحاق"، ولا من طريق واحدة فضلا عن طرق، ولا قال الذهبى: إنه صحيح. بل الحاكم [2/ 559] أخرج من طرق عن ابن عباس أن "الذبيح إسماعيل"، وأخرج عنه أيضًا أن "الذبيح إسحاق"، ثم قال الحاكم: وقد كنت أرى مشايخ الحديث قبلنا وفي سائر المدن التي طلبنا فيها الحديث وهم لا يختلفون أن الذبيح إسماعيل، وقاعدتهم فيه قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "أنا ابن الذبيحين"؛ إذ لا خلاف أنه من ولد إسماعيل وأن الذبيح الآخر أبوه الأدنى عبد اللَّه بن عبد المطلب. 1841/ 4350 - "الذِّكْرُ خَيْرٌ مِنَ الصَّدَقَةِ" أبو الشيخ عن أبي هريرة قلت: قال أبو الشيخ: حدثنا محمد بن أحمد بن سعيد الواسطى ثنا زكريا بن يحيى المصرى ثنا خالد ابن عبد الدايم عن نافع بن يزيد عن زهرة بن معبد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الذكر خير من الصدقة، والذكر خير من الصيام"، وزكريا بن يحيى كذاب وضاع فلعله مما عملت يداه. 1842/ 4351 - "الذِّكْرُ نِعْمَةٌ، فَأدُّوا شُكْرَهَا". (فر) عن نبيط بن شريط قال الشارح: وإسناده حسن. قلت: بل واه شبه الموضوع أو هو موضوع، وكيف يتصور نبيط أن يكون

حديثه صحيحا وهو من نسخته التي رواها حفيده أحمد بن إسحاق، وهو كذاب، ورموز المتن لا يغتر بها؟! 1843/ 4352 - "الذِّكْرُ الَّذى لا تَسْمَعُهُ الحفَظَةُ يَزِيدُ عَلَى الذِّكْر الَّذِى تَسْمَعُهُ الحفَظَةُ سَبْعِينَ ضِعْفًا". (هب) عن عائشة قلت: أخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب: ثنا عبد اللَّه بن محمد البغوى ثنا محمد بن حميد الرازى ثنا إبراهيم بن المختار ثنا معاوية بن يحيى عن الزهرى عن عروة عن عائشة به. وله طريق آخر عن معاوية بن يحيى، قال الخلعى في فوائده: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن رزيق الكوفى ثنا إسماعيل بن يعقوب ابن الجراب البغدادى ثنا محمد بن زياد السمسار ثنا محمد بن حاتم ثنا محمد ابن الحسن الواثقى، ثقة مرضى، عن معاوية بن يحيى به مثله، وبهذا الطريق يُعْلَم ما في تعليل الشارح الحديث بإبراهيم بن المختار. 1844/ 4353 - "الذَّنْبُ شُؤْمٌ عَلَى غَيْرِ فَاعِلِهِ، إن عَيَّرَهُ ابْتُلِى، وَإنْ اغْتَابَهُ أثِمَ، وَإنْ رَضِى بِهِ شَارَكَهُ". (فر) عن أنس قلت: ومن شؤمه الكذب على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن هذا الخبر في سنده من لا يعرف، وأظنه من عمل يد أحدهم. قال الديلمى: أخبرنا إبراهيم بن أحمد المراغى كتابة، أخبرنا أبو على بن أبي عمرو الفرانى ثنا أبو زكريا عبد اللَّه بن أحمد البلاذرى ثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو عمرو حدثنا أبو عبد اللَّه النيسابورى ثنا عيسى بن موسى الزبيدى ثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس به.

حرف الراء

حرف الراء 1845/ 4359 - " رَأتْ أمِّى حِينَ وَضَعَتْنِى سَطَعَ مِنْهَا نُورٌ أضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ بصْرَى". ابن سعد عن أبي العجفاء قال في الكبير: وصنيع المصنف يصرح بأنه صحابى، وهو وهم، وإنما هو تابعى كبير روى عن عمر وغيره. قلت: صنيع المصنف لا يصرح بذلك إلا لو كان كتابه مسندًا وشرط فيه ألا يورد إلا الصحيح الموصول، وإذ ليس كتابه كذلك فنسبة التصريح إلى صنيعه تَقَوُّلٌ وَكَذبٌ عليه، وكيف يخفى عليه أنه تابعى وقد نقله من الطبقات التي قال صاحبها [1/ 1, رقم 96]: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا ثور بن يزيد عن أبي العجفاء. وصغار أهل الحديث يعلمون أن ثور بن يزيد لم يدرك أحدًا من الصحابة. 1846/ 4361 - "رَأسُ الحِكْمَةِ مَخَافَةُ اللَّهِ تَعَالَى". الحكيم وابن لال عن ابن مسعود

قال في الكبير: وكذا القضاعى في الشهاب عن ابن مسعود. قلت: القضاعى لم يخرجه من حديث ابن مسعود، إنما خرجه [رقم: 55, 116] من حديث زيد بن خالد الجهنى أثناء خطبة طويلة، أما حديث ابن مسعود فأخرجه الحكيم في الأصل السابع والعشرين ومائتين بلفظ: "رأس العلم" بدل: "الحكمة"، وقد ذكرت أسانيده والاختلاف في رفعه ووقفه على ابن مسعود في مستخرجى على مسند الشهاب، وقد وهم الشارح أيضًا في قوله أنه خرجه في الشهاب، فإنه لم يُخَرِّج في الشهاب حديثًا، وإنما خَرَّجَ في مسنده. 1847/ 4362 - "رَأسُ الدِّين النَّصيحَةُ للَّهِ وَلِدِينِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ، وَلأئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً". سمويه (طس) عن ثوبان قلت: أخرجه أيضًا الثقفى في الخامس من فوائده قال: حدثنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفى ثنا محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم ثنا الربيع بن سليمان المرادى ثنا أيوب بن سويد الرملى حدثنى أمة بن يزيد عن أبي مصبح الحمصى عن ثوبان مرفوعًا: "رأس الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول اللَّه؟ قال: للَّه ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين، وللمسلمين عامة". وأخرجه البندهى في شرح المقامات من طريق أبي محمد يحيى بن محمد بن صاعد: ثنا الربيع بن سليمان به. وأخرجه أبو عمرو بن منده في الأول من فوائده قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن عمرو المصرى ثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفى ثنا

أيوب بن سويد به. وذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال: إنه منكر اهـ. قلت: وذلك من أجل أيوب بن سويد، وقد نقل الشارح ما فيه. 1848/ 4365 - "رَأسُ العَقْلِ بَعْدَ الإيمَانِ باللَّهِ التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ". البزار، (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه البيهقى من حديث هشيم عن على بن زيد بن جدعان عن ابن المسيب عن أبي هريرة، ثم قال البيهقى: لم يسمعه هشيم من على، وهذا حديث يعرف بأشعث بن براز عن على بن زيد عن ابن المسيب عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فدلسه هشيم اهـ. قلت: لا أدرى هل كلام البيهقى كما نقل الشارح أو فيه تحريف وزيادة ونقص، فإن هشيما مدلس قد لا يكون سمع الحديث من على بن زيد، ورواه عنه بالعنعنة، لا سيما وقد قال أحمد: إنه لم يسمع منه شيئًا ولكنه ثقة ثقة، والثقة لا يوصل المراسيل، فكيف يتهم بهذا؟ فإن أشعث بن براز ما رواه إلا مرسلا، وأيضًا فإن الحديث لم يروه عن أشعث بن براز وحده، بل رواه أيضا غيره موصولًا، فلو فرضنا أن هشيما دلسه فالواجب ألا يكون عنده عن أشعث بن براز بل عن غيره، فقد رواه الطبرانى في مكارم الأخلاق [رقم: 139]، وابن شاهين في الترغيب، والبزار، والقضاعى في مسند الشهاب [رقم: 200] كلهم من رواية عبيد بن عمرو الحنفى ثنا على بن زيد به موصولًا، نعم، أخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق من رواية هشيم عن على به مرسلا يذكر أبا هريرة، فلعل البيهقى رواه من هذا الوجه مرسلا وتكلم عليه، فنقل الشارح كلامه من سند المرسل إلى سند الموصول

وهذا أقل شيء يضعه في التحريف والتبديل. أما رواية أشعث فأخرجها أبو الليث في التنبيه قال: حدثنا محمد بن الفضل ثنا فارس بن مردويه ثنا محمد بن الفضيل عن زيد بن الحُباب العُكْلى عن أشعث البصرى عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب مرسلا مطولا ولفظه: "رأس العقل بعد الإيمان باللَّه مداراةٌ، والتودد إلى الناس، وما هلك رجل عن مشورة، وما سعد رجل باستغنائه برأى، وإذا أراد اللَّه أن يهلك عبدا كان أول ما يفسد منه رأيه، وإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة" وأخرجها البيهقى أيضًا، وسيأتى ذكرها أيضًا قريبًا. 1849/ 4367 - "رَأسُ الْعَقْل بَعْدَ الإيمَان باللَّه التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاس، وَأهْلُ التَّوَدُّد في الدُّنْيَا لَهُمْ دَرَجَة في الجَنَّة، وَمَنْ كَانَت لَهُ في الجنَّة دَرَجَةٌ فَهُوَ في الجنَّة، وَنصْفُ العلْم حُسْنُ المَسْألَة، وَالاقْتصَادُ في المَعيشَة نصْفُ العَيْش، يُبْقى نصْفَ النَّفَقَة، وَرَكْعَتَان منْ رَجُل وَرع أَفْضَلُ منْ ألْف رَكْعَة منْ مُخْلط، وَمَا تَمَّ دينُ إنْسَان قَطٌّ حَتَّى يَتمَّ عَقْلُهُ، وَالدُّعَاءُ يَرُدُّ الأمْرَ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصَدَقةُ العَلانيَة تَقى مَيْتَةَ السُّوء، وَصَنَائعُ المَعْرُوف إِلَى النَّاس تَقى صَاحبَهَا مَصَارعَ السُّوء: الآفَات وَالْهَلَكَات، وَأهْلُ المَعْرُوف في الدُّنْيَا هُمْ أهْلُ المعْرُوف في الآخرَة، وَالْمَعْروفُ يَنْقَطِعُ فِيمَا بَيْنَ النَّاس وَلا يَنْقَطِعُ فِيمَا بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ مَنِ افْتَعَلَهُ". (هب) عن أنس قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ [1/ 211] قال: حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن يزيد (ح)

وحدثنا أبو محمد بن حيان ثنا خالى وغيره قالوا: حدثنا سمعان بن بحر العسكرى ثنا إسحاق بن محمد بن إسحاق ثنا أبي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس به. وسمعان اسمه: إسماعيل بن بحر أبو على، وفي ترجمته خرجه أبو نعيم [3/ 203]، والحديث باطل، والحمل فيه عليه كما قال البيهقى أو على شيخه. 1850/ 4369 - "رَأسُ الْعَقْل بَعْدَ الإيمَان باللَّه التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاس، وَمَا يَسْتَغْنى رَجُلٌ عَنْ مَشُورَة، وَإِنَّ أَهْلَ الْمَعْرُوف في الدُّنْيَا هُمْ أهْلُ الْمَعْرُوفِ فِى الآخِرَةِ، وَإنَّ أَهْلَ المُنْكَرِ فِى الدُّنْيَا هُمْ أهْلُ المُنْكَرِ فِى الآخِرَةِ". (هب) عن سعيد بن المسيب قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة له غير الإرسال والأمر بخلافه، فقد قال الذهبى في المهذب: مرسل وضعيف، وقال ابن الجوزى: من منكر، وأقول: فيه محمد بن عمرو أبو جعفر قال الذهبى: مجهول، ويحيى بن جعفر أورده الذهبى في ذيل الضعفاء والمتروكين وقال: مجهول، وزيد بن الحباب قال في الكاشف: لم يكن به بأس وقد يتهم، والأشعث بن براز ضعفوه، وعلى بن زيد بن جذعان قال أحمد وغيره: ليس بشيء، وبه يعرف أن إسناده عدم مع كونه مرسلا. قلت: في هذا عدة أخطاء فاحشة، أولها: أن ظاهر صنيع المصنف لا يفيد ما قاله الشارح من سلامته من العلل غير الإرسال، بل هو مجرد تَقَوُّلٌ عليه وَتَهَوُّرٌ فِي الكلام. الثانى: أن محمد بن عمرو أبا جعفر لم يقل الذهبى فيه: مجهول، بل

ذلك كذب على الذهبى وقلب لحقيقة ما قاله، فإنه نقل ذلك عن أبي حاتم ثم رده عليه ولفظه: محمد بن عمرو بن عتبة أبو جعفر الكوفى عن حسين الأشعر مجهول. قلت: بل هو مشهور صالح الأمر حدث عنه ابن الأعرابى والأصم، وسمع أبا نعيم ونحوه اهـ. فالذهبى نقل كونه مجهولا عن أبي حاتم كما هو اصطلاحه ثم رده بأنه معروف صالح، فاقتصر الشارح على كلام أبي حاتم المردود ونسبه للذهبى، ولم ينقل رده عليه، وهذا أقصى ما يمكن من التهور والتخبط والخطإ. الثالث: أن يحيى بن جعفر ذكره الذهبى في الميزان المتداول المشهور، وذكر ما نقله الشارح فيه، فالعزو إلى ذيل الضعفاء والمتروكين لا يخفى ما فيه من التدليس والإيهام. الرابع: أن زيد بن الحباب ثقة من رجال مسلم، وقد أثنى عليه الحفاظ ووثقوه ووصفوه بالحفظ والضبط للألفاظ، إلا أن بعضهم ذكر أن روايته عن المجاهيل خاصة فيها المناكير، وهذا بعد تسليمه بتلك المناكير من المجاهيل لا منه، ومعاذ اللَّه أن يتهم زبد بن الحباب أو يقول ذلك الذهبى عنه، فقد ذكره في الميزان فقال: زيد بن الحباب العابد، الثقة صدوق جوَّال، وقد قال ابن معين: أحاديثه عن الثورى مقلوبة، وقد وثقه ابن معين مرة. . . إلخ ما ذكره. فلا يتصور أن يقول عنه في الكاشف: إنه متهم، وقد ذكره أيضًا في طبقات الحفاظ ووصفه بالزاهد المحدث الجوال الرَحَّال ثم قال آخر ترجمته: وهو ثقة وغيره أقوى منه اهـ. وهذا مسلم مقبول، أما كونه متهما كما يفتريه الشارح فلا.

الخامس: أن الحديث ورد من غير طريق هؤلاء كلهم، فأخرجه جماعة كما ذكرته قريبًا من طرق عن عبيد بن عمرو الحنفى عن على بن زيد به فسقط كل ما هَذَى به الشارح في تعليل الحديث بالمذكورين. السادس: أن الحديث له شواهد من حديث أنس وعلى وغيرهما، فلا يكون عدمًا معها وإنما العدم التالف كلام الشارح ونقله. 1851/ 4371 - "رَأسُ العَقْلِ بَعْدَ الإيمَان بِاللَّه الْحَياءُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ". (فر) عن أنس قال الشارح: بإسناد ضعيف. وقال في الكبير: فيه يحيى بن راشد، قال الذهبى: ضعفه النسائى. قلت: الحديث لا يعل بيحيى بن راشد، لأن في السند قبله راويًا كذابًا، وهو عبد اللَّه بن محمد بن وهب الدينورى الحافظ، فإنه كان كذابًا وضاعًا، فالحديث موضوع، ويحيى بن راشد منه بريء. قال الديلمى: أخبرنا عبدوس إجازة أخبرنا الحسين بن فنجويه ثنا ابن سنبه ثنا عبد اللَّه بن محمد بن وهب ثنا أحمد بن ثابت الجحدرى ثنا يحيى بن راشد الأسلمى ثنا عبد اللَّه بن هلال المازنى ثنا موسى بن أنس عن أبيه به. 1852/ 4373 - "رَأسُ هَذَا الأمْرِ الإسْلامُ، وَمَنْ أسْلَمَ سَلمَ، وَعَمُودُه الصَّلاةُ، وَذُرْوَةُ سَنَامهِ الْجِهَادُ، لا يَنَالُهُ إلا أفْضَلُهُمْ". (طب) عن معاذ رمز المصنف لصحته، وقال الشارح: سنده حسن

قلت: من نظر إلى ظاهر سند الحديث يرى الحكم بحسنه بعيدًا؛ لأنه من رواية على بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة عن معاذ، وعلى بن زيد وشيخه ضعيفان، لا سيما القاسم فإنه أشد ضعفًا من ابن جذعان. ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا إسماعيل الصفار في جزئه قال: حدثنا محمد بن صالح أبو بكر ثنا قحيم ثنا الواجد ثنا عثمان بن أبي العاتكة عن على بن زيد به مثله. لكن من نظر إلى طرق الحديث ومتنه علم أنه صحيح كما حكم به المصنف، فإن المتن المذكور هنا قطعة من حديث معاذ الطويل المعروف الذي خرجه أحمد والترمذى والنسائى وابن ماجه، وآخرون من رواية أبي وائل عن معاذ، وأبو وائل وإن كان مختلفًا في سماعه من معاذ إلا أنه أدركه بالسن، وليس من البعيد أن يكون سمع منه، ولذلك قال الترمذى عن الحديث أنه حسن صحيح. وله طريق آخر من رواية شهر بن حوشب عن معاذ، أخرجه أحمد [5/ 231]، والبزار، والطبرانى [2/ 63، رقم 115]، وشهر فيه مقال ولم يسمع من معاذ إلا أن الحديث ورد من روايته عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ أخرجه أحمد بنحوه. وله طريق آخر أيضًا من رواية ميمون بن أبي شيبة عن معاذ، أخرجه البيهقى في الشعب (¬1) وغيره، وميمون قد قيل: إنه لم يسمع من أحد من الصحابة، إلا أن هذه الطرق الكثيرة تثبت شهرة الحديث عن معاذ وصحته عنه كما حكم به الترمذى والمصنف، والحديث إنما يحكم عليه بالنظر إلى مجموع ¬

_ (¬1) لم أجد في الباب السادس والعشرين من شعب الإيمان -وهو باب في الجهاد- رواية ميمون بن أبي شيبة، وإنما رواية شعبة عن الحكم عن عروة بن النزال أو النزال بن عروة عن معاذ، انظر (4/ 13، رقم 4225) ولعله في مكان آخر من الشعب، واللَّه أعلم.

طرقه لا إلى بعضها فقط. 1853/ 4375 - "رَاصُّوا صُفُوفكُمْ، وَقَارِبُوا بَيْنَهَا، وَحَاذُوا بِالأعْنَاقِ". (ن) عن أنس قال في الكبير: وظاهر اقتصاره على النسائى أنه تفرد بإخراجه عن الستة، وليس كذلك، فقد رواه أبو داود في الصلاة باللفظ المزبور. قلت: كلا ليس هو عنده باللفظ المزبور، بل بلفظ: "رُصُّوا" بضم الراء وبدون ألف بعدها، وهذا موضعه حرف الراء مع الصاد، وهو لا يزال الآن في حرف الواء بعدها ألف ثم صاد. ثم عند أبي داود فيه زيادة: "فوالذى نفسى بيده إنى لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الحَذَف" اهـ. فأين هو اللفظ المزبور؟!. 1854/ 4379 - "رَأيْتُ إبْرَاهيمَ لَيْلَة أسْريَ بي فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أقْرئ أمَّتكَ السَّلامَ، وأخْبرْهُم أنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التّرْبَة، عَذْبَةُ الْمَاء، وأنَّهَا قيعَانٌ، وَغراسهَا: سُبْحَانَ اللَّه، والْحَمْدُ للَّهِ، وَلا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ". (طب) عن ابن مسعود قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الكوفى، وهو ضعيف، ورواه الترمذى باختصار الحوقلة. قلت: الترمذى رواه بلفظ: "لقيت" لا بلفظ: "رأيت"، والحديث أخرجه الطبرانى في الثلاثة، وذكره المصنف في أول "الفانيد في حلاوة الأسانيد"، وترجم عليه بحديث من رواية نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- عن إبراهيم [الخليل] (¬1) عليه الصلاة والسلام، ثم أسنده من طريق الطبرانى قال: ¬

_ (¬1) في المخطوط: خليل.

حدثنا على بن الحسين بن المثنى الجهنى التسترى ثنا محمد بن الحارث الخزاز البغدادى ثنا سيار بن حاتم ثنا عبد الواحد بن زياد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود عن أبيه عن جده به، وقال: تفرد به سيار. ورواه الخطيب في التاريخ من طريق الطبرانى بهذا الإسناد، ورواه الترمذى عن عبد اللَّه بن أبي زياد: ثنا سيار به. ثم قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، كذا قال، وهو غريب إن ثبت أنه قال: حسن، فإن عبد الرحمن بن إسحاق منكر الحديث متفق على ضعفه، وعبد الرحمن لم يسمع من أبيه في قول الأكثرين، لأنه لما توفي والده كان صغيرًا ابن ست سنين أو نحوها، وقيل: لم يسمع منه إلا حديثا واحدًا: "محرم الحلال كمحلل الحرام"؛ فإن ثبت تحسينه عن الترمذى فلعله اعتمد على ما ذكره من أن في الباب عن أبي أيوب أيضًا، واللَّه أعلم. 1855/ 4381 - "رأيْتُ جِبْرِيلَ لَهُ سُتُّمَائةُ جَنَاح". (طب) عن ابن مسعود قال في الكبير: هذا كالصريح في أنه لا يوجد في الصحيحين، وإلا لما ساغ العدول للطبرانى والأمر بخلافه، فقد رواه البخارى في تفسير النجم، ورواه مسلم في الإيمان من حديث ابن مسعود بلفظ: "أن النبي رأى جبريل له ستمائة جناح" وبلفظ: "رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح". قلت: انظر إلى هذا وتعجب من غفلة الشارح بل تغافله المقصود، فهو يعلم أن كتاب المصنف خاص بالأحاديث القولية التي هي من قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولفظه وصيغته ثم يتعقب عليه بالأحاديث التي هي من قول عبد اللَّه بن مسعود وصيغته، وإن كان الكل مرفوعًا إلا أن المصنف أفرد كتابه لقسم المرفوع

الذي هو من لفظه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا من لفظ غيره. 1856/ 4384 - "رَأيْتُ خَدِيجَةَ عَلَى نَهْر مِنْ أنْهَارِ الْجَنَّةِ فِي بَيْتٍ من قَصَبٍ، لا لَغو فِيهِ وَلا نَصَب". (طب) عن جابر قال الشارح: وإسناده صحيح، واقتصار المؤلف على حسنه تقصير. قلت: اعتمد الشارح في هذا على ما نقله في الكبير عن الحافظ الهيثمى أنه قال: رجاله رجال الصحيح غير مجالد بن سعيد وقد وثق اهـ. فلو كان الشارح من أهل الحديث لعلم أن قول الهيثمى: رجاله رجال الصحيح لو لم يستثن منه لما دل على صحة الإسناد، لأنه لا يلزم من كون رجال السند رجال الصحيح أن يكون الحديث صحيحًا فقد يكون الرجال كذلك والحديث باطل موضوع، كما هو موجود بكثرة لعلة في الإسناد من انقطاع وتدليس وقلب وغلط، فكيف والهيثمى استثنى من ذلك مجالد بن سعيد وذكر أنه ضعيف وثقه بعضهم، وذلك هو وصف الحسن كما حكم به المصنف؟! ولكن الشارح بعيد عن دراية الحديث. 1857/ 4385 - "رَأيْتُ لَيْلَةَ أسْريَ بي علَى بَاب الْجَنَّة مكتُوبًا: الصَّدَقَةُ بعَشْر أمْثَالهَا، والْقَرْضُ بثَمَانيَة عَشر، فَقُلْتُ: يَا جبْريلُ، مَا بَالُ الْقَرْض أفضَلُ منَ الصَّدَقَة؟ قَالَ: لأن السَّائلَ يَسْألُ وَعنْدَهُ، والمُسْتَقْرضُ لا يَستقْرضُ إلا من حَاجَة". (هـ) عن أنس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وليس كما قال، فقد قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف، وأصله قول ابن الجوزى: حديث لا يصح، قال أحمد: خالد بن يزيد -أي أحد رجاله- ليس بشيء، وقال النسائى: ليس بثقة.

قلت: من تهور الشارح أنه يجعل قول كل من خالف المؤلف حجة عليه لا سيما إذا كان المخالف من قرابته كالعراقى والصدر المناوى، ولو أنصف لعلم أن لكل رأيه في الحكم على الحديث، وأنه لا يلزم عالمًا تقليد مثله فكيف ولا خلاف بين قول المصنف والعراقى، فإن المصنف يحكم على الأحاديث غالبًا بالنظر إلى ذاتها، والحافظ العراقى يحكم عليها بالنسبة لطرقها، ولا يستقصى، وكذلك ابن الجوزى، بل هو مقلد محض في جل ما يحكم به على الأحاديث، وحكمه هذا الذي جعله الشارح أصلًا لحكم العراقى هو مقلد فيه لابن حبان، فإنه الذي قال ذلك في ترجمة خالد بن يزيد من الضعفاء له ونصه: خالد بن يزيد بن أبي مالك الدمشقى من فقهاء الشام كان في الرواية ولكنه كان يخطيء كثيرًا، وفي حديثه مناكير لا يعجبنى الاحتجاج بخبره إذا انفرد عن أبيه وما أقر به في نفسه إلى التعديل، وهو ممن أستخير اللَّه فيه مات سنة 185، وهو الذي روى عن أبيه عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رأيت ليلة أسرى بي. . . " فذكر الحديث ثم قال: أخبرنا به قتيبة ثنا هشام بن خالد الأزرق ثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه به وليس بصحيح اهـ. وكلام ابن حبان هذا فيه تهافت، فإنه اعترف أولًا بأنه صدوق وأمره قريب إلى العدالة، وأنه لا يعجبه خبره إذا انفرد ثم قال: إنه ليس بصحيح مع أنه لم ينفرد بالحديث، بل ورد من غير طريقه كما سأذكره، وقد وثقه أيضًا أبو زرعة الدمشقى وأحمد بن صالح المصرى والعجلى، وقال ابن عدى: لم أر من حديثه إلا كل ما يحتمل في الرواية أو يرويه ضعيف عنه فيكون البلاء من الضعيف لا منه اهـ. وهذا الحديث رواه عنه ثقة وهو هشام بن خالد الأزرق كما سبق عند ابن حبان وكذلك هو عند ابن ماجه [2/ 812، رقم 2431] وكذلك رواه عنه

هشام بن عمار كما عند الحكيم الترمذى في النوادر في الأصل التاسع والسبعين والمائة (¬1) من روايته عن شيخه عمر بن أبي عمر العبدى قال: حدثنا هشام بن عمار به. فهذا السند على انفراده حسن على توثيق العجلى وأبو زرعة وأحمد بن صالح، وكلام ابن عدى وابن حبان في خالد، فكيف مع وروده من حديث أبي أمامة بسند حسنه الحفاظ، فقد رواه الطبرانى [8/ 249، رقم 7976] والبيهقى في الشعب [3/ 284، رقم 3564] من رواية عتبة بن حميد ثم من حديث أبي أمامة مرفوعًا: "دخل رجل الجنة فرأى مكتوبًا بأعلى بابها الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر"، أورده الحافظ المنذرى، وصدره بـ "عن" ثم أشرك معه حديث أنس فكأنه حكم بحسنه لأجل الطريقين، لأنه قال عقب حديثه أبي أمامة: رواه الطبرانى والبيهقى من رواية عتبة بن حميد، ورواه ابن ماجه [2/ 892، رقم 2439] والبيهقى أيضًا كلاهما من رواية خالد بن يزيد ابن أبي مالك عن أنس قال: وعتبة بن حميد عندى أصلح حالًا من خالد اهـ. قلت: وله مع هذا طريق آخر عن أبي أمامة قال أبو داود الطيالسى [رقم 1141] حدثنا جعفر بن الزبير الحنفى (ح) وقال الحكيم في نوادر الأصول [2/ 82] حدثنا أبي حدثنا مكى بن إبراهيم ثنا جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رأيت على باب الجنة مكتوبًا القرض بثمانية عشر والصدقة بعشر، فقلت: يا جبريل ما بال القرض أعظم أجرًا؟ قال: لأن صاحب القرض لا يأتيك إلا وهو محتاج وربما وضعت الصدقة في غنى" ثم قال الحكيم حدثنا عتبة بن عبد اللَّه بن عتبة الأزدى ثنا محمد بن عيسى أبو مالك عن جعفر بن الزبير به. ¬

_ (¬1) هو في الأصل الثامن والسبعين والمائة من المطبوع (2/ 82) من رواية أبي أمامة رضي اللَّه عنه.

ورواه السلفى في المعجم الوجيز فقال: كتب إلى أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامى من مكة أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن الحسين السنجستى الفرائضي بيلخ أخبرنا أبو على الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن الزاهد البلخى أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد شازان الفقير ثنا أبو شهاب معمر بن محمد بن معمر الكوفى ثنا أبو السكن مكى بن إبراهيم الصدوق ثنا جعفر بن الزبير به. ولفظه: "مكتوب على باب الجنة القرض بثمانية عشر والصدقة بعشر أمثالها" ثم قال السلفى هذا حديث حسن، ورواته من أبي شجاع إلى جعفر بلخيون مشاهير وليس فيما رووه مناكير اهـ. كذا قال وهو غريب جدًا فإن جعفر بن الزبير ضعيف وله مناكير إلا أنه توبع على هذا الحديث كما سبق. وله طريق ثالث أيضًا قال الحكيم الترمذى في النوادر: حدثنا محمد بن غيلة الروزى ثنا الحسن بن محمد الأعمش أخبرنا بشر بن نمير القشيرى عن القاسم عن أبي أمامة به. وبالجملة فالحديث بمجموع طرقه لا ينزل عن رتبة الحسن ولابد إن شاء اللَّه تعالى؛ فالحق ما حكم به المصنف كما حكم به غيره من الحفاظ. 1858/ 4393 - "رُؤْيَا الْمُؤْمِنُ كَلام يُكَلِّم بِهِ الْعَبْدُ رَبّه فِي المَنَامِ". (طب) والضياء عن عبادة بن الصامت قال الشارح: وفيه من لا يعرف وعزاه الحافظ ابن حجر إلى مخرجه الترمذى عن عبادة وقال إنه واه. قلت: هذا تهور في النقل وتصرف خطأ يوقع في الوهم القبيح إذ يفيد أن

الحديث خرجه الترمذى، وأن الحافظ عزاه إليه، وقال عن الحديث أنه واه وليسى شيء من ذلك واقعًا فالحافظ قال في الفتح ما نصه: وذكر ابن القيم حديثًا مرفوعًا غير معزو: "إن رؤيا الؤمن كلام يكلم به العبد ربه في المنام"، ووجد الحديث المذكور في نوادر الأصول للترمذى من حديث عبادة ابن الصامت، أخرجه في الأصل الثامن والسبعين (¬1) وهو من روايته عن شيخه عمر بن أبي عمر وهو واه، وفي سنده جنيد بن ميمون عن حمزة بن الزبير عن عبادة اهـ. فالحافظ عزاه للحكيم الترمذى في النوادر والشارح أطلق الترمذى ولم يذكر النوادر فأوهم أنه عند الترمذى أبي عيسى في الجامع وهو إيهام قبيح وأيضًا الحافظ إنما قال واه عن شيخ الترمذى الحكيم، وهو عمر بن أبي عمر المذكور, وإما الحافظ لم يقف عليه عندهما أو لم يستحضره ساعة الكتابة فإذا كان عندهما بسند نقي كان الحديث جيد الإسناد كما يفيده تخريج الضياء له في المختارة فنقل قول الحافظ في عمر بن أبي عمر أنه واه إلى الحديث من أجله خطأ فاحش وتصرف يدل على الجهل بالصناعة وقد أخرجه أيضًا الدولابى في الكنى والأسماء من غير طريق عمر بن أبي عمر المذكور فقال: حدثنى يحيى بن عثمان الحمصى ثنا نعيم بن حماد ثنا عثمان بن سعيد بن كثير ابن دينار عن محمد بن مهاجر عن حميد بن ميمون أبي عبد الحميد عن حمزة ابن الزبير عن عبادة بن الصامت به. كذا وقع عنده حميد بن ميمون. وفي الفتح: جنيد بن ميمون فهو الحندقى. قال أبو زرعة شيخ، وقال أبو حاتم: ليس بقوى في الحديث يكتب حديثه وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما أخطأ وإن كان حميد بن ميمون أو جنيد، لما عرفته الآن، وكذلك حمزة بن الزبير. ¬

_ (¬1) هي في الأصل السابع والسبعين من المطبوع (1/ 501).

وقال الحافظ نور الدين في الزوائد بعد عزوه للطبرانى: فيه من لم أعرفه فكأنه يقصدهما أو أحدهما، وهو السرفي ذكر الحافظ لهما ليقع الكشف عنهما وإلا أن تخريج الحافظ الضياء للحديث في المختارة، قد يفيد أنهما معروفان عنده, واللَّه أعلم. 1859/ 4395 - "رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَة خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرِ وَقِيَامِهِ، وإنْ مَاتَ مُرَابطًا جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وأجرَى عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأمِنَ مِنَ الفتَانِ". (م) عن سلمان قلت: أخرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير مختصرًا إلى قوله "وقيامه" وذلك في ترجمة محمد بن يزيد الصبى. وأخرجه الثقفى في أول الخامس من الثقفيات، وقال بعد قوله "وقيامه" مرابطًا في سبيل اللَّه كان له أجر مجاهد إلى يوم القيامة. وهذه الرواية بينت المراد بالعمل الذي كان يعمله في الرواية قبلها، وأن المراد به الجهاد. ورواه أبو بكر الربعى السرار في جزئه وقال بعد قوله: "وقيامه" "ومن مات مرابطًا في سبيل اللَّه أجير من فتنة القبر، وجرى له صالح كان يعمل إلى يوم القيامة". 1860/ 4399 - "رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبيلِ اللَّهِ يَعْدلُ رِبَاطُ (¬1) شَهْرٍ أو سَنَة صيَامهَا وقِيامهَا، وَمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبيَلِ اللَّه أعَاذَهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْر، وأجْرَى لَهُ أجْرَ رِبَاطِهِ مَا قَامَتِ الدّنْيَا". الحارث عن عبادة بن الصامت قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن ذا لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة، ¬

_ (¬1) في المطبوعة من فيض القدير "عبادة" (4/ 14).

وإلا لما عدل عنه، وهو عجيب فقد عزّاه الديلمى لمسلم من حديث سلمان ولعل المصنف ذهل عنه. قلت: هو عجيب حقًا وفوق العجيب، فحديث سلمان ذكره المصنف وعزاه لمسلم قبل هذا بحديثين فقط. قال الحارث بن أبي أسامة: حدثنا أبو النضر ثنا بكر بن خنيس عن ليث عن محمد بن المنكدر عن عبادة بن الصامت به، ووقع في أصلنا منه "ما دامت الدنيا" بالدال لا بالقاف. 1861/ 4400 - "رُبَّ أشْعَث أغْبَر ذِي طَمَرين تَنْبو عَنْهُ أعْيُنِ النَّاسِ لَوْ أقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأبَرَّهُ". (ك. حل) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الحاكم صحيح وأقره الذهبى، وأقول: فيه عند أبي نعيم محمد بن زيد الأسلمى، ضعفه النسائى، وقبله غيره. قلت: الحديث إذا صححه الحاكم وأقره الذهبى لا معنى بعد ذلك لتعرض ما في سنده عند أبي نعيم، ولا فائدة في ذكره إذ لو كان في سنده وضاعًا لما ضر ذلك شيئًا وسنده عند الحاكم صحيح، ولكن فضوله أبي له إلا أن يأتى بالمخازى فسند أبي نعيم هو سند الحاكم وليس عنده محمد بن زيد الأسلمى أصلًا. قال أبو نعيم: حدثنا ابن أبي حازم عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة به. ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم [4/ 328] إلا أنه وقع عنده عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد اللَّه عن أبي هريرة. قال الحاكم: أخبرنا أبو بكر أنبأ الحسن بن على بن زياد ثنا إبراهيم بن حمزة

ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد اللَّه عن أبي هريرة به. فكان لكثير فيه شيخين حدث به عنهما فاقتصر الراوى عنه كل مرة على واحد منهما. 1862/ 4404 - "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إلَّا السَّهَرَ". (هـ) عن أبي هريرة قال الشارح: وهو حديث حسن، وقال في الكبير: ورواه عنه أيضًا النسائى. قلت: المصنف رمز لهذا الحديث بعلامة الصحيح فأصاب، والشارح قال: إنه حسن فأخطأ. لأنه إن أراد سند ابن زيد عن سعيد المقهى عن أبي هريرة، وأسامة ضعيف منكر الحديث، لا يكون حديثه حسنًا، وإن أراد أصل الحديث فهو صحيح وفوق الصحيح لأنه له عن أبي هريرة طرقًا صحيحة، وقد صححه ابن خزيمة والحاكم على شرط البخارى وأقره الذهبى، وصححه أيضًا جماعة من الحفاظ، وإنما اقتصر الشارح على عزوه لابن ماجه باعتبار لفظه وصححه باعتبار طرقه كما هي عادته، وقد عزاه بعد هذا لأحمد والحاكم والبيهقى فقال الشارح عنه إنه صحيح، وهو عين هذا الحديث فهو من تناقضه، ثم إنه زاد عزوه إلى النسائى تقليدا لمن عزاه إليه من الحفاظ المتقدمين كالمنذرى وهو غلط من الشارح، وعدم تفرقة بين اصطلاح المتقدم والمتأخر من أهل الحديث، فالأقدمون يعزون إلى النسائى ويريدون الكبرى والمتأخرون اصطلحوا على إطلاق العزو إلى الصغرى التي عدوها من الكتب الستة، وعلى تقييده إذا كان في الكبرى لأنها ليست من الكتب الستة، وهذا الحديث لم يخرجه النسائى في الصغرى فإطلاق الشارح العزو إليه وهم.

1863/ 4405 - "رُبَّ قَائم حَظُّهُ مِنْ قيَامه السَّهَرُ، وَرُبَّ صَائِمٍ حَظُّه مِن صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ". (طب) عن ابن عمر (حم. ك. هق) عن أبي هريرة قال الشارح: وإسناده صحيح. وقال في الكبير: قال الحافظ العراقى: إسناده حسن وقال تلميذه الهيثمى: رجاله موثقون. قلت: في هذا أمور، الأول: التناقض بين قوله في الصغير صحيح ونقله في الكبير عن العراقى أنه حسن. الثانى: أن العراقى لم يقل ذلك. الثالث: أن هذا الحديث هو الذي قبله، وقد قال في ذاك أنه حسن، وفي هذا اضطراب وتناقض. الرابع: أن الهيثمى قال ورجاله موثقون في حديث عبد اللَّه بن عمر وهو ذكر ذلك عقب حديث أبي هريرة، فأفاد أن الهيثمى قال ذلك فيه، وهو إيهام قبيح. وحديث ابن عمر أخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [رقم: 1425] من طريق أبي أحمد عبد اللَّه بن محمد بن المفسر: أنا أحمد بن على بن سعيد المروزى ثنا يحيى بن معين ثنا يزيد بن عبد ربه ثنا بقية عن معاوية بن يحيى الأطرابلسى عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر به. وحديث أبي هريرة أخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 215] والسمرقندى في التنبيه والطوسى في الأمالى، وقد ذكرت أسانيد الجميع في المستخرج.

1864/ 4403 - "رُبَّ طَاعِمٍ شَاكِرٍ أعْظَمُ أجْرًا مِنْ صَائِمٍ صَابِرٍ". القضاعى عن أبي هريرة قلت: الحديث رمز له المصنف بعلامة الضعيف، وقد تساهل في ذلك تساهله المعروف، والشارح لغرامه بمخالفة المصنف زاد في الطين بلة وادعى أنه حسن، وكأنه قلد في ذلك العامرى شارح الشهاب ذلك الأحمق الذي يصحح ويحسن بهواه وذوقه غير معتبر سند الحديث وقواعد التصحيح، فالحديث موضوع باطل لا أصل له عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لأنه من رواية بشر ابن إبراهيم الأنصارى، وهو كذاب وضاع وآية وضع الحديث فيه، فإنه مخالف للحديث الصحيح عن أبي هريرة، وغيره مرفوعًا: "الطاعم بمنزلة الصائم الصابر"، فزاد هذا الوضاع أنه أعظم من الصائم الصابر. ولم يكتف الشارح بهذا فزاد في الكبير: أن في الباب عن غير أبي هريرة أيضًا، فأفاد أن هذا المعنى مروى من طرق ولا شيء من ذلك، وإنما اشتبه عليه هذا بحديث: "الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر"، فهو الوارد من غير حديث أبي هريرة والفرق بينهما واضح. 1865/ 4406 - "رُبَّ عَذْقٍ مُذلَلٍ لابْنِ الدَّحْدَاحَةِ فِى الجَنَّةِ". ابن سعد عن ابن مسعود قال الشارح: ورواه مسلم عن جابر. وقال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من الستة، وهو ذهول عجيب وغفول غريب، فقد خرجه الإمام مسلم عن بندار عن غندر عن شعبة عن سماك عن جابر بن سمرة رفعه. قلت: بل أنت صاحب الذهول العجيب الأعجب، والفضول الغريب

الأغرب مع التدليس الممقوت، فمسلم خرج الحديث بلفظ: "كم من عذق. . . "، وقد ذكره الإمام المصنف في موضعه من حرف الكاف، وعزاه لأحمد ومسلم وأبي داود والترمذى كما سيأتى. فهذا هو الذهول العجيب حقا، وبعد هذا فإنه قال في الصغير: رواه مسلم عن جابر وأطلق، فأفاد أنه جابر بن عبد اللَّه لأنه المراد عند الإطلاق، والواقع أنه جابر بن سمرة، فالشارح جاهل بالحديث وفنونه ومصيبة ابتلى بها هذا الفن ولا سيما أحاديث الجامع الصغير. 1866/ 4407 - "رُبَّ عَابد جَاهل، وَرُبَّ عَالِمٍ فَاجِرٍ، فَاحْذَرُوا الجُهَّالَ مِنَ العُبَّادِ، وَالفُجَّارَ مِنَ الْعُلَمَاءِ". (عد. فر) عن أبي أمامة قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن ابن عدى خرجه وأقره والأمر بخلافه، فإنه ذكر أن بشر بن إبراهيم الأنصارى أحد رواته وضاع وساق له أحاديث هذا منها ونقله عنه في الميزان كذلك، فاقتصار المصنف على العزو له من سوء التصرف. قلت: إن المصنف عزاه لابن عدى ورمز له بعلامة الضعيف رمزا يشاهده كل قارئ للكتاب، ومع ذلك يقول الشارح إنه عزاه وسكت عليه، ثم لو قلنا له ماذا ينقل عن ابن عدى؟ لما وجد حرفا واحدا ينطق به في الجواب، فإن ابن عدى لم يقل حرفا واحدا عن الحديث، وإنما أورده في جملة أحاديث بشر بن إبراهيم المنكرة الدالة على ضعفه، وقد أشار لذلك المصنف بعلامة الضعيف، فمن تأمل هذا الشارح علم واللَّه أنه جاهل في صورة عالم. وبعد فالحديث باطل موضوع لا أصل له من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالمصنف مؤاخذ بذكره في هذا الكتاب الذي صانه عما انفرد به الوضاعون، وبمثل هذا

كان من حق الشارح أن يتعقب لو كان محقًا، لا بمثل هذه السخافات الدالة على كثرة جهله. 1867/ 4408 - "رُبَّ مُعَلِّم حُرُوفِ أبي جَادَ دَارِسٌ فِى النُّجُومِ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَلاقٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". (طب) عن ابن عباس قلت: هذا حديث موضوع، فيه خالد بن يزيد، وهو كذاب. 1868/ 4409 - "رُبَّ حَامل فقْه غَيْر فَقيه، وَمَنْ لَمْ يَنْفَعهُ عِلْمُهُ ضَرَّهُ جَهْلُهُ اقْرَأ الْقُرْآنَ مَا نَهَاكَ، فَإنْ لَمْ يَنْهَكَ فَلَسْتَ تَقْرَؤُهُ". (طب) عن ابن عمرو بن العاص قلت: أخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [رقم: 1421] والديلمى في مسند الفردوس، وابن عبد البر في العلم [1/ 42] كلهم من رواية إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد اللَّه عن شهر بن حوشب عن عبد اللَّه بن عمرو به، وشهر فيه مقال. وقد رواه الدولابى في الكنى والأسماء عن الحسن من قوله، فإن حفظه شهر مرفوعًا، وإلا فهو الأصل فيه، واللَّه أعلم. 1869/ 4410 - "رَبيعُ أمَّتى العنَبُ وَالبطِّيخُ". أبو عبد الرحمن السلمى في كتاب الأطعمة وأبو عمر النوقانى في كتاب البطيخ (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: وفيه محمد بن أحمد بن مهدى، قال الذهبى: قال الدارقطنى: ضعيف جدا عن محمد بن الضوء، قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به كذاب متهتك بالخمرة والفجور، عن عطاف بن خالد قال ابن

معين: لا بأس به، وقال أبو حاتم: ليس بذلك، وقال الحاكم: ليس بمتين غمزه مالك، وسبق أن السلمى وضاع، ولهذا أورده ابن الجوزى في الموضوعات وسكت عليه المؤلف في مختصرها. قلت: هذا كلام طويل سمج مشتمل على أخطاء، أو فيها فضول الشارح، فالحديث موضوع وعلته محمد بن الضوء وبه أعله ابن الجوزى والناس، ولكن الشارح يريد أن يتظاهر بعلمه فيأتى بمثل هذه الطامات، فالذي قال في ابن الضوء كذاب متهتك هو الخطيب لا ابن حبان فإنه لم يقل شيئًا من ذلك، ولولا خوف التطويل لأوردت ترجمته من ضعفاء ابن حبان بنصها، وإنما قال ذلك الخطيب. وأما أبو عبد الرحمن السلمى فذكر الشارح له هنا جهل مركب، أما أولا: فإنه لا مدخل له في الحديث فلو فرضنا أنه وضاع -كما يفتريه الشارح- لما استجاز عالم بالحديث ذكره هنا، لأن الحديث خرجه غيره وسنده معروف عن محمد بن الضوء من غير طريقه كما عند ابن الجوزى [2/ 287]، والديلمى والنوقانى والعقيلى فكلهم رووه عن أحمد بن محمد بن مهدى عن محمد ابن الضوء، ومن جملتهم أبو عبد الرحمن السلمى وهو متأخر عن بعضهم كالعقيلى، فذكره جهل محض. وأما ثانيا: فلو فرضنا أنه انفرد به لما كان ينبغى تعليله به، فإنه إمام حافظ ثقة جليل من كبار أئمة الصوفية، وكون بعض أهل الحديث المعادين للصوفية الحاسدين لأبي عبد الرحمن قال فيه ذلك، لا يدل على أنه في نفس الأمر كذلك حتى يعتمده الشارح ويذكره في كل حديث رواه أبو عبد الرحمن، سواء انفرد به أو لم ينفرد، وأبو عبد الرحمن أجل قدرا من ذلك، وهذا الذهبى عدو الصوفية لم يسعه إلا أن يصفه في طبقات الحفاظ: بالحافظ العالم الزاهد شيخ المشايخ.

وقال الخطيب: قدر أبي عبد الرحمن عند أهل بلده جليل وكان مع ذلك مجودا صاحب حديث، وهذا قاله الخطيب بعد أن ذكر عن محمد بن يوسف القطان أنه قال له: كان أبو عبد الرحمن يضع الأحاديث للصوفية، وهى فرية من هذا القطان بلا مرية أوجبها له الحسد وحجاب المعاصرة، وكيف يظن به الكذب على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مع تصوفه ومعارفه وعلومه اللدنية التي أوجبت للأكابر مثل القشيرى والبيهقى وأمثالهما أن يتتلمذوا له، ويكثروا من الأخذ عنه، وتزيين كتبهم بالرواية عنه ونقل كلامه في الزهد والوعظ والحقائق؟! وهذه كتب البيهقى مشحونة بالرواية عنه، ولا سيما كتاب الزهد له، فإن سبعة أعشاره مروى عنه، وكذلك الرسالة القشيرية. 1870/ 4411 - "رَجَبُ شَهْرُ اللَّهِ، وَشَعْبَانُ شَهْرِى، وَرَمَضَانُ شَهْر أمَّتِى". أبو الفتح بن أبي الفوارس في أماليه عن الحسن مرسلًا قال في الكبير: قال الحافظ الزين العراقى في شرح الترمذى: حديث ضعيف جدا هو من مرسلات الحسن رويناه في كتاب الترغيب والترهيب للأصفهانى، ومرسلات الحسن لا شيء عند أهل الحديث ولا يصح في فضل رجب حديث اهـ. وكلام المؤلف كالصريح في أنه لم يره مسندا وإلا لما عدل لرواية إرساله وهو عجيب، فقد خرجه الديلمى في مسند الفردوس من طرق ثلاث وابن نصر وغيرهما من حديث أنس باللفظ المزبور بعينه. قلت: بل العجيب التعجب مما ليس بعجيب وهو الاقتصار على ذكر المرسل دون المسند، فإنه لم يكن عجيبا إلا في نظر الشارح المتعنت، وأعجب منه أن يعد ذلك عجيبا من المصنف، ولا يعده عجيبا ممن هو أحفظ منه وهو العراقى، فإنه ينقل عزو المرسل دون المسند ولا يتعجب منه، ويتعجب من

المصنف في ذلك، فهذا هو التعنت العجيب حقًا، وأعجب من هذا كله الكذب الصراح في قوله: إن الديلمى خرجه مسندا عن أنس من ثلاثة طرق فإن الديلمى ذكره من حديث أنس في الفردوس، ولم يذكره الحافظ في زهر الفردوس فيما أسنده ولا بهذا اللفظ وإن عزاه إليه الحافظ السخاوى في المقاصد، فهو إنما أراد لفظ: "رجب شهر اللَّه" دون بقية الحديث، لأن الديلمى خرج من حديث أنس مرفوعًا: "رجب شهر اللَّه الأصم المنير الذي أفرده اللَّه لنفسه فمن صام يومًا إيمانًا واحتسابًا استوجب رضوان اللَّه الأكبر". وخرجه من حديثه أيضًا بهذا اللفظ وزيادة أخرى طويلة موضوعة، ولم يذكر طريقا ثالثا وهذه الرواية هي التي يدلس بها الشارح، بل يكذب ويوهم أن الديلمى خرج الحديث من ثلاثة طرق، وهو كما ترى ما أخرجه أصلا ولا من طريق واحد، نعم خرجه من حديث عائشة بلفظ: "شعبان شهرى، ورمضان شهر اللَّه"، وسيذكره المصنف معزوا إليه في حرف الشين كما سيأتى إن شاء اللَّه تعالى، والشارح دائمًا يكذب بلفظة يتجيش بها على المصنف ولا يتورع من ذكرها عند كل عزو وهى قوله وغيرهما، فلو سئل عن هذا الغير لما وجد سبيلا إليه؛ فهذا هو العجب العجيب الكذب والتدليس في النقل وعدم الأمانة لما ذكر المرسل دون المسند. 1871/ 4412 - "رَحمَ اللَّهُ أبَا بَكْر، زَوَّجَنى ابْنَتَهُ، وَحَمَلَنى إِلَى دَار الهجْرَة، وَأعْتَقَ بلالا من مَاله، وَمَا نَفَعَنى مَالٌ في الإسْلام مَا نَفَعَنى مَالُ أبَى بَكْر، رَحمَ اللَّهُ عُمَرَ، يَقُولُ الحَقَّ وإنْ كَانَ مُرًّا لَقَدْ تَرَكَهُ الحقُّ وَمَا لَهُ منْ صَديق، رَحمَ اللَّهُ عُثْمَانَ، تَسْتَحيه الملائكَة، وَجَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَة، وَزَادَ في مَسْجدنَا حَتَّى وَسِعَنَا، رَحِمَ اللَّهُ عَلِيًّا، اللَّهُمَّ أدِر الحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ". (ت) عن على

قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما زعم، فقد أورده ابن الجوزى في الواهيات وقال: هذا الحديث يعرف بمختار، قال البخارى: منكر الحديث، وقال ابن حبان: يأتى بالمناكير عن المشاهير حتى يسبق إلى القلب أنه يتعمدها اهـ. وفي الميزان مختار بن نافع منكر الحديث جدا ثم أورد من مناكيره هذا الخبر. قلت: ما أرى عزو تصحيح المؤلف للحديث إلا من تصحيف النساخ بزيادة حاء مع الضاد التي هي رمز الضعيف، فصارت كرمز الصحيح كما يقع كثيرا في نسخ الكتاب، إن سلم ذلك من تدليس الشارح وافترائه، وإلا فبعيد من المصنف أن يرمز له بعلامة الصحيح اللهم إلا أن يكون اعتمد على توثيق العجلى لمختار بن نافع مع مراعاة شواهد الحديث، فإن بعض ألفاظه ورد في أحاديث أخرى. والحديث أخرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء [3/ 10] قال: حدثنى ابن ناجية بحران ثنا محمد بن عبد الرحمن الكزبرانى ثنا أبو عتاب الدلال ثنا المختار بن نافع عن أبي حيان التيمى عن أبيه عن على به. وأخرجه أيضًا ابن الأنبارى، ومن طريقه أسنده الذهبى في تذكرة الحفاظ في ترجمته. 1872/ 4413 - "رَحِمَ اللَّهُ ابْنَ رَوَاحَةَ، كَانَ أيْنَمَا أدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ أنَاخَ". ابن عساكر عن ابن عمر قال في الكبير: وفيه همام بن نافع الصنعانى قال في الميزان عن العقيلى: حديثه غير محفوظ، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجيب، فقد خرجه الطبرانى باللفظ المزبور ولفظه:

"رحم اللَّه أخى عبده اللَّه بن رواحة. . . " الحديث، قال الهيثمى: إسناده حسن اهـ فاقتصار المصنف على ابن عساكر من ضيق العطن. قلت: ظن الشارح لجهله أن الحديث عند الطبرانى من غير طريق همام بن نافع، وسند الحديث واحد من رواية همام بن نافع عن سالم عن ابن عمر، وهو السند الذي قال عنه الهيثمى: حسن، إذ همام بن نافع هو والد عبد الرزاق، وهو ثقة عابد حج ستين حجة وثقه ابن معين وذكره ابن حبان في الثقات، وقول العقيلى حديثه غير محفوظ مردود عليه، وكأنه قال ذلك اعتبارا بأنه لم يرو عنه مخير ولده عبد الرزاق أى أنه غير محفوظ عند الرواة، وهذا غير ضائر، فكم من الثقات من ليس له إلا راو واحد؟!! أما عزو الحديث لابن عساكر دون الطبرانى فهو من سنن البشرية في العزو، وإنما يُهَوِّلُ بذلك ويخترعه هذا الشارح الجهول، ولولا مجمع الزوائد وكتب المصنف لما عرف هو طريق عزو حديث واحد وإلى اللَّه المشتكى ونسأل اللَّه العافية. 1873/ 4421 - "رَحِمَ اللَّهُ المتَخَلِّلِينَ مِنْ أمَّتِى فِى الوُضُوءِ وَالطَّعَامِ". القضاعى عن أبي أيوب قال في الكبير: قال شارحه -يعنى العامرى-: حسن غريب. قلت: العامرى يحسن ويصحح بهواه، والحديث ضعيف لأنه من رواية أبي سبرة، وهو ضعيف ومع ضعفه اختلف عليه فيه، وقد سبق بيان ذلك في حديث: "حبذا المتخللون". 1874/ 4423 - "رَحمَ اللَّهُ امْرأ أصْلَحَ منْ لسَانه". ابن الأنبارى في الوقف، والموهبى في العلم (عد. خط) في الجامع عن عمر، ابن عساكر عن أنس

قال في الكبير على حديث عمر: أورده الذهبى في الميزان في ترجمة عيسى ابن إبراهيم وقال: هذا ليس بصحيح، وقال عقب حديث أنس: ورواه عنه أيضًا أبو نعيم والديلمى، وأورده ابن الجوزى في الواهيات وقال: حديث لا يصح. قلت: هذا خطأ فاحش، فإن الديلمى ما خرجه من حديث أنس، وإنما أخرجه من حديث عمر، واقتصار الشارح على ذكر عيسى بن إبراهيم يفيد أن المخرجين المذكورين كلهم أخرجوه من طريقه وليس كذلك، بل هو عند بعضهم من طريق غيره، فأخرجه ابن بشران والطوسى في أماليه وابن السنى وأبو نعيم في الرياضة والديلمى من طريقهما، وغيرهم من رواية عيسى بن إبراهيم المذكور عن الحكم بن عبد اللَّه عن الزهرى عن سالم عن أبيه قال: "مر عمر بن الخطاب على قوم يرمون رشقا، قال: بئسما رميتم، قالوا: يا أمير المؤمنين، إنا قوم متعلمين، قال: واللَّه لذنبكم في لحنكم أشد من ذنبكم في رميتكم سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . . "، وذكره، وهذا الطريق هو الذي ذكره الذهبى في ترجمة عيسى بن إبراهيم ثم قال: هذا ليس بصحيح والحكم أيضًا هالك اهـ. وأما ابن الأنبارى فأخرجه في أول كتاب الوقف والابتداء من وجه آخر فقال: حدثنا أبي ثنا أبو منصور الصاغانى ثنا يحيى بن هاشم الغسانى ثنا إسماعيل ابن أبي خالد عن مصعب بن سعد قال: "مر عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه على قوم يرمون نبلا فعاب عليهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين إنا قوم متعلمين فقال: لحنكم أشد عليَّ من سوء رميكم، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . . " وذكره، ومن طريق ابن الأنبارى أخرجه القضاعى في مسند الشهاب ويحيى بن هاشم الغسانى كذاب متهم بالوضع، والقصة عن عمر واردة من وجه آخر أيضًا لكن بدون ذكر المرفوع.

قال البخارى في الأدب المفرد في باب الضرب على اللحن: ثنا موسى حدثنا حماد بن سلمة عن كثير أبي محمد عن عبد الرحمن بن عجلان قال: "مر عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه برجلين يرميان فقال أحدهما للآخر: اسبت فقال عمر: سوء اللحن أشد من سوء الرمى". 1875/ 4427 - "رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا قَالَ خَيْرًا فَغَنِمَ، أوْ سكَتَ عَنْ سُوءٍ فَسَلِمَ". ابن المبارك عن خالد بن أبي عمران مرسلًا قال في الكبير: وكذلك رواه الخرائطى في مكارم الأخلاق عن خالد. قلت: الخرائطى أخرجه من مرسل الحسن البصرى لا من مرسل خالد فقال: حدثنا عمر بن شبة ثنا سالم بن نوح ثنا يونس عن الحسن به. ومن طريقه خرجه القضاعى في مسند الشهاب [رقم: 581 و 582]، وأما مرسل خالد فخرجه ابن المبارك في الزهد قال: أخبرنا ابن لهيعة حدثنى خالد بن أبي عمران به. 1876/ 4428 - "رَحِمَ اللَّه امْرأ عَلَّقَ فِي بَيتِهِ سَوْطًا يُؤَدِّبُ بِهِ أهْلَهُ". (عد) عن جابر قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن ابن عدى خرجه وأقره والأمر بخلافه، بل أعله بكثير وثقل تضعيفه عن البخارى والنسائى وابن معين ووافقهم. قلت: الشارح كذاب جاهل مخطئ، أما الكذب ففي قوله: إن ظاهر صنيع المصنف. . . إلخ، فإن المصنف قد يرمز له بالضعف على أنه لو لم

يفعل لكان العزو إلى ابن عدى مؤذنا بالضعف، لأن ابن عدى له كتاب الضعفاء. وأما الجهل: ففي قوله إن ابن عدى أعله، فإن ابن عدى لا يعلل الأحاديث، ولا له كتاب مصنف في الحديث، بل له كتاب الضعفاء يورد فيه الأحاديث ليعلل بها الرجل ويجرحه بها لا لعللها هي، وهذا أيضًا من كذبه على ابن عدى. وأما الخطأ: ففي قوله: كثير فإن الذي في السند عباد بن كثير لا كثير. 1877/ 4430 - "رَحِمَ اللَّهُ حَارِسَ الحَرسِ". (هـ. ك) عن عقبة بن عامر. قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله وكأنه وهم، بل بقيته كما في الفردوس وغيره: "الذين يكونون بين الروم وعسكر المسلمين ينظرون لهم ويحذرونهم". قلت: كذب الشارح فالحديث ليس فيه هذه الزيادة، قال ابن ماجه [رقم 2769]: ثنا محمد بن الصباح انبأنا عبد العزيز بن محمد عن صالح بن محمد بن زائدة عن عمر بن عبد العزيز عن عقبة بن عامر الجهنى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رحم اللَّه حارس الحرس". وقال الحاكم [2/ 86]: أخبرنى أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم القنطرى ثنا محمد بن إسماعيل السلمى ثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه الأويسى حدثنى محمد بن صالح بن قيس الأزرق عن صالح بن محمد بن زائدة عن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن عقبة بن عامر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "رحم اللَّه حارس الحرس"، هذا

حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه اهـ. وكذلك أخرجه الباغندى في مسند عمر بن عبد العزيز قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردى عن صالح بن محمد بن زائدة به مثله. ومن تدليس الشارح أنه يترك الكتب المعزو إليها الحديث في الأصل ويذهب إلى غيرها، ثم يحكم على المصنف بالوهم، فالمصنف عزا الحديث لابن ماجه والحاكم وهو عندهما كما ذكر، والشارح ذهب إلى كتاب بعيد وجلب منه بقية فيه ضعيفة أو باطلة، ثم وهَّم المصنف في عدم ذكرها، وكذب أيضًا فيها، فإن لفظ الديلمى ما نصه بالحرف: "رحم اللَّه حارس الحرس الذين يحرسون الجيش في سبيل اللَّه" اهـ. وكذب أيضًا في قوله: وغيره، فإنه لم يره في غيره وإنما هي كلمة يكذب بها، ولا يرى فيها حسابا، نسأل اللَّه السلامة. 1878/ 4432 - "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلا غَسَّلَتْهُ امْرَأتُهُ وَكُفِّنَ فِى أخْلاقِهِ". (هق) عن عائشة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس بصواب، فقد قال الذهبى: إسناده ضعيف فيه الحكم بن عبد اللَّه تركوه. قلت: إن لم يكن هذا من كذب الشارح المقصود على المصنف فهو في بعض النسخ دون بعضها، وإلا فالمصنف لم يرمز لهذا الحديث بشيء لا بعلامة الحسن ولا غيره. والحديث ضعفه البيهقى نفسه فقال عقب إخراجه [3/ 397، رقم 6664]: هذا إسناد ضعيف.

1879/ 4433 - "رَحمَ اللَّهُ عَبْدًا كَانَتْ لأخيه عنْدَهُ مَظْلَمَةٌ في عرْض أوْ مَال فَجَاءَهُ فَاسْتَحَلَّهُ قَبْلَ أنْ يُؤْخَذَ، وَلَيْسَ ثم دينَارٌ وَلا درْهَمٌ، فَإنْ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ أخِذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَإنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ حَمَلُوا عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ". (ت) عن أبي هريرة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا مما لم يتعرض له أحد الشيخين وهو ذهول عجيب، فقد رواه سلطان المحدثين البخارى مع خلف لفظى لا يصلح عذرا للعدول. قلت: المصنف له اصطلاح خاص في كتابه وهو مراعاة ألفاظ الأحاديث على حسب ما وقعت عند المخرجين وترتيبها على حروف المعجم ترتيبًا دقيقًا، ولفظ الحديث عند البخارى مصدرًا بحرف الميم. قال البخارى: حدثنا آدم بن أبي إياس ثنا ابن أبي ذئب ثنا سعيد المقبرى عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له محمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه". فأين هذا من اللفظ المصدر بحرف الراء والذي فيه معنى زائد على حديث البخارى وهو الدعاء بالرحمة؟! فلو تساهل المصنف وأجاب رغبة الشارح وعزاه إلى البخارى لكان مخطئًا داخلًا مع الشارح في صف المخطئين، لأنه يعزو للبخارى ما ليس عنده، ولقد أعاذه اللَّه من ذلك، والشارح يعلم يقينًا أن الحق هو ما فعله المصنف، ولو كان [الشارح] من أهل العلم بالحديث لاستدرك عليه بأن الترمذى لم ينفرد بهذا اللفظ، بل خرجه كذلك الطبرانى

إذ قال: حدثنا أحمد بن شعيب ثنا أبو المعافى محمد بن وهب الحرانى ثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم زيد بن أنيسة عن مالك بن أنس عن سعيد المقبرى به، مثل اللفظ المذكور في المتن ولكنه ليس هناك. 1880/ 4435 - "رَحِمَ اللَّهُ قَوْمًا يَحْسَبُهُمْ النَّاسُ مَرْضَى وَمَا هُمْ بِمَرْضَى". ابن المبارك عن الحسن مرسلًا قال الشارح: ورواه أحمد موقوفًا على عليّ وهو الأصح. وقال في الكبير: قال الحافظ العراقى: ورواه أحمد موقوفًا على عليّ. قلت: في هذا أمور، أحدها: إطلاق العزو إلى أحمد الموهم أنه في مسنده والأمر بخلافه، فإنه لم يخرج في المسند الموقوفات، ولا هو من موضوعه، وإنما الأثر عنده في الزهد. ثانيها: أنه عزا ذلك للحافظ العراقى، والعراقى برئ من ذلك الإطلاق، ونصه: لما ذكره الغزالى مرفوعًا في كتاب المحاسبة من الإحياء لم أجد له أصلًا في حديث مرفوع، لكن رواه أحمد في الزهد موقوفًا على عليّ في كلام له قال فيه: ينظر إليهم الناظر فيقول مرضى وما بالقوم من مرض اهـ. ثالثها: أنه زاد واوًا في كلام العراقى، فقال: قال العراقى: ورواه. . . إلخ والغرض من هذه الواو المكذوبة إيهام أن العراقى عزاه أولا مرسلًا ثم عطف عليه الموقوف حتى لا يفهم أن العراقى لم يعرف المرفوع، وأن المصنف وقف على ما لم يقف عليه العراقى، ولو أنصف لكان صنيع العراقى هذا أولى بالتعجب الذي يبديه من المصنف عند ذكر مرسل ورد في كتاب آخر مسندًا، فهذا أثر ورد مرفوعًا ويقول عنه الحافظ العراقى: لم أجد له أصلًا، وبدلًا من أن يتعجب منه الشارح يدلس ويكذب بزيادة واو ليوهم أن العراقى ذكر

المرسل وللَّه در القائل: وعين الرضى عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدى المساويا 1881/ 4437 - "رَحمَ اللَّهُ يُوسُفَ إنْ كَانَ لَذَا أنَاةٍ حَليمًا، لَوْ كُنْتُ أنَا المَحْبُوسُ ثُمَّ أرْسِلَ إليَّ لَخَرَجْتُ سَرِيعًا". ابن جرير، وابن مردويه عن أبي هريرة زاد الشارح في الشرحين تقييد كون ابن جرير خرجه في تهذيب الآثار. قلت: وذلك غلط فاحش مشتمل على كذب من الشارح، فإن المصنف أطلق العزو إلى ابن جرير، والقاعدة أنه إذا أطلق العزو إليه انصرف إلى التفسير وإذا كان الحديث في غيره من كتبه قيد بذكر الكتاب، والشارح لما جهل هذا قيده بالتهذيب تهورًا منه وافتراء، فإنه لم ير الحديث فيه ولا من صرح بأنه فيه، فكيف وهو غير مخرج فيه؟! بل ابن جرير خرجه في التفسير من طرق متعددة فرواه أولا من طريق ابن إسحاق عن رجل عن أبي الزناد عن أبي هريرة ثم رواه من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. ومن طريق الزهرى عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة. 1882/ 4440 - "رحِمَ اللَّهُ مَنْ حَفِظَ لِسَانَهُ، وَعَرفَ زَمَانَهُ، واسْتَقَامَتْ طَرِيقَتُهُ". (فر) عن ابن عباس قال الشارح في الكبير: ورواه الحاكم أيضًا وعنه تلقاه الديلمى، فلو عزاه المصنف للأصل لكان أولى. قلت: بل الحديث موضوع فلو أسقطه المصنف لكان أولى، أما قول الشارح ورواه الحاكم. . . إلخ، ففيه من الأوهام: إطلاق العزو إلى الحاكم الموهم أنه في المستدرك مع أنه ليس فيه، بل في غيره من مصنفاته، والغالب أنه في

تاريخ نيسابور. وفيه أيضًا: أن قوله وعنه تلقاه الديلمى موهم بأن الديلمى أدرك الحاكم، وهو إنما يروى عنه بواسطة ابن خلف إجازة، فكان الواجب على الشارح أن يقول: ومن طريقه رواه الديلمى. وفيه: أنه يستحسن من المصنف الخيانة وعدم الأمانة في النقل، إذ المصنف رأى الحديث في مسند الفردوس للديلمى، فكانت الأمانة قاضية بالعزو إليه، وكون الديلمى قال: أخبرنا ابن خلف كتابة أنا الحاكم، لا يجيز عزو الحديث إلى الحاكم إلا بطريق التساهل وعدم التثبت في النقل، وأيضًا فإن الديلمى أطلق الرواية عن الحاكم وللحاكم مصنفات كثيرة، وإذا لم يعرف الناظر في أي كتاب خرجه فالعزو إلى الديلمى أولى، والشارح واهم في كل ما يقول. 1883/ 4441 - "رَحِمَ اللَّهُ وَالِدًا أعَانَ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّهِ". أبو الشيخ في الثواب عن على قال في الكبير: وكذا عن عمر، قال الحافظ العراقى: وسنده ضعيف. قلت: هذا غلط من وجهين، أحدهما: أن الصواب ابن عمر لا عمر. ثانيهما: أن قوله وكذا عن عمر يفيد أنه أخرجه من وجهين وبسندين كل واحد بإسناد وطريق. ونص العراقى الذي منه أخذ الشارح يفيد أنه أخرجه بسند واحد عن الرجلين فإنه قال: أخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب من حديث على بن أبي طالب، وابن عمر بسند ضعيف، وهذه العبارة تفيد ما قلناه إذ لو كان كما فهم الشارح لقال من حديث على ومن حديث ابن عمر. ثم إن ما ذكره العراقى قد قلده فيه السخاوى، فذكر في المقاصد الحسنة مثله، وقد أسند الديلمى هذا الحديث من طريق أبي الشيخ في الثواب فلم يذكره إلا

عن على، اللهم إلا أن يكون الديلمى حذف ذكر ابن عمر، أو سقط من النسخة، قال أبو الشيخ: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن حماد حدثنا على بن المنذر عن محمد بن فضيل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الشعبى عن عليّ بن أبي طالب به. وقد رواه أبو عمرو النوقانى في معاشرة الأهلين له من رواية الشعبى مرسلًا دون ذكر عليّ، وذكره ابن وهب في جامعه بلاغًا عن عطاء بن أبي رباح مرفوعًا مثله، وزاد فيه: "قالوا: كيف يا رسول اللَّه؟ قال: يقبل إحسانه ويتجاوز عن إساءته". 1884/ 4443 - "رَحِمَ اللَّهُ امْرأ سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَوَعَاهُ ثُمَ بَلَّغَهُ مَنْ هُوَ أوْعَى مِنْهُ". ابن عساكر عن زيد بن خالد الجهنى قال الشارح: ورواه أيضًا الحاكم وقال: صحيح. قلت: لا يخلو أن يريد بالعزو إلى الحاكم حديث زيد بن خالد، أو الحديث من أصله، فإن كان الأول فهو باطل، فإن الحاكم لم يخرجه أصلًا لا باللفظ ولا بالمعنى، وإنما أخرج [1/ 88] حديث جبير بن مطعم والنعمان بن بشير، وإن أراد أصل الحديث فهو واهم من وجهين، أحدهما: أن الحديث خرجه أحمد وأهل السنن إلا النسائى وجماعة من حديث زيد بن ثابت، فالعزو إليهم أولى ولا معنى لتخصيص ذكر الحاكم. ثانيهما: أن المصنف ذكره فيما سيأتى بلفظ: "نضر اللَّه امرأ. . . " فلا معنى لذكره هنا. 1885/ 4445 - "رَحمَ اللَّهُ عَيْنًا بكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَرَحِمَ اللَّهُ عَيْنًا سَهرَتْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ". (حل) عن أبي هريرة

قال الشارح: وقال -يعنى أبو نعيم-: غريب. قلت: فرق بين قول الحافظ عن الحديث غريب بإطلاق، وقوله غريب من حديث فلان كما هو معروف في موضعه ولأهله، وأبو نعيم لم يقل غريب بإطلاق، بل أخرجه في ترجمة الثورى من رواية [7/ 143] محمد بن عبد اللَّه الجهبذى: حدثنا شعيب بن حرب حدثنا سفيان الثورى عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة به، ثم قال: غريب من حديث الثورى لم نكتبه إلا من حديث الجهبذى. 1886/ 4448 - "رَدُّ جَوَابِ الْكِتَاب حَقٌّ كَرَدِّ السَّلام". (عد) عن أنس، ابن لال عن ابن عباس قال في الكبير على حديث أنس: ظاهر صنيع المصنف أن ابن عدى خرجه وسلمه والأمر بخلافه، بل عقبه بقوله: منكر جدًا، البلخى يروى الموضوعات والراوى عنه يروى المناكير، وقال على حديث ابن عباس: ظاهر تصرف المؤلف أن ابن عباس رفعه والأمر بخلافه، وإنما هو من كلامه، فقد قال ابن تيمية رفعه غير ثابت. قلت: وظاهر حال الشارح أنه عالم والأمر بخلافه، أما ابن عدى فإنه لم يصنف في الحديث ولا من دأبه أنه يسكت على أحاديث ويتعقب أخرى، بل كتابه مصنف في ضعفاء الرجال وفي ترجمة الراوى يورد أحاديث ضعيفة ومنكرة وموضوعة يستدل بها على ضعف الرجل، فلا يتصور أن يقول عنه المؤلف لا سلَّمَ ولا تعقب، إذ لو قال ذلك لكان جاهلًا كذابًا وحاشاه من ذلك، وإنما الشارح ينطق بالمحال. وأما ثانيا: فلو فرضنا أن ابن عدى يسلم للأحاديث تارة ويتعقبها أخرى، فإن المصنف قد رمز لضعفه مما يدل على أن ابن عدى تعقبه ولم يسلمه، فقول الشارح: ظاهر صنيع المصنف. . . إلخ كذب صراح.

وأما ثالثًا: فإنه لو لم يرمز له بعلامة الضعف لكان مجرد العزو إلى ابن عدى مؤذنا بذلك، فإن كتابه خاص بالضعفاء والأحاديث الضعيفة، فلا معنى للتنصيص على تعقبه كما لا يقال في صحيح البخارى أنه خرجه وصححه، ولا في موضوعات ابن الجوزى أنه ذكره في الموضوعات وسلمه. وأما رابعًا: فإن حديث ابن عباس ورد عنه مرفوعًا وموقوفًا فأخرجه جماعة موقوفًا عليه، وأخرجه ابن لال مرفوعًا كما ذكر المصنف، قال ابن لال: حدثنا جعفر الخلدى حدثنا عبيد بن غنام حدثنا على بن حكيم حدثنا أبو مالك الجنبى عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره. ومن طريق ابن لال خرَّجه الديلمى في مسند الفردوس، وكذلك أخرجه من حديثه مرفوعًا القضاعى في مسند الشهاب من طريق محمد بن مقاتل عن شريك بن عبد اللَّه عن العباس بن ذَريح عن الشعبى عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم قال: وليس إسناده بالقوى اهـ. وفرق بين أن يكون الحديث ورد مرفوعًا وموقوفًا والصحيح فيه الوقف دون الرفع وبين أن لا يكون واردًا إلا موقوفًا كما يحب الشارح أن يتعقب به على المصنف، ولو تأمل الشارح لعلم أن قول ابن تيمية الذي استدل به هو عين ما يدل على وروده مرفوعًا لأنه قال: رفعه غير ثابت، أى من جهة إسناده، ولم يقل غير وارد، والمصنف عزا لابن لال ما عنده لأنه شرط كتابه الجامع الصغير فإنه لا يورد فيه الموقوف، ولم يلتزم أن لا يورد فيه إلا ما صح، بل يورد فيه الصحيح والضعيف كهذا وقد رمز لضعفه. 1887/ 4449 - "رَدُّ سَلامِ المُسْلِمِ عَلَى المسلِمِ صَدَقَةٌ". أبو الشيخ في الثواب عن أبي هريرة قلت: رمز المصنف لضعفه ولم يبين الشارح علته، وذلك أنه من رواية إبراهيم

الهجرى عن أبي عياض، وإبراهيم ضعيف وأبو عياض اثنان، أحدهما ضعيف. قال أبو الشيخ: حدثنا إسحاق بن أحمد ثنا نوح بن حبيب حدثنا محمد بن فضيل عن إبراهيم الهجرى عن أبي عياض عن أبي هريرة به. 1888/ 4452 - "رُدُّوا القَتْلَى إِلَى مَضَاجِعِهَا". (ت، حب) عن جابر قال في الكبير: وقضية صنيع المؤلف أن الترمذى تفرد به عن الستة والأمر بخلافه، فقد قال الزين العراقى: خرج حديث جابر هذا بقية أصحاب السنن. قلت أبي الشارح إلا أن يلج في عناده وتجاهله، فهو يعلم أن العراقى كغيره يتكلم على الحديث من أصله، والمصنف يورد في كتابه الأحاديث القولية مراعيًا ألفاظها الواقعة عند المخرجين وهذا الحديث لم يخرجه من أصحاب السنن الأربعة بهذا اللفظ إلا الترمذى، أما الباقون فرووه [عن] جابر قال: "كنا حملنا القتلى يوم أحد لندفنهم بالمدينة فجاء منادى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم فرددناهم" فأين هذا من لفظ الترمذى المحكى عن لفظ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟!. 1889/ 4454 - "رُدُّوا مَذَمَّةَ السَّائِلِ، وَلَوْ بمِثْلِ رأسِ الذُّبَابِ". (عق) عن عائشة قال في الكبير: قال ابن الجوزى: حديث لا يصح والمتهم به إسحاق بن نجيح، قال أحمد: وهو من أكذب الناس، وقال الذهبى: آفته من عثمان الوقاصى.

قلت: ابن الجوزى إنما نقل كلام العقيلى، والشارح رأى ذلك في الميزان فكان النقل عنه أولى، فقد قال الذهبى في ترجمة إسحاق: وذكره العقيلى فقال: ومن حديثه ما حدثناه أحمد بن محمد بن عاصم ثنا عثمان بن عبد الرحمن ثنا إسحاق بن نجيح عن عطاء عن عائشة فذكره، وقال الذهبى: ما هذا بالملطى ذا آخر، والآفة من عثمان الوقاصى اهـ. والحديث باطل على كل حال. 1890/ 4455 - "رَسُولُ الرَّجُلِ إِلى الرَّجُلِ إذْنهُ". (د) عن أبي هريرة قال في الكبير: وسكت عليه أبو داود، ورواه أيضًا البخارى في الأدب المفرد وابن حبان وعده البغوى في الحسان. قلت: انظر ما كتبه الشارح سابقًا على هذا الحديث المار بلفظ: "إذا دعى أحدكم فجاء مع الرسول فذلك إذنه"، وما كتبناه عليه أيضًا. 1891/ 4456 - "رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الوَالِدِ". (ت. ك) عن ابن عمرو، البزار عن ابن عمر قلت: حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه [1/ 328]، والحسن بن سفيان في الأربعين له وفي المسند، ومن طريقه البغوى في التفسير، وأخرجه أيضًا البزار في مسنده وابن شاهين في الترغيب، كلهم من طريق خالد بن الحارث: حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمرو به. وقال الترمذى: لا نعلم أحدًا رفعه غير خالد بن الحارث عن شعبة، وخالد ثقة مأمون، وكذلك قال البزار: لا نعلم أحدًا أسنده إلا خالد بن الحارث عن شعبة اهـ.

وهما متعقبان بوجود جماعة أسندوه عن شعبة منهم: زيد بن أبي الزرقاء وعاصم بن على، وعبد الرحمن بن مهدى، وأبو إسحاق الفزارى، والحسين بن الوليد، ورواه أشعث بن سعيد عن يعلى بن عطاء شيخ شعبة مرفوعًا أيضًا. فرواية زيد بن أبي الزرقاء أخرجها أسلم بن سهل بحشل في تاريخ واسط قال: حدثنا على بن سهل الرملى حدثنا زيد بن أبي الزرقاء قال ثنا شعبة به مرفوعًا. وكذلك رواها أبو سعيد الكنجروذى قال: أنا أبو عمرو الحيرى أنا عبد اللَّه بن محمد بن سيار الفرهاذانى أنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء حدثنا أبي ثنا شعبة به. ورواية عاصم بن على أخرجها بحشل أيضًا قال: حدثنا محمد بن عيسى بن السكن حدثنا عاصم بن على حدثنا شعبة به مرفوعًا. ورواية عبد الرحمن بن مهدى خرجها الحاكم من رواية أحمد بن حنبل عنه عن شعبة به مرفوعًا. ورواية أبي إسحاق الفزارى خرجها أبو يعلى الموصلى، ورواية الحسين بن الوليد خرجها البيهقى في شعب الإيمان، ورواية أشعث بن سعيد عن يعلى ابن عطاء خرَّجها أبو نعيم في الحلية [8/ 215]، من رواية محمد بن صبيح ابن السماك عنه عن يعلى بن عطاء، لكنه قال: عنه عن ابن عمرو دون ذكر ابن عطاء، وأشعث بن سعيد ضعيف. وأما الموقوف فرواه عن شعبة سفيان الثورى وآدم بن أبي إياس والقاسم بن سليم الصواف ومحمد بن جعفر غندر، فرواية الثورى عند ابن وهب في جامعه. ورواية آدم عند البخارى في الأدب المفرد [رقم: 2].

ورواية القاسم بن سليم عند الطبرانى والبيهقى في الشعب ورواية غندر عند الترمذى [رقم: 1899] وقال: إنها -أى رواية الوقف- عن شعبة أصح، ورواه أسلم بن سهل في تاريخ واسط من رواية هشيم بن بشير عن يعلى بن عطاء به موقوفًا أيضًا. فالظاهر أن كلا من يعلى وشعبة حدثا به على الوجهين واللَّه أعلم. وأما حديث عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب فقال البزار: حدثنا الحسن بن على بن يزيد الأنصارى ثنا عصمة بن محمد بن فضالة بن عبيد الأنصارى عن يحيى بن سعيد الأنصارى عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، ثم قال: لا نعلم رواه عن يحيى بن سعد إلا عصمة بن محمد. قلت: وهو كذاب. 1892/ 4461 - "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِى الخَطَأ وَالنِّسْيَانُ، وَمَا اسْتكْرِهُوا عَلَيْهِ". (طب) عن ثوبان قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وهو غير صحيح، فقد تعقبه الهيثمى بأن فيه يزيد بن ربيعة الرحبى وهو ضعيف اهـ. وقصارى أمر الحديث أن النووى ذكر في الطلاق من الروضة أنه حسن، ولم يسلم له ذلك، بل اعترض باختلاف فيه وتباين الروايات، وبقول أبي حاتم: هذه أحاديث منكرة كأنها موضوعة، وذكر عبد اللَّه بن أحمد في العلل أن أباه أنكره، ونقل الخلال عن أحمد: من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع فقد خالف الكتاب والسنة، وقال ابن نصر: هذا الحديث ليس له إسناد يحتج بمثله اهـ. وقد خفى هذا الحديث على الإمام ابن الهمام فقال: هذا الحديث يذكره الفقهاء بهذا اللفظ ولا يوجد في شيء من كتب الحديث.

قلت: لا أدرى كيف وقع المصنف في إيراد الحديث بهذا اللفظ، وعزوه للطبرانى من حديث ثوبان فإنه لم يخرجه الطبرانى بهذا اللفظ لا من حديث ثوبان ولا من حديث غيره. بل لم يقع بهذا اللفظ إلا في فوائد أبي القاسم التميمى من حديث ابن عباس على ما نقله التاج السبكى في رفع الحاجب، وفي الطبقات الكبرى وغيرهما، وكذلك الزركشى في المعتبر بتخريج أحاديث المنهاج والمختصر، والحافظ في التلخيص الحبير وغيرهم، بل وكذلك المصنف في الأشباه والنظائر، وإن عزاه الحافظ السخاوى له بلفظ: "رفع اللَّه"، فالمصنف واهم في هذا وهما لا ينفك عنه، وأما الشارح فخلط في الكلام عليه تخليطًا عجيبًا كما هو دأبه في أقواله وأنقاله وبيان ذلك من وجوه، الأول: أنه أغفل التعقب الصحيح على المؤلف في ذكره الحديث بهذا اللفظ من رواية الطبرانى عن ثوبان وليس هو عنده كذلك. الثانى: أنه انتقل من الكلام على حديث ثوبان إلى الحديث من أصله، فإن الذي ذكره النووى في الروضة وحسنه هو حديث ابن عباس السابق في حرف الهمزة بلفظ: "إن اللَّه تجاوز" لا حديث ثوبان المذكور هنا. الثالث: أنه اعترض على المصنف تصحيح الحديث، والمصنف أراد الحديث من أصله كما أراده الشارح أيضًا، والحديث من أصله صحيح لا شك فيه وقد صححه ابن حبان، والحاكم، والضياء، والذهبى وآخرون، وأفردت لبيان صحته جزءًا سميته: شهود العيان بثبوت حديث رفع عن أمتى الخطأ والنسيان، وذكر ما فيه يطول، ويكفى في رد كلام الشارح ما في الوجه بعده. الرابع: إن هذا متناقض مع ما قاله الشارح نفسه في الصغير ونصه: رواه (طب) عن ثوبان بإسناد حسن لا صحيح كما زعمه المؤلف، بل قيل بضعفه، نعم هو صحيح لغيره لكثرة شواهده، فإن حمل على هذا كان متجها اهـ. فتأمل هذا الكلام العجيب فإنه اعترض على الصنف أولا ثم رجع إلى كلامه

أخيرًا، والمقصود عنده إنما هو التعقب عليه ولو صورة لا حقيقة لها، وقال أيضًا على حديث "إن اللَّه تجاوز لى عن أمتى الخطأ. . . " الحديث، وقد عزاه المؤلف لابن ماجه عن أبي ذر، والطبرانى والحاكم عن ابن عباس، والطبرانى عن ثوبان ما نصه: وأخرجه الطبرانى أيضًا في الأوسط عن ابن عمر قال المؤلف في الأشباه إسناده صحيح، والعجب اقتصاره هنا على رواية الطبرانى الضعيفة وحذفه للصحيحة اهـ. فاعترف أيضًا تقليدًا للمؤلف بأن حديث ابن عمر صحيح، وهنا يذهب إلى أنه ضعيف بالمرة، وقال أيضًا على حديث: "إن اللَّه وضع عن أمتى" وقد عزاه المؤلف لابن ماجه عن ابن عباس ما نصه: بإسناد ضعيف على ما قاله الزيلعى ونوزع، وقال المؤلف في الأشباه: إنه حسن، وقال في موضع آخر: له شواهد تقويه تقضى له بالصحة أى فهو حسن لذاته صحيح لغيره اهـ!. فقابل هذا مع ما هنا وتعجب!. الخامس: أن قوله بل اعترض عليه باختلاف فيه وتباين الروايات كلام باطل إذ لا معنى للتعقب بتباين الروايات، بل تباين الروايات هو مما يقوى به الحديث ويحتج به على ثبوته وصحته. السادس: أنه أقر أحمد بن حنبل على قوله أن من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع فقد خالف الكتاب والسنة مع أنه وهم ظاهر من أحمد رحمه اللَّه، فإن اللَّه تعالى قال في كتابه الكريم: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} وقال آمرًا عباده أن يقولوا: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، وفي صحيح مسلم من حديث أبى هريرة وابن عباس: "أن اللَّه تعالى قال: فعلت"، وقال تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}، وفي الحديث الصحيح "إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر" إلى غيره من الأحاديث فكيف يقر الإمام أحمد رحمه اللَّه على هذا الوهم الصريح؟!.

السابع: أنه حكى عن ابن الهمام ما يفيد أنه أنكر الحديث من أصله، وابن الهمام إنما أنكره بهذا اللفظ المتداول ونصه في شرح الهداية، وقد ذكره بلفظ "رفع عن أمتى الخطأ والنسيان": الفقهاء يذكرونه بهذا اللفظ ولا يوجد في شيء من كتب الحديث بل إن اللَّه وضع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال: صحيح على شرطهما اهـ. 1893/ 4464 - "رَكْعَتَانِ (¬1) مِنْ عَالِمٍ باللَّهِ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ رَكْعَةٍ مِنْ جَاهِلٍ (¬2) بِاللَّهِ". الشيرازى في الألقاب عن على قال في الكبير: ورواه الديلمى من حديث أنس. قلت: إن الذي رواه الديلمى حديث آخر لفظه: "ركعتان من رجل ورع خير من ألف ركعة من مخلط"، أخرجه من طريق أبي نعيم عن أبي الشيخ عن خاله: ثنا سمعان بن بحر ثنا محمد بن إسحاق العمى عن أبيه عن يونس بن عبيد عن أنس به، كذا وقع في الأصل وهو منقطع. 1894/ 4467 - "رَكْعَتَان بسوَاك أَفْضَلُ منْ سَبْعين رَكْعَةً بغَيْر سوَاك، وَدَعْوَةٌ في السِّرِّ أَفْضَلُ منْ سَبْعينَ دَعْوَة في العَلانِيَةِ، وَصَدَقَة فِي السِّرٌ أفْضَل مِنْ سَبْعِينَ صَدَقَةً فِي الْعَلانيَةِ". ابن النجار (فر) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه إسماعيل بن أبي زياد، فإن كان الشامى فقد قال الدارقطنى: يضع الحديث أو الشقرى فقد قال ابن معين: كذاب، أو ¬

_ (¬1) في المطبوع من فيض القدير (4/ 36) (ركعة). (¬2) في المطبوع من فيض القدير (4/ 36) (متجاهل).

السكونى فجزم الذهبى بتكذيبه، وأبان بن عياش قال أحمد: تركوا حديثه. قلت: كان من حق الشارح ألا يخوض في أمر لا يحسنه، ولا يعرف طريق الفصل فيه. ثم إن الحديث عند الديلمى ليس فيه إسماعيل بن أبي زياد، كما أنه لم يقل عن أبي هريرة بل قال عن بعض الصحابة، فرواه من طريق أبي الشيخ: حدثنا جعفر حدثنا الحسين بن الأسود ثنا ابن فضيل أخبرنا أبان عن الحسن عن بعض الصحابة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به مختصرًا. 1895/ 4468 - "رَكْعَتَانِ بِعِمَامَةٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلا عِمَامَةٍ". (فر) عن جابر قال الشارح: وهو غريب. قلت: لا معنى لذكر الغرابة هنا أصلًا بل ذكرها غريب، فإن الغريب إما مطلق وإما نسبى، والنسبى لا موضع له هنا، والمطلق إن أراده فمردود بورود هذا الحديث من حديث ابن عمر وأبي هريرة أيضًا. والشارح قد ذكر في الكبير من في سنده من الضعفاء، وإن أخطأ في ذكر محمد بن عجلان ونقل عن السخاوى أنه لا يثبت فكان حقه أن يقول ضعيف أو واه لا غريب، وكأنه أراد أن يقلد الترمذى في اصطلاحه الخاص به، وهو خطأ. وقد تعقب في الكبير على المؤلف بعدم عزوه إلى أبي نعيم الذي أخرجه الديلمى من طريقه، وأبو نعيم خرجه في كتاب السواك له فقال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن زكريا عن جعفر بن أحمد عن أحمد بن صالح عن طارق

ابن عبد الرحمن عن محمد بن عجلان عن أبي الزبير عن جابر به. والمصنف إذ لم يره في السواك فالواجب عليه هو ما فعله من العزو إلى الديلمى والشارح يريد منه أن يكون عديم الأمانة. 1896/ 4470 - "رَكْعَتَان خَفيفَتَانِ مِمَّا تَحْقِرُونَ وَتَنَفَّلُونَ يَزِيدُهُمَا هَذَا فِي عَمَلِهِ أحَبُّ إلَيْهِ مِنْ بَقِيَةِ دُنْيَاكُمْ". ابن المبارك عن أبي هريرة قال الشارح على قوله: "يزيدهما هذا": أى الرجل الذي ترونه أشعث أغبر لا يؤبه ولا يلتفت إليه. قلت: غريب جدًا هذا الشرح المفترى على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمختلق على حديثه بالتهور والجرأة القبيحة، بل الإشارة واقعة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى قبر وهو المعنى المقبول والمعقول، أما تخصيص الأشعث الأغبر بذلك فأمر يضحك منه صغار الولدان، فلفظ الحديث عن أبي هريرة قال: "مر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقبر جديد دفن حديثًا فقال: ركعتان يزيدهما هذا. . . " الحديث. وكذلك أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان قال [2/ 225]: حدثنا محمد بن عبيد اللَّه بن المرزبان ثنا محمد بن عبد اللَّه بن رسته ثنا محمد ابن العباس المكى ثنا حفص بن غياث عن أبي مالك الأشجعى عن أبي حازم عن أبي هريرة به مثله. 1897/ 4471 - "رَكْعَتَانِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يُكَفِّرَانِ الْخَطَايَا". (فر) عن جابر قال في الكبير: ورواه الحاكم أيضًا عن جابر ومن طريقه وعنه تلقاه الديلمى مصرحًا، فلو عزاه المصنف له لكان أجود. قلت: بل لو سكت الشارح لكان أستر لعيوبه، فإن هذه الألفاظ التي

يستعملها عند هذا التعقب الباطل سخيفة للغاية ومع سخافتها فهى باطلة متناقضة؛ إذ الجمع بين قوله: ومن طريقه، وعنه جمع بين الاتصال والانقطاع، لأن من طريقه تستعمل فيما يرويه الراوى عن غيره بواسطة فهى الصواب، وزيادة عنه بعد ذلك تناقضها، لأنها تستعمل فيمن يروى عن الراوى بدون واسطة في اصطلاح أهل الكلام على الأسانيد، فالعبارة الأولى صحيحة والثانية باطلة، ولا معنى لزيادتها إلا السخافة والركاكة والجمع بين المتناقضات، وكذلك قوله: مصرحًا؛ فإنها لفظة لا معنى لها زائدة. وبعد، فالمصنف رأى الحديث في مسند الديلمى ورأى الديلمى قال: أخبرنا ابن خلف إذنًا أخبرنا الحاكم، فلو أراد المصنف أن يكون قليل الأمانة كما يحب منه الشارح لعزاه للحاكم ولكن أمانته أبت له ذلك. والحديث قال فيه الحاكم: أخبرنا أبو على الحافظ ثنا أحمد بن محمد بن الأزهر ثنا على بن سلمة ثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن مليحة النيسابورى عن سفيان الثورى عن أبي الزبير عن جابر به. وقد ذكر الشارح في الكبير من في هذا السند من الضعفاء إلا أنه قال في عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن مليحة: قال الذهبى في الذيل، وقال في الذي قبله: قال الذهبى في الضعفاء، والأول كذب منه، والثانى تدليس، فإن كل ما عزاه للذيل والضعفاء موجود في الميزان وتسميته ضعفاء صحيح إلا أنه تدليس، أما تسميته ذيلًا فكذب لأنه ليس بذيل، ولأنه لو أراد غيره لكان كذبا أيضًا، لأن النقل موجود في الميزان. 1898/ 4472 - "رَكْعَتَانِ مِنَ الضُّحَى تَعْدِلان عِنْدَ اللَّه بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مُتَقَبَّلَتَيْنِ". أبو الشيخ عن أنس

قال الشارح في الكبير: وهذا ترغيب عظيم في فضل صلاة الضحى، ورد على من ذهب إلى عدم ندبها. وقال في الصغير: أى: لمن لم يستطع الحج والعمرة. قلت: أما ما قاله في الكبير فمسلم لو كان الحديث صحيحًا، ولكنه باطل موضوع، فإنه من رواية زياد بن ميمون عن أنس، وزياد كذاب وضاع اعترف على نفسه بالوضع مرارًا، وادعى أنه تاب منه، ثم اعترف بالوضع بعد التوبة كما اعترف على نفسه أنه لم يلق أنسًا ولم يره، ومع هذا فالراوى عنه يوسف ابن ميمون، وهو منكر الحديث، والراوى عنه معلى بن مهدى، وهو ضعيف، قال أبو الشيخ: حدثنا إبراهيم بن عمر الفهرى ثنا معلى بن مهدى ثنا يوسف بن ميمون الحنفى ثنا زياد بن ميمون عن أنس به. والشارح رأى هذا الإسناد لأن الديلمى خرجه من طريق أبي الشيخ، وهو استدرك إخراج الديلمى له على المصنف، فلم يبق له عذر فيما قال. وأما قوله في الصغير: لمن لم يستطع الحج والعمرة فباطل بالبداهة، لأنه يدل على أن من لم يستطع الحج والعمرة تكون صلاة الضحى في حقه قائمة مقامهما، كما يدل على أن من حج واعتمر وصلى صلاة الضحى لا يكون له هذا الثواب على فرض صحة الحديث، وكل هذا باطل. 1899/ 4473 - "رَكْعَتَانِ مِنَ الْمُتَزَوِّجِ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً مِنَ الأعْزَبِ". (عق) عن أنس قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن العقيلى خرجه ساكتًا عليه والأمر بخلافه، فإنه أورده في ترجمة مجاشع بن عمرو، وقال: حديثه منكر غير

محفوظ، وفي الميزان عن ابن معين: أنه أحد الكذابين، ثم أورد له هذا الخبر، وحكم ابن الجوزى بوضعه ولم يتعقبه المؤلف سوى بأن قال: له طريق أخرى. قلت: أما قوله: ظاهر صنيع المصنف أن العقيلى. . . إلخ. فكذب، فإن المصنف قد رمز لضعه كما رمز لاسم مخرجه، ولو لم يفعل لكان مجرد عزوه إلى العقيلى كافيًا في ذلك. وأما قوله: إن المصنف لم يتعقب ابن الجوزى سوى بأن له طريقًا آخر. فهو كلام لا ينطق به إلا جاهل؛ إذ ليس في إمكان المتعقب إلا ذلك، لأن ابن الجوزى اتهم به مجاشعًا، فتعقبه المؤلف بأنه برئ منه، وأن غيره رواه وهل في الإمكان غير هذا؟ اللهم أن يريد الشارح من المؤلف أن يقول: سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عنه فقال لى: هو صحيح أو باطل، ولو فعل ذلك لما صدقه الشارح. ثم اعلم أن المصنف لا يريد من كل تعقب يذكره عقب كلام ابن الجوزى أن الحديث صحيح أو ثابت، بل تارة يريد ذلك وتارة مطلق الإفادة والتعريف بأن له طريقًا آخر ولو كان باطلًا أيضًا، فإنه بعد ما ذكر الطريق الثانى نقل عن الحافظ أنه قال: إنه منكر، وأنه تعقب الضياء المقدسى على إخراجه في المختارة بقوله: فلا معنى لإخراجه، والشارح لجهله بهذا يظن أن كل تعقب من المؤلف واقع لأجل إثبات الحديث وليس كذلك. 1900/ 4475 - "رَكْعَتَانِ منْ رَجُلٍ وَرِعٍ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ رَكْعَةٍ مِنْ مُخْلِطٍ". (فر) عن أنس قال في الكبير: وفيه يونس بن عبيد أورده الذهبى في الضعفاء وقال

مجهول، ورواه عنه أيضًا أبو الشيخ وأبو نعيم وعنهما تلقاه الديلمى مصرحًا، فلو عزاه المصنف إلى الأصل لأجاد. قلت: فيه أمور، الأول: أن الحديث ضعيف بل ساقط منكر أو موضوع، ولكن ليس علَّته يونس بن عبيد فإن يونس المذكور في السند هو الثقة المعروف صاحب الحسن؛ لأنه المراد عند الإطلاق. الثانى: أن يونس بن عبيد في الرواة كثير منهم الثقة المشهور وهو ابن دينار العبدى أبو عبيد البصرى، ويونس بن عبيد الثقفى مولى محمد بن القاسم، ويونس بن عبيد الثقفى آخر أيضًا، ويونس بن عبيد العمرى. فلا أدرى من أين وقع اختيار الشارح على أن المذكور في السند هو من. قال الذهبى فيه: مجهول، بل هو اختيار بمجرد الهوى. الثالث: أن الذهبى قال: لا يدرى من هو، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وحديثه في ذكر راية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنها سوداء مربعة من نمرة حديث حسن اهـ. فحكى توثيقه عن ابن حبان وحسن حديثه، والشارح أعرض عن ذلك. الرابع: أن علة الحديث محمد بن إسحاق العمى فإنه مجهول، ولعله السلمى تحرف، وهو متهم. الخامس: أن قوله: ورواه أبو نعيم وأبو الشيخ. . . إلخ. سخافة بيناها مرارًا. 1901/ 4477 - "رَكْعَتَان يَرْكَعْهُمَا ابْنُ آدَمَ في جَوْف اللَّيْل الآخر خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْلا أنْ أشُق عَلَى أمَّتِى لَفَرَضْتُهُمَا عَلَيْهِم". ابن نصر زاد الشارح: في كتاب الصلاة عن حسان بن عطية مرسلًا.

قلت: زيادة الشارح كتاب الصلاة باطلة، فإن الحديث خرجه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل لا في كتاب الصلاة، ولابن نصر كتاب الصلاة وكتاب قيام الليل، أما كتاب قيام الليل فطبع اختصاره للمقريزى، وأما كتاب الصلاة فتوجد منه نسخة بدار الكتب المصرية إلا أنهم كتبوا عنها في الفهرست: "مسند المروزى" غلطا، والعجب أن الشارح ذكر في الكبير أنه في قيام الليل، ورجع في الصغير إلى الغلط. 1902/ 4480 - "رَمَضَانُ بالمَدينَة خَيْرٌ منْ ألْف رَمَضَانَ فيمَا سوَاهَا منَ البُلْدَانِ، وَجُمُعَةٌ بِالمَدِينَةِ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ جُمُعَةٍ فِيمَا سِوَاهَا مِنَ البُلْدَانِ". (طب) والضياء عن بلال بن الحارث المزنى قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد اللَّه بن كثير وهو ضعيف، وأورده الذهبى في الميزان ثم قال: وهذا باطل والإسناد مظلم، ولم يصب ضياء الدين بإخراجه في المختارة. قلت: لا دليل للذهبى على ذلك، والحديث الصحيح بل المتواتر: "صلاة في مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه. . . " شاهد له وناطق بمعناه في الجمعة، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى القول بأن سائر الأعمال بالمدينة كذلك، فلا يتهيأ الجزم ببطلانه مع وجود شاهده الصحيح. 1903/ 4484 - "رَوِّحُوا القُلُوبَ سَاعَةً فَسَاعةً". (د) في مراسيله عن ابن شهاب مرسلًا أبو بكر بن المقرى في فوائده، والقضاعى عنه عن أنس قلت: قدم الشارح وَأخَّر في مخرجى هذا الحديث في كل من شرحيه، وشرح على ذلك فأتى بأعجوبة فقال: أخرجه أبو بكر بن المقرى في فوائده، والقضاعى في مسند الشهاب عنه أى عن أبي بكر المذكور عن أنس، أبو داود

في مراسيله عن ابن شهاب -يعنى الزهرى- مرسلًا، قال السخاوي: ويشهد له ما في مسلم [4/ 1206، رقم 12] وغيره: "يا حنظلة ساعة وساعة"، وقال شارح الشهاب: إنه حسن اهـ. فصرح بأن القضاعى خرجه عن أبي بكر بن المقرى عن أنس، وبأبى بكر فسر الضمير في قول المصنف: عنه، فكان ذلك خطأ عجيبا ووهما مضحكا، لأنه أفاد أن أبا بكر المقرى تابعى مع أنه حافظ متأخر مات سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وأفاد أيضًا أن القضاعى خرجه من طريقه وليس كذلك، فإن القضاعى قال: أخبرنا هبة اللَّه بن إبراهيم الخولانى ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن الحسين الدقاق ثنا عبد العزيز بن أحمد بن الفرج ثنا العباس بن السندى ثنا أبو طاهر المقدسى ثنا الموقرى عن الزهرى عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وأما أبو بكر بن المقرى فقال في فوائده: ثنا عبد الصمد بن سعيد ثنا العباس بن السندى به. والواقع أن المصنف ذكر أولا أن أبا داود خرجه في مراسيله عن ابن شهاب مرسلا، ثم قال: وأبو بكر بن المقرى والقضاعى عنه -أى عن ابن شهاب- عن أنس موصولا. والشارح لغفلته وبعده عن دراية الفن أتى بما لا يأتى به إلا عاميٌ لم يسمع حرفا من الحديث، ومع هذه الدواهى تراه مولعًا بالتعنت على المصنف الإمام الحافظ البارع بل ما ابتلى بهذه الأخطاء المضحكة المزرية حتى صار أكثر الأمة خطأ على الإطلاق إلا بسبب سوء أدبه على المصنف وجرأته بالباطل عليه، فابتلاه اللَّه تعالى بقلم يجرى إلى الأخطاء الفاحشة أحب صاحبه أم كره، وإلى اللَّه عاقبة الأمور. ثم إنه نقل عن شارح الشهاب أنه قال: حديث حسن وأقره عليه، وشارح الشهاب رجل أحمق يحسن الأحاديث ويصححها بمجرد نظره وهواه، وهذا

الحديث كما سبق فيه عند القضاعى: الموقرى وهو مجمع على ضعفه كما قال الذهبى فكيف يكون حسنا؟!. 1904/ 4485 - "رِيَاضُ الْجَنَّةِ المَسَاجِدُ". أبو الشيخ في الثواب عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: ورواه عنه أيضًا ابن أبي شيبة والديلمى. قلت: هذا من تهور الشارح، فإنه رأى الحديث في مسند الفردوس من طريق أبي الشيخ: حدثنا ابن أبي عاصم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة فعزاه إليه جازما بأنه خرجه، وهذه هي الطريقة الجاهلة التي يريد دائمًا من المصنف أن يسلكها ويتعقبه دائمًا بعدم العزو إلى الرجال المذكورين في الإسناد كما يصنعه هو فيأتى بالكذب الصراح والجهل القبيح. 1905/ 4486 - "ريحُ الجَنَّة يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خمسمَائةِ عَامٍ، وَلا يَجِدُهَا مَنْ طَلَبَ الدُّنيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ". (فر) عن أبي هريرة (¬1) قلت: رمز المصنف لضعفه، وسكت الشارح عن بيان علته، وكأنه لما رأى سنده عند الديلمى طويلا كثير الرجال صعب عليه الاهتداء إلى معرفتهم، فإن الديلمى قال: أخبرنا أبي أخبرنا عبد الملك بن عبد الغفار ثنا محمد بن الحسين الشاهد ثنا محمد بن أحمد بن حماد بن سفيان ثنا الحسين بن محمد بن الفرزدق الفزارى ثنا محمد بن عبد اللَّه بن غالب البلقطى بمصر ثنا محمد بن عبد الرحمن الكوفى ثنا يزيد بن الكميت قال: دخلت على يحيى بن يمان وقد تقريت ¬

_ (¬1) كذا في الأصل المخطوط، وفي المطبوع من الفيض (4/ 41): عن ابن عباس، وفي تعليق الحافظ الغُمارى قال:. . . عن زيد بن أسلم عن عطاه بن يسار عن ابن عباس، وفي الجامع الصغير: عن ابن عباس أيضًا.

فقال: يزيد سمعت صاحب هذه الدار -يعنى سفيان الثورى- يحدث عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . .، فذكره. ويزيد بن الكميت صاحب القصة قال الدارقطنى: متروك. 1906/ 4487 - "ريحُ الْجَنُوب منَ الجَنَّة، وَهِىَ الرِّيَاحُ اللَّوَاقحُ الَّتى ذَكَرَ اللَّهُ في كتَابه فيهَا مَنَافعُ للنَّاس، وَالشّمَالُ مِنَ النَّارِ تَخْرُجُ فَتَمُرُّ بِالجَنَّةِ فَيُصِيبُهَا نَفْحَةٌ مِنْهَا فَبَرْدُهَا مِنْ ذَلِكَ". ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب وابن جرير زاد الشارح، في التهذيب، وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن أبي هريرة، قال الشارح: بأسانيد ضعيفة لكن بعضها يقوى بعضا. قلت: الحديث رواه ابن جرير في تفسيره لا في تهذيبه، والشارح زاد ذكر التهذيب جهلا منه وتهورا والأمر فيه هين، ولكنه العظيم دعواه أن الحديث له أسانيد متعددة يقوى بعضها بعضا مع أنه ليس له إلا طريق واحدة من رواية عُبَيس بن ميمون عن أبي المهزم عن أبي هريرة، وكل من أبي المهزم وعبيس ابن ميمون متروك متهم بالكذب ووضع الحديث، فدعوى أنه تقوى افتراء على حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال ابن جرير في التفسير: حدثنا أبو كريب ثنا أحمد بن يونس ثنا عبيس بن ميمون ثنا أبو المهزم عن أبي هريرة به. وقال أيضًا: حدثنى أبو الجماهر الحمصى أو الحضرمى محمد بن عبد الرحمن ثنا عبد العزيز بن موسى ثنا عبيس بن ميمون به. وقال الديلمى: أخبرنا محمد بن الحسين بن منجويه إجازة أخبرنا أبي أخبرنا ابن شنبة أخبرنا

تنبيه

الحضرمى أخبرنا عثمان بن أبي شيبة ثنا خالد بن مخلد ثنا عبيس بن ميمون به، وهكذا هو مما تفرد به عبيس بن ميمون عن أبي المهزم. تنبيه أخذ العزيزى هذا الكلام من الشارح وزاد في الطين بلة، فقال: وهذا الحديث حسن لغيره اهـ. وهذا يعرفك مقدار تحقيق هؤلاء المتأخرين وعظيم خبطهم وتخليطهم في هذا الفن؛ إذ هذا دأبهم في كل ما يكتبونه عنه، فلا تعتمد على شيء من كلامهم فيه. 1907/ 4488 - "رِيحُ الوَلَدِ مِنْ رِيحِ الجَنَّةِ". (طس) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الهيثمى: رواه عن شيخه محمد بن عثمان بن سعيد وهو ضعيف، وقال شيخه الزين العراقى: رواه الطبرانى في الأوسط والصغير، وابن حبان في الضعفاء عن ابن عباس وفيه مندل بن على وهو ضعيف. قلت: هذا قد يتوهم منه أن الطبرانى رواه بسندين في أحدهما مندل بن على وهو الذي تكلم عليه العراقى، وفي الآخر محمد بن عثمان وهو الذي تكلم عليه الهيثمى، والواقع أن الطبرانى رواه بسند واحد فقال: حدثنا محمد بن عثمان بن سعيد أبو عمر الضرير الكوفى ثنا أحمد بن يونس ثنا مندل بن على العنزى عن عبد المجد بن سهيل بن عبد الرحمن عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة عن ابن عباس به، وقال: تفرد به مندل. والهيثمى (¬1) لم يصب في اقتصاره على ذكر محمد بن عثمان دون مندل، والعراقى إنما لم يذكر محمد بن عثمان لأن ابن حبان رواه من غير طريقه ¬

_ (¬1) انظر: "مجمع الزوائد" 8/ 156.

فقال: حدثنا ابن زهير ثنا أبو زرعة الرازى ثنا أحمد بن عبد اللَّه بن يونس ثنا مندل به. لكن الحديث ورد من وجه آخر من حديث عائشة أخرجه البندهى في شرح الأربعين من طريق محمد بن مخلد الدورى، في جزئه قال: حدثنا حامد بن محمد بن الحكم ثنا إسحاق بن البهلول ثنا يحيى بن المتوكل ثنا محمد بن عبد اللَّه الأنصارى -وهو أبو سلمة- ثنا عمرة بن عبد الرحمن عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ريح الولد من ريح الجنة". 1908/ 4496 - "الرُّؤْيَا عَلَى رجل طَائرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ، فَإذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ، وَلا تَقُصَّهَا إلا عَلَى وادٍّ أوْ ذِى رَأيٍ". (د. هـ) عن أبي رزين قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا هذين، وليس كذلك، فقد عزاه هو في الدرر -كالزركشى- إلى الترمذى أيضًا. قلت: الترمذى خرجه [رقم: 2270] بلفظ: "رؤيا المسلم" دون تعريفه، وقد سبق ذكره للمصنف قريبًا وعزاه للترمذى، وكتب عليه الشارح: وقال يعنى الترمذى: حسن صحيح، ولكنه نسى أو متعنت أو هما معًا. 1909/ 4497 - "الرُّؤْيَا ثَلاثَةٌ: منْهَا: تَهاويلٌ منَ الشَّيطَان ليُحْزن ابنَ آدَم، وَمنْهَا: مَا يَهمُّ به الرَّجُل في يَقَظَته فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ، وَمِنْهَا: جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءً مِنَ النُّبُوَّة". (هـ) عن عوف بن مالك. قلت: وأخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار (3/ 47).

1910/ 4501 - "الرُّؤْيَا ستَّةٌ: المَرْأةُ خَيْرٌ، وَالبَعيرُ حَرْبٌ وَاللَّبَنُ فِطْرَةٌ، وَالْخُضْرَةُ جَنَّةٌ، وَالسَّفينَةُ نَجَاةٌ، والتَّمْرُ رزْقٌ". (ع) في معجمه عن رجل من الصحابة زاد الشارح في الكبير: من أهل الشام، قال: كنا جلوسا عند عمر بن عبد العزيز فجاء رجل من أهل الشام، فقال: يا أمير المؤمنين، هاهنا رجل رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقام عمر وقمنا معه، فقال: أنت رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: نعم، سمعته يقول. . .، فذكره. قلت: هذه غفلة عجيبة من الشارح، إذ يجعل الرجل من الصحابة هو الذي كان مع عمر بن عبد العزيز فجاء رجل من أهل الشام فقال: هاهنا رجل من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيكون الحديث من رواية رجل من الصحابة عن رجل من الصحابة وليس كذلك، بل الذي قال: كنا مع عمر بن عبد العزيز هو محمد بن قيس المدنى قاص عمر بن عبد العزيز. والحديث سكت عليه الشارح، ووقع في بعض النسخ المطبوعة من الجامع الصغير الرمز له بعلامة الضعيف، ولم أقف على إسناد أبي يعلى وإن رواه الديلمى من طريقه إلا أنه وقع في نسختنا من زهر الفردوس سقط الإسناد من فوق أبي يعلى. ولكن الديلمى رواه في موضع آخر فقال: حدثنا الحداد ثنا أبو نعيم ثنا أبو عمر بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا دحيم ثنا الوليد عن ابن جابر عن محمد بن قيس به. وهذا سند رجاله ثقات فهو على شرط الصحيح. 1911/ 4510 - "الرَّجُلُ الصَّالِحُ يَأتِى بالْخَبَرِ الصَّالِحِ، وَالرَّجُلُ السُّوءُ يَأتِى بِالْخَبَرِ السُّوءِ". (حل) وابن عساكر عن أبي هريرة

قال في الكبير: الذي وقفت عليه في أصول صحيحة قديمة من الفردوس مصححة بخط ابن حجر عازيا لأبي نعيم: "يجئ بالخبر الصالح، ويجئ بالخبر السوء" بدل: "يأتى" فلينظر. قلت: كذب الشارح في قوله: إن الحديث في الفردوس، وفي قوله: إنه وقف على أصول منه قديمة مصححة بخط الحافظ ابن حجر، فإنه ما وقف إلا على أصل واحد ليس فيه هذا الحديث، وفي قوله: إن [الديلمى] خرجه في الفردوس من طريق أبي نعيم، فالفردوس لم يخرج فيه شيء لا من طريق أبي نعيم ولا من طريق غيره، ولو فرضنا ذلك فالمصنف عزا الحديث لأبي نعيم لا للفردوس، وأبو نعيم عنده الحديث في الحلية بلفظ: "يأتى" كما ذكره المصنف وذلك في (3/ 95) في ترجمة داود بن أبي هند، والحديث من رواية عمر بن هارون البلخى عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وعمر بن هارون هو البلخى وهو متروك منكر الحديث. 1912/ 4511 - "الرَّجُلُ أحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِهِ، وَأحَقُ بِمَجْلِسِهِ إذَا رَجَعَ". (حم) عن أبي سعيد قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس بصواب، فقد قال الهيثمى وغيره: فيه إسماعيل بن رافع، قال البخارى: ثقة مقارب الحديث، وضعفه جمهور الأئمة، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: من الكذب الذي لا يستحى منه الشارح ولا يتورع عن ذكره وتكراره لفظة: وغيره في كل ما ينقله عن عالم أو أكثر، ولو سألناه من الذي قال هذا غير النور الهيثمى ومن الذي يتكلم على أحاديث أحمد بمثل ما قاله النور أيضًا لوقف ولما وجد حرفًا واحدًا يجيب به، وبعد هذا فالحديث صحيح كما قال المؤلف: لوروده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من طريق نحو عشرة من الصحابة أو أكثر، وقد ذكر المصنف منها هنا أربعة وهى: طريق أبي سعيد، وعبد اللَّه بن

الحنظلية، وفاطمة الزهراء، ووهب بن حذيفة، وذكره فيما سيأتى في حرف الصاد بلفظ: "صاحب الدابة" من طريق بريدة وقيس بن سعد وحبيب ابن مسلمة وعمر وعصمة بن مالك الخطمى وعروة بن مغيث الأنصارى وعلى ابن أبي طالب وأبي هريرة وبشير، فهؤلاء ثلاثة عشر راويا وهو عدد التواتر عند المصنف. ومما لم يذكره في الباب حديث ابن عمر، خرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، ثم كثير من هذه الطرق أسانيده صحيحة. وروى ابن قتيبة في "العيون" عن أحمد بن الخليل عن حبان بن موسى: حدثنا ابن المبارك عن معمر عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الرجل أحق بمجلسه إذا قام ثم رجع"، وهذا سند صحيح. والغريب أن الشارح قال في الصغير في حديث أبي سعيد: بإسناد صحيح، مع أنه قال في الكبير: إن الحكم بصحته ليس بصواب، ثم رجع إلى ذلك الحكم الخطإ في نظره! 1913/ 4512 - "الرَّجُلُ أحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِهِ، وَبِصَدْرِ فِرَاشِهِ، وَأنْ يَؤُمَّ فِي رَحْلِهِ". الدارمى (هق) عن عبد اللَّه بن الحنظلية قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وهو زلل، فقد أعله الذهبى في المهذب بأن فيه إسحاق بن يحيى بن طلحة تركه أحمد وغيره، وقال العراقى في شرح الترمذى: فيه إسحاق بن يحيى وثقه ابن أبي شيبة، وضعفه أحمد وابن معين والبخارى. قلت: إنما الزلل من الشارح العارى عن دراية الفن، ولو قلب عليه ما قال فقيل: ضعفه الذهبى والعراقى وهو زلل فقد صححه المصنف، لما كان له جواب!

وبعد، فالذهبى يتكلم على الحديث الذي بين يديه وكذلك العراقى، والمصنف ينظر إلى أصل الحديث الوارد من ثلاثة عشر طريقا فيها الصحيح. على أن إسحاق بن يحيى قد وثقه ابن أبي شيبة فيما ينقله الشارح عن العراقى، وأخشى أن يكون ذلك من تحريفه، فإن الذي وثقه هو يعقوب بن شيبة فقال: لا بأس به، وقال البخارى: يهم في الشيء بعد الشيء إلا أنه صدوق، وقال ابن عمار الموصلى: صالح، وابن حبان بعد ما ذكره في الضعفاء رجع فذكره في الثقات وقال: يخطئ ويهم، وقد أدخلناه في الضعفاء لما كان فيه من الإيهام، ثم سرت أخباره فأدى الاجتهاد إلى أن يترك ما لم يتابع عليه ويحتج بما وافق الثقات اهـ. فإذا اعترف له البخارى بأنه صدوق، وأن ضعفه إنما هو من قبل الوهم، وصرح ابن حبان بأنه يحتج بما وافق فيه الثقات، وهذا الحديث قد وافق فيه الثقات، كان ذلك دليلًا صريحًا على صحة الحديث، وأن المصنف مصيب في حكمه ماش على قواعد أهل الحديث، وأن الزلل إنما هو من الشارح. والحديث خرجه أيضًا ابن قتيبة في عيون الأخبار قال: حدثنى أحمد بن الخليل عن سعيد بن سليمان عن إسحاق بن يحيى عن المسيب بن رافع عن عبد اللَّه بن يزيد الخطمى عن عبد اللَّه بن الغسيل -وهو ابن الحنظلية- به. 1914/ 4515 - "الرَّجُلُ أحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الذهبى: فيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ضعفوه، وقال البخارى: كثير الوهم. قلت: ذكر ذلك البخارى في ترجمته من التاريخ الكبير، وأورد فيه هذا الحديث من رواية وكيع عنه عن عمرو بن دينار عن أبي هريرة، قال

البخارى: وروى ابن عيينة عن عمرو عن سالم عن ابن عمر عن عمر من قوله وهو أصح. 1915/ 4516 - "الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيِلِه فَلْيَنْظُرْ أحَدُكُمْ مَنْ يُخَالُّ". (د. ت) عن أبي هريرة قال في الكبير: وحسنه الترمذى وتبعه المؤلف وهو أعلى من ذلك، فقد قال النووى في رياضه: إسناده صحيح. قلت: ولم لا يقال: صححه النووى وهو أقل من ذلك؟! فقد حسنه الترمذى [رقم: 2378] وتبعه المصنف، فهذا الواجب لو كان هناك علم وإنصاف، فإن الترمذى إذا اقتصر على تحسينه وكذلك المصنف لم يكن ذلك منهما عن جهل بالسند ولكنه عن تحقيق لا يدريه الشارح. وذلك أن الحديث رواه زهير بن محمد التميمى عن موسى بن وردان عن أبي هريرة، وزهير وإن احتج به الشيخان فقد قال فيه ابن معين مرة: إنه ضعيف، وذكره أبو زرعة في أسامى الضعفاء، وقال أبو حاتم: في حفظه سوء، وقال عثمان الدارمى: له أغاليط كثيرة، وقال النسائى: ضعيف، وقال مرة: ليس بالقوى، وعند عمرو بن أبي سلمة عنه مناكير، وقال أبو أحمد الحاكم: في أحاديثه بعض المناكير، وقال الساجى: صدوق منكر الحديث، بل قال ابن عبد البر: إنه ضعيف عند الجميع وإن كان هذا إسراف من [ابن] عبد البر، وأيضًا فشيخه موسى بن وردان لم يحتج به أحد من أهل الصحيح ومع ذلك فضعفه ابن معين وأبو داود وابن أبي خيثمة، وقال ابن حبان: كثر خطؤه حتى كان يروى المناكير عن المشاهير، وحينئذ اتضح أن قول الترمذى والمصنف هو الصواب، وأن ما فعله النووى من الحكم بصحته لو صح عنه غير صواب، بل لو لم يكن له اعتبار جانب من وثق الرجلين

لكان الواجب الحكم بضعفه، ولكن الشارح يتعنت وهو لا يدرى قواعد الفن ولا طرق الخلاص مما يتعنت به. والحديث خرجه أيضًا أبو داود الطيالسى وأحمد [2/ 303] في مسنديهما، والحاكم في المستدرك [4/ 17]، والخطابى في العزلة [رقم: 46] والربعى السدار في جزئه والخطيب في التاريخ، والبغوى في التفسير، والقضاعى في مسند الشهاب كلهم من طريق زهير بن محمد بسنده. ورواه الحاكم من وجه آخر من طريق صدقة بن عبد اللَّه عن إبراهيم بن محمد الأنصارى عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة، ثم قال: إنه صحيح إن شاء اللَّه ولم يخرجاه. ورواه أبو نعيم في الحلية [3/ 165] من طريق محمد بن إبراهيم الأسلمى عن صفوان عن سعيد بن يسار به، وقال: غريب من حديث سعيد وصفوان تفرد به عنه فيما قيل محمد بن إبراهيم الأسلمى. 1916/ 4518 - "الرَّحِمُ شجْنَةٌ معَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ". (حم. طب) عن ابن عمرو قلت: لم يذكر الشارح مخرجًا آخر لهذا الحديث وهو عند البخارى في الأدب المفرد والحكيم في النوادر في الأصل التاسع والأربعين ومائة. 1917/ 4519 - "الرَّحِمُ معَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِى وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَنِى قَطَعَهُ اللَّهُ". (م) عن عائشة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو فيه متابع للطبرانى حيث عزاه لمسلم خاصة، قال المناوى: وليس بصحيح، فقد ذكره الحميدى وغيره فيما اتفق عليه الشيخان.

قلت: الحديث ذكره المصنف بعد هذا مباشرة وعزاه للبخارى من حديث أبي هريرة ومن حديث عائشة، [و] الشارح يجزم بأن المصنف تابع للطبرانى، ولست أدرى من أين أتاه الجزم بذلك؟! ومن عرفه أن المصنف رأى كتاب الطبرانى؟! إن هذا لعجب، وأعجب منه اعتماد جده على ذكر الحميدى للحديث في المتفق عليه مع أن الأمر أهون من ذلك؛ إذ الحديث في صحيح البخارى في كتاب الأدب منه في باب: "من وصل وصله اللَّه". 1918/ 4522 - "الرَّحْمَةُ تَنْزِلُ عَلَى الإمَامِ ثُمَّ عَلَى مَنْ عَلَى يَمِينِهِ، الأوَّلَ فَالأوَّلَ". أبو الشيخ في الثواب عن أبي هريرة قلت: سكت عنه الشارح وقد رمز المصنف لحسنه. قال أبو الشيخ: حدثنا ابن أبي عاصم ثنا صالح بن زياد ثنا عمر بن جرير عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. 1919/ 4523 - "الرِّزْقُ إِلَى بَيْتٍ فِيهِ السَّخَاءُ أسْرَعُ منَ الشَّفْرَةِ إِلَى سَنَامِ البَعِيرِ". ابن عساكر عن أبي سعيد قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو الشيخ في الثواب، وسبقه ابن ماجه، قال الزين العراقى: وكلها ضعيفة. قلت: هذا خطأ فاحش من وجوه، أحدها: أن أبا الشيخ لم يخرجه عن أبي سعيد، بل خرجه من حديث جابر، فقال: حدثنا أبو عبد اللَّه الحسن بن محمد بن النضر ثنا أبو مسعود الرازى أخبرنا عبد الرحمن بن قيس عن صالح بن عبد اللَّه عن أبي الزبير عن جابر به.

وهكذا رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 270] فقال: حدثنا الحسين بن أحمد بن بكير ثنا الحسن بن محمد بن أبي هريرة ثنا أبو مسعود به مثله. ثانيها: أن ابن ماجه لم يخرجه من حديث أبي سعيد أيضًا بل خرجه من حديث ابن عباس. ثالثها: أنه لم يخرجه بهذا اللفظ، بل لفظه [رقم: 3357]: "الخير إلى البيت الذي يؤكل فيه أسرع من الشفرة إلى سنام البعير"، فهو في فضل خصوص الضيافة، وحديث الباب في مطلق السخاء. رابعها: أن حديث ابن ماجه قد ذكره المصنف سابقا في حرف "الخاء". خامسها: أن عزوه للعراقى أنه قال: وكلها ضعيفة يوهم أن العراقى خلط هذا التخليط والأمر بخلافه، ومعاذ اللَّه أن يخلط هذا التخليط محدث فضلا عن الحافظ العراقى. 1920/ 4524 - "الرِّزْقُ أشَدُّ طَلَبًا لِلْعَبْدِ مِن أجَلِهِ". القضاعى عن أبي الدرداء قال الشارح: مرفوعًا وموقوفًا، والموقوف أصح. وقال في الكبير: رواه أبو نعيم والطبرانى والديلمى، وقال العامرى: صحيح، ورواه عنه الدارقطنى في علله مرفوعًا وموقوفًا وقال: إنه أصح. قلت: في هذا أمور، الأول: قوله في الصغير عقب عزوه للقضاعى: مرفوعًا وموقوفًا، يفيد أن القضاعى رواه على الوجهين وليس كذلك، بل لم يروه القضاعى إلا مرفوعًا فقال [رقم: 241]: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر التجيبى ثنا أحمد بن محمد بن زياد ثنا محمد بن صالح كيلجة ثنا هشام بن خالد ثنا الوليد بن مسلم عن عبد

الرحمن بن يزيد بن جابر عن إسماعيل بن عبد اللَّه عن أم الدرداء قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الرزق. . . "، وذكره. الثانى: أن أبا نعيم خرج الحديث [6/ 86] بلفظ: "إن الرزق يطلب العبد كما يطلبه أجله"، وفرق بين هذا وبين لفظ القضاعى الذي فيه: "إن الرزق أشد طلبا من الأجل". الثالث: أن الطبرانى رواه بلفظ: "إن الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله"، وقد ذكره المصنف سابقًا في حرف "الهمزة" فذكره هنا خطأ. الرابع: أنه قلد العامرى شارح الشهاب في قوله: صحيح، والعامرى أحمق يصحح الأحاديث بهواه ولو كانت موضوعة. الخامس: أنه ناقض ذلك فذكر أن الدارقطنى صحح أنه موقوف. 1921/ 4525 - " الرَّضَاعُ يُغَيِّرُ الطِّبَاعَ". القضاعى عن ابن عباس قال في الكبير: قال شارح الشهاب: حديث حسن، وأقول: فيه صالح بن عبد الجبار، قال في الميزان: أتى بخبر منكر جدا ثم ساق هذا الحديث، ثم قال: فيه انقطاع، وفيه أيضًا عبد الملك بن مسلمة مدنى ضعيف. قلت: العامرى شارح الشهاب أحمق يصحح ويحسن بهواه ولو كان الحديث موضوعًا أو منكرًا كهذا، وقد نبهنا عليه مرارًا، وإذا علم الشارح هنا خطأه وحمقه وعرف من في السند من الضعفاء، وأن الذهبى قال في الحديث: إنه منكر فلا معنى للنقل عن شارح الشهاب ما يقوله من الباطل لا هنا ولا فيما بعد. 1922/ 4530 - "الرِّفْقُ فِي المَعيشَةِ خَيرٌ منْ بَعْضِ التِّجَارةِ". (قط) في الأفراد والإسماعيلى في معجمه

(طس. هب) عن جابر قال الشارح: بإسناد حسن. قلت: كيف ذلك؟! وقد قال هو في الكبير: قال الهيثمى [4/ 74]: فيه عند الطبرانى عبد اللَّه بن صالح، وثقه عبد الملك بن شعيب وضعفه جمع، وقال الذهبى: فيه عند البيهقى ابن لهيعة، وسبق بيان حاله اهـ. وهو كثيرًا ما يتعقب المصنف على التحسين بوجود ابن لهيعة في الإسناد، فلا أدرى من أين أتى بحسنه؟!. والحديث خرجه أيضًا ابن الأعرابى والعسكرى والقضاعى [رقم: 242] كلهم من رواية حجاج بن سليمان الرعينى قال: قلت لابن لهيعة: شيئًا كنت أسمع عجائزنا يقلنه: الرفق في المعيشة خيرٌ من بعض التجارة، فقال: حدثنى محمد بن المنكدر عن جابر أنه سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . .، فذكره، وحجاج منكر الحديث وقد أورد الذهبى هذا الحديث في ترجمته. 1923/ 4533 - "الرَّفْقُ يُمْنٌ، وَالخُرْقُ شُؤْمٌ، وَإذَا أرَادَ اللَّهُ بأهْل بَيْت خَيرًا أدْخَلَ عَلَيهم بَابَ الرِّفْق، فَإنَّ الرِّفْقَ لَم يَكُنْ في شَيء قَطُ إلا زَانَهُ، وإنَّ الخُرْقَ لَم يَكُنْ في شَيء قَطُ إلا شَانَهُ، الحياءُ منَ الإيمَان، وَالإيمَانُ في الجَنَّة، وَلَوْ كَانَ الحيَاءُ رَجُلًا لكَانَ رَجُلًا صَالحًا، وَإنَّ الفُحْشَ منَ الفُجُور، وَإنَّ الفُجُور في النَّار، وَلَوْ كَانَ الفُحْشُ رَجُلًا لكَانَ رَجُلًا سُوءًا، وَإنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْنِى فَحَّاشًا". (هب) عن عائشة قال في الكبير: وفيه موسى بن هارون، قال الذهبى في الضعفاء: مجهول. قلت: موسى بن هارون الذي قال فيه الذهبى ذلك ليس هو المذكور في هذا الحديث، وكأن البيهقى أسنده من طريق موسى بن هارون الحمال الحافظ،

فجعله الشارح هو من قال فيه الذهبى: مجهول، فإن موسى بن هارون لا دخل له في هذا الحديث لأنه معروف بأبى غرازة محمد بن عبد الرحمن الجدعانى المعروف بابن أبي مليكة، وفي ترجمته خرجه البخارى في التاريخ الكبير فقال: محمد بن عبد الرحمن أبو غرازة القرشى زوج صبرة، روى عنه أبو عاصم ومسدد وهو ابن أبي بكر المليكى ابن أبي مليكة التيمى نسبه إبراهيم الشافعى سمع محمدًا، سمع أباه عن القاسم عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الرفق يمن. . . " بطوله اهـ. وقال ابن أبي حاتم في العلل: سألت أبي عن حديث رواه أبو غرازة محمد ابن عبد الرحمن التيمى عن أبيه عن القاسم عن عائشة فذكر الحديث بطوله، قال أبي: هذا حديث منكر اهـ. فعلته أبو غرازة وهو معروف عنه، وقد قال البخارى فيه: إنه منكر الحديث، وقال ابن حبان: لا يحتج به، وقال النسائى: متروك، ووثقه أحمد وأبو زرعة فقالا: لا بأس به. 1924/ 4537 - "الرَّقُوبُ الَّذِى لا فَرَطَ لَهُ". (تخ) عن أبي هريرة قلت: لم يكتب الشارح على هذا الحديث شيئًا وسنده صحيح، فإن البخارى رواه في التاريخ عن ابن أبي شيبة. حدثنا أبو خالد الأحمر عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهؤلاء كلهم رجال الصحيح. 1925/ 4542 - "الرُّكْنُ وَالْمَقَامُ يَاقُوتَتَانِ مِنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ". (ك) عن أنس قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وليس كذلك، فقد قال الحافظ العراقى: رواه أيضًا الترمذى وابن

ماجه وكذا ابن حبان والحاكم من حديث ابن عمر اهـ. فعزو المصنف له فقط تقصير أو قصور. قلت: بل هو تقصير وقصور معا ولكن من الشارح، مع زيادة التهور والكذب، فابن ماجه ما خرج الحديث أصلًا ولا عزاه إليه العراقى، وأما الترمذى [3/ 226، رقم: 878]، وابن حبان والحاكم [1/ 456]: فقد أخرجوه من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص لا ابن الخطاب كما يقوله الشارح بلفظ: "إن الركن والمقام"، وقد ذكره المصنف سابقا كذلك، وعزاه لأحمد والترمذى وابن حبان والحاكم من حديث عبد اللَّه بن عمرو وهو كما ترى غير حديث أنس المذكور هنا، وأما العراقى فقال في حديث: "إن الحجر ياقوتة من يواقيت الجنة ويبعث يوم القيامة له عينان. . . " الحديث، رواه الترمذى وصححه، والنسائى من حديث ابن عباس: "الحجر الأسود من الجنة" لفظ النسائى، وباقى الحديث رواه الترمذى وحسنه وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصحح إسناده من حديث ابن عباس أيضًا، وللحاكم من حديث أنس: "إن الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة"، وصحح إسناده، ورواه النسائى وابن حبان والحاكم من حديث عبد اللَّه بن عمرو اهـ. فالذي عزاه العراقى للترمذى وابن ماجه وابن حبان والحاكم هو حديث: "الحجر ياقوتة من يواقيت الجنة"، وهو من حديث ابن عباس فهو حديث آخر سندا ومعنى ولفظا؛ لأنه في: "الحجر"، والمذكور هنا في: "الركن والمقام"، فاعجب لأمانة الشارح وفهمه وتحقيقه!. 1926/ 4543 - "الرُّكْنُ يَمَانٍ". (عق) عن أبي هريرة قال في الكبير: وظاهر صنيع المؤلف أن العقيلى خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه، فإنه أورده في ترجمة بكار بن محمد وقال: لا يثبت.

قلت: كذب الشارح فإن ظاهر صنيع المؤلف أن العقيلى خرجه وضعفه لأنه رمز لضعفه كما يرمز للمخرجين، فكيف يكون مع ذلك ظاهرا في أنه لم يتعقبه؟! وإلا لأمكن لقائل أن يقول: وظاهر صنيعه أنه لم يخرجه أحد لأنه لم يعزه، فإن قال الشارح: قد رمز لمخرجه العقيلى، قيل له: وقد رمز لضعفه الدال على تعقبه!. 1927/ 4544 - "الرَّمْيُ خَيْرُ مَا لَهَوْتُمْ بِهِ". (فر) عن ابن عمر قلت: هذا حديث موضوع من خصوص هذا الإسناد وبالسبب الوارد عليه كما ذكره الشارح في الكبير. 1928/ 4549 - "الرِّيحُ منْ رَوْح اللَّه تَأتى بالرَّحْمَة، وَتأتى بالْعَذَاب، فَإذا رَأيْتُمُوهَا فَلا تَسُبُّوهَا، وَاسْألُوا اللَّهَ خَيْرَهَا، وَاسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا". (خد. د. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف تفرد أبي داود به من بين الستة، وليس كذلك بل رواه ابن ماجه وكذا النسائى في اليوم والليلة عن أبي هريرة أيضًا. قلت: الشارح جاهل ملبس فابن ماجه رواه [رقم: 3727] بلفظ: "لا تسبوا الريح فإنها من روح اللَّه. . . " الحديث، وقد ذكره المصنف فيما سيأتى في حرف "لام ألف" وعزاه لأحمد وابن ماجه، وأما ذكر عمل اليوم والليلة للنسائى من بين الكتب الستة فتلبيس على الجهلة إن لم يكن جهلا من، فإن اليوم والليلة للنسائى لا مدخل له في الكتب الستة، ثم نقول له: وظاهر تعقبك أنه لم يخرجه غير المذكورين وليس كذلك، فقد خرجه الطحاوى في مشكل الآثار (1/ 399) والتى قبلها، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 114)، والبغوى في التفسير (2/ 10) طبع هندية.

1929/ 4550 - "الرِّيحُ تَبْعَثُ عَذَابًا لِقَوْمٍ، وَرَحْمَةً لآخرينَ". (فر) عن عمر قال في الكبير: وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير قال الذهبى: متفق على ضعفه، ورواه عنه الحاكم أيضًا، وعنه تلقاه الديلمى مصرحًا، فلو عزاه المصنف للأصل لكان أجود. قلت: بل لكان أكذب فإنه إذ رآه في مسند الفردوس من طريقه ولم يدر في أى كتاب أخرجه ثم يعزوه إليه يكون متهورًا كاذبًا كالشارح، وقوله: وعنه رواه مصرحًا سخافة وجهالة بيناها مرارًا، أما قوله: وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، فاعجب من هذا واعجب، ولست أدرى من أين عرف أن عمرو بن دينار هو قهرمان آل الزبير؟! فالرجل اتخذ هذا الفن هزؤا ولعبًا يلعب به كما شاء ذوقه وجهله، فإن عمرو بن دينار المذكور في سند هذا الحديث هو الإمام المشهور وهو شيخ سفيان بن عيينة الذي رواه عنه، وعلته إنما هي ممن قبل سفيان، فإن الحاكم رواه [4/ 285] عن أبي على الحافظ: حدثنا الحسن بن الحسين بن منصور حدثنا حامد بن أبي حامد المقرى حدثنا سفيان به، وهذا المقرى ضعيف أو الذي روى عنه.

حرف الزاي

حرف الزاي 1930/ 4554 - " زُرِ القُبُورَ تَذْكُر بهَا الآخرَة، وَاغْسل الْمَوْتَى، فَإنَّ مُعَالَجَة جَسَد خَاوٍ مَوْعظَةٌ بَليغَةٌ، وَصَلِّ عَلَى الْجَنَائز لَعَلَّ ذَلِكَ يُحْزِنُكَ، فَإنَّ الْحَزِينَ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَتَعَرَّضُ لِكُلِّ خَيْرٍ". (ك) عن أبي ذر قال في الكبير: رواه الحاكم من حديث موسى الضبى عن يعقوب بن إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن أبي مسلم الخولانى عن عبيد بن عمير عن أبي ذر، قال الحاكم: رواته ثقات، قال الذهبى: لكنه منكر ويعقوب واه، ويحيى لم يدرك أبا مسلم فهو منقطع، أو أن أبا مسلم رجل مجهول. قلت: كذب الشارح في بعض ما نقله عن الذهبى، فإن الحديث ذكره الحاكم في المستدرك في موضعين [1/ 377، 4/ 330]: الأول: في الزكاة وقال: رواته عن آخرهم ثقات، فقال الذهبى: لكنه منكر ويعقوب هو القاضى أبو يوسف -يعنى صاحب أبي حنيفة- حسن الحديث، ويحيى لم يدرك أبا مسلم. . . إلخ ما نقله الشارح عنه في يعقوب ابن إبراهيم، كذب كما ترى، ثم إن الحاكم أعاد الحديث في الرقاق بهذا

الإسناد، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه فأقره الذهبى على ذلك. ثم إن الحافظ خالف الذهبى في أن يعقوب بن إبراهيم هو أبو يوسف القاضى، فذكر الحديث من عند البيهقى في الشعب بهذا الإسناد في ترجمة يعقوب بن إبراهيم الزهرى المدنى، وقال: هذا متن منكر كذا قال مع أن رجال سنده ثقات كما اعترف به الذهبى وقد أقر الحافظ المنذرى تصحيح الحاكم له، وأما كون يحيى بن سعيد الأنصارى لم يدرك أبا مسلم الخولانى، أو أن أبا مسلم هذا رجل مجهول، فقد ورد الحديث عن عبيد بن عمير من وجه آخر، فقال الديلمى في مسند الفردوس: أخبرنا محمود بن إسماعيل أخبرنا أبو أحمد محمد بن على المكفوف ثنا أبو محمد بن حيان ثنا جعفر بن أحمد بن تميم ثنا محمد بن عبد اللَّه بن عقيل ثنا عمرو بن حصين ثنا ابن علاثة عن غالب بن عبيد اللَّه الجزرى عن مجاهد عن عبيد بن عمير به نحوه. 1931/ 4555 - "زُرْ غبّا تَزْدَدْ حُبّا". البزار (طس. هب) عن أبي هريرة البزار (هب) عن أبي ذر (طب. ك) عن حبيب بن مسلمة الفهرى (طب) عن ابن عمرو، (طس) عن ابن عمر (خط) عن عائشة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجيه سكتوا عليه والأمر بخلافه، أما البزار فقال عقبه: لا نعلم فيه حديثًا صحيحًا، وقال ابن طاهر: رواه ابن عدى في أربعة عشر موضعًا من كامله وأعلها كلها، وقال البيهقى عقب تخريجه: طلحة بن عمرو أى -أحد رجاله- غير قوى، قال: وقد روى

بأسانيد هذا أمثلها، وحديث أبي ذر قال الهيثمى: فيه عويد بن أبي عمران الجونى وهو متروك، ثم ذكر الشارح حديث حبيب بن مسلمة، وابن عمرو ابن العاص، وابن عمر وسكت عليها، ثم ذكر حديث عائشة وذكر بعده بقية الكلام على عويد، فقال: وقال النسائى: متروك، وفي اللسان -كالميزان- عن البخارى: منكر الحديث، ثم أورد له مناكير هذا منها ثم قال: قال ابن عدى: ليس في أحاديث عويد أنكر من هذا والضعف عليه بين، وقال أبو داود: أحاديثه تشبه البواطيل، ثم قال أيضًا: وظاهر صنيع المصنف أنه لم ير للحديث أمثل من هذين الطريقين وإلا لما آثرهما، واقتصر عليهما والأمر بخلافه، فقد أخرجه الطبرانى أيضًا من حديث ابن عمر، قال الهيثمى: وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات. قلت: لا أدرى ما أقول في هذه التخاليط فإن فيه عجائب، أولها: أنه قال: إن المصنف أفاد صنيعه أن مخرجى الحديث سكتوا عليه والأمر بخلافه، ثم لم ينقل من كلام المخرجين إلا قول البزار: لا نعلم فيه حديثًا صحيحًا، وقول البيهقى في طريق واحدة من طرقه: إن طلحة بن عمرو غير قوى، مع أن المصنف ذكر من المخرجين أيضًا الطبرانى والحاكم والبيهقى والخطيب!. ثانيها: أنه ذكر كلام ابن طاهر وليس هو من المخرجين. ثالثها: أنه سكت على أكثر طرق الحديث ولم يتكلم عليها. رابعها: أنه نقل الكلام على عويد بن أبي عمران من حديث أبي ذر إلى حديث عائشة، وعويد لا يوجد في سند حديث عائشة. خامسها: أنه قال: وفي اللسان كالميزان، ثم ذكر كلاما لا وجود له في الميزان، وإنما هو في اللسان وحده. سادسها: أنه قال: وظاهر صنيع المصنف أنه لم ير للحديث أمثل من هذين الطريقين، والمصنف ذكر ستة طرق، وهى: طريق أبي هريرة وأبي ذر وحبيب ابن مسلمة وابن عمرو وابن عمر وعائشة.

سابعها: أنه قال: والأمر بخلافه، فقد خرجه الطبرانى من حديث ابن عمر، والمصنف قد ذكر حديث ابن عمر وعزاه للطبرانى. ثامنها: أن المصنف ذكر ما هو أعلى من حديث ابن عمر وهو حديث عبد اللَّه ابن عمرو بن العاص، الذي قال عنه الهيثمى: إسناده جيد، وسكت الشارح عن نقل ذلك تدليسًا وتلبيسًا، وحديث حبيب الذي صححه الحاكم فأخرجه في المستدرك [3/ 347، 4/ 330]، فهل يدل هذا التخليط على شيء سوى أن الرجل كان يكتب وهو فاقد العقل؟!. ثم اعلم أن حديث أبي هريرة ورد عنه من طرق من رواية عطاء وأبي سلمة والحسن البصرى وهمام وابن سيرين، فأخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وابن قتيبة في عيون الأخبار، والخطابى في العزلة، وابن حبان في الضعفاء، وأبو نعيم في الحلية [3/ 322] وفي التاريخ [2/ 125]، والقضاعى في مسند الشهاب [رقم: 629 و 630] وآخرون، كلهم من رواية طلحة بن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة به، وطلحة بن عمرو ضعيف لكنه لم ينفرد به، بل تابعه الأوزاعى وأبو حنيفة وابن جريج ويحيى ابن أبي سليمان، فرواه الخطيب [10/ 182] من طريق محمد بن خليد: ثنا عيسي بن يونس عن الأوزاعى عن عطاء به، ومحمد بن خليد ضعيف. ورواه أبو القاسم التنوخي في أماليه وأبو بكر بن عبد الباقي في مسند أبي حنيفة من طريق أبي بكر أحمد بن محمد الضراب الدينوري: ثنا أبو جعفر محمد بن عبد اللَّه بن عبد العزيز ثنا محمد بن العباس بن الفضل ثنا محمد بن الحسن ثنا أبو حنيفة عن عطاء به. ورواه على بن عمر الحربى في جزء من حديثه من طريق عمر بن حفص الوصابي: ثنا بقية بن الوليد حدثنى عبد اللَّه بن سالم عن ابن جريج عن عطاء به.

ورواه الخطيب من أوجه عن يحيى بن أبي سليمان عن عطاء به، فهذه متابعات متعددة لطلحة بن عمرو تقوى حديثه وترفع تهمة التفرد به، ومن هذه الطرق يعلم بطلان ما نقله الشارح عن البيهقى من أن طريق طلحة بن عمرو هي أمثل طرق حديث أبي هريرة وكذلك التي بعدها. فقد رواه أبو نعيم في التاريخ من طريق هلال بن العلاء: ثنا معمر بن مخلد السروجى ثنا عبدة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. ورواه فيه أيضًا من طريق سليمان بن كراز: ثنا مبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي هريرة. ورواه الخلعي في فوائده من طريق عون بن الحكم بن سنان ثنى أبي عن يحيى ابن عتيق عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة. وحديث عائشة ليس فيه عويد كما يقول الشارح، بل قال الخطيب: أخبرنا أحمد بن محمد العتيقى ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن الحسين بن حفص التميمي ثنا أبو محمد عبد اللَّه بن وهبان البغدادى إملاءً ثنا أبو عقيل الجمال ثنا جعفر بن عون عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. وحديث عبد اللَّه ابن عمرو بن العاص أخرجه أيضًا الخطيب في التاريخ من طريق أحمد بن عيسي المصرى: حدثنا ضمام بن إسماعيل عن أبي قبيل عن عبد اللَّه بن عمرو به. وذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذا الحديث الذي رواه أحمد ابن عيسى، فقال: هذا حديث رواه رجل بمصر يقال له: محمد بن عمرو ابن عثمان الجعبى عن ضمام حدثنا هذا الشيخ عن ضمام بمصر وليس هذا الحديث بصحيح.

وحديث أبي ذر خرجه أيضًا ابن عدى قال: حدثنا محمد بن أحمد بن نجيب الموصلى قال: سألت عباس بن يزيد بن أبي حبيب البحرانى أبا الفضل البصرى عن حديث عويد بن أبي عمران الجونى عن أبيه وعبادة بن الصامت عن أبي ذر بالحديث المذكور، فقال: ما أصنع به إياه ذاك الفاجر الشاذكونى، قال ابن عدى: ليس في حديث عويد أنكر من هذا اهـ. أى من جهة إسناده لا متنه فإنه صحيح ولابد، فقد ورد أيضًا من حديث جابر ابن عبد اللَّه وأتس بن مالك وعلى بن أبي طالب ومعاوية بن حيوة وأبي الدرداء. 1932/ 4556 - "زُرْ في اللَّهِ، فَإنَّهُ مَنْ زَارَ في اللَّهِ شَيَّعَهُ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ". (حل) عن ابن عباس قلت: ذكر ابن عباس سبق قلم من المصنف، فإن الحديث خرجه أبو نعيم من حديث أبي رزين لا من حديث ابن عباس وذلك في ترجمة عطاء الخراسانى (5/ 205)، وأخرجه أيضًا الطبرانى في الأوسط وأسانيده ضعيفة. 1933/ 4558 - "زَكَاةُ الفِطْرِ طُهْرَة للصَّائِمِ مِنَ اللغْوِ وَالرَّفَثِ وطُعْمَةٌ للمَسَاكِينِ، مَن أدَّاها قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَن أدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ". (قط. هق) عن ابن عباس قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو عجب، فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور عن ابن عباس.

قلت: إنما العجب من كذب الشارح في قوله: إن ابن ماجه خرجه باللفظ المزبور مع أنه خرجه بلفظ ليس هو من شرط الكتاب الخاص بالألفاظ التي هي منقولة من لفظ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولفظ ابن ماجه [1/ 585 رقم 1827] عن ابن عباس قال: "فرض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم" الحديث، فأين هذا من لفظ الدارقطنى والبيهقى. 1934/ 4564 - "زِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ". ابن سعد (طب) عن علقمة بن الحويرث قال في الكبير: ورواه القضاعى، وقال شارحه: صحيح. قلت: القضاعى لم يخرجه بهذا اللفظ ولا من حديث علقمة بن الحويرث، بل بلفظ آخر مطولا من حديث أبي هريرة [رقم 67]. وحديثه لم يخرجه القضاعى وحده بل خرجه أحمد [2/ 276] والبخارى في عدة مواضع من صحيحه [4/ 170 و 255] ومسلم كذلك [4/ 2046 رقم 20]، ووهم الحاكم فاستدركه، فلا معنى لذكر القضاعى وحده، ثم إن سند القضاعى بخصوصه ضعيف، فالنقل عن شارحه بأنه قال: صحيح باطل، لأن ذلك الشارح أحمق يصحح حتى الأحاديث الموضوعة بهواه لا بالنظر في الإسناد، ومع هذا فإن الشارح تراجع فقال في الصغير: إسناده حسن، مع أن المصنف رمز له بالصحة، وهو كما ترى مروى أصله في الصحيحين. 1935/ 4565 - "زِنْ وأَرْجِحْ". (حم. 4. ك. حب) عن سويد بن قيس قال في الكبير: قال الترمذى: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على

شرط مسلم، وأورده ابن الجوزى في الموضوع، وذكر في الصغير مثل هذا أيضًا. وزاد في الكبير وقال في الاصابة: سويد بن قيس العبدى روى عنه سماك بن حرب أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "اشترى منه سراويل. . . "، الحديث أخرجه أصحاب السنن واختلفوا فيه على سماك أى ففيه اضطراب، قال: وفي مسنده المسيب بن واضح فيه مقال. قلت: قبح اللَّه الجهل، بل قبح اللَّه الكذب فلقد بلغ هذا الجاهل المنتهى في ذلك وأفسد هذا العلم على من يغتر بجهله، لو كان حيا لوجب على أهل العلم رفع يده من الكتابة في العلم، لاسيما حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن هذا [الشارح] أتى هنا بطامات لا تطاق، أحدها: أن ابن الجوزى لم يورد هذا الحديث في الموضوعات وإنما أورد حديثًا آخر من رواية أبي هريرة فيه هذه اللفظة فأخرج من طريق ابن عدى، ثم من رواية يوسف بن زياد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن الأغر أبي مسلم عن أبي هريرة قال: "دخلت يومًا السوق مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فجلس إلى البزار فاشترى سراويل بأربعة دراهم، وكان لأهل السوق وزان يزن فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أتزن وأرجح، فقال الوزان: إن هذه كلمة ما سمعتها من أحد، قال: قال أبي هريرة فقلت له: كفى بك من الوهن والجفاء أن لا تعرف نبيك، فطرح الميزان ووثب إلى يد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يريد أن يقبلها فجذب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يده منه وقال: هذا إنما تفعله الأعاجم بملوكها ولست بملك، إنما أنا رجل منكم، فوزن فأرجح فأخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- السراويل، قال أبو هريرة: فذهبت أنا أحمله عنه، فقال: صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله، إلا أن يكون ضعيفًا يعجز عنه فيعينه أخوه المسلم، قلت: يا رسول اللَّه وإنك لتلبس السراويل؟ قال: نعم في السفر والحضر وبالليل والنهار، فإنى أمرت بالستر فلم أر شيئًا أستر منه"، ثم قال

ابن الجوزى: لا يصح، قال الدارقطنى: الحمل فيه على يوسف بن زياد لأنه مشهور بالأباطيل ولم يروه عن الإفريقى غيره، وقال ابن حبان: الإفريقى يروى الموضوعات عن الأثبات اهـ. فهذا هو الذي أورده ابن الجوزى وهو حديث موضوع ظاهر البطلان والنكارة، أما حديث الباب فقال: فيه سويد بن قيس جلبت أنا ومخرمة العبدى بزا من هجر فأتينا به مكة فجاءنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يمشى فساومنا بسراويل فبعناه، وثم رجل يزن بالأجر فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "زن وأرجح" اهـ. وكأن واضع الأول أخذ هذا وزاد فيه وركب له إسناد آخر عن أبي هريرة. ثانيها: أن المسيب بن واضح لا يوجد في سند واحد ممن عزاه المصنف إليهم. قال أبو داود [رقم 3336]: حدثنا عبيد اللَّه بن معاذ ثنا أبي حدثنا سفيان عن سماك بن حرب ثنا سويد بن قيس به. وقال الترمذى [رقم 1305]: حدثنا هناد ومحمود بن غيلان قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن سماك بن حرب به. وقال النسائى [7/ 284]: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ثنا عبد الرحمن عن سفيان به. وقال ابن ماجه [رقم 2220]: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلى بن محمد ومحمد بن إسماعيل قالوا: حدثنا وكيع ثنا سفيان به.

وهكذا رواه أحمد [4/ 352] والحاكم [2/ 30 و 4/ 192] وابن حبان لم يذكروه من طريق المسيب. ثالثها: أن الحافظ لم يقل ذلك في طريق هؤلاء بل في طريق أخرى كما ستعرفه. رابعها: أنه خلط كلام الحافظ خلطًا وجمعه من ثلاثة مواضع من الإصابة فأخطأ وما أصاب، فإن الحافظ قال: سويد بن قيس العبدى أبو مرحب روى سماك بن حرب عنه "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اشترى منه لرجل سراويل" أخرجه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، واختلف فيه على سماك فقيل: عنه عن أبي صفوان مالك بن عميرة، وسيأتى في ترجمته، وكلام المزى يوهم أن سويدا يكنى أبا صفوان وليس كذلك اهـ كلام الحافظ. ثم قال في حرف "الميم": مالك بن عميرة أبو صفوان وأبوه بفتح العين، وحكى فيه البغوى عميرا مصغرا بلا هاء في آخره، حديثه يشبه حديث سويد بن قيس، فقيل: إنهما واحد اختلف في اسمه على سماك بن حرب، وقيل: هما اثنان وقد تقدم بيان ذلك في سويد. وأخرجه البغوى من رواية أبي داود الطيالسى عن شعبة عن سماك سمعت أبا صفوان مالك بن عمير، ومن طريق شبابة عن شعبة قال: مالك بن عمير به، وفيه اختلاف ثالث على سماك يأتى في مخرفة اهـ. ثم قال: مخرفة العبدى قال ابن حبان: له صحبة قلت: وقد تقدم ذكره في حديث سويد بن قيس قال: "جلبت أنا ومخرفة العبدى. . . " فذكر الحديث، أخرجه البغوى وأخرجه ابن قانع من طريقه، فقال: عن مخرمة بالميم، قال الدارقطنى: وهم أيوب في ذلك، وقال ابن السكن: لم يصنع شيئًا، وأخرجه ابن قانع أيضًا من رواية سفيان عن سماك فزاد فيه بينه وبين مخرفة مليحا العترى وفي سنده المسيب بن واضح فيه مقال اهـ.

فالمسيب بن واضح إنما هو في هذا الطريق الذي وقع فيه زيادة مليح العنزى في الإسناد، فأخذ الشارح ذلك ونقله إلى أصل الحديث. 1936/ 4568 - "زَوِّجُوا الأكْفَاءَ وَتَزَوجُوا الأكْفَاءَ، وَاخْتَارُوا لِنُطَفِكُمْ، وَإيَّاكُمْ وَالزِّنْجَ، فَإنَّهُ خَلْقٌ مُشَوَّهٌ". (حب) في الضعفاء عن عائشة قال في الكبير: حكم ابن الجوزى بوضعه، وقال فيه محمد بن مروان السدي: كذاب، وتابعه عامر بن صالح الزبيرى، وليس بشيء، وأقره عليه المؤلف ولم يتعقبه إلا بأن له شاهدا وهو خبر: "تخيروا لنطفكم، واجتنبوا هذا السواد". قلت: انظر إلى هذا التناقض في الكلام الذي لا ينطق به عاقل، يقول: أقره المصنف وتعقبه بأن له شاهدا، فلو أقره لما تعقبه وإذ تعقبه فلم يضره، ثم إذ اعترف الشارح بأن المصنف ذكر له شاهدا، فماذا يراد من المتعقب غير ذلك على أنه حذف من ذلك الشاهد لفظة في آخر الحديث أيضًا، وهى قوله: فإنه لون مشوه وكأنه حذفها عمدا ليبعد متن الشاهد من اللفظ المشهود له ويظهر ضعف المصنف في التعقب، فعجبا لهذا الرجل!. ثم إن للحديث طريقًا آخر عن هشام بن عروة لم يذكره المصنف في التعقبات، أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 314] في ترجمة روح بن عصام فقال: حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ثنا أبو غسان أحمد بن محمد بن إسحاق الزاهد ثنا روح بن جبر ثنا الهيثم بن عدى عن هشام مولى عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء وإياكم والزنج فإنه خلق مشوه".

1937/ 4569 - "زَوِّجُوا أبْنَاءَكُمْ، وَبَنَاتِكُمْ". (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: ظاهره أن هذا هو الحديث بتمامه، والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الديلمى، قيل يا رسول اللَّه هذا أبناؤنا تزوج فكيف بناتنا؟ فقال: "حلوهن الذهب والفضة، وأجيدوا لهن الكسوة، وأحسنوا إليهن بالنحلة ليرغب فيهن". ثم قال الشارح: وفيه عبد العزيز بن أبي روَّاد، أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: ضعفه ابن الجنيد، وقال ابن حبان: يروى عن نافع عن ابن عمر أشياء موضوعة ورواه عنه الحاكم، ومن طريقه الديلمى مصرحًا، فلو عزاه المصنف له لكان أولى. قلت: أما متن الحديث فتمامه عند الديلمى كما قال الشارح، والحديث موضوع باطل يلام المصنف على ذكره وعلى اختصاره لأن تمامه يدل على وضعه، وأما تعليل الشارح إياه فخطأ فاحش لا يصدر ممن له أدنى دراية بالرجال، فإن عبد العزيز لا يتحمل مثل هذا المنكر لأنه صدوق عابد أكثر ما عيب به الإرجاء ولا مدخل له في الرواية، ولما نقل الذهبى كلام ابن حبان السابق تعقبه بقوله: هكذا قال ابن حبان بغير بيّنة، ولما ذكر أن ابن عدى خرج في ترجمته حديثًا موضوعًا، تعقبه أيضًا بقوله: هذا من عيوب كامل ابن عدى، يأتى في ترجمة الرجل بخبر باطل لا يكون حدث به قط، وإنما وضع من بعده اهـ. قلت: وذلك هو الواقع في هذا الحديث أيضًا، فإن عبد العزيز ما حدث به، وإنما افتراه أحمد بن محمد بن الحسن المضرى الأبلى الذي رواه عن أبي

عاصم عن عبد العزيز لأن أحمد المذكور كذاب وضاع فهو آفته لا عبد العزيز، والشارح لعدم درايته بالفن ومعرفته بالرجال إذا وجد أول رجل في الإسناد متكلم فيه يكتفى بذلك ولا يهتدى للتمييز بين ما يتحمله ذلك وما لا، ويزيد مع ذلك عدم الالتفات إلى ما يذكر في ترجمته من التوثيق أو التعقب لمن ضعفه كما فعل هنا، نقل كلام ابن حبان ولم يلتفت إلى تعقب الذهبى عليه، وأما قوله: "وقد رواه الحاكم ومن طريقه تلقاه الديلمى" فسخافة نبهنا عليها مرارًا، والحديث أخرجه أيضًا البندهى في شرح المقامات من طريق أحمد بن محمد بن الحسن الأبلى هذا، وإذ هو موضوع فلا فائدة في ذكر إسناده. 1938/ 4570 - "زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى وَغَفَرَ ذَنْبَكَ، وَيَسَّرَكَ لِلْخَيْرِ حَيْثُمَا كُنْتَ" (ت. ك) عن أنس قال الشارح: وقال الترمذى: غريب أى: وضعيف. قلت: هذا غلط من وجوه، الأول: أن الترمذى لم يقل: غريب بل قال [رقم: 3444]: حديث حسن غريب. الثانى: أن الشارح نفسه نقل ذلك عنه في الكبير وحكى عن ابن القطان أنه صححه. الثالث: أن قوله: أى وضعيف هذه "الواو" التي زادها باطلة لأنها تقتضى المغايرة والغريب في اصطلاح الترمذى هو الضعيف لا الغريب الإسناد. الرابع: أن الحديث ليس بغريب بل هو مشهور اصطلاحًا، لوروده من حديث أنس وعبد اللَّه بن عمرو وقتادة الرهاوى وابن مسعود وابن عمر.

فحديث أنس رواه أيضًا عبد اللَّه بن أحمد في زوائد زهد أبيه وابن السنى في اليوم والليلة [رقم: 500 و 527] كلهم من رواية ثابت عنه، ورواه ابن السنى من وجه آخر من رواية موسى بن جبيرة العبدى عنه. وحديث عبد اللَّه بن عمرو رواه الخرائطى في مكارم الأخلاق والمحاملى في الدعاء من رواية ابن لهيعة وحديثه حسن. وحديث قتادة الرهاوى [أخرجه] البزار والطبرانى وأبو بكر بن أبي خيثمة والبغوى من رواية هشام بن قتادة عنه ورجاله ثقات. وحديث ابن مسعود رواه أبو نعيم في الحلية [5/ 85] من رواية الأعمش عن أبي وائل عنه. وحديث ابن عمر رواه ابن السنى في اليوم والليلة من رواية سلمة بن سالم الجهنى عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن سالم عن أبيه به. 1939/ 4572 - "زُورُوا القُبُورَ، فَإنَّهَا تُذَكَرُكُمُ الآخِرَةَ". (هـ) عن أبى هريرة قال في الكبير: فزيارتها مندوبة للرجال بهذا القصد، والنهى منسوخ، وفي مسلم عن أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، وقال: "استأذنت ربى أن أستغفر لها فلم يأذن لى، واستأذنت أن أزورها فأذن لى فزورا القبور فإنها تذكر الموت"، ثم قال: وقضية صنيع المؤلف أن هذا مما لم يتعرض له الشيخان، ولا أحدهما وليىس كذلك فقد عرفت أن مسلمًا خرجه باللفظ المزبور وزيادة. قلت: وقد عرفت من هذا أن الشارح متعنت وزيادة، فهو يورد الحديث بلفظ آخر ويقول: إنه باللفظ المزبور.

1940/ 4576 - "زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأصْوَاتِكُم". (حم. د. ن. هـ. حب. ك) عن البراء، أبو نصر السجزى في الإبانة عن أبي هريرة (قط) في الأفراد، (طب) عن ابن عباس (حل) عن عائشة قال في الكبير على حديث البراء: ورواه البخارى في خلق الأفعال عنه من عدة طرق، وقال على حديث أبي هريرة: ورواه عنه ابن حبان في صحيحه خلافا لما يوهمه صنيع المصنف من أنه إنما رواه من حديث البراء فقط ثم قال: على حديث ابن عباس: ورواه عنه أيضًا أبو داود في المصاحف، ثم قال على حديث عائشة: وفيه سعيد بن المرزبان الأعور، قال ابن معين لا يكتب حديثه، وقال البخارى: منكر الحديث وعلقه البخارى في آخر الصحيح، وقال ابن حجر: لم يصله البخارى في صحيحه، ووصله في خلق الأفعال عن البراء، وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه ابن حبان في صحيحه، وعن ابن عباس أخرجه الدارقطنى في الأفراد بسند حسن وعن ابن عوف أخرجه البزار بسند ضعيف. قلت: في هذا أمور، الأول: قوله: خلافًا لما يوهمه صنيع المصنف، فإن صنيع المصنف لا يوهم ذلك لا بمنطوق ولا مفهوم كما معلوم ضرورة، وإنما تعنت الشارح يوهمه ذلك. الثانى: قوله: ورواه البخارى في خلق الأفعال من عدة طرق صريح في أن الطرق التي عددها البخارى عن البراء نفسه وليس كذلك، فإنه لم يروه إلا من طريق طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء، ثم عدد الطرق عن طلحة فرواه عن عمر بن حفص عن أبيه عن الأعمش عن طلحة، ورواه عن

قتيبة عن جرير عن الأعمش عن طلحة، ورواه عن عثمان عن جرير عن منصور عن طلحة، ورواه عن محمد بن بشار عن غندر عن شعبة عن طلحة، ورواه عن محمود عن أبي داود عن شعبة عن طلحة، وهذا لا يقال فيه: إنه رواه من عدة طرق عن البراء، وإنما يقال: من عدة طرق عن طلحة. الثالث: قوله في حديث ابن عباس: ورواه عنه أيضًا أبو داود في المصاحف غلط، فإن المصاحف ليس هو لأبي داود وإنما هو لابنه عبد اللَّه. الرابع: إن هذا الحديث لم يخرجه ابن أبي داود في المصاحف أصلًا، ولا هو من موضوع كتابه فقد قرأناه بتمامه. الخامس: قوله في حديث عائشة: وفيه سعيد بن المرزبان الأعور. . . إلخ كذب، فإن حديث عائشة ليس في سنده المذكور لا عند أبي نعيم ولا عند غيره. فقد أخرجه الطبرانى في الأوسط قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح بن مسلم ثنا أحمد بن سعيد بن خَيْثَمَة الحمصى ثنا عبيد اللَّه بن القاسم ثنا سفيان الثورى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. وعن الطبرانى رواه أبو نعيم في الحلية. السادس: أنه رأى في ترجمة سعيد بن المرزبان من الميزان قول الذهبى: روى عبدة بن سليمان عن أبي سعيد -وهو سعيد بن المرزبان- عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعًا "زينوا القرآن بأصواتكم"، فنقله من حديث ابن عباس إلى حديث عائشة.

السابع: ولو فعل ذلك في حديث ابن عباس لكان مخطئًا أيضًا، لأنه لا يلزم من ذكر الذهبى للحديث في ترجمة رجل أن لا يكون له طريق آخر وأن يكون جميع من خرجه إنما رواه، من طريق ذلك الراوى الضعيف كما وقع له ذلك مرارًا ونبهنا عليه، وقد نقل هو نفسه عن الحافظ أنه قال في حديث ابن عباس: رواه الدارقطنى في الأفراد بسند حسن، نعم أخرجه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج من طريق أبي سعد البقال، وهو الطريق الذي ذكره الذهبى، قال أبو عمرو بن حمدان: حدثنا محمد بن جمعة بن خلف الحافظ ثنا أبو سعيد عبد اللَّه بن سعيد ثنا عبدة بن سليمان عن أبي سعد به. 1941/ 4578 - "زَيِّنُوا أعْيَادَكُم بِالتَّكْبِيرِ". (طص) عن أنس قال الشارح: وفي نسخة عن أبي هريرة، ثم قال -يعنى- الطبرانى لم يروه عن أبي كثير إلا عمر بن راشد ولا عن عمر إلا بقية، قال الحافظ: وعمر ضعيف ولا بأس بالباقين، وبقية وإن كان مدلسًا فقد صرح بالتحديث اهـ، وقال الهيثمى: فيه عمر بن راشد ضعفه أحمد وابن معين والنسائى. قلت: من غريب أمر الشارح أنه ولوع بالتعقب على المؤلف بالباطل وإلصاق العيب به والوهم المختلق الذي لا وجود له به، ثم إذا وقع للمصنف ما هو وهم حقيقة يصرفه اللَّه تعالى عن التنبه له حتى الا يكون مصيبا في شيء أصلًا لا في إقرار ولا في تعقب، فذكر أنس في هذا الحديث وهم وسبق قلم من المصنف بلا شك، ولكن الشارح جعل ذلك اختلافًا من النسخ، مع أنه نقل من مجمع الزوائد ومن أمالى الأذكار للحافظ ورأى الحديث فيهما من رواية أبي هريرة، وكذلك هو يراجع الترغيب للمنذرى والحديث فيه عن أبي

هريرة، وكذلك هو في معجم الطبرانى [1/ 215] مما يجعل الواقف على ذلك يجزم بأن ذكر أنس وهم. 1942/ 4579 - "زيِّنُوا الْعِيدَينِ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّقْدِيسِ". زاهر في تحفة عيد الفطر (حل) عن أنس قلت: سكت الشارح على الحديث وعلى "زاهر" فلم يعرف به كأنه ما سمع به قط، وهو زاهر بن طاهر الشحامى مسند نيسابور المتوفى سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. وله ذكر في الميزان ولسانه لأنه كان يخل بالصلاة، وكان من حق المصنف أن يؤخر ذكره عن أبي نعيم لأن أبا نعيم أقدم منه، والقاعدة في العزو تقديم السابق على اللاحق. أما الحديث فرواه أبو نعيم في ترجمة أبي قلابة من الحلية [2/ 288] من طريق على بن الحسن الشامى عن سفيان الثورى عن أيوب عن أبي قلابة وسفيان عن حميد وعاصم الأحول عن أنس به، وقال: غريب من حديث الثورى وأبي قلابة وأيوب لم نكتبه إلا من حديث على بن الحسن الشامى نزيل مصر تفرد به وبغيره عن الثورى. قلت: وهو ضعيف متروك. 1943/ 4580 - "زَيِّنُوا مَجَالِسَكُمْ بِالصَّلاةِ عَلَيَّ فَإنَّ صَلاتَكُمْ عَلَيَّ نُورٌ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". (فر) عن ابن عمر

قال في الكبير: وفيه عبد الرحمن بن غزوان أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: صدوق له غير حديث منكر، ومحمد بن الحسن النقاش قال الذهبى: أتهم بالكذب، والحسين بن عبد الرحمن قال في الميزان: تركوا حديثه وساق له أخبار هذا منها، ثم قال: منكر موقوف. قلت: قال الديلمى: أخبرنا أبي عن أبي القاسم الصيدلانى عن عبد الرحمن بن غرو عن الحسين ابن محمد بن أحمد التميمى عن محمد بن الحسن النقاش عن الفضل بن عبد الرحمن عن القاسم بن الحسين بن نافع عن نعيم المخزومى عن مالك عن نافع عن ابن عمر به. وبعد هذا فاسمع ما في كلام الشارح من الدواهى، الأولى: قوله: وفيه عبد الرحمن بن غزوان، فإن الذي عند الديلمى عبد الرحمن بن غرو أو غزو لا غزوان. الثانية: أن عبد الرحمن بن غزوان قديم جدًا مات سنة سبع ومائتين فكيف يكون بين الديلمى وبينه راويان فقط وبينهما نحو ثلاثمائة سنة؟! وأيضًا فإن عبد الرحمن بن غزوان روى عن مالك، والمذكور في الإسناد روى عن مالك بخمس وسائط وهو أيضًا من شيوخ أحمد وطبقته فكيف يروى عنه الديلمى بواسطتين؟!. الثالثة: ولو فرضنا أنه عبد الرحمن بن غزوان فهو ثقة من رجال البخارى فكيف يكون هو علة الحديث. الرابعة: أنه نقل عن الذهبى ذكره للحديث في ترجمة الحسين بن

عبد الرحمن وعده من منكراته، فكيف يعلله بعد ذلك بعبد الرحمن بن غزوان؟!. الخامسة: أنه عد من جملة من في سند الحديث الحسين بن عبد الرحمن وهو كذب صراح منه كما ترى، فإنه لا ذكر للحسين بن عبد الرحمن في السند السابق. السادسة: أن الحديث الذي ذكره الذهبى في ترجمة الحسين بن عبد الرحمن هو من حديث عائشة، وهذا من حديث عبد اللَّه بن عمر، قال الذهبى [1/ 540 رقم 2018]: قال جعفر بن محمد بن أبي العجوز الخطيب: ثنا الحسين بن عبد الرحمن الاحتياطى ثنا عبد اللَّه بن إدريس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: "زينوا مجالسكم بالصلاة على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبذكر عمر بن الخطاب" ثم قال: هذا منكر موقوف اهـ. السابعة: أن هذا موقوف من كلام عائشة، والذي في المتن مرفوع من كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأيضًا هذا فيه ذكر عمر وحديث الباب ليس فيه ذلك. الثامنة: أنه نقل عن الذهبى قوله: هذا منكر موقوف، وهو يعلم أن كتاب المصنف خاص بالمرفوع، وفي نفس الحديث ما هو صريح في ذلك وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: عليَّ في موضعين، فكل هذه الأمور الصريحة الواضحة لم تكن كافية لتنبه الشارح واحترازه من الوقوع في هذه الأخطاء المزرية والأوهام المسقطة عن درجة الاعتبار. 1944/ 4581 - "زَيِّنُوا مَوَائِدكُمْ بَالْبَقْلِ فَإِنَّهُ مَطْرَدَةٌ لِلشَّيْطَانِ مَعَ التَّسْمِيَةِ". (حب) في الضعفاء، (فر) عن أبي أمامة قال الشارح: بإسناد ضعيف.

وقال في الكبير: فيه إسماعيل بن عياش مختلف فيه عن برد بن سنان، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: قال أبو داود: يرى القدر، ورواه عنه أيضًا أبو نعيم وعنه الديلمى مصرحًا فلو عزاه له لكان أولى. قلت: بل لو سكت عن الخوض فيما لا تعرف لكان أولى، فإن برد بن سنان ثقة، وإسماعيل بن عياش صدوق لا يتحملان هذا الباطل ولا يحدثان به، وإنما علة الحديث فيمن قبلهما وهو العلاء بن مسلمة فإنه كذاب وضاع، وفي ترجمته أخرجه ابن حبان وقال: يروى عن الثقات الموضوعات لا يحل الاحتجاج به بحال، وقال ابن طاهر: كان يضع الحديث، وأورد ابن الجوزى هذا الحديث في الموضوعات وأعله به، وتابعه الحسن بن شبيب المكتب عن إسماعيل بن عياش لكنه قال: عن برد بن سنان عن مكحول عن واثلة أخرجه المحاملى وذكره الديلمى أيضًا من طريقه طريق العلاء بن مسلمة، والمُكتب أيضًا هالك، قال ابن عدى: حدث بالبواطيل عن الثقات، وفي ترجمة المكتب هذا أخرجه الذهبى من طريق المحاملى وقال: آفته المكتب. 1495/ 4582 - "الزَّائِرُ أخَاهُ فِي اللَّهِ أعْظَمُ أجْرًا مِنَ المزَورِ". (فر) عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا البزار ومن طريقه تلقاه الديلمى فعزوه للفرع دون الأصل غير جيد. قلت: بل جهلك بالرجال وتخليطك بينهم التخليط المضحك غير جيد، فالبزار المذكور في سند هذا الحديث ليس هو صاحب المسند المشهور ذاك اسمه أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، والمذكور في السند على بن أحمد بن الهيثم البزار، فبينهما من البعد والتباين ما بين الشارح والتحقيق.

قال الديلمى: أخبرنا أحمد بن سعد عن الخطيب قال: أخبرنى الساجى أحمد بن إبراهيم بن عبد اللَّه حدثنا أبو الفتح يوسف بن عمر القواس حدثنا على بن أحمد بن الهيثم البزار حدثنا عامر بن محمد أبو نصر الكوار البصرى حدثنى أبي عن جدى قال: زار ثابت البنانى ويزيد الرقاشى أنس بن مالك فلم يجداه في بيته، فلما جاء أظهر لهما الغضب وقال: ألا قلتما لى حتى كنت أعد لكما، ثم قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "الزائر أخاه المسلم الآكل طعامه أعظم أجرا من المزور المطعم في اللَّه عز وجل". والعجب أن الديلمى أخرجه من طريق الخطيب وهو عنده في التاريخ [4/ 21] في ترجمة الساجى الذي رواه عنه، فلو تعقب الشارح به لكان له نوع من الصواب، ولكنه أبي إلا أن يذهب للبزار الذي لا وجود له في الإسناد، ثم إنه وقع من المصنف في هذا الحديث تصرف كما ترى، وكذلك وقع من الديلمى، فإنه أخرجه من طريق الخطيب، والخطيب أورده بلفظ: "الزَائرِ أخاه في بيته الآكل من طعامه أرفع درجة من المطعم له"، وبهذا اللفظ أورده الذهبى في الميزان [2/ 362، رقم 4092] في ترجمة عامر بن محمد وقال: إنه باطل، وأقره الحافظ في اللسان، وكان الواجب على المصنف أن لا يذكره، فإن علامة الرضع لائحة عليه. 1946/ 4584 - "الزَّانِي بِحَلِيْلَة جَارِهِ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلِيهِ يَوْمَ القَيَامَةِ، وَلا يُزَكِّيه، ويَقُولُ له: ادخلِ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلينَ". الخرائطي في مساوئ الأخلاق (فر) عن ابن عمرو قال الشارح في الشرحين: الخرائطي في مكارم الأخلاق.

قلت: هكذا يقلب الشارح الأمور ويعكسها وهو لا ينظر ما أمامه، فالمصنف يقول: في مساوئ الأخلاق، وهو يقول: في مكارم الأخلاق، مع [أن] الحديث ليس من موضوع كتاب المكارم ولكنه من موضوع كتاب المساوئ الذي هو كشرح هذا الشارح عفا اللَّه عنا وعنه فهو شرح الأخطاء والهفوات. 1947/ 4585 - "الزَّبَانِيَةُ إلى فَسَقَةِ حَمَلَةِ القُرْآنِ أَسْرَعُ مِنْهُمْ إلى عَبَدَةِ الأَوْثَانِ فَيَقُولُونَ: يُبْدَأْ بِنَا قَبْلَ عَبَدَةِ الأوْثَانِ؟ فَيُقَالُ لَهْمُ: لَيْسَ مَنْ يَعْلَمُ كَمَنْ لَا يَعْلَمُ". (طب. حل) عن أنس قال الشارح: لفظ رواية الطبرانى: "للزبانية" وعليه فكان حقه أن يُوردَ في حرف اللام. قلت: من هذا يظهر لك أن الشارح متعنت فإنه تنبه هنا لهذا الفرق الدقيق مع أنه قد يكون الأصل الذي وقف عليه اختلط فيه الألف باللام فصار "للزبانية"، ثم هو دائمًا يتعقب المصنف على عدم عزوه الحديث لمخرجين أخرجوه بلفظ آخر بينه وبين الحرف المذكور فيه بون بعيد مع أن المصنف يكون قد ذكره في حرفه. ثم قال الشارح في الكبير: تنبيه قال ابن عبد السلام في أماليه: ظاهر الحديث أن العالم أكثر عذابا من الجاهل وليس ذلك على إطلاقه، ثم ذكر تفصيلًا فاطلبه من الأمالي. قلت: هذا الكلام نقله من اللآلئ المصنوعة للمؤلف ولم يعزه إليه، وإنما لم يذكر كلام ابن عبد السلام بتمامه؛ لأن الحافظ المصنف لم يذكر إلا هذا القدر من جملة شواهد الحديث.

ثم قال في الكبير أيضًا بعد ذكر مخرجي الحديث، قال ابن حبان: حديث باطل، وابن الجوزى: موضوع، قال المنذرى: لكن له مع غرائبه شواهد. قلت: انظر كيف أعرض هنا عن ذكر تعقب المؤلف على ابن الجوزى وانتقل إلى كلام المنذرى، لأن المؤلف أكثر من إيراد شواهد الحديث في نحو صحيفة، ولو كان الموضوع ضيقًا ولم يورد له إلا طريقًا أو شاهدًا نقل ذلك وقال ولم يتعقبه المؤلف بشيء أو لم يضع المؤلف شيئًا ولم يذكر له إلا شاهدًا. 1948/ 4568 - "الزَّبِيْبُ والتَّمُرُ هُو الخَمْرُ". (ن) عن جابر قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وأصله قول ابن حجر في الفتح: سنده صحيح. قلت: ومن عرفك أن ذلك هو أصله حتى جزمت به، بل أصله أن المؤلف رأى سند الحديث، فحكم بصحته من نفسه رغمًا على أنف الجهول. 1949/ 4589 - "الزَّكَاةُ قَنْطَرَةُ الإسْلامِ". (طب) عن أبي الدرداء قال في الكبير: قال ابن الجوزى: حديث لا يصح، وقال الهيثمى: رجاله موثقون إلا بقية فمدلس، وقال الكمال بن أبي شريف في تخرج أحاديث الكشاف: فيه الضحاك بن حمزة وهو ضعيف. قلت: حرف كلام الهيثمى تحريفًا يوقعه في ظن صدور الوهم منه، فإنه قال [3/ 62]: ورجاله موثقون إلا أن بقية مدلس وهو ثقة اهـ. وهذه عبارة لا شبهة فيها بخلاف نقل الشارح عنه، أما قوله: وقال الكمال

ابن أبي شريف في تخريج الكشاف، فلا أدرى ما أقول فيه هل هو كذب مقصود أو سبق قلم كما يعتذر به عن العالم الذي لم يجرب عليه الكذب ولم يفحش خطؤه كهذا الرجل، فإن الكمال بن أبي شريف لم نعلم له تخريجًا لأحاديث الكشاف، ولو فرضنا أنه له، فهذا النقل إنما هو من تخريجًا للحافظ وقد رجع هو إلى الحق فقال في الصغير: قال ابن حجر: بإسناد ضعيف لضعف الضحاك بن حمزة اهـ. وهذا مع رجوعه فيه إلى الصواب، فإنه لم يصرح بالكتاب الذي ذكر الحافظ فيه ذلك، ثم إنه حرف اسم والد الضحاك فقال: حمزة بفتح الحاء والزاي المعجمة وإنما هو "حمرة" بضم الحاء والراء المهملة. والحديث خرجه أيضًا ابن فيل في جزئه، ومن طريقه القضاعى في مسند الشهاب [رقم 270] والبيهقى في الشعب، وابن عدى في الكامل، ومن طريقه أورده ابن الجوزى في العلل المتناهية [2/ 2] وأعله بالضحاك بن حمرة وقال: ضعفه النسائى وابن معين، ومشاه ابن عدى وقال: أحاديثه حسان غرائب. 1950/ 4590 - "الزَّكَاةُ في هذِه الأرْبَعَةِ الحِنْطَةُ، والشَّعِيْرُ، والزَّبِيبُ، والتَّمْرُ". (قط) عن عمر قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة له والأمر بخلافه، فقد قال ابن حجر -يعنى الحافظ ابن حجر-: فيه العرزمى وهو متروك، وعجيب من المصنف كيف آثر هذه الرواية المطعون فيها على الحديث المتصل الثابت وهو خبر الحاكم والبيهقى: "لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة الشعير، والحنطة والزبيب، والتمر"، قال البيهقى: رواته ثقات وهو متصل، واللائق في

أحاديث الأحكام أن يتحرى منها ما تقوم به الحجة. قلت: وعجب من الشارح كيف يذكر حديثًا مصدرًا بـ "لام ألف"، ويحب من المصنف أن يذكره في حرف "الزاي" مع أنه تعقبه قريبًا قبل حديثين في حديث "الزبانية أسرع إلى فسقة حملة القرآن" بأنه رأى في الأصول لفظ الحديث "للزبانية" باللام، وأنه كان من حق المصنف أن يذكره في حرف اللام، ثم إن ما نقله عن البيهقى من قوله: رواته ثقات وهو متصل كذب لا أصل له، فإن البيهقى لم يقل ذلك، وقوله: واللائق في أحاديث الأحكام. . . إلخ تلبيس مكشوف، فإن ذلك حق لو كان كتاب المؤلف خاصا بأحاديث الأحكام أو ذكره استدلالا على الحكم، أما وكتابه مرتب على حروف المعجم ومقصود به إيراد الأحاديث لتعرف ويستفاد ما هو وارد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من صحيح وحسن وضعيف ومنكر فلا. 1951/ 4591 - "الزِّنَا يُورِثُ الفَقْرَ". القضاعى (هب) عن ابن عمر قال في الكبير: قال العامري في شرح الشهاب: غريب. قلت: العامرى أحمق يحكم على الأحاديث بهواه وذوقه فيعطي كل حديث لقبًا من ألقابه الحديثية ويحكم عليه حكما بحسب ما يقتضيه فوقه، فتارة يعبر عن المنكر والموضوع بأنه صحيح، وتارة يقول عن الصحيح المتواتر غريب، وهكذا فهو ساقط عن درجة الاعتبار ولا يعتبره إلا ساقط مثله، فالحديث ليس بغريب كما يقوله العامرى ويقره عليه الشارح، لأنه ورد عن ابن عمر من طريقين من رواية مجاهد عنه عند ابن حبان في الضعفاء والقضاعي [رقم 66] والديلمى، ومن رواية نافع عنه عند الحاكم في تاريخ نيسابور والديلمى،

وورد هذا المعني أيضًا من حديث على وابن عباس وحذيفة وغيرهم، فلا غرابة إلا في عقل العامرى!. 1952/ 4592 - "الزِّنْجُّي إِذَا شَبعَ زَنَا، وإِذَا جَاعَ سَرَقَ، وإِنَّ فيهم لسماحةً ونَجْدَةً". (عد) عن عائشة قال في الكبير: أورده ابن الجوزى في الموضوع، وأعله بعنبسة البصرى، وقال: متروك، وتعقبه المصنف بأن له شاهدًا، وقال السخاوي: له شاهد عند الطبرانى في الأوسط: "الأسود إذا جاع سرق، وإذا شبع زنا" وفي الكبير: "قيل يا رسول اللَّه: ما يمنع حبش بني المغيرة أن يأتوك إلا أنهم يخشون أن تردهم. قال: لا خير في الحبش إذا جاعوا سرقوا، وإذا شبعوا زنوا". قلت: كذب على المصنف إذ قال: تعقبه بأن له شاهدا، فإن المصنف قال عقب إيراد ابن الجوزى للحديث قلت: له شواهد قال الطبرانى [11/ 428]: حدثنا عبدان بن أحمد حدثنا محمد بن عمرو بن العباس الباهلي حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا خير في الحبش إذا جاعوا سرقوا، وإذا شبعوا زنوا، وإن فيهم لخلتين حسنتين إطعام الطعام وبأس عند البأس"، قال الذهبى في المغنى: عوسجة عن ابن عباس روى له أبو داود مجهول، وقال الحميدي في مسنده: ثنا مهدى بن ميمون عن واصل عن هلال عن مولى بني هاشم قال: بلغنا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من شر رقيقكم السودان إن جاعوا سرقوا وإن شبعوا زنوا". وقال أبو نعيم [2/ 170]:

حدثنا أبي حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى ثنا أبو بكر الطرسوسى ثنا سليمان بن داود ثنا الدراوردى عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي عن خالد ابن عبد اللَّه ابن حسين عن عباد بن عبيد اللَّه بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "شر الرقيق الزنجى إذا شبعوا زنوا وإن جاعوا سرقوا" اهـ. ثم إنه عدل عن نقل هذا من كلام المصنف إلى كلام السخاوي. 1953/ 4595 - "الزُّهْدُ في الدُّنْيَا يُرِيْحُ الْقَلْبَ والْبَدَنَ، والرَّغْبَةُ في الدُّنْيَا تُطِيْل الْسَهَّم وَالحَزَنَ". (حم) في الزهد، (هب) عن طاوس مرسلًا. قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مسندًا لأحد وهو عجيب، فقد رواه الطبرانى في الأوسط عن أبي هريرة وفيه أشعث بن نزار، قال الهيثمى: لم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا على ضعف فيهم، ثم ظاهر كلامه أيضًا أنه لا علة في هذا المرسل سوى الإرسال، وليس كذلك بل فيه الهيثم بن جميل قال الذهبى في الضعفاء: حافظ له مناكير. قلت: المصنف أورد حديث أبي هريرة الموصول قبل هذا مباشرة ملاصقًا له ليس بينهما حديث أصلًا، وعزاه للطبراني في الأوسط وابن عدى، والبيهقى في الشعب، وكتب عليه قال المنذرى: إسناده مقارب، ثم قال في هذا المرسل ما تري، ثم إن قوله في الهيثم بن جميل: قال فيه الذهبى: حافظ له مناكير كذب على الذهبى، فاسمع قول الذهبى بنصه [4/ 320 رقم 9293]: الهيثم بن جميل بن سهل البغدادى ثم الأنطاكي الحافظ عن حماد بن سلمة ومالك وعنه أحمد والذهلي ومحمد بن عوف وآخرون الوليد بن

برد: ثنا الهيثم بن جميل ثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار"، قال الدارقطنى: ثقة حافظ، وقال العجلي: ثقة صاحب سنة، وقال أحمد: ثقة، وقال ابن عدى: ليس بالحافظ يغلط على الثقات، وأرجو أنه لا يتعمد الكذب، قلت: مات سنة ثلاث عشرة ومائتين اهـ. كلام الذهبى بحروفه. ثم إن الهيثم بن جميل وثقه جماعة آخرون، فإن قلت: لعله أخذ ذلك من إيراد الذهبى للحديث في ترجمته، قلت: الذهبى لم يصرح بنكارة الحديث، ولو فرضنا ذلك فإنه يكون أورد له منكرًا واحدًا لا مناكير، وأيضًا فالحديث الذي أورده له الذهبى لم ينفرد به، بل توبع عليه وصححه الترمذى في سننه. 1954/ 4596 - "الزُّهْدُ في الدُّنيا يُريحُ القَلْبَ والبَدَنَ، والرَّغْبَةُ فيها تُكْثِرُ الهَمَّ والحَزَنَ، والبَطَالَة تُقسِي الْقَلْبَ". القضاعى عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه أيضًا ابن لال والحاكم والطبرانى والديلمى وغيرهم، فعدول المصنف للقضاعي واقتصاره عليه غير جيد. قلت: الحديث ما خرجه أحد من المذكورين باللفظ المذكور من حديث عبد اللَّه ابن عمرو أصلًا، وإنما أخرجه القضاعى كما قال المصنف. قال القضاعى [رقم 278]: أخبرنا هبة اللَّه بن إبراهيم الخولانى أنا يوسف بن أحمد الصيدلاني بمكة ثنا أبو التريل الأطرابلسي ثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج ثنا بقية بن الوليد عن بكر بن خنيس عن مجاهد عن عبد اللَّه بن عمرو به. * * *

حرف السين

حرف السين 1955/ 4614 - " سَابِقُنَا سَابِقٌ، ومُقْتَصِدُنَا نَاج، وَظَالِمُنَا مَغْفُورٌ له". ابن مردويه والبيهقى في البعث عن عمر قال في الكبير: أخرجه ابن مردويه عن الفضل بن عمير الطفاوي عن ميمون الكردي عن عثمان النهدي عن ابن عمر بن الخطاب، وأعله العقيلى بالفضل وقال: لا يتابع عليه، والبيهقى في البعث عن ابن عمر بن الخطاب، وفيه أيضًا الفضل بن عميرة القرشى، قال في الميزان عن العقيلى: لا يتابع على حديثه، ثم ساقا له هذا الخبر، رواه عنه عمرو بن الحصين وعمرو ضعفوه اهـ. وتعجب منه ابن معين فكأنه استنكره، وقال في الصغير: رواه ابن مردويه والبيهقى في البعث عن ابن عمر بن الخطاب وهذا منكر. قلت: في هذا أوهام: الأول: قوله: عن عثمان النهدي وإنما هو أبو عثمان وهو أشهر من نار على علم لا يخفى إلا على مثل الشارح. الثانى: قوله في الكتابين عن ابن عمر مع زيادة ابن الخطاب لرفع إيهام ابن

عمرو بن العاص، والحديث إنما هو عن عمر وكذلك هو في المتن. الثالث (¬1): الرابع: نقله عن العقيلى أنه قال: لا يتابع عليه، والعقيلى إنما قال: لا يتابع على حديثه، وفرق بين العبارتين لأن قوله: لا يتابع عليه نص على خصوص هذا الحديث وإعلام بأنه انفرد به إما سندًا وإما متنا أو معني، وقوله: لا يتابع على حديثه معناه: أنه يغرب وينفرد في أحاديثه، والمراد أكثرها إذ لا يمكن أن يوجد راو لا يروى إلا ما هو غريب، اللهم إلا أن يكون فعلًا لم يرو إلا حديثًا أو حديثين، وإذا كان المراد ذلك فقد لا يكون هذا الحديث مما لم يتابع عليه وهو الواقع، فإنه توبع عليه سندًا ومعنى، فإن البيهقى لم يخرجه من طريقه كما سأذكره. الخامس: قوله: وفي سند البيهقى أيضًا الفضل بن عميرة القرشى، فإن البيهقى لم يروه من طريقه، بل رواه عمن تابعه عليه عن ميمون الكردي وهو حفص بن خالد إلا أنه قال: عن ميمون بن سعياه الكردي عن عمر، ولم يذكر أبا عثمان النهدي، ولذلك قال البيهقى عقبه: فيه إرسال بين ميمون وعمر فالجزم بأنه رواه أيضًا من طريق الفضل من تهور الشارح. السادس: قوله: فيه القرشى وإنما هو القيسي بالياء والسين المهملة. السابع: قوله: قال في الميزان عن العقيلى: لا يتابع على حديثه ثم ساقا له هذا الخبر كذب صراح، فإن الذهبى لم يسق الخبر بعد نقله عن العقيلى بل ساقه أولًا فقال ما نصه: الفضل بن عميرة القيسي عن ميمون بن سياه عن أبي عثمان النهدي سمعت عمر سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "سابقنا. . . " ¬

_ (¬1) ذكر المؤلف رحمه اللَّه هذه اللفظة ولم يأت بمضمونها، وكتب بعدها مباشرة: "الرابع".

الحديث، رواه عنه عمرو بن حصين، وعمرو ضعفوه، قال العقيلى: الفضل هذا لا يتابع على حديثه، قال شيخنا أبو الحجاج: هو أبو قتيبة بصري، روى عن ثابت البناني وميمون الكردي وعنه جعفر بن سليمان وحرمي بن عمارة وغيرهما ذكره ابن حبان في الثقات، قال الذهبى: بل هو منكر الحديث ثم أسند من طريقه حديثًا في فضل على، وهو الذي أثار غضب الذهبى حتى عارض ابن حبان في توثيقه وجرحه هو على قاعدة النواصب في تجريح الراوى لفضائل على عليه السلام، والمقصود أن الذهبى أورد من مناكيره حديثًا آخر أما هذا فذكره للتعريف به حيث اشتهر هو برواية الحديث، وبين أن الضعف فيه من الراوى عنه وهو عمرو بن الحصين على أنه لو أراد الذهبى ذلك لما سلم له، فإن الحديث غير ضعيف بل هو حسن أو صحيح بالنظر إلى شواهده، وقد اختصر الذهبى من كلام العقيلى قوله: وقد روى يعنى هذا الحديث بإسناد أصلح من هذا. الثامن: قوله: وتعجب منه ابن معين، فإن هذا النقل عن ابن معين غير موجود ولو كان ابن معين حيا ورأى كتاب الشارح لأبدى عجبه الشديد منه، ولعده في مقدمة شيوخ الوضاعين المطرحين الذين لا يلتفت إلى شيء من روايتهم ونقلهم، فإن الراوى الضعيف إما أن يكون ضعفه لكذبه أو لكثرة أوهامه وفحش خطئه، وهذا الشارح جمع بين الأمرين وضرب في كل منهما بأكبر حظ وأوفر نصيب فلا يقبل قوله ولا نقله. التاسع: قوله في الصغير: وهذا منكر، فان الحديث ليس بمنكر وإنما المنكر الحكم عليه بالمنكر، بل هو حسن كما رمز له المصنف، وبيان ذلك أخرجه ابن مردويه وابن لال ومن طريقه الديلمى في مسند الفردوس، والثعلبي في

التفسير، ومن طريقه البغوى والواحدي في الوسيط والعقيلي كلهم من رواية عمرو بن الحصين عن الفضل بن عميرة عن ميمون بن سياه، وعمرو بن الحصين وإن كان ضعيفًا فقد توبع عليه، وكذلك الفضل بن عميرة توبع عليه، مع توثيق ابن حبان له، فرواه البيهقى في البعث والنشور من وجه آخر من رواية حفص بن خالد عن ميمون بن سياه، ومن وجه ثالث من طريق سعيد ابن منصور: حدثنا فرج بن فضالة حدثنا أزهر بن عبد اللَّه الحرازي عمن سمع عمر يقول، فذكره موقوفًا وهو في حكم المرفوع، لأنه لا مدخل للرأى فيه فزال ما يخشى من ضعف عمرو بن الحصين وتفرد الفضل بن عميرة فارتقى إلى الحسن، هذا بالنسبة إلى حديث عمر وحده، أما بانضمام شواهده إليه فهو يرتقي إلى الصحيح بلا شك فقد ورد هذا المعنى أيضًا من حديث أسامة بن زيد وأبي سعيد الخدرى وأبي الدرداء وعوف بن مالك وحذيفة وعائشة وابن مسعود وابن عباس موقوفًا وعن جماعة من التابعين مقطوعًا. فحديث أسامة رواه الطبرانى وابن مردويه والبيهقى في البعث والثعلبي في التفسير. وحديث أبي سعيد رواه أحمد والترمذى وابن أبي حاتم، وابن جرير. وحديث أبي الدرداء رواه أحمد وابن أبي حاتم، والحاكم في المستدرك والبغوي في التفسير، وله عند أحمد طريقان أحدهما صحيح. وحديث عوف بن مالك رواه ابن أبي حاتم والطبرانى. وحديث حذيفة رواه الديلمى في مسند الفردوس. وحديث عائشة الموقوف رواه أبو داود الطيالسي والحاكم في المستدرك.

وحديث ابن عباس وابن مسعود رواهما ابن جرير، وقد ذكرت أسانيد هذه الأحاديث ومتونها في تخريج أحاديث عوارف المعارف للسهروردي. 1956/ 4615 - "سادات السودان أربعة: لقمان الحبشي، والنجاشي، وبلال، ومهجع". ابن عساكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر مرسلا قال في الكبير: رواه ابن عساكر من طريق ابن المبارك مصرحًا، فلو عزاه المصنف إليه لكان أولى. قلت: هذا جهل فابن المبارك له مصنفات قليلة ليس فيها من أحاديثه الربع بل ولا العشر وجل الأحاديث المروية من طريقه في كتب أصول السنة ليست هي مذكورة في كتبه إنما هي متلقاة عنه، ولو كان هذا كذلك في حق ابن الميارك لكان أيضًا في حق مالك والثوري وابن عيينة وحماد بن سلمة وحماد بن زيد ووكيع وعبد الرزاق والطيالسي ومدد وجماعة كثيرة من الحفاظ الذين يكثر وجودهم في أسانيد الأحاديث، ولهم مصنفات فيقال على هذا الاختراع العجيب في كل حديث يوجد فيه مالك مثلًا يجب عزوه إلى مالك، وإن لم يكن في موطئه، وإلى الثورى وإن لم يكن في جامعه، وهكذا كما يقوله هذا الرجل في حديث [ابن] المبارك الذي هو غير موجود في مصنفاته، ولو سلمنا أنه مخرج فيها فالعزو إلى المتأخرين الذين يخرجون من طريقه كابن عساكر في هذا الحديث هو اصطلاح المحدثين ولا يعزون إلى كتب الأقدمين كابن المبارك والثوري وابن عيينة، إلا ما لم يخرجه المتأخرون، وذلك لتداول كتب المتأخرين وأشتهارها دون كتب المتقدمين إلا موطأ مالك لتداوله وشهرته، على أن كثيرا من الحفاظ لا يعزو إليه ما فيه مما هو مخرج في الصحيحين والسنن الأربعة ومسند أحمد.

1957/ 4616 - "سَارِعُوا في طَلَبِ الْعِلْمِ، فَالحَدِيْث مِنْ صَادِقٍ خَيْر مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ". الرافعي في تاريخه عن جابر. قلت: هذا حديث موضوع في نقدي وإن لم أقف على سنده. 1958/ 4617 - "سَاعَاتُ الأذَي يُذهِبْنَ سَاعَاتِ الخَطَايَا". ابن أبي الدنيا في الفرج عن الحسن مرسلًا قال في الكبير: رواه البيهقى عن الحسن أيضًا، فلو عزاه المصنف له لكان أولى. قلت: المصنف عزاه للبيهقى بعد هذا مباشرة. 1959/ 4618 - "سَاعَاتُ الأذَي في الدنيا يُذْهِبْنَ سَاعَاتِ الأذَي في الآخرِة". (هب) عن الحسن مرسلًا، (فر) عن أنس. قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا ابن شاهين وابن صاعد، وعنهما أورده الديلمى، فاقتصار المصنف عليه تقصير. قلت: لو قيل له: في أي كتاب خرجه ابن شاهين وابن صاعد لبلِّج (¬1) ولم يجد جوابًا فكان حفه أن يسكت، ثم إن ابن صاعد لم يخرجه وإنما رواه ابن شاهين في الترغيب عنه، فقال ¬

_ (¬1) بلِّج: أو صد أو أغلق، وهي لغة شمال المغرب، انظر "معجم شمال المغرب تطوان وما حولها" (ص 31) للدكتور/ عبد المنعم سيد عبد العال، طـ دار الكاتب العربى القاهرة 1388 هـ - 1968 م.

حدثنا ابن صاعد حدثنا سعد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم المصرى حدثنا إسماعيل بن إسحاق الأنصارى حدثنا عثمان بن عبد اللَّه القرشى حدثنا رقبة العبدى يعنى: ابن مصقلة عن الحسن وثابت البناني عن أنس به. 1960/ 4621 - "سَاعَةٌ في سَبيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ خَمْسَيْنَ حجَّةٍ". (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه أبو يعلى ومن طريقه وعنه تلقاه الديلمى، فاقتصار المصنف على عزوه للفرع دون الأصل غير جيد. قلت: هو غير جيد في نظر الجهلة ولا قائل بأنه غير جيد من أهل العلم أصلًا، ثم إن قوله: رواه أبو يعلى يفيد أنه في معجمه الكبير المشهور الذي يطلق عند العزو، وهو إنما خرجه في المعجم الصغير الذي هو من رواية أبي بكر بن المقرى عنه، والحفاظ إذا عزوا إلى هذا قيدوه دون الآخر، ثم إن قوله: ومن طريقه وعنه عبارة سخيفة متناقضة، أما من طريقه فصحيح وأما عنه فباطل لأنه لم يروه عنه مباشرة إذ بينهما مائتا سنة أو أكثر، وإنما رواه بثلاث وسائط، فقال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سليم أخبرنا إبراهيم بن منصور ثنا ابن المقرى ثنا أبو يعلى ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهرى ثنا أبو توبة ثنا محمد بن بكر الهلالي عن طاوس ومكحول عن ابن عمر به، ثم على مقتضى تعنت الشارح نقول: إن الحديث خرجه إبراهيم بن سجد الجوهرى الحافظ صاحب المسند، فعزوه للفرع دون الأصل غير جيد.

1961/ 4622 - "سَاعَةٌ مِنْ عَالِمٍ مُتَّكِئ عَلَى فراشِهِ يَنظُر في عِلْمِهِ خَيْرٌ مِنْ عَبادَةِ العَابِدِ سَبْعِينَ عامًا". (فر) عن جابر قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو نعيم ومن طريقه، وعنه رواه الديلمى مصرحًا، فلو عزاه المصنف للأصل لكان أولى. قلت: هذه سخافة تقدم الكلام عليها مرارًا، ثم إن كل ما يخرجه الديلمى من كتب أبي نعيم يرويه عن الحداد عنه وهذا لم يروه عن الحداد، فالظاهر أن أبا نعيم لم يخرجه في مصنفاته. قال الديلمى: أخبرنا أبو منصور ابن مندويه عن أبي نعيم عن الحسين بن أحمد الرازى عن أبي جعفر محمد بن إسحاق الخطيب عن أبي نصر منصور بن محمد عن محمد بن سعيد الماليني عن محمد بن عبيد اللَّه المدنى عن أبي أويس عن صفوان بن سليم عن جابر به. قلت: وهو حديث باطل موضوع ورجاله جلهم مجاهيل. 1962/ 4623 - "سَاعَتَان تُفْتَحُ فِيهمَا أبْوَابُ السَّمَاءِ، وقَلَّمَا تُردُّ عَلَى داعٍ دَعْوَتَهُ لِحُضُورِ الصَّلَاةِ والصف فِي سَبِيلِ اللَّهِ". (طب) عن سهل بن سعد الساعدي قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأعلى من الطبرانى وهو غفول عجيب، فقد خرجه الإمام مالك كما في الفردوس باللفظ المذكور.

قلت: إنما الغفول الأعجب من الشارح الذي لا يحقق ما يقول، فإن مالكًا خرجه بلفظ: "ثنتان"، ولم يخرجه هو وحده، بل كذلك رواه أبو داود [رقم 2540]، وابن حبان [3/ 110]، والحاكم [1/ 198]، وقد ذكره المصنف سابقًا في حرف الثاء المثلثة وعزاه للمذكورين. 1963/ 4625 - "سَافِرُوا تَصحُّوا وَتَغْنَمُوا". (هق) عن ابن عباس، الشيرازي في الألقاب (طس) وأبو نعيم في الطب، والقضاعي عن ابن عمر قال في الكبير: ثم قال الطبرانى لم يروه عن ابن دينار إلا محمد بن رواد، قال في المهذب: ابن رواد واه اهـ. وفي الميزان عن الأزدي لا يكتب حديثه، ثم أورد له هذا الخبر، وقد علمت أن روادًا تفرد به فالحديث لأجله شديد الضعف. وقال في الصغير: إسناده واه. قلت: هذا باطل من وجوه: الأول: أن الحديث أورده المصنف من طريقين: من حديث ابن عباس، ومن حديث ابن عمر وهو إنما تكلم على حديث ابن عمر، فكيف يحكم عليه من أجل سند واحد! الثانى: قوله: وقد علمت أن روادا تفرد بهذا الحديث، فإنه أخذه من قول الطبرانى السابق وهو غير فاهم له، فإن الطبراني إنما يقول: تفرد به عن ابن دينار خاصة لا تفرد بالحديث من أصله، فإنه ورد عن ابن عمر من طريق آخر من رواية نافع عنه، أخرجه ابن حبان في الضعفاء. الثالث: أنه حكم على الحديث بأنه واه من أجل قول الذهبى في ابن رواد:

إنه واه، ولا يلزم من أن يكون الراوى واهيا أن يكون حديثه كذلك، لاحتمال وروده من وجه آخر وارتفاعه بالمتابعات والشواهد. الرابع: أن ما قاله الذهبى في المهذب غير مسلم بل هو إسراف منه، فإن عبارات الجرح التي ذكرها في ابن راود في الميزان لا تدل على أنه واه لاسيما وقد ذكره ابن حبان في الثقات. الخامس: أن الحديث له طرق أخرى ذكر المصنف منها حديث أبي سعيد وحديث أبي هريرة وحديث ابن عباس ومرسل محمد بن عبد الرحمن، وكتبها الشارح بيده ثم مع ذلك قال: إنه واه. 1964/ 4628 - "سَافِروا مَعَ ذَوِي الجُدُودِ والمَيْسَرةِ". (فر) عن معاذ قال في الكبير: فيه إسماعيل بن زياد، فإن كان الشامى، فقد قال الدارقطنى: يضع الحديث أو الشقري، فقال ابن معين: كذاب، أو السكوني فجزم الذهبى بأنه كذاب. قلت: الحديث موضوع وإسماعيل بن زياد المذكور في سند الحديث هو السكوني وأمره واضح لا يخفى على من له دراية بهذا الفن، فإن الديلمى رواه من طريقه، وقال: إسماعيل بن أبي زياد كما في نسختنا عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ به، والذهبي قال في الميزان: إسماعيل بن زياد، وقيل: ابن أبي زياد السكوني قاضي الموصل، قال ابن عدى: منكر الحديث يروى عن شعبة وثور بن يزيد. . . إلخ، فإذ رآه ذكر أنه يروى عن ثور بن يزيد ورأى الحديث عند الديلمى من روايته عنه لم يبق له شك في أنه السكوني ولكنه بعيد عن دراية الفن.

1965/ 4629 - "سَاقِى القَوْمِ آخَرُهُمْ". (حم. تخ. د) عن عبد اللَّه بن أبي أوفى قال في الكبير: ورواه مسلم في الصلاة مطولًا، والترمذى، وابن ماجه كما هنا في الأشربة، والنسائى في الوليمة، فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد أبي داود به عن الستة غير جيد. قلت: في هذا أمور، الأول: أن مسلما خرجه [1/ 474 رقم 311] أثناء حديث كما يعترف به هو ويدلسه بقوله: مطولا حتى يوهم أنه خرجه أول حديث وزاد فيه فطوله، والصنف لا يورد الحديث من أوله مراعيا لفظه عند مخرجيه. الثانى: ومع ذلك فهو عنده من حديث أبي قتادة لا من حديث عبد اللَّه بن أبي أوفى. الثالث: أن الترمذى [رقم 1894]، وابن ماجه [رقم 3434] خرجاه بزيادة لفظة وهى: "آخرهم شربا". الرابع: أن المصنف عزاه لهما بتلك الزيادة عقب هذا مباشرة بدون فارق بينهما أصلا. الخامس: أن النسائى لم يخرجه في الصغرى التي هي أحد الكتب الستة، والمصنف التزم أن لا يورد في كتابه هذا إلا ما كان في الصغرى. السادس: ولو فرضنا أن هؤلاء خرجوه من حديث ابن أبي أوفى وباللفظ المذكور هنا بدون مخالفة واقتصر هو على العزو إلى بعضهم فماذا يكون؟! وهل قال عاقل: أن الإحاطة بجميع المخرجين مطلوبة عند ذكر كل حديث ولو كان ذلك كما يريده هذا المتعنت لما سلم في الدنيا محدث على الإطلاق من التعقب، وإنما ذلك عندهم خاص بالصحيحين أو بعزو ما في الكتب

الستة إلى غيرها، والشارح عدا ذلك إلى سائر كتب الحديث، وليته كان مصيبا في شيء من ذلك بل كل ما يذكره خطأ. ثم نقول له الحديث له مخرجون آخرون، وورد من طريق جماعة من الصحابة لم يذكرهم لك المؤلف، فأين أنت من معرفة ذلك والتعقب به وإكمال الفائدة بذكره. فحديث ابن أبي أوفى هذا أخرجه أيضًا الدولابى في الكنى والأسماء، وحديث أبي قتادة أخرجه أيضًا الطبرانى في الصغير، وورد أيضًا من حديث أبي معبد الخزاعى أخرجه ابن سعد في الطبقات في باب خروج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر إلى المدينة للهجرة [1/ 1/ 155]. ومن حديث عبد اللَّه بن مسعود أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 15] في ترجمة الحسن بن على المظالمي. ومن حديث أنس بن مالك أخرجه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج عن الحسن بن سفيان ثنا عبد اللَّه بن أبي بكر المقدمى ثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس به. ومن مرسل بكر بن عبد اللَّه المزنى أخرجه الدولابى في الكنى في كنية أبي شيبة. 1966/ 4640 - "سَبّحُوا ثَلاثَ تَسْبِيحَاتٍ رُكُوعًا، وثَلاثَ تَسْبِيحَاتٍ سُجُودًا". (هق) عن محمد بن على مرسلًا قال في الكبير: هو محمد ابن الحنفية. قلت: لا بل هو الباقر محمد بن على بن الحسين وهو الذي يطلق عليه محمد بن على أما ابن الحنفية فيذكر بهذا الاسم أو بزيادة على بن أبي طالب، قال البيهقى [2/ 86]:

حدثنا أبو محمد بن يوسف إملاء أنبأنا أبو القاسم جعفر بن محمد الموسوى بمكة أنبأنا أبو حاتم الرازى أنبأنا عبيس بن مرحوم العطار حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال: "جاءت الحطابة فقالت: يا رسول اللَّه لا نزال سفرا أبدا فكيف نصنع بالصلاة؟ فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سبحوا. . . " الحديث. 1967/ 4643 - "سَبْعٌ يَجْرِى لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ وَهُو في قَبْرِهِ بَعْدَ مَوْتِه مَنْ عَلَّمَ علْمًا، أَو أَجْرَى نَهْرًا، أوَ حَفَرَ بِئرًا، أو غَرَسَ نخلًا، أو بَنى مَسْجِدًا، أَو ورَّثَ مُصْحفًا، أو تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ له بَعْدَ مَوْتِهِ". البزار وسمويه عن أنس قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وهو باطل فقد أعله الهيثمى بأن فيه محمد العرزمى وهو ضعيف وكذلك قال البيهقى والذهبى. قلت: إنما الباطل كذب الشارح وجهله، فالمصنف لم يرمز لهذا الحديث بشيء على [ما] في نسختنا، ولو رمز له بالصحة فهو صحيح كما قال، إذ لا يلزم من وجود ضعيف في السند أن يكون الحديث ضعيفًا لا سيما والعرزمى المذكور كان صدوقا صالحا كما قال ابن حبان والذهبى، وإنما كان يحدث من حفظه فيهم فوقعت المناكير في حديثه، وإذ هو صدوق غير كاذب فحديثه يثبت ويصح بوجود المتابعات والشواهد الدالة على صدقه وعدم وهمه. والحديث له شواهد كثيرة بعضها في الصحيح كحديث أبي هريرة مرفوعًا: "إذا مات ابن آدم أنقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له". رواه مسلم [4/ 2065 رقم 13]. وحديثه أيضًا مرفوعًا: "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرًا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته

تلحقه من بعد موته" رواه ابن ماجه [رقم 242]، وابن خزيمة في الصحيح [رقم 2490]. وحديث أبي أمامة مرفوعًا: "أربعة تجرى علهم أجورهم بعد الموت: رجل مات مرابطا في سبيل اللَّه، ورجل علم علما فأجره يجرى عليه ما عمل به، ورجل أجرى صدقة فأجرها له ما جرت، ورجل ترك ولدا صالحا يدعو له"، رواه أحمد [5/ 261]، والبزار، والطبرانى [8/ 243]. قال الحافظ المنذرى: وهو صحيح مفرقا من حديث غير واحد من الصحابة رضي اللَّه عنهم اهـ. أى مع أنه ضعيف السند، وكذلك الحال في هذا الحديث ثم إن اشارح لما لم يجد ما يستدركه على المصنف من المخرجين ذكر أن أبا نعيم والديلمى خرجاه، وهو كاذب في عزوه إلى أبي نعيم، وإنما رآه في مسند الفردوس للديلمى. والحديث خرجه أيضًا ابن أبي داود في المصاحف قال: حدثنا يعقوب بن سفيان ثنا إبراهيم النخعى عن عبد الرحمن بن هانئ ثنا العرزمى عن قتادة عن يزيد الرقاشى عن أنس به. كذا وقع عنده في الإسناد زيادة الرقاشى، ورواه جماعة فلم يذكروا فيه الرقاشى، قال ابن حبان في الضعفاء [2/ 247]: ثنا الحسن بن سفيان ثنا أبو المنذر أحمد بن فضالة ثنا أبو نعيم عبد الرحمن ابن هانئ النخعى ثنا محمد بن عبيد اللَّه العرزمى عن قتادة عن أنس به. وقال أبو نعيم في الحلية [2/ 344]: حدثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا إسماعيل بن عبد اللَّه ثنا أبو نعيم عبد الرحمن ابن هانئ النخعى ثنا محمد بن عبيد اللَّه العرزمى عن قتادة عن أنس به. ثم قال: غريب من حديث قتادة تفرد به أبو نعيم عن العرزمى.

وقال ابن مردك في فوائده تخريج الدارقطنى: ثنا عمر بن الحسن بن على بن مالك أنا الحسن بن سلام السواق ثنا أبو نعيم عبد الرحمن بن هانئ به، دون ذكر الرقاشى أيضًا. 1968/ 4651 - "سَبَقَ المُفْرِدُونَ المُسْتَهْتِرُونَ في ذِكْرِ اللَّهِ، يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُم فَيَأْتُونَ يَوْمَ القِيامةِ خِفَافًا". (ت. ك) عن أبي هريرة، (طب) عن أبي الدرداء. قال في الكبير: قال الحاكم: على شرطهما، وأقره الذهبى وقال الهيثمى: رواه الطبرانى عن شيخه عبد اللَّه بن محمد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف. قلت: ذكره لتصحيح الحاكم عقب حديث أبي الدرداء يوهم أنه صحح حديث أبي الدرداء والواقع أنه لم يخرجه، ونقله كلام النور الهيثمى في حديث أبي الدرداء وأقراره عليه غير جيد، فإن الهيثمى إنما يتكلم على الطريق التي أمامه، وعبد اللَّه شيخ الطبرانى لم ينفرد به، بل ورد من غير طريقه فأخرجه ابن شاهين في الترغيب قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن زياد النيسابورى ثنا محمد بن أشرس ثنا إبراهيم ابن رستم ثنا عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي الدرداء به، ثم قال ابن شاهين: هكذا قال إبراهيم بن رستم في هذا الحديث: عن أبي الدرداء، وهو عندى وهم، والصواب عن أبي هريرة. قلت: ليس ذلك وهما من إبراهيم بن رستم وإنما هو اختلاف من عمر بن راشد أو من يحيى بن أبي كثير فقد تابع إبراهيم بن رستم على قوله عن أبي الدرداء محمد بن يوسف الفريابى كما ذكره شيخ الإسلام الهروي في منازل السائرين فقال: ورواه محمد بن يوسف الفريابي عن عمر بن راشد عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي الدرداء مرفوعًا، والحديث إنما هو لأبي هريرة اهـ.

وخالف إبراهيم بن رستم والفريابى أبو معاوية ومحمد بن بشر فروياه عن عمر ابن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة. أما رواية أبي معاوية فرواها الترمذى [رقم 3599] عن أبي كريب محمد بن العلاء عنه، ثم قال: حسن غريب. وأما رواية محمد بن بشر فقال الهروى في منازل السائرين: أخبرنى الحسين بن محمد الفرائضى أخبرنا أحمد بن محمد بن حسنويه أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصارى أخبرنا عثمان بن أبي شيبة أخبرنا محمد بن بشر هو العبدى عن عمر بن راشد به، ثم قال: هذا حديث حسن لم يروه عن يحيى عن أبي كثير إلا عمر بن راشد اليمانى. قلت: وليس كذلك بل رواه عنه على بن المبارك لكنه قال: عن عبد الرحمن ابن يعقوب عن أبي هريرة. كذلك أخرجه أحمد في المسند [2/ 323 و 411] عن أبي عامر، والحاكم في المستدرك [1/ 673، رقم 1823] من رواية عباس الدورى عن أبي عامر العقدى أيضًا قال: حدثنا على بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحَرْق. قال: سمعت أبا هريرة به، ثم قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه يعنى بسياقه الذي ذكره المصنف وإلا فالحديث خرجه مسلم في صحيحه [4/ 2063 رقم 4] من طريق روح بن القاسم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة بالسياق الذي ذكره الشارح. ومن هذا الوجه خرجه أبو عمرو بن حمدان في فوائده عن الحسن بن سفيان: ثنا أميه بن بسطام وهو شيخ مسلم في الحديث ثنا يزيد بن زريع ثنا روح به مثله، ولكنه زاد فيه بعد قوله: "والذاكرات": "رحم اللَّه المحلقين، قالوا:

والمقصرين يا رسول اللَّه. . . " الحديث. وذكر الهروى أن محمد بن بشار بندار رواه عن صفوان بن عيسى عن بشر بن رافع اليمانى عن أبي عبد اللَّه ابن عم أبي هريرة عن أبي هريرة قال: وأحسنها طريقا وأجودها سندا طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة يعنى التي عند مسلم، قال: وروى هذا الحديث أهل الشام عن أبي أمامة مرفوعًا، وقال في كلها: "سبق المفردون". قلت: وليته ذكر سنده. 1969/ 4653 - "سِتُ خِصَالٍ مِنَ الخَيْرِ: جِهَادُ أَعْدَاءِ اللَّهِ بالسَّيْفِ، والصومُ في يومِ الصَيفَ، وحُسْنُ الصبرِ عند المصيبةَ، وتركُ المِراءِ وأنت مُحِقٌ، وتكبيرُ الصلاةِ في يوم الغَيْمِ، وحُسْنُ الوضوءِ في أيَّام الشِّتَاءِ". (طب) عن أبي مالك الأشعرى قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه، بل عقبه بإعلاله، فقال: بحر بن كنيز (¬1) السقا ضعيف اهـ، أقول: فيه يحيى بن أبي طالب، أورده الذهبى في ذيل الضعفاء، وقال: وثقه الدارقطنى، وقال موسى بن هارون: أشهد أنه يكذب يعنى في كلامه لا في حديثه، والحارث الواسطى شيخه، قال ابن عدى: في حديثه اضطراب، وبحر قال الذهبى اتفقوا على تركه، ومن ثم قطع الحافظ العراقى بضعف سند الحديث. قلت: في هذا أمور، الأول: الكذب على ظاهر صنيع المصنف، فإن المصنف رمز له بالضعف. ¬

_ (¬1) الذي في المطبوع من الفيض: يحيى بن كثير السقا وهو تصحيف من: بحر بن كنيز.

الثانى: الفضول مع الجهل، فإذ ينقل عن الحفاظ الكبار مثل البيهقى تعليل الحديث برجل فالزيادة التي يزيدها هو من فضوله وجهله وتكبير حجم الكتاب، فإن يحيى بن أبي طالب ثقة ومع ذلك فقد ورد الحديث من غير طريقه سأذكره. الثالث: الكذب في قوله: قال الذهبى في الذيل، فإن الذهبى ذكر ما نقله عنه بالحرف في الميزان لا في الذيل. الرابع: الفضول أيضًا في ذكر الحارث الواسطى فإنه صدوق كما قال أبو حاتم، وقال أبو داود: هو من خيار الناس. وقد ذكر هذا الذهبى في ترجمته من الميزان. الخامس: الجهل بكيفية ذكر الرجال، فإن قوله الحارث الواسطى لا يفيد إلا بذكر والده وهو الحارث بن منصور، ولعله يفعل ذلك عمدًا لغرض في نفسه. السادس: الكذب في قوله: وبحر قال الذهبى: اتفقوا على تركه، فإن الذهبى ما قال ذلك. السابع: مما يسخف هو به على المصنف قوله: وظاهره أنه لم يره مخرجًا لأحد غير المذكور مع أنه أخرجه فلان، وهنا نقول له: ظاهر عدم إسخافك هنا أنه لم يخرجه غير البيهقى والأمر بخلافه، فقد أخرجه الديلمى في مسند الفردوس من طريق ابن السنى قال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد بن سعيد الحمال ثنا يحيى بن جعفر بن الزبرقان ثنا أبو منصور الحارث بن منصور ثنا بحر بن كنيز السقا عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي مالك به. وأخرجه السمرقندى في التنبيه [ص 274، رقم 1006] قال: حدثنا الفقيه أبو جعفر ثنا أبو عتاب البغدادى ثنا يحيى بن جعفر بن الزبرقان به. ويحيى هذا هو ابن أبي طالب.

وقد ورد الحديث من غير هذا الوجه عن يحيى ابن أبي كثير، قال أبو شعيب الحرانى في جزئه: حدثنا يحيى بن عبد اللَّه البابلتى ثنا الأوزاعى عن يحيى بن أبي كثير به مرفوعًا معضلا دون بقية الإسناد. 1970/ 4654 - "سَتُّ خِصَالٍ مِنَ السُّحْتِ: رِشْوَةُ الإِمامِ وهي أَخْبَثُ ذلك كلِّه، وَثمَنُ الكلبِ، وَعَسْبُ الفَحْلِ، وَمَهْرُ البَغِى، وَكَسْبُ الحَجَّاِم، وحُلْوَانُ الكَاهِنِ". ابن مردويه عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه البزار والديلمى، ولقد أبعد المصنف النجعة حيث عزاه لابن مردويه مقتصرًا عليه. قلت: الشارح الجاهل أخذ عزوه إلى البزار من ذكر رجل آخر نسبته البزار وقع في مسند الديلمى، قال الديلمى: حدثنا عبدوس حدثنا أبو القاسم على بن إبراهيم البزار حدثنا محمد بن يحيى حدثنا يوسف بن موسى المروزى حدثنا أيوب بن محمد الوراق حدثنا الوليد بن الوليد الدمشقى حدثنا ثابت بن سويد عن الأوزاعى عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به. فالبزار صاحب المسند اسمه أحمد بن عمرو بن عبد الخالق وكنيته أبو بكر، وهذا الذي في الإسناد على بن إبراهيم وكنيته أبو القاسم، وصاحب المسند قديم توفى سنة 292، وهذا شيخ لعبدوس شيخ الديلمى المتوفى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة بينهما أزيد من مائتين وستين سنة، فكيف يروى عنه بواسطة؟! 1971/ 4655 - "سِتٌّ منْ جاء بواحدةٍ منهنَّ جاء وله عَهْدٌ يوم القيامةِ، تقولُ كلُّ واحدةٍ منهنَّ: قد كان يعملُ بى: الصَّلاةُ والزكاةُ،

والحجُّ والصيِّامُ، وأداءُ الأَمانَةِ، وصِلَةُ الرَّحِمِ". (طب) عن أبي أمامة. قال الشارح: بإسناد فيه مجهول. قلت: أخذ هذا من قوله في الكبير: قال الهيثمى [1/ 46]: فيه يونس بن أبي خيثمة لم أر أحد ذكره اهـ. وهذا تهور عظيم من الشارح، فإن ما يقول فيه النور الهيثمى وغيره من المتأخرين لم أجده أو لم أر أحدًا ذكره لا يقال فيه مجهول، لأنه قد يكون معروفًا ولم يوفق ذلك المتأخر لمعرفته والوقوف على ترجمته، وهذا من ذلك، فإن يونس المذكور معروف جدًا ومشهور وهو يونس بن بكير كما ورد مصرحًا به عند الطوسى في أماليه، ولما وقع عند الطبرانى ذكر والده بالكنية وهو غير معروف ولا مشهور بها خفى على الحافظ نور الدين، ولولا وقوفنا على طريق الطوسى التي سمى والده فيها لبقى أمره مبهما أيضًا، قال الطوسى في الأول من أماليه (ص 6): حدثنا محمد بن محمد بن النعمان حدثنى أبو الحسن على بن خالد المراغى ثنا القاسم بن محمد بن حماد ثنا عبيد بن يعيش ثنا يونس بن بكير أخبرنا يحيى بن أبي حية أبو الحباب الكلبى عن أبي العالية قال: سمعت أبا أمامة يقول:. . فذكر مثله. 1972/ 4656 - "سِتٌّ من كُنَّ فيه كَان مؤمنًا حقًا: إسباغُ الوضوءِ، والمُبُادَرَةُ إلى الصلاةِ في يومٍ دَجْنٍ، وكثْرَةُ الصَّومِ في شدةِ الحرِّ، وَقَتْلُ الأعداءِ بالسَّيْفِ، والصبر على المصيبةِ، وتركُ المِراءِ وإن كُنْتَ محِقا". نحو حديث أبي مالك الأشعرى المار قريبًا، (فر) عن أبي سعيد

قال في الكبير: وكذا أخرجه ابن نصر. قلت: الشارح تالف عدم أحمق بل متلاعب كان الواجب واللَّه أن يضرب على يده ويمنع من الخوض في العلم، فمحمد بن نصر مات سنة أربع وتسعين ومائتين، والمذكور في السند شيخ للديلمى المتوفى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، وأيضًا ابن نصر اسمه محمد وشيخ الديلمى اسمه أحمد، قال الديلمى: أخبرنا أحمد بن نصر أخبرنا أبو طالب المزكى ثنا محمد بن عمر أخبرنا إبراهيم بن محمد ثنا الحسين بن القاسم عن إسماعيل عن إسحاق بن أبي فروة عن سعيد المقبرى عن أبي سعيد الخدرى به. 1973/ 4657 - "سِتٌّ من أَشْرَاطِ السّاعة: موتِى، وَفَتْحُ بَيْتِ المقْدِسِ، وأن يُعْطَى الرَّجُلُ ألف دينارٍ فَيَتَسَخَّطُهَا، وفتنةٌ يدخلُ حَرُّهَاَ بَيْتَ كلِّ مُسْلِم، ومَوْت يأخذُ الناس كقُعَاص الغَنَمِ، وأن يَغْدِرَ الرومُ فَيَسِيرونَ بثمانينَ بَنْدًا تحْتَ كلِّ بَنْدٍ اثنا عشر ألفًا". (حم. طب) عن معاذ قال الشارح: وهو في البخارى، فالعدول عنه ذهول. قلت: لفظ البخارى: "اعدد ستا بين يدي الساعة"، كما نقله هو نفسه في الكبير، فالتغافل عن هذا الفارق هفت وسقوط. 1974/ 4658 - "سِتَّةُ أَشْيَاء تُحْبط الأَعْمَالَ: الاشْتغَالُ بعيُوبِ الخَلْقِ، وَقَسْوَةُ الْقَلْبِ، وقِلَّةُ الحَيَاءِ، وَطُوْلُ الأمَلِ، وَظَالِمٌ لا ينتهِى". (فر) عن عدى بن حاتم قال في الكبير: وفيه محمد بن يوسف الكديمى وضاع.

قلت: هو محمد بن يونس لا يوسف وهو مشهور لا يخفى على طالب حديث، ولو صح هذا الخبر لكان الشارح أول داخل فيه. 1975/ 4662 - "ستر مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الجِنِّ وَعَوْرَاتِ بنِى آدَمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمُ الخَلاء أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ". (حم. ت. هـ) عن على قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو كما قال أو أعلى فإن مغلطاى مال إلى صحته، فإنه لما نقل عن الترمذى أنه غير قوى قال: ولا أدرى ما يوجب ذلك لأن جميع من في سنده غير مطعون عليهم بوجه من الوجوه، بل لو قال قائل إسناده صحيح لكان مصيبًا. قلت: إن ثبت هذا عن مغلطاى فهو غريب دال على صدق ما يقال فيه، فإن في سند هذا الحديث محمد بن حميد الرازى وفيه اختلاف كبير، وقد كذبه جماعة، فكيف يقال لا مطعن عليهم بوجه من الوجوه؟! والمصنف إنما حسنه لاعتبار جانب الموثقين لحميد مع وجود شواهد له وهى الحديث المذكور بعده وأحاديث أخرى منها حديث أبي سعيد الخدرى مرفوعًا: "ستر بين الجن وعورات بنى آدم إذا رفع رجل ثوبه أن يقول: بسم اللَّه"، أخرجه الثقفى قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ إملاء ثنا أحمد بن عثمان ابن يحيى الآدمى ثنا موسى بن سهل بن كثير ثنا يزيد بن هارون ثنا محمد بن الفضل عن زيد العمى عن جعفر العبدى عن أبي سعيد به. وحديث ابن عمر مرفوعًا: "إذا نزع أحدكم ثوبه أو تعرى فليقل: بسم اللَّه، فإنه ستر له فيما بينه وبين الشيطان"، رواه أبو نعيم في الحلية [7/ 255]: حدثنا أبو بكر محمد بن حميد ثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا محمد بن عيسى بن عبد الملك الآدمى ثنا السرى بن مزيد الأعرج ثنا إسماعيل بن يحيى

ثنا مسعر عن عطية عن ابن عمر به. 1976/ 4668 - "سَتُفْتَحُ مَشَارِقُ الأَرْضِ وَمَغَارِبهَا عَلَى أُمَّتِى، أَلَا وَعُمَّالُهَا في النار إِلا من اتَّقى اللَّه وأدَّى الأمَانةَ". (حل) عن الحسن مرسلًا [قال في الكبير]: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره موصلًا لأحد وهو ذهول فقد وصله أحمد بلفظ: "ستفتح عليكم مشارق الأرض ومغاربها. . . " الحديث وهو ضعيف. قلت: فيه أمور، الأول: أن أحمد رواه [5/ 366] بلفظ: "إنه ستفتح. . "، فموضعه حرف الهمزة لا حرف السين، وكذلك رآه في مجمع الزوائد ولكنه دلس وكذب ليتم مراده من التعقب. الثانى: أنه لم يذكر صحابى الحديث الذي وصله أحمد من طريقه فلم يصنع شيئًا. الثالث: قوله: وصله أحمد يقتضى أنه وصله من الطريق التي رواه منها أبو نحيسم عن الحسن عن الصحابى وليس الأمر كذلك، بل قال أحمد: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن محمد بن يعقوب قال: سمعت شفيق بن حيان يحدث عن مسعود بن قبيصة أو قبيصة بن مسعود يقول: "صلى هذا الحى من محارب الصبح فلما صلوا قال شاب منهم: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إنه ستفتح عليكم. . . " وذكره. وأما أبو نعيم فقال: [6/ 199] حدثنا أبو بكر بن مالك حدثنا عيد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنا على بن مسلم ثنا سيار حدثنا جعفر ثنا حوشب عن الحسن به. والقاعدة أن الحديث إذا ورد موصولا من غير طريق المرسل الذي أرسله قيل

فيه: ورد موصولا من وجه آخر لا وصله فلان. 1977/ 4681 - "سَتَكُونُ مَعَادِنَ يَحْضُرُهَا شِرَارُ النَّاسِ". (حم) عن رجل من بنى سليم قال في الكبير: ورواه الخطيب عن ابن عمر قال: أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بقطعة من ذهب كانت أول صدقة جاءته من معدن فقال: "ما هذه؟ قالوا صدقة من معدن كذا. . . " فذكره قال الهيثمى: فيه رأو لم يسم وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: الشارح هو الذي يبعد النجعة في العزو ويتعقب الشارح بما هو باطل في ذلك، فحديث ابن عمر خرجه الطبرانى في الصغير [1/ 153]، ومن طريقه خرجه الخطيب [8/ 247] من رواية ابن شهريار عنه، وهو لا يروى عن ابن شهريار إلا [في] المعجم الصغير. والحديث أخرجه أيضًا الدارقطنى في الأفراد قال: حدثنا أحمد بن عبد اللَّه أبي محمد الوكيل ثنا محمد بن سعيد بن جدان ثنا أبو عاصم حدثنا سفيان الثورى عن زيد بن أسلم عن رجل من بنى سليم عن أبيه عن جده أنه أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بيضة من معدن فقال: إنها ستكون معادن يأتيها شرار الناس". قال الدارقطنى: تفرد به الثورى عن زيد بن أسلم بهذا الإسناد، وخالفه سعيد ابن الخمس فرواه عن زيد بن أسلم عن ابن عمر، وقول الثورى أصح. قلت: رواية سعيد بن الخمس خرجها الطبرانى في الصغير [1/ 153] قال: حدثنا حاتم بن حميد أبو عدى البغدادى ثنا يوسف بن موسى القطان ثنا عاصم بن يوسف اليربوعى ثنا لسعيد بن الخمس عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: "أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بقطعة من ذهب. . " الحديث، وفيه: "فقال: إنها ستكون معادن وسيكون فيها شر خلق اللَّه عز وجل".

قال الطبرانى: لم يروه عن سعيد إلا عاصم. ومن طريق الطبرانى رواه الخطيب، وإنما لم يسق الشارح متنه المرفوع منه حتى لا يذكر في أوله أنها المفوتة لمقصوده. 1978/ 4684 - "سَجْدَتَا السَّهْوِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وفيهما تَشَهُدٌ وَسَلامٌ". (فر) عن أبي هريرة، وابن مسعود. قال في الكبير: وفيه يحيى بن العلاء، قال أحمد: كذاب يصنع الحديث، ويحيى بن أكتم القاضى قال اين الجنيد: لا يشكون أنه يسرق الحديث. قلت: الحديث موضوع قصد به واضعه الرد على مذهب القائلين بأن السجود لا يكون إلا قبل السلام، وتأييد مذهب القائلين بأنه بعد السلام، وليس في سند هذا الحديث يحيى بن أكتم. قال الديلمى: أخبرنا طلحة بن الحسن الصالحانى أخبرنا أبو القاسم بن عتيك أخبرنا أبو طاهر ابن محمش الزيادى أخبرنا محمد بن الحسين أخبرنا أبو زرعة الرازى حدثنا سليمان بن النعمان الشيبانى حدثنا يحيى بن العلاء حدثنا عبد الملك بن مسلم اللخمى عن أبي قيس عن أبي هريرة وابن مسعود به. 1979/ 4685 - "سِحَاقُ النِّساءِ زِنا بينهنَّ". (طب) عن واثلة بن الأسقع. قال في الكبير: لفظ رواية الطبرانى: "سحاق بين النساء زنا بينهن"، وأما هذا اللفظ فهو لأبي يعلى، وكيفما كان، قال الهيثمى: رجاله ثقات، لكن أورده الذهبى في الكبائر ولم يعزه لمخرج، بل قال: يروى، ثم قال: وهذا إسناد لين. قلت: الحديث أعاده المصنف قريبًا بلفظ: "السحاق" المعروف بالألف واللام

وعزاه للطبرانى أيضًا عن واثلة، والنور الهيثمى قال عن هذا الحديث [6/ 256]: رجاله ثقات كما نقل الشارح، وفي كل ذلك عندى وقفة لأن الحديث خرجه ابن حبان في الضعفاء في ترجمة بشر بن عون فقال [1/ 190]: حدثنا ابن قتبة العسقلاني ثنا عبد اللَّه بن الحسين الليثى ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا بشر بن عون ثنا بكار بن تميم عن محكول عن واثلة بن الأسقع عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تذهب الدنيا حتى يستغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، والسحاق زنا فيما بينهن". وقال: بشر بن عون روى بهذا الإسناد نسخة شبيهة بمائة حديث كلها موضوعة لا يجوز الاحتجاج به بحال. وأخرجه أيضًا في ترجمة العلاء بن كثير الشامى فقال: حدثنا أحمد بن عيسى المقرى بالأهواز ثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام ثنا أبي ثنا سليمان بن الحكم بن عوانة الكلبى ثنا العلاء بن كثير عن مكحول عن واثلة بن الأسقع عن أنس بن مالك مرفوعًا: "لا تذهب الدنيا حتى يستغنى النساء بالنساء والرجال بالرجال، والسحاق زنا النساء فيما بينهن". وقال في العلاء بن كثير: كان ممن يروى الموضوعات عن الأثبات لا يحل الاحتجاج بما روى وإن وافق فيها الثقات، ومن أصحابنا من زعم أن هذا هو العلاء بن الحارث وليس كذلك، لأن العلاء بن الحارث حضرمى من أهل اليمن، وهذا من موالى بنى أمية، ذاك صدوق وهذا ليس بشيء في الحديث اهـ. فإن كان الطبرانى وأبو يعلى روياه من طريق ثالث فذاك وإلا فالحال كما ترى، وكذلك في متنه إلا أن الأمر فيه تسهل لأن الرواة يختصرون المتون.

1980/ 4686 - "سُخَافَةٌ بِالمرءِ أَن يستخدِمَ ضَيْفَهُ". (فر) عن ابن عباس. قال في الكبير: ورواه البزار أيضًا عن ابن عباس فهو بالعزو إليه كان أولى. قلت: البزار ما خرج هذا الحديث وإنما وقع في سند الديلمى في هذا الحديث عمر بن أحمد البزار، وهذا الجاهل كلما يرى رجلا موصوفا بالبزار يعزو الحديث إلى البزار صاحب المسند، والعجب العجاب أنه تارة يكون على بن أحمد البزار كما سبق قريبًا في حديث: "الزائر أخاه في اللَّه"، وتارة يكون على بن إبراهيم البزار كما سبق أيضًا في حديث قبله، وتارة يكون عمر بن أحمد البزار كما هنا، والبزار صاحب المسند اسمه أحمد بن عمرو بن عبد الخالق فهو عند هذا الجاهل مسمى باسامى متعددة هو وأبوه وجده، وكما إنه عنده موجود في قرون متعددة، فهو تارة من أهل القرن السادس، وتارة من أهل القرن الخامس، وأخرى من أهل القرن الرابع والواقع أنه من أهل القرن الثالث كما ذكرت وفاته قريبًا، فما رؤى في الدنيا أعجب من هذا ولا سمع بمثله. قال الديلمى: أخبرنا ابن قمان حدثنا على بن محمد بن نصر اللبان أخبرنا أبو بكر محمد بن أبي نصر الفقيه الأصبهانى ثنا محمد بن أحمد الأندلسى ثنا عمر بن أحمد بن نعيم البزار أخبرنا أبو على -يعرف بدبيس- ثنا سليمان بن الفضل ثنا يحيى بن أكتم قال: "كنت بائتًا عند المأمون فعطشت عطشا شديدا، فقال لى: ما لك لا تنام، قلت: أنا واللَّه عطشان، فقال: أرجع إلى موضعك، وقام إلى المزادة فسقانى كوز ماء، ثم قال ألا أخبرك، ألا أطربك، ألا أحدثك، قلت: نعم، فقال: حدثنى أبي عن أبيه المهدى عن أبيه المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . " فذكره.

1981/ 4687 - "سَدِّدوا، وقَارِبوا". (طب) عن ابن عمر قال الشارح: بإسناد ضعيف خلافًا للمؤلف. وقال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس بصواب، فقد قال الهيثمى: فيه سلام الطويل وهو مجمع على ضعفه. قلت: بل الحديث صحيح خلافا للشارح فإنه بهذا اللفظ في الصحيح [4/ 2171 رقم 78] من وجوه منها الذي بعده، والمصنف يحكم على الحديث من حيث هو، والهيثمى يتكلم على كل حديث بحسبه. 1982/ 4689 - "سُرعةُ المشى تُذْهِبُ بَهَاءَ المؤمنِ". (حل) عن أبي هريرة (خط) في الجامع (فر) عن ابن عمر، ابن النجار عن ابن عباس قال في الكبير: فيه محمد بن عبد الملك الأصمعى، قال الخطيب: لم أر له ذكرًا إلا في هذا الحديث، قال الذهبى: وهو حديث منكر جدًا غير صحيح، وأعله ابن حبان بأبى معشر، وقال: اختلط آخرًا وكثرت المناكير في روايته فبطل الاحتجاج به، ثم تكلم الشارح على حديث ابن عمر، ووقع [في] النسخة سقط فلم أنقل كلامه. قلت: ابن حبان ما أعله بأبى معشر ولا ذكره في ترجمته من الضعفاء أصلا، وإنما أعله بالوليد بن سلمة وبعمر بن صهبان وفي ترجمتهما خرجه. والحديث خرجه أبو نعيم في الحلية [10/ 290] والمالينى في مسند الصوفية كلاهما في ترجمة محمد بن يعقوب الفرجى، والخطيب في التاريخ [1/ 417] في ترجمة محمد بن إبراهيم العطار.

فقال أبو نعيم: حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد بن إبراهيم ومحمد بن أحمد بن شبويه قالا: حدثنا أبو عمرو أحمد بن أحمد بن حكيم بن إبراهيم بن حكيم (ح). وقال المالينى في مسند الصوفية: أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد اللَّه ثنا أبو عمرو أحمد بن محمد الأبرش (ح). وقال الخطيب: حدثنا محمد بن إبراهيم بن على العطار ثنا أحمد بن موسى أبو بكر الحافظ قال: أنبأنا أبو عمرو بن حكيم قال: حدثنا محمد بن يعقوب الفرجى ثنا محمد بن عبد الملك بن قريب الأصمعى ثنا أبي ثنا أبو معشر عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. ثم قال الخطيب: لم أسمع لمحمد بن الأصمعى ذكرا إلا في هذا الحديث اهـ. وذكره الذهبى في الميزان [3/ 632 رقم 7891] وأورد له هذا الحديث وقال: إنه منكر غير صحيح اهـ. وأبو معشر السندى واسمه نجيح ضعيف أيضًا لكنهما لم ينفردا به، بل ورد عن المقبرى من غير طريقهما فرواه ابن عدى في الكامل [2/ 241] قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان ثنا أبو شهاب عبد القدوس بن عبد القاهر سمعه من صدقة بن أبي الليث الحصنى -وكان من الثقات- عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة به، قال ابن عدى: وهذا إنما يعرف برواية عمار بن مطر عن ابن أبي ذئب وكان الناس ينكرونه على عمار وقد ظهر أنه لا يروى عن ابن أبي ذئب إلا بواسطة اهـ. قلت: وعبد القدوس بن عبد القاهر قال الذهبى: لا يعرف وله أكاذيب اهـ. ورواية عمار بن مطر أخرجها ابن عدى أيضًا من رواية عبد اللَّه بن سالم عنه عن ابن أبي ذئب به.

وعمار منكر الحديث، قال ابن عدى: وهذا قد رواه أبو الحسن المدائنى عن أبي معشر السندى عن المقبرى عن أبي هريرة. قلت: ورواه عن المقبرى أيضًا الوليد بن سلمة وهو كذاب وضاع واختلف عليه فيه، فقال مرة: عن سعيد المقبرى عن أبيه عن أبي هريرة، وقال مرة: عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبرى عن أبي سعيد الخدرى. فرواه ابن حبان في الضعفاء [3/ 80] في ترجمته قال: حدثنا أحمد بن الحسن الجرادى بالموصل ثنا يحيى بن بشير الغرقسانى ثنا الوليد بن سلمة عن سعيد المقبرى عن أبيه عن أبي هريرة به. وقال ابن حبان في الوليد: كان ممن يضع الحديث على الثقات لا يجوز الاحتجاج به بحال، ورواه ابن عدى من طريق الوليد بن سلمة أيضًا [2/ 241] فقال: ثنا ابن أبي ذئب عن سيعد المقبرى عن أبي سعيد الخدرى به. ورواه ابن حبان في الضعفاء أيضًا [2/ 82] في ترجمة عمر بن صهبان من روايته عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وقال ابن حبان في عمر بن صهبان: كان ممن يروى عن الثقات المعضلات التي لا يشك أنها معمولة، ثم أسند عن يحيى بن معين أنه قال: لا يساوى فلسا. وحديث ابن عباس الذي ذكره المصنف لم نقف على سنده، وكذلك حديث أنس المذكور في المتن بعده. وقد قرأت في السادس من المجالسة وجواهر العلم للدينورى: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ثنا إسحاق بن إسماعيل ثنا جرير عن مغيرة قال: قال إبراهيم: ليس من المروءة كثرة الألتفات في الطريق، ويقال: سرعة المشى تذهب بهاء المؤمن، فكأن الضعفاء أخذوا هذا الكلام وركبوا له أسانيد. وقد عقد ابن المبارك في كتاب الزهد باب في سرعة المشى قال فيه:

أخبرنا حيوة بن شريح عن زيد بن أبي حبيب في قوله تعالى: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} [لقمان: 19] قال: السرعة، أخبرنا رجل أن ابن عمر كان يسرع في المشى ويقول: هو أبعد من الزهو، وأسرع في الحاجة، أخبرنا أبو إسرائيل عن سيار أبي الحكم حدثه قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يمشى مشية يعرف أن العاجز ولا الكسلان. أخبرنا رشدين بن سعد قال: حدثنى عمرو بن الحارث عن أبي يونس مولى أبي هريرة أنه سمع أبا هريرة يقول: "ما رأيت شيئًا أحسن من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كأن الشمس تجرى في وجهه، وما رأيت أحدأ أسرع في مشيه من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان الأرض تطوى لى كنا نجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث" اهـ. وقال ابن سعد في الطبقات في ترجمة عمر رضي اللَّه عنه [1/ 379]: أخبرنا محمد بن عمر الأسلمى حدثنا عمر بن سليمان بن أبي حثمة عن أبيه قال: قالت الشفا ابنة عبد اللَّه ورأت فتيانا يقصدون في المشى ويتكلمون رويدًا، فقالت: ما هذا؟ فقالوا: نساك، فقالت: كان واللَّه عمر إذا تكلم أسمع، وإذا مشى أسرع، وإذا ضرب أوجع، وهو الناسك حقا. فهذه الآثار تدل على ضعف هذا الخبر وبطلانه، واللَّه أعلم. 1983/ 4692 - "سعادةٌ لابنِ آدمَ ثلاثٌ، وشقاوة لابنِ آدمَ ثلاثٌ، فَمِنْ سعادةِ ابنِ آدمَ: الزوجةُ الصالحةُ، والمركبُ الصالحُ والمسكَنُ الواسِعُ، وشَقاوة لابن آدمَ ثلاثٌ: المسكنُ السُّوءُ، والمرأةُ السوءُ، والمركبُ السوءُ" الطيالسى عن سعد قال في الكبير: رمز المصنف لصحته فظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد لأشهر من الطيالسى وإلا لما عدل عنه واقتصر عليه وليس كذلك، بل رواه الحاكم في المستدرك باللفظ المزبور عن سعد المذكور، وقال: صحيح، وأقره الذهبى وعليه

اعتمد المصنف في الرمز لصحته. قلت: كذب في قوله: إن الحاكم خرجه باللفظ المزبور، وفي قوله: إن الذهبى أقره فالحاكم [2/ 162] رواه من طريق محمد بن بكير الحضرمى حدثنا خالد بن عبد اللَّه ثنا أبو إسحاق الشيبانى عن أبي بكر بن حفص عن محمد ابن سعد عن أبيه مرفوعًا: "ثلاث من السعادة وثلاث من الشقاوة: فمن السعادة المرأة تراها تعجبك وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك، والدابة (¬1) تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق، ومن الشقاوة المرأة تراها فتسوءك وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون قطوعا فإن ضربتها اتعبتك وإن تركبها لم تلحقك بأصحابك، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق"، ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد من خالد بن عبد اللَّه الواسطى إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، تفرد به محمد بن بكير عن خالد إن كان حفظه فهو صحيح على شرط الشيخين فتعقبه الذهبى بقوله: محمد، قال أبو حاتم: صدوق يغلط، وقال يعقوب: ثقة انتهى. 1984/ 4698 - "سَلَّم عَلَيَّ ملكٌ ثمَّ قَالَ لي: لَمْ أزَلْ أَسْتَأْذنُ رَبِّي عَزَّ وجَلَّ في لِقَائِكَ حَتَّى كَانَ هذا أَوَان أذِنَ لي، وَإِني أُبَشِّرُكَ أَنه ليس أحدٌ أَكْرَم عَلَى اللَّهِ مِنْكَ". ابن عساكر عن عبد الرحمن بن غنم قال في الكبير: ورواه عنه أبو نعيم والديلمى فاقتصار المصنف ليس على ما ينبغى. قلت: لم يقل أحد أن الاستقصاء في المخرجين واجب، بل هذا العراقى الذي لا يكاد الشارح يصف بالحافظ غيره يعزو الحديث في كتبه لمخرج أو اثنين وهو ¬

_ (¬1) في الأصل: "الداربة" والصواب ما أثبتناه.

عند غيره فأكثر، بل وفيهم من هو أشهر ممن ذكر بكثير، وكم حديث يعزوه للكتب الغريبة النادرة وهو في مثل مسند أحمد، ومعاجم الطبرانى، وكتب البيهقى ثم لو قيل للشارح في أى كتاب خرجه أبو نعيم لبلج، وإنما رأى الديلمى أسنده من طريقه فعزاه إليه على تهوره المعروف. 1985/ 4701 - "سَلُوا اللَّه من فَضْلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أن يُسْأَلَ، وَأفضلُ العِبَادَةِ انتظارُ الفَرَج". (ت) عن ابن مسعود قال الشارح: بإسناد حسن لا صحيح كما زعمه المؤلف، ولا ضعيف كما جزم به غيره، وقال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما قال، ففيه حماد بن واقد، قال الترمذى نفسه: ليس بالحافظ، وقال الحافظ العراقى: ضعفه ابن معين وغيره اهـ. وقصارى أمره أن ابن حجر حسنه. قلت: ليس في الدنيا أحد قوله ورأيه حجة على قول غيره ورأيه إلا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فالحافظ (¬1) رأيه وللمصنف رأيه، وعند التدقيق تجد كل منهما مصيبًا بل الحسن من قسم الصحيح، إذ الحديث إما مقبول وهو الصحيح، وإما مردود وهو الضعيف، فليس الحسن قسما خارجا عن هذين القسمين، وإنما المتأخرون من طبقة الترمذى فما بعده جعلوا للنوع الأدنى من المقبول اسما خاصا وهو الحسن، ولذلك تجد غالب ما يصححه ابن خزيمة وابن حبان من شرط الحسن، ثم عند التحقيق تجد أن الحديث لا يكون كل من الحافظ والمصنف حكم عليه باعتبار سنده المجرد أو باعتباره مع شواهده، ولا يصح أن يكون ذلك منهما باعتبار سنده المجرد، لأنه من رواية حماد بن واقد وهو كثير الخطأ منكر الحديث، فلم يبق إلا أن الحكم عليه واقع من أجل النظر في طرقه واعتبار شواهده، وبالنظر إليها لا يشك أحد في أن الحق ما حكم به المصنف، ¬

_ (¬1) هكذا في المخطوط ولعل الصواب: فللحافظ.

فإن للحديث طرقا متعددة من حديث أنس بن مالك وابن عمر وعلى ابن أبي طالب وجابر بن عبد اللَّه، ثم تنبه لقول الشارح: قال الحافظ العراقى. . . إلخ، وقصارى أمره أن ابن حجر. . إلخ. تعرف ما يحمله في نفسه للحافظ ابن حجر أيضًا. وأما قوله في الصغير: ولا ضعيف كما جزم به غيره، فإنه ما رأى أحدا جزم بضعفه، وإنما أخذ ذلك مما نقله في الكبير من أن ابن معين ضعف حماد بن واقد، وهكذا هو دائمًا ينقل الحكم من الرجل إلى حديثه فيأتى بأعجوبة. 1986/ 4702 - "سَلُوا اللَّه عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا باللَّه من علمٍ لا يَنْفَعُ". (هـ. هبط) عن جابر قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وأخطأ ففيه أسامة بن زيد، فإن كان ابن أسلم، فقد أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: ضعفه أحمد وجمع، وإن كان الليثى، فقد قال النسائى: ليس بقوى، وقال العلائى: الحديث حسن غريب. قلت: عجبا لجرأة هذا الرجل على المصنف الحافظ مع أنه لم يصل بعد إلى درجة يميز فيها بين أسامة بن زيد بن أسلم وبين أسامة بن زيد الليثى، فالمذكور في السند هو الليثى، لأن الحديث من رواية وكيع عنه عن محمد بن المنكدر عن جابر، والليثى هو الذي يروى عن محمد بن المنكدر ويروى عنه وكيع، وهو من رجال مسلم قد احتج به في صحيحه وأكثر الرواية عنه، فالحديث صحيح على شرطه فالحق ما قاله المصنف، والشارح المخطئ (¬1)، وقد أخرجه أيضًا ابن عبد البر في العلم [1/ 162]. 1987/ 4703 - "سَلُوا اللَّه لي الوسيلة، أَعْلَى دَرَجةٍ في الجنةِ، ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل المخطوط ولعل الألف واللام زائدتان في كلمة: المخطئ.

ولا يَنالُهَا إِلا رجلٌ واحدٌ وَأَرْجُو أَنْ أكُونَ أَنَا هُو". (ت) عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه من حديث كعب عن أبي هريرة، وقال: غريب، إسناده ليس بالقوى، وكعب غير معروف اهـ، فرمز المصنف لصحته مدفوع. قلت: وليس الأمر موقوفًا على ذلك فقط، بل هو من رواية ليث بن أبي سليم عن كعب المذكور، وقال الترمذى: إن كعبا هذا لم يرو عنه إلا ليث اهـ. وليث فيه مقال معروف، ومع ذلك فالقول ما قال المصنف وهو أن الحديث صحيح، فإن هذا المجهول ليس هو في نفس الأمر ضعيفًا، بل قد يكون ثقة ولم يتفق معرفته، وحديثه هذا معروف من وجه آخر، لأنه في صحيح مسلم [1/ 288 رقم 10] من حديث عبد اللَّه بن عمرو مطولا ولفظه: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا على فإنه من من صلَّى عليَّ صلاةً صلّى اللَّه تعالى عليه بها عشرًا ثم سلوا اللَّه تعالى لى الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد اللَّه تعالى، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل اللَّه ليَ الوسيلةَ حلَّت له الشفاعةُ"، وهكذا رواه أيضًا أبو داود [رقم: 523] والترمذى [رقم: 3614] والنسائى [2/ 25] والبيهقى [1/ 409] وآخرون فغاية الأمر أن الحديث صحيح لغيره. 1988/ 4704 - "سَلُوا اللَّه ليَ الوسيلةَ، فإِنَّه لا يسأَلُهُا لي عبدٌ في الدنيا إِلا كُنْتُ له شهيدًا أو شفيعًا يومَ القيامة". (ش. طس) عن ابن عباس قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما ظن بل هو حسن، لأن في سنده من فيه خلاف، قال الهيثمى: تبعًا للمنذرى فيه الوليد بن عبد الملك الحرانى، قال ابن حبان: مستقيم الحديث إذا روى عن الثقات. قلت: بل الحديث صحيح وليس كما قال الشارح وبيانه من وجوه، الأول: أن

الوليد بن عبد الملك ليس هو ضعيفًا ولم يذكره أحد في الضعفاء، وغاية ما في الأمر أنه يفهم من كلام ابن حبان أنه لا يصح من حديثه إلا ما رواه عن الثقات، ومعنى هذا أنه يروى عن الضعفاء فيكون الضعف من قبلِهِم لا من قِبَلِهِ، لأنه ثقة صدوق وهذا شرط الصحيح. الثانى: أن ابن حبان صرح بأنه مستقيم إذا روى عن ثقة. وهذا الحديث رواه عن موسى بن أعين وهو ثقة من رجال الصحيح، والمنذرى نفسه صرح بأنه رواه عن موسى بن أعين ليبين أنه صحيح. الثالث: أن المصنف عزاه لابن أبي شيبة مع الطبرانى، وابن أبي شيبة لم يروه عن عبد الملك لأنه أكبر منه وأقدم. الرابع: أنه ورد أيضًا من طريق ثالث، قال الثقفى في الثقفيات في آخر العاشر منها وهو آخرها: حدثنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ إملاء ثنا أبو على أحمد بن محمد بن عاصم ثنا عمرو بن سعيد بن سنان العلوى ثنا عباد بن صهيب ثنا موسى بن عبيدة الربذى ثنا محمد بن عمرو بن عطاء عن عبد اللَّه بن عباس به. وهذا السند ضعيف واللذان عند المصنف أحسن منه، وإنما يفيد شهرة الحديث. 1989/ 4706 - "سَلُوا اللَّهَ بِبطُونِ أَكُفِّكُمْ، وَلا تسألوه بِظُهُورِها، فَإذا فَرَغتم فامسحوا بها وجوهكم". (د. هق) عن ابن عباس قال الشارح: بطرق كلها واهية، فرمز المؤلف لصحته زلل. وقال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما زعم فإن أبا داود نفسه إنما خرجه مقرونًا ببيان حاله فقال: روى هذا من غير طريق عن ابن عباس يرفعه

وكلها واهية، وهذا الطريق أمثلها وهو ضعيف اهـ. وساقه عنه البيهقى وأقره وارتضاه الذهبى وأقره ابن حجر، فاعجب للمصنف مع اطلاعه على ذلك كيف أشار لصحته؟!. قلت: إنما الزلل والعجب من الشارح الذي لا يد له في معرفة الحديث، يحكم بالزلل على المصنف الحافظ المجتهد الذي يصحح ويزيف بحسب ما أداه إليه اجتهاده لا بحسب ما رآه غيره، العجب من الشارح أيضًا إذ لم يمييز بين صنيع أهل الحديث في الرواية وصنيعهم في الحكم والدراية، كيف يجترئ على الكلام فيما لا يحسنه فإن المحدث الراوية المخرج قد يتكلم على الحديث باعتبار كل سند من أسانيده على أنفراده، ويخبر أنه لم يوجد له سند على شرط الصحيح أو الحسن على انفراده في رأيه الذي قد يكون غيره مخالفا له فيه. أما الحديث في نفسه فلا يتعرض للكلام عليه، لأنه ليس من نظره ولا من وظيفته، والمحدث الفقيه صاحب النظر في الدراية واستنباط الأحكام ينظر إلى الحديث في ذاته ويحكم عليه أو له بمجموع طرقه لا بالنظر إلى كل واحد منها على انفراده، فكم حديث طرقه كلها ضعيفة، ولكن المتن مع ذلك صحيح أو متواتر بالنظر إلى المجموع وهذا الذي سماه المتأخرون صحيحًا لغيره، واحتج به الأئمة فيما لا يحصى من المسائل، حتى نسخوا به القرآن المقطوع به، كحديث: "لا وصية لوارث"، فإن أسانيده كلها ضعيفة، ومع ذلك احتجوا به بمجموع طرقه، ولو جمعت الأحاديث التي حكموا بصحتها وأسانيدها كلها ضعيفة لجاءت في مجلد حافل ضخم، وهذا الحديث منها، فإنه بالنظر إلى مجموع طرقه لا ينزل عن درجة الحسن بكل حال، فإذا نظر إلى وجود شواهده ارتقى إلى درجة الصحيح كما حكم به المصنف، وقد أخطأ الشارح هنا على عادته في مواضع: الأول في قوله في الصغير: بطرق كلها واهية، فإن هذا اللفظ صريح في أن أبا

داود والبيهقى خرجاه بطرق كلها واهية، والواقع أنهما لم يخرجاه إلا من طريق واحد وإنما نص أبو داود على أن له طرقا، ومعلوم ضرورة أنه لا يقال فيمن نص على أن للحديث طرقا ولم يخرجها أنه أخرجه من طرق متعددة. الثانى: أنه قال في حديث أبي بكرة المذكور في المتن قبل هذا مباشرة: أن سنده حسن، ثم عقب ذلك بقوله هنا: طرقه كلها واهية فهو من التناقض العجيب الغريب. الثالث: أن أبا داود قال هذا بالنسبة لأصل الحديث، فإن هذه القطعة وردت أثناء حديث طويل اقتصر منه أبو داود على جمل، كما اقتصر غيره من المخرجين على جمل أخرى، وإنما خرجه بطوله بعضهم فقط كما سأذكره، قال أبو داود [رقم: 1485]: حدثنا عبد اللَّه بن مسلمة ثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد اللَّه بن يعقوب بن إسحاق عن محمد حدثه عن محمد بن كعب القرظى عن ابن عباس مرفوعًا: "لا تستروا الجدر، من نظر في كتاب أخيه بغير أذنه فإنما ينظر في النار، سلوا اللَّه ببطون أكفكم. . " الحديث. ثم قال أبو داود: ما نقله عنه الشارح. والحديث أخرجه ابن ماجه [رقم: 3866]، وابن حبان في الضعفاء [1/ 368] كلاهما من رواية صالح بن حسان عن محمد بن كعب القرظى عن ابن عباس به مرفوعًا مقتصرا على قوله: "إذا دعوت اللَّه فادع ببطون كفيك ولا تدع بظهورهما، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك". وضعف ابن حبان صالح بن حسان، وقال: إنه كان صاحب قينات وسماع، وكان ممن يروى الموضوعات عن الأثبات. قلت: لكنه لم ينفرد بالحديث عن محمد بن كعب القرظى بل رواه عنه جماعة منهم أبو المقدام هشام بن زياد، ومصادف بن زياد، وعيسى بن ميمون،

والقاسم بن عروة، وزيد العمى وغيرهم. أما رواية أبي المقدام فرواها عنه جماعة وخرجها من طريقهم الحارث بن أبي أسامة في مسنده، والحاكم في المستدرك [1/ 536]، وأبو نعيم في الحلية، وفي التاريخ [2/ 224]، والقضاعى في مسند الشهاب، وأحمد بن منيع في مسنده وآخرون إلا أن القضاعى أقتصر على جمل منه والباقون خرجوه بطوله وفي رواياتهم بعض الاختلاف بالزيادة والنقص. وقال الحاكم: هذا حديث قد اتفق هشام بن زياد النصرى ومصادف بن زياد المدينى على روايته عن محمد بن كعب القرظى، ولم استجز إخلاء هذا الموضع منه، فقد جمع آدابا كثيرة وتعقبه الذهبى بأن هشاما متروك، والراوى له عن مصادف بن زياد وهو محمد بن معاوية كذبه الدارقطنى، قال: فيبطل الحديث. قلت: وهما متعقبان معا بوروده من غير طريق المذكورين كما قدمت. وأما رواية مصادف بن زياد فخرجها الحاكم في المستدرك [1/ 536]. وأما رواية عيسى بن ميمون فذكرها أبو نعيم في الحية فقال عقب رواية أبي المقدام هشام بن زياد عن محمد بن كعب ما نصه، قال أبو نعيم: رواه عن محمد بن كعب عيسى بن ميمون نحوه، وهذا الحديث لا يحفظ بهذا السياق عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا من حديث محمد بن كعب عن ابن عباس. وأما رواية القاسم بن عروة فخرجها أبو عثمان الصابونى في العقيدة عن الحاكم أبي عبد اللَّه: ثنا أبو العباس المعقلى ثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردى حدثنى أبي وعبد الرحمن الضبى عن القاسم بن عروة عن محمد ابن كعب به. وأما رواية زيد العمى فخرجها أبو داود في كتاب التوكل عن محمد بن عبد الرحمن أبي الربيع الأسدى ثنا عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن محمد

ابن كعب به، إلا أن جميعهم لم يذكر لفظ الحديث المذكور هنا، وإنما روى أصل الحديث بطوله، فبعضهم يذكر فيه هذه الجملة كما ذكره أبو داود وبعضهم لم يذكرها، وإنما سقنا هذه الطرق لأن كلام أبي داود إنما هو على أصل الحديث لا خصوص تلك الجملة الواردة في الدعاء، وقد تقدم شاهدها في المتن، وقال الشارح عنه إنه حسن. 1990/ 4708 - "سَلُوا اللَّه كُلَّ شَيء حتَّى الشِّسْعَ، فَإنَّ اللَّه إنْ لمْ يُيَسِّرهُ لمْ يَتَيَسَّرْ". (ع) عن عائشة قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبد اللَّه ابن المنادى وهو ثقة. قلت: ينظر هل تحرف هذا الأسم أو لأبي يعلى في الحديث سندان، فقد أخرجه ابن السنى في عمل اليوم والليلة [رقم: 349] عن أبي يعلى بسند ليس فيه ابن المنادى ولفظه: أخبرنا أبو يعلى ثنا محمد بن عبد اللَّه بن نمير ثنا هاشم بن القاسم عن محمد ابن مسلم بن أبي الوضاح عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، وهذا السند متصل ورجاله رجال الصحيح. 1991/ 4709 - "سَلوا أَهْلَ الشَّرفِ عنِ العِلم، فإن كان عِندهُمْ عِلمٌ فاكتُبُوهُ، فإنَّهُمْ لا يكذِبُونَ". (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو نعيم، ومن طريقه أورده الديلمى، فلو عزاه إليه المصنف لكان أولى. قلت: بل لو سكت عن هذا الهراء الفارغ وتكلمت على رتبة الحديث لكان

أولى، فإن الحديث باطل موضوع ليس من حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا من حديث ابن عمر، ولا من حديث نافع، ولا من حديث حماد بن زيد، ولست أدرى من أفتراه بعد هؤلاء وركب له إسناد الصحيح، قال أبو نعيم فيما أسنده الديلمى من طريقه: ثنا عبد الوهاب بن العباس بن عبد اللَّه العباسى ثنا محمد بن القاسم بن سبياه المؤدب ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبيد اللَّه ثنا قدحة ثنا محمد بن خلف ثنا أبي حدثنا حماد بن زيد به. 1992/ 4718 - "سُمِّى رَجَبَ، لأنَّهُ يَتَرجَّب فِيهِ خيرٌ كثيرٌ لِشَعْبانَ وَرَمَضَانَ". أبو الحسن بن محمد الخلال في فضائل رجب عن أنس قلت: هذا حديث موضوع كان على المصنف أن لا يذكره. 1993/ 4719 - "سُوءُ الخُلقِ شُؤْمٌ". ابن شاهين في الأفراد عن ابن عمر قلت: سكت عنه الشارح ورمز له المصنف بعلامة الحسن، والحديث خرجه ابن شاهين في جزئه أيضًا قال: حدثنا سعيد بن نفيس المصرى ثنا سهل بن سوار ثنا عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث حدثنى الليث عن نافع عن ابن عمر به، وعبد اللَّه بن صالح حاله معروف. 1994/ 4720 - "سُوءُ الخلقِ شُؤمٌ، وَشِراركُمْ أسوأُكم أخلاقًا" (خط) عن عائشة قال في الكبير: وروى أبو داود الجملة الأولى منه فقط، قال الحافظ العراقى: وكلاهما لا يصح.

قلت: في هذا عدة أخطاء، الأول: قوله: وروى أبو داود الجملة الأولى منه، يقتضى أن أول الحديث عند أبي داود كذلك دون زيادة: "وشراركم. . إلخ"، فيكون فيه تعقب على المصنف إذ ذكره قبل هذا وعزاه لابن شاهين في الأفراد، ولم يعزه إلى أبي داود على القاعدة المقررة وليس الأمر كذلك، بل لفظ الحديث عند أبي داود كما سبق للمصنف: "حسن الملكة يمن، وسوء الخلق شؤم"، فهو عنده آخر حديث لا أول حديث كما هنا. الثانى: أن قوله: وروى أبو داود الجملة الأولى منه، يقتضى أنه رواها من حديث عائشة كما هنا والواقع أنه عنده من حديث رافع بن مكيث. الثالث: قوله: وروى أبو داود. . إلخ، يفيد أن أبا داود خرجه وحده بذلك اللفظ مع أنه أخرجه أيضًا عبد الرزاق وأحمد في المسند [3/ 502] وأبو يعلى، وابن الأعرابى في المعجم، والخرائطى في مكارم الأخلاق، والطبرانى في الكبير، والقضاعى في مسند الشهاب وآخرون. الرابع: أنه قال: وروى أبو داود الجملة الأولى منه فقط، قال الحافظ العراقى: وكلاهما لا يصح، فاقتضى هذا أن العراقى تكلم على الجملتين المذكورتين هنا، وقال: كلاهما لا يصح، والعراقى ما تكلم إلا على حديث: "سوء الخلق شؤم" من طريقين ولفظ حديثه (¬1): "ما الشؤم؟ قال: سوء الخلق"، ورواه أحمد [6/ 85] من حديث عائشة: "الشؤم سوء الخلق"، ولأبي داود [4/ 341 رقم 5162] من حديث رافع: "فكيف سوء الخلق شؤم؟ "، وكلاهما لا يصح اهـ. الخامس: أن الشارج دائمًا يستدرك على المصنف بالمخرج الذي أخرجه المعزو وإليه من طريقه فتجده يقول في أحاديث الديلمى: وهو رواه من طريق أبي نعيم، أو من طريق الحاكم، أو من طريق البزار، فلو عزاه إليه المصنف لكان ¬

_ (¬1) في المخطوط: ولفظه حديث.

أولى، ويكون الواقع أنه واهم في أكثر ذلك، وأن البزار وأبا يعلى الواقعين في سند الديلمى غير المخرجين المشهورين، وهنا ترك ذلك لكونه حقا وصوابا، فإن الخطيب روى هذا الحديث عن شيخه أبي نعيم، وأبو نعيم خرجه في الحلية بنفس السند الذي رواه عنه به الخطيب وذلك في ترجمة أبي سعيد الخراز في الجزء العاشر من الحلية. 1995/ 4722 - "سُوءُ الخُلقِ يُفْسِدُ العملَ كما يُفسِدُ الخلُّ العسَلَ". الحارث، والحاكم في الكنى عن ابن عمر قال في الكبير: وكذا رواه أبو نعيم والديلمى عن ابن عمر، ورواه ابن حبان في الضعفاء من حديث أبي هريرة، والبيهقى في الشعب عن ابن عباس وابن عمر وضعفها. قلت: هذا خطأ، أبو نعيم والديلمى لم يخرجاه من حديث ابن عمر، وإنما أخرجاه من حديث أبي هريرة، والشارح لم يره عند أبي نعيم إنما رأى الديلمى أسنده من طريقه وهو عنده في تاريخ أصبهان [2/ 144] قال: ثنا أبي ثنا يوسف بن محمد ثنا عقيل بن يحيى ثنا أبو داود الطيالسى ثنا النضر ابن معبد أبو قحذم عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به. وقال ابن حبان في الضعفاء [3/ 51]: ثنا العباس بن الفضل بن شاذان المقرى ثنا عبد الرحمن بن عمر رسته ثنا أبو داود ثنا النضر بن معبد به. وقال ابن حبان في النضر المذكور: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد. 1996/ 4724 - "سَوْدَاء ولُودٌ خيرٌ مِنْ حَسْنَاء لا تَلِد، وإنِّي مُكاثِرٌ بكُمُ الأُممَ، حتَّى بالسقطِ مُحْبَنْطِئًا عَلَى بَابِ الجنَّةِ، يُقالُ:

ادخُلِ الجنَّة، فيقولُ: يا ربِّ وأبواى، فيقالُ لهُ: ادخلِ الجنةَ أنت وأبواكَ". (طب) من معاوية بن حيدة. قال في الكبير: قال الهيثمى فيه على بن الربيع وهو ضعيف، ورواه أيضًا ابن حبان في الضعفاء من رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، قال الحافظ العراقى: ولا يصح. قلت: كأن الشارح فهم من كلام من عزاه إلى ضعفاء ابن حبان من حديث بهز عن أبيه عن جده أنه طريق غير طريق الطبرانى المذكورة في المتن لأن جد بهز بن حكيم هو معاوية بن حيدة، وكل من الطبرانى وابن حبان روياه من طريق على بن الربيع عن بهز. قال ابن حبان في الضعفاء [2/ 111]: ثنا عبدان بعسكر بكرم ثنا يحيى بن درست ثنا على بن الربيع عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده به، قال ابن حبان: وهذا حديث منكر لا أصل له من حديث بهز بن حكيم وعليٌّ هذا يروى المناكير، فلما كثرت في روايته بطل الاحتجاج به اهـ. ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا تمام الرازى في فوائده قال: أخبرنا أبو القاسم على بن يعقوب بن ساكر الهمداني ثنا أبو يعقوب يوسف ابن موسى المروزى ثنا أبو زكريا يحيى بن درست ثنا عليِّ بن الربيع به. وله طريق آخر من حديث أم سلمة دون ذكر السقط، قال أبو نعيم في التاريخ [1/ 144]: ثنا على بن محمود ثنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن محمد بن حمزة الهيساني ثنا عبد اللَّه بن محمد بن سنان ثنا إبراهيم بن الفضل وهو ابن أبي سويد ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن سواء الخزاعي عن أم سلمة أن النبي

-صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "سوداء ولود خير من حسناء لا تلد، إني مكاثر بكم الأمم". 1997/ 4726 - "سورة مِنَ القرآنِ مَا هيَ إلا ثَلاثُونَ آيَةً خاصَمَتْ عَنْ صاحِبها حتَّى أدْخَلَتْه الجَنَّةَ، وَهِيَ تَبَاركَ". (طس) والضياء عن أنس. قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، وقال ابن حجر يعنى الحافظ: حديث صحيح، فقد أخرج مسلم بهذا الإسناد حديثًا آخر، وأخرج به البخارى حديثين. قلت: يريد الحافظ بالسند من فوق شيخ الطبرانى، لأنه لا يتصور أن يكون سند الطبرانى من أوله روى به البخارى ومسلم كما هو معلوم، وقد خرجه الطبرانى في الصغير أيضًا [1/ 176] قال: حدثنا سلميان بن داود بن يحيى الطبيب البصرى ثنا شيبان بن فروخ الأبلى ثنا سلام بن مسكين عن ثابت عن أنس به. وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد والأربعة، وابن حبان [2/ 81] والحاكم [1/ 565]، وقد سبق للمصنف في حرف: "أن سورة ثلاثون آية. . . " الحديث. 1998/ 4727 - "سوَرةُ تباركَ هِيَ المانِعَةُ مِنْ عَذَاب القَبْرِ". ابن مردويه عن ابن مسعود قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وقال الحافظ في الأمالي: إنه حسن، فظاهر صنيع المنصف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وليس كذلك، فقد خرجه الترمذى بزيادة من حديث الحبر، ولفظه: "سورة تبارك هي المانعة هي المنجية من عذاب اللَّه". قلت: لفظ الترمذى ليس كما حكاه الشارح، بل قال [رقم: 2890]:

حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ثنا يحيى بن عمرو بن مالك النكري عن أبيه عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال: "ضرب بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فناءة على قبر وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر"، ثم قال الترمذى: هذا حديث غريب أي ضعيف. 1999/ 4731 - "سَوُّوا القُبُورَ عَلَى وجهِ الأرْضِ إذَا دَفنْتُمْ". (طب) عن فضالة بن عبيد. قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة والأمر بخلافه، فقد عزاه الديلمى إلى مسلم والنسائى وكذا لأحمد. قلت: هذا كذب ما خرجه أحد من المذكورين، وإنما أخرجوا هم وأبو داود [رقم: 3218] والترمذى [1/ 195] من حديث أبي الهياج الأسدى أن عليًا عليه السلام قال له: "أبعثك على ما بعثني عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا تدع تمثالًا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته" فهذا مشرق وحديث المتن مغرب، والشارح عن كل هذا غافل وبه جاهل. 2000/ 4732 - "سَلامةُ الرَّجُلِ في الفتْنَةِ أَنْ يلَزَمَ بَيْتَهُ". (فر) زاد في الكبير: في المسلسلات، وأبو سعيد السَّمان وأبو الحسن بن المفضل المقدسي في الأربعين المسلسلة عن أبي موسى. قال في الكبير: وقد أفرد الخطيب في العزلة جزءا. قلت: الديلمى ليس له مسلسلات، وإنما أخرجه مسلسلا، فإن أبا موسى بعد أن ذكر الحديث قال: صدق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في العزلة سلامة، فقد خرجنا وندمنا.

وكتاب العزلة هو للخطابي لا للخطيب. 2001/ 4736 - "سَيأتى عَلَى النَّاسِ زَمان، يُخيَّرُ فيه الرَّجُلُ بينَ العَجزِ والفجُورِ، فمنْ أدركَ ذَلِكَ الزَّمَان فليخْتَرِ العجْزَ علىَ الفُجُورِ". (ك) [عن أبي هريرة] قال في الكبير: من حديث محمد بن يعقوب عن أحمد العطاردى عن أبي معاوية عن ابن أبي هند عن شيخ من بني قشير عن أبي هريرة، قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبى، وقال الهيثمى: رواه أحمد وأبو يعلى عن شيخ عن أبي هريرة، وبقية رجاله ثقات اهـ. وليس بسديد، كيف وأحمد بن عبد الجبار العطاردى أورده الذهبى في الضعفاء والمتروكين؟! وقال في الميزان: ضعفه غير واحد، وقال ابن عدى: أجمعوا على ضعفه، ولم أر له حديثًا منكرًا إنما ضعفوه لكونه لم يلق من حدث عنهم. . . إلخ. قلت: ظاهر السياق أن قوله: وليس بسديد تعقب على الهيثمى القائل: وبقية رجاله ثقات، لأنه مذكور بعده، ويجوز أن يريد به التعقب على الحاكم والذهبي أو على الجميع، وكيفما كان الحال فهي جرأة تدل على أن الرجل مع جهله بالحديث لا يعرف قدره، ولو عرفه لما استجاز أن يتعقب على هؤلاء الحفاظ وهو بعد لم يدخل في حيز الوجود في هذا الميدان، هذا لو كان تعقبه بحق وعلم، فكيف وهو بجهل؟! فأحمد بن عبد الجبار العطاردى لا وجود له في سند هذا الحديث لا عند أحمد ولا عند الحاكم، وكيف يكون في سند أحمد وهو أصغر سنا من أحمد بل هو من طبقة تلامذته وكيف يقر الذهبى الحاكم على تصحيحه وفي مسنده العطاردى المجمع على ضعفه؟! وكيف يقول الهيثمى وبقية رجاله ثقات وفيه العطاردى المذكور؟! إذًا فقد سلب اللَّه عقل الحاكم والذهبي والهيثمي، وخبأه للشارح وادخر له هذه المزية

العظمى والذكاء العجيب والاطلاع الغريب والمعرفة التامة بالرجال. وبعد فكل ما قاله الرجل كذب لا أصل له، وأحمد بن عبد الجبار لا وجود له إلا في غلط الشارح، قال الحاكم [4/ 438]: أخبرنا أبو عبد اللَّه الصفار ثنا محمد بن إبراهيم بن أرومة ثنا الحسين بن حفص ثنا سفيان عن داود بن أبي هند قال: أخبرنى شيخ سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يأتي على الناس زمان يُخَيّر فيه الرجل. . . " الحديث. ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأن الشيخ الذي لم يسم سفيان الثورى عن داود بن أبي هند هو سعيد بن أبي جبيرة: حدثنا أبو بكر الشافعى ثنا إسحاق بن الحسن بن ميمون ثنا سعيد بن سليمان أنبأنا عباد بن العوام عن داود بن أبي هند عن سعيد بن أبي جبيرة عن أبي هريرة به. وأخرجه أيضًا البيهقى في الزهد قال: أخبرنا أبو نصر بن قتادة أنبأنا أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه الرازى ثنا إبراهيم بن زهير ثنا مكي بن إبراهيم ثنا داود بن أبي هند قال: نزلت جديلة قيس فإذا إمامهم رجل أعمى، يقال له أبو عمر، فسمعته يقول: سمعت أبا هريرة. . . فذكره. وأخرجه أبو عمرو إسماعيل بن نجيد في جزئه قال: حدثنا أحمد بن داود الشمناني ثنا محمد بن حميد الرازى ثنا أشعث بن عطاف ثنا سفيان عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به. كذا قال: سعيد بن المسيب، وهو واهم فيه وإنما هو ابن أبي جبيرة كما سبق فلا أثر لأحمد بن عبد الجبار العطاردى في سند الحديث.

2002/ 4738 - "سيخرجُ أقوامُ منْ أمَّتى يَشربونَ القُرْآن كشُربهمُ اللَّبنَ". (طب) عن عقبة بن عامر قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات، وظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول عجيب، فقد خرجه مسلم باللفظ المزبور عن أبي هريرة، هكذا عزاه له في مسند الفردوس وغيره. قلت: بل هذا كذب عجيب، فإن مسلمًا ما خرجه لا باللفظ المزبور ولا غيره، فلينظر من أين هذا الكذب؟! 2003/ 4741 - "سَيِّدُ الإدامِ في الدُّنيا والآخِرَةِ اللَّحْمُ، وسَيِّدُ الشَّرابِ في الدُّنيا والآخِرَةِ الماءُ، وسيِّدُ الرياحِينِ في الدُّنيا والآخرةِ الفَاغِيَةُ". (طب) وأبو نعيم في الطب (هب) عن بريدة قال الشارح: في إسناده مجهول وبقيته ثقات اهـ. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه سعيد بن عتبة القطان لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم كلام لا يضر، وقال ابن القيم: إسناده ضعيف. قلت: فما قاله في الصغير من أن في إسناده راويًا مجهولًا إنما أخذه من قول الحافظ نور الدين في سعيد: أنه لم يعرفه، وقد نبهنا مرارًا على أن هذا لا يقال فيه مجهول، لأن من لم يعرفه الحافظ الهيثمى قد يعرفه غيره فلا يكون مجهولا، وإنما المجهول من نص الحفاظ الأقدمون كالحاكم وابن معين والدارقطنى على أنه مجهول.

والحديث هو الذي يرويه أهل المسلسلات مسلسلا بالنحاة، وقد رويناه كذلك من طريق مسلسلات المؤلف، وأبي القاسم بن الطليسان وغيرهما. وسعيد بن عتبة الذي ذكره الهيثمى في سند الطبرانى لم ينفرد به، لأن الحديث من رواية أبي هلال الراسبي عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه. وقد وقع لنا مسلسلا من رواية ابن قتيبة عن أحمد بن خليل البغدادى عن الأصمعي ثنا أبو هلال به. وكذا هو عند تمام في فوائده وجماعة، وإنما تفرد به أبو هلال المذكور، وقد وثق وفيه بعض الضعف، لكن للحديث شواهد كثيرة يأتي قريبًا بعضها. 2004/ 4745 - "سَيِّدُ السِّلْعةِ أحقُّ بالسوم". (د) في مراسيله عن أبي حسين قال في الكبير: هو العكلي زيد بن الحباب، وفي نسخة أبي حصين: بفتح أوله ابن أحمد بن عبد اللَّه بن يونس اسمه عبد اللَّه يروى عنه أبو داود. قلت: واعجبا ما أجهل الشارح بهذا الأمر، وما أكثر أخطاءه فيه، وأشد غفلته عند الكلام عليه، فالحديث مرسل ومعناه أنه من رواية تابعي، وزيد ابن الحباب ما هو تابعي ولا تابع التابعي، هو راو من أصحاب مالك وسفيان، ومن طبقة أحمد بن حنبل وابن أبي شيبة وإن كانا قد رويا عنه، ثم هو غير معروف بكنيته، وإنما هو معروف بزيد بن الحباب. وأما أبو حصين ففيه خطأ مركب على خطأين فصاروا ثلاثة أخطاء: أولها: أن أبا حصين الذي يقصده ويصرح بأن أبا داود روى عنه ليس هو عبد اللَّه بن أحمد بل هو أبو حصين بن يحيى بن سليمان الرازى لا يعرف له اسم، بل قال أبو حاتم: قلت له: هل لك اسم؟ قال: اسمي وكنيتي واحد، يعنى أن اسمه هو كنيته.

ثانيها: أن أبا حصين عبد اللَّه بن أحمد بن عبد اللَّه بن يونس لم يرو عنه أبو داود ولا هو من رجاله أصلًا، وإنما روى عنه الترمذى والنسائى. ثالثها: أن كلا من أبي حصين المذكور أصغر من زيد بن الحباب ومن طبقة تلاميذه، فكيف يكون حديثه مرسلا؟!. إن هذا واللَّه لعجب، فأبو الحسين المذكور إما على بن الحسين زين العابدين وإما خالد بن ذكوان سمع أم الدرداء!!. 2005/ 4749 - "سَيِّدُ الشُّهورِ شهْرُ رمضانَ، وأعظمُهَا حُرْمَةً ذُو الحِجَّةِ". البزار، (هب) عن أبي سعيد قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد قال الهيثمى: فيه يزيد بن عبد الملك النوفلي ضعفوه. قلت: يزيد وثقه ابن سعد وخرج له ابن حبان في صحيحه مقرونا، وللحديث شواهد وأصول تدل على ما حكم به المصنف. وأخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس من طريق إسحاق الفروي عن يزيد ابن عبد الملك عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد به. 2006/ 4751 - "سيِّدُ القوْمَ خَادِمُهْم". عن أبي قتادة، (خط) عن ابن عباس قال في الكبير: لم يذكر المصنف من خرجه عن أبي قتادة، وعزاه في الدرر المشتهرة لابن ماجه، وفي درر البحار للترمذي، ورواه الخطيب عن يحيى بن أكتم عن أبيه عن جده عن عكرمة عن ابن عباس، وفيه قصة طويلة ليحيى، ورواه أيضًا السلمى في آداب الصحبة عن عقبة بن عامر، قال في المواهب: وفي سنده ضعف وانقطاع.

قلت: الحديث لم يخرجه لا الترمذى ولا ابن ماجه، وإنما عزاه لهما الديلمى في مسند الفرودس من حديث أبي قتادة فوهم على عادته، ثم إن حديث ابن عباس ليس هو عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مباشرة، بل هو من روايته عن جرير، كذلك هو في التاريخ للخطيب [10/ 187] فكأن المصنف لما رأى ابن عباس لم يظن أنه رواه عن صحابي غيره فانتقل إلى رواية المتن دون أن يحقق السند، هذا ما وقع للمصنف في هذا الحديث. وأما الشارح فأخطأ في قوله: إن الخطيب رواه عن يحيى بن أكتم عن أبيه عن جده. . . إلخ، فإن يحيى بن أكتم رواه عن المأمون وهو الذي رواه عن أبيه عن جده قال يحيى بن أكتم: بت ليلة عند المأمون فعطشت في جوف الليل فقمت لأشرب ماء فرآني المأمون فقال: ما لك ليس تنام يا يحيى؟ قلت: يا أمير المؤمنين أنا واللَّه عطشان، قال: ارجع إلى موضعك فقام واللَّه إلى البرادة فجاءني بكوز ماء وقام على رأسي فقال: اشرب، قلت: يا أمير المؤمنين فهلا وصيف أو وصيفة، قال: إنهم نيام، قلت: فأنا كنت أقوم للشرب، فقال: لا لوم بالرجل أن يستخدم ضيفه ثم قال: يا يحيى ألا أحدثك؟ قلت: بلى، قال: حدثنى الرشيد قال: حدثنى المهدي قال: حدثنى المنصور عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال: حدثنى جرير بن عبد اللَّه قال سمعت: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "سيد القوم خادمهم". وبهذه القصة من هذا الوجه أخرجه أبو عبد الرحمن السلمى فقال: عن المأمون عن أبيه عن جده عن عقبة بن عامر، ولهذا قال الحافظ السخاوي: وفي سنده ضعفٌ وانقطاع لأن جده لم يدرك عقبة بن عامر وكأن بعد الرجال أسند عند أبي عبد الرحمن وهمٌ في قوله: عن عقبة وإنما هو عن عكرمة واللَّه أعلم. 2007/ 4752 - "سيِّد القومِ خادِمُهُمْ، وَسَاقِيهم آخرُهُم شُرْبًا". أبو نعيم في الأربعين الصوفية عن أنس

قال في الكبير: في صنيعه إشعار بأن الحديث لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة وإلا لما أبعد النجعة وهو ذهول، فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المذكور عن أبي قتادة، ورواه أيضًا الديلمى. قلت: وفي هذا أيضًا إشعارٌ بأن الشارح رأى الحديث في ابن ماجه ولذلك جزم به ونسب الذهول إلى المصنف وهو في ذلك كاذب واهم، ولنا رآيٌ؛ [لما] الديلمى عزاه إلى ابن ماجه فلم يفهم مراده، فإن الديلمى إنما أراد بالعزو إلى ابن ماجه: "ساقي القوم آخرهم شربا" على نوع من التجوز، فإن ابن ماجه خرج الحديث المذكور [رقم: 3434] من حديث أبي قتادة، وكذلك خرجه مسلم [1/ 274 رقم: 311]، والترمذى [رقم: 1894]، ولكن دون زيادة: "سيد القوم خادمهم" فالشارح يهرف بما لا يعرف ويسود الورق بالكذب. 2008/ 4745 - "سَيِّدُ النَّاسِ آدَمُ، وسيد العرب مُحَمَّدٌ، وسيد الرُّومِ صُهَيبٌ، وَسَيد الفرس سَلْمَانُ، وسيد الحَبَشةِ بلالُ، وسيد الجِبِالِ طور سيناءَ، وسيد الشجرِ السِّدْرُ، وسيد الأَشهر المحرمُ، وسيد الأيام الجمعةُ، وسيد الكلامِ القرآنُ، وسيد القرآنِ البقرةُ، وسيد البقرةِ آية الكرسي، أَمَا إِنَّ فيها خَمْسَ كلماتٍ في كلِّ كلمةٍ خمسون بركةً". (فر) عن على قال في الكبير: فيه محمد بن عبد القدوس عن مجالد بن سعيد، ومحمد قال الذهبى: مجهول، ومجالد قال أحمد: ليس بشيء. قلت: هذا حديث كذب، ومجالد لا يصل به الحد إلى رواية مثل هذا الكذب، فإن مسلمًا روى له في الصحيح، وإنما آفته محمد بن عبد القدوس المجهول.

2009/ 4756 - "سيد ريحانِ أهلِ الجنَّةِ الحِنَّاءُ". (طب. خط) عن ابن عمرو قال في الكبير: بعد الكلام عليه: وحكم ابن الجوزى بوضعه ونوزع. قلت: انظر كيف أبهم هنا المنازع وهو المؤلف، لأنه أطال في ذكر الشواهد لهذا الحديث مع توثيق من أعله به ابن الجوزى، وفي الحديث الذي لا يجد المؤلف ما يتوسع به في الكلام عليه يقول الشارح: ونازعه المؤلف فلم يأت بطائل كعادته، هكذا يقول كعادته وهو ما يجئ ولا يذهب إلا في بحار علوم المصنف. إن في الباب حديثا لم يذكره المصنف هناك، قال الدولابى في الكنى [1/ 149]: أخبرنى أحمد بن شعيب أنا أحمد بن يسار أبو أيوب المروزى ثنا أبو الحسن جميل بن زيد التميمي أنبأنا بقية بن الوليد ثنا ابن جريج عن عطاء عن عبد اللَّه بن عمرو قال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الحناء سيد ريحان الجنة فاختضبوا به، فهلا أختضب به؟! ". قال الدولابى: هذا حديث منكر جدًا، وجميل بن زيد هذا لا يعرف في أهل العلم. 2010/ 4761 - "سَيُدْرِكُ رَجُلانِ مِنْ أُمَّتِي عِيْسَى ابنَ مريمَ، وَيَشْهَدَانِ قِتَالَ الدجالِ". ابن خزيمة، (ك) عن أنس قلت: هذا حديث باطل.

2011/ 4762 - "سَيشددُ هَذا الدِّين برجالٍ ليس لَهُمْ عندَ اللَّهِ خَلاقٌ". المحاملي في أماليه عن أنس قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجًا لأحد من المشاهير أصحاب الرموز وهو ذهول، فقد خرجه الطبرانى ثم الديلمى باللفظ المزبور عن أنس المذكور. قلت: بل هذا من الكذب الواضح المشهور، فالطبراني لم يخرجه باللفظ المزبور عن أنس المذكور، ولكن بلفظ [1/ 51]: "إن اللَّه تبارك وتعالى يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم"، هكذا هو لفظ الطبرانى، وهكذا رواه البزار أيضًا، وقد قدمه المصنف بهذا اللفظ في حرف "إن" وعزاه لمن هو أعلى من الطبرانى وهو النسائى وابن حبان، فذهول الشارح عن ذلك هو الذهول وإلا فلا ذهول، وأما المصنف فلم يحصل منه ذهول قط في هذا الباب. 2012/ 4767 - "سيكون في أمتي أقوامٌ، يتعاطى فقهاؤهم عُضلَ المسائِل أولئكَ شرارُ أُمَّتِي". (طب) عن ثوبان قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس ذا منه بحسن، فقد أعله الهيثمى وغيره بأن فيه يزيد بن ربيعة وهو متروك. قلت: الرموز لا يعتمد عليها فإن النساخ يحرفونها كثيرا، ففي النسخة المطبوع معها الشرح الكبير وضع علامة الصحيح على هذا الحديث، وكم من حديث ساقط مثل هذا موضوع بجنبه علامة الصحيح. والحديث خرجه أيضًا الآجري بلفظ آخر فقال: أخبرنا أبو جعفر بن محمد الضدلي أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي أخبرنا أبو

النضر يعنى الدمشقى، أخبرنا يزيد بن ربيعة قال: سمعت أبا الأشعث يحدث عن ثوبان مرفوعًا: "سيكون أقوام من أمتي يتغلطون فقهاءهم بعضل المسائل أولئك شرار أمتي"، فهذا معنى غير المعنى الأول وكلاهما باطل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأثر الافتعال ظاهر عليه. 2013/ 4775 - "سَيكُون قومُ يَعْتَدُونَ في الدُّعَاءِ". (حم. د) عن سعد قال في الكبير: رمز لصحته، وسببه أنه سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة، قال: أي بني سل اللَّه الجنة، وتعوذ به من النار، فإني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:. . . وذكره. قلت: هذا غلط وخلط لحديث بحديث، فالذي قال: "اللهم إني أسألك القصر الأبيض. . . إلخ" هو ابنٌ لعبد اللَّه بن مغفل فقال له أبوه ذلك، قال أبو داود [رقم: 96]: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد ثنا سعيد الجريرى عن أبي نعامة أن عبد اللَّه ابن مغفل سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، قال: سل اللَّه الجنة، وتعوذ به من النار، فإني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء". وأما حديث سعد فقال أبو داود في كتاب الدعاء [رقم 148]: ثنا مسدد ثنا يحيى عن شعبة عن زياد بن مخراق عن أبي نعامة عن ابن لسعد قال: سمعني أبي وأنا أقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا، فقال: يا بني إني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "سيكون قوم يعتدون في الدعاء فإياك أن

تكون منهم، إنك إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها من الخير، وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر". وحديث سعد هذا أخرجه أيضًا أبو داود الطيالسي في مسنده ومن طريقه ابن مردويه في التفسير، والبيهقى في كتاب الدعوات، وأخرجه أيضًا أبو يعلى الموصلى في مسنده. وحديث عبد للَّه بن مغفل أخرجه أيضًا ابن ماجه [رقم: 3864] وابن حبان في صحيحه، والحاكم [1/ 162] في المستدرك وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. 2014/ 4776 - "سيكون قَومٌ يَأكُلُونَ بِألسِنَتِهم كَما تَأكُلُ البقَرُ مِنَ الأرْضِ". (حم) عن سعد قال في الكبير: قال الحاقظ العراقى: فيه من لم يسم، وقال الهيثمى: رواه أحمد والبزار من عدة طرق وفيه راو لم يسم، وأحسنها ما رواه أحمد عن زيد بن أسلم عن سعد إلا أن زيد لم يسمع من سعد. قلت: هذا غريب فإن أحمد قال [1/ 176]: حدثنا يعلى ويحيى بن سعيد قال يحيى: حدثنى رجل كنت اسميه فنسيت اسمه عن عمرو بن سعد قال: كانت لي حاجة إلى أبي سعد، قال: وحدثنا أبو حيان عن مجمع قال: كان لعمر بن سعد إلى أبيه حاجة فقدم بين يديه حاجته كلاما مما يحدث الناس لم يكن يسمعه، فلما فرغ قال: يا بني قد فرغت من كلامك، قال: نعم، قال: ما كنت من حاجتك أبعد ولا كنت فيك أزهد مني منذ سمعت كلامك هذا، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: ". . . "، وذكره. فقوله: قال: وحدثنا أبو حيان كذا وقع في أصل المسند المطبوع، وهو

[عندي] (¬1) تحريف، صوابه قال يعلى: وحدثنا، لأنه ذكر أولا سند يحيى بن سعيد ثم رجع إلى ذكر سند يعلى بن عبيد، والذي يعين هذا أن أبا سعيد الماليني روى هذا الحديث في مسند الصوفية من طريق يعلى بن عبيد وحده فقال: حدثنى أبو حيان عن مجمع به مثل رواية أحمد سواء، ذكره في ترجمة أبي بكر محمد بن سيد حمدويه فقال الماليني: أخبرنا أبو القاسم عبد اللَّه بن سعيد بن على بن سعيد الأزدي أنبأنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن سيد حمدويه أنبأنا أبو جبير محمد بن على أنبأنا يعلى بن عبيد حدثنى أبو حيان عن مجمع به. وعلى هذا فالراوي الذي لم يسم إنما هو في سند يحيى بن سعيد لا سند يعلى ابن عبيد، وأحمد رواه عنهما معا، فكيف يقال في سنده راو لم يسم؟! وإذا قلنا: إن الصواب ما وقع في الأصل المطبوع وأن الضمير في قوله: قال راجع إلى يحيى بن سعد، فيكون حينئذ ليحيى فيه سندان سند عن رجل لم يسم، وآخر عن أبي حيان وهو بعيد، لأنه يكون ذكر يعلى بن عبيد عبثا إذ ذكر سندي قرينه ولم يذكر له سندا، فالحديث على كل حال لا يقال فيه راو لم يسم. 2015/ 4777 - "سيكون بمصر رجُل منْ بَنِي أُميَّةَ أخْنَسُ يلي سُلطَانًا، ثُمَّ يغْلبُ عَليْه أوْ يُنْزعُ منْهُ، فَيفِرُّ إلى الرُّوْمِ فَيأتي بِهِم إلى الإسْكنَدرِيَّة فيُقاتِلُ أهْلَ الإِسلامِ بِها فَذلِكَ أَوَّلُ الملاحِم". الروياني وابن عساكر عن أبي ذر قلت: ذكر الشارح هنا في الكبير كلاما غير مفهوم، وقال في الصغير: أعله ابن عساكر بابن لهيعة، وإنه اختلف عليه فيه، فقول المؤلف: حسن غير ¬

_ (¬1) في المخطوط: "عند".

معول عليه. قلت: المصنف لم يرمز له بعلامة الحسن أولا، بل ترك من غير علامة على ما في بعض النسخ. وثانيا: من رأي جماعة من الحفاظ منهم المصنف أن ابن لهيعة حديثه حسن. وثالثا: أن ما ذكره ليس بعلة قادحة وإنما هو تعدد شيوخ. 2016/ 4778 - "سيكون بَعْدِى قومٌ مِنْ أمَّتي يَقرَأون القُرآنَ ويتفقَّهونَ في الدِّين، يَأتيهمُ الشَّيْطَانُ فيقولُ: لوْ أتيْتُمُ السُّلطَان فأصْلح منْ دُنْياكمُ واعتزلتُمُوهُم بدِينِكْم ولا يكُونُ ذلك، كما لا يُجْتَنَى مِنَ القتَادِ إلا الشَّوكُ كَذلِكَ لا يُجتَنَى منْ قُرْبِهِم إلا الخَطايَا". ابن عساكر عن ابن عباس. قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو نعيم والديلمى، فاقتصار المصنف عليه غير سديد. قلت: ما خرجه بهذا اللفظ أبو نعيم ولا الديلمى أصلا، فكذب الشارح عليهما غير سديد. 2017/ 4779 - "سيكون في آخِرِ الزَّمَانِ دِيدَانُ القُراء، فَمنْ أدْرَك ذلِكَ الزَّمانَ فليَتَعَوَّذ باللَّهِ مِنْهُم". (حل) عن أبي أمامة. قلت: سكت عنه الشارح والحديث ضعيف في سنده من لا يعرف، وهو عند أبي نعيم في ترجمة سليمان التيمى، وقد حمله الشارح على النساك والعباد، كما فعله غيره من فجرة العلماء في غير هذا الحديث مما ورد فيه لفظ القراء وذمهم فإنهم يتبرءُون مما هو وارد فيهم ويرمون به الصوفية والزهاد الذين لا يشملهم لفظ: القارئ والقراء، لا في لغة ولا عرف، فالقارئ اسم فاعل من

القراءة وهو من يتعاطاها حتى يتصف بها، فمن أين ينقل هذا إلى الزهاد والعباد، فإن لهم وصفا قائما بهم أيضًا هو وصف الزاهد والعابد، ولكن لقلة حيائهم وشدة اغترارهم يرمون داءهم على غيرهم، ولئن وجلوا ذلك بالأحاديث التي فيها القراء فماذا يفعلون بالأحاديث التي فيها لفظ العلماء فإن القارئ والعالِم كل منهما كان يطلق في الزمن الأول على شيء واحد وهو من اتصف بالعلم والقراءة، وأما إطلاق القارئ على الزاهد ولو كان أميا فإنما أحدثه فجار العلماء ليدفعون به عن أنفسهم عار تلك الأحاديث وإلى اللَّه ترجع الأمور، وقد توسط الشارح فجعله من المشترك بين الزهاد والعلماء، وإن قدم بالزهاد، لانهم أهم في نظره وأدخل في معنى الحديث، ثم ثنى بالعلماء، وجعل سبب ذمهم ودخولهم في هذا الحديث بحسب نظره الفاسد ورأيه الباطل هو دعواهم الاجتهاد، فكان آية في قلب الحقائق وجعل الحق باطلا والباطل حقا، وما ديدان القراء المذكورون في هذا الحديث إلا هو وأمثاله [من] الجهلة المتعصبون. 2018/ 4781 - "سيكون أمراء تَعْرِفُونَ وتَنِكُرونَ، فَمَنْ نَابَذهُمْ نَجَا، وَمَنِ اعْتزَلُهْم سَلِمَ، ومَنْ خَالطَهُمْ هَلَكَ". (ش. طب) عن ابن عباس. قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه هشام بن بسطام وهو ضعيف، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه من الستة أحد، وإلا لما عدل عنه وهو ذهول عجيب، فقد خرجه مسلم من حديث أم مسلمة. قلت: لو كان للشارح حياء لاستحيا من الدخول في ميدان الحديث والكتابة فيه، فهو ينقل عن الحافظ الهيثمى أنه ذكر الحديث في مجمع الزوائد الخاص بزوائد الكتب المعينة له على الكتب الستة بحيث ما ذكر فيها لا يذكره هو،

ثم مع ذلك يزعم أنه في مسلم ويصرح بأن صحابيه غير صحابى حديث الباب، وهما حديثان في نظر أهل الحديث، وأعظم من ذلك وأطم هو أن لفظ الحديث عند مسلم [3/ 480، رقم 62]: "ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ ومن أنكر سلم، ولكن من رضى وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا". وهذا الحديث ليس موضعه هنا على ترتيب المصنف الذي يتغافل عنه الشارح عمدا، بل موضعه السين مع التاء، وقد ذكره المصنف هناك كما سبق وعزاه لمسلم وأبي داود. 2019/ 4785 - "سَيَلى أمُورَكم مِنْ بَعْدِى رِجَال، يُعرِّفُونكُمْ مَا تُنْكِرُونَ، ويُنْكِرُونَ عليكُمْ مَا تَعْرِفُونَ، فَمَن أدْرَكَ ذلِكَ مِنْكُم فَلا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللَّه عزَّ وجَلَّ". (طب. ك) عن عبادة بن الصامت قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح ورده الذهبى بأنه تفرد به عبد اللَّه بن واقد وهو ضعيف اهـ، وبه يعلم أن رمز المصنف لحسنه غير حسن. قلت: المصنف لم يرمز لحسنه، بل رمز لصحته وهو كما قال، فإن الحديث صحيح، والذهبى كأنه استعمل التدليس في قوله: تفرد به عبد اللَّه بن واقد، لأن عبد اللَّه المذكور لم ينفرد به، وفي نفس المستدرك بعد طريقه طريقان آخران صححهما الحاكم [3/ 357] وأقره الذهبى، ولكنه اضطر أولا لأن يذكر ذلك ويدعى تفرد عبد اللَّه بن واقد، لأن الحديث وارد في ذم بني أمية ومعاوية كما أقسم على ذلك عبادة بن الصامت رضي اللَّه عنه، والذهبى لا يمكنه أن يسمع ذما في بنى أمية ومعاوية وإنما يسمع ذلك في آل البيت وعلى عليهم السلام.

فالحديث خرجه الحاكم أولا [3/ 356 - 357] من حديث عبد اللَّه بن واقد عن ابن خثيم عن أبي الزبير عن جابر عن عبادة بن الصامت به. ثم قال الحاكم [3/ 357]: وقد رواه زهير بن معاوية ومسلم بن خالد الزنجى عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم بزيادات فيه. أخبرنى عبد اللَّه بن محمد بن موسى العدل ثنا على بن الحسين بن الجنيد ثنا المعافى بن سليمان الحرانى ثنا زهير عن إسماعيل بن عبيد بنحوه. قال: وأما حديث مسلم بن خالد فأخبرناه أبو عون محمد بن ماهان الخزاز بمكة ثنا على ابن عبد العزيز ثنا سعيد بن منصور ثنا مسلم بن خالد عن إسماعيل بن عبيد ابن رفاعة عن أبيه أن عبادة بن الصامت قام قائما في وسط دار أمير المؤمنين عثمان بن عفان فقال: إنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- محمدا أبا القاسم يقول: "سيلى أموركم من بعدى رجال يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون فلا طاعة لمن عصى اللَّه فلا تعتبوا أنفسكم فوالذى نفسى بيده إن معاوية من أولئك" فما راجعه عثمان حرفا. قلت: كذا وقع في المستدرك زهير بن معاوية عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم وهو قلب في الإسناد، وصوابه زهير عن عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد، لأن إسماعيل أكبر من عبد اللَّه ابن عثمان، وعبد اللَّه أكبر من زهير. وقد أخرجه على الصواب الدولابى في الكنى والأسماء فقال [1/ 3]: حدثنا هلال بن العلاء بن عمر الرقى ثنا حسين بن عياش ثنا زهير بن معاوية ثنا عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم قال: أخبرنى إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن عبيد بن رفاعة أنه أخبره عن عبادة بن الصامت به. ولأصله طريق آخر ذكره الحاكم وصححه على شرط الشيخين.

2020/ 4792 - "السِّبَاعُ حَرَامٌ". (حم. ع. هق) عن أبي سعيد قال في الكبير: قال الهيثمى بعد ما عزاه لأحمد وأبي يعلى: فيه دراج، وثقه ابن معين وضعفه غيره اهـ، وقال غيره: فيه أحمد بن عيسى المصرى، كان ابن معين يكذبه وهو ثقة اهـ، وبالخلاف تنحط درجة السند عن الصحة، فرمز المصنف لصحته فيه ما فيه. قلت: فيه أنك لا تعرف الحديث، فأحمد بن عيسى لا يوجد أولا في سند أحمد ولا سند أبي يعلى، وإنما يوجد في سند البيهقى. وثانيا: أحمد بن عيسى من رجال الصحيح احتج به البخارى ومسلم في صحيحيهما وليس كل خلاف يؤثر في الرجل، ولو كان ذلك كذلك لانحطت ثلاثة أرباع أحاديث الصحيحين المجمع عليها عن درجة الصحة، كما يريد أن يفهمه هذا الرجل!. وأما دراج أبو السمح فإن كثيرا من الحفاظ يصححون له ومنهم ابن خزيمة وابن حبان وجماعة، واستقر نظر كثير من المتأخرين على تحسين حديثه. والحديث خرجه أيضًا الدولابى في الكنى والأسماء قال [2/ 157]: حدثنا أحمد بن يحيى الأودى ثنا مخول بن إبراهيم ثنا منصور بن أبي الأسود عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "السباع حرام" يعنى المفاخرة بالجماع. 2021/ 4795 - "السبقُ ثلاثةُ: فالسَّابِقُ إلى مُوسَى يُوشَعُ بنُ نُون، والسَّابِقُ إلى عيسَى صَاحِبُ يس، والسَّابِقُ إلى مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بنُ أبي طالبٍ". (طب) وابن مردويه عن ابن عباس قال الشارح بإسناد حسن أو صحيح.

قلت: الشارح بليد، فإنه قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه الحسين بن الحسن الأشقر وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور وبقية رجاله حديثهم حسن أو صحيح اهـ. ورواه من هذا الوجه العقيلى في الضعفاء وقال: حسن المذكور شيعى متروك، والحديث لا يعرف إلا من جهته وهو حديث منكر اهـ. فأخذ قول الهيثمى في باقى الرجال وجعله حكما للحديث مع أن الهيثمى قال ذلك فيما عدا حسين الأشقر وبقى حسين الأشقر هو علة الحديث، وقد نقل الشارح نفسه عن العقيلى أنه قال: متروك وأنه تفرد بالحديث وحديثه منكر لاسيما وهو شيعى والحديث في فضل على، فكيف يكون مع هذا حسنا أو صحيحا؟! إن هذا لعجب!!. وقد قال الحافظ ابن كثير في البداية: إنه لا يثبت، وابن كثير شامى لا يقبل قوله في هذا الباب، فإن ورد للحديث شاهد فهو ثابت رغما على أنف النواصب كلهم وإلا فالحديث ضعيف، وقد وجدت له شاهدا من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى بلفظ: "سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا باللَّه طرفة عين على بن أبي طالب وصاحب يس ومؤمن آل فرعون"، أخرجه الثعلبى في تفسيره، لكنه من رواية عمرو بن جميع عن محمد بن أبي ليلى عن أخيه عيسى بن عبد الرحمن عن أبيه وعمرو بن جميع كذبوه. 2022/ 5796 - "السَّبيلُ: الزَّادُ والرَّاحِلةُ". الشافعى، (ت) عن ابن عمر قال في الكبير: وأورده في الميزان في ترجمة محمد بن عبد اللَّه الليثى، وقال: ضعفه ابن معين، وتركه النسائى، (هق) عن عائشة. قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس بصواب، فقد قال الذهبى في المهذب: فيه إبراهيم بن يزيد وهو ضعيف، لكن له شاهد مرسل وآخر مسند عن ابن عباس.

قلت: في هذا أوهام: الأول: قوله عقب حديث الشافعى والترمذى: أورده الذهبى في ترجمة محمد بن عبد اللَّه اللَّه من الميزان يقتضى أن الشافعى والترمذى خرجاه من طريقه وليس كذلك، بل هو عندهما وعند غيرهما من حديث إبراهيم بن يزيد الخوزى عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومى عن ابن عمر به. وقال الترمذى: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن يزيد الخوزى وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه اهـ. لكن إبراهيم لم ينفرد به كما يفهم من كلام الترمذى، بل قال الدارقطنى: تابعه عليه محمد بن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير الليثى فرواه عن محمد بن عباد عن ابن عمر اهـ. وهذه المتابعة خرجها ابن عدى في الكامل [2/ 242] في ترجمة محمد بن عبد اللَّه الليثى ونقل تضعيفه عن يحيى بن معين والنسائى، ثم قال: والحديث معروف بإبراهيم بن يزيد الخوزى وهو من هذا الطريق غريب اهـ. فهذا هو الطريق الذي ذكره الذهبى في الميزان وهو عند ابن عدى لا عند الشافعى والترمذى كما نسبه إليهما الشارح. ولإبراهيم متابع آخر ذكره البيهقى وخرجه الدارقطنى في السنن وهو محمد بن الحجاج عن جرير ابن حازم عن محمد بن عباد، ومحمد بن الحجاج متروك. الثانى: قوله عقب حديث البيهقى عن عائشة: قال الذهبى في المهذب: فيه إبراهيم بن يزيد وهو ضعيف، وهذا خطأ فاحش فإن إبراهيم بن يزيد إنما هو في سند حديث عبد اللَّه بن عمر. أما حديث عائشة فرواه البيهقى من طريق عتاب بن أعين عن سفيان الثورى عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أمه عن عائشة. وهكذا رواه الدارقطنى في السنن، والعقيلى في الضعفاء وأعله بعتاب وقال:

إن في حديثه وهما. الثالث: حكايته عن الذهبى أنه قال في المهذب: لكن له شاهد مرسل وآخر مسند عن ابن عباس، فإن هذا قلب للحقائق وكذب على الذهبى، فإنه ما قال مسند، وإنما قال: موقوف. ونص الباب الذي أورده الذهبى في المهذب بتمامه بيان السبيل الموجب للحج لمن أمكنه: الثورى عن إبراهيم بن يزيد عن محمد بن عباد بن جعفر عن ابن عمر قال: قيل: يا رسول اللَّه، ما السبيل إلى الحج؟ قال: الزاد والراحلة"، قلت: رواه وكيع ومروان الفزارى عن إبراهيم وهو ضعيف، الحفرى عن سفيان عن يونس عن الحسن قال: سئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن السبيل، قال: "زاد والراحلة"، فهذا المرسل شاهد لما قبله وروى نحوه من قول ابن عباس اهـ. فالذهبى يقول من قول ابن عباس والشارح ينقل عنه أنه قال مسندا، والذهبى إنما يذكر ما في الأصل مختصرا. وقد ذكر البيهقى في أصل السنن الأثر عن ابن عباس من طريق على بن أبي طلحة ومن طريق عكرمة كلاهما عنه من قوله. الرابع: أن المصنف لم يرمز لهذا الحديث بشيء لا بعلامة الصحيح ولا بعلامة غيره كما في عدة نسخ، فما ذكره الشارح نقول عنه لا أصل له. الخامس: وعلى فرض أنه فعل ذلك فالحديث له طرق متعددة من حديث ابن عباس أيضًا مرفوعًا، ومن حديث أنس وجابر بن عبد اللَّه، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وعبد اللَّه بن مسعود والحسن مرسلا. وحديث أنس على انفراده صحيح صححه الحاكم في المستدرك [1/ 441] على شرط الشيخين وأقره الذهبى في التلخيص، وأسانيد مرسل الحسن كالشمس في الصحة، والمسند الضعيف إذا عضده المرسل الصحيح صار المتن صحيحا،

فكيف بوجود مسند أنس الصحيح؟!. 2023/ 4797 - "السَّجْدَةُ التي في "ص" سَجَدَهَا دَاودُ تَوْبَةً، ونحنُ نَسْجُدُهَا شُكْرًا". (طب. خط) عن ابن عباس. قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره في أحد الكتب الستة وهو عجب، فقد رواه النسائى في سننه عن ابن عباس أيضًا. قلت: النسائى خرجه بسياق لا يدخل هنا، بل ولا يصح أن يدخل في هذا الكتاب على اصطلاحه أصلا ولفظه عن ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سجد في "ص" وقال: "سجدها داود توبة ونسجدها شكرا"، فلفظ المرفوع منه سجدها وهذا لا يمكن إيراده، لأنه يحتاج إلى تفسير الضمير، ثم لو جاز ذكره لكان موضعه حرف السين الغير معرف بالألف واللام، اللهم إلا أن يخلط [المصنف] (¬1) كتابه ويفسد نظامه ويخرق اصطلاحه لأجل خاطر الشارح، ثم عند ذلك لا يسلم من انتقاده، فانتقاد منه بالباطل كهذا خير من انتقاد منه بحق لو امتثل أمر الشارح وذكر الحديث في غير موضعه. 2024/ 4799 - "السُّجودُ عَلَى الجبْهَةِ والكفَّيْنِ والرُّكبَتَيْنِ وصُدُورِ القَدَمَينِ، مَنْ لَمْ يُمكِّن شيئًا مِنْهُ مِنَ الأرضِ أحْرقهُ اللَّه بالنَّارِ". (قط) في الأفراد عن ابن عمر. قلت: سكت عليه الشارح وفي بعض نسخ المتن [توجد] (¬2) علامة الحسن عليه وهو غلط، فإن الحديث كذب موضوع، لأنه من رواية عمر بن موسى الوجيهى وهو كذاب متهم بالوضع بل وضاع، قال الدارقطنى في الأفراد: حدثنا محمد بن جعفر بن أحمد الصيدلي ثنا بكر بن محمود بن مكرم ثنا ¬

_ (¬1) في المخطوط: "الشارح" والصواب ما أثبتناه ويؤكد ذلك السياق. (¬2) في المخطوط وجود.

إبراهيم بن نافع ثنا عمر بن موسى بن وجيه عن أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر به. قال الدارقطنى: تفرد به عمر بن موسى عن أيوب. 2025/ 4800 - "السّحاقُ بيْنَ النِّساءِ زِنًا بَينَهُنَّ". (طب) عن واثلة قلت: سكت عليه الشارح وفي بعض نسخ المتن الرمز له بعلامة الحسن، وانظر ما كتبناه على حديث: "سحاق النساء زنا بينهن"، وقد مر قريبًا. 2026/ 4801 - "السُّحورُ أكلهُ بَرَكة فَلا تَدَعُوهُ، وَلو أنْ يَجرعَ أحدكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فإنَّ اللَّه ومَلائِكَتهُ يُصلونَ على المُتسحِّرينَ". (حم) عن أبي سعيد قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه أبو رفاعة ولم أجد من وثقه ولا من جرحه، وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ، وبه يعرف ما في رمز المصنف لصحته. قلت: ومن جعل كلام الهيثمى حجة على المصنف حتى يأخذ كلامه قضية مسلمة يرد بها كلام المصنف إن هذا العجب؟! فقد يكون أبو رفاعة الذي لم يجد الهيثمى من وثقه ولا من جرحه، قد وجد المصنف من وثقه، وقد يكون المذكور في مسند هذا الحديث هو غير الذي بحث عنه الهيثمى فلم يجد من وثقه، وقد يكون أحمد أخرجه بأسانيد متعددة والمصنف ما ذكر هنا إلا المروى بالسند الصحيح السالم، وكل هذا هو الواقع، فإن أحمد روى هذا الحديث أولًا عن إسماعيل عن هشام الدستوائى [3/ 12]: ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي رفاعة عن أبي سعيد به. ثم أخرجه بعد ذلك عن إسحاق بن عيسى [3/ 44]: ثنا عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدرى.

وأخرجه أيضًا [5/ 370] عن المطلب بن أبي ليلى عن عطية العوفى عن أبي سعيد به مختصرا. فالحديث بطرقه الثلاثة صحيح وأصله في الصحيحين بل هو متواتر. 2027/ 4802 - "السَّخاءُ خُلقُ اللَّهِ الأَعْظَم". ابن النجار عن ابن عباس قال الشارح: وضعفه المنذرى. وزاد في الكبير: وظاهره أنه لم يخرجه أحد ممن وضع لهم الرموز، مع أن أبا نعيم والديلمى خرجاه عن عمار باللفظ المزبور، بل رواه أبو الشيخ ابن حيان في كتاب الثواب. قلت: قوله: وضعفه المنذرى عقب عزو الحديث في المتن لابن النجار يوهم أن المنذرى عزاه لابن النجار أيضًا كما هنا وهو إيهام قبيح، فإن ابن النجار كان معاصرا للمنذرى، بل هما قرينان وابن النجار أكبر من المنذرى بثلاث سنين فقط، فإن ولادته كانت سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وكانت ولادة المنذرى سنة أحد وثمانين، فالمنذرى عزاه لأبي الشيخ بن حيان فكان على الشارح أن يبين ذلك. قال أبو الشيخ: حدثنا محمد بن حمزة ثنا عمر بن سهل النيسابوري حدثنا عثمان بن يحيى عن محمد بن عبد الملك عن أبي سليمان الحمصى عن السفيانين والحمادين عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. هكذا أورده الديلمى في مسند الفردوس من طريق أبي الشيخ وهو من أصل محرف، وفي هذا السند عندى وقفة لاسيما وقد قال بعده: تابعه محمد ابن عبد الرحمن بن الفضل الجوهرى عن محمد بن حمزة بن عمارة عن أبي دراج عن سهل به، فليحرر.

وأنا أخشى أن يكون أبو سليمان هو داود بن المعبر الكذاب. أما حديث عمار الذي ذكره الشارح فأخرجه الديلمى من طريق أبي نعيم، وهو عند أبي نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 142] في ترجمة أحمد بن جعفر ابن سلم الفرسانى فقال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن مخلد بن مخلد (¬1) حدثنى أحمد بن جعفر بن سلم الفرسانى ثنا جعفر بن أحمد بن فارس ثنا عمران بن عبد اللَّه المجاشعى ثنا إبراهيم بن سليمان العبدى ثنا يزيد بن عياض بن جعد به عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن عمار بن ياسر به، ولينظر سنده. وقد رواه الطبرانى في الكبير من طريق عمرو بن الحصين ثم من حديث عمار أيضًا بلفظ: "حسن الخلق خلق اللَّه الأعظم" كما سبق للمصنف. 2028/ 4804 - "السَّخِيُّ قرِيبٌ مِنَ اللَّه، قريبٌ منَ النَّاس، قريبٌ من الجنَّةِ بَعيدٌ مِنَ النَّار، والبَخيلُ بعيدٌ منَ اللَّه، بَعيدٌ مِنَ النَّاس، بَعيدٌ مِنَ الجنَّة قَريبٌ مِنَ النَّارِ، ولجَاهِلٌ سَخِيٌّ أحبُّ إلى اللَّه مِنْ عاَبِدٍ بَخِيلٍ". (ت) عن أبي هريرة (هب) عن جابر (طس) عن عائشة قال في الكبير: رواه (ت) في الأدب، وفيه عندهم جميعا سعيد بن محمد الوراق، قال الذهبى: ضعيف، وقال البيهقى: تفرد به سعيد بن محمد الوراق وهو ضعيف اهـ. لكن هذا لا يوجب الحكم بوضعه كما ظنه ابن الجوزى. ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل بتكرار ابن مخلد.

قلت: قوله: رواه الترمذى في الأدب غلط، فإنه رواه في كتاب البر والصلة [رقم 1961]. وقوله: وفيه عندهم جميعا سعيد بن محمد الوراق هو صريح في أن سعيد المذكور موجود في حديث أبي هريرة وجابر وعائشة، كأنه يعنى أنه اختلف عليه فيه فرواه مرة بالسند إلى أبي هريرة، ومرة بسند آخر إلى جابر، ومرة كذلك إلى عائشة وهذا باطل، فإن سعيد بن محمد الوراق لا يوجد إلا في حديث أبي هريرة، وفي حديث عائشة عند الطبرانى خاصة، ولا وجود له في سند حديث جابر، كما أن حديث عائشة مروى من غير طريقه أيضًا. فحديث أبي هريرة رواه الترمذى عن الحسن بن عرفة: ثنا سعيد بن محمد الوراق عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة به. وهكذا رواه ابن حبان في روضة العقلاء عن أحمد بن يحيى بن زهير عن الحسن بن عرفة به. وكذلك رواه البندهى من طريق الدارقطنى عن أحمد بن عبد اللَّه بن محمد الوكيل عن الحسن بن عرفة. ورواه العقيلى في الضعفاء [2/ 117 رقم 591] من طريق محمد بن حرب الواسطى ثنا سعيد بن محمد الوراق به. ورواه الثعلبى في التفسير ومن طريقه البغوى في سورة آل عمران من طريق إبراهيم بن سعد عن سعيد بن محمد الوراق به بسنده. وقال الترمذى: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة إلا من حديث سعيد بن محمد، وقد خولف سعيد بن محمد في رواية هذا الحديث عن يحيى بن سعيد، إنما يروى عن يحيى بن سعيد عن عائشة شيء مرسل أي منقطع.

وقال ابن حبان: إن كان حفظ سعيد بن محمد إسناد هذا الخبر فهو غريب غريب. وقال العقيلى: ليس لهذا الحديث أصل من حديث يحيى ولا غيره، وسعيد الوراق قال ابن معين: ليس بشيء. قلت: وما قاله كل من الترمذى والعقيلى مردود. أما الترمذى ففي موضعين: الأول: في قوله: أنه لا يعرفه من حديث يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة إلا من حديث سعيد بن محمد، فإن هذا وإن كان هو مبلغ حفظه إلا أنه متعقب بوجود من تابع سعيد الوراق على روايته عن يحيى بن سعيد عن الأعرج. فقد رواه الخطيب في كتاب البخلاء من طريق رواد بن الجراح: ثنا عبد العزيز ابن أبي حازم عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة، لكنه قال: عن عائشة، فالسند واحد إلا أنه زاد فيه عن عائشة. الثانى: في قوله: إنما يروى عن يحيى بن سعيد عن عائشة مرسلا، فإن روى من طريقه متصلا إلا أنه اختلف عليه فيه فرواه عنبسة بن عبد الواحد القرشى عن يحيى بن سعيد، فقال: عن سعيد بن المسيب عن عائشة. هكذا أخرجه ابن شاهين في الترغيب قال: حدثنا عبد اللَّه بن سليمان ثنا محمد بن جعفر بن المرزبان ثنا خلف بن يحيى القاضى ثنا عنبسة بن عبد الواحد القرشى عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عائشة. وهكذا أخرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ [1/ 243] قال: حدثنا محمد بن على بن حبيش ثنا أبو بكر بن أبي داود هو عبد اللَّه بن سليمان شيخ ابن شاهين بسنده مثله.

ورواه سعيد بن مسلمة عن يحيى بن سعيد فقال: عن محمد بن إبراهيم التيمى عن علقمة عن عائشة. هكذا أخرجه القشيرى في الرسالة من طريق أحمد بن عبيد في مسنده قال: حدثنا الحسن بن عباس ثنا سهل ثنا سعيد بن مسلمة عن يحيى بن سعيد به. وكذلك رواه البيهقى في الشعب، وابن الجوزى في الموضوعات [2/ 180 و 181] من هذا الوجه، وزاد البيهقى روايته أيضًا من طريق تليد بن سليمان كلاهما -أعنى هو وسعيد بن مسلمة- عن يحيى بن سعيد به مثله. ورواه محمد بن بكار عن سعيد بن محمد الوراق عن يحيى بن سعيد فقال: عن محمد بن إبراهيم التيمى عن أبيه بدل علقمة عن عائشة. هكذا أخرجه الطبرانى في الأوسط قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن بكار ثنا أبي ثنا سعيد بن محمد الوراق به. كذا قال إبراهيم بن محمد بن بكار عن أبيه، وخالفه البغوى فقال: عن محمد بن بكار بهذا السند عن محمد بن إبراهيم التيمى عن عائشة دون ذكر أبيه ولا ذكر علقمة. أخرجه أبو بكر بن عبد الباقى الأنصارى في جزئه قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن عبد اللَّه الأبنوسى أنا أبو الحسن على بن عمر الدارقطنى الحافظ قال: قرئ على عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز البغوى وأنا أسمع حدثكم محمد بن بكار بن الريان ثنا سعيد بن محمد الوراق عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمى عن عائشة به. وأما العقيلى فمتعقب بوجود هذه الطرق وغيرها. فقد ورد أيضًا من حديث ابن عباس ومن حديث على، وقد ذكر المصنف

سندهما في اللآلئ [2/ 48 و 49] فلا نطيل بذكرهما، وإنما ذكرنا ما لم يذكره ليستفاد. وكذلك ورد من حديث أنس إلا أنه من رواية وضاع فلا يعتمد عليه، أخرجه ابن الجوزى في الموضوعات، وبوجود ما ذكرناه من الطرق يتضح أن له أصلا خلافا لما يقوله العقيلى والعلم عند اللَّه تعالى. 2029/ 4805 - "السّرُّ أفضلُ مِنَ العَلانيةِ، والعَلانِيةُ أفضَلُ لِمَنْ أرَاد الاقتِدَاء". (فر) عن ابن عمر. قال في الكبير: فيه محمد بن الحسين السلمى الصوفى، قال الخطيب: قال لى محمد بن القطان: كان يضع للصوفية، وبقية قال الذهبى: صدوق، لكنه يروى عمن دب ودرج فكثرت المناكير في حديثه، وعثمان بن زائدة قال الذهبى: له حديث منكر، وفي اللسان: حديثه غير محفوظ. قلت: فيه أمور: الأول: أن محمد بن الحسين هو أبو عبد الرحمن السلمى الحافظ الإمام الصوفي المشهور، ثقة جليل القدر، كَذِبَ من اتهمه بالكذب ووضع الحديث للصوفية، وإنما هي سنة اللَّه في أمثاله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ}، وقد أثنى عليه الذهبى وبرأه مما لمزوه به من الكذب على عدائه للتصوف والصوفية كما قدمنا هذا غير مرة. الثانى: أن الحديث خرجه العقيلى [3/ 203] وجماعة ممن ماتوا قبل ولادة أبي عبد الرحمن السلمى بسنين، فالحديث كان مثبوتا في مصنفاتهم وأبو عبد الرحمن لا يزال في العدم.

الثالث: أنه لا وجود له في سند هذا الحديث، قال الديلمى. أخبرنا فيد أخبرنا البجلى ثنا على بن حامد القاضى ثنا محمد بن جرير الطبرى ثنا سعيد بن عمرو السكونى ثنا بقية عن عبد الملك بن مهران عن عثمان بن زائدة عن نافع عن ابن عمر به. كذا وقع في أصلنا والظاهر أنه سقط من السند ذكر السلمى فإنه شيخ للبجلى، ومن طريقه روى عنه الديلمى، فإذا ثبت وجوده في السند فقد عرفت أن الحديث ثابت في أصول الذين ماتوا قبل ولادته. الرابع: أن بقية بن الوليد ثقة مدلس لا يعلل به الحديث إلا إذا كان السند سالما من الضعفاء والمجهولين، وعنعن هو السند فحينئذ يتطرق احتمال أنه دلسه وأسقط منه راويا ضعيفًا الذي هو شيخه، وحدث بالعنعنة عمن فوقه، وشيخه هنا ضعيف مجهول فلا يعلل الحديث ببقية لأنه ثقة. الخامس: أن عبد الملك بن مهران وعثمان بن زائدة كلاهما مجهول ضعيف، والحديث مذكور في ترجمتهما معا من الميزان [2/ 665 رقم 5254] واللسان [4/ 69 رقم 208]، وإذا رأى الشارح ذلك فكل ما هذى به من ذكر السلمى وبقية فهو جهل وفضول وتكبير لحجم الكتاب بما لا طائل تحته. 2030/ 4806 - "السَّرَاوِيل لمنْ لا يجدُ الإزارَ، والخُفُّ لمِنْ لا يجِدُ النَّعْلينِ". (د) عن ابن عباس قال في الكبير: وكلام المصنف كالصريح في أن ذا لا يوجد مخرجًا في أحد الصحيحين وهو ذهول، فقد عزاه في الفردوس إلى مسلم. قلت: نعم هو في صحيح مسلم بهذا اللفظ [2/ 835 رقم 4].

فائدة

فائدة قال أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج: أخبرنا أبو يعلى ثنا إبراهيم بن الحجاج ثنا حماد بن زيد قال: جلست إلى أبي حنيفة بمكة فجاء رجل فقال: لبست سراويل وأنا محرم أو قال: لبست خفين وأنا محرم -شك إبراهيم-، فقال أبو حنيفة: عليك دم، قال حماد: فقلت للرجل: وجدت نعلين أو وجدت إزارا؟ قال: لا، فقلت: يا أبا حنيفة، إن هذا يزعم أنه لم يجد؟! قال: فقال: سواء وجد أو لم يجد، قال حماد: فقلت: حدثنا عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "السراويل لمن لم يجد الإزار، والخفان لمن لم يجد النعلين"، وحدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "السراويل لمن لم يجد الإزار، والخفان لمن لم يجد النعلين، فقال بيده هكذا" وحرك إبراهيم بن الحجاج يده، وحرك أبو يعلى يده، وحرك أبو عمرو بن حمدان يده أى لا شيء، قال: فقلت له: فأنت عمن تقول؟ قال: حدثنى حماد عن إبراهيم قال: عليه دم وجد أو لم يجد، قال: فقمت من عنده فتلقانى حجاج بن أرطأة، فقلت له: يا أبا أرطأة ما تقول في محرم لبس سراويل ولم يجد الإزار؟ ولبس الخفين ولم يجد النعلين؟ قال: فقال: حدثنا عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "السراويل لمن لم يجد الإزار، والخفان لمن لم يجد النعلين"، قال: فقلت: يا أبا أرطأة أما تحفظ أنه قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . .؟ قال: لا، قال: وحدثني نافع عن ابن نافع عن ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "السراويل لمن لم يجد الإزار، والخفان لمن لم يجد النعلين"، قال: وحدثنى أبو إسحاق عن الحارث عن على أنه قال: السراويل لمن لم يجد الإزار والخفان لمن لم يجد النعلين، قال: فقلت له: فما بال صاحبكم قال كذا وكذا؟ قال: فقال: من ذاك؟!

وصاحب من ذاك! قبح اللَّه ذاك. 2031/ 4807 - "السُّرْعَةُ في المَشْى تُذهِبُ بَهاءَ المؤمْن" (خط) عن أبي هريرة قلت: راجع سرعة المشى المار قريبًا غير مصروف تستفد. 2032/ 4808 - "السَّعَادةُ كلُّ السَّعادةِ طُولُ العمرِ في طاعَةِ اللَّه". القضاعى، (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: وكذلك رواه ابن زنجويه كلهم عن ابن عمر، قال: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن السعادة فذكره، قال الزين العراقى: في إسناده ضعف، وقال شارح الشهاب: غريب جدا، وخرجه الخطيب في تاريخه عن ابن عمر وفيه عنده إبراهيم البزورى قال: إنه لم يكن محمودا في الرواية وفيه غفلة وتساهل. قلت: في هذا أمور، الأول: قوله: وكذلك رواه ابن زنجويه، هو كذب منه مبنى على جهل عظيم، وذلك أنه كلما رأى في الإسناد عند الديلمى اسم رجل مثل أحد من المخرجين يعزوه إلى المخرج المعروف بذلك الاسم، فلا يأتى في سند الديلمى رجل موصوف بالبزار إلا قال: وأخرجه البزار، سواء كان اسمه أحمد أو محمد أو عبد اللَّه أو كان في القرن الثالث أو الرابع أو الخامس، فكل هؤلاء هم أحمد بن عمرو البزار صاحب المسند، وكل رجل كنيته أبو يعلى فكذلك، وهكذا كما بينته مرارا، وهنا جاء دور ابن زنجويه فالديلمى قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن زنجويه أخبرنا الحسين بن محمد الزنجانى الفلاكى ثنا أبو الحارث على بن القاسم الخطابى ثنا محمد بن الفضل بن العباس ثنا بقية ثنا ابن لهيعة عن ابن الهاد عن المطلب عن أبيه عن ابن عمر قال: قال: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره.

فابن زنجويه صاحب الترغيب والمصنفات اسمه حميد بن مخلد بن قتيبة بن عبد اللَّه، ولقب أبيه ابن زنجويه، وكنيته أبو أحمد. والمذكور عند الديلمى أبو بكر أحمد بن محمد، وأيضًا ابن زنجويه مات سنة إحدى وخمسين ومائتين، والديلمى مات سنة 558 فربما جده الرابع أو الخامس لا يدرك الرواية عن ابن زنجويه. الثانى: قوله: عن ابن عمر قال: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . إلخ، فإن هذا لا أصل له ولا وجود [له] لا في سند القضاعى والديلمى اللذين عزاه المصنف إليهما ولا في سند الخطيب الذي استدركه الشارح، أما الديلمى فقد قدمنا نص حديثه، وأما القضاعى فقال [رقم 312]: أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسى ثنا محمد بن عبد اللَّه الحافظ ثنا بكير بن أحمد بن سهل الحداد بمكة ثنا أبو نعيم عبد الرحمن بن قريش ثنا إدريس بن موسى الهروى ثنا موسى بن ناصح ثنا ليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "السعادة كل السعادة طول العمر في طاعة اللَّه عز وجل"، وسيأتى لفظ الخطيب قريبًا. الثالث: أنه قال: لفظ رواية القضاعى فيما وقفت عليه: "طول العمر في عبادة اللَّه"، وهذا باطل، فإن لفظ القضاعى هو ما ذكر المصنف ونقلته من أصل عتيق من مسند الشهاب للقضاعى. الرابع: نقل هنا عن العامرى شارح الشهاب أنه قال: غريب جدا، والعامري مجنون أحمق يحكم على الأحاديث بهواه وجهله، فالحديث لا غرابة فيه مطلقا لا من جهة الإسناد ولا من جهة المعنى فضلا عن أن يكون غريبًا جدا، أما من جهة الإسناد، فإنه روى من طرق متعددة وصل بها إلى حد الشهرة وارتفعت عنه الغرابة، وأما من جهة المعنى فظاهر جدا أن السعادة هي طول العمر في طاعة اللَّه تعالى الموصلة إلى النعيم الدائم والسعادة الأبدية.

الخامس: أنه قال: وخرجه الخطيب في تاريخه عن ابن عمر وفيه عنده إبراهيم البزورى. . . إلخ، فالخطيب لم يخرجه من حديث ابن عمر، بل وقع في روايته عن المطب عن أبيه دون ذكر ابن عمر. قال الخطيب [6/ 17] في ترجمة إبراهيم بن أحمد البزورى المذكور: أخبرنا محمد بن عمر بن بكير ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم البزورى المقرى ثنا القاضى جعفر بن محمد الفريابى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن ابن الهاد عن المطلب عن أبيه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن السعادة كل السعادة طول العمر في طاعة اللَّه عز وجل". السادس: أن هذا الحديث سبق ذكره للمصنف في حرف "إن" وعزاه للخطيب، فلا فائدة في استدراكه هنا دون تنبيه على كونه سبق. السابع: أن في الباب حديث جابر بن عبد اللَّه مرفوعًا: "إن من سعادة المرء أن يطول عمره ويرزقه اللَّه الإنابة"، صححه الحاكم [4/ 240] وأقروه كما عبر به الشارح عنه فيما مضى، فكان الأولى ذكره هنا تقوية لهذا الخبر والإشارة إليه دون ذكر خبر الخطيب. 2033/ 4816 - "السلطانُ ظلُّ اللَّه في الأرض يأْوى إليه كلُّ مظلومٍ من عبادِهِ، فإنْ عَدَلَ كان له الأجرُ وكان على الرعية الشكرُ، وإن جارَ أو حافَ أو ظلمَ كان عليه الوزرُ وكان على الرعيةَ الصبرُ، وإذا جارت الولاةُ قَحطت السماءُ، وإذا مُنعتِ الزكاةُ هلكتَ المواشي وإذا ظَهَرَ الزِّنا ظَهَرَ الفقرُ والمسكنةُ، وإذا أخْفِرَت الذِّمة أُديلَ الكَّفارُ". الحكيم والبزار (هب) عن ابن عمر زاد الشارح في الكبير: وكذا أبو نعيم والديلمى عن ابن عمر. ثم قال: وقضية صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه،

بل تعقبه بما نصه: وأبو مهدى سعيد بن سنان ضعيف عند أهل العلم بالحديث. قلت: فيه أمران: الأول: أن أبا نعيم والديلمى لم يخرجاه بهذه الزيادة وسيذكره المصنف بعد هذا بثلاثة أحاديث ويعزوه للديلمى. الثانى: أن صنيع المصنف لا يفيد ما قاله الشارح، بل ذلك كذب صراح، فإنه رمز لضعفه وما ذلك إلا إشارة إلى ما قال الشارح. 2034/ 4820 - "السُّلطانُ ظل الرحمنِ في الأرض، يأوى إليه كل مظلومٍ من عباده، فإن عَدَلَ كان له الأجرُ وعلى الرعيةُ الشكرُ، وإن جَارَ وحَافَ وظَلمَ كان عليه الإصرُ وعلى الرعيةِ الصبرُ". (فر) عن ابن عمر وتكلم على سنده الشارح. قلت: الذي في أصلنا من زهر الفرودس أن الحديث من رواية سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه عن عمر -رضي اللَّه عنه- قال: "قلت: يا رسول اللَّه أخبرنى عن هذا السلطان الذي ذلت له الرقاب وخضعت له الأجناد، فقال: هو ظل الرحمن"، وذكره، وهو حديث موضوع لا شك. 2035/ 4821 - "السلطانُ العادلُ المتواضعُ ظلُّ اللَّه ورُمْحَهُ في الأرضِ يُرفعُ له عَمَلَ سَبعِينَ صِدِيقا". أبو الشيخ عن أبي بكر قلت: تصرف المصنف في متن هذا الحديث واختصر منه ليمكن أن يكون مقبولا معقول المعنى، وهذا أمر لا ينقضى عجبى من صدوره من المصنف وقد جربت عليه فعله مرارا، فإذا كان في الحديث ما يدل على بطلانه ونكارته

يحذف ذلك القدر المذكور ويترك من الحديث ما يمكن أن يقبل، فسبحان اللَّه العظيم وبحمده، ولفظ الحديث عند أبي الشيخ: "السلطان العادل المتواضع ظل اللَّه ورمحه في الأرض ويرفع للوالى العادل المتواضع في كل يوم وليلة عمل ستين صديقا كلهم عابد مجتهد"، ثم إن الحديث من رواية محمد بن عمران بن أبي ليلى عن سليمان بن رجاء، وسليمان هذا مجهول كما قال أبو حاتم وأبو زرعة فلعل البلاء منه. 2036/ 4823 - "السلُّ شَهادةٌ". أبو الشيخ عن عبادة بن الصامت قلت: قال أبو الشيخ: حدثنا محمد بن زكريا القرشى ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عمران القطان عن قتادة عن راشد بن حبيش عن عبادة بن الصامت به. 2037/ 4824 - "السَّماحُ رباحٌ، والعُسْرُ شؤمٌ". القضاعى عن ابن عمر، (فر) عن أبي هريرة. قال في الكبير: وفيه عند القضاعى عبد الرحمن بن زيد، قال الذهبى: ضعفه أحمد والدارقطنى وآخرون، لكن قال العامرى في شرح الشهاب: إنه حسن، ثم قال الشارح في حديث أبي هريرة: ورواه عنه أيضًا ابن نصر وابن لال ومن طريقهما وعنهما أورده الديلمى، فلو عزاه المصنف للأصل لكان أولى، وفيه حجاج بن فرافصة، قال أبو زرعة: ليس بقوى، ونسبه ابن حبان إلى الوضع، وقال الدارقطنى: حديث منكر. قلت: في هذا عجائب وأوابد منها: قول: لكن قال العامرى: إنه حسن، فإن العامرى رجل أحمق يحسن ويصحح بعقله وهواه غير ناظر إلى السند، وكيف يعدل الشارح عن الدليل الذي ذكره وهو وجود ضعيف في سند الحديث ثم ينتقل إلى نقل كلام رجل جاهل أحمق؟ ومنها وهى الطامة الكبرى قوله: ورواه عنه أيضًا ابن نصر، فأقسم باللَّه العظيم أن الشارح لجاهل

لو كان ابن الجوزى حيا لما تأخر عن ذكر نوادره في أخبار الحمقى والمغفلين، فمن فرط جهله بالرجال وعظيم غفلته أن كل اسم يراه في مسند الديلمى يوافق اسم مخرج ولو في نصفه، فإنه يعزو ذلك الحديث إلى ذلك المخرج كالبزار وأبي يعلى وأبي نعيم والسلمى وأمثالهم، فكل رجل وصف بالبزار فهو صاحب المسند عند هذا [الشارح] سواء كان في عصر البزار أو بعده بألف سنة، بل أعجب من ذلك أنه كرر العزو إلى البزار بتكرار هذه النسبة مع اختلاف الاسم والزمان، فتارة كان المذكور في المسند عمر البزار وتارة كان إبراهيم البزار وتارة كان محمد البزار، [وهو] في كل ذلك يقول: رواه البزار مستدركا بذلك على المصنف، فكان البزار صاحب المسند الذي اسمه أحمد بن عمرو كان يسمى بأسامى متعددة هو وأبوه وجده، وكان يوجد في أزمان متعددة تارة في القرن الثالث وأخرى في الرابع وأخرى في الخامس، وقد سبق قريبًا أنه فعل ذلك مع رجل هو شيخ للديلمى واسمه أبو بكر أحمد بن زنجويه، فعزاه إلى ابن زنجويه المخرج المشهور الذي اسمه حميد والذي توفى قبل ولادة الديلمى الراوى عنه بنحو مائتين وخمسين سنة بل أكثر، وهنا جاء دور محمد بن نصر المروزى فإن الديلمى قال في هذا الحديث: أخبرنا أحمد بن نصر أخبرنا أبو طالب بن الصباح المزكى أخبرنا ابن لال حدثنا الزعفرانى ثنا جعفر بن محمد الصائغ ثنا قبيصة ثنا سفيان عن الحجاج ابن فرافصة عن يحيى بن كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به، فقال: رواه محمد بن نصر -يعنى- الذي توفى سنة أربع وتسعين ومائتين قبل ولادة الجد السادس للديلمى الذي روى عنه، والذي توفى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، فاعجب لهذا الرجل ما أجهله بالرجال ومع هذا فلم يكتف أن يكون هو جاهلا حتى طلب من الحافظ السيوطي أن يكون مثله، ويلومه على عدم عزوه الحديث إلى ابن نصر إن هذا واللَّه لعجب عجاب. ومنها قوله في الحجاج بن فرافصة: ونسبه ابن حبان إلى الوضع. . . إلخ،

فإن ذلك كذب محض، فإن ابن حبان ما ضعفه بل ذكره في الثقات [6/ 203]، وكذلك لم يقل فيه ابن عدى ما قاله الشارح عنه بل كله كذب لا أصل له. 2038/ 2835 - "السمتُ والحسنُ والتَؤدةُ والاقتصادُ جزءٌ من أربعةٍ وعشرين جزءًا من النبوة". (ت) عن عبد اللَّه بن سرجس قلت: ظاهر سكوت الشارح وعدم استدراكه مخرجًا آخر على المصنف كعادته أنه لا يوجد مخرجًا لغير الترمذى، وليس كذلك بل أخرجه أيضًا الطبرانى في الصغير, قال: حدثنا محمد بن أحمد أبو عبد اللَّه البركاني ثنا نصر بن على ثنا نوح بن قيس عن عبد اللَّه بن عمران الحداني عن عاصم الأحول عن عبد اللَّه بن سرجس به. وأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، قاله [1/ 101]: حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب ثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم ثنا نصر ابن على به. وأخرجه أبو طاهر المخلص، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد ثنا أحمد بن المقدام أبو الأشعث ثنا نوح بن قيس به. 2039/ 4829 - "السُّنَّةُ سُنَّتانِ: سُنَّةٌ من نبي مرسلٍ، وسُنَّةٌ من إمامٍ عادلٍ". (فر) عن عباس قلت: هذا حديث موضوع وفيه راو كذاب وضاع.

2040/ 4842 - "السلامُ قبلَ الكلامِ". (ت) عن جابر قال في الكبير: وقال الترمذى: إنه منكر، وحكم ابن الجوزى بوضعه، وأقره ابن حجر، ومن العجب أنه ورد بسند حسن رواه ابن عدى في كامله من حديث ابن عمر باللفظ المذكور، وقال الحافظ ابن حجر: هذا إسناد لا بأس به، فأعرض المصنف عن الطريق الجيد واقتصر على المضعف المنكر بل الموضوع، وذلك من سوء التصرف. قلت: بل من العجب الكذب الصراح، فالحديث ما رواه ابن الجوزى في الموضوعات أولا. وثانيا: حديث ابن عمر ليس هو باللفظ المذكور كما يفتريه هذا الرجل، بل لفظه: "من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه"، وقد ذكره المصنف فيما سيأتى في حرف الميم وعزاه للطبرانى في الأوسط وأبي نعيم في الحلية، وأيضًا سند ابن عدى ليس بحسن بل هو أيضًا ضعيف ساقط جدًا، قال الحافظ السخاوى في المقاصد [ص 390، رقم 566]: حديث "السلام قبل الكلام" رواه الترمذى وأبو يعلى والقضاعى من حديث عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر عن جابر به، وقال: إنه منكر، عنبسة ضعيف ومحمد بن زاذان منكر الحديث، وله شاهد عند أبي نعيم في الحلية وابن السنى في اليوم والليلة من حديث بقية عن عبد العزيز بن أبي رواه عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه"، ورجاله من أهل الصدق، لكن بقية مدلس وقد عنعنه، لكن تابعه حفص بن عمر الأيلى عن عبد العزيز، أخرجه ابن عدى في ترجمة عبد العزيز من الكامل، وحفص تركوه ومنهم من كذبه اهـ. فهذا سند ابن عدى الذي يحكى عن الحافظ أنه قال: حسن.

2041/ 4844 - "السلامُ قبل السؤالِ فَمَنْ بَدأكُمْ بالسُؤالِ قَبل السَّلامِ فلا تُجِيبُوهُ". ابن النجار عن عمر قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو ذهول، فقد خرجه أحمد من حديث ابن عمر. قلت: هذا كذب في موضعين، أحدهما: أن أحمد لم يخرجه أصلا لا بهذا اللفظ ولا بغيره. وثانيهما: أن حديث ابن عمر أخرجه الطبرانى في الأوسط بلفظ: "من بدأ يالسؤال قبل السلام فلا تجيبوه"، وهذا موضعه حرف الميم وسيذكره المصنف هناك، وفي سنده هارون بن محمد أبو الطيب وهو كذاب. 2042/ 4845 - "السلامُ تحيةٌ لملتنا، وأمانٌ لِذمتِنَا". القضاعى عن أنس قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من القضاعى وهو عجب، فقد خرجه الطبرانى والديلمى باللفظ المزبور عن أبي أمامة. قلت: ما خرجه الطبرانى باللفظ المزبور، ولكن الشارح بالكذب معروف. قال الطبرانى [8/ 109] (¬1): حدثنا بكر بن سهل ثنا عمرو بن هاشم البيروتى ثنا إدريس بن زياد عن محمد ابن زياد الألهانى عن أبي أمامة قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن اللَّه تعالى جعل السلام تحية لملتنا وأمانا لأهل ذمتنا"، فهذا موضعه حرف الهمزة، وقد ذكره المصنف هناك وعزاه للطبرانى. ¬

_ (¬1) أخرجه الطبرانى وفيه قصة بين أبي أمامة رضي اللَّه عنه ويهودي انظر المعجم الكبير (8/ 109).

2043/ 4850 - "السيوفُ مفاتيحُ الجنةِ". أبو بكر في الغيلانيات قال في الكبير: وفيه الكديمى وابن عساكر عن يزيد بن شجرة، قال في الكبير: صحابى مشهور من أمراء معاوية، وفيه بقية وحاله مشهور، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأشهر من هذين وهو عجيب، فقد خرجه الحاكم في المستدرك باللفظ المزبور. قلت: نعم خرجه الحاكم باللفظ المذكور ولم يعزه المصنف إليه، فكان ماذا؟ ولكنك كذبت في قولك: إن فيه الكديمى، وفي قولك: إن فيه بقية، وفي قولك عن يزيد بن شجرة: إنه صحابى مشهور، فما هو مشهور بل هو مختلف في صحبته، والأكثرون على إنكارها وأنه تابعى كما ذكره الحافظ في الإصابة. قال الحاكم [3/ 494]: حدثنا أبو الظفر أحمد بن الفضل الكاتب ثنا إبراهيم بن الحسن ثنا أبو اليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن حمزة قال: سمعت يزيد بن شجرة بأرض الروم يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . .، وذكره مثل ما هنا، فلم يروه الكديمى ولا بقية، وإنما روى في الغيلانيات عن محمد بن يونس حديثًا آخر فظنه هذا الرجل الكديمى، ولئن كان هو فالحديث حديث آخر، أما بقية فلا وجود له فيه. 2044/ 4851 - "السيوفُ أرديةُ المجاهدين". (فر) عن أبي أيوب المحاملى في أماليه عن زيد بن ثابت. قال في الكبير: ورواه عن أبي أيوب أيضًا أبو نعيم ومن طريقه تلقاه الديلمى مصرحًا، فعزو المصنف للفرع وإهمال الأصل غير جيد.

قلت: كذبت لا يقولها غيرك، بل العزو إلى أى مخرج جيد، بل إذا كان الفرع أشهر من الأصل فالعزو إليه متأكد متعين، وإذ عرفت أن أبا نعيم خرجه، فَلِمَ لَمْ تبين في أى مصنف خرجه من مصنفاته الكثيرة أفى الحلية أم في تاريخ أصبهان أم في مسنده أم في جزئه أم في فوائده أم غيرها من كتبه التي جاوزت الخمسين؟ وبعد فإن أبا نعيم خرجه في تاريخ أصبهان [1/ 113] في ترجمة الحافظ أحمد ابن هارون البرديجي فقال: حدثنا أحمد بن إسحاق ثنا أحمد بن هارون ثنا عبد اللَّه بن نسيب ثنا ذؤيب ابن عمامة السهمى ثنا الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عن الزهرى عن عطاء بن يزيد عن أبي أيوب به. * * *

حرف الشين

حرف الشين 2045/ 4853 - " شاربُ الخمرِ كعابدِ وثنٍ، وشاربُ الخمرِ كعابدِ اللاتِ والعزى". الحارث عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه ابن ماجه من حديث أبي هريرة بلفظ: "مدمن الخمر"، قال العراقى: وكلاهما ضعيف. قلت: ظاهر هذا أنه لم ير مخرجًا آخر لحديث ابن عمر، ولو رآه لهول به في الاستدراك على عادته، كما أنه لم يعرف حديث الباب إلا من حديث أبي هريرة، والواقع في كل ذلك خلافه، فقد ورد هذا الخبر أيضًا من حديث ابن عباس وجابر وابن عمر وأنس وعلى وبعض الصحابة ومحمد بن عبد اللَّه عن أبيه. فحديث عبد اللَّه بن عمرو أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن الخليل ابن زكريا: ثنا عوف بن أبي جميلة ثنا الحسن عن عبد اللَّه به. ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان في ترجمة الحسن البصرى، والخليل بن زكريا ضعيف وقد وثق، ومع ذلك فلم ينفرد به بل [له] طريق آخر. قال البزار في مسنده: ثنا يوسف بن موسى ثنا ثابت بن محمد ثنا فطر بن خليفة عن مجاهد عن عبد اللَّه بن عمرو عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "شارب الخمر كعابد وثن".

قال البزار: ولم يدخل ثابت بين فطر ومجاهد أحدًا اهـ. وقد عزاه الحافظ السخاوى في المقاصد الحسنة للحاكم في المستدرك فلينظر. وحديث أبي هريرة أخرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير [1/ 1/ 386] عن فروة عن محمد بن سليمان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: "مدمن الخمر كعابد وثن"، وقال: لا يصح حديث أبي هريرة في هذا يعنى أن الصواب فيه عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن عبد اللَّه عن أبيه كما يأتى، ومن هذا الوجه خرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح كلاهما عن محمد بن سليمان بن الأصبهانى عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة. وحديث ابن عباس رواه أحمد، قال [1/ 272]: ثنا أسود بن عامر ثنا الحسن بن صالح عن محمد بن المنكدر قال: حدثت عن ابن عباس أنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مدمن الخمر إن مات لقى اللَّه كعابد وثن"، وهؤلاء رجال الصحيح لولا ما فيه من الانقطاع، لكن رواه البزار والطبرانى. وكذلك رواه أبو نعيم في الحلية [9/ 253] من وجه آخر من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس، أخرجه في ترجمة محمد بن أسلم الطوسى من روايته عن إسرائيل عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعًا: "من مات وهو مدمن الخمر لقى اللَّه وهو كعابد وثن"، وحكيم بن جبير ضعيف، لكن ذكر الحافظان المنذرى والزيلعى أن ابن حبان خرجه في صحيحه من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس به بلفظ: "مدمن الخمر كعابد وثن"، وقال ابن حبان: يشبه أن يكون هذا فيمن استحلها، وهو عنده في النوع الرابع والخمسين من القسم الثالث. وحديث جابر أخرجه ابن حبان في الضعفاء من طريق سعيد بن محمد بن أبي

موسى المدنى عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعًا: "من مات مدمن خمر لقى اللَّه كعابد وثن"، وقال في سعيد بن محمد: إنه روى عن ابن المنكدر نسخة منها أشياء مستقيمة تشبه حديث الثقات وأشياء مقلوبة لا تشبه حديث الثقات لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، وأورده أيضًا في ترجمة سعيد بن خالد الخزاعى من روايته عن محمد بن المنكدر عن جابر أيضًا بلفظ: "مدمن خمر كعابد وثن"، ثم قال في سعيد هذا: كان ممن يخطئ حتى لا يعجبنى الاحتجاج بخبره إذا انفرد. وحديث عبد اللَّه بن عمر أخرجه البندهى من طريق أحمد بن الحسين الصباحي: ثنا أحمد بن مطهر المصيصى ثنا مؤمل ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن عبد اللَّه بن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مدمن خمر كعابد وثن"، فهذه ثلاثة أقوال عن محمد بن المنكدر في صحابى هذا الحديث عنه عن جابر وعنه عن ابن عمر وعنه أنه حدث به عن ابن عباس. وحديث أنس أخرجه الطبرانى في الأوسط: ثنا عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن جحش ثنا جنادة بن مروان ثنا الحارث بن النعمان سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "المقيم على الخمر كعابد وثن"، وجنادة بن مروان ضعيف متهم. وحديث على رواه أبو نعيم في الحلية [3/ 203 - 204] في ترجمة جعفر بن محمد الصادق من طريق أهل البيت مسلسلا بقول كل راو: أشهد باللَّه وأشهد للَّه لقد حدثنى فلان أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أشهد باللَّه وأشهد للَّه لقد قال لى جبريل عليه السلام: يا محمد إن مدمن الخمر كعابد الأوثان"، قال أبو نعيم: هذا حديث صحيح ثابت روته العترة الطيبة، ولم نكتبه على هذا الشرط: "بالشهادة باللَّه وللَّه" إلا عن هذا الشيخ يعنى شيخه فيه وهو

القاضى أبو الحسن على بن محمد القزوينى، قال أبو نعيم: وقد روى هنا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من غير طريق، ومدمن الخمر عندنا من يستحله ولو لم يشربه في طول عمره إلا بسقية واحدة. قلت: وقد رويناه مسلسلا عن جماعة، وأسانيده معروفة في كتب المسلسلات وكلها ترجع إلى أبي نعيم أو شيخه. وحديث بعض الصحابة رواه إسحاق بن راهويه في مسند عمر بن عبد العزيز، قال: أخبرنا أبو عامر العقدى ثنا محمد بن أبي حميد عن أبي حميد عن أبي توبة المصرى عن عمر بن عبد العزيز عن بعض الصحابة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من شرب الخمر فمات مات كعابد وثن". وحديث محمد بن عبد اللَّه عن أبيه قال البخارى في التاريخ الكبير [1/ 1 /386]، قال: ثنا إسماعيل حدثنى أخى عن سليمان عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن عبد اللَّه عن أبيه قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مدمن خمر كعابد وثن". 2046/ 4856 - "شاهدُ الزورِ لا تزولُ قدمَاه حتى يوجبَ اللَّه له النارَ". (حل. ك) عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الخطيب، قال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبى في التلخيص، وتعقبه في المهذب: بأن فيه محمد بن الفرات ضعيف وأورد له في الميزان هذا الخبر، ثم قال: قال النسائى: متروك، وساق له ابن الجوزى عدة طرق لا يثبت منها شيء. قلت: هذا كلام فيه إيهام وتخليط، لأن أبا نعيم لم يروه من طريق محمد بن الفرات، إنما رواه من طريقه الحاكم، ثم إن قوله عن الذهبى: إنه أقره في

التلخيص وتعقبه في المهذب، يوهم أنه تعقب الحاكم، والمهذب إنما هو اختصار لسنن البيهقى لا تعلق له بالحاكم، وأيضًا فإن الذهبى لم يتعقب البيهقى بذلك، بل البيهقى نفسه لما خرج الحديث قال عقبه: محمد بن الفرات ضعيف والذهبي إنما حكى قول البيهقى. والحديث رواه البخارى في التاريخ الكبير وابن ماجه وأبو يعلى والحارث بن أبي أسامة في مسنده والحاكم والبيهقى وابن حبان في الضعفاء والخطيب في التاريخ وابن أبي حاتم في العلل وآخرون من طريق جماعة كلهم عن محمد ابن الفرات، وفيه عند الحارث وابن حبان وابن أبي حاتم وأبي يعلى قصة وهى: أن محمد بن الفرات قال: كنت عند محارب بن دثار فأتاه خصمان فقال لأحدهما: لك شهود؟ قال نعم، فدعا شاهدا له ودعا الآخر فلم يحضر، فقال المشهود عليه للشاهد: أما واللَّه إنه لامرؤ صدق ولئن سألت عنه ليزكين وما رأيت عليه خرفة قبلها ولقد شهد على بباطل وما أدرى ما أجبره على ذلك فجلس محارب فقال له: يا هذا اتق اللَّه فإني سمعت ابن عمر يقول "إنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . . "، وذكره، وزاد: "وإن الطير يوم القيامة تحت العرش ترفع مناقيرها وتضرب بآذانها وتلقي ما في بطونها مما ترى من هول يوم القيامة وليس عندها طلبة والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعظ رجلًا. . . "، وقال البخارى وأبو حاتم: هذا حديث منكر ومحمد بن الفرات ضعيف. قلت: لكنه لم ينفرد به بل تابعه عليه أبو حنيفة وعبد الملك بن عمير كلاهما عن محارب بالقصة كما حكاها محمد بن الفرات وتابعه مسعر عن محارب بدون ذكر القصة. وورد من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر أيضًا، بمتابعة أبي حنيفة، قال الحسن بن زياد اللؤلؤى: حدثنا أبو حنيفة قال: كنا عند محارب بن دثار فتقدم إليه رجلان فادعى

أحدهما على الآخر مالا، فجحده المدعى عليه، فسأله البينة، فذكر القصة والحديث بطوله، هكذا ذكره ابن القيم في أعلام الموقعين من غير عزو، وقد أخرجه الخطيب في التاريخ من طريق محمد بن المظفر في مسند أبي حنيفة، ثم من رواية شعيب بن أيوب عن الحسن بن زياد به دون ذكر القصة، ومتابعة عبد الملك بن عمير ذكرها أيضًا ابن القيم دون عزو، قال: "كنت في مجلس محارب بن دثار في قضائه"، فذكر القصة والحديث. ورواه العقيلى في الضعفاء من طريق هارون بن الجهم أبي الجهم القرشى من عبد الملك بن عمير عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعًا: "إن الطير لتضرب بمناقيرها وتحرك أذنابها من هول يوم القيامة وما تكلم، وشاهد لا تعاد قدماه حتى يقذف في النار". قال العقيلى: هارون بن الجهم ليس بشيء وليس هذا الحديث من حديث عبد الملك بن عمير إنما هو من حديث محمد بن الفرات عن محارب، ومتابعة مسعر رواها أبو نعيم في الحلية بالسند الذي ذكره الشارح، ورواية مالك عن نافع أخرجها الخطيب في رواة مالك من طريق محمد بن الحسين الأزدى عن العباس بن الفضل الأرسوفى عن إسماعيل بن عباد الأرسوفى عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "شاهد الزور لا تزول قدماه حتى يتبوأ مقعده من النار"، ثم قال: هذا حديث منكر عن مالك وفي إسناده غير واحد من المجهولين. هكذا رواه الخطيب عن إسماعيل بن عباد عن مالك دون واسطة. ورواه الدارقطنى في غرائب مالك من رواية العباس بن حميد بن سفيان الكتانى الأرسوفى عن إسماعيل بن عباد فقال: عن يحيى بن المبارك الصنعانى عن مالك به مثله، ثم قال الدارقطنى: لا يصح عن مالك، وإسماعيل ويحيى ضعيفان.

2047/ 4859 - "شرارُ أُمّتى الذينَ غُذُّوا بالنَّعيم، الذين يَأْكلُون ألوانَ الطعامِ ويَلْبَسُون ألوانَ الثّيابِ، ويتشدَّقون في الكَلامِ". ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة (هب) عن فاطمة الزهراء قال في الكبير: ثم قال البيهقى: تفرد به على بن ثابت عن عبد الحميد الأنصارى اهـ، وعلى بن ثابت ضعفه الأزدى، وعبد الحميد ضعفه القطان وهو ثقة كما قال الذهبى، وجزم المنذرى بضعفه، وقال العراقى: إنه منقطع وروى من حديث فاطمة بنت الحسين مرسلًا، قال الدارقطنى في العلل: وهو أشبه بالصواب، ورواه أبو نعيم من حديث عائشة بسند لا بأس به، إلى هنا كلامه. وقال في الميزان: هذا من رواية أصرم بن حوشب وليس ثقة عن إسحاق بن واصل وهو هالك متروك الحديث. قلت: انظر إلى أي حد وصلت الغفلة بالشارح فهو ينقل عن الحافظ العراقى أنه قال في حديث عائشة: لا بأس بسنده، ثم يزعم أن الذهبى قال: إن هذا من رواية أصرم بن حوشب. . . إلخ. فكأن الحافظ العراقى -وهو من هو- لا يدرى أن أصرم بن حوشب وضاع مع أن صغار طلبة الحديث يدرون ذلك، ولا يدرى أن إسحاق بن واصل متروك، ثم يقول: سنده لا بأس به، ويكذب مع ذلك فيدعي أن الذهبى قال في هذا الحديث: إنه من رواية أصرم والذي من روايته هو حديث عبد اللَّه بن جعفر المذكور في المتن بعد هذا، والشارح رتب أحاديث الميزان على حروف المعجم فكل حديث يراه فيه يعلل به أحاديث المتن أو التي يذكرها الحفاظ غير مفرق بينها وبين ما ذكره الذهبى فاعجب لهذا التهور. وبعد، فحديث عائشة قال فيه أبو نعيم: حدثنا أبو بكر عبد اللَّه بن يحيى بن معاوية الطلحى وأفادنيه أبو الحسن

الدارقطنى ثنا سهل بن المرزبان بن محمد أبو الفضل التميمي الفارسى سنة 289 ثنا عبد اللَّه بن الزبير الحميدي ثنا سفيان بن عيينة عن منصور عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت: "حدثنى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، فذكرت حديثين، ثم قال: "شرار أمتي الذين غذوا بالنعيم الذين يتقلبون في ألوان الطعام والثياب الثرثارون المتشدقون بالكلام، وخيار أمتي الذين إذا أساءوا استغفروا وإذا أحسنوا استبشروا وإذا سافروا قصروا وأفطروا". ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث سفيان ومنصور والزهرى لا أعلم له راويا عن الحميدى إلا سهلا وأراه واهما فيه. 2048/ 4864 - "شرارُ الناسِ شرارُ العُلمَاءِ في النَّاسِ". البزار قال في الكبير: وكذا أبو نعيم والديلمى عن معاذ، ثم قال: قال الهيثمى والمنذرى: فيه الخليل بن مرة، قال البخارى: منكر الحديث، وأورده في الميزان من جملة ما أنكر على حفص الأيلى. قلت: حفص الأيلى لا وجود له في سند من عزاه المصنف ولا من زاده الشارح. قال البزار: حدثنا محمد بن عثمان العقيلى ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوى ثنا الخليل ابن مرة عن ثور عن يزيد عن خالد بن معدان عن مالك بن يخامر عن معاذ ابن جبل قال: تصديت لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يطوف فقلت: يا رسول اللَّه أرنا شرار الناس، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سلوا عن الخير ولا تسألوا عن الشر، شرار الناس شرار العلماء في الناس". ومن هذا الطريق رواه أبو نعيم في الحلية [1/ 242] وقال: غريب من حديث خالد تفرد به الخليل عن ثور.

قلت: وليس كذلك، بل رواه عن ثور أيضًا حفص بن عمر الأيلى كما عند ابن عدى في الكامل وهى الطريق التي ذكرها الذهبى في الميزان. ورواه أبو نعيم [5/ 220] مرة أخرى، فقال: حدثنا أحمد بن يعقوب بن المهرجان ثنا الحسن بن محمد بن نصر ثنا محمد ابن عثمان العقيلى ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوى ثنا الخليل بن مرة عن ثور به، ومن هذا الطريق خرجه الديلمى في مسند الفردوس. 2049/ 4868 - "شِرارُكم عُزَّابُكم، وأرْذلُ مَوْتَاكم عُزّابُكم". (حم) عن أبي ذر (ع) عن عطية بن بسر قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه معاوية بن يحيى الصدفى وهو ضعيف، قال: وهذا من الأحاديث التي لا تخلوا من ضعف واضطراب، لكن لا يبلغ الحكم عليه بالوضع اهـ، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات، وقال: فيه خالد يضع، وله طريق ثان فيه يوسف بن السفر متروك، وأفاد المصنف: أنه ورد بهذا اللفظ من حديث أبي ذر عند أحمد ورجاله ثقات اهـ، فكان ينبغى عزوه إليه وكأنه ذهل عنه هنا. قلت: وقع في الأصل المطبوع من حديث أبي دون ذكر ذر، فإن كان كذلك وقع في قلم المصنف (¬1) فقد زاغ بصره عن لفظة ذر في كلام المصنف فظنه أبي ابن كعب، وإن كانت سقطت من قلم الناسخ والطابع وهو الأقرب فلا يخفي ما فيه، فإن المصنف قد عزاه لأحمد عنه هنا. 2050/ 4867 - "شِراركم عُزّابكم، رَكعتان من مُتأهلٍ خيرٌ من سبعيَن ركعةً من غيرِ متأهلٍ". (عد) عن أبي هريرة ¬

_ (¬1) كذا في الأصل والمؤلف رحمه اللَّه يقصد الشارح حسب ما يقتضيه السياق، واللَّه أعلم.

قال في الكبير: قال ابن عدى: موضوع وفيه يوسف بن السفر، ومن ثم حكم ابن الجوزى بوضعه، وأقره عليه المصنف في مختصر الموضوعات، ورمز هنا لحسنه وليس ذا منه بحسن. قلت: بل كذبك ليس بحسن فالمؤلف ما أقر ابن الجوزى على وضعه، بل تعقبه في اللآلئ وفي مختصر الموضوعات، وعبارته في الثانى: حديث أبي هريرة "شراركم عزابكم"، فيه خالد بن إسماعيل يضع، وله طريق ثان عنه فيه يوسف بن السفر متروك، قلت: ورد بهذا اللفظ من حديث أبي ذر، أخرجه أحمد في مسنده بسند رجال ثقات، ومن حديث عطية بن بسر المازني أخرجه أبو يعلى والطبرانى والبيهقى في الشعب اهـ. ومن العجب أن الشارح نقل عن المصنف في الحديث الذي قبله أنه عزاه لأحمد من حديث أبي ذر وهو من كلامه في مختصر الموضوعات كما ترى، ثم قال: إنه أقره. 2051/ 4881 - "شرُّ ما في الرجل شُحٌّ هَالعٌ، وجُبْنٌ خالعٌ". (تخ) عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا أحمد في مسنده [2/ 302]، وعويس في جزئه، والحكيم الترمذى في نوادر الأصول في الأصل التاسع والثلاثين ومائتين (¬1)، وأبو نعيم في الحلية [7/ 50] وابن الأعرابى في المعجم، والقضاعي في مسند الشهاب [رقم 1338] كلهم بهذا اللفظ فعدم استدراك الشارح هؤلاء أو بعضهم قصور. 2052/ 4882 - "شربُ اللبنِ مَحْضُ الإيمانِ، مَنْ شَرِبَه في منامه فهو على الإسلامِ والفطرةِ، وَمَنْ تَنَاول اللبنَ بيده فهو يعملُ بشرائعِ الإسلامِ". (فر) عن أبي هريرة ¬

_ (¬1) هو في الأصل السابع والثلاثين والمائتين من المطبوع (2/ 257).

قال في الكبير: وفيه إسماعيل بن أبي زياد والمسمى به ثلاتة كل منهم قدري مرمي بالكذب، ورواه عنه ابن نصر أيضًا. قلت: في هذا أمور: الأول: أن المسمى بإسماعيل بن أبي زياد جماعة ليس ثلاثه فقط. الثانى: ما قاله من رمي ثلاثة منهم بالقدر باطل وكلام لا معنى له ولا دخل [له] في الباب. الثالث: أن إسماعيل المذكور في السند هو ابن أبي زياد السكوتي قاضي الموصل من رجال ابن ماجه. قال ابن عدى: منكر الحديث، وقال ابن حبان: دجال لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه. الرابع: قوله: ورواه عنه ابن نصر أيضًا هو من كذبه وجهله القاضح، بل من العار الذي لا يمحى إلى يوم القرار، فأين نصر المذكور في السند هو شيخ الديلمى المتوفي سنة 558 وابن نصر مات سنة 294 أي قبل ولادة الديلمى بنحو مائتي سنة، وابن نصر الحافظ اسمه محمد وهذا اسمه أحمد، وابن نصر مصنفاته كلها في الأحكام ككتاب الصلاة وكتاب قيام الليل وكتاب اختلاف الفقهاء وهذه ليس من موضوعها حديث في تعبير الرؤيا. قال الديلمى: أخبرنا أحمد بن نصر أنبأنا أبو طالب بن الصباح المزكى ثنا أبو بكر محمد بن عمر ثنا إبراهيم بن محمد الطيان ثنا الحسين بن القاسم ثنا إسماعيل بن أبي زياد عن عبد اللَّه بن عون عن ابن سيرين عن أبي هريرة به. 2053/ 4883 - "شَرَفُ المؤمنِ صَلاتُه بالليلِ، وعِزُّه استغَناؤُه عما في أيدي الناس". (عق. خط) عن أبي هريرة

قال في الكبير: فيه عند العقيلى داود بن عثمان الثغري، قل العقيلى: حدث عن الأوزاعى وغيره بالبواطيل هذا منها، ومن ثم قال ابن الجوزى: موضوع والمتهم به داود، ثم كرر الشارح هذا الكلام أيضًا بعد ذكر الخطيب وختمه بقوله أيضًا: وأورده ابن الجوزى في الموضوع. قلت: في هذا أمران: أحدهما: أن داود بن عثمان غير موجود في سند الخطيب، وإنما هو في سند العقيلى وحده، بل الخطيب لم يخرج هذا الحديث بهذا اللفظ ولا من حديث أبي هريرة، وإنما أخرجه مطولا من حديث سهل بن سعد بلفظ: "جاءني جبريل فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت" الحديث، وفيه: "واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس"، وقد سبق في حرف الألف بلفظ: "أتاني جبريل"، فلا أدرى ما وجه عزو المصنف هنا هذا الحديث إلى الخطيب، وهو (¬1)، لم يخرجه بهذا اللفظ ولا من حديث أبي هريرة. ثانيهما: أن الشارح حكى ذكر ابن الجوزى لهذا الحديث في الموضوعات وسكت عن ذكر تعقب المصنف له، وذلك لأن المصنف أطال وأجاد والشارح لا يتعرض لتعقبه إلا إذا كان البحث ضيقا لم يجد فيه متوسعا ليتسنى له أن يقول: وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل كعادته فسبحان قاسم الأخلاق. 2054/ 4884 - "شعارُ المؤمنين على الصراطِ يوم القيامةِ: ربِّ سلِّمْ سلِّمْ". (ت. ك) عن المغيرة قال الشارح: قال (ك): على شرطهما وأقروه. قلت: هذا غريب فإنه نفسه قال في الكبير: صححه الحاكم وأقره الذهبى، وقال (ت): غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق، قال الذهبى: وإسحاق ضعفوه اهـ. ¬

_ (¬1) في المخطوط: وهم.

وأورده ابن الجوزى في الواهيات، وقال: لا يصح اهـ. فمتى قال هذا في الكبير؟ كيف جاز أن يسكت عن الإشارة إليه في الصغير؟ ويقول: إنهم أقروه بلفظ الجمع، فأفاد أن الحديث لا مطعن فيه، وأن الحفاظ متفقون على صحته على شرط الشيخين! وقد أخرجه ابن حبان في الضعفاء في ترجمة عبد الرحمن المذكور وهو أبو شيبة الواسطى، فقال: حدثنا أبو يعلى ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا على بن مسهر عن عبد الرحمن ابن إسحاق عن النعمان بن سعد عن المغيرة بن شعبة به، وقال في عبد الرحمن: كان ممن يقلب الأسانيد ويتفرد بالمناكير عن المشاهير لا يحل الاحتجاج بخبره، مرض القول فيه يحيى بن معين. 2055/ 4885 - "شِعَارُ أمَّتى إذَا حُمِلُوا على الصِّرَاطِ: يا من لا إله إلا أنت". (طب) عن ابن عمرو قال في الكبير: وفيه من وثق على ضعفه، وعبدوس بن محمد لا يعرف. قلت: هذا كلام الحافظ الهيثمى، ولكنه قال [10/ 359]: وعبدوس بن محمد لم أعرفه اهـ. وقد قدمنا أنه لا يلزم من كون الهيثمى لم يعرفه أنه لا يعرف، أما من وثق على ضعفه فهو ابن لهيعة. قال الطبرانى: حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حبان ثنان عبدوس بن محمد المصرى ثنا منصور بن عمار عن ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد اللَّه بن عمرو به. وقد أسنده ابن السبكى في الطبقات من طريق الطبرانى، ثم قال أبو قبيل: اسمه حيى بن هانئ بن ناضر بالضاد المعجمة كان رجلا صالحا مات سنة ثمان

وعشرين ومائة، وليس [له] عن عبد اللَّه بن عمرو رواية شيء في الكتب الستة وهو ثقة صرح جماعة بتوثيقه، وقال أبو حاتم: صالح الحديث اهـ. فلم يتعرض لجهالة عبدوس ولا للكلام عليه فكأنه معروف عنده واللَّه أعلم. 2056/ 4888 - شعبانُ بين رجبٍ وشهر رمضانَ تغفلُ الناسُ عنه تُرفع فيه أعمالُ العبادِ، فأُحبُّ ألا يرفع عَمَلِى إلا وأنا صَائم". (هب) عن أسامة. قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة وهو ذهول عجيب، فقد رواه النسائى باللفظ المزبور. قلت: لفظ الحديث عند النسائى لا يدخل في حرف الشين بل في حرف الذال ولقظه عن أسامة: "قلت يا رسول اللَّه لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان فقال: ذلك شهر يغفل عنه الناس. . . " الحديث، فأوله "ذلك" ولا ذكر لشعبان إلا في لفظ السائل وهذا بخلاف لفظ البيهقى، فإنه مصدر بلفظ: "شعبان" كما ترى. وكذلك أخرجه الثقفى في الثقفيات قال: ثنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكى إملاء أنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف النجارى ثنا يحيى -يعنى ابن أبي طالب- أنا زيد ابن الحباب أنا ثابت الغفارى ثنا أبو سعيد المقبرى عن أبي هريرة عن أسامة بن زيد قال: قلت: "يا رسول اللَّه أراك تصوم في شهر ما أراك تصوم في شهر ما تصوم فيه؟ قال: أى شهر؟ قلت: شعبان، قال: شعبان بين رجب وشهر رمضان. . . " الحديث، فهو مصدر بلفظ: "شعبان" من لفظ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي هو شرط الكتاب، والشارح يعرف ذلك ولكن له غرض فيما يقول، وهو الذي عاد عليه بالوبال فجاء كتابه عبرة للمعتبرين، ما خطت أنامل بشر كتابًا أفحش خطأ ولا أعجب غلطًا منه على الإطلاق، فاعتبروا يا أولي الأبصار.

2057/ 4892 - "شَفاعتى لأهلِ الكبائِرِ من أمتى". (حم. د. ن. حب. ك) عن أنس (ت. هـ. حب. ك) عن جابر (طب) عن ابن عباس (خط) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: هو ابن عمرو بن العاص وعن كعب بن عجرة. قال في الكبير: قال الترمذى في العلل: سألت البخارى عن هذا الحديث فلم يعرفه، وفي الميزان رواه عن صديق من يجهل حاله أحمد بن عبد اللَّه الزينى فما أدرى من وضعه وأعاده في محل آخر، وقال: هذا خبر منكر. قلت: الشارح بلية ابتلى اللَّه بها هذا العلم الشريف، فما ختم به الكلام على هذا الحديث مما نقله عن الترمذى والبخارى والذهبى يفيد أنهم تكلموا في الحديث من أصله وهم إنما تكلموا على طرق مخصوصة من طرقه، ثم إن قوله عقب حديث كعب بن عجرة: وفي الميزان رواه عن صديق من يجهل حاله، يفيد أن ذلك في سند كعب بن عجرة، والواقع أنه في سند عبد اللَّه ابن عمر بن الخطاب، ثم إن المصنف قال: رواه الخطيب عن ابن عمر وعن كعب، فالواو الموجودة هي واو عطف كعب على ابن عمر وهو ابن الخطاب، والشارح جعلها واو عمرو فقال: إنه ابن العاص وزاد واوا أخرى عاطفة من عنده، قال الذهبى في الميزان [2/ 314 رقم 3885]: صديق بن سعيد الصوناخى التركى عن محمد بن نصر المروزى عن يحيى عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "شفاعتى لأهل الكبائر من أمتى"، هذا لم يروه هؤلاء قط، لكن رواه عن صديق من يجهل حاله أحمد بن عبد اللَّه بن محمد السرسى، فما أدرى من وضعه. اهـ.

يريد بهذا الإسناد عن مالك عن نافع عن ابن عمر وإلا فالحديث معروف عن ابن عمر وعن نافع عنه من طرق أخرى ذكرتها في المستخرج على مسند الشهاب وذكرت فيه من طرق هذا الحديث ما تسر به أعين الناظرين والحمد للَّه. 2058/ 4893 - "شفاعتى لأهلِ الذنوبِ من أمَّتِى، وإن زَنَا، وإن سَرَقَ عَلى رَغم أنْفِ أبي الدرداء". (خط) عن أبي الدرداء قال في الكبير: وفيه محمد بن إبراهيم الطرسوسى، قال الحاكم: كثير الوهم، ومحمد بن سنان الشيرازى، قال الذهبى في الذيل: صاحب مناكير. قلت: في هذا أمران، أحدهما: الجهل الفاضح بالرجال، فإن الذي قال فيه الحاكم كثير الوهم هو محمد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسى الحافظ صاحب المسند وكنيته أبو أمية كما ذكر ذلك الذهبى في الميزان، والمذكور في سند هذا الحديث محمد بن إبراهيم بن محمد بن يزيد الطرسوسى وكنيته أبو الفتح كما هو مذكور في سند الحديث، وأيضًا الحافظ أبو أمية قديم مات سنة ثلاث وسبعين ومائتين ولو لم يعرف الشارح ذلك لاهتدى إليه بذكر القدماء له كأبي داود وطبقته، والمذكور في السند هو شيخ لشيوخ الخطيب المتوفى سنة 463، فكيف يروى عن أبي أمية بواسطة هذا مع كون المذكور في السند مصرحًا بأن كنيته أبو الفتح والذي في الميزان مصرحا بأن كنيته أبو أمية. ثانيهما: قوله: ومحمد بن سنان، قال الذهبى في الذيل. . . إلخ هو كذب لا أدرى ما المراد منه، فإن الذهبى قال ذلك في الميزان نفسه وما رآه الشارح إلا فيه جزما.

2059/ 4896 - "شَفَاعَتِى يَوم القيَامَة حَقٌّ، فَمن لَمْ يُؤمن بهَا لَم يكُن مِنْ أهلِهَا". ابن منيع عن زيد بن أرقم وبضعة عشر صحابيًا قال الشارح في شرحيه معًا: ومن ثم أطلق عليه التواتر. قلت: بل من ثم كنت جاهلا بالحديث، فالحديث يكاد يكون باطلا مفتعلا لأجل الرد على المعتزلة ومنكرى الشفاعة، ولو سلمنا ثبوته فإنما قال راويه الفرد: حدثنى زيد بن أرقم وبضعة عشر من الصحابة، فمن أين هذا للشهرة فضلا عن التواتر؟! ومن ثم كان الشارح كذابا في حكايته إطلاق التواتر عليه، فإنه ما سبقه أحد إلى عده في المتواتر. 2060/ 4898 - "شَمِّتْ أخاك ثلاثًا فما زاد فإنما هي نزلةٌ أو زُكَامٌ". ابن السنى، وأبو نعيم في الطب عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وفيه محمد بن عبد الرحمن بن المحبر، قال في الميزان عن ابن معين: ليس بشيء، وعن أبي زرعة: واه، والنسائى: متروك، ثم ساق له أخبارًا هذا منها، وقضية صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو عجيب فقد خرجه أبو داود موقوفًا على أبي هريرة مرفوعًا لكنه لم يذكر النزلة بل قال: فما زاد فهو زكام، قال العراقى: وإسناده جيد. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن سند الحديث ليس فيه محمد بن عبد الرحمن المذكور، وإنما الشارح رآى الحديث في ترجمته من الميزان فألصقه به، بل سند الحديث عند ابن السنى على شرط الحسن أو الصحيح. ثانيهما: أن أبا داود روى الحديث بلفظ يدخل هنا موقوفًا والكتاب موضوع للمرفوع خاصة، ثم رواه بعد ذلك عن أبي هريرة فقال: مرفوعًا بنحوه ولم

يسق لفظه ولا قال مثله، فكيف يجوز مع ذلك عزو الحديث إليه بلفظ لم يذكره؟!. 2061/ 4899 - "شَهادة المسْلمينَ بَعْضِهم عَلى بَعضٍ جَائزةٌ، ولا تَجوز شَهَادةُ العُلمَاءِ بَعضِهُم على بعضٍ، لأنهم حُسَّدٌ". (ك) في تاريخه عن جبير بن مطعم قلت: هذا حديث موضوع يعلم صغار الولدان بطلانه فعجبا للمصنف في إيراده في الكتاب الذي صانه عما انفرد به كذاب أو وضاع، لاسيما وقد صرح مخرجه بوضعه، وكذلك حكم بوضعه ابن الجوزى، ولكن الشره وحب الإغراب يحمل على ذلك. 2062/ 4805 - "شهرُ رمضانَ معلقٌ بين السَّماءِ والأرضِ، ولا يُرفَع إلى اللَّه إلا بزكاةِ الفِطرِ". ابن شاهين في ترغيبه زاد الشارح: وترهيبه، والضياء عن جرير. قلت: ابن شاهين ليس له الترغيب والترهيب وإنما له الترغيب وحده واسم كتابه الترغيب في فضائل الأعمال، ثم إن هذا الحديث لم أجده في نسختى من الترغيب المذكور، فلا أدرى أسقط منها أم وهم المصنف في عزوه إليه. 2063/ 4906 - "شهيدُ البَرِّ يُغفَرُ له كلُّ ذنب إلا الدَّينَ والأمانةَ، وشهيدُ البحرِ يُغفَرُ له كلُّ ذنبٍ والدَّينُ والأمانةُ". (حل) عن عمة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه والأمر بخلافه، فقد عزاه في الفردوس وغيره إلى ابن ماجه من حديث أنس مرفوعًا، قال ابن حجر: وسنده ضعيف، وقال العراقى: فيه يزيد الرقاشى ضعيف.

قلت: عجبا لهذا الرجل فابن ماجه خرج الحديث بلفظ [رقم 2778]: "شهيد البحر"، وقد ذكره المصنف عقب هذا مباشرة ليس بينهما حديث ثم هو عند ابن ماجه كما ترى من حديث أبي أمامة لا من حديث أنس، وذكر أنس إنما هو من زياداته، ثم قوله: قال ابن حجر: وسنده ضعيف" يوهم أنه يريد حديث أنس الذي استدركه، والواقع أنه يريد حديث بعض عمات النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد وقع عنده في سوق سند أبي نعيم طالوت بن أدهم، فإن كان ذلك سقط من الكاتب وإلا فهى داهية أخرى منه، فإنه ليس في الرواة طالوت بن أدهم وإما هو طالوت عن إبراهيم بن أدهم، وقد أخرجه أبو عبد اللَّه بن منده في مسند إبراهيم بن أدهم فقال: أخبرنا على بن عيسى ومحمد بن داود وإبراهيم قالوا: حدثنا مسدد بن قطن ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقى ثنى نجدة بن المبارك السلمى ثنا الحسين المرهبي عن طالوت عن إبراهيم بن أدهم عن هشام بن حسان عن يزيد الرقاشى عن بعض عمات النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. 2064/ 4909 - "شُوبوا شَيْبَكم بالحنَّاء، فإنه أسرَى لوجُوهِكم، وأطيبُ لأفوَاهِكم، وأكثرُ لجمَاعِكم، الحِنَّاء سيِّدُ ريْحانِ أهلِ الجنَّةِ، الحنَّاءُ يفصلُ مَا بينَ الكفرِ والإيمانِ". ابن عساكر عن أنس قلت: هذا حديث موضوع لا معنى لذكره هنا، وقد ذكره المصنف بسنده مع أحاديث أخرى في كتاب اللآلئ [2/ 145] في باب اللباس منه وكلها ساقطة واهية. 2065/ 4913 - "شَّيبَتنى هُود، والواقعةُ، والمرسلات، و {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}، و {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} ". (ت)

قال الشارح: في الشمائل (ك) عن ابن عباس، (ك) عن أبي بكر، ابن مردويه عن سعد. قال في الكبير: وفيه سفيان بن وكيع، قال الذهبى: ضعيف، وقال الدارقطنى: موضوع، وقال المصنف في الدرر: بل حسن. قلت: فيه أمور: الأول: قوله: في الشمائل بعد إطلاق المصنف العزو إليه المفيد أنه في الجامع، غلط لأنه يدل على أنه لم يخرجه في جامعه، والواقع أنه خرجه في الجامع في تفسير سورة الواقعة [رقم 3297] وكذلك في الشمائل [رقم 34]، إلا أن العزو إلى الجامع أولى كما فعل المصنف. الثانى: قوله: وفيه سفيان بن وكيع، لا معنى لذكره هنا، فإن سفيان بن وكيع في سند حديث أبي جحيفة الذي ذكره المصنف قبل هذا الحديث، وهو عند الترمذى في الشمائل والحكيم في نوادر الأصول كلاهما عن سفيان بن وكيع عن محمد بن بشر عن على بن صالح عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة، على أن سفيان بن وكيع لم ينفرد به، فقد رواه أبو نعيم في الحلية من طريق محمد بن عبد اللَّه بن نمير عن محمد بن بشر به. الثالث: قوله: وقال الدارقطنى: موضوع، كذب على الدارقطنى، فإنه نقل ذلك عن الدرر للمصنف، ولكن اسمع كلام الدرر: حديث: "شيبتنى هود وأخواتها. . . "، البزار من حديث ابن عباس، وصححه في الاقتراح وأعله الدارقطنى وأنكره موسى بن هارون، قلت: وقال فيه: إنه موضوع والصواب تحسينه وقد استوفيت طرقه في التفسير المسند اهـ. فالذي قال: إنه موضوع هو موسى بن هارون الحمال لا الدارقطنى. 2066/ 4919 - "شَيطانٌ يتْبع شَيطانَة، يَعنى حَمامةٌ". (د. هـ) عن أبي هريرة (هـ) عن أنس، وعن عثمان، وعن عائشة

قال الشارح: أشار بتعدد مخرجيه إلى أنه متواتر. قلت: أين هم المخرجون الذين عددهم؟! فإنه لم يذكر إلا أبا داود [رقم 4940] وابن ماجه [رقم 3764] وكم ألف حديث في كتابه ذكر لها من المخرجين ما يقرب من العشرة فلم تقل عنها إنها متواترة، وهب أنك قلت ذلك فهل تعدد المخرجين هو الذي يفيد التواتر؟! فحديث: "إنما الأعمال" فرد مطلق من رواية عمر بالسند الصحيح، وقد أخرجه ما يزيد على المائتين من المصنفين بل قل مصنف في السنة إلا وقد خرجه ورواه. 2067/ 4921 - "الشَّاةُ في البيتِ بركةٌ، والشَّاتَانِ بَركتانِ، والثلاثُ ثلاثُ بركاتٍ". (خد) عن على قال الشارح: وذا حديث منكر. وقال في الكبير: فيه صفدى بن عبد اللَّه، قال في الميزان: له حديث منكر، قال العقيلى: لا يعرف إلا به، ومتنه: "الشاة بركة. . . " ثم ساقه إلى آخر ما هنا. قلت: قال البخارى في الأدب المفرد: حدثنا محمد بن يوسف ثنا وكيع ثنا إسماعيل الأزرق عن أبي عمر عن ابن الحنفية عن على عليه السلام "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال. . . " وذكره، فأين هو صفدى بن عبد اللَّه في إسناد البخارى؟! وأيضًا فإن الذهبى قال في الميزان: صفدى بن عبد اللَّه عن قتادة له حديث منكر، قال العقيلى: لا يعرف إلا به، قلت: رواه عنه عنبسة بن عبد الرحمن، متنه: "الشاة بركة. . . " اهـ. فأين قول الشارح الكذاب ثم ساقه إلى آخر ما هنا؟! فهذا الذي ذكره الذهبى حديث من طريق آخر والذي خرجه البخارى حديث آخر من طريق

آخر من طريق آخر، وهو كما قال المصنف: حسن لا منكر كما يقوله هذا الجاهل. 2068/ 4925 - "الشَّامُ أرضُ المحشرِ والمنشرِ". أبو الحسن بن شجاع الربعى في فضائل الشام عن أبي ذر قال الشارح: الربعى بفتح الراء والموحدة نسبة إلى بنى ربع قبيلة معروفة. قلت: هي معروفة عند الشارح وحده وأما عند غيره فلا وجود لها، ومن الغريب أنه نفسه قال في الكبير: نسبة إلى ربيعة بن نزار فلا ندرى في أى القولين هو صادق أفى كونه من بنى ربع المعروفة عنده وحده أم في كونه من ربيعة بن نزار فلابد هو كاذب في أحد النسبتين على مقتضى كلامه، وأما في الواقع فهو كاذب فيهما، فإن النسبة وإن كانت إلى ربيعة صحيحة إلا أنهم لم ينسبوا إلى ربيعة بن نزار لكبرها واتساعها وكونها جامعة لقبائل شتى، وإنما نسبوا غالبا إلى ربيعة الجوع من تميم، وربيعة بن حص من كلب وربعة الأزد وغيرها مما يعرف من كتب الأنساب على أنه قد يكون منسوبا نسبة عامة إلى ربيعة بن نزار، أما إلى بنى ربع كما يقوله الشارح في صغيره فهو من قبيل خرافاته التي يهرف بها في شرحيه. 2069/ 4927 - "الشاهدُ يرى مَا لا يرَى الغائِبُ". (حم) عن على، القضاعى عن أنس قال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وأصله قول العامرى في شرح الشهاب: صحيح، وقال السخاوى: في هذا الثانى ابن لهيعة. قلت: لو قال المصنف قولا ووجده الشارح في مثل ألف ليلة وليلة وسيرة عنتر لقال إن ذلك هو أصل قول المؤلف، فالعامرى رجل أحمق جاهل يصحح

الأحاديث بهواه من غير أن يعتبر الأسانيد، فكم حديث موضوع قال عنه صحيح، وكم حديث مشهور متواتر قال عنه: غريب، ثم هو لا يضعف أصلا وإنما يقول: صحيح أو حسن أو غريب، فهو أحمق من بابة الشارح، فكيف يمكن للمصنف الإمام الحافظ المجتهد أن يعتمده! ومن قال للشارح أن المصنف رآى شرح الشهاب حتى جزم بأن قوله هو أصله، ومما يدلك على جهل العامرى أنه قال في حديث القضاعى: هذا صحيح مع أنه من رواية ابن لهيعة، ولا يمكن لحديث ابن لهيعة أن يكون صحيحا، ثم إن الشارح كذب أيضًا في قوله: إن الديلمى خرج هذا الحديث من حديث أنس كالقضاعى. 2070/ 4928 - "الشَّبابُ شعبةٌ مِنَ الجنونِ، والنِّساءُ حُبالة الشَّيطان". الخرائطى في اعتلال القلوب عن زيد بن خالد الجهنى قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، ورواه أبو نعيم في الحلية، وابن لال عن ابن مسعود، والديلمى عن عقبة، وكذا القضاعى في الشهاب، قال شارحه العامرى: صحيح. قلت: لا أدرى لم لم يتبع المصنف هنا العامرى شارح الشهاب حيث صححه، فقال المصنف: إنه حسن، هذا مما كان حق الشارح أن ينبه عليه إذ يجعل أقوال المصنف كلها مأخوذة من الغير وحتى من العامرى الذي لا يعرف عن الحديث شيئًا، ثم إن القضاعى خرج هذا الحديث من حديث زيد بن خالد كما هنا لا من حديث عقبة، وهو وإن كان واردا في ضمن الخطبة المروية من حديث عقبة، وقد أخرج القضاعى بعضها إلا أنه لم يذكر هذا اللفظ إلا من حديث زيد بن خالد، وهو من رواية عبد اللَّه بن نافع الصائغ عن عبد اللَّه بن مصعب بن خالد بن زيد بن خالد الجهنى عن أبيه عن جده،

وعبد اللَّه بن مصعب قال الذهبى: رفع خطبة منكرة وفيه جهالة اهـ. والخطبة منها هذا الحديث الذي قال عنه العامرى: صحيح واعتمده الشارح، وقد ذكرنا من طرق هذه الخطبة وأسانيدها في مستخرجنا على الشهاب ما لا تجده في كتاب. 2071/ 4929 - "الشِّتاءُ ربيعُ المؤمِنِ". (حم. ع) عن أبي سعيد الخدرى قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو كما قال، فقد قال الهيثمى: إسناده حسن اهـ، ثم ذكر المصنف بعد هذا مباشرة حديث: "الشتاء ربيع المؤمن قصر نهاره فصام، وطال ليله فقام"، (هق) عن أبي سعيد. فقال الشارح: رمز المؤلف لحسنه ورد عليه بأن فيه دراجًا وهو ضعيف اهـ. وقال في الكبير: ورواه القضاعى في الشهاب وزعم أنه صحيح. قلت: انظر هذا وتعجب فالحديث كله من طريق دراج أبي السمح إلا أنه في موضع حسَّنَ فسلم حسنه، وفي موضع مردود حسنه وفي موضع صحيح! قاله أحمد [3/ 75]: حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعًا: "الشتاء ربيع المؤمن"، فهذا السند الذي رضى الشارح على تحسينه. وقال البيهقى: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ ثنا الأصم ثنا محمد بن إسحاق ثنا أبو الأسود ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعًا: "الشتاء ربيع المؤمن قصر نهاره فصام وطال ليله فقام"، فهذا الذي لم يرض الشارح بتحسينه. وقال القضاعى:

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر التجيبي ثنا أبو طاهر المدنى أنا يونس ابن عبد الأعلى ثنا ابن وهب أخبرنى عمرو بن الحارث، أن دراجا حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعًا: "الشتاء ربيع المؤمن. . . "، فهذا الذي رضى المؤلف على تصحيحه، والكل من رواية دراج. 2072/ 4931 - "الشَّحيحُ لا يَدْخُل الجنَّة". (خط) في كتاب البخلاء عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الطبرانى والديلمى قلت: هذا كذب. 2073/ 4933 - "الشركُ في أمَّتى أخفَى مِنْ دَبيبِ النمْلِ على الصفَا". الحكيم عن ابن عباس قال في الكبير: ظاهره أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجب، فقد خرجه أبو يعلى وابن عدى وابن حبان من حديث أبي بكر، ولأحمد والطبرانى نحوه عن أبي موسى كما بينه الحافظ العراقى، وقال تلميذه الهيثمى: رواه البزار وفيه عبد الأعلى بن أعين وهو ضعيف. قلت: في هذا من الكذب والتدليس ما لا يمكن أن يتحمله إلا هذا الشارح المسكين، قال العراقى: حديث "في الرياء شوائب أخفى من دبيب النمل" أحمد والطبرانى من حديث أبي موسى الأشعري "اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل". ورواه ابن حبان في الضعفاء من حديث أبي بكر الصديق وضعفه هو والدارقطنى اهـ. فالعراقى ذكر أن لفظ حديث أبي موسى: "اتقوا" وهذا موضعه عند المؤلف في حرف "الألف"، وذكر أن حديث أبي بكر خرجه ابن حبان في

الضعفاء، والشارح أطلق فأوهم أنه في صحيحه، وقال بعد ذكره لحديث أبي موسى: وقال الهيثمى: رواه البزار وفيه عبد الأعلى. . . إلخ، فاقتضى أن البزار روى حديث أبي موسى وإنما قال الهيثمى ذلك في حديث عائشة، ثم إن المصنف ذكر حديث أبي بكر بعد هذا وبعده حديث عائشة ثم مع هذا الكذب في الاستدراك على المصنف أخطأ الاستدراك الصحيح بصدق، وهو أن أبا نعيم خرج الحديث بهذا اللفظ من حديث ابن عباس نفسه، إلا أن فيه زيادة قد تمنع من عزوه إليه مع الحكيم الترمذى وإن كان المصنف يستعمل ذلك أحيانا ويقصد رواية الذي زاد ويكون الآخر ذكره مقوٍ له ومعضد. قال أبو نعيم في الحلية [3/ 36]: حدثنا أبو أحمد الحسين بن على التميمى ثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ثنا حسان بن عباد البصرى حدثنى أبي عن سليمان عن أبي مجلز وعكرمة عن اين عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الشرك أخفى في أمتى من دبيب الذر على الصفا، وليس بين العبد والكفر إلا ترك الصلاة". 2074/ 4947 - "الشقى كل الشقى من أدركته الساعة حيا لم يمت". القضاعى عن عبد اللَّه بن جراد. قال الشارح: حسن غريب، ونسب ذلك في الكبير إلى العامرى شارح الشهاب. قلت: بل الغريب حمق العامرى وجهله وكذا الشارح الذي يقلده، فالحديث ساقط منكر يكاد يكون موضوعًا، لأنه من رواية يعلى بن الأشدق عن عمه عبد اللَّه بن جراد، ويعلى واه هالك، قال ابن عدى: روى عن عمه عبد اللَّه ابن جراد وزعم أنه له صحبة، فذكر أحاديث منكرة، وهو وعمه غير

معروفين، وقال ابن حبان: وضعوا له أحاديث فحدث بها ولم يدر، وقال أبو مسهر: قلت ليعلى بن الأشدق: ما سمع عمك من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟، فقال: جامع سفيان وموطأ مالك وشيئًا من الفوائد اهـ. فهذا هو الذي يقول العامرى بجهله وحمقه أن حديثه حسن غريب، نعم رواه الديلمى من وجه آخر من حديث عبد اللَّه بن عمر، وهو من رواية محمد بن الحسين الحسينى: ثنا محمد بن الحسين القطان ثنا أحمد بن الأزهر ثنا محمد بن يوسف ثنا سفيان عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "الشقى من أدركته الساعة حيا لم يمت". 2075/ 4949 - "الشَّمسُ والقمرُ ثَوران عَقيرانِ فِي النَّارِ، إنْ شَاءَ أخْرَجَهُما وإنْ شَاءَ تَركَهُما". ابن مردويه عن أنس. قال في الكبير: وأورده ابن الجوزى في الموضوعات، وقال فيه يزيد الرقاشى: ليس بشيء، ودُرُسْت قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به ونازعه المصنف بما حاصله أنه ضعيف لا موضوع. قلت: إن المصنف أطال في ذكر الشواهد لهذا الحديث وكلام العلماء عليه والجواب عما أشكل ظاهر من معناه بما كان ينبغى جلب ملخصه تتميما للفائدة، ولكن الحسد يأبى ذلك وإنما يسوغ نقل كلام مثل العامرى الأحمق، فراجع اللآلئ [1/ 43] في كتاب المبتدأ منها تستفد. 2076/ 4951 - "الشمسُ والقمرُ وجوهُهما إلى العرشِ، وأقفاؤهُما إلى الدُّنيَا". (فر) عن ابن عمر.

قال في الكبير: ورواه عنه الطبرانى ومن طريقه تلقاه الديلمى فعزوه إليه أولى، ثم إن فيه العباس بن الفضل، فإن كان الموصلى فقد قال ابن معين: ليس بثقة، وإن كان الأزرق فقد قال البخارى: ذهب حديثه، وقد أوردهما الذهبى معا في الضعفاء، وسعيد بن سليمان النشيطى قال الذهبى فيه: ضعيف، وشداد بن سعيد الراسبي قال العقيلى: له غير حديث لا يتابع على شيء منها. قلت: فيه أمور: الأول: العباس بن الفضل المذكور في السند هو شيخ للطبرانى، فإن الديلمى قال: أخبرنا بدر بن الحسين بن طهران أخبرنا ابن يادشاه أخبرنا الطبرانى حدثنا العباس بن الفضل ثنا سعيد بن سليمان النشيطى ثنا شداد بن سعيد عن غيلان بن جرير عن مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير عن عبد اللَّه بن عمر به. والعباس بن الفضل الأنصارى قد ذكر الذهبى في ترجمته من الميزان أنه مات سنة ست وثمانين ومائة أى قبل ولادة الطبرانى بأربع وسبعين سنة؛ لأن الطبرانى ولد سنة ستين ومائتين والعباس بن الفضل الأزرق من أقران الأنصارى أو أكبر منه، لأنه روى عن همام بن يحيى وتكلم فيه يحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم من القدماء فكيف يروى عنه الطبرانى؟! والواقع أن العباس بن الفضل المذكور هو الإسفاطى معروف مشهور من شيوخ الطبرانى ثقة. الثانى: أن سعيد بن سليمان النشيطى ما قال فيه الذهبى: ضعيف، وعبارته: سعيد بن سليمان النشيطى البصرى ابن بنت نشيط عن حماد بن سلمة صويلح الحديث، قال أبو زرعة: ليس بالقوى، وقال أبو حاتم: فيه نظر، وقال أبو داود: لا أحدث عنه.

الثالث: أن شداد بن سعيد الراسبى وإن قال ذلك فيه العقيلى فهو ثقة من رجال مسلم كما نص عليه الذهبى حيث رمز له بعلامة الصحيح وبرمز مسلم والنسائى والترمذى، ثم قال: صالح الحديث، ثم نقل عن العقيلى ما نقله الشارح، ثم قال: وأما ابن عدى فقال: لم أر له حديثا منكرًا، وقال البخارى: ضعفه عبد الصمد، وقال ابن معين وأبو حاتم: ثقة روى عنه وكيع وبدل اهـ. 2077/ 4958 - "الشهداءُ الَّذين يُقاتلونَ في سَبيل اللَّه فِي الصفِ الأولِ ولا يَلتفتُونَ بوجُوهِهِم حتَّى يقتَلوا، فأولئِكَ يلتقونَ في الغرفِ العَلا مِن الجنةِ، يَضْحَك إليهِم رَبُّكَ، إنَّ اللَّه تَعالى إذا ضَحِكَ إلى عبْدِهِ المؤمنِ فلا حِسَاب عَلِيهِ". (طس) عن نعيم بن همار قال في الكبير: قال الهيثمى: رواه الطبرانى وأحمد وأبو يعلى، ورجال أحمد وأبي يعلى ثقات اهـ، وقضيته أن رجال الطبرانى ليسوا كذلك، فعلى هذا المصنف ملام من وجهين: من حيث اقتصاره على الرواية المرجوحة، وعدوله عن أحمد. قلت: بل أنت ملام من وجهين، من حيث ظلمك وتعديك وتقصدك للمصنف بدون موجب سوى الحسد، ومن حيث تغافلك عن اصطلاحه وأنت تعلم أن لفظ أحمد وأبي يعلى لا يدخل هنا لأنه عندهما مصدر بلفظ: "اللذين" جوابا للسائل دون لفظ الشهداء كما هنا. 2078/ 4959 - "الشهرُ يَكون تسعةً وعشرينَ، ويكون ثَلاثينَ، فإذا رأيتُمُوهُ فَصُومُوا، وإذا رأيتمُوه فأفطِرُوا، فإنْ غُمَّ عليكُم فأكمِلُوا العدةَ". (ن) عن أبي هريرة.

قال الشارح: بل رواه الشيخان وسها المؤلف. قلت: بل أنت سهوت وتعديت، فالشيخان ما خرجاه بهذا اللفظ أصلا. 2079/ 4565 - "الشُّونِيز دواءٌ مِنْ كلِّ داءٍ إلا السَّام وَهو الموتُ". ابن السنى في الطب وعبد الغنى في الإيضاح عن بريدة قال في الكبير: ظاهره أنه لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة وهو ذهول، فقد خرجه الترمذى في الطب عن أبي هريرة ونقله عنه في مسند الفردوس وغيره. قلت: هو ذهول حقيقة ولكن من الشارح لا من المصنف فالترمذى خرجه [رقم 2041] بلفظ: "عليكم بهذه الحبة السوداء" الحديث، وقد ذكره المصنف فيما سيأتى في حرف العين، وعزاه للترمذى والحاكم من حديث أبي هريرة، وابن ماجه من حديث ابن عمر، وأحمد من حديث عائشة، فلو ترك الشارح سخافته لكان أرفق به. 2080/ 4968 - "الشيبُ نورٌ، مَنْ خَلعَ الشَّيبَ فَقدْ خَلعَ نورَ الإسلامِ، فإذا بَلغَ الرجلُ أربعينَ سنةً وقاهُ اللَّهُ الأدواءَ الثلاثةَ: الجنونَ، والجذامَ، والبرَصَ". ابن عساكر عن أنس قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه سكت عليه والأمر بخلافه، فإنه أورده في ترجمة الوليد بن موسى القرشى، وقال: قال العقيلى: يروى عن الأوزاعى أباطيل لا أصل لها. قلت: بل ظاهر صنيع المصنف خلاف ما قلت، لأنه رمز له بعلامة الضعيف وذاك هو اصطلاحه لا يصرح بنقل كلام المخرجين بل يكتفى عنه بالرمز، والحديث خرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء [3/ 82] قال:

حدثنا حاجب بن أركين بدمشق ثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا الوليد بن موسى الدمشقى عن الأوزاعى عن يحيى بن كثير عن الحسن عن أنس، وقال ابن حبان في الوليد: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، والحديث لا أصل له من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. 2081/ 4971 - "الشيخُ يضعفُ جسمَهُ وقَلبهُ شَاب عَلى حُبِّ اثنتِينِ: طَولَ الحياةِ، وحبَّ المالِ". عبد الغنى بن سعيد في الإيضاح عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه أحمد بلفظ: "الشيخ شاب على حب اثنتين طول الحياة وكرة المال". قلت: كذا وقع في الأصل المطبوع الشيخ، فإن كان كذلك في قلم الشارح فهو كذب منه، فإن الحديث عند أحمد [2/ 317] بلفظ: "قلب الشيخ"، وإن كان ذلك سقط من قلم الناسخ وهو بعيد فلا معنى لتخصيص أحمد بالذكر، بل رواه كذلك مسلم والترمذى وابن ماجه والحاكم وآخرون وقد ذكر ذلك المصنف في حرف "القاف" في "قلب الشيخ". 2082/ 4972 - "الشيطانُ يلتقمُ قلبَ ابنِ آدمَ فإذا ذكَرَ اللَّه خَنَسَ عندَهُ، وإذا نسَى اللَّه التقَمَ قَلبَهُ". الحكيم بن أنس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وظاهر صنيعه أنه لم يره مخرجًا لأشهر من الحكيم ممن وضع لهم الرموز مع أنه أخرجه أيضًا أبو نعيم. قلت: كذب الشارح في كون أبي نعيم خرج هذا الحديث وفي كونه هو والديلمى أشهر من الحكيم وفي كون الديلمى خرجه أيضًا.

حرف الصاد

حرف الصاد 2083/ 4977 - " صاحبُ الدِّيِن مأسورٌ بدينه في قبرهِ يشكو إلى اللَّه الوحدةِ". (طس) وابن النجار. زاد الشارح وكذا الديلمى عن البراء بن عازب. قلت: هذا تخليط فالديلمى ما خرج حديث البراء وإنما خرج حديث أبي سعيد المذكور بعده، وهذا أخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة، قال: ثنا محمد بن عبد العزيز الدينوري ثنا سعيد بن سليمان الواسطى ثنا المبارك بن فضالة عن كثير أبي محمد عن البراء به. 2084/ 4978 - "صاحبُ الدَّينِ مغلولٌ في قبرهِ لا يفكُّهُ إلا قضاءُ دينِهِ". (فر) عن أبي سعيد. قال في الكبير: وقيه أحمد بن يزيد أبو العوام، قال الذهبى في الذيل: مجهول. قلت: ما قال ذلك الذهبى وإنما قاله الحافظ في اللسان نقلا عن البيهقى، قال الديلمى:

أخبرنا عبدوس أخبرنا ابن منجويه ثنا أبو حذيفة أحمد بن محمد بن على ثنا زكريا بن يحيى بن يعقوب المقدسى حدثنى أبي ثنا أحمد بن يزيد أبو العوام أو ابن العوام عن هشيم عن أبي سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد به. 2085/ 4979 - "صَاحبُ السُّنَّةِ إن عمِلَ خيرًا قُبِلَ مِنهُ، وإن خلَطَ غُفِرَ لهُ". خط في المؤتلف عن ابن عمر قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: بل هو باطل موضوع. 2086/ 4980 - "صَاحبُ الشيءِ أحقُّ بشيئِه أن يحمِلَهُ إلا أنْ يكونَ ضعيفًا يعَجز عنهُ فيعينُهُ عليه أخوهُ المسلمُ". (طس) وابن عساكر عن أبي هريرة قال في الكبير: في متن الحديث عن أبي هريرة قال: "دخلت يوما السوق مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فجلس إلى القزازين فاشترى سراويل بأربعة دراهم، وكان لأهل السوق وزان يزن، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: زن وأرجح، فقال الوزان: هذه كلمة ما سمعتها من أحد، فقال أبو هريرة: كفى بك من الوهن والجفاء أن ألا تعرف نبيك، فطرح الميزان ووثب إلى يده يقبلها فجذب يده وقال: هذا إنما تفعله الأعاجم بملوكها ولست بملك، إنما أنا رجل منكم، فوزن وأرجح. قال أبو هريرة: فذهبت أحمله عنه فذكره، قال أبو هريرة: فقلت: يا رسول اللَّه إنك لتلبس السراويل؟، قال: نعم في السفر والحضر وبالليل والنهار فإنى أمرت بالستر، فلم أر شيئًا أستر منه"، هذا سياقه عند الطبرانى وأبي يعلى وبذلك تبين صحة جزمه في الهدى بأنه لبسها، فقول الشمنى في حاشية الشفاء كبعض المتأخرين من الحفاظ: إن ما فيه لسبق قلم زلل فاحش سببه قصور النظر، قال الحافظ العراقى وابن حجر: سنده ضعيف، وقال

السخاوى: ضعيف جدًا، بل بالغ ابن الجوزى فحكم بوضعه وقال: فيه يوسف بن زياد عن عبد الرحمن الإفريقى ولم يروه عنه غيره، ورده المؤلف بأنه لم ينفرد به يوسف فقد خرجه البيهقى في الشعب والأدب من طريق جعفر ابن عبد الرحمن، ويرد بأن عبد الرحمن قال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الثقات فهو كاف في الحكم بوضعه. قلت: في هذا أمور: الأول: أنه حكم بصحة جزم ابن القيم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لبس السراويل وأن هذا الحديث يبين ذلك، ورد على الشمنى ومن أنكره على ابن القيم وحكم عليهم بالزلل الفاحش وقصور النظر، ثم رجع في آخر الكلام فجزم بأن الحديث موضوع. الثانى: أنه جعل مستند ابن القيم في جزمه بلبس النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للسراويل هو هذا الحديث الموضوع، وذلك كذب عليه بل مستنده حديث آخر صحيح تقدم في حرف "الزاى" بلفظ "زن وارجح. . . "، وابن القيم أجل من أن يحتج بالموضوع والمنكر كهذا، والشارح غريب في إقدامه وجرأته وجزمه بالباطل. الثالث: أنه تقل عن الحافظين العراقى وابن حجر أنهما قالا: ضعيف، ثم لما ذكر تعقب المؤلف لابن الجوزى لم يتمالك أن خالفه، وفي ذلك مخالفة لمن لم يستجز هو مخالفته وهو جده من قبل الأم الحافظ العراقى. الرابع: أن المصنف لم يتعقب ابن الجوزى بما نقله الشارح فقط بل حذف منه ليبين قصوره وعجزه على عادته ولفظه: قلت: لم ينفرد به يوسف فقد أخرجه البيهقى في الأدب والشعب من طريق جعفر بن عبد الرحمن بن زياد، وله شاهد أخرجه البخارى في تاريخه والحاكم وصححه عن سويد بن قيس قال: "جلبت أنا ومخرمة العبدى بزا من هجر فأتانا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يمشى فاشترى منا سراويل، وَثَمَّ وزان يزن بالأجر فقال: يا وزان زن وأرجح" اهـ.

الخامس: أن ما جعله كافيًا في الحكم بوضعه وهو قول ابن حبان في الإفريقى: "يروى الموضوعات عن الثقات" باطل من وجوه: أحدها: أن هذه العبارة لا تدل على الوضع لأنه إذا كان يروى الموضوعات لا يلزم أن يكون هذا منها. ثانيها: أن هذا قول ابن حبان ورأيه وليس هو قرآن منزل، فلإن قال ذلك ابن حبان فقد قال غيره خلافه. ثالثها: أن عبد الرحمن المذكور عابد جليل القدر جدا، وإنما ضعف في الحديث لعدم إتقانه إياه، وقد روى له البخارى في البر، وأبو داود والترمذى وابن ماجه ووثقه يحيى بن سعيد، وقال ابن معين: لا بأس به، وقال مرة: ضعيف يكتب حديثه، وإنما أنكر عليه الأحاديث الغرائب التي يحدثها، وقال يعقوب بن شيبة: ضعيف الحديث وهو ثقة صدوق رجل صالح، وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به وفي حديثه ضعف والكلام فيه طويل جدا والخلاف فيه كثير وسببه أنه كان قاضيا عابدا جليل القدر واسع العلم والدراية والأخبار إلا أنه مع ذلك كان كثير الغرائب والتفرد والمخالفة، فلعل أصله تهور كان في طبعه وتسامح في التحديث والنقل، مع نسيان أو نحو ذلك فتصدر منه الغرائب، فمن نظر إليها ضعفه وربما حكم بكذبه، ومن نظر إلى حاله وجلالته في نفسه قال فيه خير وأثنى عليه، ونحن لا نشك أن الحديث الذي ينفرد بأصله يكون ضعيفًا فضلا عما يخالف فيه، وإنما ننازع الشارح في احتجاجه على بطلان الحديث لمجرد كلام ابن حبان، وقد بسطت القول في هذا الحديث في مستخرجى على مسند الشهاب في حديث: "إذا وزنتم فأرجحوا". 2087/ 4983 - "صَاحبُ الصورِ واضعٌ الصورَ على فِيهِ مَنْذُ خُلِقَ يَنْتَظرُ مَتى يُؤمر أن يُنفخُ فيِه فينفخُ". خط عن البراء

قال في الكبير: وفيه عبد الصمد بن النعمان أورده الذهبى في الذيل وقال: قال الدارقطنى: غير قوى. قلت: لا أدرى موجب هذا الكذب فالذهبى ذكر الرجل في الميزان، وفيه نقل عن الدارقطنى أنه قال: غير قوى، ولكن بعد ما نقل عن ابن معين وغيره أنه وثقه. والحديث له شاهد صحيح من حديث أبي سعيد الخدرى مرفوعًا: "كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم"، وفي لفظ: "كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر فينفخ. . . " الحديث، رواه الترمذى [رقم 2431] وحسنه وصححه ابن حبان، ورواه أحمد [1/ 326] من حديث ابن عباس ومن حديث زيد بن أرقم. 2088/ 4985 - "صالحُ المؤمنينَ أبو بَكر وعُمر". (طب) وابن مردويه عن ابن مسعود قال الشارح: وكذلك أخرجه الخطيب في التاريخ. قلت: لا لم يخرجه الخطيب في التاريخ. 2089/ 4986 - "صَامَ نوحٌ الدهرَ إلا يومَ الفطرِ والأضحى، وصامَ داودُ نصفَ الدهرِ، وصامَ إبراهيمُ ثلاثةُ أيامٍ من كلِّ شهرٍ، صامَ الدهرَ وأفطرَ الدهرَ". (طب) عن ابن عمرو قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: صيام نوح رواه ابن ماجه، وصيام داود في الصحيح، وهذا الخبر فيه أبو فراس ولم أعرفه، وأقول: فيه أيضًا ابن لهيعة. قلت: الحافظ الهيثمى لم يقل: فيه أبو فراس ولم أعرفه، وإنما قال

[3/ 195]: فيه أبو قتادة ولم أعرفه، والعجيب أن كلا من الاسمين موجود في سند الحديث، ولكن لا يمكن للهيثمى أن يقول ذلك عن أبي فراس لأمرين، أحدهما: أنه مذكور في السند باسمه وكنيته. وثانيهما: أنه معروف من رجال مسلم وابن ماجه وله ترجمة في تهذيب المزي وغيره، وإنما المذكور في السند بالكنية مجردة هو أبو قتادة. قال الطبرانى: حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج ثنا عمرو بن خالد الحرانى ثنا ابن لهيعة عن أبي قتادة عن يزيد بن ربلح أبي فراس أنه سمع عبد اللَّه بن عمرو يقول. . .، فذكره. وإن كان الأقرب عندى أن أبا قتادة هذا هو جعفر بن ربيعة لأن الحديث عند ابن ماجه من رواية ابن لهيعة عنه، وجعفر بن ربيعة وإن كانت كنيته أبا شرحبيل إلا أنه لا مانع من أن تكون له كنية أخرى أو وهم بعض الرواة في كنيته واللَّه أعلم. 2090/ 4989 - "صدقةُ تصدَّق اللَّه بِهَا عَليكُم فاقبَلُوا صَدقتَهُ". (ق. 4) عن عمر قلت: وهم المصنف في عزوه إلى البخارى وإنما رواه مسلم والأربعة وأحمد وغيرهم. 2091/ 4994 - "صدقةُ ذى الرحِم عَلى ذِى الرحِم صدقة وصلة". (طس) عن سلمان بن عامر قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وهو خطأ لذهوله عن قول الحافظ الهيثمى وغيره: فيه غالب بن قرَّان وهو ضعيف. قلت: بل المصنف مصيب وأنت المخطئ الذاهل، فالحديث رواه أحمد

[4/ 214] والترمذى [رقم: 658] والنسائى [1/ 361] وابن ماجه [رقم: 1844] والحاكم [1/ 407] من حديث سلمان بن عامر بنفسه، وقد ذكره المصنف فيما سيأتى بلفظ: "الصدقة على المسكين. . . " إلخ، وعزاه للمذكورين فكتبت عليه أنت حسنه الترمذى وصححه الحاكم وأقره الذهبى وهنا تخطئ المصنف لذهولك وعدم حفظك واطلاعك مع أن الحديث واحد، وكون الهيثمى قال ذلك فهو إنما يتكلم على الطريق التي أمامه لا على الحديث من أصله، فقد يكون في الصحيحين ويذكره الطبرانى والبزار بسياق آخر فيه وضاع، فينص على ذلك الهيثمى بما يفيد أنه موضوع مع أنه في الصحيح، ثم إن قول الشارح قال الهيثمى وغيره، كلمة غيره كذب صراح منه وهو لا يفارقها في كل ما يستدركه من المخرجين والمجرحين، فكل نقل ينقله عن أحد يزيد معه وغيره إظهارا للاطلاع وتقوية للنقل وتبكيتًا على المصنف وهو في كل ذلك كاذب سامحنا اللَّه وإياه. 2092/ 4995 - "صدقةُ السرِ تُطفِئ غَضَبَ الربِّ". (طص) عن عبد اللَّه بن جعفر والعسكرى في السرائر عن أبي سعيد قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول، فقد عزاه هو نفسه للترمذى من حديث أنس. قلت: ما خرجه الترمذى بهذا اللفظ، والمصنف لم يعزه إليه وإنما ذكر ذلك في الدرر تبعا للزركشى، قال الترمذى [رقم 664]: حدثنا عقبة بن مكرم ثنا عبد اللَّه بن عيسى الخزاز عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء"، هذا لفظ الترمذى وقد عزاه المصنف سابقا في حرف "الهمزة" إليه وإلى ابن حبان، وللحديث طرق كثيرة ذكرتها في

المستخرج على مسند الشهاب. 2093/ 4996 - "صدقةُ المرءِ المسلم تزيدُ في العُمُرِ وتمنعُ مِيتةَ السوءِ، ويذهبُ اللَّه تعالى بها الفخرَ والكبْرَ". أبو بكر بن مقسم في جزئه عن عمرو بن عوف قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن ذلك لم يخرجه أحد من المشاهير والأمر بخلافه، بل خرجه الطبرانى والديلمى عن عمرو المذكور باللفظ المزبور. قلت: قبح اللَّه الكذب فلفظ الطبرانى [17/ 22] والديلمى: "إن صدقة" بزيادة "إن" في أوله. قال أبو بكر بن مقسم في جزئه: حدثنا موسى بن سهل البصرى ثنا إسحاق بن إبراهيم الغرقساني ثنا عيسى بن يونس ثنا كثير بن عبد اللَّه عن أبيه عن جده به. 2094/ 4998 - "صغِّروا الخبزَ وأكثرُوا عددهُ يبارَكْ لكمْ فِيهِ". الأزدى في الضعفاء، والإسماعيلى في معجمه عن عائشة قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن الأزدى خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه، ففي اللسان في ترجمة جابر بن سليم قال الأزدى: منكر الحديث لا يكتب حديثه، ثم روى هذا الخبر، وقال: هذا خبر منكر لا شك فيه اهـ. قال في اللسان: ولعل الآفة فيه ممن دون جابر، قال: عبد اللَّه بن أحمد نقل عن أبيه أنه ثقة، قال: والخبر منكر لا شك فيه، ورواه عن عائشة أيضًا الديلمى، قال ابن حجر في التخريج: والخبر واه بحيث ذكره ابن الجوزى في الموضوعات، وقال: المتهم به جابر هذا اهـ، وتعقب المؤلف ابن الجوزى في الحكم بوضعه بأن له شاهدا وهو الخبر الآتى: "فرقوا خبزكم

يبارك لكم فيه" اهـ. ومن البين عند أئمة هذا الفن أن الشاهد لا ينجع في الموضوع وممن ذكره عنهم المؤلف وغيره. قلت: في هذا أمور، الأول: قوله: وقضية صنيع المصنف أن الأزدى سكت عليه سخافة يكررها دائمًا وهى باطلة، فإن المصنف لا ينقل كلام المخرجين أولا، ثم لو كان ينقله فإنه لا يعتبر منه إلا ما وافق نظره واجتهاده، فإذا قال المخرج قولا وكان رأى المؤلف يخالفه فهو لابد أن يخالفه ولا يتبعه كائنا من كان، فكيف وهو التزم إيراد المتون وحدها دون كلام الناس عليها وعوض من ذلك الرموز! الثانى: أن ما تعقبه على المصنف من كلام الحافظ في اللسان إنما نقله بواسطة المصنف ومن كلامه في اللآلئ المصنوعة، فإنى ما أظن أنه رأى اللسان بعينه وإن رآه فهو إنما نقل هنا بواسطة المؤلف، على كل حال فمن وقاحته التظاهر بأن المؤلف ما عرف كلام الحافظ في اللسان وهو إنما نقله بواسطته. الثالث: أنه كرر في كلام الحافظ وأدخل فيه ما ليس منه وقدم فيه وأخر، وعبارته زيادة على ما في الميزان: قال عبد اللَّه بن أحمد عن أبيه سمعت منه وهو شيخ ثقة مدنى حسن الهيئة، وقال الأزدى: منكر الحديث ثم روى له من طريق عبد اللَّه بن إبراهيم عنه عن يحيى عن عمرة عن عائشة -رضي اللَّه عنها- مرفوعًا: "صغروا الخبز. . " الحديث، وأخرجه الإسماعيلى في معجمه من هذا الوجه، وهذا خبر منكر لا شك فيه فلعل الآفة من دونه اهـ. والشارح جعل كلا من الأزدى والحافظ قال في الحديث: إنه منكر لا شك فيه. الرابع: قوله: وتعقب المؤلف ابن الجوزى بأن له شاهدا فيه تدليس وستر للحقيقة وغمط لحقوق المصنف، فإن ابن الجوزى أعل الحديث بجابر بن سليم، وقال: منكر الحديث، فتعقبه المؤلف أولا: بأن جابر بن سليم روى

عنه أحمد بن حنبل، وقال: هو شيخ ثقة مدنى حسن الهيئة فانتفى كونه منكر الحديث، وثانيا: بأن له شاهدا، قال البزار: حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه ثنا حيوة بن شريح ثنا بقية بن الوليد عن أبي بكر ابن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن أبي الدرداء عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قوتوا طعامكم يبارك لكم فيه"، قال إبراهيم: سمعت بعض أهل العلم يفسره، يقول: هو تصغير الأرغفة، قال البزار: لا نعرفه روى متصلا إلا بهذا الإسناد، وإسناده حسن من أسانيد أهل العلم، وفي الطيوريات عن بقية ابن الوليد قال: سألت الأوزاعى ما معنى قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قوتوا طعامكم يبارك لكم فيه" قال: صغر الأرغفة اهـ. فهذا غير ما حكاه الشارح مبهما مجملا، فإن فيه نص البزار على أن حديث أبي الدرداء حسن الإسناد، وثبوت ذلك الحديث عند الأوزاعى أحد الأئمة الكبار من أهل الفقه والحديث، فدل على أن الحديث كان معروف بين أهل الصدر الأول فتداول بينهم، وبذلك لا يكون منكرا موضوعا كما يقول ابن الجوزى. الخامس: قوله: ومن البين عند أئمة هذا الفن أن الشاهد لا ينجع في الموضوع. . . إلخ، فكذب صراح على أهل الفن وعلى المؤلف، فإنه لا طريق لتقوية الضعيف الواهى ورفع ظن الوضع بالحديث إلا وجود المتابعات والشواهد بإجماع أهل الحديث ولكون هذا من الضروريات لا يحتاج إلى ذكر نصوصهم فيه. 2095/ 5000 - "صَفوةُ اللَّه مِنْ أرضهِ الشامَ وفيهَا صَفوتهُ مِن خلقِهِ وعبادِهِ". (طب) عن أبي أمامة قلت: هذا وأمثاله من الأحاديث التي كان يتقرب بها الطامعون إلى معاوية

وبنى أمية، بل من الأخبار التي كان معاوية يأمر الناس ويلزمهم على أن يفتروها ويرووها للناس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لينتصر بذلك على جيش العراق ويغمط حق على عليه السلام. 2096/ 5001 - "صِلة الرحم وحسنُ الخلقِ وحسنُ الجوارِ يعمرنَ الديارَ ويزدن في الأعمَار". (حم. هب) عن عائشة قال الشارح: بإسناد صحيح وقول المؤلف حسن تقصير اهـ. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو كما قال، فقد قال الحافظ في الفتح: رواه أحمد بسند رجاله ثقات اهـ، وإعلال العلاء له بأن فيه محمد بن عبد اللَّه العرزمى ضعفوه يكاد يكون غير صواب، فقد وقفت على إسناد أحمد والبيهقى فلم أره فيهما فلينظر. قلت: قابل بين كلامه في الصغير والكبير وتعجب، فهو أقر أولا المصنف على تحسينه لأن الحافظ قال: رجاله ثقات، ثم عد ذلك في الصغير تقصيرا فكان حكمه بالتقصير على نفسه. 2097/ 5002 - "صلةُ الرحِمِ تزيدُ في العمرِ وصدقةُ السرِ تطفئُ غضبَ الربِّ". القضاعى عن ابن مسعود قال الشارح: بإسناد فيه مجهول، وقول المؤلف حسن غير مقبول. قلت: فيه أمران: أحدهما: أن قوله: فيه مجهول أخذه مما نقله في الكبير عن الحافظ أنه قال في سنده من لا يعرف، وقدمنا مرارا أن ما يقول فيه المتأخرون: لا يعرف ليس هو المجهول عند أهل الحديث.

ثانيهما: أن الحديث له طرق متعددة هو بها صحيح بلا شك وقد قدمنا أن الشارح نفسه نقل تصحيحه عن جماعة ولكنه نسى لا يعرف إلا ما أمامه، والحديث خرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب، قال: حدثنا محمد بن مخلد بن حفص ثنا أحمد بن نصر بن حماد بن عجلان البجلى ثنا أبي المال عاصم بن محمد عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبد اللَّه به. والقضاعى رواه [رقم: 100] عن هبة اللَّه بن إبراهيم الخولانى: أنا عبد اللَّه بن أحمد بن طالب ثنا محمد بن مخلد به. 2098/ 5003 - "صلةُ القرابةِ: مثراةٌ في المال، محبةٌ في الأهلِ، منسأةٌ في الأجلِ". (طس) عن عمرو بن سهل قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن هذا لا يوجد مخرجًا في أحد دواوين الإسلام الستة والأمر بخلافه، فقد عزاه الحافظ في الفتح إلى الترمذى عن أبي هريرة بلفظ: "صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر" هكذا ذكره. قلت: لفظ الحديث عند الترمذى: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل. . . " الحديث، وقد سبق ذكره للمصنف في حرف "التاء" وعزاه لأحمد [1/ 89] والترمذى [رقم: 1979] والحاكم [2/ 374]، وأما الحافظ في الفتح فلم يذكره كما قال الشارح، ولكن البخارى خرج الحديث بلفظ: "من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه"، فقال الحافظ: وللترمذى وحسنه من وجه

آخر عن أبي هريرة: "أن صلة الرحم محبة" الحديث، فهو لم يذكر الحديث بتمامه وإنما ساق محل الشاهد منه، ولفظ "أن" في كلامه مفتوحة ليس هي من متن الحديث وإنما هي للحكاية والشارح يعلم ذلك ولكن هكذا شاء اللَّه أن يكون. 2099/ 5005 - "صِلُوا قراباتِكُمْ ولا تُجاورهُمْ، فإنَّ الجَوارَ يورثُ بينكمْ الضَّغائنَ". (عق) عن أبي موسى قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن العقيلى خرجه ساكتا عليه وهو تلبيس فاحش، فإنه أورده في ترجمة سعيد بن أبي بكر بن أبي موسى من حديث داود بن المحبر عن عبد اللَّه بن عبد الجبار عن سعيد هذا عن أبيه عن جده، ثم قال: حديث منكر، وسعيد حديثه غير محفوظ ولا يعرف هذا الحديث إلا به وليس له أصل، والراوى عنه مجهول. قلت: انظر كيف ينسب هذا [الشارح] المؤلف -رضي اللَّه عنه- إلى التلبيس الفاحش زورا وبهتانا، مع أنه رمز للحديث بعلامة الضعيف ونص أن كل ما عند العقيلى في الضعفاء فهو ضعيف. 2100/ 5006 - "صلَّت الملائكةُ على آدمَ فكبرَتْ عليهِ أربعًا، وقالتْ: هذِهِ سنَّتُكم يا بنى آدمَ". (هق) عن أُبى قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وهو هفوة، فقد تعقبه الذهبى في المهذب بأن فيه عثمان بن سعد وفيه لين. قلت: الحديث له طرق متعددة وقد خرج بعضها الحاكم في المستدرك [1/ 345] وصححه، ومن كان فيه لين إذا تعددت المتابعات له فحديثه

2101/ 5007 - "صلِّ صلاةَ مُودِّع كأنَّك تَراهُ، فَإنْ كُنتَ لَا تَراه فَإنه يَراكَ، وَايْأَسْ مما في أَيْدِى النَّاسَ تَعشْ غَنيا، وَإيَّاكَ وَمَا يعتَذرُ مِنهُ". أبو محمد الإبراهيمى في كتاب الصلاة وابن النجار عن ابن عمر قال في الكبير: الإبراهيمى نسبة إلى جده الهروى الواعظ روى عنه الديلمى وغيره، وقضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير مع أن الطبرانى خرجه في الأوسط، قال الهيثمى: فيه من لم أعرفه. قلت: فيه أمور: الأول: تعريفه بالإبراهيمى تعريف كلا تعريف. الثانى: قوله: روى عنه الديلمى وغيره، يوهم أن الديلمى الراوى عنه هو أبو منصور شهر دار صاحب المسند لأنه المشهور، وإنما روى عنه والده شيرويه وهو أبو محمد عبد اللَّه بن عطاء بن عبد اللَّه بن أبي منصور بن الحسن بن إبراهيم الإبراهيمى الخباز الهروى الواعظ سمع شيخ الإسلام عبد اللَّه بن محمد الأنصارى الهروى وأبا الحسن الداودى وغيرهما روى عنه زاهر بن طاهر وشيرويه الديلمى صاحب الفردوس ووالد صاحب المسند وغيرهما مات سنة ست وسبعين وأربعمائة. الثالث: لم يقل أحد في الدنيا أن العزو إلى كتاب واجب دون كتاب وإنما استحب العلماء ذلك في الكتب الستة خاصة لشهرتها وتداولها، وما عداها فالكل سواء، وما من حافظ إلا وهو يعزو أحيانا إلى كتاب، والحديث موجود فيما هو أشهر وأصح منه، وحتى الحافظ العراقى وتلميذه والحافظ

السخاوى وأمثالهم من المتأخرين الذين تيسر لهم من الكتب والمصنفات ما لم يتيسر لغيرهم. الرابع: أننا نلزم الشارح بمثل هذا فنقول: ظاهر استدراكه بالطبرانى أنه لم يره مخرجًا في غيره والأمر بخلافه، فقد أخرجه العسكرى في الأمثال والقضاعى في مسند الشهاب [رقم: 952]، وقد اختصره الشارح ورتب أحاديثه على حروف المعجم، وخرج أحاديثه وشرحه كما هو مذكور في ترجمته وفي كشف الظنون، وكان عندى ترتيبه لأحاديثه وتخريجه الذي هو كالعدم فأخرجته، لأنه لا فائدة فيه، والمقصود أنه اشتغل به مدة وعمل عليه عدة كتب مما كان ينبغى معه أن يكون حافظا لأحاديثه ذاكرا لها، فكيف غاب عنه هذا منها!. وأخرجه أيضًا أبو طاهر المخلص في السادس من فوائده، وأخرجه أيضًا البيهقى في الزهد له، وورد مع هذا من حديث على وجابر وسعد بن أبي وقاص وأنس وأبي أيوب ورجل من الأنصار وسعد بن عمارة وعمر بن الخطاب، وقد خرجت أحاديث الجميع بأسانيدها في المستخرج على الشهاب والحمد للَّه. 2102/ 5010 - "صلِّ بِصَلاةِ أضْعفِ القومِ، ولا تتَّخذ مؤذِّنا يأخذُ عَلَى أَذانِه أجرا". (طب) عن المغيرة قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه سعد القطيعي لم أر من ذكره، وقال ابن حجر: أخرجه البخارى في التاريخ الكبير من حديث المغيرة المذكور ولابن عدى نحوه.

قلت: أصل الحديث لعثمان بن أبي العاص وهو في سنن الترمذى وابن ماجه وأبي داود وأصله في مسلم وغيره، والمغيرة بن شعبة رواه عنه فأرسله هو أو بعض الرواة، قال أبو نعيم في الحلية بعد أن رواه بنحو ما هنا من حديث عثمان بن أبي العاص، هذا حديث ثابت مشهور من حديث الحسن عن عثمان بن أبي العاص رواه حفص بن غياث ومحمد بن فضيل عن أشعث عن الحسن، ورواه هشام بن حسان وعبيدة بن حسان عن الحسن، ورواه عن عثمان المغيرة بن شعبة وسعيد بن المسيب وموسى بن طلحة ومطرف بن عبد اللَّه بن الشخير وعبد ربه بن الحكم الطائفى والنعمان بن سالم الثقفى وداود ابن أبي عاصم الثقفى اهـ. 2103/ 5019 - "صلُّوا في مرابِضِ الغنمِ، ولا توضَّؤا من ألبانها، ولا تصَلوا في معاطنِ الأبلِ، وتوضّؤا من ألبانِهَا". (طب) عن أسيد بن حضير قال الشارح: بإسناد حسن، وقول المؤلف صحيح غير حسن. وقال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما قال، فقد قال الحافظ الهيثمى: فيه الحجاج بن أرطأة وفيه مقال. قلت: قد اعترف بأنه حسن، والحسن إذا ورد من طرق متعددة ارتقى إلى الصحيح، وقد اعترف هو أيضًا بأن له طرقا حتى عده ابن حزم معها متواترا، وقال العراقى: إنها مشهورة فرجع الأمر إلى ما قال المصنف جزما. 2104/ 5020 - "صلُّوا في مراحِ الغنمِ، وامسحُوا برغَامِهَا فإنها من دوابِ الجنَّةِ". (عد. هق) عن أبي هريرة

قال الشارح: مرفوعًا وموقوفًا والموقوف أصح. وقال في الكبير: قال البيهقى: روى مرفوعًا وموقوفًا وهو أصح. قلت: كلامه في الصغير مصرح بأن البيهقى خرج الحديث من الوجهين مرفوعًا وموقوفًا، وكلامه في الكبير مصرح بأنه لم يخرج ذلك، وإنما نص على أنه روى كذلك مرفوعًا وموقوفًا، فاقتضى التضارب بين قوليه أن نحقق الموضوع فرجعنا إلى سنن البيهقى فإذا الواقع خلاف ما قال في الشرحين معا، وأن البيهقى ما خرجه مرفوعًا وموقوفًا كما نقل عنه في الصغير ولا قال ذلك عن الحديث مطلقا كما نقل عنه في الكبير، بل روى الحديث [2/ 449 - 450، رقم 4359] من طريق ابن عدى ثنا عمر بن سنان ثنا يعقوب بن كاسب ثنا ابن أبي حازم عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة به مرفوعًا، ثم قال: ورواه مسلم بن إبراهيم عن سعيد بن محمد الزهرى عن الزهرى عن المسيب عن أبي هريرة كذلك مرفوعًا، ورواه حميد بن مالك عن أبي هريرة موقوفًا عليه، وقيل: مرفوعًا والموقوف أصح، قال ورويناه من وجه آخر مرفوعًا ثم أسنده من طريق إبراهيم بن عيينة سمعت أبا حيَّان يذكر عن أبي زرعة بن عمر وعن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه. فقوله: وقيل مرفوعًا والموقوف أصح إنما هو بالنسبة لرواية حميد بن مالك عن أبي هريرة فقط، لا بالنسبة لأصل الحديث، فإنه مرفوع بلا خلاف. 2105/ 5021 - "صلُّوا في نعالِكُمْ ولا تشبَّهُوا باليهودِ". (طب) عن شداد بن أوس قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما ظن ففيه يعلى بن شداد، قال في الميزان: توفف بعضهم في الاحتجاج بخبره وهو: "صلوا. . . "

إلى آخر ما هنا، ويعلى شيخ مشهور محله الصدق اهـ. وقال في الصغير: إسناده ضعيف وغايته حسن، وقول المؤلف: صحيح غير حسن. قلت: فيه أمور: الأول: أن الحديث صحيح كما قال المصنف، وقد صححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبى وخرجه أبو داود وسكت عليه، إلا أن ألفاظهم مختلفة والسند واحد، فرواه الطبرانى [7/ 348] والحكيم الترمذى في نوادر الأصول من طريق الحسن بن حريث الخزاعى: ثنا مروان بن معاوية عن هلال بن ميمون الرملى عن يعلى بن شداد عن أبيه مرفوعًا باللفظ المذكور هنا. ورواه الدولابى في الكنى [1/ 132] عن النساء عن الحسن بن الحريث بسنده بلفظ: "خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم". ورواه أبو داود [رقم: 652] وابن حبان والحاكم [1/ 260] والبيهقى [2/ 432] كلهم من طريق قتيبة بن سعيد عن مروان بن معاوية به بهذا اللفظ أيضًا، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبى كما سبق. الثانى: أن هذا الحديث سبق في حرف "الخاء" بلفظ: "خالفوا"، وكتب عليه الشارح في الصغير: إسناده صحيح اهـ، وهو سند واحد كما ترى. الثالث: أن يعلى بن شداد وثقه ابن سعد والحاكم وذكره ابن حبان في الثقات واحتج به في صحيحه هو والحاكم، وقال الذهبى: شيخ مشهور محله الصدق، وهذه ألفاظ يحكم لصاحبها بالصحة، فلا أدرى من أين اقتصر به الشارح على الحسن! فإن كان ذلك لما نقله عن الحافظ العراقى من أنه قال: حديث حسن فرأى العراقى لا يلزم أن يكون مقدما على غيره، لا سيما وقد اجتمع على مخالفته ابن حبان والحاكم والذهبى والمصنف، ثم إن هذا البحث

من أصله ضائع، فالحسن من أقسام الصحيح لأن الكل محتج به في الأحكام وغايته أن الحديث المقبول المحتج به له درجات بحسب أوصاف الرجال فأعلاها يسمى الصحيح وكذا أوسطها وأدناها يسمى الحسن والحقيقة واحدة. 2106/ 5022 - "صلوا خلف كل برٍّ وفاجرٍ، وصلوا على كل برٍّ وفاجرٍ، وجاهدوا مع كل برٍّ وفاجر". (هق) عن أبي هريرة قال في الكبير: سكت عليه فأوهم سلامته من العلل وليس كذلك، فقد قال الذهبى في المهذب: فيه إنقطاع، وجزم ابن حجر بانقطاعه، قال: وله طريق أخرى عند ابن حبان في الضعفاء من حديث عبد اللَّه بن محمد بن يحيى بن عروة عن هشام عن أبي صالح عنه، وعبد اللَّه متروك، ورواه الدارقطنى وغيره من طرق كلها واهية جدا، قال العقيلى: ليس لهذا المتن إسناد يثبت، والبيهقى: كلها ضعيفة غاية الضعف، والحاكم: هذا حديث منكر. قلت: فيه أمور: الأول: قوله: "سكت عليه المصنف فأوهم. . . إلخ"، باطل فإن المصنف ما سكت عليه بل رمز له بعلامة الضعيف فيما بأيدينا من النسخ. الثانى: أنه أطلق النقل عن الحاكم فأوهم أنه أبو عبد اللَّه صاحب المستدرك لأنه المقصود عند الإطلاق، والحافظ إنما قال: أبو أحمد الحاكم وهو غير أبي عبد اللَّه وأكبر منه. الثالث: أنه قال: والبيهقى ضعيف غاية الضعف فاقتضى أن ذلك من قول البيهقى كالحاكم المذكور بعده، والواقع أن ذلك من كلام الحافظ كما ستعرفه. الرابع: أنه اختصر كلام الحافظ وبدل فيه وغير ونقله من شكله المقبول المفيد

فائدة

إلى شكل كلامه الفاسد المخلط، وعبارة الحافظ في التلخيص [2/ 35]: "صلوا خلف كل بر وفاجر" أبو داود والدارقطنى، واللفظ له، والبيهقى من حديث مكحول عن أبي هريرة، وزاد: "وجاهدوا مع كل بر وفاجر" وهو منقطع، وله طريق أخرى عند ابن حبان في الضعفاء من حديث عبد اللَّه بن محمد بن يحيى بن عروة عن هشام عن أبي صالح عنه، وعبد اللَّه متروك، ورواه الدارقطنى من حديث الحارث عن على، ومن حديث علقمة والأسود عن عبد اللَّه، ومن حديث مكحول أيضًا عن واثلة، ومن حديث أبي الدرداء من طرق كلها واهية جدا، قال العقيلى: ليس في هذا المتن إسناد يثبت، ونقل ابن الجوزى عن أحمد أنه سئل عنه فقال: ما سمعنا بهذا، وقال الدارقطنى: ليس فيها شيء يثبت، وللبيهقى في هذا الباب أحاديث كلها ضعيفة غاية الضعف وأصح ما فيه حديث مكحول عن أبي هريرة على إرساله، وقال أبو أحمد الحاكم: هذا حديث منكر اهـ. تنبيه: وهم الحافظ في قوله: وله طريق آخر عند ابن حبان في الضعفاء. . . إلخ، فإن ابن حبان لم يخرجه في الضعفاء، وإنما أخرجه من تلك الطريق الدارقطنى في سننه، أما ابن حبان فلم يذكر في ترجمة عبد اللَّه بن محمد بن يحيى إلا حديث: "من لم تكن عنده صدقة فليلعن اليهود". فائدة من الطرق الغريبة التي لم يذكرها الحافظ في التلخيص ولا الزيلعى في نصب الراية ما رواه أبو يوسف في كتاب الخراج قال: حدثنى بعض أشياخنا عن مكحول عن معاذ بن جبل قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا معاذ أطع كل أمير وصل خلف كل إمام، ولا تسب أحدا من أصحابى"، وهذا حديث ظاهر الافتعال ومكحول لم يدرك معاذا ولا بد في أبهام أبي يوسف شيخه في هذا الحديث خاصة من علة.

2107/ 5023 - "صلُّوا رَكعتي الضُّحى سورتيْهِمَا: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، {وَالضُّحَى} ". (هب. فر) عن عقبة بن عامر قلت: هذا حديث موضوع. 2108/ 5028 - "صلُّوا على كلِّ ميتٍ، وجاهِدُوا مع كلِّ أميرٍ". (هـ) عن واثلة قلت: سكت عليه الشارح وهو حديث ضعيف ساقط بالمرة يكاد يكون موضوعا أو هو موضوع، لأنه من رواية الحارث بن نبهان عن عتبة بن يقظان عن أبي سعيد عن مكحول عن واثلة، والثلاثة ضعفاء متروكون بل أبو سعيد كذاب، وأخرجه أبو الطيب أحمد بن على الجعفري المعروف بعشمليق في جزئه من هذا الوجه أيضًا مطولا ولفظه: "لا تكفروا أهل ملتكم وإن عملوا بالكبائر وصلوا مع كل إمام وجاهدوا مع كل أمير وصلوا على كل ميت"، ومن العجيب أن ابن النحاس ذكر في كتاب الجهاد أن ابن عساكر خرجه في كتاب الجهاد وقال: إسناده حسن، فإن كان وقع له من طريق غير هذا فذاك، وإلا فهو مردود. 2109/ 5030 - "صَلَّوا على مَنْ قَال: لا إلهَ إلا اللَّه، وصَلُّوا وراءَ مِنْ قال: لا إلهَ إلا اللَّه". (طب. حل) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الذهبى في التنقيح: فيه عثمان بن عبد الرحمن واه، ومحمد بن الفضل بن عطية متروك، وقال في المهذب: أحاديث "الصلاة على من قال: لا إله إلا اللَّه" واهية، وأورد له أبو الجوزى طرقا كثيرة،

وقال: كلها غير صحيحة، وقال الهيثمى: فيه محمد بن الفضل ابن عطية وهو كذاب، وقال ابن حجر: فيه محمد بن الفضل متروك، ورواه ابن عدى عن ابن عمر أيضًا من طريق آخر، وفيه عثمان بن عبد اللَّه العثماني يضع، ورواه الدارقطنى من طريق عثمان بن عبد الرحمن عن عطاء عن ابن عمر، وعثمان كذبه ابن معين وغيره ومن حديث نافع عنه، وفيه خالد بن إسماعيل عن العمرى وخالد متروك اهـ، وقال الغريانى في اختصاره للدارقطنى: هذا حديث له خمس طرق ضعفها ابن الجوزى في العلل، ففي الأول: عثمان الوقاصي قال يحيى: كان يكذب، وتركه الدارقطنى، وقال البخارى: ليس بشيء، وفي الثانى: محمد بن العيسى بالياء كذبه يحيى، وفي الثالث: وهب بن وهب يضع الحديث، وفي الرابع: عثمان بن عبد اللَّه كذلك قاله ابن حبان وابن عدى، وفي الخامس: أبو الوليد المخزومى خالد بن إسماعيل قال ابن عدى: وضاع. قلت: هذا كلام طويل فيه تكرار كثير وخلط وتخليط ولم يسلم منه إلا كلام الغرياني بترتيبه ولولا ذلك لخلط فيه أيضًا، ومع هذا كله فلم يحم حول سند حديث أبي نعيم في الحلية الذي عزا إليه المصنف، فإن طريقه ليس فيه واحد من المذكورين. قال أبو نعيم [10/ 320]: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد ثنا أبو الحسن بن أبان ثنا إسحاق بن سنين ثنا نصر بن الحريش الصامت ثنا المشمعل بن ملحان عن سويد بن عمرو عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عمر به مرفوعًا: "صلوا على من قال: لا إله إلا اللَّه، وصلوا خلف من قال: لا إله إلا اللَّه"، وهذا السند وإن كان ضعيفا إلا أنه أنقى من جميع من تقدم في نقل الشارح، فكونه أعرض عنه وذهب ينقل الكلام على الأسانيد الأخرى التي لم تذكر في الكتاب سوء تصرف وقلة دراية.

2110/ 5031 - "صلُّوا عليَّ فإنَّ صَلاتَكُمْ عَليَّ زَكاةٌ لكمْ". (ش) وابن مردويه عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهره أنه لم يره مخرجًا لأعلى ولا أحق بالعزو إليه من ابن مردويه وهو عجيب فقد خرجه الإمام أحمد. . . إلخ. قلت: انظر كيف ترك ذكر ابن أبي شيبة الذي هو من شيوخ أحمد واقتصر على ذكر ابن مردويه ليتسنى له أن يقول: أعلى والعزو إلى المخرجين واحد ما عدا الصحيحين، وليس في الدنيا حافظ إلا ويعزو لمخرجين ويترك غيرهم والإحاطة متعذرة أو مستحيلة، وهذا ابن القيم من أحفظ الناس وأكثرهم اطلاعا على أحاديث المسند قد عزا هذا الحديث لإسماعيل القاضى وهو من أندر الكتب وأغربها، ولم يعزه لأحمد أيضًا، فقال في جلاء الأفهام عند ذكر أحاديث أبي هريرة في الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: إسماعيل القاضى في كتاب الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: حدثنا سليمان بن حرب ثنا سعيد بن زيد عن ليث عن كعب عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلوا عليَّ فإن صلاتكم عليَّ زكاة لكم، قال: واسألوا اللَّه لى الوسيلة، قال: فإما حدثنا وإما سألنا فقال: الوسيلة أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل وأرجو أن أكون أنا ذلك الرجل". حدثنا محمد بن أبي بكر ثنا معتمر عن ليث. . . فذكره بإسناده ولفظه. ورواه ابن أبي شيبة في مسنده، قال ابن القيم: وسعيد بن زيد هذا هو أخو حماد بن زيد ضعفه يحيى بن سعيد جدا، وقال: السعدى يضعفون حديثه وليس بحجة، وقال النسائى: ليس بالقوى وروى له مسلم، وأما أحمد فكان حسن القول فيه، وقال: ليس به بأس، وقال يحيى بن معين: ثقة، وقال البخارى: ثقة اهـ.

فلم يعزه لأحمد مع أنه عند أحمد من غير طريق سعيد بن زيد قال أحمد [2/ 365]: حدثنا حسين بن محمد ثنا شريك عن ليث به. وهذا السخاوى قد استقصى في ذكر مخرجيه ومع ذلك فلم يذكر منهم إسماعيل القضاعى مع أنه وقف على كتاب ابن القيم وهو كثير النقل منه بل قال: أخرجه أحمد وأبو الشيخ في الصلاة النبوية له، وكذا ابن أبي عاصم وفي سنده ضعف، وهو عند الحارث وأبي بكر بن أبي شيبة في مسنديهما، وزادا فيه: "وسلوا اللَّه لى الوسيلة. . . " الحديث. ورواه أبو القاسم التيمى في الترغيب ولفظه: "أكثروا من الصلاة على فإنها لكم زكاة، وإذا سألتم اللَّه فسلوه الوسيلة، فإنها أرفع درجة في الجنة وهى لرجل، وأنا أرجو أن أكون هو" اهـ. فلم يذكر إسماعيل، وأيضًا نسب الزيادة إلى الحارث وابن أبي شيبة مع أنه عند أحمد بالزيادة المذكورة، ثم قال السخاوى: وعن على رفعه: "صلاتكم عليَّ محرزة لدعائكم ومرضاة لربكم وزكاة لأعمالكم"، ذكره الديلمى تبعا لأبيه بلا إسناد وكذا الأقليشى اهـ. فذكر هذا الخبر من غير تخريج أصلا مع أنى وقفت عليه في الأمالى لأبي جعفر الطوسى بسنده إلى جعفر الصادق مرسلا، وهو إنما يروى عن آبائه مسلسلا، قال الطوسى في الثامن من أماليه: أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان قال: أخبرنى أبو بكر محمد بن عمر الجعابى عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد عن أحمد بن يحيى عن السيد بن زيد القرشى عن محمد بن مروان عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلاتكم عليَّ إجابة لدعائكم وزكاة لأعمالكم".

2111/ 5033 - "صَلُّوا عليَّ، واجْتَهِدُوا في الدُّعَاءِ، وقُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمدٍ وعَلَى آلِ مُحَمدٍ وبَاركْ عَلَى محمدٍ وعَلَى آلِ مُحَمدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْراهيمَ، وآلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". (حم. ن) وابن سعد وسمويه والبغوى والباوردى (طب) عن زيد بن خارجة قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما قال، ففيه عيسى بن يونس، قال في اللسان كأصله: قال الدارقطنى: مجهول، وعثمان بن حكيم قال الذهبى في الذيل: قال ابن معين: مجهول، وخالد بن سلمة قال في الضعفاء: مرجئ يبغض عليا. قلت: هذه جهالة واضحة نعوذ باللَّه من الخذلان، فالحديث صحيح على شرط مسلم، ورجاله كلهم رجال مسلم ثقات أثبات، ومن ذكرهم الشارح ليس هم المذكورين في سند الحديث، فعيسى بن يونس هو ابن أبي إسحاق السبيعى من رجال البخارى ومسلم، وذكر الحفاظ الذين وثقوه يطول. وعثمان بن حكيم المذكور في السند هو ابن عباد بن حنيف، ثقة من رجال مسلم، متفق على ثقته، ما غمزه أحد، وخالد بن سلمة المذكور في السند أيضًا ثقة من رجال مسلم، وكونه يبغض عليا أمر لا دخل له في الرواية. أما عيسى بن يونس الذي قال الدارقطنى فيه: مجهول، فرجل آخر لا يُعرف روى عن مالك، ولو كان عند الشارح أدنى دراية لعلم أن الحافظ لا يذكر في اللسان رجلا ممن خرج لهم أصحاب الكتب الستة اكتفاءً بما ذكره في التهذيب، وهو يرى أن الحديث موجود في سنن النسائى [3/ 48، 49]، وإن كان النسائى لم يروه من طريق عيسى بن يونس، بل من رواية سعيد بن يحيى بن

سعيد الأموى عن أبيه عن عثمان بن حكيم (¬1)، وكذلك عثمان بن حكيم الذي ذكره الحافظ في اللسان، فإنه رجل آخر مجهول والحافظ لا يذكر رجال الكتب الستة، فلو سكت الشارح وأحجم عن الخوض فيما لا يعرف لكان أستر لجهله. 2112/ 5034 - "صَلُّوا عَلَى أنْبِياءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ فَإنَّ اللَّهَ بَعَثَهُمْ كَمَا بَعَثَنِى". ابن أبي عمر (هب) عن أبي هريرة (خط) عن أنس قال في الكبير على حديث أبي هريرة: قال ابن حجر: سنده واه، وقال: حديث أنس رواه الخطيب في ترجمة الحسين التميمى المؤدب، وفيه عنده: على بن أحمد البصرى، قال الذهبى في الضعفاء: لا يعرف حديثه، كذاب. قلت: هذا كذب، قال الخطيب [8/ 105] في ترجمة الحسين بن محمد التميمى المؤدب: أنبأنا التميمى حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق املاء ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشى ثنا أبو عاصم ثنا موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "صلوا على الأنبياء كما تصلون على، فإنهم بعثوا كما بعثت" اهـ. فهذا سند الخطيب ليس فيه على بن أحمد البصرى، ثم إن المؤلف وهم في عزوه للخطيب من حديث أنس (¬2) فهو كما ترى عنده من حديث أبي هريرة، والشارح لا يتنبه للاستدراك الحق الذي فيه فائدة، وإنما يسود ورقه وصحيفته بما يعود عليه بالفضيحة في الدارين. فإن قيل: لعل على بن أحمد المذكور وقع في سند غير الخطيب ووهم هو فعزاه إلى سند الخطيب. ¬

_ (¬1) انظر المجتبى (3/ 48 - 49)، والكبرى (1/ 383). (¬2) بل هو عند الخطيب من حديث أنس في ترجمة الحسن بن على الطوابيقي (7/ 380 - 381).

قلت: قد أخرجه جماعة غير الخطيب فلم يقع في سند واحد منهم على بن أحمد البصرى، قال إسماعيل القاضى: ثنا محمد بن أبي بكر المقدمى ثنا عمر بن هارون عن موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة به. وقال الطبرانى: حدثنا الدبرى ثنا عبد الرزاق عن الثورى عن موسى بن عبيدة به. وعزاه السخاوى للعدنى، وأحمد بن منيع (¬1)، والطبرانى، وإسماعيل القاضى (¬2)، والتيمى في الترغيب [رقم 1702]، والعيسوى في فوائده ثم قال: وفي سنده موسى بن عبيدة السلمى (¬3). وهو وإن كان ضعيفا فحديثه يستأنس به، والراوى عنه عمر بن هارون ضعيف أيضًا (¬4)، لكن قد رواه عبد الرزاق عن الثورى عن موسى به. ومن حديث الثورى رويناه في حديث على بن حرب عن أبي داود عنه. ورواه أبو القاسم التيمى في ترغيبه من طريق وكيع [رقم 1702]، وأبو اليمن بن عساكر من طريق المعافى بن عمران كلاهما عن موسى أيضًا، اهـ. 2113/ 1035 - "صَلُّوا عَلَى النَّبِييِّن إذَا ذَكَرْتُمُونِى، فَإنَّهُم قَدْ بُعِثُوا كَمَا بُعِثْتُ". الشاشى وابن عساكر عن وائل بن حجر قال في الكبير: وفيه عبد الملك الرقاشى، قال في الكاشف: صدوق ¬

_ (¬1) انظر المطالب العاليه (رقم 3327). (¬2) انظر فضل الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (رقم 45). (¬3) انظر الميزان (4/ 213 - 214). (¬4) انظر تفسير ابن كثير (6/ 466).

يخطئ وموسى بن عبيد ضعفوه، ومحمد بن ثابت يجهل، ورواه الطبرانى عن ابن عباس رفعه بلفظ: "إذا صليتم على فصلوا على أنبياء اللَّه، فإن اللَّه بعثهم كما بعثنى"، قال ابن حجر: وسنده ضعيف. قلت: الرقاشى ومن ذكرهما بعده هم رجال سعد حديث أبي هريرة عند الخطيب، نقلهم الشارح إلى حديث وائل بن حجر، إذ لم يقف على سنده، وحديث ابن عباس قال الطبرانى (¬1): حدثنا ابن أبي مريم ثنا الفريابى ثنا سفيان عن موسى بن عبيدة عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ابن عباس به. 2114/ 5040 - "صَنائعُ المعْرُوفِ تَفي مَصَارِعَ السُّوءِ والآفَاتِ والهَلَكَاتِ، وأهْل المعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ المعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ". (ك) عن أنس قال في الكبير: ثم قال الحاكم: هذا الحديث لم أكتبه إلا عن الصفار محمد وابنه من البصريين لم نعرفهما بجرح، وآخر الحديث روى عن المنكدر عن أبيه عن جابر اهـ. قال الذهبى: وبهذا ونحوه انحطت رتبة هذا المصنف المسمى بالصحيح. قلت: وبهذا التهور وعدم التحقيق انحطت رتبة هذا الشرح أيضًا، فإنه قلب هذا الكلام وبدَّل فيه وغير فأتلفه على عادته في كل نقل ينقله. قال الحاكم [1/ 124]: حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه الصفار ثنا إسماعيل بن بحر العسكرى أبو على ثنا إسحاق بن محمد بن إسحاق العمى ثنا أبي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس به، ثم قال الحاكم: سمعت أبا على الحافظ يقول: ¬

_ (¬1) انظر الفتح (11/ 169).

هذا الحديث لم أكتبه إلا عن أبي عبد اللَّه الصفار ومحمد بن إسحاق، وابنه من البصريين لم نعرفهما بجرح. وقوله: "أهل المعروف في الدنيا" قد روى من غير وجه عن المنكدر بن محمد عن أبيه عن جابر وإن لم يخرجاه فإنه يذكر في الشواهد اهـ. فانظر كم بين كلام الحاكم وما نقله عنه الشارح من الفروق!. 2115/ 5041 - "صَنَائِع المعْرُوف تَقِى مَصَارِع السُّوء، والصَّدقَةُ خفيًا تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وصِلَةُ الرَّحِمَ زيَادَةٌ في العُمْر، وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَأَهْلُ المعْرُوف فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ المعْرُوف فِي الآخِرَة، وَأهْلُ المنْكَرِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ المنْكَرِ فِي الآخِرَةِ، وَأوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجنَّةَ أهْلُ المعْرُوفِ". (طس) عن أم سلمة قال الشارح: ضعيف لضعف عبد اللَّه بن الوليد. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد اللَّه بن الوليد ضعيف. قلت: هكذا ذكره مكبرا في الشرحين، وإنما هو عبيد اللَّه بالتصغير وهو الوصافي (¬1)، ومن طريقه أيضًا خرجه الطوسى في المجالس من طريق أبي الفضل الشيبانى: ثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج ثنا محمد بن يحيى الخشنى ثنا قندر بن جعفر العبدى عن الوصافى، واسمه عبيد اللَّه بن الوليد عن أبي جعفر محمد ابن على عن أم سلمة به. 2116/ 5042 - "صِنْفَانِ مِنْ أمَّتِى لَيْسَ لَهُمَا فِي الإسْلامِ نَصِيبٌ: المُرْجِئَةُ وَالقَدَرِيَّةُ". (تخ. ت. هـ) عن ابن عباس (هـ) عن جابر (خط) عن ابن عمر (طس) عن أبي سعيد ¬

_ (¬1) انظر المعجم الأوسط للطبراني (رقم 6086).

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وقضية صنيعه أن الخطيب خرجه وسكت عليه وليس كذلك، فإنه عقبه بما نصه: هذا حديث منكر من هذا الوجه جدا كالموضوع، وإنما يرويه على بن نزار شيخ ضعيف واهى الحديث عن ابن عباس، إلى هنا كلامه، وقال غيره: فيه إبراهيم بن زيد الأسلمى، قال في اللسان عن الدارقطنى: متروك الحديث، وعن ابن حبان: منكر الحديث جدا يروى عن مالك ما لا أصل له، وقال أبو نعيم: يحدث عن مالك وابن لهيعة بالموضوعات اهـ. قال العلانى: والحق أنه ضعيف لا موضوع. قلت: فيه من تخليطه أمور، الأول: أن ابن ماجه روى الحديث عن جابر وعن ابن عباس معا، والمصنف عزاه له من حديث جابر وحده فكان على الشارح أن ينبه على ذلك لأنه مهم، ولكنه يسكت في موضع الكلام لجهله، ويتكلم في موضع السكوت. قال ابن ماجه [رقم 73]: حدثنا محمد بن إسماعيل الرازى أنبأنا يونس بن محمد ثنا عبد اللَّه بن محمد الليثى ثنا نزار بن حيان عن عكرمة عن ابن عباس، وعن جابر قالا: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صنفان من أمتى ليس لهما في الإسلام نصيب: أهل الإرجاء وأهل القدر"، وقع هذا السند في تاريخ الخطيب عن ابن نزار فليحرر. الثانى: أنه نقل في حديث ابن عباس عن الترمذى أنه قال: غريب، وعن الذهبى أنه ضعفه بعلى بن نزار وأبيه نزار بن حيان، مع أن الترمذى قال كما في نسختنا: حسن غريب، وفي نسخة أخرى: غريب حسن صحيح، ولم يروه من طريق على بن نزار وحده، بل قال [رقم 2149]: حدثنا واصل بن عبد الأعلى ثنا محمد بن فضيل عن القاسم بن حبيب وعلى

ابن نزار عن نزار عن عكرمة عن ابن عباس به ثم قال: حدثنا محمد بن رافع ثنا محمد بن بشر، ثنا سلام بن أبي عمرة عن عكرمة عن ابن عباس، قال محمد بن رافع: وثنا محمد بن بشر ثنا على بن نزار عن نزار عن عكرمة به. الثالث: أن المصنف لا ينقل كلام المخرجين على الأحاديث، فتكرار ذلك عند ذكر كل حديث تكلم عليه مخرجه سخافة. الرابع: أن ما نقله عن الخطيب ليس هو من كلامه بل هو من كلام يحيى بن معين فإنه أسند عن محمد بن أحمد بن يعقوب: ثنا جدى قال: ذكر ليحيى بن معين محمد بن الصباح الجرجرائى، فقال يحيى: حدث بحديث منكر عن على بن ثابت عن إسرائيل عن ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر فذكره، وهذا حديث منكر من هذا الوجه جدا كالموضوع، وإنما يرويه على بن نزار، شيخ ضعيف واهى الحديث عن ابن عباس، قال الخطيب [5/ 368]: قلت: روى هذا الحديث على بن نزار عن عكرمة عن ابن عباس وجابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. كذلك أخبرنا الحسن بن أبي بكر فأسنده بمثل ما سبق لابن ماجه. الخامس: قوله: وقال غيره: فيه إبراهيم بن زيد الأسلمى. . إلخ، كذب صراح على الغير وإنما رأى هو الحديث في ترجمة إبراهيم من المذكور فعزى ذلك إلى الغير وليس هذا الغير الموهوم مجنونا حتى يقول: فيه إبراهيم بن زيد، مع أنه لا وجود له في سند الخطيب، لأن الخطيب رواه من طريق إسرائيل عن ابن أبي ليلى عن نافع [5/ 367]، وإبراهيم بن زيد رواه عن مالك عن نافع، كذلك أخرجه الدارقطنى في غرائب مالك، عن الحسن ابن محمد عن محمد بن إدريس الأصبهانى عن أحمد بن سعيد عن جرير عن

إبراهيم بن زيد الأسلمى عن مالك به. السادس: أن هذا الحديث الذي رواه إبراهيم بن زيد الأسلمي هو في الحقيقة غير حديث الكتاب، لأن لفظه: "صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب: القدرية والرافضة" فذكر فيه الرافضة بدل المرجئة فهو حديث آخر. السابع: قوله: قال العلائى: والحق أنه ضعيف لا موضوع، كلام لا ارتباط له بالموضوع، فإنه لم يقدم النقل عن أحد أنه قال في الحديث: موضوع، بل كل ما قدمه تصريح بأنه ضعيف، فإن كان أخذ ذلك مما نقله عن أبي نعيم مما قاله في إبراهيم بن زيد الأسلمى، فذلك بالنسبة لرواية إبراهيم بن زيد خاصة بل ولروايته عن مالك وابن لهيعة فقط فمن أين انتقل ذلك إلى أصل الحديث؟!. 2117/ 5043 - "صِنْفَانِ مِن أمَّتِى لا تَنَالُهُمَا شَفَاعَتِى: إمَامٌ ظَلُومٌ غَشُومٌ، وكُلُّ غَالٍ مَارِقٍ". (طب) عن أبي أمامة قال في الكبير -بعد أن كتبه عن أبي هريرة بدل أبي أمامة-: قال الهيثمى: رواه الطبرانى في الكبير، والأوسط، ورجال الكبير ثقات، ورواه عنه الديلمى أيضًا. قلت: ذكره لأبي هريرة غلط أو سبق قلم، والحديث أخرجه أيضًا المؤمل بن إهاب في جزئه قال: حدثنا عبد الرزاق عن جعفر عن أبي العلاء عن أبي غالب عن أبي أمامة به مثله. بل ربما كان عند الطبرانى من هذا الطريق.

2118/ 5044 - "صِنْفَانِ مِنْ أمَّتِى لا تَنَالُهُمْ شَفَاعَتِى يَوْمَ القِيَامَة: المرْجِئَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ". (حل) عن أنس (طس) عن واثلة وعن جابر قال في الكبير على حديث واثلة: قال الهيثمى: فيه محمد بن محص متروك، وعلى حديث جابر: فيه يحيى بن كثير السقا وهو متروك، قال: وأورده ابن الجوزى في الموضوعات. قلت: فيه أمرين، الأول: ابن الجوزى إنما أورده من طريق واحدة وبلفظ آخر مطولًا لم يذكره المصنف ولا أشار إلى طريقه، فأورده من عند الجوزقانى ثم من طريق مأمون بن أحمد السلمى. عن عبد اللَّه بن مالك بن سليمان السعدى عن أبيه عن أبي الأحوص سلام بن سليم عن سلمة بن وردان عن أنس مرفوعًا مثل ما هنا، وزاد: "قيل: يا رسول اللَّه ما القدرية؟ قال: قوم يقولون لا قدر، قيل: فمن المرجئة؟ قال قوم يكونون في آخر الزمان إذا سئلوا عن الإيمان يقولون: نحن مؤمنون إن شاء اللَّه". ثم قال ابن الجوزى [1/ 134]: آفته مأمون وعبد اللَّه بن مالك وأبوه من خبثاء المرجئة، وقال الجوزقانى: مجهولان. قلت: كذا اتهم به المذكورين، وقد أورده ابن حبان في الضعفاء [1/ 333] بهذا اللفظ في ترجمة سلمة بن وردان، وقال: إنه كان يروى عن أنس أشياء لا تشبه حديثه، وعن غيره من الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات كأنه كان حَطَّمَهُ السنُّ فكان يأتي بالشيء على التوهم حتى خرج عن حد الاحتجاج به اهـ. وهذا الطريق ليس هو الذي خرجه أبو نعيم وذكره المصنف، بل قال أبو نعيم: حدثنا محمد بن أحمد ثنا محمد بن أحمد بن زهير ثنا محمد بن أسلم ثنا عبد الحكم بن ميسرة ثنا سعيد بن بشير صاحب قتادة، عن قتادة عن أنس به.

الثانى: أنه قال: فيه بحر بن كثير بالثاء المثلثة وآخره راء مهملة، وإنما هو كنيز بالنون والزاى المنقوطة على وزن كثير وهو واحد. 2119/ 5047 - "صِنْفَانِ مِنَ النَّاسِ إذَا صَلُحَا صَلُحَ النَّاسُ وإذَا فَسَدَا فَسَدَ النَّاسُ: العُلَمَاءُ وَالأُمَرَاءُ". (حل) عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا ابن عبد البر، قال الحافظ العراقى: وسنده ضعيف. قلت: هذا الحديث لم أجده في الحلية في النسخة المطبوعة (¬1)، أما ابن عبد البر فرواه في كتاب العلم [رقم 1108، 1109] من وجهين عن محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس به ومحمد بن زياد هو اليشكرى الطحان، قال أحمد: كذاب أعور يضع الحديث، وكذبه أيضًا ابن معين، وأبو زرعة والدارقطنى وقد روى هذا الكلام عن الثورى من قوله: قال الدينورى في آخر الثالث من المجالسة: ثنا محمد إسحاق المسوسى ثنا على ثنا عبد الرزاق قال: سمعت الثورى يقول: "صنفان. . . "، وذكره بلفظ القراء والأمراء. 2120/ 5049 - "صَوْتُ الديكِ وضرْبُه بِجَنَاحَيْهِ رُكُوعُه وسُجُودُه". أبو الشيخ في العظمة عن أبي هريرة، وابن مردويه عن عائشة قلت: حديث عائشة أخرجه أيضًا الديلمى [رقم 3775] من طريق أبي نعيم: ثنا أبو على بن الصواف ثنا العباس بن أحمد عن أبي إبراهيم الترجمانى عن ¬

_ (¬1) هو في الحلية (4/ 96) في ترجمة ميمون بن مهران.

عمرو بن جُميع عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن عائشة به مثله، وزاد: "ثم تلا: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}، وعمرو بن جميع كذاب متهم بالوضع. 2121/ 5050 - "صَوْتانِ ملعونانِ في الدنيا والآخرةِ: مِزْمَار عند نعمةٍ، ورنةٌ عند مصيبةٍ". البزار والضياء عن أنس قال في الكبير: قال المنذرى والهيثمى: رجاله ثقات. قلت: أخرجه أيضًا أحمد بن عبيد في مسنده، ومن طريقه القشيرى في الرسالة [2/ 640] إلا أن سنده غير صحيح فقال: أخبرنا على بن أحمد الأهوانى أخبرنا أحمد بن عبيد ثنا محمد بن يونس الكديمى ثنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم ثنا شبيب بن بشر البجلى عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "صوتان ملعونان: صوت ويل عند مصيبة، وصوت مزمار عند نعمة"، محمد بن يونس ضعيف. 2122/ 5052 - "صومُ ثَلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ، ورمضانُ إلى رمضانَ صومُ الدَّهرِ وإفطارُه". (حم. م) عن أبي قتادة قلت: في الباب عن جماعة، منهم: جرير، وأبو هريرة، وعليِّ وآخرون. فحديث جرير قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان: ثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا إسماعيل بن عبد اللَّه ثنا يحيى بن يعلى الأسلمى ثنا أبي ثنا غيلان بن جامع عن أبي إسحاق عن جرير، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:

"صوم ثلاثة أيام من الشهر صوم الدهر، وهى البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة". وخرجه النسائى (¬1) والبيهقى [4/ 294]. وحديث أبي هريرة ذكره المصنف بعد هذا وعزاه لأحمد والبيهقى وقد أخرجه أيضًا جماعة. قال عبد العزيز بن جابر في جزئه: ثنا العباس بن أحمد البرتى ثنا عبد الأعلى ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البنانى عن أبي عثمان النهدى. أن أبا هريرة قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "صوم شهر الصبر وصوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر"، وخرجه أبو نعيم في الحلية [1/ 382] من طريق الحسن بن سفيان ثنا عبد الأعلى بن حماد به. وحديث عليٍّ ذكره المصنف في المتن بعد حديث، ولكن ليس فيه "صيام الدهر". وأخرجه أبو الليث [ص 275 رقم 1010]: حدثنا الفقير أبو جعفر ثنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه ثنا محمد بن على ثنا يحيى بن محمد بن كامل بن طلحة عن حماد بن سلمة عن الحجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن على: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "صوموا شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر، فهو بمنزلة صوم الدهر، ويذهب وحر الصدر" يعنى: غله وغشه. وقال البخارى في التاريخ الكبير في ترجمة كهمس الهلالى [7/ 239]: ثنا أبو الوليد ثنا شعبة قال معاوية بن قرة: أخبرنى عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "صوم ثلاثة أيام من كل شهر يعنى صوم الدهر وإفطاره". ¬

_ (¬1) انظر المجتبى (4/ 221)، والكبرى (2/ 136).

2123/ 5058 - "صَوْمُكُم يومَ تَصُومُون، وأضْحَاكُم يوم تُضَحُّونَ". (هق) عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو مزيف، فقد قال الذهبى في المهذب: فيه الواقدى الواهى، وقال في الميزان عن أحمد: هو كذاب يقلب الأخبار، وعن ابن المدينى: يضع، ثم ساق له هذا الخبر، قال -أعنى الذهبى-: ورواه الدارقطنى هكذا من طريقين، ثم قال: فيهما الواقدى ضعيف، ورواه الترمذى من طريق آخر غريب. قلت: لعنة اللَّه على الكذابين، فكل ما ذكره هنا محض كذب لا أصل له، قال البيهقى [4/ 252]: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الفقيه، أنبأنا أبو الشيخ الأصبهانى ثنا يحيى ابن محمد بن صاعد ثنا عبد الجبار ومحمد بن منصور قالا: حدثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا عبد اللَّه بن جعفر المخرمى عن عثمان الأخنسى عن المقبرى عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "صومكم يوم تصومون، وأضحاكم يوم تضحون". فهذا سند الحديث عند البيهقى لا وجود للواقدى فيه، واسمع ما قاله الذهبى في المهذب: أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا عبد اللَّه بن جعفر المخرمى عن عثمان الأخنسى عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صومكم يوم تصومون، وأضحاكم يوم تضحون". قلت: صححه الترمذى من حديث إسحاق بن جعفر عن المخرمى انتهى. هذا نص الذهبى يحكى عن الترمذى أنه صححه من هذا الطريق، والشارح الكذاب يحكى عنه أنه قال: فيه الواقدى الواهى، ورواية الترمذى سيذكرها المصنف في العرف بالألف واللام من هذا الحرف، والذي أورده الذهبى في

ترجمة الواقدى من الميزان [3/ 663] حديث عائشة لا حديث أبي هريرة واستغربه من رواية الواقدى عن مالك وابن أبي الرجال عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة مرفوعًا "صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون" ولم يتكلم عليه بحرف مما نقل الشارح عنه (¬1)، واسمع أسانيد الدارقطنى لهذا الحديث أيضًا، قال الدارقطنى [2/ 163]: ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز ثنا العباس بن محمد بن هارون وعلى بن سهل قالا: حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون". ثنا ابن صاعد ومحمد بن هارون أبو حامد قالا: حدثنا أزهر بن جميل ثنا محمد بن سواء ثنا روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "فطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون" لفظ ابن صاعد. ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز ثنا أبو هشام الرفاعى ثنا يحيى بن اليمان عن معمر عن محمد بن المنكدر عن عائشة، قال أبو هشام: أظنه رفعه، قال: "الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم تضحى الناس"، فهذه أسانيد الدارقطنى التي زعم الشارح أن جميعها من رواية الواقدى، لا وجود له في شيء منها، وقد نسى ما قاله هنا فكتب على حديث: "فطركم. . . " الآتى في حرف الفاء من رواية أبي هريرة أيضًا عند أبي داود [رقم 2324] والبيهقى أيضًا [4/ 252]: إسناده صحيح، فأعجب لهذا الرجل الذي يريد شين المؤلف بالكذب. ¬

_ (¬1) تكلم الدارقطنى على حديث أبي هريرة انظر (2/ 164)

2124/ 5059 - "صَومًا فإن الصيامَ جُنَّةٌ من النارِ ومِنْ بَوائِقِ الدَّهرِ". ابن النجار عن أبي مليكة قال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وليس كذلك، بل رواه النسائى عن عائشة وابن عباس، قال عبد الحق: وفيه خطاب بن القاسم عن خصيف، قال النسائى: حديثه منكر. قلت: هذا كذب بتدليس، وتدليس بكذب، أما حديث ابن عباس فما خرجه النسائى أصلا ولا وقع ذكر لخطاب بن القاسم في السنن الصغرى التي هي أحد الكتب الستة، وإنما وقع ذكره في الكبرى [2/ 249] في حديث واحد في فضل صوم التطوع، وهو الذي قال النسائى عقبه: هذا حديث منكر وضعيف، وخطاب لا علم لي به فذاك حديث آخر وإدخاله هنا محض كذب، وأما حديث عائشة فقال النسائى (¬1): أخبرنا محمد بن يزيد الأدمى حدثنا معن عن خارجة بن سليمان عن يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الصيام جنة من النار فمن أصبح صائما قلا يجهل يومئذ، وإن امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه وليقل: إنى صائم، والذي نفسى بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند اللَّه من ريح المسك"، وهذا موضعه المعرف بالألف واللام، وقد ذكر المصنف هناك كما سيأتى، وعزاه للنسائى. 2125/ 5061 - "صُومُوا الشهرَ وَسَرَرَهُ". (د) عن معاوية قلت: قال الدولابى في الكنى والأسماء [1/ 111]: ¬

_ (¬1) انظر الكبرى (2/ 240 - 281)، المجتبى (4/ 167 - 168).

ثنا محمد بن عوف ثنا أبو المغيرة ثنا سعيد بن عبد العزيز عن أبي الأزهر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صوموا الشهر وسره". حدثنا يزيد بن عبد الصمد ثنا أبو مسهر قال: سألت سعيد بن عبد العزيز عن سره فقال: آخره، وقال الأوزاعى: أوله. 2126/ 5062 - "صُومُوا أيامَ البيضِ: ثلاثَ عشرةَ، وأربعَ عشرةَ، وخمسَ عشرةَ، هُنَّ كَنْزُ الدَّهرِ". أبو ذر الهروى في جزء من حديثه عن قتادة بن ملحان قلت: قال أبو ذر في الجزء المذكور: أخبرنا أبو عبد اللَّه شيبان بن محمد بن عبد اللَّه بن شيبان بن سعد الصفى من أصل سماعه بالبصرة قراءة عليه ثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب بن محمد الجمحى إملاء سنة (304) ثنا أبو الوليد ثنا همام ثنا أنس بن سيرين ثنا عبد الملك بن قتادة بن ملحان عن أبيه به، وفيه: وقال: "هن كنز الدهر". تنبيه: هذا الحديث خرجه أبو داود [رقم 2449] والنسائى [4/ 224 - 225]، وابن ماجه [رقم 1707] لكن بلفظ لا يدخل في هذا الكتاب لقوله: "كان يأمرنا أن نصوم البيض" ونحو ذلك، فإن له طرقًا وألفاظا عند النسائى، أما بلفظ مرفوع من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يدخل في هذا الموضع فلا، فلذلك عزاه المؤلف إلى أبي ذر في جزئه والشارح لو علم هذا لأسخف على عادته. 2127/ 5068 - "صُومُوا يومَ عاشُورَاء، وخَالِفُوا فيهِ اليهودَ، صُوموا قَبْلَه يومًا وبَعدَهُ يومًا". (حم. هق) عن ابن عباس قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وهو غفول عن قول الحافظ الهيثمى

وغيره: فيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام كثير اهـ. وفيه أيضًا داود بن على الهاشمى قال في الميزان: ليس بحجة ثم ساق له هذا الخبر. قلت: وهذا جحود لكون المصنف مجتهدا يرى رأيه لا يقلد الهيثمى ولا غيره، على أن كلام الهيثمى لا يدل على أن الحديث غير صحيح، فإن ابن أبي ليلى المذكور فقيه عالم مجتهد، وإنما كان سئ الحفظ فوقعت المناكير في حديثه، وليس هذا الخبر مما يهم فيه الإنسان لقلة ألفاظه وصغر متنه، وأما داود بن على فهو ثقة أيضًا، قال عثمان الدارمى (¬1) عن ابن معين: شيخ هاشمى إنما يحدث بحديث واحد، قال ابن عدى: أظن الحديث في عاشوراء، وقد روى غير هذا بضعة عشر حديثا، وذكره ابن حبان في الثقات [6/ 281] وقال ابن عدى: عندى أنه لا بأس بروايته عن أبيه عن جده [3/ 92] فهذا توثيق للرجلين يجعل الحديث حسنا، فإذا وجد له شاهد ارتفع إلى الصحيح. ولهذا الحديث شواهد متعددة يطول بذكرها الكتاب. وأما قول الذهبى: ليس بحجة فمراده أنه ليس من أهل الرواية والإتقان لها ولا من أهل هذا الشان لأنه كان أميرًا حاكمًا كما ليس من شأنه الرواية، ولذلك عقب ذلك بقوله: قال ابن معين أرجو أنه لا يكذب، إنما يحدث بحديث واحد ثم ذكر الذهبى الحديث لا على أنه من منكراته، وإنما ذكره تبيينًا لما نص عليه ابن معين من أنه ليس له إلا حديث واحدٌ، ثم ذكر أحاديث أخرى مما استدركه ابن عدى، وبين أن ابن أبي ليلى توبع عليه عن داود، فقال: وروى الحسن بن حى عن داود نحوًا من هذا (¬2) اهـ. 2128/ 5069 - "صُومُوا وأوْفِرُوا أشْعَارَكم فإنها مجفرة". (د) في مراسيله عن الحسن مرسلا ¬

_ (¬1) انظر تاريخه رقم (317). (¬2) انظر الميزان (2/ 13).

قال الشارح: مجفرة بضم الميم وسكون الجيم وفتح الفاء بضبط المؤلف أى: مقطعة للنكاح. وقال في الكبير: مجفرة بفتح الميم بينهما جيم ساكنة بضبط المصنف. قلت: لا شك أن المصنف ضبط هذه الكلمة مرة واحدة لا مرات حتى يحصل منه الاختلاف ولا شك في أنه كان إمامًا في النحو واللغة العربية بإقرار الموافق والمخالف، ولا شك أن الشارح اختصر شرحه الصغير من الشرح الكبير، فانظر كيف نطق بالصواب أولا ثم رجع إلى الخطإِ في الصغير مرغمًا لينفد فيه سهم جرأته على الأئمة الكبار كالمصنف فلا يقول: إن مجفرة بضم الميم إلا من لم يشم للعلم رائحة!. 2129/ 5071 - "صَلاةُ الأبْرارِ ركعتانِ إذا دخلتَ بيتَكَ، وركعتانِ إذا خرجتَ". ابن المبارك (ص) عن عثمان بن أبي سودة مرسلا قال في الكبير: لفظ هذه الرواية كما حكاه المؤلف في مختصر الموضوعات، وكذا غيره: "صلاة الأوابين وصلاة الأبرار" ثم قال عند ذكر سعيد بن منصور: رواه عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعى عن عثمان بن أبي سودة. قلت: في هذا أمور، الأول: لفظ الحديث كما ذكره الشارح نقلا عن المصنف وكذلك وقفت عليه في الزهد لابن المبارك [ص: 453] بلفظ: "صلاة الأوابين"، سقط من قلم المصنف. الثانى: قول الشارح: كما حكاه المؤلف في مختصر الموضوعات، وكذا غيره، ذكر غيره كذب صراح منه فإنه ما رأى الحديث ولا رأى من رآه غير المؤلف وإنما يزيد غيره حتى لا يتبين إحتياجه إلى علمه واضطراره إلى النقل عنه.

الثالث: ذكره سند سعيد بن منصور يفيد أنه نقله من سنن سعيد بن منصور، وهو إنما نقله من اللآلى المصنوعة للمؤلف [2/ 45]. الرابع: حكايته لكون المؤلف ذكر هذا الخبر في مختصر الموضوعات يوهم أنه موضوع أو مما قيل فيه ذلك، والواقع أن المؤلف أورده شاهدا لحديث ذكره ابن الجوزى في الموضوعات وهو حديث أبي هريرة مرفوعًا [3/ 75]: "إذا دخل أحدكم بيته فلا يجلس حتى يركع" فأورد له المؤلف شواهد منها قوله [2/ 45]: ووجدت له شاهدا آخر قال سعيد بن منصور في سننه: ثنا الوليد بن مسلم، فذكر هذا كما هنا ثم قال: وقال أبو نعيم في الحلية [6/ 109]: ثنا أحمد بن إسحاق ثنا أبو بكر بن أبي داود ثنا على بن خشرم ثنا عيسى بن يونس عن رجل عن عثمان بن أبي سودة قال: كان يقال: "صلاة الأوابين. . . " وذكره. 2130/ 5072 - "صَلاةُ الأوَّابِينَ حينَ ترمضُ الفِصَالُ". (حم. م) عن زيد بن أرقم، عبد بن حميد وسمويه عن عبد اللَّه بن أبي أوفى قال الشارح: بالتحريك. قلت: هذا غلط فاحش مضحك نبهنا عليه مرارا، بل هو بسكون الواو وكأنه قاسه على السادات بنى وفا رضي اللَّه عهم. وحديث زيد بن أرقم خرجه أيضًا البغوى في التفسير عند قوله تعالى: {إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} من طريق الحسن بن سفيان عن ابن أبي شيبة [2/ 406] عن وكيع، ولعله في مصنفات الثلاثة.

وحديث ابن أبي أوفى أخرجه أيضًا يحيى بن صاعد في مسند ابن أبي أوفى [ص: 94] قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء ثنا سفيان بن عيينة عن أيوب فيما حفظناه عن القاسم عن عبد اللَّه بن أبي أوفى به، وقال: حدثنا أحمد بن منصور ثنا الفضل بن دكين ثنا سفيان بن عيينة به [ص: 96]. 2131/ 5073 - "صَلاةُ الجالسِ على النِّصْفِ من صَلاةِ القَائِمِ". (حم) عن عائشة قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح اهـ. وقضية تصرف المصنف أن هذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه ولا كذلك، بل هو في البخارى بلفظ: "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم" ومن ثم اتجه رمز المصنف لصحته. قلت: هنا يعاودني الشك في الشارح، فقد أتى الشارح هنا بعجائب تضحك الثكالى، أول ذلك: أن المصنف لم يعز الحديث إلى مسلم وإنما عزاه لأحمد وحده فزاد الشارح من عنده مسلما، ثم ركب على ذلك الانتقاد بأن البخارى خرجه أيضًا ولم يخرجه مسلم وحده، وحيث زاد مسلما من عنده كان حقه أن يتفضل بزيادة البخارى أيضًا ليريح المصنف من كلفة الانتقاد. الثانى: أنه قال عقب الحديث: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، والهيثمى لا يورد في كتابه حديثًا مخرجًا في أحد الكتب الستة، وإنما يورد الزوائد عليها، وكذلك سمى كتابه مجمع الزوائد، فكيف لم يهتد لهذا؟!

الثالث: أن الحديث ما خرجه مسلم ولا البخارى أصلا من حديث عائشة، وإنما خرج البخارى حديث عمران بن حصين [رقم 1117] بلفظ: "صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فصل جنب"، وهو كما ترى بعيد عن حديث الباب. وأما مسلم فلم يخرج في الباب إلا حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص بلفظ "صلاة الرجل قاعدًا نصف الصلاة، ولكنى لست كأحد منكم" وقد ذكره المصنف بعد هذا وعزاه لمسلم، وأبي داود [رقم 950] والنسائى (¬1) وأما اللفظ الذي نسبه الشارح إلى البخارى: "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم" فسيأتى قريبًا ذكره للمصنف وعزوه لأحمد والنسائى وابن ماجه من حديث أنس، وابن ماجه من حديث عبد اللَّه بن عمرو، والطبرانى من حديث ابن عمر وعبد اللَّه بن السائب، والمطلب بن أبي وداعة، فأعجب لرجل يتكلم على حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو فاقد العقل. 2132/ 5083 - "صَلاة الضُّحَى صَلاةُ الأوَّابين". (فر) عن أبي هريرة قلت: قال الديلمى [رقم 3729]: أخبرنا أبي أخبرنا طلحة بن على الرازى أخبرنا أبو على بن شاذان أخبرنا العباداني ثنا الدقيقى ثنا موسى بن إسماعيل ثنا عمر بن خثعم عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. 2133/ 5090 - "صَلاةُ الليلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَتَشهُّدٌ في كلِّ ركعتينِ، وَتَبَأسٌ وتمسكنٌ، وتقنع بيدك، وتقولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى، فَمَن لَمْ يفعلْ ذلك فهو خداجٌ". (حم. د. ت. هـ) عن المطلب بن وداعة ¬

_ (¬1) انظر المجتبى (3/ 223)، والكبرى (1/ 428 - 429).

قال الشارح على قوله: "وتقنع": كذا هو بخط المؤلف وفي النسخ المتداولة وهى الرواية: "وتضع يديك" أى: إذا فرغت فسلم ثم ارفع يديك، فوضع الخبر موضع الطلب. قلت: لفظ الحديث: "وتقنع" في جميع الروايات ولا يوجد في رواية "وتضع" ألبتة فضلا عن أن تكون هي الرواية، وكذلك لا توجد تلك اللفظة في نسخة مطلقا فضلا عن النسخ المتداولة، ثم انظر للشرح الذي شرح به لفظة: "وتضع" وتعجب في ذلك المعنى، والعجب أنه قال في الكبير: وفي رواية: "وتضع يديك"، ثم رجع في الصغير فجعل ذلك هو الرواية، وهو الذي في النسخ المتداولة قبح اللَّه الكذب وأهله. قال أحمد [4/ 167]: حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال: سمعت عبد ربه بن سعيد يحدث عن أنس بن أبي أنس عن عبد اللَّه بن نافع بن العمياء عن عبد اللَّه بن الحارث عن المطلب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الصلاة مثنى مثنى، وتشهد في كل ركعتين، وتبأس وتمسكن، وَتُقْنِعُ يدك، وتقول: اللهم اللهم، فمن لم يفعل ذلك فهى خداج" ثم قال: حدثنا هارون بن معروف ثنا ابن وهب أخبرنى الليث بن سعد عن عبد ربه بن سعيد عن عمران بن عبد اللَّه عن ربيعة بن الحارث عن الفضل بن العباس عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الصلاة مثنى مثنى، وتشهد في كل ركعتين، وتضرع وتخشع، وتساكن، ثم تقنع يديك -يقول: ترفعهما إلى ربك عز وجل مستقبلا ببطونهما وجهك- وتقول: يارب يارب ثلاثا، فمن لم يفعل ذلك فهى خداج" قال عبد اللَّه بن أحمد: هذا هو عندى الصواب، ثم قال: [4/ 167].

حدثنا حجاج بن محمد أخبرنى شعبة عن عبد ربه بن سعيد عن أنس بن أبي أنس من أهل مصر عن عبد اللَّه بن نافع عن عبد اللَّه بن الحارث عن المطلب أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الصلاة مثنى مثنى، وتشهد وسلم في كل ركعتين، وتبأس وتمسكن وتقنع يديك وتقول: اللهم اللهم، فمن لم يفعل ذلك فهى خداج". حدثنا روح ثنا شعبة عن عبد ربه بن سعيد عن ابن أبي أنس عن عبد اللَّه بن نافع بن العمياء عن عبد اللَّه بن الحارث عن المطلب أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: الصلاة مثنى تشهد في كل ركعتين، وتبأس وتمسكن وتقنع يديك، وتقول: اللهم اللهم، فمن لم يفعل ذلك فهى خداج" قال شعبة [4/ 167]: فقلت: صلاته خداج! قال: نعم، فقلت له: ما الإقناع؟ فبسط يديه كأنه يدعو. وقال أبو داود: حدثنا ابن المثنى ثنا معاذ بن معاذ ثنا شعبة حدثنى عبد ربه بن سعيد عن أنس ابن أبي أنس عن عبد اللَّه بن نافع عن عبد اللَّه بن الحارث عن المطلب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الصلاة مثنى مثنى أن تشهد في كل ركعتين وأن تبأس وتمسكن وتقنع بيديك وتقول: اللهم اللهم، فمن لم يفعل ذلك فهي خداج". وقال ابن ماجه [رقم 1325]: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا شبابة بن سوار ثنا شعبة حدثنى عبد ربه بن سعيد عن أنس بن أبي أنس عن عبد اللَّه بن نافع بن العمياء عن عبد اللَّه بن الحارث عن المطلب -يعنى ابن أبي وداعة- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلاة الليل مثنى مثنى، وتشهد في كل ركعتين وتبأس وتمسكن وتقنع، وتقول: اللهم اغفر لى، فمن لم يفعل ذلك فهى خداج". وقال البيهقى [4/ 488]: أنبأنا الحاكم أنا الأصم ثنا الحسن بن مكرم ثنا عثمان بن عمرو أبو النضر

وروح وفهد بن حيان ووهب بن جرير قالوا: حدثنا شعبة (ح) وأخبرنا أبو بكر بن فورك أنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا شعبة عن عبد ربه بن سعيد عن أنس بن أبي أنس عن عبد اللَّه بن نافع بن العمياء عن عبد اللَّه بن الحارث عن المطلب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الصلاة مثنى مثنى، وتشهد في كل ركعتين، وتبأس وتمسكن، واقنع يديك، وقل: اللهم اللهم، فمن لم يفعل ذلك فهى خداج". قال البيهقى [2/ 488]: وفيما قرأت في كتاب العلل للترمذى [ص: 81 - 82] قال: سمعت محمد بن إسماعيل البخارى يقول: هذا الحديث رواية الليث بن سعد عن عبد ربه بن سعيد أصح من حديث شعبة، وشعبة أخطأ في هذا الحديث في مواضع قال: عن أنس بن أبي أنس، وإنما هو عمران بن أبي أنس، وقال: عن عبد اللَّه بن الحارث، وإنما هو عبد اللَّه بن نافع عن ربيعة بن الحارث هو ابن المطلب، فقال: هو عن المطلب، ولم يذكر فيه عن الفضل ابن عباس اهـ، فانظر وتعجب. 2134/ 5092 - "صَلاةُ المرأةِ وحدَهَا تَفْضُلُ على صَلاتِها في الجَمَاعَةِ بخمسٍ وعشرين درجةً". (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: وفيه بقية، ورواة أيضًا أبو نعيم وعنه تلقاه الديلمى مصرحًا فلو عزاه إلى الأصل لكان أولى. قلت: فيه أمران، الأول: السخافة المعهودة منه، فإن المصنف إذ لم يعرف في أى كتاب خرجه أبو نعيم لا يجوز له عزوه إليه، وهو إنما رآه في الديلمى ولو قيل للشارح: في أى كتاب خرجه أبو نعيم؟ لبلح (¬1)، وأبو نعيم خرجه ¬

_ (¬1) بَلَحَ يَبْلَحُ بَلْحًا وَبُلُوحًا: كَلَّ وَعَجَزَ، وَأبْلَحهُ الشَّئُ: أَعْجَزَهُ. انظر المعجم الوسيط (1/ 70).

في تاريخ أصبهان في ترجمة عبد اللَّه بن محمد بن سلام. الثانى: أن الحديث لا يعلل ببقية، وإنما يعلل بعبد اللَّه بن محمد المذكور، فإنه فيه لينا كما قال أبو الشيخ وأبو نعيم [2/ 57]، وضعفه غيرهما. قال أبو نعيم [2/ 58]: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن يوسف ثنا عبد اللَّه بن محمد بن سلام ثنا إسحاق ابن راهويه أخبرنا بقية بن الوليد حدثنى أبو عبد السلام حدثنى نافع عن ابن عمر به، وأيضًا أبو عبد السلام مجهول. 2135/ 5093 - "صَلاةِ المسافرِ ركعتانِ حتى يؤوبَ إلى أهْلِه أو يمُوتَ". (خط) عن عمر قال الشارح في الصغير: عن ابن عمر، وقال في الكبير: فيه بقية وقد سبق، وفيه خالد بن عثمان العثمانى، قال الذهبى: قال ابن حبان: بطل الاحتجاج به، فظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول فقد عزاه في الفردوس وغيره للنسائى. قلت: فيه أمور، الأول: الحديث لعمر لا لابنه عبد اللَّه بن عمر كما كتب في الصغير. الثانى: أن خالد بن عثمان المذكور في سند هذا الحديث ليس هو الذي ذكره الذهبى في الميزان، ذلك متأخر يروى عن مالك، وأيضًا ليس هو خالد بن عثمان، وإنما هو عثمان بن خالد انقلب على راويه كما بينه الحفاظ وبسطه الحافظ في اللسان [2/ 380 - 382]، والمذكور في سند هذا الحديث متقدم لأنه يروى عن أنس بن مالك.

قال الخطيب [12/ 312]: أخبرنا على بن محمد بن عبد اللَّه المعدل أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا سعدان بن نصر ثنا عفيف بن سالم ثنا بقية بن الوليد ثنا أبان بن عبد اللَّه عن خالد بن عثمان عن أنس بن مالك عن عمر به. الثالث: هذا الحديث لم يخرجه النسائى، والديلمى إنما يعزو أصل الحديث ومعناه لا لفظه على أنه يتوسع في ذلك، فالنسائى إنما روى حديث عمر قال (¬1): "صلاة الجمعة ركعتان، والفطر ركعتان، والنحر ركعتان، والسفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم-" فأين هذا من حديث الكتاب؟!. الرابع: كذب الشارح في قوله: وغيره، وهي كلمة يكيلها جزافًا في كل مقام بحيث لو تلا آية يرد بها على المصنف لقال: قال اللَّه تعالى وغيره كذا. 2136/ 5096 - "صَلاةُ الهجيرِ مِنْ صَلاةِ الليلِ". ابن نصر (طب) عن عبد الرحمن بن عوف قال الشارح: الذي وقعت عليه في نسخ معاجم الطبرانى، وغيرها من الأصول القديمة الصحيحة: "مثل صلاة الليل" أى: لا من صلاة الليل كما في المتن، ثم عين عند ذكر المصنف لابن نصر: أنه رواه في كتاب الصلاة. قلت: في هذا أمور، الأول: الكذب الصراح في قوله: إنه وقف عليه في عدة نسخ من معاجم الطبرانى، فأقسم بارا غير حانث أنه [ما] رأى من معاجم الطبرانى نسخة واحدة فضلا عن نسخ، وإنما رأى الحديث في مجمع الزوائد [2/ 221]. الثانى: الكذب الفاضح في قوله: وغيرها، فإن الحديث إنما هو عند الطبرانى، وما هي هذه الأصول الأخرى القديمة الصحيحة التي خرج فيها هذا ¬

_ (¬1) انظر المجتبى رقم (1420 - 1440)، والكبرى (1/ 535).

الحديث ولم يذكرها؟! وقد قدمنا أنها كلمة يكيلها للمصنف جزافًا ليتجيش عليه بالكذب الباطل. وبعد، فالحديث كذلك ذكره الحافظ الهيثمى في الزوائد بلفظ: "مثل" فقد تكون نسخ الطبرانى مختلفة (¬1) وقد تكون متفقة على ذكر "مثل" ولكن المصنف غلب رواية محمد بن نصر لأنه أقدم وأعلى، ومحمد بن نصر عنده الحديث بلفظ: "من" كما ذكر المصنف، قال محمد بن نصر: حدثنا محمد بن إدريس الرازى ثنا ذؤيب بن عماعة بن عمرو السهمى المدينى ثنا سليمان بن سالم عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن جده أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: "صلاة الهجير من صلاة الليل". الثالث: قوله: إن أبا نصر رواه في كتاب الصلاة خطأ فاحش، بل رواه في كتاب قيام الليل، وله كتاب الصلاة وحده في أحكام الصلاة، وكتاب قيام الليل في فضله وأحكامه، وهذا الأخير مطبوع اختصاره للمقريزى، وأما كتاب الصلاة فتوجد منه نسخة عتيقة بدار الكتب المصرية. 2137/ 5099 - "صَلاةُ أحدِكم في بيتهِ أفضلُ عن صَلاتهِ في مسجدِى هذا إلا المكتوبةَ" (د) عن زيد بن ثابت، ابن عساكر عن ابن عمر قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه من الستة غير أبي داود، وليس كذلك، فقد رواه الترمذى والنسائى. قلت: هذا خطأ من وجوه، أحدها: أن الترمذى والنسائى لم يخرجاه بهذا اللفظ، أما الترمذى [رقم 450] فلفظه: "أفضل صلاتكم في بيوتكم إلا المكتوبة"، وهذا موضعه حرف الألف، وأما النسائى فلفظه ¬

_ (¬1) انظر المعجم الكبير للطبراني (1/ 134) فقد ذكره بلفط "من".

[3/ 197 - 198] عن زيد بن ثابت "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اتخذ حجرة في المسجد من حصير وصلى فيها ليالى حتى اجتمع إليه الناس ثم فقدوا صوته ليلة فظنوا أنه نائم فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم، فقال: ما زال بكم الذي رأيت من صنعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كتب عليكم ما قمتم به، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة". الثانى: إن أراد الحديث من أصله فهو مجنون، فإن المصنف يراعى أوائل الحديث حتى إنه يفرقه في مواضع متعددة بحسب الألفاظ التي صدر بها عند مخرجين، والشارح يعلم ذلك ضرورة ولكنه معاند. الثالث: وأيضًا هو بهذا اللفظ في الصحيحين، فكان حقه أن يستدرك بهما لا بالترمذى والنسائى فقط. 2138/ 5100 - "صَلاةٌ بسواكٍ أَفْضَلُ من سبعينَ صلاةً بغيرِ سواكٍ". ابن زنجويه عن عائشة قال في الكبير: وظاهر حاله أنه لم يره مخرجًا لأعلى ولا أشهر ولا أحق بالعزو من ابن زنجويه، وهو عجب فقد خرجه الإمام أحمد والحاكم وصححه، وابن خزيمة والبيهقى وضعفه، وكلهم عن عائشة باللفظ المذكور. قلت: من عنادك وجرأتك وكذبك في قولك: إنهم خرجوه باللفظ المذكور، بل خرجوه بلفظ: "فضل الصلاة بسواك. . . " الحديث، وقد ذكره المصنف بعد هذا في حرف الفاء وعزاه لأحمد [6/ 272]، والحاكم [1/ 146] وإنما الذي أخرجه بهذا اللفظ أسلم بن سهل الواسطى بحشل في تاريخ واسط فقال [ص 179 - 180]: حدثنا إدريس بن حاتم ثنا محمد ابن الحسن ثنا معاوية بن يحيى عن الزهرى عن عروة عن عائشة

مرفوعًا: "صلاة بسواك أفضل من سبعين بلا سواك". 2139/ 5102 - "صَلاة رجلينِ يَؤُمُّ أحدُهما صاحِبَه أزكَى عند اللَّهِ من صلاةِ أربعةٍ تَتْرَى، وصلاة أربعةٍ يؤمُّهم أحدُهم أزكى عندَ اللَّهِ من صلاةِ ثمانية تَتْرَى، وصلاةُ ثمانيةٍ يؤمُّهم أحدُهم أزكى عند اللَّه من صلاةِ مائةٍ تَتْرى". (طب. هق) عن قباث بن أشيم قال في الكبير: قال الهيثمى: رجال الطبرانى موثقون، والمصنف رمز لصحته فإن كان بالنظر لطريق الطبرانى فمسلم، أو من طريق البيهقى فممنوع، فقد قال الذهبى في المهذب: إسناده وسط، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأعلى من هذين مع أن الإمام البخارى خرجه في تاريخه. قلت: في هذا من جهالته وسخافته أمور، الأول: أن المصنف يحكم على الأحاديث لا على الأسانيد فإذا صح الحديث من طريق فلا عبرة بالطريق الضعيف لأنه معضد فقط، بل وهو صحيح أيضًا بالنظر إلى كون ضعف راويه قد تحقق ارتفاعه وسلامة الحديث منه بوجود السند الصحيح، فإن الضعف ليس هو وصفا لازما له، وإنما هو غلبة ظن كذب الراوى أو غلطه، فإذا وجد ما يحقق ارتفاع الغلط والأمن من الكذب فالخبر صحيح ولا معنى لأن يكون صحيحا من طريق ضعيفا من طريق إلا باعتبار آخر، وهو عدم ثبوته عند شيخ مخصص، ككونه من حديث مالك أو من حديث شعبة مثلا، وهذا أمر آخر يبحث عنه في كتب الرجال والعلل الذي يحكم أصحابها على الأسانيد دون المتون فيعبرون عن حديث بأنه موضوع منكر، وهو في الأصل متواتر ومخرج في الصحيحين. الثانى: أن عبارة الهيثمى هي معنى عبارة الذهبى، فإن الهيثمى لم يقل:

رجاله ثقات، وإنما قال [2/ 39]: موثقون، ومعناه أنهم وثقوا، ولم يكونوا في المرتبة العليا من ذلك، أو أنهم وثقوا على ضعف فيهم، لأنهم لو كانوا لم يضعفوا لقال: ثقات على قاعدته، وإذا قال: موثقون، ولم يقل: ثقات فهو كقول الذهبى (¬1): إسناده وسط، فإن كان قوله في نظرك لا يفيد التصحيح فكذلك قول الهيثمى مثله على أن هذا تنازل على قدر فهمك وعقلك، وإلا فقول الحافظ: رجاله ثقات، لا يفيد أنه صحيح كما هو معروف لأهل الفن ودرايته فضلا عن قوله: موثقون. الثالث: أن سند الحديث واحد عند الطبرانى [19/ 36] والبيهقى [3/ 61] والبخارى في التاريخ [7/ 193] وكل من خرجه؛ لأنه من رواية يونس بن سيف فقيل: عنه عن قباث دون واسطة، وقيل: عنه عن عبد الرحمن بن زياد الليثى عن قباث، وقيل عنه عن عامر بن زياد عن قباث، وهذا الأخير إنما يقوله الزبيدى، والأكثرون إنما يقولون: عن عبد الرحمن بن زياد، فإذا كان سند الحديث واحدًا فمن أين يكون سند الطبرانى صحيحا دون سند البيهقى؟!. الرابع: أن العزو إلى سنن البيهقى أولى وأجل وأعلى من العزو إلى تاريخ البخارى باتفاق أهل الحديث، لأن السنن كتاب مصنف في الأحكام متداول بين الفقهاء والمحدثين يخرج فيه صاحبه الأحاديث النقية، التي تصلح للاحتجاج بها في الأحكام، أو الاستشهاد بها على الأقل، وقد التزم هو ألا يخرج حديثا يعلمه موضوعا في سائر كتبه، فكيف بالسنن المصنف في دلائل الأحكام؟!. وأما التاريخ الكبير فكتاب في تراجم الرجال لا غرض له أصلًا من المتون إلا تعريف رتبة راويها منها، فتارة تكون صحيحة، وتارة تكون موضوعة؛ إذ يكون روايها المترجم كذابا أو وضاعًا أو كثير الغلط فاخش الوهم والخطإِ، ¬

_ (¬1) انظر المهذب (3/ 33).

فهو كتاب رجال لا كتاب حديث، فلذلك يرى أهل الحديث العزو إلى المصنفات أولى ما لم ينفرد البخارى فيه بحديث، فيكون العزو إليه بحكم الضرورة، والشارح ظن أن جلالة البخارى المعروفة في صحيحه منسحبة على سائر مؤلفاته، فكل كتاب أجل وأعلى من كتاب لغيره وهذا جهل عظيم. الخامس: ولهذا المعنى الذي قررت لك أعرض المصنف عن عزو الحديث إلى تاريخ البخارى لها لأنه لم يطلع عليه في التاريخ، لأنه قد نقل الحديث من سنن البيهقى، والبيهقى نفسه عزا الحديث إلى التاريخ الكبير للبخارى، فلو كان للمصنف غرض بعزوه إليه لفعل إذ رأى ذلك في السنن، ولولا أن البيهقى ذكر ذلك ونقله عنه الذهبى في اختصار السنن الذي رآه الشارح لكان متعذرا على الشارح، أو مستحيلا في حقه تقريبا أن يراه هو في التاريخ الكبير لعزة وجوده، وعدم اهتداء مثله إليه. قال البيهقى [3/ 61]: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ أنا أبو العباس الأصم أنا العباس بن محمد الدورى قال: كتب إلى إسحاق بن إبراهيم الحنظلى أنا عيسى بن يونس عن ثور (ح) وأخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ ثنا الأصم ثنا الدورى ثنا أبو إسحاق الطالقاني ثنا الوليد (ح) وأخبرنا أبو سعيد يحيى بن محمد بن يحيى الأسفراينى أنبأنا أبو بحر محمد ابن الحسن البربهاري ثنا بشر بن موسى ثنا الحميدى ثنا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وثور بن يزيد عن يونس بن سيف الكلاعى عن قباث بن أشيم، فذكره، ثم قال: هذا حديث الوليد بن مسلم، وقال عيسى بن يونس في روايته: عن يونس عن عبد الرحمن بن زياد عن قباث. وكذلك رواه البخارى في التاريخ [7/ 192 - 193] عن عبد اللَّه بن يوسف

عن الوليد عن ثور عن يونس عن عبد الرحمن بن زياد عن قباث، انتهى. 2140/ 5103 - "صلاةٌ في إثْرِ صلاةٍ لا لغوَ بينهما كتابٌ في علِّيِّين". (د) عن أبي أمامة قال في الكبير: وفيه عبد الوهاب بن محمد الفارسى، قال في الميزان: رمى بالاعتزال وكان يصحف في الإسناد والمتن، وصحف هنا قوله: "كتاب في عليين" كنار في غلس. قلت: هذا واللَّه من عجائب الدنيا في الكذب والغفلة والبلادة التي ما فوقها غفلة ولا بعدها، فعبد الوهاب المذكور ذكر الذهبى آخر ترجمته من الميزان أنه مات سنة خمسمائة [2/ 683 - 684]، وذكر الحافظ في اللسان [4/ 90] أن أبا على الصدفى قال: دخل بغداد وأنا بها، وأبو داود مات سنة خمس وسبعين ومائتين، أى قبل ولادة هذا بمائتى سنة تقريبا، فهل بعد هذا من فضيحة؛ نسأل اللَّه السلامة فواللَّه ما أصيب هذا المسكين إلا من جهة جرأته على المؤلف وتقصده بالكذب، واسمع سند هذا الحديث عند أبي داود قال [رقم 1288]: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ثنا الهيثم بن حميد عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن أبي أمامة به. وأخرجه أيضًا الطبرانى في الصغير [رقم 462] من طريق الوليد بن مسلم عن يحيى بن الحارث الذمارى، وحفص بن غيلان عن القاسم بن عبد الرحمن به. وأخرجه أبو بكر محمد بن سليمان الربعى السدار في جزئه من هذا الوجه مطولا فقال: حدثنا على بن الحسين المروزى ثنا هشام بن خالد ثنا الوليد ومحمد بن شعيب

قالا: حدثنا يحيى بن الحارث الذمارى عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من تطهر ثم توجه إلى المسجد لصلاة فريضة كانت له كحجة، ومن توجه إلى المسجد بسبحة الضحى كانت له كعمرة، صلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين". 2141/ 5105 - "صَلاةٌ في مسجدى هذا أفضلُ من ألفِ صلاةٍ فيما سواه من المساجدِ، إلا المسجدَ الحرَامَ، فإنِّى آخرُ الأنبياءِ، وإنَّ مسجدِى آخرُ المساجِدِ". (م. ن) عن أبي هريرة قال الشارح: وهو من قسم المشهور. قلت: أخذ هذا من قوله في الكبير: قال ابن عبد البر: روى عن أبي هريرة من طرق ثابتة صحاح متواترة، قال العراقى: لم يرد التواتر الذي ذكره أهل الأصول بل الشهرة اهـ. فابن عبد البر والعراقى يتكلمان بالنسبة لرواية الحديث عن أبي هريرة، والطرق إليه لا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والشارح نقل ذلك إلى أصل الحديث فأخطأ في فهمه أولا وفي حكمه ثانيا، فإن الحديث بلغ حد التواتر بل هو عن أبي هريرة وحده يكاد يصل حد التواتر كما قال ابن عبد البر (¬1)، فإنه روى عنه من طريق سعيد بن المسيب، وعبد اللَّه بن إبراهيم، وأبي عبد اللَّه الأغر، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وحفص بن عاصم بن عمر، وصالح مولى التوأمة، ومحمد بن هلال عن أبيه، ونافع مولى ابن عمر. وورد مع هذا من حديث سعد بن أبي وقاص، وعبد اللَّه بن عمر، والأرقم، وأبي الدرداء، وأنس، وعائشة، وجبير بن مطعم، وعبد اللَّه بن الزبير، وأبي سعيد الخدرى. ¬

_ (¬1) انظر التمهيد (6/ 16/ 17).

وجابر ابن عبد اللَّه، وميمونة، وعلى، وعمر موقوفًا، وغير هؤلاء كعبد الرحمن بن عوف، وأبي ذر. فرواية سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أخرجها الدارمى [رقم 142]، وأحمد [2/ 239، 386، 466]، ومسلم [1394/ 505]، وابن ماجه [رقم 1404]، والطحاوى في معانى الآثار [3/ 126]، وفي مشكل الآثار [596]. ورواية عبد اللَّه بن إبراهيم خرجها أحمد، ومسلم [1394/ 705] والطحاوى في الكتابين. ورواية أبي عبد اللَّه الأغر خرجها أحمد [2/ 239، 468، 499]، والبخارى [رقم 190]، والدارمى [رقم 1418]، والترمذى [رقم 325]، وابن ماجه [رقم 1404]، والطحاوى [3/ 126]، والخطيب في التاريخ [14/ 145]. ورواية أبي سلمة بن عبد الرحمن رواها أحمد [2/ 234، 278, 501]، ومسلم [1394/ 507]، والنسائى [5/ 213 - 214] والطحاوى في معانى الآثار [3/ 126]. ورواية حفص بن عاصم رواها أحمد. وكذلك رواية صالح مولى التوأمة [2/ 484]. ورواية محمد بن هلال عن أبيه رواها أحمد، والطحاوى [3/ 127]. ورواية نافع مولى ابن عمر رواها الطحاوى في المعانى [3/ 126] والمشكل. وحديث سعد بن أبي وقاص رواه أحمد [1/ 184]، والطحاوى في الكتابين من رواية أبي عبد اللَّه القرظى عنه. وحديث عبد اللَّه بن عمر رواه الطيالسى [ص: 251]، وأحمد [2/ 16، 29، 53، 54, 68]، والدارمى [رقم 1419]، والبخارى في

التاريخ الكبير [4/ 29]، ومسلم [1395/ 509]، والنسائى [5/ 213]، وابن ماجه [رقم 1405]، والطحاوى في معانى الآثار [3/ 126]، والخطيب في التاريخ [4/ 162]، كلهم من رواية نافع عنه. ورواه أحمد من طريق عطاء ابن أبي رباح عنه. وحديث الأرقم رواه أحمد، والطحاوى في مشكل الآثار والطبرانى في الكبير. وحديث أبي الدرداء رواه الطحاوى في المشكل، والطبرانى في الكبير. وحديث أنس رواه البزار [رقم 424]، والطبرانى في الأوسط [رقم 3908]. وحديث عائشة رواه أحمد، والدولابى في الكنى [2/ 110 - 111] من رواية أبي هريرة عنها، ورواه الطحاوى في معانى الآثار [3/ 126] من طريق عروة عنها. وحديث جبير بن مطعم رواه الطيالسي وأحمد والطحاوى في المشكل. وحديث عبد اللَّه بن الزبير رواه الطيالسى [ص: 195]، والحارث بن أبي أسامة [زوائده: 395]، وأحمد [4/ 5]، والطحاوى في الكتابين (¬1) والطبرانى، وأبو نعيم في الحلية [3/ 322]. وحديث أبي سعيد رواه أحمد، والطحاوى في معانى الآثار [3/ 126]، ورواه البزار [كشف: 428]، وأبو يعلى [2/ 1165] بلفظ: "خير من مائة" بدل "ألف". وحديث جابر رواه أحمد [3/ 343 - 397]، وابن ماجه [رقم 1406]، والطحاوى في الكتابين معا. وحديث ميمونة رواه أحمد [6/ 333]، ومسلم [1396/ 510]، والنسائى [5/ 213 - 214]، والبخارى في التاريخ الكبير [1/ 302]، والطحاوى في ¬

_ (¬1) انظر معاني الآثار (3/ 127)، والمشكل رقم (597).

مشكل الآثار [رقم 599]، وحديث على رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده [زوائد: 394]: ثنا محمد بن عمر ثنا سلمة بن وردان قال: سمعت أبا سعيد بن المعلى قال: سمعت عليًا يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلاة في مسجدى خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام"، ورواه البزار [كشف رقم 430] من طريق سلمة بن وردان أيضًا، وقال في أوله: "ما بين قبرى ومنبرى روضة من رياض الجنة، وصلاة في مسجدى. . " وذكره به، وهو عند الترمذى [رقم 3915 - 3916] دون ذكر الصلاة، وإن عده في الباب عند ذكر حديث الصلاة، وحديث عمر الموقوف رواه الطحاوى في مشكل الآثار. 2142/ 5108 - "صَلاةٌ في مسجدِى هذا كألفِ صلاةٍ فيما سوَاهُ، إلا المسجدَ الحرامَ، وصيامُ شهرِ رمضَانَ بالمدينة كَصِيام ألفِ شَهْرٍ فيما سَوَاهَا، وصلاةُ الجمعةِ بالمدينةِ كألفِ جُمُعَةٍ فيَما سوَاهَا". (هب) عن ابن عمر قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه سكت عليه، والأمر بخلافه، فإنه عقبه بالقدح في سنده فقال: هذا إسناد ضعيف بمرة اهـ. فحذت المصنف له من سوء الصنيع. قلت: بل كذبك من سوء الصنيع، فالمصنف من أول الكتاب إلى آخره لا ينقل فيه عن المخرجين، وإنما أنت متعنت تركب هذا لتبني عليه ما تريد، وما جئت بالوبال إلا عليك، فقد مرت قرون على المؤلف وعليك، والمؤلف في شهرة زائدة وتعظيم وإقبال الخلق عليه وانتفاع عظيم من المسلمين بعلومه، وأنت مضحكه بين العلماء يسخرون من أخطائك الفاحشة. 2143/ 5112 - "صَلاحُ أوَّلِ هذِهِ الأمَّة بالزُّهْد واليقينِ، وَيَهْلَكُ آخِرُهَا بالبُخْلِ والأمَلِ". (حم) في الزهد (طس. هب) عن ابن عمرو

قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عصمة بن المتوكل ضعفه غير واحد ووثقه ابن حبان، وقال المنذرى: إسناده محتمل للتحسين. قلت: هذا سند الطبرانى (¬1)، أما أحمد فليس في سنده المذكور بل قال (¬2): حدثنا الهيثم بن جميل ثنا محمد -قيل: هو ابن مسلم- عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن شعيب عن عبد اللَّه بن عمرو به، وعمرو بن شعيب لم يدرك جده. 2144/ 5117 - "صِيَامُ شهرِ رمضانَ بعشرةِ أشْهُرٍ، وصيامُ ستةِ أيامٍ بعده بشهرينِ، فذلكَ صيامُ السَّنةِ". (حم. ن. حب) عن ثوبان قلت: أخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس [رقم 3753]، وأبو موسى المدينى في نزهة الحفاظ [رقم 49] وترجم عليه برواية ثلاثة، اسم كل واحد منهم يحيى ثم أسنده من طريق يحيى بن حسان التنيسى: ثنا يحيى بن حمزة ثنا يحيى بن الحارث الذمارى عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان به. 2145/ 5118 - "صِيَامُ يومِ عَرَفَة إنِّى أحتَسب علَى اللَّه أن يُكَفِّرَ السَّنةَ التي قَبْلَه والسَّنَةَ التي بَعْدَه، وصيَامُ يومِ عَاشُوراء إنِّى أحتَسبُ عَلى اللَّهِ أن يُكَفِّرَ السَّنةَ التي قبلَهُ". (ت. هـ. حب) عن أبي قتادة قال في الكبير: ظاهره أنه لم يخرجه من الأربعة إلا هذان وليس كذلك، بل خرجه الجماعة إلا البخارى، وعجب للمصنف كيف خفى عليه حديث ثابت في مسلم؟!. ¬

_ (¬1) انظر المعجم الأوسط رقم (650). (¬2) انظر الزهد ص (16).

قلت: بل عجب لمن يكتب حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو لا يدرى ما خلفه ولا ما أمامه، فالمصنف قد ذكره قريبًا بلفظ: "صوم يوم عرفة" وعزاه لأحمد [5/ 297، 308، 311]، ومسلم [1162/ 196]، وأبي داود [رقم 2425]. 2146/ 5121 - "صِيَامُ المرءِ في سبيل اللَّه يبعده من جهنَّمَ مسيرةَ سبعينَ عَامًا". (طب) عن أبي الدرداء قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه مسلمة بن على وهو ضعيف، وظاهر صنيع المصنف أن ذا لا يوجد مخرجًا في أحد الستة وهو ذهول شنيع، فقد خرجه البخارى والترمذى في الجهاد، ومسلم والنسائى وابن ماجه في الصوم. قلت: بل كذبك هو الشنيع الفظيع فهؤلاء أولا ما أخرجوه من حديث أبي الدرداء، وإنما أخرجوه من حديث أبي سعيد الخدرى، ولو أخرجوه من حديث أبي الدرداء لم يذكره الهيثمى في الزوائد. وثانيا: لفظه عندهم: "من صام يوما في سبيل اللَّه"، وعند بعضهم: "ما من عبد يصوم يوما في سبيل اللَّه تعالى إلا باعد اللَّه بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا". وثالثا: قد ذكره المصنف فيما سيأتى بلفظ: "من صام" وعزاه لأحمد [3/ 45]، والبخارى [رقم 2840]، ومسلم [1153/ 167]، والترمذى [رقم 623]، والنسائى [4/ 173]، ولكن الشارح جاهل متعنت. 2147/ 5122 - "الصَّائمُ المتطوعُ أمير نفسه: إنْ شَاءَ صَامَ، وإنْ شَاءَ أفْطَر". (حم. ت. ك) عن أم هانئ

قال المتعنت في الكبير: وكلام المؤلف يوهم أنه لم يروه من الستة إلا الترمذى، ولا كذلك، بل رواه النسائى وأبو داود عن أم هانئ. قلت: ما روى أبو داود والنسائى (¬1) هذا الحديث، وإن وهم الزيلعى [2/ 469] فعزاه لهما. 2148/ 5124 - "الصَّائمُ بعدَ رَمَضَانَ كالكَارِّ بعد الفَارِّ". (هب) عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وفيه بقية بن الوليده، قال الذهبى: صدوق لكنه يروى عمن دب ودرج فكثرت مناكيره، وإسماعيل بن بشير، قال العقيلى: متهم بالوضع. قلت: فيه أمور، الأول: أنه اعترف في الكبير بأن في سنده متهمًا بالوضع كما افتراه على العقيلى، ثم رجع فقال في الصغير: إسناده حسن، ولا يتصور الحسن مع وجود متهم بالوضع. الثانى: التحريف والكذب، قال الذهبى: إسماعيل بن بشير بن سليمان الكوفى، قال العقيلى [1/ 81]: يهم في غير حديث، فحرف الشارح يهم بمتهم وزاد من عنده بالوضع. الثالث: بقية بن الوليد اعترف بأنه صدوق وأنه يروى عمن دب ودرج، فكان الواجب أن يعرف هل روى هذا الحديث عمن دب ودرج فيكون حديثه ضعيفا أو رواه عن معروف فلا يكون ضعيفا لأنه صدوق، وشيخه معروف. والحديث رواه أيضًا الديلمى من طريق أبي الشيخ قال: حدثنا القاسم بن فورك ثنا أبو زرعة الرازى ثنا الوليد بن عتبة ثنا ¬

_ (¬1) رواه النسائى في الكبرى (2/ 249).

بقية حدثنى أبو مسكين الجزرى ثنا إسماعيل بن بشير عن عكرمة عن ابن عباس به. 2149/ 5126 - "الصَّائِمُ في عبادةٍ ما لم يغتبْ مسلمًا أو يُؤْذِهِ". (فر) عن أبي هريرة قال في الكبير: فيه عبد الرحيم بن هارون، قال الذهبى في الضعفاء: قال الدارقطنى: يكذب، والحسن بن منصور قال ابن الجوزى في العلل: غير معروف الحال، وقال ابن عدى: حديث منكر. قلت: الذي في السند: الحسين بن منصور، وما قال ابن عدى ولا ابن الجوزى ما نقله عنهما الشارح. قال الديلمى [رقم 3825]: أخبرنا أبي أخبرنا أحمد بن المعبر ثنا أبو طاهر بن سلمة إملاءً أخبرنا أبو الفتح الأزهرى ثنا القاسم بن زكريا ثنا الحسين بن منصور ثنا عبد الرحيم بن هارون ثنا هشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به. 2150/ 5127 - "الصَّائمُ في عبادةٍ من حينَ يُصْبِحُ إلى أنْ يُمْسِى مَا لَمْ يَغْتَبْ، فَإذا اغْتَابَ خَرَقَ صَوْمَهُ". (فر) عن ابن عباس. قلت: سكت عليه الشارح، وهو حديث موضوع لأنه من رواية عمر بن مدرك القاص، وهو كذاب، وقد اختصره المصنف وحذف منه ما فيه ركاكة. قال الديلمى [رقم 3826]: أخبرنا أبي حدثنا عبد الواحد بن بوعة ثنا محمد بن يوسف بن محمد بن نوح ثنا الفضل بن الفضل الكندى ثنا على بن سعيد العسكرى ثنا عمر بن مدرك ثنا محمد بن إبراهيم عن مقاتل عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الصائم في عبادة من حين يصبح إلى أن يمسى،

إذا قام قام، وإذا صلى صلى، وإذا نام نام، وإذا حدث حدث (قلت: وإذا كذب كذب) ما لم يغتب، فإذا اغتاب خرق صومه". 2151/ 5129 - "الصُّبْحَةُ تمنعُ الرزقَ". (عم. عد. هب) عن عثمان (هب) عن أنس قال في الكبير: هكذا هو فيما وقعت عليه من النسخ، والذي رأيته في كلام جمع، منهم الحافظ الهيثمى نسبته لأحمد لا لابنه، وأعله بإسحاق بن أبي فروة، وقال: هو ضعيف، ثم قال عقب حديث أنس: ظاهر صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وأقره والأمر بخلافه، بل عقبه بقوله: إسحاق بن أبي فروة تفرد به وخلط في إسناده، وأما ابن عدى فقال: الحديث لا يصح وفي الميزان: هذا حديث منكر، وقال الزركشى في اللآلئ: هذا الحديث في مسند أحمد من زيادات ابنه، وهو ضعيف، وتبعه المؤلف في الدرر وقال عقب حديث عثمان: قال ابن الجوزى في الموضوعات: موضوع، ابن أبي فروة وإسحاق متروكان. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: والذي رأيته في كلام جمع، هو كذب، فإنه ما رآه إلا في كلام الحافظ الهيثمى وحده، والهيثمى وهم في ذلك لظنه أن عبد اللَّه قال: حدثنا أبي؛ على عادته، وهو لم يقل ذلك في هذا الحديث بل قال [3/ 73]: حدثنا أبو إبراهيم الترجمانى ثنا إسماعيل بن عياش عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة عن محمد بن يوسف عن عمرو بن عثمان بن عفان عن أبيه به. وقال أيضًا [3/ 73]: حدثنا يحيى بن عثمان الحربى أبو زكريا ثنا إسماعيل بن عياش به. وقد نقل الشارح نفسه عن الزركشى أنه قال: هو في زوائد المسند لعبد اللَّه ابن أحمد.

الثانى: قوله: قال ابن الجوزى: ابن أبي فروة وإسحاق متروكان -غلط، بل قال [3/ 68]: ابن أبي فروة إسحاق متروك، فابن أبي فروة هو إسحاق. الثالث: قوله: وظاهره أن البيهقى خرجه وأقره. . . إلخ -سخافة نبهنا على بطلانها نحو ألف مرة، والمصنف نقل كلام البيهقى في اللآلئ [2/ 156] ومنه نقله الشارح. الرابع: حكى عن ابن الجوزى أنه حكم بوضعه، وسكت عن تعقب المصنف له؛ لأن المصنف أجاد وأطال في تعقبه وهو لا يتعرض لتعقب المصنف إلا إذا كان الموضوع ضيقا يتسنى له أن يقول: وتعقبه المؤلف فلم يأت بطائل كعادته، فاسمع تعقب المصنف لابن الجوزى، وإن كان فيه طول {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ}: أورد ابن الجوزى الحديث من عند ابن عدى من طريق ابن أبي فروة بسنده السابق عند عبد اللَّه بن أحمد ثم قال: لا يصح، إسحاق بن أبي فروة متروك، فقال المؤلف [2/ 158]: أخرجه عبد اللَّه بن أحمد في زيادات المسند [1/ 73]، وأخرجه البيهقى في شعب الإيمان [رقم 4732] وقال: رواه مسلمة بن على عن ابن عياش عن رجل وهو ابن أبي فروة عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس بن مالك مرفوعًا، وقال: خلط ابن أبي فروة في إسناده اهـ. وله طريق آخر عن عثمان قال أبو نعيم في الحلية [9/ 251]: ثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا الحسن بن على بن نصر الطوسى ثنا محمد ابن أسلم ثنا حسين بن الوليد ثنا سعليمان بن أرقم عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "إن الصبحة تمنع الرزق" وله شواهد، قال الديلمى [رقم 3868]: أنبأنا أبو ثابت بنجير بن منصور بن على أنبأنا أبو محمد جعفر بن محمد بن

الحسين الأبهرى المعروف بـ "بابا" أنبأنا على بن الحسين عن إبراهيم بن ثابت عن أحمد بن يوسف بن إسحاق الطائى عن سهل بن صالح عن المحاربى عن جعفر بن برقان عن الأصبغ بن نباتة عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تناموا عن طلب أرزاقكم فيما بين صلاة الفجر إلى طلوع الشمس" قال: فسئل أنس عن معنى هذا الحديث قال: يسبح ويكبر ويستغفر سبعين مرة فعند ذلك ينزل الرزق. وقال البيهقى في شعب الإيمان [رقم 4735]: أنبأنا عبد الخالق بن على النيسابورى أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حبيب ثنا محمد بن أحمد بن يزيد بن أبي العوام ثنا أبي ثنا المشمعل بن ملحان القيسى ثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن فاطمة بنت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قالت: "مر بى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا مضطجعة متصبحة فحركنى برجله وقال: يا بنية قومى فاشهدى رزق ربك ولا تكونى من الغافلين، فإن اللَّه تعالى يقسم أرزاق العباد ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس" قال البيهقى: إسناده ضعيف، قال [رقم 4736]: وأنبأنا أبو نصر بن قتادة أنبأنا أبو العباس الضبعى أنبأنا يعقوب بن إسحاق بن الحجاج ثنا (1) إبراهيم بن غالب (¬1) ثنا إسماعيل بن مبشر بن عبد اللَّه الجوهرى عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن على قال: "دخل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على فاطمة بعد أن صلى الصبح وهى نائمة. . . " فذكر معناه. [رقم 4737] أخبرنا أبو حامد أحمد بن أبي خلف الصوفي المهرجانى ثنا أبو بكر محمد بن يزداد بن مسعود ثنا محمد بن أيوب أنبأنا مسلم بن إبراهيم ثنا ¬

_ (¬1) كتب المؤلف على الحاشية اليسرى: أو ابن إبراهيم، وفي المطبوع من الشعب: "نا إسحاق بن إبراهيم بن غالب".

شعبة عن مسعر عن ثابت بن عبيد عن خوات بن جبير الأنصارى، وكان من الصحابة قال: "نوم أول النهار خرق وأوسطه خلق وآخره حمق". [رقم 4739] أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ أنبأنا أبو عبد اللَّه محمد بن على الصنعانى ثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا عبد الرزاق عن معمر عن ليث عن رجل (¬1) عن علقمة بن قيس قال: بلغنا أن الأرض تعج إلى اللَّه من نومة العالم بعد صلاة الصبح. وقال الطبرانى: ثنا هارون بن مدرك المصرى ثنا عبد اللَّه بن يزيد المقرى ثنا سعيد بن أيوب عن خالد بن يزيد وعبد اللَّه بن سليمان عن عمر وابن نافع عن عبد اللَّه بن عمر: أنه مر على رجل بعد صلاة الصبح وهو نائم فحركه برجله حتى استيقظ فقال له: أما علمت أن اللَّه تعالى يطلع في هذه الساعة إلى خلقه، فيدخل من شاء ثلاثة منهم الجنة برحمته. وقال أبو الشيخ: حدثنا الحسن بن الحسين عن أبيه عن جعفر بن محمد عن محمد بن على بن الحسين عن أبيه عن جده عن على مرفوعًا: "ما عجبت الأرض من شيء كعجبها من ثلاثة: من دم حرام يسفك عليها، أو غسل من زنى، أو نوم قبل طلوع الشمس". وقال ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 5493]: ثنا وكيع عن مسعر عن ثابت بن عبيد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: مر بى عمر بن مليك وأنا متصبح في النخل فحركني برجله، وقال: أترقد في ¬

_ (¬1) في طبعة الكتب العلمية سقط في الإسناد من أول قوله: أنبأنا أبو عبد اللَّه إلى قوله: عن رجل، وهو مثبت في الطبعة السلفية الهندية (9/ 34) كما هنا.

الساعة التي ينتشر فيها عباد اللَّه". حدثنا حفص عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان الزبير ينهى بنيه عن التصبح. قال: وقال عروة: إنى لأسمع بالرجل يتصبح فأزهد فيه [8/ 5494]. حدثنا حفص عن طلحة بن يحيى عن عبد اللَّه بن فروخ عن طلحة بن عبيد اللَّه: أنه مر بابن له قد تصبح فأقعده ونهاه عن ذلك. حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي سفيان قال: التقى ابن الزبير وعبيد بن عمرو فتذاكرا شيئًا فقال له الآخر: أما علمت أن الأرض تعج إلى ربها من نومة علمائها [8/ 5496]. حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه قال: إنى لأزهد في الرجل يتصبح [8/ 5497]. وقال الديلمى [رقم 6309]: أنبأنا الحداد أنبأنا أبو نعيم ثنا عبد الرحمن بن العباس الأطروش ثنا أحمد بن على الجزار ثنا ثابت بن موسى ثنا سليمان بن عمرو عن خليد بن سلمة عن أبان عن أبيه عثمان بن عفان قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الثابت في مصلاه بعد صلاة الصبح يذكر اللَّه عز وجل حتى تطلع الشمس أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الآفاق" انتهى ما تعقب به المؤلف ابن الجوزى [2/ 158]. ومن أجل هذا أضرب عنه الشارح صفحا، ولم يقل: إنه تعقبه خوفا أن يرجع إليه فيوقف على هذا، فسبحان قاسم الأخلاق. وقد بقى في الباب من المخرجين والشواهد -مما لم يذكره المؤلف- ما أحببت أن أضمه إليه تتميما للفائدة، فالحديث أخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [1/ 73]، من طريق يحيى بن عمر البزاز:

ثنا إسماعيل بن عياش عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة بسنده السابق عن عثمان. وأخرجه الطحاوى في مشكل الآثار: حدثنا على بن معبد ثنا معلى بن منصور ثنا إسماعيل بن عياش فقال عن إسماعيل بن أمية عن موسى بن عمران عن أبان بن عثمان عن عثمان قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الصبحة تمنع بعض الرزق". قلت: فهذا قول آخر لإسماعيل بن عياش في سند هذا الحديث وطريق سليمان بن أرقم خرجه أيضًا أبو أحمد الغطريفى في جزئه قال: حدثنا الحسن بن سفيان ثنا عبيد اللَّه بن فضالة ثنا الحسين بن الوليد ثنا سليمان ابن أرقم عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن عثمان به مرفوعًا: "الصبحة تمنع الرزق" يعنى: نوم الغداة. وحديث أخرجه أيضًا أبو بكر الصيرفى في فوائده قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسن على بن عبد اللَّه بن جهضم بمكة ثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى ثنا محمد بن إسحاق ثنا بشر بن الحكم النيسابورى ثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن على بن أبي طالب قال: "مر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعائشة وهى نائمة قبل صلاة الفجر فحركها برجله وقال: قومى فاشهدى رزق ربك، ولا تكونى من الغافلين، إن اللَّه تعالى يقسم أرزاق العباد ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس". وأثر خوات بن جبير أخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة قال: حدثنا إبراهيم بن حبيب ثنا على بن عبد اللَّه قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن ثابت بن عبيد عن ابن أبي ليلى قال: قال خوات بن جبير: نوم أول النهار خرق وأوسطه خلق وآخره حمق.

وقال القضاعى في مسند الشهاب [2/ 49]: أخبرنا أبو مسلم محمد بن أحمد بن على البغدادى الكاتب ثنا أبو بكر عبد اللَّه ابن الأشعث أنا يعقوب بن إسحاق القلوسى ويزيد بن محمد بن المغيرة قالا: حدثنا الحكم بن مروان الضرير ثنا محمد بن عبد اللَّه عن أبيه عن القاسم عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا ينجى حذر من قدر، وإن كان شيء يقطع الرزق فإن التصبح يقطعه. . " الحديث. وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 179] في حرف الألف: حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ثنا إبراهيم بن عبد اللَّه الجمحى ثنا يعلى بن عبيد ثنا يحيى بن عبيد اللَّه عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كره لكم ثلاثة: الصبحة، وأن يبرأ الرجل من أخيه، وفخره على أخيه". وقال الدينورى في المجالسة: حدثنا محمد بن أحمد بن النضر قال: سمعت ابن الأعرابى يقول: مر عبد اللَّه ابن عباس بالفضل ابنه وهو نائم نومة الضحى فركله برجله، وقال له: قم إنك لنائم الساعة التي يقسم اللَّه فيها الرزق لعباده، أو ما سمعت ما قالت العرب فيها؟ قال: وما قالت العرب فيها يا أبه؟ قال: زعمت أنها مكسلة مهرمة منساة للحاجة، ثم قال: يا بنى نوم النهار على ثلاثة: نوم حمق وهو نوم الضحى، ونومة الخلق وهى التي روى: "قيلوا فإن الشياطين لا تقيل"، ونومة الخرق وهى نومة بعد العصر لا ينامها إلا سكران أو مجنون. 2152/ 5130 - "الصَبْرُ نِصْفُ الإيمانِ، واليقينُ الإيمانُ كُلُّهُ". (حل. هب) عن ابن مسعود قال في الكبير: ثم قال البيهقى: تفرد به يعقوب بن حميد عن محمد بن

خالد المخزومى، والمحفوظ عن ابن مسعود من قوله غير مرفوع. قلت: أخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب [ص: 265]، وابن الأعرابى في المعجم [رقم 592] والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 126 - 127]، والخطيب في التاريخ [13/ 226] كلهم من طريق يعقوب بن حميد ابن كاسب. ثنا محمد بن خالد المخزومى عن سفيان الثورى عن زبيد بن الحارث عن أبي واثل عن عبد اللَّه به مرفوعًا. وقال أبو نعيم [5/ 34]: تفرد به المخزومى عن سفيان بهذا الإسناد. ورواه الثورى عن أبي إسحاق عن جرير النهدى عن رجل من بنى سليم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. وكذا قال الخطيب: تفرد بروايته محمد بن خالد عن الثورى، ونقل الحافظ عن أبي على النيسابورى أنه قال: هذا حديث منكر لا أصل له من حديث زبيد ولا من حديث الثورى، قال الحافظ: يعنى مرفوعًا، وإلا فقد ذكره البخارى في صحيحه تعليقا عن عبد اللَّه بن مسعود موقوفًا [الفتح 1/ 45]. وأسنده الطبرانى في المعجم الكبير [9/ 8544] من رواية الأعمش عن أبي ظبيان عن علقمة عن عبد اللَّه اهـ. قلت: ومن هذا الطريق أخرجه أيضًا عبد اللَّه بن أحمد في كتاب السنة [1/ 374] عن أبيه عن عبد الرحمن بن مهدى عن سفيان عن الأعمش به. وأخرجه الحاكم في التفسير من المستدرك [2/ 446]: عن أبي زكريا العنبرى عن محمد بن عبد السلام عن إسحاق عن جرير عن الأعمش به.

2153/ 5131 - "الصبرُ رِضًا". الحكيم وابن عساكر عن أنس قلت: سكت عليه الشارح، والحديث خرجه الحكيم في الأصل الرابع وثمانين ومائة (¬1) قال [2/ 92]: أخبرنا المفضل بن محمد ثنا محمد بن مصفى الحمصى ثنا بقية بن الوليد عن إسماعيل بن عياش عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبي عمران الأنصارى عن أبي سلام الحبشى عن عبد الرحمن بن غنم الأشعرى عن أبي موسى الأشعري به. وأخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب [ص 265] قال: حدثنا عبد اللَّه بن سليمان هو ابن أبي داود ثنا محمد بن مصفى به. وأخرجه الديلمى في مسند الفردوس [رقم 3843] من رواية أبي بكر محمد ابن عبد اللَّه بن صالح عن ابن أبي داود به، وإسناده لا بأس به لولا عنعنة بقية. أما عاصم بن رجاء فهو فلسطينى من أهل بلد إسماعيل بن عياش، إن كانوا يقصدون القطر والناحية وإلا فهو ضعيف. 2154/ 5133 - "الصَّبْرُ عندَ الصَّدْمَةِ الأولَى". البزار (ع) عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس بجيد، فقد قال الهيثمى وغيره: فيه بكر بن الأسود أبو عبيد الناجى، وهو ضعيف، وقضية صنيع المؤلف أن هذا لا يوجد مخرجًا في أحد الصحيحين وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فاحش، ¬

_ (¬1) في المطبوع من النوادر في الأصل الثالث وثمانين ومائة.

بل هو في صحيح البخارى بهذا اللفظ من حديث أنس، وإن هذا لشئ عجاب. قلت: كذب الشارح في تعجبه، وكذب في نسبة الذهول الفاحش إلى المؤلف، وكذب في قوله: إن البخارى خرجه بهذا اللفظ، بل هو يعلم أن المصنف ما ذهل عنه وأنه ذكره في حرف الهمزة بلفظ: "إن الصبر" وعزاه لأحمد [3/ 217]، والبخارى [رقم 1302]، ومسلم [9261/ 14]، والأربعة (¬1) فإن كان يجهل هذا كله ويجهل اصطلاح المؤلف في كتابه -وهذا الأخير محال- فهو أبلد خلق اللَّه وأجهلهم على الإطلاق فمثله يجب عليه أن يسكت ولا يتكلم. ثم تعقبه على المصنف تصحيح هذا الحديث والذي بعده بكلام الهيثمى فيهما جهل منه باصطلاح الحافظين، فالهيثمى التزم أن يتكلم على كل طريق يورده بقطع النظر عن الخارج، والمصنف يتكلم على الحديث من حيث هو بقطع النظر عن بعض الأسانيد، وإنما يعدد إيراده لاختلاف ألفاظه عند مخرجيه، وإلا فالحديث صحيح مخرج في الصحيحين، فلا يمكن أن يقال: حديث "إن الصبر عند الصدمة الأولى" صحيح، وحديث: "الصبر عند الصدمة الأولى" ضعيف، بل هذا لا يقوله إلا بليد أو مجنون كالشارح. 2155/ 5136 - "الصبرُ من الإيمانِ بمنزلةِ الرأسِ من الجسدِ". (فر) عن أنس (هب) عن على موقوفًا قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: فيه يزيد الرقاشى وهو ضعيف. قلت: هذا يقتضى أن يزيد الرقاشى في حديث على، وإنما هو الراوى له عن أنس بن مالك. ¬

_ (¬1) أخر جه أبو داود (رقم 3124)، والترمذى (رقم 987، 988)، والنسائى (4/ 22)، وفي الكبرى (1/ 613)، وابن ماجه (رقم 1596).

قال الديلمى [رقم 3840]: أخبرنا أبي أخبرنا محمد بن عثمان الغرقسانى أخبرنا عبيد اللَّه بن زيرك ثنا أبو زرعة الرازى الجوال ثنا أبو أمية ثنا محمد بن مصعب الغرقسانى ثنا الأوزاعى ثنا العلاء بن خالد القرشى عن يزيد الرقاشى عن أنس به. وأما الموقوف على عليٍّ فأخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [1/ 75] قال: حدثنا الطبرانى ثنا الدبرى أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد قال: قال على بن أبي طالب (ح) وحدثنا عبد اللَّه بن محمد بن سوار ثنا عون بن سلام ثنا عيسى بن مسلم الطهوى عن ثابت بن أبي صفية عن أبي الزغل قال: قال على بن أبي طالب: احفظوا عنى خمسا فلو ركبتم الإبل في طلبهن لأنضيتموهن قبل أن تدركوهن: لا يرجو عبد إلا ربه، ولا يخاف إلا ذنبه، ولا يستحى جاهل أن يسأل عما لا يعلم، ولا يستحى عالم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له. 2156/ 5137 - "الصَّبْرُ ثلاثَةٌ: فَصَبْرٌ على المُصيْبَة، وصَبْرٌ عَلَى الطَّاعَةِ، وصَبْرٌ عِن المَعْصِيَةِ، فَمَنْ صَبَرَ على المعْصِيَةِ حَتَّى يَرُدَّهَا بُحسْنِ عَزَائِها كَتَبَ اللَّهُ له ثَلَاثَمَائَةِ دَرَجةٍ، ما بين الدَّرَجتَيْنِ كما بين السَّمَاء والأَرْضِ، وَمَنْ صَبَرَ على الطَّاعَة كَتَبَ اللَّهُ لَهُ سِتمَائَةِ دَرَجَةٍ ما بين الدَّرَجَتَيْنِ كما بَيْنَ تُخُومِ الأَرْضين إِلى مُنْتَهى الأَرضينَ، وَمَنْ صَبَرَ عَنِ المعصِيَةِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ تِسْعمائَةِ دَرجَةٍ، ما بين الدَّرجَتَيْنِ كَمَا بين تُخُومِ الأَرضينَ إِلى مُنْتَهى العَرْشِ مَرَّتَيْنِ". رواه ابن أبي الدنيا في الصبر وأبو الشيخ في الثواب عن على قلت: هو حديث موضوع يلام المصنف على ذكره ولابد.

2157/ 5138 - "الصَّبيُّ الَّذِى له أبٌ يمسح رأسَه إلى خلفٍ، واليتيمُ يمسح رأسَه إلى قُدَّام". (تخ) عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد حسن. قلت: بل هو كذب موضوع يدرى وضعه جهلة العوام، فضلا عن أهل العلم، ولا يبعد أن يكون واضعه زنديقًا يريد شين الشريعة الإسلامية بمثل هذا. 2158/ 5142 - "الصَّدقةُ تَسُدُّ سبعين بابا من السُّوءِ". (طب) عن رافع بن خديج قال في الكبير عن الهيثمى: فيه حماد بن شعيب وهو ضعيف. قلت: بل فيه من هو أضعف من حماد وهو جبارة بن مغلس (¬1) فقد أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من طريق الطبرانى وغيره فقال [1/ 68]: حدثنا محمد بن محمد بن أحمد ومحمد بن على بن حبيش وأحمد بن السندى وسليمان بن أحمد قالوا: حدثنا الحسين بن محمد بن حاتم ثنا عبيد العجلى ثنا جبارة بن مغلس ثنا حماد بن شعيب حدثنى سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة عن رافع بن خديج به. 2159/ 5143 - "الصَّدَقَةُ تَمْنَعُ مِيتَةَ السُّوءِ". القضاعى عن أبي هريرة قلت: لا أدرى ما وجه اقتصار المؤلف على حديث أبي هريرة، فإن القضاعى أخرجه بهذا اللفظ من حديث رافع بن مكيث أولا ثم من حديث أبي هريرة ثانيا فقال [رقم 97]: ¬

_ (¬1) انظر تهذيب الكمال (4/ 489 - 493).

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر العدل أنبأنا ابن الأعرابى ثنا أحمد بن منصور الرمادى ثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهرى عن عثمان بن زفر عن بعض بنى رافع بن مكيث عن رافع -وكان ممن شهد الحديبية- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الصدقة تمنع ميتة السوء". وأخبرنا القاضى أبو الحسن عبد العزيز بن عبد الرحمن القزوينى أنبأنا أحمد بن عبد اللَّه ثنا محمد بن قارن أبو بكر ثنا المنذر بن شاذان أبو مخرمة ثنا يعلى بن عبيد ثنا يحيى بن عبد اللَّه التميمى عن أبيه عن أبي هريرة قال مثله [رقم 98]. مع أن سند رافع بن مكيث أنظف وأحسن من حديث أبي هريرة بل هو حسن مخرج في مسند أحمد [3/ 502]، وسنن أبي داود [رقم 5162، 5163] بلفظ: "حسن الملكة نماء وسوء الخلق شؤم، والبر زيادة في العمر، والصدقة تمنع ميتة السوء"، لفظ أحمد. 2160/ 5149 - "الصِّدِّيقُون ثلاثةُ: حبيبٌ النجارُ مؤمنُ آلِ يس الَّذى قَالَ {يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ}، وحِزْقِيلُ مؤمنُ آلِ فرْعَونَ الَّذى قال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}، وعليُّ بنُ أبي طالب، وهُوَ أفْضَلُهم". أبو نعيم في المعرفة، وابن عساكر عن أبي ليلى زاد الشارح: وابن مردويه قلت: الديلمى روى هذا الحديث عن أبي بكر بن مردويه فظن الشارح أنه صاحب التفسير، والديلمى لم يلحقه لأن صاحب التفسير مات سنة ست عشرة وأربعمائة والذي روى عنه الديلمى حفيده المتوفى ثلاث وتسعين وأربعمائة، وهو وإن كان رواه عن جده إلا أنه لا يعلم في أى كتاب رواه فلا ينبغى العزو إليه مع عدم التحقق من ذلك.

قال الديلمى [رقم 3866]: أخبرنا أبو بكر بن مردويه إجازة حدثنا جدى ثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن السرى ثنا محمد بن عثمان بن سعيد ثنا الحسن بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي ليلى به. قلت: هكذا وقع في السند: حدثنا جدى، وقد قال الذهبى في التذكرة [4/ 1212]: إنه لم يلحق جده، فاللَّه أعلم. 2161/ 5157 - "الصَّمْتُ حكمة، وقَلِيلٌ فَاعِلُهُ". القضاعى عن أنس (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: وأورده البيهقى في الشعب من طريق أنس وقال: غلط فيه عثمان بن سعيد، والصحيح رواية ثابت عن أنس أن لقمان قاله. قلت: لا وجود لعثمان بن سعيد في سند الحديث. قال القضاعى [رقم 240]: أخبرنا محمد بن منصور التسترى أنا أبو بكر محمد بن على بن السائب البصرى ثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهرى ثنا زكريا بن يحيى المقرى ثنا الأصمعى ثنا على بن مسعدة عن قتادة عن أنس به. أما أثر أنس عن لقمان فأخرجه ابن شاهين في الترغيب [رقم 390]، وابن حبان في روضة العقلاء [ص: 28]، والحاكم في المستدرك [2/ 422 - 423] في سورة سبإٍ عند قوله تعالى: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [آية: 10]، كلهم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس، وهو عند الحاكم مطولا وفيه قصة.

2162/ 5158 - "الصَّمْتُ أرفَعُ العِبَادةِ". (فر) عن أبي هريرة قلت: أسنده الديلمى [رقم 3849] من طريق أبي نعيم وهو عنده في التاريخ في ترجمة عبد اللَّه بن محمد بن موسى البازيار من طريقه قال [2/ 73]: حدثنا أشعث بن شداد السجستانى ثنا يحيى بن يحيى ثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به. 2163/ 5167 - "الصَّومُ في الشِّتَاءِ الغَنِيمَةُ البَارِدَةُ". (حم. ع. طب. هق) عن عامر بن مسعود (طس. عد. هب) عن أنس (عد. هب) عن جابر قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه سعيد بن بشير ثقة لكنه اختلط اهـ. وفيه الوليد بن مسلم أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ثقة مدلس سيما في شيوخ الأوزاعى، وزهير بن محمد أورده الذهبى في الضعفاء وقال: فيه ضعف ما، وقال البخارى: روى عنه أيضًا أهل الشام مناكير، وقال ابن معين: ضعيف. قلت: فيه أمور، الأول: أن حديث عامر بن مسعود أخرجه أيضًا الترمذى [رقم 797] قال: حدثنا محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن نمير ابن غريب عن عامر بن مسعود به، ثم قال الترمذى: هذا حديث مرسل عامر بن مسعود لم يدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اهـ. والشارح دائمًا يستدرك على المؤلف بالباطل ويسكت في موضع الحق والصواب.

وأخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [رقم 231]: الثانى: أنه ذكر سعيد بن بشير في السند عقب حديث جابر فأوهم أنه في سند حديثه، والواقع أنه في سند حديث أنس بن مالك لا في حديث جابر، ولا في حديث عامر بن مسعود. قال الطبرانى [الصغير: رقم 703]: حدثنا عبد العزيز بن سليمان الحرملى الأنطاكى ثنا يعقوب بن كعب الحلبى ثنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس به. الثالث: أن الوليد بن مسلم ثقة من رجال الصحيحين. الرابع: أن زهير بن محمد ثقة أيضًا من رجال الصحيحين، وإن كان مختلفا فيه. الخامس: أنه لا وجود له في سند الحديث كما رأيت. السادس: أن حديث أنس أصله موقوف رواه عن أبي هريرة من قوله، كذلك رواه عبد اللَّه بن أحمد في زوائد زهد أبيه [رقم 132]، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقى في السنن [4/ 297] من طريق همام عن قتادة عن أنس عن أبي هريرة قال: ألا أدلكم على باردة، قالوا: ماذا يا أبا هريرة؟ قال: الصوم في الشتاء. 2164/ 5171 - "الصَّلَواتُ الخمسُ كفَّارةٌ لما بينهنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ، والجُمعَةُ إلى الجُمعةِ وزيادةُ ثلاثةِ أيامٍ". (حل) عن أنس قلت: سكت عليه الشارح وهو من رواية الحكم بن عبد اللَّه عن أنس،

والحكم ضعيف أخرجه أبو نعيم في ترجمة محمد بن أسلم الطوسى [9/ 250] من روايته عن إبراهيم بن سليمان عن عبد الحكم المذكور، لكن الحديث المذكور قبله في المتن شاهد له. 2165/ 5176 - "الصَّلاةُ في المسجدِ الحرامِ بمائةِ ألفِ صلاةٍ، والصلاةُ في مسجدِى عشرةُ آلافِ صلاةٍ، والصلاةُ في مسجدِ الرِّباطاتِ ألفُ صلاةٍ". (حل) عن أنس قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: لم يبين وجه ضعفه، وذلك أنه من رواية عبد الرحيم بن حبيب ثنا داود ابن عجلان ثنا إبراهيم بن أدهم عن مقاتل بن حيان عن أنس به. قال أبو نعيم [8/ 46]: لم نكتبه إلا من حديث عبد الرحيم عن داود. قلت: وداود ضعيف وعبد الرحيم متهم بالوضع، قال ابن حبان: [2/ 163] لعله وضع أكثر من خمسمائة حديث على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- اهـ. فالحديث موضوع لا ضعيف، ومن طريقه أيضًا أخرجه ابن منده في مسند إبراهيم بن أدهم [رقم 30] قال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد بن الحارث ثنا العباس بن حمزة ثنا عبد الرحيم بن حبيب به. 2166/ 5180 - "الصَّلاةُ نُورُ المؤمنِ". القضاعى وابن عساكر عن أنس قال الشارح: قال العامرى في شرح الشهاب: صحيح.

قلت: قدمنا غير مرة أن العامرى أحمق يصحح الأحاديث بهواه وذوقه، غير ناظر إلى الإسناد، وأنه ليس عنده حديث ضعيف ولا موضوع، بل الكل صحيح أو حسن أو غريب، وإلا كان متواترا أو مشهورا. وهذا الحديث خرجه القضاعى [رقم 144] من طريق أبي خالد الأحمر عن عيسى بن ميسرة عن أبي الزناد عن أنس به. وأخرجه ابن شاهين في الترغيب والترهيب [رقم 46]: ثنا عبد اللَّه بن سليمان أنا محمود بن آدم المصيصى أنا أبو خالد الأحمر به. وشيخه عيسى بن ميسرة ضعيف منكر الحديث متروك فكيف يكون الحديث صحيحا؟ نعم، يشهد له حديث أبي مالك الأشعرى مرفوعًا: "الطهور شطر الإيمان. . " الحديث، وفيه: "والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء. . . " الحديث عند أحمد [5/ 344]، ومسلم [رقم 223] والترمذى [رقم 3517] وغيرهم، بل أفرد الحافظ المنذرى طرقه بجزء مخصوص. 2167/ 5181 - "الصَّلاةُ خيرُ موضوعٍ، فَمَنْ استطاعَ أن يستكثِرَ فليستكثرْ". (طس) عن أبي هريرة قال الهيثمى: فيه عبد المنعم بن بشير، يعنى: وهو ضعيف، وظاهر كلام المصنف أنه لم يره مخرجًا لأعلى من الطبرانى، ولا أحق بالعزو إليه، وليس كذلك، فقد رواه الإمام أحمد، وابن حبان، والحاكم وصححه عن أبي ذر قلت: كذب الشارح فحديث أبي ذر هو حديث طويل في نحو ورقتين من حجم هذا الكتاب جاء فيه هذا اللفظ من جملة ألفاظه في وسطه، فكيف ينتزع المصنف هذه القطعة وحدها منه ويعزوها إلى أحمد، ولم يعزها حينئذ إلى المذكورين وحدهم.

فحديث أبي ذر المذكور أخرجه جماعة كثيرة منهم: الآجرى في كتاب الشريعة، وأبو نعيم في الحلية [1/ 166 - 168] والقضاعى في مسند الشهاب [أرقام: 651، 740 و 836 و 838]، وابن مردويه في التفسير (¬1)، والحسن بن رشيق، والبيهقى في السنن [9/ 4]، وابن سعد في الطبقات [4/ 229]، وابن شاهين في الترغيب [رقم 261]، والخرائطى في مكارم الأخلاق [1/ 60] والحارث بن أبي أسامة في مسنده [رقم 48]، وآخرون ذكرت أسانيدهم ومتونهم في مستخرجى على مسند الشهاب. وهو عند بعضهم مطول وعند بعضهم مختصر كل يقتصر على قطعة منه ومحل الشاهد الذي يحتاجه، ومنهم ابن ماجه فإنه أخرج في سننه [رقم 4218] منه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف، ولا حسن كحسن الخلق"، ولفظه أوله عند أحمد عن أبي ذر [5/ 178 و 179] قال: أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في المسجد فجلست فقال: "يا أبا ذر هل صليت؟ قلت: لا، قال: قم فصل، فصليت ثم جلست، فقال: يا أبا ذر، تعوذ باللَّه من شر شياطين الإنس والجن، قال: قلت: يا رسول اللَّه وللإنس شياطين؟ قال: نعم، قلت: يا رسول اللَّه الصلاة، قال: خير موضوع من شاء أقل ومن شاء أكثر. . " الحديث. وهكذا هو مصدر بـ "يا أبا ذر" عند ابن حبان [2/ 361]، والحاكم [2/ 597]، وأبي نعيم [1/ 166 - 168] وجل من أخرجه بتمامه فموضعه حرف الياء لا حرف الصاد، وأيضًا هو من الأحاديث الطوال، وقد التزم المصنف ألا يوردها في هذا الكتاب وإنما أوردها في أصله جمع الجوامع المعروف بالجامع الكبير. ¬

_ (¬1) انظر تفسير ابن كثير (2/ 166).

2168/ 5182 - "الصلاةُ قربانُ كلِّ تَقِيٍّ". القضاعى عن على قال في الكبير: ورواه أبو يعلى عن جابر بلفظ "الصلاة قربان، والصيام جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار". قلت: حديث جابر أخرجه أحمد [3/ 321]، والحاكم في المستدرك [4/ 422] كلاهما من طريق عبد الرزاق عن معمر عن عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر. والشارح يعيب المصنف بالعزو إلى الأدنى دون الأعلى. وكذلك أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [3/ 194 - 195] من طريق زائدة بن قدامة عن عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم. وأخرجه القضاعى في مسند الشهاب [5: 1] من طريق حماد بن سلمة عن ابن خثيم. أما حديث الباب فأخرجه القضاعى [رقم 265] من طريق على بن حرب: ثنا موسى بن داود الهاشمى ثنا ابن لهيعة ثنا محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عامر بن عبد اللَّه بن الزبير عن أبيه عن على عليه السلام به. 2169/ 5183 - "الصلاةُ خِدْمَةُ اللَّه في الأرضِ، فَمَنْ صلَّى ولم يرفعْ يديه فهى خِدَاجٌ، هكذا أخبرنى جبريلُ عن اللَّه عز وجل، إن بكلِّ إشارةِ درجةً وحَسَنَةً". (فر) عن ابن عباس قلت: هذا حديث موضوع.

2170/ 5184 - "الصلاةُ خلفَ رجلٍ ورعٍ مَقْبُولةٌ، والهديَّةُ إلى رجلٍ وَرِعٍ مقبولةٌ، والجلوسُ مع رجلٍ ورعٍ من العبادةِ، والمذاكرةُ معه صدقةٌ". (فر) عن البراء قال في الكبير: وفيه عبد الصمد بن حسان، قال الذهبى: تركه أحمد بن حنبل. قلت: هو حديث باطل موضوع، وقبل عبد الصمد بن حسان مجاهيل. 2171/ 5188 - "الصَّلاةُ ميزانٌ فَمَن أوْفَى اسْتَوْفَى". (هب) عن ابن عباس قلت: أخرجه أيضًا الحاكم في التاريخ قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الحسن ثنا مكي بن عبدان ثنا عبد اللَّه بن مخلد ثنا محمد بن الحارث مولى بنى هاشم ثنا يحيى بن منبه عن موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس به. وأخرجه الدولابى في الكنى [2/ 140 - 141] عن سلمان الفارسى رضي اللَّه عنه من قوله، قال الدولابى: حدثنى روح بن الفرج ثنا يحيى بن سليمان ثنا محمد بن فضيل ثنا عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن أبو نصر اليشكرى عن سالم بن أبي الجعد عن سلمان قال: الصلاة مكيال فمن وفي وفي له، ومن طفف فقد علمتم ما قال اللَّه في المطففين. 2172/ 5189 - "الصَّلاةُ تُسَوِّدُ وجَهَ الشيطانِ، والصدقةُ تَكْسِرُ ظَهْرَهُ، والتحابُّ في اللَّه والتودُّدُ في العملِ يقطعُ دابِرَه". (فر) عن ابن عمر

قلت: والكذب على اللَّه وعلى دينه يسود صحيفة صاحبه ويبوء له مقعدا من جهنم، فإن هذا الحديث موضوع على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، عزاه المصنف إلى الديلمى [رقم 3799] من حديث ابن عمر، فكتب عليه الشارح في الكبير: ورواه عنه أيضًا البزار وفيه عبد اللَّه بن محمد بن وهب الحافظ أورده الذهبى في الضعفاء، وقال الدارقطنى: متروك، وزافر بن سليمان، قال ابن عدى: لا يتابع على حديثه، وثابت الثمالى، ضعيف جدا. قلت: قدمنا مرارا أن الشارح أجهل مخلوق خلقه اللَّه تعالى وسيخلقه إلى يوم القيامة برجال الحديث، وأنه كلما رأى في السند رجلا وافق في نسبته أو كنيته أحدا من الحفاظ المشاهير أصحاب المصنفات فهو عنده ذلك الحافظ المشهور، وأن تكررت النسبة مع اختلاف الاسم واختلاف الزمان فهو ذلك الحافظ أيضًا، فإذا وجد في السند أحمد بن نصر من أهل القرن السادس، فهو عنده محمد بن نصر المروزى من أهل القرن الثالث، وإذا وجد في السند عبد الكريم بن نصر من أهل القرن الرابع فهو عنده محمد بن نصر أيضًا، وإذا وجد في السند أبو عبد اللَّه البزار من أهل القرن الخامس فهو أبو بكر البزار صاحب المسند، ثم إذا وجد مرة أخرى إسماعيل بن يحيى البزار من أهل القرن الرابع فهو أيضًا أبو بكر البزار صاحب المسند، وإذا وجد محمد بن عبد اللَّه البزار فهو أيضًا البزار صاحب المسند الذي اسمه أحمد بن عمر ابن عبد الخالق وكنيته أبو بكر، فهذا الحديث وقع فيه كذلك أيضًا، قال الديلمى [رقم 3799]: أخبرنا حدثنا عبدوس حدثنا على بن إبراهيم البزار ثنا محمد بن يحيى ثنا عبد اللَّه بن محمد بن وهب حدثنا إسماعيل توبة ثنا زافر بن سليمان عن ثابت الثمالى عن أبي عبد اللَّه الصنعانى عن عطاء عن عبد اللَّه بن عمر به.

فلما رأى في السند على بن إبراهيم البزار وهو من أهل القرن الخامس عزاه لأبي بكر أحمد بن عمر بن عبد الخالق البزار صاحب المسند الذي هو من أهل القرن الثالث فلا حول ولا قوة إلا باللَّه. 2173/ 5191 - "الصلاةُ عليَّ نورٌ على الصراطِ، فَمَنْ صَلَّى عليَّ يوم الجمعةِ غفرتْ له ذنوبُ ثمانينَ عامًا". الأزدى في الضعفاء (قط في الأفراد) عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب [22] قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل الضبى، وأحمد بن عبد اللَّه بن نصر بن بجير قالا: حدثنا سعيد بن محمد بن ثواب أنا عون بن عمارة أنا سكن البرجمى عن حجاج بن سنان عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب أظنه عن أبي هريرة به مرفوعًا مثله سواء. وأخرجه الديلمى في مسند الفردوس [رقم 3814] من طريق الدارقطنى في الأفراد ومن طريق أبي نعيم، وقد تكلم الشارح على سنده. 2174/ 5200 - "الصيامُ نصفُ الصَّبرِ". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وكأنه لم ير قول ابن العربى في السراج: حديث ضعيف جدا. قلت: فيه أمور، الأول: أن المصنف لم يرمز له بعلامة الحسن، بل النسخ مختلفة في ذلك ففي بعضها علامة الصحيح، وهو باطل جزما، وفي بعضها علامة الضعيف كالذي بعده وهو الصحيح، ولم نر نسخة بجنبها علامة الحسن إلا ما حكاه الشارح وهو كذاب. الثانى: أن الحديث من رواية موسى بن عبيدة الربذى وهو ضعيف، فلا يجوز أن يحكم المصنف بحسنه.

وأيضًا كان الواجب رده بذكره موسى لا بكلام ابن العربى. الثالث: أن ابن العربى لم يقل ذلك في هذا الحديث بل في حديث: "الصبر نصف الإيمان" وعبارته في الاسم الصابر من السراج وهو الاسم السادس والثلاثون، وأحاديث الصبر قليلة إلا أن الناس قد أكثروا منها في الصحيح واللفظ للموطإِ [ص: 616]: "من يستعفف يعفه اللَّه ومن يستغن يغنه اللَّه، ومن يتصبر يصبره اللَّه. . " الحديث، ثم ذكر حديث: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى" ثم قال: وحديث الصبر نصف الإيمان ضعيف جدا فلا تشغلوا به بالًا، بل الإيمان هو الصبر كله لأن الشريعة على قسمين: مأمور ومزجور، ولا يطاق الامتثال ولا الانكفاف إلا بالصبر، فإن حقيقته فعل ما تكرهه النفس من اعتقاد أو عمل بدلا مما تؤثره وتهواه. . إلخ كلامه. الرابع: أن ابن العربى لا يعتمد عليه في تضعيف الأحاديث وتصحيحها فإنه يصحح الضعيف ويضعف الصحيح وهو الأكثر، وينفى الأحاديث الصحيحة وهو لا علم له بها لأنه لم يكن واسع الرواية، ولا علم له إلا بأحاديث الموطإِ والصحيحين، وسنن أبي داود والترمذى، وبعض الأجزاء والفوائد التي سمعها في رحلته، وما أظنه رأى سنن ابن ماجه ولا النسائى، ولا مسند أحمد فضلا عن المعاجم، والمسانيد، والسنن، والمصنفات الأخرى، وحسبك أنه صحح حديث: "الموت كفارة لكل مسلم" والحديث المسلسل بالسؤال عن الإخلاص، وقال: إنه لم يصح في الدنيا إلا ألف حديث، وما عداها فباطل في نحو هذا مما يعلم بطلانه بالضرورة. 2175/ 5201 - "الصيامُ نصْفُ الصَّبْرِ، وعلى كلِّ شيءٍ زَكاةٌ، وزكاةُ الجسدِ الصيِّامُ". (هب) عن أبي هريرة

قال في الكبير: وفيه محمد بن يعقوب، قال الذهبى: له مناكير، وموسى ابن عبيدة ضعفوه، وقال أحمد: لا تحل الرواية عنه. قلت: علة الحديث موسى بن عبيدة أما محمد بن يعقوب فلا دخل له في الحديث، فقد أخرجه ابن شاهين في الترغيب [رقم 277] قال: حدثنا منصور بن الفتح ثنا بشر بن موسى ثنا أبو بلال الأشعرى ثنا إبراهيم اين محمد عن موسى بن عبيدة عن جمهان السلمى عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الصوم نصف الصبر وعلى كل شيء زكاة. . " الحديث. بل رواه ابن ماجه أيضًا من غير طريق محمد بن يعقوب فقال [رقم 1745]: حدثنا أبو بكر ثنا عبد اللَّه بن المبارك (ح) وحدثنا محرز بن سلمة العدني ثنا عبد العزيز بن محمد جميعا عن موسى بن عبيدة عن جمهان عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لكل شيء زكاة وزكاة الجسد الصيام"، زاد محرز في حديثه: وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الصيام نصف الصبر". 2176/ 5203 - "الصِّيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامةِ، يقولُ الصيامُ: أيْ ربِّ إنى منعتُه الطعامَ والشهوات بالنهارِ فشفِّعنى فيه، ويقولُ القُرآنُ: ربِّ منعتُه النومَ باللَّيلِ فشفِّعنى فيه، فَيُشَفَّعَانِ". (حم. طب. ك. هب) عن ابن عمرو قلت: أخرجه أيضًا محمد بن نصر في قيام الليل (ص: 113)، وأبو نعيم في الحلية [8/ 116]، والبغوي في التفسير [1/ 73] طبع حجر بالهند.

حرف الضاد

حرف الضاد 2177/ 5205 - " ضَالَّة المسْلِم حَرْقُ النَّار". (حم. ت. ن. حب) عن الجارود بن المعلى (حم. هـ. حب) عن عبد اللَّه بن الشخير (طب) عن عصمة بن مالك قال الشارح: وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه، والأمر بخلافه، بل تتمته عند مخرجه: "فلا تقربنها". قلت: هذه اللفظة إنما ذكرها بعض الرواة، والأكثرون لم يذكروها فالصواب ما فعل المصنف، وإنما الذي يجب عليه التشيه أن حديث الجارود لم يخرجه الترمذى مسندا وإنما ذكره تعليقا في كتاب الأشربة فروى فيه من حديث سعيد عن قتادة عن أبي مسلم الجذمى عن الجارود بن العلاء أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نهى عن الشرب قائما"، ثم قال [رقم: 1881]: وهكذا روى غير واحد هذا الحديث عن سعيد عن قتادة، وروى عن قتادة عن يزيد بن عبد اللَّه بن الشخير عن أبي مسلم عن الجارود أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "ضالة المسلم حرق النار" والجارود بن المعلى يقال: ابن العلاء والصحيح: ابن المعلى، وأما النسائى فما رأيته فيه (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه النسائى في الكبرى (3/ 414 - 415).

2178/ 5211 - "ضَربَ اللَّهُ تعَالى مثلًا صراطًا مستقيمًا وعلى جَنَبَتى الصِّراط سوران فيهما أبْوَاب مفتَّحة، وعلَى الأبْوابِ ستور مُرخاةٌ. وعلى باب الصراط دَاع يَقُول: يَا أيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَميعًا ولا تتعوَجُوا، ودَاع يَدعُو منْ فَوق الصِّراط، فإذا أرادَ الإنْسَان أن يَفْتَحَ شيئًا منْ تلكَ الأبوَاب قَالَ: ويحكَ لا تَفْتَحه، فإنَّك إنْ فَتحته تَلجهُ، فالصِّراط: الإسلامُ، والسُورَان: حُدودُ اللَّه تَعَالى، والأبْواب المفَتَّحة: مَحَارمُ اللَّه تَعَالى، وَذَلك الدَّاعى علَى رأس الصِّراطِ: كتَاب اللَّه، والدَّاعى مِنْ فَوق: واعظُ اللَّه في قَلب كُلِّ مُسْلمٍ". (حم. ك) عن النواس قال الشارح: ابن خالد. وقال في الكبير: صححه الحاكم وأقره الذهبى فظاهر صنيع المصنف أن هذا لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة والأمر بخلافه، فقد عزاه في الفردوس للترمذى في الأمثال. قلت: النواس اسم والده سمعان، وخالد قيل: إنه اسم جده، والترمذى خرج الحديث [رقم 2859] بلفظ: "إن اللَّه تعالى ضرب. . . " وموضعه حرف الألف، ولكن المصنف ذكره في الأصل الذي هو الجامع الكبير دون هذا. 2179/ 5216 - "ضَع القَلمَ عَلَى أذُنِكَ، فإنَّه أذْكَرَ للمُمْلِى". (ت) عن زيد بن ثابت قال في الكبير: ثم قال الترمذى: إسناده ضعيف، وعنبسة ومحمد، أى: من رجال إسناده ضعيفان اهـ. وزعم ابن الجوزى وضعه، ورد ابن حجر بأنه ورد من طريق أخرى لابن عساكر ورواه بسندين مختلفين يخرجه عن الوضع.

قلت: الذي تعقب ابن الجوزى بذلك هو المؤلف، ولكن الشارح يحيد عن ذلك محبة لكتم فضله وغمط حقه. وطريق حديث أنس الذي أورده المؤلف [1/ 216] من عند ابن عساكر والديلمى [رقم 3875] أضعف من حديث زيد بن ثابت لأنه من رواية عمرو ابن الأزهر وهو كذاب وضاع، وقد وجدت لحديث أنس طريقا آخر لم يذكره المؤلف. قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 337]: حدثنا أحمد بن إسحاق ثنا أحمد بن يحيى بن نصر ثنا أبو عبد الرحمن الراعى -هو هارون بن سعيد- ثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف ثنا إبراهم بن زكريا حدثنى عثمان بن عمرو بن عثمان البصرى عن أنس بن مالك قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للكاتب إذا كتب: "ضع القلم على أذنك". وحديث زيد بن ثابت أخرجه أيضًا ابن سعد في الطبقات [2/ 359] قال: أخبرنا إسماعيل بن أبان الوراق ثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشى عن محمد بن زاذان عن أم سعد عن زيد بن ثابت قال: دخلت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يمل في بعض حوائجه فقال: "ضع القلم على أذنك فإنه أذكر للمملى". وأخرجه ابن قتيبة في عيون الأخبار قال: حدثنا أحمد بن الخليل عن إسماعيل بن أبان به. وأخرجه ابن حبان في الضعفاء قال [2/ 180]: حدثنا موسى بن محمد الأنصارى بالبصرة ثنا محمد بن أحمد بن المثنى ثنا إسماعيل بن أبان الوراق به.

2180/ 5218 - "ضَع أصْبعكَ السبَّابة علَى ضِرْسِك ثُمَّ اقْرأ آخِر {يَس} ". (فر) عن ابن عباس قلت: سكت عليه الشارح وهو حديث باطل موضوع فيه الحسين بن علوان عن عمر بن صبح وكلاهما كذاب وضاع، وقد تصرف المصنف في متنه، ولفظه: "ثم اقرأ: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ. .} الآية". قال الديلمى: أخبرنا أبي أخبرنا أبو سعد الدوناكى أخبرنا الحسن بن محمد الخلال ثنا محمد ابن العباس الوراق ثنا أحمد بن محمد بن الحسين الرقى ثنا القاسم بن على ابن أبان العلاف ثنا إسحاق بن إسماعيل النيسابورى ثنا سهل بن صعير ثنا الحسين بن علوان ثنا عمر بن صبح عن مقاتل بن حيان عن يحيى بن وثاب عن ابن عباس به. 2181/ 5219 - "ضَعْ بصَركَ مَوْضِع سُجُودك". (فر) عن أنس قلت: هذا حديث موضوع، وتمامه عند مخرجه: قلت: يا رسول اللَّه هذا شديد لا أطيق، قال: "ففي المكتوبة إذا يا أنس". 2182/ 5220 - "ضَع يدكَ على الذي تألَم من جَسَدك وقُلْ: بسْم اللَّه ثَلاثًا، وقُل سَبْع مَرَّات: أعُوذُ باللَّهِ وقُدْرَتِهِ مِن شَرِّ مَا أجِد وأحَاذِر". (حم. م. هـ) عن عثمان بن أبي العاص الثقفى قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن ذنيك تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه، بل رووه إلا البخارى كلهم في الطب، أما النسائى ففي اليوم والليلة.

قلت: وعلى هذا كتاب عمل اليوم والليلة للنسائى هو باب من أبواب سننه، قبح اللَّه الجهل، والحديث ما خرجه باللفظ المذكور هنا واحد من بقية الستة. قال أبو داود [رقم 3891]: حدثنا القعنبى عن مالك عن يزيد بن خصيفة أن عمرو بن عبد اللَّه بن كعب السلمى أخبره أن نافع بن جبير أخبره عن عثمان بن أبي العاص أنه أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال عثمان: وبى وجع قد كاد يهلكنى- قال: فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "امسحه بيمينك سبع مرات وقل: أعوذ بعزة اللَّه وقدرته من شر ما أجد وأحاذر". وقال الترمذى [رقم 2080]: حدثنا إسحاق بن موسى الأنصارى ثنا معن ثنا مالك به مثله، فموضعه حرف الألف كما ترى والشارح يتبالد. 2183/ 5229 - "الضَّبعُ صَيْدٌ، وفِيهِ كَبْش". (قط. هق) عن ابن عباس قال في الكبير: ظاهر كلام المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من الستة، وهو عجيب، فقد أخرجه الأربعة جميعا، أبو داود والترمذى في الأطعمة، والنسائى وابن ماجه في الحج، كلهم عن جابر قال: سألت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الضبع، فقال: "هو صيد، ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم"، حسنه الترمذى. قلت: بل العجيب أن تصل الغفلة بصاحبها إلى هذا الحد، فيورد حديثًا بلفظ آخر، ويتعقب به على المصنف في موضع لا يُجَوِّزُ له اصطلاحه ذكره

فيه بل ولا في الكتاب من أصله، لأن أوله: "هو صيد" ولا يعرف الضمير على أى شيء يعود إلا إذا ذكر الضبع فيكون مزادًا في اللفظ النبوى، ثم هذا اللفظ الذي ذكره إنما هو لفظ أبي داود وحده. أما لفظ الترمذى [رقم 851]، والنسائى [2/ 200]: عن ابن أبي عمار قال: سألت جابر بن عبد اللَّه عن الضبع، فأمرنى بأكلها، قلت: أصيد هي؟ قال: نعم، قلت: سَمِعْتَهُ من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: نعم. وأما لفظ ابن ماجه [رقم 3236]: عن جابر قال: جعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الضبع يصيده المحرم كبشا، وجعله من الصيد، فهذه ألفاظ لا تدخل في كتاب المؤلف وإن جهل الشارح وعاند وتجاهل وتبالد. 2184/ 5231 - "الضَّحك في المسْجِدِ ظُلْمَةٌ في القَبْرِ". (فر) عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الميدانى والجرجانى. قلت: هذا نوع جديد من الجهالة ابتدأ به الشارح، وهو غريب في بابه لم يسبقه جاهل إليه؛ بحيث يجعل الشارح كل من نه نسبة في رجال السند مخرجًا للحديث، فيذكر من جملة مخرجيه، وفاته أن يذكر من جملة مخرجيه أيضًا القيروانى والسكسكى والقرشى والزهرى، فإن هؤلاء كلهم موجودون في سنده مع الجرجانى والميدانى. قال الديلمى [رقم 3891]: أخبرنا أبي أخبرنا الميدانى أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور القيروانى أخبرنا منصور بن خلف أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الجرجانى ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل حدثنا محمد بن إسحاق السكسكى ثنا عثمان

ابن عبد اللَّه القرشى عن مالك عن الزهرى عن أنس به. فإذا كان في ظنه أن كل من وصف بنسبة يجوز عزو الحديث إليه، فكان الواجب عزوه إلى الجميع، أو توهم ذلك في الميدانى والجرجانى خاصة فلا أدرى من أين توهم ذلك، فإنه لا يوجد في المخرجين الميدانى ولا الجرجانى، وإن كان ابن عدى وغيره جرجانى لكن لا يعرفه أحد بذلك، ولا يذكره به قط، والحديث باطل موضوع لا أصل له عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا أنس ولا الزهرى ولا مالك، وعثمان بن عبد اللَّه وضاع. 2185/ 5233 - "الضَّحك ينقض الصَّلاة ولا ينقض الوضُوء". (قط) عن جابر قال في الكبير: هذا من أحاديث الأحكام وضعفه شديد، فسكوت المصنف عليه غير سديد. قلت: المصنف رمز له بعلامة الضعف، فلم يسكت، ولكن الشارح أورد آلاف مؤلفة من الأحاديث الواهية، والمنكرة، والموضوعة في الأحكام والرقائق وغيرها في كتاب كنوز الحقائق وسكت على الجميع، وينظر أحدكم القذى في عين أخيه وينسى الجذع معترضًا في عينه. 2186/ 5237 - "الضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ". (حم. ع) عن أبي سعيد، البزار عن ابن عمر (طس) عن ابن عباس قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن ذا لا يوجد مخرجًا في أحد الصحيحين وهو ذهول، فقد ذكره الحافظ العراقى باللفظ المذكور، وقال: إنه متفق عليه من حديث أبي شريح الخزاعى.

قلت: لا أدرى واللَّه ما أقول هنا! فالمصنف ذكر الحديث قبل هذا مباشرة وعزاه للبخارى عن أبي شريح [فتح: 6135] فلو كان أعمى لكان كاتبه يذكر له ما في الكتاب، فكيف ولم يكن أعمى البصر إنما كان أعمى القلب فقد كذب في قوله: إن العراقى ذكره باللفظ المذكور وعزاه للشيخين، فإن مسلما ما خرجه بهذا اللفظ، بل بلفظ [48/ 14]: "من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر"، وحديث أبي شريح بهذا اللفظ لم يختص به الشيخان فقط بل رواه أيضًا أبو داود [رقم 3748]، وابن ماجه [رقم 3675] وقد أعاده المصنف في حرف الميم، وعزاه لأحمد [4/ 31]، والشيخين [فتح: رقم 6135] [مسلم: 48/ 14] وغيرهم، فلا الذي أمامه رأى الشارح ولا الذي بعده عرف، ولا صدق في نقله عن العراقى، ولو كنت قبل الشروع في هذه الكتابة أعلم أن الشارح إلى هذا الحد وصل أمره لما شغلت نفسي به، فإنه أسقط من ذلك والأمر للَّه وحده. 2187/ 5243 - "الضِّيَافة علَى أهْلِ المدَر، وليسَت علَى أهْلِ الوَبر". القضاعى عن ابن عمر قلت: هذا حديث موضوع تفرد به إبراهيم بن عبد اللَّه بن همام الصنعانى (¬1) عن عمه عبد الرزاق عن الثورى عن عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر، وما هذا من حديث هؤلاء فكان الواجب على المصنف ألا يذكره وفاءا بشرطه الذي شرطه على نفسه ولكنه الشره. 2188/ 5242 - "الضيفُ يَأْتِي بِرِزْقِهِ، وَيَرتَحِلُ بِذُنوبِ القَوْمِ". أبو الشيخ عن أبي الدرداء قلت: أخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس قال: [رقم 3896]. ¬

_ (¬1) أورد ابن عدى هذا الحديث في ترجمة إبراهيم المذكور (1/ 273).

أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن زنجويه الزنجانى المعروف بالزنجوى عن القاضى أبي عبد اللَّه الحسين بن محمد الزنجانى الفلاكى عن إبراهيم بن عبد اللَّه البصرى الحافظ عن عبد الرحمن بن عمران العبدى عن إسحاق بن إبراهيم بن خنيس عن محمد بن الفرات عن سعيد بن لقمان عن عبد الرحمن الأنصارى عن أبي الدرداء به. ورواه الديلمى [رقم 3896] من طريق أبي عبد الرحمن السلمى قال: حدثنا محمد بن نصر بن أشكاب عن الحسين بن محمد بن أسد عن منصور ابن أسد عن أحمد بن عبد اللَّه عن إسحاق بن نجيح عن عطاء الخراسانى عن أبي ذر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وفي الباب عن أبي فرصافة أخرجه أبو الشيخ في الثواب: حدثنا محمد بن أحمد بن معدان ثنا أيوب بن على بن الهيضم ثنا زياد بن سيار عن عزة بنت أبي فرصافة عن أبيها قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أراد اللَّه بقوم خيرًا أهدى إليهم هدية، قالوا: يا رسول اللَّه وما تلك الهدية؟ قال: الضيف ينزل برزقه ويرحل وقد غفر اللَّه لأهل المنزل". وعن أنس مرفوعًا: "إذا دخل الضيف على القوم دخل برزقه، وإذا خرج خرج بمغفرة ذنوبهم". رواه الديلمى [رقم 3896] وقد ذكره المؤلف سابقا في حرف الألف. * * *

حرف الطاء

حرف الطاء 2189/ 5248 - " طَاعَةُ المرأةَ نَدَامة". (عد) عن زيد بن ثابت قال في الكبير: رواه ابن عدى من طريق عثمان بن عبد الرحمن الطرائفى عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن أم سعيد بنت زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت، قال ابن عدى: وعثمان وعنبسة ليسا بشيء، وتعقبه المؤلف بأن له شاهدا وهو ما أخرجه العسكرى في الأمثال عن عمر قال: خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة. قلت: كذب الشارح وكتم الحق، فالحديث أورده ابن الجوزى في الموضوعات [2/ 272 - 273] من عند ابن عدى [3/ 262]، و [5/ 262]، وأورد بعده حديث عائشة الذي ذكره المصنف قبل هذا بلفظ: "طاعة النساء ندامة" وأعله بمحمد بن سليمان بن أبي كريمة الذي رواه عن هشام بن عروة عن أبيه عنها، وقال: إنه حدث عن هشام ببواطل لا أصل لها منها هذا الحديث، فتعقبه المؤلف بأنه له طريقًا آخر من رواية أبي البختري عن هشام

أخرجه أبو على الحداد في معجمه. وطريقا آخر أيضًا من رواية عيسى بن يونس عن هشام أخرجه أبو الحسن على ابن أحمد بن عمر الحمامى في جزئه (¬1)، وابن النجار في تاريخه، وبأن له شاهدا من حديث أبي بكرة مرفوعًا: "هلكت الرجال حين أطاعت النساء" أخرجه الطبرانى [الأوسط رقم 425] والحاكم [4/ 291] وصححه، وشاهدا من قول عمر، وهو الذي ذكره الشارح، وشاهدا آخر من قول معاوية، فضرب الشارح عن كل هذا وكتمه، وادعى أن المصنف لم يذكر في التعقب إلا قول عمر إضمارًا لعجزه وضعف تعقبه فانظر إلى هذا وتعجب. 2190/ 5250 - "طَالب العِلْم بين الجهَّال كَالحي بينَ الأمْوَات". العسكرى في الصحابة، وأبو موسى في الذيل عن حسان بن أبي سنان مرسلا قلت: ورد مسندا موصولا من حديث على عليه السلام أخرجه الطوسى في مجالسه من طريق أبي المفضل الشيباني وهو في مصنفه قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي بمنزله بمكة سنة (318) ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن نهيك ثنا محمد بن أبي عمير عن حمزة بن حمران عن أبي عبد اللَّه عن أبيه عن جده عن أبيه الحسين بن على عن على عليهم السلام قال قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "طالب العلم بين الجهال كالحي بين الأموات". 2191/ 5252 - "طَالب العلْم للَّه كالغَادِى، الرَّائح في سَبيلِ اللَّه عَزَّ وَجلَّ". (فر) عن عمار وأنس قال في الكبير: ورواه عنهما أبو نعيم أيضًا وعنه تلقاه الديلمى مصرحا فلو عزاه إلى الأصل لكان أولى. ¬

_ (¬1) انظر اللآلئ؛ فقد ذكره الإمام السيوطي هناك بسنده (2/ 174).

قلت: الذي في أصلنا من مسند الفردوس [رقم 3912] أن هذا الحديث عن عمار موقوفًا وعن أنس مرفوعًا، فإنه أسند من طريق أبي نعيم قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن زكريا ثنا عثمان بن عبد اللَّه ثنا رشدين عن أبي سفيان عن عبد اللَّه بن الهذيل عن عمار بن ياسر قال: طالب العلم للَّه كالغادى والرائح في سبيل اللَّه. وقال: أخبرنا نصر بن محمد بن على المقرى أخبرنا أبي أخبرنا أبو بكر بن روزبة أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد المدينى بفسطاط مصر ثنا الهيثم بن أحمد بن عبد اللَّه بن زيد ثنا نصر بن محمد السليطى ثنا حميد عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بنحوه. 2192/ 5253 - "طَالبُ الْعِلْم طَالبُ الرَّحْمَة، طَالِبُ العِلْمِ رُكْنُ الإِسْلامِ، وَيُعْطَى أَجْرهُ مَعَ النبِيِّيْنَ". (فر) عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه الميدانى أيضًا. قلت: قد نبهت على قوله: رواه الميدانى قريبًا والحديث موضوع، يلام المصنف على ذكره. 2193/ 5254 - "طَبَقَاتُ أُمَّتِى خَمْسُ طَبَقَات كُلُّ طَبَقَة منْهَا أَرْبَعُوْنَ سَنةً، فَطَبقَتِى وَطَبقةُ أَصْحَابِى أَهْلُ العِلْم والإِيمَان، والَّذينَ يَلُونَهُمْ إلى الثَّمانينَ أَهلُ البِرِّ والتَّقْوى، والَّذين يَلُونَهُمْ إلى العِشْرينَ ومائَة أهلُ التَّرَاحُمِ والتَّواصُلِ، والَّذين يَلونهم إلى ستِّين ومائة أَهْلُ التَّقَاطُعِ والتَّدَابُرِ، والَّذِين يَلُونَهم إِلى المائَتَينَ أَهْلُ الهَرجِ والحُرُوبِ". ابن عساكر عن أنس قال في الكبير: كلام المصنف كالصريح في أنه لم يره مخرجًا لأحد من الستة، وإلا لما أبعد النجعة عادلًا عنه وهو عجيب، فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور، ورواه أيضًا العقيلى وغيره كلهم بأسانيد واهية، فقد أورده

الحافظ ابن حجر في عشارياته من طريقين وقال: حديث ضعيف فيه عباد ويزيد الرقاشى ضعيفان وله شواهد كلها ضعاف، منها أن على بن حجر رواه عن إبراهيم بن مظهر. . . إلخ. قلت: هذا الكلام كله نقله من اللآلئ المصنوعة للمؤلف [2/ 394]، وقد أورده هناك من عند ابن ماجه [رقم 4058] بلفظ: "أمتى خمس طبقات" فموضعه في كتابه هذا حرف الألف، والشارح ما رأى عشاريات الحافظ ولا سمع به، لولا ما رآه من نقل المؤلف، وهو يستفيد من علمه ويجحد فضله ويتعقبه بنفس علمه مع استعمال الكذب والتلبيس، ولهذا لم يشر [الشارح] إلى أن ابن الجوزى ذكر الحديث في الموضوعات حتى لا يرجع إلى اللآلئ فيرى به أن كل ما ذكره منقول من كلام المؤلف بالحرف، فابن الجوزى أورده من عند البغوى من رواية عباد بن عبد الصمد عن أنس ثم قال: لا أصل له والمتهم به عباد منكر الحديث، ثم أورده من عند العقيلى [3/ 427] من حديث عرفة عن أبي موسى، ونقل عن العقيلى أنه قال: عرفة مجهول، ولا يتبين سماعه من أبي موسى وروى يحيى بن عنبسة عن ابن المنكدر عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه. ويحيى كذاب، فتعقبه المؤلف [2/ 393]: بأن حديث أنس رواه ابن ماجه من طريقين فبريء منه عباد، ثم أورد الطريقين من عند ابن ماجه، ثم أورده من عند الحسن بن سفيان من طريق إبراهيم بن مظهر عن أبي المليح عن الأشيب بن دارم عن أبيه، وقال: ذكره ابن عبد البر [2/ 461] في ترجمة دارم، وقال: في إسناده نظر. وقال الذهبى في ذيل المغنى [1/ 63]: إبراهيم بن مظهر لا يدرى من ذا ثم أورده من عند ابن عساكر من طريقين آخرين، ثم قال: وقد أورد الحافظ ابن حجر في عشارياته حديث أنس، وقال: هذا حديث ضعيف، إلى آخر ما نقله عنه الشارح بالحرف.

2194/ 5258 - "طَعَامُ السخِيِّ دَوَاءٌ، وَطَعَامُ الشَّحِيحِ دَاءٌ". (خط) في البخلاء، وأبو القاسم الخرقى في فوائده عن ابن عمر قال الشارح: رواته ثقات. قلت: في هذا تعقب على المصنف والشارح، أما المصنف: فإن أبا القاسم الخرقى لم يخرج هذا الحديث في فوائده، وإنما أخرجه أبو القاسم على بن المحسن التنوخى في الأحاديث التي خرجها آخر فوائد الخرقى المذكور، فإن أبا القاسم التنوخى روى الفوائد عن أبي القاسم إبراهيم بن أحمد بن جعفر الخرقى، وسمعها عليه في ذى القعدة سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وآخرها حديث فضالة بن عبيد مرفوعًا: "المجاهد من جاهد نفسه في اللَّه عز وجل" ثم قال: آخر حديث الخرقى، وشرع في رواية أحاديث عن شيوخ آخرين في مجالس متعددة، وفي المجلس الثالث منها قال: حدثنا صدقة بن على بن المؤمل القاضى ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن واقد التنوخي ببيروت ثنا بكر بن سهل الدمياطى ثنا عبد اللَّه بن يوسف التنيسى ثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر به. ثم قال: قال القاضى صدقة: لم يروه عن مالك غير عبد اللَّه بن يوسف التنيسى فيما يقال اهـ. فالمصنف لم يتنبه لقوله: آخر حديث الخرقى، وظن أن الجميع من مروياته فعزاه إليه. وأما الشارح: فإن قوله: رجاله ثقات مناقض لما ذكره في الكبير ونصه: قال الزين الحراقى: رواه ابن عدى والدارقطنى في غرائب مالك، وأبو على الصوفى في عواليه، وقال. رجاله ثقات أئمة، قال ابن القطان: وإنهم لمشاهير ثقات إلا مقدام بن داود، فإن أهل مصر تكلموا فيه اهـ.

لكن في الميزان ومختصر اللسان أنه حديث كذب. وعزاه المصنف في الدرر كأصله لابن عدى عن ابن عمر، وقال: لا يثبت، فيه ضعفاء ومجاهيل، اهـ. فقول الشارح بعد هذا في الصغير: رجاله ثقات، لا يخفى ما فيه من الكذب. واعلم أن الحديث ذكره الذهبى في الميزان [1/ 140] في ترجمة أحمد بن محمد بن شعيب السجزى، وقال: روى عن محمد بن معمر البحرانى وعنه حسن بن نفيس بحديث كذب عن البحرانى عن روح عن الثورى عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "طعام الكريم دواء، وطعام البخيل داء". قال الحافظ في اللسان [1/ 269]: وهذا الحديث رواه الخطيب في المؤتلف عن أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبيد اللَّه الرشيدي عن محمد بن أحمد الرجائى عن حسن بن يعيش بن زهير، وذكره أبو منصور الديلمى من طريق الحاكم عن حسين [بن] داود العلوى عن إسحاق بن إبراهيم المروزى عن أبي سهيل أحمد بن محمد بن شعيب فذكره بلفظ: "طعام الجواد" والباقى سواء، وهو حديث منكر اهـ. وذكره الذهبى [4/ 175 - 176] أيضًا في ترجمة مقدام بن داود الرعينى، فقال: ذكر ابن القطان أن الطبرانى روى عن المقدام عن عبد اللَّه بن يوسف التنيسى عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "طعام البخيل داء، وطعام السخى شفاء". قال الحافظ: وهذا الحديث نقله ابن القطان من عوالى أبي على الصدفى قال: حدثنا أبو العباس العدرى ثنا محمد بن نوح الأصبهانى قال: ثنا الطبرانى به. قال ابن القطان: رواته ثقات مشاهير إلا المقدام اهـ.

وفي هذا الإطلاق نظر، فإن محمد بن نوح الأصبهانى لا يعرف حاله كما تقدم في ترجمته اهـ. وقال في ترجمته [5/ 408]: اتهمه القاضى عياض بهذا الحديث رواه عن الطبرانى عن مقدام بن داود عن عبد اللَّه بن يوسف عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "طعام البخيل داء وطعام السخى شفاء" رواه عنه أبو العباس العدرى، وقال القاضى: الحمل فيه على شيخ العدرى أو على المقدام، ولا يلصق الوهم بالمقدام إلا بعد معرفة محمد بن نوح هذا. قال الحافظ [5/ 408 - 409]: وقد تقدم في ترجمة أبي سهل أحمد بن محمد بن شعيب أنه روى هذا المتن عن حسن بن معمر بن زهير عن محمد ابن معمر عن روح بن عبادة عن سفيان الثورى عن مالك، فهذه طريق أخرى لم يقف عليها عياض، ولا ابن القطان اهـ. قلت: وله طريق ثالث لم يقف عليها الحافظ أيضًا، وهى طريق بكر بن سهل الدمياطى عن عبد اللَّه بن يوسف عن مالك التي أخرجها أبو القاسم التنوخى كما سبق، وأخرجها أيضًا البندهى في شرح المقامات قال: أخبرنا أبو الضيوف إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم الحريري بتبريز أنا الحافظ أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكنانى في كتابه أنا أبو العباس الفضل بن سهل بن محمد المروزى، قدم علينا أنا محمد بن عمرو البصرى أنا أبو الحسن على بن فيدان الطبرى ثنا أبو يعلى عبد المؤمن السنفى ثنا بكر بن سهل الدمياطى ثنا عبد اللَّه بن يوسف التنيسى عن مالك به. ومع هذه الطرق الثلاثة لا يَتَهَيَّأ الحكم عليه بالبطلان بل هو حديث حسن إن شاء اللَّه تعالى ولابد، فإن بكر بن سهل الدمياطى لا بأس به، وبمتابعة مقدام بن داود، فطريق الثورى لا يقل عن رتبة الحسن، وطريق المقدام الذي خرجه

أبو على الصدفى في عواليه، أسنده أيضًا ابن الأبار في معجم أصحاب الصدفى من طريق ابن بشكوال في ترجمته ثم قال: وهذا من غريب حديث مالك، وقد تبرأ من عهدته أبو على رحمه اللَّه. 2195/ 526 - "طَعَامُ أَوَّلِ يَوْمٍ حَقٌّ، وَطَعَامُ يَوْمِ الثَّانِى سُنَّةٌ، وَطَعامُ يَوْمِ الثَّالِثِ سُمْعَةٌ، وَمَنْ سَمّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ". (ت) عن ابن مسعود قال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وليس كما قال؛ فقد ضعفه مخرجه الترمذى صريحا، وقال: لم يرفعه إلا زياد بن عبد اللَّه، وهو ضعيف كثير المناكير والغرائب اهـ. وأعله ابن القطان بأن فيه عطاء بن السائب وهو مختلط. قلت: الشارح لعدم معرفته بالحديث يظن أن اتباع ما قال الترمذى [رقم 1097] واجب لا يتصور الخروج عنه، وذلك إنما هو في حقه وحق أمثاله لا في حق الحفاظ ذوى المعرفة والاطلاع كالمصنف، فإن له في ذلك رأيا كما للترمذى فيه رأى على أن الكل مصيب في هذا الحديث، فان الترمذى تكلم على الحديث باعتبار رجاله وحال سنده، والواقع كما قال. والمصنف رمز للحديث باعتبار متنه الثابت من مجموع طرقه الكثيرة التي منها حديث ابن عباس الذي ذكره بعد هذا مباشرة، وصححه أيضًا لأجل هذا المعنى، لأن الحديث إذا تعددت طرده وكانت ضعيفة ضعفا قريبًا محتملا غير ناشئ عن كذب الرواة واتهامهم بالوضع، وكان المتن خاليا من النكارة الظاهرة، والغرابة التي تدل بنفسها على بطلان الحديث، كان الحديث لمجموع طرقه صحيحا لا شك فيه، لأن ما يخشى من الوهم والغلط الناشئ من سوء حفظ الراوى وقلة اعتنائه أو وجود اختلاطه، ونحو ذلك قد زال بتعدد مخارج الحديث وتباينها وارتفع ظن وقوع الغلط فيه، وروايته على غير وجهه فقوى الظن بثبوته وهو الحديث الصحيح.

وهذا الحديث ذكر المصنف له طريقين، وله طريق ثالث من حديث رجل من ثقيف رواه أحمد [5/ 371]، والدارمى [2/ 104 - 105]، وأبو داود [رقم 3745 و 3746]، والبزار، وطريق رابع من حديث أبي هريرة عند ابن ماجه [رقم 1915]، وطريق خامس من حديث أنس عند البيهقى [7/ 260]، وطريق سادس من حديث وحشى عند الطبرانى [22/ 362، 10/ 10332]، وهى وإن كان في جميعها مقال إلا أن رواتها لم يتهموا بوضع أو كذب أو لم يثبت عنهم ذلك فيمن اتهموا، فبالضرورة يكون حديث له سبعة مخارج متباينة ثابتا صحيحا كما قال المصنف. 2196/ 5264 - "طَلَبُ العِلْم فَرِيْضَةٌ عَلى كُلِّ مُسْلِمٍ". (عد. هب) عن أنس (طص. خط) عن الحسين بن على (طس) عن ابن عباس، تمام عن ابن عمر (طب) عن ابن مسعود (خط) عن على (طس. هب) عن أبي سعيد قلت: هذا الحديث اختلف فيه اختلافا كثيرا متباينا فقيل: إنه صحيح، وقيل: حسن، وقيل: ضعيف، وقيل: موضوع باطل لا أصل له، وقيل: متواتر، وقد أفردت لبيان الحق فيه جزء سميته: المسهم ذكرت فيه طرقه وبينت أنه صحيح بما لا يشك فيه من وقف عليه (¬1)، والحمد للَّه. 2197/ 5268 - "طِلَبُ العِلْم أَفْضَلُ عنْدَ اللَّه مِنَ الصَّلاةِ وَالصَّيَامِ وَالجِهَادِ فِي سَبِيْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجلَّ". (فر) عن ابن عباس 2198/ 5269 - "طَلَبُ العِلْمِ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ، وَطَلَبُ العِلْمِ يَومًا خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ ثَلاثَةِ أَشْهُرٍ". (فر) عن ابن عباس ¬

_ (¬1) وهو مطبوع، وللسيوطي جزء فيه طرق حديث: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" اعتنى به: على حسن عبد الحميد.

قلت: هذان الحديثان موضوعان باطلان. 2199/ 5270 - "طَلَبُ الحَقِّ غُرْبَةٌ". ابن عساكر عن على قال في الكبير: ورواه أيضًا من هذا الوجه الديلمى والهروى في ذم الكلام ومنازل السائرين، وفي الميزان: علان بن زيد الصوفى لعله واضع هذا الحديث. قلت: الهروى لم يخرجه في ذم الكلام، وإنما خرجه في منازل السائرين فقط فقال في أوله: وأخبرنا في معنى الدخول في الغربة حمزة بن محمد بن عبد اللَّه الحسينى قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن أحمد الهاشمى الصوفى قال: سمعت أبا عبد اللَّه علان بن زيد الدينورى الصوفي بالبصرة قال: سمعت جعفر الخلدى الصوفى قال: سمعت الجنيد سمعت السرى عن معروف الكرخى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على عليه السلام عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "طلب الحق غربة"، قال: وهذا حديث غريب ما كتبته إلا من رواية علان اهـ. والذي أوقع الشارح في عزو الحديث إلى شيخ الإسلام الهروى في ذم الكلام الحافظ السخاوى؛ فإنه قال في المقاصد الحسنة [ص: 439] عن هذا الحديث: رواه الهروى في ذم الكلام أو منازل السائرين له بسند صوفى. . إلخ. فذكره بأو التي للشك لأنه رأى من عزاه إليه -وغالب ظنى الحافظ العراقى- وأطلق العزو إليه، فقال السخاوى: في ذم الكلام أو منازل السائرين، لأن هذين هما كتابا الهروى، فجمع الشارح بينهما وجعله مخرجًا فيهما مع أنه ليس هو من موضوع ذم الكلام وإنما هو من موضوع منازل السائرين.

والحديث رويناه مسلسلا بالصوفية، ولكن مر حديث أنس لا من حديث على مع اتحاد السند في الجنيد والسرى السقطى، ومعروف الكرخى، ولكن بلفظ: "طلب الحق فريضة" بدل: "غربة" فسمعاه بدمشق في مسلسلات عقيلة على شيخنا أبي عبد اللَّه محمد بن جعفر الكتانى الصوفى الشاذلى، وعلى أبي التقى توفيق بن أيوب الأنصارى الصوفى الرفاعى وسمعناه بمصر على أبي النصر محمد بن أبي المحاسن الفاوقجى شيخ الطريقة الشاذلية بمصر في مسلسلات والده عن والده بسنده المذكور في مسلسلاته التي سمعها من عابد السندى وسمعناه بالمدينة المنورة على أبي حفص عمر بن أبي عمر العطار الصوفى الشاذلى عن محمد فالح الظواهرى الصوفى الشاذلى بما في ثبته المطبوع. وقد ذكره المصنف في جياد المسلسلات فقال: أخبرتنى الشيخة الصالحة أم هانئ بنت أبي الحسن الهورينى سماعا عليها أخبرنا أبو العباس بن ظهيرة أنا الحافظ أبو سعيد العلائى أنا عبد اللَّه بن محمد ابن أبي بكر الأسدى أنا أبو يعقوب يوسف بن محمد الساوى الصوفى أنا السلفى أنا أحمد بن على الأسوارى الصوفى أنا أبو الحسن على بن شجاع الصقلى الصوفى أنا أبو بكر أحمد بن منصور المذكر ثنا أبو على أحمد بن عثمان الوبدى الصوفى قال: حضرت مجلس الجنيد ببغداد فسمعته يقول: حدثنا السري بن مغلس السقطى ثنا معروف الكرخى ثنا معبد بن عبد العزيز العابد عن الحسن البصرى عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "طلب الحق فريضة". قال السلفى: هذا حديث غريب المتن عزيز الإسناد حسن من رواية الصوفية الزهاد خلفا عن سلف وهلم جرا إلى شيخنا أحمد بن على الصوفى، وما كتبته هكذا إلا عنه اهـ. ولما نقل عقيلة في مسلسلاته هذا عن السلفى قال بعده: هذا الحديث الشريف يروى عن عدة من الصحابة كعلى، وابن عباس، وابن عمر، وابن مسعود،

وأبي سعيد الخدرى رضي اللَّه عنهم. ومن شواهده ما أخرجه من حديث أنس مرفوعًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"، ومعنى هذا الحديث الشريف صحيح اهـ. قلت: ولكن كلامك ليس بصحيح، فهذا الحديث ما رواه أحد ممن ذكرت وإنما هؤلاء رواة حديث: "طلب العلم فريضة" وبون بعيد بينه وبين حديث الباب. وليس العجب من عقيلة بل من مرتضى الزبيدى، إذ قال [في] الفوائد الجليلة، وهو مستخرجه على مسلسلات عقيلة بعد ذكره أسانيد هذا الحديث: وهو حديث غريب المتن عزيز الإسناد حسن من رواية الصوفية، وروى ذلك عن ابن عباس، وعلى، وابن عمر، وابن مسعود، وأبي سعيد وهو مع طرقه الكثيرة ضعفه أحمد والبيهقى وغيرهما، والمتن صحيح، وقد خرجت طرقه في جزء، أما طريق على فقد رواه الإمام شيخ الإسلام الهروى في منازل السائرين ثم ذكر سنده، وهو غرب جدا وخلط لحديث بحديث. 2200/ 5271 - "طَلَبُ الحَلالِ فَرِيْضَة بَعْدَ الفَرِيْضَةِ". (طب) عن ابن مسعود قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية في ترجمة الثورى عن الطبرانى، وأخرجه في تاريخ أصبهان [2/ 339] في ترجمة الهيثم بن محمد بن ماهويه عن أبي الشيخ، وعن الطبرانى [10/ 9993]، وأخرجه ابن الأعرابى [رقم 1167]، وابن جميع في معجمهما، ومن طريق الأول: القضاعى في مسند الشهاب [رقم 121، 122]، ومن طريق الثانى: الذهبى في التذكرة، كلهم من طريق عباد بن كثير عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه به. وعباد بن كثير متروك قال ابن حبان في الضعفاء [2/ 169 - 170]: كان يحيى

أبو معين يوثقه، وهو عندى لا شيء في الحديث لأنه روى عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "طلب الحلال فويضة بعد الفريضة"، ومن روى مثل هذا الحديث عن الثورى بهذا الإسناد بطل الاحتجاج بخبره فيما يروى مما يشبه حديث الأثبات. 2201/ 5273 - "طَلَبُ الحَلالِ جِهَادٌ". القضاعى عن ابن عباس (حل) عن ابن عمر قلت: هذا الحديث لم يخرجه أبو نعيم في الحلية، وإنما رواه الديلمى في مسند الفردوس [رقم 3919] عن الحداد عنه قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن عثمان الواسطى ثنا على بن العباس البجلى ثنا هشام بن يونس ثنا محمد بن مروان عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر به. فلعل أبا نعيم خرجه في كتاب آخر من كتبه فظن المصنف أنه في الحلية فعزاه إليه وهو ليس فيه جزمًا وكنت أظن أنه سقط من الأصل المطبوع ثم راجعت ترتيب الحلية للحافظ الهيثمى فلم أجده فيه أيضًا. وأما حديث ابن عباس فقال القضاعى [رقم 82، وفتح الوهاب 1/ 86 - 87]: أخبرنا أحمد بن محمد المالينى ومحمد إسماعيل الفارسى قالا: أنبأنا أبو عبد الرحمن السلمى أنبأنا الحسين بن محمد بن محمد بن شيظم ثنا محمد بن حامد ثنا إسحاق بن حمدان الوراق ثنا محمد بن يزيد النيسابورى ثنا زيد بن موسى المروزى ثنا محمد بن الفضل عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس به. وإسحاق بن حمدان ضعيف، وشيخه متهم، وقد تكلم الشارح على سند حديث ابن عمر. 2202/ 5277 - "طُلُوْعُ الفَجْرِ أَمَانٌ لأمَّتِى مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا". (فر) عن ابن عباس

قلت: هذا حديث باطل منكر فيه مجاهيل وسنده غريب، فإن كان له طريق آخر جيد، وإلا فهو موضوع إن شاء اللَّه. 2203/ 5283 - "طُهُوْرُ الطَّعَامِ يَزِيْدُ فِي الطَّعَام وَالدِّيْنِ وَالرِّزْقِ". أبو الشيخ عن عبد اللَّه بن جراد قلت: هذا حديث موضوع لا أصل له من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو من رواية يعلى بن الأشدق الجاهل الذي كان لا يدرى ما يخرج من رأسه، وعمه لا تعرف له صحبة إلا من روايته، ويعلى هذا هو الذي قيل له: ما سمع عمك من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: موطأ مالك، وجامع سفيان، وشيئًا من الفوائد. 2204/ 2290 - "طُوْبَى لِلسَّابِقيْنَ إِلى ظِلِّ اللَّهِ؛ الَّذيْنَ إِذَا أُعْطُوا الحَقَّ قَبِلُوهُ، وَإِذَا سئلُوه بَذَلُوهُ، وَالَّذِينَ يَحْكُموَنَ لِلنَّاسِ بِحكْمِهِمْ لأَنْفُسِهِمْ". الحكيم عن عائشة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه. قلت: هو من رواية ابن لهيعة وحديثه حسن عند كثير من الحفاظ ما لم يكن في الحديث نكارة. والحديث خرجه الحكيم في الأصل الخامس والأربعين ومائة [1/ 686] قال: حدثنا محمد بن أبي حزم القطعى ثنا بشر بن عمر الزهرانى عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن القاسم بن محمد عن عائشة به. 2205/ 5291 - "طُوْبَى لِلعُلمَاءِ، طُوْبِى لِلْعُبَّادِ، وَيْلٌ لأَهْلِ الأَسْوَاقِ". (فر) عن أنس قلت: وللكذابين على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أيضًا، بل هم أحق بالويل من أهل

الأسواق، فهذا الحديث في نقدنا كذب موضوع. 2206/ 5292 - "طُوبَى لعَيشٍ بَعْدَ المَسيْحِ، يُؤْذَنُ للسَّمَاءِ في القطْرِ، وَيُؤْذَنُ للأَرْضِ فِي النَّبَات، حَتَّى لَوْ بَذَرْتَ حَبَّكَ على الصَّفَا لَنَبتَ، وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلى الأَسَدِ فَلا يَضُرَّهُ، وَيَطَأَ عَلى الحَيَّةِ فَلا تَضُرَّهُ، وَلا تَشَاحَّ، وَلا تَحَاسُدَ، وَلا تَبَاغُضَ". أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر عدول المصنف للنقاش أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير وهو غفلة، فقد خرجه أبو نعيم والديلمى. قلت: بل المصنف قصد بعزوه إلى الفوائد المذكورة إظهار الاطلاع والتوسع والإخبار بكتاب غريب يستفيده من لم يكن سمع به كالشارح وأمثاله، وأما الديلمى فكان متداولا في عصره. وكتاب الفوائد المذكور رويناه من طريق السلفى عن أبي العباس أحمد بن عبد الغفار بن أحمد بن اشته الكاتب عن أبي سعيد محمد بن على بن عمرو النقاش قال فيه: [الكنز 14/ 38844]. حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن على الهجيمى ثنا جعفر الصائغ ثنا عفان بن مسلم ثنا سليم بن حيان وسألته فقال: حدثنا سعيد بن ميناء عن أبي هريرة به. وأما الديلمى فرواه من طريق أبي نعيم [رقم 3943]: حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن الهيثم ثنا جعفر بن محمد بن شاكر ثنا عفان به. 2207/ 5293 - "طُوْبَى لِمَنْ أَدْرَكَنِى وآمَنَ بِى، وَطُوْبَى لِمَنْ لَمْ يُدْرِكْنِى ثُمَّ آمَنَ بِى". ابن النجار عن أبي هريرة

قال في الكبير: ورواه الطبرانى من حديث ابن عمر فاقتصار المصنف على ابن النجار غير سديد. قلت: بل جهلك غير سديد، فحديث ابن عمر ذكره المصنف بعد هذا لأن لفظه: "طوبى لمن رآنى وآمن بى. . . " الحديث. 2208/ 5296 - "طُوْبَى لِمَنْ أَسْلَمَ، وَكَانَ عَيْشُهُ كفَافًا". الرازى في مشيخته عن أنس قال في الكبير: ورواه القضاعى في مسند الشهاب، وقال شارحه: غريب. قلت: فيه أمور، الأول: أن القضاعى [رقم 616، 617، وفتح الوهاب 1/ 435، 436] خرجه من حديث فضالة بن عبيد لا من حديث أنس. الثانى: أنه خرجه بلفظ: "طوبى لمن هدى إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنع به". الثالث: أنه بهذا اللفظ لم يخرجه القضاعى فقط بل خرجه أيضًا أحمد [6/ 19]، والترمذى [رقم 4923] وابن حبان [إحسان: 2/ 480]، والحاكم [1/ 34 - 35]، وغيرهم، فلا معنى لعزوه للقضاعى وحده. الرابع: أن المصنف قد ذكره كذلك فيما سيأتى قريبًا فلا معنى لاستدراكه. الخامس: أن شارح الشهاب أحمق فلا يعتمد عليه إلا جاهل مثله، فإنه يحكم على الأحاديث بهواه لا بالنظر إلى الإسناد فيصحح الموضوع والضعيف ويحسنها ويحكم بالغرابة على المتواتر والمشهور كهذا الحديث، فإنه مشهور اصطلاحا غير غريب لوروده من حديث أنس، ومن حديث فضالة بن عبيد، ومن حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وهو في صحيح مسلم [1054/ 125]، وسنن الترمذى [رقم 2348]، وابن ماجه [رقم 4138] بلفظ: "قد أفلح من رزق كفافا وقنعه اللَّه بما آتاه".

2209/ 5300 - "طوبى لمن رزقه اللَّه الكفاف، ثم صبر عليه". (فر) عن عبد اللَّه بن حنطب قال في الكبير: قال في التقريب: مختلف في صحبته له حديث مختلف في إسناده، أى: وهو هذا، وذلك لأن فيه أحمد بن محمد بن مسروق، أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: لينه الدارقطنى عن خالد بن مخلد، قال أحمد: له مناكير، وقال ابن سعد: منكر الحديث. قلت: فيه من عجائبه أمور، الأول: قوله: له حديث مختلف في إسناده وهو هذا -باطل ناشئ عن تهور وعدم تحقيق، بل الحديث المذكور هو: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى أبا بكر وعمر، فقال: هذان السمع والبصر" أخرجه الترمذى [رقم 3671] واختلف في إسناده إختلافا كثيرا كما بينه الحافظ في الإصابة [4/ 64]. الثانى: قوله: وذلك لأن فيه أحمد بن محمد بن مسروق. . إلخ -جهل مضحك، لأنه جعل هذا تفسيرا للاضطراب وليس هذا من الاضطراب في شيء كما يعلمه ضرورة من عرف عن الحديث شيئًا، وإنما الذي ذكره بيان لعلة الحديث وضعفه. الثالث: أن أحمد بن محمد بن مسروق، وخالد بن مخلد لا وجود لهما في سند هذا الحديث فلا أدرى من أين جر الشارح رجلهما إليه؛ فإن الديلمى أخرجه من طريق أبي نعيم [رقم 3924] قال: حدثنا أبو بكر بن المقرى ثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى بن زهر ثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا محمد بن الحارث ثنا محمد بن عبد الرحمن البيلمانى عن أبيه عن عبد اللَّه بن حنطب بن الحارث به. الرابع: أن أحمد بن محمد بن مسروق، وإن لم يكن في الحديث فإن

الذهبى [1/ 150] بعدما حكى عن الدارقطنى أنه قال: ليس بالقوى، قال هو: وكان كبير الشأن يعد من الأبدال، قال: وهو أبو العباس الطوسى مؤلف جزء القناعة. الخامس: أن خالد بن مخلد وإن لم يكن في الحديث فهو ثقة من رجال الصحيحين [الجمع بين رجال الصحيحين: 1/ 121] فلا معنى لتضعيف الحديث به. السادس: أن علة الحديث هو محمد بن عبد الرحمن البيلمانى، فإنه منكر الحديث. 2210/ 5306 - "طوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوْبِ النَّاسِ، وَأَنفقَ الفَضْلَ مِنْ مَالِه، وَأَمْسَكَ الفَضْلَ مِنْ قَولِهِ، وَوَسِعَتْهُ السُّنَةُ، وَلَمْ يَعُدْ عَنْهَا إِلى البِدْعَةِ". (فر) عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه العسكرى أيضًا وعده من الحكم والأمثال، ورواه أيضًا أبو نعيم من حديث الحسين بن على، والبزار من حديث أنس أوله وآخره، والطبرانى والبيهقى وسط الحديث. قال الحافظ العراقى: وكلها ضعيفة. قلت: هذا الحديث أورده ابن الجوزى في الموضوعات [3/ 178] من حديث جابر وأنس وتعقبه المؤلف [2/ 358] بأن له طرقا أخرى من حديث أنس، ومن حديث أبي أمامة، ومن حديث الحسين بن على، فأعرض الشارح عن ذكر هذا لما قدمناه مرارا. وللحديث طرق أخرى من حديث عائشة، وأبي هريرة لم يذكرها المؤلف، وذكرتها في مستخرجى على مسند الشهاب.

2211/ 5307 - "طُوْبَى لِمَنْ طَالَ عُمرُه وَحَسُنَ عَمَلُهُ". (طب. حل) عن عبد اللَّه بن بسر قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الحافظ العراقى: فيه بقية رواه بصيغة "عن" وهو مدلس. قلت: ينظر هل قال العراقى هذا؟! فإنى أخاف أن يكون تقولا من الشارح عليه كعادته، فإن الحديث ليس فيه بقية عند أبي نعيم؛ فإنه قال [6/ 111، 112] حدثنا على بن هارون ثنا جعفر الفريابى ثنا سليمان بن عبد الرحمن عن إسماعيل بن عياش ثنا عمرو بن قيس السكونى عن عبد اللَّه بن بسر المازنى قال: جاء أعرابيان إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال أحدهما: يا رسول اللَّه أى الناس خير؛ قال: "طوبى لمن طال عمره وحسن عمله"، وقال الآخر: أى العمل خير؟ قال: "أن تفارق الدنيا ولسانك رطب من ذكر اللَّه". قال أبو نعيم: رواه معاوية بن صالح عن عمرو بن قيس مثله اهـ. وكذلك أخرجه أبو بكر محمد بن سليمان الربعى السوار في جزئه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عامر بن المعمر الأزدى ثنا هشام بن عمار ثنا إسماعيل بن عياش به مثله. 2212/ 5310 - "طُوْبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيْفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيْرًا". (هـ) عن عبد اللَّه بن بسر (حل) عن عائشة (حم) في الزهد عن أبي الدرداء موقوفًا قلت: حديث عبد اللَّه بن بسر أخرجه أيضًا الحكيم الترمذى في النوادر في الأصل السادس والثلاثين ومائة قال [1/ 656]:

حدثنا الفضل بن محمد ثنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصى حدثنى أبي ثنا محمد بن عبد الرحمن قال: سمعت عبد اللَّه بن بسر به. وحديث عائشة أخرجه أبو نعيم أيضًا في تاريخ أصبهان [1/ 330] في ترجمة سعيد بن القاسم البرذعى قال: ثنا محمد بن إسماعيل بن العباس الوراق ببغداد ثنا سعيد بن القاسم الحافظ أبو عمرو البرذعى ثنا محمد بن يحيى بن منده ثنا الهذيل بن معاوية ثنا إبراهيم ابن أيوب ثنا النعمان عن سفيان الثورى عن منصور عن صفية عن أمه عن عائشة به، قال: وحدثناه أبي وجماعة قالوا: حدثنا محمد بن يحيى بن منده. وأخرجه أيضًا في مسند أبي حنيفة بهذا الإسناد الأول [1/ 92] عن الوراق. ومن طريقه أخرجه أبو بكر بن عبد الباقى في مسند أبي حنيفة عن الخطيب عن أبي نعيم به [10/ 395]. وله طريق آخر أخرجه الطبرانى في كتاب الدعاء [رقم 1788] من رواية إبراهيم بن أبي الوزير عن عثمان بن أبي الكنات عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما لقى عبد ربه في صحيفته بشيء خير من الاستغفار". قال الحافظ في اللسان: وهذا من حديث عائشة مرفوعًا منكر، وهو محفوظ عنها موقوف بمعناه اهـ. وليس ما قاله بمسلم بل هو محفوظ عنها مرفوعًا، وإنما المحفوظ عنه موقوفًا أبو الدرداء، وقد روى عنه مرفوعًا أيضًا، أخرجه الديلمى في مسند الفردوس [رقم 3933] من طريق محمد بن عثمان ابن أبي شيبة: ثنا على بن حكيم ثنا حبان بن على عن حصين بن منصور عن أبي الخطيب عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفلح من كان سكوته تفكرا ونظره اعتبارا، أفلح من وجد في صحيفته استغفارا كثيرا".

2213/ 5311 - "طُوْبَى لمَنْ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَة وَجَوْفُهُ مَحْشُوٌّ بِالقُرْآنِ وَالْفَرَائِض وَالْعِلْمِ". (فر) عن أبي هريرة قلت: هذا حديث موضوع، ومن الغريب أن المصنف استدركه على ابن الجوزى في الموضوعات فأورده في ذيلها ثم ذكره هنا. 2214/ 5316 - "طُولُ مقَام أُمَّتِى فِي قُبُوْرِهِمْ تَمحِيْصٌ لِذُنُوبِهِمْ". عن ابن عمر قال الشارح: لم يذكر مخرجه، وفيه الإفريقى ضعيف. وقال في الكبير: فيه عبد اللَّه بن أبي غسان الإفريقى، قال في الميزان: سمع مالكا أتى عنه بخبر باطل ثم ساق هذا الخبر. قلت: فيه أمران، الأول: قوله في الصغير: وفيه الإفريقى ضعيف، يوهم أنه عبد الرحمن بن أنعم الإفريقى لأنه المعروف المشهور بالإفريقى، وبالضعف في الحديث فمن يرى أن فيه الإفريقى الضعيف لا يفهم إلا أنه ابن أنعم، فاختصار الاسم لهذا الحد الموهم قبيح وإخلال بالمقصود، بل موقع في الخطإ والزلل. الثانى: قوله: قال في الميزان. . إلخ غلط؛ فإن الذهبى لم يذكر هذا الرجل في الميزان، وإنما هو من زوائد الحافظ في اللسان [3/ 325]، ونصه: عبد اللَّه بن أبي غسان الإفريقى سمع مالكا وأتى عنه بخبر باطل قال: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما رفعه: "طول مقام أمتى في قبورهم تمحيص لذنوبهم" قال أبو العرب الصقلى: تفرد به عن مالك رحمه اللَّه اهـ. فكان المؤلف رآه في اللسان فنقله وبيض له ريثما يقف على مخرجه، وخفى عليه أن مخرجه هو أبو العرب المذكور، فإنه قال في طبقات علماء إفريقية [ص: 77]:

عبد اللَّه بن أبى غسان سمع من مالك، وروى عنه حديثا قل من رواه غيره حدثنى به فرات حدثنى عبد اللَّه بن أبي غسان قال: حدثنا مالك، فذكره ثم قال: وكان ثقة اهـ. وهذا غريب جدا، ولم ينقل الحافظ عنه أنه وثقه، والحافظ ما رأيته ينقل من طبقات علماء إفريقية لأبي العرب، وإنما رأيته ينقل كثيرا من كتاب الضعفاء له، فلا أدرى هل وثقه هنا وأعاده في الضعفاء، أم رآه الحافظ في الطبقات ولم ينقل إصناده إليه ولا توثيقه له؟ وهو بعيد جدا واللَّه اعلم. 2215/ 5320 - "طَيِّبوا أَفْوَاهَكُمْ بِالسِّوَاكِ، فَإِنَّها طُرُقُ القُرْآنِ". (هب) عن سمرة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وظاهر صنيع المصنف أن البيهقى خرجه ساكتا عليه، وليس كذلك، بل عقبه ببيان علته فقال: غياث هذا مجهول اهـ. وقال الذهبى: غياث ضعفه الدارقطنى اهـ. وأقول: فيه أيضًا الحسن بن الفضل بن السمح، قال الذهبى: مزقوا حديثه. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: ظاهر صنيع المصنف. . إلخ كلام ساقط لا معنى لذكره كما بينته مرارا. الثانى: أن الحديث حسنه المصنف باعتبار طرقه وشواهده، وقد ذكر المصنف له طريقا قبل هذا مباشرة، فقال الشارح: إنه حسن، وسبق في حرف الألف من حديث على عليه السلام بلفظ: "إن أفواهكم طرق للقرآن فطيبوها بالسواك" وعزاه للسجزى في الإبانة عن على، وهو أيضًا عند الدينورى في المجالسة، وأبي نعيم في الحلية [4/ 296] كما ذكرته هناك. الثالث: قوله: وأقول: فيه أيضًا الحسن بن الفضل بن السمح. . . إلخ غلط، فإن الحسن المذكور لاوجود له في السند وهو متأخر لا يمكن أن يدرك

غياثا، وإنما المذكور في السند الحسين بن الفضل بتصغير الحسن. 2216/ 5324 - "طَيُّ الثَّوْبِ رَاحَتُهُ". (فر) عن جابر قلت: هذا حديث موضوع. 2217/ 5325 - "الطَّابِعُ مُعَلَّق بقَائمَةِ العَرْشِ، فَإذَا انْتُهِكَتِ الحُرْمَةُ وَعمِلَ بِالمَعاصِى، وَاجْتُرِئَ عَلَىَ اللَّهِ -بَعَثَ اللَّهُ الطَّابِعَ فَيَطْبَعُ عَلى قَلْبِهِ فَلا يَعْقِلُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا". [البزار (هب) عن ابن عمر] قلت: هذا حديث موضوع. 2218/ 5335 - "الطَّاهِرُ النَّائِمُ كَالصَّائِم القَائِمِ". (فر) عن عمرو بن حريث قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف اهـ. وذلك لأن فيه ابن لهيعة وغيره من الضعفاء. قلت: لا دخل لغيره فيه، فإن ابن المبارك رواه في كتاب الزهد [ص: 440] عنه أيضًا فقال: أخبرنا ابن لهيعة قال: حدثنى خالد بن يزيد عن عبد الرحمن بن حسان أنه حدثه عن عمرو بن حريث قال: بلغنى أن الطاهر كالصائم الصابر. وهذا بعينه هو سنده محند الديلمى فإنه أخرجه [رقم 3981] من طريق محمد بن يحيى ثنا أبو صالح عن ابن لهيعة به. 2219/ 5340 - "الطِّفْلُ لا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلا يُورَثُ، وَلا يَرِثُ، حَتَّى يَسْتَهِلَّ". (ت) عن جابر

قال الشارح: بإسناد واه، ووهم المؤلف. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما زعم فقد قال الذهبى: هو واه، وتقدمه ابن القطان وغيره فقالوا: الحديث معلول بإسماعيل بن مسلم المكى، وهو ضعيف جدا. . . إلخ. قلت: المصنف لا يتكلم على الحديث باعتبار الطريق المذكورة عند عزوه وإنما يتكلم عليه باعتبار متنه من حيث ماله من الطرق، وهذا الحديث حسن كما قال المصنف، بل صححه ابن حبان والحاكم وجماعة والحق معهم، فإن الحديث رواه الترمذى [رقم 1032] من طريق إسماعيل بن مسلم المكى عن أبي الزبير عن جابر، وإسماعيل بن مسلم ضعيف لكنه لم ينفرد به، بل تابعه عليه جماعة كبيرة، منهم: المغيرة بن مسلم ومتابعته عند النسائى [4/ 55، 56] وابن حبان [13/ 392]، والحاكم [1/ 348]، ومنهم الربيع بن بدر، ومتابعته عند ابن ماجه [رقم 1508]، ومنهم سفيان الثورى، ومتابعته عند الحاكم [1/ 349]، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ومنهم الأوزاعى عند الحاكم، والبيهقى في السنن [رقم 4/ 8]، ومنهم يحيى بن أبي أنيسة ذكرها الدارقطنى في علله [جـ 4/ ق - 83 أ]. هذه المتابعات كلها تامة عن أبي الزبير، ثم إنه ورد مرفوعًا أيضًا من رواية عطاء عن جابر، وإن اختلف الرواة عنه في رفعه ووقفه. وله مع ذلك شاهد من حديث على، وابن عباس كلاهما عند ابن عدى في الكامل [4/ 14]، فالمصنف نظر إلى الحديث بهذا الاعتبار فحسنه توسطا واحتياطا وإلا فهو صحيح كما صححه الحاكم وابن حبان. 2220/ 5341 - "الطَّمَعُ يُذْهِبُ الحِكْمَةَ مِنْ قُلُوبِ العُلَمَاءِ". في نسخة سمعان عن أنس

قلت: غريب جدا أن يذكر المصنف حديثا من نسخة سمعاق وهى كلها باطلة موضوعة لا يعرف واضعها، وسمعان هذا يروى عن أنس، وربما يكون معدوما وإنما اختلقه من اختلق له تلك النسخة. وأما الذهبى فقال [2/ 234]: لا يكاد يعرف ألصقت به نسخة مكذوبة رأيتها قبح اللَّه واضعها. قال: الحافظ [3/ 114]: وهى من رواية محمد بن مقاتل الرازى عن جعفر ابن هارون الواسطى عن سمعان، فذكر النسخة، وهى أكثر من ثلاثمائة حديث أكثر متونها موضوعة. 2221/ 5344 - "الطُّهُوْرُ ثَلاثًا ثلاثًا وَاجِبٌ، وَمَسْحُ الرَّأْسِ وَاحِدَةٌ". (فر) عن على قال الشارح: سنده ضعيف. قلت: بل هو باطل لا أصل له، وقد زعم واضعه أنه من رواية الثورى عن أبي إسحاق الهمدانى عن أبي حية بن قيس عن على، وما هذا من حديث الثورى ولا سمع به قط. 2222/ 5349 - "الطَّلاق بيدِ من أخذَ بالسَّاقِ". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف اهـ. فرمز المؤلف لحسنه ليس في محله، وقضية تصعرف الصنف أنه لم يخرجه أحد من أهل الستة وهو ذهول، فإن ابن ماجه خرجه باللفظ المزبور عن ابن عباس المذكور، وعزاه هو نفسه في الدرر إليه. قلت: بل الحديث حسن لأن له طريقا آخر عند ابن ماجه رجاله ثقات، إِلا أَنَّ

فيه ابن لهيعة وحديثه حسن لا سيما مع انضمام طريق الطبرانى، وإنما لم يعزه المصنف لابن ماجه لأن لفظه عنده [رقم 1082]: "يأيها الناس ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما، إنما الطلاق لمن أخذ بالساق". وأما كونه عزاه إليه في الدرر بهذا اللفظ فكأنه في الدرر يتكلم على الألفاظ المشتهرة ويريد إثبات وجودها في الكتب بخلاف ما يورده هنا، فإنه يحافظ على لفظ الكتاب المعزو إليه، ولذلك يفرق الحديث الواحد في عدة حروف بحسب ما وقع عند مخرجيه. 2223/ 5351 - "الطيْرُ تَرْفَعُ يَوْمَ القِيَامَة مَنَاقيْرَهَا، وَتَضْرِبُ بِأَذْنَابِهَا، وَتَطْرَحُ مَا فِي بُطُوْنِهَا، ولَيْسَ عِنْدَهَا طَلَبةٌ فَاتَّقِهِ". (طب. عد) عن ابن عمر قال في الكبير: هو من رواية محمد بن الفرات عن محارب بن دثار عن ابن عمر، ورواه البيهقى أيضًا بهذا الإسناد، وقال: محمد بن الفرات ضعيف، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات وقال: محمد بن الفرات كذاب. قلت: محمد بن الفرات لم ينفرد به، وراجع ما كتبناه على حديث: "شاهد الزور" المار قريبًا تستفد علما جما عن هذا الحديث. 2224/ 5352 - "الطيرَةُ شِرْكٌ". (حم. خد 4. ك) عن ابن مسعود قلت: وأخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار [1/ 358] و [2/ 304]. * * *

حرف الظاء

حرف الظاء 2225/ 5354 - " ظَهْرُ المُؤْمِنِ [حِمًى] (¬1) إِلا بِحَقِّهِ". (طب) عن عصمة بن مالك قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد جزم المنذرى بضعفه، وأعله الهيثمى بأن فيه الفضل بن المختار وهو ضعيف. قلت: لكنه لم ينفرد به، بل له شاهد مثله من حديث عائشة أخرجه أبو الشيخ في كتاب السرقة من طريق محمد بن عبد العزيز الزهرى: عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا: "ظهور المؤمنين حمى إلا في حدود اللَّه" ومحمد بن عبد العزيز ضعفوه، وقيل: بمشورته جلد مالك، ولكن الحديث من طريقهم يرتفع عن درجة الضعيف، ثم إن الديلمى أخرج هذا الحديث [رقم 3994] من طريق أبي نعيم عن الطبرانى: حدثنا أحمد بن رشدين ثنا خالد بن عبد السلام ثنا الفضل بن المختار عن عبيد اللَّه بن موهب عن عصمة بن مالك به، لكن بلفظ: "ظهر المؤمن حمى إلا في حد من حدود اللَّه تعالى". ¬

_ (¬1) هذه الزيادة من المطبوعة من فيض القدير (4/ 295).

2226/ 5356 - "الظَّلَمَةُ وَأَعُانُهُمْ فِي النَّارِ". (فر) عن حذيفة قال في الكبير: وفيه عنبسة بن عبد الرحمن، قال الذهبى: متروك متهم. قلت: ليس الذي في سنده عنبسة بن عبد الرحمن، إنما فيه عيينة بن عبد الرحمن بيائين مصغرا، وهو ثقة، وإنما علته مروان بن عبد اللَّه بن صفوان ابن حذيفة أو مولى صفوان بن حذيفة عن أبيه عن حذيفة، ومروان قال العقيلى: لا يعرف هو ولا أبوه وحديثه منكر، ثم أخرج هذا الحديث [4/ 203] بلفظ: "أهل الجور وأعوانهم في النار" وهو بهذا اللفظ عند الحاكم في المستدرك [4/ 89] وصححه، لكن تعقبه الذهبى: بأنه منكر، وقد سبق للمصنف ذكر هذا الحديث في حرف الألف، ولم يعرف الشارح ذلك. * * *

حرف العين

حرف العين 2227/ 5364 - " عَارِيَةٌ مُؤَدَّاةٌ". (هـ. ك) عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه أبو داود، والنسائى عن صفوان بلفظ: "عارية مضمونة". قلت: صفوان هو ابن أمية، ولفظ حديثه: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استعار منه أدراعا يوم حنين فقال: أغصب يا محمد؟، فقال: بل عارية مضمونة" وسيأتى لحديث الباب طرق أخرى في المعرف بالألف واللام. 2228/ 5368 - "عَاقِبُوا أَرِقَّاءَكُمْ عَلَى قَدْرِ عُقُوْلِهِمْ". (قط) في الأفراد، وابن عساكر عن عائشة قال في الكبير: ورواه عنها الديلمى أيضًا. قلت: لا بل رواه من حديث ابن عباس، قال الديلمى [رقم 4017]. أخبرنا محمد بن الحسين إذنا أخبرنا أبي أخبرنا ابن شيبة ثنا أحمد بن الصقر ابن ثوبان الكندى ثنا يحيى بن الفضل العبدى ثنا أبو خزيمة زفر بن هبيرة المرى ثنا عيسى بن ميمون عن محمد بن كعب عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عاتبوا أرقاءكم على قدر عقولهم".

2229/ 5369 - "عَالِمٌ يُنْتَفَعُ بِعِلْمِه خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ". (فر) عن على قلت: هذا حديث موضوع. 2230/ 5374 - "عَبْدُ اللَّهِ بنُ سَلامٍ عَاشِرُ عَشَرَةٍ فِي الجَنَّةِ". (حم. طب. ك) عن معاذ قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من الستة وهو ذهول، فقد عزاه الديلمى وغيره إلى الترمذى. قلت: لفظ الترمذى لا يدخل هنا في اصطلاح المؤلف، لأن معاذا قال في روايته [رقم 3804]: والتمسوا العلم عند أربعة رهط: عند عويمر أبي الدرداء وعند سلمان الفارسى، وعند عبد اللَّه بن مسعود، وعند عبد اللَّه بن سلام الذي كان يهوديا فأسلم؛ فإنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إنه عاشر عشرة في الجنة" ثم قال: حسن غريب. 2231/ 5377 - "عِتْقُ النسَمَةِ أَنْ تَنْفَرِدَ بِعِتْقِهَا، وَفَكُّ الرقبَةِ أَنْ تُعِيْنَ فِي عِتِقْهِا". الطيالسى عن البراء قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأشهر من الطيالسى وهو عجب، فقد خرجه أحمد في المسند باللفظ المزبور، قال الهيثمى: ورجاله ثقات. قلت: لفظ أحمد عن البراء [4/ 299] قال: "جاء أعرابى إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: علمنى عملا يدخلنى الجنة، قال: لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعْرَضْتَ المسألة؛ اعتق النسمة، وفك الرقبة، قال: يا رسول اللَّه أو ليستا

بواحدة؟ قال: لا إن عتق النسمة أن تَفَرَّدَ بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في عتقها، والمنحة الوَكوفُ والفئ على ذى الرحم الظالم، فإن لم تطق ذلك فاطعم الجائع، وَاسْقِ الظمآن، وَأمُرْ بالمعروف وَانْهَ عن المنكر، فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير" اهـ. فأين اللفظ المزبور؟! ولكنه الكذب المشهور. 2232/ 5385 - "عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ ذَبْحِكُمُ الضَّأْنَ فِي يَوْمِ عِيْدِكُمْ". (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه ابن أبي فديك، قال ابن سعد: ليس بحجة، وشبل ابن العلاء قال ابن عدى: له مناكير، والعلاء بن عبد الرحمن أورده الذهبى أيضًا في الضعفاء. قلت: بل أنت الذي ليس بحجة، وحقك أن تذكر في الضعفاء، فابن أبي فديك ثقة حجة من رجال الصحيحين، والعلاء بن عبد الرحمن ثقة، أكثر مسلم من الرواية لأحاديثه في صحيحه، وكون الرجل تكلم فيه لا يدل على ضعفه فقد تكلم في مالك، والشافعى، وأمثالهما، وإنما علة الحديث شبل ابن عبد الرحمن. والحديث خرجه أيضًا الديلمى من طريق أبي نعيم: ثنا أبو الشيخ وأبو أحمد قالا: حدثنا أبو مسلم محمد بن أبان بن عبد اللَّه المدينى ثنا سليمان بن داود المنقرى ثنا ابن أبي فديك عن شبل بن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده عن أبي هريرة به، وزاد: قال: وقالت عائشة: "من لم يجد يوم الأضحى إلا ديكا فليذبحه، فإنه يستحب أن يهراق فيه دم".

2233/ 5393 - "عَجِبْتُ لِطَالِبِ الدُّنْيَا وَالمَوْتُ يَطْلُبُهُ، وَعَجِبْتُ لغَافِلٍ وَلَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنَهُ، وَعَجبتُ لِضَاحِكٍ مِلءَ فِيهِ وَلا يَدْرِى أَرُضِى عَنْهُ أَمْ سُخِطَ" (عد. هب) عن ابن مسعود قلت: سكت عليه الشارح، والحديث أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة في مسنده، وابن بشران في الأول من فوائده، والثقفى في الأول من فوائده أيضًا من طريقه، وأبو الشيخ، ومن طريقه الديلمى في مسند الفردوس [رقم 4095] والقضاعى في مسند الشهاب [فتح الوهاب 594] كلهم من رواية حميد الأعرج عن عبد اللَّه بن الحارث عن ابن مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وحميد الأعرج متروك منكر الحديث، وقد أنكروا عليه هذه الأحاديث التي يحدث بها عن عبد اللَّه بن الحارث عن ابن مسعود وقالوا: إنها ليست بمستقيمة ولا يعرف لعبد اللَّه بن الحارث شيء يثبت عن ابن مسعود وألفاظ الحديث ليست من الأحاديث المرفوعة، وهى بالموقوفات والمقطوعات أشبه. 2234/ 5396 - "عَجَّ حَجَرٌ إِلى اللَّهِ تَعَالى فَقَالَ: إِلَهِى وَسَيِّدِى، عَبَدْتُكَ كَذَا وَكَذَا سنةً، ثُمَّ جَعَلْتَنِى فِي أُسِّ كنيفٍ، فقَالَ: أَو مَا تَرْضَى أَنْ عَدَلْتُ بِكَ عَنْ مَجَالِسِ القُضَاةِ". تمام، وابن عساكر عن أبي هريرة قال في الكبير: كلاهما روياه من طريق أبي معاوية عبد اللَّه بن محمد المقرى المؤدب عن محمود بن خالد عن عمر عن الأوزاعى عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وقضية صنيع المؤلف أن مخرجيه خرجاه وأقراه، وليس كذلك، بل قال مخرجه الأصلى تمام بعد ما خرجه من طريقين فيهما أبو معاوية: هذا حديث منكر، وأبو معاوية ضعيف.

قلت: في هذا أمور، أحدهما: أنه أسقط من هذا السند يحيى بن كثير شيخ الأوزاعى لأنه لم يدرك أبا سلمة، وقال في الراوى عنه: عمر دون ذكر والده، وهو شبه العدم مع أنه مذكور في الإسناد باسم والده كما سأذكره. ثانيها: أن المؤلف لا يذكر كلام المخرجين على الأحاديث من أول الكتاب إلى آخره. ثالثها: أنه لم ير فوائد تمام، ولا رأي من رآها، وإنما نقل سنده وكلامه على الحديث بواسطة المؤلف كما سأذكره، فهو يستفيد من علمه ويجحد فضله. رابعها: أن المؤلف حكم على هذا الحديث بالوضع، وأورده في مستدركه على موضوعات ابن الجوزى فكان من حقه ألا يذكره هنا في الكتاب الذي صانه عما انفرد به وضاع أو كذاب، فإنه قال في ذيل اللآلئ: قال تمام: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان حدثنا أبو معاوية عبيد اللَّه بن محمد القزى المؤدب ثنا محمود بن خالد ثنا عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به [رقم 935]. قال: ورواه أبو معاوية أيضًا عن دحيم عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعى بهذا الإسناد مثله. قال تمام: هذا حديث منكر من حديث الأوزاعى، وأبو معاوية القزى هذا ضعيف، وكان يحدث بهذا الحديث بالإسنادين جميعا اهـ. فمن هنا نقل الشارح ما ذكر، وإنما لم يتعرض لكون المؤلف ذكره في الموضوعات، واقتصر على ما قال حتى لا يتضح أنه منه نقل، وكذلك حديث ابن عمر: "شكت القوارير"، الذي ذكره الشارح في كلامه على الحديث، وقال: هو شديد الضعف بل قيل: موضوع -إنما أبهم القائل ولم يصرح

بكونه في اللآلئ المصنوعة للمؤلف؛ لئلا يعلم أنه إنما يخوض في بحار علمه، فالحديث المذكور ذكره المؤلف في اللآلئ المصنوعة نقلا عن ابن الجوزى وأقره على وضعه. 2235/ 5399 - "عَجِّلُوا الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ؛ لِيُرْفَعَا مَعَ العَمَلِ". (هب) عن حذيفة قال في الكبير: وكذا رواه الدارقطنى والديلمى، وفيه سويد بن سعيد، قال أحمد: متروك عن عبد الرحيم بن زيد العمى، قال البخارى: تركوه. قلت: إطلاقه العزو إلى الدارقطنى يوهم أنه في سننه، وهو إنما رأى الديلمى أسنده من طريق الدارقطنى فعزاه إليه، ثم إنه ليس في سنده سويد قال الديلمى [رقم 4009]: أخبرنا عبدوس ثنا محمد بن عيسى بن عبد العزيز ثنا الدارقطنى ثنا محمد بن القاسم بن زكريا المحاربى ثنا عباد بن يعقوب ثنا محمد بن الفضل عن زيد العمى عن أبي العالية عن حذيفة به. هكذا رواه أيضًا محمد بن نصر في قيام الليل قال: حدثنا إسحاق أخبرنا بقية حدثنى محمد ثنى ريد العمى عن أبي العالية عن حذيفة به. قال محمد بن نصر: هذا حديث ليس بثابت، وقد روى عن حذيفة من طريق آخر خلاف هذا قال: "كانوا يحبون تأخير الركعتين بعد المغرب حتى كان بعض الناس تفجأهم الصلاة ولم يصلوها فعجلهما الناس" وهذا أيضًا ليس بثابت اهـ. قلت: وهو يدل على أن المراد بالركعتين بعد المغرب أن بعد أوانها لا بعد صلاتها.

2236/ 5402 - "عُدْ مَنْ لا يَعُودكَ، وَأهْدِ لمنْ لا يُهْدى لَكَ". (تخ. هب) عن أيوب بن ميسرة مرسلا قلت: أخرجه البخارى [1/ 410] في ترجمة أيوب السختيانى قال: وقال أحمد: عن وكيع عن هشام بن عروة عن أيوب بن ميسرة قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "عد من لا يعودك" هو السختيانى زعمه أحمد، وقال غيره: هو أيوب بن ميسرة مولى الخطمى، ليس هذا بالسختيانى، نسبه أبو أسامة عن هشام. قلت: ورواه الديلمى [رقم 4018] من طريق هشام بن عمار عن سعيد بن يحعى عن هشام بن عروة فقال: عن رجل من الأنصار يقال له: قيس قال: أخبرت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "عد من لا يعودك، وأهد لمن لا يهدى لك" فهذا اختلاف على هشام في راوى هذا الحديث. 2237/ 5403 - " عُدَّ الآى في الفَرِيْضَةِ وَالتَّطَوُّعِ". (خط) عن واثلة قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: كذا قال من غير أن يبين سبب ضعفه، والحديث في نقدى موضوع لا أصل له لأنه من رواية أبي سعيد الشامى عن مكحول، وأبو سعيد واسمه: عبد القدوس بن حبيب كذاب. 2238/ 5404 - "عِدَّةُ المؤمِنِ دَيْنٌ، وعِدَّةُ المؤمِنِ كَالآخِذِ باليَدِ". (فر) عن على قال الشارح: وفيه دارم بن قيصة، قال الذهبى: لا يعرف. قلت: ما رأيت لدارم ذكرا في الميزان، ولا في اللسان وهو دارم بن قبيصة بن نهشل الصنعانى ذكره النجاشي في رجال الشيعة، وزاد في نسبه بعد نهشل مجمعًا، وقال: كنيته أبو الحسن التميمى الدارمى السائح، روى عن الرضى

وله عنه كتاب الوجوه والتعابير وكتاب الناسخ والمنسوخ اهـ. وذكر غيره أن ابن القضائرى قال عنه: لا يؤنس بحديثه ولا يوثق بروايته، لكن جرح ابن القضائرى عندهم غير معتمد. والحديث أخرجه من طريق دارم المذكور عن على بن موسى الرضى عن أبائه عليهم السلام عن على مرفوعًا بلفظ: "عدة المؤمن نذر لا كفارة له". وله طريق آخر مسلسلا برواية أربعة عشر رجلا من أهل البيت من غير رواية دارم أخرجه ابن السمعانى في الذيل، وسمعناه مسلسلا من طريق جماعة ولفظه: "عدة المؤمن كالأخذ بالكف" وهو معروف في كتب المسلسلات، ولنا جزء خاص في تخريج تلك الأربعين. أما شطر الحديث الأول وهو: "عدة المؤمن دين" فله طرلتى أخرى عن على سيأتى ذكرها في المعرف بالألف واللام. 2239/ 5405 - "عَدَدُ دَرَجِ الجنَّة عَدَدُ آى القُرْآنِ فمَنْ دَخَلَ الجنَّةَ مِنْ أَهْلِ القُرْآنِ فَلَيسَ فَوْقَهُ دَرجَةٌ". (هب) عن عائشة قلت: قال البيهقى [رقم 1998]: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ ثنا أبو الحسين الخياط ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن روح ثنا الحكم بن موسى ثنا شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، ثم قال: قال الحاكم: إسناده صحيح، ولم يكتب المتن إلا به، وهو من الشواذ. 2240/ 5407 - "عُدِلَ صَوْم يَوْمِ عَرَفَةَ بِسَنَتَيْنِ: سَنَة مُقْبِلَةٍ، وسَنَةٍ مُتَأخِّرةٍ". (قط) في فوائد ابن مردك عن ابن عمر

قلت: فيه أمران، الأول: أن المصنف واهم في قوله عن هذا الحديث: رواه الدارقطنى في فوائد ابن مردك، والصواب أن يقول: رواه ابن مردك في فوائده تخريج الدارقطنى لأن الأحاديث هي من رواية ابن مردك، وهو الراوى لها، وإنما الفوائد استخرجها له الدارقطنى من مسموعاته وحدث هو بها، فرواها عنه أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور، فالعزو إليه لا إلى الدارقطنى. الثانى: ضرب الشارح عن ابن مردك صفحا فلم يترجم له، ولا بين اسمه وهو أبو الحسن على بن عبد العزيز بن مردك بن أحمد بن سندويه البرذعى البزار، حدث عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، وجماعة، روى عنه الحسن ابن على الجوهرى البزار، حدث عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، وجماعة روى عنه الحسن بن على الجوهرى، والقاضيان الصميرى والتنوخى، وأبو الحسين بن النقور، وآخرون، وكان ثقة صالحا زاهدًا عابدًا ترك الدنيا وأقبل على العبادة، ولزم المساجد وانقطع عن الدنيا، وأريد على الشهادة فامتنع من ذلك، مات سنة سبع وثمانين وثلاثمائة قال في فوائده المذكورة آخرها: حدثنا على بن محمد بن عبيد ثنا إبراهيم بن سليمان بن حيان الخزار الكوفى ثنا قطبة بن العلاء الغنوى ثنا عمر بن ذر عن مجاهد عن ابن عمر به. 2241/ 5408 - "عَذَابُ القَبْرِ حَقٌ". (خط) عن عائشة قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن هذا لا يوجد مخرجًا في أحد الستة وإلا لما عدل عنه وأبعد النجعة. وهو ذهول عجيب، فقد عزاه الديلمى وغيره إلى الشيخين جميعا ثم رأيته في صحيح البخارى في باب: ما جاء في عذاب القبر عن كتاب الجنائز بهذا اللفظ من رواية المستملى.

قلت: قال البخارى في الباب المذكور من صحيحه [رقم: 1372]: حدثنا عبدان أخبرنى أبي عن شعبه سمعت الأشعث عن أبيه عن مسروق عن عائشة رضي اللَّه عنها: "أن يهودية دخلت عليها فدكرت عذاب القبر فقالت لها: أعاذك اللَّه من عذاب القبر، فسألت عائشة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن عذاب القبر فقال: نعم، عذاب القبر. قالت عائشة رضي اللَّه عنها: فما رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر وزاد غندر: عذاب القبر حق، قال الحافظ [الفتح: 3/ 236] على قوله: "نعم عذاب القبر": كذا للأكثر، زاد في رواية الحموي والمستملى: "حق" وليس بجيد لأن المصنف قال عقب هذه الطريق: زاد غندر: "عذاب القبر حق" فتبين أن لفظ: "حق" ليست في رواية عبدان عن أبيه عن شعبة، وأنها ثابتة في رواية غندر عن شعبة وهو كذلك، فقد أخرج طريق غندر النسائى [الكبرى 1/ 389] و [3/ 56]، والإسماعيلى كذلك، وكذلك أخرجه أبو داود الطيالسى في مسنده عن شعبة [ص: 200] انتهى. فبان أولا: أن رواية البخارى الصحيحة دون ذكر: "حق"، وأن المستملى غلط في ذلك، وأن الرواية التي ذكرها أخيرا عن غندر هي معلقة، وإنما رواها النسائى والإسماعيلى. وثانيا: لو كانت لفظة: "حق"، صحيحة في رواية البخارى فلفظ الحديث عنده: "نعم عذاب القبر حق" وهذا في اصطلاح المؤلف يذكر في حرف النون لا هنا. ثم إن الشارح استعمل هنا في كلامه على هذا الحديث تدليسا مضحكا فقال: تنبيه في شرح الصدور قال العلماء: عذاب القبر هو عذاب البرزخ. . إلخ الفائدة، فمنعه حسده من أن يقول: قال المؤلف في شرح الصدور، فذكر الكتاب وأسقط ذكر مؤلفه رجاء ألا يعرفه القارئ فيظنه لغيره.

2242/ 5413 - "عُرَامَةُ الصَّبِيِّ في صِغَرِهِ زِيَادَةٌ فِي عَقْلِهِ فِي كِبَرِهِ". الحكيم عن عمرو بن معدي كرب أبو موسى المدينى في أماليه عن أنس قلت: سكت عليه الشارح، ولم أقف على سند حديث أنس، أما حديث عمرو بن معد يكرب فضعيف. قال الحكيم في الأصل الرابع والمائتين: ثنا عمر بن أبي عمر ثنا إبراهيم بن حمزة عن محمد بن سلمة الحرانى عن أبي واصل عن شهر بن حوشب عن عمرو بن معد يكرب به. 2243/ 5416 - "عَرْشٌ كَعَرْشِ مُوْسَى". (هق) عن سالم بن عطية مرسلا قال في الكبير: كذا بخط المصنف وفي رواية: "عريش كعريش" بـ "ياء" قبل الشين، ثم قال: سببه أنه سئل أن يكحل له المسجد فقال: "لا عريش كعريش موسى" وذكره، ثم قال بعد العزو: وقضيته أنه لا علة له غير الإرسال والأمر بخلافه، فقد قال الذهبى في المهذب: إنه واه أيضًا. قلت: أما الرواية التي ذكرها فلا وجود لها عند مخرج الحديث، وإنما ورد ذلك في حديث آخر سيذكره المصنف قريبًا. وأما قوله: وقضيته أنه لا علة له غير الإرسال فكذب، فإن المصنف رمز لضعفه ونص على أنه معلول بعلة غير الإرسال لأن المرسل قد يكون حسنا وقد يكون صحيحا إلى مرسله، وأما حكمه في نفسه فذلك من بحث الفقهاء لا أهل الحديث. وأما قوله: سببه أنه سئل أن يكحل له المسجد، فذلك غير مذكور عند مخرج

الحديث، فإنَّ البيهقى [2/ 439]: رواه من طريق ليث -وهو سبب ضعفه- عن سالم بن عطية قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عرش كعرش موسى" يعنى: أنه كان يكره الطاق في حوالى المسجد اهـ. 2244/ 5417 - "عَرَضَ عَلَى رَبِّى ليَجْعَلَ لى بَطْحَاءَ مكَةَ ذَهَبًا، فَقُلْتُ: لا يَارَبِّ، وَلَكِنِّى أشْبَعُ يَوْمًا وَأَجُوعُ يَوْمًا، فَإذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ، وَإِذَا شَبِعْتُ حَمِدْتُكَ وَشَكَرْتُكَ". (حم. ت) عن أبي أمامة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو تابع للترمذى، وقال في المنار: وينبغى أن يقال فيه: ضعيف، فإنه من رواية عبيد اللَّه بن زحر عن على بن زيد عن القاسم عنه، وقال العراقى: فيه ثلاثة ضعفاء: على بن زيد، والقاسم، وعبيد بن زحر. قلت: الصواب أنه حسن وهؤلاء الثلاثة وإن كانوا ضعفاء إلا أنهم غير كذابين، ولا منكرى الحديث، فحديثهم متماسك، فإذا كان له شاهد فهو حسن كهذا. والحديث أخرجه أيضًا ابن المبارك في الزهد [رقم 54] عن يحيى بن أيوب عن عبيد اللَّه بن زحر به (¬1). ومن طريقه أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 381]. وأخرجه إسماعيل الصفار في جزئه من طريق ابن أبي مريم عن يحيى بن أيوب. ورواه أبو نعيم في الحلية [8/ 133] من طريق الفضيل بن عياض عن مطروح بن يزيد عن عبيد اللَّه بن زحر به، وقال: لا أعلمه روى بهذا اللفظ إلا عن على بن يزيد عن القاسم. ¬

_ (¬1) وهو من زيادات نعيم بن حماد المروزى.

ورواه عن عبيد اللَّه يحيى بن أيوب مثله، والقاسم هو ابن عبد الرحمن مولى خالد بن يزيد من فقهاء دمشق. 2245/ 5419 - "عُرضَتْ عليَّ الجنَّةُ والنَّارُ آنفًا في عُرْض هَذَا الحَائط، فَلَمْ أرَ كاليَوم في الخَيْرِ والشَّرِّ، ولَوْ تَعْلَمونَ مَا أعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ولَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا". (م) عن أنس قلت: أخرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير [7/ 373]: ثنا مسدد ثنا حماد بن زيد عن مروان مولى هند بنت المهلب سمعت أنس بن مالك به. 2246/ 5420 - "عُرضَتْ عَلَيَّ أمَّتى بأعْمَالها حسَنها وسَيِّئها، فَرَأيتُ في مَحَاسن أعْمَالها إمَاطَةَ الأذَى عَن الطَّرِيقِ، ورَأيْتُ فِي سَيِّء أعْمَالِهَا النُّخَاعَة فِي المَسْجِدِ لَمْ تُدْفَنْ". (حم. م. هـ) عن أبي ذر قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا ابن حبان، وابن منيع، والديلمى، ولم يخرجه البخارى. قلت: لكنه خرجه في الأدب المفرد في باب: إماطة الأذى [رقم 230]، قال حدثنا موسى ثنا مهدى عن واصل عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدؤلى عن أبي ذر. وأخرجه أيضًا الثقفى في الثقفيات، وهو ثالث حديث فيها. 2247/ 5421 - "عُرضَتْ على أجُورُ أمَّتى، حَتَّى القَذَاةُ يُخْرجُهَا الرَّجُل منَ المسْجد، وعُرضَتْ علَيَّ ذُنُوبُ أمَّتى، فَلَمْ أرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ القُرآنِ أو آيَةٍ أوْتِيهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا". (د ت) عن أنس

قال في الكبير: هو من رواية المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب عن أنس وتعقبه الترمذى بأنه غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه، وذاكر به البخارى فلم يعرفه واستغربه وقال: لا أعرف للمطلب سماعا من أحد من الصحابة اهـ. وقال القرطبى: إنه حديث غير ثابت، وأنكر ابن المدينى كون المطلب سمع من أنس، وقال ابن حجر: في إسناده ضعف لكن له شواهد، وقال العراقى: استغربه البخارى لكن سكت عليه أبو داود. قلت: وقد اختلف فيه على عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، فقيل عنه: عن ابن جريج عن المطلب عن أنس كما في الترمذى وأبي داود، وقيل عنه: عن ابن جريج عن الزهرى عن أنس، وعلى هذه الرواية لا يكون منقطعا، هكذا أخرجه الطبرانى في الصغير عن على بن إسحاق بن الوزير الأصبهانى ثنا محمد بن يزيد الآدمى ثنا عبد المجيد به. قال الطبرانى: لم يروه عن ابن جريج عن الزهرى عن أنس إلا عبد المجيد تفرد به محمد بن يزيد عن عبد المجيد، ورواه غير محمد عن عبد المجيد عن المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب عن أنس اهـ. وعن الطبرانى رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 12]. 2248/ 5422 - "عُرضَتْ عَلَيَّ أمَّتى البَارحَةَ لَدَى هَذه الحُجْرَة، حَتَّى لأنا أعْرَفُ بِالرَّجُلِ مِنْهُمْ مِنْ أحَدِكُم بصَاحبهِ، صُوِّرُوا لِى في الطِّينِ". (طب) والضياء عن حذيفة قلت: وأخرجه أيضًا الحسن بن سفيان في مسنده قال: حدثنا عقبة بن مكرم أخبرنا أبو بكر الحنفى ثنا داود بن الجارود عن أبي الطفيل عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عرضت على أمتى البارحة أدنى هذه

الشجرة أولها إلى آخرها، فقال رجل: عرض عليك من خلق فكيف من لم يخلق؟ فقال: صوروا في الطين حتى لأنا أعرف بالإنسان منهم من أحدكم بصاحبه". 2249/ 5423 - "عَرَفَ الحقَّ لأهلِهِ". (حم. ك) عن الأسود بن سريع قال في الكبير: وكذا رواه الطبرانى. قلت: وكذلك الدينورى في المجالسة قال: حدثنا محمد بن على بن خلف البغدادى ثنا محمد بن مصعب الغرقسانى ثنا الأسود بن سلام ومبارك بن فضالة عن الحسن عن الأسود بن سريع أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أتى بأسير فقال: اللهم إنى أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عرف الحق لأهله". 2250/ 5425 - "عَرَفةُ كُلُّها مَوقفٌ، وارتَفعُوا عَن بَطْن عُرَنَةَ، وَمُزْدَلفَةُ كُلُّهَا مَوقفٌ، وَارْتَفِعُوا عن بَطْنِ مُحَسِّرٍ، ومِنَى كُلُّهَا مَنْحَرٌ". (طب) عن ابن عباس قال الشارح: يإسناد صحيح لا حسن خلافا للمؤلف. قلت: حديث ابن عباس بالنظر إلى سنده حسن، وإن صححه الحاكم في المستدرك إلا أن أصل الحديث ثابت مختصرا من حديث جابر، وله طرق متعددة مطولا كما هنا من حديث جماعة من الصحابة لا يسلم واحد منها من مقال كما بينه الحافظ في القتح، والزيلعى في نصب الراية [3/ 60 - 61]، وقد عقد الطحاوى في مشكل الآثار بابا للكلام على هذا الحديث، وأورده فيه من طرق وذلك (ص 72 من الجزء الثانى).

2251/ 5429 - "عَزْمَةٌ عَلَى أمَّتِى ألا يَتَكَلَّمُوا فِي القَدَرِ". (خط) عن ابن عمر زاد الشارح في الكبير: في القدر عن ابن عمر، ثم قال: وفيه محمد بن خالد البصرى قال الذهبى: قال أبو حاتم: منكر الحديث، وفيه أيضًا محمد ابن الحسين الدورى، قال الذهبى اتهم بالوضع، وأورده ابن الجوزى في الواهيات وقال: لا يصح. قلت: الشارح من عجائب الدنيا في الأوهام، فهو فيها لا يجارى ولا يبارى ولا يدرك له غبارى، فالذهبي لم يذكر محمد بن الحسن الدورى ولا قال عنه: إنه متهم، وإنما قال: محمد بن الحسن بن أزهر الدعاء عن عباس الدورى اتهمه أبو بكر الخطيب بأنه يضع الحديث، فاْخذ الشارح نسبة عباس الدورى وألصقه بمحمد بن الحسن الدعاء، وجعل الشيخ والتلميذ رجلا واحدا، ثم نقل ذلك إلى رجل آخر وهو محمد بن الحسن الدورى لا صلة له بالرجلين فجاء بعجيبة من العجائب وكل أوهامه عجيب. ثم إنه قال: إن الخطيب خرجه في القدر، والخطيب خرجه في التاريخ، ولكن أوهام الشارح من القدر، وما رأيت لمحمد بن خالد البصرى ذكرا في الميزان فليبحث عنه. 2252/ 5433 - "عَشْرُ خصَال عَملَهَا قَومُ لُوط بهَا أهْلكُوا -وتَزيْدُها أمَّتى بخُلَّة-: إتْيَانُ الرِّجَال بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ورَمْيُهُم بالجَلاهِق والخَذْف، ولَعبُهُمْ بالحَمَام، وَضَرْبُ الدُّفُوف، وَشُرْب الخُمُور، وَقَصُّ اللِّحْيَة، وَطُولُ الشَّارب، والصَّفيرُ، والتَّصْفيقُ، وَلِبَاسُ الحَرِيْرِ، وَتَزِيدُهَا أمَّتِى بِخُلَّةٍ: إتْيَان النِّسَاء بَعْضُهُنَّ بَعْضًا". ابن عساكر عن الحسن مرسلا

قلت: ورد نحو هذا موصولا من حديث ابن عباس، وفيه ذكر أخلاق أخرى. أخرجه الديلمى في مسند الفردوس من طريق إسماعيل بن أبي زياد الشامى عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعًا: "عشرة من أخلاق قوم لوط: الحذف في النادى، ومضغ العلك، والسواك على ظهر الطريق -كذا في الأصل السواك- والصفر، والحمام، والجلاهق، والعمامة التي لا يلتحى بها، والسكينة، والتطريف بالحناء، وحل إزار الأقبية، والمشى بالأسواق والأفخاذ بادية" اهـ. وهذا كذب لا شك فيه. وروى الدولابى في الكنى: ثنا إبراهيم بن الجنيد الجيلى، ثنا هيثم بن خارجة ثنا أبو عمران سعيد بن ميسرة البكرى الموصلى عن أنس بن مالك: أنه دخل عليه شاب قد سكن عليه شعره، فقال له: مالك والسكينة؟ افرقه أوجزه، فقال له رجل: يا أبا حمزة فيمن كانت السكينة؟ قال: في قوم لوط كانوا يسكنون شعورهم ويمضغون العلك في الطرق والمنازل، ويحذفون ويفرجون أقبيتهم إلى خواصرهم. 2253/ 5439 - "عَفْوُ الملُوكِ أبْقَى لِلْمُلْكِ". الرافعى عن على قلت: سكت عليه الشارح وهو من الأحاديث الأربعين المسلسلة بالأشراف من رواية أريعة عشر أبا، وقد مر الكلام عليها قريبًا في حديث: "عدة المؤمن كآخذ باليد"، وإنى تكلمت عليها في جزء مستقل (¬1). 2254/ 5442 - "عفُّوا تَعِفَّ نسَاؤُكُم، وَبَرُّوا آباءَكُم تَبَرَّكُمْ أبْنَاؤُكُمْ، ومنْ أعتذر إلَيْهِ أخُوَهُ المسْلِمُ من شَيءٍ بَلَغَهُ عَنْهُ فَلَمْ يَقْبَل عُذْرَهُ لم يَرِدْ عَلَيَّ الحَوْضَ". (طس) عن عائشة ¬

_ (¬1) وسماه: الإشراف بتخريج الأربعين المسلسلة بالأشراف، وهو مخطوط.

قال الهيثمى: فيه زيد بن خالد العمى، وهو كذاب، فكان ينبغى حذفه كالذى قبله. قلت: لا، لا ينبغى حذفه، لأن المصنف صان كتابه عما انفرد به وضاع أو كذاب وهذا ورد من طرق متعددة من حديث جابر وعائشة، وابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة، وأنس بن مالك، وعثمان بن عفان، فهى شواهد متعددة بانضمامها يقوى الحديث، بل قد سبق حديث ابن عمر في حرف الباء بلفظ: "بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعفوا تعف نساؤكم" فكتب عليه الشارح: بإسناد حسن بل قيل: صحيح، وحديث جابر مثل ما هنا مطولا، فكتب عليه الشارح: أن الحاكم قال: صحيح، وبعد هذا حديث أبي هريرة، وقد نقل الشارح عن الحاكم أنه صححه أيضًا. 2255/ 5443 - "عفُّوا عَنْ نِسَاء النَّاس تَعفَّ نسَاؤكُمْ، وَبَرُّوا آباءَكُم تَبَرَّكُمْ أبْنَاؤُكُم، ومَنْ أتَاه أخُوهُ مُتَنَصِّلًا فَلْيَقبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ مُحِقّا كَانَ أوْ مُبْطِلًا، فَإنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَرِدْ عَلَيَّ الحَوْضَ". (ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه من حديث سويد عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة، وقال: صحيح، ورده الذهبى بأن سويدًا ضعيف، والمنذرى بأنه واه. قلت: لكنه ورد من غير طريقه، قال أبو نعيم في التاريخ [2/ 285]: حدثنا محمد بن معمر ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن داود المؤدب ثنا هشام ابن خالد ثنا الوليد بن مسلم ثنا صدقة بن يزيد ثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عفوا تعف نساؤكم" مختصر.

2256/ 5444 - "عُقْرُ دَارِ الإسْلامِ بِالشَّامِ" (طب) عن سلمة بن نفيل قال الشارح: بإسناد صحيح لا حسن خلافا للمؤلف، وقال في الكبير: رمز الصنف لحسنه، قال الهيثمى: ورجاله ثقات اهـ. وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد لأعلى من الطبرانى، والأمر بخلافه، بل رواه الإممام أحمد فعزوه إليه أولى. قلت: فيه أمور، الأول: أنه اعتمد في الحكم بصحة الحديث على قول الحافظ الهيثمى: رجاله ثقات، ولا يلزم من ذلك أن يكون الحديث صحيحا لأن الراوى قد يكون ثقة ولكن في الدرجة الدنيا؛ فيكون حديثه حسنا، وقد يكون في الدرجة العليا ويكون في الحديث علة تمضع من تصححيحه، وأحاديث فضل الشام كلها منحولة، وقد ثبت بالدليل أن بنى أمية كانوا يجبرون الرواة على افتراء الأحاديث في فضل الشام للتقوى على جيش العراق. الثانى: أن أحمد لم يخرجه بهذا اللفظ بل أوله عنده [4/ 104]: "الآن جاء القتال، لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الناس يزيغ اللَّه قلوب أقوام فيقاتلونهم ويرزقهم اللَّه منهم حتى يأتى أمر اللَّه عز وجل وهم على ذلك، ألا إن عقر دار المؤمنين الشام، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة" فحديث الباب وقع قطعة من الحديث في وسطه وبلفظ: "ألا إن عقر دار المؤمنين" فلو رواه بهذا اللفظ وحده لكان موضعه حرف الألف، فضلا عن كونه بعض الحديث. الثالث: وإذ تعقب بأحمد والتعقب به باطل، فهو متعقب بحق لأنه بهذا اللفظ الذي رواه به أحمد أخرجه النسائى في السنن في كتاب الخيل [6/ 214 - 215] والعزو لحديث في الستة إلى غيرها هو المذموم عند أهل الحديث.

2257/ 5448 - "عُقُوبَةُ هَذِهِ الأمَّة بالسَّيْف". (طب) عن رجل (خط) عن عقبة بن مالك قال الشارح في الرجل الصحابى: هو عبد اللَّه بن يزيد الخطمى. وقال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه، والأمر بخلافه، بل بقيته: "والساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر"، ثم قال عند ذكر الرجل من الصحابة: قال الديلمى: أظنه عبد اللَّه بن يزيد الخطمى. قلت: فيه أمور، الأول: أن سند هذا الحديث واحد، وإنما اختلف فيه على حميد بن هلال أو على حماد بن سلمة فرواه هدبة بن خالد: ثنا حماد بن سلمة ثنا يونس بن عبيد عن حميد بن هلال عن أبي بردة قال: دخلت دار زياد فخرجت كئيبًا حزينا فقعدت إلى رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: مالك؟ فقلت: رأيت عقوبة شديدة ومثلة، فقال: لا يحزنك ذلك فإن هذا كائن، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . . وذكره. هكذا رواه ابن أبي عاصم أيضًا في الديات عن هدبة، ورواه المؤمل: ثنا حماد بن سلمة ثنا يونس بن عبيد عن حميد بن هلال فقال: عن نصر بن عاصم عن عقبة بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عقوبة هذه الأمة بالسيف". هكذا رواه الخطيب من طريق محمود بن غيلان [1/ 317]: ثنا المؤمل به. الثانى: جزم الشارح بأن صحابى الحديث هو عبد اللَّه بن يزيد الخطمى، وهو أخذ ذلك من كلام الديلمى الذي قاله ظنًا لا جزمًا. الثالث: ما ذكره من الزيادة في الحديث، وأن الأمر بخلاف ما ذكره المصنف باطل لا أصل له، بل الحديث كما ذكره المصنف دون زيادة كما نقلته من الأصول أيضًا، بل تلك الزيادة مناقضة للحديث كما هو ظاهر.

2258/ 5449 - "عَلامةُ أبْدَال أمَّتى أنَّهُمْ لا يَلْعَنُونَ شَيْئًا أبدًا". ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء عن بكر بن خنيس مرسلا قال الشارح: وإسناده واه. وقال في الكبير: بكر بن خنيس كوفى تابعى عابد زاهد سكن بغداد، قال الذهبى: واه اهـ. لكن في التقريب كأصله صدوق له أغلاط كثيرة، وأفرط فيه ابن حبان. قلت: فيه من عجائبه أمور، الأول: أنه قال في الصغير: بسند واه، وقال في الكبير عن بكر بن خنيس: إنه واه، وهذا خلاف ذاك ففرق بين أن يكون السند إلى المرسل واهيًا وبين أن يكون الرجل الذي أرسله واهيا. الثانى: أنه كذب على الذهبى في قوله: إنه قال عن بكر بن خنيس: واه، فإنه ما قال ذلك ولا يجوز أن يقوله بل قال [1/ 344]: بكر بن خنيس الكوفى العابد نزيل بغداد، قال ابن معين؛ ليس بشيء، وقال مرة: ضعيف، وقال مرة: شيخ صالح لا بأس به، وقال النسائى وغيره: ضعيف، وقال الدارقطنى: متروك، وقال أبو حاتم: صالح جدا ليس بالقوى، وقال ابن حبان: يروى عن البصريين والكوفيين أشياء موضوعة يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، هذا ما ذكره الذهبى في الرجل فحكى ما قيل فيه من جرح وتوثيق، ولم يقل هو عنه شيئًا. الثالث: أن بكر بن خنيس ليس تابعيا بل هو من أتباع التابعين، ولذلك كان المصنف واهما في قوله عن الحديث: مرسلًا، والصواب أن يقول: معضلا، والعجب أن الشارح نقل عبارة الحافظ في التقريب، وزاد فيها ذكر تابعى من عنده، ونص التقريب: بكر بن خنيس بالمعجمة والنون آخره سين مهملة مصغر، كوفى عابد سكن بغداد صدوق له أغلاط أفرط فيه ابن حبان من السابعة اهـ.

وقال في خطبته عند بيان اصطلاحه: السابعة طبقة كبار أتباع التابعين كمالك، والثورى. الرابع: قوله: لكن في التقريب كأصله غلط، فإن ما في التقريب ليس في أصله لأن أصله يذكر فيه كلام أهل الجرح والتعديل، ولا يذكر من كلامه شيئًا، والتقريب يذكر فيه رأيه بحسب ما ظهر له من كلام أهل الجرح والتعديل، فالفرع خلاف الأصل، وإنما الشارح رأى التقريب، ولم ير أصله فحمله عدم أمانته على العزو إليهما معًا. الخامس: سند الحديث ليس بواه، فإن ابن أبي الدنيا قال [ص 66، رقم: 59]: حدثنا عبد الرحمن بن صالح حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربى عن بكر ابن خنيس به. فابن صالح والمحاربى ثقتان، وبكر بن خنيس قد سبق عن الحافظ أنه صدوق يهم فهو مرسل حسن إن شاء اللَّه تعالى. 2259/ 5450 - "عَلامَةُ حُبِّ اللَّهِ حُبُّ ذِكْرِ اللَّهِ، وَعَلامَةُ بُغْضِ اللَّهِ بُغْضُ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجلَّ". (هب) عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه الحاكم والديلمى. قلت: هذا يوهم أن الحاكم خرجه في المستدرك، وليس كذلك إنما هو في التاريخ، والحديث خرجه أيضًا الشيخ الأكبر رضي اللَّه عنه في الكوكب الدرى في ترجمة ذى النون المصرى من طريق أبي عبد الرحمن السلمى قال: حدثنا عبد اللَّه بن الحسين الصوفى ثنا محمد بن حمدون بن مالك البغدادى ثنا الحسن بن أحمد بن المبارك ثنا أحمد بن صليح الفيومى ثنا ذو النون المصرى عن مالك عن الزهرى عن أنس به.

وقد روى أبو عبد الرحمن السلمى في ترجمة ذى النون من طبقات الصوفية حديثا آخر بهذا الإسناد عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر". وقال الذهبى في ترجمة أحمد بن صليح صاحب ذى النون: إنه لا يعتمد عليه. 2260/ 5451 - "عَلَى الخَمْسِيْنَ جُمُعَةٌ". (قط) عن أبي أمامة قال الشارح: ثم ضعفه، وقال في الكبير: ظاهر صنيعه أن هذا هو الحنبر بتمامه والأمر بخلافه، بل بقيته عند مخرجه الدارقطنى ليس فيما دون ذلك، ثم قال: وتعقبه مخرجه البيهقى بأن جعفر بن الزبير أحد رجاله متروك، وقال عبد الحق: فيه جعفر بن الزبير متروك، قال ابن القطان: وتضعيف الحديث بجعفر ظلم؛ إذ ما فوقه وتحته أضعف، فلعل الجناية منه، وقال ابن حجر: فيه جعفر متروك، وهياج بن بسطام متروك. قلت: فيه أوهام، الأول: قوله في الصغير: ثم ضعفه، فإن الدارقطنى ما تكلم عليه. الثانى: قوله: بل بقيته عند مخرجه الدارقطنى باطل، فإنه عند الدارقطني كما ذكره المصنف ولا مزيد. الثالث: قوله: وتعقبه مخرجه البيهقى يان جعفر. . إلخ لا يخفى ما فيه؛ فإن البيهقى لم يتقدم له ذكر ولا خرج هذا الحديث. قال الدارقطنى [2/ 4]: حدثنا عبد اللَّه بن سليمان بن عيسى أبو محمد ثنا أحمد بن منصور الرمادى ثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان ثنا أبي عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "على الخمسين جمعة".

تنبيه

تنبيه وقع للحافظ في عزو هذا الحديث وهم، وهو منشأ أوهام الشارح، فإنه قال في التلخيص [2/ 56] على حديث أبي أمامة: "لا جمعة إلا بأربعين" ما نصه: لا أصل له بل روى البيهقى والطبرانى من حديثه: "على خمسين جمعة ليس فيما دون ذلك" زاد الطبرانى في الأوسط: "ولا تجب على من دون ذلك" وفي إسناده جعفر بن الزبير، وهو متروك، وهياج بن بسطام وهو متروك أيضًا، وفي طريق البيهقى النقاش المفسر وهو واه أيضًا اهـ. فالبيهقى لم يخرج هذا الحديث في السنن أصلا كما يرهمه إطلاقه، فإما خرجه في الخلافيات أو غيره، وإما وهم الحافظ في عزوه إليه، فإن الحديث من طريق النقاش وباللفظ المذكور عند الدارقطنى فكأنه سبق قلم منه. قال الدارقطنى [2/ 4]: حدثنا محمد بن الحسن النقاش ثنا محمد بن عبد الرحمن السامى والحسين بن إدريس قالا: حدثنا خالد بن الهياج حدثنى أبي عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "على الخمسين جمعة ليس فيما دون ذلك"، قال الدارقطنى: جعفر بن الزبير متروك. وهذا اللفظ هو الذي يقصده الشارح، وخلط فيه بين الدارقطنى والبيهقى، ولكن المصنف لم يرده، وإنما أراد ما ذكره الدارقطنى في سننه بعد هذا وهو الذي قدمت سنده ومتنه قبله. 2261/ 5452 - "عَلَى الرُّكْن اليمَانيِّ مَلَكٌ مُوَكَّل به مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوات وَالأرْضَ، فَإذَا مَرَرْتُم به فَقُولُوا: {رَبَنا آتنَا في الدُّنيَا حَسَنَةً وَفى الآخِرَةِ حَسَنةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، فَإنَّهُ يَقُولُ: آمِينَ آمِينَ". [(خط) عن ابن عباس (هب) عنه موقوفًا]

قال في الكبير: [(خط)] في ترجمة أبي محمد القرشى عن ابن عباس (هب) عنه موقوفًا. قلت: قوله: في ترجمة أبي محمد القرشى لغو لا فائدة فيه أصلا سوى تسويد الورق، فإن أبا محمد القرشى نكرة في الأسماء ولا يهتدى إليه الباحث إلا بعد النظر في جميع تاريخ الخطيب، وهو في ترجمة عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن أحمد بن السكن أبي محمد القرشى، ثم إنه سكت عليه وهو من رواية محمد بن الفضل بن عطية عن كرز بن وبرة عن طاوس عن ابن عباس به. كذا وقع عند الخطيب محمد بن الفضل عن كرز. ورواه أبو نعيم في الحلية [5/ 82] في ترجمة كرز من رواية محمد بن الفضل فقال: عن محمد بن سوقة عن كرز بن وبرة به، ومحمد بن الفضل متروك. 2262/ 5454 - "عَلَى الوَالى خَمْسُ خصَال: جَمْعُ الفَئ منْ حَقِّه، وَوَضْعُهُ في حَقِّه، وأنْ يَسْتَعينَ على أمُورهمْ بخَيْرِ مَنْ يَعْلَمُ، وَلا يُجَمِّرهُمْ فَيُهْلِكَهُمْ، وَلا يُؤَخِّرَ أمْرَ يَوْمٍ لِغَدٍ". (عق) عن واثلة قال في الكبير: وفيه جعفر بن مرزوق، قال في الميزان عن العقيلى: أحاديثه مناكير لا يتابع على شيء منها، ثم ساق له هذا الخبر، فما أوهمه صنيع المصنف من أن مخرجه العقيلى خرجه وأقره غير صواب. قلت: هذا كذب على صنيع المصنف فإنه رمز له بالضعف أولا، ونص على أن كل ما في العقيلى فهو ضعيف. ثانيًا: والحديث قال في سنده العقيلى [1/ 190]: حدثنا محمد بن الفضل بالرى ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه الدشتكى ثنا أبي أنبأنا جعفر بن مرزوق عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن واثلة بن الأسقع به.

2263/ 5461 - "عَلَى كُلِّ سُلامى من ابْنِ آدَمَ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقةٌ، وَيُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ رَكْعَتَا الضُّحَى". (طس) عن ابن عباس قال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وهو إيهام فاضح وزللٌ لائح، فإن الشيخين روياه بأبسط من هذا، وهو: "كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم"، الحديث الآتى في حرف الكاف. قلت: انظر هذا وتعجب من صفاقة وجه هذا الرجل وقلة حيائه التي انفرد بها من بين بني آدم. 2264/ 5469 - "عَلِّقُوا السَّوْطَ حَيْثُ يَرَاهُ أَهْلُ البَيْتِ، فَإنَّهُ أدَبٌ لَهُمْ". (عب. طب) عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه عنه البزار أيضًا لكنه قال: "حيث يراه الخادم" قال الهيثمى: وإسناد الطبرانى حسن اهـ. ورواه البخارى في أواخر الأدب المفرد عن ابن عباس بلفظ: "علق سوطك حيث يراه أهلك". قلت: كلهم رووه من حديث داود بن على بن عبد اللَّه بن عباس عن أبيه عن جده. ورواه البندهى في شرح المقامات من طريق الأوزاعى عن ابن عباس، هكذا وقع في الأصل وهو منقطع. وفي الباب عن جابر بلفظ: "رحم اللَّه رجلا علق في بيته سوطا يؤدب به أهله" أخرجه ابن عدى في الكامل [4/ 336] من حديث عباد بن كثير الثقفى عن أبي الزبير عن جابر به، وعباد بن كثير ضعيف، وسبق حديث ابن عباس قبل حديث ابن عمر بلفظه.

2265/ 5470 - "عِلْمٌ لا يُقَالُ بِهِ كَكِنزٍ لا يُنفقْ منْهُ". ابن عساكر عن ابن عمر قلت: أخرجه أيضًا ابن عبد البر في العلم [رقم 778] من طريق محمد (¬1) ابن يحيى بن نافع: ثنا عيسى بن شعيب ثنا روح بن القاسم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر به. 2266/ 5471 - "عِلْمٌ لا يَنْفَعُ كَكِنْزٍ لا يُنْفَقُ مِنْهُ". القضاعى عن ابن مسعود قال في الكبير: قال شارحه: غريب. قلت: بل الغريب حمق العامرى وكلامه على الأحاديث بهواه ونظره وذوقه، فالحديث ليس بغريب، وإنما وهم راويه في جعله من حديث ابن مسعود وإنما هو من حديث أبي هريرة. فالقضاعى خرجه من حديث إبراهيم بن مهدى [فتح الوهاب 1/ 234، رقم: 263]: ثنا على بن مسهر عن إبراهيم الهجرى عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به، وإبراهيم بن مهدى قال ابن معين: جاء بمناكير، وقال الأزدى: له عن على بن مسهر أحاديث لا يتابع عليها. قلت: وهذا منها فإن غيره قال: عن إبراهيم الهجرى عن أبي عياض عن أبي هريرة هكذا، أخرجه أحمد في مسنده [2/ 499] ثنا عمار بن محمد -وهو ابن أخت سفيان الثورى- عن إبراهيم به بلفظ: "إن مثل علم لا ينفع كمثل كنز لا ينفق في شيل اللَّه" وكذلك قال مسعر عن إبراهيم، أخرجه أبو نعيم في الحلية من طريق حمص بن عمر العدنى ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل المخطوط، وفي المطبوع من العلم "عمر"

[7/ 228]: ثنا مسعر عن إبراهيم الهجرى به بلفظ: "إن علمًا لا ينتفع به ككنز لا ينفق في سبيل اللَّه". ويؤيده أيضًا كون الحديث ورد عن أبي هريرة من طرق أخرى، فرواه الطبرانى من طريق محمد بن عجلان عن المقبرى عن أبي هريرة به بلفظ: "العلم الذي لا يعمل به كالكنز الذي لا ينفق، أتعب صاحبه نفسه في جمعه ثم لم يصل إلى نفعه" أسنده ابن خير في فهرسته [ص: 5] من طريق الطبرانى .. وله طريق آخر من رواية ابن لهيعة عن دراج أبي السمح عن عبد الرحمن بن حجيرة عن أبي هريرة به بلفظ: "مثل الذي يتعلم العلم ولا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز ولا ينفق منه". أسنده ابن عبد البر [برقم: 774] من طريق ابن وهب عن ابن لهيعة، ومن طريق إسحاق بن الفرات عنه [برقم: 777]، ولا غرابة في الحديث، إنما العامرى يتكلم بهواه. 2267/ 5472 - "عَلَمُ الإِسْلام الصَّلاةُ، فَمَنْ فَرَّغَ لَهَا قَلْبَهُ وَحَافَظَ عَلَيْهَا بِحَدِّهَا وَوَقْتِهَا وَسُنَنِهَا فَهُوَ مُؤْمِنٌ". (خط) وابن النجار عن أبي سعيد قال في الكبير: رواه الخطيب في ترجمة عباد بن مرزوق، ثم قال: هذا الحديث غريب جدا اهـ. وفيه أبو يحيى القتات أورده الذهبى في الضعفاء ومحمد بن جعفر المدائنى أورده فيهم وقال: قال أحمد: لا أحدث عنه أبدا، وقال مرة: لا بأس به. قلت: في هذا مصائب لا يأتي بها إلا مصاب مبتلى نسأل اللَّه العافية، أول ذلك: أن الحديث خرجه الخطيب [11/ 109] في ترجمة عباد بن على بن

مرزوق، فقوله: هو عباد بن مرزوق تدليس وتلبيس يريد به إخلال الناظر وإتعابه؛ لعدم الإخلاص. الثانى: وهو من النوادر المضحكات التي يذيل بها على أخبار الحمقى والمغفلين: قوله: وفيه أبو يحيى القتات. . إلخ، فإن الذي في السند: أبو يحيى الثقاب بـ "الثاء" المثلثة ثم القاف ثم الباء الموحدة نسبة لثقب اللؤلؤ والجوهر، والمذكور في الضعفاء: أبو يحيى القتات بالقاف ثم تائين مثناتين، ولو فرضنا أن ذلك تحرف عليه في النسخة، فأبو يحيى القتات ذكر الذهبى في ترجمته: أنه يروى عن التابعين كمجاهد، وعطاء، والذي في سند هذا الحديث رواه عن محمد بن جعفر المدائنى عن حمزة الزيات عن أبي سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد، فبينه وبين طبقة التابعين ثلاث وسائط، وأيضًا فإن القتات ذكر الذهبى في ترجمته أيضًا: أنه بقى إلى سنة ثلاثين ومائة، والثقاب المذكور في سند هذا الحديث ذكر الخطيب في ترجمته: أنه مات سنة تسع وثلاثمائة، وأنه ولد في سنة أربع ومائتين على ما قال هو عن نفسه يكون قد عاش مائة وخمس سنين، ومع هذا العمر الطويل فإنه ولد بعد القتات بأربع وسبعين سنة، وكل هذا واضح لا خفاء به. الثالث: أن محمد بن جعفر المدائنى وإن ذكر في الضعفاء فقد وثقه قوم وخرج له مسلم في صحيحه كما ذكره الذهبى في نفس ترجمته من الميزان [3/ 499] فهو من رجال الصحيح. الرابع: ومع ذلك فهو لم ينفرد به بل توبع عليه، بل ابن شاهين في الترغيب [رقم 45]: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمدانى أنا الحسن بن عتبة بن عبد الرحمن الكندى أنا بكار بن سعير (¬1) الفزارى أنا حمزة الزيات به. ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، وفي المطبوع من ترغيب ابن شاهين: سفيان.

الخامس: أن علة الحديث هو حمزة الزيات صاحب القراءة، فإنه ضعيف بل من مشاهير الضعفاء؛ فالتعرض لذكر المدائنى والإعراض عنه من الجهل التام بالصناعة. السادس: أنه استدرك على المصنف بالعزو إلى القضاعى فاقتضى أنه لم يخرجه غيره مع أن الديلمى خرجه أيضًا في مسند الفردوس وهو كتاب الشارح الذي يعتمد عليه عند كل حديث، وكذلك خرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، وابن شاهين في الترغيب كما ذكرته، وكذلك في الأفراد له أيضًا، وقد ذكرت أسانيدهم في المستخرج على مسند الشهاب [فتح الوهاب 1/ 157]. وفي الباب عن على ولم يتعرض له الشارح أيضًا، ونحن نرى أن هذا ليس بعشه ولكن نعامله بمثل ما يعامل به غيره. قال الدينورى في المجالسة: ثنا محمد بن الحسين بن موسى ثنا أبي الحسين بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على بن الحسين عن أبيه الحسين عن أبيه على عليهم السلام عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "علم الإيمان الصلاة فمن فرغ لها قلبه وحاذ عليها حدودها ووقتها فهو مؤمن". 2268/ 5473 - "علْمُ البَاطن سرٌّ من أسْرَار اللَّه عَزَّ وَجلَّ، وَحُكْمٌ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ يقْذِفُهُ فِي قُلُوْبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ". (فر) عن على قال في الكبير: ورواه أيضًا ابن شاهين وغيره. قلت: الديلمى رواه من طريق أبي عبد الرحمن السلمى ثنا ابن شاهين فعزاه الشارح إليه جازما به على قاعدته في التهور، مع أن الذي خرجه جزما هو أبو عبد الرحمن السلمى فلو عزاه إليه لأصاب.

وهو من رواية دارم بن قبيصة عن يحيى بن الحسن بن زيد بن على عن أبيه عن جده عن الحسين بن على عن على به، ودارم بن قبيصة شيعى يروى عن الرضى، له مؤلفات، ضعفه بعض رجال الشيعة كما سبق. وقد ورد الحديث من حديث حذيفة بهذا اللفظ رويناه مسلسلا بالسؤال عن علم الباطن. وأخرجه الديلمى في مسند الفردوس كذلك من رواية الحسن عن حذيفة، فقال الحافظ في زهر الفردوس: هذا موضوع، والحسن ما لقى حذيفة أصلا اهـ. وأورده المؤلف في ذيل الموضوعات -أعنى: حديث حذيفة- أما حديث على فأورده ابن الجوزى في الواهيات وقال: لا يصح وعامة رواته لا يعرفون، وسكت عليه الحافظ في زهر الفردوس فاللَّه أعلم. 2269/ 5474 - "عِلْمُ النَّسَبِ عِلْمٌ لا يَنْفَعُ وجَهَالَةٌ لا تَضُرُّ". ابن عبد البر عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه أبو نعيم في رياضة المتعلمين من حديث بقية عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة، قال الحافظ ابن رجب: وإسناده لا يصح وبقية دلسه عن غير ثقة، وقال ابن حجر: هذا الكلام روى مرفوعًا ولا يثبت وروى عن عمر أيضًا ولا يثبت. قلت: الطريق الذي ذكره من عند أبي نعيم هو بعينه طريق ابن عبد البر، فإنه أخرجه من رواية أبي أيوب سليمان بن محمد الخزاعى [رقم: 3185] قال: ثنا هشام بن خالد أبو مروان القرشى ثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل المسجد فرأى جمعا من الناس على رجل فقال: "وما هذا؟ قالوا: يا رسول اللَّه رجل علامة، قال: وما العلامة؟ قالوا: أعلم

الناس بأنساب العرب، وأعلم الناس بعربية، وأعلم الناس بشعر، وأعلم الناس بما اختلف فيه العرب، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: هذا علم لا ينفع وجهل لا يضر، وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: العلم ثلاثة وما خلا فهو فضل علم: آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة" قال ابن عبد البر: في إسناد هذا الحديث رجلان لا يحتج بهما وهما سليمان وبقية اهـ. قال الحافظ: وهذا الباطل لا يحتمله بقية وإن كان مدلسا فإن توبع عليه سليمان احتمل أن يكون بقية دلسه على ابن جريج اهـ. قلت: لكن المنكر منه القصة التي هي سبب وروده على تلك الصفة، أما المرفوع منه فقد رواه ابن وهب في جامعه قال: حدثنى هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال: "قيل عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما أعلم فلان، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: بم؟ قيل: بأنساب الناس، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: علم لا ينفع، وجهالة لا تضر"، وهذا مرسل صحيح ثم وجدته موصولا من حديث ابن عمر في أمالى أبي القاسم التنوخى قال: حدثنا محمد بن المظفر من لفظه ثنا أبو القاسم عبد اللَّه بن جعفر التغلبى حدثنا جدى ثنا أبو عامر العقدى عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: "سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الأنساب، فقال: علم لا ينفع وجهل لا يضر"، لكن عبد اللَّه بن جعفر ضعفه الذهبى بالعمدة على المرسل ونفى ابن حزم في الجمهرة [ص 5] ثبوت هذا الخبر، وقال: إنه باطل ببرهانين، أحدهما: أنه لا يصح من جهة النقل أصلا، وما كان هكذا فحرام على كل ذى فن أن ينسبه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خوف أن يتبوأ مقعده من النار؛ إذ تقول عليه ما لم يقل. والثانى: أن البرهان قد قام بما ذكرناه آنفا على أن علم النسب علم ينفع وجهل يضر في الدنيا والآخرة، ولا يحل لسلم أن ينسب الباطل المتيقن إلى

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا من أكبر الكبائر. . إلخ ما قال وهو لا يرى المرسل شيئًا، أما من يحتج بالرسل فمرسل ابن وهب صحيح لا شك فيه واللَّه أعلم. 2270/ 5475 - "عَلَّمَنى جِبْريلُ الوُضُوءَ، وأمَرَنِى أَنْ أنْضَحَ تَحْتَ ثَوْبِى ممَا يَخْرُجُ مِنَ البَوْلِ بَعْدَ الوُضُوءِ". (هـ) عن زيد بن حارثة قال في الكبير: قال مغلطاى في شرح ابن ماجه: حديث إسناده ضعيف، ولما سئل عنه أبو حاتم قال: حديث كذب باطل اهـ. فتحسين المصنف له غفلة عن هذا. قلت: لا بل نقلك لهذا غفلة عن كون الحديث حسنا كما قال المصنف فإن رجاله ثقات، وليس فيه إلا ابن لهيعة وحديثه عند المتأخرين حسن لا سيما مع وجود شواهده وهذا له شواهد كثيرة. قال ابن ماجه [رقم 462]: ثنا إبراهيم بن محمد الفريابى ثنا حسان بن عبد اللَّه ثنا ابن لهيعة عن عقيل عن الزهرى عن عروة قال: حدثنا أسامة بن زيد عن أبيه به. ورواه أبو الحسن بن القطان من طريق عبد اللَّه بن يوسف التنيسى عن ابن لهيعة، وشواهده كثيرة منها حديث أبي هريرة: "إذا توضات فانتضح" رواه ابن ماجه. وحديث الحكم بن سفيان الثقفى: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أخذ كفًّا من ماء فنضح به فرجه بعد الوضوء"، وحديث جابر مثله وهما في ابن ماجه [رقم: 411] وغيره، وشواهد أخرى. 2271/ 5478 - "عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ السِّبَاحَةَ والرَّمْيَ، والمرْأةَ المغْزَلَ". (هب) عن ابن عمر

قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقى خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه، بل تعقبه بما نصه: عبيد العطار منكر الحديث. قلت: هذا كذب على صنيع المصنف فإنه رمز لضعفه. 2272/ 5479 - "عَلِّمُوا بَنِيْكُمُ الرَّمْيَ، فَإِنَّهُ نِكَايَةُ العَدُوِّ". (فر) عن جابر قال في الكبير: وفيه عبد اللَّه بن عبيدة قال الذهبى: ضعيف ووثقه غير واحد، ومنذر بن زياد قال الدارقطنى: متروك، ورواه عنه البزار أيضًا، وعنه تلقاه الديلمى فلو عزاه له لكان أولى. قلت: ولو سكت الشارح عما لا يعلم لكان أولى وأستر لجهله، فهذه مرة أخرى يُذْكَرُ في السند رجل موصوف بالبزار فيجعله -هذا الجاهل- البزار صاحب المسند. قال الديلمى [رقم 4008]: أخبرنا عمر بن أحمد بن عمر البيع ثنا ابن البصرى ثنا أبو منصور محمد بن عيسى ثنا صالح بن أحمد الحافظ ثنا أبو اسحاق إبراهيم بن محمد بن يعقوب البزار ثنا عبد اللَّه بن عبيد ثنا محمد بن صالح ثنا منذر بن زياد عن محمد بن المنكدر عن جابر به. فالبزار صاحب المسند اسمه: أحمد بن عمرو بن عبد الخالق وكنيته: أبو بكر، وهذا إبراهيم بن محمد وكنيته: أبو إسحاق. 2273/ 5480 - "عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا وَلا تُعَسِّروا، وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا، وَإِذَا غَضِبَ أحَدُكُم فَلْيَسْكُتْ". (حم. خد) عن ابن عباس

قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس بسديد، فقد قال الهيثمى: فيه ليث ابن سليم وهو مدلس ولم يخرج له مسلم إلا مقرونا بغيره. قلت: الحديث في الصحيحين من حديث أنس دون آخره وله شواهد متعددة تقضى بأنه فوق الصحيح. 2274/ 5481 - "عَلِّمُوا وَلا تُعنِّفُوا، فَإنَّ المعَلِّمَ خَيْرٌ مِنَ المعَنِّفِ". الحرث (عد. هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: وهو من رواية إسماعيل بن عياش عن حميد بن أبي سويد عن عطاء عن أبي هريرة. ورواه عنه الآجرى أيضًا، وظاهر صنيع المصنف أن مخرجيه سكتوا عليه والأمر بخلافه، بل قال ابن عدى عقب إيراده: حميد منكر الحديث، والبيهقى: تفرد به حميد وهو منكر الحديث، قال الزركشى. . إلخ. قلت: ما حكاه عن ظاهر صنيع المصنف باطل من أصله وكذب في الواقع، فإن المصنف رمز لضعفه، والآجرى ما خرجه في حملة العلم، وإنما خرجه في أخلاق حملة القرآن مع أنه من موضوع حملة العلم، فكأن الشارح تبين ذلك، وقد أخرجه أيضًا الطيالسى في مسنده [ص: 330]، وابن عبد البر في كتاب العلم [رقم 833]، وابن عدى [2/ 274] ما عقب الحديث بالكلام الذي نقله عنه ولكنه ذكر ذلك في ترجمة الرجل، وذكر الحديث في ضمنها، وليس هو يورد الأحاديث ثم يتعقبها كما نبهنا عليه مرارا. 2275/ 5482 - "عَلِّمُوا رِجَالَكُمْ سُورَةَ المائِدَةِ، وَعَلِّمُوا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ النُّورِ". (ص. هب) عن مجاهد مرسلا

قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه غير الإرسال، والأمر بخلافه، ففيه عتاب بن بشير قال الذهبى: مختلف في توثيقه، وخصيف ضعفه أحمد وغيره. قلت: هذا كذب على صنيع المصنف فإنه رمز له بالضعف. 2276/ 5485 - "عَلَيْكَ بالإيَاس ممَّا في أيْدى النَّاس، وإيَّاك وَالطَّمَعَ، فَإنَّهُ الفَقْرُ الحَاضِرُ، وَصَلِّ صَلاتَكَ وَأَنْتَ مُوَدِّعٌ، وَإيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ". (ك) عن سعد قال الشارح: ظاهر صنيع المؤلف أنه ابن أبي وقاص لأنه المراد حيث أطلق، ولا كذلك، بل ذكر ابن منده أنه سعد بن عمارة. قلت: هذا كذب صراح مقصود متعمد، فالحديث حديث سعد بن أبي وقاص، وابن منده ماقال شيئًا مما نقل عنه الشارح وسعد بن عمارة ورد عنه هذا الحديث موقوفًا من قوله بسند آخر، ومما يدلك على كذبه قوله في الكبير: قال الحاكم: صحيح، وتعقبه الذهبى بإن فيه محمد بن سعد المذكور وهو ضعيف، ونص على أن الحاكم رواه في كتاب الرقاق من المستدرك [4/ 326 - 327] فدل على أنه رآه في نفس المستدرك، والحديث مصرح فيه بأنه عن سعد بن أبي وقاص، إلا أنه كذب أيضًا في قوله: إن الذهبى تعقب الحاكم بأن فيه محمد بن سعد؛ فالذهبى لم يتعقب الحاكم بل سكت عليه، قال الحاكم [4/ 326، 327]: حدثنا أبو بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد ثنا الحسن بن أحمد بن الليث ثنا عمرو بن عثمان السواق ثنا أبو عامر العقدى ثنا محمد بن أبي حميد عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده به.

وهكذا قال الحافظ العراقى في المغنى. رواه الحاكم من حديث سعد بن أبي وقاص كما قدمت نقله في حديث: "إذا صلى أحدكم". وأما حديث سعد بن عمارة: فرواه البخارى في التاريخ [4/ 44 - 45]، وأحمد في كتاب الإيمان، والطبرانى في الكبير من رواية ابن إسحاق [6/ 5459] عن عبد اللَّه بن أبي بكر، ويحيى بن سعيد الأنصارى كلاهما عن سعد بن عمارة أحد بنى سعد بن بكر وكانت له صحبة أن رجلا قال له: عظنى رحمك اللَّه، قال: إذا أنت قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، فإنه لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا إيمان لمن لا صلاة له، واترك طلب كثير من الحاجات فإنه فقر حاضر، واجمع الإياس مما في أيدى الناس فإنه هو الغنى، وانظر ما يعتذر منه من القول والفعل فاجتبه فهذا حديث سعد بن عمارة، وهو مع كونه موقوفًا فلفظه مخالف للفظ حديث الباب، وقد وقع في سند حديث سعد بن أبي وقاص اضطراب بينته في المستخرج على مسند الشهاب. 2277/ 5486 - "عَلَيْكَ بِالْبَزِّ، فَإنَّ صَاحِبَ البَزِّ يُعْجِبُهُ أنْ يَكُونَ النَّاسُ بِخَيْرٍ وَفِى خِصْبٍ". (خط) عن أبي هريرة قلت: سكت عليه الشارح، وهو حديث كذب وهو من رواية محمد بن ذكوان حدثنى ابن لأبي هريرة أنه سمع جده أبا هريرة يقول: "سأل رجل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: بم تأمر أن أتجر؟ قال: عليك بالبز"، ومحمد بن ذكوان متروك منكر الحديث، وشيخه مجهول. 2278/ 5495 - "عَلَيْكَ بتَقْوَى اللَّه، فَإنَّها جمَاعُ كُلِّ خَيْر، وَعَلَيْكَ بالجهَاد، فَإنَّهُ رَهْبَانيَة المسْلمينَ، وَعَلَيْكَ بذْكر اللَّه وَتلاوَة كِتَابِ اللَّهِ، فَإنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الأَرْضِ، وَذِكْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ،

واخْزُنْ لِسَانَكَ إلا مِنْ خَيْرٍ، فَإِنَّكَ بِذَلكَ تَغْلبُ الشَّيْطَانَ". ابن الضريس (ع) عن أبي سعيد قلت: أخرجه أيضًا أبو الليث السمرقندى في التنبيه، وعبد العزيز بن صابر وابن المغير في فوائدهما كلهم من رواية يعقوب بن عبد اللَّه العمى عن ليث عن مجاهد عن أبي سعيد به. 2279/ 5496 - "عَلَيْكَ بتَقْوَى اللَّه عَزَّ وَجلَّ مَا اسْتَطَعْتَ، وَاذْكُر اللَّهَ عِنْدَ كُلِّ حَجَر وَشَجَر، وَإِذَا عَملْتَ سَيِّئَةً فَأحْدِثْ عِنْدَهَا تَوْبَةً: السِّرُّ بِالسِّرِّ، وَالعَلانِيَةُ بِالْعَلانِيَةِ". (حم) في الزهد (طب) عن معاذ قلت: وهم المصنف في عزو هذا الحديث إلى زهد أحمد من حديث معاذ وإنما هو عنده عن عطاء بن يسار مرسلا كما ذكرت سنده ونبهت عليه سابقا عند حديث: "إذا عملت سيئة". 2280/ 5497 - "عَلَيْكَ بِحُسْنِ الخُلُقِ، فَإِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا أحْسَنُهُم دِينًا". (طب) عن معاذ قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد الغفار بن القاسم وهو وضاع اهـ. فكان ينبغى للمصنف حذفه. قلت: ذلك لو انفرد به عبد الغفار، أما وأصل الحديث متواتر بلفظ: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا" -فلا. 2281/ 5498 - "عَلَيْكَ بحُسْن الخُلُقِ وَطُوْلِ الصَّمْتِ، فَوَالَّذِي نَفْسِى بِيَدِهِ مَا تَجَمَّلَ الخَلائِقُ بِمِثْلِهِمَا". (ع) عن أنس

قال الشارح: بإسناد صحيح. وقال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات وأعاده بمحل آخر عازيا للبزار وقال: فيه بشار بن الحكم ضعيف، وقال المنذرى: رواه الطبرانى والبزار وأبو يعلى عن أنس بإسناد جيد رواته ثقات. . . إلخ. قلت: في هذا أمران، أحدهما: أن ما ذكره في الكبير لا يقتضى الصحة التي حكم بها في الصغير كما بيناه مرارا. ثانيهما: أن الحافظ المنذرى وهم في قوله: رجاله ثقات، وكأن الهيثمى قلده أولا ثم حقق السند ثانيا، فإن الحديث تفرد بروايته بشار بن الحكم كما قال البزار وغيره، وبشار قال أبو زرعة: منكر الحديث، وقال ابن حبان [المجروحين: 1/ 191]: منكر الحديث جدا ينفرد عن ثابت بأشياء ليس من حديثه كأنه ثابت آخر لا يكتب حديثه إلا على جهة التعجب، ثم قال: أخبرنا الحسن بن سفيان ثنا إبراهيم بن الحجاج ثنا بشار بن الحكم عن ثابت عن أنس به. 2282/ 5500 - "عَلَيْكَ بِرَكْعَتى الفَجْرِ، فَإنَّ فِيهِمَا فَضِيلَةٌ". (طب) عن ابن عمر قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه فقد قال الهيثمى: فيه محمد بن البيلمانى ضعيف. قلت: له شواهد يرتقى بها إلى ما قال المصنف، منها: حديث أنس الآتى قريبًا بلفظ: "عليكم بركعتى الفجر فإن بينهما الرغائب". 2283/ 5505 - "عَلَيْكِ بالصَّلاة، فَإنَّهَا أَفْضَلُ الجِهَاِد، وَاهْجُرِى المَعَاصِى، فَإنَّهَا أفْضَلُ الهِجْرَةِ". المحاملى في أماليه عن أم أنس

قال في الكبير: وقضية تصرف المؤلف أن هذا الحديث لم يخرجه أحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة، والأمر بخلافه، فقد خرجه الطبرانى وقال: ليست هي أم أنس بن مالك. قلت: يأبى الشارح إلا أن يفضح نفسه، فلفظ الحديث عند الطبرانى [4/ 359] عنها قالت: "أتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقلت: جعلك اللَّه في الرفيق الأعلى من الجنة وأنا معك، قال: أقيمى الصلاة فإنها أفضل الجهاد، واهجرى المعاصى فإنها أفضل الهجرة، واذكرى اللَّه كثيرا فإنه أحب الأعمال إلى اللَّه" هكذا رواه الطبرانى من طريق محمد بن إسماعيل الأنصارى عن موسى بن عمران بن أبي أنس عن جدته أم أنس. ورواه أيضًا من طريق إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس [25/ 313]: حدثنى مربع عن أم أنس أنها قالت: "يا رسول اللَّه أوصنى، قال: اهجرى المعاصى فإنها أفضل الهجرة. . " الحديث، فذكره الطبرانى بلفظين ليس واحد منهما يدخل في هذا الحرف على اصطلاح المؤلف. 2284/ 5507 - "عَلَيْكُمْ بِالأَبْكَارِ، فَإنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا، وأنْتَقُ أرْحَامًا وَأرْضَى بِاليَسِيرِ". (هـ. هق) عن عويمر بن ساعدة قال في الكبير: ثم إن ما جرى عليه المصنف من كون صحابى الحديث هو عويمر بن ساعدة تبع فيه الحافظ ابن حجر التابع للتهذيب، حيث جعل الحديث فيه من مسند عويمر بن ساعدة، قال الكمال بن أبي شريف: وهو ممنوع إنما هو عن عتبة بن عويمر بن ساعدة وليست له صحبة صرح به البغوى في شرح السنة، فالحديث مرسل، إلى هنا كلامه.

قلت: في اعتقاد الشارح ومذهبه أن كل من خالف المؤلف فالحق في جانبه كائنا من كان، وليت شعرى من جعل قول البغوى، وابن أبي شريف مقدما على قول من قال: إن صحابى الحديث هو والده عويمر بن ساعدة، وأن الحديث من مسنده؟! وَهُمْ جماعة أكبر وأعظم من البغوى، وابن أبي شريف، كالطبرانى وجماعة كما حكاه الحافظ، وعليهم اعتمد، على أن سند الحديث فيه اضطراب بينه الحافظ في الإصابة وغيره. 2285/ 5511 - "عَلَيْكُمْ بِالإثْمِدِ، فَإِنَّهُ يَجْلُو البَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ". (حل) عن ابن عباس قال في الكبير: وفيه عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم، قال في الميزان عن ابن معين: أحاديثه غير قوية، وأورد له هذا الخبر، ورواه عنه ابن خزيمة، وصححه ابن عبد البر والخطابى. قلت: فيه أمور، الأول: أن عبد اللَّه بن عثمان لا وجود له في سند الحديث عند أبي نعيم في الحلية فإنه قال [3/ 343]: حدثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسى ثنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس به. الثانى: أن عبد اللَّه بن عثمان المذكور روى هذا الحديث ولكن بلفظ: "إن خير أكحالكم الإثمد". الثالث: أنه عزا تخريجه الحديث من طريقه لابن خزيمة وحكى تصحيحه عن ابن عبد البر والخطابى، وهو دائمًا يتعقب المصنف بالباطل على عزوه حديثا في الكتب الستة إلى غيرها، مع كونه واهما في ذلك.

وهذا الحديث خرجه أبو داود [رقم: 3887]، والترمذى [رقم: 1757]، والنسائى [8/ 150]، وابن ماجه [رقم: 3496]، كلهم من طريق عبد اللَّه المذكور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وأخرجه من هذا الطريق أيضًا أحمد [1/ 354]، وابن سعد [1: 2/ 171]، والترمذى أيضًا في الشمائل [رقم: 48]، وأبو يعلى [4/ 48]، والحاكم في المستدرك [4/ 208] وصححه الترمذى في سننه والحاكم، فالعدول عن كل هذا غاية في القصور. 2286/ 5512 - "عَلَيْكُمُ بِالإثْمِدِ عنْدَ النَّوْمِ، فَإنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشِّعْرَ". (هـ) عن جابر (هـ. ك) عن ابن عمر قال في الكبير على حديث جابر: وفيه سعيد بن سلام العطار، قال في الميزان عن ابن المدينى: يضع الحديث، ثم ساق له هذا الخبر، وقال على حديث ابن عمر: قال (ك): صحيح، وأقره الذهبى، لكنه قال: فيه عثمان بن عبد الملك صويلح. قلت: كل هذا كذب فهى جمل صغيرة اشتملت على ثلاث كذبات: الأولى: قوله: وفيه سعيد بن سلام العطار، فإنه لا وجود له في سند الحديث، قال ابن ماجه [رقم: 3496]: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن مسلم عن محمد بن المنكدر به. ورواه الترمذى في الشمائل [رقم: 50] بسند حسن فقال: حدثنا أحمد بن منيع ثنا محمد بن يزيد عن محمد بن إسحاق عن محمد بن المنكدر به. الثانية: قوله: قال في الميزان عن ابن المدينى: يضع الحديث ثم ساق له هذا

الخبر، فإنه لا ذكر لابن المدينى في ترجمته من الميزان، ولا أورد الذهبى فيها هذا الحديث، ونص الذهبى [2/ 141]: سعيد بن سلام العطار من جيل عبد الرزاق روى عن: ثور بن يزيد وغيره وعنه: أبو مسلم الكجى، والكديمى والطبقة، كذبه ابن نمير، وقال البخارى: يذكر بوضع الحديث، وقال النسائى: بصرى ضعيف، وقال أحمد بن حنبل: كذاب، ومن منكراته عن ثور عن خالد بن معدان عن معاذ حديث: "استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذى نعمة محسود" انتهى. الثالثة: قوله: وأقره الذهبى لكنه قال. . . إلخ. فإن الذهبى أقره ولم يزد شيئًا وهذا من التعبير المتناقض؛ إذ "أقره" يقتضى أنه لم يقل شيئًا، وكونه قال: فيه عثمان معناه: أنه لم يقره. 2287/ 5516 - "عَلَيْكُمْ بالبَغيض النَّافعِ: التَّلْبينَةُ، وَالَّذي نَفْسِى بِيَدِهِ إنَّهُ ليَغْسِلُ بَطْنَ أحَدِكُمْ كَمَا يُغْسَلُ الوَسَخُ عَنْ وَجْهه بالمَاء". (هـ. ك) عن عائشة قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبى. قلت: لكنه معلول، فقد أخرجه ابن حبان في الضعفاء في ترجمة أيمن بن نابل [1/ 183] وقال: إنه كان يخطئ وينفرد بما لا يتابع عليه، وكان ابن معين حسن الرأى فيه، والذي عندى: تنكب حديثه عند الاحتجاج إلا ما وافق الثقات، ثم أسند من طريق سويد بن سعيد: ثنا المعتمر بن سليمان ثنا أيمن عن فاطمة عن أم كلثوم عن عائشة رضي اللَّه عنها فذكرت الحديث قالت: "وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا اشتكى أحد من أهله لم تزل البُرْمَةُ (¬1) على النار حتى يأتى عليه أحد طرفيه، إما حياة وإما موت"، قال ابن حبان: ولست ¬

_ (¬1) البُرْمَةُ: القِدْرُ من الحجر والجمع: برم. المصباح (ص 18).

أدرى فاطمة هذه من هي، والخبر منكر بالمرة، وقد قال وكيع: عن أيمن بن نابل عن امرأة من قريش يقال لها: كلثوم عن عائشة، ولم يذكر فاطمة ولا قال: أم كلثوم، وقال يحيى بن سليم: عن أيمن بن نابل عمن ذكره عن عائشة، وهذا التخليط كله من سوء حفظ أيمن، كان يخطئ ويحدث على الوهم (¬1) والحسبان اهـ. قلت: وقد وثقه جماعة وروى له البخارى متابعة، ولكنه لا ينفرد بما لا يتابع عليه، وقد تفرد بزيادة بسم اللَّه وباللَّه في التشهد، ولم يقل ذلك أحد غيره. 2288/ 5523 - "عَلَيْكُمْ بِالدُّلجةِ، فَإنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ". (د. ك. هق) عن أنس قال في الكبير: قال الحاكم: على شرطهما، وأقره الذهبى في موضع، وقال في آخر: إن سلم عن مسلم بن خالد بن يزيد العمرى فجيد. قلت: في هذا أمور، الأول: قوله: أقره في موضع وقال في آخر. . . إلخ -يفيد أنه خرجه في الموضعين بسند واحد، فسكت عليه الذهبى في موضع وتعقبه في آخر، والواقع أنه أخرجه بسندين: فالأول [1/ 445] من طريق الليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس، وهذا الذي أقره الذهبى. والثانى: من رواية خالد بن يزيد العمرى [2/ 114]: ثنا أبو جعفر الرازى عن الربيع بن أنس عن أنس، وهذا الذي نقل الشارح أن الذهبى تعقبه. الثانى: أن الذهبى لم يقل شيئًا، وإنما الذي قال ذلك هو الحاكم بنفسه والذهبى إنما حكى كلامه ملخصا قال الحاكم: قد كنت أمليت في كتاب ¬

_ (¬1) في الضعفاء لابن حبان: على التوهم.

المناسك من هذا الكتاب حديث رويم بن يزيد المقرى عن الليث عن عقيل عن الزهرى عن أنس، وجهدت إذ ذاك أن أجد له شاهدا فلم أجد، وهذا شاهده إن سلم من خالد بن يزيد العمرى. الثالث: أنه قال: عن مسلم بن خالد، وإنما هو خالد. والحديث أخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار، وأبو نعيم في الحلية [9/ 250]، كلاهما من طريق الليث. ورواه الطحاوى من حديث مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها، وعليكم بالدلجة، فإن الأرض تطوى بالليل" وأصل الحديث في صحيح مسلم، وسنن أبي داود [رقم: 2571]، والترمذى، وهو عند الطحاوى أيضًا وسبق في المتن، ورواه ابن السنى في اليوم واللية [رقم: 955] من حديث جابر مطولا وذلك في باب: ما يقول إذا تغولت الغيلان. 2289/ 5527 - "عَلَيْكُمْ بِالسَّرَارى، فَإنَّهُنَّ مُبَاركَاتُ الأرْحَام". (طس. ك) عن أبي الدرداء (د) في مراسيله عن رجل من بنى هاشم مرسلا قلت: تكلم الشارح في الكبير على هذا الحديث، وحكى أن ابن الجوزى أورده في الموضوعات، وسكت عن تعقب المصنف له، وكل ما نقله الشارح في كلامه على هذا الحديث فهو من عند المصنف في اللآلئ إلا أنه وقع للمصنف هنا ما يجب النظر فيه فإنه قال هنا: إن العدنى وأبا داود رويا الحديث عن رجل من بنى هاشم مرسلًا، والذي نقله في الآلئ يفيد أن العدنى خرجه عن رجل من بنى هاشم وهو موصول، وأبو داود خرجه في مراسله [رقم: 205] عن الزبير بن سعيد الهاشمى مرسلًا؛ لأن أبا داود رواه عن كثير بن عبيد عن بقية بن المبارك عن الزبير بن سعيد الهاشمى.

وأما العدنى فقال: حدثنا بشر هو ابن السرى ثنا الزبير بن سعيد الهاشمى حدثنى ابن عم لى من بنى هاشم، فاقتضى هذا أنه موصول، وأيضًا المسند لا يخرج فيه المرسل، وإنما يخرج فيه الأحاديث المسندة واللَّه أعلم. 2290/ 5540 - "عَلَيْكُم بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ مَحْسَمَة لِلْعُروقِ وَمَذْهَبَةٌ لِلأشِرْ". أبو نعيم في الطب عن شداد بن أوس قال الشارح: بفتح فضم. قلت: هذا من أعجب تحريف يسمع، ومعرفته بديهى للعوام فضلًا عن أهل العلم، وإنه بفتح فسكون. 2291/ 5555 - "عَلَيْكُمْ بألبَانِ البَقَر، فَإِنَّها تَرُمُ منْ كُلِّ الشَّجَر، وَهُوَ دَوَاءٌ منْ كُلِّ دَاءٍ". ابن عساكر عن طارق بن شهاب قلت: حرف ابن العربى المعافرى هذا الحديث فقال في كتاب السراج: "فإنها تبرئ من السحر"، ونسبه لابن مسعود موقوفًا، وقال: إنه لا يصح، وهذا تحريف لا شك فيه والحديث عن ابن مسعود مرفوعًا وسنده صحيح. 2292/ 5569 - "عَلَيْكُمْ بشَوابِّ النِّسَاء، فَإنَّهُنَّ أَطْيَبُ أفْوَاهًا، وَأنْتَقُ بُطُونًا وَأَسْخَنُ أقْبَالًا". الشيرازى في الألقاب عن بشر بن عاصم عن أبيه عن جده قال في الكبير: هو يسير بمثناة تحتية مضمومة فمهملة مصغرًا على ما في نسخ، وفي بعضها: بشر بموحدة تحتية فمعجمة غير مصغر ابن عاصم بن سفيان الثقفى عن أبيه سفيان بن عبد اللَّه الثقفى عن جده عبد اللَّه الطائفى، هكذا

ساقه بعضهم، قال الكمال بن أبي شريف في كتاب من روى عن أبيه عن جده: لم أعرف يسيرا ولا أباه ولا جده، ولم أجده أيضًا في ثقات التابعين لابن حبان اهـ. وهذا بناء على أنه يسير بمثناه تحتية، أما على أنه بشر بموحدة فمعجمة، وهو ما في التقريب كأصله فهو معروف من ثقات الطبقة الثالثة. قلت: في هذا أمران، أحدهما: أن صحابى الحديث هو سفيان بن عبد اللَّه الثقفى لا والده عبد اللَّه. ثانيهما: أن نسخ المتن متفقة على بشر بالباء الموحدة، والشين المعجمة، والوهم إنما وقع من ابن أبي شريف، فأحب الشارح أن يلصقه ببعض نسخ المتن على عادته في إلصاق كل عيب بالمؤلف، وسلب كل فضل عنه، أما النسخة المطبوعة مع الشرح فإنما تبع مصححها ما في الشرح. 2293/ 5570 - "عَلَيْكُمْ بِصَلاةِ اللَّيل وَلَوْ رَكْعَةً وَاحدَةً". (حم) في الزهد، وابن نصر، زاد الشارح: في الصلاة (طب) عن ابن عباس قلت: وهم المصنف في عزوه هذا الحديث إلى أحمد، فإن الذي رواه هو ابنه في زوائد الزهد قال [ص/ 22]: حدثنا محمد بن عباد المكى أخبرنا حاتم يعنى: ابن إسماعيل عن ابن عجلان عن حسين بن عبد اللَّه عن عكرمة عن ابن عباس به. والشارح لا يعلم أن لابن نصر كتاب الصلاة منفردا عن كتاب قيام الليل فتراه دائمًا يعزو أحاديث قيام الليل لكتاب الصلاة فيهم في ذلك. 2294/ 5571 - "عَلَيْكُمْ بِغُسْلِ الدُّبُر، فَإنَّه مَذْهَبَة للْبَاسُورِ". ابن السنى، وأبو نعيم عن ابن عمر

قال في الكبير: وأورده في الميزان في ترجمة عثمان بن مطر من حديثه، ونقل عن جمع تضعيفه، وأن حديثه منكر، ولا يثبت، وساقه في اللسان في ترجمة عمر بن عبد العزيز الهاشمى، وقال: شيخ مجهول له أحاديث مناكير لا يتابع عليها. قلت: هذا خلط حديث بحديث، فالذي في ترجمة عثمان بن مطر هو حديث الباب من رواية ابن عمر، والذي في ترجمة عمر بن عبد العزيز هو حديث آخر من رواية على رواه الخطيب في المتفق من طريق محمد بن سلمة البزار الفرغانى عن عمر بن عبد العزيز الهاشمى عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن الحارث عن على به مثله. وأما حديث ابن عمر: فأخرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء في ترجمة عثمان ابن مطر فقال [2/ 100]: حدثنا الحسن بن سفيان ثنا محمد بن أبان الواسطى ثنا عثمان بن مطر الشيبانى عن الحسن بن أبي جعفر عن على أبي الحكم عن نافع عن ابن عمر به، وقال في عثمان بن مطر: كان ممن يروى الموضوعات عن الأثبات، لا يحل الاحتجاج به. قلت: وقد ورد شاهد له أخرجه أحمد في مسنده [6/ 93]: حدثنا على بن إسحاق قال: أنا عبد اللَّه قال: أنا الأوزاعى حدثنى شداد أبو عمار عن عائشة: "أن نسوة من أهل البصرة دخلن عليها فأمرتهن أن يستنجين بالماء، وقالت: مرن أزواجكن بذلك، فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يفعله، وهو شفاء من الباسور". عائشة تقوله أو أبو عمار، ورواه الترمذى [رقم 19]، والنسائى [كبرى 1/ 73، مجتبى 1/ 42 - 43] من حديث معاذة عنها دون ذكر الشفاء من الباسور.

2295/ 5574 - "عَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ الصُّوْف، تَجِدُونَ حَلاوَةَ الإِيْمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ". (ك. هب) عن أبي أمامة قلت: هكذا أخرجه الحاكم [1/ 28]، والبيهقى مختصرا [رقم 6151]، وأخرجه ابن النقور في فوائده، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات [3/ 48] من طريق الخطيب مطولا بزيادة تنادى ببطلانه ووضعه، فكان الواجب على المصنف ألا يذكره هنا فإنه مما تفرد به محمد بن يونس الكديمى وهو متهم. 2296/ 5579 - "عَلَيْكُمْ بهَذَا العلْم قَبْلَ أنْ يقْبَضَ، وَقَبْلَ أنْ يُرْفَعَ، العَالِمُ والمتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ فِي الأجْرِ، وَلا خَيْرَ فِي سَائِرِ النَّاسِ". (هـ) عن أبي أمامة قلت: أخرجه أيضًا الآجرى في العلم، والحاكم في علوم الحديث [رقم: 90]، وابن عبد البر في العلم [36, 37]، كلهم من طريق هشام ابن عمار: أخبرنا صدقة بن خالد أخبرنا عثمان بن أبي العاتكة عن على بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة به. 2297/ 5581 - "عَلَيْكُم بهَذه الخَمْس: سُبْحَانَ اللَّه، وَالحَمْدُ للَّهِ، وَلا إلَهَ إلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قوَةَ إلا باللَّه". (طب) عن أبي موسى قال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وهو زلل فاحش فقد أعله الهيثمى وغيره بأن فيه جرير بن أيوب، وهو ضعيف جدا.

قلت: لا يلزم من وجود الضعيف في السند ضعف الحديث، فهذا المعنى -وهو الأمر بالذكر المذكور- ورد من طرق متعددة صحيحة تقدم بعضها. 2298/ 5582 - "عَلَيكُم بهَذه الشَّجَرةِ المُبَارَكَةِ زَيْتِ الزَّيْتُونِ، فَتَداوَوا بِهِ، فَإنَّهُ مَصَحَّةٌ مِنَ البَاسُور". (طب) وأبو نعيم عن عقبة بن عامر قلت: أخرجه أيضًا ابن أبي حاتم في العلل [2/ 279]، والثعلبى في التفسير كلهم من طريق يحيى بن عثمان بن صالح: ثنا أبي ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر به، ونقل أبو حاتم عن أبيه أنه قال: هذا كذب. 2299/ 5587 - "عَلَيْكُنَّ بالتَّسْبيح وَالتَّهْليل وَالتَّقْديس، وَاعْقدْنَ بِالأنَامِلِ، فَإنَّهُنَّ مَسْئُولاتٌ مُسْتَنطقَاتٌ، وَلا تَغْفَلْنَ فَتَنْسَيْنَ الرَّحْمَةَ". (ت. ك) عن يسيرة قال في الكبير: وظاهر اقتصار المصنف على الترمذى أنه انفرد به من بين الستة وليس كذلك، فقد رواه أبو داود في الصلاة، ولم يضعفه. قلت: هذا تلبيس من الشارح، فإن أبا داود خرجه بلفظ لا يدخل في هذا الكتاب ولفظه [رقم 1501] عن حُمَيضةَ بنت ياسر عن يسيرة أخبرتها: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرهن أن يراعين بالتكبير والتقديس والتهليل وأن يعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات". 2300/ 5592 - "عَلِيٌّ بَابُ حِطَّةٍ، مَنْ دَخَلَ مِنْهُ كَانَ مُؤْمِنًا، وَمَنْ خَرَجَ مِنْهَ كَانَ كَافِرًا". (قط) في الأفراد عن ابن عباس

قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن الدارقطنى خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل قال: تفرد به حسين الأشقر عن شريك وليس بالقوى. قلت: هذا كذب على صنيع المؤلف، فإنه رمز له بالضعف، ولو لم يفعل لما كان شيء واردا عليه، فإنه غير ملزم بنقل كلام المخرجين، ولا يفعله أحد من الناس إلا نادرًا، وأما من جهة التفرد، فإن ذكره جهل من الشارح وغفلة؛ إذ موضوع كتاب الأفراد هو: بيان ما تفرد به الرواة. والحديث أخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس من طريق الدارقطنى: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بكر ثنا محمد بن على بن خلف ثنا حسين الأشقر ثنا شريك عن الأعمش عن عطاء عن ابن عباس به. 2301/ 5597 - "عَلِيٌّ مِنَى بمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إلَّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِى". أبو بكر المطيرى في جزئه عن أبي سعيد قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أعلى منه وإلا لما أبعد النجعة إليه، وهو ذهول، فقد أخرجه أحمد، والبزار، قال الهيثمى: رجال أحمد رجال الصحيح. قلت: كذب الشارح على الحديث، وعلى الهيثمى، فلفظه عند أحمد [3/ 32]، والبزار [كشف الأستار برقم: 2526]: عن أبي سعيد قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعلى: أنت منى بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدى". وأما الهيثمى فقال: وفيه عطية العوفى، وثقه ابن معين وضعفه أحمد وجماعة، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح، فلا لفظ الحديث كما زعم، ولا لفظ الهيثمى أيضًا.

2302/ 5599 - "عَلِيٌّ يَزْهَرُ في الْجَنَّة ككَواكِبِ الصُّبْحِ لأهْلِ الدُّنْيَا". البيهقى في فضائل الصحابة، (فر) عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه الحاكم، ومن طريقه وعنه أورده الديلمى مصرحا فلو عزاه إليه لكان أولى، قال ابن الجوزى في العلل: حديث لا يصح، فيه يحيى الفاطمى متهم، وإبراهيم بن يحيى متروك. قلت: ظاهر إطلاقه العزو إلى الحاكم يوهم أنه في المستدرك، والواقع أنه في التاريخ. ثم إن قوله: ومن طريقه وعنه، ألفاظ متناقضة بحسب اصطلاح أهل الحديث كما بينته مرارا، وأما قوله: مصرحا فلغو لا فائدة فيه. قال الديلمى [رقم 4178]: أخبرنا ابن خلف إذنا أنا الحاكم حدثنا محمد بن سليمان بن منصور ثنا إبراهيم ابن على الترمذى ثنا يحيى بن الفاطمى ثنا إبراهيم بن محمد عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس به. 2303/ 5607 - "عَمَّارُ تَقْتُلُه الفِئَةُ البَاغِيَةُ". (حل) عن أبي قتادة قال في الكبير: وكذا الخطيب عن أبي قتادة، قال: وفي الباب أبو أيوب رفعه: "تقتل عمار الفئة الباغية". قلت: هذا خطأ من وجهين، أحدهما: أن الحديث بهذا اللفظ الذي استدركه مخرج في صحيح مسلم [رقم: 2236] من حديث أم سلمة، كما أن حديث أبي قتادة مخرج فيه أيضًا، ولكنه بلفظ: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية". ثانيهما: أن قوله: وفي الباب أبو أيوب، يوهم أنه ليس في الباب غيره

مع أن الحديث متواتر من رواية أبي سعيد، وأم سلمة، وحذيفة، وابن مسعود، وعمار، وعمرو بن العاص، وابنه عبد اللَّه، وعمرو بن حزم، وخزيمة بن ثابت، وعثمان بن عفان، وأنس، وأبي هريرة، وأبي رافع، وجابر بن عبد اللَّه، ومعاوية بن صخر، وعبد اللَّه بن عباس، وزيد بن أبي أوفى الأسلمى، وجابر بن سمرة وأبي اليسر كعب بن عمرو، وزياد بن العزة، وكعب بن مالك، وأبي أمامة الباهلى، وعائشة. 2304/ 5609 - "عُمَرُ بنُ الخَطَّاب سرَاجُ أهْل الجنَّة". البزار عن ابن عمر، حل عن أبي هريرة ابن عساكر عن الصعب بن جثامة ذكر في الكبير: أن في حديث ابن عمر عبد اللَّه بن إبراهيم الغفارى، وهو ضعيف وأن حديث أبي هريرة تفرد به الواقدى عن مالك. قلت: الحديث كأنه موضوع وضعه عبد اللَّه بن إبراهيم الغفارى، وكان مولعا بوضع فضائل الشيخين رضي اللَّه عنهما، بل فيهما أحاديث أخرى، وكأن الواقدى سرقه منه وركب له إسنادًا آخر أو أدخل عليه أو ألصق به، فهو على كل حال باطل، وقد أخرج حديث ابن عمر أيضًا الثقفى في الثانى من الثقفيات قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ببغداد ثنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا الحسن بن عرفة العبدى حدثنى عبد اللَّه بن إبراهيم الغفارى عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر به. وأخرجه أيضًا الخطيب في التاريخ [12/ 49] من طريق أبي القاسم على بن الفتح بن محمد القطان، ومن طريق إسماعيل بن محمد الصفار [49/ 12] كلاهما عن الحسن بن عرفة به، والحديث في جزئه.

أما حديث أبي هريرة: فخرجه أبو نعيم في الحلية [6/ 333] عن الطبرانى: ثنا عبيد اللَّه بن محمد العمرى ثنا بكر بن عبد، الوهاب حدثنى محمد بن عمر الواقدى عن مالك عن ابن شهاب حدثنى سعيد بن المسيب حدثنى أبو هريرة به مرفوعًا، وما هذا من حديث مالك ولا ابن شهاب، فاللَّه أعلم. 2305/ 5610 - "عُمَرُ مَعِى، وَأنَا مَعَ عُمَرَ، والحَقُّ بَعْدِى مَعَ عُمَرَ حَيْثُ كَانَ". (طب. عد) عن الفضل بن عباس قال الشارح: وفي إسناده مجهول، وقال في الكبير: قال الهيثمى: وفيه من لم أعرفه. قلت: في هذا أمور، أحدها: أن قوله: في إسناده مجهول -أخذه من قول الحافظ نور الدين: فيه من لم أعرفه، وقد مرَّ بنا أن هذا غلط، وبيَّنا وجهه مرارًا. ثانيها: أن الحديث خرجه الترمذى في الشمائل بهذا اللفظ [رقم 128] إلا أنه وقع عنده أثناء حديث طويل، وكذلك هو عند جماعة (¬1) بل هو عند مخرجيه (¬2) المذكورين هنا كذلك، ولعل المؤلف اختصره، فكان الواجب على الشارح أن ينبه على ذلك لاسيما وهو لا يغفل عن مثل هذا التعقب لكن بالباطل والغلط، فإذا جاء موضع الكلام بالحق سكت. ثالثها: أن الحديث باطل موضوع، وسياقه الطويل المنكر يدل عليه، ومن أقبح ما في المؤلف -رحمه اللَّه وغفر له- أنه إذا رأى في الحديث الطويل ما يدل على وضعه اقتصر منه على الجملة الصغيرة التي ليس فيها ما يدل على ¬

_ (¬1) أخرجه العقيلى (3/ 482 - 483)، والبيهقى في الدلائل (7/ 180). (¬2) أخرجه ابن عدى (4/ 150) من حديث ابن عباس، والطبرانى في الكبير (18/ 718).

ذلك، وهو ما لا ينقضى عجبى منه مع أنه مر قبيل الكذب على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا أدرى ما معتمده في ذلك، فهدا الحديث من وقف عليه بتمامه جزم بأنه موضوع على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد ذكرته بتمامه وأطلت في إيراد طرقه وأسانيده في مستخرجى على مسند الشهاب [1/ 221 - 223]، وفي مستخرجى على شمائل الترمذى في باب: اتكاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وسيأتى الكلام عليه قريبًا [ص 232] أيضًا في حرف الفاء في حديث: "فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة" وبهذه الترجمة ذكره القضاعى في مسند الشهاب [رقم: 246]. 2306/ 5613 - "عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَعْدلُ حجَّةً". (حم. خ) عن جابر، (حم. ق. د. هـ) عن ابن عباس (د. ت. هـ) عن أم معقل (هـ) عن وهب بن خنبش (طب) عن الزبير قال في الكبير: وهب بن خنبس بمعجمة ونون وموحدة تحتية ومهملة وزن جعفر، ثم قال: وخرجه البزار عن على وأنس. قلت: في هذا أوهام، الأول: وهب بن خنبش آخره معجمة لا مهملة اتفاقا. الثانى: لم يخرج البزار حديث أنس إنما خرج حديث على [البحر الزخار برقم: 636]، أما حديث أنس فخرجه البخارى في التاريخ الكبير [1/ 291] والطبرانى فيه أيضًا [1/ 722]. الثالث: استدراكه حديث على وأنس يفيد أنه ليس في الباب غيرهما مع أن في الباب عن جماعة آخرين منهم: يوسف بن عبد اللَّه بن سلام، وأبو معقل، وعبد اللَّه بن الزبير وعروة البارقى، والفضل بن عباس، وأبو طليق والأحمرى ومرسلا عن: عكرمة، ومجاهد، وبكر بن عبد اللَّه المزنى، وقد

عده المؤلف لأجل هذه الطرق من المتواتر، وذكره في الأزهار المتناثرة [رقم 51] فخفى ذلك على الشارح. 2307/ 5614 - "عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ كَحجَّةٍ مَعِى". سمويه عن أنس قال في الكبير: وفيه داود بن يزيد الأودى ضعفه أحمد، وابن معين، والنسائى وغيرهم، وهلال بن زيد قال في الميزان عن ابن حبان: في حديثه مناكير، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير، وهو عجيب فقد خرجه الطبرانى والحاكم والبزار باللفظ المذكور، بل هو عند مسلم على الشك بلفظ: "عمرة في رمضان تقضى حجة أو حجة معى" وعزاه ابن العربى في شرح الترمذى إلى أبي داود بغير شك كما هنا، وقال: إنه صحيح. قلت: في هذا أخطاء فاحشة، الأول: قوله: وداود بن يزيد الأودى، فإن داود لم يرو حديث أنس هذا، وإنما وقع في سند حديث وهب بن خنبش السابق، فإنه رواه عن الشعبى عن وهب لكنه قال: عن هرم بن خنبش بدل وهب كما نص على ذلك الترمذى في جامعه [رقم: 939]، وقد أسنده الذهبى [2/ 22] من طريقه بهذا الإسناد بلفظ: "عمرة في رمضان كحجة معى" فلما رأى ذلك الشارح زعم أنه في سند حديث أنس المذكور في الباب، وإنما فيه هلال بن زيد فإنه الذي رواه عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. الثانى: قوله: فقد خرجه الطبرانى والحاكم والبزار باللفظ المذكور، فإن الحاكم والبزار ما رويا حديث أنس، ولا روياه بهذا اللفظ أيضًا، بل رواه الحاكم من حديث أم معقل [1/ 482] بلفظ: "إن الحج والعمرة من سبيل اللَّه، وإن عمرة في رمضان تعدل حجة أو تجزئ بحجة".

الثالث: قوله: بل هو عند مسلم على الشك بلفظ "عمرة في رمضان تقضى حجة أو حجة معى" فإن هذا من التدليس أو الكذب، فمسلم ما رواه من حديث أنس أولا، ولا ذكره بلفظ الباب ثانيا، ولا باللفظ الذي ذكره الشارح ثالثا، بل قال [1256/ 222]: حدثنا أحمد بن عبدة الضبى ثنا يزيد بن زريع ثنا حبيب المعلم عن عطاء عن ابن عباس: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لامرأة من الأنصار يقال لها: أم سنان: ما منعك أن تكونى حججت معنا؟ قالت: ناضحان كانا لأبي فلان -زوجها- حج هو وابنه على أحدهما، وكان الآخر يسقى عليه غلامنا، قال: فعمرة في رمضان تقضى حجة أو حجة معى" اهـ. فهو حديث آخر بسياق آخر لا يدخل في الكتاب. الرابع: قوله: وعزاه ابن العربى في شرح الترمذى إلى أبي داود من غير شك كما هنا فإنه تدليس أيضًا؛ إذ ابن العربى تكلم على أصل الحديث، ولم يورد لفظه وعبارته في شرح الترمذى [4/ 164]، ورواه عبد الرزاق عن الأوزاعى عن يحيى بن أبي كثير عن معقل عن أمه قالت: "قلت: يا رسول اللَّه، إنى أريد الحج فعجز جملي، قال: اعتمرى في رمضان" قال ابن العربى: وقد روى فيه: "تعدل حجة معى" رواه أبو داود وهو صحيح اهـ. ولفظ أبي داود [رقم 1990] من حديث ابن عباس في قصة: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لزوج المرأة التي بعثت تسأله ما يعدل حجة معه: أقرئها السلام ورحمة اللَّه وبركاته وأخبرها أنها تعدل حجة معى" يعنى: عمرة في رمضان. 2308/ 5615 - "عَمَلُ الأبْرَارِ مِنْ الرِّجَال الخيَاطَةُ، وَعَمَلُ الأبْرَارِ مِنَ النِّسَاءِ المغْزَلُ". تمام (خط)، وابن عساكر عن سهل بن سعد

قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وأقره، والأمر بخلافه، بل قدح في سنده فعقبه بأن أبا داود النخعى أحد رواته كذاب وضاع، وحكم ابن الجوزى بوضعه، ولم يتعقبه المؤلف إلا بإيراد حديث تمام أن موسى أى أحد رواته متروك ولم يزد على ذلك. قلت: كذب الشارح على الخطيب كذبا صراحا، فإنه ما قدح في سند الحديث، ولا تعرض له بشطر كلمة، وإنما رواه [5/ 15] من حديث ابن عباس موقوفًا ومن حديث سهل مرفوعًا ثم شرع يورد ما قيل في أبي داود النخعى من عبارات الجرح والتضعيف كما هو شأنه في كل ترجمة، فإن التاريخ مؤلف في تراجم الرجال وبيان حالهم لا في الأحاديث، والكلام عليها، فالتعرض لكونه طعن في الحديث أو سكت عليه من جهل الشارح أو تعنته الممقوت، ثم إن المصنف رمز للحديث بعلامة الضعيف، فكان الشارح كاذبا عليه وعلى صنيعه. نعم، المصنف يلام على ذكر الحديث في هذا الكتاب فإنه موضوع لا شك فيه وأما كون ابن الجوزى حكم بوضعه ولم يتعقبه المؤلف إلا بطريق تمام، فهو كلام فاسد يدل على جهل الشارح وتعنته أيضًا، فابن الجوزى أورد الحديث [2/ 251] من طريق أبي داود النخعى عن أبي حازم عن سهل بن سعد، وقال: لا يصح لأن أبا داود كذاب، فاقتضى ذلك حصر التهمة فيه، وأنه هو الواضع له، فتعقبه المؤلف بأنه ورد من غير طريقه، وذلك أن تماما خرجه [669 - ترتيبه] من طريق موسى بن إبراهيم المروزى عن مالك بن أنس عن أبي حازم به، ولكن موسى متروك اهـ. وليس معنى هذا أن المؤلف يميل إلى إثبات الحديث، فإن أمره مكشوف وليس هو من أحاديث مالك جزما، وإنما غرض المؤلف مجرد التعقب بأن أبا داود النخعى لم ينفرد به وأن غيره من الوضاعين رواه أيضًا، فكأن أحدهما وضعه والآخر سرقه.

2309/ 5618 - "عَمَلٌ قَلِيلٌ فِي سُنَّة خَيْرٌ مِنْ عَمَل كَثِيرٍ فِي بِدْعَةٍ". الرافعى عن أبي هريرة (فر) زاد الشارح في الكبير: وكذا القضاعى، والدارمى عن ابن مسعود. قال في الكبير: وفيه أبان بن يزيد العطار لينه القطان. قلت: في هذا أوهام، الأول: أن القضاعى لم يروه من حديث ابن مسعود بل رواه من مرسل الحسن فقال [رقم: 1270]: أخبرنا أبو القاسم هبة اللَّه بن إبراهيم الخولانى أنا على بن الحسين بن بندار ثنا الحسين بن محمد بن مودود، ثنا أبو الأشعث ثنا حزم بن أبي حزم قال: سمعت الحسن يقول: بلغنا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "عمل قليل. . . " وذكره، وهكذا رواه السمرقندى في التنبيه من رواية عوف عن الحسن، والطوسى في أماليه من رواية يونس بن عبيد عنه أيضًا: الثانى: أن الدارمى خرجه عن ابن مسعود موقوفًا عليه غير مرفوع فقال [1/ 72]: أخبرنا موسى بن خالد ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن عمارة ومالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد اللَّه بن مسعود قال: "القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة"، وهكذا رواه الحاكم [1/ 103]، والبيهقى [3/ 19] عنه من رواية عبد اللَّه بن نمير عن الأعمش به. الثالث: قوله عقب الاستدراك: وفيه أبان بن يزيد العطار، فإنه صريح بأنه موجود في سند الجميع، وقد عرفت ما في ذلك، وأبان المذكور إنما هو في سند حديث ابن مسعود المرفوع الذي خرجه الديلمى بقوله: أخبرنا أبي ثنا محمد بن عثمان الغرقسانى ثنا أبو طاهر بن سلمة ثنا أحمد بن

الحسن الحافظ ثنا أبو نصر محمد بن محمد السختيانى ثنا عبد الصمد بن الفضل ثنا على بن محمد المنجورى عن أبان بن يزيد عن قتادة عن ابن مسعود به. 2310/ 5626 - "عِنْدَ اللَّه خَزَائنُ الْخَيْر والشَّرِّ مَفَاتيْحُهَا الرِّجَالُ، فَطُوبَى لمنْ جعَلَهُ اللَّهُ مفْتَاحًا للخَيْرِ مِغْلاقُا للشَّرِّ، وَوَيْلٌ لمنْ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا للشَّرِّ مِغْلاقًا للخَيْرِ". (طب) والضياء عن سهل بن سعد قلت: سكت عليه الشارح، وفي بعض نسخ المتن الرمز له بعلامة الصحيح وكأنه اعتمد في ذلك إخراج الضياء له في المختارة وهو غريب، فإن الطبرانى خرجه من رواية معتمر بن سليمان عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبي حازم عن سهل به، وعبد الرحمن بن زيد ضعيف، وفي هذا السند انقطاع، فإن معتمرا رواه عن محمد بن عقبة عن عبد الرحمن بن زيد [6/ 5812] ومحمد بن عقبة كما بينه البخارى في التاريخ الكبير [1/ 200]. قال ابن حبان [المجروحين 2/ 279]: منكر الحديث جدا، والحديث خرجه البخارى في التاربخ الكبير [1/ 200] عن على بن المدينى عن معتمر بن سليمان سمع محمد بن عقبة به، لكنه قال: عن أبي حازم دون ذكر عبد الرحمن بن زيد، ثم رواه البخارى من طريق عبد الأعلى بن حماد عن معتمر فقال: عن عقبة بن محمد، بدل: محمد بن عقبة عن عبد الرحمن بن زيد عن أبي حازم (¬1)، قال البخارى: وعبد الرحمن لا يصح حديثه اهـ. 2311/ 5627 - "عِنْدَ اللَّهِ عِلْمُ أمَيَّة بن أبِى الصَّلْتِ". (طب) عن الشريد بن سويد ¬

_ (¬1) وأخرجه الطبرانى أيضًا (6/ 5956) عن محمد بن بكير الحضرمى عن معتمر به مثله.

قال في الكبير: ظاهره أن هذا لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة، وهو ذهول عجيب، فقد خرجه الإمام مسلم باللفظ المزبور عن شريد المذكور كما في الفردوس وغيره. قلت: كذب الشارح، بل الذي عند مسلم [رقم 2255] عن الشريد قال: "ردفت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوما فقال: هل معك من شعر أمية بن أبى الصلت شيء؟ قلت: نعم، قال: هيه، فأنشدته بيتا، فقال: هيه، ثم أنشدته بيتا، فقال: هيه، حتى أنشدته مائة بيت"، فهذا حديث ومتن الباب حديث آخر. 2312/ 5628 - "عِنْدَ اتِّخَاذِ الأَغْنِياءِ الدَّجَاجَ يَأذَنُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَلاكِ الْقرَى". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: وما ذكر من أن لفظ الحديث هكذا هو ما في نسخ الكتاب، ولكن في الفردوس وغيره ما نصه: "عند اتخاذ الأغنياء الدجاج هلاك الفقراء ويأذن اللَّه عز وجل بهلاك القرى" اهـ. فسقط من قلم المصنف لفظ: "هلاك الفقراء" ثم نقل عن السخاوى أنه ضعيف، وعن المؤلف أنه قال في الديوان (¬1) تبعا للدميرى: إنه واه. قلت: من عجيب تهور الشارح وتجاهله أن يجعل رواية مخرج غير المعزو إليه في الكتاب حجة على رواية الكتاب، فلفظ الحديث عند ابن ماجه كما ذكره المؤلف ولم يسقط من قلمه شيء، وإنما حصل السقط في مروءة الشارح وعقله، قال ابن ماجه [رقم: 2307]: ¬

_ (¬1) في المطبوع من الفيض: الميزان، وفي المخطوط كتب المؤلف رحمه اللَّه "الميزان" ثم طمس عليها وكتب فوقها "الديوان".

ثنا محمد بن إسماعيل ثنا عثمان بن عبد الرحمن ثنا على بن عروة عن المقبرى عن أبي هريرة قال: "أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الأغنياء باتخاذ الغنم، وأمر الفقراء باتخاذ الدجاج، وقال: عند اتخاذ الأغنياء الدجاج يأذن اللَّه بهلاك القرى" اهـ. ثم إن الحديث باطل موضوع كما قال ابن حبان، وابن الجوزى في الموضوعات [2/ 304]، والذهبى وأمره واضح مكشوف، فاعجب لمن يقول: إنه ضعيف أو واه، فإن قوله بالغ الضعف واه. 2313/ 5632 - "عُنْوانُ كِتَابِ المؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ حُسْنُ ثَنَاءِ النَّاسِ". (فر) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه محمد بن الحسن الأزدى، قال الذهبى: قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، ومحمد بن كثير المصيصى ضعفه أحمد. قلت: المذكور في السند: محمد بن الحسن الأسَدى بفتح السين المهملة لا الأزْدى بسكون الزاى المعجمة وهو الذي تكلم فيه ابن حبان، بل هذا هو المعروف بالتل، وهو ثقة من رجال الصحيح وإن تكلم فيه، قال الديلمى [رقم: 4128]: أخبرنا أبي عن الحسين بن صالح بن عمر بن عبد العزيز الدينورى عن أبي الفتح منصور بن ربيعة عن أبي القاسم عيسى بن أحمد بن زيد عن عمر بن سهل عن سعيد بن عمرو عن أحمد بن يحيى الأودى عن محمد بن الحسن الأسدى عن محمد بن كثير المصيصى عن الأوزاعى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. وله طريق آخر من حديث جعفر الصادق معضلًا أخرجه الطوسى في الثانى

من أماليه من طريق محمد بن عبد اللَّه بن جعفر الحميرى عن أبيه عن أحمد ابن أبي بكر عبد اللَّه البرقى عن شريف بن سابق عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك عن جعفر بن محمد قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أول عنوان صحيفة المؤمن بعد موته ما يقول الناس فيه إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وأول تحفة المؤمن أن يغفر له ولمن تبع جنازته". 2314/ 5633 - "عُنْوَانُ صَحِيفَةِ المُؤْمِنِ حُبُّ عَلِيِّ بنِ أبِي طَالِبٍ". (خط) عن أنس قال الشارح: قال الذهبى: موضوع. وقال في الكبير: وفيه أبو الفرج أحمد بن محمد بن جورى العكبرى، قال الخطيب: في حديثه مناكير، قال الذهبى: قلت: له حديث موضوع اهـ. كأنه يشير إلى هذا. قلت: جزم في الصغير بأن الذهبى قال: موضوع، وأبان في الكبير أنه لم يتعرض لهذا الحديث، وإنما قال: له حديث موضوع، فظن الشارح أنه يريد هذا الحديث ثم جعل ظنه محققا، فنسب في الصغير إلى الذهبى أنه قال: موضوع، وفي هذا من التهور وقلة الأمانة ما يتعجب منه المتعجب، لا سيما وكلام الذهبى كالصريح في أنه لم يقصد هذا الحديث. فإنه قال في الميزان [1/ 133]: أحمد بن محمد بن جورى العكبرى عن خيثمة بحديث موضوع اهـ. وهذا الحديث لم يروه عن خيثمة بل رواه عن إبراهيم بن عبد اللَّه بن مهران الرملى: ثنا ميمون بن مهران بن مخلد بن أبان الكاتب ثنا أبو النعمان عارم بن الفضل

ثنا قدامة بن النعمان عن الزهرى عن أنس به، فدل على أن الذهبى يريد بكلامه هذا حديثا آخر، وإن نص على أن هذا باطل في ترجمة قدامة بن النعمان [3/ 386]، لكن الشارح لم ينقل إلا كلامه في ترجمة أحمد بن محمد بن جورى، ولو وقف على كلامه في ترجمة قدامة لطول الكتاب بذكره، ثم إنه يستغرب من المؤلف ذكر هذا الحديث هنا مع أنه جزم ببطلانه ووضعه فأورده في ذيل اللآلئ، ونقل عن ابن الجوزى أنه قال في الواهيات: لا أصل له وابن جورى يحدث عن مجاهيل اهـ. فكان الواجب ألا يذكره في هذا الكتاب، وكان على الشارح أن ينبه على ذلك، ولكنه يسكت في محل الحاجة ويتكلم فيما لا يعنيه فيأتى بالطامات. والحديث أسنده الخطيب [4/ 410] عن أحمد بن محمد بن جورى من طريقين، أحدهما: عن أبي نعيم عنه، وقد خرجه الديلمى في مسند الفردوس عن الحداد عن أبي نعيم فهو المخرج الأول للحديث. 2315/ 5636 - "عُودُوا المرْضَى وَاتَّبِعُوا الجَنَائزَ تُذَكِّرْكُمُ الآخرَةَ". (حم. حب. هق) عن أبي سعيد قلت: أخرجه أيضًا ابن المبارك في الزهد [ص 83 - 84] قال: أخبرنا همام عن قتادة عن أبي عيسى الأسوارى عن أبي سعيد به. ورواه البخارى في الأدب المفرد [رقم 518]: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا أبان بن يزيد ثنا قتادة به. وفي الباب عن عوف بن مالك رواه الطبرانى في الكبير مختصرا [18/ 66]، وهو في نسخة أبي صالح: كاتب الليث مطولا من روايته عن ابن وهب عن يزيد بن عياض عن الأعرج عن أبي هريرة.

2316/ 5637 - "عُودُوا المرْضَى وَمُرُوهُمْ فَلْيَدْعُوا لَكُمْ، فَإنَّ دَعْوَة المرِيضِ مُسْتَجَابَةٌ وَذَنْبَهُ مَغْفُورٌ". (طس) عن أنس قال في الكبير: وضعفه المنذرى. قلت: أى: لأنه من رواية عبد الرحمن بن قيس الضبى، وهو ضعيف. ومن طريقه أيضًا أخرجه الثقفى في الخامس من الثقفيات قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن جعفر الجرجانى إملاء أنا محمد بن الحسين بن الحسين النيسابورى ثنا سهل بن عمار العتكى ثنا عبد الرحمن بن قيس ثنا هلال بن عبد الرحمن ثنا عطاء بن أبي ميمون أبو معاذ عن أنس به مثله، وله شاهد من حديث عمر تقدم في حرف الهمزة بلفظ: "إذا دخلت على مريض فمره يدعو لك. . . " الحديث. 2317/ 5639 - "عَوِّدُوا قُلوبكم التَّرقُّبَ، وَأكْثِرُوا التَّفَكُّرَ وَالاعْتِبَار". (فر) عن الحكم بن عمير قال في الكبير: وفيه يحيى بن سعيد العطار، قال ابن عدى: بَيِّنُ الضعف، وعيسى بن إبراهيم القرشى، قال ابن معين: ليس بشيء، وتركه أبو حاتم، وموسى بن أبي حبيب ضعفه أبو حاتم. قلت: لا دخل ليحيى بن سعيد العطار فيه، وإنما علته موسى بن أبي حبيب أو الراوى عنه فقد قال الذهبى [4/ 202] في موسى: له عن الحكم بن عمير رجل قيل: له صحبة، والذي أرى أنه لم يلقه، وموسى مع ضعفه متأخر عن لقى صحابى كبير، وإنما عرف له رواية عن على بن الحسين اهـ.

وقال أبو حاتم [3/ 125] في ترجمة الحكم بن عمير: روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يذكر السماع ولا اللقاء- أحاديث منكرة من رواية ابن أخيه موسى بن أبي حبيب، وهو ذاهب الحديث، ويروى عن موسى عيسى بن إبراهيم وهو ذاهب الحديث اهـ. وعلى كل فالحديث باطل موضوع كان على المصنف ألا يذكره، ثم إن الذي رأيته في زهر الفردوس: "وأكثروا التفكر والبكاء" بدل: و"الاعتبار"، وهو عند الديلمى من طريق ابن السنى [رقم: 4011]: ثنا أبو عروبة ثنا محمد بن المصفى ثنا يحيى بن سعيد العطار أخبرنا عيسى بن إبراهيم القرشى عن موسى بن أبي حبيب عن عمه الحكم بن عمير به. 2318/ 5645 - "عُوَيمِرُ حكيمُ أمَّتِى، وَجُنْدَبُ طَرِيدُ أمَّتِى يَعِيشُ وَحْدَهُ وَيمُوتُ وَحْدَهُ". الحارث عن أبي المثنى المليكى مرسلًا قال في الكبير: لعل صوابه: الأملوكى بفتح الهمزة وسكون الميم وضم اللام وآخره كاف نسبة. . . إلخ. قلت: هذا وهم من وجهين، أحدهما: الأملوكى بضم الهمزة لا بفتحها (¬1). ثانيهما: قوله: لعل صوابه الأملوكى -عبارة توهم أن الخطأ فيه وقع من المؤلف، وليس كذلك، بل هو في مسند الحارث بن أبي أسامة: المليكى كما نقله المؤلف. قال الحارث: حدثنا داود بن رشيد ثنا محمد بن حرب عن صفوان عن أبي المثنى المليكى به، هكذا هو بخط الحافظ نور الدين في زوائد مسند الحارث المسمى بغية ¬

_ (¬1) وقد نص على ذلك السمعانى في الأنساب (1/ 208).

الباحث [رقم: 1022]، وهكذا يقوله كثير من الرواة، وإن خَطَّأَ أبو حاتم [4/ 468] من يقول ذلك وجزم بأنه الأملوكى. 2319/ 5646 - "عِيَادَةُ المرِيضِ أعْظَمُ أجْرًا مِنَ اتِّباع الجنَائز". (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه عنه عبد الرزاق وأبو الشيخ وغيرهما. قلت: الشارح كذاب جاهل بل أجهل خلق اللَّه بالرجال على الإطلاق فهذه طامة لا يأتى بها من شم للعلم، بل وللعقل رائحة، نسأل اللَّه السلامة والعافية من الوقوع في مثل هذه الفضيحة، فاسمع من أين أخذ كون عبد الرزاق خرج الحديث، وتعجب من جهله ومن كذبه في قوله: وغيرهما، قال الديلمى [4111 - مكرر]: أخبرنا الحداد أخبرنا عبد الرزاق الخطيب أخبرنا أبو الشيخ حدثنا أحمد بن جعفر الحمال ثنا يعقوب بن إسحاق ثنا عبد الرحمن بن علقمة ثنا محمد بن الفضل عن أبي عبد اللَّه القرشى في أبي مجلز عن ابن عمر به. فلما وقع في السند ذكر عبد الرزاق جعله هذا الجاهل عبد الرزاق الصنعانى الإمام الكبير المتقدم الوفاة الذي توفى سنة إحدى عشرة ومائتين مع أن المذكور في السند يروى عن أبي الشيخ الذي كانت وفاته سنة تسع وستين وثلاثمائة، والراوى عنه هو أبو على الحداد الذي كانت وفاته سنة خمس عشرة وخمسمائة، فاعجب لغفلة هذا الرجل مع أن عبد الرزاق المذكور في السند موصوف بالخطيب، وعبد الرزاق الصنعانى لا يوصف بذلك، هذا والحديث في نقدى باطل موضوع.

2320/ 5647 - "عَيْنَان لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ أبَدا: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". (ع) والضياء عن أنس قلت: وهم الشارح فكتب في نسخته رمز الترمذى بدل رمز أبي يعلى، ثم قال في الكبير: وعزاه الذهبى لأبي داود، قال المناوى: -يعنى: الشرف- وهو وهم، وعزاه الهيثمى لأبي يعلى، وقال المنذرى: رجاله ثقات اهـ. والحديث لم يخرجه الترمذى إلا من حديث ابن عباس، وما عزاه المصنف له إنما عزاه لأبي يعلى كما في نسخ المتن. 2321/ 5648 - "عَيْنَان لا تَريَانِ النَّارِ: عينٌ بَكَتْ وَجَلًا مِن خَشْيَةِ اللَّه، وعَينٌ بَاتَتْ تكلأَ في سَبيل اللَّه". (طس) عن أنس قال في الكبير: وفيه زافر بن سليمان قال ابن عدى: لا يتابع على حديثه، وشبيب بن بشر أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: قال أبو حاتم: لين الحديث. قلت: ليس كل من يورده الذهبى في الميزان ضعيفا، فإنه التزم أن يورد كل من تكلم فيه بحق أو بباطل، وشبيب صدوق يقع منه بعض الخطإ، وقد وثقه ابن معين وغيره، فلا ينبغى أن يعلل به الحديث أصلا لاسيما وهو ثابت من طرق أخرى حققت عدم وقوع الخطإ منه فيه. والحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [7/ 119] عن أبي الشيخ: ثنا محمد بن شعيب ثنا الحسن بن على الخلال ثنا زافر بن سليمان الكوفى عن سفيان عن إسرائيل عن شبيب عن أنس به.

2322/ 5649 - "عَيْنَان لا تُصيبهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيل اللَّه". (ت) عن ابن عباس قال الشارح: وإسناده ضعيف، وقال في الكبير: رواه (ت) من حديث عطاء الخراسانى عن ابن عباس، وذكر أن الترمذى قال في العلل: سألت البخارى. . . إلخ. قلت: ما نقله من قول البخارى في عطاء الخراسانى هو معتمده في الحكم بضعف سنده، وهو خطأ منه، فإن الحديث حسنه الترمذى [رقم 1639] وهو كذلك لو انفرد به عطاء، فإنه ثقة من رجال مسلم فكيف مع تعدد طرقه؟! ثم إن قوله في الكبير: إن الترمذى رواه من حديث عطاء الخراسانى عن ابن عباس -غلط أيضًا، بل الترمذى رواه من حديث عطاء الخراسانى عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس، ولو رواه من حديث الخراسانى عن ابن عباس لنص على انقطاعه وإرساله، فإن الخراسانى لم يلق ابن عباس، ولا أحدا من الصحابة إلا أنس بن مالك فيما قيل (¬1)، وقد رواه عثمان بن عطاء الخراسانى عن أبيه فقال: عن ابن عباس، دون ذكر عطاء بن أبي رباح كما حكاه أبو نعيم في الحلية بعد أن أخرج هذا الحديث من روايته عن عطاء بن أبي رباح (¬2) كالجادة ولكن عثمان ضعيف فلا عبرة بقوله فضلا عن مخالفته. 2323/ 5650 - "العَائِدُ فِي هبتِه كَالعَائد في قَيْئه". (حم. ق. د. ن. هـ) عن ابن عباس قلت: هذا الحديث يروى عن ابن عباس من طرق، كما أنه يروى عن النبي ¬

_ (¬1) انظر جامع التحصيل (ص 238). (¬2) انظر مسند الشهاب (رقم 320)، وفتح الوهاب (1/ 298)، عن عثمان به مثل رواية الترمذى.

-صلى اللَّه عليه وسلم- من حديث جماعة من الصحابة منهم: عمر بن الخطاب، وابنه عبد اللَّه، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وأبو هريرة، وجابر، وأنس بن مالك، وأبو بكر الصديق، وبعض الصحابة، ومرسلا عن طاوس والحسن، وقد ذكرت أسانيد الجميع مع طرق حديث ابن عباس في مستخرجى على مسند الشهاب [1/ 260]. 2324/ 5652 - "العَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ، والمنيحَةُ مَرْدُودَةٌ والدَّيْنُ مَقْضِيٌّ، والزَّعِيمُ غَارِمٌ". (حم. د. ت. هـ) والضياء عن أبي أمامة قال في الكبير: قال الهيثمى: رجال أحمد ثقات. وقال ابن حجر: فيه إسماعيل بن عياش رواه عن شامى، وهو شرحبيل بن مسلم، وضعفه به ابن حزم ولم يصب، وهو عند الترمذى في الوصايا أتم سياقا، كذا ذكره في تخريج الرافعى، لكنه جزم في تخريج الهداية بضعفه. قلت: هذا غلط فاحش من وجهين، أحدهما: أن الحافظ نور الدين لم يذكر حديث أبي أمامة هذا ولا تكلم عليه، ولا يمكن أن يورده لأنه ليس من الزوائد، بل هو من الأحاديث المخرجة في السنن الأربعة، وإنما أورد [4/ 145] حديث سعيد عمن سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ألا إن العارية مؤداة. . " الحديث، وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات اهـ. وسعيد هو المقبرى كما هو مصرح به في المسند، فإن أحمد قال [5/ 293]: حدثنا على بن إسحاق أنا ابن المبارك ثنا عبد الرحمن بن جابر (¬1) قال: حدثنى سعيد بن أبي سعيد عمن سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، وهذا الذي سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ¬

_ (¬1) هكذا في المخطوط وفي مسند أحمد (5/ 293): عبد الرحمن بن يزيد عن جابر.

هو أنس بن مالك كما بينه الطبرانى في مسند الشاميين فقال: حدثنا أحمد بن أنس بن مالك ثنا هشام بن عمار ثنا محمد بن شعيب ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن سعيد المقبرى عن أنس بن مالك قال: إنى تحت ناقة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يسيل على لعابها فسمعته يقول، وذكره. فهذا حديث آخر خلاف حديث الباب الذي تكلم عليه الحافظ، فإنه من رواية إسماعيل بن عياش: ثنا شرحبيل بن مسلم قال: سمعت أبا أمامة فذكره، رواه الطيالسى في مسنده [ص 154] عن إسماعيل بن عياش ورواه أهل السنن وغيرهم من طريق جماعة عنه. ثانيهما: أن الحافظ لم يختلف قوله في هذا الحديث ولا جزم في تخريج أحاديث الهداية بضعفه كما افتراه عليه الشارح، وإنما ذلك من قلة درايته وسوء فهمه، قال الحافظ في إتمام الدراية لتخريج أحاديث الهداية ما نصه: أخرجه أبو داود [رقم 3565]، والترمذى [رقم 1265]، وأحمد [5/ 267]، والطيالسى [ص 154]، وابن أبي شيبة [6/ 145]، وعبد الرزاق [8/ 181]، وأبو يعلى، والدارقطنى [3/ 40 - 41] من حديث أبي أمامة، وأخرجه الطبرانى في مسند الشاميين من حديث أنس بن مالك، وابن عدى من حديث ابن عباس [1/ 314] في ترجمة إسماعيل بن زياد، وهو ضعيف اهـ. فقوله: وهو ضعيف راجع إلى إسماعيل بن زياد الذي خرج ابن عدى حديث ابن عباس في ترجمته، فيكون الضعيف حديث ابن عباس لا حديث أبي أمامة، والعجب أن الحافظ ذكر هذا أيضًا بِأَبْيَنَ منه في تخريج أحاديث الرافعى الذي نقل منه الشارح أوله وترك آخره، فإنه قال بعدما نقله عنه الشارح بسطرين أو ثلاثة [3/ 47] ما نصه: وقد رواه ابن ماجه [رقم 2399] والطبرانى في مسند

الشاميين من طريق سعيد بن أبي سعيد عن أنس، وأخرجه ابن عدى من حديث ابن عباس في ترجمة إسماعيل بن زياد السكونى وضعفه. . . إلخ كلامه، أى: وضعف ابن عدى إسماعيل بن زياد الذي خرج في ترجمته حديث ابن عباس، فيكون أيضًا ضعيفا من أجل ضعف راويه، أما حديث أبي أمامة فما ضعفه الحافظ أصلا. 2325/ 5653 - "العَافِيَةُ عَشَرَةُ أجْزَاءٍ: تِسْعَةٌ فِي الصَّمْتِ وَالعَاشِرُ فِي العُزْلَةِ عَنِ النَّاسِ" (فر) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: هذا حديث منكر. قلت: بل هو موضوع، والحافظ العراقى تارة يحجم عن التصريح بالوضع فيعبر بالمنكر، وتارة يعبر بالمنكر عن الموضوع كسائر الحفاظ، والحديث موضوع بلا شك، قال الديلمى [رقم 4231]: أخبرنا أبي أخبرنا أبو الحسن الإمام ثنا عثمان بن أحمد ثنا محمد بن عمر بن حفص ثنا إسحاق بن الفيض ثنا أحمد بن جميل عن السلمى عن الخطاب عن داود بن سريج عن ابن عباس به، فحال السند كما ترى، والمتن ظاهر البطلان. 2326/ 5654 - "العَافيةُ عَشْرَةُ أجْزَاء: تِسْعَة فِي طَلَبِ المعِيشَة، وَجُزْء فِي سَائِرِ الأشْيَاءِ". (فر) عن أنس قلت: هذا كذب، والعجب من المصنف في إيراد مثل هذه الأكاذيب المكشوفة الركيكة المتناقضة الظاهرة الوضع والبطلان، قال الديلمى [رقم: 4053]:

أخبرنا أبي أخبرنا محمد بن الحسين السعيدى ثنا أبو سعد خلف بن عبد الرحمن الرازى -قدم همدان- ثنا محمد بن جعفر ثنا محمد بن أحمد الصفار ثنا محمد بن معاذ بن فروة ثنا سحبان بن جنهان ثنا على بن إبراهيم ثنا حماد ابن سلمة عن ثابت عن أنس به. 2327/ 5655 - "الْعَالِمُ أمِينُ اللَّهِ فِي الأرْضِ". ابن عبد البر في العلم عن معاذ قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف اهـ. وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد ممن وضع لهم الرموز، وإلا لم أبعد النجعة، مع أن أبا يعلى والديلمى خرجاه باللفظ المزبور. قلت: أما كون أبي يعلى خرجه فكذب من الشارح، وأما الديلمى فنعم، قد أخرجه من طريق الحاكم في التاريخ [رقم 4204] قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى ثنا زكرياء بن داود البزاز ثنا أحمد بن سفيان ثنا عيسى بن إبراهيم عن الحكم الأيلى عن عبادة بن نسى عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ به. ولكن تقديم الديلمى في العزو على ابن عبد البر من جهل الشارح أو تعنته، بل الصواب والأفضل ما فعل المؤلف، فإن مصنفات ابن عبد البر معتبرة وأحاديثها نقية بخلاف مسند الفردوس، فإنه مجموعة أكاذيب وأباطيل وموضوعات، والأحاديث الثابتة فيه مما انفرد به أعز من الكبريت الأحمر وأندر من الغراب الأبقع، فما يقول: إن العزو إليه أولى إلا مثل الشارح. 2328/ 5656 - "العَالِمُ وَالمتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ فِي الخَيْرِ، وَسَائِرُ النَّاسِ لا خَيْرَ فِيهِ". (طب) عن أبي الدرداء

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وليس ذا منه بحسن، فقد أعله الهيثمى بأن فيه معاوية بن يحيى الصدفى، قال ابن معين: هالك ليس بشيء. قلت: قدمنا مرارا أن الحافظ الهيثمى يحكم على الحديث بالنسبة للطريق التي أمامه فقط، غير ناظر إلى ما فيه من العلل، ولا إلى ماله من الشواهد والمتابعات لذلك قد يقول عن حديث: إنه صحيح أو حسن ويكون في الواقع ضعيفا، بل باطلا؛ لكونه معلولا بعلة لا تظهر من ذلك السند بل من أسانيد أخرى ليس من شرط الهيثمى أن يبحث عنها أو يتعرض لها لأنها ليست من موضوع كتابه، وقد يقول عن الحديث: إنه ضعيف ويكون حسنا أو صحيحا لوجوده من طرق أخرى ليست هي أيضًا من شرط الهيثمى ولا من موضوع كتابه. أما المؤلف فإنه يحكم على المتن من حيث هو لا باعتبار سند مخرج واحد وطريق واحد، وإنما لا يذكر المخرجين والطرق أحيانا؛ لاختلاف ألفاظ المتن الذي يحكم عليه اصطلاح كتابه أن يكرره مرارا ويفرقه في مواضع بحسب أول لفظه كما هو معلوم. وهذا الحديث هو صحيح عن أبي الدرداء موقوفًا عليه من طرق، كذلك أخرجه أحمد في الزهد [ص 169] من رواية جبير بن نفير، وابنه عبد اللَّه بن أحمد في زوائده [ص 169]، وأبو نعيم في الحلية [1/ 212 - 213]، وابن عبد البر في العلم [رقم 138، 140] من رواية سالم بن أبي الجعد، وابن المبارك في الزهد [ص 191]، والآجرى في العلم، وعبد اللَّه بن أحمد في زوائد الزهد [ص 170] من رواية خالد بن معدان، وأبو نعيم في الحلية [1/ 212] من رواية نعمان بن عامر كلهم عن أبي الدرداء به من قوله، وخالفهم معاوية بن يحيى فرواه عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولانى

عن أبي الدرداء مرفوعًا (¬1)، فوجب أن تكون روايته ضعيفة منكرة لهذه المخالفة، إلا أن إثبات الأجر أو الخير للعالم والمتعلم ونفيه عن سائر الناس حكم شرعى لا يعرف من غير توقيف، فأبو الدرداء إذا حدث بهذا مرارا من قوله لا يدل على أنه ليس هو عنده مرفوعًا، ولا على أنه لم يحدث به كذلك، بل قد عرف من عادتهم أنهم يحدثون أحيانا بالحديث المرفوع ولا يرفعونه وربما تكرر ذلك منهم ولا يبينون رفعه إلا عند السؤال، ويؤيد كونه مرفوعًا وروده كذلك من طرق أخرى فقد أخرجه ابن ماجه [رقم 228]، والآجرى، والبزار، والخطيب [2/ 212]، وابن عبد البر [رقم 136، 137] كلهم من رواية على بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. وأخرجه الطبرانى في الكبير [10/ 10461]، وأبو نعيم في الحلية [1/ 376] من طريق الربيع بن بدر عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد اللَّه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه. وأخرجه أبو بكر بن خير الإشبيلى في فهرسته [ص 6] من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو من رواية زيد بن عبد اللَّه بن مسعود الهاشمى عن الحسن بن محمد المعروف بأبى المعمر عن الحسن بن الصباح عن عثمان بن عمر عن يونس عن الزهرى عن قبيصة عن أبي هريرة. وأخرجه ابن عبد البر في العلم [رقم 133] من حديث أبي سعيد الخدرى، لكنه وهم من بعض رواته لأنه بسند حديث أبي الدرداء، ويشهد له مع هذا حديث: "الدنيا ملعونة"، وهو حديث حسن أو صحيح كما سبق. 2329/ 5657 - "العَالمُ إذَا أرَادَ بعلْمه وَجْهَ اللَّهِ هَابَهُ كُلُّ شَيءٍ، وَإذَا أرَادَ أنْ يكْثِرَ بِهِ الكُنُوزَ هَابَ مِنْ كُلِّ شَيءٍ". (فر) عن أنس ¬

_ (¬1) انظر مسند الشهاب للقضاعى (رقم 279)، وانظر فتح الوهاب للمؤلف (1/ 246).

قال في الكبير: وفيه الحسن بن عمرو القيسى، قال الذهبى: مجهول. قلت: هو حديث موضوع باطل يتعجب من المصنف في ذكره، رواه الديلمى [رقم 4201]: عن بنجير عن جعفر الأبهرى عن أبي القاسم على بن أحمد بن إبراهيم الحافظ عن أحمد بن محمد بن مهدى الأهوازى عن الحسن بن عمرو القيسى المروزى عن مقاتل بن صالح الخراسانى عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس به. 2330/ 5658 - "العَالِمُ سُلْطَانُ اللَّه فِي الأرْضِ، فَمَنْ وَقَعَ فِيهِ فَقَدْ هَلَكَ". (فر) عن أبي ذر قلت: هذا كذب مكشوف وليس له عند الديلمى إسناد كما ذكر الشارح. 2331/ 5659 - "العَالمُ والعلْمُ وَالعَمَلُ في الجَنَّة، فَإذَا لَمْ يَعْمَل العَالمُ بمَا يَعْلَم كَانَ العِلْمُ وَالعَمَلُ فِي الجَنَّةِ، وَكَانَ العَالِمُ فِي النَّارِ". (فر) عن أبي هريرة قلت: والكذاب والكذب، ولا سيما على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في النار، فإذا ثبت الكذب في الحديث كان الحديث الصحيح في الجنة والكذاب على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في النار كمفترى هذا الحديث قبحه اللَّه. قال الشارح في الكبير: فيه الحسن بن زياد أى اللؤلؤى، قال الذهبى: كذبه ابن معين وأبو داود. قلت: هذا غلط من وجوه، أحدها: أن الحسن بن زياد اللؤلؤى وإن

كذبوه فإنه لا يحتمل مثل هذا الباطل. ثانيهما: أن المذكور في السند ليس هو اللؤلؤى، فإن اللؤلؤى من أصحاب أبي حنيفة، وهذا الخبر رواه أبو نعيم عن أبي بكر الطلحى عن الحضرمى عن الحسن بن زياد فهو أصغر من صاحب أبي حنيفة. ثالثها: أن علة الحديث ظاهرة كالشمس لمن له خبرة بالحديث، فإن الحسن ابن زياد رواه عن سليمان بن عمرو عن نعيم المجمر عن أبي هريرة، وسليمان ابن عمرو هو أبو داود النخعى، وهو من مشاهير الوضاعين. 2332/ 5667 - "العَبْدُ مِنَ اللَّهِ، وَهُوَ مِنْهُ مَا لَمْ يَخْدِمْ، فَإذَا خَدَمَ وَقَعَ عَلَيْهِ الحِسَابُ". (ص. هب) عن أبي الدرداء قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وفيه إسماعيل بن عياش وفيه خلاف. قلت: ومع كونه وثق فقد ورد من غير طريقه، كما سأذكره، وقد أخرج الحديث من طريقه أيضًا الدينورى في المجالسة فقال: حدثنا أبو قلابة ثنا داود ابن عمرو ثنا إسماعيل بن عياش عن مطعم بن المقدام الصنعانى عن محمد بن واسع الأزدى قال: كتب أبو الدرداء إلى سلمان: من أبي الدرداء إلى سلمان، أما بعد: يا أخى إنى أنبئتُ أنك اشتريت خادما، وإنى سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "العبد من اللَّه. . . " وذكر مثله. وأما متابعة إسماعيل بن عياش فأخرجها الديلمى من طريق أبي بكر بن شاذان [رقم: 4260] قال:

حدثنا أحمد بن سليمان بن ريان ثنا هشام بن عمار ثنا صدقة بن خالد ثنا ابن جابر عن محمد بن واسع عن أبي الدرداء أنه كتب إلى سلمان: يا أخى أنبئت. . فذكر مثله. 2333/ 5671 - "العَبْدُ الْمُطِيعُ لِوَالِدَيْهِ وَلِرَبِّهِ فِي أعْلَى علِّيِّينَ". (فر) عن أنس قال الشارح: وإسناده ضعيف. وقال في الكبير: ورواه عنه أبو نعيم وعنه تلقاه الديلمى مصرحا فلو عزاه للأصل لكان أولى. قلت: هذا غلط من وجهين، الأول: أن الديلمى لم يخرجه من طريق أبي نعيم بل قال الديلمى [رقم: 4071]: أخبرنا أبي حدثنا أبو طالب الحسينى ثنا إسماعيل بن الحسن بن محمد الحسينى النقيب ثنا محمد بن على بن الفضل الخزاعى أخبرنا على بن محمد بن محمد ابن عقبة الكوفى ثنا الخضر بن أبان ثنا أبو هدبة عن أنس به بلفظ: "العبد المطيع لوالديه، والمطيع لرب العالمين في أعلى عليين" اهـ. فذكر أبي نعيم من أكاذيب الشارح. الثانى: أن الحديث ليس بضعيف كما قال الشارح، بل هو موضوع لا يشك فيه من له خبرة بالحديث، وحال أبي هدبة أشهر من أن يخفى. 2334/ 5673 - "العُتُلُ الزَّنِيمُ الفَاحِشُ اللَّئِيمُ". ابن أبي حاتم عن موسى بن عقبة مرسلًا قال في الكبير: فظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأعلى ولا أحق بالعزو من

ابن أبي حاتم ولا مسندا وهو ذهول عجيب، فقد خرجه الإمام أحمد عن عبد اللَّه بن غنم الأشعرى، قال ابن منده: وله صحبة. قلت: في هذا أمور، الأول: الكذب، فإن الحديث الذي خرجه أحمد غير هذا، قال أحمد [4/ 227]: حدثنا وكيع ثنا عبد الحميد (¬1) عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم قال: "سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن العتل الزنيم، فقال: هو الشديد الخلق المصحح الأكول الشروب الواجد للطعام والشراب، الظلوم للناس رحيب الجوف" اهـ. فأين هذا من حديث الباب؟!. الثانى: أن هذا الحديث مرسل أيضًا، فإن عبد الرحمن بن غنم ليس بصحابى على الصحيح. الثالث: أن هذا المتن الذي خرجه أحمد مرسلا قد ذكره المصنف قبل هذا مسندا من حديث أبي الدرداء، وعزاه لابن مردويه. الرابع: أن ابن غنم اسمه: عبد الرحمن لا عبد اللَّه. 2335/ 5677 - "العَجَمُ يَبْدَءُونَ بِكِبَارِهِمْ إذَا كَتَبُوا، فَإِذَا كَتَبَ أحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأ بِنَفْسِهِ". (فر) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه محمد بن عبد الرحمن المقدسى، قال الذهبى في الضعفاء: متهم، وفي الباب: ابن عباس، وجابر، وأبو ذر، وأنس، وأبو رمثة، وعائشة، والجهدمة، وأبو الطفيل، وجابر بن سمرة، وغيرهم. ¬

_ (¬1) في المطبوع من المسند: عبد الرحمن.

قلت: في هذا أمران، أحدهما: ليس في الباب هؤلاء بل ولا واحد منهم، والشارح يهرف بما لا يعرف، وكأنه رأى الديلمى أو غيره ذكر ذلك فظن أن المراد أن كل هؤلاء رووا هذا الحديث، وليس الأمر كذلك، بل إن كان أحد من الحفاظ ذكر هؤلاء فغرضه أنهم كانوا يكتبون فيبدءون بأنفسهم. ثانيهما: أغفل الشارح كون ابن الجوزى ذكر هذا الحديث في الموضوعات [3/ 81]، فأورده من عند العقيلى ثم من رواية محمد بن عبد الرحمن -القشيرى- وهو المقدسى عن مسعر بن كدام عن المقبرى عن أبي هريرة به، ثم نقل عن العقيلى أنه قال: محمد بن عبد الرحمن القشيرى مجهول بالنقل، وحديثه منكر ليس له أصل ولا يتابع عليه اهـ. وتعقبه المؤلف بوروده من وجه آخر من حديث أبي الدرداء عند الطبرانى في الأوسط [رقم 2347]، ومن حديث النعمان بن بشير عنده في الكبير وهو مختصر، وبفعل بعض الصحابة، كالعلاء بن الحضرمى مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وابن عمر مع أبيه، وأبي عبيدة بن الجراح، وخالد بن الوليد مع عمر بن الخطاب أيضًا، ويقول سلمان الفارسى رضي اللَّه عنه: لم يكن أحد أعظم حرمة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان أصحابه إذا كتبوا إليه يكتبون: من فلان إلى محمد رسول اللَّه. أخرجه البيهقى [10/ 130]، وذكر أسانيد هذه الآثار كلها في اللآلئ [2/ 292 - 291]، وقال في التعقبات بعد حكاية نقد ابن الجوزى: قلت: له شاهد أخرجه أبو داود [5134، 5135] والحاكم وصححه [3/ 636، 4/ 273] عن العلاء الحضرمى أنه كان عامل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على البحرين، فكان إذا كتب إليه بدأ بنفسه اهـ.

قلت: وفي صحة هذا الخبر نظر، والمقصود أن قول الشارح: وفي الباب. . إلخ من ذكرهم -لا أصل له. 2336/ 5682 - "العِدَةُ دَيْنٌ". (طس) عن على، وعن ابن مسعود قال في الكبير: ورواه القضاعى في الشهاب بهذا اللفظ، وقال: إنه حديث حسن. قلت: القضاعى لا يخرج في الشهاب، ولا ينص على حسن ولا ضعف وإنما خرجه في مسند الشهاب، وما قال: حسن ولا يقول ذلك، لأنه ليس بحسن، ثم إن ظاهر صنيع المصنف في قوله: عن على وعن ابن مسعود بتكرار حرف "عن" دون الاكتفاء بواو العطف -أن له عند الطبرانى عن كل واحد منهما سندا، والواقع أن السند إليهما واحد، فقد قال الطبرانى في الصغير [رقم: 411]: ثنا حمزة بن داود بن سيمان بن الحكم بن الحجاج الثقفى المؤدب، حدثنا سعيد بن مالك ثنا عبد اللَّه بن محمد بن أبي الأشعث ثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن على وعبد اللَّه بن مسعود معا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه القضاعى [رقم: 7] من طريق أبي الحسن على بن عبد اللَّه قال: حدثنا أبو يعلى حمزة بن داود به فقال: عن على وحده. نعم له سند آخر عن على من رواية أهل البيت. 2337/ 5683 - "العدَةُ دَيْنٌ، وَيْلٌ لمنْ وَعَدَ ثُمَّ أخْلَفَ، وَيْلٌ لمنْ وَعَدَ ثُمَّ أخْلَفَ، وَيْلٌ لمنْ وَعَدَ ثُمَ أخْلَف". ابن عساكر عن على

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من المشاهير، وهو عجيب: فقد خرجه أبو نعيم وغيره. قلت: هذا كذب على أبي نعيم، بل أبو نعيم خرجه بلفظ: "العدة عطية"، وقد ذكره المؤلف بعد هذا وعزاه إليه، والشارح رأى الديلمى أسنده من طريق أبي نعيم فعزاه إليه، وأطلق فأفاد أنه عنده في الحلية، وليس هو فيه، فكان عليه أن يقول: رواه الديلمى من طريق أبي نعيم، وسند هذا الحديث هو سند الذي قبله. 2338/ 5685 - "العَدْلُ حَسَنٌ، وَلكنْ في الأمَرَاء أحْسَنُ، السَّخَاءُ حَسَنٌ، وَلكنْ في الأغْنيَاء أحْسَنُ، الوَرعُ حَسَنٌ، وَلَكنْ في العُلَمَاءُ أحْسَنُ، الصَّبَرُ حَسَنٌ، وَلَكنْ في الفُقَراءُ أحْسَنُ، التَّوْبَةُ حَسَنٌ، وَلكِنْ فِي الشَّبَابِ أحْسَنُ، الْحَيَاءُ حَسَنٌ، وَلكِنْ فِي النِّسَاءِ أحْسَنُ". (فر) عن على قلت: والصدق حسن، ولكن في حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحسن، والتحقيق حسن، ولكن في نقل الحديث أحسن، والكذب قبيح ولكن على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أقبح، والتهور قبيح، ولكن في نقل الحديث أقبح، فالعجب العجاب من المؤلف الذي يدعى أنه صان كتابه عن كل ما انفرد به وضاع أو كذاب ثم لا يستحى من إيراد مثل هذا الباطل البين. قال الديلمى [رقم 4258]-المخرج لكل خرافة وبلية لا بارك اللَّه فيه ولا في أبيه الذي سبقه لجمع هذه الأكاذيب-: أخبرنا أحمد بن نصر أخبرنا أبو الفرج بن أبي سعيد الوراق حدثنا عبد الرحمن بن حمادى ثنا على بن محمد الأديب ثنا عبدان بن يزيد الدقيقى ثنا

إبراهيم بن الحسين ثنا موسى بن إسماعيل المنقرى ثنا وهيب بن الورد ثنا أبو الزبير المكى عن جابر بن عبد اللَّه قال: "دخلت على على بن أبي طالب فقلت: ما علامة المؤمن؟ قال: دخلت على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: ما علامة المؤمن؟ قال: ستة أشياء حسن ولكن في ستة من الناس أحسن: العدل حسن. . . " وذكره. وكأن واضعه قبحه اللَّه كان أعجميا يخبر عن المبتدإ المؤنث بالمذكر، فقال: "ستة أشياء حسن، والتوبة حسن"، وهذا لسان أعجمى غير عربى، ومن سياق المتن يعلم أن المؤلف كما أخطأ في إيراد مثل هذا الباطل أخطأ في موضعه، فإن موضعه على اصطلاحه حرف السين. 2339/ 5687 - "العَرَبُ للْعَرَبِ أكْفَاءٌ، وَالمَوَالِى أكْفَاءٌ للْمَوالِى إلا حَائِكٌ أو حَجَّامٌ". (هق) عن عائشة قلت: ما نطق بهذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعجبا للفقهاء من الحفاظ الذين يفرحون بمثل هذا ويوردونه محتجين به لمذهبهم، وقد ورد من وجوه أخرى كلها من أكاذيب المغرضين. 2340/ 5690 - "العُرْفُ يَنْقَطِعُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ وَلا يَنْقَطِعُ فِيمَا بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ مَنْ فَعَلَهُ". (فر) عن أبي اليسر قال في الكبير: وفيه يونس، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: مجهول. قلت: ليت الشارح لم يفضح نفسه بالتعرض للكلام في الرجال، فيونس ابن عبيد المذكور في السند هو الإمام المشهور الثقة، صاحب الحسن البصرى، وهو من رجال الصحيح، والذي ذكره الذهبى رجل آخر هو أكبر

من هذا، لأن الذهبى قال: يونس بن عبيد كوفى، حدث عن البراء بن عازب لا يدرى من هو، وقد ذكره ابن حبان في الثقات. . إلخ، والذي في سند الحديث رواه عن الحسن، قال الديلمى [4267]: أخبرنا الكاقجى إجازة ثنا أبو سعيد بن شاذان ثنا محمد بن عبد اللَّه الأصبهانى الصفار ثنا إسماعيل بن بحر العسكرى -ولقبه سمعان- ثنا إسحاق بن محمد بن إسحاق العمى ثنا أبي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس به، كذا وقع في أصلنا عن أنس خلاف ما في الجامع الصغير عن أبي اليسر، والحديث منكر. 2341/ 5693 - "العُطَاسُ منَ اللَّه وَالْتَثَاؤُبُ منَ الشَّيْطَان، فَإذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فيه، وَإذَا قَالَ: آه آه، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ مِنْ جَوْفِه، وَإنَّ اللَّهَ عز وجل يُحب العُطَاسَ وَيكْرَهُ التَثَاؤُبَ". (ت) وابن السنى في عمل اليوم والليلة عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز المؤلف لحسنه، وليس كما قال، فقد جزم الحافظ ابن حجر في الفتح بضعف سنده. قلت: هذا كذب على الحافظ، ما أشار إلى ضعفه فضلا عن جزمه بذلك، وإنما ضعف الحافظ الحديث الآتى بعد هذا، وكيف يضعف هذا وهو في الصحيحين وغيرهما من طرق متعددة عن ابن أبي ذنب وغبره عن سعيد المقبرى عن أبيه عن أبي هريرة كما ذكره الحافظ نفسه؟! غاية ما في الأمر أن الترمذى حسن هذه الرواية لأنها وقعت له من رواية ابن عجلان عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة دون أبيه، ثم رواه الترمذى [رقم: 2747] من طريق يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبرى عن أبيه

عن أبي هريرة ثم قال (ت): هذا حديث صحيح، وهو أصح من حديث ابن عجلان، وابن أبي ذئب أحفظ لحديث سعيد المقبرى وأثبت من ابن عجلان، ثم اسند عن يحيى بن سعيد قال: قال محمد بن عجلان: أحاديث سعيد المقبرى روى بعضها سعيد عن أبي هريرة وبعضها سعيد عن رجل عن أبي هريرة، فاختلطت على فجعلتها عن سعيد عن أبي هريرة اهـ. والمقصود: أن الحديث صحيح المتن حسن الإسناد لأجل ما ذكر، وما قاله الشارح جهل بأن الحديث في الصحيحين من جهة، وكذب على الحافظ من أخرى. 2342/ 5694 - "العُطَاسُ، وَالنُّعَاسُ، وَالتَثَاؤُبُ فِي الصَّلاةِ، وَالحَيْضُ، وَالْقَئُ، وَالرُّعَافُ مِنَ الشَّيْطَانِ". (ت) عن دينار قال في الكبير: قيل: هو دينار القراظ بظاء معجمة، الخزاعى المدنى، تابعى كثير الإرسال: قال المناوى: ومدار الحديث على شريك، وفيه مقال معروف، فظاهر صنيع المصنف أن الترمذى تفرد به عن الستة، وليس كذلك، بل رواه ابن ماجه أيضًا في الصلاة عن دينار المذكور. قلت: هذا خطأ من وجوه، الأول: أن دينارا هذا لم يقل أحد أنه القراظ، بل هذا غير هذا كما يعلم من كتب الرجال، وحكاية ذلك إنما هو كذب الشارح. الثانى: أن علة الحديث ليس هو شريكا، بل هو أبو اليقظان عثمان بن عمير، فإنه مجمع على ضعفه، وشريك ثقة من رجال الصحيح، وما أظن الشرف المناوى قال ذلك، وإنما هو من وهم الشارح عليه.

الثالث: أن ابن ماجه لم يخرجه بهذا اللفظ، ولا وقع في روايته ذكر العطاس أصلا بل لفظه "البزاق، والمخاط، والحيض، والنعاس في الصلاة من الشيطان" وقد ذكره المصنف في حرف الباء سابقا وعزاه لابن ماجه. 2343/ 5704 - "العُلَمَاءُ قَادَةٌ، وَالمتَّقُونَ سَادَةٌ، وَمُجَالَسَتُهُمْ زِيَادَةٌ". ابن النجار عن أنس قال الشارح: ورواه الطبرانى عن ابن عباس بسند صحيح. وقال في الكبير: ورواه الطبرانى في حديث طويل، قال الهيثمى: رجاله موثقون. قلت: هذا خطأ فاحش من وجوه، الأول: قوله في الصغير: ورواه الطبرانى عن ابن عباس، فإنه كذب ما رواه عن ابن عباس، وإنما رواه عن ابن مسعود [9/ 105]. الثانى: قوله ذلك أيضًا يفيد: أنه رواه مرفوعًا كما هو في المتن، وإنما رواه عن ابن مسعود موقوفًا عليه من قوله. الثالث: قوله في الصغير: بسند صحيح مع نقله في الكبير عن الهيثمى أنه قال: رجاله موثقون، ومعنى أنهم ضعفاء لكنهم وثقوا أى اختلف فيهم، وما كان سنده كذلك لا يكون صحيحًا. الرابع: قوله في الكبير: ورواه الطبرانى في حديث طويل، فإنه يفيد أنه رواه مرفوعًا ومن حديث أنس، والأمر بخلاف ذلك، ونص الحافظ نور الدين في الزوائد الذي منه نقل الشارح هكذا، وعن عبد اللَّه بن مسعود أنه كان يقول: "المتقون سادة، والفقهاء قادة ومجالستهم زيادة"، قلت: ذكر هذا في حديث طويل رواه الطبرانى في الكبير ورجاله موثقون انتهى. فاعجب لأمانة الشارح ومقدار تهوره، نسأل اللَّه السلامة.

ثم إن أثر ابن مسعود الطويل الذي أشار إليه الحافظ الهيثمى أخرجه أحمد في الزهد [ص 201] قال: حدثنا عبد اللَّه بن يزيد ثنا سعيد -يعنى: ابن أبي أيوب- ثنى عبد اللَّه بن الوليد قال: سمعت عبد الرحمن بن حجيرة يحدث عن أبيه عن عبد اللَّه بن مسعود أنه كان يقول: "إنكم في ممر الليل والثهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة، والموت يأتى بغتة فمن يزرع خيرا يوشك أن يحصد رغبة، ومن يزرع شرًا يوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مثل ما زرع لا يسبق بطئ بحظه، ولا يدرك مريض ما لم يقدر له، فمن أعطى خيرا فاللَّه تعالى أعطاه، ومن وقى شرا فاللَّه تعالى وقاه، والمتقون سادة. . "، وذكر مثله. ورواه أبو نعيم في الحلية [1/ 133 - 134]: ثنا محمد بن أحمد بن الحسين ثنا بشر بن موسى ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، هو عبد اللَّه بن يزيد به. وقد ورد موقوفًا أيضًا على عبد اللَّه بن بسر المازنى قال البيهقى في الزهد [رقم 458]: أخبرنا أبو أسامة محمد بن أحمد بن محمد بن القاسم المقرى الهروى بمكة أنبأنا الحسن بن رشيق المصرى ثنا محمد بن زريق بن جامع ثنا الحسين بن الفضل بن أبي حديرة ثنا المؤمل بن سعيد بن يوسف اليمامى قال: سمعت عبد اللَّه بن بسر المازنى صاحب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "المتقون سادة والعلماء قادة، ومجالستهم عبادة، بل ذلك زيادة، وأنتم في ممر الليل والنهار في الآجال منقوصة، وأعمال محفوظة فأعدوا الزاد فكأنكم بالمعاد". ثم إن حديث أنس خرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء فقال [3/ 18]: حدثنا أحمد بن محمد بن الأزهر ثنا عيسى بن إسماعيل البغدادى ثنا مجاشع

ابن عمرو ثنا الليث بن سعد عن الزهرى عن أنس به، ولفظه: "الأنبياء سادة أهل الجنة والشهداء قواد أهل الجنة وحملة القرآن عرفاء أهل الجنة" ومجاشع وضاع، لكن للحديث طريق آخر من حديث على عليه السلام أخرجه الدارقطنى في سننه آخر البيوع [3/ 80]، والقضاعى في مسند الشهاب [رقم: 307]، والديلمى في مسند الفردوس [رقم: 402] والطوسى في أماليه أو السابع عشر كلهم من طريق إسحاق بن أحمد بن بهلول: ثنا أبي ثنا الهيثم بن موسى عن عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن على عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الأنبياء قادة، والفقهاء سادة ومجالستهم زيادة" زاد الديلمى: "وأنتم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتيكم بغتة. . . " إلخ ما سبق عن ابن مسعود، وذلك مما يدل على أن الأصل في الحديث الوقف إما عن على وإما عن ابن مسعود ثم رفعه الضعفاء، وقد ورد عن على مرفوعًا أيضًا من وجه آخر أخرجه الطوسى في الثامن من أماليه بلفظ: "المتقون سادة، والفقهاء قادة، والجلوس إليهم عبادة" وقد ذكرت سنده في المستخرج. 2344/ 5710 - "العِلْمُ ثَلاثَةٌ: كِتَابٌ نَاطِقٌ، وَسُنَّةٌ مَاضِيَةٌ، وَلا أدْرِى". (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: ظاهره أن الديلمى رفعه، وهو ذهول، بل صرح في الفردوس بعدم رفعه. قلت: هو كذلك في مسند الفردوس موقوفًا والمؤلف واهم في عزوه إليه مرفوعًا، وهو عند الديلمى من طريق أبي نعيم [3/ 40]:

ثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسين بن سفيان ثنا إبراهيم بن المنذر ثنا عمر بن عصام، وكان من كبار أصحاب مالك عن مالك عن نافع عن ابن عمر به من قوله، وهو مشهور من رواية أبي حذافة السهمى أحمد بن إسماعيل عن مالك بهذا السند أيضًا موقوفًا رواه عند ابن صاعد وغيره، لكن أورده الذهبى في ترجمة محمد بن حمدون النيسابورى من تذكرة الحفاظ [3/ 808] من روايته عن أبي حذافة السهمى عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، ثم قال: هذا لم يصح مسندا, ولا هو مما عد في مناكير أبي حذافة السهمى، فما أدرى كيف هذا وكأنه موقوف اهـ. قلت: وقد أورده هو أيضًا في الميزان في ترجمة أبي حذافة [1/ 84] موقوفًا على ابن عمر، فكان الرفع وقع وهما ممن دونه، ولمالك فيه سند آخر عن ابن عمر موقوفًا أيضًا أخرجه ابن عبد البر [رقم: 1387] من رواية سعيد بن داود عن مالك عن داود بن الحصين عن طاويس عن ابن عمر به. 2345/ 5711 - "العِلْمُ حَيَاةُ الإسْلام وعمَادُ الإيمَان، وَمَنْ عَلَّمَ عِلْمًا أتَمَ اللَّهُ لَهُ أجْرَهُ وَمَنْ تَعَلَّمَ فَعَمِلَ عَلَّمَهُ اللَّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ". أبو الشيخ عن ابن عباس قلت: تصرف المؤلف في متن هذا الحديث ولفظه عند مخرجه أبي الشيخ على ما في مسند الفردوس للديلمى من طريقه [رقم 4010]: "العلم حياة الإِسلام وعماد الإيمان ومن علم علمًا أنمى -بدل قول المؤلف: أتم اللَّه له- أجره إلى يوم القيامة، ومن تعلم علمًا فعمل به كان حقا على اللَّه أن يعلمه ما لم يكن يعلم". قال أبو الشيخ: ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ثنا سعيد بن عمرو السكونى ثنا بقية عن أبي

مكرم بن حميد عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به. وجويبر متروك، والضحاك لم يلق ابن عباس، وشيخ بقية ما عرفته. فائدة: هذا الحديث هو بمعنى الحديث المتداول: "من عمل بما علم ورثه اللَّه علم ما يعلم" ذكره الغزالى في الإحياء فقال عنه الحافظ العراقى [1/ 403 - إتحاف]: خرجه أبو نعيم في الحلية وضعفه اهـ. وهذا منه غريب، فإن أبا نعيم خرجه عن عثمان بن محمد العثمانى [10/ 14 - 15]: حدثنى أحمد بن عبد اللَّه بن سليمان القرشى قال: سمعت أبا الحسن على ابن صالح بن هلال القرشى يقول: حدثنا أحمد بن أصرم المزنى العقيلى قال: سمعت يحيى بن معين يقول: التقى أحمد بن حنبل وأحمد بن أبي الحوارى بمكة فقال أحمد بن حنبل لأحمد بن أبي الحوارى: يا أحمد، حدثنا بحكاية سمعتها من أستاذك أبي سليمان الدارانى، فقال: يا أحمد قل: سبحان اللَّه بلا عجيب، فقال أحمد: سبحان اللَّه وطولها بلا عجب، فقال أحمد بن أبي الحوارى: سمعت أبا سليمان يقول: إذا اعتقدت النفوس على ترك الآثام جالت في الملكوت وعادت إلى ذلك العبد بطرائف الحكمة من غير أن يؤدى إليها عالم علمًا، قال: فقام أحمد بن حنبل ثلاثا وجلس ثلاثًا، وقال: ما سمعت في الإِسلام حكاية أعجب من هذه إليَّ ثم ذكر أحمد بن حنبل: عن يزيد بن هارون عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من عمل بما علم ورثه اللَّه علم ما لم يعلم" ثم قال لأحمد بن أبي الحوارى: صدقت يا أحمد، وصدق شيخك، ثم قال أبو نعيم: ذكر أحمد بن حنبل هذا الكلام عن بعض التابعين عن عيسى بن مريم عليه السلام [فوهم بعض الرواة أنه ذكره عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-] (¬1) فوضع هذا الإسناد عليه؛ لسهولته وقربه، وهذا الحديث لا يحتمل بهذا الإسناد عن أحمد بن حنبل اهـ. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفتين زيادة من الحلية.

فهذا من أبي نعيم إبطال للحديث لا تضعيف له، وقد حكم بوضعه أيضًا الحافظ السخاوى تبعًا لأبي نعيم حسبما فهمه من كلامه السابق فقال في شرح الألفية عند الكلام على حديث: "من كثرت صلاته بالليل": ما نصه: والظاهر أنهم توهموه حديثا، وحملهم الشره ومحبة الظهور على ادعاء سماعه، وهم صنف من الوضاعين، كما وقع لبعضهم حين سمع الإِمام أحمد يذكر عن بعض التابعين ما نسبه لعيسى عليه السلام: "من عمل بما علم ورثه اللَّه علم ما لم يعلم"، فتوهمه كما ذكره أبو نعيم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فوضع له عن الإِمام أحمد سندًا وجلالة الإِمام تنبو عن هذا اهـ. 2346/ 5713 - "العلْمُ خَليلُ المؤْمن، وَالْعَقْلُ دَليلُهُ، وَالْعَمَلُ قَيِّمُهُ، والعِلْمُ وَزِيرُهُ، وَالْصَّبْرُ أَمِيرُ جُنُودِهِ، وَالرِّفْقُ وَالِدُهُ، وَاللِّينُ أخُوهُ". (هب) عن الحسن مرسلًا قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أنه لا علة فيه سوى الإرسال، وليس كذلك؛ بل هو مع إرساله ضعيف؛ إذ فيه سوار بن عبد اللَّه العنبرى، قال الثورى: ليس بشيء، وعبد الرحمن بن عثمان أبو بحر البكراوى، قال أحمد: طرح الناس حديثه. سأل الحافظ العراقى: ورواه أبو الشيخ في الثواب عن أنس، وكذا الديلمى في الفردوس وأبو نعيم في الحلية عن أنس بسند ضعيف، والقضاعى في مسند الشهاب عن أبي الدرداء وأبي هريرة، وكلاهما ضعيف اهـ. وبه يعرف أن اقتصار المصنف على رواية إرساله تقصير أو قصور. قلت: في هذا أمور، الأول: قوله: ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه. . إلخ -كذب، فإن صنيع المصنف صريح في أن له علة غير الإرسال

لأنه رمز له بالضعف، والمرسل قد يكون صحيحًا أو حسنًا إلى مرسله ثم فوق المرسل له حكم آخر على ما هو معروف. الثانى: أن قوله: وكذا الديلمى، وأبو نعيم في الحلية, هو من زيادته في كلام العراقى، فإن العراقى لم يقل ذلك وحاشاه من الكذب كما يتضح من الوجه بعده. الثالث: أن أبا نعيم لم يخرج هذا الحديث في الحلية, وإنما أسنده الديلمى من طريقه فظن الشارح أنه في الحلية وجزم بذلك وأدخله في كلام الحافظ العراقى، فكان كذبا مركبا على كذب. الرابع: أن إعراض المصنف عن العزو إلى هؤلاء واقتصاره على عزو المرسل الذي خرجه البيهقى ليس من تقصيره، ولا من قصوره، وإنما ذلك منه ذهاب إلى تقوية الحديث لأن سند المرسل وإن كان فيه من ذكر الشارح فهو أنظف من الأسانيد التي أشار إليها الحافظ العراقى، فإن جميعها من رواية الكذابين الوضاعين. أما حديث أنس فهو من رواية محمد بن زكريا الغلابى وهو وضاع، وأما حديث أبي هريرة فهو من رواية محمد بن فوز عن معاذ بن أنس، وكلاهما متهم، وقد اتهمهما الذهبى بوضع هذا الحديث، وأما حديث أبي الدرداء ففيه من لا يعرف، وقد زعم البيهقى أنه لا يخرج في كتابه حديثا يعلم أنه موضوع، فلذلك مع كون سند المرسل كما قلنا آثره المؤلف، والحديث على كل حال باطل موضوع سواء من طريق البيهقى أو طريق غيره وإنما هو من كلام وهب بن منبه، كذلك أخرجه ابن شاهين في الترغيب [رقم 248] عنه، فأخذ ذلك الضعفاء وركبوا له الأسانيد ورفعوه.

2347/ 5714 - "الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْعِبَادَةِ، وَمَلاكُ الدِّينِ الوَرَعُ". ابن عبد البر عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه الديلمى عن عبادة. قلت: لا فائدة في هذا الاستدراك، فإن حديث عبادة ذكره المؤلف بعد هذا مباشرة، وعزاه لأبي الشيخ الذي من طريقه خرجه الديلمى، وإنما فصله المؤلف عن هذا لأن فيه زيادة: "والعالم من يعمل". 2348/ 5716 - "العلْمُ دينٌ، وَالصَّلاةُ دينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأخُذُونَ هَذَا العِلْمَ وَكَيْفَ تُصَلُّونَ هَذِهِ الصَّلاةَ، فَإنَّكُمْ تُسْأَلُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ". (فر) عن ابن عمر قلت: هذا حديث باطل وأصله: "إن هذا العلم دين" كما سبق في حرف الألف، وهو أيضًا باطل مرفوعًا، وإنما هو من كلام ابن سيرين أخذه الضعفاء، فنوعوا له الأسانيد والألفاظ. 2349/ 5720 - "العِلْمُ وَالمالُ يَسْتُرانِ كُلَّ عَيْبٍ، وَالْجَهْلُ وَالْفَقْر يَكْشِفَانِ كُلَّ عَيْبٍ". (فر) عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد حسن. قلت: بل هو ضعيف، وأخشى أن يكون باطلًا، قال الديلمى [رقم 4200]: أخبرنا عبدوس أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الحافظ إجازة أخبرنا عبد اللَّه بن موسى ثنا على بن جعفر العبادانى ثنا محمد بن يوسف ثنا الأصمعى سمعت الرشيد يقول: حدثنى أبي عن جدى عن على بن عبد اللَّه ابن عباس عن أبيه عن ابن عباس به.

2350/ 5721 - "العِلْمُ لا يَحِلُّ مَنْعُهُ". (فر) عن أبي هريرة قلت: كذا هو في المتن وفي الشرح الكبير، ووقع للشارح في الصغير أنه عن أنس وذلك خطأ، والصواب عن أبي هريرة كما في المتن وإن كان الحديث واردا عن أنس أخرجه من حديثه القضاعى في مسند الشهاب [رقم: 84] من رواية عمر بن شاكر عنه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أي شيء لا يحل منعه؟ فقال بعضهم: الملح، وقال آخر: النار، فلما أعياهم قالوا: اللَّه ورسوله أعلم، قال: ذلك العلم لا يحل منعه"، وعمر بن شاكر ضعيف، أما حديث أبي هريرة فقد ذكر الشارح علته. 2351/ 5722 - "العَمُّ وَالِدٌ". (ص) عن عبد اللَّه الوراق مرسلًا قلت: وأخرجه ابن وهب في جامعه عن ابن شهاب مرسلًا أيضًا فقال: وأخبرنى يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: بلغنا -واللَّه أعلم- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "العم أب إذا لم يكن دونه أب، والخالة أم إذا لم تكن أم دونها" وهذا سند صحيح إلى ابن شهاب، وكأن سعيد بن منصور خرجه من وجه ضعيف فلذلك رمز المؤلف لضعفه. 2352/ 5723 - "العَمَائمُ تِيجَانُ الْعَرَبِ، وَالاحْتِبَاءُ حِيطَانُهَا، وَجُلُوسُ المؤْمِنِ في المَسْجِدِ رِبَاطُهُ". القضاعى فر عن على قال في الكبير: قال العامرى: غريب، وقال السخاوى: سنده ضعيف، أي: وذلك لأن فيه حنظلة السدوسى، قال الذهبى: تركه القطان وضعفه النسائى، ورواه أيضًا أبو نعيم، وعنه تلقاه الديلمى فلو عزاه المصنف للأصل

كان أولى اهـ. واقتصر الشارح في الصغير على إيراد صدر الحديث وهو قوله: "العمائم تيجان العرب"، ثم قال: وتمامه عند مخرجه القضاعى: "والاحتباء حيطانها. . . " إلخ ما في المتن. قلت: وهم في هذا الحديث المصنف والشارح، أما المصنف: ففي عزوه إلى مسند الفردوس من حديث على، وما خرجه الديلمى من حديث على وإنما خرجه من حديث ابن عباس. وأما الشارح فمن وجوه، الأول: قوله: وذلك لأن فيه حنظلة السدوسى، فإن حديث على لا وجود لحنظلة فيه، قال القضاعى [رقم 68]: أخبرنا أبو الفتح محمد بن الحسين العطار البغدادى قدم علينا أنبأنا عبد اللَّه بن محمد المخلدى ثنا عمر بن الحسن الشيبانى ثنا محمد بن خلف بن عبد السلام ثنا موسى بن إبراهيم المروزى ثنا موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عن أبيه عن على به، وإنما علته موسى بن إبراهيم المروزى فإنه متروك، أما حنظلة السدوسى فهو في سند حديث ابن عباس، فإن الديلمى أخرجه من طريقه [رقم 4244] عن طاوس عن ابن عباس به مثله. الثانى: قوله: ورواه أيضًا أبو نعيم. . . إلخ، فإنه ما رآه عند أبي نعيم ولا عرف في أي كتاب خرجه، وكون الديلمى أسند من طريقه لا يجوز العزو إليه كما نبهنا عليه مرارا. الثالث: كونه نقل عن العامرى أنه قال: غريب، وأقره فإن العامرى ساقط عن درجة الاعتبار والحديث ليس بغريب بل له طرق عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. الرابع: قونه في الصغير: وتمامه عند مخرجه. . . إلخ، فإن المصنف ذكره بتمامه وإنما الوهم منه.

2353/ 5724 - "العَمَائِمُ تِيجَانُ العَرَبِ فَإذَا وَضَعُوا العَمَائِمَ وَضَعُوا عِزَّهُمْ". (فر) عن ابن عباس قال في الكبير: لفظ رواية الديلمى فيما وقفت عليه من نسخ قديمة مصححة بخط ابن حجر وغيره: "فإذا وضعوا العمائم وضع اللَّه عزهم", ثم خرج من طريق آخر: "العمائم وقار للمؤمنين وعز للعرب، فإذا وضعت العرب عمائمها فقد خلعت عزتها" ثم قال: وفيه عتاب بن حرب، قال الذهبى: قال الفلاس ضعيف جدًا، ومن ثم جزم السخاوى بضعف سنده ورواه عنه أيضًا ابن السنى، قال الزين العراقى: وفيه عبد اللَّه بن حميد ضعيف. قلت: فيه أمور، الأول: الكذب في قوله: لفظ رواية الديلمى: "وضع اللَّه عزهم", فإن لفظ رواية الديلمى هو ما نقله المؤلف، كذا في أصلنا، وكذا هو في نقل الحافظ السخاوى في المقاصد الحسنة [ص 466]، فنحن ثلاثة أولى من واحد لو كان غير الشارح أما هو فواحد منا بملء الأرض من مثله والحمد للَّه. الثانى: الكذب في قوله: فيما وقفت عليه من نسخ قديمة مصححة بخط ابن حجر، فإنه ما وقف إلا على نسخة واحدة ولا صحح الحافظ من الكتاب المذكور نسخا متعددة، وإنما الرجل لا يستحى من الكذب ولا يبالى بما يقول. الثالث: أنه قال: وفيه عتاب بن حرب ضعفه الفلاس جدا، ثم قال: ورواه عنه أيضًا ابن السنى، قال العراقى: وفيه عبد اللَّه بن حميد ضعيف، فأفاد هذا أن طريق الديلمى غير طريق ابن السنى وأن للحديث طريقين: في أحدهما عتاب بن حرب وفي الآخر عبد اللَّه بن حميد مع أن الرجلين كلاهما في سند واحد، وكلاهما في سند ابن السنى الذي أخرجه الديلمى

من طريقه [رقم: 4247] فقال: أخبرنا الدونى أخبرنا الكسار أخبرنا ابن السنى ثنا أحمد بن يحيى بن زهر عن محمد بن سفيان بن أبي الزرد عن عتاب بن حرب عن عبد اللَّه بن أبي حميد عن أبي المليح عن ابن عباس به. الرابع: أن هذا النقل عن العراقى باطل أو محرف. الخامس: قوله: ثم خرج من طريق آخر: "العمائم وقار للمؤمنين", فإن قوله: من طريق آخر في الكلام على حديث ابن عباس يوهم أنه من طريق آخر عنه، والواقع أن هذا حديث آخر من حديث عمران بن حصين، قال الديلمى [4247 - هامش]: أخبرنا أبي وأحمد بن نصر قالا: أخبرنا أبو الفرج البجلى أخبرنا ابن لال ثنا محمد بن عبد الواحد ثنا إبراهيم بن الحسين ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عمر بن نبهان ثنا حميد بن هلال عن عمران بن حصين به. 2354/ 5725 - "العمَامَةُ عَلَى القَلَنْسُوَة فَصْلُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ المشْرِكِينَ، يُعْطَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِكُلِّ كُورَةٍ يُدَوِّرُهَا عَلَى رَأسِهِ نُورًا". الباوردى عن ركانة قال في الكبير: ليس له -يعنى: ركانة- غير هذا الحديث كما في التقريب كأصله. قلت: تعود قلم الشارح ولسانه الكذب والخطأ فلم يبق يستحى من ذلك ولا يتحرج منه، بل استوى عنده الصدق والكذب والخطأ والصواب، فما ذكره هنا خطأ وكذب، فإن الحافظ لم يتعرض في التقريب مما نقله عنه الشارح ونصه: ركانة بضم أوله وتخفيف الكاف ابن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبى من مسلمة الفتح، نزل المدينة ومات في أول خلافة معاوية اهـ. هذا نصه بالحرف، وأما أصله: فنص فيه على خلاف ما نقل عنه الشارح فقال: له أحاديث، وكذا قال ابن الأثير: وله عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-

أحاديث منها: حديث في مصارعة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره مطولًا ثم قال: ومن حديثه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن لكل دين خلقا وخلق هذا الدين الحياء". قلت: وله في السنن حديثه المعروف في الطلاق وهو أنه طلق امرأته سهيمة ألبتة فأخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك الحديث، وله غير هذا، بل حديثه المذكور هنا مخرج من وجه آخر عند أبي داود [رقم: 4078] والترمذى [رقم: 1784] بلفظ: "فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس"، كما سيأتى قريبًا وهو أصل الحديث، والزيادة المذكورة في هذه الرواية باطلة. 2355/ 5735 - "العُمْرَتَان تُكَفِّران مَا بَيْنَهُمَا، وَالحجُّ المبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الجنَّةَ، وَمَا سَبَّحَ الحَاجُّ منْ تَسْبِيحَة ولا هَلَّلَ مِنْ تَهْلِيلَةٍ وَلا كَبَّرَ مِنْ تَكْبِيرَةٍ إلَّا يُبَشَّرُ بِهَا تَبْشِيرَةً". (هب) عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد فيه مجهول. وقال في الكبير: فيه من لم أعرفهم ولم أرهم في كتب الرجال. قلت: قارن بين خبره في الصغير وخبره في الكبير، وتعجب من صدقه وأمانته فلا يدرى أهو كاذب في قوله: فيه مجهول واحد كما ذكر في الصغير أو فيه جماعة كما ذكر في الكبير، ثم إنه لا يلزم من عدم معرفته إياهم، وكونه لم يجدهم في كتب الرجال أن يكونوا مجاهيل أو يكونوا مجهولا واحدا كما يقول في الصغير. 2356/ 5739 - "العَنْكَبُوتُ شَيْطَانٌ مَسَخَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَاقْتُلُوهُ". (عد) عن ابن عمر قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أن ابن عدى خرجه وأقره، والأمر بخلافه، فإنه أورده في ترجمة مسلمة بن على الخشنى، وقال: عامة حديثه غير محفوظ.

قلت: هذا كذب على صنيع المؤلف، فإنه رمز لضعف الحديث، ثم هو كلام يدل على جهل عميق وتعنت سخيف، فإن ابن عدى ليس موضوع كتابه الكلام على الحديث وإنما موضوعه: الكلام على ضعفاء الرجال، ومن العجيب أن الشارح نقل هذا في اللآلئ المصنوعة للمؤلف [1/ 161] كما نقل منه أيضًا سند الحديث المذكور في المتن قبل هذا وهو مرسل يزيد بن مرثد الذي خرجه أبو داود في المراسيل [رقم: 500, 504] ولكن هكذا الحسد وصفاقة الوجه يوقعان صاحبهما في المخازى. 2357/ 5740 - "العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ". (حم. ت. ن. هـ. حب. ك) عن بريدة قال في الكبير: فظاهر كلام المصنف أنه لم يروه من الأربعة إلا ذانك وليس كذلك بل رووه جميعًا. قلت: انظر إلى هذا العجب العجاب فالمؤلف عزاه للثلاثة فأسقط هو منهم ذكر ابن ماجه، فكان الغلط منه لا من المؤلف، أما أبو داود فلم يخرجه أصلًا فهو غلط آخر فخفف اللَّه بشارحنا ما نزل به. 2358/ 5741 - "الْعِيَافَةُ وَالطِّيَرةُ وَالطَّرْقُ مِنَ الْجِبْتِ". (د) عن قبيصة قال الشارح: مصغرا. وقال في الكبير: بفتح القاف وكسر الموحدة ابن برمة الأسدى: قال في التقريب كأصله: مختلف في صحبته. قلت: كتب اللَّه على هذا الرجل أن يخطئ كيفما دار وأينما تكلم، فقوله في الصغير: مصغرا -خطأ، والصواب: ما ذكره في الكبير وأنه بفتح القاف،

ثم قوله في الكبير: ابن برمة. . . إلخ خطأ أيضًا، بل هو: قبيصة بن مخارق صحابي متفق عليه، وهو المقصود عند الإطلاق. والحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 158]: ثنا أحمد بن جعفر بن مالك ثنا بشر بن موسى ثنا هوذة بن خليفة ثنا عوف عن حيان عن قطن بن قبيصة عن أبيه به. وأخرجه البغوى [12/ 177] من طريق أبي الحسين بن بشران: أنا إسماعيل بن محمد الصفار أنا أحمد بن مصور الرمادى أنا عبد الرزاق أنا معمر عن عوف العبدى عن حيان عن قطن به. 2359/ 5742 - "العِيَادَةُ فُواقُ نَاقَةٍ". (هب) عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه الديلمى بلا سند. قلت: هذا خطأ في التعبير؛ إذ لا يقال فيما ذكره المحدث بلا سند: رواه وإنما يقال: ذكره؛ إذ الرواية هي نقل الحديث بالإسناد. 2360/ 5743 - "الْعيدَانِ وَاجِبَانِ عَلَى كُلِّ حَالِمٍ مِنْ ذَكَرٍ وَأنْثَى". (فر) عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: بل هو حديث موضوع أخرجه الديلمى [رقم 4248] من طريق ابن شاهين ثم من رواية عمرو بن شمر عن محمد بن سوقة عن عبد الرحمن بن سابط عن ابن عباس، وعمرو بن شمر رافضى كذاب. 2361/ 5747 - "العَيْنُ حَقٌ يَحْضُرُهَا الشَّيْطَانُ وَحَسَدُ ابْنِ آدَمَ". الكجى في سننه عن أبي هريرة

قال في الكبير: وكذا خرجه القضاعى, ثم قال: وقضية تصرف المصنف. . . إلخ سخافته المعروفة. قلت: أما القضاعى فكذب عليه الشارح، فإنه ما خرج هذا الحديث، وأما أحمد فخرجه [2/ 439] كما هنا فكان ماذا إذا لم يعزه المؤلف إليه؟!. 2362/ 5748 - "العَيْنُ تُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ، وتُدْخِلُ الجَمَلَ الْقِدْرَ". (عد. حل) عن جابر (عد) عن أبي ذر قال الشارح: وما ذكر من أن لفظ الحديث: "العين تدخل" هو ما وقع في نسخ الكتاب، والذي في أصوله الصحيحة: "العين حق تدخل. . . " إلخ، فسقط لفظ: "حق" من قلم المصنف سهوا، ثم رمز للحديث بأنه رواه ابن على وأبو نعيم في الحلية عن أبي ذر، وقال في الكبير: رواه ابن عدى وأبو نعيم في الحلية عن جابر عن أبي ذر. قلت: في هذا من عجائب تخليطه وأوهامه أمور، الأول: أن ما زعمه من أن لفظ الحديث: "العين حق تدخل. . " إلخ، وهم منه بل لفظه هو ما ذكره المصنف دون لفظة "حق". الثانى: أن ما زعمه من أنه كذلك في أصوله الصحيحة كذب منه وافتراء، فإنه ما رأى أصوله الصحيحة ولا السقيمة، وإنما رآه في المقاصد الحسنة للسخاوى كذلك، فقدَّر أن السخاوى أرجح نقلا من المؤلف وأضبط للعداوة والبغضاء الذي في نفسه للمؤلف، فادعى أنه في الأصول الصحيحة كذلك، والأصول الصحيحة إنما فيها ما نقله المؤلف، كذلك هو في الحلية (ص 90 من الجزء السابع)، وفي تاريخ الخطيب (ص 244 من التاسع)، وفي مسند

الشهاب للقضاعى [رقم 1057] من طريق أبي نعيم، وابن عدى وليس عند واحد منهم لفظة "حق". الثالث: أن المصنف عزا الحديث لابن عدى، وأبي نعيم عن جابر ولابن عدى أيضًا عن أبي ذر، فأسقط الشارح في صغيره ذكر جابر، وذكر ابن عدى الثانى وجعل الحديث من تخريج ابن عدى وأبي نعيم عن أبي ذر ولا يوجد في الحلية لأبي نعيم إلا عن جابر وكأن غلطه هذا ملصقا بالمؤلف، فإن من يرى الرموز في شرحه يظن أنها رموز المؤلف، والواقع أنه دخلها الحذف والإيصال من تخليط الشارح. الرابع: أنه ذهب في الكبير مذهبا آخر في التخليط فجعله من تخريج ابن عدى وأبي نعيم عن جابر عن أبي ذر فكأنه من رواية صحابي عن مثله، ثم عقب ذلك بأن حديث أبي ذر من رواية شعيب بن أيوب أيضًا فصار ذلك مؤكدًا لكونه يقصد أن الحديث من رواية جابر عن أبي ذر، وهذا نهاية ما يدركه المرءُ إذا اجتهد في إرادة التخليط. 2363/ 5749 - "العَيْنُ وِكَاءُ السَّه، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأ". (حم. هـ) عن على قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما قال، فقد قال عبد الحق: حديث على هذا ليس بمتصل، قال ابن القطان: هو كما قال لكن بقى عليه أن يبين أنه من رواية بقية وهو ضعيف عن الوضين وهو واهٍ، فهاتان علتان مانعتان من تصحيحه اهـ. وقال الباجى: حديث منكر، وقال ابن حجر: أعله أبو زرعة وأبو حاتم بالانقطاع بين على والتابعى. قلت: فيه أمور، الأول: أن المصنف لم يرمز له بعلامة الصحيح. الثانى: وعلى فرض أنه صححه فليس كلام غيره حجة عليه ولا مقدما على

قوله حتى يكون مؤيدا بالدليل المسلم، وما هنا ليس كذلك لوجوه، أحدها: أن ابن القطان رجل يتعنت في الحكم على الأحاديث ويتشدد تشديدا لا يوافقه عليه أحد ممن قبله، ولا ممن بعده. ثانيها -وهو مما يؤيد قولنا فيه- أنه قال في بقية: إنه ضعيف، وبقية ليس بضعيف على التحقيق فيه بل هو ثقة من رجال مسلم، وإنما هو مدلس يدلس [تدليس] التسوية فيرد من حديثه ما عنعن فيه خاصة ويقبل منه ما صرح فيه بالتحديث كهذا، فإنه قال فيه: حدثنى الوضين كما عند أحمد وغيره. ثالثها: وهو كالذى قبله أنه زعم في الوضين بن عطاء أنه واه، وذلك باطل، بل الوضين وثقه ابن معين وأحمد بن حنبل، ودحيم، وقال أبو داود: صالح الحديث وذكره ابن حبان في الثقات، فكيف يقال لمن وثقه هؤلاء: إنه واه، ولكن من تشديد ابن القطان أنه اختار عبارة الجوزجانى ورجحها على قول هؤلا الأئمة مع أن الجوزجانى لو انفرد وما خولف لما قبل جرحه لأنه نفسه ضعيف لبدعته، وكونه قد عرف عنه أنه يضعف بالتشهى والعقيدة، ويرمى من هو على خلاف بدعته بالضعف وإن كان ثقة، فهذا يطرح لا يقل قوله، فكيف يقدم على قول الأئمة العدول الثقات؟! وقد قال الساجى: رأيت أبا داود أدخل هذا الحديث في كتاب السنن, ولا أراه ذكره فيه إلا وهو عنده صحيح. رابعها: أن ما زعمه عبد الحق من الانقطاع مردود، فإن الصحيح أن عبد الرحمن بن عائذ سمع من على عليه السلام، وإن نفى ذلك أبو زرعة ورفيقه فقد تعقبه الحافظ بأنه يروى عن عمر كما جزم به البخارى، فكيف لا يروى عن على وقد تأخر بعده؛ بحيث لو ولد في آخر خلافة عمر لصح سماعه من على فكيف وقد سمع من عمر؟!

خامسها: وإذا عرف بطلان قول عبد الحق وابن القطان، فقول المصنف صحيح لا غبار عليه وقد صحح الحديث الساجى، ونسب ذلك إلى أبي داود وحسنه جماعة من الأئمة والحفاظ منهم: ابن المنذرى، وابن الصلاح، والنووى. الثالث: أن الشارح دلس على عادته، فإنه نقل عن الحافظ: أن أبا زرعة وأبا حاتم أعلَّاه بالانقطاع وسكت مع [أن] الحافظ تعقب ذلك بقوله: وفيه نظر. . . إلخ ما سبق. الرابع: أنه قال في الصغير: إسناده ضعيف، ووهم المؤلف حيث صححه، فإن غايته أنه حسن لشواهده اهـ. وهذا الكلام مع كون آخره يناقض أوله فهو تراجع وتناقض بالنسبة لما في الكبير أيضًا، فإن الحسن من نوع الصحيح، والفرق بينهما إنما هو تدقيق اصطلاحى. والحديث خرجه أيضًا الحاكم في علوم الحديث [ص 133] من طريق إبراهيم ابن موسى الفراء: ثنا بقية عن الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ عن على به، ثم قال الحاكم: هذا حديث مروى من غير وجه، ولم يذكر فيه: "فمن نام فليتوضأ" غير إبراهيم بن موسى الرازى، وهو ثقة مأمون. قلت: وليس الأمر كما قال، بل رواه جماعة عن بقية بالزيادة المذكورة منهم: على بن بحر عند أحمد بن حنبل [1/ 111]، وحكيم بن سيف، ويزيد بن عبد ربه عند الطحاوى في مشكل الآثار. * * *

حرف الغين

حرف الغين 2364/ 5766 - " غُسْلُ الإِنَاءِ، وَطَهَارَةُ الفِنَاءِ يُورِثَانِ الغِنَى". (خط) عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو يعلى الموصلى وعنه تلقاه الخطيب عازيا مصرحًا، فعزوه للفرع دون الأصل غير جيد، ثم فيه شيبان بن فروخ، أورده الذهبى في ذيل الضعفاء والمتروكين، وقال أبو حاتم: يرى القدر اضطر إليه الناس بآخره، وسعيد بن سليم، قال الذهبى: ضعفوه، وفي الميزان: على ابن محمد الزهرى عن أبي يعلى كذبه الخطيب وغيره وضع على أبي يعلى خبرا متنه: "غسل الإناء. . " إلى آخر ما هنا. قلت: هذا الخبر أورده ابن الجوزى في الموضوعات [2/ 77] وأقره عليه المؤلف [2/ 4] بل أيده بثقل مثل ذلك عن الذهبى، فإيراده هنا خروج عن شرطه في هذا الكتاب. أما الشارح: ففي كلامه هذا من مصائبه ودواهيه أمور، الأول: قوله: ورواه عنه أيضًا أبو يعلى، فإنه كذب صريح وغفلة متناهية، وبلادة جاوزت الحد، فإنه نفسه نقل آخر كلامه عن الذهبى: أن على بن محمد الزهرى وضع هذا الحديث على أبي يعلى، يعنى: أنه لم يكن موجودا في زمن أبي يعلى، ولا رواه ولا سمع به، فكيف يقول عنه إنه خرجه؟! فهذا من العجائب.

الثانى: قوله: وعنه تلقاه الخطيب، فإن هذا في اصطلاح أهل الحديث يفيد أن الخطيب سمعه من أبي يعلى، والواقع أن بين الرجلين زمانا طويلًا، وقد روى هذا الحديث عنه بواسطتين. الثالث: قوله: عازيا، فإنه كلام فاسد اصطلاحا وعربية. الرابع: قوله: مصرحًا، فإنه لغو لا فائدة فيه إلا الجهل والركاكة. الخامس: قوله: وفيه شيبان بن فروخ. . إلخ، فإن شيبان ثقة من رجال الصحيح وكونه رمى بالقدر لا دخل له في هذا الباب، وهو أجل من أن يذكر في مثل هذا الحديث. السادس: قوله: إن الذهبى ذكره في ذيل الضعفاء والمتروكين، فإن هذا كذب أيضًا، فإنه إنما نقل من الميزان وفيه ذكر ذلك الذهبى [3/ 155]، والشارح ينوع العبارات عن هذا الكتاب فيسميه تارة: الميزان, وتارة: الضعفاء, وتارة يزيد: المتروكين، وكل هذا لا حرج عليه فيه، وإن كان تدليسا، أما قوله: ذيل الضعفاء فكذب صراح لا مفر منه. السابع: أن التعرض لمن في السند من الضعفاء فضلا عن الثقات مثل شيبان ابن فروخ، وشيخه باطل وجهل بالصناعة لأن من قبلهما كذاب وضاع فهما ما حدثا به ولا سمعا به أصلًا، والسند يقتصر فيه على الكذاب والوضاع وعلى الأشد ضعفا. 2365/ 5767 - "غَشيَتْكُمْ سَكْرَتَان: سكْرَةُ حُبِّ الْعَيْش، وَحُبِّ الْجَهل، فَعنْدَ ذَلكَ لا تَأمُرُونَ بالْمَعْرُوف، وَلا تَنْهَوْنَ عَن الْمُنْكَر، وَالقَائِمُونَ بالْكتَاب وَالسُّنَّة كَالسَّابقينَ الأوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجرِينَ وَالأنْصَارِ". (حل) عن عائشة

فائدة

قال في الكبير: رواه من حديث موسى بن أيوب عن إبراهيم بن شعيب الخولانى وابن أدهم عن هشام عن أبيه، وقال أيضًا: هذا الحديث خرجه الحكيم الترمذى على غير هذا السياق. . إلخ. قلت: في هذا أمور، أحدها: الوهم في قوله: إبراهيم بن شعيب وابن أدهم، والصواب: عن إبراهيم بن أدهم. الثانى: الحديث الذي أشار إليه خرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [8/ 48] بعد هذا الحديث مباشرة، فالعزو إلى الحكيم الترمذى يوهم أن أبا نعيم لم يخرجه. الثالث: سياق إيراده يفيد أنهما حديث واحد، وأن الكل من رواية عائشة، والواقع أنهما حديثان وأن الذي أورده من حديث أنس. فائدة في هذا الحديث بشارة عظيمة لأهل الحديث العاملين بالكتاب والسنة، فهو كقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أحيا سنتى عند فساد أمتى فله أجر مائة شهيد" والمراد بسكرة حب الجهل سكرة التعصب للتقليد، فالحديث وارد في ذم المقلدة، ومدح أهل السنَّة. 2366/ 5770 - "غَطِّ فَخْذَكَ، فَإنَّ الْفَخْذَ عَوْرَةٌ". (ك) عن محمد بن عبد اللَّه بن جحش قلت: هذا الحديث رويناه مسلسلا بالمحمدين. قال الحافظ في أماليه: وهو عجيب التسلسل بالمحمدين وليس في إسناده من ينظر في حاله سوى محمد بن عمرو، واسم جده سهل، ضعفه يحيى القطان ووثقه ابن حبان، وله متابع رواه أحمد [5/ 290]، وابن خزيمة من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبي كثير أتم منه.

والحديث علقه البخارى في الصحيح [1/ 478 - فتح] اهـ. قلت: وكان الطريق الثانى رواه البخارى في التاريخ الكبير (ص 13 من الجزء الأول). 2367/ 5776 - "غَفَرَ اللَّهُ لرَجُل ممَّنْ كَانَ قَبْلكُم: كَانَ سَهْلًا إذَا بَاعَ، سَهْلًا إذَا اشْتَرَى، سَهْلًا إذَا اقْتَضَى". (حم. ت. هق) عن جابر قال في الكبير: ذكر الترمذى في العلل: أنه سأل عنه البخارى فقال: حديث حسن وبه يعرف أن نسبة المصنف تحسينه للترمذى دون إمام الفن قصور، والمحسن إنما هو قاضى الفن وحاكمه والترمذى ناقل. قلت: تأمل هذا واحمد اللَّه تعالى الذي عافاك مما ابتلى به هذا الرجل، فالمصنف ما حسن الحديث، ولا نقل ذلك عن الترمذى، بل رمز لصحته، وهب أنه قال ذلك، والواقع أن الترمذى نقله عن البخارى فكان ماذا؟!. 2368/ 5777 - "غَفَرَ اللَّهُ لِرَجُلٍ أمَاطَ غُصْنَ شَوْكٍ عَن الطَّرِيقِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه وَمَا تَأخَّرَ". ابن زنجويه عن أبي سعيد وأبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا أبو الشيخ في الثواب قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن السيد ثنا بحر بن نصر ثنا ابن وهب حدثنى عمرو ابن الحارث عن دراج عن ابن هبيرة عن أبي هريرة به مثله، كذا وقع فيه عن ابن هبيرة وأظنه تحريف من أبي الهيثم. 2369/ 5784 - "غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلا تَشَبَّهُوا بالْيَهُود". (حم. ن) عن الزبير، (ت) عن أبي هريرة

قال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وهو فيه تابع للترمذى، لكن فيه عمر ابن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، قال في الميزان: ضعفه ابن معين وشعبة، ووثقه ابن حبان، وقال النسائى: غير قوى، وأبو حاتم: لا يحتج به، ثم ساق هذا الخبر وأعاده في ترجمة يحيى بن أبي أنيسة الرهاوى، وقال: أجمعوا على ترك حديثه. قلت: فيه من الدواهى أمور، الأول: قوله: وهو فيه تابع للترمذى، فإنه رجم بالغيب، ولو كان من أهل الفضل والتحقيق لقال: وقد سبقه إلى ذلك الترمذى. الثانى: أنه اعتمد في نقد هذا الحديث على ابن القطان الفاسى، ولكنه لم يذكر ذلك وأظهر أنه من عنده، وابن القطان متشدد متعنت في الحكم على الرجال والأحاديث. الثالث: أنه حكى عن الذهبى أنه ذكر هذا الحديث في ترجمة عمر بن أبي سلمة كأنه من أحاديثه الضعيفة، والواقع أنه أسنده للاتصال من طريقه للاتصال به فقط كما يدل عليه. الرابع: وهو أن الذهبى لما ذكر هذا الحديث [3/ 201 - 202] حكى تصحيحه عن الترمذى وأقره فأعرض عن ذلك الشارح لتدليسه وتلبيسه، وأيضًا فالذهبى قال قبل إيراد هذا الحديث: قد صحح له الترمذى حديث: "لعن زوارات القبور" فناقشه عبد الحق وقال: عمر ضعيف، فأسرف عبد الحق اهـ. فرد الذهبى عمَّن ضعف الحديث بعمر، والشارح أغمض العين عن كل ذلك للقضاء على شرف المؤلف وسمعته فهو كناطح صخرة (¬1). . البيت. ¬

_ (¬1) جزءٌ من صدر بيت من "البسيط" للأعشى وتمامه: كَناطحٍ صَخْرةً يَومًا لِيُوْهِنَهَا ... فَلَمْ يُضِرْهَا وَأَوْهَى قَرَنَهُ الوَعِلُ. انظر ديوانه ص (111).

الخامس: أن المصنف أورد الحديث من طريقين: طريق الزبير، وطريق أبي هريرة ثم حكم على المتن بالصحة من الطريقين، فاقتصر هو في الاعتراض على نقد حديث أبي هريرة دون حديث الزبير. السادس (¬1): أن سند حديث الزبير سند صحيح، فلو سلمنا ضعف سند حديث أبي هريرة، فالمصنف رمز له باعتبار سند حديث الزبير أو اعتبار المجموع. السابع: أن حديث أبي هريرة له طريق آخر على شرط الصحيح عند أحمد [2/ 261] وصححه ابن حبان كما ذكره المصنف بعد هذا وهو من رواية محمد ابن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. الثامن: أنه قال: ثم أعاده -يعنى: الذهبى- في ترجمة يحيى بن أبي أنيسة، وقال: أجمعوا على ترك حديثه، وهذا كذب منه، فإن الذهبى ما قال ذلك وإنما نقله عن الفلاس وعبارته [4/ 364]: قال الفلاس: صدوق يهم، ثم قال: قد أجمعوا على ترك حديثه اهـ. التاسع: لا معنى لذكر هذا إلا التلبيس بأن الذهبى أراد بالحديث المجمع على هذا الحديث وليس كذلك، بل الذهبى ما قال شيئًا، والفلاس ما أراد هذا الحديث، فإن الرجل له أحاديث كثيرة. العاشر: أنه لا ارتباط لحديث يحيى بن أبي أنيسة بحديث عمر بن أبي سلمة، فيحيى رواه عن الزهرى عن سعيد عن أبي هريرة، وابن أبي سلمة رواه عن أبيه عن أبي هريرة، فهما سندان متغايران، فإيراد حديث يحيى مع حديث عمر من الجهل التام بالحديث. الحادى عشر: أنه تكلم على حديث أبي هريرة وسكت على حديث الزبير، وهو وإن كان سنده جيد إلا أنه معل بالاضطراب، فقد اختلف فيه على هشام ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط: الخامس والصواب ما أثبتناه.

ابن عروة على أقوال متعددة ذكرها الخطيب في المهروانيات [130, 131]، فأخرجه من طريق حفص بن عمر الكبر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ثم قال: غريب من هذا الوجه تفرد بروايته عن هشام حفص بن عمر الكبر قال: وروى عن الثورى عن هشام كذلك أيضًا أخبرناه أبو الفتح محمد ابن أحمد بن أبي الفوارس ثنا القاضى أبو بكر محمد بن عمر بن سلم بن البراء ومحمد بن جعفر الخياط قالا: حدثنا عبد اللَّه ثنا زيد بن الحريش ثنا عبد اللَّه بن رجاء ثنا سفيان الثورى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به. قلت: ومن هذا الوجه أيضًا أخرجه شيخه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 88]: ثنا أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن عبد اللَّه بن الحسن إملاءً وقراءة ثنا عبدان بن أحمد به مثله. قال الخطيب: وهو غريب جدا من حديث الثورى تفرد به عبد اللَّه بن رجاء المكى عنه ولم يروه عن ابن رجاء إلا زيد بن الحريش، ولا عن زيد إلا عبد اللَّه بن أحمد بن موسى المعروف بعبدان الأهوازى، قال: وروى هذا الحديث أيضًا أبو يحيى محمد بن عبد اللَّه بن كناسة الأسدى عن هشام بن عروة عن عثمان بن عروة بن الزبير عن أبيه عن الزبير عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يتابع ابن كناسة على هذا القول أحد، ورواه عيسى بن يونس عن هشام عن أبيه عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتفرد عيسى أيضًا بهذا القول، ورواه محمد بن بشر العبدى عن هشام عن أخيه عثمان بن عروة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا، ورواه عبد اللَّه بن نمير عن هشام عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والإرسال هو الصواب، انتهى كلام الخطيب.

قلت: وبقى عليه أن محمد بن الفرج الأزرق رواه عن ابن كناسة، فقال: عن هشام عن أبيه عن الزبير، لم يذكر فيه عثمان. أما رواية ابن كناسة عن هشام بن عروة عن أخيه عثمان، فرواه عنه أحمد بن حنبل في مسنده [1/ 165]، وابن سعد في الطبقات [1/ 439]، وحميد بن مخلد وعنه رواه النسائى ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وعنه رواه الدينورى في المجالسة. وأما روايته عنه دون واسطة أخيه كما زدناه فأخرجها أبو نعيم في الحلية [2/ 180]: ثنا أبو بكر بن خلاد ثنا محمد بن الفرج الأزرق ثنا محمد بن عبد اللَّه بن كناسة ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير به. ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث عروة تفرد به عن ابن كناسة الأئمة: أبو بكر بن أبي شيبة، وابن نمير، وأحمد بن حنبل، وأبو خيثمة، اهـ. وهؤلاء رووه بواسطة عثمان. وأما رواية عيسى بن يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر، فأخرجها النسائى [8/ 137]، وأبو يعلى [10/ 46] كلاهما من رواية أحمد بن جناب عنه. وأما رواية عبد اللَّه بن نمير عن هشام عن أبيه مرسلًا، فرواها عنه ابن سعد في الطبقات [1/ 439]. 2370/ 5786 - "غَيِّرُوا الشَّيْبَ، وَلا تُقَرِّبُوهُ السَّوَادَ". (حم) عن أنس قال في الكبير: قضية صنيع المؤلف أنه لا يوجد مخرجًا في أحد الصحيحين، وهو ذهول، فقد عزاه في الفردوس وغيره إلى مسلم بلفظ: "وجنبوه" بدل: "ولا تقربوه". قلت: فيه أمور: الأول: أن لفظ الحديث عند مسلم [2102/ 79]:

"غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد" فلو عزاه المصنف إلى مسلم بلفظ أحمد لكان عازيًا إليه لفظا لم يذكره، وإن أتى به مفردًا لكان في الحديث إبهام؛ إذ لا يعرف اسم الإشارة على ماذا يعود إلا من سبب الحديث، والمتن لا يذكر فيه ذلك. الثانى: أن الشارح يعرف هذا ولذلك دلس فلم يذكر لفظ الحديث بتمامه واقتصر على قوله: "وجنبوه" حتى لا يفتضح. الثالث: أن لفظ الحديث عند مسلم: "واجتنبوا" خلاف قوله: "وجنبوه". الرابع: أن الحديث عند مسلم من رواية جابر بن عبد اللَّه، وكلام الشارح يوهم أنه من حديث أنس فهما حديثان. 2371/ 5790 - "الغُدوُّ والرَّوَاحُ في تَعْلِيم العِلْم أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الجِهَادِ في سَبِيلِ اللَّهِ". أبو مسعود الأصبهانى في معجمه، وابن النجار (فر) عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الحاكم وعنه أورده الديلمى مصرحًا. . . إلخ. قلت: هذه سخافة وجهالة نبهنا على ما فيها مرارا، والحديث باطل موضوع فلو اشتغل الشارح بالبحث عن رتبته والنظر في إسناده لكان أولى من السخافة، فإنه من رواية نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس وحال هذا السند معروف. 2372/ 5791 - "الغُرَبَاءُ في الدُّنْيَا أرْبَعَةٌ: قُرْآنٌ في جَوْف ظَالم، وَمَسْجدٌ في نَادى قَوْم لا يُصَلَّى فيِه، وَمُصْحَفٌ في بَيْتٍ لا يُقْرَأ فِيهِ، وَرَجُلٌ صَالِحٌ مَعَ قَوْمِ سُوءٍ". (فر) عن أبي هريرة

قال في الكبير: وفيه عبدٍ اللَّه بن هارون الصورى قال الذهبى في الذيل: لا يعرف. قلت: ذكر الذيل كذب، فإن الذهبى ذكر ذلك في الميزان فقال [2/ 516]: عبد اللَّه بن هارون الصورى عن الأوزاعى لا يعرف، والخبر كذب في أخلاق الأبدال، اهـ. ولكن الذي في سند هذا الحديث على ما في نسختى من زهر الفردوس: محمد بن هارون الصورى [رقم: 4301]: ثنا الأوزاعى عن الزهرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. ومحمد بن هارون لم أجده، وقد أورد الحديث ابن الجوزى في الموضوعات من طريق ابن حبان [3/ 194]: ثنا أبو القاسم هارون بن محمد البغدادى ثنا محمد بن على الصورى ثنا يحيى بن عبد اللَّه البابلتى ثنا الأوزاعى بسنده، لكن زاد في أوله: "إذا كانت سنة ثلاثين ومائة كان الغرباء في الدنيا أربعة. . . " فذكر مثله سواء، قال ابن حبان: هذا بلا شك معمول والبابلتى يأتي عن الثقات بأشياء معضلات، قال ابن الجوزى وقال الدارقطنى: البلية في هذا الحديث من الراوى عن البابلتى لا منه، اهـ. وهو محمد بن على الصورى، وحينئذ فهذا الرجل في اسمه ثلاثة أقوال: عبد اللَّه بن هارون، أو محمد بن هارون، أو محمد بن على. والحديث باطل على كل حال لا سيما بالزيادة المذكورة، وقد ورد للمتن المذكور هنا شاهد من حديث شداد بن أوس في آخر المجالسة للدينورى وأورده المؤلف في اللآلئ المصنوعة [2/ 391]، فإعراض الشارح عن ذكر ابن الجوزى للحديث في الموضوعات, وتعقب المؤلف عليه من قصوره. 2373/ 5793 - "الغَرِيبُ إِذَا مَرِضَ فَنَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ

شمَاله، وَمنْ أمَامِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، فَلَمْ ير أحدًا يَعْرِفُهُ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". ابن النجار عن ابن عباس قلت: أخرجه أيضًا الديلمى [رقم 4310] من طريق أبي الشيخ: حدثنا إبراهيم بن السندى ثنا عبد اللَّه بن حمزة الزبيرى ثنى يعقوب الزهرى عن أيوب الثقفى عن محمد بن داود عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس به. 2374/ 5804 - "الغُسْلُ في هَذه الأيَّام وَاجِبٌ: يَوْمَ الجُمْعَةِ، وَيَوْمَ الفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَيَوْمَ عَرَفَة". (فر) عن أبي هريرة قال: الشارح: وفيه كذاب، وبينه في الكبير فقال: وفيه يحيى بن عبد الحميد، قال الذهبى: قال أحمد: كان يكذب جهارا. قلت: هذا خطأ من وجهين، أحدهما: أن الحمانى المذكور مختلف فيه، فهو وإن قال فيه أحمد ذلك، فقد وثقه ابن معين وجماعة، واحتج به مسلم في صحيحه, ومن كان كذلك لا يقال عنه: كذاب بإطلاق، بل لا يضعف به الحديث إلا عند التعارض، وأقل الأحوال أن يقال: روى له مسلم، واختلف فيه، فضعفه فلان، ووثقه فلان. ثانيهما: أن المذكور في السند عند الديلمى إما أن يكون تحرف على بعض الرواة، وهو الأقرب عندي وإما أن يكون يحيى بن عبد الحميد لم ينفرد به، بل توبع عليه، فقد أخرجه الدولابى في الكنى [2/ 147] قال: حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن معمر البحرانى ثنا أبو المغيرة عمير بن عبد المجيد الحنفى قال: حدثنا صبيح أبو الوسيم ثنا عقبة بن صهبان عن أبي هريرة به.

والديلمى أخرجه من طريق إبراهيم بن بسطام [رقم 4297]: ثنا يحيى بن عبد الحميد ثنا أبو الوسيم به، فالغالب أن عمير بن عبد المجيد تحرف بيحيى بن عبد الحميد. 2375/ 5805 - "الغَضَبُ منَ الشَّيْطَان، وَالشَّيْطَانُ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَالمَاءُ يُطْفِئُ النَّارَ، فَإذَا غَضِبَ أحَدُكُمْ فَلْيَغْتَسِلْ". ابن عساكر عن معاوية قلت: الحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية في ترجمة أبي مسلم الخولانى من روايته [2/ 130] عن معاوية: أنه خطب الناس، وقد حبس العطاء شهرين أو ثلاثة، فقال له أبو مسلم: يا معاوية، إن هذا المال ليس بمالك ولا مال أبيك ولا مال أمك، فأشار معاوية للناس أن امكثوا، ونزل فاغتسل ثم رجع فقال: أيها الناس، إن أبا مسلم ذكر أن هذا المال ليس بمالى ولا مال أبي ولا مال أمى، وصدق أبو مسلم، إنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . . وذكر مثل ما هنا حرفا حرفا، ثم قال: اغدوا على عطاياكم على بركة اللَّه عز وجل، وفي هذا السند من لم أعرفه، وقد رمز له المصنف بعلامة الضعيف، وأخشى أن يكون مفتعلا مركبا لغرض إظهار حلم معاوية ووقوفه مع النص. والأصل فيه ما رواه أبو وائل القاص قال: كنا جلوسا عند عروة بن محمد إذ دخل عليه رجل فكلمه بكلام أغضبه قال: فلما أن غضب قام ثم عاد إلينا وقد توضأ فقال: حدثنى أبي عن جدى عطية -وقد كانت له صحبة- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ" رواه أحمد [4/ 226]، وأبو داود [رقم 4784] كما سبق للمؤلف في حرف الهمزة، ورواه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير [7/ 8] عن إبراهيم بن موسى:

ثنا إبراهيم بن خالد مؤذن صنعاء قال: حدثنا أبو وائل القاص به دون ذكر النسب، ودون "إن" في أوله بحيث يصح أن يذكر هنا. وكذلك رواه ابن حبان في الضعفاء [2/ 25] في ترجمة أبي وائل القاص دون ذكر "إن" في أوله، مع أنه رواه من طريق أحمد في مسنده, وهو عنده بذكرها، وقال ابن حبان في أبي وائل المذكور، واسمه: عبد اللَّه بن بجير: إنه روى عن عروة بن محمد بن عطية، وعبد الرحمن بن يزيد الصنعانى العجائب التي كأنها معمولة لا يجوز الاحتجاج به. 2376/ 5806 - "الغَفْلَةُ في ثَلاث: عَنْ ذكْر اللَّه، وَحينَ يُصَلَّى الصُّبْحُ إِلَى طُلُوع الشَّمْسِ، وَغَفْلَةُ الرَّجُلِ عَنْ نَفْسِهِ في الدَّينِ حَتَّى يَرْكَبَهُ". (طب. هب) عن ابن عمرو وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه خديج بن صوفى وهو مستور وبقية رجاله ثقات اهـ. وفيه عند البيهقى عبد الرحمن بن محمد المحاربى أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ثقة، قال ابن معين: يروى عن المجهولين مناكير، وعبد الرحمن الإفريقى ضعفه النسائى وغيره، وقال أحمد: نحن لا نروى عنه شيئًا. قلت: فيه أمور، الأول: أن هذا التعقب والاستدراك من التكلف الباطل وتسويد الورق بدون فائدة زائدة على التعريف، فإن القائل جاهل بالفن، وهذا نعلمه ضرورة مما سبق فإن السند لا يعلل بمن فيه من الضعفاء إلا عند التفرد، أما مع التعدد فلا يتعرض لذكر الضعيف منهم إلا جاهل بالحديث. الثانى: أن عبد الرحمن بن محمد المحاربى ثقة من رجال الصحيحين، فذكره أيضًا من الجهل بالصناعة.

الثالث: لا يخلو أن يكون الغرض من ذكر المحاربى والإفريقى اعتقاد أنهما في سند الطبرانى أيضًا وجهل أمرهما الهيثمى، أو اعتقاد أنهما عند البيهقى وحده دون الطبرانى، فإن كان الأول: فهو سفه من الشارح وسخافة، إذ يعتقد في مثل الحافظ الهيثمى مثل هذا الجهل العظيم بالرجال حتى يتعرض لتعليل الحديث بخديج الذي هو مستور، ويسكت عن الإفريقى الضعيف المشهور بالضعف، ثم بعد هذا فإنه قال في الشرح الصغير عن هذا الحديث: إسناده حسن، فكيف يكون حسنًا من اجتمع فيه ثلاثة من الضعفاء في نظره؟! بل كيف يحسن من فيه الإفريقى وحده؟! وإن كان الثانى: فهو تسويد للورق بما لا طائل تحته، فإن أسانيد المخرجين وطرقهم إلى صاحب الحديث المتفرد به تختلف باختلاف البلدان والأزمان، فكم حديث صحيح متفق عليه وقع في أسانيده عند بعض مخرجيه من هو من الضعفاء والكذابين كما هو معلوم، وهذا الحديث قد رواه الطبرانى ولم يقع فيه إلا خديج الذي تعرض له النور الهيثمى، ورواه البيهقى [رقم 4733] من طريق المحاربى والإفريقى، ورواه ابن مردك في فوائده تخريج الدارقطنى، فلم يقع فيه إلا الإفريقى عن خديج، قال ابن مردك: حدثنا الحسين بن صالح بن عبد اللَّه بردعة ثنا زيد بن إسماعيل الصانع ثنا أبو بدر شجاع بن الوليد ثنا الإفريقى -يعنى: عبد الرحمن بن زياد- ثنا خديج ابن صوفى عن عبد اللَّه بن عمرو به، بلفظ: "الغفلة ثلاثة والباقى سواء". 2377/ 5807 - "الغِلُّ وَالحَسَدُ يَأكُلان الحَسَنَات كَمَا تَأكُلُ النَّارُ الحَطَبَ". ابن صرى في أماليه عن الحسن بن على قلت: أخشى أن يكون ذكر الحسن بن على وهما من المؤلف أو من بعض الرواة، فإن الحديث معروف من رواية الحسن البصرى مرسلًا.

قال أبو الشيخ في التوبيخ [رقم 65, 73]: ثنا محمد بن يحيى ثنا عبد الوهاب بن زكريا ثنا الحسن ثنا أبو مسلم عن الأعمش عن يزيد الرقاشى عن الحسن مرسلًا به. وكذلك رواه أبو الليث عن محمد بن الفضل عن محمد بن جعفر ثنا إبراهيم ابن يوسف ثنا أبو معاوية عن الأعمش به مثله. على أن الرقاشى رواه مرة أخرى عن أنس ولم يذكر الحسن البصرى، كذلك أخرجه أبو الشيخ أيضًا [رقم: 66]، والخطيب في الكفاية، وقد بسطت طرق هذا الحديث في المستخرج على مسند الشهاب [2/ 192]. 2378/ 5809 - "الغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْب كَمَا يُنْبِتُ المَاءُ الْبَقْلَ". ابن أبى الدنيا في ذم الملاهى عن ابن مسعود قال في الكبير: قال العراقى: رفعه غير صحيح لأن في إسناده من لم يسم. قال الشارح: ورواه ابن عدى عن أبي هريرة، والديلمى عنه وعن أنس. قلت: الذي قال: رفعه غير صحيح، هو الغزالى والعراقى، وإنما علل ذلك بأن فيه روايا لم يسم، وحديث أبي هريرة لفظه عند الديلمى: "حب الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب" أخرجه عن الحداد عن أبي نعيم: ثنا الصواف ثنا الحسن بن على بن الوليد الفسوى عن أحمد بن حاتم الطويل عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه العمرى عن أبيه عن سعيد بن أبي سعيد المضرى عن أبي هريرة به، والعمرى هالك. أما حديث أنس، فقال الديلمى [رقم 4319]:

أخبرنا أبو ثابت الصوفى ثنا جعفر الأبهرى ثنا على بن أحمد الجزرى ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن الجارود ثنا هشام بن عمار ثنا مسلمة بن على ثنا عمر مولى غفرة عن أنس مرفوعًا: "الغناء واللهو ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب، والذي نفسى بيده إن القرآن والذكر ينبتان الإيمان في القلب كما ينبت الماء العشب". 2379/ 5812 - "الغنَى: الإِيَاسُ ممَّا في أيْدى النَّاسِ، وَمَنْ مَشَى مِنْكُم إِلَى طَمَعٍ مِنْ طَمَع الدُّنيَا فَلْيَمشِ رُوَيْدًا". العسكرى في المواعظ عن ابن مسعود قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو نعيم والديلمى باللفظ المذكور من هذا الوجه، فاقتصار المصنف على العسكرى تقصير أو قصور. قلت: في هذا أمور، الأول: الكذب في نسبة القصور أو التقصير، فإنه لا واحد منهما أصلًا. الثانى: الكذب في قوله: رواه أبو نجم والديلمى باللفظ المذكور، فإن أبا نعيم رواه في موضعين من الحلية في ترجمة زر بن حبيش [4/ 188]، وفي ترجمة أبي بكر بن عياش [8/ 304] ليس في واحد منهما باللفظ المذكور، وإنما هو باللفظ المذكور قبله. الثالث: أن المصنف عزاه لأبي نجم قبل هذا باللفظ الذي خرجه به أبو نعيم. الرابع: إذا كان هذا قصورا أو تقصيرا، فالحديث خرجه أيضًا الطبرانى في الكبير [10/ 10239]، والقضاعى في مسند الشهاب [رقم 199]، والخطابى في كتاب العزلة [ص 106]، وابن الأعرابى في المعجم، فالاستدراك بالديلمى وأبي نعيم وحدهما قصور وتقصير حقا وصدقا. 2380/ 5815 - "الغَنَمُ بَرَكَةٌ، وَالإِبِلُ عِزٌّ لأهْلِهَا، وَالخَيْلُ

مَعْقُودٌ بنَوَاصيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَعَبْدُكَ أخُوكَ فَأحْسِنْ عَلَيْهِ، وَإنْ وَجَدتَهُ مَغْلُوبًا فَأعِنْهُ". البزار عن حذيفة قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: فيه الحسن بن عمارة، وهو ضعيف اهـ. وأورده في الميزان من حديث أبي هريرة في ترجمة أرطاة بن الأشعث، وقال: إنه هالك. قلت: فيه أمور، الأول: قوله في الصغير: بإسناد حسن -يناقض ما ذكره في الكبير تمام المناقضة. الثانى: أنه في الصغير اعتمد على رمز المصنف، وإن لم يرضه في الكبير، والمصنف لم يقل: بإسناد حسن، وإنما رمز للحديث بأنه حسن ولا يلزم من كون المتن حسنًا أن يكون سند البزار حسنًا لأن المتن يحسن للشواهد والمتابعات. الثالث: أن الحديث له عن حذيفة طريق آخر ليس فيه الحسن بن عمارة، قال أبو نعيم في تاريخ أصهان [2/ 108]: حدثنا سليمان بن أحمد -هو الطبرانى- ثنا أحمد بن على بن الجارود ثنا موسى بن عبد الرحمن بن خالد عن أبيه عن النعمان بن عبد السلام عن سفيان عن الأعمش عن طلحة بن مصرف عن أبي عمار عن حذيفة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به مثله حرفا حرفا. وأخرجه أيضًا في موضع آخر من التاريخ في حرف الهمزة [1/ 93] فقال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا محمد بن أحمد بن راشيد حدثنى أبي عن جدى عن النعمان به.

الرابع: لا ارتباط لحديث أبي هريرة بحديث حذيفة، وإن ساقه الشارح هنا لغرض تضعيف الحديث والرد على المصنف، كأنه ظن أنهما حديث واحد، مع أنه لم ينقل عبارة الذهبى في الحديث، وإنما نقل عبارته في الرجل أنه هالك، والذهبى لما ذكر الحديث عبر بما يفيد أنه موضوع، فقال [1/ 170]: فهو المتهم بهذا، فإن أراد الذهبى أنه متهم بوضع السند فقد يكون ذلك حقا، فإنه رواه عن الأعمش عن شقيق عن أبي هريرة، والحديث إنما رواه الأعمش عن طلحة بن مصرف عن أبي عمار عن حذيفة كما سبق، وإن أراد الذهبى المتن فهو إسراف منه وعدم وقوف على سند الحديث من وجه آخر من حديث حذيفة، وحديث أبي هريرة المذكور خرجه ابن حبان في الضعفاء [1/ 180] قال: حدثنا محمد بن المسيب ثنا عبد اللَّه بن يوسف الخيرى ثنا أرطاة بن أشعث العدوى ثنا سليمان الأعمش به مثل ما هنا وقال في أرطاة: إنه يروى عن الأعمش المناكير التي لا يتابع عليها, لا يجوز الاحتجاج به بحال. 2381/ 5818 - "الغَنِيَمةُ البَارِدَةُ: الصَّوْمُ في الشِّتَاء". (ت) عن عامر بن مسعود قال الشارح: التابعى، فكان حقه أن يقول: مرسلًا. وقال في الكبير: هذا مرسل؛ إذ عامر المذكور تابعى لاصحابى وهو والد إبراهيم القرشى كما بينه الترمذى نفسه فقال: مرسل، وعامر لا صحبة له اهـ. فعدم بيان المصنف لكونه مرسلًا غير صواب. قلت: بل التهجم على أهل العلم بالجهل والباطل غير صواب، فإن الرجل مختلف في صحبته فأثبتها قوم، منهم: ابن معين، وحكاها أحمد عن مصعب واعتمدها, ولذلك خرج هذا الحديث في مسنده [4/ 335]، والمسند لا يخرج فيه المرسل.

تنبيه

وكذلك رواه الطبرانى في المعجم الكبير الذي هو مسند في الحقيقة كما تقدم عزوه إليهما، وغيرهما في حرف الضاد، فالمؤلف لَمَّا لَمْ يترجح عنده قَولٌ فيه ذَكَرَهُ، وأطلق كما هو وارد في الأسانيد، وعلى الناظر أن يحقق ويبحث، والشارح إما غافل عن هذا، أو متعنت معاند، وهو الأقرب. تنبيه روى هذا الحديث القضاعى في مسند الشهاب من طريق سفيان [رقم 231]: عن أبي إسحاق عن نمير بن عريب فقال: عن عامر عن ابن مسعود، فجعله من مسند عبد اللَّه بن مسعود، وكأنه ظن أن عامرًا هو الشعبى فقال: عن ابن مسعود، والواقع أنه عامر بن مسعود. كما رواه أحمد [4/ 335]، والترمذى [رقم 794]، والطبرانى، والبيهقى [4/ 296 - 297] كلهم من طريق سفيان الثورى بهذا الإسناد. 2382/ 5819 - "الغُلامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ: تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ، وَيُسَمَّى وَيُحْلَقُ رَأسُهُ". (ت. ك) عن سمرة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن الترمذى تفرد به عن الستة، وليس كذلك، فقد قال ابن حجر: رواه أحمد وأصحاب السنن والحاكم والبيهقى عن سمرة. . إلخ. قلت: من تلبيس الشارح أنه ينقل كلام من يصنف في الأحكام والأخلاق وبعبارة من يصنف على الأبواب ويتعقب بها صنيع المصنف المرتب على الحروف، فأبو داود [رقم 2837]، والنسائى [7/ 166]، وابن ماجه [رقم 3165] كلهم رووه بلفظ: "كل غلام مرتهن بعقُيقته تذبح. . . " الحديث، وهذا موضعه في اصطلاح المؤلف حرف الكاف إلا أنه ذكره في الأصل ولم

يذكر في الجامع الصغير, وصغار طلبة الحديث يعلمون أن هذا الحديث في السنن الأربعة، والمصنف يكاد يحفظ مؤلفات الحافظ ابن حجر لو كان للشارح عقل ومروءة. 2383/ 5820 - "الغُلامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ، فَأهْرِيقُوا عَنْهُ الدَّمَ، وَأمِيطُوا عَنْهُ الأذَى". (هب) عن سلمان بن عامر قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين وإلا لما عدل عنه، ولعله ذهول، فقد عزاه في مسند الفردوس إلى عظيم الفن البخارى. قلت: ما هو ذهول، ولكن البخارى خرجه [رقم: 5471] بلفظ: "مع الغلام عقيقة. . . " الحديث، وكذلك هو عند أصحاب السنن الأربعة (¬1)، وما هذا موضع هذا اللفظ، ثم إن التعبير بعظيم الفن تعبير غريب، بل مضحك سخيف. 2384/ 5822 - "الغِيْبَةُ: ذِكْرُكَ أخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ". (د) عن أبي هريرة قال الشارح: وسكت عليه فهو صالح. وقال في الكبير: قضية تصرف المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين وهو ذهول، بل رواه مسلم ولفظه: "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: اللَّه ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره"، ورواه الترمذى في البر، والنسائى في التفسير، فاقتصاره على أبي داود تقصير. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود (رقم 2839)، والنسائى (7/ 164)، والترمذى (رقم 1515)، وابن ماجه (رقم 3164).

قلت: انظر هذا وتعجب من صفاقة وجه الشارح، فهو يورد لفظ الحديث عن مسلم مصدرًا بحرف الألف، ويتجاهل عن اصطلاح المصنف ثم يتعقب به عليه في حرف الغين، ثم مع تحققه بأن الحديث صحيح مخرج في الصحيح يقول في الصغير: وسكت عليه أبو داود، فهو صالح، أي: والصالح دون الحسن فضلا عن الصحيح، فما أعجب شأن هذا الرجل!. 2385/ 5823 - "الغِيْبَةُ تَنقضُ الوضُوءَ وَالصَّلاةَ". (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه عنه أبو نعيم وعنه تلقاه الديلمى، فإهمال المصنف للأصل واقتصاره على الفرع غير مرضى. قلت: كذب الشارح، بل ما صنعه المصنف هو المرضى الواجب لأنه أمانة، وما يريده منه الشارح هو الذي لا يرضاه اللَّه ورسوله، ولا الأمانة لأنه كذب وخيانة، فالشارح قلب الحقائق وعكس الأمور لانعكاس طبعه نسأل اللَّه العافية، فأبو نعيم له مؤلفات كثيرة، والديلمى بسند من جميعها، فتارة من الحلية, وتارة من تاريخ أصبهان، وتارة من معرفة الصحابة، وتارة من الطب النبوى، وتارة من الأربعين، وتارة من رياضة المتعلمين، وتارة من فضل العالم العفيف وتارة من غيرها، فالمصنف إذ لم يقف على الحديث في كتب أبي نعيم ورآه في مسند الفردوس من طريق أبي نعيم ولم يعرف في أى كتاب هو عند أبي نعيم -لم يسعه إلا أن يعزوه إلى الديلمى الذي رآه فيه؛ إذ لو قال: رواه أبو نعيم، وعين كتابا من هذه الكتب لكان كاذبًا, ولو قال: رواه أبو نعيم وأطلق لكان قوله بعيدا عن التحقيق والإفادة؛ لكثرة مؤلفات أبي نعيم، فانظر ماذا يعيب هذا المجرم على المؤلف، وتعجب من إجرامه، ثم إن أبا نعيم خرج هذا الحديث في تاريخ أصبهان في ترجمة محمد بن يعقوب ابن سفيان بن معاوية من طريقه قال [2/ 279]:

حدثنا عبد الرحمن بن سعيد البَرْزَنْدى ثنا أبو الحسن سهل بن صقر الخلاطى ثنا إسماعيل بن يحيى بن عبيد اللَّه بن أبي مليكة ثنا مالك بن أنس عن صفوان ابن سليم عن ابن عمر به، وهو حديث باطل موضوع لا أصل له عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا عن مالك، وفيه وضاعان ومن لا يعرف. * * *

حرف الفاء

حَرْفُ الفَاءِ 2386/ 5827 - " فَاتِحَةُ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ". (هب) عن عبد الملك بن عمير مرسلًا قال في الكبير: فيه محمد بن منده الأصبهانى قال الذهبى: قال أبو حاتم: لم يكن صدوقًا. قلت: ينظر في سند هذا الحديث، فأخشى أن يكون ابن منده المذكور في سنده غير من ذكره الذهبى في الميزان ونقله الشارح؛ لأن بني منده فيهم كثرة، والحديث ضعيف لما رمز له المؤلف، ويؤيد ضعفه كون الدينورى خرجه في المجالسة عن عبد الملك بن عمير من قوله غير موضوع فقال الدينورى في الحادى عشر من المجالسة: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد الواسطى ثنا ابن خبيق ثنا يوسف بن أسباط عن سفيان الثورى عن عبد الملك بن عمير قال. . . وذكر مثله. 2387/ 5828 - "فَاتِحَةُ الْكِتَابِ تَعْدِلُ بِثُلُثَى الْقُرْآنِ". عبد بن حميد عن ابن عباس قلت: لكن أخرجه الدينورى في المجالسة موقوفًا عليه فقال في الحادى عشر منها:

حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد الواسطى ثنا ابن خبيق قال: سمعت يوسف ابن أسباط يقول: سمعت سفيان الثورى يحدث عن أبان عن شهر بن حوشب عن ابن عباس قال: "فاتحة الكتاب ثلثا القرآن". 2388/ 5829 - "فَاتِحَةُ الْكِتَابِ أنْزِلَتْ مِنْ كَنْزٍ تحْتَ الْعَرْش". ابن راهويه عن على قلت: لكن رواه الواحدى في أسباب النزول عنه موقوفًا عليه، وذلك (ص 12) منه: 2389/ 5831 - "فَاتحَةُ الْكتَاب تُجْزئُ مَا لا يُجْزئُ شَيءٌ منَ الْقُرآن، وَلَوْ أنَّ فَاتحَةَ الكتَاب جُعلَتْ في كفة الميزَان وَجُعلَ الْقُرآنُ في الكِفَّةِ الأخْرَى لَفُضِّلت فَاتِحَةُ الكِتَابِ عَلَى الْقرْآنِ سَبْعَ مَرَّاتٍ". (فر) عن أبي الدرداء قلت: أحسبه موضوعا، فإنه من رواية متروكين متهمين بالكذب إسماعيل: ابن عمرو البجلى، ويوسف بن عطية الكوفى لا البصرى. 2390/ 5832 - "فَارسُ نَطْحَةٌ [أوْ نَطْحَتَان]، ثُمَّ لا فَارسَ بَعْدَ هَذَا أبَدًا، وَالرُّوْمُ ذَاتُ القُرُون كُلَّمَا هَلَكَ قَرْنُ خَلَفَهُ قَرْنٌ، أهْلُ صَبْرٍ وَأهْلُهُ لآخِرِ الدَّهْرِ، هُمْ أصْحَابُكُمْ مَا دَامَ في الْعَيْش خَيْرٌ". الحارث عن ابن محيريز قال الشارح: بإسناده ضعيف. قلت: في هذا تعقب على المصنف والشارح، أما المصنف: ففي إيراد المتن هكذا على ما رأيته في كثير من النسخ، وكأن النسخة التي نقل منها المؤلف من مسند الحارث كان فيها تحريف، وأما الشارح: ففي قوله: بإسناد ضعيف،

فإن رجاله إلى ابن محيريز ثقات ليس فيهم ضعيف، وإنما ضعفه من الإرسال فقط. قال الحارث بن أبي أسامة: حدثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن الأوزاعى عن يحيى بن أبي عمرو عن ابن محيريز قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فارس نطحة أو نطحتان ثم لا فارس بعدها أبدا, والروم ذات القرون كلما هلك قرن خلف مكانه قرن أهل صخر، وأهل بحر، هيهات لآخر الدهر، هم أصحابكم ما كان في العيش آخر" هكذا نقلته من خط الحافظ نور الدين الهيثمى في كتابه: بغية الباحث عن زوائد الحارث [رقم: 700]. 2391/ 5838 - "فَتَحَ اللَّهُ بَابًا للتَّوْبَة منَ المَغْرب عَرْضُهُ مَسِيرَةُ سَبْعِينَ عَامًا، لا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الَشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ". (تخ) عن صفوان بن عسال قلت: قال البخارى في التاريخ [4/ 304 - 305]: حدثنا عبد اللَّه بن يزيد ثنا سعيد بن أبي أيوب حدثنى عبد الرحمن بن مرزوق عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال به، وقال البخارى: لا يعرف سماع عبد الرحمن من زر اهـ. قلت: ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في الحلية [4/ 191]: ثنا أبو على محمد بن أحمد بن الحسن ثنا بشر بن موسى ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ هو عبد اللَّه بن يزيد شيخ البخارى فيه، ثم قال: عبد الرحمن بن مرزوق دمشقى تفرد بالرواية عنه سعيد بن أبي أيوب قال: وهذا الحديث رواه الأئمة: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو بكر بن أبي شيبة عن أبي عبد الرحمن المقرئ عن سعيد عنه.

قلت: ورواه أحمد في مسنده [4/ 239: 241] والترمذى [رقم: 3535] والنسائى [1/ 83, 98] وابن ماجه [رقم 4070] من رواية عاصم عن زر بن حبين به مطولًا بألفاظ لا يدخل واحد منها في هذا الباب، وقال الترمذى: حديث حسن صحيح، ولعدم علم الشارح بذلك سكت عن هرائه المعلوم. 2392/ 5843 - "فَخْذُ الْمَرْءِ الْمُسْلِم مِنْ عَوْرَتِهِ". (طب) عن جرهد قال (ش): بضم الجيم. قلت: الصواب بفتحها، وسيأتى هذا قريبًا في حديث: "الفخذ عورة" مع وهم آخر للشارح. 2393/ 5846 - "فَرْخُ الزِّنَا لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ". (عد) عن أبي هريرة قال في الكبير: لا يدخل الجنة مطلقا إن استحل أو مع السالفين الاولين إن لم يستحل، وذلك لأنه يتعسر عليه اكتساب الفضائل الحسنة ويتيسر له رذائل الأخلاق، ذكره الطيبى، وهذا وعيد شديد وتحذير عظيم على الإصرار عليه؛ لئلا يكون قد باع أبكارا عربا أترابا كأنهن الياقوت والمرجان بقذرات مسافحات أو متخذات أخدان، وحورًا مقصورات في الخيام بعاهرات مسبيات بين الأنام، ثم قال: قال الرافعى في تاريخ قزوين: قرأت بخط الإِمام الطالقانى: سألنى بعض الفقهاء في المدرسة النظامية. . إلخ، ثم ذكر سند ابن عدى في الحديث، ونقل عن ابن الجوزى أنه قال: موضوع، ثم زاد هو تعليله، فقال: وسهيل بن أبي صالح السمان، قال يحيى: حديثه ليس بحجة، وقال أبو حاتم: يكتب ولا يحتج به.

قلت: في هذا أمور، الأول: قوله: وهذا وعيد شديد وتحذير عظيم على الإصرار عليه لئلا يكون قد باع. . . إلخ، فإنه كلام عجيب غريب لا يصدر من عاقل أصلًا، فما أدرى كيف جرى فيه، فإنه يفيد التحذير لولد الزنا ألا يكون ولد زنا حتى لا يفوت هذه المصالح، وذلك محال، ولكن من خابر الشارح يعلم أن نطقه بمثل هذه المحال من أقل هفواته وألطف سقطاته. الثانى: قوله: قال الرافعى في تاريخ قزوين. . . إلخ تلك الفائدة الحسنة -يوهم أنه نقل ذلك من تاريخ الرافعى، وهو إنما نقل ذلك من اللآلئ المصنوعة للمؤلف [2/ 194] فلم يعزه إليه غمطا لحقه وكبرا عليه وسترا لفضله. الثالث: أنه علل الحديث بسهيل بن أبي صالح جهلًا منه بالحديث ورجاله، فإن سهيلا ثقة من رجال الصحيحين قد أكثر البخارى ومسلم من إخراج حديثه، ولئن قال فيه يحيى ذلك فليس هو ممن يحكم لحديثه بالضعف فضلا عن الوضع، وإنما ذلك بعد تسليمه لقائله عند الترجيح والمعارضة. الرابع: أن ابن الجوزى قد أعل الحديث بقوله [3/ 111]: فيه من لا يعرف، فلو قلده لأصاب، ولكنه أراد أن يجتهد فوقع، شأن كل فضولى يتدخل فيما لا يعرف. 2394/ 5848 - "فُرِغَ إِلَى ابْنِ آدَمَ مِنْ أرْبَعٍ: الخَلْقِ، وَالخُلُقِ، وَالرَزْقِ وَالأجَلِ". (طس) عن ابن مسعود قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عيسى بن المسيب البجلى وهو ضعيف عند الجمهور، ووثقه الدارقطنى في سننه وضعفه في غيرها.

قلت: له طرق أخرى عن ابن مسعود منها ما رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان قال [1/ 142]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا أحمد بن إبراهيم ثنا محمد بن سليمان الواسطى ثنا حفص بن عمر الأيلى ثنا مسعر بن كدام عن المنبعث الأثرم قال: سمعت كردوسًا يقول: سمعت عبد اللَّه بن مسعود يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "جف القلم بالشقى والسعيد، وفرغ من أربع: الخلق، والخلق، والأجل، والرزق". 2395/ 5849 - "فَرْقُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ العَمَائِمُ عَلَى القَلانِسِ". (د. ت) عن ركانة قلت: أخرجه أيضًا ابن سعد في الطبقات (ص 197 من الجزء الأول من القسم الثانى منه) (¬1). وكذلك البخارى في التاريخ الكبير في ترجمة ركانة [3/ 338]، وقال قبل ذلك في ترجمة محمد بن ركانة [1/ 82]: إسناده مجهول لا يعرف سماع بعضه من بعض، ثم أسنده عن محمد بن سلام: أخبرنى محمد بن ربيعة ثنا أبو الحسن العسقلانى بسنده المذكور في الشرح الكبير. 2396/ 5850 - "فُسْطَاطُ الْمُسْلمينَ يَوْمَ الْمَلْحَمَة الْكُبْرَى بأرْض يُقَالُ لَهَا: الْغُوطَةُ، فِيهَا مَدِينَةٌ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْق، خَيْرُ مَنَازِلِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ". (حم) عن أبي الدرداء ¬

_ (¬1) انظر الطبقات (1/ 374).

قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة، والأمر بخلافه، فقد خرجه أبو داود باللفظ المذكور. قلت: بل ظاهر صنيع الشارح أنه عاقل فاضل، والأمر بخلافه، فأبو داود خرجه [رقم: 4298] بلفظ: "إن فسطاط. . . " وقد ذكره المصنف سابقا في حرف إن وعزاه لأبي داود، وكتب عليه الشارح: ثم قال هنا: إن أبا داود خرجه باللفظ المذكور، وهو من الكذب الفاضح الصراح المشهور. 2397/ 5851 - "فَصْلٌ مَا بَيْنَ الْحَلالِ وَالْحَرَام ضَرْبُ الدُّفِّ، وَالْصَوْتُ في النِّكَاحِ". (حم. ت. ن. هـ. ك) عن محمد بن حاطب قال في الكبير: حسنه الترمذى وصححه الحاكم وأقره الذهبى. قلت: لكنه في الميزان ضعف راويه أبا بَلْج، وإن كان الحامل له على ذلك رواية أبي بلج لحديث: "سدوا كل باب في المسجد إلا باب على". لكن الرجل مختلف فيه، وقد قال ابن حبان في الضعفاء [3/ 113]: كان ممن يخطئ لكنه لم يفحش خطؤه حتى يستحق الترك، فأرى ألا يحتج بما انفرد به من الرواية فقط، وهو ممن أستخير اللَّه فيه، وهو الذي يروى عن محمد بن حاطب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح" حدثناه ابن خزيمة: ثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقى ثنا هشيم ثنا أبو بلج ثنا محمد بن حاطب اهـ. والحديث أخرجه أيضًا بحشل في تاريخ واسط قال [ص 47]: حدثنا زكريا بن يحيى بن صبيح ثنا هشيم به.

2398/ 5854 - "فَضْلُ الْجُمُعَة في رَمَضَانَ كَفَضْلِ رَمَضَانَ عَلَى الشُّهُورِ". (فر) عن جابر قال الشارح: بإسناد فيه متهم. وقال في الكبير: فيه هارون بن زياد، قال الذهبى: قال أبو حاتم: له حديث باطل، وقال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث، وعمر بن موسى الوجيهى قال الذهبى: قال ابن عدى: يضع الحديث. قلت: فيه أمور، الأول: قوله في الصغير: فيه متهم، ينافى الواقع وما ذكره هو في الكبير، فكان حقه أن يقول: فيه متهمان. الثانى: بل كان حقه أن يقول: فيه وضاعان، وإن المتهم بالوضع غير الوضاع، ومن ذكرهما وضاعان لا متهمان به. الثالث: ما نقله عن الذهبى أن أبا حاتم قال في هارون: له حديث باطل باطل، فإن أبا حاتم لم يقل ذلك ولا نقله عنه الذهبى، وعبارته [4/ 283]: هارون بن زياد عن الأعمش قال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث على الثقات، فذكر حديثا في الحيض ثم قال: وقال الأزدى: ضعيف، وقال أبو حاتم: متروك الحديث انتهى. الرابع: للحديث طريق آخر من حديث البراء بن عازب، قال الدولابى في الكنى [1/ 96]: حدثنا أبو عمرو الحوضى قال: حدثنا بشير أبو إسماعيل الضبعى عن أبي داود الدارمى قال: أخبرنى البراء بن عازب عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "الجمعة في رمضان فضلها على سائر الجمع كفضل رمضان على سائر الشهور".

2399/ 5856 - "فَضْلُ الشَّابِّ العَابد الَّذي تَعَبَّدَ في صبَاهُ عَلَى الشَّيْخِ الَّذِي تَعَبَّدَ بَعْدَ مَا كَبُرَتْ سِنُّهُ كَفَضْلِ الْمُرْسَلِينَ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ". أبو محمد التكريتى في معرفة النفس (فر) عن أنس قال في الكبير: وفيه عمر بن شبيب، قال الذهبى: ضعفه الدارقطنى، وقال أبو زرعة: واه. قلت: في هذا أمر أن، أحدهما: أن الذهبى لم يذكر ما نقله عنه الشارح في عمر بن شبيب. ثانيهما: أن المذكور في السند عمر بن شبة الحافظ الثقة لا عمر بن شبيب، قال الديلمى [رقم: 4355]: أخبرنا أبو منصور العجلي أخبرنا العشارى حدثنا ابن شاهين حدثنا أحمد بن عبد اللَّه الرقى حدثنا عمر بن شبة ثنا مغيرة بن الفضل الراسبى ثنا جميل بن حميد عن موسى بن جابان عن أنس به. ورجال هذا السند جلهم لا يعرف، والحديث موضوع. 2400/ 5857 - "فَضْلُ الصَّلاةِ بَسَوَاكٍ عَلَى الصَّلاة بَغَيْرِ سَوَاكٍ سَبْعِيْنَ ضِعْفًا". (حم. ك) عن عائشة قال الشارح: بإسناد صحيح اهـ. وقال في الكبير: مداره على ابن إسحاق ومعاوية بن يحيى الصدفى، ومعاوية ابن يحيى قال الدارقطنى: ضعيف، ورواه أبو نعيم وابن حبان في الضعفاء من طرق أخرى، قال ابن معين: حديث باطل لا يصح له إسناد، قال ابن حجر: وأسانيده كلها معلولة، اهـ.

قلت: قابل بين هذا وبين قوله في الصغير: بإسناد صحيح وتعجب، ثم إنه اختصر كلام الحافظ اختصارا مجحفا, ولفظه في التلخيص [1/ 67]: رواه أحمد، وابن خزيمة والحاكم، والدارقطنى، وابن عدى، والبيهقى في الشعب، ومداره عندهم على ابن إسحاق ومعاوية بن يحيى الصدفى كلاهما عن الزهرى عن عروة عن عائشة، لكن رواه أبو نعيم من طريق ابن عيينة عن منصور عن الزهرى، ولكن إسناده إلى ابن عيينة فيه نظر، فإنه قال: ثنا أبو بكر الطلحى ثنا سهل بن المرزبان عن محمد التميمى الفارسى عن الحميدى عن ابن عيينة، فينظر في إسناده. ورواه الخطيب في المتفق والمفترق من حديث سعيد بن عمير عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة. ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده من وجه آخر عن أبي الأسود، إلا أن فيه الواقدى، وله طريق أخرى رواها أبو نعيم من طريق فرج بن فضالة عن عروة بن رويم عن عائشة، وفرج ضعيف. ورواه ابن حبان في الضعفاء من طريق مسلمة بن على عن الأوزاعى عن عبد الرحمن القاسم عن أبيه عن عائشة، ومسلمة ضعيف، قال: وإنما يروى هذا عن الأوزاعى عن حسان بن عطية مرسلًا، قلت: بل معضلا، وقال يحيى بن معين: هذا الحديث لا يصح له إسناد، وهو باطل، قلت: رواه أبو نعيم من حديث ابن عمر ومن حديث ابن عباس، ومن حديث جابر وأسانيده معلولة، انتهى. 2401/ 5858 - "فَضْلُ العَالِم عَلَى العَابِدِ كَفَضْلى عَلَى أمَّتى". الحارث عن أبي سعيد قال في الكبير: أورده ابن الجوزى في الواهيات، وقال: لا يصح، فيه سلام الطويل، قال الدارقطنى وغيره متروك

فائدة

قلت: لا وجود لسلام الطويل في سند الحديث عند الحارث بن أبي أسامة، فإنه قال في مسنده [34 - بغية]: حدثنا عبد اللَّه بن عون ثنا محمد بن الفضل عن زيد العمى عن جعفر العبدى عن أبي سعيد الخدرى به. وهكذا رواه ابن عبد البر في العلم [رقم: 92] من طريق عبد اللَّه بن محمد ابن عبد العزيز البغوى، ثنا عبد اللَّه بن عون به. والذي رواه من طريق سلام الطويل وابن حبان في الضعفاء [1/ 336] فقال: أخبرنا محمد بن المسيب ثنا زكريا بن يحيى الضرير ثنا سليمان بن سفيان ثنا سلام الطويل عن زيد العمى به. فائدة قال ابن العربى المعافرى في سراج المريدين، في الاسم التاسع والعشرين منه: لا يصح في فضل العالم على العابد حديث أصلًا اهـ. كذا قال، وجل إطلاقاته في الحكم على الأحاديث باطل لعدم تضلعه من الحديث. 2402/ 5860 - "فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابد كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ". (حل) عن معاذ قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة، وليس كذلك، بل رواه أبو داود والنسائى وابن ماجه. قلت: في هذا أمور، أحدها: أن هؤلاء لم يخرجوا هذا الحديث أصلًا من حديث معاذ بن جبل فعزوه إليهم كذب عليه وجهل بالحديث. ثانيها: أنهم أخرجوا حديثا طويلًا في فضل العلم من حديث أبي الدرداء وقع

في أثنائه هذا اللفظ فهو عندهم قطعة من حديث آخر من رواية صحابى آخر لفظه عند أكثرهم: "من سلك طريقا يلتمس فيه علمًا سهل اللَّه له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضي بما يصنع، وإن العالم يستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم. . . " الحديث. ثالثها: الحديث لم يخرجه النسائى، بل خرجه الترمذى [رقم 2682]، وأبو داود [رقم 3641]، وابن ماجه [رقم 223]. 2403/ 5862 - "فَضْلُ الْمُؤْمِنِ العَالِمِ عَلَى الْمُؤْمِنِ العَابِدِ سَبْعُوَن دَرَجَةً". ابن عبد البر عن ابن عباس قال الشارح: زاد في رواية: "ما بين كل درجتين حضر الفرس المضمر مائة عام". قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من ابن عبد البر وهو غفلة، فقد خرجه ابن عدى عن أبي هريرة. قلت: هذا خطأ من وجوه، الأول: قوله: زاد في رواية, فإن ذلك في حديث أبي هريرة لا في حديث ابن عباس، وهما حديثان، فكان الواجب أن يقول: زاد في حديث آخر. الثانى: قوله: إنه لم يره لأشهر من ابن عبد البر، ثم عزاه لابن عدى من حديث أبي هريرة، وهذا نهاية في الغفلة والتهور، فحديث أبي هريرة غير حديث ابن عباس. الثالث: ليس ابن عدى أشهر من ابن عبد البر كما زعم.

الرابع: لو كان الحديث واحد لكان العزو إلى كتاب ابن عبد البر أولى، لأنه مصنف خاص بالعلم، وكتاب ابن عدى وإنما هو في الضعفاء ولو كان ذلك كذلك لكان العزو إلى ابن حبان أولى لأنه أشهر، وقد أخرجه في الضعفاء له أيضًا في ترجمة عبد اللَّه بن محرر [2/ 23]. 2404/ 5864 - "فَضْلُ الْعِلْم أحَبُّ إليَّ مِنْ فَضْلِ العِبَادَةِ، وَخَيْرُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ". البزار (طس. ك) عن حذيفة (ك) عن سعد بن أبي وقاص قال (ش): بإسناد ضعيف. وقال في الكبير على حديث حذيفة: قال المنذرى: وإسناده لا بأس به، وقال في موضع آخر: حسن، ثم قال: ورواه الترمذى في العلل، ثم ذكر أنه سأل عنه البخارى فلم يعده محفوظًا وأورده ابن الجوزى في الواهيات، وقال: لا يصح، والمتهم بوضعه عبد اللَّه بن عبد القدوس. قلت: فيه تناقض بين كلامه في الكبير والصغير, فإنه جزم فيه بأن سنده ضعيف ونقل في الكبير عن الحافظ المنذرى أنه قال: إسناده حسن، فإن كان في الصغير ذهب إلى ترجيح ما قاله ابن الجوزى ففيه أمران، أحدهما: أنه ترجيح بدون مرجح. وثانيهما: أنه نقل عن ابن الجوزى: أنه موضوع لا ضعيف، ثم ما نقله عن ابن الجوزى فيه تناقض أيضًا، فإنه ذكر أنه أورده في الواهيات ثم نقل عنه أنه قال: والمتهم بوضعه عبد اللَّه، ولو صرح ابن الجوزى بهذا لأورده في الموضوعات لا في الواهيات، فالعبارة فيها تحريف من الشارح على عادته في التهور في النقل والكذب فيه، وإلا فهو تناقض ظاهر من ابن الجوزى، ثم إن النقل عند الشارح متضارب متباين فهو يحكى عن الحافظ المنذرى. أنه

حسن، وعن البخارى: أنه غير محفوظ، وعن ابن الجوزى: أنه واه أو موضوع، فكان الواجب أن يبين الصواب من هذه الأقوال المتضاربة ولكن ليس هذا بعشه، وليته لم يجنح في الصغير إلى ذلك الترجيح فإنه أخطأ فيه، فالحديث لا ينحط عن رتبة الحسن كما قال الحافظ المنذرى، بل قد صححه الحاكم في المستدرك [1/ 92] وأقره عليه الذهبى، وهو الواقع إن شاء اللَّه؛ لأن حديث سعد بن أبي وقاص على شرط الصحيح إلا أنه اختلف على الأعمش في سنده وفي إرساله ووصله، فرواه بكر بن بكار عن حمزة الزيات عن الأعمش عن رجل عن مصعب بن سعد عن أبيه. أخرجه الحاكم [1/ 92] ورواه الحسن بن على بن عفان عن خالد بن مخلد عن حمزة بن حبيب عن الأعمش فسمى الرجل فقال: عن الحكم عن مصعب أخرجه الحاكم أيضًا، ورواه محمد بن عبد اللَّه بن نمير عن خالد بن مخلد عن حمزة الزيات عن الأعمش عن مصعب بدون واسطة، أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 92] وأبو نعيم في رياضة المتعلمين، وهكذا قال عبد اللَّه بن أبي زياد عند الحكيم في الحادى والعشرين ومائتين من النوادر، وابن بهز أو فهد عند أبي الشيخ في الثواب، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء عند البيهقى في الزهد [رقم: 821] كلهم عن خالد بن مخلد به بدون واسطة بين الأعمش ومصعب. ورواه عبد اللَّه بن عبد القدوس عن الأعمش فقال: عن مطرف بن عبد اللَّه عن حذيفة بن اليمان. كما عزاه المصنف في المتن إليه. ورواه جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن مطرف عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا دون حذيفة، كما ذكره أبو نعيم في الحلية [2/ 212]. ورواه أبو مسهر في نسخته عن أبي نوفل عن الأعمش عن أبي قلابة

عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا. ولا مانع من أن يكون الحديث عند الأعمش بهذه الأسانيد، وعلى هذه الوجوه كلها فإن الحديث مشهور، وله طرق متعددة أخرى من حديث ابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة، وأنس، وغيرهم موصولا ومرسلا. ومن مراسيله الصحاح: ما رواه ابن عبد البر [رقم: 96] من طريق وكيع عن سفيان عن عمرو بن قيس الملائى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. فالحديث صحيح لا شك فيه كما رمز له المصنف، والشارح مخطئ فيما نقل. 2405/ 5865 - "فَضْلُ القُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ كَفَضْلِ الرَّحْمَنِ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ". (ع) في معجمه (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه أشعث الحدانى، قال الذهبى: ثقة، وشهر بن حوشب أورده الذهبى في الضعفاء وقال: قال ابن عدى: لا يحتج به، فظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة، وهو ذهول، فقد أخرجه الترمذى بلفظ: "فضل كلام اللَّه على سائر الكلام كفضل اللَّه على خلقه" لكن عذر المصنف أنه وقع في ذيل حديث فلم يتنبه له، ولفظه بتمامه: يقول الرب عز وجل: "من شغله القرآن عن ذكرى وعن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين، وفضل كلام اللَّه على سائر الكلام كفضل اللَّه على خلقه" قال ابن حجر في الفتح: ورجاله ثقات إلا عطية العوفى ففيه ضعف، وخرجه ابن على من رواية شهر بن حوشب عن أبي هريرة. . . إلخ. قلت: يجب حمد اللَّه تعالى على السلامة من الوقوع في مثل هذا الهذيان، فبينما هو يحكم على المصنف بالذهول لأنه أغفل عزو الحديث إلى الترمذى، ويكذب أو لا فيقول: إنه في سنن الترمذى بلفظ: "فضل كلام اللَّه. . "

الحديث، إذ يتراجع فيبدى عذر المصنف في كون الحديث وقع عند الترمذى ذيلا لحديث، ولا يخفى ما في التعبير بكونه ذيلا من الهذيان والكلام الغث الساقط ثم يعود فيكذب نفسه ثانيا، إذ يورد هذا الذيل بزعمه بلفظ: "وفضل كلام اللَّه" بحرف "واو" العطف في أوله، ويسكت مع ذلك عن كون حديث الترمذى الطويل هو من حديث أبي سعيد الخدرى لا من حديث أبي هريرة المختصر المذكور هنا. ويقول في الكبير: إن الحديث من رواية أشعث الحدانى، وشهر بن حوشب، ويقتصر في الصغير على ذكر شهر بن حوشب وحده، فالرجل أعجوبة من العجائب. وبعد، فالحديث أخرجه أيضًا عبد اللَّه بن أحمد في كتاب السنة [رقم: 129]: من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة به. بزيادة "إن" في أوله. وأخرجه أيضًا من طريق أبي بكر بن عياش [124] عن الأعمش عن الحسن مرسلًا: "فضل القرآن على الكلام كفضل اللَّه على عباده". 2406/ 5873 - "فَضْلُ غَازى الْبَحْرِ عَلَى غَازِى الْبَرِّ كَفَضْلِ غَازِى الْبَرِّ عَلَى القَاعِدِ في أهْلِهِ وَمَالِهِ". (طب) عن أبي الدرداء قلت: فيه نظر، فإن الطبرانى رواه من طريق محمد بن عيسى بن سميع وفيه خلاف عن عباد بن كثير عن ليث بن أبي سليم، وفيهما مقال عن يحيى بن عباد المخزومى عن أم الدرداء عن أبي الدرداء به. ورواه ابن أبي شيبة [5/ 340] عن إسحاق بن منصور: ثنا هريم عن ليث عن يحيى بن عباد من قوله.

تنبيه: هذا الحديث والذي بعده في المتن حديث واحد فرقه المصنف وسنده واحد. 2407/ 5875 - "فَضْلُ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الَّذِي لَمْ يَحْمِلْهُ كَفَضْلِ الخَالِقِ عَلَى المخْلُوقِ". (فر) عن ابن عباس قلت: هذا حديث موضوع كان على المؤلف ألا يذكره هنا. 2408/ 5877 - "فَضْلُ قرَاءَة الْقُرْآنِ نَظَرًا عَلَى مَنْ يَقْرَؤُهُ ظَاهِرًا كَفَضْلِ الْفَرِيضَةِ عَلَى النَّافِلَةِ". أبو عبيد القاسم بن سلام زاد الشارح: الهروى في فضائله عن بعض الصحابة. وكتب في الكبير مخرجه: أبا عبيدة بـ "التاء", وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير، وليسى كذلك، بل رواه أبو نعيم والطبرانى والديلمى، وفيه بقية. قلت: فيه أمور، الأول: أبو عبيد الذي خرج الحديث ليس هو بأبى عبيد الهروى كما يقول الشارح، ولا بأبى عبيدة كما يقول هو أيضًا في الكبير، بل هو أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادى الإِمام الحافظ الكبير صاحب فضائل القرآن، والظهور والأمداد، وغيرها من المصنفات الكثيرة، وهو غير أبي عبيد أحمد بن محمد الهروى صاحب كتاب الغريب، وغير أبي عبيدة معمر بن المثنى اللغوى الشهير. الثانى: قوله: ظاهر صنيع. . إلخ سخافة اعتاد ألا يعزو الحديث بدونها مع كذب وتدليس، فإنه لم ير الحديث عند أبي نعيم، ولا عند الطبرانى، وإنما أسنده الديلمى من طريقهما فقال [4342 - مكرر]

أخبرنا أبي أخبرنا سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان الحافظ والمطهر بن محمد بن جعفر قالا: أخبرنا أبو نعيم حدثنا الطبرانى ثنا على بن عبد العزيز ثنا أبو عبيد ثنا نعيم بن حماد عن بقية عن معاوية بن يحيى عن سليمان بن مسلم عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. الثالث: أن هؤلاء المذكورين ليسوا أشهر من أبي عبيد. الرابع: أنه كثيرا ما يتعقب المؤلف بقوله: فلان أخرجه من طريق فلان، فلو عزاه إلى الأصل لكان أولى، وهنا عدل عن ذلك كما ترى مع أن هؤلاء كلهم رووا الحديث من طريق أبي عبيد، ولكن لما كان الغرض هو التعقب وإظهار نقص المؤلف فهو يدور معه حيثما وجد. الخامس: أنه أعله ببقية مع أن فيه من هو أضعف منه، وهو معاوية بن يحيى الصدفى. والحديث خرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب [رقم 194]: ثنا عبيد اللَّه بن بكير أنبأنا على بن عبد العزيز ثنا أبو عبيد به. 2409/ 5878 - "فَضَّلَ اللَّهُ قُرَيشًا بسَبعْ خصَال لَمْ يُعْطَهَا أحَدٌ قَبْلَهُمْ وَلا يُعْطَاهَا أحَدٌ بَعْدَهُمْ: فَضَّلَ اللَّهُ قُرَيشًا أنِّى منْهُمْ، وَأنَّ النُّبُوَّةَ فيهمْ، وَأنَّ الحجَامَةَ فيهمْ، وَأنَّ السقَايَةَ فيهمْ، وَنَصَرهُمْ عَلَى الفيل، وَعَبَدوا اللَّهَ عَشْرَ سنينَ لا يَعْبُدُهُ غَيْرُهُمْ، وَأنْزَلَ اللَّهُ فيهمْ سُورَةً منَ الْقُرآن لَمْ يُذْكَرْ فيهَا أحَدٌ غَيْرُهُمْ، {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} ". (تخ. طب. ك) والبيهقى في الخلافيات عن أم هانئ قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، فرده الذهبى بأن يعقوب ضعيف -يعنى: ابن محمد الزهرى- وإبراهيم بن محمد بن ثابت صاحب مناكير هذا أنكرها، وقال الهيثمى: فيه من لم أعرفهم.

قلت: الهيثمى لم يقل: فيه من لم أعرفهم بميم الجمع، بل بدونها، والذهبى قد قال ذلك، ولكنه واهم فيما أرى في إبراهيم بن محمد بن ثابت، فإنه لم يذكره نفسه في الميزان, وإنما ذكر إبراهيم بن محمد بن ثابت الأنصارى، وقال: شيخ لعمرو بن أبي سلمة التنيسى ذو مناكير اهـ. وليس هذا هو المذكور في سند الحديث فإن هذا أنصارى، وذاك قرشى، وقد ذكره البخارى في التاريخ ولم يجرحه بشيء فقال [1/ 320]: إبراهيم بن محمد بن ثابت بن شرحبيل من بني عبد الدار بن قصى القرشى المدنى عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهنى، ثم ذكر الرواة عنه، ثم قال: قال لي أبو مصعب: ثنا إبراهيم عن عثمان بن عبد اللَّه بن أبي عتيق عن سعيد بن عمرو بن جعدة عن أبيه عن جدته أم هانئ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فضل اللَّه قريشا. . . " الحديث، قال: وقال لي الأويسى: حدثنى سليمان عن عثمان بن عبد اللَّه بن أبي عتيق عن ابن جعدة المخزومى عن ابن شهاب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه، قال: وهذا بإرساله أشبه. قلت: قد ورد موصولا أيضًا من حديث الزبير بن العوام كما ذكره المصنف في المتن بعد هذا، وأما يعقوب الزهرى فليس بضعيف على الإطلاق، فقد وثقه جماعة ووصفوه بالصدق إلا أنه كان يحدث عن الضعفاء والجاهيل فوجد في حديثه المناكير فضعفه لأجلها جماعة، ولهذا قال الحاكم الذي عرفه وخابر أمره: ثقة مأمون، وصحح له كما ترى، واللَّه أعلم. 2410/ 5884 - "فُضِّلْتُ عَلَى النَّاسِ بِأَرْبَعٍ: بِالسَّخَاءِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَكَثْرَةِ الجِمَاِع، وَشِدَّةِ البَطْشِ". (طس) والإسماعيلى في معجمه عن أنس

قال الشارح: ورجال الطبرانى موثقون. وقال في الكبير: قال الهيثمى: إسناد الطبرانى رجاله موثقون اهـ. وغيره قول شيخه العراقى: رجاله ثقات، لكن في الميزان: أنه خبر منكر، رواه الطبرانى عن محمد بن هارون عن العباس بن الوليد عن مروان بن محمد عن سعيد ابن بشير عن قتادة عن أنس ومروان بن محمد هو الدمشقى الطاطرى كان مرجئًا وفيه خلاف، قال في اللسان: لا ذنب فيه لهذا الرجل، والظاهر أن الضعف من قبل سعيد بن بشير، اهـ. ومن ثم قال ابن الجوزى: حديث لا يصح. قلت: خلط الشارح في هذا الكلام خلطا وأتى فيه بعجائب، أول ذلك: أنه نقل في الكبير عن ابن الجوزى، والذهبى: أن الحديث لا يصح، ثم اقتصر في الصغير على قوله: رجال الطبرانى موثقون، فكان فيه إيهام وتغرير. الثانى: أنه قال: رجال الطبرانى موثقون، فأوهم أن رجاله غير رجال الإسماعيلي مع أن سند الحديث واحد عندهما كما نص هو على ذلك في الكبير. الثالث: أنه قال عن الحافظ الهيثمى: وغيره قول شيخه العراقى: رجاله ثقات، وهذا حكم باطل على الهيثمى من وجوه، أحدها: أنه جزم بتقليده للعراقى في ذلك بدون دليل ولا برهان. ثانيها: أن الهيثمى يفعل ذلك في جميع الأحاديث التي يوردها مما لم يورد العراقى عشرها ولا ربع عشرها، فمن قلد فيها إذ لم يذكرها العراقى؟ ثالثها: أنه قال: رجاله موثقون، والعراقى قال فيما نقله هو: رجاله ثقات، فدل على أن الهيثمى لم يقلد العراقى في العبارة، بل استعمل عبارة أخرى تدل على تيقظه واحتياطه، فإن الصواب أن يقال عن رجال هذا السند:

موثقون لا ثقات كما قررناه مرارا؛ لأنهم مختلف فيهم غير متفق على توثيقهم. الرابع: أنه خلط بين كلام الذهبى والحافظ وجمعه من ترجمتين، وأوقع اسم الإشارة في كلام الحافظ على مروان بن محمد حيث نقل عنه أنه قال: لا ذنب فيه لهذا الرجل، والواقع أنه لم يذكره في ترجمته، ولا قال ذلك عنه وإنما قاله في ترجمة الحسين بن على النخعى، وإليك نص كلام الذهبى وكلام الحافظ، قال الذهبى في حرف الحاء من الميزان [1/ 543]: الحسين بن على النخعى كتب عنه الإسماعيلى: عمر وتغير لا يعتمد عليه، وأتى بخبر باطل فقال: حدثنا العباس بن الوليد الخلال ثنا مروان بن محمد ثنا سعيد عن قتادة عن أنس مرفوعًا: "فضلت بأربع. . . " الحديث، رواه عنه الإسماعيلى اهـ. فقال الحافظ في اللسان [2/ 303]: هذا لا ذنب فيه لهذا الرجل، والظاهر أن الضعف من قبل سعيد، وهو ابن بشير، واللَّه أعلم. اهـ. ثم أعاد الذهبى في ترجمة مروان بن محمد الدمشقى هذا الحديث فقال [4/ 93]: قال الطبرانى في معجمه الأوسط [رقم 6816]: ثنا محمد بن هارون بن محمد بن بكار ثنا العباس بن الوليد الخلال ثنا مروان بن محمد، فذكر الحديث بسنده، ثم قال: هذا خبر منكر اهـ. ولم يذكر الحافظ في اللسان هذه الترجمة أصلًا لأنها ليست من شرطه، فاعجب لهذا التخليط. والحديث خرجه أيضًا الدينورى في كتاب المجالسة قال: حدثنا أحمد بن عباد التميمى ثنا أبي عن مروان بن محمد الأسدى به مثله.

2411/ 5885 - "فُضِّلْتُ عَلَى آدَمَ بخصْلَتَين: كَانَ شَيْطَانى كَافرًا فَأعَانَنى اللَّهُ عَلَيه حَتَّى أسْلَمَ، وَكُنَّ أزْوَاجى عَوْنا لِي، وَكَانَ شَيْطَانُ آدَمَ كَافِرًا وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ عَوْنًا عَلَى خَطِيئَتِهِ". البيهقى في الدلائل عن ابن عمر قلت: نقل الشارح أن في سنده محمد بن الوليد بن أبان، وهو وضاع كذاب، فكان حقه أن يصرح بوضعه ولا يقر الحافظ العراقى على قوله: إنه ضعيف، ثم عدم استدراكه العزو على المؤلف يدل على أنه لم يخرجه غير البيهقى مع أنه مخرج في أشهر الكتب وأكثرها تداولا كتاريخ الخطيب [3/ 331]، ومسند الفردوس للديلمى، بل هذا الأخير لا يكاد الشارح يغفل النقل عنه والعزو إليه. 2412/ 5888 - "فُضِّلَت الْمَرَأةُ عَلَى الرَّجُلِ بتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ جُزْءًا مِنَ اللَّذَّةِ، وَلكِنَّ اللَّهَ ألْقَى عَلَيْهِنَّ الْحَيَاءَ". (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه داود مولى أبي مكمل، قال في الميزان: قال البخارى: منكر الحديث، ثم ساق له هذا الخبر، وأقول: فيه أيضًا ابن لهيعة، وأسامة بن زيد الليثى، قال الذهبى: فيه لين، ورواه الطبرانى والديلمى عن ابن عمرو. قلت: هذا خطأ من وجوه، الأول: الموجود في سند الحديث أبو داود بأداة الكنية لا داود. الثانى: ليس في سند الحديث ابن لهيعة، فإن الحديث رواه ابن المبارك: ثنا أسامة بن زيد عن أبي داود عن أبي هريرة به.

ومن طريق ابن المبارك أورده الذهبى ورواه جماعة منهم: البندهى في شرح المقامات وآخرون. الثالث: ولو فرضنا وجود ابن لهيعة في سنده فمثل هذا لا يعلل به مع وجود من هو قبله ممن هو أضعف منه. الرابع: وكذلك أسامة بن زيد الليثى، فإنه وإن كان متكلما فيه فهو ثقة قد احتج به مسلم في صحيحه. الخامس: أسامة بن زيد المذكور في السند ليس هو الليثى، بل وابن أسلم لأنه المعروف عند الإطلاق، وإن كان [ابن] المبارك روى عنهما معا، وهو أضعف من الليثى. 2413/ 5890 - "فُضُوحُ الدُّنْيَا أهْوَنُ مِنْ فُضُوح الآخرَة". (طب) عن الفضل قال في الكبير: وفيه القاسم بن يزيد، قال في الميزان عند العقيلى: حديث منكر، وقال العراقى: هذا الحديث منكر، وقال الهيثمى: فيه مجهولون، ورواه أبو يعلى بإسناد أصح من هذا؛ إذ غايته أن فيه عطاء بن مسلم، مختلف فيه، وبقية رجاله كما قال الهيثمى: ثقات، فلو عزاه المصنف إليه لكان أولى. قلت: بل لو سكت الشارح لكان أولى، فإن هذا اللفظ قطعة من حديث طويل أخرجه جماعة منهم: الترمذى في الشمائل [رقم: 128] والبيهقى في السنن, وأبو بكر الشافعى في الغيلانيات، وابن سعد في الطبقات, والقضاعى في مسند الشهاب [رقم: 246] وجماعة، منهم من وقع في روايته هذا اللفظ، ومنهم من لم يقع فيه، فكيف يعزوه المؤلف لمن لم يقع عنده؟! وهب أنه كذلك ولم يعزه إليه فكان ماذا؟!

وقياسا على فعاله نقول: إن الترمذى خرجه في الشمائل من طريق عطاء بن مسلم المذكور، فكان أولى للشارح أن يعزوه إليه لا إلى أبي يعلى، بل خرجه ابن سعد في الطبقات من غير طريق عطاء أيضًا، ومن غير طريق القاسم المذكور، فكان عزوه إليه أولى وأولى، وقد ذكرت أسانيد هذا الحديث ومتونه بطولها في مستخرجى على مسند الشهاب [1/ 221 - 223]. 2414/ 5919 - "في الجَنَّة مائَةُ دَرَجَة مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَين كَمَا بَيْنَ السَّمَاء وَالأرْض، وَالفرْدَوْسُ أعْلاهَا دَرَجَةً، وَمنْهَا تَفَجَّرُ أنْهَارُ الْجَنَّة الأرْبَعَةُ، وَمِنْ فَوْقِهَا يكونُ الْعَرْشُ، فَإذَا سَألْتُم اللَّه فَاسْألُوهُ الفِرْدَوْسَ". (ش. حم. ت. ك) عن عبادة بن الصامت قال في الكبير: قال المناوى: لم أقف عليه في الصحيحين، ولا أحدهما. قلت: هذا النقل لا فائدة فيه، ولا معنى له سوى إيهام القراء أن الحديث غير مخرج في أحد الصحيحين، مع أنه في صحيح البخارى في مواضع منه بهذا اللفظ، بل لا بد أن يكون هذا النقل عن المناوى محرمًا، فإما أن يكون أراد من حديث عبادة بن الصامت، أو أراد معنى آخر لم يفهمه الشارح، وإلا فيبعد أن يقول ذلك المناوى. والحديث في صحيح البخارى في كتاب الجهاد [رقم 2790]، وفي كتاب التوحيد [رقم: 7423]، ولكن من حديث أبي هريرة ولفظه: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من آمن باللَّه ورسوله وأقام الصلاة، وصام رمضان -كان حقا على اللَّه أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل اللَّه أو جلس في أرضه التي ولد فيها، قالوا: يا رسول اللَّه أفلا نُنبئ الناس بذلك؟ قال: إن في الجنة مائة درجة أعدها اللَّه للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء

والأرض، فإذا سألتم اللَّه فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة". 2415/ 5923 - "في الْخَيْلِ السَّائِمَةِ في كُلِّ فَرَس دينَارٌ". (قط. هق) عن جابر قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أن مخرجه خرجه وسلمه والأمر بخلاف، بل قال الدارقطنى عقبه: تفرد به فورك بن الحضرمى، وهو ضعيف جدا ومن دونه ضعفاء. قلت: هذا كذب على تصرف المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعف وما زاد على ذلك فهو لا يفعله؛ لأنه لا ينقل كلام الحفاظ بنصه من أول الكتاب إلى آخره. 2416/ 5927 - "في الرِّكَاز العُشْرُ". أبو بكر بن أبي داود في جزء من حديثه عن ابن عمر قلت: ما تكلم (ش) على هذا الحديث بشيء ولا أجاب عن معارضته للحديث الصحيح المذكور قبله، وهو حديث باطل كما قال ابن حبان في الضعفاء في ترجمة عبد اللَّه بن نافع فإنه قال [2/ 20]: وهو الذي روى عن أبيه عن نافع عن ابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "في الركاز العشر": أخبرناه الحسن بن سفيان ثنا عبد اللَّه بن هارون الحمال ثنا ابن أبي فديك ثنا عبد اللَّه بن نافع، وهذا خبر باطل لا أصل له لا ينكر نفى صحته إلا من جهل صناعة العلم. 2417/ 5936 - "فِي اللَّبَنِ صَدَقَةٌ". الرويانى عن أبي ذر

قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الخلال والديلمى. قلت: في هذا أمران، أحدهما: أن الديلمى رواه من طريق الرويانى فلم يبق فائدة لعزوه إليه، إلا إذا قيل: رواه من طريقه وبدون ذلك فيه إيهام قبيح. ثانيهما: أن عزوه للخلال فضيحة عظيمة وداهية كبيرة في تحقق جهل الشارح بهذا الفن وعظم تهوره وتخليطه كما سبق له نظير ذلك مرارا في رجال متعددين، كالبزار وأبي يعلى والطبرى والشيرازى، فكل نسبة أو كنية تشابه كنية حافظ [أو] نسبته فصاحبها هو ذلك الحافظ المشهور المخرج وإن اختلف الاسم، وتباعد التاريخ كما بَيَّنَاهُ مرارا، وكما وقع هنا، فإن الديلمى قال في مسند الفردوس [رقم: 4373]: أخبرنا الحسين بن عبد الملك الخلال أخبرنا الفضل الرازى أخبرنا ابن فناكى أخبرنا محمد بن هارون الرويانى ثنا بشر بن آدم ابن بنت أزهر السمان ثنا أبو عاصم ثنا موسى بن عبيدة ثنا عمران بن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبي ذر به. فالخلال المخرج صاحب المصنفات اسمه: أحمد بن محمد بن هارون، وهذا اسمه: الحسين بن عبد الملك، وأبو بكر الخلال المخرج مات سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، والمذكور في هذا السند المسمى حسين بن عبد الملك هو شيخ للديلمى المولود بعد السبعين وأربعمائة، وحيث وافقت نسبته نسبة الخلال المتقدم فهو هو في نظر هذا الشارح المتهور، وإن اختلف الاسم وتباين التاريخ. 2418/ 5949 - "فِي ثَقِيف كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ". (ت) عن ابن عمر (طب) عن سلامة بن الحر

قال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وليس كما قال، ففيه من طريق الترمذى عبد اللَّه بن عصم، قال ابن حبان: منكر الحديث، وخبر الطبرانى أعله الهيثمى بأن فيه نسوة مساتير. قلت: لو سكت الشارح لكان أستر لجهله، فإنه لا يعود من التعقب على المصنف إلا بالفضيحة، فعبد اللَّه بن عصم الذي في حديث ابن عمر، وإن قال ابن حبان فيه: إنه منكر الحديث، فقد ناقض هو نفسه فيه فذكره في الثقات ووثقه أيضًا ابن معين والعجلى، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: شيخ، ولهذا حسن له الترمذى هذا الحديث، وهو كما قال بالنسبة لهذا الطريق وحده، فهذا انضم إليه حديث سلامة بن الحر الذي هو على شرط الحسن أيضًا، فالمتن صحيح بلا خلاف فكيف وهو في صحيح مسلم من حديث أسماء بنت أبي بكر [رقم: 2545] بلفظ: "إن في ثقيف كذابا ومبيرا" كما سبق للمصنف في حرف الألف؟! فهو إذًا فوق الصحيح المتفق عليه، بيد أن الشارح لا يفهم من هذا الفن شيئًا ولا يريح الناس من التعب ولا نفسه من الفضول. 2419/ 5956 - "فِي كِتَابِ اللَّهِ ثَمَانُ آيَاتٍ لِلْعَينِ: الفَاتِحَةُ، وآيَةُ الْكُرْسِيِّ". (فر) عن عمران بن حصين قال في الكبير: ورواه عنه الميدانى أيضًا. قلت: هذا مخرج جديد اختلقه الشارح كأنه لما رأى هذه النسبة في رجال الإسناد عند الديلمى تعشقها للعزو، فأضاف إليها التخريج أو ذهب وهمه من الأمثال للميدانى إلى مصنف آخر في الحديث للميدانى البعيد عن هذا الميدان، والمقصود أنه لا يوجد في الدنيا ميدانى حافظ مسند مصنف يعزى إليه

إلا في وهم هذا الشارح المسكين. قال الديلمى في مسند الفردوس [رقم: 4372]: أخبرنا أبي أخبرنا أبو الحسن الميدانى أخبرنا ابن إبراهيم بن على الآملى بالرى حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن أحمد بن ماينا الحافظ ببخارى أخبرنا محمد بن إدريس البغدادى أخبرنا إبراهيم بن أحمد المستملى ثنا على بن طاهر ثنا أحمد بن محمد بن مخلد ثنا أحمد بن محمد الهاشمى عن محمد بن صالح الكتبي عن جعفر بن محمد البصرى عن زياد الأعلم عن الحسن عن عمران رفعه: "في كتاب اللَّه عز وجل ثمان آيات للعين لا يقرؤها عبد في دار فيصيبهم ذلك اليوم عين أنس أو جن: فاتحة الكتاب سبع آيات، وآية الكرسى". 2420/ 5957 - "فِي كُلِّ إشَارَة في التَّشَهُّدِ (¬1) عَشْرُ حَسَنَات". المؤمل بن إهاب في جزئه عن عقبة بن عامر قلت: قال المؤمل في جزئه: حدثنا زيد بن الحبان ثنا ابن لهيعة عن عبد اللَّه بن هبيرة عن أبي عشانة عن عقبة بن عامر به. 2421/ 5958 - "في كُلِّ ذَات كَبد حَرَّى أجْرٌ". (حم. هـ) عن سراقة بن مالك (حم) عن ابن عمرو قال في الكبير وسببه كما في مسند أبي يعلى، "قيل: يا رسول اللَّه، الضوال ترد علينا هل لنا أجر أن نسقيها؟ قال: نعم. . . " ثم ذكره، وقضية اقتصار المصنف على ابن ماجه أنه تفرد به، وهو ذهول، فقد خرجه الشيخان معا البخارى في بدء الخلق، وفي باب: الآبار عن أبي هريرة بلفظ: ¬

_ (¬1) في المطبوع من الفيض: "فِي الصَّلاةِ".

"في كل ذات كبد رطبة أجر" ومسلم في الحيوان عنه كمثل معناه، وعذر المصنف أنه في ذيل حديث المومسة التي سقت الكلب فلم يتفطن له. قلت: وتفطنت أنت له فعجبا لك ما أحفظك، بل عذر المصنف أنه عاقل غير مجنون وعالم غير جاهل، ثم ما عزاه لأبي يعلى من سبب ورود الحديث إبعاد في النجعة فإنه كذلك عند الأصلين المعزو إليهما وهما: مسند أحمد وسنن ابن ماجه، فلئن كان للمؤلف عذر كما زعمه الشارح في عدم عزوه إلى الصحيحين، فهو لا عذر له أصلًا في عزو سببه إلى أبي يعلى مع وجوده في الأصلين المذكورين، مع أن المؤلف ليس له حق أن يذكر عزوا في غير موضعه، وإنما الشارح يلصق به عيوبا ثم يتفضل عليه بالاعتذار عنه فجزاه اللَّه على ذلك. 2422/ 5962 - "فِي كُلِّ قَرْنٍ مِنْ أمَّتِى سَابِقُونَ". الحكيم عن أنس قال في الكبير: ورواه أبو نعيم والديلمى عن ابن عباس، فما أوهمه عدول المصنف للحكيم من أنه لا يوجد لأحد من المشاهير غير جيد. قلت: في هذا أخطاء، الأول: أن هذا الحديث ليس هو من حديث أنس عند الحكيم، بل هو عنده من مرسل محمد بن عجلان، قال في الأصل الخامس والأربعين ومائة: حدثنا أبي رحمه اللَّه قال: حدثنا محمد بن الحسن ثنا عبد اللَّه بن المبارك قال: حدثنا ليث بن سعد عن محمد بن عجلان قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . فذكره. وهكذا نقله المصنف في الخبر الدال أيضًا فما وقع هنا فهو سبق قلم أو سهو من الكاتب، فكان على الشارح أن ينبه على ذلك لا سيما وهو ينقل من النوادر كما نقل منها في الكلام على نفس هذا الحديث.

الثانى: أن أبا نعيم والديلمى لم يروياه من حديث ابن عباس، بل من حديث عبد اللَّه بن عمرو كما سأذكره. الثالث: أنه أطلق العزو إلى أبي نعيم لأنه رآه في مسند الفردوس مخرجًا من طريقه فلم يعرف في أي كتاب هو من كتب أبي نعيم مع أنه في الحلية في خطبتها وهو كثير النقل من الحلية فكان العزو إلى الأصل مع التبيين أولى، بل أوجب. قال أبو نعيم [1/ 8]: حدثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا إسماعيل بن عبد اللَّه ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب عن ابن عجلان عن عياض بن عبد اللَّه عن عبد اللَّه بن عمرو عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لكل قرن من أمتى سابقون". أما الديلمى فقال [4375 - مكرر]: أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا ابن فارس ثنا إسماعيل بن سمويه ثنا سعيد بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عن ابن عجلان بسنده، إلا أنه ذكره بلفظ: "في كل" بـ "الفاء". الرابع: أن أبا نعيم خرجه بلفظ: "لكل" بـ "اللام" كما ذكرناه، وقد ذكره المصنف في حرف اللام، وعزاه لأبي نعيم كما سيأتى إن شاء اللَّه، فلم يبق الإيهام إلا في قلم الشارح مع الجرأة والجهل والخطإ. 2423/ 5964 - "في لَيْلَة النِّصْفِ مْن شَعْبَانَ يُوحِى اللَّهُ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ بِقَبْضِ كُلِّ نَفْسٍ يُرِيدُ قَبْضَهَا في تلْكَ السَّنَة". الدينورى في المجالسة عن راشد بن سعد مرسلًا قال في الكبير: كتاب المجالسة في عدة أسفار.

قلت: لا بل هو في سفر واحد، وإنما هو في أربعة وعشرين جزءً حديثيا كانت عندى منه نسخة في مجلد متوسط غير مجزأة وضاعت مني، ثم وقعت إلى منه نسخة أخرى في مجلد كبير مجزأة على أربعة وعشرين جزءً، ثم إن هذا الحديث لم يسلك فيه المصنف طريقه في الترتيب، فإن هذا بعض حديث عند مخرجه. قال الدينورى: حدثنا أحمد بن خليد بن يزيد بن عبد اللَّه الكندى ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن راشد بن سعد أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه تبارك وتعالى يطلع إلى عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر لخلقه كلهم إلا المشرك والمشاحن، وفيها يوحى اللَّه عز وجل إلى ملك الموت بقبض كل نفس يريد قبضها في تلك السنة" اهـ. فالظاهر أن المصنف لم ينقل الحديث من الأصل، وإنما قلد فيه من نقله فتصرف فيه واختصره. 2424/ 5966 - "في هَذَا مَرَّةً، وَفِي هَذَا مَرَّةً، يَعْنِي: القُرْآنَ وَالشِّعْرَ". ابن الأنبارى في الوقف عن أبي بكرة قلت: هذا حديث باطل لأنه من رواية الكديمى وهو متهم. قال ابن الأنبارى في الوقف والابتداء: حدثنا الكديمى ثنا محمد بن عبيد اللَّه العتبى قال: حدثنا أبي عن المسيب بن شريك عن عبد الوهاب بن عبيد اللَّه بن أبي بكرة عن أبيه عن أبي بكرة قال: "كنت عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعنده أعرابي ينشده، فقلت يا رسول اللَّه أشعرا أم قرآنا؟ قال: في هذا. . " وذكره.

2425/ 5972 - "الفَارُّ منَ الطَّاعُونِ كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ، وَمَنْ صَبَرَ فِيهِ كَانَ لَهُ أجْرُ شَهِيدٍ". (حم) عن جابر قال في الكبير: قال الحافظ: جاء من حديث جابر بإسناد ضعيف، ومن حديث جابر بإسناد جيد اهـ. وقد أورده المصنف من حديث جابر واقتصر عليه ثم لم يكتف بذلك حتى رمز لصحته فانعكس عليه الحال. قلت: الحال انعكس عليك لا عليه، فإنه رمز لهذا الحديث بعلامة الضعف لأنه من رواية عمرو بن جابر الحضرمى عن جابر، هذا من جهة، ومن جهة فإن حديث عائشة ليس هو مثل حديث جابر لأنه ليس فيه: "ومن صبر عليه كان له أجر شهيد". قال أحمد [6/ 82]: حدثنا يحيى بن إسحاق ثنا جعفر بن كيسان حدثتنى عمرة بنت قيس العدوية قالت: سمعت عائشة تقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الفار من الطاعون كالفار من الزحف". 2426/ 5978 - "الفَخذُ عَوْرَةٌ". (ت) عن جرهد، وعن ابن عباس قال الشارح: جرهد بضم الجيم وسكون الراء وفتح الهاء، زاد في الكبير: أن حديثه خرجه أيضًا البخارى في التاريخ وأبو داود وأحمد والطبرانى، وأن حديث ابن عباس خرجه أيضًا أحمد وعبد بن حميد، وضعفه البخارى في التاريخ, وقال ابن حجر في المقدمة: فيه اضطراب، وقال في الإصابة: اختلفوا في إسناده اختلافا كثيرا وصححه ابن حبان مع ذلك، رواه البخارى في تاريخه وأحمد والطبرانى وغيرهم عن محمد بن جحش مرفوعًا، وعلقه

البخارى في الصحيح، ومما تقرر عرف أن اقتصار المؤلف على عزوه للترمذى وحده غير جيد. قلت: فيه أمور، الأول: جرهد بفتح الجيم والهاء كجعفر، وهذا هو المشهور وضبطه بعضهم أيضًا بضم الجيم والهاء معا كسنبل، أمَّا ضم الجيم وفتح الهاء كما قال الشارح، فهو من أخطائه اللازمة لقلمه. الثانى: لفظ حديث محمد بن جحش: " غلط فخذك، فإن الفخذ عورة" وكذلك لفظ حديث ابن عباس عند الآخرين: "غلط فخذك، فإن فخذ الرجل من عورته". وقد ذكرهما المصنف في حرف الغين سابقا. الثالث: لم يقل أحد أن الاستقصاء في العزو واجب على العالم أو شرط في العزو والتخريج ولا هو داخل في إمكان مخلوق، بل كل واحد يعزو إلى من تيسر له الاطلاع عليه، غاية ما في الباب أنه من الأفضل عندهم إذا كان الحديث في الصحيحين خاصة ألا يعزى إلى غيرهما، فما يقوله هذا الرجل إنما هو من جهله. الرابع: قد أخرج هذا الحديث جماعة يطول تتبعهم، منهم: الطيالسى [ص 162 - 163] والدارمى [2/ 281]، والحاكم [4/ 180] والبيهقى [2/ 228]، وأبو نعيم، والطحاوى في مشكل الآثار، والديلمى في مسند الفردوس [رقم: 4431] وآخرون، بل عزاه الحافظ لأشهر الكتب وهو موطأ مالك، كما أنه ورد أيضًا من حديث قبيصة، وعلي بن أبي طالب، فعدم عزو الشارح لهؤلاء غير جيد أيضًا. 2427/ 5979 - "الفَخْرُ وَالخُيَلاءُ فِي أهْلِ الإِبِلِ، وَالسَّكِينَةُ وَالوَقَارُ في أهْلِ الغَنَمِ". (حم) عن أبي سعيد

قال في الكبير: ظاهره أن ذا لا يوجد مخرجًا في أحد الصحيحين وهو ذهول، فقد عزاه في الفردوس لهما معا بلفظ: "الفخر والخيلاء في الفدادين من أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم" اهـ. بنصه، ثم رأيته فيه في كتاب الأنبياء كما ذكره. قلت: كذبت واللَّه، ما رأيته كذلك ولا خرجه البخارى لا في الأنبياء ولا في غيره كذلك، بل خرجه في بدء الخلق أولًا لا في الأنبياء، ومن حديث أبي هريرة ثانيا لامن حديث أبي سعيد، وأول الحديث عنده لفظ آخر ثالثا لا هذا اللفظ. قال البخارى [رقم: 3301]: حدثنا عبد اللَّه بن يوسف أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "رأس الكفر نحو المشرق، والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل والفدادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم". وهكذا أخرجه مسلم [52/ 91]، فهذا حديث آخر من حديث أبي هريرة، وأول حرف الراء، وقد ذكره المصنف سابقا في "الراء" وعزاه لمالك والشيخين، ولكن الشارح عدم الحياء قليل الدين. 2428/ 5980 - "الفِرَارُ مِنَ الطَّاعُونِ كَالفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ". ابن سعد عن عائشة قال في الكبير: وقضية كلام المؤلف أنه لم يره مخرجًا لأشهر ولا أحق بالعزو من ابن سعد، وإلا لما أبعد النجعة والأمر بخلافه، فقد رواه أحمد بما تتضمن المعنى المذكور وزيادة، ولفظه: "الفار من الطاعون كالفار من الزحف والصابر فيه له أجر شهيد" اهـ. فالعدول عنه غير سديد. قلت: بل كذبك غير سديد، فأحمد رواه [6/ 82] بلفظ اسم الفاعل

وهو: "الفار من الطاعون", وبدون زيادة ذكر "الصابر", وقد قدمه المؤلف في موضعه قريبًا من الفاء بعدها ألف، وابن سعد [8/ 490] خرجه بلفظ المصدر كما ترى، ولذلك أعاده المؤلف هنا؛ وإذ أعمى الشارح جهله عن رؤية هذا التدقيق، فكان الأولى له أن يسكت. * * *

حرف القاف

حرف القاف 2429/ 5993 - " قَابِلُوا النِّعَالَ". ابن سعد والبغوى والباوردى زاد في الكبير في جزئه (طب) وأبو نعيم عن إبراهيم الطائفى وما له غيره قلت: قوله عن الباوردى أنه خرج هذا الحديث في جزئه يدل على أنه ما شم رائحة لمعرفة هذا الفن، فكتاب الباوردى في الصحابة أشهر بين أهل الحديث من صحيح البخارى، ولكن هكذا الرجل، ومع ذلك ابتلاه اللَّه بالوقيعة في المؤلف الإِمام الحافظ المجتهد المحقق. 2430/ 5997 - "قَاتلْ دُونَ مَالِكَ حَتَّى تَحُوزَ مَالَكَ، أوْ تُقْتَلَ فَتَكُونَ مِنَ شُهَدَاءِ الآخِرَةِ". (حم. طب) عن مخارق قال في الكبير: مخارق في الصحابة بجلى وشيبانى وهلالى، فلو ميزه لكان أولى. قلت: ولم لم تميزه أنت وأنت الشارح المنتقد وهذا من شأنك لا من شأن الماعن (¬1) وبعد، فمخارق هذا هو الشيبانى، والحديث من رواية ابنه قابوس عنه. ¬

_ (¬1) الماعن: هو المتباعد في عدوه، ومنه أمعن الفرس إمعانًا تباعد في عدوه. انظر المصباح المنير (ص 220).

2431/ 5998 - "قَاتِلُ عَمَّار وَسَالبُهُ في النَّار". (طب) عن عمرو بن العاص، وعن ابنه قال في الكبير: ورواه عنه أحمد أيضًا، قال الهيثمى بعد ما عزاه إليهما: ورجال أحمد ثقات، فاقتضى أن رجال الطبرانى ليسوا كذلك، فعكس المصنف ولم يكتف بذلك حتى رمز لصحته. قلت: وأنت لم تكتف بعدم التمييز والفرق بين لفظ رواية أحمد ورواية الطبرانى حتى كذبت على المصنف ونسبت إليه أنه رمز لصحته، والواقع أنه لم يرمز له بشيء أصلًا مع أنه لو رمز له بالصحة لكان مصيبا، فإن رجاله عند الطبرانى رجال الصحيح غير أنه من رواية ليث بن أبي سليم، لكنه صرح فيه بالتحديث فكان على شرط الصحيح. وبعد، فاسمع لفظ رواية أحمد والطبرانى التي نقل كلام الهيثمى عليها، ونصه: وعن أبي الغادية قال: قتل عمار، فأخبر عمرو بن العاص، فقال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن قاتله وسالبه في النار" قيل لعمرو: فإنك هو ذا تقاتله؟ قال: إنما قال: "قاتله وسالبه". رواه أحمد، والطبرانى بنحوه، ورجال أحمد ثقات اهـ. فهذا اللفظ لا يتأتى للمصنف أن يذكره مطلقا؛ لأن المرفوع فيه لا يتم بغير ذكر الموقوف؛ إذ يكون متنه: "إن قاتله وسالبه في النار" فيبقى مبهما لا يعود الضمير فيه على معروف، ثم لو جاز له ذلك لكان موضعه حرف الألف لأنه مصدر بان. أما حديث الباب: فذكره الحافظ نور الدين في موضع آخر من مجمع الزوائد، فقال: وعن عبد اللَّه بن عمرو: أن رجلين أتيا عمرو بن العاص يختصمان في دم عمار وسلبه فقال عمرو: خليا عنه، فإنى سمعت رسول

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "قاتل عمار وسالبه في النار" رواه الطبرانى، وقد صرح ليث بالتحديث ورجاله رجال الصحيح اهـ. فليت هذا الرجل رفق بنفسه وسكت عن فضيحتها عند كل مناسبة يظن عندها أنه سيفضح المصنف ويشفى صدره منه. 2432/ 5999 - "قَارئُ سُورَة الكَهْفِ، تُدْعَى فِي التَّوْرَاةِ: الحَائِلَةُ، تَحُولُ بَيْنَ قَارِئِهَا وَبَيْنَ النَّارِ". (هب. فر) عن ابن عباس قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقى سكت عليه، والأمر بخلافه، وهو تلبيس فاحش، بل عقبه بقوله: تفرد به محمد بن عبد الرحمن الجذعانى هكذا وهو منكر. قلت: بل كلامك هذا كذب فاحش وصفاقة وجه متناهية، فالمصنف رمز له بعلامة الضعيف وهو يكتفى بذلك عن التصريح سواء في المخرجين في مراتب الحديث، ولكنك قليل الحياء. 2433/ 6033 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: الْكبْريَاءُ رِدَائِى، وَالْعَظَمَةُ إزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ". (حم. د. هـ) عن أبي هريرة (هـ) عن ابن عباس قال في الكبير: تبع في عزوه لأبي داود الإشبيلى، قال في المنار: ولا أعرفه عند أبي داود. . . إلخ. قلت: ذكر المصنف بعد هذا حديث: "قال اللَّه تعالى: الكبرياء ردائى والعز إزارى فمن نازعنى في شيء منهما عذبته" وعزاه لسمويه عن أبي سعيد وأبي هريرة، فكتب عليه الشارح في الكبير أيضًا: ورواه بنحوه أبو داود، وابن ماجه اهـ.

فبينما هو ينكر على المصنف عزوه لأبي داود ويقول: إنه قلد فيه الإشبيلى الذي يريد به عبد الحق صاحب الأحكام، وهو من التعبير الغريب في اسمه، إذ يعود فيستدرك على المؤلف في حديث آخر أن أبا داود خرجه وليس بينهما إلا بضعة أسطر، مع أن حديث أبي سعيد وأبي هريرة ما خرجه لا أبو داود ولا ابن ماجه، وإنما أخرجه البخارى في الأدب المفرد [رقم 552] ولكن بسياق آخر ولفظه: "العز إزاره والكبرياء رداؤه فمن نازعنى شيء منهما عذبته"، أما حديث أبي هريرة هذا فليس الأمر فيه كما قال صاحب المنار ولا كما ظنه الشارح بل هو موجودٌ في سنن أبي داود كما قال المصنف، قال أبو داود: ثنا موسى بن إسماعيل (ح) وثنا هناد بن السرى عن أبي الأحوص المغنى عن عطاء بن السائب، قال موسى: عن سلمان الأغر، وقال هناد: عن الأغر أبي مسلم عن أبي هريرة مرفوعًا به. وقد ذكره أيضًا الحافظ البوصيرى في زوائد ابن ماجه على الكتب الخمسة، فكأنه لم يكن في نسخته من سنن أبي داود أو لم يقف عليه فيه، واللَّه أعلم. 2434/ 6036 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أحَبُّ عبَادى إلَيَّ أعْجَلُهُمْ فِطْرًا". (حم. ت. حب) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال (ت): حسن غريب اهـ. وفيه مسلمة بن على الخشنى، قال في الميزان: شامى واه، وقال البخارى: منكر الحديث، والنسائى: متروك، وابن على: حديثه غير محفوظ ثم ساق له هذا الخبر. قلت: هذا الشارح رجل ابتلى اللَّه تعالى به الحديث وأهله، فهو جاهل لا يوافق الحق ولا يسكت عما لا يعلم فيوقع من يغتر به في الدواهى العظام

والأخطاء الجسام فمن يراه ينقل عن الترمذى أنه قال: حسن غريب يظنه راجع الحديث في سنن الترمذى، فإذا رآه نص بعد ذلك على أن فيه مسلمة ابن على يعتقد أن الأمر كذلك وأن الترمذى واهم في تحسينه، وكذلك ابن حبان في تصحيحه, والواقع خلاف ذلك، والحديث لا وجود لمسلمة بن على الخشنى في سنده أصلًا، وإنما الشارح سبق له قبل أن يبتلى اللَّه به كتاب الجامع الصغير أن رتب أحاديث الميزان على حروف المعجم، فهذا وجد حديثا في ترجمة رجل منه جزم بأن كل من خرج ذلك الحديث فقد أخرجه من طريقه، وذلك لقلة أمانته وعدم تحقيقه وفرط جهله بهذا الفن، فهؤلاء المذكورون ما خرج واحد منهم الحديث من طريق مسلمة بن على، قال أحمد [2/ 237]: حدثنا الوليد ثنا الأوزاعى حدثنى قرة عن الزهرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وقال الترمذى [رقم 700]: حدثنا إسحاق بن موسى الأنصارى ثنا الوليد بن مسلم هو شيخ أحمد به. ثم قال [رقم 701]: حدثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن ثنا أبو عاصم وأبو المغيرة عن الأوزاعى نحوه، ثم قال: حديث حسن غريب. وهكذا أخرجه جماعة أيضًا، قال أبو عمرو بن نجيد في جزئه: ثنا أبو مسلم الكشى ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل عن الأوزاعى به. وقال البيهقى في السنن [4/ 237]: أخبرنا أبو عبد اللَّه إسحاق بن محمد السوسى ثنا أبو العباس الأصم ثنا محمد ابن عوف ثنا أبو المغيرة ثنا الأوزاعى به. أما مسلمة بن على الخشنى فرواه عن هشام بن عمار عنه عن الأوزاعى به.

فهو أحد الرواة له عن الأوزاعى، وقد تابعه جماعة كما رأيت، ولم يخرجه أحد المذكورين من طريقه. 2435/ 6039 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أحَبُّ مَا تَعَبَّدَنِي بِهِ عَبْدِى إلَيَّ النُّصْحُ لِي". (حم) عن أبي أمامة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وليس كما قال، فقد قال الحافظ العراقى في شرح الترمذى: إسناده ضعيف اهـ. وأعله الهيثمى بأن فيه عبيد اللَّه بن زحر عن على بن يزيد، وكلاهما ضعيف. قلت: ليس كل ما يرويه الضعيف ضعيفًا، وعبيد اللَّه بن زحر صدوق يخطئ وشيخه حافظ مكثر، وكل مكثر لا بد أن تقع في حديثه المناكير إذا لم يكن ضابطا واعيا منتقيًا، والحديث تعرف صحته ونكارته من متنه أيضًا، وليس نظر الحافظين العراقى والهيثمى كنظر المؤلف، فهما ينظران للحديث باعتبار سنده فقط، والمؤلف يجمع بين ذلك وبين النظر في المعنى واللفظ الذي ينادى في هذا الحديث بالصحة مع وجود الشواهد لأصله، فإن هذا حديث طويل اختصره أحمد وطوله غيره. قال البيهقى في الزهد [رقم 702]: أنبأنا أبو طاهر الفقيه وأبو عبد الرحمن السلمى قالا: حدثنا أبو الحسن الطرائفى ثنا عثمان بن سعيد الدارمى ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب أخبرنى ابن زحر عن على بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه عز وجل يقول: ما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فأكون سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، وقلبه الذي يعقل به، وإذا دعاني أجبته، وإذا سألنى أعطيته، وإذا

استنصرنى نصرته، وأحب ما تعبد به عبدي النصح لي" وفي رواية السلمى: "وَأَعْبَدُ ما يَعْبُدُ به" اهـ. فهذا حديث أصله في الصحيح وله طرق متعددة صحيحة شاهدة له، وعلى متنه حلاوة النبوة وطلاوة الرسالة، فلا يضير كون راويه ضعيفًا في نظر الحافظ المحقق الجامع بين الرواية والنظر، خلاف ما عليه الحفاظ الجامدون ولا سيما الأقدمون منهم الذين لم يضربوا بسهم في النظر والمعقول أصلًا، كابن معين، وأبى حاتم، وأبي زرعة وأمثالهم الذين يحكمون بالوضع والنكارة على أحاديث مخرجة في الصحيحين لا من جهة الإسناد فقط، بل ومن جهة أخرى أيضًا، وهي كونهم لم يدركوا معناها ولا اتسعت مداركهم للجمع بينها وبين ما قد يبدو منه التعارض من نصوص أخرى، وهذا الحديث أيضًا من ذلك القبيل، فقد ذكره ابن أبي حاتم في العلل [رقم 1872] من طريق هشام بن عمار عن صدقة بن خالد قال: حدثنا عثمان بن أبي العاتكة عن على بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة به مطولًا كالذى قدمته إلا أنه قال في آخره: "وأحب عبادة عبدى إلى النصيحة" وذكر ابن أبي حاتم أنه سأل أباه عنه فأجابه: بأنه حديث منكر جدًا، مع أنه في الصحيح بتمامه ما عدا الجملة الأخيرة التي هي حديث الباب، وقد أفادتنا رواية ابن أبي حاتم للحديث وجود متابع لعبيد اللَّه بن زحر، وهو عثمان بن أبي العاتكة كما أشار لروايته أيضًا أبو نعيم في الحلية [8/ 175] فإنه روى الحديث من طريق ابن المبارك عن يحيى بن أيوب عن عبد اللَّه عن على بن يزيد به، مختصرا مثل ما هو في المتن هنا، ثم قال: رواه يحيى بن أيوب عن عبيد اللَّه مثله، ورواه صدقة بن خالد عن عثمان بن أبي العاتكة عن على بن يزيد مثله اهـ. كذا وقع في الأصل المطبوع عبد اللَّه مكبر، وذهب من الأصل اسم والده،

وأن أبا نعيم قال بعده: رواه يحيى بن أيوب عن عبيد اللَّه مثله، وكل هذا تحريف، فإن يحيى بن أيوب قد تقدم في أول السند عنده، وشيخه هو عبيد اللَّه ابن زحر بالتصغير، وكذلك وجدته عند ابن المبارك في الزهد قال [رقم 204]: أخبرنا يحيى بن أيوب عن عبيد اللَّه بن زحر فذكره بسنده مختصرا كما هنا. والمقصود أن الحديث حسن أو صحيح، وعلي بن يزيد لم يتفرد به، ومتنه شاهد لصحته، واللَّه أعلم. 2436/ 6043 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إذَا وَجَّهْتُ إِلَى عَبْد من عَبيدى مُصيبَةً في بَدَنه أوْ في وَلَده أوْ في مَاله فَاسْتَقْبَلَهُ بصَبْر جَميل -اسْتَحْيَيْتُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنْ أنْصِبَ لَهُ مِيزَانًا، أَوْ أنْشُرَ لَهُ دِيوَانًا". الحكيم عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه ابن على باللفظ المذكور، قال الحافظ العراقى: وسنده ضعيف. قلت: قد أبعد النجعة في الاستدراك بابن على مع أن الحديث فيما هو أشهر منه وهو مسند الشهاب للقضاعى ومسند الفردوس للديلمى كما سأذكره، وكذلك أخرجه الدينورى في المجالسة فقال: حدثنا أبو إسماعيل الترمذى ثنا عبد اللَّه بن عبد الجبار ثنا يعقوب بن الجهم قال: حدثنى عمرو بن جرير عن عبد العزيز -هو ابن زياد- عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن جبريل عن اللَّه تبارك وتعالى قال: "إذا وجهت. . " وذكره، ومن طريقه أخرجه القضاعى في مسند الشهاب [رقم: 1462] الذي رتبه الشارح. وقال الديلمى في مسند الفردوس: أنبأنا نصر بن محمد بن على الخياط أنبأنا أبي أنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن

دوزبه ثنا محمد بن عبد اللَّه بن بكار ثنا عثمان بن خرزاد ثنا عبد اللَّه بن عبد الجبار به. 2437/ 6046 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِذَا سَلَبْتُ منْ عَبْدى كَريمَتَيْه وَهُوَ بهمَا ضَنِينٌ، لَمْ أرْضَ لَهُ بِهِمَا ثَوَابًا دُونَ الْجَنَّة إِذَا حَمِدَنِي عَلَيْهِمَا". (طب. حل) عن العرباض قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه أبو بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف. قلت: ورد من غير طريقه، قال البخارى في التاريخ الكبير [8/ 412]: قال لي زكريا: ثنا الحكم بن المبارك ثنا يحيى بن سعيد الحمصى ثنا يونس -يعنى: ابن عثمان- عن لقمان بن عامر عن سويد بن جبلة عن العرباض بن سارية عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-[قال]: قال اللَّه عز وجل "إذا أخذت كريمتى عبدي هو بهما ضنين لم أرض له بهما ثوابا دون الجنة". 2438/ 6047 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إنِّي أنَا اللَّهُ لا إلَهَ إلا أنَا، مَنْ أقَرَّ لِي بِالتَّوْحِيدِ دَخَلَ حِصْنِي وَمَنْ دَخَلَ حِصْنِي أمِنَ مِنْ عَذَابِى". الشيرازى عن على قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: في إسناده ضعيف، وقول الديلمى: حديث ثابت -مردود. قلت: العراقى يتكلم على سند الحديث عند الشيرازى ومن وقف عليه. والديلمى يريد أن المتن ثابت في حد ذاته لأنه وارد عن على بن موسى الرضى من طرق متعددة بلغت حد الشهرة والاستفاضة بما يفيد ثبوته عن الرضى عليه

السلام، ولابد وقد ذكرت كثيرا من طرقه في مستخرجى على مسند الشهاب [2/ 372] بما لم أره مجموعا في غيره وللَّه الحمد فارجع إليه. 2439/ 6048 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، مَهْمَا عَبَدتَنى وَرَجَوْتَنى وَلَمْ تُشْركْ بي شَيْئًا غَفَرْتُ لَكَ مَا كَانَ منْكَ، وَإِنْ اسْتَقْبَلْتَنى بملْء السَّمَاء وَالأرْض خَطَايَا وَذُنُوبًا اسْتَقْبَلْتُكَ بِمِثْلِهِنَّ مِنَ الْمَغْفِرةَ، وَأغْفِرُ لَكَ وَلا أبالِى". (طب) عن أبي الدرداء قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: رواه الطبرانى في الثلاثة وفيه إبراهيم بن إسحاق الصينى، وقيس بن الربيع وفيهما خلاف، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: ما أصاب في الأول ولا في الثانى، وذلك أن ما نقله في الكبير عن الحافظ الهيثمى غلط عليه، فإنه قال ذلك في حديث ابن عباس لا في حديث أبي الدرداء، فإن حديث ابن عباس هو الذي رواه (طب) في الثلاثة وفيه إبراهيم الصينى وقيس بن الربيع. قال الطبرانى في الصغير [رقم 807]: ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا إبراهيم بن إسحاق الصينى ثنا قيس بن الربيع عن حبيب بن أبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: قال اللَّه عز وجل: "يا ابن آدم إنك ما دعوتنى ورجوتنى غفرت لك على ما كان فيك، ولو أتيتنى بملء الأرض خطايا لقيتك بملء الأرض مغفرة ما لم تشرك بي شيئًا، ولو بلغت خطاياك عنان السماء ثم استغفرتنى لغفرت لك" اهـ.

أما حديث أبي الدرداء فقال الهيثمى: فيه العلاء بن زيد، وهو متروك اهـ. وعليه: فحديث أبي الدرداء ضعيف السند جدًا، بل يكاد يكون موضوعا لأن العلاء المذكور متهم بالوضع، فإن قلت: الشارح تابع للمصنف فالخطأ منه. قلت: لا فإن المصنف حكم للمتن بأنه حسن، وهو كذلك باعتبار شواهده الكثيرة من حديث ابن عباس المذكور، وحديث أبي ذر وغيرهما. وأما الشارح فقال: إسناده حسن، وهو ليس كذلك كما ترى، فظهر الفرق بينهما. 2440/ 6049 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدى بِي، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ". (طب. ك) عن واثلة قلت: أخرجه أيضًا ابن المبارك في الزهد [رقم: 909] قال: أخبرنا هشام بن الغاز عن حبان أبي النضر حدثه قال: سمعت واثلة بن الأسقع به. وأخرجه ابن أبي الدنيا في حسن الظن [ص 16، رقم 2]: حدثنا زهير بن حرب ثنا شبابة بن سوار ثنا هشام بن الغاز به. وأخرجه الدولابى في الكنى [2/ 137 - 138]: أخبرنى أحمد بن شعيب أنبأنا سويد بن نصر ثنا عبد اللَّه عن هشام بن الغاز به. وأخرجه ابن شاهين في الترغيب قال: حدثنا نصر بن القاسم الفرائضى ثنا سريج بن يونس ثنا الوليد بن مسلم ثنا الوليد بن سليمان أخبرنا حيان به.

2441/ 6051 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِي، إنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ، وَإنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ". (حم) عن أبي هريرة قال الشارح: وفيه ابن لهيعة. قلت: وحديثه حسن، بل صحيح إذا وجد له متابع أو شاهد، وقد ورد له شاهد من حديث واثلة تقدم للمصنف بلفظ: "إن اللَّه يقول. . . "، ومن حديث جابر أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 111] قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن مندويه ثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى ثنا أحمد ابن عبيد ومحمد بن إبراهيم العسال ثنا إسماعيل بن عمرو ثنا الجراح بن مليح أبو وكيع عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه مكافئ كل عبد على ظنه به، خير فخير وشر فشر". 2442/ 6054 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ عَلمَ أنِّى ذُو قُدْرَةٍ عَلَى مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ غَفَرْتُ لَهُ وَلا أبالِى، مَا لَمْ يُشْركْ بي شَيْئًا". (طب. ك) عن ابن عباس قال في الكبير: قال (ك): صحيح، فرده الذهبى بأن حفص بن عمر العدنى أحد رجاله واه. قلت: حفص العدنى لم ينفرد به، بل تابعه إبراهيم بن الحكم عن أبيه، قال البغوى في التفسير: أخبرنا عبد الواحد المليحى أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين الحسينى أنا عبد اللَّه بن محمود بن الحسن الشرقى أنا أبو إسحاق الأزهرى أحمد بن الأزهر أخبرنا إبراهيم بن الحكم بن أبان حدثنى أبي عن عكرمة عن ابن عباس به مثله.

2443/ 6058 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَقَّتْ مَحَبَّتى عَلَى المتُحَابِّينَ، أظِلُّهُمْ في ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ القيَامَة يَوْمَ لا ظلَّ إلا ظلِّى". ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان عن عبادة بن الصامت قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير، وهو ذهول، فقد خرجه أحمد والطبرانى باللفظ المزبور، قال الهيثمى: ورجاله وثقوا اهـ. فعدول المصنف لابن أبي الدنيا واقتصاره عليه غير جيد. قلت: بل التهور والكذب وتقصد الأفاضل ممقوت غير جيد، فلفظ حديث عبادة الذي ذكره الهيثمى غير هذا، وفيه ما ليس في هذا، وفي هذا ما ليس فيه، ولفظه: "حقت محبتى على المتحابين في، وحقت محبتى للمتناصحين في، وحقت محبتى للمتزاورين في، وحقت محبتى على المتباذلين في، على منابر من نور يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون". فهل يقول عاقل: إن هذا هو اللفظ المزبور المختصر الذي فيه: "أظلهم في ظل عرشى"؟. ثم إن الهيثمى لم يعزه لأحمد كما افتراه الشارح أيضًا بل قال: رواه عبد اللَّه بن أحمد والطبرانى باختصار، والبزار ببعضه، ورجال عبد اللَّه والطبرانى وثقوا اهـ. 2444/ 6061 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِى المُؤْمنَ فَلَمْ يَشْكُنى إِلَى عُوَّاده أطْلَقْتُهُ منْ إسَارى، ثُمَّ أبْدَلْتُهُ لَحْمًا خَيْرًا مِنْ لَحْمِهِ، وَدَمًا خَيْرًا مِنْ دَمِهِ ثُمَّ يَسْتَأنِفُ الْعَمَلَ". (ك. هق) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الحاكم: على شرطهما، وأقره الذهبى في التلخيص لكنه قال في المهذب: لم يخرجه الستة لعلته، اهـ. وقال العراقى:

سنده جيد. قلت: أعرض الشارح عن ذكر ابن الجوزى لهذا الحديث في الموضوعات لا لعدم إطلاقه عليه، فإنه رتب ذلك الكتاب وأعده مرجعا للكلام على أحاديث هذا الكتاب، ولكنه أغفل ذلك عمدا؛ لئلا يضطر إلى الإشارة أو ذكر تعقب المصنف الذي أجاد في تعقبه غاية وأبان عن اطلاع واسع، وإنما يتعرض الشارح لذكر حديث عده ابن الجوزى في الموضوعات ولم يكن فيه من الكلام ما يستدعى طولا وإجادة يتسنى له أن يقول: وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل كعادته، ولولا خوف الإطالة لنقلت لك كلام المصنف في اللآلئ، ولكنه كتاب متداول فارجع إليه [2/ 396]. 2445/ 6067 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلنَّفْسِ: اخْرُجِى، قَالَتْ: لا أخْرُجُ إلا كَارِهَةً". (خد) عن أبي هريرة قلت: ترجم عليه البخارى في الأدب المفرد بترجمة غريبة وهي: باب من لم يشكر للناس، وأورد قبله حديث أبي هريرة: "لا يشكر اللَّه من لا يشكر الناس", والظاهر أنه أورده في هذا الباب لكونه مما تفرد به الربيع بن مسلم لأنه أورد الحديثين بسند واحد وهو [رقم 218, 219]: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا الربيع بن سليمان ثنا محمد بن زياد عن أبي هريرة به. وبهذا السند أخرجه أيضًا في التاريخ الكبير في ترجمة الربيع المذكور [3/ 275]، وأخرجه البيهقى في الزهد من طريق أبي حامد بن الشرقى [رقم 460]، ولعله في صحيحه: أنبأنا أحمد بن يوسف السلمى ثنا موسى بن إسماعيل به.

2446/ 6068 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، ثَلاثَةٌ: وَاحدَةٌ لي وَوَاحدَةٌ لكَ وَوَاحدَةٌ بَيْنى وَبَيْنَكَ، فَأمَّا الَّتي لي: فَتَعْبُدُنى لا تُشْرك بي شَيئًا، وَأَمَّا الَّتي لَكَ: فَمَا عَملْتَ منْ عَمَل جَزَيْتُكَ به، فَإنْ أغْفرْ فَأَنَا الْغَفُورُ الرَّحيمُ، وَأمَّا الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ: فَعَلَيْكَ الدُّعَاءُ وَالمسْألَةُ وَعَلَى الاسْتِجَابَةُ وَالْعَطَاءُ". (طب) عن سليمان قال (ش): وفيه ضعف، وقول المؤلف: حسن -غير حسن. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: وفيه حميد بن الربيع مدلس وفيه ضعف. قلت: حميد بن الربيع وثقه جماعة، وقال الدارقطنى: تكلموا فيه بدون حجة، فهذا شرط الحسن لا سيما إذا وجد لحديثه شاهد كهذا فقد ورد من حديث أنس. قال البزار في مسنده [19 - كشف]: حدثنا الحسن بن يحيى الأزدى، ومحمد بن يحيى القطعى قالا: حدثنا الحجاج بن المنهال حدثنا صالح المرى ثنا الحسن عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: يقول اللَّه تبارك وتعالى: "يا ابن آدم واحدة لك وواحدة لي وواحدة فيما بيني وبينك: فأما التي لي: فتعبدنى لا تشرك بي شيئًا، وأما التي لك: فما عملت من شيء أو من عمل وفيتكه، وأما التي فيما بيني وبينك: فمنك الدعاء وعلى الإجابة". ورواه ابن حبان في الضعفاء في ترجمة صالح المرى [1/ 368] بزيادة فقال: أخبرنا أبو يعلى ثنا أبو إبراهيم الترجمانى ثنا صالح المرى به، لكنه قال: "أربع خصال: واحدة منهن لي، وواحدة لك، وواحدة فيما بيني وبينك،

وواحدة فيما بينك وبين عبادى" فذكر مثل ما سبق، وقال: "وأما التي بينك وبين عبادى: فارض لهم ما ترضى لنفسك". وصالح المرى زاهد واعظ، إلا أن الحديث لم يكن من صناعته فوقعت في حديثه المناكير فتكلم فيه من أجلها, لكن إذا توبع ارتفع عنه الضعف، وزال ما يخشى منه. 2447/ 6069 - "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ لا يَدْعُونِي أغْضَبُ عَلَيْهِ". العسكرى في المواعظ عن أبي هريرة قلت: تقدم هذا الحديث مرفوعًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بلفظ: "إنه من لم يسأل اللَّه يغضب عليه" وهو عند البخارى في الأدب المفرد [رقم 658] والترمذى [رقم 3373]، والحاكم في المستدرك [1/ 491] وغيرهم. وفي الباب عن أنس مرفوعًا: "إن اللَّه تعالى. . . " كما هنا آخر حديث طويل أخرجه البغوى في التفسير من طريق أبي عبد الملك الدمشقى: أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن أنا منذر بن زياد عن صخر بن جويرية عن الحسن عن أنس مرفوعًا: "إن اللَّه تعالى يقول: يا ابن آدم إن ذكرتنى في نفسك ذكرتك في نفسى، وإن ذكرتنى في ملإ ذكرتك في ملإ خير منهم، وإن دنوت مني شبرا دنوت منك ذراعا، وإن دنوت مني ذراعا دنوت منك باعًا، وإن مشيت إلى هرولت إليك، وإن هرولت إلى سعيت إليك، وإن سألتنى أعطيتك، وإن لم تسألنى غضبت عليك". 2448/ 6071 - "قَالَ رَبُّكُمْ: لَوْ أنَّ عبَادى أطَاعُونى لأسْقَيْتُهُم المَطَرَ باللَّيْل، وَلأطْلَعْتُ عَلَيْهِمُ الشَّمْسَ بِالنَّهَارِ، وَلَمَا أسْمَعْتُهُمْ صَوْتَ الرَّعْدِ". (حم. ك) عن أبي هريرة

قال في الكبير: قال (ك): صحيح، ورده الذهبى بأن صدقة واه. قلت: ومن طريقه خرجه البزار [664 - كشف] وقال: لا يروى إلا بهذا الإسناد، هذا قال، وهو متعقب؛ فإنه روى بإسناد آخر لكنه وهم. قال البيهقى في الزهد [رقم 718]: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ حدثنى أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفى ثنا جعفر ابن محمد الرازى (ح) وأخبرنا أبو الحسين بن بشمران أنبأنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد اللَّه ثنا جعفر بن محمد الرازى ثنا عبد المؤمن ثنا عبد السلام -يعنى: ابن حرب- عن محمد بن واسع عن نهار العبدى عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يقول اللَّه تبارك وتعالى. . . " فذكره، قال البيهقى: كذا قالا، ثم أسنده [رقم 719] من طريق موسى بن إسماعيل: ثنا صدقة بن موسى عن محمد بن واسع عن سمير عن أبي هريرة به، ثم قال البيهقى: تابعه أبو داود عن صدقة وهذا هو الصحيح. 2449/ 6072 - "قَال لي جبْريلُ: لَوْ رَأيْتَنى وَأنَا آخُذُ مِنْ حَالِ البَحْرِ فَأدُسُّهُ فِي فِي فِرْعَونَ مَخَافَةَ أنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ". (حم. ك) عن ابن عباس قال في الكبير: قال (ك): صحيح على شرطهما، وأقره الذهبى في التلخيص لكنه قال في الميزان عن أحمد: إن يوسف بن مهران أحد رجاله لا يعرف، ثم ساقه بلفظه. قلت: خرج الحاكم هذا الحديث في موضعين من المستدرك: في الإيمان وفي التفسير، ليس في واحد منهما ذكر ليوسف بن مهران، فقال في الإيمان [1/ 57]:

أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعى ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل حدثنى أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن على بن ثابت وعطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رفعه أحدهما إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن جبريل كان يدس في فم فرعون الطين مخافة أن يقول: لا إله إلا اللَّه". حدثنا أبو على الحافظ أنبأنا عبدان الأهوازى ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا خالد بن الحارث ثنا شعبة أخبرنى على بن ثابت وعطاء بن السائب عن سعيد ابن جبير به نحوه وزاد: "فيرحمه اللَّه" ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال في التفسير [2/ 340]: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبى ثنا سعيد بن مسعود ثنا النضر بن شميل أنبأنا شعبة به، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، إلا أن أكثر أصحاب شعبة أوقفوه على ابن عباس اهـ. فالشارح من عادته إذا رأى حديثا مذكورا في ترجمة ضعيف يجزم بأنه موجود في سند كل من خرج الحديث دون تحقق من ذلك، والعجب أنه يرى الحديث في الأصول وينقل منها، ثم مع ذلك يجزم بوجود ذلك الضعيف فيها تهورا منه وخيانة. 2450/ 6077 - "قَالَ لي جبْريلُ: يَا مُحَمَّدُ، عشْ مَا شئْتَ، فَإنَّكَ مَيِّتٌ، وَاحْبِبْ مَنْ أحْبَبْتَ فَإنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ، فَإِنَّكَ مُلاقِيهِ". الطيالسي (هب) عن جابر قال في الكبير: وأورده ابن الجوزى من عدة طرق ثم حكم عليه بالوضع. قلت: سكوت الشارح على ذلك يوهم أن حكم ابن الجوزى مسلم، وأن

المصنف لم يتعقبه، مع أنه تعقبه فأجاد، وقد نقل كلامه سابقا في حرف: "أتانى جبريل" فأرجع إليه من كتابه وكتابنا هذا. 2451/ 6084 - "قَالَ دَاودُ: إدْخَالُكَ يَدَكَ في فَمِّ التِّنِّين إِلَى أنْ تَبْلغُ المرْفَقَ فَيَقْضِمُهَا -خَيْرٌ لَكَ مِنْ أنْ تَسْألَ مَنْ لَمْ يكُنْ لَهُ شَيْءٌ ثُمَّ كَانَ". ابن عساكر عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو نعيم والديلمى، فاقتصار المصنف على ابن عساكر غير سديد. قلت: ما قال أحد ذلك، وإنما هو شيء تخترعه للنيل من المؤلف، نعم أنت رأيت الديلمى أسنده من طريق أبي نعيم، فعزوته إليه من غير أن تعرف في أي كتاب هو من كتب أبي نعيم، فهذا هو الذي ليس بسديد، وأقبح منه كون الحديث في الحلية [4/ 81] في ترجمة وهب بن منبه، ولم تصرح بذلك ولا عرفته فيه، فلم تعيب غيرك بما هو فيك؟. 2452/ 6087 - قَالَ رَجُلٌ: لا يَغْفرُ اللَّهُ لفُلان، فَأوْحَى اللَّهُ تَعَالى إِلَى نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ: إنَّها خَطِيْئَتُهُ فَليَسْتَقْبِلِ العَمَلَ". (طب) عن جندب قلت: أخرجه أيضًا الطوسى في الثانى من أماليه بسياق آخر من طريق المفيد وهو محمد بن محمد بن النعمان قال: أنا أبو الطيب الحسين بن على بن محمد حدثنا أحمد بن محمد المقرى ثنا يعقوب بن إسحاق ثنا عمر بن عاصم ثنا معمر بن سليمان عن أبيه عن أبي عثمان النهدى عن جندب الغفارى: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن رجلًا قال يوما: واللَّه لا يغفر اللَّه لفلان، قال اللَّه عز وجل: من ذا الذي تآلى على

ألا أغفر لفلان، فإنى قد غفرت لفلان وأحبطت عمل المتآلى بقوله: لا يغفر اللَّه لفلان". 2453/ 6088 - "قَالَتْ أمُّ سُلَيْمَانَ بن دَاود لسُلَيْمَانَ: يَا بُنَيَّ، لا تُكْثر النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ النَّوْم بِاللَّيْلِ تَتْرُك الإنْسَانَ فَقِيرًا يَوْمَ القِيَامَةِ". (ن. هـ. هب) عن جابر قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن النسائى خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل عقبه بقوله: فيه يوسف بن محمد بن المنكدر متروك، وسنيد ابن داود لم يكن بذاك، وفيه أيضًا موسى بن عيسى الطرسوسى، قال الذهبى: قال ابن على: ممن يسرق الحديث، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات فلم يصب. قلت: في هذا عجائب، الأولى: الكذب على النسائى، فإنه ما قال شيئًا من هذا, ولا من عبارة أصحاب الأصول المسندة أن يقولوا: فيه فلان، وفيه فلان، وإنما ذلك من عبارة المتأخرين الذين يوردون الأحاديث بدون إسناد. الثانية: أن النسائى لم يخرج الحديث أصلًا لا بكلام ولا بغير كلام، لا في سننه الصغرى ولا في سننه الكبرى, ووجود رمزه في المتن خطأ من الناسخ جزما، فإن المؤلف ذكر هذا الحديث في حاشية بعض كتبه كحاشية ابن ماجه، واللآلئ المصنوعة، ولم يعزه إلى النسائى فتعين أنه من الناسخ فكانت هذه أعجب مما تقدم، وقد نص على أن الحديث مما تفرد به ابن ماجه عن بقية الستة. الثالثة: موسى بن عيسى لا وجود له في سند الحديث، وإنما الموجود محمد ابن عيسى وبون كبير بين موسى ومحمد.

الرابعة: محمد بن عيسى الطرسوسى حافظ كبير رحال، ذكره الذهبى في تذكرة الحفاظ [2/ 601]، ونقل ثناء الحاكم عليه، وما قاله ابن عدى لم يلتفت أحد إليه. الخامسة: ولئن كان ضعيفًا فلا أثر له في الحديث، فإن جماعة كثيرة تابعوه عليه من المصنفين الذين كانوا أقرانه، كابن ماجه وغيره، وما وجد هو إلا في سند البيهقى في الشعب فإنه قال [رقم 4746]: أنا أبو عبد اللَّه الحافظ أنا أبو العباس المحبوبى أنا محمد بن عيسى الطرسوسى أنا سنيد بن داود أنا يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر به. أما ابن ماجه فقال [رقم 1332]: حدثنا زهير بن محمد والحسن بن محمد بن الصباح والعباس بن جعفر ومحمد بن عمرو الحدثانى قالوا: حدثنا سنيد بن داود به. وأخرجه جماعة من غير طريقه أيضًا، قال الطبرانى في الصغير [رقم: 329] حدثنا جعفر بن سنيد بن داود المصيصى ثنا أبي به، ثم قال: لم يروه عن محمد بن المنكدر إلا ابنه يوسف تفرد به سنيد. وقال ابن حبان في الضعفاء [3/ 136]: حدثنا ابن قتيبة ثنا جعفر بن سنيد به. وقال أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين: ثنا أبو بكر مجمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشافعى ثنا محمد بن عبد اللَّه مربع (¬1) ثنا سنيد بن داود به. وقال البندهى: ¬

_ (¬1) كتب المؤلف فوقها "كذا".

أخبرنا أبو على الحسن بن أحمد بن محمد الموساباذى أنا أبو بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى ثنا الفضل بن محمد بن المسيب ثنا سنيد ابن داود به. وقال العقيلى [4/ 456]: حدثنا محمد بن عتاب بن المربع ثنا سنيد بن داود به. فلم يبق لذكر الطرسوسى معنى. 2454/ 6093 - "قَتْلُ الرَّجُلِ صَبْرًا كَفَّارَةٌ لمَا قَبْلَهُ منَ الذُّنُوب". البزار عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وهو وهم، فقد أعله الهيثمى بأن فيه صالح بن موسى بن طلحة، وهو متروك. قلت: المصنف دائمًا يحكم على الأحاديث لا على الأسانيد، والهيثمى يتكلم على الأسانيد وفرق بين المقامين، فحديث أبي هريرة وإن كان ضعيف السند إلا أن شواهده ترفعه إلى درجة الصحيح، وهي كثيرة منها: حديث عائشة المذكور بعده الذي عزاه المصنف للبزار أيضًا، ونقل الشارح نفسه عن الهيثمى أنه قال: رجاله ثقات، وقد أخرجه أيضًا ابن أبي عاصم في الديات قال: حدثنا عمرو بن على أبو حفص ثنا عامر بن إبراهيم عن يعقوب القمى عن عنبسة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به. وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 191]: أخبرنا عبد اللَّه بن جعفر بن أحمد ثنا محمد بن عامر حدثنى أبي ثنا يعقوب به. 2455/ 6096 - "قَدْ تَرَكْتُكُم عَلَى البَيْضَاءِ، لَيْلِهَا كَنَهَارِهَا،

لا يَزيغُ عَنْهَا بَعْدى إلَّا هَالكٌ، وَمَنْ يَعشْ منْكُم فَسَيَرَى اخْتلافًا كَثيرًا، فَعَلَيْكُم بمَا عَرَفْتُمْ منْ سُنَّتي وَسُنَّة الْخُلَفَاء الرَّاشدينَ الْمَهْديِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بالنَّواجذ، وَعَلَيْكُمْ بالطَّاعَة وَإنْ عَبْدًا حَبَشيًا، فَإنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالجَمَلِ الأنِف حَيثُمَا قِيْدَ انْقَادَ". (حم. هـ. ك) عن عرباض قال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أن ابن ماجه تفرد بإخراجه من بين الستة وهو ذهول، فقد رواه أبو داود. قلت: وقضية كلامك أن أبا داود انفرد به هو أو ابن ماجه من بين الستة وهو جهل، فإن الترمذى خرجه أيضًا لكن للمصنف عذر في عدم عزوه إليهما لأنه مرتبط بشرطه، وهو مراعاة ألفاظ المخرجين، وهذا الحديث لم يقع عندهما بهذا اللفظ، وأنت لا عذر لك لأنك لا تراعى شرطا ولا تعرف نظاما، فأبو داود خرجه في كتاب السنة من سننه [رقم 4607]، والترمذى في كتاب العلم من جامعه [رقم 2676]. 2456/ 6099 - "قَد أفْلَحَ مَن أسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ". (حم. م. ت. هـ) عن ابن عمرو بن العاص قال في الكبير: تبع في العزو لما ذكر عبد الحق، قال في المنار: وهذا لم يذكره مسلم، وإنما هو من عند الترمذى. . . إلخ. قلت: كل مخطئ يعارض قوله قول المصنف فهو في نظر الشارح مصيب والمصنف مخطئ، فهذا المنكر لوجود الحديث في صحيح مسلم مخطئ خطأ بينا، فإن الحديث في كتاب الزكاة من صحيح مسلم قال [رقم 1054]: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ عن سعيد بن أبي

أيوب حدثنى شرحبيل وهو ابن شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قد أفلح من أسلم ورزق كفافا، وقنعه اللَّه بما آتاه", ومن الغريب أن الحاكم خرجه في المستدرك في كتاب الأطعمة [4/ 123]، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وأخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [6/ 129]، والبغوى في التفسير عند قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى}، وابن شاهين في الترغيب قال [رقم: 275]: حدثنا عبد اللَّه بن سليمان هو ابن أبي داود ثنا محمد بن صدقة الحبلانى ثنا محمد بن حرب عن الزبيدى عن خالد بن مخلد عن عبد الرحمن بن سلمة عن عبد اللَّه بن عمرو به. 2457/ 6102 - "قَدْ رَحِمَهَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهَا ابْنَيْهَا". (طب) عن الحسن بن على وكتب الشارح: عن الحسن البصرى مرسلًا. ثم قال في الكبير: وهذا وهم أوقعه فيه أنه ظن أن الحسن البصرى وليس كذلك، بل هو الحسن بن على وليس بمرسل كما هو مبين في المعجم الكبير والصغير وجرى عليه الهيثمى وغيره، ثم قال الهيثمى: وفيه خديج بن معاوية الجعفى وهو ضعيف اهـ. وقد رمز المصنف لحسنه فوقع في وهم على وهم. قلت: هذا الرجل أقل خلق اللَّه حياء وأصفقهم وجها وأعظمهم غفلة، وأكثرهم بلادة، فالمتن وقع فيه: عن الحسن بن على مرسلًا، أي: الجمع بين ذكر على والد الحسن وبين لفظة: مرسلًا؛ مما يدل على أن لفظة: مرسلًا وهم

من الناسخ أو سبق قلم من المصنف؛ إذ من المستحيل أن يكتب المصنف: مرسلًا ويريد معناها مع كتابته: الحسن بن على، اللهم إلا إن أراد أنه مرسل صحابى، وهو بعيد، فجاء الشارح إلى اسم عليٍّ فحذفه ثم زاد لفظة: البصرى كذبا وافتراء من عنده، ليتسنى له التشنيع، فهل يرضى بمثل هذا إلا ساقط؟!. ثم إنه قال: في الحديث خديج بن معاوية بـ "الخاء" المعجمة، والواقع أنه حُدَيج بـ "الحاء" المهملة مصغرا وهو من رجال النسائى، قال فيه أحمد: لا أعلم إلا خيرا، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وقال الدارقطنى: غلب عليه الوهم، وقال البزار: سئ الحفظ -أي مع صدقه في نفسه- وهذا هو شرط راوى الحسن إذا وردت لحديثه الشواهد والمتابعات وعرف أصل مخرج حديثه، وهذا المعنى الذي فيه هذا الحديث بلغ حد التواتر، فالحديث حسن كما قال المصنف رغما على أنف الجاهل الكذاب. 2458/ 6106 - "قَدمْتُ الْمَدينَةَ وَلأهْل الْمَدينَة يَوْمَان يَلْعَبُونَ فيهمَا في الْجَاهليَّة، وَإنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ أبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ". (هق) عن أنس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وفيه محمد بن عبد اللَّه الأنصارى أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: قال أبو داود: تغير شديدا. قلت: بل جهلك بالرجال شديد وبالحديث أشد وبقدرك أشد وأشد، فمحمد ابن عبد اللَّه الأنصارى ثقة متفق على إخراج حديثه احتج به البخارى ومسلم في صحيحيهما، وأغرب من هذا أنه لم ينفرد به، بل تابعه فيه متابعة تامة حافظان جليلان مثله وهما: يزيد بن هارون ومروان بن معاوية الفزارى،

وأغرب من هذا أن متابعتهما عند البيهقى في نفس الإسناد، فواللَّه لو كان لأهل الحديث محتسب لضرب على يد هذا الجاهل ومنعه من الكلام على الحديث. قال البيهقى [3/ 277]: أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنبأنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمداباذى أنبأنا إبراهيم بن عبد اللَّه السعدى أنبأنا يزيد بن هارون أنبأنا حميد الطويل (ح) وأخبرنا محمد بن محمد بن محمش الفقيه أنبأنا أبو الفضل عبدوس بن الحسين ابن منصور ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازى ثنا محمد بن عبد اللَّه الأنصارى حدثنى حميد الطويل (ح) وأخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن هشام بن ملاس النميرى ثنا مروان بن معاوية الفزارى ثنا حميد الطويل عن أنس به. فهل يستجيز تعليل الحديث بمحمد بن عبد اللَّه الأنصارى إلا جاهل مجنون قد خلع ربقة الحياء من وجهه؟! نسأل اللَّه العافية. 2459/ 6107 - "قَدمْتُم خَيْرَ مَقْدَم، وَقَدِمْتُمْ مِنَ الجِهَادِ الأصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الأكْبَرِ: مُجَاهَدَةِ الْعَبْدِ هَوَاهُ". (خط) عن جابر قال في الكبير: ورواه عنه البيهقى أيضًا في كتاب الزهد، وهو مجلد لطيف، وقال: إسناده ضعيف، وتبعه العراقى. قلت: كتاب الزهد للبيهقى في مجلد لطيف كما قال، فيه خمسة أجزاء حديثية، وهذا الحديث في الجزء الثانى منها.

قال البيهقى [رقم 373]: أخبرنا على بن أحمد بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد ثنا تمتام ثنا عيسى بن إبراهيم ثنا يحيى بن يعلى عن ليث عن عطاء عن جابر قال: قدم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قوم غزاة، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قدمتم. . . " وذكره. قال البيهقى: هذا إسناد فيه ضعف اهـ. وأما الخطيب فقال [13/ 523 - 524]: أخبرنا واصل بن حمزة أخبرنا أبو سهل عبد الكريم بن عبد الرحمن بن محمد ابن أحمد بن سليمان ثنا خلف بن محمد بن إسماعيل الخيام ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن أبي حاتم بن نعيم حدثنا أبي أخبرنا عيسى بن موسى عن الحسن -وابن هاشم- عن يحيى بن أبي العلاء ثنا ليث عن عطاء بن أبي رباح به، كذا وقع عنده يحيى بن أبي العلاء ويقال: ابن العلاء، ووقع عند البيهقى: يحيى بن يعلى، وكلاهما موجود، وفي كل منهما مقال إلا أن ابن العلاء أضعف من ابن يعلى، وهو من رجال الترمذى، والأول من رجال أبي داود، والحديث له شواهد كثيرة يمكن جمعها في جزء مفرد، ولنا عزم على ذلك إن شاء اللَّه تعالى، وأعان عليه. 2460/ 6108 - "قَدِّمُوا قُرَيْشًا، وَلا تَقَدَّمُوهَا، وَتَعَلَّمُوا مِنْهَا، وَلا تُعَالِمُوهَا". الشافعى والبيهقى في المعرفة عن ابن شهاب بلاغًا (عد) عن أبي هريرة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن الشافعى لم يخرجه إلا بلاغا فقط وليس كذلك، فقد أفاد الشريف السمهودى في الجواهر وغيره: أن الشافعى

في مسنده وأحمد في المناقب خرجاه من حديث عبد اللَّه بن حنطب قال: خطبنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الجمعة فقال: أيها الناس، قدموا قريشا ولا تقدموها وتعلموا منها ولا تعلموها". قلت: قدمنا مرارا إن كل من خالف المصنف في شيء فهو حجة على المصنف في نظر هذا المعاند، ولو كان المصنف أعلم من ملء الأرض من ذلك المعارض فليت شعرى ما الذي ترك قول السمهودى حجة مقدما على قول المصنف ولم يكن قول المصنف حجة عليه؛ بحيث يتعقب به على السمهودى مع أن الواقع كذلك، فإن الشافعى ما خرج إلا بلاغ ابن شهاب فقال [2/ 194 - رتيبه]: حدثنى ابن أبي قديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قدموا. . . " وذكره ثم ذكر أحاديث أخرى ليس منها واحد كهذا ولا من رواية عبد اللَّه بن حنطب، فبان أن الواهم هو السيد السمهودى هذا إن كان الشارح صادقا في نقله غير كاذب ولا واهم عليه كعادته فلا بد من مراجعة جواهر العقدين، وليس عندنا وقت لذلك، ثم لو سلمنا أن الأمر كما يقول السيد السمهودى، فالشارح يعلم جيدا أن هذا اللفظ الذي أورده محله في ترتيب المصنف حرف الألف لأنه مصدر بأيها الناس، فأعجب لحال هذا الرجل ما أوقحه!. 2461/ 6115 - "قَرِّبِ اللَّحْمَ مِنْ فِيكَ، فَإنَّهُ أهْنَأ وَأمْرَأ". (حم. ك. هب) عن صفوان بن أمية قال: وإسناده صحيح لكن فيه انقطاع. قلت: لا يمكن أن يكون سندا صحيحا وفيه انقطاع؛ إذ الانقطاع علة لمنع الصحة، والرجل أراد أن يلخص ما ذكره في كبيره نقلا عن المنذرى فلم يعرف ما يقول.

2462/ 6147 - "قَلْبُ الْمُؤْمن حُلْوٌ يُحبُّ الْحَلاوَةَ" (هب) عن أبي أمامة (خط) عن أبي موسى قال في الكبير: وقال الخطيب رجاله ثقات غير محمد بن العباس بن سهل البزار، وهو الذي وضعه وركبه على هذا الإسناد ونقله عنه الذهبى وأقره، ومن ثم أورده ابن الجوزى في الموضوعات من طريق الخطيب وحكم بوضعه وتعقبه المؤلف بإيراده من طريق البيهقى ولم يزد على ذلك، وقد عرفت أن نفس البيهقى طعن فيه. قلت: الخطيب وابن الجوزى حكما بوضعه واتهما به محمد بن العباس بن سهل، وأنه هو الذي وضعه وركب له هذا الإسناد، فتعقب المؤلف ذلك بأن له طريقا آخر من غير رواية ابن سهل المذكور، وذلك يبرئ ساحته واتهامه بوضعه ثم أورده من عند البيهقى الذي رواه من تاريخ شيخه الحاكم بسند آخر، وهذا نهاية ما يطلب في التعقب وهو تبرئة ساحة المتهم بوضع الحديث، وكون البيهقى قال: حديث منكر لا يمنع من التعقب، والشارح إنما نقل قوله بواسطة المؤلف، فهو الذي نقل ذلك عنه في اللآلئ المصنوعة، فلو كان يعلم أنه مؤيد لقول ابن الجوزى بوضعه لما احتاج إلى نقله لكنه يعلم أن قول الحافظ في حديث أنه منكر، غير قوله: إنه موضوع، والبيهقى نفسه صرح بأنه لا يخرج في كتبه حديثًا يعلم أنه موضوع، ثم يكثر من إخراج الأحاديث التي ينص على أنها منكرة لأنه يريد بالمنكر معناه الاصطلاحى وهو ما تفرد به راو ضعيف لا يحتمل ضعفه التفرد، وهذا على حسب علمه وما بلغه، وإلا فهو غير متفرد به كما رأيت، فلو سكت الشارح لستر نفسه وأراح غيره.

2463/ 6149 - "قُلُوبُ ابن آدم تَلينُ في الشِّتَاء، وَذَلكَ لأنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِن طِينٍ، وَالطِّين يَلِينُ في الشِّتَاءِ". (حل) عن معاذ قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن أبا نعيم خرجه وأقره، والأمر بخلافه بل بين أن عمر بن يحيى متروك الحديث. قال في الميزان: أتى بخبر باطل شبه موضوع، ومن ثم حكم ابن الجوزى بوضعه وتعقبه المؤلف، فلم يأت بشيء. قلت: في هذا تعقب على المصنف والشارح، أما المصنف ففي إيراده هذا الحديث الموضوع الذي اعترف هو بوضعه. وأما الشارح فلأنه كذب على المؤلف في موضعين، أحدهما: في قوله: فظاهر صنيعه أن أبا نعيم. . . إلخ فإن صنيع المؤلف مصرح بأن الحديث ضعيف؛ إذ رمز له بعلامته، وهذا الكلام من أصله ساقط، فإن المصنف لا ظاهر لكلامه ولا باطن في هذا الباب ولا عرج هو على نقل كلام المخرجين إنما هي سخافة يسخف بها الشارح ليتوصل بها إلى التعقب فهذا كذب ممزوج بسخافة وسقوط مروءة. والموضع الثانى: وهو كذب ممزوج بجهل، قوله عن المؤلف: أنه تعقب ابن الجوزى فلم يأت بشيء، فإن المؤلف ما تعقب ابن الجوزى على هذا الحديث، بل أقره وأتى بما يؤيده من النقول، ونصه [1/ 98]: قلت: قال في الميزان: عمر بن يحيى متروك أتى بحديث شبه الموضوع وهو هذا، قال: ولا نعلم لشعبة عن ثور رواية. قال الحافظ ابن حجر في اللسان: وأظنه عمر بن يحيى بن عمر بن أبي سلمة ابن عبد الرحمن اهـ.

فهل يقول عاقل: إن هذا من المؤلف تعقب؟! والشارح يعلم جيدا أن المؤلف تارة يقول عقب كلام ابن الجوزى: قلت، فيأتى بالتعقيب وأحيانا يقول: قلت، فيأتى بما هو مؤيد لكلام الأصل كهذا الحديث ولكن الشارح يريد أن يفهم الجهلة أن كل ما يقول فيه المؤلف: قلت، فهو تعقب يمكنه أن يركب عليه قوله: فلم يأت بشيء، فاعجب هذا الرجل!. 2464/ 6150 - "قَليلُ الفقْه خَيْرٌ منْ كَثير العبَادَة، وكَفَى بالمَرْء فقْهًا إذَا عَبَدَ اللَّهَ، وَكَفَى بالمَرْء جَهْلًا إذَا أعْجبَ برَأيْه، وَإنَّمَا النَّاسُ رَجُلانِ: مُؤْمِنٌ، وَجَاهِلٌ، فَلا تُؤْذِ المُؤْمِنَ، وَلا تحَاور الجَاهلَ" (طب) عن ابن عمرو قال الشارح: وفيه ابن إسحاق. قلت: بل فيه انت، بلية ابتلى اللَّه بك هذ الكتاب، بل ابتلى بك الحديث وأهله، فأنت جاهل اشتهر بين الناس بالعلم، وكان واللَّه يجب حرق كتبك حتى لا توقع أهل العلم في هذه الأخطاء التي ما أتى بها بشر نعلمه، فابن إسحاق إذا أطلق عند أهل الحديث ينصرف إلى محمد بن إسحاق المشهور صاحب السيرة، وهو لا وجود له في سند الحديث، ولا لراوٍ يسمى ابن إسحاق، وإنما الموجود فيه على ما نقله هذا الرجل نفسه في الكبير: إسحاق ابن أسيد، ونصه: قال المنذرى: فيه إسحاق بن أسيد: لين، قال: ورفع الحديث غريب، وقال الهيثمى: فيه إسحاق بن أسيد، قال أبو حاتم: لا يشتغل به اهـ. ورواه عنه البيهقى أيضًا، وقال: قال أبو حاتم: إسحاق لا يشتغل به اهـ. هكذا يكتب في الكبير، ثم يقول في الصغير: فيه ابن إسحاق، فهل في الدنيا تلاعب بالعلم وأهله كهذا؟!.

وبمراجعة كلام الحافظ المنذرى يعلم أنه تلاعب به وحذف سنه وبدل فيه وغير. والحديث رواه أيضًا الدولابى في الكنى [2/ 65]، وابن عبد البر في العلم [رقم 90] كلاهما من طريق يحيى بن بكير قال: حدثنى الليث عن إسحاق بن أسيد عن ابن رجاء بن حيوة عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمرو به. ورواه البخارى في التاريخ الكثير [1/ 381]، وأبو نعيم في الحلية [5/ 173 - 174] كلاهما من طريق عبد اللَّه بن صالح حدثنا الليث به. ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث رجاء تفرد به إسحاق بن أسيد، ولم يروه عن رجاء إلا ابنه. قلت: وليس هو عاصما بل هو يزيد كما قال الدولابى عقبه، ورواه المقرى عن الليث فقال عن يزيد عن رجاء اهـ. قلت: وكذلك رواه البخارى في التاريخ الكبير [8/ 331] في ترجمة يزيد بن رجاء المذكور من رواية يحيى بن أيوب عن إسحاق بن أسيد عن يزيد بن رجاء به، لكنه ذكره معضلًا فلم يذكر أباه ولا عبد اللَّه بن عمرو. وكذلك رواه أيضًا [1/ 381] في ترجمة إسحاق بن أسيد عن معاذ بن فضالة عن يحيى بن أيوب، وعن ابن أبي مريم عن يحيى بن أيوب به. 2465/ 6152 - "قَلِيلُ العَمَلِ يَنْفَعُ مَعَ العِلْمِ، وَكَثِيرُ الْعَمَلِ لا يَنْفَعُ مَعَ الْجَهْلِ" (فر) عن أنس قلت: الحديث أخرجه أيضًا ابن عبد البر في العلم [رقم 214] وذكره المؤلف في ذيل الموضوعات من عند الديلمى من طريق مؤمل بن عبد الرحمن

النقطى عن عباد بن عبد الصمد عن أنس، ثم نقل عن ابن حبان أنه قال [2/ 171]: حدثنا ابن قتيبة ثنا غالب بن وزير ثنا مؤمل بن عبد الرحمن الثقفى حدثنا عباد ابن عبد الصمد عن أنس، بنسخة أكثرها موضوع. وقال البخارى: عباد بن عبد الصمد منكر الحديث، وقال الذهبى في المغنى: مؤمل بن عبد الرحمن ضعفه أبو حاتم اهـ. فكان الواجب على المصنف أن لا يذكره في هذا الكتاب. وأما ابن عبد البر فأخرجه من هذا الطريق، ثم قال [رقم 215]: وروى هذا عن ابن مسعود بسند صالح. 2466/ 6154 - "قُمْ فَصَلِّ، فَإنَّ فِي الصَّلاةِ شِفَاءٌ" (حم. هـ) عن أبي هريرة قلت: سكت الشارح على هذا الحديث فلم يتعرض لسنده ولا لسبب وروده الذي تكلم في الحديث من أجله، وذلك أنه عندهما من طريق ليث عن مجاهد عن أبي هريرة قال: "هجر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فهجرت، فصليت ثم جلست فالتفت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أشكمت درد، قلت: نعم يا رسول اللَّه، قال: قم فصل فإن في الصلاة شفاء". قال أبو الحسن بن القطان صاحب ابن ماجه: ثنا إبراهيم بن نصر ثنا أبو سلمة ثنا ذوَّاد بن علبه، فذكره نحوه، وقال فيه: "أشكمت درد؟ " يعنى تشتك بطنك بـ "الفارسية". قال أبو عبد اللَّه: حدث به رجل لأهله فاستعدوا عليه اهـ. وفي الآداب الكبرى لابن مفلج. وقد روى أحمد، وابن ماجه من حديث ليث بن أبي سليم، وفيه كلام عن مجاهد عن أبي هريرة فذكره، ثم قال: وروى موقوفًا على أبي هريرة أنه قاله لمجاهد.

قال البخارى: قال ابن الأصبهانى ليس له أصله، أبو هريرة لم يكن فارسيا، إنما مجاهد فارسى وقد روى من حديث أبي الدرداء مرفوعًا ولا يصح، قاله ابن الجوزى في جامع المسانيد اهـ. 2467/ 6157 - "قَوَائِمُ منْبَرى رَوَاتبُ في الجَنَّة" (حم. ن. حب) عن أم سلمة (طب. ك) عن أبي واقد قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: هذا يوهم أن الحديث ضعيف، أو أن سند الحديث ضعيف سواء من رواية أم سلمة أو من رواية أبي واقد مع أنه نص في الكبير نقلًا عن الحافظ الهيثمى أن في سند الطبرانى خاصة يحيى بن عبد الحميد الحمانى، وهو ضعيف، وسكت عن سند الحاكم، وعن سند حديث أم سلمة، مع أن يحيى بن عبد الحميد نفسه روى له مسلم في الصحيح، فكيف ولم ينفرد به؟! بل تابعه على روايته عن أبيه الحسن بن على بن عفان العامرى كما عند الحاكم [3/ 532]، فكيف بحديث أم سلمة الصحيح أيضًا؟!. 2468/ 6158 - "قِوَامُ أمَّتِى بِشِرَارِهَا" (حم. طب) عن ميمون بن سنباذ قلت: أخرجه أيضًا البخارى في التاريخ عن أحمد بن عبيد اللَّه الغدانى: ثنا هارون بن دينار العجلي البصرى -وأثنى عليه خيرا- قال: أخبرنى أبي قال: كنت على باب الحسن فخرج رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقال له: ميمون ابن سنباذ، فقال: يا أبا المغيرة، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول، وذكره. وأخرجه الدينورى في المجالسة قال: وأخرجه الدينوري في المجالسة قال: حدثنا إبراهيم بن فهد ثنا أحمد بن عبيد اللَّه الغداني به. قال الطبرانى في الصغير [رقم 80]:

حدثنا أحمد بن شبر بن (¬1) أيوب الطيالسي ثنا سليمان صاحب البصرى ثنا هارون بن دينار به، وقال: لا يروى عن ميمون إلا بهذا الإسناد، تفرد به هارون. 2469/ 6159 - "قِوَامُ الْمَرْءِ عَقْلُهُ، وَلا دِينَ لمَنْ لا عَقْلَ لَهُ". (هب) عن جابر قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، فإنه قال عقبه: تفرد به حامد بن آدم، وكان متهمًا بالكذب، فكان على المصنف حذفه، وليته إذ ذكره لم يحذف من كلام مخرجه علته. قلت: وإذا الأمر كما عرفت فلم قلدته وأوردته في كتابك كنوز الحقائق الذي سمنته بالمناكير والموضوعات السمجة الباردة من غير بيان ولا تنصيص ومن أجل هذا لم ينفع اللَّه بكتابك؟! أما المصنف فلم يكن من شرطه أن يقول كلام المخرجين، ولو فعل لجاء كتابه عدة مجلدات. 2470/ 6160 - "قُوا بِأمْوَالِكُمْ عَنْ أعْرَاضِكُمْ، وَلْيُصَانِعْ أحَدكُمْ بِلِسَانِهِ عَنْ دِينِهِ". (عد) وابن عساكر عن عائشة قال في الكبير: وفيه الحسين بن المبارك قال ابن عدى: متهم بالوضع، ثم ساق له هذا الحديث، فحذف المصنف ذلك من كلام ابن عدى غير جيد. قلت: بل عنادك غير جيد، فالعزو إلى ابن عدى بمجرده دليل على ضعف الحديث عند أهل الحديث، لاسيما والمصنف نص على ذلك في خطبة الأصل. ¬

_ (¬1) في المطبوع من الطبرانى الصغير: "بشير أبو".

2471/ 6163 - "قُولُوا خَيْرًا تَغْنَمُوا، وَاسْكُتُوا عَنْ شَرٍّ تَسْلَمُوا". القضاعى عن عبادة بن الصامت قال في الكبير: ظاهر كلام المصنف إنه لم يره لأحد من المشاهير مع أن الطبرانى خرجه باللفظ المذكور، قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح غير عمر ابن مالك الجنبي، وهو ثقة. قلت: كذب الشارح في قوله: باللفظ المذكور، بل هو قطعة من آخر حديث طويل اختصره القضاعى، ثم على هذا يقال له أيضًا: أن اقتصارك على عزوه للطبراني الذي تحد أحاديثه مجموعة مرتبة في مجمع الزوائد قصور عظيم، مع أن الحديث مخرج فيما هو أعلى منه وهو مستدرك الحاكم فإنه قال [4/ 286 - 287]: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الربيع بن سليمان ثنا عبد اللَّه بن وهب حدثنى أبو هانئ الخولانى عن عمرو بن مالك عن فضالة بن عبيد عن عبادة ابن الصامت: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج ذات يوم على راحلته وأصحابه معه. . . " فذكر الحديث بطوله في وصايته لمعاذ، وفي آخره هذا، ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. 2472/ 6168 - "قِيلُوا، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لا تَقِيلُ". (طس) وأبو نعيم في الطب عن أنس قال الشارح: وفي إسناده كذاب، فقول المؤلف حسن غير صواب، وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما ذكر، فقد قال الهيثمى: فيه كثير ابن مروان وهو كذاب. قلت: لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف، فالحافظ الهيثمى تكلم على سند الطبرانى، والمصنف عزاه لأبي نعيم، ومن عرف الشارح أن سند

الحديث عند أبي نعيم هو سنده عند الطبرانى؟. فإن الطبرانى خرجه من طريق كثير بن مروان [رقم 28]: عن أبي خالد الدالانى عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس. وقال: لم يروه عن أبي خالد إلا كثير بن مروان، وهو متعقب كما سأذكره. وأما أبو نعيم فأخرجه من وجه آخر فقال [في تاريخ أصبهان 2/ 353]: حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الوهاب ثنا عبد اللَّه بن عمر بن يزيد الزهرى حدثنا أبي ثنا أبو داود الطيالسي ثنا عمران القطان عن قتادة عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . .، فذكره. وقال أيضًا [2/ 194 - 195]: ثنا محمد بن إبراهيم بن على قال: قرأت بخط والدى إبراهيم بن على ثنا محمد بن عمر أخو رسته ثنا أبو داود هو الطيالسي به. فأين كثير بن مروان فيه؟!. ثم إن له طريقا ثالثا وإن كان ضعيفا، قال ابن حبان في الضعفاء [2/ 168]: حدثنا أحمد بن يحيى بن زهير بِتُسْتَر حدثنا عمر بن الخطاب السجستانى ثنا على بن عياش عن معاوية بن يحيى عن عباد بن كثير عن يزيد أبي خالد الدالانى بسنده السابق عند الطبرانى، وبه يتعقب عليه بقوله: إنه لم يروه عن أبي خالد إلا كثير بن مروان، ومع هذا فله شواهد كثيرة مرفوعة وموقوفة ذكرها الحافظ السخاوى في المقاصد، فلا نطيل بذكرها، ولا نذكر إلا ما هو من كيسنا، ومما لم يذكره السخاوى هناك: ما ذكره البخارى في الأدب المفرد (ص 181 من الطبعة الثانية) فارجع إليه. وقال الدينورى في الرابع عشر من المجالسة: حدثنا محمد بن أحمد بن النضر قال: سمعت ابن الأعرابى يقول: مر عبد

اللَّه بن عباس بالفضل ابنه وهو نائم نومة الضحى، فركله برجله وقال له: قم إنك لنائم الساعة التي يقسم اللَّه فيها الرزق لعباده، أو ما سمعت ما قالت العرب فيها؟ قال: وما قالت العرب فيها يا أبي؟ قال: زعمت أنها مكسلة مهرمة منساة للحاجة ثم قال: يا بنى نوم النهار على ثلاثة يوم حمق وهي نومة الضحى، ونومة الخلق، وهي التي روى: "قيلوا، فإن الشياطين لا تقيل"، ونومة الخرق، وهي نومة بعد العصر لا ينامها إلا سكران أو مجنون. وبالجملة فحديث الباب حسن كما قال المؤلف. 2473/ 6172 - "القَاصُّ يَنْتَظرُ الْمَقْتَ، وَالْمُسْتَمعُ يَنْتَظرُ الرَّحْمَة، وَالتَّاجرُ يَنْتَظرُ الرِّزْقَ، وَالْمُحْتكرُ يَنْتَظرُ اللَّعْنَةَ، وَالنَّائحَةُ وَمَن حَوْلَهَا مِنِ امْرَأةِ مُسْتَمِعِةَ عَلَيْهِنَّ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أجْمَعِينَ". (طب) عن ابن عمر، وابن عمرو، وابن عباس، وابن الزبير قال في الكبير: رواه الطبرانى عن عبد اللَّه بن أيوب بن زاذان عن شيبان بن فروخ الأيلى عن بشر بن عبد الرحمن الأنصارى عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن العبادلة الأربعة، وبشر الأنصارى، قال العقيلى وابن حبان: وضاع، وفي الميزان عن ابن عدى: من مصائبه أحاديث هذا منها، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات عن الطبرانى من هذا الطريق، وقال: لا يصح عبد الوهاب ليس بشيء، وابن زاذان متروك، وتبعه عليه المؤلف في مختصر الموضوعات وأقره عليه. قلت: الشارح من عجائب الدنيا بل من مصائبها، فلو رآه العقيلى وابن عدى وابن حبان لعدوه في طائفة الوضاعين والكذابين والمتهمين، وأصحاب الأخطاء الفاحشة والأوهام الكثيرة، ولأدخله ابن الجوزى في كتاب الحمقى والمغفلين فكل مصيبة يذكر بها الرجل في الضعفاء فهي مجموعة فيه، بل هو

آية فيها. فبشر بن عبد الرحمن الأنصارى لم يذكره الذهبى في الميزان، ولا هو الذي قال فيه العقيلى وابن حبان: وضاع، ولو كان كذلك لما تأخر ابن الجوزى عن إعلال الحديث به، وإنما جرته نسبة الأنصارى فأدخلته في زمرة الوضاعين عند هذا الرجل المغفل: وذلك أن الذهبى ترجم لبشر بن إبراهيم الأنصارى وأورد في ترجمته هذا الحديث لأنه رواه أيضًا عن سفيان عن منصور عن مجاهد، فخلطهما الشارح وجعلهما واحد غير مكترث بكون الذي عند الطبرانى اسم والده: عبد الرحمن، والذي في الميزان اسم والده: إبراهيم، ولا كون الذي عند الطبرانى رواه عن عبد الوهاب بن مجاهد، والذي في الميزان: رواه عن سفيان عن منصور عن مجاهد هكذا جعلهما رجلا واحدا، وجمع بينهما مع كون أحدهما مشرقا والآخر مغربا. ومن الغريب أن المصنف لم يتعقب ابن الجوزى مع أنه ورد لكل من اللذين أعل بهما الحديث متابع. قال القضاعى في مسند الشهاب [رقم 311]: أخبرنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن عمر التجيبى أنا أحمد بن بهزاد بن مهران الفارسى ثنا طاهر بن عيسى ثنا زهير بن عباد الرواسى ثنا أبو بكر الهاشمي عن عباد بن كثير عن سفيان الثورى عن مجاهد به. عباد بن كثير ضعيف. وقال ابن عدى [2/ 14]: حدثنا موسى بن عيسى الجزرى ثنا صهيب بن محمد ثنا بشر بن إبراهيم ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد به. وأخرجه الخطيب في التاريخ [9/ 424 - 425] من طريق عبد اللَّه بن أيوب

ابن زاذان شيخ الطبرانى بسنده. 2474/ 6173 - "القُبْلَةُ بِحَسَنَةٍ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرَةٍ" (حل) عن ابن عمر قلت: سكت عليه الشارح في الشرحين، فلم يتكلم لا على معناه ولا على سنده، وهو حديث باطل موضوع، لأنه من رواية إسماعيل بن يحيى التيمى وهو كذاب وضاع. قال أبو نعيم في ترجمة مسعر [7/ 1255]: حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه بن أيوب المعدل ثنا أبو برزة الفضل بن محمد الحاسب ثنا روح بن الفرج ثنا إسماعيل بن يحيى ثنا مسعر عن عطية عن ابن عمر قال: جاء أبو سعيد الخدرى إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومعه ابنه فقبله، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . وذكره. قال أبو نعيم: غريب من حديث مسعر تفرد به إسماعيل. قلت: وهذا كذب ظاهر. 2475/ 6175 - "القَتْلُ في سَبيلِ اللَّه يكَفِّرُ الذُّنُوبَ كُلَّهَا إلا الأمَانَةَ، وَالأمَانَةَ في الصَّلاة، وَالأمَانَةَ في الصَّوْمِ، وَالأمَانَةَ فِي الْحَدِيثِ، وَأشَدَّ ذَلِكَ الْوَدَائِعُ". (طب. حل) عن ابن مسعود. قال الشارح: بإسناد صحيح، وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وقال الهيثمى: رجاله ثقات. قلت: نعم، رجاله ثقات وذلك لا يستلزم أن يكون الحديث حسنا كما قال المصنف، فضلا أن يكون صحيحا لأنه من ثقة الرجال قد يكون معلولا علة تمنع من الصحة كما هنا، فإن الحفاظ الذين رووا هذا الحديث أوقفوه على

ابن مسعود، ولم يرفعه إلا إسحاق بن يوسف الأزرق، وهو وإن كان ثقة إلا أنه كان يغلط كما قال ابن سعد وغيره، فقد رواه منجاب بن الحارث عن شريك عن الأعمش عن عبد اللَّه بن السائب عن زاذان عن ابن مسعود به موقوفًا، أخرجه أبو نعيم [4/ 201]. وكذلك رواه عبد الرحمن بن مهدى عن أبي الأحوص سلام بن سليم عن الأعمش به موقوفًا. أيضًا أخرجه أبو نعيم، ورواه الطبرانى [10/ 10527] عن جعفر بن أحمد ابن سنان: ثنا تميم بن المنتصر ثنا إسحاق الأزرق عن شريك به مرفوعًا. وكذلك رواه أبو الشيخ في العوالى عن جعفر المذكور شيخ الطبرانى، وعن الطبرانى رواه أبو نعيم في الحلية. ولفظ الحديث بالوقف أشبه، وهو في الأصل مطول لا يشك من خابر الحديث أنه موقوف. 2476/ 6179 - "القَدَرُ سِرُّ اللَّهِ، فَلا تَفْشُوا سِرَّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ". (حل) عن ابن عمر قلت: أورد الشارح قوله: "القدر سر اللَّه" فقط وبدون عزو، ثم وظاهره أن هذا هو الحديث بتمامه، والأمر بخلافه، بل بقيته: "فلا تفشوا سر اللَّه عز وجل" ثم قال: لم يذكر المصنف له مخرجًا لعدم استحضاره لمن خرجه حال التصنيف. وقد خرجه أئمة مشاهير منهم: أبو نعيم في الحلية عن ابن عمر، وابن عدى في الكامل عن عائشة. قال العراقى: وكلاهما ضعيف ولا يقدح عدم الاطلاع على مخرجه في

جلالة المؤلف لأنه ليس من شرط الحافظ إحاطته بمخرج كل حديث في الدنيا. قلت: مشكور فضلك على هذا الاعتراف والاعتذار، وإن كان اعتذار حق أريد به باطل إلا أنه مع الأسف الشديد لم يصادف محلا، وكان مبنيا على غلط، فالمصنف ذكر الحديث بتمامه وعزاه لأبي نعيم في الحلية كما في سائر نسخ المتن، إنما الخلل من بصر الشارح، وعدم تحقيقه، ثم إنه كما غلط على المصنف في هذا كذلك غلط على ابن عدى في عزوه هذا الحديث إليه من حديث عائشة، وعلى الحافظ العراقى في نقل ذلك عنه، فابن عدى لم يخرج الحديث عن عائشة بل خرجه عن ابن عمر (¬1) أيضًا. أما أبو نعيم فأخرجه في ترجمة عمران القصير [6/ 182]، وأما ابن عدى ففي ترجمة الهيثم بن جماز [7/ 102] كلاهما من طريق آدم بن أبي إياس: ثنا الهيثم بن جماز عن أبي بكر عمران القصير عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تكلموا في القدر، فإنه سر اللَّه، فلا تفشوا اللَّه سره". وأما الحافظ العراقى فقال: أخرجه ابن عدى وأبو نعيم في الحلية من حديث ابن عمر: "القدر سر اللَّه فلا تفشوا اللَّه عز وجل سره" لفظ أبي نعيم. وقال ابن عدى "لا تكلموا في القدر فإنه سر اللَّه. . . " الحديث، وهو ضعيف، اهـ. كذا فرق بين لفظ ابن عدى وأبي نعيم، والذي نقلته من الحلية كما سبق مثل لفظ ابن عدى، فلعل الحافظ العراقى قلد في نقله، ولم ينقله من نفس الحليه، وكذلك المصنف، أما سبب ضعفه فهو الهيثم بن جماز، فإنه متروك ¬

_ (¬1) خرج ابن عدى حديث عائشة رضي اللَّه عنها في ترجمة يحيى بن أبي أنيسة بلفظ: "القدر سر اللَّه، من تكلم به يسأله عنه يوم القيامة. . . "، انظر (7/ 191).

وبعضهم كذبه. 2477/ 6180 - "القَدَريَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الأمَّةِ: إنْ مَرِضُوا فَلا تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ مَاتُوا فَلا تَشْهَدُوهُم" (د. ك) عن ابن عمر قال في الكبير: قال ابن المنذر: حديث منقطع وأشار إلى ذلك الحاكم حيث قال: على شرطهما إن صح لأبي حازم سماع من ابن عمر، كذا في التلخيص، وقال في المهذب: هو منقطع بين أبي حازم وابن عمر، وقال في الكبائر: رواته ثقات لكنه منقطع اهـ. ورده ابن الجوزى وقال: لا يصح. قلت: ابن الجوزى لم يورد حديث ابن عمر، ولا تعرض له، إنما أورد حديث أبي هريرة [1/ 275]: "لكل أمة مجوس. . . " الحديث، ثم إن الشارح ينقل تارة من العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، وتارة من الموضوعات، وفي كل منهما يقول ابن الجوزى: لا يصح لكنه أبهم النقل هنا، ولم يفصح بكون ابن الجوزى أورده في الموضوعات؛ لئلا يضطر أن يقول: وتعقبه المصنف فأجاد، أو على الأقل يكون قد نبه القارئ للرجوع إلى اللآلى المصنوعة [1/ 257]، فيكون كالباحث على حتفه بظلفه، فإن القارئ سيرى من تعقب المؤلف ما يسر الناظر ويبهج الخاطر فإنه رضي اللَّه عنه أفاد فأجاد، وأتى بما يطرب أهل الرواية والإسناد، وذكر من طرق الحديث ومتونه ما يصح أن يكون جزءًا حديثيًا مفردًا، والشارح لا يرضى برؤية ذلك ولا يحب لغيره أن يراه فسبحان قاسم الأخلاق. 2478/ 6182 - "القُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَا حَلَّ مُصَدَّقٌ، مَنْ جَعَلَهُ أمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ". (حب. هب) عن جابر (طب. هب) عن ابن مسعود

قال في الكبير: فيه الربيع بن بدر متروك. قلت: الحديث سنده واحد من رواية الأعمش إلا أنه اختلف عليه فيه، فبعضهم قال: عنه عن أبي سفيان عن جابر مرفوعًا، وبعضهم قال: عنه عن أبي وائل عن عبد اللَّه مرفوعًا، وبعضهم قال: عنه عن المعلى الكندى عن عبد اللَّه بن مسعود موقوفًا. أما روايته عن أبي سفيان عن جابر مرفوعًا فأخرجها أيضًا البزار في مسنده [122 - كشف] قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ثنا عبد اللَّه بن الأجلح عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأما روايته عن أبي وائل عن عبد اللَّه مرفوعًا فأخرجها أيضًا أبو نعيم في الحلية [4/ 108]: ثنا أبو إسحاق بن حمزة ثنا محمد بن سليمان (ح). وحدثنا محمد بن حميد ثنا عبدان بن أحمد قالا: حدثنا هشام بن عمار ثنا الربيع بن بدر عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد اللَّه به مرفوعًا. وقال أبو نعيم: غريب من حديث الأعمش تفرد به عنه الربيع اهـ. يريد مرفوعًا من حديث ابن مسعود. وأما روايته عن المعلى موقوفًا فقال أحمد في الزهد [ص 194]: ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن الأعمش عن المعلى -رجل من كندة- عن فلان ابن عبد الرحمن بن يزيد قال: قال عبد اللَّه "إن هذا القرآن. . . " وذكره، هكذا قال سفيان عن الأعمش، وخالفه غيره فلم يذكر فيه: فلان بن عبد الرحمن.

قال البزار [121 - كشف]: حدثنا أبو غريب ثنا عبد اللَّه بن الأجلح عن الأعمش عن المعلى الكندى عن عبد اللَّه بن مسعود قال. . . وذكره. وقال أبو الليث السمرقندى: حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن جعفر ثنا إبراهيم بن يوسف ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المعلى عن عبد اللَّه بن مسعود قال. . . وذكره. فالظاهر أن الحديث عند الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعًا، وعن المعلى عن ابن مسعود موقوفًا، ووهم الربيع بن بدر عليه في سنده، ورفعه عن ابن مسعود، واللَّه أعلم. 2479/ 6183 - "القُرْآنُ غِنًى لا فَقْرَ بَعْدَهُ وَلا غِنًى دُونَهُ". (ع) ومحمد بن نصر عن أنس قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف، وبينه تلميذه الهيثمى فقال: فيه عند أبي يعلى يزيد بن أبان الرقاشى، وهو ضعيف. قلت: هذا التعبير من الشارح يوهم أن يزيد بن أبان الرقاشى، إنما هو في سند أبي يعلى وحده، والرافع ليس كذلك. فإن الطبرانى قال [1/ 738]: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنا محمد بن عباد المكى ثنا حاتم بن إسماعيل عن شريك عن الأعمش عن يزيد بن أبان الرقاشى عن الحسن عن أنس به. وقال محمد بن نصر: ثنا محمد بن عباد المكى به. وهكذا ذكره القضاعى في المسند [رقم 276] من طريق الدارقطنى، قال

الدارقطنى: ورواه أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد الرقاشى عن الحسن مرسلا اهـ. قلت: وقد ورد من غير طريق الرقاشى، من رواية أبي عمرو بن العلاء عن الحسن عن أنس به. أخرجه الخطيب في التاريخ [13/ 16] وينظر سنده. 2480/ 6187 - "الْقُرْآنُ هُوَ الدَّوَاءُ". السجزى في الإبانة والقضاعى عن على قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: قال العامرى في شرح الشهاب: حسن صحيح اهـ. وفيه الحسن بن رشيق أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ثقة تكلم فيه عبد الغنى، وسعاد أورده الذهبى في ذيل الضعفاء، وقال: قال أبو حاتم: شيعى وليس بالقوى. قلت: في هذا أمور، الأول: أن المؤلف رمز لهذا الحديث بعلامة الضعف، والشارح نقل في الكبير عن العامرى أنه قال: حسن صحيح، ثم رأى في سنده من هو متكلم فيه ذهب إلى طريق الإصلاح والتوسط، فقال في الصغير: إنه حسن، وهذا طريق جديد مخترع في الحكم على الأحاديث. الثانى: قدمنا مرارا أن العامرى جاهل ساقط عن درجة الاعتبار، وأنه يصحح الأحاديث ويحسنها بهواه وذوقه ولو كانت موضوعة، ولا ينظر إلى الإسناد أصلا فهو جاهل ساقه اللَّه إلى الشارح، والأرواح جنود مجندة. الثالث: الحسن بن رشيق العسكرى، ثقة حافظ مصنف كثير الحديث لا يذكره في مثل هذا الموقف إلا جاهل لم يدر عن الحديث ورجاله شيئًا، وكون عبد

الغنى تكلم فيه، إنما ذلك لأجل المعاصرة، بل ولأنه امتنع من إعارته كتبه، والذهبى نفسه قال عنه: مصرى مشهور عالى السند لينه الحافظ عبد الغنى بن سعيد قليلا وثقه جماعة، وأنكر عليه الدارقطنى أنه كان يصلح في أصله ويغير، اهـ. زاد الحافظ في اللسان [2/ 207، رقم 922] وقد وثقه الدارقطنى في مواضع، وروى عنه في غرائب مالك حديثا فردا، وقال عنه شيخنا: ثقة لا بأس به. والتليين الذي أشار إليه قاله عبد الغنى بن سعيد في كتابه، فذكر أبو نصر الوايلى أنه سمع منصور بن على الأنماطى يقول: الحسن بن رشيق ثقة، قال: فقلت له: فعبد الغنى قد أطلق عليه؟ قال: أنا أخبرك أمره، كان يعطى أبا الحسن بن المنذر أصوله أعطاه مائة جزء وكان يقصر عن عبد الغنى فهناك وقع فيه. قال الوايلى: وسمعت أبا العباس النحال يقول: الحسن بن رشيق ثقة، فقلت له: فعبد الغنى قال فيه؟ قال: ما أعرف ما قال، هو ثقة، وإنما أنكر الدارقطنى عليه الإصلاح، فإنه كان يقبل من كل فيغير كتابه، مات في جمادى الآخرة سنة سبعين يعنى: وثلاثمائة، وله سبع وثمانون سنة. الرابع: الحديث خرجه ابن ماجه قبل أن يولد الحسن بن رشيق فهو عنده من الطريق التي خرجها منه القضاعى لكن بلفظ: "خير الدواء القرآن" كما تقدم للمصنف في حرف الخاء فقال ابن ماجه [رقم 3501، 3533]: حدثنا محمد بن عبيد بن عتبة بن عبد الرحمن الكندى ثنا على بن ثابت ثنا سعاد عن أبي إسحاق عن الحارث عن على به. وقال القضاعى [رقم 28]:

حدثنا أبو الحسن محمد بن المغلس ثنا الحسن بن رشيق ثنا أبو عبد اللَّه الحسن بن على الحسيني ثنا أحمد بن يحيى الأودى ثنا محمد بن عتبة وهو ابن عبيد ابن عتبة شيخ ابن ماجه. الخامس: سعاد ذكره ابن حبان في الثقات ومع ذلك فلم ينفرد به، بل توبع عليه. قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 265]: ثنا عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم ثنا أحمد بن محمد بن سعيد -هو ابن عقدة- ثنا الحسن بن على النقاش ثنا عقيل بن يحيى ثنا صالح بن مهران ثنا النعمان بن عبد السلام عن سفيان الثورى عن أبي إسحاق به. السادس: أنه أعل الحديث بمن لا ليس هو علة له وسكت عن علته في نظر أهل الحديث، وهو الحارث الأعور فإنه مشهور عندهم بالضعف، ويشهد لهذا الحديث حديث: "من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه اللَّه" وقد ذكرته بسنده في مستخرجى على مسند الشهاب، وحديث: "استشفوا بما حمد اللَّه به نفسه. . . " الحديث، وفي آخره: "فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه اللَّه" وقد سبق في حرف الألف. 2481/ 6188 - "القُصَّاصُ ثَلاثَةٌ: أمِيرٌ، أوْ مَأمُورٌ، أو مُحْتَالٌ". (طب) عن عوف بن مالك وعن كعب بن عياض. قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: فيه عبد اللَّه بن يحيى الإسكندرانى، ولم أجد من ترجمه ورواه عنه أيضًا أحمد والديلمى. قلت: له طرق متعددة عند ابن وهب في الجامع، وأحمد [6/ 23، 28]، والبخارى في التاريخ [3/ 266]، وأبي داود [رقم 3665] وجماعة،

وسيأتى في حرف "لا" إن شاء اللَّه. 2482/ 6191 - "القَلْبُ مَلكٌ، وَلَهُ جُنُودٌ، فَإذَا صَلَحَ الْمَلكُ صَلَحَتْ جُنُودُهُ، وَإذَا فَسَدَ الْمَلكُ فَسَدَتْ جُنُودُهُ، وَالأُذَنان قمعٌ، وَالْعَيْنان مَسْلَحَةٌ، وَاللسانُ تُرْجَمَانٌ، وَاليَدَان جَنَاحَان، والرِّجْلان بَرِيدٌ، وَالْكَبِدُ رَحْمَةٌ، وَالطِّحَالُ ضَحِكٌ، وَالْكُلَيَتان مَكْرٌ، وَالرِّئَةُ نَفَسٌ". (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: ثم قال البيهقى: قال الإمام أحمد: هكذا جاء موقوفًا ومعناه جاء في حديث النعمان بن بشير مرفوعًا اهـ، وعده في الميزان من المناكير. قلت: هذه غفلة من الشارح في موضعين، أحدهما: قوله عن البيهقى أنه قال: قال الإمام أحمد؛ لظنه أن المراد بالإمام أحمد هو ابن حنبل، وإن قائل قال: هو البيهقى وليس كذلك، بل المراد بالإمام أحمد هو البيهقى نفسه، وقائل قال: هو راوى الكتاب عنه على طريقة الأقدمين. الثانى: قوله قال الإمام أحمد: هكذا جاء موقوفًا. . إلخ، مع أنه يعلم أن المصنف لا يورد في هذا الكتاب الموقوفات، بل هو خاص للمرفوعات، والواقع أن البيهقى أخرج هذا الحديث من طريق عبد الرزاق [رقم 109]: أنبأنا معمر عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة موقوفًا، ثم قال: هكذا جاء موقوفًا ومعناه في القلب جاء في حديث النعمان بن بشير مرفوعًا. وقد رواه عبد اللَّه بن المبارك عن معمر بإسناده، وقال: رفعه ثم أسنده كذلك مرفوعًا، وهذا الطريق الثانى المرفوع هو الذي قصده المؤلف، أما الشارح فلما

رأى الطريق الأول لم ينظر فيما بعده، ولم يتنبه لكون الجامع الصغير مخصوصا بالمرفوع. 2483/ 6193 - "القَنَاعَةُ مَالٌ لا يَنْفَدْ". القضاعى عن أنس قال الشارح: إسناده واه. وقال في الكبير: فيه خلاد بن عيسى الصفار، ورواه الطبرانى في الأوسط عن جابر باللفظ المذكور، وزاد: "وكنز لا يفنى" قال الذهبى: وإسناده واه. قلت: هذا خلط فالذهبى إن كان قال ذلك فقد قاله في حديث جابر، أما حديث أنس فقد ذكره في الميزان [1/ 656]، ولم يقل فيه: واه. والشارح نقل ذلك من حديث جابر إلى حديث أنس وبينهما بون، فحديث جابر من رواية عبد اللَّه بن إبراهيم الغفارى عن المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر. أخرجه أبو الشيخ في العاشر من النوادر والنتف، والبيهقى في الزهد [رقم 104]، والقشيرى في الرسالة، وابن شاهين في الترغيب [رقم 305]، وذكر ابن أبي حاتم في العلل [رقم 1813]: أنه سأل عنه أباه فقال: إنه باطل، وذلك لأن عبد اللَّه بن إبراهيم الغفارى متهم بالوضع، أما حديث أنس فليس فيه إلا خالد بن عيسى الصفار، وقد وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: حديثه مقارب، واللَّه أعلم.

كمل الجزء الرابع من المداوى لعلل المناوى وذلك عشية يوم السبت ثالث وعشرة جمادى الثانية من سنة ثمان وستين وثلاثمائة وألف على يد جامعه الفقير إلى اللَّه تعالى أحمد بن محمد ابن الصديق غفر اللَّه له ويليه الجزء الخامس أوله حرف الكاف

رقم الإيداع بدار الكتب المصرية: 2891/ 96 الترقيم الدولي: 0 - 03 - 5235 - 977 بتاريخ: 3/ 2/ 1996 الطبعة الأولى

«من أَرَادَ صناعَة الحَدِيث فَعَلَيهِ بالمداوي» عبد اللَّه بن الصّديق المُداوي لعلل الْجَامِع الصَّغِير وشرحي الْمُنَاوِي [5]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

هَذِه هِيَ الطبعة الشَّرْعِيَّة الوحيدة لكتاب «المداوي» علمًا بِأَن الْحُقُوق مَمْلُوكَة بالكامل لدار الكتبي وَحدهَا وكل من يتجرأ على طبع الْكتاب سَوف يُتَابع قضائيًا

حرف الكاف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وسلم حرف الكاف 2484/ 6197 - " كاتمُ العِلم يلعنُه كلُّ شيءٍ حتى الحوت في البحرِ، والطَّير في السَّماء". ابن الجوزى في العلل عن أبي سعيد قال في الكبير بعد أن كمل اسم كتاب العلل بأنه العلل المتناهية في الأخبار الواهية: وقضية صنيع المصنف أن ابن الجوزى سكت عليه والأمر بخلافه، فإنه تعقبه بقوله: لا يصح فيه يحيى بن العلاء، قال أحمد: كذاب يضع. قلت: لو أدرك ابن الجوزى شارحنا لملأ من نوادره كتابه في أخبار الحمقى والمغفلين، فالمصنف يعزو الحديث للعلل المتناهية في الأحاديث الواهية [1/ 392] الذي معناه أن هذا الحديث واه لأنه واحد من تلك الأخبار الواهية،

والشارح يريد منه ما أراده العامى المستفتى من الفقيه إذ سأله عن صورة وقعت لابنته فاطمة، فأخذ الفقيه كتابا وتلى عليه النص في صورة المسألة عينها، فلم يقتنع به المستفتى، وقال: أريد أن أسمع فيه قضية فاطمة ابنتى باسمها. 2485/ 6198 - "كادَ الحليمُ أن يَكونَ نبيا". (خط) عن أنس قال في الكبير: فيه يزيد الرقاشى متروك، والربيع بن صبيح ضعفه ابن معين وغيره، ومن ثم أورده ابن الجوزى في الواهيات، وقال: لا يصح. قلت: في الباب عن عمر، أخرجه الطبرانى في الصغير قال [2/ 64]: حدثنا محمد بن على بن الوليد البصرى ثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعانى ثنا معتمر بن سليمان ثنا كهمس بن الحسن ثنا داود بن أبي هند عن الشعبى عن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب بحديث الضب، وفيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أما علمت أن الحليم كاد أن يكون نبيا" الحديث بطوله، وهو موضوع مركب كما قال البيهقى والذهبى، والمتهم به شيخ الطبرانى لأن الباقون ثقات. 2486/ 6199 - "كادَ الفَقْرُ أن يَكونَ كُفرًا، وكَادَ الحسدُ أن يَكُون سَبقَ القَدرَ". (حل) عن أنس قلت: قصر المؤلف في عزو هذا الحديث، وقد توسع الحافظ السخاوى فيه في المقاصد الحسنة [311/ 789]، وأطلت في إيراد أسانيده في مستخرجى على مسند الشهاب.

2487/ 6203 - "كانَ علَى مُوسى يومَ كلَّمَهُ ربُّه كِساءُ صوفٍ، وجُبَّة صوفٍ، وكمةُ صوفٍ، وسَرَاويلُ صوفٍ، وكانتْ نعلاهُ من جلدِ حمارٍ ميتٍ". (ت) عن ابن مسعود قال الشارح: وهو حديث منكر، بل قيل: موضوع. قلت: لم يقل أحد في الحديث: إنه موضوع، إنما قيل ذلك في زيادة زادها بعض الرواة، فأورد ابن الجوزى الحديث من طريق عبيد اللَّه بن محمد بن بطة [1/ 192]: ثنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا الحسن بن عرفة ثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد اللَّه بن الحارث عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلم اللَّه موسى يوم كلمه وعليه جبة صوف، وكساء صوف، ونعلاه من جلد حمار غير ذكى، فقال: من ذا العمرانى الذي يكلمنى من هذه؟ قال: أنا اللَّه". ثم قال ابن الجوزى: هذا لا يصح، وكلام اللَّه لا يشبه كلام المخلوقين، والمتهم به حميد انتهى. وتعقبه الحافظ في اللسان فقال [4/ 231]: كلا واللَّه، بل حميد برئ من هذه الزيادة فقد أنبأنا به الحافظ أبو الفضل العراقى أنبأنا أبو الفتح الميدومى أنبأنا أبو الفرج بن الصيقل أنبأنا الحسن بن عرفة ثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد اللَّه بن الحارث عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يوم كلم اللَّه موسى كانت عليه جبة صوف، وكساء صوف، وكمة صوف، ونعلاه من جلد حمار غير ذكى". وكذا رواه الترمذى [رقم 1734] عن على بن حجر عن خلف بن خليفة بدون هذه الزيادة.

وكذا رواه سعيد بن منصور عن خلف بدون هذه الزيادة. وكذا رواه أبو يعلى في مسنده عن أحمد بن حاتم عن خلف بن خليفة بدون هذه الزيادة. ورواه الحاكم في المستدرك [1/ 28] ظنا منه أن حميدًا الأعرج هو حميد بن قيس المكى الثقة وهو وهم منه، وقد رواه من طريق عمرو بن حفص بن غياث عن أبيه وخلف بن خليفة جميعا عن حميد بدون هذه الزيادة، وما أدرى ما أقول في ابن بطة بعد هذا؟ فما أشك أن إسماعيل الصفار لم يحدث بها قط اهـ. فإن [ابن] الجوزى جهل هذا أو تجاهله ليدفع التهمة عن ابن بطة الفقيه الحنبلى، وإلا فطرق الحديث كلها متفقة على عدم ذكر تلك الزيادة التي حكم ابن الجوزى بوضعها أو وضع الحديث من أجلها، فكان على الشارح ذكر هذا رفعا للإيهام. 2488/ 6204 - "كانَ داودُ أعبدَ البشرِ". (ت. ك) عن أبي الدرداء قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، فرده الذهبى بأن عبد اللَّه بن يزيد الدمشقى قال أحمد: أحاديثه موضوعة اهـ، وأفاد الهيثمى أن البزار رواه بإسناد حسن، وبه يعرف أن المصنف لم يصب حيث آثر الرواية التي فيها الكذاب على الرواية الحسنة، بل قال في جواهر العقدين: إن الحديث في صحيح مسلم. قلت: قدمنا مرارا أن كل قول يخالف قول المصنف فهو في نظر الشارح صواب، وإن كان أفحش الوهم وأقبح الخطإ، وقول المصنف خطأ ولو كان

صوابه أوضح من الشمس في رابعة النهار، ولو فتح اللَّه عين بصيرته لعلم أن الأمر بالعكس. فهذا الحديث قد وهم نيه كل من الذهبى والهيثمى، وأما الشارح فذلك عشه. أما الذهبى فإن الحاكم خرج الحديث من طريق محمد بن سعد الأنصارى عن عبد اللَّه بن يزيد الدمشقى [2/ 433]: ثنا عائذ اللَّه أبو إدريس الخولانى عن أبي الدرداء رضي اللَّه عنه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. ومن هذا الطريق نفسه خرجه الترمذى وقال: حسن غريب، وكذلك خرجه منه البخارى في التاريخ [3/ 1/ 229]، والدولابى في الكنى وآخرون. وقال الحاكم: صحيح الإسناد فتعفبه الذهبى بما نقل عنه الشارح، وذلك لظنه أن عبد اللَّه بن يزيد هو ابن آدم الدمشقى وليس كذلك، بل هو عبد اللَّه بن يزيد بن ربيعة، كذلك صرح به البخارى في التاريخ، فقال: حدثنى ابن سلام ثنا ابن فضيل عن محمد بن سعد عن عبد اللَّه بن يزيد بن ربيعة الدمشقى حدثنا أبو إدريس به. وكذلك قال الدولابى في الكنى: حدثنا النسائى أخبرنا واصل بن عبد الأعلى ثنا محمد بن فضيل عن محمد بن سعد عن عبد اللَّه بن يزيد بن ربيعة به. بل وقع عند الترمذى [رقم 3490] منسوبا إلى جده، فرواه عن أبي كريب عن محمد بن فضيل عن محمد بن سعد الأنصارى عن عبد اللَّه بن ربيعة الدمشقى به، وحسنه كما سبق. وأما الهيثمى [8/ 206] فوهم في ذكره الحديث في الزوائد مع كونه في الترمذى.

وأما الشارح فإنه ظن أن ما عزاه الهيثمى إلى البزار سنده غير سند الترمذى والحاكم وليس كذلك، بل هو عند البزار [8/ 206] من هذا الطريق أيضًا. وأما السيد السمهودى فمصيب فيما عزاه إلى مسلم، ولكنه ليس عند مسلم بهذا اللفظ ولا من حديث أبي الدرداء، بل هو عنده من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أثناء حديث طويل جدا في نحو ورقة [3/ 162، 163] وفيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: "فصم صوم داود نبي اللَّه فإنه كان أعبد الناس، قال: قلت: يا نبي اللَّه وما صوم داود؟ قال: كان يصوم [يوما] ويفطر يوما" الحديث. فأين هو من حديث الباب؟ 2489/ 6205 - "كان أيوبُ أحلمَ الناسِ وأصبرَ الناسِ واكظمَهُم لغيظٍ". الحكيم عن ابن أبزى قلت: تحرف هذا الاسم على الشارح بابزعى، فكتب عليه: كذا في نسخ، والذي في نوادر الأصول: أبزى. قلت: ما رأى ذلك في نسخ أصلا وإنما وقع في نسخته جرة فوق الياء لحصارت أبزعى أو كذلك تهيأ له، وإلا فالأصول كلها متفقة على الاسم كما هو مشهور: ابن أبزى، ولا يتصور من المصنف أن يكتبه أبزعى أصلا، لأنه لا وجود لهذا الاسم ولكن هكذا يطمع الشارح والى هذا الحد يصل به ما في باطنه، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون. والحديث خرجه الحكيم في الأصل السادس والثمانين والمائة (¬1)، قال [2/ 96]: ¬

_ (¬1) هو في الأصل الخامس والثمانين والمائة في المطبوع.

حدثنا عمر بن أبي عمر ثنا ابن رجاء عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن ابن أبزى به. 2490/ 6206 - "كان الناسُ يعودُون داودَ يَظُنونَ أنَ به مرضًا، وَمَا بِه إلا شدةُ الخوفِ منَ اللَّهِ تعالى". ابن عساكر عن ابن عمر قال في الكبير: رواه ابن عساكر في ترجمة داود، وكذا أبو نعيم والديلمى باللفظ المزبور، ولعل المؤلف لم يستحضر كلا منهما، وفيه عندهما محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، قال الذهبى: قال ابن حبان: يضع، وقال ابن عدى: متهم بالوضع، ورواه عنه أيضًا أبو نعيم والديلمى، فاقتصار المصنف على ابن عساكر غير سديد لإيهامه. قلت: لا ندرى ولا أحد معنا يدرى ما وجه عدم سداده، ولا ماذا يوهم سوى كون الحديث مخرجًا عند أبي نعيم [7/ 137] وعند ابن عساكر [14/ 338]، فاقتصر المصنف على عزوه لأحدهما، فكان ماذا؟ ولكن [الشارح] يريد أن يخرج من الحق باطلا ومن الصواب خطأ لعله ينفس بذلك عن صدره، وانظر إلى تكراره عزو الحديث لأبي نعيم والديلمى، لتعلم أنه يكتب وهو مفتون القلب مشغول البال لا هم له إلا استخراج عثرات المصنف الخيالية الموهومة المزعومة. ثم إنه رأى الديلمى [3/ 319، رقم 4843] أسنده من طريق أبي نعيم فصار يتجيش به من غير أن يكون هو الذي رأه عند أبي نعيم، ولا عرف في أي كتاب هو من كتبه، وهو عند أبي نعيم في ترجمة الثورى من الحلية [7/ 137]، فلو علم هذا لصار له ثلاثة أعين، ولكن اللَّه سلم.

2491/ 6207 - "كانَ زكريَّا نجارًا". (حم. م. هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا ابن ماجه ولم يخرجه البخارى. قلت: المصنف قد عزاه لابن ماجه [2/ 727 رقم 2150]، وبصر الشارح يضعف عن استيعاب جميع ما في المتن. والحديث رواه جماعة عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة كما هنا. ورواه عفان عنه بهذا السند عن أبي هريرة، فقال: عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قول اللَّه تبارك وتعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} قال: "كان إدريس خياطا، وزكريا نجارا"، رواه الدينورى في المجالسة عن محمد بن عبد العزيز عن عفان به. ورواه الخلال في الحث على التجارة والصناعة والعمل [ص 8] كما هنا في المتن، وذكر آثارا في صناعة بعض الأنبياء. 2492/ 6211 - "كان الحجرُ الأسودُ أشدَّ بياضًا من الثلجِ حتَّى سودتْهُ خطَايا بَنِى آدَم". (طب) عن ابن عباس قلت: هذا الحديث مما أغفله الحافظ الهيثمى فلم يورده في مجمع الزوائد، وقد ورد هذا المعنى عن ابن عباس من طرق متعددة كلها موقوفة عليه وبعضها عنه عن كعب، أخرجها الأزرقى في "تاريخ مكة"، وورد نحوه مرفوعًا من حديث أنس، قال الثقفى في الثامن من الثقفيات: حدثنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصوفى ثنا محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم ثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردى ثنا يونس بن بكير عن سعيد بن ميسرة عن أنس بن مالك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كان الحجر

من ياقوت الجنة، فمسحه المشركون فاسود من مسحهم إياه". 2493/ 6213 - "كَبِّرْ كَبِّرْ". (حم. ن. د) عن سهل بن أبي حثمة (حم) عن رافع بن خديج قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الترمذى، وابن ماجه في "الديات"، والنسائى في "القضاء"، فما أوهمه المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا أولئك غير صواب. قلت: فيه أمور، الأول: هؤلاء لم يخرجوا حديث رافع بن خديج أصلا، وإنما أخرجوا حديث سهل بن أبي حثمة، ووقع عند الترمذى من طريق يحيى ابن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة، قال يحيى: وحسبت عن رافع بن خديج أنهما قالا الحديث. الثانى: المصنف عزاه للستة وإنما بعض النساخ حرف رقم "4" إلى "دال"، فدفع الاقتصار على أبي داود. الثالث: النسائى لم يخرجه في القضاء، بل في القسامة عقب البيوع، وقبل القضاء بعدة كتب، وقد ورد من حديث ابن عمر في قصة الشراب، وفي سياقه ما يدل على أنه من قول الملك للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال أبو نعيم في الحلية [7/ 111]: حدثنا أبو أحمد الغطريفى ثنا القاسم بن زكريا ومحمد بن إسحاق السراج قالا: حدثنا أبو ميمون محمد بن زكريا المصيصى ثنا أشعث بن شعبة أبو أحمد ثنا أبو إسحاق الفزارى عن سفيان عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كنت أسقى ورجل عن يمينى، ورجل أشب منى، فناولت الشاب، فقيل لى: كبر، أي: اعط الأكبر"، قال أبو نعيم: تفرد

به الفزارى وعنه الأشعث. قلت: إن صح هذا الخبر فراويه واهم فيه ولابد، وصوابه: أن ابن عمر كان الساقى، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك. 2494/ 6214 - "كبَّرتِ الملائكةُ على آدمَ أربعًا". (ت) عن أنس (حل) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، ورده الذهبى بأن مبارك بن فضالة ليس بحجة. قلت: هذا يوهم أن الحاكم لم يتعرض لذكر فضالة مع أنه قال [1/ 385 - 386]: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والمبارك بن فضالة من أهل الزهد والعلم بحيث لا يجرح مثله، إلا أن الشيخين لم يخرجاه لسوء حفظه اهـ. ثم إن الشارح سكت على حديث ابن عباس، وهو من رواية محمد بن زياد الحنفى عن ميمون بن مهران عن ابن عباس، ومحمد بن زياد قال ابن حبان [2/ 250]: كان ممن يضع الحديث على الثقات ويأتى عن الأثبات بالأشياء المعضلات لا يحل ذكره في الكتب إلا على جهة القدح فيه، ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار عند أهل الصناعة خصوصا دون غيرهم، ثم قال: حدثنا السختيانى ثنا شيبان بن فروخ ثنا محمد بن زياد به. 2495/ 6215 - "كَبُرت خيانةً أن تُحدِّث أخاكَ حديثًا هُو لكَ بِه مُصدِّقٌ وأنتَ لَهُ بهِ كاذبٌ". (خد. د) عن سفيان بن أسيد (حم. طب) عن النواس قال في الكبير على حديث سفيان: قال النووي في الأذكار: إسناده ضعيف لكن لم يضعفه أبو داود، فاقتضى كونه حسنا عنده.

ثم قال (ش) على حديث النواس: قال المنذرى رواه أحمد عن شيخه عمر ابن هارون وفيه خلف، وبقية رجاله ثقات، وقال الهيثمى: عمر بن هارون ضعيف وبقيته ثقات، وسأل شيخه العراقى في حديث سفيان: ضعفه ابن عدى، وفي حديث النواس: سنده جيد. قلت: الحديثان كلاهما من رواية جبير بن نفير واختلف عليه فيه، فرواه عبد الرحمن بن جبير عن أبيه، فقال: عن سفيان بن أسيد، ورواه يزيد بن شريح عن جبير بن نفير، فقال: عن النواس بن سمعان. ثم إن الرواية الأولى أخرجها أيضًا ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثانى"، وابن سعد في "الطبقات" [7/ 139]، والبغوى في "الصحابة"، والقضاعى في "مسند الشهاب" [1/ 357]، كلهم من طريق بقية عن ضبارة بن مالك الحضرمى عن عبد الرحمن بن جبير به. والرواية الثانية أخرجها أيضًا أبو نعيم في الحلية [6/ 99] من طريق عمر بن هارون البلخى شيخ أحمد فيه، عن ثور بن يزيد عن يزيد بن شريح به، ثم قال أبو نعيم: تفرد به عمر بن هارون البلخى. قلت: وليس كما قال أبو نعيم، بل تابعه عليه الوليد بن مسلم، أخرجه البخارى في التاريخ الكبير [4/ 86] عن عبد اللَّه بن منير عن أحمد بن سليمان: ثنا الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد به. فالحديث من الطريقين صحيح واللَّه أعلم. 2496/ 6223 - "كُتِب عليَّ الأضْحَى، ولم يُكتَبْ عليكُم، وأُمِرتُ بصلاةِ الضُّحى، ولمْ تُؤمرُوا بهَا". (حم. طب) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الذهبى: فيه جابر الجعفى [ضعيف] جدا، بل كذاب رافضى خبيث، وقال ابن حجر في التخريج: حديث ضعيف من جميع

طرقه، وصححه الحاكم فذهل اهـ. لكن قال الهيثمى: رجال أحمد رجال الصحيح. قلت: هذا افتيات على الحفاظ، وغض من قدرهم وحط من مقامهم، لاسيما الحافظ ابن حجر فإنه من كبرهم حفظا وأشدهم إتقانا وأوسعهم اطلاعا، فإذا كان الحافظ الهيثمى يقول ذلك فمعناه أن الحافظ ما عرف ذلك الطريق الذي رجاله رجال الصحيح، أو رمى حكمه على ضعف طرقه جزافا من غير ضبط ولا تحقيق، أو يكون الحافظ نور الدين غير صادق فيما حكم به من كون رجال أحمد رجال الصحيح، وليس شيء من ذلك واقعا، إنما الشارح عديم الأمانة والتحقيق لا يضبط قولا ولا يحقق نقلا، فأحمد ذكر هذا الحديث [1/ 317] من نحو أربع طرق أو خمسة في كل منها جابر الجعفى، ومع وجوده لا يمكن أن يقول الحافظ الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، إنما أورد حديث الباب بلفظ [8/ 264]: "كتب على الفجر ولم يكتب عليكم"، ثم قال: وفي رواية: "أمرت بركعتى الضحى ولم تؤمروا بها، وأمرت بالضحى ولم تكتب"، ثم قال: وفي رواية: "ثلاث هن على فرائض، وهن لكم تطوع: الوتر، والفجر، وصلاة الضحى"، وفي رواية: "أمرت بركعتى الضحى والوتر ولم تكتب"، رواه كله أحمد بأسانيد، والبزار بنحوه باختصار، والطبرانى في الكبير والأوسط، وفي "ثلاث هن فرائض" أبو خباب الكلبى وهو مدلس، وبقية رجالها عند أحمد رجال الصحيح، وفي بقية أسانيدها جابر الجعفى وهو ضعيف اهـ. فأين هذا مما نقله عنه الشارح؟!.

2497/ 6224 - "كُتِبَ علَى ابنِ آدمَ نصيُبه من الزِّنَا مدركا ذلكَ لا محالَة، فالعينانُ زِناهُما النظرُ، والأذنانُ زِناهُما الاستماعُ، واللسان زِنَاه الكلامُ، واليدُ زناهَا البطشُ، والرِّجلُ زِناهَا الخُطَى، والقَلبُ يهوى ويتمنَّى، ويصدِّقُ ذلك الفرج أو يُكَذِّبُه". (م) عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه البخارى مختصرا. قلت: بل رواه بنحو ما هنا، لكن بلفظ: "إن اللَّه عز وجل كتب"، وقد سبق للمصنف في الألف عزوه للشيخين وغيرهما. والحديث خرجه أيضًا أحمد [2/ 276]، والطبرانى [10/ 155، 156/ 10303] والحاكم في المستدرك [1/ 55] والدينورى في المجالسة، والطحاوى في مشكل الآثار وغيره، والقضاعى في مسند الشهاب وآخرون. 2498/ 6225 - "كثرةُ الحجِّ والعمرةِ تمنعُ العيْلةَ". المحاملى في أماليه عن أم سلمة قال الشارح: المحاملى هو أبو الحسين بن إبراهيم. قلت: المحاملى هو أبو عبد اللَّه الحسين بن إسماعيل بن محمد، فلا كنيته أبو الحسين، ولا إبراهيم أبوه ولا جده (¬1). 2499/ 6225 - "كَرامةُ الكتابِ خَتْمُه". (طب) عن ابن عباس قال (ش): وفي رواية: "إكرام الكتاب". ¬

_ (¬1) انظر الأمالى: (1/ 278، رقم 63).

قلت: ليس كذلك، بل الرواية الأخرى: "كرم الكتاب"، زاد عند القضاعى وهو قوله تعالى: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ}. 2500/ 6229 - "كرمُ المرءِ دينُه، ومروءتُه عقلُه، وحسبُه خُلقُه". (حم. ك. هق) عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه البيهقى من وجهين وضعفهما، وقال الحاكم: على شرط مسلم، ورده الذهبى بأن مسلم بن خالد الزنجى ضعيف، وقال البخارى: منكر الحديث، وقال الرازى: لا يحتج به. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن البيهقى لم يخرج الحديث من وجهين، لا ضعيفين ولا صحيحين، وإنما رواه من وجه واحد [10/ 195]، وقال: هذا يعرف لمسلم بن خالد الزنجى، وقد روى من وجهين آخرين ضعيفين اهـ. فعبر الشارح بأنه رواهما. ثانيهما: أن الذهبى لم يقل كل ما نقله الشارح، بل: مسلم بن خالد ضعيف، ولم يخرج له مسلم اهـ (¬1). والحديث خرجه أيضًا ابن أبي الدنيا [ص 17، رقم 1]، والطبرانى كلاهما في مكارم الأخلاق لهما، والدينورى في المجالسة، وابن حبان في روضة العقلاء كلهم من طريق مسلم بن خالد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة به، ومسلم ابن خالد ضعيف كما سبق. وله طريقان آخران ضعيفان -كما أشار إليه البيهقى- أحدهما رواه الحاكم من طريق أحمد بن المقدام [1/ 23، 2/ 163]: ¬

_ (¬1) انظر الميزان (4/ 102، رقم 8485).

ثنا المعتمر عن عبد اللَّه بن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن جده عن أبي هريرة به مثله. وثانيهما رواه القضاعى من طريق أبي يعلى [1/ 143]. ثنا محمد بن المثنى ثنا مهدى بن سليمان ثنا ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة به مرفوعًا بلفظ: "كرم المرء تقواه، ومروءته خلقه، ونسبه دينه، والجبن والجرأة غرائز يضعها اللَّه حيث يشاء". وفي الباب عن على ومحمد بن على معضلا، وعمر موقوفًا، ذكرتها في مستخرجى على مسند الشهاب. 2501/ 6231 - "كَسْرُ عَظْم الميِّت كَكَسرِه حيّا". (حم. د. هـ) عن عائشة قال الشارح: وما ذكره من أن الحديث هكذا هو ما وقع في نسخ الكتاب، والموجود في أصوله القديمة الصحيحة: "كسره عظم الميت وأذاه" إلى آخره، هكذا هو عند مخرجيه المذكورين، فسقط من قلم المؤلف: "وأذاه". قلت: قبح اللَّه الكذب والتهور، فلفظة: "وأذاه" لا توجد عند أحد من مخرجى هذا الحديث المذكورين لا في الأصول القديمة الصحيحة، ولا في الأصول الحديثة السقيمة، وإنما التهور واستسهال الكذب يوقع في المخازى والمهازل، فاسمع نصوص أصول الحديث ولا تضجر، فإن المقام مقام تحقيق الحق بين خصمين ظالم ومظلوم، قال أحمد [6/ 105]: حدثنا أبو سعيد ثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي الرجال من بنى النجار قال: سمعت أبا الرجال يحدث عن عمرة عن عائشة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كسر عظم الميت ككسره حيا". وقال أيضًا [6/ 58]:

حدثنا ابن نمير ثنا سعد بن سعيد قال: أخبرتنى عمرة قالت: سمعت عائشة تقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن كسر عظم المؤمن ميتا مثل كسره حيا". وقال أيضًا [6/ 100]: حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن الأنصارى "قال: قالت لى عمرة: أعطنى قطعة من أرضك أُدفنُ فيها فإنى سمعت عائشة تقول: "كسر عظم الميت مثل كسر عظم الحى". قال: محمد وكان مولى من أهل المدينة يحدثه عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال أيضًا: حدثنا عبد الرراق أنا داود بن قيس عن سعد بن سعيد أخي يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كسر عظم الميت ككسره وهو حى"، قال: يرون أنه في الإثم. وقال أيضًا [6/ 200]: حدثنا محمد بن بكير أنا ابن جريج أخبرنى سعد بن سعيد أخو يحيى بن سعيد أن عمرة بنت عبد الرحمن أخبرته عن عائشة أنها سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن كسر عظم الميت ميتا كمثل كسره حيا". وقال أيضًا [6/ 264]: حدثنا شجاع بن الوليد عن سعد بن سعيد أخي يحيى ابن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن كسر عظم المؤمن ميتا مثل كسر عظمه حيا". وقال أبو داود [3/ 210، رقم 3207]: حدثنا القعنبى ثنا عبد العزيز بن محمد عن سعد -يعنى ابن سعيد- عن عمرة

بنت عبد الرحمن عن عائشة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كسر عظم الميت ككسره حيا". وقال ابن ماجه [1/ 516، رقم 1616]: حدثنا هشام بن عمار ثنا عبد العزيز ابن محمد الدراوردى، بسنده ومتنه سواء. فهذه نصوص الأحاديث في هذه الأصول، ليس في شيء منها ما افتراه الشارح، وأزيدك نصه في أصول أخرى حتى تزداد يقينا بتهوره: قال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا الفضل بن دكين وعمرو بن الهيثم حدثنا المسعودى قال: حدثنى أبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن، قالت لبنى أخ لها: أعطونى موضع قبرى في حائط -ولهم حائط يلي البقيع- فإنى سمعت عائشة رضي اللَّه عنها تقول: "كسر عظم الميت ميتا ككسره حيا". أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسى ثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن قال: قالت لى عمرة: انظر قطعة من أرضك أدفن فيها، فإنى سمعت عائشة رضى اللَّه عنها تقول: "كسر عظم الميت ككسره حيا". وقال البخارى في التاريخ الكبير [1/ 1/ 150]: ثنا آدم ثنا شعبة ثنا محمد بن عبد الرحمن الأنصارى: سمعت عمتى سمعت عائشة قالت: "كسر عظم الميت ككسره حيا". وعن عمرة عن عائشة [من] قولها، ورفعه سعد بن سعيد وحارثة عن عمرة عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وروى سليمان والدراوردى عن سعد ولم يرفعاه، قال أبو عبد اللَّه: وغير مرفوع أكثر.

وروى عروة والقاسم عن عائشة [من] قولها، وقال الطحاوى في مشكل الآثار [2/ 108]: حدثنا بكار بن قتيبة ثنا صفوان بن عيسى ثنا محمد بن عمارة عن عمرة عن عائشة: قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كسر عظام الميت ككسر عظام الحى". وقال أيضًا [2/ 108]: حدثنا عبد الملك بن مروان الرقى ثنا شجاع بن الوليد عن سعد بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن كسر عظم المؤمن ميتا مثل كسره حيا". وقال أيضًا [2/ 108]: حدثنا أبو أمية ثنا عبيد اللَّه أنبأنا سفيان عن حارثة بن محمد عن عمرة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كسر عظم الميت ككسره حيا". وقال الدارقطنى: حدثنا ابن مبشر ثنا أحمد بن المقدام ثنا محمد بن بكر ثنا ابن جريج ثنا سعد بن سعيد أخو يحيى بن سعيد أن عمرة بنت عبد الرحمن حدثته عن عائشة أنها سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن كسر عظم الميت ميتا مثل كسره حيا في الإثم". حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسى ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج وداود بن قيس وأبو بكر بن محمد عن سعد بن سعيد عن عمرة عن عائشة أنها سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن كسر عظم المسلم ميتا مثل كسره حيا يعنى في الإثم". حدثنا أبو الأسود عبيد اللَّه بن موسى بن إسحاق ثنا الحنينى ثنا أبو حذيفة ثنا زهير بن محمد عن إسماعيل بن أبي حكيم عن القاسم عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كسر عظم الميت ككسره حيا".

وقال أبو نعيم في الحلية [7/ 95]: حدثنا أبو بكر الطلحى ثنا على بن الحسن بن الحسين الرقى ثنا إبراهيم بن محمد بن الصفار ثنا أبو صالح القراء ثنا أبو إسحاق الفزارى عن سفيان عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كسر عظم الميت ككسره حيا"، غريب من حديث الثورى تفرد به الفراء عن الفزارى. وقال في تاريخ أصبهان [2/ 386]: حدثنا عبد اللَّه بن محمود بن أحمد حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن العباس ثنا محمد بن المغيرة ثنا النعمان عن أبي الحسن على بن صالح المكى عن سعد بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كسر عظم المؤمن ميتا ككسره حيا". وأخرج البيهقى من طريق الشافعى في الأم قال [4/ 158]: وأخبرنى مالك أنه بلغه عن عائشة أنها قالت: "كسر عظم الميت ككسر عظم الحى"، قال الشافعى: تعنى في المآثم، قال البيهقى: وقد روى هذا الحديث موصولا مرفوعًا: أخبرناه أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش أنبأنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمدأباذى وأبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال قالا: حدثنا أبو الحسن أحمد بن يوسف السلمى ثنا عبد الرزاق أنبأنا داود بن قيس ثنا سعد بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كسر عظم الميت ككسره حيا". ثم قال: وأخبرنا أبو الحسن العلوى أنبأنا أبو حامد بن الشرقى ثنا محمد بن يحيى غير مرة ثنا أبو أحمد الزبيرى ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كسر عظم الميت ككسره حيا".

وقال الخطيب في التاريخ [12/ 106]: أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن المظفر الدقاق أخبرنا على بن عمر السكرى ثنا أبو حاتم مكى بن عبدان النيسابورى ثنا أحمد بن حفص ثنا عبيد اللَّه بن موسى عن سفيان عن حارثة عن عمرة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كسر عظم الميت ككسره حيا". وقال أيضًا [13/ 120]: أخبرنى أحمد بن على القوزى ثنا محمد بن المظفر ثنا عبد اللَّه بن إسحاق المدائنى أخبرنا زياد بن أيوب ثنا على بن مجاهد الرازى ثنا محمد بن إسحاق عن أبي الرجال عن أمه عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كسر عظم الميت ككسر عظم الحى". وقال الحافظ في الفتح [9/ 113] في كتاب النكاح في باب كثرة النساء على قول ابن عباس عند دفن ميمونة رضي اللَّه عنها: "فإذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوها ولا تزلزلوها وارفعوا"، ما نصه: ويستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته وفيه حديث: "كسر عظم المؤمن ميتا ككسره حيا" أخرجه أبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان اهـ. فانظر إلى هذا وتعجب من قوله: إن الحديث في الأصول التي عزاه إليها المصنف ولا سيما القديمة الصحيحة مذكور فيه زيادة: "وأذاه" والواقع أنه لم يقع عند أحد بتلك الزيادة إلا عند الديلمى في الفردوس، فلما رأى الشارح ذلك فيه جزم بأن كل الأصول خرجته كذلك، وأن تلك كلمة سقطت من قلم المصنف. 2502/ 6233 - "كَفَى بالدَّهرِ واعِظًا وبالموتِ مُفرِّقًا". ابن السنى في عمل يوم وليلة عن أنس

قلت: ترجم عليه ابن السنى باب: ما يقول إذا بلغه وفاة رجل، وهو عنده من رواية ابن لهيعة عن حنين بن أبي حكيم عن أنس، وابن لهيعة حاله معروف، وقد اختلف عليه قيه فرواه حمدون بن سلام الحذاء عن يحيى بن إسحاق عنه هكذا. ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن يحيى بن إسحاق: ثنا ابن لهيعة عن حنين بن أبي حكيم عن عراك بن مالك به مرسلا بالقصة التي ذكرها الشارح في الكبير. 2503/ 6234 - "كفَى بالسَّلامةِ داءً". (فر) عن ابن عباس قال في الكبير: وفيه عمران القطان، قال الذهبى: ضعفه يحيى والنسائى، قال الديلمى: وفي الباب عن أنس. قلت: حديث أنى خرجه القضاعى في مسند الشهاب [2/ 302] من طريق أبي قريش محمد بن جمعة بن خلف الحافظ ولعله في مسنده قال: حدثنا محمد ابن زنبور المكى ثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس به. 2504/ 6236 - "كفَى بالمرءِ إثْمًا أن يضيعَ من يقُوت". (حم. د. ك. هق) عن ابن عمرو بن العاص قال في الكبير: وسببه -كما في البيهقى- أن ابن عمرو كان ببيت المقدس، فأتاه مولى له فقال: أقيم هنا في رمضان، قال: هل تركت لأهلك ما يقوتهم؟ قال: لا، قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: فذكره. قلت: هذه غفلة عجيبة، فهذا ليس بسبب للحديث، إنما هو سبب لتحدث الراوى به، وسبب الحديث هو أن يقع للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يوجب تحديثه به وإنشاءه أولا، كما ذكره الشارح، قريبا عند حديث: "كفى بالدهر واعظا

وبالموت مفرقا"، فإن رجلا قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن جارى يؤذينى، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: اصبر على أذاه، وكف عنه أذاك، فما لبث إلا يسيرا إذ جاءه فقال: مات الرجل، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: كفى" وذكره، فذلك هو سبب الحديث. وأخرجه أيضًا الطيالسى والخلال في الحث على التجارة والعمل، وأبو حفص العطار في جزئه، والثقفى في الثقفيات، والدارقطنى في الأفراد، والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 303]، وأبو نعيم في الحلية [1/ 135] وأبو موسى المدينى في نزهة الحفاظ، وآخرون. 2505/ 6238 - "كفَى بالمرءِ سعادةً أن يوثَقَ بِه في أمر دينِهِ ودُنياه". ابن النجار عن أنس قال في الكبير: ورواه القضاعى في الشهاب، وقال شارحه العامرى: حسن غريب. قلت: بل جهل العامرى قبيح غريب، فإنه يحسن الأحاديث برأيه لا بالنظر في الإسناد، فهذا الحديث من رواية عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن أنس، وعبد الرحيم متروك الحديث، بل قال يحيى بن معين: كذاب (¬1). 2506/ 6239 - "كفَى بالمرءِ عِلمًا أن يَخشَى اللَّهَ، وكفى بالمرءِ جِهلًا أن يُعجَبَ بِنفسهِ". (هب) عن مسروق مرسلا قلت: ورد موصولا من حديث عائشة من رواية مسروق نفسه عنها، لكنه بسياق آخر. قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 126]: ¬

_ (¬1) انظر الميزان: (2/ 605، رقم 5030).

ثنا سعيد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم ثنا أحمد بن عبد اللَّه بن هشام السرخسى ثنا الحسين بن إدريس الأنصارى ثنا خالد بن هياج بن بسطام ثنا أبي عن عباد بن كثير عن الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كفى من العلم الخشية، ومن الغيبة أن يذكر الرجل أخاه بما فيه". وورد عن ابن مسعود من قوله، قال أحمد في الزهد: حدثنا يزيد -يعنى ابن هارون- ثنا المسعودى عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عبد اللَّه بن مسعود: "وكفى بخشية اللَّه علما، وكفى بالاغترار جهلا". وقال ابن بطة في الحيل: حدثنا أبو شيبة عبد العزيز بن جعفر الخوارزمى ثنا محمد بن إسماعيل أبو عبد اللَّه الضرير حدثنا يزيد بن هارون به، وقال: "وكفى بالاغترار باللَّه جهلا". 2507/ 6242 - "كفَى بالمرءِ كَذِبًا أن يُحدثَ بكلِّ ما سَمِعَ". (م) عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه أبو داود في الأدب مرسلا. قلت: فيه أمور، الأول: هذا التعبير ساقط لا فائدة فيه دون ذكر اسم المرسل الذي أرسل الحديث، وعيب من العيوب عند أهل الحديث. الثانى: قوله: ورواه أبو داود في الأدب، يوهم أن لأبي داود كتاب الأدب مفردا كما للبخارى وليس كذلك، فكان عليه أن يقول: في الأدب من سننه [رقم 4992]. الثالث: أبو داود لم يخرج هذا الحديث مرسلا فقط، بل خرجه موصولا أيضًا من حديث أبي هريرة كما سأذكره.

الرابع: أبو داود لم يخرج الحديث بهذا اللفظ، بل لفظه: "كفى بالمرء إثما"، وقد عزاه المصنف لأبي داود وأحمد والحاكم قريبًا قبل هذا بخمسة أحاديث في المتن. قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر ثنا شعبة (ح) وحدثنا محمد بن الحسين ثنا على بن حفص ثنا شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة به. ثم قال أبو داود: لم يذكر حفص أبا هريرة، ولم يسنده إلا هذا الشيخ يعنى على بن حفص المدائنى. قلت: وليس كذلك، بل أسنده معاذ العنبرى، وعبد الرحمن بن مهدى كلاهما عن شعبة، أخرجه مسلم (¬1). 2508/ 6243 - "كفَى بالمرءِ من الشرِّ أن يشارَ إليه بالأصابِعِ". (طب) عن عمران بن حصين قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال ففيه كثير بن مروان المقدسى وهو ضعيف، ومن ثم أورده ابن الجوزى في الواهيات وقال: لا يصح. قلت: وضع الرموز أكثره غلط من النساخ، فكم حديث منكر واه بل موضوع وبآخره علامة الصحيح، ومع هذا فالحديث ورد من وجه آخر مرسلًا، قال ابن المبارك في الزهد: أخبرنا جعفر بن حيان عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كفى لامرئ من الشر أن يشار إليه بالأصابع في دينه ودنياه إلا من عصم اللَّه". ¬

_ (¬1) في مقدمة صحيحه.

2509/ 6244 - "كفَى بالمرْءِ من الكذبِ أن يحدثَ بكلِّ ما سمعَ وكفى بالمرءِ من الشُحِّ أن يقولَ: آخُذُ حقى لا أترك منهُ شيئًا". (ك) عن أبي أمامة. قال في الكبير: قال (ك): صحيح، فرده الذهبى بأن هلال بن عمرو وأبوه لا يعرفان. قلت: ليس في نسختنا من تلخيص المستدرك شيء من هذا، وقد قال الحاكم بعده [2/ 21]: هذا إسناد صحيح، فإن آباء هلال بن العلاء أئمة ثقات، وهلال إمام أهل الجزيرة في عصره اهـ. فاقتضى أنهما معروفان عند الحاكم بالثقة والعدالة، ثم إن أول الحديث ثابت في الصحيح كما سبق من حديث أبي هريرة فهو شاهد له، وإنما النظر في شطره الثانى، فإن ورد ما يشهد له أيضًا فهو صحيح كما يقول الحاكم. والحديث خرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [2/ 304] من طريق ابن الأعرابى في معجمه قال: حدثنا هلال بن العلاء بسنده المذكور عند الشارح في الكبير. 2510/ 6253 - "كَفَى بالمرءِ في دينه أن يكثرَ خَطؤه، وينقُصَ حلمهُ، وَتقِلَّ حقيقتهُ، جيفةٌ بالليلِ، بطَّالٌ بالنهارِ، كسولٌ، هَلوعٌ، منوعٌ، رتوعٌ". (حل) عن الحكم بن عمير قال في الكبير: وفيه بقية بن الوليد وقد مر غير مرة وعيسى بن إبراهيم، قال الذهبى: تركه أبو حاتم. قلت: ذكر بقية غلط لأنه ثقة إلا أنه مدلس، وقد صرح في هذا بالتحديث،

فإن أبا نعيم رواه في ترجمة الحكم بن عمير من طريق الحسن بن سفيان [1/ 358]: ثنا محمد بن مصفى ثنا بقية ثنا عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم به. وإنما علته عيسى بن إبراهيم وموسى بن أبي حبيب فإنه متروك أيضًا، قال الذهبى: وله عن الحكم بن عمير رجل قيل له صحبة والذي أرى أنه لم يلقه، وموسى مع ضعفه متأخر عن لقى صحابى كبير، وإنما عرف له رواية عن على بن الحسين اهـ. وقال أبو حاتم في الحكم بن عمير: إنه روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يذكر السماع ولا اللقاء أحاديث منكرة من رواية ابن أخته موسى بن أبي حبيب وهو ذاهب الحديث، وروى عن موسى عيسى بن إبراهيم وهو ذاهب الحديث، نقله الحافظ في اللسان [2/ 337، رقم 1373] والمقصود أن ذكر بقية في تعليل هذا الحديث غلط لا وجه له. 2511/ 6254 - "كفَى بالمرءِ إثمًا أنْ يشارَ إليه بالأصابعِ: إنْ كانَ خيرًا فهو مزلَّةٌ، إلا من رَحِمَ اللَّهُ تعالَى، وإن كان شرًّا فهو شرٌ". (هب) عن عمران بن حصين قلت: وقع في بعض نسخ المتن الرمز لهذا الحديث بعلامة ابن حبان أيضًا وهو تحريف، والحديث قد مر الكلام عليه قريبًا، فما هذى به الشارح غفلة منه ونسيان. 2512/ 6256 - "كفَّارةُ الذنبِ الندامةُ، ولو لَمْ تُذنِبوا لأَتَى اللَّهُ بقومٍ يُذنبون فيغفر لهُمْ". (حم. طب) عن ابن عباس

قال الشارح: بإسناد ضعيف وقول المؤلف حسن غير حسن، وبين في كبيره نقلا عن الحافظ الهيثمى أن علته يحيى بن عمرو بن مالك النكرى وهو ضعيف. قلت: المؤلف حسن الحديث لا سنده، فإن يحيى بن عمرو وإن ضعفه جماعة فقد احتج به الترمذى والنسائى، وقال الدارقطنى: صويلح يعتبر به، ومع هذا فله شواهد كثيرة حسنة وصحيحة منها حديث: "الندم توبة" وهو صحيح كما سيأتى. وأما شطره الثانى وهو قوله: "ولو لم تذنبوا. . . " الحديث، فهو صحيح مسلم من حديث أبي هريرة وأبي أيوب، فقول المؤلف حسن وانتقاد الشارح غير حسن. وحديث الباب أخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة، والقضاعى في مسند الشهاب [3/ 350، رقم 4946]. 2513/ 6257 - "كفارُة المجلسِ أن يقولَ العبدُ: سبحانَكَ اللهمَّ وبحمدِك، أشهدُ أن لا إلهَ إلا أنتَ وحدَك لا شريكَ لكَ، أستغفرُكَ وأَتوبُ إليكَ". (طب) عن ابن عمرو وعن ابن مسعود قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط اهـ. لكن رواه النسائى في اليوم والليلة عن رافع بن خديج، قال [الحافظ العراقى]: سنده حسن. قلت: فيه أمران، الأول: قوله: وفيه عطاء بن السائب يوهم بل يفيد أن الطبرانى خرج الحديث من طريق واحد عن ابن عمرو وابن مسعود وليس كذلك، فإن تعلق بكونه ذكره عقب حديث ابن مسعود فهو مطالب ببيان من

في حديث عبد اللَّه بن عمرو أو بإقرار كون الحديث حسنا كما قال المصنف، مع أن الحافظ الهيثمى [10/ 141] الذي نقل عنه من في حديث ابن مسعود قد تعرض لحديث عبد اللَّه بن عمرو أيضًا، فقال: وفيه محمد ابن جامع العطار وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة. الثانى: قوله: لكن رواه النسائى. . . إلخ، يفيد أنه ليس في الباب غيره مع أن في الباب أيضًا عن أنس وأبي هريرة والسائب بن يزيد والزبير بن العوام وجبير بن مطعم وعائشة وغيرهم. 2514/ 6259 - "كفارةُ من اغتبْتَ أنْ تستغفرَ لَهُ". ابن أبي الدنيا في الصمت عن أنس قال في الكبير: حكم ابن الجوزى بوضعه وقال: عنبسة بن عبد الرحمن أي أحد رواته متروك، وتعقبه المؤلف بأن البيهقى خرجه في الشعب عن عنبسة أيضًا وقال: إسناده ضعيف، وبأن العراقى في تخريج الإحياء اقتصر على تضعيفه، ورواه عنه الخطيب في التاريخ والديلمى، فاقتصار المصنف هنا على ابن أبي الدنيا غير جيد لإيهامه. قلت: فيه أمور الأول: أن المصنف لم يقتصر في تعقب ابن الجوزى على ما ذكره الشارح، بل زاد على ذلك ما سأنقله، وإنما المصنف فرق تعقبه عقب حديثين، لأن ابن الجوزى ذكر هذا الحديث [3/ 119] من ثلاثة طرق من حديث سهل بن سعد وأعله بأبى داود النخعى، ومن حديث أنس المذكور في المتن وأعله بعنبسة بن عبد الرحمن، ومن حديث جابر وأعله بحفص بن عمر الأيلى، فتعقبه المصنف بأن البيهقى والعراقى اقتصرا على تضعيفه لتعدد طرقه، وبأن البيهقى أسند عن ابن المبارك أنه قال [5/ 317، رقم 6786]: إذا اغتاب رجل رجلا فلا يخبره به ولكن يستغفر اللَّه، ثم قال البيهقى: روينا في حديث مرفوع بإسناد ضعيف: "كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته"، ثم

اسنده [رقم 6787]، ثم قال: وهذا الإسناد ضعيف وأصح من ذلك في معناه حديث حذيفة قال [رقم 6788]: "كان في لسانى ذرب على أهلى، فسألت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أين أنت من الاستغفار يا حذيفة، إنى لأستغفر اللَّه مائة مرة"، قال [5/ 318] وذكره البخارى في تاريخه، ثم قال: قال أبو هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كان عنده مظلمة لأخيه فليستحله منها"، ثم قال البخارى: وهذا أصح، قال البيهقى: فإن صح حديث حذيفة فيحتمل أن يكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمره بالاستغفار رجاء أن يرضى اللَّه تعالى خصمه يوم القيامة لكثرة استغفاره (¬1). ثم ذكر المصنف للحديث طريقين آخرين من عند الخطيب والديلمى، فضرب الشارح عن كل هذا. ثم إن الحديث له من الطرق مما لم يذكره المصنف في التعقبات ما رواه الأزدى في الضعفاء قال: حدثنا محمد بن جرير الطبرى ثنا محمد بن مرزوق أنا أشعث بن شبيب عن أبي سليمان الكوفى عن ثابت عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن من كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته، تقول: اللهم اغفر لنا وله". قال الذهبى: هذا حديث منكر، وأبو سليمان هو داود بن عبد الجبار، قال ابن معين: ليس بثقة. وأخرجه الطوسى في أماليه من وجه آخر فيه داود بن المحبر وهو كذاب. الثانى: أن الانتقاد بعدم عزوه للخطيب والديلمى صفاقة وجه متناهية، فإن معرفة كونهما خرجاه ليس هو من علمه واطلاعه، وإنما هو من ذكر المؤلف لذلك في اللآلئ المصنوعة [2/ 163]. ¬

_ (¬1) في المطبوع من الشعب: "ببركة استغفاره"، انظر (5/ 318 تحت حديث 6789)، ط. دار الكتب العلمية.

الثالث: إنه جهل وغباوة، فإن سند الديلمى فيه أصرم بن حوشب وهو من كبار الوضاعين، وشد الخطيب فيه دينار بن عبد اللَّه وهو كذاب، وقد روى نسخة كلها موضوعة وحاله مشهور معروف، ومع هذا فلفظ الديلمى لا يدخل في هذا الحرف لأنه مصدر بـ "من"، ولفظه: "من ظلم عبدًا مظلمة وفاته أن يتحلله منها فليستغفر اللَّه، فإن ذلك كفارة لها". 2515/ 6261 - "كُفْرٌ باللَّهِ تَبرُّوٌ من نسبٍ، وإنْ دقَّ". البزار عن أبي بكر قال الشارح: بإسناد حسن. قلت: لكن قال ابن وهب في جامعه: أخبرنى جرير بن حازم عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد عن عبد اللَّه بن سخبرة عن أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه أنه قال: "كفر باللَّه من تبرأ من نسب وإن دق، وكفر باللَّه من ادعى على نسب لا يعرف". وهكذا رواه موقوفًا أيضًا عبد اللَّه بن أحمد في المسند فقال: حدثنى أبي حدثنا حجاج ثنا محمد بن طلحة عن أبيه عن أبي معمر عن أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه به. ثم قال: حدثنا أبي ثنا عبد الأعلى عن يونس عن الحسن أن أبا بكر قال: "لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم". فالصحيح في هذا أنه موقوف. 2516/ 6265 - "كُفَّ عنا جُشَاءَك، فإنَ أكثرَهم شبعًا في الدُّنْيَا أطوَلُهُم جُوعًا يومَ القيامِة". (ت. هـ) عن ابن عمر

قال في الكبير: قال ابن عمر تجشأ رجل عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره، وقال (ت): حسن غريب وذلك الرجل هو أبو جحيفة كما صرح به في عدة روايات وكان لم يبلغ الحلم، قال في المعارف: ولم يأكل بعد ذلك ملء بطنه حتى فارق الدنيا. قلت: حديث ابن عمر من رواية يحيى البكاء عنه، وهو ضعيف عند الأكثرين، وقد ذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال [2/ 123]: إن هذا حديث منكر. وأما حديث أبي جحيفة -الذي أشار إليه الشارح- فذكر ابن أبي حاتم في العلل أيضًا [2/ 123] أنه سمع أباه، وذكر حديثا كان في كتاب عمرو بن مرزوق، ولم يحدث به عن مالك بن مغول عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: "تجشأت عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال أطولكم شبعا في الدنيا أطولكم جوعا في الآخرة"، فسمعت أبي يقول: هذا حديث باطل، ولم يبلغنى أن عمرو بن مرزوق حدث به قط. قلت: هذا غلو من أبي حاتم، فالحديث ورد من طرق عن أبي جحيفة، قال الحاكم في المستدرك [4/ 121]: أخبرنا مكرم بن أحمد القاضى ثنا جعفر بن محمد بن شاكر ثنا أبو ربيعة فهد ابن عوف ثنا فضل بن أبي الفضل الأزدى أخبرنى عمر بن موسى أخبرنى على ابن الأقمر عن أبي جحيفة قال: "أكلت ثريدة من خبز ولحم سمين، ثم أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فجعلت أتجشأ فقال: ما هذا؟! كف عنا جشاءك، فإن أكثر الناس في الدنيا شبعا أكثرهم في الآخرة جوعًا". قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبى بأن فهدا قال: المدينى كذاب، وعمر هالك اهـ.

قلت: لكنه ورد من طريق آخر عن على بن الأقمر، أخرجه أبو نعيم [3/ 345، 346] عن الطبرانى، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن داود السكرى ثنا محمد بن خليد الحنفى ثنا عبد الواحد بن زياد عن مسعر عن على بن الأقمر به، لكنه قال: عن ابن أبي جحيفة عن أبيه، ولفظه: "قال: أكلت خبزا، ثم أتيته -صلى اللَّه عليه وسلم- فتجشأت، فقال لى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا أبا جحيفة أقصر عنا من جشائك، فإن أطول الناس شبعا في الدنيا أكثرهم جوعا يوم القيامة". وله طرق أخرى عن أبي جحيفة، قال البخارى في الكنى [ص 31، رقم 266]: ثنا عمرو بن محمد ثنا إسحاق بن منصور السلولى سمع عبد السلام بن حرب عن أبي رجاء عن أبي جحيفة به. ورواه ابن الأبار في معجم أصحاب الصدفى من رواية المقدام بن داود ثنا أسد ابن موسى ثنا على بن ثابت الجزرى عن الوليد بن عمرو بن ساج عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه به. وقال الحافظ المنذرى: رواه البزار بإسنادين رواة أحدهما ثقات، ورواه ابن أبي الدنيا، والطبرانى في الكبير والأوسط، والبيهقى، وزاد: "فما أكل أبو جحيفة ملء بطنه حتى فارق الدنيا، كان إذا تغذى لا يتعشى، وإذا تعشى لا يتغذى"، وفي رواية لابن أبي الدنيا، قال أبو جحيفة: فما ملأت بطنى منذ الثلاثين سنة اهـ. فنقل الشارح هذا عن المعارف، مع كونه في المستدرك والترغيب ابعاد. وقال ابن المبارك في الزهد [رقم 213]: أخبرنا بقية بن الوليد قال: حدثنى أيوب بن عثمان قال: "إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سمع رجلا يتجشأ، فقال: اقصر عنا من جشائك، فإن أطول الناس جوعا

يوم القيامة أكثرهم شبعا في الدنيا". 2517/ 6271 - "كُلُّ أحدٍ أحقُّ بمالِهِ منْ وَالِدِهِ وِولده والناسِ أجْمَعين". (هق) عن حبان الجمحى قال في الكبير: رواه البيهقى عن أبي عبيد عن هشيم عن عبد الرحمن بن يحيى عن حبان بن أبي جبلة الجمحى، أضار المصنف لصحته وهو ذهول أو قصور، فقد استدرك عليه الذهبى في المهذب فقال: قلت لم يصح مع انقطاعه. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: رواه البيهقى عن أبي عبيد يوهم أن أبا عبيد شيخ للبيهقى وبينهما نحو مائتى سنة، فكان الواجب أن يقول: من طريق أبي عبيد. الثانى: أن الحديث مرسل لأن حبان بن أبي جبلة تابعى، فكان عليه أن ينبه على ذلك، ولا أقل من أن ينقل كلام البيهقى، لأنه نص على ذلك عقب الحديث. الثالث: البيهقى لم يرو الحديث من طريق أبي عبيد فقط عن هشيم، بل رواه أيضًا من طريق الحسن بن عرفة عنه، فقال في النفقات: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمى أنا أبو الحسن الكارزى ثنا على بن عبد العزيز عن أبي عبيد عن هشيم به. وفي هذا الباب قال الذهبى ما نقله عنه الشارح. ثم قال البيهقى في المكاتب: أخبرنا أبو بكر بن الحارث الأصبهانى أنا على بن عمر الحافظ ثنا أحمد بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الجنيد ثنا الحسن بن عرفة عن هشيم به، ثم

قال: هذا مرسل، حبان بن أبي جبلة القرشى من التابعين، ولم يزد الذهبى في هذا الباب على قوله: مرسل. الرابع: لا يدرى ما سبب ضعفه عند الذهبى، فإن كان الإرسال فظاهر وحكمه معروف، وإن كان من جهة الرجال فهم ثقات، إلا أن عبد الرحمن ابن يحيى متعدد، ولم يقع في الإسناد ما يبينه، فإن عرفه الذهبى بالضعف، وإلا فالأمر فيه محتمل، وإذ ذلك كذلك فللذهبى نظره فيه واجتهاده في تعيينه وللمؤلف كذلك، فمن يجعل أحدهما حجة على الآخر، ولكن الشارح يجعل كل مخالف للمصنف حجة عليه. 2518/ 6274 - "كُلُّ الذنوبِ يُؤخرُ اللَّهُ تعالى ما شاءَ منهَا إلى يومِ القيامةِ، إلا عقوقَ الوالدينِ، فإنَّ اللَّهَ يعجلُه لصاحبِه في الحياةِ الدنيا قبل المماتِ". (طب. ك) عن أبي بكرة قال في الكبير: قال (ك): صحيح ورده الذهبى فقال: بكار بن عبد العزيز ضعيف. قلت: قد قال إسحاق بن منصور عن يحيى: صالح، وقال البزار: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات [6/ 107]، وقال ابن عدى: أرجوا أنه لا بأس به. والحديث خرجه أيضًا البخارى في الأدب المفرد [رقم 591] قال: حدثنا حامد بن عمر ثنا بكار بن عبد العزيز عن أبيه عن جده هو أبو بكرة به مثله.

2519/ 6276 - "كُلُّ الكذِب يُكتبُ على ابنَ آدمَ إلا ثلاثًا: الرجلُ يكذبُ في الحربِ فإن الحربَ خُدعَةٌ، والرجلُ يكذبُ المرأةَ فَيُرضيهَا، والرجلُ يكذبُ بينَ الرجلين ليُصلِحَ بينهُمَا". (طب) وابن السنى في عمل يوم وليلة عن النواس قال: وفيه ضعف وانقطاع، فقول المؤلف حسن ممنوع. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: فيه محمد بن جامع العطار وهو ضعيف، وقال شيخه العراقى: فيه انقطاع وضعف، ورواه ابن عدى عن أسماء بنت يزيد بلفظ: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب وهو يقول: يا أيها الناس ما يحملكم على أن تتابعوا في الكذب كما يتتابع الفراش في النار، كل الكذب" إلى آخر ما هنا. قلت: أما ما نقله عن العراقى فلا أصل له ولم يقل العراقى ذلك، بل قال: فيه شهر بن حوشب ولم يزد عليه. وأما الهيثمى فقد قال ذلك [8/ 81]، ولكنه عزا الحديث للطبرانى فقط، والمصنف عزاه له ولابن السنى [رقم 606] معا، وابن السنى وقع عنده في السند متابع لمحمد بن جامع فإنه قال: أخبرنا أبو يعلى ثنا أحمد بن أيوب بن راشد ومحمد بن جامع حدثنا مسلمة بن علقمة عن داود بن أبي هند عن شهر بن حوشب عن الزبرقان عن النواس به. ومع هذا فله متابعون آخرون، قال ابن قتيبة في عيون الأخبار: حدثنا أحمد بن الخليل ثنا سليمان بن داود عن مسلمة بن علقمة به. وقال البخارى في التاريح: حدثنا قيس بن حفص عن مسلمة بن علقمة به. وقال الحاكم في علوم الحديث:

أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر القارى ثنا أحمد بن إسحاق بن صالح ثنا قيس ابن حفص الدارمى ثنا مسلمة بن علقمة به مختصرا. فصح قول المصنف وبطل هراء الشارح. ثم إن حديث أسماء بنت يؤيد الذي اقتصر على عزوه لابن عدى، هو في مسند أحمد وسنن الترمذى، فعزوه إلى ابن عدى قصور وعيب إلا أن الشارح ليس من أهل ذلك. 2520/ 6279 - "كُلُّ أمتِى معافًى إلا المجاهرَ الذي يعملُ العملَ بالليِل فيستُرُه ربُّهُ ثم يُصبحُ فيقولُ: يا فلان، إنى عَمِلْتُ البارحةَ كذَا وكذَا، فيكشفُ سِترَ اللَّه عزَّ وجلَّ". (طس) عن أبي قتادة قال الشارح: بإسناد ضعيف، ونقل في الكبير عن الهيثمى أن فيه عون بن عمارة وهو ضعيف. قلت: لكن المصنف رمز لصحته كما في بعض النسخ، وذلك لأن حديث أبي هريرة المخرج في الصحيحين شاهد له لأنه بمعناه، بل هو هو تقريبا. وهذا أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان عن الطبرانى وغيره فقال [2/ 64]: حدثنا القاضى أبو أحمد وسليمان بن أحمد الطبرانى وأبو محمد بن حيان هو أبو الشيخ قالوا: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن عمران ثنا الحسن بن على الحلوانى ثنا عون بن عمارة حدثنى عبد اللَّه بن المثنى بن عبد اللَّه بن أنس عن ثمامة بن عبد اللَّه بن أنس عن أنس بن مالك عن أبي قتادة به.

2521/ 6282 - "كلُ امرئٍ في ظِلِّ صدقَتِهِ حتى يُقضَى بين الناسِ". (حم. ك) عن عقبة بن عامر قلت: أخرجه أيضًا ابن المبارك في الزهد [رقم 227]، وابن خزيمة [رقم 2431]، وابن حبان [رقم 817]، وأبو نعيم في الحلية [8/ 181] والطبرانى والبيهقى في الشعب [3/ 212، رقم 3348] والعارف الرفاعى في حال أهل الحقيقة مع اللَّه وغيرهم [ص 55، رقم 11]. 2522/ 6284 - "كلُّ أمرٍ ذى بالٍ لا يُبدأُ فيه بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} أقطعُ". عبد القادر الرهاوى في الأربعين عن أبي هريرة. قال في الكبير: عبد القادر الرهاوى بضم الراء نسبة إلى رهاء بالضم حى من مذحج، ورواه أيضًا الخطيب في تاريخه، زاد في الصغير بإسناد حسن. قلت: فيه أوهام، الأول: الرها ليس حيا من مذحج، بل هي مدينة بالجزيرة بين الموصل والشام. الثانى: الخطيب لم يخرج هذا الحديث في تاريخه، وإنما أخرجه في كتابه الجامع لآداب الراوى والسامع. الثالث: سند الحديث ليس بحسن، بل باطل موضوع كما بينته في جرء مفرد سميته: الاستعاذة والحسبلة، ممن صحح حديث البسملة وهو مطبوع والحمد للَّه، فلا حاجة بنا إلى ذكر ما فيه هنا. 2523/ 6287 - "كُلُّ بِناء وبالٌ على صاحِبِه يوم القيامة إلا مسجِدًا". (هب) عن أنس

قال الشارح: رمز المصنف لحسنه. قلت: هكذا ذكره المصنف مختصرا، وقد أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 216] قال: أخبرنا القاضى أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم فيما أذن ثنا محمد بن خداش ثنا سليمان بن داود المنقرى ثنا يحيى بن يمان ثنا سفيان الثورى عن أبي عمارة عن أنس بن مالك قال: "مر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على رجل يبنى بناء، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: كل بناء وبال على صاحبه يوم القيامة إلا مسجدًا يذكر فيه اسمه أو خصا من قصب، فإن اللَّه -عز وجل- يجعل للمؤمن به لؤلؤة في الجنة". هكذا وقع في الأصل أبو عمارة وصوابه: أبو عمار، فقد ذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سمع أباه، وذكر حديثا رواه مروان بن معاوية عن محمد بن أبي زكريا عن عمار عن أنس قال: "مر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في جانب دور الأنصار فأبصر قبة مبنية، فقال: يا أنس لمن هذه القبة؟ فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كل بناء وبال على صاحبه إلا بناء كف يعنى يستر"، وذكر الحديث، قال أبي: أرى أن هذا خطأ، وأنه أبو عمار زياد بن ميمون، وابن أبي زكريا مجهول اهـ. قلت: وبلفظ عمار ذكره البخارى في التاريخ الكبير [1/ 1/ 87]، فقال في ترجمة محمد بن أبي زكريا التميمى روى عن عمار: شيخ له عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في البناء، روى عنه مروان بن معاوية، وقال بعضهم: عن مروان عن محمد بن جرير بن أبي زكريا اهـ. وأبو عمار زياد بن ميمون ضعيف جدا بل كذاب لكن الحديث له طريق آخر عن أنس عند أحمد [3/ 230] والبخارى في التاريخ الكبير [كنى 45، رقم 385] وأبي داود وابن ماجه وغيرهم من رواية أبي طلحة الأسدى عنه بلفظ: "أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما كان في مسجد أو أو أو"، وفي لفظ أبي داود: "إلا مالا"، وقد سبق للمؤلف ذكره في حرف الألف، فالمنكر من

حديث زياد بن ميمون هو تلك الزيادة، والشارح لا يعلم أن الحديث في المسند والسنن، وإلا لأسخف على عادته غير مبالى بمخالفة أول الحديث لما هنا. 2524/ 6291 - "كُلُّ بني آدمَ حسودٌ، ولا يَضرُّ حاسدًا حسده ما لَمْ يتكلَّمْ باللسانِ أو يعمَلْ باليدِ". (حل) عن أنس قال في الكبير: وفيه مجاهيل. قلت: لم أر هذا الحديث في نسختنا من الحلية، وقد أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 227] قال: حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن أبي يحيى ثنا أشعث بن شداد أبو عبد اللَّه السجستانى ثنا سعد بن يزيد الفراء ثنا موسى شيخ من أهل واسط ثنا قتادة عن أنس به، ولفظه: "كل بنى آدم حسود، وبعض الناس في الحسد أفضل من بعض، فلا يضر حاسد حسدا" الحديث. وليس في هؤلاء مجاهيل كما يقول الشارح، فإن موسى المذكور هو ابن خلف العمى كما سيأتى لا سيما وللحديث طريق آخر عن موسى المذكور. قال الحاكم في علوم الحديث (ص 236): أخبرنى خلف قال: ثنا خلف ثنا خلف ثنا خلف، قال الحاكم: فالأول منهم الأمير أبو أحمد خلف بن أحمد السجزى، والثانى أبو صالح خلف بن محمد البخارى، والثالث خلف بن سليمان النسفى صاحب المسند، والرابع خلف ابن محمد بن كردوس الواسطى، والخامس خلف بن موسى بن خلف، وقد حدثنا بالحديث أبو صالح قال: أخبرنا خلف بن سليمان قال: أخبرنا خلف ابن محمد. قلت: هكذا ذكر الحاكم هذا السند ولم يذكر متنه.

وقد أخرجه أبو موسى المدينى في نزهة الحفاظ، قال: أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد بن إبراهيم التاجر أنا أبو القاسم المحدث أنا أبو عاصم عبد الواحد بن محمد بن يعقوب الواعظ الهروى بأسفراين (ح). وأخبرناه عاليا أبو طاهر الحسناباذى أنا أبو عثمان الإمام الصابونى كتابة قالا: حدثنا الأمير أبو أحمد خلف بن أحمد ثنا خلف بن محمد الختام ثنا خلف بن سليمان النسفى ثنا خلف بن محمد بن كردوس ثنا خلف بن موسى العمى ثنا أبي موسى عن قتادة عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل بنى آدم حسود"، فذكره مثل لفظ أبي نعيم في التاريخ سواء. وقال الذهبى في التذكره: قرأت على أحمد بن هبة اللَّه عن عبد المعز بن محمد أنا زاهر بن طاهر أنا إسحاق بن عبد الرحمن أنا الأمير خلف بن أحمد به مثله، ثم قال: هذا حديث غريب منكر. 2525/ 6293 - "كُلُّ بنى آدمَ ينتمُونَ إلى عَصَبةٍ، إلَّا ولدَ فاطمةَ فأَنا وليُّهُم وأنَا عَصَبَتُهُمْ". (طب) عن فاطمة الزهراء قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: فيه أبو بشر بن نعامة وهو ضعيف، وأورده ابن الجوزى في الأحاديث الواهية وقال: لا يصح، فقول المصنف هو حسن غير حسن. قلت: ليس في الرواة أبو بشر بن نعامة ولا قال ذلك الهيثمى، إنما قال فيه [9/ 172]: بشر بن نعامة، وقد قدمنا أن المصنف يحكم للأحاديث لا للأسانيد، وهذا الحديث له شواهد متعددة منها الذي بعده في المتن، ويكفى في ثبوت هذا الإجماع المنعقد على ذلك وأنه من خصوصياته -صلى اللَّه عليه وسلم-. 2526/ 6296 - "كُلُّ جَسد نجتَ من سُحتٍ فالنارُ أولَى بهِ". (طب. حل) عن أبي بكر

قال في الكبير: فيه عبد الواحد بن واصل، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ضعفه الأزدى، وعبد الواحد بن زيد قال البخارى والنسائى: متروك، قال أبو نعيم: وفي الباب عن عائشة وجابر. قلت: فيه أمور، أحدها: أن عبد الواحد بن واصل ليس بضعيف، وليس كل ما ذكره الذهبى في الميزان ضعيفا، فإنه قد يورد الثقة من أجل قول قيل فيه وإن كان غير مقبول، فعبد الواحد روى له البخارى مقرونا، وقال ابن معين: كان ثقة من المتثبتين ما أعلم أنا أخذنا عليه خطأ البتة، وقال العجلى ويعقوب بن شيبة ويعقوب بن سفيان وأبو داود والدارقطنى والخطيب: ثقة. ثانيها: أن الذهبى لم يذكر عن الأزدى كلاما في هذا الرجل، ونصه في الميزان: عبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد صاحب حديث مشهور وثقه ابن معين وغيره، وقال أحمد بن حنبل: أخشى أن يكون ضعيفا، وخرج له البخارى في الصلاة فقرنه بآخر، وقال أحمد أيضًا: لم يكن صاحب حفظ وكتابه صحيح، وقال ابن معين أيضًا: كان من المتثبتين ما أعلم أنا أخذنا عليه خطأ البته انتهى. ثالثها: أن الأزدى نفسه وإن تكلم فيه فقد اعترف له بالصدق، فذكر الحافظ في التهذيب أن الأزدى حكى عن أحمد بن حنبل أنه ضعفه، ثم قال الأزدى: ما أخرب ما قال أحمد، لأن له أحاديث غير مرضية عن شعبة وغيره، إلا أنه في الجملة قد حمل عنه الناس ويحتمل لصدقه اهـ. رابعها: أن المصنف عزا الحديث للطبرانى وأبي نعيم، وعبد الواحد المذكور غير موجود في سند أبي نعيم، فإنه أخرجه من غير طريقه فقال [1/ 31]: حدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسين بن سفيان حدثنى يعقوب بن سفيان حدثنى عمرو بن منصور البصرى ثنا عبد الواحد بن زيد عن أسلم الكوفى عن مرة الطيب عن زيد بن أرقم عن أبي بكر به.

ثم قال: ورواه عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة نحوه، والمنكدر ابن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر نحوه. والشارح قد نقل من نفس الحلية وغفل عن كون السند ليس فيه عبد الواحد بن واصل. خامسها: أن الحديث معروف بعبد الواحد بن زيد، وفي ترجمته يورده أهل الجرح والتعديل، قال ابن حبان في الضعفاء [2/ 154]: عبد الواحد بن زيد البصرى العابد كان ممن غلب عليه العبادة حتى غفل عن الإتقان فيما يروى، فكثرة المناكير في روايته على قلتها، فبطل الاحتجاج به، وهو الذي روى عن أسلم عن مرة عن زيد بن أرقم عن أبي بكر رضي اللَّه عنه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال "لا يدخل الجنة جسد غذى بحرام". حدثنا الصوفى ثنا يحيى بن معين ثنا أبو عبيدة الحداد عن عبد الواحد بن زيد عن أسلم اهـ. وكذلك ذكره الذهبى في ترجمته من الميزان [2/ 672، رقم 5288]، نعم أخرجه في تذكرة الحفاظ في ترجمة عبد الواحد بن واصل أبي الحسين بن النقور في فوائده، قال: أخبرنا على بن عمر الجرمى ثنا أحمد بن الحسين الصوفى ثنا يحيى بن معين ثنا أبو عبيدة الحداد عن عبد الواحد بن زيد فذكره، ثم قال: غريب جدا. وهكذا رواه إسحاق بن إبراهيم المروزى عن أبي عبيدة، وسمعناه في منتخب عبد بن حميد عن أبي داود عن عبد الواحد بن زيد كذلك وهو المحفوظ، ولكن هو في مسند أبي يعلى الموصلى من طريقيه عن يحيى بن معين فقال: فرقد السبخى بدل أسلم اهـ. وله طريق آخر من غير طريق أبي عبيدة الحداد وهو عبد الواحد بن واصل، أخرجه الدينورى في المجالسة:

حدثنا جعفر بن محمد ومحمد بن عبد العزيز قالا: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا عبد الواحد بن زيد به. وقد عزاه الحافظ المنذرى لأبي يعلى والبزار والطبرانى في الأوسط والبيهقى في الشعب، ثم قال: وبعض أسانيدهم حسن. وكذلك عزاه الهيثمى لهؤلاء الثلاثة، ثم قال: ورجال أبي يعلى ثقات وفي بعضهم خلاف اهـ. وهذا منهما كالتوثيق لعبد الواحد بن زيد، فإنه إمام جليل كبير الشأن عظيم القدر من سادات السلف الصالح وأفاضلهم وأورعهم وأزهدهم، وعبادته وزهده هي التي شغلته عن إتقان الحديث، والمحدثون لا يعتبرون إلا الإتقان والضبط، ثم إن الحديث له شواهد كثيرة معروفة من حديث كعب بن عجرة وعقبة بن عامر وجماعة، فقول الشارح: سنده ضعيف جهل منه بالحديث. 2527/ 6297 - "كُلُّ حرفٍ من القرآنِ يُذكَرُ فيهِ القُنوت فَهُوَ الطاعة". (حم. ع. حب) عن أبي سعيد قال في الكبير: قال الهيثمى: في إسناد أحمد وأبي يعلى ابن لهيعة وهو ضعيف وقد يحسن حديثه وأقول -أي الهيثمى- فيه أيضًا دراج عن أبي الهيثم وقد سبق أن أبا حاتم وغيره ضعفوه وأن أحمد قال: أحاديثه مناكير. قلت: وفيه أيضًا أنك لا تعرف الحديث وصناعته ورجاله فلو سكتَّ لكان خيرا لك، فإن رواية دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد نسخة يحسنها أكثر الحفاظ، ويصححها ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وأمثالهم، ولذلك لا يتعرض الهيثمى لذكرهما، ولو كان عندك عقل لأرشدك إلى عدم الاستدراك على مثل الحافظ الهيثمى، ولعلمت أن ابن حبان لا يخرج في الصحيح حديثا ضعيفا من رواية راو منكر الحديث متفق على ضعفه، بل ولاهتديت إلى أنه يجب أن

يكون عنده من غير طريق ابن لهيعة، لأنه وإن كان إماما حافظا إلا أنه لا يدخل في الصحيح عندهم وإن حسن له كثير منهم، وهذا الحديث قد رواه ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج، ومن طريقه رواه الجماعة كأبي نعيم في الحلية [8/ 325] وغيره. 2528/ 6298 - "كُلُّ خطبةٍ ليسَ فيها تشهدٌ فَهِى كاليدِ الجذماءِ". (د) عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه أبو داود من حديث مسدد عن عبد الواحد بن زياد عن عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي هريرة، وعبد الواحد أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ثقة، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال الطيالسى: عمد إلى أحاديث كان يرسلها الأعمش فوصلها كلها، وعاصم أورده في الضعفاء أيضًا وقال: قال ابن المدينى: لا يحتج بما انفرد به أي وقد انفرد به كما قال البيهقى، قال: وإنما تكلم ابن معين في أبي هاشم الرفاعى لهذا الحديث. قلت: فيه من دواهى هذا الرجل أمور، الأول: قوله: رواه أبو داود من حديث مسدد، فإن أبا داود رواه [4/ 262، رقم 4841] عن مسدد نفسه، والقاعدة عند أهل الحديث أنهم إذا ذكروا شيخ المخرج قالوا: عن، وإذا ذكروا من فوقه ممن لم يلقه وروى عنه بواسطة أو أكثر قالوا: من حديث فلان، رفعا لما تفيده العنعنة من الاتصال، والغريب أن الشارح دائمًا يقول: رواه فلان عن فلان فيمن يكون بين المخرج وبينه وسائط مما ينبغى أن يقول: من حديث فلان، وفي هذا الموضع عكس فقال: من حديث فلان لئلا يكون مصيبا لا هنا ولا هناك. الثانى: إن أبا داود رواه عن مسدد وموسى بن إسماعيل كلاهما عن عبد الواحد بن زياد. الثالث: إن عبد الواحد بن زياد ثقة متفق على جلالته، احتج به البخارى

ومسلم وأثنى عليه الناس ووثقوه، فلا معنى لذكره وتعليل الحديث به، وقد قال ابن عبد البر: أجمعوا لا خلاف بينهم أن عبد الواحد بن زياد ثقة ثبت، وقال ابن القطان الفاسى: ثقة لم يعتل عليه بقادح. قلت: وقد قدمت مرارا أنه ليس كل من تُكلِمَ فيه ضعيفا، ولا كل من أورده الذهبى كذلك. الرابع: إن عاصم بن كليب ثقة أيضًا احتج به مسلم في صحيحه ووثقه الناس: أحمد وابن معين وأبو حاتم وأحمد بن صالح والنسائى وأبو داود وابن سعد وابن شاهين وابن حبان، وانفرد ابن المدينى بما قال، فالتعليل به أيضًا من الجهل بالحديث. الخامس: إن قوله: أي وقد انفرد به -كما قال البيهقى- كذب على البيهقى فإنه ما قال ذلك أصلا، وإنما نقل عن مسلم أن عبد الواحد بن زياد تفرد به، ثم رد ذلك على مسلم كما سأذكره. السادس: إن قوله: وإنما تكلم ابن معين في أبي هاشم الرفاعى لهذا الحديث، هو خبر بدون مبتدأ وكلام منقطع بدون ارتباط بما قبله يوقع الناظر في الحيرة والاشتباه، ومبتدأ هذا الخبر أن البيهقى خرج الحديث [3/ 209] من طريق حامد بن عمر البكراوى عن عبد الواحد بن زياد، ثم أسند عن أحمد بن سلمة قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: لم يرو هذا الحديث عن عاصم بن كليب إلا عبد الواحد بن زياد، فقلت له: حدثنا أبو هشام الرفاعى ثنا ابن فضيل عن عاصم بن كليب به، فقال مسلم: إنما تكلم يحيى ابن معين في أبي هشام بهذا الذي رواه عن ابن فضيل، قال البيهقى: عبد الواحد بن زياد من الثقات الذين يقبل منهم ما تفردوا به انتهى. فمسلم ادعى أن عبد الواحد بن زياد تفرد به، فلما أخبره أحمد بن سلمة أن أبا هشام الرفاعى تابعه عن ابن فضيل عن عاصم، قال: إن ابن معين قد

تكلم في أبي هشام من أجل هذه المتابعة، كأنه يقول: إن الحديث مما تفرد به عبد الواحد وأبو هشام غلط في روايته عن ابن فضيل، فأجاب البيهقى بأنه على تسليم انفراد عبد الواحد به فهو ثقة لا يضره التفرد، فكلامه مشرق وكلام الشارح مغرب، ورواية أبي هشام الرفاعى خرجها الترمذى في سننه عنه بهذا اللفظ، ثم قال [رقم 1106]: هذا حديث حسن غريب، فهي متابعة جيدة، وأبو هشام الرفاعى ثقة من رجال مسلم، فلا يضيره كلام ابن معين فيه، ولو كان ضائره لما احتج به مسلم نفسه. السابع: أنه أبو هشام بالألف بعد الشين، والشارح كتبه بالألف بعد الهاء. الثامن: إن هذا الحديث خرجه أيضًا أحمد [2/ 343] والبخارى في التاريخ الكبير [7/ 229]، والترمذى كما قدمته، والدينورى في المجالسة، وأبو نعيم في الحلية [9/ 43]، ومن عادة الشارح التهويل في الاستدراك على المصنف بما هو أقل من هذا مع وجود المخالفة في اللفظ، فكيف بهذا؟ وذلك مما يدل على القصور التام لأن هذا الحديث غير موجود في مجمع الزوائد. 2529/ 6299 - "كُلُّ خطوةٍ يخطُوها أحدُكُم إلى الصلاةِ يكتب له حسنةً، ويمحُو عنهُ بِها سيئةً". (حم) عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد حسن وقول المؤلف: صحيح فيه ما فيه. وقال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس على ما ينبغى ففيه إبراهيم بن خالد أورده الذهبى في ذيل الضعفاء، وقال: وثقوه، وقال أبو حاتم: كان يتكلم بالرأى ليس محله محل المستمعين. قلت: لا ينقضى واللَّه عجبى من هذا الرجل وجرأته على الكذب وأفراطه في التلبيس والخيانة في العلم نسأل اللَّه العافية.

أما الجهل فإن إبراهيم بن خالد المذكور في سند هذا الحديث ليس هو الذي نقل كلام أبي حاتم فيه، بل هو إبراهيم بن خالد بن عبيد القرشى الصنعانى المؤذن شيخ الإمام أحمد وعنه روى هذا الحديث، وقال فيه: كان ثقة وأثنى عليه خيرا، وكذا قال ابن معين: ثقة، ووثقه أيضًا البزار والدارقطنى، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال [8/ 59]: كان مؤذن مسجد صنعاء سبعين سنة، وأما الذي نقل الشارح الكلام فيه فهو إبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبى (¬1) الإمام أحد المذاهب المتبوعة، وهو من أقران أحمد، ولم يرو عنه أحمد فيما أعلم. وأما الكذب فقوله: أورده الذهبى في ذيل الضعفاء مع أنه أورده في الميزان، وإنما كذب الشارح في ذلك ليستر تلبيسه الفاحش وكذبه على الذهبى فيما نقل عنه حتى لا يرجع الناظر إلى الميزان فيتحقق بكذبه، فهو أراد أن يستر التلبيس والكذب بالتلبيس والكذب أيضًا، فاسمع عبارة الذهبى في الميزان بالنص: إبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبى أحد الفقهاء الأعلام، وثقه النسائى والناس، وأما أبو حاتم فتعنت وقال: يتكلم بالرأى فيخطئ ويصيب، ليس محله محل المستمعين في الحديث، فهذا غلو من أبي حاتم سامحه اللَّه، وقد سمع أبو ثور من سفيان بن عيينة وتفقه بالشافعى وغيره، وقد روى عن أحمد بن حنبل، قال: هو عندى في سُلَّافى سفيان، مات سنة أربعين ومائتين ببغداد وقد شاخ انتهى. فانظر كيف حذف المدح من كلام الذهبى ورده على أبي حاتم، وجهل أن الرجل إمام من الأئمة المتبوعين أصحاب المذاهب، ومن كبار الثقات الفضلاء ليتسنى له الرد على المصنف، وليته كان هو المذكور في الإسناد، بل المذكور رجل آخر. ¬

_ (¬1) ذكره ابن حبان في الثقات أيضًا، انظر (8/ 74).

2530/ 6300 - "كُلُّ خلّةٍ يُطبعُ عليها المؤمنُ إلا الخيانةَ والكذِبَ". (ع) عن سعد قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وأورده ابن الجوزى في الواهيات وقال: فيه على بن هاشم مجروح، وقال الدارقطنى: وقفه على سعد أشبه بالصواب، وقال الذهبى في الكبائر: روى بإسنادين ضعيفين. قلت: فيه أمور، الأول: لم يرمز المصنف لهذا الحديث بشيء لا بعلامة الحسن ولا بغيره. الثانى: وإذا صح أنه رمز له بذلك فهو كذلك وفوق ذلك كما ستعرفه. الثالث: أنه جزم في الصغير بأنه حسن، وذا تناقض وتلاعب، إذ بون كبير بين ما هو في الواهيات فهو واه وبين كونه حسنا. الرابع: على بن هاشم بن البريد ثقة، احتج به مسلم في الصحيح ووثقه الناس، إنما تكلم فيه بعضهم من أجل التشيع، ولذلك اضطرب فيه ابن حبان فذكره في الثقات [7/ 213 - 214] وفي الضعفاء [2/ 110] من أجل صدقه ومن أجل تشيعه وروايته أحاديث الفضائل كما هي عادتهم مع على وأهله وشيعته، قال أحمد: لا بأس به، وقال ابن معين: ثقة، وابن المدينى: كان صدوقا يتشيع، وقال مرة أخرى: كان ثقة، وقال أبو زرعة: صدوق، وقال النسائى: لا بأس به، وقال ابن سعد: كان صالح الحديث صدوقا، وقال ابن عدى: حدث عنه جماعة من الأئمة، ويروى في فضائل على أشياء لا يرويها غيره، وهو -إن شاء اللَّه- صدوق لا بأس به، وقال العجلى: ثقة، ومن أجل هذا لما ذكر الحافظ نور الدين هذا الحديث في الزوائد [1/ 93] قال: رواه البزار وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح اهـ. وكذلك عزاه لهما الحافظ المنذرى وقال: رواته رواة الصحيح، وذكره

الدارقطنى في العلل مرفوعًا وموقوفًا وقال: الموقوف أشبه بالصواب اهـ. ومنه نقل الشارح ما حكاه عن الدارقطنى، وبه تعلم عظيم جرأته في الكذب وهو يتكلم على حديث: "يطبع المؤمن على كل خلة إلا الخيانة والكذب"، وقد ورد أن الخيانة في العلم كالخيانة في المال، فانظر إلى هذا وتعجب. الخامس: أن للحديث طريقًا آخر كما اعترف هو به نقلا عن الذهبى، وما أراه إلا كاذبا فيما نقل عنه، فقد راجعت كبائر الذهبى فلم أجده ذكر ذلك فيه، بل قال: وفي الحديث: "يطبع المؤمن" فذكره ولم يزد عليه، إلا أنى أشك في الأصل المطبوع أن يكون بعض الجهلة اختصر من الكتاب لبه وروحه وهو عزو الأحاديث، فإن جميع ما فيه مجرد عن العزو، فإن كان الذهبى كتبه كذلك فالشارح كاذب ولابد، وأنا أورد طريقى الحديث: أما طريق على بن هاشم فأخرجه البزار، وأبو يعلى، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 53، رقم 144]، وابن شاهين في جزئه، والقضاعى في مسند الشهاب كلهم من طريق داود بن رشيد: ثنا على بن هاشم بن البريد عن الأعمش عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه به. وأما الطريق الثانى فأخرجه ابن شاهين في جزئه أيضًا من طريقين عن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان عن سلمة بن كهيل عن مصعب بن سعد به. أما الطريق الموقوف الذي ذكره الدارقطنى فأخرجه ابن المبارك في الزهد [رقم 828]، قال: أخبرنا شعبة عن سلمة بن كهيل به موقوفًا على سعد. 2531/ 6301 - "كُلُّ خلقِ اللَّهِ تعالَى حسنٌ". (حم. طب) عن الشريد بن سويد قال الشارح في معناه: أي أخلاقه المخزونة عنده التي هي مائة وسبعة عشر كلها حسنة فمن أراد به خيرا منحه منها شيئًا.

قلت: سارت مشرقة وسرت مغربا ... شتان بين مشرق ومغرب فالحديث: "كل خلق اللَّه" بفتح الخاء، والشارح قرأها بضم الخاء واللام، وشرحها كذلك من غير أن يتدبر أو يرجع إلى أصل الحديث. قال أحمد في المسند [4/ 390]: ثنا روح ثنا زكريا بن إسحاق ثنا إبراهيم بن ميسرة أنه سمع عمرو بن الشريد يحدث عن أبيه "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تبع رجلا من ثقيف حتى هرول في أثره حتى أخذ ثوبه، فقال ارفع إزارك، قال: فكشف الرجل عن ركبتيه، فقال: يا رسول اللَّه إنى أحنف وتصطك ركبتاى، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كل خلق اللَّه عز وجل حسن، قال: ولم ير ذلك الرجل رافعا إزاره حتى مات". 2532/ 6303 - "كُلُّ دعاءٍ محجوبٌ حتى يُصَلَّى على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-". (فر) عن أنس، (هب) عن على موقوفًا قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه غير الوقف وأنه لم يرو عن على إلا موقوفًا والأمر بخلافه، أما الأول فلأن فيه محمد بن عبد العزيز الدينورى، قال الذهبى: منكر الحديث، وأما الثانى فقد رواه الطبرانى في الأوسط [عن على] موقوفًا وزاد فيه فقال: "كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمد وآل محمد"، قال الهيثمى: رجال ثقات اهـ. وبه يعرف أن اقتصار المصنف على رواية الديلمى الضعيفة ورواية البيهقى الموقوفة المعلولة وإهماله الطريق المسندة الجيدة الإسناد من سوء التصرف. قلت: إنه زعم أن ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة له غير الوقف والأمر بخلافه، مع أن المصنف رمز له بعلامة الضعيف، فكان ظاهره أنه معلول السند، ثم إنه جعل الوقف علة، والوقف إنما يكون علة إذا ورد الحديث مرفوعًا من رواية راو، ثم رواه آخر عنه أو عن شيخه موقوفًا، فتكون رواية الواقف علة لرواية الرافع، أما إذا روى من أول مرة موقوفًا، فليس الوقف

علة، بل هو حديث قائم بنفسه وذلك هو الذي عزاه المصنف، فكيف يقال: لا علة له غير الوقف؟ ثم إنه انتقد المصنف بكونه ذكر حديث على الموقوف وأعرض عن حديثه المرفوع، فلما أراد أن يذكر المرفوع الذي أعرض عنه المصنف ذكر رواية الطبرانى في الأوسط لحديث على الموقوف أيضًا، وصرح هو نفسه بكونه موقوفًا، ولا تظن أنه أراد أن يقول: مرفوعًا فسبقه قلمه فقال: موقوفًا، بل الحديث كذلك هو عند الطبرانى موقوفًا، وكذلك هو في مجمع الزوائد الذي نقل منه [10/ 10]، ثم رجع بعد هذا الاعتراف فقال: وبه يعرف أن اقتصار المصنف على الرواية الموقوفة. . . إلخ. وزاد كونها معلولة مع أنه نفسه نقل عن الهيثمى أن رجالها ثقات ولم يذكر إلا علة الروابة المرفوعة بأنها من رواية محمد بن عبد العزبز الدينورى، على أن حديث على قد ورد مرفوعًا كما قال لكنه لم يذكره هنا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه يجهل أن حديث على المرفوع قد ذكره المصنف سابقًا في حرف الدال بلفظ: "الدعاء محجوب عن اللَّه حتى يصلى على محمد وأهل بيته" وعزاه لأبي الشيخ. ثم إنه قال في الشرح الصغير: والموقوف أشبه، فهو ترجيح منه لصنيع المصنف في اختيار الموقوف على المرفوع، وفي الكبير عد ذلك من سوء التصرف، وبالجملة فكلامه أشبه شيء بكلام المجانين، بل كلامهم بلا شك ولا مرية، ثم إن حديث على ورد مرفوعًا أيضًا بهذا [اللفظ] المذكور هنا، أخرجه محمد بن مخلد العطار الدورى في جزئه قال: حدثنا سليمان بن بويه ثنا سلام بن سليمان ثنا قيس عن أبي إسحاق عن الحارث عن على عليه السلام قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-".

وله طريق آخر عن أبي إسحاق لكنه بسياق آخر، قال الديلمى في مسند الفردوس [3/ 306، رقم 4791]: أخبرنا أبي أخبرنا يوسف الخطيب وابن القاسم المرابى قالا: حدثنا أبو أحمد الفرضى ثنا الحسين بن يحيى بن عباس عن الحسن بن عرفة عن الوليد بن بكير عن سالم الحرار عن أبي إسحاق عن الحارث عن على رفعه: "ما من دعاء إلا وبينه وبين السماء حجاب حتى يصلى على النبي وعلى آله، فإذا فعل ذلك انخرق الحجاب ودخل الدعاء، وإذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء". وله طريق ثالث عن أبي إسحاق، قال أبو الشيخ: حدثنا محمد بن سهل ثنا أبو مسعود ثنا ابن الأصبهانى ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبد الكريم عن أبي إسحاق عن الحارث عن على قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الدعاء محجوب عن اللَّه عز وجل حتى يصلى على محمد وأهل بيته". ومن طريق أبي الشيخ أخرجه الديلمى في مسند الفردوس [3/ 306، رقم 4791]، وفي معناه عن جعفر الصادق مرسلا أو معضلا أخرجه الطوسى في أماليه من طريق أبي بكر محمد بن عمر الجعابى عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد -هو ابن عقدة- عن أحمد بن يحيى عن أسيد بن زيد القرشى عن محمد بن مروان عن جعفر بن محمد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلاتكم عليَّ إجابة لدعائكم وزكاة لأعمالكم". وهذا في الحقيقة يرجع إلى حديث على لأن الصادق غالبا لا يروى إلا عن آبائه متصلا. 2533/ 6304 - "كُلُّ ذنبٍ عسى اللَّه أن يغفرَهُ، إلا منْ ماتَ مشركًا، أو قتلَ مُؤمنًا مُتعمِّدًا". (د) عن أبي الدرداء، (حم. ن. ك) عن معاوية

قال في الكبير: صححه (ك) وأقره الذهبى، قال المناوى وغيره: رجاله ليس فيهم إلا من روى له الشيخان أو أحدهما إلا أبا عوف الأنصارى وهو ثقة، وقال الهيثمى: رواه البزار عن عبادة أيضًا ورجاله ثقات. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: قال المناوى وغيره كذب بغفلة، فإن هذه عبارة المناوى وحده، والشارح لا يتورع عن هذه اللفظة ولا يتنبه لما يلزم عليها. الثانى: أن الحديث اختلف فيه على ثور بن زيد، فرواه الحاكم [4/ 351] من طريق صفوان بن عيسى عنه عن أبي عون عن أبي إدريس الخولانى عن معاوية، ورواه أبو نعيم في الحلية [6/ 99] من طريق الأوزاعى عن ثور فقال: عن راشد بن سعد عن أبي إدريس به. الثالث: قوله: ورواه البزار عن عبادة أيضًا، قد يتبادر منه أن أيضًا راجعة إلى عبادة مع أنه لم يتقدم له ذكر، فكان حقه أن يقول: وفي الباب عن عبادة. ثم إن حديث أبي الدرداء أخرجه أيضًا الحسن بن سفيان والطبرانى [19/ 365]، وأبو نعيم في الحلية [5/ 153] في ترجمة عبد اللَّه بن أبي زكريا. 2534/ 6307 - "كُلُّ راعٍ مسئولٌ عن رعيَّتِهِ". (خط) عن أنس. قال في الكبير: وقال تفرد به الزبير بن بكار ورواه عنه الطبرانى ومن طريقه تلقاه الخطيب مصرحا فلو عزاه إليه لكان أولى، ثم إن فيه ربيعة بن عثمان أورده الذهبى في ذيل الضعفاء وقال فيه: صدوق، وقال فيه أبو حاتم: منكر الحديث، ورواه أيضًا البيهقى في الشعب. قلت: فيه أمور، الأول: أن اسم الطبرانى معروف لا يخفى على صغار الطلبة في هذا الفن فضلا عن الحفاظ مثل المصنف، فلا حاجة إلى قوله:

مصرحا، والشارح يظن أنه لو لم يصرح الخطيب به لما عرفه المصنف. الثانى: أن الطبرانى له مصنفات كثيرة منها المعاجم الثلاثة، فإذا عرف الشارح أن الخطيب خرجه [10/ 341] من طريقه، فكان عليه أن يصرح بالكتاب الذي خرجه فيه وإلا فهو عزو غير تام الفائدة، والطبرانى خرجه في المعجم الصغير [10/ 240]. الثالث: أنه نقل عن الخطيب أنه قال: تفرد به الزبير. . . إلخ، والواقع أنه نقل ذلك عن الطبرانى مصرحا أيضًا، فلو عزاه إليه لكان واجبا أداه وصدقا حكاه. الرابع: قوله: أورده الذهبى في ذيل الضعفاء كذب وتدليس، بل أورده في الضعفاء الذي هو الميزان. الخامس: أنه حكى توثيقه عن ابن معين والنسائى. السادس: أن الحديث صحيح متفق عليه من حديث ابن عمر كما سيأتى، وله طرق أخرى عن أنس فلا حاجة إلى ذكر هذا التدقيق. 2535/ 6309 - "كُلُّ سبَبٍ ونسبٍ منقطعٌ يومَ القيامِةِ، إلا سَببِى وَنَسَبِى". (طب. ك) عن عمر، (طب) عن ابن عباس وعن المسور. قال في الكبير عقب حديث عمر: قال عمر: فتزوجت أم كلثوم لما سمعت ذلك وأحببت أن يكون بيني وبينه نسب وسبب، خرج هذا السبب البزار، ثم قال عقب حديث ابن عباس والمسور: قال الحاكم: صحيح، وقال الذهبى: بل منقطع، وقال الهيثمى: رجال الطبرانى ثقات. قلت: فيه أمور، الأول: أن هذا ليس سببا للحديث، بل هو سبب للتحديث -كما قدمته- إذ سبب الحديث هو ما حدث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأجله.

الثانى: أن هذا السبب الحاصل لعُمر على مصاهرة على والتحديث بالحديث لم ينفرد به البزار، بل كل من خرج حديث عمر أو جلهم وهم كثيرون خرجوه، بل وكذلك هو مذكور في حديث ابن عباس والمسور، والغريب أن الشارح نقل نص الحاكم وتعقب الذهبى مما يدل على أنه رأى الحديث في المستدرك [3/ 142]، وهو فيه مذكور بالسبب المذكور، ومع ذلك عزاه إلى البزار، وهو في أقل من هذأ يننقد المصنف ويبالغ في التشنيع والتهويل. الثالث: أنه أخر كلام الحكم عقب حديث المسور فأوهم أنه قال ذلك فيه، والواقع أنه في حديث عمر، فكان حقه أن يذكره عقبه. الرابع: أنه أقر الذهبى على ما قاله، وهو وإن كان كما قال الذهبى لأنه من رواية على بن الحسين، إلا أن هذه القصة والحديث مشهورة عن عمر، بل تكاد تكون متواترة عنه، رواها عنه على بن الحسين، والحسن السبط، وعقبة ابن عامر، وعبد اللَّه بن عمر، وجابر بن عبد اللَّه، والمستظل بن حصين، وأسلم مولى عمر، وبعض أهل واقد، وابن عباس وعاصم بن عمر بن قتادة، وعطاء الخراسانى، ومحمد بن قرد وغيرهم. فرواية على بن الحسين خرجها الحكم [3/ 142] والبيهقى في السنن [7/ 64] ثم قال: وهو مرسل حسن، وقد روى من أوجه أخر موصولا ومرسلا. ورواية الحسن خرجها البيهقى من رواية ابن أبي مليكة [7/ 64، 114]: أخبرنى حسن بن حسن عن أبيه "أن عمر خطب إلى على أم كلثوم" فذكره. ورواية عقبة بن عامر أخرجها الخطيب من رواية الليث بن سعد عن موسى بن على بن رباح اللخمى عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهنى قال: "خطب عمر ابن الخطاب إلى على بن أبي طالب ابنته من فاطمة" فذكره. ورواية عبد اللَّه بن عمر رواها أسلم بن سهل الواسطى في تاريخ واسط قال: حدثنا محمد بن عمران ثنا أبو لبابه عن عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن على بن

أبي طالب قال: سمعت عاصم بن عبد اللَّه قال: سمعت عبد اللَّه بن عمر قال: "صعد عمر بن الخطاب المنبر، فقال: أيها الناس واللَّه ما حملنى على الأكام على على بن أبي طالب إلا أنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: كل سبب ونسب وصهر منقطع إلا سببى ونسبى وصهرى، فإنهما يأتيان يوم القيامة يشفعان لصاحبهما". ورواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [1/ 199] من وجه آخر، فقال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة ثنا أبو جعفر محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا عبادة بن زياد الأسدى ثنا يونس بن أبي يعفور عن أبيه سمعت عبد اللَّه بن عمر يقول: سمعت عمر يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببى ونسبى". ورواية جابر رواها الطبرانى في الأوسط، وأبو نعيم في الحلية [2/ 34] من رواية الحسن بن سهل الحناط: ثنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: "سمعت عمر يقول" وذكره. ورواية المستظل خرجها أبو نعيم في المعرفة، وأبو صالح المؤذن في الأربعين له في فضل الزهراء، وابن الأخضر في "معالم العترة" كلهم من طريق شريك عن شيب بن غرقدة عن المستظل بن حصين عن عمر به، ورجاله موثقون. ورواية أسلم عن عمر أخرجها الدولابى في "الذرية الطاهرة". ورواية واقد بن محمد أخرجها الدولابى أيضًا عن واقد بن محمد بن عبد اللَّه ابن عمر عن بعض أهله عن عمر. ورواية ابن عباس خرجها البزار بسند ضعيف في قصة مطولة وفيه: "ما بال أقوام يزعمون أن قرابتى لا تنفع، إن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببى ونسبى، وإن رحمى موصولة في الدنيا والآخرة، قال عمر: فتزوجت

أم كلثوم لما سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومئذ، وأحببت أن يكون بيني وبينه نسب". ورواه الخطيب [6/ 182 و 10/ 271] من حديث ابن عباس لم يذكر عمر، وذلك من رواية إبراهيم الحربى عن عبد الرحمن بن بشر عن موسى بن عبد العزيز عن الحكم بن أبان عن عكرمه كن ابن عباس به. وكذلك رواه الطبرانى كما سبق في المتن. ورواية عاصم بن عمر بن قتادة رواها ابن إسحاق عنه وهي مرسلة، ورواية عطاء الخراسانى رواها ابن السمان في "فضائل العترة". ورواية محمد الباقر رواها جماعة منهم ابن سعد في الطبقات عن أنس بن عياض الليثى عن جعفر بن محمد عن أبيه. ثم إن حديث المسور خرجه أيضًا أحمد [4/ 323 و 332]، والبيهقى [7/ 64] من طريقه ومن طريق غيره. 2536/ 6314 - "كُلُّ شيءٍ بقَدَرٍ حتى العجزُ والكيْسُ". (حم. م) عن ابن عمر. قلت: وفي الباب عن عائشة وابن عباس موقوفًا. قال الطحاوى في "المشكل": ثنا الربيع بن سليمان الأزدى ثنا يحيى بن سلمة بن قعنب ثنا حسان بن إبراهيم عن سعد بن إبراهيم عن سفيان الثورى عن أبي بردة قال: "سئلت عائشة ما كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول في القدر؟ قالت: كان يقول: كل شيء بقدر، وكان يعجبه الفأل الحسن". وقال البخارى في "التاريخ" [1/ 1/ 318، 319]: قال لى ابن عبادة: ثنا يعقوب ثنا عبد العزيز بن محمد ثنا إبراهيم بن محمد بن على بن عبد اللَّه

ابن جعفر عن أبيه سمع ابن عباس قال: "كل شيء بقدر حتى وضعك يدك على خدك". 2537/ 6315 - "كُلُّ شيءٍ فَضَلَ عن ظلٍّ بيتِ، وجِلْف الخبزِ، وثَوبٍ يُوارِى عورةَ الرَّجُلِ، والماءِ، لم يكْن لابِن آدمَ فيه حقٌّ". (حم) عن عثمان. قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وفيه حريث بن السائب، قال الذهبى: ضعفه الساجى وفيه حمران قال النسائى: ليس بثقة، وقال أبو داود: رافضى. قلت: فيه أمور، الأول: أنه قال في الصغير: حسن بعد أن انتقد حكم المصنف به في الكبير. الثانى: أن حريث بن السائب وثقه ابن معين والعجلى وابن حبان وغيرهم، وصحح له الترمذى، وروى له مسلم في "مقدمة الصحيح"، والساجى إنما ذكره في الضعفاء من أجل أن أحمد تكلم في هذا الحديث، فقال الساجى: قال أحمد: روى عن الحسن عن حمران عن عثمان حديثا منكرا، قال الحافظ: وقد ذكر الأثرم عن أحمد علته، فقال: سئل أحمد عن حريث فقال: هذا شيخ بصرى روى حديثا منكرا عن حمران عن عثمان: "كل شيء فضل" الحديث، قال: قلت: قتادة يخالفه، قال: نعم سعيد عن قتادة عن الحسن عن حمران عن رجل من أهل الكتاب، قال أحمد: ثنا روح ثنا سعيد -يعنى- عن قتادة به اهـ. وهذا لا يوجب ضعفه، فقد يكون الحديث عند حمران على الوجهين. الثالث: أن الحديث صححه الترمذى [رقم 2341] والحاكم [4/ 312]،

وأقره الذهبى بلفظ: "ليس لابن آدم"، كما سيأتى للمصنف في حرف اللام، وقد نقل الشارح هناك تصحيحهم. الرابع: أن حمران المذكور في السند ليس هو الذي قال فيه أبو داود: رافضى، بل هو حمران بن أبان الثقة المعروف المتفق عليه، وأما ذاك فهو حمران بن أعين الكوفى، لم يخرج له إلا ابن ماجه، والعجيب أن الشارح وقف على سند الحديث، ورآه من رواية حمران عن عثمان، والمعروف بالرواية عن عثمان هو مولاه حمران بن أبان، نم ذهب إلى أنه حمران بن أعين، وقد صرح باسم والده الترمذى والحاكم في الرواية الآتية في اللام. والحديث خرجه أيضًا أبو داود الطيالسى، وأبو نعيم في الحلية [1/ 61] من طريقه باللفظ المذكور هنا، والبيهقى في الشعب [5/ 156، 157، رقم 6179] وغيرهم. 2538/ 6316 - "كُلُّ شيء ليسَ من ذكرِ اللَّهِ فهو لَعِبٌ، إلَّا أنْ يكونَ أربعةً: ملاعبةَ الرجل امرأتَهُ، وتأديبَ الرجلِ فرسَهُ، ومشى الرجلِ بين الغرضَيْنِ، وتعليمَ الرجلِ السباحةَ". (ن) عن جابر بن عبد اللَّه وجابر بن عمير قال في الكبير: رمز الصنف لحسنه وهو تقصير فقد قال في الإصابة: إسناده صحيح، فكان حق المصنف أن يرمز لصحته. قلت: وإذ ذلك كذلك فلم رجعت بعد هذا وقلت في الصغير: إسناده حسن. 2539/ 6317 - "كُلُّ شيءٍ حلٌّ للرجلِ من المرأة في صيامِهِ ما خلا ما بينَ رِجليْهَا". (طس) عن عائشة. قال في الكبير: وفيه إسماعيل بن عياش وقد مر غير [مرة] الخلاف فيه

ومعاوية بن طويع أورده الذهبى في الذيل وقال: مجهول. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن معاوية بن طويع ذكره الذهبى في الميزان [4/ 135، رقم 8627]، فما أدرى وجه التلبيس بالذيل. ثانيهما: أن فيه أيضًا أبا بكر بن أبي مريم، وحقه أن يذكر بدل إسماعيل بن عياش، فإن روايته عن أهل بلده مقبولة. قال الطبرانى: حدثنا الحسن بن السميدع الأنطاكى ثنا محمد بن المبارك ثنا إسماعيل بن عياش ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن معاوية بن طويع عن عائشة. 2540/ 6323 - "كُلُّ شيءٍ ساءَ المؤمنَ فَهُوَ مصيبةٌ". ابن السنى في عمل يوم وليلة عن أبي إدريس الخولانى مرسلا. قال في الكبير: ولد يوم حنين وله رؤية لا رواية فهو من حيث الرؤية صحابى ومن حيث الرواية تابعى. قلت: هذا باطل من وجهين، أحدهما: أن أبا إدريس لم ير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أصلا، ولما انتقل -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الرفيق الأعلى كان هو ابن ثلاث سنين وهو بالشام أو بخولان، فكيف رآه؟ ولم ينقل هذا ولا ذكره أحد. ثانيهما: أنه لو ثبت له هذه الرؤية فهو صحابى صغير وروايته تسمى مرسل صحابى، أما كونه صحابى تابعى فشئ من اختراع الشارح لا يوافقه عليه عقل ولا نقل. والحديث اختصره المصنف فوقع استغراب في إخراج ابن السنى له لأنه ليس من موضوع الأذكار، قال ابن السنى [رقم 347]: أخبرنا الحسين بن عبد اللَّه القطان ثنا هشام بن عمار ثنا صدقة ثنا زيد بن واقد عن بسر بن عبد اللَّه عن أبي إدريس الخولانى قال: "بينما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يمشى هو وأصحابه إذ انقطع شسعه، فقال: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، قالوا: أومصيبة هذه؟ قال: نعم، كل شيء" وذكره.

2541/ 6333 - "كُلُّ عينٍ زانيةٌ، والمرأةُ إذا استعطرَتْ فَمرَّتْ بالمجلسِ فَهِى زانيةٌ". (حم. ت) عن أبي موسى. قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن الترمذى تفرد به من بين الستة وهو ذهول، فقد رواه أيضًا النسائى في الزينة باللفظ المذكور. قلت. هذا كذب، قال النسائى [2/ 283]: أخبرنا إسماعيل بن مسعود ثنا خالد ثنا ثابت بن عمارة عن غنم بن قيس عن الأشعرى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية" اهـ. فأين اللفظ المذكور؟ وأين قوله: كل عين زانية؟ ثم إذا كان الأمر كذلك فإن أبا داود خرجه أيضًا في الترجل [رقم 4173] عن مسدد بلفظ: "إذا استعطرت"، فاقتصاره على النسائى جهل وقصور. 2542/ 6334 - "كُلُّ عينِ باكيةٌ يومَ القيامة، إلا عينًا غضَّتْ عن محارِمِ اللَّهِ، وعينًا سهرت في سبيلِ اللَّهِ، وعَينًا خرَجَ منهَا مِثْلُ رأسِ الذُّبابِ من خشيِة اللَّهِ". (حل) عن أبي هريرة. قال الشارح: بإسناد حسن. قلت: كيف يكون سندا حسنا وهو من رواية عمر بن صهبان عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن أبي هريرة وعمر بن صهبان متروك منكر الحديث، وقد قال أبو نعيم [3/ 163]: إنه تفرد به، وقد رواه ابن أبي الدنيا من طريقه فقال: عن صفوان عن أبي هريرة، ولم يذكر أبا سلمة، فإن قيل: إنه في الكبير نقل ذلك عن رمز المصنف، قلت: المصنف إن ثبت ذلك عنه فإنه رمز

للحديث، والحديث قد يكون حسنا دون السند، فإن هذا الحديث له طريق آخر تقدم في: "ثلاثة أعين لا تمسهم النار"، وله شواهد أخرى، والشارح تكلم على سند الحديث وفرق بين المتن والإسناد. 2543/ 6339 - "كُلُّ مَا صنَعْتَ إلى أهلِك فهُو صدقةٌ عليهِمْ". (طب) عن عمرو بن أمية. قال في الكبير: رواه من حديث الزبرقان بن عبد اللَّه بن عمرو بن أمية الضمرى عن أبيه عن جده، والزبرقان هذا مشهور وثقه النسائى وغيره وخرج له أيضًا الترمذى وأبو داود، وليس هو بالزبرقان الضمرى ذاك انفرد به، وقد كتبهما الذهبى وأشار إلى ضعف الفرق، وأبوه انفرد به النسائى وذكره ابن حبان في الثقات وجده صحابى مشهور من غير مرة، قال المنذرى عقب عزوه لأبي يعلى والطبرانى: رواته ثقات، وبه يعرف أن رمز المؤلف لحسنه تقصير فكان حقه الرمز لصحته. قلت: وأنت كان حقك أن تسكت عما لا تعرف، فقد أتيت بكلام لا يفهم، بل بكلام يشبه كلام السكارى والمجانين، فقد أردت أن تبلغ عما هو الواقع في الرجل فلم تدر ما تقول، وزدت عليك التناقض فتقول: وليس هو بالزبرقان الضمرى احتجاجا منك على صحة السند، ثم ترجع فتقول: إن الذهبى أشار إلى ضعف الفرق بينهما، أي أنهما واحد مع أنك ما ذكرت أولا إلا الضمرى وقلت خرج له الترمذى وهولم يخرج له، وظننت أن قول الحفاظ في حديث: رواته ثقات معناه أنه صحيح وليس كما ظننت، ولو كان كذلك لقال الحافظ المنذرى: إسناده صحيح بدل قوله: رواته ثقات، فإذ عدل عن ذلك، فلو كنت من أهل الفهم في هذا الفن لعرفت أنه عدل عن ذلك لنكتة ولكنك بعيد، هذا داخل فيما ليس من شأنك وبه يعرف أنه كان يجب عليك السكوت وعدم الخوض فيما لا تحسن ولا تعرف.

وبعد فالزبرقان هذا مختلف فيه هل هو واحد أو هما اثنان، لأن بعض الرواة يقول: عن الزبرقان بن عبد اللَّه بن عمرو بن أمية الضمرى، وبعضهم يقول: الزبرقان بن عمرو الضمرى، فأكثر الحفاظ على أنهما واحد، وابن حبان فرق بينهما فجعل ابن عبد اللَّه مجهولا إذ لم يرو عنه إلا كليب بن صبح، ومن أجل ذلك ذكره الذهبى في الضعفاء وجعل ابن عمرو معروفا فذكره في الثقات، وروى البخارى في التاريخ هذا الحديث من طريق يعقوب بن عمرو ابن عبد اللَّه: ثنا الزبرقان بن عمرو عن أبيه عن عمرو بن أمية. فجاء فيه باختلاف آخر، فمن أجل هذا الاضطراب في السند اقتصر المؤلف على تحسينه، ثم إن الشارح قال أولا: إن الطبرانى خرجه من حديث الزبرقان ابن عبد اللَّه بن عمرو، ثم رجع فقال: ليس هو ابن عبد اللَّه، بل هو ابن عمرو، ثم رجع فقال: إن الذهبى ضعف الفرق بينهما، فأتى بعجيب من التناقض الدال على حيرته وعدم فهمه لما يقول، فكيف يتجاسر على المؤلف الحافظ، إن هذا لعجب. 2544/ 6340 - "كُلُّ مالِ النبيِّ صدقَةٌ إِلَّا مَا أطعمَهُ أهلَهُ وكساهُمْ، إنَّا لَا نُورَثْ". (د) عن الزبير. قال في الكبير: وشهد به جمع من الصحابة. قلت: هذا قلب للحقائق، فإن الحديث لعمر بن الخطاب، وشهد له به جمع منهم الزبير، والمصنف واهم في عزوه إلى الزبير، بل كان حقه أن يعزوه إلى عمر أو إلى جميع من استشهدهم عمر. قال أبو داود [2975]: ثنا عمرو بن مرزوق ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البخترى قال: "سمعت حديثا من رجل فأعجبنى، فقلت: اكتبه لى، فأتى به مكتوبا -أي

منقوطا دخل العباس على عمر وعنده طلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن، وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد: ألم تعلموا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كل مال النبي صدقة. . . الحديث، قالوا: بلى" الحديث، ثم إن الشارح قال: سنده حسن، وهو كما ترى من رواية راو مجهول، وإن كان أصل الحديث بقصته مخرجًا في الصحيحين وغيرهما من رواية مالك عن الزهرى عن مالك بن أوس بن الحدثان، لكن الحكم حينئذ للحديث كما يفعل المصنف لا للإسناد كما يقول الشارح. 2545/ 6341 - "كُلُّ مالٍ أُدِّيَ زكاتُه فليْس بكَنْزٍ، وإنْ كانَ مدفُونًا تحتَ الأرضِ، وكلُّ مالٍ لا تؤدَّى زكاتُهُ فهو كنُزٌ، وإنْ كانَ ظاهرًا". (هق) عن ابن عمر. قال في الكبير: مرفوعًا وموقوفًا، وقال البيهقى: ليس بمحفوظ والمشهور وقفه. قلت: الموقوف وإن كانت طرقه عن ابن عمر كثيرة صحيحة إلا أن المرفوع ورد عنه من طريقين وله مع ذلك شاهدان من حديث على وأم سلمة، فالطريق الأول رواه الطبرانى في الأوسط، وابن مردوية في التفسير، والبيهقى [4/ 82، 83] كلهم من طريق سويد بن عبد العزيز عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر به. قال البيهقى: وسويد بن عبد العزيز ليس بالقوى. والطريق الثانى رواه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج قال: حدثنا الحسن بن سفيان ثنا هارون بن زياد المصيصى ثنا محمد بن كثير عن سفيان عن عبد اللَّه بن دينار عن عبد اللَّه بن عمر به مرفوعًا أيضًا. ورواه البيهقى في السنن عن أبي حازم الحافظ عن محمد بن يزيد العدل عن

الحسن بن سفيان فقال: حدثنا أحمد بن على الرازى ثنا هارون بن زياد به. وحديث على رواه الطوسى في أماليه من طريق الفضل بن محمد البيهقى، ثنا هارون بن عمرو المجاشعى ثنا محمد بت جعفر حدثنا أبي عن آبائه عن على قال: "لما نزلت هذه الآية {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} الآية، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كُلُّ مال تؤدى زكاته"، فذكر مثله. وحديث أم سلمة رواه أبو داود، والحاكم [1/ 390]، والبيهقى [4/ 84] من حديث ثابت بن عجلان. عن عطاء "عن أم سلمة أنها كانت تلبس أوضاحا لها من ذهب، فسألت عن ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت: أكنز هو؟، فقال: إذا أديت زكاته فليى بكنز"، ولفظ أبي داود: "فقال: ما بلغ أن تؤدى زكاته، فزكى فليس بكنز"، وقال الحاكم على شرط البخارى اهـ. فهذا يؤيد المرفوع، وقد قيل: إنه ورد أيضًا من حديث أبي هريرة وابن عباس بمعناه، واللَّه أعلم. 2546/ 6344 - "كُلُّ مؤذٍ في النارِ". (خط) وابن عساكر عن على. قال في الكبير: رواه الخطيب في ترجمة عثمان الأشج المعروف بابن أبي الدنيا، قال الخطيب: وعثمان عندى ليس بشيء اهـ. وأورده الذهبى في المتروكين وقال: خبر غريب. قلت: ما قال الذهبى ذلك ولا ذكر هذا الحديث أصلا، وكذلك الخطيب ليس هو القائل وعثمان عندى ليس بشيء، بل هو ناقل لذلك [11/ 299] عن غيره، فإنه أسند عن أبي القاسم يوسف بن أحمد التمار قال: إن الأشج دخل بغداد واجتمع الناس عليه في دار إسحاق، وأحدقوا به وضايقوه وكنت حاضره، فقال: لا تؤذونى، فإنى سمعت على بن أبي طالب يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل مؤذ في النار"، وحدث ببغداد خمسة أحاديث،

حفظت منها ثلاثة هذا أحدها، وما علمت أن أحدا ببغداد كتب عنه حرفا واحدا، ولم يكن عندى بذلك الثقة، قال الخطيب عقب هذا: قلت: وقد روى بعض الناس عن المفيد قال: بلغنى أن الأشج مات في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وهو راجع إلى بلده اهـ. وأما الذهبى فقال ما نصه [3/ 33، رقم 5500]: عثمان بن خطاب أبو عمرو البلوى المغربى أبو الدنيا الأشج، ويقال: ابن أبي الدنيا طير طرأ على أهل بغداد، وحدث بقلة حياء بعد الثلاثمائة عن على بن أبي طالب، فافتضح بذلك وكذبه النقادون، روى عنه المفيد وغيره. قال الخطيب: وعلماء النقل لا يثبتون قوله، ومات سنة 327، قال المفيد سمعته يقول: ولدت في خلافة الصديق، وأخذت لعلى بركاب بغلته أيام صفين، وذكر قصة طويلة اهـ. فما أدرى كيف تدخل هذه الأوهام على الشارح؟ أو كيف يتعمدها؟ وقد ذكر هذا الحديث القرطبي في تفسيره، ونقله عنه ابن كثير في سورة البقرة، ثم قال بعده: وهذا الحديث ليس بمحفوظ ولا معروف اهـ. كأنه لم يقف عليه في تاريخ الخطيب، بل وله طريق آخر من حديث أبي هريرة أخرجه الدارقطنى في "غرائب مالك" من رواية هارون بن سعيد المصيصى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رفعه: "المؤذى في النار"، قال الدارقطنى: هارون مجهول، ولا يصح هذا عن مالك. 2547/ 6345 - "كُلُّ مسجدٍ فيه إمامٌ ومؤذنٌ فالاعتكافُ فيه يَصحُّ". (قط) عن حذيفة. قال الشارح: قال الذهبى: حديث في نهاية الضعف. قلت: بل هو حديث موضوع في نهاية البطلان، يلام المصنف على إيراده لأنه مما انفرد به وضاع.

2548/ 6352 - "كلُّ معروفٍ صنعتَهُ إلى غَنِيٍّ أو فقيرٍ فهُوَ صدقَةٌ". (خط) في الجامع عن جابر (طب) عن ابن مسعود. قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: إسناده ضعيف، وقال الهيثمى: في سند الطبرانى صدقة بن موسى الدقيقى وهو ضعيف. قلت: صدقة لم ينفرد به، بل تابعه شعبة عن فرقد، فإن صدقة بن موسى رواه عن فرقد السنجى عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه، كذلك رواه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"، وفي قضاء الحوائج معا، والطبرانى في "الكبير" [10/ 110] وفي مكارم الأخلاق أيضًا [ص 111، 112]، والخرائطى في "مكارم الأخلاق" [ص 16/ 17]، وأبو نعيم في "الحلية" [3/ 49] كلهم عن صدقة به. رواه أبو نعيم في "الحلية" [7/ 194] من طريق أحمد بن يوسف: ثنا مسلم هو ابن إبراهيم ثنا شعبة عن فرقد به مثله. وله طريق آخر عن عبد اللَّه مرفوعًا بدون ذو الغنى والفقير، أخرجه أبو نعيم في "التاريخ" [1/ 66، 152، 303، 2/ 102] من طريق إسحاق بن الربيع: ثنا العلاء بن المسيب عن أبيه عنه. وله طريق آخر موقوفًا مثله، أخرجه النسائى في الكبرى، وابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج"، وفي "المكارم" من رواية أبي عوانة عن عاصم عن أبي وائل عن عبد اللَّه قال: "كل معروف صدقة" زاد النسائى "وكنا نعد الماعون على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عارية الدلو والقدر". 2549/ 6354 - "كُلُّ معروفٍ صدقَةٌ، والدَّالُّ على الخيرِ كفاعِلِهِ، واللَّهُ يُحِبُّ إغاثَةَ اللهفانِ". (هب) عن ابن عباس.

قال في الكبير: وفيه طلحة بن عمرو، قال أحمد: متروك، وقال الحافظ العراقى: رواه الطبرانى في المستجاد من رواية الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والحجاج ضعيف، وقد جاء مفرقا في أخبار أخر. قلت: هذا خلط لحديث بحديث، وكتاب المستجاد ليس هو للطبرانى، بل هو للدارقطنى، فهو غلط على العراقى. وحديث ابن عباس له طربق آخر من غير رواية طلحة بن عمرو، ولكن بدون الزيادة، أخرجه ابن أبي الدنيا، والدولابى في الكنى، وأبو نعيم في الحية من رواية حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعًا: "كل معروف صدقة". 2550/ 6355 - "كُلُّ من وَردَ القيامةَ عطشانٌ". (حل. هب) عن أنس. قال في الكبير: كلاهما من رواية سهل بن نصر عن محمد بن صبيح السماك. . . إلخ. قلت: أبو نعيم لم يخرجه من طريق سهل بن نصر، بل خرجه من طريق السرى بن عاصم [3/ 54 و 8/ 216]: ثنا محمد بن صبيح السماك به، وذلك في موضعين من الحلية في ترجمة يزيد الرقاشى من الجزء الثالث، وفي ترجمة ابن السماك من الجزء الثامن، والشارح حمل شد أبي نعيم على شد البيهقى من غير تحقيق ولا تثبت. 2551/ 6358 - "كُلُّ مُيَسَّرٌ لما خُلِق لَهُ". (حم. ق. د) عن عمران بن حصين (ت) عن عمر (حم) عن أبي بكر.

قلت: هذا الحديث خرجه جماعة عن جماعة من الصحابة يطول ذكرهم، وانظر حديث: "اعملوا"، وحديث: "كل امرئ" السابقين، والكنى للدولابى (ص 102 من الجزء الثانى)، وطلحة بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن من الميزان، فإنه أسنده عن أبي بكر وتفسير ابن كثير في سورة الليل، فإنه أورده من طرق، "والأدب المفرد" للبخارى (ص 131)، وكتاب السند لعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل (ص 103 وص 111)، والتاريخ الكبير للبخارى (ص 243 ج ثانى قسم أول) و (97 جزء رابع قسم ثانى). 2552/ 6360 - "كُلُّ نادبةٍ كاذبة إلا نادَبة حمزَةَ". ابن سعد عن سعد بن إبراهم مرسلا. قلت: الذي في طبقات ابن سعد أنه عن ابن المنكدر لا عن سعد بن إبراهيم، قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أنا محمد بن أبي حميد عن ابن المنكدر قال: "أقبل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أحد، فمر على بنى عبد الأشهل ونساء الأنصار يبكين على هلكاهن يندبنهم، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لكن حمزة لا بواكى له، قال: فدخل رجال من الأنصار على نسائهم، فقالوا: حولن بكاءكن وندبكن على حمزة، فقام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فطال قيامه يستمع، ثم انصرف، فقام على المنبر من الغد، فنهى عن النياحة كأشد ما نهى عن شيء قط، وقال: كل نادبة"، وذكره. 2553/ 6361 - "كُلُّ نسبٍ وصِهْرٍ مُنقطع يومَ القيامِة إلا نَسَبِى، وصِهْرِى". ابن عساكر عن عمر.

قال في الكبير: قال الذهبى: فيه ابن وكيع لا يعتمد لكن ورد فيه مرسل حسن. قلت: هكذا يأتى الشارح بالأنقال مختصرة منحوتة عديمة الفائدة، فمن هو ابن وكيع، فالذهبى لا يقول هذا أصلا، ثم إن النقل في مثل هذه الأحاديث عن الذهبى وأمثاله كابن تيمية مما لا ينبغى، فإن هؤلاء النواصب يودون أن لا يصح حديث في فضل آل البيت، بل ويزيد ابن تيمية وأفراخه فلا يريدون أن يسمعوا حديثا في فضل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا الحديث قد مر قريبًا أنه وصل عن عمر حد التواتر مع وروده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من رواية جماعة من الصحابة غير عمر -رضي اللَّه عنه- ومما لم يذكر هناك كون هذا اللفظ ورد من حديث على -عليه السلام-، قال الطوسى في أماليه: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت أنا ابن عقدة أخبرنا على بن محمد بن على العلوى حدثنى جعفر بن محمد بن عيسى ثنا عبيد اللَّه بن على ثنا على بن موسى الرضى عن أبيه عن جده عن آبائه عن على -عليه السلام- قال: "قال رسول اللَّه: -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وذكر مثله. 2554/ 6362 - "كُلُّ نعيمٍ زائلٌ إلا نعيمَ أَهْلِ الجِنَّةِ، وكُلُّ همٍّ منقطع إلا همَّ أهلِ النارِ". ابن لال عن أنس. قال الشارح: قال الذهبى: باطل. قلت: هذا من كلام الحسن البصرى سرقه بعض الوضاعين، ورفعه. قال الدينورى في المجالسة:

حدثنا يوسف بن الضحاك ثنا شيبان بن فروخ عن أبي الأشهب عن (¬1) قال: وذكر مثله، إلا أنه قال: "وكل غم، بل الهم". 2555/ 6364 - "كُلُّ نفسٍ من بَنِى آدمَ سيد: فالرجل سيدُ أهلِهِ، والمرأةُ سيدةُ بَيْتِهَا". ابن السنى في عمل اليوم والليلة عن أبي هريرة. قلت: ترجم عليه ابن السنى بباب إباحة المخاطبة بالسؤدد على الإصابة، ثم قال: أخبرنا أبو يحيى الساجى، وجماعة قالوا: حدثنا أحمد بن عمرو ابن سرح ثنا ابن وهب أخبرنى عمرو بن الحارث عن أبي يونس عن أبي هريرة به. 2556/ 6365 - "كُلُّ نفقَةٍ يُنفقُها العبدُ يؤجرُ فيهَا إلا البُنيانَ". (طب) عن خباب. قال في الكبير عن العراقى: إسناده جيد، ثم قال: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من الستة وهو ذهول، فقد خرجه ابن ماجه عن خباب باللفظ المزبور. قلت: هذا كذب، قال ابن ماجه [رقم 4613]: حدثنا إسماعيل بن موسى ثنا شريك عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب، قال: أتينا خبابا نعوده، فقال: "لقد طال سقمى، ولولا أنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: لا تمنوا الموت لتمنيته، وقال: إن العبد ليؤجر في نفقته كلها إلا في التراب، أو قال: في البناء" اهـ. فأين اللفظ المزبور؟ ثم إن الشارح قد ذكر هذا الحديث في حرف الألف وعزاه لابن ماجه، وأين الشارح من ذلك؟. ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل.

2557/ 6366 - "كُلُّ نفقةٍ ينفقُها المسلمُ يؤجرُ فيها: على نفسِهِ، وعَلَى عيالِهِ، وعلى صديقِهِ، وعلى بهيمته، إلا في بناءٍ إلا بناءَ مسجدٍ يَبْتَغِى به وجهَ اللَّهِ". (هب) عن إبراهيم مرسلا قال الشارح: وهو مع إرساله منكر. وقال في الكبير: فيه على بن الجعد أورده الذهبى في الضعفاء وقال: متقن فيه تجهم، وقيس بن الربيع قال الذهبى: تابعى له حديث منكر. قلت: هذا الرجل مصيبة ابتلى اللَّه بها الحديث ورجاله، فهو أبعد الناس من معرفته، وأجهلهم على الاطلاق برجاله، تسلط على ذلك بجهله، فصار يأتى بالعجائب والدواهى. أول ذلك: أن على بن الجعد ثقة ثبت حافظ مشهور من رجال البخارى، يجل قدره عن أن يعلل به حديث مثل هذا، وكونه فيه تجهم لا دخل له في التعليل، فأكثر رجال الصحيح الثقات الأثبات لاسيما المتقدمين منهم ملموزون بمثل هذه البدع، فلو ردت أحاديثهم لما ثبت أو كاد يثبت في الدنيا حديث. الثانى: أن قيس بن الربيع المذكور في السند هو شيخ على بن الجعد وهو قيس ابن الربيع الأسدى الكوفى، أحد المشاهير المختلف فيهم وهو ليس بتابعى، بل هو يروى عن التابعين مات سنة خمس، وقيل: ست، وقيل: سبع، وقيل: ثمان وستين ومائة، وأما قيس بن الربيع الذي قال فيه الذهبى: له حديث منكر فهو آخر كبر من هذا، قال فيه الذهبى: لا يكاد يعرف عداده في التابعين له حديث أنكر عليه اهـ. هكذا هو نص الذهبى، وقد غيره الشارح إلى ما ترى لقلة فهمه وعدم أمانته. الثالث أن الذهبى قال: له حديث أنكر عليه فجزم الشارح بأنه هو هذا الحديث

كما قال في الصغير: وهو مع إرساله منكر، فأتى بوهم مركب على وهم، وذلك أنه جعل قيس بن الربيع الأسدى المشهور المعروف، هو قيس بن الربيع التابعى المجهول، ثم جعل الحديث الذي أشار إليه الذهبى في ترجمة ذلك المجهول هو هذا الحديث الذي رواه قيس بن الربيع المعروف المشهور، ولو راجع اللسان لعرف أن الحديث الذي أشار إليه الذهبى هو غير هذا، بل هو حديث رواه قيس بن الربيع المذكور عن الشمردل بن نبات، وكان في وفد نجران الذين قدموا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأسلموا، فقال الشمردل: "بأبى أنت وأمى إنى كنت كاهن قومى، وكنت أتطيب فتأتينى الشابة فما يحل لى من ذلك، قال: فصد العرق ومحسمة الطعنة والانتشار إن اضطررت، ولا تجعل في دوائك شرفا ولا ورعان، وعليك بالسنا والسنوت، ولا تداو أحدا حتى تعرف داءه، فقبل ركبتيه، وقال: والذي بعثك بالحق لأنت أعلم منى يعنى بالطب"، فهذا هو الحديث الذي أشار إليه الذهبى وهو الذي أنكر عليه، وأورده ابن الجوزى في العلل المتناهية وسبقه الخطيب الذي خرجه في المتفق والمفترق فقال: في إسناده نظر. أما حديث الباب فهو ضعيف لإرساله، ولضعف قيس بن الربيع الأسدى أيضًا. 2558/ 6367 - "كُلُّ يمينٍ يحلَفُ بها دونَ اللَّهِ شركٌ". (ك) عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه عنه أبو نعيم والديلمى. قلت: الشارح رأى الحديث في مسند الفردوس [3/ 306 رقم 4793] مسندا من طريق أبي نعيم، فعزاه إليه من غير أن يكون رآه في أصل من أصول أبي نعيم، ولا عرف في أيها خرجه، وذلك من تهوره وعدم أمانته، وهو عند أبى

نعيم في "التاريخ" في ترجمة عمر بن محمد بن مسلم (ص 53 من الجزء الأول). 2559/ 6368 - "كُلُّكُم بنُو آدمَ، وآدمُ خُلقَ من ترابٍ، ليَنْتَهِينَّ قومٌ يفتخُرون بآبائِهم أو ليكوننَّ أهونَ على اللَّهِ من الجُعلَانِ". البزار عن حذيفة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما ذكر، فقد أعله الهيثمى بأن فيه الحسن بن الحسين المعافى وهو ضعيف. قلت: الحسن المذكور إنما تكلموا فيه لأجل التشيع، وهو جرهم إلى الطعن فيه بغيره. والحديث حسن كما قال المصنف أو صحيح لكثرة شواهده عن جماعة من الصحابة الذين منهم أبو هريرة، وحديثه بمثل لفظ هذا الحديث، خرجه أبو داود [4/ 333، رقم 5116]، وحسنه الترمذى. 2560/ 6371 - "كُلَّمَا طالَ عمرُ المسلِم كانَ لهُ خيرٌ" (طب) عن عوف بن مالك قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: فيه النهاس بن فهم وهو ضعيف، فرمز المصنف لحسنه فيه ما فيه. قلت: وإذ الأمر كذلك فلم قلت في الصغير: إسناده حسن؟ فوقعت في الخطأ الذي أنكرته على المصنف، وأخطأت في كلا الكتابين، أخطأت في الكبير في اعتراضك تحسين المؤلف للحديث الذي حسنه لوجود شواهده الكثيرة المخرجة في الصحاح وغيرها وقد تقدم منها في حرف الخاء، وأخطأت في الصغير في قولك: إسناده حسن مع أن سنده ضعيف، ولم تفرق بين الحكم للحديث وبين الحكم للسند.

2561/ 6372 - "كلماتُ الفرجِ: لا إلهَ إلا اللَّهُ الحليمُ الكريمُ، لا إلهَ إلا اللَّهُ العلى العظيمُ، لا إلهَ إلا اللَّه ربُّ السمواتِ السبِع وربُّ العرشِ الكريمِ". ابن أبي الدنيا في الفرج عن ابن عباس. قلت: قال الدينورى في "المجالسة": حدثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا يزيد بن هارون عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس به. وقال ابن ترثال في جزئه: حدثنا أبو القاسم عمر بن محمد بن أحمد بن هارون العسكرى ثنا عبد اللَّه بن الحسن الهاشمى ثنا يزيد بن هارون به. وقد عقد الحكيم الترمذى في نوادر الأصول الأصل الثامن والسبعين والمائة (¬1) لكلمات الفرج، فأخرج هذا الحديث بألفاظ معضلا وموقوفًا ومرفوعا عن على، ولم يخرج حديث ابن عباس. 2562/ 6373 - "كلماتٌ من ذكَرهُنَّ مائَة مرة دُبُرَ كلِّ صلاة: اللَّه أكبرُ، سبحان اللَّه، والحمدُ للَّهِ، ولا إله إلا اللَّهُ وحدَه لا شريكَ لهُ ولا حولَ ولا قوة إلا باللَّهِ العليِّ العظيمِ، لو كانتْ خطاياهُ مثل زبدِ البحرِ لمحَتْهُنَّ". (حم) عن أبي ذر. قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس بجيد، فقد قال الهيثمى: فيه أبو كثير لم أعرفه وبقية رجاله حديثهم حسن. ¬

_ (¬1) هو في الأصل السابع والسبعبن والمائة من المطبوع (2/ 81).

قلت: وإذا لم يعرفه الهيثمى [10/ 101] فمن أدراك أن المؤلف لا يعرفه فأبو كثير المذكور ذكره البخارى في الكنى ولم يذكر فيه جرحا، فدل على أنه ثقة ونصه [ص 64، رقم 582]: أبو كثير مولى بنى هاشم سمع أبا ذر الغفارى: "التسبيح في دبر الصلاة يمحو الخطايا" اهـ. فالحديث حسن كما قال المصنف واعتراض الشارح ليس بجيد، ومن عجائبه أنه رجع في الصغير فقلد المصنف وقال: إسناده حسن. 2563/ 6377 - "كلمتانِ إحداهُما ليس لها ناهيةٌ دونَ العرشِ، والأخرى تملأُ ما بين السماءِ والأرضِ: لا إلهَ إلا اللَّهُ، واللَّهُ أكبرُ". (طب) عن معاذ قال الشارح: بإسناد حسن أو ضعيف. قلت: هذا حكم غريب عجيب، لم يسبق الشارح إليه أحد من الناس، وعلى حد تعبيره نقول: هو حكم فاسد أو باطل. 2564/ 6381 - "كُلِ الثومَ نَيِّئًا، فلولَا أَنِّى أنَاجِى الملكَ لأكلتُهُ". (حل) وأبو بكر في الغيلانيات عن على. قال الشارح: وإسناده واه. وقال في الكبير: فيه حبة العرنى قال الذهبى في الضعفاء: شيعى غال ضعفه الدارقطنى، وقال العراقى ضعفه الجمهور. قلت: فهم الشارح في كون حبة شيعى غال كما يقوله الذهبى أن حديثه واه، وذلك من جهله المركب، فلا حبة شيعى غال، ولا رواية الشيعى الغالى واهية، فحبة كان عابدا جليلا تقيا خاشعا للَّه تعالى، وثقه أحمد، وقال العجلى: كوفى تابعى ثقة، وقال ابن عدى: لم أر له حديثا منكر جاوز الحد، وإنما تكلم فيه الآخرون لتشيعه، ومعنى هذا التشيع أنه كان محبا لعلى

وحضر معه صفين، ونقل عنه أنه قال: حضر مع على ثمانون بدريا فكذبوه لهذا مع أنه لم يصح عنه، وهب أنه شيعى غال كما يقول النواصب، فما للتشيع وضعف الرواية، متى كان الشيعى ثقة عدلا، وأى علاقة للتشيع بأكل الثوم. ولِمَ كانت رواية الشيعى ضعيفة ورواية الناصبى الغالى صحيحة كحريز بن عثمان وأمثاله إن هذا العجب، وأعجب منه تدخل الشارح فيما لا يعرفه. والحديث خرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" عن أبي الشيخ بن حيان: ثنا محمد بن هارون ثنا الحسن بن عرفه ثنا زافر بن سليمان عن إسرائيل عن مسلم الأعور عن حبة العرنى عن على به، بدون قوله: "نيئًا". أما في الحلية [8/ 357 و 10/ 316] فأخرجه من وجه آخر عن إسرائيل من رواية شيوخ الصوفية محمد بن محمد بن أبي الورد العابد قال: سمعت بشر الحافى يقول: حدثنا المعافى بن عمران عن إسرائيل به. وأخرجه أبو سعد المالينى في مسند الصوفية قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن يعقوب أنبأنا أبو إسحاق محمد بن بويه ثنا محمد بن محمد بن أبي الورد العابد قال: سمعت بشر بن الحارث به، بدون قوله: "نيئًا" أيضًا. وأخرجه أبو عبد الرحمن السلمى في طبقات الصوفية قال: أخبرنا أبو عمرو وسعيد بن القاسم بن العلاء البردعى ثنا أبو طلحة أحمد بن محمد بن عبد الكريم ثنا محمد بن محمد بن أبي الورد العابد به. ورواه أبو مسلم الكشى في سننه قال: حدثنا عبد اللَّه بن رجاء ثنا إسرائيل به.

ورواه الطحاوى في معاني الآثار من رواية عبد اللَّه بن صالح وشبابة بن سوار: ثنا إسرائيل به. 2565/ 6385 - "كُلْ ما أصمَيْتَ ودعْ ما أنميْتَ". (طب) عن ابن عباس. قال الشارح: بإسناد ضعيف. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: فيه عثمان بن عبد الرحمن أظنه القرشى وهو متروك. قلت: الحديث ورد من طريقين عن ابن عباس موقوفًا أخرجهما البيهقى فلو لم يرد إلا كذلك لكانت هذه الرواية ضعيفة، ولكنه ورد من طريقين أخرين مرفوعًا أيضًا. فرواه أبو نعيم في المعرفة من حديث عمرو بن تميم عن أبيه عن جده مرفوعًا أيضًا. ورواه ابن سعد في الطبقات [1/ 2/ 60] عن هشام بن محمد بن السائب الكلبى قال: حدثنى جميل بن مرثد الطائى من بنى معن عن بعض أشياخهم قالوا: قدم عمرو بن المسبح الطائي على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو يومئذ ابن مائة وخمسين سنة، فسأله عن الصيد، فقال: "كل ما أصميت، ودع ما أنميت"، فهذا يؤيد رفعه، ويكون الحديث بمجموع طرقه حسنا، واللَّه أعلم. 2566/ 6388 - "كُلْ ما ردَّتْ عليكَ قوسُك". (حم) عن عقبة بن عامر وحذيفة بن اليمان، (حم د) عن ابن عمرو بن العاص، (هـ) عن أبي ثعلبة.

قال في الكبير: وقضية صنيع المؤلف أن ابن ماجه تفرد به من بين الستة وليس كذلك، بل هو في أبي داود من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن أبي ثعلبة. قلت: عبد اللَّه بن عمرو لم يرو عن أبي ثعلبة، بل رواه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهو حديثه، قال أبو داود [3/ 110، رقم: 2857]: حدثنا محمد بن المنهال الضرير قال: ثنا يزيد بن زريع ثنا حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أن أعرابيا يقال له: أبو ثعلبة، قال: يا رسول اللَّه: إن لى كلابا مكلبة فأفتنى في صيدها، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . " الحديث، والمصنف قد عزاه لأحمد وأبي داود كما ترى، فاعجب لهذه الوقاحة، وسل اللَّه العافية. 2567/ 6389 - "كُلْ مع صاحبِ البلاءِ تواضُعًا لربِّكَ وإيمانًا". الطحاوى عن أبي ذر. زاد الشارح في الكبير: في مسنده عن أبي ذر. قلت: الشارح عديم الأمانة في العلم فاقد الحرمة للحديث بغير علم ولا معرفة ولا توقف ولا تثبت، فالطحاوى ليس له مسند أولا، ولم يخرجه فيه لو فرضنا له مسندا ثانيا، وإنما خرجه في معاني الآثار، قال: حدثنا على بن زيد ثنا موسى بن داود ثنا يعقوب بن إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن أبي مسلم الخولانى عن أبي ذر به. 2568/ 6393 - "كُلوا التِّينَ فلو قُلت إنَّ فَاكهةً نزلت منَ الجنَّة بلا عجمٍ لقلتُ هي التِّينُ، وإنه يَذْهبُ بالبواسِيرِ، وينفعُ مِن النّقْرسِ". ابن السنى وأبو نعيم (فر) عن أبي ذر

قال في الكبير: والذي وقفت عليه لابن السنى والديلمى ليس على هذا السياق، بل سياقه بعد قوله هي التين: "وينفع من النقرس" اهـ. قلت: كذب، واللَّه ما رأى الطب لابن السنى بعينه وإنما رأى الديلمى أسنده من طريقه، ثم إنه لو قال الذي رأيته في مسند الفردوس من طريق ابن السنى بدون ذكر "البواسير" لكان صادقا في حكايته غير مهول بقوله: ليس على هذا السياق، فإنه لم يأت بسياق آخر وإنما حذف ذكر "البواسير" فقط، ولكنه يأتى بمثل هذا للتهويل وتعظيم الأمر على المصنف. 2569/ 6394 - "كُلُوا التَّمْرَ عَلَى الرِّيقِ؛ فإِنَّه يَقْتلُ الدُّودَ". أبو بكر في الغيلانيات (فر) عن ابن عباس. قال في الكبير: وفيه أبو بكر الشافعى، قال في الميزان: شيخ للحاكم متهم بالوضع، وعصمة بن محمد قال في الضعفاء: تركوه، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات. قلت: الشارح جاهل كذاب فأبو بكر الشافعى هو مخرج الحديث وهو ثقة إمام جليل ما حام الضعف حوله ولا ذكره الذهبى في الميزان، ولا توجد في الميزان ترجمة لرجل اسمه أبو بكر الشافعى أصلا، ولا قال الذهبى عنه: شيخ للحاكم متهم بالوضع أصلا، فلا أدرى كيف يجترئ هذا الكذاب على كتب الحديث وأهله؟ وأبو بكر الشافعى ذكره الذهبى في تذكرة الحفاظ وحلَّاه بالإمام الحجة المفيد محدث العراق، ثم نقل عن الخطيب أنه قال: كان ثقة ثبتا حسن التصانيف، وسئل عنه الدارقطنى فقال: ثقة مأمون جبل ما كان في ذلك الوقت أحد أوثق منه، وقال مرة أخرى: هو الثقة المأمون الذي لم يغمز اهـ. فانظر لهذا الكذاب ما أجرأه على أهل الكذب وعلى أهل الحديث.

"أما الحديث فموضوع (¬1)، وعلته عصمة بن محمد (¬2)، فلو كان للشارح علم وعقل لاقتصر على التعليل به. 2570/ 6395 - "كُلُوا البَلَحَ بالتَّمْرِ، كُلُوا الخَلِقَ بالجَدِيدِ، فإنَّ الشَّيْطَان إذَا رآهُ غَضِبَ وقَالَ: عَاشَ ابْنُ آدَمَ حتَّى أكَلَ الخَلِقَ بالجَدِيدِ" (ن. هـ. ك) عن عائشة. قال (ش): حديث منكر اتفاقا. وقال في الكبير: قال الدارقطنى: تفرد به يحيى بن محمد أبو زكير عن هشام، قال العقيلى: لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به، وقال ابن حبان: لا أصل له، قال: وفيه أيضًا محمد بن شداد، قال الدارقطنى: لا يكتب حديثه، وتابعه نعيم بن حماد عن أبي زكير ونعيم غير ثقة، وفي الميزان: هذا حديث منكر رواه الحاكم ولم يصححه مع تساهله اهـ. ومن ثم أورده ابن الجوزى في الموضوع، والحاصل أن متنه منكر وفي سنده ضعفاء، والمنكر من قبيل الضعيف ففيه ضعف على ضعف إن سلم عدم وضعه. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: منكر اتفاقا، فحكاية الاتفاق باطلة، فقد صححه الحاكم في كتاب المدخل، فقال: والقسم الرابع من الصحيح هذه الأحاديث الأفراد الغرائب التي يرويها الثقات العدول، تفرد بها ثقة من الثقات وليس لها طرق مخرجة في الكتب فذكر مثالين، ثم قال: وكذلك حديث أبي زكير يحيى بن محمد بن قيس وهو فقة مخرج حديثه في كتاب مسلم عن هشام ¬

_ (¬1) انظر تنزيه الشريعة (2/ 240)، والموضوعات (3/ 25)، والفوائد المجموعة (180)، وتذكرة الموضوعات (151). (¬2) انظر الضعفاء الكبير للعقيلى (3/ 340، رقم 1366).

عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلوا البلح بالتمر" الحديث ثم قال وسوى هذا القسم كثيرة كلها صحيحة الإسناد غير مخرجة في الكتابين، يُسْتَدل بالقليل الذي ذكرناه على الكثير الذي تركناه انتهى. وخرجه أيضًا في علوم الحديث [ص 100 - 101]، ثم قال: تفرد به أبو زكير عن هشام وهو من أفراد البصريين عن المدنيين، فإن يحيى بن محمد بن قيس بصرى مخرج حديثه في كتاب مسلم. . . إلخ، فأين الاتفاق؟. الثانى: أنه قال: فيه محمد بن شداد وتابعه نعيم بن حماد ونعيم غير ثقة، وهذا كلام ابن الجوزى في الموضوعات [3/ 121]، وقد تعقبه عليه المصنف بأن محمد بن شداد ونعيم بن حماد بريئان منه، فقد أخرجه النسائى عن عمرو ابن على، وابن ماجه [2/ 1105، رقم 3330] عن أبي بشر بكر بن خلف، والعقيلى [رقم 467] من طريق القاسم بن أمية الحذاء، والبيهقى في "الشعب" من طريقه ومن طريق عبيد اللَّه بن محمد [5/ 1105 رقم 5999] وابن السنى في الطب من طريق محمد بن المثنى، وأبو نعيم في الطب من طريق محمد ابن عمر المقدسى. قلت: وكذلك رواه من طريق عمرو بن على أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 134]، ومن طريق محمد بن المثنى ابن حبان في الضعفاء [3/ 120]، فهؤلاء ستة كلهم تابعوا محمد بن شداد ونعيم بن حماد عليه، وقد رأى الشارح ذلك في كتاب المصنف الذي منه نقل كلام ابن الجوزى، لكنه يغض عن ذلك قصدا لئلا يظهر فضل المؤلف وحفظه واطلاعه. الثالث: قوله: وفي سنده ضعفاء، فقد عرفت وعرف هو أيضًا أنه ليس في سنده إلا أبو زكير، وهو مع ذلك مخرج له في صحيح مسلم. الرابع: قوله: والمنكر من قبيل الضعيف، فهو من باب السماء فوقنا والأرض تحتنا.

الخامس: قوله: ففيه ضعف على ضعف هذه جملة لا تفهم ولا يعرف لها معنى ولا أصل لها ألبتة. 2571/ 6396 - "كُلُّوا جَمِيَعا ولَا تفَرَّقُوا؛ فإِنَّ الْبَرَكَةَ مَعَ الجَمَاعَةِ". (هـ) عن عمر. قال الشارح: بإسناد حسن. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما ظن، فقد قال المنذرى: فيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير واهى الحديث. قلت: وإذ ذلك كذلك فلم قلت في الصغير: إسناده حسن فتناقضت وما أصبت أولا ولا آخرا؟. أما أولا: فإن عمرو بن دينار المذكور ليس مما يخفى حاله على أدنى أهل الحديث معرفة فكيف بالمصنف؟ ولكنه حسن الحديث لشواهده وثبوت معناه ولم يحسن سند الحديث. وأما آخرا: فإنك خالفت ما نقلته وحسنت سند الحديث وسنده ليس بحسن. 2572/ 6402 - "كُلُوا واشْرَبُوا وتَصَدَّقُوا والْبِسُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ ولا مَخْيَلَةِ". (حم. ن. هـ. ك) عن ابن عمرو. قلت: أخرجه أيضًا الحارث بن أبي أسامة في مسنده بزيادة: "حتى ترى نعمة اللَّه عليكم، فإن اللَّه يحب أن يرى نعمته على عبده". قال الحارث: حدثنا العباس بن الفضل ثنا همام عن قتادة والمثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وكذلك رواه بهذه الزيادة ابن أبي الدنيا في الشكر [ص 31]:

ثنا أبو عبيدة بن الفضيل بن عياض ثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم عن همام به. 2573/ 6406 - "كَمَا تَكُونُونَ يُولَّى عَلْيُكُم". (فر) عن أبي بكرة (هب) عن أبي إسحاق السبيعى مرسلا. قال في الكبير: رواه الديلمى وكذا القضاعى كلاهما من حديث يحيى بن هاشم عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن جده عن أبي بكرة قال السخاوى: يحيى في عداد من يضع، ثم قال: وله طريق أخرى عند ابن جميع في معجمه، والقضاعى في مسند الشهاب من جهة أحمد بن عثمان الكرمانى. . . إلخ. قلت: فيه أمور، أحدها: أن القضاعى لم يخرجه من حديث يحيى بن هاشم، وإنما خرجه من طريق واحدة هي التي ذكرها أخيرا، قال القضاعى: أخبرنا هبة اللَّه بن أبي غسان الفارسى أنا عبد الملك بن حسان البكارى ثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن عمران أنا أحمد بن إبراهيم بن عثمان بن المثنى أبو المثنى الباهلى أن أباه وعمه محمد بن يحيى حدثاه قال: أنا الكرمانى بن عمرو حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة به. ثانيها: أنه أضاف اسم الكرمانى بن عمرو إلى أحمد بن عثمان الباهلى وجعلهما رجلا واحدا. ثالثها: قال: في رواية يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن جده، وهو لا يروى عن أبيه عن جده، وإنما يروى عن أبيه، وأبوه يروى عن الصحابة. 2574/ 6407 - "كَما لا يجتنى من الشَّوْكِ الْعِنَبُ كذلك لَا يَنْزِلُ الفُجَّارُ مَنَازِلَ الأَبْرَارِ، وهُمَا طَرِيقان فَأيُّهُما أخَذْتُم أَدْرَكْتُم". ابن عساكر عن أبي ذر. قال في الكبير: وفيه مكبر بن عثمان التنوخى، قال في الميزان عن ابن

حبان: منكر الحديث جدا ثم ساق من مناكيره هذا الخبر. قلت: الشارح رتب أحاديث الميزان على حروف المعجم، وجعل ذلك مرجعا يرجع إليه، فكل حديث يجده فيه في ترجمة راو يحكم بأن ذلك الراوى موجود عند جميع مخرجيه، فهذا الحديث له ثلاثة طرق، الأول: من رواية مكبر بن عثمان المذكور، ومن طريقه أخرجه ابن حبان في الضعفاء فقال: حدثنا أحمد بن على بن المثنى ثنا مؤمل بن إهاب ثنا مكبر بن عثمان التنوخى ثنا الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد عن أبي ذر به. ومكبر بن عثمان لم ينفرد به عن الوضين، بل تابعه عليه يزيد بن السمط، وهو الطريق الثانى. أخرجه أبو نعيم في الحلية من طريق أحمد بن أبي الحوارى [1/ 156]: ثنا مروان بن محمد عن يزيد بن السمط عن الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد به مرسلا، قال أبو نعيم: رواه غير أحمد فقال: عن يزيد عن أبي ذر. الطريق الثالث قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 112]: حدثنا أحمد بن إسحاق ثنا أحمد بن عيسى بن ماهان الجوال ثنا محمد بن أبان البلخى ثنا كثير بن هشام ثنا فرات بن سليمان ثنا أبو المهاجر الدمشقى عن أبي ذر الغفارى به. 2575/ 6409 - "كَمَا لَا يَنْفَعُ مَعَ الشِّرْكِ شيءٌ كَذَلِكَ لَا يَضُرُّ مَعَ الإيمَانِ شَيءٌ" (خط) عن عمر، (حل) عن ابن عمرو. قلت: ما كتبه الشارح في الكبير على هذا الحديث أخذه باختصار من اللآلئ المصنوعة للمصنف [1/ 23]، فراجعه تقف على الحقيقة.

2576/ 6411 - "كَمَا تَدِينُ تُدَانُ". (عد) عن ابن عمرو. قال في الكبير: رواه ابن عدى من جهة مكرم بن عبد اللَّه الجوزجانى عن محمد بن عبد الملك الأنصارى عن نافع عن ابن عمر ثم ضعفه بمحمد المذكور، فعزو الحديث لمخرجه وحذفه من كلامه وتصريحه بتضعيفه غير صواب. قلت: الشارح جاهل أحمق يظن أن الكامل لابن عدى كمصنف الترمذى والحاكم ونحوهما ممن ألفوا في السنن وتكلموا على الأحاديث، وهو لا يدرى أن الكامل كتاب في ضعفاء الرجال، ومقصود مؤلفه تضعيف الرجال لا تضعيف الأحاديث، فهو يورد الأحاديث الغرائب في ترجمة الرجل ليستدل بها على ضعفه لا بالعكس، ولكن الشارح يكذب ويريد أن يقيم من ذلك الكذب حجة على المصنف، وهو لم ير الكامل بعينه ولا رأى من رآه إلى عدة إضافات، وإنما نقل هذا من عبارة الحفاظ كالسخاوى في المقاصد الحسنة [ص 518، رقم 834]، ثم حرفها وزاد فيها الكذب، واسمع عبارة السخاوى بعد أن ذكر السند المذكور: ومن هذه الوجه أخرجه ابن عدى في الكامل، وضعف محمد. . . إلخ فحرف الشارح قوله: وضعف محمد بقوله: وضعفه بمحمد، ثم صار يهذى بما سمعت ليفضح الشارح (¬1)، وفي الحقيقة يفضح نفسه، ويكشف الستر عن جهله وقلة صدقه وأمانته. 2577/ 6413 - "كَمْ مِنْ ذِى طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَم عَلَى اللَّه لأَبَرَّهُ مِنْهُم عمَّارُ بنُ يَاسِرٍ". ابن عساكر عن عائشة. ¬

_ (¬1) كذا بالأصل ولعلها سبق قلم والصواب: ليفضح المصنف

قال في الكبير: رواه أيضًا الطبرانى في الأوسط عنها باللفظ المزبور فما أوهمه صنيع المصنف. . . إلخ. قلت: هذا كذب ما خرجه الطبرانى في الأوسط من حديث عائشة بهذا اللفظ، ولا ذكره الهيثمى كذلك، وإنما ذكر أحاديث أخرى ليس فيها ذكر عمار، ولا هي من حديث عائشة. 2578/ 6416 - "كَمْ مَنْ عَاقِلٍ عَقَلَ عَنِ اللَّه أَمْرَهُ، وَهُوَ حَقِير عِنْدَ النَّاس، ذَمِيْمُ المنظَرِ، ينجُو غَدًا، وَكَمْ مِنْ ظَرِيف اللِّسانِ جَمِيلِ المنْظَرِ عَظِيم الشَّانِ هَالِكٌ غَدًا يَوْمَ القِيَامَةِ". (هب) عن ابن عمر قال في الكبير: رواه (هب) من حديث نهشل بن سعيد عن عباد بن كثير عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر ثم قال أعنى البيهقى: تفرد به نهشل بن عباد اهـ. ونهشل هذا قال الذهبى: قال ابن راهويه: كان كذابا، وعباد بن كثير قال البخارى: تركوه، وعبد اللَّه بن دينار قال الذهبى: ليس بالقوى. قلت: فيه أمران، أحدهما: إن كان الشارح صادقا فيما حكاه عن البيهقى من قوله: تفرد به نهشل عن عباد، فهو متعقب بأن داود بن المحبر تابعه عن عباد، كذلك أخرجه الحارث بن أبي أسامة، وأبو نعيم في الحلية [1/ 313] من طريقه عن داود بن المحبر: ثنا عباد به، وداود كذاب أيضًا. ثانيهما: قوله وعبد اللَّه بن دينار قال الذهبى: ليس بالقوى، فإن عبد اللَّه بن دينار هذا هو مولى ابن عمر وهو ثقة من رجال الصحيح، والعجب أنه أشهر من نار على علم بين أهل الحديث، لا يخفى إلا على من لم يجلس مجلسا في هذا العلم ولا سمع منه حرفا واحدا، وأعجب منه أن عبد اللَّه بن دينار

الذي ذكره الذهبى في الميزان [2/ 418، رقم 4298] قال فيه: روى عن عمر بن عبد العزيز، فهو متأخر عن مولى ابن عمر الراوى عنه. 2579/ 6418 - "كَمُ مِنْ حَوْرَاء عَيْنَاء مَا كَانَ مَهْرُهَا إلا قَبْضَةً مِنْ حِنطَةٍ أو مِثْلِها مِنْ تَمْرٍ". (عق) عن ابن عمر. قال في الكبير: أورده ابن الجوزى في الموضوعات وأقره عليه المؤلف. قلت: هو كذلك، وقد ورد هذا أيضًا من حديث أبي هريرة وهو موضوع أيضًا، أخرجه ابن حبان في الضعفاء [2/ 88] من رواية عمر بن صبح، وهو وضاع عن مقاتل بن حيان عن الأعرج عن أبي هريرة به، فكان على المصنف أن لا يذكره. 2580/ 6419 - "كَمْ مِنْ مُسْتَقْبِلٍ يَومًا لا يَسْتَكْمِلهُ، وَمُنْتَظِرٍ غَدًا لا يَبْلُغهُ". (فر) عن ابن عمر. قال في الكبير: وفيه عون بن عبد اللَّه أورده في اللسان ونقل عن الدارقطنى ما يفيد تضعيفه. قلت: مسكين هذا الرجل يرحم واللَّه لشدة جهله بالرجال وكثرة دخوله في الفضول، فعون بن عبد اللَّه المذكور في سند هذا الحديث هو عون ابن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود الزاهد العابد المشهور، وهو ثقة من رجال مسلم، ثم هو قديم تابعى يروى عن الصحابة، وعون بن عبد اللَّه الذي ذكره الحافظ في اللسان مغربى إفريقى متأخر يروى عن مالك، قال الحافظ [4/ 387، رقم 1173]: عون بن عبد اللَّه بن عمر بن غانم الإفريقى، غلط في اسمه بعض الرواة، أورده الدارقطنى في ترجمة يحيى بن

سعيد الأنصارى من غرائب مالك من طريق إبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسى عن إبراهيم بن محمد بن زياد الأندلسى، يعرف بابن القزاز، عنه حدثنى مالك، ثم أورده من طريق محمد بن وضاح وابن زياد عن سحنون عن عبد اللَّه بن عمر بن غانم عن مالك، وقال: هذا أصح ممن قال: عن عون اهـ. ثم إن هذا الحديث روى عن عون بن عبد اللَّه بن كلامه، وإنما أسنده عنه بعض الرواة الضعفاء، فترك الشارح النظر فيهم وذهب إلى الرجل الثقة الزاهد العابد الذي هذا كلامه، وأراد تعليل الحديث برجل وافق اسمه وهو متأخر عنه، قال البيهقى في الزهد: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمى ثنا على بن بندار ثنا حمزة بن محمد الكاتب ثنا نعيم بن حماد ثنا ابن المبارك عن مسعر عن عون بن عبد اللَّه، قال: "كم من مستقبل يوما لا يتمه، ومنتظر غدا لا يبلغه، لو تنظرون إلى الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره". وقد ورد من وجه آخر مرفوعًا أيضًا عن ابن عمر، أخرجه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 345، 346] من طريق الحسن بن أحمد بن المبارك الطوسى: ثنا محمد بن أحمد بن أمية ثنا أبي ثنا نوفل بن سليمان الهنائى عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر، قال: "وعظنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا من الموت غايته، ويا من القبر منزله، ويا من الكفن ستره، ويا من التراب وساده، ويا من الدود جيرانه، ويا من المنكر والنكير زواره، يا أيها المودع غدا عرسه، كم من مستقبل يوما"، وذكره وهو باطل موضوع، نوفل الهنائى متهم بالوضع وكذلك الحسن بن أحمد الطوسى.

2581/ 6421 - "كُنْ في الدُّنْيَا كَأَنَّك غَرِيبٌ أوْ عَابِر سَبِيلٍ". (خ) عن ابن عمر، زاد (حم. ت. هـ) "وعدَّ نفسك من أهل القبور" قلت: أخرجه أيضًا ابن حبان في روضة العقلاء (ص 126)، والخطابى في "العزلة" (ص 44)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 312) بزيادات كثيرة في أوله، وانظر مستخرجنا على مسند الشهاب. 2582/ 6422 - "كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أشْكَرَ النَّاسِ، وَأحبَّ للنَّاس مَا تُحِبُّ لنَفْسكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحْسِنْ مُجَاَوَرَةَ مَن جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وأقلَّ الضَّحكَ فإنَّ كَثرَة الضَّحِكِ تُمِيت القَلْبَ" (هب) عن أبي هريرة. قال في الكبير: وكذلك رواه القضاعى من حديث أبي رجاء وهو متكلم فيه، وفيه أيضًا برد بن سنان قال أبو داود: يرمى بالقدر وبه يعرف أن العامرى لم يصب في زعمه صحته. قلت: فيه أمور، أحدها: أن الاستدراك بالقضاعى قصور على طريقة الشارح الذي لا يراعى أوائل الحديث. فإن الحديث أخرجه ابن ماجه [2/ 1410، رقم 4217]، والبخارى في "الأدب المفرد" والطبرانى في "الأوسط"، وأبو نعيم في "الحلية" [10/ 365] وفي "التاريخ" [2/ 302]، والبيهقى في الزهد [2/ 99]، والقشيرى في الرسالة [ص 53]، وابن الأعرابى في المعجم، وغيرهم كلهم من طريق أبي رجاء عن برد بن سنان عن مكحول عن واثلة عن أبي هريرة به، وفي ألفاظهم اختلاف بالنقص والزيادة والتقديم والتأخير، وذلك عذر المصنف في عدم عزوه إليهم.

ثانيها: برد بن سنان ثقة وكونه يرى القدر لا دخل له في الجرح. ثالثها: للحديث طريق آخر من رواية الحسن عن أبي هريرة، أخرجه أحمد [2/ 310] والترمذى [2/ 50] وأبو نعيم [10/ 365] والخرائطى في "مكارم الأخلاق" [ص 42]. رابعها: العامرى شارح الشهاب ساقط عن درجة الاعتبار لأنه يحكم على الأحاديث بهواه، فلا يعتبره إلا مثله. 2583/ 6424 - "كُنْتُ نَبِيا وآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ والجَسَدِ". ابن سعد (حل) عن ميسرة الفجر ابن سعد عن ابن أبي الجدعاء (طب) عن ابن عباس. قال الشارح: وهذا حديث منكر. وقال في الكبير: عن ابن عباس قال: "قيل يا رسول اللَّه متى كنت نبيا؟ فذكره، قال الطبرانى: لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد وفيه قيس بن الربيع قال الذهبى: تابعى له حديث منكر، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير وإلا لما أبعد النجعة وهو غريب، فقد خرجه الترمذى في العلل وذكر أنه سأل عنه البخارى فلم يعرفه، قال أبو عيسى: وهو غريب، وأخرجه أحمد والبخارى في التاريخ وابن السكن والبغوى عن ميسرة أيضًا، وأخرجه عنه الحاكم وقال: صحيح وأقره الذهبى، وأخرجه أحمد والطبرانى باللفظ المزبور عنه، قال الهيثمى: رجالهما رجال الصحيح. قلت: فيه أمور، الأول: قوله في الصغير: وهذا حديث منكر، يفيد بظاهره أن يريد الحديث من أصله وكلامه في الكبير يدل على أنه يريد حديث ابن عباس وحده، وذلك من سوء التصرف.

الثانى: قوله: قال الطبرانى: لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد بله وغفلة مضحكة فينه لم يتقدم له ذكر لإسناده، فما هو الإسناد الذي لم يرو عن ابن عباس إلا به؟! الثالث: قوله: وفيه قيس بن الربيع كذب، فإنه لا وجود له فيه، وإنما علته أنه من رواية جابر الجعفى عن الشعبى عن ابن عباس، وبذلك أعله الحافظ نور الدين الذي ينقل عنه الشارح. الرابع: قوله: قال الذهبى: تابعى له حديث منكر قد سبق قريبًا في حديث: "كل نفقة يفقها المسلم"، إنه غلط في هذا الرجل غلطا فاحشا مضحكا فاضحا فارجع إليه، فإن قيسا هذا مجهول لم يرو عنه إلا حديث واحد في الطب، وقيس الذي يريده الشارح غيره. الخامس: أنه قال في الصغير: وهذا حديث منكر اعتمادا على ما قال الذهبى: له حديث أنكر عليه، ففي حديث: "كل نفقة ينفقها المسلم" جعله الشارح هو ذلك الحديث، وهنا جعله هو هذا الحديث، وربما تأتى له أحاديث أخرى فيها قيس بن الربيع، فيقول عن كل واحد منها: هذا حديث منكر ويحملها كلها على قول الذهبى: له حديث أنكر عليه، وقد بينا أنه حديث في الطب، فلا إله إلا اللَّه ما أعجب شأن هذا الرجل الذي أبتلاه اللَّه بالوقيعة في المصنف وجعل جزاءه على ذلك ما ترى من الدواهى التي لم يشاركه فيها مخلوق. السادس: قوله: وظاهر صنيع. . . إلخ، إنما كان لأحمق مثله أن يتعلق به لو خرجه الترمذى في جامعه الذي هو من الكتب الستة، أما كونه في العلل فهو كتاب من الكتب لا ميزة له على غيره، وهب أنه في جامع الترمذى ولم يعزه إليه، فكان ماذا؟. السابع: إطلاقه العزو إلى علل الترمذى يفيد أنه في العلل التي بآخر الجامع،

والحديث ليس هو فيه، والقاعدة: إذا عزى إلى العلل المفرد يصرح بذلك. الثامن: أن هؤلاء المخرجين كلهم قد عزا المصنف الحديث إليهم في الخصائص الكبرى وغيرها من كتبه، فإذا أحب أن يختصر هنا ويقتصر فلا أحد يعد ذلك نقصا، ثم إن حديث ابن أبي الجدعاء أخرجه أيضًا أبو ذر الهروى في جزئه، قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن عثمان ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز ثنا كامل بن طلحة ثنا حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن عبد اللَّه بن شقيق عن ابن أبي الجدعاء، قال: "قلت: يا رسول اللَّه متى كنت نبيا؟ قال: إذ آدم بين الروح والجسد". وأخرجه أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد البغوى به مثله. 2584/ 6433 - "كُونُوا في الدُّنيَا أضْيَافًا، واتَّخذُوا المسَاجدَ بُيُوتًا، وَعَوِّدُوا قُلُوبَكُمُ الرِّقَّةَ، وَأَكْثِرُوا التَّفَكُّرَ وَالبُكَاء، وَلا تَختَلِفَنَّ بكُمُ الأهْوَاءُ، تَبْنُونَ مَا لا تَسْكُنُونَ، وتَجْمَعُونَ مَا لا تَأكُلُونَ، وَتَأملَونَ مَا لَا تُدْرِكُونَ". الحسن بن سفيان (حل) عن الحكم بن عمير. قال الشارح: بإسناد حسن. قلت: بل بإسناد ساقط منكر، فإنه من رواية محمد بن مصفى عن بقية عن عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير، ومحمد بن مصفى يدلس تدليس التسوية، وقال صالح: حدث بالمناكير، وبقية مدلس أيضًا، وعيسى بن إبراهيم متروك، وموسى بن أبي حبيب ضعفه أبو حاتم وقال الذهبى: خبره ساقط، وله عن الحكم بن عمير رجل، قيل: له صحبة، والذي أرى أنه لم يلقه، وموسى مع ضعفه متأخر عن لقى صحابى

كبير، وإنما أعرف له رواية عن على بن الحسين اهـ. والحكم بن عمير قال أبو حاتم: روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أحاديث منكرة يرويها عيسى بن إبراهيم وهو ضعيف عن موسى بن أبي حبيب وهو ضعيف عن عمه الحكم اهـ. فإذا كان هذا السند حسنا فما هو المنكر الساقط؟ والعجب أنه قال في الكبير: فيه بقية، وموسى بن أبي حبيب قال الذهبى: ضعفه أبو حاتم اهـ. ومع ذلك قال في الصغير: إسناده حسن، والذي أوقعه في ذلك تقليده لذلك الجاهل العامرى شارح الشهاب، الذي يصحح ويحسن بهواه وذوقه، فإن هذا الحديث خرجه أيضًا القضاعى في "مسند الشهاب"، ولكن الشارح لم يصرح باسمه، وأراد أن يستأثر بهذه الفائدة الجليلة ولا يعزوها لغيره. 2585/ 6434 - "كُونُوا للعِلْمِ دُعَاةً، وَلَا تَكُونُوا لَهُ رُوَاةً". (حل) عن ابن مسعود قال في الكبير: من رواية القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده ابن مسعود. قلت: هذا الحدبث ما رأيته في الحلية، ولا في كتاب العلم من ترتيبها للحافظ نور الدين الهيثمى، فأخشى أن يكون المصنف واهما في عزوه، والشارح كاذبا فيما ذكر من رواته، فالغالب أنه رأى ذلك في مسند الفردوس، فجزم بأنه في الحلية وليس عندى حرف الكاف منه، بل ناقص من نسختى، فليحرر. والحديث خرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [1/ 138]، من حديث على فقال:

حدثنا إبراهيم بن أحمد ثنا أبو الصلت ثنا على بن موسى عن أبيه عن جده عن آبائه مرفوعًا: "كونوا كونوا دراة، ولا تكونوا رواة، حديث تعرفون فقهه خير من ألف تروونه". وذكره الديلمى في الفردوس [3/ 291، رقم 4742] من حديث ابن عباس مطولا، ولفظه: "كونوا للعلم رعاة، ولا تكونوا له رواة، فقد يرعوى من لا يروى، وقد يروى من لا يرعوى، إنكم لا تكونوا عالمين حتى تكونوا بما علمتم عاملين". 2586/ 6435 - "كَلَامُ ابْنِ آدَمَ كُلُّهُ عَليْه لَا لَهُ، إلا أمْرًا بِمَعْرُوفٍ، أو نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ، أوْ ذِكرًا للَّه عَزَّ وَجلَّ". (ت. هـ. ك. هب) عن أم حبيبة قلت: أخرجه أيضًا ابن السنى في عمل يوم وليلة [ص 5]، والبخارى في "التاريخ" [1/ 1/ 261 - 262]، وأحمد في الزهد، والحكيم في نوادر الأصول في الأصل الخمسين ومائة (¬1). 2587/ 6436 - "كَلَامُ أَهْلِ السَّماواتِ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ". (خط) عن أنس قال في الكبير: ورواه في ترجمة خلف الموازينى، وفيه أحمد بن محمد بن عمران، قال الذهبى في الضعفاء: ضعيف، وداود بن صغير قال الدارقطنى وغيره: منكر الحديث، وابن عدى: غال في التشيع، ومن ثم أورده ابن الجوزى في الواهيات. قلت: فيه أمور، الأول: الخطيب [12/ 362] خرج الحديث في ترجمة ¬

_ (¬1) هو في الأصل التاسع والأربعين والمائة من المطبوع (2/ 3).

خلف المذكور، وأعاده في ترجمة داود بن صغير. الثانى: المذكور في سند الحديث أحمد بن عمران، وهو غير أحمد بن محمد ابن عمران. الثالث: أحمد بن عمران برئ من الحديث لأنه توبع عليه في نفس السند الذي رآه الشارح، فلا معنى لذكره فضلا عن ذكر غيره في موضعه. فالخطيب رواه من طريق أحمد بن عمران عن خلف بن محمد الموازينى عن على بن موسى الديبلى عن داود بن صغير، ثم حول السند فرواه أيضًا من طريق على بن عمر الحربى عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه الصيرفى عن داود بن صغير، ثم أخرجه في ترجمة داود من وجه ثالث عنه من رواية على بن محمد بن عبد اللَّه المروزى عن عبد اللَّه بن محمد بن نصر بن الحجاج المروزى عن داود بن صغير به، فكيف يذكر أحمد بن عمران وهو برئ منه، ثم يذكر بدله رجلا آخر؟. الرابع: قوله: وقال ابن عدى: كان غاليا في التشيع، كذب محض ما قاله ابن عدى ولا نقله الذهبى ولا يمكن أن يكون غاليا في التشيع وهو شامى، والشام كله نواصب، فما أدرى ما وجه هذا الكذب؟. 2588/ 6437 - "كَلامِى لا ينسَخُ كلامَ اللَّهِ، وكلامُ اللَّهِ يَنْسَخُ كلامِى، وكَلامُ اللَّه ينسخُ بعضُه بعضًا". (عد. قط) عن جابر قلت: هذا حديث موضوع يلام المصنف على ذكره، وقد أسخف الشارح هنا سخافته المعتادة بجهله بأن كتاب ابن على موضوع للضعفاء ولإغماض عينه عن رمز المصنف للحديث بعلامة الضعيف، وإن كان هو مخطئا في ذلك، بل الحديث لا يشك ذو علم بالحديث أنه موضوع.

2589/ 6438 - "كيفَ أنتُمْ إِذَا كنتم من دينكُم في مثلِ القمرِ ليلةَ البدرِ لَا يبصرُه منكُم إلا البصيرُ؟ ". ابن عساكر عن أبي هريرة قال: ظاهر صنيع المصنف أن ابن عساكر خرجه وأقره والأمر بخلافه، بل قال: إن صدقة ضعفه أحمد. . . إلخ. قلت: هذا كذب على ظاهر صنيع المصنف، بل إنه قد رمز له بعلامة الضعيف والشارح قليل الحياء، ثم إنه لم يفهم الحديث، فلم يكتب عليه إلا ما هو من باب السماء فوقنا، وهكذا يصنع في كل الأحاديث أو جلها يأتى للموضع الغامض ومحل الشرح يسكت كأنه مخرج لا شارح، ولو أنصف لقال: لم أفهم للحديث معنى، ومعناه أن الدين سينتشر ويتضح برهانه ودلائله حتى يصير في الشهرة والوضوح كالقمر ليلة البدر لا يحتاج إلى دليل، ومع ذلك فلا يبصره ويعمل به إلا البصير الذي فتح اللَّه قفل قلبه وأزال عنه الرين، واللَّه يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم. 2590/ 6439 - "كيفَ أنتمُ إذا جارَتْ عليكُم الولاةُ". (طب) عن عبد اللَّه بن بسر قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، ففيه عمر بن بلال قال الهيثمى: جهله ابن عدى، وقال في الميزان: قال ابن عدى: غير معروف ولا حديثه بمحفوظ وأشار إلى هذا الحديث. قلت: ليس ابن عدى بنبى يوحى إليه في الرجال، فإن كان قد جهل هذا الرجل، فقد عرفه ابن حبان وذكره في الثقات [5/ 184]، وذلك شرط الحسن -لا سيما- والحديث له شواهد كثيرة قد ترفعه إلى درجة الصحيح (¬1). ¬

_ (¬1) انظر كنز العمال: (رقم 1456)، وابن عساكر في التاريخ (6/ 415).

2591/ 6444 - "كيفَ يقدِّسُ اللَّهُ أمةً لا ياخذُ ضعيفُها حقَّهُ من قويِّهَا، وهو غَيْرُ مُتَعْتَع؟ ". (ع. هق) عن بريدة. قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عطاء بن السائب ثقة لكنه اختلط وبقية رجاله ثقات، وقال بعضهم عقب عزوه للبيهقى: فيه عمرو بن قيىس عن عطاء أورده الذهبى في المتروكين وقال: تركوه واتهم أى بالوضع. قلت: فيه أمور، الأول: أنه قال بعد هذا في الصغير: إسناده حسن، وكيف يكون حسنا من فيه متهم بالوضع على حسب نقله؟!. الثانى: المذكور في سند الحديث عند البيهقى عمرو بن أبي قيس لا عمرو بن قيس. الثالث: لم يقل الذهبى لا في عمرو بن قيس، ولا في عمرو بن أبي قيس: تركوه واتهم أصلا، بل ذلك من الكذب الصراح على الذهبى، ثم على هذا البعض المكذوب أيضًا، ومن قلة أمانة الشارح وتلبيسه أنه ينوع الأسماء للميزان، فتارة يسميه الضعفاء، وتارة المتروكين، وتارة ذيل الضعفاء، وتارة الميزان كل ذلك يفعله للتضليل حتى لا يفتضح كذبه، فمن رجع إلى الميزان ولم يجد فيه شيئًا مما نقل عن الذهبى يقول: لعل الذهبى ذكر ذلك في كتاب آخر خاص بالمتروكين، وهكذا حين يقول: ذيل الضعفاء وكلها أسماء لكتاب الميزان. الرابع: أن عمرو بن أبي قيس المذكور ثقة. الخامس: ومع ذلك فإن البيهقى رواه من طرق أخرى عن عطاء، لا حاجة إلى التطويل بذكرها، ولكن راجع (10/ 94)، و (6/ 95)، وارجع إلى

حديث: "إن اللَّه لا يقدس أمة"، فقد ذكرت لهذا الحديث هناك عشرة طرق. 2592/ 6747 - "كِيلوُا طعامَكُم، فإنَّ البركةَ في الطعامِ المكيلِ". ابن النجار عن على قال في الكبير: ورواه القضاعى وغيره، وقال بعضهم: حسن غريب. قلت: ما رواه القضاعى أصلا لا من حديث على ولا من حديث غيره، وإنما روى حديث: "كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه" (¬1) من حديث أبي أيوب، وهو مذكور في المتن قبل هذا، فهناك يجب الاستدراك بالقضاعى وغيره، لا هنا، والبعض الذي أبهمه هو العامرى الجاهل، الذي يحكم على الأحاديث بهواه. 2593/ 6450 - "الكبائرُ سبعٌ: الإشراكُ باللَّهِ، وقتلُ النفسِ التي حرَّمَ اللَّهُ إلا بالحقِّ، وقذفُ المحصنة، والفرَارُ من الزَّحفِ، وأكلُ الرِّبَا، وأكلُ مالِ اليتيمِ، والرجوعُ إِلى الأعرابية بعد الهجرةِ". (طس) عن أبي سعيد. قال الشارح: بإسناد ضعيف خلافا للمؤلف. وقال في الكبير: فيه عبد السلام بن حرب أورده الذهبى في ذيل الضعفاء وقال: صدوق، وقال ابن سعد: في حديثه ضعف، وإسحاق بن عبد اللَّه ابن أبي فروة ساقة الذهبى في الضعفاء وقال: متروك واه. قلت: هذا كذب وجهل من وجوه، الأول: أن الحديث ليس في سنده عبد السلام بن حرب ولا إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة، بل ذلك محض ¬

_ (¬1) البخارى (3/ 88)، وابن ماجه (رقم 2231، 2232)، وأحمد (4/ 131، 5/ 414)، والطبرانى (4/ 143).

كذب، وإنما الحديث من رواية أبي بلال الأشعرى وهو لين ضعفه الدارقطنى ومشاه غيره، وذكره ابن حبان في الثقات، فالحديث حسن لذاته صحيح لشواهده الصحيحة المتعددة (¬1). الثانى: الكذب في قوله: أورده الذهبى في ذيل الضعفاء، وإنما هو في الميزان. الثالث: الجهل بأن عبد السلام بن حرب من الطبقة العليا من الثقات المتفق عليهم المخرج لهم في الصحيحين، ولشدة جهله يظن أن كل من ذكره الذهبى ضعيفا مع إعراضه عن ثناء الذهبى على الرجل، فإنه قال فيه: من كبار مشيخة الكوفة وثقاتهم ومسنديهم، ثم نقل عن الترمذى أنه قال: ثقة حافظ، وعن الدارقطنى: ثقة حجة، وعن ابن معين: ثقة وعن غيرهم. الرابع: الكذب في نقله عن الذهبى أنه قال في إسحاق: متروك واه، فإنه نقل عن غيره أنه قال: متروك، ولم يقل هو ذلك، ولا قال: واه وإنما زادها هذا الكذاب ليعظم المسألة ويهول الأمر. 2594/ 6452 - "الكبائرُ: الإشراكُ باللَّهِ، وقذفُ المحصنةِ، وقتلُ النفس المؤمنةِ، والفِرارُ يوم الزَّحف، وأكلُ مالِ اليتيمِ، وعقوقُ الوالدينِ المسلمينِ، وإلحادٌ بالبيتِ قبلَتكم أحياءً وأمواتًا". (هق) عن ابن عمر. قال في الكبير: رمز لصحته وفيه عبد الحميد بن سنان، قال في الميزان لا يعرف ووثقه بعضهم، وقال البخارى: حديثه عن ابن عمر فيه نظر. ¬

_ (¬1) انظر الطبرانى في الكبير (17/ 48)، والمغنى عن حمل الأسفار (4/ 17)، وابن كثير في التفسير (2/ 237، 244).

قلت: لا وجود لعبد الحميد بن سنان في سند الحديث أصلا، قال البيهقى [3/ 409]: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو وقالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا العباس بن محمد ثنا حسين بن محمد المرورزى ثنا أيوب عن طيسلة بن على، قال: "سألت ابن عمر، وهو في أصل الأراك يوم عرفة وهو ينضح على رأسه الماء ووجهه، فقلت له: يرحمك اللَّه حدثنى عن الكبائر، فقال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-:" وذكره. وإنما يوجد عبد الحميد بن سنان في حديث آخر خرجه البيهقى [3/ 408] قبل هذا من حديث عمير بن قتادة بسياق آخر، فقال: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ ثنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضى إملاء حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشى ثنا معاذ بن هانئ ثنا حرب بن شداد ثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الحميد بن سنان عن عبيد بن عمير عن أبيه أنه حدثه -وكانت له صحبة- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في حجة الوداع: "ألا إن أولياء اللَّه المصلون، من يقم الصلوات الخمس التي كتبن عليه، ويصوم رمضان يحتسب صومه، يرى أنه عليه حق، ويعطى زكاة ماله يحتسبها، ويجتنب الكبائر التي نهى اللَّه عنها، فقال رجل: يا رسول اللَّه ما الكبائر؟ قال هن تسع: الشرك إشراك باللَّه، وقتل نفس مؤمن بغير حق، وفرار يوم الزحف، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، وقذف المحصنة، وعقوق الوالدين المسلمين، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا، ثم قال: لا يموت رجل لم يعمل بهؤلاء الكبائر ويقيم الصلاة ويؤتى الزكاة إلا كان مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في دار أبوابها مصاريع من ذهب". قال البيهقى: سقط من كتابى أو من كتاب شيخى "السحر" انتهى.

والعجب أن الذهبى قال: عبد الحميد بن سنان عداده في التابعين لا يعرف، وقد وثقه بعضهم، قال البخارى [3/ 2/ 52]: روى عن عبيد بن عمير، في حديثه نظر اهـ. فأسقط الشارح من لفظ البخارى "عبيد" وحرف "عمير" "بعمر"، وألصق ذلك بهذا الحديث، كل هذا الكذب وهذا التلاعب ليتوصل إلى الانتقاد على المصنف وهو إنما يحتف أنفه بيده. واعلم أنه غلط غلطة أخرى فذكر قبل عزو الحديث قوله: واعلم أن هذا الحديث روى بأتم من هذا ولفظه "الكبائر تسع" وذكره، ثم قال: فكان ينبغى للمؤلف إيثاره، فجهل أنه حديث آخر من رواية عمير بن قتادة، وأن أوله لا يدخل في حرف الكاف. 2595/ 6453 - "الكِبْرُ من بَطَرَ الحقَّ وغمطَ الناسَ". (د. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه أبو يعلى عن ابن مسعود وهو في مسلم من جملة حديث. قلت: بل ورد من عشرة طرق أخرى: من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وعبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، وعبد اللَّه بن عباس، وأبي الدرداء، وجابر بن عبد اللَّه، وعقبة بن عامر، والحسين بن على، وأبي ريحانة، وثابت بن قيس بن شماس، وسواد بن عمرو الأنصارى. ثم إن حديث ابن مسعود أخرجه أيضًا أحمد والترمذى [4/ 317، رقم 1999]، وابن حبان في الصحيح والحاكم في المستدرك والبيهقى في الأسماء والصفات والبغوى في التفسير [4/ 85] والقشيرى في الرسالة وابن راهويه في المسند، فعزوه إلى أبي يعلى ومسلم قصور من الشارح.

أما حديث عبد اللَّه بن عمرو فأخرجه أحمد والبخارى في الأدب المفرد [رقم 556] والطبرانى في الكبير وأبو بكر محمد بن سليمان الربعى السوار في جزئه، وذلك رواه الحاكم في المستدرك مختصرا وصححه على شرط مسلم. وأما حديث عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب فرواه الطبرانى في الأوسط. وأما حديث ابن عباس فرواه عبد بن حميد في مسنده. وأما حديث أبي الدرداء فرواه ابن السبط في فوائده. وأما حديث جابر فرواه عبد بن حميد في مسنده. وأما حديث عقبة بن عامر فرواه أحمد في مسنده [4/ 151] وأبو القاسم الأصبهانى في الترغيب. وأما حديث الحسين بن على فرواه الطبرانى في الكبير. وأما حديث أبي ريحانة فرواه أحمد والطبرانى والبيهقى في الشعب. وأما حديث ثابت بن قيس وسواد بن عمرو فرواهما الطبرانى أيضًا، وقد ذكرت هذه الأحاديث بأسانيدها في موضع آخر. 2596/ 6456 - "الكَذِبُ يسوِّدُ الوجهَ، والنميمةُ عذابُ القبرِ". (هب) عن أبي برزة قال في سخافته المعتادة: وقضية صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل قال عقبه: هذا إسناد ضعيف. قلت: وأنت كذاب سخيف، فظاهر [صنيع] المصنف لا يفيد ما قلت، بل هو صريح في تضعيف الحديث لأنه رمز له بعلامة الضعيف.

2597/ 6458 - "الكرَمُ: التقْوَى، والشرفُ: التواضعُ، واليقينُ: الغِنَى". ابن أبي الدنيا في اليقين عن يحيى بن أبي كثير مرسلا. قال في الكبير: ورواه العسكرى عن عمر بلفظ "الكرم: التقوى، والحسب: المال، لست بخير من فارسى ولا نبطى إلا بالتقوى". قلت: هذا خلط للموقوف بالمرفوع من غير بيان، بل فيه تدليس وتلبيس وإيهام، فكان الواجب إذ ذكر الموقوف أن يقول: عن عمر من قوله، أو موقوفًا حتى لا يظن أن قائل: لست بخير من فارسى ولا نبطى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. والمرسل خرجه ابن أبي الدنيا عن منصور بن أبي مزاحم [ص 109، رقم 22]: حدثنا إسماعيل بن عياش عن أبي سنان المكى (¬1) عن يحيى بن أبي كثير به. ورواية إسماعيل بن عياش عن غير الشاميين ضعيفة. 2598/ 6460 - "الكِشْرُ لا يَقْطَعُ الصلاةَ، ولكن يقطَعُها القَرْقَرَةُ". (خط) عن جابر. قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: فيه ثابت بن محمد الزاهد أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ضعف لغلطه، ورواه عنه الطبرانى في الصغير مرفوعًا وموقوفًا ورجاله موثقون. قلت: قد ذكر أن فيه ثابت بن محمد وأنه ضعيف لغلطه، ورأى المصنف رمز للحديث بعلامة الضعيف، ثم قال: إنه حسن، بل نقل سنده من تاريخ ¬

_ (¬1) في المطبوع من "اليقين" أبي سيار المكى.

الخطيب ورأى فيه قول الخطيب [11/ 534]: ورفعه لا يثبت، وكذلك قال البيهقى: إن المرفوع غير ثابت، وذلك لأن الحفاظ رووه عن سفيان الثورى عن أبي الزبير عن جابر موقوفًا عليه من قوله، وخالفهم ثابت فرواه عن الثورى بهذا الإسناد موقوفًا، والقول ما قاله الحفاظ الإثبات، قال البيهقى بعد أن أخرجه من طريق أبي أحمد الزبيرى عن الثورى موقوفًا: هذا هو المحفوظ موقوف، وقد رفعه ثابت بن محمد الزاهد وهو وهم منه، ثم أخرج المرفوع، وقال الخطيب بعد رواية المرفوع: تفرد بروايته أحمد بن مهدى عن ثابت الزاهد عن الثورى هكذا مرفوعًا، ورواه أبو أحمد الزبيرى، وكذلك على بن ثابت وعبد اللَّه بن وهب عن الثورى موقوفًا ورفعه لا يثبت، ثم أخرجه موقوفًا أيضًا. ولما رواه الطبرانى قال: لم يروه مرفوعًا عن سفيان إلا ثابت: وحدثناه الدبرى عن عبد الرراق عن الثورى عن أبي الزبير عن جابر من قول جابر، وحدثناه محمد بن جعفر بن أعين عن الثورى عن أبي الزبير عن جابر من قول جابر، هكذا وقع في الأصل وما أرى الطبرانى يدرك أصحاب الثورى، فلعل قائل: حدثنا محمد بن جعفر هو عبد الرزاق أيضًا، أو وقع في السند حذف فليحرر. والمقصود أن أكثر الرواة أوقفوه وخالفهم ثابت بن محمد وهو مشهور بالغلط معروف بذلك، وهو صاحب حديث: "من كثرت صلاته بالليل"، وقصته مشهورة جدا، فكيف يكون الحديث حسنا؟!. 2599/ 6461 - "الكلبُ الأسودُ البهيمُ شيطانٌ". (حم) عن عائشة قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما ينبغى فقال: فقد قال -

الهيثمى: فيه ليث بن أبي سليم ثقة لكنه مدلس، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: وإذا كان ثقة وصرح فيه بالتحديث أو ورد له شواهد فهو صحيح كهذا. 2600/ 6462 - "الكلمةُ الحكمةُ ضالَّةُ المؤمنِ، فحيثُ وجدَهَا فهُوَ أحقُّ بِهَا". (ت. هـ) عن أبي هريرة، ابن عساكر عن على. زاد الشارح في الكبير: وكذا القضاعى عن على. قال الشارح: بإسناد حسن. قلت: فيه وهمان، الأول: أن القضاعى لم يخرجه من حديث على، وإنما أخرجه من حديث أبي هريرة من الطريق التي خرجها منه الترمذى وابن ماجه، ثم خرجه مرسلا من طريق أبي رصافة محمد بن عبد الوهاب: ثنا آدم بن أبي إياس ثنا الليث بن سعد عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم به مرسلا: "الحكمة ضالة المؤمن، حيثما وجد المؤمن ضالته فليجمعها إليه". الثانى: أن حديث على خرجه الديلمى في مسند الفردوس [3/ 101] عن الحداد عن أبي نعيم: ثنا أبو بكر المفيد ثنا المعمر أبو الدنيا عن على بن أبي طالب به. وأبو الدنيا كذاب دجال، فكيف يكون سنده حسن سواء من حديث أبي هريرة أو من حديث على؟!، فإن حديث أبي هريرة من رواية إبراهيم بن الفضل المخزومى وهو متروك منكر الحديث، وقد عد العقيلى هذا الحديث من مناكيره.

2601/ 6463 - "الكَمْأَةُ منَ المَنِّ، وماؤْها شفاءٌ للعينِ". (حم. ق. ت) عن سعيد بن زيد. (حم. ق. هـ) عن أبي سعيد وجابر. أبو نعيم في الطب عن ابن عباس وعن عائشة. قلت: زعم ابن العربى في السراج أن هذا الحديث لم يروه إلا عن سعيد بن زيد قال: ومع كونه فردا فإنه ثابت، وما ذكره المصنف هنا يرد عليه، بل ينادى عليه بعدم الاطلاع. وقد ورد أيضًا من حديث أبي هريرة وأنس وحريث ومحجن وبريدة إلا أن شهر ابن حوشب اختلف عليه فيه في صحابي الحديث، وكذلك اختلف على عمرو ابن حريث، فالأكثرون قالوا: عنه عن سعيد بن زيد، وقال بعضهم: عنه عن أبيه، وقد أطال الحافظ ابن كثير في طرقه وبيان الاختلاف فيه في تفسير سورة البقرة. ورواه جماعة آخرون أيضًا لم يذكرهم ابن كثير (¬1). 2602/ 6465 - "الكنودُ: الذِي يأكلُ وحدَهُ، ويمنَعُ رِفدَه، ويَضرِب عبدَهُ". (طب) عن أبي أمامة قال في الكبير: وفيه الوليد بن مسلم وقد سبق. قلت: هذا كذب ما فيه الوليد بن مسلم، فقد عزاه الحافظ نور الدين للطبرانى [8/ 292]، وقال: رواه بإسنادين في أحدهما جعفر بن الزبير وهو ضعيف، وفي الآخر: من لم أعرفه اهـ. ¬

_ (¬1) أخرجه الطبرانى في المعجم الكبير (12/ 63)، والصغير (1/ 125)، وانظر شرح السنة (11/ 332).

ومن طريق جعفر بن الزبير أخرجه أيضًا ابن جرير وابن أبي حاتم كلاهما من روايته عن القاسم عن أبي أمامة. ورواه البخارى في الأدب المفرد: ثنا عصام بن خالد ثنا حريز بن عثمان عن ابن هانئ عن أبي أمامة موقوفًا مثله. وكذلك أخرجه ابن جرير من طريق حريز بهذا السند موقوفًا أيضًا. وفي الباب عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: "شرار الناس من ترك وحده وجلد عبده ومنع رفده". رواه ابن حبان في الضعفاء في ترجمة إسحاق بن وهب الطهرمسى، وقال: إنه يضع الحديث صراحا، وقال الدارقطنى: إنه كذاب متروك. 2603/ 6468 - "الكيسُ من دانَ نفسَهُ، وعملَ لما بعدَ الموتِ، والعاجزُ من أتبعَ نفسَهُ هَواهَا، وتمنَّى على اللَّهِ الأمانِيَّ". (حم. ت. هـ. ك) عن شداد بن أوس. قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح على شرط البخارى، قال الذهبى: لا واللَّه أبو بكر واه، قال ابن طاهر: مدار الحديث عليه وهو ضعيف جدا. قلت: قد سبقه إلى ذلك البزار، فقال في مسنده: لا نعلمه يروى إلا عن شداد بن أوس، ولا طريق له غير هذا الطريق يعنى طريق أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن شداد وهو غريب من البزار، فقد ورد من طريق آخر عن شداد كما سأذكره، والحديث رواه عن أبي بكر بن أبي مريم ابن المبارك في كتاب الزهد أول الجزء الثانى منه. ومن طريق ابن المبارك رواه أبو داود الطيالسى وأحمد والحارث ابن أبي أمامة

وسعيد بن منصور والترمذى والحاكم [1/ 57 و 4/ 251] والقضاعى في "مسند الشهاب" وآخرون. ورواه عن أبي بكر بن أبي مريم أيضًا بقية بن الوليد، ومن طريقه رواه ابن ماجه [2/ 1423، رقم 4260] وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس [ص 28، رقم 1]، ورواه عنه أيضًا عيسى بن يونس، ومن طريقه خرجه الترمذى أيضًا [رقم 2577]. ورواه عنه أيضًا عمرو بن بشر بن السرح، ذكره أبو نعيم في الحلية [1/ 267، 8/ 174]، ولم ينفرد به أبو بكر بن أبي مريم، بل ورد من غير طريقه، قال الطبرانى في الصغير [2/ 36]: ثنا محمد بن عبد اللَّه بن عبد السلام البيروتى [عن] مكحول ثنا إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكى ثنا أبي عن ثور بن يزيد وغالب بن عبد اللَّه الجزرى عن مكحول عن عبد الرحمن بن غنم عن شداد بن أوس به. وعن الطبرانى رواه أبو نعيم في الحلية.

باب كان وهى الشمائل الشريفة

باب كان وهى الشمائل الشريفة 2604/ 6470 - " كانَ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أبيضَ مليحًا مُقَصَّدًا". (م ت) في الشمائل عن أبي الطفيل. قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو داود في الأدب فما أوهمه كلامه من تفرد ذينك به عن الاربعة غير جيد، قال: "رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وما على وجه الأرض رجل رآه غيرى قال: فقلت: كيف رأيته؟ " فذكره. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: رواه أبو داود في الأدب، يوهم أن لأبى داود كتاب الأدب المفرد وليس كذلك، فكان حقه أن يقول: في الأدب من سننه. الثانى: قوله: قال: رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . إلخ، يوهم أنه كذلك عند أبي داود وليس كذلك. الثالث: فذكره تلبيس يوهم أن لفظ أبي داود كلفظ المتن والواقع خلافه، ولفظه عن أبي الطفيل قال: "رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال سعيد الجريرى: قلت: كيف رأيته؟ قال: كان أبيضا مليحا، إذا مشى كأنما يهدى في هبوب"، فلفظه مخالف للمذكور في المتن بالنقص والزيادة بحيث ينبغى أن يفرد وذلك عذر المؤلف. الرابع: لا أدرى ما عدم جودته إذ لم يعزه إلى أبي داود فإن هذا شيء انفرد به الشارح، معاذ ذلك كذلك فالحديث خرجه أيضًا أحمد [5/ 454] وابن سعد في الطبقات [1/ 2/ 126]، وقاسم بن أصبغ وإسماعيل بن إسحاق القاضى كما ذكرت أسانيدهم في المستخرج على الشمائل، فيكون اقتصاره على أبي داود في الاستدراك غير جيد أيضًا لا سيما والعزو إلى مسند أحمد مقدم عند كثير من الحفاظ على السنن الأربعة.

2605/ 6471 - "كانَ أبيضَ، كأنما صِيغَ من فِضَّةٍ، رجْلَ الشَّعْرِ". (ت) فيها عن أبي هريرة. قال الشارح: وإسناده صحيح. قلت: هذا غلط فاحش فإنه من رواية صالح بن أبي الأخضر عن الزهرى وهو متهم بالوضع اتهمه الجوزجانى، وحكم المصنف في الذيل بوضع حديث واتهمه به، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن حبان: لا يحتج به، وضعفه البخارى والنسائى، وقال الترمذى: يضعف في الحديث ضعفه يحيى القطان وغيره وتكلم فيه آخرون بما يطول نقله، ولذلك لم يخرج له الترمذى في الجامع، فكيف يكون هذا السند صحيحا؟ وإن كان اعتمد على رمز المصنف فذلك غير معتمد لأنه تحريف من النساخ، إذ جل الأحاديث المنكرة الظاهرة فيه عليها علامة الصحيح أيضًا. 2606/ 6477 - "كان أحسنَ الناسِ، وأجودَ الناسِ، وأشجعَ النَّاسِ". (ق. ت. هـ) عن أنس قال في الكبير: وقضية صنغ المصنف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه، بل بقيته في البخارى: "ولقد فزع أهل المدينة فكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سبقهم على فرس استعاره من أبي طلحة وقال: وجدناه بحرا. . . " إلخ. قلت: لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف، فالكتاب خاص بالأحاديث المرفوعة القولية، ولما كانت أحاديث الشمائل ملحقة بالمرفوع أدخلها المؤلف في كتبه، فأول الحديث على شرطه وأما بقيته التي تركها فليست هي على شرطه لأنها ليست من الشمائل، وقد يكون الشارح عالما بهذا ولكنه يتجاهله لغرضه الفاسد.

2607/ 6500 - "كَانَ أبغضُ الخُلُقِ إليه الكذِبَ". (هب) عن عائشة. قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وقضية صنيعه أن البيهقى خرجه وسكت عليه وهو باطل، فإنه خرجه من حديث إسحاق بن إبراهيم الدبرى عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة، وعن محمد بن أبي بكر عن أيوب عن إبراهيم بن ميسرة عن عائشة، ثم عقبه بما نصه قال البخارى: هو مرسل يعنى بين إبراهيم بن ميسرة وعائشة، ولا يصح حديث ابن أبي مليكة، قال البخارى: ما أعجب بحديث معمر عن غير الزهرى؛ فإنه لا يكاد يوجد فيه حديث صحيح اهـ. فأفاد ذلك أن فيه ضعفا أو انقطاعا فاقتطاع المصنف لذلك من كلامه من صوء التصرف، وإسحاق الدبرى يستبعد لقيه لعبد الرراق كما أثار اليه ابن عدى، وأورده الذهبى في الضعفاء. قلت: فيه أمور، الأول: السخافة المملة في قوله: فظاهر صنيع المؤلف. . . إلخ، فإن ظاهره لا يفيد شيئًا، وشرطه في كتابه أن لا ينقل كلام المخرجين في التعليل والجرح والتعديل، فتكرار هذا عند كل حديث منتهى السخافة. الثانى: كون البخارى قال: لا يصح حديث ابن أبي مليكة، وهو رأى ارتآه لا دليل عليه ولا يلزم كيره من الحفاظ قبوله، فللبخارى رأيه وللمصنف رأيه. والبخارى ذكر ذلك في ترجمة محمد بن أبي بكيرة من تاريخه الكبير فقال [1/ 1/ 49]: روى عن أيوب عن إبراهيم بن ميسرة عن عائشة: "كان أبغض الخُلُقِ إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الكذب"، وقال معمر: عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة، ولا يصح ابن أبي مليكة وهو مرسل اهـ. فالبخارى حكم بإرساله وبصحة قول من قال: عن أيوب عن إبراهيم، مع أن

[في الكلام على إسحاق بن إبراهيم الدبرى]

[من] قال: عن أيوب عن ابن أبي مليكة حافظ ثقة، فلا يمكن دفع قوله بدون حجة، إذ غايته أن أيوب روى الحديث عن إبراهيم وعن ابن أبي مليكة معا، فتارة حدث به عن هذا وهو ابن أبي مليكة فكان الحديث متصلا، وتارة حدث به عن إبراهيم فكان مرسلا. وقد رواه أحمد في مسنده عن عبد الرزاق [6/ 152]: أنا معمر عن أيوب فقال: عن ابن أبي مليكة أو غيره عن عائشة فصدر بروايته عن ابن أبي مليكة، ولهذا قال الحافظ نور الدين في الزوائد بعد عزوه لأحمد والبزار: سنده صحيح. الثالث: أنه قال: وعن محمد بن أبي بكر، وهو تحريف بل هو ابن أبي بكيرة بزيادة التاء في آخره مصغرا. الرابع: أنه قال: فأفاد أن فيه ضعفا أو انقطاعا، وهذا كذب على البخارى والبيهقى والسند فإنه ليس فيه ضعيف بل رجاله كلهم ثقات. [في الكلام على إسحاق بن إبراهيم الدبرى] الخامس: أنه تعرض لإعلاله أيضًا بإسحاق بن إبراهيم الدبرى وهو جهل منه وفضول، فإن الدبرى لا دخل له في الحديث لأنه ثابت في مصنف عبد الرزاق ولأنه توبع عليه كما ذكرناه من رواية أحمد عن عبد الرزاق ومن رواية غيره كما ذكره هو أيضًا. السادس: أنه نسب لابن عدى أنه قال: يستبعد لقيه لعبد الرزاق وهذا كذب على ابن عدى، فإن سماع الدبرى من عبد الرزاق محقق ومشهور بين أهل الحديث، وابن عدى إنما قال: يستصغر في عبد الرزاق وهو كذلك لأنه سمع منه وهو صغير، أسمعه أبوه وهو ابن سبع سنين. السابع: أنه قال: وذكره الذهبى في الضعفاء وهو تلبيس فاحش وخيانة

عظيمة، فإن الذهبى لما ذكره دافع عنه وبين حاله فقال: إسحاق بن إبراهيم الدبرى صاحب عبد الرزاق، قال ابن عدى: استصغر في عبد الرزاق، قلت: ما كان الرجل صاحب حديث وإنما أسمعه أبوه واعتنى به، سمع من عبد الرزاق تصانيفه وهو ابن سبع سنين أو نحوها لكن روى عن عبد الرزاق أحاديث منكرة فوقع التردد فيها هل هي منه فانفرد بها أو هي معروفة مما تفرد به عبد الرزاق؟ وقد احتج بالدبرى أبو عوانة في صحيحه وغيره، وأكثر عنه الطبرانى، وقال الدارقطنى في رواية الحاكم: صدوق ما رأيت فيه خلافا إنما قيل: لم يكن من رجال هذا الشأن، قلت: ويدخل في الصحيح؟ قال: إى واللَّه اهـ. زاد الحافظ في اللسان أن مسلمة قال في الصلة [1/ 349 - 350، رقم 1084]: كان لا بأس به، وكاق العقيلى يصحح روايته وأدخله في الصحيح الذي ألفه. فانظر كيف اقتطع الشارح كل هذا مما يجب أن يذكر، ويعيب المصنف على عدم ذكره لكلام المخرجين الذي لا يجب على أحد نقله، فكيف بالمؤلف الذي من شرطه عدم ذكره؟! وكل هذا لو كان لإسحاق الدبرى دخل في الحديث، وقد عرفت ما فيه. 2608/ 6502 - "كانَ أحبَّ التمرِ إليه: العجْوةُ". أبو نعيم عن ابن عباس. قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو الشيخ وابن ماجه باللفظ المزبور، قال العراقى: وإسناده ضعيف. قلت: هذا كذب على ابن ماجه وعلى العراقى، فابن ماجه ما خرجه أصلا لا باللفظ المزبور ولا غيره، والعراقى ما قال عنه شيئًا، بل عزاه لأبي الشيخ وسكت.

2609/ 6507 - "كانَ أحبَّ الشاةِ إليهِ مُقَدَّمهَا". ابن السنى وأبو نعيم في الطب (هق) عن مجاهد مرسلا قلت: الحديث عند البيهقى مطولا ولفظه عن مجاهد قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يكره من الشاة سبعا: الدم والمرار والذكر والأنثيين والحيا والغدة والمثانة، قال: وكان أعجب الشاة إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- مقدمها". هكذا رواه من طريق سفيان عن الأوزاعى عن واصل بن أبي جميل عن مجاهد مرسلا قال: ورواه عمر بن موسى بن وجيه وهو ضعيف عن واصل بن أبي جميل عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم أسنده كذلك ثم قال: ولا يصح وصله اهـ. وسيأتى للمصنف قريبًا موصولا من حديث ابن عباس أيضًا بلفظ: "كان أحب اللحم إليه الكتف"، وعزاه لأبي نعيم في الطب. ورواه ابن حبان في الضعفاء [2/ 122] من حديث على عليه السلام بلفظ: "كان أحب الشاة إليه الذراع" أخرجه في ترجمة عيسى بن عبد اللَّه بن محمد ابن عمر بن على عن آبائه، وضعف عيسى المذكور وقال: لا يجوز الاحتجاج به، وأصله في الصحيح من حديث أبي هريرة كما ذكره الشارح عند حديث ابن عباس الآتى "كان أحب اللحم إليه الكتف". 2610/ 6508 - "كانَ أحبُّ الشرابِ إليه الحُلو البارِدَ". (حم. ت. ك) عن عائشة. زاد في الكبير: في الأطعمة عن عائشة. ثم قال في الكبير أيضًا: وتعقبه الذهبى بأنه من رواية عبد اللَّه بن محمد بن يحيى بن عروة عن هشام عن أبيه عن عائشة، وعبد اللَّه هالك فالصحيح إرساله اهـ.

وقال في الصغير: إسناده ضعيف. قلت: فيه أمور، الأول: الحديث خرجه الحاكم في الأشربة لا في الأطعمة. الثانى: أن حكاية هذا التعقب تلبيس فاحش بل كذب، فإن الحاكم خرج الحديث أولا من رواية أحمد بن شيبان الرملى [4/ 137]: ثنا سفيان بن عيينة عن معمر عن الزهرى عن عروة عن عائشة به ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه فإنه ليس عند اليمانيين عن معمر وأقره الذهبى على ذلك. ثم قال الحاكم [4/ 137]: وشاهده حديث هشام بن عروة عن أبيه، ثم أسنده من طريق عبد اللَّه بن محمد بن يحيى بن عروة، فقال الذهبى: عبد اللَّه هالك اهـ. ولم يزد. فالصحيح إرساله كما افتراه عليه الشارح؟! فاعجب لهذه الخيانة. الثالث: أنه جزم في الصغير بضعف إسناده، وذلك جهل منه وتهور، فالحديث رجاله رجال الصحيح، بل هو على شرط البخارى ومسلم كما قال الحاكم، وكيف يكون حديث ابن عيينة عن معمر عن الزهرى ضعيفا إن هذا لعجب؟!. أما ما صححه الترمذى [رقم 1895] من إرساله فذلك مردود عليه، فابن عيينة حافظ ثقة لا يضيره كون غيره أرسله عن الزهرى لا سيما ومعلوم عن الزهرى أنه كان يرسل أحيانا ويوصل أخرى. وهب أن الحق ما قاله الترمذى من كون الصحيح إرساله، فلا يجوز مع ذلك إطلاق الضعف على حديث ابن عيينة أصلا، فكيف وقول الترمذى باطل؟! 2611/ 6512 - "كانَ أحبَّ الصباغِ إليهِ: الخلُّ". أبو نعيم عن ابن عباس.

قال الشارح: أى كان أحب الصبوغ إليه ما صبغ بالخل والخل إذا أضيف إليه نحو نحاس صبغ أخضر أو نحو حديد صبغ أسود. قلت: هذا هراء فارغ ومعنى لا يفهمه ذو نباهة، بل معنى الحديث أن الخل كان أحب الإدام إليه يأتدم به كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نِعْمَ الإدام الخل" (¬1). وقد يكون الراوى فهم الأحبية إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- من هذا الحديث، وإطلاق الصبغ على الإدام معروف في اللغة مذكور في القرآن، قال تعالى {وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ} [المؤمنون: 20]، لأن الإدام يصبغ الخبز، فهذا معنى الحديث لا ما هذى به الشارح. 2612/ 6517 - "كانَ أحب الفاكهةِ إلبهِ الرُّطَب والبطيخُ". (عد) عن عائشة، النوقانى في كتاب البطيخ عن أبي هريرة. قال الشارح في الكبير: قال العراقى: وكلاهما ضعيف. قلت: وله طريق ثالث عن حديث أنس وهو ضعبف أيضًا، وأخرجه الحاكم [4/ 121] من رواية يوسف بن عطية عن مطر الوراق عن قتادة عن أنس، ويوسف ضعيف، وسيذكره المصنف فيما بعد بلفظ: "كان يأخذ الرطب بيمينه" الحديث. 2613/ 6520 - "كَانَ أخفَّ الناسِ صلاةً في تمامٍ". (م. ت) عن أنس. قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه، فقد قال الزين العراقى في المغنى: إنه متفق عليه. قلت: العراقى يعزو أصل الحديث ولا يعتبر اختلاف ألفاظ المخرجين كما نص ¬

_ (¬1) انظر صحيح مسلم (رقم 1622)، ومسند أحمد (3/ 301، 364).

عليه في أول المغنى، والمصنف يراعى ألفاظ المخرجين، والبخارى لم يخرجه بهذا اللفظ بل بلفظ [1/ 181]: "كان يوجز الصلاة ويكملها" وفي لفظ آخر له عن أنس [2/ 236]: "ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-"، الحديث، وهما غير اللفظ المذكور هنا. 2614/ 6523 - "كانَ إذا أتى بابَ قومٍ لمْ يستقبِل البابَ منْ تلقاء وجهِهِ ولكنْ من ركنِهِ الأيمنِ أو الأيسَرِ ويقول: السلامُ عليكُمْ السلامُ عليكُمْ". (حم. د) عن عبد اللَّه بن بسر. قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وفيه كما قال ابن القطان: بقية وحاله معروف، ومحمد بن عبد الرحمن بن عرق ذكره أبو حاتم ولم يذكر له حالا قال ابن القطان: فهو عنده مجهول. قلت: بقية ثقة مدلس لكنه صرح في هذا الحديث بالتحديث فزال ما يخشى من تدليسه، ومحمد بن عبد الرحمن بن عرق روى عنه جماعة فوق السبعة، وقال دحيم: ما أعلمه إلا ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات [5/ 377]، وسكت أبو داود على حديثه هذا، وذلك شرط الحسن. 2615/ 6526 - "كانَ إذا أتاهُ الرجلُ وله اسمٌ لا يحبُّه حولَهُ". ابن منده عن عتبة بن عبد. قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد لأشهر من ابن منده ولا أحق بالعزو منه وهو عجب، فقد رواه الطبرانى باللفظ المزبور عن عتبة، قال الهيثمى: ورجاله ثقات. قلت: بل هذه سخافة وكذب فإنه لا وجه لأحقية عزو الحديث إلى الطبرانى دون ابن منده، ولا عجب في عزو الحديث إلى أى مخرج خرجه إلا أن

الشارح يخلق معايب من نفسه ليعيب بها المؤلف وما على بذلك إلا نفسه إذ برهن على جهله. 2616/ 6528 - "كانَ إذا أتاهُ الأمرُ يسُرُّه قال: الحمدُ للَّه الذي بنعمتِهِ تتم الصالحاتُ، وإذا أتاهُ الأمرُ يكرهُهُ قال: الحمدُ للَّه على كُلِّ حالٍ". ابن السنى في عمل يوم وليلة (ك) عن عائشة. قال في الكبير: من رواية زهير بن محمد عن منصور بن صفية عن أمه عن عائشة، وقال الحاكم: صحيح فاعترضه الذهبى بأن زهيرا له مناكير، وقال ابن معين: ضعيف فأنى له بالصحة؟!. قلت: فيه أمران، الأول: الكذب على الذهبى فإنه لم يتعقب الحاكم على هذا الحديث ولا قال شيئًا مما نقله عنه الشارح أصلا. الثانى: أن زهير بن محمد التميمى وإن كان مختلفا فيه إلا أن الشيخين خرجا له واحتجا به في صحيحيهما فحديثه على شرطهما، وقد وثقه يحيى بن معين في رواية بل روايات وكذلك جماعة. والحديث له مع ذلك شاهد من حديث ابن عباس أخرجه الديلمى من طريق الدارقطنى: ثنا أبو العباس بن عقدة ثنا محمد بن عمرو بن سليمان النيسابورى ثنا أسباط بن اليسع ثنا الوليد بن محمد أبو سعيد ثنا عبد الرحمن بن سعيد عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا أتاه أمر يسره قال: اللهم بنعمتك تتم الصالحات، وإذا أتاه أمر يكرهه قال: الحمد للَّه على كل حال".

2617/ 6532 - "كانَ إذَا أُتِى بطَعَام أَكَلَ مِمَّا يَليه، وإذا أُتِى بالتَّمْرِ جالتْ يدُهُ". (خط) عن عائشة. قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب سكت عليه وهو تلبيس فاحش، فقد عقبه بما نصه قال أبو على: هذا كذب، وعبيد ابن أخت سفيان كان يضع الحديث وله أحاديث مناكير. قلت: هذه سخافة فظاهر صنيع المصنف لا يفيد شيئًا وليس من شرطه ولا شرط غيره نقل كلام المخرجين على الأحاديث أصلا، ولئن كان هذا تلبيسا فاحشا كما يفتريه لكان كل حافظ وإمام ملبسا وحاشاهم من ذلك. وإنما الملبس المدلس هو الشارح الذي يزين له التلبيس والكذب ما في قلبه لأهل الفضل كالمصنف، ثم إن أبا على الذي قال: إن الحديث كذب ليس قوله وحيا ولا يلزم من رواية الوضاع أن يكون كل ما يرويه موضوعا لا سيما وعبيد بن القاسم لم ينفرد برواية هذا الحديث عن هشام بن عروة بل تابعه على روايته عن هشام أيضًا خالد بن إسماعيل كما رواه البزار من طريقه، وهو وإن كان متروكا متهما أيضًا إلا أن روايته ترفع التهمة عن عبيد بن القاسم لاسيما وقد حدث به أحمد بن حنبل عن عبيد بن القاسم المذكور، فإن كان رأى أبي على في الحديث أنه كذب فرأى المصنف أنه ليس كذلك، وما الذي يجعل قوله ورأيه حجة على رأى غيره كالمصنف؟ إن هذا لعجب!. 2618/ 6533 - "كانَ إذَا أُتى بباكورَة الثمرَةِ وضعَهَا على عينيْهِ ثُم عَلَى شفتْيهِ وقَالَ: اللَّهُم كما أريَتَنا أوَّلَهُ فأرِنا أخرهُ، ثم يُعطيه منْ يكونُ عندَه منَ الصِّبيانِ". ابن السنى عن أبي هريرة (طب) عن ابن عباس، الحكيم عن أنس.

قال في الكبير: قال الهيثمى: رواه الطبرانى في الكبير والصغير ورجال الصغير رجال الصحيح اهـ. وكلامه كالصريح في أن سند الكبير مدخول فعزو المؤلف الحديث إلى الطريق الضعيفة وضربه صفحا عن الطريق الصحيحة من سوء التصرف. قلت: الحديث رواه الطبرانى من طريق هشام بن عبد الملك أبي الوليد الطيالسى عن الدراوردى عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس، وقال: لم يروه عن زيد بن أسلم إلا الدراوردى، تفرد به أبو الوليد اهـ. فسند الحديث واحد سواء في الكبير أو الصغير. 2619/ 6537 - "كانَ إذَا اجتهدَ في اليمينِ قالَ: لَا والَّذِى نفسُ أبي القَاسِم بِيَدِهِ". (حم) عن أبي سعيد قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة والأمر بخلافه، بل رواه أبو داود في الإيمان، وابن ماجه في الكفارة. قلت: أما ابن ماجه فلم يخرج حديث أبي سعيد أصلا، وإنما خرج حديث رفاعة الجهنى [1/ 676، رقم 2090]: "كان إذا حلف قال: والذي نفس محمد بيده"، وقد ذكره المصنف فيما بعد في موضعه من حرف "الحاء" مع "إذا" بعد "كان" وعزاه لابن ماجه. وأما أبو داود فلم يخرجه في رواية اللؤلؤى المشهورة، ولذلك لم يذكره الحافظ المنذرى في اختصار السنن وإنما أخرجه أبو داود في رواية أبي الحسن بن العبد وأبي بكر بن داسه كما ذكره الحافظ المزى في الأطراف. وهب أنه في جميع الروايات ولم يعزه المصنف إليه فكان ماذا؟ إنما هو تهويل فارغ وسخافة ممقوتة.

2620/ 6538 - "كانَ إذَا أخذَ مَضجَعَه جعلَ يدَهُ اليمنَى تحتَ خَدِّهِ الأيمنَ". (طب) عن حفصة. قال في الكبير: وظاهر صنيعه أن هذا ليس في الكتب الستة ولا كذلك، فقد خرجه الترمذى عن البراء بزيادة وقال: "ربَّ قنى عذابك يوم تبعث عبادك". قلت: هذا خطأ من وجهين، أحدهما: أن حديث البراء قد ذكره المصنف بعد هذا مباشرة وعزاه لمن هو أعلى من الترمذى وهو مسلم وأحمد والنسائى. ثانيهما: أن لفظ حديث البراء عند الترمذى لا يدخل في هذا الموضع على ترتيب المؤلف وهو قوله: "كان يتوسد يمينه عند المنام" ثم يقول الحديث، فالشارح لا يفهم ولا يسكت. ثم إن حديث حفصة خرجه أيضًا أبو يعلى وابن السنى في عمل اليوم والليلة [رقم 710] بألفاظ متعددة، فلو كان للشارح إلمام بالحديث لذكر ذلك بدل هذه الترهات الفارغة. 2621/ 6541 - "كانَ إذَا أخذَ مضجَعَه قرأ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} حتَّى يَختمها". (طب) عن عباد بن أخضر. قال في الكبير: وهو عباد بن عباد بن علقمة المازنى البصرى المعروف بابن أخضر وكان زوج أمه وليس بصحابى فليحرر. قلت: سارت مشرقة وسرت مغربا ... شتان بين مشرق ومغرب فعباد بن أخضر ويقال ابن أحمر صحابى متفق عليه ذكره كل من ألَّفَ في الصحابة لا سيما من المتأخرين أهل الكتب المتداولة كابن عبد البر وابن الأثير والذهبى والحافظ، وأما عباد بن عباد المازنى فما هو صحابى ولا تابعى، وإنما

يروى عن التابعين كأبي مِجْلَز الذي كانت وفاته بعد المائة، ولو كان هو المذكور في الحديث لقال المصنف: معضلا. والعجب من الشارح إذ أعرض عن مراجعة كتب الصحابة المتيسرة لديه كالتجريد والإصابة اللذين ينقل منهما كثيرا وراجع في معرفة الرجل كتاب تهذيب التهذيب أو تقريبه في أسماء رجال الكتب الستة، وأعجب منه جعله عباد بن أخضر هو عباد بن علقمة ولكن من يخلق للناس عيوبا ويفتريها عليهم لينقصهم بالباطل لابد أن يبتلى بأكثر من هذا ويفضح فاعجب منه وأشد. 2622/ 6544 - "كانَ إذَا أرادَ الحاجةَ لم يرفَعْ ثوبَه حتَّى يدنُو من الأرْضِ". (د. ت) عن أنس وعن ابن عمر، (طس) عن جابر. قال في الكبير: وقد أشار المصنف لصحته وليس بمسلم، فأما من طريق أبي داود والترمذى فقد قال أبو داود نفسه وتبعه المنذرى: وعبد السلام بن حرب رواه عن الأعمش وهو ضعيف، وقال الزين العراقى: مداره على الأعمش وقد اختلف عليه فيه، ولم يسمع الأعمش من أنس وهو ضعيف وإن كان رآه، وفي حديث ابن عمر مجهول، وذكر الترمذى في العلل أنه سأل البخارى عن حديث أنس وابن عمر فقال: كلاهما مرسل، ثم قال العراقى: والحديث ضعيف من جميع طرقه وقد أورد النووى في الخلاصة الحديث في فصل الضعيف فدل على أنه ضعيف عنده من جميع طرقه اهـ. وقال في موضع آخر: الحديث ضعيف من جميع طرقه لأن رواية الأعمش عن ابن عمرو عن أنس منقطعة، وقال الصدر المناوى: الحديث ضعيف من رواية ابن عمر، وصرح الترمذى أيضًا بضعفه وإرساله. . . إلخ.

قلت: هذه أنقال طويلة مكررة تكررا سمجًا، وجلها مكذوب مفترى أو محرف مقلوب، فما قال العراقى: إنه ضعيف من جميع طرقه، ولا للحديث طرق متعددة حتى يمكن للعراقى أن يقول ذلك بل هو كذب مجرد، ولا قال عبد الحق ما نقله عنه أصلا ولا غير ذلك، وكل هذه تهاويل يفتريها ليظهر غلط المصنف وهو جاهل بالحديث وبرتبته وبحقيقة الأمر فيه. فالحديث صحيح كما قال المؤلف وذلك أن الحديث رواه أبو داود عن زهير بن حرب [1/ 4، رقم 14]: ثنا وكيع عن الأعمش عن رجل عن ابن عمر: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-" به، ثم قال: أبو داود: ورواه عبد السلام بن حرب عن الأعمش عن أنس بن مالك وهو ضعيف اهـ. أى حديث الأعمش عن أنس ضعيف لانقطاعه، لأن الأعمش لم يسمع من أنس، وليس معناه أن عبد السلام بن حرب ضعيف فإنه ثقة من رجال الصحيح، وإنما وهم في قوله عن أنس. أما حديث ابن عمر فرجاله رجال الصحيح أيضًا لولا ما فيه من المبهم المجهول، ثم نظرنا هل نعرف ذلك المجهول من هو؟ فإذا البيهقى يبين أنه القاسم بن محمد، فرواه من طريق أبي بكر الإسماعيلى [1/ 96]: ثنا عبد اللَّه بن محمد بن مسلم من أصل كتابه ثنا أحمد بن محمد ابن أبي رجاء المصيصى شيخ جليل ثنا وكيع ثنا الأعمش عن القاسم بن محمد عن ابن عمر به. فارتفع الإبهام وصح الإسناد وطاح كل ما قوله به هذا الجاهل وأطال من غير بيان ولا تحصيل. ثم إن رواية عبد السلام بن حرب عن الأعمش عن أنس خرجها الدارمى

[1/ 171] والترمذى [1/ 21]، وجماعة من رجال الصحيح أيضًا. فالأعمش منقول عنه في هذا الحديث أربعة أقوال: عنه عن أنس، وعنه عن رجل عن ابن عمر، وعنه عن القاسم بن محمد عن ابن عمر، وعنه قال: قال ابن عمر: بدون ذكر واسطة، وفي هذه الرواية الأخيرة مع روايته عن أنس قال البخارى: وكلا الحديثين مرسل، وكذلك قال الترمذى في الجامع، ونصه بعد رواية عبد السلام بن حرب [عن] الأعمش: وهكذا روى محمد بن ربيعة عن الأعمش عن أنس هذا الحديث وروى وكيع والحمانى عن الأعشى قال: قال ابن عمر فذكره، وكلا الحديثين مرسل. . . إلخ. فحرف الشارح هذا النقل وأتى به عقب رواية أبي داود عن ابن عمر، فأفاد أن البخارى قال ذلك في تلك الرواية وهو غير معقول ولا متصور لأن الأعمش رواه بواسطة عن ابن عمر كما سبق، وهكذا حرف جميع الأنقال وافترى فيها وإلى اللَّه عاقبة الأمور. 2623/ 6545 - "كانَ إذَا أرادَ الحاجةَ أبْعَدَ". (هـ) عن بلال بن الحرث (حم. ن. هـ) عن عبد الرحمن بن أبي قراد قال في الكبير: بتشديد الراء بضبط المصنف وليس بصحيح ففي التقريب كأصله بضم القاف وتخفيف الراء. قلت: هذا كذب على المصنف فما ضبطه بذلك ولا يمكن أن يخفى ضبطه على صغار طلبة هذا الشأن فضلا عن المصنف. وهو كاذب أيضًا في قوله: كأصله، فإن أصل التقريب الذي هو تهذيب التهذيب ليس فيه شيء من هذا ولا يتعرض فيه لضبط الأسماء إلا نادرا جدا

وإنما يضبط الاسماء في التقريب وحده. 2624/ 6548 - "كانَ إذَا أرادَ أن ينامَ وهو جُنُبُ توضَّأ وضوءَه للصلاةِ وإذَا أرادَ أن يأكُلَ أو يشربَ وهُوَ جُنُبُ غَسَلَ يديْهِ ثم يأكلُ ويشربُ". (د. ن. هـ) عن عائشة قال الشارح: وإسناده صحيح. وقال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات، وفي الميزان عن ابن عدى منكر. قلت: قال بين كلامه في الصغير وكلامه في الكبير وتعجب، ثم اعلم أن الهيثمى لا يذكر حديثا مخرجًا في الأصول الستة كهذا، وإنما يذكر الزوائد عليها، وليته بين في أى ترجمة ذكر الذهبى ذلك من الميزان، فكأن الرجل متلاعب يكتب ما يوحيه إليه جهله وهواه بدون مراعاة ولا احتشام. 2625/ 6554 - "كانَ إذَا أرادَ أن يدعُوَ على أحد أو يدعُوَ لأحَدٍ قنتَ بعدَ الركُوعِ". (خ) عن أبي هريرة. قال في الكبير: قال الذهبى: وروى مسلم نحوه اهـ. فما أوهمه صنيع المصنف أن هذا مما تفرد به البخارى غير جيد والتشبث بالخلف اللفظى خيال. قلت: هذا كذب على الذهبى ومعاذ اللَّه أن يقول ذلك الذهبى، ولو كان الذهبى قال ذلك لعَيَّنَ الشارح الكتاب، ولكنه لم يفعل ليستر كذبه. فالحديث ما خرجه مسلم أصلا لا بهذا اللفط ولا بمعناه وإنما أخرج أصل حديث القنوت [1/ 468، رقم 299 - 300]، أما قوله: "كان إذا أراد أن يدعو على أحد" الحديث، فلم يخرجه ولا ما يفيده وقد نص أصحاب

الأطراف على أن هذا الحديث من أفراد البخارى [6/ 48]، وقد نقل ذلك العينى في شرحه لهذا الحديث. أما لو رواه مسلم بلفظ آخر لكان لنا كلام آخر مع هذا الرجل في قوله: إن التشبث بالخلف اللفظى خيال. وسيعود لمثل هذا فنعود لفضيحته إن شاء اللَّه. 2626/ 6555 - "كانَ إذَا أرادَ أن يعتكفَ صلَّى الفجرَ ثُم دخلَ معتكَفَهُ". (د. ت) عن عائشة. قال في الكبير: وظاهر صنيعه أنه لم يروه أحد من الستة غير هذين والأمر بخلافه، بل رواه الجماعة جميعا لكن عذره أن الشيخين إنما روياه مطولا في ضمن حديث فلم يتنبه له لوقوعه ضمنا. قلت: كذبت واللَّه وقصدت أن تكذب وأنت تعلم أن الأمر خلف ما قلت إن المصنف رتب كتابه على حروف المعجم ترتيبًا دقيقًا ومن أجل ذلك يكرر الحديث الواحد عدة مرات بحسب ألفاظ مخرجيه. لكنك ربما تجهل وهو الواقع أن المصنف خص هذا الكتاب بالأحاديث القصار دون الطوال، تجهل الفرق عنده وعند أهل الحديث بين اللفظ الذي ذكره لأنه من شرطه وبين لفظ الآخرين لأنه ليس من شرطه كما ذكرته قبل هذا، وعجيب جدًا أن تظن وأنت المناوى التي ما شممت رائحة الحديث أنك تعلم حديثا ولا يعلمه المصنف الحافظ، إذا فليس هو الحافظ السيوطى ولست أنت المناوى المخرف الجاهل. 2627/ 6557 - "كانَ إذَا أرادَ غزوةً ورَّى بغيرهَا". (د) عن كعب بن مالك.

قال في الكبير: وظاهر صنيع المؤلف أنه لا يوجد مخرجًا في أحد الصحيحين وهو وهم بل هو فيهما فقد قال العراقى: هذا متفق عليه اهـ. وهو في البخارى في غزوة تبوك وفي موضع آخر، وفي مسلم في التوبة كلاهما عن كعب مطولا ولفظهما: "لم يكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . إلخ". قلت: هذا الرجل أعظم خلق اللَّه بلادة فالمؤلف خص كتابه بالمرفوع المرتب على حروف المعجم وأدخل فيه الأحاديث المصدرة بـ "كان" خاصة لأنها من قبيل شرطه وهو يستدرك حديثًا بلفظ "لم يكن"، بحيث لو كان هذا من شرط الكتاب لوجب أن يذكره المؤلف في حرف اللام فضلا عن كونه ليس من شرطه، فقيح اللَّه السخفاء. 2628/ 6560 - "كانَ إذَا أرادَ سفرًا قالَ: اللَّهُمَّ بكَ أصولُ، وبكَ أحولُ، وبك أسيرُ". (حم) عن على. قال في الكبير: وكذا رواه البزار، قال الهيثمى: رجالهما ثقات اهـ. فإشارة المصنف لحسنه تقصير بل حقه الرمز لصحته. قلت: بل حقك أن تسكت لأنك جاهل بالحديث وعلومه وجهلك هنا من وجوه، أحدها: أنه ليس كل حديث رجاله ثقات صحيحا بل ولا حسنا بل ولا ضعيفا، فقد يكون رجاله رجال الصحيح وهو موضوع باطل كما يعلمه صغار أهل الفن، وأيضًا ليس شرط الصحيح ثقة الرجال فقط، بل لابد مع ذلك من الاتصال والسلامة من الشذوذ والعلة، فمن أدراه أنه غير معلل ولا منقطع مع ثقة الرجال حتى يحكم بصحته؟ ثانيها: لو فرضنا أن كل ما رجاله ثقات فهو صحيح مع أن ذلك من أبطل الباطل، فمن جعل قول الهيثمى مقدما وحجة على قول المصنف؟ ولم كان

قول الغير قضية مسلمة في القضاء على المصنف ولم يكن وقتًا ما كلام المصنف حجة على الغير؟ فالهيثمى إذ قال ذلك كان ناشئا عن نظره واجتهاده في الجرح والتعدل حسبما المنقول عن أهله، والمصنف له أيضًا رأيه واجتهاده في ذلك، بل هو أعلى نظرا وأصوب رأيا من الحافظ الهيثمى كما ستراه. ثالثها: الحديث من رواية عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد أبي يحيى عن على، وعمران بن ظبيان قال البخارى [3/ 2/ 424]: فيه نظر، وهذه من أسوأ عبارات الجرح في اصطلاحه، وذكره ابن حبان في الضعفاء وقال [2/ 123]: فحش خطؤه حتى بطل الاحتجاج به، وذكره العقيلى [3/ 298] وابن عدى في الضعفاء، لكنه مع ذلك روى عنه الكبار مثل السفيانين وشريك، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وذكره ابن حبان في الثقات أيضًا [7/ 239]، فالهيثمى إذ أطلق القول بأن رجاله ثقات كان متساهلا في ذلك مخالفا لقاعدته في مثل هذا، وهو أن يقول: رجاله موثقون لأنه غلب جانب من وثق على جانب من ضعف، والمصنف راعى القولين فحكم بحسنه، لأن الرجل ليس بثقة على الإطلاق فيكون حديثه صحيحا ولا يضعف كذلك فيكون خبره ضعيفا، بل هو في الواقع صدوق يهم مع اتهامه بالتشيع الذي أوجب كلامهم فيه، وهذا هو شرط الحسن عند أهل الحديث، فلو كان الشارح منهم لاعترف للمؤلف بالفضل وأنصف ولكنه جاهل بصناعة الحديث. 2629/ 6565 - "كانَ إذَا استسْقَى قالَ: اللَّهُمَّ اسقِ عبادَك، وبهائمَكَ وانشر رحمتكَ، وأحى بلَدك الميِّت". (د) عن ابن عمر. قال الشارح: وإسناده صحيح.

وقال في الكبير: قال النووى في الأذكار: إسناده صحيح، وقال ابن القطان: فيه على بن قادم وهو كان كان صدوقا فإنه مستضعفا ضعفه يحيى، وقال ابن عدى: نقمت عليه أحاديث رواها عن الثورى وهذا منها، وأورده في الميزان في ترجمة عبد الرحمن بن محمد الحارثى وقال: حدث بأشياء لم يتابع عليها اهـ. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه وتصحيح النووى له. قلت: وإذا كان الحال كذلك فلم قلت في الصغير بعد هذا: إسناده صحيح، فهو أدل دليل على أنك تقول هنا خلاف ما تعتقد أنه الحق. وبعد فالحديث قال فيه أبو داود [رقم 1176]: حدثنا عبد اللَّه بن مسلمة عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (ح). وحدثنا سهل بن صالح ثنا على بن قادم ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا استسقى" الحديث. فالسند الأول على شرط الصحيح إلا أنه مرسل، والثانى مثله وهو موصول، إلا أن على بن قادم تكلم فيه بعضهم لتشيعه، وقال ابن عدى: نقموا عليه أحاديث رواها عن الثورى غير محفوظة اهـ. وهذا قد رواه غيره، رواه مالك عن يحيى بن سعيد فهو إذا محفوظ، وقال أبو حاتم في على بن قادم: محله الصدق، وقال الساجى: صدوق وفيه ضعف، وقال ابن خلفون في الثقات: هو ثقة، وكذلك قال العجلى وذكره ابن حبان في الثقات [8/ 459]، وهذا فوق شرط الحسن الذي حكم به المصنف لهذا الحديث لو انفرد به على بن قادم، فكيف وقد رواه مالك عن يحيى بن سعيد؟!.

وأما عبد الرحمن بن محمد الحارثى فلا وجود له في سند الحديث كما رأيت، وبه تعلم هذيان الشارح. 2630/ 6568 - "كانَ إذَا استلَمَ الركن قبَّلَه وَوَضَعَ خدَّه الأيمن عليه". (هق) عن ابن عباس. قلت: خرج البيهقى حديث عمر بن قيس المكى عن عطاء عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في تقبيل الركن اليمانى، ثم قال [5/ 76]: عمر بن قيس المكى ضعيف وقد روى في تقبيله خبرا لا يثبت مثله، ثم أخرج هذا الحديث من رواية أبي إسماعيل المؤدب عن عبد اللَّه بن مسلم بن هرمز عن مجاهد عن ابن عباس، ثم قال: تفرد به عبد اللَّه بن مسلم بن هرمز وهو ضعيف. قلت: ومع ضعفه فقد اضطرب فيه فرواه أبو اسماعيل المؤدب وإسرائيل وعبد الرحيم الرازى عنه عن مجاهد عن ابن عباس كما سبق. ورواه يحيى بن أبي الحجاج عنه عن مجاهد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلا، وكذلك قال أبو عاصم عنه مرة، وقال مرة أخرى: عنه عن سعيد بن جبير عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلا. ورواه على بن أبي هاشم عن أبي إسماعيل المؤدب أيضًا عنه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موصولا، ذكر هذه الطرق كلها البخارى في "التاريخ الكبير" [1/ 1/ 290] في ترجمة أبي إسماعيل المؤدب. قال البيهقى: والأخبار عن ابن عباس في تقبيل الحجر الأسود والسجود عليه إلا أن يكون أراد بالركن اليمانى الحجر الأسود، فإنه أيضًا يسمى بذلك فيكون موافقا لغيره.

2631/ 6571 - "كانَ إذَا اشتدَّت الريحُ الشَّمالُ قال: اللهُمَّ إنى أعوذُ بكَ مِنْ شَرِّ ما أرسلْتَ فِيهَا". ابن السنى (طب) عن عثمان بن أبي العاص قال الشارح: وإسناده حسن: وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو غير جيد، فقد قال الهيثمى: فيه عبد الرحمن بن إسحاق وأبو شيبة وكلاهما ضعيف. قلت: فيه أمران، أحدهما: أنه إذا كان حكم المصنف بحسنه غير جيد، فكيف قلدته بعد ذلك فيما هو غير جيد؟!. ثانيهما: أن عبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الواسطى لا غيره، والهيثمى قال: فيه عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة وهو ضعيف، والشارح عطف الكنية على الاسم فجعلهما رجلين وأكد ذلك بقوله: وكلاهما ضعيف، فوهم على الهيثمى وكذب عليه معا. 2632/ 6575 - "كَانَ إذَا اشْتَكَى اقتمَحَ كفا من شُونيزٍ وَشربَ عليهِ ماءً وعسلًا". (خط) عن أنس. قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا باللفظ المزبور الطبرانى في الأوسط قال الهيثمى: وفيه يحيى بن سعيد القطان ضعيف، وقال الحافظ العراقى: فيه الوليد بن شجاع، قال أبو حاتم: لا يحتج به. قلت: فيه أمور، الأول: أنه كتب هذا الحديث في الصغير بلفظ: "اقتمح" بتقديم الميم على الحاء كما هو الصواب، وكتبه في الكبير: "اقتحم" بتقديم الحاء على الميم وهو تحريف.

الثانى: أن يحيى بن سعيد القطان إمام متفق على ثقته وجلالته غير مختلف فيه أصلا، والهيثمى إنما قال [3/ 87]: يحيى بن سعيد العطار بالعين المهملة آخره راء لا بالقاف وآخره نون، ولكن الشارح لا يفرق بين الضب والنون. الثالث: يتعجب من الحافظ الهيثمى في تعليله الحديث بيحيى العطار، وكذا من الحافظ العراقى في تعليله إياه بالوليد بن شجاع إن صح ذلك عن العراقى لم يكن وهما من الشارح عليه، وذلك من وجوه، أحدها: أن كلا من يحيى العطار والوليد بن شجاع قد وثق، بل الثانى روى له مسلم. ثانيهما: أنهما توبعا عليه وورد الحديث من غير طريقهما، فالخطيب رواه من طريق الوليد بن شجاع عن يحيى بن سعيد العطار عن أبي عمران سعيد بن ميسرة عن أنس به. وورد من وجه آخر عن سعيد بن ميسرة، قال أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد الرازى المعروف بابن الصيرفى في السداسيات له: أخبرنا على بن محمد بن على الفارسى بمصر أنا أبو أحمد عبد اللَّه بن محمد ابن الناصح الدمشقى المعروف بابن المفسر أخبرنا أبو بكر أحمد بن على بن سعيد القاضى المروزى ثنا الهيثم بن خارجة ثنا سعيد بن ميسرة البكرى عن أنس ابن مالك قال: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا اشتكى بطنه أخذ شونيزا فاستفه وشرب عليه عسلا بماء". ثالثها: وهو أعجبها، أن الحديث تفرد به سعيد بن ميسرة وهو متفق على ضعفه، قال البخارى [2/ 1/ 516]: منكر الحديث، وقال ابن حبان: يروى الموضوعات، وقال الحاكم: روى عن أنس موضوعات وكذبه يحيى القطان، وضعفه أيضًا ابن عدى وأبو حاتم وأبو أحمد الحاكم وابن الجارود

والساجى، فكيف يعرضان عن تعليل الحديث به، ويعللانه بمن هما بريئان منه مع الاختلاف فيهما؟. 2633/ 6577 - "كانَ إذَا أشفقَ من الحاجَةِ أن ينسَاها ربطَ فِي خِنصَرِه أوْ فِي خاتمهِ الخيطَ". ابن سعد زاد الشارح: في تاريخه، والحكيم عن ابن عمر. ذكر في الكبير: أنقالا مكررة وجملا متداخلة ثم قال: وأورده ابن الجوزى في الموضوعات من ثلاثة طرق: الأولى: للدارقطنى عن ابن عمر، والثانية: له ولابن عدى معا، والثالثة: للدارقطنى والبغوى. . . إلخ. قلت: في هذا خطآن، أحدهما: قوله: ابن سعد في تاريخه، فإن ابن سعد له الطبقات لا التاريخ. ثانيهما: حديث رافع بن خديج لم يخرجه البغوى، ولا ذكره ابن الجوزى من طريقه، وإنما قال الدارقطنى: حدثنا أحمد بن العباس البغوى. . . إلخ السند. ومن عادة الشارح أن كل نسبة توافق نسبة أحد الحفاظ المصنفين فصاحبها هو ذلك الحافظ المصنف المشهور، وإن اختلف الاسم والكنية واللقب كما وقع له ذلك مرارا في البزار وأبي يعلى والشيرازى وغيرهم، فالبغوى المصنف ثلاثة: أقدمهم على بن عبد العزيز، ثم عبد اللَّه بن محمد، ثم الحسين بن مسعود صاحب التفسير وشرح السنة والمصابيح، والشارح جعل أحمد بن العباس أيضًا هو أحدهم، وهو إنما يقصد عبد اللَّه بن محمد صاحب المعجم في الصحابة.

2634/ 6579 - "كانَ إذَا أصابَهُ رمدٌ أو أحدًا من أصحابِه دعَا بهؤلاءِ الكلمات: اللهُمّ مَتِّعْنِى ببصرى، وأجعلْهُ الوارثَ منِّى، وأرِنِى في العدوِّ ثأرِى، وانصرنى على منْ ظلَمَنى". ابن السنى زاد الشارح في الكبير: في الطب النبوى (ك) عن أنس. قلت: أخطأ الشارح في قوله: أن ابن السنى رواه في الطب النبوى، فإنه لو كان كذلك لنص عليه المؤلف، ولأن الحديث ليس من موضوع كتاب الطب، وإنما هو من موضوع كتاب الأذكار، وهو عمل اليوم والليلة، ففيه أخرجه، فقال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد بن مسلم المقدسى ثنا محمد بن يحيى بن فياض ثنا يوسف بن عطية ثنا يزيد الرقاشى عن أنس به. 2635/ 6581 - "كانَ إذَا أصْبَحَ وإذَا أمسَى يدعُو بهذه الدعواتِ: اللَّهُمَّ إنِّى أسألُك من فجأةِ الخيرِ وأعوذُ بكَ من فجأةِ الشرِّ؛ فإنَّ العبدَ لا يدرِى ما يَفْجَؤُهُ إذا أصبحَ وإذَا أمْسَى". (ع) وابن السنى زاد في الكبير: في الطب عن أنس. قلت: أخطأ الشارح خطأ فاحشا كالذى قبله، فالحديث من موضوع عمل اليوم والليلة وفيه أخرجه ابن السنى، فقال [37]: أخبرنا أبو يعلى ثنا أبو الربيع ثنا يوسف بن عطية عن ثابت عن أنس به.

2636/ 6582 - "كانَ إذَا أصْبَحَ وإذَا أمسَى قالَ: أصبَحْنَا علَى فِطرةِ الإسلام، وكلمة الإخلاصِ، ودينِ نبيِّنا محمدٍ، وملَّةِ أبِينَا إبراهيمَ حنيفًا مسلمًا ومَا كان من المشرِكِينَ". (حم. طب) عن عبد الرحمن بن أبزى قال في الكبير: وكذا النسائى في اليوم والليلة وإغفاله غير جيد. قلت: كذبت واللَّه. 2637/ 6592 - "كانَ إذَا أفطرَ عندَ قوم قالَ: أفطرَ عندَكُم الصَّائِمون وأكلَ طعامَكُمُ الأبرارُ، وتنزَّلَتْ عليكُمُ الملائكةُ". (حم. هق) عن أنس. قال الشارح: بإسناد حسن بل صحيح. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه ورواه عنه أيضًا أبو داود، وقال الحافظ العراقى: بإسناد صحيح، قال تلميذه ابن حجر: وفيه نظر فإن فيه معمرا وهو وإن احتج به الشيخان فإن روايته عن ثابت بخصوصه مقدوح فيها. قلت: فيه أمور، أحدها: أنه بين في الكبير علة الحديث، ثم رجع فجزم في الصغير بأنه صحيح معرضا عما ذكره من الحجة والدليل. ثانيها: أن رواية معمر عن ثابت عن أنس التي خرجها أبو داود وتكلم عليها الحافظ ليست هي المذكورة في المتن ولا عناها المصنف في عزوه لأن لفظها لا يدخل في كتابه على شرطه وترتيبه، وإنما عنى رواية هشام الدستوائى عن يحيى بن أبي كثير عن أنس، فإنها هي المروية بلفظ الكتاب وهى رواية مقطعة لأن يحيى لم يسمع هذا الحديث من أنس كما قال الحاكم في علوم الحديث، فإنه أخرجه من رواية روح بن عبادة عن هشام بسنده، ثم قال: قد ثبت عندنا من غير وجه رواية يحيى بن أبي كثير عن أنس بن مالك إلا أنه لم يسمع منه

هذا الحديث وله علة، ثم أسنده من طريق ابن المبارك: أخبرنا هشام عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثت عن أنس به، وبين البيهقى المبهم الذي حدثه، فقال عقب الحديث [4/ 239، 240]: هذا مرسل لم يسمعه يحيى من أنس، إنما سمعه من رجل من أهل البصرة، يقال له: عمرو ابن زُنيب، ويقال: ابن زُبيب عن أنس اهـ. ثالثها: أن المصنف رمز للحديث بأنه حسن، والشارح قال: إسناده حسن بل صحيح، فهو دائمًا لا يفرق بين الحكم للإسناد والحكم للمتن كما قدمناه مرارا، والواقع في هذا الحديث أنه صحيح المتن لا الإسناد، لأن السند الذي عناه المصنف من رواية يحيى عن أنس معلول بالانقطاع وبروايته عن رجل غير معروف وله طريق آخر من رواية ثابت عن أنس، وهو معلول بما نقله الشارح عن الحافظ، وله طريق ثالث من رواية قتادة عن أنس، ورابع من رواية ثابت عن عبد اللَّه ابن الزبير، فيكون المتن صحيحا باعتبار مجموع الطرق أما السند فلا. رابعها: قوله: قال العراقى: بإسناد صحيح، قال تلميذه ابن حجر: فيه نظر. . . إلخ لا ينفك عن الوهم والإيهام، فإما أن يكون الشارح واهما في قوله: قال العراقى أو كاذبا في ذلك ولا كرامة، فإن قائل ذلك هو النووى في الأذكار وحينئذ يكون قوله: قال ابن حجر: فيه نظر لا إيهام فيه، وإما أن يكون صادقا مصيبا في قوله: قال العراقى، ويكون موهما في قوله: قال ابن حجر: فيه نظر لأنه إنما قال في أمالى الأذكار تعقبا على قول النووى -رحمه اللَّه-: روينا في سنن أبي داود [رقم 3854] وغيره بالإسناد الصحيح عن أنس. . . إلخ، فقال الحافظ في أماليه في المجلس الحادى والتسعين بعد الأربعمائة بعد إسناد الحديث من طريق أحمد [3/ 118] والطبرانى (¬1) في الدعاء ¬

_ (¬1) رواه الطبرانى في الصغير (2/ 52).

وغيرهما ما نصه: وفي وصف الشيخ هذا الإسناد بالصحة نظر لأن معمرا وإن احتج به الشيخان فروايته عن ثابت بخصوصه مقدوح فيها، قال على بن المدينى: في رواية معمر عن ثابت غرائب منكرة، وقال يحيى بن معين: أحاديث معمر عن ثابت لا تساوى شيئًا، وساق العقيلى في الضعفاء عدة أحاديث من رواية معمر عن ثابت هذا منها، وقال: كل هذه الأحاديث لا يتابع عليها، وليست بمحفوظة وكلها مقلوبة اهـ. وليس عند البخارى من رواية معمر عن ثابت سوى موضع واحد متابعة وأورده مع ذلك معلقا، وله عند مسلم حديثان أو ثلاثة كلها متابعة، وفي هذا السند مع ذلك علة أخرى، وهى التردد بين أنس وغيره عند الإمام أحمد لاحتمال أن يكون الغير غير صحابى، ولو وصف الشيخ المتن بالصحة لكان أولى لأن له طرقا يقوى بعضها ببعض اهـ. فلو نقل الشارح كلام الحافظ بتمامه لأتى بالفائدة ولكنه محروم من التوفيق، فهو يطيل ويكرر في غير فائدة، ويعرض عن الفائدة اللازمة. 2638/ 6596 - "كَانَ إذَا أكلَ لم تَعْدُ أصابعُهُ ما بينَ يديْهِ". (تخ) عن جعفر بن أبي الحكم مرسلا أبو نعيم في المعرفة عنه عن الحكم بن رافع بن سيار (طب) عن الحكم بن عمرو الغفارى. قال في الكبير عند اسم سيار: كذا هو بخط المصنف والظاهر أنه سبق قلم فإن الذي وقفت عليه بخط الحافظ ابن حجر في مواضع "سنان" بنونين وهو الأنصارى الأوسى له ولأبيه صحبة، وفي التقريب صحابى له حديث مختلف في إسناده. قلت: سنان هو بنونين بلا خلف، وما أظنه في خط المصنف سيار، وإنما

هو تحريف منه أو من الناسخ، وذكر خط المصنف من زياداته وتدليساته على أنه لا مانع من أن يكون ذلك سبق قلم من المصنف أو خطأ منه، أما ما نقله عن التقريب فتخليط لا وجه له فإن الحكم بن رافع لا ذكر له في التقريب أصلا ولا في أصله التهذيب، وإنما فيهما ذكر لأبيه رافع بن سنان، وفيه قال الحافظ ما نقله عنه الشارح، وجعله في ابنه الحكم الذي هو راوى الحديث، وقد ذكره الحافظ في الإصابة، وقال: روى أبو نعيم في المعرفة من طريق عبد الحكيم بن صهيب عن جعفر بن عبد اللَّه بن الحكم، قال: "رآنى الحكم وأنا غلام آكل من هنا ومن هنا، فقال: يا غلام، هكذا يأكل الشيطان إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا أكل لم تعد أصابعه ما بين يديه"، سنده ضعيف اهـ. وبه يعلم أن قوله في الأصل: جعفر بن أبي الحكم تحريف أيضًا. 2639/ 6606 - "كانَ إذَا اهتَمَّ أكثرَ مِنْ مَسِّ لِحيتِه". ابن السنى وأبو نعيم في الطب عن عائشة، أبو نعيم عن أبي هريرة. قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: قال الزين العراقى: سنده حسن اهـ. لكن أورده في الميزان ولسانه في ترجمة سهل مولى المغيرة من حديث أبي هريرة وقال: قال ابن حبان: لا يحتج به يروى عن الزهرى العجائب، ورواه البزار عن أبي هريرة، قال الهيثمى: وفيه رشدين ضعفه الجمهور. قلت: فيه أمور، الأول: أن المصنف رمز للحديث بعلامة الضعيف، والشارح قال في الصغير: إن سنده حسن بدون حجة ولا دليل. الثانى: أنه نقل عن العراقى أنه حسنه، والعراقى إنما حسن حديث عائشة بعد أن عزاه لأبي الشيخ في أخلاق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد يكون عنده من سند غير سند

ابن السنى وأبي نعيم أيضًا، فكان حقه أن يذكره عقب حديث عائشة لا عقب حديث أبي هريرة. الثالث: أنه تعقب في الكبير حكم العراقى بحسنه مع تخليط حديث عائشة بحديث أبي هريرة، ثم رجع في الصغير فجزم بحسنه. وبعد فحديث عائشة قد يكون سنده حسنا كما قال العراقى فإنى لم أقف عليه. أما حديث أبي هريرة فقد خرجه ابن حبان في الضعفاء [1/ 348] في ترجمة سهل مولى المغيرة من روايته عن الزهرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ: "كان إذا اهتم أخذ لحيته فنظر فيها"، وقال في سهل المذكور: إنه يروى عن الزهرى العجائب، وعن غيره من الثقات ما لا أصل له من حديث الإثبات، لا يجوز الاحتجاج به بحال، ثم روى هذا الحديث عن ابن قتيبة قال: حدثنا العباس بن إسماعيل مولى بنى هاشم ثنا العباس بن طالب ثنا أبو جريز سهل مولى المغيرة عن الزهرى به. فإن كان البزار رواه من غير طريقه فروايته متابعة لهذا فيتقوى الحديث وإلا فهو كما ترى. 2640/ 6613 - "كَانَ إذا بعثَ أميرًا قالَ: أقْصِرِ الخُطبَة، وأقِل الكلامَ، فإنَّ منَ الكلامِ سحْرًا". (طب) عن أبي أمامة. قال في الكبير: وكذا الخطيب عن أبي أمامة، ثم قال: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد أعله الحافظ الهيثمى بأنه من رواية جميع بن ثوب وهو متروك. قلت: الرمز لحسنه تحريف من النساخ ففي النسخة المطبوعة الرمز له بعلامة الصحيح وذلك أدل دليل على أنه تحريف لا من المؤلف.

والحديث رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان في ترجمة الهيثم بن خالد من روايته عن يحيى بن صالح الوحاظى: ثنا جميع بن ثوب عن يزيد بن خمير عن أبي أمامة به بلفظ: "أقصر الصلاة" بدل "الخطبة"، وعن أبي نعيم رواه الخطيب في التاريخ [14/ 60]. 2641/ 6616 - "كانَ إذَا تعارَّ من اللَّيْلِ قالَ: ربِّ اغفر وارحَمْ واهدِ للسبيلِ الأقَوم". محمد بن نصر في الصلاة زاد الشارح في الكبير: في كتاب فضل الصلاة عن أم سلمة. قلت: زيادة ذكر "فضل" غلط من الشارح وفضول في الشرح؛ إذ كتاب الصلاة للمروزى ليس هو في فضلها ولكنه في أحكامها جملة وتفصيلا وهو في مجلد، ثم إن الحديث خرجه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل فقال: حدثنا سعيد بن مسعود ثنا إسحاق بن منصور ثنا هريم بن سفيان عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي كثير مولى أم سلمة عن أم سلمة به. فلا أدرى هل المصنف واهم في قوله في الصلاة أو خرجه محمد بن نصر في الكتابين؟ وإن كان هو من موضوع كتاب القيام لا كتاب الصلاة واللَّه أعلم. وعبد الرحمن بن إسحاق المذكور في السند ضعيف. 2642/ 6617 - "كانَ إذَا تغدَّى لَمْ يتعشَّ، وإذَا تعشَّى لم يتغدَّ". (حل) عن أبي سعيد. قال الشارح: بإسناد ضعيف بل أنكره العراقى. وقال في الكبير: غفل عنه الحافظ العراقى فقال: لم أجد له أصلا وإنما رواه

البيهقى في الشعب من فعل أبي جحيفة. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: في الصغير بإسناد ضعيف بل أنكره العراقى، هذا التعبير غريب جدا وعجيب للغاية كان إنكار العراقى للحديث نوع من أنواع الجرح والتعديل أشد من التضعيف كقولهم: حديث ضعيف، بل قال فلان: إنه موضوع، وعلى هذا قاس الشارح قوله وهو قياس حمارى، فالعراقى أنكره لا لكونه باطلا بل قال: إنه لم يقف عليه ولم يره مخرجًا، وإذا كان كذلك فقد يكون أصح الصحيح بل قد يكون في الصحيح وهو لم يستحضره كما قد يقع لغيره. الثانى: أن المصنف رمز للحديث بعلامة الصحيح والشارح قال: بإسناد ضعيف، وكأنه لما رأى العراقى أنكره والمصنف صححه صالح بينهما ورجح جانب العراقى فحكم بضعفه غير ناظر في الإسناد الذي منه يعرف الصحيح والضعيف وهو حكلم غريب عجيب أيضًا ما رأيناه يصدر إلا من ذلك الأحمق العامرى شارح الشهاب، فالحديث رجاله ثقات وفي بعضهم -وهو الوضين بن عطاء- كلام لا يضر. وهو عند أبي نعيم في الحلية [3/ 323] في ترجمة عطاء بن أبي رباح. الثالث: ليس في نسختنا من المغنى قول العراقى وإنما رواه البيهقى في الشعب من فعل أبي جحيفة فلعله سقط من النسخة المطبوعة. 2643/ 6621 - "كَانَ إذَا توضَّأ فَضَّلَ ماءً حتى يسيلَه علَى موضعِ سُجودِهِ". (طب) عن الحسن، (ع) عن الحسين. قال الشارح في معنى الحديث: حتى يسيله على موضع سجوده أى من الأرض ويحتمل على بعد أن المراد جبهته.

قلت: هذا عجيب في قلب الحقائق واستبعاد الصواب وفهم ركيك لا يفهمه ذو عقل سليم بل لا يفهمه عاقل أصلا، وأى معنى لصب الماء على موضع السجود من الأرض؟ هل لأنها أيضًا عليها طهارة أو لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يحب أن يسجد دائمًا في الطين والوحل ويدنس جبهته الشريفة وعمامته بالطن؟ وهل كان -صلى اللَّه عليه وسلم- يتوضأ دائمًا في المسجد في صدره الذي هو موضع صلاته حتى يصب الماء على موضع سجوده؟ أم كان يتوضأ في منزله ثم يأخذ ما فضل من ماء الوضوء ويدخل به المسجد ويقصد صدره ثم يصب ذلك الماء فيه كما يسقى الرجل غرسا غرصه أم ماذا؟! إن هذا لمنتهى العجب في الفهم السخيف الركيك. وقد روى هذا الحديث الدينورى في المجالسة عن الحسن عليه السلام ولفظه: "إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا توضأ فضل موضع سجوده بماء حتى يسيله على موضع السجود". قال الدينورى: حدثنا عبد اللَّه بن دازيل ثنا عبد اللَّه بن محمد بن سالم المفلوج ثنا حسين بن زيد بن على بن حسين بن على عن الحسن بن زيد عن أبيه عن الحسن بن على عليه السلام به. فمعنى الحديث أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا توضا يغسل سائر أعضاء الوضوء بالماء ويفضل جبهته الشريفة فيأخذ كفا من ماء فيصبه عليها كما هو ظاهر من الحديث. 2644/ 6625 - "كانَ إذَا توضأ أخذَ كفًا من ماءٍ فأدخَلُه تحتَ حنكِهِ فخلَلَ بهِ لحيَته وقالَ: هكَذَا أمرنِى ربِّى". (د. ك) عن أنس قال في الكبير: قال الكمال بن الهمام: طرق هذا الحديث متكثرة عن أكثر من

عشرة من الصحابة لو كان كل منهم ضعيفا ثبت حجية المجموع فكيف وبعضها لا ينزل عن الحسن؟ فوجب اعتبارها إلا أن البخارى يقول: لم يثبت منها المواظبة، بل مجرد الفعل إلا في شذوذ من الطرق فكن مستحبا لا سنة؛ لكن ما في هذا الحديث من قوله: "بهذا أمرنى ربى" لم يثبت ضعفه وهو مغن عن نقل صريح المواظبة، لأن أمره تعالى حامل عليها فيترجح القول بسنيته اهـ. ثم قال بعد العزو: قال في المنار: فيه الوليد بن ذروان مجهول لا يعرف بغير هذا الحديث، لكن له سند حسن رواه به محمد بن يحيى الذهلى في العلل اهـ. قال في الإلمام: ودعواه جهالة الوليد على طريقته من طلب التعديل من رواية جماعة عن الراوى وقد روى عن الوليد هذا جماعة من أهل العلم. قلت: فيه أمور، الأول: نقله كلام ابن الهمام عقب الحديث يفيد أنه بخصوص هذا اللفظ ورد من أكثر من عشرة طرق وليس كذلك، بل ابن الهمام أورد عدة أحاديث في تخليل اللحية مختلفة الألفاظ، ثم قال: فهذه طرق متكثرة عن أكثر من عشرة. . . إلخ والشارح نقل عنه أنه قال: طرق هذا الحديث. . . إلخ، فكان فيه إبهام قبيح وتقويل لابن الهمام ما لم يقل. الثانى: أن ابن الهمام قال: إلا أنا أبا حنيفة -رحمه اللَّه- قال: لم يثبت منها المواظبة. . . إلخ، والشارح نقل عنه أنه قال: إلا أن البخارى. . . إلخ، فلا أدرى ما وجه إبدال أبي حنيفة بالبخارى؟ وهل ذلك حصل منه غلطا أو عن قصد وتعمد؟ الثالث: قوله: قال في المنار: فيه الوليد بن ذروان، هكذا كتبه بالذال المعجمة، وهو زروان بالزاى، ويقال: بتقديم الواو على الراء كما في التقريب [1/ 332].

الرابع: قوله: قال في الإلمام: ودعواه جهالة الوليد يفيد أن ابن دقيق العيد تعقب بذلك صاحب المنار، ولا أدرى من هو؟ والواقع أنه تعقب ابن القطان الفاسى صاحب الوهم والإيهام ويخالج سرى أن الشارح يقصده بالمنار وهما منه وظنا أنه مسمى بالمنار، فإنه دائمًا ينقل عن المنار ولا يسمى صاحبه، ولا نعلم كتابا في الحديث وأحكامه مسمى بهذا الاسم، فاللَّه أعلم أى كتاب هو. الخامس: أنه نقل ذلك عن الإلمام وهو غلط منه لأنه لم ير الكتاب نفسه، وإنما رأى النقل عنه، والواقع أن ابن دقيق العيد قال ذلك في الإمام شرح الإلمام وكلاهما له. السادس: أن الوليد بن زروان إنما هو في سنن أبي داود [1/ 36، رقم 145] وأما الحاكم فرواه من غير طريقه [1/ 149]، والمصنف عزاه لأبى داود والحاكم معا، فكان يجب الكلام على سند الرجلين لا سند أبي داود وحده. السابع: أن السند الذي نقله عن صاحب المنار أنه حسن وهو عند محمد بن يحيى الذهلى في العلل غلط من وجهين: أحدهما: أنه لم يخرجه في العلل، بل في الزهريات كما نقله الحافظ وغيره. ثانيهما: أنه معلول كما بينه الحافظ في التلخيص الحبير، فارجع إليه [رقم 86]. 2645/ 6629 - "كانَ إذَا توضَّأ مسحَ وجهَهُ بطرفِ ثوبِهِ". (ت) عن معاذ. قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه سكت عليه والأمر بخلافه، بل قال: حديث غريب وإسناده ضعيف. . . إلخ. قلت: كذب الشارح على ظاهر صنيع الصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف.

2646/ 6630 - "كانَ إذَا تلَا: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قال: آمينَ حتَّى يُسْمِعَ من يليه من الصَّفِّ الأوَّل". (د) عن أبي هريرة. قال في الكبير: أشار المصنف لحسنه وليس كما ادعى فقد رده عبد الحق وغيره بإن فيه بشر بن رافع الحارثى ضعيف، وقال ابن القطان: وبشر يرويه عن أبي عبد اللَّه ابن عم أبي هريرة وهو لا يعرف حاله، والحديث لا يصح من أجله اهـ. قلت: الحديث حسن كما قال المصنف أو صحيح كما قال غيره، وبيان ذلك من وجوه، الأول: أن بشر بن رافع كان ضعفوه فقد وثقه يحيى بن معين في رواية الدورى، وقال مرة أخرى: ليس به بأس، وقال ابن عدى: هو مقارب الحديث لا بأس بأخباره، ولم أجد له حديثا منكرا اهـ. وأبو عبد اللَّه ابن عم أبي هريرة روى عنه بشر بن رافع المذكور وأبو الزبير المكى فهو معروف العين، وذكره ابن حبان في الثقات [5/ 578]. الثانى: وعلى فرض ضعف الإسناد فالمصنف عرف من حاله أنه يحكم للمتن لا للإسناد بخلاف غيره من أهل الحديث، ومعلوم أنه لا تلازم بين المتن والإسناد، فقد يكون الأول ضعيفا والثانى صحيحا أو حسنا، وقد يكون بالعكس كهذا لأنه ورد من طرق أخرى عن أبي هريرة. فأخرجه الدارقطنى والحاكم [1/ 223] والبيهقى من رواية الزبيدى عن الزهرى عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة، قال [2/ 58]: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا فرغ من أم القرآن رفع صوته، فقال: آمين". قال الدارقطنى: هذا إسناد حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبى.

ورواه الدارقطنى من وجه آخر عن الزهرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة، إلا أنه من رواية بكر السقا عن الزهرى وهو ضعيف فالعمدة على ما قبله بل هو وحديث الباب شاهدان له أيضًا. وأخرجه النسائى [2/ 144] من وجه آخر من رواية نعيم المجمر عن أبي هريرة أيضًا، وفي الصحيحين وغيرهما من أوجه عنه مرفوعًا: "إذا أمن الإمام فأمنوا" الحديث، وقد كان إمامهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يعرف المأمومين تأمين إمامهم إلا إذا رفع صوته فأسمعهم التأمين. الثالث: أنه له مع ذلك شواهد من حديث جماعة من الصحابة منهم وائل بن حجر، وحديثه صحيح صححه الدارقطنى وجماعة من المتقدمين والمتأخرين منهم الحافظ، وخطأ ابن القطان في تعليله إياه بحجر بن عنبس، وزعم أنه لا يعرف، فرده بأنه ثقة معروف وثقه يحيى بن معين وغيره، بل قيل: له صحبة، فهل يشك مع هذا أن الحديث صحيح فضلا عن كونه حسنا، ولكن لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف. فائدة: روى ابن ماجه [رقم 852] حديث الباب من الطريق التي رواها منه أبو داود [رقم 936]، وزاد في أوله عن أبي هريرة قال: "ترك الناس التأمين، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قال: آمين فيرتج بها المسجد"، وهذا يدل على ضعف مذهب مالك في عدم جهر الإمام والمأمومين بالتأمين، وفي ضعف استدلاله بعمل أهل المدينة وتقديمه إياه على الحديث الصحيح، لأن بنى أمية تركوا سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وغيروا فيها وبدلوا كما أنذر به -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكما ورد عن عدة من الصحابة منهم أبو هريرة في مسائل متعددة منها هذه.

2647/ 6631 - "كانَ إذَا جاءَ الشِّتاءُ دخلَ البيتَ ليلَة الجُمعةِ، وإذَا جاءَ الصيفُ خرجَ ليلةَ الجمعة، وإذَا لبسَ ثوبًا جديدًا حَمِدَ اللَّه تعالَى وصلَّى ركعتيْن وكسَا الخلقَ". (خط) وابن عساكر عن ابن عباس قال في الكبير: وهو من رواية الربيع حاجب المنصور عن المنصور عن أبيه عن جده، وبه عرف حال السند. قلت: ما عرف منه شيء أصلا، إنما هو مجرد ذكر لبعض السند لا لجميعه، فمن أين عرف حاله؟، فقد قال الخطيب [8/ 414]: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد اللَّه بن محمد الحنائى ثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر بن شاذان البزاز حدثنا محمد بن الحسن بن سهل ثنا عبد اللَّه بن عامر التميمى ثنا الربيع الحاجب به، وعبد اللَّه بن عامر ضعيف. 2648/ 6634 - "كانَ إذَا جاءَهُ أمرٌ يُسَرُّ بِهِ خَرَّ ساجِدًا شكرًا للَّهِ". (د. هـ. ك) عن أبي بكرة. قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا هذين والأمر بخلافه، فقد أخرجه الترمذى آخر الجهاد وقال: حسن غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه. قلت: هذا باطل من وجهين، أحدهما: أن الترمذى خرج الحديث بلفظ لا يدخل في الكتاب، ولا هو من شرطه، ولفظه عن أبي بكرة: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أتاه أمر فس به فخر ساجدا" فهذا لفظ يخبر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل ذلك مرة وما هو من شرط الكتاب إنما شرطه ما كان مصدرا بـ "كان". وثانيهما: الترمذى لم يخرجه آخر الجهاد ولا في كتاب الجهاد، بل خرجه في

وسط كتاب السير [4/ 120 رقم 1578] قبل أبواب فضائل الجهاد التي هي قبل كتاب الجهاد. 2649/ 6637 - "كانَ إذَا جَلَسَ احتَبى بيدْيَه". (د. هق) عن أبي سعيد. قال في الكبير: لفظ رواية أبي داود: "كان إذا جلس في المسجد"، ولفظ البيهقى "في مجلس"، وإغفال المصنف لفظه مع ثبوته في الحديث المروى بعينه غير مرضى. قلت: بل الكذب غير مرضى، فلفظة "في المسجد" غير موجودة عند أبي داود في جميع رواياته، بل الموجود فيه ما نقله المصنف، وإنما أخرجه كذلك الترمذى في الشمائل وفيها رآه الشارح كما زاد هو عزوه إليها، فجزم أنه كذلك في سنن أبي داود، وجعل تهوره وظنه محققا، فكان كاذبا على أبي داود متعديا على المؤلف، أما كونه رمز لحسنه فذلك باطل وتحريف من النساخ. 2650/ 6638 - "كانَ إذَا جلسَ يتحدَّثُ يكثرُ أنْ يرفعَ طرفَهُ إِلى السَّمَاءِ". (د) عن عبد اللَّه بن سلام قال في الكبير: رمز لحسنه وفي طريقه محمد بن إسحاق. قلت: وحديثه حسن باتفاق، وإنما ضعف في بعض أحاديث، بل أكثر الحفاظ ومنهم مسلم يصححون أحاديثه، وهو الواقع فالرجل إمام حافظ جليل، وإنما تكلم فيه بعض معاصريه لكونه قهرهم بحفظه. والحديث خرجه أيضًا الباغندى في مسند عمر بن عبد العزيز وأبو نعيم في الحلية [5/ 361] في ترجمة ابنه عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز.

2651/ 6651 - "كانَ إذَا خرجَ من بيتِهِ قَالَ: بسمِ اللَّهِ، التُّكلَان علَى اللَّهِ، لا حولَ ولا قوةَ إلَّا باللَّهِ". (هـ. ك) وابن السنى عن أبي هريرة. قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس الأمر كما قال؛ فقد قال الحافظ العراقى فيه ضعف. قلت: الحديث صحيح كما قال في المصنف، فإن عبد اللَّه بن حسين راويه عن سهيل بن أبي صالح عن أبي هريرة، وإن ضعفه أبو زرعة والبخارى، فقد قال ابن حبان: يقبل من حديثه ما وافق الثقات، وهذا الحديث قد وافقه عليه الثقات ورواه بمعناه من حديث أم سلمة كما هو مذكور في المتن بعده، ولذلك صححه الحاكم [1/ 519] على شرط مسلم، وأقره الذهبى. والحديث خرجه أيضًا البخارى في الأدب المفرد [رقم 1197]. 2652/ 6656 - "كانَ إذَا خطَبَ احْمَرَّتْ عيناهُ، وعلَا صوتُه واشتَدَّ غضبُه، كأنهُ مُنِذرُ جيشٍ، يقولُ: صبَّحَكُم مسَّاكُم". (هـ. حب. ك) عن جابر. قال في الكبير: ظاهره أنه لم يخرجه مسلم وهو إيهام فاحش فقد خرجه مسلم في الجمعة عن جابر بن سمرة. قلت: أخطأ الشارح خطأ فاحشا في قوله عن جابر بن سمرة، وإنما أخرجه من حديث جابر بن عبد اللَّه. أما المصنف فلا شك أنه عزاه لمسلم، وأن رمز الميم ذهب منه الخط النازل فصار كالهاء الذي هو رمز ابن ماجه.

2653/ 6656 - "كَانَ إذَا خطَبَ في الحربِ خطَبَ على قَوْسٍ، وإذَا خطَب في الجمعةِ خطَبَ علَى عصًا". (هـ. ك. هق) عن سعد القرظ قال في الكبير: رواه عنه أيضًا الطبرانى في الصغير، قال الهيثمى وهو ضعيف. قلت: الهيثمى [2/ 187] عزاه للطبرانى في الكبير لا الصغير. 2654/ 6659 - "كَانَ إذا خطَب المرأةَ قالَ: اذكُرُوا لهَا جفنة سعد بنِ عبادةَ". ابن سعد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وعن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلا قال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه، بل بقيته: "تدور معى كما درت"، هكذا هو ثابت عند مخرجه ابن سعد وغيره، ثم قال بعد العزو: وظاهر حال المؤلف أنه لم ير هذا لأشهر من ابن سعد ولا أحق بالعزو منه وهو عجب، فقد خرجه الطبرانى عن سهل ابن سعد قال: "كانت للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في كل ليلة من سعد صحفة، فكان يخطب المرأة يقول: لك كذا وكذا، وجفنة سعد تدور معى كلما درت"، قال الهيثمى: فيه عباس بن سهل بن سعد ضعيف. قلت: فيه أمور الأول: الكذب الصراح على ابن سعد، فإنه لم يروه إلا باللفظ الذي ذكره المصنف، قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر ثنا عبد اللَّه بن جعفر عن ابن أبي عون عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا خطب المرأة قال: اذكروا جفنة سعد بن عبادة".

أخبرنا محمد بن عمر ثنا محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله، فأين الزيادة التي يقول: إنها ثابتة عند ابن سعد؟! وإنما روى تلك الزيادة عن سعيد بن محمد بن أبي زيد، قال: "سألت عمارة بن غزية وعمرو بن يحيى عن جفنة سعد بن عبادة، فقالا: كانت مرة بلحم ومرة بسمن يبعث بها إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كما دار دارت معه الجفنة"، فهذا حديث آخر فيه الزيادة المذكورة بلفظ آخر ليست من كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كما افتراه الشارح عليه، وعلى ابن سعد. الثانى: أن حديث سهل بن سعد الذي خرجه الطبرانى ليس على شرط المصنف ولا يمكن ذكره في الكتاب. الثالث: ما زعمه من أحقية العزو إلى الطبرانى باطل بل الحال بالعكس، فإن ابن سعد أقدم وكبر من الطبرانى وأسانيده أعلى وانقى من أسانيده، وطبقاته لا تقل شهرة بين أهل الفن عن معاجم الطبرانى، وإنما الشارح يستخرج العيوب من المحامد، والباطل من الحق ويعكس الأمور بجهله. 2655/ 6667 - "كَانَ إذا دخَلَ المَرفقَ لِبسَ حذاءَهُ وغطَّى رأسَهُ". ابن سعد عن حبيب بن صالح مرسلا. قال في الكبير: ظاهر صنيعه أنه لا علة له غير الإرسال والأمر بخلافه، فقد قال الذهبى: فيه أبو بكر بن عبد اللَّه وهو ضعيف، وظاهره أيضًا أنه لم يره مخرجًا لغير ابن سعد ممن هو أشهر وأحق بالعزو إليه وهو عجب عجاب، فقد رواه البيهقى عن حبيب المذكور، ورواه أبو داود موصولًا مسندًا عن عائشة بزيادة ولفظه: "كان إذا دخل الخلاء غطى رأسه، وإذا أتى أهله غطى رأسه"، لكن الظاهر أن المصنف لم يغفل هذا الموصول عن ذهول بل لعلمه أن محمد بن يونس الكديمى متهم بالوضع.

قلت: فيه أمور، الأول: التلبيس والكذب على ظاهر صنيع المصنف في قوله: إنه لا علة له غير الإرسال. . . إلخ، فإن المصنف رمز له بعلامة الضعيف، ولو لم يكن له علة أخرى في نظره غير الإرسال لرمز له بالحسن أو الصحة لأن حال المرسل معلوم عند أهل الحديث، والسند إليه يحكم له بحسبه، فيقال: مرسل صحيح أو مرسل ضعيف كما فعل المصنف. الثانى: الجهل في قوله: إن البيهقى أحق بالعزو إليه من ابن سعد، وقد بيناه في الذي قبله بالنسبة إلى الطبرانى، الذي هو أقدم من البيهقى. الثالث: الكذب في قوله: ورواه أبو داود موصولا. . . إلخ، فإن أبا داود ما خرج هذا الحديث أصلا، كيف وقد اعترف هو بأنه من رواية الكديمى أحد المشاهير بالوضع، وقد كان أبو داود خاصة سئ القول فيه جدا، وإنما وقع ذكره في سنن أبي داود في موضع من كتاب الطلاق من زوائد بعض الرواة عن أبي داود، بل الذي روى هذا الموصول هو البيهقى نفسه، ثم عقبه بقوله [1/ 96، رقم 455]: هذا الحديث أحد ما أنكر عن محمد بن يونس الكديمى ثم أسند عن ابن عدى أنه قال في هذا الحديث: لا أعلمه رواه غير الكديمى بهذا الإسناد، والكديمى أظهر أمرًا من أن يحتاج إلى بيان ضعفه، ثم قال البيهقى: وروى في تغطية الرأس عند دخول الخلاء عن أبي بكر وهو عنه صحيح، ورواه أيضًا عن حبيب بن صالح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلا ثم أسنده عنه. 2656/ 6670 - "كانَ إذا دخلَ المسجدَ يقولُ: باسم اللَّه، والسَّلامُ علَى رسولِ اللَّهِ، اللهُمَّ اغِفرْ لِى ذنُوبِى، وافتَحْ لِى أَبوابَ رَحْمتِكَ، وإذا خرج قال: بِاسْمِ اللَّه، والسلَام عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، اللهم اغفر لى ذُنُوبِى وافْتَحْ لِى أَبْوَابَ فَضْلِكَ". (ح. هـ. طب) عن فاطمة الزهراء.

قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: قال مغلطاى: حديث فاطمة هذا حسن، لكن إسناده ليس بمتصل اهـ، والمصنف رمز لحسنه. قلت: أى ورمزه غير مقبول لقول مغلطاى: إنه ليس بمتصل، مع أن مغلطاى نفسه يقول: إنه حسن فيما ينقله عنه الشارح فكان أولى بالتعقب؛ لأن كلامه فيه تهافت إذ حكم بحسنه مع الاعتراف بانقطاعه، وهذا الحكم ليس هو لمغلطاى بل قد سبقه إلى ذلك الترمذى وهذا لفظه، نقله مغلطاى إن صح ذلك عنه، وسيأتى ما فيه في الذي بعده. 2657/ 6671 - "كانَ إذا دخلَ المسجدَ صلّى على محمدٍ وسلَّم وقالَ: ربِّ اغفِرْ لِى ذنُوبِى، وافتحْ لى أبوابَ رحمتِكَ وإذَا خرَجَ صلَّى على محمدٍ وسلَّم، وقال: رب اغفِرْ لِى ذنُوبِى، وافتحْ لِى أبوابَ فضلِكَ". (ت) عن فاطمة الزهراء قال في الكبير: وكذا خرجه أبو داود خلافًا لما يوهمه صنيعه كلاهما في الصلاة من حديث فاطمة بنت الحسن عن جدتها فاطمة الكبرى الزهراء وقالا جمعيًا: ليس إسناده بمتصل؛ لأن فاطمة بنت الحسن لم تدرك فاطمة الكبرى، رمز لحسنه وفيه ما فيه. قلت: فيه أمور، الأول: أن أبا داود لم يخرج هذا الحديث أصلا، بل لم يخرج حديثا لفاطمة -عليها السلام- فهذا من الكذب الصراح. الثانى: وأصرح منه في الكذب قوله: إن أبا داود نص أيضًا على أنه: ليس بمتصل، فإن أبا داود ما تعرض لذكر هذا الحديث بحرف واحد. الثالث: أنه نقل عن الترمذى نصه على أن الحديث ليس بمتصل، ولم يسق

لفظه لنكتة: وذلك أن الترمذى قال [رقم 315]: حديث فاطمة حديث حسن، وليس إسناده بمتصل، وفاطمة ابنة الحسين. . . إلخ، فأسقط هو منه قوله: حديث حسن حتى يبقى الاعتراض على المصنف متوجها إليه وحده موهما أنه مما انفرد به وتهور فيه واللَّه غالب على أمره، فإن قيل: كيف يقول الترمذى: حديث حسن وليس إسناده بمتصل، ومن شرط الحسن الاتصال فهو تناقض، وكيف يتبعه المؤلف على ذلك؟!. قلت: الجواب من وجهين، أحدهما: أن سند الحديث صحيح ورجاله ثقات إلى فاطمة بنت الحسين، وهى وإن لم تدرك جدتها الزهراء -عليهما الصلاة والسلام- فالغالب أنها أخذت ذلك عن أهل بيتها وتلقته عن أئمة أهل البيت الأطهار -رضي اللَّه عنهم-، إذ يبعد على مثلها الرواية عن غير أهل بيتها. ثانيهما: أن الترمذى ذكر في الباب أحاديث أخرى من حديث أبي هريرة وأبي حميد وأبي أسيد، وبعضها صحيح مخرج في صحيح مسلم من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهى شاهدة لحديث فاطمة ومثبتة لأصله، فلذلك حكم بحسنه مع انقطاعه. الرابع: وقع في الأصل فاطمة بنت الحسن مكبرا، فإن ثبت أن ذلك في قلم الشارح فهو فضيحة كبرى، وإنما هو الحسين مصغرا. 2658/ 6678 - "كَانَ إذا دخلَ رجَبُ قالَ: اللهمَّ بارِكْ لنَا في رجب وشعبانَ وبلِّغْنَا رمضانَ، وكانَ إذا كانتْ ليلةُ الجمعِة قالَ: هذِه ليلةٌ غرَّاءُ، ويومٌ أزهرُ". (هب) وابن عساكر عن أنس قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه رواه وأقره وليس كذلك، بل عقبه بما نصه: تفرد به زياد النميرى وعنه زائدة بن أبي الرقاد، وقال

البخارى: زائدة عن زياد منكر الحديث، وبذلك يعرف أن قول أبي إسماعيل الهروى لم يصح في فضل رجب غير هذا خطأ ظاهر، قال: ورواه أيضًا أبو نعيم في الحلية وكذا البزار. قلت: فيه أمور، الأول: الكذب على ظاهر صنيع المصنف فإنه رمز له بعلامة الضعيف. الثانى: أن أبا نعيم والبزار وكذا الطبرانى خرجوه بدون زيادة ذكر "ليلة الجمعة ويومها" فكان الواجب التنبيه على ذلك. الثالث: أن قول أبي إسماعيل الهروى: لعله لم يصح عنه، فإن الشارح نقل حكاية ذلك عنه من لطائف المعارف لابن رجب، لكن ابن رجب قال: وروى عن أبي إسماعيل فحكاه بصيغة التمريض، وذلك لعدم ثبوته عنه واللَّه أعلم. 2659/ 6679 - "كانَ إذا دخلَ رمضانُ أطلقَ كلَّ أسيرٍ، وأعطَى كلَّ سائلٍ". (هب) عن ابن عباس، ابن سعد عن عائشة قال في الكبير: وكذلك رواه الخطيب والبزار من حديث ابن عباس وفيه أبو بكر الهذلى قال ابن حبان: يروى عن الإثبات أشياء موضوعة، وقال غندر: كان يكذب، ثم سكت الشارح على حديث عائشة. قلت: الشارح يسكت في موضع الكلام ويتكلم في موضع السكوت، فالمصنف وقع له هنا وهم وإيهام لأن من يرى عزو الحديث للبيهقى من حديث ابن عباس ولابن سعد من حديث عائشة يظن أن للحديث طريقين، والواقع أن له طريقا واحدا من رواية أبي بكر الهذلى، ثم إن ابن سعد لم يروه من حديث عائشة وحدها، بل من حديثها ومن حديث ابن عباس معا، فقال: حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن الحمانى عن أبي بكر الهذلى عن الزهرى عن

عبيد اللَّه بن عبد اللَّه عن ابن عباس وعائشة قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، فذكراه. وهكذا رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان عن أبي بكر محمد بن أحمد بن يعقوب الشيبانى: ثنا أحمد بن بندار الحبَّال ثنا محمد بن عاصم ثنا عبد الحميد الحمانى به. ورواه ابن حبان في الضعفاء عن محمد بن إسحاق الثقفى: ثنا يوسف بن موسى ثنا عبد الحميد الحمانى به، فقال: عن ابن عباس وحده، وقال في أبي بكر الهذلى: يروى عن الإثبات الأشياء الموضوعات، ثم أسند عن غندر أنه قال: كان أبو بكر إمامًا وكان يكذب. وهكذا رواه الخطيب في التاريخ من طريق محمد بن عمران بن موسى الصيرفى: حدثنا عبد اللَّه بن على المدينى قال: سمعت أبي وقيل له: أبو بكر الهذلى عن الزهرى عن عبيد اللَّه عن ابن عباس، فذكره. قال: هذا كأنه ريح، وقال: أبو بكر ضعيف جدا، فكان الواجب على الشارح بيان هذا الوهم ورفع هذا الإيهام. 2660/ 6680 - "كانَ إذَا دخلَ رمضان شدَّ مِئْزَرَهُ، ثُمَّ لمْ يأت فراشَهُ حتى يَنْسَلِخَ". (هب) عن عائشة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وفيه الربيع بن سليمان، فإن كان هو صاحب الإمام الشافعى فثقة، أو الربيع بن سليمان البصرى الأزدى فضعيف، قال يحيى: ليس بشيء. قلت: الذي قال فيه ذلك يحيى بن معين: هو الربيع بن سليم بفتح السين،

وبدون زيادة ألف ونون، فكيف يشتبه بالربيع بن سليمان صاحب الإمام؟! ولكن حب الانتقاد يوقع في مثل هذه المهازل. 2661/ 6683 - "كانَ إذَا دعَا لِرجُلٍ أصابتْهُ الدعوةُ وولدَه وولدَ ولدِهِ". (حم) عن حذيفة قال الشارح: بإسناد فيه مجهول، فقول المؤلف صحيح غير مقبول. قلت: قد بين الشارح في الكبير مستنده في قوله هذا فقال: رمز المصنف لصحته وليس كما زعم، فقد قال الحافظ الهيثمى متعقبا: رواه أحمد عن ابن حذيفة، ولم أعرفه اهـ. وهذا خطأ مركب وتلبيس فاحش، أول ذلك (¬1): أن ما يقول فيه أمثال الحافظ الهيثمى: لم أعرفه، لا يسمى في اصطلاح أهل الحديث مجهولا، بل التعبير عنه بذلك من جهل الشارح كما نبهنا عليه مرارًا إذ قد يعرفه غيره ولا يكون مجهولا في الواقع، ثم إن الأمر في هذا الرجل كذلك، فإنه غير مجهول، بل هو معروف اسمه أبو عبيدة روى عنه ابن سيرين ويوسف بن ميمون وخالد بن أبي أمية وحصين بن عبد الرحمن السلمى وأبو فديك الواسطى وغيرهم، وذكره ابن حبان في الثقات [5/ 590]، وخرج له النسائى وابن ماجه، فهذا وجه خطأ الشارح المركب على خطأ الحافظ الهيثمى. وأما التلبيس أو الكذب ففي قوله: قال الحافظ الهيثمى متعقب، فلفظ التعقب لا معنى له إلا التلبيس، إذ الحافظ الهيثمى لا يذكر ذلك تعقبًا على أحد، وإنما يذكر العزو مع بيان حال السند. ¬

_ (¬1) يقصد الخطأ المركب.

2662/ 6684 - "كَانَ إذَا دعَا بدأَ بنفْسِهِ". (طب) عن أبي أيوب قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وهو كما قال، فقد قال الهيثمى: إسناده حسن غير أن عدول المصنف للعزو للطبرانى واقتصاره عليه غير جيد لإيهامه أنه لا يوجد مُخَرَّجًا لأحد من الستة وقد عرفت أن أبا داود خرجه فهو بالعزو إليه أحق. قلت: في هذا عدة أخطاء فاحشة، الأول: أن أبا داود لم يخرجه من حديث أبي أيوب، بل من حديث أبي بن كعب فهما حديثان. الثانى: أن لفظ الحديث عند أبي داود: "كان إذا ذكر أحدا فدعا له" الحديث، فهو في الترتيب بعد هذا. الثالث: أن المصنف ذكره بهذا اللفظ بعد أربعة أحاديث فقط. الرابع: أن الحديث خرجه أيضًا الترمذى والنسائى فاقتصار الشارح على عزوه لأبي داود من قصوره وجهله، مع أن المصنف عزاه لهؤلاء الثلاثة، وزاد معهم ابن حبان والحاكم. 2663/ 6686 - "كَاَن إذَا دَعَا جعلَ باطنَ كفِّهِ إِلَى وجهِهِ". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وكأنه لم ير قول الحافظ العراقى سنده ضعيف، ولا قول الهيثمى فيه الحسين بن عبد اللَّه وهو ضعيف. قلت: قال الحافظ الهيثمى: وعن ابن عباس قال: "رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يدعو بعرفة ويده إلى صدره كالمستطعم المسكين" رواه الطبرانى في الأوسط، وفيه الحسين بن عبد اللَّه وهو ضعيف اهـ.

فهذا حديث آخر عزاه للطبرانى في الأوسط، والمذكور في المتن حديث آخر معزو للطبرانى في الكبير. ثم إن للحديث عن ابن عباس طرقا متعددة بألفاظ مختلفة، قال الحافظ: إنه معها حديث حسن -أى- بالنظر إلى طرقه عن ابن عباس وحده، فكيف بتواتره من طريق غيره؟! 2664/ 6687 - "كَانَ إذَا دَنَا مِنْ مِنْبرِه يَوْمَ الجُمُعَة سَلَّمَ عَلَى مَنْ عنْدَهُ مِنَ الجُلُوسِ، فإِذَا صَعد المِنبَر اسْتَقْبَلَ الْنَّاسَ بِوَجْهِهِ ثُمَّ سَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ". (هق) عن ابن عمر. قال في الكبير: هو من حديث عيسى بن عبد اللَّه الأنصارى عن نافع عن ابن عمر، ثم قال: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال؛ فقد ضعفه ابن حبان وابن القطان بعيسى المذكور، وقال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. قلت: قال البيهقى عقب الحديث: تفرد به عيسى بن عبد اللَّه بن الحكم بن النعمان بن بشير أبو موسى الأنصارى، قال أبو أحمد بن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، قال البيهقى: وروى في ذلك عن ابن عباس وابن الزبير، ثم عن عمر بن عبد العزيز اهـ. فإن لم يكن رمز الحسن تحريفًا من النساخ فهذا مستند المؤلف، بل هو الواقع، فكأنه رآى هذه الآثار مقوية لحديث ابن عمر وشاهدة له، لاسيما وقد أورد البيهقى في الباب أيضًا حديث جابر بن عبد اللَّه كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صعد المنبر سلم"، فرآى المصنف أن الحديث يرتقى إلى درجة الحسن بشواهده لأن ابن على وابن حبان قال: إنه لا يتابع على روايته، وهذا الحديث قد توبع عليه في الجملة، وقواه فعل من ذكر من الصحابة ولكل رأيه واجتهاده.

2665/ 6690 - "كَانَ إذَا ذهَبَ المذهَبَ أَبْعدَ". [(4. ك) عن المغيرة]. قال الشارح: أبعد بحيث لا يسمع لخارجه صوت ولا يشم له ريح. قلت: هذا خطأ فاحش وتعبير في غاية البشاعة، فقد ورد أنه لم يكن لخارجه ريح بل ولا أثر، فقد كانت الأرض تنشق وتبتلع ما يخرج منه، كما خَبَّر به الصحابة لأنهم لم يكونوا يرون له أثرًا، بل قد يكون ذلك ينصرف منه -صلى اللَّه عليه وسلم- جشاء (¬1) وعرقًا طيبًا له رائحة المسك كحال أهل الجنة وحال بعض أهل اللَّه في الدنيا، وإنما كان -صلى اللَّه عليه وسلم- يفعل ذلك لكمال أدبه وعظيم حيائه وتعليما لأمته، والعجب أن كل الناس إذا قضى حاجته في الفضاء لا يمكن أن يوجد منه ريح، وإنما يوجد إذا كان في الكنيف الضيق المحصور بجدران عن الهواء، فكيف بمن ورد أن عرقه أطيب من المسك، وأنه كان لا يرى له أثرٌ خارج -صلى اللَّه عليه وسلم-. 2666/ 6698 - "كانَ إذَا رأى الهلالَ قالَ: اللهُمّ أهلَّهُ علينَا بالأَمْنِ والإيمانِ والسلامة والإسلام والسكينةِ والعافيةِ والرزقِ الحَسَنِ". ابن السنى عن حدير السلمى قال الشارح: هو ابن أنس السلمى، قال الذهبى: لا صحبة له، فكان على المؤلف أن يقول مرسلا. قلت: الذهبى قال ما نصه: حدير السلمى أبو فروة، ويقال: أبو جوزة السلمى، وقيل الأسلمى له صحبة وعنه بشير مولى معاوية ويونس بن ميسرة اهـ. ¬

_ (¬1) تجشأ الإنسان تجشؤا والاسم الجشاء وزان غراب، وهو صوت مع ريح يحصل من الفم عند حصول الشيخ اهـ من المصباح المنير (ص 39).

وفي نفس كتاب ابن السنى عن بشير بن معاوية قال: سمعت عشرة من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحدهم حدير أبو فروة الحديث، ثم إنى لم أر أحدا سمَّى والد حدير أنسًا، فهو من كذب الشارح أيضًا. 2667/ 6703 - "كانَ إذا رضِى شيئًا سكَتَ". ابن منده عن سهيل بن سعد أخى سهل. قال في الكبير: قال الذهبى في الصحابة: يروى له حديث غريب لا يصح اهـ، وكأنه يشير به إلى هذا. قلت: بل يشير إليه جزما، ولكن ليس معنى كلامه ما فهمه الشارح وإنما مراده أن الحديث مقلوب تبعا لما قاله أبو نعيم، فإنه روى الحديث أيضًا في الصحابة من طريق عمرو بن قيس عن سعد بن سعيد أخى يحيى بن سعيد الأنصارى قال: سمعت سهيل بن سعد أخا سهل يقول: "دخلت المسجد والنبى -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصلاة فصليت، فلما انصرف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رآنى أركع ركعتين، فقال: ما هاتان الركعتان فقلت: يا رسول اللَّه جئت وقد أقيمت الصلاة فأحببت أن أدرك معك الصلاة ثم أصلى فسكلت، وكان إذا رضى شيئًا سكت" قال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين وهو وهم، والصواب ما رواه ابن عيينة وابن نمير وغيرهما عن سعد بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن قيس بن عمرو جد سعد بن سعيد قال: "انصرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا أصلى بعد الصبح"، فذكر الحديث. وهذا لا يدل على بطلان الحديث من أصله، إنما يدل على كون الراوى غلط في صحابيه على أن الحافظ يذهب إلى أنه إن كان حفظه فلا مانع من التعدد، وكثيرا ما تتكرر مثل هذه الوقائع. 2668/ 6718 - "كانَ إذَا سجدَ جَافَى حتَّى يُرَى بياضُ إِبطيْهِ". (حم) عن جابر

قال في الكبير: وقضية تصرف المؤلف أن هذا مما لم يتعرض له الشيخان ولا أحدهما وليس كذلك؛ بل رواه البخارى بلفظ: "كان إذا صلى فرَّج بين يديه حتى يرى بياض إبطيه"، ومسلم بلفظ: "كان إذا سجد فرج يديه عن إبطيه. . . الحديث". قلت: لم يخرجا حديث جابر، وإنما خرجاه من حديث عبد اللَّه بن مالك بن بحينة ولفظه لا يدخل في هذا الموضع كما هو ظاهر، إلا أنه لم يذكر فيما سيأتى لأنه ترك من أحاديث الصحيحين كثيرا لكونها معروفة متداولة واستدركها في الذيل. 2669/ 6731 - "كانَ إذَا شرِبَ تنفَّسَ في الإِناءِ ثلاثًا، يُسمِّى عندَ كلِّ نفَسٍ، ويشكُرُ في آخرِهِنَّ". ابن السنى راد في الكبير: في الطب، (طب) عن ابن مسعود. قال في الكبير: قال النووى في الأذكار عقب تخريجه لابن السنى: إسناده ضعيف. . . إلخ. قلت: من عجيب شأن الشارح في الغفلة أن يرى موضوع الحديث في التسمية والشكر وينقل عن النووى في الأذكار تضعيفه، ومع ذلك يزيد من عنده أن ابن السنى خرج الحديث في كتاب الطب، مع أن أشهر كتبه كتاب عمل اليوم والليلة الذي هو في الأذكار، والذي يراد عند الإطلاق. 2670/ 6735 - "كانَ إذَا صعِدَ المنبرَ سلَّمَ". (هـ) عن جابر. قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال؛ فقد قال الزيلعى: حديث واه، وسأل عنه ابن أبي حاتم أباه فقال: هذا موضوع، وقال الحافظ ابن حجر: سنده ضعيف جدا، وكيفما كان فكان الأولى للمصنف حذفه من

الكتاب فضلا عن رمزه لحسنه. قلت: بل كان الأولى لك أن لا تتكلم في الحديث، فضلا عن أن تحكم بالتحسين والتضعيف فإنك لا تحسن فهمه ولا فهم كلام أهله، فالحافظ ابن حجر ما قال عن الحديث ضعيف جدا لا في تخريج أحاديث الرافعى، ولا في تخريج أحاديث الهداية، بل قال في كلا الكتابين إسناده ضعيف، ولم يزد على ذلك ولا يتصور أن يزيد حرفا، لأن الحديث إنما علته كونه من رواية ابن لهيعة، وهو إمام حافظ وحاله معروف، وكثير من الحفاظ يحسِّن حديثه، والشارح نفسه نقل ذلك في كثير من الأحاديث، ولكنه لا يعرف كون علة الحديث هو ابن لهيعة، فإذا كان حديثه قد يحكم بحسنه على انفراده، فكيف إذا وردت له شواهد تقويه، وهذا قد ورد له شاهد موصول من حديث ابن عمر، وقد سبق قريبًا بلفظ: "كان إذا دخل المسجد يوم الجمعة. . . " الحديث، وآخران مرسلان عن الشعبى وعطاء. قال ابن أبي شيبة في مصنفه: ثنا أبو أسامة ثنا مجالد عن الشعبى قال: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه، وقال: السلام عليكم، وكان أبو بكر وعمر وعثمان يفعلونه". وقال عبد الرزاق في مصنفه: أخبرنا ابن جريج عن عطاء قال: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل النامى بوجهه، فقال: السلام عليكم"، وهذان مرسلان صحيحان، وقد سبق في حديث ابن عمر "إن ذلك كان فعل ابن عباس وابن الزبير ايضا، وقد قال الإمام الشافعى: بلغنا عن سلمة بن الأكوع أنه قال: "خطبنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خطبتين وجلس جلستين، وحكى الذي حدثنى قال: استوى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على الدرجة التي تلى المستراح قائما، ثم سلم ثم جلس على المستراح حتى فرغ المؤذن من الأذان ثم قام

فخطب"، فهل يشك مع هذا في حديث ابن لهيعة أنه ثابت حسن أو صحيح، لكن الشارح يهرف بما لا يعرف، ثم نسأله فنقول: إن مذهبك سنُيِّة تسليم الخطيب كما ذكرته، وقلت خلافا لأبي حنيفة ومالك، فإذا كان حديث جابر موضوعا وحديث ابن عمر واهيا كما قدمته فيه أيضًا، فما دليل مذهبك في ذلك؟ أما قول أبي حاتم فلا عبرة به بل هو تشديد ساقط عن درجة الاعتبار كما هو معروف، وكم حديث في الصحيحين يقول عنه أبو حاتم وأبو زرعة: إنه موضوع؟!. والحديث أخرجه أيضًا البيهقى في السنن من طريق عمرو بن خالد: ثنا ابن لهيعة عن محمد بن زيد بن مهاجر عن محمد بن المنكدر عن جابر. وأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من طريق الأوزاعى عن ابن لهيعة بلفظ: "كان إذا صَعِدَ المنبر قال: سلام عليكم". 2671/ 6739 - "كانَ إذَا صلَّى ركعَتَى الفجر اضطجَعَ على شِقهِ الأيمَن". (خ) عن عائشة قال في الكبير: ظاهره أن هذا من تفردات البخارى على مسلم وليس كذلك؛ فقد عزاه الصدر المناوى وغيره لهما معًا، فقالوا: رواه الشيخان من حديث الزهرى عن عروة عن عائشة. قلت: هذا كذب على المناوى وعلى غيره وعلى مسلم، فما خرجه مسلم وما عزاه إليه أحد لا من طريق الزهرى ولا من طريق غيره، ومسلم خرج حديث عائشة في صلاة ركعتى الفجر، ولم يتعرض لذكر حديث الاضطجاع، وحديث عائشة خرج من طرق ليس واحد منها عن الزهرى، فسبحانك اللهم وبحمدك.

2672/ 6745 - "كان إذا عَرَّسَ وعليه ليلٌ توسَّدَ يمينَهُ، وإذا عرَّسَ قبْلَ الصُّبحِ وضع رأسَهُ على كفِّهِ اليُمنَى وأقامَ ساعِدَهُ". (حم. حب. ك) عن أبي قتادة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة، والأمر بخلافه؛ فقد خرجه الترمذى في الشمائل، بل عزاه الحميدى والمزى إلى مسلم في الصلاة، وبهذا الذهبى، لكن قيل إنه ليس فيه. قلت: ليس هذا الرجل من أهل الحديث ولا من أهل الفطنة، فشمائل الترمذى ليس هو من الكتب الستة حتى يتعقب به، ولا كل مصنفات أصحاب الكتب الستة لها منزلتها. والحديث قد خرجه مسلم، ولكن بلفظ لا يدخل في هذا الموضع على ترتيب المؤلف، لأن لفظه: "كان إذا كان في سفر فعرس بليل. . . " الحديث، وبهذا تعلم عظيم خطئه أيضًا في قوله: لكن قيل: إنه ليس فيه. 2673/ 6748 - "كانَ إذَا عطَسَ وضَعَ يدَهُ أو ثوبَهُ على فِيهِ وخفَضَ بها صوتَهُ". (د. ت. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال (ك): صحيح، وأقره الذهبى. قلت: لكن بيَّن البخارى أنه معلول، فقال في ترجمة أبي بكر بن عبد الرحمن من الكنى [ص 9، رقم 51]: قال ابن المبارك: عن سفيان عن سمى عن أبي بكر ابن عبد الرحمن "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا عطس خمر وجهه". وقال يحيى القطان والليث: عن ابن عجلان عن سمى عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والأول أشبه اهـ. كذا قال.

والحديث خرجه جماعة آخرون من هذا الطريق، ورواه أبو نعيم في الحلية وفي تاريخ أصبهان من رواية شعبة عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة عن أبي هريرة به، وقال فيه: "ووضع يده على حاجبيه"، ولكنه من رواية محمد ابن يونس الكديمى وهو متهم. 2674/ 6757 - "كَانَ إذا فَرَغَ من دفْنِ الميِّت وقَفَ عليْهِ وقَالَ: استغْفِرُوا لأخيكُمْ، وسَلُوا له التَّثْبِيتَ؛ فإنَّهُ الآن يُسألُ". (د) عن عثمان قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، لكن ظاهر كلامه أنه لم يره لغيره، مع أن الحاكم والبزار خرجاه باللفظ المزبور عن عثمان. قلت: لفظه عند الحاكم: [1/ 370] عن عثمان: "مر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بجنازة عند قبر وصاحبه يدفن، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: استغفروا لأخيكم. . . " الحديث، فأين هذا من لفظ الكتاب المصدر بحرف "كان"؟! فالشارح بليد سخيف لا يمل من السخافة. 2675/ 6759 - "كانَ إذا فَرَغَ من تَلْبِيَتِهِ سألَ اللَّه رضوانَهُ ومغفرَتَهُ واستعاذَ برحمتِهِ منَ النَّارِ". (هق) عن خزيمة بن ثابت قال في الكبير: ظاهر صنيع المؤلف أنه لم يره لغير البيهقى، وهو عجب؛ فقد خرجه الإمام الشافعى والطبرانى والدارقطنى. قلت: هذا كالذى قبله وهب أنه لم يَعْزُهُ إليهم فكان ماذا؟! وهل يقول أحد أن الإحاطة في العزو مطلوبة أو عدمها نقص غير هذا الجاهل؟! 2676/ 6761 - "كَانَ إذا قالَ الشيءَ ثلاثَ مرَّاتٍ لم يُراجَعْ". الشيرازى عن أبي حدرد

قال في الكبير: قضية تصرف المؤلف أنه لم [ير] هذا الحديث لأحد من المشاهير، مع أن أحمد والطبرانى -في الأوسط والصغير- روياه باللفظ المزبور بسند قال الهيثمى: رجاله ثقات وفيه قصة ثم ذكرها. قلت: ومن الوقوف على ما ذكره الشارح تعلم وجه غلطه، ثم هب أنه لم يعزه إليهما، فكان ماذا؟! وقد أخرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ قال: حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه ثنا محمد بن إسحاق ثنا قتيبة ثنا سحبل بن محمد عن أبيه عن أبي حدرد الأسلمى به، فما قاله عن المؤلف يقال عليه في أبي نعيم أيضًا. 2677/ 6762 - "كَانَ إذا قالَ بلال: قَدْ قامت الصَّلاةُ نهضَ فكبَّرَ". سمويه (طب) عن ابن أبي أوفى قال الشارح: بالتحريك. قلت: هذا خطأ فاحش، بل هو بسكون الواو. 2678/ 6773 - "كَانَ إذا قرأَ من اللَّيْلِ رفَعَ طوْرًا وخفَضَ طوْرًا". ابن نصر عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، لكن قال ابن القطان: فيه "زيادة بن نشيط" لا يعرف حاله، ثم إن ظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة، وهو قصور أو تقصير؛ فقد خرجه أبو داود وسكت عليه، فهو صالح عنده، ولفظه: "كانت قراءة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالليل يرفع طورا ويخفض

طورا"، ورواه الحاكم -أيضًا- ولفظه: "كان إذا قام من الليل رفع صوته طورا وخفض طورا". قلت: في هذا الكلام تناقض، فبينما هو يتعقب تحسين المؤلف إذ يعترف بأن أبا داود سكت عليه، فهو صالح عنده يعنى حسنًا، أما عدم عزو المؤلف إلى أبي داود والحاكم فجوابه في اللفظين اللذين ذكرهما الشارح نفسه، فليس واحد منهما موافقا لما هنا. 2679/ 6776 - "كَانَ إِذَا قُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ، فَإِذَا فَرَغَ قَالَ: اللَّهُمَّ إنَّكَ أَطْعَمتَ وَسَقَيْتَ، وَأَغْنَيْتَ وَأَقْنَيْتَ، وَهَدَيْتَ وَاجْتَبَيْتَ، اللَّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَعْطَيْتَ". (حم) عن رجل قال في الكبير: وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرج في أحد من الكتب الستة وهو ذهولٌ، فقد خرجه النسائى باللفظ المزبور، قال ابن حجر في الفتح: وسنده صحيح، لكن قال النووى في الأذكار: إسناده حسن. قلت: الحديث لا يوجد في سنن النسائى الصغرى التي يطلق إليها عند العزو والمعدودة من الكتب الستة، وإنما هو في الكبرى؛ وليست هي من الكتب الستة، والنووى إذ أطلق العزو إلى سنن النسائى واهمٌ في ذلك. 2680/ 6788 - "كَانَ إذَا لَبِسَ قَمِيصًا بَدَأ بِمَيَامِنِهِ". (ت) عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه عنه أيضًا النسائى في الزينة، فما أوهمه تصرف المصنف من أن الترمذى تفرد به عن الستة غير جيد. قلت: بل عدم تحقيقك غير جيد، فالحديث لا يوجد في سنن النسائى الصغرى الذي هو أحد الكتب الستة.

2681/ 6791 - "كَانَ إذَ لَقَى أصْحَابَهُ لَمْ يُصَافِحْهُمْ حَتَّى يُسَلِّمَ عَلَيْهمْ". (طب) عن جندب قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد قال الحافظ الهيثمى: فيه من لم أعرفهم. قلت: ومن أدراك أن من لم يعرفهم الحافظ الهيثمى لم يعرفهم المؤلف، وكم مرة أبَنَّا ذلك في كثير ممن لم يعرفه الهيثمى. 2682/ 6792 - "كانَ إذَا لَمْ يَحْفَظ اسْمَ الرَجُل قَالَ: يَا ابْنَ عَبْد اللَّه". ابن السنى عن جارية الأنصارى قال في الكبير: هو في الصحابة عدة فكان ينبغى تمييزه، ورواه عنه أيضًا الطبرانى باللفظ المزبور، قال الهيثمى: وفيه أيوب الأنماطى أو أيوب الأنصارى ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. قلت: الشارح لما أكثر من استخراج الأوهام الباطلة صرفه اللَّه عن معرفة الأوهام الحقيقية، فصحابى الحديث يزيد بن جارية. وكذلك أورده الحافظ الهيثمى الذي نقل منه الشارح ولم يتنبه له، وكذلك هو عند الطبرانى، قال في معجمه الصغير: حدثنا الحسن بن على النحاس الكوفى ثنا عباد بن يعقوب الأسدى ثنا أبو أيوب الأنصارى مولى سلمة بن كهيل عن سلمة بن كهيل عن جارية بن يزيد ابن جارية الأنصارى عن أبيه قال: "كنت عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وكان إذا لم يحفظ اسم الرجل قال: يا عبد اللَّه"، قال الطبرانى: لم يروه عن سلمة إلَّا أبو أيوب الأنماطى تفرد به عباد بن يعقوب اهـ. ووقع عند ابن السنى في اليوم والليلة عن جارية بن زيد عن جارية

الأنصارى، فتبعه المؤلف وأورده كذلك، وكأنه تحرف على الراوى لفظ ابن جارية بـ "عن جارية" وسقط منه عن أبيه فجاء صحابى الحديث جارية وإنما هو يزيد بن جارية وهو معروف. 2683/ 6806 - "كَانَ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلا فِي سَفَرٍ أوْ دَخَلَ بَيْتَهُ لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ". (طب) عن فضالة بن عبيد قال في الكبير: سكت المصنف عليه فأوهم أنه لا بأس بسنده وليس كذلك، بل قال الحافظ في أماليه: سنده واه، وقال الزين العراقى في شرح الترمذى: فيه الواقدى. قلت: المصنف لم يسكت على الحديث بل رمز له بعلامة الضعيف، قال الطبرانى: حدثنا الحسن بن أحمد بن يونس الأهوازى ثنا حفص بن عمر الرَّبَالى ثنا محمد بن عمر الواقدى ثنا حارثة بن أبي عمران ثنا محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن فضالة بن عبيد به. وعن الطبرانى رواه أبو نعيم في الحلية. 2684/ 6811 - "كَانَ إِذَا نَظَرَ وَجْهَهُ فِي الْمرآة قَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي سَوَّى خَلْقِى فَعَدَلَهُ، وَكَرَّمَ صُوْرَةَ وَجْهِى فَحَسَنهَا، وَجَعَلَنِى مِنَ الْمُسْلِمِينَ". ابن السنى عن أنس قال في الكبير: ورواه أيضًا الطبرانى في الأوسط، والبيهقى في الشعب وفيه هاشم بن عيسى الحمصى قال الذهبى: لا يعرف. قلت: وكذلك أخرجه ابن أبي الدنيا في الشكر من طريقه أيضًا فقال:

حدثنى عمر بن أبي الحارث الهمذانى ثنا مسلم بن قادم ثنا أبو معاوية هاشم ابن عيسى الحمصى أنا الحارث بن مسلم عن الزهرى عن أنس به. 2685/ 6812 - "كَانَ إِذَا نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ قَالَ: الحمدُ لِلَّه الَّذِى حَسَّنَ خَلْقِى وَخُلُقِى، وَزَانَ مِنِّى مَا شَانَ مِنْ غَيْرِى، وِإذَا اكْتَحَلَ جَعَلَ فِي عَيْنٍ اثْنَتَيْن، وَوَاحدَةً بَيْنَهُمَا، وَكَانَ إِذَا لَبِسَ نَعْلَيْه بَدَأَ بالْيُمْنَى، وَإذَا خَلَعَ خَلَعَ الْيُسْرَى، وَكَانَ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَدْخَلَ رَجْلَهُ الْيُمْنَى، وَكَانَ يُحِبُّ التَّيمُّن فِي كُلِّ شيءٍ أَخْذًا وَعَطَاءً". (ع. طب) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عمرو بن الحصين العقيلى وهو متروك، وتقدمه كذلك شيخه العراقى فقال: فيه عمرو بن الحصين أحد المتروكين. قلت: لكن ابن حبان أعله بيحيى بن العلاء الرازى شيخ عمرو بن الحصين فيه، فأورده في الضعفاء في ترجمة يحيى بن العلاء قال: حدثنا أبو يعلى ثنا عمرو بن الحصين ثنا يحيى بن العلاء عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس به، وقال في يحيى بن العلاء: كان ممن يتفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات التي إذا سمعها مَنِ الحديث صناعته سبق لها قلبه أنه كان المتعمد لذلك لا يجوز الاحتجاج به، كان وكيع شديد الحمل عليه. 2686/ 6815 - "كَانَ إذَا هَاجَت الرِّيْحُ اسْتَقْبَلَهَا بِوَجْهِه، وَجَثَا عَلى رُكْبَتَيْه، وَمَدَّ يَدَيْه وَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ منْ خَيْر هَذه الريح، وَخَيْر مَا أرْسلَتْ به، وَأعُوْذُ بكَ منْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا أُرْسلَتْ به، اللَّهمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلا تَجْعَلْهَا عَذَابًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا ريَاحًا وَلا تَجْعَلْهَا ريْحًا". (طب) عن ابن عباس زاد الشارح في الكبير: وكذا البيهقى في سننه عن ابن عباس، ثم قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما ادعى، فقد قال الهيثمى: فيه حسين بن

قيس الملقب بحنش وهو متروك وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ. ورواه ابن عدى في الكامل وأعله بحسين المذكور، ثم رأيت الحافظ في الفتح عزاه لأبي يعلى وحده عن أنس وقال: إسناده صحيح، فكان ينبغى للمؤلف عدم إهماله. قلت: فيه أوهام، الأول: أن البيهقى لم يخرج هذا الحديث في سننه أصلًا، وإنما خرجه في كتاب المعرفة. الثانى: أن الحديث حسن كما قال المصنف وسبقه إلى ذلك الحافظ فحسنه في تخريج أحاديث الأذكار؛ لأن حسين بن قيس وإن كان ضعيفًا فقد توبع عليه. أخرجه الإمام الشافعى قال: أخبرنا من لا أتهم أخبرنا العلاء بن راشد عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه أو مثله. ومن هذا الوجه أخرجه البيهقى في المعرفة، قال الحافظ: وهو حديث حسن، وشيخ الشافعى ما عرفته وكنت أظنه ابن يحيى لكن لم يذكروه في الرواة عن العلاء بن راشد، والعلاء موثق، قال: وأخرجه الطبرانى في الدعاء بنحوه، وكذلك مسدد في مسنده الكبير وفي سنده حسين بن قيس وهو ضعيف، وقد اعتضد بالمتابعة. الثالث: أن الحافظ الهيثمى قال: فيه حسين بن قيس الملقب بحنش وهو متروك، وقد وثقه حصين بن نمير. . . إلخ، فحذف الشارح من كلامه حكاية التوثيق خيانة منه ليمشى تعقبه على المصنف. الرابع: أن حديث أنس الذي عزاه الحافظ لأبي يعلى حديث آخر ليس فيه من كهذا الحديث إلا جملة واحدة وأصله في الصحيح، فكيف يخلط المصنف حديثا بحديث؟!.

2687/ 6817 - "كَانَ إذَا وَجَدَ الرَّجُلَ رَاقدًا عَلَى وَجْهه لَيْسَ [عَلَى] عَجُزه شَيءٌ رَكَضَهُ بِرجْله وَقَالَ: هي أبْغَضُ الرَّقْدَة إلى اللَّه". (حم) عن الشريد بن سويد قال: رمز المصنف لحسنه وهو تقصير أو قصور؛ فقد قال الحافظ الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، فكان حقه أن يرمز لصحته. قلت: ليس كل حديث رجاله رجال الصحيح صحيحًا، بل ولا حسنًا ولا ضعيفًا، فقد يكون موضوعًا لعلة من العلل، وقد يكون ضعيفًا أو حسنًا، وهذا من رواية ابن جريج بالعنعنة وهو مدلس. 2688/ 6827 - "كَانَ بَابُهُ يُقْرَعُ بالأظَافيرِ". الحاكم في الكنى عن أنس قال في الكبير: ورواه أيضًا البخارى في التاريخ، ورواه أبو نعيم عن المطلب ابن يزيد عن عمير بن سويد عن أنس، قال في الميزان عن ابن حبان: لا يجوز أن يحتج به، وقال في موضوع آخر: رواه أبو نعيم عن حميد بن الربيع وهو ذو مناكير اهـ. ورواه أيضًا البزار قال الهيثمى: وفيه ضِرَار بن صرد وهو ضعيف. قلت: في هذا عدة أوهام، الأول: عزوه إلى البخارى في التاريخ قصور على طريقة الشارح، فإنه خرجه أيضًا في الأدب المفرد وهو أولى بالعزو إليه؛ قال البخارى في الأدب: حدثنا مالك بن إسماعيل ثنا المطلب بن زياد قال: حدثنا أبو بكر بن عبد اللَّه الأصبهانى عن محمد بن مالك بن المنتصر عن أنس: "أن أبواب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كانت تقرع بالأظافير". الثانى: قوله: ورواه أبو نعيم عن المطلب -يفيد أنه أبو نعيم الأصبهانى صاحب المصنفات المشهور وليس كذلك، إنما هو راو قديم كما ستعرفه.

الثالث: قوله: المطلب بن يزيد بـ "الياء" وهو تحريف والصواب: ابن زياد بدون ياء في أوله، وبزيادة الألف بعد الياء في وسطه. الرابع: قوله عن الذهبى: وقال في موضع آخر هو كذب وتلبيس، بل قال جميع ما نقل عنه في موضع واحد من الميزان في ترجمة عمير بن سويد كما سأذكره. الخامس: قوله: ورواه أبو نعيم عن حميد بن الربيع هو قلب للحقائق وكذب على الذهبى، فإن أبا نعيم هو شيخ حميد بن الربيع فيه، وكذلك قال الذهبى ونصه: عمير بن سويد عن أنس قال ابن حبان: لا يجوز أن يحتج به، قال أبو نعيم: حدثنا المطلب بن زياد عن عمير عن أنس: "كان باب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرع بالأظافير". رواه عن أبي نعيم حميد بن الربيع وهو ذو مناكير اهـ. فأخَّر الشارح كلمة "عن" بعد أبي نعيم، وجعل التلميذ شيخًا والشيخ تلميذًا، يوضح لك ذلك كلام ابن حبان وسنده؛ فإنه قال في الضعفاء: عمير بن سويد شيخ يروى عن أنس بن مالك ما ليس من حديث الثقات عنه، لا يجوز الاحتجاج به؛ لمخالفته الأثبات في الروايات على قلة ما يأتى منها، روى عن أنس بن مالك قال: "كان باب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرع بالأظافير"، حدثناه محمد بن المسيب: ثنا حميد بن الربيع الخراز ثنا أبو نعيم ثنا المطلب به. السادس: قوله: ورواه البزار: قال الهيثمى: وفيه ضرار بن صرد، يوهم أن البزار رواه بسند غير السابق، والواقع أن ضرار بن صرد هو أبو نعيم الطحان المذكور في السند قبله، وإن كان صنيع الذهبى وسكوته عليه يوهم أنه أبو نعيم الفضل بن دكين، وكلاهما روى عنه البخارى، إلَّا أن ضرار بن صرد لم يرو عنه في الصحيح لضعفه. السابع: أن الحديث له طريق أشهر من هذا وهو مذكور في كتب الاصطلاح

كمقدمة ابن الصلاح وسائر مختصراتها، وفي نفس ألفية العراقى وشروحها، وهو ما رواه الحاكم في علوم الحديث في النوع الخامس منه، والبيهقى في المدخل، والسلفى في الوجيز كلاهما من طريقه قال: حدثنا الزبير بن عبد الواحد الحافظ بأسدباذ ثنا محمد بن أحمد الزبيقى ثنا زكريا بن يحيى المنقرى ثنا الأصمعى ثنا كيسان مولى هشام بن حسان عن محمد بن حسان عن محمد بن سيرين عن المغيرة بن شعبة قال: "كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرعون بابه بالأظافير". ورواه أبو نعيم في المستخرج على علوم الحديث ببعض اختلاف في الإسناد. والمؤلف إنما لم يذكره؛ لكون بعضه لا يدخل في المتن. أما الشارح فمن دأبه الاستدراك من غير مراعاة اللفظ، فأين كان عن هذا الذي هو في [كتب] (¬1) المصطلح متداول مشهور يمثلون به في الموقوف؟!. 2689/ 6838 - "كَانَ شَديْدَ الْبَطْش". ابن سعد عن محمد بن على مرسلا قال في الكبير: هو ابن الحنفية، ورواه أبو الشيخ من رواية أبي جعفر معضلًا. قلت: هذا غلط، بل محمد بن على هو أبو جعفر الباقر، ومحمد بن الحنفية لا يعرف بمحمد بن على، وإذا ذكر كذلك لابد أن يزاد: ابن أبي طالب. 2690/ 6839 - "كَانَ طَوِيْلَ الصَّمْتِ قَلِيْلَ الضَّحِكِ". (حم) عن جابر بن سمرة قال في الكبير: رمز لحسنه، قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح غير شريك وهو ثقة. قلت: رواه ابن مردك في فوائده تخريج الدارقطنى من غير طريق شريك فقال: ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط: (الكتب).

حدثنا الحسين بن إسماعيل الضبى ثنا يوسف بن موسى ثنا عبد اللَّه بن الجهم ثنا عمرو بن أبي قيس عن سماك قال: "قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: نعم، كان طويل الصمت". 2691/ 6844 - "كَانَ قِرَاءَتُهُ المَدَّ لَيْسَ فِيْهَا تَرْجِيعٌ". (طب) عن أبي بكرة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما ظن، فقد قال الهيثمى وغيره: فيه عمرو بن وجيه وهو ضعيف، وقال مرة أخرى: فيه من لم أعرفه، وفي الميزان: تفرد به عمرو بن موسى -يعنى: ابن وجيه- وهو متهم، أى: بالوضع. قلت: ما أقبح الكذب ولا سيما في علم الشريعة وحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فالحافظ الهيثمى أورد في كتاب الصلاة حديث أبي بكرة وعزاه للطبرانى في الكبير وقال: فيه عمرو بن وجيه وهو ضعيف، وأورد في كتاب التفسير حديث أبي بردة وقال: رواه الطبرانى في الأوسط وفيه من لم أعرفه، فهذا حديث آخر من رواية صحابى آخر هو شاهد لحديث أبي بكرة، والشارح لبس ودلس وجعلهما حديثًا واحدًا؛ تمشية لغرضه وخيانة للعلم وأهله. وأما الذهبى فما أورد في الميزان هذا الحديث أصلًا ولا قال ما نقله عنه الشارح، بل أورد في ترجمة عمر بن موسى الوجيهى حديثه عن مكحول عن أنس قال: "كان قراءة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قام من الليل الزمزمة"، فهذا حديث آخر في معنى آخر لا ارتباط له بحديث الباب أصلًا، ومع ذلك فلم يقل فيه: تفرد به عمر بن موسى. . . إلخ ما افتراه هذا الرجل. وبعد هذا فالحديث في صحيح البخارى من رواية قتادة، قال: "سئل أنس: كيف كانت قراءة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: مدًا". فهذا أصل الحديث صحيحًا ولفظه بتمامه له طريق آخر من حديث أبي بردة

فلذلك حسنه المؤلف، ولكن الجاهل لا يدرى مقاصد الأئمة الحفاظ. 2692/ 6850 - "كَانَ لَهُ حَرْبَةٌ يَمْشِى بِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا صَلَّى رَكَزَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ". (طب) عن عصمة بن مالك قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الحافظ الهيثمى وغيره: ضعيف هكذا جزم به ولم يوجهه. قلت: أما "غيره" فما رآه الشارح وإنما هو زيادة منه، وأما الحافظ الهيثمى فنعم، قال ذلك وهو يتكلم على كل حديث بحسب طريقه، والحافظ المؤلف يتكلم على الأحاديث بحسب متونها. والمتن ورد من طرق متعددة حَسَّنَ منها جملة الحافظ الهيثمى نفسه في الباب الذي نقل منه الشارح، وأصل ذلك في الصحيح من حديث ابن عمر وأنس، فالحديث حَسَنٌ كما قال المؤلف، بل صحيح بالنظر إلى طرقه وشواهده. 2693/ 6857 - "كَانَ لَهُ قَدَحُ قَوَارير يَشْرَبُ فيْهِ". (هـ) عن ابن عباس قلت: أخرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء في ترجمة مندل بن على فقال: حدثنا محمد بن المسيب ثنا أحمد بن سنان القطان ثنا زيد بن الحباب ثنا مندل ابن على عن محمد بن إسحاق عن الزهرى عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه عن ابن عباس به. وقال ابن حبان في مندل: إنه كان من كبار العباد إلا أنه كان يرفع المراسيل، ويسند الموقوفات، ويخالف الثقات في الروايات من سوء حفظه، فلما سلك غير مسلك المتقنين وقد فحش ذلك منه، عدل به غير مسلك العدول فاستحق الترك.

2694/ 6860 - "كَانَ لَهُ مُكْحُلَةٌ يَكْتَحلُ منْهَا كُلَّ لَيْلَة ثلاثًا في هَذه وَثَلاثًا في هذه". (ت. هـ) عن ابن عباس قلت: وخرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء وبيَّن علته فقال في ترجمة عباد بن منصور: كان قدريًا داعية إلى القدر وكان على قضاء البصرة، وكلما روى عن عكرمة، سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين فدلسه عن عكرمة، منها عن عكرمة عن ابن عباس "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان له مكحلة يكتحل بها في كل ليلة ثلاثا في هذه وثلاثا في هذه": حدثنى محمد بن إسحاق الثقفى حدثنى محمد بن سليمان الباغندى قال: سمعت أحمد بن داود يقول: سمعت على بن المدينى يقول: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: قلت لعباد بن منصور الناجى: عمن سمعت: "ما مررت بملإ من الملائكة"، و"أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يكتحل بالليل ثلاثًا"؟ فقال: حدثنى ابن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس. قال ابن حبان: والحديث حدثناه ابن قتيبة قال: حدثنا محمد بن يزيد المستملى ثنا يزيد بن هارون عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس قال: "كان لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مكحلة. . ." الحديث. 2695/ 6866 - "كَانَ مِمَّا يَقُولُ للْخَادم: ألَكَ حَاجَةٌ؟ ". (حم) عن رجل قال في الكبير: واعلم أن قول المصنف: عن رجل -من تصرفه، والذي في مسند أحمد: عن زياد بن أبي زياد مولى بنى مخذوم عن خادم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل أو امرأة؛ كذا قال فأبدله المصنف برجل فوهم، بل لو لم يقل: رجلٌ أو امرأة كان قول المصنف: رجل خطأ؛ لأن الخادم يطلق على الذكر والأنثى كما صرح به غير واحد من أهل اللغة، ثم إن هذا ليس هو الحديث بكماله بل له عند

مخرجه أحمد تتمة ولفظه: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ممَّا يقول للخادم: ألَكَ حاجة؟ حتى كان ذات يوم قال: يا رسول اللَّه، حاجتى، قال وما حاجتك؟ قال: حاجتى أن تشفع لى يوم القيامة، قال: من دلَّكَ على هذا؟ قال: ربى عز وجلَّ، قال: أما لابد فأعنى بكثرة السجود"، قال الزين العراقى: رجاله رجال الصحيح. قلت: إلى الشارح انتهت الغفلة، فهو يورد تمام الحديث؛ ليفضح نفسه وليدل على غفلته؛ إذ بقية الحديث تنادى وتصرح بأن هذا الخادم ذكرٌ لا أنثى؛ فإنه قال فيه: "حتى كان ذات يوم قال: يا رسول اللَّه. . ." ولم يقل: قالت، ثم قال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فأعني. . ." خطابًا للذكر، ولم يقل: فأعينينى، فإذا كان كل هذا لا يعين أنه ذكر فما أدرى ما يعينه؟! وإلى هذا الحد بلغت به الغفلة. 2696/ 6869 - "كَانَ لا يَأخُذُ بالقَرف وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَ أحَد عَلَى أحَد". (حل) عن أنس قلت: أخرجه في ترجمة الربيع بن صبيح عن محمد بن يونس الشامى [6/ 310]: ثنا قتيبة بن الزكين الباهل ثنا الربيع بن صبيح عن ثابت عن أنس "أنه قيل له: إن هاهنا رجلًا يقع في الأنصار، فقال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . ." وذكره، قال أبو نعيم: غريب لم نكتبه إلا من حديث قتيبة. قلت: وورد من وجه آخر مرسلًا، أخرجه البيهقى في السنن من طريق يعقوب ابن سفيان: ثنا قبيصة ثنا سفيان عن محمد بن جُحادة قال: سمعت الحسن يقول: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يعرف القرف (¬1) ولا يصدق أحدًا على أحدٍ". ¬

_ (¬1) لا يأخذ بالقرف من قرفت الرجل أى عيرته، ويقال: هو يقرف بكذا أى يرمى به ويتهم.

وفي الآداب الكبرى لابن مفلح، فصل: "لا تجوز الهجرة بخبر الواحد عما يوجب الهجرة" قال القاضى: ولا تجوز الهجرة بخبر الواحد بما يوجب الهجرة، نص عليه في رواية أبي مزاحم موسى بن عبيد اللَّه بن يحيى بن خاقان فقال: حدثنى ابن مكرم الصفار ثنا مثنى بن جامع الأنبارى قال: ذكر أبو عبد اللَّه يعنى: أحمد بن حنبل هذا الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كان لا يأخذ بالقرف ولا يصدق أحدًا على أحد" فقال: إلى هذا أذهب. وروى أبو مزاحم: حدثنى ابن مكرم حدثنى الحسن بن الصباح البزار حدثنا وكيع عن سفيان عن محمد بن جحادة عن الحسن به مثله. 2697/ 6876 - "كَانَ لَا يَتَعَارَّ منَ اللَّيل إلا أجْرَى السِّوَاكَ عَلَى فيه". ابن نصر عن ابن عمر قال الشارح: وفيه مجهول. وقال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أحق بالعزو من ابن نصر وهو عجب، فقد رواه هكذا أبو يعلى والطبرانى في الكبير، قال الهيثمى: وسنده ضعيف وفيه راو لم يسم. قلت: فيه أمور، الأول: أنه زاد من عنده: أن ابن نصر خرجه في كتاب الصلاة وهو خرجه في كتاب قيام الليل. الثانى: أنه قال: وفيه مجهول والواقع خلاف ذلك، قال ابن نصر: حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقى ثنا أبو داود هو الطيالسى ثنا محمد بن مهران القرشى حدثنى جدى أبو المثنى عن ابن عمر به، وهؤلاء كلهم ثقات معروفون ليس فيهم مجهول.

الثالث: أنه نقل في الكبير عن الهيثمى أن في سنده ابن نصر وهو تخليط. الرابع: أن الهيثمى قال: فيه من لم يسم، وهو قال: فيه مجهول وبينهما تباين، بل حقه أن يقول: فيه مبهم. الخامس: أنه خلط كلام الهيثمى وحذف منه فغيره تغييرًا مخلًا بالمقصود، فالحافظ المذكور قال: "وعن ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لا ينام إلا والسواك عنده، فإذا استيقظ بدأ بالسواك"، رواه أحمد وأبو يعلى، وقال: في بعض طرقه: "كان لا يتعار ساعة من الليل إلا أجرى السواك على فيه"، وكذلك الطبرانى في الكبير وإسناده ضعيف، وفي بعض طرقه من لم يسم، وفي بعضها حسام بن مِصَكٍّ وغير ذلك اهـ. فجمع هو بين الضعيف ومن لم يسم وجعلهما في سند واحد وأضاف إلى سند ابن نصر الذي ليس فيه مبهم ولا حسام بن مِصَكٍّ. والطريق الذي فيه حسام أخرجه منه أيضًا ابن ترثال في جزئه قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملى ثنا أبو موسى حدثنا عبيد اللَّه الحنفى ثنا حسام بن المصك ثنا عطاء عن ابن عمر به. السادس: لا عجب فيما تعجب منه وإنما العجب فيما ذكره، والحديث له ألفاظ، وقد كرره المصنف بحسبها كما سيأتى قريبًا مرتين. 2698/ 6881 - "كَانَ لَا يُحَدِّثُ حَديثًا إلَّا تَبَسَّمَ". (حم) عن أبي الدرداء قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس بمسلم، فقد قال الهيثمى: فيه حبيب ابن عمر الأنصارى قال الدارقطنى: مجهول. قلت: لكن ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدى: أرجو أنه لا بأس به، ولهذا حسنه المصنف. والحديث خرجه أيضًا الطبرانى في مكارم الأخلاق قال:

حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة ثنا أبي حدثنا بقية بن الوليد حدثنى حبيب بن عمر الأنصارى عن أبي عبد الصمد قال: حدثتني أم الدرداء عن أبي الدرداء به. 2699/ 6883 - "كَانَ لا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ". (ت) عن أنس قال في الكبير: رواه (ت) من حديث قطن بن بشير عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس، قال ابن عدى: كان قطن يسرق الحديث، وهذا يعرف بسرقة قطن، قال الذهبى: هذا ظن وتوهم وإلا فقطن مكثر عن جعفر، وقال المناوى: سند الحديث جيد. قلت: في هذا كذب وتحريف وجهل بالرجال، أول ذلك: أن الحديث ليس فيه قطن بن نُسَيْر، وهو بالنون في أوله وبالسين المهملة مصغرًا لا بشير بالباء والشين المعجمة كما في الأصل، قال الترمذى: حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا جعفر بن سليمان به، ثم قال: هذا غريب، وقد روى هذا عن غير جعفر بن سليمان عن ثابت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا. وهكذا رواه جماعة من طريق قتيبة عن جعفر أيضًا ذكرت منهم في المستخرج على شمائل الترمذى إذ خرجه (ت) فيه أيضًا، والشارح رتب أحاديث الميزان فلما رأى هذا الحديث في ترجمة قطن نسب روايته إلى الترمذى، وذلك عادته في كل حديث، وَلَيتَهُ نقل كلام الذهبى بنصه فإن فيه دلالة على المقصود ولكنه حرفه واقتضبه، قال الذهبى في ترجمة قطن: قال ابن عدى: كان يسرق الحديث، ثم قال ابن عدى في آخر ترجمته: إنه لا بأس به، وذكر له حديث: "كان لا يدخر شيئًا" عن جعفر بن سليمان، ثم قال: وهذا يعرف بقتيبة سرقه قطن منه. . . إلخ. فانظر كيف حرف كلام الذهبى واختصره فأفسده، ثم إن قطن بن نسير ذكره

ابن حبان في الثقات وروى له مسلم في الصحيح. 2700/ 6897 - "كَانَ لَا يُصَلِّى قَبْلَ العِيد شَيئًا، فَإذَا رَجَعَ إلى مَنْزله صَلَّى رَكْعَتَين". (هـ) عن أبي سعيد قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو في ذلك تابع لابن حجر؛ حيث قال في تخريج الهداية: إسناده حسن، لكن قال غيره: فيه الهيثم بن جميل، أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: حافظ له مناكير، وعبد اللَّه بن محمد بن عقيل أورده فيهم أيضًا، وقال: كان أحمد وابن راهويه يحتجان به. قلت: من عجائب الدنيا أن يتعقب مثل هذا الرجل حكم الحافظ الذي هو عند أهل الحديث كما قال الشاعر: إذَا قَالَتْ حَذَام فَصَدِّقُوهَا ... فَإنَّ القَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَام وأعجب منه أن يكون التعقب بالكذب والتدليس، فالهيثم بن جميل ما قال فيه الذهبى ذلك، بل نص ما ذكره في ترجمته: قال الدارقطنى: ثقة حافظ، وقال العجلى: ثقة صاحب سنة، وقال أحمد: ثقة، وقال ابن عدى: ليس بالحافظ يغلط على الثقات وأرجو أنه لا يتعمد الكذب اهـ. وكذلك وثقه موسى بن داود وإبراهيم الحربى، وذكره ابن حبان في الثقات. وأما عبد اللَّه بن محمد بن عقيل فالخلاف فيه معروف، وأكثر المحدثين الترمذى فمن بعده يحسنون حديثه، والذهبى نفسه لما نقل الخلاف فيه قال: قلت: حديثه حسن، ومن أجل هذا حكم لهذا الحديث بالحسن جماعة قبل الحافظ منهم: البوصيرى في زوائد ابن ماجه. 2701/ 6899 - "كَانَ لَا يُصيبهُ قُرْحَةٌ وَلا شَوْكَةٌ إلَّا وَضَعَ عَلَيهَا الْحِنَّاءَ". (هـ) عن سلمى

قال الشارح: هذا الاسم في الصحب كثير؛ فكان اللائق تمييزه. قلت: لو رجع الشارح إلى أصل ابن ماجه لعرف أنها سلمى أم رافع امرأة أبي رافع مولى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنه صرح بذلك في نفس الحديث، وكأن المؤلف ترك ذلك اختصارًا واعتمادًا على شهرة الحديث بها. والحديث خرجه أيضًا الترمذى لكن بلفظ لا يدخل هنا؛ وهو قولها: "ما كان يكون برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قرحة إلا أمرنى أن أضع عليها الحناء"، فلو علم (ش) بهذا لأسخف على عادته ولكن اللَّه سلم. 2702/ 6906 - "كَانَ لَا يُفَارقهُ في الحَضَر وَلا في السَّفَر خَمْسٌ: المرْآةُ، وَالمُكْحلَةُ، وَالمُشْطُ، والسِّوَاكُ، وَالمدرَى". (عق) عن عائشة [قال:] وفيه يعقوب بن الوليد الأزدى كذبه أبو حاتم ويحيى. . إلخ ما حكاه، ثم قال: وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه. قلت: هذا كذب على المصنف؛ فإنه رمز له بعلامة الضعيف. 2703/ 6908 - "كَانَ لا يَقْعُدُ في بَيْت مُظْلم حَتَّى يُضَاءَ لَهُ بالسِّرَاج". ابن سعد عن عائشة قلت: أخرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء قال: حدثنا إسحاق بن أحمد القطان بتنيس ثنا عباس بن محمد الدورى ثنا إبراهيم ابن شماس ثنا يحيى القطان عن سفيان الثورى عن جابر عن أبي محمد عن عائشة به. قال ابن حبان: أبو محمد يروى عن عائشة ما لم يحدث به الثقات عنها، لا يجوز الاحتجاج به، وجابر قد تبرأنا من عهدته.

2704/ 6919 - "كَانَ لا يَنَامُ إلَّا وَالسِّوَاكُ عِنْدَ رَأسِهِ، فَإذَا اسْتَيقَظَ بَدَأ بِالسِّوَاكِ". (حم) ومحمد بن نصر زاد الشارح: في كتاب الصلاة عن ابن عمر. ثم قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد قال الحافظ الهيثمى: سنده ضعيف وفي بعض طرقه من لم يسم وفي بعضها حسام. قلت: ابن نصر خرجه في كتاب قيام الليل لا في كتاب الصلاة وليس سنده ضعيفًا، ولا فيه حسام بن مِصَكٍّ، ولا فيه من لم يسم، وارجع إلى حديث: "كان لا يتعار" المار قريبًا فقد تقدم فيه بيان ما فيه. 2705/ 6925 - "كَانَ لا يُواجِهُ أحدًا في وَجْهِهِ بِشَيْءٍ يَكْرَههُ". (حم. خد. د. ن) زاد الشارح في اليوم والليلة عن أنس. ثم قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف، ثم قال: ورمز المصنف لحسنه. قلت: ليس هذا من موضوع اليوم والليلة ولا خرجه النسائى فيه، وإنما خرجه في السنن الكبرى وهو من رواية سلم العلوى عن أنس، وسلم مختلف فيه، وقد وثقه ابن معين، وقال ابن عدى: هو مقل لا يمكن الحكم عليه بالضعف لا سيما إذا لم يرو منكرًا اهـ. فلهذا حكم المصنف بحسنه. 2706/ 6926 - "كَانَ لا يُولِّى واليًا حَتَّى يُعمِّمَهُ ويُرخِى لها عَذَبةً من جَانِبِ الأيمن نَحْوَ الأذُنِ". (طب) عن أبي أمامة

قال في الكبير: قال الهيثمى تبعًا لشيخه العراقى في شرح الترمذى فيه جميع بن ثوب وهو ضعيف. قلت: كذب الشارح وجهل في قوله: إن الهيثمى تبع في ذلك شيخه، فالهيثمى رتب معاجم الطبرانى الثلاثة ووقف على أسانيدها وتكلم على جميعها، فكيف يحتاج إلى اتباع شيخه في الإخبار عن وجود رجل في سند حديث؟! وإذا كان كذلك ففي أى كتاب ذكر العراقى تلك الآلاف من الأحاديث التي تكلم عليها الهيثمى حتى قلده في جميعها؟! إن هذا لتهور عظيم وجهل كبير. والحديث خرجه أيضًا الدولابى في الكنى قال: حدثنى عبد الصمد بن عبد الوهاب المعروف بصيد ثنا يحيى بن صالح الوحاظى ثنا جميع بن ثوب ثنا أبو سفيان الرعينى عن أبي أمامة به. 2707/ 6934 - "كَانَ يأكُلُ البِطِّيخَ بِالرُّطَبِ". (هـ) عن سهل بن سعد، (ت) عن عائشة (طب) عن عبد اللَّه بن جعفر قال في الكبير: ظاهره أن الترمذى وابن ماجه تفردا به من بين الستة وليس كذلك، بل رواه عنها أيضًا النسائى. قلت: ما رواه النسائى في الصغرى التي هي إحدى الكتب الستة، ورواه أيضًا ابن مردك في فوائده، وأبو نعيم في الحلية كلاهما من طريق داود الطائى عن هشام عن عروة عن أبية عن عائشة. وأما حديث عبد اللَّه بن جعفر فهو في الصحيحين بلفظ: "كان يأكل القثاء" وسيأتى قريبًا بعد أربعة أحاديث في المتن، والشارح لم يعلم ذلك وإلا لأسخف أيضًا.

2708/ 6938 - "كَانَ يأكُلُ الهَدِيَّةَ ولا يَأكُلُ الصَّدَقَة". (حم. طب) عن سلمان ابن سعد عن عائشة وعن أبي هريرة قال في الكبير: كلام المصنف كالصريح في أنه ليس في الصحيحين ولا في أحدهما وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف وهو ذهول عجيب، فقد قال الحافظ العراقى وغيره: إنه متفق عليه باللفظ المزبور عن أبي هريرة: "وأول ناس أول الناس". قلت: بل أنت أكبر ذاهل وأعظم ناسٍ وأبلد الناس وأكذب الناس، فالحديث ما خرجاه باللفظ المزبور، بل بلفظ: "كان إذا أتى بطعام سأل عنه أهدية أم صدقة؟ فإن قيل: صدقة، قال لأصحابه: كلوا ولم يأكل، وإن قيل: هدية، ضرب بيده فأكل معهم". وقد ذكره المصنف سابقًا وعزاه للبخارى ومسلم والنسائى من حديث أبي هريرة، فأين نسيان المؤلف وذهوله العجيب وأين اللفظ المزبور؟!. 2709/ 6947 - "كَانَ يأمُرُ بالعتَاقَةِ في صَلاةِ الكُسُوفِ". (د. ك) عن أسماء قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه من الستة غير أبي داود والأمر بخلافه، فقد رواه البخارى عن أسماء في مواضع. . . إلخ. قلت: وكذلك أخرجه مسلم والنسائى وابن ماجه، ولكن يا سخيف ليس في لفظ واحد منهم ما يدخل في هذا الموضع وذكر ذلك يطول. 2710/ 6962 - "كَانَ يتتبَّعُ الْحَريرَ مِنَ الثَّوْبِ فيَنْزَعُهُ". (حم) عن أبي هريرة

قلت: رواه أيضًا البخارى في الكنى عن عبد اللَّه بن يزيد: ثنا حيوة أخبرنا أبو هانئ الخولانى أن أبا سعد الغفارى أخبره أنه سمع أبا هريرة به. 2711/ 6965 - "كانَ يتَحَرَّى صِيَام الاثْنَينِ والخميس". (ت. ن) عن عائشة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وأصله قول الترمذى: حسن غريب، ورواه عنها أيضًا ابن ماجه وابن حبان، وأعله ابن القطان بالراوى عن عائشة وهو ربيعة الجرشى وأنه مجهول، قال ابن حجر: وأخطأ فهو صحابى، وإطلاقه التخطئة غير صواب، فقد قال شيخه العراقى: اختلف في صحبته. . . إلخ. قلت: تعقب الشارح على الحافظ من جهله وقلة معرفته، فابن القطان ادعى أن ربيعة مجهول، والمجهول إما يكون مجهول العين أو الحال، وربيعة غير مجهول لا عينا ولا حالا. أما جهالة العين فإنها ترفع برواية اثنين، وربيعة روى عنه ابنه الغاز، وخالد ابن معدان ويحيى بن ميمون الحضرمى، وعلى بن رباح، وعطية بن قيس، والحارث بن يزيد، ومجاهد والنضر بن أنس، وأبو المتوكل الناجى، وبشير ابن كعب وغيرهم. وأما الحال فإنه مشهور معروف بالفقه والثقة والعدالة، قال ابن المتوكل: كان فقيه الناس في زمن معاوية، وقال يعقوب بن شيبة: كان أحد الفقهاء، وقال الدارقطنى: ثقة، واتفقوا على أنه قتل يوم مرج راهط مع الضحاك بن قيس سنة أربع وستين، فبان خطأ قول ابن القطان: إنه مجهول وصواب رد الحافظ عليه وخطأ الشارح في تعقبه. وأما الاختلاف في صحبته فلا يتعقب به على الحافظ، لأنه حكى في التهذيب والإصابة أكثر مما حكاه العراقى، ولكنه جزم بصحبته لكونها ترجحت عنده من

فائدة

كثرة الأحاديث التي رواها عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن أقوال من جزم بصحبته من أئمة الحديث. 2712/ 6966 - "كَانَ يَتَخَتمُ في يَمِينِهِ". (خ. ت) عن ابن عمر (م. ن) عن أنس (حم. ت. هـ) عن عبد اللَّه بن جعفر قال في الكبير: قال الحافظ العراقى في شرح الترمذى وتبعه تلميذه الحافظ ابن حجر: ورد التختم في اليمنى من رواية تسعة من الصحابة، وفي اليسار من رواية ثلاثة، كذا قالاه، لكن يعكر عليه نقل العراقى نفسه التختم في اليسار عن الخلفاء الأربعة وابن عمر وعمرو بن حريث. . . إلخ. قلت: الشارح لعدم فهمه كلام أهل الفن لم يفرق بين قولهم من رواية ثلاثة من الصحابة وبين حكاية ذلك عن ستة مع أنه أوضح من الواضح، فكونه من رواية ثلاثة يعنى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأما حكايته عن الخلفاء الأربعة ومن ذكر معهم -إن صح نقل ذلك- فالمراد به من فعلهم لا من روايتهم، فلا يعكر شيء على شيء إلا في نظر الشارح القصير الفهم القليل الدراية بالفن. فائدة الصحابة التسعة الذين رووا تختمه -صلى اللَّه عليه وسلم- في اليمين هم: الثلاثة المذكورون في المتن وابن عباس وعائشة وأبو أمامة وعلى وجابر بن عبد اللَّه وأبو هريرة. فابن عباس روى حديثه أبو داود (رقم 4229)، والترمذى، والطبرانى في الكبير، وأبو عمرو بن حمدان في فوائده. وعائشة روى حديثها البزار وأبو الشيخ وأبو عمرو بن حمدان. وأبو أمامة روى حديثه الطبرانى وأبو عمرو بن حمدان.

وعلى روى حديثه أبو داود [رقم 4226]، والترمذى في الشمائل [رقم 77] وابن حبان في الصحيح. وجابر بن عبد اللَّه روى حديثه الترمذى في الشمائل [رقم 79]. وأبو هريرة روى حديثه الدارقطنى في غرائب مالك بسند واه. أما الذين رووا تختمه في اليسار فأربعة: أنس وابن عمر (¬1)، وسيذكر المصنف حديثهما في المتن، وأبو سعيد الخدرى رواه أبو الشيخ، ويعلى بن شداد عند ابن سعد في الطبقات. 2713/ 6976 - "كَان يتمثَّلُ بالشِّعْر: ويَأتِيكَ بالأخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّد". (طب) عن ابن عباس (ت) عن عائشة قلت: حديث ابن عباس أخرجه أيضًا البزار في مسنده: ثنا يوسف بن موسى ثنا أسامة عن زائدة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتمثل من الأشعار: ويأتيك. . . البيت"، ثم قال: ورواه غير زائدة عن سماك عن عكرمة عن عائشة. قلت: سيأتى، ورواه البخارى في الأدب المفرد قال: حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال: "إنها كلمة نبي: ويأتيك بالأخبار من لم تزود". ورواه ابن قتيبة في عيون الأخبار: حدثنى أبو الخطاب قال: حدثنا معتمر عن ليث به مثله، إلا أنه ذكر البيت بتمامه: ¬

_ (¬1) رواه أبو داود (رقم 4227).

تنبيه

ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلًا ... ويأتيك [بالأخبار من لم تزوِّد] وهكذا رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من وجه آخر عن ابن عباس فقال: أخبرنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا محمد بن عامر حدثنى أبي ثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "إن الناس يزعمون أن هذا قول طرفة، ما قالها إلا نبي: ستبدى لك الأيام [ما كنت جاهلًا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود] وحديث عائشة رواه أيضًا أحمد في مسنده قال [6/ 146]: حدثنا هشيم ثنا مغيرة عن الشعبى عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا اسْتراث الخبر تمثل فيه ببيت طرفة: ويأتيك. . . البيت"، وقد تقدم عزوه للمصنف قريبًا. وأخرجه البخارى في الأدب المفرد قال: حدثنا محمد بن الصباح حدثنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن عكرمة سألت عائشة: "هل سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتمثل شعرًا قط؟ فقالت: أحيانًا إذا دخل بيته يقول: ويأتيك بالأخبار من لم تزود". ورواه الطحاوى في مشكل الآثار: حدثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا أبو الوليد الطيالسى (ح) وحدثنا بريد حدثنا أبو غسان ثنا شريك بن عبد اللَّه عن المقدام بن شريح عن أبيه قال: قلت لعائشة: "أكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتمثل بشيء من الشعر فقالت: نعم بشعر ابن رواحة، وربما قال هذا البيت: ويأتيك بالأخبار من لم تزود". تنبيه قال الشارح في الكبير: وفي رواية: "كان أبغض الحديث إليه غير أنه تمثل مرة ببيت أخى قيس بن طرفة. . ." إلخ، ثم قال: وهذا بعد الإغماض وفرض

صحة الرواية وإلا فقد قال البعض لم أر له إسنادًا ولم يسنده ابن كثير في تفسيره كما زعمه بعضهم اهـ. قلت: ابن كثير عزاه لمن أسنده وهو ابن أبي حازم وابن جرير في تفسيرهما، وقد قال ابن جرير: حدثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة قال: قيل لعائشة: "هل كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: كان أبغض الحديث إليه. . ." إلخ ما ذكره الشارح. ورواه عبد الرزاق عن معمر قال: بلغنى أن عائشة سئلت، فذكر مثله. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الحافظ أبو بكر الرازى في الأحكام، وذكره البغوى عن معمر فقال عن قتادة: بلغنى أن عائشة. . . مثله. 2714/ 6977 - "كانَ يتمثلُ بهذا البيْت: كَفَى بالإسْلام والشَّيْب للمَرْء نَاهِيًا". ابن سعد عن الحسن مرسلا قلت: أخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة قال: حدثنا النضر بن عبد اللَّه الحلوانى ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن الحسن "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتمثل بهذا البيت: كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيًا، فقال أبو بكر رضي اللَّه عنه: إنما قال الشاعر: كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا، فجعل أبو بكر يقول: الشيب والإسلام، والنبى -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: الإسلام والشيب، فقال أبو بكر رضي اللَّه عنه: أشهد أنك رسول اللَّه صلى اللَّه عليك، ما علمك ما علمك (¬1) اللَّه الشعر وما ينبغى لك". ورواه الثعلبى في تفسيره من رواية موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل بالتكرار.

فقال: عن على بن همدان: حدثنا يوسف بن أبي زيد عن الحسن به مثله. وكذلك أخرجه من طريقه البغوى، وما أراه إلا وقع له قلب في الإسناد فليحرر. 2715/ 6981 - "كانَ يتوضأ ثُمَّ يُقبِّلُ ويُصلِّى ولا يتوضَّأُ" (حم. هـ) عن عائشة قال في الكبير: رمز المصنف لصحته، ونقل الدميرى تضعيفه عن البيهقى، وضعفه مغلطاى في شرح أبي داود. قلت: وهذا مستند الشارح في قوله في الصغير: إسناده حسن وقيل: ضعيف، فكأنه توسط بين حكم المصنف بصحته وحكم غيره بضعفه، وهو تصحيح وتحسين بالرأى والهوى، فالحديث كما قال المصنف صحيح لتعدد طرقه وشواهده، وبيان ذلك كتب أحاديث الأحكام. 2716/ 6982 - "كانَ يتوضَّأُ واحدَةً واحدَةً، واثنتينِ اثنتينِ، وثَلاثًا ثَلاثًا، كلُّ ذلك يَفْعلُ". (طب) عن معاذ قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه والأمر بخلافه، فقد قال الهيثمى: فيه محمد بن سعيد المصلوب ضعيف جدًا. قلت: هذا ثابت في الأحاديث الصحيحة المتعددة كما اعترف به الشارح نفسه، فالحديث وإن كان ضعيف السند فهو حسن المتن لشواهده، فلذلك حسنه المؤلف. 2717/ 6986 - "كانَ يجعلُ فَصَّهُ مما يلى كفَّهُ". (هـ) عن أنس وابن عمر قال: وهذا الحديث في مسلم عن ابن عمر ولفظه: "اتخذ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خاتما من

ذهب ثم ألقاه، ثم اتخذ خاتما من ورق ونقش فيه: "محمد رسول اللَّه"، وقال: لا ينقش أحد على نقش خاتمى، وكان إذا لبسه جعل فصه مما يلى بطن كفه"، هذا لفظه ولعل المؤلف غفل عنه فعزاه لابن ماجه. قلت: لا لم يغفل عنه ولكنك أنت تتغافل عن أحكام المؤلف، وأن هذا اللفظ لا يدخل هنا مع تحققك بذلك. 2718/ 6997 - "كانَ يُحبُّ أن يُفطِر عَلى ثَلاث تمراتٍ أو شَيء لَمْ تُصبْهُ النَّار". (ع) عن أنس قال في الكبير: رواه أبو يعلى عن إبراهيم بن الحجاج عن عبد الواحد بن زياد عن ثابت عن أنس، رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، قال ابن حجر: عبد الواحد قال البخارى: منكر الحديث اهـ. وقال الهيثمى: فيه عبد الواحد بن ثابت وهو ضعيف. قلت: أبى اللَّه لقلم الشارح أن يكتب إلا وهما وخطأ، فعبد الواحد بن زياد ثقة من رجال الصحيح ولا ذكر له في السند، وإنما هو عبد الواحد بن ثابت كما نقله أخيرًا عن الهيثمى، وكذلك ذكره الحافظ في التلخيص، وعبد الواحد اين ثابت وإن قال فيه البخارى منكر الحديث فهو مُقِلٌّ ولم يضعفه أحد بحجة، ومع ذلك فالحديث له شواهد متعددة صحيحة وحسنة في مواظبته -صلى اللَّه عليه وسلم- على الفطر بالتمر أو الماء، بل ورد أمره بذلك، وهذا الحديث غايته أنه نص فيه على العلة وهى أنه كان يقصد بالإفطار على التمر والماء تجنب ما مسته النار، وهذا معنى تشهد له أصول أخري ككونه أوجب معه الوضوء ونهى عن البناء على القبر لتلك العلة أيضًا، فلمجموع هذه الشواهد حسنه المؤلف. 2719/ 7001 - "كانَ يُحِبُّ الزُّبْدَ وَالتَّمْرَ". (د. هـ) عن ابنى بُسر

قال في الكبير بعد أن كتبه ابن بالإفراد: هو بكسر الوحدة وسكون المعجمة، وابن بشر في الصحابة اثنان سلمانيان هما: عبد اللَّه وعطية، فكان ينبغى للمصنف تمييزه. قلت: من مصائب هذا الرجل أنه يحرف ويصحف من عنده فيخلق بذلك إشكالًا ينسبه إلى المؤلف وهو برئ من ذلك، فالواقع أن الحديث من رواية سُليم بن عامر عن ابنى بسر بالتثنية وهما: عطية وعبد اللَّه، فالحديث من روايتهما معًا، لأنهما قالا: "دخل علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأطعمناه تمرًا وزبدًا، وكان يحب الزبد والتمر"، ثم إن والدهما بضم الباء وبالسين المهملة لا بكسر الباء والمعجمة كما قال الشارح، وأيضًا نسبتهما سُلَمِيين بضم السين وفتح اللام وكسر الميم لا سلمانيان كما حرفه الشارح أيضًا. 2720/ 7003 - "كَانَ يُحبُّ هَذِهِ السُّورَةَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}. (حم) عن على قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال العراقى: سنده ضعيف، وبينه الهيثمى فقال: فيه ثور بن أبي فاختة وهو متروك، وبه يعرف أن رمز المصنف لحسنه زلل فاحش. قلت: بل الكذب زلل فاحش وذنب عظيم ممقوت، فالمصنف رمز لضعفه لا لحسنه كما افتراه الشارح. 2721/ 7009 - "كَانَ يُحفى شَارِبَهُ". (طب) عن أم عياش مولاته قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وقال الهيثمى: فيه عبد الكريم بن روح وهو متروك. قلت: لكن ذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ ويخالف، وليس في

هذا الحديث ما يخطأ فيه، لا سيما وشواهده صحيحة في أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بإحفاء الشوارب، وفي إحفاء شاربه أيضًا، فلذلك حسنه المؤلف. 2722/ 7014 - "كَانَ يَخْرُجُ في العِيدَينِ رَافعًا صَوتَهُ بالتَّهليل والتكبِير". (هب) عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه الحاكم عنه أيضًا، ورواه الشافعى موقوفًا فما أوهمه اقتصار المصنف على البيهقى من تفرده به غير جيد. قلت: أما الموقوف فلا موضع له هنا، لأن الكتاب خاص بالمرفوع، فذكره من الشارح من فرط جهله وسخافة عقله. وأما المرفوع الذي خرجه الحاكم فلفظه عنده: "كان يكبر يوم الفطر من حين يخرج من بيته حتى يرجع"، وقد ذكره المصنف بعد هذا في موضعه من الفعل المضارع الذي أوله الكاف بعد حرف المضارعة وعزاه للحاكم والبيهقى، فلو كان للشارح حياء لسكت عن مثل هذه الفضائح والمخازى. 2723/ 7016 - "كَانَ يَخْطُبُ بـ "قَاف" كُلَّ جُمعَةٍ". (د) عن بنت الحارث بن النعمان قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد الشيخين وهو ذهول، فقد خرجه مسلم، ورواه أيضًا الترمذى وابن ماجه. قلت: أما مسلم فرواه بألفاظ متعددة ليس واحد منها على شرط الكتاب. وأما الترمذى وابن ماجه فما خرجاه وإن وهم بعضهم فعزاه إلى ابن ماجه، وقال: إنه رواه في الصلاة عن محمد بن المثنى.

2724/ 7024 - "كَانَ يُديرُ العِمَامَة على رَأسه، ويغْرزُهَا منْ وَرَائِهِ، ويُرْسِلُ لَهَا ذُؤابَة بيْنَ كَتفيهِ". (طب. هب) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الهيثمى عقب عزوه للطبرانى: رجاله رجال الصحيح إلا عبد السلام وهو ثقة. قلت: راويه أبو عبد السلام بأداة الكنية لا عبد السلام، وكذلك هو في مجمع الزوائد. أما قول الحافظ الهيثمى: وهو ثقة، فكذلك وقع في الأصل وهو سبق قلم، كأنه أراد أن يقول: وهو غير ثقة فسقط من قلمه لفظ: غير، فإن أبا عبد السلام هذا مجهول لا يعرف كما قال الذهبى، بل ذكره ابن حبان في الضعفاء فقال: أبو عبد السلام شيخ يروى عن ابن عمر ما لا يشبه حديث الأثبات لا يجوز الاحتجاج به. روى عن ابن عمر قال: "قلت لابن عمر: كيف كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعتم؟ قال: كان. . ." وذكره، ثم قال: حدثناه الحسن بن سفيان: ثنا أبو كامل الجحدرى ثنا أبو معشر ثنا خالد الحذاء حدثنى أبو عبد السلام به. 2725/ 7027 - "كَانَ يَرَى بالليلِ في الظُّلْمَةِ كَمَا يَرَى بالنَّهَارِ في الضَّوْءِ". البيهقى في الدلائل عن ابن عباس (عد) عن عائشة قال في الكبير: ضعفه ابن دحية، وقال البيهقى: ليس بالقوى، وقال ابن الجوزى في حديث عائشة: لا يصح وفيه عبد اللَّه بن محمد بن المغيرة، قال العقيلى: يحدث بما لا أصل له، وذكره في الميزان مع جملة أحاديث وقال: هذه موضوعات، ومع ذلك كله رمز المصنف لحسنه ولعله لاعتضاده.

قلت: نعم لاعتضاده، فإن الحديث له طريقان متباينان وله مع ذلك شواهد في الصحيح من حديث أنس وأبي هريرة: "أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان من خلفه يرى كما يرى من أمامه"، وفي الصحيح حديث: "ولا يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به"، والنبى -صلى اللَّه عليه وسلم- سيد المحبوبين فمن كان اللَّه بصره فإنه يستوى عنده الظلمة والنور ويرى ببصره كما يرى بجميع ذاته وأجزائه. إذا ما بدت ليلى فكلى أعين ... وإن هي ناجتنى فكلى مسامع فالحديث صحيح معناه وإن اقتصر المؤلف على تحسين لفظه. وقد خرج حديث عائشة ابن بشكوال في الصلة من طريق الحسن بن رشيق قال: حدثنا الحسين بن حميد العكى ثنا زهير بن عباد الرؤاسى حدثنا عبد اللَّه ابن المغيرة عن سفيان الثورى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به. 2726/ 7034 - "كَانَ يَزورُ الأنْصَارَ ويسَلِّمُ على صِبْيَانِهِم، ويَمْسْحُ رُءُوسَهُمْ". (ن) عن أنس قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن النسائى تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه، بل خرجه الترمذى عن أنس أيضًا، قال جدى رحمه اللَّه في أماليه: هذا حديث صحيح، ورواه أيضًا ابن حبان في الصحيح، فرمز المصنف لحسنه غير جيد، بل كان الأولى الرمز لصحته. قلت: الحديث ما خرجه الترمذى أصلًا لا من حديث أنس ولا من حديث غيره، وكذلك لم يخرجه النسائى في الصغرى خلاف [ما] يقتضيه صنيع المؤلف ثم هو من رواية جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس. وجعفر وإن احتج به مسلم فقد ضعفه جماعة وتكلموا فيه وقال بعضهم: هو حسن الحديث، وذلك ما ترك المؤلف اقتصر على تحسينه.

2727/ 7040 - "كَانَ يَستَحِبُّ أن يُسافِرَ يَوْمَ الخَميس". (طب) عن أم سلمة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو زلل، فقد أعله الهيثمى وغيره بأن فيه خالد بن إياس وهو متروك. قلت: كلمة غيره كذب من الشارح، والحديث حسن كما قال المؤلف رغمًا على جهل الشارح، فإنه وإن كان ضعيف السند فقد وردت له شواهد يرتقى بها إلى الحسن، فعند الطبرانى في الأوسط من حديث بريدة: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا أراد سفرًا خرج يوم الخميس". وعنده فيه أيضًا من حديث كعب بن مالك قال: "ما كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخرج إلى سفر أو يبعث بعثًا إلا يوم الخميس"، ورجال هذا رجال الصحيح، والحديثان ذكرهما الهيثمى في الباب الذي نقل منه الشارح كلامه على حديث أم سلمة ولكنه أغمض العين عن ذلك. وورد من طرق متعددة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم بارك لأمتى في بكورها يوم الخميس". وفي حديث عند الطبرانى في الأوسط عن عائشة مرفوعًا: "اغدوا في طلب العلم فإنى سألت ربى أن يبارك لأمتى في بكورها ويجعل ذلك يوم الخميس". 2728/ 7041 - "كَانَ يَسْتَحِبُّ أنْ يَكُونَ لَهُ فَروَةٌ مَدْبوغَةٌ يُصلِّى عليها". ابن سعد عن المغيرة قال في الكبير: فيه يونس بن الحارث الطائفى، قال في الميزان: له مناكير هذا منها. قلت: يونس بن الحارث لا يبلغ حديثه أن يكون منكرًا، فقد قال ابن معين مرة: لا بأس به، وكذا قال ابن عدى، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال

أبو داود: مشهور، وخرج له هذا الحديث في سننه وسكت عليه، وكذا خرجه أحمد، والحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بذكر الفروة، وإنما أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد في الصلاة على الحصير، وأقره الذهبى على ذلك وهو من عجيب أمره مع قوله في الميزان: إنه من مناكير يونس بن الحارث. وأخرجه أيضًا الدولابى في الكنى: حدثنا يزيد بن سنان حدثنا أبو كامل ثنا أبو معشر البراء حدثنا يونس بن الحارث بن مندويه قال: حدثنى محمد بن عبيد اللَّه بن سعيد أبو عون الثقفى عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يستحب أن يصلى على حصير أو فروة". وأخرجه الطبرانى قال: حدثنا على بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا يونس بن الحارث به مثله. ولم يعلم الشارح بأن هؤلاء خرجوه لا سيما أبو داود وإلا لأسخف سخافته المعتاد أن يسخف بها في مثل هذا؛ لجهله وعدم معرفته، فإن المصنف قد ذكر هذا الحديث فيما سيأتى بلفظ: "كان يصلى على الحصير والفروة المدبوغة"، وعزاه لأحمد وأبي داود والحاكم ورمز له بعلامة الصحيح، وتكلم عليه الشارح هناك بكلام لم يذكره هنا، فهو هنا لم يعرف ما هناك ولما وصل إلى ذلك الحديث لم يتذكر ما فات هنا مع تقارب الحديثين وقد وقع له هناك غلط فاحش سننبه عليه بحول اللَّه. 2729/ 7048 - "كانَ يستمطرُ في أوَّلِ مطرة ينزعُ ثيابَهُ كلَّهَا إلا الإزارَ". (حل) عن أنس قلت: سكت عليه الشارح وهو ضعيف لأنه من رواية يزيد الرقاشى عن أنس وهو عند أبي نعيم [8/ 377] في ترجمة وكيع.

2730/ 7055 - "كانَ يشربُ ثلاثةَ أنفاسٍ، يسمِّى اللَّهَ في أوَّلِهِ ويحمَدُ اللَّهَ في آخرِهِ" ابن السنى عن نوفل بن معاوية قال في الكبير: وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرج في أحد الكتب المشاهير وهو عجب فقد خرجه الطبرانى باللفظ المزبور عن نوفل المذكور، ورواه الطبرانى أيضًا في الأوسط والكبير بلفظ: "كان يشرب في ثلاثة أنفاس، إذا أدنى الإناء إلى فيه سمى اللَّه وإذا أخره حمد اللَّه، يفعل ذلك ثلاث مرات"، قال الهيثمى: فيه عتيق بن يعقوب لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: فيه ثلاثة أمور، الأول: لفظ الحديث عند الطبرانى: "رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يشرب بثلاثة أنفاس يسمى اللَّه في أولها. . ." الحديث، وهذا غير اللفظ المذكور هنا ولا يجوز ذكره في هذا الكتاب بالمرة لأنه ليس من شرطه، فقوله: باللفظ المزبور من كذبه. الثانى: قوله: ورواه الطبرانى أيضًا يفيد أنه رواه من حديث نوفل المذكور بلفظين مع أن هذا حديث آخر من رواية أبي هريرة. الثالث: قوله: وفيه عتيق بن العلاء يوهم أنه في حديث نوفل المذكور في الكتاب لأنه الذي يجب الكلام عليه، والواقع خلاف ذلك بل هو من رواية شبل بن العلاء وهو ضعيف وقد نص على ذلك الهيثمى [5/ 81] فأغفله الشارح ونقل الكلام على حديث أبي هريرة الذي لم يذكر في المتن. 2731/ 7060 - "كانَ يُصَلِّى الضُّحَى ستَّ ركعاتٍ". (ت) في الشمائل عن أنس قال الشارح: ورواه الحاكم عن جابر وإسناده صحيح.

قلت: إطلاق العزو إلى الحاكم يفيد أنه في المستدرك وليس كذلك، بل خرجه في كتاب في الضحى وهو كتاب مستقل، وقد صرح بذلك الشارح في الكبير وكأنه ظن أن حذف اسم الكتاب من الاختصار أيضًا فوهم وأوهم. 2732/ 7061 - "كانَ يُصلِّى الضُّحَى أربعًا ويزيدُ مَا شاءَ اللَّهُ". (حم. م) عن عائشة قال في الكبير: ظاهر صنيعه أنه لم يخرجه من الستة إلا مسلم وليس كذلك بل رواه عنها أيضًا النسائى وابن ماجه والترمذى في الشمائل. قلت: أما النسائى فما أخرجه في الصغرى، وأما شمائل الترمذى فليست من الكتب الستة ولا عناية لأهل الحديث بالعزو إليها إلا فيما انفرد الترمذى بإخراجه فيها، وأما ابن ماجه فنعم خرج الحديث في سننه [1/ 439، رقم 1381] ولم يعزه إليه فكان ماذا؟ لاسيما بعد عزوه إلى صحيح مسلم [1/ 479/ 78 و 79]. 2733/ 7068 - "كانَ يُصلِّى علَى الحصيرِ والفروةِ المدبُوغَةِ". (حم. د. ك) عن المغيرة قال في الكبير: قال (ك): صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبى في التلخيص لكنه في المهذب قال: فيه يونس بن الحارث ضعيف، وقال العراقى: خرجه أبو داود من رواية ابن عون عن أبيه عن المغيرة، وابن عون اسمه: محمد بن عبيد اللَّه، ثقة وأبوه لم يرو عنه فيما علمت غير ابنه عون، قال فيه أبو حاتم: مجهول، وذكره ابن حبان في ثقات أتباع التابعين وقال: يروى المقاطيع، وهذا يدلى على الانقطاع بينه وبين المغيرة. قلت: فيه أمران، أولهما: هذا الحديث تقدم قريبًا بلفظ: "كان يستحب الصلاة" ولم يذكر الشارح فيه هذا الكلام هناك لكونه لا يعلم، وقد سبق التنبيه على ذلك، والسند واحد.

ثانيهما: أنه حرف هذا النقل عن الحافظ العراقى، وصوابه: أبو عون بأداة الكنية في جميع ما ذكر، وهو أبو عون محمد بن عبيد اللَّه بن سعيد الثقفى، فأبوه عبيد اللَّه لم يرو عنه غير ابنه أبي عون محمد. 2734/ 7069 - "كانَ يُصلِّى بعدَ العصرِ وينهَى عنْهَا ويواصلُ وينْهَى عنِ الوصالِ". (د) عن عائشة قال الشارح: بإسناد صحيح. وقال في الكبير: رواه أبو داود من حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو عن ذكوان مولى عائشة عن عائشة، قال الحافظ: وينظر في عنعنة محمد بن إسحاق اهـ. وبه يعرف أن إقدام المصنف على رمزه لصحته غير جيد. قلت: وإذا كان كذلك فلم رجعت في الصغير وقلت: بإسناد صحيح؟ وبعد، فمحمد بن إسحاق ثقة إمام فحديثه صحيح على ما استقر عليه بحث الأئمة وتحقيقهم، وبسط ذلك يطول، وأكثر الأئمة يصححون حديثه. 2735/ 7070 - "كانَ يُصلِّى علَى بسَاطٍ". (هـ) عن ابن عباس قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وليس بجيد، فقد قال مغلطاى في شرح ابن ماجه: فيه زمعة ضعفه كثيرون، ومنهم من قال: متماسك اهـ. ورواه الحاكم من حديث زمعة أيضًا عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس به، قال الحاكم: صحيح احتج مسلم بزمعة، فتعقبه الذهبى بقوله: قرنه بآخر، وسلمة ضعفه أبو داود.

قلت: وإذا كان تحسين المصنف إياه غير جيد فلم تبعته بعد هذا في الصغير وقلت: إنه حسن؟! ما ذاك إلا لعلمك بأن المصنف حسنه لشواهده، منها الحديث الصحيح المار قريبًا: "كان يصلى على الحصير والفروة المدبوغة". وأيضًا فزمعة ما اتهم بكذب، بل قالوا: إنه كان رجلا صالحا وإنما كان يخطئ ويهم وذلك ظاهر منه في هذا الحديث، ففي رواية ابن ماجه [رقم 1030] عنه عن عمرو بن دينار عن ابن عباس، وفي رواية الحاكم [1/ 259] عنه عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس، فإن كان عنده على الوجهين، وإلا فذاك من وهمه، إلا أن الحديث ثابت من أحدهما ومن شواهده الصحيحة. 2736/ 7071 - "كانَ يُصلِّى قبلَ الظهرِ أربعًا إذا زالَتِ الشمسُ لا يَفصِلُ بينهُنَّ بتسليمٍ ويقولُ: أبوابُ السماءِ تفتحُ إذا زالَتِ الشمسُ". (هـ) عن أبي أيوب قال الشارح: بإسناد ضعيف خلافا لقول المؤلف: حسن. وقال في الكبير: ورواه عنه أيضًا بمعناه أحمد والترمذى والنسائى، قال ابن حجر: وفي إسنادهم جميعا عبيدة بن معتب وهو ضعيف، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه وضعفه اهـ. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه. قلت: الحديث لم يخرجه النسائى أصلا وكذلك الترمذى لم يخرجه في الجامع وإنما أخرجه في الشمائل [رقم 154]، وقد سبق للمؤلف ذكره في حرف الألف بلفظ: "أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم. . ." الحديث، وعزاه لأبى داود [رقم 1269، 1270] والترمذى فهى الشمائل وابن ماجه [رقم 1156] وابن خزيمة، وكتب عليه الشارح ما نصه:

قال المنذرى: في إسناده احتمال للتحسين، ورمز المؤلف لصحته لما قام عنده في ذلك اهـ. والحافظ لم يعزه للنسائى ولا للترمذى كما يفيده قول الشارح بعد عزوه إليهم، قال ابن حجر: وفي إسنادهم جميعا. . . إلخ، بل قال في تخريج أحاديث الهداية: أخرجه أحمد (¬1) وأبو داود [1270] والترمذى في الشمائل [رقم 154] من حديث أبي أيوب رفعه: "أربع قبل الظهر. . ." الحديث، ولابن ماجه [رقم 1157]: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلى قبل الظهر أربعا. . ." الحديث كما في المتن ثم قال: وفي إسنادهم عبيدة بن معتب وهو ضعيف. وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه لكن ضعفه، وأخرجه محمد بن الحسن عن بكير بن عامر عن إبراهيم، والشعبى عن أبي أيوب الأنصارى: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلى قبل صلاة الظهر أربعا إذا زالت الشمس، فسأله أبو أيوب عن ذلك فقال: إن أبواب السماء تفتح في هذه الساعة فأحب أن يصعد لى في تلك الساعة خير، قلت: أفى كلهن قراءة؟ قال: نعم، قلت: أيفصل بينهن بسلام؟ قال: لا". وأخرجه ابن خزيمة من وجه آخر عن أبي أيوب وليس فيه: "لا يسلم بينهن" انتهى كلام الحافظ. وقد حذف الشارح منه بقيته ليتمشى الانتقاد على المؤلف لأن به يظهر أن للحديث طريقين آخرين يقويان حديث عبيد بن معتب ويرفعانه إلى درجة الحسن كما حكم به المصنف. والطريق الآخر الذي خرجه منه ابن خزيمة هو قوله: ¬

_ (¬1) انظر مسند أحمد (5/ 418 و 420، 6/ 63 و 148 و 326).

ثنا أبو موسى ثنا أبو أحمد ثنا شريك عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن على بن الصلت عن أبي أيوب به. وأخرجه أحمد في مسنده قال: حدثنا يحيى بن آدم ثنا شريك به. وهكذا أخرجه البيهقى في سننه من رواية عبيد اللَّه بن عبد المجيد الحنفى عن شريك به [2/ 489]. ورواه أحمد عن عبد اللَّه بن الوليد، والبيهقى في السنن أيضًا من طريق مؤمل كلاهما عن سفيان عن الأعمش عن المسيب بن رافع فقال: عن رجل عن أبي أيوب، هكذا أبهم شيخه وهو على بن الصلت كما سبق في الطريق الأول. ورواه الطبرانى، وأبو نعيم في الحلية من طريق المفضل بن صدقة عن سعيد ابن مسروق عن المسيب بن رافع عن أبي أيوب الأنصارى بدون واسطة، وهى طريق منقطعة. وبالجملة فالحديث من طرقه الثلاثة لا ينزل عن درجة الحسن كما قال المؤلف بل لا يبعد الحكم بصحته بل هو الواقع إن شاء اللَّه. 2737/ 7072 - "كانَ يُصلِّى بينَ المغَربِ والعِشاءِ". (طب) عن عبيد مولاه قال الشارح: وإسناده صحيح لا حسن فقط خلافا للمؤلف. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وقد قال الذهبى عن ابن عبد البر: رواه عن عبيد سليمان التيمى، وسقط بينهما رجل اهـ. وقال الهيثمى: رواه الطبرانى وأحمد من طرق مدارها كلها على رجل لم يسم، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح اهـ. وقضيته أن رجال الطبرانى ليسوا كذلك، فلو عزاه المصنف لأحمد كان أحسن.

قلت: لم يرض الشارح في كبيره بتحسين المؤلف للحديث وأشار إلى ضعف سنده وانقطاعه، ثم مع كل هذا لم يرض في الصغير بتحسينه أيضًا بل قال: إنه أعلى من ذلك وإنه صحيح، ثم لام المصنف على عدم عزوه لأحمد مع أنه لم يخرجه بلفظ يدخل في الكتاب أو في هذا الموضع، قال أحمد: حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن رجل عن عبيد مولى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنه سئل: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يأمر بصلاة بعد المكتوبة أو سوى المكتوبة؟ قال: نعم بين المغرب والعشاء". 2738/ 7073 - "كانَ يُصلِّى والحسنُ والحسينُ يَلعبانِ ويَقعُدانِ علَى ظهرِه". (حل) عن ابن مسعود قال الشارح: وإسناده حسن. ونسب ذلك في الكبير إلى رمز المصنف. قلت: المصنف رمز له بعلامة الضعيف، والحديث من رواية الحسن بن رزيق الكوفى، وهو ضعيف عن أبي بكر بن عياش وفيه مقال، عن عاصم عن زر عن عبد اللَّه. ثم إن الحديث له بقية وهى: "فأخذ المسلمون يميطونهما فلما انصرف قال: ذروهما بأبي وأمى، من أحبنى فليحب هذين"، قال أبو نعيم [8/ 305]: غريب من حديث عاصم لم يروه إلا أبو بكر. 2739/ 7076 - "كان يصومُ الاثنينَ والخميسَ". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر كلامه أن ابن ماجه تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه، فقد خرجه الأربعة إلا أبا داود واللفظ لفظ النسائى، وقال الترمذى: حسن غريب.

قلت: لا أصل لهذا فحديث أبي هريرة ما خرجه النسائى أصلا، والترمذى خرجه [رقم 747] بلفظ: "تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملى وأنا صائم"، وهذا حديث قوى قد سبق موضعه في حرف "التاء"، نعم خرج هو والنسائى [2/ 203 رقم 210] حديث عائشة: "كان يتحرى صيام الاثنين والخميس" وقد سبق بهذا اللفظ للمصنف ولكن الشارح لا يعقل. 2740/ 7078 - "كان يصومُ تسعَ ذى الحجة، ويومَ عاشوراءَ، وثلاثةَ أيامٍ منْ كلِّ شهرٍ، أوَّلَ اثنينِ من الشَهرِ، والخميس، والاثنين من الجمعةِ الأُخرَى". (حم. د. ن) عن حفصة قال في الكبير: رمز المؤلف لحسنه لكن قال الزيلعى: هو حديث ضعيف، وقال المنذرى: اختلف فيه على هنيدة راويه فمرة قال: عن حفصة، وأخرى: عن أمه عن أم سلمة، وتارة: عن بعض أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: الزيلعى ما ضعفه ولا تكلم عليه، والمنذرى قال: اختلف فيه على هنيدة بن خالد فروى عنه عن امرأته عن بعض أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وروى عنه عن حفصة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وروى عنه عن أم سلمة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اهـ. وبه يعرف ما في نقل الشارح من التحريف. 2741/ 7084 - "كان يُضَمِّرُ الخيلَ". (حم) عن ابن عمر قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ [2/ 124] قال: حدثنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ثنا الحسن بن عطاء ثنا عامر بن إبراهيم ثنا يعقوب القمى ثنا عنبسة عن ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يضمر الخيل وقال: إن العبد لينال

بحسن الخلق منزلة الصائم نهاره القائم ليله". 2742/ 7089 - "كانَ يُعجبُهُ إذا خرَجَ لحاجَتِهِ أنْ يسمَعَ: يا راشِدُ، يا نَجِيحُ". (ت. ك) عن أنس قلت: أخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار [2/ 344]: حدثنا هارون بن محمد العسقلانى ثنا محمد بن رافع النيسابورى ثنا أبو عامر العقدى ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن أنس به. وأخرجه أبو نعيم في التاريخ عن أبي الشيخ قال: حدثنا أبو على بن إبراهيم ثنا أبو بكر الجارودى ثنا محمد بن رافع النيسابورى به. 2743/ 7091 - "كانَ يُعجبُه القرعُ". (حم. حب) عن أنس قال في الكبير: قضية كلامه أنه لا يوجد مخرجًا في أحد الصحيحين، وإلا لما ساغ له الاقتصار على عزوه للغير وهو ذهول، بل هو عند مسلم باللفظ المزبور، وممن عزاه له الحافظ العراقى. قلت: ما هو عند مسلم باللفظ المزبور بل هذا من التهور، والحافظ العراقى ليس له كتاب على هذا الترتيب وإنما يعزو الحديث من أصله، ولفظه عن أنس قال: "دعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل فانطلق وانطلقت معه فجئ بمرقة فيها دباء فجعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يأكل ذلك الدباء ويعجبه. . ." الحديث. 2744/ 7092 - "كانَ يعجبُهُ أن يُدْعَى الرجْلُ بأحبِّ أسمائِه إليهِ وأحبِّ كُناهُ". (ع. طب) وابن قانع والباوردى عن حنظلة بن حذيم

قلت: أخرجه أيضًا البخارى في الأدب المفرد قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمى ثنا محمد بن عثمان القرشى ثنا ذيال بن عبيد ابن حنظلة قال: حدثنى جدى حنظلة بن حذيم به. 2745/ 7093 - "كانَ يعجبُهُ البِطِّيخُ بالرُّطَبِ" ابن عساكر عن عائشة قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 103] قال: حدثنا أبو بكر عبد اللَّه بن محمد بن محمد ثنا أحمد بن الخطاب أبو سعيد ثنا طالوت بن عباد ثنا وهيب بن خالد ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعجبه أن يأكل البطيخ بالرطب". 2746/ 7103 - "كان يُعجبُهُ النظرُ إلى الأتْرُجِّ وكان يعجِبُهُ النظر إِلى الحمَامِ الأحمر". (طب) وابن السنى وأبو نعيم في الطب عن أبي كبشة ابن السنى وأبو نعيم عن على، أبو نعيم عن عائشة قال الشارح: وإسناده واه. قلت: هذا يقتضى أنه مروى بسند واحد عن هؤلاء الثلاثة، وليس كذلك بل له أسانيد متعددة، وقد أورده ابن الجوزى في الموضوعات [3/ 9] من هذه الطرق الثلاثة فأورده من طريق ابن حبان في الضعفاء [2/ 122]: حدثنا إسحاق بن أحمد القطان ثنا يوسف بن موسى ثنا عيسى بن عبد اللَّه بن محمد عن أبيه عن جده عن على به. ومن طريق يعقوب بن سفيان: ثنا حيوة بن شريح ومحمد بن عبد العزيز ومحمد بن مصفى قالوا: حدثنا بقية

حدثنى أبي سفيان الأنمارى عن حبيب بن عبد اللَّه بن أبي كبشة عن أبيه عن جده به. ومن طريق الحاكم: حدثنا أبو سعد بن أبي بكر بن عثمان ثنا محمد بن إسحاق بن نصر اللباد ثنا أبو النضر سعيد بن النضر النيسابورى حدثنا أبو حفص عمر بن شمر عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى عن عائشة به. ثم قال ابن الجوزى: لا يصح، عيسى روى عن آبائه أشياء موضوعة، وأبو سفيان روى الطَّامات، وعمر بن شمر متروك. قال المؤلف: أخرج ابن السنى في الطب حديث على وأبي كبشة، وأخرج أبو نعيم الأحاديث الثلاثة، وأخرج الطبرانى حديث أبي كبشة: ثنا الحسن بن السميدع الأنطاكى حدثنى موسى بن أيوب النصيبى ثنا بقية بن الوليد عن أبي سفيان الأنمارى به. وقال العقيلى [4/ 413]: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: قلت لأبي: بلغنى أن يحيى الحمانى حدث عن شريك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يعجبه النظر إلى الحمام"، فأنكروه عليه فرجع عن رفعه فقال: عن عائشة، قال أبي: هذا كذب إنما كنا نعرف بهذا حسين بن علوان، يقولون: إنه وضعه على هشام بن عروة اهـ. قلت: بقى للحديث طريقان لم يذكرهما المؤلف، فأخرجه الدولابى في الكنى والأسماء: حدثنا إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق ثنا جعفر بن عون ثنا عبد الرحمن بن عبد اللَّه عن إسماعيل بن أوسط البجلى عن محمد بن أبي كبشة عن أبيه عن جده به. ورواه البندهى من طريق أبي بكر محمد بن خلف بن المرزبان:

حدثنا إسحاق بن محمد الكوفى ثنا معاوية النيسابورى ثنا بقية بن الوليد عن برد ابن سنان عن مكحول عن أبي كبشة السلولى عن عبد اللَّه بن عمر: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يعجبه النظر إلى الأترج وإلى الحمام الأحمر وكان في منزله حمام أحمر اسمه وردان". 2747/ 7111 - "كانَ يعلِّمُهُمْ من الحُمَّى والأوْجاع كلِّهَا أن يقولُوا: بسِم اللَّهِ الكبيرِ أعوذُ باللَّهِ العظيم من شرِّ كلِّ عِرْقٍ نعَّارٍ ومن شرِّ حرِّ النارِ". (حم. ت. هـ. ك) عن ابن عباس قال في الكبير: ظاهر صنيع المؤلف أنه لم يخرجه من الستة غيره -يعنى ابن ماجه- والأمر بخلافه، فقد خرجه الترمذى وقال: غريب، قال الصدر المناوى: وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، قال الدارقطنى: متروك. قلت: الغلط منك لا من المصنف، فهو قد عزاه لأحمد [1/ 300] والترمذى [رقم 2075] وابن ماجه [رقم 3526] والحاكم [4/ 414] وأنت اقتصرت في عزوه على رمز ابن ماجه ثم تعقبت بالباطل على الباطل، والعجب أنه في شرحه الصغير المختصر من الكبير عزاه لجميع المذكورين كما هو في المتن. 2748/ 7117 - "كانَ يغتسلُ يومَ الجمعةِ ويومَ الفطرِ ويومَ النحرِ ويومَ عرفَةَ". (حم. هـ. طب) عن الفاكه بن سعد قلت: اقتصر الشارح في الكبير على عزوه لابن ماجه [رقم 1315] وقال: رواه عن عبد الرحمن بن عقبة بن الفاكه ابن سعد وكانت له صحبة، ثم قال: قال ابن حجر: وسنده ضعيف اهـ. وظاهر صنيع المصنف أن ابن ماجه رواه هكذا لكن ابن حجر إنما ساقه عنه بدون ذكر "الجمعة"، ثم قال: وأخرجه

عبد اللَّه بن أحمد في زياداته، والبزار وزاد: "يوم الجمعة" وسنده ضعيف، وهذا صريح في أن ابن ماجه لم يذكر الجمعة. قلت: فيه أمور، الأول: أن المصنف عزاه لأحمد [4/ 78] وابن ماجه والطبرانى ولفظه عند مجموعهم كما أورده وإن كان ابن ماجه لم يذكر "الجمعة" فذاك اختصار من بعض رجاله، والشارح حذف ذكر أحمد والطبرانى ليمشى الانتقاد مع أنه في الصغير إلى الثلاثة كما ذكره المؤلف. الثانى: قدمنا مرارا أنه ينتقد بالباطل ويغفل مواضع الانتقاد الصحيح الذي يجب التنبيه عليه، فالمؤلف حصل له هنا سهو في عزو الحديث إلى أحمد وإنما رواه ابنه عبد اللَّه، وكأنه رآه في المسند ولم يتنبه لكون عبد اللَّه بن أحمد لم يقل في هذا الحديث: حدثنا أبي، بل قال: حدثنى نصر بن على ثنا يوسف بن خالد ثنا يوسف بن جعفر الخطمى عن عبد الرحمن بن عقبة بن الفاكه عن جده الفاكه بن سعد وكانت له صحبة: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يغتسل يوم الجمعة. . ." الحديث. الثالث: أن المصنف ذكر صحابى الحديث الفاكه بن سعد، وهو زاد من عنده عبد الرحمن بن عقبة بن الفاكه ولم يقل: عن جده، فأوهم أن عبد الرحمن هو صحابى الحديث. 2749/ 7123 - "كانَ يُقبلُ بوجهِهِ وحديثِهِ على شرِّ القومِ يتألفُهُ بذلِكَ". (طب) عن عمرو بن العاص قال في الكبير: قال الهيثمى: إسناده حسن، وفي الصحيح بعضه، وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة، وإلا لما عدل عنه، والأمر بخلافه، فقد خرجه الترمذى باللفظ المزبور عن عمرو المذكور. قلت: ما خرجه الترمذى، ولو كان عند الترمذى لما أورده الحافظ الهيثمى في

الزوائد على الكتب الستة، والشارح في غفلة عن هذا أو تغافل عنه، نعم رواه الترمذى في كتاب الشمائل [رقم 183]، وليس هو من الكتب الستة حتى يتعقب به ويطلق العزو إليه، قال في الشمائل: حدثنا إسحاق بن موسى ثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن زياد بن أبي زياد عن محمد بن كعب القرظى عن عمرو بن العاص قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقبل بوجهه وحديثه على أشر القوم يتألفهم بذلك، فكان يقبل بوجهه وحديثه على حتى ظننت أنى خير القوم، فقلت: يا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنا خير أو أبو بكر قال: أبو بكر، فقلت: يا رسول اللَّه أنا خير أو عمر؟ فقال: عمر، فقلت: يا رسول اللَّه أنا خير أو عثمان؟ قال: عثمان، فلما سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فصدقنى فلوددت أنى لم أكن سألته". 2750/ 7131 - "كانَ يُقَلِّم أَظْفَاره وَيقصُّ شَارِبه يَوْمَ الجُمُعَة قَبْلَ أنْ يَرُوَح إلِى الصَّلَاةِ". (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل عقبه بما نصه: قال الإمام أحمد: في هذا الإسناد من يجهل اهـ. قال ابن القطان: وإبراهيم بن قدامة الجمحى لا يعرف ألبتة. قلت: هذا كذب على ظاهر صنيع المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف. 2751/ 7138 - "كانَ يكتَحِلُ بالإثمِدِ وهو صَائمٌ". (طب. هق) عن أبي رافع قلت: أخرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء [2/ 249، 250]، [3/ 38، 39]، قال: حدثنا أبو يعلى ثنا أبو الربيع ثنا حبان بن على ثنا محمد بن عبيد اللَّه بن أبي

رافع عن أبيه عن جده به، وقال في محمد بن عبيد اللَّه: منكر الحديث جدا، يروى عن أبيه ما ليس يشبه حديث أبيه. قلت: ومع هذا فقد ذكره في الثقات وقد صرح غيره بأنه كان شيعيا، وأن المناكير التي يرويها هي في فضائل أهل البيت وجل أهل الجرح عندهم فضائل أهل البيت كلها مناكير ومن يرويها كله منكر الحديث. وقد ورد هذا الحديث من وجه آخر من حديث ابن عمر، أخرجه ابن حبان في الضعفاء أيضًا، قال: أخبرنا الحسن بن سفيان ثنا على بن سعيد بن جرير ثنا أبو عتاب سهل بن حماد ثنا سعيد بن زيد ثنى عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت عن نافع عن ابن عمر قال: "خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعيناه مملؤتان من الكحل من الإثمد وذلك في رمضان كحلته أم سلمة، وكان نهى عن كل كحل له طعم". أورده في ترجمة سعيد بن زيد أخى حماد بن زيد، وقال: كان صدوقا حافظا ممن كان يهم في الأخبار ويخطئ في الآثار حتى لا يحتج به إن انفرد. قلت: وثقه ابن معين وابن سعد والعجلى وسليمان بن حرب وجماعة، واحتج به مسلم في صحيحه. 2752/ 7141 - "كانَ يُكثِرُ القِناعَ، ويكثرُ دهْنَ رأسِهِ، ويسرِّحُ لحيتَهُ". (هب) قال (ش): وكذا رواه (ت) في الشمائل كلاهما عن سهل بن سعد قلت: هذا غلط من الشارح أوقعته فيه غفلته مع سوء تصرف المصنف، فإن الترمذى لم يخرج في الشمائل حديث سهل بن سعد، وإنما خرج [رقم 61]

حديث أنس بهذا اللفظ، والمصنف عزاه إليه قبل هذا من حديث أنس بلفظ: "كان يكثر القناع"، ولم يزد على ذلك مع أنه عنده بهذا اللفظ الذي عزاه للبيهقى من حديث سهل بن سعد. 2753/ 7143 - "كانَ يكرَهُ نِكاحَ السِّر حتَّى يُضرَب بدُفٍّ". (عم) عن أبي حسن المازنى قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف، بل صريحه أن هذا إنما رواه ابن أحمد لا أحمد، والأمر بخلافه، بل خرجه أحمد نفسه، قال الهيثمى: وفيه حسين بن عبد اللَّه بن ضمرة، وهو متروك. قلت: ما خرجه أحمد أصلا، بل الترجمة من أصلها في مسند أحمد [4/ 78] من زوائد ابنه عبد اللَّه، فإنه قال: حدثنا أبو الفضل المروزى قال: حدثنى ابن أبي أويس قال: حدثنى حسين بن عبد اللَّه بن ضمرة عن عمرو بن يحيى المازنى عن جده أبي حسن به، وزاد: "ويقال: أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم"، وهكذا عزاه الحافظ الهيثمى لعبد اللَّه بن أحمد، إلا أنه لم يذكر لفظ عبد اللَّه، بل قال: رواه ابن أحمد، فزاغ بصر الشارح عن كلمة ابن فظنه قال: رواه أحمد، فصرح بذلك على عادته. 2754/ 7146 - "كانَ يكرهُ التثاؤُبَ في الصلاةِ". (طب) عن أبي أمامة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد أعله الحافظ العراقى في شرح الترمذى بأن عبد الكريم بن أبي المخارق أحد رجاله ضعيف. قلت: الحديث له شواهد متعددة منها في الصحيح: "إن التثاؤب من الشيطان وما كان من الشيطان فهو مكروه في الصلاة".

والمصنف دائمًا يراعى أحاديث الباب ويحكم لها بمجموع الطرق والشواهد ولا يحكم على كل حديث بانفراده. 2755/ 7148 - "كانَ يكرَهُ رفْعَ الصوتِ عندَ القتالِ". (طب. ك) عن أبي موسى قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرجه أحد من الستة والأمر بخلافه، بل رواه أبو داود باللفظ المزبور عن أبي موسى. قلت: هذا كذب فإن أبا داود ذكر سند الحديث ولم يذكر لفظه المزبور بل روى حديث الحسن عن قيس بن عُباد، قال: "كان أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يكرهون الصوت عند القتال"، ثم قال: حدثنا عبيد اللَّه بن عمر ثنا عبد الرحمن عن همام حدثنى مطر عن قتادة عن أبي بردة عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمثل ذلك. 2756/ 7150 - "كانَ يكرَهُ الكى، والطعامَ الحارَّ، ويقولُ: عليكُم بالبارِدِ فإنَّه ذُو بَركَةٍ، ألَا وإنَّ الحارَّ لا بَركةَ فِيْهِ". (حل) عن أنس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وكأنه لاعتضاده إذ له شواهد، منها: ما رواه البيهقى عن أبي هريرة -قال الحافظ العراقى: بسند صحيح- قال: "أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بطعام سخن فقال: ما دخل بطنى طعام سخن منذ كذا وكذا قبل اليوم". قلت: فيه أمران، الأول: أن هذا الحديث الذي استشهد به لحديث الباب لا شاهد فيه له ولا هو بمعناه، بل أحدهما مشرق والأخر مغرب كما هو ظاهر لكل من له أدنى معرفة، بل حديث أبي هريرة المذكور يناقض معناه لأن فيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أكل الطعام السخن، ولو كان يكرهه لما أكله، وأيضًا الطعام السخن

لا يلزم منه أن يكون حارا كما هو معلوم، بل حديث أبي هريرة هو مثل حديث عائشة: "كان يمر علينا الشهر والشهران لا نستوقد بنار إن هما إلا الأسودان التمر والماء" (¬1). الثانى: أن الحديث حسن كما قال المؤلف بدون شواهد لأن أبا نعيم رواه من طريق يوسف بن أسباط عن العرزمى وهو محمد بن عبيد اللَّه عن صفوان بن سليم عن أنس، والعرزمى فيه مقال من جهة غفلته مع صلاحه، ومع ذلك ينفرد به بل تابعه عليه الثورى، كذلك أخرجه النقاش في فوائد العراقيين قال: أخبرنا أبو الحسن سهل بن عبد اللَّه بن حفص التسترى ثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى بن درست ثنا عبد اللَّه بن خبيق ثنا يوسف بن أسباط عن محمد بن عبيد اللَّه العرزمى وسفيان الثورى عن صفوان بن سليم به، وراد في آخره: "وكانت له مكحلة يكحتل منها عند النوم ثلاثا ثلاثًا" (¬2). 2757/ 7152 - "كان يكرَهُ المَسَائِلَ ويَعيبُهَا، فإذا سأَلهُ أبو رَزِينٍ أجابَهُ وَأَعْجَبَهُ". (طب) عن أم سلمة قال الشارح في الشرحين معا: هو بضم الراء. قلت: هذا غلط فاحش بل هو بفتحها إجماعا. 2758/ 7156 - "كانَ يكرَهُ العطسةَ الشديدةَ في المسجدِ". (هق) عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد ضعيف خلافا للمؤلف. ¬

_ (¬1) رواه مالك في صفة النبي، رقم: (31)، ورواه أحمد: (2/ 298، 355، 405، 416، 458 و 4/ 19 و 6/ 71، 86). (¬2) رواه الترمذى برقم (1757)، رواه ابن ماجه رقم (3499).

وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو مجازفة، فقد أعله الذهبى في المهذب بأنه من رواية يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلى عن أبيه وهما ضعيفان. . . إلخ. قلت: هذا كذب على المصنف فإنه أهمل هذا الحديث ولم يرمز له بشيء لا علامة الحسن ولا علامة الضعيف. 2759/ 7161 - "كانَ يكرَهُ الكُلْيَتَيْنِ لمكانِهِمَا من البوْلِ". ابن السنى في الطب عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: هو من روايه الحسن بن على العدوى وهو وضاع. 2760/ 7164 - "كان يَلْبَسُ قميصًا قصيرَ الكُمَّيْنِ والطُّولِ". (هـ) عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد ضعيف خلافًا للمؤلف. وقال في الكبير: جزم المصنف بحسنه ويرده جزم الحافظ العراقى بضعفه. قلت: الحافظ العراقى يحكم على كل حديث بحسب سنده، والمؤلف يحكم على الحديث بحسب متنه وشواهده، وهذا الحديث له شاهدان كل منهما إسناده حسن، أحدهما: عند البزار من حديث أنس بسند رجاله ثقات: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان كم قميصه إلى الرسغ" (¬1). والثانى: من حديث أسماء بنت يزيد بن السكن مثله، أخرجه الترمذى وحسنه [رقم 1765]. ¬

_ (¬1) إتحاف السادة المتقين: (7/ 126) والكنز: (18272).

فائدة

2761/ 7170 - "كان يلحَظُ فِي الصلاةِ يمينًا وشمالًا، ولا يَلْوِى عُنُقَه خلف ظهرِهِ". (ت) عن ابن عباس قال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أن الترمذى تفرد بإخراجه عن الستة والأمر بخلافه، بل خرجه النسائى عن الحبر أيضًا باللفظ المزبور من الوجه المذكور. قلت: النسائى خرجه بلفظ: "كان يلتفت" لا بلفظ: "كان يلحظ"، والالتفات غير اللحظ، وهذه هي النكتة في كون المصنف اختار لفظ الترمذى واقتصر عليه. وكذلك رواه الحاكم بلفظ [1/ 236]: "كان يلتفت" وجمع بينه وبين حديث [1/ 237]: "الالتفات في الصلاة اخنلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد" فإن المراد بهذا الالتفات غير ذاك، لأن الالتفات المباح هو أن يلحظ بعينه يمينًا وشمالا، وكأنه لم يقع له الحديث بلفظ: "كان يلحظ" كما عند الترمذى [رقم 587، 588]، وإلا لما احتاج إلى هذا الجمع، بل ورد من حديث ابن عمر: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يلحظ في الصلاة ولا يلتفت". أخرجه ابن حبان في الضعفاء، فهذا وجه اقتصار المصنف على ذكر حديث الترمذى دون غيره. فائدة في سؤالات البرقانى للدارقطنى [2/ 83] قلت له: حديث الفضل بن موسى عن عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يلاحظ في الصلاة يمينا وشمالا". قال: ليس بصحيح. قلت: إسناده حسن حدث به عن الفضل جماعة.

قال: إى واللَّه حسن إلا أن له علة، حدث به وكيع عن عبد اللَّه بن سعيد عن ثور عن رجل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: لم يسنده إلا الفضل؟ قال: ألبتة. 2762/ 7174 - "كانَ يمُّر بالصبيانِ وَيُسَلِّمُ عليْهِمْ". (خ) عن أنس قال: قضيته أن البخارى تفرد به والأمر بخلافه، فقد قال العراقى: إنه متفق عليه اهـ. ولفظ رواية مسلم من حديث أنس: "أنه كان يمشى مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فمر بصبيان فسلم عليهم". قلت: انظر هذا وتعجب من غفلة هذا الرجل، بل تغافله. 2763/ 7176 - "كانَ يمسَحُ على وجهِهِ بطرفِ ثوبِهِ فِي الوُضُوءِ". (طب) عن معاذ قال في الكبير: وفي عزوه للطبرانى واقتصاره عليه إيماء إلى أنه لم يخرجه أحد من الستة والأمر بخلافه، فقد خرجه الترمذى وقال: غريب، وإسناده ضعيف. قلت: الترمذى رواه بلفظ ليس هو من شرط الكتاب ولا يدخل فيه أصلا فإن لفظه عن معاذ بن جبل قال: "رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه"، فلو كان من شرط المصنف أن يورد الأحاديث الفعلية غير المصدرة بـ "كان" لكان الواجب إيراد هذا اللفظ في حرف الراء فكيف وهو لا يورد هذه الأحاديث أصلا؟!

2764/ 7177 - "كانَ يمْشى مشْيًا يُعرَف فِيه أنَّه ليس بعاجزٍ ولا كَسْلَانَ". ابن عساكر عن ابن عباس قلت: وأخرجه ابن المبارك في الزهد مرسلا فقال: أخبرنا أبو إسرائيل عن سيار أبي الحكم قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يمشى مشية بعرف أنه لا العاجز ولا الكسلان". 2765/ 7184 - "كَانَ ينصرفُ من الصلاةِ عنْ يميِنهِ". (ع) عن أنس قال الشارح: كان ينصرف عن يمينه أى: إذا لم يكن له حاجة وإلا فينصرف جهة حاجته كما يبين روايات أُخَرْ. قلت: ليس هذا المراد وإن كان الشارح تابعا فيه لغيره، بل المراد: الانصراف حالة إقباله على المأمومين بعد السلام، ولهذا وردت الأحاديث مختلفة ففي بعضها عن يمينه كما هنا، وفي بعضها عن يساره كما في حديث ابن مسعود، وفي بعضها كان أكثر انصرافه عن يمينه لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن يلزم من ذلك حالة واحدة.

حرف اللام

حرف اللام 2766/ 7192 - " للَّهُ أشدُّ فرحًا بتوْبَةِ عبدِهِ من أحدِكُمَ إذا سقَطَ علَى بَعيره قَدْ أضلَّهُ بأرضٍ فلاةٍ"". (ق) عن أنس قلت: ورد أيضًا من حديث جماعة عنهم: أبو سعيد وابن مسعود وأبو هريرة، قال أبو القاسم المؤمل بن أحمد الشيبانى في السادس من فوائده: حدثنا القاضى أبو عمر محمد بن يوسف ثنا أحمد بن منصور ثنا مرثد ثنا الفضل بن مرزوق عن عطية العوفى عن أبي سعيد الخدرى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "للَّه أفرح بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بفلاة من الأرض فطلبها فلم يقدر عليها فتسجا للموت، فبينا هو كذلك إذ سمع وجبة الراحلة حتى بركت، فكشف عن وجهه فإذا هو براحلته" (¬1). ثم قال: هنا حديث حسن من حديث الفضل بن مرزوق عن عطية. وحديث ابن مسعود رواه البخارى ومسلم، وهو أيضًا في تاريخ أصبهان لأبي نعيم في ترجمة إسماعبل بن حماد [1/ 206]. وحديث أبي هريرة أخرجه الذهبى في تذكرته من طريق معمر: أنبأنا أبو الفتح الحداد أنبأنا ابن عبد ربه أنبأنا الطبرى ثنا على بن عبد العزيز ثنا ¬

_ (¬1) بنحوه رواه البخارى (8/ 84)، ورواه مسلم في: كتاب التوبة، باب (1)، رقم: (7).

القعنبى ثنا مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: للَّه أشد فرحا بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها". ورواه أيضًا من وجه آخر من طريق على بن البسرى: ثنا محمد بن عبد الرحمن ثنا يحيى بن محمد ثنا عبد اللَّه بن عمران العابدى ثنا إبراهيم بن سعد عن الزهرى عن ابن المسيب عن أبي هريرة به: "إن اللَّه لأفرح بتوبة عبده من أحدكم بضالته يجدها بأرض مهلكة كاد يقتله بها العطش". 2767/ 7195 - "للَّهُ أشدُّ أذنًا إلى الرجُلِ الحَسنِ الصوتِ بالقرآنِ يجهَرُ بهِ من صاحبِ القينَةِ إلى قينتِهِ". (هـ. حب. ك. هب) عن فضالة بن عبيد قال الشارح في الكبير: من حديث الأوزاعى عن إسماعيل بن عبيد اللَّه بن فضالة بن عبيد عن فضالة بن عبيد، قال الحاكم: على شرطهما فرده الذهبى فقال: قلت: بل هو منقطع. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن إسماعيل بن عبيد اللَّه ليس هو ابن فضالة ابن عبيد بل هو ابن أبي المهاجر. ثانيهما: أن الانقطاع إنما حصل في سند الحاكم [1/ 571] فإنه رواه من طريق دحيم عن الوليد بن مسلم: حدثنى الأوزاعى حدثنى إسماعيل بن عبيد اللَّه بن أبي المهاجر عن فضالة بن عبيد، وإسماعيل لم يدرك فضالة، وإنما رواه عن ميسرة مولى فضالة عن فضالة، كذلك أخرجه ابن ماجه [رقم 1340] عن راشد بن سعيد الرملى: ثنا الوليد بن مسلم به. وكذلك رواه البخارى في التاريخ عن صدقة [2/ 218]: ثنا الوليد بن مسلم به، بذكر ميسرة أيضًا.

ثم قال البخارى: وقال إبراهيم بن موسى عن عيسى بن يونس: ثنا ثور عن إسماعيل بن عبيد اللَّه عن فضالة بن عبيد نحوه بدون ذكر ميسرة. 2768/ 7197 - "لأنَا أشدُّ عليكُم خوفًا من النعمِ منى منَ الذُّنوبِ، ألا إنَّ النِّعَمَ التي لا تُشكَرُ هى الحَتْفُ القاضِى". ابن عساكر عن المنكدر بن محمد بن المنكدر بلاغا قلت: أخطأ الشارح هنا في الشرحين فكتب عن محمد بن المنكدر: ثقة فاضل متأله عابد بكاء روى عن عائشة وجابر وغيرهما، وعنه مالك والسفيانان. . . إلخ. والحديث إنما هو من رواية ابنه المنكدر، ولو كان من رواية محمد لقال المصنف عنه: مرسلا. 2769/ 7200 - "لأنْ اْطأَ علَى جمرةٍ أحبُّ إليَّ مِن أنْ أطأَ على قبرٍ". (خط) عن أبي هريرة قال في الكبير: وظاهر كلام المصنف أن هذا الحديث مما لم يتعرض أحد من الستة التي هي دواوين الإسلام لتخريجه وإلا لما عدل لهذا الطريق المعلول وأبعد النجعة وهو عجب، فقد خرجه بمعناه الجماعة كلهم في الجنائز إلا البخارى والترمذى بلفظ: "لأن يجلس أحدكم. . ." الحديث. قلت: بل العجب من غفلتك وعدم معرفتك فهذا موضع حرف "لأن" بعده كلمة مصدرة بـ "الألف"، واللفظ الذي ذكرته مصدر بحرف الياء بعد كلمة "لأن". وأعجب من هذا أن المؤلف ذكره كذلك بعد هذا بأثنى عشر حديثًا وعزاه لـ (حم. م. د. ن. هـ) فالعجب إنما هو من غفلة الشارح.

2770/ 7201 - "لأنْ أطعم أخًا في اللَّهِ مسلمًا لُقمةً أحبُّ إليَّ مِنْ أنْ أتَصدَّق بدرْهَمٍ، ولأن أُعطِى أخًا في اللَّه مسلمًا درهمًا أحبُّ إليَّ مِن أنْ أتصدَّق بعشرةٍ، ولأن أعطيَهُ عشرةً أحَبُّ إليَّ مِن أنْ أعتِقَ رقبةً". هناد (هب) عن بديل مرسلا قال في الكبير: هو ابن ميسرة العقيلى تابعى مشهور. . إلخ. قلت: وهم المصنف في قوله: عن بديل مرسلا، فإن الحديث ليس بمرسل وبديل ليس هو ابن ميسرة وإنما هو بديل بن ورقاء وهو صحابى كبير، كذلك صرح به الديلمى في روايته فقال في مسند الفردوس: أخبرنا بحير بن منصور أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسين الأبهرى عن أبي القاسم على بن الحسن بن الربيع عن محمد بن صالح بن عبد اللَّه الطبرى عن يوسف بن موسى عن قبيصة عن سفيان عن حجاج بن فرافصة عن أبي العلاء عن بديل بن ورقاء العدوى به. ورواه ابن المبارك في الزهد [رقم 258] من وجه آخر معضلا، فقال: أخبرنا عبيد اللَّه بن الوليد قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لأن أطعم أخا لي في اللَّه لقمة أحب إلى من أن أتصدق على مسكين بدرهم، ولأن أعطى أخا لي في اللَّه درهما أحب إلى من أن أتصدق على مسكين بعشرة دراهم، ولأن أعطى أخا لي في اللَّه عشرة دراهم أحب إلى من أن أتصدق على مسكين بمائة". 2771/ 7202 - "لأن أُعينَ أخِى المؤمنَ علَى حاجَتِهِ أحبُّ إليَّ مِن صِيام شهرٍ واعتكافِهِ في المسجدِ الحَرام". أَبو الغنائم النرسى في قضاء الحوائج عن ابن عمر قلت: أسنده الذهبى في الميزان من رواية محمد بن صالح بن فيروز: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر به، وقال: موضوع، أورده في ترجمة

محمد بن صالح واتهمه به، مع أنه لم ينفرد به بل تابعه عليه موسى بن محمد البلقاوى إلا أنه وضاع يسرق الحديث، أخرجه أبو نعيم في ترجمة مالك من الحلية من رواية موسى المذكور عن مالك لكنه قال: عن عبد اللَّه ابن دينار عن ابن عمر مرفوعًا أثناء حديث: "ومن مشى مع أخيه في حاجته كان كصيام شهر واعتكافه، ومن مشى مع مظلوم يعينه ثبت اللَّه قدمه يوم تزول الأقدام" الحديث. وله طريق آخر أيضًا أخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق من طريق محمد ابن يزيد عن بكر بن خنيس عن عبد اللَّه بن دينار عن بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله، ومحمد بن يزيد يسرق الحديث أيضًا. وله شاهد من حديث ابن عباس أخرجه الدينورى في المجالسة من طريق سكين ابن أبي سراج عن عبد اللَّه بن دينار عن ميمون بن مهران عن ابن عباس به نحوه، وسكين ضعيف وقد اضطرب فيه كما بينته في المستخرج على أحاديث مسند الشهاب. وعزاه الحافظ المنذرى للحاكم في المستدرك بلفظ آخر وصدره بـ "عن" ولا يحضرنى الآن موضعه من المستدرك. وقال ابن المبارك في الزهد: أخبرنا عبيد اللَّه بن الوليد الوصافى عن أبي جعفر قال: جاء رجل إلى الحسين ابن على عليهما السلام فاستعان به على حاجة فوجده معتكفا فقال: لولا اعتكافى لخرجت فقضيت لك حاجتك، ثم خرج من عنده فأتى الحسن بن على عليه السلام فذكر له حاجته، فخرج معه فقال: أما إنى كرهت أن أعينك في حاجتى، ولقد بدأت بالحسين فقال: لولا اعتكافى لخرجت معك، فقال: لقضاء حاجة أخ لى في اللَّه أحب إلى من اعتكاف شهر. وقال أيضًا: أخبرنا حميد الطويل عن الحسن أنه دخل على ثابت البنانى

لينطلق في حاجة لرجل فقال ثابت: إنى معتكف، فقال الحسن: لأن أقضى حاجة أخ لى مسلم أحب إلى من أن أعتكف سنة. 2772/ 7203 - "لأنْ أقعُدَ معَ قومٍ يذكُرونَ اللَّهَ تعالَى من صلاةِ الغَدَاةِ حتَّى تَطلُعَ الشمس أحبُّ إليَّ مِن أنْ أُعِتقَ أربعةً من ولد إسماعيلَ، ولأنْ أقعُدَ معَ قومٍ يذكُرونَ اللَّهَ منْ صلاةِ العصرِ إلى أنْ تغرُبَ الشمسُ أحبُّ إليَّ منْ أنْ أعتِقَ أربعةً". (د. ن) عن أنس. قال في الكبير: رواه أبو داود في كتاب العلم من حديث الأعمش عن أنس، قال الأعمش: اختلف أهل البصرة في القصص فأتوا أنسا فقالوا: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقص؟ قال: لا إنما بعث بالسيف ولكن سمعته يقول: "لأن أقعد. . ." إلخ. رمز المصنف لحسنه، وهو فيه تابع للحافظ العراقى حيث قال: إسناده حسن لكن قال تلميذه الهيثمى: فيه محتسب أبو عائد وثقه ابن حبان وضعفه غيره وبقية رجاله ثقات. قلت: هذا كذب وتخليط من وجوه، أحدها: أن الحديث ليس هو من رواية الأعمش عن أنس وإنما هو من رواية قتادة عن أنس. ثانيها: أنه ليس فيه ذكر للقص واختلاف أهل البصرة فيه. ثالثها: أنه ليس من رواية محتسب أبي عائذ ولا هو موجود في سنده عند أبي داود، قال أبو داود [رقم 3667]: حدثنا محمد بن المثنى حدثنى عبد السلام -يعنى ابن مطهر- ثنا موسى بن خلف العمى عن قتادة عن أنس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لأن أقعد. . ." الحديث. رابعها: أن الهيثمى [10/ 105] قال ذلك في رواية أبي يعلى، وفيها زيادة لا

توجد في رواية أبي داود فإنه قال: "أربعة من ولد إسماعيل دية كل رجل منهم اثنا عشر ألفًا". وقد رواه أبو نعيم في الحلية وفي تاريخ أصبهان [1/ 200] من وجه آخر من رواية سليمان التيمى عن أنس فقال: ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة ثنا أحمد بن محمد بن نصر الضبعى ثنا مطر بن محمد بن الضحاك ثنا عبد المؤمن بن سالم ثنا سليمان عن أنس قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به مثل اللفظ المذكور في المتن. ورواه أبو بكر الصيرفى في فوائده من حديث قتادة عن أنس كما عند أبي داود أيضًا فقال: حدثنا أبو عمرو المزكى الحافظ إملاء أنبأنا أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن موسى ثنا محمد بن أيوب بن يحيى بن ضريس البجلى أنبأنا عبد السلام بن مطهر به مثله. فما أدرى من أين أتى الشارح بذكر الأعمش وذكر اختلاف أهل البصرة في القص، فما هو مذكور في سنن أبي داود، ولا في مجمع الزوائد وهذا نهاية التهور والتخليط. 2773/ 7208 - "لأنْ تُصلِّى المرأةُ في بيتِها خيرٌ لَها منْ أنْ تُصلِّى فِي حُجرتهَا، ولأن تُصلِّى في حُجرَتِها خيرٌ منْ أنْ تُصلِّى فِي الدارِ، ولأنْ تُصلِّى في الدارِ خيرٌ لها منْ أن تصلِّى في المسجد". (هق) عن عائشة قال الشارح: بإسناد ضعيف خلافًا للمؤلف. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد تعقبه الذهبى على الدارقطنى في المهذب بأن فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة، وهو ضعيف.

قلت: الحديث حسن كما قال المؤلف، وعبد الرحمن بن أبي لبيبة ويقال: ابن لبيبة ذكره ابن حبان في الثقات، ومع ذلك فله شواهد متعددة ذكر منها البيهقى [3/ 131] في الباب نحو أربعة أو خمسة وتقدم منها للمصنف في حرف "الخاء" وفي حرف "الصاد"، ومنها ما هو حسن كما صرح به الذهبى في المهذب، وقد رأى الشارح تلك الأحاديث فيه، ولكنه متعصب لهواه، ثم إن قوله: تعقبه الذهبى على الدارقطنى كلام لا أصل له، فليس للدارقطنى ذكر في المهذب ولا في هذا الحديث. 2774/ 7210 - "لأنْ يؤدِّبَ الرجلُ ولدَهُ خيرٌ لهُ منْ أنْ يتصدقَ بصاعٍ". (ت) عن جابر بن سمرة قال في الكبير: وقال (ت): حسن غريب، قال المنذرى: ناصح -يعنى- راوية عن سماك عن جابر هو ابن عبد اللَّه المحملى واه، قال: وهذا مما أنكره عليه الحفاظ. قلت: الترمذى [رقم 1951] لم يقل عن هذا الحديث: حسن غريب، بل قال: غريب فقط، وزاد: وناصح بن العلاء الكوفى ليس عند أهل الحديث بالقوى ولا يعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه اهـ. كذا قال الترمذى: ناصح بن العلاء وإنما هو ناصح بن عبد اللَّه، وهو غير ناصح بن عبد العلاء، والحديث وقع للترمذى مختصرا، وقد أخرجه ابن حبان في الضعفاء [3/ 55] بلفظ: "لأن يؤدب أحدكم ولده خير له من أن يتصدق كل يوم بنصف صاع". قال ابن حبان: حدثنا محمد بن المسيب ثنا أحمد بن سنان القطان ثنا إسماعيل ابن أبان ثنا ناصح المحملى عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة به، وبهذا اللفظ رواه

أيضًا أبو عبد اللَّه محمد بن مخلد الدورى قال: حدثنا أحمد بن عبد اللَّه الحرانى ثنا عبد العزيز بن الخطاب ثنا ناصح به، وقال ابن حبان في ناصح (1) المذكور [3/ 55]: كان شيخا صالحا يروى عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات وينفرد بالمناكير عن ثقات مشاهير غلب عليه الصلاح وكان يأتى بالشئ على التوهم، فلما كثر ذلك منه استحق ترك حديثه. 2775/ 7217 - "لأن يلبسَ أحدُكمُ ثوبًا من رِقاعٍ شتَّى خيرٌ لهُ مِن أن يأخُذَ بأمانَتِهِ ما ليسَ عنْدَهُ". (حم) عن أنس قال في الكبير: قال الهيثمى: وفيه راو يقال: جابر بن يزيد وليس بالجعفى، ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات. قلت: قال أحمد [3/ 244]: حدثنا محمد بن يزيد ثنا أبو سلمة صاحب الطعام أخبرنى جابر بن يزيد وليس بالجعفى عن الربيع بن أنس هو البكرى عن أنس قال: "بعثنى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى حليق النصرانى أطلب منه أثوابا إلى الميسرة فقال: وما الميسرة؟ واللَّه ما لمحمد ناغية ولا راعية، فرجعت فأتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فلما رآنى قال: كذب عدو اللَّه أنا خير من بايع، لأن يلبس أحدكم. . ."، وذكره. ورواه عبد اللَّه بن أحمد في زوائد الزهد قال: حدثنا نصر بن على حدثنى سليمان بن سليم عن جابر بن يزيد حدثنا سفيان الزيات عن الربيع بن أنس عن أنس به، وهذا يدل على أن سند أحمد فيه انقطاع أو سند ابنه عبد اللَّه من قبيل المزيد في متصل الأسانيد كما يشير إليه كلام ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وجابر المذكور في الإسناد لا يعرف. ولكن الحديث له طريق آخر، قال الدولابى في الكنى:

اْخبرنى أبو جعفر أنبأنا محمد بن يحيى بن منده، حدثنى سعيد بن أبي هانئ عن أبيه عن سفيان عن أبي عمارة البصرى عن النضر بن أنس عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لأن يلبس العبد المؤمن أو المرأة المؤمنة ألوانا من رقاع شتى. . ." الحديث. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 327] قال: حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن يحيى هو ابن منده به مثله. وقال ابن أبي حاتم في العلل: سألت أبي عن حديث رواه سعيد بن أبي هانئ إسماعيل بن خليفة قاضى أصبهان عن أبيه أبي هانئ عن سفيان الثورى عن أبي عمارة عن النضر بن أنس عن أنس بالحديث، فسمعت أبي يقول: روى هذا الحديث يحيى بن يمان عن الثورى عن أبي عمار عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبو عمار هذا يشبه أن يكون زياد بن ميمون، وزياد بن ميمون متروك اهـ. قلت: هذا ظن من أبي حاتم [رقم 1924] والظن لا يغنى من الحق شيئًا، وكأنه لم يستحضر الطريق الآخر الذي خرجه منه أحمد وابنه فهو شاهد له سواء كان أبو عمار هو زياد بن ميمون أو كان راوى الحديث أبا عمارة الذي لم يعرفه أبو حاتم. 2776/ 7223 - "لتأمرُن بالمعروفِ ولتنهَون عن المنكر أو ليُسلِّطَن اللَّهُ عليكُم شِرارَكُم فيدْعُو خيارُكُم فلَا يستجابُ لهُمْ". البزار (طس) عن أبي هريرة قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس ذا منه بحسن، فقد أعله الحافظ الهيثمى بأن فيه حبان بن على وهو متروك، وقال شيخه العراقى: كلا طريقيه ضعيف.

قلت: فيه أمور، الأول: أنه بعد ما قال هذا في الكبير جزم في الصغير بأنه حسن. الثانى: أن الحافظ الهيثمى [7/ 266] قال: فيه حبان بن على وهو متروك، وقد وثقه ابن معين في رواية وضعفه في غيرها اهـ. فأسقط الشارح هذه الزيادة ليتوصل إلى غرضه. الثالث: أن حبان بن على قد وثقه جماعة منهم: ابن معين وابن حبان والعجلى والبزار، وقال الخطيب [8/ 299، 13/ 92]: كان صالحا دينا، وتكلم فيه آخرون لأجل التشيع ولم يتهموه بكذب بل أغلبهم لينه، وهى من أخف عبارات التجريح. الرابع: أن الحافظ العراقى قال: رواه البزار من حديث عمر بن الخطاب والطبرانى في الأوسط من حديث أبي هريرة وكلاهما ضعيف، وللترمذى من حديث حذيفة نحوه إلا أنه قال: "أو ليوشكن اللَّه أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم" وقال: هذا حديث حسن اهـ. فحذف الشارح هذا كما حذف ذكر حديث عمر وصرح بأن الطريقين الضعيفين كلاهما لحديث أبي هريرة وهو وكذب وتدليس وخيانة. الخامس: أن حديث أبي هريرة له طرق أخرى ليس فيها حبان بن على، قال أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج: حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفى إملاء ثنا محمود بن محمد بن محمود بن عدى بن ثابت ثنا أيوب بن النجار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. ومن هذا الطريق رواه الدارقطنى في الأفراد ومن جهته الخطيب في التاريخ، ومع هذا فله شواهد متعددة من حديث عمر وابن عمر وعائشة وحذيفة

وغيرهم، وفيها ما هو على انفراده حسن، فالحديث بمجموعها صحيح فضلا عن كونه حسنا. 2777/ 7224 - "لَتركَبُنَّ سَنَنَ من كانَ قَبْلكُمْ شبْرا بشبر وذراعًا بذرَاع، وحتَّى لوْ أنَّ أحدَهُم دخَلَ جُحرَ ضبٍّ لدخَلتُم، وحتى لو أنَّ أحدَهُم جامَعَ امرأتَهُ بالطريقِ لَفعلتُمُوُه". (ك) عن ابن عباس زاد الشارح: في الإيمان. قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا البزار، قال الهيثمى: ورجاله ثقات، ورواه البخارى ومسلم بدون قوله: "حتى لو أن أحدهم جامع امرأت". . . إلخ. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن الحاكم لم يخرج حديث ابن عباس هذا في كتاب الإيمان بل خرجه في كتاب الفتن والملاحم من طريق أبي أويس المدنى [4/ 455]: حدثنى ثور بن يزيد وموسى بن ميسرة عن عكرمة عن ابن عباس. وكذلك أخرجه من هذا الوجه الدولابى في الكنى، وزاد: ولا أعلمهما إلا حدثانى مثل ذلك سواء عن أبي الغيث سالم مولى ابن مطيع عن أبي هريرة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأما الذي خرجه الحاكم [1/ 37] في كتاب الإيمان فهو حديث أبي هريرة رواه من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لتتبعن سنن من قبلكم باعا فباعا وذراعا فذراعا وشبرا فشبرا حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه معهم، قال: قيل: يا رسول اللَّه اليهود والنصارى؟ قال: فمن إذًا". ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه -يعنى من حديث أبي هريرة فهذا حديث آخر ليس فيه ذكر الجماع.

ثانيهما: قوله: ورواه البخارى [4/ 206، 9/ 126] ومسلم (¬1). . . إلخ يفيد أنهما رويا حديث ابن عباس هذا وليس كذلك بل رويا حديث أبي سعيد الخدرى بلفظ حديث أبي هريرة الذي خرجه الحاكم في كتاب الإيمان، والحديث له طرق متعددة. 2778/ 7230 - "لَتُنْتَقَونَّ كمَا يُنْتَقَى التمرُ من الحُثالَة، فليذَهَبنَّ خيارُكُم ولَيبقيَنَّ شرارُكُم، فمُوتُوا إن استطعتُمْ". (هـ. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال (ك): صحيح وأقره الذهبى، وفيه عند ابن ماجه طلحة بن يحيى قال في الكاشف: وثقه جمع، وقال البخارى: منكر الحديث. قلت: طلحة بن يحيى المذكور في سند الحديث عند ابن ماجه [رقم 4038] غير الذي قال فيه البخارى: منكر الحديث، فالذي في سند الحديث هو طلحة بن يحيى بن النعمان بن أبي عياش الزرقى اتفق الشيخان على الاحتجاج به، وطلحة بن يحيى الذي قال فيه البخارى: منكر الحديث هو طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد اللَّه التميمى روى له مسلم ولم يرو له البخارى. والحديث خرجه أيضًا البخارى في الكنى [ص 25، رقم 196]، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثنى سليمان بن بلال عن يونس عن ابن شهاب عن أبي حميد أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. ¬

_ (¬1) كتاب العلم باب (3)، رقم: (6).

قلت: ومن هذا الطريق. رواه الحاكم [4/ 316، 434]، ثم قال البخارى: وحدثنا عثمان بن محمد ثنا طلحة بن يحيى الأنصارى عن يونس عن ابن شهاب مثله. قلت: وعن عثمان رواه ابن ماجه ثم قال البخارى: وقال جنادة بن محمد: ثنا عبد الحميد بن أبي العشرين ثنا الأوزاعى عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مثله ولم يرفعه. 2779/ 7232 - "لَتنتقضَن عُرَى الإسلامِ عُروةً عُروة، فَكُلَّمَا انتقضتْ عروة تَشبَّث الناسُ بالَّتِى تَلِيهَا، فأولُهُنَّ نقضًا الحكمُ، وآخِرُهُنَّ الصَّلاةُ". (حم. حب. ك) عن أبي أمامة قال الشارح: ورجال أحمد رجال الصحيح. وقال في الكبير: قال الحاكم: صحيح تفرد به عبد العزيز بن عبيد اللَّه عن إسماعيل، وتعقبه الذهبى بأن عبد العزيز ضعيف، وقال الهيثمى: رجال أحمد رجال الصحيح. قلت: رجال أحمد هم رجال الحاكم، فإن الحاكم رواه من طريق أحمد بن حنبل [4/ 92] فقال: أخبرنا القطيعى ثنا عبد اللَّه بن أحمد حدثنى أبي ثنا الوليد بن مسلم حدثنى عبد العزيز عن إسماعيل بن عبيد اللَّه أن سليمان بن حبيب حدثهم عن أبي أمامة به. ثم قال الحاكم: عبد العزيز هذا هو ابن عبيد اللَّه بن حمزة بن صهيب، وإسماعيل هو ابن عبيد اللَّه بن المهاجر، والإسناد كله صحيح ولم يخرجاه اهـ.

والحافظ الهيثمى قال [7/ 281]: رواه أحمد والطبرانى ورجالهما رجال الصحيح، إلا أن في الأصل حبيب بن سليمان عن أبي أمامة وصوابه: سليمان بن حبيب المحاربى، فإنه روى عن أبي أمامة وروى عنه عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد اللَّه اهـ. فهذا منشأ غلط الحافظ الهيثمى فإنه وقع له في الأصل الذي نقل منه تحريفٌ عن إسماعيل، بلفظ ابن إسماعيل وإلا فعبد العزيز هو ابن عبيد اللَّه بن حمزة وليس هو من رجال الصحيح ولم يرو له إلا ابن ماجه. وقد رواه الطوسى في أماليه من طريق شريح أبي الحارث عن الوليد بن مسلم فقال: عن عبد العزيز بن سليمان عن سليمان بن حبيب عن أبي أمامة، وعبد العزيز بن سليمان هذا غير معروف إن لم يكن وقع فيه وهم من الراوى. ورواه البخارى في التاريخ الكبير مختصرا من حديث حذيفة وهو عنده في ترجمة يزيد بن زيد الحضرمى. 2780/ 7236 - "لَزَوالُ الدُّنيا أهونُ علَى اللَّهِ من قتلِ رجُلٍ مسلمٍ" (ت. ن) عن ابن عمرو قال في الكبير: مرفوعًا، قال الترمذى عن البخارى: وقفه أصح، ثم قال: وقضية صنيع المصنف أن هذا الحديث ليس في الصحيحين ولا أحدهما والأمر بخلافه، بل هو في مسلم كما حكاه المنذرى. قلت: الحديث لم يخرجه مسلم أصلا، والمنذرى لم يعزه إلى مسلم وإنما وقع ذكر مسلم في الترغيب [3/ 393] من كاتب النسخة سبقه قلمه إليه من لفظ مسلم الموجود آخر الحديث لأنه قال: والنسائى [7/ 82]، والترمذى [رقم 1395] مرفوعًا وموقوفًا ورجح الموقوف اهـ.

فلو كان الحديث في مسلم لما تصور أن يقول عقبه: مرفوعًا وموقوفًا، فإن مسلما لا يخرج الموقوف، لاسيما وقد حكى أن الترمذى رجح الموقوف. 2781/ 7237 - "لسانُ القاضِى بَيْنَ جمرتَيْنِ إمَّا إِلى الجنةِ وإما إلى النارِ". (فر) عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو نعيم ومن طريقه وعنه أورده الديلمى مصرحا، ثم إن فيه يوسف بن أسباط، وقد سبق عن جمع تضعيفه. قلت: أبو نعيم رواه في تاريخ أصبهان [2/ 9] واذ لم يقف المؤلف عليه فيه فالواجب عزوه إلى الديلمى، ثم إن علته ليس هو يوسف بن أسباط بل فيه سهل أبو الحسن وهو ضعيف، بل اتهمه الخطيب بالوضع، وفيه أيضًا من لا أعرفه، قال أبو نعيم في ترجمة على بن محمد بن الحسن المعروف بعلى بن متويه العابد: ذكر ابن أخيه أبو عبد اللَّه محمد بن إبراهيم بن الحسن ثنا عمى على بن متويه ثنا إبراهيم بن سعدويه ثنا على الطنافسى عن سهل أبي الحسن ثنا يوسف بن أسباط عن سفيان عن مختار بن فلفل عن أنس به. 2782/ 7240 - "لَستُ من دَدٍّ، ولا الدِّدُّ منّى". (خد. هق) عن أنس، (طب) عن معاوية ثم ذكر المصنف حديث: 2782/ 7241 - "لستُ من دَدّ ولا ددُّ منى ولستُ من الباطِلِ ولا الباطلُ منِّى". ابن عساكر عن أنس قال في الكبير: وفيه يحيى بن محمد بن قيس المدنى المؤذن قال الذهبى:

ضعيف، وقضية اقتصار المصنف على ابن عساكر أنه لا يعرف مخرجًا لأشهر منه ممن وضع لهم الرموز، والأمر بخلافه، فقد خرجه الطبرانى والبزار عن أنس باللفظ المذكور، قال الهيثمى: وفيه يحيى المذكور وقد وثق. . . إلخ. قلت: انظر إلى هذا الرجل ما أكثر جهله، فالحديث حديث واحد وقد ذكره المصنف وعزاه للبخارى في الأدب المفرد والبيهقى في السنن [10/ 217] ثم عقبه بلفظ آخر فيه زيادة: "ولست من الباطل ولا الباطل منى" وعزاه لابن عساكر لأنه عند الآخرين لم تذكر فيه تلك الزيادة على أنها من الحديث، بل ذكرت فيه تفسيرا للفظ: "الدد"، قال البخارى: حدثنا محمد بن سلام أخبرنا يحيى بن محمد أبو عمرو البصرى قال: سمعت عمرو مولى المطلب قال: سمعت أنسا يقول: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لست من دد ولا الدد منى بشيء" يعنى: ليس الباطل منى بشيء. ورواه البيهقى من طريق ابن المدينى: ثنا يحيى بن محمد بن قيس قال: سمعت عمرو بن أبي عمرو قال: سمعت أنس بن مالك يقول: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لست من دد ولا دد منى"، قال على بن المدينى: سألت أبا عبيدة صاحب العربية عن هذا فقال: يقول: لست من الباطل ولا الباطل منى، قال البيهقى: وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: الدد: هو اللعب واللهو، وقيل: عن عمرو عن المطلب عن معاوية. ورواه البزار من هذا الوجه وزاد: قال يحيى: يقول: لست من الباطل ولا الباطل منى، ثم قال: لا نعلمه يروى إلا عن أنس ولا نعلم رواه عن عمرو ابن أبي عمرو إلا يحيى بن قيس.

وهكذا رواه ابن عدى في الكامل [7/ 2698] وقال في يحيى: عامة رواياته مستقيمة إلا هذا الحديث وهو يعرف به اهـ. وقال ابن أبي حاتم في العلل [رقم 2295]: وقد رواه الدراوردى عن عمرو ابن أبي عمرو عن المطلب بن عبد اللَّه عن معاوية بن أبي سفيان به، قال: وسألت أبي وأبا زرعة أيهما أشبه حديث يحيى أو حديث الدراوردى؟ فقالا: حديث الدراوردى أشبه اهـ. فأعجب لقوله: إن البزار والطبرانى روياه باللفظ المذكور!!. وكذلك رواه الدولابى في الكنى بدون تلك الزيادة أيضًا فقال: حدثنى إبراهيم بن الجنيد حدثنى على بن عبد اللَّه بن جعفر وعبد اللَّه بن محمد ابن حميد بن الأسود قالا: حدثنا يحيى بن محمد بن قيس أبو زكريا قال: حدثنا عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب قال: سمعت المطلب يقول: إن أنس ابن مالك قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لست من دد ولا الدد منى"، هكذا وقع عنده زيادة المطلب في الإسناد، وهو من المزيد في المتصل؛ لأن عمرًا المذكور يروى عن أنس وعن مولاه المطلب إن لم تكن هذه الرواية أصح والأخرى منقطعة. 2783/ 7244 - "لَسقطٌ أُقدِّمُهُ بينَ يَدَيَّ أحَبُّ إليَّ مِنْ فارسٍ أُخَلِّفُهُ خَلْفِى". (هـ) عن أبي هريرة قلت: أخرجه ابن ماجه [رقم 1607]: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا خالد بن مخلد ثنا يزيد بن عبد الملك النوفلى عن يزيد بن رومان عن أبي هريرة به.

ويزيد بن عبد الملك وثقه ابن سعد وضعفه جماعة، ويزيد بن رومان لم يدرك أبا هريرة لكن اختلف فيه على يزيد بن رومان فقيل: عنه هكذا، وقيل: عنه عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، وهذا متصل. كذلك أخرجه ابن حبان في الضعفاء [3/ 17]: ثنا عمر بن موسى بن مجاشع ثنا هارون بن عبد اللَّه الحمال ثنا معن بن عيسى ثنا يزيد بن عبد الملك عن سهيل به. قال ابن حبان في يزيد: كان ممن ساء حفظه حتى كان يروى المقلوبات عن الثقات ويأتى بالمناكير عن أقوام مشاهير فلما كثر ذلك في أخباره بطل الاحتجاج بآثاره، وإن اعتبر معتبر بما وافق الثقات من حديثه من غير أن يحتج به لم أر بذلك بأسا اهـ. قلت: لكنه لم ينفرد به بل توبع عليه عن سهيل، قال الحاكم في علوم الحديث: حدثنا أحمد بن عثمان بن يحيى الآدمى ثنا إبراهيم بن عبد الرحيم دنوقا ثنا خالد بن يزيد العمرى ثنا أبو حردود عبد العزيز بن سليمان عن سهيل بن أبي صالح به مثله. 2784/ 7246 - "لَصوتُ أبي طلحةَ في الجيشِ خيرٌ من فئةٍ". (حم. ك) عن أنس قال في الكبير: وفي رواية لأحمد: وَأُبَى "لصوت أبي طلحة أشد على المشركين من فئة" قال الهيثمى: رجال هذه الرواية رجال الصحيح، فاعجب للمصنف كيف أهمل الرواية المشهود لها بالصحة وآثر غيرها مقتصرا عليها!

قلت: بل العجب للشارح الذي لا يميز بين اللام والواو، أما المصنف فعاقل لا يذكر حديثا أوله حرف الواو في باب اللام. 2785/ 7248 - "لَعثرة في كدٍّ حلالٍ على عيِّلٍ محجوبٍ، أفضلُ عندَ اللَّهِ من ضربٍ بسيفٍ حولًا كاملًا لَا يَجِفُّ دمًا معَ إمامٍ عَادلٍ". ابن عساكر عن عثمان قلت: هذا إن شاء اللَّه كذب. 2786/ 7253 - "لعنَ اللَّه الخمرَ وشارِبَهَا وساقيَهَا وبائِعَهَا ومُبتاعَهَا وعاصِرَهَا ومعتصرَهَا وحاملَهَا والمحمولةَ إليهِ وآكلَ ثمنِهَا". (د. ك) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح اهـ. وفيه عبد الرحمن الغافقى قال ابن معين: لا أعرفه. قلت: عبد الرحمن الغافقى إنما هو في سند أبي داود [رقم 3674]، أما الحاكم [2/ 33] فرواه من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن شريح الخولانى عن ابن عمر. وله طريق ثالث من رواية نافع عن ابن عمر، قال أبو الشيخ في عواليه: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ثنا أبو نصر التمار ثنا كوثر بن حكيم عن نافع به. ورواه ابن حبان في الضعفاء في ترجمة كوثر بهذا السند عن أحمد بن الحسن أيضًا، وقال في كوثر: كان يروى المناكير عن المشاهير ويأتى عن الثقات ما ليس من حديث الأثبات اهـ. وله طريق رابع عن ابن عمر، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان:

ثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا إبراهيم بن عامر ثنا أبي ثنا يعقوب عن ليث بن أبي سليم عن سالم بن عبد اللَّه عن ابن عمر. 2787/ 7255 - "لعنَ اللَّهُ الراشى، والمرتشِى والرائشَ الَّذِى يمشِى بينهُما". (حم) عن ثوبان قال في الكبير: قال المنذرى: فيه أبو الخطاب لا يعرف، وقال الهيثمى: مجهول اهـ. وبه يعرف أن جزم السخاوى بصحة سنده مجازفة. قلت: فيه أمور، الأول: الكذب على السخاوى فإنه ما صححه بل قال ما نصه [335 - 863]: رواه أحمد بن منيع عن ابن عمر، وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف وثوبان وعائشة وأم سلمة وآخرون، وقد قال ابن مسعود: "الرشوة في الحكم كفر وهى في الناس سحت" رواه الطبرانى وسنده صحيح اهـ. يريد سند قول ابن مسعود لا سند الحديث. الثانى: أن الحديث وإن لم يصرح السخاوى بصحته فهو صحيح؛ لأنه ورد من طرق متعددة كما أشار إليه السخاوى. 2788/ 7265 - "لعنَ اللَّهُ المتشبهاتِ من النساءِ بالرجالِ، والمتُشبِّهين منَ الرجالِ بالنساءِ". (حم. د. ت. هـ) عن ابن عباس قلت: رواه أيضًا البخارى في صحيحه بلفظ: "لعن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المتشبهين من الرجال. . ." الحديث. وكذلك الدولابى في الكنى فيمن كنيته أبو أسامة.

وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 120]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن عمر ثنا أبو أسيد ثنا بحر بن نصر ثنا عبد الرحمن ابن زياد ثنا محمد بن مسلم الطائفى عن عمرو بن دينار عن ابن عباس: "أن امرأة مرت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- متقلدة قوسا فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لعن اللَّه المتشبهات من النساء بالرجال. . ." الحديث. 2789/ 7266 - "لعنَ اللَّهُ المحلِّلَ والمحلَّلَ لَهُ". (حم: 4) عن على (ت. ن) عن ابن مسعود، (ت) عن جابر قال في الكبير: وقال الذهبى في الكبائر: صح من حديث ابن مسعود رواه النسائى والترمذى، وبإسناد جيد عن على رواه أهل السنن إلا النسائى، هذه عبارته وبه يعرف ما في صنيع المؤلف من عدم تحرير التخريج. قلت: فماذا ثبت من عدم تحرير التخريج غير كون المؤلف عزا حديث على للأربعة (¬1)، والذهبى استثنى منهم النسائى؟!. والمؤلف قد يعزو أحيانا إلى سنن النسائى ويريد الكبرى وإن كان في ذلك مخالفة لأصله. 2790/ 7268 - "لعنَ اللَّهُ المخنَّثِينَ من الرجالِ والمتُرجِّلَات من النساءِ". (خد. ت) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه ثوير بن فاختة وهو متروك، وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد في أحد الصحيحين وهو ذهول؛ إذ هو في صحيح البخارى. . . إلخ. ¬

_ (¬1) أبو داود: (رقم 2076، 2077)، والترمذى: (رقم 1119، 1120)، وابن ماجة: (1934، 1936).

قلت: فيه أمور، الأول: أن قوله: قال الهيثمى [8/ 103]: وفيه ثوير بن فاختة يدل على أن الهيثمى قال ذلك في هذا الحديث الذي خرجه البخارى والترمذى مع أن الهيثمى لا يورد حديثا في الكتب الستة وإنما يورد الزوائد عليها. الثانى: أن هذا الحديث لا يوجد فيه ثوير، قال الترمذى: حدثنا الحسن بن على الخلال ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن يحيى بن أبي كثير وأيوب عن عكرمة عن ابن عباس به. الثالث: أن الهيثمى قال: وعن ابن عمر قال: "لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء" رواه أحمد والبزار والطبرانى وفيه ثوير بن أبي فاختة وهو متروك، فالهيثمى قال ذلك في حديث ابن عمر والشارح نقله إلى حديث ابن عباس، وإذ لم يكن عنده علم بالحديث ولا تمييز بين رجاله فكان الواجب عليه ألَّا يدخل في الفضول. الرابع: أن المؤلف عزا الحديث للبخارى في الصحيح والناسخ زاد من عنده "الدال" تحريفا فجاء عزوه إلى الأدب المفرد وإلا فالبخارى لم يخرجه فيه. 2791/ 7269 - "لعنَ اللَّهُ المُسَوِّفَاتِ، الَّتِى يدعُوهَا زوجُهَا إلى فِرَاشِهِ فتقولُ: سَوْفَ، حَتَّى تغلبَهُ عيناهُ". (طب) عن ابن عمر قال الشارح: بإسناد فيه ضعف وانقطاع. قلت: لا انقطاع فيه وهو إنما استند في ذلك إلى قول الحافظ الهيثمى [4/ 296]: رواه الطبرانى من طريق جعفر بن ميسرة عن أبيه، ولم أر لأبيه سماعا من ابن عمر اهـ. وهذا لا يدل على الانقطاع، فإن أهل الجرح

والتعديل لم يتعرض منهم أحد لعدم سماع أبيه من ابن عمر. أما الحديث فساقط واه، قال ابن حبان في الضعفاء [1/ 213]: جعفر بن ميسرة الأشجعى يروى عن أبيه عن ابن عمر وأبوه مستقيم الحديث، أما ابنه جعفر فعنده مناكير كثيرة لا تشبه حديث الثقات عن أبيه، كتبنا عنه نسخة لا يحل ذكرها في الكتب إلا على سبيل التعجب، قال: أخبرنا الحسن بن سفيان ثنا محمد بن الصباح ثنا على بن ثابت عن جعفر بن ميسرة الأشجعى عن أبيه عن ابن عمر به اهـ. وهكذا ضعفه جماعة لكن لحديثه هذا شاهد أخرجه البخارى في التاريخ الكبير: ثنا أبو حفص عمرو بن على ثنا يحيى حدثنا سفيان قال: حدثنى رجل يقال له محمد قال: سمعت عكرمة قال: "لعن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المتسوفات أو المسوفات. 2792/ 7278 - "لعنَ اللَّهُ من سبَّ أصْحابِى". (طب) عن ابن عمر قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وهو زلل كيف وفيه عبد اللَّه بن سيف، قال الذهبى في الضعفاء: لا يعرف وحديثه منكر، وفي الميزان عن ابن عدى: رأيت له غير حديث منكر، وعن العقيلى: حديثه غير محفوظ. قلت: المؤلف يحكم على المتون لا على الأسانيد، وهذا المتن وإن كان ضعيف السند إلا أنه صحيح لكثرة طرقه وشواهده، فلحديث ابن عمر هذا طريقان، وله شاهد من حديث جابر بن عبد اللَّه وابن عباس وعائشة وأبي سعيد الخدرى وعويم بن ساعدة وغيرهم وفيها ما هو على انفراده حسن.

2793/ 7280 - "لعنَ اللَّهُ من يَسِمُ في الوَجْهِ". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرجه أحد الشيخين وهو ذهول ففي صحيح مسلم مر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على حمار قد وسم في وجهه فقال: لعن اللَّه الذي وسمه". قلت: هذا حديث آخر من رواية صحابى آخر وهو جابر بن عبد اللَّه، وأيضًا هذا اللفظ لا يذكر مثله المؤلف في كتابه لأنه يقتصر على المرفوع ولا يذكر سببه فلو أورده كذلك لجاء المتن ناقصا إذ لا يعرف على من يعود الضمير فيه. 2794/ 7281 - "لعنَ اللَّهُ مَنْ فرَقَ بَيْنَ الوالِدَةِ وولدِهَا، وبينَ الأخِ وأخيهِ". (هـ) عن أبي موسى قال في الكبير: قال الذهبى: فيه إبراهيم بن إسماعيل ضعفوه. قلت: وقد اختلف عليه فيه فرواه ابن ماجه والدارقطنى كلاهما من رواية عبيد اللَّه بن موسى عنه عن طليق بن عمران عن أبي بردة عن أبي موسى. وذكره البخارى في التاريخ الكبير من جهته فقال: عن صالح بن كيسان عن طليق بن عمران بسنده، فأدخل بينه وبين طليق صالح بن كيسان، وهو لم ينفرد به إلا أنه اختلف فيه أيضًا على طليق فقيل عنه كما سبق، وقيل: عنه عن عمران بن حصين. كذلك أخرجه الدارقطنى [3/ 67] من طريق أبي بكر بن عيوش ثنا سليمان التيمى عن طليق بن محمد عن عمران بن حصين قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ملعون من فرق. . . "، قال أبو بكر: هذا مبهم وهذا عندنا في السبى

والولد، ومن العجيب أن الحاكم خرجه في المستدرك [2/ 55] من هذا الوجه ثم قال: إسناد صحيح ولم يخرجاه، وأقره الذهبى. 2795/ 7282 - "لعنَ اللَّهُ من لعنَ والديْه، ولعنَ اللَّهُ من ذَبحَ لغيرِ اللَّهِ، ولعنَ اللَّهُ من آوى مُحدثًا، ولعَنَ اللَّهُ من غَيَّرَ منارَ الأرضِ". (حم. م. ن) عن على قلت: وأخرجه أيضًا البخارى في الأدب المفرد: حدثنا عمرو بن مرزوق قال: أخبرنا شعبة عن القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل قال: "سئل على: هل خصكم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بشيء لم يخص به الناس كافة؟ قال: ما خصنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بشيء لم يخص به الناس إلا ما في قراب سيفى ثم أخرج صحيفة فإذا فيها مكتوب: لعن اللَّه من ذبح لغير اللَّه. . ."، وذكره. ورواه أيضًا في التاريخ الكبير من وجه آخر فقال: ثنا إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه عن سليمان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن هانى مولى على ابن أبي طالب عن على به. 2796/ 7284 - "لُعِنَ عبدُ الدينارِ، لُعِنَ عبدُ الدِّرْهَم". (ت) عن أبي هريرة قلت: رواه أيضًا المخلص في فوائده قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا بشر بن هلال ثنا عبد الوارث عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة به.

2797/ 7289 - "لَقد أُمِرتُ أنْ أتجوزَ في القولِ، فإنَّ الجوازَ في القولِ هُوَ خيرٌ". (د. هب) عن عمرو بن العاص قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس بحسن؛ إذ فيه سليمان بن عبد الحميد البهرانى قال في الكاشف: ضعيف، وفي ذيل الضعفاء كذبه النسائى، وإسماعيل بن عياش وليس بقوى وابنه محمد قال أبو داود: ليس بذاك، وقال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه وقد حدث عنه، وضمضم بن زرعة ضعفه أبو حاتم، وأبو ظبية مجهول. قلت: هذه جعجعة ليس وراءها إلا التلبيس، فسليمان بن عبد الحميد انفرد النسائى بما قال فيه وكأنه لمنافسة كانت بينهما أو لأجل مذهبه فإنه كان مذهبيا، وإلا فقد قال أبو حاتم: صدوق، وقال مسلمة بن قاسم: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وإسماعيل بن عياش صدوق وإنما ضعف في روايته عن غير أهل بلده، وهذا الحديث من روايته عن أهل بلده الحمصيين، وابنه محمد لا دخل له في الحديث فإن سليمان بن عبد الحميد قال: قرأت في أصل إسماعيل بن عياش وحدثنى ابنه محمد عنه، فإذ رآه سليمان في أصل إسماعيل بن عياش فهو ثابت ولو كان السماع شرطا مع وجود الحديث في الأصل لما صح في الدنيا حديث بيد مخلوق. وضمضم بن زرعة وثقه ابن معين وابن نمير وابن حبان وقال [6/ 485]: أحمدبن محمد بن عيسى لا بأس به. وأبو ظبية روى عنه جماعة منهم: ثابت البنانى وشهر بن حوشب وشريح بن عبيد وغيلان ومحمد بن سعيد الأنصارى وبشر بن عطية وغيرهم وذكره جماعة في الطبقة العليا من التابعين؛ لأنه روى عن عمر بن الخطاب ومعاذ بن

جبل والمقداد بن الأسود وأبي أمامة وجماعة من الصحابة، وقال ابن معين: هو مدنى ثقة، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال الدارقطنى: لا بأس به، وقال الأعمش: كانوا لا يعدلون به رجلا إلا رجلا صحب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. فهل هذا يقال عنه: مجهول ويضعف به الحديث؟! فالسند كما ترى على شرط الحسن ولكن الشارح يهرف بما لا يعرف. 2798/ 7294 - "لقدْ رأيتُ رجُلًا يتقلَّبُ في الجنةِ فِي شجرةٍ قطعَهَا منْ ظهْرِ الطَّريقِ كانتْ تؤُذِى الناسَ". (م) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهره أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو في محل المنع فقد خرجه البخارى في الظلم عن أبي هريرة. قلت: ليس في البخارى كتاب الظلم بل المظالم، وإنما الظلم في قلم الشارح مع التدليس والتلبيس فاسمع لفظ حديث البخارى، قال في كتاب المظالم: حدثنا عبد اللَّه بن يوسف أخبرنا مالك عن سُمُّى عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بينما رجل يمشى بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخذه فشكر اللَّه له فغفر له". فانظر كم بين هذين الحديثين من البون في اللفظ والمعنى. 2799/ 7297 - "لقدْ هَمَمْتُ أَلَّا أقبلَ هَدِيَّةً إلا من قُرشِيٍّ، أو أنصاريٍّ، أو ثقفِيٍّ، أو دوُسيٍّ". (ن) عن أبي هريرة قال في الكبير: وعزاه الهيثمى لأحمد والبزار ثم قال: رجال أحمد رجال الصحيح اهـ. ولعل المؤلف ذهل عنه، وقال في شرح الحديث: لأنهم

أعرف بمكارم الأخلاق وأحرى بالبعد عما تطمح إليه نفوس الأرذال والأخلاط. قلت: قوله: وعزاه الهيثمى. . . إلخ يفيد أن الهيثمى عزا حديث أبي هريرة هذا مع أنه لا يورد في كتابه حديثا مذكورا في الكتب الستة إلا إذا اشتمل على زيادة، والواقع أنه ذكر حديثا آخر من رواية ابن عباس لا من رواية أبي هريرة وزاد عزوه للطبرانى، وقوله في المعنى: لأنهم أعرف بمكارم الأخلاق فقد فسره سفيان بن عيينة بخلاف هذا فأخرج لوين في جزئه قال: حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس قال: "وهب رجل من الأعراب للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هبة فأثابه، فقال: أرضيت؟ قال: لا، ثم أثابه، فقال: أرضيت؟ قال: لا، ثم أثابه، فقال: أرضيت؟، قال: نعم: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لقد هممت ألا أتهب هبة إلا من قرشى أو أنصارى أو ثقفى". قال ابن عيينة: وقال غيره: هؤلاء أهل القرى لأن قريشا والأنصار وثقيف أهل قرى، وهذا المرسل رواه أحمد موصولا من رواية حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس وليس فيه التفسير. 2800/ 7301 - "لقِّنُوا موتاكمُ لَا إلهَ إلَّا اللَّهُ". (حم. م. 4) عن أبي سعيد (م. هـ) عن أبي هريرة (ن) عن عائشة قلت: عند المؤلف هذا الحديث في المتواتر فقال في الأزهار المتناثرة: أخرجه مسلم (¬1) عن أبي سعيد وأبي هريرة، والنسائى [4/ 5] عن عبد اللَّه بن جعفر وعائشة، والطبرانى عن ابن عباس وابن مسعود، والبزار (¬2) عن جابر بن عبد ¬

_ (¬1) الجنائز باب (1)، رقم (1، 2). (¬2) المجمع (2/ 323).

اللَّه، والعقيلى في الضعفاء [3/ 73] عن عروة بن مسعود، وابن أبي الدنيا، في المحتضرين عن حذيفة وعمر وعثمان وأنس اهـ. قلت: وورد أيضًا من حديث على وواثلة وعبد اللَّه بن عمر. ثم إن حديث أبي هريرة ورد عنه بألفاظ مختلفة من طرق متعددة من رواية أبي حازم وأبي سلمة وموسى بن وردان ومحمد بن سيرين وداود بن فراهيج ويزيد ابن رومان، فرواية أبي حازم عند مسلم وابن ماجه [رقم 1446] والبيهقى في السنن [3/ 383] ورواية أبي سلمة قال الطبرانى في الصغير [2/ 125]: ثنى وصيف الأنطاكى الحافظ ثنا سليمان بن سيف أبو داود الحرانى ثنا سعيد بن سلام العطار ثنا عمر بن محمد بن صهبان المدنى عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقنوا موتاكم لا إله إلا اللَّه وقولوا: الثبات الثبات ولا قوة إلا باللَّه". قلت: سعيد بن سلام العطار كذاب وضاع (¬1)، والحديث بهذه الزيادة من وضعه ولا بد، ورواية موسى بن وردان قال أبو الحسن على بن عمر الحربى: حدثنا أبو القاسم حمزة بن محمد الكنانى الحافظ إملاء ثنا أبو عبد اللَّه محمد ابن داود بن عثمان بن سعيد بن أسلم الصدفى ثنا يحيى بن يزيد يكنى: أبا شريك ثنا ضمام بن إسماعيل عن موسى بن وردان عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أكثروا من شهادة أن لا إله إلا اللَّه قبل أن يحال بينكم وبينها ولقنوها موتاكم". ورواية محمد بن سيرين قال أبو عمرو بن منده في فوائده: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد اللَّه الدقاق ثنا محمد بن عيسى بن ¬

_ (¬1) انظر المغنى في الضعفاء (1/ 260، رقم 2400).

حيان ثنا محمد بن الفضل بن عطية عن سليمان التيمى عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقنوا موتاكم لا إله إلا اللَّه". ورواه أبو بكر بن النقور في فوائده من هذا الوجه فقال: أخبرنا أبو القاسم على بن الحسين الربعى أنا أبو الحسن بن مخلد ثنا عثمان بن أحمد بن عبد اللَّه الدقاق به ولفظه: "لقنوا موتاكم لا إله إلا اللَّه ولا تملوهم"، ومحمد بن الفضل بن عطية متروك، ورواية داود بن فراهيج أخرجها أبو نعيم في تاريخ أصبهان: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا أبو على الحسن بن محمد بن أبي هريرة ثنا إسماعيل بن يزيد ثنا معن بن عيسى عن يزيد بن عبد الملك عن داود بن فراهيج عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "زودوا موتاكم لا إله إلا اللَّه". ورواية يزيد بن رومان عن أبيه قال الحاكم في التاريخ: ثنا محمد بن إبراهيم بن الفضل ثنا أبو بكر محمد بن شعيب القصير ثنا عمرو ابن زرارة ثنا معن بن عيسى ثنا يزيد بن عبد الملك عن يزيد بن رومان عن أبيه عن أبي هريرة به مثل الذي قبله، وهذا السند هو عين الذي قبله، وكأنه اختلف فيه على معن بن عيسى أو يزيد بن عبد الملك أو وهم فيه بعض الرواة. وحديث عبد اللَّه بن جعفر وهم المؤلف في عزوه إلى النسائى [4/ 5]، وإنما أخرجه ابن ماجه كما في المتن [رقم 1446]، وأخرجه أيضًا الحكيم الترمذى في نوادر الأصول: أخبرنا عبد اللَّه بن أبي زياد القطوانى ثنا أبو عامر العقدى ثنا كثير بن زيد عن

إسحاق بن عبد اللَّه بن جعفر عن أبيه قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لقنوا موتاكم لا إله إلا اللَّه الحليم الكريم، سبحان اللَّه رب السموات السبع ورب العرش العظيم، الحمد للَّه رب العالمين، قالوا: يا رسول اللَّه كيف هي للحى؟ قال: أجود وأجود"، وبهذا اللفظ هو عند ابن ماجه. وحديث عائشة أخرجه أيضًا الطبرانى في الكبير: ثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى وهو شيخ النسائى فيه بإسناده. وحديث جابر أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [3/ 310]: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن يوسف ثنا إبراهيم بن جهد ثنا عثمان بن الهيثم ثنا عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن جابر به. ومن هذا الوجه رواه أيضًا الطبرانى في كتاب الدعاء، وعبد الوهاب بن مجاهد فيه فقال: وقال ابن جميع في معجمه: ثنا محمد بن حمدون أبو بكر ببالس ثنا أحمد بن الأسود ثنا عثمان بن الهيثم ثنا عبد الوهاب بن مجاهد به. وحديث ابن عباس أخرجه ابن جرير: حدثنى على ثنا عبد اللَّه حدثنى معاوية عن على عن ابن عباس في قوله: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} الآية [مريم: 90] قال: "إن الشرك فزعت منه السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين"، قال: وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله اللَّه فمن قالها عند موته وجبت له الجنة، قالوا: يا رسول اللَّه فمن قالها في صحته؟، قال: تلك أوجب وأوجب، ثم قال: والذي نفسى بيده لو جئ بالسموات والأرض

ومن فيهن وما بينهن وما تحتهن فوضعن في كفة الميزان ووضعت شهادة أن لا إله إلا اللَّه في الكفة الأخرى لرجحت بهن"، وهكذا رواه الطبرانى، ويقول الحافظ نور الدين: إن رجاله ثقات إلا أن ابن أبي طلحة -يعنى عليا- لم يسمع من ابن عباس، قال ابن جرير: وشهد له حديث البطاقة. قلت: ولابن عباس حديث آخر أخرجه ابن الجوزى في الموضوعات من طريق الحاكم: ثنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه ثنا ابن محمويه بن مسلم حدثنا أبي ثنا النضر بن محمد ثنا سفيان الثورى عن إبراهيم بن مهاجر عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "افتحوا على صبيانكم أول كلمة: لا إله إلا اللَّه، ولقنوهم عند الموت: لا إله إلا اللَّه فإنه من كان أول كلامه: لا إله إلا اللَّه، وآخر كلامه: لا إله إلا اللَّه، ثم عاش ألف سنة لم يسأل عن ذنب واحد"، ثم قال: موضوع وابن محمويه وأبوه مجهولان، وقد ضعف البخارى إبراهيم بن مهاجر وتعقبه المؤلف بأن الحديث في المستدرك [1/ 351] وأن البيهقى خرجه في الشعب عن الحاكم وقال: متن غريب لم نكتبه إلا بهذا الإسناد، وأورده الحافظ في أماليه ولم يقدح في سنده بشيء إلا أنه قال: إبراهيم فيه لين، وقد أخرج له مسلم في المتابعات اهـ. وحديث واثلة قال أبو نعيم في الحلية: ثنا أحمد بن عبد اللَّه بن عبد المؤمن ثنا أبو بكر ثنا عبد اللَّه بن على بن الجارود ثنا إسحاق بن منصور ثنا أحمد بن أبي طالب أبو سليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن أبي معاذ عتبة بن حميد عن مكحول عن واثلة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "احضروا موتاكم ولقنوهم لا إله إلا اللَّه وبشروهم بالجنة، فإن الحليم من الرجال والنساء يتحيرون عند ذلك المصرع. . ."، الحديث.

وحديث ابن عمر رواه ابن شاهين في الجنائز: حدثنا عثمان بن جعفر بن أحمد السبيعى ثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة ثنا على بن عياش ثنا حفص بن سليمان ثنى عاصم وعطاء بن السائب عن زاذان عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقنوا موتاكم لا إله إلا اللَّه، فإنه ليس مسلم يقولها عند الموت إلا أنجاه اللَّه من النار". قلت: وقد اختلف فيه على عطاء بن السائب وكان قد اختلط فرواه أحمد [3/ 474] من طريقه فقال: عن زاذان فقال: حدثنى من سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من لقن عند الموت لا إله إلا اللَّه دخل الجنة". ورواه الطبرانى في الكبير والأوسط من جهته أيضًا فقال: عن زاذان قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من لقن لا إله إلا اللَّه عند الموت دخل الجنة". ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن زاذان قال: "من قال: لا إله إلا اللَّه. . ."، الحديث مقطوعا. ورواه الطبرانى في الكبير عن عطاء أيضًا فقال: عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. وحديث على رواه زيد بن على في مسنده عن آبائه عن على عليه السلام قال: "دخل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على رجل من ولد عبد المطلب وهو يجود بنفسه وقد وجهوه لغير القبلة فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: وجهوه إلى القبلة فإنكم إذا فعلتم ذلك أقبلت الملائكة عليه وأقبل اللَّه عليه بوجهه فلم يزل كذلك حتى يقبض. قال: ثم أقبل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يلقنه لا إله إلا اللَّه، وقال: لقنوها موتاكم فإنه من كانت آخر كلامه دخل الجنة".

وروى الطبرانى في الأوسط آخره من حديث على وهو قوله: "من كان آخر كلامه لا إله إلا اللَّه دخل الجنة". 2801/ 7302 - "لقيامُ رجُلٍ في الصفِّ في سبيلِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ ساعةً أفضلُ مِنْ عبادةِ ستين سنةٍ". (هق - خط) عن عمران بن حصين قال في الكبير: وفيه إسماعيل بن عبيد المكى، قال في الميزان: لا يعرف، وسبقه العقيلى فأورده في الضعفاء وقال: لا تحفظ أحاديثه، وساق له هذا الحديث، فما أوهمه صنيع المؤلف أن مخرجه العقيلى خرجه وسكت عليه غير صواب. قلت: فيه عدة أوهام، الأول: أن العقيلى ليس بنبى الجرح والتعديل حتى يكون قوله حجة على المؤلف بل له رأيه وللمؤلف رأيه. الثانى: أن المؤلف من شرطه في هذا الكتاب عدم التعرض لذكر كلام المخرجين بل بناه على الاختصار والرموز في العزو ومراتب الأحاديث. الثالث: أن المؤلف لم يعزوه للعقيلى وإنما عزاه للبيهقى، والشارح حرف "الهاء" بـ "العين" فجعله رمزا للعقيلى وإنما هو بـ "الهاء" رمزا للبيهقى فسقط هذا الهراء من أصله. الرابع: أن إسماعيل بن عبيد المكى إنما هو في سند الخطيب [10/ 295]، فإنه رواه من طريق يحيى بن سليم عن إسماعيل المكى عن الحسن عن عمران بن حصين، وأما البيهقى فرواه من وجه آخر كما سأذكره. الخامس: أن إسماعيل المذكور وإن قال فيه العقيلى ذلك فإنه ليس كما قال بل هو معروف من أهل الحجاز، روى عنه يحيى بن سليم ويعقوب بن محمد

الزهرى ولم يذكر ابن أبي حاتم فيه جرحا ولا وصفه بجهالة بل ذكره ابن حبان في الثقات. السادس: أن المصنف لم يسكت على الحديث بل رمز له بعلامة الصحيح وهو صحيح كما قال فقد خرجه الحاكم في المستدرك من طريق عبد اللَّه بن صالح المصرى [2/ 68]: ثنا يحيى بن أيوب عن هشام بن حسان عن الحسن عن عمران مرفوعًا: "مقام الرجل في الصف في سبيل اللَّه أفضل عند اللَّه من عبادة رجل ستين سنة"، ثم قال: صحيح على شرط البخارى وأقره الذهبى. ومن هذا الطريق خرجه البيهقى [9/ 161] فقال: أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنبأنا أبو بكر القطان ثنا أبو الأزهر حدثنا عبد اللَّه بن صالح به. وقد ذكره المصنف فيما سيأتى من حرف "الميم" ونص الشارح على صحته، وكذلك خرجه من هذا الوجه الدينورى في المجالسة قال: حدثنا بكر بن سهل ثنا عبد اللَّه بن صالح ثنا الليث بن سعد عن يحيى بن أيوب عن هشام بن حسان به. 2802/ 7304 - "لكُلِّ أمةٍ مجوس، ومجوسُ أمَّتى الذين يقولُون: لا قدَرَ، إنْ مرضُوا فلا تعودُوهُمْ، وإن ماتُوا فَلا تشهدُوهُم". (حم) عن ابن عمر قال في الكبير: عن أبي ضمرة عن عمر بن عبد اللَّه مولى عفرة عن ابن عمر، ثم قال الإمام أحمد: ما أرى عمر بن عبد اللَّه لقى عبد اللَّه بن عمر فالحديث

مرسل قال: وأكثر حديث عمر مولى عفرة مراسيل، وقال ابن الجوزى في العلل: هذا حديث لا يصح فيه عمر مولى عفرة، قال ابن حبان: يقلب الأخبار لا يحتج به، وأورده -أعنى ابن الجوزى- في الموضوعات أيضًا، وتعقبه العلائى بأن له شواهد ينتهى مجموعها إلى درجة الحسن، وهو وإن كان مرسلا لكنه اعتضد فلا يحكم عليه بالوضع ومن ثم رمز المؤلف لحسنه. قلت: في هذا أوهام، الأول: قوله: ثم قال الإمام أحمد. . . إلخ صريح في أن أحمد قال ذلك في المسند عقب الحديث وليس كذلك، فإنه لم يقل فيه شيئًا، وإنما نقل أهل الجرح والتعديل عن عبد اللَّه بن أحمد عن أبيه أنه قال: ليس به بأس، لكن أكثر حديثه مراسيل. الثانى: أن أحمد كما رواه من هذا الطريق المرسل رواه من طريق آخر متصل فقال: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس حدثنى عبد الرحمن بن صالح بن محمد الأنصارى عن عمر بن عبد اللَّه مولى عفرة عن نافع عن ابن عمر به، فالاقتصار على الطريق المنقطع قصور. الثالث: قوله: وأورده ابن الجوزى في الموضوعات كذب فإنه ما أورد حديث ابن عمر، وإنما أورد حديث أبي هريرة، فتعقبه المؤلف بأن له طرقا متعددة وبدأ بحديث ابن عمر فقال: قال أبو داود [رقم 4691]: ثنا موسى بن إسماعيل ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "القدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم. . ." الحديث، قال: ثم رواه أبو داود من طريق سفيان الثورى عن عمر بن محمد عن عمر مولى عفرة عن رجل من الأنصار عن حذيفة، ثم قال: قال الحافظ

صلاح الدين العلائى في أجوبته عن الأحاديث التي انتقدها السراج القزوينى على المصابيح وزعم أنها موضوعة: أما حديث ابن عمر فرجال إسناده على شرط الشيخين لكنه منقطع لأن أبا حازم سلمة بن دينار لم يسمع من ابن عمر، بل ذكر أنه لم يسمع من أحد من الصحابة غير سهل بن سعد. ولكنه رواه جعفر الفريابى في كتاب القدر: حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكى ثنا زكريا بن منظور حدثنى أبو حازم عن نافع عن ابن عمر فذكر الحديث. وزكريا بن منظور ضعفوه كثيرا وروى عباس الدورى عن ابن معين أنه قال: ليس به بأس، إنما كان فيه شيء زعموا أنه طفيلى، وقال ابن عدى [3/ 1068]: هو ضعيف يكتب حديثه فإنه يغلب على الظن أن زيادة نافع في روايته معتبرة ويتبين بها الساقط في رواية أبي داود. . . إلخ ما ذكره، وقد أطال المؤلف في طرق هذا الحديث ما يصح أن يفرد في جزء حديثى ولكن الشارح ضرب عن ذلك صفحا لما تعلم. 2803/ 7308 - "لكلِّ سهوٍ سجدتانِ بعدَ مَا يُسَلِّمُ". (حم. د. هـ) عن ثوبان قال في الكبير: قال البيهقى في المعرفة: انفرد به إسماعيل بن عياش وليس بقوى، وقال الذهبى: قال الأثرم: هذا منسوخ، وقال العراقى: حديث مضطرب، وقال ابن عبد الهادى كابن الجوزى: إسماعيل بن عياش مقدوح فيه، وقال ابن حجر: في سنده اختلاف اهـ. فرمز المؤلف لحسنه غير حسن.

قلت: بل الكذب قبيح غير حسن فالمؤلف ما رمز لحسنه ولكن رمز لضعفه. 2804/ 7310 - "لِكلِّ شيءٍ آفةٌ تُفْسِدُهُ، وآفةُ هذا الدِّين ولاة السُّوء". الحارث عن ابن مسعود قال الشارح: بإسناد فيه متهم. وقال في الكبير: فيه مبارك بن حسان، قال الذهبى: قال الأزدى: يرمى بالكذب. قلت: الشارح جاهل بقواعد الجرح والتعديل فمبارك بن حسان وإن قال فيه ذلك الأزدى فقد قال فيه من هو أولى منه وهو ابن معين: إنه ثقة، وذكره البخارى فما جرحه بشيء، وذكره ابن حبان في الثقات، بل كلام الأزدى في الجرح غير مقبول عند علماء الحديث، والذهبى الذي ذكر قول الأزدى ذكر بجانبه قول ابن معين فلا يصح أن يقتصر على حكاية الاتهام إلا إذا كان متفقا على ذلك، ثم إن فيه علل أخرى لم يذكرها. فإن الحديث قال فيه الحارث بن أبي أسامة: حدثنا إسماعيل بن أبي إسماعيل ثنا إسماعيل بن عياش ثنا مبارك بن حسان السلمى عن الحسن البصرى عن عبد اللَّه بن مسعود به، وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير أهل بلده الشاميين، وشيخه هذا بصرى ثم مكى، والحسن البصرى لم يسمع من عبد اللَّه بن مسعود.

2805/ 7311 - "لِكلِّ شيء أسٌّ، وأسُّ الإيمان الورعُ، ولِكلِّ شيءٍ فرعٌ، وفرعُ الإيمان الصَبرُ؛ وَلكلِّ شيءٍ سنامٌ، وسنامُ هذه الأمَّةَ عمِّى العباسُ، ولِكلِّ شيءٍ سِبَطٌ، وسبَطُ هذه الأمَّة الحسنُ والحسينُ، ولِكلِّ شيءٍ جناحٌ، وجناحُ هذهِ الأمَّة أبو بَكر وعمرُ، ولِكلِّ شيءٍ مجنٌّ، ومجن هذه الأمة علي بن أبي طالب". (خط) وابن عساكر عن ابن عباس قلت: هذا حديث كذب موضوع يلام المؤلف على ذكره ولم أره في تاريخ الخطيب. 2806/ 7313 - "لِكلِّ شيءٍ حِلية وحِليةُ القرآنِ الصوتُ الحسنُ". (عب) والضياء عن أنس قال الشارح: وفيه كذاب. وقال في الكبير: فيه عبد اللَّه بن محررة الجزرى تركوا حديثه، وقال الجوزجانى: هالك، وقال ابن حبان: كان من خيار عباد اللَّه لكنه يكذب ولا يعلم ويقلب الأخبار ولا يفهم، ورواه أيضًا باللفظ المزبور البيهقى، قال الهيثمى: فيه عبد اللَّه بن محرر وهو متروك ورواه الطبرانى عن أبي هريرة، وفيه عنده إسماعيل بن عمرو البجلى وهو ضعيف. قلت: المختارة للضياء المقدسى من كتب الصحيح فما أظنه خرج الحديث فيه من طريق عبد اللَّه بن محرر بل لابد أن يكون خرجه من طريق غيره، فإن الحديث كما ورد من روايته عن قتادة عن أنس، كذلك ورد من طريق عبد الرحمن بن بديل عن أبيه عن أنس به مثله، ومن هذا الطريق أخرجه الخطيب في التاريخ [7/ 268] من رواية الفضل بن حرب البجلى عنه، فهذه متابعة رواية عبد اللَّه بن محرر.

وقد أخرجه من طريقه أيضًا أبو القاسم القشيرى في الرسالة من طريق أحمد ابن عبيد الصفار -ولعله في مسنده-: ثنا عثمان بن عمر الضبى ثنا أبو الربيع ثنا عبد السلام بن هاشم ثنا عبد اللَّه بن محرر عن قتادة عن أنس به. أما قول الشارح: ورواه الطبرانى عن أبي هريرة فغلط منه بل رواه من حديث ابن عباس وهو أيضًا شاهد لحديث عبد اللَّه بن محرر (¬1). 2807/ 7315 - "لِكلِّ شيءٍ زكاةٌ وزكاةُ الدَّار بيتُ الضيافَةِ". الرافعى عن ثابت قال الشارح: عن ثابت عن أنس كذا هو في الميزان ولسانه وهو حديث منكر كما فيهما. قلت: هو حديث موضوع كما فيهما لا أنه منكر. قال الذهبى في الميزان: أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ أنا ابن اللتى أنا أبو الوقت اخبرتنا بيبى الهرثمية أنا ابن أبي شريح أنا أحمد بن عثمان النهروانى حدثنى عبد اللَّه عبد القدوس أبو صالح الكرخى ثنا عاصم بن على ثنا شعبة عن ثابت عن أنس به. قال النقاش في الموضوعات له: وضعه أحمد أو شيخه اهـ. زاد في اللسان: وقال الجوزقانى في كتاب الأباطيل -أى الموضوعات-: حديث منكر وعبد اللَّه بن عبد القدوس مجهول اهـ. ¬

_ (¬1) انظر المجمع: (7/ 171) وقد تصحف اسم عبد اللَّه بن محرر إلى ابن محرز في المطبوع من المجمع ومن الفيض، والصواب ما أثبته الشيخ -رحمه اللَّه-، انظر تقريب التهذيب (320، رقم 3573)، وانظر الضعفاء والمتروكين (2/ 136، رقم 2099).

والقاعدة: إذا ذكر الحديث في الموضوعات وقيل عقبه: منكر فمرادهم به موضوع، بل أكثر ما يطلق المقدمون المنكر ويريدون الموضوع فكان على المؤلف ألَّا يورده في هذا الكتاب. 2808/ 7317 - "لكلِّ شيءٍ صفوة، وصفوةُ الصلاةِ التكبيرةُ الأولَى". (ع. هب) عن أبي هريرة (حل) عن عبد اللَّه بن أبي أوفى قال الشارح: بالتحريك بإسناد ضعيف خلافًا للمؤلف. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، ففي الطريق الأول: الحسن بن السكن، ضعفه أحمد ولم يرتضه الفلاس، وفي الثانى: الحسن بن عمارة وقد ذكره العقيلى في الضعفاء. قلت: عبد اللَّه بن أبي أوفى بالسكون لا بالتحريك، والحسن بن السكن ذكره ابن حبان في الثقات [8/ 178] وهو شاهد لحديث الحسن بن عمارة، ولهما شاهد ثالث من حديث أبي الدرداء فبمجموع الطرق يحسن الحديث. 2809/ 7319 - "لِكلِّ شيءٍ عروسٌ، وعروسُ القرآنِ الرحمنُ". (هب) عن على قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: فيه على بن الحسن دبيس عده الذهبى في الضعفاء والمتروكين، وقال الدارقطنى: ليس بثقة. قلت: وإذ ذلك كذلك فمن أين قلت في الصغير: إنه حسن مع أن المؤلف رمز لضعف؟!

2810/ 7322 - "لِكلِّ شيءٍ مِفتاحٌ، ومفتاحُ الجنةِ حُبُّ المساكيِن والفقراءِ". ابن لال عن ابن عمر قال في الكبير: وفيه عمر بن راشد عن مالك، قال أبو حاتم: وجدت حديثه كذبا، قال الحافظ العراقى: ورواه أيضًا الدارقطنى في غرائب مالك، وابن عدى وابن حبان في الضعفاء من حديث ابن عمر باللفظ المزبور اهـ. وأورده ابن الجوزى من عدة طرق وحكم عليه بالوضع. قلت: لم يورده ابن الجوزى من طرق متعددة إنما أورده من عند ابن حبان ثم من رواية أحمد بن داود بن عبد الغفار: ثنا أبو مصعب ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر به. ثم قال: قال ابن حبان: هذا حديث موضوع وأحمد بن داود كان يضع الحديث، وقال الدارقطنى: وهذا الحديث وضعه عمر بن راشد الحارثى على مالك وسرقه منه هذا الشيخ فوضعه على أبي مصعب، فزاد المصنف بيان من خرج رواية عمر بن راشد ووهم أبو الحسن بن صخر في عوالى مالك والخطيب في رواة مالك وابن لال في مكارم الأخلاق وابن عدى في الكامل. قلت: وأخرجه أيضًا القشيرى في الرسالة، فما للحديث إلا طريقان عن مالك، طريق ذكره ابن الجوزى وأشار إلى متابع له فخرجه المؤلف. 2811/ 7323 - "لكلِّ عبدٍ صيت: فإنْ كانَ صالِحًا وُضِعَ فِي الأرضِ، وإن كانَ مُسيئًا وُضِعَ فَى الأرضِ". الحكيم عن أبي هريرة قلت: قال الحكيم في الأصل الستين والمائة (¬1): ¬

_ (¬1) هو في الأصل التاسع والخمسين والمائة من المطبوع (2/ 35).

حدثنا إبراهيم بن المستمر ثنا محمد بن بكار العقيلى ثنا سعيد بن بشير عن الأعمش عن ذكوان أبي صالح عن أبي هريرة به. 2812/ 7324 - "لكلِّ صائمٍ دعوةٌ مُستجابَةٌ عندَ إفطارِهِ أُعطِيهَا فِي الدُّنْيَا أو ادُّخِرَت لهُ في الآخرةِ". الحكيم عن ابن عمر قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا الحديث مَرْفوعٌ اتفاقا كغيره من الأحاديث التي يوردها، ومخرجه الحكيم إنما قال: إن النضر بن دعبل رفعه وإن الباقين وقفوه على ابن عمر، فأشار إلى تفرد نضر برفعه، فإطلاق المصنف عزو الحديث لمخرجه وسكوته غير مرضى. قلت: هذا واللَّه كلام جاهل بالفن بليد الذهن، فالحديث إذا اختلف الرواة في رفعه ووقفه لا يلزم أولا أن يكون كل اختلافهم معتبرا، بل قد يكون الرافع مقدما على غيره، هذا إذا لم تكن هناك قرينة تدل على أن الحديث له حكم الرفع، وإن لم يصرح الراوى برفعه كهذا، وبعد هذا كله فكتاب المؤلف متن من شرطه عدم التعرض لأحوال المخرجين وذكر الاختلاف في الرفع والوقف، وكم حديث في الصحيحين اختلف في رفعه ووقفه فذكر الشيخان المرفوع ولم يتعرضا للموقوف، لأن المرفوع أرجح. 2813/ 7327 - "لِكلَّ قرنٍ مِنْ أُمَّتِى سَابِقُونَ". (حل) عن ابن عمر وقال في الكبير بعد أن ذكر أن صحابى الحديث عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب: وفيه محمد بن عجلان ذكره البخارى في الضعفاء. قلت: سقط من قلم الناسخ "واو" عمرو فظنه الشارح عبد اللَّه بن عمر بن

الخطاب وهو غلط، إنما هو عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، ومحمد بن عجلان ثقة من رجال مسلم، قال الذهبى عنه: إمام صدوق مشهور، وأورد هذا الحديث في تذكرة الحفاظ بسنده من طريق أبي نعيم ثم قال: غريب جدا وإسناده صالح. 2814/ 7328 - "لِكلِّ قرنٍ سابقٌ". (حل) عن أنس قلت: قال أبو نعيم في ترجمة سالم الخواص [8/ 278]: حدثنا أحمد بن محمد بن جعفر ثنا الحسن بن هارون بن سليمان ثنا الحسن بن شاذان النيسابورى سمعت مؤمل بن إهاب سمعت القعنبى الأكبر -يعنى إسماعيل ابن مسلم- يقول: رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت وكأن مناديا ينادى: ألا ليقم السابقون، فقام سفيان الثورى، ثم نادى الثانية: ألا ليقم السابقون، فقام سالم الخواص، ثم نادى الثالثة: ألا ليقم السابقون، فقام إبراهيم بن أدهم، فأولت ذلك ما حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن أنس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لكل قرن سابق". 2815/ 7331 - "لكلِّ نبيٍّ خليلٌ فِي أُمَّتى وإنَّ خَليِلى عثمانُ بن عفانَ". ابن عساكر عن أبي هريرة. قلت: هذا حديث موضوع يلام المؤلف على ذكره وقد انفرد به كذابان وضاعان كما ذكرهما الشارح في الكبير. 2816/ 7337 - "للجارِ حقٌّ". البزار والخرائطى عن سعيد بن زيد قال الشارح: بإسناد ضعيف خلافا لقول المؤلف: حسن، وبين في الكبير سببه وهو أنه من رواية إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع وهو ضعيف.

قلت: إبراهيم لم يتهم بكذب وإنما ضعف للوهم، وقد استشهد به البخارى تعليقا، وقال ابن عدى: يكتب حديثه ولا يحتج به، ومن هذا قصد إذا أورد لحديثه شاهد يرتقى إلى الحسن، وهذا الحديث له شواهد متعددة لأجلها حسنه المؤلف. 2817/ 7345 - "للغَازِى أجرُهُ وللجاعِل أجرُهُ وأجرُ الغازِى". (د) عن ابن عمرو قلت: أخرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير في ترجمة شفي بن ماتع قال: حدثنا عبد اللَّه ثنى الليث عن حيوة بن شريح الكندى عن ابن شفي الأصبحى عن شفى عن عبد اللَّه بن عمرو به. ورواه الطحاوى في المشكل [4/ 272]: ثنا عبد الملك بن مروان الرقى ثنا حجاج بن محمد عن الليث به إلا أنه جعله من رواية شريح عن شفى دون واسطة ابنه. ثم قال: هكذا حدثناه عبد الملك ولم يدخل بين حيوة وبين شفى أحدًا. وقد حدثنا إسماعيل بن إسحاق الكوفى ثنا محمد بن رمح ثنا الليث فذكره، وفيه عن ابن شفى عن أبيه. ثم قال: وقد روى حديث حيوة عبد اللَّه بن لهيعة عن حيوة بخلاف ما رواه الليث عنه في إسناده ومتنه كما حدثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا عبد اللَّه بن وهب قال: أخبرنى ابن لهيعة عن حيوة بن شريح عن حسين بن شفى الأصبحى عن الصحابة أنهم قالوا: "يا رسول اللَّه أفتنا عن الجاعل والمجتعل في سبيل اللَّه، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: للغازى أجر ما احتسب، وللجاعل أجر الجاعل والمجتعل".

2818/ 7346 - "للمائدِ أجرُ شهيدٍ، وللغريقِ أجر شهيدَيْنِ". (طب) عن أم حرام قلت: لم يتكلم عليه الشارح وفي المتن وضع له علامة الضعيف. وقد أخرجه الدولابى في الكنى بسند لا بأس به فقال: حدثنا العباس بن محمد الدورى سمعت يحيى بن معين يقول: ثنا مروان بن معاوية عن هلال بن ميمون الجهنى أبي المغيرة عن أبي ثابت يعلى بن شداد عن أم حرام به مثله. 2819/ 7348 - "للمُسلم على المسلم ستٌّ بالمعروفِ: يُسلِّمُ عليهِ إذا لَقِيَهُ، ويجيبُه إذا دعاه، ويشمتُّه إذا عطَسَ، ويعودُه إذا مَرِضَ، وَيَتْبَعُ جنازتَهُ إذَا ماتَ، وَيُحِبُّ لهُ ما يُحِبُّ لنفسِهِ". (حم. ت. هـ) عن على قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات. . . إلخ قلت: ما ذكر الحافظ الهيثمى حديث على في باب حقوق المسلم ولا قال عنه شيئًا ولا هو من شرط كتابه لأنه لا يذكر إلا الزوائد وهذا في سنن الترمذى [رقم 2739] وابن ماجه [رقم 1433]. 2820/ 7351 - "للمَمْلُوك طَعامُهُ وَكسوتُهُ بالمعروفِ، ولَا يكلَّفُ من العملِ إلا مَا يُطيقُ". (حم. م. هق) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال ابن حجر: فيه محمد بن عجلان ورواه عنه أيضًا مالك والشافعى ولم يخرجه البخارى. قلت: هذا خطأ من وجهين:

أحدهما: أن مسلما (¬1) لم يخرجه من طريق محمد بن عجلان بل رواه من طريق ابن وهب: أخبرنا عمرو بن الحارث أن بكير بن الأشج حدثه عن العجلان مولى فاطمة عن أبي هريرة به. قوله: ورواه عنه أيضًا مالك [رقم 98] دليل على أن مالك رواه بسنده وليس كذلك، بل ذكره بلاغا عن أبي هريرة، نعم أسنده مالك خارج الموطإ. فذكر ابن عبد البر والمزى في الأطراف أن إبراهيم بن طهمان والنعمان بن عبد السلام روياه عن مالك عن ابن عجلان عن أبي هريرة. وقال الحاكم في علوم الحديث في نوع المعضل: ربما أغفل أتباع التابعين الحديث وأتباعهم في وقت، ثم وصلاه أو أرسلاه في وقت، مثال ذلك ما حدثنا أبو بكر بن أبي نصر الدرابردى بمرو: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضى ثنا القعنبى عن مالك بلغه عن أبي هريرة، فذكر الحديث. ثم قال: هذا معضل أعضله عن مالك في الموطإ إلا أنه قد وصل عنه خارج الموطإ: أخبرنا أبو الطيب محمد بن عبد اللَّه الشعيرى ثنا محمش بن عصام المعدل ثنا حفص بن عبد اللَّه ثنا إبراهيم بن طهمان عن مالك بن أنس عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة به قال: وهكذا رواه النعمان بن عبد السلام وغيره عن مالك اهـ. ¬

_ (¬1) كتاب الايمان، باب (10)، رقم: (42).

2821/ 7358 - "لمْ يبقَ من النبوةِ إلا المبشراتُ: الرؤيَا الصالحةُ". (خ) عن أبي هريرة قال الشارح: ورواه مسلم عن ابن عباس. وقال في الكبير: وكذا مسلم عن ابن عباس، فعزوه للبخارى وحده موهما أن ذلك مما تفرد به غير سديد. قلت: بل الكذب غير سديد فالحديث من إفراد البخارى [9/ 40] كما نص عليه في كتب الأطراف ولم يخرجه مسلم أصلا لا من حديث ابن عباس ولا من حديث غيره. 2822/ 7360 - "لمْ تحسُدْنَا اليهودُ (¬1) ما حسدُونَا بثلاثٍ: التسليمِ والتأمينِ واللهم ربنَا ولكَ الحمدُ". (هق) عن عائشة قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن ذا لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه والأمر بخلافه، فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور من حديث ابن عباس. قلت: قبح اللَّه الكذب قال ابن ماجه [رقم 856]: ثنا العباس بن الوليد الخلال ثنا مروان بن محمد وأبو مسهر قالا: حدثنا خالد ابن يزيد بن صبيح المرى ثنا طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين فأكثروا من قول آمين" فأين اللفظ المزبور والعجب أن المصنف ذكر هذا الحديث فيما سيأتى من حرف "الميم" وعزاه لابن ماجه وكتب عليه: ضعيف لضعف طلحة الحضرمى وغيره، لكن له شواهد، وأعجب منه أن ابن ماجه رواه من ¬

_ (¬1) في المطبوع من الفيض: "لم تحسدنا اليهود بشيء. . . " الحديث.

حديث عائشة أيضًا لكن بلفظ: "ما حسدتكم" وقد ذكره المصنف في الميم أيضًا وعزاه للبخارى في الأدب المفرد وابن ماجه. 2823/ 7361 - "لمْ يُرَ للمتحَابِّينَ مثلُ النكاحِ". (هـ. ك) عن ابن عباس قال في الكبير: لفظ ابن ماجه والحاكم: "مثل التزوج". قلت: هذا كذب بل لفظ ابن ماجه [رقم 1847] كما هنا، وإنما ذكره بلفظ: "التزوج" الحاكم وحده [2/ 160]، والشارح لم يقف على متن ابن ماجه وإنما رآه في تلخيص المستدرك للذهبى فجزم بأنه كذلك عند ابن ماجه. 2824/ 7365 - "لمْ يكذِبْ من نَمَى بين اثنيْنِ ليُصِلحَ". (د) عن أم كلثوم بنت عقبة قال في الكبير: سكت عليه أبو داود وأقره عليه المنذرى فهو صالح ومن ثم رمز المصنف لحسنه. قلت: لم يعلم أن أصل هذا الحديث في الصحيحين (¬1) بلفظ: "ليس الكذاب" وإلا لهول على عادته وتعتنه، وسيذكره المؤلف قريبًا في حرف ليس. وقد أخرجه بهذا اللفظ أيضًا أبو نعيم في الحلية [6/ 66] من طريق حماد بن زيد عن النعمان ومعمر عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أمه أم كلثوم به بلفظ: "لم يكذب من نمى خيرا أو قالا خيرا ليصلح بين اثنين". ورواه ابن قتيبة في عيون الأخبار: حدثنى محمد بن عبيد ثنا بربر بن هارون أخبرنا سفيان بن حسين عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أبيه به، كذا قال عن أبيه وهو وهم من بعض ¬

_ (¬1) البخارى: (3/ 240)، ومسلم كتاب البر باب (27)، رقم: (101).

الرواة، والصواب: عن أمه، وانظر: "ليس الكذاب" الآتى قريبًا. 2825/ 7369 - "لمْ يمنعْ قومٌ زكاةَ أموالِهمْ إلا مُنِعُوا القطرَ من السَّمَاءِ ولولَا البهائمُ لم يُمطرُوا". (طب) عن ابن عمر قلت: رمز المؤلف لضعفه وسكت الشارح عن تعليله لعدم ذكر الحافظ نور الدين إياه. وقد أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [3/ 320] من طريق جعفر بن محمد الفريابى: ثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقى ثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن عطاء عن ابن عمر به، وخالد بن يزيد متروك. 2826/ 7372 - "لمَّا نُفِخ في آدمَ الروحُ مارَتْ وطارَتْ فصارَت في رأسِهِ فَعطَس فقالَ: الحمدُ للَّه ربِّ العالمَيِن، فقال اللَّهُ: يَرحمُكَ اللَّهُ". (حب. ك) عن أنس قلت: تحرف في الشرح الصغير رمز ابن حبان برمز أحمد وهو خطأ إما من الشارح وإما من الكاتب. والحديث رواه البزار من حديث أبي هريرة، وكذلك أبو يعلى مطولا وأصله في سنن الترمذى، وانظر أسانيده في تاريخ ابن كثير. 2827/ 7373 - "لما خلقَ اللَّهُ جنةَ عدن خلقَ فيهَا مَا لَا عينٌ رأتْ ولا خَطَرَ على قلبِ بشرٍ، ثمَّ قالَ لَهَا: تكلَّمِى، فقالتْ: قَدْ أفلحَ المؤمنوُنَ". (طب) عن ابن عباس

قال في الكبير: قال المنذرى: رواه فيهما بإسنادين أحدهما جيد، وقال الهيثمى بعدما عزاه للكبير والأوسط: أحد إسنادى الأوسط جيد اهـ. وقضيته أن سند الكبير غير جيد فعليه فكان ينبغى للمصنف العزو للأوسط. قلت: يكون عليه ذلك لو التزم ألا يورد في كتابه إلا الصحيح والحسن، وإذا لم يلتزم ذلك فليس عليه ذلك. والحديث قال فيه الطبرانى [11/ 184]: حدثنا أحمد بن على ثنا هشام بن خالد ثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لما خلق جنة عدن خلق فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ثم قال لها: تكلمى. . . " الحديث. وقال أيضًا: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا منجاب بن الحارث حدثنا حماد بن عيسى العبسى عن إسماعيل السدى عن أبي صالح عن ابن عباس مرفوعًا: "لما خلق اللَّه جنة عدن بيده ودلى فيها ثمارها وشق فيها أنهارها ثم نظر إليها فقالت: قد أفلح المؤمنون، قال: وعزتى وجلالى لا يجاورنى فيك بخيل". 2828/ 7374 - "لمَّا ألُقِيَ إبراهيمُ في النارِ قَالَ: اللَّهُمَّ أنتَ فِي السَّماءِ واحدٌ وأنَا في الأرضِ واحدٌ أعبُدُكَ". (ع. حل) عن أبي هريرة قلت: عزا الشارح في الكبير هذا الحديث لابن النجار ثم قال: ورواه الديلمى باللفظ المزبور فلو ضمه المصنف لابن النجار في العزو لكن أولى اهـ. مع أن هذا الحديث كما ترى عزاه المصنف لأبي يعلى وأبي نعيم، وابن النجار

إنما عزا إليه الحديث المذكور بعده فحذف الشارح مخرجى هذا الحديث ومتن الحديث الذي بعده وألحق عزو الثانى بالأول. والحديث أخرجه أبو نعيم من طريق الحسن بن سفيان: ثنا محمد بن يزيد أبو هشام الرفاعى ثنا إسحاق بن سليمان ثنا أبو جعفر الرازى عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أبي هريرة به. وأسنده الذهبى في الميزان في ترجمة أبي هشام من طريق أبي نعيم ثم قال: غريب جدا، قال البرقانى: أبو هشام ثقة أمرنى الدارقطنى أن أخرج حديثه في الصحيح اهـ. وعن أبي هشام رواه أبو يعلى إلا أنه قال: عن عاصم عن أبي صالح ولم يسم والد عاصم فظنه الحافظ نور الدين عاصم بن عمر بن حفص فعزاه للبزار ثم قال: وفيه عاصم بن عمر بن حفص وثقه ابن حبان وقال: يخطئ ويخالف وضعفه الجمهور اهـ. اللهم إلا أن يكون وقع التصريح به كذلك في سند البزار وهو بعيد واللَّه أعلم. 2829/ 7375 - "لما ألقى إبراهيمُ الخليلُ في النارِ قالَ: حسبِى اللَّهُ ونعمَ الوكيلُ، فَمَا احترقَ منهُ إلا موضِعُ الكِتَافِ". ابن النجار عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الديلمى باللفظ المزبور فلو ضمه المصنف لابن النجار كان أولى. قلت: قد تقدم ما في هذا من الوهم في الذي قبله وأزيد هنا أن الحديث خرجه من هو أقدم من ابن النجار والديلمى وهو أبو نعيم في الحلية إلا أنه لم

يذكر قوله: "فما احترق منه إلا موضع الكتاف" فقال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا محمد بن محمد بن سليمان ثنا سليمان ابن توبة ثنا سلام بن سليمان الدمشقى ثنا إسرائيل عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لما ألقى إبراهيم عليه السلام في النار قال: حسبى اللَّه ونعم الوكيل". 2830/ 7378 - "لمَعالَجةُ ملك الموتِ أشدُّ منْ ألفِ ضربةٍ بالسيفِ". (خط) عن أنس قال في الكبير: وفيه محمد بن قاسم البلخى، قال ابن الجوزى: وضاع وأورد الحديث في الموضوعات وتعقبه المصنف بأن فيه مرسلا جيدا يشهد له. قلت: ابن الجوزى أعله بقاسم البلخى وبكثير راويه عن أنس، ثم قال: وإنما يروى عن الحسن. وتعقبه المؤلف بما رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده: ثنا الحسن بن قتيبة ثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. وبما رواه ابن المبارك في الزهد: أنبأنا حريث بن السائب الأسدى حدثنا الحسن أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر الموت وغمه وكربه وعاره "فقال: ثلاثمائة ضربة بالسيف" اهـ. قلت: ومرسل عطاء أخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبي بكر بن خلاد عن الحارث بن أبي أسامة به، ثم قال: كذا رواه عن عطاء مرسلا وما كتبته عاليا إلا من حديث الحسن عنه أى عن عبد العزيز بن أبي رواد.

ورواه غيره فقال: عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدرى اهـ. وليته أسنده. 2831/ 7379 - "لن تخلُو الأرضُ منْ ثلاثيَن مثلَ إبراهيمَ خليل الرحمنِ، بِهِمْ تُغَاثُون، وَبِهِمْ تُرزَقُون، وَبِهِمْ تُمطَرُون". (حب) في تاريخه عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه (حب) من حديث محمد بن المسيب عن عبد اللَّه بن مرزوق عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ثم قال ابن حبان: وابن مرزوق هو الطرسوسى لا البزورى يضع الحديث لا يحل ذكره إلا للقدح فيه اهـ. وحكاه عنه في الميزان وأورد له هذا الخبر ثم قال: هذا كذب اهـ. وبه يعرف اتجاه جزم ابن الجوزى بوضعه ومن ثمَّ وافقه المؤلف في اختصار الموضوعات وما صنعه المؤلف هنا من عزوه لابن حبان وسكوته عما عقبه به غير صواب. قلت: فيه أمور، الأول: أن المؤلف عزا الحديث لابن حبان في التاريخ وهذا السند الذي ذكره الشارح هو سنده في الضعفاء [2/ 177] نقله من اللألئ المصنوعة للمؤلف الذي ما عدل عن عزوه إلى الضعفاء وعزاه للتاريخ إلا لنكتة، فلعله وقع لابن حبان في التاريخ بسند أنظف مما في الضعفاء. الثانى: أن ابن مرزوق المذكور في السند اسمه عبد الرحمن لا عبد اللَّه. الثالث: أن ابن حبان لم يقل: وابن مرروق هو الطرسوسى لا البزورى، بل ذلك من كلام الذهبى ونصه: عبد الرحمن بن مرزوق أبو عوف الطرسوسى لا البزورى يروى عن عبد الوهاب بن عطاء وغيره. قال ابن حبان: كان يسكن طرسوس يضع الحديث. . . إلخ، فذكر ابن

حبان بعد هذا البيان الذي نسبه الشارح إلى ابن حبان. الرابع: قوله: وحكاه عنه في الميزان يوهم أنه نقل من الضعفاء لابن حبان أولا ثم حكى أن الذهبى نقله أيضًا وهو كذب فإنه ما نقل من الضعفاء ولا رآه. الخامس قوله: وما صنعه المؤلف من عزوه لمخرجه ابن حبان وسكوته عما عقبه به غير صواب كذب من وجهين: أحدهما: أن المؤلف لم يسكت بل رمز له بعلامة الضعيف الشامل للمنكر والواهى وغيرهما من أقسام الضعيف مع أنه لم يلتزم نقل كلام المخرجين بل التزم عكسه لأن الكتاب متن مختصر. ثانيهما: أن ابن حبان لم يعقب الحديث بشيء بل عقب به كلامه في جرح الرجل وجعله دليلا على ضعفه، ونص ابن حبان في الضعفاء: عبد الرحمن ابن مرزوق بن عوف أبو عوف شيخ كان بطرسوس يضع الحديث لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه روى عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لن تخلو الأرض. . . " الحديث. حدثناه محمد بن المسيب ثنا عبد الرحمن بن مرزوق بطرسوس ثنا عبد الوهاب ابن عطاء اهـ. فأين التعقيب. السادس: أن المؤلف لم يقر ابن الجوزى على الحكم بوضع الحديث بل جمع أحاديث الأبدال ثم تكلم على الجميع وأورد لها شواهد متعددة وأحال على كتابه الخبر الدال.

2832/ 7380 - "لنْ تَخْلُوَ الأرضُ من أربعينَ رجُلًا مثلَ خليلِ الرحمنِ، فبِهِمْ تُسْقَوْن، وبِهمْ تُنْصَرُونَ، مَا مَاتَ منهُمْ أحدٌ إلا أبدَلَ اللَّهُ مكانَهُ آخَرَ". (طب) عن أنس قال الشارح: تمامه عند مخرجه الطبرانى قال سعيد: سمعت قتادة يقول: لسنا نشك أن الحسن منهم، ثم قال: قال الهيثمى إسناده حسن. قلت: لكن خرجه الدينورى في المجالسة مقطوعا من كلام قتادة فقال: حدثنا الحسين بن عبد المجيد ثنا عمران بن محمد أبو حفص الحيزرابى ثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: لن تخلو الأرض من أربعين بهم يغاث الناس وبهم ينصرون وبهم يرزقون. . . " الحديث. قال قتادة: واللَّه إنى لارجو أن يكون الحسن منهم، وهذا لا يقال من قبل الرأى فهو بلا شك مما حمله عن أنس وقصر به بعض الرواة. 2833/ 7384 - "لنْ تَهْلِكَ أمةٌ أنَا فِي أوَّلِها، وَعيسَى بن مريمَ فِي آخرِها، والمهِديُّ في وَسَطِهَا". أبو نعيم في أخبار المهدى عن ابن عباس قال الشارح: ورواه النسائى وغيره. وقال في الكبير: ظاهره أنه ليس في أحد الستة التي هي دواوين الإسلام وإلا لما أبعد النجعة، والأمر بخلافه فقد رواه منهم النسائى. قلت: هذا كذب ما رواه النسائى ولا خرج في سننه حديثا في أخبار المهدى قط.

2834/ 7390 - "لنْ يشبَعَ المؤمنُ من خيرٍ يسمَعُه حتى يكونَ مُنتهاهُ الجنَّةَ". (ت. حب) عن أبي سعيد الخدرى قال في الكبير: وفيه عند الترمذى دراج عن أبي الهيثم، قال أبو داود: حديث دراج مستقيم إلا ما كان عن أبي الهيثم. قلت: الحديث عند ابن حبان من طريق دراج أيضًا، وكذلك خرجه من طريقه الحاكم في المستدرك في كتاب الأطعمة وصححه والقضاعى في مسند الشهاب بلفظ: "لا يشبع عالم من علم"، والباقى سواء، ودراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد نسخة يصححها مثل ابن حبان والحاكم، ويحسنها مثل الترمذى [5/ 49 رقم 2686]، وربما يضعفها بعضهم كالدارقطنى، وما أظن ما نقله الشارح عن أبي داود صحيحا، فليحرر وليبحث عنه. 2835/ 7391 - "لنْ يعجِزَ اللَّهُ هذِهِ الأمةَ من نصف يومٍ". (د. ك) عن أبي ثعلبة قلت: وأخرجه أيضًا ابن جرير في أول التاريخ [1/ 16]، وذكره المعافرى في "السراج" بلفظ: "عمر أمتى نصف يوم خمسمائة عام"، وقال: إنه حديث حسن. 2836/ 7392 - "لنْ يغلبَ عسرٌ يسريْنِ، {إنَّ مع العُسْرِ يُسْرا، إنَّ مع العُسْرِ يُسرًا} ". (ك) عن الحسن مرسلا قال في الكبير: وأفاد الزيلعى أن ابن مردويه رفعه إلى جابر في تفسيره يرفعه. قلت: هذا تعبير غريب ركيك، ثم إنه يوهم أن ابن مردويه وصله من طريق.

الحسن عن جابر، وليس كذلك، بل قال ابن مردويه: حدثنا أحمد بن محمد بن السرى ثنا المنذر بن محمد بن المنذر ثنى أبي ثنا يحيى ابن محمد بن هانئ عن محمد بن إسحاق ثنى الحسن بن عطية العوفى عن أبيه عن جابر بن عبد اللَّه قال: " لما نزلت: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6] قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أبشروا ولن يغلب عسر يسرين" (¬1). 2837/ 7393 - " لنْ يلجَ النَّارَ أحدٌ صلَّى قبلَ طلوعِ الشمسِ وقبْلَ غُروبِهَا". (حم. م. د. ن) عن عمارة بن رؤيبة وكتبه الشارح أويبة ثم قال: كذا هو بخط المصنف بالهمزة، والظاهر أنه سبق قلم وإنما هو رويبة براء مهملة أوله وموحدة، كذا رأيته بخط الحافظ ابن حجر في الإصابة، قال: وما ذكره أن هؤلاء خرجوه عن عمارة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غير صواب بل عمارة رواه عن أبيه رويبة رفعه. قلت: كل هذا كذب لا أصل له، أما عمارة فهو ابن رؤيبة لا يهم فيه صغار طلبة الحديث، فضلا عن المصنف، وكذلك هو موجود في جميع النسخ، وإنما الشارح رأى الراء طويلة نوعا فظنها ألف وحرف الاسم من عنده، ونسبه إلى المؤلف هذا إن لم يكن تعمد الكذب، وأما صحابى الحديث فهو عمارة، ولم يروه أحد عنه عن أبيه أصلا، ولا لرؤيبة صحبة أيضًا، وإنم هو من رواية أبي بكر بن عمارة بن رويبة عن أبيه، فالضمير في أبيه عائد إلى أبي بكر، والشارح أعاده إلى عمارة فأخطأ على عادته، ونسب خطأه إلى المؤلف، وهو المخطئ في كل ما ينقل أو يقول. ¬

_ (¬1) انظر الحاكم في المستدرك: (2/ 528)، وفتح البارى (7/ 712) وتفسير القرطبى (20/ 107).

2838/ 7395 - "لنْ يلجَ الدرجاتِ العُلى منْ تكهَّنَ، أو استقْسَمَ، أو رَجَعَ من سفرٍ تطيُّرًا". (طب) عن أبي الدرداء قال في الكبير: قال الهيثمى تبعا للمنذرى رواه الطبرانى بإسنادين، أحدهما رجاله ثقات، وقال في الفتح: رجاله ثقات، لكنى أظن أن فيه انقطاعا، لكن له شاهد عن عمران بن حصين خرجه البزار أثناء حديث بسند جيد. قلت: وله شاهد آخر من حديث عقبة بن عامر (¬1)، وأخرجه الدولابى في الكنى آخر الجزء الأول: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن يزيد ثنا مروان بن معاوية ثنا محمد بن قيس الأزدى ثنا عبادة بن نسى عن أبي سحابة الصدفى حين حدثنا ونحن برودس هذا الحديث قال: حدثنا عقبة بن عامر الجهنى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تحل الدرجات العلى لمن تكهن، ولا لمن استقسم، ولا لمن رده طائر عن سفره"، ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تقولوا: لا تحل الجنة، ولكن قولوا: لا تحل الدرجات العلى" اهـ. ثم إن قول الشارح. قال الهيثمى: تبعا للمنذرى. . . إلخ كذب منه، فإن الهيثمى ما رأى كتاب الترغيب للحافظ المنذرى، والرجل رتب معاجم الطبرانى، وتكلم على جميع أحاديثها فما تبع في ذلك أحد. 2839/ 7396 - "لنْ ينفَعَ حذَرٌ مِنْ قَدَرٍ، ولكنَّ الدعاءَ ينفعُ مِمَّا نَزَلَ وِممَّا لمْ يَنْزِلْ، فعَليكُم بالدعاءِ عبادَ اللَّهِ". (حم. ع. طب) عن معاذ ¬

_ (¬1) انظر: تفسير ابن كثير (3/ 21)، والدر المنثور (2/ 257).

قال في الكبير: رووه من رواية إسماعيل بن عياش عن شهر بن حوشب عن معاذ، قال الهيثمى: وشهر لم يسمع من معاذ، ورواية إسماعيل بن عياش عن أهل الحجاز ضعيفة اهـ. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه. قلت: بل به يعرف ما فيك من الكذب والتهور والجهل والتعنت، فإن إسماعيل بن عياش لم يروه عن شهر بن حوشب، بل رواه عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن شهر بن حوشب، والحديث له شواهد من حديث عائشة (¬1). أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 492]، والقضاعى في مسند الشهاب من طريقين عنها، وسيذكره المصنف بلفظ: "لا يغنى حذر من قدر". وشاهد آخر من حديث ابن عباس موقوفًا. أخرجه الحاكم [1/ 492] أيضًا وصححه، فلأجل هذه الشواهد حسنه المؤلف. 2840/ 7398 - "لوْ أنَّ الدُّنيَا كُلَّها بحذافِيرِهَا بيد رجُلٍ من أُمَّتى ثُمَّ قالَ: الحمدُ لِلَّهِ، لكانتْ الحمدُ لِلَّهِ أفضلَ من ذلِكَ كُلِّهِ". ابن عساكر عن أنس قلت: ومن قبل ابن عساكر أخرجه الحكيم الترمذى في نوادر الأصول، قال: حدثنا موسى بن عبد اللَّه ثنا محمد بن زياد ثنا بشر بن الحسين الهلالى عن الزبير بن عدى عن أنس به، وبشر بن الحسين قال الدارقطنى: متروك، وقال أبو حاتم: يكذب على الزبير، وقال ابن حبان [1/ 190]: روى عن الزبير نسخة موضوعة شبيهًا بمائة وخمسين حديثا. ¬

_ (¬1) رواه أحمد (5/ 234)، ومجمع الزوائد (10/ 146).

قلت: لكن له طريق آخر من حديث جابر بن عبد اللَّه، أخرجه الطوسى في أماليه من طريق أبي المفضل الشيبانى: ثنا أبو عبد اللَّه جعفر بن محمد بن جعفر العلوى الحسينى ثنا أبو نصر أحمد ابن عبد المنعم بن نصر الصيداوى ثنا عبد اللَّه بن بكير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو أن الدنيا كلها لقمة واحدة فأكلها العبد المسلم، ثم قال: الحمد للَّه، لكان قوله ذلك خيرا من الدنيا وما فيها". 2841/ 7407 - "لوْ أنَّ أهلَ السماءِ والأرضِ اشترَكُوا في دَمِ مؤمنٍ لكبَّهُمُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فِي النارِ". (ت) عن أبي سعيد وأبي هريرة معا قال في الكبير: وسببه كما في معجم الطبرانى عن أبي سعيد: "أنه قتل قتيل على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فصعد المنبر فخطب فقال: ألا تعلمون من قتله؟ قالوا: اللهم لا، فقال: والذي نفس محمد بيده لو أن أهل السماء. . . " إلخ. قلت: حديث أبي سعيد ليس هو في معجم الطبرانى، بل هو في مسند البزار أما الطبرانى [12/ 133]، فأخرجه من حديث ابن عباس، كذلك هو عند أبي نعيم في الحلية [5/ 62]، من طريق عبد الرحمن بن يونس الرقى: ثنا عطاء بن مسلم عن العلاء بن المسيب عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس، قال: "قتل قتيل على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يعلم من قتله، فرفع ذلك إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: ياأيها الناس يقتل قتيل بين أظهركم لا يعلم من قتله، لو أن أهل السماء. . . " الحديث.

2842/ 7411 - "لوْ أنَّ رجُلًا يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ يومِ وُلِدَ إلى يومِ يمُوتُ هَرِمًا فِي مرضاةِ اللَّهِ تعالَى لحقَرهُ يومَ القيامةِ". (حم. تخ. طب) عن عتبة بن عبد قال في الكبير: قال المنذرى: رواة الطبرانى ثقات إلا بقية، وقال الهيثمى: إسناد أحمد جيد، وفي سند الطبرانى بقية مدلس، لكنه صرح بالتحديث وبقية رجاله وثقوا. قلت: هذا يفيد أن أحمد خرجه من غير طريق بقية مع أن أحمد [4/ 185] خرجه من طريقه أيضًا، فقال: حدثنا حيوة بن شريح ثنا بقية حدثنى بحير بن سعيد عن خالد بن معدان عن عتبة بن عبد السلمى به، ثم راجعت مجمع الزوائد فوجدت الحافظ الهيثمى قال عن الحديث: رواه أحمد وإسناده جيد، هكذا ذكره في باب احتقار العبد عمله يوم القيامة، ولا يتصور أن يذكر غيره، فما أدرى من أين أتى الشارح بما نقل عنه؟! وقد قال أبو نعيم في الحلية [2/ 15، 5/ 219] بعد أن أخرجه في ترجمة خالد بن معدان: تفرد به بقية عن بحير بن سعيد، واعلم أن لخالد بن معدان في سند هذا الحديث قولان، فرواه بحير بن سعيد عنه كما سبق. ورواه ثور بن يزيد عنه عن جبير بن نفير عن محمد بن أبي عميرة، وكان من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: فذكره موقوفًا. كذلك أخرجه أحمد [4/ 185] والبخارى في التاريخ أيضًا [1/ 1/ 15]، أما أحمد ففي مسند عتبة بن عبد عقب الحديث الأول، وأما البخارى ففي ترجمة محمد بن أبي عميرة، وفيها خرج حديث عتبة بن عبد.

2843/ 7420 - "لوْ أنَّكُم توكَّلُون علَى اللَّه تعالَى حقَّ توكُّلِه لرزقَكُمْ كَما تُرزَقُ الطير، تَغدُوا خِماصًا، وتروحُ بِطانًا". (حم. ت. هـ. ك) عن عمر قال في الكبير: ورواه النسائى عنه أيضًا. قلت: لا ما رواه النسائى في المجتبى الذي يطلق العزو إليه. وقد أخرجه ابن المبارك في الزهد [رقم 196] والحارث بن أبي أسامة في المسند، وابن أبي الدنيا في التوكل، وأبو نعيم في الحلية، والبغوى في التفسير، والقضاعى في مسند الشهاب، وابن نظيف في جزئه، والبندهى في شرح المقامات، وآخرون كلهم من حديث عمر به. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من رواية مالك بن سيف التجيبى: ثنا سعيد بن إسحاق ثنا الليث عن محمد بن عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر به. ورواه أيضًا ابن أبي حاتم في العلل عن مالك المذكور [رقم 1832]، وذكر أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال: إنه باطل بهذا الإسناد، وسعيد بن إسحاق مجهول. 2844/ 7423 - "لوْ أذنَ اللَّهُ تَعالَى في التِّجارة لأهلِ الجنة لاتَّجرُوا فِي البَزِّ والعِطْرِ". (طب) عن ابن عمر قال في الكبير: كذا في أكثر النسخ والذي رأيته في كلام بعض الحفاظ عازيًا للطبرانى، إنما هو في الصغير لا الكبير فليحرر.

قلت: لعل الناسخ حرفه أو سبقه قلمه على أنه لا يبعد أن يكون الطبرانى خرجه في الكبير والصغير معا، والذي أجزم به أنه في الصغير، فقد قال فيه: حدثنا عبد السلام بن العباس بن الوليد الحمصى ثنا عبد الرحمن بن أيوب السكونى الحمصى ثنا عطاف بن خالد عن نافع عن ابن عمر به، وقال: تفرد به عن نافع عطاف وعنه أيوب اهـ. وأخرجه أبو نعيم في الحلية [10/ 365] في ترجمة إبراهيم بن أحمد المولد آخر الحلية، وفي تاريخ أصبهان أيضًا في ترجمة محمد بن محمد بن عبيد اللَّه الجرجانى من طريق عبد الرحمن بن أيوب السكونى بسنده، وقد ذكره العقيلى في ترجمته من الضعفاء [3/ 68]، وقال: لا يتابع عليه وليس بمحفوظ عن نافع، وإنما يروى بإسناد مجهول، ثم ساق عن اليمان بن عباد عن محمد بن حفص الشيبانى عن إبراهيم بن إسحاق الرازى: ثنا إسماعيل بن نوح عن رجل عن أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "لو تبايع أهل الجنة، ولن يتبايعوا ما تبايعوا إلا بالبز"، قال: هذا أولى، وليس له إسناد يصح اهـ. قلت: كذا وقع في الأصل المنقول عنه في سند هذا الحديث إسماعيل بن نوح عن رجل عن أبي بكر. وقد أخرجه الدولابى في الكنى [1/ 100] فيمن كنيته أبو إسحاق، قال: حدثنا أبو خالد يزيد بن سنان ثنا إبراهيم بن عبد اللَّه الباجى أبو إسحاق حدثنى إسماعيل بن نوح من ولد أبي بكر الصديق عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو أن أهل الجنة يتبايعون، ولا يتبايعون ما تبايعوا إلا بالبز"، وإسماعيل بن نوح قال الأزدى: متروك، وقال غيره: مجهول.

2845/ 7425 - "لوْ اغتسلْتُم من المَذْى لكانَ أشدَّ عليكُمْ مِنَ الحْيضِ". العسكرى في الصحابة عن حسان بن عبد الرحمن الضبعى مرسلا قال في الكبير: الضبعى بضم المعجمة وسكون الموحدة وعين مهملة نسبة إلى ضبعة قبيلة من قيس نزلوا البصرة. قلت: هذا خطأ فاحش، بل هو بضم المعجمة وفتح الباء الموحدة لا يختلف فيه اثنان، ولا يخفى على صغار الطلبة، وهو نسبة إلى ضُبَيْعَة -بالتصغير- ابن قيس، لا قبيلة من قيس، بل ضبيعة بن قيس قبيلة من بكر بن وائل كما في الأنساب للسمعانى وابن الأثير والمؤلف. 2846/ 7426 - "لو أفْلَتَ أحدٌ منْ ضمةِ القبرِ لأَفْلَتَ هذَا الصِبيُّ". (طب) عن أبي أيوب قلت: وفي الباب عن أنس أخرجه عبد اللَّه بن أحمد في السنة عن أبيه، قال: حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن ثمامة بن عبد اللَّه بن أنس عن أنس بن مالك قال: "مات صبى، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لو أفلت أحد من ضمة القبر أفلت هذا الصبى". ورواه أيضًا عن إبراهيم بن الحجاج الناجى عن حماد بن سلمة به أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى على صبية أو صبى، فقال: "لو نجا أحد من ضمة القبر لنجا هذا الصبى". ورواه أيضًا الطبرانى في الأوسط.

2847/ 7428 - "لوْ أقسمْتُ لبرَرْتُ، إِنَّ أحبَّ عبادِ اللَّهِ إلى اللَّهِ لرُعاةُ الشمسِ والقمرِ، وإنهُم ليعرَفُوَن يومَ القيامةِ بطُولِ أعنَاقِهِمْ". (خط) عن أنس قلت: أخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب، قال: حدثنا محمد بن أبي حذيفة بدمشق ثنا الوليد بن مروان ثنا جنادة ثنا الحارث بن النعمان، قال: سمعت أنس بن مالك يحدث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو أقسمت بررت إن أحب عباد اللَّه إلى اللَّه لرعاة الشمس والقمر يعنى المؤذنين". 2848/ 7430 - "لوْ بَغَى جبلٌ علَى جبلٍ لَدُكَّ الباغِى منهُما". ابن لال عن أبي هريرة قال في الكبير: وظاهره أن المصنف لم يره مخرجًا لأشهر منه ولا أمثل، وهو ذهول عجيب، فقد خرجه البخارى في الأدب المفرد باللفظ المذكور عن ابن عباس، وكذا البيهقى في الشعب، وابن حبان وابن المبارك وابن مردويه وغيرهم، فاقتصاره على ابن لال من ضيق العطن. قلت: لا بل كلامك هذا من سعة الجهل وقوة العارضة في التهور والتخليط وعدم الأمانة والتحقيق، أول ذلك: أن البخارى رواه في الأدب المفرد [2/ 45 - 46، رقم 588]، موقوفًا على ابن عباس، وليس الموقوف من شرط هذا الكتاب، قال البخارى: حدثنا أبو نعيم حدثنا فطر عن أبي يحيى القتات سمعت مجاهدا عن ابن عباس قال: " لو أن جبلًا بغى على جبل لدك الباغى". وكذلك رواه البيهقى في الشعب موقوفًا أيضًا من رواية الأعمش عن أبي يحيى القتات عن مجاهد قال: قال ابن عباس، فذكره.

الثانى: أن إطلاقه العزو لابن حبان يفيد أنه في صحيحه، وليس كذلك، بل رواه في الضعفاء. الثالث: قوله: وكذا البيهقى وابن حبان، يفيد أيضًا أن ابن حبان خرجه من حديث ابن عباس لأنه معطوف على من خرجاه من حديثه وليس كذلك، بل رواه من حديث أنس بن مالك، فقال في ترجمة أحمد بن محمد بن الفضل [1/ 155]: كتبت عنه شبيها بخمسمائة حديث كلها موضوعة يضعها نسخة نسخة على الثقات، فمما كتبنا عنه عن سفيان بن عيينة عن الزهرى عن أنس، فذكر حديثين، ثم قال: وبإسناده أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو بغى جبل على جبل لجعله اللَّه دكا"، ثم قال: أخبرنا بهذه النسخة من لفظه: حدثنا نصر بن على الجهضمى ثنا سفيان بن عيينة عن الزهرى عن أنس، وإنما ذكرت هذا الشيخ ليعرف، فلا يحتج به مخالفًا أو موافقًا على من لم ينعم النظر في أسباب الحديث، ولا دار المدن والقرى في جمعه، ولعل هذا الشيخ قد وضع على الأئمة المرضيين أكثر من ثلاثة آلاف حديث اهـ. فكيف يعزى إليه حديث يصرح بوضعه من حديث أنس عند ذكر حديث أبي هريرة. الرابع: قوله: وابن المبارك يفيد أيضًا أنه خرجه من حديث ابن عباس، وليس كذلك، وإنما خرجه من مرسل مجاهد، وأيضًا أطلق العزو إليه، فافاد أنه عنده في كتاب الزهد، وليس كذلك، بل هو عنده في كتاب البر والصلة قال فيه: أخبرنا فطر بن خليفة ثنا أبو يحيى القتات عن مجاهد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو أن جبلا. . ." إلخ. الخامس: ابن مردويه رواه من حديث ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا ومن حديث

ابن عمر مرفوعًا فروى من حديث قطبة بن عبد العزيز عن أبيه عن جده. ثنا الأعمش عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. ثم رواه من حديث سفيان عن الأعمش به موقوفًا، قال ابن أبي حاتم في العلل [رقم 2548]: اختلف في هذا الحديث على أبي يحيى القتات، فرواه فطر ابن خليفة عنه عن مجاهد مرسلا، ورواه الثورى وإسرائيل عنه عن مجاهد عن ابن عباس موقوفًا، وهو أصح. وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ثنا محمد بن أحمد بن راشد ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ثنا عمى ثنا عبد اللَّه بن عمر وجرير بن حازم عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، وأحمد بن عبد الرحمن ابن أخى ابن وهب ضعيف. والحديث خرجه عمه في كتاب الجامع من حديث ابن عباس موقوفًا، فقال: أخبرنى يحيى بن أيوب عن عبيد اللَّه بن زحر عن سليمان عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال: "لو أن جبلين بغى أحدهما على الآخر جعل اللَّه الباغى دكا"، وهذا سند منقطع سقط منه أبو يحيى القتات لأن الأعمش لم يسمعه من مجاهد. 2849/ 7431 - "لوْ بنى مسجدى هذا إلى المدينة (¬1) كان مسجدى". الزبير بن بكار في أخبار المدينة، عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر كلام المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير، وهو عجب، فقد خرجه الديلمى باللفظ المذكور وكذا الطيالسى. ¬

_ (¬1) في المطبوع من فيض القدير: "لو بنى مسجدى هذا إلى صنعاء. . . " الحديث.

قلت: هذا كذب على الطيالسى وجهل بكتب الحديث وصناعته، فما خرجه الطيالسى، ولا الديلمى أشهر من الزبير بن بكار، بل العزو إلى الزبير أولى لأنه أقدم، وكلام الشارح من أصله ساقط لا أصل له. 2850/ 7433 - "لوْ تعلمُ البهائمُ منَ الموتِ ما يعلَمُ بنو آدمَ ما أكلْتُمْ منهَا سمينًا". (هب) عن أم صبية ذكر في الكبير أن سبب ورود هذا الحديث ما رواه السهيلى والحاكم بإسناد فيه ضعفاء إلى أبي سعيد الخدرى قال: "مر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بظبية مربوطة إلى خباء، فقالت: يا رسول اللَّه حلنى حتى أذهب فأرضع خشفى، ثم أرجع فتربطنى. . " الحديث، وفيه: "فأطلقها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم قال: لو يعلم البهائم. . . " إلخ. قلت: هذا كذب على الحاكم فإن إطلاق العزو إليه يفيد أنه في مستدركه، وليس فيه شيء من هذا، وقصة الظبية خرجها البيهقى في الشعب من حديث أبي سعيد والطبرانى، وأبو نعيم من حديث أم سلمة، ومن حديث أنس بن مالك، والبيهقى وأبو نعيم من حديث زيد بن أرقم وليس في شيء من هذه الطرق ذكر هذا الحديث في آخرها، ولا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قاله عندها، ولينظر الروض للسهيلى. ثم إن حديث الباب خرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب، وابن الأعرابى في المعجم، قال: حدثنا محمد بن صالح كيلجد ثنا محمد بن إسماعيل الجعفرى ثنا عبد اللَّه بن سلمة عن أبيه عن أم صبية به. ورواه ابن المبارك في الزهد، قال:

أخبرنا الحسن بن صالح أنه بلغه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن البهائم لو تعلم من الموت ما تعلمون ما أكلتم منها سمينا". 2851/ 7441 - "لو تعلَمُون ما لَكُم عندَ اللَّهِ لأحببتُم أنْ تزدَادُوا فاقةً وَحاجةً". (ت) عن فضالة بن عبيد قلت: وأخرجه أبو نعيم في الحلية [2/ 17] فقال: حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة (ح) وحدثنا محمد بن أحمد بن الحسن حدثنا بشر بن موسى ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ثنا حيوة أخبرنى أبو هانئ أن أبا على الجنبى حدثه أنه سمع فضالة بن عبيد يقول: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم في الصلاة لما بهم من الخصاصة -وهم أصحاب الصفة- حتى يقول الأعراب: إن هؤلاء مجانين، فإذا قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاته انصرف إليهم، فيقول: لو تعلمون. . . "، وذكره. 2852/ 7443 - "لوْ تعلَمُونَ ما فِي المسألة ما مَشَى أحدٌ إلى أحدٍ يسألُه شيئًا". (ن) عن عائذ بن عمرو قلت: وقع في الكبير عزو هذا الحديث لأبي داود، فيحتمل أن يكون من تحريف الناسخ والطابع أو من قلم الشارح، والحديث إنما خرجه النسائى في الزكاة من سننه، وأخرجه ابن أبي الدنيا، ومن طريقه البندهى، قال ابن أبي الدنيا: حدثنا عن محمد بن صفوان الثقفى ثنا أمية بن خالد ثنا شعبة عن بسطام عن بسطام بن مسلم عن عبد اللَّه بن خليفة عن عائذ بن عمرو المزنى به.

2853/ 7446 - "لو جاءَ العسرُ فدخلَ هذا الجحرَ لجاءَ اليسرُ فدخلَ عليهِ فأخرجَهُ". (ك) عن أنس قلت: سكت عليه الشارح مع أن الذهبى تعقب الحاكم عليه، والشارح ولوع بنقل تعقب الذهبى، ولكنه لم يهتد إلى موضعه في المستدرك لأن الحاكم خرجه أول كتاب التفسير لا في سورة الانشراح، وذلك من طريق حميد بن حماد: ثنا عائذ بن شريح سمعت أنس بن مالك يقول: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وبحياله جحرٌ، فقال: لو جاء العسر" الحديث، ثم قال [2/ 255]: هذا حديث عجيب، غير أن الشيخين لم يحتجا بعائذ بن شريح، قال الذهبى: تفرد به حميد بن حماد عن عائذ، وحميد منكر الحديث كعائذ اهـ. قلت: هذا تعنت من الذهبى، فحميد روى له أبو داود، وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه، وكذا قال أبو زرعة، وقال الدارقطنى: معتبر، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما أخطأ فهذا ليس بمنكر الحديث، وإن انفرد ابن عدى بقوله: إنه يأتى عن الثقات بالمناكير، وعائذ بن شريح قال أبو حاتم: في حديثه ضعف، وقال ابن طاهر: ليس بشيء، واحتج على ذلك بروايته عن أنس حديث: "ما الذي يعطى من سعة بأعظم أجرا من الذي يأخذ إذا كان محتاجا"، وهذا ليس فيه ما ينكر ولا ما يستغرب، وإنما عقول بعض أهل الحديث، بل أكثرهم قاصرة عن فهم مدارك الشريعة وحل ما يرد الأخبار من الإشكال الذي لا يجدون منه مفرًا إلا بالطعن في الرواة، وربما يتكلم بعضهم في عائذ لروايته عن أنس أيضًا حديث الطير الذي رواه عن أنس نحو من عشرين رجلا، ولكن حديث الطير هو الداهية العظماء والمصيبة الكبرى على الرواة، فكل من رواه فهو عندهم مجروح كما بيناه في فتح الملك

العلى، فما يجب على رائد الحقيقة أن يرجع إليه. وهذا الحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ [1/ 107]: في ترجمة أحمد بن إبراهيم بن يعيش أبي العباس. وكذلك ابن أبي حاتم في التفسير، والبزار في المسند كلهم من طريق حميد المذكور، وقال البزار: لا نعلم رواه عن أنس إلا عائذ بن شريح، قال ابن كثير: وقد قال أبو حاتم الرازى: في حديثه ضعف، ولكن رواه شعبة عن معاوية بن قرة عن رجل عن عبد اللَّه بن مسعود موقوفًا اهـ. قلت: رواه ابن المبارك في الزهد عن شعبة بسنده عن ابن مسعود، قال "لو دخل العسر حجرًا لجاء اليسر حتى يدخل عليه لأن اللَّه تعالى يقول: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} ". 2854/ 7448 - "لوْ خفتُمُ اللَّهَ تعالَى حقَّ خِيْفَتهِ لعلمتُم العلمَ الذي لا جهَل معَهُ، ولو عرفتُمُ اللَّهَ تعالَى حقَّ معرفتِهِ لَزالتْ لِدُعائِكُمُ الجَبالُ". الحكيم عن معاذ قلت: قال الحكيم: حدثنا عمر بن أبي عمر العبدى ثنا عمر بن حفص بن غياث ثنا أبي ثنا الحجاج بن أرطأة عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل به. وراوه البيهقى في الزهد مرسلا مطولا، فقال: أخبرنا أبو عبد المراسمى أنبأنا أبو عمرو بن حمدان ثنا مسدد بن فطر أنبأنا أحمد بن إبراهيم الدورقى ثنا إسحاق أنبأنا حجاج بن محمد أنبأنا جرير بن حازم عن وهيب المكى قال: قال رسول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو عرفتم اللَّه حق معرفته لعلمكم العلم الذي ليس معه جهل، ولو عرفتم اللَّه حق معرفته لزالت الجبال

بدعائكم، وما أُتِى أحد من اليقين شيئًا إلا ما لم يؤت منه أكثر مما أتى، قال معاذ بن جبل: ولا أنت يا رسول اللَّه؟ قال: ولا أنا، فقال معاذ ابن جبل: بلغنا أن عيسى بن مريم عليه السلام كان يمشى على الماء، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لو ازداد يقينا لمشى على الهواء"، قال البيهقى: هذا منقطع. ورواه أيضًا المفضلى بن غسان القلابى عن يحيى بن معين عن رجل عن وهيب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هكذا مرسلا، لم يسم معاذا في متنه. 2855/ 7451 - "لوْ رأيت الأجلَ ومسيَرهُ أبغضْتَ الأملَ وغرورَهُ". (هب) عن أنس قال في الكبير: قال البيهقى: قال أبو بكر -يعنى ابن خزيمة-: لم كتب عن هذا الرجل -يعنى أحمد بن يحيى المعدل- غير هذا الحديث. قلت: هذا نقل لا معنى له ولا فائدة في ذكره، فإن الحديث منكر ساقط، فكان الواجب تبيين من في سنده من الضعفاء ليعرف مرتبة الحديث، أما كون أبي بكر بن خزيمة لم يكتبه إلا عن أحمد بن يحيى، فعلم لا ينفع وجهل لا يضر، وهذا الكلام لا يصح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل هو من كلام بعض السلف، سرقه الوضاعون وركبوا له أسانيد، منها: عن ابن عمر وعن زيد بن ثابت أيضًا. قال القضاعى: أنا محمد بن منصور التسترى أنا بحر بن إبراهيم بن زياد الغرقدى ثنا أبو سعيد الحسن بن أحمد بن المبارك الطوسى ثنا محمد بن أحمد بن محمد بن أمية ثنا أبي ثنا نوفل بن سليمان الهناى عن عبيد اللَّه ابن عمر عن نافع عن بن عمر

مرفوعًا: "لو نظرتم إلى الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره"، والحسن ابن أحمد الطوسى منكر الحديث، بل متهم بالوضع. وأخرجه أيضًا من طريق عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد عن مالك عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو رأيتم الأجل ومسيرة لأبغضتم الأمل وغروره، وما من أهل بيت إلا وملك الموت يتعاهدهم في كل يوم مرة. . . " الحديث. وعبد الرحمن بن يحيى مجهول، وقال الأزدى: متروك الحديث، والأصل في هذا أنه من كلام بعض السلف، فقد رواه البيهقى في الزهد عن مسعر بن كدام، ورواه أيضًا عنه عن عون بن عبد اللَّه. 2856/ 7458 - "لوْ قيلَ لأهلِ النارِ: إنَّكم ماكِثوُن في النارِ عددَ كل حصاةٍ في الدُّنيا لفرِحوُا بِهَا، ولو قيلَ لأهلِ الجَنَّةِ: إنكُمْ مَاكِثُون عدَدَ كلِّ حصاةِ لحزِنُوا، ولكنْ جُعِلَ لهُمُ الأبدَ". (طب) عن ابن مسعود قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [4/ 168]، في ترجمة مرة بن شراحيل من طريق الحكم بن ظهير عن السدى عن مرة عن ابن مسعود به، ثم قال: تفرد به الحكم بن ظهير. قلت: وهو منكر الحديث. 2857/ 7459 - "لوْ كانَ الإيمانُ عندَ الثُريَّا لتناولَهُ رجالٌ منْ فَارسٍ". (ق. ت) عن أبي هريرة قلت: لهذا الحديث ألفاظ في سبب وروده ذكرها الطحاوى في مشكل الآثار وغيره، ومن ألفاظ متنه: "لو كان العلم بالثريا"، وهى رواية باطلة منكرة،

أفردنا لبيان بطلانها جزءً سميناه: "إظهار ما كان خفيا؛ من بطلان حديث: "لو كان العلم بالثريا"، رددنا به على بعض متعصبة العجم الأحناف الذين يفضلون أبا حنيفة على كل مخلوق، ويستدلون بخرافات وأوهام وأغاليط كهذا الحديث. 2858/ 7461 - "لوْ كانَ الصَّبرُ رَجُلًا لكانَ رجُلًا كرِيمًا". (حل) عن عائشة قال في الكبير: ورواه عنها أيضًا الطبرانى باللفظ المزبور، قال الزين العراقى: وفيه صبح بن دينار ضعفه العقيلى وغيره. قلت: أبو نعيم خرجه عن الطبرانى، فلذلك عزاه الشارح إليه. وخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن زياد القطان ثنا محمد بن غالب بن حرب ثنا صبح ابن دينار ثنا المعافى بن عمران عن سفيان وإسرائيل عن منصور عن مجاهد عن عائشة به. 2859/ 7464 - "لوْ كانَ العلمُ معلَّقًا بالثُريَّا لتناوَلَهُ قومٌ من أبناءِ فارسٍ". (حل) عن أبي هريرة، الشيرازى في الألقاب عن قيس بن سعد قال الشارح: ورواه أحمد عن أبي هريرة بإسناد صحيح. قلت: هذا غلط من وجهين، أحدهما: أن سنده ليس بحسن ولا ضعيف فضلا عن أن يكون صحيحا، لأنه من رواية شهر بن حوشب وهو ضعيف، ومع ضعفه خالفه الحفاظ في متنه، واتفقوا على روايته بلفظ: "الإيمان

والدين"، وانفرد هو بروايته بلفظ: "العلم"، كما بينته في جزء مستقل أفردته لهذا الحديث، وانظر حديث: "لو كان الإيمان" المار قريبًا. ثانيهما: تخصيصه ذكر سند أحمد [2/ 420، 422، 469] بالصحة يقتضى أن سند أبي نعيم مغايرٌ له مع أن الجميع رواه من طريق شهر بن حوشب. 2860/ 7465 - "لوْ كانَ الفُحْشُ رجلًا لكانَ شرُّ خلقِ اللَّهِ". ابن أبي الدنيا في الصمت عن عائشة قال في الكبير: وفيه عبد الجبار بن الورد، قال البخارى: يخالف في بعض حديثه، قال في الميزان: وثقه أبو حاتم، ورواه عنها أيضًا الطبرانى والطيالسى والعسكرى وغيرهم، فاقتصار المصنف على عزوه لابن أبي الدنيا تقصير. قلت: فيه أوهام، الأول: أن الشارح لم ير الحديث في الصمت لابن أبي الدنيا حتى يعرف هل خرجه من طريق عبد الجبار أم لا، وإنما رأى الذهبى ذكر في الميزان: أن أسد بن موسى روى هذا الحديث عن عبد الجبار بن الورد عن ابن أبي مليكة [عن] عائشة، فجزم بأن الذهبى خرجه من طريقه. الثانى: أن عبد الجبار ثقة، وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو داود ويعقوب بن سفيان والعجلى وابن حبان وابن عدى وابن المدينى وآخرون. وقول البخارى فيه لا يؤثر في ثقته حتى يعلل به الحديث ويكون ضعيفا كما رمز له المؤلف. الثالث: أن علة الحديث طلحة بن عمرو الذي رواه عن عطاء عن عائشة. وعن طلحة رواه الطيالسى، ومن طريقه رواه الطبرانى والعسكرى. الرابع: أن الطيالسى والمذكورين معه رووه بلفظ: "يا عائشة، إن الفحش لو كان رجلا. . . " الحديث، وهذا موضعه حرف "الياء" لا حرف

"اللام" فلا تقصير إلا من الشارح. 2861/ 7466 - "لوْ كانَ القرآنُ في إهابٍ ما أكلتْهُ النارُ". (طب) عن عقبة بن عامر وعن عصمة بن مالك قال الشارح: معا، ثم قال: وفيه ابن لهيعة وغيره. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك اهـ. وقضية تصرف المصنف أنه لم يخرجه أشهر ولا أعلى من الطبرانى، وكأنه ذهول، فقد خرجه أحمد عن عقبة، ورواه عن عقبة أيضًا الدارمى، قال الحافظ العراقى: وفيه ابن لهيعة وابن عدى، والبيهقى عن عصمة المذكور، وابن عدى عن سهل بن سعد، قال العراقى: وسنده ضعيف، وقال ابن القطان: فيه من كان يلقن، وقال الصدر المناوى: فيه عند أحمد: ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان ولا يحتج بحديثهما عن عقبة اهـ. لكنه يتقوى بتعدد طرقه، فقد رواه أيضًا ابن حبان عن سهل بن سعد ورواه البغوى في شرح السنة وغيره. قلت: فيه من التخليط والأوهام أمور، الأول: قوله في الشرحين: عن عقبة وعن عصمة معا -غلط، فإن قوله: معا يقتضى أنه رواه بإسناد واحد قال فيه التابعى: عن عقبة بن عامر وعصمة بن مالك أنهما سمعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . .، وليس كذلك بل رواه عن كل واحد منهما بإسناد، ولذلك أعاد المصنف حرف الجر لأن القاعدة عند المحدثين أن الحديث إذا روى عن صحابين معا قال: عن فلان وفلان، بدون إعادة حرف الجر، وإذا روى عن كل واحد بإسناد قالوا: عن فلان وعن فلان كما فعل المؤلف. الثانى: أنه قال في الصغير عقب حديث عصمة بن مالك: وفيه ابن لهيعة وغيره، مع أن ابن لهيعة لا يوجد في حديث عصمة، وإنما هو في حديث

عقبة بن عامر كما صرح هو بذلك في الكبير نقلا عن غيره. الثالث: إنه قال في الكبير عقب حديث عصمة أيضًا: فيه عبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك، وهذا يخالف ما قاله في الصغير. الرابع: إنه نسب ذلك إلى الحافظ الهيثمى فقال: قال الهيثمى: فيه عبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك اهـ. وهذا غلط وكذب على الحافظ الهيثمى فإنه قال في حديث عصمة: رواه الطبرانى [17/ 308]، وفيه الفضل بن مختار وهو ضعيف. الخامس: أن الهيثمى قال في حديث سهل بن سعد الذي لم يذكر المصنف في المتن فيه عبد الوهاب بن الضحاك: وهو متروك، فنقله الشارح إلى حديث عصمة بن مالك. السادس: وقضية تصرف المصنف. . . إلخ هو ذهول من الشارح لا من المؤلف، فإن أحمد رواه بلفظ: "لو أن القرآن جعل في إهاب ثم ألقى في النار ما احترق "، وهذا موضعه حرف "لو" بعدها "إن" لا "كان" كما هنا. السابع: قوله: ورواه ابن عدى [1/ 46، 5/ 1933، 8/ 2460] عن سهل بن سعد، قال العراقى (¬1): وسنده ضعيف، وقال ابن القطان: فيه من كان يلقن -يقتضى أن ابن القطان قال ذلك في حديث سهل بن سعد، وليس كذلك، فإن حديث سهل فيه عبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك، وقال أبو حاتم: كذاب، والدارقطنى: منكر الحديث، وقال ابن حبان: كان يسرق الحديث ثم قال: ¬

_ (¬1) المغنى 1/ 274.

ثنا الحسن بن سفيان ثنا عبد الوهاب بن الضحاك عن عبد العزيز بن أبي حازم عن سهل بن سعد به. الثامن: قوله: لكنه يتقوى بتعدد طرقه، فقد رواه ابن حبان عن سهل بن سعد هو تكرار باطل، فإن ابن حبان [2/ 148] رواه من الطريق التي رواه منها ابن عدى. التاسع: قوله: ورواه البغوى في شرح السنة وغيره، يفيد أن البغوى روى حديث سهل أيضًا، لأنه معطوف على من خرجه، وليس كذلك بل البغوى خرجه من حديث عقبة بن عامر، وذلك من طريق حميد بن زنجويه في الترغيب: ثنا إسحاق بن عيسى قال: سمعت ابن لهيعة يقول: ثنا مشرح بن هاعان قال: سمعت عقبة بن عامر به. والحديث أخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان، وابن شاهين في الترغيب، وابن المغير في جزئه، والطوسى في الأول من أماليه كلهم من طريق ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة ابن عامر به. وأسند ابن شاهين عن أبي عبيد القاسم بن سلام قال: وجه هذا عندنا أن يكون أراد بالإهاب قلب المؤمن وجوفه الذي قد وعى القرآن. ورواه الطوسى بهذا المعنى ولفظه: "قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا يعذب اللَّه قلبا وعى القرآن". 2862/ 7468 - "لو كانَ المؤمنُ على قصبةٍ فِي البحرِ لَقَيَّضَ اللَّهُ لَهُ منْ يُؤذِيهِ". (ش) عن -بياض-.

قال الشارح: لم يذكر المصنف صحابية. قلت: صحابيه أنس بن مالك وهو الحديث المذكور قبله في المتن معزوا للطبرانى والبيهقى في الشعب من حديث أنس، فإن سندهما واحد، وإنما كرره المؤلف لاختلاف لفظه، وفي عزوه إلى ابن أبي شيبة نظر، فإن الحديث خرجه القضاعى في مسند الشهاب من طريق الدارقطنى: ثنا عبد اللَّه بن جعفر بن أحمد بن حشيش ثنا عثمان بن معبد بن نوح ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو قتادة بن يعقوب بن عبد اللَّه بن ثعلبة بن صغير العذرى عن ابن أخى ابن شهاب عن ابن شهاب عن أنس به. لكن رواه ابن شاهن في كتاب الصبر له وفي كتاب الترغيب أيضًا فقال: حدثنا عبد اللَّه بن حشيش به، إلا أنه قال: حدثنا عبد الملك بن شيبة المدينى بدل قوله في السند الأول: أبو بكر بن أبي شية. فإن كان المؤلف نقله من نفس المسند أو المصنَّف وإلا فالعزو إليه غلط بل هو غلط جزما. 2863/ 7471 - "لوْ كانَ جُرَيْجُ الراهبُ فقيهًا عالما لَعلمَ أنَّ إِجابَتَهُ دعاءَ أُمِّهِ أولَى من عبادَة ربِّه". الحسن بن سفيان والحكيم وابن قانع (هب) عن حوشب قال الشارح في الشرحين معا: رووه عن شهر بن حوشب، زاد في الكبير: عن أبيه حوشب الفهرى نسبة إلى فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، قال البيهقى: هذا إسناد مجهول اهـ. وفيه محمد بن يونس القرشى الكديمى، قال ابن عدى: متهم بالوضع، وقال ابن منده: حديث غريب تفرد به الحكم ابن الريان عن الليث. قلت: في هذا أوهام، الأول: أن شهر بن حوشب لا يروى عن أبيه.

الثانى: أن شهر بن حوشب أشعرى لا فهرى. الثالث: أنه لا وجود لشهر بن حوشب في هذا الإسناد، قال الحكيم الترمذى في نوادر الأصول في الأصل التاسع والخمسن ومائة (¬1): حدثنا إبراهيم بن المستمر الهذلى قال: حدثنا الحكم بن الريان اليشكرى حدثنى ليث بن سعد حدثنى يزيد بن حوشب الفهرى عن أبيه قال: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:"، وذكره. ومن هذا الوجه أخرجه الباقون من رواية الليث بن سعد. الرابع: أن محمد بن يونس الكديمى لم يقع في سند من عزاه المصنف إليهم، وإنما وقع في سند الخطيب [13/ 4]، فإنه رواه من طريقه عن الحكم بن الريان. الخامس: أنه توبع عليه فرواه جماعة عن الحكم المذكور، فذكره من الجهل بالصناعة الحديثية ومن فضول الكلام. 2864/ 7480 - "لوْ كانَتْ الدُّنيَا تَعِدِلُ عندَ اللَّه جَناحَ بَعُوضَةٍ ما سَقَى كافرًا منها شربةَ ماءٍ". (ت) والضياء عن سهل بن سعد قال في الكبير: قال الترمذى: صحيح غريب وليس كما قال، ففيه عبد الحميد بن سليمان، قال أبو داود: غير ثقه، ورواه ابن ماجه والحاكم، وفيه عندهما: زكريا بن منظور، قال الذهبى: ضعفوه. ¬

_ (¬1) هو في الأصل الثامن والخمسين والمائة من المطبوع (2/ 32) وبدون ذكر السند كما هو الحال في باقى الأحاديث في النسخة المطبوعة من نوادر الأصول ولعل هذا الاختلاف يرجع إلى تعدد النسخ واللَّه أعلم.

قلت: الحديث صحيح كما قال الترمذى [2/ 52] والحاكم، وإن كان من رواية عبد الحميد بن سليمان عن أبي حازم عن سهل بن سعد؛ لأن عبد الحميد بن سليمان لم ينفرد به، بل تابعه عليه زكريا بن منظور عن أبي حازم، أخرجه ابن ماجه [رقم 4110] والحاكم [4/ 306]. ومع هذا فقد ورد له شاهد من حديث ابن عباس وابن عمر ورجل من الصحابه، والحسن مرسلا. فحديث ابن عباس خرجه أبو نعيم في الحلية من طريق الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس. وحديث ابن عمر خرجه القضاعى [1/ 116] والخطيب [4/ 92] كلاهما من رواية أبي جعفر محمد بن أحمد بن أبي عون عن أبي مصعب عن مالك عن نافع عن ابن عمر. وحديث رجل من الصحابة رواه ابن المبارك في الزهد [رقم 509]. أخبرنا إسماعيل بن عياش قال: حدثنى عثمان بن عبيد اللَّه بن رافع: "أن رجلا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حدثه: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: لو أن الدنيا كانت عند اللَّه في الخير منزلة جناح بعوضة ما أعطى كافرا منها شيئًا". ومرسل الحسن أخرجه ابن المبارك أيضًا: أخبرنا حريث بن السائب الأسدى عن الحسن قال: "مر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على مزبلة في طريق من طرق المدينة فقال: من سره أن ينظر إلى الدنيا بحذافيرها فلينظر إلى هذه المزبلة، ثم قال: ولو أن الدنيا تعدل جناح ذباب ما أعطى كافرا منها شيئًا".

2865/ 4781 - "لَوْ كنُتُ آمرًا أحدًا أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ المرأَة أنْ تسجُدَ لِزوْجِهَا ". (ت) عن أبي هريرة، (حم) عن معاذ، (ك) عن بريدة قال في الكبير: رواه أيضًا ابن ماجه عن عائشة، وابن حبان عن ابن أبي أوفى. قلت: ابن ماجه رواه [رقم 1852] بلفظ: "لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولو أن رجلا أمر أمرأة أن تنقل من جبل أحمر إلى جبل أسود، ومن جبل أسود إلى جبل أحمر لكان نولها أن تفعل". وحديث ابن أبي أوفى ظاهر عزو الشارح له إلى ابن حبان أنه لا يوجد مخرجًا في أحد الكتب الستة وإلا لما عدل عنه وهو قصور فقد أخرجه ابن ماجه [رقم 1853]: حدثنا أزهر بن مروان ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن القاسم الشيبانى عن عبد اللَّه ابن أبي أوفى قال: "لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ما هذا يا معاذ؟ قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوددت في نفسى أن نفعل ذلك بك، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: فلا تفعلوا، فإنى لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير اللَّه لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"، الحديث. ورواه يحيى بن صاعد في مسند عبد اللَّه بن أبي أوفى: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقى وزياد بن أيوب قالا: ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا أيوب عن القاسم به، ثم رواه عن أحمد بن منصور بن سيار: ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد به.

وحديث معاذ رواه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير في الكنى منه عن عبد الرحمن بن شريك [ص 28، رقم 238]: ثنا أبي سمع أبا خلف عن الحارث بن عميرة الحارثى سمع معاذا باليمن قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو يصلح لأحد أن يسجد لأحد" الحديث. ورواه البغوى من وجه آخر في التفسير [5/ 58 و 518] عند قوله تعالى في البقرة: "وللرجال عليهن درجة"، وعند قوله تعالى في سورة النساء: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} الآية [34] وذلك من طريق سفيان عن الأعمش عن أبي ظبيان عن معاذ ابن جبل به. 2866/ 7482 - "لَوْ كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ النساءَ أن يَسجُدْنَ لأزواجِهِنَّ لما جعلَ اللَّهُ لهُمْ عَليهنَّ مِنَ الحقِّ". (د. ك) عن قيس بن سعد قلت: أخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار [2/ 210]: ثنا الباغندى ثنا عمرو بن عون الواسطى ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ثنا شريك عن حصين عن عامر عن قيس بن سعد بن عبادة قال: "أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم، فلما قدمت على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكرت ذلك، فقلت: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحق أن يسجد له، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-" وذكره. ورواه أسلم بن سهل الواسطى بحشل في تاريخ واسط: ثنا أبي ثنا إسحاق الأزرق به. ورواه أحمد [3/ 158] من حديث أنس بالقصة التي ذكرها الشارح في الكبير، ووود نحوها بسياق أغرب من حديث بريدة أخرجه السمرقندى في التنبيه في باب حق الزوج [ص 422، رقم 1667] ولينظر سنده.

2867/ 7485 - "لوْ كُنتِ امرأةً لغيَّرْتِ أظفَارَكِ بالحِنَّاءِ". (حم. ن) عن عائشة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وظاهر سكوته عليه أن مخرجه أحمد خرجه وأقره والأمر بخلافه، فقد قال في العلل: حديث منكر، وفي الميزان عن ابن عدى: إنه غير محفوظ. قلت: هذا أشبه شيء بكلام المجانين، فبينما هو بقول: رمز المصنف لحسنه إذ يقول: وظاهر سكوته عليه، فكيف يجتمع تحسينه إياه مع سكوته عليه؟ ثم يقول: ظاهره أن أحمد خرجه وأقره مع أن أحمد لا يتكلم في مسنده على الأحاديث لا بتضعيف ولا تصحيح، وكونه قال في كتاب له آخر وهو العلل: إنه منكر، لا يقال قيه: إنه أخرجه ولم يقره، وقد نص أحمد نفسه على أن كل ما في المسند فهو عنده مقبول، وإنه لا يخرج فيه حديثا منكرا، وكذلك النسائى [8/ 142]، وقول ابن عدى في مطيع بن ميمون راوى هذا الحديث: إن له ثلاثة أحاديث غير محفوظة، إنما هو لقلة أحاديثه. 2868/ 7487 - "لَوْ لمْ تُذنِبُوا لجاءَ اللَّهُ تعالَى بقَوْمٍ يُذنِبون لِيغفرَ لهُمْ". (حم) عن ابن عباس قال في الكبير: فظاهر صنيع المصنف أنه مما لم يخرجه من الستة أحد، وهو عجيب، فقد خرجه مسلم في التوبة من حديث أبي أيوب بلفظ: "لولا أنكم تذنبون لخلق اللَّه خلقا يذنبون فيغفر لهم"، وبلفظ: "لولا أتكلم لم تكن لكم ذنوب يغفرها لكم لجاء اللَّه بقوم لهم ذنوب يغفرها لهم"، ومن حديث أبي هريرة بلفظ: "والذي نفسى بيده لو لم تذنبوا لذهب اللَّه بكم ولجاء بقوم يذنبون فيغفر لهم".

قلت: جوابه فيه، فإنه ليس واحد من هذه الألفاظ يدخل هنا في "لو لم". وقد ذكر المصنف حديث أبي أيوب فيما سيأتى قريبًا بلفظ: "لولا أنكم"، وعزاه لأحمد [5/ 414] ومسلم [17/ 64] والترمذى [رقم 3606]، وذكر جميع رواياته في الكبير. ثم ظاهر اقتصار الشارح على عزو حديث أبي هريرة لمسلم أنه لم يخرجه من الستة غيره، وقد خرجه أيضًا الترمذى، وخرجه الطيالسى [ص 337، رقم: 2583]، وابن أبي الدنيا في حسن الظن [ص 33، رقم 22 وص 94، رقم 122] من وجه آخر غير الذي خرجه منه الترمذى. وخرجه أيضًا أحمد والحاكم من وجهين آخرين. وحديث أبي هريرة أخرجه أيضًا أحمد في المسند [2/ 305] وغيره. وورد الحديث أيضًا من حديث عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب عند القضاعى في مسند الشهاب، ومن حديث أنس بن مالك عند أحمد، وابن أبي الدنيا في حسن الظن [ص 34، رقم 23]. ورواه البخارى في التاريخ الكبير عنه موقوفًا، ومن حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص عند ابن جرير في التفسير، والدولابى في الكنى، وابن أبي الدنيا في حسن الظن [ص 34، رقم 24]، والطبرانى في الكبير، والحاكم في المستدرك [4/ 246]، وقد ذكرت أسانيد الجميع في مستخرجنا على مسند الشهاب، وورد موقوفًا من حديث حذيفه عند البخارى في التاريخ الكبير [7/ 176]. 2869/ 7488 - "لَوْ لَمْ تَكونُوا تُذنبُون لخفْتُ عليكُمْ مَا هُو أكبرُ منْ ذلكَ العُجبَ العُجبَ". (هب) عن أنس بإسناد ضعيف

قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: فيه سلام بن أبي الصهباء، قال البخارى: منكر الحديث، وأحمد: حسن الحديث اهـ. ورواه أيضًا ابن حبان في الضعفاء، والديلمى في مسند الفردوس وطرقه كلها ضعيفه، ولهذا قال في الميزان عند إيراده: ما أحسنه من حديث لو صح، وكان ينبغى للمصنف تقويته بتعددها الذي رقاه إلى رتبة الحسن، ولهذا قال في المنار: هو حسن بها، بل قال المنذرى: رواه البزار بإسناد جيد. قلت: بل كان ينبغى لك السكوت عن هذا الفضول الذي نزل بك إلى رتبة الجهل، فهؤلاء كلهم رووه من طريق واحدة من رواية سلام بن أبي الصهباء، على أن ابن حبان لم يسنده بل قال في ترجمة سلام بن أبي الصهباء [2/ 340]: هو ممن فحش خطئه وكثر وهمه لا يجور الاحتجاج به إذا انفرد، روى عن ثابت البنانى عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو لم تذنبون" الحديث رواه عنه الحجبى اهـ. فقول الشارح: رواه ابن حبان من خطئه أيضًا. ورواه القضاعى في مسند الشهاب من طريق العباس بن الفضل الإسفاطى: ثنا الحجبى ثنا سلام بن أبي الصهباء به. ورواه ابن عدى في الكامل [1/ 64 و 3/ 1152] عن إسحاق المنجنيقى: ثنا ابن أبي الشراب ثنا سلام بن أبي الصهباء به. وذكره البخارى في التاريخ الكبير من طريق عبد اللَّه بن عبد الوهاب: ثنا سلام ابن أبي الصهباء به، وقال العقيلى [2/ 159]: إنه لا يتابع عليه، وقد روى بإسناد صالح. قلت: يريد ما هو أعم من هذا اللفظ كما علم من اطلاقاته، وكأنه يريد الحديث المذكور قبله المخرج في صحيح مسلم، أما هذا فانفرد به سلام بن أبي الصهباء، وقول الحافظين المنذرى والهيثمى: رواه البزار بإسناد جيد يعنيان هذا

الإسناد أيضًا، لأن سلام بن أبي الصهباء قال فيه أحمد: حسن الحديث، وقال أبو حاتم: شيخ، وقال ابن عدى: أرجو أنه لا بأس به، فلم يبق لما قاله الشارح أصلا ولا مستند. 2870/ 7492 - "لَوْ مرَّت الصدقة علَى يدى مائةٍ لَكانَ لهُمْ منَ الأجرِ مثلُ المبْتدئ من غير أَنْ ينقُصَ من أجرِهِ شيئًا". (خط) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه عبد اللَّه بن سعيد المقبرى، قال في الضعفاء: تركوه. قلت: له شاهد من حديث جابر، قال الطبرانى في مكارم الأخلاق: ثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا سفيان بن وكيع ثنا حيويه الرازى ثنا محمد ابن عبد الملك عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لو مرت الصدقة على يدى سبعين ألفا لكان آجر آخرهم مثل أجر أولهم". 2871/ 7493 - "لوْ نَجَا إحد من ضمَّةِ القبرِ لنَجا سعدُ بنُ معاذٍ، ولقَدْ ضُمَّ ضمَّةً ثم روخِى عنْهُ". (طب) عن ابن عباس قلت: في الباب عن جماعة منهم عائشة وابن عمر خرجها الطحاوى في مشكل الآثار انظر (ص 107 من الجزء الأول): 2872/ 7499 - "لَو يعلمُ المؤمنُ مَا عندَ اللَّه من العقُوبة مَا طمِعَ في الجنَّة أحدٌ، ولو يعلَمُ الكافرُ ما عِنْدَ اللَّهِ منَ الرَّحمة ما قَنَطَ مِنَ الجنَّةِ أحدٌ". (ت) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهره أن الترمذى تفرد به عن الستة، وأنه لا وجود له في أحد الشيخين وإلا لما عدل عنه، وهو ذهول عجيب فقد خرجه الشيخان في التوبة واللفظ لمسلم.

قلت: أبى اللَّه لهذا الرجل أن ينطق بصواب ولو في موضع الصواب، فإنه أصاب في هذا التعقب والمؤلف قصر في عزو الحديث إلى الترمذى وحده مع أنه في صحيح مسلم بهذا اللفظ، ولكن الشارح أخطأ أيضًا في عزوه إلى البخارى، فإنه لم يخرجه، وأخطأ في قوله: في كتاب التوبة، فإن صحيح البخارى ليس فيه كتاب التوبة، وإنما هو في صحيح المسلم (¬1). 2873/ 7503 - "لَوْ يعلَمُ الناسُ مَا فِي التأذين لتضاربُوا عليهِ بالسيُوفِ". (حم) عن أبي سعيد قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وقد قال المنذرى والهيثمى: فيه ابن لهيعة وفيه ضعف وأقول: اقتصارهما على ابن لهيعة غير مرضى إذ فيه أيضًا دراج عن أبي الهيثم وقد ضعفوه. قلت: لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف، ومن عجائب الدنيا أن يتعقب الشارح على الحافظين المنذرى والهيثمى فيما يتعلق بالرجال وصناعة الحديث، فدراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد نسخة حسنة على مذهب الجمهور، وكم منها في صحيح ابن حبان وابن خزيمة والحاكم، فلا يتعرض لها إلا مثل الشارح الذي لا يعلم عن هذا الفن شيئًا، وإنما يدخل نفسه في الفضول، أما ابن لهيعة ففيه مقال طويل معروف وكثير من الحفاظ يحسن ما انفرد به، فكيف بما توبع عليه كهذا الحديث المخرج معناه في الصحيحين (¬2) من حديث أبي هريرة كما مر في المتن قبل هذا. ¬

_ (¬1) كتاب التوبة، باب (4)، رقم (23). (¬2) رواه البخارى (1/ 159، 167، 3/ 238) ورواه مسلم في: كتاب الصلاة باب (28)، رقم: (129).

2874/ 7505 - "لَوْ يعلَم صَاحِبُ المسألة مَا لَهُ فِيهَا لمُ يَسْألُ". (طب) والضياء عن ابن عباس قال في الكير: قال الهيثمى: فيه قابوس بن أبي ظبيان وفيه كلام، وأقول: فيه أيضًا حرملة بن يحيى، أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: قال أبو حاتم: لا يحتج به، وجرير بن حازم قال الذهبى: تغير قبل موته. قلت: الرجلان ثقتان إمامان من رجال الصحيح بيد أن الشارح لا يفهم من هذا الفن شيئًا. 2875/ 7514 - "لَوْلا أنَّ الكلابَ أمةٌ منَ الأُمَمِ لأمرْتُ بقتْلِهَا كُلِّهَا، فاقتُلُوا مِنْهَا الأسودَ البهيمَ". (د. ت) عن عبد اللَّه بن مغفل قلت: ورواه أيضًا أبو نعيم في الحلية [7/ 111] عن الطبرانى، ثم من رواية الثورى والأعمش عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن عبد اللَّه بن مغفل. ورواه أبو أحمد الغطريفى في جزئه من طريق أبي عامر سعيد بن العلاء قال: كنت في جنازة أبي سفيان بن العلاء أخى أبي عمرو بن العلاء ومعنا شعبة، فلما وفي قال شعبة: حدثنى هذا وأشار إلى أبي سفيان أنه قال: سمعت رجلا يسأل الحسن من حدثك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها؟ فقال: حدثنى -واللَّه- عبد اللَّه بن مغفل في هذا المسجد، وأشار إلى الجامع. ورواه البغوى في التفسير من طريق أبي القاسم البغوى في الجعديات: أنا على ابن الجعد أنا المبارك بن فضالة عن عبد اللَّه بن مغفل به. ورواه الثقفى في الثقفيات من حديث جابر بزيادة فقال:

حدثنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكى ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن يعقوب الشيبانى الحافظ ثنا الحسين بن الفضل ثنا محمد بن سابق ثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد اللَّه قال: "أمرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقتل الكلاب فقتلناها حتى أن كانت الأعرابية تجئ معها كلبها فنقتله، ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لولا أن الكلاب أمة من الأمم أكره أن أفنيها لأمرت بقتلها، لكن اقتلوا منها كل أسود بهيم ذى عينين ببغاوين". 2876/ 7515 - "لَوْلَا أنَّ المسَاكينَ يكذبُونَ ما أَفلحَ مَن ردَّهُمْ". (طب) زاد الشارح في الكبير: والقضاعى عن أبي أمامة، قال الهيثمى: فيه جعفر ابن الزبير وهو ضعيف، وفي الميزان عن العقيلى: لا يصح في هذا شيء، وحكم ابن الجوزى بوضعه ونازعه المصنف. قلت: عطف الشارح للقضاعى على الطبرانى صريح في أنه خرجه أيضًا من حديث أبي أمامة وليس كذلك، بل أخرجه من حديث عائشة ففيه إيهام قبيح، وقوله: وحكم ابن الجوزى بوضعه يفيد أنه حكم بوضعه من هذا الطريق وليس كذلك، بل أورده من عند ابن عدى، ثم من طريق عمر بن موسى عن القاسم عن أبي أمامة قال [2/ 156]: وتابعه عبد العزيز بن بحر عن هياج بن بسطام عن جعفر بن الزبير عن القاسم، قال: وعمر بن موسى يضع، قال: وهياج وشيخه متروكان اهـ. مع أن الطبرانى خرجه من رواية إبراهيم بن طهمان عن جعفر بن الزبير، والحديث له طرق أخرى من حديث عائشة وأنس وأبي هريرة وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص. فحديث عائشة رواه الدينورى في المجالسة، والقضاعى في مسند الشهاب، وابن السبط في فوائده، والعقيلى في الضعفاء.

وحديث أنس رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، والثقفى في الثقفيات، والعقيلى في الضعفاء. وحديث أبي هريرة رواه ابن صرصرى في أماليه. وحديث عبد اللَّه بن عمرو رواه العقيلى. وقد أوردت أسانيد الجميع في المستخرج على مسند القضاعى. 2877/ 7418 - "لَوْلَا المرأةُ لَدخَلَ الرجلُ الجنةَ". الثقفى عن أنس أورد الشارح في الكبير سنده الذي ذكره المؤلف في اللآلئ وهو من رواية بشر ابن الحسين عن الزبير بن عدى عن أنس، ثم قال: أورده المؤلف في مختصر الموضوعات، وقال: بشر متروك اهـ. ثم قال: وظاهره أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين يضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة مع أن الديلمى خرجه باللفظ المزبور. قلت: هذا من الهراء الفارغ والتعنت البارد، بل من الجهل بقواعد العزو والتخريج فإن العزو إلى الثقفى أعلى من العزو إلى الديلمى لكونه أكبر وأقدم ولكون مسند الفردوس مشحونا بالموضوعات والمنكرات بحيث لا يعزى إليه إلا عند الضرورة على أنه يسند من طريق أبي نعيم. وهذا الحديث خرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 333، 2/ 233] في ترجمة بشر بن الحسين، ثم أعاده في ترجمة عمرو بن سليمان بن محمد القرشى فكان العزو إليه أولى من الديلمى هذا لو كان التعقب حقًا، وكان الديلمى خرجه بهذا اللفظ، بل خرجه بلفظ [3/ 402، رقم 5118]: "لولا النساء لعبد اللَّه حق عبادته"، وقد ذكره المصنف بعد هذا بحديث وعزاه الديلمى فاعجب لجهل الشارح.

2878/ 7523 - "لَوْلَا عباد للَّه ركَّعٌ، وصِبيةٌ رضَّعٌ، وبهائم رتَّعٌ، لَصُبَّ عليكُم العذابُ صبا، ثم رُصَّ رصًا". (طب. هق) عن مسافع الديلمى قال في الكبير: هو من رواية مالك بن عبيدة بن مسافع عن أبيه عن جده، قال الذهبى في المهذب: ومالك وأبوه مجهولان، وقال الهيثمى بعد ما عزاه للطبرانى: فيه عبد الرحمن بن سعد بن عمار وهو ضعيف اهـ. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه من التوقف إلا أن يكون اعتضد. قلت: نعم اعتضد، فقد ورد له شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه البزار وأبو يعلى والطبرانى في الأوسط، وابن شاهين في الترغيب، والخطيب في التاريخ [6/ 64]، والكنجروذى في الكنجروذيات، ومن طريقه البندهى في شرح المقامات كلهم من طريق سريج بن يونس. ثنا إبراهيم بن خيثم بن عراك بن مالك عن أبيه عن جده عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مهلا عن اللَّه مهلا فلولا شباب خشع وشيوخ ركع وبهائم رتع وأطفال رضع لصب علكم العذاب صبا"، لفظ ابن شاهين، وإبراهيم ابن خيثم ضعيف. ثم إن حديث مسافع أخرجه أيضًا الدولابى في الكنى: حدثنا محمد بن عوف الطائى ثنا هشام بن عمار ثنا عبد الرحمن بن سعد القرطى ثنى مالك بن عبيدة الديلمى عن أبيه أنه حدثه عن جده عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به. 2879/ 7526 - "لَيأتينَّ هذَا الحَجر يومَ القيامةِ لَهُ عينان يُبصرُ بِهِمَا ولسان ينِطقُ بِهِ، يشهَدَ عَلَى من استلَمَهُ بِحَقٍّ". (هـ. هب) عن ابن عباس قال في الكبير: ظاهر اقتصاره على ابن ماجه من بين الستة أنه لم يخرجه منهم سواه، وليس كذلك، بل خرجه الترمذى عن ابن عباس أيضًا وقال:

حسن، وتبعه المصنف فرمز لحسنه، لكن فيه عبد اللَّه بن عثمان بن خيثم، أورده الذهبى في الضعفاء قال: قال يحيى: أحاديثه ليست بقوية. قلت: الترمذى رواه بلفظ لا يدخل هنا، فإنه قال [رقم 961]: حدثنا قتيبة ثنا جرير عن ابن خيثم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحجر: "واللَّه ليبعثنه اللَّه يوم القيامة له عينان" الحديث، فهذا لو صح للمصنف إيراده لكان موضعه من كتابه حرف "الواو" لا حرف "اللام"، ولكنه لا يورده أصلًا لأنه مبنى على لفظ من ألفاظ الصحابى لو حذفه واقتصر على المرفوع الذي هو شرط كتابه لجاء المتن ناقصا لا يعرف الضمير فيه على أى شيء يعود، ثم إن عبد اللَّه بن عثمان بن خيثم ثقة حجة من رجال الصحيح احتج به مسلم في صحيحه، وقال ابن معين: ثقة حجة ووثقه أيضًا جماعة، والشارح لجهله بالحديث ورجاله يظن أنه لا يصح الحديث أو يحسن حتى يكون راويه سالما من كل قول [و] لم يتكلم فيه أحد قط، وهذا لا يكاد يوجد في الرواة، بل وفي عباد اللَّه كافة، ولا تجد ترجمة رجل من رجال الصحيحين المجمع عليهما سالمة من مثل هذا القول وأشد منه بكثير، غير أن الشارح لا يعرف لأنه لم يكن من أهل هذه الصناعة. 2880/ 7528 - "لَيَأتينَّ عَلَى النَّاسِ زَمانٌ يُكذَّب فيه الصادِقُ، ويُصدَّقُ فيه الكاذِبُ، ويُخوَّن فيه الأمينُ، ويُؤتمَنُ الخؤونُ ويشهدُ المرءُ ولم يُستشهَدْ، ويَحلفُ وَإِنْ لم يُسْتحلفْ، ويكون أسعدُ الناسِ بالدُّنيا لُكَع ابن لُكع، لَا يُؤمِنُ باللَّهِ ورسُولِهِ". (طب) عن أم سلمة قلت: أخرجه من قبله البخارى في التاريخ الكبير [4/ 2/ 279] (¬1): حدثنا عبد اللَّه بن صالح ثنا الليث قال: حدثنى يحيى بن سليم بن زيد مولى ¬

_ (¬1) وقع خطأ في فهارس التاريخ الكبير حيث تصحفت رقم الصفحة من (279) إلى (179).

النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن مصعب بن أبي أمية قال: حدثتنى أم سلمة أنها سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول مثله. 2881/ 7533 - "ليُؤذِّن لَكُم خِيَارُكُمْ ولْيَؤمكُمْ قُرَّاؤُكُمْ". (د. هـ) عن ابن عباس قال في الكبير: هو عندهما من حديث حسين بن عيسى عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس، وحسين هو أخو سليم القارى، قال الذهبى: له مناكير، وفي فتح العزيز نسب إليه أبو زرعة وأبو حاتم النكارة في حديثه، وبذلك يعرف ما في رمز المصنف لصحته. قلت: المصنف ما رمز لصحته وإنما رمز لحسنه، وذلك لأن حسين بن عيسى ذكره ابن حبان في الثقات، ولحديثه هذا شواهد بمعناه كثيرة. 2882/ 7536 - "لَيِؤُمَّكُمْ أكْثَركُمْ قراءةً للقرآنِ". (ن) عن عمرو بن سلمة قلت: ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من حديث ابن عمر بزيادة فقال [1/ 352]: حدثنا أبو عبد اللَّه طاهر بن أحمد بن حمدان اللاسكى ثنا محمد بن جعفر الأسنانى ثنا محمد بن يوسف الفراء ثنا هشام بن عبيد اللَّه ثنا محمد بن الفضل عن صالح بن حسان عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليؤمكم أقرؤكم وإن كان ولد زنى". 2883/ 7541 - "ليبلِّغ شَاهدكُمْ غائبَكُمْ لَا تُصَلُّوا بعدَ الفجرِ إلَّا سجدَتَيِنْ". (د. هـ) عن ابن عمر قال الشارح: وإسناده صحيح خلافا لقول المؤلف حسن فقط.

وقال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله موثقون ومن ثم رمز المصنف لحسنه. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن الحديث لولا شواهده لما حسنه المؤلف لأنه ضعيف فضلا عن أن يكون صحيحا، وذلك لأنه مضطرب السند وإن كان رجاله ثقات، فإنه من رواية قدامة بن موسى عن أيوب بن حصين عن أبي علقمة عن يسار مولى ابن عمر قال: "رآنى ابن عمر وأنا أصلى بعد طلوع الفجر فقال: يا يسار، إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج علينا ونحن نصلى هذه الصلاة فقال: ليبلغ. . . "، وذكره. هكذا رواه أحمد [5/ 45، 49، 73، 366، 411] وأبو داود [رقم 1278] والبخارى في التاريخ الكبير. ورواه ابن ماجه [رقم 235] من طريق الدراوردى عن قدامة بن موسى فقال: عن محمد بن الحصين عن أبي علقمة مولى ابن عباس عن يسار. وهكذا رواه البخارى في التاريخ الكبير من رواية عمر بن على الفلاس عنه. ورواه أبو عاصم عن قدامة فقال: عن أبي علقمة عن يسار ولم يذكر ابن الحصين. ورواه وكيع عن قدامة فقال: عن شيخ عن ابن عمر ذكرها أيضًا البخارى، فهذا اضطراب يوجب ضعف الإسناد. ثانيهما: أن الحافظ الهيثمى لم يذكر حديث ابن عمر هذا أصلًا ولا يتصور أن ذكره لأنه ليس من الزوائد. 2884/ 7542 - "لَيِبيتن أقوامٌ من أمتى علَى أكل وَلهوٍ وَلعبٍ ثُمَّ لَيُصبِحُنَّ قَردةً وخنَازيرَ". (طب) عن أبي أمامة قلت: أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان عن الطبرانى، لكن من حديث ابن

عباس، قال أبو نعيم [2/ 126]: حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن محمد الجمال الأصبهانى ثنا على بن يونس الأصبهانى ثنا أبو داود الطيالسى ثنا جعفر بن سليمان الضبعى ثنا فرقد السبخى عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليبيتن قوم من هذه الأمة" الحديث. قال أبو نعيم: غريب من حديث قتادة عن سعيد تفرد به على بن يونس عن أبي داود. قلت: إن أراد أنه تفرد عن أبي داود برواية قتادة عن سعيد بن المسيب فيمكن، وإن أراد أنه تفرد به عن أبي داود مطلقا فلا، فقد رواه يونس بن حبيب في المسند عن أبي داود الطيالسى بسنده، إلا أنه قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعى عن فرقد السبخى عن عاصم بن عمرو البجلى عن أبي أمامة به مطولًا، وليس هذا اختلافا من فرقد، فقد رواه أحمد في المسند [5/ 259] عن سيار بن حاتم: ثنا جعفر قال: أتيت فرقدا يوما فوجدته خاليا، فقلت: يا ابن أم فرقد لأسألنك اليوم عن هذا الحديث، فقلت: أخبرنى عن قولك في الخسف والقذف أشئ تقوله أنت أو تأثره عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال: لا، بل آثره عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قلت: ومن حدثك؟ قال: حدثنى عاصم بن عمرو البجلى عن أبي أمامة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحدثنى قتادة عن سعيد بن المسيب وحدثنى به إبراهيم النخعى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "تبيت طائفة من أمتى على أكل وشرب" الحديث، هكذا قال أحمد في روايته. ورواه ابنه عبد اللَّه في زوائده [5/ 329] عن إسحاق بن منصور الكوسج أنا الفضل بن دكين ثنا صدقة بن موسى عن فرقد السبخى ثنا أبو منيب الشامى عن أبي عطاء عن عبادة بن الصامت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحدثنى شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحدثنى عاصم بن

عمرو البجلى عن أبي أمامة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحدثنى سعيد بن المسيب، أو حُدثتُ عنه عن ابن عباس عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "والذي نفس محمد بيده ليبيتن ناس من أمتى على أشر وبطر ولعب ولهو فيصبحوا قردة وخنازير باستحلالهم المحارم والقينات وشربهم الخمر وأكلهم الربا ولبسهم الحرير"، وفرقد السبخى ضعيف. 2885/ 7544 - "ليتَّخذ أحدُكُم قلبًا شاكِرًا، ولِسَانًا ذاكِرًا، وزوْجةً مؤمنةً تعينُه علَى أمرَ الآخَرةِ". (حم. ت. هـ) عن ثوبان قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الحافظ العراقى: هذا حديث منقطع. قلت: هو من رواية سالم بن أبي الجعد عن ثوبان، وقد حسنه الترمذى [رقم 3093]، ثم قال: سألت البخارى، فقلت له: سالم بن أبي الجعد سمع من ثوبان؟، فقال: لا، قلت له: ممن سمع من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال: سمع من جابر بن عبد اللَّه وأنس بن مالك، وذكر غير واحد من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هـ. وكذا قال أحمد وأبو حاتم. والحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [1/ 182 و 193] في ترجمة ثوبان من طرق عن سالم المذكور. وكذا أخرجه المحاملى، ومن طريقه البندهى، وآخرون في التفسير (¬1). 2886/ 7556 - "ليدخلَنَّ الجنةَ بشفاعةِ رجلٍ من أمَّتى أكثرُ منْ بَنِى تَميمٍ". (حم. هـ. حب. ك) عن عبد اللَّه بن أبي الجذعاء ¬

_ (¬1) تفسير ابن كثير (4/ 81).

قال في الكبير: بضم الجيم وسكون المعجمة. قلت: هذا خطأ فاحش بل هو بفتح الجيم. 2887/ 7558 - "ليدخلنَّ بشفاعةِ عُثْمَان سبعُون ألفًا، كُلُّهُم قَد استوجَبُوا النَّارَ الجنةَ بغيرِ حسَابٍ". ابن عساكر عن ابن عباس قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أن ابن عساكر خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه، بل قال: روى بإسناد غريب عن ابن عباس رفعه وهو منكر اهـ. وأقره عليه الذهبى في اختصاره لتاريخه. قلت: هذه صفاقة وجه متناهية، فالمؤلف رمز له بعلامة الضعيف، فكيف تكون هذه القضية لولا التعنت وقلة الحياء، نعم الحديث ظاهر الوضع والبطلان، فكان على المؤلف أن لا يذكره في هذا الكتاب. 2888/ 7565 - "لِيسْتَحِى أحدُكُمْ من مَلَكْيه اللَّذيْنِ معَهُ، كَمَا يَسْتَحِى منْ رجُلَيْنِ صالِحَيْن منْ جيَرانِهِ، وَهُمَا معَهُ باللَّيلِ والنَّهارِ". (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه سكت عليه والأمر بخلافه، بل تعقبه بقوله: إسناده ضعيف وله شاهد ضعيف اهـ. وذلك لأن فيه ضعفاء منهم معارك ضعفه الدارقطنى وغيره. قلت: هذا كذب على ظاهر صنيع المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف. 2889/ 7566 - "لِيسْتَرجِعْ أحدُكُم فِي كُلِّ شيءٍ، حَتَّى في شِسْعِ نَعلِهِ، فإنَّهَا منَ المصَائبِ". ابن السنى في عمل يوم وليلة عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه يحيى بن عبد اللَّه وهو التيمى، قال الذهبى في الضعفاء: قال أحمد: ليس بثقة.

قلت: فيه أمران، أحدهما: أن يحيى بن عبد اللَّه المذكور في سنده ليس هو الجابر التيمى الذي يقصده الشارح لأن التيمى المذكور لا يروى عن أبيه، وهذا رواه عن أبيه عن أبي هريرة، فهو يحيى بن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن أبي مليكة والد إسماعيل بن يحيى التيمى، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يعتبر حديثه إذا روى عنه غير يحيى بن عثمان. قلت: وهذا من رواية هشيم عنه، وأما الذهبى فقال: ما علمت روى عنه سوى يحيى بن عثمان. ثانيهما: أن الذهبى لم ينقل في ترجمة الجابر التيمى عن أحمد أنه قال: ليس بثقة، بل بالعكس فإنه نقل عن أحمد أنه قال: ليس به بأس. 2890/ 7567 - "لِيستَغْنِ أحدُكُم بِغنَى اللَّهِ غَدَاءَ يومِهِ وعَشَاءَ ليلَتِهَ". ابن المبارك عن واصل مرسلا قال في الكبير: واصل في التابعين أسدى ورقاشى وبصرى ومهلبى وغيرهم فتميزه كان أولى اهـ. ثم ظهر له أن يعينه، فقال في الصغير: واصل بن عطاء التابعى. قلت: ما أصاب لا في الأول ولا في الأخير، أما الأول: فإن من ذكرهم ليس واحد منهم تابعيا إلا الأسدى، فجماعة فيهم من هو تابعى وفيهم من ليس بتابعى، وما رأى المصنف (¬1) إلا تقريب التهذيب، وليس فيه واصل أسدى تابعى. وأما الأخير: فإن واصل بن عطاء ليس تابعيا أيضًا، وإنما هو من أصحاب الحسن، ثم هو ليس من أهل الحديث، ولئن كان هو فمن أين عرفه بعد أن توقف في تعيينه ولم يعرفه في الكبير؟! ¬

_ (¬1) يقصد الشارح كما يدل على ذلك السياق.

2891/ 7570 - "ليْسَ الإيمانُ بالتَّمَنى وَلَا بالتَّحَلِّى، ولكنْ هُوَ مَا وَقَرَ فِي القلبِ، وصدَّقَهْ العملُ". ابن النجار، (فر) عن أنس قال في الكبير: قال العلائى: حديث منكر تفرد به عبد السلام بن صالح العابد، قال النسائى: متروك، وابن عدى: مجمع على ضعفه، وقد روى معناه بسند جيد عن الحسن من قوله: وهو الصحيح إلى هنا كلامه، وبه يعرف أن سكوت المصنف عليه لا يرتضى. قلت: المصنف لم يسكت عليه، بل رمز لضعفه، وإذا كان الرمز لضعفه سكوتا فهو إذا لم يخرج حديثا ولا عزاه لأنه لم يصرح بأسماء المخرجين، وإنما ذكر رموزهم، ثم إن عبد السلام بن صالح ليس هو علة الحديث ولا هو مجمع على ضعفه، بل وثقه إمام أهل الفن يحيى بن معين وغيره، ومن تكلم فيه إنما تكلم لأجل التشيع على عادتهم مع شيعة أهل البيت، ولكن علة الحديث يوسف بن عطية، فإن عبد السلام بن صالح رواه عن يوسف بن عطية الصفار عن قتادة عن الحسن عن أنس، ويوسف ضعيف جدا. والحديث خرجه أيضًا أبو عبد الرحمن السلمى في الأربعين بهذا السند، وكذلك أبو نعيم في الأربعين، إلا أنه قال عن قتادة عن أنس لم يذكر الحسن بينهما، وراد فيه: "والعلم علمان علم في القلب فذلك العلم النافع، وعلم في اللسان فذلك حجة اللَّه على ابن آدم". ورواه ابن الجوزى في العلل المتناهية [1/ 73، 74] من طريق أبي بكر بن مردويه: حدثنا أحمد بن محمد بن عاصم ثنا عمران بن عبد الرحيم ثنا أبو الصلت به بإثبات الحسن، وقدم الجملة الأخيرة فقال: "العلم علمان علم باللسان وعلم بالقلب، فأما علم اللسان فحجة اللَّه على ابن آدم، وأما العلم الذي في

القلب فالعلم النافع، وليس الإيمان بالتحلى ولا بالتمنى" الحديث. 2892/ 7573 - "ليسَ الجهادُ أن يضربَ الرجلُ بسيفِهِ في سبيلِ اللَّهِ تعالَى، إنما الجهادُ من عالَ والديْهِ، وعالَ ولَدَهُ فَهُو فِي جهادٍ، وَمنْ عَالَ نَفْسَهُ فكفَّهَا عن الناس فَهُو فِي جِهاد". ابن عساكر عن أنس قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أن هذا لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجب فقد خرجه أبو نعيم والديلمى فكان ينبغى عزوه إليهما. قلت: إنما العجب من تعتنتك وجهلك فأبو نعيم خرجه ولم يعزه إليه المؤلف فكان ماذا؟ ومن ذا قال أن أبا نعيم أشهر من ابن عساكر وأنه ينبغى العزو إلى المشهور دون غيره أو أنه يجب الاستقصاء في العزو؟! ثم إن هذا المتعنت رأى الحديث في مسند الفردوس للديلمى مسندا فعزاه إلى أبي نعيم من غير أن يعرف في أى كتاب خرجه؟. وهو عنده في الحلية [6/ 300] في ترجمة الربيع بن عبد الرحمن المعروف بابن برة. 2893/ 7581 - "ليَسَ الكذَابُ بالَّذِى يُصلِحُ بينَ النَّاس فَينمِى خَيْرًا ويقولَ خيرًا". (حم. ق. د. ت) عن أم كلثوم بنت عقبة (طب) عن شداد بن أوس قلت: وفي الباب أيضًا عن ابن عباس أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من طريق يعيش بن الجهم. ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس الكذَّاب الذي يقول الخير وينشره".

ورواه ابن قتيبة في عيون الأخبار من حديث عبد الرحمن بن عوف فقال: حدثنا محمد بن عبيد ثنا بربر بن هارون أخبرنا سفيان بن حسين عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أبيه مرفوعًا: "لم يكذب من قال خيرا وأصلح بين اثنين". قلت: وهذا غلط فإن الرواة عن الزهرى كلهم قالوا: عن حميد بن عبد الرحمن عن أمه أم كلثوم بنت عقبة. 2894/ 7583 - "ليسَ المؤمنُ الذي يشبع وجارهُ جائعٌ إلى جنبِهِ". (خد. طب. ك. هق) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، فتعقبه الذهبى في التلخيص بأنه من حديث عبد العزيز بن يحيى وليسى بثقه، وفي المهذب بأن فيه ابن المساور مجهول، وقال الهيثمى: رجال الطبرانى ثقات، وقال المنذرى: رواة الطبرانى وأبي يعلى ثقات. قلت: سبحان اللَّه لم يرد اللَّه تعالى لهذا الرجل أن يصيب لا في التعقب ولا في السكوت، فإن المؤلف وهم هنا في عزو حديث ابن عباس إلى الحاكم، فإن الحاكم لم يخرجه من حديثه، بل من حديث عائشة [2/ 12] وذلك من رواية محمد بن على بن زيد الصائغ: ثنا عبد العزيز بن يحيى ثنا سليمان بن بلال عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة بلفظ: "ليس المؤمن الذي يبيت شبعانا وجاره جائع إلى جنبه". والشارح نقل تعقب الذهبى من التخليص ولم يتنبه لكون الحديث فيه عن عائشة لا عن ابن عباس.

2895/ 7585 - "ليس المسكينُ الذي يطوفُ على الناسِ فتردُّهُ اللقمة واللقمتانِ، والتمرةُ والتمرتانِ، ولكن المسكينُ الَّذِى لا يجدُ غِنًى يُغنيهِ، ولا يُفطَنُ فَيُتَصَدَّقُ عليهِ، ولا يَقُومُ فيسألُ الناسَ". مالك (حم. ق. د. ن) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر عزوه إلى من ذكر أن بقية الستة لم يخرجوه، لكن حكى بعضهم الاتفاق عليه من حديث عائشة. قلت: بل الذي ينبغى أن يحكى هو الاتفاق على أنك ما شممت للحديث رائحة ولا قرأت يوما ما كتابًا من كتبه على الإطلاق، فكأنك فهمت أن قول المحدثين: متفق عليه معناه أنه رواه الستة كلهم، وهذا يكاد يعلم جهلة العجائز أن مرادهم به اتفاق البخارى ومسلم فقط، والعجب أن المؤلف رمز له بعلامة القاف إشارة إلى كونه متفقا عليه، ثم عطف عليه رمز أبي داود والنسائى، فهذا من أعجب ما رأيت من جهل هذا الرجل بالحديث وبعد هذا فما حكاه من كونهما اتفقا عليه من حديث عائشة كذب منه ولابد، أو من ذلك البعض فإنهما ما خرجاه إلا من حديث أبي هريرة (¬1). 2896/ 7588 - "ليسَ أحدٌ أفضلَ عندَ اللَّهِ مِنْ مُؤمن يُعمرُ فِي الإسلامِ لتكبيرِهِ وتحميدِهِ وتسبيحِهِ وتهليلِهِ". (حم) عن طلحة قال في الكبير: ورواه من الستة النسائى أيضًا، فما أوهمه اقتصار المصنف على أحمد غير جيد. قلت: ما خرجه النسائى في المجتبى الذي هو أحد الكتب الستة، فما يقوله الشارح هراء لا أصل له. ¬

_ (¬1) البخارى (2/ 153 و 6/ 40)، ومسلم في الزكاة (102).

2897/ 7589 - "ليسَ أحدٌ أحقَّ بالحدَّةِ من حامِلِ القرآنِ لِعِزَّةِ القرآنِ فِي جوْفِهِ" أبو نصر السجزى في الإبانة (فر) عن أنس قال الشارح: بإسناد ضعيف. قلت: بل هو حديث موضوع كأحاديث الحدة التي مرت في الحاء، وقد ذكرها المؤلف في موضوعاته، فكان حقه أن لا يذكرها هنا. 2898/ 7591 - "ليسَ أحدٌ منكُم بأكسبَ من أحدٍ، قد كتبَ اللَّهُ المصيبةَ والأجلَ، وقسمَ المعيشةَ والعملَ، فالناسُ يجرُونَ فيهَا إِلى مُنتهَى". (حل) عن ابن مسعود قلت: رمز المصنف لضعفه وسكت الشارح عن بيان علته كأنه لم يعرف ذلك، والحديث من رواية يوسف بن السفر عن الأوزاعى عن عبدة عن شفيق بن سلمة عن عبد اللَّه بن مسعود به. ويوسف بن السفر متروك منكر الحديث، بل متهم بالوضع لكن لأوله طريق آخر عن ابن مسعود أخرجه أبو نعيم أيضًا من طريق على بن حميد: ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليس أحد بأكسب من أحد، ولا عام بأمطر من عام ولكن اللَّه يصرفه حيث يشاء، ويعطى المال من يحب ومن لا يحب ولا يعطى الإيمان إلا من يحب"، وقال: تفرد به على بن حميد اهـ. وذكره الذهبى في الميزان [4/ 466، رقم 9871] من وجه آخر عنه، وقال: إنه منكر وغريب جدا اهـ. وله شاهد من حديث جابر بن عبد اللَّه أخرجه أبو نعيم أيضًا في تاريخ أصبهان [1/ 165] من طريق عبد اللَّه بن داود الخريبى:

ثنا الوازع عن أبي سلمة عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من عبد أكسب من أحد، ولكن الرزق مقسوم من اللَّه لعباده". 2899/ 7593 - "ليسَ بحكيم من لمْ يُعاشِرْ بالمعروف منْ لَا بُدَّ لَهُ منْ معاشَرَتِهِ حتَّى يجعلَ اللَّهُ لَهُ منْ ذلِكَ مخْرَجًا". (هب) عن أبي فاطمة الإيادى قال في الكبير: وكذلك رواه الحاكم وعنه ومن طريقه خرجه البيهقى مصرحا فلو عزاه للأصل كان أحق، ثم قال الحاكم: لم نكتبه إلا بهذا الإسناد، وإنما نعرفه عن محمد ابن الحنفية من قوله، وقال ابن حجر: المعروف موقوف، وقال العلائى: هذا إنما هو من كلام ابن الحنفية. قلت: يتعجب من المؤلف في إيراد هذا الحديث، فإنه ظاهر البطلان واضح الوقف لا يلتبس أمره على صاحب حديث. أما الشارح فكل كلامه خطأ وكل تصرفه عجيب. أول ذلك: أن جل أحاديث البيهقى إنما يرويها في كل كتبه عن الحاكم، فعلى هذا الإعتبار لا يصح أن يعزى للبيهقى حديث إلا في النادر. الثانى: أن الحاكم لم يخرج هذا الحديث في المستدرك، ففي أى كتاب يجب أن يعزوه المؤلف إلى كون الحاكم خرجه فيه؟ ثم في أى كتاب خرج الحاكم تلك الأحاديث الكثيرة التي ملأ منها البيهقى مصنفاته في الأحكام كالسنن الكبير والصغرى والمعرفة والخلافيات وغيرها مما أكثرها عن الحاكم؟ وكذلك كتبه في الأخلاق والترغيب وغيرها كشعب الإيمان والآداب والزهد والاعتقاد والأسماء والصفات والدعوات وغيرها؟! فعجبا للشارح ما أشد غفلته! الثالث: قوله: وعنه ومن طريقه خرجه البيهقى مصرحا تعبير فاسد متناقض كما بيناه مرارا. الرابع: أنه نقل قول الحاكم: لم نكتبه إلا بهذا الإسناد، ثم لم يذكر

الإسناد، ولا تعرض لبيان من فيه ممن يعلل به الحديث، فكان نقله لكلام الحاكم تسويد للورق بدون فائدة. والحديث أسنده ابن الأثير [5/ 270] من طريق عثمان بن سعيد الدارمى: أخبرنا محمد بن بكار ثنا عنبسة بن عبد الرحمن عن أبي عمران الجونى عن أبي فاطمة الإيادى به. وعنبسة متروك، ومحمد بن بكار مجهول، والخبر رواه البخارى في الأدب المفرد عن محمد ابن الحنفية من قوله من رواية الحسن بن عمر عن منذر الثورى عن محمد ابن الحنفية قال: ليس بحكيم، فذكره. 2900/ 7594 - "ليسَ بخيركُم من تَرَك دُنياهُ لآخِرَته، ولَا آخرَتَهُ لدنياهُ حتَّى يُصيبَ منهُمَا جميعًا، فإنَّ الدُّنيا بَلاغ إلى الآخرةِ، ولا تكُونُوا كلا علَى الناسِ". ابن عساكر عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الديلمى باللفظ المزبور فلو ضمه إليه في العزو كان أولى. قلت: الحديث موضوع باطل، فلو تكلم الشارح على سنده وترك هذا الهراء الفارغ لكان أوجب، فإن الحديث من رواية يغنم بن سالم، وهو وضاع مشهور، وقد أفردت لبيان وضع هذا الحديث وبطلانه جزءا سميته: صفع التياه بإبطال حديث: "ليس بخيركم من ترك دنياه"، وقد مر له ذكر في حرف الخاء.

2901/ 7597 - "ليسَ بينَ العبدِ والشركِ إلا تركُ الصلاةِ، فإذَا تركَهَا فقدْ أشرَكَ". (هـ) عن أنس قال في الكبير: ورواه مسلم بدون "فإذا". . . إلخ. قلت: هذا يفيد أن مسلما رواه بهذا اللفظ وأن المؤلف أغفل عزو الحديث إليه وهو مراد الشارح وليس كذلك، ثم هو يفيد أيضًا أن مسلما خرجه من حديث أنس وليس كذلك، بل هو عند مسلم من حديث جابر بن عبد اللَّه لا من حديث أنس وبلفظ: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"، وبلفظ: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"، وبهذا اللفظ ذكره المؤلف سابقا في حرف "الياء" وعزاه لمسلم (¬1) وأبي داود [رقم 4678] والترمذى [رقم 2619، 2620] وابن ماجه [رقم 1078]، وقد رواه أبو نعيم في الحلية [8/ 121] من حديث جابر مصدر بليس كما هنا، ورواه أيضًا من طريق سليمان التيمى عن أبي مجلز وعكرمة عن ابن عباس مرفوعًا [3/ 36 - 37]: "الشرك أخفى في أمتى من دبيب الذر على الصفا، وليس بين العبد والكفر إلا ترك الصلاة". 2902/ 7599 - "ليسَ شيءٌ أثقلَ في الميزانِ من الخُلُقِ الحسَنِ". (حم) عن أبي الدرداء قال في الكبير: وكذا رواه أبو نعيم وقال: غريب من حديث الثورى عن إبراهيم بن نافع. قلت: نقل كلام أبي نعيم خطأ من وجهين، أحدهما: أنه لا فائدة فيه للقارئ ¬

_ (¬1) كتاب الإيمان، رقم: (134).

الذي لم يتقدم له ذكر للسند ولا كلام عليه من جهة التفرد والمتابعة. ثانيهما: أن المؤلف عزا الحديث لأحمد بن حنبل وهو بهذا اللفظ عنده من غير طريق الثورى وإبراهيم بن نافع فإنه قال [6/ 448]: حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال: حدثنى القاسم بن أبي عطاء الكَيْخارَانى عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليس شيء. . " الحديث. ومن هذا الطريق رواه أبو نعيم في الحلية [7/ 107] في موضع آخر من رواية أبي قتادة الحرانى ثنا شعبة ومسعر عن القاسم بن أبي بزة به. ورواه أبو أحمد الغطريفى في جزئه عن أبي خليفة: ثنا محمد بن كثير وشعيب بن محرز وأبو عمر الحوضى قالوا: حدثنا شعبة به. ورواه الطبرانى في مكارم الأخلاق: ثنا على بن عبد العزيز حدثنا حفص بن عمو الحوضى ثنا شعبه به. أما رواية الثورى فخرجها أبو نعيم عن الطبرانى وأبي الشيخ كلاهما قال: ثنا محمد بن يحيى بن منده ثنا محمد بن عصام بن يزيد عن أبيه عن سفيان عن إبراهيم بن نافع عن الحسن بن مسلم عن خاله -يعنى عطاء- عن أم الدرداء عن أبي الدرداء به، ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث الثورى عن إبراهيم، تفرد به عصام بن يزيد. قلت: وللحديث طريق آخر من طريق عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك عن أم الدرداء عن أبي الدرداء به، أخرجه أحمد عن سفيان عن عمرو [6/ 452]. ورواه الدولابى في الكنى عن محمد بن منصور عن سفيان. ورواه ابن زنجويه عن على بن المدينى عن ابن عيينة به.

2903/ 7601 - "ليس شيءٌ أطيعَ اللَّه تعالى فيهِ أعجلَ ثوابًا من صلَة الرحم، وليس شيءٌ أعجلَ عقابًا منَ البغْى وقطَيعةِ الرحم، واليمينُ الفاجرةُ تدع الديارَ بلاقِعَ". (هق) عن أبي هريرة قلت: هو من رواية أبي حنيفة عن يحيى بن أبي كثير عن مجاهد وعكرمة عن أبي هريرة به، وقد اختلف فيه على أبي حنيفة وعلى يحيى بن كثير كما فصلته في المستخرج على مسند الشهاب في الحديث الثمانين ومائة ثم في الثالث والثلاثين وخمسمائة، وذكرت هناك من في الباب. 2904/ 7602 - "ليسَ شيء أكرمَ علَى اللَّهِ تعالَى من الدُّعاءِ". (حم. خد. ت. ك) عن أبي هريرة قال الشارح: وأسانيده صحيحه. وقال في الكبير: قال (ك): صحيح وأقره الذهبى، وقال (ت): حسن غريب ولم يبين لم لا يصح، وذلك لأن فيه عمران القطان، قال في الميزان وغيره: ضعفه النسائى وأبو داود ومشاه أحمد، وقال ابن القطان: رواته كلهم ثقات وما موضع في إسناده ينظر فيه إلا عمران وفيه خلاف، وقال ابن حبان: حديث صحيح. قلت: هذا كلام فيه تناقض، فإنه زعم في الصغير أن أسانيده صحيحة وفي الكبير زعم أنه من رواية عمران القطان، فأفاد أنه ليس له إسناد واحد وهو الواقع، فإن الجماعة المذكورين كلهم رووه من طريق عمران القطان عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن أبي هريرة به، ومن هذا الطريق رواه أيضًا أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين: أخبرنا أبو عمرو عبد الملك بن الحسن بن الفضل ثنا إبراهيم بن عبد اللَّه الليثى

ثنا عمرو بن مرزوق ثنا عمران القطان به. نعم له طريق آخر من رواية أبي المليح الفارسى عن أبي صالح الخوزى عن أبي هريرة به مثله. ذكره البخارى في التاريخ الكبير [2/ 355] في ترجمة أبي المليح واسمه حميد. 2905/ 7603 - "ليس شيءٌ أكرمَ على اللَّهِ تعالَى من المؤمِنِ". (طس) عن ابن عمرو قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبيد اللَّه بن تمام وهو ضعيف جدا اهـ. لكن يشهد له ما في أوسط الطبرانى عن ابن عمرو أيضًا "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نظر إلى الكعبة فقال: لقد شرفك اللَّه وكرمك وعظمك، والمؤمن أعظم حرمة منك. . . " إلخ. قلت: مما يعيبه الشارح على المؤلف عزوه حديثا في الكتب الستة لغيرها مع أن المؤلف لا يفعل ذلك إلا لنكتة كما بيناه، وهذا الحديث الذي عزاه الشارح لأوسط الطبرانى هو في سنن ابن ماجه فإنه قال [رقم 3932]. حدثنا أبو القاسم بن أبي ضمرة نصر بن محمد بن سليمان الحمصى ثنا أبي ثنا عبد اللَّه بن أبي قيس النصرى ثنا عبد اللَّه بن عمرو قال: "رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند اللَّه حرمة منك ماله ودمه، وإن يظن به إلا خيرا". ثم إن حديث الكتاب خرجه الطبرانى في الصغير أيضًا فقال [2/ 47]: حدثنا محمد بن محمد بن عزرة الأهوازى ثنا معمر بن سهل ثنا عبيد اللَّه بن تمام عن يونس عن الوليد بن بشر عن بشر بن شقاف عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمرو به مثله.

2906/ 7605 - "ليس شيءٌ من الجسدِ إلا وهو يشكو ذوب اللسانِ". (ع. هب) عن أبي بكر قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وقال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح غير موسى بن محمد بن حيان وقد وثقه ابن حبان اهـ، وأقول: ليس توثيقه بمتفق عليه، فقد أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: ضعفه أبو زرعة. قلت: انظر هذا وتعجب من غفلة هذا الرجل ثم إن موسى المذكور لم ينفرد به بل توبع عليه، قال ابن السنى في اليوم والليلة [رقم 7]: أخبرنا أبو يعلى ثنا موسى بن محمد بن حيان (ح). وأخبرنى أبو أحمد الصيرفى ثنا محمد بن إشكاب قالا: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردى عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر اطلع على أبي بكر رضي اللَّه عنهما وهو يمد لسانه فقال: "ما تصنع يا خليفة رسول اللَّه؟ قال: إن هذا أوردنى الموارد إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال. . . " وذكره وله متابع آخر قال ابن النقور في فوائده [1/ 133]: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن الباقلانى أنا أبو القاسم بن بشران أنا أبو بكر الآجرى ثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز ثنا عبد الرحمن بن أبي البخترى الطائى ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث به. 2907/ 7606 - "ليسَ شيء إلا وهوَ أطوعُ للَّهِ تعالَى من ابنِ آدم". البزار عن بريدة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه ورواه عنه أيضًا الطبرانى في الصغير بإسنادين، قال الهيثمى: وفيه أبو عبيدة الأشجعى، ولم أر من سماه ولا

ترجمه وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: قال الطبرانى في الصغير [1/ 52]: حدثنا محمد بن عبد العزيز الأصبهانى الرازى ثنا أحمد بن الفرات ثنا أبو زهير المروزى ثنا أبو عبيدة بن الأشجعى عن الأشجعى عن سفيان الثورى عن علقمة ابن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به، ثم قال الطبرانى: لم يروه عن سفإن إلا الأشجعى واسمه عبيد اللَّه بن عبد الرحمن، ولا عن الأشجعى إلا ابنه ثم قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنى أبي أخبرت عن ابن الأشجعى عن أبيه عن سفيان بإسناده مثله. ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 161] في ترجمة محمد بن عبد العزيز الداركى عن الطبرانى بسنده الأول. ورواه الدولابى في الكنى من طريق الأشجعى فقال عن شقيق بدل سفيان عن علقمة به، قال الدولابى: أخبرنى النسائى أنبأنا محمد بن إدريس ثنا أبو زهير محمد بن إسحاق المروزى ثنا ابن الأشجعى عن أبيه عن شقيق عن علقمة به. 2908/ 7607 - "ليسَ صَدَقَةٌ أعظمَ أجرًا منْ ماءٍ". (هب) عن أبي هريرة قال الشارح: وإسناده ضعيف، وقول المؤلف: حسن ممنوع. وقال في الكبير: رمز لحسنه وفيه داود بن عطاء، قال البخارى: متروك، ويزيد بن عبد الملك النوفلى ضعفوه، وسعيد بن أبي سعيد، قال ابن عدى: مجهول.

قلت: سعيد بن أبي سعيد هو المعفرى المشهور، ويزيد بن عبد الملك وثقه ابن سعد، وقال ابن معين مرة: لا بأس به، والحديث له شواهد منها حديث سعد بن عبادة مرفوعًا "أفضل الصدقة سقى الماء"، رواه أحمد [5/ 285] وأبو داود والنسائى [6/ 254، 255] وابن ماجه [رقم 3684] وصححه ابن حبان [رقم 858] والحاكم [1/ 414]. ورواه أبو يعلى من حديث ابن عباس كما سبق للمؤلف في حرف "الألف" فلهذا حسنه المؤلف، والشارح لا يدرى الحديث ولا يسكت فيستريح ويريح. 2909/ 7608 - "ليْسَ عدُوُّكَ الذي إن قتلْتَهُ كانَ لكَ نُورا، وإن قتلَكَ دخلْتَ الجنةَ، ولكن أعدَى عدُو لكَ ولدَكَ الَّذي خرَجَ من صلبك ثمَّ أعدى عدُوٍّ لكَ مالكَ الذي ملكَتْ يمينُك". (طب) عن أبي مالك الأشعرى قلت: قال الطبرانى [3/ 294، رقم 3445]: حدثنا هاشم بن مرثد ثنا محمد بن إسماعيل بن عياش حدثنى أبي حدثنى ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعرى به، ومحمد بن إسماعيل قال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه شيئًا، وقال أبو داود: لم يكن بذاك. 2910/ 7610 - "ليْسَ على الماءِ جَنَابَةٌ". (طب) عن ميمونة قال في الكبير: ورواه عنها أحمد ولعل المؤلف أغفله سهوا. قلت: ما أغفله المؤلف ولكن أحمد لم يخرجه بهذا السياق بل بلفظ: "إن الماء لا يجنب"، وهو بهذا اللفظ في السنن فلا معنى لما قال الشارح.

2911/ 7612 - "ليْس علَى المختَلِسِ قطْعٌ". (هـ) عن عبد الرحمن بن عوف قال الشارح: وإسناده كما قال ابن حجر: صحيح، وقول المؤلف: حسن فقط غير معول عليه. قلت: بل تهويلك غير معول عليه فالحسن من قسم الصحيح وهما في درجة واحدة في الاحتجاج والعمل، وإنما يفزع إلى الفرق بينهما عند التعارض والترجيح، ثم إن هذا الحديث من رواية يونس بن يزيد وهو وإن كان ثقة حافظا من رجال الصحيح إلا أن بعضهم يصفه بسوء الحفظ، وأحمد بن حنبل يحط عليه ويقول: إنه روى أحاديث منكرة عن الزهرى، ويقول ابن سعد: إنه حافظ ليس بحجة، ومع هذا ففي السند أيضًا من انفرد ابن ماجه بالراوية عنه ولم يخرج له أحد من الستة وهو محمد بن عاصم بن جعفر فلهذا توسط المؤلف ورمز له بعلامة الحسن الذي من أدنى مراتب الصحيح، فالأمر فيه هين ولكن الشارح يوجد من حبة المؤلف قبة ليثبت ما يريد مما يحيك في صدره نسأل اللَّه العافية. 2912/ 7620 - "ليسَ علَى أهلِ "لَا إلهَ إلا اللَّهُ" وحشةٌ فِي الموتِ، ولَا فِي القبورِ، ولا في النُّشورِ، كأنِّى أنظرُ إليهمْ عندَ الصيحَةِ ينفضُون رؤوسَهُم من الترابِ، يقولوُن: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: 34]. (طب) عن ابن عمر

قال في الكبير: قال الهيثمى: رواه الطبرانى من طريقين في إحداهما يحيى الحمانى، وفي الأخرى مجاشع بن عمرو وكلاهما ضعيف اهـ. وأورده ابن الجوزى في الواهيات وأعله، قال الحافظ العراقى: ورواه عنه أيضًا أبو يعلى والبيهقى بسند ضعيف. قلت: في كل هذا قصور وتقصير في البحث والاطلاع والتحقيق، فالحديث رواه ابن أبي الدنيا في حسن الظن [ص 71، رقم 77]، والحكيم الترمذى في نوادر الأصول في الأصل الرابع عشر ومائتين (¬1)، وأبو يعلى وابن حبان في الضعفاء عنه، والطبرانى في الأوسط أيضًا وفي كتاب الدعاء، والبيهقى في شعب الإيمان في أوله [1/ 110 - 111، رقم 100]، وابن مردويه وابن أبي حاتم (¬2) والثعلبى والبغوى في تفاسيرهم، والخطيب في التاريخ [1/ 266] كلهم من رواية يحيى الحمانى عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر به. ويحيى الحمانى مختلف فيه فوثقه يحيى بن معين وغيره وضعفه آخرون، وقد قال الخطيب في التاريخ [1/ 266]: كتب إلى أبو الفرج محمد بن إدريس بن محمد الموصلى يذكر أن أبا منصور المظفر بن محمد الطوسى حدثهم قال: ثنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدى قال: حدثنا موسى بن هارون الحمانى قال: حدثنا محمد بن أحمد ابن إبراهيم الموصلى قال: "رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في النوم فقلت: يا رسول اللَّه إن يحيى الحمانى حدثنا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن ابن عمر عنك صلى اللَّه عليك أنك قلت: ليس على أهل لا إله إلا اللَّه وحشة في قبورهم ولا في ¬

_ (¬1) هو في الأصل الثالث عشر ومائتين من المطبوع (2/ 162). (¬2) عزاه ابن كثير في تفسيره لابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن زيد، انظر (6/ 537).

منشرهم وكأنى بأهل اللَّه ينفضون التراب عن رءوسهم ويقولون: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: 34] فقال: صدق بن الحمانى" اهـ. ومع هذا فلم ينفرد به بل تابعه عبد الرحمن بن واقد، أخرج متابعته الخطيب في التاريخ أيضًا في ترجمته [10/ 265] من رواية أحمد بن الحسين الصوفى عنه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم به، وعبد الرحمن بن زيد ضعيف وهو علته لكنه لم ينفرد به أيضًا، بل تابعه عليه أخوه عبد اللَّه بن زيد، أخرج متابعته أبو القاسم الأصبهانى في الترغيب والترهيب، وأبو عمرو بن منده في فوائده، وله مع هذأ طريق آخر عن ابن عمر أخرجه ابن حبان في الضعفاء [1/ 202] وعبد الباقى ابن قانع كلاهما قال: أخبرنا حمزة بن داود بن سليمان ثنا الحسن بن قزعة ثنا بهلول بن عبيد عن سلمة بن كهيل عن ناقع عن ابن عمر به مثله. ومن هذا الطريق رواه البيهقى في البعث والنشور مثله [رقم 82]. ورواه ابن عدى في الكامل [4/ 1582]: أخبرنا المنجنيقى حدثنا الحسن بن قزعة به. لكنه لم يذكر نافعا بين سلمة وابن عمر، وقال ابن حبان عن بهلول بن عبيد: إنه شيخ يسرق الحديث لا يجوز الاحتجاج به بحال، ثم أسند هذا الحديث كما سبق عنه ثم قال: وهذا حديث لا يعرف إلا من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر، وعبد الرحمن ليس بشيء في الحديث اهـ. قلت: وهذه مجرد دعوى من ابن حبان وظن ليس عليه دليل، فإن الحديث له طريق ثالث عن ابن عمر أيضًا قال الطبرانى في الكبير:

حدثنا جعفر بن محمد الفريابى ثنا يحيى بن موسى المروزى ثنا سليمان بن عبد اللَّه بن وهب الكوفى عن عبد العزيز بن حكيم عن ابن عمر به مثله. ومن هذا الوجه أخرجه النسائى في الكنى من رواية سليمان بن عبد العزيز بن أبي رواد عن عبد العزيز بن حكيم به، ومع هذا أيضًا فله شاهد من حديث ابن عباس وأنس. فحديث ابن عباس أخرجه تمام في فوائده قال: حدثنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان ثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحجازى بحمص ثنا محمد بن سعيد الطائفى حدثنى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس على أهل لا إله إلا اللَّه وحشة في قبورهم كأنى انظر إليهم إذا انفلقت الأرض عنهم يقولون: لا إله إلا اللَّه والناس بهم". ومن هذا الوجه رواه الخطيب في التاريخ [5/ 305] في ترجمة محمد بن سعيد الطائفى وذكره ابن حبان في الضعفاء في ترجمة محمد بن سعيد أيضًا بلفظ: "والناس تبع لهم"، وقال: محمد بن سعيد يروى عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، لا يحل الاحتجاج به بحال، روى عن ابن جريج فذكر هذا الحديث ثم قال: وهذا خبر باطل إنما يعرف هذا من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر فقط اهـ. وهو أيضًا دعوى مجردة وظن لا يغنى من الحق شيئًا. وحديث أنس رواه ابن مردوية في التفسير من طريق القاسم بن مطيب عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة عن أنس به، وإسحاق ضعيف والقاسم يكشف عنه.

2913/ 7623 - "ليسَ علَى مسلمٍ جزيةٌ". (حم. د) عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد حسن لا صحيح خلافا للمؤلف. وقال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس بصاف عن النزاع ففيه من طريق أبي داود قابوس، قال ابن القطان: ضعفوه وربما ترك حديثه ولا يدفع عن صدق، وإنما كان افترى على رجل فَحُد فكسد لذلك. قلت: فحديثه إذًا حسن لذاته فإذا ورد له شواهد ارتفع إلى درجة الصحيح كهذا، فإن له شواهد متعددة كما ذكره الترمذى [رقم 633] فإنه لما رواه من هذا الوجه بلفظ: "لا يصلح قبلتان في أرض واحدة، وليس على المسلمين جزية". قال: وفي الباب عن سعيد بن زيد وجد حرب بن عبيد اللَّه الثقفى اهـ. وكذلك عن ابن عمر أخرجه الطبرانى بلفظ: "من أسلم فلا جزية عليه"، وفي سنده من لم يعرفهم الحافظ نور الدين، وقد خرجه ابن حبان في الضعفاء من وجه آخر عن ابن عمر مطولا بلفظ: "ليس على مداوى ضمان، وليس على مسلم جزية"، رواه عن الفضل بن الحباب: ثنا عيسى بن أبي حرب الصفار ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا عمر بن زيد الصنعانى عن محارب بن دثار عن ابن عمر به، وقال: إن عمر بن زيد يروى المناكير عن المشاهير على قلة روايته حتى خرج عن حد الاحتجاج به فيما لم يوافق الثقات اهـ. وهذا مما وافق فيه الثقات. وقد ذكر أبو عبيد في "الأموال" آثارا عن عمر وعلى وعمر بن عبد العزيز في هذا المعنى وهى شاهدة للحديث فلذلك حكم المصنف بصحته. 2914/ 7624 - "ليْسَ علَى مقهورٍ يمينٌ". (قط) عن أبي أمامة

قال الشارح: ثم ضعفه يعنى الدارقطنى وغيره، فقول المؤلف: حسن هفوة. قلت: الدارقطنى لم يتكلم على هذا الحديث بتضعيف ولا غيره، ورمز المؤلف لهذا الحديث بالحسن يجب أن يكون تحريفا من النساخ ولابد، فإن الحديث واه جدا بل موضوع باطل، وسنده مشتمل على جماعة من الكذابين والوضاعين، فلا يتصور الحكم له بالحسن، لا سيما والحديث عند الدارقطنى من حديث واثلة بن الأسقع وأبي أمامة والمؤلف لم يذكر إلا أبا أمامة، وذلك من تحريف النساخ إن شاء اللَّه تعالى، فإن كان من المؤلف هفوة قبيحة. قال الدارقطنى [1/ 377]: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن المقرى هو النقاش ثنا الحسين بن إدريس عن خالد بن الهياج ثنا أبي عن عنبسة بن عبد الرحمن عن العلاء عن مكحول عن واثلة بن الأسقع وعن أبي أمامة به. 2915/ 7625 - "ليسَ علَى من استفادَ مالًا زكاةٌ حتَّى يحولَ عليهِ الحول". (طب) عن أم سعد قال في الكبير: وفيه عنبسة بن عبد الرحمن وهو ضعيف، وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه اللهم إلا أن يكون اعتضد. قلت: ذكر المؤلف بعد هذا حديث: "ليس في المال زكاة حتى يحول عليه الحول"، وعزاه للدارقطنى [2/ 91] عن أنس، ورمز لحسنه فتعقبه الشارح أيضًا، ثم ذكر بعده حديث: "ليس في مال المستفيد زكاة حتى يحول عليه الحول"، وعزاه للبيهقى عن ابن عمر ورمز لحسنه أيضًا فتعقبه الشارح أيضًا، ثم ذكر المؤلف في باب "لا" حديث: "لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول"، وعزاه لابن ماجه من حديث عائشة ورمز لحسنه أيضًا، فتعقبه الشارح عليه أيضًا، فهذه أربعة طرق من حديث أربعة من الصحابة،

وهم: أم سعد وأنس وابن عمر وعائشة، ولحديث ابن عمر طرق متعددة. وفي الباب أيضًا عن على بن أبي طالب عند أحمد [1/ 148] وأبي داود [رقم 1573] والبيهقى وغيرهم، فالمتن بالنظر لمجموع هذه الطرق حسن، هو إن كان كل واحد منها على انفراده فيه مقال، إلا أن الشارح ليس من أهل دراية الفن مع عدم سلامة صدره، فهو يلتمس العثرات، بل يخلقها من عنده. 2916/ 7626 - "ليسَ علَى من نامَ ساجدًا وضوءٌ حتى يضطجعَ فإنَّه إذا اضطَجَعَ استرخَتْ مفاصلُه". (حم) عن ابن عباس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد قال الحافظ ابن حجر: قال الدارقطنى: تفرد به أبو خالد الدالانى ولا يصح، وقال ابن حبان في الدالانى: كثير الخطأ لا يجوز الاحتجاج به إذا وافق الثقات فكيف إذا انفرد. قلت: أبو خالد الدالانى قال ابن معين وأحمد بن حنبل والنسائى: لا بأس به، وقال أبو حاتم: صدوق ثقة، وقال الحاكم: إن الأئمة المتقدمين شهدوا له بالصدق والإتقان، وقال ابن عدى: روى عنه الناس وفي حديثه لين إلا أنه يكتب حديثه، وقال الذهبى في المغنى: محدث مشهور حسن الحديث اهـ. فحديثه إذا حسن على انفراده، فكيف وقد ورد له شاهد من حديث عبد اللَّه ابن عمرو بن العاص، ومن حديث حذيفة مرفوعًا، ومن حديث أبي هريرة موقوفًا كما هو مبين في كتب الأحكام؟! فالحق ما قاله المؤلف.

2917/ 7632 - "ليسَ في البقر العوامل صدقةٌ، ولكنْ في كُلِّ ثلاثينَ تَبِيعٌ، وفي كل أربعين مُسِنٌ أو مسنةٌ". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: رمز لحسنه، وقال الذهبى: فيه سوار متروك عن ليث لين، وقال الهيثمى: فيه ليث بن أبي سليم ثقة لكنه مدلس، ثم ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه وإلا لما عدل عنه، وكأنه ذهول فقد عزاه في مسند الفردوس إلى ابن ماجه من حديث ابن مسعود. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن الحديث وإن كان في سنده من ذكرا إلا أن له شواهد من أجلها حسنه المؤلف، ويكفى منها ما ذكره الشارح نفسه قبل حديث واحد، فإن المؤلف ذكر حديث: "ليس في الإبل العوامل صدقة"، وعزاه لابن عدى والبيهقى في السنن من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فكتب عليه الشارح ما نصه [5/ 372، رقم 7630]: وخرجه عنه الدارقطنى من هذا الوجه بهذا اللفظ، قال ابن حجر: وسنده ضعيف، قال البيهقى: وأشهر منه خبر على: "ليس في البقر العوامل شيء" اهـ. وصححه ابن القطان اهـ. ما كتبه الشارح، ثم بعد حديث واحد نسى هذا فكتب ما ترى. وحديث على المذكور رواه أبو داود والدارقطنى وغيرهما. ثانيهما: أن هذا الحديث لم يخرجه ابن ماجه، والديلمى عزا له حديث ابن مسعود في زكاة البقر لا في كون العوامل منها ليس فيها صدقة، فابن ماجه قال: حدثنا سفيان بن وكيع ثنا عبد السلام بن حرب عن خصيف عن أبي عبيدة عن

عبد اللَّه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال [1/ 577، رقم 1804]: "في ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة، وفي أربعين مسنة"، فهذا ما خرجه ابن ماجه، فأين هو من حديث الباب؟ 2918/ 7634 - "ليس فِي الحُليِّ زكاةٌ". (قط) عن جابر قال الشارح: أى الحلى المباح المتخذ للاستعمال فلا تجب الزكاة فيه عند الشافعى كأحمد، وأوجبها الآخران. قلت: هذا غلط على مالك، فإنه لا تجب عنده الزكاة في الحلى. 2919/ 7635 - "ليسَ في الخضرواتِ زكاةٌ". (قط) عن أنس وعن طلحة، (ت) عن معاذ ذكر الشارح في الشرحين معا أن طلحة هو ابن معاذ. ثم قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن الترمذى خرجه وسكت عليه وهو إيهام فاحش، بل تعقبه بقوله: إسناده غير صحيح ولا يصح في هذا الباب شيء، والصحيح عن موسى بن طلحة مرسل. . . إلخ. قلت: فيه أمران، أحدهما: أنه لا يوجد في الصحابة طلحة بن معاذ أصلا، وطلحة إذا أطلق لا ينصرف إلا إلى ابن عبيد اللَّه أحد العشرة لاسيما والشارح ذكر أن الحديث من رواية ابنه موسى عنه، وموسى معروف أنه ابن طلحة بن عبيد اللَّه، فما أبعد الشارح عن هذا الفن. ثانيهما: أن ما نسبه لظاهر صنيع المصنف وجعله إيهاما فاحشا هو كذب منه متعمد وتدليس فاحش وتلبيس، فإن المصنف رمز للحديث بعلامة الضعيف.

2920/ 7636 - "ليسَ فِي الخيلِ والرقيقِ زكاةٌ إلا زكاةَ الفطرِ في الرقيقِ". (د) عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وهو غير صحيح، فقد قال الذهبى في المهذب: فيه انقطاع. قلت: الشارح لا يدرى اصطلاح أهل الفن ولا قواعده، فالحديث صحيح متفق عليه، والانقطاع إنما وقع في طريق من طرقه على حسب ما يقتضيه تصريح بعض الطرق الأخرى، وإلا فالحديث بحسب ظاهر الإسناد متصل لا انقطاع فيه، وذلك أنه من رواية مكحول عن عراك بن مالك عن أبي هريرة، قال البيهقى: ومكحول لم يسمعه من عراك، إنما رواه عن سليمان بن يسار عن عراك، ثم رواه من طريق سفيان عن أيوب بن موسى عن مكحول عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك به، بلفظ: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة"، وهو من هذا الوجه عند مسلم في الصحيح (¬1)، ورواه البخارى [2/ 149] من رواية عبد اللَّه بن دينار عن سليمان بن يسار عن عراك ابن مالك به، ورواه البخارى في الصحيح أيضًا من طريق يحيى بن سعيد القطان عن خيثم بن عراك عن أبيه عن أبي هريرة. ورواه مسلم من طريق حاتم بن إسماعيل عن خيثم به. ورواه البيهقى [4/ 117] من طريق الدارقطنى، ثم من رواية عبيد اللَّه بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به مثل اللفظ المذكور في المتن، وله طرق كثيرة يطول نقلها، أكثرها صحيح ومخرج في الصحيح، وإنما تكلم البيهقى وتبعه الذهبى في المهذب على طريق مكحول خاصة، ¬

_ (¬1) كتاب الزكاة، باب (2)، رقم: (8، 9).

وادعى أن فيها انقطاعا لأجل الرواية المصرحة بإن مكحولا سمعه من سليمان ابن يسار، وهذا مع كونه محتملا لأن يكون من المزيد في متصل الأسانيد فلا خير فيه بعد العلم بالسقوط من الإسناد، وأنه ثقة، وبعد العلم بأن للحديث طرق أخرى صحيحة، فلو سكت الشارح لأحسن إلى نفسه وأراح الناس من تعب أوهامه وأخطائه. 2921/ 7638 - "ليس في العبدِ صدقةٌ إلا صدقةَ الفطرِ". (م) عن أبي هريرة وكتبه الشارح في الكبير عن أبي موسى الأشعرى، ثم قال: وخرجه البخارى ولم يقل إلا صدقة الفطر، قال عبد الحق: هذا من رواية مخرمة بن بكير عن أبيه عن عراك بن مالك عن أبي هريرة، ومخرمة لم يسمع من أبيه، لكن الحديث حسن متصل، ذكره ابن أصبغ. قلت: الشارح شديد الغفلة، فالحديث في المتن من رواية أبي هريرة، وهو ينقل سنده من رواية محراك عن أبي هريرة، ثم يكتبه من حديث أبي موسى الأشعرى، أما ما نقله عن عبد الحق ففضول منه وتسويد للورق بما لا فائدة فيه أصلا، فالحديث مجمع على صحته ومخرمة حلف لمالك أنه سمع من أبيه، وما أسرع الأقدمين في تقليد بعضهم إذا ادعى عدم سماع راو لشبهة قامت عنده ولو كانت أوهى من بيت العنكبوت. 2922/ 7640 - "ليسَ في المالِ زكاةٌ حتَّى يحولَ عليهِ الحولُ". (قط) عن أنس قال الشارح: ثم ضعفه -يعنى الدارقطنى- فرمز المؤلف لحسنه غير صواب. وقال في الكبير: رمز المؤلف لحسنه وليس ذا منه بحسن، فقد أعله مخرجه الدارقطنى بأن حسان بن سنان أحد رواته ضعيف، ورواه -أعنى الدارقطنى-

أيضًا عن ابن عباس، وتعقبه الغريانى بأن فيه حارثة بن محمد بن أبي الرجال، مجمع على ضعفه، وقال الذهبى: فيه إسماعيل بن عياش واه في غير الشاميين، وقال ابن حجر: اختلف في رفعه ووقفه، قال الدارقطنى: والصحيح وقفه، وهو كذلك في الموطأ، ووصله الدارقطنى في الغرائب مرفوعًا وضعفه اهـ. وبه يعرف أن رمز المصنف لحسن المرفوع غير حسن. قلت: فيه أمور، الأول: أن الحديث حسن كما قال المؤلف، وقد بينا ذلك قريبًا من حديث: "ليس على من استفاد مالا زكاة" الحديث. الثانى: أن قوله: فقد أعله مخرجه الدارقطنى. . . إلخ، كذب لا أصل له، فالدارقطنى ما أعله ولا تكلم عليه أصلا، راجع (ص 199) منه. الثالث: أن الراوى المعلل به الحديث اسم والده سياه بالياء المنقوطة من تحت وآخره هاء لا سنان بنونين. الرابع: قوله: ورواه الدارقطنى أيضًا عن ابن عباس كذب لا أصل له، فإن الدارقطنى لم يرو في الباب حديثا عن ابن عباس بل ولم يرد في هذا الباب حديث عن ابن عباس فيما أظن. الخامس: قوله: وتعقبه الغريانى بأن فيه حارثة بن محمد. . . إلخ خطأ مركب على خطأ، فإن ظاهر هذا يفيد تحقيق عزو حديث ابن عباس إلى الدارقطنى وأنه من رواية حارثة وليس كذلك، بل حارثة بن محمد إنما هو في حديث عائشة، فإن الدارقطنى أخرجه من رواية أبي بدر شجاع بن الوليد، ومن رواية هريم كلاهما عن حارثة بن محمد عن عمرة عن عائشة به. السادس: قوله: وقال الذهبى: فيه إسماعيل بن عياش. . . إلخ يفيد أنه في حديث ابن عباس الذي لا وجود له أو في حديث عائشة الذي هو من رواية حارثة بن محمد فكأنه سند واحد فيه الرجلان معا حارثة وإسماعيل بن

عياش وليس كذلك، بل هذا من تخاليط الشارح وعدم درايته الفن وفهمه لمسائله وعدم تحقيقه لما ينقل، فإن إسماعيل بن عياش في سند حديث آخر من رواية عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب. قال الدارقطنى [2/ 91]: ثنا الحسن بن أحمد بن صالح ثنا سعيد بن عثمان الوراق ثنا أبو التقى هشام بن عبد الملك ثنا بقية عن إسماعيل هو ابن عياش عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول"، قال الدارقطنى: رواه معتمر وغيره عن عبيد اللَّه موقوفًا. السابع: قوله: وقال ابن حجر: هو من رواية إسماعيل بن عياش. . . إلخ هو مثل الذي قبله، ونص الحافظ في نصب الراية: وفي الباب عن ابن عمر عند الدارقطنى وهو من رواية إسماعيل بن عياش. . . إلخ ما نقله الشارح بالحرف فأسقط ذكر ابن عمر وعطفه على سند حديث عائشة الذي جعله هو من حديث ابن عباس. فهكذا الخبط والتخليط وإلا فلا يكن. 2923/ 7641 - "ليس فِي المالِ حقٌّ سِوَى الزكاةِ". (هـ) عن فاطمة بنت قيس قال في الكبير: قال الحافظ ابن حجر: هذا حديث مضطرب المتن، والاضطراب موجب للضعف، وذلك لأن فاطمة روته عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بلفظ: "إن في المال حقا سوى الزكاة"، فرواه عنها الترمذى هكذا، وروته بلفظ: "ليس في المال حق سوى الزكاة"، فرواه عنها ابن ماجه كذلك وتعقبه الشيخ زكريا بأن شرط الاضطراب عدم إمكان الجمع، وهو ممكن بحمل الأول على المستحب والثانى على الواجب.

قلت: هذا تعقب فاسد فإن صح عن الشيخ زكريا الأنصارى فهو دليل على أنه لم يفرق بين مضطرب الحديث ومشكله، فالجواب الذي إجاب به هو حل للإشكال والتعارض الواقع بين الحديثين، أما ورود الحديث بلفظين متعارضين من طريق واحدة وعن راو واحد فهو اضطراب من ذلك الراوى ولابد، لأنه إما أن يكون سمع النفى وأما أن يكون سمع الإثبات، والتحديث يجب أن يكون بما سمع، فلما حدث بالحديث على الوجهين المتعارضين دل على أنه لم يضبط ما سمع وأنه في شك من ذلك وهو الاضطراب الموجب للضعف كما يقول الحافظ، أما لو روى النفى راو وروى الإثبات آخر، وادعى مدع سقوط الحديث وعدم إمكان العمل به للتعارض الواقع بين راوييه لكان الجواب هو ما ذكره الشيخ زكريا الأنصار، وإذ الروايتان كلاهما عن راو واحد فهو مضطرب، فإن قيل: يجوز أن يكون سمع الحديث على الوجهين فحدث به كذلك قلنا: الحديثان متعارضان، فلو فرضنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حدث به كذلك فمن المحال البين أن يكون حدث به كذلك في مجلس واحد بل لابد أن يكون أحدهما سابقا والآخر لاحقا، والمتأخر حينئذ يكون ناسخا للمتقدم رافعا لحكمه، فكان مقتضى الحال يوجب على الراوى الذي شاهد اختلاف الأحوال من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يذكر ذلك ويحكى القصة ويعين الأول والآخر حتى يميز بين الناسخ والمنسوخ، فلما لم يفعل دل على أنه لم يسمع إلا شيئًا واحدًا، إما النفى وإما الإثبات وتحديثه بهما معا دليل على عدم تثبته مما سمع وهو عين الاضطراب. 2924/ 7646 - "ليسَ فِي مالِ المكاتبِ زكاةٌ حتَّى يعتقِ". (قط) عن جابر قال في الكبير: قال مخرجه الدارقطنى: عبد اللَّه بن بزيع أحد رواته تقدم تليينه، وقال عبد الحق: إسناده ضعيف، وذلك لأن فيه عبد اللَّه بن بزيع. . . إلخ.

قلت: الدارقطنى ما قال شيئًا مما نسبه إليه الشارح، بل خرج الحديث وسكت، وما ذكره الشارح بعد ذلك تكرار. 2925/ 7647 - "ليسَ فِي مالِ المستفيدِ زكاةٌ حتَّى يحولَ عليهِ الحولُ". (هق) عن ابن عمر قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو زلل، فقد تعقبه الذهبى في المهذب على البيهقى بإن عبد اللَّه بن شبيب واه، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف اهـ. وقال غيره: فيه يحيى الحارثى، قال البخارى: متروك، ورواه الدارقطنى أيضًا عن ابن عمر من هذا الوجه، وتعقبه بأن عبد الرحمن ابن زيد ضعيف، قال البيهقى في المعرفة: إن رفعه غير محفوظ. قلت: الحديث حسن كما بينته قريبًا في حديث: "ليس في المال زكاة"، وقبله في حديث: "ليس على من استفاد مالا زكاة"، لأن له طرقا متعددة، يقوم بمجموعها الحجة، وهو الدليل لهذا الحكم ليس في الباب غيره، ولو لم يكن حسن لمجموع طرقه لما صلح للحجة، ثم في كلام الشارح أمور، الأول: أن الذهبى لم يتكلم على الحديث تعقبا على البيهقى كما يقوله الشارح، بل هو حاكٍ لكلام البيهقى، فإنه الذي سبق لتعليله، لكن بعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وإنما زاد الذهبى تعليله بعبد اللَّه بن شبيب أيضًا. الثانى: قوله: وقال غيره: فيه يحيى الحارثى، هكذا ذكره بالحاء المهملة وآخره ثاء مثلثة وهو خطأ، بل هو الجارى بالجيم وآخره ياء نسبة إلى الجار، وهو موضع بساحل البحر من ناحية المدينة المنورة، وقيل: هو اسم لذلك الساحل بأجمعه. الثالث: أن يحيى بن محمد الجارى وثقه العجلى وغيره، وذكره ابن حبان

في الثقات، وقال ابن عدى: لا بأس بحديثه، فلا ينبغى تعليل الحديث به. الرابع: أن الدارقطنى لم يتعقب الحديث بشيء. 2926/ 7649 - "ليسَ للدينِ دواءٌ إلا القضاءُ والوفاءُ والحمدُ". (خط) عن ابن عمر قال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أن الخطيب خرجه وسلمه والأمر بخلافه، بل أخرجه وأعله، فإنه أورده في ترجمة جعفر بن عامر البغدادى من روايته عنه، وقال: إنه شيخ مجهول، فإن الحسن بن عرفة ذكر أن أحاديثه منكرة اهـ. ومن ثم قال ابن الجوزى: حديث لا يصح والمتهم به جعفر المذكور، وقال في الميزان: هذا حديث منكر، وقال مرة أخرى في ترجمة جعفر: هذا حديث باطل ثم ساق هذا الخبر. قلت: في هذا أمور، الأول: الكذب على تصرف المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف. الثانى: الكذب على الخطيب، فإنه ما أعل الحديث بحرف واحد ولا كتابه مؤلف للحديث ولا لبيان علله، وإنما ترجم لجعفر بن أبي الليث، ثم أسند الحديث في ترجمته [7/ 198] على عادته وعادة أمثاله. الثالث: الكذب على الخطيب أيضًا في نقله عنه أنه قال في جعفر المذكور إنه شيخ مجهول، فإن الخطيب ما قال ذلك في جعفر ولا جعفر مجهول، بل هو معروف، وإنما الشارح بعيد عن دراية الفن وعن فهم كلام أهله، فالخطيب قال ما نصه: جعفر بن أبي الليث، واسم أبي الليث عامر وكنيته جعفر أبو الفضل، نزل قزوين وحدث بها عن أحمد بن عمار بن نصير الشامى شيخ مجهول وعن الحسن بن عرفة أحاديث منكرة. . . إلخ، فقوله: شيخ

مجهول هو وصف لأحمد بن عمار الشامى لا لجعفر بن عامر البغدادى. الرابع: الكذب على الحسن بن عرفة، بل النطق بما يشبه المحال، فإن الحسن ابن عرفة شيخ لجعفر المذكور، فكيف ينقل عنه الكلام فيه وهو ما حدث إلا بعده، بل قائل ذلك هو الخطيب نفسه فإنه يخبر أن جعفر بن عامر حدث بأحاديث منكرة عن الحسن بن عرفة، وعن أحمد بن عمار الذي ظن الخطيب أنه شيخ مجهول، فحرف الشارح هذا ونسب الكلام للحسن بن عرفة غفلة منه في الفهم وتهورا في النقل وعدم تحقيق في القول. الخامس: الجهل بالفن وقواعده، فإنه حكى أن الرجل شيخ مجهول وجعل علة ذلك كون الحسن بن عرفة ذكر أن أحاديثه منكرة فكأن رواية المناكير تصير الراوى مجهولا ويكفى في هذا سماعه. السادس: الكذب على الذهبى في قوله: وقال مرة أخرى في ترجمة جعفر هذا: حدث بحديث باطل ثم ساق هذا الخبر، فإن الذهبى قال ما نصه: جعفر بن عامر البغدادى عن أحمد بن عمار أخى هشام بخبر كذب واتهمه به ابن الجوزى اهـ. ولم يسق هذا الخبر كما ترى. السابع: عدم فهم مراد أهل الحديث من كلامهم، فإن من حكم على هذا الحديث بالنكارة لا يريد متنه بإطلاق، وإنما يريده من رواية مالك عن نافع عن ابن عمر، لأن جعفر بن عامر رواه عن أحمد بن عمار بن نصير الشامى عن مالك بسنده، وهذا ليس من أحاديث مالك ولا رواه عنه الثقات من أصحابه، أما المتن فثابت من حديث عبد اللَّه بن أبي ربيعة بلفظ: "إنما جزاء السلف الحمد والوفاء"، رواه أحمد [4/ 36] والنسائى وابن ماجه [رقم 2424] وأبو نعيم في الحلية [7/ 11]، وقد ذكره المؤلف سابقا في حرف الهمزة، وكتب الشارح عليه أنه حسن الإسناد.

2927/ 7650 - "ليسَ لفاسقٍ غيبةٌ". (طب) عن معاوية بن حيدة قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه العلاء بن بشر ضعفه الأزدى، وقال الحاكم: هذا حديث غير صحيح ولا يعتمد عليه، وقال أحمد: حديث منكر، وقال في الميزان: ضعفه الأزدى. قلت: ظن الشارح أن قول الذهبى: ضعفه الأزدى راجع إلى الحديث، والضمير فيه إنما هو عائد إلى العلاء بن بشر كما نقله عن الهيثمى فهو تكرار وعدم معرفة، ثم إن العلاء بن بشر رواه عن سفيان بن عيينة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، ومن طريق العلاء المذكور أيضًا أخرجه ابن عدى في الكامل [2/ 596، 5/ 1863]، والقضاعى في مسند الشهاب، قال الدارقطنى في العلل: هذا الحديث من وضع الجارود سرقه منه جماعة منهم عمرو بن الأزهر حدث به عن بهز، وعمرو كذاب، ومنهم سليمان بن عيسى وكان كذابا دجالا فرواه عن الثورى عن بهز، ومنهم العلاء بن بشر رواه عن سفيان بن عيينة عن بهز، وابن عيينة لم يسمع من بهز. قلت: حديث الجارود هو بمعناه لا بلفظه، وقد حدث به عنه جماعة منهم مولاه سعيد بن عبد الرحمن وأبو شجاع أحمد بن محمد الصيدلانى ومحمد ابن سعيد الجلاب ومحمد بن عبد الملك بن زنجوية وسلمة بن شبيب وقطن ابن إبراهيم اليسابورى وجماعة، أخرجه من طريق هؤلاء الحكيم الترمذى في "نوادر الأصول"، وابن حبان في الضعفاء [1/ 220]، وكذا ابن عدى [2/ 595] والعقيلى [1/ 202]، والحاكم في تاريخ نيسابور، والبيهقى في السنن [10/ 210]، والخطيب في التاريخ [3/ 188، 7/ 262، 263، 268]، كما ذكرت أسانيدهم في المستخرج على مسند الشهاب ولفظه فيه: "أترعون عن ذكر الفاجر حتى يعرفه الناس، اذكروه بما فيه يحذره الناس"،

واتفق هؤلاء وغيرهم على تضعيف هذا الحديث وتوهينه فقال العقيلى: ليس له أصل من حديث بهز ولا من حديث غيره ولا يتابع عليه من طريق يثبت، وقال البيهقى: هذا حديث يعرف بالجارود بن يزيد النيسابورى وأنكره عليه أهل العلم بالحديث، سمعت أبا عبد اللَّه الحافظ يقول: سمعت أبا عبد اللَّه محمد بن يعقوب الحافظ غير مرة يقول: كان أبو بكر الجارودى إذا مر بقبر جده في مقبرة الحسين بن معاذ يقول: يا أبة لو لم تحدث بحديث بهز بن حكيم لزرتك، قال البيهقى: وقد سرقه منه جماعة من الضعفاء فرووه عن بهز بن حكيم ولم يصح فيه شيء اهـ. وقال أيضًا في شعب الإيمان: هذا يعد في أفراد الجارود، وقد روى عن غيره وليس بشيء، ثم أسند عن الحاكم حديث العلاء بن بشر ونقل عنه أنه قال: هذا غير صحيح ولا معتمد، قال البيهقى: وهذا إن صح فإنما أراد به فاجرا معلنا بفجوره، أو هو ممن يعتمد في أمور الناس ويتعلق به شيء من الديانات فيحتاج إلى بيان حاله لئلا يعتمد عليه اهـ. وذكره ابن حبان في ترجمة الجارود، ثم أسند عن أحمد بن حنبل أنه قال: هذا حديث منكر، وأطال ابن عدى في تضعيفه وبيان علله، وقال: كل من روى هذا الحديث فهو ضعيف، وقال الخطيب: روى أيضًا عن الثورى والنضر بن شميل ويزيد بن حكيم عن بهز ولا يثبت عن واحد منهم ذلك، والمحفوظ أن الجارود تفرد برواية هذا الحديث. قلت: في المحدثين عادة قبيحة هي تقيد السابق منهم والاعتماد على ما يقول من غير تأمل ولا روية، ومع صرف النظر عن التحقيق والاستدلال والبحث فيما يؤيد قول ذلك السابق أو يبطله ويرده لأنهم ليسوا أهل نظر واستدلال، وإنما أهل رواية وإسناد، فإذا قال واحد منهم مثل أحمد وابن معين وأبي حاتم وأبي زرعة في حديث أو رجل قولا، فكل من جاء بعدهم سيعتمد ذلك

القول ويرد به الأحاديث المتعددة ويضعفها لا لدليل ولا برهان، بل يضعف كل دليل أيضًا يقاوم ذلك النقل ويعارضه، فلا يهولنك اجتماعهم على أمر واتفاقهم على شيء، ولا تعتمد عليه حتى تعلم صحته أو بطلانه من جهة الدليل، فإن أهل التحقيق والنظر لو سلكوا طريقتهم هذه لأبطلوا ثلث الشريعة وردوا أكثر الأحاديث الصحيحة لولا أن اللَّه أيدهم بنوره وأمدهم بتوفيقه فضربوا بأقوالهم عرض الحائط وداسوا اتفاقاتهم بالأقدام، وتطلعوا بنظرهم الصائب إلى الحقائق فاستخرجوا الصواب من معدنه وأظهروا الحق بدليله وطردوا الباطل من أصله، فعلى أقوال مثلهم الاعتماد لا على من قصارى أمره الرواية والإسناد، فإنك إذا نظرت إلى اتفاقهم على عدم سماع الحسن من على تحسبه اتفاقا مبنيا على دليل وبناء مشيدا على أساس، فإذا بحثت في الأمر وحققت المسألة وجدتهم يتفقون في وقت الضحى على إنكار وجود الشمس في السماء، لأن أولهم الأعمى أنكرها فتابعوه على ذلك ثقه منهم بقوله وتقديما لتقليده على يقين حسهم، وهكذا تجد اتفاقهم على تضعيف عبد السلام بن صالح الهروى، وعلى إبطال حديث: "الطير" وحديث: "أنا مدينة العلم"، وغير هذا مما يطول ذكره ويصعب تتبعه ومنه هذا الحديث، فإن النظر لا يوافق ما يقولونه والدليل لا يصدق ما يدعونه، لأن من تابعوا الجارود على هذا الحديث لو كانوا كلهم كذابين لأمكن أن يتهموا بسرقة هذا الحديث منه، لكن الواقع ليس كذلك، بل فيهم من كذاب متهم وفيهم من هو مستور لم يضعف إلا بسبب رواية هذا الحديث كما فعلوا في جماعة رووا حديث: "الطير"، وحديث: "العلم" ونحوهما، ومنهم من هو ثقة لا يمكن أن يتهم بكذب ولا سرقة. قال الخطيب [1/ 382]: أخبرنا على بن طلحة المقرى أخبرنا صالح بن محمد الهمدانى الحافظ قال:

حدثنا القاسم بن بندار بن أبي صالح الهمدانى قال: سمعت عمر بن مدرك وأنا برئ من عهدته يقول: كنا في مجلس مكى بن إبراهيم فقام رجل فقال: يا أبا السكن هاهنا رجل يقال له: الجارود، روى عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: "أترعون عن ذكر الفاجر" الحديث؟ فقال: ما تنكرون هذا إن الجارود رجل غنى كثير الصدقة مستغن عن الكذب، هذا معمر قد تفرد عن بهز بن حكيم بأحاديث: أنبأنا إبراهيم بن مخلد أخبرنا أبو سعيد بن رميح النسوى قال: سمعت أحمد ابن محمد بن عمر بن بسطام يقول: قال أحمد بن سيار: روى الجارود بن يزيد العامرى عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أترعون عن ذكر الفاجر"، وأنكر عليه. وقد سمعت يوسف وكان طلابة يذكر أنه رأى هذا الحديث في كتاب مكى بن إبراهيم قال: وامتنع أن يحدث به فقيل له في ذلك فقال: أما ترى ما لقى فيه الجارود اهـ. فهذا مكى بن إبراهيم من الثقات بل من رجال الصحيح (¬1) قد تابع الجارود عليه ولا يمكن أن يتهم بأنه سرقه منه، وكذلك تابعه عبد الوهاب بن همام أخو عبد الرزاق عن معمر عن بهز، وعبد الوهاب وثقه يحيى بن معين، وذكره ابن حبان في الثقات، قال الطبرانى في الصغير: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن أبي السرى العسقلانى ثنى أبي حدثنا عبد الوهاب ابن همام أخو عبد الرزاق ثنا معمر عن بهز بن حكيم به. فهذا الطريق على شرط الحسن ولذلك حسنه الحافظ نور الدين الهيثمى في ¬

_ (¬1) التهذيب (10/ 260).

مجمع الزوائد [1/ 149]، وسبقه إلى ذلك الحافظ الهروى في ذم الكلام، ومع هذا فله شواهد من حديث عمر بن الخطاب وعلى بن أبي طالب وأبي سعيد الخدرى وأنس بن مالك ذكرتها في مستخرجى على مسند الشهاب، وحديث على هو بلفظه في تاريخ أصبهان في ترجمة محمد بن يعقوب (2/ 239)، وسيأتى حديث أنس في حرف الميم بلفظ: "من ألقى جلباب الحياء عن وجهه فلا غيبة له. 2928/ 7653 - "ليسَ للمرأةِ أن تَنْتَهِكَ شيئًا من مالِها إلا بإذنِ زوجِهَا". (طب) عن واثلة قال الشارح: وفيه مجهول اهـ. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه جماعة لم أعرفهم. قلت: قول الحافظ الهيثمى فيه جماعة لم أعرفهم لا يدل على أنهم مجاهيل فقد يكونوا معروفين لغيره سلمنا ذلك فلما قال في الصغير: فيه مجهول، ولعله ظن أن ذلك من الاختصار، فإن جماعة المجاهيل يناسب ذكرهم في الشرح الكبير أما الصغير المختصر فلا يناسبه إلا ذكر مجهول واحد. 2929/ 7655 - "ليسَ للنساءِ في اتباع الجنائزِ أجرٌ". (هق) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الذهبى في المهذب: فيه عفير بن معدان وقد مر بيان حاله. قلت: قوله: وقد مر بيان حاله، لا يخلو أن يريد أنه من بقية كلام الذهبى، أو أنه من كلامه نفسه، فإن كان الأول فهو كذب، فإن الذهبى قال عقب الحديث: عفير واه، وإن كان الثانى فهو تسويد للورق بما لا فائدة فيه، وإحالة للقارئ على ما فيه تعب عظيم، فإنه قد مرت آلاف من الأحاديث ولا

يدرى في أى منها وقع ذكر عفير بن معدان، ثم إن قوله: وقد مر بيان حاله أكثر حروفا وكلمة مما لو قال: ضعيف، فاعجب لهذا التصرف السئ. والحديث أخرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء [2/ 198] قال: حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا: فياض بن زيهر ثنا يحيى بن صالح الوحاظى ثنا عفير بن معدان عن عطاء عن ابن عمر "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يلعن النائحة والمستمعة والحالقة والصالقة والواشمة والموشومة، وقال: ليس للنساء أجر في اتباع الجنائز". وهكذا هو عند البيهقى [4/ 63] مطولا، وقال ابن حبان [2/ 198] في عفير: كان ممن يروى المناكير عن أقوام مشاهير، فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج بأخباره. 2930/ 7658 - "ليسَ للنساءِ وسطُ الطريقِ". (هب) عن أبي عمرو بن حماس، وعن أبي هريرة قال في الكبير: حماس بكسر المهملة والتخفيف، قال في التقريب كأصله: مقبول من الطبقة السادسة مات سنة 139 هـ، ومقتضاه أنه تابعى، وبه صرح الذهبى. . إلخ قال: ثم إن فيه هاشم بن القاسم أورده الذهبى في ذيل الضعفاء، وقال: قال أبو عروبة: كبر وتغير. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: قال في التقريب كأصله. . . إلخ، هو من خياتته وعدم أمانته في العزو والنقل، فإنه لم ير تهذيب التهذيب الذي هو أصل التقريب، وإنما ظن أن عبارة الأصل كالمختصر فعزا إليه دون تحقيق، مع أن عبارة التقريب هي من تصرف الحافظ، وما أداه إليه اجتهاده في الراوى المذكور في الأصل بخلاف الأصل، فإنه ليس فيه من عبارات التقريب شيء، فقوله: كأصله، كذب صراح.

الثانى: قوله: ثم إن فيه هاشم بن القاسم. . . إلخ غلط، فإن هاشما المذكور في سنده هو الحافظ المشهور لا هذا. الثالث: أن الدولابى رواه في الكنى من غير طريقه فقال [1/ 45]: حدثنا محمد بن عوف ثنا الفريابى عن سفيان عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن الحكم عن أبي عمرو بن حماس به، بلفظ: "ليس للنساء سراة الطريق". الرابع: قوله: قال في ذيل الضعفاء. . . إلخ، كذب لا يدرى ما المراد منه، فإن تلك عبارة الذهبى في الميزان بالحرف، والشارح يعبر عنه تارة بالضعفاء وأخرى بذيل الضعفاء وأخرى بالميزان، وأخرى بالضعفاء والمتروكين فكل هذا أسماء لمسمى واحد هو الميزان، ثم إن حديث أبي هريرة أخرجه أيضًا ابن أبي عاصم في الديات وترجم عليه باب رجل طرح شيئًا في وسط الطريق، ثم قال: حدثنا الصلت بن مسعود الجحدرى ثنا مسلم بن خالد ثنا شريك بن عبد اللَّه ابن أبي نمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس للنساء وسط الطريق"، وعن أبي أسيد -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال للنساء "عليكن بحافتى الطريق". 2931/ 7663 - "ليسَ لقاتلٍ ميراث". (هـ) عن رجل قال الشارح: قال ابن حجر: ليس له في الصحة مدخل. قلت: بل أنت ليس لك في الفضل نصيب ولا في التحقيق مدخل، وإنما ابتلى اللَّه بك العلم وأهله، ولا سيما الحديث النبوى الشريف، فإلى اللَّه المشتكى من بليتك ولا حول ولا قوة إلا به سبحانه وهو المستعان على مصيبة أهل الحديث بك، فإن هذا التعبير لا يفهم له معنى ولا يدرك له مغزى إلا بالوقوف على الشرح الكبير، فإنه كتب فيه على هذا الحديث المنكوب به ما

نصه: رمز -يعنى المصنف- لحسنه، ورواه النسائى من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال الزركشى قال ابن عبد البر في كتاب الفرائض: وإسناده صحيح بالاتفاق وله شواهد كثيرة اهـ. وقال الحافظ ابن حجر: رواه الدارقطنى والبيهقى من حديث على وسنده ضعيف جدا، قاله عبد الحق وابن الجوزى، وقول إمام الحرمين: ليس هذا الحديث في الرتبة العالية من الصحة عجيب فإنه ليس له في أصل الصحة مدخل اهـ. فهذا هو أصل ما ذكره في الصغير مجردا مقطوعا عن أوله وآخره، وليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل الداهية العظمى والطامة الكبرى أن الحديث ما خرجه الدارقطنى والبيهقى عن على، ولا قال فيه الحافظ ابن حجر شيئًا مما نقله هذا المخرف، بل الحافظ قال ذلك في حديث: "ليس للقاتل وصية"، وزاد بعده قوله: فإنه ليس له في أصل الصحة مدخل، فمداره على مبشر بن عبيد، وقد اتهموه بوضع الحديث اهـ. هذه بقية عبارة الحافظ حذفها هذا المحرف ونقل الكلام على هذا الحديث المذكور في كتاب "الوصايا" من التلخيص [3/ 197، رقم 1420] للحافظ إلى حديث الباب المذكور في كتاب الفرائض منه أيضًا وبينهما عدة أوراق، والعجب من غفلة هذا الرجل الشديدة فبينما هو ينقل عن ابن عبد البر أنه صحيح بالاتفاق، إذ يختم المقال بأنه ليس له في أصل الصحة مدخل، فمن أراد أن يعتبر في المجترئين على أهل العلم فليعتبر بهذا الرجل، وإلا فما هو بمعتبر.

2932/ 7665 - "ليسَ ليومٍ فضلٌ علَى يومٍ في الصيامِ إلا شهرُ رمضانَ ويومَ عاشورَاءَ". (طب. هب) عن ابن عباس قلت: أخرجه أيضًا العباس بن أحمد البرتى في جزئه: ثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا عبد الجبار بن الورد قال: سمعت ابن أبي مليكة قال: سمعت عبيد اللَّه بن أبي يزيد قال: قال ابن عباس: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره. وأخرجه أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين، قال: أخبرنا أبو غانم سهل بن المفيد القاضى ثنا على بن عمرة ثنا عبد الأعلى به مثله. 2933/ 7666 - "ليسَ لِى أنْ أدخلَ بيتًا مزوقًا". (حم. طب) عن سفينة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو داود وابن ماجه فما أوهمه صنيع المصنف غير جيد. قلت: لفظه عند أبي داود [رقم 3755 و 3756] وابن ماجه [رقم 3360]: "أنه ليس لى"، وهذا يحكم على المصنف بحسب ترتيبه أن يذكره في حرف "الألف"، لكنه لم يذكره فيه. 2934/ 7667 - "ليسَ من البرِّ الصيامُ في السفرِ". (حم. ق. د. ن) عن جابر (هـ) عن ابن عمر قال الشارح: قال المؤلف: وهو متواتر.

قلت: ليس هو بمتواتر، فإن غاية ما ذكره المؤلف من الطرق سبعة، فقال في الأزهار المتناثرة: أخرجه الشيخان عن جابر بن عبد اللَّه وأحمد عن كعب بن عاصم الأشعرى وأبي برزة الأسلمى، والطبرانى عن ابن عباس وابن عمر وعمار بن ياسر وأبي الدرداء اهـ. وعند النظر في أسانيد هذه الطرق يعلم أنها ستة فقط لأن حديث كعب بن عاصم وأبي الدرداء كلاهما من رواية أم الدرداء، والصحيح أنه من روايتها عن كعب، أما روايتها عن أبي الدرداء فوهم من الراوى الذي قال: لا أعلمه إلا عن أبي الدرداء، فرجع الحديث إلى الستة وهو عدد لا يكفى للتواتر (¬1). 2935/ 7669 - "ليسَ من الصلواتِ صلاةٌ أفضل من صلاة الفجرِ يومَ الجمعةِ في الجماعَةِ وما أحسبُ من شهِدَهَا منكُم إلَّا مغفورًا لَهُ". الحكيم (طب) عن أبي عبيدة قلت: قال الحكيم في النوادر في الأصل الثالث والتسعين ومائة (¬2): أخبرنا عمر بن أبي عمر حدثنا سعيد بن أبي مريم المصرى حدثنا يحيى بن أيوب قال: حدثنى عبيد اللَّه بن زحر عن على بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن أبي عبيدة بن الجراح به. وفي الباب عن ابن عمر تقدم في أفضل الصلوات، وتقدم الكلام عليه مطولا حيث وهم الشارح فيه على عادته. 2936/ 7670 - "ليسَ منْ المروءةِ الربحُ علَى الأخوانِ". ابن عساكر عن ابن عمرو ¬

_ (¬1) رواه البخارى (3/ 44)، ورواه مسلم في كتاب الصيام، باب (15)، رقم: (92). ورواه أبو داود: كتاب الصيام، باب (34)، ورواه الترمذى: (رقم 710)، ورواه النسائى: (4/ 116، 177)، ورواه ابن ماجه: (رقم 1664، 1665). (¬2) هو في الأصل الثانى والتسعين والمائة من المطبوع (2/ 114).

قلت: بل ليس من المروءة ولا من الدين الكذب على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فهذا حديث منكر باطل موضوع لا أصل له. 2937/ 7672 - "ليسَ منْ أخلاق المؤمنِ التملُّق ولا الحسد إلا فِي طلبِ العلم". (هب) عن معاذ قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وسلمه والأمر بخلافه، بل قال: هذا الحديث إنما يروى بإسناد ضعيف، والحسن بن دينار ضعيف بمرة وكذا خصيب بن جحدر هذا لفظه بحروفه، فحذف المصنف له من كلامه غير صواب، ومن ثم حكم ابن الجوزى بوضعه، وتعقبه المؤلف فقعقع عليه وأبرق كعادته ولم يأت بطائل. قلت: صنيع المصنف لا يدل على ما قلت، بل المصنف رمز للحديث بعلامة الضعيف، وهو بذلك يكتفى عن التصريح في أسماء المخرجين فضلا عن مراتب الحديث، وأنت تعلم أنه لا ينقل كلام المخرجين على الأحاديث ويبدله بالرموز، ومع هذا تكرر كونه لم يفعل صوابا بحذف كلام المخرج عند كل حديث لا بارك اللَّه فيك ولا في أمثالك وقد فعل والحمد للَّه فأخزاك وجعلك عبرة للعالمين، بحيث لم يجعل في هذه الأمة أكثر خطأ ولا أفحش غلطا منك، فالمؤلف ما أثبت هذا الحديث ولا ادعى صحته حتى يقول: إنه قعقع وأبرق وما أتى بطائل، بل غايته أن ابن الجوزى ذكر هذا الحديث [1/ 219] من حديث معاذ وأعله بالخصيب، ومن حديث أبي أمامة وأعله بعمر بن موسى الوجيهى، ومن حديث أبي هريرة وأعله بمحمد بن عبد اللَّه بن علاثة، ونقل عن ابن حبان أنه قال: يروى الموضوعات عن الثقات، فناقشه المؤلف في هذا الطريق الأخير من جهة تعليله بابن علاثة وقال: إنه روى له أبو داود والنسائى وابن ماجه ووثقه ابن معين، وقال ابن سعد: ثقة

إن شاء اللَّه، وقال أبو زرعة: صالح، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، قال الذهبى: فهذا الحديث لعل آفته من عمرو بن الحصين الراوى عن ابن علاثة فإنه متروك قال: وقد أورد ابن عدى لأبن علاثة أحاديث حسنة وقال: أرجو أنه لا بأس به، ولما قال الأزدى حديثه يدل على كذبه، قال الخطيب: أفرط الأزدى، وأحسبه وقعت إليه روايات عمرو بن الحصين فكذبه لأجلها، وإنما الآفة من ابن الحصين فإنه كذاب، وأما ابن علاثة فقد وصفه يحيى بن معين بالثقة قال: ولم أحفظ لأحد من الأئمة خلاف ما وصفه به يحيى اهـ. وهذا الحديث أخرجه البيهقى في شعب الإيمان وقال: هذا الإسناد ضعيف، قال: وروى من أوجه كلها ضعيفة اهـ. وقد أورده الديلمى في مسند الفردوس من طريق ابن السنى: حدثنا الحسين بن عبد اللَّه القطان عن عامر بن سيار عن ابن الصباح عن عبد العزيز بن سعيد عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من غض صوته عند العلماء كان يوم القيامة مع الذين امتحن اللَّه قلوبهم للتقوى من أصحابى، ولا خير في التملق والتواضع إلا ما كان في اللَّه أو في طلب العلم" اهـ ما كتبه المؤلف. فأنت ترى كيف دافع عن ابن علاثة الذي اتهمه ابن الجوزى بهذا الحديث وبين أنه ثقة لا ينبغى أن يتهم بوضع، وأتى في ذلك بكل طائل وبما لا يعرف أن ينقله هذا [الشارح] لو وجده مسطرا أمامه فضلا عن أن يهتدى إلى نقله من مواضعه، ثم نقل عن البيهقى أن هذا الحديث ضعيف من جميع طرقه، ومراده من هذا النقل مخالفة البيهقى وهو من أئمة الحديث لابن الجوزى في حكمه بوضعه، ثم ذكر له شاهدا آخر لم يذكره ابن الجوزى يتقوى به الحديث فهل بعد هذا من طائل؟!، واعلم أن حديث معاذ خرجه أيضًا

القضاعى في مسند الشهاب من طريق الحسن بن دينار المذكور فقال: عن النعمان بن نعيم دون واسطة الخصيب. وهذا الشارح قد رتب أحاديث الشهاب وزعم أنه خرجها، وقد وقفت على تخريجه بل ملكته ثم أخرجته لأنه لا يساوى النظر فيه، فأين كان عن عزو هذا الحديث هنا إليه؟!. 2938/ 7676 - "ليسَ من ليلةٍ إلا والبحرُ يشرفُ فيها ثلاثَ مرَّاتٍ، يستأذنُ اللَّهَ تعالَى أن ينتضِحَ عليكم فيكفَّهُ اللَّهُ". (حم) عن عمر قال في الكبير: قال ابن الجوزى فيه العوام عن شيخ كان مرابطا بالساحل، والعوام ضعيف والشيخ مجهول. قلت: قوله: والعوام ضعيف ما أراها إلا فرية من الشارح على ابن الجوزى، وما أرى ابن الجوزى يغلط هذا الغلط الفاحش لأنه حافظ له معرفة بالرجال، وإنما هذا الجهل الفاحش يتأتى من الشارح الجاهل بالحديث ورجاله، فالعوام المذكور في سند هذا الحديث هو ابن حوشب، وهو متفق على عدالته وتوثيقه لم يغمزه أحد بكلمة، واتفق الشيخان أيضًا على الاحتجاج بخبره اللهم إلا أن يكون ابن الجوزى لم يعرف أن العوام المذكور في السند هو ابن حوشب وظنه عواما آخر، فإن أحمد لم يصرح باسم والده بل قال: حدثنا يزيد عن العوام حدثنى شيخ كان مرابطا بالساحل قال: لقيت أبا صالح مولى عمر بن الخطاب فقال: حدثنا عمر بن الخطاب وذكره. لكن الإسماعيلى رواه في معجمه فقال:

حدثنا الحسن بن سفيان عن إسحاق بن راهويه عن يزيد -هو ابن هارون- عن العوام بن حوشب حدثنى شيخ مرابط قال: "خرجت ليلة لمحرسى لم يخرج أحد من الحرس غيرى فأتيت الميناء فصعدت فجعل يخيل لى أن البحر يشرف يحاذى رؤوس الجبال فعل ذلك مرارا وأنا مستيقظ، فلقيت أبا صالح فقال: حدثنا عمر بن الخطاب أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: ما من ليلة. . . " الحديث. 2939/ 7678 - "ليسَ منَّا من تشبَّه بالرجالِ من النساءِ، ولَا مَنْ تشبَّهَ بالنساءِ من الرجالِ". (حم) عن ابن عمرو وقال في الكبير: هو من حديث رجل من هذيل عن ابن عمرو، قال الهيثمى والهذلى: لا أعرفه وبقية رجاله ثقات، ورواه الطبرانى وأسقط الهذلى المبهم فعلى هذا رجال الطبرانى كلهم ثقات. قلت: وكذلك رواه أبو نعيم في الحلية من طريق أحمد بن حنبل فقال [3/ 321]: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنا أبي ثنا عبد الرزاق ثنا عمرو بن حوشب أخبرنى عمرو بن دينار عن عطاء عن عبد اللَّه بن عمرو به. وهذا هو السند إلى مسند أحمد وهو سند أحمد في مسنده [2/ 200] لكنه قال فيه: حدثنا عبد الرزاق أنا عمرو بن حوشب -رجل صالح- أخبرنى عمرو بن دينار عن عطاء عن رجل من هذيل قال: "رأيت عبد اللَّه بن عمرو. . . " إلخ ما نقله الشارح فكان حذف الرجل من هذيل من تصرف عبد اللَّه بن أحمد أو أبي بكر القطيعى واللَّه أعلم.

2940/ 7680 - "ليس منَّا من تطير، ولا مَنْ تُطِير لَه، أو تَكهن، أو تُكهن له، أو سَحر أو سُحر له". (طب) عن عمران بن حصين قلت: أخرجه أيضًا غير من ذكر الشارح الدولابى في الكنى [2/ 166]: حدثنا أبو زرعة الرازى حدثنا عيسى بن إبراهيم أبو يحيى قال: حدثنا أبو حمزة العطار إسحاق بن الربيع قال: حدثنا عمران بن حصين به بدون ذكر السحر. 2941/ 7683 - "ليسَ منَّا منْ خَصَى، أو اخْتَصى، ولكنْ صُم ووفِّرْ شعرَ جَسدِك". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه البغوى في شرح السنة بسند فيه مقال، ورمز المصنف لحسنه. قلت: إن ثبت أنه رمز لحسنه فذلك لشواهده وإلا فحديث ابن عباس فيه معلى ابن هلال وهو متروك، والطريق الذي عزاه الشارح إلى البغوى في شرح السنة هو عنده في التفسير أيضًا في سورة المائدة عند قوله تعالى: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ} [المائدة: 87] من طريق ابن المبارك عن رشدين ابن سعد حدثنى ابن أنعم عن سعد بن مسعود أن عثمان بن مظعون -رضي اللَّه عنه- أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ائذن لنا في الاختصاء، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "ليس منا من خصى ولا من اختصى إن خصاء أمتى الصيام، فقال: يا رسول اللَّه: ائذن لنا في السياحة، فقال: إن سياحة أمتى الجهاد في سبيل اللَّه، فقال: يا رسول اللَّه ائذن لنا في الترهب قال: إن ترهب أمتى الجلوس في المساجد انتظار الصلاة".

ثم وجدته في كتاب الزهد لابن المبارك، ورشدين بن سعد ضعيف وكذا ابن أنعم، وسعد بن مسعود لم يدرك عثمان ولا أحدا من الصحابة فيما أظن فهو منقطع. 2942/ 7684 - "ليسَ منَّا منْ دعَا إلى عصبِيَّةٍ وليسَ منَّا من قَاتَلَ علَى عصِبيَّةٍ، وليسَ منَّا منْ ماتَ على عصِبِيَّةٍ". (د) عن جبير بن مطعم قال في الكبير: وعجب من المصنف كيف اقتصر على رواية أبي داود هذه مع قول المنذرى وغيره: هو في صحيح مسلم بأتم منه وأفيد وكذا في سنن النسائى. قلت: بل عجب من غفلتك الشديدة وكذبك المذموم فالمنذرى بعد أن ذكر في تلخيص السنن قول أبي داود في رواية ابن العبد عنه إن هذا الحديث مرسل أى منقطع لأن عبد اللَّه بن أبي سليمان لم يسمع من جبير، وزاد المنذرى أنه من رواية محمد بن عبد الرحمن المكى ويقال: العكى، وقد قال أبو حاتم: إنه مجهول، قال ما نصه: وقد أخرج مسلم في صحيحه والنسائى في سننه من حديث أبي هريرة بمعناه أتم منه، ومن حديث جندب ابن عبد اللَّه البجلى مختصرا اهـ. فصرح بأنه حديث آخر من رواية أبي هريرة لا من رواية جبير بن مطعم وأنه بمعناه لا بلفظه، فحذف الشارح ذلك وجعل هذا الحديث نفسه في صحيح مسلم فكذب على الصحيح وعلى المنذرى ودلس وتعجب من الباطل ولم يتعجب من حاله، وبعد فالحديث لفظ عند مسلم في باب "الأمر بلزوم الجماعة" (¬1) عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من خرج من ¬

_ (¬1) حديث رقم (53) كتاب الإمارة.

الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية حمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية، ومن خرج على أمتى يضرب برها وفاجرها ولا يتحاش من مؤمنها، ولا يفى لذى عهد عهده فليس منى ولست منه" اهـ. فهذا الحديث المصدر بحرف "من" هو الذي يتعجب هذا الجاهل من المؤلف إذ لم يورده هنا في حرف "اللام" مع الأحاديث المصدرة "بليس". 2843/ 7686 - "ليسَ منَّا من عمِل بسُنَّةِ غيرِنَا". (فر) عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه عنه أبو الشيخ ومن طريقه وعنه أورده الديلمى مصرحا فهو بالعزو إليه أحق. قلت: نعم ليكن ذلك كذلك، ولكن قل لنا: في أى كتاب خرجه أبو الشيخ حتى ننوب نحن عن المؤلف ونقول: رواه أبو الشيخ في كتاب كذا؟ فإن لأبي الشيخ كتبا كثيرة منها التاريخ والطبقات والثواب والتوبيخ والفوائد والعوالى والنوادر والنتف والعظمة والأذان والسنن والتفسير والمسند وغيرها، ثم إن قوله: ومن طريقه وعنه عبارة مؤذنة بجهله بالفن وبعده عن درايته كما نبهنا عليه مرارا. 2944/ 7687 - "ليسَ منَّا مَنْ غشَّ". (حم. د. هـ. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر صنيعه أنه لم يخرجه أحد من الشيخين وقد اغتر في ذلك بالحاكم مع أن مسلما خرجه. قلت: مسلم خرجه بلفظ [1/ 99/ 164]: "من حمل علينا السلاح فليس

منا، ومن غشنا فليس منا"، وبلفظ [1/ 99/ 164]: "من غش فليس منى"، وموضع هذا حرف "الميم"، ولكن الشارح لا يعرف ولا يعقل. 2945/ 7690 - "ليسَ منَّا منْ لَمْ يتغَنَّ بالقرآنِ". (خ) عن أبي هريرة، (حم. د. حب. ك) عن سعد (د) عن أبي لبابة بن عبد المنذر، (ك) عن ابن عباس وعن عائشة قلت: هذا الحديث بهذا اللفظ معلول ولو أنه في صحيح البخارى، فإنه رواه من طريق أبي عاصم [9/ 188]: أخبرنا ابن جريج أخبرنا ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة به، وهذا السند إنما يروى به الحديث بلفظ: "ما أذن اللَّه لشئ ما أذن لنبى أن يتغنى بالقرآن يجهر به". هكذا رواه جمهور أصحاب ابن شهاب ومنهم ابن جريج. قال الخطيب [1/ 359]: رواه الأوزاعى وعمرو بن الحارث ومحمد بن الوليد الزبيدى وشعيب بن أبي حمزة ومعمر بن راشد ومعاوية بن يحيى الصدفى وعقيل بن خالد ويونس بن يزيد وعبيد اللَّه بن أبي زياد وإسحاق بن راشد والوليد بن محمد الموقرى عن الزهرى، واتفقوا كلهم وابن جريج منهم على أن لفظه: "ما أذن اللَّه لشئ ما أذن لنبى حسن الصوت أن يتغنى بالقرآن"، وأما المتن الذي ذكره أبو عاصم فإنما يروى عن ابن أبي مليكة عن ابن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال أبو بكر النيسابورى: قول أبي عاصم في هذا الحديث: ليس منا من لم يتغن بالقرآن"، وَهمٌ منه لكثرة من رواه عن الزهرى بلفظ: "ما أذن".

قلت: وكذلك رواه غير الزهرى عن أبي سلمة أيضًا وَهُمْ جماعة أيضًا، ولذلك لم يخرج مسلم في صحيحه رواية أبي عاصم واقتصر على رواية الجمهور عن الزهرى وعن أبي سلمة بلفظ (¬1): "ما أذن اللَّه" الحديث، وإذ رجع هذا اللفظ إلى حديث ابن أبي مليكة فهو معلول بالاضطراب، فإنهم اختلفوا عليه فيه على أقوال، الأول: عنه عن عبيد اللَّه بن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص، هكذا رواه أبو داود الطيالسى [رقم 738] في مسنده عن سعيد بن حسان المكى عنه، وكذلك رواه الحاكم في المستدرك من طريق عمرو بن دينار وابن جريج كلاهما عنه، ثم قال الحاكم [1/ 569]: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذا الإسناد. ورواه سعيد بن حسان المخزومى عن عبد اللَّه بن أبي مليكة عن عبد اللَّه بن أبي نهيك، وخالفهما الليث بن سعد فقال: عبد اللَّه بن أبي مليكة عن عبيد اللَّه ابن أبي نُهَيك -يعنى بالتصغير-، وقد اتفقت رواية عمرو بن دينار وابن جريج وسعيد بن حسان عن ابن أبي مليكة عن عبد اللَّه بن أبي نهيك -يعنى المكبر. قلت: وليس كذلك، بل قد روى عن الليث عن عبد اللَّه بن أبي مليكة عن عبد اللَّه بن أبي نهيك المكبر أيضًا، وروى عن سعيد بن حسان وعمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة عن عبيد اللَّه بن أبي نهيك المصغر أيضًا، فكل منهم روى عنه القولان، فأما رواية الليث عن المكبر فأخرجها أحمد [2/ 271] عن حجاج وأبي النضر عنه، وأما رواية الآخرين فأذكرها في القول بعده. القول الثانى: عنه عن عبيد اللَّه المصغر ابن أبي نهيك، رواه عنه سعيد بن حسان المخزومى، وعمرو بن دينار والليث بن سعد، فرواية سعيد بن حسان ¬

_ (¬1) صلاة المسافر، باب (34)، رقم (232، 234).

رواها أحمد عن وكيع عنه ثم قال: قال وكيع: يعنى يستغنى به، ورواية عمرو بن دينار رواها أحمد [1/ 172، 175، 179] عن سفيان بن عيينة عنه، ورواها الدارمى في مسنده [2/ 472، 473] عن محمد بن أحمد بن أبي خلف، وأبو داود في سننه [رقم 1469، 1471] عن عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن نصر المروزى في قيام الليل عن إسحاق كلهم عن سفيان به، ورواية الليث رواها أبو داود عن أبي الوليد الطيالسى، والحاكم في المستدرك [1/ 569، 570] من طريق يححص بن بكير وقتيبة بن سعيد كلهم عنه، قال: وليس يدفع رواية الليث تلك عن عبد اللَّه بن أبي نهيك فإنهما أخوان تابعيان، والدليل على صحة الروايتين رواية عمرو بن الحارث، وهو أحد الحفاظ الأثبات عن ابن أبي مليكة، ثم أخرج الرواية المذكورة بعده. القول الثالث: عنه عن ناس دخلوا على سعد بن أبي وقاص، أخرجه الحاكم [1/ 570] من طريق ابن وهب: أنبأنا عمرو بن الحارث عن ابن أبي مليكة أنه حدثه عن ناس دخلوا على سعد ابن أبي وقاص -رضي اللَّه عنه- فسألوه عن القرآن، فقال سعد: أما أنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن"، قال الحاكم: فهذه الرواية تدل على أن ابن أبي مليكة لم يسمعه من راو واحد إنما سمعه من رواة لسعد. قلت: وهذا جمع حسن بالنسبة لروايته عن ابن أبي نهيك، ولكون الحديث عنده عن سعد بن أبي وقاص، لكن يعكر عليه الأقوال الأخرى في كون الحديث لصحابة آخرين. القول الرابع: عنه عن عبيد اللَّه بن أبي يزيد عن أبي لبابة بن عبد المنذر، أخرجه أبو داود [2/ 75، رقم 1471]: حدثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا عبد الجبار بن الورد قال: سمعت ابن أبي

مليكة يقول: قال عبيد اللَّه بن أبي يزيد: مر بنا أبو لبابة فاتبعناه حتى دخل بيته فدخلنا عليه، فإذا رجل رث البيت رث الهيئة، فسمعته يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن"، قال: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت، قال: يحسنه ما استطاع. ورواه الطحاوى في مشكل الآثار [2/ 127، 129] عن بكار بن قتيبة: ثنا إبراهيم بن أبي الوزير ثنا عبد الجبار بن الورد عن ابن أبي مليكة عن ابن أبي يزيد، قال الطحاوى: هكذا قال: وإنما هو ابن أبي نهيك قال: دخلنا على أبي لبابة بن عبد المنذر الحديث. قلت: ظن الطحاوى أن قوله: ابن أبي زيد، وهم من عبد الجبار بن الورد وليس كذلك، لأن ابن أبي نهيك لم يروه عن أبي لبابة بن عبد المنذر وإنما رواه عن سعد ابن أبي وقاص، فالقول من اضطراب ابن أبي مليكة. القول الخامس: عنه عن ابن الزبير، قال الدولابى في الكنى [1/ 65، 160]: حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الملك الدقيقى ثنا محمد بن ماهان أبو حنيفة الواسطى ثنا نافع بن عمر الجمحى عن ابن أبي مليكة عن ابن الزبير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن، قال: وأنتم فتغنوا به إن استطعتم". القول السادس: عنه عن ابن عباس أخرجه الحاكم من طريق عبد الرحمن ابن غزوان [1/ 570]: ثنا عبيد اللَّه بن الأخنس ثنا عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن أبي مليكة عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به.

ورواه أيضًا من طريق الحارث بن مرة الثقفى [1/ 570]: ثنا عسل بن سفيان عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس. ورواه أبو أمية الطرسوسى: ثنا مسلم بن الحارث بن عبيد أنا عبيد اللَّه بن الأخنس به وقال الحاكم: إنه سند شاذ، قال: وليس بمستبعد من عسل بن سفيان الوهم. قلت: لا سيما وقد رواه مرة أخرى، فقال: عن ابن أبي مليكة عن عائشة كما في الذي بعده، لكن تابعه على روايته عن ابن عباس عبيد اللَّه بن الأخنس كما سبق. القول السابع: عنه عن عائشة ذكره الحاكم [1/ 570] من رواية الحارث بن مرة الثقفى عن عسل بن سفيان عن ابن أبي مليكة عن عائشة، وقال الحاكم إنه سند شاذ. القول الثامن: عنه عن عبيد اللَّه بن أبي نهيك عن سعيد بن أبي سعيد، رواه أبو داود [2/ 75، رقم 1469] عن قتيبة ويزيد بن خالد بن موهب الرملى عن الليث بن سعد عن ابن أبي مليكة به. القول التاسع: مثله إلا أنه عن عبد اللَّه بن أبي نهيك المكبر، أخرجه الطحاوى في المشكل عن فهد بن سليمان [2/ 127]: ثنا عبد اللَّه بن صالح ثنا الليث أنبأنا عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن أبي مليكة عن عبد اللَّه بن أبي نهيك عن سعيد بن أبي سعيد عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به. القول العاشر: مثله، لكن عن سعيد دون ذكر ابن أبي سعيد، أخرجه الطحاوى أيضًا [2/ 129] عن بحر بن نصر عن شعيب بن الليث، وأخرجه

أيضًا عن محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم ثنا أبي وشعيب بن الليث حدثنى الليث به. وأخرجه أيضًا عن بكار بن قتيبة: ثنا إبراهيم بن أبي الوزير ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة عن ابن أبي نهيك عن سعيد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به. القول الحادى عشر: مثله، إلا أنه عن سعيد أو سعد بالشك، أخرجه الطحاوى عن الربيع بن سليمان: ثنا شعيب بن الليث ثنا الليث عن عبد اللَّه بن أبي مليكة عن عبد اللَّه بن أبي نهيك عن سعيد أو سعد عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به. القول الثانى عشر: عنه قال: قال عبيد اللَّه: بينا أنا وعبد اللَّه بن السائب إذ مر بنا أبو لبابة فقال لنا: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن"، أسنده الذهبى في التذكرة من طريق أبي عوانة [رقم 77]: ثنا أبو أمية الطرسوسى ثنا داود بن مهران ثنا عبد الجبار بن الورد ثنا ابن أبي مليكة به. القول الثالث عشر: عنه عن عبد الرحمن بن السائب عن سعد بن أبي وقاص، أخرجه ابن ماجه من طريق الوليد بن مسلم [رقم 1337]: ثنا أبو رافع عن ابن أبي مليكة عن عبد الرحمن بن السائب قال: "قدم علينا سعد بن أبي وقاص، وقد كف بصره، فسلمت عليه فقال: من أنت؟ فأخبرته، فقال: مرحبا يا ابن أخى بلغنى أنك حسن الصوت بالقرآن، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: إن هذا القرآن أنزل بحزن فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا وتغنوا به، فمن لم يتغن به فليس منا". القول الرابع عشر: عنه عن القاسم بن محمد عن السائب قال: قال لى

سعيد: يا ابن أخى هل قرأت القرآن؟ قلت: نعم قال: تغن بالقرآن فإنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "تغنوا بالقرآن ليس منا من لم يتغن بالقرآن، وابكوا فإن لم تقدروا على البكاء فتباكوا"، أخرجه المخلص في فوائده: ثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا محمد بن حميد ثنا سلمة بن الفضل ثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي مليكة، كذا قال: عبد اللَّه بن عبد الرحمن وهو وهم، وعبد اللَّه بن محمد شيخ المخلص هو أبو القاسم البغوى، والحديث في معجمة كذلك. 2946/ 7692 - "ليسَ منَّا منْ لمْ يرحَمْ صغيَرنَا، ويعرِفْ شرَفَ كبيرنَا". (حم. ت. ك) عن ابن عمرو قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو داود، قال في الرياض: حديث صحيح، وقال الحاكم: على شرط مالك وأقره الذهبى، وقال العراقى: سنده حسن، وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجًا لأعلى مما ذكر وليس كذلك، فقد خرجه سلطان الفن في الأدب المفرد، فكان ينبغى ذكره معهم. قلت: سلطان الفن إنما ينبغى تقديمه وذكره إذا خرج الحديث في الصحيح الذي به ظهرت سلطنته، أما كتبه الأخرى فلا مزية لها على غيرها، وكيفما كان الحال فالسنن الأربعة مقدمة على ساثر كتب البخارى بعد الصحيح بالاتفاق هذا لو لم يعزه إليه المصنف فكيف وقد ذكر الحديث في حرف "الميم" بلفظ: "من لم يرحم صغيرنا. . . " الحديث، وعزاه للبخارى في الأدب المفرد، وأبي داود الذي لم يخرجه بهذا اللفظ المذكور هنا. فلو كان للشارح مسكة من عقل لأمسك عن الفضول. ثم إن في الباب عن أنس وأبي زيد وأبي أمامة وأبي هريرة خلاف المذكورين في المتن.

فحديث أنس قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 135]: ثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن يعقوب الغزالى ثنا عبد اللَّه بن عمر بن يزيد ثنا عبيد بن واقد ثنا عبد القدوس عن "أنس بن مالك أن شيخا جاء يريد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وحوله أصحابه فأبطاوا على الشيخ أن يوسعوا له فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا". وحديث أبي زيد قال أبو نعيم في التاريخ أيضًا [2/ 254]: ثنا محمد بن محمد بن سيبويه ثنا أحمد بن عبد اللَّه بن النعمان ثنا محمد بن عاصم ثنا أبو داود ثنا شعبة أخبرنى سعيد بن قطن قال: "سمعت أبا زيد يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا". وحديث أبي أمامة رواه البخارى في الأدب المفرد [رقم 355، 363]: ثنا محمود ثنا يزيد بن هارون أخبرنا الوليد بن جميل عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من لم يرحم صغيرنا ويجل كبيرنا فليس منا". وحديث أبي هريرة قال البخارى في الأدب المفرد أيضًا [رقم 353، 354، 356]: حدثنا أحمد بن عيسى ثنا عبد اللَّه بن وهب عن أبي صخر عن أبي قسيط عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا". 2947/ 7694 - "ليسَ منَّا منْ لمْ يُجِل كبيرَنَا، ويرحَمْ صغيرَنا، ويعرِفْ لعالِمنِا حقَّهُ". (حم. ك) عن عبادة بن الصامت قلت: أخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار [2/ 133]:

حدثنا يونس بن عبد الأعلى ومحمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم ثنا عبد اللَّه بن وهب حدثنى مالك الرمادى عن أبي قبيل عن عبادة بن الصامت به مثله. وأخرجه الطبرانى في مكارم الأخلاق: ثنا مطلب بن شعيب الأزدى ثنا عبد اللَّه بن صالح ثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل به، بلفظ: "ليس من أمتى" والباقى مثله. 2948/ 7695 - "ليسَ منَّا من لمْ يرحَمْ صغيَرنَا، ولم يعرفْ حقَّ كبيرَنَا، وليسَ منَّا من غشَّنَا، ولا يكونُ المؤمنُ مؤمنًا حتى يحبَّ للمؤمِنينَ ما يُحِبُّ لنفسِهِ". (طب) عن ضميرة قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه حسين بن عبد اللَّه بن ضميرة كذاب اهـ. فكان ينبغى للمصنف حذفه من الكتاب. قلت: وإذا كان كذلك فلم قلت بعد هذا في شرحك الصغير المختصر من الكبير: إسناده حسن؟ وكيف يكون حسنا ما حكمت بوضعه واعترفت بأن في سنده راويا كذابا؟ أليس هذا من التلاعب والتضارب؟ وبعد، فكان ينبغى للمؤلف حذف هذا لو انفرد به الحسين المذكور، لأنه قال في خطبة الكتاب: وصنته عما انفرد به وضاع أو كذاب، وهذا لم ينفرد به بل له طرق متعددة صحيحة لكن لكل من جمله الثلاثة على انفردا. 2949/ 7697 - "ليسَ منَّا من وطئَ حُبلَى". (طب) عن ابن عباس قلت: أخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار [2/ 138]: حدثنا الربيع بن سليمان ثنا أسد بن موسى ثنا سليمان بن حيان عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس به.

2950/ 7699 - "ليسَ منِّى إلا عالِمٌ أوْ متعلِّمٌ". ابن النجار (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: وفيه مخارق بن ميسرة، قال الذهبى: لا يعرف. قلت: له طريق آخر من حديث جابر بن عبد اللَّه أخرجه الخطيب في المتفق من طريق عبد اللَّه بن المبارك وهو شيخ لا يعرف عن أبي عوانة الوضاح بن عبد اللَّه اليشكرى عن أبي الزبير عن جابر به. قال الحافظ: وهو منكر بهذا الإسناد. 2951/ 7703 - "ليسُوقَن رجلٌ من قحطانَ الناسَ بعصًا". (طب) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه ابن إسحاق وهو مدلس، والحسين بن عيسى بن ميسرة لم أعرفه، فرمز المصنف لصحته مردود. قلت: أما تدليس ابن إسحاق فلا يضر وقد خرج له أهل الصحيح، وأما كون الحسين لم يعرفه الحافظ نور الدين فلا يلزم منه أن لا يعرفه المؤلف فبطل ما هذى به الشارح. 2952/ 7707 - "ليُصلِّ الرجل في المسجدِ الَّذِى يليِه ولا يتَّبِع المساجدَ". (طب) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله موثقون إلا شيخ الطبرانى محمد بن أحمد بن النضر الترمذى، ولم أجد من ترجمه، وذكر ابن حبان محمد بن أحمد بن النضر ابن بنت معاوية بن عمرو ولا أدرى هو أم لا. قلت: هذا الحديث باطل موضوع لا أصل له من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-،

والحافظ الهيثمى واهم في قوله: رجاله موثقون، لأن الحديث من رواية عبيس بن ميمون، وعبيس بعين مضمومة بعدها باء موحدة تصغير عبس. والهيثمى تحرف عليه بعيسى بن ميمون الجرشى المكى وهو ثقة (¬1) وكلاهما في طبقة واحدة، لكن عبيس راوى هذا الحديث واه، قال أحمد والبخارى منكر الحديث، وقال الفلاس: متروك، وقال النسائى: ليس بثقة، وقال ابن معين وأبو داود: ضعيف، وقال ابن حبان: كان شيخا مغفلا يروى عن الثقات الأشياء الموضوعات توهما لا تعمدا فإذا سمعها أهل [الفن] سبق إلى قلوبهم أنه كان المتعمد لها. قلت: إى واللَّه فإنه بمجرد ما رأينا هذا الحديث علمنا لركاكة لفظه ومعناه أنه باطل وتوقفنا في قول الحافظ نور الدين إن رجاله موثقون، إلى أن وقفنا عليه في الضعفاء لابن حبان فارتفع التوقف وصدق الظن والحمد للَّه. قال ابن حبان [2/ 120، 121]: حدثنا الحسن بن سفيان ثنا إبراهيم بن الحجاج ثنا عبيس بن ميمون قال: سمعت بكر بن عبد اللَّه المزنى يحدث عن ابن عمر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . " فذكر مثله. وهو في نقدنا مركب من قول الفقهاء: إن من ترك المسجد القريب منه وذهب إلى مسجد أبعد لا يثاب على ما زاده من الخطوات إلى المسجد الأبعد، تحجيرا منهم لفضل اللَّه تعالى بحسب نظرهم فأخذ هذا الرجل هذا المعنى وابتكر له هذا اللفظ وركب له الإسناد إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. 2953/ 7718 - "لِيكْفِ الرَّجُلَ منكُم كَزادِ الراكبِ". (هـ. حب) عن سلمان ¬

_ (¬1) انظر التهذيب (8/ 211/ 439).

قال في الكبير: ورواه عنه الحاكم بنحوه وذكر بيان السبب، وهو أن سعدا قدم على سلمان يعوده فبكى، فقال سعد: ما يبكيك؟ توفى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو عنك راض وترد عليه الحوض، وتلقى أصحابك، فقال: ما أبكى جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا، ولكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عهد إلينا: "لتكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب"، وحولى هذه الأساود -أى الشخوص- قال: وإنما حوله أجانة وجفنة ومطهرة، فقال سعد: أعهد إلينا، فقال: يا سعد أذكر اللَّه عند همك إذا هممت، وعند يدك إذا قسمت، وعند حكمك إذا حكمت"، رواه الحاكم بطوله، وقال: صحيح، قال المنذرى: كذا قال. قلت: فيه أمران، أحدهما: قوله: ورواه عنه الحاكم بنحوه وذكر بيان السبب. . . إلخ صريح في أن ابن ماجه الذي عزاه إليه المصنف لم يذكره بهذا السياق الذي سماه سببا وإنما ذكره الحاكم وحده وليس كذلك بل هو في سنن ابن ماجه كذلك أيضًا، قال ابن ماجه [رقم 4101]: حدثنا الحسن بن أبي الربيع ثنا عبد الرزاق ثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال: "اشتكى سلمان فعاده سعد فرآه يبكى، فقال له سعد: ما يبكيك يا أخى؟ أليس قد صحبت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟، أليس، أليس؟ قال: ما أبكى واحدة من اثنتين، ما أبكى ضنا بالدنيا ولا كراهية للموت، ولكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عهد إلى عهدا فما أرانى إلا قد تعديت، قال: وما عهد إليك؟ قال: عهد إلى أنه يكفى أحدكم مثل زاد الراكب. . . " الحديث مثله. ثانيهما: أنه سمى هذه القصة التي جرت بين سعد وسلمان رضي اللَّه عنهما سببا للورود وليس كذلك، فإن سبب الحديث هو ما لأجله حدث به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا إنما هو سبب لتحديث سلمان به وهذا مما يغلط فيه كثير من الناس ليس الشارح وحده، ثم إن الحديث له طرق متعددة عن سلمان،

وأخرجه جماعة منهم الدولابى في الكنى والدينورى في المجالسة وأحمد في الزهد والحسن بن سفيان في مسنده وأبو نعيم في الحلية [1/ 196]، والقضاعى في مسند الشهاب وآخرون ذكرت أسانيدهم في مستخرجى على مسند الشهاب مع من في الباب من الصحابة وهم خباب وبريدة وعائشة بأسانيد أحاديثهم. 2954/ 7719 - "لِيكْفِ أحدَكُم من الدُّنيَا خادِمٌ ومَرْكبٌ". (حم. ن) والضياء عن بريدة قلت: أخرجه أيضًا ابن عبد البر في العلم [2/ 19] من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: ثنا أبو عفان ثنا حماد بن سلمة عن الجريرى عن أبي نضرة عن عبد اللَّه بن مدله عن بريدة. وأخرج أيضًا نحوه من طريق أبي بكر [2/ 18، 19]: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق قال: "دخل معاوية على خاله أبي هاشم بن عتبة يعوده فبكى، فقال له معاوية: ما يبكيك يا خالى أوجع تجده أم حرص على الدنيا؟ قال: كلا ولكن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عهد إلى: يا أبا هاشم أأنا لعلك تدرك أموال يؤتاها أقوام فإنه يكفيك من المال خادم ومركب في سبيل اللَّه، وأرانى قد جمعت". 2955/ 7721 - "لَيكُونون في ولدِ العبَّاسِ ملوكٌ يَلُون أمرَ أمَّتى، يُعزُّ اللَّهُ تعالَى بِهِمُ الدِّين". (قط) في الأفراد عن جابر قلت: هذا حديث موضوع يلام المؤلف على ذكره.

2956/ 7723 - "لَيلَةُ القدرِ ليلةُ سَبعٍ وَعشرِين". (د) عن معاوية قال في الكبير: ظاهر صنيعه أن ذا لم يتعرض أحد من الشيخين لتخريجه والأمر بخلافه، فقد عزاه الديلمى إلى مسلم باللفظ المزبور عن أبي بن كعب. قلت: هذا كذب على الديلمى فإنه ما عزاه إلى مسلم باللفظ المزبور وإنما عزى إليه أصل الحديث وهذا أشهر من نار على علم عند أهل الحديث كون أبي بن كعب روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين" وأن حديثه في الصحيح (¬1) أما بهذا اللفظ الذي يدخل هنا في حرف "اللام" فكذب وجهل بالحديث وبكتبه. 2957/ 7724 - "لَيلَةُ القدرِ ليلَةُ أربعٍ وَعشرِينَ". (حم) عن بلال الطيالسى عن أبي سعيد قال في الكبير: قال الهيثمى: سند أحمد حسن اهـ، والمصنف رمز لصحته فليحرر. قلت: تحريره هو، أولا: إنك كاذب في قولك أنه رمز لصحته، بل الواقع أنه رمز لحسنه، وإذا كنت صادقا فيما تقول فإذا كان حديث بلال حسن فانضمام حديث أبي سعيد إليه يرفعه إلى درجة الصحيح فهذا هو التحرير لو كنت من أهل العلم، والإنصاف. ¬

_ (¬1) في الصيام: (207).

2958/ 7727 - "ليلَةُ القدرِ ليلَةٌ بلجَةٌ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ، ولا سحابَ فيهَا، ولا مطَرَ، ولا ريحَ ولا يُرمَى فيها بِنجمٍ ومن علامَة يومِهَا تطلُع الشمسُ لا شعاعَ لَهَا". (طب) عن واثلة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: وفيه بشر بن عوف عن بكار بن تميم وكلاهما ضعيف. وقال في الشرح الصغير: إسناده ضعيف خلافا لقول المؤلف: حسن. قلت: هذا كذب على المؤلف فإنه سكت على هذا الحديث ولم يرمز له بشيء. 2959/ 7728 - "لَيلةُ القدرِ سمْحَةُ طلقةٌ، لا حارَّةٌ ولا باردَةٌ تصبِحُ الشمس صبيحَتَها ضعيفةٌ حمراء". الطيالسى (هب) عن ابن عباس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وفيه زمعة بن صالح، قال الذهبى: ضعفه أحمد وأبو حاتم وغيرهما، وفيه سلمة بن وهرام ضعفه أبو داود، وقال أحمد: له مناكير. . . إلخ. قلت: زمعة روى له مسلم مقرونا، وقال ابن معين: صويلح الحديث، وقال الفلاس: هو جائز الحديث مع الضعف الذي فيه، وقال الجوزجانى: متماسك، وقال ابن عدى: ربما يهم في بعض ما يرويه وأرجو أن حديثه صالح لا بأس به، وقال ابن حبان [1/ 312]: كان رجلا صالحا يهم ولا يعلم ويخطئ ولا يفهم. وسلمة بن وهرام وثقه ابن معين وأبو زرعة، وذكره ابن حبان في الثقات فهذا شرط الحسن فكيف مع شاهده المذكور قبله، بل لو كان ضعيفا لارتفع به إلى

درجة الحسن، لأن راوييه لم يتهما بكذب وإنما ضعفا للوهم والخطأ، ومن هذا حاله إذا توبع ارتقى حديثه إلى الحسن. 2960/ 7729 - "ليلَةُ أُسِرى بى ما مَرَرْتُ على ملإٍ منَ الملائكةِ إلَّا أمرُونِى بالحجَامَةِ". (طب) عن ابن عباس قلت: سكت عليه الشارح لأن الحافظ الهيثمى لم يذكره في مجمع الزوائد لأنه في سنن الترمذى (¬1) وابن ماجه [رقم 3477، 3479] بلفظ آخر، أما أن الشارح لا يعرف ذلك ولو عرفه لأسخف سخانته المعلومة، وسيذكره المؤلف في الميم بلفظ: "ما مرت ليلة أسرى بى. . . " الحديث. 2961/ 7743 - "لَىُّ الواجدِ يُحِلُّ عرضَهُ وعقوبَتَهُ". (حم. د. ن. هـ. ك) عن الشريد بن سويد قال في الكبير: قال (ك): صحيح، وأقره الذهبى ولم يضعفه أبو داود، وعلقه البخارى. قلت: ووصله في تاريخه الكبير في ترجمة الشريد، فقال [2/ 2/ 259]: حدثنا أبو عاصم عن وبر بن أبي دليلة حدثنى محمد بن عبد اللَّه بن ميمون حدثنى عمرو بن الشريد حدثنى [أبي] (¬2) قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: مثله. حدثنا عبد اللَّه بن عثمان عن ابن المبارك أنا وبر بن أبي دليلة حدثنى محمد بن ميمون عن عمرو عن أبيه سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. ورواه الطحاوى في مشكل الآثار [1/ 413]: حدثنا ابن مرزوق ثنا أبو عاصم به. ¬

_ (¬1) الترمذى في الطب رقم (12). (¬2) الزيادة من التاريخ الكبير.

ورواه الطوسى في أماليه من حديث على عليه السلام بزيادة قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل الشيبانى ثنا الفضل بن محمد البيهقى ثنا هارون ابن عمرو المجاشعى ثنا الرضا على بن موسى عن أبيه موسى عن أبي عبد اللَّه جعفر بن محمد عن آبائه عن أمير المؤمنين على عليه السلام قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لى الواجد بالدين يحل عرضه وعقوبته فلم يكن دينه فيما يكره اللَّه عز وجل. 2962/ 7748 - "اللَّحدُ لَنَا، والشقُّ لغيرِنَا منْ أهلِ الكتابِ". (حم) عن جرير قال في الكبير: وفيه أبو اليقظان الأعمى عثمان بن عمير، قال الصدر المناوى كغيره: ضعيف. قلت: له عند أحمد [4/ 362، 363] متابع فإن أبا اليقظان رواه عن زاذان عن جرير، ومن طريق أبي اليقظان رواه أيضًا ابن ماجه في سننه [رقم 1555] لكن بدون ذكر "أهل الكتاب"، وتابعه عليه عمرو بن مرة عن زاذان. رواه أحمد [4/ 357] عن عفان: ثنا حماد بن سلمة عن الحجاج عن عمرو ابن مرة به بلفظ: "اللحد لنا والشق لغيرنا"، وتابعه عليه أيضًا بزيادة ذكر أهل الكتاب أبو حمزة الثمالى، أخرجه الطحاوى في مشكل الآثار [4/ 44، 48]. حدثنا أحمد بن الحسن الكوفى ثنا عبد اللَّه بن نمير عن أبي حمزة الثمالى عن زاذان عن جرير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللحد لنا والشق لأهل الكتاب"، وهكذا لفظ الحديث في مسند أحمد أيضًا لا كما ذكره المؤلف. 2963/ 7752 - "الذِي يَمُرُّ بين يدَى الرَّجُلِ وهو يُصَلِّى عمْدًا، يتَمَنَّى يومَ القيامِة أنَّهُ شَجرةٌ يابِسةٌ". (طب) عن عبد اللَّه بن عمرو

قال في الكبير: قال الهيثمى: وفيه من لم أجد ترجمته. قلت: له طريق آخر من حديث أبي رزين، قال الدولابى في الكنى: حدثنا أحمد بن عبد المؤمن الفراء حدثنا إدريس بن يحيى حدثنى عبد اللَّه بن عباس عن عبد اللَّه بن عياض عن أبي رزين الغافقى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "الذي يمر بين يدى أخيه وهو يصلى متعمدا يتمنى يوم القيامة لو كان شجرة يابسة". 2964/ 7755 - "اللَّيلُ والنهارُ مطيَّتَانِ فاركبُوهُمَا بلاغًا إِلى الآخِرَةِ". (عد) وابن عساكر عن ابن عباس قال في الكبير: ظاهر كلام المصنف أن ابن عدى خرجه وأقره والأمر بخلافه. . . إلخ. قلت: هذا كذب على ظاهر كلام المؤلف وعلى ابن عدى أيضًا، أما المؤلف فإنه رمز له بعلامة الضعيف الشامل للمنكر والواهى وغيرهما من أنواعه، وأما ابن عدى فليس مصنفه في الحديث حتى يقر أو يرد بل مصنفه في ضعفاء الرجال، والأحاديث إنما يوردها في ترجمة الراوى ليعرف منها حاله، فكلام الشارح مغرب ومصنف ابن عدى مشرق، والحديث جزم الذهبى بأنه موضوع وهو كذلك.

حرف الميم

حرف الميم 2965/ 7758 - " ماءُ الرجل أبيض وماء المرأةِ أصفرُ، فإذا اجتمَعَا فَعلَا مَنِىُّ الرجُلِ مَنِى المرأةِ أذكرَا بإذنِ اللَّهِ، وإذا عَلَا مِنى المرأة منى الرجلِ أنَّثَا بإذنِ اللَّهِ". (م. ن) عن ثوبان قال الشارح: بالضم مولى المصطفى. قلت: هذا خطأ فاحش غريب بل هو بفتح الثاء وهو أمر ضرورى لكل من ينطق بهذا الاسم حتى عن العوام والحديث خرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار (3/ 275). ورواه أبو يعلى عن حديث جابر بن عبد اللَّه بسياق غريب فقال: حدثنا أبو موسى الهروى عن العباس بن الفضل الأنصارى عن القاسم بن عبد الرحمن عن محمد بن على عن جابر بن عبد اللَّه قال: "كنت مع رسول اللَّه

-صلى اللَّه عليه وسلم- في غزوة تبوك فأقبلنا راجعين في حر شديد فنحن متفرقون بين واحد واثنين منتشرين وكنت في أول العسكر إذ عارضنا رجل فسلم ثم قال: أيكم محمد؟ ومضى أصحابى ووقفت معه فإذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-قد أقبل في وسط العسكر على جمل أحمر مقنع بثوب على رأسه من الشمس فقلت: أيها السائل هذا رسول اللَّه قد أتاك قال: أيهم هو؟ فقلت: صاحب البكر الأحمر فدنا منه فأخذ بخطام راحلته فكف عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أنت محمد؟ قال: نعم، قال: إنى أريد أن أسألك عن خصال لا يعلمهن أحد من أهل الأرض إلا رجل أو رجلان، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: سل عما شئت، قال: يا محمد أينام النبي؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تنام عيناه ولا ينام قلبه، قال: صدقت، ثم قال: يا محمد من أين يشبه الولد أباه وأمه؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة أصفر رقيق، فأى المائين غلب على الآخر نزع الولد، فقال: صدقت، فقال: ما للرجل من الولد وما للمرأة منه؟ فقال: للرجل العظام والعروق والعصب، وللمرأة اللحم والدم والشعر، قال: صدقت، ثم قال: يا محمد ما تحت هذه يعنى الأرض؟، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: خلق، فقال: فما تحتهم؟ قال: أرض، قال: فما تحت الأرض؟ قال: الماء، قال: فما تحت الماء؟ قال: ظلمة، قال: فما تحت الظلمة؟ قال: الهواء: قال: فما تحت الهواء؟ قال: الثرى، قال: فما تحت الثرى؟ ففاضت عينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبكاء وقال: انقطع علم الخلق عند علم الخالق أيها السائل ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال: فقال: صدقت أشهد أنك رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أيها الناس هل تدرون من هذا؟ قالوا: اللَّه ورسوله أعلم، قالوا: هذا جبريل -صلى اللَّه عليه وسلم-". قال ابن كثير في التفسير [1/ 186، 2/ 62، 5/ 269]: هذا حديث غريب

جدا وسياق عجيب تفرد به القاسم بن عبد الرحمن وقد قال فيه ابن معين: ليس يساوى شيئًا، وضعفه أبو حاتم الرازى، وقال ابن عدى: لا يعرف اهـ. وقد خلط في هذا الحديث ودخل عليه شيء في شيء وحديث في حديث، وقد يحتمل أنه تعمد ذلك أو أدخل عليه فيه اهـ. قلت: وأصل هذا حديث ثوبان المذكور في المتن فإن سبب وروده سؤال حبر من أحبار اليهود مع حديث ابن عباس في مسند أحمد [1/ 278] عن هاشم بن القاسم: ثنا عبد الحميد ثنا شهر قال ابن عباس: "حضرت عصابة من اليهود نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوما فقالوا: يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنها لا يعلمهن إلا نبي. . . " الحديث بطوله، وفيه السؤال عن أى الطعام حرم إسرائيل على نفسه وعن ماء المرأة وماء الرجل وعن نوم النبي الأمى ومن وليه من الملائكة، ورواه الدارقطنى في الإفراد من طرلى إبراهيم بن طهمان عن مسلم الأعور عن مجاهد عن ابن عباس، وفي الباب عن غيرهما. 2966/ 7759 - "ماءُ زمزمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ". (ش. حم. هـ. هق) عن جابر، (هب) عن ابن عمرو قال في الكبير: هذا الحديث فيه خلاف طويل وتأليفات مفردة، قال ابن القيم: والحق أنه حسن وجزم البعض بصحته، والبعض بوضعه مجازفة اهـ. وقال ابن حجر: غريب حسن لشواهده، وقال الزركشى: أخرجه ابن ماجه بإسناد جيد، وقال الدمياطى: إنه على رسم الصحيح. قلت: الذي أفرده بالتأليف الحافظان شرف الدين الدمياطى ثم شهاب الدين ابن حجر العسقلانى، وأفرده من أهل العصر بعض مجيزينا بتأليف سماه إزالة

الدهش والوله عن المتحير في صحة حديث ماء زمزم لما شرب له، إلا أنه ما أزال الحيرة ولا الدهش، لأنه على طريقة المقلدة المتأخرين الذي حسبهم نقل أقوال من سبقهم مكررة متناقضة متضاربة لقصورهم وعدم سلوكهم طريق النظر والاستدلال في كل فن من الفنون يدرسونه أو يرومون الكتابة في مسألة من مسائله وإنما كبر الرسالة بالأبحاث في اللغة وتعريف الماء وتاريخ زمزم وأطرف المسألة وفوائد خارجة عن الموضوع لا مسيس لها بالحديث أصلا، بل ولا بالعلم الصحيح وإنما هي بخرافات السمار وحكايات الجلاس أشبه منها بمسائل العلم المقبول، والحديث أول من صححه سفيان بن عيينة في حكاية رواها عنه الدينورى في المجالسة فقال في الجزء الرابع منها: حدثنا محمد بن عبد الرحمن حدثنا الحميدى قال: كنا عند سفيان بن عيينة فحدثنا بحديث زمزم إنه لما شرب له، فقام رجل من المجلس ثم عاد فقال له: يا أبا محمد أليس الحديث الذي حدثتنا في زمزم "إنه لما شرب له" صحيحا فقال سفيان: نعم، فقال الرجل: فإنى شربت الآن دلوا من زمزم على أنك تحدثنى بمائة حديث، فقال سفيان: اقعد فحدثه بمائة حديث اهـ. وسفيان بن عيينة له في هذا الحديث سندان، أحدهما: عن عبد اللَّه بن مؤمل عن أبي الزبير عن جابر، رواه الخطيب من طريق الحافظ أبي العباس ابن عقدة: حدثنى محمد بن القاسم المدائنى ثنا مجاهد بن موسى حدثنا قبيصة عن سفيان به. وثانيهما: عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مطولا باللفظ الثانى المذكور في المتن، رواه الدارقطنى [2/ 289] والحاكم [1/ 473] من رواية محمد بن حبيب الجارودى عن سفيان.

فأما السند الأول فهو مشهور عن عبد اللَّه بن المؤمل رواه عنه جماعة منهم على ابن ثابت وعبد اللَّه بن الوليد والوليد بن مسلم ومعن بن عيسى القزاز وسعيد وسليمان، فرواية على بن ثابت وعبد اللَّه بن الوليد رواها عنهما أحمد في مسنده [3/ 357] ففرقهما. ورواية الوليد بن مسلم خرجها ابن ماجه [رقم 3062] عن هشام بن عمار عنه. ورواية معن بن عيسى رواها الحكيم الترمذى في نوادر الأصول في الأصل الثامن والخمسين ومائة (¬1) عن محمد بن مقاتل عنه. ورواية سعيد بن سليمان رواها البيهقى من طريق أحمد بن عبيد صاحب المسند عن الباغندى وأحمد بن حاتم المروزى كلاهما عنه [5/ 148]، وإذ هو مشهور عن عبد اللَّه بن المؤمل فلم ييق النظر إلا فيه وفي تدليس أبي الزبير أما أبو الزبير فقد صرح بالسماع في رواية ابن ماجه، وأما عبد اللَّه بن المؤمل فقال ابن معين في رواية عباس الدورى: صالح الحديث، وقال في رواية ابن أبي مريم لا بأس به، وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، وقال ابن وضاح: سمعت ابن نمير يقول: عبد اللَّه بن المؤمل ثقة، وقال غيره: هو سئ الحفظ ما علمنا له جرحة تسقط عدالته، وذكره ابن حبان في الثقات وأعاده في الضعفاء اعتمادا منه على أنهما اثنان وهما واحد على أن ذكره إياه في الضعفاء [2/ 27، 28] لم يكن عن جزم منه بضعفه، بل ذكره لأنه لم يتبين له حاله لقلة روايته فقال فيه: كان قليل الحديث منكر الرواية لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، لأنه لم يتبين عندنا عدالته فنقبل ما انفرد به وذلك أنه قليل الحديث لم يتهيأ اعتبار حديثه يحديث غيره لقلته فنحكم له بالعدالة أو الجرح. ¬

_ (¬1) هو في الأصل السابع والخمسين والمائة من المطبوع (2/ 31).

هذا نص كلامه وهو صريح في أنه لم يعرف حاله فلذلك أدخله في الضعفاء وعند اعتبار حديثه ظنَّ أنه غيره فذكره في الثقات، فتوثيقه هو المعتبر لأنه مبنى على دليل بخلاف التضعيف، وكيفما كان الحال فقد اتفق جماعة على توثيقه مع وجود من خالفهم فيه وهذا شرط الحسن. فيكون هذا السند على انفراده حسنا، لأن راويه لم يتهم بكذب ولم يتفق على ضعفه بل وثقه جماعة وفي مقدمتهم سفيان بن عيينة الذي روى الحديث عنه وعن غيره، وصححه كما سبق لأنه بمتابعة غيره إياه ارتفع حديثه إلى درجة الصحيح كما حكم به سفيان بن عيينة، لأنه لم ينفرد به بل تابعه عليه حمزة الزيات وإبراهيم بن طهمان. فرواية حمزة رواها عبد اللَّه بن المغيرة عنه عن أبي الزبير ذكرها الذهبى، وعزاها الحافظ في الفتح للبيهقى في السنن وهو واهم في ذلك فإنى لم أرها في السنن. ورواية إبراهيم بن طهمان رواها البيهقى في السنن من طريق أبي محمد أحمد ابن إسحاق بن شيبان البغدادى [5/ 202]: أنا معاذ بن نجده ثنا خلاد بن يحيى ثنا إبراهيم بن طهمان ثنا أبو الزبير قال: "كنا عند جابر بن عبد اللَّه فتحدثنا فحضرت صلاة العصر فقام فصلى بنا في ثوب واحد قد تلبب به ورداؤه موضوع، ثم أتى بماء زمزم فشرب ثم شرب فقالوا: ما هذا؟ قال: هذا ماء زمزم، وقال فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ماء زمزم لما شرب له" الحديث، وهذا سند حسن إن شاء اللَّه لأن رجاله كلهم ثقات إلا أحمد بن إسحاق بن شيبان فإنى لم أعرفه على أنه لم يذكر في الضعفاء. فقول الحافظ في التلخيص [2/ 268]: إن هذا الحديث لم يصح عن إبراهيم ابن طهمان لا يخلوا من تعنت وقد سكت الذهبى في المهذب على هذا السند ولم يغمز أحدا من رجاله بشيء فهذه متابعة تامة جيدة لعبد اللَّه بن المؤمل،

وله مع ذلك متابعة قاصرة من رواية محمد بن المنكدر عن جابر أخرجها الخطيب في التاريخ من طريق يوسف بن القاسم الميانجى عن القاسم بن محمد ابن عباد عن سويد بن سعيد قال: رأيت عبد اللَّه بن المبارك بمكة أتى زمزم فاستقى منه شربة ثم استقبل الكعبة ثم قال: اللهم إن ابن أبي الموالى. حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: ("ماء زمزم لما شرب له"، وهذا أشربه لعطش يوم القيامة ثم شربه). ومن هذا الطريق أخرجه أيضًا البيهقى في الشعب [3/ 481 - 482، رقم 4128] وهو طريق ظاهره الصحة بعد اعتماد توثيق سويد، ولهذا صححه الحافظ شرف الدين الدمياطى لكن تعقبه الحافظ في التلخيص [2/ 510] بأن سويدا ضعيف جدا، وإن كان مسلم قد أخرج له في المتابعات، وأيضًا فكان أخذه عنه قبل أن يعمى ويفسد حديثه، وكذلك أمر أحمد بن حنبل ابنه بالأخذ عنه كان قبل عماه ولما أن عمى صار يلقن فيتلقن حتى قال يحيى بن معين: لو كان لى فرس ورمح لغزوت سويدا من شدة ما كان يذكر له عنه من المناكير، قال: وقد خلط هذا الإسناد وأخطأ فيه على ابن المبارك وإنما رواه ابن المبارك عن بن المؤمل عن أبي الزيير، كذلك رويناه في فوائد أبي بكر بن المقرى من طريق صحيحة، فجعله سويد عن ابن أبي الموالى عن ابن المنكدر، واغتر الحافظ شرف الدين الدمياطى بظاهر هذا الإسناد فحكم بأنه على رسم الصحيح، لأن ابن أبي الموالى انفرد به البخارى، وسويدا انفرد به مسلم، وغفل عن أن مسلما إنما خرج لسويد ما توبع عليه لا ما انفرد به فضلا عما خولف فيه اهـ. كذا قال. وهذا في الحقيقة غفلة منه لا من الحافظ الدمياطى فإن سويد بن سعيد ثقة صدوق وثقه أحمد وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة وصالح بن محمد والعجلى ومسلم: وقال مسلمة: هو ثقة ثقة ومن تكلم فيه عدا ابن معين فإنما وصفه

بالخطأ وقبول التلقين بعد العمى وهى دعاوى يدعونها دون أن يقيم أحد منهم عليها حجة، أما ابن معين فالظاهر أنه حقد عليه لروايته أحاديث في ذم الرأى وأهله كحديث: "من قال في ديننا برأيه فاقتلوه"، وحديث: "تفترق هذه الأمة بضعا وسبعين فرقة شرها قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحلون الحرام ويحرمون الحلال"، فكان يحيى بن معين يرى أن في رواية مثل هذا تعريضا بأبى حنيفة الذي كان هو مقلدا له، وقد تكلم فيه أيضًا لأجل روايته عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي سعيد مرفوعًا: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"، وادعى ابن معين أن هذا باطل عن أبي معاوية، قال الدارقطنى [2/ 289]: فلم يزل يظن أن هذا كما قال يحيى حتى دخلت مصر فوجدت هذا الحديث في مسند أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادى المنجنيقى وكان ثقة رواه عن أبي كريب عن أبي معاوية كما قال سويد سواء وتخلص سويد اهـ. فبان أن ابن معين إنما يتكلم بالظن الذي [لا] (¬1) يغنى من الحق شيئًا وأنه لا ينطق عن دليل وبرهان ويحمله مخالفة المذهب على التشديد في عبارة الجرح كقوله: لو كان لى فرس ورمح لغزوت سويد بن سعيد وما كان هذا سبيله ينبغى أن يرمى ولا يلتفت إليه، وهذا حديث الفرقة قد حدث به نعيم بن حماد أيضًا، ودعواهم أن سويدا سرقه منه هو من ظنونهم التي لا تغنى من الحق، أما كونه كان يقبل التلقين بعد العمى فهذا بعد تسليم أصله لا يلزم منه أن يكون التلقين دخل عليه في جميع أحاديثه ولا سيما هذا، فإنه لا يمكن دخول التلقين فيه، لأنه يحكى فيه قصة وقعت لابن المبارك وكان هو حاضرا وشاهدا لها فكيف يدخل عليه التلقين فيما شاهده وحفظ صورته، بل لا يخلو الحال في ذلك من أمرين لا ثالث لهما إما أن يكون صادقا في ذلك، وإما أن ¬

_ (¬1) في المخطوط "بالظن الذي يغنى".

يكون كاذبا والكذب لم يتهمه به أحد ممن عاصره ولا ممن جاء بعده فلم يبق إلا أنه صادق، وكون ابن المبارك روى هذا الحديث عن عبد اللَّه بن المؤمل لا يمغ من كوته رواه عن ابن أبي الموالى كما أن سفيان بن عيينة إذ رواه عن ابن أبي نجيح لا يمنع من كونه رواه عن ابن المؤمل لا سيما ولكل من الشيخين إسناد، فابن المؤمل رواه عن أبي الزبير، وابن أبي الموالى رواه عن ابن المنكدر، وقد كان كبار الحفاظ الأقدمين لايعدون عندهم الحديث ما لم يكتبونه من طرق متعددة لاسيما ومحمد بن المنكدر من ألزم الناس لجابر بن عبد اللَّه وأرواهم عنه وأحفظهم لحديثه، فكيف لا يكون عنده مثل هذا الحديث خصوصا وقد أخير أبو الزبير أن جابرا حدث به الجماعة وهم عنده؟! ويبعد غالبا أن يغيب عنهم ابن المنكدر، وإذا كان عند ابن المنكدر فيبعد كل البعد أن لا يحدث به. فما ذكره الحافظ هو إلى المغالطة أقرب منه إلى التحقيق، وقد صرح هو بان له طريقا آخر عن أبي الزبير أيضًا أخرجه الطبرانى في الأوسط، فهذه أربعة طرق عن أبي الزبير عن جابر، وطريق من رواية محمد بن المنكدر عنه، فهو إذا على شرط الصحيح فكيف إذا ضم إليه حديث ابن عباس الذي هو على شرط الصحيح أيضًا فإن الحاكم لما خرجه في المستدرك قال [1/ 473]: هذا حديث صحيح الإسناد إن سلم من الجارودى. قلت: والجارودى صدوق كما قال الخطيب وابن القطان والذهبى في ترجمة عمر بن الحسن الأشنانى وجماعة آخرهم الحافظ إلا أنه زعم أن الجارودى أخطأ في وصله وإنما رواه ابن عيينة موقوفًا على مجاهد، كذلك حدث به عنه حفاظ أصحابه كالحميدى وابن أبي عمر العدنى وسعيد بن منصور وغيرهم اهـ. وهذا أيضًا غير مقبول من الحافظ لوجوه، أحدها: أن هذا مما لا مجال للرأى

فيه لا من مجاهد ولا من ابن عباس فهو مرفوع في الأصل ولابد. ثانيها: أن محمد بن حبيب صدوق كما اعترف به الحافظ، وإذا تعارض الوقف والرفع فالقول قول الرافع لأنه الأصل ولأن معه زيادة. ثالثها: أن هؤلاء الثلاثة قد علم من صنيعهم في مؤلفاتهم هم وسائر الأقدمين من طبقتهم كمالك وابن أبي شيبة وعبد الرزاق وابن المبارك وأنهم يؤثرون الموقوفات والمقاطيع والمراسيل على المرفوعات والموصولات فكم من حديث موصول مرفوع في الصحيحين والسنن تجده في هذه الكتب موقوفًا ومرسلا من نفس الطريق التي هو منها موصول ومرفوع في الصحيحين، وجل المقاطيع والمراسيل والموقوفات في موطأ مالك موصولة مرفوعة في الصحيحين والسنن وربما من طريق مالك نفسه فلا يدل ذلك على ضعف ما في الصحيحين والسنن، فكذلك هنا. رابعها: أن الحميدى الذي روى الحديث موقوفًا عن ابن عيينة قد حكى في تلك الحكاية عن ابن عيينة أنه صححه وحقق مدلوله في تحديث السائل بمائة حديث وذلك لا يتهيأ لا له ولا للسائل العمل به لو لم يكن عنده مرفوعًا. خامسها: أن الحاكم ذكر آخر حديث محمد بن حبيب الجارودى قال: وكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم قال: اللهم أسألك علما نافعا ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء اهـ. وهذه الزيادة قد رويت عن ابن عباس من وجه آخر من طريق عكرمة قال الدارقطنى [2/ 357]: حدثنا محمد بن مخلد ثنا عباس الترقفى ثنا حفص بن عمر العدنى حدثنى الحكم عن عكرمة قال: كان ابن عباس إذا شرب من زمزم قال: اللهم إنى أسألك علما نافعا، مثل رواية الحاكم فهذا يدل على أن الحديث عن ابن

عباس، لأنه ما كان يدعو عند شربه بهذه الدعوات إلا لروايته عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنه لما شرب له"، فرواية عكرمة شاهدة لحديث محمد بن حبيب الجارودى في أن الحديث عن ابن عباس وأنه مرفوع، وقد حصلت من الذهبى غفلة عظيمة في هذا الحديث فقال في ترجمة عمر بن الحسن الأشنانى من الميزان [3/ 185، رقم 6071]: ويروى عن الدارقطنى أنه كذاب ولم يصح هذا ولكن هذا الأشنانى صاحب بلايا فمن ذلك قال الدارقطنى: ثنا عمر بن الحسن بن على ثنا محمد بن هشام المروزى هو ابن أبي الدميك موثق ثنا محمد بن حبيب الجارودى ثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعًا: "ماء زمزم لما شرب له إن شربت لتستشفى به شفاك اللَّه. . . " الحديث، وابن حبيب صدوق، فآفة هذا هو عمر، ولقد آثم الدارقطنى بسكوته عنه فإنه بهذا الإسناد باطل ما رواه ابن عيينة قط بل المعروف حديث عبد اللَّه بن المؤمل عن أبي الزبير عن جابر مختصرا اهـ. ونسى الذهبى أن الحاكم خرجه في المستدرك [1/ 473] عن على بن حمشاد العدل عن محمد بن هشام المروزى، فبرئ الأشنانى من عهدته وأقر هو ذلك في تلخيص المستدرك، ولهذا تعقبه الحافظ في اللسان فقال [4/ 291]: بل الذي يغلب على الظن أن المؤلف -يعنى الذهبى- هو الذي أثم بتأثيمه الدارقطنى فإن الأشنانى لم ينفرد بهذا بل تابعه عليه على بن حمشاد في مستدرك الحاكم، ولقد عجبت من قوله: ما رواه ابن عيينة قط مع أنه رواه عنه الحميدى وابن أبي عمر وسعيد بن منصور وغيرهم من حفاظ أصحابه إلا أنهم أوقفوه على مجاهد، لم يذكروا ابن عباس فيه فغايته أن يكون محمد بن حبيب وهم في رفعه اهـ. وفي الباب أيضًا عن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص إلا أنهما واهيان بالمرة.

فحديث عبد اللَّه بن عمر قال الحاكم في التاريخ: حدثنا محمد بن صالح ثنا محمد بن إبراهيم -يعنى ابن مقاتل- ثنا أحمد بن صالح الشمومى بمكة ثنا عبد اللَّه بن نافع عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ماء زمزم لما شرب له"، وأحمد بن صالح الشمومى قال ابن حبان: كذاب يضع الحديث. وحديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص عزاه الحافظ السيوطى للبيهقى في الشعب [3/ 481، رقم 4127]، ولم أقف على سنده، ويقول عنه الحافظ السخاوى: إنه واه، وقد عزاه صاحب إزالة الدهش لأبي داود الطيالسى في المسند فوهم في ذلك. 2967/ 7760 - "ماءُ زمزمَ لِما شُرِبَ لَهُ، فإن شربْتَه تستَشْفِى بِهِ شفاك اللَّه، وإن شربتَهُ مستعيذًا أعاذَكَ اللَّهُ، وإن شربتَهُ لتقطَعَ ظَمأَكَ قطعَهُ اللَّهُ، وإن شربتَهُ لِشبعكَ أشبعَكَ اللَّهُ، وَهِى هَزْمَةُ جبريلَ وسقيا إسماعيلَ". (قط. ك) عن ابن عباس قال في الكبير: كلاهما من حديث عمر بن الحسن الأشنانى عن محمد بن هشام. . . إلخ. قلت: هذا غلط فإن الذي رواه عن عمر بن الحسن هو الدارقطنى [2/ 289] فقط أما الحاكم فرواه عن على بن حمشاد العدل عن محمد بن هشام [1/ 473]، والعجب أن الشارح نقل كلام الذهبى وأشار إلى تعقب الحافظ عليه، وفي تعقب الحافظ التصريح بأن الحاكم لم يروه عن الأشنانى ومع ذلك قال الشارح: إنه رواه عنه.

[في الكلام على عائذ بن شريح]

2968/ 7763 - "مَا الدُّنيَا في الآخرةِ إلا كَمَا يمشِى أحدُكُم إلى اليَمِّ فأدخَلَ أصبَعُه فيهِ فَما خرَج منهُ فهو الدُّنيَا". (ك) عن المستورد قلت: هذا الحديث خرجه مسلم في صحيحه والترمذى [رقم 2323] وابن ماجه [رقم 4108] وابن المبارك في الزهد وأبو نعيم في الحلية وابن مردك في فوائده تخريج الدارقطنى والبغوى في التفسير وهو عند بعضهم مصدر بهذا اللفظ والشارح لم يعلم ذلك وإلا لأسخف على عادته. 2969/ 7764 - "مَا الَّذِي يُعطِى من سَعَةٍ بأعظمَ أجرًا مِنَ الَّذي يقَبلُ إذَا كانَ مُحتاجًا". (طس. حل) عن أنس قال في الكبير عن الهيثمى: فيه عائذ بن شريح صاحب أنس وهو ضعيف، ثم قال: وفيه أيضًا يوسف بن أسباط تركوه، وهذان في مسند أبي نعيم أيضًا وبه يعرف أن رمز المؤلف لصحته غير صحيح. [في الكلام على عائذ بن شريح] قلت: عائد بن شريح تابعى صدوق لم يتهم بكذب ولا ريبة في الدين، وإنما كان قليل الحديث فلم يتهيأ لهم اعتبار حديثه بحديث غيره، وربما ظنوه به أنه أخطأ في بعض الأحاديث فلينوه من أجل ذلك احتياطا، وقال ابن حبان: إنه لا يحتج به إذا انفرد، وفيما وافق الثقات فإن اعتبر به معتبر لم أر بذلك بأسا، وهذا قد يحكم لحديثه بالحسن كثير من الحفاظ وفي مقدمتهم الترمذى وابن حبان نفسه فإنهم يحسنون لمثل هذا، ثم إذا ورد لحديثه شاهد يدفع عنه ما قد يظن به من الخطأ فإن الظن يقوى بثبوت حديثه وما الصحيح إلا ذلك، وهذا الحديث له شاهد بلفظه من حديث ابن عمر كما هو مذكور في

المتن بعده فلذلك حكم المصنف بصحته، أما يوسف بن أسباط فالشارح واهم اْو كاذب في قوله: إنهم تركوه، فإنه ما تركه أحد أصلا بل وثقه يحيى ابن معين، وقال ابن عدى: هو من أهل الصدق إلا أنه لما عدم كتبه كان يحمل على حفظه فيغلط ويشتبه عليه ولا يتعمد الكذب، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان من عباد أهل الشام وقرائهم كان لا يأكل إلا الحلال المحض فإن لم يجده اسقف التراب وهو مستقيم الحديث ربما أخطأ، من خيار أهل زمانه مات (195) خمس وتسعين ومائة، وقول الشارح: وهذان في مسند أبي نعيم لغو لا معنى له، والحديث خرجه أيضا ابن حبان في الضعفاء [2/ 193] قال: حدثنا محمد بن المسيب ثنا عبد اللَّه بن خبيق ثنا يوسف بن أسباط ثنا عائذ بن شريح عن أنس بن مالك به. 2970/ 7767 - "ما آتَى اللَّهُ عالِمًا علمًا إلا أَخَذَ عليه الميثاقَ أنَ لَا يَكْتُمَهُ". ابن نظيف في جزئه، وابن الجوزى في العلل عن أبي هريرة قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أن ابن الجوزى خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه، بل بين أن فيه موسى البلقاوى، قال أبو زرعة كان يكذب، وابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات، ثم ظاهر عدول المصنف لذينك أنه لم يره مخرجا لأى من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجيب، فقد خرجه أبو نعيم والديلمى باللفظ المزبور عن أبي هريرة. قلت: هذا كلام في منتهى السقوط، بل كلام من لا يدرى ما يخرج من رأسه فالمؤلف إذ عزا الحديث لكتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية [1/ 97]

كأنه صرح بأن الحديث واه بل لو عزاه إليه وعقبه بعد ذلك لكان معدودا من زمرة المغفلين كالشارح وقد أعاذه اللَّه من ذلك، بل هذه الغفلة خص اللَّه بها الشارح فلا يمكن أن يشاركه غيره فيما خصه اللَّه به، هذا لو كان المؤلف ينقل كلام المخرجين على الأحاديث فكيف وهو اصطلح في كتابه على عدم نقل ذلك عنهم وعلى إبداله بالرموز أو بالاكتفاء بحال الكتاب المعزو إليه كعلل ابن الجوزى وضعفاء العقيلى وابن عدى وابن حبان وأمثالها مما بينه في خطبة الجامع الكبير الذي هو أصل هذا الكتاب، وأما كونه لم يعزه لأبي نعيم والديلمى فلو كان في مائة كتاب غير كتابيهما ولم يعزه إليه لما كان عليه في ذلك أدنى لوم، لأن العزو إلى أى أصل كاف، على أن الشارح لم يعرف في أى كتاب هو من كتب أبي نعيم وإنما رأى الديلمى أسنده من طريقه فجزم بالعزو إليه لعدم أمانته وتحقيقه، وقد عزاه الحافظ في القول المسدد لأبي نعيم في الحلية ولم أره فيه ولا في كتاب العلم من ترتيبه للحافظ الهيثمى فليحرر. والحديث مروى من طريق الزهرى عن ابن المسيب عن أبي هريرة، أحدهما أخرجه ابن نظيف في جزئه، وأسنده البندهى في شرح المقامات، والحافظ العراقى في جزئه الذي تعقب به ابن الجوزى كلاهما من طريق ابن نظيف قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الرازى ثنا بكر بن سهل الدمياطى ثنا موسى بن محمد ثنا زيد بن مسور عن الزهرى عن ابن المسيب عن أبي هريرة. وأخرجه ابن عساكر في تبيين كذب المفترى من طريق ابن مردويه عن الطبرانى عن بكر بن سهل الدمياطى به، وقال الحافظ العراقى بعده: موسى بن محمد البلقاوى متهم، لكن له شاهد صالح من حديث ابن مسعود رويناه في كتاب فضل العالم العفيف على الجاهل الشريف لأبي نعيم الحافظ اهـ.

وتعقبه الحافظ في القول المسدد، فقال: وأول شيء يتعقب فيه على شيخنا احتجاجه بهذا الحديث الذي هو من رواية موسى البلقاوى، واعترافه بأنه متهم أى أن الحفاظ اتهموه بالكذب، وإذا كان كذلك فلا يصلح أن يحتج بحديثه. وقد أخرج أبو نعيم في الحلية هذا الحديث من وجه آخر عن أبي هريرة وفيه من لا يعرف، وهو من رواية محمد بن عبدة القاضى وكان يدعى سماع ما لم يسمع وهو مشهور اهـ. قلت: والحديث قدمت أنى لم أجده في الحلية وإنما أسنده الديلمى في مسند الفردوس من طريق أبي نعيم: حدثنا عبد الرحمن بن محمد ثنا محمد بن عبدة القاضى ثنا إسحاق بن زياد الأبلى ثنا محمد بن يحيى بن عبد ربه ثنا سهل بن سليمان الرازى عن عبد الملك بن عطية عن ابن شهاب به مثله. 2971/ 7770 - "مَا آمنَ بالقرآنِ من استحلَّ محارِمَهُ". (ت) عن صهيب قلت: الحديث رواه الترمذى [رقم 2918] عن محمد بن إسماعيل الواسطى: حدثنا وكيع ثنا أبو فروة يزيد بن سنان عن أبي المبارك عن صهيب، ثم قال الترمذى: وقد روى محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه هذا الحديث فزاد في هذا الإسناد: عن مجاهد عن سعيد بن المسيب عن صهيب. ولا يتابع محمد بن يزيد على روايته وهو ضعيف، وأبو المبارك رجل مجهول، هذا حديث ليس إسناده بذاك، وقد خولف وكيع في روايته وقال محمد يعنى البخارى: أبو فروة يزيد بن سنان الرهاوى ليس بحديثه بأس إلا

رواية ابنه محمد عنه فإنه يروى عنه مناكير. قلت: اختلف في هذا الحديث على أبي فروة وعلى ابنه محمد عنه فرواه وكيع عن أبي فروة عن أبي المبارك عن صهيب كما سبق ورواه أبو خالد الأحمر عنه عن أبي المبارك عن عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد الخدرى، أخرجه الذهبى في الميزان [5/ 970، رقم 1056] من طريق البانياسى: ثنا أحمد بن الصلت ثنا إبراهيم بن عبد الصمد العباسى ثنا أبو سعيد الأشج ثنا أبو خالد الأحمر. ورواه أبو حاتم الرازى عن محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه فقال: سمعت عطاء بن أبي رباح يقول: سمعت مجاهدا يقول: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت صهيبا به. أخرجه الخطيب في التاريخ [6/ 127، 7/ 387] من رواية على بن أحمد بن مروان عن أبي حاتم، وكذلك أسنده الذهبى في الميزان من رواية عبد الرحمن بن أبي حاتم عن أبيه، وأخرجه الخطيب أيضًا من رواية جعفر بن محمد بن الفضل عن محمد بن يزيد به مثله، قال الذهبى: ومحمد بن يزيد الذي جود سنده ليس بعمدة كأبيه. قلت: ولم تتفق الرواة عنه على هذا القول بل رواه أحمد بن عبد الملك بن واقد الحرانى عنه فقال: سمعت أبي يقول: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت صهيبا به، أخرجه الدينورى في المجالسة عن أحمد بن محمد بن يزيد الوراق عن أحمد بن عبد الملك، فأسقط في هذه الرواية عطاء ومجاهد، وأسقط في الرواية السابقة أبا المبارك. وقد ورد الحديث من غير طريق أبي فروة وابنه، قال الدولابى في الكنى: أخبرنى أحمد بن شعيب -هو النسائى- أخبرنى أحمد بن سعيد حدثنا صدقة ابن سابق حدثنا مفضل أبو عبد الرحمن عن مجاهد عن سعيد بن المسيب

قال: سمعت صهيبا به. 2972/ 7771 - "مَا آمنَ بِى من باتَ شبعانَ وجارُهُ جائعٌ إِلى جنبِهِ وَهُو يعلَمُ بِهِ". البزار (طب) عن أنس بسند حسن قلت: في الباب عن على، قال الطوسى في أماليه: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الفضل بن محمد البيهقى ثنا هارون بن عمرو المجاشعى ثنا الرضا على بن موسى عن أبيه عن آبائه عن على عليه السلام قال: "قيل يا نبى اللَّه أفى المال حق سوى الزكاة؟ قال: نعم، بر الرحم إذا أدبرت، وصلة الجار المسلم، فما أقر بى من بات شبعان وجاره المسلم جائع ثم قال: ما زال جبريل عليه السلام يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". 2973/ 7772 - "مَا أُبالى ما رَدْدتُ بِهِ عنى الجوعَ". ابن المبارك عن الأوزاعى معضلا قلت: هو في كتاب الزهد في باب "القناعة" قال: حدثنا الأوزاعى به. 2974/ 7773 - "مَا أُبالِى ما أتيتُ إنْ أنا شربتُ تِرياقًا، أو تعلَّقْتُ تميمة أو قلتُ الشعرَ من قِبَلِ نفسِى". (حم. د) عن ابن عمر قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وكأنه ذهل عن قول الذهبى في المهذب هذا حديث منكر تكلم في ابن رافع لأجله، ولعله من خصائصه عليه الصلاة والسلام فإنه رخص في الشعر لغيره. قلت: الحديث حسن لأنه من رواية عبد اللَّه بن يزيد عن سعيد بن أبي أيوب ثنا شرحبيل بن يزيد المعافرى عن عبد الرحمن بن رافع التنوخى قال: سمعت

عبد اللَّه بن عمرو به. وعبد الرحمن بن رافع التنوخى ذكره ابن حبان في الثقات وقال: لا يحتج بخبره إذا كان من رواية عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وإنما وقع المناكير في حديثه من أجله. وكذا قال الذهبى [2/ 560، رقم 4860]: لعل تلك النكارة جاءت من صاحبه عبد الرحمن بن زياد اهـ. وهذا ليس من رواية ابن أنعم عنه بل هو من رواية الثقة شرحبيل بن شريك، وقال أبو داود في رواية: ابن يزيد كما سبق، وقد حدث به مرة أخرى عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد اللَّه بن عمرو فكأنه سمعه منهما، قال أبو نعيم [9/ 308]: حدثنا الطبرانى حدثنا موسى بن عيسى ثنا محمد بن المبارك ثنا معاوية بن يحيى عن سعيد بن أبي أيوب عن شرحبيل بن شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد اللَّه بن عمرو به. والذهبى استنكر معناه ثم رجع فقال: لعل ذلك من خصائص النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو الواقع فلم تبق نكارة، ولم ينحط الحديث عما قال المؤلف. 2975/ 7776 - "مَا اجتمعَ قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللَّهِ يتلُونَ كتابَ اللَّهِ ويتدارسُونَه يينهُمْ إلا نزلتْ عليهم السكينةُ، وغشيتهُم الرحمةُ، وحفَّتْهُم الملائكةُ، وذكرَهُمَ اللَّهُ فِيمَن عندَهُ". (د) عن أبي هريرة قال في الكبير: صنيعه مؤذن بأن هذا مما لم يتعرض أحد الشيخين لتخريجه وهو ذهول، فقد رواه مسلم باللفظ المزبور عن أبي هريرة.

قلت: بل هو ذهول منك وجهل وقصور فالحديث لفظه عند مسلم (¬1): "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس اللَّه عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر اللَّه عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره اللَّه في الدنيا والآخرة، واللَّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل اللَّه له طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت اللَّه. . . " الحديث كما هنا، فإن وقف عليه الشارح بتمامه وقال ما قال فهو مدلس كذاب، وإن لم يقف عليه بتمامه وظنه أنه في مسلم بهذا اللفظ فهو جاهل بالحديث قاصر في معرفته. 2976/ 7782 - "ما أحبَّ عبد عبدًا للَّهِ إلا أكرمَ ربَّهُ". (حم) عن أبي أمامة قال الشارح: وإسناده صحيح واقتصار المؤلف على أنه حسن غير حسن. قلت: بل دخولك في الفضول وفيما لا تعرف غير حسن فالحديث سنده ضعيف، وما حسنه المؤلف إلا لشواهده، قال أحمد [5/ 259]: حدثنا إبراهيم بن مهدى ثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن أبي أمامة به. وإسماعيل ضعيف في غير الشاميين، وشيخه يحيى بن الحارث يمانى والقاسم ضعيف صاحب مناكير، وقد وثقه يحيى بن معين، والشارح لما نقل في الكبير عن الحافظ الهيثمى أنه قال: رجاله وثقوا، ظن بجهله بقواعد الفن أن هذه عبارة تقضى التصحيح مع أنه لو قال: رجاله ثقات لما أفاد صحته فكيف وهو قال: رجاله وثقوا وهذه العبارة يستعملها فيمن اختلف فيه لا فيمن اتفق عليه؟!. ¬

_ (¬1) الذكر والدعاء باب (11) رقم: (38).

وقد ورد هذا الحديث عن يحيى بن الحارث من وجه آخر أضعف من هذا مطولا أخرجه البيهقى في الشعب قال [6/ 491، رقم 9017]: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللَّه السراج أنبأنا أبو محمد القاسم بن على ابن حيويه الطويل ثنا أبو عبد اللَّه البوشنجى ثنا عمرو بن الحصين ثنا ابن علاثة ثنا يحيى بن الحارث به مطولا باللفظ الذي ذكره الشارح في الكبير. 2977/ 7785 - "ما أُحبُّ أنَّ لى الدُّنيَا ومَا فيهَا بهذِه الآية: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ. . .} إِلَى آخر الآية [الزمر: 53] ". (حم) عن ثوبان قلت: أخرجه أيضًا ابن أبي الدنيا في حسن الظن [ص 51، رقم 49]. ثنا محمد بن الحسين ثنا حجاج بن محمد الأعور عن ابن لهيعة عن أبي قبيل قال: سمعت عبد الرحمن المزنى قال: ذكر أبو عبد الرحمن الجبلانى أنه سمع ثوبان مولى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به. 2978/ 7786 - "ما أُحِبُّ أنى حكَيْتُ إنسانًا وأنَّ لِى كَذَا وكَذَا". (د. ت) عن عائشة قال الشارح: قال الذهبى: فيه من لا يعرف، فقول المؤلف حسن ممنوع. قلت: هذا كذب على الذهبى ومعاذ اللَّه أن يقول الذهبى: إن فيه من لا يعرف مع أن رجاله معروفون ثقات. فالترمذى [رقم 2503] رواه عن هناد عن وكيع عن سفيان عن على بن الأقمر عن أبي حذيفة عن عائشة وهؤلاء كلهم رجال الصحيح، ولذا قال الترمذى عقبه: إنه حسن صحيح، ثم رواه أيضًا عن محمد بن بشار عن يحيى بن

سعيد وعبد الرحمن قالا: حدثنا سفيان به، وهذا سند على شرط الصحيح أيضًا. وأبو داود رواه عن مسدد ثنا يحيى عن سفيان به. فكل رجاله رجال الصحيح فلا حول ولا قوة إلا باللَّه ما أجرأ هذا الرجل على الكذب فإن المؤلف لم يرمز لهذا الحديث بعلامة الحسن بل بعلامة الصحيح. 2979/ 7787 - "مَا أحدٌ أعظم عندى يدًا منْ أبِى بكرٍ، وَاسَانِى بنفسِهِ ومالِهِ، وأنكحَنِى ابنتَهُ". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: رمز لحسنه، قال الهيثمى: فيه أرطأة أبو حاتم وهو ضعيف اهـ. وأورده في الميزان ولسانه في ترجمة أرطأة هذا، وقال ابن عدى: إنه خطأ أو غلط. قلت: قبح اللَّه الكذب والتهور فابن عدى لم يقل في هذا الحديث إنه خطأ أو غلط، بل روى هذا الحديث في ترجمة أرطأة بن المنذر المذكور ثم قال: ولأرطأة غير هذا وبعضها خطأ وغلط اهـ. فحرفه الشارح إلى ما ترى، ثم إن الحديث في الصحيحين (¬1) من حديث أبي سعيد الخدرى بلفظ: "إن أمن أو من أمن الناس على في صحبته وماله أبو بكر"، وورد أيضًا من حديث سهل بن سعد وغيره. ¬

_ (¬1) البخارى في: الصلاة (80)، ومسلم في: فضائل الصحابة (95، 96).

2980/ 7788 - "مَا أحدٌ أكثرَ من الرِّبَا إلَّا كَانَ عاقبةُ أمرِهَ إلى قِلَّةٍ". (هـ) عن ابن مسعود قال في الكبير: ورواه الحاكم عنه أيضًا وقال: صحيح وأقره الذهبى، فكان ينبغى للمصنف عزوه إليهما، فإن اقتصر فعلى الحاكم، لأن ابن ماجه وإن كان مقدما لكونه أحد الستة لكن سنده حسن وهذا صحيح. قلت: هكذا الجهل والتعنت وإلا فلا، أما الجهل فلو كان له علم وحياء لاستحيا أن يقول هذا، فإن الحديث عند ابن ماجه [رقم 2279] والحاكم [4/ 318] بسند واحد فكلاهما رواه من طريق يحيى بن أبي زائدة عن إسرائيل عن الركين بن الربيع بن عُمَيْلة عن أبيه عن ابن مسعود. فمن أين يكون سند ابن ماجه حسن والحاكم صحيحا. وأما التعنت فإنه دائمًا يهول بتقديم العزو إلى الكتب الستة على غيرها ويكرر نقلا عن مغلطاى في ذلك وهنا عكس الأمر وستره بكون سند الحاكم صحيحا ففضحه جهله كما ترى، وبعد هذا فلفظ الحاكم لا يدخل في هذا الموضع لأن لفظه: "ما أكثر أحد" فموضعه بعد هذا في ترتيب المؤلف إلا أنه حذفه من هذا المختصر اختصارا. 2981/ 7789 - "مَا أحدثَ رجلٌ إخاءً فِي اللَّهِ تَعالَى إلا أحدَثَ اللَّهُ لَهُ درجةً في الجنَّة". ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان عن أنس قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأشهر من ابن أبي الدنيا مع أن الديلمى خرجه [فى] مسند الفردوس باللفظ المزبور عن أنس.

قلت: وهذا أيضًا من الجهل والتعنت البارد، أما الجهل فإن الديلمى خرج الحديث من طريق [ابن] أبي الدنيا فقال: أخبرنا أبي أخبرنا الميدانى كتابة أخبرنا أبو طاهر الحربى ثنا أحمد بن يوسف العلاف ثنا الحسين بن صفوان ثنا ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان: حدثنا سويد بن سعيد ثنا بقية عن الأحوص بن حكيم عن أبي إسماعيل العبدى عن أنس به. وإذ رواه من طريق [ابن] أبي الدنيا وعين الكتاب فلم يبق فائدة في العزو إليه هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن ابن أبي الدنيا أشهر وأشهر من الديلمى والعزو إليه أعلى وأولى باتفاق أهل الحديث. وأما التعنت فلو عزاه المؤلف للديلمى لقال: إنه خرجه من طريق ابن أبي الدنيا فلو عزاه للأصل لكان أولى كما فعل ذلك عشرات المرات، على كل حال قبح اللَّه الجهل. والحديث خرجه أيضًا ابن وهب في جامعه من وجه آخر معضلا أو مرسلا فقال: حدثنى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن محمد بن سوقة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما أحدث عبد أخا يؤاخيه في اللَّه إلا رفعه اللَّه به درجة، فقال رجل من المنافقين في نفسه: وما درجة رفعها رجل أو وضعها؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ليست بدرجة عتبة بيت أحدكم ولكنها درجة كما بين السماء والأرض". قال ابن وهب: وأخبرنيه عبد الرحمن بن زيد عن أببه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. 2982/ 7790 - "مَا أحدَثَ قومٌ بدعةً إِلَّا رفعَ اللَّهُ مثلها من السُنَّةِ". (حم) عن غضيف بن الحارث قال في الكبير: وللحديث قصة، وذلك أن عبد الملك بن مروان بعث إلى

غضيف فقال: "يا أبا سليمان إنا قد جمعنا الناس على أمرين: رفع الأيدى على المنابر يوم الجمعة، والقصص بعد الصبح والعصر، فقال: أما أنها أمثل بدعتكم عندى ولست بمجيبكم إلى شيء منها لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة، فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة"، هكذا هو عند مخرجه أحمد، فإسقاط المؤلف منه قوله: فتمسك. . . إلخ غير جيد. قلت: بل عدم فهمك للحديث مع فضولك فيه غير جيد، فإن قوله: فتمسك بسنة. . .إلخ ليس هو من تمام المرفوع من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وإنما هو مدرج من كلام غضيف يخاطب به عبد الملك بن مروان ويقول له: تمسك بالسنة خير من إحداث هذه البدعة التي أخبرتنى بها لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما أحدث قوم. . . " الحديث، فلو سكت الشارح عما لا يعلم لأحسن إلى نفسه وأراح الناس من تعبه، وسيأتى الحديث قريبًا بدون هذه الزيادة أيضًا. 2983/ 8892 - "ما أحسنَ القصدَ فِي الغنى، مَا أحسنَ القصدَ فِي الفقر، وأحسنَ القصدَ في العبادَةِ". البزار عن حذيفة قلت: قال البزار: حدثنا أحمد بن يحيى ثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون ثنا سعيد بن حكيم عن مسلم بن حبيب عن بلال القبسى عن حذيفة به، وقال البزار: لا نعرفه يروى إلا عن حذيفة. 2984/ 7793 - "مَا أحسَنَ عبد الصدقَة إلا أحسَنَ اللَّهُ الخلافَة في تَرِكَتِهِ". ابن المبارك عن ابن شهاب الزهرى مرسلا قلت: قال ابن المبارك:

أخبرنا حيوة بن شريح عن عقيل عن ابن شهاب به، ورواه الديلمى في مسند الفردوس من طريقه موصولا عن أنس فقال: أنا محمد بن طاهر أنا الحسن بن على أنا أحمد بن محمد بن عمر ثنا أبي ثنا محمد بن عبد اللَّه بن الحسين ثنا عبد اللَّه بن صالح ثنى ليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس به. وفي الباب عن ابن عمر، قال ابن شاهين في الترغيب: ثنا على بن محمد المصرى ثنا محمد بن عبد اللَّه بن بحير ثنا أبي ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما أحسن عبد الصدقة. . . مثله". قلت: هكذا سماه عبد اللَّه بن بحير، ورواه الدارقطنى في غرائب مالك، والخطيب في الرواة عنه فقالا: عن محمد بن عبد الرحمن بن بحير عن أبيه به. ثم قال الخطيب: عبد الرحمن وابنه مجهولان. 2985/ 7794 - "مَا أحَلَّ اللَّهُ شيئًا أبغضَ إليهِ منَ الطَّلَاقِ". (د) عن محارب بن دثار مرسلا (ك) عن ابن عمر قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن أبا داود لم يخرجه إلا مرسلا وليس كذلك، بل خرجه مرسلا ومسندا، لكنه قدم المرسل فذهل المصنف عن بقية كلامه فأغفله، نعم المرسل أصح. . . إلخ. قلت: هذا الرجل بلية أبتلى اللَّه بها أهل الحديث وكان نصيب المؤلف منها أوفر نصيب، فالموصول الذي خرجه أبو داود بعد المرسل لفظه [رقم 2178]: "أبغض الحلال إلى [اللَّه] الطلاق"، وهذا اللفظ محله حرف

الألف" وقد سبق للمؤلف ذكره هناك وعزاه لأبى داود أيضًا وابن ماجه [رقم 2018] والحاكم. 2986/ 7797 - "ما اختلجَ عرقٌ ولا عينٌ إلا بذنب وما يدفَعُ اللَّهُ عنهُ أكثرُ". (طس) والضياء عن البراء قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 247] قال: حدثنا الطبرانى ثنا أبو صالح محمد بن يعقوب الوراق الأصبهانى ثنا أحمد بن الفرات ثنا محمد بن كثير ثنا محمد بن فضيل عن الصلت بن بهرام عن أبي وائل عن البراء به. ورواه أبو حعفر الطوسى في المجالس من طريق أبي المفضل الشيبانى قال: حدثنا أبو الحسن على بن الحسين بن حمزة بن الحسن بن عبيد اللَّه بن العباس بن على قال: حدثنا عمى على بن حمزة ثنا على بن جعفر بن محمد عن أخيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن الحسين بن على عليهما السلام قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما اختلج عرق ولا عثرت قدم إلا بما قدمت أيديكم، وما يعفو اللَّه عز وجل عنه أكثر". 2987/ 7798 - "مَا اختلَطَ حُبى بقلبِ عبدٍ إلا حرَّم اللَّهُ جسدَهُ علَى النارِ". (حل) عن ابن عمر قال في الكبير: وفيه محمد بن حميد، قال ابن الجوزى: ضعيف، وأحمد ابن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ، قال الذهبى: ضعفوه، وإسماعيل بن يحيى فإن كان التيمى فوضاع، أو الشيبانى فكذاب كما بينه الذهبى، أو ابن كهيل فمتروك كما قاله الدارقطنى.

قلت: هذا تعليل من لا يدرى فمحمد بن حميد لا يذكر هنا، والحافظ ابن عقدة أجل من أن يضعف به الحديث وما تكلم فيه من تكلم إلا لتشيعه، والذهبى يحب أن يهول فيمن فيه رائحة التشيع لنصبه، وإسماعيل بن يحيى لا معنى لهذا الشك في تعيينه فهو التميمى الكذاب الوضاع، والحديث ما هو إلا من إفكه ووضعه، والحديث له بقية تركها المؤلف تعلم من مراجعة الحديث في ترجمة مسعر من الحلية [7/ 255]، والشارح لو علم بها لأسخف على عادته، ولكنه لم ير الحديث في الحلية وإنما رآه في مسند الفردوس للديلمى الذي أسند الحديث من طريق أبي نعيم واقتصر منه على القدر المذكور هنا أيضًا. 2988/ 7804 - "مَا أَذِنَ اللَّهُ لعبدٍ في الدعاءِ حتَّى أذِنَ لهُ فِي الإجابَةِ". (حل) عن أنس قال الشارح في الكبير: فيه عبد الرحمن بن خالد بن نجيح، قال ابن يونس: منكر الحديث، ومحمد بن عمران قال البخارى: منكر الحديث. قلت: بل فيه من هو أوهى من هذين وهو حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك فإنه كذاب وضاع والحديث باطل موضوع لا يصح عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لأنه فاسد المعنى والتركيب إذ لا معنى لقوله: "حتى أذن له في الإجابة"، ولو قال: حتى ضمن له الإجابة أو نحو هذا لأمكن أن يمشى حاله. 2989/ 7807 - "ما ازدادَ رجلٌ منَ السُّلطان قُرْبًا إلا ازدَادَ عنِ اللَّهِ بُعدًا ولا كثُرتْ أتباعُهُ إلا كثُرتْ شياطِينُهُ ولَا كَثُر مَالُهُ إلا أشتَد حسَابُهُ". هناد عن عبيد بن عمير مرسلا

قلت: أخرجه أيضًا السمرقندى في التنبيه قال [430، رقم 1703]: حدثنا محمد بن الفضل ثنا محمد بن جعفر ثنا إبراهيم بن يوسف ثنا أبو معاوية عن الليث عن الحسن بن مسلم عن عبيد بن عمير به مثله. 2990/ 7808 - "مَا أزينَ الحِلْمَ! ". (حل) عن أنس، ابن عساكر عن معاذ قلت: إى واللَّه وما أقبح الكذب على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فهذا الحديث موضوع، والمؤلف تساهل في إيراده هنا وحديث معاذ ورد من غير الطريق الذي ذكره الشارح قال ابن شاهين في الترغيب: حدثنا عبد الغافر بن سلامة الحمصى ثنا مزراد بن جميل ثنا يحيى بن سعيد يعنى العطار الحمصى ثنا بشر بن إبراهيم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل مرفوعًا: "ما أزين الحلم لأهله". 2991/ 7810 - "مَا استرذَلَ اللَّهُ تعالَى عبدًا إلا حظَرَ عليه العلمَ والأدبَ". ابن النجار عن أبي هريرة قال الشارح: حظر بالتشديد. قلت: هذا غلط فاحش بل هو بالتخفيف والحديث باطل موضوع وقد أورده المؤلف نفسه في ذيل الموضوعات فكان عليه أن لا يذكره هنا، وقد ورد عن ابن عباس موقوفًا، أخرجه الديلمى في مسند الفردوس وذكرته في المستخرج على مسند ابن شهاب. 2992/ 7811 - "مَا استفادَ المؤمنُ بعد تقوى اللَّه عزَّ وجلَّ خيرًا لَهُ من زوجة صالحة: إنْ أَمَرَهَا أطَاعتْهُ وإنْ نظر إليَهاَ سرَّتْهُ، وإن أقسَمَ عليهَا أبرَّتْهُ، وإنْ غابَ عنهَا نَصحتْهُ في نفسِهَا ومالِهِ". (هـ) عن أبي أمامة

قال الشارح: وضعفه المنذرى وابن حجر فرمز المؤلف لحسنه غير حسن. قلت: المنذرى يتكلم على كل حديث بحسب سنده، والمؤلف ينظر إلى المتن باعتبار طرقه وشواهده، وهذا الحديث له شواهد من حديث أبي هريرة وعبد اللَّه بن عمر وعبد اللَّه بن سلام، على أن سنده لا بأس به وفي كل رجاله خلاف. 2993/ 7812 - "مَا استكبرَ من أكلَ معَهُ خادمهُ وَرَكِبَ الحمارَ بالأسواقِ واعتقَلَ الشاةَ فحلَبَهَا". (خد. هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وفيه عبد العزيز بن عبد اللَّه الأويسى أورده الذهبى في الضعفاء وقال: قال أبو داود: ضعيف، عن عبد العزيز بن محمد قال ابن حبان: بطل الاحتجاج به. قلت: واللَّه ما باطل الاحتجاج إلا بك، فأنت مصيبة أبتلى اللَّه بك أهل الحديث فعبد العزيز بن محمد الذي قال فيه ابن حبان: بطل الاحتجاج به هو ابن زبالة، والمذكور في سند هذا الحديث هو الدراوردى وهو ثقة محتج به في الصحيحين مكثر عنه فيهما، وعبد العزيز بن عبد اللَّه الأويسى شيخ البخارى ثقة محتج به في الصحيح أيضًا، وثقه يعقوب بن شيبة وأبو داود، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال الدارقطنى: حجة، وقال الخليلى: ثقة متفق عليه، وذكره ابن حبان في الثقات. والعجب أن الذهبى لما ذكره في الميزان [2/ 630، رقم 5108] كتب عليه علامة "صح" أى أنه تكلم فيه بلا حجة أو بما لا يوجب الرد ثم قال: عبد العزيز بن عبد اللَّه الأويسى المدنى شيخ البخارى ثقة جليل، وثقه أبو داود، وروى عن رجل عنه، ثم وجدت أنى أخرجته في المغنى وقلت:

قال أبو داود: ضعيف, ثم وجدت في سؤالات الأجرى لأبي داود: عبد العزيز الأويسى ضعيف اهـ. فأعرض الشارح عن توثيقه وعن علامة كونه ممن تكلم فيه بدون حجة، واقتصر على نقل التضعيف لجهله وتعنته. 2994/ 7813 - "ما أسر عبدٌ سريرةً إلا ألبسَهُ اللَّهُ رداءَهَا: إنْ خيرًا فخير، وإن شرًا فشرٌ". (طب) عن جندب البجلى قال في الكبير: رمز المصف لحسنه وليس ذا منه بصواب، فقد قال الهيثمى وغيره: فيه حامد بن آدم وهو كذاب. قلت: إن ثبت أن المؤلف رمز له بعلامة الحسن فذاك لمجموع طرقه وشواهده فقد ورد أيضًا من حديث عثمان وابن مسعود. فحديث عثمان رواه ابن جرير في التفسير من طريق إسحاق بن إسماعيل عن سليمان بن أرقم عن الحسن قال: رأيت عثمان بن عفان عند قبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه قميص فدهى محلول الزر وسمعته يقول: "يا أيها الناس اتقوا اللَّه في هذه السرائر فإنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: والذي نفس محمد بيده ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه اللَّه رداءها علانية إن خيرا فخير وإن شرا فشر ثم قرأ هذه الآية: {وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} [الأعراف: 26] قال: السمت الحسن" وسليمان بن أرقم متروك. لكن له طريق آخر أخرجه أبو نعيم في الحلية [10/ 215]، والقضاعى في مسند الشهاب كلاهما من طريق محمد بن بكار: ثنا حفص بن سليمان عن علقمة بن مرثد عن سعيد بن عبيدة (¬1) عن أبي ¬

_ (¬1) سقط سعيد بن عبيدة من النسخة المطبوعة من الحلية.

عبد الرحمن السلمى عن عثمان قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كانت له سريرة صالحة أو سيئة نشر اللَّه عليه منها رداء يعرف به". ورواه القضاعى أيضًا من طريق إبراهيم بن عبد اللَّه المخرمى: ثنا صالح بن مالك الأزدى ثنا أبو عمر البزار ثنا علقمة بن مرثد به. وحديث ابن مسعود رواه أبو نعيم في الحلية [5/ 36] من طريق فضيل بن عبد الوهاب: ثنا روح بن مسافر عن زبيد عن مرة عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أسروا ما شئتم فواللَّه ما أسر عبد ولا أمة سريرة إلا ألبسه اللَّه رداءها خيرا فخير وشرا فشر حتى لو أن أحدكم عمل خيرا من وراء سبعين حجابا لأظهر اللَّه ذلك الخير حتى يكون ثناؤه في الناس خيرا, ولو أن أحدكم أسر شرا من وراء سبعين حجابا لأظهر اللَّه ذلك الشر حتى يكون ثناؤه في الناس شرا". ورواه محمد بن الحسن في آخر كتاب الآثار مقطوعا من من كلام إبراهيم النخعى فقال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: "أسروا ما شئتم وأعلنوا ما شئتم ما من عبد يسر شيئًا إلا ألبسه اللَّه تعالى رداءه. 2995/ 7814 - "مَا أسفَلَ الكَعْبَيْنِ من الإزار فَفِى النارِ". (خ. ن) عن أبي هريرة قلت: ورواه البخارى أيضًا في كتاب الكنى من حديث عائشة قالت: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول [ص 77، رقم 736]: "ما تحت الكعبين من الإزار في النار", خرجه في ترجمة أبي نبيه. 2996/ 7816 - "مَا أسْكَرَ منْهُ الفرقُ فملءُ الكف منْه حرامٌ". (حم) عن عائشة

قال في الكبير: ظاهره أنه لم يخرجه أحد من الستة وليس كذلك، بل رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه. قلت: فأبو داود والترمذى [رقم 1861] خرجاه بلفظ: "كل مسكر حرام وما أسكر منه الفرق. . . " الحديث. وقد ذكره المصنف سابقا في حفر "الكاف" وعزاه لهما، وأما ابن ماجه فلم يخرجه بهذه الزيادة أصلًا. 2997/ 7818 - "مَا أصابَ الحجَّامُ فاعِلفُوهُ الناضِحَ". (حم) عن رافع بن خديج قال الشارح: وفي إسناده اضطراب بينه في الإصابة، فرمز المؤلف لحسنه فيه نظر. قلت: لا نظر فيه فرجال السند ثقات، وقد عبر عنه الحافظ الهيثمى [4/ 93] بأنه مرسل صحيح الإسناد، ومع هذا فللمتن شواهد من حديث محيصة وجابر بن عبد اللَّه ورجال حديثيهما رجال الصحيح وعن ثوبان وسنده ضعيف. 2998/ 7819 - "مَا أصَابَنِي شئٌ منهَا إلا وهُوَ مكتوبٌ عليَّ وآدمُ في طِيَنتِهِ". (هـ) عن ابن عمر قال في الكبير: رمز لحسنه وفيه بقية بن الوليد. قلت: وحديثه حسن كما قال المصنف: 2999/ 7820 - "مَا أصبَحْتُ غداة قَطُّ إلا استغفرتُ اللَّه فيهَا مائةَ مرَّةٍ". (طب) عن أبي موسى

قال في الكبير: رمز لحسنه وفيه أبو داود مغيرة الكندى قال في الميزان: قال البخارى: يخالف في حديثه وأورد له هذا الخبر. قلت: المغيرة بن أبي الحُرّ قال أبو نعيم: ثقة، وأبو حاتم: لا بأس به، وكذا قال الترمذى، وذكره ابن حبان في الثقات، وانفرد البخارى بما قال فيه وتبعه العقلى فأورده في الضعفاء [4/ 174، رقم 1751] تقليدا للبخارى بدون حجة، وأخرج له هذا الحديث الذي لم يجد غيره فيما يظهر مع أنه لم يخالف فيه، فإنه ورد من غير طريقه كما هو معروف ويكفيه أن النسائى احتج به في سننه فالحديث في نظرى صحيح لا حسن فقط، قال الطبرانى: حدثنا على بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا المغيرة بن أبي الحر الكندى عن سعيد ابن أبي بردة عن أبيه عن جده قال: "جاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحن جلوس فقال: ما أصبحت. . . " وذكره، فرجال [هذا] (¬1) السند كلهم رجال الصحيح إلا المغيرة وهو ثقة صحيح الحديث كما سمعت، والحديث خرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 60] عن الطبرانى. 3000/ 7822 - "مَا أصَرَّ مَن استغفَرَ وإنْ عَادَ في اليومِ سبعينَ مرَّةً". (د. ت) عن أبي بكر قال في الكبير: قال الترمذى: غريب وليس إسناده بقوى، قال الزيلعى: إنما لم يكن قويا لجهالة مولى أبي بكر الراوى عنه لكن جهالته لا تضر إذ يكفيه نسبته إلى أبي بكر اهـ. وأقول: فيه أيضًا عثمان بن واقد ضعفه أبو داود نفسه. قلت: من عجيب أحوال هذا الشارح الدخول في الفضول والمشاركة فيما لا ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط هؤلاء.

يحسن ولا يتقن، والتعقب والاستدراك على الحفاظ الكبار أصحاب التحقيق للفن والإتقان فعثمان بن واقد ثقة وثقه أحمد وابن معين وابن حبان والدارقطنى، ولو كان ضعيفًا لأعله به الحفاظ ولما اقتصروا على ذكر جهالة المولى، وأبو داود إنما ضعفه لكونه روى حديث: "من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل" فقال: لا نعلم أحدا قال فيه: "من الرجال والنساء" غيره، وهذا محتمل لأن يكون رواه كذلك ولأن يكون دخل عليه فيه الوهم ودخول الوهم في مثل حديث لا يخلو منه بشر، ومع هذا فقد روى له أبو داود وسكت على حديثه خلاف ما قد يتوهم من كلام الشارح أنه ضعفه عقب الحديث. والحديث خرجه أيضًا أبو يعلى وابن السنى في اليوم والليلة [5/ 80] والبزار وابن زنجوية في الترغيب [1/ 422] والبغوى في التفسير وأسلم بن سهل الواسطى بحشل في تاريخ واسط، وابن شاهين في الترغيب, والقضاعى في مسند الشهاب كلهم من طريق عثمان بن واقد عن أبي نصيرة عن مولى لأبي بكر عن أبي بكر رضي اللَّه عنه، وقال البزار: لا نحفظه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من وجه من الوجوه إلا عن أبي بكر -كذا قال والواقع خلافه كما سأذكره- قال: وعثمان بن واقد مشهور وأبو نصيرة ومولى لأبي بكر فلا يعرفان -كذا قال وليس كذلك بالنسبة لأبي نصيرة كما سيأتى- قال: ولكن لما كان هذا الحديث لا يعرف إلا من هذا الوجه لم نجد بدا من كتابته ونبهنا عليه اهـ. ولما نقل ابن كثير في التفسير [2/ 106] قول الترمذى: وليس إسناده بالقوى، قال والظاهر أنه لأجل جهالة مولى أبي بكر ولكن جهالة مثله لا تضر لأنه تابعى كبير ويكفيه نسبته إلى أبي بكر رضي اللَّه عنه فهو حديث حسن اهـ. وقال الحافظ جمال الدين الزيلعى في تخريج أحاديث الكشاف: عثمان بن واقد وثقه أحمد وابن معين وشيخه أبو نصيرة اسمه مسلم بن عبيد الواسطى وثقه أحمد وابن حبان، ومولى أبي بكر هو أبو رجاء وباقى رجاله ثقات

مشهورون، وقول الترمذى: ليس إسناده بالقوى، الظاهر أنه لأجل جهالة مولى أبي بكر، ثم قال مثل مقالة ابن كثير أخذا منه لأنه السابق لها. وقال ابن مفلح في كتاب "الآداب الكبرى": هذا حديث حسن وكون راويه عن أبي بكر لم يسم لا يضر لأن المتقدمين حالهم حسن كذا قال، ومن الغريب قول ابن العربى المعافرى في "سراج المريدين" في الاسم السادس منه ما نصه ومن الحكمة: ما أصر من استغفر. . . الحديث ثم قال: وبه أقول اهـ. وهذا ينادى عليه بالقصور وعدم الاطلاع ومعرفة ما في السنن من الحديث وهو كذلك فإن من سابر كتبه ولا سيما سراج المريدين رأى منه في هذا الباب العجب العجاب فإنه ينكر كثيرًا من الأحاديث الصحيحة المشهورة ويأتى بكليات يضحك منها صغار طلحة الحديث فلا أدرى كيف عده الذهبى من الحفاظ. وقد ورد هذا الحديث أيضًا من حديث ابن عباس قال الطبرانى في كتاب الدعاء: حدثنا محمد بن الفضل السقطى ثنا سعيد بن سليمان ثنا أبو توبة عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله سواء. 3001/ 7824 - "مَا أطعمْتَ زوجتَكَ فَهُو لَك صدقَةٌ، وَمَا أطعمْتَ ولدَك فَهُوَ لَك صدقَةٌ، وما أطعمْتَ خادمَكَ فهوُ لكَ صدقةٌ، وَمَا أطعمْتَ نفسَكَ فَهُو لكَ صدقَةٌ". (حم. طب) عن المقدام بن معديكرب قال الشارح: بإسناد صحيح. وقال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات، وقال المنذرى: إسناده جيد،

وبه يعرف أن رمز المؤلف لحسنه تقصير وإنه كان الأولى الرمز لصحته. قلت: بل كان الأولى لك أن تسكت فإن الحديث من رواية بقية قال أحمد [4/ 131]: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس ثنا بقية ثنا بكير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدى كرب به. وقال الطبرانى: حدثنا الحسين بن السميدع ثنا محمد بن المبارك ثنا بقية به. ورواه أيضًا البخارى في الأدب المفرد: حدثنا حيوة بن شريح ثنا بقية. وكذلك رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 76] من طريق محمد بن سليمان لوين عن بقية. وحديث بقية حسن كما قال المصنف بل كثيرا ما يحسن أحاديث فيتعقبه الشارح بأنها من رواية بقية يريد بذلك أنها ليست بحسنة وأقرب ذلك حديث: "ما أصابنى شيء منها" المار قبل ثلاثة أحاديث فهناك لم يرض بتحسين حديث بقية ورآه أقل من ذلك وهنا لم يرض بتحسينه ورآه أعلى من ذلك. وهذا نهاية في التهافت، ولو كان عنده ذوق في هذا الفن لعلم أن الحافظ المنذرى لم يعدل عن قوله: حسن أو صحيح إلى قوله جيد إلا لنكتة. 3002/ 7825 - "ما أظلَّتِ الخضراءُ ولا أقلَّتِ الغبراءُ منْ ذِى لهجةٍ أصدقَ من أبي ذَرٍّ". (حم. ت. هـ. ك) عن ابن عمرو قلت: في الباب أيضًا عن جابر بن سمرة وعلى وأبي الدرداء. فحديث جابر ابن سمرة رواه الدولابى في الكنى [1/ 146]: حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الأولى ثنا إسماعيل بن أبان أنبأنا ناصح أبو

عبد اللَّه المحلمى عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء أصدق لهجة منك يا أبا ذر". وحديث على رواه الطحاوى في مشكل الآثار [1/ 224] من طريق شريك النخعى عن الأعمش قال: سمعت أبا وائل يحدث عن على قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول مثل اللفظ المذكور في المتن سواء. وحديث أبي الدرداء أخرجه الطحاوى أيضًا: ثنا أبو أمية ثنا الحسن بن موسى الأشيب ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن بلال عن أبي الدرداء به مثله. ورواه أيضًا من حديث عبد اللَّه بن عمرو، وكذلك رواه من حديثه البخارى في الكنى في أبي حرب بن أبي الأسود [ص 23، رقم 181]. 3003/ 7826 - "ما أُعْطِى أهلُ بيتٍ الرفقَ إلا نفعَهُمْ". (طب) عن ابن عمر قلت: ورواه الديلمى من طريق أبي نعيم ثم من رواية إبراهيم بن الحجاج: ثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر به وزاد فيه: "ولا منعوه إلا ضرهم". 3004/ 7827 - "مَا أعطَى الرجلُ امرأتَهُ فَهو صَدقةٌ". (حم) عن عمرو بن أمية الضمرى قال الشارح: وفيه محمد بن حميد ضعيف، فقول المؤلف حسن غير حسن. قلت: الحديث له شواهد متعددة يرتقى بها إلى الصحيح فضلا عن الحسن. 3005/ 7831 - "ما أكرَمَ شابٌّ شيخًا إلا قيَّض اللَّهُ لهُ من يكرِمَهُ عندَ سِنِّهِ". (ت) عن أنس

قال في الكبير: وقال (ت): حسن وتبعه المصنف فرمز لحسنه ولا يوافق عليه، فقد قال ابن عدى: هذا حديث منكر، وقال الصدر المناوى: فيه يزيد بن بيان العقيلى عن أبي الرَّحّال خالد بن محمد الأنصارى، ويزيد ضعفه الدارقطنى وغيره، والرحال واه، قال البخارى: عنده عجائب: وقال الحافظ العراقى: حديث ضعيف وكذا قال السخاوى. قلت: وبعد هذا كله كتب في الشرح الصغير قال الترمذى: حسن صحيح اهـ. ولم يزد على ذلك فكان فيه إيهام وتدليس فإن السنن الصحيحة من سنن الترمذى ليس فيها ذلك بل فيها أنه قال: غريب لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيح يزيد بن بيان وأبو الرحّال الأنصارى آخر اهـ. والحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ [1/ 185] والقضاعى في مسند الشهاب وابن أبي الدنيا في كتاب العمر والشيب وأبو الأسعد القشيرى وابن الأبار في المعجم وجماعة كلهم من طريق يزيد بن بيان عن أبي الرحال عن أنس به. وأبو الرحال بالحاء المهملة المشددة وبفتح الراء، وهو يشتبه بأبى الرجال بكسر الراء وبالجيم المعجمة وقد تكلمت على الحديث وأوردت أسانيده في المستخرج على مسند الشهاب. 3006/ 7834 - "ما التفَتَ عبد قطُّ في صلاتِهِ إلَّا قالَ لهُ ربُّهُ: أينَ تلتفتُ يا ابن آدمَ أَنَا خيرٌ لَكَ ممَّا تلتفتُ إليهِ". (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه الحاكم في التاريخ وعنه أورده البيهقى فلو عزاه المصنف له كان أولى. قلت: بل عزوه إلى البيهقى أولى لأنه التزم ألا يخرج حديثا يعلم أنه موضوع بخلاف الحاكم في التاريخ.

3007/ 7835 - "مَا أُمرتُ بتشييدِ المساجِد" (د) عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد صحيح. قلت: رجاله ثقات لكن لا يقال عنه صحيح فإن الشارح أخذ ذلك من قوله في الكبير: سكت عليه أبو داود والمنذرى، وهذا لا يفيد الصحة. وقد خرجه أبو نعيم في الحلية [7/ 313] من طريق محمد بن الصباح وهو شيخ أبي داود فيه: ثنا سفيان بن عيينة عن سفيان الثورى عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس به ثم قال: لم يوصله إلا محمد بن الصباح، ورواه عبد الجبار وغيره فوقفه على يزيد اهـ. 3008/ 7836 - "مَا أُمِرْتُ كلَّمَا بُلْتُ أنْ أتوضَّأ ولو فعلتُ لكانَتْ سنة". (حم. د. هـ) عن عائشة قال الشارح: بإسناد ضعفه المنذرى، وحسنه العراقى. قلت: هذا من التهور والتلاعب فإنه قال في الكبير: ذكره النووى في الخلاصة في فصل الضعيف وعبّر في الصغير بالمنذرى، والمنذرى لم يضعف هذا الحديث، ثم إنه أطلق عزو التحسين إلى العراقى والمتبادر عند الإطلاق هو الحافظ زين الدين، ولكنه في الكبير نسب ذلك إلى ابنه ولى الدين فليس هذا من الأمانة ولا من التحقيق في شيء، والكلام على الحديث معلوم في كتب التخاريج. 3009/ 7837 - "ما أمعَرَ حاجٌّ قطُّ". (هب) عن جابر

قال في الكبير: وظاهر صنيع المؤلف أن البيهقى سكت عليه وليس كذلك، بل عقبه بقوله: محمد بن أبي حميد ضعيف. . . إلخ. قلت: هذا كذب على ظاهر صنيع المصنف فإنه رمز له بعلامة الضعيف، ولا عيب عليه في عدم عزوه إلى الطبرانى والبزار إلا في نظر هذا المتعنت وإذا كان كذلك فإن الشارح كثير النقل من مسند الفردوس للديلمى والعزو إليه وقد خرج هذا الحديث فيه من غير طريق محمد بن حميد فكان عدم عزوه إليه من القصور. قال الديلمى: أخبرنا محمد بن طاهر أخبرنا على بن شعيب أنا أحمد بن الحسين الرازى ثنا أبو روق النهرانى ثنا العباس بن القرج الرقاشى ثنا محمد بن خالد بن عمه ثنا عبد اللَّه بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر به. 3010/ 7839 - "مَا أنزلَ اللَّهُ داءً إلا أنزلَ لهُ شِفاءً". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: وصنيع المصنف بأن ذا لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه وهو ذهول عجيب، فقد خرجه البخارى في الطب ورواه مسلم بلفظ: "ما أنزل اللَّه داء إلا أنزل له دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن اللَّه". قلت: أما البخارى [4/ 253، 7/ 158] فنعم، قد خرجه من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ، وأما مسلم فكذب، لم يخرجه بهذا اللفظ ولا من حديث أبي هريرة بل خرجه بلفظ (¬1): "لكل داء دواء فإذا أصيب. . . " إلخ ما ذكره الشارح، وهو من حديث جابر، وقد ذكره ¬

_ (¬1) كتاب السلام باب (26)، رقم (69).

المؤلف سابقا وعزاه لأحمد ومسلم. وفي الباب عن جماعة يزيد عددهم على العشرة ذكرت أحاديثهم مسندة في مستخرجى على مسند الشهاب. 3011/ 7840 - "مَا أنعمَ اللَّهُ تعالَى علَى عبدٍ نعمةً فقالَ: الحمدُ للَّهِ إلَّا كانَ الَّذِي أُعطِى أفضل ممَّا أَخذَ". (هـ) عن أنس قلت: أخرجه أيضًا ابن السنى في اليوم والليلة [رقم 350] من رواية محمد ابن معمر: ثنا أبو عاصم عن شبيب بن بشر عن أنس به بلفظ: "ما أنعم اللَّه عز وجل على عبد نعمة فقال: الحمد للَّه رب العالمين إلا كان قد أعطى خيرا مما أخذ" وأبو عاصم هو شيخ شيخ ابن ماجه فيه لأنه رواه عن الحسن بن على الخلال عنه. ورواه الحكيم الترمذى في "نوادر الأصول" عن الحسن مرسلًا فقال في الأصل السابع ومائتين (¬1): حدثنا الجارود حدثنا وكيع عن يوسف أبي خزيمة عن الحسن قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما أنعم اللَّه على عبد من نعمة صغيرة ولا كبيرة فحمد اللَّه عليها إلا كان قد أعطى خيرا مما أخذ". ورواه ابن أبي الدنيا في "الشكر" عن الحسن من قوله لم يرفعه مع أنه رواه بهذا الإسناد فقال: حدثنا أبو السائب ثنا وكيع عن يوسف الصباغ عن الحسن قال: "ما أنعم جل وعز على [عبد] نعمة فقال: الحمد للَّه إلا كان ما أعطى أكثر مما أخذ". ¬

_ (¬1) هو في الأصل الخامس والثلاثين ومائتين (2/ 246).

قال ابن أبي الدنيا: وبلغنى عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن هذا فقال: هذا خطأ لا يكون فعل العبد أفضل من فعل اللَّه عز وجل، ثم نقل عن بعض أهل العلم تفسيره بما يراجع منه (ص 23). 3012/ 7842 - "ما أنعمَ اللَّهُ تعالَى علَى عبدٍ نعمةً من أهلٍ ومالٍ وولدٍ، فيقولُ: ما شاءَ اللَّهُ، لا قوَّةَ إلا باللَّهِ، فيرَى فيه آفةً دونَ الموتِ". (ع. هب) عن أنس قلت: أخرجه أيضًا ابن السنى في اليوم والليلة، وأسنده المؤلف في بغية الوعاة من جزء أبي روق النهرانى وآخرون كلهم من رواية عمر بن يونس اليمانى عن عيسى بن عون عن عبد الملك بن زرارة عن أنس به. وقال أبو الفتح الأزدى: عيسى بن عون عن عبد الملك بن زرارة عن أنس لا يصح حديثه. قلت: وفيه مع ذلك انقطاع فقد أخرجه ابن أبي الدنيا في "الشكر" من طريق الحسن بن الصباح عن عمر بن يونس أيضًا عن عيسى بن عون فقال عن جعفر بن الفرافصة الحنفى عن عبد الملك بن زرارة به فزاد في السند جعفرا المذكور. 3013/ 7846 - "ما أنكرَ قلبكَ فدعْهُ". ابن عساكر عن عبد الرحمن بن معاوية بن خديج قال في الكبير: قال الذهبى: لا تصح له صحبة فهو مرسل اهـ. وفي التقريب كأصله إنه من الطبقة الثالثة فعلى المصنف ملام في إيهامه إسناده. قلت: لا بل الملام عليك في كلامك بالهوى والتعنت فإن عبد الرحمن بن معاوية بن خُديج معروف عند أهل العلم أنه ليس بصحابى بل والده معاوية

مختلف في صحبته، ثم لو لم يكن كذلك فمن أين يأتيه الملام وحده وهذه آلاف مصنفات السنة من عهد مالك إلى آخر عصر المخرجين يسند فيها الأئمة والحفاظ عن التابعين وأتباعهم المرفوعات ولا يقول واحد منهم مرسلًا ولا معضلا إلا عند ذكر الخلاف بين من أرسله وأوصله، وإنما يقول مرسلًا المتأخرون فلم يكون المصنف ملاما دون ابن عساكر الذي خرج الحديث ولم يقل: مرسلًا، ودون مالك الذي ملأ الموطأ بالمراسيل ولم يقل في واحد منها مرسلًا، وكذا الشافعى في الأم ثم سائر الأئمة والحفاظ إلى المائة السابعة، إن هذا لعجب. وقد أخرج ابن المبارك هذا الحديث في كتاب الزهد ولم يقل فيه: مرسلًا كسائر المراسيل التي يخرجها في كتبه. قال ابن المبارك [رقم 824]: أخبرنا ابن لهيعة حدثنى يزيد بن أبي حبيب أن سويد بن قيس حدثه عن عبد الرحمن بن معاوية بن خديج أن رجلًا سأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "يا رسول اللَّه: ما يحل لي مما يحرم على؟ فسكت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فرد عليه ثلاث مرات كل ذلك يسكت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم قال: أين السائل؟ فقال الرجل: أنا يا رسول اللَّه، فقال: ما أنكر قلبك فدعه". ثم إن قول الشارح وفي التقريب كأصله أنه من الطبقة الثالثة كذب على أصل التقريب، فإنه ليس فيه تعرض لبيان الطبقات بل ذلك خاص بالتقريب. 3014/ 7847 - "ما أهدى المرءُ المسلمُ لأخيهِ هديةً أفضلَ من كلمةِ حكمةٍ يزيدُهُ اللَّهُ بها هُدًى أو يردُّه بهَا عن رَدى". (هب) عن ابن عمرو قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن البيهقى سكت عليه والأمر

بخلافه، بل قال عقبه: في إسناده إرسال بين عبيد اللَّه وعبد اللَّه اهـ. وفيه مع ذلك إسماعيل بن عياش، قالوا: ليس بالقوى، وعمارة بن غزية ضعفه ابن حزم لكن خولف، وعبيد اللَّه بن أبي جعفر، قال أحمد: ليس بالقوى. قلت: هذا كذب على ظاهر صنيع المصنف فإنه رمز له بعلامة الضعيف وعمارة ابن غزية ثقة من رجال الصحيح وكذلك عبيد اللَّه بن أبي جعفر فالأول احتج به مسلم ولم يتكلم فيه أحد إلا ابن حزم خطأ منه، والثانى احتج به الشيخان معا ولم يتكلم فيه أحد إلا رواية ذكرها الذهبى عن أحمد لعلها لا تصح عنه، فإن المعروف عن أحمد توثيقه فذكرهما من جهل الشارح بالفن وقواعد التعليل، والحديث رواه الديلمى [رقم 218] من طريق أبي نعيم: حدثنا محمد بن نصر ثنا محمد بن عبد اللَّه بن الحسن ثنا محمد بن بكر الحضرمى ثنا إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر عن عبد اللَّه بن عمرو به. 3015/ 7853 - "ما أوذِى أحد ما أُوذيتُ في اللَّهِ". (حل) عن أنس قلت: هو عنده من رواية محمد بن سليمان بن هشام ثنا وكيع عن مالك عن الزهرى عن أنس به، وقال غريب من حديث مالك تفرد به وكيع اهـ. وأخرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء [2/ 304] في ترجمة محمد بن سليمان ابن هشام وقال: إنه منكر الحديث عن الثقات كأنه كان يسرق الحديث، يعمد إلى أحاديث معروفة لأقوام بأعيانهم حدث بها عن شيوخهم، لا يجوز الاحتجاج به بحال. ورواه الديلمى [4/ 51] من طريق الحاكم ثم من حديث بريدة. قال الحاكم:

حدثنا المحاملى ثنا محمد بن إبراهيم الطرسوسى ثنا إسحاق بن منصور ثنا إسرائيل عن جابر عن ابن بريدة عن أبيه به مثله. وسبق في حرف "اللام": "وقد أوذيت في اللَّه وما يؤذى أحد"، الحديث. 3016/ 7855 - "ما بَعثَ اللَّهُ نبيًا إلا عاشَ نصفَ ما عاشَ الذي كانَ قبَلُه". (حل) عن زيد بن أرقم قال الشارح: بإسناد واه. وقال في الكبير: فيه عبيد بن إسحاق ضعفوه، ورضيه أبو حاتم، وفيه كامل فإن كان الجحدرى فقد قال أبو داود: رميت بحديثه، أو السعدى فجرحه ابن حبان. قلت: عجيب جدًا أن يكون هذا هو المستند في قوله: إنه واه فإن ما ذكره لا دلالة فيه على وهي السند؛ لأنه لم يذكر أن فيه كذابا ولا متهما به فعبيد العطار وإن قالوا فيه: متروك منكر الحديث فقد قال فيه أبو حاتم: ما رأينا إلا خيرا، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يغرب، وقال على بن مسلم: كان شيخ صدق، وأما كامل فهو ابن العلاء التميمى كما صرح به البخارى في التاريخ الكبير [7/ 244] فقال في ترجمته: حدثنا عبيد العطار ثنا كامل قال: أخبرنى حبيب بن أبي ثابت عن يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم به مثله، وصرح به أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار [1/ 48، 49] فقال: حدثنا محمد بن على بن داود ثنا عبيد اللَّه بن إسحاق العطار ثنا كامل بن العلاء التميمى عن حبيب بن أبي ثابت به. وكامل بن العلاء وثقه ابن معين والنسائى ويعقوب بن سفيان وابن عدى ولهذا

قال الحافظ السخاوى في المقاصد الحسنة بعد ما عزاه لأبي نعيم في الحلية والفسوى في المشيخة: إنه سند حسن لاعتضاده، قال: وقد أخرج الطبرانى في الكبير بسند رجاله ثقات إلى محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان بن عفان عن أمه فاطمة ابنة الحسين بن على أن عائشة كانت تقول: "إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في مرضه الذي قبض فيه لفاطمة صلى اللَّه عليها وسلم: إن جبريل كان يعرضه القرآن في كل عام [مرة] وإنه عارضنى القرآن العام مرتين، وأخبرنى أنه أخبره أنه لم يكن نبي إلا عاش نصف عمر الذي كان قبله، وأخبرنى أن عيسى بن مريم عاش عشرين ومائة سنة ولا أرانى إلا ذاهبا على رأس الستين. . . " الحديث، ولأبي نعيم عن ابن مسعود رفعه: "يا فاطمة إنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي قبله. . . " الحديث. قلت: وحديث عائشة أخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار [1/ 48، 49]: حدثنا يوسف بن يزيد ثنا سعيد بن أبي مريم عن نافع بن يزيد حدثنى أبي عوانة يعنى عمارة عن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان به. 3017/ 7858 - "مَا بينَ المشرقِ والمغربِ قبلةٌ". (ت. هـ. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: ثم إن سياق الحديث هكذا هو ما في نسخ الكتاب، والذي وقفت عليه في الفردوس معزوا للترمذى بزيادة "لأهل المشرق" فليحرر. قلت: هكذا قال في الكبير ثم قال في الصغير: وللحديث تتمة عند مخرجه وهي قوله بعد ما ذكر "لأهل المشرق" اهـ. فجزم بما طلب أن يحرر دون تحرير، فإن هذه الزيادة لا أصل لها في الحديث، وإنما ذكرها الترمذى عن ابن المبارك فقال [2/ 175]: وقال ابن المبارك: "ما بين المشرق والمغرب قبلة" هذا لأهل المشرق.

3018/ 7860 - "مَا بينَ بيتى ومنبرى روضةٌ من رياضِ الجنةِ". (حم. ق. ن) عن عبد اللَّه بن زيد المازنى (ت) عن على وأبي هريرة قلت: قصر المؤلف في عزو هذا الحديث هنا وفي كتاب المتواتر فإنه قال فيه أخرجه الشيخان (1) عن أبي هريرة، ومسلم (¬1) عن عبد اللَّه بن زيد المازنى وابن عمر، وابن عساكر عن جابر بن عبد اللَّه، وأبو بكر الشافعى في الغيلانيات، وابن عساكر [6/ 245] عن أبي بكر الصديق اهـ. هكذا عزا حديث ابن عمر لمسلم وليس هو فيه، وعزا حديث عبد اللَّه بن زيد لمسلم وهو في صحيح البخارى أيضًا، كما أنه عزا في المتن حديث أبي هريرة للترمذى، وهو في الصحيحين أيضًا. ثم إن في الباب عن جماعة أيضًا منهم عمر والزبير وسعد بن أبي وقاص وأبو سعيد الخدرى وأنس بن مالك وسهل بن سعد وعائشة وأم سلمة ورجل من الصحابة، وذكر الحافظ أن أبا القاسم بن منده خرجه في تذكرته من حديث جبير بن مطعم وأبي واقد الليثى وزيد بن ثابت وزيد بن خارجة ومعاذ بن الحارث أبي حليمة. فحديث عبد اللَّه بن زيد رواه مالك أيضًا في الموطأ [رقم 197] وأحمد [4/ 39، 40] وابن سعد في الطبقات [1/ 2/ 12]، والطحاوى في مشكل الآثار, وأبو نعيم في الحلية, والبيهقى في السنن [5/ 247] كلهم من رواية عباد ابن تميم عنه، وفي لفظ لأحمد [4/ 40 - 41]: "ما بين هذه البيوت -يعنى بيوته- إلى منبرى روضة من رياض الجنة، والمنبر على ترعة من ترع الجنة. وحديث على رواه الترمذى [رقم 3915، 3916] عن عبد اللَّه بن أبي زياد: ¬

_ (¬1) البخارى (2/ 773/ 29، 8/ 151، 9/ 129). ومسلم: كتاب الحج باب (92)، رقم: (500، 502).

ثنا أبو نباتة يونس بن يحيى بن نباتة ثنا سلمة بن وردان عن أبي سعيد بن أبي المعلى عن على بن أبي طالب وأبي هريرة قالا: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وحديث أبي هريرة رواه مالك [رقم 197] عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما بين قبرى ومنبرى روضة من رياض الجنة، ومنبرى على حوضى"، قال ابن عبد البر: هكذا رواه رواة الموطأ على الشك إلا معن بن عيسى وروح ابن عبادة فإنهما قالا فيه: عن أبي هريرة وأبي سعيد جميعًا لا على الشك، ورواه عبد الرحمن بن مهدى عن مالك فقال: عن أبي هريرة وحده ولم يذكر أبا سعيد. قلت: هو كذلك في مسند أحمد عن عبد الرحمن، وفي صحيح البخارى [3/ 29] عن عمرو بن على الفلاس عنه أيضًا، لكن وقع في المسند أيضًا قول أحمد: قرأت على عبد الرحمن مالك عن خبيب قال عبد اللَّه بن أحمد: قال أبي: وثنا إسحاق قال: أنا مالك عن خبيب عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد بالشك أيضًا، فيحتمل أنها من رواية إسحاق عطفها على رواية ابن مهدى، ويحتمل أنها من رواية ابن مهدى أيضًا فيكون اختلافا منه. قال الحافظ: وليس هذا الحديث في الموطأ عند أحد من الرواة إلا معن بن عيسى فيما قيل فقط، ورواه عن مالك خارج الموطأ فمنهم من قال فيه عن أبي هريرة فقط، وهذه رواية عبد الرحمن بن مهدى وحده التي اقتصر عليها البخارى، صرح الدارقطنى بأنه رواها عن مالك هكذا وحده، ومنهم من قال: عن أبي هريرة وأبي سعيد وهذه رواية معن بن عيسى ومطرف والوليد ابن مسلم، ومنهم من قال: عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد بالشك وهذه رواية القعنبى والتنيسى والشافعى والزعفرانى، واختلف فيه على روح بن عبادة ومعن بن عيسى فقيل بالشك وقيل بالجمع.

انتهى ملخصا من كلام الإسماعيلى والدارقطنى اهـ. قلت: وروى عن روح بن عبادة على وجه ثالث غريب وهو عن أبي هريرة عن أبي سعيد، أخرجه الطحاوى في مشكل الآثار [4/ 68، 69، 70] عن على بن معبد عنه ثم قال: هكذا حدثناه على بن معبد بلاشك ذكره فيه، وأخشى أن يكون قوله: عن أبي سعيد تحريفا من الناسخ، وإنما هو وأبي سعيد بواو الجمع، وهكذا رواه أحمد والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما عن روح بالجمع أيضًا. وممن رواه عن مالك بالشك أيضًا ممن لم يذكره الدارقطنى عبد اللَّه بن وهب، كذلك أخرجه الطحاوى في المشكل عن يونس عنه عن مالك بالشك، وقد رواه جماعة غير مالك عن خبيب عن حفص عن أبي هريرة وحده منهم عبيد اللَّه بن عمر وأخوه عبد اللَّه ومحمد بن إسحاق وشعبة. فرواية عبيد اللَّه عند أحمد وابن سعد والبخارى ومسلم والبيهقى في السنن وأبي نعيم [1/ 93، 288، 2/ 276, 322] في تاريخ أصبهان، ورواية عبد اللَّه عند أحمد [3/ 64] ورواية ابن إسحاق عند أحمد أيضًا والطحاوى في مشكل الآثار. ورواية شعبة عند الطبرانى في الصغير [2/ 122] وأبي نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 93] عنه ثم من رواية يحيى بن عباد: ثنا شعبة عن خبيب به، وقال: لم يروه عن شعبة إلا يحيى بن عباد. وورد عن أبي هريرة من غير هذين الوجهين من رواية أبي الزناد عن الأعرج عنه، ومن رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه أخرجهما أحمد في المسنده وحديث ابن عمر قد قدمنا أن المؤلف واهم في عزوه إلى مسلم إن لم يكن سقط مُخرجه من نسختنا، وأغرب عصريه الشريف السمهودى فعزاه في وفاء الوفا إلى الشيخين معا وهو وهم أيضًا، قال الطحاوى في مشكل الآثار:

حدثنا محمد بن على بن داود ثنا أحمد بن يحيى بن المسعودى ثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما بين قبرى ومنبرى روضة من رياض الجنة"، وقال الخطيب في التاريخ: أخبرنا محمد بن جعفر بن علان ثنا أبو الفضل العباس بن محمد بن أحمد بن تميم الأنماطى ثنا موسى بن إسحاق القاضى الأنصارى ثنا أحمد بن يحيى بن المنذر بن عبد الرحمن به مثله بلفظ: "القبر"، وأخرجه أيضًا في المهروانيات قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل ثنا أبو الحسين أحمد بن عثمان ثنا محمد ابن عبد اللَّه بن سليمان ثنا أحمد بن يحيى الأحول به مثله بلفظ: "القبر" أيضًا، ثم قال: هذا حديث غريب من حديث مالك عن نافع تفرد بروايته عنه أحمد بن يحيى الأحول، وتابعه عبد اللَّه بن نافع عن مالك اهـ. وسبقه إلى ذلك الطحاوى فقال في المشكل: وهذا من حديث مالك. يقول أهل العلم بالحديث: إنه لم يحدث به عن مالك أحد غير أحمد بن يحيى هذا، وغير عبد اللَّه بن نافع الصائغ. قلت: وهما موثقان وقد ضعف أحمد، وقيل إنه منكر الحديث أما عبد اللَّه فاحتج به مسلم وغيره. ومتابعته خرجها أبو نعيم في الحلية [9/ 324]: ثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا إسحاق بن أبي حسان ثنا القاسم بن عثمان الجوعى ثنا عبد اللَّه بن نافع المدنى عن مالك به بلفظ: "ما بين قبرى" وزاد "وإن منبرى لعلى حوضى", ورواه عن نافع أيضًا عبيد اللَّه بن عمر وأخوه عبد اللَّه وموسى الجهنى، قال أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج: ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن موسى عبدان الأهوازى ثنا زيد بن الحريس ثنا ميمون

ابن زيد عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: منبرى هذا على ترعة من ترع الجنة"، "وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما بين بيتى ومنبرى. . . " الحديث. وقال الدولابى في الكنى: ثنا على بن معبد بن نوح ثنا موسى بن هلال ثنا عبد اللَّه بن عمر أبو عبد الرحمن أخو عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من زار قبرى وجبت له شفاعتى، قال: وما بين قبرى ومنبرى ترعة من ترع الجنة". وقال الطحاوى في المشكل: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقى ثنا محمد بن بشر عن عبد اللَّه عن نافع به بلفظ: "ما بين قبرى ومنبرى روضة من رياض الجنة، ومنبرى على حوضى". وقال أبو نعيم في التاريخ [1/ 353]: حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد ثنا عمر بن أحمد بن السنى ثنا نصر بن على ثنا زياد بن عبد اللَّه عن موسى الجهنى عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "صلاة في مسجدى أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام", قال: وقال ابن عمر: "إن ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة" ورواه عن ابن عمر أيضًا سعيد بن المسيب لكنه قال عنه عن أبيه عمر كما سيأتى. وحديث جابر بن عبد اللَّه أخرجه أيضًا أحمد والطحاوى وأبو نعيم [9/ 324] والخطيب وهو من رواية محمد بن المنكدر وأبي الزبير عنه، فرواية محمد بن المنكدر عند أحمد في المسند، والطحاوى في المشكل، وأبي نعيم في الحلية, والخطيب في موضعين من التاريخ.

ورواية أبي الزبير عند الخطيب في التاريخ في ترجمة عمر بن إبراهيم بن القاسم بن بشار من رواية سفيان الثورى عن أبي الزبير عن جابر بلفظ: "ما بين قبرى ومنبرى. . . " الحديث، ولفظ رواية ابن المنكدر عند أحمد: "إن ما بين منبرى إلى حجرتى روضة من رياض الجنة، وإن منبرى على ترعة من ترع الجنة". وهكذا رواه البزار وأبو يعلى وهو عندهم من رواية على بن زيد عن المنكدر، وعلي بن زيد ضعيف، وكذلك هو في سند الطحاوى والخطيب لكن رواه أبو نعيم في الحلية والخطيب أيضًا من طريق محمد بن يونس الكديمى عن عبد اللَّه ابن يونس بن عبيد عن أبيه عن محمد بن المنكدر، وقال أبو نعيم: تفرد به الكديمى عن عبد اللَّه عن أبيه. قلت: والكديمى واه. وحديث أبي بكر رواه أيضًا البزار وأبو يعلى، وهو من رواية أبي بكر بن أبي سبرة وهو ابن عبد اللَّه بن أبي سبرة القاضى ضعيف. وحديث عمر أخرجه الإسماعيلى في مسند عمر قال: أخبرنى أحمد بن محمد بن الجعد ثنا عبد الملك بن عبد ربه ثنا عطاء بن يزيد حدثنى سعيد -هو ابن المسيب- عن عمر رضي اللَّه عنه قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما بين منبرى واسطوانة التوبة روضة من رياض الجنة" كذا قال، وعبد الملك ضعيف، والحديث فيه إرسال لأن سعيد بن المسيب لم يسمعه من عمرو إنما سمعه من ابنه عبد اللَّه عنه. قال الطحاوى [4/ 68، 70]: حدثنا أبو أمية ثنا محمد بن سليمان القرشى البصرى ثنا مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر قال: حدثنى

أبي -عمر- قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: وضع منبرى على ترعة من ترع الجنة، وما بين منبرى وبيته روضة من رياض الجنة". ورواه أبو نيعم في الحلية [9/ 324] من طريق إسماعيل بن عبد اللَّه ومحمد بن يونس كلاهما عن محمد بن سليمان به، ثم قال: غريب من حديث مالك وربيعة، تفرد به محمد بن سليمان بن معاذ أبو الربيع التيمى. وحديث الزبير رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده: حدثنا محمد بن عمر ثنا الوليد بن كثير عن سعيد بن أبي هند حدثنى قنفد قال: رأيت الزبير كثيرا يصلى بين القبر والمنبر فقلت له في ذلك فقال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ما بين قبوى ومنبرى روضة من رياض الجنة". ورواه الطبرانى في الأوسط من وجه آخر. وحديث سعد بن أبي وقاص قال محمد بن مخلد العطار في الثانى من حديثه: حدثنا عثمان بن معبد ثنا إسحاق بن محمد الفروى ثنا عبيدة بنت نائل عن عائشة بنت سعد عن أبيها سعد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة". ومن طريقه رواه الخطيب في التاريخ [11/ 390] ورواه بهذا اللفظ أيضًا البزار والطبرانى في الكبير بسند رجاله ثقات كما قال الحافظان الهيثمى وابن حجر. ورواه البخارى في التاريخ الكبير من وجه آخر قال: ثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثنى صالح بن حسين بن صالح عن أبيه عن جناح مولى ليلى بنت سهل عن عائشة بنت سعد أنها قالت: أين تسكن قلت: عند البلاط، قالت: سمعت أبي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما بين بيتى أو قال مسجدى وبين مصلاى روضة من رياض الجنة"، وقال أيضًا: حدثنى

القاسم بن أحمد حدثنا ابن أبي فديك عن الحارث بن عمرو عن جناح مولى ليلى عن عائشة بنت سعد عن أبيها قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما بين مسجدى ومصلاى روضة من رياض الجنة". وحديث أبي سعيد الخدرى رواه الطحاوى في مشكل الآثار, والخطيب في التاريخ كلاهما من طريق عبد الواحد بن زياد: ثنا إسحاق بن شرقى مولى آل عمر حدثنى أبو بكر بن عبد الرحمن حدثنى عبد اللَّه بن عمر حدثنى أبو سعيد الخدرى قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما بين قبرى ومنبرى" الحديث، ورواه الطبرانى في الأوسط بلفظ: "منبرى على ترعة من ترع الجنة، وما بين المنبر وبيت عائشة روضة من رياض الجنة", قال الحافظ الهيثمى: وسنده حسن إن شاء اللَّه. وحديث أنس رواه الطبرانى في الأوسط بلفظ: "ما بين حجرتى ومصلاى روضة من رياض الجنة" وفيه على بن الفضل التيمى وهو متروك. وحديث سهل بن سعد أخرجه أبو الحسين على بن بشران في فوائده قال: أخبرنا حمزة بن محمد بن العباس ثنا محمد بن بكير الحضرمى ثنا عبد العزيز ابن أبي حازم عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة، وقوائم منبرى رواتب في الجنة". وقال أبو نعيم في التاريخ: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سياه ثنا أزهر بن رستة بن عبد اللَّه أبو محمد ثنا أبو الحسين محمد بن بكير الحضرمى به، إلا أنه قال: "ومنبرى على ترعة من ترع الجنة قيل له: وما الترعة؟ قال: الباب". وقال البيهقى في السنن: أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل وأبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد اللَّه

الحربى قالا: أنا حمزة بن محمد بن العباس ثنا محمد بن غالب ثنا محمد بن بكير الحضرمى به بلفظ ابن بشران السابق، وقد زاد في السند محمد بن غالب والذي نقلته في أصل الفوائد ذكره، ورواه وروا أحمد والطحاوى في المشكل والطبرانى في الكبير فاقتصروا على قوله: "منبرى على ترعة من ترع الجنة", قال سهل: أتدرون ما الترعة، هي الباب من أبواب الجنة. وحديث عائشة قال أبو نعيم في التاريخ: أخبرنا عبد اللَّه بن جعفر فيما قرئ عليه وأذن لي فيه حدثنا أبو سعيد أعين بن محمد الجروادانى ثنا موسى بن مسعود ثنا محمد بن عبد الرحمن بن مجبر عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة، وقوائم منبرى على ترعة من ترع الجنة". وحديث أم سلمة: قال أبو نعيم في الحلية [7/ 248]: ثنا محمد بن المظفر ثنا أبو بشر أحمد بن محمد بن مصعب ثنا محمود بن آدم ثنا الفضل بن موسى ثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن عمار الدهنى عن أبي سلمة عن أم سلمة قالت: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: قوائم منبرى رواتب في الجنة، وما بين قبرى ومنبرى روضة من رياض الجنة"، قال أبو نعيم: تفرد به الفضل عن سفيان. قلت: وليس كذلك فقد رواه الطحاوى [4/ 68] عن عبد الغنى بن أبي عقيل عن سفيان بن عيينة لكنه قال: عن عمار الدهنى دون واسطة مسعر، وقال في متنه: "ما بين قبرى ومنبرى روضة من رياض الجنة، وإن قوائم منبرى هذا رواسب في الجنة"، وكذلك رواه البيهقى [5/ 247، 248] من طريق محمد بن كثير ومن طريق قبيصة بن عقبة كلاهما عن سفيان عن عمار أيضًا دون واسطة مسعر، لكنه اقتصر على قوله: "قوائم منبرى رواتب في الجنة"، بل رواه بهذا اللفظ أحمد في مسنده عن سفيان.

وحديث الرجل من الصحابة رواه ابن منده في الصحابة من طريق عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن سليمان بن يسار عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "منبري هذا على ترعة من ترع الجنة، وما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة". 3019/ 7866 - "ما تجرع عبدٌ جرعةً أفضلَ عندَ اللَّهِ من غيظٍ كظمَهَا ابتغاءَ وجْهِ اللَّهِ". (حم. طب) عن ابن عمر قال الشارح: رمز المؤلف لحسنه ولعله لشواهده وإلا ففيه ضعيف ومجهول. وقال في الكبير: رمز لحسنه وفيه عاصم بن على شيخ البخارى أورده الذهبى في الضعفاء, وقال: قال يحيى: لا شيء عن أبيه على بن عاصم، قال النسائى: متروك وضعفه جمع، ويونس بن عبيد مجهول. قلت: هذه فضائح ومخازى نسأل اللَّه العافية، فعاصم بن عليه, ثقة احتج به البخارى ووثقه الجمهور، واختلفت الروايات فيه عن ابن معين وكأنه كان في نفسه منه شيء، بل بالغ الأئمة في الثناء عليه، والعجب أن الذهبى لما ذكره في الميزان [2/ 354، 355، رقم 4058] علم عليه بعلامة "صح" يعنى أنه من الثقات المتكلم فيهم بدون حجة وقال: محله الصدق كان عالمًا صاحب حديث، ثم ختم الترجمة بقوله: وكان من أئمة السنة قوالا بالحق احتج به البخارى، وأبوه على بن عاصم كان من أهل الدين والصلاح والخير شديد التوقى كما قال يعقوب بن شيبة وغيره، وإنما وصفوه بأنه وإن يهم، ولما قيل ذلك لأحمد بن حنبل قال: وحماد بن سلمة كان يهم كثيرا، يريد أن الوهم لا يسقط من حاله، وقال غيره: يجب ترك ما وهم فيه والأخذ بغيره، ومع هذا فقد توبعا عليه فرواه ابن ماجه [4189] في سننه.

حدثنا زيد بن أخزم ثنا بشر بن عمر ثنا حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن الحسن عن ابن عمر به بلفظ: "ما من جرعة أعظم أجرا عند اللَّه من جرعة غيظ كظمها رجل ابتغاء وجه اللَّه"، وهذا سند على شرط الصحيح. وأما يونس بن عبيد فليس هو الذي ذكره الذهبى في الميزان وقال: لا يدرى من هو، بل هذا يونس بن عبيد البصرى الثقة المحتج به في الصحيحين المتفق عليه من أصحاب الحسن البصرى، والعجب أن الشارح رأى أن يونس هذا في سند الحديث يروى عن الحسن عن ابن عمر، ويونس المذكور في الميزان [4/ 482، رقم 9912] قال فيه الذهبى: كوفي حدث عن البراء بن عازب، فلو كان مع الشارح علم ودراية لادرك أن هذا الخبر من ذاك، بل ولعلم ضرورة أنه غيره، وإن يونس بن عبيد الثقة صاحب الحسن مشهور بين أهل الفن لا يخفى على أحد من صغارهم, ولكن الرجل ليس من أهل هذا الشأن وإنما امتحن بالكتابة فيه, ثم إنه لم يعلم أن الحديث بسند صحيح في سنن ابن ماجه, وقد خرجه من طريق على بن عاصم جماعة آخرون غير الطبرانى، كما أن في الباب عن على وابن عباس وغيرهما, وقد ذكرت ذلك في مستخرجى على مسند الشهاب إذْ اخرج القضاعى فيه هذا الحديث من طريق ابن المبارك في الزهد عن معمر عن رجل عن الحسن مرسلًا، وحديث ابن عباس سيذكره المؤلف قريبًا. 3020/ 7868 - "ما تحابَّ رجُلانِ في اللَّهِ تعالَى إلا وُضعَ لهما كُرسِيا فأُجلِسَا عليهِ حتى يفرُغَ اللَّهُ منَ الحسابِ". (طب) عن أبي عبيدة ومعاذ قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه أبو داود الأعمى وهو كذاب اهـ. فكان ينبغى للمصنف حذفه من الكتاب.

قلت: نعم وإن ينبغى له ذلك لو انفرد بهذا لكنه لم ينفرد به، ففي هذا الباب أحاديث كثيرة وسيأتى في المعرف بالألف واللام بعضها. 3021/ 7870 - "ما ترَكَ عبدٌ للَّه أمرًا لا يتركُهُ إلا للَّه عوضَهُ اللَّهُ منهُ ما هُو خيرٌ لهُ منهُ في دينِهِ ودنياهُ". ابن عساكر عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه عنه أبو نعيم في الحلية باللفظ المذكور وقال: غريب لم نكتبه إلا من هذا، قال السخاوى: لكن له شواهد، لكن ذكر المصنف في الدرر أن ابن عساكر إنما [خرجه] عنه موقوفًا فإطلاقه العزو إليه المصرح بأنه مرفوع غير جيد. قلت: بل الكذب غير جيد، قال المؤلف في الدرر [رقم 158]: حديث "من ترك شيئًا للَّه عوضه اللَّه خيرا منه", أحمد عن بعض الصحابة مرفوعًا بلفظ: "إنك لا تدع شيئًا اتقاء اللَّه إلا أعطاك اللَّه خيرا منه", وأخرج ابن عساكر من حديث ابن عمر مرفوعًا: "ما ترك عبد للَّه أمرا" الحديث كما هنا، ثم قال: وأخرج الأصبهانى في ترغيبه عن أبي بن كعب رفعه: "ما ترك عبد شيئًا لا يدعه إلا للَّه إلا آتاه اللَّه بما هو خير له منه" اهـ. فلم يذكر موقوفًا قط. وقد ترجم ابن المبارك في كتاب الزهد باب فيمن ترك شيئًا للَّه (¬1) وذكر فيه حديث البدوى الغنوى الذي خرجه أحمد، وصدره بحديث أبي بن كعب الذي خرجه الأصبهانى لكنه ذكره موقوفًا عليه [رقم 36] (1)، وذكر في الباب آثارا أخرى عن ابن مسعود [رقم 37] وعلى [رقم 39] وشريح [رقم 38]. ¬

_ (¬1) من زيادات نعيم بن حماد.

3022/ 7877 - "مَا تقرَّب العبدُ إلى اللَّهِ بشيءٍ أفضلَ منْ سجودٍ خَفيٍّ". ابن المبارك عن ضمرة بن حبيب مرسلًا قال في الكبير: قال الزين العراقى: فيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف وقد وهم الديلمى في مسند الفردوس في جعل ذا من حديث صهيب وإنما هو ضمرة بن حبيب بن صهيب، وهو وهم فاحش. قلت: كأن لفظة (بن) تحرفت له أو عليه بعن، والحديث خرجه ابن المبارك في كتاب الزهد في أوله بعد ثلاثة أبواب فقال: أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم الغسانى قال: حدثنى ضمرة بن حبيب بن صهيب به. وأما الديلمى فقال: أخبرنا أبو سعيد الأبهرى عن جده محمد بن عبد العزيز عن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحمادى عن محمد بن مسعود القزوينى عن الحسين بن الحسن عن ابن المبارك عن أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن صهيب كذا قال، وهو غلط منه في جعله عن صهيب، وفي إبداله أخبرنا وحدثنى "بعن" في الموضعين، والديلمى كثيرا ما يفعل مثل هذا ويتصرف تصرفات مشينة، بل رأيته بسند من طريق أبي نعيم في التاريخ ويقول فيما علقه أبو نعيم عن الرجل بقوله: حدَّث عن فلان فيجعل الديلمى ذلك موصولا ويعزو لأبي نعيم أنه قال: حدثنا. 3023/ 7882 - "مَا جاءَنِى جبريلُ إلا أمَرنِي بِهاتينِ الدعوتِينِ: اللَّهُمَّ ارزُقنى طيبًا، واسْتعملنى صالِحا". الحكيم عن حنظلة

قال في الكبير: حنظلة في الصحبة والتابعين كثير فكان ينبغى تمييزه. قلت: إذا كان وقع في السند غير مميز ولم يميزه مخرجه الحكيم فكيف يلزم المؤلف وحده بتمييزه، ثم إن الشارح كثير النقل من "نوادر الأصول" مما يدل على أنه وقف عليه، فلم لا ينظر في رجال الحديث ويميزه هو فإن ذلك من وظيفة الشارح. قال الحكيم في الأصل الواحد والستين ومائة (¬1): حدثنا محمد -يعنى ابن الحسن الليثى- ثنا أبو الأحوص عن غياث أبي خالد عن حنظلة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره. 3024/ 7884 - "ما جلسَ قومٌ يذكرُونَ اللَّه تعالَى إلا ناداهُم منادٍ منَ السماء قومُوا مغفورًا لكُمْ". (حم) والضياء عن أنس قلت: أخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب يزيادة: "قد يدلت سيئاتكم حسنات" كما في الذي بعده فقال: حدثنا محمد بن على المصرى ثنا الحسن بن على بن أشعث ثنا محمد بن يحيى عن أبيه ثنا خداش بن المهاجر عن ميمون بن عجلان عن ميمون بن سياه عن أنس به. 3025/ 7886 - "مَا جلسَ قومٌ مجلسًا لمْ يذكروا اللَّه تعالَى فيهِ ولمْ يُصَلُّوا على نبيهِمْ إلا كانَ عليهِم تِرَةٌ فإنْ شاءَ عذَّبَهُم، وإن شاءَ غفرَ لهُمْ". (ت. هـ) عن أبي هريرة وأبي سعيد قال في الكبير: حسنه الترمذى، وفيه صالح مولى التوأمة وسبق الكلام فيه. ¬

_ (¬1) هو في الأصل المائة والستين من المطبوع (2/ 36).

قلت: هذه إحالة مُتعِبة شبه لا شيء، ففي أي حديث من هذه الآلاف السابقة مر الكلام عليه، والحديث له طرق أخرى وسيأتى ذكره قريبًا في: "ما من قوم"، وهو من رواية أبي صالح عن أبي هريرة كما نذكره هناك إن شاء اللَّه. وهذا خرجه أيضًا الطبرانى وأبو نعيم [7/ 207] كلاهما من رواية الثورى عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة. 3026/ 7887 - "مَا جُمِعَ شيء إلى شيء أفضلَ منْ علمٍ إِلَى حلمٍ". (طس) عن على قال في الكبير: قال الهيثمى: هو من رواية حفص بن بشر عن حسن بن حسين بن زيد العلوى عن أبيه ولم أر أحدا ذكرهم. قلت: سقط من كلام الحافظ الهيثمى رجل وهو الحسن بن بشر الأسدى، فإن حفص بن بشر رواه عن الحسن بن بشر عن الحسن بن الحسين بن زيد العلوى عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على مسلسلا بالأباء إلى على. كذلك أخرجه الطبرانى في الصغير: ثنا عبد الوهاب بن رواحة الرامهرمزى ثنا أبو كريب محمد بن العلاء ثنا حفص ابن بشر به بلفظ: "والذي نفسى بيده، ما جمع شيء" الحديث، وحفص ابن بشر لم أر له ترجمة، أما الحسن بن بشر فذكره الطوسى من أصحاب الرضا وقال: إنه مجهول، وشيخه الحسن بن الحسين بن زيد ذكره أبو الفرج الأصبهانى في مقاتل الطالبيين وقال: إنه قتل مع أبي السرايا بالكوفة، ووالده الحسين بن زيد ذكره الطوسى أيضًا في أصحاب جعفر الصادق، وكذا النجاشى وقال: إنه يلقب ذا الدمعة وله ترجمة فيه وفي التنقيح. والحديث له طرق أخرى من حديث حنظلة ومعاذ وأبي أمامة.

قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان: حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ثنا النضر بن هشام ثنا إبراهيم بن حيان ابن حكيم بن حنظلة حدثنى أبي عن أبيه عن جده قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما قرن شيء إلى شيء أحسن من حلم إلى علم". وقال ابن عبد البر في العلم: حدثنا خلف بن القاسم ثنا أبو على بن السكن ثنا إبراهيم بن إسحاق الداودى ثنا حسين بن مبارك ثنا إسماعيل بن عياش حدثنى ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال: "قال رسول اللَّه-صلى اللَّه عليه وسلم-: ما أنزل اللَّه شيئًا أقل من اليقين، ولا قسم بين الناس شيئًا أقل من الحلم، وما أووى شيء إلى شيء أزين من حلم إلى علم". وقال ابن السنى: حدثنا الحسن بن أحمد بن سعيد الرهاوى أخبرنا جعفر بن محمد الحرانى عن سعيد بن يونس بن يحيى عن جده يحيى بن عبد اللَّه بن الضحاك ثنا عمر بن سالم عن أبيه عن مكحول عن أبي أمامة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما أضيف شيء إلى شيء أفضل من حلم إلى علم". أسنده الديلمى في مسند الفردوس من طريقه، وورد عن عطاء بن يسار من قوله، أخرجه ابن عبد البر في العلم من طريق أبي خيثمة: ثنا ابن عيينة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: " [ما] أووى شيء إلى شيء أزين من حلم إلى علم", ثم رواه من طرق أخرى عن سفيان، وورد عن حبيب بن حجر قال: كان يقال: "ما أحسن الإيمان يزينه العلم، وما أحسن العلم يزينه العمل، وما أحسن العمل يزينه الرفق، وما أضيف شيء إلى شيء أزين من حلم إلى علم".

أخرجه الدينورى في المجالسة قال: حدثنا إبراهيم بن حبيب ثنا نعيم بن حماد ثنا ابن المبارك قال: سمعت حبيب ابن حجر به. ورواه ابن أبي الدنيا في الحلم مختصرا [ص 26، رقم 14] عن محمد بن حميد: ثنا عبد اللَّه بن المنهال أنا حبيب بن حجر القسى (¬1) قال: كان يقال ما أضيف شيء وذكره. 3027/ 7888 - "مَا حَاكَ في صدْرِكَ فدَعْهُ". (طب) عن أبي أمامة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وهو قصور أو تقصير، فقد قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح. قلت: القصور لا يتصور في التحسين، وإنما هو باب التشديد والاحتياط إلا أن الشارح يستحلى إطلاق هذا اللفظ في حق المصنف وكذبه لما في صدره من جهته، وإنما القصور في استدلال الشارح بقول الهيثمى: رجاله ثقات على صحته، فإنه يجهل أن مجرد ثقة الرجال لا تدل على صحة السند لاحتمال وجود علل أخرى تمنع من ذلك، وهذا الحديث من رواية يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده ممطور عن أبي أمامة، ويحيى بن أبي كثير قيل أنه لم يسمع من زيد بن سلام، وقال الذهبى: روايته عنه منقطعة لأنها من كتاب وقع له، وممطور قيل: أنه لم يلق أبا أمامة أيضًا، فبان أن القصور إنما هو من الشارح الذي لم يعرف هذا ولم يطلع على هذه الدقائق. والحديث خرجه أيضًا ابن المبارك في الزهد: أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير به، وقد تقدم له قريبًا شاهد مرسل بلفظ: "ما أنكر قلبك فدعه", وشواهد أخرى معروفة. ¬

_ (¬1) تصحف هذا الاسم في المطبوع إلى العيسى.

3028/ 7889 - "مَا حُبِسَتْ الشمسُ على بشرٍ قطُّ إلا علَى يوشِعِ ابن نونٍ ليِالى سارَ إلى بيتِ المقدِسِ". (خط) عن أبي هريرة قال في الكبير: وظاهر اقتصار المصنف على عزوه للخطيب أنه لا يعرف لأشهر منه وأنه ليس ثم ما [هو] أمثل سندا منه وإلا لما عدل إليه وهو عجب، فقد قال الحفاظ ابن حجر: ورد من طرق صحيحة خرجها أحمد من طرق صحيحة خرجها أحمد من طريق هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع بن نون ليالى سار إلى بيت المقدس". قلت: عجبا لما وصلت الغفلة بهذا الرجل إليه، فهو يذكر الحديث بلفظ: "إن الشمس"، ويلوم المؤلف على عدم عزوه في باب الميم في حديث "ما", فهذا لا يمكن أن يصدر من عاقل أصلًا. 3029/ 7891 - "ما حسدَتْكُم اليهودُ على شيءٍ ما حسدَتْكُم علَى "آمينَ" فأكثروُا منْ قولِ "آمينَ"". (هـ) عن ابن عباس قال في الكبير: قال مغلطاى في شرح السنن: إسناده ضعيف لضعف راويه طلحة بن عمرو الحضرمى، وقال الحافظ العراقى في أماليه: حديث ضعيف جدًا، لكن صح ذلك بزيادة من حديث عائشة بلفظ: "إنهم لا يحسدوننا على شيء كما حسدونا على الجمعة التي هدانا اللَّه لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا اللَّه لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام "آمين""، قال العراقى: هذا حديث صحيح، قال: وأخرجه ابن ماجه مختصرا عن عائشة بلفظ: "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام

والتأمين"، قال العراقى: ورجاله رجال الصحيح اهـ، وبه يعرف أن المصنف لم يصب في إيثاره للطرق الواهية وضربه صفحا عن الصحيحة مع اتحاد المخرج. قلت: بل بهذا يعرف أنك مجنون فاقد العقل، فالحديث الذي تقول أن المصنف أضرب عنها صفحا هو بين يديك مذكور في المتن قبل هذا ملاصقا له، وإنك كتبت عليه قولك: اقتصر المصنف على حسنه وهو تقصير بل صححه ابن خزيمة ومغلطاى والحافظ، وأنت كاذب فيما نسبته إلى المؤلف، لأنه لم يرمز للحديث بشيء لا بعلامة الحسن ولا غيره ثم عقب ذلك مباشرة تنكر أن يكون المؤلف ذكره وتقول أنه أضرب عنه صفحا! وأما الرواية الأولى فليس المؤلف مثلك يورد حديثا مصدرا بالألف في باب "الميم"، واقسم لك باللَّه ما زدت المؤلف بهذا إلا رفعة ولا زدت نفسك إلا ضعة وانحطاطا. 3030/ 7892 - "مَا حسَّنَ اللَّهُ تعالَى خلقَ رجلٍ ولا خُلُقَهُ فتطعَمهُ النارُ أبدًا". (طس. هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: بعد نقل تضعيفه عن المنذرى وغيره: وأورده ابن الجوزى في الموضوعات وتعقبه المؤلف بأن له طريقا آخر، قال السلفى: قرأت على أبي الفتح الغزنوى. . . إلخ. قلت: هذا كذب وتدليس وكتمان للحق، فهنا كما يطيل المؤلف في الكلام على الحديث وإيراد طرقه يسكت على ذلك هذا [الشارح] ولا يذكر شيئًا منه أصلًا أو بعضه كما فعل هنا، فإن لم يكن في الباب شيء يذكره المؤلف يقول عند ذلك هذا [الشارح]: وتعقبه المؤلف فلم يأت بطائل على عادته.

فالحديث أورده ابن الجوزى [1/ 165] من طريق عاصم بن على: ثنا ليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر به، ومن طريق الحسن بن على العدوى ثنا لؤلؤ ابن عبد اللَّه وكامل بن طلحة قالا: حدثنا الليث به، ومن طريق داود بن فراهيج عن أبي هريرة، ومن طريق العدوى عن خراش عن أنس، ثم قال: لا يثبت، عاصم وخراش ليسا بشيء، والعدوى وضاع، وداود بن فراهيج ضعفه شعبة ويحيى فتعقبه المؤلف بقوله: أما عاصم فهو أبو الحسن الواسطى روى عنه البخارى في الصحيح فكيف يعل الحديث به، وأما داود فقد وثقه طائفة قال يحيى القطان: ثقة، وقال ابن معين أيضًا والعجلى: لا بأس به، وقال ابن عدى: لا أرى بمقدار ما يرويه بأسا وله حديث فيه نكرة وهو هذا، وقال أبو حاتم: ثقة صدوق، وذكره ابن شاهين في الثقات، وروى له ابن حبان في صحيحه. وحديثه هذا أخرجه الطبرانى في الأوسط, والبيهقى في الشعب من طريق هشام بن عمار به، قال البيهقى: ورواه أيضًا سوار بن عمارة عن أبي غسان اهـ. وله طرق أخرى، قال السلفى: قرأت على أبي الفتح الغزنوى إلخ ما ذكره الشارح ثم قال: أورده الحافظ شمس الدين ابن الجزرى في كتابه أحاسن المنن وقال: هذا حديث غريب التسلسل اهـ. ورجاله ثقات، وعاصم بن على رواه في تلك الطريق عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر وفي هذه عن الليث عن بكر بن الفرات عن أنس فكأنه عنده على الوجهين، وبكر بن الفرات ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم المستملى في معجم شيوخه: ثنا محمد بن عبد اللَّه بن يزداد الأصبهانى ثنا عامر بن محمد بن المعتمر الجشمى وكان من شهود ابن أبي الشوارب بـ "سر من رأى": حدثنا

محمد بن بشر ابن المزلق عن أبيه عن جده عن ثابت البنانى عن أنس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من حسن اللَّه خلقه، وحسن خلقه، ورزقه الإِسلام أدخله الجنة". أخرجه ابن النجار في تاريخه من هذا الطريق، وقال الشيرازى في الألقاب: سمعت أبا بكر أحمد بن على الفقيه يقول: حدثنا هراشة بن أحمد بن على بن إسماعيل الناقد ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربى ثنا محمد بن الصباح الجرجرائى ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما حسن اللَّه وجه امرئ مسلم فيريد عذابه". وقال الخطيب [12/ 288]: أنبأنا محمد بن أبي نصر النرسى أنبأنا عبد اللَّه بن أحمد بن مالك البيع أنا أحمد ابن محمد بن سعيد الهمدانى ثنا أحمد بن محمد بن يحيى الطلحى ثنا عصمة ابن سليمان البغدادى ثنا أحمد بن الحصين ثنا رجل من أهل خراسان عن عبيد اللَّه العقيلى عن الحسن بن على قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما حسن اللَّه خلق عبد وخلقه إلا استحيا أن تطعم النار لحمه"، وقال أبو الشيخ: ثنا محمد بن يوسف بن الوليد ثنا يحيى بن محمد البصرى ثنا أبو يسر ثنا محمد ابن زياد الشاعر البغدادى حدثنا شرقى بن قطامى ثنا أبو المهر عن أبي هريرة رفعه: "من حسن اللَّه خلقه وخلقه كان من أهل الجنة" انتهى. فهذا ما ذكره الصنف في التعقب على ابن الجوزى لا ما افتراه الشارح وأوهمه بالاقتصار على حديث أنس المسلسل بالاتكاء، وقد رويناه مسلسلا كذلك، وليس هذا محل إيراده.

3031/ 7895 - "مَا خابَ مَن استخارَ، ولا ندِمَ من استشَارَ، وَلَا عالَ مَن اقتصَدَ". (طس) عن أنس قال الشارح: بإسناد ضعيف لضعف عبد القدوس. قلت: له شاهد من حديث على، أخرجه الطوسى في "الأمالى"، وذكرته بسنده في المستخرج على مسند الشهاب، إذ خرج القضاعى حديث أنس من طريق الطبرانى، وهو في معجمه الصغير [2/ 78] أيضًا. 3032/ 7897 - "ما خالَطَتِ الصدقةُ مالًا إلا أهلكته". (عد. هق) عن عائشة قلت: أخرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير قال: حدثنى إبراهيم بن حمزة عن محمد بن عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به. وأخرجه الحاكم في علوم الحديث في النوع العشرين [ص 63] قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه العمانى ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل حدثنى أبي قال: حدثنى محمد بن عثمان بن صفوان بن صفوان بن أمية الجمحى ثنا هشام بن عروة به، قال أبي: تفسيره أن الرجل يأخذ الصدقة أو الزكاة هو موسر أو غنى، وإنما هي للفقير اهـ. وفي مسائل أحمد لأبي داود صاحب السنن ص 298 قلت لأحمد: هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا: "ما خالطت الصدقة مالا إلا أهلكته"، قال: هذا كتبته عن شيخ كان بمكة يقال له محمد بن عثمان بن صفوان، قلت لأحمد: كيف حديثه، قال: هو حديث منكر.

3033/ 7898 - "مَا خرجَ رجلٌ من بيتِهِ يطلبُ علمًا إلا سهلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إِلى الجنَّةِ". (طس) عن عائشة وكتبه الشارح في الصغير عن أبي هريرة، ثم قال: وضعفه الهيثمى بهشام بن عيسى، فقول المؤلف: حسن ممنوع. قلت: الحديث عن عائشة لا عن أبي هريرة، والراوى الموجود في سنده هاشم بالألف بعد الهاء لا بعد الشين، والحديث أصله في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة فهو شاهد له. 3034/ 8901 - "ما خلقَ اللَّهُ فِي الأرضِ شيئًا أقلَّ من العقِلْ وإنَّ العقلَ فِي الأرضِ أقلَّ من الكبريت الأحمر". الرويانى وابن عساكر عن معاذ قلت: ليس هذا من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو موضوع، والمؤلف ملام على ذكر مثل هذا الباطل. 2035/ 7903 - "ما خلقَ اللَّهُ من شيء إلا وقدْ خلَقَ لهُ ما يغلبهُ، وخلَقَ رحمَته تغِلبُ غضبَه". البزار (ك) عن أبي سعيد قال في الكبير: قال (ك): صحيح، فشنع عليه الذهبى وقال: بل هو منكر، وقال الهيثمى: سند البزار فيه من لا أعرفه، وعزاه الحافظ العراقى لأبي الشيخ في الثواب ثم قال: وفيه عبد الرحيم بن كردم جهله أبو حاتم، وقال في الميزان: ليس بواه ولا مجهول. قلت: هذا يفيد أن سند الحاكم والبزار غير سند أبي الشيخ والواقع خلاف ذلك، وإنما سوء تصرف الشارح في الكتابة يوقع فيه، لأنه حذف من كلام

الذهبى بقيته، ولو أتى به بتمامه لظهر أن السند واحد ولفظ تعقب الذهبى على الحاكم: قلت: هذا منكر، وابن كردم إن كان غير مضعف فليس بالحجة اهـ. فمنه يعلم أن السند واحد، قال الحاكم [4/ 249]: أخبرنى الحسين بن على الدارمى ثنا محمد بن إسحاق ثنا عمر بن حفص الشيبانى ثنا أبي ثنا عبد الرحيم بن كردم بن أرطبان بن غنم عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد به. وقال: أبو الشيخ: حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا حفص بن عمرو ثنا أبي ثنا عبد الرحيم بن كردم به. 3036/ 7903 - "مَا خَلَا يهودِيٌّ قطُّ بمُسلمٍ إلا حدَّث نفسَهُ بقتْلِه". (خط) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الخطيب: هذا غريب جدا فحذف المصنف له من كلامه غير صواب وعدل المصنف عن عزوه لابن حبان مع كونه رواه، لأنه من طريق الخطيب أجود، إذ فيه عند ابن حبان يحيى بن عبيد اللَّه بن موهب التيمى، قال ابن حبان: يروى عن أبيه ما لا أصل له فسقط الاحتجاج به. قلت: هذا كلام ساقط من وجوه، الأول: قوله: فحذف المصنف له. . . إلخ، جهل وكذب، فإنه لا معنى لنقل ذلك عن الخطيب ولا فائدة فيه أصلًا، ولا تعلق له بمعرفة رتبة الحديث، وإنما هو استغراب من الخطيب، فهو وشأنه هذا لو كان المؤلف ينقل كلام المخرجين، فكيف وقد التزم أن لا يفعل.

الثانى: أن الخطيب لم يستغرب الحديث من أصله، بل قال: غريب من حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة، ومن حديث جرير بن حازم عن ابن سيرين، وهذا لا علاقة بذكره هنا، وهو تدليس من الشارح في عدم ذكره بتمامه. الثالث: أنه أطلق العزو لابن حبان، فأوهم أنه في صحيحه, وربما يكون ذلك اعتقاده هو أيضًا، مع أنه عند ابن حبان في الضعفاء. الرابع: وإذ هو في الضعفاء فلا معنى لما ذكره من أصله، فإنه لا أولوية لضعفاء ابن حبان على تاريخ الخطيب، بل الحال بالعكس، فإن العزو إلى تاريخ الخطيب أولى. والحديث خرجه أيضًا ابن مردويه في التفسير قال: حدثنا أحمد بن محمد بن السرى ثنا محمد بن على بن حبيب الرقى ثنا على ابن سعيد العلاف ثنا أبو النضر عن الأشجعى عن سفيان عن يحيى بن عبيد اللَّه عن أبيه عن أبي هريرة به. وأخرجه الدارقطنى في الأفراد: ثنا الحسن بن إبراهيم بن عبد المجيد من أصله ثنا العباس بن محمد ثنا أبو النضر الأشجعى به، وقال في متنه: "ما خلا يهوديان بمسلم إلا هما بقتله"، ثم قال الدارقطنى: هذا حديث غريب من حديث الثورى عن يحيى بن عبيد اللَّه ما كتبته إلا عن هذا الشيخ وغيره لا يذكر فيه الثورى. ورواه ابن مردويه أيضًا عن محمد بن أحمد بن إسحاق العسكرى: ثنا أحمد بن سهل بن أيوب الأهوازى ثنا فرج بن عبيد ثنا عباد بن العوام عن يحيى بن عبيد اللَّه به بالإفراد كما هو في المتن. وكذلك رواه ابن حبان في الضعفاء:

حدثنا ابن قتيبة ثنا هشام بن عمار ثنا عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون ثنا يحيى بن عبيد اللَّه به. أما الخطيب فرواه من طريق خالد بن يزيد بن وهب بن جرير بن حازم: حدثنى أبي يزيد عن أبيه وهب عن أبيه جرير بن حازم عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به. 3037/ 7904 - "مَا خيَّبَ اللَّهُ عبدًا قامَ في جوفِ الليلِ فافتتحَ سورَة البقرةِ وآل عمرانَ، ونِعمَ كنزُ المرءِ البقرةَ وآل عمرانَ". (طس. حل) عن ابن مسعود قال الشارح: وإسناد الطبرانى حسن. قلت: تخصيص الطبرانى يوهم أن سنده غير سند أبي نعيم، مع أن سندهما واحد، بل أبو نعيم رواه عن الطبرانى، فقال [8/ 129]: حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن على بن إسماعيل الأسقذى ثنا بشر بن يحيى المروزى عن فضيل بن عياض عن ليث عن الشعبى عن مسروق عن ابن مسعود به. والعجب أن الشارح وقف على الحديث في الحلية ونقل كلام أبي نعيم في الكبير، وعرف أن كلا الرجلين رواه من طريق ليث بن أبي سليم، ثم قال في الصغير ما يوهم أن سند الطبرانى خلاف سند أبي نعيم وذلك من قبيح التصرف. 3038/ 8908 - "ما ذئبانِ جائعانِ أُرسِلَا في غنمٍ بأفسدَ لَهَا منْ حرصِ المرءِ علَى المالِ والشرفِ لدينِهِ". (حم. ت) عن كعب بن مالك

قال في الكبير: قال (ت): صحيح، وقال المنذرى: إسناده جيد، وقال الهيثمى: رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبد اللَّه ابن زنجويه، وعبد اللَّه بن محمد بن عقيل وقد وثقا، ثم ذكر الشارح حديث عاصم بن عدى ثم قال: وفي الباب أبو سعيد الخدرى وفيه كذاب فليحرر. قلت: هذا غلط على الحافظ الهيثمى، فإنه لم يذكر حديث كعب بن مالك، ولا يمكن أن يذكره لأنه ليس من الزوائد، وإنما قال ذلك في حديث أبي هريرة، ولم يقل أيضًا: رواه أحمد وأبو يعلى، وإنما عزاه لأبي يعلى وحده، ثم إن قوله: وفي الباب أبو سعيد يوهم أنه ليس في الباب غيره، مع أن في الباب عن أبي هريرة كما ذكرته، وعن ابن عمر وأسامة بن زيد وجابر بن عبد اللَّه وابن عباس، ذكرتها في مستخرجى على مسند الشهاب وذكرت الاختلاف الواقع فيه على سفيان الثورى. 3039/ 7909 - "مَا رأيتُ مثلَ النار نامَ هاربُهَا ولَا مثلَ الجنَّةِ نامَ طالبُهَا". (ت) عن أبي هريرة (طس) عن أنس قال الشارح: حديث أبي هريرة ضعفه المنذرى، وحديث أنس حسنه الهيثمى. قلت: ومع ذلك أخشى أن يكون معلولا، فإن الحافظ الهيثمى لا يتعرض للعلل، وإنما يتكلم على ظاهر الإسناد، وهذا الكلام أشبه بكلام الوعاظ، وقد ورد عن هرم بن حيان من قوله: قال الدينورى في السادس من المجالسة: ثنا محمد بن عبد العزيز ثنا عفان بن مسلم ثنا حماد عن يونس بن عبيد أن هرم بن حيان قال: "ما رأيت"، وذكر مثله، وهذا هو الأشبه، وإنما سرقه

الضعفاء (¬1) ورفعوه أو أدخل عليهم. 3040/ 7912 - "ما رفَعَ قومٌ أكفَّهُمْ إِلى اللَّه تعالَى يسألُونَه شيئًا إلَّا كانَ حقًا علَى اللَّه تعالَى أن يضعَ في أيديِهُم الذي سألُوا". (طب) عن سلمان قال في الكبير: قال الهيثمى: ورجاله رجال الصحيح اهـ. وبه يعرف أن اقتصار المصنف على رمزه لحسنه تقصير أو قصور. قلت: هذا كذب على المصنف، فإنه رمز لصحته، والحديث خرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب قال: ثنا يحيى بن محمد بن صاعد ثنا المنذر بن الوليد الجارودى ثنا أبي ثنا أبو طلحة الراسبى شداد بن سعيد عن الجريرى عن أبي عثمان عن سلمان به. 3041/ 7913 - "ما زالَ جبريلُ يوصيِنى بالجارِ حتى ظننتُ أنَّهُ سيوِّرثهُ". (حم. ق. د. ت) عن ابن عمر (حم. ق. 4) عن عائشة قلت: وقع للمؤلف سهو في هذا العزو في موضعين، أحدهما: أن أبا داود والترمذى لم يخرجا حديث عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، وإنما خرجاه من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وقد وهم الحافظ المنذرى أيضًا في عزو حديث ابن عمر إلى الترمذى. ثانيهما: أن حديث عائشة لم يخرجه النسائى، وإنما أخرجه الثلاثة (¬2)، والحديثه ورد أيضًا من حديث جابر بن عبد اللَّه وأبي هريرة وأنس وزيد بن ¬

_ (¬1) انظر: الكامل (5/ 1897)، والميزان (رقم 9581). (¬2) أبو داود رقم (1551، 1552)، والترمذى رقم (1942، 1943)، وابن ماجه رقم (3673, 3674).

ثابت وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص ورجل من الصحابة وعلى بن أبي طالب وأبي أمامة ومحمد بن مسلمة، فهو من المتواتر على شرط المؤلف، وإن كان لم يذكره في الأزهار المتناثرة. أما حديث ابن عمر فقد اتفق الشيخان عليه (¬1) من رواية عمر بن محمد عن أبيه عنه. وأما حديث عائشة فاتفقا عليه أيضًا من رواية أبي بكر بن محمد عن عمرة عنها، وهكذا هو عند أحمد وأبي داود والترمذى وابن ماجه والخرائطى في مكارم الأخلاق [ص 36] والطحاوى [4/ 25] في مشكل الآثار. ورواه أحمد من طريق مجاهد عن عمرة عنها. ورواه الخرائطى في مكارم الأخلاق، وأبو نعيم في الحلية [3/ 306، 307]، والخطيب في التاريخ [4/ 187] من رواية مجاهد عن عائشة بدون واسطة، واختلف فيه على مجاهد على أقوال أخرى كما سيأتى. ورواه مسلم من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. وأما حديث جابر فرواه البخارى في الأدب المفرد [رقم 101، 106] والبزار في المسند كلاهما من رواية الفضل بن مبشر قال: سمعت جابرا يقول: "جاء رجل ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وجبريل يصليان حيث يصلى على الجنائز، فقال الرجل: يا رسول اللَّه من هذا الرجل الذي رأيته معك؟ قال: وهل رأيته؟ قال: نعم، قال: لقد رأيت خيرا كثيرا، هذا جبريل ما يزال يوصنى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"، هذا لفظ البزار، ولفظ البخارى [4/ 117]: "جاء رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يسترعيه على جاره، فبينا هو قاعد بين الركن والمقام إذا أقبل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو مقاوم رجلًا عليه ثياب بيض عند المقام حيث يصلون ¬

_ (¬1) البخارى (8/ 12)، ومسلم - كتاب البر والصلة، باب (12) رقم: (140، 141).

على الجنائز، فقال: بأبى أنت وأمى يا رسول اللَّه من الرجل الذي رأيت معك مقاومك عليه ثياب بيض قال: أقد رأيته؟ قال: نعم، قال: رأيت خيرا كثيرا، ذاك جبريل -صلى اللَّه عليه وسلم- رسول ربى ما زال يوصنى بالجار حتى ظننت أنه جاعل له ميراثا". وأما حديث أبي هريرة فرواه أحمد، والطحاوى في المشكل [4/ 26، 27]، والخرائطى في مكارم الأخلاق، وأبو نعيم في الحلية [3/ 307] كلهم من رواية يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن مجاهد قال: حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به، وهذا هو القول الثانى لمجاهد في هذا الحديث، وقد روى عن أبي هريرة من وجه آخر، قال أبو نعيم في عواليه: حدثنا على بن الجعد ثنا شعبة عن داود بن فراهيج عن أبي هريرة به، ومن هذا الوجه رواه أيضًا أحمد والطحاوى في المشكل [4/ 26، 27] والبزار والخطيب [4/ 187] في التاريخ. وأما حديث أنس: فقال أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج: حدثنا جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ ثنا عبد الوارث بن عبد الصمد حدثنى أبي ثنا محمد بن ثابت حدثنى أبي عن أنس: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال" فذكر مثله. ومن هذا الوجه خرجه البزار، ومحمد بن ثابت ضعيف، وله طريق آخر أخرجه الحسين بن محمد بن خسرو في مسند أبي حنيفة [رقم 167] من طريق الحسن بن رشيق عن محمد بن حفص بن عبد الملك عن صالح بن محمد الترمذى عن حماد بن أبي حنيفة عن أبي حنيفة عن عبد الرحمن بن حزم عن أنس به مثله، وزاد: "وما زال جبريل يوصينى بقيام الليل حتى ظننت أن خيار أمتى لن يناموا إلا قليلًا"، وله وطريق ثالث أخرجه الخرائطى في مكارم

الأخلاق [رقم 37] من طريق الربيع بن صبيح عن يزيد الرقاشى مطولًا فذكر قصة، والرقاشى ضعيف. وأما حديث زيد بن ثابت فرواه الطحاوى في المشكل [4/ 25]، والطبرانى في الكبير والأوسط, والخرائطى في مكارم الأخلاق كلهم من رواية يعقوب ابن عبد الرحمن عن عمرو مولى المطلب عن المطلب عن زيد بن ثابت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأسقط الخرائطى المطلب فقال: عن عمرو مولى المطلب عن زيد بن ثابت، وأخشى أن يكون ذلك سقط من قلم الكاتب فقط. وأما حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص فأخرجه البخارى في الأدب المفرد [رقم 105] وأبو داود [رقم 5151] والترمذى [1/ 352] والطحاوى في المشكل، والخرائطى في المكارم، وأبو نعيم في الحلية كلهم من طريق مجاهد عن عبد اللَّه بن عمرو، وقال بعضهم: إن عبد اللَّه بن عمرو ذبحت له شاة في أهله فلما جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودى، أهديتم لجارنا اليهودى، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ما زال جبريل" الحديث، وقال الترمذى: حسن غريب من هذا الوجه. وأما حديث على فرواه الطوسى في أماليه: حدثنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الفضل بن محمد البيهقى بسنده السابق في حديث: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه". . . (¬1) الرجل. فرواه أحمد والطحاوى في المشكل، والخرائطى في مكارم الأخلاق من رواية أبي العالية عن رجل من الأنصار وفيه أيضًا قصة ورجاله رجال الصحيح. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل.

وأما حديث أبي أمامة فأخرجه أحمد ثنا حيوة بن شريح ثنا بقية ثنا محمد بن زياد الأسهانى قال: سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوصى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"، ومن هذا الوجه رواه الطبرانى والخرائطى في مكارم الأخلاق إلا أنهما [قالا] "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول على ناقته الجدعاء في حجة الوداع: أوصيكم بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه". وأما حديث محمد بن مسلمة فرواه الطبرانى، وفيه قصة رؤيته مع جبريل، وفيه: "ما زال يوصينى بالجار حتى كنت انظر أن يأمرنى بتوريثه". 3042/ 7914 - "مَا زَالَ جبريلُ يوصينى بالجارِ حتَّى ظننتُ أنَّهُ يُوِّرثه وَمَا زال يوُصِينِي بالمَمْلُوكِ حتَّى ظننتُ أنَّهُ يَضِربَ له أجلًا أوْ وقتًا إذا بَلَغَهُ عَتَق". (هق) عن عائشة قال في الكبير: هو من رواية الليث عن يحيى بن سعيد عن عائشة، وقد رمز المصنف لحسنه وهو فوق ما قال، فقد قال البيهقى في الشعب: إنه صحيح على شرط مسلم والبخارى. قلت: فيه أمران، أحدهما: أنه ليس من رواية يحيى بن سعيد عن عائشة بل من روايته عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة. ثانيهما: إن الحديث وإن كان رجاله رجال الصحيح إلا أن فيه علة تمنع من صحته وذلك أنه اختلف فيه على يحيى بن سعيد فقيل عنه عن أبي بكر ابن محمد بن عمرو عن عمرة عن عائشة كما سبق، وقيل عنه عن عمرة عن عائشة بدون واسطة أبي بكر كما عند الطحاوى [4/ 25]، وقيل عنه عن رجل عن عمرة كما عند أحمد، وأكثر الرواة لا يذكرون فيه: "المملوك"، فهذا اضطراب مانع من صحته فلذلك اقتصر المؤلف على تحسينه، وقد

ورد ذكر المملوك وحده من حديث أبي هريرة أخرجه ابن حبان في الضعفاء [1/ 235] قال: أخبرنا ابن مكرم بالبصرة ثنا على بن نصر الجهضمى ثنا بصام بن سهيل الحرانى ثنا الحسن بن على الهاشمى عن الأعرج عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما زال جبريل عليه السلام يوصينى بالمملوك حتى ظننت أنه يضرب له أجلا ثم يعتقه". وقال ابن حبان في الحسن بن على: إنه يروى المناكير عن المشاهير فلا يحتج به إلا فيما وافق الثقات. 3043/ 7915 - "مَا زالَتْ أكلةُ خيبرَ تعتادُنِي كلَّ عِام، حتّى كانَ هذَا أوانُ قطع أبهَرِى". ابن السنى وأبو نعيم في الطب عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز لحسنه وفيه سعيد بن محمد الوراق ضعيف، ثم إن ظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يتعرض أحد من الشيخين لتخريجه والأمر بخلافه، بل هو في البخارى بلفظ: "ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أبهرى من ذلك السم" اهـ. وليس في رواية ابن السنى وأبي نعيم إلا زيادة "في كل عام". قلت: أما كونه حسنه مع وجود ضعيف في السند إن صح فلشاهده المخرج في صحيح البخارى، وأما كونه في صحيح البخارى ولم يعزه إليه مع كونه لا فرق إلا أن ابن السنى وأبا نعيم زادا: "في كل عام" فتلبيس منك وتدليس وإبعاد للقارئ عن التفطن إلى النكتة الفارقة بين اللفظين، وذلك من غفلتك إذ تظن بالناس هذه الغفلة، ولئن كنت حاذقا فأنت ما زلت في صف العوام وأحط رتبت إذ لم تفرق بين: "ما زالت" المذكور هنا في الميم بعدها فعل ماض مصدر بـ "الزاى" وبين: "ما أزال" الذي محله في ترتيب المؤلف

حرف "الميم" بعدها فعل مضارع مصدر بالهمزة. 3044/ 7917 - "مَا زُوِيت الدُّنيَا عن أحدٍ إلا كانَتْ خيرةٌ لهُ". (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: هو من رواية أحمد بن عمار، قال الذهبى: لا يعرف، وله عن مالك خبر موضوع إلى هنا كلامه، فعلم أن هذا الخبر موضوع. قلت: بل علم أنك فاقد التحقيق فأحمد بن عمار روى عن مالك أحاديث فمن أعلمك أن هذا هو الذي عني الذهبى مع أنّه أورد في ترجمته حديثًا آخر فهو الذي يجب أن يكون عَنَاهُ وهو ما رواه أحمد هذا عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "ليس للدين دواء إلا الوفاء والحمد" وقال: إنه منكر. ثم إن هذا الحديث له شواهد كثيرة منها حديث: "إذا أحب اللَّه عبدا زوى عنه الدنيا"، وقد سبق للمؤلف، ومنها غيره. وحديث الباب في سنده أيضًا غير أحمد من "الضعفاء" قال الديلمى (¬1): أخبرنا أبي أخبرنا إسماعيل بن عبد الجبار أخبرنا محمد بن الحسن بن جعفر أبو الفرج الطيبى أخبرنا على بن أحمد بن صالح ثنا أبو الفضل جعفر بن عامر بن أبي الليث ثنا أحمد بن على بن نصير الشامى أخو هشام حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر به. 3045/ 7918 - "مَا سَاءَ عملُ قومٍ قطُّ إلَّا زَخرفُوا مساجِدَهُمْ". (هـ) عن ابن عمر قلت: هكذا كتبه الشارح في الشرحين: ابن عمر وهو خطأ، فالحديث من رواية عمر بن الخطاب لا من رواية ابنه. وقد خرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [4/ 152] في ترجمة عمرو بن ميمون ¬

_ (¬1) فردوس الأخبار (3/ 458، رقم 5301).

الأودى من روايته عن عمر. 3046/ 7919 - "مَا سترَ اللَّهُ علَى عبدٍ ذنبًا في الدُّنيا فيعِّيرهُ بِهِ يِومَ القيامَةِ". البزار (طب) عن أبي موسى قال في الكبير قال الهيثمى: فيه عمر بن سعيد الأشج وهو ضعيف. وكذا قال في الصغير: ضعيف لضعف عمر الأشج. قلت: هكذا كتبه في الشرحين: الأشج بالشين المعجمة والجيم، وهو غلط وتحريف صوابه الأبح بالباء الموحدة والحاء المهملة. والحديث خرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير [1/ 372]: ثنا نصر بن على ثنا إسماعيل بن محمد بن الحكم بن فحل ثنا عمر بن سعيد الأبح عن سعيد بن أبي عروبة عن الحكم بن فحل عن أبي بردة عن أبي موسى به. ومن هذا الوجه هو عند الطبرانى في الصغير [1/ 71] أيضًا رواه عن أحمد بن محمد بن زكريا أخى ميمون عن نصر بن على، ثم قال: لا يروى هذا الحديث عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد. ورواه الخطيب في التاريخ [5/ 8] من طريق الطبرانى. 3047/ 7920 - "ما سلَّطَ اللَّهُ القحطُ علَى قومٍ إلا بتمردِهِمْ علَى اللَّه". الخطيب في رواة مالك عن جابر قلت: هذا حديث باطل.

3048/ 7924 - "مَا صبَرَ أهلُ بيتٍ على جَهدٍ ثلاثًا إلَّا أتَاهُمُ اللَّهُ برزقٍ". الحكيم عن ابن عمر قال في الكبير: وفيه أبو رجاء الجزرى قال في الميزان عن ابن حبان: روى عن فرات وأهل الجزيرة مناكير كثيرة لا يتابع عليها منها هذا الخبر، وفرات بن السائب أبو سليمان قال الذهبى في الضعفاء قال البخارى: منكر الحديث، وفي اللسان كأصله: متهم ذاهب الحديث، وقضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأشهر من الحكيم مع أن أبا يعلى والبيهقى خرجاه باللفظ المذكور عن ابن عمر، قال الهيثمى: ورجاله وثقوا، فعدول المصنف للحكيم واقتصاره عليه مع وجوده لذنيك وصحة سندهما من ضيق العطن. قلت: يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه، فلو أراد عدو له أن يكيده لما أتى بأكثر من هذا، فالحديث ما روى إلا من طريق أبي رجاء الجزرى عن فرات بن السائب أبي سليمان المذكورين في سند الحكيم فهما في سند أبي يعلى وسند البيهقى أيضًا، قال البيهقى: أنبأنا أبو عبد اللَّه الحافظ ثنا محمد بن إبراهيم بن الفضل ثنا جعفر بن محموية الفارسى ثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى ثنا عبدة بن سليمان عن أبي رجاء الجزرى عن فرات أبي سليمان عن ميمون بن مهران عن ابن عباس به، ثم قال البيهقى إسناد ضعيف: كذا وقع عنده عن ميمون بن مهران عن ابن عباس، وإنما هو عن ابن عمر. وهكذا رواه جماعة آخرون وقال ابن شاهين في الترغيب: ثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمى ثنا أبو سعيد الأشج ثنا عبدة بن سليمان عن أبي رجاء الجزرى به.

وقال مالك بن أحمد البانياسى في جزئه: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت المحبر ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى. وقال ابن حبان في الضعفاء [3/ 158]: حدثنا محمد بن المسيب ثنا أبو سعيد الأشج به. فبان أن سند الحديث واحد عند جميع من خرجه، فقول الشارح: مع صحة سندهما -يعنى أبا يعلى والبيهقى- من المخازى والفضائح لا سيما وقد صرح البيهقى نفسه بأنه ضعيف، وأما الهيثمى فقال [10/ 256]: وثقوا اعتمادا على من وثق أبا رجاء الجزرى، فقد وثقه أبو داود واضطرب فيه ابن حبان فذكره في الثقات والضعفاء, أما شيخه فرات بن السائب فلم يوثقه أحد وإنما وقع في الأصل الذي وقف عليه الحافظ الهيثمى من معجم أبي يعلى: فرات بن سليمان بلفظة: "ابن" كما يقع في كثير من الأصول، وهو تحريف من فرات أبي سليمان بأداة الكنية، فلما وقع له فرات بن سليمان اشتبه عليه بالرقى وهو من طبقته لأنه يروى عن القاسم بن محمد والأعمش، وهذا قد وثقه أحمد وقال ابن عدى: أرجوا أنه لا بأس به. 3049/ 7925 - "مَا صدقة أفْضَل من ذكرِ اللَّهِ تعالَى". (طس) عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد صحيح، وقول المؤلف: حسن تقصير. وبين في الكبير مستنده في هذا: وهو أن الحافظ الهيثمى قال: رجاله موثقون. قلت: لو كان من أهل دراية الفن لعلم أن الحافظ الهيثمى لم يعدل عن قوله: ثقات إلى قوله: موثقون إلا لنكتة، فإنهم لا يقولون: موثقون إلا

فيمن فيه خلاف وذلك شرط الحسن. والحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ عن أبي الشيخ: حدثنا أبو مسلم محمد بن أبان ثنا أبو الصباح محمد بن الليث ثنا أبو همام الدلال ثنا داود بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به. 3050/ 7928 - "ما صيدَ صيدٌ ولا قُطِعَتْ شجرةٌ إلَّا بَتضيع التَّسبيحِ". (حل) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه محمد بن عبد الرحمن القشيرى قال الذهبى: كذاب، وبه يعرف أن رمز المؤلف لحسنه غير صواب. قلت: بل الكذب حرام غير جائز، فإن المصنف رمز لضعفه لا لحسنه. 3051/ 7929 - "مَا ضَاقَ مجلسٌ بمُتحابين". (خط) عن أنس قلت: هذا حديث موضوع ولم يقف الحافظ السخاوى على مخرج له فذكر أن الديلمى ذكره بلا سند، وهو كما ترى في تاريخ الخطيب [3/ 226] من رواية خراش عن أنس. 3052/ 7931 - "ما ضَحَى مؤمنٌ ملبِّيًا حتَّى تَغِيبَ الشمسُ إلا غابَتْ بذُنُوبِهِ، فيعود كمَا ولدتْهُ أمهُ". (طب. هب) عن عامر بن ربيعة قال الشارح: وضعفه الهيثمى، فقول المؤلف: حسن ممنوع. قلت: أعله الهيثمى بعاصم بن عبيد اللَّه، وعاصم قد روى [عنه] كبار الناس وثقاتهم مالك وشعبة والسفيانان وشريك والطبقة، واحتج به أهل السنن

الأربعة، وما كان فيه إلا الغفلة وسوء الحفظ، وقد قال العجلى: لا بأس به، ومن كان هكذا ولم ينفرد فحديثه حسن، وفي هذا الباب أحاديث كثيرة. 3053/ 7933 - "ما ضَرَبَ منْ مؤمنِ عرقٌ إلا حطَّ اللَّهُ بِهِ عنهُ خطيئةً وكتبَ لَهُ بِهِ حسنةً ورفَعَ لَهُ بِهِ درجةً". (ك) عن عائشة قلت: أخرجه أيضًا الدولابى في الكنى عن النسائى قال: أخبرنى أحمد بن عمان بن حكيم الأولى ثنا أبو نعيم ثنا عمران بن زيد أبو يحيى الملائى حدثنى عبد الرحمن بن القاسم بن محمد حدثنى سالم عن عائشة به بدون ذكر: "رفع الدرجة". وأخرجه الديلمى من طريق ابن شاهين: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة ثنا إسماعيل بن أبان ثنا عمران بن زيد به مثل اللفظ المذكور في المتن. 3054/ 7934 - "مَا ضَلَّ قومٌ بعدَ هُدًى كَانُوا عليِه إلا أوتُوا الجدَلَ". (حم. ت. هـ. ك) عن أبي أمامة قلت: أخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز ثنا محمد بن بشر عن يعلى بن عبيد عن الحجاج بن دينار عن أبي غالب عن أبي أمامة به. ورواه ابن عبد البر في العلم (2/ 97).

3055/ 7938 - "ما طهَّرَ اللَّهُ كفًا فيها خاتَمٌ من حديدٍ". (تخ. طب) عن مسلم بن عبد الرحمن قلت: هو عند البخارى في ترجمة مسلم بن عبد الرحمن وقال: له صحبة، ثم قال: قال عمرو الناقد: حدثنا ابن نفيل ثنا عباد بن كثير عن شميسة بنت نبهان عن مولاها سلم بن عبد الرحمن قال: "رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يبايع الناس على الصفا عام الفتح فجاءته امرأة يدها كيد رجل فلم يبايعها حتى غيرت يدها بصفراء أو حمرة، وجاءه رجل وعليه خاتم من حديد فقال: ما طهر اللَّه" وذكره. 3056/ 7939 - "مَا عَالَ مَنِ اقتصَدَ". (حم) عن ابن مسعود قال الشارح: وضعفه الهيثمى وغيره، وقول المؤلف: حسن غير حسن اهـ. وبين في الكبير أن سبب ضعفه إبراهيم بن مسلم الهجرى. قلت: إبراهيم الهجرى صدوق يهم، والحديث له طرق أخرى من حديث على وابن عباس وأبي أمامة وأنس بن مالك، وهو بمجموعها حسن أو صحيح. فحديث على رواه أبو الشيخ في النوادر: ثنا أبو زكريا الساجى ثنا أبو يونس محمد بن أحمد المدينى ثنا هارون بن يحيى الحاطبى ثنا عثمان بن عثمان بن خالد بن الزبير عن أبيه عن على بن الحسين عن أبيه عن على بن أبي طالب مرفوعًا: "ما عال امرؤٌ قط على اقتصاد". وله طريق آخر سبق قريبًا في حديث: "ما خاب من استخار":

وحديث ابن عباس رواه أبو الشيخ في النوادر أيضًا: ثنا عبدان ثنا هشام ثنا خالد الأزرق ثنا خالد بن يزيد عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعًا: "ما عال من اقتصد". وحديث أبي أمامة رواه الديلمى من طريق الحاكم: ثنا إبراهيم بن أحمد بن رجاء ثنا محمد بن يحيى بن سهل المطرز ثنا محمد بن يحيى بن الضريس ثنا محمد بن حباب ثنا بشر بن زاذان عن عمر ابن صبح عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي أمامة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: حسن السؤال نصف العلم والرفق نصف العيش وما عال من اقتصد". وله طريق آخر أخرجه الديلمى (¬1) أيضًا من طريق عمرو بن الحصين: ثنا أبو علاثة عن الأوزاعى عن محمد بن أبي موسى عن أبي أمامة مرفوعًا: "إياكم والسرف في المال والنفقة، وعليكم بالاقتصاد، فما افتقر قوم قط اقتصدوا". وحديث أنس تقدم في حديث: "ما خاب من استخار". ثم إن حديث ابن مسعود خرجه أيضًا أبو عروبة الحرانى في الأمثال وأبو الشيخ في النوادر وابن قتيبة في عيون الأخبار والقضاعى في مسند الشهاب كلهم من طريق إبراهيم الهجرى عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه، ولفظ أبي الشيخ في النوادر: "لا يعيل أحدكم على قصد، ولا يبقى على سرف كثير". ¬

_ (¬1) فردوس الأخبار (1/ 470، رقم 1564).

3057/ 7940 - "ما عُبِدَ اللَّهُ بشيءٍ أفضلَ من فقهٍ في دينٍ". (هب) عن ابن عمر قال الشارح: ثم قال البيهقى: تفرد به عيسى بن زياد أي وهو ضعيف. وقال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وأقره والأمر بخلافه، بل عقبه بالقدح في سنده فقال: تفرد به عيسى بن زياد وروى من وجه آخر ضعيف والمحفوظ هذا اللفظ من قول الزهرى اهـ. فاقتطاع المصنف ذلك من كلامه وحذفه من سوء التصرف، ولهذا جزم جمع بضعف الحديث منهم العراقى، وكان ينبغى للمصنف استيعاب مخرجيه إشارة إلى تقويته، فمنهم الطبرانى في الأوسط والآجرى في فضل العلم وأبو نعيم في رياضة المتعلمين من حديث أبي هريرة، ورواه الدارقطنى عن أبي هريرة وفيه يزيد بن عياض متروك. قلت: في هذا أمور، الأول: الكذب على ظاهر صنيع المصنف فإنه رمز للحديث بعلامة الضعيف. الثانى: أن المصنف لا ينقل كلام المخرجين فالتعقب عليه عقب كل حديث بمثل هذا سخافة متناهية. الثالث: الإتيان بأشد مما عاب به المصنف وأقبح مع أن المصنف برئ مما عابه به، فإنه قال في الصغير: قال البيهقى: تفرد به عيسى بن زياد أي وهو ضعيف، وأسقط منه قوله: وروى من وجه آخر ضعيف مع أن نقل بقية كلام البيهقى لازم لأن حذفه يوقع في نسبة الوهم والقصور إلى البيهقى الذي هو برئ منه، ولذلك لما وقفت على ما نقله في الصغير كتبت عليه ما نصه: ليس الأمر كذلك فقد قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 79]: حدثنا الحسين بن محمد بن إبراهيم في جماعة قالوا: حدثنا محمد بن عمر

ابن حفص ثنا إسحاق بن الفيض ثنا أحمد بن موسى الضبى ثنا يوسف السمتى ثنا مسلمة بن قعنب عن نافع عن ابن عمر به. ثم قال أبو نعيم: حدثنا الطبرانى حدثنا معاذ بن المثنى ثنا عيسى بن إبراهيم ثنا يوسف بن خالد السمتى به. فهذا ما كتبته إلا اعتمادا على نقله في الصغير, ثم لما وقفت على بقية كلام البيهقى علمت أنه لا تعقب عليه وأنه يريد بقوله: وقد روى من وجه آخر ضعيف هذا الوجه، لأنه من رواية يوسف بن خالد السمتى وهو كذاب. الرابع: أنه قال: عيسى بن زياد ضعيف، وذلك من تصوره وكذبه فإنه لا وجود لعيسى بن زياد في الضعفاء. الخامس: أنه زعم أن في استيعاب المخرجين قوة، وذلك من جهله بالصناعة فإن تعدد المخرجين لا يفيد قوة أصلًا، فلو اتفق ألف مخرج على إخراج حديث من طريق واحد ضعيف فإن اجتماع الألف كإخراج رجل واحد ولا فارق أصلًا، وإنما القوة في تعدد المخارج والطرق. السادس: قوله: فمنهم الطبرانى والآجرى وأبو نعيم من حديث أبي هريرة ورواه الدارقطنى [3/ 79] من حديث أبي هريرة، تركيب ركيك وصنيع فاسد وتكرار سمج وفيه مع ذلك إيهام أن الدارقطنى انفرد بروايته من طريق يزيد بن عياض وليس كذلك، بل كلهم ومعهم أيضًا الخطيب والقضاعى خرجوه من طريق يزيد بن عياض المذكور عن صفوان بن سليم عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة، وهو عند الدارقطنى في السنن آخر كتاب البيوع. نعم له طريق آخر أخرجه جعفر الخلدى في الرابع من فوائده، قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن صبيح بالكوفة، قال: وجدت في كتاب جدى ثنا محمد بن أبي عثمان الأزدى ثنا الحسن عن أبي هريرة به. السابع: عزوه الحديث لأبي نعيم في رياضة المتعلمين يوهم أنه ليس في

الحلية وليس كذلك، بل عنده في الحلية [2/ 192]. الثامن: وإذا قال: ينبغى استيعاب المخرجين لتقويته -مع أنه باطل- وأن الصواب استيعاب الطرق فلما لم يفعل ذلك واقتصر على حديث أبي هريرة من طريق واحد مع أن له طريقا أخرى كما ذكرته، ومع أن في الباب عن جابر أيضًا، وقد ذكرته في مستخرجى على مسند الشهاب. 3058/ 7942 - "ما عَظمتْ نعمةُ اللَّه على عبدٍ إلا اشتدتْ عليه مُؤنةُ الناسِ, فمنْ لم يَحتملْ تلك المؤنةَ للناسِ فقد عرضَ تلك النعمةَ للزوالِ". ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج عن عائشة (هب) عن معاذ قال في الكبير: ثم قال البيهقى: هذا حديث لا أعلم أنا كتبناه إلا بإسناده وهو كلام مشهور عن الفضيل اهـ. وفيه عمرو بن الحصين عن أبي علاثة. . . إلخ. قلت: فيه أمور، أحدها: نقل كلام الذهبى بهذه الصفة مضحك؛ لأنه من باب: السماء فوقنا؛ إذ كل حديث لا يكتب إلا بإسناده، فكان البيهقى قال: لم نكتبه إلا بهذا الإسناد أو قال: لم نكتبه إلا عن عمرو بن الحصين بإسناده فنقله الشارح كما ترى؛ فرط غفلته وجهله بالفن. ثانيها: أنه تكلم على سند حديث معاذ ولم يتكلم على سند حديث عائشة. [ثالثها]: أنه لم يتعرض لشواهد هذا الحديث وطرقه الأخرى، فإنه وارد أيضًا من حديث أبي هريرة وابن عباس. أما حديث عائشة، فقال ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج [ص 55، رقم 48] وفي مكارم الأخلاق معا: حدثنا الحارث بن محمد التيمى ثنا عمرو بن الصلت عن سعيد بن أبي سعيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، وسعيد بن أبي سعيد هو الزبيدى وهو ضعيف.

وأما حديث معاذ فأخرجه أيضًا أبو يعلى في المعجم رواية ابن المقرى وابن حبان في الضعفاء [1/ 142، 2/ 280] كلاهما من هذا الوجه، فابن حبان عن الحسن بن سفيان عن عمرو بن الحصين، وأبو يعلى عن عمرو مباشرة قال: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن علاثة عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل به. وله طريق آخر عن ثور أخرجه القضاعى في مسند الشهاب، والخطيب [5/ 181] في التاريخ, والطوسى في الأمالى كلهم من طريق محمد بن وزير: ثنا أحمد بن معدان حدثنى ثور بن يزيد به، وأحمد بن معدان ضعيف. وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو نعيم في التاريخ من طريق أحمد بن يحيى المصيصى: ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعى عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة به. وأما حديث ابن عباس فأخرجه ابن حبان في الضعفاء [1/ 142، 2/ 280] في ترجمة طاهر بن الفضل الحلبى: ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به مثله وقال: إنه موضوع، وطاهر بن الفضل يضع الحديث على الثقات كذا قال، وهو واهم في زعمه وضعه؛ فإن طاهر بن الفضل لم ينفرد به بل توبع عليه، فقد أخرجه أبو نعيم في التاريخ من طريق محمد ابن إبراهيم بن شبيب: ثنا إبراهيم بن محمد ثنا الوليد بن مسلم عن ابن جريج به. 3059/ 7943 - "ما على أحدِكم إذا أرادَ أن يَتصدقَ للَّه صدقةً تطوعا أن يجعلَها عن والدَيهِ إذا كانا مُسلمينِ، فيكونُ لوالديهِ أجرُها, وله مثلُ أجورِهما، بعد ألَّا يُنتقصَ من أجورِهما شيئًا". ابن عساكر عن ابن عمرو قال في الكبير: ورواه أيضًا الطبرانى بدون قوله: "إذا كانا مسلمين"، قال

الحافظ العراقى: وسنده ضعيف. قلت: لم يبين سبب ضعفه، ولعله لكونه من رواية عباد بن كثير، فقد أخرجه من طريقه محمد بن مخلد العطار الدورى في جزئه قال: حدثنا محمد بن الجارود القطان ثنا يحيى بن نصر بن حاجب ثنا عباد بن كثير عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به مثله. لكنه ورد من غير طريقه، قال أبو بكر محمد بن سليمان الربعى السوار في جزئه: حدثنا أحمد بن عامر ثنا هشام بن عمار ثنا عبد الحميد بن أبي العشرين ثنا الأوزاعى عن عمرو بن شعيب به مثله أيضًا. 3060/ 7944 - "ما على أحدِكم إنْ وجدَ سعةً أن يتخذَ ثَوبينِ ليوم الجمعةِ سِوَى ثوبَى مهنتِه". (د) عن يوسف بن عبد اللَّه بن سلام (هـ) عن عائشة قال في الكبير: رواه أبو داود من حديث محمد بن يحيى بن حبان عن موسى ابن سعد عن يوسف بن سلام ثم قال بعد حديث عائشة: وقد رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد جزم الحافظ ابن حجر في التخريج: بأن فيه انقطاعا، وفي الفتح: بأن فيه نظرًا. قلت: في هذا من الخبط والتخليط أمور، الأول: قلب السند، فإن الحديث من رواية موسى بن سعد عن محمد بن يحيى بن حبان لا بالعكس كما ذكره. الثانى: أن الحافظ جزم في التخريج بالانقطاع في حديث عبد اللَّه بن سلام وحده لا في الحديث من أصله، والمؤلف حكم للحديث من مجموع طرقه. قال الحافظ: روى ابن السكن من طريق مهدى بن ميمون عن هشام بن عروة

عن أبيه عن عائشة مرفوعًا فذكره، قال: ولأبى داود [رقم 1078]، وابن ماجه [رقم 1095] من حديث عبد اللَّه بن سلام نحوه وفيه انقطاع اهـ. أي في حديث عبد اللَّه بن سلام. الثالث: أن الحافظ قال في الفتح: وفيه نظر في طريق خاص لحديث عائشة ونصه: وفي الموطإ [رقم 110] عن يحيى بن سعيد الأنصارى: أنه بلغه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما على أحدكم. . . " الحديث، ووصله ابن عبد البر في التمهيد من طريق يحور بن سعيد الأموى عن يحيى بن سعيد الأنصارى عن عمرة عن عائشة وفي إسناده نظر، فقد رواه أبو داود من طريق عمرو بن الحارث، وسعيد ابن منصور عن ابن عيينة، وعبد الرزاق [رقم 5330] عن الثورى ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان مرسلًا، ووصله أبو داود وابن ماجه من وجه آخر عن محمد بن يحيى عن عبد اللَّه ابن سلام. ولحديث عائشة طريق آخر عن ابن ماجه [رقم 1096] وابن خزيمة [1765] اهـ. وهذا الطريق الأخير هو الذي ذكره المؤلف وهو صحيح لا علة فيه ولا نظر، قال ابن ماجه: ثنا محمد بن يحيى ثنا عمرو بن أبي سلمة عن زهير عن هشام بن عروة عن أبي عن عائشة به. ولهذا صححه ابن خزيمة، وإنما النظر في طريق يحيى بن سعيد الأنصارى، لأنه اختلف فيه فرواه السفيانان ويونس وعمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد الأنصارى فقال: عن محمد بن يحيى بن حبان مرسلًا. ورواه إبراهيم بأن سعيد الجوهرى عن يحيى بن سعيد الأموى عن يحيى بن سعيد الأنصارى فقال: عن عمرة عن عائشة.

ورواه مالك عنه بلاغا لم يذكر أحدًا، ثم إن محمد بن يحيى أحد شيوخه فيه اختلف عليه فيه أيضًا فرواه عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن موسى بن سعد عن محمد بن يحيى بن حبان فقال: عن عبد اللَّه بن سلام. أخرجه أبو داود وابن ماجه [رقم 109] كلاهما من طريق ابن وهب عنه. ورواه عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن يحيى فقال: عن يوسف بن عبد اللَّه بن سلام عن أبيه أخرجه ابن ماجه. ثم إن يزيد بن أبي حبيب اختلف عليه فيه أيضًا فقيل عنه كما مضى، وقيل: عنه عن موسى بن سعد عن يوسف بن عبد اللَّه بن سلام عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دون ذكر عبد اللَّه؛ فلأجل هذا قال الحافظ: فيه نظر. 3061/ 7928 - "ما عَمِلَ ابنُ آدمَ شيئًا أفضلَ من الصلاةِ، وصلاحِ ذاتِ البينِ، وخُلُقٍ حسنٍ". (تخ. هب) عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد حسن. قلت: كيف ذلك وهو مضطرب، فقد رواه يونس بن ميسرة بن حلبس عن أبي إدريس الخولانى عن أبي هريرة به، ورواه جنادة بن أبي خالد عن مكحول عن أبي إدريس الخولانى عن أبي الدرداء موقوفًا، ورواه يونس عن ابن شهاب عن أبي إدريس عن أبي الدرداء أيضًا مثله، ورواه أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو عن سالم عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورواه ابن فضيل عن الأعمش عن سالم عن أبي الدرداء موقوفًا، ذكر كل هذه الطرق البخارى [1/ 1/ 63].

3062/ 7949 - "ما عَمِلَ آدميٌّ من عملٍ يومَ النحرِ أحبَّ إلى اللَّه منِ إهراقِ الدمِ، إنها لتأتى يومَ القيامةِ بقُرونِها وأَشعارِها وأَظلافِها، وإنَّ الدمَ ليقعُ من اللَّه بمكانٍ قبلَ أن يقعَ على الأرضِ، فَطِيبُوا بها نفسا". (ت. هـ. ك) عن عائشة قال في الكبير: حسنه الترمذى وضعفه ابن حبان، وقال ابن الجوزى: حديث لا يصح، فإن يحيى بن عبد اللَّه بن نافع أحد رواته ليس بشيء، قال النسائى: متروك، والبخارى: منكر الحديث. قلت: لا أدرى من أين يأتى هذا الرجل بهذه الأوهام والأخطاء ولا كيف تدخل عليه؟! فإنه لا وجود ليحيى بن عبد اللَّه في سند هذا الحديث، بل ولا وجود لراو اسمه يحيى بن عبد اللَّه بن نافع أصلًا لا في هذا الحديث ولا في غيره، قال الترمذى: ثنا أبو عمرو مسلم بن عمرو الحذاء المدينى حدثنى عبد اللَّه بن نافع الصائغ عن أبي المثنى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به. وقال ابن ماجه [رقم 3126]: ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقى ثنا عبد اللَّه بن نافع به. وقال الحاكم [4/ 221]: حدثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ ثنا أبو سلمة يحيى بن المغيرة المدينى ثنا عبد اللَّه بن نافع به، فإن قيل: لعله أراد عبد اللَّه بن نافع الصائغ وسبقه قلمه فزاد: يحيى، قلنا: وهذا فاسد أيضًا؛ لوجوه، أحدها: أن عبد اللَّه بن نافع ثقة من رجال مسلم وقد ضعف ولُيِّنَ لوهمه، لكن لم يقل النسائى فيه: متروك، ولا البخارى: منكر الحديث، فإذًا هو يقصد رجلًا آخر.

ثانيها: أنه نقل التعليل به عن ابن الجوزى [2/ 79] وابن حبان [3/ 151] ولم يعلله أحد منهما به. ثالثها: أن علة الحديث هو أبو المثنى واسمه سليمان بن يزيد بن قنفد، وفي ترجمته من الضعفاء أورده ابن حبان [3/ 151] وبه تعقب الذهبى على الحاكم فقال: سليمان واه وبعضهم تركه اهـ. فكيفما دار الأمر دار على خطإ وغلط. 3063/ 7950 - "مَا فتحَ رجلٌ بابَ عطيةٍ بصدقَة أو صِلَةٍ إلا زادَهُ اللَّهُ تعالَى بها كثرة، وما فتحَ رجلٌ بابَ مسألةٍ يريدُ بها كثرةً إلَّا زادَهُ اللَّهُ تعالَى بها قلةً". (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه يوسف بن يعقوب. . . إلخ، ثم قال: ورواه أحمد والطبرانى باللفظ المذكور، قال الهيثمى: ورجاله رجال الصحيح، فإهمال المصنف له واقتصاره على الطريق المعلول غير مقبول. قلت: هذا كذب، فإن أحمد [2/ 436] رواه مختصرا بلفظ: "لا يفتح الإنسان على نفسه باب مسألة إلا فتح اللَّه عليه باب فقر" وهذا مع كونه مختصرا محله حرف "لا" وقد رواه مختصرا أيضًا القضاعى في مسند الشهاب من حديث ابن عباس ومن حديث أم سلمة بلفظ: "ما فتح رجل على نفسه باب مسألة. . . " الحديث، وفي حديث أم سلمة زيادة في أوله وهو عند الطبرانى في الصغير (¬1) أيضًا، وقد ذكرته في المستخرج على مسند الشهاب. ¬

_ (¬1) انظر "المجمع" (8/ 190).

3064/ 7952 - "ما فوقَ الإزار وظلِّ الحائطِ وجَر الماءِ فضلٌ يحاسَبُ بِهِ العبدُ يومَ القيامَة". البزار عن ابن عباس قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [4/ 100]: ثنا محمد بن على بن حبيش ثنا عبد اللَّه بن صالح البخارى ثنا ابن أبي رزمة ثنا على بن الحسن بن شقيق ثنا أبو حمزة عن ليث عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس به ولفظه: "ما فوق الإزار وجلف الخبز وظل الحائط وجرة الماء فضل يحاسب به أو يسأل عنه يوم القيامة"، قال أبو نعيم: لم نكتبه إلا من حديث أبي حمزة عن ليث وأبو حمزة هو السكرى المروزى واسمه محمد بن ميمون. قلت: وشيخه ليث هو ابن أبي سليم وفيه مقال معروف. 3065/ 7954 - "مَا فِي السماءِ ملَكٌ إلا وهُو يُوقِّرُ عمرَ، ولَا فِي الأرضِ شيطانٌ إلا وهو يفَرقُ منْ عُمَر". (عد) عن ابن عباس قال في الكبير: وفيه موسى بن عبد الرحمن الصنعانى، قال ابن حبان: دجال وضاع، وقال الذهبى: هذا حديث باطل، فما أوهمه صنيع المصنف من أن ابن على خرجه وأقره غير صواب. قلت: بل الكذب والجهل غير صواب، فإن المؤلف أولًا: رمز له بعلامة الضعيف، فكنت كاذبا على صنيعه، وإنما كان من حقه ألَّا يورده في كتابه لأنه موضوع، وابن عدى ليس كتابه موضوعا للحديث حتى يقر أو ينكر كما بيناه مرارا عديدة، والحديث خرجه أيضًا الديلمى من طريق أبي نعيم: أخبرنا عمر بن أحمد حدثنا عبيد اللَّه بن عبد الصمد ثنا بكر بن سهل ثنا

عبد الغنى بن سعيد ثنا موسى بن عبد الرحمن الصنعانى عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به. 3066/ 7957 - "ما قبضَ اللَّه تعالَى عالِما من هذِهِ الأمَّةِ إلا كانُ ثغرةً في الإِسلام لا تُسَدُّ ثُلْمَتُه إلى يومِ القيامةِ". السجزى في الإبانة، والموهبى في العلم عن ابن عمر قال في الكبير: الموهبى بفتح الميم وسكون الواو وموحدة نسبة إلى موهب بطن من المعافر. قلت: هذا غلط، بل صاحب كتاب العلم هو المرهبى بضم الميم وبالراء المهملة وأخره باء موحدة نسبة إلى مرهبة بطن من همدان. والحديث رواه الديلمى (¬1) عن الحداد عن أبي نعيم عن المرهبى هذا، قال أبو نعيم: حدثنا أحمد بن على المرهبى ثنا محمد بن على بن حبيب ثنا الوليد بن أبي موسى ثنا على بن العباس عن سعيد بن سنان عن حديد بن غريب عن كثير بن مرة عن ابن عمر به. 3067/ 7958 - "ما قُدِّرَ في الرحمِ سَيكونُ". (حم. طب) عن أبي سعيد الزوقى قال الشارح: هو بفتح الزاى وسكون الواو بضبط الحافظ الذهبى بخطه. قلت: كذب على الذهبى وإن كان صدقا فهو غلط، فأبو سعيد هو الزُرَقى بضم الزاى وفتح الراء لا يختلف فيه اثنان؛ لأنه أنصارى وبنى زريق من الأنصار، ولا يتصور الذهبى أن يقول ذلك أصلًا؛ لأنه عالم بأنساب الرواة ¬

_ (¬1) انظر: "فردوس الأخبار" (4/ 371/ 608).

من جهة ومن جهة فإن الزوقى بالضبط الذي ذكره الشارح وفي آخره قاف لا يوجد في أنساب الرواة أصلًا، قال الذهبى في المشتبه [ص 336]: الزرقى بنو زريق وهم خلق من الأنصار وأقاربهم، وبالفتح وسكون الراء -نسبة إلى زرق من قرى مرو- محمد بن أحمد بن يعقوب عن أبي حامد أحمد بن عيسى وعنه أبو مسعود البجلى، وبراء مكسورة ثم زاى ساكنة: صاحبنا الشيخ على الرزقى صوفى نحوى، ثم قال: الزوقى يعنى بفتح الزاى وسكون الواو وآخره فاء لا قاف كما قال الشارح: جماعة مصريون، وبراء وقاف: محمد بن الحسن الروقى المروزى عن يحيى بن آدم وجماعة. 3068/ 7960 - "ما قَدمتُ أبا بكرٍ وعمرَ، ولكن اللَّه قَدمَهما". ابن النجار عن أنس قال الشارح: قال الحافظ ابن حجر: حديث باطل ورجاله مذكورون بالثقة. قلت: بمراجعة نقله كلام الحافظ في الكبير يعلم أنه خان في هذا النقل وأسقط منه ما يجب أن يذكر، فإن بقية كلام الحافظ بعد قوله: مذكورون بالثقة: ما خلا الحسن بن إبراهيم القصبى فإنى لا أعرفه. . . إلخ. فهل يجوز لعاقل فاضل أن يحذف هذا ويقتصر على ما ذكره في الصغير؟!، ومع ذلك تجده دائمًا يتعقب المؤلف على حذفه من كلام المخرجين ما لا فائدة في ذكره وينسبه إلى سوء التصرف، ثم إن هذا الحديث يضعه النواصب معارضة للحديث الوارد في عَليٍّ بهذا المعنى كما عارضوا حديث: "أحب النساء إليَّ فاطمة ومن الرجال زوجها" بحديث: "أحب النساء إليَّ عائشة ومن الرجال أبوها" مع أن رجاله ثقات أيضًا، وهو مخرج في الصحيح، ولكن هيهات هيهات أن يكون ثابتًا ولو خرجه النواصب في ألف صحيح.

3069/ 7962 - "ما قلَّ وكَفَى خيرٌ مما كثرُ وأَلْهَى". (ع) والضياء عن أبي سعيد قلت: في الباب عن أبي الدرداء وثوبان وعقبة بن عامر ذكرتها في مستخرجى على مسند الشهاب (¬1). 3070/ 7965 - "مَا كانَ بَينَ عثمانَ ورُقيَة وبين لوطٍ من مُهاجرٍ". (طب) عن زيد بن ثابت قال الشارح: وفيه خالد العثمانى متروك، فقول المؤلف: حسن ممنوع. قلت: ما رمز المؤلف له بشيء فنسبة التحسين إليه كذب ممقوت. 3071/ 7967 - "ما كانَ ولا يكونُ إِلى يومِ القيامةِ مؤمنٌ إلا ولَهُ جارٌ يُؤذِيه". (فر) عن على قال في الكبير: وفيه على بن موسى الرضا، قال ابن طاهر: يأتى عن آبائه بعجائب. قلت: هل بمثل عَلِيٍّ الرضا يضعف الحديث؟! وهل يخطر ببال فاضل أن يتهم الرضا؟!، فالحديث خرجه الديلمى من طريق ابن شاهين وهو عنده في الترغيب في الجزء الثالث منه في كتاب الصبر قال: حدثنا على بن محمد بن مهرويه القزوينى ثنا داود بن سليمان ثنا على بن موسى الرضا عن آبائه به، وداود بن سليمان كذبوه واتهموه فترك هذا الجاهل التعليل به وانتقل إلى الرضا. ¬

_ (¬1) فردوس الأخبار (4/ 366/ 6595).

3072/ 7968 - "ما كانتْ نُبوةٌ قطُّ إلا كان بعدَها قَتلٌ وصَلبٌ". (طب) والضياء عن طلحة قال الشارح: وفيه مجاهيل. قلت: مستنده في هذا ما نقله في الكبير عن الحافظ الهيثمى أنه قال: فيه من لا أعرفه اهـ. وهذا لا يدل على أن فيه مجاهيل لا من جهة اللغة ولا من جهة الحيديث؛ فإن "مَنْ" في كلام الهيثمى واقعة على مفرد بدليل إفراد الضمير في أعرفه ولو كانوا جماعة لقال: فيه من لم أعرفهم كما قد يقول ذلك أحيانا، وأيضًا فإن [من] لم يعرفه الحافظ الهيثمى لا يلزم أن يكون مجهولا فقد لا يعرف من عرفه غيره، وأيضًا فالهيثمى قال ذلك في سند الطبرانى [11/ 73] وهو حكم على الحديث من أصله حتى بالنسبة بسند الضياء الذي اشترط ألا يخرج إلا الصحيح، فالرجل لا يعرف ما يقول لا عربية ولا حديثا وإنما وهو بَليةٌ. 3073/ 7973 - "ما كرهتَ أن يراهُ الناسُ منْكَ فلا تفعله إذًا خلوْتَ". (حب) عن أسامة بن شريك قلت: وقع في بعض نسخ المتن، وكذلك الشرح الصغير عزو هذا الحديث للترمذى وليس هو فيه؛ إنما هو عند ابن حبان في الصحيح [ص 12، 13] وفي كتاب روضة العقلاء أيضًا قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى بن زهير ثنا عمر بن شبة ثنا مؤمل بن إسماعيل ثنا شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك به.

3074/ 7976 - "ما لِي وللدُّنيا، مَا أنا في الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ استظلَّ تحتَ شجرةٍ ثم راحَ وتَرَكَهَا". (حم. ت. هـ. ك) والضياء عن ابن مسعود قال في الكبير: قال الهيثمى: رجال أحمد رجال الصحيح غير هلال بن خباب وهو ثقة، وقال الحاكم: على شرط البخارى، وأقره الذهبى. قلت: هذا خبط وتخليط، فإن الهيثمى قال ذلك في حديث ابن عباس فهو الذي من رواية هلال بن خباب، وأما حديث ابن مسعود فقال عنه: رواه الطبرانى وفيه عبيد اللَّه بن سعيد قائد الأعمش وقد وثقه ابن حبان وضعفه جماعة اهـ. وكذلك الحاكم قال [4/ 309, 310]: على شرط البخارى في حديث ابن عباس، ثم قال: وشاهده حديث ابن مسعود ثم أخرجه وسكت عليه. والحديث رواه ابن المبارك في الزهد، وأبو داود الطيالسى، وأحمد، والترمذى، وابن ماجه والحاكم وأبو نعيم في الحلية [2/ 102] كلهم من طريق المسعودى عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه به. وقال أبو نعيم: غريب من حديث عمرو وإبراهيم، تفرد به المسعودى، قال: وحدث به جرير عن الأعمش عن إبراهيم وهو غريب، حدثناه نازوك ابن عبد اللَّه: ثنا يحيى بن محمد مولى بني هاشم ثنا محمد بن عمارة بن صبيح ثنا حسن بن الحسين العرنى ثنا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه به، قال يحيى بن محمد: غريب من حديث الأعمش ما سمعناه إلا منه.

قلت: ولم ينفرد به فقد رواه ابن حبان في الضعفاء, قال: أخبرنا وصيف بأنطاكية ثنا جعفر بن عبد اللَّه العلوى ثنا الحسن بن الحسين به، وقال في الحسن: إنه يروى عن جرير بن عبد الحميد والكوفيين المقلوبات ويأتى عن الثقات بالملزقات، قال: وهذا خبر ما رواه عن إبراهيم إلا المسعودى، والمسعودى لا تقوم الحجة بروايته، وقد رواه عن الأعمش بإسناد آخر عبيد اللَّه بن سعيد قائد الأعمش، وقائد الأعمش كثير الخطإ فاحش الوهم يتفرد عن الأعمش وغيره بما لا يتابع عليه، فأما جرير بن عبد الحميد فليس هذا من حديثه والراوى عنه هذا الحديث إما أن يكون متعمدا فيه بالوضع أو القَلْب اهـ. ثم إنه أخرج في الضعفاء أيضًا حديث ابن عباس في ترجمة هلال بن خباب وقال: إنه كان ممن اختلط في آخر عمره وكان يحدث بالشئ على التوهم لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد؛ وأما فيما يوافق الثقات فإن احتج به محتج أرجو أنه لم يجرح في فعله ذلك اهـ. 3075/ 7978 - "مَا مَحقَ الإِسلامَ محْقَ الشُّحِّ شيْءٌ". (ع) عن أنس قال في الكبير: فيه على بن أبي سارة وهو ضعيف، وقال في محل آخر: رواه أبو يعلى والطبرانى وفيه عمرو بن الحصين وهو مجمع على ضعفه. قلت: له طريق آخر ليس فيه واحد منهما، قال الحكيم الترمذى في نوادر الأصول في الأصل الثالث والسبعين ومائة (¬1): حدثنا موسى بن عبد اللَّه ثنا محمد بن زياد عن بشر بن حسين عن الزبير بن عدى عن أنس به. ¬

_ (¬1) هو في الأصل الثانى والسبعين ومائة من المطبوع (2/ 73).

3076/ 7979 - "ما مَررْتُ ليلةَ أُسرِى بِي بملإٍ منَ الملائكِة إلَّا قالُوا: يا محمَّد، مُرْ أمتكَ بالحِجَامَةِ". (هـ) عن أنس (ت) عن ابن مسعود قلت: في الباب أيضًا عن ابن عباس وأبي سعيد ومالك بن صعصعة. فحديث ابن عباس رواه ابن ماجه [2/ 1151، رقم 3477]، وعبد بن حميد من رواية عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: "ما مررت ليلة أسرى بي بمكة من الملائكة إلا قالوا: عليك بالحجامة يا محمد". وعباد بن منصور تكلموا فيه لأجل القدر وكان مع ذلك يدلس، قال على بن المدينى: سمعت يحيى بن سعيد قال: قلت لعباد بن منصور: سمعت: "ما مررت بملإٍ من الملائكة" و"أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يكتحل ثلاث"؟ قال: حدثنى ابن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس اهـ. وكلا الرجلين ضعيف. لكن رواه الترمذى من طريقه، فقال: سمعت عكرمة، وذكر الحديث نحوه بسياق آخر ثم قال الترمذى: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عباد ابن منصور. ورواه البزار من وجه آخر بلفظ: "ما مررت بسماء من السماوات إلا قالت الملائكة: يا محمد مر أمتك بالحجامة والكست والشونيز". وحديث أبي سعيد قال محمد بن مخلد العطار في جزئه: حدثنا القاسم بن عاصم أبو السرى الصائغ ثنا محمد بن عمر الواقدى ثنا أبو سعيد عبد اللَّه بن عبد الرحمن عن عامر بن مسعود الجمحى عن عبد اللَّه بن أبي بكر بن حزم عن عمرو بن سليم الزرقى عن أبي سعيد الخدرى عن النبي

-صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لم أمر على ملإ من الملائكة إلا قالوا: عليك بالحجامة يا محمد". وحديث مالك بن صعصعة رواه الطبرانى في الأوسط والكبير بسند رجاله رجال الصحيح ولفظه: "ما مررت ليلة أسرى [بي] على ملإ من الملائكة إلا أمرونى بالحجامة". 3077/ 7980 - "ما مسخَ اللَّهُ تعالَى من شيءٍ فكانَ لَهُ عقِبٌ ولا نَسْلٌ". (طب) عن أم سلمة قال في الكبير: رمز لحسنه، قال الهيثمى: فيه ليث بن أبي سليم مدلس وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: وذلك شرط الحسن، والحديث خرجه أيضًا الدينورى في المجالسة: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة ثنا أبي ثنا جرير عن ليث عن علقمة بن مرثد عن المعرور بن سويد عن أم المؤمنين أم سلمة رضي اللَّه عنها به. وأخرجه أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد الجمحى ثنا على بن عبد العزيز ثنا الحسن بن الربيع ثنا عبد اللَّه بن إدريس عن ليث به. وفي الباب عن ابن عمر، قال أبو نعيم في التاريخ: ثنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم بن زيد ثنا محمد بن هارون بن كوفى ثنا على ابن المغيرة المصرى ثنا ابن أبي مريم ثنا مسلمة بن على ثنا الأوزاعى عن محمد ابن الوليد عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما مُسِخَتْ أمة فيكون لها ناسلة"، هكذا قال: عن الأوزاعى عن الزبيد. ورواه ابن حبان في الضعفاء:

ثنا الحسن بن عبد العزيز ثنا محمد بن يحيى ثنا ابن أبي مريم ثنا مسلمة بن على عن الأوزاعى والزبيدى كلاهما عن الزهرى به. وقال في مسلمة بن على الخشنى: كان يقلب الأسانيد ويروى عن الثقات ما ليس من حديثهم فبطل الاحتجاج به. 3078/ 7983 - "مَا منَ القُلوب قَلبٌ إلَّا ولَهُ سَحابةٌ كسحابَةِ القمرِ بينمَا القمرُ يضئُ إذ علَتْهُ سحابةٌ فأَظلَمَ إذْ تجلَّتْ". (طس) عن على قلت: رمز المصنف لضعفه وسكت الشارح عليه كأنه لم يقف على ما قاله فيه الحافظ الهيثمى، والحديث هكذا خرجه الطبرانى مختصرا وكذلك خرجه أبو نعيم في الحلية [2/ 196]: حدثنا أبو بكر الطلحى ثنا محمد بن على بن حبيب الرقى ثنا محمد بن عبد اللَّه -يعنى ابن حماد- ثنا عبد الرحمن بن مغراء ثنا أزهر بن عبد اللَّه عن محمد بن عجلان عن سالم بن عبد اللَّه عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب لعلى بن أبي طالب رضي اللَّه عنهما: "ربما شهدت وغِبنَا، وربما غِبتَ وشهدنا فهل عندك علم بالرجل يحدث بالحديث إذ نسيه إذا استذكره (¬1)؟ فقال على رضي اللَّه عنه: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: ما من القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر بينما القمر مضئ إذ علته سحابة فأظلم إذ تجلت عنه فأضاء، وبينما الرجل يحدث إذ علته سحابة فنسى إذ تجلت عنه فذكره". وأصل الحديث أطول في قصته من هذا، فقد أخرجه أبو عبد اللَّه بن منده في كتاب "النفس والروح" من حديث محمد بن حميد: ثنا عبد الرحمن بن مغراء الدوسى به إلى ابن عمر، قال: "لقى عمر بن ¬

_ (¬1) في المطبوع من الحلية (2/ 196): إذا نسيه استذكره.

الخطاب على بن أبي طالب فقال له: يا أبا الحسن ربما شهدت وغبنا وشهدنا وغبت، ثلاث أسألك عنهن فهل عندك منهن علم؟ فقال على بن أبي طالب: وما هن؟ فقال: الرجل يحب الرجل ولم ير منه خيرا والرجل يبغض الرجل ولم ير منه شرا؟ فقال على: نعم، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: إن الأرواح جنود مجندة تلتقى في الهواء فتنام فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، فقال عمر: واحدة، قال عمر: والرجل يحدث الحديث إذ نسيه فبينما هو وما نسيه إذ ذكره؟ فقال: نعم، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: ما في القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر بينما القمر مضئ إذ تجللته سحابة فأظلم إذ تجلت فأضاء، وبينما القلب يتحدث إذ تجللته سحابة فنسى إذ تجلت عنه فيذكر، قال عمر: اثنتان، قال: والرجل يرى الرؤيا فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب فقال: نعم، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: ما من عبد ينام يمتلئ نومًا إلا عرج بروحه إلى العرش، فالذي لا يستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التي تصدق، والذي يستيقظ دون العرش فهي التي تكذب، فقال عمر: ثلاث كنت في طلبهن فالحمد للَّه الذي أصبتهن قبل الموت". وأخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 396 - 397]: حدثنا عبد الرحمن بن الحسن القاضى ثنا يحيى بن عبد اللَّه بن ماهان ثنا محمد ابن مهران الحمال ثنا عبد الرحمن بن مغراء الدوسى به، إلا أنه اقتصر على ذكر حديث التعبير وسكت عليه الحاكم، فكتب عليه الذهبى: حديث منكر لم يصححه المؤلف، وكأن الآفة من أزهر. قلت: وهذا مجرد ظن من الذهبى وحكم بالذوق والأذواق ولا سيما أذواق أهل الجمود من أهل الحديث تخطئ وأى شيء ينكر في هذا الحديث وإن ادعى العقيلى أيضًا أنه غير محفوظ؟! فإن له شواهد متعددة ليس هذا محل إيرادها.

3079/ 7984 - "مَا مِنْ آدميٍّ إلَّا في رأسِهِ حكمةٌ بيد مَلَكٍ، فإذَا تواضَعَ قيلَ للملَكِ: ارفعْ حِكمتَهُ وإذَا تَكبَّرَ قيلَ للَمَلَكِ: ضعْ حِكمتَهُ". (طب) عن ابن عباس، البزار عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز لحسنه وهو كما قال، فقد قال المنذرى والهيثمى: إسنادهما حسن، لكن قال ابن الجوزى: حديث لا يصح. قلت: ابن الجوزى تابع في ذلك للدارقطنى فإنه الذي أورده في العلل لكن من حديث ابن عباس فقط، والغالب أنه لم تقع له طريق البزار، فإن الدارقطنى خرجه من طريق على بن الحكم: ثنا سلام أبو المنذر عن على بن زيد بن جذعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس به، ثم قال: لا يثبت وعلي بن زيد ضعيف اهـ. وليس ما قال بصواب، فإن الحديث له طريق آخر عن ابن عباس، أخرجه البزار وأبو نعيم وابن لال والنقاش في فوائد العراقيين كلهم من طريق أبي على الحنفى هو عبد المجيد: ثنا زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس. وفي الباب أيضًا عن أنس أخرجه الديلمى من طريق أبي نعيم والخطيب في التاريخ كلاهما من طريق أبي ضمرة عن عبد اللَّه بن عمر عن واقد بن سلامة عن يزيد بن أبان الرقاشى عن أنس به مثله. 3080/ 7985 - "مَا مِنْ أحدٍ يَدعُو بدعاءٍ آتاهُ اللَّهُ ما سألَ أو وكَفَّ عنهُ من السوءِ مثلَهُ ما لمْ يدعُو بإثمٍ أو قطيعة رحمٍ". (حم. ت) عن جابر قال في الكبير: رمز لحسنه وفيه ابن لهيعة، وقال الصدر المناوى: في سنده مقال.

قلت: له شواهد كثيرة منها حديث عبادة بن الصامت وحديث أبي سعيد الخدرى، أخرجهما الطحاوى في المشكل (1/ 375). 3081/ 7986 - "مَا مِنْ أحدٍ يُسلمُ عليَّ إلَّا ردَّ اللَّهُ عليَّ روحِى حتَّى أردَّ عليِه السلامَ". (د) عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا البيهقى في حياة الأنبياء (ص 11). 3082/ 7987 - "مَا مِنْ أحدٍ يموتُ إلا نَدمَ: إنْ كانَ مُحسِنًا نَدِمَ أنْ لا يكونَ ازْدادَ، وإنْ كانَ مسيَئًا نَدِمَ أنْ لَا يَكونَ نَزعَ". (ت) عن أبي هريرة قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [8/ 178] والبيهقى في الزهد والبغوى في التفسير كلهم من طريق ابن المبارك عن يحيى بن عبيد اللَّه بن موهب عن أبيه عن أبي هريرة. 3083/ 7998 - "مَا مِنْ أمَّةٍ إلا وبعضُها فِي النَّارِ، وبعضُها فِي الجنةِ، إلا أُمتى، فإنَّها كلهَا فِي الجنَّةِ". (خط) عن ابن عمر قاله في الكبير: وفيه أحمد بن محمد بن الحجاج البغدادى، قال ابن عدى: كذبوه، ورواه عنه أيضًا الطبرانى في الأوسط والصغير, قال الهيثمى: وفيه أحمد بن محمد بن الحجاج ضعيف. قلت: هذا وهم مركب على وهم الحافظ الهيثمى، إلا أن وهم الحافظ الهيثمى أخف من وهم الشارح، لأن الهيثمى قال: فيه أحمد بن محمد بن رشدين وهو ضعيف، وهذا صحيح في نفسه، أي أن أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين ضعيف، ولكن ليس هو المذكور في السند، لأن ابن

رشدين مصرى والمذكور في السند بغدادى وهو الإِمام أبو بكر المروزى الفقيه الحنبلى صاحب الإِمام أحمد وهو ثقة، أما الشارح فصرح بأنه البغدادى ومع ذلك نسبه إلى الكذب. قال الطبرانى في الصغير: ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن أبي مزاحم البغدادى ثنا أحمد بن محمد بن الحجاج البغدادى ثنا محمد بن نوح السراج ثنا إسحاق الأزرق عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر به. وهكذا رواه الخطيب في ثلاثة مواضع من تاريخ بغداد مصرحًا في كلها بأنه البغدادى، وأخرجه الذهبى في ترجمته من تذكرة الحفاظ، فقال: المروزى الإِمام القدوة شيخ بغداد أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج الفقيه أجل أصحاب الإمام أحمد، لزم أحمد دهرا وأخذ عنه العلم والعمل، ثم أسند هذا الحديث من طريقه، ثم قال: قال إسحاق بن داود: لا أعلم أحدًا أقوم بأمر الإِسلام من أبي بكر المرُّوزى، وقال أبو بكر بن صدقة: ما علمت أحدًا أذنب عن الدين من المرّوزى، قال الخلال: خرج المروزى للغزو فشيعوه إلى سامراء وجعل يردهم فلا يرجعون فحزر (¬1) من وصل معه إلى سامراء نحو خمسين ألف إنسان، مات في جمادى الأولى "سنة 275" خمسة وسبعين ومائتين، وغيره أكثر تحصيلا لفنون الحديث منه ولكن كان إمامًا في السنة شديد الاتباع له جلالة عظيمة اهـ. فهذا هو المذكور في مسند الحديث وأما الضعيف فهو مصرى وكنيته أبو جعفر وله ترجمة مطولة في اللسان. ¬

_ (¬1) حزر: (حزرت): الشيء حزرًا أي: قدرته، انظر المصباح المنير (ص 51) مادة: (ح ز ر).

3084/ 7999 - "مَا مِنْ أمَّةٍ ابتدعَتْ بعدَ نبيِّهَا فِي دِينها بدْعَةً إلا أَضاعَتْ مثلَهَا منَ السُّنَّةِ". (طب) عن غضيف بن الحارث قال في الكبير: فيه محمد بن عبد الرحيم ضعفه الدارقطنى، وشريح بن النعمان قال أبو حاتم: شبه المجهول. قلت: الذي في سند الحديث سريج بالسين المهملة آخره جيم وهو ثقة من رجال الصحيح لا شريح بالشين المعجمة وآخره جاء مهملة كما تصحف على الشارح، والعجب أن الحديث رواه الطبرانى من طريق محمد بن عبد الرحيم: ثنا سريج بن النعمان ثنا المعافى بن عمران عن أبي بكر الغسانى عن حبيب بن عبيد عن غضيف بن الحارث به. وشريح بن النعمان الذي قال فيه أبو حاتم: شبه مجهول تابعى كبير يروى عن على بن أبي طالب، فكيف يشتبه بسريج بن النعمان الذي هو من شيوخ البخارى والذي توفي سنة سبع عشرة ومائتين؟!. 3085/ 8002 - "مَا منْ أمرئ مُسْلِم يَخذلُ امرءًا مُسلمًا في موطنٍ يُنتقَصُ فيهِ منْ عرضِهِ ويُنتهَكُ فِيهِ مِن حُرمته إلَّا خذلَهُ اللَّهُ تعالَى في موطنٍ يُحِبُّ فيه نُصَرتَهُ، وَمَا منْ أَحدَ يَنصُرُ مُسلِمًا في موطن يُنتقَصُ فيه من عرضِهِ ويُنتهَكُ فيهِ منْ حرمَتِهِ إلَّا نصرَهُ اللَّهُ في موطنٍ يُحِبُّ فيهِ نُصَرَتهُ". (حم. د) والضياء عن جابر وأبي طلحة بن سهل قال في الكبير: قال المنذرى: اختلف في إسناده، وقال الهيثمى: حديث جابر سنده حسن.

قلت: هذا كذب على الهيثمى فإنه لا يتصور أن يقوله لوجهين، أحدهما: أن الحديث في سنن أبي داود والهيثمى لا يورد إلا الزوائد على الكتب الستة. ثانيهما: أن حديث جابر وطلحة سندهما واحد، فكيف يخص بالتحسين حديث جابر دون طلحة؟ قال أبو داود: حدثنا إسحاق بن الصباح ثنا ابن أبي مريم أنا الليث حدثنى يحيى بن سليم أنه سمع إسماعيل بن بشير يقول: سمعت جابر بن عبد اللَّه وأبا طلحة بن سهل الأنصارى يقولان: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . "، فذكره. ومن هذا الطريق رواه كل من خرجه ومنهم البخارى في التاريخ الكبير قال [1/ 1/ 347]: إسماعيل بن بشير مولى بني مَغالة سمع أبا طلحة بن سهل وجابر بن عبد اللَّه الأنصارى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من امرئ يخذل امرءا مسلما" الحديث، قاله لنا عبد اللَّه بن صالح عن الليث عن يحيى بن سليم بن زيد سمع إسماعيل. وقال البيهقى في السنن الكبرى: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان أنبأنا عبد اللَّه بن جعفر بن درستويه ثنا يعقوب بن سفيان ثنا أبو صالح حدثنى الليث عن يحيى بن سليم بن زيد مولى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سمع إسماعيل بن بشير مولى بني مَغالة يقول: سمعت جابر بن عبد اللَّه وأبا طلحة بن سهل الأنصاريين يقولان. . . الحديث، ثم رواه من طريق ابن المبارك عن الليث به، فهل يعقل أن يكون حديث جابر حسنًا دون حديث أبي طلحة؟! 3086/ 8004 - "مَا مِنْ امرئٍ تكونُ لهُ صلاةٌ بالليل فَيغلِبهُ عليهَا نومٌ إلَا كتبَ اللَّهُ لَهُ أجرَ صلاتِهِ، وكانَ نومهُ عليهِ صدقَةً". (د. ن) عن عائشة

[فائدة]

قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: فيه رجل لم يسم وسماه النسائى في روايته الأسود بن يزيد، لكن في طريقه أبو جعفر الرازى قال النسائى: ليس بقوى، ورواه النسائى وابن ماجه من حديث أبي الدرداء نحوه بسند صحيح اهـ، وبه يعرف أن على المصنف ملامين، أحدهما: عدوله عن الطريق الصحيحة إلى طريق فيها مقال، الثانى: سكوته على الحديث وعدم إشارته إلى حاله بالرمز. قلت: بل أنت الذي عليك الملامان بل الملامات، أولها: الغفلة المتناهية إذ أنك لم تفرق بين اللفظ المذكور هنا وبين غيره الذي قال عنه العراقى: نحوه ولم يقل مثله. ثانيها: الجهل بما في الكتاب الذي تشرحه، فإن حديث أبي الدرداء قد ذكره المؤلف فيما سيأتى بلفظ: "من أتى فراشه وهو ينوى أن يقوم. . . " الحديث، وعزاه للنسائى وابن ماجه والحاكم وابن حبان. ثالثها: الكذب فإن المؤلف رمز له بعلامة الصحيح. رابعها: السخافة والهراء الفارغ الذي ملأ منه الورق والمداد ولم يمل منه هذا السخيف. [فائدة] خامسها: من في العلماء يلتزم التنصيص على رتبة كل حديث يذكره من عهد التابعين إلى اليوم حتى يكون المؤلف ملاما على ترك ذلك في هذا الحديث؟! لو كنت صادقا فيما حكيته، وكيف يلام على شيء تبرع به دون غيره من علماء الأمة؟! فإنه لا يعلم فيهم من ألف كتابًا التزم فيه ذلك في كل حديث إلا الحافظ الهيثمى في مجمع الزوائد وإلا المؤلف في الجامع الصغير, ومن عداهما فتارة يتكلمون على الحديث وهو القليل النادر وتارة لا يتكلمون وهو

الأغلب الأكثر إلا الترمذى والحاكم من المتقدمين، فإن كلامهم على الحديث هو الأكثر وسكوتهم هو الأقل. 3087/ 8006 - "مَا مِنْ أميرِ عشرَةٍ إلا وَهُوَ يُؤتَى بِهِ يومَ القيامَةِ مغلُولًا، حتى يَفُكَّهُ العدلُ أو يوبِقهُ الجَورُ". (هق) عن أبي هريرة [قال في الكبير]: رمز المصنف لحسنه وهو غير مسلم، فقد قال الذهبى في المهذب: فيه عبد اللَّه بن محمد عن أبيه وهو واه اهـ، ورواه عنه أيضًا باللفظ المزبور البزار والطبرانى في الأوسط, قال المنذرى: ورجال البزار رجال الصحيح اهـ، فانعكس على المؤلف فآثر الرواية الضعيفة الواهية واقتصر عليها تاركا الإسناد الصحيح. قلت: فيه أمور، أحدها: أن الحديث حسن باعترافه بأن البزار والطبرانى روياه برجال الصحيح. ثانيها: قوله: "فيه عبد اللَّه بن محمد عن أبيه" كلام من لا يحسن الكلام ولا يعرف ما يقول، فعبد اللَّه بن محمد في الرواة كثير فمن هو هذا من بينهم؟ والواقع أنه عبد اللَّه بن محمد بن عجلان. ثالثها: أن المؤلف ذكر الطريق الجيد من عند الطبرانى وغيره بأسانيدهم في اللآلئ واقتصر هنا على عزوه للبيهقى فكان ماذا؟ وإذا لحقه لوم في ذلك فهو لاحق للبيهقى قبله الذي صنف في الأحكام التي ينبغى أن لا يذكر فيها إلا الأحاديث الصحيحة والحسنة وَلم يذكر الطريق الجيدة أعنى بهذه الزيادة: "حتى يفكه العدل. . . " الحديث، فإنه لم يذكر هذه الرواية إلا من طريق عبد اللَّه بن محمد بن عجلان عن أبيه عن جده ولم يذكر طريقا آخر فلم يلام المصنف الذي غرضه من الكتاب جمع الأحاديث دون تقيد بالأحكام ولا بالصحيح؟

8088/ 8003 - "مَا مِنْ أميرٍ يؤمَّرُ علَى عشَرَةٍ إلا سُئلَ عنهمُ يومَ القيامَةِ". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه رشدين بن غريب وهو ضعيف اهـ. فرمز المؤلف لحسنه لا يحسن، ورواه أحمد عن أبي هريرة بلفظ: "ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه إلا العدل"، قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن الحديث له شواهد متعددة، فلذلك حسنه المؤلف الذي يحكم دائمًا للمتن لا للإسناد. ثانيهما: أن حديث أبي هريرة ذِكْرُه غلط، لأنه بمعنى آخر وقد سبق للمؤلف ذكره قبل هذا مباشرة، وإنما الواجب ذكره في هذا الباب حديث أبي هريرة: "ما من راعٍ يسترعى رعية إلا سئل يوم القيامة أقام فيها أمر اللَّه أم أضاعه"، رواه الطبرانى فهو الذي بمعنى حديث الباب في السؤال لا ما ذكره الشارح. 3089/ 8009 - "ما مِنْ أهلِ بيتٍ عندَهم شاةٌ إلا وفي بيتِهم بَركةٌ". ابن سعد عن أبي الهيثم بن التيهان قلت: رمز المصنف لضعفه ولم يبين الشارح علته، قال ابن سعد [1/ 385]: أخبرنا محمد بن عمر ثنا خالد بن إلياس عن صالح بن نبهان عن أبيه عن أبي الهيثم بن التيهان به. ومحمد بن الواقدى والشيخان فوقه كلهم ضعفاء، لكن له شاهد من حديث على ومن حديث أنس ذكرهما المؤلف سابقا في حرف الشين في "الشاة بركة".

3090/ 8010 - "ما مِنْ أهلِ بيتٍ تَروحُ عليهِم ثلةٌ من الغنمِ إلا باتتْ الملائكةُ تُصلِّى عليهِم حتى تُصبحَ". ابن سعد عن أبي ثفال عن خاله قلت: رمز له المصنف بعلامة الضعيف ولم يبين الشارح علته، وهو من رواية محمد بن عمر الواقدى عن خالد بن إلياس عن أبي ثفال عن خاله، ومحمد ابن عمر وشيخه ضعيفان، وقد رواه خالد بن إلياس بسند آخر. قال أبو نعيم في المعرفة: حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا الحسن بن هارون ثنا سليمان الشاذكونى ثنا محمد ابن عمر ثنا خالد بن إلياس عن معاذ المزنى عن خالد بن يزيد المزنى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من أهل بيت يروح عليهم تالد من الغنم إلا كانت الملائكة تصلى عليهم ليلتهم ويومهم حتى يصبحوا". ورواه الديلمى في مسند الفردوس من طريق أبي نعيم، وقال الحافظ في الإصابة: إنه سند واه. 3091/ 8013 - "ما مِنْ أيامٍ أحبُّ إلى اللَّه تعالى أن يُتعبد له فيها من عشرِ ذى الحجةِ: يَعدلُ صيامُ كلِّ يومٍ منها بصيامٍ سنةٍ، وقيامُ كلِّ ليلةٍ منها بقيامِ لَيلةِ القَدْرِ". (ت. هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال ابن الجوزى: لا يصح، تفرد به مسعود بن واصل عن النهاس، ومسعود ضعفه أبو داود، قال القطان: متروك، وابن عدى: لا يساوى شيئًا، وابن حبان: لا يحل الاحتجاج به. قلت: هذا الإطلاق يوهم أن الحديث ضعيف من أصله وضعفه إنما هو بزيادة: "يعدل صيام كل يوم منها. . . " إلخ.

أما أصل الحديث فرواه البخارى في الصحيح وأبو داود [2/ 337، رقم 2438] والترمذى وابن ماجه [1/ 550، رقم 1727] والطبرانى والطحاوى في المشكل، والعطار في جزئه وهو محمد بن مخلد، والدارقطنى في فوائد ابن مردك وابن السبط في فوائده وآخرون من حديث ابن عباس بلفظ: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى اللَّه عز وجل من هذه الأيام يعنى العشر، قالوا: يا رسول اللَّه ولا الجهاد في سبيل اللَّه، قال: ولا الجهاد في سبيل اللَّه إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء"، وبهذا اللفظ ورد أيضًا من حديث ابن مسعود وابن عمر وجابر وابن عمرو بن العاص، بل ولهذه الزيادة شاهد من حديث ابن عباس عند البيهقى في الشعب بسند لا بأس به ولفظه [3/ 356، رقم 3758]: "ما من أيام أفضل عند اللَّه ولا العمل فيهن أحب إلى اللَّه عز وجل من هذه الأيام -يعنى العشر- فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير وذكر اللَّه وإن صيام يوم منها يعدل بصيام سنة، والعمل فيهن يضاعف بسبعمائة ضعف". 3092/ 8020 - "ما مِنْ حَافِظَينِ رفَعا إلى اللَّه ما حفِظا فيرَى في أولِ الصَّحيفةِ خَيرا وفي آخِرها خَيرا إلا قال اللَّه تعالى لملائكته: اشهدُوا أنِّى قد غَفرتُ لعبدِى ما بينَ طَرفَى الصَّحيفةِ". (ع) عن أنس قال الشارح: بإسناد حسن، وقيل: صحيح. قلت: هذا كذب ما قال أحد أنه صحيح والعجب أنه قال في الكبير: قال ابن الجوزى في العلل: حديث لا يصح، وقال الهيثمى: فيه تمام بن نجيح وثقه ابن معين وضعفه البخارى، ثم بعد هذا يقول في الصغير: وقيل أنه صحيح مع أن ابن حبان قال في تمام بن نجيح: منكر الحديث جدًا يروى أشياء موضوعة عن الثقات كأنه المتعمد لها ثم قال:

أخبرنا الحسن بن سفيان ثنا عمر بن زيد السارى ثنا مبشر بن إسماعيل عن تمام ابن نجيح به، فكان ابن حبان يرى أنه موضوع. 3093/ 8022 - "ما منْ حاكم يحكُمُ بينَ النَّاسِ إلا يُحشَرُ يومَ القيامة وملَكٌ آخذ بقفَاهُ حتى يوقِفَهُ علَى جهنَّم ثمَّ يرفَعُ رأسَهُ إلى اللَّه: فإنْ قَال اللَّهُ تعالَى: القِهِ ألقاههُ في مَهْوَى أربعينَ خرِيفًا". (حم. هق) عن ابن مسعود قال في الكبير: وفيه أحمد بن خليل فإن كان هو البغدادى فقد قال الذهبى: ضعفه الدارقطنى وإن كان القومسى فقد قال أبو حاتم: كذاب. قلت: بل لو كنت في زمن الدارقطنى لضعفك أو في زمن أبي حاتم لقال: إنك كذاب، فأحمد بن الخليل لا يوجد في سند هذا الحديث لا عند أحمد ولا عند البيهقى، قال أحمد: حدثنا يحيى عن مجالد عن الشعبى عن مسروق عن عبد اللَّه به. وقال البيهقى: أخبرنا أبو الحسن على بن محمد المقرى أنبأنا الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب ثنا محمد بن أبي بكر ثنا يحيى بن سعيد به. 3094/ 8026 - "مَا مِنْ دُعاءٍ أحب إلى اللَّهِ تعالَى منْ أنْ يقولَ العبدَ: اللَّهُمَّ ارحمْ أمةَ محمدٍ رحمةً عامةً". (خط) عن أبي هريرة قلت: هذا حديث موضوع كما قال ابن حبان في ترجمة عمرو بن محمد الأعسم، وقال: إنه يروى عن الثقات المناكير ويضع أسامى المحدثين، لا يجوز الاحتجاج به بحال، ثم روى من طريقه عن عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد الأنصارى عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة هذا الحديث ثم

قال: إنه موضوع، قال: وما أعلم أنى سمعت بذكر عبد الرحمن بن يحيى ابن سعيد إلا في هذا الحديث وكأنه وضعه اهـ. وأما الذهبى فذكر هذا الحديث في ترجمة عبد الرحمن وقال: إنه لا يعرف، والحديث كأنه موضوع. قلت: بل هو موضوع جزما، وقد خرجه أيضًا ابن على في الضعفاء والدارقطنى في العلل ومن طريقه الديلمى في مسند الفردوس. 3095/ 8030 - "مَا مِنْ ذنْب بعدَ الشرْكِ أعظم عندَ اللَّهِ منْ نُطفةٍ وضعَهَا رجل في رحمٍ لَا يَحِل لَهُ". ابن أبي الدنيا عن الهيثم بن مالك الطائى قلت: قال ابن أبي الدنيا: ثنا عمار بن نصر ثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن الهيثم بن مالك به. وبقية مدلس، وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف. 3096/ 8032 - "مَا مِنْ ذِى غنَى إلا سَيَوَدُّ يومَ القيامةِ لوْ كانَ إنَّما أُوتِى منَ الدُّنيا قُوتًا". هناد عن أنس قال: وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وهو عجيب، فقد خرجه أبو داود عن أنس بلفظ: "ما من أحد غنى ولا فقير إلا ود يوم القيامة أنه أوتى من الدنيا قوتا"، قال ابن حجر: وأخرجه ابن ماجه من طريق نفيع وهو ضعيفه. . . إلخ، قال: وقال العراقى بعد عزوه لأبي داود: فيه نفيع ابن الحارث ضعيف. . . إلخ. قلت: أما ابن ماجه فقد أخرجه [2/ 1387، رقم 4140] و [أما] (¬1) عزوه ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط: وأبو,, والصواب ما أثبتناه لما يقتضيه السياق.

لأبي داود فكذب عليه وعلى العراقى، فإن أبا داود لم يخرجه أصلًا والعراقى لم يعزه إليه بل عزاه في المغنى لابن ماجه وحده. والحديث أورده ابن الجوزى في الموضوعات من عند ابن حبان وأعله بنفيع وقال: إنه متروك، وتعقبه المؤلف بأن أحمد وابن ماجه خرجاه من طريق نفيع المذكور وبأن له شاهدا من حديث ابن مسعود عند أبي نعيم والخطيب في التاريخ إلا أنه عند أولهما موقوفًا وعند الثانى مرفوعًا. 3097/ 8035 - "مَا مِنْ رجل يغرِسُ غَرْسًا إلَا كتَبَ اللَّهُ لهُ من الأجْرِ قدرَ مَا يخُرجُ من ثَمَرِ ذلكَ الغَرْسِ". (حم) عن أبي أيوب قلت: أخرجه أيضًا الباغندى في مسند عمر بن عبد العزيز. وفي الباب عن أم مبشر الأنصاريه، قال أبو نعيم في التاريخ: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن الحجاج ثنا عبد الرحمن بن الحسن ثنا موسى بن عبد الرحمن بن خالد قال: وجدت في كتاب أبي: ثنا النعمان عن سفيان عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن أم مبشر الأنصاريه قالت: "دخل عليَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: من غرس هذا مسلم أو مشرك؟ قلت: لا بل مسلم، قال: ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا إلا كان ما يأكل الناس والدواب والطير والسباع له صدقة" وانظر حديث: "من غرس" الآتى. 3098/ 8038 - "مَا مِنْ رجل يعودُ مُمسيًا إلا خرجَ معَهُ سبعون ألفَ ملكٍ يستغفِرُونَ لهُ حتَّى يُصبحَ، ومنْ أتاهُ مُصبِحًا خرَج معه سبعون ألفَ ملكٍ يَستغفرُونَ لهُ حتَّى يُمسى". (د. ك) عن على قال في الكبير: زاد الحاكم في روايته: "وكان له خريف في الجنة" ثم قال:

قال الحاكم: مرفوعًا، وأبو داود: [موقوفًا]، وقد أسند هذا عن على من غير وجه صحيح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: فيه أمر أن أحدهما: قوله: زاد الحاكم في روايته يفيد أنه اختص بها دون أبي داود وليس كذلك، بل هي عند أبي داود أيضًا كما سأذكره. ثانيهما: قوله: قال الحاكم: مرفوعًا، وأبو داود: موقوفًا تعبيرٌ فاسد لأنه إن أراد أن الحاكم أخرجه مرفوعًا, وأبو داود موقوفًا، فهو فاسد من وجهين، أحدهما: أنه ليس كذلك بل كلاهما أخرجه مرفوعًا، والمؤلف لا يعزو لأحد الموقوف في هذا الكتاب ولا يذكره فيه، ثانيهما: أن "قال" لا تستعمل بمعنى أخرج، وإن أراد أن الحاكم قال: روى هذا الحديث مرفوعًا وأبو داود قال: روى موقوفًا ففاسد أيضًا، فإنهما يسندان وبعد الإسناد يتكلمان على الحديث كسائر أهل التخريج، والواقع أيضًا خلاف ذلك، وإن أراد أن راو الحديث قال عند الحاكم: عن على مرفوعًا وقال عند أبي داود: موقوفًا ففاسد أيضًا، لأنه خلاف الواقع، فلم يبق لهذه العبارة معنى مع أنه ذكرها في الكبير وأعادها في الصغير. والواقع أن أبا داود أخرج الحديث أولًا موقوفًا ثم بعده أخرجه مرفوعًا، فقال [3/ 182، رقم 3098]: حدثنا محمد بن كثير حدثنا شعبة عن الحكم عن عبد اللَّه بن نافع عن على قال: "ما من رجل يعود مريضا ممسيا إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح وكان له خريف في الجنة، ومن أتاه مصبحا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسى وكان له خريف في الجنة". ثم قال [3/ 182، رقم 3099]: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن الحكم عن

عبد الرحمن بن أبي ليلى عن على عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمعناه ولم يذكر الخريف، قال: ورواه منصور عن الحكم كما رواه شعبة [3/ 182، رقم 3100]: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير عن منصور عن الحكم عن أبي جعفر عبد اللَّه بن نافع غلام الحسن بن على قال: جاء أبو موسى إلى الحسن بن على يعوده، وساق معنى حديث شعبة. قال أبو داود: وأسند هذا عن على عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من غير وجه صحيح اهـ. وقال الحاكم [1/ 341، 342]: حدثنى على بن عيسى ثنا مسدد بن قطن ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا معاوية ثنا الأعمش عن الحكم عن محمد الرحمن بن أبي ليلى عن على قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره ثم قال: هذا سند صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لأن جماعة من الرواة أوقفوه عن الحكم بن عتيبة ومنصور بن المعتمر عن ابن أبي ليلى عن على رضي اللَّه عنه من حديث شعبة عنهما، وأنا على أصلى في الحكم لراوى الزيادة اهـ. 3099/ 8042 - "مَا منْ رجل ينعش بلسانه حقا فَعَمِلَ بِه مَنْ بعدَهُ إلا أُجرِى عليهِ أجرهُ إلِى يومِ القيامةِ، ثم وَفَاهُ اللَّهُ تعالَى ثوابَهُ يومَ القيامةِ". (حم) عن أنس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس بمسلم فقد قال مخرجه أحمد نفسه: عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن موهب لا يعرف، قال الهيثمى: وفيه أيضًا شيخ ابن موهب مالك بن خالد بن حارثة الأنصارى لم أر من ترجمه، وقال المنذرى: في إسناده نظر لكن الأصول تعضده. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: قال مخرجه أحمد يوهم أنه قال ذلك في

المسند عقب الحديث وليس كذلك، فإن أحمد لا يتكلم في المسند على الرجال وإنما نُقِلَ ذلك عنه في كتب الجرح والتعديل. الثانى: أن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن موهب ذكره ابن حبان في الثقات وقال [5/ 72]: روى عنه ابنه يحيى، ويحيى لا شيء وأبوه ثقة، وإنما وقعت المناكير في حديثه من قبل ابنه اهـ. وهذا الحديث ليس من رواية ابنه فهو حديث حسن كما قال المؤلف. الثالث: أن شيخه ليس هو مالك بن خالد، وإنما تحرف اسم والده على الحافظ الهيثمى، بل هو مالك بن محمد بن حارثة الأنصارى كذلك هو في المسند، وكذلك خرجه عبد اللَّه بن المبارك في الزهد قال: أخبرنا عبيد اللَّه بن عبد للَّه بن موهب عن مالك بن محمد بن حارثة الأنصارى عن أنس به. وكذلك رواه الطبرانى في مكارم الأخلاق من طريق ابن المبارك، ومالك بن محمد بن حارثة هو ابن أبي الرجال، وقد ذكره ابن حبان في الثقات [9/ 164]. 3100/ 8043 - "مَا مِن رَجلٍ ينظُر إِلى وجهِ والدَيْهِ نظرَ رحْمَةٍ إلا كتَب اللَّهُ لهُ بِها حَجَّة مقبولة مبرورة". الرافعى عن ابن عباس قلت: سكت عليه الشارح وهو حديث موضوع كذب؛ لأنه من رواية نهشل ابن سعيد وهو كذاب. وقد أخرجه الديلمى من طريق الحاكم في التاريخ: حدثنا محمد بن حامد ثنا مكى بن عبدان ثنا الحسن بن هارون ثنا منصور بن جعفر عن نهشل عن الضحاك عن ابن عباس به بزيادة: "قالوا: وإن نظر إليه

في اليوم مائة مرة قال: نعم اللَّه أكثر وأطيب". 3101/ 8044 - "مَا مِن رجُلٍ يصلِّى عليهِ مائة إلا غُفِرَ لَهُ". (طب. حل) عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه ابن ماجه جمعناه ولفظه: "ما من رجل يصلى عليه أمة من الناس إلا غفر له والأمة المائة" انتهى بنصه. قلت: ما رواه ابن ماجه بهذا اللفظ أصلًا. 3102/ 8045 - "مَا من ساعةٍ تمُر بابن آدم لم يذكُرْ اللَّه فيهَا إلا حَسِرَ عليهَا يومَ القيامَةِ". (حل. هب) عن عائشة قال في الكبير: ظاهر صنيعه أن البيهقى خرجه وسلمه. . . إلخ. قلت: هذا كذب وسخافة، فالمصنف رمز له بعلامة الضعيف. 3103/ 8049 - "مَا مِنْ شيءٍ إلَّا يَعلمُ أنِّى رسولُ اللَّهِ إلا كفرةَ الجنِّ والإنسِ". (طب) عن يعلى بن مرة قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وهو ذلل، كيف وفيه عمر بن عبد اللَّه ابن يعلى بن مرة أورده الذهبى في الضعفاء, وفيه على بن عبد العزيز، فإن كان البغوى فقد كان يطلب على التحديث أو ابن الحاجب فلم يكن في دينه بذاك أو الخشاب فغير ثقة. قلت: أو المناوى فمغفل، فعلي بن عبد العزيز هو البغوى الإِمام الحافظ الثقة، وكونه كان يأخذ على التحديث أجرة لا دخل له في ضعف الحديث وصحته، والذهبى قال: ثقة، لكنه يطلب على التحديث ويعتذر بأنه محتاج، قال الدارقطنى: ثقة مأمون اهـ.

ثم إنه من أشهر شيوخ الطبرانى الذين أكثر عنهم، ولعله روى عنه [آلافًا] وآلاف من الحديث، أما الآخران فلا يشك في كونهما من شيوخ الطبرانى، إلا الشارح الذي لا يميز بين الطول والعرض في هذا الباب فعلي بن عبد العزيز المعروف بابن حاجب نعمان لا ابن الحاجب كما تصرف فيه الشارح لظنه أن مثل ذلك لا يضر، هو متأخر عن الطبرانى مات بعده بإحدى وستين سنة، وكذلك على بن عبد العزيز الخشاب تأخر بعد الطبرانى بمائة وثمانى عشرة سنة، وبالرغم من كونه عمر تسعين سنة فإنه ولد بعد موت الطبرانى بثمان وعشرين سنة، فكيف يشك أنه هو الموجود في سند الطبرانى؟! ثم إن المصنف لم يرمز للحديث بعلامة الصحيح، وإنما حرف الناسخ "ض" إلى "ص" مهملة وزادها "حاء" كما يقع ذلك في كثير من الأحاديث الواهية أو الموضوعة في المتن. 3104/ 8050 - "مَا مِن شيءٍ أحبُّ إِلَى اللَّهِ تعالَى من شَابٍ تائبٍ، ومَا منْ شيءٍ أبغضُ إلى اللَّهِ تعالَى من شيخ مُقيمٍ علَى معاصيهِ، ومَا في الحسنات حسنةٌ أحب إِلَى اللَّهِ تعالَى من حسنةٍ تُعمَلُ في ليلةِ جمعةٍ أو يومِ جُمعةٍ ومَا مِنَ الذنوبِ ذنبٌ أبغضُ إلى اللَّهِ منْ ذنبٍ يُعمَلُ في ليلةِ جُمعةٍ أو يومِ جُمعةٍ". أبو المظفر السمعانى في أماليه قلت: رمز المصنف لضعفه ولم يبين الشارح علته، وذلك أنه من رواية عمرو ابن الحصين وهو متروك، عن الفضل بن عميرة مختلف فيه، عن ميمون الكردى عن أبي عثمان النهدى عن سلمان الفارسى به، أخرجه أبو بكر الإسماعيلى قال: حدثنا أبو بكر محمد بن حبان الباهلى ثنا عمرو بن الحصين ثنا الفضل بن عميرة به، ومن طريقه رواه البندهى في شرح المقامات، ولأوله شاهد من

حديث أنس أخرجه أحمد بن عبيد الصفار في مسنده قال: أخبرنا محمد بن الفضل بن جابر أخبرنا الحكم بن موسى ثنا غسان بن عبيد عن أبي عاتكة طريف بن سليمان عن أنس بن مالك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما من شيء أحب إلى اللَّه من شاب تائب". ورواه الديلمى في مسند الفردوس من وجه آخر عن أنس. 3105/ 8051 - "مَا مِن صباحٍ يُصبِحُ العبادُ إلَّا مُنادٍ يُنادِى: سبحانَ الملكِ القُدُّوسِ" (ت) عن الزبير قال في الكبير عن الصدر المناوى: فيه سفيان بن وكيع وموسى بن عبيدة وهما ضعيفان، وقال الهيثمى: فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف جدًا. قلت: ما أظن هذا صحيحا عن الحافظ الهيثمى، فإن الحديث في الترمذى وهو لا يذكر إلا الزوائد اللهم إلا أن يكون خرجه بعض من جمع حديثهم بزيادة لم يذكرها الترمذى، والحديث له طريق آخر من حديث أبي سعيد، أخرجه ابن مردك في فوائده تخريج الدارقطنى قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ثنا عمرو الأودى ثنا وكيع عن خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدرى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما من صباح إلا وملكان يناديان: سبحان الملك القدوس، وملكان يناديان اللهم اعط منفقا خلفا، واعط ممسكا تلفا، وملكان يناديان ويل للرجال من النساء، وويل للنساء من الرجال"، وخارجة بن مصعب ضعيف بل كذبه ابن معين. 3106/ 8057 - "مَا مِنْ صلاةٍ مفرُوضَةٍ إلَّا وبينَ يديْها ركعتانٍ" (حب. طب) عن ابن الزبير

قال [الشارح]: قال الهيثمى: فيه سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف. قلت: سويد وثقه بعضهم والحديث له شواهد كثيرة، وقد أخرجه من طريقه أيضًا محمد بن نصر في قيام الليل قال: حدثنا إسحاق أخبرنا سويد بن عبد العزيز ثنا ثابت بن عجلان عن سليم بن عامر عن عبد اللَّه [بن] الزبير به. 3107/ 8064 - "ما مِن عبد يسترعيه اللَّهُ رعيَّةً يموتُ يومَ يموتُ وهو غاشٌّ لرعيتِهِ إلَّا حرَّمَ اللَّهُ عليهِ الجنةَ". (ق) عن معقل بن يسار قلت: ورد أيضًا من حديث أبي هريرة وابن عمر وابن عباس وعبد الرحمن ابن سمرة وجابر بن سمرة ذكرتها مسندة في مستخرجى على مسند الشهاب. 3108/ 8066 - "ما من عبدِ يخطُو خُطوةً إلا سُئلَ عنهَا ما أرادَ بَهِا". (حل) عن ابن مسعود قال في الكبير: رواه من حديث محمد بن صبيح السماك عن الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود، وقال: غريب، وشقيق إن كان الضبى فخارجى أو الأسدى أو ابن حيان فمجهولان ذكره الذهبى. قلت: هذا واللَّه العجب العجاب فكأن هذا الرجل ما ولدته أمه في ميدان الطلب ولا سمع يوما شيئًا من كتب الحديث، فشقيق وابن سلمة أبو وائل الثقة الإمام المشهور أشهر أصحاب عبد اللَّه بن مسعود، وأحد كبار التابعين وعلمائهم لا يشك فيه من شم رائحة العلم، والعجب أن الذهبى ذكر ممن اسمه شقيق ستة فما أدرى لم اقتصر هذا الرجل على ذكر ثلاثة منهم، ولم

يشك في كونه أحد الباقين أيضًا فمن كان جاهلا بالرجال فمثل هذا وإلا فلا يكن. 3109/ 8067 - "مَا مِن عبدٍ مسلمٍ إلَّا لهُ بابانِ في السماء: بابٌ ينزِلُ منهُ رزقهُ وبابٌ يدخلُ فيه عَملهُ وكلامهُ فإذا فقدَاه بَكَيَا عليهِ". (ع. حل) عن أنس قال في الكبير: وقال أبو نعيم: لا أعرفه مرفوعًا إلا من حديث يزيد الرقاشى وعنه موسى بن عبيدة اهـ. فظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه، بل بقيته وتلى هذه الآية: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ}، فذكر أنهم لم يكونوا يعملون على الأرض عملا صالحا يبكى عليهم ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فيفقدهم فيبكى عليهم. قلت: فيه أمران: أحدهما: أن ما نقله عن أبي نعيم من قوله: وعنه موسى بن عبيدة غير موجود في نسختنا، ويرده أيضًا كون أبي نعيم رواه في موضع آخر من غير طريق موسى بن عبيدة، فقال [3/ 53]: حدثنا سليمان بن أحمد هو الطبرانى ثنا محمد بن عبد اللَّه بن غرس (¬1) المصرى ثنا ميمون بن كليب ثنا إبراهيم بن مهاجر بن مسمار ثنا صفوان بن سليم عن يزيد بن أبيان عن أنس به. ثم قال: رواه موسى بن عبيدة الربذى عن يزيد الرقاشى مثله اهـ. فكيف يقول إنه لا يعلمه إلا من رواية الربذى عن الرقاشى؟!. ثانيهما: قوله: وظاهر صنيعه أن هذا هو الحديث بتمامه. . . إلخ باطل، فإن تلك البقية ما عدا ذكر الآية ليست من تمام الحديث، بل هي مدرجة من ¬

_ (¬1) في المطبوع من الحلية: ابن عرس، بالعين المهملة.

كلام الراوى، وكأنها من كلام يزيد الرقاشى ولم يذكرها أبو نعيم في كلا الموضعين ومن له ذوق في الحديث يعرف أنها ليست من كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. 3110/ 8068 - "مَا من عبد منْ أمتي يُصلى على صلاةً صادقًا بهَا من قبلِ نفسِهِ إلَّا صلَّى اللَّهُ تعالَى عليه بها عشرَ صلواتٍ وكتبَ لهُ بِها عشرَ حسناتٍ، ومَحَا بها عنه عشرَ سيِّئاتٍ". (حل) عن سعيد بن عمير الأنصارى قال الشارح: صحابى بدرى. قلت: هذا غلط ما هو بصحابى فضلا عن أن يكون بدريا، وقد وقع للمصنف هنا وهم أيضًا وهو أن الحديث عند أبي نعيم [8/ 373] من رواية سعيد بن عمير عن أبيه، فسقط من قلم المؤلف أو الناسخ قوله عن أبيه، ثم إن في الحلية عن أبيه وكان بدريا فحذف الشارح عن أبيه ونسب قوله وكان بدريا إلى ابنه، والحديث لأبيه عمير وهو ابن عقبة بن نيار ابن أخي أبي بردة ابن نيار، قال الحافظ في الإصابة: روى عنه ولده سعيد، وقد ينسب إلى جده فيقال عمير بن نيار، مدار حديثه -يعنى هذا- على أبي الصباح سعيد ابن سعيد الثقفى رواه عن سعيد بن عمير، فقال وكيع: عنه عن سعيد بن عمير ابن نيار عن أبيه، وقال أبو أسامة: عنه عن سعيد بن عمير بن عقبة بن نيار عن أبيه عن عمه أبي بردة أخرجها النسائى -يعنى في الكبرى-، واختلف على وكيع، فقال الأكثر: عنه هكذا ولم يسموا والد عمير، وقال عمار بن أبي شيبة: عنه بهذا السند سعيد بن عمرو الأنصارى ولم يسم والد [عمر] أيضًا اهـ. قلت: وذكر البخارى في التاريخ الكبير عن أبي أسامة خلاف ما سبق فقال قال أبو أسامة [2/ 1/ 502]: عن سعيد بن سعيد سمع سعيد بن عمير بن عقبة بن نيار الأنصارى عن عمه أبي بردة.

فالحديث ما سقط منه ذكر أبيه والكلام على الحديث مذكورٌ في محله وإنما الغرض بيان أن سعيد بن عمير ليس بصحابى ولا هو راوى الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. 3111/ 8072 - "مَا مِنْ عبدٍ ولَا أمة اسْتعْفرَ اللَّه في كلِّ يوم سبعينَ مرَّة إلَّا غفرَ اللَّهُ تعالَى لهُ سَبعمائة ذنبٍ, وقد خَابَ عبدٌ أو أمَةٌ عمل في اليوم والليلةِ أكثرَ من سَبعمائةِ ذنْبٍ". (هب) عن أنس قال في الكبير: قال ابن الجوزى: حديث لا يصح، والحسن بن جعفر -أي أحد رواته- قال السعدى: واه، والنسائى: متروك. قلت: الراوى المذكور اسمه الحسن بن أبي جعفر بزيادة أداة الكنية في اسم أبيه، وقد اختلف عليه فيه، فرواه الخطيب في التاريخ من طريق أبي العباس الفضل بن حماد النيسابورى: ثنا أبو جابر ثنا الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة عن الحسن عن أنس به. ورواه ابن قانع والحاكم في التاريخ, ومن طريقهما الديلمى في مسند الفردوس من طريق أحمد بن نصر وهي رواية ابن قانع ومن طريق على بن الحسن الدرايحردى وهي رواية الحاكم كلاهما قال: حدثنا عبد الملك أبو جابر عن الحسن بن أبي جعفر عن محمد بن جحادة عن الحر بن الصباح بدل قوله عن الحسن عن أنس به.

3112/ 8075 - "مَا مِن عبدٍ مؤمنٍ يخرُجُ مَنْ عينَيْه مِنَ الدموعِ مثل رأسِ الذبابِ مِنْ خشيةِ اللَّهِ تعالَى فَتُصيبُ حُرَّ وجهِهِ فَتمسَّهُ النارُ أبدًا". (هـ) عن ابن مسعود. قال في الكبير: ورواه عنه الطبرانى والبيهقى، قال الحافظ العراقى: وسنده ضعيف. قلت: كان الواجب أن يبين علته وهي أنه من رواية محمد بن حميد، ويقال فيه حماد بن أبي حميد وهو ضعيف، ومن طريقه أيضًا خرجه الدينورى في المجالسة، وابن شاهين في الترغيب, وأبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج. 3113/ 8077 - "ما من عبدٍ مؤمنٍ إلَّا ولَهُ ذنْبٌ يعتادهُ الفينةَ بعدَ الفينةِ أو ذنبٌ هُو مقيمٌ عليهِ لا يُفارقه حتى يُفارق الدُّنْيَا، إنَّ المؤمنَ خُلقَ توَابًا نَسِيًا إذَا ذُكِّرَ ذَكَرَ". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: وكذا رواه في الأوسط, قال الهيثمى: أحد اسنادى الكبير رجاله ثقات. قلت: لم يتعرض الشارح لذكر مخرج آخر لهذا الحديث مع أنه مخرج أيضًا في مسند الشهاب للقضاعى الذي اختصره الشارح ورتب أحاديثه، قال القضاعى: أخبرنا أبو على الحسن بن خلف الواسطى ثنا محمد بن المظفر الحافظ ثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر أنا محمد بن سليمان الخزاز ثنا مصعب بن المقدام عن أبي معاذ عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به، لكنه قال: "ما من مؤمن إلا وله ذنب يصيبه الفينة بعد الفينة لا يفارقه حتى يفارق الدنيا،

وإن المؤمن خلق نساء إذا ذُكِرَ ذَكَرَ". 3114/ 8079 - "مَا مِن عبدٍ إلَّا ولهُ صيتٌ في السماءِ فإنْ كانَ صيتُهُ في السماء حسَنًا وُضِعَ في الأرضِ وإنْ كانَ صيتُه فِي السماءِ سيئًا وُضع في الأَرضِ". البزار عن أبي هريرة قال الشارح عن الهيثمى: رجاله رجال الصحيح. قلت: أخرجه أيضًا البيهقى في الزهد قال: أخبرنا على بن أحمد بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد ثنا الإسفاطى وهو عباس ابن الفضل بن أبو الوليد ثنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به. وفي الباب عن على قال الطوسى في أماليه: حدثنا جماعة عن أبي المفضل يعنى الشيبانى قال: حدثنا رجاء بن يحيى ثنا يعقوب بن يزيد الأنبارى كاتب المنتصر حدثنى زياد بن مروان عن جراح بن مليح أبي وكيع عن أبي إسحاق السبيعى عن الحارث عن على قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا على ما من عبد إلا وله جوانى وبرانى -يعنى سريرة وعلانية- فمن أصلح جوانيه أصلح اللَّه عز وجل برانيه، ومن أفسد جوانيه أفسد اللَّه برانيه، وما من أحد إلا وله صيت في أهل السماء وصيت في أهل الأرض، فإذا حسن صيته في أهل السماء وضع ذلك له في أهل الأرض، وإذا ساء صيته في أهل السماء وضع ذلك له في الأرض". 3115/ 8080 - "مَا مِن عبدٍ استحْيَا منَ الحلالِ إلا ابتلاهُ اللَّهُ بالحرَامِ". ابن عساكر عن أنس

قلت: هذا حديث موضوع ليس هو من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. 3116/ 8083 - "مَا مِن قاضٍ من قُضاةِ المُسلمِينَ إلَّا ومَعَهُ مَلَكانِ يُسدِّدانه إِلى الحقِّ ما لمْ يُرِدْ غيرَه، فإِذا أرَادَ غيرَه وجارَ مُتعمِّدًا تبرأَ منهُ الملَكَانِ وَوَكلَاه إلى نفسِهِ". (طب) عن عمران بن حصين قال الشارح: وفيه أبو داود الأعمى كذاب، فرمز المؤلف لحسنه غير صواب. قلت: المؤلف يحكم للمتن لا للإسناد وهذا الحديث له شواهد متعددة من حديث أبي هريرة عند البزار والطبرانى في الأوسط, ومن حديث ابن عباس عند البيهقى في السنن [10/ 88]، ومن حديث واثلة بن الأسقع عند الطبرانى في الكبير فهو بمجموعها لا ينحط عن درجة الحسن. 3117/ 8084 - "مَا مِن قلبٍ إلَّا وهُو معلَّقٌ بينَ أصبُعَيْنِ من أصابع الرحمنِ، إن شاءَ أقامَهُ, وإن شاءَ أزاغَهُ والميزانُ بيدِ الرحمنِ يرفَعُ أقوامًا ويخفِضُ آخرينَ إلى يومِ القيامةِ". (حم. هـ. ك) عن النواس قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف حيث أفرد ابن ماجه بالعزو أنه لم يخرجه من الستة سواه وليس كذلك، فقد خرجه النسائى في الكبرى عن عائشة، قال الحافظ العراقى: وسنده جيد. قلت: فيه أمور: أحدها: أن النسائى لم يخرجه بهذا اللفظ، والحافظ العراقى نفسه قال بعد عزو حديث النواس: وللنسائى في الكبرى نحوه من حديث عائشة. ثانيها: أن سنن النسائى الكبرى ليست من الكتب الستة.

ثالثها: وإذا فهم أن المراد أصحاب الكتب الستة فهو غالط، وأيضًا فقد خرجه البخارى في التاريخ الكبير في ترجمة النواس [4/ 2/ 126] فكان على هذا عزوه إليه أولى. رابعها: أن الحديث فقريب منه في سنن الترمذى من حديث أنس كما سبق للمؤلف فكان ذكره أيضًا أولى. 3118/ 8086 - "مَا مِن قومٍ يقُومُون من مَجلسٍ لا يذكُرُون اللَّه تعالَى فيِه إلا قامُوا عن مثلِ جيفةِ حِمَارٍ، وكانَ ذلِكَ المجلس عليهِم حسَرةً يومَ القيامَةِ". (د. ك) عن أبي هريرة قلت: رواه أبو داود من طريق إسماعيل بن زكريا [4/ 265، رقم 4855]، والحاكم من طريق سليمان بن بلال ومن طريق عبد العزيز بن أبي حازم ثلاثتهم عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به، ورواه ابن السنى في اليوم والليلة، وأبو نعيم في الحلية من طريقه [7/ 207]، وله عند الحاكم وغيره طرق أخرى. 3119/ 8089 - "مَا مِن قومٍ يكون فيهِم رجلٌ صالحٌ فيموت فيخلفُ فيهِمْ مولودٌ فيسمونَه باسمِهِ إلَّا خلفهُمُ اللَّهُ تعالَى بالحُسَنى". ابن عساكر عن على قلت: هذا حديث كذب على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. 3120/ 8102 - "مَا مِن مُسلمٍ تُدرِكُ لهُ ابنتانِ فيُحسِنُ إليهِمَا ما صحِبَتَاه إلَّا أدخلتاهُ الجنَّةَ". (حم. خد. حب. ك) عن ابن عباس قال في الكبير: وقضية صنيع المؤلف أن هذا مما لم يخرج في شيء من

الكتب الستة والأمر بخلافه، بل خرجه ابن ماجه عن ابن عباس بهذا اللفظ، وقال: إسناده صحيح وقد عرفت ما فيه. قلت: نعم، خرجه ابن ماجه ولم يعزه المصنف إليه، فكان ماذا؟! أما كونه صححه فكذب عليه فإنه لا يصحح الأحاديث، وإنما صحح ابن القطان صاحبه حديثا فيه. 3121/ 8108 - "مَا مِن مُسلمٍ يموتُ يومَ الجمعةِ أو ليلةَ الجمعةِ إلا وقاهُ اللَّهُ تعالَى فتنةَ القبرِ". (حم. ت) عن ابن عمرو قال في الكبير: قال الترمذى: غريب وليس بمتصل ولا نعرف لربيعة بن سيف سماعا من ابن عمرو اهـ. لكن وصله الطبرانى فرواه من حديث ربيعة عن عياض بن عقبة عن ابن عمرو، وهكذا خرجه أبو يعلى والحكيم الترمذى متصلًا، وخرجه أبو نعيم متصلًا من حديث جابر، فلو عزاه المؤلف لهؤلاء كان أجود. قلت: فيه أمور، الأول: لو عزاه المصنف إلى هؤلاء لأسخف عليه الشارح سخافته المعهودة بقوله: وظاهر صنيع المصنف أن هذا لا يوجد مخرجًا في شيء من الكتب الستة. . . إلخ. فلما قدم الترمذى في العزو، قال هنا: لو عكس، كما سبق له مرارا أيضًا. الثانى: أن أحمد خرجه من طريق آخر موصولا من رواية أبي قبيل، قال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو، فلو عزاه إليه الشارح لكان أولى أيضًا، فإن قيل هذه الطريق لفظها عند أحمد: "من مات يوم الجمعة وقى فتنة القبر". فالجواب وهو الثالث: أن لفظ حديث جابر عند أبي نعيم كذلك فإنه قال في الحلية [3/ 155, 156]:

حدثنا عبد الرحمن بن العباس الوراق ثنا أحمد بن داود السجستانى ثنا الحسن ابن سوار أبو العلاء ثنا عمر بن موسى بن الوجيه عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة أجير من عذاب القبر، وجاء يوم القيامة عليه طابع الشهداء"، قال أبو نعيم: تفرد به عمر بن موسى وهو مدنى فيه لين. قلت: بل هو كذاب وضاع، ثم إن حديث عبد اللَّه بن عمرو أخرجه أيضًا الطحاوى في المشكل من رواية ربيعة بن سيف عن عبد اللَّه بن عمرو، ثم قال: هذا حديث منقطع، فإن ربيعة بن سيف لم يلق عبد اللَّه بن عمرو وإنما كان يحدث عن أبي عبد الرحمن الحبلى عنه، ثم طلبناه من بين ربيعة بن سيف، وبين عبد اللَّه بن عمرو في هذا الحديث، فوجدنا يونس قال: حدثنا عبد اللَّه بن وهب حدثنى الليث بن سعد عن ربيعة بن سيف أن عبد الرحمن قحذم أخبره أن ابنًا لعياض بن عقبة مات في يوم جمعة فاشتد وجده عليه، فقال له رجل من أهل الصدق: "يا أبا يحيى ألا أبشرك بشيء سمعته من عبد اللَّه بن عمرو؟ سمعته يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ما من مسلم يموت. . . " وذكره. وهذا سند صحيح إلى ربيعة بن سيف، وبه يتضح أن الطريق الذي وصله منه الحكيم والطبرانى وأبو يعلى معلول من ثلاث جهات: وقع فيه سقط رجلين وهما عبد الرحمن بن قحذم، والرجل الذي حدث عقبة بالحديث عن ابن عمرو، ووقع فيه قلب الإسناد وكونه من رواية رجل مجهول. 3122/ 8109 - "مَا مِنْ مُسْلِميْنِ يَلْتَقِيانِ فَيتَصَافَحان إِلا غُفر لَهُمَا قَبْل أَنْ يَتفرَّقَا". (حم. د. ت. هـ)، والضياء عن البراء. قال في الكبير: حسنه الترمذى، وقال الصدر المناوى: فيه الأجلح بن عبد اللَّه

الكندى، قال أحمد: له مناكير، وأبو حاتم: كثير الخطأ لكن يكتب حديثه ولا يحتج به. قلت: الأجلح مختلف فيه وقد وثقه ابن معين والعجلى ويعقوب وسفيان وابن عدى، وادعى الذهبى أن هذا الحديث من مفاريده عن أبي إسحاق عن البراء وليس كما قال، فقد توبع عليه عن أبي إسحاق وعن البراء، فأما متابعته فقال أبو عمرو عبد الوهاب بن منده في الأول من فوائده: أخبرنا محمد بن الحسين بن إسماعيل المدائنى بمصر ثنا محمد بن أصبغ بن الفرج المصرى ثنى أبي ثنا على بن عابس عن أبي إسحاق الهمدانى عن البراء به. وأما المتابعة القاصرة فقد ورد من رواية زيد أبي الحكم، ويزيد بن عبد اللَّه بن الشخير، وأبي داود، ويزيد بن البراء عن أبيه. أما رواية زيد أبي الحكم فقد قدمت الكلام عليها مطولا في حرف الألف في حديث: "إذا التقى المسلمان. . . ". وأما رواية يزيد بن عبد اللَّه بن الشخير فقال ابن السنى في اليوم والليلة: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن الضحاك حدثنا محمد بن سحر ثنا عمرو بن عاصم ثنا عمرو بن حمزة القيسى ثنا المنذر بن ثعلبة عن يزيد بن عبد اللَّه بن الشخير عن البراء بن عازب قال: القيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فصافحته، فقلت: يا رسول اللَّه، هذا من أخلاق العجم أو هذا يكره؟ فقال: إن المسلمين إذا التقيا فتصافحا وتكاشرا بود ونصيحة تناثرت خطاياهما بينهما". وأما رواية أبي داود فقال أحمد [4/ 289]: حدثنا ابن نمير أنا مالك عن أبي داود قال: "لقيت البراء بن عازب فسلم عليَّ وأخذ بيدى، وضحك في وجهى، قال: تدرى لم فعلت هذا بك؟ قلت: لا أدرى، ولكن لا أراك فعلته إلا لخير، قال: إنه لقينى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ففعل بي

مثل الذي فعلت بك، فسألنى فقلت مثل الذي قلت لي، فقال: ما من مسلمين يلتقيان فيسلم أحدهما على صاحبه ويأخذ بيده، لا يأخذه إلا للَّه عز وجل، لا يفترقان حتى يغفر لهما". وأبو داود وهو الأعمى وهو كذاب، لكن الحديث له شواهد تؤيده. وأما رواية يزيد بن البراء فأخرجها القاضى عياض في معجمه قال: أخذ بيدى أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المعروف بابن الإِمام، وقال: أخذ بيدى أبو محمد عبد اللَّه بن أيوب الفهرى، أخذ بيدى أبو الحسن طاهر بن مفرز، أخذ بيدى أبو الفتح نصر بن الحسن الشاشى، أخذ بيدى أبو بكر أحمد بن منصور المقرى، أخذ بيدى والدى أبو القاسم منصور بن خلف، أخذ بيدى أبو بكر محمد بن على النفزى بالنصرة، أخذ بيدى أحمد بن محمد بن زياد الأعرابى بمكة، أخذ بيدى الحسن بن على بن عفار أخذ بيدى الحسن بن عطية أخذ بيدى قطرى الخشاب، أخذ بيدى يزيد بن البراء، قال: أخذ بيدى والدى البراء ابن عازب، وقال "دخلت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فرحب بي وأخذ بيدى ثم قال: أتدرى يا براء لم أخذت بيدك؟ قال: قلت: خيرا يا نبي اللَّه، قال: لا يلقى مسلم مسلما فيهش به ورحب به ويأخذ بيده إلا تناثرت الذنوب بينهما كما يتناثر ورق الشجر اليابس". وأخرجه أيضًا ابن الآبار في معجم أصحاب الصدفى في ترجمة عبد اللَّه بن محمد بن أيوب الفهرى وأطال في طرقه. وفي الباب عن ابن عباس وأنس، فحديثا ابن عباس قال أسلم بن سهل الواسطى في تاريخ واسط: حدثنا وهب بن بقية أخبرنى عبيد اللَّه بن سفيان الواسطى عن الأوزاعى عن عبدة بن أبي لبابة عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم -: "إذا لقى المسلم أخاه المسلم فأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما من بين أصابعهما كما يتناثر ورق الشجر بالشتاء".

وحديث أنس قال البخارى في التاريخ [2/ 1/ 252] وأبو يعلى في المعجم كلاهما: حدثنا خليفة بن خيَاط ثنا دُرُست بن حمزة ثنا مطر الوراق عن قتادة عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما من عبدين متحابين في اللَّه يستقبل أحدهما صاحبه فيصافحه ويصليان على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا لم يتفرقا حتى يغفر لهما ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر" لفظ أبي يعلى، ولفظ البخارى: "لم يبرحا حتى يغفر لهما" (¬1)، هكذا أورده البخارى في ترجمة دُرُست بن حمزة، وقال: لا يتابع عليه، وهكذا سماه أبو يعلى في روايته، وعنه رواه ابن السنى في اليوم والليلة، ورواه الحسن بن سفيان عن خليفة بن خياط أيضًا فقال: حدثنا درست بن زياد وذكره بمثل لفظ أبي يعلى. وأخرجه ابن حبان في الضعفاء في ترجمة درست بن زياد عن الحسن بن سفيان به وقال في درست بن زياد: وهو الذي يقال له درست بن حمزة كان منكر الحديث جدًا يروى عن مطر وغيره أشياء يتخيل إلى من يسمعها أنها موضوعة، لا يحل الاحتجاج به اهـ. أما البخارى ففرق بينهما فترجم أولًا لدُرُست بن حمزة وأورد الحديث في ترجمته كما سبق [2/ 1/ 252]، ثم ترجم لدرست بن زياد الرقاشى البصرى [2/ 1/ 253] وقال: حديثه ليس بالقائم. 3123/ 8111 - "مَا مِنْ مُصِلٍّ إلا وَمَلكٌ عَنْ يَمينِهِ، وَمَلكٌ عَنْ يَسَارِهِ، فإنْ أتمها عَرَجَا بِهَا، وَإنْ لَمْ يُتمَّها ضَرَبَا بِهَا وَجهَهُ". (قط) في الأفراد عن عمر ¬

_ (¬1) في المطبوع من التاريخ الكبير: "لم يريحا"، وعلق عليه محقق النسخة في الحاشية بما يلى: كذا وفي لسان الميزان "إلا لم يفترقا" ولعله هنا "إلا لم يبرحا" واللَّه أعلم.

قال الشارح: ثم قال -يعنى الدارقطنى-: تفرد به عبد اللَّه بن عبد العزيز لا يساوى فلسا. قلت: هذا كذب على الدارقطنى، وقد كذب الشارح نفسه في الكبير فقال: وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الدارقطنى خرجه وسلمه والأمر بخلافه، بل تعقبه ببيان حاله فقال: تفرد به عبد اللَّه بن عبد العزيز عن يحيى بن سعيد الأنصارى ولم يروه عنه غير الوليد بن عطاء، قال ابن الجوزى: قال ابن الجنيد: أما عبد العزيز فلا يساوى فلسا، حدث بأحاديث كذب اهـ. فَبِّينٌ أن قوله: لا يساوى فلسا ليس من كلام الدارقطنى، بل من كلام ابن الجنيد الذي نقله ابن الجوزى. ثم في كلامه هذا أمور، الأول: الكذب على صنيع المصنف، فإنه رمز للحديث بعلامة الضعيف. الثانى: الجهل بمراد الدارقطنى أو الكذب عليه، فإن كلام الدارقطنى هذا لا يفهم منه تسليم ولا اعتراض، وإنما نص على تفرد الراوى بالحديث الذي هو موضوع كتابه الأفراد، فإنه موضوع للأحاديث التي انفرد بها راو ولم يروها غيره، إمَّا تفردا مطلقا، وإمَّا تفردا نسبيا، ثم أنه تارة يكون المتفرد ضعيفًا كهذا، وتارة يكون ثقة ككثير من الأحاديث الصحيحة المتفق عليها، ومنها حديث: "إنما الأعمال. . ". فقوله: وظاهر صنيع المؤلف أنه سلمه والأمر بخلافه -جهل بقواعد الحديث؛ لظنه أن ذلك تعقب، وليس هو منه في شيء. الثالث: أنه أطلق عبد اللَّه بن عبد العزيز، وهو في الرواة متعدد فكان فيه إيهام، والواقع أنه عبد اللَّه بن عبد العزيز بن أبي رواد. 3124/ 8118 - "مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدَهُ أفضَلَ مِنْ أدَبٍ حَسنٍ". (ت. ك) عن عمرو بن سعيد بن العاص

قلت: أخرجه أيضًا أحمد وابنه عبد اللَّه، وعبد بن حميد، والبخارى في التاريخ الكبير، وعلي بن عبد العزيز البغوى في المعجم، وابن حبان في الضعفاء, والقضاعى في مسند الشهاب، والبندهى في شرح المقامات، كلهم من طريق عامر بن أبي عامر، وهو عامر بن صالح الخزاز، وقد قال ابن معين: كذاب، وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الثقات، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب. 3125/ 8122 - "مَا وُلِدَ في أهْلِ بَيْت غُلَامٌ إلا أَصْبَحَ فيهم عِزٌّ لَمْ يَكُنْ". (طس. هب) عن ابن عمر قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان قال: حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا عبد الرحمن بن الحسن ثنا الحسين بن منصور الواسطى ثنا موسى بن إسماعيل البجلى ثنا هاشم بن صبيح عن أبي أنس المكى عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عمر به. وقال البندهى في شرح المقامات: أخبرنا أبو جعفر محمد بن على بن محمد المشاط أنا أبو إسماعيل عبد اللَّه بن محمد الأنصارى أنا أبو المظفر محمد بن عثمان المكى أنا جدى أبو الحسن على ابن أحمد بن يزيد المالكي ثنا أبو حفص عمر بن محمد بن يحيى الهمدانى ثنا أبو عبد الرحمن الحسين بن منصور ثنا موسى بن إسماعيل به. 3126/ 8126 - "مَانِعُ الزَّكَاةِ يَوم القِيامَةِ في النَّار". (طص) عن أنس قال في الكبير: قال الحافظ ابن حجر: إن كان هذا محفوظًا فهو حسن، وفيه رد على قول ابن الصلاح: لم نجد له أصلًا.

قلت: ومع هذا فله طريق آخر من حديث على عليه السلام أخرجه الطوسى في أماليه من طريق أبي المفضل الشيبانى قال: حدثنا المفضل بن محمد بن المسيب البيهقى ثنا هارون بن عمر المجاشعى ثنا محمد بن جعفر بن محمد حدثنا أبي أبو عبد اللَّه، قال المجاشعى: وحدثنا الرضا على بن موسى عن أبيه عن أبي عبد اللَّه جعفر بن محمد عن آبائه متصلًا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مانع الزكاة يجر قصبه في النار. . . " الحديث. 3127/ 8130 - "مَثلُ الجَلِيس الصَّالحِ والجَلِيس السُّوءِ، كَمَثلِ صَاحِبِ المِسْكِ وَكِيرِ الحدَّاد، لَا يَعْدِمُكَ مِنْ صَاحب المِسْك إِمَّا تَشْتريَهُ أو تَجِدَ رِيحهُ، وكيرُ الحَدَّادِ يحْرِقُ بيتَكَ أو ثوبَكَ أو تجِدَ منْهُ ريحًا خَبيثَةً". (خ) عن أبي موسى قلت: لم يعلم الشارح أن هذا الحديث متفق عليه، وأنه في صحيح مسلم أيضًا، وإلا لأسخف على عادته، ولكنه في صحيح مسلم مصدر بـ "إنما" في أوله، وقد ذكره المؤلف في حرف الهمزة وعزاه لهما. 3128/ 8131 - "مَثَلُ الجَليسِ الصَّالِح مَثَلُ العطَّار، إنْ لَمْ يُعطِكَ مِنْ عطْرِهِ أصَابَكَ مِنْ ريحِهِ". (د. ك) عن أنس قلت: أخرجه أيضًا ابن حبان في روضة العقلاء وقال: أخطأ فيه شبيل، لأن أنس بن مالك سمع هذا الحديث من أبي موسى.

3129/ 8134 - "مثلُ العَالِم الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ (¬1) ويَنْسَى نَفْسَهُ كَمَثَلِ السِّراج يُضِئُ للنَّاس وَيَحرِقُ نَفْسَهُ". (طب) والضياء عن جندب قال في الكبير: قال الهيثمى: رواه الطبرانى من طريقين في أحدهما ليث بن أبي سليم مدلس، وفي أخرى على بن سليمان الكلبى ولم أعرفه، وبقية رجالهما ثقات اهـ وقضية صنيع المؤلف أن ما أورده هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه، بل بقيته عند مخرجه الطبرانى: "ومن سمع الناس بعلمه سمع اللَّه به، واعلموا أن أول ما ينق من أحدكم إذا مات بطنه. . . " الحديث. قلت: هذان حديثان رواهما الطبرانى بلفظين اختار منهما المؤلف ما وافقه فيه الضياء المقدسى، قال الطبرانى [2/ 165 - 166، رقم 1681]: حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقى والحسن بن على العمرى (¬2) قالا: حدثنا هشام ابن عمار ثنا على بن سليمان الكلبى ثنا الأعمش عن أبي تميمة الهجيمى عن جندب بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مثل العالم الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به كمثل السراج يضئ للناس ويحرق نفسه", هكذا أخرجه الطبرانى كما أورده المؤلف، وهكذا ذكره الحافظ ابن كثير في التفسير عند قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44]، وقال: غريب من هذا الوجه. 3130/ 8135 - "مَثَلُ القلْبِ مَثَلُ الرِّيشَةِ تُقلبُها الرِّيَاحُ بِفَلاةٍ". (هـ) عن أبي موسى ¬

_ (¬1) في النسخة المطبوعة من فيض القدير: "يعلم الناس الخير". (¬2) في المطبوع من المعجم الكبير: الحسن بن على المعمرى.

قال في الكبير: وظاهر صنيع المؤلف أنه لم يره لأعلى من ابن ماجه، ولا أحق بالعزو منه، مع أن الإِمام أحمد رواه أيضًا باللفظ المذكور. قلت: كم مرة يصرح بأن العزو إلى أحد الكتب الستة أولى من العزو إلى مسند أحمد، ويؤيد ذلك بنقل يكرره كل مرة عن مغلطاى أنه قال: لا يعزى حديث إلى غير الكتب الستة وهو في أحدها بلفظه أو معناه، ولكن ذلك عندما يورد المصنف حديثًا في بابه ويعزوه لغير أهل الكتب الستة، ويكون هو في أحدها بلفظ آخر، قد ذكره في موضع آخر من هذا الكتاب نفسه، وهنا لما عزا الحديث لابن ماجه عكس الشارح المسألة؛ لأن غرضه التعنت، ثم لم يخف اللَّه تعالى وأيد وقاحته هذه بالكذب على عادته، فقال: مع أن الإمام أحمد رواه باللفظ المذكور، والإمام أحمد رواه بلفظ: "إنما سمى القلب من تقلبه، إنما مثل القلب. . . " الحديث، فهذا لفظ يذكر في حرف الهمزة وقد ذكره المؤلف فيه، ثم إن الحديث له طريق آخر من حديث أنس أخرجه القضاعى في مسند الشهاب الذي رتبه الشارح، فأين كان عن استدراكه؟!. وقد استخرجت عليه من فوائد ابن السبط وكلاهما -أعنى: هو والقضاعى- خرجاه من طريق ابن الأعرابى في معجمه قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس به مثله. 3131/ 1838 - "مَثَلُ الَّذِي يَتَعلَّمُ العِلمَ في صِغَرِه كالنَّقْشِ عَلَى الحَجَرِ، وَمَثَلُ الَّذِي يتعلَّمُ العِلمَ فِي كِبَرهِ كَالَّذِي يَكتُبُ عَلَى المَاءِ". (طب) عن أبي الدرداء قال في الكبير: قال المصنف في الدرر: سنده ضعيف. قلت: أورد ابن الجوزى في الموضوعات هذا الحديث من حديث أبي هريرة، وتعقبه المؤلف بأن له طرقا وشواهد، منها حديث أبي الدرداء هذا، فراجعه

في اللآلئ المصنوعة تستفد، والشارح أهمل ذلك عن قصد لغرض سئ. 3132/ 1837 - "مَثَلُ الذِى يَتَعَلَّمُ العِلمَ ثُمَّ لا يُحَدِّثُ بِهِ كَمَثلِ الذِى يَكْنِزُ الكنْزَ فَلا يُنْفِقُ مِنْهُ". (طس) عن أبي هريرة قال الشارح: وفيه ابن لهيعة. قلت: راجع باب: جامع لنشر العلم من كتاب العلم لابن عبد البر ففيه طرق وشواهد لهذا الحديث. 3133/ 8139 - "مَثَلُ الَّذِي يَجْلِسُ يَسْمَعُ الحكْمَةَ وَلا يُحَدِّثُ عَنْ صَاحِبِهِ إلا بشَرِّ مَا يَسْمَعُ، كَمَثَلِ رَجُلٍ أتَى رَاعَيًا فَقَالَ: يَا رَاعِى، أَجْزِرْني شَاةً مِنْ غَنَمِكَ، قَالَ: اذْهَبْ فَخُذْ بِأذُنِ خَيرِهَا شَاةً، فَذَهَبَ فَأخَذَ بِأذُنِ كَلْبَ الغَنَمِ". (حم. هـ) عن أبي هريرة. قال الشارح: قال الهيثمى كالعراقى: وإسناده ضعيف، فقول المؤلف حسن ممنوع. قلت: الهيثمى لم يقل: ضعيف، بل قال كما نقله الشارح نفسه في الكبير: فيه على بن زيد مختلف في الاحتجاج به اهـ. وهو من شرط الحسن على رأى بعضهم ولذلك حسنه المؤلف، ثم إن الحديث معزو في المتن لابن ماجه وليس هو فيه (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في سننه (2/ 1396 - 1397، رقم 4172) من حديث أبي هريرة به مثله.

3134/ 8140 - "مَثَلُ الذِي يَتَكَلمُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالإمَامُ يَخطُبُ مَثَلُ الحِمَار يَحْمِلُ أسْفَارًا، وَالذِي يَقُولُ لَهُ: أَنْصِتْ، لَا جُمُعَةَ لَهُ". (حم) عن ابن عباس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وفيه محمد بن نمير أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ضعفه الدارقطنى، ومجالد الهمدانى قال أحمد: ليس بشيء، وضعفه غيره. قلت: ابن نمير الذي في السند هو شيخ أحمد "عبد اللَّه بن نمير" وهو ثقة متفق عليه احتج به الشيخان والجميع، والعجب أن الذهبى لم يذكر في الضعفاء إلا محمد بن نمير الفارابى، وقال فيه: لا أعرفه، عده البيلمانى فيمن يضع الحديث اهـ. ولم يقل: ضعفه الدارقطنى، ولكن بعده بترجمة أخرى قال: محمد بن نهار شيخ لابن نجيح ضعفه الدارقطنى، يقال له: ابن أبي الحياة اهـ. فأتى الشارح بهذه الأعجوبة كسائر أقواله، فجعل عبد اللَّه بن نمير الثقة هو محمد بن نمير المتأخر عنه، ثم انتقل من هذا إلى رجل آخر اسم والده نهار ونقل ما قيل فيه إلى الذي قبله بترجمة. وأما مجالد فصدوق وقد روى له مسلم مقرونا، وإنما ضعف للوهم. 3135/ 8142 - "مَثَلُ الذِى يُعِينُ قَوْمَهُ عَلَى غَيْرِ الحقِّ مَثَلُ بَعِيرٍ تَرَدَّى وَهُوَ يُجَرُّ بِذَنَبِهِ". (هق) عن ابن مسعود قال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أن هذا لم يخرج في شيء من الكتب الستة والأمر بخلافه، فقد عزاه المنذرى وغيره إلى أبي داود وكذا ابن حبان. قلت: أبو داود ذكر سند الحديث ولم يسق متنه، فإنه قال:

حدثنا النفيلى ثنا زهير عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود عن أبيه قال: "من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردى فهو ينزع بذنبه"، فهذا موقوف على ابن مسعود، ولو كان مرفوعًا لما ذكره المؤلف هنا، بل في حرف حق، ثم قال أبو داود: حدثنا ابن بشار ثنا أبو عامر ثنا سفيان عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه عن أبيه قال: انتهيت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في قبة من آدم فذكر نحوه اهـ. فلم يسق لفظ المرفوع، والمنذرى حمل لفظه على لفظ ابن حبان وعزاه لهما معا، وذلك سائغ عند أهل الحديث الذين يؤلفون على الأبواب، أما من يؤلف على الحروف كالمؤلف فلا إذ لو عزا هذا اللفظ بخصوصه إلى أبي داود لكان كاذبا لأنه لا يوجد فيه. 3136/ 8147 - "مَثَلُ المؤمِنِ مَثَلُ النَّحْلَة لا تَأكُلُ إلا طَيِّبًا وَلا تَضَعُ إلا طَيِّبًا". (طب. حب) عن أبي رزين قال الشارح: مصغرًا. قلت: هذا خطأ فاحش، وكل أخطاء هذا الرجل فاحشة مضحكة، بل هو رزين مكبرا. 3137/ 8149 - "مَثَل المؤْمِنِ مَثَلُ السُّنْبُلةِ تَسْتَقيمُ مَرَّةً وَتَخِرُّ مَرَّةً، وَمَثَل الكَافِرِ مَثَل الأرزةِ لا تَزَال مُسْتَقِيمَةً حَتَّى تَخِرَّ وَلا تَشْعُرَ". (حم) والضياء عن جابر قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، ورواه عنه البزار باللفظ المزبور بسند رجاله ثقات اهـ. وبه يعرف أن المصنف لو عزاه للبزار لصحة سنده كان أولى.

قلت: فيه أمور، الأول: أنه مر قريبًا في حديث: "مثل القلب مثل الريشة" أن المؤلف عزاه لابن ماجه، فتعقبه الشارح بأنه قد خرجه من هو أحق وأولى بالعزو منه وهو أحمد، وأن الأولى كان عزوه إليه، وهنا عكس المسألة وجعل العزو إلى البزار الذي ليس هو من الكتب الستة أولى. الثانى: أن المؤلف عزاه لأحمد والضياء فمن أدراه أن الضياء -وهو كتاب خاص بالصحيح- خرجه من طريق ابن لهيعة أيضًا. الثالث: أن المؤلف قرن العزو لأحمد بالضياء وهو أولى من مسند البزار. الرابع: أن ابن لهيعة إمام صدوق وحديثه حسن كما يحكم به الحافظ الهيثمى نفسه. [الخامس] (¬1) أن القضاعى خرجه في مسند الشهاب من غير طريق [ابن لهيعة] (¬2)، وهو قد رتب أحاديث الشهاب، فلم لم يعزه إليه؟! ولم يجعل التبعة دائمًا على المؤلف ولا يجعل شيئًا منها على نفسه؟!. 3138/ 8155 - "مَثَلُ المؤْمنِين في تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفهِمْ مَثَلُ الجَسَد، إذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى" (حم. م) عن النعمان قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه، بل خرجه البخارى في الأدب، لكنه أبدل "مثل" بـ "ترى" والكل بحاله. قلت: هذا جوابه فيه. ¬

_ (¬1) سقط في الأصل ولا يستقيم السياق إلا بها. (¬2) في الأصل المخطوط: القضاعى.

3139/ 8160 - "مَثَلُ أمَّتِى مَثَلُ المِلْحِ في الطَّعَامِ لا يَصْلُحُ الطَّعَامُ إلا بِالمِلح". (ع) عن أنس قال الشارح: ضعيف لضعف إسماعيل بن مسلم، فقول المؤلف: حسن، ممنوع. قلت: إسماعيل بن مسلم المكى كان فقيها مفتيا صدوقا إلا أنه كان يهم فضعفوه لأجل ذلك، وهذا الحديث سمعه ابن المبارك منه، فقال في كتاب الزهد: أخبرنا إسماعيل المكى عن الحسن عن أنس به، وفي آخره قال الحسن: فقد ذهب ملحنا فكيف نصلح؟!. ومن طريق ابن المبارك خرجه أبو يعلى والبغوى في التفسير وغيرهما، وابن المبارك أحد من ضعف إسماعيل المذكور، وترك الرواية عنه، فلما حدث عنه بهذا الحديث دل على أنه رأى أن هذا ليس مما يوهم فيه لقلة سنده ومتنه، وإذا كان كذلك فالحديث حسن. 3140/ 8161 - "مَثَلُ أمَّتى مَثَلُ المطرِ، لَا يُدرَى أولهُ خَيرٌ أم آخره". (حم. ت) عن أنس (حم) عن عمار (ع) عن على (طب) عن ابن عمر، وعن ابن عمرو قلت: أوردت أسانيد هذه الطرق في مستخرجى على مسند الشهاب.

3141/ 8162 - "مَثَلُ أهْل بيتِى مَثَلُ سَفِينةِ نُوحٍ، مَنْ رَكِبَها نَجَا، وَمَنْ تَخلفَ عَنها غَرِقَ". [البزار عن ابن عباس، وعن ابن الزبير (ك) عن أبي ذر] قلت: أوردت الكثير من أسانيده وطرقه في مستخرجى على مسند الشهاب. 3142/ 8163 - "مَثَلُ بلالٍ كمثَلِ نَحْلَةٍ، غَدَتْ تَأكُلُ منَ الحُلوِ وَالمُرِّ، ثُمَّ يُمْسِى حُلْوًا كُلَّهُ". الحكم عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الطبرانى باللفظ المزبور، فلو عزاه إليه كان أولى، قال الهيثمى: إسناده حسن، فعدول المصنف للحكيم واقتصاره عليه من ضيق العطن، وقد ذكر المصنف عن ابن الصلاح والنووى أن الكتب المبوبة أولى بالعزو إليها والركون؛ لما فيها من المسانيد وغيرها؛ لأن المصنف على الأبواب إنما يورد أصح ما فيه فيصلح الاحتجاج به. قلت: سبحان اللَّه، يفعل الجاهل المغفل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه، فهذا الرجل قد رد على نفسه بنفسه وبحث على حتفه بظلفه، وانتصر للمؤلف وأجاب عنه من حيث أراد الانتقاد عليه، فنوادر الأصول للحكيم الترمذى الذي عزا المؤلف إليه مصنَّفٌ على الأبواب، ومعجم الطبرانى الذي لامه الشارح على عدم العزو إليه مصنف على أسماء الرجال، فاعجب لصنع اللَّه بهذا الرجل! وكيف يؤدبه على إجرامه وهو متماد في غيه مطاوع لما في نفسه؟!. 3143/ 8170 - "مُدَارَاةُ النَّاسِ صَدَقَةٌ". (حم. طب. هب) عن جابر قال في الكبير: هذا الحديث له طرق عديدة وهذا الطريق كما قاله العلائى

وغيره أعدلها، فمن ثم عدل لها المصنف واقتصر عليها، ومع ذلك فيه يوسف ابن أسباط الزاهد، أورده الذهبى في الضعفاء, وقال أبو حاتم: صدوق يخطئ كثيرا، وفي اللسان عن ابن على: حديث لا أعرفه إلا من حديث أصرم، والعباس الراوى عنه في عداد "الضعفاء" وقال الهيثمى: فيه عند الطبرانى يوسف بن محمد بن المنكدر متروك، وقال الحافظ في الفتح بعد ما عزاه لابن على والطبرانى في الأوسط: فيه يوسف بن محمد بن المنكدر ضعفوه، وقال ابن عدى: لا بأس به. قلت: فيه من التخليط والخبط والوهم أمور، الأول: أن هذا الحديث ليس له طرق متعددة ولم يرد مسندا إلا من حديث جابر بن عبد اللَّه، ولم يرو عنه إلا من طريق يوسف بن أسباط عن سفيان الثورى عن محمد بن المنكدر عن جابر، ومن هذا الطريق خرجه ابن حبان في الصحيح، وفي روضة العقلاء، والطبرانى في المعجم، وفي مكارم الأخلاق، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق له، وابن الأعرابى في المعجم، والعسكرى في الأمثال، والقضاعى في مسند الشهاب، وأبو نعيم في الحلية [8/ 246]، وفي تاريخ أصبهان، والخطيب في التاريخ, وقال أبو نعيم [8/ 246]: تفرد به يوسف عن الثورى. وقد أوردت أسانيدهم إليه في مستخرجى على مسشد الشهاب، والحافظ العلائى لم يقل ذلك في خصوص هذا الحديث، بل قال ذلك في أحاديث المداراة لا بخصوص هذا اللفظ، فإنه ورد فيها أحاديث ضعيفة أفردها بعضهم بالتأليف كما حكاه السخاوى. الثانى: أن يوسف بن أسباط ثقة عابد زاهد، وكونه كان يهم لا يضر في مثل هذا الحديث، ولذلك صححه ابن حبان. الثالث: قوله: وفي اللسان عن ابن [عدى] حديث لا أعرفه. . . إلخ، تخليط لإسناد بإسناد، وإدخال حديث في حديث، فابن [عدى] أورد في

تنبيه

ترجمة أصرم بن حوشب من رواية العباس بن الحسين البلخى عنه عن مندل عن مغيرة عن إبراهيم رفعه مرسلًا أو معضلا: "مداراة الناس صدقة"، ثم قال: لا أعرفه إلا من حديث أصرم، والعباس الراوى عنه في عداد الضعفاء الذين يسوقون الحديث اهـ. فابن عدى يتكلم على هذا المتن الذي هو من رواية إبراهيم ويقول: إنه لا يعرفه من هذا الوجه إلا من حديث أصرم، وأصرم بن حوشب وضاع، فإذا قال هذا في الكلام على حديث جابر المعروف المشهور بين أهل الحديث الذي لا يجهله منهم من هو دون ابن على فضلا عنه -جهل بالحديث بالمرة. تنبيه عزا الحافظ الهيثمى هذا الحديث في مجمع الزوائد إلى الطبرانى في الأوسط ثم قال: وفيه يوسف بن محمد بن المنكدر متروك، وقال ابن عدى: أرجو أنه لا بأس به اهـ. وقلده الحافظ في الفتح فنقل عبارته، وأرى الهيثمى واهما في قوله: إنه من رواية يوسف بن محمد بن المنكدر، وكأنه لما وقع في الإسناد يوسف بن أسباط ومحمد بن المنكدر انتقل ذهنه من يوسف بن أسباط إلى يوسف بن محمد بن المنكدر، فإن الحديث أخرجه الطبرانى في مكارم الأخلاق قال: حدثنا يحيى بن عبد الباقى ثنا المسيب بن واضح ثنا يوسف بن أسباط عن سفيان الثورى عن محمد بن المنكدر عن جابر به. وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن الطبرانى قال: حدثنا يحيى ابن عبد الباقي به. وأبو نعيم إنما يسند غالبا عن الطبرانى من المعجم الأوسط، فليحرر هذا، واللَّه أعلم.

3144/ 8173 - "مَرَّ رَجُلٌ بغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيق فَقَالَ: وَاللَّه لأنَحِّينَّ هَذا عَنْ المُسْلِمِينَ لَا يُؤذِيهِم، فَأدخِلَ الجنَّةَ". (حم. م) عن أبي هريرة. قال في الكبير: ظاهره أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه وليس كذلك، فقد عزاه الصدر المناوى وغيره لهما معا. قلت: لفظ البخارى: "بينما رجل يمشى بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخذه، فشكر اللَّه له فغفر له"، فأين هذا اللفظ الذي محله حرف الباء من هذا؟!. 3145/ 8179 - "مَشْيُكَ إلى المسْجِدِ وانصِرَافُكَ إلى أهْلِكَ في الأجْرِ سَوَاءٌ". (ص) عن يحيى بن أبي يحيى الغسانى مرسلًا. قلت: رمز المؤلف لضعفه ولم يبين الشارح علته وهو من رواية أبي بكر بن أبي مريم وهو ضعيف، كذلك رواه ابن المبارك في الزهد قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم عن يحيى بن أبي يحيى الغسانى به مثله. 3146/ 8183 - "مَعَ كُلِّ خَتْمَةٍ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ". (هب) عن أنس. قلت: أخرجه أيضًا ابن بشكوال في الصلة من طريق أبي بكر الخطيب عن أبي حازم العبدرى عن أبي بكر الإسماعيلى: حدثنا عبد اللَّه بن ياسين حدثنا حمدون بن أبي عبادة ثنا يحيى بن هاشم عن مسعر عن قتادة عن أنس به. 3147/ 8184 - "مَعَ كُلِّ فَرْحَةٍ تَرْحَةٌ". (خط) عن ابن مسعود.

قال في الكبير: خرجه (خط) في ترجمة أبي بكر الشيرازى وفيه حفص بن غياث، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: مجهول. قلت: فيه أمران، أحدهما: قوله أخرجه في ترجمة أبي بكر الشيرازى خطأ من جهة وإحالة بباطل من جهة، فإنه أخرجه في ترجمة محمد بن العباس بن الفضيل أبي بكر البزاز لا الشيرازى، ثم ذكر الكنية مجردة تسويد للورق بلا فائدة. ثانيهما: أن حفص بن غياث المذكور في السند ثقة معروف مشهور متفق على الاحتجاج به في الصحيحين وغيرهما، وهو كوفى عبر عنه الذهبى بأحد الأئمة الثقات، وأما الذي قال فيه الذهبى: مجهول، فهو بصرى روى عن ميمون ابن مهران. والحديث خرجه الخطيب من رواية على بن عبد الصمد: ثنا مسروق بن المرزبان ثنا حفص بن غياث ثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه به مرفوعًا. ورواه أحمد في الزهد عن وكيع: ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه موقوفًا: "مع كل فرحة ترحة، وما ملئ بيت صبرة إلا ملئ عبرة". ورواه القضاعى في مسند الشهاب من طريق ابن المبارك في الزهد: أنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير مرسلًا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-[قال]: "والذي نفس محمد بيده ما امتلأت دار صبرة إلا امتلأت عبرة، وما كانت فرحة إلا تبعتها ترحة". 3148/ 8187 - "مُعْتَرَكُ المَنايَا مَا بَينَ السِّتِّينَ إلى السَّبْعِينَ". الحكيم عن أبي هريرة. قال في الكبير: وفيه محمد بن ربيعة أورده الذهبى في ذيل الضعفاء وقال:

لا يعرف وكامل أبو العلاء أورده الذهبى في الضعفاء وقال: جرحه ابن حبان، ولم يصب المؤلف في اقتصاره على الحكيم لما فيه من إيهام أنه لا يوجد مخرجًا لأحد من المشاهير مع أن البيهقى خرجه في الشعب باللفظ المزبور عن أبي هريرة، وكذا الخطيب في التاريخ, وأبو يعلى والديلمى والقضاعى، وضعفه في الفتح بإبراهيم بن الفضل. قلت: فيه من البلايا والمخازى أمور، أحدها: الكذب الصراح، قال الحكيم الترمذى في نوادر الأصول في الأصل الثالث والأربعين ومائة (¬1): حدثنا يحيى بن المغيرة بن سلمة المخزومى أبو سلمة ثنا ابن أبي فديك ثنا إبراهيم بن الفضل بن سلمان عن المقبرى عن أبي هريرة به، فلا وجود كما ترى لمحمد بن ربيعة ولا لكامل أبي العلاء فيه. ومن هذا الطريق خرجه أبو يعلى والقضاعى والخطيب، فأبو يعلى عن أبي موسى الأنصارى عن ابن أبي فديك، والقضاعى من طريق عبد اللَّه بن عبد الحميد القرشى عن ابن أبي فديك، والخطيب من طريق القاسم بن بشر عن ابن أبي فديك بسنده. ثانيها: أن محمد بن ربيعة وكامل أبا العلاء موجودان في سند حديث: "أعمار أمتى ما بين الستين إلى السبعين" الذي خرجه الترمذى عن إبراهيم بن سعيد الجوهرى: ثنا محمد بن ربيعة عن كامل أبي العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة، وقد تقدم للمؤلف ذكره في حرف الهمزة. ثالثها: أن محمد بن ربيعة الذي قال فيه الذهبى لا يعرف، ليس هو المذكور في سند هذا الحديث، بل هذا محمد بن ربيعة الكلابى الرواسى معروف مشهور روى عنه أحمد وابن معين، وإبراهيم بن موسى الرازى، وقتيبة بن سعيد وجماعة يطول عندهم جدًا، ووثقه ابن معين وأبو داود وأبو حاتم ¬

_ (¬1) هو في الأصل الثانى والأربعين والمائة (2/ 677).

الرازى والدارقطنى وابن حبان. وأما المجهول فقال فيه الذهبى: محمد بن ربيعة ويقال: بشر بن ربيعة، شيخ للأعمش لا يعرف اهـ. فهو أكبر من الذي قبله، لأنه يروى عن الأعمش وهذا من أقرانه. رابعها: أن كاملا أبا العلاء وثقه جماعة فلا يليق الاقتصار على ذكر جرح ابن حبان. خامسها: قوله: أورده الذهبى في ذيل الضعفاء كذب صراح، فإن الذهبى أورده في الميزان الذي يسميه الشارح بالميزان أحيانا وبالضعفاء أحيانا، وبالضعفاء والمتروكين أحيانا، وكل هذا لا خطر فيه وإن كان تدليسا، أما ذيل الضعفاء فكذب صراح، لأن الذيل غير المذيل عليه، والكلام الذي نقله موجود في الضعفاء, على أنى لا أعتقد أن للذهبى ذيلا على الضعفاء, وإن كان عنده فهي طامة أخرى، فإن المذكور في الأصل لا يذكر في الذيل. سادسها: قوله: ولم يصب في اقتصاره على الحكيم كذب أيضًا، فإنه ما قال أحد أن ذلك خطأ، ولن يقوله إلا جاهل متعنت مثل الشارح. سابعها: أنه رجع أخيرا فنقل عن الحافظ أنه ضعفه بإبراهيم بن الفضل، ونسى أنه ذكر في أول الكلام أن علته محمد بن ربيعة وكاملا أبا العلاء. 3149/ 8189 - "مُعَلِّمُ الخَيْرِ يَسْتَغْفِرُ له كُل شَيْءٍ حَتَّى الحيتَان في البِحَار". (طس) عن جابر، البزار عن عائشة. قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد قال الهيثمى: في طريق الطبرانى إسماعيل بن عبد اللَّه بن زرارة، قال الأزدى: منكر الحديث وإن وثقه ابن حبان. فك: قبح اللَّه الكذب، فاسمع ما قاله الحافظ الهيثمى: رواه الطبرانى في

الأوسط وفيه إسماعيل بن عبد اللَّه بن زرارة، وثقه ابن حبان، وقال الأزدى: منكر الحديث، ولا يلتفت إلى قول الأزدى في مثله، وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ. فانظر كيف قدم هذا الملبس جرح الأزدى وأخر توثيق ابن حبان، وحذف رد الحافظ الهيثمى عليه حتى يمشى غرضه الفاسد، ومع هذا كله ناقض نفسه وقال في الشرح الصغير إسناده حسن. 3150/ 8190 - "مَفَاتِيحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لا يَعْلمُهَا إلا اللَّه تَعَالَى: لَا يَعْلَم أحدٌ مَا يكونُ في غدٍ إلا اللَّه تعَالَى، ولا يَعْلمُ أحدٌ مَا يكونُ في الأرْحَامِ إلا اللَّه تَعَالَى، ولا يَعْلمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعةُ إلا اللَّه، وَلا تَدْرِى نفْسٌ بأيِّ أرضٍ تَمُوتُ إلا اللَّه، ولا يَدْرِى أحدٌ مَتَى يجِئُ المطَر إلا اللَّه". (حم. خ) [عن ابن عمر]. قال في الكبير: خرجه (خ) في الاستسقاء، وظاهر هذا أن البخارى خرجه بهذا اللفظ، والذي رأيته معزوا له: "مفاتيح الغيب خمس {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ. . .} إلى آخر الآية. قلت: كأن هذا الرجل كان في عقله خلل أو هو من فرط ما في نفسه للمؤلف يغالط نفسه في المشاهد المحسوس ويحب أن يدفعه بوهم الواهمين، فبينما هو ينص على أن البخارى خرجه في الاستسقاء، مما يدل على أنه رآه في الصحيح المتداول بين الناس الموجود في خزانة كل عالم إذ يحب أن يدفع هذا بأنه رأى من عزاه إلى البخارى مختصرا مع أنه في كتاب الاستسقاء باللفظ المذكور هنا، فما أعجب شأن هذا الرجل!!. 1351/ 8195 - "مكَارِمُ الأخْلاقِ مِنْ أعَمَالِ أَهْل الجنَّةِ". (طس) عن أنس.

قلت: أخرجه أيضًا ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 20 - 21, رقم 12] وابن أبي حاتم في العلل [2/ 122]، والقضاعى في مسند الشهاب، كلهم من طريق طلق ابن السمح: ثنا يحيى بن أيوب عن حميد الطويل عن أنس "أنه مرض فعاده بعض إخوانه فقال لجاريته يا جارية: هلمى لأخواننا شيئًا ولو كسرا، فإنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. . . " وذكره. ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال [2/ 112]: هذا باطل وطلق مجهول اهـ. وهذا غلو منه وإسراف فإن طلقا ما هو بمجهول، بل روى عن جماعة واحتج به النسائى، ولما نقل الذهبى كلام أبي حاتم قال: وقال غيره: محله الصدق إن شاء اللَّه اهـ. ومع هذا فلم ينفرد به بل توبع عليه، قال ابن حبان في الضعفاء: أخبرنا أبو عبد اللَّه النقار بالرملة ثنا سليمان بن بشار ثنا سفيان بن عيينة عن حميد الطويل به. هكذا نقلته من الضعفاء لابن حبان: سفيان عن حميد، ونقله الذهبى في الميزان عن الضعفاء أيضًا فزاد بينهما الزهرى، وقال ابن حبان في سليمان بن بشار إنه يروى عن الثقات ما لم يحدثوا به، ويضع على الإثبات لا يحل الاحتجاج به، فإن كان كما قال فلعله سرقه، واللَّه تعالى أعلم. وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم كمل المجلد الخامس من المداوى لعلل المناوى بقلم كاتبه الفقير إلى اللَّه تعالى أحمد ابن الصديق عشية يوم الاثنين تاسع عشر محرم الحرام سنة تسع وستين وثلاثمائة وألف. ويتلوه إن شاء اللَّه المجلد السادس أوله: "مكارم الأخلاق عشرة"، أعان اللَّه تعالى على أكماله بمنه وفضله آمين.

رقم الإيداع بدار الكتب المصرية: 2891/ 96 الترقيم الدولي: 0 - 03 - 5235 - 977 بتاريخ: 3/ 2/ 1996 الطبعة الأولى

«من أَرَادَ صناعَة الحَدِيث فَعَلَيهِ بالمداوي» عبد اللَّه بن الصّديق المُداوي لعلل الْجَامِع الصَّغِير وشرحي الْمُنَاوِي [6]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

هَذِه هِيَ الطبعة الشَّرْعِيَّة الوحيدة لكتاب «المداوي» علمًا بِأَن الْحُقُوق مَمْلُوكَة بالكامل لدار الكتبي وَحدهَا وكل من يتجرأ على طبع الْكتاب سَوف يُتَابع قضائيًا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وسلم 3152/ 8196 - "مَكَارِمُ الأَخْلاقِ عَشَرَةُ، تَكُونُ في الرَّجُل وَلا تَكُونُ في ابْنِه، وَتَكُونُ في الابن ولا تَكُونُ في الأبِ، وتَكُونُ في العَبْدِ ولا تَكُوَنُ في سَيِّدِه، يَقسِمهَا اللَّهُ لمَنْ أرادَ به السَّعَادَةَ: صِدْقُ الَحَديثِ، وَصِدْقُ البأس، وَالمُكَافَأَةُ بالصَّنَائِع، وَحِفْظُ الأَمَانَةِ، وَصِلةُ الرَّحِم، وَالتَّذَمُّمُ لِلْجَارِ، وَالتَّذَمُّم للصَّاحِبِ، وَإِقْرَاءُ الضَّيْفِ، وَرَأْسُهُنَّ الحَيَاءُ". الحكيم (هب) عن عائشة قال في الكبير: قال ابن الجوزى: حديث لا يصح، ولعله من كلام بعض السلف، وفي اللسان قال الحاكم: ثابت بن يزيد أي أحد رواته مجهول وينبغي العمل فيه عليه، وقال البيهقى في الشعب: وروى بإسناد آخر

ضعيف موقوفًا على عائشة وهو أشبه اهـ. وهو صريح في شدة ضعف المرفوع الذي آثره المصنف. قلت: هذا كلام من لا يدرى ما يقول، فالمؤلف أفرد كتابه للمرفوع فقط صحيحًا كان أو ضعيفًا، فما معنى كونه آثر المرفوع الأضعف على الموقوف الضعيف في نظرك وفهمك القاصر؟ وإلا فالبيهقي صرح بأن الكل ضعيف وأنت ميزت فجعلت المرفوع شديد الضعف دون الموقوف لأنك لا ترى في فعل المصنف إلا النقص والقصور، ثم إنك قلت: إن الحكيم الترمذى والبيهقى خرجاه من طريق أيوب الوزان عن الوليد بن مسلم عن ثابت عن الأوزاعى عن الزهرى عن عروة عن عائشة وهذا خطأ فاحش، فإن الحديث من رواية الوليد بن الوليد لا من رواية الوليد بن مسلم، وقد ذكرته على الصواب في كلام ابن الجوزى فأوقعت الناظر في الحيرة، وذلك شأنك في كل ما تنقل أو تقول. قال الحكيم في الأصل الحادى والتسعين ومائة (¬1) [2/ 110]: أخبرنا الفضل بن محمد الواسطى أخبرنا أيوب بن محمد الرقى حدثنا الوليد ابن الوليد أبو العباس الدمشقى عن ثابت بن يزيد عن الأوزاعى عن الزهرى عن عروة عن عائشة "قالت: كان نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول" الحديث. وأخرجه أيضًا ابن حبان في "الضعفاء" قال [3/ 81]: حدثنا الحسن بن عبد اللَّه القطان ثنا أيوب بن محمد الوزان ثنا الوليد بن الوليد به. وأخرجه أبو الفضل بن طاهر في "صفوة التصوف" قال: ¬

_ (¬1) وهو في الأصل التسعين ومائة من المطبوع.

أخبرنا أبو عمرو المخمر ثنا أبو محمد عبد اللَّه بن يوسف قال: أنا أبو سعيد بن الأعرابى ثنا جعفر بن الحجاج الرقى ثنا أيوب بن محمد الوزان ثنا الوليد به. وقال ابن حبان: وهذا لا أصل له من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والوليد يروى العجائب، وقد روى نسخة أكثرها مقلوب لا يجوز الاحتجاج به اهـ. والموقوف رواه ابن وهب في جامعه قال: حدثنا ابن أنعم أن عائشة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كانت تقول به. وهذا منقطع، وقد وصله الخرائطى في "مكارم الأخلاق" من طريق ابن أنعم أيضًا فقال [ص 45]: حدثنا أحمد بن يحيى بن مالك السوسى ثنا أبو بدر شجاع بن الوليد ثنا عبد الرحمن بن زياد ثنا يزيد بن أبي منصور عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها كانت تقول: "إن خلال المكارم عشر" فذكر مثله. ورواه الدينورى في "المجالسة" عن أبي بكر بن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن الحارث عن المدائنى قال: قالت عائشة: خلال المكارم. فذكره، وهذا منقطع أيضًا. وراه الطوسى في "أماليه" عن جعفر الصادق من قوله: فقال في الأول منها: أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان أنا جعفر بن محمد حدثنا على بن الحسين ابن موسى بن بابويه ثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الهيثم بن أبي مسروق الفهدى عن يزيد بن إسحاق عن الحسن بن عطية عن أبي عبد اللَّه جعفر الصادق -رضي اللَّه عنه- قال: "المكارم عشر، فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن، فإنها تكون في الرجل ولا تكون في ولده" فذكر مثله، وكان هذا هو الأشبه واللَّه أعلم.

3153/ 8198 - "مَكْتُوبٌ فِي الإِنْجِيلِ: كَمَا تَدِينُ تُدَانُ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِى تكِيلُ تُكْتَالُ". (فر) عن فضالة بن عبيد. قال الشارح: بالضم ابن عبيد. قلت: هذا خطأ فاحش، بل هو بفتح الفاء، والحديث مرَّ الكلام عليه في حديث: "البر لا ينسى". 3154/ 8199 - "مَكْتُوبٌ في التَّوْرَاةِ: مَنْ بَلَغَتْ لَهُ ابْنَةٌ اثْنَتَى عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُزَوِّجْهَا فأصَابَتْ إثْمًا فَإثْمُ ذَلِكَ عَلَيهِ". (هب) عن عمر وأنس قال الشارح: وإسناده صحيح والمتن شاذ. قلت: هذا باطل بل هو تهور وتلاعب، فإنه نقل في الكبير أن البيهقى روى حديث أنس عن الحاكم، وأن الحاكم قال: هذا وجده بكر بن محمد بن عبدان الصدفى في كتابه، وهو إسناد صحيح والمتن شاذ بمرة. قال البيهقى: إنما نرويه بالإسناد الأول، وهو بهذا الإسناد منكر اهـ. فبين البيهقى أنه من حديث أنس منكر غير معروف، وأن المعروف فيه من حديث عمر, وحديث عمر أيضًا ضعيف، فالحديث من كلا الطريقين ضعيف، فقوله: إسناده صحيح بعد ما نقل عن البيهقى تضعيفه -تهور وتلاعب. والحديث خرجه أيضًا البندهى في "شرح المقامات" قال: أخبرنا أبو المظفر محمد بن أحمد بن على الخطيب بقراءتى عليه أنا أبو نصر محمد بن محمد بن على التنيسى ثنا أبو بكر محمد بن عمر بن خلف الوراق ثنا أبو بكر محمد بن السرى بن عثمان التمار ثنا أحمد بن بشر المربدى ثنا

خالد بن خداش ثنا بشر بن بكر التنيسى ثنا أبو بكر عبد اللَّه بن أبي مريم عن أبي مجاشع الأزدى عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه قال: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول" مثله. ورواه الديلمى في مسند الفردوس قال [4/ 410، رقم 6712]: أخبرنا أبي أخبرنا أبو المظفر أحمد بن سعيد بن حزة أخبرنا الحسين بن محمد ابن منجويه إملاء حدثنا الفضل بن الفضل الكندى ثنا إبراهيم بن محمد المالكي ثنا محمد بن أحمد بن مطر ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا بشر بن بكر به مثله. وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف، وشيخه أبو مجاشع مجهول. 3155/ 8204 - "مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا". (حم. د) عن أبي هريرة قال في الكبير: هو من رواية سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة، قال ابن حجر -يعنى الحافظ-: والحارث بن مخلد ليس بمشهور، وقال ابن القطان: لا يعرف حاله وقد اختلف فيه على سهل اهـ. فرمز المؤلف لصحته غير مسلم. قلت: بل ظاهر سند الحديث الصحة، وقد حكم بصحة الحديث أشد الناس تعنتا في التصحيح وهو ابن حزم، والمؤلف مجتهد له نظره ولغيره نظره. 3156/ 8206 - "مَلْعُونٌ مَنْ ضَارَّ مُؤْمِنًا أَوْ مَكَرَ بِهِ". (ت) عن أبي بكر قال في الكبير: قال (ت): غريب وذلك لأنه من رواية فرقد السبخى، وهو وإن كان صالحا فحديثه منكر، قاله البخارى وساقه في "الميزان" من مناكيره، وفيه أبو سلمة الكندى قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخارى: تركوه.

قلت: أبو سلمة الكندى لا دخل له في الحديث فإنه توبع عليه، فرواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده: ثنا عبد العزيز بن أبان ثنا همام عن فرقد عن مرة الطيب عن أبي بكر به. ورواه الحسن بن سفيان في مسنده من وجه آخر عن فرقد أيضًا فقال: حدثنا أبو بكر بن أبي الربيع السمان ثنا عنبسة بن سعيد ثنا فرقد به. وهكذا رواه أبو القاسم على بن المحسن التنوخى في فوائده: ثنا عمر بن محمد الزيات ثنا الحسن بن الطيب بن حمزة السجاعى ثنا سعيد بن أبي الربيع السمان ثنا عنبسة بن سعيد عن فرقد به. وكذلك رواه أبو نعيم في الحلية من طريق أبي بكر بن أبي عاصم [4/ 164]: ثنا محمد بن أشعث أبو بكر الزهرانى عن أبي بكر بن أبي الربيع السمان به. ثم إن فرقدا توبع عليه أيضًا، فقد أخرجه أبو نعيم في الحلية من طريق جابر الجعفى عن الشعبى عن مرة الهمدانى عن أبي بكر به بلفظ [4/ 164]: "لا يدخل الجنة سيئ الملكة، وملعون من ضار مسلما أو مكره". 3157/ 8207 - "مَلْعُونٌ مَنْ سَبَّ أبَاهُ، مَلْعُونٌ مَنْ سَبَّ أُمَّهُ، مَلْعُونٌ مَنْ ذَبَحَ لغَيْرِ اللَّه، مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الأرْضِ، مَلْعُونٌ مَنْ كَمَهَ أَعْمَى عَن طَرِيقٍ، مَلْعُونٌ مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمةٍ، مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ بِعَمَلِ قَوْم لُوطٍ". (حم) عن ابن عباس قال في الكبير: وفيه محمد بن سلمة، فإن كان السعدى فواهى الحديث أو البنانى فتركه ابن حبان كما بينه الذهبى، وفيه محمد بن إسحاق، وفيه عمرو بن أبي عمرو لينه يحيى. قلت: وفيه أن هذا لا أصل له، فإن كنت متعمدا فكذاب أو كنت غير متعمد

فجاهل يحرم عليك الخوض في الحديث، فإنك أتيت هنا بطامات، أولها: أنه لا وجود لمحمد بن سلمة في سند الحديث (¬1) , قال أحمد [1/ 317]: حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثنا عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن عكرمة عن ابن عباس به، ويعقوب شيخ أحمد هو ابن إبراهيم الزهرى. ثانيها: أنه لا وجود لراو اسمه: محمد بن سلمة السعدى مطلقا لا في الضعفاء ولا في الثقات. ثالثها: أن محمد بن إسحاق ثقة وغاية ما فيه التدليس، وقد صرح في هذا الحديث بالسماع كما سبق، وأيضًا فقد ورد من غير طريقه عند أحمد نفسه، فإنه رواه أيضًا عن حجاج عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عمرو بن أبي عمرو به (¬2). رابعها: أن عمرو بن أبي عمرو ثقة من رجال الصحيحين المتفق عليهما. 3158/ 8209 - "مَلْعُونٌ مَنْ لَعِبَ بالشّطْرَنْج، وَالنَّاظِرُ إلَيْهَا كَالآكِلِ لَحْمَ الخِنْزِيرِ". عبدان وأبو موسى وابن حزم عن حبة بن مسلم مرسلًا قال في الكبير: أخرجوه كلهم في الصحابة من طريق عبد المجيد بن أبي رواد عن ابن جريج عن حبة، وفي الميزان: أنه خبر منكر، وروى الجملة ¬

_ (¬1) قد روى أحمد الحديث في مسنده (1/ 217) من طريق محمد بن مسلمة -كذا وقع في المسند- عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن أبي عمرو به. فلعل وقع في المسند تحريف سلمة إلى مسلمة، خاصة وأنه مترجم لمحمد بن سلمة في التهذيب (25/ 289، رقم 5255) وهو محمد بن سلمة بن عبد اللَّه الباهلى أبو عبد اللَّه الحرافى وليس السعدى، وقد روى عن محمد بن إسحاق، وروى عنه أحمد بن حنبل كما في هذا الحديث واللَّه أعلم. (¬2) رواه (1/ 317): "لعن اللَّه من غير تخوم الأرض،. . . ".

الأولى منه الديلمى من حديث أنس، وقضية صنيع المؤلف: أن مخرجيه سكتوا عليه والأمر بخلافه، بل قال ابن حزم: حبة مجهول والإسناد منقطع. قلت: [في هذا] أمور، الأول: الكذب على صنيع المؤلف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف. الثانى: أن ابن حزم ليس له كتاب في الصحابة. الثالث: أنه قال في الصغير: أن ابن حزم رواه في المحلى، والمؤلف لم يقل ذلك وكذلك الحافظ فزيادة المحلى من كذبه. الرابع: أنه نسب لمخرجيه أنهم تعقبوه، وإنما تعقبه ابن حزم وحده. الخامس: أن الذهبى لم يذكر هذا في الميزان ولم يقل إنه منكر. السادس: أن اسم والد حبة هو سلم بفتح السين وسكون اللام دون ميم في أوله خلافًا لما ذكره هو. والحديث قال الحافظ في اللسان [2/ 166]: أخرجه ابن حزم من طريق عبد الملك بن حبيب عن أسد بن موسى وعلي بن معبد كلاهما عن ابن جريج عن حبة بن سهل، كذا قال، وقال بعده: حبة بن سهل مجهول، وابن حبيب لا شيء، وأسد ضعيف وهو منقطع اهـ كلامه. والسند الذي أورده أبو موسى هو من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج قال: حدثت عن حبة بن سلم (¬1) فذكره فأفاد أن ابن حبيب لم ينفرد ولا شيخه، ويكون في روايتهما سقط راو وهو من حدث ابن جريج اهـ. وحديث أنى قال الديلمى [4/ 415، رقم 6724]: ¬

_ (¬1) انظر اللسان (2/ 166، 167، رقم 743)، وهناك ذكر الحافظ أنه وقع ذكره في ذيل أبي موسى على معرفة الصحابة حبة بن مسلم بضم الميم وإسكان السين.

أخبرنا أبي أخبرنا عبد الملك بن عبد الغفار بن البصرى ثنا محمد بن محمد بن الفيض ثنا على بن عمر بن عثمان السكرى ثنا على بن محمد العسكرى أخبرنا جبرون بن عيسى حدثنا يحيى بن سليمان حدثنا عباد بن عبد الصمد عن أنس رفعه: "ملعون من لعب بالشطرنج"، وعباد بن عبد الصمد واه منكر الحديث. 3159/ 8210 - "مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِالقُرْآنِ، فَمَنْ قَرَأَهُ مِنْ أَعْجَمِيٍّ أو عَرَبِيٍّ فَلَمْ يُقَوِّمْهُ قَوَّمَهُ المَلَكُ، ثُمَّ رَفَعَهُ قَوَامًا". الشيرازى في "الألقاب" عن أنس قال في الكبير: وظاهر صنيع المؤلف أنه لا يوجد مخرجًا لأشهر من الشيرازى مع أن الحاكم والديلمى خرجاه. قلت: هذا كذب على ظاهر صنيع المؤلف، فإنه لا يفيد ذلك لا بمنطوق ولا بمفهوم والإحاطة متعذرة، والحفاظ كلهم يعزون لمن تيسر لهم عزو الحديث إليه، وقد يقتصرون على البعض اختصارا، وهذا كلام متعنت سخيف، ولو أردنا أن نسخف سخافته وتعنته لقلنا له: فظاهر عزوك لهذين أنه لا يوجد مخرجًا لغيرهما مع أن أبا نعيم خرجه أيضًا، وأغرب من ذلك أن الديلمى أسنده من طريقه بعد طريق الحاكم وهكذا لو جاء متعنت سخيف ووقف على مخرج آخر لأسخف به، قال الحاكم: حدثنا أبو الحسين الجوهرى ثنا محمد بن الحسين الحافظ ثنا إبراهيم بن عيسى الذهلي ثنا أحمد بن هاشم الخوارزمى ثنا خالد بن سليمان عن المعلى عن سليمان التيمى عن أنس به. وقال أبو نعيم: حدثنا محمد بن الحسن السبطى حدثنا أحمد بن عامر

البرقعيدى ثنا أحمد بن محمد بن عمر ثنا عمر بن يزيد بن الفتح ثنا عبد الملك ابن عبد الرحمن الدثارى عن سليمان التيمى به. أخرجه الديلمى من طريقهما (¬1). 3160/ 8213 - "مِنَ البِرِّ أنْ تَصِلَ صَدِيقَ أبِيكَ". (طس) عن أنس قال الشارح: ضعيف لضعف عنبسة القرشى، وقول المؤلف: حسن فيه نظر. قلت: لا نظر فيه، فالحديث في صحيح مسلم بمعناه، بل بقريب من لفظه من حديث ابن عمر (¬2)، فتحسين المؤلف في غاية الصواب. 3161/ 8214 - "مِنَ التَّمْرِ وَالبُسْرِ خَمْرٌ". (طب) عن جابر قال في الكبير: فظاهر عدوله للطبرانى أنه لم يخرجه أحد من الستة، وليس كذلك، بل خرجه أبو داود والترمذى وابن ماجه عن النعمان بن بشير يرفعه، ولفظه: "إن من الحنطة خمرا، وإن من الشعير خمرا، ومن التمر خمرا، ومن الزبيب خمرا، ومن العسل خمرا". قلت: انظر إلى هذا وتعجب. ¬

_ (¬1) أخرجه الديلمى (4/ 157، رقم 6489) ط. دار الكتب العلمية، وقال محققه: سقط من المخطوطة، وأثبتناه من زهر الفرودس اهـ. ولم أجده في طبعة الريان، واللَّه أعلم. (¬2) رواه مسلم (4/ 1979، رقم 2552/ 11، 12، 13) بألفاظ "إن أبر البر"، و"أبرُّ البر. . "، و"إن من البر. . . ".

3162/ 8217 - "مِنَ الزَّرْقَةِ يُمْنٌ". (خط) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن الخطيب خرجه وأقره والأمر بخلافه، فإنه ذكره في ترجمة إسماعيل بن أبي إسماعيل المؤدب، وذكر أنه ضعيف منكر الحديث لا يحتج به اهـ. وأقول: فيه أيضًا الحارث بن أبي أسامة صاحب المسند، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ضعيف. . . إلخ. قلت: في هذا أمور، الأول: الكذب على ظاهر صنيع المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف. الثانى: الكذب على الخطيب فإنه ما أقر ولا تعقب، ولا كتابه موضوع لذلك كما بيناه مرارًا. الثالث: الجهل بالرجال، فإن الحارث بن أبي أسامة ثقة، وإنما تكلم فيه لأجل كونه كان يأخذ الأجر على التحديث. الرابع: الكذب على الذهبى، فإنه ما قال ضعيف، ولولا أنه التزم أن يورد في كتابه كل حسن تكلم فيه ما أورده. فاسمع ما قاله الذهبى فيه: كان حافظًا عارفا بالحديث عالى الإسناد بالمرة تكلم فيه بلا حجة. 3163/ 8219 - "مِنَ الصَّدَقَة أَنْ تُعَلِّمَ الرَّجُلَ العِلْمَ فَيَعْمَلَ بِهِ وَيُعَلِّمَهُ". أبو خيثمة في العلم عن الحسن مرسلًا قلت: رمز المصنف لضعفه وسكت الشارح عن بيان علته وذلك لقصوره، كما أنه سكت عن عزوه إلى غير أبي خيثمة كأنه لم يخرجه غيره والأمر بخلافه.

فقد خرجه من هو أشهر من أبي خيثمة، وهو الآجرى وابن عبد البر في العلم أيضًا، وهكذا يسخف الشارح على المؤلف وهو في كتاب "حملة العلم" للآجرى (ص 27)، وفي "بيان العلم" لابن عبد البر (1/ 123). 3164/ 8222 - "مِنَ المرُوءَة أَنْ يُنْصِتَ الأَخُ لأخِيهِ إِذَا حَدَّثَهُ، وَمِنْ حُسْنِ المُمَاشَاةِ أَنْ يَقِفَ الأخُ لأَخِيهِ إِذَا انْقَطعَ شِسْعَ نَعْلِهِ". (خط) عن أنس قلت: رمز المؤلف لضعفه، وسكت عليه الشارح لقصوره. والحديث باطل موضوع لا أصل له من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأنه من رواية خراش عن أنس ونسخته موضوعة. 3165/ 8226 - "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَتَبَاهَى النَّاسُ في المَسَاجِدِ". (ن) عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو داود وابن ماجه في "الصلاة" فما أوهمه صنيع المؤلف من تفرد النسائى عن الستة غير جيد. قلت: أبو داود [1/ 120، رقم 449] وابن ماجه [1/ 244، رقم 739] خرجاه بلفظ: "لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد". وسيأتى للمؤلف عزوه في بابه لهما مع أحمد وابن حبان. 3166/ 8230 - "مِنْ أَفْضَل العَمَلِ إدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى المُؤْمِنِ: تَقْضِى عَنْهُ دَيْنًا، تَقْضِى لَهُ حَاجَةً، تُنَفِّسُ لَهُ كُرْبَةً". (هب) عن ابن المنكدر مرسلًا قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يقف عليه، وإلا لما عدل لرواية إرساله واقتصر عليها، وهو عجب. فقد خرجه الدارقطنى في غرائب مالك من روايته عن ابن دينار عن ابن عمر، وقال: فيه ضعف.

قلت: هذا تعنت عظيم، وتلبيس فاحش، فحديث ابن عمر لفظه: "أحب الأعمال"، وفي لفظ: "أفضل الأعمال"، وقد سبق للمصنف ذكره في الألف مع الحاء، وفي الألف مع الفاء أيضًا، ثم إنه لم يخرجه الدارقطنى وحده، بل خرجه أيضًا أبو نعيم في "الحلية" [6/ 348] في ترجمة مالك وأبو الشيخ في "الثواب" وابن أبي الدنيا في "المكارم" وغيرهم، كما أنه لم يرد موصولا من حديث ابن عمر وحده، بل ورد موصولا أيضًا من حديث ابن عباس، ومن حديث أبي هريرة، وقد ذكرهما المصنف فيما سبق في الموضعين، ومن حديث أنس والحسن بن على وجابر بن عبد اللَّه، وقد ذكرتها في حديث: "إن من موجبات المغفرة"، وأطلت في أسانيد حديث [أبي هريرة] وابن عباس فارجع إليهما. 3167/ 8231 - "مِنِ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ انْتِفَاخُ الأهِلَّةِ". (طب) عن ابن مسعود قال في الكبير: ورواه الطبرانى في الصغير وزاد "وأن يُرَى الهلال ليلة فيقال: ليلتين"، قال الهيثمى: وفيه عبد الرحمن بن الأزرق الأنطاكى ولم أجد من ترجمه. قلت: هذا يفيد أنه رواه من حديث ابن مسعود أيضًا وليس كذلك، بل من حديث أبي هريرة، فهما حديثان، ولا يجوز عند أهل الحديث عطف مخرج حديث على حديث آخر مع عطف صحابيه. قال الطبرانى في الصغير [2/ 116، رقم 877]: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن الأزرق الأنطاكى بأنطاكية ثنا أبي ثنا مبشر (¬1) بن إسماعيل عن شعيب بن أبي حمزة عن العلاء بن عبد الرحمن ¬

_ (¬1) في الأصل: "مبسر" وهو تصحيف، وانظر مجمع البحرين (3/ 100, 101, رقم 1495، 1496) والمعجم الأوسط (7/ 65 رقم 6864).

عن أبيه عن أبي هريرة به. وقد وهم الحافظ الهيثمى في قوله: عبد الرحمن بن الأزرق، فإنه كما ترى لم يرو الحديث وإنما رواه ابنه عبد اللَّه. وفي الباب عن طلحة بن أبي حدرد أخرجه البخارى في ترجمته من التاريخ الكبير [4/ 345]. 3168/ 8233 - "مِن اقْتِرَابِ السَّاعَةِ هَلاكُ العَرَبِ". (ت) عن طلحة بن مالك قال في الكبير: روته عن طلحة مولاته أم جرير، قال: وأم جرير لم يرو لها سوى الترمذى. قلت: هي أم الحرير بالحاء المهملة، قيل: بضمها، وقيل: بفتحها, لا بالجيم كما ذكره الشارح، ثم إن حديثها هذا رواه أيضًا البخارى في "التاريخ الكبير" قال [4/ 345]: ثنا سليمان بن حرب ثنا محمد بن أبي رزين حدثتنى أم الحرير سمعت مولاى يقول: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" وذكره، قال محمد: وكان مولاها طلحة بن مالك. ومن هذا الوجه رواه أيضًا الحارث بن أبي أسامة في المسند، وسمويه في "الفوائد"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثانى" [2/ 191، رقم 937]، والطبرانى في "الكبير" [8/ 370، رقم 8159] والبغوى، وابن السكن، وقال: لا يروى عن طلحة غيره، ولم يروه غير سليمان بن حرب عن محمد.

3169/ 8236 - "مِنْ إِكْفَاءِ الدِّينِ تَفَصُّحُ النِّبطِ، وَاتِّخَاذُهُم القُصُورَ في الأمْصَارِ". (طب) عن ابن عباس قلت: هذا حديث موضوع، وقد حرف الناسخ فرمز له بعلامة الحسن. 3170/ 8238 - "مِنْ تَمَامِ التَّحِيَّةِ الأَخْذُ بِاليَدِ". (ت) عن ابن مسعود قال في الكبير: قال المنذرى: رواه الترمذى عن رجل لم يسمه اهـ. وقال الترمذى في "العلل": سألت عنه محمدا يعنى البخارى فقال: هذا حديث خطأ، وإنما يروى من قول الأسود بن يزيد أو عبد الرحمن بن يزيد اهـ. قلت: فيه أمران، أحدهما: ما نقله عن المنذرى حذف منه كلمة أوجبت الإيهام وفسد معها الكلام، ولفظ المنذرى رواه الترمذى عن رجل لم يسمه عنه أي عن ابن مسعود، وهذا الواقع، فإن الترمذى رواه [5/ 75، رقم 2730] من طريق سفيان عن منصور عن خيثمة عن رجل عن ابن مسعود. ثانيهما: ما نقله عن الترمذى في العلل هو من تصوره وعدم تحقيقه، فإن هذا الكلام ذكره الترمذى في الجامع عقب الحديث بخلاف ما نقله الشارح، ونصه: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سليم عن سفيان، وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فلم يعده محفوظا، وقال: إنما أراد عندي حديث سفيان عن منصور عن خيثمة عمن سمع ابن مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا سمر إلا لمصلٍ أو مسافر"، قال محمد: وإنما يروى عن منصور عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد أو غيره قال: "من تمام التحية الأخذ باليد" اهـ. وكأنه يريد بهذا الإسناد، وإلا فقد خرجه هو في الأدب المفرد [ص 336، رقم 968] عن البراء بن عازب من قوله بلفظ: "من تمام التحية أن تصافح

أخاك" رواه من طريق إسماعيل بن زكريا عن أبي جعفر الفراء عن عبد اللَّه بن يزيد عن البراء بن عازب. ورواه ابن شاهين في الترغيب [ص 351، رقم 430] عن الحسن بن مقسم: ثنا إبراهيم بن نصير الحمانى ثنا حماد بن شعيب ثنا أبو جعفر الفراء به مرفوعًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إن من تمام التحية المصافحة"، لكنه قال: عن أبي جعفر الفراء عن الأغر عن البراء، وسيأتى في الذي بعده مرفوعًا أيضًا من حديث أبي أمامة. 3171/ 8239 - "مِنْ تَمَامِ عِيَادَة المَريض أَنْ يَضَعَ أحَدُكُمْ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَيَسْأَلهُ: كيْفَ هُوَ؟ وَتَمَامُ تَحِيَّتَكُمْ بَيْنَكُمُ المُصَافَحَةُ". (حم. ت) عن أبي أمامة قال في الكبير: وأورده ابن الجوزى في الموضوع، ولم يتعقبه المؤلف سوى بأن له شاهدا. قلت: هذا كذب وجهالة، وهل التعقب إلا ذكر الشاهد والمتابع الذي يبرئ الراوى المتهم بالوضع؟ ثم إنه كذاب فيما قال، بل المؤلف ذكر له شواهد متعددة، فابن الجوزى أورده من عند العقيلى [3/ 208]: ثنا أحمد بن إبراهيم القرشى ثنا سلميان بن عبد الرحمن حدثنا عبد الأعلى ابن محمد التاجر ثنا يحيى بن سعيد عن الزهرى عن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن من تمام العيادة أن تضع يدك على المريض، وتقول: كيف أصبحت؟ كيف أمسيت؟ "، ثم قال: لا يصح. قال العقيلى: عبد الأعلى روى عن يحيى بن سعيد أحاديث مناكير لا يتابع عليها ولا أصول لها منها هذا الحديث، قال ابن الجوزى: وقد روى عبيد اللَّه بن زمر عن على بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من تمام عيادة المريض أن تضع يدك عليه وتسأله كيف هو؟ "، عبيد اللَّه

ليس بشيء، وكذا شيخه اهـ. فتعقبه المؤلف بقوله: هذا الطريق أخرجه أحمد في مسنده [5/ 260]: ثنا خلف بن الوليد ثنا ابن المبارك عن يحيى بن أيوب عن عبيد اللَّه بن زمر به. وأخرجه الترمذى [5/ ص 76، رقم 2731] عن سويد بن نصر عن ابن المبارك به. وأخرجه من الطريق الأول ابن السني في "عمل اليوم والليلة" [ص 485، رقم 536] وله شواهد. قال الطبرانى [22/ 336، رقم 843]: حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقى ثنا هشام بن عمار ثنا معاوية بن يحيى الأطرابلسى ثنا معاوية بن سعيد عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد اللَّه اليزنى عن أبي رهم السمعى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من تمام عيادة المريض أن تضع يدك عليه وتسأله كيف هو؟ ". وقال البيهقى في سننه [2/ 382]: أنبأنا أبو طاهر الفقيه أنبأنا أبو حامد بن بلال ثنا محمد بن يحيى ثنا أبو المغيرة ثنا عبد الرحمن بن يزيد ثنا إسماعيل بن عبيد اللَّه عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: "عاد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلًا من أصحابه ورجع وأنا معه فقبض على يده ووضع يده على جبهته، وكان يرى ذلك من تمام عيادة المريض". وأخرجه ابن السني [ص 491، رقم 542] من طريق أبي المغيرة، وروى أبو يعلى عن عائشة قالت [7/ 436، رقم 4459]: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا عاد مريضًا يضع يده على المكان الذي يألمه ثم يقول: بسم اللَّه لا بأس"، رجاله موثقون. وقال المروزى في "الجنائز": حدثنا القواريرى ثنا سفيان بن حبيب عن ابن جريج عن عطاء قال: "من تمام العيادة أن تضع يدك على المريض" اهـ.

فهذه شواهد لا شاهد واحد، ثم إن حديث أبي أمامة له طريق آخر لم يذكره ابن الجوزى ولا المؤلف. قال ابن شاهين في "الترغيب" [ص 338، رقم 406]: ثنا عبد اللَّه بن محمد البغوى ثنا صبيح بن دينار ثنا عفيف بن سالم عن أيوب ابن عتبة اليمامى عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تمام عيادة المريض إذا دخلت عليه أن تضع يدك على رأسه، وتقول: كيف أصبحت أو كيف أمسيت؟ فإذا جلست عنده تغمدت الرحمة، وإذا خرجت من عنده خضتها مقبلا ومدبرا، وأومأ بيديه إلى حقويه". 3172/ 8243 - "مِنْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ". (ت. هـ) عن أبي هريرة (حم. طب) عن الحسين بن على الحاكم في الكنى عن أبي بكر، الشيرازى عن أبي ذر (ك) في تاريخه عن على بن أبي طالب (طس) عن زيد بن ثابت، ابن عساكر عن الحارث بن هشام [قال في الكبير]: أشار باستيعاب مخرجيه إلى تقويته ورد زعم جمع ضعفه، ومن ثم حسنه النووى بل صححه ابن عبد البر، وبذكره خمسًا من الصحابة إلى رد قول آخرين لا يصح إلا مرسلًا. قلت: قبل الكلام على بطلان هذا نذكر أن الشارح أتى في الكبير بأعجوبة، فكتب الحكيم بدل الحاكم في الكنى عن أبي بكر الشيرازى، ثم قال: كذا بخط المصنف، فجعل صحابى الحديث هو أبو بكر الشيرازى، والواقع أن المصنف يقول: أخرجه الحاكم في الكنى عن أبي بكر الصديق والشيرازى في الألقاب عن أبي ذر، ثم ما ذكره بعد ذلك باطل من وجوه، الأول: أن كثرة المخرجين لا تفيد قوة، وإنما يفيد القوة كثرة الطرق، فهذا تعدد المخرجون وكانت طريقهم واحدة فألف مخرج كمخرج واحد، ولا فارق أصلًا. الثانى: أن المؤلف لم يستوعب المخرجين، فقد خرج حديث أبي هريرة أيضًا أبو

عمرو بن حمدان في "فوائد الحاج" والخطيب في "التاريخ" [4/ 309، 5/ 172، 12/ 64]، والقضاعى في "مسند الشهاب" [1/ 144، رقم 192]، والربعى السدار في "فوائده"، وابن البنا في الرسالة المغنية في السكوت ولزوم البيوت". وحديث الحسين بن على أخرجه أيضًا الطبرانى في "الصغير" [2/ 331، رقم 1080] وأبو نعيم في "الحلية" [10/ 171]. وحديث أبي ذر أخرجه أيضًا القشيرى في "الرسالة" في باب الورع منها، وحديث زيد بن ثابت أخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [1/ 143، رقم 191]، وحديث الحارث بن هشام أخرجه أيضًا أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج. هذا [ما] وقفنا عليه في الأصول دون مراجعة فكيف بمن بحث وراجع؟ بل أشهر طرقه وأصحها هو مرسل على بن الحسين المخرج في موطأ مالك، ولم يذكره المصنف فهو لم يقصد الاستيعاب، وإنما ذكر ما حضره. الثالث: أن قوله: وبذكره خمسًا من الصحابة إلى رد قول آخرين لا يصح إلا مرسلًا فهم باطل من وجهين: أحدهما: أن هؤلاء لم يقولوا: أنه لم يرد مسندًا حتى يقع بذلك الرد عليهم، وهم أحمد وابن معين وأبو حاتم والبخارى والدارقطنى والخطيب وجماعة، بل كلهم قالوا ذلك عقب حديث مسند. ثانيهما: أن هذه الطرق التي ذكرها ليس شيء منها صحيحًا بل في كل منها مقال، فكيف يقع بها الرد عليهم؟!. 3173/ 8244 - "مِنْ حُسْنِ عِبادَةِ المَرْءِ حُسْنُ ظَنِّهِ". (عد. خط) عن أنس قال في الكبير: وفيه سليمان بن الفضل أورده الذهبى في "الضعفاء" وقال في

الميزان: قال ابن عدى: رأيت له غير حديث منكر، ثم ساق له هذا، وقال: هذا بهذا الإسناد لا أصل له، فما أوهمه صنيع المصنف أن مخرجه ابن عدى خرجه وسلمه غير صواب. قلت: فيه أمور، الأول: الكذب على صنيع المصنف فإنه رمز له بعلامة الضعيف. الثانى: الكذب على ابن عدى فإنه ما سلم ولا تعقب، وإنما ضعف الراوى وخرج الحديث في ترجمته ليستدل به على ضعف الراوى كما بيناه مرارًا. الثالث: التدليس في قوله: أورده الذهبى في الضعفاء وقال في الميزان, فإن الضعفاء هو الميزان (¬1). الرابع: الجهل بأن هذا الحديث مر في حرف الألف معزوا لأحمد والترمذى والحاكم، وصححه من حديث أبي هريرة بلفظ: "إن حسن الظن باللَّه من حسن عبادة اللَّه". ولو علم ذلك لأسخف سخافته المعهودة أيضًا. 3174/ 8245 - "مِنْ حينِ يَخْرُجُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَى مَسْجِدِهِ فَرِجْلٌ تَكْتُبُ حَسَنَةً، وَالأُخْرَى تَمْحُو سَيِّئَةً". (ك. هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: فظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة، وهو ¬

_ (¬1) قد أورده الذهبى في المغنى في الضعفاء (1/ 282، رقم 2612) وقال: تكلم فيه أبو أحمد بن عدى اهـ. وأورده في الميزان (2/ 219، رقم 3498) وقال ما ذكره المناوى بتمامه، وللذهبى المغنى في الضعفاء، وديوان الضعفاء, وهما غير الميزان, فاللَّه أعلم بمراد المصنف. وقد ذكر ابن عدى الحديث في ترجمة سليمان (3/ 291) وقال ما ذكره عنه المناوى بتمامه أيضًا، واللَّه أعلم.

ذهول، فقد خرجه النسائى باللفظ المزبور. قلت: النسائى خرجه [2/ 42] دون "من" في أوله، فموضعه في ترتيب المؤلف حرف الحاء. 3175/ 8249 - "مِنْ سَعَادَةِ المَرْءِ حُسْنُ الخُلُقِ، وَمِنْ شَقَاوَتِهِ سُوءُ الخُلُقِ". (هب) عن جابر قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: وسنده ضعيف وذلك لأن فيه الحسن ابن سفيان، أورده الذهبى في ذيل الضعفاء, وقال: قال البخارى لم يصح حديثه عن هشام بن عمار، قال أبو حاتم: صدوق تغير. . . إلخ. قلت: الحسن بن سفيان المذكور في السند هو الحافظ الكبير الثقة الشهير، صاحب المسند، فهو الذي يروى عن هشام بن عمار، وأما الذي قال فيه البخارى: لم يصح حديثه، فذاك قديم لعله مات قبل أن يولد والد الحسن بن سفيان راوى الحديث فضلًا عنه، والعجب العجاب هو أن الذهبى قال: [1/ 492، رقم 1852، 1853] الحسن بن سفيان عن عمر بن عبد العزيز [قال البخارى] لم يصح حديثه اهـ. [قلت] (¬1) فأما سميه الحسن ابن سفيان الفسوى الحافظ صاحب المسند والأربعين فثقة مسند ما علمت به بأسا تفقه على أبي ثور، وكان يفتى بمذهبه وكان عدم النظير، توفى في سنة ثلاث وثلاثمائة اهـ. فلم يتنبه هذا الرجل لكون عمر بن عبد العزيز من التابعين، وأنه توفى على رأس المائة، فكيف يكون الحسن بن سفيان الذي أدركه وروى عنه هو المذكور في سند هذا الحديث الذي رواه عن هشام بن عمار المتوفى سنة ¬

_ (¬1) الزيادة من الميزان (1/ 492، رقم 1852، 1853) والقائل فيهما هو الذهبى.

خمس وأربعين ومائتين؟! فهل أدرك عمر بن عبد العزيز في القرن الأول وروى عنه، ثم تأخر وفاته إلى أن أدرك هشام بن عمار في القرن الثالث وروى عنه أيضًا وعمره أزيد من مائتى سنة؟! وكان هذا هو السر في كذبه إذ عزا ذلك للذهبى في ذيل الضعفاء, وهو في الميزان الذي يسميه أيضًا الضعفاء. 3176/ 8250 - "مِنْ سَعَادَةِ المَرْءِ أَنْ يُشْبِهَ أَبَاهُ". (ك) في مناقب الشافعى عن أنس قال في الكبير: وكذا القضاعى في مسند الشهاب، وخرجه في مسند الفردوس باللفظ المزبور من حديث أبي هريرة. قلت: القضاعى لم يخرجه في مسند الشهاب بسنده، بل قال [1/ 198، 199، رقم 299]: روى أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه البيع الحافظ في كتاب فضائل الشافعى: ثنا أبو على الحسن بن محمد الصغانى ثنا أبو رجاء محمد بن حمدويه ثنا عبيد اللَّه بن عمر ثنا أبو غسان القاضى ثنا أيوب بن يونس عن أبيه عن إياس بن معاوية عن أنس بن مالك قال: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في فسطاط إذ جاء السائب بن عبد يزيد معه ابنه فنظر إليهما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: من سعادة المرء أن يشبه أباه". وكذلك الديلمى خرجه في مسند الفردوس [4/ 300 رقم 6430] من طريق الحاكم من حديث أنس لا من حديث أبي هريرة (¬1). والظاهر أن الأصل في هذا كلام الثورى: سرقه بعض الرواة منه. قال أبو نعيم في الحلية [7/ 72]: ثنا محمد بن على ثنا إسماعيل بن حمدون الجورسى حدثنا إدريس بن سليمان ابن الزيات ثنا مؤمل قال: قال: سفيان "من سعادة المرء أن يشبهه ولده". ¬

_ (¬1) وقد أسنده ولده عن ابن عجلان، عن أبي هريرة موقوفًا، ثم قال: وفي الباب عن أنس.

3177/ 8257 - "مِن فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يُصْلِحَ مَعِيشَتَهُ، وَلَيْسَ مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا طَلَبُ مَا يُصْلِحُكَ". (عد. هب) عن أبي الدرداء قلت: هذا حديث موضوع. 3178/ 8258 - "مِنْ كَرَامَة المُؤْمِنِ عَلَى اللَّهِ نَقَاءُ ثَوْبِهِ، وَرِضَاهُ بِالْيَسِيرِ". (طب) عن ابن عمر قال الشارح: وفيه بقية مدلس. قلت: بقية ثقة مدلس ولا يذكر في مثل هذا، مع أن في السند من هو ضعيف وهو عباد بن كثير، والعجب أنه قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عباد بن كثير وثقه ابن معين وضعفه غيره، وجرول بن جعيل ثقة، وقال ابن المدينى: له مناكير وبقية رجاله ثقات اهـ. فعدل الشارح عن هذا الصواب ورجع إلى الخطأ. والحديث رواه أبو نعيم في الحلية (¬1) عن الطبرانى [2/ 7]: ثنا إسحاق بن الحسين التسترى ثنا كثير بن عبيد ثنا بقية بن الوليد عن أبي توبة النميرى -وهو جرول بن جعيل- عن عباد بن كثير عن ابن طاوس عن أَبيه عن ابن عمر. 3179/ 8260 - "مِنْ كنُوزِ البِرِّ: كِتْمَان المَصَائبِ، وَالأَمْرَاض، وَالصَّدَقَةِ". (حل) عن ابن عمر قال في الكبير: رواه من حديث زافر بن سليمان عن عبد العزيز بن أبي رواد ¬

_ (¬1) بلفظ: "إن من كرامة المؤمن. . . ".

عن نافع عن ابن عمر، ثم قال: تفرد به زافر عن عبد العزيز اهـ. وزافر قال ابن عدى: أعل حديثه، وعبد العزيز قال ابن حبان: روى عن نافع عن ابن عمر نسخة موضوعة، وقال ابن الجوزى: حديث موضوع. قلت: ابن الجوزى لم يذكر هذا في الموضوعات, وإنما ذكر حديث أنس بمعناه مطولًا [3/ 199]. أخرجه الطبرانى وفيه الجارود بن يزيد تفرد به وهو متروك، وتعقبه المؤلف بأن الجارود لم يتهم بوضع، وله شواهد، فأورد منها حديث ابن عمر هذا، وحديث ابن مسعود وحديث على بمعناه أيضًا، وله طرق أخرى ذكرتها في المستخرج على مسند الشهاب. 3180/ 8261 - "مِنْ مُوجِبَاتِ المَغْفِرَةِ إِطْعَام المُسْلِم السَّغْبان". (ك) عن جابر قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، ورده الذهبى بأن طلحة واه، فالصحة من أين؟. قلت: طلحة لم ينفرد به بل توبع عليه عن محمد بن المنكدر، قال الطبرانى في مكارم الأخلاق: حدثنا الحضرمى ثنا يوسف بن موسى القطان ثنا إسحاق بن سلميان الرازى عن فطر بن خليفة عن محمد بن المنكدر عن جابر به. 3181/ 8264 - "مَنْ آذَى المُسْلِمِينَ في طرِيقِهِمْ وَجَبَتْ عَلَيهِ لَعْنَتُهُمْ". (طب) عن حذيفة بن أسيد قال في الكبير: قال المنذرى والهيثمى: إسناده حسن، ومن ثم رمز المصنف لحسنه، لكن مال الولى العراقى إلى تضعيفه، فقال: فيه عمران

القطان اختلفوا فيه، وشعيب بن بسام: صدوق لكن له مناكير. قلت: لكن هذا ليس منها لأن له شواهد متعددة، وقد ورد من حديث أبي ذر بلفظه، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان: ثنا أبي حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مجاشع أبو على ثنا سيار بن الحسن بن سيار التسترى ثنا عمار بن هارون أبو ياسر ثنا زكريا -يعنى ابن حكيم- عن عطاء بن السائب عن أبي الطفيل عن أبي ذر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من آذى المسلمين في طريقهم أصابته لعنتهم". 3182/ 8265 - "مَنْ آذَى العَبَّاسَ فَقَدْ آذَانِي، إِنَّما عَمُّ الرَّجُل صِنْو أبِيهِ". ابن عساكر عن ابن عباس قال في الكبير: وظاهر صنيع المؤلف أن ذا مما لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول، فقد رواه الترمذى باللفظ المزبور عن ابن عباس. قلت: هذا كذب، ما رواه الترمذى من حديث ابن عباس ولا رواه باللفظ المزبور، بل رواه من حديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث مطولًا، وفي آخره هذا اللفظ، والمؤلف لا يذكر إلا الحديث كما وقع عند مخرجه، قال الترمذى [5/ 652، رقم 3758]: حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن يزيد بن أبي زياد عن عبد اللَّه بن الحارث قال: ثنى عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، أن العباس بن عبد المطلب دخل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مغضبا وأنا عنده فقال: "ما أغضبك؟ قال: يا رسول اللَّه ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مُبشِرةٍ، وإذا لقونا لقونا بغير ذلك؟ فغضب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى احمر وجهه ثم قال: والذي نفسى بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم للَّه ولرسوله،

ثم قال: يا أيها النَّاس من آذى عمى فقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه" ثم قال: حديث حسن صحيح. 3183/ 8269 - "مَنْ آذَى مُسْلِمًا فَقَدْ آذَانِى، وَمَنْ آذَانِى فَقَدْ آذَى اللَّهَ". (طس) عن أنس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وفيه موسى بن خلف البصرى العمى، قال ابن حبان: كثرت روايته للمناكير، وقال غيره: ضعيف، ووثقه بعضهم. قلت: موسى وثقه ابن معين في رواية وأبو حاتم وغيرهما، وصحح أحمد حديثه من روايته، وقال عفان: كان يعد من الأبدال، وهذ شرط الحسن. قال الطبرانى [4/ 60 , 61، رقم 3607]: حدثنا سعيد بن محمد بن المغيرة الواسطى ثنا سعيد بن سليمان ثنا موسى بن خلف العمى ثنا القاسم العجلى عن أنس به. وأخرجه أيضًا سمويه في فوائده قال: حدثنا سعيد بن سليمان به. 3184/ 8270 - "مَنْ آذى ذمِّيا فأَنَا خَصْمُهُ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمُهُ خَصَمْتُهُ يوْمَ القِيَامَةِ". (خط) عن ابن مسعود قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسلمه والأمر بخلافه، بل أعله وقدح فيه وقال: حديث منكر بهذا الإسناد، وحكم ابن الجوزى بوضعه، وقال: قال أحمد: لا أصل له، وداود الظاهرى قال الأزدى: تركوه. قلت: فيه أمور، الأول: الكذب على ظاهر صنيع المصنف، فإنه لا يفيد كلام المخرج ولا عدمه، لأنه لم يتعرض لذلك في حديث من أول الكتاب إلى آخره.

الثانى: أن المؤلف غير ملزم بتقليد الخطيب فيما قال: فقد يكون كلامه حقا وقد يكون باطلا، فله رأيه وللمؤلف رأيه. الثالث: أن داود الظاهرى إمام أهل الظاهر ثقة زاهد ورع يجل قدره أن يعلل به حديث، والأزدى نفسه مجروح وكلامه في الجرح مردود, لأنه يجرح بلا تثبت ولا تحقيق، والذهبى نفسه يعيبه بذلك، ويقول: لسانه في الجرح رهقا، وتبرأ منه هنا فقال عقب كلامه: كذا قال، ثم نقل عن الخطيب أنه قال: كان إماما ورعا زاهدا ناسكا. . . إلخ. ومن لم يميز بين كلام الرجال، ولم يكن له ذوق ومعرفة في ذلك، فإنما يضر ولا ينفع، ويفضح نفسه ويأتى بالطامات كالشارح. الرابع: أنه سكت عن تعقب المؤلف لابن الجوزى الذي فيه النقل عن الحافظ العراقى بأن قول أحمد في ذلك لا يصح عنه مع بيان شواهد الحديث. فابن الحوزى أورد الحديث [2/ 236]، ثم نقل عن أحمد أنه قال: أربعة أحاديث تدور عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأسواق ليس لها أصل: "من بشرنى بخروج آذر بشرته بالجنة" و"من آذى ذميًا فأنا خصمه يوم القيامة"، و"نحركم يوم صومكم" و"للسائل حق وإن جاء على فرس" فتعقبه المؤلف بقول الحافظ العراقى في نكته على ابن الصلاح: لا يصح هذا الكلام عن أحمد، فإنه أخرج منها حديثًا في المسند وهو حديث: "للسائل حق وإن جاء على فرس"، قال: وقد ورد من حديث على وابنه الحسين وابن عباس والهرماس بن زياد، ثم ذكر مخرجيها، ثم قال: وكذلك حديث: "من آذى ذميًا" هو معروف أيضًا. فروى أبو داود [3/ 168، رقم 3052] من رواية صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن آبائهم دنية عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ألا من ظلم معاهدا أو أنقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس

فأنا حجيجه يوم القيامة" وإسناده جيد، وإن كان فيه من لم يسم فإنهم عدة من أبناء الصحابة يبلغون حد التواتر الذي لا يشترط فيه العدالة. فقد رويناه في سنن البيهقى الكبرى [9/ 205] فقال في روايته عن ثلاثين من أبناء الصحابة: وأما الحديثان الآخران فلا أصل لهما (¬1) اهـ. قال المؤلف: وقال أبو نعيم: حدثنا محمد بن حميد ثنا عمر بن الحسن القاضى حدثنا أيوب الوزان ثنا يعلى ابن الأشدق عن عبد اللَّه بن جراد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من ظلم ذميًا مؤديًا لجزيته مقرا بذلته فأنا خصمه يوم القيامة" اهـ (1). قلت: وهذا الأخير ضعيف لكنه يتقوى به حديث الباب، فدل هذا على أن الخطيب غير مصيب فيما قال، فكيف يلزم المصنف بنقل الخطإ، مع أنه لا ينقل كلام المخرجين صوابا كان أو خطأ، ولكن الشارح الذي نقل كلام ابن الجورى من اللآلئ المصنوعة للمؤلف وحذف منه التعقب هو الملام على خيانته وتلبيسه. 3185/ 8271 - "مَنْ أَمَّنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ فَأَنَا بَرِئٌ مِنَ القَاتِلِ، وَإِنْ كَانَ المَقْتُولُ كَافِرًا". (تخ. ن) عن عمرو بن الحمق قال في الكبير: قال الهيثمى: ورواه عنه الطبرانى بأسانيد كثيرة وأحدها رجاله ثقات. قلت: الحافظ الهيثمى مقيد في كتابه بجمع أحاديث رجال مخصوصين، وهذا الحديث قد أخرجه جماعة غير الطبرانى، فاقتصار الشارح عليه ¬

_ (¬1) انظر اللآلئ المصنوعة (2/ 140, 141).

قصور وهو من أهله، ولكنه هكذا يسخف على المؤلف الحافظ مع أن الحديث خرجه أبو نعيم في "الحلية" [9/ 24]، والحلية من الأصول التي كانت عند الشارح. وأخرجه أيضًا ابن أبي عاصم في "الديات" والطحاوى في "مشكل الآثار" [1/ 192، رقم 203] وأطالا في طرقه، وأكثر منهما البخارى في "التاريخ" في ترجمة رفاعة بن شداد [3/ 322]، راجع (ص 77) من الجزء الأول من "مشكل الآثار"، و (ص 81) من "الديات" لابن أبي عاصم، و (ص 295) من القسم الأول من الجزء الثانى من تاريخ البخارى. وأخرجه أبو نعيم في الحلية [3/ 324] أيضًا من حديث جابر، لكنه من رواية محمد بن يونس الكديمى وهو متهم. 3186/ 8272 - "مَنْ آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا". (حم. م) عن زيد بن خالد قال في الكبير: ورواه النسائى أيضًا، ولم يخرجه البخارى. قلت: لم يخرجه النسائى أصلًا، وخرجه البخارى [3/ 163، رقم 2427] لكن بدون هذا اللفظ، وكذا أبو داود [2/ 143، رقم 1720] والترمذى [3/ 646، رقم 1372] وابن ماجه [2/ 836، رقم 2503]. وخرجه بهذا اللفظ أيضًا أبو نعيم في الحلية [8/ 325] في ترجمة عبد اللَّه بن وهب، والثقفى في السابع من الثقفيات. ورواه البخارى في "التاريخ الكبير" [4/ 334]، والمحاملى، ومن طريقه الخطيب في المهروانيات من طريق أبي حيان: ثنا الضحاك بن المنذر عن ابن أخته المنذر بن جرير أن جريرًا كان في قرية بأعلى السواد، فراحت البقر في أى بقرة أنكرها فسأل عنها، فقال الراعى:

لَحِقَتْ بالبقر لا يعرفها، فأمر بها فطردت حتى توارت، ثم قال: إني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا يأوى الضالة إلا ضال" لفظ الخطيب، ثم قال: هذا حديث غريب من حديث المنذر بن جرير عن أبيه تفرد بروايته عنه خاله الضحاك بن المنذر، ولا أعلم رواه عن الضحاك غير أبي حيان يحيى بن سعيد ابن حيان التيمى الكوفى، وهو حديث عجيب يدخل في رواية الأكابر عن الأصاغر. 3187/ 8273 - "مَنْ آوَى يَتِيمًا أَوْ يَتِيمَيْنِ ثُمَّ صَبرَ واحْتَسَبَ كُنْتُ أنَا وَهُوَ في الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ". (طس) عن ابن عباس قال الشارح: وفيه من لا يعرف، فقول المؤلف: حسن فيه نظر. قلت: نقل في الكبير عن الحافظ الهيثمى أنه قال: فيه من لم أعرفهم، وقدمنا مرارًا أنه لا يلزم من عدم معرفة الحافظ المذكور ألَّا يعرفهم غيره. والحديث ثابت في الصحيح بلفظ [7/ 68، رقم 5304]، [8/ 10، رقم 6005]: "أنا وكافل اليتيم كهاتين، وجمع بين السبابة والوسطى". بل لا يبعد أن يعد متواترا، فقد ورد من حديث نحو عشرة من الصحابة. 3188/ 8275 - "مَنِ ابْتَاع مملُوكًا فلْيحْمدِ اللَّه، ولْيكُنْ أوَّلُ ما يُطْعِمُهُ الحَلْوَاءَ، فإنَّه أَطْيَبُ لِنَفْسِهِ". ابن النجار عن عائشة قلت: هذا حديث موضوع ولو أن له طريقًا آخر من حديث معاذ، فالكل باطل إن شاء اللَّه.

3189/ 8276 - "مَنِ ابْتَغَى الْعِلْمَ لِيُبَاهى بِه الْعُلَماءَ أَوْ يُمَارِى بِهِ السُّفَهَاءَ أوْ تُقْبِلَ أَفْئِدةُ النَّاسِ إِلَيه، فإِلَى النَّارِ". (ك. هب) عن كعب بن مالك قلت: لم يعلم الشارح أن هذا الحديث عند الترمذى في سننه [5/ 32، رقم 2654] وإلا لأسخف على عادته، وسيذكره المصنف قريبًا بلفظ: "من طلب"، وهناك نقل الشارح عن العقيلى [1/ 104] أن له شواهد فيها لين. 3190/ 8280 - "مَنِ ابْتُلِى بالقَضَاء بَيْنَ المُسْلِمِينَ فَلا يَرْفَع صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الخَصْمَينِ مَا لا يَرْفَعُ علَى الآخَرِ". (طب. هق) عن أم سلمة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد قال مخرجه البيهقى عقبه: محمد بن العلاء ليس بالقوى اهـ. وفيه أيضًا محمد بن الحسين السلمى الصوفى، وقد سبق عن الخطيب أنه وضاع. قلت: كل هذا كذب، فالمصنف لم يرمز لحسنه بل لضعفه، وليس في سند الحديث محمد بن العلاء ولا محمد بن الحسين السلمى الصوفى ولا هو وضاع، بل ثقة جليل القدر، كما بيناه أيضًا فيما سبق، قال البيهقى [10/ 135]: أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنبأنا على بن عمر الحافظ ثنا أبو عبيد القاسم ابن إسماعيل المحاملى ثنا عبد اللَّه بن محمد بن يحيى بن أبي بكير ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا زهير عن عباد بن كثير عن أبي عبد اللَّه عن عطاء بن يسار عن أم سلمة به. ثم قال البيهقى: هذا إسناد فيه ضعف اهـ.

والسبب فيه عباد بن كثير وشيخه أبو عبد اللَّه لا يعرف، فاعجب لهذا الكذب الصراح فالشارح هو الوضاع لا أبو الحسين السلمى. 3191/ 8281 - "مَنْ ابْتُلِى فَصَبر، وأَعْطَى فَشَكَرَ، وظُلِمَ فَغَفَر، وظَلَمَ فاسْتَغفَر، أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وهُم مُهْتَدونَ". (طب. هب) عن سخبرة قال في الكبير: وفي التقريب كأصله صحابى في إسناد حديثه ضعف اهـ. ورمز المصنف لحسنه، وأصله قول الحافظ في الفتح: خرجه الطبرانى بسند حسن. قلت: ما أرى هذا إلا كذبا على الحافظ في الفتح، فإن الحديث من رواية أبي داود الأعمى عن عبد اللَّه بن سخبرة عن أبيه. ومن طريقه أيضًا رواه ابن أبي الدنيا في الشكر قال: حدثنا محمد بن الحسين حدثنى على بن بحر حدثنى محمد بن العلاء الكوفى عن زياد بن خيثمة عن أبي داود عن عبد اللَّه بن سخبرة عن سخبرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من ابتلى فصبر وأعطى فشكر وظلم فغفر وظلم فاستغفر، ثم سكت، قالوا: ماله يَا رسول اللَّه؟ قال أولئك لهم الأمن وهم مهتدون". وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان: ثنا محمد بن عبيد اللَّه بن المرزبان ثنا محمد ابن عبد اللَّه ثنا محمد بن حميد ثنا محمد بن المعلى عن زياد عن زياد بن خيثمة به. وقال أبو طاهر المخلص الذهبى في فوائده: حدثنا عبد اللَّه بن محمد البغوى ثنا محمد بن حميد الرازى به. وأبو داود الأعمى كذاب، وقد قال الحافظ في التهذيب في ترجمة سخبرة:

روى حديثه أبو داود الأعمى عن عبد اللَّه بن سخبرة فذكره، ثم قال: روى الترمذى بعضه وهو: "من طلب العلم كان كفارة لما مضى"، وقال: ضعيف الإسناد، لا يعرف لعبد اللَّه ولا لأبيه كبير شيء، وقال البخارى: ليس حديثه من وجه صحيح اهـ. فكيف يقول في الفتح: إنه حسن؟ فيبحث عن ذلك فان الرجل لا يكاد ينطق بصدق. 3192/ 8282 - "مَنْ أَبْلَى بَلاءً فَذكَرَه فَقَدْ شَكَرهُ، وإِنْ كَتَمهَ فَقَدْ كَفَرهُ". (د) والضياء عن جابر قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية عن الطبرانى قال [6/ 147]: حدثنا أحمد بن مسعود الدمشقى ثنا عمرو بن أبي سلمة ثنا صدقة بن عبد اللَّه عن الأوزاعى عن أبي الزبير عن جابر به بلفظ: "من أبلى خيرًا فلم يجد إلا الثناء فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره، ومن تحلى بباطل فهو كلابس ثوبى زور"، قال أبو نعيم: كذا رواه صدقة عن الأوزاعى عن أبي الزبير وتفرد به، والحديث مشهور بأيوب بن سويد عن الأوزاعى عن محمد بن المنكدر عن جابر. قلت: وله طريق آخر عن أبي سفيان عن جابر أخرجه أبو نعيم أيضًا في تاريخ أصبهان [1/ 259]: حدثنا أبي ثنا الفضل بن الخطيب ثنا الحسن بن الفضل البغدادى ثنا محمد بن عيسى الدامقانى ثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان به، مثل اللفظ المذكور في المتن سواء. ومن هذا الطريق هو في سنن أبي داود [4/ 257، رقم 4814]، وأخرجه

أيضًا من وجه آخر عن مسدد [4/ 256، رقم 4813]: ثنا بشر ثنا عمارة بن غزية [قال]: حدثنى رجل من قومى عن جابر بن عبد اللَّه به نحوه. قال أبو داود: رواه يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن شرحبيل عن جابر. 3193/ 8284 - "مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شيءٍ لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً". (حم. م) عن بعض أمهات المؤمنين قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [10/ 407] والتاريخ [2/ 236] معا. ورواه ابن وهب في الجامع من حديث ابن عمر فقال: سمعت عبد اللَّه بن عمر يحدث عن نافع عن ابن عمر: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال" مثله. 3194/ 8285 - "مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحمَّدٍ". (حم. ك) عن أبي هريرة قلت: في الباب عن جماعة منهم ابن مسعود مرفوعًا وموقوفًا عند أبي نعيم في الحلية (5/ 104)، وعن ابن عمر عنده أيضًا (8/ 246)، وعن أنس عند ابن حبان في الضعفاء في ترجمة رشدين (¬1) بن سعد [1/ 299] وعن حبان ابن أبي جبلة مرسلا عند ابن وهب في الجامع (ص 114)، وعنده آثار أخرى في الباب أيضًا منها حديث أبي هريرة، لكنه ذكره موقوفًا بلفظ: "من ذهب إلى كاهن فصدقه بما يقول، غضب اللَّه عليه أربعين ليلة" وانظر ¬

_ (¬1) الأصل المخطوط: رشد بن سعد.

شرح ألفية العراقى للمؤلف. 3195/ 8286 - "مَنْ أَتَى فرَاشَهُ وهُوَ يَنْوِى أَنْ يَقُومَ يُصَلّى مِنَ اللَّيل فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ حتَّى يُصْبِحَ كُتِبَ لَهُ ما نَوَى، وَكَانَ نَوْمهُ صَدَقةً عَلَيْهِ مِن ربِّهِ". (ن. هـ. حب. ك) عن أبي الدرداء قال في الكبير: قال الحاكم: وعلته أن معاوية بن عمرو رواه عن زائدة فوقفه وحسين الجعفى أحفظ كذا في المستدرك، وأقره الذهبى. قلت: هذه عبارة مقتطفة موهمة للتناقض بين كون الحاكم صححه ثم أبدى علته، والواقع أن الحاكم رواه من طريق الحسين بن على الجعفى [1/ 311، رقم 1170، 1171]: ثنا زائدة عن سليمان عن حبيب بن أبي ثابت عن عبدة بن أبي لبابة عن سويد ابن غفلة عن أبي الدرداء به مرفوعًا، ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والذي عندى أنهما عللاه بتوقيف روى عن زائدة، حدثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأنا محمد بن أحمد بن النضر ثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة، فذكره بإسناده من قول أبي الدرداء، وهذا مما لا يوهن، فإن الحسين بن على الجعفى أقدم وأحفظ وأعرف بحديث زائدة من غيره اهـ. فبين الحاكم فيما ظن أن هذه العلة قد تكون هي الحاملة للشيخين على عدم إخراج الحديث مع أنها غير ضارة بالحديث. أما النقل عنه بأنه صحيح وأن علته كذا كما فعل الشارح، فكلام متناقض لا يفهم ويوقع الناظر في الحيرة. ثم إن هذا الحديث قد ورد من حديث عائشة مرفوعًا، وقد سبق قريبًا بلفظ:

"ما من أمرئ يكون له صلاة بالليل" الحديث. 3196/ 8290 - "مَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوْفًا فَكَافِئُوه فِإنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا لَهُ". (طب) عن الحكم بن عمير قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه يحيى بن يعلى الأسلمى وهو ضعيف. قلت: سكوت الشارح يوهم أنه ليس في الباب عن غيره مع أنه في المسند والسنن وصحيح ابن حبان والحاكم من حديث ابن عمر، وفي غيرها من حديث غيره، وسيأتى قريبًا للمؤلف حديث ابن عمر بلفظ: "من استعاذكم باللَّه فأعيذوه"، ونذكر هناك إن شاء اللَّه ما (¬1) في الباب من شواهد الحديث وطرقه. 3197/ 8295 - "مَنْ أَتَتْ عَلَيهِ ستُّونَ سَنَةً فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إليَه في الْعُمُر". (حم) عن أبي هريرة قال في الكبير: وخرجه البيهقى في الشعب باللفظ المزبور عن أبي هريرة المذكور، ثم قال: استشهد به البخارى، وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول، فقد خرجه النسائى باللفظ المزبور من الوجه الذي خرجه منه أحمد. قلت: فيه أمور: الأول: استدراكه تخريج البيهقى في الشعب [7/ 264، رقم 10252] يدل على أنه لم يخرجه غيره، وقد خرجه جماعة؛ كما ذكرته في المستخرج على مسند الشهاب. ¬

_ (¬1) في الأصل "من".

الثانى: قوله: ثم قال يعنى البيهقى: استشهد به البخارى كلام لا معنى له ولا يجوز أن ينطق به البيهقى، فلا بد أن يكون قبل هذا كلام للبيهقى حذفه المناوى جهلا منه بصناعة الحديث فجاء الكلام فاسدا كما ترى, لأن البخارى خرج هذا الحديث بلفظ آخر محتجًا به لا مستشهدًا، فقال [8/ 111، رقم 6419]: باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر اللَّه إليه في العمر لقوله تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}: حدثنا عبد السلام بن مطهر ثنا عمر بن على عن معن بن محمد الغفارى عن سعيد بن أبي سعيد المقبرى عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أعذر اللَّه إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة"، ثم قال: تابعه أبو حازم وابن عجلان عن المقبرى اهـ. ورواية أبي حازم هي المذكورة هنا, ولا يقال في شأنها: استشهد بها البخارى أيضًا، بل يقال ذكرها تعليقًا أو علقها البخارى. على أن البيهقى لا يعتبر الفرق بين الألفاظ، ولو مع اختلاف المعانى فكيف مع اتحادها فليراجع كلام البيهقى حتى يدرك حقيقة مراده، ويعرف أن المناوى أخطأ عليه في هذا التصرف، وجر الوهم الذي هو وصفه إليه (¬1). الثالث: قوله: وقضية صنيع المؤلف. . . إلخ خطأ صريح من المناوى، ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقى في الشعب (7/ 264، رقم 10252) وقال: استشهد به البخارى اهـ. ولم يزد على ذلك. وأخرجه أيضًا في السنن الكبرى (3/ 370) وقال: رواه البخارى في الصحيح عن عبد السلام بن مطهر، عن عمر بن على، وقال: "ستين سنة"، وقال: تابعه أبو حازم، وابن عجلان عن المقبرى اهـ.

اصطلاح المتأخرين في العزو إلى النسائى وعد سننه من الكتب الستة إنما هو إلى الصغرى دون الكبرى, وهذا الحديث لم يخرجه النسائى في الصغرى أصلا، وإنما أخرجه في الكبرى (¬1)، والمصنف لا يعزو إلى الكبرى وإنما يعزو إلى ما هو من الكتب الستة، وهو المجتبى الذي هو السنن الصغرى، فسقط هذيان الشارح وبان جهله. الرابع: أنه أخذ عزوه الحديث إلى النسائى من كلام الحافظ في الفتح، فإنه قال على قول البخارى تابعه أبو حازم وابن عجلان عن المقبرى ما نصه [11/ 240]: أما متابعة أبي حازم وهو سلمة بن دينار فأخرجها الإسماعيلى من طريق عبد العزيز بن أبي حازم: حدثنى أبي عن سعيد بن أبي سعيد المقبرى عن أبي هريرة، كذا أخرجه الحفاظ عن عبد العزيز وخالفهم هارون ابن معروف فرواه عن ابن أبي حارم عن أبيه عن سعيد المقبرى عن أبيه عن أبي هريرة أخرجه الإسماعيلى، وادخاله بين سعيد وأبي هريرة فيه رجلا من المزيد في متصل الإسناد، وقد أخرجه أحمد والنسائى من رواية يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة بغير واسطة اهـ. فالحافظ وإن كان في كلامه إيهام، حث أطلق العزو ولم يقيده بالكبرى, وهو خروج منه عن الجادة إلا أن في المقام ما يبينه، فإنه يتكلم على تفسير الآية التي احتج بها البخارى وفسرها بالحديث المذكور، ومعلوم عند أهل الحديث أن السنن الصغرى للنسائى الذي هو من الكتب الستة خاص بالأحكام ليس فيه تفسير، وإنما ذكر التفسير في الكبرى. ومن تصدى لشرح الجامع الصغير والكلام على العزو والتخريج وفنون الصناعة يجب أن يكون من أهلها لا دخيلا فيها كالمناوى. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائى في الكبرى في كتاب الرقائق كما في تحفة الأشراف (9/ 472، 495 رقم 12959، 13048)، تنبيه: كتاب الرقائق لم يطبع.

الخامس: قد سبق أن الحافظ لم يذكر من الحديث الذي عزاه لأحمد والنسائى، فزاد المناوى من قلة تحقيقة قوله: باللفظ المزبور، فمن أدراه أن النسائى خرجه باللفظ المزبور؟ وهذا الحديث له ألفاظ كثيرة متعددة جدًا بحيث يدخل في عدة حروف وعدة أماكن من الحرف على حسب اصطلاح المصنف، فقد روى بلفظ: "من أتت عليه ستون" [3/ 320] كما ذكره المصنف هنا. وبلفظ: "من عمر ستين سنة" كما عند أحمد أيضًا [2/ 405، 417]. وبلفظ: "أعذر اللَّه إلى امرئ أخر أجله" كما عند البخارى [8/ 111، رقم 6419] وهذا موضعه حرف الألف. وبلفظ: "لقد أعذر اللَّه" (¬1) وهذا محله حرف اللام. وبلفظ: "العمر الذي أعذر اللَّه تعالى" (¬2) وهذا محله حرف العين. وبلفظ: "إذا بلغ الرجل من أمتى ستين سنة فقد أعذر اللَّه إليه في العمر" (¬3)، وهذا محله حرف الألف. فمن عرَّف المناوى أن النسائى خرجه بخصوص لفظ: "من أتت عليه" الذي موضعه من مع الألف بعدها التاء؟! إن هذا لعجب. 3198/ 8296 - "مَنْ أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ وعِنْدَهُ قَوْمٌ جُلُوسٌ فَهُمْ شُرَكَاؤُهُ فِيهَا". (طب) الحسن بن على قال الشارح: وعلقه البخارى. وقال في الكبير: وكذا رواه الخطيب عن الحسن بن على، قال الهيثمى: وفيه ¬

_ (¬1) أحمد في مسنده (2/ 275)، والحاكم (2/ 427، رقم 3599). (¬2) البزار وابن مردويه في التفسير. (¬3) الحاكم في مستدركه (2/ 427، رقم 3597).

يحيى بن سعيد القطان وهو ضعيف، ورواه الطبرانى أيضًا في الكبير والأوسط عن ابن عباس، قال الهيثمى: وفيه مندل بن على ضعيف وقد وثق، ورواه أيضًا العقيلى وابن حبان في الضعفاء والبيهقى من حديث ابن عباس، ثم قال العقيلى: لا يصح في هذا المتن حديث، قال في الميزان: وقد علقه البخارى وقال: لا يصح، قال في اللسان: وله طريق إلى ابن عباس موقوفة بإسناد جيد اهـ. أما المرفوع فحكم ابن الجوزى بوضعه من جميع طرقه. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: وعلقه البخارى صريح في أن البخارى علق حديث الحسن بن على المذكور في المتن وليس كذلك، إنما علق حديث ابن عباس. الثانى: أنه يفيد أيضًا أن البخارى علق الحديث المرفوع المذكور في المتن وليس كذلك, إنما علق الموقوف ولفظه (¬1): باب من أهدى له هدية وعنده جلساؤه فهو أحق بها، ويذكر عن ابن عباس أن جلساءه شركاؤه ولم يصح اهـ. فالبخارى لم يذكر إلا الموقوف الذي لا وجود له في المتن المشروح. الثالث: قوله في الكبير: وكذا رواه الخطيب عن الحسن بن على خطأ، فإن الخطيب لم يرو حديث الحسن بن على إنما روى حديث ابن عباس. الرابع: عزوه الحديث إلى الخطيب يفيد أنه رواه باللفظ المذكور في المتن وليس كذلك، بل رواه بلفظ يدخل في حرف الألف، قال الخطيب في ترجمة أحمد ابن عبد الرحمن بن الفضل بن البخترى [4/ 249]: أخبرنا على بن أحمد الرزاز ثنا أبو بكر إحمد بن عبد الرحمن بن الفضل الدقاق المقرى الولى للَّه حدثنى أحمد بن يحيى الحلوانى أبو جعفر وأبو العباس البرانى قالا: حدثنا يحيى الحمانى ثنا مندل بن على العنزى عن ابن جريج ¬

_ (¬1) أخرجه البخارى في صحيحه (3/ 212) باب (25) من كتاب الهبة.

عن عمرو بن دينار عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا أتى أحدكم بهدية فجلساؤه شركاؤه فيها". الخامس: قوله: وفيه يحيى بن سعيد القطان وهو ضعيف، تحريف منه ووهم على الحافظ الهيثمى، فإن يحيى بن سعيد القطان ثقة مشهور، وإنما الضعيف الموجود في سند هذا الحديث يحيى بن العطار بالعين المهملة وآخره راء، لا بالقاف وآخره نون كما قال المناوى. السادس: قوله: قال في الميزان: وقد علقه البخارى وقال لا يصح، قال في اللسان. . . إلخ. غلط منه أيضًا، فإن الذهبى لم يذكر ذلك في الميزان, والجميع كلام الحافظ في اللسان ونصه [2/ 45]: بكار بن محمد بن شعبة، قال ابن القطان: لا يعرف، روى العقيلى عن يحيى ابن عقبة عنه عن الوضاح بن خيثمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: "أهدى إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هدية وعنده أربعة نفر، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لجلسائه: أنتم شركائى فيها، إن الهدية إذا أهديت إلى الرجل وعنده جلساؤه فهم شركاؤه فيها"، قال العقيلى: لا يصح في هذا المتن حديث، قلت: في الباب أيضًا عن ابن عباس، وقد علقه البخارى وقال: لا يصح، قلت: وله طريق إلى ابن عباس موقوفة إسنادها جيد، وقد بينته في تغليق التعليق [3/ 362] اهـ. فالمناوى لما رأى في اللسان قول الحافظ: قلت، ومن عادته أنه يقولها عقب كلام الذهبى، ظن أن الكلام المذكور قبلها هو للذهبى وليس كذلك، فإن الحافظ يقول: "قلت" عقب كلام الذهبى وبعد أن يقول: "انتهى"، وفي هذه الترجمة لم يقل: "انتهى"، وإنما قال: "قلت". أولًا: ليفصل كلامه من كلام العقيلى، ثانيًا: ليفصل كلامه من كلام البخارى،

وهذه من أصغر أوهام الشارح رحمه اللَّه. السابع: قوله: أما المرفوع فحكم ابن الجوزى بوضعه من جميع طرقه باطل، فإن ابن الجوزى أورد حديث ابن عباس [3/ 92] من طريق يحيى الحمانى عن مندل بن على عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن ابن عباس، وأعله بيحيى الحمانى لأنه كذاب مع أن الحمانى توبع عليه، فقد رواه ابن حبان في الضعفاء, قال [3/ 25]: حدثنا محمد بن صالح بن ذريح ثنا جبارة ابن المغلس ثنا مندل به. ورواه أبو مسلم الكشى، وأبو نعيم في الحلية من طريقه قال [3/ 351، 352]: حدثنا مالك بن زياد ثنا مندل به. ورواه البيهقى في السنن من طريق أبي الصلت [6/ 183]: ثنا مندل بن على. فبرئ الحمانى من عهدته، وكذلك توبع مندل عليه قال البيهقى [6/ 183]: وقد روى ذلك من وجه آخر عن عمرو بن دينار وفيه نظر. ثم رواه من طريق أحمد بن داود السمنانى [6/ 183]: ثنا محمد بن السرى ثنا عبد الرزاق أنبأنا محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أهدى إليه وعنده قوم فهم شركاء". قال البيهقى [6/ 183]: وكذلك رواه أبو الأزهر عن عبد الرزاق. فهذه طرق لم يذكرها ابن الجوزى، ثم ذكر ابن الجوزى طريقًا آخر أخرجه العقيلى من طريق عبد السلام بن عبد القدوس عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعًا به، وأعله بعبد السلام وقال: إنه يروى الموضوعات, وتعقبه الحافظ السيوطي بأن ابن عساكر رواه من وجه آخر من طريق سليمان

ابن عبد الرحمن: ثنا أبو محمد الكلاعى عن ابن جريج به. ووهم الحافظ السيوطي في ذلك, فإن محمد الكلاعى هو عبد السلام بن عبد القدوس المذكور، دلسه بعضهم لضعفه. ولكن رواه الشيرازى في الألقاب من وجه آخر من طريق الأصمعى عن الرشيد عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس، وهذه الطريق لم يذكرها ابن الجوزى أيضًا. ثم ذكر ابن الجوزى حديث عائشة الذي خرجه العقيلى وسبق في كلام الحافظ، ونقل عن العقيلى أنه قال: لا يتابع وضاح عليه. وبقى عليه طريق الحسن بن على الذي ذكره المصنف هنا، وقد أخرجه أيضًا أبو بكر الشافعى في الغيلانيات من طريق يحيى بن سعيد العطار الذي خرجه من طريقه الطبرانى [3/ 94، رقم 2762]، وهو مختلف فيه، فقد وثقه ابن مصفى وكان ممن روى عنه وخابر حاله، وقال أبو داود: جائز الحديث، وضعفه الآخرون. وهذا الطريق لم يعرج عليه أيضًا ابن الجوزى، فكيف يقال مع هذه [الطرق] الكثيرة التي لم يذكرها أنه حكم بوضعه من جميع طرقه؟! 3199/ 8297 - "مَنِ اتَّخَذَ مِن الخَدَم غَيْرَ مَا يَنْكِح ثُم بَغَيْنَ فَعَلَيْهِ مِثْلُ آثَامِهِنَّ مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِن آثَامِهِنَّ شَيءٌ". البزار عن سلمان قال في الكبير: وفيه عطاء بن يسار عن سلمان، قال عبد الحق: وعطاء لم يعلم سماعه منه، وفيه سعيد بن الجرو لا أعلم له وجودا إلا هنا، وفيه سلمة ابن كلثوم يروى عنه جمع، ومع ذلك هو لمجهول الحال.

قلت: فيه أمور، الأول: أن عدم سماع عطاء بن يسار من سلمان دعوى لا دليل عليها، فإن سلمان لما توفى كان عطاء ابن سبع عشرة أو ست عشرة سنة، ودون هذا السنن بكثير ثبت لأقوام السماع. الثانى: أن سلمة بن كلثوم ليس بمجهول الحال بل هو معروف، قال أبو توبة: كان من العابدين، ولم يكن في أصحاب الأوزاعى [أفضل] منه، وقال أبو اليمان: كان ثقة يقاس بالأوزاعى، وقال الدارقطنى: هو شامي يهم كثيرًا. 3200/ 8298 - "مَنِ اتَّقَى اللَّه عَاشَ قَوِيًا وَسَارَ في بِلَادِهِ آمِنًا". (حل) عن على قال الشارح: كذا وقع في نسخ الكتاب، وهو في خط مؤلفه، ولفظ الرواية: "وسار في بلاد عدوه". وقال في الكبير: كذا فيما وقفت عليه من النسخ لكن لفظ رواية العسكرى: "وسار في بلاد عدوه آمنًا"، ثم قال عقب عزوه: ورواه بهذا اللفظ العسكرى عن سمرة مرفوعًا. قلت: فيه أمور، الأول: أنه قال في الصغير: ولفظ الرواية, فأفاد أن رواية أبي نعيم هي كما يقول لا كما ذكره المصنف، وعزا ذلك في الكبير للعسكرى، فبان أن قوله في الصغير: "ولفظ الرواية" كذب منه وتلبيس. الثانى: أن المصنف عزا الحديث لأبي نعيم، وهو استدرك عليه برواية العسكرى، وهذا على الجهل أو التجاهل يكون الرواة والمخرجين لا تكاد تتفق رواياتهم إلا في القليل النادر، بل الأقل الأندر وسائر الروايات مختلفة. الثالث: أنه اعترف أخيرًا بأن رواية العسكرى هي في عرف أهل الحديث حديث آخر، لأنه قال: ورواه العسكرى عن سمرة، وحديث المتن الذي رواه أبو نعيم حديث على عليه السلام فهما حديثان.

الرابع: أن لفظ الحديث عند أبي نعيم الذي عزاه إليه المصنف هو كما ذكره لا كما استدركه هذا المعاند الجاهل أو المتجاهل، قال أبو نعيم في آخر ترجمة سعيد بن المسيب من الحلية [2/ 175]: حدثنا محمد بن عمرو بن سالم ثنا سعيد بن على بن الخليل ثنا إسحاق بن العنبر ثنا نصر بن ثابت عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن على بن أبي طالب عليه السلام قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من اتقى اللَّه عاش قويًا وسار في بلاده آمنًا". ولا أشك في أن الشارح وقف عليه في الحلية ورآه طبق ما نقله المصنف ثم قال ما قال بقياس من عند نفسه, لأن الحلية من المراجع التي كانت عنده، وكان يرجع إليها عند الكتابة. الخامس: أنه اقتصر على عزو حديث سمرة إلى العسكرى مع أنه قد خرجه من هو أولى وأشهر منه وأحق بالعزو إليه وهو أبو نعيم أيضًا، فإنه خرجه في تاريخ أصبهان فقال [2/ 63]: حدثنا أحمد بن عبيد اللَّه بن سعيد القصار ثنا أبو صالح محمد بن الحسن بن المهلب ثنا عبد اللَّه بن شخت ثنا الخليل بن عمر بن إبراهيم ثنا صالح المرى عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من اتقى اللَّه عز وجل عاش قويًا وسار في بلاد عدوه آمنا". ورواه أيضًا في موضع آخر من التاريخ نفسه [2/ 247] عن أبي محمد بن حيان وأحمد بن عبد اللَّه بن سعيد قالا: حدثنا أبو صالح محمد بن الحسن ابن المهلب، بسنده ومتنه.

3201/ 8299 - "مَنِ اتَّقَى اللَّهَ أهَابَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَيءٍ، وَمَنْ لَمْ يَتَّقِ اللَّه أهَابُه اللَّهُ مِنْ كُلِّ شيءٍ". الحكيم عن واثلة قلت: لم يتكلم الشارح على هذا الحديث ولا تعرض لتخريجه كأنه لم يعرف عنه شيء. والحديث رواه الحكيم الترمذى في الأصل الخامس والعشرين بعد المائة (¬1) من نوادر الأصول، قال [1/ 627]: حدثنا محمد بن محمد بن الحسن ثنا إسحاق بن المنذر أخبرنا سليمان بن أبي معاوية الكوفى عن إبراهيم بن أبي عبلة عن واثلة بن الأسقع عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وسليمان بن أبي معاوية الكوفى هو سليمان بن عمر النخعى، دلسه بعضهم لأنه كذاب وضاع، وقد صرح به القضاعى في مسند الشهاب، إذ خرج هذا الحديث فقال [1/ 265، رقم 429]: أخبرنا أبو القاسم على بن محمد بن أزادحرد ثنا أبو عمرو عثمان بن محمد ابن بشر بن سنقه ثنا إبراهيم بن أحمد بن مروان الواسطى ثنا إسحاق بن وهب العلاف ثنا عامر بن المبارك العلاف ثنا سليمان بن عمرو عن إبراهيم بن أبي عبلة به، بلفظ: "من خاف اللَّه خوَّف اللَّه منه كل شيء" الحديث. لكن له شواهد، قال ابن أبي الدنيا في كتاب الخائفين: حدثنا أبو عمر حفص بن عمر الحضرى ثنا إسماعيل بن عياش قال: حدثنا مشيختنا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من خاف اللَّه جل ثناؤه أخاف اللَّه منه كل شيء، ومن لم يخف اللَّه أخاف اللَّه منه كل شيء". ¬

_ (¬1) وهو في الأصل الرابع والعشرين بعد المائة من المطبوع.

ورواه الدولابى في الكنى [2/ 42] عن ابن أبي الدنيا بهذا الإسناد. وقال أبو نعيم في الحلية [3/ 191]: ثنا محمد بن عمر بن سلم ثنا القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن على بن أبي طالب رضي اللَّه عنهم حدثنى أبي عن أبيه عن أبي عبد اللَّه جعفر بن محمد بن على عن أبيه عن على بن الحسين بن على عن أمير المؤمنين على عليهم السلام قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من نقله اللَّه عز وجل من ذل المعاصى إلى عز التقوى أغناه بلا مال وأعزه بلا عشيرة وآنسه بلا أنيس، ومن خاف اللَّه تعالى أخاف اللَّه منه كل شيء، ومن لم يخف اللَّه أخافه اللَّه تعالى من كل شيء" الحديث، ثم قال: غريب لم يروه مرفوعًا مسندًا إلا العترة الطيبة خلفها عن سلفها. ورواه العقيلى من حديث أبي هريرة مرفوعًا بلفظ [3/ 275]: "إذا خاف اللَّه العبد أخاف اللَّه منه كل شيء وإذا لم يخف العبد اللَّه أخافه اللَّه من كل شيء" ولا يحضرني الآن سنده (¬1). ورواه أبو الشيخ في الثواب من حديث أبي أمامة بسند ضعيف جدًا كما قال الحافظ العراقى، ولم أقف على سنده أيضًا. 3202/ 8300 - "مَنِ اتَّقَى اللَّهَ كَلَّ لِسَانه وَلَمْ يَشْفِ غَيْظَهُ". ابن أبي الدنيا في التقوى عن سهل بن سعد قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس، قال الحافظ العراقى: وسنده ضعيف، قال: ورويناه في الأربعين البلدانية للسلفى. ¬

_ (¬1) وسنده هو: قال العقيلى: حدثنا محمد، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا ابن المبارك، عن الأوزاعى، عن ابن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به.

قلت: الديلمى والسلفى روياه من طريق ابن أبي الدنيا أيضًا، فلم يأت الشارح بشيء، قال ابن أبي الدنيا: حدثنى محمد بن بشر حدثنا عبد الرحمن بن حريز ثنا أبو حازم عن سهل بن سعد قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" وذكره. وقال السلفى: أخبرنا أبو الفتح أحمد بن محمد بن حامد الأسدى الحرانى بماكسين، وكان قد ولى قضاءها قال: كتب إلى أبو طالب محمد بن على بن الفتح العشارى من بغداد وحدثنا عنه أبو الفتح عبد الوهاب بن أحمد بن جبلة القاضى بحران إملاء حدثنا أبو الحسين محمد بن عبد اللَّه الدقاق حدثنا الحسين بن صفوان البردعى ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبيد القرشى هو ابن أبي الدنيا به مثله. نعم أخرجه العقيلى وغيره أيضًا كما سأذكره. وعبد الرحمن بن حريز بالحاء المهملة وآخره زاى معجمة ذكره العقيلى في الضعفاء وقال [2/ 328]: مجهول بالنقل لا يتابع على حديثه، ثم قال: حدثنا هارون بن محمد ثنا أبو جعفر محمد بن بشر الزاهد ثنا عبد الرحمن ابن حريز ثنا أبو حازم سمعت سهل بن سعد رضي اللَّه عنه يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من اتقى ربه كف لسانه ولم يشف غيظه"، قال: وفي هذا رواية من وجه آخر نحو هذه. قلت: وقول العقيلى: لا يتابع على حديثه مردود، فإنه توبع على هذا الحديث، قال أبو بكر بن مقسم في جزئه: حدثنا إبراهيم بن موسى الفقيه ثنا عبد الرحيم بن يحيى بن عطاء بن سلم عن أَبيه عن إبراهيم عن أبي حازم عن سهل بن سعد مرفوعًا: "من اتقى ربه عز وجل كف لسانه ولم يشف غيظه". وورد نحوه موقوفًا على عمر، قال ابن أبي الدنيا:

حدثنا أبو نصر النجار ثنا بقية بن الوليد عن إبراهيم بن أدهم عن أبي عبد اللَّه قال: قال عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه: من اتقى اللَّه لم يشف غيظه، ومن خاف اللَّه لم يفعل ما يريد، ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون. 3203/ 8301 - "مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَقَاهُ كلَّ شَيءٍ". ابن النجار عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الخطيب في تاريخه باللفظ المزبور، فما أوهمه صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجًا لأحد من المشاهير غير جيد. قلت: الحديث لم يخرجه الخطيب (¬1) باللفظ المزبور كما ادعاه، بل افتراه أصلا، وليس في تاريخ الخطيب حديث مصدر بـ "من اتقى" أصلا وعلى فرض أنه أخرجه ولم يعزه إليه المصنف فكان ماذا؟ بل لو أخرجه عشرون مثل الخطيب ولم يعزه إلى واحد منهم واقتصر على عزوه إلى ابن النجار لكان جيدا، ومن أين يوهم عزو الحديث إلى مخرج أنه لا يوجد عند غيره؟ لا في اللغة ولا في الاصطلاح، اللهم إلا أن يكون في عرف الجهلة. 3204/ 8302 - "مَنْ أَثْكَلَ ثلَاثَةً مِن صُلْبِهِ فِي سَبيلِ اللَّه فاحْتَسَبهُمْ علَى اللَّهِ وجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ". (طب) عن عقبة بن عامر قال في الكبير: قال الهيثمى: رجال الطبرانى ثقات اهـ. وقال المنذرى بعد ما عزاه لأحمد والطبرانى باللفظ المذكور من الوجه المزبور: رواته ثقات، فكان ينبغى للمؤلف عزوه لأحمد، أو هو أولى بالعزو من الطبرانى، ثم إنه أيضًا قد رمز لحسنه فكان حقه أن يرمز لصحته. ¬

_ (¬1) والحديث قد أخرجه الخطيب في تاريخه (14/ 431) باللفظ المذكور، وهو: "من اتقى. . . " واللَّه أعلم.

قلت: فيه أمور، الأول: أن الحافظ الهيثمى لم يقل ما نقله عنه الشارح في حديث عقبة بن عامر ولا ذكره أصلا، وإنما قال ذلك في حديث عمرو بن عبسة ولفظه: وعن أبي أمامة عن عمرو بن عبسة قال [3/ 5]: قلت له: "حدثنا حديثًا سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليس فيه انتقاص ولا وهم، قال: سمعته يقول: "من ولد له ثلاثة أولاد في الإِسلام فماتوا قبل أن يبلغوا الحنث أدخله اللَّه الجنة برحمته إياهم، ومن انفق زوجين في سبيل اللَّه، فإن للجنة ثمانية أبواب يدخله اللَّه من أيِّ باب شاء منها الجنة" رواه أحمد والطبرانى في الكبير باختصار النفقة، إلا أنه قال: "من أثكل ثلاثة من صلبه فاحتسبهم على اللَّه عز وجل، وجبت له الجنة" رواه أحمد والطبرانى في الكبير، ورجال الطبرانى ثقات اهـ. هكذا في الأصل المطبوع من مجمع الزوائد، والظاهر أنه وقع فيه سقط بين قوله باختصار النفقة وبين حديث "من أثكل" وكأنه صحابى الحديث الذي هو عقبة، واللَّه أعلم. الثانى: قوله: وقال المنذرى بعد ما عزاه لأحمد والطبرانى باللفظ المذكور من الوجه المزبور، كلام فارغ لا معنى له ولا وجه لذكره، إلا أن لسانه تعود لفظ المزبور وكأنه يلتذ به، فيذكره لمناسبة وغير مناسبة كهذا الموضع، فإن الوجه في عرف أهل الحديث هو الإسناد، ولم يجر ذكر لإسناد الحديث لا عند المصنف ولا عند المنذرى اللهم إلا أن يكون أراد به صحابى الحديث ليفرق بينه وبين ما دلسه على كلام الحافظ الهيثمى، لأنه استشعر من نفسه أنه خان في النقل عنه ودلس، ولم يصرح بأنه تكلم على حديث آخر، وهو حديث عمرو بن عبسة، فاستدرك ذلك بهذه الإشارة الخفية.

الثالث: أن الحديث رواه أحمد بهذا اللفظ، واقتصر المصنف على عزوه للطبرانى [17/ 300، رقم 829] لنكتة لا يدركها المناوى، وذلك أنه رمز لحسنه، فلو عزاه لأحمد مع الطبرانى لاضطر أن يصرح بأن الحسن إنما هو سند الطبرانى دون أحمد كما صرح به المنذرى، وكتابه مختصر كله رموز ليس فيه كلام كمصنف المنذرى والحافظ نور الدين وغيرهما، فلذلك اقتصر على عزوه إلى الطبرانى لأن سند أحمد ضعيف، قال أحمد [4/ 144]: حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو عشانه أنه سمع عقبة بن عامر يقول عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر مثل ما هنا بالحرف. الرابع: قوله: ثم إنه أيضًا قد رمز لحسنه فكان حقه أن يرمز لصحته، فضول ودخول فيما ليس هو من شأنه، فإن المصنف حافظ من أهل التصحيح والتحسين ومعرفة طرق ذلك وعلله وأسبابه، والشارح بعيد عن هذا، حسبه التقليد والنقل عن فلان وعلان. [ثم إن الشارح] أحق بهذا الاعتراض والاستدراك من نقل عنهما، أنهما اقتصرا على قولهما: رواته ثقات، ولم يصرحا بصحته وهما الحافظان المنذرى والهيثمى، فإنهما ما عدلا عن قولهما: وسنده صحيح إلى قولهما: رواته ثقات إلا لنكتة هي التي حملت المصنف على أن حكم بحسنه ولم يحكم بصحته، وهي أن راويه عن عقبة بن عامر وإن كان ثقة إلا أن الشيخين لم يخرجا له، لأنه لم يكن من طبقة أهل الصحيح، وإنما خرج له مثل ابن حبان، فلذلك اقتصر المصنف على تحسينه يا مناوى.

3205/ 8303 - "مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيهِ خَيْرًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، ومَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيهِ شَرًّا وَجَبَتْ لهُ النَّارُ، أنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ في الأَرْضِ". (حم. ق. ن) عن أنس قلت: ظاهر صنيع الشارح في عدم استدراكه مخرجين وطرق لهذا الحديث أنه لم يخرجه غير المذكورين ولا ورد الحديث من طرق أخرى، مع أن للحديث طرقا متعددة، عده المصنف من أجلها من الأحاديث المتواترة، فقال [في] الأزهار المتناثرة [ص 41، رقم 42] (¬1): أخرجه الشيخان عن أنس (¬2)، والبخارى عن عمر [(2/ 121، رقم 1368)، و (3/ 221، رقم 2643)]، وأحمد (¬3) عن أبي هريرة [2/ 470، 498، 528] وأبي قتادة [5/ 299، 300] وأبي زهير [3/ 416] والطبرانى -يعنى في الكبير- عن سلمة بن الأكوع [7/ 23،22، رقم 6259، 6262] وكعب بن عجرة [19/ 156، رقم 344] والبزار عن عامر بن ربيعة وابن عدى عن ابن عمر اهـ. وطرق هذه الأحاديث وذكر المخرجين لها يطول وموضعها كتابنا في المتواتر، والمقصود أن إعراض الشارح عن هذا والإشارة إليه، مع أن الهيثمى ذكر كثيرًا من طرقه قصور. ¬

_ (¬1) ولفظ الحديث: "مر بجنارة، فأثنى عليها خيرًا، فقال: وجبت. ثم مر بأخرى، فأثنى عليها شرًا، فقال: وجبت، أنتم شهداء اللَّه في الأرض". (¬2) البخارى [(/ 121، رقم 1367)، (3/ 221، رقم 2642)]، مسلم (2/ 655، رقم 949/ 60). (¬3) ورواه عن أنس كذلك (3/ 179، 186، 197، 211 , 245 , 281).

3206/ 8304 - "مَنِ اجْتَنَب أَرْبَعًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، الدِّمَاءَ والأَمْوَالَ والْفُروُجَ والأَشْرِبَةَ". البزار عن أنس قال في الكبير: رمز لحسنه، قال الهيثمى: وفيه رواد بن الجراح، قال ابن معين، وغيره: يغلط في حديث سفيان دون غيره، قال الهيثمى: وهذا من حديثه عن سفيان، وعد في الميزان هذا من مناكير رواد، ومن ثم قال ابن الجوزى: حديث لا يصح. قلت: فيه أمور، الأول: أنه حذف من كلام الهيثمى ما لا يوافق هواه وتدليسه وتلبيسه، فإن الحافظ الهيثمى قال ما نصه: وفيه رواد بن الجراح وثقه ابن معين وغيره، وقال: إنما غلط في حديث سفيان، قال: وهذا من حديثه عن سفيان اهـ. فانظر كيف حذف قوله: "وثقه ابن معين وغيره" ليظهر خطأ المصنف في حكمه بحسن الحديث. الثانى: أن رواد بن الجراح صدوق صالح باتفاقهم، وإنما وصفه بعضهم بالغلط، والخطأ، والاختلاط آخر عمره، قال الدورى عن ابن معين: لا بأس به، إنما غلط في حديث سفيان، وقال عثمان الدارمى عن ابن معين: ثقة، وقال معاوية عن ابن معين: ثقة مأمون، وقال أبو حاتم: تغير حفظه في آخر عمره، وكان محله الصدق، وقال ابن عدى: كان شيخا صالحًا، وفي حديث الصالحين بعض النكرة، إلا أنه يكتب حديثه، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ ويخالف، وقال أحمد: لا بأس به صاحب سنة، إلا أنه حدث عن سفيان بمناكير، فهذه هي أوصاف راوى الحديث الحسن، بل والصحيح، فكم من رجال الصحيحين من قيل فيه أكثر من هذا بمراحل، بل فيهم من وصفوه بالكذب ووضع الحديث.

الثالث: قال الذهبى في "الميزان": وروى عباس عن ابن معين: لا بأس به، إنما غلط في حديث سفيان يعنى: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت زوجها دخلت الجنة"، فهذا الذهبى حمل كلام ابن معين على غلطه في هذا الحديث خاصة لا في سائر أحاديثه عنه، كما فهمه الحافظ الهيثمى، والدليل للذهبى على ما فهم أن معاوية روى عن ابن معين أنه قال: ثقة مأمون، قال: وذاكره رجل بحديثه عن الثورى عن الزبير ابن عدى الهمذانى عن أنس "إذا صلت المرأة خمسها" فقال: تخايل له سفيان لم يحدثه سفيان هذا قط، إنما حدثه عن الزبير أتينا أنس نشكو الحجاج، فهذا مستند الذهبى في تخصيص كلام ابن معين، وهو من أصله ظن باطل لا يغنى من الحق شيئًا، ومن قبيح ما يرتكبه المحدثون وأهل الجرح التعديل، إنزالهم الظن والفهم الذي يفهمونه بحسب ذوقهم منزلة الواقع المقطوع به، كما بينا ذلك بدلائله في "درء الضعف عن حديث من عشق فَعَفَّ". الرابع: قوله: وعَدَّ في الميزان هذا من مناكير رواد باطل، بل نقل الذهبى عن ابن عدى أنه قال: لا يتابع على حديثه، ثم ذكر هذا الحديث يعنى من التي لم يتابع عليها في علم ابن عدى، ولا يلزم من هذا أن لا يكون توبع عليه في الواقع، ولا يكون منكرًا على فرض تفرده به مع اعترافهم بصلاحه وصدقه. الخامس: قوله: ومن ثم قال ابن الجوزى: حديث لا يصح، من المعلوم أن ابن الجوزى غير معتبر قوله في الحكم على الأحاديث, لأنه قريب من الشارح في عدم التحقيق وفهم الحديث كما ينبغى، وإن كان الشارح لا يبلغ درجته إنسان على ما أعلم، وابن الجوزى أخذ هذا من إمامه أحمد بن

حنبل، فقد قال أبو بكر بن زنجويه: قال لي أحمد: لا تحدث بهذا الحديث يعنى حديث رواد عن الثورى عن الزبير بن عدى عن أنس: "أربع من اجتنبهن دخل الجنة: الدماء والأموال والأشربة والفروج". وهذا لا يلزم منه ما فهمه ابن الجوزى, لأنه رأى مجرد لأحمد، وكم حديث صحيح نهى أحمد عن التحديث به أو حكم ببطلانه كأمثاله من المتقدمين كابن معين وأبي زرعة وأبي حاتم، وبالجملة فما حكم به المصنف هو البخارى به قواعد أهل الحديث واللَّه أعلم. 3207/ 8305 - "مَنْ أَجْرَى اللَّه عَلَى يَدَيْهِ فَرَجًا لِمُسْلِمٍ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرَبَ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ". (خط) عن الحسن بن على قال الشارح: وضعفه الدارقطنى. وقال في الكبير: فيه المنذر بن زياد الطائى، قال الذهبى: قال الدارقطنى: متروك. قلت: كلامه في الصغير يفيد أن الدارقطنى تكلم على الحديث نفسه، وقال: إنه حديث ضعيف، وكلامه في الكبير مصرح بأن الدارقطنى لم يتكلم على الحديث، وإنما تكلم في المنذر بن زياد الذي هو أحد رواته، فقال: إنه متروك. فانظر إلى قلة أمانة هذا الرجل وعدم تحقيقه الذي أفقد الثقة به وبنقله، فقد يكون الدارقطنى لم يرو هذا الحديث ولم يسمع به قط، وقد يكون رأيه فيه أنه موضوع لا ضعيف فقط كما نسبه إليه الشارح بتهوره، فإن منذر بن زياد المذكور متهم بوضع الحديث عند المحدثين كما صرح به الساجى وغيره

وحكاه ابن قتيبة عن أهل الحديث، فانظر إلى هذا التصرف الغريب وتعجب. 3208/ 8307 - "مَنْ أَحَاطَ حَائِطًا عَلَى أَرْضٍ فَهِيَ لَهُ". (حم. د) والضياء عن سمرة زاد الشارح في الكبير عند رمز أبي داود قوله: في "الإحياء"، ثم قال عقبة: ورواه عبد بن حميد من حديث جابر. قلت: فيه أمران، أحدهما: قوله: أن أبا داود خرجه في الإحياء، يوهم أن أبا داود عقد في سننه كتابًا خاصًا لإحياء الموات وليس كذلك، وإنما خرج الحديث في كتاب الخراج والفئ والإمارة في باب إحياء الموات [3/ 175، رقم 3077]، والإحالة إنما تكون على الكتب لا على الأبواب مجردة، بل القاعدة عند الإطلاق إرادة الكتاب لا إرادة الباب. ثانيهما: حديث جابر عندى غلط من بعض الرواة، فإن سند الحديثين واحد، قال أحمد [5/ 21]: حدثنا محمد بن بشر ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة به. وعن أحمد رواه أبو داود في سننه، وقال عبد بن حميد [ص 330، رقم 1095]: حدثنا محمد بن بشر عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سليمان اليشكرى عن جابر به. فالسند واحد إلى قتادة، فأحمد يقول عن الحسن عن سمرة، وعبد بن حميد يقول عن سليمان اليشكرى عن جابر، واليشكرى قديم الوفاة مات

قبل جابر رضي اللَّه عنه، وقد قيل: إنه لم يسمع منه إلا عمرو بن دينار والكبار. أما قتادة فلم يسمع منه، وقد توبع أحمد على قوله عن قتادة عن الحسن عن سمرة، قال النقاش في "فوائد العراقيين": أخبرنا أبو الطيب أحمد بن على بن موسى الرازى ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن منصور الكسائى ثنا عمرو الناقد ثنا عباد بن العوام عن قتادة عن الحسن عن سمرة به. 3209/ 8308 - "مَنْ أَحَبَّ للَّهِ، وَأَبْغَضَ للَّهِ، وأَعْطَى للَّهِ، وَمَنَعَ للَّهِ، فَقَد اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ". (د) والضياء عن أبي أمامة قال الشارح: بإسناد ضعيف. وقال في الكبير: وخرجه الترمذى وكذا الإِمام أحمد عن معاذ بن أنس مثله، قال الحافظ العراقى: وسند الحديث ضعيف اهـ. أى وذلك لأن فيه كما قال المنذرى: القاسم بن عبد الرحمن الشامى تكلم فيه غير واحد. قلت: في هذا أمور، الأول: قوله: بسند ضعيف باطل، فإن الحديث سكت عليه أبو داود [4/ 219، رقم 4681]، وحسنه الحافظ المنذرى في الترغيب [4/ 24، رقم 29] إذ صدره بـ "عن" على قاعدته، وهو وإن كان من رواية القاسم عن أبي إمامة، فالقاسم وثقه جماعة وأثنوا عليه وأثبتوا حديثه، لا سيما إذا كان من رواية الثقات عنه كهذا, ولذلك رمز المصنف لصحته. الثانى: قوله: وخرجه الترمذى [4/ 670، رقم 2521] وكذا أحمد [3/ 438، 440] عن معاذ بن أنس مثله، لفظ حديث معاذ بن أنس: "من أعطى اللَّه، ومنع للَّه، وأحب للَّه، وأبغض للَّه، وأنكح للَّه، فقد استكمل

إيمانه". فأين المثلية؟ ففي هذا زيادة ذكر النكاح مع تقديم وتأخير. الثالث: قوله: قال الحافظ العراقى: وسند الحديث ضعيف هو قصور، فإن الحديث نص على ضعفه مخرجه الترمذى فقال عقبة: هذا حديث منكر، ونقل كلامه الحافظ المنذرى في "الترغيب" قبل الحافظ العراقى. الرابع: أن كلام الحافظ العراقى غير مسلم وإن قلد فيه الترمذى، فإنه ليس الأمر فيه كما قال الترمذى أيضًا، فقد أخرجه الحاكم في "المستدرك" [2/ 164، رقم 2694] من الطريق التي خرجه منها الترمذى من رواية أبي مرحوم عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه، ثم قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبى، مع أن أبا مرحوم لم يخرج له الشيخان ولا أحدهما، وإنما خرج له أهل السنن الأربعة، وهو أيضًا وإن تكلم فيه فقال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، فقد وثقة غيرهما، فقال النسائى: أرجو أنه لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن يونس في [تاريخه]: كان زاهدا يعرف بالفضل والإجابة، وكذا قال الذهبى في "الميزان": إنه من الزهاد المعروفين بإجابة الدعوة بمصر. قلت: ومع هذا فلم ينفرد به، فقد رواه أحمد [3/ 438] والطبرانى [20/ 188، رقم 412] كلاهما من طريق ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ، ويشهد له مع ذلك أحاديث كثيرة منها حديث أبي أمامة المذكور في المتن، فكل من تضعيف الترمذى والعراقى له غير جيد. الخامس: قوله: وذلك لأن فيه كما قال المنذرى القاسم بن عبد الرحمن خبط وتخليط، فإنه ذكر حديث معاذ ونقل كلام الحافظ العراقى عليه ثم شرع يوجهه بذكر من في إسناد حديث أبي أمامة، ولفظ الحافظ العراقى في المغنى: رواه أحمد بسند ضعيف من حديث معاذ بن أنس: "من أعطى للَّه" الحديث،

وحديث معاذ لا وجود للقاسم في سنده. قال أحمد [3/ 438]: حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة عن زبان عن سهل بن معاذ عن أبيه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "من أعطى" وذكره. وقال أيضًا [3/ 440]: حدثنا عبد اللَّه بن يزيد من حفظه قال: حدثنى سعيد بن أبي أيوب أبو يحيى قال: حدثنى أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ الجهنى عن أَبيه به. ومن هذا الطريق الثانى رواه الترمذى وأبو يعلى [(3/ 60، رقم 1485)، (3/ 68، رقم 1500)] والحاكم كما قدمته، فالقاسم إنما هو في سند حديث أبي أمامة. قال أبو داود [4/ 219، رقم 4681]: حدثنا مؤمل بن الفضل ثنا محمد بن شعيب بن شابور عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن أمامة به. ومن طريق أبي داود رواه البيهقى في الشعب [1/ 47، عقب رقم 15]. السادس: إطلاقه العزو إلى المنذرى يوهم أنه قال ذلك في "الترغيب" لأنه أشهر كتبه وأكثرها تداولا، والواقع أنه قال ذلك في اختصار سنن أبي داود، فكان حقه أن يقيد النقل عنه ولا يطلق رفعا للإيهام. 3210/ 8309 - "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّه أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّه كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءهُ". (حم. ق. ت. ن) عن عائشة وعن عبادة

قال في الكبير: في الدعوات، [ثم] قال في الكبير: (ت) في الزهد (ن) عن عائشة وعن عبادة، وفي الباب غيرهما [أيضًا]. قلت: قوله عقب رمز الشيخين في الدعوات يفيد أنهما معا خرجاه في الدعوات وليس كذلك، إنما أخرجه في الدعوات مسلم [4/ 2065، رقم 2683، رقم 2684]، أما البخارى فأخرجه في كتاب الرقاق وفي كتاب التوحيد، وقوله عقب رمز الترمذى: في الزهد، يفيد أنه لم يخرجه إلا في الزهد، والواقع أنه خرجه فيه [4/ 554، رقم 2309] وفي الجنائز [3/ 370، رقم 1066، 1067] قبله أيضًا، وقوله: وفي الباب غيرهما، وإن من حقه أن يذكرهم وهم: أبو هريرة وأبو موسى الأشعرى ومعاوية ورجل من الصحابة وأنس بن مالك، وقد ذكرت أسانيد جميعهم في "وشى الإهاب بالمستخرج على مسند الشهاب"، إلا حديث معاوية فلم أذكره، وهو عند الطبرانى في الكبير [19/ 391 رقم 919] بسند حسن. 3211/ 8310 - "مَنْ أَحَبَّ الأَنْصَارَ أَحَبَّهُ اللَّه، وَمَنْ أَبْغَضَ الأَنْصَارَ أَبْغَضَهُ اللَّه". (حم. تخ) عن معاوية (حب) عن البراء بن عازب زاد الشارح في الشرحين كلاهما رمز ابن ماجه قبل ابن حبان في حديث البراء. ثم قال في الكبير: قال الهيثمى: رجال أحمد رجال الصحيح. قلت: زيادة رمز ابن ماجه غلط من الشارح، فإن ابن ماجه لم يخرج الحديث (¬1). ¬

_ (¬1) بل أخرجه (1/ 57، رقم 163) بلفظه وصحابيه.

وقوله: رجال أحمد رجال الصحيح، يوهم أن رجال البخارى في التاريخ ليس كذلك والواقع خلافه، والحافظ الهيثمى قرن [10/ 39] في العزو بأحمد أبا يعلى [13/ 357، رقم 7368] والطبرانى في "الأوسط" [6/ 191، رقم 6158] فلذلك خص رجال أحمد بكونهم رجال الصحيح، وسند أحمد هو قوله [4/ 96]: حدثنا يزيد بن هارون أنا يحيى بن سعيد أن سعد بن إبراهيم أخبره عن الحكم ابن ميناء أن يزيد بن جارية أخبره أنه كان جالسًا في نفر من الأنصار فخرج عليهم معاوية فسألهم عن حديثهم فقالوا: كنا في حديث من حديث الْأَنصار، فقال معاوية: ألا أزيدكم حديثًا سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وذكره. وقال البخارى في "التاريخ الكبير" [2/ 343] في ترجمة الحكم بن ميناء قال موسى: ثنا إبراهيم ثنا أبي عن الحكم به مختصرًا، وهؤلاء رجال الصحيح. 3212/ 8311 - "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُكْثِرَ اللَّهُ خَيْر بَيتهِ فَليَتَوَضَّأْ إِذَا حَضَرَ غَذَاؤُهُ، وإِذَا رُفِعَ". (هـ) عن أنس قال في الكبير: وفيه جبارة بن المقلس وكثير بن سليم ضعيفان. قلت: جبارة توبع عليه، فقد رواه قتيبة بن سعيد أيضًا عن كثير بن سليم فبرئ جبارة من عهدته، وبقى كثير بن سليم، وللحديث شاهد من حديث على، أخرجه الطوسى في "المجالس" من طريق أبي المفضل الشيبانى قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد العلوى الموسوى في منزله بمكة سنة ثمان عشرة وثلاثمائة أخبرنا أحمد بن زياد حدثنا عبيد اللَّه بن أحمد بن نهيك ثنا محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن جعفر بن محمد عن آبائه عن على

عليه السلام قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من سره أن يكثر خير بيته فليتوضؤا عند حضور طعامه، ومن توضأ قبل الطعام وبعده عاش في سعة من رزقة، وعوفى من البلاء في جسده". قال هشام بن سالم: قال لي الصادق: يَا هشام الوضوء هنا غسل اليد قبل الطعام وبعده. قال الدينورى في "المجالسة": حدثنا محمد بن عبد العزيز حدثنى أبي عن عيسى بن يونس عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر عن عراك بن مالك قال: بلغنى أنه من غسل يده قبل الطعام كان في سعة من رزقة حتى يموت. 3213/ 8312 - "مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ". (فر) عن عائشة قال في الكبير: ورواه عنها أيضًا أبو نعيم، ومن طريقه وعنه أورده الديلمى، فلو عزاه المصنف إليه أو جمعهما لكان أولى. قلت: ولو سكت الشارح لكان أولى أيضًا، فالمؤلف قد نقل الحديث من مسند "الفردوس"، ورآه أسنده من طريق أبي نعيم، ولكنه لم يقف عليه في كتب أبي نعيم، ولا عرف في أى كتاب من كتبه الكثيرة خرجه، فكان من الأمانة أن يعزوه إلى الكتاب الذي رآه فيه، ولكن الشارح لفقدان الأمانة منه يلوم غيره على الأمانة وعدم الصدق والخيانة، ثم من الجهل والتهور أيضًا قوله: ومن طريقه وعنه أورده الديلمى كما نبهنا عليه مرارًا. 3214/ 8313 - "مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرتهِ، وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ، فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى". (حم. ك) عن أبي موسى

قلت: لم يزد الشارح مخرجًا على ما ذكره المؤلف مع أن الحديث خرجه جماعة منهم عبد بن حميد في مسنده [1/ 497، رقم 566] والبيهقى في السنن الكبرى في كتاب الجنائز منها [3/ 370]، وفي كتاب الزهد [ص 417، رقم 448] له أيضًا، والقضاعى في مسند "الشهاب" [1/ 258، رقم 418] والبغوى في التفسير [4/ 113]، والمسعودى في "شرح المقامات" من وجوه كلها ترجع إلى عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب عن أبي موسى، وقد ذكرت أسانيدهم في "المستخرج على الشهاب"، وورد عن ابن مسعود من قوله، أخرجه أبو نعيم في الحلية من طريق أحمد بن حنبل في الزهد عن وكيع [1/ 138]: ثنا سفيان عن أبي قيس الأزدى عن هذيل ابن شرحبيل قال: قال عبد اللَّه: "من أراد الدنيا أضر بالآخرة، ومن أراد الآخرة أضر بالدنيا، يَا قوم فأضروا بالفانى للباقى". 3215/ 8314 - "مَنْ أَحَبَ أَنْ يَسْبِقَ الدَّائِبَ المُجْتَهِدَ فَلْيكُفَّ عَنِ الذُّنُوبِ". (حل) عن عائشة قال في الكبير: رواه أبو نعيم من حديث عبد اللَّه بن محمد بن النعمان عن فروة بن أبي المغراء عن على بن مسهر عن يوسف بن ميمون عن عطاء عن عائشة، ثم قال: غريب تفرد به يوسف عن عطاء. قلت: المصنف رمز للحديث بعلامة الضعيف، فكان من حقه أن يبين وجه ضعفه بدلا من ذكر سند أبي نعيم [10/ 400]، وقوله فيمن تفرد به: وعلة الحديث يوسف بن ميمونة فإنه ضعيف، وقال البخارى: منكر الحديث، أما ابن عدى فقال: لا أرى بحديثه بأسًا، وقد أخرجه أبو نعيم أيضًا في "تاريخ أصبهان" قال [2/ 119]:

حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عمرو بن يحيى المؤذن ثنا أبو بكر عبد اللَّه بن محمد بن النعمان به مثله. 3216/ 8315 - "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". (حم. د. ت) عن معاوية قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو تقصير، فقد قال المنذرى: رواه أبو داود بإسناد صحيح، قال الديلمى: وفي الباب عمرو بن مرة وابن الزبير. قلت: رجاله رجال الصحيح عند أبي داود [4/ 359، رقم 5229]، ولكن لعلة قصرت به عن درجة الصحيح اقتصر الترمذى على تحسينه [5/ 90، رقم 2755]، ولم يخرجه الشيخان مع أن البخارى خرجه في الأدب المفرد، فلو كان صحيحًا لأخرجه هو أو مسلم، ومن الغريب أن المنذرى قال: رواه أبو داود بإسناد صحيح والترمذى وقال: حديث حسن فاقتصر الشارح على أول كلامه وحذف آخره ليتسنى له تخطئة المصنف، ولم يبق مستند لحكمه بذكره تحسين الترمذى مع أن سند أبي داود والترمذى واحد كلاهما روياه من طريق حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز عن معاوية، فأبو داود رواه عن موسى بن إسماعيل عن حماد عن حبيب، والترمذى رواه عن محمود بن غيلان عن قبيصة عن سفيان عن حبيب وقع ذلك لم يصححه. وهكذا رواه البخارى في الأدب المفرد قال [ص 329، رقم 980]: حدثنا آدم ثنا شعبة وحدثنا حجاج حدثنا حماد حدثنا حبيب بن الشهيد به بلفظ: "من سره أن يمثل له عباد اللَّه قيامًا فليتبوأ بيتًا من النار". والعلة من ذلك تعرف من حال حبيب وأبي مجلز، نعم له طريقان آخران، قال الطحاوى في "مشكل الآثار" [3/ 154، رقم 1125]:

ثنا على بن معبد ثنا شبابة بن سوار حدثنى المغيرة بن مسلم ثنا عبد اللَّه بن بريدة سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أحب أن يستجم له الرجال قيامًا وجبت له النار". وقال الباغندى في مسند عمر بن عبد العزيز: حدثنا عطية بن بقية بن الوليد ثنا أبو بشر محمد بن عبد اللَّه بن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن جده قال: حج معاوية بن أبي سفيان فلما انتهى إلى المدينة قام له سعيد بن العاص فقال له معاوية: أخوك أفقه منك سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من سره إذا رأته الرجال مقبلا أن تتمثل له قياما بنى اللَّه له بيتًا في النار". وحديث عمرو بن مرة الذي أشار إليه الديلمى أخرجه الطبرانى في "الأوسط" [4/ 282، رقم 4208] و"الكبير" (¬1) ولفظه: "من أحب أن يتمثل له الرجال بين يديه قيامًا فليتبوأ مقعده من النار" وقوله: بين يديه زيادة حسنة ترفع الإشكال من الحديث، إلا أن في سنده من لم يعرفهم الحافظ الهيثمى، وحديث ابن الزبير هو في نفس حديث معاوية عند أبي داود والترمذى، وإن لم يصرح فيه بالرواية وإياه عنى الديلمى فيما اعتقد واللَّه أعلم. وفي الباب أيضًا عن ابن عمرو الحسن مرسلا. فحديث ابن عمر رواه داود بن يحيى الإفريقى عن عبد اللَّه بن عمر بن غانم عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "من سره أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار"، قال أبو عامر العبدرى لا يحفظ عن مالك إلا من رواية ابن غانم، ولا عن ابن غانم إلا من حديث داود، ولا عن داود إلا من رواية يحيى بن محمد بن خشيش القيروانى، وحدث به عن ابن خشيش ¬

_ (¬1) كما في مجمع البحرين (5/ 268، رقم 3044).

جماعة، وداود بن يحيى قال ابن يونس: حدث بأحاديث موضوعة، وجزم الحافظ بأن هذا موضوع بهذا الإسناد. ومرسل الحسن رواه الخطيب عن على بن الجعد عنه، قال [11/ 361]: لما أحضر المأمون أصحاب الجوهر فناظرهم على متاع كان معهم، ثم نهض المأمون لبعض حاجته، ثم خرج فقام كل من كان في المجلس إلا ابن الجعد، فإنه لم يقم، قال: فنظر إليه المأمون كهيئة المغضب ثم استخلاه، فقال له: يا شيخ ما منعك أن تقوم لي كما قام أصحابك؟ قال: أجللت أمير المؤمنين للحديث الذي نأثره عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: وما هو؟ قال على بن الجعد: سمعت المبارك بن فضالة يقول: سمعت الحسن يقول: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار"، قال: فأطرق المأمون متفكرًا في الحديث، ثم رفع رأسه فقال: لا يشترى إلا من هذا الشيخ، قال: فاشترى منه في ذلك اليوم بقيمة ثلاثين ألف دينار. 3217/ 8316 - "مَنْ أَحَبَّ فِطْرَتِي فَليَسنتَنَّ بِسُنَّتِي، وَإِنَّ مِنْ سُنَّتِي النِّكَاح". (هق) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال البيهقى: هو مرسل، ورواه أبو يعلى عن ابن عباس باللفظ المذكور، ورواه أيضًا عن عبيد بن سعد، قال الهيثمى: ورجاله ثقات، ثم إن كان عبيد بن سعد صحابيا وإلا فمرسل. قلت: في هذا أمور، الأول: أن البيهقى لم يقل عن الحديث: إنه مرسل. الثانى: أنه لم يخرج حديث أبي هريرة ولا ذكر متنه، وإنما ذكر إسناده معلقًا عقب حديث عبيد بن سعد، ولفظ [7/ 78]: "أخبرنا أبو طاهر الفقيه وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد ابن إسحاق الصغانى ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن ابن جريج عن إبراهيم بن ميسرة عن عبيد بن سعد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أحب فطرتى فليستن

بسنتى ومن سنتى النكاح"، وروى ذلك عن أبي حرة عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، هذا نص ما ذكره البيهقى في النكاح من سننه، ولذلك كان عزو المصنف الحديث إليه من حديث أبي هريرة غريبًا. الثالث: أن أبا يعلى لم يخرج حديث ابن عباس باللفظ المذكور أصلا، بل هو كذب محضر. إن حديث عبيد بن سعد أخرجه البيهقى كما ذكرته عنه لإسناده، فلو كان الشارح وقف على قول البيهقى في الحديث: إنه مرسل كما زعم لوقف على حديث عبيد بن سعد، ولملأ الدنيا صياحا بالتعقيب على المؤلف، ولعزى حديث عبيد بن سعد إلى البيهقى قبل عزوه إلى أبي يعلى. الخامس: حيث شك الحافظ الهيثمى [4/ 252] في صحبة عبيد بن سعد، فكان من حقه هو أن ينقل كلام الحافظ في الإصابة فيه، وقد قال بعد ذكره هذا الحديث من عند أبي يعلى [5/ 133، رقم 2748] والبيهقى وأبي موسى المدينى، وبعد نقله عن البخارى وابن أبي حاتم وابن حبان أنه تابعى ما نصه [6/ 360]: ويغلب على الظن أنه تابعى, لأنه لم يصرح بسماعه، وإنما أوردته في هذا القسم يعنى الأول لذكر أبي يعلى له في مسنده, فهو على الاحتمال. 3218/ 8317 - "مَنْ أَحَبَّ قَوْمًا حَشَرهُ اللَّهُ فِي زُمْرَتِهِمْ". (طب) والضياء عن أبي قرصافة قال الشارح: وفيه مجهول. وقال في "الكبير": قال الهيثمى: وفيه من لم أعرفهم، فقال السخاوى: فيه إسماعيل بن يحيى التيمى ضعيف. قلت: فيه أمور، الأول: قوله في الصغير: وفيه مجهول، أراد به ما ذكره في الكبير عن الحافظ الهيثمى أنه قال [10/ 281]: وفيه من لم أعرفهم،

وهذا لا يقال في حقه مجهول، إذ قد يكون معروفًا ولم يعرفه الحافظ الهيثمى، ولا وقف على ترجمته، وإنما يقال مجهول عمن لا يعرف أصلًا، أو ينص عليه المتقدمون أنه مجهول. الثانى: أنه نقل عن الهيثمى أنه قال: وفيه من لم أعرفهم، ثم ترجم ذلك في الصغير بقوله: وفيه مجهول، وكان حقه أن يقول: وفيه مجاهيل، مع أنه تحريف منه أيضًا، فإن الحافظ الهيثمى قال: وفيه من لم أعرفه بضمير المفرد. الثالث: قوله: فقال السخاوى: فيه إسماعيل بن يحيى. . . إلخ غلط فاحش، وخطأ مضحك ما ابتلى اللَّه بالإكثار منه إلا هذا الرجل بجرأته على المصنف وتقصيره إياه بالباطل، فلا الحافظ السخاوى قال: فيه إسماعيل بن يحيى ولا هو موجود في سند الحديث، وإنما يوجد إسماعيل بن يحيى في سند حديث جابر بن عبد اللَّه، وكذلك قال الحافظ السخاوى، وإليك نصه في "المقاصد الحسنة" [ص 619 - 620]: حديث "من أحب قومًا حشر معهم". ذكره بهذا اللفظ الحاكم قبيل المغازى من صحيحه المستدرك [جازما به] بلا سند، وشاهده: "المرء مع من أحب" وقد مضى اهـ. ونصه في الحديث المذكور [ص 598] بعد ذكر بعض طرقه وألفاظه: وفي آخر عن أبي قرصافة: "من أحب قومًا ووالاهم حشره اللَّه فيهم"، وفي آخر عن جابر: "من أحب قومًا على أعمالهم حشر معهم يوم القيامة"، وفي لفظ: "حشر في زمرتهم"، وفي سنده إسماعيل بن يحيى التيمى ضعيف اهـ. فانظر كيف نقل إسماعيل بن يحيى من حديث جابر إلى حديث أبي قرصافة. وحديث جابر المذكور أخرجه الخطيب [5/ 196] في ترجمة أحمد بن هارون المعروف بشيطان الطاق من روايته عن الحسن بن يزيد الجصاص:

ثنا إسماعيل بن يحيى عن سفيان عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد اللَّه قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من أحب قومًا على أعمالهم حشر يوم القيامة في زمرتهم، فحوسب كحسابهم، وإن لم يعمل أعمالهم". 3219/ 8318 - "مَنْ أَحَبَّ الحَسَن وَالحُسَيْن فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي". (حم. هـ. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أن ابن ماجه تفرد به عن الستة والأمر بخلافه، بل خرجه الترمذى أيضًا. قلت: كذب الشارح، فما أخرج أحد من الستة هذا الحديث أصلًا، لا الترمذى ولا غيره (¬1)، وإنما الشارح بهات وقح. والحديث صحيح كما قال الحاكم [3/ 171، رقم 4799] والذهبى وغيرهما. 3220/ 8319 - "مَنْ أَحَبَّ عَلِيا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَن أبْغَضَ عَلِيا فَقَدْ أبْغَضَنِي". (ك) عن سلمان قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبى، ورواه أحمد باللفظ المزبور عن أم سلمة وسنده حسن. قلت: فيه أمور، الأول: أن الحديث صححه المصنف، ونقل الشارح في الكبير عن الحاكم والذهبى أنهما صححاه على شرط البخارى [و] مسلم، ثم رجع في الصغير فقال: إنه حسن جعلًا لما نقله عن حديث أم سلمة في ¬

_ (¬1) بل أخرجه ابن ماجه (1/ 51، رقم 143) كما أشار إلى ذلك السيوطى.

حديث الأصل، وكأنه نظر في آخر ما كتبه في الكبير فرأى قوله: وسنده حسن، فكتبه في الصغير على حديث الأصل من غير تأمل ولا تدبر، وهكذا يصنع في كثير من الأحاديث، وذا منتهى التهور. الثانى: أن أحمد لم يخرج حديث أم سلمة باللفظ المزبور أصلا، وإنما خرج لها حديثين أحدهما قال فيه [6/ 323]: حدثنا يحيى بن أبي بكير ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبد اللَّه الجدلى قال: دخلت على أم سلمة فقالت لى: أيسب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيكم؟ قلت: معاذ اللَّه، قالت: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من سب عليا فقد سبنى"، وهذا الحديث لما ذكره الحافظ الهيثمى -وهو أعظم مراجع الشارح- قال فيه: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، غير أبي عبد اللَّه الجدلى وهو ثقة. ثانيهما قال [6/ 292]: حدثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة ثنا محمد بن فضيل عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن أبي نصر قال: حدثنى مساور الحميرى عن أمه قالت: سمعت أم سلمة -رضي اللَّه عنها- تقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول لعلى: "لا يبغضك مؤمن، ولا يحبك منافق". الثالث: أن الذي خرج حديث أم سلمة بنحو لفظ حديث الكتاب، هو الطبرانى في الكبير ولفظه عنها [232/ 380، رقم 901]: أشهد أنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-[يقول]: "من أحب عليا فقد أحبنى، ومن أحبنى فقد أحب اللَّه، ومن أبغض عليا فقد أبغضنى، ومن أبغضنى فقد أغضب اللَّه". وسنده حسن كما قال الحافظ الهيثمى [9/ 132]، ولا يخفى ما فيه من الزيادة، وأنه ليس باللفظ المزبور كما يقول الشارح. ورواه البزار من حديث أبي رافع بلفظ [3/ 365، رقم 1166]: "من

أبغضه فقد أبغضنى، ومن أبغضنى فقد أبغض اللَّه، ومن أحبه فقد أحبنى، ومن أحبنى فقد أحب اللَّه". وكذلك رواه الطبرانى [1/ 319، رقم 947] من حديثه أيضًا بتقديم "من أحبه فقد أحبنى". ورواه البزار والطبرانى [6/ 239، رقم 6097] من حديث سلمان مختصرًا، ولفظه: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعلى: محبك محبى، ومبغضك مبغضى". وذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب" بمثل رواية الحاكم، وزاد فيه: "من آذى عليًا فقد آذانى، ومن آذانى فقد آذى اللَّه"، وهذا ورد في أحاديث أخرى مستقلا أيضًا. 3221/ 8323 - "مَنْ أحبَّ أنْ يجِد طعْمَ الإيمانِ فليحبَّ المرءَ لا يحبُّهُ إلا للَّه". (هب) عن أبي هريرة قال الشارح: ورجاله ثقات. قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات وليس كما قال، ففيه يحيى بن أبي طالب، أورده الذهبى في ذيل الضعفاء, وقال: وثقه الدارقطنى، وقال موسى بن هارون: أشهد أنه يكذب، وأبو بلج قال البخارى: في حديثه نظر. [قلت] (1): فيه من عجر هذا الرجل وبجره أمور، [الأول] (¬1): أنه انتقد بجهله على الحافظ الهيثمى قوله [1/ 90]: إن رجاله ثقات، ثم رجع فاعتمد ذلك في الصغير. الثانى: أن المصنف عزا الحديث للبيهقى في الشعب [6/ 491، رقم 9017] ¬

_ (¬1) بياض في الأصل.

وذكر متنه، والحافظ الهيثمى عزاه لأحمد والبزار، ومن عرف الشارح أن سندهما هو سند البيهقى في الشعب حتى يتعقبه بمن ذكر، لا سيما ويحيى ابن أبي طالب أصغر من أحمد ومن أقران البزار، فإذا روى البيهقى من طريقه فهو متأخر عنه، بخلاف أحمد والبزار. قال أحمد [2/ 298]: حدثنا محمد بن جعفر وهاشم قالا: حدثنا شعبة أخبرنى يحيى بن أبي سليم سمعت عمرو بن ميمون عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من سره أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا للَّه"، فأين يحيى بن أبي طالب؟! الثالث: وحتى لو كان فيه يحيى بن أبي طالب فهو ثقة كما ستعرف، والشارح حذف من كلام الذهبى، وغير صورته حتى يتمشى مع انتقاده وتعقبه بالباطل، وإليك كلام الذهبى بنصه: يحيى بن أبي طالب جعفر بن الزبرقان قال: محدث مشهور عن يزيد بن هارون وطبقته، وثقه الدارقطنى وغيره، وقال موسى بن هارون: أشهد أنه يكذب عني في كلامه، ولم يعن في الحديث فاللَّه أعلم، والدارقطنى فمن أخبر الناس به اهـ (¬1) فحذف المناوى قول الذهبى وغيره ليبقى أن الدارقطنى وثقه وحده، وحذف منه قوله: إنما عني موسى بن هارون أنه يكذب في كلامه لا في الحديث وحذف منه تعقب الذهبى على موسى بن هارون، بأن الدارقطنى أعرف بيحيى منه، فكلامه مقدم عليه. الرابع: أن الذهبى قال هذا في الضعفاء الذي هو الميزان (¬2)، فما معنى قول ¬

_ (¬1) انظر الميزان (4/ 386، رقم 9547). (¬2) تنبيه: للذهبى المغنى في الضعفاء, وديوان الضعفاء، وهما غير الميزان.

الشارح أورده الذهبى في ذيل الضعفاء إلا الكذب الصراح، فلو كان للذهبى ذيل الضعفاء لاستحال عادة أن يذكر في الذيل نفس الكلام الذي ذكره في المذيل عليه، بل الذيل عادة يكون للتكميل والزوائد على الأصل (¬1). فهل يبقى مع هذا دين أو حيا؟! نسأل اللَّه العافية، [والمصنف] صححه في المتن، وكأنه فهم أنه اعتمد على تصحيح الهيثمى، فأراد أن ينقضه من أصله. الخامس: أن أبا بلج وإن قال البخارى: فيه نظر فقد احتج به الأربعة، وقال ابن معين وابن سعد والنسائى والدارقطنى والجوزجانى وأبو الفتح الأزدى وابن حبان: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث لا بأس به، وقال يعقوب بن سفيان: كوفى لا بأس به وهذا هو الثقة، بل من هو دونه يكون من رجال الصحيح، فضلا عن هذا. السادس: أن الحديث خرجه جماعة، ولم يتعرض لذكر واحد منهم الشارح، وسيعيده المصنف بلفظ: "من سره"، وهناك نذكر بقية مخرجيه إن شاء اللَّه. 3222/ 8324 - "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبسَطَ لَهُ في رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ في أثَرِهِ فَلْيَصِل رَحِمَهُ". (ق. د. ن) عن أنس (حم. خ) عن أبي هريرة قلت: سكت الشارح ولم يزد في تخريجه على ما ذكره المؤلف، وقد خرجه جماعة كثيرة، قال حميد بن زنجويه: ¬

_ (¬1) للذهبى ذيل على كتاب في الضعفاء لابن الجوزى، فقد قال في مقدمة كتابه الميزان (1/ 2): "وصنف أبو الفرج ابن الجوزى كتابا كبيرًا في ذلك -يعنى في الضعفاء- كنت قد اختصرته أولًا، ثم ذيلت عليه بعد ذيل" اهـ.

ثنا عبد اللَّه بن صالح حدثنى الليث بن سعد حدثنى عقيل عن ابن شهاب أخبرنى أنس بن مالك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال مثله. وقال النسائى في الكنى: ثنا محمد بن عبد الملك قال: ثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار المصرى أنبأنا نافع بن يزيد عن ابن الهاد أن محمد بن إبراهيم حدثه عبد اللَّه بن عبد الرحمن ابن أبي حبيش عن عطاء بن أبي رباح عن أنس به. وقال الطحاوى في مشكل الآثار [8/ 80، رقم 3070]: حدثنا يونس ثنا ابن وهب أخبرنى يونس عن ابن شهاب عن أنس بن مالك به (¬1). وقال الحسن بن سفيان في الأربعين: حدثنا هدبة بن خالد وعبد الواحد بن غياث قالا: حدثنا حزم بن أبي حزم القطعي قال: سمعت ميمون بن سيان يحدث عن أنس به، ولفظه: "من أحب أن يمد له في عمره، ويزاد له في رزقه فليتق اللَّه وليصل رحمه". وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 244]: حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا أبو بكر بن محمد بن عبد اللَّه بن عثمان المكتب ثنا عباد بن الوليد الغبرى ثنا إبراهيم بن شماس ثنا مسلم بن خالد عن ابن أبي حسين قال: قال أنس بن مالك: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من سره أن يعظم اللَّه رزقه، وأن يمد في أجله فليصل رحمه". ورواه في الحلية بزيادة ذكر: "البر" فقال [3/ 107]: حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم القاضى ثنا أحمد بن أبي طلابة (¬2) ثنا ¬

_ (¬1) بلفظ: "من سره أن يبسط اللَّه رزقه. . . ". (¬2) في المطبوع من الحلية: أحمد بن أبي صلابة.

مسدد ثنا حزم بن أبي حزم عن ميمون بن سيان قال: سمعت أنسًا يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من سره أن يمد له في عمره، ويبارك له في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه". وبهذا اللفظ رواه الثقفى في الثقفيات، وهو ثانى حديث في الأول منه فقال: حدثنا هلال الحفار ثنا الحسين بن يحيى القطان ثنا أبو الأشعث ثنا حزم بن أبي حزم به مثله. ورواه أيضًا الدولابى في الكنى [1/ 108] والبغوى في التفسير وجماعة. وحديث أبي هريرة رواه البخارى أيضًا في الأدب المفرد [ص 36، رقم 57]. وفي الباب عن على وثوبان، قال ابن قتيبة في "عيون الأخبار": حدثنى أحمد بن الخليل ثنا إبراهيم بن موسى ثنا محمد بن ثور عن معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن على عليه السلام عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه فليصل رحمه". وقال البخارى في التاريخ الكبير [1/ 174، 175]: حدثنى محمد بن أبي بكر عن يوسف بن يعقوب سمع ميمون بن عجلان عن محمد بن عباد عن ثوبان عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من سره النساء في الأجل، والزيادة في الرزق فليصل رحمه". 3223/ 8326 - "مَنْ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنَ الشَّهْرِ، وَتِسْعَ عَشْرَةَ، وَإِحْدَى وَعِشْرينَ كَانَ لَهُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ". (د. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبى، لكن ضعفه

ابن القطان، فإنه من رواية سعيد الجمحى عن سهيل عن أبيه، وسهيل وأبوه مجهولان. قلت: حاشا وكلا ومعاذ اللَّه أن يقول ابن القطان الحافظ هذا الباطل أو ينطق به، وهو يعلم أن سهيل بن أبي صالح وأباه أشهر من نار على علم عند أهل الحديث، بل وعند كل من شم للحديث رائحة أو قرأ موطأ مالك أو صحيح مسلم، فإنه يرى فيهما الرواية عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه بكثرة جدًا، فكيف لو راجع كتب الرجال؟! فلينظر ماذا قال ابن القطان، وأنا أجزم بأن ابن القطان لا يرى في النوم كأن قائلا يقول: سهيل بن أبي صالح وأبوه مجهولان، فضلا عن أن يقول هو ذلك في اليقظة. ثم قال في الكبير أيضًا: لكن ذكر جدى في تذكرته أن شيخه الحافظ العراقى أفتى بأن إسناده صحيح على شرط مسلم. قلت: وهذا واضح لا يحتاج إلى فتوى العراقى ونقل جدك في تذكرته، فرجال الحديث كلهم رجال مسلم. ثم قال: وقال ابن حجر في الفتح [10/ 150]: هذا الحديث خرجه أبو داود [4/ 4، رقم 3861] من رواية سعيد بن عبد الرحمن الجمحى عن سهيل بن أبي صالح، وسهيل وثقه أكثر، ولينه بعضهم من قبل حفظه. قلت: لا أدرى لم لا يصف الحافظ ابن حجر بالحافظ كما يصف به جده من قبل الأم الحافظ العراقى؟ ثم إن الحافظ لم يقل: وسهيل وثقه الأكثر. . . إلخ، بل قال: وسعيد وثقه أكثر. . . إلخ. أما سهيل فأشهر من أن يتكلم عليه، وإن كان هو أيضًا فيه مقال، فلو ترك

التأليف لأحسن إلى نفسه وإلى الناس باراحتهم من أخطائه الخارجة عن الحد. 3224/ 8327 - "مَنْ احْتَجَمَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنَ الشَّهْرِ كَانَ دَوَاءً لِدَاءِ سنة". (طب. هق) عن معقل بن يسار قال في الكبير: قال الذهبى في المهذب: فيه سلام الطويل وهو متروك اهـ. وفيه زيد العمى ضعيف، ورواه ابن حبان في الضعفاء من حديث أنس، قال الحافظ العواقى: وإسنادهما واحد، لكن اختلف على راويه في الصحابى، وكلاهما فيه زيد العمى وهو ضعيف اهـ، وفي الباب خبر جيد، وهو خبر البيهقى أيضًا عن أنس مرفوعًا: "من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر أخرج اللَّه منه داء سنة"، قال الذهبى في المهذب: إسناده جيد مع نكارته. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن قائل سلام الطويل متروك هو البيهقى نفسه والذهبى إنما نقل كلامه، ونص كلام البيهقى [9/ 340]: وروى سلام الطويل وهو متروك عن زيد العمى عن معاوية بن قرة عن معقل ابن يسار عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: "من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر كان دواء لداء سنة"، أخبرناه أبو سعد المالينى أنبأنا أبو أحمد بن عدى الحافظ ثنا أبو خليفة ثنا أبو الربيع الزهرانى ثنا سلام الطويل، فذكره. ولهذا قال الذهبى في المهذب على طريقته في التعليق: سلام الطويل -وهو متروك- عن زيد العمى. . . إلخ، الإسناد والحديث. ثانيهما: قوله: وفي الباب خبر جيد. . . إلخ، خبط وتخليط، فإن الحديث واحد وسنده واحد كما نقله هو نفسه عن العراقى، وذلك أن البيهقى قال [6/ 340] عقب ما سبق عنه متصلا به ما نصه: وروى عن زيد، كما أخبرنا على بن أحمد بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد ثنا أحمد بن يحيى

الحلوانى ثنا أبو معمر ثنا هشيم عن زيد العمى عن معاوية بن قرة عن أنس رفعه قال: "من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من الشهر أخرج اللَّه منه داء سنة"، فقال الذهبى في المهذب: هشيم عن زيد العمى عن معاوية بن قرة عن أنس رفعه، فذكر الحديث، ثم قال: رواه أبو معمر عنه وإسناده جيد مع نكارته اهـ. ومراد الذهبى أن الحديث رواه عن زيد العمى رجلان أحدهما: سلام الطويل وهو متروك، فقال: عنه عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار، والثانى: هشيم عنه عن معاوية بن قرة عن أنس، وهذا الثانى الذي فيه عن أنس إسناده إلى زيد العمى جيد, لأنه ليس فيه سلام الطويل، ولكنه مع ذلك منكر لضعف زيد العمى الذي يرجع إليه الحديث سواء من رواية معقل بن يسار، أو من رواية أنس، فلم يفهم الشارح كلام الذهبى فأتى بهذا التخليط والخطأ الفاحش وهو قوله: وفي الباب خبر جيد. . . إلخ، مع أنه قدم عن الحافظ العراقى أن ابن حبان خرج حديث أنس المذكور، وأنه ضعيف، وقد خرجه ابن حبان في ترجمة زيد العمى من الضعفاء ولفظ [1/ 309]: زيد العمى وهو زيد بن الحوارى كنيته أبو الحوارى، يروى عن أنس ومعاوية بن قرة، روى عنه الثورى وشعبة، وكان قاضيا بهراة، يروى عن أنس أشياء موضوعة لا أصول لها حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، وكان يحيى يمرض القول فيه، وهو عندى لا يجوز الاحتجاج بخبره ولا كتب حديثه إلا للاعتبار، قال: وهو الذي روى عن معاوية بن قرة عن أنس -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من احتجم يوم الثلاثاء" الحديث، أخبرناه الحسين بن إسحاق الأصبهانى بالكرخ: ثنا محمد بن حرب النسائى ثنا يزيد بن هارون ثنا محمد بن الفضل عن زيد العمى به.

قلت: وقد أورده ابن الجوزى في الموضوعات [3/ 215] من عند ابن حبان، لكنه لم يعله يزيد العمى، بل بمحمد بن الفضل الراوى عنه، وقال: إنه كذاب فلم يصب, لأن محمد بن الفضل تابعه عليه في روايته عن زيد العمى رجلان، وهما: سلام الطويل، وهشيم، فبرئ محمد بن الفضل من عهدته، ولم يبق إلا زيد العمى وهو مختلف فيه، فقد وثقه جماعة وأثنوا عليه واحتج به أهل السنن. 3225/ 8328 - "مَن احْتَجَمَ يَوْمَ الأَرْبعَاءِ أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ فَرأَى فِي جَسَدِهِ وضَحًا فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ". (ك. هق) عن أبي هريرة قال الشارح: وإسناده صحيح. وقال في الكبير: وهذا رواه أحمد، وكأن المصنف أغفله سهوًا، وقال الحاكم: صحيح، فرده الذهبى في التلخيص بأن فيه سليمان بن أرقم، متروك، وقال في المهذب: سليمان واه، والمحفوظ مرسل وأورده ابن الجوزى في الموضوعات, وذكره في اللسان من حديث ابن عمرو قال: قال ابن حبان: ليس هو من حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: فيه أمور، الأول: قوله في الصغير: وإسناده صحيح بعد نقله وتعقب الذهبى على تصحيح الحاكم [4/ 409، 410، رقم 8256]، وبيان أن فيه سليمان بن أرقم وهو متروك، تلاعب ظاهر. الثانى: قوله: كذا رواه أحمد. . . إلخ، كذب ظاهر لا خفاء به، فأحمد لم يخرجه أصلا، والشارح عمدته في أحاديث أحمد مجمع الزوائد، وقد عزاه فيه للبزار (¬1)، وقال: فيه سليمان بن أرقم أيضًا، ولم يذكر أحمد. ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (3/ 388، رقم 3022).

الثالث: قد ذكر أن ابن الجوزى أورده في الموضوعات [3/ 212]، وهو ما وقف إلا على اللآلئ المصنوعة للمؤلف، وقد رآه أورد من طرق هذا الحديث وشواهده ما أبهته وأخرسه، فلم يضر إلى تعقب المصنف على ابن الجوزى، لكنه يفعل ذلك إذا لم يكن للحديث طرق وشواهد، فعند ذلك يقول: وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل على عادته، هكذا يقول على عادته. 3226/ 8330 - "مَنِ احْتَكَرَ عَلَى المسْلِمينَ طَعامَهُمْ ضَربَهُ اللَّه بالجذَامِ والإِفْلَاسِ". (حم. هـ) عن عمر قال في الكبير: قال المؤلف في مختصر الموضوعات: رجال ابن ماجه ثقات. قلت: وقع من أوهام الشارح في هذا الحديث أمور، الأول: أنه جعل في كل من الشرحين الحديث من حديث ابن عمر، وزاد في الكبير "ابن الخطاب" رفعًا لإيهام أنه ابن عمرو بن العاص على عادته، والحديث إنما هو لعمر، وكذلك هو في المتن. الثانى: أنه زاد في الكبير عزوه للحاكم [2/ 12]، فأدخل رمزه في المتن كأن المؤلف هو الذي فعل ذلك، والواقع أن المتن ليس فيه إلا رمز أحمد وابن ماجه؛ لأن الحاكم لم يخرج هذا الحديث. الثالث: تخصيصه ابن ماجه بالنص على أن رجاله ثقات، يوهم أن رجال أحمد [1/ 21] ليس كذلك، مع أن سند الحديث عندهما واحد، فكلاهما روياه من طريق الهيثم بن رافع عن أبي يحيى المكى عن فروخ مولى عثمان بن عفان عن عمر، والمؤلف في اللآلئ المصنوعة لم يعزه إلا إلى ابن ماجه [2/ 728، رقم 2155] وحده، وقال: رجاله ثقات، وهو تابع في ذلك للحافظ، فإنه عزاه كذلك لابن ماجه وحده في القول المسدد، وقال: رواته ثقات، وعبر في الفتح بقوله: إسناده حسن.

قلت: والحديث رواه أيضًا أبو داود الطيالسى إلا أنه قال [ص 11، 12، رقم 56]: ثنا الهيثم بن رافع ثنا أبو يحيى المكى عن عمر بن الخطاب، فأسقط من الإسناد فروخ مولى عثمان. ورواه البخارى في "التاريخ الكبير" [8/ 217] في ترجمة الهيثم بن رافع، إلا أنه وقع في الأصل المطبوع عن فروخ مولى عثمان سمع عثمان وهو تحريف والصواب عمر، وقال في المتن: "من احتكر على المسلمين من طعام ضربه اللَّه بجذام أو بلاءً" وكلهم ذكروه مختصرًا إلا أحمد، فإنه جوده وذكر فيه سبب تحديث عمر به، ولفظه [1/ 21] عن فروخ مولى عثمان أن عمر رضي اللَّه عنه وهو يومئذ أمير المؤمنين خرج إلى المسجد فرأى طعامًا منثورا فقال: ما هذا الطعام؟ فقالوا: طعام جلب إلينا، قال: بارك اللَّه فيه وفيمن جلبه، قيل: يَا أمير المؤمنين فإنه قد احتكر قال: ومن احتكره؟ قالوا: فروخ مولى عثمان وفلان مولى عمر، فأرسل إليهما فدعاهما، فقال: ما حملكما على احتكار، طعام المسلمين؟ قالا: يَا أمير المؤمنين نشترى بأموالنا ونبيع، فقال عمر: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه اللَّه بالإفلاس أو بجذام"، فقال فروخ عند ذلك: يَا أمير المؤمنين أعاهد اللَّه وأعاهدك أن لا أعود في طعام أبدا، وأما مولى عمر فقال: إنما نشترى بأموالنا ونبيع، قال أبو يحيى: فلقد رأيت مولى عمر مجذومًا. 3227/ 8331 - "مَن احْتكَرَ حَكْرَةً يُرِيدُ أنْ يُغْلى بِهَا عَلَى المُسْلِمِينَ فَهُوَ خَاطِئٌ، وَقَدْ بَرِئتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ". (حم. ك) عن أبي هريرة قال الشارح: قال البيهقى: حديث منكر.

وقال في الكبير: رواه الحاكم في البيع من حديث محمد بن هانئ عن إبراهيم ابن إسحاق الغسيلى عن عبد الأعلى بن حماد النرسى عن حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وتعقبه الذهبى بأن الغسيلى كان يسرق الحديث كذا ذكره في التلخيص، وقال في المهذب: حديث منكر تفرد به إبرهيم الغسيلى وكان يسرق الحديث. قلت: فيه أمور، الأول: أن البيهقى لم يقل عن الحديث أنه منكر ولا تكلم عليه أصلا. الثانى: أنه نفسه نقل ذلك في الكبير عن الذهبى في المهذب، ثم نسبه في الصغير إلى البيهقى. الثالث: أنه تعرض لسند الحاكم [2/ 12، رقم 2166]، وسكت عن سند أحمد [2/ 351]، مع أن مجمع الزوائد من أعظم المراجع التي يعتمد عليه، وأكثر ما ينقله في الكلام على الأحاديث منها، وقد قال الحافظ الهيثمى فيه: ورواه أحمد وفيه أبو مسعر وهو ضعيف وقد وثق اهـ. ولكنه تعامى عن هذا وتغافل عنه حتى يظهر خطأ المصنف في رمزه للحديث بعلامة الحسن. 3228/ 8332 - "مَن احْتكَرَ طَعَامًا عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَتَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ". ابن عساكر عن معاذ قال الشارح: بإسناد واه. وقال في الكبير: رواه ابن عساكر في "التاريخ" عن أبي القاسم السمرقندى عن محمد بن على الأنماطى عن محمد الدهان عن محمد بن الحسن عن خلاد ابن محمد بن هانئ الأسدى عن أبيه عن عبد العزيز بن عبد الرحمن البالسى عن خصيف عن سعيد بن جبير عن معاذ بن جبل، ورواه الديلمى في مسند

الفردوس عن على، والخطيب في "التاريخ" عن أنس، وجعل ابن الجوزى أحاديث الاحتكار من قبيل الموضوع، وهو مدفوع كما بينه العراقى وابن حجر. قلت: فيه أمور، الأول: أنه قال في الصغير عن الحديث: إنه واه، ولم يبين مستنده في ذلك لا فيه ولا في الكبير، فهو مما رمى به جزافا بدون دليل. الثانى: قوله: وجعل ابن الجوزى أحاديث الاحتكار من قبيل الموضوع، يفيد أنه ذكر جميع ما ورد في الاحتكار، وليس كذلك، فإنما أورد منها أربعة أحاديث [2/ 242]، وبقيت أحاديث أخرى لم يذكرها، منها ما هو في صحيح مسلم، ومنها ما هو صحيح أو حسن، وإن لم يكن مخرجًا في الصحيح. الثالث: قوله: وهو مدفوع كما بينه العراقى وابن حجر، يوهم أنهما تعقباه على جميع ما ذكره من أحاديث الاحتكار، والواقع أنهما تعقباه على جميع ما ذكره من أحاديث الاحتكار، والواقع أنهما تعقباه على الحديث الذي أخرجه أحمد في ذلك، وهو موضوع تأليفيهما في "الذب عن مسند أحمد"، أما الأحاديث الباقية فتعقبه عليها المؤلف الذي من كتابه ينقل الشارح، وفيه رأى كلام العراقى وابن حجر، ومنه استفاد كل ما ذكره من الأسانيد، وغير ذلك فإن ابن الجوزى [2/ 43] أورد حديث أنس من عند الخطيب بلفظ [8/ 382]: "من حبس طعامًا أربعين يومًا، ثم أخرجه فطحنه وخبزه وتصدق به لم يقبله اللَّه منه"، ثم أعله بدينار وقال: روى عنه أشياء موضوعة، فتعقبه المؤلف بأنه ورد من حديث معاذ، ثم ذكره من عند ابن عساكر بالسند الذي نقله الشارح وحرفه ثم قال: وورد أيضًا من حديث على أخرجه الديلمى ثم ذكر سنده ومتنه "من احتكر طعامًا أربعين يومًا على المسلمين، ثم تصدق به لم يكن له كفارة" فما علم الشارح شيئًا إلا من طريق المصنف، ولا استفاد إلا من علمه وكتبه، ثم هو معه كما ترى.

3229/ 8333 - "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُو رَدٌّ". (ق. د. هـ) عن عائشة قال الشارح: ما جرى عليه المؤلف من جعل ذلك في المتفق عليه، تبع فيه العمدة، وتعقبه الزركشى بأن النووى في أربعينه عزاه لمسلم خاصة، وصرح عبد الحق في جمعه بين الصحيحين، بأن البخارى لم يخرجه، لكن فيه من أثناء حديث معلقا "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". قلت: كل ما سود به الشارح كتابه لا أصل له، قال البخارى في صحيحه في كتاب "الصلح"، باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود [3/ 241، رقم 2697]: حدثنا يعقوب ثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن القاسم بن محمد عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". رواه عبد اللَّه بن جعفر المخرمى وعبد الواحد بن أبي عون عن سعد بن إبراهيم، وبهذا سقط جميع ما هذى به الشارح. 3230/ 8337 - "مَنْ أَحْسَنَ الصَّلاةَ حَيْثُ يَرَاهُ النَّاسُ، ثُمَّ أَسَاءَهَا فَتِلْكَ اسْتِهَانَةٌ اسْتَهَانَ بِهَا رَبَّهُ". (عب. ع. هب) عن ابن مسعود قلت: قال أبو يعلى [9/ 54، رقم 5117]: ثنا محمد بن إبراهيم بن أبي بكر المقدمى ثنا محمد بن دينار (ح). وقال البيهقى في السنن [2/ 290]: أخبرنا محمد بن عبد اللَّه الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الحسن بن على بن عفان العامرى ثنا حسين بن على الجعفى عن زائدة (ح).

وقال القضاعى في "مسند الشهاب" [1/ 304، رقم 505]: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر الصفار ثنا أبو الحسين أحمد بن عبد اللَّه بن على بن إسحاق الناقد ثنا أحمد بن محمد الحاطبى ثنا إبراهيم بن مهدى ثنا على بن مسهر (ح) وقال ابن النقور في "فوائده": أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت ثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهادي ثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومى ثنا عبد اللَّه ابن الوليد ثنا شفيق كلهم عن إبراهيم الهجرى عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه ابن مسعود به، وإبراهيم الهجرى تكلم فيه بدون حجة وأحاديثه مستقيمة كما قال ابن عدى، ولهذا حسنه الحافظ المنذرى حيث صدره بـ "عن"، قال: ورواه من هذا الطريق ابن جرير الطبري مرفوعًا أيضًا، وموقوفًا على ابن مسعود، وهو أشبه. 3231/ 8339 - "مَنْ أَحْسَنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّه كَفَاهُ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِيَّتهُ". (ك) في تاريخه عن ابن عمرو قلت: ورواه الدولابى في الكنى والأسماء [2/ 77] من وجه آخر فقال: حدثنا يحيى بن عثمان ثنا عبد اللَّه بن صالح حدثنى الليث حدثنى حكيم بن عبد الرحمن الأنصارى البصرى أبو غسان أنه سمع الحسن بن أبي الربيع يقول: بلغنا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من عمل لآخرته كفاه اللَّه دنياه، ومن أحسن فيما بينه وبين اللَّه كفاه اللَّه ما بينه وبين الناس، ومن أحسن سريرته أحسن اللَّه علانيته".

3232/ 8342 - "مَنْ أَحْيَا اللَّيَالِي الأَرْبَعَ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ: لَيْلَةُ التَّرْوِيَةِ، وَلَيْلَةُ عَرَفَةَ، وَلَيْلَةُ النَّحْرِ، وَلَيْلَةُ الفِطْرِ". ابن عساكر عن معاذ قلت: وأخرجه أيضًا الكنجروذى، قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن بشير أخبرنا أبو لبيد محمد بن إدريس ثنا سويد بن سعيد ثنا عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن وهب بن منبه عن معاذ بن جبل به مثله، وعبد الرحيم بن زيد العمى، متروك. 3233/ 8344 - "مَنْ أَحَيَا أَرْضًا ميِّتةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ". (حم. د. ت) والضياء عن سعيد بن زيد قال في الكبير: وكذا النسائى في الإحياء، خلافًا لما يوهمه صنيع المصنف من تفرد ذينك به من بين الستة. قلت: كذب الشارح، فإن النسائى لم يخرجه في المجتبى وهو السنن الصغرى المعدود من الكتب الستة أصلا، وإن خرجه ففي الكبرى وهى خارجة عن الكتب الستة، والشارح يعلم هذا. ثم إن الحديث رواه عروة بن الزبير على أوجه، فمرة قال: عن سعيد بن زيد كما هنا، وهو من رواية عبد الوهاب الثقفى عن أيوب عن هشام بن عروة عن أَبيه عن سعيد، قال البزار بعد أن رواه من هذا الوجه أيضًا: لا نعلم أحدًا قال: عن هشام بن عروة عن أبيه إلا عبد الوهاب. ورواه أبو يوسف في الخراج، وأبو يعلى [2/ 957، 3/ 1805، 4/ 2195] من طريق أبي أويس، وابن الأعرابى من طريق ابن الأجلح، ثلاثتهم عن هشام بن عروة عن أبيه فقال: عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتابعه الزهرى عن

عروة على هذا القول أيضًا، أخرجه أبو داود الطيالسى [203، 204، رقم 1440] عن زمعة عن الزهرى به. ورواه الدارقطنى [4/ 217] والبيهقى [6/ 142] من طريق أبي داود الطيالسى، وقال أبو حاتم في العلل [1/ 474، رقم 1422]: إنه منكر، إنما نرويه من غير حديث الزهرى عن عروة مرسلا، كذا قال: وهو مردود عليه. ورواه الطبرانى في "الأوسط" [1/ 190، رقم 601] من طريق مسلم بن خالد الزنجى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمرو، ورواه فيه أيضًا [7/ 200، رقم 7267] من طريق ابن أبي مليكة عن عروة بن الزبير فقال: عن عبد الملك بن مروان عن أبيه (¬1). ورواه جماعة عن عروة مرسلا، منهم ابناه هشام ويحيى بن أبي مليكة أيضًا، فرواية هشام رواها عنه مالك وسفيان بن عيينة وقيس بن الربيع ويزيد بن عبد العزيز وعبد اللَّه بن إدريس، ورواية يحيى بن هشام رواها عنه ابن إسحاق، ورواية ابن أبي مليكة رواها عنه نافع بن عمر، وقد ذكرت الأسانيد إليهم في "وشى الإهاب" وغيره، ثم إن في الباب عن جماعة منهم جابر وفضالة بن عبيد وسمرة وعمرو بن عوف وعبادة بن الصامت وابن عمر وأبو أسيد، وذكر طرق الجميع يطول، إلا أنى أذكر حديث ابن عمر لقرابته. قال الحاكم في تاريخ نيسابور في ترجمة الحسن بن محمد بن نصر: قدم نيسابور سنة 337، وكان يحدث عن الكديمى وأقرانه بعجائب فمنها: حدثنا محمد بن يونس ثنا الأصمعى قال: كنت عند أمير المؤمنين الرشيد إذ ¬

_ (¬1) رواه من طريق عروة، عن عائشة، وليس فيه ذكر لعبد الملك بن مروان، عن أَبيه. وانظر مجمع البحرين (4/ 110، رقم 2178، 2179).

دخل عليه الفضل بن الربيع فقال: حسبك يا أمير المؤمنين بلطيفة، قال: وما هي؟ قال: عندى جاريتان؟ إحداهما مكية، والأخرى مدنية جلستا تغمزانى فهيجتاه على، فقامت المكية فجلست عليه، فقالت المدنية ما أنصفتنى: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر رفعه "من أحيا أرضًا ميتة فهي له"، فقالت المكية: فإن ابن عيينة حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر رفعه "ليس الصيد لمن أثاره، وإنما الصيد لمن اصطاده"، قال الحافظ في اللسان، وهذا لا يحتمله الكديمى، وإن كان ضعيفًا. قلت: وقد وردت من طريق آخر من غير رواية هذا، والحديثان فيها بسندين آخرين، قال أبو الفرج الأصبهانى [في] "الأغانى": روى أحمد بن أبي طاهر عن إسحاق يعنى الموصلى، قال: وجه الرشيد إلى ذات الخال ليلة، وقد مضى شطر الليل، فحضرت فأخرج إليه جارية، كأنها المهاة، فأجلسها في حجره، ثم قال: غنى فغنته، فاستحسنه وشرب عليه، ثم استؤذن للفضل بن الربيع، فأذن له، فلما دخل قال: ما وراءك في هذا الوقت؟ قال: كل خير يا أمير المؤمنين، ولكن جرى لي الساعة سبب لم يجز لي كتمانه قال: وما ذاك؟ قال: أخرج لي في هذا الوقت ثلاث جوار لي مكية ومدنية وعراقية، فقبضت المدنية على ذكرى فلما أنعظ وثبت المكية، فقعدت عليه، فقالت لها المدنية: ما هذا التعدى؟، ألم تعلمى أن مالكًا حدثنا عن الزهرى عن عبد اللَّه بن ظاهر عن سعيد بن زيد أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أحيا أرضًا ميتة فهي له؟ " فقالت الأخرى: أو لم تعلمى أن سفيان حدثنا عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الصيد لمن صاده، لا لمن أثاره"؟ فدفعتهما العراقية عنه ووثبت عليه وقالت: هذا لي وفي يدى حتى تصطلحا، فضحك الرشيد

وأمر بحملهن إليه، ففعل وحظين عنده، وفيهم يقول: ملك الثلاث الآنسات عنانى ... وحللن من قلبي بكل مكان ولما ذكر صاحب الهداية حديث: "الصيد لمن أخذه"، قال الحافظ في "الدراية": لم أجد له أصلا، وأما ما ذكره ابن حمدون في "التذكرة الأدبية" له أن إسحاق الموصلى قال: دخل الفضل بن الربيع على الرشيد، فذكر قصة فيها أن بعض جواريه قالت، فذكر الحديثين، فالحديث الأول لا أصل له بهذا الإسناد ولا بغيره، وأما الثانى: فقد تقدم من وجه آخر عن سعيد بن زيد وغيره، والحكاية مصنوعة اهـ. 3234/ 8346 - "مَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي في الجَنَّةِ". السجزى عن أنس قال في الكبير: وفيه خالد بن أنس، قال في "الميزان": لا يعرف، وحديثه منكر جدًا، ثم ساق هذا الخبر وأعاده في محل آخر وقال: خالد بن أنس لا يعرف حالة وحديثه منكر جدًا، ثم ساق هذا بحروفه ثم قال: رواه بقية عن عاصم بن سعيد، وهو مجهول عنه. . . إلخ. قلت: الذهبى لم يكرر ذكره في الميزان بل ذكره مرة واحدة، وإنما الحافظ استدرك عليه عاصم بن سعيد، وقال: روى عن خالد بن أنس، من شيوخ بقية، قال العقيلى في ترجمة شيخه: مجهول بالنقل، وقال الأزدى: عاصم بن سعيد المازنى الشامى: غير حجة، وهو مجهول اهـ. قلت: والحديث أخرجه أيضًا ابن شاهين في "الترغيب" قال [ص 406، رقم 527]:

حدثنا عبد اللَّه بن محمد البغوى ثنا داود بن رشيد ثنا بقية بن الوليد عن عاصم ابن سعيد حدثنى ابن لأنس بن مالك عن أنس به مثله، هكذا قال: ابن لأنس، ولم يصرح باسمه. 3235/ 8347 - "مَنْ أَخَافَ أَهْلَ المَدِينَةِ أَخَافَهُ اللَّهُ". (حب) عن جابر قال في الكبير: وزاد أحمد في روايته: "وعليه لعنة اللَّه وغضبه إلى يوم القيامة، لا يقبل منه صرف ولا عدل" اهـ بنصه. ثم قال: وهذا الحديث رواه الطبرانى في "الكبير"، وزاد على ذلك بسند حسن ولفظه: "من أخاف أهل المدينة أخافه اللَّه يوم القامة، ولعنه اللَّه وغضب عليه، ولم يقبل منه صرفا ولا عدلا"، ثم قال بعد رمز ابن حبان عن جابر وسعيد أن أميرًا من أمراء الفتنة قدم المدينة، وكان ذهب بصر جابر، فقيل لجابر: لو تنحيت عنه، فخرج يمشى بين ابنية فنكب، فقال: تعس من أخاف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال ابناه كيف وقد مات؟! قال: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول" فذكره. قال السمهودى: بسر بن أرطأة أرسله معاوية بعد تحكيم الحكمين في جيش إلى المدينة فعاث فأفسد. قلت: يأتى الكلام عليه في الذي بعده. 3236/ 8348 - "مَنْ أَخَافَ أَهْلَ المَدِينَةِ فَقَدْ أَخَافَ مَا بَيْنَ جَنْبَيَّ". (حم) عن جابر قال الشارح: ورجاله رجال الصحيح.

وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه محمد بن حفص الرصافى، ضعيف اهـ. قلت: لقد أتى الشارح في الكلام على هذين الحديثين بتخاليط كثيرة، الأول: قوله: وزاد أحمد في روايته "وعليه لعنة اللَّه وغضبه". . . إلخ، فإن أحمد لم يخرج هذا الحديث، وإنما خرج الحديث الذي بعده بلفظ [3/ 354، 393]: "فقد أخاف ما بين جنبى"، فقوله: انتهى بنصه (¬1)، كذب. الثانى: قوله: وهذا الحديث رواه الطبرانى في الكبير، وزاد على ذلك بسند حسن. . . إلخ، تكرار من جهة وتناقض من جهة، لأنه قدم عزوه لأحمد، ثم أعاد عزوه للطبرانى بذلك اللفظ. الثالث: أن الطبرانى خرجه بنحو هذا اللفظ [7/ 144، رقم 6637] من حديث السائب بن خلاد لا من حديث جابر بن عبد اللَّه فهما حديثان، فكان يجب عليه ذكر صحابى الحديث رفعًا لإيهام أنه حديث واحد من رواية جابر بن عبد اللَّه (¬2). الرابع: أن الحديث رواه الطبرانى في الكبير من جهتين في أحدهما: موسى ابن عبيدة الربذى [7/ 144، رقم 6637] وهو ضعيف، وفي الآخر ¬

_ (¬1) يعنى الحديث السابق، وقد أخرجه أحمد في مسنده (4/ 55، 56) من حديث السائب بن خلاد، وروى فيه الزيادة التي ذكرها المناوى بتمامها. (¬2) لم يذكر المناوى صحابى الحديث، لأن رواية أحمد والطبرانى من حديث السائب ابن خلاد، فهما حديث واحد.

[7/ 144، رقم 6636] (¬1) من لم يعرفه الحافظ الهيثمى، والشارح زعم أن سنده حسن. الخامس: أن الحديث قد ورد بذلك اللفظ من حديث جابر، لكن عند الطبرانى قال الدولابى في الكنى [1/ 132]: حدثنا أبو عمران موسى بن سهل حدثنى محمد بن عبيد اللَّه أبو ثابت حدثنى محمد بن صالح بن قيس بن الأزرق عن مسلم بن أبي مريم عن على بن عبد الرحمن العامرى عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أخاف أهل المدينة فعليه لعنة اللَّه وغضبه، لا يقبل اللَّه منه صرفا ولا عدلا". ورواه البخارى في "التاريخ الكبير" مختصرًا فقال [(1/ 117)، (3/ 186)]: قال محمد بن عبد اللَّه: حدثنا محمد بن صالح، فذكره بنفس السند وقال في المتن: "من أخاف أهل المدينة فعليه لعنة اللَّه". السادس: قوله عقب الحديث الأول: سببه أن أميرًا من أمراء الفتنة قدم المدينة. . . إلخ، هو سبب ورود الحديث الثانى الذي خرجه أحمد بلفظ: "فقد أخاف ما بين جنبى"، لا الحديث الأول. قال أحمد [3/ 354]: حدثنا على بن عياش ثنا محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن جابر بن عبد اللَّه أن أميرًا من أمراء الفتنة قدم المدينة، وكان قد ذهب بصر جابر، فقيل ¬

_ (¬1) رواه بلفظ: "اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفهم. . . "

لجابر: لو تنحيت عنه، فخرج يمشى بين أبنيه فنكب، فقال: تعس من أخاف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال إبناه أو أحدهما: يا أبت، وكيف أخاف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد مات؟ قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: من "أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنى". السابع: أنه قال عن الحديث الثانى في المتن الذي هو هذا: رجاله رجال الصحيح، وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه محمد بن حفص الرصافى ضعيف، والحافظ الهيثمى لم يقل ذلك، بل قال: رجاله رجال الصحيح، وقد رأيت سنده وأنه ليس فيه هذا الاسم، وإنما هو على بن عياش عن محمد ابن مطرف عن زيد بن أسلم عن جابر، فكيف يتصور أن يذكر الهيثمى عن السند من ليس فيه؟! 3237/ 8350 - "مَنْ أَخَذَ السَّبعَ فَهُوَ حَبْرٌ". (ك. هب) عن عائشة قلت: هو بالحاء المهملة والباء الموحدة أى من حفظ السبع كان معدودا من الأحبار العلماء، وهكذا بالحاء المهملة في مسند أحمد وغيره من الأصول الصحيحة المعتمدة، وحرفه الشارح بالخاء المعجمة والياء التحتانية، وقال في الشرح: أى فذلك خير كبير يعنى به كثرة الثواب عند اللَّه، وزاد في الكبير كلمة له يسجل التصحيف، بل أدرجه في متن الحديث، فقال: "من أخذ السبع فهو خير له"، ثم سكت عنه في الشرحين، مع أن الهيثمى وهو من أهم مراجعه قال: رواه أحمد والبزار، ورجال البزار رجال الصحيح، غير حبيب بن هند الأسلمى وهو ثقة، ورواه بإسناد آخر رجاله رجال الصحيح،

ورواه بإسناد آخر عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال مثله، ولكن سقط من الإسناد رجل اهـ. قلت: كذا وقع فيه، ورجال البزار رجال الصحيح. . . إلخ، وهو سبق قلم من المؤلف، أو وقع حذف في قوله: ورواه بإسناد آخر. . . إلخ، وصوابه ورواه أحمد بإسناد آخر. . . إلخ، فإن الذي رواه بالإسنادين، والثالث من حديث أبي هريرة هو أحمد، إلا أن كلا من سنديه إلى عائشة من رواية حبيب بن هند، وهو وإن كان ثقة إلا أنه ليس من رجال الصحيح. قال أحمد [6/ 82]: حدثنا أبو سعيد ثنا سليمان بن بلال ثنا عمرو بن أبي عمرو عن حبيب بن هند عن عروة عن عائشة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أخذ السبع الأول من القرآن فهو حبر". وقال أيضًا [6/ 73]: ثنا سليمان بن داود أخبرنا حسين قال: حدثنا إسماعيل ابن جعفر أخبرنى عمرو عن حبيب بن هند الأسلمى عن عروة عن عائشة به، ثم قال: حدثنا حسين ثنا ابن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله، قال عبد اللَّه بن أحمد: وهذا أرى أن فيه عن أبيه عن الأعرج، ولكن كذا كان في الكتاب فلا أدرى أغفله أبي أو كذا هو مرسل؟ ورواه أبو عبيد في "فضائل القرآن" قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر به، ولفظه: "من أخذ السبع فهو حبر"، قال بن كثير في "التفسير" [1/ 55]: وهذا غريب، وحبيب بن هند بن أسماء بن هند بن حارثة الأسلمى روى عنه عمرو بن أبي عمرو وعبد اللَّه بن أبي بكرة، وذكره أبو حاتم الرازى ولم يذكر فيه جرحًا.

قلت: قد ذكره ابن حبان في الثقات وصحح حديثه الحاكم، وأقره الذهبى فهو توثيق له أيضًا. ثم قال ابن كثير: وقد رواه أحمد عن سليمان بن داود وحسين كلاهما عن إسماعيل بن جعفر به. قلت: الذي في مسند أحمد [6/ 73]: حدثنا سليمان بن داود أخبرنا حسين، كما قدمته. وقال الحاكم [1/ 564، رقم 2070]: أخبرنى إبراهيم بن عصمة بن إبراهيم ثنا أبي ثنا يحيى بن يحيى أنبأنا إسماعيل بن جعفر به، ثم قال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وقال الطحاوى في "مشكل الآثار" [3/ 407، 408، رقم 1377]: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ثنا أسد بن موسى ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردى عن عمرو بن أبي عمرو به، ثم قال [3/ 408، رقم 1378]: حدثنا يوسف بن يزيد ثنا حجاج بن إبراهيم الأزرق ثنا إسماعيل بن جعفر به. تنبيه: اتفقت الأصول المطبوعة على تصحيف هذا الحديث، كما فعل الشارح، بإبدال كلمة "حبر" بالحاء المهملة والباء الموحدة بكلمة "خير" بالخاء المعجمة والياء التحتانية، إلا مسند أحمد في موضعين منه (6/ 73) و (6/ 82) منه، وإلا تفسير ابن كثير في أول سورة البقرة، فالحديث فيهما على الصواب.

3258/ 8353 - "مَنْ أَخَذَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا ظُلْمًا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ يَحْمِلُ تُرَابَهَا إِلى المَحْشَرِ". (حم. طب) عن يعلى بن مرة قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: رمز لحسنه، قال الهيثمى: وفيه جابرًا الجعفى وهو ضعيف وقد وثق. قلت: الحافظ الهيثمى لم يقل في هذه الرواية أن فيها جابرًا الجعفى، ولا قال: إنه في رواية أحمد، بل ذكر حديث الكتاب [4/ 175]، وقال: رواه أحمد والطبرانى في الكبير، وليعلى عند الطبرانى أيضًا، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من يقول: "من ظلم من الأرض شبرًا كلف أن يحمله حتى يبلغ الماء، ثم يحمله إلى المحشر"، وفيه جابر الجعفى، وهو ضعيف، وقد وثق اهـ. فذكر أن جابرًا الجعفى في الرواية الثانية لا في الأولى، واسمع سند أحمد الذي يرفع عنك الإشكال قال [4/ 172]: حدثنا إسماعيل بن محمد -وهو أبو إبراهيم المعقب- ثنا مروان يعنى الفزاري ثنا أبو يعفور عن أبي ثابت قال: سمعت يعلى بن مرة الثقفى يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من أخذ أرضًا بغير حقها كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر". وقال أيضًا [4/ 173]: حدثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا أبو يعفور به. وقال أيضًا [4/ 173] (¬1): حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن أبي شيبة ثنا حسين بن على عن زائدة عن الربيع ¬

_ (¬1) لطيفة: هذا الحديث سمعه عبد اللَّه بن أحمد أيضًا من شيخ والده عبد اللَّه بن محمد ابن أبي شيبة.

ابن عبد اللَّه عن أيمن بن نابل (¬1) -هو أبو ثابت- عن يعلى بن مرة به، ولفظه: "أيما رجل ظلم شبرًا من الأرض كلفه اللَّه عز وجل أن يحفره حتى يبلغ آخر سبع أرضين، ثم يطوقه إلى يوم القيامة حتى يقضى بين الناس"، فأنت ترى كل ما ذكره أحمد من طرق الحديث، وألفاظه ليس في واحد منها جابر الجعفى. وهكذا رواه جماعة أيضًا قال الدولابى في "الكنى" [1/ 54]. ثنا محمد بن عبد اللَّه بن يزيد ثنا مروان بن معاوية ثنا أبو يعفور بلفظه السابق عند أحمد. وقال أيضًا [1/ 133]: أخبرنى أحمد بن شعيب قال أبو ثابت أيمن: روى زيد بن أبي أنيسة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبى عن أبي ثابت أيمن عن يعلى بن مرة الثقفى به نحوه. وقد وصله ابن منده في الصحابة، فقال: أخبرنا محمد بن أيوب بن حبيب وخيثمة بن سليمان قالا: حدثنا هلال بن العلاء ثنا أبي وعبد اللَّه بن جعفر قالا: حدثنا عبيد اللَّه بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة به، إلا أنه وقع فيه عن أبي ثابت أيمن بن يعلى الثقفى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فجعل أبا ثابت صحابيا. قال ابن منده: وهكذا رواه عمرو بن زرارة عن عبيد اللَّه بن عمرو، ورواه جماعة عن عبيد اللَّه بن عمرو فأسقطوا الشعبى، ورواه على بن معبد عن عبيد ¬

_ (¬1) كذا في الأصل وفي المسند، وقد نبه المصنف على تحريفه من "ابن ثابت" في آخر الحديث ويؤيد ذلك أنهم لم يذكروا في ترجمة ابن نابل أنه روى عن يعلى بن مرة ولا ذكروا في الرواة عنه الربيع بن عبد اللَّه، وانظر ترجمتهما في التهذيب.

اللَّه بن عمرو، فقال: عن أبي ثابت عن يعلى بن مرة الثقفى وهكذا رواه غير واحد عن أبي يعفور عن أبي ثابت عن يعلى، وهو الصواب اهـ. ورواه ابن حبان في صحيحه [11/ 568، رقم 5164] من طريق الربيع بن عبد اللَّه عن أيمن عن يعلى بن مرة به نحو رواية أحمد السابقة من هذا الطريق أيضًا، لكن أحمد سمى والد أيمن نابلًا، فقال عن أيمن بن نابل كما سبق، وهو وهم أو سبق قلم منه أو من أحد الرواة، واللَّه أعلم. 3239/ 8355 - "مَنْ أَخذَ على تَعليم القُرآنِ قَوْسا قَلَّدهُ للَّه مَكَانها قَوْسا مِن نَارِ جَهنم يَوْمَ القَيامَةِ". (حل. هق) عن أبي الدرداء قال في الكبير: ثم قال -أعنى البيهقى-: ضعيف، وقال الدارمى: قال دحيم لا أصل له، قال الذهبى: وإسناده قوى مع نكارته. قلت: عزو هذا الحديث لأبي نعيم في "الحلية" وهم، فإنه لم يخرجه فيه، إنما أخرج حديث أبي هريرة الآتى بعده [7/ 142]، وحديث ابن عباس مرفوعًا [4/ 20] "من أخذ على القرآن أجرًا فقد تعجل حسناته في الدنيا، والقرآن يخاصمه يوم القيامة"، وقال: غريب من حديث طاوس، لم يروه عنه إلا أبو عبيد الشامى وهو مجهول، وفي حديثه نكارة. أما البيهقى فأخرجه [6/ 126] بعد حديث عبادة بن الصمت وأبي بن كعب، ثم قال: وروى من وجه آخر ضعيف عن أبي الدرداء ثم أسنده، ثم قال: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ أنبأنا أبو الحسن الطرائفى قال: وفيما أجاز لنا عثمان ابن سعيد الدارمى عن دحيم قال: حديث أبي الدرداء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "من تقلد قوسا على تعليم القرآن" ليس له أصل، ولما ذكر الذهبى في

المهذب هذا قال: إسناده قوى مع نكارته، وعبد الرحمن -يعنى بن يحيى بن إسماعيل أحد رواته قال أبو حاتم: ما لحديثه بأس اهـ. قلت: وهذا من الغريب أن يعترف الذهبى بأن سنده قوى، ثم يقول عن الحديث: إنه منكر بدون حجة، وكذلك دحيم والبيهقى، ولذلك قال ابن التركمانى في "الجوهر النقى" أخرجه البيهقى هنا بسند جيد، فلا أدرى ما وجه ضعفه، وكونه لا أصل له اهـ. قلت: والظاهر عندى أن وجهه في نظرهم معارضته للحديث الصحيح "إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب اللَّه"، ولا يلزم من ذلك أن يكون هذا منكرًا أو لا أصل له، بل طرق الجمع موجودة أقربها أن حديث الباب منسوخ؛ لأنه كان في أول الأمر في حالة احتياج الناس إلى تعليم القرآن لتبليغ الدعوة والإِسلام، مع فقر الصحابة والمسلمين وشدة حاجتهم، فلما انتشر الإِسلام واشتهر القرآن ورسخ الإيمان رفع ذلك الحكم بحديث: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب اللَّه" ثم إن حديث الباب ورد عن عبادة بن الصامت بلفظه، أخرجه البخارى في "التاريخ الكبير" [1/ 444] في ترجمة الأسود بن ثعلبة. 3240/ 8356 - "مَنْ أَخَذَ عَلَى القُرْآنِ أَجْرًا فَذلكَ حَظُّهُ مِنَ القُرْآن". (حل) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه إسحاق بن العنبر، قال الذهبى: كذاب، فكان ينبغى للمصنف حذفه من الكتاب. قلت: نعم هذا حق، والذهبى لم يقل كذاب من قبله بل نقل ذلك عن الأزدى.

3241/ 8358 - "مَنْ أَخْرَجَ أَذَى منَ المَسْجِدِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ". (هـ) عن أبي سعيد قال في الكبير: وفيه عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون، قال في الكاشف: ضعفه أبو داود. قلت: ليس كل من تكلم فيه يضعف به الحديث، وقد تكلم الحافظ البوصيرى في زوائد ابن ماجه [1/ 250، رقم 757] على هذا الحديث فلم يضعفه بعبد الرحمن بل قال: فيه انقطاع ولين، فإن مسلم بن يسار وهو ابن أبي مريم لم يسمع من أبي سعيد، ومحمد بن صالح فيه لين اهـ. قلت: وقوله: إن مسلم بن أبي مريم لم يسمع من أبي سعيد غريب، أما محمد [بن] صالح فقد قال أبو حاتم: شيخ، واضطرب فيه ابن حبان فذكره في الثقات [7/ 448] وفي الضعفاء [2/ 260] وقال: يروى المناكير عن المشاهير روى عنه عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، روى عن مسلم بن أبي مريم عن أبي سعيد فذكر حديث الباب ولم يسنده على عادته، والمقصود أن علة الحديث هو محمد ابن صالح لا عبد الرحمن كما قال الشارح البعيد عن الفن. 3242/ 8359 - "مَنْ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ المُسْلِمِينَ شَيْئًا يُؤْذِيهِمْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهِ حَسَنَةً، وَمَنْ كَتَبَ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً أَدْخَلَهُ بِهَا الجَنَّةَ". (طس) عن أبي الدرداء قال الشارح: ورجاله ثقات. وقال في الكبير: أعلم أن تخريج المصنف غير محرر، فإن الطبرانى رواه في "الأوسط" عن أبي الدرداء بغير اللفظ المذكور، ورواه في الكبير عن معاذ

بغير لفظه أيضًا، وليس ما عزاه المصنف موافقا لواحد منهما، فأما لفظ رواية أبي داود فنصه: "من أخرج من طريق المسلمين شيئًا يؤذيهم كتب اللَّه له مائة حسنة" ولم يزد، قال الهيثمى: وفيه أبو بكر بن أبي مريم ضعيف، ولفظ رواية معاذ: "من رفع حجرًا كتب له حسنة، ومن كان له حسنة دخل الجنة"، قال الهيثمى: ورجاله ثقات. قلت: اسمع نص ما في مجمع الزوائد وذلك في كتاب الزكاة منه (ص 135 من الجزء الثالث)، وعن أبي الدرداء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "قال: من أخرج من طريق المسلمين شيئًا يؤذيهم كتب اللَّه له به حسنة، ومن كتب له حسنة أدخله بها الجنة". رواه الطبرانى في "الأوسط" [1/ 14، رقم 32] وهذا هو لفظ المصنف بحروفه، ثم قال في "مجمع الزوائد": ولفظه -يعنى الطبرانى في الكبير-: عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أخرج من طريق المسلمين شيئًا يؤذيهم كتب اللَّه له به مائة حسنة"، ولم يزد اهـ. فانظر إلى هذا وتعجب، ثم إنه نقل في الكبير أن في سند حديث أبي الدرداء أبا بكر بن أبي مريم وهو ضعيف، ورجع في الصغير إلى الخطأ فكتب عليه ورجاله ثقات، مع أن ذلك إنما هو في حديث معاذ كما نقله في الكبير. 3242/ 8360 - "مَنْ أَخْطَأَ خَطِيئَةً أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا ثُمَّ نَدِمَ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ". (طب. هب) عن ابن مسعود قال في الكبير: رمز لحسنه وفيه الحسن بن صالح، قال الذهبى: ضعفه ابن حبان، وأبو سعد البقال أورده الذهبى في الضعفاء, وقال: مختلف فيه. قلت: الحديث له عن ابن مسعود طرق كثيرة بألفاظ مختلفة، وله مع ذلك

شواهد من رواية جماعة من الصحابة، وسيأتى بعضها في حديث "الندم توبة". 3243/ 8361 - "من أخلص للَّه أربعين يومًا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه". (حل) عن أبي أيوب قال في الكبير: وأورده ابن الجوزى في الموضوعات, وقال: فيه يزيد بن أبي يزيد عبد الرحمن الواسطى كبير الخطأ، وحجاج مجروح، ومحمد بن إسماعيل مجهول، ومكحول لم يصح سماعه من أبي أيوب اهـ. وتعقبه المؤلف بأن الحافظ العراقى اقتصر في تخريج الإحياء على تضعيفه، وهو تعقب لا يسمن ولا يغنى من جوع. قلت: اسمع تعقب المصنف بنصه: قلت: اقتصر العراقى في تخريج الإحياء على تضعيف الحديث، وله طريق عن مكحول مرسل ليس فيه محمد بن إسماعيل ولا يزيد. قال أبو نعيم [10/ 70]: حدثنا محمد بن محمد (¬1) الجرجانى ثنا الحسن بن علوية ثنا يحيى بن معاذ ثنا على بن محمد الطنافسى عن أبي معاوية عن حجاج عن مكحول قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من عبد يخلص العبادة للَّه أربعين يومًا إلا ظهرت. . . إلخ". وقال ابن أبي شيبة في "المصنف" [13/ 231، رقم 16191]: ثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن مكحول قال: بلغنى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ¬

_ (¬1) في الحلية (10/ 70): حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد الجرجانى. . . .

قال: "ما أخلص عبد أربعين صباحًا إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه". وله شاهد أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب "ذم الدنيا" عن صفوان بن سليم مرسلا "من زهد في الدنيا أدخل اللَّه الحكمة في قلبه". وقال أبو نعيم [3/ 191]: حدثنا محمد بن عمر بن سلم ثنا القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن على بن أبي طالب عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على بن الحسين عن أبيه عن على رفعه "من أخرجه (¬1) اللَّه من ذل المعاصى إلى عز التقوى أغناه اللَّه بلا مال وأعزه بلا عشيرة وأمنه بلا متعة، ومن لم يستح من طلب المعيشة تم اللَّه ماله ونعم عياله، ومن زهد في الدنيا ثبت اللَّه الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وبصره داءها وعيوبها، وأخرجه اللَّه عز وجل سالمًا إلى دار السلام". وقال الديلمى [4/ 360، رقم 6580]: أنبأنا أحمد بن نصر أنبأنا طاهر بن ماهلة أنبأنا صالح بن أحمد إجازة ذكر عبد الرحمن بن الحسن وجدت في كتاب جدى أحمد بن محمد بن عبيد ثنا أبي ثنا بشير بن زاذان ثنا عمر بن صبح [عن يحيى بن سعيد] عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر رفعه "ما زهد عبد في الدنيا إلا ثبت اللَّه الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه، وبصره عيب الدنيا داءها ودواءها، وأخرجه منها سالمًا إلى دار السلام" اهـ. هذا كله تعقب المصنف، فانظر إليه وإلى ما افتراه الشارح وتعجب، ومما لم يذكره الحافظ المصنف من طرقه وشواهد ما أخرجه الإِمام زيد في مسنده عن أَبيه عن جده عن على -عليه السلام- قال: "من أخلص للَّه أربعين صباحًا ¬

_ (¬1) في المطبوع: "من نقله".

يأكل الحلال، صائما نهاره، قائمًا ليله أجرى اللَّه سبحانه ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه". وقال ابن قتيبة في "عيون الأخبار": حدثنى شيخ لنا عن أبي معاوية عن حجاج عن مكحول قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من عبد يخلص العبادة للَّه أربعين إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه". وقال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [2/ 353]: حدثنا أبي حدثنا أحمد بن جعفر بن هانئ ثنا أبو محمد يعقوب بن يوسف بن معدان ثنا أبو عبيدة السرى بن يحيى بن السرى ثنا شعيب بن إبراهيم التيمى ثنا سيف بن عمر الأسدى عن سهل بن يوسف عن أبيه عن عبيد بن صخر بن لوذان السلمى الأنصارى، وكان فيمن بعثه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مع عماله إلى اليمن، "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أوصى معاذ بن جبل حين بعثه، وقال له: تواضع يرفعك اللَّه، واستدق الدنيا يلقنك الحكمة، فإنه من تواضع للَّه واستدق الدنيا أظهر اللَّه الحكمة من قلبه على لسانه، واحذر الهوى فإنه قائد الأشقياء إلى النار" ومنها حديث أبي موسى وحديث ابن عباس اللذين ذكرهما ابن الجوزى أيضًا [3/ 144]. فأما حديث أبي موسى فلفظه مرفوعًا "من زهد في الدنيا أربعين يومًا، وأخلص فيها العبادة، أجرى اللَّه على لسانه ينابيع الحكمة من قلبه". أخرجه ابن عدى، وقال: إنه منكر، وفيه عبد الملك بن مهران الرفاعى، مجهول.

وأما حديث ابن عباس فلفظه مرفوعًا "من أخلص للَّه أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه" أخرجه ابن الجوزى، وفيه سوار بن مصعب، وهو متروك، ولكن مع كثرة طرقه وشواهده المذكورة لا يتهيأ الحكم عليه بالوضع، لا يبعد الحكم بحسنه, لأن طريق مكحول المرسلة رجالها رجال الصحيح، فلم يبق فيها إلا الإرسال وقد تعضد بوصله من طرق أخرى فيثبت الحديث إن شاء اللَّه، والحمد للَّه. 3242/ 8362 - "مَنْ أَدانَ دينًا يَنوِي قَضَاءَه أدَّاه اللَّه عَنه يومَ القِيامَةِ". (طب) عن ميمونة قلت: حرف الشارح ميمونة بميمون بدون تاء، ثم أتى مع ذلك بأوهام، الأول: أنه قال في الصغير: عن ميمون الكردى، وإسناده صحيح. الثانى: أنه قال في الكبير: عن ميمون الكردى عن أبيه، فجعل الحديث في مسند أبيه لا من مسنده هو كما فعل في الصغير. الثالث: زاد في الكبير قال الهيثمى: ورجاله ثقات، ومن ثم رمز المصنف لصحته اهـ. مع أن هذا الحديث لم يذكره الحافظ الهيثمى في مجمع الزوائد، لأنه ليس من الزوائد كما سأذكره. الرابع: أن الحديث الذي ذكره الحافظ الهيثمى [4/ 132، 284] عن ميمون الكردى عن أبيه، وقال: رجاله ثقات، عزاه للطبرانى في الأوسط والصغير, وهذا عزاه المصنف للطبرانى في الكبير. الخامس: لفظ حديث ميمون الكردى عن أبيه سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أيما رجل تزوج امرأة على ما قل من المهر أو كثر ليس في نفسه أن يؤدي إليها حقها خدعها، فمات ولم يؤد إليها حقها لقى اللَّه يوم القيامة وهو

زان، وأيما رجل استدان دينًا لا يريد أن يؤدى إلى صاحبه حتى أخذ ماله، فمات ولم يؤد إليه دينه لقى اللَّه وهو سارق"، فهذا الحديث عكس معنى حديث الباب. السادس: قال أحمد [6/ 335]: ثنا يحيى بن آدم ثنا جعفر بن زياد عن منصور عن رجل عن ميمونة بنت الحارث قالت: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من استدان دينًا يعلم اللَّه عز وجل منه أنه يريد أداءه أداه اللَّه عنه". وقال أيضًا [6/ 332]: ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا جعفر بن زياد عن منصور قال: حسبته عن سالم عن ميمونة أنها استدانت دينًا، فقيل لها: تستدينين وليس عندك وفاؤه قالت: سمعت رسول اللَّه يقول: "ما من أحد يستدين دينًا يعلم اللَّه أنه يريد أداءه إلا أداه اللَّه عنه". وقال النسائى [7/ 316]: حدثنا محمد بن المثنى ثنا وهب بن جرير ثنا أبي عن الأعمش عن حصين بن عبد الرحمن عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة أن ميمونة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استدانت فقيل لها: يا أم المؤمنين تستدينين وليس عندك وفاء، قالت: إنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من أخذ دينًا وهو يريد أن يؤديه أعانه اللَّه عَزَّ وَجلَّ". وقال ابن ماجه [2/ 805، رقم 2408]: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبيدة بن حميد عن منصور عن زياد بن عمرو ابن هند عن ابن حذيفة -هو عمران- عن أم المؤمنين ميمونة قال: كانت تدان دينًا، فقال لها بعض أهلها لا تفعلى وأنكر ذلك عليها، قالت: بلى، إنى سمعت حبيبى وخليلى -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ما من مسلم يدان دينًا يعلم

اللَّه منه أنه يريد أداءه إلا أداه اللَّه عنه في الدنيا". وقال ابن حبان في صحيحه [11/ 420، رقم 5041]: حدثنا أبو يعلى ثنا أبو خيثمة عن جرير عن منصور به. وقال الخطيب في الكفاية: أخبرنى أبو بكر محمد بن المؤمل الأنبارى أنا الحاكم أبو حامد أحمد بن الحسين بن على الهمذانى ثنا محمد بن عبد الرحمن الدغولى ثنا محمد بن عبد اللَّه بن فهزاد ثنا على بن الحسن ثنا أبو حمزة عن الأعمش عن حصين بن عبد الرحمن عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة قال: "استدانت ميمونة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاثمائة درهم ليس عندها وفاؤها فنهيتها على ذلك، فقالت: إنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: من أدان دينًا يريد أداءه أعانه اللَّه عليه". 3245/ 8363 - "مَنْ أَدَّى إِلى أُمَّتِي حَدِيثًا لِتُقَامَ بِهِ سُنَّةً أَو تُثْلَمَ بِهِ بَدْعَةً فَهُوَ في الجَنَّةِ". (حل) عن ابن عباس قال في الكبير: وفيه عبد الرحيم بن حبيب، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: متهم بالوضع، وإسماعيل بن يحيى التيمى قال -أعنى الذهبى-: كذاب عدم. قلت: علة الحديث إسماعيل التيمى وحده، أما عبد الرحيم بن حبيب فقد توبع عليه. قال الحاكم في "تاريخ نيسابور": ثنا أبو على الحسين بن محمد الصغانى بمرو أخبرنا أبو رجاء محمد بن حمدويه ثنا العلاء بن مسلمة ثنا إسماعيل بن يحيى التيمى عن سفيان الثورى عن ليث عن طاوس عن ابن عباس به مرفوعًا ولفظه: "من أدى إلى أمتى

حديثًا واحدًا يقيم به سنة ويرد به بدعة فله الجنة". 3246/ 8364 - "مَنْ أَدَّى زَكَاة مَالهِ فَقدْ أدَّى الحقَّ الذي عَليهِ، ومَنْ زادَ فهُو أفضَلُ". (هق) عن الحسن مرسلا قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: وورد بمعناه مسندًا من حديث جابر عند الطبرانى وغيره، قال الهيثمى: وسنده حسن بلفظ: "من أدى زكاة ماله فقد أذهب عنه شره". قلت: حديث الباب من رواية عذافر عن الحسن، وعذافر ضعيف، بل ذكره السليماني فيمن يضع الحديث، فكيف يقول الشارح: إسناده حسن؟! مع أن المصنف رمز لضعفه، ولكنه لما نقل عن الحافظ الهيثمى في الكبير أنه حسن حديث جابر، نقل ذلك منه إلى حديث الترجمة في "الصغير"، وإن كان قد حذف من كلام الهيثمى, لأنه قال: وإسناده حسن، وإن كان في بعض رجاله كلام، ثم إن الحديث خرجه البيهقى من طريق أبي داود في كتاب المراسيل [17] وحديث جابر الذي ذكره الشارح خرجه البيهقى في السنن [4/ 84] من رواية ابن وهب عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر به مرفوعًا. ثم قال كذا رواه ابن وهب بهذا الإسناد مرفوعًا، وكذلك رواه يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب، ورواه عيسى بن مثرود عن ابن وهب من قول أبي الزبير، ثم أسنده من طريق أبي عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابرًا، فذكره موقوفًا، قال: وهذا أصح.

3247/ 8365 - "مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الجُمُعةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إِليْهَا أُخْرى". (هـ. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبى في التلخيص، وتعقبه في غيره بأنه ورد من طريقين في أحدهما عبد الرزاق بن عمر، واه، وفي الأخرى إبراهيم بن عطية، واه. قلت: لا أصل لهذا فما قاله الذهبى، ولا وجود لأحد من المذكورين في سندى الحديث بل في أسانيده. قال ابن ماجه [1/ 356، رقم 1121]: حدثنا محمد بن الصباح أنبأنا عمر بن حبيب عن ابن أبي ذئب عن الزهرى عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى". وقال الحاكم [1/ 291، رقم 1078]: حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ثنا الفضل بن محمد الشعرانى ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب ثنا أسامة بن زيد الليثى عن ابن شهاب عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة به مثله. وقال أيضًا [1/ 291، رقم 1079]: حدثنا على بن حمشاد ثنا هشام بن على ثنا عبد اللَّه بن عبد الوهاب الحجبى ثنا حماد بن زيد عن مالك بن أنس وصالح بن أبي الأخضر عن الزهرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة به مثله. وقال أيضًا [1/ 291، رقم 1077]:

حدثنى على بن العباس الإسكندرانى بمكة ثنا الفضل بن محمد الأنطاكى ثنا محمد بن ميمون الإسكندرانى ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعى حدثنى الزهرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة به بلفظ: "من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك الصلاة"، ثم قال: كل هؤلاء الأسانيد الثلاثة صحاح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ. . . إلخ اهـ. فأين عبد الرزاق ابن عمر (¬1) وإبراهيم بن عطية (¬2) في هذه الأسانيد حتى يتعقب بهما الذهبى على الحاكم؟ وقد خرجه جماعة من طرق أخرى كثيرة أضربت عنها اختصارًا، ليس في شيء منها من ذكره الشارح، نعم ورد من حديث عبد اللَّه ابن عمر عند الدارقطنى، وفيه إبراهيم بن عطية المذكور (¬3)، وأين حديث ابن عمر من حديث أبي هريرة؟!. ¬

_ (¬1) قد روى الدارقطنى هذا الحديث (2/ 10) من طريق عبد الرزاق بن عمر عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا، ولكن بلفظ "فليضف" بدلا من "فليصل". (¬2) قال ابن حبان في الضعفاء (1/ 108، 109) في ترجمة إبراهيم بن عطية: قد روى عن يحيى بن سعيد الأنصارى، عن الزهرى، عن سالم، عن أبيه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى، رواه عنه إسماعيل بن عبد اللَّه بن خالد الرَّقى، وهذا خطأ، إنما الخبر: "من أدرك من الصلاة ركعة" وذِكرُ "الجمعة" قاله أربعة أنفس عن الزهرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة كلهم ضعفاء اهـ. (¬3) روى الدارقطنى حديث ابن عمر (2/ 13) ولكنه ليس من طريق إبراهيم بن عطية المذكور، ولم أجد له ذكرًا في سند ابن عمر. إلا أن في سند الحديث عيسى بن إبراهيم ثنا عبد العزيز بن مسلم. . .، فلعله ظن إبراهيم هو ابن عطية، فاللَّه أعلم.

3248/ 8367 - "مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوع الفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الحَجَّ". (طب) ابن عباس قال الشارح: وضعفه الهيثمى فقول المؤلف: حسن ممنوع. وقال في الكبير: رمز لحسنه، قال الهيثمى: وفيه عمر (¬1) بن قيس المكى، وهو ضعيف متروك. قلت: الحديث رواه الطبرانى بسندين، أحدهما فيه عمر (¬2) بن قيس [في الكبير 11/ 202، رقم 11496]، [وفي الأوسط, رقم 6302]، والثانى ليس هو فيه. قال الطبرانى: ثنا محمد بن أحمد بن أبي خيثمة ثنا عبد اللَّه بن عبد المؤمن الواسطى ثنا عبيد اللَّه بن عقيل عن عمر بن ذر عن عطاء عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك" (2)، فهذا هو الذي عناه المؤلف، ومع ذلك فالحديث له طرق أخرى على شرط الصحيح، فكيف لا يكون الحديث حسنًا كما قال المصنف؟! 3249/ 8369 - "مَنْ أَدْرَكَ الأَذَانَ في المَسْجِدِ، ثُمَّ خَرَجَ لَمْ يَخْرُجْ لَحِاجَتِهِ، وَهُوَ لا يُرِيدُ الرَّجْعَةَ فَهُوَ مُنَافِقٌ". (هـ) عن عثمان ¬

_ (¬1) في الأصل (عمرو) والصواب ما أثبتناه. (¬2) رواه في الأوسط (5329).

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد جزم الحافظ ابن حجر في "تخريج الهداية" بضعفه وسبقه إليه المنذرى وغيره، وسببه أن فيه عبد الجبار ضعفه أبو زرعة وغيره، وقال البخارى له مناكير، وحرملة بن يحيى قال أبو حاتم: لا يحتج به (¬1). قلت: لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف فحرملة بن يحيى ثقة من رجال الصحيح، وعلة الحديث إنما هو عبد الجبار بن عمر، ثم شيخه إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة فكلاهما ضعيف، ولذلك أكاد أجزم بأن المؤلف لم يرمز له بعلامة الحسن، وإنما هو تحريف من النساخ واللَّه أعلم. 3250/ 8371 - "مَن ادَّعَى إلى غَيْر أَبِيهِ أو انْتَمَى إلى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَليهِ لَعْنَةُ اللَّهِ المُتَتَابِعَةُ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ". (د) عن أنس قال في الكبير: وظاهر صنغ المصنف أن هذا لم يخرجه الشيخان ولا أحدهما، وإلا لما عدل عنه، وهو ذهول، فقد خرجه مسلم عن على مرفوعًا بلفظ: "من ادعى إلى غير أَبيه، أو تولى إلى غير مواليه فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين" اهـ. وهذا الخلف اليسير ليس بعذر في العدول عن الصحيح. قلت: كذب الشارح وافترى ودلس ولبس، وذلك دأبه سامحه اللَّه، فلفظ الحديث عند مسلم هكذا [2/ 994، رقم 1370/ 46]، [2/ 1147، رقم 1370/ 20]: ¬

_ (¬1) كذا قال أبو حاتم، وانظر تهذيب الكمال (5/ 550، 1166).

حدثنا أبو كُريب ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن إبراهيم التيمى عن أبيه قال: خطبنا على بن أبي طالب فقال: من زعم أن عندنا شيئًا نقرؤه إلا كتاب اللَّه، وهذه الصحيفة (قال: وصحيفة معلقة في قراب سيفه) فقد كذب، فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات، وفيها قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المدينة حرام ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها [حدثا] (¬1) أو آوى محدثا فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل اللَّه منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا، وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناه ومن ادعى إلى غير أَبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنه اللَّه والملائكة والناس أجمعين، لا بقبل اللَّه منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا"، هذا نص الحديث عند مسلم فهل كان المصنف سيعمد إلى الحديث ويقتطع منه جملته الأخيرة ويوردها على أنها هي الحديث بتمامها؟ هذا لم يجر به صنيعه ولا هو اصطلاح كتابه، وحتى لو أراد أن يصنع ذلك إجابة لرغبة المناوى لكان حقه أن يذكر الحديث في حرف "الواو", لأن أول الجملة فيه "ومن ادعى إلى غير أَبيه"، لذلك كان الشارح كذابا في إيرادها بدون "واو" فانظر إلى هذا وتعجب، ثم إن في الباب عن جماعة منهم أبو ذر عند البخارى [4/ 219، رقم 3508] ومسلم [1/ 79، رقم 61/ 112] وزيد بن أرقم عند الطوسى في أماليه، وعمرو بن خارجة عند ابن سعد في الطبقات. 3251/ 8372 - "مَن ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ منَّا وَلْيَتَبَوَأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". (هـ) عن أبي ذر ¬

_ (¬1) الزيادة من صحيح مسلم.

قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أنه لا يوجد مخرجًا في أحد الصحيحين، وهو عجيب مع وجوده في صحيح مسلم باللفظ المذكور عن أبي ذر. قلت: كذب الشارح، ما خرجه مسلم أصلا (¬1)، ولا رواه من الستة إلا ابن ماجه [2/ 777، رقم 2319] وحده. 3252/ 8374 - "مَنْ أَذَل نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّه فَهُوَ أعَزُّ مِمَّنْ تَعَزَّزَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ". (حل) عن عائشة قلت: ما رأيت هذا الحديث في الحلية لأبي نعيم، وما أرى المصنف إلا قلد غيره في العزو إليه، واللَّه أعلم. 3253/ 8375 - "مَنْ أَذلَّ عِندَه مُؤمِنٌ فلَمْ يَنْصُرْه وهو يَقْدرُ على أَن يَنصُرَه أَذلَّه اللَّه على رُؤُسِ الأَشْهَادِ يومَ القِيامِة". (حم) عن سهل بن حنيف قلت: وأخرجه أيضًا ابن السنى في "عمل اليوم والليلة" [ص 137، رقم 222]. أخبرنى إبراهيم بن محمد ثنا محمد بن إسحاق سنجر ثنا عبد الغفار بن داود ثنا ابن لهيعة أنه سمع موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أَبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. أخبرنى إبراهيم بن محمد ثنا محمد بن إسحاق سنجر ثنا عبد الغفار بن داود ثنا ابن لهيعة أنه سمع موسى بن جبير عن أبي أمامه بن سهل بن حنيف عن أَبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. ¬

_ (¬1) خرجه مسلم (1/ 79، رقم 16/ 112) عن أبي ذر، وهو جزء من الحديث السابق بلفظ: "ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلم إلا كفر، ومن ادعى ما ليس له. . . " بتمامه وفيه زيادة.

3254/ 8376 - "مَنْ أَذَّنَ سَبْعَ سِنِينَ مُحْتَسِبًا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ". (ت. هـ) عن ابن عباس قال في الكبير: وظاهر صنيع الصنف يدل على أن مخرجه خرجه وسلمه، والأمر بخلافه، فقد تعقبه الترمذى ببيان حالة فقال: فيه جابر بن يزيد الجعفى، ضعفوه، وتركه يحيى وابن مهدى. قلت: كذب الشارح، فإن صنيع المصنف لا يدل على شيء، ولا تعلق له بشيء مما قال أصلا, لأنه أولًا: لا ينقل كلام المخرجين على الحديث من أول الكتاب إلى آخره. وثانيا: فإنه مجتهد لا يقلد أحدًا لا الترمذى ولا غيره. وثالثا: نقل الحديث من كتاب لا يدل على ما أراد الشارح أن يلزمه للمصنف ولا لغيره، فكل الناس ينقلون من الأصول، وما ألهم إبليس أحدًا إلى هذا التعقب، بل هو مما خص به الشارح، فليهنأ به. ثم إن الحديث أخرجه جماعة آخرون، قال ابن شاهين في "الترغيب" [ص 425، رقم 560]: ثنا يحيى بن صاعد ثنا أبو هاشم الرفاعى ثنا أبو تميلة ثنا أبو حمزة السكرى عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس به. وقال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [2/ 73]: حدث أبو خليفة قال: حدثنا عبد اللَّه بن مظاهر ثنا إبراهيم بن عبد اللَّه بن أيوب المخرمى ثنا سعيد بن محمد الجرمى ثنا أبو تميلة عن أبي حمزة به. ورواه الخطيب في "التاريخ" [1/ 247] في ترجمة محمد بن إسحاق بن موسى البزار من روايته عن محمد بن على بن الحسن بن شفيق:

ثنا أبي أنبأنا أبو حمزة به. وقال أبو الحسن بن مخلد البزاز في جزئه: حدثنا أبو بكر أحمد بن سليمان النجاد ثنا محمد بن إسماعيل السلمى ثنا ابن الأصبهانى ثنا أبو تميلة عن أبي حمزة به. 3255/ 8377 - "مَنْ أَذَّنَ ثِنْتَى عَشْرَةَ سَنَةً وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وكُتِبَ لَهُ بِتَأْذِينِهِ في كُلِّ يَوْمٍ سِتُّونَ حَسَنَة، وَبِإقَامَتِهِ ثَلاثُونَ حَسَنَةً". (هـ. ك) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح على شرط البخارى، واغتر به المصنف فرمز لصحته، وقد قال ابن الجوزى: حديث لا يصح، وأورده في الميزان من مناكير عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث، وقال في التنقيح: هو ليس بعمدة، وقال الحافظ ابن حجر: فيه عبد اللَّه بن صالح عن يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن نافع عنه، وهذا الحديث أحد ما أنكر عليه، ورواه البخارى في تاريخه من حديث يحيى بن المتوكل عن ابن جريج عن صدفة عن نافع، وقال: هذا أشبه اهـ. فلو عزاه المصنف له لكان أولى. قلت: بل لو اتقيت اللَّه، وسكت عن جهل أو تكلمت بعلم لكان أولى، فلقد أتيت بطامات وأوابد، الأول: أن الذهبى أقر الحاكم على تصحيح الحديث، والشارح ينقل دائمًا تعقبه أو إقراره من التلخيص كما ينقل من المهذب، وقد نقل البيهقى تصحيح الحاكم وأقره، وأقرهما الذهبى فتغافل الشارح عن إقراره في الكتابين ليثبت قصور المصنف ووهمه في تصحيح الحديث. الثانى: أن عبد اللَّه بن صالح صدوق ثقة، استشهد به البخارى، بل قيل احتج به في صحيحه, فحديثه لا ينزل عن درجة الحسن لو انفرد، فهذا توبع فحديثه صحيح.

الثالث: أن الحاكم خرج الحديث من طريقين في أحدهما عبد اللَّه بن صالح، والآخر ليس هو فيه، والشارح تغافل عن ذلك لمقصده السيئ. قال الحاكم [1/ 205، رقم 736]: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى الأودى ثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمى ثنا عبد اللَّه بن صالح المصرى حدثنى يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "قال: من أذن ثنتى عشرة سنة وجبت له الجنة وكتب له بتأذينه في كل مرة ستون حسنة وبإقامته ثلاثون حسنة"، ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط البخارى، وله شاهد من حديث عبد اللَّه بن لهيعة، وقد استشهد به مسلم -رحمه اللَّه-[1/ 205، رقم 737]: حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ثنا محمد بن إسماعيل ابن مهران ثنا أبو الطاهر وأبو الربيع قالا: حدثنا ابن وهب أخبرنى ابن لهيعة عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، وأقره الذهبى على ما قال في كلا السندين، ولا يشك من له إلمام بالحديث أن هذا بإسناديه صحيح كما قال الحاكم, لأنهما سندان متباينان كل منهما في رتبة الحسن، فهذا اجتمعا ارتفع المتن إلى درجة الصحيح. الرابع: أن له مع ذلك سندين آخرين، فيكون مجموع أسانيد الحديث أربعة طرق، منها ما هو على انفراده على شرط الصحيح، قال البخارى في "التاريخ الكبير" [8/ 306]: يحيى بن المتوكل عن ابن جريج عمن حدثه عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أذن ثنتى عشرة دخل الجنة"، رواه أبو صالح عن يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله، والأول أشبه، والرابع من أسانيده، رواه ابن الجوزى في العلل [1/ 398] من حديث مكحول عن نافع عن ابن عمر. الخامس: أنه حذف من كلام الحافظ ما هو حجة عليه وحجة للمصنف، فإن

الحافظ قال: متصلا بقوله، وقال: هذا أشبه، [و] الذي جعله الشارح المدلس هو آخر كلام الحفاظ ما نصه: لكن رواه الحاكم من طريق ابن لهيعة عن عبيد اللَّه أبي جعفر عن نافع به، ورواه ابن الجوزى في العلل نحو الأول من حديث مكحول عن نافع عن ابن عمر، وفيه محمد بن الفضل بن عطية، وهو ضعيف اهـ. كل هذا حذفه الشارح لغرضه السيئ. السادس: قوله: فلو عزاه المصنف له لكان أولى كلام فاسد لا معنى له، فإن البخارى لم يسند الحديث، بل ذكره معلقًا، وأيضًا فإن الطريق الذي قال عنه: أشبه فيه مبهم كما هو في الأصل، بخلاف نقل الحافظ، وقوله عن صدقة عن نافع: فإنه تحريف، والصواب عمن حدثه عن نافع، سلمنا أنه ليس معلقًا ولا مبهما فالعزو إلى الحاكم أولى, لأنه أسنده من طريقين، وعلى فرض أنهما ضعيفان، فالمصنف لم يقف على تخريجه في "التاريخ الكبير"، فكيف يعزو إلى ما ليس له به علم؟!. 3256/ 8378 - "من أذَّنَ خَمْسَ صَلَواتٍ إيَمانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ لهُ ما تَقَدم من ذَنبِه، ومَنْ أمَّ أصْحَابَه خَمْسَ صَلواتٍ إيمانًا واحْتِسَابًا غُفِر له ما تَقَدم من ذَنبِه". (هق) عن أبي هريرة قلت: لفظ الحديث عند البيهقى [1/ 433]: "من أذن خمس صلوات وأمهم إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، فلا أدرى لم طوله المصنف وزاد فيه من عنده؟ والغريب أن الشارح وقف على الحديث في مهذب البيهقى، ونقل كلامه عليه، وعمى أن يتعقب على المصنف بحق وصواب في موضع التعقب.

3257/ 8385 - "مَنْ أَرادَ الحجَّ فَليَعجَّل، فإنَّه قدْ يَمَرضُ المرِيضُ وتَضلُّ الضَّالة وتَعرِضُ الحَاجَةُ". (حم. هـ) عن الفضل قال في الكبير: الظاهر أنه ابن العباس، قال الكمال بن أبي شريف في "تخريج الكشاف": الحديث موقوف، وقد عزاه الطبرانى لأبي داود وحده مرفوعًا، وقال: إنه ليس فيه قوله: فإنه قد يمرض المريض. . . إلخ، قال: والحديث بتمامه عند أحمد وإسحاق وابن ماجه، وفيه أبو إسرائيل الملائى، وهو ضعيف، سيئ الحفظ إلى هنا كلامه، وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: والظاهر أنه ابن عباس، غريب, فإنه مصرح به في الأصول المخرج فيها كلها، بل فيها عن ابن عباس أو الفضل بن عباس أو أحدهما عن الآخر، ولذلك كان اقتصار المصنف على الفضل وحده فيه ما فيه. الثانى: ما نقله عن الكمال بن أبي شريف، الظاهر أنه قلبه وحرفه وغير معناه، فإنه كلام فاسد، ما أرى الكمال يأتى بمثله، وإنما يأتى بمثله هذا الرجل المنكوب. فالحديث ليس بموقوف، ولا ذلك موجود في طرقه عند مخرجيه، قال أحمد [1/ 214، 323]: حدثنا أبو أحمد الزبيرى محمد بن عبد اللَّه ثنا أبو إسرائيل عن فضيل بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أو عن الفضل بن عباس، أو أحدهما عن صاحبه، قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أراد أن يحج فليتعجل، فإنه قد تضل الضالة ويمرض المريض وتكون الحاجة". وقال ابن ماجه [2/ 962، رقم 2883]: حدثنا على بن محمد وعمرو بن

عبد اللَّه قالا: حدثنا وكيع ثنا إسماعيل أبو إسرائيل عن فضيل بن عمرو عن سعيد بن حبير عن ابن عباس أو عن الفضل أو أحدهما عن الآخر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من أراد الحج فليتعجل" الحديث. وقال البيهقى [2/ 340]: أخبرنا أبو بكر بن الحسن القاضى وأبو صادق بن أبي الفوارس العطار قالا: حدثنا أبو العباس الأصم ثنا محمد بن على الوراق ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان بن سعيد عن إسماعيل الكوفى عن فضيل بن عمرو الفقيمى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "عجلوا بالحج إلى مكة، فإن أحدكم لا يدرى ما يعرض له من مرض أو حاجة". قال البيهقى [2/ 340]: ورواه أبو إسرائيل الملائى عن فضيل كما أخبرنا أبو الحسن بن عبدان. أنبأنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا ابن أبي قماش ثنا أبو الوليد الطياسى ثنا أبو إسرائيل الملائى عن فضيل بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل بن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة"، ثم أخرجه من طريق سيار بن الحسن التسترى عن أبي الوليد الطياسى بالشك. قلت: وقد وهم البيهقى في ظنه أن أبا إسرائيل الملائى هو غير إسماعيل الكوفى، بل هو هو. قال أبو نعيم في الحلية [7/ 114]: حدثنا أحمد بن إسحاق ثنا محمد بن زكريا (ح) وحدثنا سليمان بن أحمد ثنا حفص بن عمر قالا: ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان عن إسماعيل الكوفى عن فضيل بن عمرو به. ثم قال: إسماعيل الكوفى هو ابن أبي إسحاق أبو إسرائيل الملائى تفرد به عن فضيل اهـ. والمقصود أن طرق الحديث كلها مصرحة برفعه، فدعوى

وقفه فضلا عن كونه الأصح كما افتراه الشارح في الصغير, وزاده من عنده، جهل لا أصل له. الثالث: أبو إسرائيل الملائى صدوق حسن الحديث، غير متهم كما قال أكثر أئمة الجرح والتعديل, ومن تكلم فيه فلأمرين: أحدهما باعث على الآخر، وأصل فيه، وهو التشيع، فإنه كان شيعيا، وويل لمن عرفوا عنه أنه شيعى، فإنهم أقل ما يلمزونه به الغلط والتفرد وسوء الحفظ كما قالوه في هذا، وكيفما كان الحال فحديثه على شرط الحسن, لأن أصله مخرج في سنن أبي داود وصحيح الحاكم والأسانيد الصحيحة, فما صنعة المؤلف من تحسينه في غاية الصواب، واعتراض الشارح حسد ساقط موضوع. 3258/ 8386 - "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلَم مَالَهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَنْظُرْ ما للَّه عِنْدَهُ". (قط) في الأفراد عن أنس (حل) عن أبي هريرة وعن سمرة قال الشارح: ضعيف لضعف صالح المرى. قلت: هذا كلام مضحك لا معنى له إلا تسويد الورق، فالمصنف ذكر ثلاثة طرق، والشارح أعله برجل واحد، كأنه موجود في جميع طرقه، والواقع أنه موجود في سند حديث أبي هريرة وحده. قال أبو نعيم [6/ 274]: حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد ثنا أبو بكر أحمد بن عمرو البزاز ثنا الحسن بن يحيى الإيلى ثنا عاصم بن مهجع ثنا صالح المرى عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به. أما حديث سمرة فقال فيه [8/ 216]: حدثنا محمد بن حميد ثنا إبراهيم بن عبد اللَّه بن أيوب المخرمى ثنا يحيى بن يعلى بن منصور ثنا سلمة بن حفص ثنا محمد بن صبيح بن السماك عن مبارك ابن فضالة عن الحسن عن سمرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من سره أن يعلم ماله

عند اللَّه، فليعلم ما للَّه عنده". ثم إن الحديث له طريق آخر من حديث جابر بن عبد اللَّه، أخرجه البزار (¬1) وأبو يعلى [3/ 390، رقم 1865] والطبرانى والحاكم في "المستدرك" [1/ 494، رقم 1820] وابن أبي الدنيا. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وهو من رواية عمر بن عبد اللَّه مولى غفرة، وهو متكلم فيه، لكنه حسن الحديث، وإن بالغ فيه ابن حبان وأخرج هذا الحديث في ترجمته من الضعفاء [2/ 81] وقال: يروى عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج [به] ولا ذكره في الكتب إلا على جهة الاعتبار، وهو الذي روى عن أيوب عن عبد اللَّه بن خالد بن صفوان عن جابر بن عبد اللَّه "قال: خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أيها الناس إن للَّه تعالى سرايا من الملائكة تحل وتقف على مجالس الذكر في الأرض فارتعوا في رياض الجنة، قالوا: وأين رياض الجنة؟ قال: مجالس الذكر، فاغدوا وروحوا في ذكر اللَّه، وذكروه بأنفسكم، من كان يحب أن يعلم منزلته عند اللَّه تعالى فلينظر كيف منزلة اللَّه عنده؟ فإن اللَّه تعالى ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه". حدثناه أبو يعلى [1866]: ثنا عبيد اللَّه بن عمر القواريرى ثنا بشر بن المفضل ثنا عمر بن عبد اللَّه مولى غفرة قال: سمعت أيوب بن عبد اللَّه عن خالد بن صفوان يقول: قال جابر بن عبد اللَّه، وذكره". 3259/ 8389 - "مَنْ أَرَادَ أَهْلَ المَدِينَةِ بِسُوءٍ أَذَابهُ اللَّهُ كَمَا يَذُوبُ المِلْحُ في المَاءِ". (حم. م. هـ) عن أبي هريرة (م) عن سعد قال الشارح: وهذا في الآخرة، وقيل: بل وقع في الدنيا كما انقضى ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (4/ 5، رقم 3064).

شأن من حاربهم أيام بني أمية، كعقبة بن مسلم، فإنه هلك في منصرفه عنها. . . إلخ. هكذا سماه عقبة بن مسلم في الشرحين معا، وإنما هو مسلم بن عقبة، واسمه مشهور، ويسميه كثير من الناس مسرف بن عقبة، فلا يهم فيه إلا الشارح. والحديث رواه البخارى في "التاريخ الكبير" وأطال في طرقه في ترجمة محمد بن موسى بن عبد اللَّه بن يسار [1/ 237]. 3260/ 8390 - "مَنْ أَرَادَ أَنْ تُسْتَجَابَ دَعْوَتَهُ، وَإِنْ تُكْشَفَ كُرْبَتَهُ فَلْيُفَرِّجْ عَنْ مُعْسِرٍ". (حم) عن ابن عمر قال الشارح: بإسناد صحيح. وقال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات. قلت: لا يلزم مما نقله عن الهيثمى من كون رجاله ثقات أن يقول هو عنه: إسناده صحيح, لأنه قد يكون ثقة ويكون حديثه حسنًا لسوء حفظه ونحو ذلك وهو الواقع هنا, ولذلك اقتصر المصنف على تحسينه ولم يصححه، وهو أيضًا السر في عدول الحافظ الهيثمى دائمًا عن قوله: صحيح إلى قوله: رجاله ثقات، وأيضًا فقد يكون الرجال رجال الصحيح والسند معلولا لا يحكم بصحته كما نبهنا عليه مرارًا، وقد ورد هذا الحديث عن أنس موقوفًا عليه، أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" [1/ 305] في ترجمة زيد العمى فقال: أخبرنا أبو يعلى ثنا محمد بن المثنى ثنا بكر بن بكار ثنا يوسف بن صهيب عن زيد العمى عن أنس بن مالك قال: "من كان منكم يحب أن تستجاب دعوته وتكشف كربته فلييسر على معسر".

3261/ 8391 - "مَنْ أَرَادَ أَمرا فَشَاوَر فِيهَ امْرأ مُسْلِمًا وَفَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لأَرْشَدِ أُمُورِهِ". (طس) عن ابن عباس قال الشارح: وإسناده واه، فرمز المؤلف لحسنه زلل. قلت: كذب الشارح، ما رمز المؤلف لحسنه، بل رمز لضعفه، والشارح نفسه لم يذكر ذلك في الكبير، بل قال: ثم قال الطبرانى [8333]: لم يروه عن النضر إلا محمد بن عبد اللَّه بن علاثة تفرد به عمرو بن الحصين قال جدنا للأم الزين العراقى في شرح الترمذى: وهذا إسناده واه، وقال ابن حجر: هو ضعيف جدًا، وفي شيخ عمرو وشيخ شيخه مقال اهـ. وقال الهيثمى: فيه عمرو بن الحصين العقيلى وهو متروك اهـ. فلم يتجرأ أن يكذب على المؤلف بأنه حسنه، لكنه في الصغير افترى ذلك، نسأل اللَّه السلامة. والحديث أخرجه بن حبان في "الضعفاء" [2/ 280] في ترجمة محمد بن عبد اللَّه بن علاثة فقال: حدثنا هارون بن عيسى بن المسكين ببلد ثنا مضر (¬1) بن محمد الأسدى ثنا عمرو ابن الحصين ثنا ابن علاثة عن النضر بن عربى عن عكرمة عن ابن عباس عن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- به. 3262/ 8393 - "مَنْ أَرْضَى سُلْطَانًا بِمَا يُسْخِطُ رَبَّهُ خَرَجَ مِنْ دِينِ اللَّهِ". (ك) عن جابر قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" قال [2/ 348]: حدثنا أحمد بن محمد بن رسته أبو حامد الصوفى ثنا يوسف بن محمد ثنا ¬

_ (¬1) في الضعفاء لابن حبان (2/ 280): ثنا مطر بن محمد.

إبراهيم بن الوليد ثنا غسان بن مالك البصرى ثنا عنبسة بن عبد الرحمن ثنا علان بن أبي مسلم "قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: مثله". 3263/ 8394 - "مَنْ أَرْضى النَّاسَ بِسَخَط اللَّهِ وَكلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ، وَمَنْ أَسْخَطَ النَّاسَ بِرِضَا اللَّهِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤنةَ النَّاسِ". (ت. حل) عن عائشة قال في الكبير: رواه عنها أيضًا الديلمى والعسكرى. قلت: هذا يوهم أنه لم يخرجه من المشاهير غيرهما والواقع خلافه، فقد أخرجه أيضًا وكيع في "الضرر"، والبيهقى في "الزهد" [ص 332، رقم 890] (¬1) وعلي بن عبد العزيز البغوى في المعجم، والقضاعى في مسند "الشهاب" [1/ 302، رقم 501] (¬2)، وابن الأعرابى في المعجم، وابن أبي حاتم في العلل وغيرهم، وقد ذكرت أسانيد الجميع في "وشى الإهاب". 3264/ 8400 - "مَن اسْتَجدَ قَمِيصًا فَلَبِسَهُ فَقَال حِينَ بَلَغَ تُرْقُوَتِه: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذى كَسَانِي مَا أُوَارِي بهِ عَوْرَتِي وَأَتَجَملُ بِهِ في حَيَاتِي، ثُمَّ عَمدَ إلى الثَّوبِ الَّذى أَخْلَقَ تَصَدَّق بِهِ كَانَ في ذِمَّةِ اللَّهِ، وَفي جُوَارِ اللَّهِ، وَفي كَنَفِ اللَّه حَيا وَمَيِّتًا". (حم) عن عمر قال الشارح: رمز المؤلف لحسنه، لكن عده ابن الجوزى في الواهيات. وقال في الكبير: رواه أحمد من حديث أصبغ عن أبي العلاء الشامى، عن عمر بن الخطاب رمز لحسنه، لكن قال ابن الجوزى: حديث لا يصح، وأصبغ ¬

_ (¬1) رواه بلفظ القضاعى. (¬2) بلفظ: "من أرضي اللَّه بسخط الناس كفاه الناس، ومن أسخط اللَّه. . . ".

هو ابن زيد، قال ابن عدى: له أحاديث غير محفوظة، وابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، قال: وأبو العلاء مجهول، والحديث غير ثابت. قلت: فيه أمور، الأول: أن الحديث ليس هو من رواية أبي العلاء الشامى عن عمر، بل من روايته عن أبي أمامة عن عمر قال أحمد [1/ 44]: حدثنا يزيد أنبأنا أصبغ عن أبي العلاء الشامى "قال: لبس أبو أمامة ثوبًا جديدًا، فلما بلغ ترقوته قال: الحمد للَّه الذي كسانى ما أوارى به عورتى وأتجمل به في حياتى، ثم قال: سمعت عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من استجد" وذكره. الثانى: أن ابن الجوزى لا عبرة بكلامه في الحديث لعدم معرفته واتقانه وكثرة أوهامه، فلا أدرى لم اعتمد الشارح كلامه واقتصر عليه، ولم ينقل كلام غيره من الحفاظ المحققين كالمنذرى، فإنه حسن هذا الحديث إذ صدره بعن. الثالث: أن أصبغ بن زبد قال أحمد: ليس به بأس، ما أحسن رواية يزيد عنه، وكذا قال أبو حاتم والنسائى وأبو زرعة: شيخ، وقال ابن معين: ثقة، وكذا قال الآجرى عن أبي داود، وقال الدارقطنى: تكلموا فيه، وهو عندى ثقة، وقال محمد بن حرب الواسطى يقولون: إنه كان مستجاب الدعوة، فحديثه هذا من شرط الصحيح لا من شرط الحسن فقط، أما أبو العلاء الشامى فغير معروف حقا, ولا يلزم من جهل الراوى أن يكون خبره واهيا، بل ولا ضعيفا إذا دلت القرائن على صدق حديثه لا سيما إذا توبع ولم ينفرد، وهذا الحديث ورد من وجه آخر عن أبي أمامة أيضًا، قال الحاكم في المستدرك [4/ 391، رقم 7410]: أخبرنا الحسن بن حكيم المرورى أنبأنا أبو الموجه أنبأنا عبدان أنبأنا عبد اللَّه أنبأنا يحيى بن أيوب أن عبيد اللَّه بن زفر حدثه عن على بن زيد عن

القاسم عن أبي أمامة "أن عمر ابن الخطاب -رضي اللَّه عنه- دعا بقميص له جديد فلبسه، فلا أحسب بلغ ترقوته حتى قال: الحمد للَّه الذي كسانى ما أوارى عورتى وأتجمل به في حياتى، ثم قال: أتدرون لم قلت هذا؟ رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دعا بثياب جدد فلبسها، فلا أحسبها بلغت تراقيه حتى قال مثل ما قلت، ثم قال: والذي نفسي بيده ما من عبد مسلم لبس ثوبًا جديدًا ثم يقول ما قلت، ثم يعمد إلى سمل من أخلاقه الذي وضع فيكسوه إنسانًا مسكينًا مسلمًا فقيرًا لا يكسوه إلا للَّه عز وجل إلا كان في جوار اللَّه وفي ضمان اللَّه ما دام عليه منها سلك واحد حيا وميتا". قال الحاكم [4/ 931، رقم 7410]: هذا حديث لم يحتج الشيخان بإسناده، ولم أذكر أيضًا في هذا الكتاب مثل هذا على أنه حديث تفرد به إمام خراسان عبد اللَّه بن المبارك عن أئمة أهل الشام، فآثرت إخراجه ليرغب المسلمين في استعماله اهـ. وأقره الذهبى، وقال ابن الأخضر في فوائده: أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد أنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن خلف ثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح ثنا هناد بن السرى ثنا ابن المبارك به. الرابع: عدم استدراك الشارح لمخرجين آخرين ينادى عليه بالقصور التام، لاسيما والحديث في الكتب الستة، فقد أخرجه الترمذى في الدعوات [5/ 558، رقم 3560] وابن ماجه في اللباس [2/ 1178، رقم 3557] وابن السنى في عمل اليوم والليلة [ص 90، رقم 267] من الطريق الأول، وقد ذكره المنذرى في "الترغيب" وعزاه لهؤلاء إلا ابن السنى، وزاد عزوه للبيهقى في الشعب.

3265/ 8401 - "مَن اسْتَجْمَرَ فَلْيَسْتَجْمِرْ ثَلاثًا". (طب) عن ابن عمر قال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وليس كما قال، فقد قال الزين العراقى: فيه قيس بن الربيع صدوق، سئ الحفظ، وقال الحفاظ الهيثمى: فيه قيس بن الربيع وثقه الثورى، وضعفه جمع كثيرون اهـ. وهذا الحديث في الصحيحين بلفظ: "من استجمر فليوتر"، وفي أبي داود وابن ماجه "من فعل فحسن، ومن لا فلا حرج". قلت: قد كفانا مؤنة الرد عليه حيث اعترف بأن الحديث في الصحيحين بلفظه تقرييا، والحمد للَّه رب العالمين. 3266/ 8402 - "مَن اسْتَحَلَّ بِدِرْهَمٍ فَقَدِ اسْتَحَلَّ". (هق) عن أبي لبيبة قال الشارح: من استحل بدرهم في النكاح كذا هو ثابت في الرواية, فسقط من قلم المؤلف، ثم قال ابن أبي لبيبة بموحدتين: تصغير لبة، وإسناده واه كما قال المهذب. قلت: أما الرواية فهي كما قال المصنف، فدعوى الشارح أنها كما قال توهم باطل، قال البيهقى [7/ 238]: أخبرنا أبو بكر بن الحارث أنبأنا أبو محمد بن حيان الأصبهانى ثنا محمد بن عبد اللَّه رسته ثنا سعيد بن عنبة ثنا وكيع ثنا يحيى ابن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن أبيه عن جده أبي لبيبة "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من استحل بدرهم فقد استحل"، يعنى النكاح فقوله: يعنى النكاح، هو تفسير من الراوى أو من البيهقى لا من متن الحديث كما زعم الشارح.

قال البيهقى: ورواه أبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن ابن أبي لبيبة عن جده عن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأما قوله: أبو لبيبة تصغير لبة، فمن أوهامه المضحكة التي يرتكز فيها على فهمة ووهمه دون نقل ولا مراجعة أصول، وفي التقريب للحافظ ضبطه بالتكبير، وهو المتبادر إلى الأذهان السليمة في هذا الاسم، ثم بمراجعة أبي لبيبة الأشهلى من الإصابة يعلم ما في اسم هذا الصحابى من الاختلاف. 3267/ 8404 - "مَن اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوت بِالمَدِينَةِ فَلْيَمُتْ بِهَا، فَإِنِّى أَشْفَعُ لِمَنْ يَمُوتُ بِهَا". (حم. ت. هـ. حب) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الترمذى: حسن صحيح غريب، وقال الهيثمى: ورجال أحمد رجال الصحيح خلا عبد اللَّه بن عكرمة، ولم يتكلم فيه بسوء. قلت: هذا أقصى ما يمكن أن يصل إليه المرء من الغفلة والوهم والتهور وعدم التحقيق والتثبت والبعد عن العلم والمعرفة، فكتاب الهيثمى خاص بالأحاديث الزائدة على الكتب الستة مما خرجه أحمد والبزار وأبو يعلى والطبرانى في معاجمه الثلاثة، وهذا قد خرجه الترمذى [5/ 917، رقم 3917] وابن ماجه [2/ 1039، رقم 3112]، فكيف يذكره في كتابه الذي أفرده للزوائد وسماه مجمع الزوائد، فهو لم يذكر حديث ابن عمر، وإنما ذكر حديث سبيعة الأسلمية بلفظه، وهذا يعتبر عند أهل الحديث حديثًا آخر غير حديث ابن عمر وإن كان لفظهما واحدا, ولذلك ذكره في الزوائد على الكتب الستة؛ لأنه لم يخرجه أحد منهم، وإنما خرج الترمذى حديث ابن عمر، وليت الشارح اقتصر في الوهم على هذا، بل زاد وهما آخر أفحش منه، وذلك أنه نسب إليه أنه قال: ورجال أحمد رجال الصحيح، مع أنه

لم يعزو الحديث لأحمد ولا خرجه أحمد، بل عزاه للطبرانى [24/ 294، رقم 747] ولفظه عن سبيعة الأسليمة: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت، فإنه لا يموت بها إلا كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة"، فرواه الطبرانى في "الكبير"، ورجاله رجال الصحيح خلا عبد اللَّه بن عكرمة، وقد ذكره ابن أبي حاتم وروى عنه جماعة، ولم يتكلم فيه أحد بسوء اهـ. فاعتبروا يا أولى الأبصار. وحديث سبيعة المذكور أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 103] من طريق محمد بن نصر الصائغ: ثنا إسماعيل بن أبي أويس ثنا الدراوردى عن أسامة ابن زيد عن عبد اللَّه بن عكرمة عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه عن سبيعة الأسليمة به. وهذا وإن كان من رواية ابن عمر عنها، فإن حديث ابن عمر الذي خرجه الجماعة السابقون من رواية نافع عنه. 3268/ 8405 - "مَن اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ خِبْءٌ مِنْ عَملٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ". الضياء عن الزبير قال في الكبير: نقل ابن الجوزى عن الدارقطنى: أنه قال في رفعه: إسحاق ابن إسماعيل يعنى عن فضيل بن غزوان عن إسماعيل بن أبي خالد ولم يتابع عليه، ورواه شعبة والقطان وهشيم وابن عيينة وأبو معاوية وعبدة ومحمد ابن زياد عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن الزبير موقوفًا، وهو الصحيح. قلت: وممن رواه عن إسماعيل موقوفًا أيضًا عبد اللَّه بن المبارك في الزهد [ص 392، رقم 1109] (¬1)، لكن الحديث ورد مرفوعًا من وجه آخر من ¬

_ (¬1) رواه بلفظ: "أيكم استطاع أن يكون له. . . ".

حديث عبد اللَّه بن عمر، قال القضاعى [1/ 267، رقم 434]: أخبرنا رفاعة بن عمر الأمين ثنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن على البصرى ثنا يحيى بن محمد بن صاعد ثنا أبو السائب سلم بن جنادة السوائى ثنا أبي عن عبيد اللَّه بن عمر [ح]. قال أبو بكر البصرى: وحدثنا الليث الفرائضى ثنا أبو همام الوليد بن شجاع السكونى ثنا على بن مسهر عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وذكر حديث الغار وقال في آخره "فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند ذلك: من استطاع منكم أن تكون له خبيئة من عمل صالح فليفعل". 3269/ 8406 - "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَقِى دِينَهُ وَعِرْضَهُ بِمَالِهِ فَلْيَفْعَلْ". (ك) عن أنس قال في الكبير: وقد سكت المصنف كالحاكم عليه فأوهم أنه لا علة له، وليس كما أوهم فقد استدركه الذهبى على الحاكم فقال: قلت: نوح هالك. قلت: هكذا كتب في الكبير ثم رجع عن ذلك فقال في الصغير: قال الحاكم: صحيح ورده الذهبى بأنه واه اهـ. والحق ما قاله في الكبير، فإن الحاكم سكت عن الحديث [2/ 50، رقم 2312] وتعقبه الذهبى بقوله: أبو عصمة هالك، ولكن أين التوفيق للتحقيق؟ 3270/ 8408 - "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ أَحَدٌ فَلْيَفْعَلْ". (د) عن أبي سعيد قلت: وهم الشارح في عزو هذا الحديث في كل من الشرحين، وحرف رمز أبي داود برمز ابن ماجه، والحديث لم يخرجه ابن ماجه، وإنما خرجه أبو داود [1/ 183، رقم 699]، وأخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/

122] من طريق آخر غير طريق أبي داود، وذلك في ترجمة أحمد بن محمد الأبرشى. 3271/ 8411 - "مَنِ اسْتَعَاذَكُمْ بِاللَّه فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَكُمْ بِاللَّه فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ إِليكُمْ مَعْرُوفًا فكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تكافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ". (ح. د. ن. حب. ك) عن ابن عمر قلت: أخرجه أيضًا أبو داود الطيالسى [ص 257، رقم 1895]، والبخارى في الأدب المفرد [ص 216] والحكيم الترمذى في نوادر الأصول [2/ 187]، وأبو نعيم في الحلية [9/ 56] والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 260، 261، رقم 421]، كلهم أعنى هؤلاء ومن ذكرهم المؤلف من رواية أبي عوانة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر، ووافق أبا عوانة على هذا القول: عمار بن رزيق عند الحاكم وصححه [1/ 412، رقم 1502]، وجرير عند أبي داود [4/ 331، رقم 1509] والحاكم [1/ 413، رقم 1504]، وعبد العزيز بن مسلم القسملى [1/ 413، رقم 1505] عند الحاكم ثلاثتهم عن الأعمش، وخالفهم محمد بن أبي عبيدة بن معن عن أبيه، فقال: عن الأعمش عن إبراهيم التيمى عن مجاهد ذكره الحاكم، وخالفهم جميعًا مندل بن على، فقال: عن الأعمش عن نافع عن ابن عمر. أخرجه أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمى في تاريخ جرجان من طريق ابن عدى، لكن مندل ضعيف، وخالفهم أبو بكر بن عياش، فقال: عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة. أخرجه الحاكم وصححه [1/ 413، رقم 1506]، وكأنه اعتبر أنهما سندان للحديث عند الأعمش.

3272/ 8414 - "مَنِ اسْتَعَملَ رجُلًا مَنْ عِصَابةٍ وَفِيهم مَنْ هُوَ أَرْضَى للَّه مَنهُ فَقدْ خَان اللَّه وَرسُوِلِه والمؤمِنينَ". (ك) عن ابن عباس قلت: نقل الشارح في الكبير تعقب الذهبى والمنذرى على الحاكم في تصحيحه هذا الحديث بأنه من رواية حسين بن قيس وهو ضعيف، ونقل كلام الحافظ على الحديث فحذف منه ولم يأت بجملته، والحافظ أيضًا أوجز في الكلام على الحديث. والحديث خرجه أيضًا وكيع في أخبار القضاة، قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادى ثنا عمرو بن خالد الحرانى حدثنا إسماعيل بن عياش عن حسين بن قيس الرحبى عن عكرمة عن ابن عباس به، ولفظه: "من ولى أحدًا من المسلمين وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك وأعلم بكتاب اللَّه وسنة نبيه، فقد خان اللَّه ورسوله"، وحسين بن قيس ضعفوه. وقد أخرجه من طريقه أيضًا ابن عدى [2/ 352]، والعقيلى في الضعفاء [1/ 248] وضعفاه به، وزاد العقيلى: أن هذا إنما يعرف من كلام عمر بن الخطاب اهـ. لكنه لم ينفرد به بل تابعه خصيف عن عكرمة أيضًا أخرجه الخطيب [6/ 76] من طريق إبراهيم بن زياد القرشى عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس به مرفوعًا: "من أعان على باطل ليدحض بباطله حقًا فقد برئ من ذمة اللَّه وذمة رسوله، ومن مشى إلى سلطان اللَّه في الأرض ليذله أذل اللَّه رقبته يوم القيامة مع ما يذخر له من خزى يوم القيامة، وسلطان اللَّه في الأرض كتاب اللَّه وسنة نبيه، ومن استعمل رجلًا وهو يجد غيره خيرًا منه وأعلم منه بكتاب اللَّه وسنة نبيه فقد خان اللَّه ورسوله وجميع المؤمنين" الحديث، وخصيف مختلف فيه، والراوى عنه ضعيف مجهول.

وقد ورد عن ابن عباس من وجه آخر من رواية حمزة النصيبى عن عمرو بن دينار عن ابن عباس، أخرجه الطبرانى في الكبير [11/ 14، رقم 11216]، وحمزة متروك منكر الحديث. وقد دلسه بعض الرواة في السند فقال: عن أبي محمد الجزرى حمزة، فقال الحافظ الهيثمى: لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ. وهو غريب أن يخفى عليه مثله. وللحديث شاهد من حديث حذيفة أخرجه أبو يعلى في مسنده: حدثنا أبو وائل خالد بن محمد البصرى ثنا عبد اللَّه بن بكر السهمى ثنا خلف ابن خلف عن إبراهيم بن سالم عن عمرو بن ضرار عن حذيفة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيما رجل استعمل رجلًا على عشرة أنفس وعلم أن في العشرة من هو أفضل منه فقد غش اللَّه ورسوله وجماعة المسلمين" (¬1). 3273/ 8416 - "مَنِ اسْتعملنَاهُ مَنْكُم عَلَى عَمَلٍ فَكَتمنا مَخِيطًا فَمَا فَوقهُ كَانَ ذَلِكَ غُلُولًا يَأتِي بِه يَوْمَ القِيامَةِ". (م. د) عن عدى بن عميرة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن أصحابه والأمر بخلافه، بل خرجه بعينه البخارى عن أبي حميد الساعدى، ولعل المصنف غفل لكون البخارى إنما ذكره في ذيل خطبة أولها: أما بعد. قلت: حديث أبي حميد الساعدى لم يروه البخارى وحده، بل رواه البخارى ومسلم أيضًا، ثم هو حديث آخر بلفظ آخر، وله عند البخارى ألفاظ وكذلك عند مسلم، ولفظ البخارى في الحيل [9/ 36 رقم 6979] عن أبي حميد قال: "استعمل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلًا على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه، قال: هذا مالكم وهذا هدية، فقال رسول ¬

_ (¬1) لا يوجد ذكر لمسند حذيفة في مسند أبي يعلى، فلعله في مسنده الكبير، واللَّه أعلم.

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقًا، ثم خطبنا فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإنى أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولَّانى اللَّه، فيأتى فيقول: هذا مالكم وهذا هدية [أهديت] لي، أفلا جلس في بيت أَبيه وأمه حتى تأتيه هديته، واللَّه لا يأخذ أحد منكم شيئًا بغير حقه إلا لقى اللَّه يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحدًا منكم لقى اللَّه يحمل بعيرًا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تَيْعرُ، ثم رفع يده حتى رؤى بياض إبطيه يقول: اللهم هل بلغت بصر عينى وسمع أذنى". هذا نص حديث أبي حميد، فهل يقول إنسان ذو علم أن المصنف غفل عن عزو حديث الترجمة إلى البخارى؟! 3274/ 8417 - "مَنِ اسْتَغفَر اللَّه دُبر كُلِّ صَلاة ثَلاثِ مَرات فَقَالَ: أسْتغفر اللَّه الَّذى لا إله إلا هُو الحي القيوم وأتُوبُ إليَهِ غُفِرتَ ذُنُوبَهُ وإن كَانَ قَدْ فَر مِنَ الزحفِ". (ع) وابن السنى عن البراء قلت: سكت الشارح على هذا الحديث، قال أبو يعلى: ثنا عمرو بن الحصين ثنا سعيد بن راشد عن الحسن بن ذكوان عن أبي إسحاق عن البراء به، وعمرو بن الحصين متروك. لكنه ورد من وجه آخر، قال الطبرانى في الصغير [2/ 91، رقم 839] (¬1): ثنا محمد بن يعقوب الأهوازى الخطيب ثنا يعقوب أو يوسف القلوسى ثنا على ابن حميد الذهلى ثنا عمرو بن فرقد القزاز عن عبد اللَّه بن المختار عن أبي إسحاق عن البراء به، وعمرو بن فرقد ضعيف أيضًا. ¬

_ (¬1) رواه بلفظ: "من قال دبر كل صلاة: أستغفر اللَّه. . . ".

3275/ 8424 - "مَنِ اسْتلحَقَ شَيئًا لَيْسَ مِنْهُ حَتَّهُ اللَّه حَتَّ الوَرقِ". الشاشى والضياء عن سعد قلت: هكذا في الأصل شيئًا بالشين المعجمة، وعليه شرح الشارح، وهو تصحيف، وإنما هو: "من استلحق نسبًا" بالنون وآخره باء موحدة. كذلك أخرجه الدينورى في المجالسة، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا يعقوب بن حميد ثنا عبد اللَّه الأموى عن يعقوب ابن عبد اللَّه بن جعدة بن هبيرة قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- به، وقد نقلته من أصل عتيق مسموع على جماعة من الحفاظ. 3276/ 8425 - "مَنِ اسْتَمِع إلى آيةٍ مِنْ كِتَاب اللَّه كُتَبتْ لَهُ حَسَنةٌ مُضَاعفة، وَمَنْ تضلا آيةً مِنْ كِتَابِ اللَّه كانت لهُ نُورًا يَوْمَ القِيامَةِ". (حم) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: وفيه ضعف وانقطاع، وقال الهيثمى: فيه عباد بن ميسرة ضعفه أحمد وغيره، ووثقه ابن معين مرة وضعفه أخرى. قلت: له طريق آخر، قال حميد بن زنجويه في الترغيب: ثنا أيوب الدمشقى ثنا إسماعيل بن عياش ثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن أبي هريرة به مثله. 3277/ 8426 - "مَنِ اسْتَمِعَ إلى حَديث قَومٍ وَهُمْ لَهُ كَارهُونَ صُبَّ في أذُنَيْه الآنك، وَمَن أرى عَيْنَيِه في المَنَامِ مَا لَم تَرَ كُلِّفُ أَنْ يَعْقِدَ شعِيرَة". (طب) عن ابن عباس قال الشارح: وإسناده حسن. قلت: بل هو صحيح مخرج في صحيح البخارى [9/ 54، رقم 7042]

بلفظ: "من تحلم" وسيأتى في حرف "من" مع "التاء"، إلا أن المصنف عزاه هناك للترمذى وابن ماجه، وغفل عن عزوه للبخارى. وأخرجه أيضًا ابن مردك في فوائده، قال: حدثنا أبو ذر محمد بن يوسف بن عبيد ثنا عباس الدورى ثنا عمر بن حفص ابن غياث ثنا أبي عن ليث عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به ولفظه: "من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون ملأ اللَّه مسامعه من الآنك". وقال أبو نعيم في الحلية [6/ 276]: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن يوسف ثنا محمد بن يحيى بن منده ثنا أبو كريب ثنا محمد بن ميمون الزعفرانى عن هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس به مختصرًا أيضًا: "من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك". وفي الباب عن أبي هريرة، قال أسلم بن سهل الواسطى بحشل في تاريخ واسط [ص 221]: حدثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن معاوية الحداد بلبل ثنا عبد الرحمن بن نافع عن جده عن أبي هريرة مرفوعًا: "من استمع لحديث قوم وهم له كارهون صب في أذنه الآنك، ومن صور صورة عذب حتى ينفخ فيها الروح وما هو بنافخ". 3278/ 8429 - "مَنِ اسْتَنْجَى مِنَ الرِّيِح فَلَيْسَ مِنَّا". ابن عساكر عن جابر قلت: ومن قبل ابن عساكر أخرجه أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمى في تاريخ جرجان، قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدى ثنا على بن إسحاق أبو الحسن الموصلى بجرجان ثنا محمد بن أحمد بن الصلت البغدادى بمصر ثنا محمد بن زياد بن زبار ثنا شرقى

ابن قطامى عن أبي الزبير عن جابر به، وشرقى كذبوه. 3279/ 8430 - "مَنِ اسْتَودعَ وَدِيعةً فَلا ضَمَان عَلِيهِ". (هـ. هق) عن ابن عمرو قال الشارح: قال مخرجه البيهقى: ضعيف. وزاد في الكبير: وقال ابن حجر: فيه المثنى بن الصباح وهو متروك. قلت: فيه مؤاخذة على المصنف والشارح. أما المصنف فإن البيهقى لم يخرجه بهذا اللفظ وإنما ذكره معلقًا فلا يصح أن يعزى إليه. وأما الشارح فمن جهات، أحدها: قوله: ثم قال مخرجه البيهقى: ضعيف، والبيهقى لم يخرجه كما قلنا. ثانيها: أن البيهقى لم ينص على ضعف هذا الحديث [6/ 289] بل أسند عن على وابن مسعود رضي اللَّه عنهما أنهما قالا: "ليس على مؤتمن ضمان"، قال: وروينا عن شريح: "ليس على المستودع غير المغل ضمان"، قال: وروى في ذلك حديث مسند بإسناد ضعيف. ثم أسند من طريق يزيد بن عبد الملك عن محمد بن عبد الرحمن الحجبى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: لا ضمان على مؤتمن"، ثم قال: وروى ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من استودع وديعة فلا ضمان عليه" اهـ. فما أسنده ولا نص على ضعفه كما ترى. ثالثها: نقله عن الحافظ أنه قال: فيه المثنى بن الصباح وهو متروك، يوهم أن البيهقى خرجه وأن في سنده أيضًا المثنى، والحافظ لم يقل ذلك وإليك نصه: حديث: "من أودع وديعة فلا ضمان عليه"، ابن ماجه عن عمرو بن شعيب

عن أبيه عن جده، وفيه المثنى بن الصباح وهو متروك، وتابعه ابن لهيعة فيما ذكره البيهقى اهـ. فالحافظ خص ابن ماجه بوجود المثنى بن الصباح في سنده، ولم يعز متابعة ابن لهيعة لتخريج البيهقى كما فعل المصنف، بل قال: فيما ذكره البيهقى، والذكر غير التخريج كما هو معلوم, كأنه لم يستحضر من أخرج متابعة ابن لهيعة، وهي عند ابن حبان في الضعفاء في ترجمة عمرو بن شعيب لا في ترجمة ابن لهيعة كما قال الزيلعى، وكلام ابن حبان يطول، أما سنده فقال [2/ 73]: حدثنا أحمد بن على بن المثنى هو أبو يعلى الموصلى ثنا كامل بن طلحة الجحدرى ثنا ابن لهيعة ثنا عمرو بن شعيب به. 3280/ 8434 - "مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلا يَصْرِفُهُ إلى غيْرهِ". (د) عن أبي سعيد قال في الكبير: رمز لحسنه، وفيه عطية بن سعد العوفى وهو ضعيف، وأعله أبو حاتم والبيهقى وعبد الحق وابن القطان بالضعف والاضطراب، ومن ثم رمز المصنف لضعفه، لكن أخرجه الترمذى في العلل الكبرى وحسنه، وأقره عليه الحافظ ابن حجر فكان ينبغى للمصنف عزوه إليه. قلت: فيه أمور، الأول: الحديث خرجه أبو داود [3/ 274، رقم 3468] وابن ماجه [2/ 766، رقم 2283] معًا، والمصنف عزاه لأبي داود وحده، فلم يستدرك الشارح عليه. الثانى: قول الشارح أولًا: رمز المصنف لحسنه، ثم قوله: ومن ثم رمز المصنف لضعفه، لا يخفى ما فيه مما ينبغى أن يسأل اللَّه السلامة منه. الثالث: قوله: لكن أخرجه الترمذى في العلل الكبرى وحسنه فكان ينبغى

فائدة

للمصنف عزوه إليه هدرمة فارغة، فإن الترمذى خرجه (¬1) من نفس الطريق المذكور عند أبي داود وابن ماجه والدارقطنى [3/ 45] والبيهقى [6/ 30] وغيرهم ممن خرج هذا الحديث، وقال الترمذى بعد أن أخرجه من الوجه المذكور: لا أعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وهو حديث حسن اهـ. وإنما حسنه لأن عطية العوفى ليس بشديد الضعف أو متهم، بل هو ممن يكتب حديثه، وغالب ضعفه ناشئ من مذهبه وهو التشيع إلا ما وصفه به بعضهم من التدليس. فائدة قال ابن أبي حاتم في العلل [1/ 387، رقم 1158]: سألت أبي عن حديث رواه أبو بدر شجاع بن الوليد عن زياد بن خيثمة عن سعد الطائى عن عطية عن أبي سعيد مرفوعًا: "من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره"، قال أبي: إنما هو سعد الطائى عن عطية عن ابن عباس قوله. . . اهـ. ولما أخرجه البيهقى قال [6/ 30]: والاعتماد على حديث النهى عن بيع الطعام قبل أن يستوفى، فإن عطية العوفى لا يحتج به اهـ. وقال عبد الحق في الأحكام: عطية العوفى لا يحتج به وإن كان الحيلة قد رووا عنه اهـ. فلم أر في كلامهم تحليله بالاضطراب، ولا رأيت في إسناده اضطراب إلا أن ابن ماجه أخرجه عن محمد بن عبد اللَّه بن نمير: ثنا شجاع بن الوليد ثنا زياد بن خيثمة عن سعد عن عطية عن أبي سعيد به. ثم أخرجه عن عبد اللَّه بن سعيد: ثنا شجاع بن الوليد بسنده فقال: ثنا زياد بن خيثمة عن عطية عن أبي سعيد، لم يذكر سعدًا بين زياد وعطية، وهذا ليس باضطراب، بل هو وهم من عبد اللَّه ابن سعيد فيما أرى واللَّه أعلم. ¬

_ (¬1) انظر العلل الكبرى للترمذى (1/ 524، رقم 207).

3281/ 8435 - "مَنْ أسلَم عَلَى يَدِيِه رَجُلٌ وجَبَتْ لَهُ الجنَّةَ". (طب) عن عقبة بن عامر قال في الكبير: وكذا رواه الطبرانى في الأوسط, الجميع من حديث محمد ابن معاوية النيسابورى عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد عن عقبة، قال الهيثمى: فيه محمد بن معاوية النيسابورى ضعفه الجمهور، وقال ابن معين: كذاب وبقية رجاله ثقات اهـ. وقال ابن حجر: رواه ابن عدى من وجهين ضعيفين، وهو من أحدهما عن الطبرانى والدارقطنى اهـ. وفي الميزان: محمد بن معاوية كذبه الدارقطنى وابن معين وغيرهما، وقال مسلم والنسائى: متروك، ثم أورد له هذا الخبر وقال: هذا منكر جدًا، تفرد به ابن معاوية، وقال ابن معين: لا أصل لهذا الحديث، ومن ثم أورده ابن الجوزى في الموضوعات وتعقبه المؤلف بأن له متابعات في مسند الشهاب. قلت: فيه من عجره وبجره أمور، الأول: قوله: وكذا في الأوسط, يوهم أنه ما أخرجه إلا فيهما، مع أنه أخرجه في الثلاثة (¬1) كما عزاه له الحافظ الهيثمى الذي نقل الشارح كلامه. الثانى: قوله: الجميع من حديث محمد بن معاوية إلى آخره كلام مضحك، فكأنه نزل الكتابين الذين هما لرجل واحد منزلة رجال متعددين. الثالث: قد حرف كلام الهيثمى وحذف منه وزاد فيه، ولفظه: رواه الطبرانى في الثلاثة، وفيه محمد بن معاوية النيسابورى وثقه أحمد وضعفه أكثر الناس، قال يحيى بن معين: كذاب اهـ. فحذف منه قوله: وثقه أحمد، وزاد فيه: وبقية رجاله ثقات. الرابع: قوله: وقال ابن حجر: رواه ابن عدى من وجهين. . . إلخ عجيبة من العجائب، فالحافظ ما ذكر هذا الحديث ولا تكلم عليه، وإنما تكلم على ¬

_ (¬1) انظر المعجم الكبير (17/ 285، رقم 786)، والصغير (1/ 267، رقم 439).

حديث: "من أسلم على يديه رجل فولاؤه له"، ولفظه في "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" في الكلام على حديث: "سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن رجل أسلم على يدي آخر ووالاه، فقال: هو أحق الناس به محياه ومماته". وفي الباب عن أبي أمامة أخرجه ابن عدى من وجهين ضعيفين، وهو من أحدهما عند الطبرانى والدارقطنى ولفظه: "من أسلم على يديه رجل فولاؤه له. . . إلخ". الخامس: قوله: وفي الميزان محمد بن معاوية كذبه الدارقطنى وابن معين وغيرهما، وقال مسلم والنسائى: متروك كذب وتحريف، وإليك عبارة الذهبى [4/ 44، رقم 8188]: محمد بن معاوية النيسابورى الذي يحدث عن الليث بن سعد وجماعة، كذبه الدارقطنى، وهو محمد بن معاوية بن أعين الهلالى يكنى أبا على، جاور بمكة، يروى عن حماد بن سلمة وسليمان بن بلال، حدث عنه أبو حاتم ومطيَّن وبهلول بن إسحاق ومحمد بن على الصائغ وخلق، قال ابن معين: كذاب، وقال أبو زرعة: كان شيخًا صالحًا، إلا أنه كلما لقن تلقن، وقال حرب الكرماني: كتبت عنه، وكان سلمة بن شبيب مستمليه، وقال النسائى: متروك ثم ذكر له أحاديث اهـ. فزاد الشارح: أن مسلمًا قال: متروك، ولم يذكر الذهبى مسلمًا (¬1)، وزاد قوله: وغيرهما، بعد قوله كذبه الدارقطنى وابن معين، ولم يذكر الذهبى مكذبًا له غيرهما. السادس: قوله: وتعقبه المؤلف بأن له متابعات في مسند الشهاب، وهذا أيضًا باطل فإن الحديث ليس لراويه في مسند الشهاب إلا متابعة واحدة [1/ 228، رقم 472]. السابع: أن المؤلف لم يقتصر على ما عزاه إليه الشارح محرفًا، بل قال: نقل ¬

_ (¬1) قد ذكر الذهبى مسلمًا، وقال: قال مسلم والنسائى: متروك.

بعضهم أن أحمد وثق محمد بن معاوية هذا، وقال أبو زرعة: كان شيخًا صالحًا إلا أنه كان كلما لقن يتلقن، وله متابع جليل أخرجه القضاعى في مسند الشهاب، ثم ذكره وهو من رواية سعيد بن كثير بن عفير عن الليث بن سعد به، ثم قال: وسعيد أحد الأئمة الثقات, أخرج له الشيخان اهـ. بهذا تعقب المؤلف لا ما دلسه الشارح، وانظر مستخرجنا على مسند الشهاب. 3282/ 8437 - "مَنْ أسلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ". (عد. هق) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه ابن عدى خرجه وسلمه والأمر بخلافه، بل قال: ياسين بن الزيات: أحد رواته عن الزهرى متروك. قلت: فيه أمور، أحدها: أن ابن عدى ليس له هذا المصنف الذي يعزو إليه المؤلف وغيره في الأحكام حتى يقر الحديث أو يتعقبه، بل مصنفه هذا في الرجال الضعفاء والكلام عليهم، والأحاديث إنما يخرجها في ترجمة الراوى ليستدل بها على ضعفه، أو لذكر علتها وخطئه -أعنى الراوى المترجم فيها - ونحو ذلك، فلا معنى لكونه يقر الحديث أو يتعقبه أصلًا، والشارح يعلم هذا يقينًا. ثانيها: قوله: ياسين الزيات أحد رواته عن الزهرى، يفيد أن الحديث رواه عن الزهرى جماعة أحدهم ياسين بن معاذ الزيات، والواقع أنه لم يروه عن الزهرى إلا هو، فصواب العبارة أن يقول: ياسين الزيات راويه عن الزهرى. ثالثها: المصنف عزا الحديث لابن عدى والبيهقى في السنن, وهو كتاب مصنف في الأحكام وصاحبه يتعقب الأحاديث غالبًا، وقد فعل ذلك في هذا الحديث، فلو وفق الشارح لرشده لقال: البيهقى بدل ابن عدى. قال البيهقى [9/ 113]-وقد أخرج من طريق ابن عدى-: ثنا محمد بن خريم ثنا هشام ثنا مروان بن معاوية ثنا ياسين بن معاذ الزيات عن

الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به ما نصه: ياسين بن معاذ الزيات كوفى ضعيف جرحه يحيى بن معين والبخارى وغيرهما من الحفاظ، وهذا الحديث إنما يروى عن ابن أبي مليكة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا، وعن عروة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا. 3283/ 8439 - "مَنْ أشادَ عَلَى مُسلمٍ عوْرةً يشينُهُ بهَا بغير حقٍّ شَانَهُ اللَّه بها في النَّارِ يومَ القيامةِ". (هب) عن أبي ذر قال في الكبير: وفيه كما قال الحافظ العراقى: عبد اللَّه بن ميمون، فإن لم يكن القداح وإلا فهو متروك اهـ. ورواه عنه الحاكم وصححه، وضعفه الذهبى بأن سنده مظلم، وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه. قلت: عبد اللَّه بن ميمون القداح ممن تكلم فيه الحاكم، وقال: إنه روى عن عبيد اللَّه بن عمر أحاديث موضوعة، فلو كان هو المذكور في السند لما قال الحاكم: إنه صحيح الإسناد، فالظاهر أنه غيره، فإن في الرواة ممن اسمه عبد اللَّه بن ميمون جماعة، وفيهم ممن هو في طبقة القداح اثنان أو ثلاثة متقاربون، إلا أن المذكور في سند هذا الحديث أقدم من القداح لأنه روى هذا الحديث عن موسى بن مسكين عن أبي ذر، وموسى لم أجده وأبو ذر قديم الوفاة، والقداح يروى عن جعفر الصادق فهو متأخر عنه واللَّه أعلم. وكيفما كان فالحديث له شاهد من حديث أبي الدرداء مرفوعًا: "من ذكر أمرأ بشيء ليس فيه ليعيبه به حبسه اللَّه في نار جهنم حتى يأتى بنفاد ما قال فيه"، رواه الطبرانى بسند قال الحافظ المنذرى: إنه جيد. فحديث صححه الحاكم وورد معناه بسند جيد، أقل أحواله أن يكون حسنًا كما قال المصنف.

3284/ 8440 - "مَنْ أَشار إِلَى أخِيِه بحَدِيدَة فإنَّ المَلائكَة تَلَعْنه، وإن كانَ أخَاه لأبِيه وأمِّه". (م. ت) عن أبي هريرة قلت: تحرف في الشرح الصغير رمز الترمذى برمز أبي داود، والواقع أنه لم يخرجه أبو داود، وإنما خرجه الترمذى، وأخشى أن يكون التحريف من الشارح نفسه. والحديث أخرجه أيضًا أحمد [2/ 256، رقم 505] (¬1) وأبو نعيم في الحلية, وفي تاريخ أصبهان، والثقفى في الثقفيات، قال: حدثنا عثمان بن أحمد بن إسحاق البرجى ثنا محمد بن عمر بن حفص ثنا أبو بكر بن إسحاق بن إبراهيم النهشلى شاذان ثنا يعلى بن الصلت عن الصلت ابن دينار عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به. وقال أبو نعيم في التاريخ [1/ 123]: ثنا أحمد بن إسحاق ثنا أحمد بن بندار الحبال ثنا عبد اللَّه بن محمد بن يحيى ابن أبي بكير ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا سفيان الثورى عن أيوب السختيانى عن ابن سيرين عن أبي هريرة به. أما في الحلية فرواه من وجه آخر من طريق ابن شوذب عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. 3285/ 8441 - "مَنْ أَشَارَ بحَدِيدَة إلى أَحَد من المُسْلِمين يُريُد قَتْلُه فَقدْ وَجَبَ دَمُه". (ك) عن عائشة قال الشارح: وفيه مجهول، وبقيته ثقات. ¬

_ (¬1) خرجه بلفظ: "الملائكة تلعن أحدكم إذا أشار. . . ".

وقال في الكبير: ورواه أحمد عن علقمة بن أبي علقمة عن أخيه عن عائشة، قال الهيثمى: وأخوه علقمة، لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. قلت: فيه أمران، أحدهما: قوله في الصغير: وفيه مجهول خطأ فاحش نبهنا عليه مرارًا وذلك أنه يجعل قول الهيثمى: وفيه فلان لم أعرفه، دليلًا على كون ذلك الراوى مجهولا, ولا يلزم من عدم معرفة الهيثمى إياه أن يكون مجهولًا كما هو الواقع هنا كما ستعرفه. ثانيهما: تحرف على الحافظ الهيثمى سند الحديث، أو وقع ذلك منه سهوًا، فإن الحديث من رواية علقمة بن أبي علقمة عن أمه لا عن أخيه، كذلك هو ثابت في مسند أحمد ومشكل الآثار للطحاوى ومستدرك الحاكم، وأمه معروفة اسمها مرجانة، وهي تابعية ثقة وثقها العجلى وابن حبان، واحتج به البخارى ومسلم، ولذلك قال الحاكم في الحديث: صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبى. قال أحمد [6/ 266]: ثنا عبيد بن قرة ثنا سليمان بن بلال عن علقمة عن أمه في قصة ذكرها، فقالت عائشة: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول" وذكرته. وقال الطحاوى في مشكل الآثار [3/ 323، رقم 1287]: ثنا إسماعيل بن إسحاق الكوفى ثنا سعيد بن أبي مريم حدثنى سليمان بن بلال حدثنى علقمة عن أمه عن عائشة به. وقال أيضًا [3/ 323، رقم 1288]: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا سعيد بن كثير بن عفير ثنا سليمان بن بلال عن علقمة بن أبي (¬1) علقمة عن أمه عن عائشة به. ¬

_ (¬1) في المطبوع من مشكل الآثار (أم).

وقد جوده الحاكم وذكره على وجهه فقال [2/ 158، رقم 2669]: أخبرنا بكر بن محمد الصيرفى بمرو ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضى ثنا سعيد بن أبي مريم أنبأنا سليمان بن بلال عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أن غلامًا كان لبابى، وكان بابى يضربه في أشياء ويعاقبه، وكان الغلام يعادى سيده فباعه، فلقيه الغلام يومًا، ومع الغلام سيف، وذلك في إمرة سعيد ابن العاص، فشهر العبد على بابى السيف وتفلت به عليه، فأمسكه الناس عنه فدخل بابى على عائشة رضي اللَّه عنها فأخبرها بما فعل، فقالت عائشة: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: من أشار بحديدة إلى أحد من المسلمين يريد قتله فقد وجب دمه، قالت: فخرج بابى من عندها فذهب إلى سيد العبد الذي ابتاعه منه فاستقاله فأقاله، فرده إليه، فأخذه بابى فقتله". 3286/ 8444 - "مَنِ اشتَرى ثَوبًا بعَشرةِ دَراهِم وَفيه دَرهَمٌ حَرَامٌ لَمْ يَقَبل اللَّه لَهُ صَلاةٌ ما دَام عَلِيه". (حم) عن ابن عمر قال في الكبير: قال العراقى: سنده ضعيف جدًا، وقال الحافظ الهيثمى: هاشم لم أعرفه وبقية رجاله وثقوا، على أن بقية مدلس. . . إلخ. قلت: للحديث طريق آخر من رواية مالك عن نافع عن ابن عمر به مثله، لكنه من رواية عبد اللَّه بن أبي علاج، وقد اتهمه ابن حبان بالوضع، قال ابن حبان [2/ 38]: أخبرنا على بن أحمد الجواربى بواسط ثنا أبي وعمى قالا: حدثنا عبد اللَّه بن أبي علاج عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من اشترى ثوبًا بعشرة دراهم في ثمنه درهم حرام لم يقبل اللَّه له صلاة ما دام عليه"، ثم وضع ابن عمر أصبعيه وقال: صُمَّتا إن لم أكن سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غير مرة ولا مرتين ولا ثلاثًا، قال ابن حبان: وهذا ليس من حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا ابن عمر رواه ولا نافع حدث به ولا مالك ذكره، وإنما هو المشهور

من حديث الشاميين من رواية بقية بن الوليد بإسناد واه: أخبرنا عمران بن موسى بن مهرجان بمكة ثنا عتبة ثنا بقية ثنا يزيد بن عبد اللَّه الجهنى عن أبي جعونة عن هاشم الأوقص عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما، وهذا إسناد شبه لا شيء اهـ. 3287/ 8445 - "مَنْ أَصَاب ذَنْبًا فأقيم عَليه حَدُّ ذَلِك الذنبِ فَهُوَ كَفارَتُهُ". (حم) والضياء عن خزيمة بن ثابت قال في الكبير على قوله فهو كفارته: ولفظ رواية أحمد: "كفارة له"، زاد البخارى في التوحيد: "وطهوره"، ثم قال بعد عزوه: قال الترمذى في العلل: سألت عنه محمدًا -يعنى البخارى- فقال: هذا حديث فيه اضطراب وضعف جدًا، وقال ابن الجوزى: قال ابن حبان: هذا ليس من حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: انظر إلى هذا وتعجب، فبينما هو يحكى عن البخارى أن الحديث مضطرب وضعيف جدًا، إذ يقول في شرح الحديث: زاد البخارى في التوحيد: "وطهوره"، كأن البخارى خرجه في صحيحه, فهكذا الغفلة وإلا فلا. والحديث خرجه جماعة منهم البخارى في التاريخ الكبير [3/ 206، 207]، وذكر اضطرابه، ولفظه: خزيمة بن معمر الخطمى: "أن امرأة رجمت فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: هذا كفارة ذنبها" قاله إبراهيم بن المنذر عن معن عن منظور بن محمد عن أبيه عن خزيمة (¬1)، وقال: روح عن أسامة بن زيد عن محمد بن المنكدر عن ابن خزيمة ابن ثابت عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: حدثنى إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا ابن نافع قال: حدثنى أسامة بن زيد عن ¬

_ (¬1) في المطبوع من التاريخ الكبير "حذيفة".

محمد بن المنكدر عن يزيد بن خزيمة بن ثابت عن أبيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أصاب حدا ثم أقيم عليه الحد كفر اللَّه عنه ذلك الذنب"، حدثنى ابن أبي أويس عن ابن أبي حازم عن أسامة بن زيد أنه بلغه عن بكير ابن عبد اللَّه بن الأشج عن محمد بن المنكدر أنه أخبره أن خزيمة بن ثابت أخبر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "القتل كفارة" اهـ. وقال محمد بن يحيى الذهلى في جزئه: ثنا روح بن عبادة عن أسامة بن زيد عن محمد بن المنكدر عن ابن خزيمة بن ثابت عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أصاب ذنبا أقيم عليه الحد في ذلك فهو كفارة". وقال أسلم بن سهل الواسطى في تاريخ واسط [ص 237]: حدثنا عبد اللَّه بن إسحاق ثنا روح بن عبادة به مثله. ورواه الخطيب [5/ 198] في ترجمة أحمد بن هشام بن حميد من روايته عن محمد بن الجهم السمرى عن روح بن عبادة به. وخالفه المنكدر بن محمد بن المنكدر أيضًا، فقال: عن أبيه عن خزيمة بن معمر الأنصارى، أخرجه ابن شاهين وابن السكن في الصحابة، وقال: تفرد به المنكدر وهو ضعيف. 3288/ 8446 - "مَنْ أَصَابَ مَالًا مِنْ نَهَاوش أذَهَبَهُ اللَّه فِي نَهَابر" ابن النجار عن أبي سلمة الحمصى قلت: الحديث خرجه الرامهرمزى في الأمثال قال [ص 256، رقم 137]: حدثنا موسى بن زكريا ثنا عمرو بن الحصين ثنا محمد بن عبد اللَّه بن علاثة ثنا أبو سلمة الحمصى به.

ومن طريق الرامهرمزى خرجه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 271، 272، رقم 441، 442] وهبة اللَّه ابن المبارك السقطى في معجمه. ومن طريق الثانى خرجه ابن النجار الذي عزاه إليه المصنف، فالمخرج الأول لهذا الحديث هو الرامهرمزى وهو ضعيف كما ذكره الشارح، وانظر مستخرجنا على مسند الشهاب. 3289/ 8447 - "مَنْ أَصَابَ مِنْ شَيْءٍ فَليلزَمْهُ". (هـ) عن أنس قال في الكبير: رواه ابن ماجه من حديث فروة بن يونس عن أنس، قال الزمخشرى: وفروة تكلم فيه الأزدى، وقال غيره: نسب إلى الضعف والوضع اهـ. لكن رواه عنه البيهقى والقضاعى بلفظ: "من رزق" بدل "أصاب" وهو يعضده. قلت: هذا باطل، فإن البيهقى والقضاعى خرجاه أيضًا من طريق فروة بن يونس المذكور، فكيف تعضده روايتهما من نفس طريقه، ثم إنه لم يروه عن أنس كما زعم الشارح، بل رواه عن هلال بن جبير مولى أنس عن أنس، قال القضاعى [1/ 238، رقم 375]: أخبرنا هبة اللَّه بن إبراهيم الخولانى أنا على بن الحسين الأنطاكى أنا الحسين ابن محمد الحرانى أنا أبو الخطاب الحسانى ثنا أبو بحر ثنا فروة بن يونس ثنا هلال ابن جبير مولى أنس بن مالك عن أنس به. وقال ابن ماجه [2/ 726، رقم 2147] والدولابى في الكنى كلاهما: حدثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن عبد اللَّه ثنا فروة بن يونس عن هلال بن جبير عن أنس به. نعم له شاهد من حديث عائشة أخرجه أحمد وابن ماجه [2/ 726، رقم

2148] والبخارى في التاريخ الكبير [8/ 206] (¬1) من طريق نافع -وليس هو مولى ابن عمر- عن عائشة مرفوعًا: "إذا سبب اللَّه لأحدكم رزقًا من وجه فلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر له". وانظر "وشى الإهاب" لنا. 3290/ 8448 - "مَنْ أصَابَ حَدا فَعُجِّلَ عُقُوبَتهُ في الدُّنَيَا فاللَّه أعْدَلُ مِنْ أَنْ يثنِّى عَلَى عَبْدهِ العُقُوبَةَ في الآخَرةِ، وَمَنْ أَصَابَ حَدا فَسَتَرهُ اللَّه عَليهِ فاللَّه أَكرمُ مِنْ أَنْ يَعُودَ في شِيْءٍ قَدْ عَفَا عَنْه". (ت. هـ. ك) عن على قلت: أخرجه أيضًا ابن أبي الدنيا في حسن الظن باللَّه عن محمد بن الحسين [ص 53، رقم 52]: ثنا حجاج بن محمد ثنا يونس بن إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة عن على عليه السلام به. وقال الطحاوى في مشكل الآثار [5/ 423، رقم 2181]: حدثنا عبد الملك ابن مروان الرقى ثنا حجاج بن محمد به. وقال المهروانى في المهروانيات: أخبرنا أبو محمد عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن يحيى البيع ثنا الحسين بن وإسماعيل المحاملى ثنا فضل بن سهل ثنا حجاج بن محمد به. قال الخطيب: هذا حديث غريب من حديث أبي جحيفة عن على، ومن رواية أبي إسحاق عن أبي جحيفة، لا أعلم رواه سوى يونس بن أبي إسحاق عن أبيه. ¬

_ (¬1) رواه من طريق فروة بن يونس، عن هلال بن جبير، عن أنس مرفوعًا بلفظ: "من أصاب في شيء فليلزمه".

قلت: وقد رواه يونس بن أبي إسحاق مرة أخرى عن أبي حنيفة عمن حدثه عن على عليه السلام، أخرجه أبو بكر محمد بن عبد الباقى في مسند أبي حنيفة عن هبة اللَّه بن المبارك الحنبلى عن إسماعيل بن يحيى بن الحسين عن الحسن البغدادى عن أبي بكر بن مالك القطيفى عن عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن أبي شجاع عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي حنيفة. وهذا السند عندى مركب مفتعل، وما أرى أحمد بن حنبل أدرك أبا شجاع، ولا يونس بن أبي إسحاق روى عن أبي حنيفة، فإن يونس أكبر منه وإن مات بعده، واللَّه أعلم. 3291/ 8449 - "مَنْ أصَابتهُ فَاقَة فَأنْزلَها بالنَّاس لَمْ تُسدَّ فَاقَتهُ وَمَنْ أنزَلهَا باللَّه أوشَكَ لَهُ بِالغِنَى، إمَّا بِمَوتٍ آجلٍ أو غَنَى عَاجِلٍ". (حم. د. ك) عن ابن مسعود قلت: أخرجه أيضًا ابن المبارك في الزهد [ص 34، رقم 132] (¬1)، والترمذى في الجامع [4/ 563، رقم 2326] (¬2)، والدولابى في الكنى [1/ 96، 98، 159]، وابن أبي الدنيا في الفرج، وأبو نعيم في الحلية [8/ 314] (¬3)، وانظر أسانيدهم ومتونهم في "وشى الإهاب". 3292/ 8450 - "مَنْ أَصَابَهُ غَمٌّ أَو هَمٌّ أَو سَقَمٌ أَو شِدَّةٌ فَقَالَ: اللَّه رَبى لا شَرِيك لَهُ، كَشَفَ ذَلِك عَنْهُ". (طب) عن أسماء بنت عميس قال في الكبير: ورواه عنها أيضًا أحمد باللفظ المزبور، فالإضراب عنه لا ¬

_ (¬1) وهو من زيادات نعيم بن حماد على ما رواه المروزى عن ابن المبارك. (¬2) رواه بلفظ: "من نزلت به فاقة، فأنزلها بالناس. . ". (¬3) رواه بلفظ: "من نزلت به حاجة فأنزلها بالناس. . . ".

ينبغى، ثم إن فيه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، قال الذهبى: ضعفه أبو مسهر، ووثقه جمع. قلت: فيه أمور، الأول: قوله رواه أحمد باللفظ المزبور كذب، قال أحمد [6/ 369]: حدثنا وكيع ثنا عبد العزيز ثنا هلال مولانا عن [ابن] عمر بن عبد العزيز عن عبد اللَّه بن جعفر عن أمه أسماء بنت عميس قالت: "علمنى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كلمات أقولها عند الكرب: اللَّه ربي لا أشرك به شيئًا"، هذا لفظ أحمد وهو لا يدخل في كتاب المصنف على اصطلاحه لأنه غير قوله من لفظ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، كرواية الطبرانى، فقوله: باللفظ المزبور كذب لا خفاء به. الثانى: ولو كان هذا الاستدراك صحيحًا لكان أولى الناس بأن يستدرك عليه هو الشارح، إذ عزا هذا الحديث لأحمد وهو في سنن أبي داود وابن ماجه، وقد نقل هو مرارًا أن الحديث إذا كان في أحد الكتب الستة لا يعزى إلى غيرها، قال أبو داود [2/ 88، رقم 1525]: حدثنا مسدد حدثنا عبد اللَّه بن داود عن عبد العزيز بن عمر عن هلال عن عمر ابن عبد العزيز عن ابن جعفر عن أسماء بنت عميس قالت: "قال لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ألا أعلمك كلمات تقولينَهُن عند الكرب -أو في الكرب: اللَّه اللَّه ربي لا أشرك به شيئًا". قال أبو داود: هذا هلال مولى عمر بن عبد العزيز. وقال ابن ماجه [2/ 1277، رقم 3882]: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا محمد بن بشر (ح) وحدثنا على بن محمد ثنا وكيع جميعًا عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز حدثنى هلال مولى عمر بن عبد العزيز به بلفظ: "علمنى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كلمات أقولهن عند الكرب: اللَّه اللَّه ربى لا أشرك به شيئًا".

الثالث: أنه سبق للمؤلف أن ذكره في حرف الألف بلفظ: "ألا أعلمك" وعزاه لأحمد وأبي داود وابن ماجه. الرابع: عبارة الذهبى: عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموى، وثقه جماعة، وضعفه أبو مسهر وحده. الخامس: هذا اللفظ الذي عزاه المؤلف للطبرانى ليس هو من طريق عبد العزيز ابن عمر كما زعم الشارح (¬1)، بل هو من وجه آخر [24/ 154، رقم 396] من طريق مجمع بن يحيى عن أبي الغريب بن صعب عن أسماء بنت عميس. ومن هذا الوجه أخرجه الدولابى في الكنى [2/ 80]: حدثنى إبراهيم بن الجنيد الختلى ثنا قيس بن حفص ثنا عبد الواحد بن زياد حدثنى مجمع بن يحيى الأنصارى حدثنى أبو الغريف بن صعب أو صعيب العنزى قال: سمعت أسماء بنت عميس تقول: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأذنى هاتين يقول: من أصابه هم أو غم أوسقم أو شدة أو لأواء فقال: اللَّه ربي لا شريك له فإنه يكشف عنه". 3293/ 8451 - "مَنْ أصْبَحَ وهُوَ لا يَهِمُّ بِظُلْمِ أَحَدٍ غُفِرَ لهُ مَا اجتَرَمَ". ابن عساكر عن أنس قال في الكبير: رواه ابن عساكر من طريق عنبسة بن عبد الرحمن عن إسحاق ابن مرة عن أنس، رمز المصنف لحسنه، وإسحاق قال في الميزان عن الأزدى: متروك الحديث وساق له في اللسان هذا الحديث، ثم قال: عنبسة ضعيف جدًا، وأعاده في اللسان في ترجمة عمار بن عبد الملك، وقال: أتى عن بقية ¬

_ (¬1) قد رواه الطبرانى في الكبير عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز كما قال الشارح (24/ 135، رقم 363).

بعجائب منها هذا الخبر، ورواه عنه أيضًا الديلمى والمخلص والبغوى وابن أبي الدنيا، قال الحافظ العراقى: وسند الحديث ضعيف. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: رمز المصنف لحسنه كذب لا أصل له، فإن المصنف رمز لضعفه كما في النسخ المتعددة، ولا يعقل أن يرمز لحسنه. الثانى: قوله: وساق له في اللسان هذا الحديث وقال: عنبسة ضعيف جدًا، كلام لا يفهم كما ينبغى لأنه في سياق الكلام على تضعيف الحديث بإسحاق بن مرة، ثم ذكر أنه قال: عنبسة ضعيف جدًا، فلا يفهم هل الحديث علته هذا أو هذا؟ والواقع أن الذهبى قال: إسحاق بن مرة عن أنس، قال أبو الفتح الأزدى: متروك الحديث اهـ. زاد الحافظ قوله: ثم أخرج يعنى الأزدى له من طريق عنبسة بن عبد الرحمن عنه عن أنس مرفوعًا، فذكر الحديث ثم قال: وعنبسة ضعيف جدًا اهـ. فكأن الحافظ يقول: لا يتحتم أن يكون إسحاق بن مرة ضعيفًا لأجل روايته هذا الحديث لأن عنبسة شيخه الذي حدثه به ضعيف جدًا، فقد تكون العلة منه، ويكون إسحاق بريئًا ما لم يثبت له شيء آخر يدل على ضعفه، مع كون الرجال قبله وبعده كلهم ثقات حتى تنحصر التهمة فيه. والشارح لم يفهم هذا ولا أدرك مغزاه فنقله على علاته فأتى بما لا يفهم. الثالث: كتب عيينة بن عبد الرحمن بضم العين ويائين مثناتين من تحت ونون، والواقع أنه عنبسة بفتح العين بعدها نون ساكنة ثم باء موحدة ثم سين مهملة، وهو اسم يتحرف على النساخ كثيرًا بـ "عيينة"، وقد وقع في اللسان كذلك، فكأنه تحرف في نسخة الشارح أيضًا فكتبه كذلك، وقد يكون هو نفسه حرفه أيضًا وليس في الضعفاء من اسمه عيينة بن عبد الرحمن. الرابع: قوله: وأعاده في اللسان في ترجمة عمار بن عبد الملك، وقال:

[من شروط المحدث معرفة تواريخ الرجال ووفياتهم]

أتى عن بقية بعجائب منها هذا الخبر، صنيع فاسد يوهم أن عمار بن عبد الملك من رجال سند ابن عساكر الذي عزاه إليه المصنف والشارح بصدد الكلام عليه والواقع بخلاف ذلك، بل عمار بن عبد الملك وقع في سند آخر فهو متابع للسند المذكور، فكان من الواجب على الشارح أن يقول: وقد ورد الحديث من وجه آخر ضعيف أيضًا لأنه من رواية عمار بن عبد الملك، وقد قال فيه الحافظ. . . إلخ. الخامس: نقله عن الحافظ أنه قال: منها هذا الخبر، صنيع فيه ما فيه من التهور وعدم التثبت في النقل، فإن الذهبى قال في الميزان: عمار بن عبد الملك أتى عن بقية بعجائب، قال الأزدى: متروك الحديث اهـ. زاد الحافظ: وقد روى عن بقية فيما ذكر الأزدى عن أبي بسطام عن أنس رفعه فذكر الحديث، فقائل: أتى بعجائب هو الذي [قاله] لا الحافظ، ثم إنه لم يقل: "منها" كما نقل عنه الشارح. [من شروط المحدث معرفة تواريخ الرجال ووفياتهم] السادس: قوله: ورواه عنه أيضًا الديلمى والمخلص والبغوى وابن أبي الدنيا، ترتيب مخالف لأصول أهل العزو والتخريج، بل ولغيرهم عند سرد أسماء العلماء، فإن الديلمى الذي بدأ به متأخر من القرن السادس، وابن أبي الدنيا الذي ختم به متقدم من أهل القرن الثالث، وكذلك المخلص متأخر عن البغوى وهما جميعًا متقدمان على الديلمى ومتأخران عن ابن أبي الدنيا، فكان حقه أن يقول: أخرجه ابن أبي الدنيا والبغوى والمخلص والديلمى، ولهذا كان من شرط المحدث والمخرج معرفة تواريخ الرجال ووفياتهم حتى لا يأخر المتقدم ولا يقدم المتأخر كما فعل الشارح.

السابع: في الحفاظ ممن هو معروف بالبغوى ثلاثة على بن عبد العزيز البغوى، وجعيدة أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد البغوى، وأبو محمد الحسين بن مسعود البغوى وكلهم مصنفون مخرجون يعزى إلى مصنفاتهم. فالأول: له المعجم، وهو غير متداول. والثانى: له معجم الصحابة، وهو كبير مشهور متداول. والثالث: هو الفقيه صاحب التفسير وشرح السنة المتأخر. فأيهم خرج هذا الحديث؟ وإن كان الغالب أنه أبو القاسم فيما يظهر، مع احتمال أن يكون غيره. الثامن: لابن أبي الدنيا ألف مؤلف فيما قيل، والمتداول بين المحدثين مما يكثر العزو إليه نحو الخمسين، ففي أى جزء منها خرج ابن أبي الدنيا هذا الحديث يا مناوى؟ والغالب أن يكون خرجه في كتاب الإخلاص والنية. وقد خرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب [ص 402، رقم 522] في باب "فضل ما للعبد في حسن النية للخلق" فقال: حدثنا محمد بن سليمان الباهلي ثنا محمد بن حسان الأموى ثنا سعيد بن زكريا عن عنبسة بن عبد الرحمن عن إسحاق بن مرة عن أنس به. ورواه الخطيب من وجه آخر فقال [3/ 325]: حدثنا محمد بن أحمد بن رزق ثنا محمد بن الحسن بن زياد المقرى ثنا محمد ابن النضر العسكرى ثنا محمد بن عيسى بن أبي موسى الأنطاكى حدثنى محمد

ابن مصعب عن الهياج بن بسطام عن إسحاق عن أنس به. والهياج فيه مقال وهو يروى عن عنبسة، فكأنه سمعه منه ثم أسقطه، واللَّه أعلم. 3294/ 8453 - "مَنْ أصْبَحَ وَهمهُ غير اللَّه فَلَيْسَ مِنَ اللَّه، وَمَنْ أصْبَحَ لا يَهتمُ بالمسلِمينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ". (ك) عن ابن مسعود قال في الكبير: سكت عليه المصنف فأوهم أنه صالح، وهو غفول عن تشنيع الذهبى على الحاكم بأن إسحاق بن بشر أحد رجاله عدم، قال: وأحسب أن الخبر موضوع، وأورده في الميزان في ترجمة إسحاق من حديثه، وقال: كذبه ابن المدينى والدارقطنى، ومن ثم حكم ابن الجوزى عليه بالوضع. قلت: إن ما نقله عن الذهبى من تعقبه على الحاكم إنما نقله بواسطة المصنف في اللآلئ المصنوعة، ومنه أيضًا عرف أن ابن الجوزى حكم بوضعه وإلا فهو ما رأى موضوعات ابن الجوزى، ومع ذلك ينسب المصنف إلى أنه غفل عن تعقب الذهبى مظهرًا بذلك أنه عرف ما لم يعرفه واطلع على ما لم يطلع عليه المصنف، وأضاف إلى [كل هذا] الكذب المحرم، ومن العجب أنه يوهم نقل تعقب الذهبى على الحاكم حتى تتم الفضيحة، وذلك أن الحاكم خرج الحديث [4/ 317، رقم 7889] أولًا من طريق إسماعيل العطار عن إسحاق بن بشر عن سفيان الثورى عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن حذيفة بلفظ: "من أصبح والدنيا أكبر همه فليس من اللَّه في شيء, ومن لم يتق اللَّه فليس من اللَّه في شيء، ومن لم يهتم للمسلمين عامة فليس منهم"، فتعقبه الذهبى بقوله: إسحاق عدم وأحسب الخبر موضوعًا. ثم أخرجه الحاكم بعد ورقتين [4/ 320، رقم 7902] من طريق عبيد للَّه بن أحمد بن الحسن المروزى عن إسحاق بن بشر، فقال: عن مقاتل بن سليمان

عن حماد عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود، بالحديث المذكور هنا، فقال الذهبى: إسحاق ومقاتل ليسا بثقتين ولا صادقين. ثم إن ابن الجوزى ذكر في الموضوعات حديث حذيفة من عند الخطيب وقال لا يصح إسحاق كذاب، فقال المصنف في أول التعقب عليه: أخرجه الحاكم في المستدرك وتعقبه الذهبى فقال: إسحاق عدم وأظن الخبر موضوعًا. فأخذ الشارح هذا من المصنف وذكره هنا على حديث ابن مسعود الذي قال عنه الذهبى كلامًا آخر، فلو كان الشارح رأه في نفس المصدر وتلخيص الذهبى لما ذكره في غير موضعه، ولكن الواقع أنه إنما نقله بواسطة المؤلف، ثم قال (¬1): ما رأيت متبجحًا بعلم المصنف ومتعقب به عليه بالباطل وساكت مع ذلك عن بقية تعقب المصنف على ابن الجوزى غير مشير إلى شيء منه ولا إلى وجوده من الأصل، مع أن المصنف أطال في التعقب عليه، ولو قصر ولم يجد للحديث طرقا أخرى لتعرض هذا [الشارح] لذلك على عادته، فإن المصنف أورد له شواهد من حديث أنس من ثلاثة طرق عنه ومن حديث أبي ذر، ثم أورد له طريقين آخرين من حديث حذيفة، وإذًا ذاكر ذلك وزائد عليه ما لم يذكره. فالحديث رواه إسحاق بن بشر أبو حذيفة البخارى صاحب كتاب المبتدأ، وهو عندهم كذاب متهم، ولذلك أورده ابن الجوزى في الموضوعات, وزاد في تهمته أنه رواه بإسنادين، فمرة قال: عن الثورى عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة، ومرة قال: عن مقاتل عن حماد عن إبراهيم عن عبد الرحمن ابن يزيد عن ابن مسعود، وذلك مما يدل على اضطرابه وعدم صدقه. لكنه لم ينفرد بالحديث بل توبع عليه، فرواه هناد بن السرى في الزهد عن قبيصة عن الثورى به، لكنه قال: عن أبان عن أبي العالية عن حذيفة أراه رفعه: "من أصبح وأكبر همه غير اللَّه فليس من اللَّه في شيء"، وهذا سند ¬

_ (¬1) لم يأت المؤلف بما قاله الشارح هنا، انظره الصفحة السابقة.

صحيح أو حسن لا ينزل عن ذلك، فإن قبيصة صدوق صالح قيل: إنه يهم ويغلط، وقيل: بل هو حافظ ضابط. ثم مع هذا فله طريق آخر عن حذيفة أخرجه ابن لال في مكارم الأخلاق، فهما طريقان يبرئان ساحة إسحاق بن بشر. وله مع ذلك شواهد عن جماعة من الصحابة مرفوعًا وموقوفًا، فرواه المخلص في فوائده، وابن النجار من طريقه، وأبو نعيم في الحلية [3/ 48] من طريق وهب بن راشد عن فرقد السنجى عن أنس مرفوعًا: "من أصبح وهمه غير اللَّه فليس من اللَّه، ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم"، قال أبو نعيم: لم يروه عن أنس غير فرقد ولا عنه إلا وهب بن راشد، وهما غير محتج بهما ولا بتفردهما. قلت: وهذا غريب من أبي نعيم، فقد رواه عن أنس أيضًا زياد بن ميمون وأبان، وأغرب من هذا أن الذي خرج حديث زياد بن ميمون هو أبو نعيم نفسه في تاريخ أصبهان [1/ 243]، فقال في ترجمة جعفر بن محمد القومسى: حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن يزيد الزهرى ثنا جعفر بن محمد بن على القومسى ثنا الحارث بن مسلم الروذى ثنا زياد بن ميمون عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أصبح وأكثر همه الدنيا فليس من اللَّه، وإن عمل الرجل المسلم لأخيه درجة لا يدرك فضلها"، وزياد بن ميمون متروك، وقد اعترف بأنه لم يسمع من أنس. ورواه ابن النجار من طريق أبي همام الوليد بن شجاع عن عبد اللَّه بن زبيد الأيامى عن أبان عن أنس مرفوعًا: "من أصبح وأكثر همه غير اللَّه فليس من اللَّه في شيء، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس من المسلمين"، وأبان فيه ضعف أيضًا.

ورواه الطبرانى في الأوسط [3/ 48]، من حديث يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث الصنعانى عن أبي عثمان النهدى عن أبي ذر مرفوعًا: "من أصبح وهمه الدنيا فليس من اللَّه في شيء، ومن لم يهتم بالمسلمين فليس منهم ومن أعطى الذلة من نفسه طائعًا غير مكره فليس منا"، ويزيد بن ربيعة الرحبى متروك، وقال ابن عدى: أرجو أنه لا بأس به. وقال الإِمام أحمد في الزهد [ص 58، رقم 1781]: حدثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا عبد العزيز بن مسلم عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال: "من أصبح وأكبر همه غير اللَّه عز وجل فليس من اللَّه". وقال الدينورى في الأول من المجالسة: حدثنا إبراهيم بن حبيب الهمداني ثنا ابن خبيق ثنا يوسف بن أسباط عن الحسن بن صالح قال: "من أصبح وله هم غير اللَّه فليس من اللَّه". 3295/ 8454 - "مَنْ أَصْبَحَ مُطِيعًا للَّه في وَالِدَيه، أصْبَح له بابَانِ مفْتُوحانِ من الجنَّة، وإن كان واحدًا فَواحد". ابن عساكر عن ابن عباس قال في الكبير: قال في اللسان: رجاله ثقات أثبات غير عبد اللَّه بن يحيى السرخسي، فهو آفته اهـ. وعزاه في الشرح الصغير إلى ابن النجار ثم قال: وفيه متهم بالوضع، وبقيته ثقات. قلت: أما عزوه لابن النجار فخطأ ظاهر، وأما قوله: فيه متهم بالوضع وبقيته ثقات، فدليل على بعده تمام البعد من معرفة صناعة الحديث، فإنه

أخذه من قول الحافظ في اللسان: رجاله ثقات غير عبد اللَّه بن يحيى فهو آفته. وبين الكلامين بون بعيد، فالأول: حق، والثانى: وهو كلام الشارح باطل, لأنه لما نص على كونه فيه وضاع، فلا فائدة بعد ذلك في أن ينص على أن بقيته ثقات, لأن ذلك لا يفيد الحديث قوة أصلًا، فهو من الكلام العبث تقريبًا. أما كلام الحافظ فمعناه أن الحديث ظاهر النكارة والبطلان في نظره، ورجال السند كلهم ثقات أثبات لا يتهمون بشيء، فبقيت التهمة منحصرة فيه، فدل على أنه كذاب لأنه لو كان معه في السند ضعيف آخر أو ضعيفان لشاركاه في التهمة واحتمل أن يكون من أحدهم، بخلاف ما لو كان الجميع ثقة إلا واحدًا كهذا، فإن التهمة انحصرت فيه، فهذا وجه الفرق بين كلام الحفاظ وكلام الشارح. ولا يشكل عليك هذا بعبارة الحافظ الهيثمى في مجمع الزوائد: فيه فلان ضعيف وبقيته ثقات، فإن هذا مسلوك مقبول, لأن الضعيف لا يدل وجوده في السند على وضع الحديث بخلاف الوضاع. ثم إن كلام الحافظ في هذا الحديث غير مقبول، واتهامه لهذا الرجل وهو عبد اللَّه بن يحيى السرخسى بهذا الحديث باطل، فإنه لم ينفرد به، بل ورد الحديث من غير طريقه، وذلك مما يستغرب من الحافظ كما يستغرب من المصنف اقتصاره على عزو الحديث إلى ابن عساكر وهو عند الحاكم في تاريخ نيسابور وجماعة كما سأذكره. ويجب أن يراجع تاريخ ابن عساكر هل هو عنده من طريق عبد اللَّه بن يحيى المذكور كما قال الشارح أم لا، فإن الشارح بلغ المنتهى في التهور وعدم التحقيق والتثبت، فإنه رتب أحاديث الميزان واللسان وجعل ذلك من مصادره

التي يرجع إليها في الكلام على الأحاديث، وهذا الحديث ذكره الحافظ في اللسان في ترجمة عبد اللَّه بن يحيى بن موسى السرخسى من عند الحاكم في التاريخ, والمصنف عزاه إلى ابن عساكر، فقد يكون ابن عساكر خرجه من هذا الطريق وقد يكون خرجه من طريق آخر ليس فيه عبد اللَّه بن يحيى المذكور، وذلك السر في كونه عزاه إلى ابن عساكر المتأخر دون الحاكم المتقدم، والشارح لا يتحرج من مثل هذا، فيلصق سند الحاكم بسند ابن عساكر، وينسب إلى هذا ما في ذاك من الضعفاء ويخلط الخبيث بالطيب، فلذلك سقط الاعتماد على نقله تمام السقوط، وسقط هو من درجة الاعتبار والاعتداد به إلا عند المغتر الذي لم يخبر حالة فيقع في مهاوى الأغلاط الفاحشة. والمقصود أن الحديث له طرق أخرى، ذكر الحافظ منها في اللسان واحدًا ولم يتعرض له الشارح مع كونه رتب أحاديث الكتاب على الحروف، ومن قبله ذكره الذهبى في الميزان الذي رتبه الشارح أيضًا فقال: روى ابن أبي عمر العدني -يعنى صاحب المسند- قال: حدثنا عبد القدوس بن حبيب عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: "ما من مسلم يصبح والداه عليه ساخطان إلا كان له بابان من النار، وإن كان واحدًا فواحد". وهذا بقية الحديث الذي ذكره المصنف مختصرًا، فإن الحاكم في التاريخ خرجه بلفظ: "من أصبح مطيعًا للَّه في والديه أصبح له بابان مفتوحان من الجنة، وإن كان واحدًا فواحد، ومن أمسى عاصيًا للَّه في والديه أصبح له بابان مفتوحان من النار، وإن كان واحدًا فواحد، قال رجل: وإن ظلماه، قال: وإن ظلماه، وإن ظلماه"، وعبد القدوس بن حبيب متروك لا يعتمد عليه أيضًا.

ولكن له طريق ثالث ليس فيه واحد منهما، قال الدولابى في الكنى [2/ 133]: حدثنا محمد بن عوف أبو جعفر الطائى ثنا أبو موسى عيسى بن سليمان الشيزرى ثنا مكبر -رجل من أهل الشام- عن الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد أن ابن عباس قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من أصبح مرضيًا لوالديه أصبح له بابان مفتوحان من الجنة". وطريق رابع: قال ابن وهب في جامعة: أخبرنى شبيب بن سعيد عن أبان بن أبي عياش عن محمد بن المنكدر عن عطاء الخراسانى أن ابن عباس قال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-قال: "من أصبح مرضيًا لوالديه أصبح له بابان مفتوحان إلى الجنة، وإن كان واحدًا فواحد، وإن أمسى مرضيًا لوالديه فمثل ذلك، وإن أصبح مسخطًا لوالديه أصبح له بابان مفتوحان إلى النار، وإن كان واحدًا فواحد، وإن أمسى مسخطًا لوالديه فمثل ذلك، قال: ثم أتبع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: وإن ظلماه وإن ظلماه". وطريق خامس: من حديث زيد بن أرقم، قال ابن شاهين في الترغيب [2/ 276، رقم 290]. ثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول حدثنى جدى حدثنى أبي عن محمد بن يونس بن خباب عن يونس بن خباب عن يزيد التيمى عن زيد بن أرقم قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من أصبح عنه والداه راضيين أصبح له بابان مفتوحان إلى الجنة". وعند السمرقندى في التنبيه له طريق موقوف، إلا أنه لا يحضرنى التنبيه الآن.

فهذه الطرق كلها تبرئ عبد اللَّه بن يحيى السرخسى الذي جزم الحافظ بأنه آفته، وتبين أن الحديث له أصل أصيل، وأنه غير موضوع، بل ثابت صحيح. 3296/ 8455 - "مَنْ أَصَبَح مِنكُم آمنًا في سِرْبِه مُعَافى في جَسَدهِ عِنَده قُوتَ يَومِه، فكَأنما حيزَتْ له الدُّنيا بِحَذافِيرها". (خد. ت. هـ) عن عبيد اللَّه بن محصن قال في الكبير: قال (ت) حسن غريب، قال ابن القطان: ولم يبين لم لا يصح، وذلك لأن عبد الرحمن بن أبي شميلة لا يعرف حاله، وإن قال ابن معين: مشهور، فكم من مشهور لا تقبل روايته، وفي الميزان: سلمة بن عبيد اللَّه قال أحمد: لا أعرفه، ولينه العقيلى، ثم ساق له هذا الخبر، وقال: روى من طريق أبي الدرداء أيضًا بإسناد لين. قلت: هذا يوهم أن الذي ساق الخبر ولينه هو العقيلى، ومراده الذهبى، فإنه الذي ساقه، ثم قال في حديث أبي الدرداء: وإسناده لين، يشبه هذا. وحديث أبي الدرداء أخرجه ابن حبان في روضة العقلاء، وأبو نعيم في الحلية [5/ 249]، وأسنده الذهبى في ترجمة سعد الزنجانى من التذكرة من طريق عبد اللَّه بن هانئ بن عبد الرحمن المقدسى عن أبيه عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أم الدرداء عن أبي الدرداء به، وقال الذهبى: هذا حديث غريب ما علمت في نقلته جرحًا لكنى لا أعرف هانئًا، وأما المتن فمعروف. وقال أبو نعيم: غريب من حديث إبراهيم تفرد به ابن أخيه عنه. ورواه الطوسى في أماليه من هذا الوجه أيضًا. ورواه هو أيضًا في المجالس ومن قبله حمزة بن يوسف في تاريخ جرجان [ص 364] من حديث على عليه السلام.

3297/ 8456 - "مَنْ أَصَبَحِ يَوُمَ الجُمعَةِ صَائِمًا وعَادَ مرِيضا وشَهِدَ جَنازَة وتَصَّدقَ بصَدَقةٍ فقدْ أوجَبَ". (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقى خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل عقبة بالخبر الذي بعده ثم قال: هذا مؤكد للإسناد الأول وكلاهما ضعيف. قلت: هذا كلام ساقط لا فائدة فيه أصلًا، والمصنف لا ينقل كلام المخرجين ولا في كلامه وايراده للأحاديث ما يدل على كلام المخرجين أو عدمه، والشارح إنما نقل كلام البيهقى بواسطة المصنف في اللآلئ المصنوعة كما سأذكره في الحديث الذي بعده. 3298/ 8457 - "مَنْ أَصَبَحَ يومَ الجُمعةِ صائمًا وعَادَ مَريضًا وأطْعَم مِسكِينًا وشيَّع جَنازَة لمْ يتْبعه ذنبٌ أربَعِين سَنةَ". (عد. هب) عن جابر قال في الكبير عند ذكر ابن عدى والبيهقى: كلاهما معًا عن محمد بن أحمد المصيصى عن يوسف بن سعيد عن عمرو بن حمزة البصرى عن الخليل بن مرة عن إسماعيل بن إبراهيم عن عطاء عن جابر، قال ابن الجوزى: موضوع، عمرو والخليل وإسماعيل ضعفاء، ورده المؤلف بأن هذا لا يقتضى الوضع. قلت: قوله: كلاهما معًا تعبير بارد سخيف، وقوله عن محمد بن أحمد تعبير فاسد عند أهل الصناعة، لأنه يوهم أن ابن عدى والبيهقى متعاصران يرويان عن شيخ واحد، والواقع أن ابن عدى شيخ شيوخ البيهقى، فقوله عن محمد بن أحمد هو بالنسبة لابن عدى صحيح لأنه هو شيخه في الحديث، وبالنسبة للبيهقى باطل لأن بينه وبينه واسطتين، والصواب في

التعبير عنه أن يقال: من طريق أو من حديث محمد بن أحمد. وقوله: ورده المؤلف بأن هذا لا يقتضى الوضع، تدليس وتلبيس وإيهام أن المؤلف لم يتعقب ابن الجوزى إلا بذلك، والواقع خلافه، فإنه قال: هذا لا يقتضى الوضع، وقد وثق أبو زرعة الخليل فقال: شيخ صالح، وقال ابن عدى: ليس بمتروك، وروى له الترمذى. وأخرج البيهقى حديثه هذا في الشعب [3/ 394، رقم 3865] وله شاهد، قال البيهقى [3/ 394، رقم 3864]: أنبأنا على بن أحمد بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد ثنا ابن أبي قماش ثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه الأويسى ثنا ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة، فذكر الحديث السابق ثم قال: قال البيهقى: الإسناد الأول يؤكد هذا وكلاهما ضعيف. وله شاهد آخر، قال الطبرانى في الأوسط [2348]: [ثنا إبراهيم] ثنا محمد بن حفص الأوصابى ثنا محمد بن حمير عن حريز (¬1) عن خالد بن معدان عن أبي أمامة به نحوه. وله شاهد آخر أخرجه أبو يعلى [2/ 312، رقم 1043] والبيهقى في الشعب من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن الوليد بن قيس عن أبي سعيد الخدرى مرفوعًا: "من وافق صيام يوم الجمعة وعاد مريضًا وشهد جنازة وتصدق وأعتق رقبة وجبت له الجنة ذلك اليوم" اهـ. هذا كله تعقب المصنف. ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط: "جرير"، والمثبت من الأوسط للطبرانى.

3299/ 8458 - "مَنْ أُصِيبَ بمصيبةٍ في مَالِه أو جَسدهِ، وكَتمَها ولم يشكُها إلى النَّاسِ كان حَقًا على اللَّه أنْ يغفِرَ له". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: قال المنذرى لا بأس بإسناده، وقال الهيثمى: فيه بقية وهو ضعيف اهـ. وعده في الميزان في ترجمة بقية من جملة ما طعن عليه فيه، وأعاده في ترجمة هشام بن الأزرق، وقال: قال أبو حاتم: موضوع لا أصل له. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: وقال الهيثمى: فيه بقية وهو ضعيف، نقل محرف باطل لا يقوله الحافظ الهيثمى، والواقع أنه قال: فيه بقية وهو مدلس. الثانى: قوله وأعاده في ترجمة هشام بن الأزرق تحريف أيضًا، وإنما هشام ابن خالد الأزرق، ولا معنى لهذا الصنيع الذي يكثر منه الشارح إلا عدم التحقيق والأمانة والتحرير، ثم إضلال من يريد الرجوع إلى الأصول فإنه سوف لا يجد في الميزان من اسمه هشام بن الأزرق. الثالث: قد نقل في الحديث أنقالًا متعارضة متضاربة من كونه: لا بأس بإسناده إلى كونه "ضعيفًا" إلى كونه "موضوعًا لا أصل له"، ولم يبين للناس ما هو الصواب منها مع الإعراض عن صنيع المصنف الذي هو الحق، وهو أن الحديث ضعيف لا حسن ولا باطل موضوع. والحديث خرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء وابن أبي حاتم في العلل والبندهى في شرح المقامات كلهم من طريق هشام بن خالد عن بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس.

3300/ 8459 - "مَنْ أُصِيبَ بمصيبة فَذَكر مُصيبتَه فأحْدَث اسِترجَاعًا وأن تَقادَم عَهدُها كَتَب اللَّه له مِن الأجرِ مِثلَه يوم أُصيبَ". (هـ) عن الحسين بن على قال الشارح: وضعفه المنذرى. قلت: كان من حقه أن يبين سبب ضعفه لا سيما والحديث في أصل متداول يمكنه الرجوع إلى إسناده فيه والنظر في رجاله، وذلك لأنه من رواية هشام ابن زياد أبي المقدام، وهو ضعيف، ثم اختلف عليه فيه، فبعض الرواة يقول: عنه عن أبيه، وبعضهم يقول: عن أمه. فالحديث خرجه أيضًا الدولابى في الكنى [2/ 128] فيمن كنيته أبو المقدام، فقال في روايته: عن أبيه عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها. وقال ابن ماجه في روايته [1/ 510، رقم 1600]: عن هشام بن زياد عن أمه عن فاطمة. لكنه ورد من طريق آخر من حديث أنس، قال أسلم بن سهل الواسطى في تاريخ واسط [ص 70]: حدثنا تميم بن المنتصر بن تميم أنا محمد بن يزيد عن أم كثير الأنصارية قالت: سمعت أنسًا يقول: "من أصيب بمصيبة واسترجع إذا ذكرها كتب له مثل أجرها يوم أصيب بها"، كذا ذكره موقوفًا وله حكم الرفع. 3301/ 8462 - "مَنْ أضْطَجَع مَضجَعًا لم يَذكر اللَّه فيه كانَ عليهِ ترةٌ يوم القِيامِة، ومَنْ قَعَد مَقْعدًا لم يَذْكُر اللَّه فيه كَانَ عليه ترةٌ يوم القِيامةِ". (د) عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وفيه محمد بن عجلان خرج له مسلم

متابعة وأورده الذهبى في الضعفاء وظاهر صنيع المصنف أن أبا داود تفرد بإخراجه عن الستة وليس كذلك، بل خرجه النسائى أيضًا عن أبي هريرة. قلت: فيه أمور، الأول: التعقب على حكم المصنف على الحديث بالحسن بوجود ابن عجلان فيه، وأن الذهبى ذكره في الضعفاء من الفضول والدخول فيما لا يعرف المرء ولا يدريه، فابن عجلان ثقة إمام، وكونه قيل فيه شيء، لا يدل على ضعفه، إذ قل ما يسلم بشر من ذلك، وغاية ما قيل فيه أن في حفظه شيئًا، وذلك صفة راوى الحسن، على أنه روى عنه ما يدل على حفظه وإتقانه كما سيأتى. الثانى: أن الذهبى وإن ذكره في الميزان فقد أثنى عليه، فقال: إمام صدوق مشهور، روى عنه مالك وشعبة ويحيى القطان، وثقه أحمد وابن معين وابن عيينة وأبو حاتم، روى عباس عن ابن معين قال: ابن عجلان أوثق من محمد بن عمرو ما يشك في هذا أحد، ثم قال الذهبى: وكان ابن عجلان من الرفعاء الأئمة أولى الصلاح والتقوى ومن أهل الفتوى له حلقة في مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كان يشبه بالحسن البصرى، قال: ومع كونه متوسطًا في الحفظ فقد ورد ما يدل على جودة ذكائه، ثم حكى عنه حكاية تدل على حفظه مع صلاحه وولايته واستجابة دعائه، فحديثه فوق الحسن. الثالث: قوله: وظاهر صنيع المصنف. . . إلخ عبارته الركيكة التي اعتادها من أول كتابه، كلام باطل ودعوى كاذبة، فإن النسائى خرج الحديث في اليوم والليلة [ص 475، رقم 818] وفي السنن الكبرى [6/ 205، رقم 10654] وليس هو من الستة كما هو معلوم، أما السنن الصغرى الذي هو أحد الكتب الستة فما خرج فيه هذا الحديث. الرابع: أن الحديث له ألفاظ متعددة، والمصنف يعزو في كل حرف لمن خرج الحديث على ذلك اللفظ، وإلا فالحديث موجود في سنن الترمذى وابن ماجه

أيضًا، وقد سبق في حديث: "ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا اللَّه فيه"، وأخرجه أيضًا أحمد وابن أبي الدنيا وابن السنى في عمل اليوم والليلة وابن حبان في الصحيح. الخامس: عادة الشارح أن يتعقب بالكذب والباطل، ولا يتعرض لما هو من التعقب الحق، وذلك أن أبا داود خرج الحديث [4/ 266، رقم 4856] بلفظ: "من قعد مقعدًا لم يذكر اللَّه فيه" الحديث، فكان حقه أن يذكره فيما بعد في حرف: "من قعد"، ولكنه قدم وأخر في متن الحديث (¬1). 3302/ 8463 - "مَنْ أَطَاعِ اللَّه فَقدْ ذَكَر اللَّه وإن قَلتْ صَلَاتُه وصِيامُهُ وتلاوُته للقرآن، ومَنْ عَصَى اللَّه فلمْ يَذكُرْه وإن كَثُرتُ صَلَاتُه وصِيَامُه وتِلاوتُه لِلقُرآنِ". (طب) عن واقد قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه الهيثم بن جماز وهو متروك اهـ. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه. قلت: له طريق رجاله رجال الصحيح إلا أنه مرسل أيضًا فهو مرسل صحيح. قال ابن المبارك في الزهد [ص 17، رقم 70] (¬2): ثنا سعيد بن أبي أيوب قال: قال أبو هانئ الخولانى إنه سمع خالد بن أبي عمران يقول: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من أطاع اللَّه فقد ذكر اللَّه وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن، ومن عصى اللَّه فقد نسى اللَّه وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن". ¬

_ (¬1) قد أخرج أبو داود الحديث (4/ 316، رقم 5059) باللفظ المذكور، وهو: "من اضطجع مضجعا. . . ". (¬2) وهو من زيادات نعيم على المروزى.

3303/ 8464 - "مَنْ أطعَم مُسلِمًا جَائعًا أطْعَمَه اللَّه مِن ثِمَارِ الجنَّةِ". (حل) عن أبي سعيد قال الشارح: وإسناده ضعيف. [قلت]: ولم يقل ذلك عن علم، وإنما قاله تبعًا لرمز المصنف، وسببه أنه من رواية أبي هارون العبدى وهو ضعيف. لكنه ورد من غير طريقه، قال ابن شاهين في الترغيب [2/ 318، رقم 371]: ثنا إبراهيم بن عبد الزبيرى (¬1) ثنا عمر بن على ثنا عبد الوهاب ثنا هشام بن حسان عن الجارود عن عطية عن أبي سعيد مرفوعًا: "من أطعم مؤمنًا جائعًا أطعمه اللَّه من ثمار الجنة، ومن سقا مؤمنًا على ظمأ سقاه اللَّه من الرحيق المختوم يوم القيامة، ومن كسا مؤمنًا عاريًا كساه اللَّه من خضر الجنة". ومن هذا الوجه أخرجه أبو القاسم بن بشران في أماليه، ومن طريقه أبو الحسين الفراء في الطبقات في ترجمة أبي جعفر عبد الخالق بن عيسى العباسى عنه عن أبي القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن زياد القطان حدثنا محمد بن الفضل بن جابر السقطى ثنا أحمد بن محمد بن حفص الصفار ثنا محمد بن سواء عن هشام بن حسان به. وفي الباب عن أنس وعبد اللَّه بن عمرو وغيرهما، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 297]: ثنا محمد بن عبيد اللَّه بن المرزبان الواعظ ثنا أحمد بن محمود بن صبيح ثنا حاتم بن يونس الجرجانى ثنا محمد بن يزيد الواسطى عن بكر بن خنيس عن ¬

_ (¬1) في الترغيب لابن شاهين: "الزبيبى".

صدقة عن ثابت عن أنس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من اهتم بجوعة مسلم فأطعمه حتى يشبع غفر له". وقال الدولابى في الكنى [1/ 117]: ثنا أبو الربيع سليمان بن داود ثنا إدريس بن يحيى الخولانى عن أبي الأيثم رجاء بن أبي عطاء عن واهب بن عبد اللَّه عن عبد اللَّه بن عمرو: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من أطعم أخاه من الخبز حتى يشبعه وسقاه من الماء حتى يرويه، أبعده اللَّه من النار سبع خنادق ما بين كل خندقين مسيرة خمسمائة عام". وقال الطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 371، رقم 159]: ثنا عمارة بن وثيمة المصرى ثنا أبي وثيمة بن موسى بن الفرات ثنا إدريس بن يحيى به. وقال الحاكم [4/ 129، رقم 7172]: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا إبراهيم بن منقذ الخولانى بمصر ثنا إدريس بن يحيى الخولانى به، ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبى في التلخيص. وقال في الميزان [2/ 46، رقم 2764]: رويناه مسلسلًا بالمصريين: أخبرنا محمد بن الحسين القرشى بمصر أنا محمد بن عماد أنا عبد اللَّه بن رفاعة أنا أبو الحسن القاضى أنا عبد الرحمن بن عمر البزاز أنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو ثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا إدريس بن يحيى الخولانى به، ثم قال: هذا حديث غريب منكر تفرد به إدريس أحد الزهاد. قال الحافظ: وهذا الحديث أورده ابن حبان وقال: إنه موضوع، وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال: صحيح الإسناد، فما أدرى ما وجه الجمع بين كلاميه كما لا أدرى كيف الجمع بين قول: صويلح وسكوته على تصحيح

الحاكم في تلخيص المستدرك مع حكايته عن الحافظين أنهما شهدا عليه برواية الموضوعات. وقد وقع لنا الحديث المذكور قراءته على [على بن] (¬1) محمد بن أبي المجد عن سليمان بن حمزة عن محمد بن عباد به اهـ. قلت: وهو مخرج في الخلعيات، وأبو الحسن القاضى في الإسناد هو الخلعى، دلسه الذهبى على عادته. ومراد الحافظ بكلام الحافظين، ابن حبان والحاكم، فإن الذهبى قال في رجاء ابن أبي عطاء المصرى: صويلح، قال الحاكم: مصرى صاحب موضوعات، وقال ابن حبان: يروى الموضوعات ثم ساق له الحديث الذي وقع لنا مسلسلًا. . . إلخ ما سبق. وهو اضطراب غريب من الحاكم، والذهبى لا يدرى الجمع بينه كما قال الحافظ، والغالب فيه الذهول والنسيان واللَّه أعلم. 3304/ 8465 - "مَنْ أَطْعَم أَخَاه المُسلَم شَهَوتَه حَرَّمَه اللَّه على النَّارِ". (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وسلمه، والأمر بخلافه بل عقبة بقوله: هو بهذا الإسناد منكر. قلت: المصنف ما نقل من أول الكتاب إلى آخره تعقب مصنف على حديث كما هو معلوم للشارح، وبعد هذا فهو إنما نقل كلام البيهقى بواسطة المصنف الذي نقل الحديث من عند البيهقى في الشعب بإسناده وتعقبه وذلك في اللآلئ المصنوعة [2/ 46] على حديث: "من وافق من أخيه شهوة غفر له"، فإن ابن الجوزى أورده في الموضوعات [2/ 171] من عند العقيلى، فذكر ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفتين زيادة من اللسان.

المصنف في تعقبه عليه هذا الحديث شاهدًا له، فقال: وقال البيهقى في شعب الإيمان [3/ 222، رقم 3382]: أنبأنا أبو عبد اللَّه الحافظ في التاريخ أنبأنا أبو زكريا العنبري ثنا محمد بن عبد السلام ثنا عبد اللَّه بن مخلد بن خالد التيمى (1) صاحب أبي عبيد حدثنى أبي ثنا عبد اللَّه بن المبارك عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعًا: "من أطعم أخاه المسلم شهوته حرمه على النار"، قال البيهقى: هو بهذا الإسناد منكر اهـ. فمنه نقل الشارح هذا ثم صار يتبجح على المصنف ويخطئه بالباطل وبعلمه ونقله. 3305/ 8467 - "مَنْ أَطْفَأ عن مُؤمِن سَيّئة كَان خَيرًا من إحْيَاءِ مَؤُءُوَدة". (هب) عن أبي هريرة قال الشارح: إسناده حسن. وقال في الكبير: فيه الوليد بن مسلم أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ثقة مدلس سيما في شيوخ الأوزاعى وعبد الواحد بن قيس، قال يحيى: لا شيء. قلت: وهذا يناقض قوله في الصغير: إسناده حسن، وانظر الحديث الآتى بلفظ: "من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة من قبرها".

3306/ 8469 - "مَنِ اطَّلعَ في كِتَاِب أخِيهِ بِغيرِ إذْنِه (¬1) فَكأنَّما اطَّلَع في النَّارِ". (طب) عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد حسن. قلت: هذا تقصير شديد من الشارح حيث لم يزد في العزو على ما ذكره المصنف، لأن المصنف مقيد بالعزو إلى من وقع عنده الحديث بهذا الحرف، والشارح لا يتقيد بذلك لا سيما وهو مبتلى بالانتقاد على المصنف بالباطل، والواقع أن المصنف لم يوسع الكلام على هذا الحديث في كتاب آخر من كتبه فلم يجد الشارح من كلامه ما يتعقب به عليه. والحديث قطعة من حديث طويل خرجه أبو داود [2/ 78، رقم 1485] وابن ماجه (2) والحارث بن أبي أسامة وابن أبي الدنيا في التوكل [ص 9، رقم 44] وأحمد بن منيع، وعلي بن عبد العزيز البغوى وابن حبان في الضعفاء [3/ 88] والحاكم في المستدرك [4/ 270، رقم 7706، 7707] وأبو نعيم في الحلية [3/ 218] وفي تاريخ أصبهان [2/ 224] والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 285، رقم 464] وأبو عثمان الصابونى في العقيدة [ص 58، 59، رقم 95] كلهم من رواية محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس، وجلهم وقع عنده: "من نظر في كتاب أخيه"، ومنهم من اقتصر عليه ولم يذكر بقية الحديث، ومنهم من ذكر جملة أخرى غير هذه، كأن ابن ماجه (¬2) وأكثرهم وقع عندهم مختصرًا إلا الحارث ابن أبي أسامة وأبا نعيم في الحلية ¬

_ (¬1) في المطبوع من فيض القدير: "بغير أمره. . . " (¬2) رواه ابن ماجه (1/ 374، رقم 1181) بلفظ: "إذا دعوت اللَّه فادع بباطن كفيك، ولا تدع بظهورها، فإذا فرغت فامسح بها وجهك" و (2/ 1272، رقم 3866) بنحوه.

والحاكم في المستدرك، وقال عقبة: هذا حديث قد اتفق هشام بن زياد البصرى ومصادق بن زياد المدينى على روايته عن محمد بن كعب القرظى، ولم أستجز إخلاء هذا الوضع منه، فقد جمع آدابًا كثيرة اهـ. قال الذهبى: هشام متروك، ومحمد بن معاوية كذبه الدارقطنى فبطل الحديث. قلت: والحديث رواه أيضًا عيسى بن ميمون والقاسم بن عروة وزيد العمى كلهم عن محمد بن كعب القرظى، وروايتهم ترد ما قال الذهبى، وقد ذكرت أسانيد هذا الحديث لجميع المخرجين المذكورين ومتونهم المختصرة والمطولة في "وشى الإهاب" وهو مستخرجنا على مسند الشهاب، فلذلك لم نطل بذكرها هنا، فالإضراب عن كل هذا قصور عظيم من الشارح. 3307/ 8470 - "مَنْ أعَانَ مُجَاهِدًا في سَبِيل اللَّه أو غَارمًا في عُسرَتِه أو مُكَاتِبًا في رَقَبتِه أظلَّه اللَّه في ظلِّه يوْمَ لَا ظِلِّ إلا ظِلِّه". (حم. ك) عن سهل بن حنيف قال الشارح: قال الحاكم: صحيح، ورده الذهبى، وإسناد أحمد حسن. وقال في الكبير: رواه (ك) في باب المكاتب من حديث عمرو بن ثابت عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن عبد اللَّه عن سهل بن حنيف، وحديثه حسن. قلت: أما كلامه في الكبير فغير معقول ولا مفهوم، وأما في الصغير فإنه أخذه من الحافظ الهيثمى في مجمع الزوائد وتصرف فيه فأخطأ، وذلك أنه قال بعد عزوه لأحمد: فيه عبد اللَّه بن سهل بن حنيف، ولم أعرفه، وبقية رجاله حديثهم حسن اهـ. فجزم هو بأنه حديث حسن مع أنه قد يكون الرجل الذي لم يعرفه الحافظ الهيثمى ضعيفًا أو كذابًا. وأما الذهبى فإنه قال في تلخيص المستدرك [2/ 217، رقم 2860] متعقبًا على

الحاكم تصحيحه: بل عمرو بن ثابت رافضى متروك اهـ وهذا لا يضر الحديث لأن أحمد رواه من غير طريقه فقال [3/ 487]: حدثنا يحيى بن بكير ثنا زهير بن محمد ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن عبد اللَّه بن سهل بن حنيف عن أبيه به. ورواه أيضًا [3/ 487] عن زكريا بن عدى عن عبيد اللَّه بن عمرو عن عبد اللَّه ابن محمد بن عقيل به. فلم يبق النظر إلا في عبد اللَّه بن سهل بن حنيف، وهو وإن لم يكن مشهورًا إلا أن تصحيح الحاكم لحديثه توثيق له، وقد أقره الذهبى عليه، وإنما عارضه في عمرو بن ثابت، وحيث توبع عمرو بقى تصحيح الحاكم بحاله، ولذلك صحح المصنف الحديث ولم يلتفت إلى طعن الذهبى وتعقبه اعتمادًا على سند أحمد، ولذلك كان حكم الشارح بحسنه خطأ أيضًا. 3308/ 8471 - "مَنْ أعَانَ على قَتلِ مُؤمِن بِشَطر كَلِمَة لَقِى اللَّه مَكْتوبٌ بين عَيْنَيه آيسٌ من رَحْمَةِ اللَّه". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه -يعنى ابن ماجه- عن محمد بن إبراهيم الأنماطى عن محمد بن خراش عن مروان بن معاوية الفزارى عن يزيد بن أبي زياد الشامى عن الزهرى عن ابن المسيب عن أبي هريرة، ورواه عنه أيضًا باللفظ المزبور أحمد، قال الذهبى: فيه يزيد بن أبي زياد الشامى تالف، وقال ابن حجر كالمنذرى: حديث ضعيف جدًا، وبالغ ابن الجوزى فحكم بوضعه، قال: وفي الميزان يزيد بن أبي زياد الشامى ضعفه المنذرى، وتركه النسائى وغيره، وقال البخارى: منكر الحديث ثم ساق له هذا الخبر ثم قال -أعنى في الميزان-: وقال أحمد: ليس هذا الحديث بصحيح. قلت: فيه أمور، بل عجائب ومصائب، الأولى: أن السند الذي ذكره ليس

هو سند ابن ماجه، بل هو سند ابن عدى فإنه القائل [7/ 260]: حدثنا محمد بن إبراهيم الأنماطى. . . إلخ. أما ابن ماجه فقال [2/ 874، رقم 2620]: حدثنا عمرو بن رافع ثنا مروان ابن معاوية به. ومحمد بن إبراهيم الأنماطى من أقران ابن ماجه، وإنما الذي من شيوخه محمود بن خداش شيخ محمد بن إبراهيم الأنماطى. الثانية: قال في هذا الإسناد: عن محمد بن خراش بدون "واو" في محمد وبالراء في خراش، وإنما هو: محمود بزيادة "الواو" وخداش "بالدال" المهملة لا "بالراء". الثالثة: قوله: ورواه عنه أيضًا باللفظ المزبور أحمد، وهذا كذب لا أصل له، فإن أحمد لم يخرجه وقد نقل هو عن أحمد أنه قال: ليس هذا الحديث بصحيح، وأحمد لا يخرج في مسنده الموضوع. الرابعة: قوله: وقال ابن حجر كالمنذرى حديث ضعيف جدًا، باطل أيضًا بالنسبة للمنذرى فإنه قال: وروى عن أبي هريرة فذكره، ثم قال: رواه ابن ماجه والأصبهانى وزاد قال سفيان: هو أن يقول أما يعنى لا يتم كلمة القتل. ورواه البيهقى [8/ 22] من حديث ابن عمر مرفوعًا: "من أعان على دم امرئ مسلم بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة آيس من رحمة اللَّه" اهـ. فالمنذرى إنما أشار إلى ضعفه بروى على قاعدته، ولم يقل: ضعيف جدًا كما افتراه الشارح. الخامسة: قوله وفي الميزان يزيد بن أبي زياد الشامى ضعفه المنذرى وتركه النسائى وغيره. . . إلخ، لا يخفى على طالب حديث ما فيه وما في ذكر المنذرى.

ونص الميزان: يزيد بن أبي زياد، ويقال ابن زياد الشامى، قال البخارى: منكر الحديث، وقال الترمذى وغيره: ضعيف، وقال النسائى: متروك الحديث. السادسة: قوله: ثم قال -أعنى في الميزان-: قال أحمد ليس هذا الحديث بصحيح باطل، فإن الميزان ليس فيه شيء من هذا أصلًا، وإنما الذي نقل هذا هو ابن الجوزى في الموضوعات. السابعة: قد حكى الشارح أن ابن الجوزى أورد هذا الحديث في الموضوعات وسكت عن تعقب المصنف عليه، مع أنه دافع عن رجال الحديث وأورد له شواهد من حديث ابن عباس وابن عمر، ولو كان في تعقبه ضعف لقال: وتعقبه المؤلف فلم يأت بطائل على عادته، هكذا يقول كما تقرر مرارًا. 3310/ 8472 - "مَنْ أَعَانَ ظَالمًا سَلَّطهُ اللَّه عَليْهِ". ابن عساكر عن ابن مسعود قال في الكبير: رواه ابن عساكر من جهة الحسن بن زكريا عن سعيد بن عبد الجبار الكرابيسى عن حماد بن عاصم بن بهدلة عن زر عن ابن مسعود، قال السخاوى: وابن زكريا هو العدوى متهم بالوضع فهو آفته. قلت: لا يكاد هذا الرجل ينقل نقلا إلا ويقلبه ويحرفه ويبدله ويغيره، فالسند هو من رواية الحسن بن على بن زكريا، وهو مشهور بالحسن بن على العدوى، وكذلك ذكره السخاوى، ثم هو عن حماد بن سلمة عن عاصم لا عن حماد ابن عاصم، فإنه ليس في الرواة حماد بن عاصم بن بهدلة. والحديث ذكره ابن كثير في التفسير وقال [3/ 332]: خرجه ابن عساكر في ترجمة عبد الباقي بن أحمد، وهو حديث غريب.

3310/ 8474 - "مَنْ أعَانَ ظَالِمًا ليُدْحِضَ بَباطِلهِ حقًا فقدْ بَرِئتْ منه ذِمَّةُ اللَّه وذِمَّةُ رَسُولِه". (ك) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، فرده الذهبى فقال: قلت: حنش الرحبى ضعيف. قلت: هو عند الحاكم [4/ 100، رقم 7052] من رواية سليمان التيمى عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس، وحنش لم ينفرد به بل تابعه إبراهيم بن أبي عبلة عن عكرمة، أخرجه ابن حبان في الضعفاء [1/ 324] قال: حدثنا [أحمد بن عمير] (¬1) بن جوصاء بدمشق ثنا سعيد بن رحمة ثنا محمد ابن حمير عن إبراهيم بن أبي عبلة به. ورواه أبو نعيم في الحلية [5/ 248] في ترجمة إبراهيم بن أبي عبلة عن ثلاثة عن إبراهيم بن محمد بن الحسن: ثنا سعيد بن رحمة به، ثم قال: غريب من حديث إبراهيم تفرد به محمد بن حمير. قلت: وسعيد بن رحمة صاحب ابن المبارك وراوى كتاب الجهاد عنه، لا يجوز أن يحتج به لمخالفته الأثبات، كذا قال (¬2)، ولم يورد له غير هذا الحديث الذي لم يخالف به ولا تفرد به. وقد ورد من حديث ابن عمر أيضًا، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 312]: حدثنا لاحق بن الحسين بن عمر بن أبي الورد ثنا أبو سليمان داود بن سليمان ابن داود الأصبهانى ثنا عبد اللَّه بن محمد القاضى ثنا أبو الصلت سهل بن إسماعيل المرَّارى ثنا مالك بن أنس عن الزهرى عن سالم بن عبد اللَّه عن أبيه ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفتين زيادة من الضعفاء لابن حبان. (¬2) يعنى ابن حبان في الضعفاء (1/ 324).

مرفوعًا: "من أعان ظالمًا عند خصومة ظلمًا وهو يعلم، فقد برئت منه ذمة اللَّه وذمة رسوله". لكن لاحق بن الحسين من مشاهير الكذابين وكبار الوضاعين. 3311/ 8476 - "مَنِ اعْتَزَّ بالعَبيدِ أذلَّه اللَّه". الحكيم عن عمر قال في الكبير: وكذلك رواه العقيلى في "الضعفاء" وأبو نعيم في الحلية. قلت: من تعقباته السخيفة على المؤلف قوله: ظاهر عزوه لمن ذكر أنه لم يره لأقدم منهم وهو قصور، وكذلك نسخف نحن عليه جزاء وفاقا فنقول: ظاهر استدراكه العزو للعقيلى وأبي نعيم أنه لم يره لأقدم منهما، وهو قصور، فإنه خرجه عبد اللَّه بن أحمد في زوائد الزهد لأبيه (ص 390) قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن حميد بن كاسب بمكة ثنا عبد اللَّه بن عبد اللَّه الأموى، الحديث. وعنه رواه العقيلى في الضعفاء فقال [2/ 271]: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد. . . إلخ. ومن طريقه أيضًا رواه أبو نعيم في الحلية [2/ 174] فقال: حدثنا أبو بكر ابن مالك ثنا عبد اللَّه بن أحمد به. أما الحكيم الترمذى الذي عزاه إليه المصنف فأخرجه في الأصل الثامن والثمانين ومائة (¬1) قال [2/ 99]: حدثنا عبد اللَّه بن عبد اللَّه الأموى حدثنى الحسن بن الحسن أنه سمع يعقوب ¬

_ (¬1) وهو في الأصل السابع والثمانين ومائة من المطبوع.

ابن عتبة يقول: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول، فذكره. 3312/ 8477 - "مَنْ أَعتقَ رَقبَة مُسْلِمَة أَعْتقَ اللَّه بكلِ عُضْوٍ منَها عُضْوًا منه مِن النَّارِ، حتى فَرجَه بفَرجِه". (ق. ت) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه بقية ومسلمة بن على وهو الشامى، قال الذهبى: قال الدارقطنى: متروك، وعثمان بن عطاء ضعفه الدارقطنى وغيره. قلت: انظر إلى عجيب صنع اللَّه بهذا الشارح إذ يعزو الحديث للبخارى ومسلم ثم يصير بعد ذلك يسطر من الافتراءات على سند الحديث ما لا وجود له من جهة، ولا يعقل أن يكون فيه من أخرى. قال البخارى [8/ 181، رقم 6715]: حدثنا محمد بن عبد الرحيم ثنا داود بن رشيد ثنا الوليد بن مسلم عن أبي غسان محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن على بن الحسين عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وقال مسلم [2/ 1147، رقم 1509/ 22]: حدثنا داود بن رشيد به، فهو مما على فيه على البخارى. وقال الترمذى [4/ 114، رقم 1541]: حدثنا قتيبة ثنا الليث عن ابن الهاد عن عمر بن على عن على بن الحسين عن سعيد بن مرجانة به، ثم قال: وفي الباب عن عائشة وعمرو بن عبسة وابن عباس وواثلة بن الأسقع وأبي أمامة وكعب بن مرة وعقبة بن عامر. قلت: وفي الباب أيضًا عن أبي موسى وعلي بن أبي طالب وسهل بن سعد وأبي راشد عبد الرحمن بن عبد وأبي سكينة وأبي ذر وعبد الرحمن بن عوف

ومالك بن الحارث ومالك بن القشيرى. فحديث عائشة رواه الطحاوى في مشكل الآثار [2/ 192، رقم 716]: ثنا أبو أمية ثنا أبو عاصم عن عثمان بن مرة عن القاسم عنها. وحديث عمرو بن عبسة رواه أبو داود [4/ 30، رقم 3966] والنسائى في الكبرى [3/ 170، رقم 4886] وابن حبان في صحيحه [10/ 147، رقم 4309] والدولابى في الكنى [1/ 90] والطحاوى في مشكل الآثار [2/ 98، رقم 727] والباغندى في مسند عمر بن عبد العزيز وابن منده في فوائده والربعى السدار في جزئة وغيرهم. وحديث ابن عباس رواه الطبرانى في الكبير [10/ 331، رقم 10640]، وفيه محمد بن أبي حميد، وهو ضعيف. وحديث واثلة بن الأسقع رواه أبو داود [4/ 29، رقم 2964] وابن حبان [10/ 145، رقم 4307] والطحاوى في مشكل الآثار [2/ 201، رقم 733] (¬1) وابن شاهين في الترغيب [2/ 433، رقم 575] والحاكم [2/ 212، رقم 2845]، وقال: على شرطهما، والثقفى في الثقفيات. وحديث أبي أمامة رواه الترمذى [4/ 114، رقم 1541]، وقال: حسن صحيح، والدولابى في الكنى [2/ 156]. وحديث كعب بن مرة رواه أحمد [4/ 135] وأبو داود [4/ 30، رقم 3967] وابن ماجه [2/ 843، رقم 2522] والطحاوى في مشكل الآثار [2/ 197، وقم 726]. وحديث عقبة بن عامر رواه أحمد [4/ 147، 148] وأبو داود (¬2) ¬

_ (¬1) والحديث عنده روى بألفاظ كثيرة. (¬2) لم أجده، فلعله يقصد أبا داود الطيالسى فهو في مسنده (1/ 243 رقم 193 منحة).

وأبو يعلى [3/ 297، رقم 1760] والطبرانى [17، 332، 333، أرقام 918، 919، 920] والحاكم [2/ 211، رقم 2841] وصححه. وحديث أبي موسى الأشعرى رواه أحمد [4/ 404] والطحاوى في مشكل الآثار [2/ 193، رقم 718] وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 60]. وحديث على -عليه السلام- رواه ابن جرير في ذيل المذيل، والطحاوى في المشكل [2/ 192، رقم 715]، وابن فيل في جزئه، وابن شاهين في الترغيب [2/ 433، رقم 576]. وحديث سهل بن سعد رواه الطبرانى في الكبير [6/ 57، رقم 5839] والصغير [2/ 267، رقم 1143]، وأبو نعيم في الحلية [3/ 255]. وحديث أبي راشد رواه الدولابى في الكنى. وحديث أبي سكينة رواه الطبرانى في الكبير [22/ 335، رقم 841]، وأبو عمرو بن منده في فوائده قال: أخبرنا محمد بن أيوب بن حبيب الرقى ثنا أحمد بن هاشم الأنطاكى ثنا أبو توبة الربيع بن نافع ثنا يزيد بن ربيعة عن بلال بن سعد سمعت أبا سكينة -وكان من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا ملك أحدكم ثمن رقبة فليعتقها فإنها يحرر كل عضو منها عضوًا منه من النَّار"، ويزيد بن ربيعة متروك. وحديث أبي ذر رواه البزار (¬1)، وفيه أبو حريز، مختلف فيه، والجمهور على تضعيفه. وحديث عبد الرحمن بن عوف رواه الطبرانى من رواية ابنه أبي سلمة عنه، وهو لم يسمع منه، ورجاله ثقات. ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار: (2/ 145، رقم 1393).

وحديث مالك بن الحارث رواه أحمد [5/ 29] والطبرانى [19/ 299/ 696] (¬1)، وفيه على بن زيد فيه مقال، وكثير من الحفاظ يحسن له. وحديث مالك بن [عمرو] (¬2) القشيرى رواه أحمد [4/ 344]، وفيه على ابن زيد أيضًا. 3313/ 8478 - "مَنِ اعْتَقَل رُمْحًا في سَبيِلِ اللَّه عَقَلهُ اللَّه من الذُنوبِ يومَ القِيامَةِ". (حل) عن أبي هريرة قال الشارح في الشرحين معًا: وهو حديث ضعيف. قلت: وعلته هو ما ذكره في الحديث قبله المتفق على صحته، إذ قال: فيه بقية ومسلمة بن على وهو الشامى، قال الذهبى: قال الدارقطنى: متروك، وعثمان بن عطاء ضعفه الدارقطنى وغيره، فهؤلاء الرجال موجودون في سند هذا الحديث، فإن أبا نعيم قال [5/ 202]: حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد ثنا عبد اللَّه بن صالح البخارى ثنا محمد بن ناصح ثنا بقية عن مسلمة بن على عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة فكتب الشارح هذا الإسناد في الحديث قبله واكتفى في هذا بأنه ضعيف. 3314/ 8479 - "مَنِ اعْتَكفَ عَشْرًا في رَمَضانَ كان كحَجَّتيْن وعُمْرتَيْن". (هب) عن الحسين بن على قال في الكبير: وظاهر كلام المصنف أن مخرجه البيهقى خرجه وأقره، وليس ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفتين زيادة من المسنده (¬2) في المعجم الكبير للطبرانى مالك بن الحويرث.

كذلك بل تعقبه فقال: إسناده ضعيف، ومحمد بن زاذان متروك، وقال البخارى: لا يكتب حديثه. قلت: هذا كذب مكشوف الأمر، فإن المصنف ليس له كلام في الكتاب حتى يكون له ظاهر أو مفهوم، وإنما له صنيع من أول الكتاب إلى آخره، لا يتعرض فيه لنقل كلام الناس لا المخرجين ولا غيرهم، ويكتفى في جميع ذلك بالرموز، وقد رمز إلى هذا الحديث بعلامة الضعيف فكأنه نقل كلام البيهقى [4/ 317]. 3315/ 8482 - "مَنْ أُعْطَى حَظَّه من الرِّفقِ فَقدْ أُعْطى حَظَّهُ من الخيرِ، ومَنْ حُرِمَ حَظَّه من الرِّفق فقدْ حُرِمَ حظَه من الخيرِ". (حم. ت) عن أبي الدرداء قال في الكبير: ورواه ابن منيع والديلمى عن عائشة. قلت: من سخافة الشارح التي يسخف بها على المصنف قوله: ظاهر اقتصاره على عزو الحديث إلى فلان أنه لم يره لأشهر منه ولا لغيره وهو قصور، وكذلك نقول هنا للشارح: اقتصاره على عزو حديث عائشة للديلمى الذي رواه من طريق ابن منيع -فافترى الشارح عزوه إلى ابن منيع أيضًا- قصور مع اشتماله على الكذب في العزو إلى ابن منيع. فإن حديث عائشة خرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [9/ 159] والسمرقندى في تنبيه الغافلين [ص 454، رقم 1814] والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 274، رقم 445]، وقد رتبه الشارح أيضًا وزعم أنه خرجه، وهو تخريج لا يساوى النظر فيه في حجم المتن مرتين كنت انتسخته فلما رأيته رميت به. كما أن عدم استدراكه على المصنف في حديث أبي الدرداء يدل على أنه لم يره لغير أحمد [6/ 451] والترمذى [4/ 367، رقم 2013]، وهو قصور أيضًا، فقد أخرجه أيضًا البخارى في الأدب المفرد [ص 164، رقم 464]

والدولابى في الكنى [1/ 27] وابن حبان في روضة العفلاء والبيهقى في السنن في كتاب الشهادات في باب مكارم الأخلاق منه [1/ 193] وأبو سعيد بن الأعرابى في معجمه والخلعى في فوائده والقضاعى في مسند الشهاب، كما أن شطره الثانى ورد من حديث جرير بن عبد اللَّه البجلى، أخرجه أحمد [4/ 362، 366] والبخارى في الأدب المفرد [ص 163، رقم 463] ومسلم [4/ 2003، 2592/ 74] وأبو داود [4/ 255، رقم 4809] وابن ماجه [2/ 1216، رقم 3687]. 3316/ 8484 - "مَنْ أعْيَتْه المكَاسِبَ فَعَليه بمْصَر وعليه بالجانبِ الغربيِّ منهَا". ابن عساكر عن ابن عمرو بن العاص سكت عليه الشارح في الكبير. وقال في الصغير: إسناده ضعيف. قلت: وإنما قال ذلك تبعًا لرمز المصنف، ولذلك لم يتعرض لمن في سنده من الضعفاء كأنه لم يقف على ذلك، وهو من قصوره، فإن الحديث أسنده الحافظ في اللسان [6/ 99] في ترجمة منصور بن عمار من روايته عن ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد اللَّه بن عمرو به، ومنصور بن عمار فيه مقال وكان واعظًا صالحًا إلا أنه ضعيف في الحديث، وانظر ترجمته وإسناد الحافظ حديثه هذا من طريق الطبرانى. والشارح قد رتب أحاديث الميزان واللسان، فأين هو عن هذا؟ والسبب في ذلك أنه ذكره في اللسان بلفظ: "من أحب المكاسب فعليه بمصر" الحديث، وهو لم يهتد لهذا اللفظ لأنه غير حافظ ولا من أهل الفن.

3317/ 8485 - "مَنْ أغَاثَ مَلْهوُفًا كتَبَ اللَّه له ثلاثًا وسَبْعينَ مغفِرة، واحدةٌ فيها صَلاحُ أمْرهِ كلهِ، وثِنتَان وسَبْعونَ له دَرجاتٌ يَوْمَ القِيامةِ". (تخ. هب) عن أنس قال الشارح: قال البخارى بعد تخريجه: منكر. وقال في الكبير: رواه (هب) عن أبي طاهر عن أبي داود الخفاف عن غسان ابن الفضل عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمى عن زياد بن أبي حسان عن أنس، وقضية تصرف المصنف أن البخارى خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه فإنه خرجه في ترجمة عباس بن عبد الصمد وقال: هو منكر الحديث، وفي الميزان: وهاه ابن حبان وقال: حدث عن أنس بنسخة أكثرها موضوع ثم ساق منها هذا الخبر، وحكم ابن الجوزى بوضعه، وتعقبه المؤلف بأن له شاهدًا. قلت: فيه من عجز الشارح وبجره أمور، الأول: قوله رواه البيهقى عن أبي طاهر عن أبي داود الخفاف، فإن قوله: عن أبي طاهر بدون وصف ولا تمييز خطأ لا سيما وفي شيوخ البيهقى اثنان أو أكثر ممن يكنى أبا طاهر، والبيهقى قال: أنبأنا أبو طاهر الفقيه. الثانى: قوله: عن أبي طاهر عن أبي داود الخفاف، وهو غلط أيضًا وحذف من الإسناد، فإن البيهقى قال [6/ 120, رقم 7670]: أنبأنا أبو طاهر الفقيه أنبأنا أبو طاهر المحمد أبادى حدثنا أبو داود الخفاف. الثالث: قوله: قضية المصنف أن البخارى خرجه [3/ 350] ساكتًا عليه. . . إلخ وهو كلام فاسد، فإن البخارى ليس بصدد الكلام على الأحاديث ولا السكوت عنها في التاريخ حتى يقال: سكت أو تكلم، بل هو بصدد الكلام على الرجال، فسواء تكلم أو سكت فهو غير معتبر ولا منظور إليه ولا مصطلح في كتابه عليه.

الرابع: أن تصرف المصنف يدل على خلاف ما افتراه [الشارح] عليه، فإنه رمز لضعفه بدلًا عن كلام البخارى المزعوم المكذوب, لأن المؤلف لا ينقل كلام المخرجين في هذا الكتاب ويرمز بدله بالرموز للضعف والحسن والصحة. الخامس: قوله: فإنه خرجه في ترجمة عباس بن عبد الصمد، كذب وجهل فاضح، فإنه ليس في الإسناد عباس بن عبد الصمد ولا في تاريخ البخارى رجل اسمه عباس بن عبد الصمد. السادس: وإن أراد عبد العزيز بن عبد الصمد المذكور في الإسناد، فهو كذب أيضًا، فإن البخارى لم يخرجه في ترجمته. السابع: قوله: وقال: منكر الحديث، كذب من جهات، أولها: أنه لم يذكر عباس بن عبد الصمد ولم يقل فيه شيئًا كما قدمنا، وثانيها: أنه إن أراد عبد العزيز بن عبد الصمد فهو لم يخرجه في ترجمته ولا قال فيه: منكر الحديث، ولا قالها فيه غيره، لأنه ثقة متفق عليه من رجال الصحيحين، ثالثها: أن البخارى لم يقل: منكر الحديث حتى في الرجل الذي خرج الحديث في ترجمته. الثامن: قوله: وفي الميزان وهاه ابن حبان. . . إلخ كذب أيضًا، فإن الميزان ليس فيه عباس بن عبد الصمد ولا عبد العزيز بن عبد الصمد لأن الأول معدوم لم يخلقه اللَّه، والثانى ثقة من رجال الصحيحين. التاسع: أن البخارى خرج الحديث في ترجمة زياد بن أبي حسان [3/ 350]. العاشر: أنه لم يقل فيه: منكر الحديث كما افتراه الشارح، بل قال ما نصه: زياد بن أبي حسان سمع عمر بن عبد العزيز قوله، روى عنه ابن علية، كان شعبة يتكلم في زياد بن أبي حسان النبطى وقال عون بن عمارة: ثنا زياد بن أبي حسان سمع أنسًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أغاث ملهوفًا غفر اللَّه له سبعين

مغفرة"، لا يتابع عليه، رواه عبد العزيز بن عبد الصمد: ثنا زياد بن أبي حسان عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال محمد بن عقبة: ثنا مسلمة بن الصلت ثنا زياد بن أبي زياد سمع أنسًا بالدينة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أغاث ملهوفًا" اهـ. كلام البخارى بالحرف. الحادى عشر: أن الميزان -بعد أن نرجع إلى الصواب ونقول: إنما ذكر زياد ابن أبي حسان- ليس فيه أيضًا: وهاه ابن حبان كما افتراه الشارح، بل قال ما نصه [2/ 88، رقم 2933]: زياد بن أبي حسان النبطى الواسطى، قال الحاكم: روى عن أنس وغيره أحاديث موضوعة، كان شعبة شديد الحمل عليه وكذبه، قال الدارقطنى: متروك، وقال أبو حاتم وغيره: لا يحتج به، وله عن أنس موفوعًا في إغاثة الملهوف اهـ. فلم يذكر ابن حبان أصلًا. الثانى عشر: قوله: وتعقبه المؤلف بأن له شاهدًا، كذا أيضًا، بل تعقبه بأن له طريقين آخرين عن أنس وشاهدًا من حديث ثوبان، فاعجب لهذا الشارح. وبعد، فالحديث خرجه أيضًا الطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 46، رقم 96] وابن شاهين في الترغيب [2/ 347، رقم 420] وابن حبان [1/ 305] والعقيلى [2/ 77] كلاهما في الضعفاء والخطيب في التاريخ [6/ 41] وكذا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 74] كلهم من رواية زياد بن أبي حسان عن أنس، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات [2/ 171] من طريق العقيلى وقال: موضوع، آفته زياد، وتعقبه المصنف بأن ابن عساكر [أخرجه] من طريق إسماعيل بن عياش عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكى عن أنس، وأخرجه أبو طاهر الحنائى والخطيب من طريق دينار مولى أنس عن أنس.

قلت: وهذا الأخير ساقط لا ينبغى أن يعتد به، وبقى على المصنف طريق آخر لم يذكره أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 250] في ترجمة صالح ابن عمر القصار أبي شعيب من روايته عن عبد الرحمن بن عمر: ثنا أبو الجنيد صاحب سلام بن أبي مطيع ثنا تميم أبو خالد عن أبان عن أنس به. 3318/ 8488 - "مَنِ اغْتَسَل يومَ الجُمعةِ كان في طَهَارِة إلى الجُمُعةِ الأخْرَى". (ك) عن أبي قتادة قال الشارح: قال الحاكم: صحيح، فقال الذهبى: منكر. وقال في الكبير: قال الحاكم: على شرطهما، وهارون بصرى ثقة تفرد عنه سريج بن يونس، وتعقبه الذهبى في المهذب فقال: هذا حديث منكر، وهارون لا يدرى من هو. قلت: هذا كلام موهم، فإن الذهبى له في التعقب على الحاكم كتاب "تلخيص المستدرك"، وله في اختصار سنن البيهقى كتاب "المهذب"، ثم هو في التلخيص يتعقب الحاكم، وأما في المهذب فإنما يتكلم على الحديث من حيث هو، فقول الشارح: وتعقبه الذهبى، يوهم أنه تعقب الحاكم، والواقع أنه إنما تعقب الحديث، أما الحاكم فلم يتعقبه أصلًا، ولذلك كان الذهبى متناقضًا في هذا الحديث، فإن الحاكم قال في المستدرك [1/ 282، رقم 1044]: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهارون بن مسلم العجلى شيخ قديم للبصريين يقال له الحنائى، ثقة قد روى عنه أحمد بن حنبل وعبد اللَّه بن عمر القواريرى، فأقره الذهبى على هذا ولم يتعقبه بشيء، لكنه في المهذب قال: هذا حديث منكر ساقه -يعنى البيهقى- من طريقين إلى الحسين القبانى سريج بن يونس، وهارون لا يدرى من هو اهـ.

كذا قال مع أنه ذكره في الميزان [4/ 286، رقم 9172] ونقل عن أبي حاتم أنه قال: فيه لين، وعن الحاكم أنه قال: ثقة، زاد الحافظ أن ابن حبان ذكره في الثقات [9/ 94، رقم 392] وكناه أبا الحسن وأنه من أهل البصرة يروى عن أبان القطان والبصريين، وعنه قتيبة وغيره، فهو إذًا ثقة معروف، فإعراض الشارح عن كل هذا قصور أو تقصير. 3319/ 8489 - "مَن اغتيبَ عنده أخُوُه المسلِمُ فلم ينصُرْه وهو يَستَطيعُ نَصرَه أذلَّه اللَّه تعالىَ في الدُّنيا والآخِرةِ". ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة عن أنس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وقال المنذرى: أسانيده ضعيفة، ورواه عنه أيضًا البغوى في شرح السنة والحارث بن أبي أسامة. قلت: قوله: وقال المنذرى: أسانيده ضعيفة كذب، فإنه صدره [3/ 518، رقم 40] بـ "روى" الدالة على ضعفه، ولم يقل حرفًا مما قاله الشارح، فاعجب لأمانته. ومن الخطأ الصناعى تقديم البغوى محيى السنة المتأخر الذي هو من أهل القرن السادس على الحارث بن أبي أسامة المتقدم الذي هو من أهل القرن الثالث. هذا وفي سنده عند الحارث داود بن المحبر وهو كذاب. وقد أخرجه من هو قبل هؤلاء كلهم وهو ابن وهب في كتاب الجامع له قال: حدثنى الحارث بن نبهان عن أبان عن أنس به مطولًا، وأبان ضعيف الحديث مع صلاحه، لغفلته لا لكذبه، فهذا ورد لحديثه ما يشهد له ارتفع إلى درجة الحسن ولذلك حسنه المصنف.

3320/ 8493 - "مَنْ أفطر يومًا من رمضَانَ في الحضَرِ فليُهدِ بُدْنة". (قط) عن جابر قال في الكبير: رواه الدارقطنى من حديث عثمان السماك عن أحمد بن خالد ابن عمرو الحمصى عن أبيه عن الحارث بن عبيدة الكلاعى عن مقاتل بن سليمان عن عطاء عن جابر، ثم قال الدارقطنى: الحارث ومقاتل ضعيفان جدًا اهـ، فقد برئ مخرجه من عهدته ببيان حالة فتصرف المصنف بحذف ذلك من كلامه غير جيد، وفي الميزان: هذا حديث باطل يكفي في رده تلف خالد، وشيخه ضعيف، ومقاتل غير ثقة، وخالد كذبه الغريانى (¬1)، ووهاه ابن عدى اهـ، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات, وقال: مقاتل كذاب، والحارث ضعيف، وتبعه المؤلف في مختصره ساكتًا عليه. قلت: فيه أمور، الأول: التكرار الذي لا معنى له سوى تسويد الورق وتكبير حجم الكتاب. الثانى: أن الدارقطنى قال: حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق لا عثمان السماك. الثالث: أن الذي قال ذلك: الذهبى في الميزان [3/ 35، رقم 5515]، ولكنه قال: عثمان بن السماك. الرابع: أن الدارقطنى قال عقب الحديث: الحارث بن عبيدة ومقاتل ضعيفان ولم يقل جدًا بل هي من زوائد الشارح وأمانته. الخامس: قوله: فقد برئ مخرجه من عهدته. . . إلخ، كلام سخيف، فهو يعلم أن المصنف لا ينقل كلام المخرجين. ¬

_ (¬1) هكذا في الفيض وقام المؤلف تصويبه بالفريابى بعد أسطر.

السادس: أنه برئ من عهدته أيضًا حيث رمز له بعلامة الضعيف. السابع: عزوه إلى الميزان أنه فيه: وخالد كذبه الفريابى ووهاه ابن عدى، كذب لا أصل له (¬1)، فليس في الميزان شيء من ذلك ولا يتصور أن يكون فيه النقل عن الفريابى وهو بعده، ثم ليس هو من رجال هذا الشأن. وبعد، فالحديث باطل موضوع يلام المصنف على إيراده في هذا الكتاب. 3321/ 8496 - "مَنْ أَقَالَ مُسْلمًا أقَالَ اللَّه عَثْرتَه". (د. هـ. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال (ك): على شرطهما، وقال ابن دقيق العيد: هو على شرطهما، وصححه ابن حزم، لكنه في اللسان نقل تضعيفه عن الدارقطنى. قلت: هذا خطأ من وجهين، أحدهما: أن الحافظ لم ينقل ذلك عن الدارقطنى ولا عن أحد من الحفاظ أمثاله. ثانيهما: أن حكاية مثل هذا من الفضول والتلبيس والجهل بكلام الناس، فغاية ما في الأمر أن الحافظ قال في اللسان [2/ 280، رقم 1166] في ترجمة الحسين بن حميد بن الربيع مستدلًا على ضعفه وكذبه ما نصه: قال ابن عدى: وسمعت عبدان يقول: سمعت حسين بن حميد بن الربيع يقول: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة [يتكلم في يحيى بن معين] (¬2) يقول: من أين له حديث حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رفعه: "من أقال نادمًا أقال اللَّه عثرته"؟ هو ذا كتب: حفص بن غياث عندنا، وكتب ابنه: عمر بن حفص، ليس فيها من ذا شيء، قال ابن ¬

_ (¬1) بل هو مترجم له في الميزان (1/ 636، رقم 2448) وقال الذهبى: كذبه جعفر الفريابى، ووهاه ابن عدى وغيره اهـ. (¬2) ما بين المعكوفتين زيادة من اللسان.

عدى: هذه الحكاية لم يحكها عن أبي بكر غير حسين هذا، وهو متهم فيها، ويحيى أجل من أن يقال فيه مثل هذا لأن عامة الرواة سبر له أحواله، وهذا الحديث قد رواه زكريا بن عدى عن حفص بن غياث، ثم ساقه بسنده عنه قال: وقد رواه الأعمش أيضًا عن مالك بن سعير، قال: والحسين متهم عندى كما قال: مطيّن، قال الحافظ: وقد أشار الذهبى إلى قول أبي بكر ابن أبي شيبة في ترجمة ابن معين فقال: قد استنكر أبو بكر بن أبي شيبة ليحيى ذاك الحديث عن حفص بن غياث، هكذا جزم به وليس بجيد مع قول ابن عدى أن حسين بن حميد تفرد به وأنه متهم، فلم يثبت ذلك عن ابن أبي شيبة اهـ. فهذا كلام كما ترى لا يصح أن يذكر في هذا الموطن لأنه كذب لا أصل له، وزاد هو في الطِّين بلة حيث نسبه إلى الدارقطنى. والحديث مع ذلك لم ينفرد به يحيى بن معين كما قال ابن عدى. قال المؤمل بن إهاب في جزئه: ثنا مالك بن سعير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا: "من أقال أخاه أقاله اللَّه عثرته يوم القيامة". وقال الطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 333، رقم 60]: حدثنا على بن عبد العزيز ثنا إسحاق بن محمد (¬1) الفروى ثنا مالك بن أنس عن سمى عن أبي صالح به: "من أقال نادمًا عثرته أقال اللَّه عز وجل عثرته يوم القيامة". وقال الدينورى في المجالسة: ¬

_ (¬1) في الأصل محمد بن إسحاق والصواب ما أثبتناه.

حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضى ثنا إسحاق بن محمد الفروى ثنا مالك بن أنس به. وقال أبو نعيم في الحلية [6/ 345]: حدثنا محمد بن أحمد بن على بن مخلد ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن إبراهيم الدورقي ثنا إسحاق الفروى ثنا مالك عن سهيل عن أبيه أبي صالح به: "من أقال مسلمًا عثرته أقاله اللَّه يوم القيامة". قال أبو نعيم: تفرد به عبد اللَّه عن إسحاق من حديث سهيل، وتفرد أيضًا إسحاق عن مالك عن سمى عن أبي صالح فقال: "من أقال نادمًا". وقال الحاكم في علوم الحديث [ص 18]: حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن على الصنعانى بمكة ثنا الحسن بن عبد الأعلى الصنعانى ثنا عبد الرزاق عن معمر عن محمد بن واسع عن أبي صالح عن أبي هريرة به: "من أقال نادمًا أقاله اللَّه نفسه يوم القيامة، ومن كشف عن مسلم كربة كشف اللَّه عنه كربة من كرب يوم القيامة، واللَّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه". قال الحاكم: هذا إسناد من نظر فيه من غير أهل الصنعة لم يشك في صحته وسنده، وليس كذلك، فإن معمر بن راشد الصنعانى ثقة مأمون، ولم يسمع من محمد بن واسع، ومحمد بن واسع ثقة مأمون ولم يسمع من أبي صالح. قلت: وإن ثبت هذا فلا يضر فالحديث مشهور ثابت عن أبي صالح. أما رواية يحيى بن معين فأخرجها أيضًا أبو يعلى قال: حدثنا يحيى بن معين ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح به (¬1). ¬

_ (¬1) انظر معجم شيوخ أبي يعلى (ص 344، رقم 326).

ورواه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج، قال: أخبرنا أبو يعلى به. وفي آخره قال أبو يعلى: لم أفهم عن يحيى أبا هريرة كما أريده، ومن أَجل هذه الكلمة التي قال أبو يعلى أخرجه الخطيب في الكفاية في باب: ما جاء فيمن سمع حديثًا فخفى عليه في وقت السماع حرف منه لإدغام المحدث إياه، ما حكمه؟ [ص 123] ثم أسنده من طريق أبي بكر بن المقرئ: ثنا أبو يعلى أحمد بن على بن المثنى الموصلى ثنا يحيى بن معين أبو زكريا به. وأخرجه البندهى في شرح المقامات، قال: أخبرنا أبو الفرج بن أبي سعد بن على بقراءتى عليه عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن أحمد البزاز أنا أبو الحسن على بن عمر الحربى السكرى أنا أبو عبد اللَّه أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصيرفى ثنا أبو زكريا يحيى بن معين به. وأخرجه الدينورى في المجالسة، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد الوراق ثنا يحيى بن معين به. 3322/ 8497 - "مَنْ أقَالَ نادِمًا أَقَاله اللَّه يَوْمَ القِيامةِ". (هق) عن أبي هريرة قال في الكبير: فيه عبد اللَّه بن جعفر والد على بن المدينى مجمع على ضعفه كما بينه في الميزان, وأورد هذا الخبر من مناكيره وأعاده في محل آخر ونقل تضعيفه عن الدارقطنى. قلت: أهل الحديث يتكلمون على الأسانيد، فينقل الشارح كلامهم إلى المتون من غير أن يدرك الفرق في ذلك، فالمتن صحيح من رواية أبي صالح عن أبي هريرة، وعبد اللَّه بن جعفر الضعيف انفرد بروايته عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، فهم يتكلمون على ضعف هذا الإسناد لا على المتن الصحيح،

[في الكلام عن قيس بن أبي حازم]

والمصنف إنما أعاده على قاعدته في اختلاف الألفاظ بحسب ما وقع عند المخرجين، وقد قدمنا هذا اللفظ نفسه من رواية أبي صالح عن أبي هريرة بسند صحيح في الذي قبله. 3323/ 8498 - "مَنْ أَقَامَ معَ المشْرِكينَ فَقدْ بَرئتْ مِنه الذِمَّةُ". (طب. هق) عن جرير قال الشارح: وإسناده حسن، وقول المؤلف صحيح، غير صحيح. وقال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما قال، ففيه حجاج بن أرطأة، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: متفق على تليينه، قال أحمد: لا يحتج به، وقال يحيى: ضعيف، وقال النسائى: ليس بالقوى. . . إلخ، وفيه قيس ابن أبي حازم، وثقه قوم، وقال ابن المدينى عن القطان: منكر الحديث، وأقره الذهبى. [في الكلام عن قيس بن أبي حازم] قلت: قيس بن أبي حازم لا يذكره معللًا به الحديث إلا جاهل بمرة لا يعلم عن الحديث خبرًا أصلا, لأن الرجل ثقة إمام من رجال الصحيحين الذين أجمعت الأمة على ثقتهم وصحة حديثهم، ثم هو مع ذلك من كبار التابعين الذين أدركوا أبا بكر وعمر والخلفاء الراشدين رضي اللَّه عنهم، وإنما تكلم فيه قوم لأجل المذهب أو لخطإٍ فيما قال، ولذلك ذكره الذهبى [3/ 392، رقم 6908] على قاعدته، ولكنه قال: قيس بن أبي حازم عن أبي بكر وعمر ثقة حجة كاد أن يكون صحابيًا، وثقه ابن معين والناس، وقال على بن عبد اللَّه عن يحيى بن سعيد: منكر الحديث، ثم سمى له أحاديث

استنكرها فلم يصنع شيئًا، بل هي ثابتة لا ينكر له التفرد في سعة ما روى، من ذلك حديث "كلاب الحوأب"، ثم قال الذهبى: أجمعوا على الاحتجاج به، ومن تكلم فيه فقد آذى نفسه نسأل اللَّه العافية وترك الهوى، فقد قال معاوية ابن صالح عن ابن معين: كان قيس أوثق من الزهرى اهـ. فاعجب بعد هذا لقول الشارح: إن الذهبى أقر ابن القطان على قوله في قيس أنه منكر الحديث، وهكذا الحال فيما حكاه عنه من حكاية الاتفاق على تليينه، فإنه قال: فيه حجاج بن أرطأة الفقيه أبو أرطأة النخعى أحد الأعلام على لين فيه، ثم ذكر أنه روى عنه سفيان وشعبة وعبد الرزاق وطائفة، وقال الثورى: ما بقى أحد أعرف بما يخرج من رأسه منه، وقال أحمد: كان من الحفاظ، وقال ابن معين: ليس بالقوى وهو صدوق يدلس، وقال أبو حاتم: إذا قال أنبأنا فهو صالح لا يرتاب في صدقه وحفظه، قال: وخرج له مسلم مقرونًا بآخر. . . إلخ، فكيف يحكى الاتفاق على تليينه وهو يحكى ما سمعت؟. وبعد، فالحديث صحيح كما قال المصنف لأن الحجاج بن أرطأة حديثه حسن، ولكنه ورد من طريق آخر رجاله رجال الصحيح، إلا أن المصنف لم يعزه إلى من خرجه للاختلاف في لفظ الحديث الذي لا يصح له ذكره هنا لأنه مصدر بحرف "الألف" قال أبو داود [3/ 46، رقم 2645] والترمذى [4/ 155، رقم 1604] كلاهما: حدثنا هناد ثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد اللَّه "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: بعث سرية إلى خثعم واعتصم ناس بالسجود، فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأمر لهم بنصف العقل وقال: أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا: يا رسول اللَّه ولم؟ قال: لا تراءى ناراهما". فهذا سند رجاله رجال الصحيح وإن اختلف في إرساله ووصله، إلا أن المقدم

هو من أوصله، وتأيد ذلك بحديث حجاج بر أرطأة الذي حديثه وحده حسن، إلا أن المتن صحيح على كل حال فالحق ما قال المصنف. 3324/ 8505 - "مَنْ أَقْرضَ وَرِقًا مرتَين كانَ كَعدِل صَدَقة مَرَّة". (هق) عن ابن مسعود قال في الكبير: وفي رواية لابن حبان في صحيحه: "من أقرض مسلمًا درهمًا مرتين كان له كأجر صدقة مرة" قال: ثم قال البيهقى: إسناده ضعيف، ورواه بإسناد آخر قال الذهبى: فيه قيس مجهول، وأبو الصباح مجمع على ضعفه، وهذا الحديث قد رواه ابن حبان في صحيحه كما تقرر، فعدول المؤلفه عن الصحيح وإيراد الضعيف من سوء التصرف. قلت: لفظ ابن حبان [11/ 418، رقم 5040]: "ما من مسلم يقرض مسلمًا قرضًا مرة إلا كان كصدقتها مرتين". وكذلك رواه بهذا اللفظ ابن ماجه [2/ 812، رقم 2430] وهذا موضعه حرف "ما" لا هذا الحرف, وقد ذكره المصنف في الكبير وفي الذيل على الصغير في هذا الحرف أعنى: "ما من مسلم". 3325/ 8506 - "مَنِ اكْتحَلَ بالإثْمدِ يَوْمَ عَاشُوراء لَم يَرْمَدْ أبَدًا" (هب) عن ابن عباس قلت: المصنف ملوم على إيراد هذا الحديث الموضوع في الكتاب الذي صانه عما انفرد به الوضاعون والكذابون كجويبر راوى هذا الحديث، وفي هذا الموضع كان يحق للشارح الانتقاد على المصنف فيكون مصيبًا في كلامه ولكن اللَّه تعالى يصرفه عن الصواب.

3326/ 8508 - "مَنْ أكثَر من الاسْتِغفَارِ جَعَل اللَّه له من كُل همٍّ فَرجا ومن كلِ ضِيقٍ مَخْرجًا، ورَزَقَه من حيثُ لا يَحْتَسبُ". (حم. ك) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، ورده الذهبى بأن فيه الحكم بن مصعب فيه جهالة، وقال في المهذب: مجهول، وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وليس كذلك، بل خرجه أبو داود والنسائى في اليوم والليلة، قال الحافظ العراقى: وضعفه أبو حاتم، وقال الصدر المناوى: فيه الحكم بن مصعب لا يحتج به. قلت: فيه أمور، الأول. التكرار الذي لا معنى له إلا تسويد الورق. الثانى: التجاهل والتعامى عن صنيع المصنف في كتابه، فإن أبا داود خرج الحديث [2/ 178، رقم 518] بلفظ: "من لزم الاستغفار" وهذا موضعه حرف "من" مع "اللام" وقد ذكره المصنف كذلك في الذيل. الثالث: أن "عمل اليوم والليلة" [ص 330، رقم 456] للنسائى ليست من الكتب الستة، والمراد بالستة الكتب لا أصحابها. الرابع: أن العزو إلى عمل اليوم والليلة يدل على أنه لم يخرجه في السنن مع أنه خرجه في الكبرى [6/ 118، رقم 1090]. الخامس: أن الحديث في سنن ابن ماجه [2/ 1254، رقم 3819] الذي هو من الكتب الستة ولكن باللفظ الذي خرجه به ابن حبان وأبو داود والنسائى في الكبرى وأخرجه أيضًا الحكيم في نوادر الأصول [2/ 8] في الأصل الرابع والخمسين ومائة (¬1) وابن السنى في اليوم والليلة [ص 118، رقم 358] ¬

_ (¬1) هو في الأصل الثالث والخمسين ومائة من المطبوع.

وابن شاهين في الترغيب [1/ 204، رقم 176] وأبو نعيم في الحلية [3/ 211] وعمشليق في جزئه وابن حبان في الضعفاء [1/ 249]. 3327/ 8510 - "مَنْ أكَثرَ ذكرَ اللَّه أحبَّه اللَّه تعَالَى". (فر) عن عائشة قال في الكبير: فيه أحمد بن سهيل الواسطى، قال الذهبى: قال الحاكم: له مناكير. قلت: هذا يوهم أن الحاكم هو أبو عبد اللَّه لأنه المعروف عند الإطلاق، مع أن الذهبى قال: قال أبو أحمد الحاكم، ثم إنه لم يقل: له مناكير كما نقل الشارح، بل قال: في حديثه بعض المناكير، والأمانة في النقل تنافى هذا. والحديث خرجه ابن شاهين في الترغيب [1/ 191، رقم 158] قال: حدثنا على بن عبد اللَّه بن مبشر الواسطى ثنا أحمد بن سهيل ثنا نعيم بن المورع ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به. 3328/ 8512 - "مَنْ أكَرمَ امرأ مُسلِمًا فإنَّما يُكْرمُ اللَّه تَعالَى". (طس) عن جابر [قال في الكبير]: قال في الميزان: خبر باطل اهـ. لكن قال الحافظ العراقى: حديث ضعيف، وقال تلميذه الهيثمى: فيه بحر بن كثير وهو متروك اهـ. قلت: هكذا قال: بحر بن كثير بالثاء المثلثة وآخره راء مهملة، وإنما هو كنيز بالنون وآخره زاى معجمة تصغير كنز. والحديث ذكره الذهبى في ترجمة يحيى بن مسلم [4/ 408] وقال عنه: شيخ من أشياخ بقية، لا يعرف ولا يعتمد عليه، وخبره باطل، قال أبو همام السكونى: حدثنا بقية ثنا يحيى بن مسلم ثنا أبو الزبير عن جابر

فذكره، وأقره الحافظ في اللسان [6/ 277، رقم 975] ولم يزد. وعندى أن هذا الرجل هو بحر بن كنيز تحرف اسم "بحر" بـ "يحيى"، ودلس بقية والده كنيز فسماه مسلمًا بوصفة الإِسلام، وكان بقية كثير التدليس متفننا فيه، وقد روى عنه مرة -أعنى عن بحر المذكور- فكناه أبا الفضل ولم يسمه. وقد ورد الحديث من حديث أبي بكر الصديق أخرجه أبو نعيم في الحلية [3/ 57] والتاريخ [2/ 294] معًا من رواية محمد بن إسحاق العكاشى وهو كذاب وضاع. 3329/ 8514 - "مَنْ أكَل الطِّينَ فكأنَّما أعانَ على قَتلِ نَفسِه". (طب) عن سلمان قال في الكبير بعد ما نقل كلام الناس في الحديث وحكمهم بوضعه: وقضية صنيع [المصنف] أنه مما لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه والأمر بخلافه، فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور عن أبي هريرة. قلت: لا أصل لهذا، والحديث موضوع يلام المصنف على ذكره، وليس في الكتب الستة ذكر لشيء من هذا الباطل. 3330/ 8516 - "مَنْ أَكَل بالعلمِ طَمسَ اللَّه علَى وَجْههِ وَرده على عَقِبيْه وكَانت النَّار أولَى بهِ". الشيرازى عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو نعيم والديلمى. قلت: إطلاق العزو إلى أبي نعيم غير جيد فإن لأبي نعيم مؤلفات كثيرة وأجزاء حديثية متعددة من أشهرها "حلية الأولياء" و"تاريخ أصبهان" و"رياضة المتعلمين" و"فضل العالم العفيف على الجاهل الشريف" و"المسند" و"العوالى" و"الفوائد" وغيرها، ففي أيها خرجه أبو نعيم؟

والواقع أن الشارح رأى الديلمى أسنده [4/ 243، رقم 6265] من طريق أبي نعيم فعزاه إليه بدون أن يعرف في أى كتاب خرجه. 3331/ 8517 - "مَنْ أَكَلَ فَشَبِعَ وشَرِبَ فَرُوى فقالَ: الحمْدُ للَّه الذي أطْعَمَنى وأشْبَعنى وسَقَانى وأروَانِي، خَرَج من ذُنوبِه كَيَومِ وَلَدتْه أُمُّه". (ع) وابن السنى عن أبي موسى قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه من لم أعرفه، وقال ابن حجر: سنده ضعيف اهـ. ووجهه أن فيه محمد بن إبراهيم الشامى، قال الذهبى في الضعفاء: قال ابن حبان: يضع الحديث، وحرب بن شريح، قال الذهبى: لينه بعضهم. قلت: كأن الحافظ الهيثمى انقلب عليه إسناد هذا الحديث وإلا فالواقع ما قاله الشارح لأن ابن السنى أخرجه [ص 151، 467] عن أبي يعلى قال (¬1): حدثنا محمد بن إبراهيم الشامى ثنا إبراهيم بن سليمان ثنا حرب بن شريح عن حماد بن أبي سليمان عن أبي بردة عن أبيه أبي موسى به. ولكن الشارح أخطأ في موضعين، أحدهما: في ذكره حرب بن شريح فإنه لا لزوم لذكره مع أن من قبله متهم بالوضع. وثانيهما: أنه بعد كل هذا اقتصر في الصغير على قوله: قال الهيثمى: فيه من لم أعرفه، وهذا صنيع موهم قوة السند لأنه لا يلزم من كون الهيثمى لم يعرف بعض رجاله أن يكون ضعيفًا في الواقع، بخلاف ما لو صرح بوجود المتهم الكذاب فيه، بل لو اقتصر على قول الحافظ: إسناده ضعيف، لكان قد أتى بالفائدة المطلوبة، ولكن هكذا الشارح. ¬

_ (¬1) انظر مسند أبي يعلى (3/ 221، رقم 7246).

3332/ 8519 - "مَنْ أَكَلَ فِي قَصْعَةٍ ثُمَّ لحَسهَا، اسْتَغفَرتْ لهُ القَصْعةُ". (حم. ت. هـ) عن نبيشة قال في الكبير: وكذا رواه عنه الدارمى وابن شاهين والحكيم وغيرهم. قلت: لكل من ابن شاهين والحكيم الترمذى كتب متعددة، ففي أيها خرجا الحديث، فالعزو بهذه الطريقة باطل، كلا عزو. وقد خرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير [8/ 127، رقم 2445] في ترجمة نبيشة والدولابى في الكنى والأسماء [2/ 168] فيمن كنيته أبو اليمان آخر الكتاب، وأسلم بن سهل الواسطى بحشل في تاريخ واسط [ص 47]. 3333/ 8521 - "مَن أكَلَ مِن هَذِه اللحوم فَليَغْسِل يَدهُ من رِيحِ وَضَرِه، لا يُؤذِي مَنْ حِذَائَه". (ع) عن ابن عمر قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه الوازع بن نافع وهو متروك، وقال الحافظ العراقى: في سنده ضعيف وذلك لأن فيه محمد بن سلمة، فإن كان ابن كهيل فهو واهى الحديث أو البنانى فتركه أحمد عن الوازع بن نافع، قال أحمد وغيره: غير ثقة. قلت: هذا تكرار لا معنى له ولا فائدة فيه إلا تسويد الورق، ثم إنه بعد ما نقل عن أهل الفن ضعف الحديث وتعيين سببه وهو الوازع بن نافع، فما وجه التعرض لمحمد بن سلمة الذي لم يعرفه وبقى حائرًا مترددًا فيه هل هو ابن كهيل أو البنانى؟ ومن عرفه أنهما في طبقة واحدة؟ ولم لا يكون المذكور في السند غيرهما ممن هو ثقة؟ فإن في الرواة ممن اسمه محمد بن سلمة وهو ثقة نحو خمسة أو ستة، ثم لم لا يكون من الضعفاء غير من سمى أيضًا؟ فإن في الرواة ممن اسمه محمد بن سلمة وهو ضعيف أربعة آخرون غير من

ذكرهما، والقاعدة أن السند إذا كان فيه راويًا مشهورًا بالضعف معروفًا بالنكارة في حديث لا يعلل الحديث بغيره لا سيما مع عدم معرفته والتحقيق من عينه. 3334/ 8524 - "مَنْ ألِفَ المسْجدَ ألِفَه اللَّه تعَالَى". (طس) عن أبي سعيد قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف، وعزاه إلى الأوسط لا إلى الأصغر، وقال تلميذه الهيثمى: فيه ابن لهيعة وهو ضعيف. قلت: المؤلف عزاه إلى الأوسط لا إلى الصغير كما في النسخ المتعددة، وإنما الذي وهم عليه هو الشارح، فعزاه إلى الصغير كما فعل في الشرح الصغير على عادته في كون الوهم أسبق إلى قلمه من الصواب. والحديث خرجه الطبرانى في الأوسط [رقم 6383] قال: حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحرانى [ثنا أبي] (¬1) ثنا ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد. وكذلك رواه ابن عدى في الكامل [4/ 152] من طريق ابن لهيعة. 3335/ 8525 - "مَن ألْقَى جِلبابَ الحَياءِ فلَا غِيبَةَ لَه". (هق) عن أنس قلت: انظر مستخرجنا على مسند الشهاب سواء "الإسهاب" أو "وشى الإهاب" في هذا الحديث، وحديث: "ليس لفاسق غيبة" تستفد. 3336/ 8526 - "مَنْ أمَاطَ أَذى عن طَرِيقِ المسْلِمين كُتِبَ له حَسَنة، وَمن تُقبلَتْ منه حَسَنةٌ دَخَل الجنَّةَ". (خد) عن معقل بن يسار قال في الكبير: من حديث المستنير بن أخضر بن معاوية بن قرة عن أبيه عن ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين زيادة من المعجم الأوسط للطبرانى.

فائدة

جده عن معقل بن يسار، قال معاوية: كنت مع معقل في بعض الطرقات فمر بأذى فأماطه فرأيت مثله فنحيته فقال: ما حملك على ذلك، قلت: رأيتك صنعت فصنعت، فقال: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول" فذكره، قال الهيثمى: سنده حسن اهـ. ومن ثم رمز المصنف لحسنه. قلت: هذا خطأ من وجوه، أحدها: قال البخارى [ص 205، رقم 593]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا الخليل بن أحمد ثنا المستنير بن أخضر ثنى معاوية ابن قرة قال: كنت مع معقل المزنى. . . الحديث. فهو عند البخارى من رواية المستنير عن جده معاوية لا عن أبيه عن جده. ثانيها: أن الذي وقع ذلك عنده هو الطبرانى [20/ 217، رقم 502]، فحمل الشارح رواية البخارى على روايته بدون تحقيق، ولما ذكره الحافظ المنذرى [3/ 618، رقم 9] كذلك قال: هكذا رواه الطبرانى ثم ذكر رواية البخارى وقال: هذا هو الصواب. ثالثها: قوله: ومن ثم رمز المصنف لحسنه، فإنه تقول باطل، بل رمز لحسنه على حسب ما اقتضاه نظره أو تقليدًا للحافظ المنذرى أو غيره، فمن أين جزم بأنه حكم بذلك تبعًا للنور الهيثمى؟ فائدة ورد هذا الحديث من وجه آخر من حديث معاذ بن جبل، قال أبو بكر يعقوب ابن أحمد الصيرفى في فوائده: حدثنا أبو عمرو محمد بن أحمد البحيرى الحافظ ثنا أبو محمد عبد اللَّه بن محمد الصيدلانى ثنا محمد بن غالب تمتام ثنا النضر بن شميل (¬1) ثنا يحيى بن سعيد الأنصارى عن سعيد بن المسيب عن معاذ بن جبل قال: "سمعت رسول ¬

_ (¬1) كتب المؤلف على حاشية الصفحة "بشير" ووضع فوقه رمز كأنه ضبة.

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: من أماط أذى عن طريق المسلمين كتب اللَّه له حسنة، ومن كتب اللَّه له حسنة أدخله الجنة". 3337/ 8529 - "مَنْ أمَّ قَوْمًا وفيهم مَنْ هو أقرأُ منه لكتابِ اللَّه وأعلَم لم يزلْ في سِفالٍ إلى يومِ القيامِة". (عق) عن ابن عمر قال في الكبير وقد حرف كلمة سفال ما نصه: بكسر الثاء المثلثة وفتح الفاء، أى هبوط، ثم قال: هو من حديث الهيثم بن عتاب عن ابن عمر، قال في الميزان: لا يعرف، وقال عبد الحق: مجهول، وقال العقيلى: حديث غير محفوظ، ثم ساق له هذا الخبر، فما أوهمه المصنف أن مخرجه العقيلى خرجه وسلمه غير جيد. قلت: العقيلى كتابه خاص بالرجال الضعفاء, ولا يذكر فيه إلا الأحاديث الضعيفة، فالعزو إليه يغنى عن البيان، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالمصنف له قاعدة في كتابه هذا أنه لا يتعرض لنقل كلام المخرجين، ثم من جهة ثالثة قد رمز لضعفه وذلك يكفي عن التعرض لو كان ذلك من شرطه أو من شرط العقيلى، فلو أعرض الشارح عن هذه المشاغبات الباطلة وأقبل على ما يهمه لما وقع في هذه الأخطاء الفاحشة التي ابتلى بها حتى في الضروريات من اللغة العربية، إذ لا يحرف "سفال" بـ "ثفال" إلا من بلغ النهاية في ذلك، رزقنا اللَّه حسن الأدب آمين. 3338/ 8531 - "مَنْ أَمَر بمعرُوفٍ فليَكنْ أمرُه بمَعُروفٍ". (هب) عن ابن عمرو قال الشارح في الكبير بعد أن حرف رمز الشعب إلى رمز السنن, فأتى بطامة توقع الناظر في الخطإ الفاحش ما نصه: رواه البيهقى من طريق الحاكم، وفيه سلام بن ميمون. . . إلخ ما قال.

وهذا التعبير خطأ فإن الحاكم شيخ البيهقى، فالقاعدة أن يقول: عن الحاكم، لأن قوله: من طريق الحاكم يوهم أن بينهما وسائط، مع أنه يعكس أحيانًا فيعبر عمن بينه المخرج وبينه وسائط بقوله: عن فلان. ثم إن الحديث له طريق آخر أنظف من هذا خرجه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 285، رقم 465] من طريق على بن معبد في الطاعة والمعصية: ثنا بقية بن الوليد عن إسحاق بن مالك الحضرمى عن أبي برزة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وهذا الطريق وإن كان ضعيفًا إلا أنه أقوى من طريق البيهقى [6/ 99، رقم 7603]، والشارح يلوم المصنف كثيرًا في مثل هذا، فلم لم يستدرك هذا الطريق لا سيما وقد رتب هو أحاديث مسند الشهاب، لكنه لما لم يكن حافظًا ولا من أهل الفن لم يعرف كيف يكشف عن الحديث من كتاب, لأن لفظه: "من كان آمرًا بمعروف فليكن أمره ذلك بمعروف"، فليس هذا في حرف "من" مع "الألف"، ولكنه مع "الكاف"، فلذلك خفى عليه. 3339/ 8533 - "مَنْ أَمْسكَ بِركابِ أخيهِ المسْلِمِ لا يرجُوُه ولا يخَافُه غُفِرَ لَه". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه حفص بن عمر المازنى ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. قلت: خرج له الدارقطنى، وقال: الياسوفى لا يعرف. والحديث رواه أبو نعيم في الحلية عن الطبرانى [3/ 212]: حدثنا أحمد بن داود المكى ثنا حفص بن عمر المزنى ثنا جعفر بن سليمان حدثنى أبي سليمان بن على بن عبد اللَّه بن عباس عن أبيه عن جده ابن عباس به.

ثم قال أبو نعيم: تفرد له على وعنه سليمان وعنه ابنه جعفر، ما كتبناه إلا من حديث حفص بن عمر المزنى. قلت: كذا وقع في الأصل المزنى بدون أنس، ولم ينفرد به كما يوهمه كلام أبي نعيم الحافظ، بل تابعه حسين المقرى فقد رواه الدولابى في الكنى [2/ 99] في حرف "العين" عن النسائى، ولعله في كناه أيضًا قال: أنبأنا الفضل بن سهل حدثنى أبو محمد عبد اللَّه بن حرب ثنا حسين المقرى عن جعفر بن سليمان به. 3340/ 8534 - "مَن انْتَسبَ إلى تِسعةِ آباء كُفَّارٍ يُريدُ بِهم عِزا وكَرمًا كان عَاشِرَهمْ في النَّار". (حم) عن أبي ريحانة قال في الكبير: أبو ريحانة اثنان: مدنى وسعدى، فكان ينبغى تمييزه. قلت: ولم لم تميزه أنت وأنت الشارح وتلك وظيفتك لا وظيفة لك غيرها، فإذا عجزت ولم تعرف أيهما هو, لأنه كذلك وقع في الحديث، فالتمس مثل ذلك لغيرك. ثم قال: قال الهيثمى: رجاله ثقاته، ومن ثم رمز المصنف لحسنه. قلت: ومن قال لك أنه رمز لحسنه تقليدًا للهيثمى لا اجتهادًا منه، هذا لعجب. وبعد فأبو ريحانة هو شمعون الأتصارى، وهو معروف مشهور لا يلتبس بغيره إلا على الشارح. والحديث خرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير [2/ 355، رقم 2733] وأبو نعيم في موضعين من تاريخ أصبهان [1/ 325 و 2/ 363]، وأبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين، كلهم من طريق حميد الكندى عن عبادة بن

نسى عن أبي ريحانة به. وقال البخارى: لا أراه إلا مرسلًا، يريد أنه منقطع وأن عبادة بن نسى لم يدرك أبا ريحانة. 3341/ 8536 - "مَنِ انتَهبَ فليْسَ مِنَّا". (حم. ت) والضياء عن أنس، (حم. د. هـ) والضياء عن جابر قال في الكبير: قال الديلمى: وفي الباب عمران بن حصين وغيره. قلت: أخرجه الطحاوى في مشكل الآثار (2/ 130) من حديث عمران بن حصين [3/ 356، رقم 1312] ومن حديث عبد الرحمن بن سمرة [3/ 355، رقم 1311] ومن حديث جابر بن عبد اللَّه [3/ 3557، رقم 1313] ومن حديث أنس بن مالك [3/ 358، رقم 1317]. 3342/ 8538 - "مَنْ أنظَرَ مُعْسِرًا إلى ميْسرَتِه أنظَرَه اللَّه بذَنبِه إلى تَوْبَتِه". (طب) عن ابن عباس قال الشارح: وضعفه الأزدى. قلت: هذا خطأ فاحش يوهم أن الحديث خرجه الأزدى وضعفه، والواقع أن الأزدى ما ذكر الحديث ولا تعرض له أصلًا، وإنما ضعف راويًا وقع في سند هذا الحديث، والشارح نفسه نقل ذلك في الكبير فقال: قال الهيثمى [4/ 134]: فيه الحكم بن الجارود، وقد ضعفه الأزدى، وشيخ الحكم وشيخ شيخه لم أعرفهما اهـ. فانظر إلى هذا التهور الغريب. وبعد، فالحديث له طريق آخر من حديث جابر بن عبد اللَّه، قال الدينورى في المجالسة:

حدثنا على بن سعيد بن عثمان البغدادى ثنا أبو الأشعث ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد اللَّه: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من انظر معسرًا إلى ميسرة أنظره اللَّه من ذنبه إلى توبته". 3343/ 8540 - "مَنْ أُنعم عَليه نعْمة فليَحْمدِ اللَّه ومن استْبطَأ الرِزقَ فليَستغْفرِ اللَّه، ومن حزبه أمرٌ فليَقُلْ: لا حَوْل ولَا قوةَ إلا باللَّهِ". (هب) عن على قال في الكبير: رواه البيهقى من حديث سعيد بن داود الزنبرى عن ابن أبي حازم عن عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده على به، قال ابن أبي حازم وعبد العزيز: كنا جلوسًا فدخل الثورى فقال له جعفر: إنك رجل يطلبك السلطان وأنا يتبعنى السلطان، فقم غير مطرود، قال سفيان: فحدث لأقوم، قال جعفر: أخبرنى أبي عن جدى فذكره، قال الشارح: وظاهر صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وسلمه، والأمر بخلافه بل عقبة ببيان حالة فقال: تفود به الزنبرى عنه، والمحفوظ أنه من قول جعفر، وقد روى من وجه آخر ضعيف اهـ. قال: والزنبرى هذا أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ضعفه أبو زرعة وغيره، وقال أبو زرعة: سئ الحفظ. قلت: فيه أمور، الأول: الزنبرى هو بفتح الزاي المعجمة والباء الموحدة وبينهما نون ساكنة وآخره راء مهملة، والشارح ذكره مرارًا باسم بلفظ النسبة إلى الزبير، وإن كان في الأصل المطبوع حرف بلفظ: الزبيدى آخره قال مهملة نسبة إلى زبيد. الثانى: قال في الإسناد: عن ابن أبي حازم عن عبد العزيز، فجعل الثانى شيخًا للأول، ثم قال: قال ابن أبي حازم وعبد العزيز: كنا جلوسًا، وهذا حقه أن يقول في الإسناد عن ابن أبي حازم وعبد العزيز بواو العطف، ثم قال في آخر الكلام: وعبد العزيز قال أبو زرعة: سئ الحفظ، وهذا يدل على

أحد الغلطين، إما غلط صناعى لأنهما إذا رويا القصة معًا وشاهداها فلا وجه لتضعيف الراوى مع مشاركة غيره له، وإما أن يكون الواقع أن عبد العزيز بن أبي حازم رواه عن عبد العزيز بن محمد، فيكون هذا من الخبط والتخليط. الثالث: قوله: وظاهر صنيع المصنف أن البيهقى خرجه [1/ 441، رقم 651] وسلمه سخافة سود بها الكتاب من أوله إلى آخره، والواقع أن المصنف لا ينقل كلام المخرجين ولا يلزمه ذلك لا في هذا الكتاب ولا في غيره وإنما هذا الرجل يكرر ذلك ويلزمه ما لا يلزمه ويأتى بهذا الباطل في صورة اعتراض. الرابع: أن كلام البيهقى ليس وحيًا يتلى حتى يلتزم المصنف اتباعه فيه، بل قد يكون البيهقى واهمًا في كثير من أحكامه على الأحاديث، فلا يعتبره الحفاظ الذين منهم المصنف، ومن ذلك كلامه على هذا الحديث. الخامس: تعرضه لجرح عبد العزيز بن محمد من قبيل الجهل التام بالحديث، فإنه الإِمام الحافظ الكبير الدراوردى الثقة المتفق على ثقته، وأخرج حديثه في الصحيحين وغيرهما من كتب الصحة، وهو قرين الإِمام مالك في السن والحفظ والمعرفة، وقد أثنى عليه مالك ووثقه، فذكر كلام أبي زرعة فيه جهل تام وبعد كلى عن معرفة صناعة الحديث فلو لم يدخل نفسه هذا الشارح في الفضول واقتصر على التقليد ونقل كلام الحفاظ لكان أولى به. السادس: للحديث طريق آخر، قال أبو عبد اللَّه محمد بن إسحاق بن منده في مسند إبراهيم بن أدهم: أخبرنا محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الإخميمى بمصر ثنا غسان بن سليمان ثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن الجزرى عن سفيان عن إبراهيم بن أدهم عن محمد ابن على عن أبيه عن جده عن على عليه السلام به مثله، وعبد اللَّه بن عبد الرحمن الجزرى اتهمه ابن حبان [2/ 35].

3344/ 8542 - "مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً في سَبِيل اللَّهِ كُتِبَتْ لَهُ سَبْعُمِائَةِ ضِعْفٍ". (حم. ت. ن. ك) عن خريم بن فاتك وحرفه الشارح في الشرحين معًا. وقال في الكبير: خزيم بضم الخاء وفتح الزاي المعجمتين بغير هاء، قال: وهو خزيم بن الأخزم بن شداد. . . إلخ. قلت: وهذا من العجائب، وكان واللَّه من حق من يجهل مثل هذا الاسم الذي يعرفه صغار طلبة الحديث، بل وبعض المتنورين من العوام ألَّا يتجاسر بالانتقاد ولا سيما بالباطل على أكابر الحفاظ والعلماء كالمصنف، فالصحابى مشهور جدًا وهو خريم بالراء المهملة، وكذلك والده أخرم بالراء المهملة، لا يشك فيه طالب علم. 3345/ 8543 - "مَنْ أَهَانَ قُرشيا أهَانهُ اللَّهُ". (حم. ك) عن عثمان قال في الكبير: وهذا رواه الطبرانى وأبو يعلى والبزار، قال الهيثمى: ورجالهم ثقات، وفي الحديث قصة، ورواه الترمذى باللفظ المزبور وكان المصنف ذهل عنه. قلت: ما رواه الترمذى أصلا، لا باللفظ المزبور ولا بغيره (¬1)، وما ذهل المصنف، ولكن جهل الشارح من كون الحافظ الهيثمى ذكر الحديث في مجمع الزوائد [10/ 27] كما نقل هو نفسه كلامه على إسناده، والهيثمى لا يذكر ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذى (5/ 714، رقم 3905) عن محمد بن سعد عن أبيه مرفوعًا بلفظ: "من يرد هوان قريش أهانه اللَّه".

إلا الزوائد على الكتب الستة، ولا يورد حديثا وقع فيها إلا سهوا، فكيف لو راجع الأطراف، أو اعتمد عزو المصنف الحافظ، ثم إن قوله: وفي الحديث قصة، يوهم أنها وقعت في نفس الحديث مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكانت هي سبب وروده، أو نحو ذلك، والواقع بخلافه، فإنها وقعت في سند الحديث، فإن عبيد اللَّه بن عمر بن موسى "قال: كنت عند سليمان بن على، فدخل شيخ من قريش، فقال سليمان: انظر الشيخ فأقعده مقعدا صالحا، فإن لقريش حقا، فقلت: أيها الامير ألا أحدثك بحديث بلغنى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: قلت: بلى، قلت بلغنى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أهان قريشا أهانه اللَّه"، قال: سبحان اللَّه ما أحسن هذا، من حدثك هذا؟، قال: قلت: حدثنيه ربيعة بن عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب عن عمرو بن عثمان ابن عفان قال: قال أبي: يا بنى إن وليت من أمر الناس شيئًا فأكرم قريشا، فإنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من أهان قريشا" الحديث. 3346/ 8544 - "مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ المَقْدِسِ غُفِرَ لَهُ". (هـ) عن أم سلمة قاله الشارح: إسناده حسن. وقال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله، والأمر بخلافه، بل بقيته عند أبي داود "ما تقدم من ذنبه وما تأخر ووجبت له الجنة"، فحذفه غير جيد، ثم إن المصنف رمز لحسنه، وفيه محمد بن إسحاق، وفيه كلام ولفظ رواية ابن ماجه فيما وقفت عليه "كانت كفارة لما قبلها من الذنوب"، ثم إن عزوه لابن ماجه يؤذن بأنه تفرد به عن الستة، وليس كذلك، بل رواه أبو داود باللفظ المزبور عن أم سلمة، وكأن رمز المصنف بالهاء سبق قلم من الدال، ثم إن فيه يحيى بن سفيان الخنسى، قال

أبو حاتم: ليس يحتج به، وقال الذهبى: وثق، وقال المنذرى: اختلف فيه يعنى في إسناده ومتنه. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله، والأمر بخلافه، بل بقيته عند أبي داود. . . إلخ. هدرمة فارغة، فإن المصنف لم يعز الحديث لأبي داود، بل عزاه لابن ماجه [2/ 999، رقم 3001] فكيف يدخل حديثا في حديث ورواية في رواية ويعزو إلى ابن ماجه ما لم يخرجه، فيكون كأنه المناوى الشارح -سامحه اللَّه- والمصنف أجل وأعلا من ذلك، وقد برأه اللَّه تعالى مما هو دون ذلك بألف مرحلة، فكيف بهذا؟!. الثانى: قوله: "ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ووجبت له الجنة"، هكذا ذكره بواو العطف، والحديث عند أبي داود [2/ 143، رقم 1741] بأو التي للشك، مع التصريح بذلك من الواوى، وهو قوله: "غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أو وجبت له الجنة"، شك عبد اللَّه أيتهما قال، فخلط هذا بذاك وقلب متن الحديث هو الذي ليس بجيد لا اتباع المصنف للواجب عليه وتحوى الصواب كما يريد منه الشارح أن يدخل حديثا في حديث، ورواية أبي داود في رواية ابن ماجه، مع أنه لم يذكر أبا داود. الثالث: قوله: رمز لحسنه وفيه محمد بن إسحاق وفيه كلام، فضول من جهة، وكلام لا يقصد منه حقيقة، وإنما يراد به الإكثار من تخطئة المصنف بالباطل، وإلا لما اقتصر هو في الصغير على تحسينه، وأيضًا فابن إسحاق ثقة، وأوثق من الثقة، وحديثه صحيح، وقد صححه الحافظ المنذرى في الترغيب [2/ 190، رقم 2،1، 3].

الرابع: قوله: ولفظ رواية ابن ماجه فيما وقفت عليه: "كانت كفارة لما قبلها من الذنوب" لا يخلو أن يكون وقف عليه في سنن ابن ماجه نفسه، أو في غيره، فإن كان الأول فهو كذب أو تلبيس ولابد، وإن كان الثانى فلا معنى للتعقب بما لم يتحقق منه بالوقوف عليه في أصله، والواقع أن ابن ماجه خرج اللفظين فقال أولا [2/ 999، رقم 3001]: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق حدثنى سليمان بن سحيم عن أم حكيم بنت أمية عن أم سلمة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "قال: من أهل بعمرة من بيت المقدس غفر له". ثم قال [2/ 999، رقم 3002]: حدثنا محمد بن المصفى الحمصى ثنا أحمد بن خالد ثنا محمد بن إسحاق عن يحيى بن أبي سفيان عن أمه أم حكيم بنت أمية عن أم سلمة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قالت: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من أهل بعمرة من بيت المقدس كانت [له] (¬1) كفارة لما قبلها من الذنوب"، قالت: فخرجت أمى من بيت المقدس بعمرة. فابن ماجه خرج اللفظين، والمصنف إنما أراد اللفظ الأول، فلا وجه للتعقب عليه. الخامس: قوله: ثم إن عزوه لابن ماجه يؤذن بأنه تفرد به عن الستة. . . إلخ باطل، فإن المصنف ذكر في الأصل -الذي هو الجامع الكبير- رواية أبي داود بلفظ: "من أهل بحج أو عمرة" بالشك، وعزاها لأحمد وأبي داود، ثم ذكر الرواية المذكورة هنا، وعزاها لابن ماجه، ثم ذكر رواية ابن ماجه الثانية، وعزاها له أيضًا، ولكنه في ¬

_ (¬1) الزيادة من سنن ابن ماجه.

هذا الكتاب المختصر اقتصر على رواية ابن ماجه الأولى فقط، فلا وهم ولا ذهول، والعجب أن الشارح ما رأى هذه الروايات الثلاث إلا في كتاب الجامع الكبير للمصنف، ومنه ينقل، ثم يرجع فينسب إليه الوهم والذهول. السادس: قوله: وكأن رمز المصنف بالهاء سبق قلم من الدال، كلام في غاية السقوط، فإنه كان يكون كذلك لو لم يخرجه ابن ماجه أصلا، وإنما خرجه أبو داود، أما والحديث خرجه ابن ماجه باعترافه كما يقول: أنه وقف عليه، فلا معنى لما يقول. السابع: قوله: ثم إن فيه يحيى بن سفيان، باطل أيضًا، فإن يحيى المذكور لا وجود له في سند الرواية المذكورة هنا كما سبق، وإنما هو في سند الرواية الأخرى كما ذكرته أيضًا. الثامن: قوله: يحيى بن سفيان بدون أداة الكنية في الأب غلط، وإنما هو يحيى بن أبي سفيان. التاسع: قوله: الخنسى، غلط بل هو الأخنسى بالألف نسبة إلى جده أخنس. العاشر: قوله: قال: أبو حاتم لا يحتج به، باطل لا أصل له، ولم يقل أبو حاتم ذلك، بل قال: شيخ من شيوخ المدينة، ليس بالمشهور، فحرف الشارح هذا إلى قوله: ليس بحجة ليتم له ما أراد من معارضة حكم المصنف ولو بالكذب، والرجل قد ذكره ابن حبان في الثقات، ولم يذكره الذهبى في الميزان. الحادى عشر: قوله: وقال المنذرى: اختلف فيه -يعنى في إسناده-، ومتنه هو كما قال، وهذا الكلام ذكره في اختصار سنن أبي داود، الذي يتكلم فيه على الإسناد، ولكنه صححه في الترغيب، واعتمد تصحيح من صححه، وهو أقرب إلى الشارح من اختصار السنن، والنقل منه أولى لأنه من مشهور

الكتب، ومما ألف الحافظ المنذرى متأخرا، وقد صدر رواية ابن ماجه المذكورة هنا مختصرة، وقال: رواه ابن ماجه بإسناد صحيح. قال: وفي رواية له: "من أهل بعمرة من بيت المقدس كان كفارة لما قبلها من الذنوب". قال: ورواه ابن حبان في صحيحه [9/ 14، رقم 3701]، ولفظه: "من أهل من المسجد الأقصى بعمرة غفر له ما تقدم من ذنبه". قال: ورواه أبو داود والبيهقى [5/ 30]، ولفظهما: "من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أو وجبت له الجنة"، شك الراوى. . . إلخ. فكان الأولى نقل هذا واعتماده دون كلامه في اختصار السنن، أو الجمع بينهما على الأقل، ثم إن الحافظ المنذرى أشار بالاختلاف إلى ما ذكره البخارى في "التاريخ الكبير" في ترجمة محمد بن عبد الرحمن بن يحنس، فهو الذي أشار إلى طرقه واختلاف الرواة فيه، فانظره إن شئت (1/ 160) من الجزء الأول. 3347/ 8545 - "مَنْ بَاتَ عَلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ مَاتَ مِن لَيْلَتِهِ مَاتَ شَهِيدًا". ابن السنى عن أنس قلت: سكت الشارح في الشرحين على هذا الحديث، ولم يتعرض لرمز المصنف له بعلامة الضعيف، كأنه لم يجد ما يغمز به كلامه، والحديث فيه ضعيفان، سليمان بن سلمة الخبائرى، وشيخه يونس بن عطاء الصدائى فكلاهما متروك بل متهم.

3348/ 8547 - "مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهرِ بَيْتٍ لَيْسَ عَليهِ حِجَابٌ فَقد بَرِئتْ مِنهُ الذمة". (خد. د) عن على بن شيبان قال الشارح: وفيه مجهولان. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وفيه كما قال الذهبى: أبو عمران الجونى، لا يعرف، وفيه عبد الرحمن بن على هذا، قال ابن القطان: هو مجهول. قلت: كل هذا باطل لا أصل له، فالذهبى لو سكر وغاب عقله لما قال في أبي عمران الجونى: لا يعرف، بل لا يصدر هذا من إنسان شم رائحة العلم، بل ممن يتكلم وعقله حاضر معه وهو ينطق ويعرف ما يقول، بل لا يصدر هذا إلا من المناوى وحده، فأبو عمران الجونى إمام مشهور ثقة أشهر بين أهل الحديث من نار على علم، احتج به الستة كلهم وهو من سادات التابعين أدرك جماعة من الصحابة، وروى عنه الأئمة مثل شعبة والحمادان وطبقتهم، ووثقه يحيى بن معين وأبو حاتم والنسائى وابن سعد وابن حبان، وذكره أبو نعيم في الحلية ووصفه بقوله: ومنهم الواعظ اليقظان موقظ الوسنان ومنفر الشيطان الجونى أبو عمران. . . إلخ ما قال. فعجبا لهذا الشارح، ما أشد غفلته؟!. والعجب أنه نفسه ترجم لأبي عمران الجونى في طبقات الصوفية، ثم هو الآن ينسب لإمام العلماء بالرجال أنه يقول عن أشهر مشاهيرهم: إنه لا يعرف، وبعد هذا كله فاعلم أن أبا عمران لا يوجد في سند هذا الحديث (¬1). وأما عبد الرحمن بن على فباطل أيضًا ما حكاه فيه، فقد ذكره ابن حبان في ¬

_ (¬1) يوجد هنا كشط في المخطوطة مقداره نصف سطر.

الثقات، واحتج به في صحيحه، وقال العجلى: تابعى ثقة، ووثقه أيضًا أبو العرب التميمى، وابن حزم -شيخ المتشددين- في الرجال، وهو الذي لا يعدو كلامه ابن القطان، فكيف يقول: فيه مجهول؟! وكيف يكون مجهولا، وقد روى عنه ابنه يزيد، وعبد اللَّه بن بدر الحنفى، ووعلة بن عبد الرحمن، والجهالة ترتفع برواية اثنين، فكيف مع انضمام توثيق الحفاظ المتعددين له. ثم إن الحديث له طريق آخر مرفوع، أخرجه البخارى في "الأدب المفرد" أيضًا قال [ص 395، رقم 1199]: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا الحارث بن عمير قال: حدثنى أبو عمران عن زهير عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من بات على إجار فوقع منه فمات برئت منه الذمة، ومن ركب البحر حين يرتج -يعنى يغتلم (¬1) - فهلك برئت منه الذمة". وهكذا رواه أحمد [5/ 79] والبيهقى في الشعب [4/ 179, رقم 4725]، وحسنه الحافظ المنذرى [4/ 56، رقم 4]، وهذا الحديث هو الذي في سنده أبو عمران الجونى، أما حديث المتن الذي زعم الشارح أنه من رواية أبي عمران فقال البخارى [ص 395، رقم 1197]: حدثنا محمد بن المثنى ثنا سالم بن نوح أخبرنا عمر -رجل من بنى حنيفة- هو ابن جابر عن وعلة بن عبد الرحمن بن وثاب عن عبد الرحمن بن على عن أبيه به. وبهذا السند رواه أبو داود [4/ 311، رقم 5040] عن محمد بن المثنى أيضًا، وله شاهد موقوف على أبي أيوب الأنصارى. أخرجه البخارى في "الأدب المفرد" [ص 395، رقم 1198] أيضًا من حديث ¬

_ (¬1) في القاموس المحيط: "اغتلم": "هاج".

على بن عمارة قال: جاء أبو أيوب الأنصارى فصعدت به على سطح أفلح فنزل وقال: كدت أن أبيت الليلة ولا ذمة لى. 3349/ 8548 - "مَنْ بَاتَ وَفي يَدِهِ غمر فَأصَابَهُ شَيءٌ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ". (خد. ت. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أن الترمذى تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه، بل رواه أبو داود، قال ابن حجر: بسند صحيح على شرط مسلم عن أبي هريرة رفعه، "من بات وفي يده غمر لم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه"، فزاد على الترمذى قوله: "ولم يغسله" مع صحة إسناده، والقاعدة عندهم أن أبا داود مقدم في العزو إليه على الترمذى فإهماله العزو إليه مع صحة إسناده وزيادة متنه من سوء التصرف. قلت: المصنف له وضع مخصوص في كتابه وهو مراعاة الحروف في أوائل الأحاديث وأوائل الكلمات، فرواية الترمذى [4/ 289، رقم 1859] المذكورة هنا بلفظ: "من بات" فذكرها في حرف "من" بعدها "باء" بعدها "ألف"، وأما رواية أبي داود فهى بلفظ: "من نام" فموضعها حرف "من" بعدها "نون"، وكذلك فعل المصنف في الكبير وفي ذيل الصغير أيضًا، فذكر هذا ثم أعاده في حرف "من" مع "النون" وعزاه لأحمد [2/ 263] وأبي داود، والشارح يعرف هذا جيدًا ويتحققه يقينًا ولكنه يتغافل. ثم هو يهرب من نقل الحديث من مصدره، والمؤلف الذي خرج فيه وهو "سنن أبي داود"، لأنه لو نقله منه لافتضح، وكذلك لا ينقله عمن يراعى الألفاظ غالبًا كالحافظ المنذرى في الترغيب وينقب عمن لا يراعى إلا متن الحديث ويحمل رواية بعض المخرجين على البعض الآخر، فيلبس بذلك على القارئين، كما نقل هذا الحديث عن الحافظ وترك نقله من السنن أو من الترغيب للمنذرى.

فائدة

ثم ما زعمه من القاعدة اختلاق وكذب لا أصل له، وإنما المحدثون يراعون التقديم عند الجمع باعتبار الأقدمية في الوفاة، وليس ذلك واجبا وإنما هو تدقيق في الترتيب، أما عند الانفراد فسواء العزو إلى الترمذى أو إلى أبي داود، وإنما العمدة على الإسناد، قال أبو داود [3/ 366، رقم 3852]: ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير ثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من نام وفي يده غمر ولم يغسله. . . " الحديث. تنبيه على غلط آخر: كتب الشارح في الكبير على رمز الترمذى أنه خرجه في كتاب الزهد وهو غلط فاحش، بل خرجه في كتاب الأطعمة وهو آخر حديث فيه. فائدة في الباب عن ابن عباس وعائشة وعمران بن حصين قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 348]: حدثنا أبو بكر الطلحى ثنا أبو يعقوب يوسف بن يحيى بن عبد اللَّه بن يزيد الشيبانى ثنا أبو إسحاق عبد الوهاب بن فليح المقرى ومحمد بن ميمون الخياط قالا: حدثنا سفيان عن الزهرى عن عبيد اللَّه عن ابن عباس قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من بات وفي يده غمر فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه". وقال الدولابى في الكنى [1/ 172]: حدثنا عباس بن محمد قال: قال يحيى: روى عبد الملك بن عمير عن شبيب أبي روح ثنا عمران بن بكار البراد ثنا عبد العزيز بن موسى أبو روح الأخولى ثنا عمر بن على بن مقدام عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من بات وفي يده ريح غمر فأصابه شيءٌ فلا يلومن إلا نفسه"

3350/ 8551 - "مَنْ بَاع عَيبًا لَمْ يُبَينهُ لَمْ يَزل فِي مَقتِ اللَّه وَلَمَ تَزل الملائِكةُ تَلْعَنهُ". (هـ) عن واثلة قال في الكبير: رواه ابن ماجه من حديث ابن سباع عن واثلة بن الأسقع، قال ابن سباع: اشتريت ناقة من دار واثلة، فلما خرجت بها أدركنى يجر رداءه، قال: اشتريت؟ قلت: نعم، قال: هل بين لك ما فيها؟ قلت: وما فيها؟ إنها لظاهرة الصحة، قال: أردت بها لحمًا أو سفرًا؟ قلت: بل الحج، قال: فإن بخفها نقبا سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وذكره. قلت: كل هذا لا أصل له ولم يخرج ابن ماجه منه حرفًا واحدًا ولا روى لابن سباع في سننه أصلًا، قال ابن ماجه [2/ 755، رقم 2247]: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك ثنا بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن مكحول وسليمان بن موسى عن واثلة بن الأسقع قال: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" وذكره. فما أدرى من أين نقله الشارح وألزقه بابن ماجه؟ وسند الحديث ساقط جدًا كأنه من الموضوع. 3351/ 8558 - "مَنْ بَدا جَفا وَمَنْ اتبعَ الصيدَ غَفَلَ وَمَنْ أتى أبَوابَ السلطان افتتنَ". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: ظاهر حال صنيع المصنف أنه لم يره لأحد أعلى من الطبرانى ولا أحق بالعزو وهو عجيب، فقد خرجه باللفظ المزبور أحمد عن أبي هريرة وعن ابن عباس، قال المنذرى والهيثمى: وأحد إسنادى أحمد رجاله رجال الصحيح خلا الحسن بن الحكم النخعى وهو ثقة اهـ. وفي سند الطبرانى

وهب بن منبه، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ثقة مشهور ضعفه الفلاس. قلت: كلام [الشارح] كله خبط وتخليط وجهل كما يتضح من وجوه، الأول: أن حديث أبي هريرة غير حديث ابن عباس عرفًا واصطلاحًا، وهو استدرك بحديث أبي هريرة على حديث ابن عباس، ثم أدخل حديثًا في حديث. الثانى: أنه كذب في قوله: باللفظ المزبور، بل لفظه عند أحمد [2/ 371، 440]: "من سكن البادية" وقد ذكره المصنف في موضعه من هذا الكتاب وهو حرف "من" مع "السين" كما سيأتى، وهذه الرواية موضعها حرف "من" مع "الباء". الثالث: أن العزو إلى الكتب الستة وأصحابها مقدم على العزو لأحمد، والشارح دائمًا ينتقد المصنف بهذا بالباطل وهو منتقد بالحق، فإن حديث ابن عباس الذي استدركه وعزاه لأحمد وحده قد خرجه أهل السنن الأربعة أيضًا إلا ابن ماجه، وكذلك فعل المصنف فعزاه لأحمد ولهم كما سيأتى. الرابع: أنه خلط إسناد حديث ابن عباس بحديث أبي هريرة، فالمصنف أورد حديث ابن عباس وهو نقل عن المنذرى والهيثمى أنهما قالا في أحد إسنادى أحمد: رجاله رجال الصحيح غير الحسن بن الحكم النخعى وهو ثقة، والحسن المذكور إنما هو في سند حديث أبي هريرة الذي ما ذكره المصنف ولا عرج عليه فلا يُعلِّل حديث ابن عباس بمن في حديث أبي هريرة إلا من لا يعرف ما يخرج من رأسه ولا يدرى ما يقول. الخامس: قوله: وفي سند الطبرانى [11/ 57، رقم 11030] وهب بن منبه هذا رجوع إلى سند حديث ابن عباس، ثم تخصيصه الطبرانى يفيد أن وهبًا إنما وقع في سنده، والحديث من رواية وهب بن منبه عن ابن عباس عند جميع من خرجه، قال أحمد [1/ 357]:

حدثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا سفيان عن أبي موسى عن وهب بن منبه عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من سكن البادية جفا" الحديث. وقال أبو داود [3/ 110, 111]: حدثنا مسدد حدثنا يحيى (ح). وقال الترمذى [4/ 523، رقم 2256]: حدثنا محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن بن مهدى (ح). وقال النسائى [7/ 195]: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا عبد الرحمن -يعنى ابن مهدى- (ح). وقال الطبرانى: حدثنا محمد بن الحسن بن كيسان ثنا أبو حذيفة (ح) (¬1). ورواه ابن عبد البر في العلم من طريق ابن مهدى ووكيع ومصعب بن ماهان، خمستهم قالوا: حدثنا سفيان به. السادس: تعرضه لجرح وهب بن منبه يدل على أنه من العوام، ومن طبقة البلداء منهم خاصة، وإلا فأذكياء العوام لا ينزلون إلى هذا الحضيض. 3352/ 8562 - "مَنْ بَلغهُ عَنِ اللَّه فَضِيلةً فَلَمْ يصدِّق بَهَا لَمْ يَنلهَا" (طس) عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه أبو يعلى أيضًا، قال الهيثمى: وفيه بزيع أبو الخليل وهو ضعيف اهـ. وحكم ابن الجوزى بوضعه بعدما أورده من حديث أنس وقال: فيه بزيع متروك، ومن حديث جابر وقال: فيه البياضى كذاب، وإسماعيل بن يحيى كذاب اهـ. وأقره المصنف، وفي المقاصد عن ابن حجر: هذا لا يصح. ¬

_ (¬1) رواه في الكبير (11/ 56، رقم 11030) قال: حدثنا على بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن أبي موسى به.

قلت: في هذا عجائب، الأولى: أن هذا الحديث لم يذكره ابن الجوزى في الموضوعات أصلًا. الثانية: أنه ذكر حديثا بمعنى آخر فيه كلمة: "من بلغه عن اللَّه شيء"، ولكنه مشرق وحديث الباب مغرب، شتان بين مشرق ومغرب، فأسند ابن الجوزى [1/ 258] من طريق الحسن بن عرفة في جزئه: ثنا خالد بن حيان الرقى أبو زيد عن فرات بن سليمان وعيسى بن كثير كلاهما عن أبي رجاء عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر ابن عبد اللَّه مرفوعًا: "من بلغه عن اللَّه شيء فيه فضيلة فأخذ به إيمانًا رجاء ثوابه أعطاه اللَّه ذلك ولم يكن كذلك"، ثم قال: لا يصح أبو رجاء كذاب. ومن طريق الدارقطنى [3/ 125, 153]: حدثنا عبد اللَّه بن سليمان بن الأشعث ثنا على بن الحسن المكتب ثنا إسماعيل ابن يحيى ثنا مسعر عن عطية عن ابن عمر مرفوعًا: "من بلغه عن اللَّه فضل شيء من الأعمال يعطيه عليه ثوابًا فعمل ذلك العمل رجاء ذلك الثواب أعطاه اللَّه ذلك الثواب وإن لم يكن ما بلغه حقًا"، ثم قال: إسماعيل كذب. ومن طريق ابن حبان في الضعفاء [3/ 153]: ثنا أحمد بن يحيى بن زهير ثنا أحمد بن يحيى الأزدى ثنا الهيثم بن خارجة ثنا بزيع أبو الخليل عن محمد بن واسع وثابت عن أبان عن أنس مرفوعًا: "من بلغه عن اللَّه أو عن النبي فضيلة كان منى أو لم يكن فعمل بها رجاء ثوابها أعطاه اللَّه ثوابها"، ثم قال: بزيع متروك. فهذا ما أورده ابن الجوزى، وهو كما ترى بعيد عن حديث الباب لا ارتباط له به إلا في بعض الألفاظ. الثالثة: أن المصنف لم يقره كما قال الشارح، بل تعقبه بأن لحديث أنس طرقًا أخرى، ثم أتى بها من عند أبي القاسم البغوى في معجمه ومن عند ابن

عبد البر في العلم، وأررد لحديث ابن عمر طريقًا آخر من عند الموهبى في فضل العلم، ثم عزا للخلعى في فوائده بإسناده إلى حمزة بن عبد المجيد قال: "رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في النوم في الحجر، فقلت: بأبى أنت وأمى يا رسول اللَّه إنه قد بلغنا عنك أنك قلت: من سمع حديثًا فيه ثواب فعمل بذلك الحديث رجاء ذلك الثواب أعطاه اللَّه ذلك الثواب وإن كان الحديث باطلًا، فقال: إى ورب هذه البنية إنه عنى وأنا قلته" اهـ. ومع كل هذا يدعى الشارح أن المصنف أقر ابن الجوزى. الرابعة: وهى من الدلائل على سوء نيته أنه دائم النقل من اللآلئ المصنوعة، والمصنف قد تعقب ابن الجوزى في اللآلئ [1/ 214، 215]، ولكنه في اختصارها كأنه بيض للتعقب ونسيه فلم يذكر شيئًا، فانتقل الشارح من العزو إلى اللآلئ الذي فيه التعقب إلى التعقبات ولم يشر إلى اللآلئ أصلًا. الخامسة: ما نقله من المقاصد عن الحافظ لا وجود له في المقاصد أصلًا. 3353/ 8563 - "مَنْ بنى للَّه مَسجِدًا بَنى اللَّه لَهُ بيتًا فِي الجنةِ". (هـ) عن على قال الشارح: خرجه الشيخان فذهل المؤلف. وقال في الكبير: ظاهره أن هذا مما لم يتعرض أحد الشيخين لتخريجه وهو ذهول، فقد خرجاه معًا عن عثمان في الصلاة، كما عزاه لهما الصدر المناوى وغيره، والعجب أن المصنف نفسه عزاه لهما معًا في الأحاديث المتواترة وعد هذا منها. قلت: لا يخلو أن يكون الشارح أبلد خلق اللَّه وأشدهم ذهولا وغفلة، فالمصنف ذكر حديث عثمان بعد هذا مباشرة بدون أى فاصل بلفظ: "من بنى مسجدًا يبتغى به وجه اللَّه بنى اللَّه له مثله في الجنة"، وعزاه لأحمد [1/ 61, 70] والبخارى [1/ 122، رقم 450] ومسلم [1/ 378، رقم 533/

24، 25] والترمذى [2/ 134، رقم 319] وابن ماجه [1/ 243، رقم 736]، وبلا شك أن الشارح كتبهما في مجلس واحد بل في ساعة، فكيف جاز له أن يسطر بيده هذا الباطل في الوقت الذي يسطر بيده عزو المصنف الحديث إلى الشيخين والحديثان متلاصقان، لذلك كان الواقع ما ذكرت ولا زائد غيره. 3354/ 8568 - "مَنْ بَنى بِنَاء فَوق مَا يكفِيهِ كُلِفَ يَوْمَ القِيامةِ أَن يَحمِلَهُ عَلَى عُنِقِه". (طب. حل) عن ابن مسعود قال الشارح: قال الذهبى: حديث منكر. قلت: ذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال: هو حديث باطل لا أصل له بهذا الإسناد راجعه (ص 119 من الجزء الثانى) (¬1). 3355/ 8569 - "مَنْ بَنى فَوق عَشَرةِ أَذُرعٍ نَادَاه مُنَادٍ مِنَ السَماءِ يا عدو اللَّه إلى أين تريد؟ ". (طب) عن أنس قال في الكبير: فيه الربيع بن سليمان الجيزى، أورده الذهبى في ذيل الضعفاء وقال: كان فقيها دينا لم يتقن السماع من ابن وهب. قلت: الربيع ثقة أجل من أن يعلل به الحديث لاسيما مثل هذا الباطل الموضوع، وإنما علته الوليد بن موسى القرشى شيخ الربيع فيه، فإنه متهم بالوضع، ولما رواه أبو نعيم في الحلية [3/ 75] عن الطبرانى عن على بن سعيد الرازى عن الربيع عن هذا (¬2) عن الأوزاعى عن يحيى بن أبي كثير عن ¬

_ (¬1) انظر علل الحديث (2/ 115) ط دار السلام بحلب. (¬2) وقع في الأصل المطبوع للحلية: "عن الربيع بن سليمان الجيزى قال: ثنا الوليد =

الحسن عن أنس بلفظ: "إذا بنى الرجل المسلم سبعة أو تسعة أذرع ناداه مناد من السماء أين تذهب يا أفسق الفاسقين"، قال: غريب من حديث الحسن ويحيى والأوزاعى، تفرد به الوليد بن موسى القرشى وهو ضعيف لين (¬1) كالوليد بن مسلم الدمشقى. 3356/ 8577 - "مَنْ تَحلم كَاذِبا كُلِف يَوم القيامَة أَنْ يَعقِد بَينَ شَعِيرَتيِن وَلَن يَعقِد بَينَهُمَا". (ت. هـ) عن ابن عباس قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو ذهول، بل هو في البخارى في التعبير ولفظه: "من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل" اهـ. قلت: كذا قال انتهى -يعنى لفظ الحديث- وليس كذلك قال البخارى [9/ 54، رقم 7042]. حدثنا على بن عبد اللَّه حدثنا سفيان عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل، ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرون منه صب في أذنه الآنك يوم القيامة، ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها وليس بنافخ". فانظر إلى قوله عقب القطعة الأولى: اهـ وتعجب من تدليسه وتلبيسه سامحنا اللَّه وإياه، وطول الحديث هو الذي حمل المؤلف على عدم عزوه إليه، وقد ذكره على انفراده في الكبير. ¬

_ = ابن مسلم الدمشقى" وليس الوليد بن موسى، وإنما ذكر أبو نعيم الوليد بن موسى عند قوله الآتى: تفرد به الوليد بن موسى. (¬1) كذا في الأصل وفي الحلية "ليس كالوليد بن مسلم" بدل "لين كالوليد بن مسلم.

3357/ 8591 - "مَنْ تَزوجَ فَقدِ اسَتكمَل نِصفَ الإيَمانِ، فَليتَّقِ اللَّه فِي النصفِ الباقِى". (طس) عن أنس هكذا رمز المصنف للطبرانى في الأوسط. أما الشارح فحرفه إلى رمز الطبرانى في الكبير في كلا الشرحين، ثم زاد أن الطبرانى رواه في المعاجم الثلاثة ثم قال: قال الهيثمى: رواه الطبرانى بإسنادين وفيهما يزيد الرقاشى وجابر الجعفى وكلاهما ضعيف وقد وثقا، وقال الحافظ العراقى: سنده ضعيف اهـ. وذلك لأن فيه عمرو بن أبي سلمة، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ثقة، وقال أبو حاتم: لا يحتج به اهـ. وقال ابن الجوزى: حديث لا يصح وفيه آفات. قلت: وفيه أمور، الأول: كما قدمناه أن المصنف عزاه للأوسط وهو عزاه للكبير. الثانى: أنه زاد العزو إلى الثلاثة وذلك باطل ما خرجه الطبرانى إلا في الأوسط، فقد قرأت الصغير بتمامه فلم أجده فيه، وقد اقتصر على عزوه إلى الأوسط الحافظان الهيثمى في الزوائد والزيلعى في تخريج أحاديث الكشاف. الثالث: قوله: لأن فيه عمرو بن أبي سلمة. . . إلخ هو فضول من جهة وتعرض لما لا أصل له من [جهة] أخرى، لاسيما بعد أن نقل عن الحافظ الهيثمى بيان علته وهو جابر الجعفى ويزيد الرقاشى، فلو كان عمرو بن أبي سلمة علة له لذكره الحافظ المذكور. الرابع: قال الطبرانى في الأوسط [7647]: ثنا محمد بن موسى الإصطخرى ثنا محمد بن سهل بن مخلد الإصطخرى ثنا عصمة بن المتوكل ثنا زافر بن سليمان عن إسرائيل بن يونس عن جابر الجعفى

عن يزيد الرقاشى عن أنس به. فليس فيه عمرو بن أبي سلمة كما زعم، وإنما فيه ما قال الحافظ الهيثمى. الخامس: كلام ابن الجوزى في العلل في سند آخر لهذا الحديث فإنه أسنده من طريق أبي الفتح الأزدى عن مالك بن سليمان [2/ 122] ثنا هياج بن بسطام عن خالد الحذاء عن يزيد الرقاشى به. ثم قال: هذا لا يصح وفيه آفات، يزيد الرقاشى قال أحمد: منكر الحديث، وقال النسائى: متروك، وهياج قال أحمد والنسائى: متروك الحديث، ومالك بن سليمان قدحوا فيه اهـ. 3358/ 8602 - "مَنْ تَقحَم فِي الدُّنيا فَهُوَ يَتقَحمُ فِي النَّارِ". (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقى خرجه وسلمه والأمر بخلافه، فإنه تعقبه بما نصه: قال أبو حاتم: تفرد به حفص بن عمر المهرقانى عن يحيى بن سعيد. قلت: مسكين الشارح لبعده عن معرفة هذا العلم ظن أن هذا من البيهقى تعقب وتضعيف والانفراد لا يدل على ضعف الحديث إلا إذا كان الراوى المنفرد ضعيفا، وحفص بن عمر المذكور ثقة، فسواء تفرد أو توبع فلا ضير منه في الحديث، وكم حديث تفرد به كبار الثقات كمالك وشعبة وسفيان وأضرابهم حتى ألف الدارقطنى كتاب الأفراد في مجلدين ضخمين، والمعجم الأوسط هو من هذا القبيل، وكم ينص في الصغير أيضًا على ذلك، وكذلك يفعل أبو نعيم في الحلية بل وجل الحفاظ. والحديث أخرجه أيضًا أبو يعلى الخليلى في الإرشاد قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد العمارى بالرى ثنا إسماعيل ابن نجيد السلمى ثنا محمد بن عمار بن عطية الرازى ثنا حفص بن عمر ثنا

يحيى بن سعيد عن عبيد اللَّه عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به. ومن طريق أبي يعلى أخرجه المسعودى والبندهى في شرح المقامات. 3359/ 8605 - "مَنْ تَواضَع للَّه رفَعَهُ اللَّه". (حل) عن أبي هريرة زاد الشارح في الكبير: وكذا القضاعى عن أبي هريرة. قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: رواه ابن ماجه بلفظ: "من تواضع للَّه رفعه اللَّه، ومن تكبر وضعه اللَّه" قال العراقى: وإسناده حسن، ورواه أحمد والبزار عن عمر بلفظ: "من تواضع للَّه رفعه اللَّه وقال: انتعش نعشك اللَّه، فهو في أعين الناس عظيم وفي نفسه كبير" قال الهيثمى: رجالهما رجال الصحيح، وقال ابن حجر في الفتح: خرجه ابن ماجه من حديث أبي سعيد رفعه بلفظ: "من تواضع للَّه رفعه اللَّه حتى يجعله في أعلى عليين"، قال: وصححه ابن حبان بل خرجه مسلم في الصحيح والترمذى في الجامع بلفظ: "ما تواضع أحد للَّه إلا رفعه اللَّه" هكذا خرجاه معا عن أبي هريرة رفعه، فالضرب عن ذلك كله صفحا وعزوه إلى أبي نعيم وحده مع لين سنده من العجب العجاب. قلت: بل البلادة والتغافل قصد إذائة الأكابر وتنقيصهم بالباطل هو العجب العجاب حقا لا سيما ممن ينتسب إلى العلم، فهذا الكلام كله من قبيل الهراء وإدخال موضوع في موضوع وحديث في حديث مع التكرار السخيف الممل، وإظهار الكبرياء حتى على من هو أكبر من المصنف وأجل وهو الحافظ [ابن حجر]، فإن هذا الشارح لا يصفه بالحافظ أصلا ولا يذكره إلا بابن حجر، مع أنه لا يذكر جده لأمه العراقى إلا بالحافظ، فكان المستحق لذلك هو جده لأمه الحافظ العراقى وجده الصدر المناوى. وإليك ما في كلامه من التخليط وذلك من وجوه، الأول: قوله: وكذا

القضاعى عن أبي هريرة، كذب فإن القضاعى ما خرج الحديث عن أبي هريرة ولا بهذا اللفظ، بل رواه من حديث عمر بن الخطاب مطولا، قال القضاعى [1/ 219، رقم 335]: أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد المالينى ثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ثنا محمد ابن يونس بن موسى ثنا سعيد بن سلام العطار ثنا سفيان الثورى عن الأعمش عن إبراهيم عن عابس بن ربيعة قال: قال عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه وهو على المنبر: يا أيها الناس تواضعوا فإنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من تواضع للَّه رفعه اللَّه، فهو في نفسه صغير وفي أعين الناس عظيم، ومن تكبر وضعه اللَّه فهو في نفسه كبير وفي أعين الناس صغير، حتى لهو أهون عليهم من كلب أو خنزير". الثانى: قوله: قال الحافظ العراقى: رواه ابن ماجه، خطأ على العراقى وعلى الفن والكتاب، فالعراقى يتكلم على الحديث الذي يذكره الغزالى بدون صحابيه فيعزو متن الحديث، والمصنف ذكر حديث أبي هريرة بخصوصه فقال الشارح: رواه ابن ماجه، مع أن ابن ماجه لم يرو حديث أبي هريرة قط، وإنما رواه من حديث أبي سعيد الخدرى قال ابن ماجه [2/ 1398، رقم 4176]: حدثنا حرملة بن يحيى ثنا ابن وهب أخبرنى عمرو بن الحارث أن دراجا حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدرى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من تواضع للَّه سبحانه درجة يرفعه اللَّه به درجة، ومن يتكبر على اللَّه درجة يضعه اللَّه به درجة حتى يجعله في أسفل سافلين". الثالث: قوله: قال الحافظ العراقى: رواه ابن ماجه بلفظ: "من تواضع للَّه رفعه اللَّه" إلخ. خطأ أيضًا، فأنت رأيت لفظ ابن ماجه، والحافظ العراقى يقصد أصل الحديث ولا يدقق في لفظه عند العزو، فإذا ذكر الغزالى حديثا

بلفظ، عزاه العراقى إلى من روى أصل ذلك الحديث ولو كان فيه خلاف في اللفظ، فحمل الشارح لفظ ابن ماجه على لفظ الغزالى والواقع خلافه. الرابع: قوله: قال ابن حجر في الفتح: خرجه ابن ماجه، تكرار لا معنى له ولا فائدة فيه فهو عين ما سبق عن العراقى. الخامس: قوله: بل خرجه مسلم في الصحيح والترمذى في الجامع بلفظ: "ما تواضع أحد للَّه إلا رفعه اللَّه" هكذا خرجاه معا. . . إلخ هرائه كذب صراح، بل لفظهم: "ما نقصت صدقة من مال وما زاد اللَّه عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد للَّه إلا رفعه اللَّه! " (¬1)، فهذا كما ترى قطعة من آخر الحديث لا الحديث كله. السادس: وهب أنه كذلك خرجه المذكورون، فأين ترتيب الكتاب على الحروف، فهذا موضع حرف "من" مع "التاء"، والشارح ذكر الحديث بلفظ "ما"، فأين هذا من ذاك؟ السابع: أن الحديث سبق للمصنف في حرف "ما" مع "النون" باللفظ الذي ذكرته وعزاه لأحمد ومسلم والترمذى فبان من هذا أن العجب العجاب إنما هو من الشارح. 3360/ 8606 - "مَنْ تَوضأ كَما أُمِرَ وَصَلى كَمَا أُمِرَ غُفِرَ لَهُ مَا قَدمَ مِنْ عَمَل". (حم. ن. هـ. حب) عن أبي أيوب، وعقبة بن عامر زاد الشارح في الشرحين بعد قوله عن أبي أيوب: وعن عقبة بن عامر، أى: زاد كلمة عن. ثم قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله موثقون. ¬

_ (¬1) مسلم (4/ 2001، رقم 2588/ 69)، والترمذى (4/ 376، رقم 2029) كلاهما عن أبي هريرة.

قلت: زيادته لكلمة "عن" تنبئ عن عدم معرفته بفن الحديث، وتوقع العارف به في خطأ، وذلك أن القاعدة إذا كان الحديث مرويا عن صحابيين فأكثر بسند واحد كأن يقول التابعى: حدثنى أبو هريرة وأبو سعيد الخدرى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال كذا، أو قال التابعى: حدثنى أبو سعيد وأبو هريرة: "ما ضر بصدقه" ونحو ذلك، قال المحدثون: رواه فلان عن فلان وفلان بواو الجمع كما فعل المصنف هنا، وإن رواه عن صحابيين بإسنادين مستقلين قالوا: رواه فلان عن فلان وعن فلان بزيادة عن حتى تعرف أن كل واحد مروى عنه الحديث بإسناد مستقل. وحديث الباب إنما هو بسند واحد عن أبي أيوب الأنصارى رضي اللَّه عنه حدث به وكان في المجلس عقبة بن عامر فقال له أبو أيوب: أليس كذلك؟ قال: نعم فأصبح الحديث حديثهما معا، والشارح زاد كلمة "عن" بدون تحقيق ولا معرفة فأتى بخطأ موقع في خطأ. والحديث خرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير [7/ 42] مختصرا في ترجمة علقمة بن سفيان بن عبد اللَّه الثقفى وذلك من روايته عن أبي ثابت: ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن إبراهيم بن إسماعيل [عن أبي الزبير] عن ابن سفيان بن عبد اللَّه قال: لقينى أبو أيوب فقال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من توضأ كما أمر ثم صلى كما أمر غفر له ما تقدم من ذنوبه" ثم قال: كذلك يا عقبة؟ قال: نعم. هكذا رواه البخارى مختصرا وفي إسناده اختلاف. قال النسائى [1/ 90، 91]: أخبرنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث عن أبي الزبير عن سفيان بن عبد الرحمن عن عاصم بن سفيان الثقفى أنهم غزوا غزوة السلاسل ففاتهم الغزو فرابطوا ثم رجعوا إلى معاوية وعنده أبو أيوب وعقبة بن عامر، فقال عاصم: يا أبا أيوب

فاتنا الغزو العام، وقد أخبرنا أنه من صلى في المساجد الأربعة غفر له ذنبه، فقال: يا ابن أخى أدلك على أيسر من ذلك؟ إنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من توضأ كما أمر وصلى كما أمر غفر له ما قدم من عمل"، أكذاك يا عقبة؟ قال: نعم. ثم إن قوله: قال الهيثمى: رجاله موثقون ينبغى مراجعته فإن الحديث ليس من الزوائد حتى يذكره الحافظ الهيثمى. 3361/ 8607 - "مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كَتبَ اللَّهُ لهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ" (د. ت. هـ) عن ابن عمر قال الشارح في الكبير: فائدة، سئل المؤلف عن حديث "الوضوء على الوضوء نور على نور"، فنقل عن المنذرى والعراقى أنهما لم يريا من خرجه، وأن ابن حجر ذكر أن رزينا أورده في كتابه اهـ. وقال في الصغير: تنبيه، حديث "الوضوء على الوضوء نور على نور" أخرجه رزين، ولم يطلع عليه العراقى -كالمنذرى- فقال: لم نقف عليه. قلت: بين كلامه الأول والثانى تناقض والثانى كله غلط بخلاف الأول ففيه حق وباطل، فإنه أراد أن يتصرف فلم يعرف لأن الحافظ قال: أورده رزين، والشارح قال في الصغير: أخرجه رزين، وبون كبير بين أخرجه وأورده، فالأولى تفيد أنه رواه بإسناده، والثانية معناها أنه ذكره بدون إسناد وهو الواقع، وذكر الحديث معلقا بدون إسناد كالعدم. 3362/ 8608 - "مَنْ تَوَضَّأَ بَعْدَ الغُسْلِ فَلَيْسَ مِنَّا". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: قال في الميزان غريب جدا، وفيه أبان بن عياش واه،

ويوسف بن خالد السمتى قال يحيى: كذاب. قلت: فيه أمور، الأول: أن هذا باطل لم يقله الذهبى في الميزان، وذلك أنه ذكره [1/ 194، 195] في ترجمة سليمان بن أحمد الواسطى الجرشى -صاحب الوليد بن مسلم- ونقل تكذيبه عن يحيى وتضعيفه عن النسائى وتوثيقه عن عبدان ثم ذكر أن ابن عدى أو غيره روى من طريقه: ثنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن أبان بن تغلب عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: "من توضأ بعد الغسل فليس منا"، ثم قال: غريب جدا، وقد رواه عن الوليد غير سليمان اهـ. فلم يقل: وفيه أبان بن أبي عياش، ويوسف بن خالد كما ترى. الثانى: وإن كان ذلك من عند المناوى نفسه، فهو باطل إذ لا وجود فيه ليوسف بن خالد السمتى ولا لأبان بن أبي عياش وإن كان هذا قد ذكره بعضهم فهو في إسناد آخر كما سأذكره، والشارح كثير النقل عن الحافظ الهيثمى في مجمع الزوائد، والحافظ المذكور قال عن هذا الحديث: رواه الطبرانى في الكبير والأوسط والصغير، وفي إسناد الأوسط سليمان بن أحمد كذبه ابن معين وضعفه غيره ووثقه عبدان اهـ. قلت: بل سليمان المذكور موجود في سند الصغير أيضًا، فإن الطبرانى قال فيه [1/ 186، رقم 294]. حدثنا أسلم بن سهل الواسطى ثنا سليمان بن أحمد الواسطى بسنده السابق، ثم قال: لم يروه عن أبان بن تغلب إلا سعيد بن بشير ولا عن سعيد إلا الوليد، تفرد به سليمان بن أحمد الجرشى الشامى سكن واسط. قلت: ودعوى تفرد الواسطى عن الوليد مردودة بأنه توبع كما سبق عن الذهبى، والحديث عند أسلم بن سهل الواسطى في تاريخ واسط

[ص 243] بهذا الإسناد، إلا أنه قال في المتن: "ليس منا من توضأ بعد الغسل". الثالث: قد روى هذا الحديث خالد بن يوسف السمتى عن أبان بن أبي عياش عن عكرمة عن ابن عباس به، أورده الذهبى في ترجمة يوسف بن خالد السمتى وقال [4/ 463]: أبان واه، فجمع الشارح بين كلاميه في ترجمة سليمان بن أحمد وفي ترجمة يوسف بن خالد، ثم إن الحديث لأبان بن تغلب فيما يظهر، إلا أن الرواة اختلفوا فيه في تسمية أبيه وفي سنده. فرواه أبو نعيم في الحلية من طريق كثير بن عبيد [8/ 51، 52]: ثنا بقية عن إبراهيم بن أدهم حدثنى أبان عن يزيد الضبى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من توضأ بعد الغسل فليس منا"، قال أبو نعيم: أبان هذا هو ابن أبي عياش، ويزيد الضبى ليس بصحابى، والحديث فيه إرسال وأبان هو متروك الحديث. وهكذا رواه أبو عبد اللَّه محمد بن إسحاق بن منده في مسند إبراهيم بن أدهم، وترجم عليه إبراهيم بن أدهم عن أبان بن أبي عياش ثم قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد ثنا عبد اللَّه بن سليمان بن الأشعث ثنا كثير بن عبيد ثنا بقية بن الوليد عن إبراهيم عن أبان عن يزيد بن الضبى به، فأبان لم يقع مسمى إلا في الإسناد وإنما عينه ابن منده وأبو نعيم، فإن كان هو ابن أبي عياش فلم يقع في حديث ابن عباس إلا أبان بن تغلب وهو ثقة لا أبان بن عياش إلا في رواية يوسف بن خالد السمتى الكذاب. 3363/ 8613 - "مَنْ جَامَعَ المُشْرِكَ وَسَكَنَ مَعَهُ فَإِنَّهُ مِثْلهُ". (د) عن سمرة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وفيه سليمان بن موسى الأموى

الأشدق، قال في الكاشف: قال النسائى: ليس بالقوى، وقال البخارى: منكر الحديث. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن هذا الرجل وهو موسى بن سليمان الأشدق غير موجود في سند الحديث، قال أبو داود [3/ 93، رقم 2787]: حدثنا محمد بن داود بن سفيان حدثنى يحيى بن حسان أنا سليمان بن موسى أبو داود قال: حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب حدثنى خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة بن جندب به. فموسى بن سليمان هذا كنيته أبو داود، والأشدق الذي ذكره الشارح كنيته أبو أيوب ويقال: أبو الربيع ويقال: أبو هشام وهو شامى دمشقى، وهذا المذكور في السند كوفى أصله خراسانى، والأشدق متقدم تابعى يروى عن الصحابة، وهذا أحضر منه يروى عن الزهرى. ثانيهما: أن الأشدق ثقة إمام الشام في عصره ولا يضره مثل ما نقله الشارح عن النسائى والبخارى، وكأن الشارح لبعده عن الفن ظن أنه لا يصح الحديث أو يحسن حتى يكون راويه مبرأ لم يقل فيه شيء ولو كان الأمر هكذا لما صح في الدنيا حديث أصلا، فلو اقتصر الشارح في شرحه هذا على نقل كلام الناس دون الانفراد لكان أستر لمنصبه وأبعد عن فضيحته، إذ لو سلم للحافظ المصنف العارف بالفن حكمه بالحسن لكان بعيدا عن الوقوع في مثل هذه المهاوى. 3364/ 8617 - "مَنْ جَلَبَ عَلَى الخَيْلِ يَوْمَ الرهَانِ فَلَيْسَ مِنَّا". (طب) عن ابن عباس قال الشارح: وإسناده لا بأس به. وقال في الكبير: ورواه عنه ابن أبي عاصم أيضًا، وقال ابن حجر بعد إيراده

عنه وعن الطبرانى: إسناد ابن أبي عاصم لا بأس به، أى وطريق الطبرانى مضعف، وذلك لأن فيه عنده ضرار بن صرد، قال النسائى: متروك وبه يعرف أن المصنف لم يصب في عدوله عن ابن أبي عاصم واقتصاره على الطبرانى. قلت: ليس المصنف علمه محيطا بكل شيء، ولا يلزمه ما تلزمه، ولا ذلك بلازم لأحد من الحفاظ حتى من هو أكبر من المصنف وأحفظ، وكتاب ابن أبي عاصم نادر، قد لا يقف عليه (¬1) إلا أفراد ممن يسر له، وكم جزء غريب وقفنا عليه لم يقف عليه كبار الحفاظ كالعراقى وابن حجر والسخاوى والمصنف، وعزونا إليه الأحاديث التي عزوها لغيره، فلم يخطر بالبال لومهم ولا ذلك مما يخطر ببال عاقل سلمنا، فقد اعترف الشارح في كبيره بأن سند الطبرانى ضعيف، وفيه متروك فلما كتب عليه بعد ذلك في الشرح الصغير "إسناده لا بأس به"، ونقل وصف سند ابن أبي عاصم إلى سند الطبرانى [11/ 222، رقم 11558] فوهم الوهم الفاحش، وعرض غيره ممن يغتر به في الوقوع في ذلك الوهم الفاحش. 3365/ 8618 - "مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ مِنْ غَيرِ عُذْرٍ فَقَدْ أتَى بَابًا مِنْ أبْوَابِ الكَبَائِرِ". (ت. ك) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الحاكم: خنش -يعنى راويه عن عكرمة عن ابن عباس- ثقة، ورده الذهبى في تلخيصه بأنهم ضعفوه، قال في تنقيح التحقيق: لم يتابع الحاكم على توثيقه، فقد كذبه أحمد والنسائى والدارقطنى، وقال البيهقى: تفرد به خنش أبو على الرحبى (¬2) متروك، وقال ابن حجر -يعنى ¬

_ (¬1) في الأصل "على" والصواب ما أثبتناه. (¬2) في المطبوع من فيض القدير الرجبى انظر (6/ 113).

الحافظ: خرجه الترمذى وفيه خنش أبو قيس وهو واه جدا، وحكم ابن الجوزى بوضعه، ونوزع بما هو تعسف للمصنف، فإن سلم عدم وضعه فهو واه جدا. قلت: خنش قد وثقه غير الحاكم، فقال أبو محصن حصين بن نمير: حدثنا حسين بن قيس أبو على الرحبى، وهو شيخ صدوق، فوصفه بالصدق، وهو قد عاشره، وروى عنه، فقوله: مقدم على من ضعفوه لمجرد خلافه في الأحاديث، فإنهم يفعلون ذلك بناء على أن حديثه منكر لكونهم لم يعرفوا معناه ولا الجمع بينه وبين الأحاديث الصحيحة كهذا الحديث، فإن أول من صرح بأنه لا أصل له ذاك العقيلى، الذي لا يعرف إلا الحديث والرجال، ولا قدم له في العلم، فإنه استدل على كونه لا أصل له بقوله: وقد صح عن ابن عباس أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- جمع بين الصلاتين، فبهذا استدل على بطلانه، ولم يتابعه على ذلك إلا ابن الجوزى، الذي هو مثله بعيد عن النظر والفهم في الجمع بين الأحاديث المتعارضة ظاهرا، ولا تعارض لحمل هذا على جمع الصلاتين التي لم يأت الشرع بجواز الجمع بينها، كالصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، وحديث ابن عباس في الجمع على العذر، ولو كان ضعيفا كما فصلنا في "إزالة الخطر في الجمع بين الصلاتين في الحضر"، وبذلك يندفع التعارض والمصنف لم يتعسف ولا صرح بصحته أو حسنه، بل ذكر في تعقبه على ابن الجوزى -الذي أتى به من عند ابن شاهين- أن الحديث خرجه الترمذى وضعفه، ثم قال: والعمل على هذا عند أهل العلم وأخرجه وقال: حسين أبو على الرحبى من أهل اليمن سكن الكوفة ثقة، وإن الدارقطنى [1/ 395] والبيهقى [3/ 169] خرجاه أيضًا في سننيهما وضعفاه، فهو حكم من كبار الحفاظ إما بصحته أو بضعفه لا بوضعه الذي انفرد به العقيلى وتبعه ابن الجوزى، ثم أورد له شاهدا من كلام عمر بن

الخطاب -رضي اللَّه عنه- أنه قال: "الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر" رواه عبد الرزاق [2/ 552، رقم 4422] والبيهقى [3/ 169]، فأى تعسف في هذا لولا جور الشارح وبعده عن الإنصاف نسال اللَّه العافيه. 3366/ 8619 - "مَنْ جَمَعَ المَالَ منْ غَيْرِ حَقِّه سَلَّطَهُ اللَّه عَلَى المَاءِ وَالطِّينِ". (هب) عن أنس قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقى خرجه وأقره والأمر بخلافه. . . إلخ هرائه. قلت: هذا كذب على ظاهر صنيع المصنف من وجهين، أحدهما: أنه رمز له بعلامة الضعيف. ثانيهما: أن صنيع المصنف من أول الكتاب إلى آخره عدم نقل كلام المخرجين، ولكن ظاهر حال الشارح أنه فاضل والأمر بخلافه. 3367/ 8621 - "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا حَتَّى يَسْتَقِلَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ حَتَى يَمُوتَ أوْ يَرْجِعَ". (هـ) عن عمر قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، ورواه عنه أيضًا أبو يعلى والبزار، قال الهيثمى بعدما عزاه لهما: وفيه صالح بن معاذ شيخ البزار، وبقية رجاله ثقات. قلت: فيه أمور، أولها: أن الحافظ الهيثمى لا يذكر إلا الزوائد على الكتب الستة، ولا يذكر حديثا فيها إلا إذا كان مشتملا على زيادة، والشارح أتى بما يوهم خلاف هذا ويوقع غيره في الوهم. ثانيهما: أن الهيثمى عزاه لأحمد أيضًا، فلا أدرى لم ترك ذكر أحمد؟.

ثالثهما: أن ما ذكره في صالح بن معاذ كلام غير معقول ولا مفهوم، وهو محرف عن كلام الحافظ الهيثمى، ونصه المبين لهذه الأوهام قوله: وعن عمر بن الخطاب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أظل رأس غاز أظله اللَّه يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله، ومن جهز غازيا حتى يستقل كان له مثل أجره". روى ابن ماجه طرفا من آخره، رواه أحمد وأبو يعلى والبزار وصالح بن معاذ شيخ البزار لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وإسناد أحمد منقطع، وفيه ابن لهيعة اهـ. رابعها: أن ابن ماجه -الذي اقتصر المصنف على العزو إليه- ليس عنده هذا الرجل، فأى وجه لذكره؟. قال ابن ماجه [2/ 921، 922، رقم 2758]: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يونس بن محمد ثنا ليث بن سعد عن يزيد بن عبد اللَّه بن الهاد عن الوليد بن أبي الوليد عن عثمان بن عبد اللَّه بن سراقة عن عمر بن الخطاب به. قال البوصيرى في الزوائد: إسناده صحيح إن كان عثمان بن عبد اللَّه سمع من عمر بن الخطاب، فقد قال في التهذيب: إن روايته عنه مرسلة اهـ. قلت: هو ابن بنت عمر -رضي اللَّه عنه-، وهو لم يدركه، فيحمل على أنه سمعه من أمه وأهل بيته. 3368/ 8624 - "مَنْ حَافَظَ عَلَى الآذَانِ سَنَةً وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ". (هب) عن ثوبان قال في الكبير: وفيه أبو قيس الدمشقى عن عبادة بن نسى، أورده الذهبى في الضعفاء والمتروكين، وقال: كأنه المصلوب متهم. قلت: الحديث خرجه البخارى في الكنى [8/ 68] في ترجمة أبي مريم عن

ثوبان، فقال: قاله محمد بن سعيد عن أبي معاوية عن أبي قيس الدمشقى عن عبادة بن نسى عن أبي مريم، وذكر قبل ذلك [8/ 64] أبا قيس الدمشقى، فقال: يروى عن عبادة بن نسى وعنه أبو معاوية ولم يزد على هذا، المصلوب اسمه محمد بن سعيد، فاللَّه أعلم. 3369/ 8625 - "مَنْ حَاوَلَ أَمْرًا بِمَعْصِيةِ اللَّه كَانَ أَبْعَدَ لِمَا رَجَا، وَأقْرَبَ لِمَجِئِ مَا اتَّقَى". (حل) عن أنس قال الشارح: بإسناده واه، ونقل في الكبير كلام أبي نعيم بعد تخريجه. قلت: ظاهر صنيع المصنف في عدم استدراك مخرج آخر غير أبي نعيم أنه لم يره لغيره، وهو عجيب، فقد خرجه أيضًا على بن معبد في كتاب الطاعة والمعصية، والعسكرى في الأمثال، والدارقطنى في غرائب مالك، والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 306، رقم 513] مع أن الشارح قد رتبه على حروف المعجم. 3370/ 8626 - "مَنْ حَجَّ للَّه فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْة أُمُّهُ". (حم. خ. ن. هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه من تفردات البخارى عن صاحبه والأمر بخلافه، فقد عزاه لهما جمع منهم الصدر المناوى. قلت: للمصنف اصطلاح خاص في مراعاة ألفاظ المخرجين، ومسلم رواه بلفظ [2/ 983، رقم 1350/ 438]: "من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه"، وقد ذكره في الكبير وفي الذيل على الصغير في

حرف "من" مع "الألف" بعده "التاء"، وعزاه لمسلم وحده أيضًا. 3371/ 8630 - "مَنْ حَجَّ عَنْ والدَيهِ أو قَضَى عَنهُما مَغْرَمًا بَعثَهُ اللَّه يَوْمَ القيامِة مَع الأبرَارِ". (طس. قط) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه صلة بن سليمان العطار متروك، وفي الميزان قال النسائى: متروك، والدارقطنى: يترك حديثه، قال: ومن مناكيره هذا الخبر اهـ، وقال الغريانى في اختصار الدارقطنى: فيه صلة بن سليمان عن ابن جريج تركوه، قال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقال ابن معين: ليس بثقة وقال مرة: كذابا ترك الناس حديثه اهـ. فما أوهمه صنيع المصنف أن مخرجه الدارقطنى خرجه وسلمه غير جيد. قلت: فيه من البلايا أمور، الأول: التكرار السخيف الممل الذي لا فائدة فيه أصلا. الثانى: أنه لم ينقل عن الدارقطنى أنه تعقب الحديث (¬1) وإنما نقل التعقب عن الغريانى في اختصاره ونقل كلام الدارقطنى في الرجل الذي نقله الذهبى من الضعفاء للدارقطنى لا من السنن. الثالث: وذلك هو الواقع أيضًا، فإن الدارقطنى ما تعقب الحديث بحرف أصلا بل قال [2/ 260]: حدثنا على بن عبد اللَّه بن مبشر ثنا محمد بن حرب النسائى ثنا صلة بن سليمان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ¬

_ (¬1) قال الذهبى في الميزان (2/ 320، رقم 3918): قال الدارقطنى: يترك حديثه يعنى صلة بن سليمان عن ابن جريج وشعبة، ويعتبر بحديثه عن أشعث الحمرانى، ومن مناكيره عن ابن جريج وشعبة عن عطاء عن ابن عباس. . وساق الحديث.

"من حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرما بعث يوم القيامة مع الأبرار". الرابع: وهب أن الدارقطنى تعقب الحديث، فالمصنف من شرطه أن لا ينقل كلام المخرجين وذلك هو حال جل الحفاظ أو كلهم إلا القليل النادر. الخامس: أن المصنف على فرض أن الدارقطنى تعقب الحديث، فقد رمز لضعفه الذي يقوم مقام التصريح بالنقل، فكيف وهو لم يتعقبه أصلا؟. والحديث خرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب [ص 284، رقم 302] عن على بن عبد اللَّه بن مبشر شيخ الدارقطنى به. وكذلك خرجه ابن حبان في الضعفاء [1/ 372]. 3372/ 8631 - "مَنْ حَدَّث عَنِّى بِحَدِيثٍ يَرَى أنَّه كَذِبٌ فَهُوَ أحَدُ الكاذبين". (حم. م. هـ) عن سمرة قال في الكبير عقب قول الحديث: "من حدث عنى", وفي رواية ابن ماجه "من روى عنى حديثا"، ثم قال: رواه ابن ماجه عن سمرة من طريقين، وعن على من طريقين، وعن المغيرة من طريق واحد. قلت: فيه أمران، أحدهما: قوله: وفي رواية ابن ماجه "من روى عنى" يوهم أنه كذلك رواه من حديث سمرة المتكلم عليه في المتن، والواقع أن تلك الرواية وقعت عنده من حديث على الذي لم يذكره المصنف. ثانيهما: قوله: رواه ابن ماجه عن سمرة من طريقين، وعن على من طريقيين باطل لا أصل له، بل كل من حديث سمرة وحديث [على] (¬1) مروى من طريق واحد، إما لاختلاف وقع من الراوى، وإما لكونه سمع الحديث منهما معا، والسند إنما اختلف في الأول وذلك لا يعد طريقا آخر. ¬

_ (¬1) زيادة يقتضيها السياق.

قال ابن ماجه [1/ 15، رقم 39]: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع (ح). وحدثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر قالا: حدثنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن سمرة به. ثم قال [1/ 15، رقم 40]. حدثنا محمد بن عبد اللَّه أنبأنا الحسن بن موسى الأشيب عن شعبة به، بالسند السابق. وقال أيضًا [1/ 14، رقم 38]: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا على بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن على عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. ثم قال [1/ 15، رقم 40]. حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن على به. فالحديثان حديث سمرة وحديث على -كلاهما من رواية الحكم عن ابن أبي ليلى، فأين الطريقان لهما فضلا عن كل واحد منهما؟! وبهذا تعلم أن الشارح لاحظ له في معرفة هذا الفن ولا نصيب أصلا، وإنما جرأته كانت تحمله على الدخول فيما ليس هو من فنه، والعجب أنه شرح شرح النخبة للحافظ وكتب على كثير من كتب الحديث. 3373/ 8632 - "مَنْ حَدَّثَ بِحَديثٍ فَعَطَسَ عِنْدَهُ فَهُوَ حقٌّ". الحكيم عن أبي هريرة قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأشهر من الحكيم وهو عجب، فقد خرجه الطبرانى في الأوسط، وأبو يعلى باللفظ المذكور.

قلت: نعم، وهو عالم بذلك ومنه نقلت أنت ذلك وعرفت أنهما خرجاه كما سأذكره، ثم ظهر له أنه لا يعزوه في هذا الكتاب إلا إلى الحكيم إما لغرض وإما اعتباطا، فكان ماذا؟ وأى شيء في ذلك؟! وهل عابه أحد من أهل العلم؟ أو خطر ببال أحد أن يتعقب به إلا لهذا الشارح البعيد عن الفضل القريب من الجهل؟، ثم إنه نقل نقولا في الحديث، ثم قال: وبالجملة هو حديث ضعيف لا موضوع كما قال ابن الجوزى ويكفى، في رده قول النووى في "فتاويه": له أصل أصيل. قلت: انظر كيف ضرب عن تعقب المصنف على ابن الجوزى صفحا، كأنه لا علم له به، لأن المصنف أطال في التعقب على ابن الجوزى، ومنه نقل هذا المخلوق ما عزاه وخرجه به، ولو كان المصنف قصر في التعقب لقال الشارح: وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل على عادته، هكذا يقول بكل جرأة ووقاحة ولكنه اليوم في مثل هذه المواطن يسكت ولا يشير إلى التعقب أصلا، فاسمع تعقب المصنف حتى تعلم أن كل ما زين هذا الرجل به شرحه هو عند المصنف في اللآلئ [2/ 286]، ومع ذلك انتقده مظهرا قصوره وأنه لا علم له بأن الحديث عند الطبرانى وأبي يعلى، وأنه لم يتعقب ابن الجوزى، أسند ابن الجوزى من طريق ابن شاهين [3/ 77]: حدثنا البغوى ثنا حاجب بن الوليد بن أحمد الأعور حدثنا بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به، ثم قال: باطل تفرد به معاوية وليس بشيء، وتابعه عبد اللَّه بن جعفر المدينى أبو على عن أبي الزناد، وعبد اللَّه متروك اهـ. فتعقبه المصنف بقوله [2/ 286، 288]: أخرجه الحكيم الترمذى وأبو يعلى والطبرانى في "الأوسط" من طريق معاوية، وقال الطبرانى: حدثنا جعفر ثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن مروان بن شجاع الحرانى ثنا

الخضر بن محمد بن شجاع ثنا عفيف بن سالم عن عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أصدق الحديث ما عطس عنده". وقال الحكيم الترمذى: حدثنا عمر بن أبي عمر ثنا عمر بن عمر الربعى عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: العطسة الواحدة شاهد عدل، والعطستان شاهدان، وما زاد فبحساب ذلك، وقال أيضًا: حدثنا عمر ثنا عبد الغفار بن داود الحرانى عن ابن لهيعة عن يزيد ابن أبي حبيب عن أبي الخير عن أبي رهم السمعى قال: إن مما يسعد به العطاس عند الدعاء. وقال أيضًا: ثنا عمر بن أبي عمر عن أبي قتادة الليثى عن يزيد بن زريع عن سهيل عن قتادة قال: قال عمر بن الخطاب: "لعطسة واحدة عند حديث أحب إلى من شاهد عدل"، وقال أيضًا: حدثنا محمد عن بقية عن رجل سماه قال: حدثنى الرويهب السلمى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الفأل مرسل، والعطاس شاهد". قال الحكيم الترمذى: إن هذه الأشياء مما يرسله اللَّه حتى يستقبلك كالبشير قال: والعطسة تنفس الروح وتحننه إلى اللَّه تعالى لأنها من الملكوت، فإذا تحرك عاطسا عند حديثه، فهو شاهد يخبرك عن صدقه، وقد صح من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "إن اللَّه يحب العطاس، ويكره التثاؤب". وحدثنا الفضل بن محمد ثنا سليمان بن سلمة بن عبد الجبار الحمصى ثنا يعقوب بن الجهم الخراسانى ثنا عمر بن جرير عن عبد العزيز عن أنس بن مالك قال: "عطس عثمان بن عفان عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ثلاث عطسات متواليات فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا عثمان ألا أبشرك هذا جبريل يخبرنى عن اللَّه تعالى: ما من مؤمن يعطس ثلاث عطسات متواليات إلا كان الإيمان في قلبه ثابتا". قال الحكيم الترمذى: للروح كثيف غطاء عن الملكوت، وذكر ما هنالك، فإذا

تحرك ذلك الغطاء كان ذلك الوقت وقت تحقق الحديث واستجابة الدعاء. اهـ. وسئل الشيخ محى الدين النووى عن هذا الذي يقوله الناس عند الحديث: إذا عطس إنسان إنه تصديق للحديث، هل له أصل؟ فأجاب نعم له أصل أصيل، روى أبو يعلى في مسنده بإسناد جيد حسن عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من حدث حديثا فعطس عنده فهو حق"، إسناده كله ثقات متقنون إلا بقية بن الولد فمختلف فيه وكثر الحفاظ والأئمة يحتجون بروايته عن الشاميين، وهو يروى هذا الحديث عن معاوية بن يحيى الشامى اهـ (¬1). وقال الطبرانى: حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقى ثنا هشام بن عمار ثنا معاوية ابن يحيى الأطرابلسى عن معاوية بن سعيد عن يزيد بن أبي حبيب حدثنى أبو الخير مرثد ابن عبد اللَّه اليزنى عن أبي رهم السمعى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن مما يستجاب به عند الدعاء العاطس". وقال أبو الفتح الصابونى في "الأربعين": أنبأنا أبو الحسن على بن المبارك ابن على المعروف بابن الفاعوس أنبأنا أبو منصور عبد الباقى بن محمد بن غالب العطار ثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمران الجندى ثنا إبراهيم بن جعفر بن محمد التسرى ثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام ثنا أصرم بن حوشب ثنا عبد اللَّه بن إبراهيم عن ثابت عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما عطس عاطس في قوم قط إلا نزلت عليهم سكينة، وكان فيهم رجل مستجاب الدعوة"، أخرجه الديلمى من ¬

_ (¬1) انظر الفتاوى المنثورة (ص 36، 37).

طريق ابن الجندى. قلت: وهذا موضوع، ثم قال المصنف: وقال أبو نعيم: حدثنا الطبرانى ثنا القاسم بن محمد الدلال ثنا إبراهيم بن ميمون ثنا أبو سعد رجل من آل عنبسة عن عتبة بن طويع عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد اليزنى عن أبي رهم قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من سعادة المرء العطاس عند الدعاء". وقال البيهقى في شعب الإيمان [7/ 35، رقم 9369]: أنبأنا أبو طاهر الفقيه أنبأنا أبو بكر القطان ثنا محمد بن معروف أبو عبد اللَّه ثنا محمد بن أبي أمية اليسارى ثنا محمد بن عبد ربه عن سليمان بن عبد اللَّه عن إسحاق بن عبد اللَّه عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من السعادة العطاس عند الدعاء"، قال البيهقى: هذا إسناد فيه ضعف اهـ. واللَّه أعلم اهـ. هذا كله تعقب المصنف المفيد، وقد اضرب عنه الشارح صفحا حتى لا يشير إلى ما فيه فضله. 3374/ 8633 - "مَنْ حَسَبَا كَلامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلامُهُ إِلا فِيمَا يَعْنِيهِ". ابن السنى عن أبي ذر قلت: رمز المصنف لضعفه ولم يتعوض الشارح لذلك لأنه لم يجد من يفيده عنه، وعلته أنه من رواية الحسين بن المتوكل شيخ شيخ ابن السنى فيه وهو المعروف بالحسين بن أبي السرى كذبوه، ولا سيما قرابته كأخيه وابن ولد أخته أبي عروبة الحرانى، لكن الحديث له طريق آخر عن أبي ذر في حديثه الطويل

المعروف بالحسين بن أبي السرى كذبوه، ولا سيما قرابته كأخيه وابن ولد أخته أبي عروبة الحرانى، لكن الحديث له طريق آخر عن أبي ذر في حديثه الطويل المعروف، الذي خرجه ابن حبان في صحيحه [2/ 76، رقم 361] وغيره، وضعفه بعضهم وحسنه آخرون، وهو حديث طويل في نحو ورقتين جاء فيه: "قلت: يا رسول اللَّه فما كانت صحف إبراهيم؟ قال: كانت أمثالا كلها، أيها الملك المسلط المبتلى المغرور فإنى لم أبعثك لتجميع الدنيا بعضها إلى بعض، ولكن بعثتك لترد عنى دعوة المظلم فإنى لا أردها ولو كانت من كافر، وكان فيها أمثال على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن تكون له ساعات ساعة يناجى فيها ربه عز وجل وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفكر فيها في صنع اللَّه عز وجل وساعة يخلو فيها بحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث: تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه، ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه" الحديث، وقد أطلت في طرقه وأسانيده في نحو خمس ورقات في مستخرجى على مسند الشهاب في حرف "القاف" في حديث: "قل الحق وإن كان مرا". وقال ابن المبارك في الزهد [ص 129، رقم 383]: أخبرنا وهيب أو غيره قال: قال عمر بن عبد العزيز: "من عد كلامه من عمله قل كلامه". 3375/ 8638 - "مَنْ حَفِظَ مَا بَيْنَ فَقْمَيهِ وَرِجْلَيهِ دَخَلَ الجَنَّةَ". (حم. ك) عن أبي موسى قال في الكبير: وكذا رواه أبو يعلى والطبرانى، وقال الهيثمى: رجال الطبرانى وأبي يعلى ثقات، والظاهر أن الراوى الذي سقط عند أحمد "سليمان بن يسار".

قلت: في هذا الكلام خلل، والواقع أن الهيثمى قال [10/ 298]: رواه أحمد [4/ 398] وأبو يعلى [13/ 258، رقم 7275] والطبرانى [1/ 311، رقم 919] بنحوه، ورجال الطبرانى وأبي يعلى ثقات، وفي رجال أحمد راو لم يسم وبقية رجاله ثقات، والظاهر أن الراوى الذي سقط عند أحمد سليمان بن يسار اهـ. قلت: وبيان ذلك أن أحمد قال [4/ 398]: حدثنا أحمد بن عبد الملك حدثنا موسى بن أعين عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن رجل عن أبي موسى الأشعرى به. وقد رواه ابنه عبد اللَّه في زوائد كتاب الزهد، فذكر الساقط وبيَّن المبهم، فقال [ص 310، رقم 11960]: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا معلى بن منصور عن موسى بن أعين ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن سليمان بن يسار عن عقيل مولى ابن عباس عن أبي موسى "قال: كنت أنا وأبو الدرداء عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال" وذكره. وهكذا رواه البخارى في "التاريخ الكبير" [7/ 54] عن على بن المدينى عن معلى الرازى عن موسى بن أعين مثله، إلا أنه لم يذكر أبا الدرداء. ورواه إسماعيل بن محمد الصفار في الأول من فوائده قال: حدثنا محمد بن إسحاق الصاغانى أبو بكر ثنا معلى بن منصور ثنا موسى بن أعين به، لكنه وقع عنده عن عقيل عن ابن عباس عن أبي موسى، وفي نسخة عن عقيل مولى ابن عباس عن أبي أمامة. ورواه أبو على الحسن بن أحمد البنا في "الرسالة المغنية في السكوت ولزوم البيوت"، فقال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد اللَّه السمسار الحربى أنا أحمد بن سلمان النجاد أنا هلال بن العلاء أنبأنا عمرو بن عثمان ثنا موسى

ابن أعين عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد اللَّه به. فهذا اضطراب من محمد بن عقيل، لكن للحديث طرق أخرى من حديث جماعة من الصحابة. 3376/ 8648 - "مَن حَمَلَ بِجَوَانِبَ السَّرِيرِ الأَرْبَع غُفِرَ لَهُ أَرْبَعُونَ كَبِيرَةً". ابن عساكر عن واثلة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الطبرانى في الكبير والأوسط، وفيه على بن سارة وهو ضعيف -كما قال الهيثمى-. قلت: فيه أمور، الأول: أن الطبرانى لم يرو حديث واثلة، وإنما روى حديث أنس، وهو الذي قال فيه الهيثمى ما قال. قال الطبرانى في الأوسط [5920]: حدثنا محمد بن محمد التمار ثنا محمد بن عقبة السدوسى ثنا على بن أبي ساره سمعت ثابتا البنانى يقول: سمعت أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من حمل جوانب السرير الأربع كفر اللَّه عنه أربعين كبيرة". الثانى: أن الموجود في السند على بن أبي ساره بأداه الكنية في الأب. الثالث: أن الحديث لم يخرجه الطبرانى في الكبير، إنما خرجه في الأوسط. 3377/ 8650 - "مَنْ حَمَلَ سِلْعَتَهُ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الكِبْر". (هب) عن أبي أمامة قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقى خرجه وأقره والأمر بخلافه، بل تعقبه بقوله: في إسناده ضعف.

قلت: هذا كذب على صنيع المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف كما يرمز لأسماء المخرجين، أما كلامهم فغير لازم من جهة، ومن جهة [أخرى] فهو مخالف لاصطلاحه وشرطه في كتابه. ثم قال الشارح: وذلك لأن فيه سويد بن سعيد وهو ضعيف عن بقية، وهو مدلس عن عمرو بن موسى الدمشقى، قال في الميزان: لا يعتمد عليه، ولا يعرف، ولعله الوجيهى. قلت: سويد بن سعيد لا يعلل به الحديث لأنه ثقة تكلم فيه بالباطل، ولذلك احتج به مسلم ولو قرن به غيره اتقاء لكلام الناس، وهو ممن اتهمه ابن معين بدون تثبت وتبعه غيره، وبقية ثقة بلا خلاف وإنما هو مدلس، فإذا لم يعنعن وصرح بالتحديث فهو ثقة، وعمر بن موسى هو الوجيهى جزما، وهو كذاب إلا أن هذا الكلام الذي نقله الشارح عن الذهبى في الميزان أن لا وجود له فيه. والحديث له طريق آخر من حديث جابر بن عبد اللَّه، قال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [1/ 165]: حدثنا أحمد بن عبد الرحيم بن يعقوب الفسوى ثنا محمد بن الحسن بن الفرج أبو بكر الأنبارى ثنا أبو عيسى مسلم بن عيسى بن مسلم ثنا أبي ثنا سفيان ابن عيينة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من حمل سلعته فقد برئ من الكبر". ورواه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 247، رقم 397] من هذا الوجه أيضًا.

3378/ 8651 - "مَنْ حَمَلَ أَخَاهُ عَلَى شِسْعٍ فَكَأَنَّمَا حَمَلَه عَلَى دَابَّةٍ في سَبِيلِ اللَّهِ". (خط) عن أنس قال في الكبير: وفيه محمد بن حبان، قال الخطيب: يحدث بمناكير اهـ. وفيه أبو معمر مجهول، وعبد الواحد بن زيد متروك، وقال ابن الجوزى: حديث لا يصح. قلت: ليس القائل بذلك الخطيب، بل نقله عن عبد الغنى بن سعيد، قال الخطيب [5/ 231، 232]: أخبرنا أبو بكر البرقانى قال: سمعت أبا القاسم عبد اللَّه بن إبراهيم الأبندونى يقول: محمد بن حبان بن الأزهر العنزى كان لا بأس به -إن شاء اللَّه-، أخبرنا القاضى أبو عبد اللَّه محمد بن سلامة القضاعى المصرى بمكة أخبرنا عبد الغنى بن سعيد الحافظ قال: محمد ابن حبان بصرى يحدث بمناكير. . . إلخ. والحديث له طريق آخر من حديث أبي الدرداء، قال مسلم الكشى: حدثنا الهذيل بن إبراهيم ثنا عثمان بن عبد الرحمن عن مكحول عن أبي الدرداء "عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من حمل أخاه على شسع فكأنما حمله على دابة في سبيل اللَّه". ورواه أبو نعيم في "الحلية" [5/ 89] من طريق هناد بن السرى ثنا أبو معاوية عن حجاج عن مكحول به مرسلا دون ذكر أبي الدرداء. 3379/ 8653 - "مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ، أَلا إنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَة، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الجَنَّةُ". (ت. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الترمذى: حسن غريب، وقال الحكيم: صحيح وأقره

الذهبى، لكن تعقبه الصدر المناوى بأن فيه عندهما يزيد بن سنان ضعفه أحمد وابن المدينى اهـ. قلت: هذا وهم من الصدر المناوى، تحرف عليه برد بن سنان بالباء الموحدة في برد وبالراء المهملة بعدها دال دون ياء بيزيد بن سنان، أوله ياء بعدها زاى معجمة ثم ياء ثم دال، فالأول ثقة وهو الموجود في سند هذا الحديث، والثانى ضعيف، وكلاهما يروى عن بكير بن فيروز كما في سند هذا الحديث. فالحديث ثابت حسن أو صحيح كما قال الترمذى [4/ 663، رقم 2450] والحاكم [4/ 308، رقم 7851] والذهبى والمصنف لا كما وهم فيه جدك المناوى. وللحديث مع ذلك طريق آخر من حديث أبي بن كعب أخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 308، رقم 7852] وأبو نعيم [8/ 377] كلاهما من رواية الثورى عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به مثله، وراد في آخره: "جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه". 3380/ 8654 - "مَن خَبَّبَ زَوْجَةَ امرئٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيسَ مِنَّا". (د) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه هارون بن محمد أبو الطيب، قال في الميزان: قال ابن معين: كذاب، ثم أورد له هذا الخبر. قلت: لا وجود لهارون بن محمد في سند حديث أبي داود كما سأذكره، وإنما الشارح كان رتب أحاديث الميزان على حروف المعجم، وجعله مصدرا يرجع إليه لمعرفة مراتب الأحاديث، فلما رآى هذا الحديث قد ذكره الذهبى في ترجمة هارون بن محمد، ظن أن أبا داود خرجه من طريقه، فنسبه إليه بدون تحقق من سند أبي داود ولا نظرة فيه، فأخطأ خطأ فاحشا.

أما الذهبى فإنما يقصد نكارة الحديث من جهة الإسناد الذي جاء به هارون، فإنه رواه عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب عن أبي هريرة، والحديث معروف من طريق آخر، قال أبو داود [4/ 345، رقم 5170]: حدثنا الحسن بن على ثنا زيد بن الحباب عن عمار بن رزيق عن عبد اللَّه بن عيسى عن عكرمة عن يحيى بن يعمر عن أبي هريرة. ورواه البخارى في "التاريخ الكبير" [1/ 396]: حدثنى على قال: حدثنا زيد بن الحباب به مثله. ورواه أيضًا عن أبي ثابت: ثنا الدراوردى عن ثور بن زيد عن إسحاق بن جابر العدوى عن عكرمة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا. ورواه أحمد [2/ 397] والبزار وابن حبان في صحيحه [7/ 4334]، والدولابى في الكنى [2/ 37] فيمن كنيته أبو عمارة من حديث بريدة، وسنده صحيح، وورد من حديث ابن عمر بسند ضعيف. قال الدارقطنى في "غرائب مالك": حدثنا أبو بكر النيسابورى ثنا الحسن بن سليمان المعروف بقبيطة بمصر ثنا محمد ابن عثمان بن ربيعة بن عبد الرحمن ثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا من خبب عبدا على مولاه فليس منا". قال الدارقطنى: تفرد به قبيطة، وهو عندى منكر بهذا الإسناد، ومحمد ابن عثمان ضعيف، وكذلك رواه الخطيب في الرواة عن مالك.

3381/ 8655 - "مَنْ خَتَمَ القُرُآنَ أَوَّلَ النَّهَارِ صَلَّتْ عَلَيْه المَلائِكَةُ حَتَّى يُمْسِى، وَمَنْ خَتَمَهُ آخِرَ النَّهَارِ صَلَّتْ عَلَيهِ المَلائِكَةُ حَتَّى يُصْبِحَ". (حل) عن سعد قال في الكبير: وفيه هشام بن عبيد اللَّه قال الذهبى في الضعفاء: قال ابن حبان: كثرت مخالفته للأثبات، ثم روى له حديثين موضوعين، ومصعب بن سعد قال -أعنى الذهبى-: جرحه ابن عدى. قلت: هذا من عجائب هذا الرجل في الأوها التي انفرد بها بين الأمة، فمصعب بن سعد ثقة باتفاق ما جرحه أحد وهو من رجال الصحيح والجميع، وهو المذكور في السند. وأما الذي جرحه ابن عدى فهو عصعب بن سعيد بزيادة ياء في سعيد، فهو رجل آخر لا وجود له في سند هذا الحديث، ولا يلتمس للشارح عذر بأنه تحرف عليه سعيد بسعد لأمرين أحدهما: أن مصعب بن سعد من مشاهير الثقات فلا يمكن أن يظن به أنه ضعيف. وثانيهما وهو أهم: كون مصعب بن سعد تابعى قديم يروى عن أبيه سعد بن أبي وقاص، والذي جرحه ابن عدى متأخر من طبقة أحمد والبخارى. وقد قال الذهبى في الميزان عنه ما نصه [4/ 119، رقم 8561]: مصعب ابن سعيد أبو خيثمة المصيصى صاحب حديث سمع زهير بن معاوية وابن المبارك وعيسى بن يونس، وعنه أبو حاتم وأبو الدرداء بن منيب والحسن بن سفيان وخلف. . . إلخ. والشارح رأى سند الحديث في الحلية لأبي نعيم هكذا [5/ 26]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا محمد بن شعيب التاجر ثنا محمد بن عاصم الرازى

ثنا هشام بن عبيد اللَّه عن محمد -يعنى ابن جابر- عن ليث عن طلحة [بن] (¬1) مصرف عن مصعب بن سعد عن سعد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. فكيف يشتبه رجل تابعى كبير يروى عن الصحابة برجل يروى عنه الحسن بن سفيان صاحب المسند وأبو حاتم الرازى وطبقتهما من أهل القرن الثانى، ويروى هو عن ابن المبارك وطبقته من أهل القرن الثانى؟ حتى ولو فرضنا أن اسم والده "سعيد" تحرف بـ "سعد" بدون ياء. 3382/ 8656 - "مَنْ خُتِمَ لَهُ بِصِيَامِ يَوْمٍ دَخَلَ الجَنَّةَ". البزار عن حذيفة قال الشارح: إسناده صحيح. وقال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله موثقون. قلت: قاعدة الحافظ الهيثمى أن الرواة إذا كانوا ثقات بإطلاق عبر بقوله: ثقات، وإن كانوا مختلفا فيهم والمرجح عنده التوثيق عبر بقوله: موثقون، وإذا كان كذلك فغاية الحديث أنه حسن، لكن له طرق متعددة عن حذيفة، والحديث طويل اختصره بعضهم كالبزار أو أحد رواته، فاقتصر على ذكر الصيام منه واقتصر غيره على ذكر خصلة أخرى كما سأذكره ورواه بعضهم بتمامه. قال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [1/ 218، 219]: حدثنا أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا أبو يعقوب إسحاق بن محمد ابن على المدينى ثنا عمر بن شبة ثنا عمر بن على بن مقدم ثنا هشام بن القاسم -وهو أخو روح بن القاسم وهو أنبل من روح- سمعت نعيم بن أبي هند يحدث عن حذيفة قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من ختم له بإطعام مسكين محتسبا على اللَّه عز وجل دخل الجنة، ومن ختم له بصوم يوم ¬

_ (¬1) في المخطوط "عن" والمثبت من المطبوع من الحلية.

محتسبا على اللَّه عز وجل دخل الجنة، ومن ختم له بقول: لا إله إلا اللَّه محتسبا على اللَّه دخل الجنة". ورواه في "الحلية" [5/ 208] من وجه آخر عن نعيم بن أبي هند بأطول من هذا وزاد في الإسناد عن أبي سهل وذلك من طريق داود بن أبي الفرات عن محمد بن سيف أبي رجاء الأسدى عن عطاء الخراسانى عن نعيم بن أبي هند عن أبي سهل عن حذيفة قال: "دخلت على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في مرضه الذي توفى فيه وعلى يسنده إلى صدره فقلت: بأبى أنت وأمى يا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كيف تجدك؟ قال: صالح، فقلت لعليٍّ: ألا تدعنى فأسند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى صدرى فإنك قد شهدت وأعييت، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا هو أحق بذلك، يا حذيفة ادن منى فدنوت منه، فقال: يا حذيفة من ختم له بصدقة أو بصوم يبتغى وجه اللَّه أدخله اللَّه الجنة، قلت: بأبى وأمى وأعلن أم أسر قال: بل أعلن". قال أبو نعيم: مشهور من حديث نعيم غريب من حديث عطاء، تفرد به داود. قلت: ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده من وجه آخر بهذا السياق وأطول فقال: حدثنا الحسن بن قتيبة ثنا حفص بن عمر المقرى عن ابن عجلان عن حذيفة وقد أدركه قال: "قال حذيفة: دخلت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مرضه الذي مات فيه" فذكر القصة، وفيه "من ختم له بقول: لا إله إلا اللَّه قبل موته دخل الجنة أو غفر له، يا حذيفة من ختم له بصيام يوم يبتغى به وجه اللَّه قبل موته دخل الجنة أو غفر له، لا حذيفه من ختم له بإطعام مسكين قبل موته يبتغى به وجه اللَّه غفر له أو دخل الجنة، قال: فقلت يا رسول اللَّه أخفى هذا أعلنه؟ قال: بل أعلنه" (¬1). ¬

_ (¬1) انظر بغية الحارث (1/ 360 رقم 258).

وقال أسلم الواسطى في "تاريخ واسط" [ص 108]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن خلاد ثنا يزيد بن هارون ثنا الجراح بن منهال عن أبي خالد الواسطى عن أبي مسهر -وكان من جلساء حذيفة- عن حذيفة قال: آخر حديث سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من ختم له بلا إله إلا اللَّه وجبت له الجنة". وفي الباب عن ابن مسعود وسيذكره المصنف بلفظ: "من وافق موته انقضاء رمضان" الحديث. 3383/ 8657 - "مَنْ خَرَجَ فِي طَلَب العِلْمِ فَهُوَ في سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ". (ت) والضياء عن أنس قال في الكبير: وقال الترمذى: حسن غريب، ولم يرفعه بعضهم وفيه خالد بن يزيد اللؤلؤى، قال العقيلى: لا يتابع على كثير من حديثه ثم ذكر له هذا الخبر، قال الذهبى: واه مقارب. قلت: هذا تعبير غريب وكلام متناقض، فإن الواهى لا يكون مقاربا والواقع أن الذهبى لم يقل شيئًا من ذلك، ونصه في ترجمة خالد المذكور [1/ 648، رقم 2484]، قال أبو زرعة: ليس به بأس، وقال العقيلى: لا يتابع على كثير من حديثه، ثم ذكر له حديثا واحدا مقاربا، وحسن الترمذى حديثه عن أبي جعفر الرازى عن الربيع بن أنس عن أنس مرفوعًا، فذكر هذا الحديث، ومن هنا تعلم الفرق بين كلام الذهبى وما نقله عنه الشارح. والحديث أخرجه أيضًا الآجرى في "العلم" وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [1/ 102، 103] وابن عبد البر في العلم وجماعة كلهم من طريق خالد المذكور، وسيعيده المصنف في "من طلب العلم" من عند أبي نعيم في "الحلية" [10/ 290].

3384/ 8658 - "مَنْ خضَّبَ بالسَّوَادِ سَوَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ". (طب) عن أبي الدرداء قال في الكبير: من رواية الوضين عن جنادة عن أبي الدرداء، قال الزين العراقى في شرح الترمذى: فيه الوضين بن عطاء ضعيف، وقال ابن حجر يعنى الحافط في الفتح: عنده لين، وقال في الميزان: قال أبو حاتم: هذا حديث موضوع اهـ. وذلك لأن فيه جعفر بن محمد بن فضال وهو الدقاق، قال الذهبى: كذبه الدارقطنى، ومحمد بن سليمان بن أبي داود قال أبو حاتم: منكر الحديث، وجنادة ضعفه أبو زرعة. قلت: من العجيب أن ينقل عن الحفاظ الكبار كلامهم على سند الحديث ثم يزيد هو من عنده ما لم يذكروه كأنه أعرف منهم بذلك، فهل يعقل أن يعلل الحافظ العراقى الحديث بالوضين بن عطاء ويكون فيه غيره من الضعفاء ولا يذكرهم أو يشير إليهم على الأقل؟! وهل يعقل أيضًا أن يقول الحافظ عن الحديث أن سنده لين مع أن فيه راويا كذابا وآخر منكر الحديث على ما يزعمه الشارح، إذا فقد سقطت منزلة الحافظين ونزلت إلى الحضيض الأسفل من الجهل بالحديث، ومعاذ اللَّه أن يكون شيء من ذلك، ولكنه الفضول من الشارح، والعجب أيضًا أنه لا يغفل النقل عن الحافظ الهيثمى في كل حديث معزو إلى أصل من أصوله، وهنا أضرب عنه صفحا مع أنه قال عن الحديث [5/ 163]: رواه الطبرانى وفيه الوضين بن عطاء وثقه أحمد وابن معين وابن حبان وضعفه من هو دونهم في المنزلة، وبقية رجاله ثقات اهـ. فكيف يكون بقيته ثقات، وفيهم على زعم الشارح كذاب ومتروك وضعيف آخر غير الوضين، بل هذا في نهاية الضعف والسقوط، والشارح بلا شك وقف على كلام الحافظ الهيثمى ولكنه أضرب عنه صفحا ليتسنى له هذا التعقب

المظهر لمعرفته واطلاعه وتقدمه على الحافظين الكبيرين العراقى وتلميذه ابن حجر، وأغرب من هذا أن جعفر بن محمد بن الفضل الدقاق الذي كذبه الدارقطنى أصغر من الطبرانى مخرج الحديث، وتأخرت وفاته عنه بنحو ثلاثين سنة، والواقع أنه تحرف عليه زهير بن محمد بجعفر بن محمد، فإن ابن أبي حاتم في العلل ذكر أنه سأل أباه عن حديث رواه محمد بن سليمان ابن أبي داود عن زهير بن محمد عن الوضين عن جنادة عن أبي الدرداء فذكر الحديث، قال أبي: هو حديث موضوع اهـ. وأعجب من هذا كله أن الشارح لم يقف على علل ابن أبي حاتم، وإنما نقل ذلك بواسطة الذهبى في الميزان كما صرح به والذهبى ذكر ذلك في ترجمة زهير بن محمد، فما الذي نقل الشارح من هذه الترجمة إلى ترجمة جعفر بن محمد الدقاق؟! وبعد، فهذا طريق آخر اتهم فيه زهير بن محمد بالحديث، ولم يعرف أبو حاتم ولا الذهبى أنه ورد من غير طريقه بسند رواته ثقات إلى الوضين ابن عطاء كما عند الطبرانى، ثم بعد هذا كله تأتى طامة جنادة، فجنادة المذكور في سند الحديث هو جنادة بن أبي أمية الزهرانى أبو عبد اللَّه الشامى تابعى كبير بل مختلف في صحبته، وهو ثقة متفق عليه مخرج له في الصحيحين، وجنادة الذي ضعفه أبو زرعة هو جنادة بن سلم بن خالد ابن جابر بن سمرة العاموى السوائى أبو الحكم الكوفى، متأخر (¬1) من طبقة مالك يروى عن هشام بن عروة ولم يخرج له إلا الترمذى، فهو الذي ضعفه أبو زرعة وغيره، ووثقه ابن خزيمة وابن حبان [8/ 165] وغيرهما (¬2)، فلو وقف الشارح عند حده واقتصر على نقل كلام الحفاظ ¬

_ (¬1) كشط بالمخطوطة. (¬2) انظر التاريخ الكبير (1/ 2/ 234)، وتقريب التهذيب (ص 142، رقم 974).

لسلم من هذه المخازى. 3385/ 8665 - "مَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدِ انْتَصَرَ". (ت) عن عائشة قلت: من الطرف شرح الشارح لهذا الحديث ونصه: "فقد انتصر" أى أخذ من عرض الظالم فنقص من ألمه فنقص ثواب المظلوم بحسبه اهـ. وقد ذكرنى هذا بقول النصارى في تخريفهم المضحك: إن اللَّه تعالى يحبنا وحين عصاه أبونا آدم اقتضى حبه لنا أن يرسل لنا ولده عيسى -تعالى اللَّه عن قولهم علوا كبير- فنقتله ليغفر لنا خطيئة أبينا آدم، فمن فهم تخريفهم هذا فهم كلام الشارح هنا، وأنا لست بصدد ذكر أوهامه في المعنى، وإنما هي طرفة ألفتت نظرى إلى تزيين الكتاب بها. والحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [1/ 339، 2/ 89] وابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة، وأسنده الذهبى في ترجمة حرب الكرمانى صاحب أحمد من تذكرة الحفاظ من طريق أبي عمرو بن منده، وذكره في الميزان في ترجمة ميمون أبي حمزة. 3386/ 8666 - "مَن دَعَا رَجُلًا بِغَيْرِ اسْمِهِ لَعَنَتْهُ المَلائِكَةُ". ابن السنى عن عمير بن سعد قال في الكبير: هما في الصحابة اثنان أنصارى وعبدى، فكان ينبغى تمييزه. قلت: لا شيء من هذا، بل عمير بن سعد معروف مشهور غير مشتبه، ثم لا وجود لهذا العبدى ولا وجود إلا لعمير بن سعد الأنصارى، وأما الثانى فمشهور بعمير بن جودان.

والحديث خرجه ابن السنى [ص 127، رقم 388] من طريق بقية بن الوليد عن أبي بكر بن أبي مريم عن حبيب بن عبيد عن عمير بن سعد، وأبو بكر ابن أبي مريم ضعيف عندهم مع صلاحه وعبادته. 3387/ 8667 - "مَنْ دُعِى إِلى عُرْسٍ أوُ نَحْوه فَلْيُجِبْ". (م) عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه عنه أبو داود أيضًا. قلت: لا يخلو أن يكون مراده أن أبا داود رواه بهذا اللفظ أو رواه بمعناه، فإن كان الأول فباطل، فإن أبا داود رواه بلفظ [3/ 339، رقم 3736]: "إذا دعى أحدكم إلى الوليمة فليأتها". وإن كان الثانى فلم يروه أبو داود وحده، بل رواه من هو أحق بالعزو منه، وهو البخارى [7/ 31، رقم 5173]، وكذلك رواه النسائى (¬1)، فما وجه اختصاص أبي داود وحده. 3388/ 8668 - "مَنْ دَفَعَ غَصبَهُ دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ عَذَابَهُ، وَمَنْ حَفِظَ لِسَانَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ". (طس) عن أنس قال في الكبير: وكذلك رواه في الأوسط، وضعفه المنذرى، وقال الهيثمى: فيه عبد السلام بن هلال وهو ضعيف. قلت: كأن الشارح تخيل أن الرمز رمز الطبرانى في الكبير أو الصغير فقال: وكذا في الأوسط، مع أن الرمز إنما هو له في الأوسط، وقد نقل كلام الحافظين ¬

_ (¬1) رواه النسائى في الكبرى (4/ 140، رقم 8/ 66) من حديث ابن عمر، و (2/ 243، رقم 3270) و (4/ 141، رقم 6611) عن أبي هريرة، و (6/ 82، رقم 10132) عن ابن مسعود.

المنذرى والهيثمى وكلاهما عزاه للأوسط، ثم إن الهيثمى قال [8/ 68، 70]: وفيه عبد السلام بن هاشم، والشارح حرفه بعبد السلام بن هلال. والحديث رواه أيضًا أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [2/ 111] من طريق عبد الرحمن بن محمد بن سنده المدينى: ثنا أبو الربيع ثنا عبد السلام بن هاشم ثنا خالد بن برد عن أبيه عن أنس به. 3389/ 8671 - "مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيِه بالغَيْبَةِ كَان حَقًا عَلَى اللَّه أنْ يُقِيه مِنَ النَّارِ". (حم. طب) عن أسامة بن زيد قلت: كذا كتبه الشارح أسامة بن زيد، والصواب أسماء بنت يزيد -كما كتبه نفسه في الكبير، ثم قال: قال المنذرى: إسناد أحمد حسن، وقال الهيثمى: إسناده حسن، وقال الصدر المناوى: إسناده ضعيف، والمؤلف رمز لحسنه. قلت: وهو الصواب، والصدر المناوى واهم كعادته، إذ غاية الحديث أنه من رواية شهر بن حوشب، وهو إذا لم يخالف فحديثه حسن. والحديث أخرجه أبو نعيم في "الحلية" [6/ 61] في ترجمة شهر بن حوشب في الجزء السادس. 3390/ 8672 - "مَنْ ذَبَحَ لأَخيهِ (¬1) ذَبِيحَةً كَانَتْ فِدَاءهُ مِنَ النَّارِ". (ك) في تاريخه عن جابر قال في الكبير: رواه (ك) من حديث أبي عوانة عن عامر بن شعيب عن عبد الوهاب الثقفى عن جده عن الحسن عن جابر، ثم قال الحاكم: عامر بن شعيب روى أحاديث منكرة، بل أكثرها موضوع اهـ، فعزو المصنف الحديث لمخرجه مع سكوته عما عقبه به من بيان القادح ليس كما ينبغى. ¬

_ (¬1) في المطبوع من الفيض: "من ذبح لضيفه".

قلت: لم يسكت المصنف بل رمز له بعلامة الضعيف الذي هو شرطه في كتابه، فإنه لا ينقل كلام المخرجين ولا يذكرهم إلا بالرموز. 3391/ 8677 - "مَنْ ذَكرَ رَجُلًا بِمَا فِيهِ فَقَدِ اغْتَابَهُ". (ك) في تاريخه عن أبي هريرة قال في الكبير: فيه أبو بكر بن أبي بسرة المدنى، قال في الميزان: ضعفه البخارى وغيره، وقال أحمد: كان يضع الحديث، وقال ابن عدى: ليس بشيء ثم ساق له أخبارا هذا منها. قلت: قد روى من غير طريقه على اختلاف في إسناده كما سأذكره. والحديث خرجه من طريقه أيضًا أبو الشيخ في "التوبيخ" قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد الرازى ثنا أبو زرعة ثنا إبراهيم بن موسى ثنا هشام بن يوسف عن أبي بكر بن أبي بسرة عن سلمة بن أبي مريم عن أبي صالح عن أبي هريرة به، وزاد: "ومن ذكر امرأ بما ليس فيه فقد بهته". وقال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [2/ 45]: حدثنا محمد بن المظفر ثنا محمد بن محمد بن سليمان ثنا المسيب بن واضح ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عبد اللَّه بن أبي مريم عن أبي صالح به مثل الذي قبله، ثم قال: رواه روح بن عبادة وأبو عاصم عن ابن جريج عن أبي بكر بن عبد اللَّه بن أبي مريم عن عبد اللَّه بن أبي مريم -يعنى الأموى- مثله. ورواه هشام بن يوسف عن أبي بكر بن أبي سبرة عن مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح مثله.

3392/ 8678 - "مَنْ ذُكِرْت عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ فَقَدْ شَقِى". ابن السنى عن جابر قال الشارح: وإسناده ضعيف كما في الأذكار فقول المؤلف: حسن ممنوع. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما زعم، فقد جزم النووى في "الأذكار" بضعف إسناده. قلت: ليت شعرى لم لم يكن الحال بالعكس في نظر الشارح فيقول: ضعفه النووى وليس كما زعم، فقد حسنه المؤلف؟ وما الباعث على ترجيح كفة النووى على المصنف مع أن كلاهما مجتهد؟ والواقع أن كلا منهما مصيب في حكمه إلا أن المصنف أحق وأكثر صوابا، فإن النووى -رحمه اللَّه- نظر إلى سند الحديث بمفرده ورجح جانب من ضعف راوى الحديث وهو الفضل ابن مبشر راويه عن جابر، فقد اختلف فيه قول ابن معين، فقال إسحاق ابن منصور عنه: ضعيف، وقال الدورى عنه: لا بأس به. وقال أبو زرعة: لين، وقال أبو حاتم: ليس بقوى يكتب حديث، وقال العجلى: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو داود والنسائى: ضعيف، فهذا وحده من شرط الحسن، فكيف مع انضمام طرقه وشواهده، فقد ورد هذا المعنى من حديث تسعة من الصحابة. وحديث جابر نفسه ورد من وجه آخر، فقد أخرجه البيهقى في "شعب الإيمان" قال: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ أنا أبو بكر بن محمد بن جعفر القارى ببغداد ثنا عبد اللَّه ابن أحمد بن إبراهيم الدورقى ثنا موسى بن إسماعيل التبوذكى ثنا أبو يحيى صاحب الطعام واسمه محمد بن عيسى العبدى عن محمد بن المنكدر عن جابر. وله طريق ثالث بمعناه عند البخارى في "الأدب المفرد" [ص 220،

رقم 644] وغيره فالحديث حسن كما قال المصنف ولابد. 3393/ 8686 - "مَنْ رَأى مُبْتلَى فَقَالَ: الحَمْدُ للَّه الَّذِي عَافَانى مِمَّا ابْتَلاكَ بِهِ، وفَضَّلنِى عَلَى كَثيرٍ مِنْ خَلْقِهِ تَفْضِيلًا لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ البَلاءُ". (ت) عن أبي هريرة قال في الكبير: وقال (ت): غريب، ورمز المصنف لحسنه، قال الصدر المناوى: فيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير بصرى ليس بقوى. قلت: لا أدرى ما أقول في هذا الرجل إلا أنه بلية ابتلى اللَّه به الحديث وأهله، فعمرو بن دينار قهرمان آل الزبير ليس في حديث أبي هريرة، بل في حديث عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، والترمذى هو الذي قال فيه ما نقله الشارح عن الصدر المناوى. أما حديث أبي هريرة الذي ذكره المصنف فقال عنه الترمذى: حديث غريب كما رمز له المصنف، وإليك كلا الحديثين من عند الترمذى، أما حديث أبي هريرة فقال فيه [5/ 494، رقم 3432]: حدثنا أبو جعفر السمنانى وغير واحد قالوا: حدثنا مطرف بن عبد اللَّه المدينى ثنا عبد اللَّه بن عمر العمرى عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من رأى مبتلى" وذكره، ثم قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وكذلك رواه ابن أبي الدنيا في الشكر قال: حدثنى القاسم بن هاشم ثنا محمد بن سنان العوفى ثنا عبد اللَّه بن عمر عن سهيل به، إلا أنه قال: "فقد أدى شكر تلك النعمة" بدل قوله: "لم يصبه ذلك البلاء". فهذا كما ترى لا وجود لعمرو بن دينار فيه، وإنما هو في حديث عمر، قال

الترمذى [5/ 493، رقم 3431]: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن بزيع ثنا عبد الوارث بن سعيد عن عمرو بن دينار مولى آل الزبير عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن ابن عمر عن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من رأى صاحب بلاء فقال: الحمد للَّه الذي عافانى مما ابتلاك به، وفضلنى على كثير من خلقه تفضيلا إلا عوفى من ذلك البلاء كائنا ما كان ما عاش"، ثم قال الترمذى: هذا حديث غريب، وعمرو بن دينار قهرمان آل الزبير هو شيخ بصرى وليس بالقوى في الحديث. ورواه أيضًا أبو داود الطيالسى في المسند [ص 4، رقم 12] عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار المذكور. ورواه أبو نعيم في "الحلية" [6/ 265]: ثنا محمد بن إسحاق بن أيوب ثنا جعفر الفريابى ثنا المقدمى حدثنا حماد بن زيد به. ورواه في "تاريخ أصبهان" [1/ 271] من طريق مهران بن أبي عمر عن سفيان عن أيوب السختيانى عن عمرو بن دينار به، لكنه لم يتجاوز ابن عمر. وكذلك رواه الثقفى في الخامس من الثقفيات من طريق أبي بكر الشافعى: ثنا أبو عمران موسى بن سهل بن كثير الوشا ثنا إسماعيل بن علية ثنا عمرو ابن دينار البصرى به مثله عن ابن عمر. وقد ورد عن ابن عمر من غير طريقه، قال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [1/ 271] في ترجمة الحسن بن سعيد ابن جعفر بن الفضل المقرى: حدثنا الحسن بن سعيد بن جعفر ثنا جعفر الفريابى ثنا محمد بن عبد اللَّه بن بكار الدمشقى ثنا مروان بن محمد ثنا الوليد بن عتبة ثنا محمد بن سوقه عن نافع عن ابن عمر به. ورواه في "الحلية" [5/ 13] في ترجمة محمد بن سوقة عن ثلاثة ثالثهم

الطبرانى من طريق مروان الطاطرى به. 3394/ 8696 - "مَنْ رَبَّى صَغِيرًا حَتَّى يَقُولَ: لا إلَهَ إِلا اللَّه لَمْ يُحَاسِبْهُ اللَّهُ". (طس. عد) عن عائشة قال في الكبير: رواه (طس) عن أبي عمير عبد الكبير بن محمد عن الشاذكونى عن عيسى بن يونس عن هشام عن عروة عن عائشة، ورواه ابن عدى عن قاسم بن على الجوهرى عن عبد الكبير عن الشاذكونى عن عيسى عن هشام عن عروة عن عائشة، ثم قال مخرجه ابن عدى: لا يصح ولعل البلاء فيه من أبي عمير، قال: وقد رواه إبراهيم بن البراء عن الشاذكونى وإبراهيم حدث بالأباطيل، وقال الهيثمى: فيه سليمان بن داود الشاذكونى ضعيف اهـ. وقال في الميزان: متنه موضوع، وقال في اللسان: خبر باطل والشاذكونى هالك. قلت: الحديث أورده ابن الجوزى في الموضوعات [2/ 178]، ومن اللآلئ المصنوعة للمصنف نقل الشارح سند الطبرانى وابن عدى ولم يشر إلى ذلك ولا إلى تعقب المصنف بذكره طريقا آخر للحديث. والحديث خرجه الطبرانى أيضًا في كتابه مكارم الأخلاق [ص 353، رقم 110] بسنده المذكور، إلا أنه لم يسم عبد الكبير بل قال: حدثنا أبو عمير الأنصارى المصرى بمصر وهو عبد الكبير بن محمد، ضعفه ابن عدى الذي أخرج الحديث في ترجمة سليمان بن داود الشاذكونى، ثم قال: هذا الحديث منكر بهذا الإسناد، ولعل البلاء فيه من أبي عمير هذا فإنه ضعيف كذا قال، مع أن الطبرانى روى عنه ولم يسمه بضعف، ثم إنه لم ينفرد بالحديث، بل تابعه إبراهيم بن البراء عن الشاذكونى فزالت تهمته، ثم إن الذهبى ضعف إبراهيم المذكور بدون حجة سوى روايته لهذا الحديث، وقال عنه: باطل

والشاذكونى هالك، فالذهبى هو قائل هذا لا الحفاظ كما زعمه الشارح، ثم إن الشاذكونى من كبار الحفاظ وغايته أنهم طعنوا فيه من جهة الديانة، وأخاف أن يكونوا حسدوه لفرط حفظه وسعة روايته، ومع ذلك فقد توبع، فقد رواه الخلعى في فوائده من طريق الحسن بن على السامرى الأعسم عن أشعث بن محمد الكلاعى عن عيسى بن يونس به، فزالت تهمة الشاذكونى، لكن الحسن بن على السامرى ذكره الحفاظ في اللسان، وقال: وقع لى حديثه في الخلعيات حديثه المرفوع الموضوع متنه: "من ربى صبيا" الحديث، وشيخه أشعث بن محمد ذكره الذهبى في الميزان [1/ 269، رقم 1005] بهذا الحديث أيضًا، وقال: أتى بحديث موضوع، وكل هذا باطل لا أصل له، لأنه رجم بالظن واعتماد على استبعاد معنى الحديث ومخالفته للواقع، لأن جل الناس يربى الصبيان حتى يقولوا: لا إله إلا اللَّه فليزم عليه أن لا يحاسب اللَّه أحد، أو إلا القليل جدًا ممن لم يلد ولم يرب صبيا ولا صبية، وهذا غير لازم لأنه قد يكون المراد ربى صبيا لغيره لا صبيا له، وهذا لا يقع إلا نادرا، ويكون الشارع رغب بهذا الثواب في تربية الأيتام، ومن لا أب له، هذا هو الذي فهمه الطبرانى أيضًا حيث ترجم لهذا الحديث في مكارم الأخلاق بباب فضل تربية المنبوذين والإنفاق عليهم حتى يكبروا وعلى هذا فلا غرابة فيه ولا نكارة، بل هو بمعنى الحديث الصحيح المجمع على صحته: "أنا وكافل اليتم كهاتين في الجنة" (¬1)، وفي رواية في الصحيح أيضًا: "كافل اليتم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة" (¬2) وقد روى على بن معبد عن الأشعث عن عبد اللَّه بن نزار عن أنس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من ¬

_ (¬1) البخارى (7/ 68، رقم 5304) و (8/ 10، رقم 6005) عن سهل بن سعد. (¬2) مسلم (4/ 2287، رقم 42/ 2983) من حديث أبي هريرة.

ولد له مولود في الإسلام فبلغ أن بقول: لا إله إلا اللَّه أدخل اللَّه أبويه الجنة" (¬1). ورواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [2/ 295] من طريق على بن معبد. 3395/ 8698 - "مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيَامَةِ". (حم. ت) عن أبي الدرداء قال في الكبير: قال الترمذى: حسن، قال ابن القطان: ومانعه من الصحة أن فيه مرزوق التيمى، وهو والد يحيى بن بكير وهو مجهول الحال. قلت: يأتى الكلام عليه في الذي بعده. 3396/ 8699 - "مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ كَانَ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ" (هق) عن أبي الدرداء قال في الكبير: فظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد في أحد دواوين الإسلام الستة مع أن الترمذى خرجه. قلت: انظر إلى هذا وتعجب، فهما حديثان متلاصقان عزا المصنف أولهما لأحمد والترمذى وثانيهما للبيهقى، وهما حديث واحد كرره المصنف للاختلاف الواقع في لفظه، لأن صنيعه في الكتاب ألا يورد الألفاظ المختلفة إلا باعتبارها حديثا مستقلا تفاديا من إدخال كلامه في المتن، ومع كل هذا يقول الشارح ما يقول، ويذكر تلك العبارة السخيفة التي أسخف بها من أول الكتاب دون ملل ولا خجل. والحديث له عن أبي الدرداء طرق، الأول: من رواية مرزوق أبي بكر التيمى ¬

_ (¬1) أخبار أصبهان (2/ 295)، العلل المتناهية (2/ 146)

عن أم الدرداء عن أبي الدرداء أخرجه أحمد [6/ 450] والترمذى [4/ 327، رقم 1931] والطبرانى في الكبير [24/ 176، رقم 442] والبيهقى في شعب الإيمان [6/ 110، رقم 7634]. الثانى: من رواية ابن أبي ليلى محمد بن عبد الرحمن عن الحكم بن عتيبة عن ابن أبي الدرداء عن أبيه "قال: نال رجل من رجل عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فرد عليه رجل فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار". رواه ابن السنى في اليوم والليلة [ص 137، رقم 423]، والبيهقى في السنن [8/ 168] والطوسى في أماليه، ورواه أسلم بن سهل في تاريخ واسط [ص 162] من رواية الأعمش عن الحكم فقال: عن أم ذر عن أبي ذر، وهو وهم من أبي شيبة إبراهيم بن عثمان الفسى راويه عن الأعمش، فإنه ضعيف متهم بالكذب. الثالث: من رواية عبد اللَّه بن حكيم عن مسعو بن كدام عن عوف بن عبد اللَّه عن أم الدرداء عن أبي الدرداء، رواه أبو نعيم في الحلية [7/ 258]. الرابع: من رواية شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبي الدرداء، رواه أحمد [6/ 449] عن إسماعيل عن ليث عنه، وكذلك رواه الطبرانى في الكبير وابن أبي حاتم وابن مردويه في التفسير بزيادة ثم قرأ: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، لكن اختلف فيه على شهر، فقيل عنه هكذا، وقيل عنه عن أسماء بنت يزيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بلفظ: "من ذب" كما مر قريبًا. أخرجه إسحاق بن راهوية، وعبد بن حميد (¬1) وأبو يعلى، ¬

_ (¬1) انظر المنتخب (3/ 266، رقم 1577)، ورواه (1/ 214، رقم 206) باللفظ الذي أورده به السيوطى.

والطبرانى [24/ 175، 176، رقم 442، 443]، وابن عدى في الكامل [4/ 328]، وأبو نعيم في "الحلية" [6/ 67] كلهم من رواية عبيد اللَّه ابن أبي زياد القداح عنه، وأعله ابن عدى بالقداح لأنه لين، وإن قال: لم أر له شيئًا منكرا، وقيل عنه عن أبي هريرة، أخرجه ابن مردوية من طريق ليث ابن أبي سليم أيضًا. 3397/ 8701 - "مَنْ رَدَّتْهُ الطَّيَرَةُ عَنْ حَاجَتِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ". (حم. طب) عن ابن عمرو قال في الكبير: وظاهر صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه، بل بقيته عند مخرجه أحمد: "قالوا: يا رسول اللَّه ما كفارة ذلك؟ قال: يقول أحدكم: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك". قلت: من صنيع المصنف المعروف للشارح ولكل الناس أنه لا يذكر المراجعات التي تقع في الحديث، ويقتصر على الألفاظ النبوية المجردة. والحديث رواه ابن وهب في جامعه عن ابن لهيعة بهذا الإسناد، وبسند آخر لابن لهيعة، فإنه رواه عن عياش بن عباس عن أبي الحصين عن فضالة بن عبيد صاحب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "من ردته الطيرة فقد قارف الشرك". قال ابن وهب: وأخبرنيه الليث بن سعد عن عياش بن عباس عن عمران ابن عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة عن أبي خراش الحميرى عن فضالة بن عبيد. 3398/ 8702 - "مَنْ رزقَ في شَيءٍ فَلْيَلْزَمْهُ". (هب) عن أنس قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: فيه محمد بن عبد اللَّه الأنصارى، قال الذهبى: اتهم بالوضع وهو ضعيف عن فروة بن يونس الكلابى وقد ضعفه الأزدى عن هلال

ابن جبير قال الذهبى: فيه جهالة. ورواه عنه أيضًا ابن ماجه، قال الحافظ العراقى: بسند حسن، فما أوهمه صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة غير جيد، وممن خرجه لابن ماجه الديلمى وغيره. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: إسناده حسن مع ذكره في الكبير وجود وضاع وضعيفين في إسناده من التناقض الغريب والكلام المضطرب المتهافت. الثانى: أن محمد بن عبد اللَّه الأنصارى الموجود في سند الحديث هو محمد ابن عبد اللَّه بن المثنى الأنصارى ثقة من رجال الصحيح، والذي ذكره الشارح وألصقه بهذا الحديث هو محمد بن عبد اللَّه الأنصارى أبو سلمة الكذاب الوضاع الذي لم يرو له أحد من الستة. الثالث: قال الذهبى هلال بن جبير عن أنس بن مالك مقل لا يكاد يعرف، وذكره ابن حبان في الثقات [5/ 505]، وقال: إن كان سمع من أنس، وقد روى عنه اثنان اهـ. فهذا كلام الذهبى لا ما نقله الشارح. الرابع: لفظ الحديث عند ابن ماجه [2/ 726، رقم 2147]: "من أصاب من شيء"، وقد ذكره المصنف سابقا في حرف "من مع الهمزة" وعزاه لابن ماجه، فبدلا من أن يتعب الشارح نفسه بمراجعة الديلمى والعراقى كأن يراجع المتن المشروح له حيث إنه لا يحفظ فيعرف أن المصنف عزاه لابن ماجه. ثم إن الحديث خرجه أيضًا القضاعى في "مسند الشهاب" [1/ 238، رقم 375] الذي رتبه الشارح على الحروف، فما أدرى كيف ذهل عنه؟! وأخرجه أيضًا الدولابى في الكنى عن شيخ ابن ماجه فيه، وهو محمد بن بشار. وله شاهد من حديث عائشة أخرجه أحمد والبخارى في التاريخ الكبير [8/ 206] وابن ماجه [2/ 727، رقم 2148] من حديث نافع، قال:

كنت أجهز إلى الشام وإلى مصر فجهزت إلى العراق فأتيت عائشة أم المؤمنين فقلت لها: يا أم المؤمنين كنت أجهز إلى الشام فجهزت إلى العراق فقالت: لا تفعل مالك ولمتجرك، "فإنى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: إذا سبَّب اللَّه لأحدكم رزقا من وجه فلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر له"، قال البخارى [8/ 85]: نافع هذا ليس هو مولى ابن عمر. قلت: وهو غير معروف. 3399/ 8705 - "مَنْ رضِى مِنَ اللَّه باليَسِيرِ منَ الرِّزْقِ رَضى اللَّهُ مِنْهُ بِالقَلِيلِ مِنَ العَمَلِ". (هب) عن على قال في الكبير: وفيه إسحاق بن محمد الفروى. . . إلخ. قلت: قد ورد من غير طريقه كما سأذكره. وقد أخرجه من طريقه أيضًا ابن شاهين في الترغيب [2/ 186، رقم 307] قال: حدثنا محمد بن يوسف بن يعقوب القاضى ثنا عبد اللَّه بن شبيب الربعى ثنا إسحاق الفروى حدثنى سعيد بن مسلم بن بانك، أنه سمع على بن الحسين عن أبيه على بن أبي طالب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. ورواه الطوسى في أماليه من طريق أبي الحسين محمد بن محمد بن بكر الهزانى: ثنا ابن مقبل ثنا عبد اللَّه بن شبيب به، وزاد: "وانتظار الفرج عبادة". ورواه أبو نعيم في "الحلية" [3/ 191] من وجه آخر من طريق أهل البيت مطولا فقال: حدثنا محمد بن عمر بن سلم ثنا القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن

عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن على بن أبي طالب قال: حدثنى أبي عن أبيه عن أبي عبد اللَّه جعفر بن محمد بن على عن أبيه عن على بن الحسين بن على عن على قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من نقله اللَّه عز وجل من ذل المعاصى إلى عز التقوى أغناه بلا مال وأعزه بلا عشيرة وآنسه بلا أنيس، ومن خاف اللَّه أخاف اللَّه تعالى منه كل شيء، ومن لم يخف اللَّه أخافه اللَّه تعالى من كل شيء، ومن رضى من اللَّه تعالى باليسير من الرزق رضي اللَّه تعالى منه باليسير من العمل، ومن زهد في الدنيا ثبت اللَّه الحكمة في قلبه، وأنطق اللَّه بها لسانه، وأخرجه من الدنيا سالما إلى دار القرار"، ثم قال أبو نعيم: هذا حديث غريب، لم يروه مرفوعًا مسندا إلا العترة الطيبة خلفها عن سلفها، وما كتبناه إلا عن هذا الشيخ. قلت: ونور النبوة ظاهر على هذا الحديث. 3400/ 8710 - "مَنْ رَكَعَ عَشْر رَكعَاتٍ فيمَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بُنِى لَهُ قَصْرٌ فِي الجَنَّةِ". ابن نصر عن عبد الكريم بن الحارث مرسلا وعين الشارح الكتاب فقال: رواه ابن نصر في كتاب الصلاة. قلت: وليس كذلك، بل رواه في كتاب قيام الليل، فإن له كتاب الصلاة في مجلد رأيته وله كتاب قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر، وهو المطبوع اختصاره للمقريزى، وفي هذا الأخير روى الحديث فقال: حدثنا الحسن بن عيسى أخبرنا ابن المبارك أخبرنا يحيى بن أيوب حدثنى محمد ابن أبي الحجاج أنه سمع عبد الكريم بن الحارث يحدث أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال وذكره، وزاد: "فقال عمر بن الخطاب: "إذا تكثر قصورنا أو بيوتنا يا رسول اللَّه فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أكثر وأطيب".

وهو عند ابن المبارك في الزهد [ص 446، رقم 1264] في باب الصلاة بين المغرب والعشاء آواخر الكتاب (¬1) والحديث معضل فيما أرى. 3401/ 8711 - "مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ في سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ لَهُ عَدْلٌ مُحَرَّر" (ت. ن. ك) عن أبي نجيح قال الشارح: السلمى أو العبسى. وقال في الكبير: أبو نجيح السلمى أو هو العبسى، فلو ميزه لكان أولى. . . إلخ. قلت: المشهور بأبى نجيح في الصحابة اثنان كلاهما سلمى وهما: العرباض ابن سارية وعمرو بن عبسة، أما أبو نجيح العبسى فغلط كما نبه عليه الحافظ. وصحابى هذا الحديث هو عمرو بن عبسة كما نص عليه الترمذى وصرح به غيره ممن روى هذا الحديث، فقال بدل أبي نجيح: عمرو بن عبسة، ومنهم أحمد بن حنبل في مسنده [4/ 384]، وأبو داود في سننه [4/ 29, رقم 3965]، وقد خرجه أيضًا النسائى [6/ 28، رقم 3145]، وابن ماجه [2/ 940، رقم 2812]، والباغندى في مسند عمر بن عبد العزيز، والبغوى في التفسير، والوحاظى يحيى بن صالح في نسخته، وآخرون بعضهم مختصرا وبعضهم مطولا بزيادة، ولذلك لم يعزه المصنف إلى أبي داود وابن ماجه، لأنه وقع عندهم بلفظ لا يدخل في هذا الحرف، ولو علم الشارح ذلك لأسخف على عادته، ولكن اللَّه سلم. 3402/ 8713 - "مَنْ رَمانا بالليلِ فَليسَ منَّا". (حم) عن أبي هريرة زاد الشارح في الكبير: وكذا القضاعى عن أبي هريرة قلت: هذا خطأ فاحش من الشارح، فإن القضاعى لم يخرجه عن أبي ¬

_ (¬1) هو في الجزء العاشر من رواية المرورى، وليس فيه هذا التبويب.

هريرة بل عن ابن عباس، فقال [1/ 229، رقم 355]: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر الشاهد ثنا أحمد بن إبراهيم بن جامع ثنا على بن عبد العزيز ثنا سعيد بن منصور ثنا عبد العزيز بن محمد عن ثور بن زيد عن عكرمه عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وكذا رواه من حديث ابن عباس أيضًا إسحاق بن راهويه في مسنده، والطحاوى في "مشكل الآثار" [3/ 364، رقم 1326]. أما حديث أبي هريرة الذي ذكره المصنف فخرجه أيضًا البخارى في الأدب المفرد [ص 422، رقم 1284] والطحاوى من مشكل الآثار [3/ 364، رقم 1327] كلهم أعنى هما وأحمد بن حنبل [2/ 321] من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ: ثنا سعيد بن أبي أيوب حدثنى يحيى بن أبي سليمان عن سعيد بن أبي سعيد المقرى عن أبي هريرة به. ثم قال البخارى: في إسناده نظر، أى لأن يحيى بن أبي سليمان يرى البخارى فيه أنه منكر الحديث، والمقصود أن الشارح خلط حديث ابن عباس بحديث أبي هريرة في العزو كما ترى. 3403/ 8714 - "مَنْ رَوَّعَ مُؤْمِنًا لَمْ يُؤَمِّنِ اللَّهُ رَوُعَتَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَعَى بِمُؤْمِنٍ أَقَامَهُ اللَّهُ مَقَامَ ذَلٍّ وَخِزْىٍ يَوْمَ القِيَامَةِ". (هب) عن أنس قال في الكبير: ثم قال البيهقى: تفرد به مبارك بن سحيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس، ومبارك هذا أورده الذهبى في المتروكين، وقال: قال أبو زرعة: ما أعرف له حديثا صحيحا، وعبد العزيز ضعفه ابن معين وغيره. قلت: هذا بالنسبة لعبد العزيز بن صهبب باطل لا أصل له ولا وجود لحرف

منه، فعبد العزيز بن صهيب ثقة وفوق الثقة من رجال الصحيح، ما تكلم فيه أحد بحرف ولا ذكره الذهبى في الضعفاء، وفي التهذيب قال القطان عن شعبة: عبد العزيز أثبت من قتادة وهو أحب إلى منه، وقال أحمد: ثقة ثقة وهو أوثق من يحيى بن أبي إسحاق، وأخطأ فيه معمر، فقال: عبد العزيز مولى أنس وإنما هو مولى لبنانه، وقال ابن معين: ثقة. . . إلخ. فما أبعد الشارح عن الثقة بنقله والاعتماد على قوله. 3404/ 8716 - "مَنْ زَارَنِى باِلمَدِينَةِ مُحْتَسِبًا كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا وَشَفِيعًا يَوْمَ القِيَامَةِ". (هب) عن أنس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس بحسن، ففيه ضعفاء منهم أبو المثنى سليمان بن يزيد الكعبى، قال أبو حاتم: منكر الحديث. قلت: كلا ليس فيه ضعفاء إنما فيه أبو المثنى المذكور، وقد ذكره ابن حبان في الثقات. والحديث له عنه طرق متعددة عند البيهقى [5/ 245]، وحمزة بن يوسف السهمى في تاريخ جرجان وابن عساكر وغيرهم، وأسنده التقى السبكى من ثلاثة طرق عن ابن أبي فديك: ثنا سليمان بن يزيد الكعبى عن أنس. ثم قال: هذه الأسانيد الثلاثة دارت على محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، وهو مجمع عليه يعنى محتجًا به في الصحيحين، وسليمان بن يزيد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم الرازى: إنه منكر الحديث ليس بقوى اهـ. ومع هذا فله شواهد من حديث جماعة من الصحابة، يصل بمجموعها إلى درجة الحسن، بل إلى الصحيح. قال حمزة بن يوسف السهمى في "تاريخ جرجان":

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل الصرامى حدثنا أبو عوانة موسى ابن يوسف القطان ثنا عباد بن موسى الختلى ثنا ابن أبي فديك عن سليمان بن يزيد الكعبى عن أنس بن مالك "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من زارنى بالمدينة محتسبا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة". وقال البيهقى في شعب الإيمان في الحج [3/ 490، رقم 4158]: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ ثنا على بن عيسى ثنا أحمد بن عبدوس ثنا حمدويه الصفار النيسابورى ثنا أيوب بن الحسن ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك به بلفظ: "من مات في أحد الحرمين بعث يوم القيامة من الآمنين، ومن زارنى محتسبا إلى المدينة كان في جوارى بوم القيامة". وقال أيضًا [3/ 492، رقم 4168]: أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو أنا محمد بن عبد اللَّه الصفار ثنا ابن أبي الدنيا حدثنى سعيد بن عثمان الجرجانى ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك به. وله طريق آخر عن أنس إلا أن فيه شيخا لم يسم. قال إسحاق بن راهوية في مسنده: أخبرنا عيسى بن يونس ثنا ثور بن يزيد حدثنا شيخ عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. 3405/ 8717 - "مَنْ زَار قَبر وَالدَيهِ أَوْ أحَدُهما يَوْمَ الجُمعِة فَقرأ عَندَهُ يس غُفِرَ لَهُ". (عد) عن أبي بكر ثم قال ابن عدى هذا الحديث بهذا الإسناد باطل، وعمرو بن زياد متهم بالوضع اهـ. ومن ثم اتجه حكم ابن الجوزى عليه بالوضع، وتعقبه المصنف بأن له شاهدا وهو الحديث التالى لهذا, وذلك غير صواب لتصريحهم -حتى هو- بأن الشواهد لا أثر لها في الموضوع بل في الضعيف ونحوه.

[قاعدة جليلة في المتابعات والشواهد]

[قاعدة جليلة في المتابعات والشواهد] قلت: هذا باطل، بل لا شيء من هذا عندهم أصلا وهم أعلا وأجل من أن ينطقوا بمثل هذا الباطل المخالف للعقل والنقل، فإن الكذاب إذا روى خبرا ظن كذبه ولم يقبل منه، فإذا وافقه عليه ثقه معروف بالصدق زال ما كان يخشى من كذبه، وصار الخبر مقبولا صحيحا عقلا، لأنه إذا كان خبر الصادق مقبولا بدون موافقة الكذاب فلا تفيده موافقة الكذاب ردا، بل تزيده قوة، وهذا هو المنقول عن أهل الحديث والأصول، وكم حديث رواه الوضاعون وهو مخرج في الصحيحين من غير طريقهم؟ فتجد الحديث الواحد مذكورا في كتب الضعفاء محكوما على راويه بأنه كذاب، مع أن الحديث نفسه في صحيح البخارى، إما من ذلك الوجه الذي أتى به ذلك الكذاب أو من وجه آخر إلا أن المتن واحد، وكم حديث حكم ابن الجوزى بوضعه واتهم به راويا كذابا فتعقبه الحفاظ بأنه قد تابعه الثقات عليه، والمقصود أن ما قاله الشارح من أبطل الباطل الدال على أنه أبعد خلق اللَّه عن معرفة هذا الفن، فلا أدرى كيف اجترأ على كتابة شرح على شرح النخبة للحافظ مع الجهل التام بالفن، والواقع أنه سمع شيئًا ولم يتقنه ولا عرف المراد منه فاشتبه الأمر فيه عليه، وذلك أن المقرر عندهم في المتابعات والشواهد أنها تفيد الحديث قوة إذا كان المتابع بالكسر أقوى من المتابع بالفتح، أما إذا كان كل منهما في درجة واحدة أو كان المتابع بالكسر أضعف من المتابع فلا، فإذا روى الحديث كذاب وضاع عن مالك عن نافع مثلا والتمسنا له متابعا فوجدنا وضاعا آخر مثله رواه عن مالك أيضًا أو عن الليث عن نافع فهذه المتابعة لا تفيد شيئًا، لأن الوضاعين يسرقون الأحاديث ويركبون لها أسانيد

أخرى فلا يعتبر بمتابعتهم ولو تعددت، وإنما يعتبر بمتابعة الضعيف الذي لم يتهم بكذب بل بسوء حفظ ونحوه. والمصنف ذكر لحديث الباب شاهدين ضعيفين قد نقلهما الشارح بعد هذا مع الحديث الذي ذكره في المتن فأتى بالصواب واتبع ما هو المقرر لتقوية الأحاديث. 3406/ 8723 - "مَنْ زَنَى زُنى بِهِ وَلو بِحيطَانِ دارِهِ". ابن النجار عن أنس قلت: وقع في بعض النسخ المطبوعة من المتن رمز الصحة على هذا الحديث، وذلك باطل بل لم يرمز له المصنف بشيء. والحديث منكر، وقد ورد في معناه حديث إلا أنه موضوع لأنه من رواية وضاع، قال أبو نعيم في ترجمة الحسين بن عبد اللَّه بن حمران الرقى (¬1): حدثنا محمد بن على بن عاصم ثنا عبد اللَّه بن محمد بن الحسين المعدل الأصبهانى ثنا الحسين بن عبد اللَّه بن حمران ثنا إسحاق بن نجيح ثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما زنى عبد فأدمن على الزنا إلا ابتلى به أهل بيته"، فإسحاق بن نجيح الملطى كذاب. 3407/ 8724 - "مَنْ زَنَّى أمةً لَمْ يرها تزنى جلدهُ اللَّه يومَ القيامة بسوطٍ مِنْ نَارٍ". (حم) عن أبي ذر قال في الكبير: رمز لحسنه، وفيه عبيد اللَّه بن أبي جعفر، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: قال أحمد: ليس بقوى. ¬

_ (¬1) انظر أخبار أصبهان (1/ 278).

قلت: الذهبى لم يقل فيه ذلك، بل قال: صدوق موثق، وقال أحمد: ليس بقوى، وروى عبد اللَّه بن أحمد عن أبيه: ليس به بأس كان يتفقه، وقال أبو حاتم والنسائى وغيرهما: ثقة، وقال ابن يونس: كان عالما زاهدا عابدا اهـ. فهذا الرجل إذا من شرط الصحيح لا من شرط الحسن، وهو متفق على الاحتجاج به، روى له الشيخان والأربعة، ولكن الشارح لبعده عن معرفة الفن يظن أن الحديث لا يحكم له بالحسن فضلا عن الصحة حتى لا يقال في راويه أدنى كلمة جرح، وذلك تقريبا غير موجود في رجال الحديث إلا نادرا جدا. والمصنف لم يقتصر على الحكم بحسنه لأجل هذا، فإنه من رجال الصحيح كما ذكرت لك، ولكن شيخه الحمصى وشيخ شيخه أبا طالب لا يعرفان، وهذا على ما وقع في مسند أحمد فإنه قال [5/ 155]: حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا ليث بن سعد عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر عن الحمصى عن أبي طالب عن أبي ذر. لكن رواه البخارى في الكنى من التاريخ الكبير عن يحيى بن بكير [8/ 45]: ثنا الليث عن عبيد اللَّه بن أبي جعفرِ عن أبي طالب، بدون ذكر الحمصى بينهما. وقد ذكر الحافظ في التعجيل أبا طالب عن أبي ذر قال: وعنه الحمصى، ثم قال: كذا رأيته في المسند، ووقع في الكنى لأبي أحمد تبعا للبخارى الجهضمى، ولم يذكر له اسما ولا حالا ولا لأبي طالب، وفي الثقات لابن حبان: أبو طالب الضبعى عن ابن عباس وعنه قتادة، فما أدرى هو هذا أو غيره اهـ.

قلت: البخارى لم يقل في أبي طالب لا الجهضمى ولا غيره، فكأن الحافظ لم يقف على كنى البخارى، وإنما الذي ذكره بـ "الضبعى" هو الدولابى في الكنى وسماه دينارا ثم قال: سمعت العباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: اسم أبي طالب الذي يروى عنه قتادة "دينار" وفي موضع آخر قال: سمعت يحيى يقول: وقيل أن قتادة يقول: حدثنى أبو طالب الحجام، فقال: نعم هكذا كان يقول: حدثنى أبو طالب الضبعى وكان حجاما اهـ. قلت: وفي مصنف ابن أبي شيبة عن وكيع عن شبة عن قتادة عن أبي طالب الحجام وكان ثقة عن ابن عباس فذكر حديثا، فالظاهر أنه هو وأن الحمصى تحرف عن الضبعى، والواقع تقديم النسبة على الكنية، فكأنه قال: عن الضبعى أبي طالب فحرف الضبعى بالحمصى وزيدت كلمة "عن" -أعنى في المسند- بدليل سلامة سند البخارى من ذلك. 3408/ 8725 - "مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا عَلَّمَهُ اللَّهُ بِلا تَعَلُّمٍ، وَهَدَاهُ بَلا هِدَايَةِ، وَجَعَلَهُ بَصِيرًا وَكَشَفَ عَنْهُ العَمَى". (حل) عن على قال الشارح: وفيه ضعيف. قلت: هذا من تهور الشارح، فإنه لما رأى المصنف رمز له بعلامة الضعيف قال: وفيه ضعيف، وإلا فهو قد وقف على إسناده في الحلية لأنه عين في الكبير موضعه من الحلية، وحيث أنه وقف على إسناده فلو عرف أن فيه ضعيفا لسماه على عادته، والواقع أن جل رجال سند الحديث لا يعرفون لا بضعف ولا بغيره، قال أبو نعيم [1/ 72]:

حدثنا أبو ذر محمد بن الحسين بن يوسف الوراق ثنا محمد بن الحسين بن حفص ثنا على بن حفص العبسى ثنا نصير بن حمزة عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه متصلا إلى على -عليه السلام-. ثم إن هذا الحديث له شواهد متعددة تدل على ثبوته، قال أبو نعيم في الحلية [8/ 135]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا عبد اللَّه بن محمد بن العباس ثنا سلمة ابن شبيب ثنا إسماعيل بن عاصم ثنا إبراهيم بن الأشعث عن فضيل بن عياض عن عمران بن حسان عن الحسن قال: "خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على أصحابه ذات يوم فقال: هل منكم أحد يريد أن يذهب اللَّه عنه العمى ويجعله بصيرا، ألا من رغب في الدنيا وطال أمله فيها أعمى اللَّه قلبه على قدر ذلك، ومن زهد في الدنيا وقصر أمله فيها أعطاه اللَّه تعالى علما بغير تعلم وهدى بغير هداية" الحديث، فهذا مما سمعه الحسن البصرى عن على -عليه السلام- كما ورد عنه أن كل ما لم يسم فيه صحابيه فهو مما سمعه من على. وقال أبو نعيم عقب الحديث: لا أعلم رواه بهذا اللفظ إلا الفضيل عن عمران، وعمران يعد في أصحاب الحسن لم يتابع على هذا الحديث كذا قال، وتبعه الحافظ فذكر عمران بن حسان في اللسان، ونقل كلام أبي نعيم فيه ولم يزد سوى قوله: وإبراهيم راويه عن فضيل ضعيف اهـ. وهذا غريب منهما ولاسيما أبي نعيم، فإن هذا الرجل انقلب اسمه عليه، فإنه ذكره قبل ذلك باسم حسان بن عمران، فقال في الجزء السادس بعد ترجمة على بن على الرفاعى ما نصه [6/ 312]: وقد روى عن عدة من كبار أهل البصرة، كان المنظور إليهم في العبادة والترهب، والتشمر للعقبى والتأهب، لم ينقل كلامهم ولا انتشر في ديوان الناقلين أحوالهم، منهم من تقدم ذكرهم، ومنهم من تأخر مثل حسان بن عمران، ثم قال:

حدثنا محمد بن أحمد بن أبان حدثنى أبي ثنا أبو بكر بن سفيان ثنا محمد بن على بن شقيق ثنا إبراهيم بن الأشعث ثنا الفضيل بن عياض عن حسان بن عمران عن الحسن قال: "خرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على أصحابه ذات يوم" فذكر الحديث نفسه، ثم قال: غريب من حديث الحسن، لم يروه عنه إلا حسان مرسلا، ولا أعلم عنه راويا إلا الفضل بن عياض. وقال الديلمى في "مسند الفردوس" [4/ 360، رقم 6580]: أخبرنا أحمد بن نصر أخبرنا طاهر بن ماهلة أخبرنا صالح بن أحمد إجازة، ذكر عبد الرحمن بن الحسن وجدت في كتاب جدى أحمد بن محمد بن عبيد حدثنا أبي ثنا بشير بن زاذان ثنا عمر بن صبح عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر رفعه: "ما زهد عبد في الدنيا إلا أثبت اللَّه الحكمة في قلبه, وأنطق بها لسان، وبصره عيب الدنيا داءها ودواءها، وأخرجه منها سالما إلى دار السلام". وقال أبو نعيم في "التاريخ" [1/ 127]: حدثنا أبو سعيد الحسين بن محمد بن على ثنا أحمد بن محمد بن مسعدة الفزارى الأصبهانى ببغداد ثنا يوسف بن حمدان القزوينى ثنا عبد اللَّه بن زياد بقزوين ثنا إسماعيل بن عياض عن إسماعيل بن عبد اللَّه اللخمى عن مهاجر عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من رغب في الدنيا وأطال فيها رغبته أعمى اللَّه قلبه على قدر رغبته فيها، ومن زهد في الدنيا وقصر فيها أمله أعطاه اللَّه علما من غير تعلم، وهدى من غير هداية". وقال في "التاريخ" أيضًا [2/ 353]: حدثنا أبي حدثنا أحمد بن جعفر بن هانئ ثنا أبو محمد يعقوب بن يوسف بن معدان ثنا أبو عبيدة السرى بن يحيى بن السرى ثنا شعيب بن إبراهيم التيمى ثنا سيف بن عمر الأسدى عن سهل بن يوسف عن أبيه عن عبيد بن صخر بن لوذان السلمى الأنصارى، وكان فيمن بعثه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مع عماله إلى اليمن أن

النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أوصى معاذ بن جبل حين بعثه وقال له: "تواضع يرفعك اللَّه، واستدق الدنيا يلقك الحكمة فإنه من تواضع للَّه واستدق الدنيا أظهر اللَّه الحكمة من قلبه على لسانه، واحذر الهوى فإنه قابد الأشقياء إلى النار". 3409/ 8726 - "مَنْ سَاءَ خُلُقهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ، وَمَنْ كَثُرَ هَمهُ سَقُمَ بَدَنهُ، وَمَنْ لاحَى الرِّجَالَ ذَهَبَتْ كَرَامَتُهُ وَسَقَطتْ مُرُوءتُهُ". الحارث وابن السنى وأبو نعيم قال الشارح في الكبير: كلاهما في الطب. ثم قال في الصغير: ابن السنى في عمل اليوم والليلة، وأبو نعيم في الطب. وقال في الكبير: فيه سلام أو أبو سلام الخراسانى، قال أبو حاتم: متروك. قلت: أما قوله في الصغير: ابن السنى في عمل اليوم والليلة فباطل، بل الحديث ليس من موضوع اليوم والليلة، وإنما خرجه ابن السنى كأبي نعيم في الطب النبوى. وأما سلام أو أبو سلام فهو كذلك في الإسناد إلا أنه عن أبي هريرة والذي قال فيه أبو حاتم: متروك هو سلام الطويل، وهو متأخر إلا أن يكون في هذا انقطاع. قال الحارث بن أبي أسامة [2/ 819، رقم 853]: حدثنا الحليس الحنظلى التميمى البصرى ثنا حفص بن عمر عن سلام أو أبي سلام الخراسانى عن أبي هريرة به، وحفص ابن عمر فيه مقال. وقد رواه الطوسى في أماليه من طريق حفص بن عمر بن ميمون القرشى بسند آخر من حديث على عليه السلام، فإن كان المذكور في سند الحارث غير حفص بن عمر القرشى هذا وإلا فهو اضطراب منه.

قال الطوسى: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو الطيب النعمان بن أحمد بن نعيم القاضى الواسطى ثنا محمد بن شعبة بن خوال ثنا حفص بن عمر بن ميمون القرشى الأبلى أخبرنا عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن أبي طالب أخبرنى أبو جعفر محمد بن على بن الحسين عن أبيه عن آبائه عن على -عليه السلام- به مثله، وزاد: ثم قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لم يزل جبريل ينهانى عن ملاحاتى الرجال كما ينهانى عن شرب الخمر وعبادة الأوثان"، ولينظر في رجاله. 3410/ 8727 - "مَنْ سَألَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ". (م. 4) عن سهل بن حنيف قال في الكبير: رواه هؤلاء في الجهاد من حديث سهل بن أسعد بن سهل بن حنيف عن أبيه عن جده سهل بن حنيف، ولم يخرجه البخارى واستدركه الحاكم فوهم، وسهل هذا تابعى ثقة واسم أبيه أسعد صحابى ولد في حياة المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- وسماه باسم جده لأمه أبي أمامة أسعد بن زرارة، وكناه بكنيته، وجده سهل بن حنيف شهد بدرا، وليس في الصحابة سهل بن حنيف غيره، ومن لطائف إسناد الحديث أنه من رواية الرجل عن أبيه عن جده اهـ. ثم بعد هذا قال في الصغير: عن سعد بن حنيف وهو تابعى خلافا لما يوهمه صنيع المؤلف. قلت: فانظر إلى هذا وتعجب، فلو لم يكن إلا أنه كتب بيده عزو الحديث إلى صحيح مسلم لمنعه ذلك من أن يظن أنه مرسل ويوهم المؤلف بالباطل، فكيف وهو كتب في الكبير سند الحديث وترجم لصحابيه، ولكن حبك الشئ يعمى ويصم، فحبه الانتقاد على المؤلف بالباطل أعماه عن رؤية الصواب.

وفي الباب عن أنس قال الأبنوسى في فوائده: أخبرنا أبو القاسم على بن عبد الرحمن بن الحسن بن على بن عليك ثنا والدى أبو سعيد حافظ وقته ثنا أبو طاهر بن خزيمة أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون البزار أنا أبو القاسم موسى بن عيسى بن عبد اللَّه السراج ثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندى ثنا شيبان بن فروخ الأيلى ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البنانى عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "من سأل اللَّه الشهادة أعطيها ولو على فراشه". ورواه مسلم في الصحيح [3/ 1517، رقم 1908/ 156] عن شيبان بن فروخ بلفظ: "من طلب"، وكذا أحمد [5/ 244]، وسيأتى للمصنف. 3411/ 8730 - "مَنْ سأَلَ مِن غيرِ فقرٍ فكأنَّما يأكلُ الجمرَ". (حم) وابن خزيمة والضياء عن حبشى بن جنادة قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح. وقال في الصغير: إسناده صحيح. قلت: لا يلزم من قول الحافظ الهيثمى: رجاله رجال الصحيح أن يكون سنده صحيحا لأن بينهما فرقا، ولذلك يعدل الحافظ المذكور عن قوله في الأحاديث: سنده صحيح إلى قوله: رجاله رجال الصحيح ليبقى في حل من تبعة العلل التي تضعف الحديث وتسقطه ولو مع ثقة الرجال، وهذا الحديث قال فيه البخارى: فيه نظر، فقال في ترجمة حبشى بن جنادة [3/ 127، 128]: قال مالك بن إسماعيل: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حبشى بن جنادة، فذكر الحديث، ثم قال: وقال مالك: حدثنا شريك، قلت: لأبي إسحاق أين سمعت من حبشى؟ قال: وقف على مجلسنا فحدثنا، قال البخارى: في إسناده نظر.

3412/ 8732 - "مَنْ سُئِلَ عنْ عِلمٍ فَكَتمُه ألجمَه اللَّه يومَ القِيامِة بلجامٍ من نارٍ". (حم. 4. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الترمذى: حسن، وقال الحاكم: صحيح، وقال المنذرى: في طرقه كلها مقال: إلا أن طريق أبي داود حسن، وأشار ابن القطان إلى أن فيه انقطاعا، وللحديث عن أبي هريرة طرق عشرة سردها ابن الجوزى ووهاها، وفي اللسان كالميزان عن العقيلى هذا الحديث لا يعرف إلا لحماد بن محمد وأنه لا يصح اهـ. قال الذهبى في الكبائر: إسناده صحيح رواه عطاء عن أبي هريرة، وأشار بذلك إلى أن رجاله ثقات، لكن فيه انقطاع. . . إلخ. قلت: فيه خبط وخلط وقلب للحقائق في كلام الحفاظ وتناقض واضطراب يوجب حيرة الناظر فلا يعرف صواب القول من خطئه ولا حقه من باطله، وبيان ذلك من وجوه، الأول: عبارة المنذرى في مختصر السنن، وقد روى عن أبي هريرة من طرق فيها مقال. والطريق الذي خرج به أبو داود الحديث طريق حسن، فإنه رواه [3/ 321, رقم 3658] عن التبوذكى، وقد احتج به البخارى ومسلم عن حماد ابن سلمة، وقد احتج به مسلم واستشهد به البخارى عن على بن الحكم البنانى. قال الإمام أحمد: ليس به بأس، وقال أبو حاتم الرازى: لا بأس به صالح الحديث عن عطاء بن أبي رباح، وقد اتفق الإمامان على الاحتجاج به، وقد روى هذا الحديث أيضًا عن رواية عبد اللَّه بن مسعود وعبد اللَّه بن عباس وعبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص وأبي سعيد

الخدرى وجابر بن عبد اللَّه وأنس بن مالك وعمرو بن عبسة وعلى بن طلق، وفي كل منهما مقال اهـ. الثانى: قوله: وأشار ابن القطان إلى أن فيه انقطاعا، يوهم أنه قال ذلك وأطلق، مع أنه بين في كلامه وفصل وأتى بطريق آخر غير منقطع، ونصه في كتاب "الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام" لابن القطان: ذكر عبد الحق هذا الحديث في أحكامه من جهة أبي داود، وسكت عنه، وفيه علة، وذلك أن أبا داود رواه من حديث حماد بن سلمة [3/ 321، رقم 3658]: أنا على بن الحكم عن عطاء عن أبي هريرة. وقد تابع حماد بن سلمة على هذا عمارة بن راذان كما هو عند الترمذى [5/ 29، رقم 2649] وابن ماجه [1/ 96، رقم 261]، وخالفهما عبد الوارث بن سعيد، وهو ثقة، فرواه عن على بن الحكم عن رجل عن عطاء عن أبي هريرة، فأدخل بين على بن الحكم وعطاء رجلا مجهولا يقال أنه حجاج بن أرطأه. وهذا ظاهر الانقطاع، إذ لو سمعه على بن الحكم من عطاء، ما رواه عن رجل عنه إلا أن يكون قد صرح بسماعه من عطاء بأن يقول: حدثنا أو أخبرنا أو سمعت ونحو ذلك، فحينئذ نقول: إنه سمعه منه مرة ورواه أخرى بواسطة، فحدث به على الوجهين، أما إذا كان الأول معنعنا فإن زيادة رجل بينهما دليل انقطاعه، قال: وحديث أبي هريرة هذا حسن الإسناد، رواه قاسم بن أصبغ في كتابه: حدثنا محمد بن الهيثم أبو الأحوص ثنا محمد بن أبي السرى العسقلانى ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعًا، فذكره. قال: وهؤلاء كلهم ثقات اهـ.

ولم يتنبه ابن القطان لتصريح على بن الحكم بالسماع في رواية ابن ماجه إلا أن يكون لم يقف عليه. الثالث: قوله: وفي اللسان كالميزان عن العقيلى هذا الحديث لا يعرف إلا لحماد. . . إلخ، يوهم أن العقيلى يقول هذا عن حديث أبي هريرة المتحدث عنه، والواقع أنه يقوله عن حديث طلق بن على، ولذلك جاء التناقض بين الكلامين، كلام الشارح الذي حكاه عن ابن الجوزى أنه أورده من عشرة طرق، وكلام العقيلى الذي يقول: لا يعرف إلا لحماد، قال الذهبى: حماد ابن محمد عن مبارك بن فضالة ضعفه صالح بن محمد الحافظ، وقال العقيلى [1/ 313, رقم 384]: حماد بن محمد الفزارى لم يصح حديثه لا يعرف إلا به: ثنا معاذ بن المثنى وسعد بن إسرائيل والحسن بن على الفارسى قالوا: حدثنا حماد بن محمد ثنا أيوب بن عتبة عن قيس بن طلق بن على عن أبيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قاله: "من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار"، فكلام العقيلى في حديث آخر غير الحديث الذي يتكلم الشارح عليه. الرابع: قوله عقب قوله العقيلى: وإنه لا يصح، قال الذهبى في الكبائر: إسناده صحيح، من إلصاق التناقض بالذهبى، فإنه الحاكى عن العقيلى لا يصح والمقر له على ذلك، فكيف يقول في الكبائر: إنه صحيح؟ والواقع هو ما قررناه وأن ذلك من حديث آخر غير حديث أبي هريرة، فذاك غير صحيح من رواية طلق، وهذا صحيح من رواية أبي هريرة. الخامس: قوله: وأشار -يعنى الذهبى- بذلك إلى أن رجاله ثقات، لكن فيه انقطاع، يضيق الصدر عن التعبير بما يلزم الشارح على هذا الهراء، فقول الحافظ في الحديث: إسناده صحيح معناه أن رجاله ثقات، وأنه سالم من العلل كلها لا يوجد فيه انقطاع ولا إرسال ولا اضطراب ولا شذوذ،

بخلاف ما لو قالوا: رجاله ثقات أو رجال الصحيح ولم يصرحوا بصحة السند، فإن الأمر يبقى محتملا والمجال واسعا لأن توجد فيه علة أو علل مع ثقة الرجال، فكيف يظن بالذهبى أنه صرح بصحة إسناده مع اعترافه بانقطاعه؟ وحيث جرى ذكر رواة هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة، بل إحدى عشر بزيادة عائشة -رضي اللَّه عنها- على ما سبق في كلام الحافظ المنذرى، فلنشر إلى تخريجها باختصار تكميلا للفائدة. وأما الأسانيد فذكرناها في الجزء الذي خصصناه لطرق هذا الحديث (¬1). فحديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رواه الطبرانى في "الأوسط" [5027]، و"الكبير" [13/ 20، رقم 33]، وابن حبان في الصحيح [1/ 298، رقم 96] والحاكم في "المستدرك" [1/ 102، رقم 346]، وصححه على شرطهما، وقال: ليس له علة، والخطيب في "التاريخ" [5/ 38]، وابن عبد البر في "العلم" [1/ 10، رقم 8]. وحديث عبد اللَّه بن عباس رواه أبو يعلى [4/ 458، رقم 2585]، والخطيب في التاريخ [(5/ 160)، (7/ 406)] من طريقين عن أبي عوانة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وله طرق أخرى عند الطبرانى [(5/ 11، رقم 10845)، (145/ 11، رقم 11310)]، وأبي نعيم في الرياضة، والعقيلى في الضعفاء [4/ 206]، وابن عبد البر في "العلم" [1/ 20، رقم 12]. وحديث أبي سعيد رواه ابن ماجه في السنن [1/ 97، رقم 265]، وفيه محمد بن داب، كذبه ابن حبان وغيره. وحديث جابر رواه أبو عمرو بن حمدان في الثانى من فوائد الحاج، والخطيب ¬

_ (¬1) للمؤلف رحمه اللَّه جزء في هذا الحديث سماه: "رفع المنار لحديث من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار".

في "التاريخ" [(7/ 198)، (9/ 92)]، وابن عساكر في "تبيين كذب المفترى" والعقيلى في "الضعفاء" [3/ 426]، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [1/ 297]. وحديث أنس رواه النسائى، وأبو نعيم في "الحلية"، وفي "التاريخ" [1/ 297]، وابن الجوزى في "العلل" [1/ 92، رقم 126] من طرق كلها ضعيفة. وحديث عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب أخرجه الطبرانى في "الأوسط"، وابن عدى في "الكامل" [2/ 372]، وابن الجوزى في العلل [1/ 90، رقم 121]، وهو عنده من وجه آخر غير الوجه الذي خرجه منه الطبرانى وابن عدى. وحديث عبد اللَّه بن مسعود رواه الطبرانى في "الكبير" [10/ 125، رقم 10089]، وابن عدى في الكامل [3/ 206]، والخطيب في التاريخ [6/ 77]، وفيه سوار بن مصعب متروك، ورواه الطبرانى في "الأوسط"، والطوسى في أماليه، وابن الجوزى في العلل [1/ 88، رقم 115] من وجوه أخرى. وحديث عمرو بن عبسة رواه ابن الجوزى [1/ 93، رقم 129]. وحديث طلق بن على أخرجه الطبرانى [8/ 401، رقم 8251]، والعقيلى [1/ 313]، وابن عدى [1/ 353]، والخطيب [8/ 156]، وسبق الكلام عليه. وحديث عائشة رواه العقيلى في "الضعفاء" [1/ 234] من رواية الحسن بن

على السنوى (¬1)، وقال: إنه مجهول بالنقل عن عطاء عن عائشة. 3413/ 8733 - "مَنْ سَبَّ العَرَبَ فَأُلَئِكَ هُمُ المُشْرِكُونَ". (هب) عن عمر قال في الكبير: رواه (هب) من حديث مطرف بن معقل عن ثابت البنانى عن عمر بن الخطاب، فظاهر صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وأقره، والأمر بخلافه، فإنه عقبه بقوله: تفرد به معقل هذا وهو منكر الإسناد، هذا لفظه، وفي كلام الذهبى إشارة إلى أن هذا الخبر موضوع، فإنه قال في الضعفاء والمناكير: مطرف بن معقل عن ثابت له حديث موضوع، ثم رأيته صرح بذلك في الميزان فقال: مطرف بن معقل له حديث موضوع، ثم ساق هذا الخبر بعينه. قلت: فيه أمور، الأول: الكذب على ظاهر صنيع المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف كما رمز لاسم مخرجه. الثانى: أن شرطه في الكتاب أنه لا ينقل كلام المخرجين. الثالث: أن قوله: من حديث مطوف بن معقل عن ثابت البنانى عن عمر خطأ فاحش، فإن ثابتا البنانى ما أدرك عمر ولا روى عنه. الرابع: أن الحديث ذكره الذهبى في الميزان [4/ 126] من رواية ثابت عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والمصنف رواه من حديث عمر بن الخطاب. الخامس: أن الحديث من رواية مطرف بن معقل عن ثابت، فكيف يقول البيهقى: تفرد به معقل، وهو ما رواه ولا سمه، وإنما رواه ولده مطرف؟ ¬

_ (¬1) في المطبوع من الضعفاء للعقيلى: الحسن بن على الشروى.

السادس: أنه ذكر مغفلا بالغين المعجمة والفاء، وإنما هو معقل بالعين المهملة والقاف. السابع: أن الحافظ تعقب الذهبى في الميزان، فإن الذهبى قال: مطرف بن معقل عن ثابت البنانى له حديث موضوع، معمر بن محمد بن معمر البلخى: ثنا مكى بن إبراهيم ثنا مطرف بن معقل عن ثابت عن أنس مرفوعًا: "من سب العرب فأولئك هم المشركون"، قال معمر: خصنى مكى بهذا الحديث اهـ. فقال الحافظ في اللسان [6/ 48، 49، رقم 183]: هكذا أورده العقيلى [4/ 217] من رواية معمر، وقال: إنه منكر الحديث، وكذا ابن عدى [6/ 379] وقال: إنه منكر، ونقل عن ابن عقدة أنه بصرى شقرى وذكر له حديث آخر، وقال: لا أعرف له غيرهما، وفي الثقات لابن حبان مطرف بن معقل الأشقرى عن الشعبى والحسن وعنه النضر بن شميل، فيحتمل أن يكون هو ذا، ثم تبين أنه هو، وهو بصرى يكنى أبا بكر، وروى أيضًا عن الحسن وابن سنان والشعبى وقتادة، وروى عنه ابن عيينة وابن مهدى وعبد الصمد ابن عبد الوارث ومسلم بن إبراهيم وغيرهم، قال يحيى بن معين: ثقة. وقال عبد اللَّه بن أحمد: حدثنا أبي أخبرنا سهل بن يوسف عن مطرف بن معقل الشقرى -وكان ثقة- وذكر مجاهد أنه قرأ على عبد اللَّه بن كثير ومعروف بن مشكان صاحب ابن كثير وغيرهما، وأخذ عند القراءة نصر بن على الجهضمى. وغيره إذا تقرر هذا فالآفة في ذلك الحديث من غيره اهـ. كلام الحافظ في اللسان. وقد غفل عن كون الذهبى نفسه حكى توثيق "مطرف" المذكور وذلك في ترجمة معمر بن محمد العوفى فإنه قال: معمر بن محمد بن معمر أبو شهاب العوفى البلخى عن عمر شهاب بن معمر ومكى بن إبراهيم، وعاش

دهرا وهو صدوق إن شاء اللَّه وله ما ينكر، قال النسائى: أنكروا عليه حديثه عن مكى عن مطرف بن معمر عن ثابت عن أنس عن عمر مرفوعًا: "من سب العرب فأولئك هم المشركون"، مطرف وثق اهـ. ثم لما نقل الحافظ هذا في اللسان قال: وقد تقدم هذا الحديث في ترجمة مطرف وحكم عليه المؤلف بالوضع، وما ذكر من وثق مطرفا، وقد ذكرنا بالظن أن ابن حبان ذكره في الثقات، وأما معمر فذكره أيضًا ابن حبان في الثقات اهـ. قلت: ونسى الحافظ أنه جزم بثقته، وأنه هو الذي ذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه أيضًا ابن معين وغيره، والمقصود أن من طعن في الحديث فإنما يطعن ليه بالوهم ويرجم بالظن لاستبعاده معنى الحديث وذلك باطل، بل الحديث صحيح لا غبار عليه ورجاله ثقات كلهم. وقد أخرجه أيضًا الخطيب في "التاريخ" [10/ 295] عن شيخه على بن أحمد الرزاز عن أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد بن خالد بن متويه البلخى وكان ثقة: حدثنا أبو شهاب معمر بن محمد العوفى به، فرجاله كلهم ثقات، فلا معنى للقول بضعفه فضلا عن نكارته ووضعه مع النقل والعقل يشهدان له، فقد روى أحمد [5/ 440، 441] والترمذى [5/ 723، رقم 3927] وحسنه، والحاكم [4/ 86، رقم 6995] وقال: صحيح الإسناد من حديث سلمان الفارسى -رضي اللَّه عنه- قال: قال لى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا سلمان لا تبغضنى نتفارق دينك، قلت: يا رسول اللَّه كيف أبغضك وبك هدانى اللَّه؟ قال: تبغض العرب فتبغضنى". فهذا حديث ثابت يخبر فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن

بغض العرب بغض له، وأن في ذلك مفارقة الدين وهى الكفر والشرك باللَّه كما في الحديث الآخر فهما متفقان. وأما من جهة العقل فإن من يسب العرب لا يخلو أن يسبهم لأجل ظهور هذا الدين الحنيف على يدهم، فلا يشك في كفره حتى الكفرة والمجوس، أو لغرض آخر فيدخل فيهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيكفر أيضًا، فمعنى الحديث ظاهر لا نكارة فيه، وإنما المحدثون قوم لا يفهمون. 3414/ 8734 - "مَنْ سَبَّ أَصْحَابِى فَعَلَيهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلائِكَةِ والنَّاسِ أَجْمَعِينَ". (طب) عن ابن عباس قال الشارح: بإسناد ضعيف، ورمز المصنف لحسنه ممنوع. وقال في الكبير: رمز لحسنه، قال الهيثمى: فيه عبد اللَّه بن خراش، وهو ضعيف. قلت: عبد اللَّه بن خراش وثقه ابن حبان، ومع ذلك فأحاديث "لعن من سب أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وردت من طرق متعددة، كادت تبلغ حد التواتر، فإنها رويت أيضًا من حديث جابر وابن عمر وأنس وعائشة وأبي سعيد الخدرى وأبي هريرة وعويم بن ساعدة وعمر بن الخطاب وعطاء مرسلا وغيرهم، وكلها شاهدة لابن عباس. 3415/ 8741 - "مَنْ سَتَر أَخَاهُ المُسْلمَ فِي الدُّنْيَا فَلَمْ يَفْضَحْهُ سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ". (حم) عن رجل قال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وليس كذلك، بل هو في البخارى في "المظالم والإكراه"، ومسلم في

"الأدب" ولفظهما عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "ستره اللَّه في الدنيا والآخرة". وكذا أبو داود والنسائى في الرجم، فضرب المؤلف عن ذلك كله صفحا، واقتصاره على أحمد غير جيد، على أن فيه عند أحمد مع كون صحابيه مجهولا مسلم بن أبي الدبال عن أبي سنان المدنى، قال البيهقى: ولم أعرفهما وبقية رجاله ثقات. قلت: فيه أمور، الأول: أنه لم يخرجه أحد ممن ذكر باللفظ الذي ذكر ولا باللفظ المذكور هنا، وإنما هذا كله من تلبيس الشارح وتدليسه. قال البخارى في "المظالم" [3/ 168، رقم 2442]: حدثنا يحيى بن بكير ثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أن سالما أخبره أن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- أخبره أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان اللَّه في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج اللَّه عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره اللَّه يوم القيامة". فحديث الباب وقع قطعة في آخر هذا الحديث الذي هو حديث آخر من رواية صحابى آخر، وهكذا هو عند مسلم ومن ذكرهم الشارح. وذكره البخارى في الإكراه [9/ 28، رقم 6951] بهذا السند، إلا أنه لم يسقه بتمامه ولا ذكر القطعة الأخيرة منه الموجودة هنا حديثا مستقلا، فليس هو في الإكراه كما يزعم الشارح. الثانى: قوله: فليس فيما آثره. . . إلخ (¬1)، كذب من جهة وتدليس من أخرى، فاللفظ المذكور هنا إن راعينا الزيادة في الألفاظ كما أراد الشارح أن ¬

_ (¬1) انظر فيض القدير (6/ 149).

يفهم الناس أنه فهمه كذلك، ففيه من الزيادة ذكر "الأخ" وذكر "الدنيا" وذكر "فلم يفضحه". وأما التدليس، فهو يعلم أن المقصود خلاف هذا، وأن المراد أن هذا حديث مستقل هكذا رواه الراوى، وذلك قطعة من آخر الحديث لا يمكن أن يذكره هكذا حديثا مستقلا ولا الشارح في كتبه المسروقة من كتب المصنف كالجامع الأزهر وكنوز الحقائق ونحوها ولكنه يريد أن يلزم المؤلف بما لا يصح أن يصدر من عاقل. الثالث: قوله: وممن رواه أيضًا من الستة الترمذى في الحدود عن أبي هريرة بلفظ: "ستره اللَّه في الدنيا والآخرة. . . إلخ"، تدليس وتلبيس. قال الترمذى [4/ 34, رقم 1425]: ثنا قتيبة ثنا أبو عوانة عن الأعمش (ح) وقال أبو داود [4/ 287، رقم 4946]: حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة المعز قالا: حدثنا أبو معاوية زاد عثمان وجرير الرازى (ح) وثنا واصل بن عبد الأعلى ثنا أسباط عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس اللَّه عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر اللَّه عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستر اللَّه عليه في الدنيا والآخرة، واللَّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه". فحديث الباب وقع قطعة في وسط هذا الحديث، والمصنف لا يذكر إلا الأحاديث المستقلة باللفظ التي وقعت به عند مخرجيها. الثالث: كثيرا ما يطبل الشارح ويرمز بمسألة العزو إلى الصحيحين أو أحدهما

وأنه مقدم على غيرهما، وهذا الحديث في صحيح مسلم ووجوده عنده أشهر من نار على علم بين أهل الحديث. قال مسلم [4/ 2074، رقم 2699/ 38]: حدثنا يحيى بن يحيى التميمى وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء الهمدانى، واللفظ ليحيى قالوا: أنا أبو معاوية عن الأعمش به مثله، وزاد بعد قوله: "واللَّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" "ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل اللَّه به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت اللَّه يتلون كتاب اللَّه ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم اللَّه فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه". الرابع: ليس في سنن النسائى الصغرى التي هي من الكتب الستة، كتاب الرجم أصلا. الخامس: الخبط والتخليط، فالمصنف ذكر حديث الرجل من الصحابة، وهو تعقب عليه بحديث ابن عمر ولم يسمه تدليسا، ثم بحديث أبي هريرة، فهى ثلاثة أحاديث متباينة عند أهل الحديث. السادس: قوله: مع كون صحابيه مجهولا جهل بما عند أهل الحديث والأصول من أن جهالة الصحابى لا تضر لأنهم كلهم ثقات عدول. السابع: قوله: على أن فيه عند أحمد مسلم بن أبي الدبال عن أبي سنان المدنى. . . إلخ، باطل ما فيه هذان الرجلان، ولا ذكر ذلك الحافظ الهيثمى بل قال ذلك عن حديث شهاب المذكور في المتن قبل هذا مباشرة ونصه: وعن شهاب رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من ستر على مؤمن عورة فكأنما أحيا ميتا".

رواه الطبرانى من طريق مسلم بن أبي الدبال عن أبي سنان المدنى ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات اهـ. أما سند هذا الحديث عند أحمد فهو قوله [5/ 375]: حدثنا مؤمل بن إسماعيل أبو عبد الرحمن ثنا حماد ثنا عبد الملك بن عمير عن هبيب عن عمه عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا أنه ليس فيه "فلم يفضحه" في الموضع الذي رأيته فيه من المسند، ولعله ذكره في موضع آخر. 3416/ 8744 - "مَنْ سرَّهُ أن يحبَّ اللَّهَ ورسولَهُ فلْيقرأْ في المصحفِ". (حل. هب) عن ابن مسعود قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقى خرجه، وسكت عليه والأمر بخلافه، فإنه ذكره مقرونا بحاله فقال: هذا منكر تفرد به أبو سهل الحر بن مالك عن شعبة. . . إلخ. قلت: هذا كذب على ظاهر صنيع المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف كما ذكرناه عند كل سخافة مثل هذه. والحديث خرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب [2/ 212، رقم 190] قال: ثنا محمد بن مخلد العطار ثنا إبراهيم بن جابر أنبأنا الحر بن مالك بن سهل البصرى ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه بن مسعود به. 3417/ 8745 - "مَنْ سرَّه أن يَجدَ حَلاوةَ الإيمانِ فليُحبَّ المرءَ لا يُحبُّه إلا للَّه". (حم. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه (ك) من حديث شعبة عن أبي بلج عن أبي هريرة، ثم قال: صحيح احتج مسلم بأبى بلج، قال الذهبى: قلت: لم يحتج به وقد

وثق، وقال البخارى فيه: نظر اهـ. وقال الحافظ العراقى في أماليه: حديث أحمد صحيح، وهو من غير طريق الحاكم. قلت: هذا باطل لا يقوله الحافظ العراقى جزما، فإن الحديث سنده عندهما واحد. قال أحمد [2/ 298]: حدثنا محمد بن جعفر وهاشم قالا: حدثنا شعبة عن يحيى بن سليم عن عمرو بن ميمون عن أبي هريرة. وقال الحاكم [1/ 3، رقم 3]: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا أبو داود ثنا شعبة عن أبي بلج (ح) وأخبرنا أحمد بن يعقوب الثقفى ثنا عمر بن حفص السدوسى ثنا عاصم بن على ثنا شعبة عن يحيى بن سليم -وهو بلج- به. وهكذا رواه أبو داود الطيالسى في مسنده [ص 326، رقم 2495] عن شعبة، وأبو نعيم في "الحلية" [4/ 153، 154] من طريق إبراهيم بن إسحاق الحربى: ثنا عاصم بن على ثنا شعبة به. ورواه القضاعى في مسند الشهاب [1/ 270، رقم 440] من طريق على بن الجعد: ثنا شعبة به، فليس له إلا سند واحد، فكيف يقول العراقى ما نقله عنه الشارح من الباطل؟ كلا لقد أعاذه اللَّه منه. 3418/ 8746 - "مَنْ سرَّه أن يَسلَم فليَلزَمِ الصَمْتَ". (هب) عن أنس قال في الكبير: قال العراقى كالمنذرى: إسناده ضعيف، وذلك لأن فيه محمد ابن إسماعيل بن أبي فديك، قال ابن سعد: ليس بحجة، وقال الهيثمى: فيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصى وهو متروك، وفي الميزان عن الأزدى: عمر الوقاصى منكر الحديث، وعن أبي حاتم: مجهول، وله حديث باطل، وساق وهذا الخبر.

قلت: تعرض الشارح للكلام على الإسناد فضول منه لاسيما بعد أن ينقل كلام الحفاظ على سند الحديث، فمحمد بن إسماعيل بن أبي فديك ثقة متفق عليه من رجال الستة لا يعلل به الحديث في مثل هذا الموطن، والغريب أن يرى ثناء الذهبى عليه وتوثيقه له وحكايته ذلك عن الجمهور، ثم يذكر ما قيل فيه مع ذلك لظنه أن الثقة هو الذي لم يتكلم فيه ببنت شفة كأنه ملك، فالذهبى قال فيه: صدوق مشهور محتج به في الكتب الستة، قال ابن سعد وحده: ليس بحجة ووثقه جماعة، وعمر الوقاصى لا وجود له في الرجال وإنما الموجود في سند الحديث عمر بن حفص شيخ ابن أبي فديك والراوى عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصى. وقد ذكر ابن أبي حاتم في العلل [2/ 239، رقم 2207] أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال: عمر بن حفص مجهول، والحديث باطل اهـ. وهذا تعنت من أبي حاتم وتسرع إلى الحكم بالبطلان بدون موجب، إذ لا يلزم من كون الراوى مجهولا أن يكون حديثه باطلا، فقد توبع عليه، قال أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق الحافظ ثنى أحمد بن الخطاب بن مهران ثنا معمر بن سهل ثنا عمر بن مهران القاضى عن الوقاصى به. فلم يبق مما يعلل به الحديث إلا هو فإنه متروك، كما فعل الحافظ الهيثمى العارف بالفن، فكان مقتضى العقل والحكمة أن الشارح ينقل كلامه ولا يزيد من عنده ما يظهر المعرفة أكثر منه فيوقع نفسه في هذه المهاوى المهلكة. ثم إنه استدرك من المخرجين أيضًا أبو الشيخ وابن أبي الدنيا، ولم يبين اسم الكتاب المخرج فيه لهما، أما ابن أبي الدنيا فقد يدرك العارف المطلع معرفة الكتاب وهو كتاب الصمت له [ص 39، رقم 11]، وأما أبو الشيخ فلا.

[في الكلام عن الربيع بن سعد الجعفى]

ثم إنه ترك عزوه إلى مسند الشهاب للقضاعى الذي سبق له هو أن رتب أحاديثه على حروف المعجم، فإنه خرج هذا الحديث أيضًا من طريق على بن عبد العزيز البغوى في معجمه، قال: حدثنا هارون بن عبد اللَّه ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن عمر بن حفص عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصى عن الزهرى عن أنس به. 3419/ 8747 - "مَنْ سرَّه أن يَنظرَ إلى سيدِ شبابِ أهلِ الجنةِ فلينظُرْ إلى الحسنِ". (ع) عن جابر قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس بمسلم, ففيه الربيع بن سعد الجعفى، قال في الميزان: كوفى لا يكاد يعرف، ثم أورد هذا الخبر مما خرجه أبو يعلى وابن حبان. [في الكلام عن الربيع بن سعد الجعفى] قلت: السكوت عن تقييد ابن حبان في هذا الموطن يوهم أنه خرجه في الضعفاء لأنه هو موضوع كتاب الميزان، والواقع أن الذهبى صرح في الميزان بأن ابن حبان خرجه في صحيحه [15/ 421، رقم 6966]، وزاد الحافظ في اللسان: أنه ذكره في الثقات وأنه روى عنه أيضًا مروان بن معاوية ووكيع -أى مع ابن نُمير- الذي روى عنه هذا الحديث، فهو معروف العين برواية هؤلاء الأكابر عنه، وكذا العدالة لروايتهم أيضًا، ولأنه لم يأت بمنكر بل أتى بما رواه غيره ووافقه عليه الثقات، فإن كون الحسن عليه السلام سيد شباب أهل الجنة مما تواتر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكذا الحسين عليه السلام فتصحيح المصنف مع كونه تابعا أو موافقا لتصحيح ابن حبان هو مسلم من جهة القواعد والشارح يهرف بما لا يعرف.

3420/ 8751 - "مَن سَرَّتْهُ حَسَنَتهُ وسَاءَتْهُ سيئتُهُ فَهُو مُؤمِنٌ". (طب) عن أبي موسى قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وليس كما قال، فقد قال الهيثمى: فيه موسى بن عتيك، وهو هالك في الضعف، نعم رواه الطبرانى عن أبي أمامه باللفظ المذكور، وقال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، فعدول المصنف عن الطريق الصحيحة واقتصاره على الضعيفة من سوء التصرف، ثم ظاهر صنيعه أيضًا أن ذا لم يخرج في أحد دواوين الإسلام الستة، وإلا لما عدل عنه وهو ذهول، فقد خرجه النسائى في الكبرى باللفظ المزبور عن عمر فساق بإسناده إلى جابر بن سمرة أن عمر خطب الناس، فقال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من سرته. . . " إلخ ما هنا، قال الحافظ العراقى في أماليه: صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أحمد في المسند بلفظ: "من ساءته سيئته وسرته حسنته فهو مؤمن"، قال -أعنى العراقى-: حديث صحيح. قلت: فيه من عجره وبجره أمور، الأول: أنه اعترف بصحة متن الحديث من طريقين، من طريق أبي أمامة ومن طريق عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه، ومع هذا رجح فكتب في الصغير أن إسناده ضيعف بناء على غلطه الفاحش في نقل رجل ضعيف من إسناد إلى إسناد كما ستراه. الثانى: قوله: قال الهيثمى [1/ 86]: فيه موسى بن عتيك، كذب على الهيثمى ما قال شيئًا من ذلك في حديث أبي موسى، إنما قاله في حديث على ابن أبي طالب، وأجزم بأنه كذب لا غلط من سبق النظر إلى حديث آخر، لأن ذلك عادة يكون إذا كان الحديثان متلاصقين، والواقع أن بين حديث أبي موسى وحديث على الذي قال فيه الهيثمى ما قال حديث أبي أمامة بروايتيه

في نحو ستة أسطر أو سبعة، فلا معنى للغلط وسبق النظر من حديث في آخر الورقة إلى حديث في أولها تقريبا، وإليك نصه بتمامه: عن أبي موسى رضي اللَّه عنه قال: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: من عمل حسنة فسر بها وعمل سيئة فساءته فهو مؤمن". رواه أحمد والبزار والطبرانى في الكبير، ورجاله رجال الصحيح ما خلا المطلب بن عبد اللَّه فإنه ثقة ولكنه يدلس ولم يسمع من أبي موسى، فهو منقطع. وعن أبي أمامة رضي اللَّه عنه أن رجلا قال: "يا رسول اللَّه ما الإيمان؟ قال: إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن"، رواه الطبرانى في "الكبير"، وله في الأوسط أيضًا قال: قال رجل: "ما الإثم يا رسول اللَّه؟ قال: ما حاك في صدرك فدعه، قال: فما الإيمان؟ قال: من ساءته سيئته فهو مؤمن". رواه الطبرانى في الأوسط وفيه موسى بن عبيدة وهو هالك في الضعف اهـ. الثالث: أن المصنف عزا الحديث للطبرانى في الكبير، وحديث على عزاه الهيثمى للطبرانى في الأوسط. الرابع: أن اسم الراوى الضعيف "موسى بن عبيدة"، تصغير عبدة، والشارح حرفه إلى "عتيك" بالتاء المثناة من فوق بعدها ياء ثم آخره كاف. الخامس: قوله: نعم رواه الطبرانى عن أبي أمامة باللفظ المذكور، كذب سواء على لفظ الكبير الذي هو: "إذا سرتك حسنتك" أو على لفظ الأوسط الذي هو: "من ساءته" كما تقدم، لأن هذا على ترتيب الحروف يجب أن يكون في حرف "من" مع "السين" بعدها ألف ثم همزة، وهذا موضع فيه "أليس" بعدها "الراء".

السادس: قوله: ثم ظاهر صنيع المصنف أيضًا أنه لم يخرج في أحد دواوين الإسلام الستة. . . إلخ يقتضى أن السنن الكبرى للنسائى من الكتب الستة وليس كذلك كما هو معلوم، وإنما الذي من الستة مختصره الذي هو المجتبى المعروف بالسنن الصغرى أيضًا والحديث لم يخرج فيه. السابع: أن حديث عمر طويل، وهو الحديث المشهور في خطبة الجابية وهذا اللفظ وقع أثناءه لا في أوله، والمصنف إنما يورد الحديث بتمامه على حسب ما وقع عند المخرجين, ولفظ خطبة عمر رضي اللَّه عنه بالجابية: "أيها الناس إنى قمت فيكم كمقام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فينا، فقال: أوصيكم بأصحابى ثم الذين يلونهم ثم الذيق يلونهم ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف ويشهد ولا يستشهد، ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان، علمكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبعد، من أراد بحبوبة الجنة فليلزم الجماعة، من سرته حسنته وساءته سيئته فذالكم المؤمن". فهو يقتطع المصنف هذه القطعة من آخر الحديث ويأتى بها على أنها هي الحديث بكماله، فينتقده الشارح أيضًا على هذا الصنيع، إن هذا لعجب. الثامن: عزوه الحديث للسنن الكبرى [5/ 389، رقم 9225] مع أنه ليس من الستة يفيد أنه ليس عند غيره من الستة مع أنه في سنن الترمذى من رواية ابن عمر عن عمر، وفي سنن ابن ماجه من نفس رواية جابر بن سمرة عن عمر، قال ابن ماجه في كتاب الشهادات من سننه [2/ 791، رقم 2363]: ثنا عبد اللَّه بن الجراح ثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال: خطبنا عمر بالجابية، فذكر الحديث. وقال الترمذى [4/ 465، رقم 2165]: حدثنا أحمد بن منيع ثنا النضر بن إسماعيل أبو المغيرة عن محمد بن سوقة

عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر قال: خطبنا عمر بالجابية، فذكر الحديث بطوله، وقد أطلت في ذكر أسانيد هذا الحديث في "وشى الإهاب". 3421/ 8753 - "مَنْ سَكَنَ البَاِديَةَ جَفَا، وَمَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَل وَمَنْ أَتَى السُّلطان افْتَتَنَ". (حم 3) عن أبي عباس قال الشارح: قال (ت): حسن، ونوزع بأن فيه مجهولا. قلت: سبق هذا الحديث بلفظ: "من بدا جفا" وعزاه المصنف إلى الطبرانى في الكبير من حديث ابن عباس فكتب عليه الشارح: إسناده حسن وهنا ينازع الترمذى في تحسينه مع [أن] سند الحديث واحد عند الطبرانى وعند هؤلاء المذكورين هنا، قال أحمد [1/ 357]: حدثنا روح ثنا إسحاق ثنا عمرو ابن دينار (ح). وحدثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا سفيان عن أبي موسى عن وهب بن منبه عن ابن عباس به. وقال أبو داود [3/ 111، رقم 2859]: ثنا مسدد حدثنا يحيى (ح) وقال الترمذى [4/ 523، رقم 2256]: حدثنا محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن بن مهدى (ح) وقال النسائى [7/ 195]: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا عبد الرحمن (ح) وأنبأنا محمد بن المثنى أنا عبد الرحمن (ح) وقال الطبرانى [11/ 56، رقم 11030]: حدثنا محمد بن الحسن بن كيسان ثنا أبو حذيفة، كلهم عن سفيان (¬1) عن أبي موسى به. ¬

_ (¬1) لم يخرجه الطبرانى من طريق محمد بن الحسن بن كيسان، وسند الطبرانى هو: =

فسندهم واحد كما ترى والمجهول المذكور هو أبو موسى شيخ سفيان الثورى. 3422/ 8756 - "مَنْ سَلَكَ طَريقًا يلْتمسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّه لَهُ طِرِيقًا إِلَى الجنَّةِ". (ت) عن أبي هريرة قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن هذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين، وهو عجب من هذا الإمام المطلع، فقد خرجه مسلم بلفظه إلا أنه قال بدل: "يلتمس"، "يطلب"، وما أراه إلا ذهل عنه. قلت: ما ذهل عنه المؤلف فإن صغار طلبة الحديث يعرفون أن هذا الحديث خرجه مسلم، ولكنه أثناء حديث طويل، وقاعدة المصنف إيراد الأحاديث يتمامها على حسب ما وقعت عند المخرجين، وهذه القطعة خرجها الترمذى على أنها حديث مستقل، فقال [5/ 28، رقم 2646]: حدثنا محمود بن غيلان ثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من سلك. . . " وذكره. أما مسلم فقال [4/ 2074، رقم 2699/ 38]: ثنا يحيى بن يحيى التميمى وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء الهمدانى -واللفظ ليحيى- قال يحيى: أنا وقال الآخران: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس اللَّه عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر اللَّه عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره اللَّه في الدنيا والآخرة واللَّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك ¬

_ = حدثنا على بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن أبي موسى اليمانى عن وهب بن منبه عن ابن عباس رفعه: "من بدا جفا" الحديث.

طريقا يلتمس فيه علما سهل اللَّه له به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت اللَّه يتلون كتاب اللَّه ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم اللَّه فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه". وبهذا تعلم أن قول الشارح: إلا أن مسلما قال بدل: "يلتمس"، "يطلب" باطل، فإن لفظه كما في المتن وإنما الفرق ما ذكرناه. وقد أخرجه أيضًا أبو داود [3/ 317، رقم 3641] كما قدمناه قريبًا في حديث: "من ستر أخاه المسلم"، عندما أسخف الشارح على المصنف بنحو هذه السخافة. 3423/ 8757 - "مَنْ سَلمَ عَلى قَومٍ فَقَدْ فَضَلَهُم بعَشرِ حَسَنَاتٍ وَإنْ رَدُّوا عَلِيهِ". (عد) عن رجل قال في الكبير: رواه (عد) من حديث رجاء بن وداع الراسبى عن غالب عن الحسن عن رجل، قال غالب: "بينما نحن جلوس مع الحسن إذ جاء أعرابى بصوت له جهورى كأنه من رجال شنوءة، فقال: السلام عليكم حدثنى أبي عن جدى قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكره، قال ابن عدى: لم يحضرنى له غير هذا الحديث، وضعفه. قلت: هذا كلام غير مفهوم ولا معقول، فإنه جعل الحديث من رواية غالب عن الحسن عن رجل، ثم ذكر بعد ذلك أن الحديث من رواية غالب عن رجل عن أبيه وإنما الحسن كان حاضرا في المجلس، ثم نقل عن ابن عدى أنه قال: لم يحضرنى له غير هذا الحديث، ولم يسم الراوى الذي قال فيه ابن عدى

ذلك، فإن كان رجاء (¬1) بن وداع فإن هذا الاسم غير موجود في الضعفاء وأظنه لم يخلق بعد، وإن كان ذلك في غالب القطان، فالواقع أن ابن عدى روى له أحاديث لا حديثا واحدا، قال الذهبى: غالب بن خطاف القطان البصرى صدوق مشهور روى عن الحسن وابن سيرين، وعنه بشر بن المفضل وابن علية، قال أحمد ثقة تقة، وقال ابن معين: لا أعرفه ساق ابن عدى له أحاديث، وقال: الضعف على أحاديثه بين وفي حديثه النكرة، ثم أورد له أحاديث منها حديث موضوع فقال الذهبى: الآفة فيه من الراوى عنه عمر ابن مختار فإنه منهم بالوضع، فما أنصف ابن عدى في إحضاره هذا الحديث في ترجمة غالب، وغالب من رجال الصحيحين وقد [قال] فيه أحمد كما قدمناه: ثقة ثقة اهـ. فلا أدرى بعدها ما يقول الشارح ولا من أين أتى بما قال. والحديث خرجه أيضًا ابن السنى في عمل اليوم والليلة [ص 73، رقم 209] قال: أخبرنا أبو يعلى ثنا إبراهيم بن الحجاج الشامى ثنا أبو عوانة عن غالب القطان حدثنى رجل على باب الحسن -قد كنت أحفظ اسمه- قال: سلم علينا ثم جلس، قال: ما تدخلون حتى يؤذن لكم قال: قلنا لا قال: حدثنى أبي عن جدى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره بدون قوله: "وإن ردوا عليه"، ولا وجود لرجاء في سنده. ¬

_ (¬1) يل صوابه: "مرحبى بن وداع بن الأسود" وقد ترجم له ابن عدى في الكامل (6/ 446) وذكر له الحديث وقال: ومرحبى هذا لم يحضرنى له غير هذا اهـ. واللَّه أعلم.

3424/ 8759 - "مَنْ سَمَّع سَمَّع اللَّه بهِ، ومَنْ رآءى رآءى اللَّه بهِ". (حم. م) عن ابن عباس قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه، وهو وهم، فقد خرجه البخارى في الرقاق. قلت: البخارى خرج حديث جندب لا حديث ابن عباس، وهما في عرف أهل الحديث حديثان، فلو كان المصنف جاهلا بالفن وعزا الحديث إلى البخارى ومسلم لأتى بأعجوبة، وكان من الكاذبين، نعم كان في إمكانه أن يرمز له بعد ابن عباس بعلامة البخارى عن جندب كما يفعل كثيرا، لكنه لم يفعل هنا، فكان ماذا؟ قال البخارى [8/ 130، رقم 6499]: حدثنا مسدد ثنا يحيى عن سفيان حدثنى سلمة بن كهيل وحدثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل قال: "سمعت جندبا يقول: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: من سمع سمع اللَّه به ومن يرائى يراءى اللَّه به". رواه أيضًا مسلم [4/ 2289، رقم 2987/ 48] (¬1) وأبو نعيم في [4/ 301]. وفي الباب عن أبي سعيد الخدرى، قال أبو نعيم في مسند فراس: ثنا أبو بكر الطلحى ثنا على بن العباس ثنا محمد ابن العلاء (ح) وثنا سليمان بن أحمد ثنا محمد بن محمد بن عقبة ثنا أبو كريب (ح) وثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد اللَّه بن أحمد حدثنى أبي (ح) وثنا نذير بن جناح ثنا محمد بن محمد بن عقبة ثنا محمد بن العلاء (ح) ¬

_ (¬1) بلفظ: "من يسمع يسمع اللَّه به. . ".

وحدثنا أحمذ بن سليمان بن شعيب الولاءى ثنا على بن سعيد العسكرى ثنا حميد بن الربيع قالا: حدثنا معاوية بن هشام ثنا شيبان عن فراس عن عطية عن أبي سعيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من سمع سمع اللَّه به، ومن رائا رائا اللَّه به". وعن أبي بكرة مثله، رواه أحمد [5/ 45] والبزار والطبرانى [12/ 27، رقم 12371] بأسانيد حسان وعن غيرهم. 3425/ 8767 - "مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ أَتَى عَطْشَانَ يَوْمَ القِيَامَةِ". (حم) عن قيس بن سعد وابن عمرو قال في الكبير: عن قيس بن سعد وعن ابن عمرو، ثم قال: رمز لحسنه، قال الزين العراقى: فيه من لم يسم، وقال تلميذه الهيثمى: فيه من لم أعرفهم. قلت: فيه أمران، أحدهما: زيادته كلمة "عن" بين الصحابيين تفيد على اصطلاح أهل الحديث أن أحمد وأبا يعلى -الذي زاده هو- خرجاه بإسنادين [مختلفين] عن الصحابيين، والواقع ليس كذلك، بل الحديث بإسناد واحد عن الصحابيين كما سأذكره. وثانيهما: أن الهيثمى لم يقل ما تقله عنه الشارح، بل قال [5/ 70] ما نقله الشارح عن العراقى، وأخشى أن يكون العراقى لم يقل شيئًا، وإنما هو مقال الهيثمى، ولفظه عن أبي تميم الجيشانى أنه سمع قيس بن سعد بن عبادة الأنصارى وهو على مصر يقول: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" فذكر الحديث، قال: وسمعت عبد اللَّه بن عمرو بعد ذلك يقول مثله. رواه أحمد [3/ 422] وأبو يعلى [3/ 26، رقم 1436]، وفيه رواه لم يسم اهـ.

3426/ 8768 - "مَنْ شَرِبَ خَمْرًا خَرَجَ نُورُ الإِيمَانِ مِنْ جَوْفِهِ". (طس) عن أبي هريرة قال في الكبير: لفظ رواية الطبرانى: "أخرج اللَّه نور الإيمان"، ثم قال: قال الزين العراقى في شرح الترمذى: إسناده ضعيف، وقال الهيثمى: فيه من لم أعرفهم، وقال المنذرى: ضعيف، وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه. قلت: أولا: لفظ الحديث عند الطبرانى كما ذكره المصنف لا كما زعمه الشارح وكذلك نقله الحافظ المنذرى في الترغيب، والحافظ الهيثمى في الزوائد. وثانيا: المصنف رمز لهذا الحديث بعلامة الضعيف على ما في النسخ المطبوعة. وثالثا: وحتى لو فرضنا أنه رمز له بعلامة الحسن، فهو كذلك وفوق ذلك لشواهده الصحيحة، منها الحديث المتواتر: "لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن"، ومنها حديث أبي هريرة أيضًا: "من زنى أو شرب الخمر نزع اللَّه منه الايمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه". صححه الحاكم [1/ 22، رقم 57]. وقال أبو الحسين على بن محمد بن بشران في الأول من فوائده: حدثنا على بن محمد المصرى ثنا محمد بن عمرو بن خالد ثنا سعيد بن المسيب ابن موسى ثنا مؤمل عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من شرب الخمر فقد كفر باللَّه عَزَّ وَجلَّ".

3427/ 8769 - "مَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا ما كَانَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاةً أَرْبَعينَ صَبَاحًا". (طب) عن السائب بن يزيد قال في الكبير: وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلى، وهو متروك، وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه، وقضية تصرف المصنف حيث عدل للطبرانى واقتصر عليه أنه لم يروه مخرجًا في شيء من دواوين الإسلام الستة وهو ذهول، فقد خرجه الترمذى والنسائى وابن ماجه في الأشربة الأول عن ابن عمرو بن العاص الكل مرفوعًا بلفظ: "من شرب الخمر لم يقبل اللَّه له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب اللَّه عليه" هذا لفظهم، ثم زادوا فيه بعده. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: وفيه يزيد بن عضد الملك متروك وبه يعرف. . . إلخ، باطل من وجهين، أحدهما: أن يزيد بن عبد الملك قال فيه ابن معين: ما كان به بأس رواه عثمان الدارمى عنه، وقال ابن سعد: كان جلدا صارما ثقة، وروى له ابن حبان في الصحيح مقرونا وإن ذكره في الضعفاء. ثانيهما: أن الحديث له طرق متعددة بلغت حد التواتر على شرط من يكتفى فيه بعشرة، فقد روى أيضًا من حديث عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وعبد اللَّه ابن عمرو بن العاص وأبي سعيد الخدرى وأنس بن مالك وابن عباس وأسماء بنت يزيد وأبي ذر الغفارى وعياض بن غنم ولبعض هؤلاء طرق متعددة عنهم، فمن نظر إلى هذه الطرق مع توثيق ابن سعد وابن معين ليزيد بن عبد الملك، جزم بصحة الحديث فضلا عن حسنه. فحديث ابن عمر ورد عنه من طرق، من رواية عبيد بن عمير ومجاهد وخيثمة ابن عبد الرحمن ونافع مولاه.

فرواية عبيد بن عمير رواها أبو داود الطيالسى [ص 258، رقم 1901]: ثنا همام عن عطاء بن السائب عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن أبيه عن ابن عمر قال: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب اللَّه عليه، وإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن عاد الرابعة لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب اللَّه عليه وكان حقا على اللَّه أن يسقيه من طينة الخبال، قال: يا أبا عبد الرحمن وما طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار". ورواه أحمد عن عبد الرزاق [2/ 35]: ثنا معمر عن عطاء بن السائب به مختصرا، لم يذكر الثانية والثالثة والرابعة، بل قال من أول مرة: "فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن عاد كان حقا على اللَّه" الحديث، ووقع عنده في الإسناد عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن ابن عمر دون ذكر أبيه. ورواه الترمذى عن قتيبة بن سعيد [4/ 290، رقم 1862]: ثنا جرير عن عطاء بن السائب به مطولا، ثم قال: حديث حسن. ورواية مجاهد وردت عنه من أربعة طرق، الأول: من رواية يزيد بن أبي زياد. قال الطبرانى: حدثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد حدثنا خالد عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد اللَّه بن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من شرب الخمر فجعلها في بطنه لم تقبل له صلاة سبعا، فإن مات فيهن مات كافرا، فإذا أذهبت عقله

عن شيء من الفرائض لم تقبل منه صلاة أربعين يوما، وإن مات فيها مات كافرا (¬1) ". يزيد بن أبي زياد، وقد قيل: عنه عن مجاهد عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص كما سيأتى. الثانى: من رواية الأعمش. قال الدارقطنى في "العلل" أو "الأفراد": حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا ثنا عباد بن يعقوب أنبأنا عمرو بن ثابت عن الأعمش عن مجاهد به مرفوعًا: "من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن مات فيها مات كافرا، ما دام في عروقه منها شيء"، إسناده لا بأس به، وإن تكلم في عباد وشيخه من أجل التشيع والرفض. الثالث: يونس بن خباب، قال البزار: حدثنا عمر بن محمد بن الحسن الأسدى ثنا أبي ثنا فطر بن خليفة عن يونس ابن خباب عن مجاهد به، بلفظ: "من سكر من الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن مات فيها مات كعابد الوثن" (¬2)، يونس بن خباب ضعفوه لأجل الرفض أيضًا. الرابع: فضيل بن عمرو، لكنه وقفه. قال النسائى [8/ 316]: أخبرنا أبو بكر بن على ثنا سريج بن يونس ثنا يحيى ¬

_ (¬1) لم أجده عن معاذ بن المثنى، وإنما هو (12/ 404، رقم 13492) عن الحسين ابن إسحاق التسترى، ثنا واصل بن عبد الأعلى، ثنا محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد به. (¬2) انظر كشف الأستار (3/ 353، رقم 2924)، مختصر الزوائد (1/ 626، رقم 1123).

ابن عبد الملك عن العلاء، وهو ابن المسيب عن فضيل عن مجاهد عن ابن عمر قال: "من شرب الخمر فلم ينتش لم تقبل له صلاة ما دام في جوفه أو عروقه منها شيء، وإن مات مات كافرا، وإن انتشى لم تقبل له صلاة أربعين ليلة وإن مات فيها مات كافرا". ورواية خيثمة بن عبد الرحمن خرجها الدارقطنى أيضًا، قال: أنبأنا عبد اللَّه بن محمد ثنا منصور بن مزاحم ثنا أبو شيبة عن الحكم عن خيثمة ابن عبد الرحمن عن عبد اللَّه بن عمر مرفوعًا: "من شرب الخمر ظل يومه مشركا ومن سكر منها لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن مات مات كافرا"، أبو شيبة هو جد الحافظ أبي بكر بن أبي شيبة ضعفوه لتشيعه. ورواية نافع قال أبو سعيد بن الأعرابى في معجمه: حدثنا جعفر بن برد ثنا محمد بشار العدنى بصنعاء عن بكر بن الشرود عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: "من شرب مسكرا لم تقبل صلاته ما دام في بطنه منه قطرة"، بكر بن الشرود كذبوه. وحديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص ورد عنه من طرق من رواية الوليد بن عبادة وابن الديلمى ونافع بن عاصم وعمرو بن شعيب عن أبيه، ومجاهد وفضيل بن عمرو موقوفًا فرواية الوليد بن عبادة قال الدارقطنى في السنن [4/ 247]: حدثنا أبو بكر النيسابورى وأبو عمر القاضى قالا: حدثنا على بن أشكاب ثنا محمد بن ربيعة ثنا الحكم بن عبد الرحمن ثنا ابن أبي نعم عن الوليد بن عبادة قال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو بن العاص يقول: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: الخمر أم الخبائث ومن شربها لم يقبل اللَّه منه صلاة أربعين يوما، فإن مات وهى في بطنه مات ميتة الجاهلية"، واللفظ لأبي عمر القاضى.

ورواه القضاعى في مسند الشهاب من طريق الدارقطنى [1/ 68، رقم 57] فقال أخبرنا أبو ذر عبد بن أحمد إجازة أنا الدارقطنى به، لكنه اقتصر على قوله: "الخمر أم الخبائث". ورواه الطبرانى في الأوسط: حدثنا شباب بن صالح ثنا محمد بن حرب النسائى حدثنا محمد بن ربيعة الكلابى عن الحكم بن عبد الرحمن به. ورواية ابن الديلمى قال أحمد [2/ 197]: حدثنا أبو المغيرة ثنا محمد بن مهاجر أخبرنا عروة بن رويم عن ابن الديلمى الذي يسكن بيت المقدس عن عبد اللَّه بن عمرو قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا يشرب الخمر أحد من أمتى فيقبل اللَّه منه صلاة أربعين صباحا". رواه الدارمى [2/ 111] من طريق الأوزاعى عن ربيعة بن يزيد عن عبد اللَّه ابن الديلمى به مطولا. وكذلك رواه ابن ماجه [2/ 1120، رقم 3377] عن عبد الرحمن بن إبرهيم الدمشقى: ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعى به مطولا أيضًا. وقال أبو شعيب الحرانى حدثنا يحيى بن أبي كثير ثنا الأوزاعى به. ورواه الطبرانى في الكبير: حدثنا محمد بن نصر العطار ثنا هشام بن عمار ثنا عمرو بن واقد حدثنى يحيى ابن سليم عن أبي سلام الحبشى عن ابن الديلمى به. ورواية نافع بن عاصم قال الطبرانى أيضًا: حدثنا على بن عبد العزيز ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا يعلى بن عطاء عن نافع بن عاصم عن عبد اللَّه بن عمرو به.

ورواية عمرو بن شعيب أخرجها المحاملى في أماليه من طريق يزيد بن هارون: أنبأنا محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به. ورواية مجاهد أخرجها النسائى [8/ 316] من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد اللَّه بن عمرو به. ورواية فضيل بن عمرو أخرجها الطبرانى في الكبير: من طريق جرير بن حارم عن مغيرة عنه عن عبد اللَّه بن عمرو قال: إنى أجد في الكتاب المنزل: "من شرب الخمر فلم يسكر لم تقبل له صلاة سبعا، فإن مات فيها مات كافرا"، هكذا وهو منقطع، وقد سبق أنه رواه عن مجاهد عن ابن عمرو. وحديث أبي سعيد الخدرى قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 140]: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا أبو العباس الحمال ثنا العباس بن الوليد ابن مرداس ثنا يحيى بن سعيد عن خالد بن حيان عن بدر بن راشد عن الحسن عن أبي سعيد قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من شرب مسكرا نجس ونجست صلاته أربعين يوما فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن عاد في الرابعة كان حقا على اللَّه أن يسقيه طينة الخبال، قيل: وما طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار". طريق آخر للحديث بنحو معناه قال عبد بن حميد [2/ 303، رقم 983]: ثنا خالد بن مخلد ثنا سليمان بن بلال حدثنى إسماعيل بن رافع عن سليمان مولى سعيد عن أبي سعيد مرفوعًا "لا يقبل اللَّه لشارب الخمر صلاة ما دام في جسده منها شيء". وحديث أنس، قال أبو طاهر المخلص:

حدثنا أبو على إسماعيل بن العباس الوراق ثنا حفص بن عمر أبو عمر الربالى البصرى ثنا أبو سحيم المبارك بن سحيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس مرفوعًا: "من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب اللَّه عليه، فإن عاد الثانية لم تقبل له صلاة أربعين ليلة"، الحديث إلى أن قال: "فإن عاد الرابعة كان حقا على اللَّه إن يسقيه من طينة الخبال". المبارك بن سحيم ضعيف. وحديث ابن عباس ورد عنه من طريقين، أحدهما: من رواية شهر بن حوشب، والثانى: من رواية عطاء بن أبي رباح. قال الطبرانى [12/ 249، رقم 13015]: حدثنا عبدان بن أحمد ثنا عمرو ابن عثمان ثنا بقية حدثنى عتبة بن أبي حكيم عن شهر بن حوشب عن ابن عباس به مرفوعًا. وقال أيضًا [11/ 192، رقم 11465]: حدثنا الحسين بن إسحاق التسترى ثنا إسماعيل بن إبراهيم الترجمانى ثنا حكيم بن نافع عن خصيف عن عطاء عن ابن عباس به. وحديث أسماء بنت يزيد قال أحمد [6/ 460]: حدثنا داود بن مهران الدباغ ثنا داود -يعنى العطار- عن ابن خيثم عن شهر ابن حوشب عن أسماء بنت يزيد أنها سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولفظه: "من شرب الخمر لم يرض اللَّه عنه أربعين ليلة، فإن مات مات كافرا، وإن تاب تاب اللَّه عليه، وإن عاد كان حقا على اللَّه أن يسقيه من طينة الخبال، قالت: قلت: يا رسول اللَّه وما طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار". وقال أبو القاسم المؤمل بن أحمد الشيبانى في فوائده: ثنا ابن صاعد ثنا محمد بن منصور الجرار المكى ثنا يحيى بن سليم عن

عبد اللَّه بن عثمان بن خيثم به، ثم قال: هذا حديث عال حسن الإسناد. وقال أبو الليث السمرقندى في "تنبيه الغافلين" [ص 117، رقم 356]: حدثنا منصور بن جعفر، وهو أبو نصر الدبوصى بسمرقند حدثنا أبو القاسم أحمد بن محمد حدثنا عيسى بن أحمد ثنا على بن عاصم عن عبد اللَّه بن عثمان بن خيثم به. وحديث أبي ذر قال أحمد [5/ 171]: حدثنا مكى بن إبراهيم ثنا عيد اللَّه بن أبي زياد عن شهر بن حوشب عن ابن عم لأبى ذر عن أبي ذر مرفوعًا: "من شرب الخمر لم يقبل اللَّه له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب اللَّه عليه" الحديث، وكذا رواه البزار والطبرانى. وحديث عياض بن غنم قال أبو يعلى [12/ 207، رقم 6827]: حدثنا الحكم بن موسى ثنا هقل بن زياد عن المثنى عن أبي الزبير عن شهر بن حوشب عن عياض بن غنم به مرفوعًا، والمثنى بن الصباح متروك. وحديث أبي هريرة رواه الرشاطى في الانتساب من طريق أبي مسلم الكشى: أنا محمد بن أبي بكر المقدمى ثنا محمد بن على الساجى ثنا أبو عمران الجونى عن رجل عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة به، وفيه قصة طويلة، لعلها مركبة، وقد ذكرها ابن الأبار في معجم أصحاب الصدفى في ترجمة الرشاطى بسنده إليه، ثم قال: وهذا الخبر أورده الرشاطى -كما سقته- في باب الحنبلى من كتابه، وهو مما نقد ابن عطية في أشباه له عليه، واعتقد جميعها فكاهات نسبها إليه، بل جعلها حكايات غثة، وقال: هي لغو وسقط، لا يحل أن تقرأ في جوامع المسلمين. الثانى: قول الشارح: وقضية تصرف المصنف. . . إلخ باطل أيضًا، فإنه لم

يخرجه أحمد بهذا اللفظ أصلا، وصضيع المصنف قدمناه أكثر من ألف مرة أنه يقتصر في العزو على من خرج اللفظ المذكور. الثالث: قوله: فقد خرجه الترمذى. . .إلخ باطل، فإن الترمذى لم يخرجه من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، إنما خرجه من حديث عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب -كما قدمناه-. الرابع: قوله: وابن ماجه في الأشربة الأول، كلام باطل لا معنى له، فإنه ليس لابن ماجه في سننه إلا كتاب واحد للأشربة، هو الأول والآخر. الخامس: قوله: هذا لفظهم ثم زادوا فيه بعده، كلام غير معقول، ولا متصور معناه، بل هو من الطرف والمضحكات. 3428/ 8776 - "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ". (خ) عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه أيضًا أحمد والطبرانى بهذه الزيادة، قال الهيثمى: ورجاله موثقون إلا أن حمادا شك في وصله وأرساله، وقال في اللسان في ترجمة عبد اللَّه العمرى بعد ما نقل عن النسائى أنه رماه بالكذب: ومن مناكيره هذا الخبر، قال: تفرد العمرى بقوله: "وما تأخر"، وقد رواه الناس بدونها. قلت: فيه خبط وتخليط، وذكر ما ليس له أصل، وذلك يتضح من وجوه، الأول: أن أحمد والطبرانى لم يخرجا حديث ابن عباس، وإنما خرج حديث أبي هريرة، وهما حديثان متغايران في عرف أهل الحديث، حتى إنهم يحكمون على الحديثين من هذا القبيل بأن أحدهما صحيح والآخر موضوع مع أن المتن واحد، وما ذلك إلا لاعتبارهم التباين التام بينهما من جهة الإسناد.

الثانى: أن عبد اللَّه العمرى الموهوم المزعوم لا وجود له في سند الحديث أصلا، لا حديث ابن عباس الذي ذكره المصنف، ولا حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الشارح. أما حديث ابن عباس فقال الخطيب [6/ 181، 182]: أخبرنى الحسن بن محمد الخلال حدثنا أحمد بن جعفر القطيعى إملاء حدثنا بشر بن موسى ثنا إبراهيم بن منصور بن موسى السامرى ثنا على بن سعيد الباهلى ثنا حماد بن أبي سليمان عن الضحاك بن مزاحم عن عبد اللَّه بن عباس به. وأما حديث أبي هريرة فقال أحمد [2/ 385]: حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنبأنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، قال حماد وثابت: عن الحسن عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من حام" وذكره، هكذا وقع في الأصل المطبوع: قال حماد وثابت بواو العطف، ولكن الحافظان المنذرى والهيثمى حكيا أن حمادا شك في وصله وإرساله، فكأنه ساقط من الأصل المطبوع الألف أو زيد في أصلهما واللَّه أعلم. الثالث: أن عبد اللَّه العمرى هذا غير موجود في اللسان أيضًا، فليس فيه ترجمة لمخلوق اسمه عبد اللَّه العمرى ذكر فيه هذا الحديث (¬1)، والكلام عليه فلا أدرى من أى كتاب أتى به الشارح ولا من أى ترجمة، وعلى كل فهو أجنبى عن هذا الحديث. الرابع: لا أدرى كيف يجترئ الشارح على مثل هذه الأغاليط بعد أن ينقل عن ¬

_ (¬1) بل ذكره في اللسان (4/ 112، رقم 229) واسمه عبيد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز العمرى، وذكر له هذا الحديث، وذكر ما نقله عنه الشارح بتمامه.

مثل الحافظ الهيثمى أن رجال الحديث موثقون؟! وهو يزعم أن فيه عبد اللَّه العمرى الذي رماه النسائى بالكذب. الخامس: ذكر أسماء الرجال هكذا مقتطعة بدون أسماء الآباء دليل على عدم الإتقان لما يقال وأن الرجل ليس له حظ في التحقيق، هذا وحديث أبي هريرة ورد بزيادة "وما تأخر" من غير طريق حماد الذي شك في وصله وإرساله. قال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [1/ 132]: ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب أبو بكر ثنا أحمد بن الحسين الأنصارى ثنا محمد ابن زنبور أبو صالح الأبطحى ثنا إسماعيل بن جعفر ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. 3429/ 8777 - "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَه ستًا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَام الدَّهْرِ". (حم. م. 4) عن أبي أيوب قال في الكبير: قال الصدر المناوى: وطعن فيه من لا علم عنده، وغره قول الترمذى: حسن، والكلام في راويه سعد بن سعيد، واعتنى العراقى بجمع طرقه، فأسنده عن بضعة وعشرين رجلا، رووه عن سعد بن سعيد، أكثرهم حفاظا أثبات. قلت: الترمذى قال عن الحديث: حسن صحيح -كما في نسختنا- وسعد ابن سعيد تابعه عليه أخواه عبد ربه ويحيى وصفوان بن سليم وزيد بن أسلم ومحمد بن عمرو على اختلاف في ذلك، وله شواهد من حديث جابر وثوبان وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر وغنام والبراء بن عازب وشداد بن أوس وأنس بن مالك وأسماء بنت حارثة، وقد ذكر المصنف أقل من هذا العدد، وحكم عليه لأجلهم بالتواتر.

أما الرواة الذين رووه عن سعد بن سعيد فوقع لى منهم نحو ما وقع لى للحافظ العراقى على قلة الأصول في هذا الوقت، فقد وجدته من طريق أبي معاوية، وورقاء بن عمر، وعبد اللَّه بن نمير، وعبد العزيز الدراوردى، والحسين بن حى، وسفيان الثورى، وروح بن القاسم، وعبد ربه بن سعيد، وقرة بن عبد الرحمن، وسفيان بن عيينة، وحفص ابن غياث، وابن جريج، ويحيى بن سعيد، وحمزة بن ثابت، وعتبة بن خالد، وإسماعيل بن جعفر، وابن المبارك، ومحاضر بن المورع. فرواية أبي معاوية عند أحمد [5/ 417] والترمذى [3/ 123، رقم 759]. ورواية ورقاء عند أبي داود الطيالسى [ص 81، رقم 594]، ومحمد بن يحيى الذهلى في جزئه عنه، والطحاوى في "مشكل الآثار" (3/ 117) [6/ 121، رقم 2340]، وأبي نعيم في الأمالى. ورواية ابن نمير عند أحمد [5/ 419] ومسلم [2/ 822، رقم 1164/ 204] وابن ماجه [1/ 547، رقم 1716]. ورواية الدراوردى عند الدارمى [2/ 21] وأبي داود [2/ 336، رقم 2433] ورواية الحسن بن حى وسفيان الثورى عند الخطيب في التاريخ (3/ 57). ورواية روح بن القاسم عند الطبرانى في الصغير في عبيد اللَّه بن عبد الرحمن (¬1) [1/ 397، رقم 664]. ورواية عبد ربه بن سعيد، وقرة بن عبد الرحمن، وسفيان بن عيينة، وحفص بن غياث كلها عند الطحاوى في "مشكل الآثار" (¬2). ¬

_ (¬1) رواه في عبيد اللَّه بن محمد بن شبيب، وليس في عبيد اللَّه بن عبد الرحمن، وعبيد اللَّه بن عبد الرحمن في الحديث الذي قبله. (¬2) رواية عبد ربه بن سعيد (6/ 119، رقم 2337)، و (6/ 124، رقم 2347)، ورواية قرة (6/ 121، رقم 2341)، ورواية سفيان (6/ 122، رقم 2342)، ورواية حفص (6/ 123، رقم 2345).

ورواية ابن جريج، ويحيى بن سعيد، وحمزة بن ثابت ذكرها أبو نعيم في الأمالى. ورواية عتبة بن خالد محند عبد العزيز بن مردك في فوائده تخريج الدارقطنى. ورواية إسماعيل بن جعفر، وابن المبارك عند مسلم في الصحيح (¬1). ورواية محاضر بن المورع عند البيهقى في السنن [4/ 292]. أما المتابعون لسعد بن سعيد، فمتابعة صفوان بن سليم عند الدارمى [2/ 21]، وأبي داود [2/ 336، رقم 2433]، وأبي نعيم في الأمالى، وابن النقور في فوائده، ومتابعة الباقين كلها عند الطحاوى في "مشكل الآثار" (¬2). 3430/ 8781 - "مَنْ صَامَ يومَ عرفةَ غَفَر اللَّه له سَنتَيْن، سنةً أمَامَه، وسَنة خَلفَه". (هـ) عن قتادة بن النعمان قال في الكبير: رمز المصنف لصحته مع أن فيه هشام بن عمار، وفيه مقال سلف، وعياض بن عبد اللَّه قال في الكاشف: قال أبو حاتم: ليس بقوى. قلت: فيه أمور، الأول: أن هشام بن عمار ثقة من رجال الصحيح احتج به البخارى في صحيحه. الثانى: أن عياض بن عبد اللَّه المذكور في سند هذا الحديث غير عياض بن عبد اللَّه الذي قصد الشارح، فالمذكور في السند عياض بن عبد اللَّه بن سعد ابن أبي سرح، تابعى ثقة متفق عليه احتج به الجميع، والذي قصده الشارح ¬

_ (¬1) رواية إسماعيل بن جعفر (2/ 822، رقم 1164/ 204). (¬2) الشكل (6/ 122، 123، رقم 2343، 2344).

عياض بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن الفهرى، متأخر عن الأول، يروى عن الزهرى وطبقته، وهو وإن قال فيه أبو حاتم: ليس بقوى، فهو ثقة احتج به مسلم فهو من رجال الصحيح أيضًا. الثالث: وهو من العجائب، أن في السند رجلا مشهور بالضعف، وهو إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة، لم يتعرض له الشارح بسوء. قال ابن ماجه [1/ 551، رقم 1731]: حدثنا هشام بن عمار ثنا يحيى بن حمزة عن إسحاق بن عبد اللَّه عن عياض بن عبد اللَّه عن أبي سعيد الخدرى عن قتادة بن النعمان. فأخذ الشارح هشام بن عمار الثقة، ثم طفر الى ابن عياض بن عبد اللَّه الثقة، وترك ما بينهما، وهو إسحاق بن عبد اللَّه الضعيف، وهكذا الفضول ودخول المرء فيما لا يعرف. 3431/ 8783 - "مَنْ صَامَ يَوْمًا تَطَوُّعًا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيهِ أَحَدٌ لَمْ يَرْض اللَّهُ لَهُ بِثَوابٍ دُونَ الجَنَّةِ". (خط) عن سهل بن سعد قال في الكبير: وفيه عصام بن الوضاح. قال الذهبى: له مناكير، قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. قلت: هذا مثل الذي قبله تقريبا، فعصام المذكور روى هذا الحديث عن أحد مشاهير الوضاعين الذين يعرفهم طلبة الحديث وهو سليمان بن عمرو النخعى الوضاع، فترك الشارح تعليل الحديث به وعلله بالراوى عنه، نعم ورد الحديث من غير طريقهما معا من حديث أبي هريرة، وإن كان عصام رواه أيضًا عن سليمان بن عمرو النخعى عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير اليزنى عن أبي هريرة بنفس سند الخطيب الذي روى به حديث سهل بن سعد، قال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [2/ 360]:

ثنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ثنا يحيى بن حاتم العسكرى ثنا أبي ثنا بشر بن مهران عن الأوزاعى عن الزهرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من صام يوما سرا لا يعلم به أحد لم يرض اللَّه له ثوابا إلا الجنة، ومن صلى على عشرة كتب له به براءة من النار". 3432/ 8785 - "مَنْ صَامَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ شَهْرٍ حَرَامٍ: الخَمِيسَ وَالجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ كُتِبَ لَهُ عِبَادَةُ سَنَتَينِ" (طس) عن أنس قال في الكبير: رواه (طس) من حديث يعقوب بن موسى المدنى عن مسلمة عن أنس. قال الهيثمى: ويعقوب مجهول، ومسلمة إن كان الخشنى، فهو ضعيف، وإن كان غيره فلم أعرفه. قلت: ما قال الحافظ الهيثمى هذا، بل قال [3/ 191]: ومسلمة هو ابن راشد الحمانى، قال فيه أبو حاتم: مضطرب الحديث، وقال الأزدى: نجيح في الضعفاء لا يحتج به، وأورد له هذا الحديث، وأبوه راشد بن نجيح أبو محمد الحمانى أخرج له ابن ماجه، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما أخطأ، وقال ابن الجوزى: إنه مجهول، وليس كما قال فقد روى عنه حماد بن يزيد وابن المبارك وأبو نعيم الفضل بن دكين وآخرون، هذا كله كلام الحافظ الهيثمى في باب "الصيام في شهر اللَّه المحرم والأشهر الحرم"، فلا أدرى من أين نسب إليه الشارح ما حكاه عنه؟ (¬1). ¬

_ (¬1) قال الهيثمى في المجمع (3/ 191) بعد أن ذكر الحديث عن أنس: رواه الطبرانى في الأوسط عن يعقوب بن موسى المدنى عن مسلمة، ويعقوب مجهول، ومسلمة هو =

ثم إن مسلمة بن راشد رواه عن أبيه كما ترى الهيثمى يتكل عليهما معا، والشارح زعم أنه رواه عن أنس، هذا وما جزم به الحافظ الهيثمى من أن المذكور في سند هذا الحديث هو ابن راشد الحمانى كذلك في الميزان ولسانه عن كتب الأقدمين أن يعقوب بن موسى يروى عن مسلمة بن راشد الحمانى، ولكنى وجدت الحديث في "تاريخ واسط لأسلم بن سهل"، صرح فيه بخلاف ذلك، فقال [ص 58]: حدثنا محمد بن يحيى بن ضريس ثنا يعقوب بن موسى ثنا مسلمة بن راشد بن معبد عن أبيه عن أنس به. وقال: "كتب له عبادة سنة"، قال راشد: صمت أذناى إن لم أكن سمعته من أنس، وقال أنس: صمت أذناى إن لم كن سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وراشد بن معبد هذا اختلفوا فيه، وتناقض فيه ابن حبان فذكره في الثقات وفي الضعفاء، وقال: روى موضوعات، وقال أبو داود: لا بأس به، وقال الحاكم: روى عن أنس أحاديث موضعوعة، وضعفه آخرون، ولم يذكروا من الرواة عنه ابنه مسلمة، فلا أدرى كيف وقع في هذا إن لم يكن لفظ ابن معبد سبق لسان من بعض الرواة؟ ¬

_ = ابن راشد. . إلخ اهـ. فالظاهر أن الشارح نقل كلام الهيثمى في يعقوب فقط ثم أردفه بتعليتة هو، واللَّه أعلم.

3433/ 8787 - "مَنْ صَبَرَ عَلَى القُوت الشَّدِيدِ صَبْرًا جَمِيلا أَسْكَنَهُ اللَّهُ مِنَ الفِرْدَوْسِ حَيْثُ شَاء". أبو الشيخ عن البراء قال في الكبير: فيه إسماعيل بن عمرو البجلى، قال الذهبى: ضعفوه، وفضيل بن مرزوق ضعفه ابن معين وغيره، فظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه غير أبي الشيخ، مع أن الطبرانى خرجه باللفظ المزبور عن البراء المذكور، قال الهيثمى: وفيه إسماعيل البجلى ضعفه الجمهور، وبقية رجاله رجال الصحيح. قلت: فضيل بن مرزوق [من] رجال مسلم، والحديث لم يخرجه الطبرانى باللفظ المذكور. 3434/ 8796 - "مَنْ صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَة فَقد أَخَذَ بحَظِّه مِنْ لَيْلَةِ القَدْرِ". (طب) عن أبي أمامة قال الشارح: بإسناد ضعيف خلافا للمؤلف. وقال في الكبير: مستنده في هذا التعقب، بأن فيه مسلمة بن على وهو ضعيف. قلت: وهو وإن كان ضعيفا إلا أن حديثه هذا حسن المتن، لوروده من وجوه أخرى قد ذكر الشارح بعضها منها أنه في الموطأ بلاغا عن سعيد بن المسيب، ومنها أن الخطيب أخرجه في "التاريخ" [5/ 330] في ترجمة محمد بن سويد الزيات من طريق الصلت بن الحجاج الأسدى: حدثنا محمد بن جحادة عن أنس مرفوعًا: "من صلى ليلة القدر العشاء والفجر في جماعة فقد أخذ من ليلة القدر بالنصيب الأوفر".

ومنها ما أخرجه الذهبى في الميزان من طريق محمد بن عبد الملك الدقيقى: ثنا أبو على الحنفى أنبأنا فرقد بن الحجاج سمعت عقبة بن أبي الحسناء سمعت أبا هريرة مرفوعًا: "من صلى في رمضان عشاء الآخرة في جماعة فقد أدرك ليلة القدر". قال الذهبى بعد أحاديث بهذا الإسناد: هذه نسخة حسنة وقعت لى، وغالب أحاديثها محفوظة اهـ. فالمتن إذا حسن كما قال المصنف. 3435/ 8801 - "مَنْ صَلَّى قَبْلَ العَصْرِ أَرْبَعًا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ" (طب) عن ابن عمرر قال في الكبير: رمز لحسنه، قال الهيثمى: فيه أبو عبد الكريم ضعيف، وعزاه في موضع آخر إلى أوسط الطبرانى، وقال: فيه حجاج بن نصير الأكثر على ضعفه. قلت: الحديث من رواية حجاج بن نصير عن اليمان بن المغيرة عن عبد الكريم أبي أمية عن مجاهد عن عبد اللَّه بن عمرو به مطولا في "فضل لا إله إلا اللَّه"، وهو حديث حسن كما قال الشارح لأن حجاجا المذكور صدوق فحديثه حسن وعبد الكريم من شيوخ مالك لم يتهم بالكذب، وقد روى له البخارى تعليقا ومسلم متابعة فحديثه إلى الحسن أقرب، فإذا وردت له شواهد ومتابعات ارتقى إلى الحسن ولابد. ولهذا الحديث شواهد كثيرة حسنة وصحيحة وفيها مقال وكلها شاهدة للحديث ومن ذلك ما قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 175]: حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن إبراهيم بن عامر ثنا أبي [ثنا محمد بن

إبراهيم المدنى أبو عبد الرحمن حدثنى أبي] (¬1) عن عبد اللَّه بن جعفر عن على قال: "سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: أربع ركعات من صلاهن قبل العصر حرمه اللَّه على النار". 3436/ 8802 - "مَنْ صَلَّى بَعْدَ المَغْرِبِ رَكْعَتَينِ قَبْلَ أَنْ يَتكَلَّمَ كُتِبَتَا فِي عِلِّيِّين". (عب) عن مكحول مرسلا قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا ابن أبي شيبة وعبد الرزاق، ورواه في مسند الفرودس مسندا عن ابن عباس. . . إلخ. قلت: قوله: ورواه أيضًا ابن أبي شيبة وعبد الرزاق، لا يخفى ما فيه وكأنه ذهول، فإن المصنف عزاه لعبد الرزاق فلا معنى لاستدراكه. والحديث خرجه أيضًا محمد بن نصر المروزى في "قيام الليل" قال: حدثنا محمد بن يحيى أخبرنا أبو صالح حدثنى الليث حدثنى يحيى بن عبد اللَّه بن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن عمر بن عبد العزيز عن مكحول أنه بلغه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: وذكره. وورد موصولا من حديث أنس، رواه الدارقطنى في غرائب مالك عن الحسن ابن إسماعيل الضراب: ثنا على بن عبد اللَّه بن أبي مطر ثنا رزق اللَّه بن يوسف الإسكندرانى ثنا الحسن ابن الليث بن حاجب ثنا أحمد بن سليمان الأسدى عن مالك عن الزهرى عن أنس به. قال الدارقطنى: من دون مالك في الإسناد ضعفاء كلهم. ¬

_ (¬1) الزيادة من تاريخ أصبهان.

3437/ 8804 - "مَنْ صَلَّى مَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ، فَإِنَّهَا صَلاة الأَوَّابينَ". ابن نصر ومحمد بن المنكدر مرسلا زاد الشارح في الكبير في كتاب عن محمد بن المنكدر مرسلا، قال: ورواه عنه أيضًا ابن المبارك في "الرقائق". قلت: زيادة الشارح قوله: في الصلاة غلط فإن لمحمد بن نصر كتاب الصلاة، وكتاب "قيام الليل"، وهذا الحديث خرجه في كتاب "قيام الليل" لا في كتاب "الصلاة"، فإن موضوعه "أحكام الصلاة"، قال محمد بن نصر في "قيام الليل": حدثنا الحسن بن عيسى أخبرنا ابن المبارك أخبرنا حيوة بن شريح حدثنى أبو صخر أنه سمع محمد بن المنكدر به. وهو عند ابن المبارك في "الزهد" [ص 445، رقم 1259] في باب الصلاة بين المغرب والعشاء في أواخر الكتاب تقريبا قبل ثلثه. 3438/ 8805 - "مَنْ صَلَّى بَيْنَ المَغْرِب والعِشَاء عِشْرِينَ رَكْعَةً بَنَى اللَّه لَهُ بَيْتا فِي الجَنَّةِ". (هـ) عن عائشة قلت: سكت عنه الشارح وهو حديث موضوع، فيه يعقوب بن الوليد المدنى كذاب وضاع بل قال أحمد: إنه من الوضاعين الكبار. 3439/ 8812 - "مَنْ صَلى عِنْدَ قَبْرِى سَمِعْتُهُ، وَمَنْ صَلَّى عليَّ نَائِيا أبْلِغْتُهُ ". (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال ابن حجر يعنى الحافظ في الفتح: سنده جيد وهو غير

جيد، فإن البيهقى رواه من حديث محمد بن مروان عن الأعمش عن أبي هريرة. . . إلخ. قلت: ما كنت أظن أن الغفلة والجرأة تصل بالشارح إلى حد الانتقاد على شيخ الفن بالجهل والتهور، فالحافظ أورد الحديث من عند أبي الشيخ في كتاب الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي قال: حدثنا عبد الرحمن بن أحمد الأعرج ثنا الحسن بن الصباح ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به. فهذا سند نظيف لا وجود لمحمد ابن مروان السدى فيه بخلاف سند البيهقى، فإنه قال [2/ 218، رقم 1583]: [أخبرنا] على بن محمد بن بشران: أنبأنا أبو جعفر الرازى ثنا عيسى بن عبد اللَّه الطيالسى ثنا العلاء بن عمرو الحنفى ثنا أبو عبد الرحمن عن الأعمش به، ثم قال: أبو عبد الرحمن هذا محمد بن مروان السدى فيما أرى، وفيه نظر وقد مضى ما يؤكده اهـ. فاعجب لغباوة الشارح التي تحمله على الاعتقاد بأن الحافظ قد يغلط مثل هذه الغلطة الفاحشة، لأن محمد بن مروان السدى مشهور يعرفه صغار طلبة الحديث فكيف يخفى أمره على شيخ شيوخ متقنى الفن الحافظ؟!. 3440/ 8815 - "مَنْ صَلَّى خَلْفَ الإِمَام فَلْيَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ". (طب) عن عبادة بن الصامت قال في الكبير: رمز لحسنه وفيه سعيد بن عبد العزيز، قال الذهبى: نكرة. قلت: لا شيء من هذا واقع، والحديث أصله في الصحيح (¬1) وهو معروف وقد ذكره الحافظ الهيثمى في الزوائد وقال: رجاله موثقون فليتق اللَّه الشارح وليترك هذه المغالطات. ¬

_ (¬1) البخارى (1/ 192، رقم 756)، مسلم (1/ 295، رقم 394/ 34).

3441/ 8816 - "مَنْ صَلَّى عَلَيهِ مِائَةٌ مِنَ المُسْلمِينَ غُفر لَه". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه أبو الشيخ وغيره. قلت: سكت عن الكلام على إسناده وهو حديث صحيح وأصله في صحيح مسلم من حديث عائشة (¬1). وقد أخرجه الطحاوى في مشكل الآثار [1/ 245، رقم 270]، وأبو نعيم في الحلية [7/ 228]، وتاريخ أصبهان [1/ 360]. 3442/ 8818 - "مَنْ صلَّى صَلاةَ فَرِيضَةٍ فَلَهُ دَعْوَة مُسْتجَابَةٌ، وَمَنْ خَتَمَ القُرْآنَ فَلَهُ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَة". (طب) عن العرباض بن سارية قال الشارح: فيه عبد الرحمن بن سليمان ضعيف. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد الحميد بن سليمان وهو ضعيف. قلت: هكذا اختلف في اسم الرجل والصواب عبد الحميد، أما عبد الرحمن فتحريف منه على عادته، وعبد الحميد بن سليمان هو أخو فليح بن سمليمان، تكلموا فيه، بل وفي أخيه أيضًا مع أنه من رجال الصحيحين. 3443/ 8820 - "مَنْ صُنعَ إِلَيهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ أَبْلَغَ في الثَّنَاءِ". (ت. ن. حب) عن أسامة بن زيد قال في الكبير: رواه النسائى في اليوم والليلة. . . إلخ. قلت: ذكر يوم وليلة عقب رمز المصنف للنسائى غريب مضحك فإن المصنف يرمز للمخرجين بتقييد الكتب التي خرجوا فيها الحديث لها بإطلاق، ¬

_ (¬1) مسلم (2/ 654، رقم 947/ 58).

فالنون هو رمز النسائى في السنن، فقول الشارح: في اليوم والليلة تناقض ومخالفة لرمز المصنف، فإنه لو قصد اليوم والليلة لصرح بذلك على قاعدته. ومن الغريب أيضًا أن المصنف وهم في هذا الرمز لأن النسائى لم يخرج الحديث المذكور في المجتبى الذي هو أحد الكتب الستة، وإنما خرجه في الكبرى [6/ 53، رقم 10008]، والقاعدة أن اطلاق العزو إليه إنما ينصرف إلى المجتبى فغفل الشارح، بل لم يدر هذا مطلقا، وإلا فهو لا يغفل عما فيه أدنى ما يشير إلى وهم المصنف. والحديث خرجه أيضًا ابن السنى في اليوم والليلة [ص 91، رقم 270] عن النسائى: ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهرى ثنا الأحواص بن جواب ثنا سعيد بن الخمس عن سليمان التيمى عن أبي عثمان النهدى عن أسامة بن ؤيد. ورواه الطبرانى في الصغير [2/ 291، رقم 1183]: ثنا يزيد بن إبراهيم الرفاعى الأصبهانى عن أحمد بن يونس الضبى ثنا أبو الجواب الأحواص بن جواب به. ثم قال الطبرانى [1/ 291، رقم 1184]: ثنا أبو مسلم الكشى ثنا سعيد بن سلام العطار ثنا موسى ابن عبيدة الربذى عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا قال الرجل: جزاك اللَّه خيرا فقد أبلغ الثناء". حدثنا [1/ 291، رقم 1185] إسحاق بن إبراهيم الدبرى عن عبد الرزاق قراءة عن الثورى عن موسى بن عبيدة به مثله. هكذا أتى به الطبرانى في غير محله شاهد للأول.

ورواه -أعنى حديث الباب- أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 342] في ترجمة يزيد بن إبراهيم عن الطبرانى. 3444/ 8820 - "مَنْ صَنَعَ صَنيعَةً إِلَى أَحَدٍ منْ خَلَفِ عَبْد المطلبِ فِي الدُّنيَا فَعَلَيَّ مُكَافَأتُهُ إِذَا لَقِيَنِى". (خط) عن عثمان قال في الكبير: رواه (خط) في ترجمة عبد الرحمن بن أبي كامل الفزارى، وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد ضعفه النسائى، وأبان بن عثمان متكلم فيه. . . إلخ. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن الخطيب خرج الحديث [10/ 103] في ترجمة عبد اللَّه بن محمد بن أبي كامل الفزارى لا عبد الرحمن بن أبي كامل ثانيهما: أن أبان بن عثمان الذي في سند هذا الحديث هو أبان بن عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه تابعى ثقة من رجال الصحيح هذا، فإن عبد الرحمن بن أبي الزناد رواه عن أبيه عن أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه، وأبان بن عثمان الذي تكلم فيه هو رجل آخر متأخر يروى عن أبان بن تغلب، قال الذهبى: تكلم فيه ولم يترك بالكلية، وأما العقيلى فاتهمه اهـ. وهذه غفلة من الشارح تسقط قدره عن درجة الاعتبار مع إكثاره جدًا من مثل هذا في الرجال، فما أدرى الحامل له على الدخول فيما لا يعنيه ولا يدريه. 3445/ 8831 - "مَنْ ضَمَّ يَتيمًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِه حَتَّى يُغْنِيَهُ اللَّهُ عَنْهُ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّة". (طس) عن عدى بن حاتم قال الشارح: وإسناده ضعيف ووهم المؤلف.

قلت: ما وهم المؤلف لأنه لا يقصد الإسناد وإنما يقصد المتن، والمتن حسن وفوق الحسن، بل صحيح لوروده من طرق متعددة، ذكر الشارح نفسه في الكبير منها طريقين حسنهما الحافظ الهيثمى. 3446/ 8832 - "مَنْ ضَنَّ بِالمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ، وَبِالليلَ أَنْ يكَابِدَهُ فَعَلِيهِ بِسُبْحَانَ اللَّه وبِحَمْدِهِ". أبو نعيم في المعرفة عن عبد اللَّه بن حبيب قال في الكبير: قال الذهبى في الصحابة: مجهول عن عبيد اللَّه بن عمير، وفي التقريب: عبد اللَّه بن حبيب بن ربيعة بن عبد الرحمن السلمى الكوفى المقرى مشهور بكنيته ولأبيه صحبة، وفيه عبيد اللَّه بن سعيد بن كثير، قال الذهبى: فيه ضعف عن أبيه سعيد. . . إلخ. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: صحابى مجهول عن عبيد اللَّه بن عمير، كلام غير مفهوم ولا معقول أن يكون صحابى الحديث رواه عن غيره ثم لا يذكر في الإسناد. والواقع أن الحديث مروى من طريق صفوان بن سليم عن عبد اللَّه بن كعب عن عبيد اللَّه بن عمير عن عبد اللَّه بن حبيب، فعبيد اللَّه بن عمير هو الراوى عن عبد اللَّه بن حبيب. الثانى: أن عبد اللَّه بن حبيب الذي ذكره الحافظ في التقريب غير هذا، لأن هذا صحابى وذاك يقول عنه: لابيه صحبة -يعنى لا له- فهو تابعى، وهذا مجهول لا يعرف، وذاك له ترجمة حافلة في التهذيب فهو معروف مشهور، روى عنه إبراهيم النخعى وعلقمة بن مرثد وسعد بن عبيدة وأبو إسحاق السبيعى وسعيد بن جبير والكبار ممن يطول ذكره، وروى هو عن عمر وعثمان وعلى وسعد وابن مسعود وحذيفة وأبي موسى الأشعرى وأبي هريرة وأبي

الدرداء وغيرهم من الصحابة فهو تابعى كبير، وروى له البخارى ومسلم والجميع، وأثنى عليه الناس ووثقوه ووصفوه بالعبادة والتبتل، فكيف يجتمع هذا مع ذاك الذي يقول عنه الذهبى: أنه مجهول؟! الثالث: أنه عبد اللَّه بن حبيب بن ربيعة بالتصغير أبو عبد الرحمن لا ابن عبد الرحمن كلما قال الشارح، فأبو عبد الرحمن كنيته لا اسم جده. والحديث له شواهد عن جماعة من الصحابة، قال ابن شاهين في "الترغيب" [1/ 191، رقم 157]: حدثنا عمر بن الحسن بن على بن مالك أنبأنا أحمد بن الحسين بن مدرك القصرى (¬1) ثنا سليمان بن أحمد الواسطى ثنا ابن خلدة حدثنى ابن ثوبان عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من هاله الليل أن يكابده، وبخل بالمال أن ينفقه، وجبن عن العدو أن يقاتله: فليكثر من سبحان اللَّه وبحمده فإنهما أحب إلى اللَّه من جبل ذهب ينفقه في سبيل اللَّه عَزَّ وَجلَّ". ورواه الفريابى في الذكر والطبرانى في الكبير من هذا الوجه [8/ 230، رقم 7800]، قال الحافظ المنذرى: وهو حديث غريب ولا بأس بإسناده إن شاء اللَّه. وقال الحافظ نور الدين في الزوائد: سليمان بن أحمد الواسطى وثقه عبدان وضعفه الجمهور، والغالب على بقية رجاله التوثيق. وقال البخارى في الأدب المفرد [ص 104، رقم 275]: ¬

_ (¬1) في الأصل: "البصرى" والصواب: "القصرى" نسبة إلى قصر ابن هبيرة، وقد سمع منه جماعة منهم: الطبرانى، وابن المنادى، وعمر بن الحسن الشيبانى وغيرهم، وكلهم سمع منه بقصر ابن هبيرة. انظر تاريخ بغداد (4/ 96)، واللباب (3/ 41) اهـ. قاله محقق الترغيب في هامشة.

ثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن زبيد عن مرة عن عبد اللَّه قال: "إن اللَّه تعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بيكم أرزاقكم، وإن اللَّه تعالى يعطى المال من أحب ومن لا يحب ولا يعطى الإيمان إلا من يحب، فمن ضن بالمال أن ينفقه وخاف العدو أن يجاهده وهاب الليل أن يكابده فليكثر من قول لا إله إلا اللَّه وسبحان اللَّه والحمد للَّه واللَّه أكبر". وهذا الحديث قد روى أوله إلى قوله: "ولا يعطى الإيمان إلا من يحب" عن ابن مسعود مرفوعًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أخرجه أحمد [1/ 387] والحاكم [1/ 33، رقم 94] وصححه البخارى في التاريخ [4/ 313]، وأشار إلى أن سفيان الثورى انفرد بوقفه. وقال ابن شاهين أيضًا [1/ 190، رقم 156]: حدثنا الحسين بن محمد بن عفير الأنصارى ثنا أحمد بن محمد بن نيزك ثنا أبو أحمد ثنا إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "من هاب منكم الليل أن يكابده وخاف العدو أن يجاهده وضن بالمال أن ينفقه فليكثر من ذكر اللَّه". ومن هذا الوجه رواه أيضًا البزار والطبرانى في الكبير [11/ 84، رقم 11121]، وأبو يحيى المذكور في السند هو القتات مختلف فيه، والباقون ثقات. 3447/ 8834 - "مَنْ طَاف بالبَيتِ سَبعًا وَصَلى رَكَعِتينِ كانَ كَعِتق رَقَبَةٍ". (هـ) عن ابن عمر قال في الكبير: قال ابن الجوزى، حديث لا يصح، ورواه عنه أيضًا الترمذى وحسنه بلفظ: "من طاف بهذا البيت أسبوعًا فأحصاه كان كعتق رقبة". قلت: هو حديث طويل ذكره الترمذى آخر باب الحج [3/ 283، رقم 959]

وذكره المصنف في الزوائد وعزاه للترمذى والنسائى [5/ 221] والحاكم [3/ 457، رقم 5925] وأخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب [2/ 297، رقم 331]. 3448/ 8835 - "مَنْ طَافَ بِالبَيت خَمْسِينَ مَرة خَرَجَ مَنْ ذُنُوبِهِ كَيَومِ وَلَدتْهُ أمُّهُ". (ت) عن ابن عباس قال في الكبير: قال ابن الجوزى: فيه يحيى بن يمان، قال أحمد: ليس حجة، وابن المدينى: تغير حفظه، وأبو داود: يخطئ في الأحاديث ويقلبها. قلت: هو مع كونه من رجال الصحيح روى له مسلم، فلم ينفرد بل تابعه عبد اللَّه بن المبارك عن شريك، قال ابن شاهين في الترغيب [2/ 298، رقم 333]: حدثنا محمد بن يعقوب بن الخصيب ثنا أحمد بن محمد بن عمر اليمامى ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن المبارك عن شريك عن أبي إسحاق عن عبد اللَّه بن سعيد عن أبيه عن ابن عباس مرفوعًا: "من طاف بهذا البيت خمسين أسبوعًا غفر له". 3449/ 8838 - "مَنْ طَلَب العِلمَ تَكفَلَ اللَّه لَهُ بِرِزقِهِ". (خط) عن زياد بن الحارث الصدائى قال في الكبير: وفيه يونس بن عطاء ذكره الذهبى في الضعفاء، وقال عن ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. قلت: الحديث أخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [1/ 245، رقم 391] من طريق يونس بن عطاء المذكور عن سفيان الثورى عن أبيه عن جده عن زياد ابن الحارث به، وقال الخطيب بعده [3/ 18]: غريب من حديث الثورى عن أبيه عن جده، لا أعلم رواه إلا يونس بن عطاء.

غير أن أحمد بن يحيى بن زكريا المصرى قد حدث به عن إسحاق بن إبراهيم ابن موسى عن أبي زفر سعيد بن يزيد قرابة حجاج الأعور عن أبي ناشزة عن الثورى، ولعل أبا ناشزة هو يونس بن عطاء فاللَّه أعلم. وكذا قال الذهبى تبعًا للخطيب وتعقبه الحافظ بأن الضمير في قوله: عن جده، ليونس لا للثورى، لأن يونس المذكور هو ابن عطاء بن عثمان بن ربيعة بن زياد ابن الحارث الصدائى. 3450/ 8839 - "مَنْ طَلَبَ العِلْمَ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّه حَتَّى يَرجِع". (حل) عن أنس قال في الكبير: وفيه خالد بن يزيد مضعف. قلت: خالد بن يزيد في الضعفاء نحو عشرة، فمن منهم المراد؟ والواقع أنه خالد بن يزيد اللؤلؤى. والحديث خرجه الترمذى [5/ 29، رقم 2647] وجماعة بلفظ: "من خرج يطلب العلم" الحديث، وقد سبق للمصنف، ولكن الشارح لم يعلم بذلك، وقد تكلمنا على الحديث في الموضوع السابق لغريبة أتى بها الشارح فيه. 3451/ 8840 - "مَنْ طَلَبَ العِلْمَ لِيُجَارِى به العُلمَاء أوْ ليُمَارِى بِهِ السُّفَهَاءَ أو يَصْرِفَ بِهِ وجُوه النَّاسَ إليهِ أدخلهُ اللَّهَ النَّار". (ت) عن كعب بن مالك زاد الشارح في الكبير: عن أبيه رقعه، رمز المصنف لحسنه وقال: غريب، وفيه إسحاق بن يحيى بن طلحة قال الذهبى في الكبائر: واه، وقال غيره: متكلم فيه من قبل حفظه، وقال في اللسان عن العقيلى: في الباب عن جمع من الصحب كلها لينة الأسانيد، قال: وقال العلائى: هذه الأحاديث بواطيل، وقال في المهذب عن الدارقطنى: إسحاق متروك. قلت: فيه أمور، الأول: الخبط والتخليط.

الثانى: قوله: عن كعب بن مالك عن أبيه، فإنه من المضحك، والواقع أن الحديث من رواية ابن كعب بن مالك عن أبيه، فنقل هو ذلك إلى كعب بن مالك. الثالث: قوله: رمز المصنف لحسنه وقال: غريب، وهذا لا يخفى ما فيه. الرابع: ما نقله عن الحافظ في اللسان أثناء كلامه على إسحاق بن يحيى يفيد أن الحافظ ذكر ذلك في ترجمته مع أن الحافظ لم يذكر إسحاق بن يحيى في اللسان. 3452/ 8847 - "مَنْ عَال ثَلاثَ بَنَاتٍ فَأَدَبهُنَّ وزوجهُنَّ وأحْسَنَ إليهِنَّ فَلَهُ الجنَّةَ". (د) عن أبي سعيد قال الشارح: وإسناده صحيح، واقتصار المؤلف على حسنه غير سديد. قلت: بل سديد وفوق السديد، فإن في سنده اضطرابًا يمنع من صحته اصطلاحًا وإن كان المتن له طرق أخرى. 3453/ 8848 - "مَنْ عَدَّ غَدًا مِنْ أجلِهِ فَقَدْ أسَاءَ صُحْبَةَ الموْتِ". (هب) قال في الكبير: وكذا الخطيب عن أنس، ثم قال: وقضية صنيع المصنف. . . إلخ. قلت: فيه أمران، أحدهما: الغلط الفاحش في قوله: وكذا الخطيب عن أنس، فإن الخطيب رواه من وجه آخر من حديث على عليه السلام فقال [3/ 89]: أخبرنا محمد بن طلحة بن محمد ثنا أبو جعفر محمد بن على بن الحسين بن بابويه القمى إملاء حدثنى أبي حدثنا على بن إبراهيم ثنا على بن إبراهيم عن

أبيه عن الحسين بن يزيد النوفلى عن إسماعيل بن مسلم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه مرفوعًا به مثله. ثم قال الخطيب: من دون جعفر بن محمد كلهم مجهولون اهـ. وهذا هو الطويق الذي أشار إليه البيهقى بقوله: وروى من وجه آخر ضعيف. ثانيهما: أن قوله: فظاهر صنيع المصنف. . إلخ، كذب على صنيع المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف كما رمز لاسم مؤلفه لأنه لا ينقل كلام المخرجين كما يعرف ذلك الشارح. 3454/ 8851 - "مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أجْرِهِ". (ت. هـ) عن ابن مسعود قلت: كل ما كتبه الشارح في الكبير على هذا الحديث أخذه من اللآلئ المصنوعة للمصنف ولم يعز إليه من ذلك حرفًا، فإن المصنف أطال وأجاد في التعقب على ابن الجوزى في هذا الحديث، ومن تعقبه لخص الشارح ما ذكره وسكت غمطًا لحقه، ولو قصر المصنف لتعرض الشارح لذلك وقال تلك العبارة الممقوتة وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل على عادته. ومما لم يذكره المصنف في تعقبه من مخرجى الحديث وطرقه ما قال ابن السنى في اليوم والليلة [ص 188، رقم 579]: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ثنا الحسن بن على بن يزيد الصدائى ثنا حماد بن الوليد عن سفيان الثورى عن محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد اللَّه بن مسعود به. وقال أبو نعيم في الحلية [7/ 164]:

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا عمر بن أيوب بن مالك ثنا محمد بن معاوية الأنماطى ثنا عبد الرحمن بن مالك بن مغول (ح) وحدثنا محمد بن حميد ثنا عبد اللَّه بن محمد بن ناجية ثنا الحسين بن على الصداثى ثنا حماد بن الوليد قالا معًا: حدثنا سفيان الثورى به. ثم قال: غريب عن الثورى عن محمد، رواه شعبة ومعمر وإسرائيل وعبد الحكيم بن منصور في آخرين عن محمد بن سوقة، وقد أطلت في طرق هذا الحديث وشواهده في مستخرجى على مسند الشهاب بما لعله لا يوجد مجموعًا في كتاب ويستحق أن يفرد في جزء مخصوص والحمد للَّه. 3455/ 8852 - "مَنْ عَشقَ فَعَفَّ ثُمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيدًا". (خط) عن عائشة قال في الكبير: وفيه أحمد بن محمد بن مسروق، قال الذهبى: لينه الدارقطنى، وسويد بن سعيد فإن كان هو الدقاق فقد قال على بن عاصم: منكر الحديث، وإن كان الذي خرج له مسلم فقد قال أحمد: متروك إلخ. قلت: الذي روى هذا الحديث هو سويد بن سعيد الحدثانى الذي خرج له مسلم، وهو مشهور بروايته مذكور في تراجمه، والثانى لا دخل له في هذا الحديث. ثم من عجائب حال الشارح في التحريف أن الذهبى قال في ترجمته: روى عن على بن عاصم خبرًا منكرًا قاله ابن الجوزى، فجعل الشارح شيخه على ابن عاصم هو الذي تكلم فيه وقال: إنه منكر الحديث، وهكذا لا يكاد ينطق بصواب سواء قائلًا أو ناقلًا. وبعد، فحديث الباب قد صححته وأفردت لذلك تأليفًا عجيبًا سميته "درء

الضعف عن حديث من عشق فعف" فعليك به فإنه مفيد للغاية. 3456/ 8854 - "مَنْ عَفَا عِنْدَ القُدرَةِ عَفَا اللَّه عَنْهُ يَوْمَ العُسْرَةِ" (طب) عن أبي أمامة قال الشارح: وضعفه الهيثمى، فتحسين المؤلف له ليس في محله. قلت: المؤلف لم يحسن هذا الحديث بل سكت عليه فلم يرمز له بشيء. 3457/ 8855 - "مَنْ عَفَا عَنْ دَمٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوابٌ إلا الجنَّة". (خط) عن ابن عباس قال في الكبير: وفيه أحمد بن إسحاق البغدادى، قال الخطيب: روى عنه أبو عوانه خبرًا معللًا: "من عفا. . . " إلخ، فما أوهمه صنيع المؤلف أن الخطيب خرجه وسلمه غير جيد. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن الخطيب لم يقل ما نقله عنه الشارح بل قال ما نصه [4/ 29]. أحمد بن إسحاق البغدادى أخيرنا البرقانى ثنا على بن الحسن الجوينى ثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق ثنا أحمد بن إسحاق البغدادى أخبرنا أحمد بن أبي الطيب -ثقة- ثنا أبو إسحاق القزارى عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من عفا عن دم لم يكن له ثواب إلا الجنة". قال أبو عوانه: هذا غريب لا آمن أن يكون له علة اهـ. ثانيهما: الكذب على صنيع المصنف فإنه رمز له بعلامة التضعيف كما رمز لمخرجه، وهو لا ينقل كلام المخرجين.

3458/ 8856 - "مَنْ عَفَا عَنْ قَاتِلهِ دَخَلَ الجنَّةَ". ابن منده عن جابر الراسبى قال في الكبير: وهنا أمران، الأول: أن المصنف أطلق العزو لابن منده فاقتضى أنه خرجه ساكتًا على والأمر بخلافه، بل قال: هذا حديث غريب إن كان محفوظا اهـ. الثانى: أنه تبعه على قول الراسبى وليس بصواب، فقد قال أبو نعيم: الراسبى وهم، وإنما هو الأنصارى. قلت: وفيه أيضًا أمران، أحدهما: أن المصنف لا ينقل كلام المخرجين وذلك شرطه في كتابه كما لا ينقله أكثر الحفاظ، فإلزام الشارح المصنف بهذا من العجور المخترع المقصود لإظهار قصور المصنف وتقصيره بالباطل المجرد الذي لا رائحة فيه للصواب. ثانيهما: من عرف هذا الشارح أن الحق مع أبي نعيم حتى جعل إقرار المصنف لابن منده غير صواب؟ ولم لا يكون الحق مع ابن منده وأبو نعيم واهم في تعقبه المقصود، لما هو معلوم مما كان بين ابن منده وأبي نعيم من العداوة والمنافسة. 3459/ 8860 - "مَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّه رَبَّهُ وأنِّى نَبِيَّهُ مُوقِنًا مِنْ قَلبِهِ حَرَّمَهُ اللَّه عَلَى النَّار". البزار عن عمران قال الشارح: وضعفه الهيثمى بعمران القصير وغيره، فرمز المؤلف لحسنه ممنوع. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عمران القصير وهو متروك، وعبد اللَّه بن أبي القلوص. قلت: عمران القصير مختلف فيه، وقد روى له البخارى ومسلم فهو من رجال الصحيح، وعبد اللَّه بن أبي القلوص لم أجد له ذكرا في الضعفاء، إلا

أن الحافظ الهيثمى لم يقل شيئًا من هذا بل قال: في إسناده عمر بن محمد بن عمر بن صفوان (¬1) وهو واهى الحديث اهـ. ومن الغريب أنى لم أجد هذا الأخير أيضًا في الضعفاء لا بهذا الاسم ولا بالاسم الواقع في سند هذا الحديث عند أبي الشيخ في العوالى والخطيب في التاريخ وأبي نعيم في الحلية، فإنهم سموا جده معدان لا صفوان كما قال الحافظ الهيثمى فاللَّه أعلم (1). قال أبو الشيخ في العوالى: حدثنا إبراهيم بن محمد الرازى ثنا عحمد بن يوسف السكيلينى ثنا أيوب بن سليمان البصرى ثنا عمر بن محمد بن عمر بن معدان عن عمران القصير عن عبد اللَّه بن أبي القلوص عن مطرف عن عمران به. وقال أبو نعيم في الحلية [6/ 182]: حدثنا القاضى أبو أحمد ثنا محمد بن الحسن بن بدينا ثنا عباس بن عبد العظيم ثنا أيوب بن سليمان بن يسار صاحب الكرا ثنا عمر بن محمد بن معدان به. وقال الخطيب [11/ 308]: ¬

_ (¬1) قد ذكره البخارى في التاريخ [6/ 190، رقم 2135]، وقال: "عمر بن محمد بن معدان يعد في البصريين، سمع عمران القصير" اهـ. وذكره أيضًا ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [6/ 132، رقم 721] وقال: "عمر بن محمد بن عمر بن معدان، يعد في البصريين، سمع عمران القصير. . " اهـ. وفي كشف الأستار [1/ 15، رقم 14]، ومختصر زوائد مسند البزار [1/ 64، رقم 7] ابن معدان، وعند ذكر عمران القصير في التهذيب [22/ 352، رقم 4502] ذكر المزى فيمن روى عنه عمر بن محمد بن معدان وكذلك في المعجم الكبير للطبرانى [18/ 124، رقم 253] ذكره بـ: "ابن معدان"، ولم يذكره أحد بـ: "صفوان" إلا الهيثمى في المجمع (1/ 19) فالظاهر أنه تصحف من "معدان" إلى "صفوان"، وهو ما أثبته المؤلف -رحمه اللَّه.

أخبرنا أبو عمر الحسن بن عثمان ثنا أبى أبو عمرو عثمان بن أحمد بن الحسين ابن الفلو ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملى ثنا محمد بن شعبة بن جوان ثنا أيوب بن سليمان بن سيار الشيبانى ثنا عمر بن محمد بن عمر بن معدان به. فالغالب أن الحافظ الهيثمى اشتبه عليه هذا الاسم باسم آخر، وإلا فمن البعيد جدًا أن يكون هذا الرجل واهى الحديث كما يقول ولا يذكره الذهبى في الميزان ولا الحافظ في اللسان، بل الغالب أن الحافظ الهيثمى لم يكن عمدته في الضعفاء إلا الميزان. ولهذا فالحديث حسن كما قال المصنف، ثم هو مع شواهده صحيح، لأنه من المقطوع به في الدين بالضرورة. 3460/ 8866 - "مَنْ عَمَّرَ جَانِبَ المسْجِدِ الأيْسَر لِقِلَّةِ أهْلِهِ فَلَهُ أجْرَانِ". (طب) عن ابن عباس قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة مع أن ابن ماجه خرجه من حديث ابن عمر باللفظ المزبور. قلت: المصنف ذكر حديث ابن عمر قبل هذا مباشرة ملاصقا له وعزاه لابن ماجه، ثم بعده ذكر هذا الحديث لأنه حديث آخر اصطلاحا وفيه زيادة غير موجودة في الأول. 3461/ 8876 - "مَنْ عَمَّرَ مِنْ أمَّتِى سَبْعِينَ سَنَة فَقَدْ أعْذَرَ اللَّه إلِيهِ فِي العُمُرِ". (ك) عن سهل بن سعد

قال في الكبير: وقال الحاكم: على شرط البخارى ولم يخرجاه، قال الزيلعى: ووهم إذ هو في البخارى بلفظ: "من عمره اللَّه ستين سنة فقد أعذر إليه في العمر". قلت: الزيلعى لم يقصد حديث سهل بن سعد فإنه لم يخرجه البخارى، وإنما قصد حديث أبي هريرة ومع ذلك فلم يصب أيضًا من جهة اللفظ، وذلك أن الحاكم روى من طريق الليث عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة مرفوعًا [2/ 247، رقم 3597]: "إذا بلغ الرجل من أمتى ستين سنة فقد أعذر اللَّه إليه في العمر" ثم قال: صحيح على شرط البخارى ولم يخرجاه. ثم رواه من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ [2/ 427، رقم 3598]: "أعمار أمتى ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجاوز ذلك"، ثم قال: على شرط مسلم ولم يخرجاه. ثم رواه من طريق محمد بن عبد الرحمن الغفارى عن أبي هريرة بلفظ [2/ 427، رقم 3599]: "لقد أعذر اللَّه إلى عبد عمره ستين أو سبعين سنة، لقد أعذر اللَّه في عمره إليه". ثم رواه [2/ 428، رقم 3600] من طريق معمر عن شيخ من غفار عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة نحوه. ثم رواه [4/ 428، رقم 3601] من طريق حماد بن زيد عن أبي حازم عن سهل بن سعد باللفظ المذكور هنا وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. أما الزيلعى فعزا الحديث إلى البزار من رواية عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة، وإلى ابن مردويه في التفسير من طريق

حماد بن زيد عن أبي حازم عن سهل بن سعد بلفظ: "العمر الذي أعذر اللَّه فيه لابن آدم ستون سنة". ثم قال: وهو في البخارى بلفظ آخر، رواه في الرقاق من حديث معن بن محمد الغفارى عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة مرفوعًا: "من عمر اللَّه ستين سنة فقد أعذر اللَّه إليه في العمر"، ووهم الحاكم فرواه في المستدرك وقال: على شرط البخارى ولم يخرجاه اهـ. فأصاب في التعقب على الحاكم حيث إن البخارى خرج حديث أبي هريرة المذكور لكن لا أدرى كيف وقع له في اللفظ؟ فإن البخارى قال [8/ 111، رقم 6419]: حدثنا عبد السلام بن مطهر ثنا عمر بن على عن معن بن محمد الغفارى عن سعيد بن أبي سعيد المقبرى عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أعذر اللَّه إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة". والعجب أن الحافظ تبعه على ذلك في اختصاره. 3462/ 8869 - "مَنْ عيَّرَ أخَاهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ". (ت) عن معاذ قال في الكبير: وقال الترمذى: حسن غريب وليس إسناده بمتصل اهـ. وفيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد، قال أبو داود وغيره: كذاب، ومن ثم أورده ابن الجوزى في الموضوع ولم يتعقبه المؤلف سوى بأن له شاهدا، وهو قول الحسن: كانوا يقولون: من رمى أخاه بذنب قد تاب منه لم يمت حتى يبتليه اللَّه به، ومن العجب أن المؤلف لم يكتف بإيراده حتى أنه رمز لحسنه أيضًا. قلت: بل من العجب أنك تنقل بنفسك تحسين الترمذى له ثم تترك تعقبه

وتتعقب المصنف التابع له مع أنك دائمًا تعيبه بعدم نقل كلام المخرجين، في حين أنه ينقله رمزًا كما فعل هنا. وإذا كان محمد بن الحسن كذبه أبو داود وغيره فليس تكذيبهم وحيًا من السماء سلمنا فليس كل ما يرويه الكذاب كذبًا لاسيما إذا دلت القرائن وشهد الواقع بصدقه كهذا الحديث الذي لا يتخلف مخبره، فما عاب أحد أحدًا وعيره إلا وقع في مثل ما عيره به، هذا مع شاهده الذي ذكره المصنف في اللآلئ عن الحسن أنهم كانوا يقولون. . . إلخ ما حكاه عنه الشارح، والمراد بهم الصحابة. .، وقد سبق في المتن للمصنف حديث: "الذنب شؤم على غير فاعله إن عير ابتلى به وإن اغتابه أثم وإن رضى به شاركه". وفي الحديث أيضًا: "البلاء موكل بالقول"، قال ابن مسعود: واللَّه لو عيرت رجلًا برضاع كلبة لخشيت أن أكون كلبا. 3463/ 8872 - "مَنْ غَدَا أَوْ رَاحَ وَهُوَ فِي تَعْلِيمِ دِينه فَهُوْ فِي الجنَّةِ". (حل) عن أبي سعيد قال في الكبير: وقال: غريب من حديث مسعر عن عطية اهـ. وفيه الفضل ابن الحكم وفيه كلام. قلت: أبو نعيم زاد بعد ما نقله عن الشارح وقال اهـ ما نصه [7/ 251]: ورواه عنه سفيان بن عيينة موقوفًا وهذا هو محل الفائدة من كلامه. وقول الشارح: فيه الفضل بن الحكم وفيه كلام، لا أدرى هل هو كذب أم ماذا؟ فإن الفضل بن الحكم المذكور في سند هذا الحديث لا ذكر له في كتب الرجال ولم يقل أحد فيه كلامًا، وإنما المذكور في رجال الكتب الستة: الفضل ابن أبي الحكم وهو متقدم على هذا جدا ولا كلام فيه.

والغريب أن الحديث من رواية كذاب وضاع شهير وهو إسماعيل بن يحيى التميمى راويه عن مسعر عن عطية عن أبي سعيد، فلو أعرض الشارح عن الدخول في هذا الميدان وأقبل على شأنه من علوم الأزهر لكان أرفق به وأبقى على الناس من الوقوع في شبكة أوهامه. 3464/ 8877 - "مَنْ غَسَّلَ مَيَّتًا فَسَتَرهُ سَتَرَهُ اللَّه مِنَ الذنُوبِ، وَمَنْ كفَّنَهُ كَسَاهُ اللَّه مِنَ السُّنْدُسِ". (طب) عن أبي أمامة قال في الكبير: وضعفه المنذرى، وقال الهيثمى: فيه أبو عبد اللَّه الشامى لم أجد من ترجمه اهـ. وأورده ابن الجوزى في الموضوعات فلم يصب فقد رواه الحاكم في المستدرك والبيهقى في المعرفة بزيادة ولفظه: "من غسل ميتًا فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة، ومن كفنه كساه اللَّه من السندس والإستبرق، ومن حفر له قبرًا فكأنما أسكنه مسكنًا حتى يبعث". قلت: فيه أمور، الأول: قوله: وأورده ابن الجوزى في الموضوعات يفيد أنه أورد حديث أبي أمامة المذكور، والواقع خلافه بل أورد حديث أبي هريرة [2/ 85] من عند الدارقطنى ولعله في العلل، ثم من رواية يوسف بن عطية عن سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، ثم نقل عن الدارقطنى أنه قال: تفرد به يوسف وليس بشيء، قال ابن حبان: يقلب الأخبار ويلزق المتون الموضوعة بالأسانيد الصحيحة. الثانى: قوله: فقد رواه الحاكم. . . إلخ يفيد أيضًا أنه روى حديث أبي أمامة المذكور في المتن، والواقع أنه رواه من حديث أبي رافع لا من حديث أبي أمامة ولا من حديث أبي هريرة فقال [1/ 354، رقم 1307]:

أخبرنا بكر بن محمد الصيرفى بمرو ثنا عبد الصمد بن الفضل ثنا عبد اللَّه بن يزيد المقرى ثنا سعيد بن أبي أيوب عن شرحبيل بن شريك المعافرى عن على ابن رباح اللخمى عن أبي رافع عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه، ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وعزاه المصنف في اللآلئ إلى عباس الترقفى في جزئه، والبيهقى في السنن من طريقه، وغفل عن عزوه إلى الحاكم لا سيما وقد صححه وأقره الذهبى. الثالث: قوله: والبيهقى في المعرفة، يوهم أنه لم يخرجه في السنن الذي جرت القاعدة بتقديم العزو إليه، مع أنه خرجه في السنن فقال [3/ 395]: أخبرنا أبو محمد عبد اللَّه بن يحيى بن عبد الجبار السكرى ببغداد أنبأنا إسماعيل ابن محمد الصفار ثنا عباس بن عبد اللَّه الترقفى ثنا أبو عبد الرحمن المقرى هو عبد اللَّه بن يزيد به. الرابع: أنه ذكر إيراد ابن الجوزى للحديث في الموضوعات وسكت عن تعقب المصنف له، لأنه أجاد وأتى له بطرق متعددة من حديث أبي أمامة وأبي رافع المذكورين ومن حديث على، وقد أتى به من سنن ابن ماجه [1/ 470، رقم 1462] ومن حديث عائشة من عند الطبرانى في الأوسط [2/ 343، رقم 414] ومن حديث جابر من عنده أيضًا. ومما لم يذكره من المخرجين ما قال ابن شاهين في الترغيب: حدثنا أبو عبيد على بن الحسين بن حرب القاضى ثنا أبو السكن زكريا بن يحيى ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربى عن عباد بن كثير عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن على، بالحديث الذي خرجه ابن ماجه. وقال أيضًا [2/ 343، رقم 415]: حدثنا عمر بن الحسن بن على بن مالك حدثنى أحمد بن سيف ثنا عبد اللَّه بن

محمد البلوى حدثنى إبراهيم بن عبد اللَّه ابن العلاء عن أبيه عن زيد بن على عن أبيه عن جده عن على قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أيما امرئ مسلم غسل أخًا له مسلما فلم يقذره، ولم ينظر إلى عورته، ولم يذكر منه سوء، ثم شيعه وصلى عليه ثم جلس حتى يدلى في حفرته خرج عطلا من ذنوبه". وقال أيضًا [2/ 345، رقم 416]: حدثنا أحمد بن على بن عبد اللَّه الرازى ثنا سليمان بن المعافى ثنا أبي ثنا موسى ابن أعين عن الخليل بن مرة عن إسماعيل بن إبراهيم عن جابر بن عبد اللَّه بالحديث الذي خرجه المصنف من عند الطبرانى، إلا أنه اقتصر على آخره وهو قوله: "من كفن ميتا كساه اللَّه ثوبا من الجنة". ثم قال: حدثنا أحمد بن على بن عبد اللَّه الرازى ثنا الحسين بن منصور ثنا المعافى بن سليمان به، نحو لفظ الطبرانى: "من حفر قبرًا بنى اللَّه له بيتًا في الجنة وأجر له مثل أجره إلى يوم القيامة". وقال أبو نعيم في الحلية [6/ 192]: حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا عباس بن الفضل البصرى (ح) وحدثنا محمد بن أحمد بن على بن مخلد ثنا محمد بن يونس الشامى ثنا يحيى ابن حماد ثنا سلام بن أبي مطيع ثنا جابر الجعفى عن الشعبى عن يحيى بن الجزار عن عائشة بالحديث الذي ذكره المصنف من عند الطبرانى في الأوسط إلا أن فيه زيادة ولفظه: "من غسل ميتًا فأدى فيه الأمانة خرج من الذنوب والخطايا كيوم ولدته أمه، وليه أقرب الناس منه، فإن لم يكن له أحد فرجل ذو حظ من أمانة وورع".

ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث سلام عن جابر، وروى عن سلام الكبار، ورواه حسين بن عمران عن جابر نحوه. قلت: وكأن لفظ الحديث لغير الحارث بن أبي أسامة، فإن الذي في مسنده على ما في زوائده للحافظ نور الدين بخطه: حدثنا العباس بن الفضل بسنده المذكور عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يغسل الميت أدنى أهله إليه إن علم، فإن لم يعلم فأهل الأمانة والورع". 3465/ 8878 - "مَنْ غسَّل مَيِّتًا فليَبْدَأ بِعَصْرِهِ". (هق) عن ابن سيرين مرسلا قال في الكبير: ظاهره أن البيهقى لم يذكر له علة سوى الإرسال والأمر بخلافه، بل قال: مرسل وراويه ضعيف. قلت: هذا كذب على صنيع المصنف وعلى ظاهره، لأنه رمز له بعلامة الضعيف زيادة على كونه لا ينقل كلام المخرجين. 6466/ 8879 - "مَنْ غَشَّ فَلَيْس مِنَّا". (ت) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهر عدوله للترمذى واقتصاره عليه أنه لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو وهم، فقد خرجه مسلم بلفظ: "من غشنا فليس منا"، بل عزاه المصنف نفسه إلى الشيخين معا في الأزهار المتناثرة وذكر أنه متواتر. قلت: أما مسلم فخرجه بلفظين أحدهما [1/ 99، رقم 101/ 164] من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا".

ورواه أيضًا [1/ 99، رقم 101/ 164] من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مر على صبرة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول اللَّه، قال: أفلا جعلته فوق الطعام كى يراه الناس؟ من غش فليس منى". فأول الحديث في الرواية الأولى: "من حمل"، وأوله في الرواية الثانية: "أفلا جعلته" فهذا عذر المصنف في عدم عزوه إلى مسلم. وأما البخارى فما خرجه أصلا، والمصنف واهم في قوله في الأزهار المتناثرة: أخرجه الشيخان عن أبي هريرة. 3467/ 8885 - "مَنْ فَدَى أسِيرًا مِنْ أيْدِى العَدُو فأنَا ذَلِكَ الأَسِير". (طص) عن ابن عباس قال الشارح: وإسناده حسن. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه أيوب بن أبي حجر، قال أبو حاتم: أحاديثه صحاح وضعفه الأزدى وبقية رجاله ثقات. قلت: الحديث ضعيف كما رمز له المصنف، والحافظ الهيثمى تبع فيما قال الذهبى في الميزان، والذهبى واهم في نقله عن أبي حاتم كما بينه الحافظ، قال الذهبى: أيوب بن أبي حجر الشامى منكر الحديث قاله الأزدى، وهو ابن سليمان بن أبي حجر روى عن بكر بن صدقة، وأما أبو حاتم فقال: أحاديثه صحاح، قال الحافظ في اللسان: والذي في كتاب ابن أبي حاتم سألت أبي وأبا زرعة عنه فقالا: لا نعرفه اهـ. فبقى قول الأزدى: أنه منكر الحديث، وإذا كان كذلك وقد انفرد بالحديث كما قال الطبرانى فهو حديث منكر واه قريب من الموضوع، بل لا يبعد القول

بوضعه، وهو الذي يسبق إلى القلب. 3468/ 8889 - "مَنْ فطَّرَ صائِمًا كانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ". (حم. ت. هـ. حب) عن زيد بن خالد قال في الكبير: قال في اللسان عن العقيلى: ليس يروى هذا من وجه يثبت. قلت: مقتضى هذا أن أحد رجال هذا الحديث ضعيف، ذُكِرَ في الميزان ولسانه [2/ 206] وفي ترجمته قال العقيلى ذلك، مع أن الحافظ لا يذكر في اللسان راويًا خرج له أحد من الستة اكتفاء بما ذكره في التهذيب، ثم إن العقيلى أيضًا لم يقل شيئًا من هذا، وإنما تكلم على حديث ابن عباس [1/ 225]، وتعرض لهذا الحديث وصححه، وذلك في ترجمة الحسين بن رشيد، فإنه روى من طريقه عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رفعه: "من فطر صائمًا فله مثل أجره"، قال: ورواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة. قال: ولم يبين فيه ابن جريج السماع، قال: وأظن حجاج بن محمد رواه عن ابن جريج، فأدخل بينه وبين صالح إبراهيم بن أبي يحيى. قال: ورواه عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن زيد بن خالد، وهذا أولى (¬1) اهـ. ما نقله الحافظ في اللسان عن العقيلى. ¬

_ (¬1) انظر اللسان (2/ 206).

3469/ 8890 - "مَنْ فَطَرَ صَائِمًا أَوْ جَهَّزَ غَازِيًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ". (هق) عنه، أى عن زيد بن خالد قال في الكبير: وقضيته أنه لم يخرج في أحد الستة والأمر بخلافه، فقد رواه النسائى في الصوم بجملته، والترمذى وابن ماجه مقطعًا في الصوم والجهاد. قلت: أما النسائى فلم يخرجه أصلًا في السنن الصغرى -الذي هو أحد الكتب الستة- لا مجموعًا ولا مقطعًا، وإنما روى الشطر الثانى وحده في كتاب الجهاد [6/ 46]، وذلك الشطر رواه أيضًا البخارى [4/ 32، رقم 2843] ومسلم [3/ 1506، رقم 1895/ 135] وأبو داود [3/ 11، رقم 2509] والباقون (¬1)، فكان حقه أن يسخف بذكرهما. وأما الترمذى وابن ماجه فقد [عزاه] لهما المصنف قبل هذا مباشرة. 3470/ 8893 - "مَنْ قَادَ أعْمَى أرْبَعِينَ خُطْوَة وَجَبَتْ لَهُ الجنَّةُ". (ع. طب. عد. حل. هب) عن ابن عمر (عد) عن ابن عباس وعن جابر (هب) عن أنس قلت: ذكر الشارح في الكبير أسانيد هؤلاء أو أكثرهم، نقلها من اللآلئ المصنوعة للمصنف، ثم قال: ذكره ابن الجوزى في الموضوعات وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل، مع أن كل ما نقله إنما أتى به من عنده، وقد أفردت للكلام على طرق هذا الحديث جزءا مفردًا سميته "نيل الحظوة بقيادة الأعمى أربعين خطوة"، فأغنى ذلك عن الإطالة هنا. ¬

_ (¬1) انظر جامع الترمذى (4/ 169، رقم 1629) وسنن ابن ماجه (1/ 555، رقم 1746).

3471/ 8894 - "مَنْ قَادَ أعَمَى أرْبَعِينَ خُطْوَةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" (خط) عن ابن عمر قال في الكبير في ترجمة البخترى عن ابن عمر قال: وفيه عبد الباقى بن قانع، قال الدارقطنى: يخطئ كثيرًا، والمعلى بن مهدى قال أبو حاتم: يأتى أحيانًا بالمناكير. قلت: من عجيب أحوال هذا الرجل أنه يريد أن يستقل بالتصرف في الحديث والكلام على إسناده مع عدم معرفته فيأتى بالطامات، لاسيما مع وقوفه على كلام الحفاظ في الحديث، فهذه الطريق قد ذكرها ابن الجوزى في الموضوعات [2/ 174] من طريق الخطيب ثم من طريق عبد الباقى بن قانع: ثنا خلف بن عمرو العكبرى ثنا المعلى بن مهدى ثنا سنان بن البخترى -شيخ من أهل المدينة- عن عبيد اللَّه بن أبي حميد عن نافع عن ابن عمر به. ثم قال ابن الجوزى: قوله: عبيد اللَّه بن أبي حميد تدليس، وإنما هو محمد ابن أبي حميد وهو منكر الحديث ليس بثقه اهـ فترك الشارح هذا وذهب يعلل الحديث بعبد الباقى بن قانع الحافظ صاحب المعجم وغيره، مع أنه لم ينفرد به بل تابعه غيره عن شيخه خلف كما نص عليه الخطيب عقب الحديث، ثم بالمعلى بن مهدى الذي قال فيه الذهبى: هو من العباد الخيرة صدوق في نفسه، وذكره ابن حبان في الثقات. ثم إن قوله في ترجمة البخترى من الكلام الغث الذي لا فائدة فيه سوى تسويد الورق وانشغال الأفكار والإحالة على ما يتعب، فإن في تاريخ الخطيب نحو تسعة آلاف ترجمة بتقديم التاء، فأى ترجمة وصف صاحبها بالبخترى من هذا العدد الهائل حتى يمكن الرجوع إليها لمن أراد ذلك؟

مع أن الواقع أنه خرجه في ترجمة سنان بن البخترى المدينى في نصف المجلد التاسع، فلو فرضنا أن أحدا أراد الكشف عنه لراجع المجلدات الثمانية كلها ونصف التاسع حتى يعثر على هذا الاسم، وهذا نهاية ما يمكن من التهور وسوء التصرف فالواجب عليه أن يكتب الاسم الكامل أو يترك التعرض له بالكلية. 3472/ 8895 - "مَنْ قَالَ لا إلهَ إلا اللَّه نَفَعَتْهُ يَومًا مِنْ دَهْرِهِ، يُصِيبُهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ". البزار (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الطبرانى في معاجيمه باللفظ المزبور ولكنه قال بدل: "يصيبه" إلخ "بعدما يصيبه العذاب"، قال الطبرانى: لم يروه عن موسى الصغير إلا حفص، تفرد به الحسين بن على. قلت: لفظ الحديث عند الطبرانى [1/ 241، رقم 393]: حدثنا الحسين بن محمد بن حاتم العجلى ثنا الحسين بن على بن يزيد الصُّدَّائى ثنا أبي ثنا حفص الغاضرى عن موسى الصغير عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قال لا إله إلا اللَّه نفعته يومًا من دهره، ولو بعد ما يصيبه العذاب". ثم قال: لم يروه عن موسى الصغير إلا حفص الغاضرى، تفرد به الحسين ابن على الصُّدَّائى عن أبيه اهـ. وبهذا يعرف ما في نقل الشارح من الخلل. والحديث له طريقان آخران عن أبي هريرة، الأول: قال أبو الحسن أحمد بن عبد العزيز بن ترسال في جزئه: ثنا أبو القاسم عمر بن محمد بن أحمد بن هارون العسكرى الرفا ثنا محمد بن عبد الرحمن بن يونس السراج ثنا عمرو بن خالد ثنا عيسى بن يونس عن سفيان

عن منصور عن هلال بن يساف عن الأغر عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من قال لا إله إلا اللَّه أنجته يومًا من دهره، أصابه قبلها ما أصابه". ورواه أبو نعيم في الحلية عن أحمد بن القاسم بن الريان [5/ 46]: ثنا أبو الزنباع روح بن الفرج ثنا عمرو بن خالد الحرانى به. ثم قال: غريب من حديث الثورى ومنصور، لم نكتبه إلا من هذا الوجه. الثانى: قال الثقفى في التاسع من فوائده: حدثتا أبو الفرج عثمان بن أحمد بن إسحاق البرخى، ثنا محمد بن عمر بن حفص ثنا إسحاق بن إبراهيم شاذان ثنا سعد بن الصلت ثنا أبو طيبة عن هلال بن يساف عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: قولوا لا إله إلا اللَّه فإنها تنفع صاحبها يومًا من الدهر وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه". والحديث صحيح خلافًا لقول الشارح أنه حسن، ولو من الطريق الذي ذكره المصنف وحده فإنه على شرط الصحيح. 3473/ 8896 - "مَنْ قَالَ: لا إلهَ إلا اللَّه مُخْلِصًا دَخَلَ الجنَّةَ". البزار عن أبي سعيد قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات، لكن من روى عنه البزار لم أقف له على ترجمة. قلت: عبارة الهيثمى: رجاله ثقات إلا أن عن روى عنهما البزار لم أقف لهما على ترجمة هكذا بالتثنية، وهو الواقع فإن البزار قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة وعلى بن شعيب قالا: أنا الوليد بن القاسم ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عطية عن أبي سعيد به.

ثم قال: لا نعلم رواه عن إسماعيل إلا الوليد (¬1). وقد تعقب الحافظ الهيثمى بأن محمد بن إسماعيل بن سمرة روى له الترمذى والنسائى وابن ماجه، ووثقه أبو حاتم والنسائى وغيرهما، وأن على بن شعيب روى عنه النسائى ووثقه، وأن الحديث معلول بعطية لأنه ضعيف. قلت: لكن للحديث طريق آخر، قال البخارى في التاريخ [8/ 65]: ثنا أبو العباس ثنا محمد بن يحيى ثنا أبو عاصم عن يونس بن الحارث ثنا مشرس عن أبيه قال: سمعت أبا شيبة الخدرى يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من قال لا إله إلا اللَّه مخلصا من قلبه دخل الجنة". وقال الدولابى في الكنى: ثنا إبراهيم بن يعقوب ثنا أبو عاصم به مثله، وقال: إن أبا شيبة الخدرى هو أخو أبي سعيد الخدرى. وعزاه الحافظ في الإصابة إلى ابن السكن والطبرانى والبغوى وابن منده من هذا الوجه أيضًا، لكنه قال: حدثنى شرس، وضبطه فقال: بمعجمة ثم مهملة بينهما راء ساكنة، ثم نقل عن أبي حاتم أنه قال: شرس وأبوه مجهولان، كذا ضبطه الحافظ ولم يقف على أن البخارى ذكره في التاريخ في باب الميم وسماه مشرسا كما قدمناه. وكذلك وقع عند الدولابى في الكنى [1/ 38] ولم يذكره الحافظ في اللسان لا في حرف الشين ولا في حرف الميم مع نقله عن أبي حاتم أنه مجهول. ورواه الطبرانى في الأوسط والكبير [5/ 197، رقم 5074] من حديث زيد ابن أرقم مرفوعًا: "من قال لا إله إلا اللَّه مخلصًا دخل الجنة، قيل وما ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (1/ 11، 12، رقم 7)، ومختصر زوئد البزار (1/ 63، رقم 5).

إخلاصها؟ قال: أن تحجزه عن محارم اللَّه"، وهو من رواية محمد بن غزوان وهو كذاب وضاع. لكنه ورد من وجه آخر، قال الترمذى الحكيم في النوادر: ثنا عمر بن أبي عمر ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا الهيثم بن جماز عن أبي داود الدارمى عن زيد بن أرقم، والهيثم بن جماز متروك. 3474/ 8899 - "مَنْ قَالَ فِي القُرْآن بِغَير عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". (ت) عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا أبو داود في العلم والنسائى في الفضائل خلافًا لما أوهمه صنيع المصنف من تفرد الترمذى به عن الستة. قلت: أما النسائى الذي هو من الكتب الستة فلم يخرجه ولا فيه كتاب الفضائل، وإنما ذلك في السنن الكبير [5/ 31، رقم 8084] وليس هو من الستة، وأما أبو داود فتختلف سننه مع بعضها، يوجد هذا الحديث من روايته عن مسدد عن أبي عوانة عن عبد الأعلى بن عامر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبعضها لا يوجد هذا الحديث فيه. 5475/ 8906 - "مَنْ قَبَّلَ بَينَ عَيْنَى أمِّهِ كَان لَهُ سِترًا مِنَ النَّارِ". (عد. هب) عن ابن عباس قال في الكبير بعد أن ذكر سنده: قضية صنيع المصنف أن مخرجيه سكتا عليه وليس كذلك، بل تعقبه ابن عدى بقوله: منكر إسنادًا ومتنًا، وأبو مقاتل لا يعتمد على روايته، وقال البيهقى: إسناده غير قوى، ثم قال: ومن ثم حكم ابن الجوزى بوضعه، وتعقبه المؤلف فلم يصنع شيئًا.

قلت: فيه أمور، الأول: أن ما نقله من سند الحديث وكلام المخرجين هو من عند المصنف في اللآلئ. الثانى: أن مصنف ابن عدى هو في الرجال الضعفاء، والحديث إنما يخرجه ليستدل به على ضعف الراوى فهو لا يخرج إلا الضعيف، إلا أحاديث يذكرها عند اختلاف الأسانيد أو اختلاف في رواتها وهى أندر من النادر، ولذلك ذكر المصنف في مقدمة الجامع الكبير أن ما كان في كامل ابن عدى ونحوه من كتب الضعفاء لا يحتاج إلى بيان فكله ضعيف، فأى معنى لقول الشارح أنه سلمه أو لم يسلمه إلا المشاغبة. الثالث: أن المصنف لا ينقل كلام المخرجين ولا يذكر أسماءهم كاملة، بل بالرموز كل ذلك اختصار، وتجريدا للكتاب للحديث المرفوع خاصة. الرابع: ومع ذلك فالشارح كاذب على صنيعه، فإنه رمز له بعلامة الضعيف الدال على تلك السخافة التي يسخف بها من أن المخرج لم يسلم الحديث. الخامس: قوله: وتعقبه المؤلف فلم يصنع شيئًا، فالمؤلف لم يتعقب ابن الجوزى في الحقيقة، وإنما لما ذكر من عند ابن عدى الحديث ونقل كلامه عليه، قال المؤلف: قلت: أخرجه البيهقى من هذا الطريق، وقال: إسناده غير قوى اهـ. يشير بذلك إلى اختلاف رأى الحافظين في الحديث، فابن الجوزى يرى أنه موضوع والبيهقى يرى أنه ضعيف، والواقع أنه موضوع كما قال ابن الجوزى، ولم يصب المصنف في إيراده هنا واللَّه أعلم. 3476/ 8908 - "مَنْ قَتَلَ حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا فَكَأنَّما قَتَلَ كَافِرًا". (خط) عن ابن مسعود قال في الكبير: وأخرجه عنه الديلمى لكن بدون العقرب.

قلت: بل نفس الخطيب رواه بدونها أيضًا، فلا أدرى كيف جرى في ذكر العقرب؟ هل هو سبق قلم من المصنف أو كانت نسخ الخطيب تختلف في ذلك، أو نقله المصنف بالواسطة الذي وقع له ذلك سبق قلم؟ فالخطيب رواه [2/ 234] من طريق محمد بن محمد بن سليمان الباغندى: حدثنى أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص أنبأنا فضالة بن الفضل التميمى أنبأنا أبو داود الحفرى عن الثورى عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عبد اللَّه مرفوعًا: "من قتل حية فكأنما قتل كافرًا" ثم أعاده [2/ 234] من رواية ابن المظفر عن أبي جعفر محمد بن الحسين بن حفص به بلفظ: "من قتل حية قتل كافرًا"، ثم قال: هكذا روى فضالة ابن الفضل عن أبي داود مرفوعًا. ورواه سلم بن جنادة عن أبي داود موقوفًا لم يذكر فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: وقد ورد عن ابن مسعود أيضًا مرفوعًا من وجه آخر بذكر العقرب كما ذكره المصنف، قال أبو الحسن على بن عبد العزيز بن مردك في فوائده تخريج الدارقطنى: حدثنا حمزة بن القاسم بن عبد العزيز الهاشمى ثنا محمد بن الخليل المخرمى ثنا عبيد اللَّه بن موسى أنا إسرائيل عن منصور عن حبيب بن أبي ثابت عن عبدة بن أبي لبابة عن زر بن حبيش عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قتل حية أو عقربا قتل كافرًا" ثم قال: تفرد به إسرائيل وعنه عبيد اللَّه. 3477/ 8913 - "مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ حَرَّمِ اللَّه عَلَيْهِ الجنَّةَ". (حم. د. ن. ك) عن أبي بكرة قال في الكبير: قال في المهذب: هذا إسناده صالح، ورواه عنه أيضًا باللفظ المزبور الحاكم، وقال: صحيح وأقره.

قلت: الحاكم قد عزاه له المصنف كما ترى فلا وجه لاستدراكه إلا الغفلة، وحيث إنه نقل كلام الذهبى في المهذب وهو اختصار سنن البيهقى، فكأنه أراد أن يستدرك البيهقى فوهم، وأكد وهمه بالنقل عن الذهبى في تلخيص المستدرك. والحديث خرجه الحاكم في كتاب الإيمان من المستدرك [1/ 44، رقم 133/ 133]، وخرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير [1/ 428] في ترجمة أشعث بن ثُرْمُلة، والدولابى في الكنى [2/ 126] فيمن كنيته أبو المغيرة وأبو المغلس. 3478/ 8915 - "مَنْ قَتَلَ وَزَغًا كَفَّرَ اللَّه عَنْهُ سَبْعَ خَطِيئَاتٍ". (طس) عن عائشة قال في الكيبر: رمز لحسنه، قال الهيثمى: فيه عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف، ثم إن ظاهر صنيع المصنف أن هذا مما لم يتعرض أحد الستة لتخريجه وهو ذهول بالغ، فقد خرجه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة بلفظ: "من قتل وزغا محا اللَّه عنه سبع خطيئات". قلت: عبد الكريم المذكور حسن الحديث، وقد أخرج له أصحاب الصحيح، أما مسلم فلم يخرج الحديث باللفظ [الذي] ذكر الشارح بل قال [4/ 1758، رقم 224/ 146]: حدثنا يحيى بن يحيى أنا خالد بن عبد اللَّه عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة لدون الأولى، ومن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة لدون الثانية". حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا أبو عوانة (ح).

وثنى زهير بن حرب ثنا جرير (ح). وثنا محمد بن المباح ثنا إسماعيل -يعنى ابن زكريا- (ح). وحدثنا أبو كريب ثنا وكيع عن سفيان كلهم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمعنى حديث خالد عن سهيل إلا جريرًا وحده، فإن في حديثه: "من قتل وزغًا في أول ضربة كتبت له مائة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك". وحدثنا محمد بن الصباح ثنا إسماعيل -يعنى ابن زكريا- عن سهيل حدثتنى أختى عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال [4/ 1759، رقم 2240/ 147]: "في أول ضربة سبعين حسنة". هذا كل ما رواه مسلم لأبى هريرة في الوزغ، فاحكم بعد هذا على الشارح بما شئت فيما عزاه إلى مسلم. 3479/ 8917 - "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ" (حم. 3. حب) عن سعيد بن زيد قلت: يأتى الكلام عليه في الذي بعده. 3480/ 7918 - "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ". (ن) والضياء عن سويد بن مقرن قال في الكبير: وكذلك رواه أحمد والقضاعى، ثم قال: وظاهر صنيع المصنف أن ذا الحديث وما قبله لا ذكر له في أحد الصحيحين والأمر بخلافه، فهذا خرجه البخارى في المظالم بلفظ: "من قتل دون ماله فهو شهيد" وكذا رواه مسلم في الإيمان.

قلت: فيه أمور، الأول: أن البخارى لم يخرج لسويد بن مقرن في صحيحه مطلقا، ومسلم لم يخرج له إلا حديث لطم الخادم. الثانى: أن أحمد لم يخرج هذا الحديث لسويد بن مقرن أيضًا، ولا خرجه كذلك القضاعى إنما أخرج [1/ 223، رقم 341، 342، 343] (¬1) حديث سعيد بن زيد (¬2). الثالث: أن حديث سعيد بن زيد لم يخرجه لا البخارى ولا مسلم أيضًا، وإنما أخرجا معا حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص (¬3) مختصرا بدون ذكر المظلمة، وبدون ذكر الزيادات الكثيرة التي في حديث سعيد بن زبد، والشارح لا يخلو أن يكون متكلما بلسان أهل الحديث وعلى قواعدهم أو بلسان غيرهم من الفقهاء ومن لا خبرة له بقواعد أهل الحديث، فإن كان الأول فهو واهم أو كاذب، وإن كان الثانى فكان حقه أن يسكت ولا يتعرض لما ليس هو من شأنه. 3481/ 8920 - "مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ وَهُوَ بَرِئٌ ممَّا قَالَ جُلِدَ يَوْمَ الِقَيامَةِ حدا إلا أنْ يكُونَ كَمَا قَالَ". (حم. ق. د. ت) عن أبي هريرة قلت: كتب الشارح في الكبير عقب رمز الشيخين: في اللباس والنذر، يعنى أن البخارى خرجه في كتاب اللباس ومسلم في كتاب النذر وليس كما قال، بل البخارى خرجه في كتاب المحاربين [8/ 218، رقم 6858] بعد كتاب اللباس ¬

_ (¬1) وكذلك خرجه (1/ 222، رقم 340) من حديث أبي هريرة. (¬2) وقد أخرج أحمد حديث سعيد بن زيد في مسنده (1652، 1653)، وكذلك حديث أبي هريرة (1628، 1642، 1652، 1650). (¬3) البخارى: (3/ 179، رقم 2480)، مسلم: (1/ 124، رقم 141/ 226).

بنحو عشر كتب، ومسلم خرجه في كتاب الأيمان [3/ 1282، رقم 1660/ 37] بفتح الهمزة بعد كتاب النذر. 3482/ 8921 - "مَنْ قَذَفَ ذِميا حُدَّ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ بِسياطٍ مِنْ نَارٍ". (طب) عن واثلة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: فيه محمد بن محصن العكاشى وهو متروك اهـ. وأورده ابن الجوزى في الموضوعات، وتعقبه المؤلف في مختصر الموضوعات ساكتا عليه. قلت: هذا من العجائب والغرائب التي خص بها الشارح فأصبح مستحقا لذكر نوادره في أخبار المغفلين، إذ كيف يجمع بين التعقب والسكوت فالمسألة ثنائية، إما أن يتعقبه المؤلف فيرد كلامه ويذكر موجب ذلك الرد من توثيق الراوى أو وجود متابعيه وشواهد حديثه أو يقره فيسكت عليه، أما تعقب وسكوت فمحال. ثم إنه أتى بعجيبة أخرى في شرحه الصغير، فعزا هذا الحديث بخطه لأحمد والبخارى ومسلم وأبي داود والترمذى من حديث أبي هريرة، ثم ما حكاه عن المصنف من كونه رمز للحديث بعلامة الحسن، فهو إما تحريف من النساخ كما يقع في أكثر رموز التصحيح والتحسين في هذ الكتاب مما لعله أكثر من النصف، فإن كان وقف على ذلك بخطه فهو سبق قلم منه ولابد، إذ يبعد أن يحكم المصنف بحسنه وفيه راو وضاع، اللهم إلا إذا اشتبه عليه فيه الحال وظنه رجلا آخر. 3483/ 8924 - "مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَة آيةٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ". (ك) عن أبي هريرة قال الشارح: بإسناد ضعيف.

وقال في الكبير: الذي وقفت عليه في مستدرك الحاكم عن أبي هريرة: "من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين"، ولم أر هذا اللفظ فيه فليحرر. قلت: قال الحاكم في الصلاة من المستدرك [1/ 308، رقم 1160]: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد اللَّه السنى بمرو ثنا أبو الموجه أنبأنا عبدان أنبأنا أبو حمزة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ في ليلة مائة آية كتب من القانتين"، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. أخبرنا جعفر بن محمد بن شاكر ثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبيد بن سلمان عن أبيه أبي عبد اللَّه سلمان الأغر عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من صلى في ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين، ومن صلى في ليلة بمائتى آية فإنه يكتب من القانتين المخلصين"، ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبى على كلا الحديثين (¬1). وأما الذي ذكره الشارح فخرجه الحاكم في كتاب فضائل القرآن [1/ 555، رقم 2041/ 22] من طريق حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به، ثم قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبى. وبهذا اللفظ أيضًا رواه ابن السنى في اليوم والليلة [ص 642، رقم 702] من طريق مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة به. ¬

_ (¬1) المستدرك (1/ 309، رقم 1161).

طريفة

واللفظ الأول الذي رواه الحاكم من طريق أبي حمزة السكرى عن الأعمش اْخرجه محمد بن نصر في قيام الليل عن أحمد بن سعيد الدارمى: ثنا على بن الحسن ثنا أبو حمزة السكرى به، ولفظه: "من قرأ في ليلة مائة آية لم يكتب من الغافلين وكتب من القانتين". وهذا كله تصرف من الرواة يوجبه النسيان وعدم كتابة الحديث. طريفة قد علمت أن الحديث صحيح من جميع طرقه وأنه لم يضعفه لا الحاكم ولا الذهبى، ولكن الشارح لما رأى المصنف ذكره بهذا اللفظ وبحث عنه هو فلم يجد [في] المستدرك إلا اللفظ الذي نقله هو، جعل ذلك دليلًا على ضعف الحديث، فكتب عليه في الشرح الصغير: بإسناد ضعيف، وهذا أقوى ما يكون من الغفلة، فالحديث إما أن يكون الحاكم خرجه باللفظ الذي أتى به المصنف أولا، فإن كان الأول فهو صحيح كما قال الحفاظ ومنهم المصنف الذي رمز لصحته، وأنت واهم في كونك لم تره في المستدرك كما هو الواقع، وإن كان الثانى فالمصنف حينئذ واهم على الحاكم، والحديث لا وجود له لا بسند ضعيف ولا صحيح. 3484/ 8926 - "مَنْ قَرأَ آيةَ الكُرْسيِّ دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعُه مِنْ دُخُولِ الجنَّةِ إلا أنْ يَمُوتَ". (ن. حب) عن أبي أمامة قال في الكبير: أورده ابن الجوزى في الموضوعات لتفرد محمد بن حمير به، وردوه بأنه احتج به أجل من صنف في الصحيح وهو البخارى، ووثقه أشد

الناس مخافة في الرجال وهو ابن معين. . . إلخ ما أطال به. قلت: [الشارح] إذا رأى المصنف قصر في التعقب على ابن الجوزى لكونه لا يوجد في الباب غير ما أتى به تعرض لتعقبه، وقال: تعقبه المصنف فلم يأت بطائل على عادته، وإذا أبدا وأعاد وأفاد فأجاد سكت عن تعقبه ونقله سارقا له بدون أن ينسبه إليه كما فعل هنا أيضًا، فبدلًا من أن يقول: ورده المؤلف، قال: وردوه وما هو إلا رد المؤلف. وبعد فكل ما أتى به الشارح هنا هو بعض ما ذكره المصنف في التعقب على ابن الجوزى، وأنا أذكره حرفيا على طوله، قال رحمه اللَّه تعالى ورضى عنه عقب إيراد ابن الجوزى للحديث من عند الدارقطنى، وقوله: تفرد به محمد ابن حِمْير وليس بالقوى، ما نصه: قلت: كلا بل قوى ثقة من رجال البخارى، والحديث صحيح على شرطه، وقد أخرجه النسائى وابن حبان في صحيحه، وابن السنى في عمل اليوم والليلة، وصححه أيضًا الضياء المقدسى في المختارة، وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث المشكاة: غفل ابن الجوزى فأورد هذا الحديث في الموضوعات وهو من أسمج ما وقع له، وقال الحافظ شرف الدين الدمياطى في جزء جمعه في تقوية هذا الحديث: محمد بن حمير القضاعى السليمى الحمصى، كنيته أبو عبد الحم احتج به البخارى في صحيحه، وكذلك محمد بن زياد الألهانى أبو سفيان الحمصى احتج به البخارى أيضًا، وقد تابع أبا أمامة على بن أبي طالب وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وجابر وأنس فرووه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأورد حديث على من الطريقين السابقين وحديث ابن عمرو والمغيرة وجابر وأنس من الطرق التي سأوردها، ثم قال: وإذا انضمت هذه الأحاديث بعضها

إلى بعض أخذت قوة، وقال الذهبى في تاريخه: نقلت من خط السيف أحمد بن أبي المجد الحافظ قال: صنف ابن الجوزى كتاب الموضوعات، فأصاب في ذكر أحاديث مخالفة للنقل والعقل، ومما لم يصب فيه إطلاقه الوضع على أحاديث بكلام بعض الناس في أحد رواتها، كقوله: فلان ضعيف أو ليس بالقوى أو لين، وليس ذلك الحديث مما يشهد القلب ببطلانه، ولا فيه مخالفة ولا معارضة لكتاب ولا سنة ولا إجماع، ولا حجة بأنه موضوع سوى كلام ذلك الرجل في راويه وهذا عدوان ومجازفة، قال: ومن ذلك أنه أورد حديث أبي أمامة في قراءة آية الكرسى بعد الصلاة لقول يعقوب بن سفيان في راويه محمد بن حمير: ليس بالقوى، ومحمد هذا روى له البخارى في صحيحه ووثقه أحمد وابن معين اهـ. وورد من حديث المغيرة بن شعبة قال أبو نعيم في الحلية [3/ 221]: ثنا القاضى أبو أحمد ثنا إبراهيم بن زهير ثنا مكى بن إبراهيم ثنا هاشم بن هاشم عن عمر بن إبراهيم عن محمد عن المغيرة بن شعبة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من قرأ آية الكرسى دبر كل صلاة، ما بينه وبين أن يدخل الجنة إلا أن يموت، فإذا مات دخل الجنة". قال الحافظ شرف الدين الدمياطى: مكى وهاشم ومحمد بن كعب، اتفقا على الاحتجاج بهم، وعمر بن إبراهيم أبو حفص العبدى النضرى احتج به الترمذى والنسائى وابن ماجه، قال فيه يحيى بن معين: ثقة، وقال عبد الصمد بن عبد الوارث: ثقة وفوق الثقة، ثم ذكر له طرقا أخرى (¬1). ¬

_ (¬1) انظر اللآلئ المصنوعة (1/ 230: 232).

3485/ 8927 - "مَنْ قَرَأَ الآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ". (4) عن أبي مسعود قال الشارح: بل رواه مسلم وسها المؤلف عنه. وقال في الكبير: قضية كلامه أن الشبخين لم يخرجاه والأمر بخلافه، فقد خرجاه. . . إلخ. قلت: لا يصح عندى أن يعزو المصنف هذا الحديث إلى السنن دون الصحيحين أصلا لشهرة الحديث في الصحيحين، وإنما الواقع أن رمز القاف للشيخين تحرف برقم أربعة الذي للسنن الأربعة، لأن المصنف كثيرا ما يقتصر على العزو إلى الشيخين إذا كان الحديث فيهما، ويؤيد ذلك أن رقم الأربعة الذي ذكره هنا غلط، لأن النسائى لم يخرجه في المجتبى الذي هو من الستة، وإنما خرجه في الكبرى (¬1). ومما يستغرب من الشارح أنه جزم في الكبير بوجود الحديث في الصحيحين ثم رجع في الصغير فاقتصر على عزوه إلى مسلم. 3486/ 8935 - "مَنْ قَرَأَ يس مَرَّةً فَكأنَّمَا قَرَأ القُرْآنَ مَرَّتَيْنِ". (هب) عن أبي سعيد قال في الكبير: قال في الميزان: هذا حديث منكر اهـ. وفيه طالوت بن عباد، قال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن الجوزى: ضعفه علماء النقل، ونازعه الذهبى، وسويد أبو حاتم ضعفه النسائى. قلت: يأتى الكلام عليه في الذي بعده. ¬

_ (¬1) انظر (5/ 9، رقم 8003، 8004) و (5/ 14، رقم 8018) و (6/ 181، رقم 10555، 10556).

3487/ 8936 - "مَنْ قَرَأ يَس مَرَّة فَكَأَنَّمَا قَرَأ القُرْآنَ عَشْرِ مَرَّاتٍ". (هب) عن أبي هريرة قال الشارح: سنده سند الذي قبله وفيه ما فيه. قلت: سويد أبو حاتم اسمه سويد بن إبراهيم البصرى العطار أبو حاتم، ذكره الذهبى في الميزان [2/ 247، رقم 3619] وقال: قال عثمان [عن ابن معين] (¬1): أرجو أن لا يكون به بأس، وروى أبو يعلى عن ابن معين: ليس به بأس، وقال النسائى: ضعيف، وقال أبو زرعة: حديثه حديث أهل الصدق، ثم قال الذهبى: وقال ابن حبان: فأسرف يروى الموضوعات عن الأثبات، وهو صاحب حديث البرغو فذكره، ثم قال الذهبى: وقال أبو حاتم في العلل: سألت أبي عن حديث سويد أبي حاتم عن سليمان التيمى عن أبي عثمان عن أبي هريرة قال: "من قرأ يس مرة فكأنما قرأ القرآن عشر مرات" فقال: هذا حديث منكر اهـ. فقائل ذلك هو أبو حاتم لا الذهبى كما يقول الشارح، ثم إن الذهبى اختصر الحكاية عن أبي حاتم، ولفظة ابنه في العلل: سألت أبي عن حديث رواه سويد أبو حاتم عن سليمان التيمى عن أبي عثمان عن أبي هريرة قال: "من قرأ يس مرة فكأنما قرأ القرآن عشر مرات" فقال أبو سعيد: "من قرأ يس فكأنما قرأ القرآن مرتين" قال أبو هريرة: حدث أنت بما سمعت وأحدث أنا بما سمعت، قال أبي هذا حديث منكر اهـ. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفتين زيادة من الميزان.

3488/ 8940 - "مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الدُّخَان فِي لَيْلَةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". ابن الضريس عن الحسن مرسلا قال في الكبير: الضريس بضم المعجمة وشد الراء. قلت: هذا غلط بل بفتح الراء المخففة كزبير كما هو مشهور بين الناس، ومذكور في كتب اللغة. 3489/ 8943 - "مَنْ قَرَأ خَوَاتِيمَ الحشْرِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَقُبِضَ فِي ذَلِكَ اليَوْم أَوْ اللْيَلةِ فَقَدْ أوْجَبَ الجنَّة". (عد. هب) عن أبي أمامة قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقى خرجه وسلمه والأمر بخلافه، بل عقبه بقوله: انفرد به سليمان بن عثمان عن محمد بن زياد. قلت: فيه أمران، أحدهما: الكذب على قضية كلام المصنف فإنه رمز له بعلامة الضعيف. ثانيهما: أن قول البيهقى: تفرد به فلان عن فلان، ليس بتضعيف كما ظنه الشارح إلا إذا صرح بان أحد المنفردين ضعيف، وإلا فكم من أحاديث تفرد بها الثقات وهى صحيحة، وأول ذلك أشهر حديث وهو حديث: "إنما الأعمال" انفرد به أربعة كل واحد عمن فوقه، ومع ذلك فهو أصح حديث، فما لهذا الرجل لا يفهم ولا يسكت عما لا يعلم؟ وقد ورد حديث معقل بن يسار عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ باللَّه السميع العليم من الشيطان الرجيم ثم قرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر، وكل اللَّه به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى

يمسى، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا، ومن قالها حين يمسى كان بتلك المنزلة". رواه أحمد [5/ 26] والترمذى [5/ 182، رقم 2922] وجماعة، وقال الترمذى: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي نسخة: حسن غريب، وهو من رواية نافع بن أبي نافع، وفيه اختلاف في هويته من هو. 3490/ 8948 - "مَنْ قَرَأَ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} خَمْسِينَ مَرَّةً غفرَ اللَّه لهُ ذُنُوبَ خَمْسِيَن سَنَةً". ابن نصر عن أنس قلت: سكت الشارح على هذ الحديث، لأن المصنف لم يرمز له بشيء، وهو من رواية نوح بن قيس: أخبرنا محمد بن العطار عن أم كثير الأنصارية عن أنس، ومحمد العطار، وأم كثير غير معروفين. 3491/ 8950 - "مَنْ قَرَأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} مِائَةَ مرَّةٍ غَفَرَ اللَّه لَهُ خَطِيَئة خَمْسِين عَامًا مَا اجْتَنَبَ خِصَالًا أَرْبَعًا: الدّمَاءَ والأمَوالَ والفُرُوج وَالأَشْرِبَة". (عد. هب) عن أنس قال في الكبير: وظاهره أن مخرجيه خرجاه وسكتا عليه والأمر بخلافه، بل قالا: تفرد به الخليل بن مرة وهو من الضعفاء الذين لا يكتب حديثهم. قلت: أما المصنف فقد رمز للحديث بعلامة الضعيف، وأما ابن عدى فلم يقل شيئًا من ذلك ولا كتابه موضوع لذلك، فهو كذب عليه وعلى المصنف، وإنما الذي قال ذلك البيهقى وحده، ثم إنه لم يقل: وهو من الضعفاء الذين لا

يكتب [حديثهم]، بل قال: من الضعفاء الذين يكتب، فزاد الشارح كلمةً من عنده. والحديث اختصره المصنف فلم يصب، وهو موضوع جزما يعرف وضعه بالبداهة لو ذكره بتمامه. 3492/ 8952 - "مَنْ قَرأ فِي يَوم {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} مِائَتى مَرَّةً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ألفًا وخَمْسِمَائَةَ حَسَنَةٍ، إلا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ". (عد. هب) عن أنس قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن ابن عدى خرجه وأقره وليس كذلك، فإنه أورده في ترجمة حاتم بن ميمون، قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، ثم إن ظاهر كلام المصنف أن ذا مما لم يتعرض أحد الستة لتخريجه وكأنه ذهول، فقد خرجه الترمذى من حديث أنس هذا ولفظه: "من قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} في يوم مائتى مرة كتب اللَّه له ألفا وخمسمائة حسنة إلا أن يكون عليه دين". قلت: فيه أولا: الكذب على ظاهر صنيع المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف، وفيه الكذب على ابن عدى وعلى كتابه والإخبار عنه بخلاف ما هو عليه، فإن كتابه في الرجال الضعفاء لا في تسليم الأحاديث أو ردها، بل لا مسيس لموضوع كتابه بهذا أصلا، فهو مجرد كذب وجهل من الشارح سامحه اللَّه. وفيه الإيهام وقلب الحقائق وفساد التعبير، فإن قوله: فإنه أورده في ترجمة حاتم بن ميمون قال ابن حبان. . . إلخ، يوهم أن ابن عدى نقل ذلك عن ابن حبان والرجلان متعاصران، وما أرى أحدهما ينقل عن الآخر مطلقا، وهذا الكلام إنما نقله الذهبى عن ابن حبان.

وفيه أيضًا الكذب على الترمذى في عزو الحديث إليه باللفظ المذكور، قال الترمذى [5/ 168، رقم 2898]: حدثنا محمد بن مرزوق البصرى ثنا حاتم بن ميمون أبو سهل عن ثابت البنانى عن أنس بن مالك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من قرأ كل يوم مائتى مرة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} محيى عنه ذنوب خمسين سنة إلا أن يكون عليه دين". 3493/ 9681 - "مَنْ قَضَى لأَخِيهِ المسْلِمِ حَاجَةً كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ كَمَنْ خَدَمَ اللَّه عُمُرَهُ". (حل) عن أنس قال في الكبير: وكذا الخطيب عن إبراهيم بن شاذان عن عيسى بن يعقوب بن جابر الزجاج عن دينار مولى أنس عن أنس، قال: وقضية كلام المصنف أن ذا لا يوجد مخرجًا لأعلى من أبي نعيم وإلا لما عدل إليه واقتصر عليه والأمر بخلافه، فقد خرجه البخارى في التاريخ، ولفظه: "من قضى لأخيه حاجة فكأنما خدم اللَّه عمره" وكذا الطبرانى والخرائطى عن أنس بسند قال الحافظ العراقى: ضعيف، وأورده ابن الجوزى في الموضوع. قلت: فيه أمور، الأول: أن السند الذي ذكره من عند الخطيب ليس هو سند هذا الحديث بل هو سند حديث آخر، قال الخطيب [11/ 175]: أخبرنا العتيقى أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان ثنا أبو موسى عيسى بن بعقوب بن جابر الزجاج -وقد كف بصره- قال: حدثنا دينار مولى أنس في قنطرة الصراة حدثنى صاحبى أنس بن مالك قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من قضى لأخيه حاجة من حوائج الدنيا قضى اللَّه له اثنتين وسبعين حاجة أسهلها المغفرة". الثانى: قوله وكذا الخطيب عن إبراهيم بن شاذان، يفيد أن إبراهيم شيخ

للخطيب، وأن الخطيب رواه عنه مباشرة، والواقع كما رأيت أنه رواه عن العتيقى عنه، والقاعدة في مثل هذا أن يقول: رواه الخطيب من طريق -أو من حديث- فلان لأن "عن" تفيد الاتصال، ولذلك عدوا قولهم: "رواه البخارى عن أنس" مثلا، تجوز وخروج عن الجادة، والأفضل أن يقال: من حديث أنس. الثالث: قوله: عن إبراهيم بن شاذان، والواقع أنه أحمد بن إبراهيم. الرابع: ومن باب أولى أن هذا السند ليس هو سند أبي نعيم الذي عزاه المصنف إليه مع أن عطف الشارح للخطيب على أبي نعيم يفيد أنهما معا روياه بذلك الإسناد. الخامس: قوله: وقضية كلام المصنف. . إلخ السخافة المعهودة، نعم رواه هؤلاء ولم يعزه إليهم فكان ماذا؟ والحافظ العراقى الذي نقل الشارح هذا العزو للمذكورين من كتابه المغنى في تخريج أحاديث الإحياء هو أحفظ من المصنف بمراحل، ولم يعزه هو أيضًا لمن هو أشهر من الخرائطى كابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج، وأبي نعيم الذي خرجه في الحلية والتاريخ معا، وأبي عبد الرحمن السلمى في طبقات الصوفية. السادس: أن العراقى قال: رواه البخارى في التاريخ والطبرانى والخرائطى كلاهما في مكارم الأخلاق، والشارح حذف هذا من كلامه، فأوهم أن الطبرانى خرجه في أحد معاجمه والواقع خلافه. السابع: قوله: وأورده ابن الجوزى في الموضوع باطل، فإن ابن الجوزى لم يورد هذا الحديث في الموضوعات، إنما أورده من طريق العقيلى [2/ 171] ثم من حديث زياد بن أبي حسان عن أنس مرفوعًا: "من أغاث ملهوفا كتب اللَّه له ثلاثا وسبعين مغفرة، واحدة منها فيها صلاح أمره كله، واثنتان وسبعون

درجات له يوم القيامة" وقال: موضوع آفته زياد اهـ. وقد اغتر بالشارح من لم يخبر حاله فقلده في حكاية إيراد ابن الجوزى لهذا الحديث في الموضوعات، فوقع في شبكة أوهامة جماعة منهم مرتضى في شرح الإحياء. الثامن: عزو الحافظ العراقى هذا الحديث للبخارى فيه تساهل، فإن البخارى ذكره معلقا ولم يسنده، فقال ما نصه: مُتوكل القشيرى عن حميد بن العلاء عن أنس بن مالك قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من قضى لأخيه المؤمن حاجة كان بمنزلة من خدم اللَّه عمره". نعم رواه الطبرانى في مكارم الأخلاق فقال [ص 343، رقم 88]: حدثنا أبو مسلم الكشى ثنا محمد بن عمر المعيطى ثنا بقية بن الوليد عن المتوكل، ووقع في أصلنا أبي المتوكل القشيرى عن حميد بن العلاء عن أنس به بلفظ: "من قضى لأخيه المسلم حاجة كان كمن خدم اللَّه عمره". وقال الخرائطى في مكارم الأخلاق [ص 17]: حدثنا نصر بن داود الصاغانى ثنا محمد بن عمر المعيطى ثنا بقية بن الوليد ثنى المتوكل بن يحيى الطائى به. وقال أيضًا: ثنا على بن داود القنطرى ثنا محمد بن عبد العزيز الرملى ثنا بقية ابن الوليد عن متوكل القشيرى به. وقال ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق وقضاء الحوائج [ص 37، رقم 25] معا: حدثنا أبو تمام السكونى وأبو ياسر المروزى وأبو الحسن الشيبانى قالوا: حدثنا بقية به. وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 74]:

حدثنا مطهر بن أحمد ثنا نوح بن منصور ثنا سعيد بن عمرو الحمصى ثنا بقية ابن الوليد به. ورواه الخطيب [6/ 41] من طريق ابن شاهين ثم من رواية سعيد بن عمرو الحمصى ثنا بقية به. وحميد بن العلاء، قال الأزدى: لا يصح حديثه، كذا قال دفعا بالصدر، نعم هو غير معروف إلا بهذا الحديث وبرواية متوكل عنه فيما يظهر. وقد قال الحافظ: أخشى أن يكون الجنيد تصحف -يعنى الجنيد بن العلاء- فإنه تابعى أيضًا، وقد ذكره البخارى ونقل عن أبي أسامة أنه قال: كان صاحبى وأوثق في، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات [8/ 167] وفي الضعفاء [1/ 211] معا، وقال: ينبغى مجانبة حديثه، وقال الأزدى: لين الحديث ومتوكل، ذكره البخارى ولم يقل فيه شيئًا، وقال الأزدى: حديثه ليس بالقائم، كذا قال. وللحديث طريق آخر أخرجه أبو عبد الرحمن السلمى في الطبقات وأبو نعيم في الحلية [10/ 255] والخطيب في التاريخ [5/ 131]، كلهم من طريق محمد بن عيسى الدهقان قال: كنت أمشى مع أبي الحسين النورى أحمد بن محمد المعروف بابن البغوى الصوفى، فقلت له: ما الذي تحفظ عن السرى السقطى؟ فقال: حدثنا السرى عن معروف الكرخى عن ابن السماك عن الثورى عن الأعمش عن أنس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من قضى لأخيه المسلم حاجة كان له من الأجر كمن خدم اللَّه عمره"، قال محمد بن عيسى: فذهبت إلى السرى فسألته عنه فقال: سمعت معروفًا يقول: خرجت إلى الكوفة فرأيت رجلا من الزهاد يقال له ابن السماك فتذاكرنا العلم فقال لى:

حدثنا الثورى عن الأعمش مثله، ومحمد بن عيسى قال الذهبى: لا يعرف، وأتى بخبر موضوع فأتى بهذا الحديث من عند أبي سعيد المالينى به مثله، ثم قال: قال الخطيب: حدثنا أحمد بن جعفر القطيفى ثنا على بن الحسن بن الموفق بمصر سمعت أبا الحسن أحمد بن محمد المالكى قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد النورى قال: حدثنا سرى بن المغلس معروف الزاهد ثنا محمد بن السماك عن الثورى بهذا، ولفظه: "كان له من الأجر كمن حج واعتمر" اهـ. قال الحافظ: فبرئ محمد بن عيسى الدهقان من عهدته اهـ. قلت: وهى غفلة وقعت من الذهبى إذ حكم بوضعه واتهم به الدهقان، مع أنه نفسه يورده من طريق آخر، ثم إنه لم يقف على الطريق الأول الذي سبق فإنه متابع لهذا الطريق أيضًا، وبذلك يبعد الحكم بضعف الحديث فضلا عن وضعه. 3494/ 8962 - "مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً صَوَّبَ اللَّه رَأسَهُ في النَّارِ". (د) والضياء عن عبد اللَّه بن حبشى قال في الكبير: زاد الطبرانى: "من سدر الحرم صوب اللَّه رأسه في النار" (د). قال في الكبير: وكذا النسائى في السير خلافًا لما يوهمه كلام المصنف، والضياء في المختارة عن عبد اللَّه بن حبشى. قلت: قول الشارح: زاد الطبرانى. . . إلخ يوهم أن ذلك من تمام الحديث المرفوع -أعنى من كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وليس كذلك، بل هي عند الطبرانى [17/ 41، رقم 46] من تفسير الراوى، ولفظه: "من قطع سدرة صوب اللَّه رأسه في النار" يعنى من سدر الحرم. وقوله: وكذا النسائى في السير باطل، ما خرجه النسائى لا في السير ولا في

غيره، فإن خرجه في السنن الكبرى [5/ 182، رقم 8611] فهو خارج عن الكتب الستة غير معدود منها فلا يصح التعقب به. 3495/ 8964 - "مَنْ قَعَدَ عَلَى فِرَاشِ مَغِيبةٍ قَيَّضَ اللَّه لَهُ ثُعَبانًا يَوْمَ الِقَيامَةِ". (حم) عن أبي قتادة قال في الكبير: رمز لحسنه، قال الهيثمى كالمنذرى: فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف اهـ. لكن في الميزان عن أبي حاتم: هذا حديث باطل. قلت: هذا يوهم أن ذلك ذكر في ترجمة ابن لهيعة، والواقع أن الذهبى قال ذلك في ترجمة الوليد بن مسلم الثقة الحافظ المخرج له في الصحيحين، فقال [4/ 347، رقم 9405]: ومن أنكر ما أتى به حديث حفظ القرآن، رواه الترمذى وحديثه عن ابن لهيعة عن عبيد اللَّه بن جعفر عن عبد اللَّه بن أبي قتادة عن أبيه فذكره بلفظ: "قيض اللَّه له يوم القيامة ثعبانين" بالتثنية، ثم قال: قال أبو حاتم: هذا حديث باطل اهـ. والحديث ذكره ابن أبي حاتم في العلل [2/ 296] فقال: سألت أبي عن حديث رواه هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة فذكر ما حكاه الذهبى، ولا يدرى من اتهم أبو حاتم به؟ هل هشام بن عمار أو الوليد بن مسلم؟ وكل ذلك باطل، فإن أحمد رواه من غير طريقهما فقال [5/ 300]: حدثنا سعيد مولى بنى هاشم ثنا ابن لهيعة به بلفظ: "ثعبانا" بالإفراد كما ذكره المصنف. والمقصود أن الذهبى لم يذكر ذلك في ترجمة أحد من رجال هذا السند بل في ترجمة رجل آخر خارج عنه، وكلامه باطل كأبي حاتم الذي قاله، والشارح يهرف بما لا يعرف.

3496/ 8965 - "مَنْ كَانَ آخِرُ كلامِهِ لا إله إلا اللَّه دَخَلَ الجنَّةَ". (حم. د. ك) عن معاذ بن جبل قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح لكن أعله ابن القطان بصالح بن أبي عَريب، فإنه لا يعرف حاله ولا يعرف من روى عنه غير عبد الحميد، وتعقب بأن ابن حبان ذكره في الثقات. قلت: صالح المذكور روى عنه جماعة منهم الليث بن سعد، وحيوة بن شريح، وابن لهيعة وآخرون، فلا يصح أن يقول ابن القطان هذا، وإنما الشارح حرف النقل عنه، ولعله قال: لم يرو الحديث عنه إلا عبد الحميد ابن جعفر. وهبه كذلك فعبد الحميد ثقة من رجال الصحيح لا يضر تفرده، وحكاية رواية الحفاظ لهذا الحديث عند أبي ررعة وهو في الاختصار، وروايته هو أيضًا فكان آخر كلامه معروفة مشهورة. 3497/ 8974 - "مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَليُكْرِمْهُ" (د) عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وأصله قول ابن حجر في الفتح: إسناده حسن، وله شاهد من حديث عائشة في الغيلانيات، وسنده أيضًا حسن اهـ. لكن قال الحافظ العراقى: إسناده ليس بالقوى وذلك لأن فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد، وهو وإن كان من أكابر العلماء ووثقه مالك، لكن في الميزان عن ابن معين والنسائى تضعيفه. . . إلخ. قلت: لا أدرى من عرفه أن أصل حكم المصنف هو قول الحافظ في الفتح [10/ 368] من (¬1) أن المصنف رمز للحديث بعلامة الصحيح وهو ¬

_ (¬1) هكذا بالأصل والسياق يقتضى أن تكون "مع".

كذلك، فإن عبد الرحمن ابن أبي الزناد ثقة حسن الحديث بل صحيحه، فقد احتج به مسلم في المقدمة وعلق له البخارى، فإذا ورد حديثه من طريق آخر فهو صحيح جزما مقطوعًا به، وما أظن أن الحافظ العراقى قال ما نقله عنه الشارح، فإن قال ذلك فهو ما أداه إليه نظره في ذلك الوقت، والحافظ تلميذه أقعد منه في الحكم على الأحاديث، فإنه -أعنى العراقى- يجبن كثيرا عن الحكم على الأحاديث ويحتاط لذلك صحة ووضعا، فلا يكاد يحكم على حديث بالوضع ولو كان ظاهر البطلان، بل يعدل إلى قوله منكر أو شديد النكارة، ولا يقول في حديث: موضوع، حتى يكون أظهر من كل ظاهر. والحديث خرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار [8/ 435، رقم 3365] من حديث أبي هريرة ومن حديث عائشة الذي عزاه الحافظ إلى الغيلانيات فقال الطحاوى: حدثنا ابن أبي داود ثنا العباس بن الوليد الرخام ثنا محمد بن يزيد الواسطى ثنا ابن إسحاق عن عمارة بن غزية عن القاسم بن محمد عن عائشة: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا كان لأحدكم شعر فليكرمه"، وهو كما قال الحافظ فالحديث صحيح ولابد. 3498/ 8977 - "مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَليُرَ عَلِيهِ أثَرهُ" (طب) عن أبي حازم قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: وفيه يحيى بن بريد بن أبي بردة وهو ضعيف. قلت: نعم، فلو انفرد به لكان ضعيفا، ولكن الحديث له طرق بلغت حد التواتر تقريبا فهو صحيح لا حسن، ولكن مراعاة لما قيل في راويه يقتصر عليه بالحسن.

3499/ 8978 - "مَنْ كانَ له وجْهانِ في الدُّنيا كانَ له يْومَ القيامَةِ لِسانانِ من نارٍ" (د) عن عمار قال في الكبير: رمز لحسنه، وقال الحافظ العراقى: سنده حسن اهـ. لكن قال الصدر المناوى: فيه شريك بن عبد اللَّه القاضى وفيه مقال، نعم رواه البخارى في الأدب المفرد بسند حسن. قلت: لو سكت هذا الشارح عن الدخول فيما لا يعنيه واكتفى بقول الحفاظ لكان أستر له، فالبخارى خرجه في الأدب المفرد [ص 430، رقم 1315] من طريق شريك أيضًا، فقال: ثنا محمد بن سعيد الأصبهانى ثنا شريك عن نعيم بن حنظلة عن عمار بن ياسر به. فسنده وسند أبي داود [4/ 268، رقم 4873] واحد، ثم إن شريكا القاضى ثقة من رجال الصحيح، فبحث الصدر المناوى ضائع أيضًا. ومن طريق شريك أيضًا أخرجه عبد اللَّه بن أحمد في زوائد زهد أبيه [ص 312، رقم 1209] عن أبي بكر بن أبي شيبة عن شريك. 3500/ 8984 - "مَنْ كَانَ يؤمنُ باللَّه واليوم الآخر لا يدخل الحمَّامَ بغير إزارٍ، ومَنْ كَانَ يؤمنُ باللَّه واليوم الآخر فلا يُدْخِلُ حَليلتَه الحمَّامَ، ومَنْ كانَ يؤمنُ باللَّه واليومِ الآخرِ فلا يجْلس على مائدةٍ يُدارُ عليها الخمرُ". (ت. ك) عن جابر قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن الترمذى تفرد به من بين الستة،

والأمر بخلافه، فقد خرجه النسائى في الطهارة باللفظ المزبور عن جابر المذكور. قلت: كلا لم يخرجه باللفظ المذكور بل أخرج منه قطعة الحمام الأولى فقط، فقال [1/ 198، رقم 401]: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا معاذ بن هشام حدثنى أبي عن عطاء عن أبي الزبير عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر". 3501/ 8986 - "مَنْ كَتَم شَهادة إذا دُعى إليهَا كَان كَمن شَهِدَ الزُورَ". (طب) عن أبي موسى قال في الكبير: وفيه عبد اللَّه بن صالح وثقه عبد الملك بن شعيب وضعفه جمع، وذكر الهيثمى كالمنذرى أن جزرة كذبه، وغيره ضعفه عن معاوية بن صالح، قال الذهبى في الضعفاء: ثقة، وقال أبو حاتم: لا يحتج به عن العلاء بن الحارث، قال الذهبى في الضعفاء: قال البخارى: منكر الحديث. قلت: ومع هذا كله قال في الشرح الصغير: إسناده حسن، فاعجب لهذا، مع أن الحفاظ يصححون أو يحسنون فيتعقب عليهم برجل الصحيح إذا قيل فيه أدنى كلمة كليس بقوى، فكيف بالكذاب والمنكر الحديث والذي لا يحتج به؟! فالسند إذا سلسلة ضعفاء. 3502/ 8989 - "مَنْ كُثرتْ صَلاتُه بالليلِ حَسُن وجْهُه بالنَّهارِ". (هـ) عن جابر قال الشارح: وعجب من المؤلف حيث أورده في الكتاب الذي زعم أنه صانه

عن كل ما انفرد به وضاع أو كذاب، مع قوله في فتاويه: أطبقوا على أنه موضوع. . . إلخ. قلت: أما أولا: فليس هذا مما انفرد به وضاع بل طرقه متعددة، فسقط كلام الشارح من أصله. وأما ثانيًا: فليس في حكاية المؤلف إطباقهم على وضعهم ما يدل على أنه موافق لهم في ذلك سلمنا، فلم لا يكون تغير رأيه بعد ذلك؟، فإن الجامع الصغير من أواخر ما ألف، وهكذا وقع لنا نحن في هذا الحديث، فإننا كنا نعتقد ذلك تقليدًا للحفاظ، ثم رجعنا عن ذلك حيث اتضح لنا غلطهم، وتمالؤهم على الباطل، وحكمنا بصحته في تخريج أحاديث عوارف المعارف وفي وشى الأهاب بالحجج الدامغة، ولعلنا نفرد ذلك في تأليف خاص إن يسر اللَّه تعالى. 3503/ 8993 - "مَنْ كَذبَ عليَّ مُتعمِدًا فَليتَبوأ مقْعدَه من النَّارِ". (حم. ق. ت. ن. هـ) عن أنس ذكره المصنف عن نحو خمسة وستين صحابيا أو أزيد، فكتب عليه الشارح في الكبير سخافته المعتادة وهى قوله: ظاهر استقصاء المصنف في تعداده المخرجين والرواة، أنه لم يروه غير من ذكر، وليس كذلك. . . إلخ. قلت: لو رأى الحاسد محسوده ملأ ما بين الخافقين، لقال في ذلك ما يوحيه إليه حسده، هذا مع أنه يعلم أن مثله لو تصدى فجمع هذه الطرق طول عمره لأعجزه أمرها، ولما أمكنه أن يقف على عشر ما ذكره المصنف، فإنا للَّه وانا إليه راجعون.

3504/ 8997 - "مَنْ كَظَم غَيظًا وهو يقْدِرُ على إنفَاذِه مَلأَ اللَّه قَلبَه أمنًا وإيمانًا". ابن أبي الدنيا في ذم الغضب عن أبي هريرة قال في الكبير: رمز لحسنه، قال الحافظ العراقى: فيه من لم يسم، ورواه أبو داود باللفظ المزبور لكنه قال على أن ينفذه بدل إنفاذه، قال ابن طاهر: وفي إسناده مجهول، وأورده في الميزان في ترجمة عبد الجليل وقال: قال البخارى: لا يتابع عليه، ورواه الطبرانى في الأوسط والصغير بلفظ: "من كظم غيظا وهو قادر على إنفاذه زوجه اللَّه من الحور العين يوم القيامة، ومن ترك ثوب جمال وهو قادر على لبسه كساه اللَّه رداء الإيمان يوم القيامة، ومن أنكح عبدا وضع اللَّه على رأسه تاج الملك يوم القيامة"، قال الهيثمى: فيه بقية، مدلس، ورواه الطبرانى من حديث أبي مرحوم عن معاذ مرفوعًا بلفظ: "من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه اللَّه على رؤوس الخلق يوم القيامة حتى يزوجه من أى الحور شاء" قال في المهذب: أبو مرحوم ليس بذاك. قلت: في هذا تخليط يتضح من وجوه، الأول: حديث أبي هريرة رواه عبد الرزاق في تفسيره من طريق زيد بن أسلم عن رجل من أهل الشام يقال له عبد الجليل عن عم له عن أبي هريرة، ومن هذه الطريق رواه بن جرير [4/ 94] وابن أبي الدنيا والعقيلى [3/ 103] وابن فيل في جزئه وجماعة. الثانى: قوله: ورواه أبو داود، يفيد أنه روى حديث أبي هريرة، والواقع أنه لم يروه، بل روى الحديث [4/ 248، رقم 4777] من طريق أبي مرحوم عن سهل بن معاذ عن أبيه، ومن طريق محمد بن عجلان عن سويد بن وهب عن رجل من أبناء أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أبيه. الثالث: قوله: باللفظ المزبور باطل، بل قال في الطريق الأول: "من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه اللَّه يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى

يخيره من أى الحور العين شاء"، ثم قال في الطريق الثانى: عن رجل من أبناء أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه، قال: "ملأه اللَّه أمنا وايمانا"، لم يذكر قصة دعاه اللَّه، زاد "ومن ترك لبس ثوب جمال وهو يقدر عليه -أحسبه قال: تواضعا- كساه اللَّه حلة الكرامة، ومن زوج للَّه توجه اللَّه تاج الملك" اهـ. فبون كبير بين لفظ أبي داود الذي هو من حديث معاذ بن أنس، وبين لفظ المتن الذي هو من حديث أبي هريرة. الرابع: قوله: وقال ابن طاهر: في إسناده مجهول، نص ابن طاهر في الكلام على أحاديث الشهاب: هذا سند مجهول، والذي لم يسم ابن عجلان هو: سهل بن معاذ. الخامس: قوله: وأورده في الميزان [2/ 535، رقم 4751] في ترجمة عبد الجليل، هذا رجوع إلى سند حديث أبي هريرة بعد ذكر حديث معاذ بن أنس. السادس: قوله: ورواه الطبرانى في الأوسط [9/ 104، 62556] والصغير [2/ 123] إلخ، هذا رجوع إلى حديث معاذ بن أنس أيضًا، مع أنه يوهم أنه لا يزال يتكلم على حديث أبي هريرة. قال الطبرانى [2/ 250، رقم 1112]: حدثنا واثلة بن الحسن العرقى بمدينة عرقة ثنا كثير بن عبيد الحذاء ثنا بقية بن الوليد عن إبراهيم بن أدهم عن فروة بن مجاهد عن سهل بن معاذ عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. السابع: قوله: ورواه الطبرانى [12/ 453] من حديث أبي مرحوم عن معاذ، حديث أبي مرحوم رواه أحمد [3/ 438] وأبو داود كما قدمناه، والترمذى [4/ 656، رقم 2493] وابن ماجه [2/ 1400، رقم 4186] وأبو نعيم في

الحلية [8/ 47، 48] والبيهقى في السنن [8/ 161]، فأى معنى لعزوه للطبرانى وحده؟ على أنى أشك في إخرج الطبرانى له. الثامن: قوله: عن معاذ، يوهم أنه معاذ بن جبل، لأنه المعروف عند الإطلاق، وغيره إذا أريد لابد من تقييده، مع أن الحديث من رواية معاذ بن أنس، وقد بسطت طرق هذا الحديث في وشى الإهاب. 3505/ 9004 - "مَنْ لَبِسَ ثوبَ شُهرةٍ ألبسَهُ اللَّه يومَ القيامةِ ثوبَ مَذلَّةٍ، ثم يُلهِبُ فيه النَّار". (د. هـ) عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا النسائى في الزينة، فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد ذينك عن الستة غير لائق. قلت: لم يخرجه النسائى في الصغرى -الذي هو أحد الكتب الستة- فالحق ما فعله المصنف. 3506/ 9010 - "مَنْ لَعِقَ العَسَل ثلاثَ غَداوتٍ كلَّ شهرٍ لم يُصبْه عَظيمٌ من البَلاءِ". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه ابن ماجه عن إدريس بن عبد الكريم المقرى عن أبي الربيع الزهرانى عن سعيد بن زكريا المداينى عن الزبير بن سعيد عن عبد الحميد ابن سالم عن أبي هريرة، قال في الميزان عن البخارى: لا يعرف لعبد الحميد سماع من أبي هريرة، قال ابن حجر، يعنى الحافظ في الفتح: سنده ضعيف، لكنه قال: إن ابن ماجه خرجه من حديث جابر، والمؤلف قال: عن أبي هريرة، فليحرر، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات. . . إلخ. قلت: إيراده سند ابن ماجه يفيد أنه وقف على الحديث في سنن ابن ماجه، وعدم تحققه من الحديث هل هو من رواية أبي هريرة كما قال المصنف أو جابر

كما قال الحافظ يفيد أنه لم يقف عليه في ابن ماجه وهو الواقع، وليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل الطامة أن السند الذي ذكره ليس هو سند ابن ماجه، بل سند العقيلى، فهو الذي قال [3/ 40]: حدثنا إدريس بن عبد الكريم المقرى ثنا أبو الربيع الزهرانى ثنا سعيد بن زكريا المداينى. . . إلخ. أما ابن ماجه فقال [2/ 1142، رقم 3450]: حدثنا محمود بن خداش ثنا سعيد بن زكريا القرشى به، والذي أوقعه في هذا أن ابن الجوزى أورد في الموضوعات [3/ 215] الحديث من عند العقيلى بسنده المذكور، فقال المصنف عقبه: أخرجه من هذا الطريق ابن ماجه في سننه، والبيهقى في شعبة [5/ 98، رقم 5930] فلبعد الشارح عن معرفة الفن وقواعد أهله ظن أن قوله: من هذا الطريق يشمل الطريق من أوله إلى آخره، وأن شيخ العقيلى هو شيخ ابن ماجه، ولم يشوش، عليه هذا الظن عطف البيهقى المتأخر عنهما على ابن ماجه أيضًا، إذ لا يمكن أن يكون سند البيهقى هو سند ابن ماجه إلا إذا رواه من طريقه، وهكذا الشارح دائمًا ينقل من كتب المصنف ويكتم ذلك، ثم يظهر الفضل عليه بالتعقب والاستدراك، فيقع في مثل هذه المضحكات. أما ما نقله عن الحافظ، في الفتح [10/ 140 تحت حديث رقم 5684] فهو كما قال، فإن الحافظ وقع له سهو في عزو هذا الحديث ولفظه، وقد أخرج أبو نعيم في الطب النبوى بسند ضعيف من حديث أبي هريرة رفعه وابن ماجه بسند ضعيف من حديث جابر رفعه: "من لعق العسل ثلاث غدوات" الحديث. والذي أوقع الحافظ في هذا أن ابن ماجه روى في سننه [2/ 1142، رقم 3451] عقب حديث أبي هريرة المذكور مباشرة حديث جابر بن عبد اللَّه قال: "أهدى للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عسل فقسم بيننا لعقة لعقة، فأخذت لعقتى ثم قلت: يا

رسول اللَّه أزداد أخرى؟ قال: نعم"، فذهب بصر الحافظ إلى اسم جابر أو سبق ذهنه إليه. والحديث رواه أيضًا الدولابى في الكنى [1/ 185] من طريق يحيى بن معين: ثنا سعيد بن زكريا المداينى به. وأخرجه الذهبى في التذكرة [3/ 986، 987] في ترجمة محمد بن أحمد بن حماد من طريق أبي القاسم بن بشران ثم قال: هذا حديث منكر، والزبير ضعيف. 3507/ 9017 - "مَنْ لمْ يؤُمن بالقدرِ خَيرِه وشَرِه فأنا منه بَرِئ". (ع) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه صالح بن سرح وهو خارجى، وأقول: فيه أيضًا يزيد الرقاشى وهو متروك، فتعليقه الجناية برأس الخارجى وحده خارج عن الإنصاف. قلت: من شأن الشارح أن يتنبه لما يظنه صوابا وهو خطأ، ويغفل عما يجب التنبيه عليه ولو كان واضحا، فهذا الحديث خرجه ابن عدى [1/ 432] من طريق يزيد الرقاشى عن صالح بن شريح عن أبي هريرة، وذكره الذهبى في الميزان [1/ 258، رقم 992] في ترجمة أشرس بن أبي الحسن، والشارح كان رتب أحاديث الميزان على حروف المعجم وجعل ذلك مرجعا يرجع إليه في الكشف عن الأحاديث، فرأى ابن عدى خرجه من طريق يزيد الرقاشى فقال ما قال، ومن عرفه أن ابن عدى خرجه من طريق الرقاشى أيضًا فقد يكون رواه من طريق غيره عن صالح المذكور، وإلا فبعيد أن يسكت

الحافظ الهيثمى [7/ 206] عن تعليل الحديث بالرقاشى ويعلله بصالح بن سرح الذي ذكره ابن حبان في الثقات. ولكن هناك أمر آخر لم يتنبه له الشارح وهو أن المذكور في السند صالح بن شريح بالشين المعجمة مصغرا، لا ابن سرح بالمهملة مكبرا الذي كان خارجيا، فإن هذا -أعنى الخارجى- صغير ما أظنه روى عن أحد من الصحابة وإنما روايته عن عمران بن حطان الخارجى، أما صالح بن شريح فتابعى كبير بل قيل إنه له إدراكا، ولذلك ذكره الحافظ في الإصابه: [3/ 457، رقم 4124]، وقد وقع ذكره كذلك في الميزان [2/ 295، رقم 3799] ولسانه [3/ 170، رقم 693]، وكلاهما من مصادر الشارح فلم يدرك الصواب في الرجل ولا عرف أن الحافظ الهيثمى تحرف عليه هذا الاسم أو تصحف. 3508/ 9021 - "مَنْ لمْ يَحْلِقْ عَانَته ويُقَلِّم أظَفِارَه ويَجُزَّ شَارِبَه فَليس منَّا". (حم) عن رجل قال في الكبير: رمز لحسنه وليس كما ظن، فقد قال الحافظ العراقى: هذا لا يثبت، وفي إسناده ابن لهيعة والكلام فيه معروف. قلت: ليت شعرى لم لا يكون الحال بالعكس فيقال: قال الحافظ العراقى: لم يثبت، وليس كما ظن فقد قال الحافظ السيوطى: سنده حسن، فهل هناك من مرجح؟! وبعد، فما أظن الحافظ العراقى يقول هذا والحديث حسن وفوق الحسن، وابن لهيعة إمام حافظ وحديثه حسن لاسيما إذا وجد له شاهد، وقد مر قريبًا حديث زيد بن أرقم: "من لم يأخذ من شاربه فليس منا"، والشواهد له

كثيرة في حلق العانة وقلم الأظفار، أفردت بالتأليف. 3509/ 9025 - "مَنْ لَمْ يَذَر المُخَابرةِ فليُؤذِن بحَرْبٍ من اللَّه ورَسولهِ". (د. ك) عن جابر قال في الكبير: وفيه عند أبي داود عبد اللَّه بن رجاء أورده الذهبى في ذيل الضعفاء وقال: صدوق، قال الفلاس: كثير الغلط والتصحيف. . . إلخ. قلت: هذه الجملة على قلتها قد أتى فيها [الشارح] بالأوهام الكبيرة، أول ذلك: أن عبد اللَّه بن رجاء المذكور في سند الحديث ليس هو الذي قال فيه الفلاس ما قال بل ذاك الغرانى البصرى، وهذا المكى كما صرح به أبو داود [3/ 262، رقم 3406] والحاكم [2/ 286، رقم 3129] وأبو نعيم في الحلية [9/ 236]، وهو ثقة محتج به في صحيح مسلم. الثانى: أن عبد اللَّه بن رجاء المذكور لم يخرج له أبو داود أصلا. الثالث: أن عبد اللَّه بن رجاء المذكور وإن قال فيه الفلاس ذلك فهو ثقة من رجال الصحيح احتج به البخارى، وقال ابن المدينى: أجمع أهل البصرة على عدالته. الرابع: قوله: أورده الذهبى في ذيل الضعفاء، غريب موهم مع أنه في الميزان. الخامس: قوله: وفيه عند أبي داود، يوهم أنه ليس في سند الحاكم، والواقع أنه عند الجميع.

3510/ 9026 - "مَنْ لَمْ يَرحَمْ صَغِيَرنا ويَعْرِفْ حَقَّ كبِيَرنَا فليسَ منَّا". (خد. د) عن ابن عمرو قال في الكبير: رمز لحسنه ورواه الحاكم باللفظ المزبور وصححه وأقره الذهبى. قلت: المصنف رمز لصحته لا لحسنه فقط، والحاكم لم يخرجه باللفظ (¬1) المزبور بل بلفظ: "ليس منا" وقد ذكره المصنف سابقا كذلك في حرف اللام وعزاه إلى الحاكم وغيره. 3511/ 9034 - "مَنْ ماتَ مُحرِمًا حُشِرَ مُلبيا". (خط) عن ابن عباس قال في الكبير: وسببه كما في تاريخ ابن عساكر عن الصولى أن المغيرة المهلبى قال: سئل الحسين الخليع عن الأمين. . . إلخ. قلت: لا أدرى لم ذهب إلى تاريخ ابن عساكر؟ والحكاية مذكورة في تاريخ الخطيب مخرج الحديث في نفس سند الحديث كما في ترجمة محمد الأمين. 3512/ 9037 - "مَنْ مَاتَ مِن أُمتى يَعملُ عَمَل قومِ لوطٍ نَقَله اللَّه إليهم حتَى يُحشَر مَعَهم". (خط) عن أنس قال الشارح: ثم قال -يعنى الخطيب-: حديث منكر. وقال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسلمه، ¬

_ (¬1) أخرجه الحاكم باللفظ نفسه [4/ 178، رقم 7353] ولكن عن أبي هريرة.

والأمر بخلافه، بل إنما ذكره مقرونا ببيان علته، فإنه أورده في ترجمة عيسى ابن مسلم الصفار، قال: وعيسى هذا حدث عن مالك وحماد بأحاديث منكرة. قلت: هذا كذب على صنيع المصنف وعلى الخطيب، أما المصنف فإن صنيعه يدل على خلاف ما افتراه الشارح، لأنه رمز له بعلامة الضعيف كما رمز لاسم مخرجه. وأما الخطيب فإنه ما قال في الحديث: منكر كما قال الشارح في الصغير، ولا هو يخرج الأحاديث يسلمها أو يردها، وإنما التزم أن يخرج في كل ترجمة حديثا من طريق المترجم كيفما وصله، ثم إنه قدم الكلام في ترجمة الرجل [11/ 160] وبعده أخرج الحديث على قاعدته بخلاف ما يفيده كلام الشارح أنه خرج الحديث وتعقبه بذلك. 3513/ 9040 - "مَنْ مَاتَ بُكرة فلا يَقيلن إلا في قَبرِه، ومَن مَاتَ عَشِية فلا يَبِيتنَّ إلا في قبرِه". (طب) عن ابن عمر قال الشارح: وفيه الحكم بن ظهيرة متروك. قلت: هكذا سماه في الشرحين معا ابن ظهيرة بزيادة، وإنما هو ابن ظهير بدونها مصغرا. والحديث خرجه أيضًا ابن مردك في فوائده قال: حدثنا أبو طالب على بن محمد بن أحمد الكاتب ثنا ابن عرفة -يعنى الحسن- ثنا الحكم بن ظهير عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر به.

3514/ 9045 - "مَن مسَّ الحصَا فَقَد لغَا". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: وعدول المصنف لابن ماجه واقتصاره عليه كالصريح في أنه لم يره لواحد من الشيخين ولا لغيرهما من الستة، وهو ذهول بالغ، فقد خرجه مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى. قلت: لا أدرى كيف وقع للمصنف، إذ خالف عادته وأورد قطعة من آخر الحديث، فإن لفظ الحديث عند ابن ماجه [1/ 346، رقم 1090] والمذكورين (¬1) الذين استدركهم الشارح: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعه فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصا فقد لغا". وهكذا كان من حق الشارح أن ينبه على لفظ الحديث حتى لا يوهم أن المذكورين جميعا خرجوه باللفظ الذي ذكره المصنف، والواقع أنه لم يخرجه بذلك اللفظ أحد منهم. 3515/ 9050 - "مَنْ مَلكَ ذا رَحمٍ مُحْرمٍ فهَو حُر". (حم. د. ت. هـ. ك) عن سمرة قال في الكبير: قال الحاكم: على شرطهما، وأقره الذهبى، وقال أبو داود والترمذى: لم يروه إلا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن، وفيه علل أخرى، انقطاعه ووقفه على عمر أو على الحسن أو على جابر أو على النخعى. ¬

_ (¬1) مسلم (2/ 588، رقم 857/ 27)، أبو داود (1/ 275، رقم 1050)، الترمذى (2/ 371، رقم 498).

قلت: أو على تخليط الشارح فإن بعض هذا لا أصل له وبعضه قيل في حديث آخر لا في حديث سمرة، وشرح ذلك يطول، وفي مراجعة نصب الراية والتلخيص الحبير ما يعرفك ذلك. 3516/ 9054 - "مَنْ نَامَ عن وَتْرِه أَو نَسِيَه فليُصلهِ إذَا ذَكَره". (حم. 4. ك) عن أبي سعيد قال في الكبير: وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ضعيف، وذكر القزوينى ما يدل على أن الخبر واه، ورواه الدارقطنى باللفظ المزبور عن أبي سعيد، قال الغريانى: وفيه محمد بن إسماعيل الجعفرى، قال أبو حاتم: منكر الحديث، وعنه محمد بن إبراهيم السمرقندى، لم أر له ذكرا إلا أن يكون الذي روى عنه ابن السماك فهو هالك، وشيخ الجعفرى عبد اللَّه بن سلمة ابن أسد، لم أر له ذكرا. قلت: فيه أمور، الأول: أن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم إنما هو في سند أحمد والترمذى [2/ 330، رقم 465] وابن ماجه [1/ 375، رقم 1188]، أما أبو داود والحاكم فروياه من غير طريقه، قال أبو داود: ثنا محمد بن عوف ثنا عثمان بن سعيد عن أبي غسان محمد بن مطرف المدنى عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد به. وقال الحاكم [1/ 302، رقم 1127/ 11]: أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه ثنا عثمان بن سعيد الدارمى ثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ثنا أبو غسان به، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبى.

ورواه الترمذى أيضًا من رواية عبد اللَّه بن زيد بن أسلم عن أبيه متابعا لأخيه عبد الرحمن، لكنه أرسله. الثانى: قوله: وذكر القزوينى ما يدل على أن الخبر واه، هكذا أطلق القزوينى ولم يبينه لأنه لم يعرف من هو القزوينى ولا ذكر ما وجه كونه واهيا لأنه رأى ذلك في كلام الناس فنقله كما رأى، والمراد بالقزوينى هو ابن ماجه صاحب السنن، فإن الأقدمين يذكرونه باسم القزوينى، فإنه لما روى هذا الحديث في سننه من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه حيث لم يقع له الطريق الآخر، عقبه [1/ 375، رقم 1189] بحديث عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أوتروا قبل أن تصبحوا، ثم قال: قال محمد بن يحيى -يعنى شيخه في الحديث-: في هذا الحديث دليل على أن حديث عبد الرحمن واه اهـ. وهذا غلط من محمد بن يحيى ومن ابن ماجه الذي أقره عليه لأنه لا معارضة بين الحديثين، فحديث أبي نضرة يأمر بإيقاع الوتر قبل الفجر وأن ذلك هو وقته في حالة الاختيار والذكر، وحديث عطاء بن يسار يأمر بصلاته مطلقا ولو بعد الصبح لمن نام عنه أو نسيه، فأى معارضة بين الحديثين حتى يدل أحدهما على وهن الآخر، ومن عدم فهم المحدثين يأتى كلامهم الباطل في الأحاديث. الثالث: قوله: ورواه الدارقطنى، وقال الغريانى: فيه محمد بن إسماعيل الجعفرى. . . إلخ هذا سند حديث آخر، أما حديث الباب فقال فيه الدارقطنى [2/ 22]: حدثنا يحيى بن صاعد ثنا محمد بن عوف بن سفيان الطائى ثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار به. ثم قال: حدثنا عثمان بن جعفر بن محمد ثنا محمد بن إبراهيم السمرقندى

ببيرة ثنا محمد بن إسماعيل الجعفرى ثنا عبد اللَّه بن سلمه عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قيل له: إن أحدنا يصبح ولم يوتر، قال: فليوتر إذا أصبح". 3517/ 9062 - "مَنْ نَصَر أَخَاه بِظَهرِ الغَيبِ نَصرَه اللَّه في الدُّنيا والآخرة". (هق) والضياء عن أنس قال في الكبير: ويروى عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عمران بن حصين، قال الذهبى في المهذب: قال الشارح: قال الذهبى: أخطأ من رفعه. قلت: هذا كلام مقتطع من أصله غير مفيد لما أراده قائله الأصلى وهو البيهقى، وأما الذهبى فإنه نقل كلامه فتصرف فيه. والواقع أن الحديث خرجه البيهقى [8/ 168] من طريق عبد العزيز الدراوردى عن حميد عن الحسن عن أنس، ثم قال: كذا رواه الدراوردى عن حميد عن الحسن عن أنس، وقد قيل عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عمران بن حصين موقوفًا، وقيل عنه بإسناده مرفوعًا والموقوف أصح اهـ. فقال الذهبى في اختصاره: أخطأ من رفعه، وهذا كله في حديث عمران بن حصين لا في حديث أنس الذي ذكره المصنف، فإنه صحيح مرفوعًا. وقد رواه أيضًا الدينورى في المجالسة والطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 362، رقم 135] كلهم من طريق الدراوردى به. أما حديث عمران بن حصين فرواه الطبرانى في مكارم [الأخلاق] [ص 361، رقم 135] من طريق حفص بن عمر الحوضى: ثنا معاذ بن محمد الهذلى عن يونس به مرفوعًا. وكذلك رواه أبو نعيم في الحلية [3/ 25] من طريق عمر بن يحيى مولى عفرة

عن يزيد بن زريع عن يونس بن عبيد. وورد مرفوعًا أيضًا من حديث جابر بن عبد اللَّه، رواه أبو زكريا الأزدى في تاريخ الموصل: حدثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمى ثنا اْحمد بن أسد البجلى ثنا المحاربى عن إسماعيل بن مسلم المكى عن عطاء عن جابر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر مثله بالحرف. ورواه القضاعى في مسند الشهاب من وجه آخر من حديث أنس فأخطأ في إسناده بعض الرواة على ما يظهر. 3518/ 9063 - "مَنْ نَظَر إلى أَخيِه نَظَرة وُدٍّ غَفَر اللَّه لَه". الحكيم عن ابن عمرو قلت: رمز المصنف لضعفه، ولم يبين الشارح علته. والحديث رواه الحكيم في الأصل الثامن (¬1) والثلاثين ومائة: حدثنا الفضل بن محمد ثنا موسى بن سليمان القرشى عن ابن وهب عن حيوة ابن شريح عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد اللَّه بن عمرو به. والفضل شيخ الحكيم متروك متهم. 3519/ 9064 - "مَنْ نَظَر إلى مُسْلمٍ نَظرة يُخيفُه بهَا في غيرِ حقٍ أخَافَه اللَّه يَوْمَ القِيَامةِ". (طب) عن ابن عمرو قال في الكبير: وكذا الخطيب في التاريخ والبيهقى في الشعب. ¬

_ (¬1) هو في الأصل السابع والثلاثين بعد المائة من المطبوع.

قلت: أما الخطيب فلم يخرجه في تاريخه أصلًا (¬1) فلينظر في البيهقى (¬2)، ومن عادة الحافظ المنذرى أن يعزو إليه كثيرًا ولم يعز هذا الحديث [3/ 484، رقم 7] إلا إلى الطبرانى من حديث ابن عمرو وأبي الشيخ من حديث أبي هريرة. 3520/ 9065 - "مَن نَفَّسَ عَن غَرِيمِه أو مَحَا عنه كانَ في ظِلِ العَرشِ يومَ القِيامَةِ". (حم. م) عن أبي قتادة قلت: هكذا الحديث من حديث أبي قتادة، وكتبه الشارح في الشرحين معًا من حديث أبي هريرة فلا تغتر بأوهامه. 3521/ 9070 - "مَنْ وَافقَ منْ أخِيهِ شَهوةً غُفَر لَه". (طب) عن أبي الدرداء قال في الكبير: فيه شيئان: الأول: أن المصنف سكت عليه وكان حقه أن يرمز إليه بعلامة الضعف لشدة ضعفه بل قال ابن الجوزى: موضوع. والثانى: أنه اقتصر على عزوه للطبرانى مع أن البزار خرجه أيضًا. . . إلخ. قلت: أما كونه لم يرمز له بعلامة الضعيف فباطل، فقد رمز له بذلك، وأما كونه لم يعزه للبزار فكلام أبطل مما قبله فإن المصنف قد عزاه في اللآلئ للطبرانى والبزار (¬3) معًا، وأراد أن يقتصر هنا على عزوه للطبرانى فكان ماذا؟ ثم لو شئنا أن نسخف كسخافة الشارح لقلنا له أيضًا: ولم استدركت البزار ¬

_ (¬1) أخرجه الخطيب في تاريخه (9/ 223) ولكن من حديث أبي هريرة. (¬2) رواه البيهقى في الشعب (6/ 50، رقم 7468). (¬3) انظر كشف الأستار (3/ 339، رقم 2890).

فقط، وقد أخرجه العقيلى [4/ 296] أيضًا كما ذكره المؤلف في اللآلئ المصنوعة وأخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 66] وإن لم يذكره المصنف الذي لا يمكنك أن تعرف ذلك إلا من كتبه. 3522/ 9075 - "مَنْ وَسَّعَ على عيِالهِ في يوم عَاشُورَاء وَسَّع اللَّه عَليهِ في سَائرِ سَنتهِ كلها". (طس. هب) عن أبي سعيد قلت: هذا الحديث أورده ابن الجوزى في الموضوعات [2/ 200] كما أشار إليه الشارح، ولكن المصنف أطال في التعقيب عليه وأفاد (¬1)، وكل ما كتبه الشارح على الحديث فمنه نقله، ولكنه أضرب صفحا عن الإشارة إلى تعقبه على عادته فيما أجاد المصنف فيه وأطال ليكتم فضله، ويبين أن ما أتى به هو كيسه، وقد زدت روائد على المصنف فأفردت للكلام على صحة هذا الحديث جزء سميته "هدية الصغراء". 3523/ 9082 - "مَنْ وَقَّر صَاحبَ بدْعةٍ فقدْ أعانَ علَى هَدْمِ الإسْلامِ". (طب) عن عبد اللَّه بن بسر قلت: هذا الحديث كالذى قبله ذكره ابن الجوزى في الموضوعات، وتعقبه المصنف (¬2) فأجاد فكتم الشارح ذلك وزاد أن ابن الجوزى قال؟ إن الحديث موضوع من جميع طرقه، والواقع أن ابن الجوزى لم يقل ذلك ولا وقف على الطرق التي زادها المصنف (¬3). ¬

_ (¬1) انظر اللآلئ المصنوعة (2/ 122). (¬2) المصدر السابق (1/ 252، 253). (¬3) بل قال ابن الجوزى (1/ 27)، بعد ذكر حديث ابن عمر، وابن عباس، وابن بشر، وعائشة: هذه الأحاديث كلها باطلة موضوعة على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم أخذ يبين عللها.

3524/ 9083 - "مَنْ وُقى شر لقلقه وقبقبه وذبذبة دَخَل الجنَّة". (هب) عن أنس قال في الكبير: قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقى خرجه وأقره والأمر بخلافه بل قال عقبه: في إسناده ضعف اهـ، وقال الحافظ العراقى: سنده ضعيف. قلت: هذا كذب على صنيع المصنف وكلامه، فإنه رمز له بعلامة الضعيف كما رمز لاسم مخرجه وكتابه الذي خرجه فيه، ثم هو لا ينقل كلام المخرجين. والحديث خرجه البندهى في شرح المقامات عن عمر من قوله، وخرجه أبو الشيخ في النوادر والنتف عن الحسن، قال: كان يقال: إذا أفلت الشاب من ثلاث فقد أفلت من شر الشباب، من شر لقلقة وقبقبة وذبذبة. وخرجه الدينورى في المجالسة عن أبي رجاء العطاردى قال: كان يقال: إذا وقى شر لقلقة. . . وذكر مثل المرفوع، فكان بعض الضعفاء سرقه وركب له الإسناد ورفعه. 3525/ 9084 - "مَنْ وُلدَ له ثَلاثةُ أولادٍ فلم يُسِّم أحَدهَم مُحمدًا فقدْ جَهِلَ". (طب. عد) عن ابن عباس قال في الكبير: وأورده ابن الجوزى في الموضوعات وقال: تفرد به موسى بن أعين عن ليث، وليث تركه أحمد وغيره، وقال ابن حبان: اختلط آخر عمره وكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل اهـ. وتعقبه بأنه لم يبلغ أمره أن يحكم عليه بالوضع. قلت: هذا من التدليس والتلبيس وكتم الحق، فالمصنف لم يقل ذلك فقط، بل ليث لم يبلغ أمره أن يحكم على حديثه بالوضع، فقد روى له مسلم

والأربعة، ووثقه ابن معين وغيره، وقد أخرجه الطبرانى [11/ 71، رقم 11077] والشيرازى في الألقاب. وورد من حديث واثلة، أخرجه ابن بكير في جزء من اسمه محمد بن أحمد فذكره. وفيه عمر بن موسى الوجيهى يضع. وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده من حديث النضر بن شفى مرسلًا، قال في اللسان [6/ 161، رقم 571]: النضر بن شفى روى عن شيخ من بنى سليم وعن أبي أسماء الرحبى، روى له أبو داود، وقال ابن القطان: مجهول اهـ. وهذا المرسل يعضد حديث ابن عباس ويدخله في قسم المقبول، ثم ذكر طرقا أخرى يطول نقلها. 3526/ 9097 - "مَنْ يَتزوَّد في الدنيا ينفعُهُ في الآخِرَةِ". (طب. هب) والضياء عن جرير قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح. قلت: لكن قال ابن أبى حاتم في العلل [2/ 135، رقم 1899]: سألت أبي عن حديث رواه هشام بن عمار عن مروان الفزارى عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد اللَّه قال: "قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة"، فقال أبي: هذا حديث باطل، إنما يروى عن قيس من قوله، قلت: ممن هو؟ قال: من هشام بن عمار، كان هشام بآخره كانوا يلقنونه أشياء فيلقن، فأرى هذا منه اهـ.

والحديث خرجه البيهقى أيضًا في كتاب الزهد له [ص 191، رقم 459، ص 273، رقم 703]، وأبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج من طريق هشام ابن عمار بالسند المذكور. 3527/ 9104 - "مَنْ يُردِ اللَّه بهِ خَيرًا يُفقَهه في الدِّينِ، ويُلهِمُه رُشدَه". (حل) عن ابن مسعود قال في الكبير: رمز لحسنه وهو فيه تابع لابن حجر حيث قال في المختصر: إسناده حسن، لكن قال الذهبى: هو حديث منكر، ورواه عنه الطبرانى أيضًا. قلت: أول من خرج الحديث عبد اللَّه بن أحمد في زوائد الزهد [ص 235، رقم 883] لأبيه فقال: حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد اللَّه به. وعن عبد اللَّه بن أحمد رواه الطبرانى [2/ 305]، وعن الطبرانى وأبي بكر بن مالك رواه أبو نعيم [4/ 107]، وفي ترجمة أحمد بن محمد بن أيوب الوراق صاحب المغازى ذكره الذهبى في الميزان وقال: صدوق لينه يحيى بن معين وأثنى عليه أحمد وعلى، وله ما ينكر فمن ذلك ما ساقه ابن عدى أنه روى عن أبي بكر بن عياش فذكر هذا الحديث، ولا معنى لما قال، وقد رواه البزار أيضًا بلفظ: "إذا أراد اللَّه بعبد خيرًا فقهه في الدين وألهمه رشده" (¬1)، كما سبق في حرف "الألف". ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (1/ 84، رقم 137).

3528/ 9113 - " مُنَاولةُ المسْكينَ تَقى ميتَةَ السوء". (طب. هب) والضياء عن حارثة بن النعمان قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه من لم أعرفه. قلت: هو عثمان، وابنه محمد بن عثمان، وفي ترجمة محمد بن عثمان رواه البخارى في التاريخ الكبير [1/ 180، رقم 550] قال: قال أحمد: حدثنا محمد بن سليمان ثنا ابن أبي فديك ثنا محمد بن عثمان عن أبيه قال: قال حارثة بن النعمان، وذكره. ورواه أيضًا الحسن بن سفيان في مسنده: ثنا يعقوب بن يوسف الصفار ثنا ابن أبي فديك به. وكذلك رواه أبو نعيم في الحلية [1/ 356]. 3529/ 9116 - "مَنْهُومانِ لا يَشْبعانِ، طالبُ علمٍ، وطالبُ دُنيا". (عد) عن أنس، والبزار عن ابن عباس قال في الكبير: وكذا القضاعى عن أنس، قال: وظاهر صنيع المصنف أن ابن عدى خرجه وأقره، والأمر بخلافه بل تعقبه بالرد فقال: محمد بن يزيد أحد رجاله ضعيف كان يسرق الحديث فيحدث بأشياء منكرة اهـ. ومن ثم قال ابن الجوزى في العلل: حديث لا يصح، (البزار) في مسنده عن ابن عباس. وقال في الصغير: عن أنس أيضًا. ثم قال: قال الهيثمى: وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: وكذا القضاعى عن أنس باطل، فإن القضاعى لم يخرجه من حديث أنس بل من حديث عبد اللَّه بن مسعود فقال [1/ 212، رقم 322]:

أخبرنا عبد الرحمن بن عمر التجيبى أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن جامع ثنا على ابن عبد العزيز ثنا عمرو بن عون أنا أبو بكر الداهرى عن إسماعيل بن أبي خالد عن زيد بن وهب عن عبد اللَّه -يعنى ابن مسعود- به. وكذلك أخرجه ابن حبان في الضعفاء [2/ 21، 22] عن عبد الرحمن بن إسماعيل الكوفى عن محمد بن إسماعيل الباغندى عن عمرو بن عون به، وأبو بكر الداهرى متهم بالكذب. لكن الحديث ورد من وجه آخر عن ابن مسعود موقوفًا عليه، أخرجه الدارمى [1/ 108، رقم 334] في مسنده والآجرى في أخلاق العلماء وابن أبي حاتم في التفسير وأبو الليث السمرقندى في التنبيه [ص 345] والبيهقى في المدخل [ص 299، 300، رقم 449]. الثانى: قوله: وظاهر صنيع المصنف. . . إلخ، كذب على المصنف فإنه رمز له بعلامة الضعيف. الثالث: الكذب أيضًا على ابن عدى فإنه لا يرد ولا يتعقب بل يخرج الأحاديث الضعيفة ليستدل بها على ضعف راويها، فلا معنى لكلام الشارح أصلًا. الرابع: قوله: محمد بن يزيد أحد رجاله ضعيف، خطأ، بل المذكور في السند محمد بن أحمد بن يزيد. الخامس: لحديث أنس طريق آخر على شرط الصحيح أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق سريج بن النعمان: ثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس به. ثم قال: صحيح على شرط الشيخين، ولم أجد له علة. ورواه البيهقى في المدخل [ص 301، رقم 451] من هذا الطريق و [ص 300، رقم 450] من طريق عبد الأعلى بن حماد النرسى عن حماد بن سلمة عن

حميد عن أنس، وهذا الطريق هو الذي فيه محمد بن أحمد بن يزيد عند ابن عدى، وهو الذي ذكره ابن الجوزى في العلل المتناهية، ولم يعرف الطريق الذي عند الحاكم لا هو ولا الذهبى في اختصار العلل حيث قال: وجاء عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس من طريق فيه محمد بن أحمد بن يزيد متهم. السادس: قوله في الصغير: البزار عن أنس لا يخفى ما فيه. السابع: للحديث طرق أخرى من حديث أبي سعيد الخدرى عند الترمذى في السنن [5/ 51، رقم 2686] وابن عمر وغيرهما، وقد أطلت في طرقه وشواهده في "وشى الإهاب". 3530/ 9117 - "مَواليِنَا مِنَّا". (طس) عن ابن عمر قال الشارح: وإسناده ضعيف، ورواه الطبرانى عنه بإسناد حسن. قلت: لا يخفى ما في هذا، فإنه ظاهر. وقد قال في الكبير: رواه ابن قانع في معجمه من حديث رفاعة، فلعله أراد ذلك. 3531/ 9120 - "مَوْتُ الفَجْأةِ راحةٌ للمؤمن وأخْذة أسفٍ للفَاجرِ". (حم. هق) عن عائشة قال في الكبير: قال الهيثمى: وفيه عبيد اللَّه بن الوليد الرصافى، وهو متروك، وقال ابن حجر: حديث غريب فيه صالح بن موسى وهو ضعيف، لكن له شواهد. قلت: لا وجود لصالح بن موسى في سند هذا الحديث، قال أحمد: [6/ 136]:

حدثنا وكيع ثنا عبيد اللَّه بن الوليد عن عبيد اللَّه بن عبيد بن عمير عن عائشة قالت: "سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن موت الفجأة فقال: راحة للمؤمن وأخذة أسف للفاجر". وقال البيهقى [3/ 379]: أخبرنا محمد بن عبد اللَّه الحافظ وأحمد بن الحسن القاضى قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصاغانى ثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن عبيد اللَّه بن الوليد به. قال: ورواه سفيان الثورى عن عبيد اللَّه موقوفًا على عائشة رضي اللَّه عنها، ثم أخرجه عن طريق الإسماعيلى: ثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ثنا أبو داود المبارك ثنا أبو شهاب -هو عبد ربه بن نافع- عن الأعمش عن زيد عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه بن مسعود وعائشة رضي اللَّه عنهما قالا: "أسف على الفاجر وراحة على المؤمن" -يعنى الفجأة-. قلت: وله طريق آخر عن عائشة مرفوعًا أيضًا أخرجه عبد الرزاق [3/ 598، رقم 6781] قال: ثنا يحيى بن العلاء عن ابن سابط عن حفصة ابنة عبد الرحمن عن عائشة قالت: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: موت الفجأة تخفيف على المؤمن وأخذة أسف على الكافر". فهذه طرق الحديث ليس في شيء منها صالح بن موسى، فلينظر في تحرير ذلك ولا يغتر بنقل الشارح.

3532/ 9121 - "مَوَتانُ الأرضِ للَّه ولرَسُولهِ: فمْن أحْيَا مِنها شيْئًا فهو لَه". (هق) عن ابن عباس قال الشارح: ثم قال يعنى البيهقى منكر فقول المؤلف حسن ممنوع. قلت: كذب الشارح على البيهقى، وهو نفسه ذكر في الكبير خلاف هذا، فقال عقب الرمز: ثم قال -أعنى البيهقى (¬1) -: تفرد بوصله معاوية بن هشام. قال الذهبى: قلت: هذا مما أنكر عليه اهـ. وبهذا يعرف أن المصنف لم يصب في رمزه لحسنه اهـ. فانظر كيف حكى ذلك عن الذهبى، ولم يفرق بين قوله: أنكر ما روى عليه، وقوله: هذا منكر، وبينهما بون كبير، ثم نسب ذلك إلى البيهقى نفسه، والحديث حسن كما قال المصنف، ومعاوية بن هشام ثقة من رجال الصحيح، وإنكار من أنكر عليه هذا الحديث لا يدل على ضعفه، فضلا عن أن يكون منكرا كما أخطأ في فهمه، ثم كذب في نسبته إلى البيهقى. 3533/ 9124 - "مَوْلَى القومِ منْ أنفُسِهْم". (خ) عن أنس قال الشارح: بل هو متفق عليه. وقال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به إمام الفن عن صاحبه وليس كذلك ففي الفردوس اتفقا عليه. قلت: لا بل انفرد به البخارى، والفردوس ليس فيه شيء مما يقول الشارح، ¬

_ (¬1) انظر السنن الكبرى (6/ 143).

وإن أراد مسنده لولده، فهو كثير الأوهام أيضًا، إلا أن الفردوس غير مسند الفردوس، وبينهما بون كبير. 3534/ 9125 - "مَوْلَى الرَّجُلِ أَخوه وابنُ عَمهِ". (طب) عن سهل بن حنيف قال في الكبير: رمز لحسنه، وفيه يحيى بن يزيد، قال الذهبى: ضعيف. قلت: يحيى بن يزيد ذكر الذهبى في الضعفاء منهم خمسة تختلف مراتبهم في الضعف، فمن منهم المذكور في سند الحديث، وهل هذا إلا غفلة أو تدليس؟!. 3535/ 9126 - "مِهْنةُ إحْدَاكُنَّ في بَيتِها تُدْركُ جِهَاد المجَاهِديَن إن شَاءَ اللَّه". (ع) عن أنس قال في الكبير: قال ابن الجوزى: حديث لا يصح، قال ابن حبان: روح أى أحد رجاله يروى عن الثقات الموضوعات، لا تحل الرواية عنه. قلت: في الضعفاء نحو عشرين راويا كلهم اسمه روح، فمن منهم صاحب هذا الحديث؟ وهو روح بن المسيب، وقد قال: فيه يحيى بن معين: صويلح. والحديث أخرجه أيضًا البزار [2/ 181، رقم 1474] في مسنده، قال: حدثنا حميد بن مسعدة ثنا أبو رجاء روح بن المسيب الكلبى عن ثابت عن أنس قال: "أتت النساء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلن: يا رسول اللَّه ذهب الرجال بالفضل والجهاد في سبيل اللَّه، فما لنا عمل ندرك به عمل الجهاد في سبيل اللَّه فقال:. . . "، وذكره. وقال البندهى في "شرح المقامات": أخبرنا الرئيس مسعود بن الحسن بن القاسم الثقفى عن الشريف أبي الغنائم عبد الصمد بن على بن محمد المأمون

أنا أبو الحسن على بن عمر بن محمد السكرى أنا أبو الفضل جعفر بن أحمد ابن محمد بن الصباح الجرجانى ثنا أحمد بن عبدة الضبى ثنا روح بن المسيب به. ورواه ابن عدى من طريق نصر بن على الجهضمى عن روح به، وللحديث شواهد كثيرة ذكرتها مسندة في "وشى الإهاب"، في حديث: "الحج جهاد كل ضعيف، وجهاد المرأة حسن التبعل". 3536/ 9127 - "مَيامِنُ الخيل في شقرها". الطيالسى عن ابن عباس قال في الكبير: وبقيته عند مخرجيه أبي الشيخ والطيالسى "وأيمنها ناصية ما كان واضح الجبين محجل ثلاث قوائم ثم طلق اليد اليمنى اهـ بنصه. ثم قال: ورواه عنه أيضًا أبو الشيخ والديلمى. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن ما حكاه من بقية الحديث عند أبي داود الطيالسى، قال عنه: اهـ بنصه تأكيد لنقل ذلك منه تهور أو كذب. قال الطيالسى [ص 339، رقم 2599]: ثنا شيبان بن عبد الرحمن التميمى عن عيسى بن على بن عبد اللَّه بن عباس عن أبيه عن ابن عباس رفعه "ميامن الخيل في شقرها". ثانيهما: قوله: ورواه أبو الشيخ والديلمى، يفيد أنه لم يخرجه إلا هذين الرجلين اللذين ليسا كتابهما من مشهور الكتب التي يعزى إليها لاسيما وهو لم يعرف في أى كتاب خرجه أبو الشيخ، وإنما رأى الديلمى أسنده في مسند الفردوس [4/ 442، رقم 6788] من طريقه فعزاه إليه على قاعدته في التهور. والواقع أن الحديث مخرج في أشهر الكتب، فقد خرجه أحمد [1/ 272]،

وأبو داود [3/ 22، رقم 2545]، والترمذى [4/ 203، رقم 1695]، وقال: حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث شيبان، والبيهقى في السنن [6/ 330]، والقضاعى في "مسند الشهاب" [1/ 159، رقم 225]، والخطيب في "التاريخ" [11/ 148]، ولكن أوله عندهم: "يمن الخيل"، فهو مبدوء بحرف الياء، ومع هذا فلو علم الشارح بما ذكرنا لملأ الدنيا سخافة على عادته. 3537/ 9129 - "المَاءُ لا يُنجِسُه شيءٌ". (طس) عن عائشة قال في الكبير: وقضية كلام المؤلف أنه لم يخرجه أحد في الكتب الستة وهو عجيب فقد خرجه النسائى باللفظ المزبور. . . إلخ السخافة. قلت: حديث أبي سعيد ذكره المصنف سابقًا في حرف "الألف" حيث وقع عند أكثر مخرجيه بلفظ: "إن الماء طهور"، وعزاه لأحمد وأبي داود والترمذى [1/ 95، رقم 66] والنسائى [1/ 173] والدارقطنى [1/ 29، 30] والبيهقى [1/ 188]، وعزاه أيضًا لابن ماجه [1/ 132، رقم 370] من حديث أبي أمامة. 3538/ 9131 - "المائدُ في البحْرِ الذي يُصيبهُ القئُ له أجْرُ شهيدٍ، والغريقُ له أجْرُ شَهيدِينِ". (د) عن أم حرام قال في الكبير: رمز لحسنه وفيه هلال بن ميمون الرملى، قال أبو حاتم: غير قوى. قلت: ولذلك حكم بحسنه، إذ لو كان قويا لكان حديثه صحيح على [أن] ابن معين، قال فيه: ثقة، وأبو حاتم زاد: يكتب حديثه.

3539/ 9134 - "المؤذِّنُ المحتَسِبُ كالشهيدِ المتشَحطِ في دمهِ، إذا ماتَ لم يُدَوّدُ في قَبْرِه". (طب) عن ابن عمرو قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه إبراهيم بن رستم ضعفه ابن عدى ووثقه غيره، وفيه أيضًا من لا نعرف ترجمته اهـ. وأقول أيضًا فيه سالم الأفطس، قال ابن حبان: يقلب الأخبار ويتفرد بالمعضلات. قلت: إبراهيم بن رستم رواه عن قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد ابن جبير عن ابن عمرو، قال الحاكم: تفرد به عن قيس بن الربيع. قلت: لكنه ورد من غير طريقه. قال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [2/ 113]: ثنا محمد بن جعفر بن الحسين ثنا عبد الرحمن بن سعيد بن هارون الأصبهانى من كتابه ثنا محمد بن عيسى العطار ثنا محمد بن الفضل بن عطية ثنا سالم الأفطس به. وأما سالم الأفطس فذكر الشارح له من الفضول وعدم المعرفة، فهو ثقة احتج به البخارى، ووثقه الجمهور، وانفرد ابن حبان بما قال فيه، ولم يعتبر أحد بما قال. 3540/ 9135 - "المؤذِّنُ أملكُ بالأذانِ، والإمامُ أملَكُ بالإقامةِ". أبو الشيخ في كتاب الأذان عن أبي هريرة قال الشارح في الكبير: أبو الشيخ في كتاب فضل الأذان، ثم قال ينظر في قول الشيخ عن أبي هريرة فإن الحافظ ابن حجر ذكر أن أبا الشيخ [خرجه] من طريق أبي الجوزاء عن ابن عمر قال: وفيه مبارك بن عباد ضعيف، وذكر أن الذي رواه عن أبي هريرة ابن عدى ويحتمل أن أبا الشيخ خرجه عن

صحابيين لكنى لم أره. قلت: الواقع هو أن أبا الشيخ خرجه من الطريقين من حديث أبي هريرة، كما خرجه ابن عدى [4/ 12] في ترجمة شريك من روايته عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، وزاد أبو الشيخ فأخرجه من حديث ابن عمر. ثم إن قول الشارح في كتاب "فضل الآذان" غلط، وبلاهة، فإن كتاب أبي الشيخ في أحكام الأذان جملة، لا في فضله فقط، ونفس الحديث يدل على ذلك، فإنه ليس من الفضائل، ولكن من الأحكام. 3541/ 9144 - "المؤمِنُ مَنْ أَمِنَه النَّاسُ على أمَوالِهْم وأنفُسِهمْ، والمهَاجِرُ مَنْ هَجَر الخطَايَا والذنُوبِ". (هـ) عن فضالة بن عبيد قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الترمذى وحسنه فرمز المصنف لحسنه. قلت: ما خرجه الترمذى أصلا، بل انفرد به من بين الستة ابن ماجه [2/ 1298، رقم 3934]. وأخرجه أيضًا ابن المبارك في الزهد [ص 284، رقم 826]، وزاد فيه: "والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده". 3542/ 9147 - "المؤمُن يألفُ ويُؤلفُ، ولا خَيَر فيمن لا يَألفْ، ولا يُؤلفْ، وخيرُ النَّاسِ أنفعُهُم للنَّاسِ". (قط) في الأفراد والضياء عن جابر قلت: سكت عليه الشارح، ولم يزد مخرجًا آخر له، مع أنه رتب أحاديث القضاعى، وهذا الحديث خرجه القضاعى في "مسند الشهاب" [1/ 108، رقم 129] من طريق أبي سعيد بن أبي عرابى في معجمه. وخرجه أيضًا أبو سعيد النقاش في "فوائد العراقيين"، وابن حبان في

"الضعفاء" من طرق عن ابن جريج عن عطاء عن جابر، وهو حديث صحيح -كما رمز له المصنف-. 3543/ 9148 - "المؤمُن يَغارُ، واللَّه اشدُّ غيرًا". (م) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهره أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه، ففي مسند الفردوس أن البخارى خرجه عن أبي سلمة. قلت: هذا كلام فاسد من جهة، واعتراض باطل من أخرى، فأبو سلمة ليس بصحابى حتى يروى عنه البخارى، الذي لا يروى المراسيل، ولا الديلمى قال ذلك -كما نقله الشارح-. وأما الاعتراض، فالبخارى لم يخرج الحديث، وإنما ساق متنه، وعطفه على لفظ آخر، فقال: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا همام عن يحيى عن أبي سلمة أن عروة بن الزبير حدثه عن أمه أسماء أنها سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا شيء أغير من اللَّه". وعن يحيى أن أبا سلمة حدثه أن أبا هريرة حدثه أنه سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم قال: حدثنا أبو نعيم ثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة أنه سمع أبا هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إن اللَّه يغار، وغيرة اللَّه أن يأتى المؤمن ما حرم اللَّه عليه"، فأين هذا من حديث الباب، ولفظ الكتاب؟. 3544/ 9149 - "المؤمِنُ غَرٌّ كَريمٌ، والفَاجِرُ خَبٌّ لِئيمٌ". (د. ت. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: من حديث الحجاج بن فرافصة عن أبي هريرة، ثم قال

الحاكم: الحجاج عابد لا بأس به اهـ وقال المنذرى لم يضعفه أبو داود ورواته ثقات سوى بشر بن رافع وقد وثق. . . إلخ. قلت: الحجاج بن فرافصة لم يروه عن أبي هريرة بل عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة، والطريق التي فيها الحجاج ليس فيها بشر بن رافع، بل هو متابع له، فكلاهما رواه عن يحيى بن أبي كثير. والحاكم أطال في أسانيد هذا الحديث [ص 11] والكلام عليه في كتاب "الإيمان" (¬1) وكذلك في معرفة علوم الحديث في النوع السابع والعشرين. وأخرجه جماعة غير من ذكرهم المصنف منهم البخارى في الأدب المفرد [ص 150، رقم 420] والطحاوى في مشكل الآثار [8/ 150، رقم 3127] وأبو نعيم في الحلية [3/ 110] والخطيب في التاريخ [9/ 38] والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 111، رقم 133]. ورواه الطوسى في أماليه من حديث على عليه السلام بزيادة: "وخير المؤمنين ما كان مألفة للمؤمنين، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف"، وأسانيد الجميع في وشى الإهاب. 3545/ 9150 - "المؤمِنُ بخيرٍ على كُلِ حالٍ، تُنزعُ نفسُه من بين جَنبْيه وهو يَحْمدُ اللَّه". (ن) عن ابن عباس قلت: هذا الحديث خرجه أيضًا أحمد في مسنده [1/ 297] وأحمد أيضًا في [1/ 273، رقم 268] والترمذى في الشمائل [326] وأخرجه النسائى أيضًا في [4/ 12] الذي شرحه الشارح ولم يدر بذلك، ولو درى لأسخف على المؤلف كعادته. ¬

_ (¬1) انظر مستدرك الحاكم (1/ 43، 44، الأرقام 128: 132).

تنبيه

3546/ 9151 - "المؤمِنُ من أهلِ الإيمَانِ بمنزلةِ الرأْسِ من الجسَدِ، يألَمُ المؤمِنُ لأهلِ الإيمانِ كما يألمُ الجسَدُ لما في الرَّأَسِ". (حم) عن سهل بن سعد قال الشارح: وإسناده صحيح، وقول المؤلف: حسن، غير كاف. قلت: بل هو فوق الكفاية لأنه من رواية مصعب بن ثابت، وقد ضعفه أحمد ابن حنبل ويحيى بن معين وقال أبو حاتم: لا يحتج به وقال النسائى: ليس بقوى، ومع هذا فقد تفرد به كما قال أبو نعيم في الحلية [8/ 190] عقب إخراجه، والشارح لما رأى الحافظ الهيثمى قال [8/ 178]: رجاله رجال الصحيح غير مصعب بن ثابت وهو ثقة، ظن أن هذه العبارة معناها أنه حديث صحيح، وبون كبير بين قولهم: رجاله رجال الصحيح وقولهم: وإسناده صحيح كما بينته مرارًا. تنبيه قال الشارح في الكبير: قال العراقى في شرح الترمذى: رجاله رجال الصحيح، وقال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح غير عبد اللَّه بن مصعب ابن ثابت وهو ثقة، ورواه الطبرانى في الأوسط والكبير ورجاله رجال الصحيح اهـ. كذا نقل عن الحافظ الهيثمى مع أنه لم يقل هذا، بل قال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير سوار بن عمارة الرملى وهو ثقة. كذا قال في كتاب الأدب [8/ 87]، وهو واهم أيضًا، فإن سند هذا الحديث ليس [فيه] سوار بن عمارة الرملى بل قال أحمد [5/ 340]: حدثنا أحمد بن الحجاج ثنا عبد اللَّه -يعنى ابن المبارك- أنا مصعب بن ثابت عن أبي حازم عن سهل بن سعد به.

فما أدرى كيف وقع للحافظ الهيثمى في هذا الإسناد ومن أين نقل الشارح عنه ما قال؟! مع كونه وهم أيضًا في قوله عبد اللَّه بن مصعب وإنما هو مصعب. 3547/ 9152 - "المؤمِنُ مُكفرٌ". (ك) عن سعد بن أبي وقاص قال الشارح في معناه: أى مرزأ في نفسه وماله ليكفر خطاياه، ليلقى اللَّه وقد خلصت سبيكة إيمانه من خبثها. قلت: ليس هذا معنى الحديث، بل معناه أن المؤمن لا يشكر معروفه ولا يذكر خيره، بل يكفر بذلك ولا يعترف له بالجميل، فهو كقوله تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} [آل عمران: 115] ففي مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا: حدثنى عبد اللَّه بن أبي بدر أنا يزيد بن هارون أنا هشام بن زياد عن محمد بن عبد العزيز عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "رحمة اللَّه على المكفرين أنا رفيقهم يوم القيامة"، وقال: "المؤمن مكفر"، فهذا صريح في معناه الذي قلنا. وقال ابن أبي الدنيا أيضًا بهذا الإسناد عن هشام بن زياد عن معاوية بن عاصم بن المنذر بن الزبير قال: سمعت عروة يقول: "حض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلا على رجل يأتى إليه معروفًا فقال: إنى أصنعه به ولكنه يكفره، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن رحمة اللَّه على المكفرين" هكذا وبسط يده إلى السماء، قال عروة: فما أصنع معروفًا إلا أكفره أحب إلى من أن أشكره.

3548/ 9153 - "المؤمِنُ يَسيرُ المؤنَةِ". (حل. هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: زاد القضاعى في رواية: "كثير المعونة" حل هب عن أبي هريرة. قلت: ليس عند القضاعى (¬1) الزيادة المذكورة إنما رأيتها في أثر موقوف عن على عليه السلام قال: "المؤمن حسن المعونة قليل المؤنة" رواه ابن الفرضى في تاريخ الأندلس بسند منقطع. وقد ذكر الشارح أن ابن الجوزى ذكره في الموضوعات (¬2) وأعله بمحمد بن سهل العطار وأن المصنف تعقبه بأن له طريقا آخر عند البيهقى ولم يذكر أنه عند القضاعى من غير طريق محمد بن سهل أيضًا. 3549/ 9156 - "المؤمِنُ أخُو المؤمِنُ لا يدَعْ نَصيحتَه على كُلِّ حَالٍ". ابن النجار عن جابر رواه البخارى في الأدب المفرد وأبو داود والطبرانى في مكارم الأخلاق والبيهقى في السنن والقضاعى في مسند الشهاب مختصرا، فما درى الشارح بهذا، ولو دراه لأسخف على المصنف كعادته، ولكن اللَّه سلم. قلت: هذا الحديث ورد من حديث أبي هريرة بلفظ: "المؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه". ¬

_ (¬1) انظر مسند الشهاب (1/ 107، رقم 127). (¬2) انظر الموضوعات (2/ 281).

3550/ 5991 - "المؤمِنُ هَينٌ لَينٌ، حتى تَخَالَه من اللينِ أحَمقَ". (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه البيهقى من طريق يزيد بن عياض عن صفوان عن الأعرج عن أبي هريرة، فظاهر صنيع المصنف أن مخرجه خرجه وأقره والأمر بخلافه، بل تعقبه بقوله تفرد به يزيد بن عياض وليس بقوى، وروى من وجه صحيح مرسلا. قلت: فيه أمور، الأول: أن يزيد بن عياض رواه عن الأعرج مباشرة بدون واسطة صفوان -الذي هو من زوائد الشارح وقد أخرجه الثقفى في الثقفيات، والمخلص في فوائده، كلاهما من طريق أنس بن عياض عن يزيد بن عياض عن الأعرج عن أبي هريرة، قال الطبرانى في مكارم الأخلاق: حدثنا مسعدة بن سعد العطار المكى ثنا إبراهيم بن المنذر ثنا محمد بن عمار المؤذن عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة به. الثانى: الكذب على صنيع المصنف، لأنه رمز له بعلامة الضعيف كما يرمز لأسماء المخرجين، لأنه لا ينقل كلام الناس على الأحاديث. الثالث: أنه أقر البيهقى على تفرد يزيد بن عياض به، وقد ذكرنا له طريقا آخر عن أبي هريرة، وكذلك إقراره على قوله: وروى من وجه صحيح مرسلا، يوهم أنه لم يرد موصولا من وجوه أخرى، مع أنه ورد موصولا أيضًا من حديث ابن عمر، وعلى بن أبي طالب، وأنس بن مالك وغيرهم، وقد ذكرتها في وشى الإهاب. أما المرسل المذكور، فقال ابن المبارك في الزهد: أخبرنا سعيد بن عبد العزيز عن مكحول قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المؤمنون هينون لينون كالجمل الأنف الذي إن انقيد انقاد، وإن أنيخ على صخرة ناخ".

3551/ 9160 - "المؤمِنُ واهٍ راقع، فالسَّعيِدُ من مَاتَ على رَقْعِه". البزار عن جابر قال في الكبير: وكذا رواه الطبرانى في الصغير والأوسط، والبيهقى في الشعب، فإغفاله لهؤلاء كلهم غير جيد. قلت: نعم عند من يختلق العيوب بالباطل، وإلا فما قال مخلوق ولا خطر بباله أن يكون عدم الاستقصاء في المخرجين غير جيد، وإذا كان المصنف لم يستحضر إلا مخرجًا واحدا فما كلف اللَّه نفسا إلا وسعها لاسيما وسند الحديث واحد عند الجميع، فسواء عزاه لواحد أو لألف فلا فائدة زائدة. ثم إنه قال بعد ذلك: قال الزين العراقى تبعا للمنذرى [4/ 90، رقم 9]: سنده ضعيف، وبينه تلميذه الهيثمى [10/ 201] فقال: فيه عند الثلاثة سعيد ابن خالد الخزاعى وهو ضعيف. قلت: ولا يخفى ما في هذا فإن الهيثمى ما عزا الحديث إلا إلى البزار (¬1) والطبرانى (¬2)، أما البيهقى (¬3) فليس هو من الأصول التي جمع أحاديثها، فقوله: عند الثلاثة، باطل. 3552/ 9162 - "المؤمِنُ إذا اشْتهَى الولَد في الجنَّةِ كان حَمْلهُ وَوضْعُه وسنه في سَاعةٍ واحدةٍ كما يشْتَهى". (حم. ت. هـ. حب) عن سعيد قال في الميزان: تفرد به سعيد بن خالد الخزاعى، وقد ضعفه أبو زرعة وغيره. ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (4/ 76، رقم 3236). (¬2) انظر المعجم الصغير للطبراني (1/ 122، رقم 179). (¬3) وقد رواه البيهقى في الشعب (5/ 419، رقم 7123).

قلت: لا يوجد سعيد بن خالد في سند هذا الحديث، ولا قال الذهبى في الميزان شيئًا مما نقله الشارح، ولا خرج الترمذى وابن ماجه لسعيد بن خالد الخزاعى في سننيهما أصلًا. قال الترمذى [4/ 695، رقم 2563]: حدثنا أبو بكر محمد بن بشار ثنا معاذ بن هشام ثنى أبي عن عامر الأحول عن أبي الصديق الناجى عن أبي سعيد الخدرى به. ثم قال: حديث حسن غريب. وقال ابن ماجه [2/ 1452، رقم 4338]: حدثنا محمد بن بشار به. وقال أحمد [3/ 9]: حدثنا على بن عبد اللَّه ثنا معاذ بن هشام به. وقال الذهبى في الميزان [2/ 132، رقم 3161]: سعيد بن خالد الخزاعى عن ابن المنكدر ضعفه أبو زرعة قال البخارى: سمع عبد اللَّه بن الفضل المدنى، وعنه عبد الملك الجدى، فيه نظر. قلت: له في رد السلام. وقال الطبرانى [1/ 122، رقم 179]: حدثنا أحمد بن حاتم بسامرا ثنا عبد الأعلى عن حماد ثنا يعقوب الحضرمى ثنا سعيد بن خالد عن ابن المنكدر عن جابر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: المؤمن واه راقع فالسعيد من هلك على رقعه". تفرد به سعيد، والواهى: المذنب، والراقع: المستغفر اهـ. ما قاله الذهبى في الميزان.

فالشارح أعاد سعيد بن خالد الخزاعى من الحديث الذي قبله إلى هذا الحديث أيضًا. 3553/ 9165 - "الماهُر بالقرآنِ مع السفرةِ الكَرامِ البرَرَةِ، والذي يَقْرؤُه وَيَتعِتعُ فيه وهو عليهِ شاقٌ له أجْرانِ". (ق. د. هـ) عن عائشة قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يروه من الأربعة إلا اثنان، والأمر بخلافه بل رووه جميعا. قلت: أما النسائى فلم يخرجه في الصغرى الذي هو أحد الستة، وإنما خرجه في الكبرى (¬1)، وأما الترمذى فرواه [5/ 171، رقم 2904] بلفظ آخر لا يدخل في هذا الحرف وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به" الحديث، وقال: "والذي يقرؤه وهو شديد عليه له آجران"، وهذا اللفظ في اصطلاح المصنف موضعه حرف "اللام"، وقد ذكره هناك وعزاه لأحمد [6/ 48، 3551] والترمذى كما مر في المتن. 3554/ 9167 - "المتَحابُّون في اللَّه على كَراسي من يَاقوتٍ حَوْلَ العَرشِ". (طب) عن أبي أيوب قال في الكبير: رمز لحسنه، قال الهيثمى: فيه عبد العزيز الليثى، وقد وثق على ضعف كثير. قلت: الذي قاله الحافظ الهيثمى [10/ 277]: عبد اللَّه بن عبد العزيز لا عبد العزيز. ¬

_ (¬1) انظره: (5/ 20، رقم 8045) و (5/ 21، رقم 8046) و (6/ 506، رقم 11646).

وكذلك خرجه الثقفى في الثقفيات قال: حدثنا أبو الحسن على بن محمد بن أحمد الفقيه ثنا أبو عمرو أحمد بن محمد ابن إبراهيم بن حكيم ثنا محمد بن مسلم بن واره ثنا عاصم بن يزيد العمرى حدثنى عبد اللَّه بن عبد العزيز الليثى ثنى سليمان بن عطاء بن يزيد عن أبيه عن أبي أيوب به. 3555/ 9170 - "المتمُّ الصلَاة في السفَرِ كالمقْصِر في الحضَرِ". (قط) في الأفراد عن أبي هريرة قال في الكبير: واعترضه ابن الجوزى في التحقيق بأن فيه بقية مدلس، وشيخ الدارقطنى أحمد بن محمد بن مغلس، كان كذابًا، قال في التنقيح: كأنه اشتبه عليه ابن المغلس هذا بآخر، وهو أحمد بن محمد بن الصلت بن المغلس الحمانى، كذاب وضاع، قال: والحديث لا يصح، فإن رواته مجهولون إلى هنا كلامه، وأنت تعلم بعد إذ سمعته أنه كان ينبغى للمصنف عدم إيراده. قلت: كل ما ذكره الشارح نقله من نصب الراية، إلا أن الزيلعى لم ينقل: "فإن رواته مجهولون" بصيغة الجمع، بل نقل: "فإن في رواته مجهولًا" ولم يقف أحمد بن عبد الهادى ولا الزيلعى على متابع لاحمد بن المغلس. فقد رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 353] قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن محمد ثنا عمر بن أحمد السنى ثنا أبو همام الوليد ابن شجاع حدثنى بقية عن أبي يحيى المدنى عن عمرو بن شعيب عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. فزالت تهمة أحمد بن المغلس. ثم إن الهيثم بن كليب الشاشى صاحب المسند رواه من وجه آخر أيضًا عن

بقية، وسمى شيخه عبد العزيز بن عبد اللَّه العوفى، فقال الهيثم: أنا عيسى بن أحمد ثنا بقية ثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه العوفى حدثنى عمرو بن شعيب به. وحينئذ فالحديث ليس بموضوع كما فهم الشارح لاسيما وشواهده الصحيحة الدالة على وجوب القصر كثيرة مخرجة في الصحيح. 3556/ 9171 - "المستَمسِكُ بسُنَّتي عِندَ فَسادِ أُمتى له أجْرُ شَهيدٍ". (طس) عن أبي هريرة قال في الكبير: وفي رواية البيهقى في الزهد مائة شهيد. قلت: هذا يوهم أن هذه الرواية المذكورة هي من حديث أبي هريرة، والواقع أنها من حديث ابن عباس، فهو حديث آخر فكان حقه أن يقول: وفي حديث آخر قال البيهقى في الزهد [ص 118، رقم 207]: أخبرنا أبو الحسين بن بشران أنبأنا أبو أحمد حمزة بن محمد بن العباس ثنا عبد اللَّه بن روح ثنا الحسن بن قتيبة ثنا عبد الخالق بن المنذر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من تمسك بسنتى عند فساد أمتى فله أجر مائة شهيد". وحديث أبي هريرة أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية عن الطبرانى: ثنا محمد بن أحمد بن أبي خيثمة ثنا محمد بن صالح العدوى ثنا عبد العزيز ابن أبي رواد عن أبيه عن عطاء عن أبي هريرة به. ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث عبد العزيز عن عطاء. ورواه ابن أبي نجيح عن ابن فارس عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله، وقال: "له أجر مائة شهيد" كذا قال إن لم يكن تحريفا، وقد سبق أن ابن أبي نجيح رواه عن مجاهد عن ابن عباس.

3557/ 9173 - "المجالِسُ بالأمَانَةِ". (خط) عن على قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد دواوين الإسلام الستة وهو ذهول، فقد عزاه هو في الدرر إلى ابن ماجه من حديث جابر بهذا اللفظ. قلت: لا شيء من هذا واقع فلا ابن ماجه خرج الحديث، ولا المصنف عزاه إليه في الدرر ولا وقع منه ذهول، إنما الذهول والغفلة من الشارح. فالمصنف عزاه في الدرر لأبي داود [4/ 268، رقم 4869] وقصد الحديث الذي ذكره في المتن بعد هذا مطولا وعزاه لأبي داود أيضًا. ثم قال الشارح: ورواه بهذا اللفظ القضاعى في الشهاب، وقال العامرى في شرحه وتبعه الحضرمى اليمنى: حديث صحيح، وقال ابن حجر في الفتح [11/ 82 تحت حديث 6289]: سنده ضعيف. قلت: [في] هذا أمور، الأول: [قوله]: ورواه القضاعى في الشهاب، غلط فإنه لا يروى في الشهاب شيئًا وإنما يروى في مسند الشهاب. الثانى: أنه لم يبين هل رواه القضاعى [1/ 37، رقم 3] من حديث على أو من حديث جابر الذي زاده هو، والواقع أنه رواه من حديث على. الثالث: نقل كلام العامرى وتصحيحه وهو رجل جاهل مخرف متلاعب بحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصحح الموضوعات والمنكرات ويحسنها بذوقه الفاسد بقطع النظر في الإسناد. الرابع: أنه جمع بين كلامه وكلام الحافظ المتعارضين، ولم يبين الصواب منهما، وإن كان الصواب ما قاله الحافظ بالضرورة، إلا أن من لا يعرف حال ذاك العامرى الجاهل قد يقع في حيرة.

والحديث خرجه الخطيب [11/ 169] والقضاعى والديلمى [4/ 291، رقم 6926] في مسند الفردوس من طريق الخرائطى كلهم من رواية الحسين بن عبد اللَّه بن ضميرة عن أبيه عن جده، والحسين كذبه مالك. ورواه الخطيب [14/ 23] أيضًا والطوسى في المجالس كلاهما من طريق مسعدة ابن صدقة العبدى عن جعفر الصادق عن آبائه متصلًا به. ومسعدة متروك، ولكن للحديث طرق متعددة عن جماعة من الصحابة. 3558/ 9176 - "المحْتكُر مَلْعُونٌ". (ك) عن ابن عمر قلت: وهم المصنف في قوله عن ابن عمر، وإنما هو عن عمر، والشارح نقل إسناد الحديث من تلخيص الذهبى للمستدرك وكلامه عليه، وتبع المصنف على هذا الوهم وكتبه بخطه كذلك لأنه دائمًا يلمزه بالباطل ويخلق له الأوهام فإذا جاء وهم حقيقى صرفه اللَّه عن رؤيته ومعرفته والتنبيه عليه. والحديث خرجه أيضًا ابن ماجه [2/ 728، رقم 2153] كما نقله الشارح عن الذهبى ولكن بلفظ: "الجالب مرزوق والمحتكر ملعون"، وقد قدمه المصنف في حرف "الجيم" وعزاه لابن ماجه، والشارح في غفلة عن ذلك، فلا يذكر إلا ما أمامه لا ما قبله، ولو كان ملاصقًا للحديث الذي يتكلم عليه فكيف يذكر ما سبق بآلاف الأحاديث. وقد ذكرت له مخرجين زيادة على ابن ماجه في حرف "الجيم" وذكرت هناك أنه ورد أيضًا من حديث أنس. 3559/ 9181 - "المدبر من الثلث". (هـ) عن ابن عمر قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن ابن ماجه لم يروه إلا كذلك،

والذي رأيته في الفردوس وغيره معزوا له "المدبر لا يباع، ولا يوهب، وهو حر من الثلث". قلت: ابن ماجه رواه باللفظ الذي ذكره المصنف، والذي ذكره الديلمى لا أصل له وهو من تحريفه فإنه قليل التحقيق كثير الغلط ساقط عن درجة الاعتبار، والشارح متساهل في قوله: في الفردوس، بل الذي يتعرض لذلك ابنه صاحب مسند الفردوس. وكذلك قوله: وغيره، فإنها كلمة اعتاد الشارح أن يزيدها بدون تورع، والواقع أنه لم ير ذلك إلا عند الديلمى [4/ 481، رقم 6894] الذي يحمل الروايات الغريبة على كتب لم تذكر فيها، فإن هذه الرواية عند الدارقطنى [4/ 138] والبيهقى [10/ 314] كما ذكره المصنف بعد هذه لا عند ابن ماجه. قال ابن ماجه [2/ 840، رقم 2514]: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا على بن ظبيان عن عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: المدبر من الثلث". قال ابن ماجه: سمعت عثمان بن أبي شيبة يقول: هذا خطا، قال ابن ماجه: ليس له أصل اهـ. فما حكاه الشارح عن المصنف من كونه رمز لهذا الحديث بعلامة الحسن، غريب جدًا بل هو من تحريف النساخ. 3560/ 9185 - "المدِينةُ خَيرٌ من مَكَة". (طب. قط) في الأفراد عن رافع بن خديج قال في الكبير: وفيه عبد الرحمن بن أبي رواد. . . إلخ. قلت: ليس في الرواة من اسمه محمد بن عبد الرحمن بن أبي رواد، وإنما هو محمد بن عبد الرحمن بن الرداد بدالين، ذكره البخارى في التاريخ الكبير

[1/ 160، رقم 476] فقال محمد بن عبد الرحمن بن الرداد بن عبد اللَّه بن شريح بن مالك القرشى مدينى عن يحيى بن سعيد الأنصارى عن عمرة عن رافع بن خديج عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المدينة خير من مكة" سمع منه إسماعيل بن أبي أويس حدثنى عنه. 3561/ 9187 - "المراءُ في القُرآنِ كُفرٌ". (د. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الإمام أحمد باللفظ المزبور وزيادة، فكان ينبغى عزوه إليه، ولفظه: "المراء في القرآن كفر، فما عرفتم فاعملوا به، وما جهلتم فردوه إلى عالمه". قلت: وحينئذ فلا يخلو أن يذكره بهذه الزيادة وهى ليست عند أبي داود والحاكم فيكون كاذبا، أو يقول: رواه أحمد بزيادة كذا فيخالف شرطه في كتابه، على أن أحمد رواه [2/ 424، 484] بدون هذه الزيادة و [2/ 258، 478، رقم 494] بلفظ: "مراء في القرآن كفر" وبلفظ: "جدال في القرآن كفر"، ولم يعزه إليه فكان ماذا؟ وما قال أحد أنه ينبغى الاستقصاء في العزو. والحديث قد رواه أيضًا الأجرى في كتاب الشريعة، والطبرانى في الصغير [1/ 299، رقم 496] (¬1) فيمن اسمه شباب، والدينورى في المجالسة، وأبو نعيم في الحلية [(5/ 192)، (6/ 215)] وفي تاريخ أصبهان [1/ 272، 292] وابن مردك في فوائده تخريج الدارقطنى، وابن نجيد في جزئه كلهم من حديث أبي هريرة، فكان ينبغى للشارح أن يعزوه لهؤلاء أيضًا. ¬

_ (¬1) ورواه أيضًا في الصغير (1/ 345، رقم 574) من حديث أبي هريرة، فيمن اسمه على.

ورواه الآجرى أيضًا من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فلو كان الشارح يذكر ما وقف عليه بدون هذه الإلزامات لكان أوفق له وأرفق به. 3562/ 9189 - "المرءُ كَثيرٌ بأخِيهِ". ابن أبي الدنيا في الإخوان عن سهل بن سعد قال في الكبير: ورواه الديلمى والقضاعى، قال شارحه العامرى: وهو غريب. قلت: بل موضوع، والعامرى جاهل يتكلم بدون علم، وراجع مستخرجنا على الشهاب فقد أطلت في طرق هذا الحديث. 3563/ 9192 - "المرأةُ لآخِرِ أزوَاجِهَا". (طب) عن أبي الدرداء (خط) عن عائشة قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: إسناده ضعيف. قلت: لم يبين هل السندان ضعيفان معًا أو أحدهما فقط، ثم إن عادته أن ينقل من مجمع الزوائد كلام الحافظ الهيثمى على الأحاديث وبيان من فيها من الضعفاء، وهنا لم يفعل ذلك كأنه لم يقف عليه. وقد عزاه الهيثمى [4/ 270] للطبرانى في الكبير والأوسط وقال: فيه أبو بكر بن أبي مريم وقد اختلط، ولفظه عن عطية بن قيس الكلاعى قال: خطب معاوبة بن أبي سفيان أم الدرداء بعد وفاة أبي الدرداء، فقالت أم الدرداء: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أيما امرأة توفى عنها زوجها فتزوجت بعده فهى لآخر أزواجها"، وما كنت لأختار على أبي الدرداء، فكتب إليهما معاوية: فعليك بالصوم فإنها محسمة. قلت: وقد رواه أبو سعيد عيسى بن سالم الشاشى المعروف بعويس في جزئه من هذا الوجه بهذه القصة، لكنه موقوفًا على أبي الدرداء فقال:

حدثنا ابن المبارك عن أبي بكر بن أبي مريم حدثنى عطية بن قيس أن معاوية خطب أم الدرداء. . . مثله، إلا أنها سمعت أبا الدرداء يقول: إن المرأة تكون لزوجها الأخر وأنا أحب أن لا أتزوج. . . الحديث. وأما حديث عائشة ففيه عند الخطيب حمزة بن أبي حمزة النصيبى وهو متروك منكر الحديث. 3564/ 9206 - "المسْلِمُ منْ سَلِمَ المسْلمُوَن من لِسَانِه ويَدِه". (م) عن جابر قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه، وهو ذهول، بل خرجه الشيخان معا باللفظ المزبور من حديث ابن عمر. . . إلخ السخافة المعهودة. قلت: لم يخرجه البخارى من حديث جابر ولا بهذا اللفظ المختصر، وإنما خرجه [(1/ 9، رقم 10)، (8/ 127، رقم 6484)] بلفظ: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى اللَّه عنه"، وهذا لفظ آخر وحديث آخر من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص لا من حديث عبد اللَّه بن عمر كما يقول الشارح، وقد ذكره المصنف بعد حديث واحد وعزاه للبخارى وأبي داود والنسائى. 3565/ 9209 - "المسْلِمُ أخُو المسْلِمُ". (د) عن سويد بن حنظلة قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أنه لا يوجد في أحد الصحيحين، وليس كذلك، بل هو في البخارى في عدة مواضع عن ابن عمر مرفوعًا باللفظ المزبور بعينه وزيادة، ونصه "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه"، هكذا هو في كتاب المظالم. . . إلخ.

قلت: كذب الشارح في قوله: هكذا هو كتاب المظالم، فاسمع ما في كتاب المظالم [3/ 168، رقم 2442]: حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أن سالما أخبره أن عبد اللَّه بن عمر أخبره، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان اللَّه في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج اللَّه عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره اللَّه يوم القيامة". فأين هذا من اللفظ الذي ساقه الشارح وزعم أنه الحديث بنصه، والمصنف قصد الحديث المختصر لا هذا الحديث المطول، لأن كتابه خاص بالأحاديث القصار من الصحيحين، ولذلك جعل عليه ذيلا لخصوص الأحاديث الطوال المخرجة في الصحيحين. 3566/ 9210 - "المسلم مرآة المسلم، فإذا رأى فيه شيئًا فليأخذه". ابن منيع عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه يحيى بن عبيد اللَّه، قال الذهبى: قال أحمد: غير ثقة. قلت: الحديث له طريق آخر عن أبي هريرة أخرجه البخارى في الأدب المفرد [ص 95، رقم 239] وأبو داود في السنن [4/ 281، رقم 4918]، وأبو الشيخ في التوبيخ وغيرهم بلفظ: "المؤمن". وطريق يحيى بن عبيد اللَّه خرجه الترمذى [4/ 326، رقم 1929] أيضًا، وإنما لم يعزه إليه المصنف لأنه بلفظ: "إن أحدكم مرآة أخيه، فإن رآى به أذى فليمطه عنه".

[في الكلام على إسماعيل بن رافع الأنصارى]

3567/ 9214 - "المسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهمْ، مَا وَافَقَ الحقَّ مَنْ ذَلِكَ". (ك) عن أنس وعائشة قال في الكبير: من حديث عبد العزيز بن عبد الرحمن الجزرى عن خصيف ابن أبي رباح عن أنس. قلت: بل عن خصيف عن عطاء بن أبي رباح. 3568/ 9216 - "المشَّاءُونَ إِلَى المسَاجِدِ في الظُّلَم، أولئِكَ الخوَّاضُونَ فِي رَحْمَةِ اللَّه". (هـ) عن أبي هريرة قال الشارح: وضعفه شارحه مغلطاى، فقول المؤلف: حسن ممنوع. وقال في الكبير: رمز لحسنه وليس كما قال، قال مغلطاى في شرح أبي داود: حديث ضعيف لضعف أبي رافع الأنصارى، فإنه وإن قال فيه البخارى: مقارب الحديث، فقد قال أحمد: منكر الحديث. . . إلخ. [في الكلام على إسماعيل بن رافع الأنصارى] قلت: ذكر في الصغير أن مغلطاى ضعفه في شرح ابن ماجه، وفي الكبير: في شرح أبي داود. ثم إن إسماعيل بن رافع المذكور، وإن قال الدارقطنى في الأفراد بعد أن رواه أيضًا من طريقه أنه تفرد به يعنى عن شيخه المقبرى فقد قال البخارى: ثقة مقارب الحديث، وقال ابن المبارك: لم يكن به بأس، وقال يعقوب ابن سفيان: ليس هو بمتروك، وقال ابن عدى: يكتب حديثه، وقال الساجى:

صدوق يهم في الحديث، وكذا وصفه ابن حبان بأنه كان رجلا صالحا إلا أنه يقلب الأخبار، فإذا ثبت صدقه وأنه غير متهم بالكذب، فالحديث حسن لاسيما مع ثبوت الأحاديث في هذا المعنى فقد تواتر حديث: "بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة"، كما قال المصنف. وليس في المتن ما يوهم فيه حتى يُغلب جانب وهمه على صدقه، فالحق مع المصنف رحمه اللَّه تعالى. وقد أخرجه الدارقطنى في الأفراد كما ذكرناه فقال: حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي الورى ثنا أحمد بن العلاء ثنا عبيد بن حماد عن إسماعيل بن عياش عن إسماعيل بن أبي رافع عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة به. 3569/ 9217 - "المصَائِبُ والأمْرَاضُ وَالأحْزَانُ فِي الدُّنْيَا جَزَاءٌ". (ص. حل) عن مسروق مرسلا قال في الكبير: لفظ أبي نعيم في الحلية عن مسروق بن الأجدع، قال: قال أبو بكر الصديق: "يا رسول اللَّه ما أشد هذه الآية {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: المصائب. . . " إلخ، ثم قال أبو نعيم: عزيز من حديث الفضيل، ما كتبته إلا من هذا الوجه: حدثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا أبو السعود أحمد بن الفرات. قلت: هذا من الطرف الطرف التي يأتى بها الشارح في أوهامه الكثيرة العجيبة المتنوعة، فكلام أبي نعيم [8/ 119] على الحديث المذكور انتهى عند قوله: ما كتبته إلا من هذا الوجه، وقوله: حدثنا عبد اللَّه بن جعفر هو سند حديث آخر ذكره بعده وهو حديث: "من كذب على متعمد، فليتبؤا مقعده من النار"، وقد أطال فيه، فاقتطع الشارح هذه القطعة منه فكانت أعجوبة من العجائب

[في الكلام على محمد بن محمد الباغندى]

لاسيما وهو كلام مبتدأ بدون خبر، والسند بتمامه هو قوله: حدثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا أبو السعود أحمد بن الفرات (ح). وحدثنا أبو بكر الطلحى ثنا أبو حصين القاضى (ح). وحدثنا أبي ثنا عمر بن إبراهيم بن أبان السراج البغدادى قالوا: حدثنا يحيى ابن عبد الحميد الحمانى حدثنا فضيل بن عياض عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن ثعلبة بن يزيد الحمانى عن على بن أبي طالب قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: من كذب على متعمدًا. . . " الحديث. ثم إن ما حكاه الشارح عن أبي بكر رضي اللَّه عنه غير موجود في نسختنا بل فيها عن مسروق قال: قال أبو بكر الصديق رضي اللَّه عنه: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" الحديث. وهذا السياق أيضًا يخالف ما قاله المصنف من أن الحديث مرسل، بل هو سياق موصول لكن السياق الذي حكاه الشارح فيه احتمال الوصل والإرسال، فاللَّه أعلم. 3570/ 9219 - "المضْمَضَةُ والاسْتنْشَاقُ سُنَّةٌ، والأذُنَانُ من الرأْسِ". (خط) عن ابن عباس قال في الكبير: وفيه محمد بن محمد الباغندى، أورده الذهبى في الضعفاء، وقال ابن على: أرجو أنه كان لا يتعمد الكذب. . . إلخ. [في الكلام على محمد بن محمد الباغندى] قلت: لو كان الشارح يدرى ما يقول في هذا الفن لاستحى أن يعلل الحديث بالباغندى، فإنه حافظ كبير مسند صاحب أصول يعزى إليها، من أقران النسائى وأبي داود والطبقة، وكونه تكلم فيه فذلك مما لا يخلو منه غالب

الناس، والذهبى إنما أورده في الضعفاء بالتزامه إيراد كل من تكلم فيه بحق أو بباطل فأورد كثيرا من الحفاظ أمثال الباغندى، كالحاكم والطبرانى والمعمرى والبزار، بل ومن أكبر من هؤلاء كإمام الجرح والتعديل يحيى بن معين وطبقته، فهل أنت يا شارح مجنون تضعف الحديث بالباغندى، وقد رأيت كيف دافع عنه الذهبى وأثنى عليه في نفس الترجمة، وقال في تذكرة الحفاظ [2/ 736]: الباغندى الحافظ الأوحد محدث العراق أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان ابن الحارث الواسطى ثم البغدادى، فذكر بعض شيوخه منهم على بن المدينى وطبقته ثم قال: قال الخطيب: بلغنى أن عامة ما رواه حدث به من حفظه، قال القاضى أبو بكر الأبهرى: سمعت أبا بكر الباغندى يقول: أجبت في ثلاتمائة ألف حديث مسألة في حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ابن شاهين: قام أبو بكر بن الباغندى ليصلى فكبر وقال: أخبرنا محمد بن سليمان لوين فسبحنا له فقرأ. قال أبو بكر الإسماعيلى: لا أتهمه بالكذب ولكنه خبيث التدليس ومصحف أيضًا. وقال الخطيب: رأيت كافة شيوخنا يحتجون به ويدخلونه في الصحيح. وقال محمد بن أحمد بن رهير: هو ثقة، لو كان بالموصل لخرجتم إليه، ولكنه ينطرح عليكم. قال حمزة السهمى: سألت أحمد بن عبدان عن الباغندى فقال: كان يخلط ويدلس، وهو أحفظ من أبي بكر بن أبي داود، وسألت الدارقطنى عنه فقال: كثير التدليس يحدث بما لم يسمع. قال اللالكائى: ذكر أن الباغندى كان يسرد الحديث من حفظه كسرد التلاوة السريعة حتى تسقط عمامته.

قال الذهبى. كان أول سماعه في سنة سبع وعشرين بواسط، ومات في ذى الحجة سنة ثنتى عشرة وثلاثمائة. 3571/ 9220 - "المطَلَّقَةُ ثَلاثًا لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلا نَفَقَة". (ن) عن فاطمة بنت قيس قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أن هذا لا ذكر له في أحد الصحيحين ولعله ذهول، فقد عزاه الديلمى إلى مسلم بزيادة ولفظه: "المطلقة ثلاثا لا سكنى لها ولا نفقة، إنما السكنى والنفقة لمن تملك الرجعة". قلت: مسلم خرج الحديث من طرق متعددة في عدة أوراق (¬1) ولم يذكر اللفظ الذي ذكره المصنف أصلًا فضلًا عن اللفظ الذي زاده الديلمى. وقد نبهت مرارا على أن الديلمى غير محقق ولا محرر بل ولا ثقة، ثم لا مفهوم لمسلم، فإن حديث فاطمة خرجه أيضًا أبو داود [2/ 287، رقم 2288] والترمذى [3/ 475، رقم 1180] وابن ماجه [1/ 656، رقم 2035] ولكن لم يقع هذا اللفظ إلا عند النسائى [6/ 144، رقم 3405]. ومن غريب أحوال الشارح الغريبة استرواحه إلى النقل عن الديلمى وفلان وعلان عن الكتب المتداولة، فبدلًا من الاعتماد على الديلمى كان يكفى مراجعة الأصول لتحقيق وجود الأحاديث فيها أو عدمه، ولكن له في ذلك مقاصد. 3572/ 9221 - "المْعَتدِى فِي الصَّدَقةِ كَمانِعِهَا". (حم. د. ت. هـ) عن أنس قال في الكبير: قال الترمذى: غريب من هذا الوجه وقد تكلم أحمد في ¬

_ (¬1) انظر صحيح مسلم (2/ 1114، 1121).

سعيد بن سنان اهـ. وقال المنذرى: طعن فيه غير واحد من الآئمة، وقال النووى: لم يروه غير سعيد، وهو ضعيف، وقال الذهبى: غير حجة، وبه يعرف خطأ العامرى في جزمه بصحته. قلت: ونخطئك أنت في النقل عنه واعتماده في كثير من الأحاديث، وهو رجل ساقط جاهل لا قيمة له يحسن ويصحح بذوقه ونظره وفهمه من غير نظر في الأسانيد من أول الكتاب إلى آخره، ثم لا تعرف ذلك أنت ولا تدركه فتسقطه من درجة الاعتبار ولا تتعرض لنقل كلامه أصلًا. والحديث له طريق آخر من حديث جابر بن عبد اللَّه أخرجه البخارى في التاريخ الكبير قال [2/ 392، رقم 2887]: أخبرنا محمد بن عبادة ثنا يعقوب حدلحنا كرامة بنت حسين عن أبيها عن أبي عياش عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المعتدى في الصدقة كمانعها". 3573/ 9222 - "المْعَتِكفُ يَتْبَعُ الجَنازَةَ ويَعُودُ المرِيضَ". (هـ) عن أنس قال الشارح في الشرحين: ظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه، بل بقيته: وإذا خرج لحاجة قنع رأسه حتى يرجع". قلت: بل الأمر بخلاف ما قلت، وابن ماجه ليس في سننه إلا ما ذكره المصنف ولفظه [1/ 565، رقم 1777]: حدثنا أحمد بن منصور أبو بكر ثنا يونس بن محمد ثنا الهياج الخراسانى ثنا عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الخالق عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المعتكف يتبع الجنازة ويعود المريض". والشارح قد نقل جل هذا الإسناد، مما يدل على أنه وقف على ابن ماجه،

ومع ذلك يدعى أن الحديث فيه زيادة، فإما أن يكون ذلك كذبا، أو نقل ذلك بواسطة الديلمى الضعيف المخرف. هذا والحديث موضوع ولابد، والمصنف ملام على ذكره. 3574/ 9223 - "المعتكفُ يَعكُفُ الذُّنُوبَ، وَيَجْرِى لَهُ مِنَ الأجْرِ كَعَامِلِ (¬1) الحَسَنَاتِ كُلِّهَا". (هـ. هب) عن ابن عباس قلت: سكت عليه الشارح وفيه فرقد السنجى وهو ضعيف، والحديث خطأ. 3575/ 9226 - "المغْبُونُ لا مَحْمُودٌ وَلا مَأجُورٌ". (خط) عن على، (طب) عن الحسن، (ع) عن الحسين قال الشارح: وفي كل منها مقال، لكن الحديث حسن لشواهده. وقال في الكبير: في سند الخطيب أحمد بن طاهر البغدادى سئل عنه تلميذه الأبندونى فقال: لو قيل له حدثكم أبو بكر الصديق؟ لقال: نعم، وضعفه، كذا ذكره مخرجه الخطيب عقبه، فاقتصار المصنف على العزو له وحذف ذلك من سوء التصرف، وقال في سند الطبرانى: قال الهيثمى: فيه محمد بن هشام ضعيف وبقية رجاله ثقات، وقال بعد عزو الحديث لأبي يعلى عن الحين: قال أبو هاشم: كنت أحمل متاعا إلى الحسين فماكسنى فيه فلعلى لا أقوم من عنده حتى يهب عامته، فقلت له في ذلك، فقال: حدثنى أبي يرفع الحديث إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره، قال الهيثمى فيه أبو هاشم العبادى، قال الذهبى: لا يكاد يعرف ولم أجد لغيره فيه كلاما اهـ. وعبارة ¬

_ (¬1) في المطبوع من فيض القدير (6/ 274): "كأجر عامل".

الذهبى: هذا حديث منكر وأبو هاشم لا يعرف، وقد اضطرب فمرة عر الحسن ومرة عن الحسين، وأورده في الفردوس بلفظ: "أتانى جبريل فقال: يا محمد ماكس عن درهمك، فإن المغبون" إلخ ما هنا، ورواه الحكيم في نوادره من حديث عبد اللَّه بن الحسين عن أبيه عن جده. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: لكن الحديث حسن لشواهده، باطل فإنه ليس في الباب شواهد ولا يعرف في هذا المعنى أحاديث غير حديث الباب، فكان حقه أن يقول: لتعدد طرقه لا لشواهده. الثانى: قوله: فاقتصار المصنف على العزو له. . . إلخ، باطل فإن المصنف من أول كتابه إلى آخره لا ينقل كلام المخرجين، فكيف ينتقد عليه عند كل حديث بما يزيد على ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف مرة، مع التغافل عن شرطه وصنيعه في الكتاب. الثالث: أنه باطل أيضًا من جهة أنه قد رمز له بعلامة الضعيف الذي يقيمه مقام النقل لكلام المخرجين. الرابع: أنه باطل أيضًا من أصله، فإن الخطيب خرج الحديث في موضعين، أحدهما: قال فيه ما نقله الشارح، والثانى: لم يقل فيه شيء من ذلك، وهو أول الموضعين في ترجمة أحمد بن سليمان بن داود التمار فقال [4/ 180]: أخبرنى أبو طالب الفقيه أخبرنا أبو على أحمد بن سليمان بن داود التمار ثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز أبو القاسم البغوى ثنا كامل بن طلحة ثنا أبو هشام القناد البصرى قال: كنت أحمل المتاع من البصرة إلى الحسين بن على ابن أبي طالب فكان ربما يماكسنى فيه فلعلى لا أقوم من عنده حتى يهب عامته، قلت: يا ابن رسول اللَّه، أجيئك بالمتاع من البصرة تماكسنى فيه فلعلى لا أقوم

حتى تهب عامته، فقال: إن أبي حدثنى يرفع الحديث إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "المغبون لا محمود ولا مأجور". قال أبو القاسم: هكذا حدثنا كامل بهذا الحديث عن أبي هشام القناد قال: كنت أحمل المتاع إلى الحسين بن على بن أبي طالب، ويقال: إنه وهم من كامل ورواه غيره عن هذا الشيخ، قال: كنت أحمل المتاع إلى على بن الحسين واللَّه أعلم. سألت أبا طالب الفقيه عن حال أحمد بن سليمان التمار فقال: ما علمت إلا خيرا: أخبرنا البرقانى حدثنى أحمد بن عمر البقال قال: أحمد بن سليمان ابن داود الفارض ثقة. الخامس: أنه يتقصد هذا ليشين المصنف بالباطل، والدليل على ذلك أنه نقل كلام أبي هشام القناد ولم يره إلا في الترجمة المذكورة، ثم أوهم أنه لم يقف إلا على ما ذكره الخطيب في ترجمة أحمد بن طاهر [4/ 212] التي روى الحديث فيها من طريقه عن بشر بن مطر: ثنا سفيان بن عيينه قال: ابتاع جعفر ابن محمد من رجل فماكسه، فقلت تماكسنى وأنت ابن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال: حدثنى أبي عن جدى عن على عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "المغبون لا محمود ولا مأجور". السادس: قوله: قال الهيثمى [4/ 75، 76]: فيه محمد بن هشام ضعيف، باطل يدل على تهور كبير وعلى عدم التحقيق للمنقول، فإن الحافظ الهيثمى قال: وفيه محمد بن هشام، والظاهر أنه محمد بن هشام بن عروة، وليس في الميزان أحد يقال له محمد بن هشام ضعيف اهـ. فحرف الشارح كلامه وقلب معناه وأتى بما لم يذكره الرجل ولا أشار إليه، فإن كلامه يفيد أنه غير ضعيف، لأنه يقول لم ير في الميزان رجلا اسمه محمد بن هشام وهو ضعيف فيكون هذا غير ضعيف، والشارح نسب إليه الباطل وأنه

قال: إنه ضعيف، وهذا أقصى ما يكون من التهور المسقط للثقة بل والعدالة. السابع: قوله: قال أبو هاشم، هكذا كرره ثلاث مرات باسم هاشم بتقديم الألف على الشين، وإنما هو هشام بتقديم الشين على الألف. الثامن: قوله: بعد عزو الحديث لأبي يعلى: قال أبو هشام: كنت أحمل متاعا. . . إلخ، كذب على رواية أبي يعلى، فإنه لم يرو الحديث كذلك بل اقتصر على رواية المرفوع [12/ 153، رقم 6783]، وإنما ألصق الشارح ذلك من رواية الخطيب كما سبق. التاسع: قوله نقلًا عن الهيثمى: فيه أبو هاشم العبادى، تحريف في الموضعين، في هاشم كما سبق وفي العبادى بالعين المهملة بعدها الباء الموحدة وآخره ياء النسب، وإنما هو القناد بالقاف والنون نسبة إلى بيع القند الذي هو السكر. العاشر: قوله: وعبارة الذهبى: هذا حديث منكر، وأبو هاشم لا يعرف وقد اضطرب. . . إلخ، باطل أيضًا، فإن الذهبى قال: أبو هشام القناد كان يتبع الحسين، حدث عنه كامل بن طلحة، لا يعرف وخبره منكر: أنا أحمد بن هبة اللَّه أنا عبد العزيز بن محمد إجازة أنا تميم أنا الكنجروذى أنا أبو عمرو الحيرى ثنا أبو يعلى الموصلى ثنا كامل ثنا أبو هشام القناد عن الحسين ابن على يرفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "المغبون لا مأجور ولا محمود" اهـ. فلم يقل: وقد اضطرب. . . إلخ ما نسبه إليه الشارح. الحادى عشر: قوله: وأورده في الفردوس بلفظ: "أتانى جبريل" إلخ، لم أره في الفردوس في فصل: أتانى من حرف الباء، فلينظر هل ذكره في موضع آخر أو هو من أوهام هذا الرجل أيضًا. الثانى عشر: قوله: ورواه الحكيم في نوادره. . . إلخ، هذا السند عن

الحسن أو عن أبيه، فحقه أن يذكره في موضعه لا في الكلام على حديث الحسين المصغر، قال الحكيم في الأصل الواحد والمائتين (¬1) في المغبون [2/ 133]: ثنا العباس بن أيوب الزبيرى قال: حدثنا أويس بن محمد الكندى قال: حدثنا طلحة بن كامل قال: حدثنا محمد بن هشام المدنى قال: بايعت عبد اللَّه بن الحسين بن على رضي اللَّه عنهم فماكسنى، فقلت: تماكسنى يا ابن رسول اللَّه؟ فقال: نعم حدثنى أبي عن جدى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" الحديث. فهو كما ترى من رواية محمد بن هشام السابق ذكره في سند حديث الحسن المكبر عليهم السلام. وأخرجه البخارى في التاريخ الكبير من هذا الوجه فقال [7/ 152، رقم 681]. حدثنا أحمد بن الأزهر ثنا قيس بن محمد من ولد الأشعث بن قيس ثنا طلحة ابن كامل الجحدرى عن محمد بن هشام عن عبد اللَّه بن الحسين به. هكذا وقع عندهما طلحة بن كامل، والظاهر أنه كامل بن طلحة واللَّه أعلم. 3576/ 9227 - "المغْرِبُ وترُ النَّهَارِ، فَأوتِرُوا صَلَاةَ اللْيلِ". (طب) عن ابن عمر قلت: الحديث أخرجه أيضًا أحمد في مسنده: حدثنا يزيد أنا هشام عن محمد عن ابن عمر به مثله (¬2)، حرفا حرفا، ولم ¬

_ (¬1) وهو في الأصل التاسع والتسعين ومائة من المطبوع. (¬2) رواه أحمد (2/ 30، 41) بلفظ: "صلاة المغرب وتر النهار، فأوتروا صلاة الليل"، ورواه (2/ 83، 154) من طريق آخر عن ابن سيرين عن ابن عمر باللفظ السابق وزيادة.

يذكره الحافظ الهيثمى في الزوائد، فلذلك لم يعلم به الشارح، ولو علم لأسخف على المصنف. وأخرجه أبو نعيم في الحلية [6/ 348] من وجه آخر من طريق مالك بن سليمان عن مالك بن أنس عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر به بدون زيادة: "فأوتروا". ورواه غير هؤلاء موقوفًا على ابن عمر، ومن طرقه الموقوفة ما أخرجه الدولابى في الكنى [1/ 80] في كنية أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن عمر، وله عند الطحاوى أيضًا طرق. 3577/ 9233 - "المكْرُ والخَدِيعَةُ وَالخِيَانَةُ فِي النَّارِ". (د) في مراسيله عن الحسن مرسلا قلت: قد ورد موصولا من حديث أنس ومن حديث أبي هريرة، فأما حديث أنس فقال الحاكم آخر المستدرك [4/ 607، رقم 8795]: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر الخولانى ثنا عبد اللَّه بن وهب أخبرنى عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "المكر والخديعة والخيانة في النار"، وسنان بن سعد ضعيف. وأما حديث أبي هريرة: فقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 290] في ترجمة إسماعيل بن يزيد: حدثنا محمد بن جعفر ثنا أحمد بن الحسين ثنا إسماعيل بن يزيد ثنا هشام بن عبيد اللَّه ثنا حكيم بن نافع حدثنى عطاء الخراسانى عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المكر والخديعة والخيانة في النار".

3578/ 9238 - "المنْتَعِلُ رَاكِبٌ". ابن عساكر عن أنس قال في الكبير: ورواه عنه الديلمى أيضًا، ولعل المصنف لم يستحضره، وكذا أبو الشيخ. قلت: ليست الفائدة في استدراك مخرجين لم يذكرهم المصنف إلا عند تعدد طرقهم، إنما الفائدة ذكر الإسناد ومعرفة من فيه أو معرفة درجته. والحديث من رواية إسماعيل بن مسلم المكى عن الحسن عن أنس كذلك. أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 109]، وإسماعيل ضعيف. 3579/ 9239 - "المنْتَعِلُ بمنْزِلَةِ الرَّاكِب". سمويه عن جابر قلت: وكذا البندهى من طريق أبي على بن الحسن بن أحمد بن شاذان البزار: أنا أبو على حامد بن عبد اللَّه الرفا الهروى ثنا على بن عبد العزيز ثنا عمر ابن عون ثنا هشيم عن الحجاج عن أبي الزبير عن جابر به، وقال: "كالراكب". 3580/ 9240 - "المِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ، وَالنَّاسُ عَلَى شُرُوطِهمْ مَا وَافَقَ الحقَّ". البزار عن أنس قال الشارح: وضعفه الهيثمى فرمز المؤلف لحسنه ممنوع. وقال في الكبير: فيه محمد بن عبد الرحمن البيلمانى وهو ضعيف جدا فرمز المؤلف لحسنه إما ذهول وإما لاعتضاده. قلت: هذا هو الواقع، فإن حديث "المنحة مردودة" ورد عن أنس من وجه

آخر رواه ابن ماجه [2/ 802، رقم 2399] والطبرانى في مسند الشاميين [1/ 361، رقم 621] من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن سعيد بن أبي سعيد عن أنس. ورواه أحمد [5/ 293] من هذا الوجه إلا أنه قال: عمن سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يسم أنسا. وورد من حديث أبي أمامة أخرجه ابن أبي شيبة [6/ 145، رقم 603] والطيالسى [ص 154، رقم 1128] وأحمد [5/ 267] وأبو داود [3/ 296، رقم 3565] والترمذى [4/ 433، رقم 2120] والنسائى في الكبرى [3/ 411، رقم 5782] وابن ماجه [2/ 802، رقم 2398] وابن الجارود في المنتقى والدارقطنى [3/ 40] وأبو نعيم في التاريخ [2/ 24] من ثلاثة أوجه عنه، فهو حديث صحيح. والشطر الثانى وهو حديث: "النَّاس على شروطهم" ورد من طرق متعددة أيضًا، وقد مر قريبًا في المتن بلفظ: "المسلمون عند شروطهم" فحديث الباب بالنظر لشواهده حسن كما قال المصنف. 3581/ 9242 - "المهْدِيُّ مَنْ وَلَدِ العَبَّاس عَمَّى". (قط) في الأفراد عن عثمان قلت: هذا كذب موضوع كان من حق المؤلف أن لا يذكره. 3582/ 9243 - "المهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ يُصْلِحُهُ اللَّه فِي لَيْلَةٍ". (حم. هـ) عن على قال في الكبير: رمز لحسنه وفيه ياسين العجلى قال في الميزان عن البخارى: فيه نظر ثم ساق له هذا الخبر.

قلت: ياسين بن شيبان العجلى، قال ابن معين: ليس به بأس، وفي رواية عنه: صالح، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال يحيى بن يمان: رأيت سفيان الثورى يسأل ياسين عن هذا الحديث، قال الحافظ: ووقع في سنن ابن ماجه [2/ 1367، رقم 4085] عن ياسين غير منسوب، فظنه بعض الحفاظ المتأخرين ياسين بن معاذ الزيات، فضعف الحديث به فلم يصنع شيئًا. قلت: ومع هذا فقد ورد من غير طريقه، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 170] في ترجمة إبراهيم بن محمد ابن الحنفية: ثنا أبو بكر الطلحى ثنا محمد بن على العلوى ثنا محمد بن على بن خلف ثنا حسن بن صالح بن أبي الأسود عن محمد بن فضيل ثنى سالم بن أبي حفصة عن إبراهيم بن محمد ابن الحنفية عن أبيه عن على به. قال أبو نعيم: ورواه ياسين العجلى عن إبراهيم بن محمد أيضًا، ثم أخرجه من طريقه وبهذا يرد على من ادعى من الحفاظ أنه لا يعرف إلا بـ: "ياسين العجلى". وقد أخرجه البخارى في التاريخ الكبير [1/ 317، رقم 994] في ترجمة إبراهيم بن محمد أيضًا من طريق ياسين العجلى. * * * * *

حرف النون

حرف النون 3583/ 9252 - " نَارُكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعينَ جُزْءًا مِنْ نارِ جَهَنَّمَ، لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا حَرُّهَا". (ت) عن أبي سعيد قال في الكبير: وقضية تصرف المؤلف أن هذا مما لم يتعرض الشيخان لتخريجه وهو عجب، فقد خرجه مسلم من حديث أبي هريرة. . . إلخ. قلت: لا لوم على المؤلف فإنه اختار في هذا الكتاب إيراد هذه الرواية مع إيراد رواية أبي هريرة في الأصل وفي الذيل أيضًا، وإنما اللوم على الشارح الذي تعرض لحديث أبي هريرة واقتصر على عزوه إلى مسلم [4/ 2184، رقم 2843/ 30] مع أنه متفق عليه، فقد خرجه البخارى أيضًا [4/ 147، رقم 3265] وقد عزاه المصنف في الأصل وفي الذيل لأحمد والبخارى ومسلم والترمذى [4/ 710، رقم 2590]. 3584/ 9254 - "نَبَاتُ الشَّعْرِ فِي الأنْفِ أمَانٌ مِنَ الجُذَامِ". (ع. طس) عن عائشة قال في الكبير: رواه (طس) عن أحمد الأبار عن عبيد بن محمد التيمى عن أبي الربيع عن عائشة قال ابن الجوزى: موضوع، وأبو الربيع: متروك، قال المؤلف والأشبه أنه ضعيف لا موضوع.

قلت: فيه أمران أحدهما: لم يروه أبو الربيع عن عائشة بل رواه عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة. ثانيهما: لم يقل المؤلف ذلك بدون دليل وتدعيم لما قال، بل ذكر للحديث طرقا وشواهد أعرض الشارح عن الإشارة إلى ذلك وضرب عنه صفحا كما هو معلوم. 3585/ 9261 - "نُصرتُ بالصَّبا، وَكَانَتْ عَذَابًا عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلى". الشافعى عن محمد بن عمرو مرسلا هكذا هو محمد بن عمرو بزيادة الواو، وكذلك كتبه الشارح في الصغير وأسقطها في الكبير وقال: هو محمد بن عمر بن على بن أبي طالب، ثم قال: هو في التابعين متعدد، فكان ينبغى تمييزه اهـ. وهذه أخطاء بعضها فوق بعض، فأولها: أن المؤلف ذكر محمد بن عمرو بالواو وهو حذف الواو ثم جعله محمد بن على بن أبي طالب. وثانيها: أن محمدا المذكور ليس من التابعين وإنما يروى عن التابعين. وثالثها: أنه ليس في التابعين محمد بن عمر بضم العين لا كثير ولا قليل إلا النادر ممن هو غير مشهور ولا مخرج له في الكتب الستة. 3586/ 9262 - "نِصْفُ مَا يُحْفَرُ لأمَّتِى مِنَ القُبُورِ مِنَ العَيْنِ". (طب) عن أسماء بنت عميس قال في الكبير: هذا بظاهره يناقض قوله في الخبر السابق: "ثلث منايا أمتى من العين". قلت: لم يسبق هذا الخبر أصلا ولا هو معروف، إنما سبق حديث: "أكثر من يموت من أمتى بعد قضاء اللَّه وقدره بالعين".

3587/ 9266 - "نَظَرُ الرَّجُلُ إِلَى أخِيهِ عَلَى شَوْقٍ خَيْرٌ مِنِ اعْتِكَافِ سَنَةٍ في مَسْجِدِى هَذَا". الحكيم عن ابن عمرو قال في الكبير: وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قلت: ذكر هذا مما لا فائدة فيه، إنما الفائدة في ذكر السند كله إن لم يعرف من فيه من الضعفاء ليقع الكشف عن رجاله أو التنصيص على من فيه من الضعفاء إن عرفهم. وهذا الحديث خرجه الحكيم في الأصل الثامن والثلاثين والمائة (¬1) في الاشتياق إلى الإخوان قال [1/ 661]: حدثنا الفضل بن محمد ثنا موسى بن سليمان القرشى الصوفى عن بقية بن الوليد قال: كتب إلى عبد الملك بن مهران قال: حدثنى أبو أمية بن يعلى الثقفى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به. وأبو أمية المذكور ضعيف وكذلك الراوى عنه، وبقية مدلس وهو لم يسمع الحديث، والفضل بن محمد ضعيف أيضًا. وله طريق آخر من حديث ابن عمر أخرجه الديلمى من طريق ابن لال، قال [5/ 3، رقم 7120]: حدثنا محمد بن معاذ بن فهد ثنا إبراهيم بن زهير الحلوانى حدثنا يحيى بن يزيد ثنا بن المبارك عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر به مثله. محمد بن معاذ ضعيف وشيخه لم أعرفه ولعله إبراهيم بن بديل، ويحيى بن يزيد منكر الحديث. ¬

_ (¬1) وهو في الأصل السابع والثلاثين والمائة من المطبوع.

3588/ 9270 - "نِعْمَ السُّحُورُ التَّمْرُ". (حل) عن جابر قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الخطيب وابن عدى والطبرانى باللفظ المزبور عن جابر، قال الهيثمى: وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلى ضعيف، ورواه البزار باللفظ المزبور عن جابر، قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح. قلت: هؤلاء كلهم رووه من طريق زمعة بن صالح عن عمرو بن دينار عن جابر، وهو مروى عن زمعة من طرق، وقد قال أبو نعيم: إنه تفرد به وهو من رجال مسلم روى له مقرونا، ولذلك قال الحافظ الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، أما ما نقله عن الشارح أولا من أنه قال: فيه يزيد بن عبد الملك النوفلى، فلا أصل له ولم يقل شيئًا منه الحافظ المذكور. 3589/ 9271 - "نِعَمَ الشَّيْءُ الهَدِيَّةُ أَمَامَ الحَاجَةِ". (طب) عن الحسين قال في الكبير: وفي رواية للحاكم والديلمى عن عائشة: "نعم العون الهدية في طلب الحاجة، ثم قال بعد العزو: قال الهيثمى: فيه هاشم بن سعد، وثقه ابن حبان وضعفه جمع وحكم ابن الجوزى بوضعه، وقد عرفت أن الحاكم رواه من حديث عائشة وسنده أجود من هذا فلو عزاه إليه كان أولى. قلت: فيه أمور، الأول: قوله: وفي رواية للحاكم، يفيد أن الحاكم خرجه في المستدرك لأن ذلك هو مقتضى إطلاق العزو إليه، والواقع أنه لم يخرجه فيه وإنما خرجه في تاريخ نيسابور، وبذلك صرح المؤلف الذي نقل الشارح هذا من كتابه اللآلئ. الثانى: قوله: وحكم ابن الجوزى بوضعه، يفيد أن ابن الجوزى أورد حديث الحسين المذكور وهو ما أورده ولا رآه، إنما أورده من حديث أنس

ومرسل الزهرى وحديث عائشة (¬1)، وفي تعقب المؤلف عليه أورد حديث الحسين عليه السلام. الثالث: قوله: وقد عرفت أن الحاكم رواه وسنده أجود من هذا باطل وقلب للحقيقة، فإن حديث الحين عليه السلام قد نقل هو عن الهيثمى ما يفيد أنه حسن، أما حديث عائشة الذي خرجه الحاكم في التاريخ ففيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصى وهو هالك، قال ابن معين: لا يكتب حديثه كان يكذب، وقال ابن المدينى: ضعيف جدا، وقال البخارى: تركوه، وقال النسائى: ليس بثقة ولا يكتب حديثه، وهكذا اتفقوا على ضعفه وطرح حديثه. 3590/ 9280 - "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيْهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، الصِّحَّةُ وَالفَرَاغَ". (خ. ت. هـ) عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه عنه النسائى أيضًا. قلت: هذا يوهم أن النسائى خرجه في السنن الصغرى الذي يعزى إليه بإطلاق وليس كذلك، وقد خرجه أيضًا أحمد [1/ 344] والدارمى [2/ 385، رقم 2707] والدينورى في المجالسة، وقاسم بن أصبغ في المصنف، والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 196، رقم 295]، وأبو نعيم في الحلية [(3/ 74) و (8/ 174)] وآخرون. ورواه الديلمى في مسند الفردوس [3/ 133، رقم 4170] من حديث أنس بلفظ: "غنيمتان" وسنده ضعيف. ¬

_ (¬1) انظر الموضوعات (3/ 90، 91).

3591/ 9282 - "نَفَقَةُ الرَّجلُ عَلَى أهْلِهِ صَدَقَةٌ". (خ. ت) عن أبي مسعود البدرى قال في الكبير: وقضية المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه مع أنه في الفردوس عزاه لهما جميعا باللفظ المزبور. قلت: المصنف هنا عزاه للبخارى لا لمسلم فانقلب الأمر على الشارح. والديلمى في مسند الفردوس يعزو أصل الحديث، والمصنف يراعى الألفاظ التي وقعت عند المخرجين في خصوص هذا الكتاب وأصله، ومسلم خرج الحديث بلفظ: "إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهى له صدقة" (¬1) كما رواه البخارى [1/ 2، رقم 55] بهذا اللفظ أيضًا، وقد ذكره المصنف سابقا في حرف الألف وعزاه لأحمد [5/ 273] والشيخين والنسائى [5/ 69]، والشارح غافل عن كل هذا. 3592/ 9286 - "نَهَيْتكُمْ عَنْ زِيَارَة القُبُور فَزُورُوهَا، فإنَّ لَكُمْ فِيهَا عِبْرَة". (طب) عن أم سلمة قال الشارح: وضعفه الهيثمى بيحيى بن المتوكل فرمز المؤلف لحسنه ممنوع. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه يحيى بن المتوكل وهو ضعيف، ورواه أحمد بلفظ: "نهيتكم عن زيارة القبور [فزوروها] فإن فيها عبرة" قال الهيثمى: ورجاله رجال الصحيح، فلو عزاه المصنف له لكان أولى. قلت: ولو سلكت أنت الجادة وتركت المغالطة والمراوغة لكان أولى. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (2/ 695، رقم 48/ 1002) ولكن بلفظ: "إن المسلم إذا انفق. . ".

أما أولا: فالحديث حسن كما قال المصنف، وأنت نفسك تنقل في الهيثمى: أنه قال [3/ 57، 58] في طريق آخر: رجاله رجال الصحيح، فالمتن إذا حسن لشاهد هذا الطريق الصحيح له. ثانيا: زعمت أن أحمد رواه يلفظ: "نهيتكم" وهذا كذب (¬1)، بل رواه بلفظ: "إنى نهيتكم" فمحل هذه الرواية إذا حرف الألف. ثالثا: قلت: ورواه، فأوهمت أنه هو الحديث عينه من حديث أم سلمة أيضًا، والواقع أنه حديث آخر من حديث أبي سعيد الخدرى. 3593/ 9287 - "نُهِيتُ عَنِ التَّعَرِّى". الطيالسى عن ابن عباس قال الشارح: رمز لصحته ولا يصح. وقال في الكبير: وليس كما قال، ففيه عمرو بن ثابت، وهو ابن أبي المقدام، قال الذهبى في الضعفاء: تركوه، وقال أبو داود: رافضى، وسماك بن حرب وسيجئ ضعفه. قلت: سماك ثقة من رجال الصحيح، وعمرو بن ثابت ضعفوه لتشيعه مع صدقه والاعتراف باستقامة حديثه وأنه لا يشبه أحاديث الشيعة، وليس هذا من أحاديث التشيع، وأصله ثابت معروف، والحديث المذكور بعده في المتن شاهد له، فهو حديث صحيح المتن حسن الإسناد. ¬

_ (¬1) رواه أحمد (5/ 350) من حديث بريدة بلفظ: "نهيتكم" وفيه زيادة.

3594/ 9289 - "نُهِيتُ عَنِ المصَلِّينَ". (طب) عن أنس قال الشارح: فيه عامر بن سنان، منكر الحديث. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عامر بن سنان، وهو منكر الحديث اهـ لكن له شواهد. قلت: هكذا حرف هذا الاسم بعامر بن سنان "بالسين" ثم "النون" بعدها "ألف" ثم "نون" أيضًا، وإنما هو عامر بن يساف "بالياء المثناة" من تحت، ثم السين وآخره "فاء" أخت "القاف" وهو عامر بن عبد اللَّه بن يساف نسب إلى جده. 3595/ 9292 - "نَوِّرُوا بِالفَجْرِ، فَإنَّهُ أعْظَمُ للأجْرِ". سمويه (طب) عن رافع بن خديج قال الشارح: وإسناده ضعيف خلافًا للمؤلف. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما ظن، ففيه إدريس بن جعفر العطار، قال الدارقطنى: متروك، ويزيد بن عياض قال النسائى وغيره: متروك. قلت: أمجنون أنت يا مناوى: تعارض في حسن هذا الحديث الذي عده المصنف لكثرة طرقه متواترا، وهو وإن كان غير محق في دعوى تواتره، فهو حديث صحيح لا يشك فيه إلا جاهل بالحديث أو معاند مجازف. فالحديث له طرق متعددة عن رافع بن خديج، ليس فيها ضعيف فضلا عمن ذكر المصنف إن كان صادقا فيما قال. فقد أخرجه ابن الأعرابى في المعجم، والطحاوى في معانى الآثار [1/ 179]، والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 408، رقم 703]، والخطيب في التاريخ

[13/ 45] من حديث آدم بن أبي إياس عن شعبة عن أبي داود أو عن داود عن زيد بن أسلم عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج. ورواه أحمد [4/ 140] والدارمى [1/ 301، رقم 1218] وأبو داود [1/ 113، رقم 424] والنسائى [1/ 289، رقم 154] وابن ماجه [1/ 221، رقم 672] والطحاوى كلهم من طريق محمد بن عجلان عن عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد عن رافع به. ورواه أبو داود الطيالسى [ص 129، رقم 959] والدارمى [1/ 300، رقم 1217] والترمذى [1/ 289، رقم 154] والطبرانى [4/ 250، رقم 4286، 4290] وأبو نعيم في الحلية [7/ 94]، والبيهقى كلهم من طريق محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج به، وقال الترمذى: حديث حسن صحيح. ورواه أبو داود الطيالسى [ص 129، رقم 961] من حديث هرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج عن رافع بن خديج به. وفي الباب مع هذا عن ابن مسعود وبلال وأبي هريرة وقد جمعت طرق هذا الحديث في جزء مخصوص في وشى الإهاب أيضًا. 3596/ 9293 - "نَوْمُ الصَّائِم عبَادةٌ، وَصَمْتُهُ تَسْبِيحٌ، وَعَمَلُهُ مُضَاعَفٌ، وَدُعَاؤُهُ مُسْتَجَابٌ، وَذَنْبُهُ مَغْفُورٌ". (هب) عن عبد اللَّه بن أبي أوفى قال الشارح: أوفى بالتحريك. وقال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن مخرجه سكت عليه مع أنه قرنه ببيان حاله، فقال: معروف بن حسان -أى أحد رجاله- ضعيف، وسليمان ابن عمرو أضعف منه، قال: وعجب منه كيف يعزو الحديث إلى مخرجه

ويحذف من كلامه ما أعله به؟! وأعجب منه أن له طريقا خالية عن كذاب أورده العراقى في أماليه من حديث ابن عمر، فأهمل تلك وآثر هذه مقتصرا عليها. قلت: فيه أمور الأول: عبد اللَّه بن أبي أوفى بسكون الواو كما نبهنا عليه مرارا، فإنه كلما وقع ذكره في الكتاب نص الشارح على أنه بالتحريك. الثانى: أن المصنف لا ينقل كلام المخرجين التزام التزمه في كتابه، وجعله شرطا له فيه، فتعجب الشارح منه لإظهار نقص [المصنف] (¬1) وعيبه مع تأكده من الواقع. الثالث: أنه مع ذلك كذب صراح؛ لأن المصنف رمز له بعلامة الضعيف كما رمز لمخرجه، فلو كان ينقل كلام ولا يكتفى بالرمز لضعفه "بالضاد" لذكر المخرج باسمه، ولقال: أخرجه البيهقى في شعب الإيمان [3/ 415، رقم 3938] بدلا من رمز (هب). الرابع: التدليس والتلبيس فحديث ابن عمر الذي ذكره العراقى هو أولا: بلفظ "نوم العالم" لا بلفظ: "الصائم"، فهو حديث آخر في معنى آخر، هذا الذي ذكره المصنف في فضل الصوم والصائمين، وذاك في فضل العلم والعلماء، ولذلك لم يذكر لفظه الشارح تدليسا وتلبيسا على الناس، وثانيا: فإن العراقى نص على ضعفه أيضًا، فمن عرف الشارح إذا أن هذا أضعف منه. الخامس: وهب أنه ورد من حديث ابن عمر باللفظ الذي ذكره المصنف فهل علمه محيط بجميع ما خلق اللَّه من المعلومات حتى يتعقب عليه بمثل هذا التعقب السخيف؟! فإن الناس لا يقولون هذا إلا في مثل ما خرج في الأصول ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط الشارح ولعلها سبق قلم.

المشهورة المتداولة كالصحيحين والسنن الأربعة؛ لأنها مقرؤة مسموعة متداولة بخلاف ما خرج في الكتب الأخرى، ولاسيما الأجزاء الغريبة النادرة كالحديث الذي ذكره العراقى، فإنه مع كونه في العلم فقد نقله هو من أمالى ابن منده. السادس: سلمنا له تلك السخافة، فلم لا يلتزم هو ذلك؟ وها نحن نلزمه مثل ما ألزمه المصنف، إلا أنه الزمه بالباطل والكذب، ونحن نلزمه بالحق والواقع، فنقول له: قد خرج هذا الحديث أيضًا ابن صاعد في مسند عبد اللَّه ابن أبي أوفى من طريق سريج بن يونس عن سليمان ابن عمرو عن عبد الملك ابن عمير عن ابن أبي أوفى به، فلم لم تستدرك هذا المخرج؟، ثم إن سليمان بن عمرو النخعى الكذاب توبع عليه. فقد أخرجه ابن شاهين في الترغيب [1/ 179، رقم 141] من غير طريقه فقال: حدثنا أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان المالكى بالبصرة ثنا محمد بن أحمد ابن راشد الأصبهانى ثنا سلمة بن شبيب ثنا أحمد بن نصر ثنا أبو معاذ عن زياد الأعلم عن عبد الملك بن عمير عن عبد اللَّه بن أبي أوفى به، فلم لم تعرف أنت هذا الطريق وتذكره في شرحك تقوية للحديث؟. ثم إنه ورد من وجه آخر من حديث ابن مسعود في أحد الكتب المشهورة المتداولة، قال أبو نعيم في الحلية [5/ 83]: ثنا محمد بن الحسن بن محمد الجندى ثنا أبو زرعة أحمد بن موسى المكى ثنا على بن حرب ثنا جعفر بن أحمد بن بهرام ثنا على بن الحسن أو الحسين عن أبي ظبية عن كرز بن وبرة عن الربيع بن خثيم عن ابن مسعود قال: قال رسول

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نوم الصائم عبادة، ونفسه تسبيح، ودعاؤه مستجاب"، فلم لم تعرف هذا ولم تذكره؟. ثم إنه ورد أيضًا من وجه آخر من حديث على -عليه السلام- أو من حديث ذريته، قال حمزة بن يوسف السهمى في تاريخ جرجان: أخبرنا أبو ذر إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الضبابى بالكوفة في بنى كاهل عند مسجد الأعمش حدثنا جعفر بن محمد النيسابورى ثنا على بن سلمة العامرى ثنا محمد بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب حدثنى أبي قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نوم الصائم عبادة، ونفسه تسبيح"، فلم لم تعرف كل هذا يا مناوى، وذهبت إلى أمالى العراقى فنقلت منها حديثا خارجا عن الموضوع ولبثت به على الناس؟ العجب حقا. 3597/ 9294 - "نَوْمٌ عَلَى عِلْمٍ خَيْرٌ مِن صَلَاةٍ عَلَى جَهْلٍ". (حل) عن سلمان قال الشارح الجاهل: وفيه دحيم كذاب. وقال في الكبير: فيه أبو البخترى، قال الذهبى في الضعفاء: قال دحيم: كذاب. قلت: انظر إلى هذه العجائب المدهشة، فها هو يذكر في الكبير أن في سند الحديث رجلا كذبه دحيم، ثم يجعل في الصغير دحيم نفسه كذابا، ويجعله هو راوى الحديث، ودحيم من كبار الحفاظ. والحديث رواه أبو نعيم في الحلية [4/ 385] من طريق محمد بن يحيى بن الضريس: ثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن إسماعيل عن الأعمش عن أبي البخترى عن

سلمان به. ثم قال: كذا رواه الأعمش عن أبي البخترى، وأرسله أبو البخترى عن سلمان اهـ. فهذا سند الحديث ليس فيه دحيم، ثم إن أبا البخترى الذي كذبه دحيم ليس هو المذكور في سند هذا الحديث، بل ذاك رجل مجهول لا يعرف، وهذا هو وهب بن وهب القاضى مشهور جدا ومعروف بالكذب ووضع الحديث، لم يتكلم فيه دحيم، بل تكلم فيه أحمد والبخارى وأكثر أئمة الجرح. 3598/ 9295 - "نِيَّةُ المؤمِن خَيرٌ مِنْ عَمَلِهِ". (هب) عن أنس قال في الكبير: فيه شيئان، الأول: أن كلام المصنف يوهم أن مخرجه البيهقى خرجه وسلمه والأمر بخلافه، بل قال: هذا إسناد ضعيف، وذلك لأن فيه أبا عبد الرحمن السلمى، وقد سبق قول جمع: إنه وضاع، ومن ثم حكم ابن الجوزى بوضعه، الثانى: أنه ورد من عدة طرق. . . إلخ. قلت: فيه أمور، الأول: الكذب على المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف، كما رمز لمخرجه بقوله: (هب) بدلا عن قوله رواه البيهقى في شعب الإيمان [5/ 343، رقم 6860]، كذلك رمز بحرف "الضاد" بدلا من قوله: هذا إسناد ضعيف. الثانى: قد عرف الشارح أن من شرط المصنف في كتابه أنه لا ينقل كلام المخرجين، ومع ذلك أسخف بهذا الكلام السخيف أكثر من ألفى مرة. الثالث: وهب أنه لم يكن ذلك من شرطه، فلم يقل مخلوق في الدنيا أن ذلك لازم حتى يلتزمه المصنف ويعاب بتركه، مع أن الحفاظ كلهم يفعلون

ذلك إلا النادر في النادر من الأوقات. الرابع: أن تعليله ضعف الحديث بأبى عبد الرحمن السلمى الحافظ الكبير الثقة من فرط جهله بالحديث ورجاله، والعجب من هذا [الشارح] إذ صنف في طبقات الصوفيه وهذا إمام من أئمتهم. الخامس: أن أبا عبد الرحمن السلمى شيخ للبيهقى، والحديث خرجه جماعة من غير طريق أبي عبد الرحمن، منهم العسكرى في الأمثال الذي هو أكبر من أبي عبد الرحمن ومات قبله بزمان، وإنما علة الحديث يوسف بن عطية الذي رواه عن ثابت عن أنس، فإنه متفق على ضعفه. السادس: قوله: والحاصل أن له عدة طرق تجبر ضعفه، وأن من حكم بحسنه فقد فرط. . . [إلخ] كلام متناقض، فإن الضعيف المنجبر هو الحسن لغيره، فإذا لم ينجبر فهو الضعيف الذي بقى على ضعفه، وهذا الحديث اشتهر بين الأقدمين من السلف الصالح مما يدل على صحته وثبوته، إذ لو كان مختلقا مولدا بعدهم لما كان مشتهرا في زمانهم. فقد روى الترمذى الحكيم في نوادر الأصول عن عمرو بن عمرو الربعى قال: قلت لعطاء: ما نية المؤمن خير من عمله؟ قال: لأن النية لا يكون فيها رياء فيهدرها، وروى أيضًا عن مالك بن دينار قال: رأيت رجلا بمكة يقول: اللهم كما قبلت حجات الأربع فاقبل هذه الحجة، فتعجبت منه، وقلت: له كيف علمت أن اللَّه قبلها منك؟ قال: أربع سنين كنت أنوى كل سنة أحج، وعلم اللَّه الصدق من نيتى، وحججت من عامى، فأنا خائف أن لا يقبل منى، قال مالك: فعلمت من يومئذ أن النية أفضل من العمل. السابع: قوله: ومن ثم حكم ابن الجوزى بوضعه، باطل فإنه لم يورده في الموضوعات.

3599/ 9298 - "النَّائِمُ الطَّاهِرُ كَالصَّائِم القَائِمِ". الحكيم عن عمرو بن حريث قلت: قال الحكيم [2/ 251]: ثنا إبراهيم بن عبد الحميد التمار ثنا عثمان بن صالح المقرئ حدثنى ابن لهيعة قال: حدثنى عبد الرحمن بن حسان عن عمرو ابن حريث به. عثمان بن صالح فيه مقال خفيف، وهو من رجال الصحيح، وابن لهيعة حاله معروف، وإبراهيم بن عبد الحميد ما عرفته. 3600/ 9301 - "النَّارُ عَدُوٌ لَكُمْ فاحْذَرُوهَا". (حم) عن ابن عمر قال في الكبير: كلام المصنف كالصريح في أنه لا وجود له في الصحيحين ولا أحدهما وهو وهم، فقد عزاه الديلمى لهما جميعا من حديث ابن عمر هذا باللفظ المزبور وزيادة ولفظه: "النار عدو فاحذروها، وأطفئوها إذا رقدتم" اهـ بنصه. قلت: إن كان الديلمى عزاه للشيخين: بهذا اللفظ فهو واهم ولا بعد في ذلك فإنه عديم التحقيق، والشيخان خرجاه بلفظ: "لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون". وهكذا ذكره المصنف فيما سيأتى في حرف "لا"، وعزاه لأحمد [2/ 7، 8] والبخارى [8/ 81، رقم 6293] ومسلم [3/ 1596، 2016/ 101] وأبي داود [4/ 363، رقم 5246] والترمذى [4/ 264، رقم 1813] وابن ماجه [2/ 1239، رقم 3769].

3601/ 9304 - "النَّاسُ رَجُلَانِ: عَالِمٌ، وَمُتَعَلِّمٌ، وَلا خَيْرَ فِيمَا سِوَاهُمَا". (طب) عن ابن مسعود قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه الربيع بن بدر وهو كذاب، وأقول في سنده أيضًا: سليمان بن داود الشاذكونى الحافظ، قال الذهبى في الضعفاء: كذبه ابن معين، وقال البخارى: فيه نظر، فتعصيب الهيثمى الجناية برأس الربيع وحده تعصب. قلت: بل علم وحفظ ومعرفة واتقان للفن، ولقد أجاره اللَّه تعالى من أن يضعف الحديث بمثل الشاذكونى الحافظ الكبير، الذي لا يعتبر قول من اتهمه بالكذب؛ لأنه اتهام عن غير استحقاق، بل عن حسد وتساهل في لمز الأعراض تحت ستارة الجرح والدفاع عن الحديث سلمنا، فالشاذكونى بعيد عن الاتهام به من جهة أنه لم ينفرد به كما ذكره الشارح نفسه نقلا عن الحافظ الهيثمى. 3602/ 9308 - "النَّاكِحُ فِي قَوْمِهِ كالمعْشِب فِي دَارِهِ". (طب) عن طلحة قال الشارح: فيه مجهولان. وقال في الكبير: قال الحافظ الهيثمى: فيه أيوب بن سليمان بن حر، لم أجد من ذكره هو ولا أبوه، وبقية رجاله ثقات. قلت: قدمنا مرارا أن المجهول ليس هو الذي لم يجد الحافظ الهيثمى ترجمته، فإنه قد يكون معروفًا لغيره مترجما في الكتب التي لم تصل إليه، والشارح دائمًا يعبر عمن يقول فيهم الحافظ المذكور: إنه لم يجدهم بأنهم مجاهيل،

وذلك من الخطأ البين الواضح، ثم إن الرجل اسمه سليمان بن حدلم لا كما ذكره الشارح. وهذا الحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 140] قال: حدثنا أبي ثنا أبو عمر أحمد بن الحسن ثنا أحمد بن مهدى ثنا سليمان بن أيوب القصرى ثنا أبي عن جدى عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة به. وقد ذكر ابن عدى في الكامل حديثا من رواية سليمان بن أيوب بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد اللَّه قال: حدثنى أبي عن جدى عن موسى بن طلحة عن أبيه، وهذا الرجل عندى هو المذكور في سند أبي نعيم، وهو المذكور في سند الطبرانى [1/ 114، رقم 206] تحرف على الحافظ الهيثمى، وقد قال فيه ابن عدى: عامة أحاديثه لا يتابع عليها، وقال الذهبى: هو صاحب مناكير، وقد وثق كأنه يشير إلى ذكر ابن حبان له في الثقات وكون أبي حاتم ذكره فلم يجرحه، فاللَّه أعلم. 3603/ 9311 - "النَّبِيُّونَ والمرْسَلُونَ سَادَةُ أَهْلِ الجنَّةِ، والشُّهَدَاءُ قُوَّادُ أهْلِ الجنَّةِ، وحَمَلَةُ القُرْآنِ عُوَفَاءُ أهْلِ الجنَّةِ". (حل) عن أبي هريرة قلت: سكت الشارح عن هذا الحديث فلم يذكر من فيه، وهو من رواية حفص بن جميع عن عبد الكريم عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة، وحفص ضعيف. وقد ورد من وجه آخر أضعف من هذا، فرواه ابن النجار من حديث مجاشع ابن عمرو عن الليث بن سعد عن الزهرى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، ومجاشع كذاب، لاسيما وقد رواه مرة أخرى فقال: بهذا الإسناد عن الزهرى عن أنس، أخرجه الدارقطنى في العلل.

ورواه ابن النجار من طريق أهل البيت عن على -عليه السلام-، وفيه محمد ابن محمد بن الأشعث وهو متروك، روى عن أهل البيت نسخة باطلة. 3604/ 9316 - "النَّدَمُ تَوْبَةٌ، والتَّائِبُ منَ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ" (طب. حل) عن أبي سعيد الأنصارى قال في الكبير: قال الهيثمى: وفيه من لم أعرفهم، وقال السخاوى: سنده ضعيف، وقال في موضع آخر: في سنده اختلاف كثير. قلت: الهيثمى لم يقل [10/ 199، 200]: فيه من لم أعرفهم بصيغة الجمع، بل بالإفراد، لأن فيه مجهولين، وهما يحيى بن أبي خالد عن ابن أبي سعيد الأنصارى عن أبيه، فيحيى قال ابن أبي حاتم: روى عن ابن أبي سعيد عن أبيه رفعه: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، وهو حديث ضعيف، رواه مجهول عن مجهول اهـ. وما نقله الشارح عن السخاوى من دون الحديث في سنده اختلاف كثير غلط وخلط لحديث بآخر، فإن الذي في سنده الاختلاف هو الحديث المذكور قبله في المتن وهو "الندم توبة" ققط من حديث ابن مسعود، فقد وقع فيه اختلاف واضطراب كما بينته في الإسهاب، وفي وشى الإهاب بما يطول نقله. أما حديث الباب فليس له إلا هذا الإسناد أعنى من حديث أبي سعيد أو أبي سَعْد الأنصارى بدون ياء كما رجحه الحافظ، فإنه لم يرو إلا من طريق ابن أبي فديك عن يحيى بن أبي خالد عن ابن أبي سعيد عن أبيه، فمن أين يأتيه الاختلاف. ثم إن هذا اللفظ وهو: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، ورد أيضًا من

حديث ابن مسعود وعائشة وأنس وأبي عنبة الخولانى وابن عباس. فحديث ابن مسعود رواه ابن ماجه [2/ 1420، رقم 4250] والطبرانى [10/ 185، رقم 10281]، وأدو نعيم في الحلية [8/ 251]، والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 43، رقم 14]، والبيهقى في السنن [10/ 154]. وحديث عائشة رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، والبيهقى في شعب الإيمان [5/ 385، رقم 7028] آخر حديث موضوع افتراه أحمد بن عبد اللَّه الجويبارى. وأخرجه أيضًا ابن الجوزى في الموضوعات [2/ 135] واتهم به الفضل بن عبد اللَّه بن مسعود، وقال: لا يحتج به بحال، وعندى أن المتهم به هو شيخه الجويبارى المذكور، فإنه وقح كثير الكذب والوضوع على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وحديث أنس رواه القشيرى في الرسالة من طريق محمد بن فضل بن جابر: ثنا سعيد بن عبد اللَّه ثنا أحمد بن زكريا حدثنى أبي قال: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإذا أحب اللَّه عبدا لم يضره ذنب، ثم تلا: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]، قيل: يا رسول اللَّه وما علامة التوبة؟، قال: الندامة". وحديث أبي عنبة الخولانى رواه أحمد بن عبيده الصفار في مسنده: ثنا عثمان بن عمر الضبى ثنا عثمان بن عبد اللَّه الشامى ثنا بقية بن الوليد ثنا محمد بن زياد الألهانى قال: سمعت أبا عنبة الخولانى يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له". وحديث ابن عباس رواه البيهقى في السنن [10/ 154] من طريق مسلم بن

سالم عن سعيد بن عبد الجبار عن عاصم الحدانى عن عطاء عن ابن عباس به، ثم قال: هذا إسناد ضعيف. 3605/ 9317 - "النَّذْرُ يَمِينٌ، وكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ". (طب) عن عقبة بن عامر قال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وفيه أمران، الأول: أن عدوله للطبرانى واقتصاره عليه يوهم أنه لا يوجد مخرجًا لأعلى ولا أحق بالعزو منه وليس كذلك، بل رواه أحمد في المسند، وسبق عن الحافظ ابن حجر أن الحديث إذا كان في مسند أحمد لا يعزى لمثل الطبرانى، الثانى: أن الحافظ العراقى قال: إن الحديث حسن لا صحيح. قلت: فيه أمور، الأول: الكذب على مسند أحمد، فإنه لا يوجد الحديث فيه بهذا اللفظ الصالح للدخول هنا في حرف "النون"، بل رواه بلفظين، أحدهما [4/ 146]: "كفارة النذر كفارة يمين"، وقد ذكره المصنف سابقا في حرف "الكاف"، وثانيهما [4/ 156]: "إنما النذر يمين، كفارتها كفارة يمين". الثانى: وحيث إن الشارح يبهت المصنف ويتجاهل اصطلاحه ولا يعتبر له شرطه، فيستدرك حديثا أوله "الكاف" في حرف "النون"، فالحديث بذلك اللفظ لم يخرجه أحمد وحده، بل خرجه أيضًا مسلم في الصحيح [3/ 1265، 1645/ 13] وأهل السنن الأربعة إلا ابن ماجه (¬1) كما عزاه المصنف لهم سابقا في حرف "الكاف"، وهو هو العيب المتفق عليه بين أهل الحديث وهو عزو حديث في أحد الكتب الستة إلى غيرها، وإن كان الشارح ليس من ¬

_ (¬1) أبو داود (3/ 241، رقم 3323)، الترمذى (4/ 106، رقم 1528)، النسائى (7/ 26).

هذا في العير ولا في البعير حتى يلام أو يعاب؛ لأنه أبعد من ذلك وأجهل مما هنالك، وإنما نذكر هذا عند إرادته عيب المصنف بالباطل. الثالث: أن ما نقله عن الحافظ في مسألة العزو إلى مسند أحمد كذب على الحافظ ما قاله ولا يمكن أن يقوله، والحفاظ دائمًا يعزون إلى الكتب ولا يعزون إلى أحمد إلا نادرا، وفي مقدمتهم الحافظ نفسه وشيخه العراقى، وكذلك الحافظ المنذرى وأمثالهم، وإنما يلتزم العزو إليه حفاظ الحنابلة وتلامذتهم كابن كثير، فإن كان الحافظ ذكر شيء من ذلك ففي صورة خاصة لا كما يفتريه الشارح. الرابع: وإذا كان الحديث مخرجًا في صحيح مسلم، فكيف يرمز له المصنف بعلامة الحسن؟، فإن الحديث واحد، وإنما عزاه للطبرانى [17/ 313، رقم 866] وحده لكونه الذي وقع عنده بهذا اللفظ الداخل في حرف "النون" وعليه فالشارح كاذب على العراقى في تحسينه الحديث أو العراقى واهم في ذلك، والمؤلف مصيب فكيف يعترض بواهم على مصيب، والواجب العكس. 3606/ 9322 - "النَّفَقَةُ كُلُّهَا فِي سَبِيلِ اللَّه إلا البِنَاء فَلا خَيْرَ فِيهِ". (ت) عن أنس قال الشارح: وقال -يعنى الترمذى-: حسن غريب. وقال في الكبير: وقال -يعنى الترمذى-: غريب، قال الصدر المناوى وفيه محمد بن حميد الرازى وزافر بن سليمان وشبيب بن بشر، ومحمد قال البخارى: فيه نظر، وكذبه أبو زرعة، ورافر فيه ضعف، وشبيب لين اهـ. قلت: فقابل بين ما قاله في الصغير وما قالة في الكبير وتعجب.

طريفة

3607/ 9331 - "نَهَى عَنْ الإقْرَان، إلا أنْ يَسْتَأذِنَ الرَّجُلُ أخَاهُ". (حم. ق. د) عن ابن عمر قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الترمذى وابن ماجه في الأطعمة، والنسائى في الوليمة، فتخصيص المؤلف الثلاث من الستة غير جيد. قلت: بل جيد، بل واجب يوجبه عليه شرطه في كتابه وترتيبه الذي اختاره لنفسه، وأنت عارف بذلك متأكد منه، فإن هؤلاء الباقين خرجوه بلفظ: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يقرن بين التمرتين، إلا أن يستأذن صاحبه"، وسيأتى قريبًا لفظ: "نهى أن"، أما هذا فموضع "نهى عن" إلا أن المصنف لم يعد الحديث هناك اكتفاء بهذا، فهل عرفت الآن أنك سخيف؟!. 3608/ 9336 - "نَهَى عَنْ التَّبقُّرِ فِي الأهْلِ والمَالِ". (حم) عن ابن مسعود قال في الكبير: قال الهيثمى: رواه بأسانيد، وفيها رجل لم يسم اهـ. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه من التوقف. قلت: المصنف لم يرمز لهذا الحديث بشيء أصلا، وإنما هو من افتراء الشارح عليه. طريفة قال الشارح في معنى الحديث: أى الكثرة والسعة، والمعنى النهى عن أن يكون في أهله وماله تفرق في بلاد شتى فيؤدى إلى توزع قلبه اهـ. فانظر إلى هذا وسل اللَّه تعالى السلامة من الوقوع في مثله، فإنه لا ينطق به عاقل يدرى ما يقول.

3609/ 9359 - "نَهَى عَنْ بَيْعِ المُحْفَلاتِ". البزار عن أنس قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس بصحيح، فقد قال الهيثمى: فيه إسماعيل بن مسلم المكى وهو ضعيف. قلت: هو ليس بكذاب، وإنما ضعفه لاختلاطه، وما كان كذلك فإذا ورد حديثه من طرق أخرى ارتفع المتن إلى درجة الصحة، وهذا الحديث ورد من طرق متعددة صحيحة في النهى عن بيع المصراة معلومة من الدين بالضرورة تقريبا. 3610/ 9361 - "نَهَى أَنْ تُلَقَّى البُيُوع". (ت. هـ) عن ابن مسعود قال في الكبير: قضية تقرير المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين وليس كذلك، فقد رواه مسلم هكذا والبخارى موقوفًا. قلت: هذا باطل من وجهين، أحدهما: أن مسلم رواه [3/ 1156، 1518/ 15] بلفظ: "نهى عن تلقى"، والمذكور هنا بلفظ "أن تلقى". ثانيهما: أن البخارى خرجه [3/ 93، رقم 2419] مرفوعًا ولا معنى لأن يكون موقوفًا، ولفظه عن عبد اللَّه قال: "من اشترى [شاة] (¬1) محفلة فليرد معها صاعا"، قال: ونهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن تلقى البيوع. 3611/ 9362 - "نَهَى عَنْ تَلَقِّى الجَلَب". (هـ) عن ابن عمر قال في الكبير: قضية صنيع المصنف تفرده به من بين الستة والأمر بخلافه، ¬

_ (¬1) الزيادة من صحح البخارى.

بل خرجه الجماعة كلهم إلا البخارى بأكثر فائدة وهو: "لا تتلقوا الجلب، فمن تلقها فاشترى منه شيئًا فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار"، كذا أوردوه في البيوع المنهية عن أبي هريرة. قلت: انظر إلى هذا وتعجب، فهو يريد من المصنف أن يخلط الحديث القولى الذي هو من لفظ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالأحاديث التي هي من ألفاظ الصحابة حكاية عن نهيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويورد الحديث الذي أوله حرف النون بالحديث الذي أوله حرف "لام ألف"، وهذا شيء لم يكن ليفعله مخلوق يميز ما يفعل، ولا الشارح البالغ أقصى ما يمكن تصوره في التهور. 3612/ 9363 - "نَهَى عَن ثَمنِ الكَلْبِ وَثَمَنِ السِّنَّورِ". (حم. 4. ك) عن جابر قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن ذا لا يوجد في أحد الصحيحين وهو ذهول، فقد خرجه مسلم في البيع عن جابر باللفظ المزبور. قلت: بل هذا من الكذب المحقق المشهور، قال مسلم [3/ 1199، 1569/ 42]: حدثنى سلمة بن شبيب ثنا الحسن بن أعين ثنا معقل عن أبي الزبير قال: سألت جابرًا عن ثمن الكلب والسنور قال: زجر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك اهـ. فأين اللفظ المزبور؟. 3613/ 9364 - "نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ إلا الكَلْبِ المُعَلَّم". (حم. ن) عن جابر قال في الكبير: قال ابن حجر -يعنى الحافظ-: رجاله ثقات وليس في محله، فقد قال ابن الجوزى: فيه الحسين بن أبي جعفر، قال يحيى: ليس بشيء. . . إلخ.

قلت: فيه أمور، الأول: الجرأة على شيخ الفن، فإن كبار الحفاظ لا يستطيعون أن يردوا رأيه في التصحيح والتحسين، والكلام على الأسانيد فضلا عن أجهل خلق اللَّه بالحديث ورجاله. الثانى: أن الحديث طريقه عند أحمد غير طريق النسائى، فطريقه عند أحمد [3/ 317] فيه الحسن بن أبي جعفر، ولفظه: ثنا عباد بن العوام عن الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير عن جابر. وأما النسائى فقال [7/ 309]: أخبرنا إبراهيم بن الحسن المقسمى ثنا حجاج بن محمد عن حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر. فهما كما ترى طريقان عن أبي الزبير، فمن عرف الشارح أن الحافظ قصد الطريق الذي فيه الحسن بن أبي جعفر. الثالث: أن الحسن بن أبي جعفر صدوق ثقة إلا أنه كان متعبدا صالحا فغفل عن الحديث فلذلك ضعفوه، لأنه لم يتقن إيراده كما يجب، وابن حبان نفسه قال فيه: كان من خيار عباد اللَّه الخشن، ضعفه يحيى وتركه أحمد، وكان من المتعبدين المجابى الدعوة، ولكنه ممن غفل عن صناعة الحديث وحفظه، فإذا حدث وهم وقلب الأسانيد وهو لا يعلم حتى صار ممن لا يحتج به، وإن كان فاضلا اهـ. وبمتابعة الطريق الآخر له يظهر أنه لم يهم في هذا الحديث. الرابع: أن اسمه الحسن مكبرا لا مصغرا كما ذكره الشارح. الخامس: ومع هذا فقد يكون الحافظ قصد طريقا ثالثا غير هذين الطريقين، فإنه قال: رجاله ثقات، ولم يعين مخرجه ولفظه في التلخيص.

تنبيه: روى الترمذى [3/ 569، رقم 1281] من وجه آخر عن أبي هريرة: استثناء كلب الصيد، لكنه من رواية أبي المهزم عنه وهو ضعيف، وورد الاستثناء من حديث جابر ورجاله ثقات اهـ. 3614/ 9372 - "نَهَى أنْ يَضَعَ الرَّجُلُ إحْدَى رَجْليهِ عَلَى الأخْرَى وَهُوَ مُسْتَلقٍ عَلَى ظَهْرِهِ". (حم) عن أبي سعيد قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو تقصير، بل حقه الرمز لصحته، فقد قال الهيثمى: رجاله ثقات اهـ. فظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجًا في أحد الصحيحين، بل ولا لأحد من الستة، وإلا لما اقتصر على غيره وهو غفلة، فقد خرجه مسلم والبخارى في اللباس باللفظ المذكور لكنه قال: "يرفع" بدل "يضع"، وأبو داود في الأدب، والترمذى في الاستئذان عن جابر، والمؤلف كأنه تبع المازرى حيث قال: هذا الحديث ليس في الكتب الستة وذهل عن رد الحافظ ابن حجر له بأنه عند البخارى في اللباس. قلت: الحديث الذي خرجه البخارى في اللباس وفي غيره هو ضد هذا الحديث، وهو قوله آخر كتاب اللباس باب الاستلقاء ووضع الرجل على الأخرى [10/ 399، رقم 5969]: حدثنا أحمد بن يونس ثنا إبراهيم بن سعد ثنا ابن شهاب عن عباد بن تميم عن عمه: "أنه أبصر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يضطجع في المسجد رافعا إحدى رجليه على الأخرى" فهذا كما ترى ضد الحديث المذكور هنا في النهى عن الاستلقاء. قال الحافظ: وفي الحديث ثبوت ذلك -يعنى الاستلقاء- من فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وزاد عند الإسماعيلى في روايته في آخر الحديث وإن أبا بكر كان يفعل ذلك وعمر وعثمان وكأنه لم يثبت عنده النهى عن ذلك، وهو فيما أخرجه مسلم

[3/ 1662، 2099/ 74] من حديث جابر رفعه: "لا يستلقين أحدكم ثم يضع إحدى رجليه على الأخرى"، أو ثبت لكنه رآه منسوخا اهـ. فالحديث إنما أخرجه مسلم من حديث جابر لا من حديث أبي سعيد الخدرى وبلفظ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا بلفظ الصحابى الحاكى نهيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والشارح يقول: باللفظ المذكور، ولو كان عنده أدنى شيء من العلم والمعرفة والذكاء لعرف أن الحافظ الهيثمى لا يخرج إلا الزوائد على الكتب الستة، فكيف ينقل عنه أنه أورده وقال رجاله ثقات؟، ثم يظن أنه مخرج في الكتب الستة، ثم إن البخارى أورد حديث عباد المذكور عن عمه عبد اللَّه بن زيد في كتاب الصلاة، فقال الحافظ في شرحه [1/ 671، رقم 475]: قال الخطابى: فيه أن النهى الوارد عن ذلك منسوخ، أو يحمل النهى حيث يخشى أن تبدو العورة والجواز حيث يؤمن ذلك، قال الحافظ: والثانى أولى من ادعاء النسخ؛ لأنه لا يثبت بالاحتمال، وممن جزم به البيهقى والبغوى وغيرهما من المحدثين، وجزم ابن بطال ومن تبعه بأنه منسوخ، وقال المازرى: إنما بوب على ذلك لأنه وقع في كتاب أبي داود وغيره لا في الكتب الصحاح النهى عن أن يضع إحدى رجليه على الأخرى، لكنه عام لأنه قول يتناول الجميع، واستلقاؤه في المسجد فعل قد يدعى قصره عليه فلا يؤخذ منه الجواز، لكن لما صح أن عمر وعثمان كانا يفعلان ذلك دل على أنه ليس خاصا به -صلى اللَّه عليه وسلم- بل هو جائز مطلقا، فإذا تقرر هذا [صار] بين الحديثين تعارض فذكر نحو ما ذكره الخطابى، وفي قوله في حديث النهى: ليس في الكتب الصحاح إغفال، فإن الحديث عند مسلم في اللباس من حديث جابر اهـ. فالمازرى والحافظ يتكلمان في مطلق النهى قاصدين حديث جابر الذي هو بلفظ لا يدخل في هذا الحرف، بل في باب "لا" الآتى، والشارح ينقله إلى حديث أبي سعيد، ثم الحافظ يعزوه إلى مسلم وهو يعزوه إلى البخارى أيضًا

فيجعله من المتفق عليه إن هذا العجب. 3615/ 9373 - "نَهَى أَنْ يُدْخَلُ الماءَ إلا بِمئْزَرٍ". (ك) عن جابر قال في الكبير: قال الحاكم: على شرطهما، وأقره الذهبى في التلخيص، لكنه ضعفه في الميزان وعده من مناكير حماد بن شعيب الحمانى، وتبعه في اللسان. . . إلخ. قلت: الذي في مستدرك الحاكم من طريق الحسن بن بشر الهمدانى [1/ 162، رقم 581]: ثنا زهير عن أبي الزبير عن جابر، وذاك من رواية حماد بن شعيب عن أبي الزبير عن جابر، فحماد ضعفوه وأوردوا له هذا الحديث، ولم يعرفوا أن زهيرا تابعه عليه، وهو ثقة من رجال الصحيح. فالطريق الذي ضعفه الذهبى غير الذي أقر الحاكم عليه، والحديث خرجه أيضًا محمد بن يحيى الذهلى في جزئه قال: حدثنا الحسن بن بشر البجلى ثنا زهير بن معاوية عن أبي الزبير به. 3616/ 9382 - "نَهَى عَنِ الجمَّةِ للحُرَّةِ، والعقْصَةِ للأَمَةِ". (طب) عن ابن عمرو بن العاص قال في الكبير: قال الهيثمى: رواه الطبرانى في الكبير والصغير ورجال الصغير ثقات اهـ. وعجب من المصنف كيف أغفل الطريق الصحيحة وآثر المرجوحة!. قلت: لا عجب، بل ذلك ما وصل إليه علمه واستحضره حال الكتابة كما هو شأن الناس كلهم، ولكن العجب منك إذ تقول هذا هنا ثم ترجع بعد ذلك

فتكتب في الشرح الصغير على الطبرانى في الكبير قولك: ورجاله ثقات، فهذا هو العجب حقا. 3617/ 9412 - "نَهَى عَنِ الضَّحِكْ مِنَ الضَّرْطَةِ". (طس) عن جابر قال الشارح: بإسناد ضعيف لا حسن خلافًا للمؤلف. قلت: المؤلف رمز له بعلامة الضعيف، ولا يتصور أن يرمز له بعلامة الحسن لسقوط إسناده. 3618/ 9413 - "نَهَى عَنِ الطَّعَام الحَارِّ حَتَّى يَبْرَدُ". (هب) عن عبد الواحد بن معاوية بن خديج مرسلا قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أن ذا لا يوجد مسندا، وإلا لما عدل رواية إرساله واقتصر عليه، وليس كما ظن، بل خرجه البيهقى نفسه من حديث صهيب يلفظ: "نهى عن كل الطعام الحار حتى يمكن أكله". قلت: هذا من عظيم غفلة الشارح، فقد ذكره المصنف بذلك اللفظ وعزاه للبيهقى عن صهيب وذلك فيما تقدم بالنسبة للشرح الكبير وفيما يأتى بالنسبة للشرح الصغير، لأن الشارح غير الوضع في باب المناهى وقدم فيه وأخر. 3619/ 9419 - "نَهَى عَنِ المُثْلَةِ". (ك) عن عمران (طب) عن ابن عمر وعن المغيرة قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أن هذا لم يخرج في شيء من الكتب الستة وهو غفلة، فقد خرجه أبو داود عن عمران بلفظ: "ما قام فينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خطيبا إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة". قلت: فأين هذا اللفظ الذي ذكرته من "نهى" المذكور هنا؟ ثم المؤلف لا يذكر من ألفاظ الصحابة إلا الأحاديث المصدرة بـ "كان"، والأحاديث المصدرة

بـ "نهى" وما عداهما فلم يذكر حرف واحد من ذلك، ومع هذا فليس لفظ الحديث في أبي داود كما قال، بل لفظه [3/ 53، رقم 2667]: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحثنا على الصدقة، وينهانا عن المثلة" هكذا هو في باب النهى عن المثلة من كتاب الجهاد. 3620/ 9422 - "نَهَى عَنْ المُخَابَرَةِ". (حم) عن زيد بن ثابت قال الشارح: بل هو متفق عليه. وقال في الكبير: كلام المصنف كالصريح أن ذا لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو ذهول، فقد قال الحافظ ابن حجر: إنه متفق عليه من حديث جابر، قال: وأخرجه أبو داود من حديث زيد بن ثابت. قلت: وإذا كان حديث زيد بن ثابت هذا إنما عزاه الحافظ لأبي داود [3/ 251 رقم 3372] فكيف قلت أنت في الصغير: إنه متفق عليه مع أنك تنقل في الكبير أن المتفق عليه إنما هو حديث جابر؟! ثم إن الحافظ في التخريج يعزو أصل الحديث غير متقيد باللفظ وترتيبه على الحروف كالمصنف، وحديث جابر المتفق عليه مطول ولفظه: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة، وعن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه ولا يباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا" (¬1)، فأين هذا من لفظ أحمد المختصر المختصر بالمخابرة مع كونه حديثا آخر من حديث زيد بن ثابت، ثم وجدته في صحيح مسلم بعد ما ذكر روايات متعددة عن جابر أورد هذه الرواية المختصرة. ¬

_ (¬1) البخارى (3/ 151، رقم 2381)، مسلم (3/ 1174، رقم 1536/ 81، 82).

3621/ 9426 - "نَهَى عَنِ المُزَارَعةِ". (حم. م) عن ثابت بن الضحاك قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه، بل بقيته في صحيح مسلم "وأمر بالمؤاجرة، وقال: لا بأس بها". قلت: هذا كذب وتدليس، بل قال مسلم في صحيحه [3/ 1883، 1549/ 118]: حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا عبد الواحد بن زياد (ح). وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا على بن مسهر، كلاهما عن الشيبانى عن عبد اللَّه ابن السائب قال: "سألت عبد اللَّه بن معقل عن المزارعة، فقال: أخبرنى ثابت بن الضحاك: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن المزارعة". ثم قال [3/ 1184، 1549/ 119]: حدثنا إسحاق بن منصور أخبرنا يحيى بن حماد أخبرنا أبو عوانة عن سليمان الشيبانى عن عبد اللَّه بن السائب قال: "دخلنا على عبد اللَّه بن معقل فسألناه عن المزارعة فقال: زعم ثابت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن المزارعة، وأمر بالمؤاجرة، وقال: لا بأس بها اهـ. فاللفظ الذي ذكره المصنف خرجه مسلم أولا ثم عقبه باللفظ الذي فيه الزيادة، والشارح أنكر أن يكون مسلم خرجه كما ذكره المصنف. 3622/ 9431 - "نَهَى عَنِ الميَاثِرِ الحُمْرِ وَالقَسِّى". (خ. ت) عن البراء قال في الكبير: ورواه ابن ماجه عن على، فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد ذنيك غير جيد.

قلت: كذب الشارح في هذا من وجهين: ادعاؤه أنه غير جيد ولا قائل به، بل هو فوق الجودة والعزو إلى البخارى يكفى بالإجماع، وثانى الكذبتين: ادعاؤه أن ابن ماجه خرجه بهذا اللفظ والواقع أن لفظه [2/ 1205، رقم 3654]: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الخاتم الذهب وعن الميثرة يعنى الحمرا"، فلو عزاه لابن ماجه عن على بعد عزوه للبخارى [7/ 95، رقم 5838] والترمذى [5/ 117، رقم 2809] عن البراء لقارب في تهوره أن يكون كالشارح العديم التحقيق؛ لأن حديث البراء فيه النهى عن القسى، وليس فيه النهى عن الخاتم الذهب، وحديث على فيه النهى عن الخاتم الذهب، وليس فيه النهى عن القسى، وإنما اشتركا في المياثر مع اختلاف اللفظ أيضًا. 3623/ 9448 - "نَهَى عَنْ إِجَابَةِ طَعَامِ الفَاسِقِينَ". (طب. هب) عن عمران قال في الكبير: قال الهيثمى بعد ما عزاه للطبرانى: فيه أبو مروان الواسطى، ولم أجد من ترجمه اهـ. وأقول: فيه من طريق البيهقى أبو عبد الرحمن السلمى، وقد سبق أنه كان يضع الحديث. قلت: هذا من فضول الشارح وجهله بالحديث ورجاله، فالطبرانى قد خرج الحديث في معجمه [18/ 168، رقم 376] من غير أن يكون لأبي عبد الرحمن السلمى دخل فيه، بل قد يكون الطبرانى كتبه قبل ولادة أبي عبد الرحمن الذي توفى بعد الطبرانى باثنين وخمسين عاما، ثم إن أبا عبد الرحمن السلمى إمام حافظ ثقة جليل القدر وكل من قال فيه كذاب فهو الكذاب على الحقيقة، إنما اتهموه بذلك لكونه كان صوفيًا متكلما بلسان أهل الحقيقة. والعجب من هذا الشارح، كيف ينعق كل ما جرى ذكر أبي عبد الرحمن السلمى بأنه وضاع مع براءته من الأحاديث التي يعللها به وورودها من غير طريقه كما رأيت في هذا الحديث.

مع أنه يزعم مخالطة الصوفية وخدمتهم وألف في طبقاتهم كتابين، ولعله لم يدر أن هذا هو المذكور في الطبقات من أئمة الصوفية وفي كتب تراجم الحفاظ أنه من كبارهم. والحديث خرجه أيضًا الدولابى في الكنى قبل ولادة أبي عبد الرحمن السلمى أيضًا، قال الدولابى [1/ 194]: أخبرنى أحمد بن شعيب أنبأنا أحمد بن سليمان ثنا عبد الرحيم بن مطرف ثنا أيوب بن أبي هند الحرانى أبو سليمان الفراء أخبرنى أبو مروان عن الحسن عن عمران بن حصين قال: "نهانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن إجابة طعام الفاسقين". 3624/ 9459 - "نَهَى عَنْ حَلْقِ القَفَا إِلا عِنْدَ الحِجَامَةِ، ونَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ". (م) عن أبي هريرة قلت: هكذا خلط الشارح بين (¬1) الحديثين فجعلهما حديثًا واحدًا خرجه مسلم من حديث أبي هريرة (¬2)، فعل ذلك في الشرحين معًا فأتى بغلطة فاحشة موقعة لمن لم يبحث ويراجع في هذا الغلط القبيح، وهو نسبة حديث إلى صحيح مسلم ليس هو فيه بل في سنده مقال، وذلك أن المصنف ذكر أولا حديث: "نهى عن حلق القفا إلا عند الحجامة" وعزاه للطبرانى في الكبير من حديث عمر (¬3) ورمز له بعلامة الضعيف، ثم ذكر بعده حديث: "نهى عن خاتم الذهب، وعزاه لمسلم [3/ 1654، 51/ 2089] من حديث أبي هريرة. ¬

_ (¬1) في الأصل: "الشارحين". (¬2) في الأصل المطبوع من "فيض القدير" الحديثان مذكوران على حدة، وكأن الخطأ تم استدراكه أثناء الطبع، أما المؤلف فينقل عن النسخة المخطوطة التي فيها ما قال. (¬3) لم أجده في الكبير إنما هو في الأوسط.

ثم إن حديث عمر في النهى عن حلق القفا رواه بهذا اللفظ أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان من حديث أبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن [1/ 339]: ثنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه قال: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن حلق القفا بالموسى إلا عند الحجامة". وسعيد بن بشير صدوق فيه مقال، وعندى أن الحديث حسن. 3625/ 9491 - "نَهَى عَنْ طَعَام المُتَبَارِيَيْنِ أَنْ يُؤْكَلَ". (د. ك) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبى في التلخيص، لكن في الميزان صوابه: مرسل، قال أبو داود: وأكثر من رواه عن جرير لا يذكر ابن عباس، يريد أن الأكثر أرسلوه. قلت: هذا يوهم أن الذهبى قاق ذلك في طريق الحاكم الذي سلمه في تلخيص المستدرك والواقع خلافه؛ لأن الحاكم ليس عنده جرير في سند الحديث، فإنه أخرج [4/ 129، رقم 7170] من طريق نصر بن على الجهضمى عن أبيه عن هارون بن موسى النحوى عن الزبير بن الخريت عن عكرمة عن ابن عباس. وجرير موجود في سند أبي داود، فإنه أخرجه [3/ 343، رقم 3754] من طريق زيد بن أبي الزرقاء عن جرير بن حازم عن الزبير بن الخريت به، ثم قال أبو داود: أكثر من رواه عن جرير لا يذكر فيه ابن عباس، وهارون النحوى ذكر فيه ابن عباس أيضًا، وحماد بن زيد لم يذكر ابن عباس اهـ. ثم إن ما نقله الشارح عن الذهبى لا أصل له ولم يقل الذهبى شيئًا من ذلك في الميزان غالبًا، فإنى راجعت أسماء رجال هذينن السندين -سند الحاكم وسند أبي داود- فلم أر فيه ذكرًا إلا للقليل منهم، وليس في ترجمتهم شيء

من ذلك، والعبارة التي ذكرها الشارح عبارة المنذرى في تلخيص السنن. ثم إن الصواب في الحديث أنه موصول لوروده عن ابن عباس من طريق مجاهد أيضًا، قال البخارى في التاريخ الكبير [4/ 7، 8، رقم 1775] قال محمد: ثنا إبراهيم بن حمزة حدثنى عبد العزيز بن عحمد عن سليمان بن الحجاج عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس: "نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن طعام المباهاة وطعام المتبارين". وممن رواه عن الزبير بن الخريت موصولا عبد اللَّه بن عبد اللَّه، قال أبو نعيم في الحلية [10/ 73]: حدثنا أبي ثنا إسحاق بن محمود بن الفرج ثنا أبو عثمان سعيد بن العباس ثنا ابن كاسب ثنا عبد اللَّه بن عبد اللَّه عن الزبير بن الخريت عن عكرمة عن ابن عباس به، وقال: "نهى أن يؤكل طعام المتباهيين".

فائدة

فائدة في ترجمة أبي داود سليمان بن عمرو النخعى من تاريخ الخطيب [9/ 17، 18] عن على بن المدينى قال: دخلت عليه -يعنى أبا داود- ببغداد، فجعل يحدثنا فاتهمته، فقلت له: عكرمة إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن طعام المتباريين فقال: حدثنا خصيف عن عكرمة، فبان أمره، ولم يرو هذا غير الزبير بن الخريت، كذا قال ابن المدينى، وأقر ذلك الخطيب مع أنه روى من طريق المحاملى: ثنا محمد بن موسى -ويعرف بشاباص- حدثنى يزيد بن عمر -هو ابن جنزه- حدثنا عاصم بن هلال عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به. 3626/ 9492 - "نَهَى عَنْ عَسَبِ الفَحْلِ". (حم. خ. 3) عن ابن عمر قلت: حرف الشارح رقم ثلاثة الذي هو لأصحاب السنن الأربعة إلا ابن ماجه بحرف النون الذي هو للنسائى، ثم أسخف على عادته فقال: ورواه عنه أبو داود [3/ 265، رقم 3428] والترمذى [4/ 563، رقم 12173] باللفظ المزبور، فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد النسائى [7/ 310] به عن الأربعة غير جيد اهـ. فانظر إلى هذا وتعجب. 3627/ 9493 - "نَهَى عَنْ عَسَبِ الفَحْلِ، وَقَفِيزِ الطَّحَّانِ". (قط) عن أبي سعيد قال في الكبير: وأورده عبد الحق في الأحكام بلفظ: "نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-" فتبعه المصنف غافلا عن تعقب ابن القطان له بأنه لم يجده إلا بلفظ البناء لما لم يسم فاعله. . . إلخ.

[قاعدة جليلة]

قلت: أما أولا: فمن عرف الشارح أن المصنف تابع في ذلك لعبد الحق في الأحكام، فإنه دائمًا يجعله فيما يأتيه ويذره تابعًا للناس، والواقع أنه قد يكون المصنف ما رآى ذلك الكتاب الذي نسب الشارح إليه أنه تبع صاحبه، كأنه لم يقف على الأصول أصلًا. [قاعدة جليلة] وأما ثانيًا: فإن بحث ابن القطان وتعقبه ضائع باطل، والصواب مع عبد الحق، فإن صيغة الحديث عند الدارقطنى [3/ 47] من رواية ابن أبي نعم البجلى عن أبي سعيد الخدرى قال: "نهى عن عسب الفحل"، فمن عرف ابن القطان أنه مبنى لما لم يسم فاعله، والواقع أنه مبنى للفاعل وهو النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما جرت عادتهم أن يحذفوه أحيانًا للعلم به ولاسيما أهل البصرة، فإن ذلك معروف من صنيعهم منصوص عليه في علوم الحديث، ويؤيده ورود التصريح به -صلى اللَّه عليه وسلم- في غير رواية الدارقطنى، قال الطحاوى في مشكل الآثار [2/ 186، رقم 711]: حدثنا أحمد بن أبي عمران ثنا الحسن بن عيسى بن ماسرجس مولى ابن المبارك (ح) وحدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا نعيم بن حماد قالا: حدثنا ابن المبارك عن سفيان الثورى عن هشام بن كليب -كذا قال: ابن كليب- عن ابن أبي نعم عن أبي سعيد الخدرى قال: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" وذكره. وأخرجه أيضًا [2/ 186، رقم 709] عن سليمان بن شعيب الكيسانى: ثنا أبي ثنا أبو يوسف عن عطاء بن السائب عن ابن أبي نعم عن بعض أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنه نهى عن عسب التيس، وكسب الحجام، وقفيز الطحان"، وهذا الطريق يبرئ أيضًا ساحة هشام بن كليب منه.

3628/ 9501 - "نَهَى عَنْ قَتْلِ الخَطَاطِيفِ". (هق) عن عبد الرحمن بن معاوية المرادى مرسلًا قال في الكبير: رواه البيهقى عن الحسين بن بشران فذكر سنده، ثم قال: وظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه سوى الإرسال، وليس كما قال فقد قال مخرجه البيهقى: إنه منقطع، ورواه أبو داود. . . إلخ. ثم قال والحديث أورده ابن الجوزى في الموضوعات. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن ابن الجوزى لم يورد هذا الحديث بل حديثًا آخر كما سأذكره. ثانيهما: إن كان ما تعقب به الشارح على المصنف مظهرا إطلاعه وفضله وقصور المصنف، إنما نقل جميعه من اللآلئ المصنوعة للمصنف، فإن ابن الجوزى أورد في الموضوعات [1/ 189] من طريق الأزدى ثم من حديث عمر ابن جميع عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قتل الخطاطيف، وكان يأمر بقتل العنكبوت وكان يقال إنه مسخ". ثم قال: قال الأزدى: موضوع، آفته عمر بن جميع وكان كذابًا غير ثقة ولا مأمون، فتعقبه المصنف بقوله: له شاهد، قال أبو داود في مراسيله [ص 173، رقم 346]: حدثت عن ابن المبارك عن إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق عن أبيه قال: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الخطاطيف عوذ البيوت". وقال البيهقى في سننه [9/ 318]: أنبأنا الحسين بن بشران، فذكر السند الذي نقله الشارح عن عبد الرحمن بن معاوية عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنه نهى عن قتل الخطاطيف وقال: لا تقتلوا هذه العوذ إنها تعوذ بكم من غيركم".

قال البيهقى: هذا وحديث عباد بن إسحاق عن أبيه كلاهما منقطع، قال: وقد روى عن حمزة النصيبى فيه حديثًا مسندًا إلا أنه كان يرمى بالوضع انتهى. 3629/ 9503 - "نَهَى عَنْ قِسْمَةِ الضِّرَارِ". (هق) عن نصير مولى معاوية مرسلًا قال في الكبير: وظاهر صنغ المصنف أن هذا من مرويات البيهقى بسنده وهو باطل، وإنما نقله البيهقى من مراسيل أبي داود، فكان حق المصنف العزو لأبي داود لا للبيهقى. قلت: كذب الشارح، قال البيهقى [10/ 134]: أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد أنبأنا أبو الحسين الفسوى ثنا أبو على اللؤلؤى ثنا أبو داود ثنا محمد بن عوف ثنا يعقوب بن كعب ثنا عيسى عن ثور عن سليمان بن موسى عن نصير مولى معاوية قال: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قسمة الضرار"، قال البيهقى: وهذا مرسل. 3630/ 9506 - "نَهَى عَنْ كَسْبِ الحَجَّامِ". (هـ) عن أبي مسعود قال في الكبير: ورواه أيضًا النسائى عن أبي هريرة، والإسنادان صحيحان كما أفاده الحافظ العراقى، فما أوهمه صنغ المصنف من تفرد ابن ماجه به عن الستة غير جيد، ورواه أحمد عن أبي هريرة بسند قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح. . . إلخ. قلت: لو كان عند الشارح تمييز لأدرك أن الحافظ الهيثمى لا يذكر في كتابه إلا الزوائد على الكتب الستة التي لم تخرج فيها، وهو قد ذكر [4/ 93] حديث

أبي هريرة وعزاه لأحمد [5/ 436] والطبرانى [22/ 108، رقم 272]، فكيف يجتمع كونه من الزوائد على الكتب الستة وكونه عند النسائى؟ فإن كان الحافظ العراقى عزاه للنسائى كما ينقله الشارح فهو إلى السنن الكبرى (¬1) لا إلى السنن الذي هو "المجتبى" المعدود من الكتب الستة، والتعقب إنما يكون به لا بالكبرى، ثم إن حديث أبي مسعود تفرد به ابن ماجه [2/ 732، رقم 2165]. 3631/ 9516 - "نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ". (ق. 3) عن أنس قال في الكبير: وقضية صنغ المصنف تفرد الثلاثة به عن الستة، والأمر بخلافه، بل رواه عنه أبو داود في الترجل والترمذى في الاستئذان. قلت: لا أدرى هل الشارح يتعمد قلب الحقيقة أو يظن جهلًا منه أن رقم الثلاثة يقصد به المصنف سنن النسائى، أو تحرف عليه بالنون، فإن المصنف عزا الحديث كما ترى للبخارى [7/ 197، رقم 5846] ومسلم [3/ 1662، رقم 2101/ 77]، والثلاثة وهم أبو داود [4/ 78، رقم 4179] والترمذى [5/ 121، رقم 2815] والنسانى [(5/ 141)، (8/ 189)]، والشارح كتب بيده رقم الثلاثة ثم قال ما قال، فافهم معى ما الحامل له على ذلك؟ 3632/ 9555 - "نَهَى أَنْ يُصَلَّى خَلْفَ النَّائِمِ وَالمُتَحِدِّثِ". (هـ) عن ابن عباس قال الشارح: وضعفه شارحه مغلطاى فرمز المصنف لحسنه زلل. قلت: بل علم ومعرفة وتحقيق وفضل، فالحديث له طرق متعددة من حديث ¬

_ (¬1) (رقم. . . .، رقم 6269) كلاهما عن أبي هريرة.

ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة، وهو بمجموعها يرتقى إلى درجة الحسن ولابد، لاسيما وغالب من ضعفه إنما فعل لأنه لم يفهم وجه الجمع بينه وبين صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- خلف عائشة وهى نائمة. كما فعل ابن حبان في حديث ابن عمر، فإنه رواه في الضعفاء [1/ 99] من طريق أبان ابن سفيان عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يصلى إلى نائم أو متحدث". ثم قال: كيف ينهى عن الصلاة إلى نائم وقد كان يصلى وعائشة معترضة بينه وبين القبلة، فلا يجوز الاحتجاج بهذا الشيخ ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار للخواص اهـ. فهذا كما ترى حكم بالوضع على الحديث وعلى راويه بالجرح بمجرد كونه لم يفهم الجمع بين الحديثين وهو تسرع باطل، إذ الجمع ممكن وهو أنه أولا: خاص بالأمة، وفعله -صلى اللَّه عليه وسلم- خاصًا به، أو أن النهى بالنسبة للأجنبى لا بالنسبة للأهل، أو النهى بالنسبة لما كان عنده مندوحة وفعله -صلى اللَّه عليه وسلم- للضرورة، لأن ذلك كان في صلاة الليل وحجرته -صلى اللَّه عليه وسلم- ضيقة وليس له مكان غيرها يصلى فيه ما كان عليه فرضًا من قيام الليل، أو النهى للضعفاء ومن يخاف عليه الشغل عن الصلاة بسماع المتحدث والنظر إلى النائم وما يبدو منه وهو -صلى اللَّه عليه وسلم- أقوى من ذلك، أو النهى عن ذلك بالنهار ووجود النور الذي قد يطَّلِعُ معه المرء على حال النائم وهو في الصلاة، وهو -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يفعل ذلك بالليل في الظلمة. فمع هذه الاحتمالات ومع ورود الحديث من طرق متعددة لا يتصور أن يحكم عليه بالضعف فضلًا عن البطلان. 3633/ 9556 - "نَهَى أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ قَائِمًا". (هـ) عن جابر قال الشارح: وضعفه مغلطاى، فقول المؤلف: حسن ممنوع.

قلت: مغلطاى يتكلم على السند الذي أمامه في ابن ماجه [1/ 112، رقم 309]، والمصنف يتكلم عن المتن من حيث هو، فإنه وارد من طرق متعددة يبلغ معها درجة الصحيح. 3634/ 9558 - "نَهَى أَنْ يُنْفَخَ في الشَّرَابِ، وَأَنْ يُشْرَبَ مِنْ ثُلْمَةِ القَدَحِ، أَوْ أُذُنِهِ". (طب) عن سهل بن سعد قال الشارح: وضعفه الهيثمى، فرمز المؤلف لحسنه غير حسن. قلت: بل حسن وفوق الحسن، فإن هذا كالحديثين قبله، حسنه المؤلف بالنظر إلى المتن لا إلى الإسناد، فإن المتن ثابت من طرق صحيحة. * * * * *

حرف الهاء

حرف الهاء 3635/ 9585 - " هَجْرُ المُسْلِم أَخَاهُ كَسَفْكِ دَمِهِ". ابن قانع عن أبي حدرد قال في الكبير: ابن قانع الحافظ أحمد في المعجم، ثم قال: ورواه عنه أيضًا ابن لال والطبرانى والديلمى. قلت: فيه أمران، الأول: أن ابن قانع ليس اسمه أحمد بل اسمه عبد الباقى، وهو أشهر بين أهل الحديث من "قفانبك" (¬1) لكونهم لا يذكرونه إلا باسمه عبد الباقى بن قاتع، إلا أن المصنف لأجل الاختصار الذي التزمه في الكتاب يسميه ابن قانع لا يقال أن أحمد اسم والده وسقط من قلمه عبد الباقى، فإن أحمد لا يوجد في نسبه أصلًا، فهو عبد الباقى بن قانع بن مرزوق بن واثق. الثانى: استدراكه عزو الحديث إلى ابن لال والطبرانى والديلمى يوهم أنه لم يخرجه غيرهم من المشاهير الذين هم أولى بالعزو منهم، مع أن الحديث خرجه البخارى في الأدب المفرد [ص 1146، رقم 407] من طريق الوليد بن أبي الوليد أن عمران بن أبي أنس حدثه أن رجلًا من أسلم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حدثه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "هجرة المؤمن سنة كسفك دمه" والرجل من أسلم هو أبو حدرد. ¬

_ (¬1) وهو البيت الذى أنشده امرؤ القيس في أول معلقته ونصه: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل

3636/ 9590 - "هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلا بِضُعَفَائِكُمْ". (خ) عن سعد قال في الكبير: رواه (خ) من طريق مصعب بن سعد عن أبيه، ولم يصرح مصعب بسماعه من سعد فيما رواه البخارى فهو مرسل عنده فكان ينبغى للمؤلف التنبيه على ذلك. . . إلخ. قلت: بل أنت كان ينبغى لك أن تسكت عن الفضول والدخول فيما لا فائدة فيه، فهل البخارى يخرج المراسيل في صحيحه؟ والحفاظ قالوا عن هذا وأمثاله: أن صورته صورة إرسال لأن مصعبًا لم يحضر القصة، ووقت ما قال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولكنه محمول على أنه سمع ذلك من أبيه كما ورد مصرحًا به عند الإسماعيلى والنسائى [6/ 46] وغيرهما. وصنيع البخارى معروف في مثل هذه المسائل لمن خالط صحيحه، وأنه يورد أمثال هذه الأشياء اعتمادًا على الطرق الأخرى ولو المخرجة خارج صحيحه، والحافظ قد تكلم على هذا الحديث في الفتح وأوضح أمره، فأعرض الشارح عن نقل كلامه؛ لأن فيه بيان خطئه في مقاله. 3637/ 9591 - "هَلْ تُنْصَرُونَ إِلا بِضُعَفَائِكُمْ، بِدَعْوَتِهِمْ وإِخْلاصِهِمْ". (حل) عن سعد قال في الكبير: ورواه النسائى بلفظ: "هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم بصومهم وصلاتهم ودعائهم"، فما اقتضاه صنيع المصنف من أن هذا لم يخرجه أحدٌ من الستة غير صحيح. قلت: كذب الشارح، قال النسائى [6/ 45]: أخبرنا محمد بن إدريس ثنا عمر بن حفص بن غياث عن أبيه عن مسعر عن طلحة بن مصرف عن مصعب بن سعد عن أبيه: "أنه ظن أن له فضلًا على

من دونه من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنما ينصر اللَّه هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم". فأين هذا من اللفظ المذكور هنا المصدر بحرف "الهاء" الذي زعم الشارح أن النسائى خرجه كذلك، مع أنه كما ترى مصدر بحرف "إنما"، وقد ذكره المصنف سابقًا في حرف "إنما" وعزاه للنسائى. 3638/ 9595 - "هَلَكَ المُتَقَذِّرُونَ". (حل) عن أبي هريرة قال في الكبير: أى الذين يأتون القاذورات جمع قاذورة وهى الفعل القبيح والقول السيء، ذكره ابن الأثير وغيره، وأما قول مخرجه أبو نعيم عن وكيع: يعنى المرق يقع فيه الذباب فيراق، فإن كان يريد به أنه السبب الذي ورد عليه الحديث فمسلم وإلا ففي حيز الخفاء. قلت: هذا كلام غير مفهوم ولا معقول، فإن كان قول وكيع هو السبب الذي ورد عليه الحديث كما يقول الشارح فهو معناه إذا لا معنى له غيره، أما كونه ورد فيمن يتقذر المرق إذا وقع فيه الذباب فيريقه ولا يشربه، ويكون معنى الحديث: هو الذي يرتكب المعاصى فلخبطة لا يفهمها في الدنيا أحد إلا هذا الشارح وحينئذ فكلامه هو الذي في حيز الخفاء بل الفساد والبطلان لا كلام وكيع، ثم إن الذي في نسختنا من الحلية [8/ 379] عدم نسبة هذا التفسير إلى أحد من الرواة لا وكيع ولا غيره، ولفظه: من طريق وكيع: ثنا عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: هلك المتقذرون" يعنى: المرق يقع فيه الذباب فيهراق. ثم إنه كذلك وقع في الحلية كون عبد اللَّه بن سعيد قال: عن أبيه عن أبي هريرة. ورواه البخارى في التاريخ الكبير [1/ 292، رقم 939] من طريق إبراهيم بن

شعيب، كذا قال البخارى، وهو شعيث "بالثاء" المثلثة آخره بدل الباء عن عبد اللَّه بن سعيد عن أبيه عن عائشة قالت: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هلك المتقذرون". قال البخارى: ويقال إن وكيعًا رواه عن عبد اللَّه بن سعيد هذا. ثم قال الشارح: ورواه الطبرانى في الأوسط، قال الهيثمى [1/ 106]: وفيه عبد اللَّه بن سعيد المقبرى بن أبي هند، ضعيف جدًا. قلت: زيادة المقبرى من كيس الشارح ليسجل الخلط والخبط ولا يسلم له سطر بدونه، فالمقبرى غير ابن أبي هند ثم ما نقله عن الهيثمى من أنه قال: فيه ضعيف جدًا، ما أرى الهيثمى يقول ذلك (¬1) بل هو أيضًا من خبط الشارح جزمًا، والحافظ الهيثمى لا يتصور أن يقوله، لأن ابن أبي هند المذكور ثقة متفق عليه من رجال الستة كلهم، قال أحمد: ثقة ثقة هكذا مكررًا، وهى عندهم أعلى طبقة التعديل، وقال ابن معين: ثقة وكذا وثقه الناس، وإنما ضعفه أبو حاتم، فهل يعقل في مثل هذا أن يقول فيه الحافظ الهيثمى ضعيف جدًا؟. 3639/ 9601 - "الهَدِيَّةُ تَذْهَبُ بِالسَّمْعِ وَالقَلْبِ وَالبَصَرِ". (طب) عن عصمة بن مالك قال الشارح: وضعفه الهيثمى وغيره فرمز المؤلف لحسنه لا معول عليه. قلت: المؤلف لم يرمز لحسنه بل رمز له بعلامة الضعيف، والحديث مع هذا له طرق من حديث أنس وحديث ابن عباس ومرسل أبي سلمة، وله شواهد كثيرة ذكرت جميعها في "وشى الإهاب" وفي "الإسهاب". ¬

_ (¬1) ذكر الهيثمى الحديث (1/ 106) عن عائشة، ولكنه من رواية سعيد المقبرى، وقال الهيثمى: رواه الطبرانى في الأوسط وفيه عبد اللَّه بن سعيد المقبرى وهو ضعيف جدًا.

3640/ 9602 - "الهَدِيَّةُ تُعورُ عَيْنَ الحَكِيمِ". (فر) عن ابن عباس قال في الكبير: وفيه عبد الوهاب بن مجاهد، قال الذهبى: قال النسائى: متروك. قلت: عبد الوهاب بن مجاهد روى هذا الحديث عنه سفيان الثورى كما في الإسناد عند الديلمى، والثورى لا يحدث بهذا الباطل، فالعلة من دون الثورى، فإن الديلمى قال: أخبرنا أبو العلاء الطباخى ثنا بهز أخبرنا جدى ثنا محمد بن عبد العزيز بن عبد السلام أخبرنا محمد بن الحسين السارى بها ثنا على بن مسكان عن عبد اللَّه بن عبد العزيز عن الثورى عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس به. وغالب هذا السند مجاهيل لا يعرفون فالبلية من أحدهم. * * * * *

حرف الواو

حرف الواو 3641/ 9605 - " وَاللَّه مَا الدُّنْيَا في الآخِرَةِ إِلا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أحَدُكُمْ أُصْبُعَهُ هَذِه في اليَمِّ، فَلْيَنظُرْ بِمَ يرجِعُ". (حم. م. هـ) عن المستورد قال في الكبير: رواه مسلم في صفة الدنيا والآخرة. قلت: هذا من الطرف التي يأتى بها الرجل من حين لآخر، فليس في صحيح مسلم ولا في كتاب من كتب الناس أجمعين كتاب اسمه كتاب صفة الدنيا والآخرة. 3642/ 9611 - "وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا يَرْحَمُكَ اللَّه". (طب) عن قرة بن إياس، وعن معقل بن يسار قال في الكبير: ورواه أحمد أيضًا عن قرة، قال الهيثمى: ورجاله ثقات اهـ لكن رواه الحاكم عن قرة أيضًا فتعقبه الذهبى بأن عدى بن الفضل أحد رواته هالك اهـ. فليحرر. قلت: تحريره أن أحمد رواه من غير طريق عدى بن الفضل فقال [5/ 34]: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا زياد بن مخراق عن معاوية بن قرة عن أبيه أن رجلا قال: "يا رسول اللَّه إنى لأذبح الشاة وأنا أرحمها، أو قال: إنى لأرحم الشاة أن أذبحها، فقال: والشاة إن رحمتها رحمك اللَّه"، والحديث خرجه أبو نعيم في الحلية [2/ 302] من طرق في ترجمة معاوية بن قرة وفي ترجمة مالك [6/ 343] منها طريق عدى بن الفضل الذي خرجه الحاكم [3/ 587، رقم 4682] من طريقه في ترجمة قرة، ونص أبو نعيم على صحة الحديث.

3643/ 9612 - "وَأيُّ دَاءٍ أَدْوَأ مِنَ البُخْلِ". (حم. ق) عن جابر، (ك) عن أبي هريرة. قلت: عادة الشارح أنه دائمًا ينتقد المصنف بالباطل والأخطاء الفاحشة المضحكة فإذا جاء وقت الانتقاد الصحيح صرفه اللَّه عنه كهذا الحديث، فإن المصنف أخطأ في عزوه إلى البخارى ومسلم، وتبعه في ذلك جماعة فوقعوا في الخطأ فإنه لم يخرجه الشيخان وإنما ذكره البخارى تعليقًا، وخرجه في الأدب المفرد [ص 112، رقم 297]. 3644/ 9615 - "وَجَبَتْ مَحَبَّةُ اللَّه عَلَى مَنْ أُغْضِبَ فَحَلِمَ". ابن عساكر عن عائشة قال في الكبير: وكذلك رواه الأصبهانى في ترغيبه. . . إلخ. قلت: الشارح رتب أحاديث مسند الشهاب للقضاعى على حروف المعجم فأين نسى أن يستدرك العزو إليه؟ فإنه أخرج الحديث أيضًا [1/ 333، رقم 569] من طريق الحسن بن رشيق في جزئه. وكذلك أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 135] كلهم من طريق أحمد ابن داود الكذاب الوضاع. 3645/ 9621 - "وَصَبُ المُؤْمِنِ كَفَّارَة لِخَطَايَاهُ". (ك. هب) عن أبي هريرة قال الشارح: قال الحاكم: صحيح وأقروه. قلت: لكن قال ابن أبي حاتم في العلل [1/ 358، رقم 1062]: سألت أبي عن حديث رواه عبيد اللَّه بن موسى عن إسرائيل عن عبد اللَّه بن المختار عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "وصب المؤمن" وذكره.

قال: أبي كنت أستغرب هذا الحديث فنظرت فإذا هو وهم رواه حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي الرباب القشيرى عن أبي الدرداء أنه قال: وصب المؤمن، من قوله غير مرفوع. 3646/ 9623 - "وَعَدَنِى رَبِّى فِي أَهْلِ بَيْتِى مَنْ أَقَر مَنْهُمْ بِالتَّوْحِيدِ وَلِى بِالبَلاغِ أَنْ لا يُعَذِّبَهُمْ". (ك) عن أنس قلت: عزا الشارح هذا الحديث إلى أبي داود ولم يذكر الحاكم أصلًا، وعزاه في الكبير إلى رمز أبي داود وزاد قوله: وكذا الحاكم، وكل ذلك باطل، والحديث ما أخرجه إلا الحاكم [3/ 150، رقم 4718] وحده ولم يخرجه أبو داود. 3647/ 9629 - "وَكِّلَ بالشَّمْسِ تِسعَةُ أَمْلاكِ يَرْمُونَهَا بِالثَّلْجِ كُلَّ يَوْمٍ، وَلَوْلا ذَلِكَ مَا أَتَتْ عَلَى شَيءٍ إِلا أَحْرَقَتْهُ". (طب) عن أبي أمامة قال الشارح: إسناده ضعيف. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عفير بن معدان، وهو ضعيف جدًا اهـ. وتعصيبه الجناية برأس عفير وحده يوهم أنه ليس فيه ممن يحمل عليه سواه، والأمر بخلافه، ففيه مسلمة بن على الخشنى، قال في الميزان: شامى واه تركوه واستنكروا حديثه، ثم ساق له أخبارًا هذا منها، وقال ابن الجوزى: لا يرويه غير مسلمة. قلت: من سخافة عقل الشارح أنه يظن بمثل الحافظ الهيثمى أن يكون في سند الحديث مثل مسلمة بن على الخشنى، ثم لا يعرفه ولا يعلل الحديث به.

والواقع أنه غير موجود في سند الحديث، وإنما الذهبى أورده في الميزان [4/ 109، رقم 8527] في ترجمة مسلمة بن على تبعًا لمن أورده في ترجمته قبله وهو ابن عدى [6/ 317] فيما أظن ظنًا منه أنه انفرد به عن عفير بن معدان، فأورده في ترجمته، والواقع أنه لم ينفرد به بل تابعه عليه آخرون، فقد أخرجه المهروانى في المهروانيات، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن نصر السنورى ثنا عثمان بن أحمد ابن السماك ثنا أيوب بن سليمان الصغدى ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع وعبد الحميد بن إبراهيم قالا: حدثنا عفير بن معدان عن سليم بن عامر الخبائرى عن أبي أمامة به. قال الخطيب: غريب من حديث سليم بن عامر عن أبي أيوب، لا أعلم رواه غير عفير بن معدان الحضرمى. . . إلخ. فأين مسلمة بن على الخشنى الذي استدركه الشارح وزعم أن ابن الجوزى قال: إنه انفرد به، فهذان راويان ثقتان تابعاه عن عفير بن معدان، فبقيت التهمة ملصقة به كما فعل الحافظ الهيثمى [8/ 131]، وبقى الشارح يتكلم بما لا يعلم ويهرف بما لا يعرف، ثم إنه بعد ما نقل في الكبير عن الحفاظ أنه موضوع وأنه من رواية الكذابين، رجع فقال في الصغير: إن سنده ضعيف، والواقع أنه حديث موضوع. 3648/ 9636 - "وَلَدُ نُوحٍ ثَلاثَةٌ، فَسَامٌ أَبُو العَرَبِ، وَحَامٌ أَبُو الحَبَشَةِ، ويَافِثُ أَبُو الرُّومِ". (طب) عن سمرة وعمران قال الشارح: ورجاله ثقات.

[قاعدة: في الفرق بين قوله رجاله ثقات، ورجاله موثقون]

وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وحقه الرمز لصحته فقد قال الهيثمى: رجاله موثقون. [قاعدة: في الفرق بين قوله رجاله ثقات، ورجاله موثقون] قلت: وذاك هو شرط الحسن لا شرط الصحيح؛ لأنه (¬1) يكون صحيحًا لو قال الحافظ الهيثمى: رجاله ثقات، ومع ذلك يبقى النظر في كونه سالمًا من العلل الأخرى. أما وقد قال: رجاله موثقون، فلا، إذ هناك فرق بين قوله: ثقات، وقوله: موثقون، فالثقة تقال فيمن هو متفق عليه أو الراجح فيه الثقة، والموثق تقال فيمن اختلف فيه، فوثقه البعض وضعفه البعض، فهو موثق بالنسبة لمن وصفه بذلك لا على الإطلاق فيكون ثقة، وإذا كان مختلفًا فيه فحديثه حسن فقط. فما فعله الحافظ المصنف صواب، وما انتقد به الشارح البعيد عن الفن خطأ كخطئه في قوله في الصغير: رجاله ثقات، وكان حقه أن لا يتصرف في عبارة الهيثمى ويقول: موثقون كما قال [1/ 193]. وهذا كله على اعتبار كلام الحافظ الهيثمى ورأيه عند المصنف والا فله رأيه وللمصنف رأيه. 3649/ 9638 - "وَهبَتُ خَالَتِى فَاخِتَةَ بنْتَ عَمْرو غُلامًا، وَأَمَرَتْهَا أَنْ لا تَجْعَلَهُ جَازِرًا، وَلا صَائِغًا، وَلَا حَجَّامًا. (طب) عن جابر قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، ورواه الدارقطنى عن عمر، قال الهيثمى: ¬

_ (¬1) كتب المصنف هنا كملة "كان" فصارت الجملة: "لأنه كان يكون صحيحًا. . " وأظنها سبق قلم منه، واللَّه أعلم.

فيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصى متروك، فرمز المصنف لحسنه لا يحسن، وقال عبد الحق: لا يصح لأن فيه أبا ماجدة، وقال القطان: أبو ماجدة لا يعرف، وغيره: هذا منكر. قلت: الشارح أشار أولا إلى وجرد هذا الحديث في سنن أبي داود، إذ قال عند قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وهبت خالتى فاختة بنت عمرو غلامًا": في رواية أبي داود: "وأنا أرجو أن يبارك لها فيه"، ثم عند التخريج لم يشر إلى أن حديث عمر عند أبي داود، بل عزاه إلى الدارقطنى، وأبعد بذلك العزو ليبعد التقارب بين قول المصنف: حسن وبين الصواب، لأن في وجود الحديث في سنن أبي داود قوة مع أنه لولا هذا الغرض الفاسد لملأ الدنيا صياحًا بذهول المصنف وغفلته عن كون الحديث في أحد الكتب الستة التي تقرر أنه لا يعزى إلى غيرها مع وجوده فيها أو في أحدها. والحديث رواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل [3/ 267، رقم 3430]: ثنا حماد بن سلمة ثنا محمد بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي ماجدة قال: قطعته من أذن غلام أو قطع من أذنى، فقدم علينا أبو بكر حاجًا فاجتمعنا إليه فوقعنا إلى عمر بن الخطاب، فقال عمر: إن هذا قد بلغ القصاص، ادعوا لى حجاما ليقتص منه، فلما دعى الحجام قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إنى وهبت لخالتى غلاما وأنا أرجو أن يبارك لها فيه، فقلت لها: لا تسلميه حجامًا ولا صائغًا ولا قصابًا". قال أبو داود [3/ 268، رقم 3432]: روى عبد الأعلى عن ابن إسحاق قال: ابن ماجدة رجل من بنى سهم عن عمر بن الحطاب، ثم قال أبو داود: حدثنا الفضل بن يعقوب ثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق قال: حدثنى العلاء بن عبد الرحمن الحرقى عن أبي ماجدة رجل من بنى سهم عن عمر بن

الخطاب قال: "سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول" بمعناه، حدثنا يوسف بن موسى ثنا سلمة بن الفضل ثنا ابن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي ماجدة السهمى عن عمر بن الخطاب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اهـ. ورواه البخارى في التاريخ [6/ 298، رقم 2460] عن حجاج عن حماد بن سلمة عن أبي إسحاق عن العلاء عن ابن ماجدة. ورواه محمد بن خلف القاضى وكيع في الغرر قال: حدثنا الزعفرانى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة به مثله. ثم رواه عن القاسم بن الفضل بن ربيع: أخبرنا يونس بن محمد حدثنا حماد ابن سلمة مثله أيضًا. ورواه أيضًا عن على بن حرب الموصلى: ثنا أبو شهاب عن محمد بن إسحاق عن الزهرى عن أبي ماجدة السهمى بالقصة، وفيه: فقال أبو بكر: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" الحديث. قال وكيع: هكذا حدثنا به على بن حرب فقال: عن محمد بن إسحاق عن الزهرى، وأسنده عن أبي بكر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه محمد بن يزيد الواسطى وغيره عن محمد بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن عن ابن ماجدة السهمى عن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلت: ولم ينفرد به ابن إسحاق، فقد رواه البخارى في التاريخ في ترجمة على بن ماجدة فقال [6/ 298، 2460]: قال لى إسحاق: ثنا محمد بن سلمة عن العلاء عن رجل من بنى سهم عن على بن ماجدة سمع عمر، فذكر الحديث. وقال ابن أبي حاتم: على بن ماجدة روى عن عمر مرسلا، وعنه القاسم بن

نافع، فاتضح أن أبا ماجدة اسمه على بن ماجدة، وأنه روى عنه العلاء بن عبد الرحمن والقاسم بن نافع، فارتفعت جهالة عينه. وذكره ابن حبان في الثقات واشتهر حديثه في القرون الأولى. وخرجه أبو داود وسكت عليه ثم تابعه الوقاصى عن ابن المنكدر عن جابر، فالحديث حسن كما قال المصنف باعتبار المتن لا باعتبار سند حديث جابر فإنه ضعيف. 3650/ 9642 - "وَيْحَكَ إِذَا مَاتَ عُمَرُ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَمُوتَ فَمُتْ". (طب) عن عصمة بن مالك قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف جدا اهـ. فرمز المؤلف لحسنه غير حسن. قلت: المؤلف سكت عن هذا الحديث ولم يرمز له بشيء أصلًا. 3651/ 9645 - "وَيْلٌ لِلأَغْنِيَاءِ مِنَ الفُقَرَاءِ". (طس) عن أنس قال في الكبير: وفيه جنادة بن مروان، قال الذهبى: ضعفه أبو حاتم، فقال: ليس بقوى واتهمه بحديث. قلت: كلام الذهبى مختصر موهم، فإن أبا حاتم قال: ليس بقوى في الحديث، أخشى أن يكون كذب في حديث عبد اللَّه بن بسر أنه رأى في شارب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بياضًا. قال الحافظ: أراد أبو حاتم بقوله: كذب أخطأ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات وأخرج له هو والحاكم في الصحيح.

قلت: والحديث رواه جنادة بن مروان المذكور عن الحارث بن النعمان ابن بنت سعيد بن جبير عن أنس به مطولا كما ذكره الشارح. وقد ورد ما يشهد له من وجه آخر عن أنس أيضًا في القطعة المذكورة هنا وهي: "ويل للأغنياء من الفقراء" فأخرجه أبو نعيم في الحلية [5/ 55] من طريق أبي شهاب عبد ربه بن نافع الحناط عن الأعمش عن أنس مرفوعًا: "ويل للمالك من المملوك، وويل للمملوك من المالك، وويل للشديد من الضعيف وويل للضعيف من الشديد، وويل للغنى من الفقير وويل للفقير من الغنى" وقد ذكره المصنف بعد هذا من حديث حذيفة وعزاه للبزار (¬1). 3652/ 9650 - "وَيْلٌ لِلْمُتَآلِّينَ مِنْ أُمتِى، الَّذِينَ يَقُولُونَ: فُلانٌ فِي الجَنَّةِ وَفُلانٌ فِي النَّارِ" (تخ) عن جعفر العبدى مرسلًا قال في الكبير: ورواه القضاعى مسندا. قلت: هذا باطل، ما رواه القضاعى أصلا لا مسندا ولا مرسلا، إنما روى حديث [1/ 220، رقم 336]: "من يتآل على اللَّه يكذبه" وذاك حديث آخر. 3653/ 9656 - "وَيْلٌ لِمَنْ لا يَعْلَمُ، وَوَيْلٌ لِمَنْ عَلِمَ ثُمَ لا يَعْمَلُ". (حل) عن حذيفة قال في الكبير: وفيه محمد بن عبدة القاضى، قال الذهبى: ضعيف وهو صدوق. قلت: كلا لم يقل ذلك الذهبى، بل قال: قال البرقانى وغيره: هو من ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (4/ 159، رقم 3441).

المتروكين، وقال ابن عدى: كذاب حدث عمن لم يرهم، وقال الدارقطنى: لا شيء كان آية، سمعت السبيعى يقول: انكشف أمره، ثم أورد له حديثا فيمن جرح الصبيان، وقال: هذا كذب. 3654/ 9657 - "وَيْلٌ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَعَلَّمَهُ، وَاحِدٌ مِنَ الوَيْلِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ يَعْلَمُ وَلا يَعْمَلُ، سَبْعٌ مِنَ الوَيْلِ". (ص) عن جبلة مرسلا قال في الكبير: رواه أحمد وأبو نعيم عن ابن مسعود بلفظ: "ويلٌ لمن لا يعلم ولو شاء اللَّه لعلمه، وويلٌ لمن يعلم ثم لا يعمل سبع مرات" اهـ. لكن ظاهر صنيعهما أنه موقوف. قلت: فيه أمران، أحدهما: إطلاقه العزو لأحمد يفيد أنه في المسند لأنه الذي ينصرف العزو إليه عند الإطلاق، مع أن أحمد خرجه في كتاب الزهد [ص 232، رقم 866]. ورواه أبو نعيم في الحلية [1/ 211] من طريقه، كلاهما في ترجمة ابن مسعود -أعنى في زهد ابن مسعود- من كتاب الزهد أيضًا. ثانيهما: أنه لا معنى لقوله: لكن ظاهر صنيعهما أنه موقوف، فإن هذه العبارة تقال فيما يقع فيه إيهام الرفع ويكون الظاهر وقفه مع أنه صريح في الوقف لا يحتمل غيره. قال أحمد [ص 232، رقم 866]: حدثنا عبد الرحمن ثنا معاوية بن صالح عن عدى بن عدى قال: قال عبد اللَّه ابن مسعود، فذكره. وروى أحمد في الزهد [ص 206، رقم 2764] والآجرى في العلم وكذا ابن

طريفة

عبد البر [1/ 689، رقم 1212] فيه أيضًا نحوه من حديث أبي الدرداء موقوفًا عليه. 3655/ 9659 - "الوَائِدَةُ والمَوْءُودة فِي النَّارِ". (د) عن ابن مسعود قال الشارح: وإسناده صحيح، فرمز المؤلف لحسنه تقصير. قلت: بل هو فوق حقه، فقد أورده ابن حبان في الضعفاء، ثم هو مضطرب في سنده اختلاف شديد يطول ذكره بينه البخارى في التاريخ الكبير في ترجمة سلمة بن يزيد [4/ 73، رقم 1995]، وأشار إلى بعضه أبو داود في السنن. ثم إن الشارح قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو كما قال أو أعلى، فقد رواه أيضًا أحمد [3/ 478] والطبرانى [7/ 39، رقم 6319] وغيرهما، قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح اهـ. وهذا يوهم أنهما خرجاه من حديث ابن مسعود المذكور في المتن وليس كذلك، بل خرجاه من حديث سلمة بن يزيد، وسنده وإن كان رجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمى، إلا أنه مضطرب جدًا كما بينه البخارى. طريفة قال الشارح على قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والمَوْءُوة": أي المفعول لها ذلك وهي أم الطفل، فيكون معنى الحديث: الوائدة التي هي أم الطفل والمؤودة التي هي أم الطفل في النار، وهذا لا ينطق به عاقل في الدنيا يعرف ما يقول حتى الشارح نفسه فضلا عن أكمل الخلق -صلى اللَّه عليه وسلم-.

3656/ 9662 - "الوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا". (هق) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال ابن حجر: سنده ضعيف، ورواه ابن ماجه والدارقطنى وابن أبي شيبة أيضًا والكل ضعيف، قال: وفي الباب عن ابن عباس رواه الدارقطنى وسنده صحيح اهـ. وبه يعلم أن المصنف لم يصب في صنيعه حيث أهمل الطريق الصحيح وآثر الضعيف واقتصر عليه. قلت: كذب الشارح على الحافظ ابن حجر وعلى المصنف. أما الحافظ فإنه قال في التلخيص [3/ 73، رقم 1330]: ورواه الدارقطنى من حديث ابن عباس، وسنده ضعيف اهـ. ولا يتصور أن يقول الحافظ عن سند الحديث عند الدارقطنى أنه صحيح، فإن في سنده كذابا ومتروكا معا، وذلك أنه رواه [3/ 44] من طريق إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمى عن محمد بن عبيد اللَّه عن عطاء عن ابن عباس، ولما أورده عبد الحق في أحكامه وأعله بمحمد بن عبيد اللَّه العرزمى تعقبه ابن القطان بقوله: وهو لم يصل إلى العرزمى إلا على لسان كذاب وهو إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمى، فلعل الجناية منه اهـ. فهل يعقل من شيخ الفن أن يقول عن سند هذه صفته أنه صحيح، فاتق اللَّه يا مناوى. وأما المصنف فإن لفظ الحديث عند الدارقطنى بالسند المذكور عن ابن عباس: "من وهب هبة فارتجع فيها فهو أحق بها ما لم يثب منها ولكنه كالكلب يعود في قيئه" اهـ. فهل تريد يا مناوى أن يكون المصنف مخلطا مثلك يورد حديثا أوله "من" وموضعه حرف الميم مع حديث أوله "الواهب" وموضعه حرف الواو، ليكون موضع انتقاد العلماء.

3657/ 9674 - "الوَسِيلَةُ دَرَجَةٌ عِنْدَ اللَّه لَيْسَ فَوقَهَا دَرَجَةٌ، فَسَلُوا اللَّه أَنْ يُؤْتِيَنِى الوَسِيلَةَ". (حم) عن أبي سعيد قال الشارح: وفيه ابن لهيعة، فقول المؤلف: صحيح غير صحيح. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وهو ذهول عن قول الحافظ الهيثمى وغيره: فيه ابن لهيعة وفيه ضعف اهـ. وأقول: رواه ابن لهيعة عن موسى ابن وردان، وموسى أورده الذهبى في الضعفاء والمتروكين، وقال: ضعفه ابن معين ووثقه أبو داود. قلت: هكذا زعم في الصغير أن المصنف صححه وفي الكبير أنه حسنه، فلا ندرى في أي القولين هو صادق وفي أيهما كاذب، فإن المحل واحد لا يقبل التعدد. ثم إن موسى بن وردان ثقة وثقه الجمهور، ولم يتكلم فيه إلا القليل جدا مع الاعتراف بصدقه، فحديثه صحيح. وابن لهيعة سبق مرارا متعددة عن الشارح نفسه أنه نقل عن الحافظ الهيثمى أن حديثه حسن. ثم الحديث له شواهد مخرجة في الصحيحين وغيرها وهي صحيحة، فإن كان المصنف قال عن الحديث أنه صحيح فهو صحيح كما قال باعتبار شواهده، وإن كان قال أنه حسن فهو حسن كما قال بالنظر إلى سنده، والشارح يهرف بما لا يعرف. 3658/ 9681 - "الوضُوء شَطْرُ الإيمَان، والسِّواكُ شَطْرُ الوُضُوءِ". (ش) عن حسان بن عطية مرسلا قلت: سكت عنه الشارح، وقد ورد موصولا من حديث حسان بن عطية عن

شداد بن أوس، رواه الأزدى في الضعفاء من رواية عبد الرحمن بن يحيى الغدرى أو العدوى عن الأوزاعى عن حسان، وقال: إن عبد الرحمن متروك لا يحتج به والزيادة منكرة. قلت: قد ورد الحديث من غير طريقه بالزيادة المذكورة مرسلا كما عند ابن أبي شيبة [1/ 170]. ورواه أبو الليث من طريق وكيع، ولعله في مصنفه عن الأوزاعى عن حسان ابن عطية رفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "الوضوء شطر الإيمان، والسواك شطر الوضوء، ولولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، وركعان يستاك فيهما العبد أفضل من سبعين ركعة لا يستاك فيها". 3659/ 9684 - "الوَقْتُ الأَوَّلُ مِنَ الصَّلاةِ رِضْوَانُ اللَّه، وَالوَقْتُ الآخرُ عَفوُ اللَّه". (ت) عن ابن عمر قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وليس كما زعم فقد قال في المهذب: قال ابن عدى: هذا باطل، ويعقوب بن الوليد أحد رجاله كذبه أحمد وسائر الحفاظ، وقد روى بأسانيد أخرى واهية. . . إلخ. قلت: ليس كلام ابن عدى والذهبى بل وسائر من يتكلم في الرجال والأحاديث وحيا يتلى حتى يكون حجة على من خالفه، فللمصنف رأيه واجتهاده ونظره في الأحاديث غير النظر الذي يراه الآخرون، فبأى وجه معقول يلزم الشارح المصنف بكلامهم، وجلهم بعيدون عن المعقول وفهم الجمع بين الأحاديث والمعنى المراد منها، وغالب تسرعهم إلى الحكم بوضع الأحاديث وتكذيب رواتها إنما هو من ذلك. وها هو الشارح ينقل عن ابن الجوزى أنه نقل عن ابن حبان أن يعقوب بن

الوليد تفرد بهذا الحديث وما رواه إلا هو، ويقره ابن الجوزى على ذلك مع أنه ينقل عن الذهبى ما يعارض ذلك وهو أن له طرقا أخرى واهية، فكما أخطأ ابن حبان ومن أقره على دعوى التفرد، فكذلك أخطأ من ادعى أن الحديث باطل وأن راويه كذاب ما لم تقم الحجة على ذلك، وكم راو كذبه الجمهور وتواطؤا على أنه وضاع، بل نقلوا عنه التصريح والاعتراف بذلك، وقد صحح له البخارى في صحيحه الذي ادعوا إجماع الأمة على صحة ما فيه، فكان على هذا الشارح أن يأتى لكل حديث مروى في صحيح البخارى من طريق إسماعيل بن أبي أويس مثلا فيقول له: ليس كما زعمت أن هذا الحديث صحيح، فقد قالوا في إسماعيل: إنه كذاب وضاع. وهكذا في أمثاله وهم كثيرون وفي صحيح مسلم أكثر، ولا يكون مقبولا إلا قول من جرح، ولا مقدما إلا قول من حكم برد الأحاديث وضعفها، إن هذا لعجب. وهذا الحديث خرجه أيضًا الحاكم في المستدرك [1/ 189، رقم 678] (¬1) وأدخله في الصحيح وإن قال عقبه أن يعقوب بن الوليد ليس من شرط الكتاب، إلا أن تخريج الترمذى [1/ 321، رقم 172] والحاكم له في كتابيهما يرفع من قدره نوعا ولا يجعله بدرجة السقوط التي يصوره بها مثل ابن عدى (¬2). مع أن لحديثه شواهد من حديث جرير بن عبد اللَّه وأبي محذورة وأنس بن مالك وغيرهم، وهي وإن كانت متكلما في رجالها أيضًا إلا أن ذلك قد يكون من قبيل من قدمناه من طعنهم في الرجال وفي مروياتهم لعدم فهمهم معناها والمراد منها وعدم إدراكهم الجمع بينها وبين أحاديث ثابتة معارضة لها بحسب ¬

_ (¬1) رواه بلفظ: "خير الأعمال في وقتها"، وقال الذهبى في تلخيصه: يعقوب كذاب. (¬2) هنا كلمتان غير واضحتين.

الظاهر، فلا يكون في تضعيفهم إياها حجة مقبولة لاسيما مع تعددها وتباين مخارجها واشتهارها في الصدر الأول بين التابعين والأئمة أتباعهم. وهذا الحديث قد ذكره الإمام الشافعى، واعتمده من بعدهم من الفقهاء وبنوا عليه أحكاما وأطالوا في التفريع فيها والتوسع في الإلحاق بها، بل كل ما سودوا به من الأوراق العديدة في الوقت المختار والضرورى وأحكامهم، فمن هذا الحديث غالبا، فلا يبعد أن يكون ما ذكرناه هو ملحظ المصنف في مخالفته الحفاظ وحكمه بحسنه، فليس للشارح الذي هو في مرتبة العوام بالنسبة إلى المصنف أن يهجم على رد حكمه بمجرد آراء الناس وأقوالهم. 3660/ 9692 - "الوَلِيمَةُ أوَّلُ يَومٍ حَقٌّ، والثَّانى مَعْرُوفٌ، واليَوْمُ الثَّالِثُ سُمْعَةٌ ورِيَاءٌ". (حم. د. ن) عن زهير بن عثمان قال في الكبير: هو من حديث قتادة عن الحسن عن عبد اللَّه بن عثمان الثقفى عن رجل أعور من بنى ثقيف، قال قتادة: إن لم يكن اسمه زهير بن عثمان فلا أدرى ما اسمه اهـ. وضرب المصنف عن ذلك صفحا وجزم بعزوه إليه ثم قال: رمز لحسنه، وذكره البخارى في تاريخه وقال: لا يصح إسناده ولا يعرف لزهير صحبة، ويعارضه ما هو أصح منه، قال ابن حجر: وأشار إلى ضعفه في صحيحه اهـ. وقال الهيثمى يعدما عزاه لأحمد: فيه عطاء بن السائب وقد اختلط، ورواه البيهقى في السنن من حديث أنس وضعفه، وقال الولى العراقى: طرقه كلها ضعيفة جدا، وقال والده الزين العراقى: لا يصح من جميع طرقه، وقال ابن حجر: ضعيف جدا لكن له شواهد منها عن أبي هريرة مثله خرجه ابن ماجه وغيره. قلت: في هذا من الخطأ والقلب والتبديل والتلبيس أمور، الأول: قوله:

وضرب المصنف عن ذلك صفحا وجزم بعزوه إليه فقال: عن زهير بن عثمان، جوابه أن ذلك هو الواجب الذي لا يجوز لأحد أن يفعل غيره، ولو فعل لكان مثل الشارح ضحكة للعلماء، إذ لا يتصور أن يقال في الحديث: رواه أحمد [5/ 28] وأبو داود عن رجل، قال قتادة: إن لم يكن زهير بن عثمان فلا أدرى من هو؟ لأن هذه العبارة وإن أفادت الشك إلا أنها إلى اليقين أقرب، وقد جزم الحفاظ بما جزم به المؤلف وترجموا لزهير بن عثمان في كتب الأطراف وفي المسانيد وكتب الصحابة بناء على قول قتادة المذكور. الثانى: ما نقله عن البخارى من قوله: لا يعرف لزهير صحبة، قد عارضه غيره من الحفاظ وأثبت صحبته كما هو مذكور في كتب الصحابة ورجال الستة، فأعرض الشارح عن ذلك، فإن الحافظ لما نقل في التهذيب كلام البخارى المذكور تعقبه بقوله: وقد أثبت صحبته ابن أبي خيثمة وأبو حاتم الرازى وأبو حاتم بن حبان، والترمذى والأزدى وغيرهم اهـ. وكذلك فعل في الإصابة. الثالث: قوله: ويعارضه ما هو أصح منه، لم يقل البخارى ذلك في تاريخه بل قال [3/ 425]: زهير بن عثمان الثقفى قال حجاج: حدثنا همام عن قتادة عن الحسن عن عبد اللَّه بن عثمان عن رجل، -قال قتادة: إن لم يكن زهير بن عثمان فلا أدرى ما هو اسمه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الوليمة حق، واليوم الثانى معروف". إسحاق قال: حدثنا عفان ثنا همام عن قتادة عن الحسن عن عبد اللَّه بن عثمان الثقفى عن رجل من بنى ثقيف أعور كان يقال له معروف -أي يثنى عليه- إن لم يكن زهير بن عثمان فلا أدرى، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يصح إسناده ولا يعرف له صحبة اهـ. ما في النسخة المطبوعة.

لكن البيهقى أسند في السنن الكبرى عنه أنه ذكر معارضه وقال: إنه أصح، ولفظه [7/ 260]: أخبرنا أبو بكر بن إبراهيم الفارسى أنبأنا إبراهيم بن عبد اللَّه ثنا أبو أحمد بن فارس عن محمد بن إسماعيل البخارى في حديثه عن زهير بن عثمان، قال: لم يصح إسناده ولا يعرف له صحبة. وقال ابن عمر وغيره عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا دعى أحدكم إلى الوليمة فليجب" ولم يخص ثلاثة أيام ولا غيرها، وهذا أصح. وذكر حكاية ابن سيرين ثم أسندها البيهقى وكل هذا لا وجود له في التاريخ. الرابع: قوله: قال ابن حجر: وأشار -يعنى البخارى- إلى ضعفه في صحيحه اهـ. كذا قال عقب كلام الحافظ اهـ. والواقع أنه عقبه بكلام طويل في طرقه إشارة إلى تقويته، وذلك في التلخيص، وفعل مثل ذلك في الفتح وصرح بأنها تقوى الحديث وتثبت أن له أصل كما سأذكره. الخامس: قوله: وقال الهيثمى بعدما عزاه لأحمد: فيه عطاء بن السائب وقد اختلط، باطل، فإن حديث عثمان بن زهير لم يذكره الحافظ الهيثمى، وليس هو من الزوائد حتى يذكره بل هو في سنن أبي داود، وأيضًا فليس في إسناده عطاء بن السائب لا عند أحمد ولا عند غيره، قال أحمد [5/ 28]: حدثنا بهز ثنا همام عن قتادة عن الحسن عن عبد اللَّه بن عثمان الثقفى أن وجلا أعور من ثقيف -قال قتادة: كان يقال: له معروف-. . . إلخ ما سبق، فلا وجود لعطاء كما ترى في سنده. والواقع أن الحافظ الهيثمى قال ذلك [4/ 56] في حديث ابن مسعود مع أنه أورده موقوفًا فقال: وعن عبد اللَّه بن مسعود قال: "الوليمة أول يوم حق،

[لا يجوز تقسيم الرواية المرسلة على الموصولة إلا بقرينة معقولة]

والثانى فضل، والثالثة رياء وسمعة، ومن سمع سمع اللَّه به" رواه الطبرانى في الكبير [9/ 223، رقم 8967] وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط. السادس: وبهذا أيضًا تعلم ما في قول الشارح: قال الهيثمى بعدما عزاه لأحمد، مع أن الهيثمى إنما عزاه للطبرانى في الكبير. السابع: قوله: وقال ابن حجر: ضعيف جدا، هو كذب صراح وتدليس يوهم أن الحافظ قال ذلك في الحديث المتكلم عليه حديث عثمان بن زهير، والحافظ إنما قال ذلك في راوى حديث أبي هريرة ولفظه في الفتح [9/ 243، تحت شرح حديث 5173]: وقد وجدنا لحديث زهير بن عثمان شواهد منها عن أبي هريرة مثله، أخرجه ابن ماجه وفيه عبد الملك بن حسين وهو ضعيف جدا. ثم ذكر بقيتها ثم قال: وهذه الأحاديث وإن كان كل منها لا يخلو عن مقال فمجموعها يدل على أن للحديث أصلا اهـ. وقال في الإصابة [2/ 575، رقم 2832]: زهير بن عثمان الثقفى نزل البصرة له حديث في الوليمة عند أبي داود والنسائى بسند لا بأس به اهـ. فهو يصرح بأن سنده لا بأس به، والشارح يفترى عليه أنه قال: ضعيف جدا مع أنه قال ذلك في عبد الملك بن حسين. [لا يجوز تقسيم الرواية المرسلة على الموصولة إلا بقرينة معقولة] الثامن: أنه يفعل كل هذا ليرد حكم المؤلف بأنه حسن مع أنه حسن صحيح لا حسن فقط، وذلك أن الحديث رواه جماعة منهم بهز بن أسد وعبد الصمد بن عبد الوارث وروايتهما عند أحمد (¬1)، وعفان بن مسلم وروايته عند الدارمى ¬

_ (¬1) رواية بهز ورواية عبد الصمد أخرجها في مسنده (5/ 28).

[قاعدة جليلة في الوصل والإرسال عند الأقدمين]

[2/ 143، رقم 2065] وأبي داود والطحاوى في المشكل [8/ 23، رقم 3021]، وهؤلاء الثلاثة كلهم متفق عليهم وعلى ثقتهم وجلالتهم مخرج لهم في الصحيحين كلهم سمعوه من همام أحد الثقات المشاهير من رجال الصحيحين أيضًا سمعه من قتادة وهو إمام مشهور من رجال الجميع أيضًا عن الحسن البصرى ولا يسأل عن جلالته وثقته وإمامته عن عبد اللَّه بن عثمان الثقفى وهو وإن لم يعرف كبير معرفة إلا أنه من شيوخ الحسن البصرى أحد كبار التابعين ومن أهل القرون الفاضلة، ولم يضعف ولا روى عنه ما يدل على ضعفه، فحديثه حسن عن زهير بن عثمان صحابى وهم عدول عند الجمهور، فهذا السند على انفراده على شرط الحسن، ولذلك خرجه أحمد والدارمى والنسائى في الكبرى [4/ 137، رقم 6596، 6597]، وسكت عنه أبو داود، فلذلك رمز له بعلامة الحسن، وقد قال الحافظ في الإصابة: إنه سند لا بأس به، فإذا انضم إليه الشواهد الأخرى الكثيرة ارتقى إلى درجة الصحيح. فإن قيل قد خالف يونس بن عبيد قتادة في إسناده فرواه عن الحسن عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلا، أخرجه النسائى ورجحه هو وأبو حاتم على الموصول. [قاعدة جليلة في الوصل والإرسال عند الأقدمين] قلت: ترجيحهما من الباطل المحقق المقطوع به لأنه لا يرتكز على دليل بل على مناقضة الدليل ومنابذة المعقول، فإن قتادة ثقة بالإجماع، وقد حدث عن الحسن أنه حدثه به عن عبد اللَّه بن عثمان عن زهير بن عثمان، وذكر أنه كان يعرف بخير ويذكر بمعروف، فيقال لأبي حاتم والنسائى وكل من رجح رواية يونس بن عبيد المرسلة على رواية قتادة الموصولة، هل كذب قتادة في نظرك

وافترى هذا الإسناد أما سهى في ذكره؟ فإن قال: كذب، فقد خرق الإجماع وأتى بباطل القول الذي لا يقبله أحد، وإن نسب إليه الوهم في ذلك قيل له: قد أسقطت حفظه وثقته وألحقته بالضعفاء والمتروكين الذين لا تحل الرواية عنهم فضلا عن الاحتجاج بهم وإدخالهم في الصحيح، لأن من يهم في اسم رجلين مع ذكر صفة أحدهما ويهم في السند من أصله هو بهذه المثابة مع أننا نعلم أن المحدث ولاسيما من التابعين كانوا يوصلون تارة ويرسلون أخرى عند المذاكرة وعدم النشاط إلى ذكر الإسناد ولاسيما الحسن البصرى والزهرى وأمثالهما، فإن الواحد منهم قد يكون في المذاكرة فيورد الحديث مستدلا به ويقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيرويه عنه من سمعه منه كذلك ثم يكون في وقت آخر بقصد الاسماع والتحديث، فيذكر الحديث بإسناده. وقد يكون يونس بن عبيد سمعه من الحسن موصولا كما سمعه قتادة، وهو الذي أرسله للغرض المذكور أيضًا، بحيث قد يوجد عنه مرة أخرى موصولا، وكم حديث في الموطأ والصحيحين عن الزهرى والحسن وسعيد بن المسيب وأمثالهم موصولا وهو في مصنف وكيع وابن أبي شيبة والثورى وعبد الرزاق وابن المبارك والأقدمين مرسلا، بل من قرأ كتب الأقدمين لا يكاد يرى فيها حديثا مسندا إلا نادرا جدا بل الأغرب من ذلك أن الحديث في الصحيح من طريق مالك أو الثورى أو ابن المبارك أو عبد الرزاق أو وكيع موصولا، وهو بعينه في مصنفات المذكورين مرسلا، لأنهم كانوا يميلون في مصنفاتهم إلى ذكر المراسيل، لكن عند التحديث والإسماع يذكرون تلك الأحاديث موصولة مسندة. ومع كون هذا من الضرورى الذي لا يكاد يمترى فيه محدث أو ينازع فيه منصف، تجد المتأخرين عن هذه الطبقة كأبي زرعة وأبي حاتم والبخارى والنسائى والمتأخرين عنهم كالدارقطنى وأمثاله، لا يكادون يرجحون

موصولا، بل لا يرد حديث بالطريقين إلا جزموا بترجيح المرسل، كأنهم يرون أن ذلك هو الأحوط غافلين عما يلزمهم من تكذيب الحفاظ الثقات وإلصاق الضعف بهم بدون أدنى شبهة، فهم مخطؤون في ذلك بلا ريب. ولنعد لذكر شواهد الحديث، فنقول: إن له شواهد منها حديث أبي هريرة، قال ابن ماجه في السنن [1/ 617، رقم 1915]، وأسلم بن سهل الواسطى في تاريخ واسط [ص 12] كلاهما: حدثنا محمد بن عبادة الواسطى ثنا يزيد بن هارون ثنا عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعى عن منصور بن المعتمر عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الوليمة أول يوم حق، والثانى معروف، والثالث رياء وسمعة". وعبد الملك بن حسين وإن ضعفوه فقد روى عنه الكبار كوكيع وابن المبارك ويزيد بن هارون ومروان بن معاوية وأمثالهم، ومن رووا عنه لا يكون شديد الضعف كما زعم الحافظ. ثم إن له طريق آخر من رواية مجاهد عن أبي هريرة رفعه نحوه رواه أبو الشيخ والطبرانى في الأوسط فيما ذكره الحافظ في الفتح [9/ 243، تحت رقم 5173] ولم يضعفه ولا ذكر تمام متنه، بل ذكر أن في صحيح مسلم من طريق الزهرى عن الأعرج وعن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ما يشهد له، وهو واهم، فإن اللفظ الذي ذكره لا يوجد في صحيح مسلم. ومنها حديث أنس، أخرجه ابن عدى والبيهقى من طريقه ثم من حديث بكر ابن خنيس عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما تزوج أم سلمة رضي اللَّه عنها أمر بالنطع فبسط ثم ألقى عليه تمرا وسويقا، فدعا الناس فأكلوا، وقال: الوليمة في أول يوم حق، والثانى معروف، والثالث رياء وسمعة".

[الراوى المشهور بالصلاح والصدق وفي حديثه مقال، حديثه حسن إذا تعضد بالشواهد والمتابعات]

[الراوى المشهور بالصلاح والصدق وفي حديثه مقال، حديثه حسن إذا تعضد بالشواهد والمتابعات] [في الكلام عن بكر بن خنيس] وبكر بن خنيس اتفقوا على صلاحه وتقواه وكونه عابدا زاهدا غزاء، ثم اختلفوا في قبول حديثه فرأى قوم قبوله، وتشدد آخرون تمسكا بعدم إتقانه للفن، فقال ابن معين: صالح لا بأس به، وقال مرة: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: كان رجلا صالحا غزاء وليس بقوى في الحديث، إلا أنه لا يبلغ الترك، وقال الجوزجانى: كان يروى كل منكر إلا أنه كان لا بأس به في نفسه، وقال ابن عدى: هو ممن يكتب حديثه، ويحدث بأحاديث مناكير عن قوم لا بأس بهم، وهو في نفسه رجل صالح إلا أن الصالحين يشبه عليهم الحديث، وقال العجلى: كوفى ثقة. فإذ هو صادق صالح ثقة، فالنفس آمنة منه من جهة الكذب، بقى احتمال وهمه، وليس الوهم لازما للصالح في كل ما يحدث به، فإذا وجد له متابع فحديثه ثابت في رتبة الحسن على أقل الدرجات، وله مع ذلك طريق آخر ذكره ابن أبي حاتم في العلل [1/ 398، رقم 1193]، فقال: سألت أبي عن حديث رواه مروان بن معاوية الفزارى عن عوف عن الحسن عن أنس بن مالك عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الدعوة أول يوم حق والثانى معروف، وما زاد فهو رياء"، فسمعت أبي يقول: إنما هو الحسن عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلا اهـ. وهذا سند رجاله رجال الصحيح، ودعوى أبي حاتم إرساله باطلة لا ترتكز على حجة، إنما هو محض اعتقاد منه، فعلى تسليم قوله فهو مرسل صحيح يؤيده الحديث الذي قبله، كما أنه هو يؤيد الموصول قبله، ويأتى منهما معا حديث صحيح موصول بالنظر لحديث أنس على انفراده.

[في الكلام عن زياد بن عبد الله البكائى]

[في الكلام عن زياد بن عبد اللَّه البكائى] ومنها حديث عبد اللَّه بن مسعود، رواه الترمذى [3/ 395، رقم 1097] والبيهقى [7/ 260] وابن عدى [3/ 223] وغيرهم، كلهم من حديث زياد ابن عبد اللَّه البكائى: ثنا عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن ابن مسعود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "طعام أول يوم حق، وطعام اليوم الثانى سنة، وطعام اليوم الثالث سمعة، وعن سمع سمع اللَّه به". ثم قال الترمذى: لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث زياد بن عبد اللَّه، وهو كثير الغرائب والمناكير، سمعت محمد بن إسماعيل يذكر عن محمد بن عقبة قال: قال وكيع: زياد بن عبد اللَّه مع شرفه يكذب في الحديث. قلت: كذا نقل الترمذى عن البخارى، وهو واهم في ذلك كما نبه عليه الحافظ، قال: والذي في تاريخ البخارى [3/ 360، رقم 1218] عن ابن عقبة عن وكيع: زياد أشرف عن أن يكذب في الحديث. وكذا ساقه الحاكم أبو أحمد في الكنى بإسناده إلى وكيع، وهو الصواب اهـ. ويؤيده أن البخارى روى له في صحيحه كما روى له مسلم أيضًا، ووثقه الناس وأثنوا عليه ووصفوه بالصدق مع كلام بعضهم فيه إلا أنه لم يتهمه أحد بكذب ولا بترك حديثه، فحديثه هذا صحيح على انفراده؛ لأن رجاله رجال الصحيح مع ثبوت أصله. ومنها حديث وحشى بن حرب مرفوعًا: "الوليمة حق، والثانية معروف، والثالثة فخر".

أخرجه الطبرانى [22/ 136، رقم 362] ولم أقف على سنده (¬1) إلا أن الحافظ نقله في الفتح [9/ 243، تحت رقم 5713] وسكت عنه. ومنها حديث ابن عباس مرفوعًا: "طعام في العرس يوم سنة، وطعام يومين فضل، وطعام ثلاثة أيام رياء وسمعة"، رواه الطبرانى [11/ 151، رقم 11331] في الكبير وسنده ضعيف. 3661/ 9693 - "الويلُ كُل الويلِ لمنْ تَرَك عِيالَه بخيرٍ وقَدِمَ على رَبِّه بشَرٍ". (فر) عن ابن عمر قال في الكبير: قال في الميزان هذا وإن كان معناه حقا فهو موضوع اهـ. ووافقه في اللسان. قلت: الذهبى قال ذلك في ترجمة رجل لا وجود له في سند الحديث عند الديلمى، فإنه قال [3/ 385، رقم 5865] (¬2): قتادة بن وسيم الطائي: حدثنا عبيد بن آدم العسقلانى ثنا أبي ثنا ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر به. ثم قال: هذا وإن كان معناه حقا فهو موضوع، رواه عن قتادة إبراهيم بن أحمد العسكرى وهو مجهول مثله اهـ. وهذا هو سند القضاعى، فإنه قال [1/ 207، رقم 314]: ¬

_ (¬1) وسنده هو: حدثنا الحسين بن إسحاق، ثنا هوبر بن معاذ، ثنا محمد بن سليمان، ثنا وحشى بن حرب، عن أبيه، عن جده به. (¬2) وفي نسخة: قتادة بن رستم.

أخبرنا محمد بن منصور التسترى ثنا بحر بن إبراهيم القرقوب ثنا إبراهيم بن أحمد بن بشر العسكرى ثنا قتادة بن الوسيم بن عوسجة الطائى به. أما سند الديلمى الذي عزاه إليه المصنف، فليس فيه المذكوران، فإنه قال [5/ 207، رقم 314]. أخبرنا محمد بن الحسن الحافظ من كتابه أخبرنا أبو بو محمد بن أبي الوليد الجفانى ثنا محمد بن الحسين بن داود ثنا محمد بن الحسين القطان ثنا أحمد بن الأزهر ثنا محمد بن يوسف ثنا سفيان عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر به. فهذا سند آخر لم يتعرض له الذهبى، فيجب الكشف عنه، إلا أن الغالب على أكثره أنهم مجاهيل. * * * * *

حرف لام ألف

حرف لام ألف 3662/ 9695 - " لا أجْرَ لمنْ لا حِسْبةَ له". ابن المبارك عن القاسم مرسلا قال الشارح: عن القاسم بن محمد. قلت: ليس هو القاسم بن محمد، بل هو القاسم بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود، كذلك صرح به ابن المبارك في الزهد فقال [ص 49، رقم 152]. حدثنا بقية بن الوليد قال: سمعت ثابتا يقول: سمعت القاسم بن عبد الرحمن يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا أجر. . . " وذكره. 3663/ 9702 - "لا اعتِكَافَ إلا بصِيامٍ". (ك. هق) عن عائشة قال الشارح: مرفوعًا وموقوفًا والأصح وقفه. قلت: هذا يوهم أن كلا من الحاكم والبيهقى روياه كذلك، والواقع أن الحاكم لم يرو [4401، رقم 1605] إلا المرفوع فقط، وإنما رواهما معا البيهقى [4/

317]، وقال عقب المرفوع: هذا وهم من سفيان بن حسين أو من سويد بن عبد العزيز، وسويد بن عبد العزيز الدمشقى ضعيف بمرة لا يقبل منه ما تفرد به. 3664/ 9705 - "لا إيمَانَ لمنْ لا أمَانَة له، ولا صَلَاة لمنْ لا طَهُورَ له، ولا دِينَ لمنْ لَا صَلَاة له، وَمَوضعُ الصلاةِ من الدينِ كمَوضعِ الرَّأسِ من الجَسدِ". (طس) عن ابن عمر قلت: سكت عنه الشارح، والحديث رواه أيضًا ابن ترثال في جزئه، وأبو بكر الرازى الجصاص في الأحكام، والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 43، رقم 848]، وأسنده الذهبى في التذكرة كلهم من طريق الحسين بن الحكم الحيرى: ثنا حسن بن حسين ثنا مندل عن عييد اللَّه عن نافع عن ابن عمر به. وقال الذهبى: الحسن بن الحسين العرنى ليس بعمدة اهـ. وأخرج نحوه من حديث ثوبان مختصرا حمزة بن يوسف السهمى في تاريخ جرجان [ص 105، رقم 89] من طريق سعيد بن محمد الجرمى: ثنا القاسم بن مالك المزنى عن الأعمش عن سالم عن ثوبان قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا صلاة لمن لا وضوء له"، وفي الباب عن أنس وأبي هريرة وأبي موسى وعلى وآخرين بلفظ: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له"، وبعضهم زاد: "والمعتدى في الصدقة كمانعها". وقد ذكرتها مسندة في المستخرج على مسند الشهاب.

[في الكلام عن الحجاج بن أرطأة]

3665/ 9707 - "لا بَأسَ بالحيوانِ وَاحدٌ باثْنينِ يَدًا بيَدٍ". (حم. هـ) عن جابر قال الشارح: رمز لحسنه وفيه نظر. وقال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وليس بمسلم، ففيه الحجاج بن أرطأة أورده الذهبى في الضعفاء وقال: متفق على ضعفه. قلت: أما أولا: فماذا فعل المصنف؟ هل رمز لحسنه كما قلت في الصغير أم رمز لصحته كما قلت في الكبير؟ [في الكلام عن الحجاج بن أرطأة] وأما ثانيا: فمن الباطل المحقق ما نقلته عن الذهبى، فإن الذهبى لو كان سكران لما قال في الحجاج: متفق على ضعفه. والحجاج روى له البخارى في الأدب المفرد ومسلم في الصحيح مقرونا، وقال الذهبى في الميزان [1/ 458، رقم 1726]: حجاج بن أرطأة الفقيه أبو أرطأة النخعى أحد الأعلام على لين في حديثه، روى عنه سفيان وشعبة وعبد الرزاق وطائفة، قال الثورى: ما بقى أحد أعرف بما يخرج من رأسه منه، وقال حماد بن زيد: كان أقدر عندنا لحديثه من سفيان، وقال العجلى: كان فقيها مفتيا وكان فيه تيه وعيب عليه التدليس، وقال أحمد: كان من الحفاظ، وقال ابن معين: ليس بالقوى وهو صدوق يدلس وأطال في ترجمته، وكان شعبة يقول: اكتبوا عن حجاج بن أرطأة وابن إسحاق فإنهما حافظان، ولما نقل عن ابن حبان أنه قال: تركه ابن المبارك ويحيى القطان وابن مهدى وابن معين وأحمد قال: كذا قال ابن حبان، وهذا القول فيه مجازفة قال: وأكثر ما نقم عليه التدليس وفيه تيه لا يليق بأهل العلم. والحاصل أن الرجل من كبار الحفاظ ومشاهير المحدثين الرواة الذين انتهى الأمر

فيهم بعد الخلاف على أن حديثهم حسن. 3666/ 9710 - "لابُدَّ من العَرِّيفِ، والعرِّيفُ في النَّارِ". أبو نعيم في المعرفة عن جعونة بن زياد قال الشارح: ورجاله مجهرلون. وقال في الكبير: قال في الإصابة: رجاله مجهولون اهـ. ورواه أبو يعلى والديلمى عن أنس. قلت: حرف الشارح في الكبير اسم صحابى الحديث من جعونة إلى جعفر، واختصر كلام الحافظ وحذف منه، فإن الحافظ قال: ذكره ابن منده وقال: ذكر عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة أحد الضعفاء عن عبيد اللَّه بن زياد الشنى عن الجلاس بن زياد الشنى عن جعونة بن زياد الشنى. فذكر الحديث ثم قال: وبقية رجاله مجهولون اهـ. وحديث أنس أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 148، 317] قال: حدثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا إسماعيل بن عبد اللَّه حدثنى العلاء بن أبي العلاء حدثنى مرداس عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما لكم تدخلون عليَّ قلحا، لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، لابد للناس من العريف، والعريف في النار، يؤتى بالجلواز يوم القيامة فيقال له: ضع سوطك وادخل النار". وورد أيضًا من حديث أبي هريرة، قال أبو نعيم في التاريخ [2/ 117]: حدثنا أبي ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن الحجاج بن حميد إملاء من حفظه ثنى عامر بن عامر حَنَك ثنا دارهر بن نوح الأهوازى عن عبيس بن ميمون عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لابد للناس من عريف، والعريف في النار".

3667/ 9712 - "لا تَأتُوا الكُهَّان". (طب) عن معاوية بن الحكم قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين، وهو عجب، فقد خرجه [4/ 1749، 227/ 120] مسلم عن معاوية المذكور. قلت: مسلم خرجه بلفظ لا يدخل هنا، فإنه قال في روايته عن معاوية بن الحكم: "قلت: يا رسول اللَّه أمورا كنا نصنعها في الجاهلية، كنا نأتى الكهان، قال: فلا تأتوا الكهان، قلت: كنا نتطير، قال: ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم"، فهذا غير لفظ الطبرانى المختصر، ولا مشاحة في الاصطلاح. 3668/ 9714 - "لا تَأخُذُوا الحدِيثَ إلا عمَّن تُجيزُونَ شَهادَته". السجزى (خط) عن ابن عباس قال في الكبير: وهذا مسوق لبيان الاحتياط في الرواية والتثبت في النقل واعتبار من يؤخذ عنه، والكشف عن حال رجاله واحدا بعد واحد حتى لا يكون فيهم مجروح ولا مكر الحديث ولا معضل ولا كذاب ولا من يتطرق له طعن في قول أو فعل، ومن كان فيه خلل فترك الأخذ عنه واجب لمن عقل. قلت: هذا كلام فاسد التركيب باطل المعنى لا ينطق به من يعرف ما يقول كما هو ظاهر لا يحتاج إلى تقرير. ثم قال: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل أعله فقال: رواه أبو حفص الأبار عن صالح فاختلف عليه في رفعه، ورواه أبو داود الحفرى عن صالح عن محمد بن كعب، قال ابن معين: صالح ليس بشيء، وقال النسائى: متروك الحديث ثم ساق له هذا الخبر.

قلت: وهذا كذب على صنيع المصنف، أولا فإنه رمز له بعلامة الضعيف الدال على أن مخرجه ضعفه، إن كان ذلك لازما عند الناس وعند المصنف مع أنه غير لازم عند أحد من خلق اللَّه إلا عند هذا [الشارح] الذي يخلق العيوب والنقائص، ثم هو كاذب أيضًا في حكايته عن الخطيب، فإنه زعم أولا: أن الخطيب خرج الحديث وأعله بذلك الكلام الساقط الذي لا معنى له ولا علة فيه على حكايته وأنه تكلم في راويه، ثم قال بعد ذلك: ثم ساق الحديث، فأفاد كلامه أنه أعله قبل إيراده في حين إفادة كلامه أنه أعله بعد إيراده، حتى يبقى الناظر في حيرة فلا يدرى ما فعل الخطيب ولا ما قال. والواقع أنه أورد الحديث أولا ثم قال [9/ 301]: رواه أبو حفص الأبار عن صالح، فاختلف عليه في رفعه ووقفه على ابن عباس، ورواه أبو داود الحفرى عن صالح عن محمد بن كعب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يذكر فيه ابن عباس، ولا نعلم رواه عن محمد بن كعب غير صالح، ثم ذكر حديثا آخر رواه صالح أيضًا، ثم أسند عن أئمة الجرح كلامهم فيه، وقد أطال الخطيب في إيراد طرق هذا الحديث واختلاف الأقوال عن صالح فيه في كتاب الكفاية في علوم الحديث [ص 159، 160] في باب: ذكر ما يستوى فيه المحدث والشاهد من صفات وما يفترقان فيه، وهو حديث باطل موضوع وأمره أوضح من أن يحتاج إلى إقامة دليل عليه. 3669/ 9739 - "لا تُجادِلُوا في القُرآنِ فإنَّ جِدَالًا فيه كُفرٌ". الطيالسى (هب) عن ابن عمر قال الشارح: ضعيف لضعف فليح بن سليمان، فرمز المؤلف لصحته خطأ. قلت: فليح بن سليمان وإن تكلم فيه ققد احتج به البخارى ومسلم وأكثرا من الرواية عنه في صحيحه، فإنا كان تصحيح المصنف حديثه خطأ، فتصحيح الشيخين حديثه خطأ أيضًا.

3670/ 9740 - "لا تُجارِ أخَاكَ ولا تُشَارِه ولا تُمَارِه". ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة عن حريث بن عمرو قلت: حرف الشارح اسم صحابى الحديث فقال: حويرث بزيادة "الواو" بعد "الحاء"، وإنما هو حريث، وسكت عن الحديث، وهو من رواية أبي بكر ابن أبي مريم، وهو ضعيف. وأخرجه أيضًا ابن فيل في جزئه من طريق ابن المبارك عن أبي بكر بن أبي مريم عن حريث بن عمرو به. وفي صحبة حريث المذكور اختلاف، وابن أبي مريم لم يدرك أحدا من الصحابة فهو منقطع أيضًا. 3671/ 9741 - "لا تُجالِسُوا أهلَ القَدَرِ ولا تُفاتحِوُهُمْ". (حم. د. ك) عن عمر قال في الكبير: قال الذهبى في المهذب: حكيم بن شريك -أي أحد رجاله- لا يعرف، وقال ابن الجوزى: حديث لا يصح. قلت: الحديث صححه ابن حبان فأخرجه في صحيحه [1/ 280، رقم 79]، وحكيم بن شريك ذكره ابن حبان في الثقات [6/ 215] وذكره البخارى في التاريخ الكبير، فلم يذكر فيه جرحا، وخرج هذا الحديث في ترجمته [3/ 15، رقم 59]، كما خرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 302]، والبيهقى في كتاب الشهادات من السنن [10/ 204]، وفي اختصاره قال الذهبى عن حكيم: لا يعرف كما نقل الشارح، لكنه -أعنى الذهبى- تعقب ابن الجوزى: على إيراده الحديث في العلل المتناهيه فقال في مختصر العلل المذكور بعد إيراد ابن الجوزى الحديث من طريق حكيم بن شريك عن يحيى بن ميمون الحضرمى عن ربيعة الجرشى عن أبي هريرة عن عمر به، وقول ابن

الجوزى: يحيى بن ميمون كذبوه، ما نصه. هذا خطأ، بل هو صدوق والذى كذبوه فآخر بصرى اهـ. فكان من حق الشارح أن لا يعتمد كلام ابن الجوزى حتى يراجع اختصار العلل للذهبى إذ لم يدرك هو خطأ ابن الجوزى. 3672/ 9761 - "لا تَدَعُوا الرَّكعتَينِ اللتين قَبْل صَلاةِ الفَجرِ فإنَّ فيهما الرَّغائبَ". (طب) عن ابن عمر قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمى: فيه عبد الرحيم وهو ضعيف. قلت: قد ورد من غير طريقه، قال ابن ترثال في جزئه: حدثنا إبراهيم بن محمد بن على بن بطحا حدثنى أبي محمد بن على ثنا عبد اللَّه بن صالح بن سلم ثنا مندل عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر به. 3673/ 9763 - "لا تُدِيمُوا النَظَر إلى المجْذُومينَ". (حم. هـ) عن ابن عباس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح: سنده ضعيف اهـ. وذلك لأن فيه محمد بن عبد اللَّه بن عثمان الملقب بالديباج وثقه النسائى، وقال البخارى: لا يكاد يتابع على حديثه ثم أورد له هذا الخبر. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن الديباج وثقه النسائى، وقال العجلى: مدنى تابعى ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات [7/ 417]، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث عالما، وهذا شرط الحسن.

ثانيهما: أن البخارى لم يقل: لا يكاد يتابع على حديثه، وإن كان الشارح نقل ذلك بواسطة الذهبى إلا أن الذهبى تصرف في كلام البخارى تصرفا غير مرضى، وزاد الشارح قوله: ثم أورد له هذا الخبر وذلك أن البخارى أورد له حديثه [1/ 138، رقم 417] عن محمد بن عبد الرحمن عن عبيد اللَّه بن أبي رافع عن ميمونة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في أولاد الزنا" قال البخارى: لا يتابع عليه -يعنى على هذا الحديث- لا على جميع حديثه، ثم قال: حدثنى ابن أبي مريم ثنا ابن أبي الزناد حدثنى محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان عن أمه فاطمة بنت الحسين عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تديموا النظر إلى المجذومين". ثم رواه من وجه آخر من رواية عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند عنه مثله، ثم قال: وقال ابن المبارك: عن حسين بن على بن حسين حدثتنى فاطمة بنت الحسين عن أبيها عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله، وهذه متابعة له في أصل ورود الحديث. 3674/ 9767 - "لا تَرْجِعُوا بَعْدى كُفَّارا يَضرِبُ بَعْضُكُم رِقَابَ بَعضٍ". (حم. ق. ن. هـ) عن جرير، (حم. خ. د. ن. هـ) عن ابن عمر (خ. ن) عن أبي بكرة، (خ. ت) عن ابن عباس قال في الكبير: رواه البخارى في العلم، ومسلم في الإيمان، والنسائى في العلم. قلت: لا يوجد في سنن النسائى الصغرى الذي هو من الكتب الستة كتاب العلم، والحديث خرجه النسائى في "تحريم الدم [7/ 127] "، ثم إن

البخارى خرجه أيضًا في موأضع أخرى غير العلم [1/ 41، رقم 105] منها المغازى [5/ 223، رقم 4406] والفتن [9/ 663، 64، رقم 7078] والديات [9/ 3، رقم 6868]. 3675/ 9769 - "لا تُروِّعُوا المسْلِمَ، فإنَّ رَوْعةَ المُسلمِ ظُلمٌ عَظيمٌ". (طب) عن عامر بن ربيعة قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو غير مسلم، فقد أعله الهيثمى بأن فيه عاصم بن عبيد اللَّه وهو ضعيف. قلت: عاصم وإن ضعفوه فلم يتهم بكذب، وقد روى عنه الكبار مثل مالك وشعبة، وروى له البخارى تعليقا، واحتج به أهل السنن الأربعة، ولحديثه شواهد فلا يبعد الحكم بحسنه. 3676/ 9788 - "لا تَسُبُّوا السُلْطانَ، فإنه فَيء اللَّهِ في أرضهِ". (هب) عن أبي عبيدة قال في الكبير: وفيه ابن أبي فديك وقد مر، وموسى بن يعقوب الزمعى أورده الذهبى في الضعفاء وقال: قال النسائى: غير قوى، وعبد الأعلى قال الذهبى: لا يعرف، وإسماعيل بن رافع ضعيف. قلت: أخشى أن يكون كل هذا لا أصل له فليحرر (¬1)، فإن الديلمى روى هذا الحديث [5/ 159، رقم 7478] من طريق ليس فيها واحد من المذكورين، ¬

_ (¬1) تحريره أن البيهقى رواه في الشعب (6/ 17 رقم 7372) من طريق ابن أبي فديك عن موسى بن يعقوب الزمعي -وقد تصحف في المطبوع إلى الربعى- عن عبد الأعلى بن موسى أن إسماعيل بن رافع به.

ويبعد أن لا يتفق مع البيهقى [6/ 17، رقم 7372] في سند الحديث غالبا، فقد رواه من طريق أبي نعيم: حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن إسحاق ثنا أحمد بن مهران ثنا سليمان بن داود ثنا محمد بن عمر بن واقد ثنا أسامة وعبد اللَّه ابنا زيد بن أسلم عن أبيهما عن جدهما أنه سمع أبا عبيدة بن الجراح به. 3677/ 9789 - "لا تَسبوا الشَيْطانَ وتَعَّوذُوا باللَّهِ مْن شَرِّه". المخلص عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الديلمى وغيره، فما أوهمه صنيع المؤلف حيث أبعد في العزو من أنه لا يوجد لغير المخلص غير جيد. قلت: هذا جهل بالفن، فإنه ما قال أحد أن الاقتصار على العزو لمخرج غير جيد ولا خطر ببال امرئ أن يقوله حتى اخترع هذا [الشارح] هذه الدعوى الكاذبة ليشين بها المصنف بالباطل. ثم إنه كاذب أيضًا في قوله: "وغيره"، فأقسم باللَّه أنه ما رآه عند غيره ولا رآه إلا عند الديلمى وحده. والديلمى في الحقيقة ما خرج هذا الحديث لأنه إنما أسنده من طريق المخلص المخرج الحقيقى للحديث، قال الديلمى [5/ 159، رقم 7477]: أخبرنا أبي أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن على أخبرنا المخلص حدثنا البغوى ثنا ابن زنجويه ثنا عبد الغفار بن داود أبو صالح الحرانى ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به. وأخشى أن يكون في هذا الإسناد تسوية، فإن رجاله ثقات كلهم.

3678/ 9790 - "لا تَسبُّوا أهلَ الشام فإنَّ فيِهم الأبْدالَ". (طس) عن على قال الشارح: وإسناده حسن. قلت: بل إسناده مظلم ومتنه موضوع لأنه من رواية عمرو بن واقد الدمشقى وهو كذاب. 3679/ 9791 - "لا تَسُّبوا تُبَّعا فإنه كانَ قدْ أسْلَمَ". (حم) عن سهل بن سعد قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو غير صواب، فقد قال الهيثمى: فيه عمرو بن جابر وهو كذاب، فكان ينبغى للمصنف حذفه من الكتاب. قلت: بل كان ينبغى للَّه أنت أن تسكت ولا تدخل فيما لا تعرف ولا أنت من أهله، فعمرو بن جابر وإن قال فيه بعضهم: كذاب؛ فذلك لكونه كان شيعيا والمكذب ناصبى، وإلا فقد وثقه الناس ووصفوه بالصدق، وصحح الترمذى حديثه، ويكفيك إدخال أحمد له في المسند، ثم الحديث له طرق أخرى منها حديث ابن عباس مثله أخرجه الخطيب من طريق سفيان الثورى عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ثم قال الشارح: وبعد أن ذكره فكان ينبغى إكثاره من ذكر مخرجيه فمنهم الطبرانى والبغوى والطبرى وابن مريم والدارقطنى وغيرهم. قلت: وهذا هواء فارغ، ثم من هو الطبرى هل ابن جرير أو غيره؟ وفي أي كتاب خرجه؟ وكذلك البغوى وفي أي كتاب خرجه؟ أما ابن مريم فمضحك، فإنه لا يوجد في المخرجين من اسمه ابن مريم.

3780/ 9792 - "لا تَسُّبوا ماعِزا". (طب) عن أبي الفيل قلت: صحابى هذا الحديث أبو الفيل على اسم الحيوان المعروف، والشارح كتبه في الشرحين أبو الطفيل بزيادة الطاء، وأكد ذلك بأن اسمه عامر كما هو اسم أبي الطفيل: عامر بن واثلة الليثى، ولكنه مع ذلك قال: الخزاعى، ونقل عن البغوى أنه قال: ليس له غيره، فأتى بجملة تخاليط توقع الناظر في الحيرة؛ لأن أبا الطفيل عامرا ليس بخزاعى وله أحاديث، وهذا ليس اسمه عامرا وهو خزاعى وله حديث واحد. 3681/ 9797 - "لا تَسْكُن الكُفُورَ فإنَّ سَاكن الكُفورِ كَسَاكنِ القُبورِ". (خد. هب) عن ثوبان قال في الكبير: ثم قضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله، والأمر بخلافه بل بقيته كما في الميزان: "ولا تأمرن على عشرة فإن من تأمر على عشرة جاء مغلولة يده إلى عنقه، فكه الحق أو أوثقه الظلم". قلت: [الشارح] رأى الحديث في اللآلئ المصنوعة [1/ 248] للمؤلف بهذه الزيادة معزوا إلى ابن عدى لأنه من طريقه أورده ابن الجوزى، ثم رآى المصنف أورده من عند البخارى في الأدب المفرد هكذا مختصرا، ثم قال: وأخرجه البيهقى [6/ 68، رقم 7518] من وجه آخر عن "بقية" به هكذا مختصرا. وهذان اللذان روياه مختصرا هما اللذان عزاه المصنف لهما هنا كما ترى، وهو قد وقف على ذلك ونقل إسناد الحديث منه ثم تجاهل ذلك كله وذهب إلى الميزان ليدلس ويظهر عدم إتقان المصنف وتحقيقه للنقل، ثم إن الصنف

كتب في التعقب على ابن الجوزى من طرق هذا الحديث ما ملأ صحيفتين، فضرب [الشارح] عن الإشارة إلى التعقب صفحا، ولو قصر المؤلف لقال: وتعقبه المؤلف فلم يأت بطائل على عادته. وبعد، قال البخارى في الأدب المفرد [ص 200، رقم 579]: حدثنا أحمد بن عاصم ثنا حيوة ثنا بقية حدثنى صفوان قال: سمعت راشد بن سعد يقول: سمعت ثوبان قال: قال لى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا ثوبان لا تسكن الكفور فإن ساكن الكفور كساكن القبور". حدثنا إسحاق أخبرنا بقية به مثله كما ذكره المصنف. 3682/ 9798 - "لا تُسلِّمُوا تَسْليَم اليَهُودِ والنَّصَارى، فإنَّ تَسليمَهُم إشَارَةٌ بالكُفوفِ والحَواجبِ". (هب) عن جابر قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أن البيهقى خرجه وأقره وليس كذلك، إنما رواه مقرونا ببيان حاله فقال عقبه: هذا إسناد ضعيف بمرة، فإن طلحة بن زيد الرقى متروك الحديث متهم بالوضع، وعثمان بن عبد الرحمن الراوى عنه ضعيف. وكيف يصح ذلك والمحفوظ في حديث صهيب وبلال: "أن الأنصار جاءوا يسلمون عليه وهو يصلى فكان يشير إليهم بيده" إلى هنا كلامه بنصه، فحذف المصنف ذلك تلبيس فاحش وإيهام مضر. قلت: معاذ اللَّه أن يصدر من المصنف الإمام الحافظ تلبيس وإيهام، إنما التلبيس والتدليس والإيهام هو وصفك الذي سودت به شرحك من أوله إلى آخره، فالمصنف رمز للحديث بعلامة الضعيف، فأى تلببس يبقى بعد ذلك وأى إيهام يقع مع التصريح بضعفه، هذا مع أنه لا يلزم أحدا أن ينقل كلام

المخرجين ولا ينقله من الحفاظ إلا الأندر من النادر، فلو كان كلهم بذلك ملبسين لما كان في الدنيا إلا الملبسون الكذابون، ومعاذ اللَّه من ذلك. ثم لو كان من الواجب نقل كلام المخرجين لكان ذلك غير واجب على الحفاظ المجتهدين أمثال المصنف؛ لأنه لا يلزمه رأى البيهقى الذي قد يكون مصيبا وقد يكون مخطئا كما وقع منه في هذا الحديث لا من جهة الإسناد ولا من جهة المعنى، أما الإسناد: فإن طلحة بن زيد وعثمان بن عبد الرحمن اللذين أعل الحديث بهما قد ورد الحديث من غير طريقهما، فبرئا من عهدته، قال الديلمى في مسند الفردوس: أخبرنا أبي أخبرنا أبو معشر عبد السلام بن عبد الصمد الطبرى بمكة أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد البزار أبو الحسن ثنا جعفر بن محمد الصوفى وأحمد ابن عيسى بن الهيثم قالا: حدثنا الحسن بن على المعمرى حدثنى أبو همام الصلت بن محمد الحارثى ثنا إبراهيم بن حميد عن ثور حدثنى أبو الزبير عن جابر به، وله مع هذا شواهد. وأما المعنى الذي ضعف البيهقى الحديث من أجله [6/ 464، رقم 8911]: وهو التعارض مع سلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالإشارة في الصلاة، فهو مدفوع من وجوه: أحدها: أن ذلك كان في حالة اضطرار وضرورة؛ لأن رد السلام واجب من جهة ومن جهة أخرى فإن الأنصار الذين كانوا لا يعلمون بعدم جواز الكلام في الصلاة لحدوث المنع بعد الجواز قد يتأثرون [تأثرا] بالغا من عدم رد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاقتضى الجمع بين المصالح المتعددة من أداء واجب الرد وجبر خاطر المسلم وتعليمه كيفية الرد في الصلاة أن يكون بالإشارة، وهذا كله يناقض حالة الاختيار ويخالفه فله حكم يخصه؛ لأن للضرورة أحكامها وهي تبيح المحظورات.

ثانيها: أنه قد يكون الإشارة التي أشار بها -صلى اللَّه عليه وسلم- لرد السلام في الصلاة غير الإشارة التي يستعملها الكفار بينهم في الصورة والكيفية، فتكون إشارته -صلى اللَّه عليه وسلم- إشارة خفيفة مفهمة الرد، وأنه في الصلاة بخلاف كيفية إشارة النصارى في السلام، فإنهم أنفسهم إشارتهم في ذلك مختلفة، إذ إشارة سلام الجند غير إشارة غيرهم كما هو معلوم. ثالثها: أن النهى قد يكون خاصا بالسلام دون الرد الواقع من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. رابعها: أنه قد يكون أحدهما ناسخًا للآخر، وهو أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أشار بالرد في الصلاة قبل ورود النهى عن ذلك لكلونه من التشبه بالكفار، وأقرب هذه الوجوه الأول، وعلى كل فلا تعارض أصلا، فسقط ما بنى البيهقى عليه ضعف الحديث، لا من جهة الإسناد ولا من جهة المعنى. فكيف يلزم المجتهد أن يتبع غيره في رأيه وهو في الواقع مخطئٌ غير مصيب؟ هذا مع أن المصنف قد رمز للحديث بعلامة الضعيف إما اتباعا للبيهقى وإما لكون رأيه أداه إلى ضعفه، وعلى كل فلا تلبيس منه أصلا. ثم قال الشارح أيضًا: ثم إن قضية صنيعه أيضًا أن هذا الحديث لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه، مع أن الترمذى خرجه مع خلف يسير ولفظه عنده: "لا تشبهوا باليهود والنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع وتسليم النصارى بالأكف" قال الترمذى: غريب. . . إلخ. قلت: فهذا حقا هو التلبيس الفاحش والإيهام المضر، فإنه أوهم أولا: أن حديث الباب مع الذي خرجه الترمذى حديث واحد، مع أنهما حديثان متغايران ذاك من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وهذا من حديث جابر ابن عبد اللَّه. وثانيا: فإنه ادعى أن لفظ الحديث عند الترمذى أوله "لا تشبهوا" ليوهم

أنه صالح للدخول في هذا الحرف، وهو مدلس في ذلك لأن لفظ الحديث عند الترمذى أوله: "ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا" الحديث. قال الترمذى [5/ 56، رقم 2695]: حدثنا قتيبة ثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى" الحديث. وهذا اللفظ قد ذكره المصنف سابقا في حرف "ليس" وعزاه للترمذى. 3683/ 9807 - "لا تَشُمُّوا الطَّعَامَ كَمَا تَشُمَّهُ السِّبَاعُ". (طب. هب) عن أم سلمة قال في الكبير: قال البيهقى عقب تخريجه: إسناده ضعيف اهـ. فحذف المصنف ذلك من كلامه غير صواب. قلت: المصنف لم يحذف ذلك بل رمز لضعفه كما رمز لمخرجه، ولو حذفه لكان عين الصواب كما يفعله الناس كلهم وأولهم الشارح. والحديث له طريق آخر من حديث أبي هريرة، قال الديلمى [5/ 175، رقم 7521]: أخبرنا محمد بن الحسين إذنا أخبرنا أبي حدثنا موسى بن محمد بن على بن عبد اللَّه حدثنا عمر بن أبي حسان ثنا محمد بن بشار ثنا يحيى ثنا سفيان عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تشموا الخبز كما تشمه السباع"، وهذا والذي قبله عندى كذب موضوع.

3684/ 9810 - "لا تَصْحَبنَّ أحَدًا لا يَرى لَكَ منَ الفَضْلِ كَمِثْلِ مَا تَرَى لَهُ". (حل) عن سهل بن سعد قال في الكبير: وفيه عبد اللَّه بن محمد بن جعفر القزوينى، قال الذهبى: قال ابن يونس: وضع أحاديث فافتضح بها. قلت: واعجبا من هذا الرجل ما أجهله بالحديث ورجاله، فعبد اللَّه بن محمد بن جعفر المذكور في السند هو أبو الشيخ ابن حيان شيخ أبي نعيم، الذي لعله يروى عنه وعن الطبرانى ثلاثة أرباع ما يروى من الأحاديث، بحيث من خالط كتب أبي نعيم لا يمترى فيه ولا يسبق إلى وهمه غيره. وهذا الشارح كثير النقل من الحلية ومع ذلك فانظر كيف جهل شيخ أبي نعيم وذهب يبحث في الميزان عمن اسمه عبد اللَّه بن محمد بن جعفر، فلما وجد القزوينى مذكورا فيه متهما ألصقه بسند هذا الحديث غير مبال بما قال الذهبى في آخر ترجمته: من أنه توفى سنة خمس عشرة وثلاثمائة ولا عارف بأن أبا نعيم ولد بعد هذا بخمسة عشر عاما سنة ثلاثين وثلاثمائة، ومع هذا الجهل العظيم نجده مولعا بالانتقاد على الحفاظ الكبار ولاسيما المصنف، ثم إن علة الحديث هو بكار بن شعيب الدمشقى راويه عن عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل، فإن بكارًا قال فيه ابن حبان: يروى عن الثقات ما ليس من حديثهم، لا يحل الاحتجاج به، ثم أورد له هذا الحديث. هذا ومن سخافة الشارح التي يسخف بها على المصنف الحافظ أنه يقول إذا عزا حديثا لمخرج أو اثنين وكلان هناك مخرج آخر أو أكثر: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لغير المذكورين وإلا لما اقتصر عليهم والواقع خلافه، أو يقول: وهو قصور، أو نحو ذلك، ثم يذكر ما استفاده من المخرجين من

كتب المصنف أيضًا -كما نبهنا عليه مرارا- وبناء على سخافته نسخف عليه هو أيضًا فنقول له: ظاهر سكوتك على عزو الحديث لأبي نعيم فقط وعدم استدراكك مخرجًا آخر يفيد، إنه لم يخرجه غير أبي نعيم والواقع خلافه، بل هو قصور للغاية. فقد خرجه أيضًا الحسن بن سفيان في مسنده قال: حدثنا إبراهيم بن أبي الحوارى الدمشقى ثنا بكار بن شعيب الدمشقى به. وأخرجه بن حبان في الضعفاء [1/ 198] قال: أخبرنا ابن قتيبة قال: ثنا إبراهيم بن أبي الحوارى ثنا بكار بن شعيب به. وأخرجه أيضًا في روضة العقلاء قال: أنبأنا محمد بن الحسن بن قتيبة بعسقلان به نحوه. وأخرجه الدولابى في الكنى [1/ 168] قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب السعدى ثنا محمد بن وهب بن عطية ثنا بكار بن شعيب به. وأخرجه الخطابى في العزلة [ص 75]: حدثنا الحسن بن يحيى بن صالح ثنا محمد بن قتيبة ثنا إبراهيم بن أيوب الحورانى عن بكار به، لكنه قال: بكار بن سليم كلهم رووه مطولا، وأوله: "الناس كأسنان المشط، وإنما يتفاضلون بالعافية، والمرأ كثير بأخيه، ولا خير في صحبة من لا يرى لك مثل ما ترى له" (¬1)، وقال الدولابى: "وإنما يتفاضلون بالعافية، فلا تصحبن رجلا لا يرى لك مثل ما ترى له"، واختصره أبو نعيم في الحلية [10/ 25] فذكره باللفظ الذي نقله عنه المصنف، فقال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا إسحاق بن أبي حسان ثنا أحمد بن أبي ¬

_ (¬1) في المطبوع من العزلة بلفظ: "الناس كأسنان المشط" فقط بدون الزيادة المذكورة.

الحوارى ثنا أبو خزيمة بكار بن شعيب به. ثم إنه ورد من غير طريقه، فأخرجه الديلمى من طريق ابن لال: ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب ثنا إبراهيم بن فهدد ثنا محمد بن موسى ثنا غياث بن عبد الحميد عن عمر بن سليم عن أبي حازم عن سهل بن سعد به مثله، إلا أنه قال: "إنما يتفاضلون يالعبادة، ولا تصحبن أحدا. . . " وذكره، وغياث بن عبد الحميد ضعيف، وشيخه مختلف فيه. وورد مع هذا من حديث أنس، أخرجه بن عدى [3/ 248]، والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 145، رقم 195]، والديلمى في مسند الفردوس [5/ 47، رقم 7133] كلهم من طريق المسيب بن واضح: ثنا سليمان بن عمرو النخعى عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس ابن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الناس كأسنان المشط، إنما يتفاضلون بالعافية، والمرأ كثير بأخيه، يرفده ويكسوه ويحمله، ولا خير في صحبة من لا ترى لك مثل ما ترى له". قال ابن عدى: وضعه سليمان بن عمرو النخعى كذا قال، لكن طريق بكار ابن شعيب السابقة ترد عليه، إلا أن يكون أحدهما سرقه من الآخر. ثم إنه ورد عن مجاهد من قوله: قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان: حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا أحمد بن محمود ثنا الحسن بن أحمد العطار ثنا إبراهيم بن بشير بن سليمان ثنا أبو كدينة عن مجاهد قال: "لا تصحبن صاحبا لا يرى لك من الحق مثل ما ترى له". 3685/ 9811 - "لا تَصْلُحُ الصَّنِيعَةُ إلاِ عِنْدَ ذِى حَسَبٍ أوْ دِينٍ". البزار عن عائشة قال في الكبير: رواه البزار عن أحمد بن المقدام عن عبيد بن القاسم عن هشام

ابن عروة عن عائشة، قال: وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه خرجه وأقره وليس كذلك، بل قال: إنه منكر اهـ. وقال الهيثمى: فيه عبيد بن القاسم وهو كذاب اهـ، ورواه ابن عدى من حديث الحسين بن المبارك الطبرانى عن ابن عياش عن هشام عن أبيه عن عائشة، وقال: منكر المتن، والبلاء فيه من الحسين لا من ابن عياش وإن كان مختلطا اهـ. وأورده ابن الجوزى في الموضوعات، واقصى ما نوزع به أن له شاهدا اهـ. قلت: فيه أمور، الأول: الكذب على صنيع المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعيف. الثانى: التلبيس بأن عدم نقل كلام المخرجين نقص، وهو شيء اخترعه هذا الملبس لم يقل به مخلوق ولا قام عليه دليل، ولو كان ذلك كما يلبس به لكان كل الناس كذلك، فإنه لا ينقل كلامهم أحد، وهذا الحافظ الهيثمى جمع زوائد البزار والطبرانى، والتزم أن يتكلم على كل حديث ويبين ما فيه، وكثير من تلك الأحاديث تكلم عليه مخرجوها ولاسيما البزار، ومع ذلك فإنه لا ينقل حرفا واحدا عنهم ويعلل الأحاديث باجتهاده. الثالث: الكذب على البزار، فإنه ما قال عقب الحديث: إنه منكر، بل قال: لا نعلم رواه هكذا إلا عبيد وهو لين الحديث (¬1) اهـ. والشارح نقل سند البزار من اللآلئ المصنوعة [2/ 44] للمصنف وهو نقل كلامه المذكور، فتعمد الشارح تحريفه وتبديله ليتم له ما أراد بالكذب، نعوذ باللَّه من الخذلان. الرابع: أن ابن عدى قال [6/ 386]: والبلاء فيه من الحسين لا من إسماعيل ابن عياش، وإن كان يخلط في روايته عن الحجازيين، والشارح غير كلامه ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (2/ 400، رقم 1954).

بقوله: وإن كان مختلطا وبون كبير بين العبارتين، فإن عبارة ابن عدى تفيد ما هو معروف عن إسماعيل بن عياش من كونه ضعيف في أهل الحجاز خاصة، حسن الحديث في روايته عن أهل بلده الشوام، وعبارة الشارح تفيد أن إسماعيل بن عياش كان مختلطا في عقله، وهذا ما قال به أحد ولا وصف به إسماعيل. الخامس: وهو مما يفيدك ما في صدر الشارح من حنق على المصنف، أنه أبهم المنازع، فقال: وأقصى ما نوزع به ابن الجوزى، ولم يصرح باسم المصنف لأنه لا يحب أن يقر له بفضل إلا إذا لم يجد إلى الفرار من الاعتراف به سبيلا. السادس: أن المنازع -وهو المصنف- لم ينازع بأن له شاهدا، بل نازع بأن الراوى الذي اتهمه به ابن الجوزى تبعا للعقيلى [3/ 116، رقم 1093] توبع عليه متابعات تبرئ ساحته، فإن ابن الجوزى أورده [2/ 167] من عند إلعقيلى ثم من رواية يحيى بن هاشم السمسار عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وقال العقيلى: يحيى كان يضع الحديث على الثقات، ولا يصح في هذا المتن شيء، فقال المصنف له متابعون، ثم ذكر أن البزار خرجه من طريق عبيد بن القاسم عن هشام بن عروة، وأن ابن عدى خرجه من طريق المسيب بن شريك عن هشام بن عروة، وقال ابن عدى: إن المسيب مجمع على تركه، وإن ابن لال خرجه من طريق أبي المطرف المغيرة بن مطرف عن هشام بن عروة، ثم قال: وله شاهد عند الطبرانى اهـ. قلت: وبقى من المتابعين أيضًا يعقوب بن الوليد الأزدى وإسماعيل بن عياش، فمتابعة يعقوب بن الوليد خرجها ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق: حدثنى محمد بن عباد بن موسى الواسطى ثنا يعقوب بن الوليد الأزدى عن

هشام بن عروة به، ومتابعة إسماعيل بن عياش خرجها ابن عدى كما سبق، وله شاهد من حديث على ومن حديث أبي هريرة سبقا في حديث: "أبى اللَّه أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يحتسب". 3686/ 9813 - "لا تُصَلُّوا خَلْفَ النَّائِمَ، وَلا المُتَحَدِّثَ". (د. هق) عن ابن عباس قال الشارح: وضعفه ابن حجر فرمز المصنف لحسنه غير حسن. وقال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس بصواب، فقد جزم الحافظ ابن حجر في تخريج الهداية بضعف سنده اهـ. وساقه البيهقى من سنن أبي داود من حديث عبد الملك بن محمد عن عبد اللَّه بن يعقوب عمن حدثه عن ابن كعب عن ابن عباس، ثم قال: هذا مرسل، قال الذهبى: يريد بإرساله كون عبد اللَّه لم يسم من حدثه، قال: ورواه هشام بن زياد وهو متروك، عن أبي بن كعب رضي اللَّه عنه. قلت: فيه أمور، الأول: أنه نقل عن البيهقى أنه قال: هذا مرسل وحذف من كلامه ما لا يوافق غرضه، والواقع أن البيهقى قال [2/ 279]: هذا أحسن ما روى في هذا الباب، وهو مرسل اهـ. فحذف الشارح قوله: هذا أحسن ما روى في هذا الباب، لظنه أنه يؤيد المصنف في قوله: إنه حديث حسن، مع أنه لا تأييد فيه للمصنف لأن هذه العبارة يقولونها على الضعيف إذا كان أقوى من غيره. الثانى: أنه قال -يعنى الذهبى-: ورواه هشام بن زياد، والواقع أن قائل ذلك هو البيهقى نفسه. الثالث: أنه قال: هشام بن زياد عن أبي بن كعب -رضي اللَّه عنه-،

وذلك من الغلط الفاحش على الحديث وسنده وعلى البيهقى والذهبى فإنهما لم يقولا ذلك ولا تعلق لأبي بن كعب بهذا الحديث، وإنما هو محمد بن كعب القرظى راويه عن ابن عباس، فإن الحديث رواه البيهقى من طريق أبي داود في السنن [1/ 182، رقم 694] ثم من حديث عبد اللَّه بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظى قال: قلت لعمر بن عبد العزيز: حدثنى عبد اللَّه بن عباس فذكر الحديث، قال البيهقى: وهذا أحسن ما روى في هذا الباب وهو مرسل، ورواه هشام بن زياد أبو المقدام عن محمد ابن كعب وهو متروك اهـ. وكذا قال الذهبى إلا أنه قدم وهو متروك عند هشام بن زياد كما هو اللائق عن محمد بن كعب، فقال [الشارح]: عن أبي بن كعب وزاد -رضي اللَّه عنه- تحقيقا لكونه الصحابى. الرابع: أن الحديث حسن كما قال المصنف، وكما بينته قريبًا عند حديث: "نهى أن يصلى خلف النائم والمتحدث"، فإنه حديث واحد من حديث ابن عباس، وأزيد هنا أن طريق هشام بن زياد الذي أشار إليه البيهقى خرجه الحارث بن أبي أسامة، وأحمد بن منيع، وابن حبان في الضعفاء، والحاكم في المستدرك [4/ 270، رقم 7707]، وأبو نعيم في الحلية [2/ 175]، وفي التاريخ معا، والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 123، رقم 1020]، وجماعة مطولا ومختصرا، وهو حديث طويل في نحو ورقة، ثم إن هشام ابن زياد لم ينفرد به، بل تابعه عليه مصادف بن زياد المدينى عن محمد بن كعب القرظى، أخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 270، رقم 7706] من رواية محمد بن معاوية عن مصادف به مطولا، وفيه: "ولا يصلين أحد منكم وراء نائم، ولا متحدث" الحديث. ثم أخرجه من طريق هشام بن زياد، ثم قال [4/ 270، رقم 7707]: هذا

حديث قد اتفق هشام بن زياد البصرى ومصادف بن زياد المدينى على روايته عن محمد بن كعب القرظى، ولم استجز إخلاء هذا الموضع منه فقد جمع آدابا كثيرة، وتعقبه الذهبى بأن هشام بن زياد متروك، ومحمد بن معاوية كذبه الدارقطنى. قلت: وهو والحاكم كلاهما متعقب، فإن الحديث لم يروه المذكوران فقط عن محمد بن كعب بل رواه عنه جماعة آخرون منهم عيسى بن ميمون والقاسم ابن عروة وزيد العمى وغيرهم، وروايتهم تبرئ ساحة هشام بن زياد ومحمد ابن معاوية، وتبطل ما زعمه الذهبى من بطلان الحديث. فقد أخرجه الصابونى في كتاب العقيدة من طريق القاسم بن عروة عن محمد ابن كعب القرظى به مطولا، والغريب أن الصابونى رواه عن الحاكم، فكأنه لم يستحضر هذا الطريق في المستدرك. ورواه ابن أبي الدنيا في التوكل من حديث عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن محمد بن كعب القرظى، وذكر أبو نعيم في الحلية أن ممن رواه عن محمد ابن كعب أيضًا عيسى بن ميمون، وقد ذكرت أسانيد هذا الحديث ومتونه في "وشى الإهاب" "والإسهاب" معا في حديث: "من أحب أن يكون أكرم الناس فليتق اللَّه"، وفي حديث: "من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه"، والمقصود من هذا ومما ذكرته سابقا أن الحديث حسن لتعدد طرقه كما ترى، وإن كان الحافظ جزم بضعفه فهو لعدم تتبعه طرقه ولحكمه على الطريق الواحد الذي ذكره. 3687/ 9815 - "لا تَصُومَنَّ امْرَأةٌ إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا". (حم. د. حب. ك) عن أبي سعيد قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه ليس للشيخين في هذا الحديث رواية وهو ذهول بالغ، فقد عزاه في "مسند الفردوس" للبخارى باللفظ المذكور،

ورواه مسلم في الزكاة بلفظ: "لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه"، وخرجه البخارى في النكاح، لكنه لم يقل: "وهو شاهد" وقضية كلامه أيضًا أن كلا ممن عزاه إليه لم يذكر إلا ذلك، فأبو داود قيد الشهود، وراد فيه: "غير رمضان". قلت: كل هذا تدليس وتلبيس، فإن حديث أبي سعيد هذا لم يخرجه الشيخان، وإنما خرجا حديث أبي هريرة، وهما حديثان متغايران في الاصطلاح، ثم قوله: وخرجه البخارى في النكاح يوهم أنه خرجه مرتين، والواقع أنه لم يخرجه إلا في النكاح، ولم يخرجه في الصيام كما نص عليه الحافظ، فقال [9/ 293، تحت رقم 5192]؛ هذا الأصل لم يذكره البخارى في كتاب الصيام، وذوه أبو مسعود في "أفراد" البخارى من حديث أبي هريرة: وليس كذلك، فإن مسلم ذكره في أثناء حديث في كتاب الزكاة، ووقع للمزى في الأطراف وهم فيه بينته فيما كتبته عليه اهـ. وذكره البخارى بلفظين، الأول [7/ 39، رقم 5192] من طريق معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه". والثانى [7/ 39، رقم 5195]: من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه، وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدى إليه شطره". أما مسلم فرواه [2/ 711، رقم 1026/ 84] من طريق معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة بلفظ: "لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له".

وبهذا يعلم خطأ الشارح أيضًا في قوله: إنه رواه بلفظ: "لا يحل. . . إلخ"، وقوله: وقضية كلامه أيضًا أن كلا ممن عزاه إليه لم يذكر إلا ذلك، فأبو داود ذكر فيه الشهود أيضًا تلبيس باطل، فإنه يوهم بذلك أنه وقع في حديث أبي سعيد المذكور في الكتاب، والواقع أن ذلك إنما هو في حديث أبي هريرة أيضًا، أما حديث أبي سعيد فمتنه عند أبي داود كما ذكره المصنف بدون زيادة، قال أبو داود [2/ 343، رقم 2459]: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدرى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "-أثناء حديث- لا تصوم المرأة إلا بإذن زوجها". 3688/ 9821 - "لا تَضْرِبُوا إِمَاءَكُمْ عَلَى كَسْرِ إِنَائِكُمْ، فَإِنَّ لَهَا أَجَلًا كآجَالِ النَّاسِ". (حل) عن كعب بن عجرة قال في الكبير: أورده في الميزان في ترجمة العباس بن الوليد الشرقى، وقال: ذكره الخطيب في الملخص، فقال: روى عن ابن المدينى حديثا منكرا، رواه عنه أحمد بن أبي الحوارى من حديث كعب بن عجرة مرفوعًا، ثم ساق هذا بعينه. قلت: لم أجد للعباس بن الوليد ذكرا في الميزان لا بهذا الحديث ولا بغيره، وكذلك في اللسان مع أن الحديث مروى من طريقه كما قال الشارح من رواية أحمد بن أبي الحوارى عنه عن على بن المدينى عن حماد بن زيد عن مالك بن دينار عن الحسن عن كعب بن عجرة. رواه أبو نعيم [10/ 26] عن أبي دلف عبد العزيز بن محمد العجلى عن يعقوب ابن عبد الرحمن الدعاء عن جعفر بن عاصم عن أحمد بن أبي الحوارى.

ورواه الديلمى في مسند الفردوس [5/ 200، 7601] من طريق أبي بكر الشافعى عن محمد بن العباس المرى عن أحمد بن أبي الحوارى به، وقال في المتن: "فإن لها آجالا كآجالكم". ورواه ابن حبان في الضعفاء [1/ 326] في ترجمة سعيد بن هبيرة المروزى من روايته عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس به باللفظ المذكور [في] المتن، وقال عن سعيد المذكور: يروى الموضوعات عن الثقات، كأنه كان يضعها أو توضع له، فيجيب فيها. 3689/ 9827 - "لا تُظْهِرُ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللَّه وَيَبْتَلِيكَ". (ت) عن واثلة قال في الكبير: وأورده ابن الجوزى في الموضوع، وقال عمر بن إسماعيل: كذبه ابن معين وغيره، والقاسم لا يجوز الاحتجاج به، قال: ولا أصل للحديث. قلت: كذا سكت عن حكاية تعقب المصنف لابن الجوزى، وبيان ما يجب بيانه من الحق في الحديث، وإيضاح ذلك بزيادة على ما ذكره المصنف أن الحديث رواه الترمذى [4/ 662، رقم 2506]، وابن حبان في الضعفاء [2/ 213]، وأبو نعيم في الحلية [5/ 186]، والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 78، رقم 917] كلهم من طريق القاسم بن أمية الحذاء: ثنا حفص بن غياث ثنا برد عن مكحول عن واثلة به. والقاسم قال ابن حبان: يروى عن حفص بن غياث المناكير الكثيرة، قال: ولا أصل لهذا الحديث من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- اهـ. ويرد كلامه أمران، أحدهما: أن أبا حاتم قال: ليس به بأس صدوق، وقال أبو زرعة: كان صدوقا، قال الحافظ: وشهادة أبي زرعة وأبي حاتم له أنه

صدوق أولى من تضعيف ابن حبان. الثانى: أنه لم ينفرد به، بل تابعه جماعة عن حفص بن غياث، منهم عمر ابن إسماعيل بن مجالد والسرى بن عاصم وفهد بن حيان. فرواية عمر بن إسماعيل عند الترمذى والخطيب [9/ 95]، ومتابعة السرى بن عاصم عند الطوسى في "أماليه"، والخرائطى في "اعتلال القلوب"، ومتابعة فهد بن حيان عند المخلص في فوائده، كل هؤلاء رووه عن حفص بن غياث، وورد من وجه آخر من رواية أبي حنيفة عن واثلة إلا أنه منقطع لأن أبا حنيفة لم يدرك واثلة. أخرجه أبو بكر محمد بن عبد الباقى الأنصارى في مسند أبي حنيفة من طريق هناد بن السرى: ثنا أبو سعيد ثنا أبو حنيفة عن واثلة به. ورواه ابن خسرو في "مسند أبي حنيفة" من هذا الوجه، إلا أن فيه عن أبي حنيفة قال: سمعت واثلة وهذا باطل؛ لأن واثلة مات سنة خمس وثمانين، وأبو حنيفة ولد سنة ثمانين وكان بالكوفة، وواثلة بالشام. وللحديث شاهد من حديث ابن عباس، أخرجه الخطيب في "المتفق والمفترق" من رواية إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: "لا تشمت بالمعصية أخاك فيرحمه اللَّه ويبتليك". 3690/ 9828 - "لا تَعْجَبُوا بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَ يُخْتَمُ لَهُ". (طب) عن أبي أمامة قال في الكبير: ثم إن ظاهر صنيع الصنف أن ذا لم يره مخرجًا لأقدم من الطبرانى، ولا أحق بالعزو منه مع أن أحمد خرجه، وقد مر غير مرة أن الحديث إذا كان في مسند أحمد لا يعزى لمثل الطبرانى، وممن خرجه باللفظ المزبور البزار.

قلت: كل هذا كذب وتلبيس، فالحديث ما خرجه أحمد أصلا من حديث أبي أمامة، وإنما خرجه من حديث أنس بن مالك [3/ 120] هو والبزار (¬1) وأبو يعلى [6/ 452، رقم 3840] والطبرانى في الأوسط بلفظ مطول من جهة لا يدخل في هذا الموضع الذي هو حرف "لا" مع "التاء"، ولفظ حديث أنس المذكور عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا عليكم أن تعجبوا بأحد حتى تنظروا بماذا يختم له، فإن العامل يعمل زمان من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه لدخل الجنة، ثم يتحول ليعمل عملا سيئا، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سئ لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملا صالحا، وإذا أراد اللَّه تبارك وتعالى بعبد خيرا استعمله قبل موته، قالوا: يا رسول اللَّه وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح، ثم يقبضه عليه" اهـ. فأين هذا من حديث الباب؟!. 3691/ 9829 - "لا تَعْجَزُوا في الدُّعَاءِ فإِنَّهُ لَنْ يَهْلكَ مَعَ الدُّعَاءِ أحَدٌ" (ك) عن أنس قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح وتعقبه الذهبى فقال: لا أعرف عمر وتعبت عليه، وفي الميزان عن أبي حاتم مجهول، قال في اللسان: وقد تساهل الحاكم في تصحيحه. قلت: قد حصل من أئمة الجرح والتعديل في هذا الرجل -أعنى عمر بن محمد الأسلمى- ما يستغرب جدًا حيث لم يعرفوه، فقال أبو حاتم: مجهول، وتبعه الذهبى فأورده في الميزان [3/ 22، رقم 6208] وقال: روى عن فليح الخطمى وعنه ابن أبي فديك مجهول، قال الذهبى: وروى عنه أيضًا معلى بن أسد حديثا عن ثابت في فضل الدعاء، روى له صاحب المستدرك اهـ. ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (3/ 26، رقم 2157).

قال الحافظ في اللسان [4/ 328، رقم 930]: والذي يظهر لى أن الذي قال فيه أبو حاتم: مجهول هو عمر بن محمد بن فليح المذكور بعد هذا فإنه السلمى، وروى عن مدنى مثله، وأما الراوى عن ثابت فهو بصرى لم ينسب، وقد ذكره العقيلى في الضعفاء [3/ 188، رقم 1182] قال: عمر بن محمد عن ثابت لا يتابع على حديثه ولا يعرف إلا به، ثم ساق له من رواية معلى عنه عن ثابت عن أنس رفعه: "لا تعجزوا في الدعاء فإنه لا يهلك على اللَّه إلا هالك"، وقد صححه الحاكم فتساهل في ذلك اهـ. قلت: وهذا الرجل الذي خفى على هؤلاء الحفاظ كلهم معروف جدا وهو عمر ابن محمد بن صهبان الأسلمى أبو جعفر المدنى خال إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى روى له ابن ماجه وله ترجمة مطولة في التهذيب مختلف فيه وثقه بعضهم وضعفه الأكثرون، سمى جده في سند هذا الحديث أبو نعيم في تاريخ أصبهان فأتى بهذه الفائدة العظيمة فقال في ترجمة محمد بن إبراهيم بن إسحاق العقيلى [2/ 232]: ثنا على بن أحمد بن أبي غسان البصرى ثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق العقيلى الأصبهانى ثنا أحمد بن محمد بن عبد الكريم الجرجانى ثنا محمد بن على بن زهير القرشى ثنا معلى بن أسد -أخو بهز- ثنا عمر بن محمد بن صهبان عن ثابت عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تعجزوا في الدعاء، فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد". 3692/ 9832 - "لا تُعَزِّرُوا فَوْقَ عَشَرَة أَسْوَاطٍ". (هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: رواه ابن ماجه عن هشام بن عمار عن إسماعيل بن عياش عن عباد بن كثير عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ثم قال:

رمز المصنف لحسنه، قال في الميزان عن العقيلى: هذا حديث منكر، وقال ابن الجوزى: موضوع. قلت: خبط وتخليط وتدليس وتلبيس، فالذهبى لم يقل ذلك في ترجمة أحد رجال إسناد ابن ماجه المذكورين، إنما قال ذلك في ترجمة إبراهيم بن محمد الشامى فقال: حدث بأصبهان حدثنا الوليد ثنا الأوزاعى عن يحيى بن أبي كثير بالسند السابق، قال: وهذا منكر ذكره العقيلى اهـ. ومن هذا الطريق أخرجه الطبرانى في الأوسط: ثنا محمد بن إبراهيم العسال ثنا إبراهيم بن محمد الشامى به. وكذلك رواه ابن حبان في الضعفاء في ترجمته إلا أنه قال: "عشرين سوطا"، وقال إبراهيم: إنه يضع، ومنه نقل ذلك ابن الجوزى فأورده في الموضوعات [3/ 96]، ونقل كلامه ولم يزد إلا أنه انقلب عليه الاسم، فقال: "محمد ابن إبراهيم" بدل "إبراهيم بن محمد" وتعقبه المصنف بأنه ورد من غير طريقه، ثم ذكره من عند ابن ماجه الذي منه نقل الشارح سنده، إلا فهو لم ير سنن ابن ماجه [23/ 867، رقم 2602] فيما يظهر من تصرفاته، ثم كتم كل ذلك ولبسه وأوهم أن الذهبى وابن الجوزى تكلما في نفس طريق ابن ماجه، وهو وإن كان ضعيفا لضعف عباد بن كثير إلا أن رواية إبراهيم الشامى للحديث أيضًا ومتابعته إياه تقويه ويرفع كل منهما التهمة عن الآخر فيه، ويؤيدهما شاهد الحديث الصحيح المخرج في الصحيحين من حديث أبي بردة بن نيار الأنصارى أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود اللَّه تعالى" (¬1). وفي صحيح البخارى [88/ 126، رقم 6849] من حديث عبد الرحمن بن جابر بن عبد اللَّه عمن سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا عقوبة فوق عشرة أسواط ¬

_ (¬1) البخارى (8/ 216، رقم 6848)، مسلم (3/ 1332، رقم 1708/ 40).

إلا في حد من حدود اللَّه"، فأصل الحديث صحيح متفق عليه، ولفظ ابن ماجه صحيح أيضًا في المعنى إلا أنه لمراعاة ما قيل في سنده حكم المصنف بحسنه فقط. 3693/ 9833 - "لا تُغَالُوا في الْكَفَنِ، فإِنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا". (د) عن على قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس كما قال، فقد قال المنذرى وغيره: فيه أبو مالك عمرو بن هاشم، قال البخارى: فيه نظر، ومسلم: ضعيف، وأبو حاتم: لين الحديث، والبستى: يقلب الأسانيد، وخالف ابن معين فوثقه اهـ. وقال ابن حجر -يعنى الحافظ-: فيه عمرو بن هاشم مختلف فيه، وفيه انقطاع بين الشعبى وعلى لأن الدارقطنى ذكر أنه لم يسمع من على غير حديث واحد اهـ. قلت: الحديث حسن كما قال المصنف، وعمرو بن هاشم صدوق كما قال أحمد وابن سعد وابن عدى، وقال ابن معين: لا بأس به، وقال أبو حاتم: لين يكتب حديثه، وقال النسائى: ليس بالقوى واحتج به في سننه، فهذا شرط الحسن بل والصحيح أيضًا، وأما سماع الشعبى من على فمحقق، أثبته جماعة من الحفاظ، وقالوا: إنه سمع منه أحاديث كثيرة، والدارقطنى إنما بنى قوله على فهم فهمه في حديث الرجم على أنهم نصوا على أن الشعبى لا يرسل إلا الصحاح الثابتة عنده. 3694/ 9834 - "لا تَغبِطَنَّ فَاجِرًا بِنِعْمَةٍ، إِنَّ لَهُ قَاتِلًا عِنْدَ اللَّهِ لَا يَمُوتُ". (هب) عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا البخارى في تاريخه والطبرانى في الأوسط،

الكل بسند ضعيف، قاله الحافظ العراقى، فإفراد المصنف البيهقى بالعزو له غير جيد. قلت: بل هو جيد، ولا يكلف اللَّه نفسًا إلا وسعها، وما قال أحد من خلق اللَّه أن الاقتصار في العزو إلى واحد غير جيد، [ثم] ها هو نقل عن الحافظ العراقى أنه عزاه للبخارى في التاريخ والطبرانى في الأوسط مع أن ابن المبارك رواه قبل كل هؤلاء، فقال: أخبرنا جهم بن أوس قال: سمعت عبد اللَّه بن أبي مريم ومر به عبد اللَّه بن رستم في موكبه فقال لابن أبي مريم: إنى لأشتهى مجالستك وحديثك، فلما مضى قال ابن أبي مريم: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تغبطن فاجرا بنعمة، إن له عند اللَّه قاتلا لا يموت"، فبلغ ذلك وهب بن منبه فأرسل إليه أبا داود الأعور: ما قاتل لا يموت؟ قال ابن أبي مريم: النار. ومن طريق ابن المبارك رواه البخارى في التاريخ [2/ 232، رقم 2296] في ترجمة جهم بن أوس. ورواه أيضًا البغوى في التفسير في سورة الحجر من طريق ابن المبارك أيضًا إلا أنه قال في المتن: "لا تغبطن فاجرا بنعمته فإنك لا تدرى ما هو لاقٍ بعد موته إن له عند اللَّه قاتلا لا يموت" وابن أبي مريم ضعيف. لكن الحديث له طريق آخر أخرجه البخارى في التاريخ الكبير أيضًا [3/ 345، رقم 1169] في ترجمة زياد بضعة عن على بن المدينى: حدثنا عبيد اللَّه بن عمر حدثنا يزيد بن زريع ثنا عمر بن محمد عن نافع عن زياد بضعة عن أبي هريرة به. وقال -أيضًا: قال أيوب بن سليمان بن بلال:

ثنا أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان عن عبيد اللَّه بن عمر عن عمر بن نافع عن بضعة عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. وهو بهذين السندين حديث صحيح. ورواه العقيلى [2/ 126، رقم 608] من وجه آخر من حديث عائشة، وذلك عن على بن عبد العزيز عن زكريا بن يحيى رحمويه عن سليمان بن داود القرشى عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا تغبطن فاجرا بنعمة رحب الذراعين يسفك دماء المسلمين، فإن له عند اللَّه قاتلا لا يموت وجهنم يصلاها". قال العقيلى: سليمان بن داود مجهول لا يتابع عليه، وقد روى المتن بإسناد أصلح من هذا اهـ. فهل نسخف على الحافظ العراقى ونقول كما قال [الشارح] للمصنف: إعراضك عن كل هذا غير جيد؟ 3695/ 9840 - "لا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طَهُور ولَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُول". (م. ت. هـ) عن ابن عمر قال في الكبير: وظاهر كلام المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا الثلاثة وليس كذلك، فقد قال ابن محمود شارح أبي داود: رواه الجماعة كلهم إلا البخارى. قلت: كذب أو تدليس في النقل عن هذا الشارح أو هو غلط منه أيضًا، فإن أبا داود والنسائى خرجاه من حديث أسامة بن عمير لا من حديث ابن عمر الذي لم يخرجه من الستة إلا من ذكر المصنف. والحديث عده المصنف من المتواتر، وعزاه لمسلم [1/ 204، رقم 224] عن ابن عمر، وأبي داود [1/ 15، رقم 59]، والنسائى عن أسامة بن عمير،

وابن ماجه [1/ 110، رقم 271] عن أنس وأبي بكرة، والطبرانى عن الزبير بن العوام وابن مسعود [(10/ 160، رقم 10205)، (10/ 183، رقم 10276)] وعمران بن حصين [18/ 206، رقم 509] وأبي سعيد الخدرى، والبزار عن أبي هريرة (¬1) والخطيب في "المتفق والمفترق" عن الحسن بن على، والحارث بن أبي أسامة من مرسل الحسن، وأبي قلابة وابن أبي شيبة في المصنف موقوفًا على عمر وابن مسعود، وهو عزو فيه اختصار وبسطه يطول. 3696/ 9841 - "لا تُقْبَلُ صَلَاةُ الحَائِضِ إلا بِخِمَارٍ". (حم. ت. هـ) عن عائشة قال في الكبير: ورواه عنها أبو داود، وكأن المصنف أغفله سهوا. قلت: ما أغفله سهوا ولكنك تتغفل اصطلاح المصنف، فأبو داود خرج الحديث [1/ 170، رقم 641] بلفظ: "لا يقبل اللَّه"، وقد ذكره المصنف في الأصل وفي "الذيل" أيضًا في حرف "لا" بعده "الياء"، وعزاه لأبي داود والحاكم [1/ 251، رقم 917]. 3697/ 9843 - "لا تَقْتُلُوا الضَّفَادِعَ، فَإِنَّ نَقِيقَهُنَّ تَسْبِيحٌ". (ن) عن ابن عمرو قال في الكبير: وفيه "المسيب بن واضح"، قال في الميزان عن أبي حاتم: صدوق يخطئ كثيرا. . . إلخ. قلت: هذا الحديث لم يخرجه النسائى بل هو سبق قلم من المصنف إن لم يكن تحريفا من الشارح أيضًا، وهو الغالب فإن المصنف عزاه في مختصر "حياة الحيوان" لأبي الشيخ وابن عدى [6/ 388] ثم إن المسيب بن واضح المذكور لم يخرج له أحد من الستة. ¬

_ (¬1) انظر كشف الأستار (1/ 133، رقم 252).

3698/ 9844 - "لا تُقَصُ الرُّؤيَا إِلا عَلَى عَالِمٍ أوْ نَاصِحٍ". (ت) عن أبي هريرة قال في الكبير: ورواه عنه الطبرانى في الصغير، قال الهيثمى: وفيه إسماعيل ابن عمرو البجلى، وثقه ابن حبان وضعفه جمع. قلت: هذا يوهم أن إسماعيل المذكور موجود أيضًا في سند الترمذى وليس كذلك، فإن الترمذى قال [4/ 537، رقم 2280]: حدثنا أحمد بن أبي عبيد اللَّه السلمى البصرى ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به، ثم قال: حسن صحيح. أما الطبرانى فقال [2/ 129، رقم 903]: حدثنا محمد بن نصير الأصبهانى ثنا إسماعيل بن عمرو البجلى ثنا مبارك بن فضالة عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين به. ومن هذا الوجه رواه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 241] في ترجمة محمد بن نصير عن الطبرانى وجماعة عنه. 3699/ 9845 - "لا تقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إلا في رُبُع دِينَارٍ". (م. ن. هـ) عن عائشة قال في الكبير: هذا كالصريح في أنه من تفردات مسلم عن صاحبه ولعله ذهول، فقد عزاه الصدر المناوى للجماعة كلهم في باب قطع السرقة، قال: واللفظ للبخارى. قلت: هذا كذبٌ على الصدر المناوى لا يمكن أن يذكره بهذا اللفظ ثم يقول: واللفظ للبخارى [8/ 199، رقم 6789] فإن لفظ البخارى من رواية إبراهيم ابن سعد عن ابن شهاب عن عمرة عن عائشة قال: "قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا".

ورواه أيضًا [8/ 199، رقم 6790] من طريق يونس عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير وعمرة عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "تقطع يد السارق في ربع دينار". فلفظ البخارى في اصطلاح المصنف لا يدخل في حرف "لا" وإنما يدخل في حرف "التاء"، وقد ذكره المصنف في الأصل -أعنى الجامع الكبير- وفي الذيل في حرف "الثاء" وعزاه للبخارى وأبي داود [4/ 133، رقم 4383] والنسائى [8/ 77]. 3700/ 9854 - "لا تَقَومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُرْفَعُ الرُّكنُ والْقُرْآنُ". السجزى عن ابن عمر قلت: لم يتكلم الشارح على سنده ولا استدرك له مخرجًا آخر مع أن الحديث مخرج في أصل من الأصول التي كانت بين يديه وهو "مسند الفردوس" للديلمى، فإنه أخرج الحديث أيضًا من طريق أبي نعيم، قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا أبو يعلى ثنا كامل بن طلحة ثنا ابن لهيعة ثنا أبو زرعة عمرو بن جابر عن عبد اللَّه بن عمرو به، بلفظ: "لا تقوم الساعة حتى يرفع الذكر والقرآن" (¬1)، وعمرو بن جابر الحضرمى ضعفوه لتشيعه، وهذا اللفظ الذي هو "الذكر" موافق للحديث الصحيح: "لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض من يقول: اللَّه، اللَّه"، أما الركن، فقد ورد أن الكعبة ستهدم بكاملها. 3701/ 9855 - "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَى يَخْرُجَ سَبْعُونَ كَذَّابًا". (طب) عن ابن عمرو ¬

_ (¬1) انظر فردوس الأخبار (5/ 84، رقم 7531) ط. دار الكتب العلمية، ولم نجده في ط. الريان.

قال في الكبير: رمز لحسنه وليس كما قال، فإن الطبرانى رواه من طريقين عن ابن عمرو باللفظ المذكور، وزاد في أحدهما: "كلهم يزعم أنه نبي"، فأما طريق المختصر ففيها يحيى بن عبد الحميد الحمانى وهو ضعيف، وأما الأخرى فمن طريق ابن إسحاق قال: حدثنى شيخ من أشجع ولم يسمه وسماه أبو داود في رواية: "سعيد بن طارق"، قال الهيثمى: وبقية رجاله ثقات. قلت: لا أدرى ما يقول هذا الرجل، فحديث عبد اللَّه بن عمرو لم يخرجه أبو داود أصلا، والهيثمى [7/ 333] قال: رواه الطبرانى، وفيه يحيى بن عبد الحميد وهو ضعيف، ولم يزد على هذا ما نقله الشارح. 3702/ 9858 - "لا تُكْثِرْ هَمَّكَ، مَا قُدِّرَ يَكُنْ وما تُرْزَقْ يَأْتِكَ". (هب) عن مالك بن عبادة، البيهقى في "القدر" عن ابن مسعود قال في الكبير: وكذلك في الشعب وكأن المصنف ذهل عنه، قال العلائى: حديث غريب فيه يحيى بن أيوب احتجا به وفيه مقال لجمع اهـ. ورواه أبو نعيم والديلمى عن ابن مسعود أيضًا. قلت: الديلمى لم يروه من حديث ابن مسعود بل من حديث عبد الرحمن بن رافع أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قاله لابن مسعود، فأخرجه [5/ 124] (¬1) من طريق أبي عبد الرحمن السلمى ثم من حديث ابن أبي مريم: ثنا نافع بن يزيد حدثنى عياش بن عباس أن عبد الرحمن بن مالك المعافرى كذا قال: عبد الرحمن، وإنما هو عبد اللَّه بن مالك حدثه أن جعفر بن عبد اللَّه بن الحكم حدثه عن خالد بن رافع: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لابن مسعود: "لا تكثر همك" الحديث. وهكذا رواه ابن منده في "الصحابة" من طريق سعيد بن أبي مريم مثله، وزاد ¬

_ (¬1) هذا الحديث خرجناه من ط. دار الكتب العلمية.

قال سعيد: وحدثنا يحيى بن أيوب وابن لهيعة عن عياش عن مالك بن عبد [اللَّه]، قال ابن منده وقال غيره: عن عياش عن جعفر عن مالك مثله. ورواه ابن أبي عاصم في "الوحدان" من طريق سعيد بن أيوب عن عياش بن عباس عن جعفر بن عبد اللَّه بن الحكم عن مالك بن عبد اللَّه المعافرى: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعبد اللَّه بن مسعود" فذكره دون أن يذكر خالد بن رافع. وهكذا رواه الحسن بن سفيان والبغوى من طريق أبي مطيع معاوية بن يحيى عن سعيد بن أبي أيوب عن عياش بن عباس به إلا أن البغوى أسقط جعفرا من الإسناد، ثم قال: لم يروه غير أبي مطيع وهو متروك الحديث، وتعقبه الحافظ بأن الخرائطى رواه في "مكارم الأخلاق" من طريق أخرى عن عياش ابن عباس الغتبانى، وقال: عن مالك بن عبادة الغافقى، قال الحافظ: والاضطراب من عياش فإنه ضعيف اهـ، وبهذا يعلم ما في نقل الشارح عن الحافظ العلائى. 3703/ 9859 - "لا تُكْرِهُوا الْبَنَات فَإِنَّهُنَّ المؤْنِسَاتِ الغاليات". (حم. طب) عن عقبة بن عامر قال في الكبير: بقية الحديث كما في "مسند الفردوس" عن مخرجيه أحمد والطبرانى: "المجهزات" اهـ. قلت: لا وجود لهذه الزيادة عند مخرجيه أحمد والطبرانى، والشارح يعرف ذلك ضرورة من مراجعة مجمع الزوائد [8/ 156]، ولكنه يذهب إلى مثل الديلمى الذي لا تحقيق عنده لكونه يجد فيه متنفسا عن ذات صدره. قال أحمد [4/ 151]: حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن ابن عشانة عن عقبة بن عامر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات الغاليات"، وهكذا عزاه

للطبرانى الحافظ نور الدين في الزوائد. وهكذا أيضًا أخرجه تمام الرازى في فوائده، قال: أخبرنا أبو القاسم خالد بن محمد بن خالد بن يحيى الحضرمى ثنا جدى لأمى أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة ثنا عمر بن هشام ثنا ابن لهيعة به مثله. 3704/ 9860 - "لا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ والشَّرَاب، فإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمهُمْ ويَسْقِيهِمْ". (ت. هـ. ك) عن عقبة بن عامر قال في الكبير: وقال الترمذى: حسن غريب، قال في "المنار": ولم يبين علته المانعة من تصحيحه، وهي عندى موجبة لضعفه، لأن فيه بكر بن يونس قال أبو حاتم: منكر الحديث اهـ، قال الذهبى: ضعفوه، وقال البيهقى تفرد به "بكر"، بل وهو فيما قال البخارى: منكر الحديث اهـ، وفي الميزان عن أبي حاتم: هذا حديث باطل، وأورده ابن الجوزى من عدة طرق وأعلها كلها، وقال في الأذكار: فيه بكر بن يونس وهو ضعيف. قلت: هذا تخليط وادخال حديث في حديث، فالذهبى لم ينقل في الميزان عن أبي حاتم أنه قال: حديث باطل، إنما نقله المزى في "التهذيب" في ترجمة بكر بن يونس، أما الذهبى فلم يذكره في ترجمته ولا في ترجمة أحد من رجال اسناده، بل أقر الحاكم على قوله في المستدرك [1/ 350، رقم 1296]: إنه على شرط مسلم، نعم ذكره في عدة تراجم من حديث ابن عمر، وكذلك فعل ابن الجوزى في العلل المتناهية، فأورده من طريق عبد الوهاب بن نافع عن مالك عن ابن عمر، وقال عبد الوهاب: ليس بثقة، قال: وتابعه على بن قتيبة وهو متهم.

قلت: بل تابعه جماعة منهم محمد بن الوليد اليشكرى، وعبد الملك بن مهران وخداش بن الدحدام كلهم رووه عن مالك عن نافع عن ابن عمر وكلهم ضعفاء، فرواية محمد بن الوليد خرجها الدارقطنى في "غرائب مالك"، والمهروانى في "المهروانيات"، كلاهما من رواية محمد بن غالب تمتام عنه، ورواية على بن قتيبة خرجها ابن عدى [2/ 31] من رواية أحمد بن داود المكى عنه، ورواية عبد الملك بن مهران خرجها الدارقطنى في "غرائب مالك" من طريق محمد بن الخليل الخشنى عنه، ثم قال: لا يصح عن مالك، ولا عن نافع وكل من رواه عن مالك ضعيف، ورواية عبد الوهاب بن نافع خرجها العقيلى [3/ 74] والدارقطنى في "غرائب مالك" من طريق إبراهيم ابن محمد بن إسحاق الصيرفى عنه، وقال العقيلى: ليس له أصل من حديث مالك، وجاء من وجه آخر غير هذا فيه لين، ورواية خداش بن الدحدام خرجها الدارقطنى في الرواة عن مالك من طريق محمد بن غالب تمتام عنه، وقال الذهبى عن خداش: أتى عن مالك بخبر منكر ليس من حديثه، يريد هذا. قلت: وورد الحديث أيضًا من حديث جابر بن عبد اللَّه أخرجه أبو نعيم في "الحلية" [10/ 51، 221]، "والتاريخ" [2/ 147]، وأبو عبد الرحمن السلمى في "الطبقات" كلاهما من طريق أبي تراب النخشبى: ثنا محمد بن نمير ثنا محمد بن ثابت عن شريك بن عبد اللَّه عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر به. قال أبو نعيم في "التاريخ": كذا قال: محمد بن ثابت، والصواب ثابت ابن محمد.

3705/ 9862 - "لا تَكُون زَاهِدًا حَتَّى تَكُونَ مُتَواضِعًا". (طب) عن ابن مسعود قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه يعقوب بن يوسف، وهو كذاب اهـ. وفي الميزان: يعقوب بن عبد اللَّه عن فرقد، لا يدرى من هو ثم ساق له هذا الخبر. قلت: هذا متعارض بحسب الظاهر، فإن يعقوب بن يوسف غير يعقوب بن عبد اللَّه، والواقع أن الهيثمى قال [10/ 285]: فيه يعقوب أبو يوسف، بأداة الكنية، وهو يعقوب بن عبد اللَّه الذي ذكره الذهبى، فإنه قال: روى عن فرقد، وحدث عنه خليفة بن خياط، وهذا هو الموجود في سند الحديث. قال الطبرانى [10/ 110، رقم 10048]: حدثنا عبدان بن أحمد ثنا خليفة بن خياط ثنا يعقوب أبو يوسف عن فرقد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. ورواه أبو نعيم في "الحلية" [2/ 102] من هذا الوجه، ثم قال: لا أعلم أحدا رفعه من حديث علقمة إلا فرقدا، وهو السنجى البصرى. قلت: والحديث باطل [موضوعا] ولابد. 3706/ 9865 - "لا تُمَارِى أَخَاكَ، وَلا تُمَازِحْهُ، وَلا تَعِدْهُ مَوْعِدًا فَتُخْلِفْهُ". (ت) عن ابن عباس قلت: لم يزد الشارح في العزو على ما ذكره المصنف، ومن سخافته على المصنف قوله: ظاهر اقتصاره على العزو لفلان يؤذن أنه لم يره مخرجًا لغيره، وهو ذهول، وكذلك نقول للشارح لاسيما وهو قد رتب مسند "الشهاب" للقضاعى، وهذا الحديث خرجه أيضًا البخارى في "الأدب المفرد"

[ص 142، رقم 396]، وابن الاعرابى في "المعجم" وأبو نعيم في "الحلية" [3/ 344] والقضاعى في "مسند الشهاب" [2/ 85، رقم 936]، كلهم من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربى عن ليث عن عبد الملك عن عكرمة عن ابن عباس به. 3707/ 9867 - "لا تَمَس النَّارُ مُسْلِمًا رآنِي، أَوْ رَأى مَنْ رآنِي". (ت) والضياء عن جابر قلت: هذا كالذى قبله، وقد خرجه البخارى في "التاريخ الكبير"، والديلمى في "مسند الفردوس" [5/ 116، رقم 7659] (¬1)، وهو من مصادر الشارح وغيرهما. 3708/ 9868 - "لا تَمْسَحْ يَدك بِثَوْب مَنْ لا تَكسُو". (حم. طب) عن أبي بكرة قال الشارح: وفيه راو لم يسم. وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه راو لم يسم، وقال ابن الجوزى: حديث لا يثبت، والواقدى أي أحد رجاله كذبه أحمد: ومبارك بن فضالة مضعف. قلت: هذا خلط بين سندين، فالحديث الذي قال فيه الهيثمى [5/ 30]: فيه راو لم يسم ليس هذا لفظه، بل لفظه: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يمسح رجل بثوب من لا يكسوا". وهذا الحديث بهذا السياق أخرجه أبو داود الطيالسى [ص 117، رقم 871] وأحمد [5/ 44، 48] وأبو داود في "السنن" [4/ 258، رقم 4827] والبزار كلهم من حديث شعبة عن عبد ربه بن سعيد قال: سمعت أبا عبد اللَّه مولى آل أبي بردة يحدث عن سعيد بن أبي الحسن عن أبي بكرة به، ووقع ¬

_ (¬1) هذا الحديث خرجناه من ط. دار الكتب العلمية.

عند البزار عن أبي عبد اللَّه مولى قريش، ثم قال: وهذا الحديث لا نعلم أحدا يرويه إلا أبو بكرة، ولا نعلم له طريقا إلا هذا الطريق، ولا نعلم أحد سمى هذا الرجل يعنى أبا عبد اللَّه مولى قريش، وإنما ذكرنا ما فيه لأنه لا يروى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه اهـ. قلت: فحديث متعقب في قوله: إنه لا (¬1) يروى عن أبي بكرة إلا من هذا الطريق بما رواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [2/ 44]، والقضاعى في "مسند الشهاب" [2/ 82، رقم 928]، والخطيب في "التاريخ" [(3/ 197)، (12/ 343)] كلهم من حديث محمد بن عمر الواقدى: ثنا أبي عن الفضل بن الربيع عن أبي جعفر المنصور عن المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة باللفظ المذكور هنا في المتن، وهذا هو الطريق الذي تكلم عليه ابن الجوزى، ولذلك أرى أن المصنف سلك غير الجادة في عزو هذا الحديث على حسب اصطلاحه، لأن من عزاه إليهما لم يروياه فيما أظن إلا بلفظ: "نهى" واللَّه أعلم. 3709/ 9869 - "لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ". (حم. م) عن ابن عمر قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول، فقد جزم الحافظ ابن رجب بكونه في الصحيحين، وعبارته: اتفق الشيخان. قلت: ابن رجب يتكلم على الحديث من أصله، والمصنف مقيد في كتابه بذكر الألفاظ وترتيبها على الحروف. ¬

_ (¬1) في الأصل "لم" وما أثبتناه هو الموافق للسياق لأنه لم يجزم الفعل بعده، واللَّه أعلم.

والبخارى روى هذا الحديث [1/ 220، رقم 5238] بلفظ: "إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها". وقد عزاه المصنف سابقا في حرف "الألف" إليه وإلى مسلم والنسائى وأحمد ثم وجدته عند البخارى [2/ 7، رقم 900] في "كتاب الجمعة" في باب "هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان". 3710/ 9870 - "لا تُنْزعُ الرَّحْمَةُ إِلا مِنْ شَقِيٍّ". (حم. د. ت. حب. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال ابن الجوزى في شرح الشهاب: وإسناده صالح. قلت: ما سمع بأن لابن الجوزى شرحا على الشهاب، بل ذلك باطل ثم هو يوهم أن الحديث في "مسند الشهاب" وليس كذلك، والحديث خرجه أيضًا سوى من ذكر الشارح أبو بشر الدولابى في "الكنى" [3/ 1] في أوائله وابن المغيرة في "فوائده". 3711/ 9874 - "لا جَلَبَ، ولا جَنَبَ، ولا شِغَارَ في الإِسْلَام". (ن) والضياء عن أنس قال في الكبير: قال ابن القطان: فيه ابن إسحاق مختلف فيه، وأخرجه أيضًا أبو داود في "الجهاد"، والترمذى في "النكاح"، وابن ماجه في "الفتن"، وقال الترمذى: حسن صحيح. قلت: هذا تخليط لأسانيد متعدده، بل لأحاديث مختلفة كما يتضح ذلك من وجوه، الأول: أنه لا وجود لابن إسحاق في حديث أنس الذي ذكره المصنف، لا عند من عزاه إليهما، ولا عند غيرهما. قال النسائى [6/ 111]: أخبرنا على بن محمد بن على ثنا محمد بن كثير عن الفزارى عن حميد عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا جلب، ولا

جنب، ولا شغار في الإسلام". قال النسائى: هذا خطأ فاحش، والصواب حديث بشر يعنى عن حميد عن الحسن عن عمران كما سيأتى. وقال أحمد [3/ 197]: حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ثابت عن أنس قال: "أخذ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على النساء حين بايعهن، ألا ينحن، فقلن يا رسول اللَّه إن نساء أسعدننا في الجاهلية أفنسعدهن في الإسلام؟ فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا إسعاد في الإسلام، ولا شغار ولا عقر في الإسلام، ولا جلب في الإسلام، ولا جنب، ومن انتهب فليس منا". ورواه أيضًا البزار وابن حبان [7/ 415، رقم 3146]، قال الحافظ: وهو من أفراد عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عنه، قاله البخارى والبزار وغيرهما، وقد قيل: إن حديث معمر عن غير الزهرى فيه لين، وقد أعله البخارى والترمذى والنسائى فقال: هذا خطأ فاحش، وأبو حاتم فقال: هذا منكر جدا، وقد أخرجه النسائى من وجه آخر عن حميد عن أنس، وقال: الصواب عن حميد عن الحسن عن عمران. قلت: وهذا يوهم أن النسائى خرجه من الوجهين، والواقع أنه لم يخرجه إلا من الطريق الثانى عن حميد عن أنس كما قدمته. ثم إن الحديث له طريق آخر عن أنس، أخرجه أحمد [3/ 162] عن عبد الرزاق عن سفيان عمن سمع أنس بن مالك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا شغار في الإسلام، ولا حلف في الإسلام، ولا جلب، ولا جنب". رواه أبو نعيم في "الحلية" [7/ 118] من طريق الفريابى عن سفيان، فسمى شيخه فيه، فقال: عن أبان عن أنس، وقال في المتن: "لا عقد في الإسلام، ولا إسعاد، ولا شغار، ولا جلب، ولا جنب".

الثانى: أن الحديث الذي قال ابن القطان: في سنده ابن إسحاق، هو حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، أخرجه أحمد [2/ 180] أبو داود [2/ 107، رقم 1591] والطوسى في "أماليه" من حديث محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا جلب، ولا جنب، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم" لفظ أبي داود، ولفظ الآخرين عن عبد اللَّه بن عمرو قال: لما دخل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مكة -عام الفتح- قام في الناس خطيبا فقال: يا أيها الناس إنه ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة، ولا حلف في الإسلام، والمسلمون يد على من سواهم تكافأ دماؤهم، ويجيز عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، ترد سراياهم على قعدهم، لا يقتل مؤمن بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم، لا جلب، ولا جنب، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في ديارهم". ورواه أحمد [2/ 216] من وجه آخر، ليس فيه ابن إسحاق، فقال: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس وحسين بن محمد قالا: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد اللَّه بن عياش بن أبي ربيعة عن عمرو بن شعيب به مثله مطولا، وفيه: ألا ولا شغار في الإسلام، ولا جنب، ولا جلب، وتؤخذ صدقاتهم في ديارهم". الثالث: أن قوله: وأخرجه أيضًا أبو داود في "الجهاد" والترمذى في "النكاح". . إلخ، يوهم أنهم خرجوا حديث أنس المذكور في المتن وليس كذلك، بل هؤلاء خرجوا حديث عمران بن حصين، وكذلك خرجه أبو داود الطيالسى [ص 113، رقم 838]، وأحمد [4/ 443] وابن حبان [8/ 62، رقم 3267] كلهم من رواية الحسن عن عمران بن حصين عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا جلب، ولا جنب، ولا شغار في الإسلام، ومن انتهب نهبة فليس منا"،

وقال الترمذى [3/ 422، رقم 1123]: حسن صحيح، زاد أبو داود في رواية: "لا جلب، ولا جنب في الرهان" قال الحافظ: وصحته متوقفة على سماع الحسن من عمران، وقد اختلف في ذلك. الرابع: أنه عزاه لابن ماجه وهو لم يخرج لفظه إنما روى قطعة منه وهي: "من انتهب نهبة فليس منا"، وقد ورد الحديث عن جماعة آخرين من الصحابة منهم ابن عمر ووائل بن حجر وعمرو بن عوف. فحديث ابن عمر رواه أحمد [2/ 91]: حدثنا قراد أبو نوح أنا عبد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر به مثل لفظ المتن. وحديث وائل بن حجر رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده": ثنا يعقوب بن محمد ثنا محمد بن حجر عن سعيد بن عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه عن وائل بن حجر: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كتب كتابا فيه: لا جلب ولا جنب، ولا وراط، ولا شغار في الإسلام، وكل مسكر حرام، ومن أجبا فقد أربى". وحديث عمرو بن عوف أخرجه أبو نعيم في "التاريخ" [1/ 128] من طريق محمد بن سليمان لوين: ثنا مروان بن معاوية حدثنى كثير بن عبد ربه المزنى عن أبيه عن جده قال: حفظت من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ستة عشر أصلا من أصول الدين، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "العجماء جبار، والمعون جبار، والركية جبار، وفي الركاز الخمس، وقال: لا جلب، ولا جنب، ولا شغار في الإسلام، ولا غصب ولا نهب ولا اعتراض ولا إسلال ولا بيع حاضر لباد ولا غلول".

3712/ 9876 - "لا حَلِيمٌ إِلا ذُو عَثْرَةٍ، وَلا حَكِيمْ إلا ذُو تَجْرِبَةٍ". (حم. ت. حب. ك) عن أبي سعيد قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبى، وليس كما قال في "المنار" إنه ضعيف؛ وذلك لأن فيه دراجا وهو ضعيف، وقال ابن الجوزى: تفرد به دراج، وقد قال أحمد: أحاديثه مناكير. . إلخ. قلت: نسخة دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد يصححها كثير من الحفاظ ويحسنها أكثرهم، والشارح يسود الورق بما لا طائل تحته، والعجب أنه بعد ما كتب هذا قال في الصغير: إسناده صحيح، مما دل على أن مراده من هذا تسويد الورق وتكبير حجم الكتاب. والحديث خرجه أيضًا البخارى في "الأدب المفرد" [ص 196، رقم 565]، وابن حبان في "روضة العقلاء"، وابن أبي الدنيا في الحلم [ص 17، رقم 1]، والحكيم الترمذى في نوادر الأصول [2/ 95] في السادس (¬1) وثمانين ومائة، وأبو نعيم في "الحلية" [8/ 324] والخطيب في "التاريخ" [5/ 301]، وأبو الحسن على بن مفرج الصقلى في الأول من فوائده كلهم من الوجه المذكور، وقال الترمذى [4/ 379، رقم 2033]: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. 3713/ 9877 - "لا حِمَى إِلا لِلَّهِ وَلِرَسُوِلهِ". (حم. خ. د) عن الصعب بن جثامة قال في الكبير: وكذا رواه النسائى في: "الحمى والشرب" خلافًا لما يوهمه كلام المصنف. ¬

_ (¬1) هو في الخامس وثمانين ومائة.

قلت: لم يخرجه النسائى أصلا، وأزيدك أنه ليس في السنن الصغرى الذي هو من الكتب الستة كتاب "الحمى والشرب". وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه محمد بن يحيى الذهلى في جزئه، وأبو العباس أحمد بن يوسف بن صرما في "الأربعين له"، والطبرانى في الأوسط، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [1/ 211] من طريق سمويه صاحب الفوائد كلهم من رواية على بن عياش: ثنا شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا حمى إلا للَّه ولرسوله"، رجاله رجال الصحيح. 3714/ 9878 - "لا حِمَى في الإسْلَامِ، ولا مُنَاجَشَة". (طب) عن عصمة بن مالك قال الشارح: وضعفه الهيثمى فرمز المؤلف لحسنه ممنوع. قلت: ولو قيل رمز المؤلف لحسنه فقول الهيثمى ضعيف ممنوع، ماذا يكون جوابه في ترجيح ما اختاره بدون دليل؟ 3715/ 9879 - "لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ دَوَاءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وتَسْعِينَ دَاءٌ أَيْسَرُهَا الهَمُّ". ابن أبي الدنيا في الفرج عن أبي هريرة قال في الكبير: وفيه بشر بن رافع ضعيف، وقضية كلام المصنف أن ذا لا يوجد مخرجًا لأحد من المشاهير مع أن الطبرانى خرجه في "الأوسط" وفيه بشر المذكور، قال الهيثمى: وبقية رجاله ثقات. قلت: ابن أبي الدنيا أقدم من الطبرانى وأكبر والعزو إليه أولى ولا لزوم للعزو إلى غيره إلا في عرف هذا الشارح ثم إن الحافظ الهيثمى لم يقل ما نقله عنه الشارح، بل قال [10/ 98]:

فيه بشر بن رافع الحارثى وهو ضعيف، وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح إلا أن النسخة من الطبرانى الأوسط سقط منها عجلان والد محمد الذي بينه وبين أبي هريرة اهـ. فحذف الشارح هذا خوفا من أن يفهم منه أن هذا هو المانع للمصنف من العزو إلى الطبرانى. والحديث خرجه أيضًا ابن شاهين في "الترغيب" [2/ 303، رقم 339] قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن إبراهيم بن مالك المارستانى ثنا محمد بن سهل بن عسكر ثنا عبد الرزاق ثنا بشر بن رافع عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة به. وفي الباب عن جابر وابن عباس، قال أبو نعيم في "التاريخ" [2/ 94]: ثنا أبي ثنا عبد اللَّه بن محمد بن ناجية ثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن بلهط بن عباد عن محمد بن المنكدر عن جابر "قال: شكونا إلى رسول اللَّه حر الرمضاء فلم يشكنا، وقال: استعينوا بلا حول ولا قوة إلا باللَّه، فإنها تذهب سبعين من الضر أدناها الهم". وقال ابن شاهين في "الترغيب" [2/ 303، رقم 340]: حدثنا عبد اللَّه بن سلميان ثنا أحمد بن بديل ثنا المحاربى ثنا عمرو بن شمر عن جابر عن تميم بن حذلم عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قال كل يوم مائة مرة: لا حول ولا قوة إلا باللَّه العلى العظيم صرف اللَّه عنه سبعين بابا من البلاء أهونها الهم والغم".

3716/ 9884 - "لا رِضَاعَ إِلا مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ". (هـ) عن ابن الزبير قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو فيه تابع للترمذى لكنه بين أنه من رواية فاطمة بنت النذر بن الزبير بن العوام عن أم سلمة اهـ، وقال جمع: إن فاطمة لم تلق أم سلمة ولم تسمع منها ولا من عائشة، وإن تربت في حجرها. قلت: هكذا الخبط والتخليط وإلا فلا، فالمصنف أورد الحديث من عند ابن ماجة، وهو انتقل يتكلم على حديث الترمذى، وحديث المتن من رواية عبد اللَّه بن الزبير، وهو صار يتكلم على حديث أم سلمة بكلام غير مفهوم، ثم من عرفه بأن المصنف تابع للترمذى في تحسين الحديث الذي قد يكون المصنف ما رآه ولا استحضره ساعة الكتابة، وكيف وهو حديث آخر بلفظ آخر لا يدخل في هذا الحرف؟. فابن ماجه قال [1/ 626، رقم 1946]: حدثنا حرملة بن يحيى ثنا عبد اللَّه بن وهب أخبرنى ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عبد اللَّه بن الزبير أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء"، فأين فاطمة بنت المنذر؟ وأين أم سلمة؟ ثم إن المصنف حسن الحديث لأجل ابن لهيعة، والترمذى قال عن حديث أم سلمة: حسن صحيح لا حسن فقط، فكيف نسى المصنف ولم يقل حسن صحيح كما قال؟ ولفظ الترمذى [3/ 449، رقم 2152]: حدثنا قتيبة ثنا أبو عوانة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أم سلمة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يحرم من الرضع إلا ما فتق الأمعاء في الثدى، وكان قبل الفطام" هذا حديث حسن صحيح، ومن هنا تعلم أنه لا أصل لما نقله

عن جمع من أن فاطمة بنت المنذر لم تسمع من أم سلمة ولا رأيت في كتب الرجال من قال ذلك (¬1). 3717/ 9885 - "لا رُقْيَةَ إِلا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَّةٍ". (م. هـ) عن بريدة، (حم. د. ت) عن عمران قال في الكبير: قال الهيثمى: رجال أحمد ثقات، فقول ابن العربى: حديث معلول غير مقبول. قلت: الهيثمى لم يذكر حديث عمران بن حصين ولا هو من شرطه؛ لأنه ليس من الزوائد، وإنما ذكر [5/ 111] حديثه جابر بن عبد اللَّه مثله، ثم إنه لم يعزه إلى أحمد، بل قال: رواه البزار ورجاله ثقات، وابن العربى لا يقول في حديث مخرج في أحد الصحيحين إنه معلول، فما أدرى من أين يأتى الشارح بهذه الأغلاط؟. 3718/ 9886 - "لا زَكَاةَ في مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ". (هـ) عن عائشة قال في الكبير: أشار المصنف إلى حسنة وذلك منه غير حسن، فإن الحديث مروى من طريقين أحدهما لابن ماجه عن عائشة وهي الطريق التي سلكها، وقد قال الحافظ العراقى: سندها ضعيف لضعف حارثة بن أبي الرجال، والأخرى من رواية أبي داود عن على، وسندها كما قال العراقى جيد، فانعكس على المصنف فحذف الطريق الحسنة وآثر الطريق الضعيفة وحسنها، قال ابن حجر: وخرجه الدارقطنى باللفظ المزبور عن أنس. . إلخ. قلت: فيه أمور الأول: قوله: فإن الحديث مروى من طريقين باطل، ¬

_ (¬1) لفاطمة بنت المنذر رواية عن أم سلمة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما قال المزى في التهذيب (35/ 265).

فإن الحديث مروى من طرق متعددة من حديث عائشة وعلى وأنس وابن عمر وأم سعد الأنصارية وغيرهم. الثانى: قوله: والأخرى من رواية أبي داود وسندها جيد وهو رد على نفسه بنفسه، واعتراف منه بأن الحديث في حد ذاته حسن. الثالث: بينما هو ينتقد حكم المصنف بحسنه إذ هو نفسه يورد الطريق الأخرى التي تؤيد المصنف؛ لأنه لا يخلو أن يكون مراده (¬1) من الحديث الذي يقصده المصنف أو يكون مراده رواية الحديث بخصوص هذا الوجه الذي هو حديث عائشة، فإن كان مراده هذا فهو لم يروه أبو داود، وليس له إلا طريق واحدة، وإن كان مراده المتن من حيث هو كما يدل عليه قوله: من طريق أخرى من حديث على، فهو قد اعترف بأن المتن حسن، فماذا نقول (¬2) إلا أنه لا يفهم ما يقول وينطق نطق المبرسمين. الرابع: فحذف الطريق الحسنة فانعكس على المصنف الحال، بل الذي هو معكوس من أصله منعكس عليه عقله من أوله إلى آخره هو الشارح، فأبو داود روى الحديث [2/ 103، رقم 1573] بلفظ: "ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول"، وهذا لفظ موضعه حرف "اللام" في باب "ليس"، لا حرف "لام ألف" وهو أمر واضح عند الشارح، ولكنه يتغافل عنه ويتباله، ويرضى لنفسه بذلك طمعا في أن يوصل إلى المؤلف ما لعله يكون فيه غض من قدره ولو عاد عليه هو بما هو أفحش من ذلك. 3719/ 9887 - "لا سَبْقَ إلا في خُفٍّ أو حَافِرٍ أو نَصْلٍ". (حم. 4) عن أبي هريرة قلت: كتب الشارح في الصغير عن عائشة فأتى بوهم فاحش، والحديث ¬

_ (¬1) في الأصل: "مراد". (¬2) في الأصل: "يقول".

خرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبر [4/ 277، رقم 2798]، [5/ 84، رقم 229]، وفي الكنى المفردة، والطحاوى في مشكل الآثار [5/ 146، رقم 1883]، والدارقطنى في الأفراد. 3720/ 9888 - "لا سَمَرَ إِلا لِمُصَلٍ أوْ مُسَافِرٍ". (حم) عن ابن مسعود قال في الكبير: رواه من حديث خيثمة عن رجل عن ابن مسعود وقال: مرة عن خيثمة عن ابن مسعود بإسقاط رجل، قال الهيثمى: وبقية رجاله ثقات. قلت: رواه أيضًا أبو نعيم في "الحلية" [4/ 198] من طريق أبي داود الطيالسى: ثنا شعبة أخبرنى منصور قال: سمعت خيثمة بن عبد الرحمن يحدث عن ابن مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به. ثم قال: كذا رواه شعبة وخالفه الثورى عن منصور، فقال: عن خيثمة عمن سمع ابن مسعود يحدث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اهـ. قلت: قد وافق شعبة هريم بن سفيان، فقال: عن منصور عن خيثمة عن عبد اللَّه بدون واسطة، رواه محمد بن مخلد العطار الدورى في جزئه: ثنا روح ابن الفرج ثنا أبو غسان ثنا هريم به. 3721/ 8990 - "لا شُفْعَةَ إِلا فِي دَارٍ أَوْ عَقَارٍ". (هق) عن أبي هريرة قال في الكبير: ثم قال البيهقى: إسناده ضعيف وأقره الذهبى، ورواه البزار عن جابر قال ابن حجر: بسند جيد اهـ، وبه يعرف أن المصنف لم يصب حيث اقتصر على الطريق الضعيفة وأهمل الجيدة. قلت: هذا كذب وإلا كان الأحق باللوم وعدم الإصابة البيهقى الذي خرج

حديث أبي هريرة الضعيف بإقراره وترك حدث جابر، وهكذا يكون جميع الحفاظ غير مصيبين في إخراجهم أحاديث وتركهم أخرى أقوى منها، ولا يكون في الدنيا سالم من هذا العيب الذي اختلقه هذا [الشارح]، والأعجب من ذلك أن الحافظ الهيثمى الذي ألف كتاب "مجمع الزوائد على الكتب الستة" من كتب معلومة منها مسند البزار، ومع ذلك فقد سها ولم يذكر هذا الحديث فهو أيضًا غير مصيب، وسقط حكم اللَّه تعالى بأنه لا يكلف نفسا إلا وسعها، وحديث جابر شاهد لحديث أبي هريرة ومن الغريب أيضًا أن الحافظ لم ينص على ضعف حديث أبي هريرة، فيكون معيبا في حكم هذا الأفاك، لأنه دائمًا يعيب المصنف بكونه لم ينقل كلام المخرجين. فعبارة الحافظ: حديث: "لا شفعة إلا في ربع أو حائط"، أخرجه البزار من حديث جابر بسند جيد، والبيهقى [6/ 109] من حديث أبي حنيفة عن عطاء عن أبي هرير مرفوعًا: "لا شفعة إلا في دار أو عقار" (¬1) اهـ. وكذلك لم يذكر الحافظ بقية حديث جابر، كما يفعله كل الناس والشارح يعيب المصنف بذلك أيضًا، فإن البزار قال في مسنده: حدثنا عمرو بن على ثنا أبو عاصم ثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا شفعة إلا في ربع أو حائط، ولا ينبغى له أن يبيع حتى يستأمر صاحبه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك"، ثم قال البزار: لا نعلم أحدا يرويه بهذا إلا جابر. 3722/ 9892 - "لا صَرُورَةَ في الإِسْلَامِ". (حم. د. ك) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبى، واغتر به المصنف فرمز لصحته وهو غير مسلم، فإن فيه كما قال جمع منهم الصدر المناوى: عمر ¬

_ (¬1) انظر التلخيص الحبير 4/ 55، 1274.

ابن عطاء وهو ضعيف واه، وقال ابن المدينى: كذاب. قلت: بل الصدر المناوى هو الواهم وأنت هو المغتر، فإن في الرواة عمر بن عطاء ابن وراز ضعيف، وعمر بن عطاء بن أبي الخوار ثقة من رجال الصحيح احتج به مسلم، وهذا هو الموجود في سند الحديث كما صرح به في رواية أبي داود، قال الذهبى في "الميزان" [3/ 213، رقم 6169]: عمر بن عطاء بن وراز عن عكرمة وعنه ابن جريج، ضعفه يحيى بن معين والنسائى، وقال يحيى أيضًا: ليس بشيء، وقال أحمد: ليس بقوى، قال الذهبى: فأما عمر بن عطاء بن أبي الخوار عن ابن عباس فئقة أخذ عنه ابن جريج أيضًا، ووثقه ابن معين وأبو زرعة اهـ. قلت: وممن صرح بأنه ابن أبي الخوار أبو جعفر الطحاوى في مشكل الآثار [3/ 314، رقم 1282] فقال: حدثنا صالح بن عبد الرحمن عن عمرو بن الحارث الأنصارى ثنا حجاج بن إبراهيم الأزرق ثنا عيسى بن يونس عن ابن جريج عن عمر بن عطاء، قال أبو جعفر: وهو ابن أبي الخوار عن عكرمة عن ابن عباس به، قال الطحاوى: ولم نجد في هذا الباب حديثًا متصل الإسناد إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سوى هذا الحديث اهـ. ومن الغريب أن الشارح بعد ما اعتمد كلام الصدر المناوى ورجحه وهو زعم أدق ابن المدينى قال في عمر بن عطاء: كذاب وهذا النقل فيه نظر، رجع الشارح فقال في الصغير: قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبى ولم يزد، فأين اعتمادك لنقد المناوى؟ 3723/ 9696 - "لا صَلاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلا وَهُو يدَافِعهُ الأَخْبَثَانِ". (م. د) عن عائشة

قال الشارح: بل رواه مسلم. وقال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن الشيخين لم يخرجاه ولا أحدهما، وهو ذهول، فقد خرجاه معا عنها باللفظ المزبور. قلت: هذا كذب على المؤلف وعلى البخارى، أما المؤلف فقد عزاه لمسلم [1/ 393، 560/ 67] مع أبي داود [1/ 22، رقم 89]، وإنما الشارح الذي أسقط رمز مسلم من قلمه ثم عاد يهول بالباطل، وأما الكذب على البخارى فإنه لم يخرجه بهذا اللفظ وإنما خرجه [7/ 107، رقم 5465] بلفظ "إذا وضع أو حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء"، والشارح كالمعترف بذلك حيث لم يعزه في الصغير إلا لمسلم وحده، والحاصل [أنه] قد قال الباطل وكتب الباطل. 3724/ 9897 - "لا صَلَاةَ لِمُتَلفتٍ". (طب) عن عبد اللَّه بن سلام قال في الكبير: عن يوسف بن عبد اللَّه بن سلام. قلت: هذا من الخطأ الفاحش، بل هو من حديث عبد اللَّه بن سلام كما قال المصنف، وإما هو من رواية ابنه يوسف عنه، والحديث ذكر الاضطراب فيه البخارى في ترجمة الصلت بن طريف من التاريخ الكبير [4/ 303، رقم 2914]، وكذلك الحافظ في اللسان [3/ 196، رقم 873] فيه وفي الصلت بن مهران [3/ 198، رقم 880]. 3725/ 9898 - "لا صَلاةَ لجارِ المَسْجِدِ إِلا في المَسْجِدِ". (قط) عن جابر قال في الكبير بعد كلام وأنقال مكررة مائعة: ومن شواهده حديث الشيخين: "من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر".

قلت: هذا غلط فاحش ما خرج الشيخان ولا أحدهما هذا الحديث، وإنما خرجه ابن ماجه [1/ 260، رقم 793] وابن حبان، والحاكم [1/ 245، رقم 893] من حديث ابن عباس وأصله عند أبي داود [1/ 148، رقم 551] بسياق آخر. 3726/ 9910 - "لا عَقْلَ كالتَّدبيرِ، ولا وَرَعَ كالكَفِّ، وَلا حَسَبَ كحُسْنِ الخُلقِ". (هـ) عن أبي ذر قال في الكبير: وكذا رواه ابن حبان، والبيهقى في "الشعب"، وفيه إبراهيم بن هشام بن يحيى الغسانى، قال أبو حاتم: غير ثقة، ونقل ابن الجوزى عن أبي زرعة أنه كذاب، وأورده في "الميزان" في ترجمة صخر بن محمد المنقرى من حديثه، وقال: قال أبي: قال ابن طاهر: كذاب، وقال ابن عدى: حدث عن الثقات بالبواطيل فمنها هذا الخبر. قلت: هذا خبط وتخليط للأسانيد والأحاديث، فحديث أبي ذر ليس فيه صخر ابن محمد، وقد أخرجه جماعة من حديث أبي ذر في حديثه الطويل، وقد سبقت جمل منه، وقد صححه ابن حبان فأخرجه في صحيحه وحسنه جماعة، أما صخر بن محمد فروى الحديث عن مالك عن زيد بن أسلم عن أنس بن مالك. أخرجه أيضًا أبو نعيم [6/ 343]، وقال: غريب من حديث مالك تفرد به الحاجبى، وهو صخر بن محمد المنقرى الحاجبى الذي أورده الذهبى تبعا لابن عدى في ترجمته [4/ 92] فأين هذا من حديث أبي ذر الطويل؟ 3727/ 9919 - "لا قَوَدَ في المَأْمُومَةِ، وَلا الجَائِفة وَلا المُنَقِّلة". (هـ) عن العباس قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وهو زلل ففيه أبو كريب الأزدى مجهول،

ورشدين بن سعد وقد مر ضعفه غير مرة. قلت: ما أشد جهل هذا الرجل بالحديث ورجاله، فأبو كريب المذكور في سند هذا الحديث هو شيخ ابن ماجه، وهو أبو كريب محمد بن العلاء الثقة المشهور، أحد شيوخ الأئمة الستة كلهم، ما أظن أحدا من أهل العلم سمع من الحديث شيئًا ولو شمائل الترمذى إلا وهو يعرف هذا الرجل وأنه من كبار الثقات، ثم إن الذي قصده الشارح اسمه أبو كريب بفتح الكاف وكسر الراء بخلاف الذي في سند الحديث فإنه بضم الكاف وفتح الراء مصغرًا، ثم أيضًا المذكور في السند من شيوخ الستة وهو شيخ ابن ماجه في الحديث [2/ 991، رقم 2637] وأبو كريب المجهول قديم يروى عن ابن عمرو، فما هذه الطامات؟ نعوذ باللَّه من الخذلان. أما رشدين بن سعد فمختلف فيه، وحديثه حسن على رأى من وثقه لا سيما مع الشواهد. 3728/ 9920 - "لا كَبِيَرةَ مَعَ الاسْتِغْفَارِ، وَلا صَغِيرَةَ مَعَ الإِصْرَارِ". (فر) عن ابن عباس قال في الكبير: ورواه ابن شاهين باللفظ المزبور عن أبي هريرة، وكذا الطبرانى في مسند الشاميين. قلت: ابن شاهين لم يروه باللفظ المزبور، بل قال [2/ 209، رقم 186]: حدثنا على بن الفضل البلخى ثنا إسماعيل بن محمود بن زاهر الجوهرى ثنا الحسن بن عمر بن شقيق ثنا بشر بن إبراهيم عن خليفة بن سليمان عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس كبيرة بكبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة بصغيرة مع الإصرار".

أما الطبرانى فنعم رواه باللفظ المزبور، فقال في "مسند الشاميين": ثنا زكريا بن يحيى الساجى ثنا سهل بن بحر ثنا بشر بن عبيد الدارسى ثنا أبو عبد الرحمن العنبرى عن مكحول عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. وفي الباب عن أنس وعائشة، فحديث أنس رواه الديلمى [5/ 287، رقم 7914] من طريق ابن ناجية: ثنا البغوى ثنا خلف بن هشام ثنا سفيان بن عيينة عن الزهرى عن أنس مرفوعًا مثل الترجمة. وحديث عائشة رواه إسحاق بن بشر صحاب كتاب "المبتدأ": حدثنا سفيان الثورى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا مثل الترجمة أيضًا، وإسحاق متروك. 3729/ 9924 - "لا نِكَاحَ إلا بِوَلِيٍّ" (حم. 4. ك) عن أبي موسى (هـ) عن ابن عباس قال في الكبير: وأطال الحاكم في تخريج طرقه، ثم قال: وفي الباب عن على ثم عد ثلاثين صحابيا. قلت: بل ستة عشر فقط، ولفظه [2/ 169، 170، 171] وفي الباب عن على بن أبي طالب وعبد اللَّه بن عباس ومعاذ بن جبل، وعبد اللَّه بن عمر وأبي ذر الغفارى والمقداد بن الأسود وعبد اللَّه بن سعود وجابر بن عبد اللَّه وأبي هريرة وعمران بن حصين وعبد اللَّه بن عمرو والمسور بن مخرمة وأنس ابن مالك -رضي اللَّه عنهم- وأكثرها صحيحة، وقد صحت الروايات فيه عن أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عائشة وأم سلمة وزينب بنت جحش -رضي اللَّه عنهم أجمعين- اهـ. ثم رأيت الحافظ هو سلف الشارح وذاك غريب.

3730/ 9926 - "لا نِكَاحَ إِلا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَى عَدْلٍ". (هق) عن عمران وعن عائشة قال في الكبير بعد كلام: وقال ابن حجر: رواه أحمد والدارقطنى والبيهقى من حديث الحسن عن عمران وفيه عبد اللَّه بن محرَّر متروك اهـ، وفي شرح المنهاج للأذرعى أن ابن حبان خرجه في صحيحه، وقال: لا يصح ذكر الشاهدين إلا فيه، قال الأذرعى: وهذا يرد قول ابن المنذر: لا يثبت في الشاهدين في النكاح خبر اهـ. وبه يعرف ما في كلام الحافظ ابن حجر. قلت: بل به يعرف ما تأتى به من الخبط والتخليط فالحافظ ابن حجر يتكلم على حديث عمران وأنت تنقل الكلام على حديث عائشة بعد أن تحذف اسمها وتوهم أنه في حديث عمران، فابن حبان [9/ 386، رقم 4075] روى حديث عائشة من رواية سعيد بن يحيى بن سعيد الأموى: ثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا نكاح إلا بولى وشاهدى عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل، فإن تشاجروا فالسلطان ولى من لا ولى له"، ثم قال ابن حبان: لم يقل فيه: "وشاهدى عدل" إلا ثلاثة أنفس سعيد بن يحيى الأموى عن حفص بن غياث، وعبد اللَّه بن عبد الوهاب الحجبى عن خالد بن الحارث، وعبد الرحمن بن يونس الرقى عن عيسى بن يونس، ولا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا الخبر اهـ. فكيف يعرف من هذا ما في كلام الحافظ الذي يقول: إنه من حديث الحسن عن عمران، وفيه عبد اللَّه بن محرر. . . إلخ، فهل في الدنيا أعجب من هذه الجرأة؟!

3731/ 9927 - "لا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ". (خ) عن مجاشع بن مسعود قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن هذا مما تفرد به البخارى عن صاحبه وهو ممنوع، فقد رواه الجماعة كلهم إلا ابن ماجه، ولفظ مسلم: "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا". قلت: هذا عند مسلم [3/ 1488، 1864/ 86] لفظ حديث عائشة، أما حديث مجاشع بن مسعود فلفظه عند مسلم قال: "جئت بأخى أبي معبد إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد الفتح فقلت: يا رسول اللَّه بابعه على الهجرة، قال: قد مضت الهجرة لأهلها، قلت فبأى شيء تبايعه، قال: على الإسلام والجهاد والخير"، ثم إنه أيضًا لم يخرجه إلا البخارى [4/ 92، رقم 3079] ومسلم، ولم يخرجه أحد من الأربعة كما زعم، بل خرج الثلاثة حديث ابن عباس (¬1)، فإن هذا الحديث رواه جماعة من الصحابة منهم ابن عباس وأبو سعيد الخدرى وعائشة وصفوان بن أمية ومجاشع بن مسعود ورافع بن خديج وزيد بن ثابت وعبد الرحمن بن صفوان وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص ويعلى بن أمية وجابر ابن عبد اللَّه وابن عنه موقوفًا وآخرون، وقد ذكرت أسانيد الجميع في "وشى الإهاب". 3732/ 9929 - "لا هَمَّ إِلا هَمُّ الدِّين، وَلا وَجَعَ إِلا وَجَعُ العَيْنِ". (عد. هب) عن جابر قال في الكبير: وكذا الطبرانى وأبو نعيم في "الطب"، ثم قال: وقضية كلام المصنف أن مخرجيه خرجوه ساكتين عليه والأمر بخلافه، بل عقباه ¬

_ (¬1) أبو داود (رقم 2480/ 3)، الترمذى (4/ 148، 1590)، والنسائى (7/ 146).

ببيان علته. . . إلخ. قلت: هذا كذب على ظاهر صنيع المصنف ظاهرٌ، فإنه عقبه أيضًا بالرمز له بعلامة الضعيف كما رمز لمخرجيه، ولو كان ينقل كلام المخرجين لذكر أسماءهم بدون رموز، ثم إن الشارح أطلق العزو إلى الطبرانى، فأفاد أنه خرجه في الكبير لأنه الذي يعزى إليه بإطلاق، والواقع أنه خرجه في المعجم الصغير [2/ 91، رقم 854]، ومن طريقه خرجه القضاعى في "مسند الشهاب" [2/ 45، رقم 854] كما خرجه أيضًا ابن حبان في "الضعفاء" [1/ 350]. وورد أيضًا من حديث أبي هريرة أخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" [2/ 295] من طريق الحسين بن معاذ مستملى عمرو بن على ثنا ابن أخي الربيع بن مسلم عن الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ومن حديث ابن عمر أخرجه الشيرازى في "الألقاب"، والخطيب في "الرواة" عن مالك من روايته عن نافع عن ابن عمر به وهو باطل، وقد أخرجه ابن عساكر عن عمرو بن العاص من قوله، وقد يكون هو الأصل في هذا الكلام فركب له الضعفاء الأسانيد ورفعوه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. 3733/ 9930 - "لا وَبَاءَ مَعَ السَّيْفِ، وَلا لحاء مَعَ الجَرَادِ". ابن صرصرى في أماليه عن البراء قلت: حرف الشارح هذا الحديث في قوله: "لحاء" فكتبه بالنون والجيم، وشرحه في الكبير على ذلك وتبعه أصحاب المطابع في طبع المتن وهو باطل، لأن الجراد يأتى كثيرا والنجاء حاصل، وإنما الحديث ولا لحاء باللام والحاء المهملة، وهو قشر الشجر الذي يكون كالغلاف لها، وهو الذي يأكله الجراد فيموت الشجر لأجل ذهابه، كذلك ذكره الناس، وخرجه أبو بكر بن أبي

داود قال: حدثنا يزيد بن المبارك ثنا عبد الرحمن بن قيس ثنا سلم بن سالم ثنا أبو المغيرة الجوزجانى محمد بن مالك عن البراء بن عازب به والسند ضعيف. 3734/ 9935 - "لا وُضُوَء لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِى -صلى اللَّه عليه وسلم-". (طب) عن سهل بن سعد قال الشارح: رمز المصنف لحسنه. قلت: فيه أمران، أحدهما: أن المصنف لم يرمز لحسنه، بل رمز لضعفه. ثانيهما: عادة الشارح انتقاد المصنف بالباطل عند كل ما وجد السبيل إلى ذلك، فإذا جاء موضع الانتقاد الحق عمى عنه ليبقى مخطئا في كل تصرفاته سواء نطق أو سكت، فهذا الحديث ليس بعضه عند الطبرانى هكذا فإن الطبرانى قال: حدثنا عبد الرحمن بن معاوية العتبى ثنا عبيد اللَّه بن محمد بن المنكدر ثنا ابن أبي فديك عن أُبيِّ بن عباس بن سهل عن أبيه عن جده سهل بن سعد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم اللَّه عليه، ولا صلاة لمن لم يصل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار". وهو بهذا اللفظ عند ابن ماجه في سننه: ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ثنا ابن أبي فديك به، إلا أنه قال: عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل عن أبيه به. قال ابن القيم: فأما أبي بن عباس فقد احتج به البخارى في صحيحه وضعفه أحمد ويحيى بن معين وغيرهما، وأما أخوه عبد المهيمن فمتفق على تركه وإطراح حديثه، فإن كان عبد المهيمن سرقه من أخيه فلا يضر الحديث شيئًا ولا ينزل عن درجة الحسن، وإن كان ابن أبي فديك أو من دونه غلط من عبد

المهيمن إلى أخيه أبي وهو الأشبه واللَّه أعلم لأن الحديث معروف بعبد المهيمن فتلك علة قوية فيه اهـ. والمقصود أن لفظ الحديث: "لا صلاة لمن لم يصل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا "لا وضوء" كما أورده المصنف، والغريب أن الحافظ السخاوى وهم فيه أيضًا فذكره في "القول البديع في فضل الصلاة عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد الفراغ من الوضوء" باللفظ الذي ذكره المصنف وعزاه لابن ماجه وابن أبي عاصم في كتاب "فضل الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-" مع أنه عند ابن ماجه باللفظ الذي قدمته من عند الطبرانى سواء. 3735/ 9940 - "لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخيةِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ". (حم. ق. ت. ن. هـ) عن أنس قال في الكبير: وسبب هذا الحديث كما خرجه الطبرانى عن أبي الوليد القرشى قال: كنت عند بلال بن أبي بردة فجاء رجل من عبد القيس وقال: أصلح اللَّه الأمير إن أهل الطب لا يؤدون زكاتهم وقد علمت ذلك فأخبرت الأمير، فقال: من أنت؟ قال: من عبد القيس، قال: ما اسمك؟ قال: فلان، فكتب لصاحب شرطته يسأل عنه عبد القيس، فقال: وجدته يُغْمَز في حسبه فقال: اللَّه اكبر حدثنى أبي عن جدى أبي موسى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكره. قلت: هذا منتهى الغفلة، وأقصى ما يكون من البلادة، فسبب الحديث هو ما وقع في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فكان ذلك الفعل هو سبب تحديثه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالحديث كما ورد أن رجلا جاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فقال: يا رسول اللَّه متى الساعة؟ فقال: ما أعددت لها؟ قال: لا شيء غير أنى أحب اللَّه ورسوله فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنت مع من أحببت"، فكان سؤال هذا الرجل هو السبب في ورود هذا الحديث، أما قصة وقعت بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بنحو مائة سنة كانت سبب تحديث الراوى به عن

أبيه عن جده، فجل الأحاديث حدث بها الناس لأسباب، ولو بعد الألف فتكون أيضًا هي سبب ورود الحديث إن هذا لعجب، وأعجب من ذلك كون تحديث بلال بن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عن جده، هو السبب في حديث أنس بن مالك المذكور في المتن، ثم اتضح ما هو أعجب من كل هذا وهو أن هذه القصة واردة في الحديث، وهو الحديث المذكور بعده وهو حديث: "لا يبغى على الناس إلا ولد بغى، أو من فيه عرق منه"، فنقله الشارح إلى حديث: "لا يؤمن أحدكم"، كما ترى. 3736/ 9941 - "لا يَبْغِى عَلَى النَّاسِ إِلا وَلَدُ بِغِيٍّ، وَإِلا مَنْ فِيهِ عِرْقٌ مِنْهُ". (طب) عن أبي موسى قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه أبو الوليد القرشى مجهول وبقية رجاله ثقات، وقال ابن الجوزى: فيه سهل الأعرابى، قال ابن حبان: منكر الرواية، لا يقبل ما انفرد به. قلت: سهل بن عطية الأعرابى اضطرب فيه ابن حبان، فذكره في الثقات [8/ 289] أيضًا ثم هو لم ينفرد به، بل ورد من غير طريقه، ومن غير طريق أبي الوليد القرشى كما سأذكره. والحديث خرجه أيضًا البخارى في "التاريخ الكبير" [4/ 102، رقم 2107] في ترجمة سهل بن عطية، فروى عن محمد بن المثنى: ثنا مرحوم سمع سهلا الأعربى عن أبي الوليد مولى قريش سمع بلال بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به مثل المذكور هنا. ورواه وكيع في "الغرر" من طريق منصور بن أبي مزاحم: ثنا مرحوم بن عبد العزيز عن سهل بن عطية عن أبي الوليد مولى قريش

قال: كنت مع مولاى عند بلال بن أبي بردة، فذكره. ورواه أيضًا من طريق عيسى بن مرحوم العطار: ثنا أبي عن سهل الأعرابى عن أبي الفقماء قال: كنت عند بلال بن أبي بردة، فأتاه رجل فقال: إن عاملك بالطف فعل كذا وكذا، فقال بلال: أسألوا عن بيت هذا، فسألوا، فوجدوه مغمورًا عليه، فقال: صدق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: حدثنى أبي عن جدى قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا يبغى على الناس إلا رجل مغمور عليه في نسبه أو ولدته أمه لغير رشدة". كذا قال عيسى بن مرحوم عن أبي الفقماء بدل أبي الوليد ثم رواه وكيع من وجه آخر فقال: حدثنا عمر بن محمد بن الحكم ثنا أحمد بن حرب بن محمد الطائي ثنا كريب بن عمرو بن بلال بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه. 3737/ 9946 - "لا يَتَكَلَّفَنَّ أَحَدٌ لِضَيْفِه مَا لا يَقْدِرُ عَلَيْه". (هب) عن سلمان قال في الكبير: وفيه محمد بن الفرج الأزرق، متكلم فيه إلخ. قلت: محمد بن الفرج الأزرق ثقة وله جزء مسموع وأحاديثه صحاح كما قال الخطيب [3/ 159، رقم 1198]: والكلام فيه تعنت مذموم كما قال الذهبى: وإن زعم أنه وجد له حديثا منكرا، لكن رده عليه الحافظ بأنه ورد من طرق متعددة عن ابن عباس موقوفًا عليه، وهو: "منا السفاح، ومنا المنصور". إلخ. والحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في "التاريخ" [1/ 56] قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا محمد بن الفرج الأزرق ثنا يونس بن محمد ثنا حسين بن الرماس سمعت عبد الرحمن بن مسعد وسليمان بن رباح وزكريا ابن إسحاق يحدثون عن سلمان عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به مثله.

3738/ 9947 - "لا يُتْمَ بعدَ احْتِلَام، ولا صمات صمات يوم إلى الليل (¬1) ". (د) عن على قال في الكبير: رمز لحسنه وتعقبه المنذرى في حواشيه بأن فيه يحيى الجارى "بالجيم"، قال البخارى: يتكلمون فيه. . . إلخ. قلت: هذا أيضًا من الطرف، فالمنذرى مات قبل ولادة المصنف بمائتى سنة، بالتثنية إلا سبع سنين، فكيف تعقب المصنف على رمزه بحسنه؟ والحديث رواه أيضًا الطحاوى في "مشكل الآثار" [2/ 131، رقم 658]، والطبرانى في "الصغير" [1/ 169، رقم 266] مطولا، ولفظه عن على "قال: حفظت لكم من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ستا: لا طلاق إلا من بعد نكاح، ولا عتاق إلا من بعد ملك، ولا وفاء لنذر في معصية اللَّه، ولا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل، ولا وصال في الصيام"، وطريقه عند هؤلاء الثلاثة واحدة، وهي معلولة، لكن له طرق أخر ثلاثة عن على منها ما رواه الطبرانى في "الأوسط" والخطيب [5/ 299] من طريقه ثم من رواية موسى بن عقبة عن أبان بن تغلب عن إبراهيم النخعى عن علقمة بن قيس عن على قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا رضاع بعد فصال، ولا يتم بعد حلم"، ومنها ما رواه عبد الرزاق [7/ 464، رقم 13897] والطبرانى في "الأوسط"، والثقفى في "الثقفيات" من رواية الضحاك بن مزاحم عن النزال بن سبرة عن على مثل الذي قبله بزيادة "ولا صمت يوم إلى ليل"، ومنها ما رواه الطوسى في أماليه من طريق منصور بن يونس عن منصور بن ¬

_ (¬1) في الأصل: "ليل".

حازم عن جعفر الصادق عن آبائه متصلا إلى على -عليه السلام- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا رضاع بعد فطام، ولا وصال في صيام، ولا يتم بعد احتلام، ولا صمت يوم إلى ليل، ولا تغرب بعد الهجرة، ولا هجرة بعد الفتح، ولا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك، ولا يمين لولد مع والده، ولا لمملوك مع مولاه، ولا لامرأه مع زوجها، ولا نذر في معصية، ولا يمين في قطيعة" (¬1). وفي الباب عن أنس وجابر وحنظلة بن حذيم، فحديث أنس رواه البزار (¬2) وابن عدى في الكامل [7/ 261] والقضاعى في "مسند الشهاب" [2/ 40، رقم 389] كلهم من رواية يزيد بن عبد الملك عن أبيه عن محمد بن المنكدر عن أنس، إلا أن القضاعى وقع عنده أبيه، وهو وهم، قال البزار: لا نعلمه يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد، ويزيد بن عبد الملك لين الحديث، وقد روى جماعة من أهل العلم حديثه واحتملوه على لينه اهـ. أما ابن عدى [فقال:] يزيد بن عبد الملك عامة ما يرويه غير محفوظ، ثم أسند عن النسائى أنه قال متروك. وحديث جابر رواه الطيالسى [ص 343، رقم 1767] وعبد الرزاق [7/ 464، رقم 13899] وابن حبان في الضعفاء، والمخلص في فوائده، وابن عدى في "الكامل" [2/ 447] من وجهين عنه، وهو مطولا كحديث على الذي خرجه الطوسى من طريق أهل البيت، وكلا طريقيه ضعيف، بل هو من ثلاثة طرق عند المذكورين، لأن الطيالسى وحده خرجه من طريقين. ¬

_ (¬1) في الأصل: قصيعة. (¬2) انظر كشف الأستار (2/ 101 رقم 1302).

وحديث حنظلة بن حذيم رواه الطبرانى وأبو يعلى بلفظ: "لا يتم بعد احتلام، ولا يتم على جارية إذا هي حاضت" (¬1)، وقد ذكرت أسانيده ومتونه وما قيل فيه في "وشى الإهاب". 3739/ 9955 - "لا يُحَافِظُ عَلَى صَلاةِ الضُّحَى إِلا أَوَّابٌ، وَهِى صَلاةُ الأَوَّابيِنَ". (ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الحاكم: على شرط مسلم، وأقره الذهبى في التلخيص، لكنه في الميزان أورده في ترجمة محمد بن دينار من حديثه، ونقل عن ابن معين تضعيفه، وعن النسائى توثيقه. قلت: كأن الشارح فاقد الشعور بما في هذا الفن، وبالفارق بين أسانيد الحديث، فمحمد بن دينار، الذي أورده الذهبى في "الميزان" [3/ 542، رقم 7504]، وأورد هذا الحديث من مروياته عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، لم يروه الحاكم من طريقه، بل رواه [1/ 314، رقم 1182] من طريق خالد بن عبد اللَّه عن محمد بن عمرو، فهما راويان مختلفان، فكيف يقول الشارح أنه أقره في التلخيص؟!، وأورده في "الميزان" مع هذا التباين، نعم أورده البخارى في "التاريخ الكبير" [1/ 366، رقم 1157]، من الطريق التي رواها منه الحاكم في ترجمة إسماعيل ابن عبد اللَّه بن زرارة عن خالد الطحان عن محمد بن عمرو به. ثم قال: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن محمد عن أبي سلمة من قوله، قال: وكذلك بيان يقول أصحابنا، قال: وهذا أشبه، وهو الصحيح. ¬

_ (¬1) لم أجده في مسند أبي يعلى المطبوع فلعله في الكبير.

3740/ 9960 - "لا يُخَرِّفُ قَارِئُ القُرْآن". ابن عساكر عن أنس قلت: سكت عنه الشارح، ولم يدر أن المصنف أورده في ذيل الموضوعات، وحكم بوضعه، وهو الحق الذي لا يشك فيه عاقل، فكان حقه أن لا يذكره هنا، وأعله بـ "لاحق" بن الحسين، فإنه كذاب وضاع لكن في ترجمته من "تاريخ أصبهان" لأبي نعيم ما يدل على براءته منه، فإن أبا نعيم قال: أخبرنا خيثمة بن سليمان إجازة، وحدثنيه عنه لاحق بن الحسين ثنا عبيد بن محمد الكشورى ثنا محمد بن يحيى بن جميل ثنا بكر بن الشرود ثنا يحيى بن مالك بن أنس عن أبيه عن الزهرى عن أنس به، فالصواب أن علته بكر بن الشرود، فإنهم كذبوه، أو شيخه يحيى بن مالك بن أنس فإنه روى عن أبي مناكير كما قال العقيلى، لكن ورد من وجه آخر عن أنس، ففي العلل لابن أبي حاتم سئل أبي عن حديث رواه العلاء بن زيدل عن أنس "عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: العالم لا يخرف"، فقال العلاء: ضعيف الحديث، متروك الحديث، قد وجدنا من ينسب إلى العلم المسعودى والجريرى وسعيد بن أبي عروبة وعطاء ابن السائب وغيرهم، يعنى خرفوا، وذلك يدل على كذب الحديث، وكان هذا الشيخ هو واضعه، وسرقه منه من ألصقه بمالك عن الزهرى، إما ابنه يحيى أو بكر بن الشرود واللَّه أعلم. 3741/ 9967 - "لا يَرِثُ الكَافِرُ المُسْلِمَ، وَلا المُسْلِمُ الكَافِرَ". (حم. ق. ع) عن أسامة قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا الثلاثة، وليس كذلك، فقد عزاه جمع منهم ابن حجر للجميع، وقال: أغرب في المنتقى، فزعم أن مسلم لم يخرجه، وابن الأثير، فادعى أن النسائى لم يخرجه.

قلت: وأتيت أنت بما هو أغرب من هذا، وأغرب فادعيت أن المصنف لم يعزه إلا للثلاثة، وهو قد عزاه للستة كما ترى. 3742/ 9971 - "لا يَزَالُ المَسْرُوقُ مِنْهُ في تُهْمَةِ مَنْ هُوَ بَرِئٌ مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ أَعْظَمَ جُرْمًا مِنَ السَّارِقِ". (هب) عن عائشة قال في الكبير: قال في الميزان: هذا حديث منكر. قلت: كان حقه أن يبين في أي ترجمة قال ذلك الذهبى، فإن أول من قال ذلك الأزدى في الضعفاء، وقد أخرج الحديث في ترجمة عبد الرحمن أبي سهل الخراسانى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، والذهبى لم يترجم لعبد الرحمن، بل ذكره في الكنى في أبي سهل الخراسانى، وقال: هذا حديث منكر، رواه عنه أبو النضر هاشم بن القاسم. قلت: والحديث خرَّجه أيضًا الدينورى في المجالسة، قال: ثنا أبو الفضل عباس بن محمد الدورى ثنا أبو النضر ثنا أبو سهل الخراسانى عن هشام بن عروة به، قال الدورى: قلت ليحيى بن معين: أبو سهل الخراسانى هذا هو نصر بن باب، قال يحيى: لا أبو سهل الخراسانى رجل آخر، ولم يسمع نصر بن باب من هشام بن عروة. ورواه الديلمى في "مسند الفردوس" [5/ 235، رقم 7727] من طريق محمد بن داود المستملى: ثنا أبو النضر به. ورواه البخارى في "الأدب المفرد" من طريق يحيى بن سعيد أخي عبيد القرشى عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد اللَّه قال: "ما يزال المسروق يتظنا حتى يصير أعظم من السارق"، وكأن هذا هو الأصل واللَّه أعلم.

3743/ 9981 - "لا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ". (حم. ت. هـ) عن ابن عمرو قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أنه لم يخرج في أحد الصحيحين، وهو عجب، فقد قال ابن حجر: خرجه البخارى من طريق أبي جُحَيْفَة عن على في حديث. قلت: وإذًا فكلامك هو العجب العجاب، لأنك تعلم أن المصنف شرطه في كتابه، أن لا يورد إلا الأحاديث المستقلة كما وردت عند أصحابها، وأن لا يورد إلا المرفوعات القولية، ثم تتعجب منه في كونه لم يخالف شرطه ويَخْرِقْ نظامه، ويعزو الحديث للبخارى، مع أنه لم يقع عنده إلا في آخر حديث لم يصرح عليٌّ برفعه، ولفظه عند البخارى [9/ 16، رقم 6915] عن أبي جحيفة، قال: سألت عليًا -رضي اللَّه عنه- هل عندنا شيء مما ليس عند الناس؟ فقال: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن، إلا فهمًا يعطى رجل في كتابه، وما في الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر". 3744/ 9983 - "لا يَقْرَأْ الجُنُبُ وَلا الحَائِضُ شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ". (حم. ت. هـ) عن ابن عمر قال في الكبير: قال ابن حجر يعنى -الحافظ-: فيه إسماعيل بن عياش، وروايته عن الحجازيين ضعيفة، وهذا منها، ورواه الدارقطنى من حديث المغيرة بن عبد الرحمن، ومن وجه آخر فيه مبهم عن أبي معشر، وهو ضعيف، وأخطأ ابن سيد الناس حيث صحح طريق المغيرة، فإن فيها عبد الملك ابن مسلمة ضعيف، وقال في المهذب: تفرد به إسماعيل بن عياش، وهو منكر الحديث عن الحجازيين والعراقيين، وقد روى عن غيره عن موسى، وليس بصحيح اهـ.

وفي الميزان عن ابن أحمد عن أبيه أن هذا باطل. قلت: هذا تخليط، وكلام لا يفهم، ونقل من لا يعرف ما يقول، ولا يفهم ما ينقل، فالحديث رواه موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر، والذي رواه عن موسى بن عقبة إسماعيل بن عياش الحمصى، وروايته عن غير أهل بلده الشاميين فيها تخليط، وموسى بن عقبة حجازى، لكن تابعه المغيرة بن عبد الرحمن، فرواه عن موسى بن عقبة أيضًا، وكلام الشارح يوهم أن المغيرة صحابى، ثم إن الذي رواه عن المغيرة بن عبد الرحمن هو عبد الملك ابن مسلمة، وهو ضعيف، ورواه عن موسى بن عقبة أيضًا أبو معشر، روى متابعته الدارقطنى [1/ 118، رقم 6] عن محمد بن مخلد عن محمد بن إسماعيل الحسانى عن رجل عنه، وأبو معشر ضعيف أيضًا، فكان حاصل ما في الباب أن الحديث رواه إسماعيل بن عياش والمغيرة بن عبد الرحمن وأبو معشر السندى، ثلاثتهم عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر، فأما إسماعيل فالأسانيد إليه صحيحة متعددة، وهو صدوق، إلا أنه يخلط في أحاديثه عن غير أهل بلده، وأما المغيرة بن عبد الرحمن فهو ثقة، ولكن السند إليه ضعيف، لأنه من رواية عبد الملك بن مسلمة الضعيف، وأما أبو معشر السندى، فالسند إليه ثابت، ولكنه هو ضعيف. 3745/ 9984 - "لا يَقُصُّ عَلَى النَّاسِ إِلا أَميرٌ، أوْ مَأمُورٌ، أَوْ مُرَاء". (حم. هـ) عن ابن عمرو بن العاص قال في الكبير: ثم إن ما ذكر من أن الحديث هكذا فحسب هو ما وقع للمؤلف، والذي وقفت عليه في مسند أحمد "لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال أو مراء"، فلعل المؤلف سقط من قلمه المختال. قلت: أكاد أقطع بأن الشارح ما رأى مسند أحمد أصلا، قال أحمد [2/ 178]:

حدثنا هيثم بن خارجة ثنا حفص بن ميسرة عن ابن حرملة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يقص على الناس إلا أمير أو مأمور أو مراء". وقال أيضًا: حدثنا أبو النضر ثنا الفرج عن عبد اللَّه بن عامر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مراء، فقلت له: إنما كان يبلغنا أو متكلف قال: هكذا سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول". وقال ابن ماجه [2/ 1235، رقم 3753]: حدثنا هشام بن عمَّار ثنا الهقل بن زياد ثنا الأوزاعى عن عبد اللَّه بن عامر الأسملى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يقص على الناس إلا أمير أو مأمور أو مراء". وهكذا رواه أيضًا أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" من طريق حفص ابن سلم عن مسعر عن عمرو بن شعيب به مثله، فإن كان الشارح صادقا في أنه رأى المسند، فذلك اللفظ الذي ذكره وقع فيه في حديث آخر من رواية عوف ابن مالك. قال أحمد [6/ 29]: حدثنا أبو عاصم أخبرنا عبد الحميد ثنا صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة عن عوف بن مالك قال: دخل عوف بن مالك مسجد حمص وإذا الناس على رجل فقال: ما هذه الجماعة؟ قالوا: كعب يقص، قال: يا ويحه، ألا سمع قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال". ورواه أيضًا من أوجه أخرى عنه، ورواه البخارى في "التاريخ الكبير" [8/ 329، رقم 3199] من حديث يزيد بن واقد عن بسر بن عبيد اللَّه عن يزيد بن

خمير سمع عوف بن مالك سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال أو مراء". ورواه أيضًا من حديث أزهر بن سعيد عن ذى الكلاع قال: كان كعب يقص في إمارة معاوية، فقال عوف بن مالك لذى الكلاع: يا أبا شراحيل أرأيت ابن عمك أبأمر الأمير يقص؟ فإنى سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "القصاص ثلاثة أمير أو مأمور أو مختال"، فمكث كعب سنة لا يقص حتى أرسل إليه معاوية يأمره أن يقص، هكذا وقع في هذه الرواية، ووقع عند أحمد أنه لم يقص بعد ذلك. ثم رواه البخارى من طريق عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن كعب بن عياض عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: والأول أصح. ورواه أبو داود في السنن [3/ 322، رقم 3665] من حديث عبّاد بن عباس الخواص عن يحيى بن أبي عمرو عن عمرو بن عبد اللَّه عن عوف بن مالك الأشجعى به بلفظ: "لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال"، فلفظة "المختال" لم تقع في حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص الذي زعم الشارح أنه رآها فيه في مسند أحمد، إنما وقعت في حديث عوف بن مالك، وقد رواه بعض الصحابة بلفظ: "أو متكلف" بدل "مختال"، منهم أبو هريرة. قال أبو عمرو عبد الوهاب بن منده في "فوائده": أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد بن حمدان الجلاب ثنا محمد بن إبراهيم بن كثير الصورى ثنا خالد بن عبد الرحمن ثنا عمر بن ذر عن مجاهد عن أبي هريرة "قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يقص في مسجدى هذا إلا أمير أو مأمور أو متكلف". وكذلك رواه الطبرانى في "الكبير" من حديث عبادة بن الصامت، بدون تقييد بالمسجد، وسنده حسن.

3746/ 9986 - "لا يَمَسُّ القُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ". (طب) عن ابن عمر قال في الكبير: رمز لحسنه، قال الهيثمى: رجاله موثقون، ثم قال: ورواه الدارقطنى بهذا اللفظ عن ابن عمر، قال الفريابى: فيه سليمان بن موسى الأموى، لينه النسائى، وقال البخارى له مناكير. قلت: فهذا النقل عن الفريابى كأنه يتعقب به تحسين المؤلف للحديث، ثم تعقبه في الصغير بنقيض هذا، فقال: وإسناده صحيح، ورمز المؤلف لحسنه تقصير اهـ. فكأن القصد هو المعارضة والانتقاد على أي حال وبأى وجه كان، والحديث حسنه المؤلف ترجيحا لجانب من وثق سليمان الأشدق مع اعتبار الشواهد، فكيف يكون صحيحا؟، والمؤلف مقصر، وقد نبهنا مرارا على الفرق بين قول الهيثمى: رجاله موثقون، وقوله: ثقات، فالأولى تُقَالُ مع وجود مقال في الرجال، فيكون الحديث نهايته الحسن، والثانية تقال في الثقات على الإطلاق فيكون السند صحيحا، والشارح في غفلة عن هذا. * * *

حرف الياء

حرف الياء 3747/ 9991 - " يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِلْقُرْآنِ". (حم) عن أنس قال في الكبير: رمز لحسنه، قال الهيثمى: رجاله موثقون، وقضية صنيع المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين والأمر بخلافه، فقد خرجه مسلم في صحيحه بلفظ: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللَّه". . . إلخ. قلت: وإذا كان مسلم خرجه، فلم ذكره [2/ 64] الهيثمى الحافظ في الزوائد على الكتب الستة كما نقلت أنت كلامه عليه؟! وبعد فحديث أنس هذا لم يخرجه مسلم ولا أبو داود ولا الترمذى، إنما خرجوا حديث أبي مسعود البدرى (¬1) الأنصارى، وليس لفظه كما لبَّس به الشارح، ليوهم أنه قريب من اللفظ الذي ذكره المصنف، ويثبت قصوره، بل لفظه أطول من ذلك، والمصنف خصص كتابه هذا للأحاديث القصار، ولذلك ذيل عليه بالأحاديث الطوال، لاسيما من الصحيحين، وإليك لفظ الحديث عند مسلم عن أبي مسعود الأنصارى قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يؤم ¬

_ (¬1) أبو داود (1/ 1159)، الترمذى (1/ 58، رقم 235).

القوم أقرؤهم لكتاب اللَّه، فإن بيانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسُنَّة، فإن كانوا في السُنَّة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلمًا، ولا يؤمَنَّ الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه" اهـ. فانظر إلى تدليس الشارح وتلبيسه، ما أفحشه!. 3748/ 9992 - "يُبْصِرُ أَحَدُكُمْ القَذَى في عَيْنِ أَخِيهِ، وَيَنْسَى الجِذْعَ في عَيْنِهِ". (حل) عن أبي هريرة قال في الكبير: وكذا رواه القضاعى، وقال العامرى حسن. قلت: العامرى رجل جاهل، يُحَسِّن ويُصَحِّحُ بهواه، فلا ينبغى النقل عنه، والاقتصار على استدراك العزو إلى القضاعى [1/ 356، رقم 610] قصور، فإن الحديث خَرَّجه أيضًا أبو الشيخ في "التوبيخ" [ص 126، رقم 96]، والديلمى في "مسند الفردوس" وأبو عروبة الحرانى في "الأمثال" كلهم من طريق محمد بن حمير عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه البخارى في "الأدب المفرد" [ص 204، رقم 592] من رواية مسكين ابن بكير الحذاء (¬1) عن جعفر بن برقان به عن أبي هريرة موقوفًا عليه، ثم روى نحوه عن عمرو بن العاص من قوله. ورواه ابن المبارك في "الزهد" [ص 70، رقم 212] عن جعفر بن حيان عن الحسن من قوله. ¬

_ (¬1) في الأصل: "بكير بن مسكين الحداد"، وما أثبتناه هو الصواب واللَّه أعلم، وانظر تهذيب الكمال (27/ 483، رقم 5915).

3749/ 10000 - "يُجِيرُ على أُمَتِّى أدناهم". (حم. ك) عن أبي هريرة قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه رجل لم يسم، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح اهـ. وقضية صنيع المصنف أن ذا لم يخرج في أحد دواوين الإسلام، وليس كذلك، فقد رواه أبو داود في "الجهاد والزكاة والديات" وغيرها، لكنه في أثناء حديث طويل، فلعل المصنف لم يتنبه له. قلت: وتنبهت أنت له تبارك اللَّه أحسن الخالقين إلا أنك لم شبه، لأن الحافظ الهيثمى، لا يذكر حديثًا مخرجًا في الستة في كتابه، لأنه مخصوص للزوائد عليها، وقد ذكره كما نقلت أنت كلامه عليه، كما أنك لم تتنبه لكون المصنف لا يذكر إلا الأحاديث بتمامها، ولا يأخذ قطعًا من الأحاديث، لأن كتابه ليس مرتبا على الأبواب ليستدل فيها ولو بقطعة من الحديث، بل مرتب على الحروف، ومقصوده إيراده الأحاديث بألفاظها. وبعد فالحديث الذي خَرَّجه أبو داود [4/ 181، رقم 1453] هو حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص لا حديث أبي هريرة، ثم إنه لم يذكر متنه كله، بل خرجه عَقِبَ حديث طويل لعليِّ بن أبي طالب، وذلك من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نحو حديث على زاد فيه "ويُجِيرُ عليهم أقصاهم، ويرد مُشُّدهم على مُضْعِفهم ومتسريهم على قاعدهم". 3750/ 10004 - "يَدُ اللَّهِ عَلَى الجَمَاعَةِ". (ت) عن ابن عباس قال في الكبير: قال الترمذى: غريب لا نعرفه عن ابن عباس إلا من هذا

الوجه، وقد رمز المصنف لحسنه، وليس بِمُسَلَّم، فقد قال الصدر المناوى: فيه سلمان بن سفيان المدنى، ضعفوه. . . إلخ. قلت: المصنف لم يرمز له بشيء، والصدر المناوى إنما قال: فيه سليمان بن سفيان في حديث ابن عمر الوارد بلفظ: "إن اللَّه لا يجمع أمتى على ضلالة، ويد اللَّه على الجماعة، ومن شذ شذ إلى النار"، فهذا الذي رواه سليمان بن سفيان المدنى عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر. أما حديث ابن عباس، فلا وجود لسليمان المذكور في سنده. قال الترمذى [4/ 466، رقم 2166]: حدثنا يحيى بن موسى ثنا عبد الرزاق ثنا إبراهيم بن ميمون أنا عبد اللَّه بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس، ومن هذا الوجه من طريق عبد الرزاق رواه أيضًا محمد بن مَخْلَد العطار في جزئه، والحاكم في المستدرك [1/ 116، رقم 399]، والقضاعى في "مسند الشهاب" [1/ 168، رقم 239]، وقال الحاكم: إبراهيم بن ميمون العدنى هذا قد عَدَّلَهُ عبد الرزاق وأثنى عليه، وعبد الرزاق إمام أهل اليمن، وتعديله حجة، وأقره الذهبى، وزاد أن ابن معين وثقه أيضًا، فإلى متى هذا الخبط والتخليط وإدخال سند حديث في سند حديث آخر، وإلصاق التهم بالمصنف بالباطل؟! إنا للَّه وإنا إليه راجعون. 3751/ 10006 - "يَدُورُ المَعْرُوفُ عَلَى يَدِ مِائَةِ رَجُلٍ آخِرُهُمْ فِيهِ كَأَوَّلِهِم". ابن النجار عن أنس قال في الكبير: ظاهر حال المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أقدم ولا أحق بالعزو من ابن النجار، مع أن الطيالسى خرَّجه، وكذا الديلمى باللفظ المزبور.

قلت: لم يخرجه الطيالسى، وإنما خرجه الديلمى في "مسند الفردوس" من طريق أبي الشيخ، ثم من حديث عبد الرحيم بن زيد العمِّى عن أبيه عن أنس، وعبد الرحيم متروك، منكر الحديث. 3752/ 10009 - "يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتجَبْ لِى". (ق. د. ت. هـ) عن أبي هريرة قال في الكبير: ظاهره أن النسائى لم يروه، لكن الصدر المناوى عزاه للجماعة جميعًا. قلت: لكنه واهم في ذلك غير مصيب، لأن الحديث إذا كان عند النسائى في الكبرى، فالسنن الكبرى غير داخلة في الكتب الستة التي يعبر بالعزو إليها برواه الجماعة. والحديث رواه أيضًا الطحاوى في "مشكل الآثار" [2/ 334، رقم 877]، وجماعة من حديث أبي هريرة. ورواه ابن شاهين في "الترغيب" [2/ 185، رقم 149] من حديث أنس. 3753/ 10011 - "يَشْفَعُ يَوْمَ القِيَامَةِ ثَلاثَةٌ: الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ العُلَمَاءُ، ثُمَّ الشُّهَدَاءُ". (هـ) عن عثمان قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وهو عليه رد، فقد أعله ابن عدى والعقيلى بعنبسة بن عبد الرحمن، ونقلا عن البخارى أنهم تركوه، ومن ثم جزم الحافظ العراقى بضعف الخبر.

قلت: وحيث إن الأمر كما ذكرت، فلم رجعت فقلت في الصغير: إسناده حسن؟. 3754/ 10014 - "يُطْبَعُ المُؤْمنُ عَلَى كُلِّ خُلُقٍ، لَيْسَ الخِيَانَةَ وَالكَذِبَ". (هب) عن ابن عمر قال في الكبير: رمز لحسنه، قال في "المهذب": فيه عبد اللَّه بن حفص الوكيل، وهو كذاب، وقال في الكبائر: روى بإسنادين ضعيفين، ورواه البيهقى في "الشعب" من طريق أخرى، وقال: فيه سعيد بن رزين، من الضعفاء، وأقول: فيه أيضًا على بن هاشم، أورده أيضًا في الضعفاء، وقال: له مناكير، ورواه الطبرانى باللفظ المزبور، قال الهيثمى: فيه عبد اللَّه ابن الوليد، ضعيف، ورواه أحمد بلفظ: "يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب"، قال الهيثمى: وفيه انقطاع، ورواه البزار وأبو يعلى بلفظ: "يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب"، قال المنذرى: رواته رواة الصحيح، وقال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح. . . إلخ. قلت: هذا خبط وخلط لأحاديث متعددة وأسانيد متباينة، كما أبين ذلك من وجوه، الأول: عبد اللَّه بن حفص الوكيل، الذي نسب وجوده في أول كلامه في حديث عبد اللَّه بن عمر المذكور في المتن غير موجود في حديث عبد اللَّه بن عمر، بل في حديث سعد بن أبي وقاع، الذي لم يذكره المصنف. قال البيهقى: أخبرنا أبو سعد المالينى أنبأنا أبو أحمد بن عدى الحافظ ثنا عبد اللَّه ابن حفص الوكيل ثنا داود بن رشيد ثنا على بن هاشم عن الأعمش عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه "عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: يطبع المؤمن

على كل شيء إلا الخيانة والكذب". الثانى: قوله: وأقول: فيه أيضًا على بن هاشم، بعد قوله: ورواه البيهقى في "الشعب" من طريق أخرى يوهم أنه لا يزال يتكلم على حديث ابن عمر، ويوهم أيضًا أن على بن هاشم في السند الآخر الذي ذكره، وهو موجود في السند الأول كما تقدم، وكذلك هو في سند حديث سعد بن أبي وقاص، ولو من طريق آخر، ليس فيه عبد اللَّه بن حفص الوكيل. قال القضاعى في "مسند الشهاب": أخبرنا محمد بن أحمد الأصبهانى أنا أبو محمد الحسن بن محمد بن على البغدادى ثنا عمر بن محمد الزيات ثنا أحمد بن محمد بن البراء ثنا داود بن رشيد ثنا على بن هاشم به. ورواه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"، وابن شاهين في جزئه، كلاهما من طريق داود بن رشيد عن على بن هاشم به. الثالث: قوله: ورواه الطبرانى باللفظ المزبور، قال الهيثمى: فيه عبد اللَّه ابن الوليد. . . إلخ، هذا رجوع إلى الكلام على سند حديث عبد اللَّه بن عمر، فهو الذي قال عنه الحافظ الهيثمى ذلك. الرابع: قوله: ورواه أحمد بلفظ: "يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب"، قال الهيثمى: وفيه انقطاع، هذا حديث ثالث من حديث أبي أمامة قال أحمد: حدثنا وكيع سمعت الأعمش قال حديث عن أبي أمامة أنه قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-:. . . " فذكره. الخامس: قوله: ورواه البزار وأبو يعلى بلفظ: "يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب"، قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح. . . إلخ، هذا رجوع إلى حديث سعد بن أبي وقاص من طريق آخر، فإنه هو الذي قال فيه

الحفاظ المذكورون ذلك، فانظر إلى هذا التخليط العجيب الذي يحير الناظر حتى لا يهتدى إلى صواب ولا فهم مراد. 3755/ 10025 - "يَهرُمُ ابْنُ آدَمَ وَيَبْقَى مَعَهُ اثْنَتَان: الحِرْصُ، وَالأَمَلُ". (حم. ق. ن) عن أنس قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أن القزوينى تفرد به من بين الستة، وليس كذلك، بل هو في الصحيحين. . . إلخ. قلت: مثل هذا يشكك في سلامة عقل هذا الرجل، ونقاوته من الزوائد عند الكتابة، فها هو يكتب بيده رمز القاف الذي هو علامة البخارى ومسلم، ورمز النسائى الذي هو النون، ثم يذهب أولًا وهمه إلى أن القاف رمز ابن ماجة القزوينى، كما يفعله الذهبى ناسيا اصطلاح المصنف الذي لعله كتبه أكثر من أربعة آلاف مرة من أول الكتاب إلى هنا، وناسيا أيضًا رمز النسائى، ولم يحيى إلا أن الحديث عند ابن ماجه الذي ما عزاه إليه المصنف. 3756/ 10026 - "يُوزَنُ يَوْمَ القِيَامَة مِدَادُ العُلَمَاءِ وَدَمُ الشُّهَدَاءِ، فَيَرْجَحُ مَدِادُ العُلَمَاءِ عَلَى دَمِ الشُّهَدَاءِ". الشيرازى عن أنس، الموهبى عن عمران بن عبد البر في العلم عن أبي الدرداء، ابن الجوزى في العلل عن النعمان بن بشير قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن ابن الجوزى خرجه في العلل ساكتا عليه، وليس كذلك. . . إلخ. قلت: بل قضية الشارح وجسارته على التأليف أنه عالم عاقل، وليس كذلك، فكتاب ابن الجوزى العلل المتناهية في الأحاديث الواهية أولا فلا يحتاج إلى زيادة على الاسم.

وثانيا: يعرف العلماء أنه لابد من بيان علل الأحاديث حتى يعرف الناس أنها معلولة. وثالثا: ومع ذلك فقد رمز المصنف لضعفه. ورابعا: فإن المصنف مع ذلك لا ينقل كلام المؤلفين المخرجين ولا غيرهم. وخامسا: فإن كلام الشارح كلام المجانين. 3757/ 10027 - "اليَدُ العُلْيَا خَيْر مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ". (حم. طب) عن ابن عمر قال في الكبير: وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرج في الصحيحين، ولا أحدهما، وهو عجب، فقد خرجه البخارى من حديث أبي هريرة بزيادة، ولفظه: "اليد العليا خير من السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه اللَّه، ومن يستغنى يغنه اللَّه"، وقال المنذرى: خرجه الشيخان معا بنحوه عن حكيم بن حزام. قلت: اللفظ الذي عزاه لأبى هريرة هو لفظ حديث حكيم بن حزام عند الشيخين وما حديث أبي هريرة، فقال البخارى عمر بن حفص: ثنا أبي ثنا الأعمش ثنا أبو صالح قال: حدثنى أبو هريرة "قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أفضل الصدقة ما ترك غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول". وقال أيضًا: حدثنا سعيد بن عفير حدثنى الليث حدثنى عبد الرحمن بن خالد ابن مسافر عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى"، الحديث، وقد ذكره المصنف

سابقًا في حرف الخاء، وعزاه للبخارى وأبي داود وغيرهما كما أنه ذكر حديث حكيم بن حزام في حرف الهمزة في "أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى"، وعزاه لمسلم، وإن كان البخارى رواه باللفظ الذي ذكره الشارح هنا، وعزاه للشيخين، وقد ذكره المصنف في الذيل هنا في حرف الياء، وعزاه للبخارى، فالحديث ورد بألفاظ متعددة في الصحيحين بتقديم وتأخير ونقص وزيادة حسب حفظ الرواة وتصرفهم، والمصنف التزم ذكر الأحاديث كما وقعت عند المخرجين، فلذلك يضطر لذكر الحديث الواحد في عدة حروف ويعزوه في كل حرف لمن وقع باللفظ الداخل في ذلك الحرف، والشارح على يقين من ذلك، ولكنه يتغافل عنه ليجد السبيل إلى إظهار قصور المصنف بالباطل والتلبيس، الذي لولا هو وكتبه وعلمه لما جاء هذا الشارح في العلم ولا راح [ولذلك] عاقبه اللَّه أكبر عقوبة حتى أجرى على يده من الأوهام ما لا أظنه أجراه على يد مخلوق من عهد آدم إلى النفخ في الصور سواء عند اعتراضاته الباطلة أو غيرها، كما يعرف من كتابنا هذا الذي ألفناه تحريرا للحق وتمييزا للخطأ من الصواب وانتصارا للمؤلف المظلوم، وإن كنت قد شددت في التعبير أحيانا على الشارح، فذلك ما جره إليه سوء صنيعه الذي يضيق منه الصدر ويفقد عنده الصبر، لا سيما وللحافظ السيوطي -رحمه اللَّه- علينا وعلى المسلمين فضل كبير ومنة جسيمة، بخدمته للعلم ودفاعه عن الحق وتآليفه الكثيرة النافعة التي انتفعنا بها ولاسيما في هذا العلم الشريف حتى صرنا نعده كأنه من أشياخنا الذين تلقينا عنهم العلم مباشرة، فوجب بذلك علينا حقه والانتصار له والدفاع عن مقامه الرفيع وحقه المهضوم، ونحن مع ذلك نرجو للشارح أن يعمه اللَّه تعالى برحمته ومغفرته ويسامحه فيما جنته يداه على هذا الإمام العظيم وأن يرحمنا جميعا ويعصمنا من الخطأ والزلل والجرأة على أهل

الحق ويرزقنا شكر النعم والأدب مع الأئمة الأكابر الذين وصل إلينا على يدهم ما من اللَّه به علينا من العلم والمعرفة وخدمة السنة الشريفة ويوفقنا لاتباع الحق والعمل بالعلم، آمين. وهذا آخر ما قصدناه من تحرير أوهام المناوى الذي سميناه بالمداوى، وكان ذلك عقب صلاة الفجر من يوم الثلاثاء ثالث وعشرين ربيع النبوى الأول من سنة خمس وسبعين وثلاثمائة وألف، في منفانا بمدينة سلا عجل اللَّه تعالى بخروجنا منها آمين. وصلى اللَّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا والحمد للَّه رب العالمين.

§1/1