روضة القضاة وطريق النجاة

ابن السمناني

مقدمة في التعريف بالسمناني وكتابه روضة القضاة وطريق النجاة

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة في التعريف بالسمناني وكتابه روضة القضاة وطريق النجاة وصف المخطوطة: من نفائس المخطوطات الفقهية التي صورها معهد المخطوطات العربية بالقاهرة مخطوطة: روضة القضاة وطريق النجاة للعلامة علي بن محمد السمناني أو ابن السمناني. * * * وقد جلبت المكتبة المركزية لجامعة بغداد مشكورة نسخة ميكروفلمية من هذه المخطوطة بناء على طلبي، وصورت هذه النسخة في المجمع العلمي العراقي لحساب مكتبتي الخاصة تمهيدًا لقيامي بدراستها ونشرها محققة، ولذا فقد رأيت من المناسب أن أعرفها ومصنفها وموضوعها للقراء الكرام تمهيداً لنشرها في سلسلة دراسات إسلامية: أهم المخطوطات الفقهية، تلك المجموعة التي اضطلعت بنشرها منذ عام (1965) ولحسن الحظ فقد عثرت في سفرتي الأخيرة إلى تركية في صيف (1967) على نسخة خطية أخرى من هذا المصنف هي نسخة قليج علي باشا فصورت لمكتبتي. لقد جاء في أول ورقة من النسخة الأولى من هذه المخطوطة: كتاب أدب القاضي المسمى بروضة القضاة تأليف العلامة علي بن محمد السمناني تغمده الله برحمته وهو بخط مؤلفه. وذكر في آخر هذه المخطوطة أنه "فرغ من تأليفه صبيحة يوم الجمعة مستهل سنة ثمان وأربعمائة (كذا). وجاء في أول ورقة من نسخة قليج علي باشا: كتاب روضة القضاة وطريق النجاة تأليف الإمام العلامة قدوة المحققين ودرة المدققين أبي القاسم علي بن محمد بن أحمد السمناني الحنفي.

وظاهر أن الصحيفة الأولى من نسخة معهد المخطوطات من هذه المخطوطة ليست من أصل الكتاب وأنها أضيفت إليه أما الصحيفة الأخيرة من الكتاب فيستفاد منها أن ناسخ المخطوطة هو أبو عبد الله محمد بن علي .. محمد بن المظفر الشامي أقضى القضاة .. وأنه "وقع الفراغ من تأليف هذا الكتاب صبيحة يوم الجمعة مستهل صفر من سنة ثم (كذا) وأربعمائة، وكتب علي بن محمد السمناني مؤلف هذا الكتاب، وهو يحمد الله ويصلي على محمد النبي وآله، ويسلم، ويسأل المغفرة والنفع في الدارين، وهو حسبه ونعم الوكيل". إن الظاهر من أسلوب كتابة تاريخ تأليف هذا الكتاب في نسخة معهد المخطوطات أن كلمة (ثم) يحتمل أن تكون مختزلة من كلمة ثمانية أو ثمانين، فيكون تاريخ الكتاب هو سنة ثمانين وأربعمائة أي قبل وفاة مؤلفه بمدة تتراوح بين 13 - 19 سنة، على أن كتب الطبقات تشير -كما سنرى- إلى تاريخ آخر. وقد جاء في نسخة قليج علي باشا أن مصنف الروضة فرغ من تأليفها سنة 478 هـ. لقد صورت مخطوطة روضة القضاة لمعهد المخطوطات على (331) سليدة كل سليدة منها تحتوي على صحيفتين، عدا السليدة الأولى فإنها مؤلفة من صحيفة واحدة وفراغ، وبذلك تكون صفحات الكتاب عبارة عن (661) صحيفة في كل صحيفة قرابة 19 سطراً وفي كل سطر قرابة (11) كلمة. أما نسخة قليج علي باشا فيبلغ عدد صفحاتها (520) صحيفة في كل صحيفة قرابة (29) سطراً وفي كل سطر قرابة (17) كلمة.

لمن صنفت الروضة؟

وبالرغم مما ورد في أول صحيفة من هذه المخطوطة من أنها بخط مصنفها فإن ما ورد في خاتمتها ينقض هذا الزعم كما أن أسلوب الكتاب، وما جاء فيه من اختزال بعض الكلمات أو سقوطها ومن أغلاط نحوية ليدل على أن هذه المخطوطة نسخت عن مخطوطة أخرى كانت بخط المصنف. لمن صنفت الروضة؟ ويستفاد من مقدمة الكتاب أن السمناني صنفه بناء على طلب: "نظام الملك وقوام الدين، العادل، العالم، المنصور، المظفر ... أبي علي الحسن بن (الحسين) بن علي بن إسحق، رضى أمير المؤمنين". ونظام الملك هو الوزير السلجوقي الشهير مؤسس المدارس النظامية في بغداد وغيرها من حواضر الإمبراطورية السلجوقية. وقد كان الوزير معروفاً بميله لنشر العلم وتكوين طبقة من الكتاب والفقهاء تتولى تدبير تلك المملكة الفتية التي قامت على أثر هجرة تركية جارفة تزعمها السلاجقة، ولا غرو فقد كانت تلك السلطنة الناشئة الفتية بحاجة إلى تنظيم إداري تحصل به الموازنة بين السيف والقلم، وتستقر به دعائم المملكة السنية الناشئة على أنقاض الدولة البويهية الشيعية ولشدة حرصه على تنظيم دولة السلاجقة ألف بالفارسية كتاباً في السياسة عنوانه "سياستنامة". وكان مزاج ذلك العصر يميل إلى ربط كل دولة من دول الطوائف بمذهب تعتنقه الدولة وتتعصب له وهي خطة ممقوتة تركت آثارها السيئة في المجتمع الإسلامي عصوراً طويلة إلى أن أفاق من بدعتها والتزمت معظم الدولة الإسلامية المعاصرة جانب الحياد تجاه المذاهب وإن شذت عن هذه السياسة إيران وأفغانستان إذ اتخذت الأولى من الإمامية الاثنى عشرية واتخذت الثانية من الحنفية مذهباً رسمياً مع أن الإسلام ولد ولا مذاهب فيه ويمكنه أن يستمر في الاضطلاع برسالته دون التقيد بمذهب أو التزام قول دون قول.

عصر البويهيين والسلاجقة وحظ الثقافة الإسلامية فيه

عصر البويهيين والسلاجقة وحظ الثقافة الإسلامية فيه: ومهما يكن فإن العصر الذي عاش في ظل حضارته كل من السمناني ونظام الملك وظهرت آثاره في عمق ثقافة أولهما وتنوعها ومساعي ثانيهما وجهوده، إن هذا العصر يتسم بقيام الدولة السلجوقية السنية على أنقاض الدولة البويهية التي اصطنعت التشيع وأسرفت في تقييد سلطة الخلافة العباسية وإذلال الخلفاء العباسيين بالعزل وسمل العيون. ولقد حققت القبائل التركية الموحدة في ظل زعامة السلاجقة ما عجز أسلافهم قبل الإسلام عن تحقيقه من استقلال عن تسلط الحكم الفارسي الساساني والسيادة الفارسية على الشعوب التركية المحاربة، فتهيأ بذلك للامة التركية -كما تهيأ من قبل للامة العربية- أن تبدأ مرحلة تكونها القومي الحديث بفضل اعتناق تلك القبائل المهاجرة الإسلام وتحولها من قبائل مبعثرة إلى أمة مجاهدة تضطلع برسالة الدين الإسلامي الحنيف وتدين للإسلام -كما دان العرب من قبل- بهذا التحول في البنية الاجتماعية فتسارع الخلافة العباسية إلى اصطناعها والاستعانة بها على التحرر من نير البويهيين، وما اصطنعه البويهيون من سياسة إذلال الخلافة العباسية، وما أدخلوه على المجتمع الإسلامي في العراق من عادات غير مألوفة هي في نظر أهل السنة وعقلاء الشيعة أنفسهم من البدع التي لا يقرها الإسلام. ومع ذلك فإن هذا السلطان السياسي والنتول القومي الذي تحقق في ظل الدولة السلجوقية لا يعني قيام القطيعة بين عناصر الثقافة الإسلامية التي اضطلع برسالتها الإنسانية الجامعة جميع العناصر القومية الإسلامية من عربية وفارسية وتركية، فقد كانت تلك الثقافة من القوة والفتوة بحيث لم يزدها قيام دول الطوائف إلا متانة ونتولا، ولذا فإن الدولة السلجوقية التركية احتضنت في مضمار الإدارة والثقافة كلاً من اللغتين العربية والفارسية، ولا غرو فإن القوميات الإسلامية تختلف مفاهيمها عن القوميات الغربية لأنها تقوم على أساس مما دعى إليه الإسلام من التعارف والتواضع لا التنابذ والتعالي ومن الأخوة البشرية لا البغضاء الشعوبية ومن أواصر القربي في الإنسانية التي تمت في البداية بأدم وتنتهي في النهاية إلى التراب.

هذه الحقيقة هي التي تفسر لنا أن الدولة السلجوقية الناشئة لم تكد تستقر لها أسباب الملك والسلطنة حتى سعت إلى حماية تلك الثقافة الإسلامية الجامعة، وجنحت إلى المذاهب المعتدلة في تصوير الخلافة ولم تجنح إلى سياسة شعوبية قاتمة تبصق في وجه الفلك من فرط حقدها، وشجعت تأسيس المدارس والجامعات وأتاحت فرصة استمرار انبثاق النبوغ في جميع أرجاء إمبراطوريتها، فنشأ في عصرها مفكرون وفلاسفة وفقهاء عظام، وكل ذلك بالرغم من عوامل الاضطراب التي كانت تشيع في الإدارة وجباية الضرائب، تلك العوامل التي كانت تبرر مصادرة أموال الوزراء والولاة وتعذيبهم بين فينة وأخرى، ذلك أن قيام دول الطوائف المتنافسة في قلب الخلافة الإسلامية من بويهية وسلجوقية وغيرها واستقرار سلطات تلك الدولة المتوثبة بعد فترة الاستيلاء العنيفة كان لا بد له من الشعور بعد ذلك بالحاجة الماسة إلى الاستقرار والتنظيم وإلى طائفة من رجال الفكر والإدارة والفقه وسائر ضروب المعرفة كيما يعود للدولة وللمجتمع ما فقداه من طمأنينة وأمن. والحاصل فقد كانت منجزات السلاجقة -كما وصفها أحد الباحثين الناشئين- رائعة فقد قاومت الغزو الصليبي وأدركت مخاطر المذاهب الباطنية، ونشطت نشاطاً كبيراً في إنشاء المدارس ودور العلم والعناية بالدارسين والباحثين "فكان محط نظرهم هو أن العلم من أهم الأسلحة التي ينبغي أن تتوفر للامة لصد العدوان عنها ورد كيد الطامعين فيها والطاعنين عليها". وهكذا فإن القلق السياسي الذي كان شائعاً يومئذ لم يحل دون الاستقرار الثقافي والنتول الفكري في المجتمع الإسلامي، فكان ما يحل بالعالم الإسلامي من زعازع وقلاقل وكوارث سرعان ما يضمن التقدم الثقافي له سبيل الهداية والرشاد والتوجيه في ظل مبدأ دستوري إسلامي شهير هو مبدأ الأمر بالمعروف

أهداف المصنف وخطته

والنهي عن المنكر، فلا عجب إن وجدنا دول الطوائف مرهفة الشعور بالحاجة الماسة إلى اصطناع الطبقة المثقفة ثقافة موسوعية جامعة، وقد كان من أعلام تلك الطبقة أسماء خلدها التاريخ كالغزالي والماوردي والسمناني ونظام الملك الذي أخذ بيد السمناني لما لمسه فيه من سعة الثقافة والدراية بالفقه والتاريخ وصنفت الروضة تعبيراً عن عميق الولاء لذلك الوزير. أهداف المصنف وخطته: لقد رمى مصنف الروضة بتأليفه أن يكون كتاباً جامعاً مبسطاً بحيث "يحتاج إليه العلماء والمتعلمون والخاصة والعامة، ولا يستغني عنه في أدب الفقه (القضاء) على جميع مذاهب الفقهاء". والواقع أن هذا الغرض المزدوج الجامع بين إفادة المتعلمين من ناشئة الفقهاء والمتضلعين منهم من الأغراض التي حرص على اتباعها في مصنف آخر مكمل لهذا الكتاب وردت إليه الإشارة في الروضة في باب "كاتب القاضي" حيث جاء "وقد صنفنا في الشروط كتاباً سميناه كنز العلماء والمتعلمين في علم الشروط". وإلى مثل هذا الغرض رمى إمام الهدى الفقيه أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي عند تصنيفه كتاب خزانة الفقه. نحن إذن أمام مؤلف له هدف واضح، وهو فوق ذلك محيط بموضوعه وبما صنف فيه قبل ذلك من كتب إحاطة ناقد بصير، وقد صرح بنفسه بهذه الحقيقة فقال في مقدمته على الروضة. صنف في ذلك كتب كثيرة كالذي صنفه الخصاف والطحاوي والاصطخري ومحمد بن الحسن (الشيبانى) وسائر شروح الضالعين فمنهم من أطال، ومنهم من قصر، ومنهم من قدم ما لا يحتاج إليه، ومنهم من أخر، ولم يرتب

الأبواب، ولا عقد الفصول، ولا كشف قناع العلم، ولا أتى ما يحتاج إليه على نمط الحاجة. فالسمناني -كما ترى- مؤلف ناقد مضطلع أحاط بما كتب السابقون عليه في موضوعه من أعلام وضالعين فلم يتردد في نقد ما في كتب هؤلاء وأولئك وما وقعوا فيه من هنات. ونحن إذن أمام مصنف فقهي على جانب من الأهمية كبير اختط مصنفه لنفسه خطة وتمسك بمنهج يفي في رأيه بالحاجة فلا تطويل فيه ولا تقصير ولا عجز عن النفاذ إلى صميم الموضوع. وهؤلاء الذين ذكرهم السمناني كانوا من أعلام الفقه في المذهبين الحنفي والشافعي فالخصاف هو أحمد بن عمرو الشيباني المتوفى ببغداد سنة 261 هـ ومن مصنفاته كتاب أدب القاضي، وكتاب الشروط الكبير وكتاب الشروط الصغير وكتاب المحاضر والسجلات وهي جميعاً من المراجع النظرية العلمية في دراسة نظام القضاء في الإسلام. أما الطحاوي فهو أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدى ابن أخت الفقيه المزني الشهير في المذهب الشافعي. وقد انتقل الطحاوي من مذهب الشافعية إلى مذهب الحنفية وألف مختصراً شهيراً في الفقه وتوفي بمصر سنة 321 هـ. ومن مصنفات الطحاوي نظام القضاء والفقه العملي:- 1 - الشروط الصغير 2 - والشروط الكبير 3 - والشروط الأوسط 4 - والمحاضر والسجلات

وقد أشار السمناني إلى أن للطحاوي أدب الحكام الصغير وأدب الحكام الكبير ونقل عنهما. وأما الاصطخري فالمقصود به أبو سعيد الحسن بن أحمد ابن يزيد بن عيسى بن الفضل بن بشار (أو يسار) بن عبد الحميد بن عبد الله بن هاني بن قبيصة بن عمرو بن عامر وقد وردت ترجمته في طبقات الفقهاء للشيرازي (ص - 91) حيث قال عنه:- كان قاضي قم، وولي الحسبة، وكان ورعاً متقللاً، ولد في سنة 244 ومات في سنة 328 هـ وصنف كتاباً حسناً في أدب القضاء. وأضاف السبكي في طبقات الشافعية الكبرى أنه كان أحد الرفعاء من أصحاب الوجوه وقال الخطيب كان أحد الأئمة المذكورين ومن شيوخ الفقهاء الشافعيين. وقد ورد ذكره في البداية والنهاية لابن كثير في حوادث سنة 328 هـ فجاء علاوة على ذلك أنه ولي بعد قضاء قم "حسبة بغداد، فكان يدور بها، ويصلي على بغلته، وهو دائر بين الأزقة، وله كتاب القضاء لم يصنف مثله في بابه، توفي وقد قارب التسعين". مراجع أخرى: وأما محمد بن الحسن الشيباني فهو من أعلام المذهب الحنفي فقد كان صاحب الإمام أبي حنيفة ومدون المذهب صحب أبا حنيفة وأخذ الفقه عن أبي يوسف ودون الموطأ وحدث به عن مالك وهو اليوم موضع عناية الفقهاء الغربيين أنفسهم فقد كتب عنه الدكتور أوتوسبيس Otto Spies الأستاذ في جامعة بون مقالة نشرت في أعمال المؤتمر الدولي الخامس للقانون الموازن المنعقد في بروكسي سنة 1958 (مجلد 1 ص 125 - 129) بعنوان فقيه عظيم من فقهاء المسلمين، وقد ذهب في هذه المقالة إلى إعلاء شأن أبي يوسف والشيباني في تطوير المذهب الحنفي وبيان ما كان لهما من جهود وآثار.

على أن السمناني لم يكتف بالرجوع إلى ما صنفه هؤلاء في نظام القضاء بل رجع إلى مراجع فقهية أخرى في المذهبين الحنفي والشافعي حيث نجده يشير في مواضع مختلفة إلى هذه المراجع بأسمائها وأسماء مصنفيها تارة أو بأسماء مصنفيها فقط بحيث يمكن أن نقول أنه رجع إلى: 1 - المذهب للشيرازى 2 - الخلاف للقدوري 3 - كتاب المزنى (المختصر) 4 - مختصر الطحاوي، وأدب الحكام وأدب القضاء الصغير 5 - شرح الدامغانى لمختصر الحاكم 6 - مختصر الكرخي 7 - محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الدعوى 8 - الجامع الصغير لمحمد بن الحسن الشيباني والأصل والزيادات 9 - الأمالى لأبي يوسف 10 - القدوري في التجريد 11 - الخصاف في المفصل، وأدب القضاء 12 - علي بن موسى القمي: أحكام القرآن الصغير 13 - أبا عبيدة في الغريب 14 - مختصر أبي موسى الضرير 15 - ابن سماعه: النوادر والأمالي 16 - القضاء للاصطخري (الشافعي)

خطتنا في تعريف الكتاب وموضوعه

17 - شروط الأصبغ 18 - عيون المسائل لأبي الليث السمرقندي ومما يستحق الإشارة في هذا الصدد أن روضة القضاء خلت من الإشارة إلى ما كتبه الماوردي في الحاوي عن أدب القاضي مع أن الماوردي توفي قبل السمناني بتسع وأربعين سنة، فهل معنى هذا أن السمناني لم يطلع على كتاب الحاوي؟ مهما يكن من الأمر فإن كلا المصنفين رجعا إلى مراجع مشتركة في مقدمتها مصنف الاصطخري الشهير. خطتنا في تعريف الكتاب وموضوعه: مما سلف يتبين لنا أن مصنف روضة القضاة كان نقادة والكتاب يعالج موضوعاً لم يزل بحاجة إلى المزيد من الدرس والعناية، لقلة ما حقق ونشر عنه، ولتهجم بعض الغربيين وادعائهم أن القضاء الإسلامي تأثر بدوره بنظم القضاء الرومية والفارسية كما تأثرت نظم الدواوين الإسلامية. وخصائص هذا النظام الطريفة لم يكشف عنها القناع لتتجلى في ضوء البحث الموازن وتعرب عن أصالتها وطرافتها ومحاسنها وهناتها. وإلى جانب كل ذلك فهذا الكتاب صنف بعد مرحلة طويلة من النمو والتطور خطا فيها بحث أدب القضاء خطوات متعاقبة، وألف فيه فقهاء أعلام ممن ذكرهم السمناني وغيرهم والعصر الذي ألف فيه هذا الكتاب بلغت فيه حركة التأليف في شتى فروع الفقه مرحلة بالغة من التطور والنضج ورسخت فيه أساليب علم الخلاف في استعراض مختلف أبواب الفقه دون تعصب أو غلو. كل هذه الحقائق تدعونا بعد هذه التوطئة لتعريف المصنف والكتاب أن نبسط القول فندرس الموضوعات الآتية: 1 - نظام القضاء في الإسلام وخصائصه.

خصائص النظام القضائي في الإسلام

2 - سيرة مصنف الكتاب وآثاره وثقافته. 3 - ما أضافه هذا الكتاب إلى موضوع نظام القضاء من جديد سواء من حيث صياغة المبادئ أو تعليل الفروق بين مختلف آراء المذاهب أو التزام الأسلوب العقلي الهادئ المحايد إلى حد كبير من الحياد العلمي الذي أتيح لأبناء ذلك العصر. خصائص النظام القضائي في الإسلام: للنظام القضائي في الإسلام تاريخ طويل حافل بالحركة والنضال في سبيل العدل والإنسان والحق والشرع، وملامح جذابة لما فيها من طرافة، ولقد توثقت صلتي بهذا النظام منذ أن صنفت كتابي "الوجيز في المرافعات المدنية والتجارية" إلى أن درسته في جانبيه الفقهي النظري والتاريخي وأعددت فيه أبحاثاً مخطوطة رأيت أن أخدمها بنشر بعض ما صنف في أدب القضاء لتزداد ثروتنا ومراجعنا في هذا المضمار. والواقع أن النظام القضائي في الإسلام تمكن في خلال تاريخه الحافل في بعض العصور بالحركة والكفاح والتطور والمتناقضات أن يملي على صفحة الفقه والقضاء أروع القواعد والمبادئ التي تكلفت برعاية حقوق الإنسان وصيانه كرامته وعرضه وماله من التعدي والإتلاف والغصب والجور والشطط. وحسبك أن تعلم أن المدين كان يباع بالدين في شريعة روما ومصر وأعراف الغرب قبل الإسلام فلما هيمن الشرع الإسلامي على مصر وطولب القضاء الإسلامي ببيع المدين بالدين تقرر أن المدين لا يباع بالدين كالسلعة ولكن يترك ليسعى لنفسه وللدائنين. ولقد خاض هذا النظام في سبيل تحقيق ذلك أعنف المعارك وامتحن فيه بعض القضاة أقسى امتحان وحفل بأكثر الآراء والحلول تنوعاً ومراعاة لجوانب مختلفة من العدالة المحضة والمصلحة والضرورة ودون تاريخه سطوراً من نور

ولكن هذا التاريخ لم يخل من عصور انحطاط وقضاة سوء استباحوا الرشوة وحادوا عن جادة الحق وسجلت كتب تاريخ القضاة عنهم اسوأة السير والصفحات بكل صراحة وتندر حتى أصبح لدينا تاريخ حافل بهذه المتناقضات وأضيف إلى ثروتنا الأدبية فصل خاص بما قيل في القضاة من قدح وذم وتجريح وسخرية. وإلى جانب كل ذلك فإن للنظام القضائي الإسلامي خصائصه الخاصة ببنيته وتركيبة ينفرد بها عن سائر النظم القضائية حيث قام بالدرجة الأولى على أساس نظام القاضي الفرد الذي أتيح له استشارة الفقهاء في مجلسه وخارج مجلس الحكم وهذا الطراز من المحاكم يرجع إلى تقاليد العرب قبل الإسلام حيث ساد نظام التقاضي لدى حكم أو كاهن فرد ولا صلة له بطراز المحاكم في الشرائع القديمة الأخرى. ولم يحظ حكم القاضي في ظل هذا النظام بدرجة كافية من القطيعة بل كان عرضة للنقض في الأمور غير الاجتهادية وفق شروط وفروض معينة كما كان القاضي نفسه عند عزله عرضة "للإيقاف" أي لعرضه على الحساب الدقيق والسؤال والمراجعة. وهذا أغرب ما في هذا النظام بالقياس إلى سائر النظم القضائية في مختلف الشرائع المعروفة ودليل على مدى تغلغل مبدأ سيادة القانون في هذا الشرع الذي تقرر فيه خضوع الحاكم والمحكوم لحكم القاعدة القانونية ومسؤولية أولي الأمر عما عهد إليهم الاضطلاع به من الشؤون العامة والخاصة. لقد منح الإسلام للقاضي سلطة واسعة وأناط به مهمات خطيرة، ولكنه جعله مسؤولاً مسؤولية خطيرة في دنياه وآخرته حتى شبه من ولي القضاء بمن ذبح بغير سكين.

لقد كان القضاء في عصور طويلة يتمتع بأخطر مركز بعد مركز الخلافة، ولذا كانت دراسة تاريخه من الأمور المتمتعة والجديرة بالبحث لأنها قمينة بأن تكشف لنا النقاب عن طبيعة نظام الحكم في الإسلام، وعن نوع من الديمقراطية والعدالة حاول الإسلام إناطة تحقيقها بالقضاء، وأكد فيها على العدالة والمساواة أمام الشرع وعلى سيادة الشرع على جميع المكلفين حكاماً ومحكومين وعلى التزام القضاء الحياد التام بين المراكز والحقوق فسطر بذلك أنبل ما رمت إلى تحقيقه الثورة الفرنسية من حقوق الإنسان قبل أن تولد هذه الثورة، وأن تسطر فلسفتها بعصور وعصور. ولكن الفقه أناط بالقضاة مهمة النضال في سبيل هذه المبادئ ولم ينط ذلك بقواعد موضوعية أو إجراءات محددة معقدة مضمونة الجواب اللهم باستثناء حق القاضي في تفتيش السجون وإطلاق سراح المسجونين ظلماً. ولذا فقد تشدد الفقه الإسلامي في صفات القضاة وأعوانهم والشهود وتزكيتهم وتعديلهم، وتشدد السمناني أكثر من غيره لعلة سنشير إليها، ولكنه لم يخدع بما اشترطه هو والفقهاء من قبله فقد اعترف لنا بمرارة بواقع الحال حيث أتيح له معاشرة شيخه قاضي القضاة الدامغاني ثلاثين سنة تولى فيها الشيخ قاضي القضاة منصب القضاء فحدثنا في مواضع مختلفة عن واقع القضاة وعن مجلس شيخه. تلك هى خصائص النظام القضائي في الإسلام، ولسنا بحاجة إلى أن نطيل القول فيها أكثر من ذلك ولا أن نعرض على القارئ القواعد الدستورية التي حررها الفقه في هذا المضمار لأن كل ذلك سيذكر في كتابنا المفرد لنظام القضاء الإسلامي ولكننا سنكتفي في آخر هذا البحث باستنباط بعض القواعد من كتاب السمناني ليكون مجموعها أنموذجاً لهذا الدستور. لم يكن السمناني إذن نقالة جماعة في تصنيفه بل كان نقادة رسم لنا الجانب النظري ولم يخف علينا واقع حال القضاء في عصره فنقل إلينا من تجاربه وملاحظته سير الواقع ومجرى الأحداث ما يجعل المتعة المرجوة من كتابه مضاعفة، ولا غرو فقد اكتوى السمناني نفسه بنار القضاء -كما سنرى- وقد أتيح له

ترجمة السمناني

أن يختبر ما سن من القواعد المثالية لدستور القضاء في ساحة القضاء نفسه فلم يكذب علينا ولا خاتل ولكنه لم يحد عن احترامه لشيخه قاضي القضاة وإعجابه به، وبما كان يجري عليه العمل في زمانه في مجلس حكمه. وثمة أشياء أخرى يكشف عنها النقاب كتاب الروضة فإن مؤلفه لم يكتف بتقرير أحكام نظام القضاء في الإسلام ولكنه بين لنا وجه استنباط تلك الاحكام والقواعد فلم يكن يكتفي بالقياس على نظم الفقه الخاص من وكالة ونيابة بل كان يلحظ الفرق بين الأمرين أحياناً وكان في مواضع أخرى يعمد في الاستنباط إلى مقتضيات الحاجة والمصلحة. والواقع أن جميع هذه الحقائق تبدو جلية في كتاب روضة القضاة حيث يقرر السمناني في مواضع مختلفة منها أوجه القياس على الوكالة، ويقرر أحياناً وجود الفارق بين القضاء والإمامة وبين الوكالة، وحيث يذكر بصراحة أن الإمامة نيابة عن الامة، وحيث يعرض علينا محاولة الفقه تخفيف عبء الحساب والمسؤولية عن عاتق القاضي المعزول بجعل القول قوله فيما يدعى عليه. ترجمة السمناني: مولده ودراسته: وردت ترجمة السمناني في كل من الجواهر المضية (ج 1 ص 375 - 377) والفوائد البهية (ص 123 - 124) ومنهما يستفاد أنه علي بن محمد بن أحمد الرحبي أبو القاسم ويعرف بابن السمناني. ذكره أبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن إبراهيم الهمداني في طبقات أبي حنيفة فقال: "مولده رحبة مالك بن طوق".

ورد على قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الدامغانى الكبير فقرأ عليه مذهب أبي حنيفة. وقرأ الكلام والأصول على أبي علي بن الوليد. وكانت له تصانيف في الفقه والشروط والتواريخ وكتاب في أدب القضاء سماه روضة القضاة وهو تصنيف لطيف فرغ منه سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. وقد نسب لفخر الدين الزيلعي كتاب يسمى روضة القضاة وطريق النجاة، ولكن صاحب الفوائد البهية يقول أن الظاهر أن هذا خطأ (ص 124 منه). وثمة كتاب آخر يسمى روضة القضاة في المحاضر والسجلات تأليف مصطفى بن الشيخ محمد الرومي الحنفي المتوفي سنة 1097 أشار إليه ذيل كشف الظنون (مجلد 1 ص 596) ولا ندري هل العلاقة بين الكتابين قاصرة على اقتباس اسم الثاني من الأول أم أن الثاني رجع إلى الأول في موضوعه ومادته أيضاً.

ثقافته: فالسمناني إذن كان فقيهاً ومؤرخاً ولغوياً تثقف بثقافة عصره من فقه وكلام وأصول وتاريخ الخ، وصنف روضة القضاة وطريق النجاة في موضوع من أهم موضوعات الفقه الإسلامي، ومما يستدل به على ثقافته اللغوية مشاركته في حركة شرح النصوص الأدبية فإن في حوزة مكتبة الأوقاف العراقية مخطوطاً عنوانه: حاشية على مقامات الحريرى. وقد جاء في دليل هذه المكتبة المسمى بالكشاف أن هذه الحاشية بقلم أبي القاسم علاء الدين محمد بن علي السمناني المتوفي سنة 493 هـ وهذه المخطوطة مرقمة بالرقم 299. آثاره: صنف السمناني في موضوعات متعددة في الفقه وأصوله والتاريخ واللغة وروضته من أهم ما صنفه في الفقه فلنعد إليها فإنها محور هذا التعريف: لقد أشرنا من قبل إلى أن أحكام منصب القضاء تنير لنا أهم جوانب الفقه الإسلامي ونعني بذلك الجانب العام من هذا الفقه المعني بتصوير هذه السلطة من سلط الدولة سلطة القضاء، فأحكام القضاء إذن من أهم موضوعات "الفقه العام المقابل للقانون العام في القوانين الوضعية في عصرنا هذا وإن لم يعرف الفقه الإسلامي هذه التفرقة بين الفقه العام والفقه الخاص كما عرفت القوانين الوضعية تفرقة مثلها بين القانونين العام والخاص. ولقد سلك الفقهاء في تدوين أحكام هذه السلطة والقواعد المنظمة لها مسلكين: فمنهم من عالجها باعتبار موضوعات من جملة موضوعات الفقه فلم يفردها بمؤلف فرد مستقل، ومنهم من أفردها بمؤلف خاص كما فعل السمناني حين أفردها بكتابه الفرد الجامع لمباحث هذه السلطة وقواعدها على أن من الفريق الأول من أسهب في التأليف وأطنب حتى جاء بحثه في أدب القضاء أشبه بمصنف فرد في الموضوع كما فعل الماوردي في الحاوي.

ومن مزايا كتاب الروضة أنه لم يقتصر على سرد وجهة نظر المذهب الحنفي وحده ولكنه عالج موضوعه علاجاً جامعاً موازناً فعرض لمختلف وجوه النظر في المذاهب الإسلامية المختلفة من حنفية وشافعية وزيدية وإمامية وخوارج وأكثر من الموازنة بالدرجة الأولى بين أقوال الحنفية والشافعية وكل ذلك على طريقة علم الخلاف أي على طريقة الفقه الموازن بمصطلح عصرنا هذا إن صحت هذه الاستعارة فاتسع بذلك أفق هذا الكتاب، وقد كان الدامغاني أستاذ السمناني من المتضلعين بعلم الخلاف فنقل عن بعض مصنفاته وأشار إلى ما جرى عليه العمل في تلك الفترة الطويلة التي تولى فيها شيخه المذكور منصب قاضي القضاة فجاء كتاب الروضة جامعاً بين ما دونه الفقه في موضوع القضاء من قواعد نظرية وبين ما أسفر عنه العمل والتطبيق من حقائق، وهذه أهم ميزة انفرد بها هذا الكتاب عن سائر ما ألف في موضوعه. إن المعضلة التي يواجهها الباحث في العلوم الإنسانية هي معضلة استحالة اختبار النظم في مختبر وإجراء التجارب عليها تمحيصاً لها، ولكن السمناني أتيحت له هذه الفرصة النادرة في مجلس قضاء شيخه حيث سجل لنا في نهاية أكثر فصول كتابه صوراً ممتعة مما كان يقع في ذلك المجلس ووازن بينها وبين ما قرره الفقهاء ورسموه للقضاء من قواعد نظرية فكان ذلك المجلس مختبراً للنظام القضائي في عصره. ومع أن هذا الكتاب متواضع العنوان إذ يقتصر على الإشارة إلى "القضاة" والقضاء فإن موضوع الكتاب في الحقيقة أوسع من ذلك: 1 - فقد عني السمناني بجميع جوانب الفقه الإسلامي العام بما عقده من موازنات بين الخلافة والقضاء، وبين سلطة القاضي والإمام. وما يشترط في كل منهما من الصفات، وكيف يعزل كل منهما الخ فجاء بذلك كتاباً جامعاً في الفقه الإسلامي العام غير قاصر على بحث سلطة القضاء وبذلك يمكن القول أن السمناني كان من فقهاء الفقه العام إلى جانب تضلعه بالفقه الخاص، وأنه بذل في تطوير مبادئ الفقه العام جهوداً، وقدم لنا نماذج من الصياغة القانونية في هذا المضمار،

شأنه في ذلك شأن الماوردي وإن لم يلغ شأن الماوردي لإقلاله وإكثار الماوردي فيما صنف من كتب في حقل الفقه العام. 2 - وقد عقد السمناني في آخر كتابه فصولاً أرخ فيها للقضاة إلى زمانه فدل بذلك على مدى تضلعه في تاريخ الإسلام. وإلى جانب ذلك فإن مؤلف روضة القضاة كان نسيج وحده كما يظهر من مقدمة كتابه، فإنه لم يقتصر على جمع أقوال من تقدمه من المؤلفين السابقين في هذا الموضوع ولكنه نظر فيما ألفوه نظرة الناقد الفاحص فتكشفت له عيوب تآليفهم من تقصير وتقديم ما لا يحتاج إليه من مقدمات إلى غير ذلك من المآخذ فحاول أن يحترز منها. والواقع أن طريقة هذا المؤلف في الجمع بين أسلوبي النقد والتجميع إن دلت على شيء فإنما تدل على سعة اطلاعه وتوقد ذكائه في تلك الحياة المضطربة التي قاسى آلامها وشدائدها ولم تنصفه في أعز الأشياء عليه وعلى كل إنسان كما سنرى. (2) هذا عن الروضة وللسمناني في موضوع القضاء العملي كتاب أشار إليه إسماعيل باشا البغدادى في كتابه هدية العارفين وأسماه "العروة الوثقى في الشروط". وحدثنا السمناني نفسه عن كتاب له في هذا الفن سماه "كنز العلماء والمتعلمين في علم الشروط" فهل هما كتاب واحد أم كتابان؟ هذا ما لا نستطيع الإجابة عليه جواباً جازماً فلنكتف بالنظر إلى ما ذكره السمناني نفسه عن كنزه حيث قال في روضة القضاة في باب كاتب القاضي: وقد كنا صنفنا في الشروط كتاباً سميناه كنز العلماء والمتعلمين في علم الشروط على نمط يخالف في التراتيب سائر كتب من تقدم وهو مما لا يستغني عنه عالم ولا متعلم، وفيه من الفقه والتعليل لكل شرط، وذكرت خلاف الناس فيه".

فالروضة والكنز كلاهما يعالجان نظام القضاء الروضة من جوانبه النظرية ويتناوله الكنز من جوانبه العملية والتطبيقية، فيعنى ببحث الشروط وفي هذا يقول السمناني في تحديد العلاقة بين كتابيه هذين: "ففيه ما يعين على هذا الكتاب (الروضة)، كما أن في هذا الكتاب ما يعين على ذاك". 3 - وإلى جانب كتابي الروضة والكنز تشير كتب الطبقات كما ذكرنا إلى أن للسمناني تصانيف في الفقه ولا نعلم عن هذه التصانيف شيئاً حتى الآن. 4 - كما تشير هذه المراجع إلى أن للسمناني تصانيف في التواريخ. 5 - وللسمناني كما قلنا شرح على مقامات الحريري منه نسخة مخطوطة في مكتبة الأوقاف العراقية وقد اطلعت عليها فوجدت في آخرها العبارة الختامية الآتية "تم الكتاب بعون الملك الوهاب على يد مؤلفه العبد الفقير إلى الله الغني به علي بن محمد المدعو بعلاء السمناني، بلغه الله كل ما يهواه من المطالب والأماني ليلة السبت وقت العشاء السابع عشر من شعبان ... : ومن المؤسف له أن تاريخ سنة الكتابة قد طمس بحيث لا يقرأ. 6 - وله أيضا سراج المصلي وشروط الصلاة أشار إليه بروكلمان في الملحق 1 ص 638 وذكر أن نسخة خطية منه في مكتبة قليج برقم أ، 378.

حياة السمناني المضطربة: هذا المصنف المثقف المتعدد جوانب الفكر والثقافة النقادة الفاحص المتأمل لم يها في حياته بما يحقق له العزة والكرامة وإن بلغ في زمن نظام الملك مرتبة "صاحب الخبر" فقد نكب منذ اللحظة التي حملت فيها أمه في نسبه حيث شاءت الأقدار أن تحمل به أمه وأن تناصبها العداء زوجة حرة فتحمل زوجها على بيع تلك الجارية المنكودة قبل أن تظهر عليها علامات الحمل لمن يحملها إلى خارج العراق ويسدل الستار عليها وعلى من ستلده. كانت حياة السمناني إذن مضطربة قاسى فيها الأمرين من الشدائد والآلام في مجتمع كان يضع أبناء الجواري في منزلة دنيا، ولا يفسح لهم مجال التقدم إلا بشق الأنفس، فقد ولد من جارية ولادة مغمورة ونشأ في رحبة مالك بن طوق على الفرات، بعيداً عن كنف أبيه محروماً من شفقته ومن أخوة أخيه لأبيه، ولكنه تمكن من شق طريق الحياة بصبر وأناة وكانت أمه حريصة على أن ترفعه إلى المنزلة التي أريد إقصاؤها عنها فدفعته إلى دور العلم وأوصته أن يعود أدراجه إلى موطن آبائه وأجداده إلى العراق ليدرس الفقه على الدامغاني قاضي القضاة، ويبلو خلو الحياة ومرها فتمكن من شق طريق الحياة بصبر وأناة ولم يعلن الثورة على المجتمع إعلان مستهتر بالقيم والتقاليد ولا إعلان ناقم على الأوضاع والنظم ولكنه أعلنها إعلان مؤمن بالحق والمثل العليا ووجد ضالته في القضاء فتمسك بكل ما يحقق مثله الأعلى فيه من شروط الكمال فبرهن بذلك على أصالة نفسه وكان- كما قيل- كثير الشبه بأبيه. وحين تمكن من ثقافة عصر وبلغ فيها ما بلغ توفي أخوه من الزوجة الحرة، فأراد أن يثبت نسبه من أبيه، وأن يبرهن أن أمه الجارية كانت في الحقيقة أم ولد، وأنها حملت به من قاضي الموصل أبي جعفر السمناني، ولكنه أخفق في إثبات هذا النسب، ولم يلتفت إلى دعواه قاضي القضاة رغم شدة الشبه بينه وبين أبي جعفر السمناني، فقد طعن النسب بأنه: لا تصح منه الدعوى

لأنه مملوك اسمه ظاهر، كما هو ثابت في محضر شهد فيه قوم بذلك. ولقد اختتمت تلك الدعوى الفاشلة وجهوده المتواصلة في التظلم منها بالمصالحة على ست مائة دينار يؤدي قاضي القضاة منها أربعمائة دينار. صاحب الخبر: ولكن ما فقده الرحبي من جاه النسب عوض عنه بعض العوض فقد نفق سوقه لدى نظام الملك الوزير السلجوقي فجعله صاحب خبره ببغداد، وأجرى له في كل سنة نحواً من سبع مائة دينار. عقد نفسية: هذا النسب الذي أخفق الرحبي في إثباته، وهذا المنصب المغمور الذي حصل عليه لم يدخل الطمأنينة والراحة على نفس هذا الفقيه المؤرخ اللغوي على ما يظهر، فقد ساءت حالته النفسية رغم المعاش الذي أجرى عليه وثقة الوزير به. وقد أجرت عليه تلك "العقد النفسية" آلاماً شديدة ومصائب متوالية، لأن نسبه المفقود لم يعوض بمنصب غير مغمور، ولأن الناس في عصره لم تكن لتكبر الفقيه إذا ارتقى منصب القضاء فكيف بمن قنع بأن يكون "صاحب خبر" أي رئيساً للمخابرات السرية التي أقامها الوزير السلجوقي الدكتاتور لرصد أخبار العراق وأخبار الخلافة العباسية التي جردت من كثير من سلطاتها وأصبحت مجرد إطار يزين شرعية السلطة السلجوقية وإن حرصت أن تستبقي القضاء في قبضتها، ولقد حدثتنا المصادر حديثاً مقتضياً عن تلك الحياة المضطربة التي قضاها الرحبي السمناني في بغداد في منصبه الجديد غير قرير، حيث تقول الجواهر المضية أن السمناني "ظهر منه تهجم في القول في مجلس الوزير أبي شجاع فخرج توقيع المقتدي بأمر الله بتأديبه، وقرئ التوقيع في المركب في أول شهر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة". وتناقل الناس في بغداد ذلك الحادث بالتعليق والتأويل، وكثرت الشائعات وفي هذا تقول الجواهر المضيئة (ج 1 ص 377).

"وتداول أهل بغداد ما خرج في معناه، وجلس أياماً في دار بالقرب من دار الخلافة وحبس، وأطلق ولازم منزله، فورد نظام الملك إلى بغداد، وخاطب الخلفية فيه، وورد بعد ذلك بسنتين عميد الملك أبو منصور بن جهير فراعاه ولاحظه". هذه الأخبار المضطربة والوقائع الدالة على مدى الاحتكاك بين الخلافة العباسية والسلطنة السلجوقية والصراع الخفي على اقتسام النفوذ في تلك الرقعة التي قامت فيها الإمبراطورية السلجوقية كان ضحيتها صاحب الخبر حيث قدر له أن يقيم بين شقي الرحى وأن يتكلف الخليفة الغضب عليه والأمر بحبسه وأن تسارع الدولة السلجوقية إلى التشفع له وإنقاذه. دعواه إثباته النسب: ولا يفوتنا بعد هذا وقد عرفنا طرفاً من سيرة هذا الفقيه المنكود أن نستعرض تلك المحاكمة التي حاول خوضها لإثبات نسبه وكيف أخفق فيها وما أعقب ذلك من تظلمه وصلحه لما في هذه المحاكمة من غرابة وطرافة وتصوير لأخلاق ذلك العصر لثبوت رقه بوثيقة دونت فيها شهادة شهود أعدت من قبل إعداداً محكماً فأسقط في يده ولم يحر جواباً، ولكنه عاد يتظلم من الحكم ثم اضطر إلى قبول التصالح مع القاضي الذي رد عليه دعواه. لقد روى لنا حوادث هذه القضية، وسير المحاكمة فيها وطرق التظلم منها كتاب الجواهر المضية. وتبدأ حوادث هذه القضية بوفاة أحد القضاة من أسرة السمناني ويدعى أبو الحسين بن أحمد بن جعفر بن محمد، فقد توفي سنة 466 هـ "فحضر (مجلس القضاة) أبو القاسم الرحبي غداة، وقد خرق ثيابه، وشوش عمامته وتخفى في مشيته، وفعل فعل أهل المصائب، وذكر أنه أخوه، وادعى أن القاضي أبا جعفر السمناني أبوه. وتساءل الناس عن أسرة السمناني وعن سمنان التي تنسب إليها؟

وبعد أن رفعت الستارة عن هذه البداية المسرحية وأسكت الجلاوزة اللغط وقطع على المتهامسين الهمس واستمع إلى أقوال أبي القاسم" لم يلتفت قاضي القضاة إلى دعواه "وكتب محضراً واخذ فيه خطوط جماعة". وخرج أبو القاسم منكس الرأس يخط برجليه خطوط اليأس والغيظ والناس بين شامت به وبين ناقم على قاضي القضاة. وفي الفصل الثاني من هذه المسرحية نجد أبا القاسم يطرق باب الخليفة متظلماً بأسلوب مسرحي آخر حتى "تقدم القائم بأمر الله بأن يعقد لأجله مجلس في دار الأستاذ أبي الفصل محمد بن عامر وكيله في المخزن "وأسدلت الستارة قليلاً لترتفع عن فصل آخر حيث" حضره كافة أهل العلم والقضاة والشهود ورفعت الستارة عن هذا الفصل الجديد المتوتر وقد انحت الرؤوس من نقل العمائم واشتبكت الأصابع باللحي، وقد تصدى للمدعي ابن المحسن وكيل زوجة المتوفي. وبدأ بين الطرفين حوار خاطف فتقدم السمناني وهو يحدث نفسه حديث الواثق بصوت منخفض: - لقد أعدت لكل شيء يقوله ابن المحسن وكيل الزوجة جواباً. ولكنه ما يكاد يخطو خطوتين حتى ينبري له ابن الحسن مخاطباً القاضي أبا الحسين محمد بن محمد البيضاوي: - أيها القاضي إن هذه الدعوى لا تصح من هذا ثم يشير إلى المدعي قائلاً له بسخرية لاذعة واحتقار: - أنت! أنت لا تصح منك الدعوى، لأنك مملوك! ويتهامس جمهور الحاضرين. ويذهل علي السمناني من تلك التهمة التي رافقته من الرحبة إلى بغداد. ويهم بالجواب ولكن الوكيل يفحمه قائلاً: -

واسمك! اسمك ظاهر ثم يخرج الوكيل من كمه محضراً بذلك وقد شهد فيه قوم بذلك فينشره ملوحاً به وتسدل الستارة والمدعي يستغيث: - رباه! ما أظلم الإنسان لقد تحيرت في أمري. وها أنا ذا لا أجد من ينصرني. أأنا مملوك حقاً؟ ولست حراً. فتتوالى القهقهات وهو يقول: - وأي ذنب لي في كل ما قدر لي! ألست إنساناً! ويسمع صوت يقول: - ياللصلعوك إنه يتحدى المقدور؟ وتسدل الستارة بسرعة لترتفع عن قوم يتهامسون: صوت- لقد عاد الفقيه المملوك أخيراً. آخر- صه صه لقد عاد إلينا وكأنما هو غيره. ثالث- وكيف أيها الرجل. الصوت الثاني- إنه اليوم صاحب الخبر ببغداد ومن ورائه نظام الملك الوزير وجندي من جنود السلاجقة يتبعه كالظل لينقض كالصاعقة على من يشير إليه بطرف بنانه. الصوت الثالث- إنه سينتقم رابع كلا، إنه اليوم في محنة فقد ظهر منه تهجم في القول في مجلس الوزير أبي شجاع فخرج توقيع المقتدي بأمر الله بتأديبه وسيقرأ التوقيع في المركب ثم يحبس. صوت آخر: والدولة السلجوقية؟ إن نظام الملك من ورائه، إنه سيعود إلى سابق عهده إن السلاجقة لا يرضون الهوان لأتباعهم.

ما أثمرته روضة القضاة

تلك هي فصول المسرحية التي شهدتها بغداد في زمن الخليفة القائم بأمر الله أو لقطات منها: وفي خضم تلك الأحداث لم ينصرف السمناني عن التأليف فخلف لنا كتابه "روضة القضاة" يدعو فيه لقضاء عادل، قضاته على جانب كبير من العلم بالشرع والاجتهاد لو أمكن تحقيق حلمه المنشود. ما أثمرته روضة القضاة: أما وقد علمنا أن مصنف روضة القضاة كان ضحية من ضحايا القضاء فأخفق في اتباع نسبه من أسرة السمناني العراقية العريقة ولم ينصف في مجلس القضاء، ولا في مجلس التظلم وآب من دعواه بصلح يقاسي فيه مرارة الحرمان، حرمان ابن الجارية من نسب السيد مولاها كما هزمت أمه من قبل في صراعها مع السيدة زوجة قاضي القضاة أبي جعفر فبيعت بثمن بخس فهل أثرت تلك الأحداث على نفس المؤلف. أجل لقد أثرت كل الأثر ولكنه تماسك وتجلد كما أشرنا فدل على نجابة وصلابة في الحق واتجه إلى التأليف ليحيط بتأليفه عالم الحق بما يمكنه من الضمانات الخلقية وعمد إلى تبسيط مؤلفه ليكون مرجعاً لا للعلماء والخاصة فقط بل للمتعلمين ليتعلم الجميع حقوقهم المقررة شرعاً وليتعلم الإنسان أن له كرامة وحقوقاً. وأكبر الظن أن تلك الأحداث أثرت في نفسه تأثيراً عميقاً فحذر من تولية القاضي الجاهل لأن "البلية به أشد، لاسيما إذا اختصما في المعاملات والمواريث والمسائل المشكلة في الفروع التي يتجاذبها شبه الأصول". وحذر من تولية "متهم في الحكم لئلا يجور" وكتب يقول: لا ينبغي أن يختار للقضاء "إلا من يغلب على الظن أنه أوفا مختار، وأكمل إنسان". وينبغي لمن تملك الولاية أن يختار لهذه الرتبة من لا يقدر العالم على أصلح منه، ولا أفضل ولا أكمل، كما اختار الله تعالى لرسالته صفوة كل عالم، هذا

نماذج من قواعد الفقه الإسلامي كما صاغها السمناني

التشدد في اختيار القضاة وتطلب الكمال فيمن يولى القضاء لا نجد له نظيراً في أدب القضاء للماوردي- مثلاً- فإن الماوردي مال إلى الاعتدال في اشتراط الفضل في القاضي لما هو معروف عنه من واقعيته، ولذا فإن الماوردي صاغ القاعدة المعتدلة الواقعية الآتية فقال: "إذا تكاملت شروط القضاء في جماعة، كان الأولى بالأمام أن يقلد أفضلهم، فإن عدل عن الأفضل إلى المقصر انعقدت ولايته، لأن الزيادة على كمال الشروط غير معتبرة" (أدب القضاء له 1/ 25). وهكذا كان السمناني يتمنى أن لا يرقى إلى دست القضاء إلا إنسان كامل علماً وعدلاً واجتهاداً لينصف أمثاله من جشع الأرمة وغيرة الضرة. نماذج من قواعد الفقه الإسلامي كما صاغها السمناني: وثمة مزية أخرى يلمسها قارئ هذا الكتاب: ألا وهي عرض المسائل الفقيهة بشكل جذاب بارع الصياغة جاهز للتدوين القانوني بمجهود قليل يبذل في هذا المضمار وإليك بعض الأمثلة على ذلك: العقد الموقوف: ففي العقد الموقوف صاغ القاعدة الآتية: كل عقد لو تقدم عليه الإذن نفذ، إذا تأخر عنه الإذن انعقد موقوفاً على من له حق العقد (الحنفية). أخرى بعكسها لا ينعقد شيء من العقود موقوفا على الإجازة. تولية المرأة القضاء: وذكر في آخر بحثه عن تولي المرأة القضاء قاعدة جامعة لحقوق المرأة ومركزها الفقهي فقال: "وأجمعوا على أنها يجوز أن تكون وصياً، ووكيلاً، وقاسماً، وأميناً وأنها كالرجل في سائر العقود.

باب في الإمامة

وأنها أولى من الرجل بالحضانة والتربية وأنها يقبل قولها فيما لا يطلع عليه الرجال، ولا يقبل قول الرجال في ذلك. إن هذه العبارة الجامعة لحقوق المرأة ومركزها القانوني في الفقه الإسلامي يمكن أن تصاغ قاعدة قانونية بتعديل يسير بأن يقال مثلاً: قاعدة: أ- للمرأة أن تكون وصياً ووكيلاً وقاسماً وأميناً. ب- وهي كالرجل في سائر العقود، وأولى منه بالحضانة والتربية. ج- ويقبل قولها فيما لا يطلع عليه الرجال دون أقول الرجال. باب في الإمامة وصاغ عند بحثه عن واجبات الخليفة تجاه الرعية وحقوقه على الرعية قواعد جامعة من قواعد الدستور الإسلامي، وفي الإمكان بعد تعديل يسير أن نصوغ عبارته بعد تجريدها مما لا صلة له بأسلوب التشريع من عبارات الشرح والإيضاح على النحو الآتي: قاعدة- يتعين الإمام بالاختيار. أخرى: يتعين بالنص (الإمامية) قاعدة- إذا عقد للإمام فالعبرة بالعقد الأول. وإذا وقع عقدان معا ينعقد للأفضل (وقيل بالبطلان وبالقرعة). قاعدة- يقع اختيار الإمام بأن يجتمع جماعة من صلحاء الأمة وأهل الحل والعقد والعلم والأمانة فيعقدوا للأمام ولا يفتقر إلى جميع الأمة في ذلك. قاعدة- الدعوة طريق للإمامة وهي أن يباين الإنسان الظلمة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وتجتمع فيه شروط الإمامة فيكون إماماً وإن لم يبايع على ذلك. (الزيدية). أخرى. لا يكون. قاعدة- لا يجوز أن يتعدد الإمام في العصر.

قاعدة- يشترط في الإمام أن يكون ذا رأي وسياسة وشجاعة وأن يكون في ظاهره عدلاً، فإن كان فاسقاً لم يؤمر، ولم يعقد له ولاية ولم تجب طاعة. قاعدة- ليس للإمام أن يجبي ما لا يستحقه، ولا أن يعطي ما يجب (المصالح العامة وشؤون الرعية) لنفسه ولا لغير مستحقه. قاعدة- على الإمام التسوية في الأحكام والعطاء وقسمة الفيء ووضع كل حق في موضعه، ومنع المظالم. قاعدة- للإمام على الرعية أن يسلموا إليه ما وجب من حق في المال له أخذه وله عليهم السمع والطاعة فيما يأمر وينهى عنه، ما لم يكن معصية لأحكام الشرع. وأن يمكنوه من إقامة الحدود في أنفسهم وأتباعهم. وهكذا يمكن أن نضيف إلى هذه القواعد الدستورية قواعد أخرى مستخرجة من هذا الكتاب بعد تعديل يسير وتجريد قليل. فنقول مثلاً: قاعدة- لا يصح عقد الإمامة خاصة، بل لا تقع إلا عامة عموماً لا تخصيص فيه بحال. قاعدة- الإمام نائب عن المسلمين يستوفي ما وجب لهم من الحقوق ويوفيهم ما يجب لهم، ويستوفي منهم ما يجب استيفاؤه من الحقوق العامة وينفذ عليهم الأحكام. قاعدة- إذا جار الإمام واعتدى وتمرد واحتوى على الأموال وجب على المسلمين خلعه ومنعه والاستبدال به. قاعدة- يشترط في الإمام أن يكون قرشياً (مذهب الجمهور). أخرى- لا يشترط (رأي الخوارج وبعض أصحاب الحديث) فيجوز أن تكون الإمامة في غير قريش وغير العرب. قاعدة- الإمامة حق لكافة المسلمين ولهم أن يصرفوها إلى من شاءوا ممن يعلمون أنه يقوم بها.

قاعدة، إذا أسر الإمام وتعذر على الناس الوصول إلى إذنه جاز لهم نصب غيره وسقط عنهم حكم ولايته. قاعدة- لا يشترط في القاضي أن يكون عربياً. قاعدة- يقضي القاضي على الأمير، ويقضي له، وإن استفاد النظر منه. قاعدة- ليس للقاضي أن يتصرف إلا فيما يجوز للإمام أن يتصرف فيه. قاعدة- لا ينقض قاضي أهل العدل من أحكام قضاة الخوارج. إلا ما ينقض من أحكام غيرهم، كل ذلك بشرط أن لا يكون قاضيهم ممن يستبيح دماء أهل العدل وأموالهم وأن يكون عدلاً مجتهداً. قاعة- يشترط في الحاكم أن يكون ذكراً بالغاً عاقلاً حراً، مسلماً عادلاً، غير متهم في الحكم. قاعدة- يجوز أن تلي المرأة القضاء فيما يجوز أن تقبل شهادتها فيه، وحدها أو مع الرجال، ولا يجوز في الحدود والقصاص (أبو حنيفة). أخرى- يجوز أن تتولى المرأة القضاء في جميع ذلك (الخوارج). قاعدة- لا ينبغي أن يولى القضاء إلا الموثوق في عفافه وعقله وصلاحه وفهمه وعلمه بالسنة والآثار ووجوه الفقه (عن مختصر الطحاوي). قاعدة- لا يولى الحكم إلا رجل من أهل الاجتهاد (الروضة) ولا تنعقد ولاية العامي (الشافعي ومحمد بن الحسن عن الروضة). قاعدة- لا يشور القاضي إذا نزل به المشكل إلا أميناً عالماً بالكتاب والسنة والآثار وأقاويل الناس (أي الفقهاء) والقياس وأنساب العرب (عن المزني). قاعدة- يولى القاضي من جهة الإمام. قاعدة- يشترط في الإمام أن يكون ذكراً (وشذت الخوارج فأجازت إمامة الأنثى).

في الثورة على الظلم

قاعدة- إذا عزل الإمام القاضي فأحكامه نافذة وقضاياه ماضية حتى يصله كتاب العزل وشهادة الرسول بذلك. قاعدة- إذا ادعي على القاضي المعزول أنه ارتكب في قضائه السابق ظلماً أو تعدياً فالقول قول القاضي المعزول ولا يمين عليه. قاعدة- إذا تظلم من القاضي المعزول متظلم، وسأل القاضي المولى إحضاره لم يحضره حتى يسأله عما بينهما. قاعدة- إذا ادعى على القاضي المعزول أنه حكم بجور نظر في ذلك فإن كان مما يسوغ فيه الاجتهاد أمضاه، وإن كان لا يسوغ فيه الاجتهاد أبطله، كما يبطل حكم نفسه إذا رده الإجماع. قاعدة- خطأ القاضي على نوعين: ما هو حقوق الله كالحدود فهو في بيت المال. وما هو حق العبادة فذلك واقع على من حكم له به، يغرم ذلك المقضي له، ولا شيء على القاضي فيهن والمال إذا لم يقدر على رده ففيه غرم المثل، والقيمة والدية. وإن كان قائماً بنفسه رده على صاحبه، ولا غرم على القاضي. في الثورة على الظلم قاعدة- يسأل الإمام الخوارج عما دعاهم إلى الخروج فإن ذكر شيء ظلموا فيه أنصفهم من الظلم، وإلا دعاهم إلى الرجوع إلى الجماعة والدخول في طاعة الإمام، فإن فعلت وإلا قوتلت. في التحكيم وفي التحكيم يمكن استخلاص القواعد الآتية: قاعدة- يجوز أن يحكم الخصمان، رجلاً واحد، ويجوز أن يحكما رجلين فما زاد ولهما أن يخرجا الحكمين من الحكم. قاعدة- لا ينفذ الحكم من الحكم على غير الخصم الذي حكمه.

الختام

قاعدة- إذا حكم الحكم بشيء ثم رفع إلى القاضي وكان موافقا للحق ورأيه أمضاه وإلا رده. الختام: والحاصل فإن كتاب روضة القضاة جدير بعناية الجماعة والباحثين وبأن يتخذ مرجعاً للدرس في معاهد الدراسة العالية في الفقه الإسلامي والقانون لكن ما ذكرناه من مزاياه وفي سيرة مؤلفه ما يصلح نواة لمسرحية أو رواية سينمائية تمثل نقائض ذلك العصر ومظالمه ومآسيه والصراع بين القوي والطبقات. ولحسن الحظ فقد عثرت في سفرتي الأخيرة إلى الجمهورية التركية صيف سنة 1967 على تحقيق هذا الكتاب ونشره بإذن الله وتوفيقه، وسأختار من بعد ذلك للنشر ما كتب عن القضاء في أهم مخطوطات الفقه التي لم تنشر لما تزخر به هذه الفصول من القواعد التي دبجتها براعة الفقه الإسلامي كالقاعدة التي قرأتها في مخطوطة شرح الزيادات للاوزجندي في مكتبة راغب باشا في الأستانة حيث جاء في باب الدعوى في هذه المخطوطة. بني هذا الباب على أن القاضي مأمور بالنظر والاحتياط، لأنه نصب لدفع الظلم وإيصال الحقوق إلى أربابها فيحتاط لإيفائها ويتحرز عن تعطيلها. أن هذه العبارة يمكن أن نستخلص منه القاعدة الآتية: "القاضي مأمور بالنظر والاحتياط لأرباب الحقوق والتحرز عن تعطيلها ودفع الظلم". وهذا شبيه بما تقرر في القواعد الوضعية أي في فقه الدساتير وقوانين السلطة القضائية والمرافعات من أن القاضي ممنوع من إنكار العدالة بحجة عدم النص كالمادة (30 من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969). والخلاصة فنحن أمام تراث فقهي دستوري، قضائي جدير بالعناية والنقد والتمحيص.

مراجع البحث

مراجع البحث 1 - الجواهر المضية. 2 - الفوائد البهية. 3 - كشاف مخطوطات الأوقاف. 4 - طبقات الفقهاء لعلي القارئ. مخطوط الأوقاف. 5 - الكامل لابن الأثير. 6 - تاريخ بغداد للخطيب. 7 - طبقات الفقهاء للشيرازي. 8 - بروكل 1/ 373 والذيل 638. 9 - شرح الزيادات للاوز جندي. مخطوط في مكتبة راغب باشا في اسطنبول ومنه نسخة في مكتبة الأوقاف العراقية برقم 4050. 10 - شرح أدب القاضي لأبي بكر الخصاف ولشارحه حسام الدين عمر بن عبد العزيز بن مازة الشهيد (-536). منه نسخة خطية بمكتبة الأوقاف برقم 3505. 11 - لوازم القضاة والحكام في إصلاح أمور الأنام لضحكي (مصطفى بن ميرزا بن محمد بن ياردم السيروزي 1090 هـ) مخطوط بمكتبة الأوقاف برقم 3904. 12 - معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام للطرابلسي القدسي (علاء الدين علي بن خليل) (8440 هـ) طبع. 13 - معين الحكام على معرفة غوامض الأحكام للغزي الدمشقي (أبو الروح عيسى بن عثمان بن عيسى) (-799 هـ) مخطوط بمكتبة الأوقاف برقم 3668. 14 - نصوص وصكوك ووثائق شرعية من العهد العثماني مجموع رقمه 3181 (أوقاف). 15 - نصوص وصكوك ووثائق شرعية ومجالس، مجموع رقمه 3182 (أوقاف).

16 - عماد الرضا بأدب القضا لزكريا الأنصاري (-910 هـ) مجموع رقمه 3201 (أوقاف) ومجموع آخر رقمه 3223. 17 - رسالة في التناقض للملا محمد الحنفي مجموع رقمه 3338 (أوقاف). 18 - أدب القضاء لأبي يوسف. مخطوط مصور في مكتبة المجمع العلمي. 19 - طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن علي الكافي تحقيق محمود الضاحي وعبد الفتاح محمد الحلو). 20 - روضة الحكام وزينة الأحكام للقاضي أبي نصر شريح بن عبد الكريم بن الشيخ أبي العباس أحمد الروياني المتوفى سنة 505 هـ مخطوط بالمكتبة الظاهرية بدمشق رقمه 2174 (فقه شافعي 237). 21 - البداية والنهاية لابن كثير. 22 - أدب القاضي من الحاوي للماوردي (علي بن محمد بن حبيب - 450 هـ) تحقيق محي هلال السرحان. 23 - أسد الغابة في معرفة الصحابة.

ملاحظتان ملاحظة: ولا يفوتنا أخيرًا أن نشير إلى أننا اعتمدنا في تحقيق روضة القضاة نسخة معهد المخطوطات العربية وأشرنا في الهوامش إلى ما ورد زائدًا أو مغايرًا لها من نسختي منيخ وقليج على باشا. ملاحظة: لقد فاتني أن أشير إلى أن كتاب روضة القضاة في المحاضر والسجلات لمصطفى بن الشيخ محمد الرومي الحنفي الذي أشرنا إليه في الصحيفة (17) ليس له كبير صلة بروضة السمناني فقد أطلعنا على نسخة من روضة الشيخ محمد الرومي في المكتبة الملية بأزمير في صيف سنة 1969 فوجدنا أن مصنفها كان من قضاة الأناضول فجمع نماذج من الوثائق والصكوك أغلبها باللغة التركية، ولعله لم يستعر من روضة السمناي سوى الصوان.

صورة ما جاء في الصحيفة الأولى من مخطوطات الكتاب كتاب أدب القاضي المسمي بروضة القضاة تأليف الشيخ الإمام العلامة أبي القاسم على بن محمد بن أحمد السمناني تغمده الله تعالى برحمته وهو بخط مؤلفه وذكر في آخر هذا الكتاب أنه فرغ من تأليفه صبيحة يوم الجمعة مستهل صفر الخير من سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. قال عبد القادر في طبقات الحنفية: السمناني بكسر السين المهملة وسكون الميم وفتح النون وفي آخرها نون أخرى، نسبة إلى سمنان مدينة من مدن قومس بين الدامغان وخوارزم. انتهى من الكتاب المذكور بحروفه.

مقدمة المصنف

مقدمة المصنف بسم الله الرحمن الرحيم نصر من الله وفتح قريب، وما توفيقي إلا بالله، الحمد لله الذي أمر الخلق بأتباع دينه، وتصديق رسوله، وأمر بالاقتداء بأحكامه، والأخذ بما سن وشرع من الأحكام في كتابه وعلى لسان رسوله عليه السلام من أتباع العلماء والأخذ بقول الأئمة الفقهاء، وجعل العلماء ورثة الأنبياء عليهم السلام، يقومون مقام الرسل في حفظ الشرع، والشهادة بتبليغ الدين، كما جعل رسوله عليه السلام شهيدًا عليهم {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} فقوام الدين بالعلماء وثبات الشرع بالفقهاء، فلولاهم لما عرف حلال من حرام، ولا حق من باطل، ولا أمر من نهي، ولا ناسخ من منسوخ، ولا مجمل من مبين ولا مباح من سنة، ولا سنة من بدعة، ولا فرض من نفل، ولا صدق من كذب، ولا نبي من متنب، ولا إمام من أنام، فهم صفوة الخلق، وشهود الله على الحق، وأحق الناس بالإكرام والتعظيم، فالله يرعى من رعاهم ويكرم من يكرمهم ويعظم من يعظمهم من كبير أو صغير [وجليل وحقير، وحقه على فقهاء العصر من هم في نعمة ينقلبون ومن بحار جوده يغترفون وفي رياض إحسانه يتمتعون، الباني لهذه المدرس،

والذاب عنهم في المجالس والمكرم لهم عند السلطان، والمقرب لهم في كل مكان صدر الإسلام والمسلمين] نظام لملك وقوام الدين العادل العالم المنصور المظفر الذي من اسمه تشتق الأسماء، ومن أفعاله تتقلب ومن طهارته تقدم وهو أبو علي الحسن بن علي بن اسحق رضي أمير المؤمنين رضي الله عنه وأعلا ذكره. ولما كانت نعمة عندي جسيمة وأياديه عظيمة، أحببت أن أودع ذكره كتابًا يحتاج إليه العلماء والمتعلمون، والخاصة والعامة، ولا يستغني عنه في أدب الفقه على جميع مذهب الفقهاء، ألقبه من لقبه وأرسمه من أدبه، وأودعه من نقول علمه. اسمه روضة القضاة وطريق النجاة، الناظم للشرع والمقيم للدين، أودعه ما لا يوجد لأحد تقدم من العلماء في كتاب في هذا الشأن، فقد صنف في ذلك كتب كثيرة كالذي صنفه الخصاف والطحاوي، الاصطخري، ومحمد بن الحسن [الشيباني] وسائر شروح الضالعين فمنهم من أطال، ومنهم من قصر، ومنهم من قدم ما لا يحتاج إليه، ومنهم من أخر، ولم يرتب الأبواب ولا عقد الفصول، ولا كشف قناع العلم ولا أتى بما يحتاج إليه على نمط الحاجة. وكتابي هذا يشتمل على ذكر القاضي وصفته التي يكون عليها، وما يتعلق بجانب القاضي، وذكر المقضي له، وذكر المقضي عليه، وذكر ما يقع

[القضاء به] من الأمور كالبينة وعلم القاضي وما يمنعه وذكر ما يقضي به وذكر ما يجوز أن يقضي به ما لا يجوز أن يقضي به، وذكر الأزمان والأمكنة في القضايا والشهادات مما لا يوجد لأحد قد جمعه في كتاب لجميع من تقدم من العلماء فأما من تأخر فلا علم لنا به، وبما يكون منه. وأنا أرتب أولاً عدد الأبواب في كل فصل ثم أرجع واشرح الحال في كل باب، واستوفي ما فيه من الفصول، وأحكي في كل فصل ما هو متفق عليه، وما هو مختلف، وما يجب أن يفعل في المنازعات والدعاوى والبينات والأيمان وكيفيتها، والنكول وكيفيته ومواضعه، وسائر ما يتبع ذلك. وأنا أسأل الله تعالى تسهيل هذا الذي قصدت إليه، وتيسيره عليّ والتوفيق والتسديد وأن يصلي على محمد النبي وآله وأصحابه، ويرحم جميع العلماء من جميع أمته، آمين رب العالمين.

تعداد موضوعات الكتاب

تعداد موضوعات الكتاب باب صفات القاضي وشروطه وهذا باب ما يختص بالقاضي من الصفات والشروط والأحكام وهو يشتمل على أبواب وفصول:- منها اعتبار الذكورية. ومنها البلوغ. ومنها العقل ومنها اعتبار الحرية. ومنها الإسلام. ومنها اعتبار الورع مع الإسلام. ومنها اعتبار العدالة. ومنها اعتبار العلم، وشروطه وحد الاجتهاد. ومنها صفة المولى وما يجب عليه من الشروط. ومنها كيفية الولاية "للقضاء". ومنها ما يشترك فيها الوالي [والمولى]. ومنها ولاية الخوارج للقضاء وما قيل في ذلك. ومنها إذا "حكم" الرجلان حكمًا. ومنها جواز الدخول في القضاء وذمة وجواز [أخذ الرزق على] القضاء وحكم الرشوة عليه، ومنها "أحوال" القاضي التي يقضي فيها وما يتفرع عليها، ومنها دخول البلد الذي وليه، وما يفعله وما يستحب له ويكره، وفصول ذلك. ومنها كيفية جلوسه وأحواله والمكان الذي يقضي فيه "وما يكره له ويستحب ويقضي به". ومنها قبض ديوان الحكم وتسلمه.

باب أعوان القضاء

باب أعوان القضاء ومنها ذكر كاتب القاضي وما ينبغي أن يكون عليه من الصفات. ومنها ذكر حاجب القاضي. ومنها ذكر وكلاء القاضي وما يجب عليهم. ومنها ذكر أعوان القاضي وأتباعه والمحضرين. ومنها ذكر أصحاب مسائله عن الشهود. ومنها ذكر صاحب الحبس الذي يكون عليه. ومنها ذكر بّواب القاضي وما يجب عليه. ومنها ذكر الجلواز بين يديه وفي مجلسه. باب سلطة القاضي ومنها جواز النيابة عنه في الحكم. ومنها وقوف الحكم على إجازته. ومنها ما يبطل ولاية القاضي. ومنها موت القاضي والإمام. ومنها عزل القاضي وخلع الإمام. ومنها معاملة القاضي والإمام في ماله ومال غيره ويدخل في هذه الجملة فصول كثيرة وخلاف كثير ومسائل جمة، تراها في هذه الأبواب إن شاء الله. فهذه الأبواب جملة ما يقع "الكلام" فيها في القاضي وطريق ولايته وأحواله. باب المقضي له فأما الكلام في المقضي له، وهو المدعي فهو على أبواب منها من المدعي والصفة التي يكون عليها ومنها جواز العدوى بقبول المدعي.

باب المقضي عليه

ومنها الموضع الذي يعدى القاضي على الخصم، ومنها كيفية إحضار الخصم إلى القاضي. ومنها العذر الذي يسقط الحضور. ومنها ذكر الامتناع عن الحضور إلى القاضي. ومنها ذكر دعوى النساء والدعوى عليهن. ومنها دعوى العبد والمكاتب ومن فيه رق. ومنها دعوى الغير عن الغير، ويشتمل على أبواب: منها دعوى الولي للصغير. ومنها دعوى الوكيل لغيره. ومنها دعوى الأمين. ومنها دعوى الوصي لليتيم والميت. ومنها دعوى الشريك والدعوى عليه. ومنها دعوى المضارب والدعوى عليه. ومنها دعوى المولى عن العبد. ويدخل في هذه الجملة فصول كثيرة ومسائل جمة سنراها عند التفصيل في ذكر ما يجوز القضاء فيه، وما لا يجوز. باب المقضي عليه فأما الكلام في ذكر المقضي عليه وهو المدعي عليه فيشتمل على أبواب: منها ذكر أحوال المدعى عليه. وصفاته التي يكون عليها. ومنها ذكر القضاء عل الحاضر. ومنها جواز القضاء على الغائب.

باب ما يقع القضاء به

ومنها ذكر القضاء على الميت. ومنها كيفية القضاء على الورثة. ومنها ذكر القضاء على من هرب من الحضور وتغيب ويدخل في هذه الجملة فصول كثيرة ومسائل جمة نراها في مواضعها. باب ما يقع القضاء به فأما الكلام فيما يقع القضاء به من الأمور كالبينة وعلم القاضي والإقرار والأيمان فيشتمل على جملة من الأبواب نحن نرتبها ونقسمها. منها الكلام في الشهود. ومنها الكلام في عدد الشهود. ومنها الكلام في صفة الشهود. ومنها ما يقبل فيه شهادة النساء خاصة. ومنها الموضع الذي يعتبر فيه قول الرجال خاصة. ومنها الموضع الذي تقبل فيه شهادة الرجال والنساء. ومنها ما تقبل فيه شهادة العبد. ومنها ما يقبل فيه من ظاهره العدالة. ومنها ما يقبل فيه قول الناس ويصح به. ومنها ذكر الشاهد واليمين وما يقضي به فيه. ومنها ما يقبل فيه الاستفاضة. ومنها الشهادة وما يعتبر في جوازها وطريق حصولها، والتزكية وشروطها وطريقها. ومنها ما ترد به شهادة الشاهد. ومنها ذكر الشهادة على الشهادة. ومنها الموضع الذي يقبل ذلك فيه.

باب المقضي فيه

ومنها عدد شهود الفرع في موضع قبولها، ومما يلحق بذلك النكول عن الأيمان إذا وجهت اليمين. ومنها الموضع الذي يقضي فيه بالنكول. ومنها كيفية القضاء بالنكول وفصوله. ومنها اليمين وما يجب في معرفتها. ومنها صفة اليمين وكيف يحلف. ومنها ما لا يجب فيه اليمين وما لا يحلف عليه. ومنها الموضع الذي يحلف فيه على البت والعلم. ومنها رد اليمين، والموضع الذي ترد فيه. ومنها إقامة البينة بعد اليمين. ومنها الرجوع عن الشهادة وفصول ذلك ومسائله. ومنها علم القاضي وما يجوز أن يقضي فيه بعلمه وما لا يقضي فيه. وتشتمل هذه الجملة على مسائل كثيرة. ومن ذلك مكاتبة القاضي إلى آخر، وما ينبغي أن يكتب وما لا يكتب وفصول ذلك. باب المقضي فيه فأما الكلام في المقضي فيه فيشتمل على أبواب كثيرة ومعان جمة منها أقوال ومنها أفعال، فأما الأقوال فيقع القضاء فيها بما يلزمه تملك المال، ومنها ما يلزمه عقوبة، فالأول العقود كلها، والإقرارات والإيقاعات وكل ما طريق ثبوته القول.

ونحن نرتب هذه الأبواب والكتب على هذا النحو، بخلاف ترتيب الكتب في الخلاف والمذهب، ونبين تعلق بعضها ببعض فنبدأ بما طريقه القول إلى العقود والإقرارات فأول ذلك النوع: الرهن والتفليس، الحجر، الضمان والكفالة، الحوالة، الأجازة، المزارعة، المساقاة، الهبة، العارية إحياء الموات، الشركة، المضاربة، المأذون، الوديعة، الوكالة، الوصية، الإقرار، الصلح، الوقف، القسمة، الشفعة، النكاح، الصداق، القسم، الرضاع، الخلع، الطلاق، الرجعة، الإيلاء، الظهار، اللعان، النفقات، العتاق، المكاتبة، التدبير، الاستيلاد، الأيمان، الجنايات قتال أهل البغي، المرتد، الصول، السيرة، الغنيمة، الغصب، الإكراه، الحدود، الزنا والقذف، السرقة وقطاع الطرق، الأشربة والأطعمة والضحايا والصيد، والذبائح والسبق، والرمي، اللقطة، اللقيط، المواريث، أبواب شتى مختلفة الوضع، وباب يذكر فيه من ولي القضاء إلى هذا الوقت. فهذا ترتيب الكتب .. وأنت تجد في كل كتاب من المسائل والأبواب والفصول ما لا تجده في غير هذا الكتاب مجموعًا، ونحن نبتدئ بما رتبنا أولاً فأولاً، ونسوق الخلاف والوفاق الواقع فيه إن شاء الله "تعالى".

الكتاب الأول التنظيم القضائي

الكتاب الأول التنظيم القضائي 1 - صفات القاضي وشروطه 1 - أعلم أن الكلام في هذا الباب يجب أن نعلم أولاً أن تسمية القاضي بهذا الاسم هل هو مثل اسم الحاكم؟ وهل هو اسم مدح أو فيه ذم؟ وهل يستوي الاسمان في المعنى أم لا؟ 2 - فالقضاء فعل اشتق منه لفاعله اسم، وكذلك الحكم. 3 - وقد أضاف الله تعالى القضاء إليه في القرآن على وجوه فقال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}.

قيل إن معنى ذلك أنه أمر. وقال: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}. قيل خلق. وقال: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} يعني يحكم. وقال: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ} قيل أعلمهم بإضافة القضاء إلى نفسه، وتمدح بهذا الاسم وذكره في عدة مواضع مضافًا إليه، وقد أضاف الحكم إليه فقال: {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} وأمر أنبياءه عليهم السلام بالحكم بما أنزل، ونهاهم عن الهوى وأمر بإتباع ما في التوراة والإنجيل، وحث نبيه على الحكم بما أنزل إليه، وجعل ذلك مهيمنًا على ما أنزل على غيره فقال: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} وقال: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} 4 - وقد اختلف الناس في أن اسم القاضي أشرف من الحاكم أم هما سواء؟

شرف رتبة القضاء

فمنهم من قال: إن اسم القاضي أشرف في اللغة. ومنهم قال بالعكس من هذا. ومنهم من قال هما سيان، ولهذا أضافهما الله تعالى إليه على سواء. ورأيت كثيرًا من القضاة يكره أن يخاطب بالحاكم ويأنس في القاضي. وكان شيخنا قاضي القضاة أبو عبد الله رحمه الله يبتذل أبدًا هذا الاسم يعني الحاكم ويلح على الخطاب بالقاضي، ولا أعلم هل قرأ ما صنف في الفرق بينهما أم لا، أو يقوله شهوة ولا شك أنه اسم مدح. شرف رتبة القضاء 5 - والقضاء رتبة شريفة، ومنزلة رفيعة لا منزلة فوقها من المنازل، ولا رتبة أوفى منها إذا اجتمعت شرائطها وحصل في القاضي ما يفتقر إليه من الخصال، لأنها التي تولاها الله تعالى بنفسه، وبعث بها رسله عليهم السلام، وتولاها رسوله صلى الله عليه، وقام بها أئمة العدل بعده، فينبغي لمن يملك الولاية أن يختار لهذه الرتبة من لا يقدر العالم على أصلح منه ولا أفضل، ولا أكمل، كما اختار الله تعالى لرسالته صفوة كل عالم ورئيس كل جيل وأفضل أهل كل زمان، كما قال تعالى: "وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ" وقال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} وقال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} وقال:

شرائط تولي القضاء

{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ}. وقال: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ}. وقال: {وَكُلٌّ مِنَ الأَخْيَارِ}. 6 - فلا ينبغي أن يختار إلا من يغلب على الظن أنه أوفى مختار، وأكمل إنسان. شرائط تولي القضاء 7 - فمن الشرائط التي لا بد منها في الحاكم أن توجد: أن يكون ذكرًا بالغًا، ويكون عاقلاً، لأن بالبلوغ يخرج من الصبا وبالعقل يصير مكلفًا. لأن من ليس بعاقل فهو مولى عليه كالمجنون والصغير. 8 - ومنها أن يكون حرًا، لأن العبد مملوك المنافع، يتصرف فيه بالعقود ويمنع من التصرف في الأمور، فمن لا يملك التصرف في نفسه فكيف يتصرف في غيره؟ وهذه الجملة لا خلاف فيها نعلمه. 9 - ومنها أن يكون مسلمًا، لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ولأن الكافر لا يلي على المسلم.

10 - ومنها أن يكون عدلاً، لأن الفاسق لا يقبل قوله، وقد أمر الله بالتوقف في قوله، بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} ولأنه متهم في الحكم لئلا يجور. 11 - واختلف في جواز ولاية النساء للقضاء والحكم، فقال أبو حنيفة وسائر أصحابه: يجوز أن يلين القضاء فيما يجوز أن تقبل شهادتهن فيه وحدهن أو مع الرجال، ولا يجوز في الحدود والقصاص لأن شهادتهن لا تقبل في ذلك. 12 - وقال الخوارج يجوز ذلك في الجميع. 13 - وقال الشافعي ومالك وغيرهما من الفقهاء لا مدخل للنساء في ولاية القضاء والحكم بحال. 14 - فأبو حنيفة جعل قضاءها بمنزلة شهادتها، قال: وقبول قولها في الشهادة على غيرها كقبول حكمها على غيرها لأن في الشهادة معنى الولاية. والشافعي يقول: لو جاز قضاؤها في الأموال لجاز في الحدود والقصاص كالرجل، ولجاز أن تكون إمامًا للجماعة. وقيل له: الحدود لا تقبل شهادتها فيها. ويجوز أن يقضي من لا يكون إمامًا كغير قريش من الناس.

باب اعتبار العلم في القاضي وما يذكر في ذلك وشروطه

فصل 15 - وأجمعوا على أنها يجوز أن تكون وصيًا ووكيلاً وقاسمًا وأمينًا وأنها كالرجل في سائر العقود والحدود وأنها أولى من الرجل بالحضانة والتربية، وأنها يقبل قولها فيها لا يطلع عليه الرجال ولا يقبل قول الرجال في ذلك. واختلفوا في ولاية النكاح، وسيأتي ذلك في باب النكاح إن شاء الله "تعالى، والحمد لله وحده". باب اعتبار العلم في القاضي وما يذكر في ذلك وشروطه وحد الاجتهاد 16 - اعلم أنه لا يكفي أن يكون القاضي بالغًا عاقلاً صالحًا ورعًا حرًا مسلمًا عدلاً له تمييز ورأي في ولايته، حتى يكون عالمًا لأن العلم للقاضي كالآلة بالنسبة لسائر الصناع. أنواع العلوم الشرعية 17 - والعلم علمان:- علم الأصول وعلم الفروع. 18 - فعلم الأصول هو علم التوحيد وما يجوز على الله تعالى وما لا يجوز عليه، وعلم النبوات ونسخ الشرائع وإقامة الدلائل على ذلك، وإبطال أقوال مخالفي الملة والقائلين بنفي الصانع والطبائع والناسخ، والفرق بين المعجزة والشعبذة، وطريق هذا العلم إنما هو سلامة الحواس، وكمال العقل والتفكر في الموجودات، ومتى اختل طريق معرفتها أو دخل في ذلك لبس لم يحصل للإنسان علم بذلك. ولهذا اتفقت الشرائع كلها في ذلك ولم يختلف فيها التكليف بل سوى فيها بين الرسول والمرسل إليه، والحر والعبد، والذكر والأنثى، والعامة والعلماء، واستوى في ذلك التعبد في سائر الأزمان، وليس الغرض ذكر أنواع العلوم العقلية ولا قسمتها ولا حد الضروري منها والمكتسب وغير ذلك فلم نذكره لك.

ما يجب أن يكون عليه علم القاضي

19 - والعلم الثاني هو علم الشرع، وما تقرر فيه من الأحكام، واختلف فيه من التكليف بين المسافر والمقيم، والمريض والصحيح، والحامل والحائل والحائض والطاهرة والذكر والأنثى، والحر والعبد، والصغير والكبير، والعاقل والمجنون، والمكره والطائع، والذاكر والناسي، والقاصد والهازل، ومختلف الأحكام باختلاف أحوال الإنسان، ويجوز عنه النيابة في بعضها وفي بعضها لا يجوز، وفي بعضها يلزم الحكم لغير الفاعل ولا يلزم الفاعل، وفي بعضها يشتركان، وفي بعضها لا يجب شيء أصلاً، وفي بعضها يستوفي المثل وفي بعضها تستوفى القيمة. ما يجب أن يكون عليه علم القاضي 20 - فالقاضي يجب أن يكون عارفًا بجميع الأحكام من الشرعيات حتى إذا ارتفع إليه في قضية عمل في قضائها وبت حكمها، مما هو مشروع في ذلك، أما من إجماع أو خلاف، ولا سبيل له إلى العلم بذلك إلا بطريق يوصل إليه، والطريق له إلى ذلك بعد سلامة الحواس وكمال العقل أن يكون عارفًا بكلام أهل اللغة، ومعاني كلامهم، أو في حكم العالم بذلك، وهذا يقتضي أن يعلم أولاً أن الكلام هل هو توفيق أو إيقاف مصطلح عليه، أو بعضه توفيق وبعضه اصطلاح، ويعرف الحقيقة والمجاز في لغة العرب، ويعرف هل نقلت الأسماء إلى الشرع، أم هي مبقاة على ما كانت عليه في اللغة. ويعرف ذلك الأوامر والنواهي، ويميز بين ذلك بما وضع للتمييز بينهما، ويعرف العموم والخصوص وما يشتملان عليه من الأحكام، كما يعرف أنواع الأمر والنهي ومسائلهما.

ويعرف المجمل والمبين وحدهما وما يتعلق بهما من المسائل المتفق عليها والمختلف فيها، ويعرف المطلق والمقيد، وما يقيد الكلام وحدهما ويعرف الاستثناء في الكلام، والصفات الداخلة عليه. ويعرف الناسخ والمنسوخ، وما يجوز نسخه وما لا يجوز من الأحكام، وما يجوز نسخ حكمه وتبقية رسمه، وما لا يجوز من ذلك. ويعرف الأخبار التي هي الطريق إلى معرفة هذه الجملة وتفصيل أحكام الأخبار وأنواعها ومسائلها. ويعرف الإجماع وحّده ومسائله، وما هو حجة فيه، وما ليس بحجة منه، ويعرف بعد ذلك الأفعال وأحكامها وتفاصيلها «وأقسامها»، ويعرف القياس وحّده ومسائله وأبوابه وفروعه وشروطه. ويعرف بعد ذلك صفة المفتى «التي ينبغي أن يكون عليها حتى تصح فتواه ويعرف بعد ذلك صفة المستفتي» وما يجوز أن يفتيه به ويبينه له. ويعرف بعد ذلك الحظر والإباحة ليحكم لكل فعل بما يجب، ولكل قول بما يلزم. وسنبين فيما بعد تفصيل هذه الأبواب عند ذكر صفة المجتهد والوالي والمولى. 21 - فإذا كان القاضي جاهلاً بهذه الجملة فجهله بالتفصيل أعظم، والبلية به أشد، لاسيما إذا اختصما في المعاملات والمواريث والمسائل المشكلة في الفروع التي يتجاذبها شبه الأصول. 22 - وقد قال النبي عليه السلام لمعاذ بن جبل بماذا تحكم إذا ارتفع إليك الخصمان فقال: - بكتاب الله. فقال: - فإن لم تجد في الكتاب؟ فقال: - أصلبه في السنة. قال: فإن لم تجد؟

قال: - أجتهد رأيي ولا ألو. فقال عليه السلام: «الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى الله ورسوله» فذكر وجوه الحكم. فمن لا يعرف الكتاب وما فيه، ولا السنة وما فيها ولا الاجتهاد وما فيه فبأي شيء يحكم؟ وإلى أي قول يذهب. 23 - وقد كانت الصحابة رضي الله عنهم لا يولون الأحكام جاهلاً ولا فاسقاً ولا ماجناً ولا من طعن عليه في دين أو دنيا. 24 - وكان بنو أمية ينادون في الموسم: لا يفتي أحد بمكة غير عطاء بن أبي رباح لأنه كان «القدوة» في زمانه. وفي المدينة مالك بن أنس. 25 - وإذا نظر إلى قضاة الصحابة والتابعين رضي الله عنهم رأيت العجب، ولهذه الجملة لا بد من ذكر من ولي القضاء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبعده في باب اختتم به الكتاب إن شاء الله تعالى في نصل أحكي فيه ألفاظ المصنفين في هذا الباب (و) ما قالوا على جملتها من غير تحريف، ثم احكي الخلاف بعد ذلك من أين دخل عليهم، والشبهة من أي وجه عرضت: 26 - فحكى الطحاوي في مختصره من غير خلاف ذكره أنه قال:

ولا يولي القضاء إلا الموثوق به في عفافه وعقله وصلاحه وفهمه وعلمه بالسنة والآثار ووجوه الفقه، ولا يولى صاحب رأي لا علم له بالسنة والأحاديث ولا صاحب حديث ليس له علم بالفقه، ولا ينبغي أن يفتي إلا من كان هكذا، إلا أن يفتي بشيء قد سمعه. فصل 27 - ومن أصحابنا من قال لا يولى الحكم إلا رجل من أهل الاجتهاد ولا يكون مجتهداً إلا أن يعرف أصول الأحكام التي يجتهد فيها، وهي الكتاب والسنة والاجماع والقياس والاستدلال، ولا يمكنه علم هذه الأصول ولا الاستدلال بها وإن كانت معلومة للناظر فيها إلا أن يكون قد علمها على وجه مخصوص، أو يكون في حكم العالم بها على هذا الوجه، وهو أن يعلم أنها ثابتة على وجه يجب أن يقيس عليها يستدل بها، لأنه إذا لم يعلم ذلك لم يكن له أن يقيس عليها ويستدل بها لأن ما لا يعلم ثبوته لا يقاس عليه ولا يستدل به. قال: وهذا القدر، يغنى عن أن يقول لابد للقائس أو المستدل بهذه الأصول على الاجتهاد أن يكون عالماً بالنسخ والمنسوخ والخاص والعام والحقيقة والمجاز، والمحكم والمتشابه، وجميع ما عددنا فيما تقدم، لأنه لا يكون عالماً بشيء من ذلك حتى يعلم جميع الأقسام المتقدمة. لأنه إذا لم يعلم الناسخ لم يمكنه أن يعرف الحكم الطارئ الذي هو ثابت في الشرع. 28 - وقد طول الجماعة الكلام في ذلك، واحضر ما يمكن أن يقال أن يكون عارفاً بالخطاب وما يتفرع عليه ويستفاد به، والأفعال وما يتفرع عليها ويستفاد حكمه بها، أو يرجع إلى هذين الأصلين. فهذا أخصر ما يمكن. ويدخل فيه جميع ما ذكرناه (والحمد لله).

فصل 29 - والمحكي في الخلاف عن أصحابنا أنه يجوز أن يكون القاضي عامياً، ويرجع إلى أهل العلم فيعلم بما يفتون به، لأن الخصاف قال في أدب القضاء: «وإن كان القاضي لا تمييز له بعد ذكره لما يقضي به، وتفضيله بما سنذكره فيما بعد إن شاء الله فأخذ بقول الفقيه رجونا أن لا يكون عليه شيء». 30 - وقال الشافعي وغيره من العلماء وهو قول محمد بن الحسن: لا تنعقد ولاية العامي، ولا يجوز لأحد أن يستفتي غيره ويحكم به على غيره. وليس ذلك لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم. 31 - قال في كتاب المزني في أول باب: «ولا يشاور إذا نزل به المشكل إلا أميناً عالماً بالكتاب والسنة والآثار وأقاويل الناس والقياس ولسان العرب ولا يقبل وإن كان أعلم منه حتى يعلم كعلمه أن ذلك لازم له، من حيث لم يختلف فيه الرواة، أو بدلالة عليه أو أنه يحتمل وجهاً أظهر منه، فأما أن يقلده فلم

يجعل الله عز وجل ذلك لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه يجمع المختلفين لأن أمد لقضيته ويكشف بعضهم على بعض. 32 - (قال الشافعي): وإن لم يكن في (عقله) ماذا اعتدل القياس عقله، وإذا اسمع القياس ميزه فلا ينبغي أن يقضي ولا لأحد أن يستقضيه». 33 - اعلم أن من اعتمده الشافعي رحمه الله لا يوجد لأحد في الدنيا على ما قال، وإنما العمل اليوم في الولاة على ما ذهب إليه أصحابنا، وإن كان ما قاله إذا وجد أولى وأصوب لأن الله تعالى قال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} وإذا حكم بقول أهل الذكر فقد أدى ما وجب عليه لأن فصل القضاء فرض توجه عليه فعله فهو كما لو استفتى في حق نفسه وما يوجه عليه من الحكم ولا خلاف بيننا أنه يقلد في حق نفسه، وهو يقول قال الله تعالى: {وأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ} وهذا أمر للحاكم لا لغيره، ولأنه لا يجوز أن يكون مفتياً، فلا يكون حاكماً كالكافر والصبي ولأن العلم رأس مال الحاكم وآلة له، فكيف يصح عمل من لا آلة له، هذه الجملة نكتة المسألة وأبو حنيفة جعل حكمه كشهادته، فإذا وجدت جميع الشرائط في الحاكم أمن المولى له الحكم وهذا باب يذكر فيه صفة المولى وما يجب أن يكون عليه من الشرائط «والله أعلم الصواب وإليه المرجع والمئاب».

فصل ما يجب أن يكون عليه الإمام من الشرائط

فصل ما يجب أن يكون عليه الإمام من الشرائط 34 - أعلم أن القضاء لا يجوز أن يولاه القاضي من جهة العوام، وإنما يولاه من جهة الإمام، فيجب أن تذكر صفة الإمام، وطريق إمامته فتقول أن كل صفة اعتبرت في القاضي من الذكورة والعقل والبلوغ والصلاح والورع والعدالة والأمانة والعفة فهي معتبرة في الإمام الأعظم. 35 - ويعتبر في الإمام شرائط لا تعتبر في القاضي، فكل من جاز أن يكون إماماً يجوز أن يكون حاكماً بلا خلاف، ولا يجوز أن يكون كل من جاز قضاؤه إماماً، لأن القضاء رتبة انقص من الإمامة، كما أنه يجوز أن يكون الملك رسولاً، ولا يجب أن يكون الرسول ملكاً، وكل نبي فهو إمام، وليس كل إمام نبياً. 36 - فشروط الإمامة ضربان: أحدهما أن يعلم بالشرع، والآخر يعلم بالشرع والعقل جميعاً، فالأول نحو أن يكون من قريش أو من قبيل مخصوص منها، فهذا إنما يعلم بالشرع، وما يعلم شرعاً وعقلاً فهو ما لا يتم الفرض بالإمامة إلا به، ونحن نذكر ما فيه من الخلاف: منها أن يكون عالماً بأصول الدين، ومن أهل الاجتهاد في فروعه ليمكنه حل الشبه وإرشاد الضال وفتيا المستفتي والحكم بين الخصوم، وهذا شرط عليه سائر فرق المسلمين في اعتباره من الفقهاء أصحاب أبي حنيفة والشافعي ومالك وسائر المختلفين، وعليه جماعة فرق المتكلمين على اختلاف مذاهبهم لا يعرف بينهم خلاف في ذلك. 37 - وقال بعض أهل العلم في عصرنا وهو شيخنا أبو علي محمد بن أحمد ابن الوليد رحمه الله أن اعتبار العلم بما ذكرناه يؤدي إلى أن لا يصح لإمام إمامة في العصر، بل يجب أن يكون له بصر وعقل ورأي ويقوى كل

شرط الذكورة

فريق في الأصول والفروع «ويتولون ذلك عنه» كما يتولاه بنفسه، ولو كلفناه العلم بذلك مع ضيق الزمان وكثرة الأشغال لأدى ذلك إلى انقطاع زمانه، وفوات تدبير الخلق، لأن العلم كثير والمسائل صعبة، ولا يكاد يجتمع جميع العلوم في الشخص الواحد إلا نادراً شاذاً، ويجتمع مجموع العلوم في الأشخاص فإذا احتاج إلى نوع من ذلك رجع إلى أهله، وقاس ذلك على القضاء، وعمل في ذلك مثله على طريق التقدير، أن أحداً من العلماء الماضيين لم يكتمل له جميع العلوم، وتفصيل الجملة التي ذكرناها مع معرفة الفروع أجمع، ولكن قوله يؤدي إلى أن يكون كل من قام بما ذكره يجوز أن يكون إماماً. والإجماع من الجمهور بخلافه على أن الإمام إنما يكون واحداً في العصر، القضاة كثيرون، فيحق أن نعتبر في الواحد جميع الشرائط، ومنها أن يكون ذا رأي وسياسة ليدبر السلم والحرب، ويضع الأمور مواضعها فيلين في موضع اللين، ويشتد في موضع الشدة، ومنها أن يكون شجاعاً حتى لا يجبن في إقامة الحدود، ومقاومة أهل الحروب. ومنها أن يكون في ظاهرة عدلاً غير فاسق، لأنه إن فسق بوجه من وجوه الفسق لم يوثق بعدله، ولم يؤمن أن يحيف في الأحكام، وأن يجبي ما لا يستحقه من المال ويصرفه إلى ما لا يستحقه لأنه أمين فيما يأخذ ويعطي فإذا كان فاسقاً لم يؤمر أمير على المسلمين ولا يعقد له ولاية ولا يجب له علينا طاعة، لأنه ينوب عن الله ورسوله عليه السلام في الأرض، فلا ينبغي له أن يأخذ ما يجب لله تعالى وللمسلمين لنفسه ولا يعطيه لغير مستحقه. شرط الذكورة 38 - ومنها أن يكن ذكراً. ومن الخوارج من أجاز إمامة المرأة.

شرط النسب

والجمهور من الناس والمسلمين على خلافة. وكيف تصلح لهذا الأمر، العظيم، وهي لا تصلح لصلاة الرجال، وقد قال عليه السلام: - ما أفلح قوم ولى أمرهم امرأة. 39 - ومنها أن يكون حرًا، وقال من لا علم له: يجوز أن يكون عبدًا لأنه عليه السلام قال: - أطيعوا ولو ولى عليكم عبد أجدع. وهذا لا يصح، لأن العبد مشغول بمنافع مولاه، ولا تكاد النفوس تنقاد له ولا ترجع إليه، وليس من حيث جاز أن يكون أميرًا يجوز أن يكون إمامًا، لأن الأمير يتصرف من قبل الإمام فهو كتصرف الإمام، والإمام يتصرف من جهة نفسه فيجب أن يكون مالكًا لنفسه. شرط النسب 40 - ومنها أن يكون قرشيًا، ومن أصحاب الحديث ومن الخوارج من لم يشترط ذلك، وهو مذهب جماعة من المسلمين قالوا لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما عين أصحاب الشورى بحضرة المسلمين قال لهم: - لو كان سالم حيًا ما خالجني فيه شك. وسالم مولى امرأة أبي حذيفة. ولم ينكر عليه أحد من الحضور. وحجة الجمهور قوله عليه السلام:

اختلافهم في مفهوم لفظة قريش

الأئمة من قريش. والألف واللام لاستغراق الجنس وقال: - إن هذا الأمر لا يصلح لقريش. اختلافهم في مفهوم لفظة قريش 41 - واختلف القائلون بأنها في قريش من عناه النبي (صلى الله عليه وسلم) بقوله: الأئمة من قريش، واسم هو لرجل أو لقب عرف به، وقد جهل كثر من العلماء والفقهاء ذلك. وسألت أنا جماعة فلم يعلموا هل هو اسم رجل أو قبيلة، وهذا يعرض إذا ذكرت لك نسب النبي عليه السلام، وهو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن عدنان. فإذا عرفت ذلك فقريش اختلفت فيه من هو؟ فمن الناس من قال هو بدر ابن النضير دليل بني كنانة، هو قريش، وهو صاحب بئر بدر التي لقي عليها النبي صلى الله عليه وسلم قريشًا. وقيل قريش هو فهر بن مالك وأن من جاوز هذا الأب ليس له حظ في الإمامة ولا نصيب. ومنهم من قال النضر بن كنانة هو قريش، وأن من ليس من ولد النضر فليس

من قريش وإن كان ولد دونه فهم أهل الإمامة كائنًا من كان من أولاده وأولاد أولاده. فمن قال أنه بدر بن النضير فهي في ولده وهو أحق بها، وليس يكون في أجداد النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ، وهذا قول مرغوب عنه، وهو قريب من قول من قال أنها تكون في غير قريش، وغير العرب، وهذا يحتاج إلى بيان وشرح، وليس هذا موضعًا له. فصل 42 - وأما القول أنها لقريش على الخلاف في ذلك فاختلفوا هل تتخصص بقبيل بعينه أم لا؟ 43 - فمنهم من قال تختص بالفاطميين خاصة وهم الشيعة، ومن الشيعة من يخصها بولد الحسين عليه السلام ويعدد منهم اثني عشر رجلاً وهم الأمامية. وفرق الشيعة كثيرة: 44 - ومن الشيعة الزيدية: وهم يرون الإمامة لكل من ولد الحسن والحسين عليه السلام. 45 - ومنهم من يجعل ذلك في ولد محمد بن الحنفية وفيه، ويقولون أنه المهدي. 46 - وقالت الرواندية أنها في ولد العباس رضي الله عنه خاصة. 47 - ومنهم من يخصها بولد عبد الله خاصة.

نقد مختلف الأقوال في تخصيص الخلافة

نقد مختلف الأقوال في تخصيص الخلافة 48 - والخلاف بين هذه الفرق كثيرة وكلها مسافة أقاويل متدافعة وكل أدلتها مدعاة. إمامة المفضول 49 - واختلف في كونه أفضل أهل زمانه فشرطت الأمامية ذلك، وإليه ذهب عباد بن سليمان والزيدية وأصحاب ابن الجارون، فأما الفقهاء والزيدية الصالحية وفرق كثيرة من الناس فيجيزون إمامة المفضول. 50 - وقالت طائفة من متكلمي البصرة كأبي علي وابنه لا يجوز إلا أن يكون في الفاضل علة. 50 - فحجة من لم يشترك ذلك إجماع الصحابة رضي الله عنهم: من ذلك قول أبي بكر رضي الله عنه يوم السقيفة: - وقد رضيت لكم هذين. يعني عمر وأبا عبيدة بن الجراح فبايعوا أيهما شئتم

الإمامة حق لكافة المسلمين

وجعل عمر الخلافة شورى في ستة وهم متفاضلون عند جميع الخلق، ولم ينكر أحد ذلك عليه. واتفقوا أن العلم بالصانع وسائر الأعمال لا يرجح به، وهو فضيلة لمن علمه. الإمامة حق لكافة المسلمين 51 - واختلف هل الإمامة حق لكافة المسلمين أو هل هي حق عليهم؟ فمنهم من قال هي حق لهم، ولهم أن يصرفوها إلى من شاءوا ممن يعلمون أنه يقوم بها، قال أبو بكر رضي الله عنه حين دعا بعلي والزبير ومن تخلف عن بيعته من بني هاشم رضي الله عنهم بعد الخطبة: أيها الناس إن هذا الأمر أمركم ليس لأحد فيه إلا ما وليتموه، وأنا أسمعكم وأطوعكم لمن وليه، إلا وأنتم بالخيار من أمركم، وأنت يا أبا الحسن والنفر الذين معك بالخيار. الإمامة حق على المسلمين 52 - ومن يقول هي حق على المسلمين يقول أن الإمام المقصود به أن يستوفي الحقوق منهم، ويمنع منهم الظالم وينظر المظلوم. العصمة 53 - واختلف في عصمة الإمام فلم يشترك ذلك سائر الفرق، واشترط ذلك الأمامية من الشيعة. معنى العصمة 54 - ومعنى العصمة أن يكون مع الإمام الطاف من جهة الله تعالى لا يرتكب معها كبيرة.

نقد القول بالعصمة

نقد القول بالعصمة 55 - وهم يشترطون في ذلك شروطًا لعلها قط لم توجد في بشر، ولو وجب عصمة الإمام لوجب عصمة القاضي والأمير والجند وأصحاب الأخبار، وناقلي الشرع إلى الغير من أهل البلاد، ولوجب عصمة رسل الإمام، وهذا فيه كلام كثير. الإمام في بلد بعيد 56 - واختلف في الإمام إذا كان ببلد بعيد لا يقدر على استعلام حاله وما يعرض له، هل لأهل ذلك الموضع أن ينصبوا غيره أم لا؟ فعند جمهورنا ليس لهم ذلك. 57 - وقال أبو إسحق الاسفراييني وجماعة من أصحاب الشافعي لهم ذلك. وقال: ليس حال الإمام أكثر من حال النبوة. وقد بعث الله تعالى موسى وهارون عليهما السلام إلى أمة واحدة، وقال في سورة ياسين {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ}. هذا مع إمكان البلاغ بالواحد، فكيف إذا تعزز ذلك. 58 - والجماعة يقولون لو جاز مع التباعد لجاز مع القرب، وهذا يؤدي إلى جواز أئمة في البلد الواحد، وهذا ينقض الغرض منها، ويؤدي إلى الاختلاف في الطاعة والأحكام. واجبات الإمام 59 - واتفقوا على أن على الإمام حقوقًا تجب بدخوله في الإمامة لكافة المسلمين، وهي: التسوية بينهم في الأحكام والعطاء وقسمة الفئ، ووضع كل حق في

واجبات المسلمين تجاه الإمام

موضعه، ومنع الظالم، والأخذ على يديه، وتقوية يد المظلوم حتى يصل إلى حقه. واجبات المسلمين تجاه الإمام 60 - وله على المسلمين أن يسلموا إليه ما وجب عليهم من حق مال له أخذه. والسمع والطاعة له فيما يأمر به وينهي عنه ما لم يكن معصية لله تعالى. وأن يمكنوه من إقامة الحدود عليهم في أنفسهم وأتباعهم. معرفة الإمام 61 - واختلفت في معرفة الإمام ووجوبها. فمنهم من قال: لا يجب على كل مسلم معرفة عين الإمام في الزمان، بل يفرض على الكفاية، إذا قام به البعض سقط عن الباقين كدفن الميت والصلاة عليه. 62 - ومنهم من قال: على كل مسلم أن يعرف عين الإمام وهو فرض لازم كما يعرف الله تعالى ورسوله صلى الله عليه سلم، وهو كفرض الصلاة والصوم والحج، وهذا يقتضي أن نذكر بماذا يصير الإمام إمامًا، لأنه إذا كان لابد من إمام للمسلمين فبماذا يكون إمامًا. 63 - وهذا باب القول في طريق الإمام إلى الإمامة. باب في طريق الإمام إلى الإمامة 64 - اتفق المسلمون على أن النص من الرسول عليه السلام والإمام بعده طريق إلى كون الإمام واحدًا فإن كان واحدًا وجبت طاعته، وإن كانوا جماعة كأصحاب الشورى اختير منهم واحد، إما بالقرعة أو الرضاء منهم. 65 - واختلف بعد ذلك في الاختيار فذهب جماعة من الفقهاء والمتكلمين إلى كون الاختيار طريقًا إليها.

في اختيار الإمام

66 - وقالت الإمامية: لا طريق إلى نصب الإمام غير النص. 67 - وحجة الجماعة أن بيعة أبي بكر رضي الله عنه بالاختيار وكذلك عمر وعلي رضي الله عنهما، وهو فعل المسلمين في سائر الأمصار. وقولهم: الاختيار يؤدي إلى المنازعة فلا يصح، لأنا لم نر الأمر جرى على ما قالوا. 68 - وإذا عقدوا فالعقد الأول دون الثاني. 69 - وإن وقع العقدان معًا فقد قيل بالبطلان، وقيل يقرع ينهما، وقيل ينعقد للأفضل منهما. 70 - وقد كان النص عندهم موجودًا والخلاف واقعًا فلا يصح قولهم في ذلك. في اختيار الإمام 71 - والاختيار أن يجتمع جماعة من صلحاء الأمة وأهل الحل والعقد والعلم والأمانة فيعقدوا للإمام. ولا يفتقر إلى جميع الأمة في ذلك، كما ينعقد نكاح المرأة ببعض الأولياء. 72 - واختلف في البعض الذي تنعقد به (الإمامة) فأكثر أصحابنا يقولون: جميع الناس كما كان يوم السقيفة ويوم الشورى.

فصل الدعوة

73 - ومنهم من قال: أربعة كشهود الزنا. 74 - ومنهم من قال: ثلاثة كالحاكم والشاهدين. 75 - ومنهم من قال: ينعقد (باثنين) كالحكمين يوم صفين وجزاء الصيد. 76 - ومنهم من قال: ينعقد بواحد كما قال العباس رضي الله عنه لعلي ابن أبي طالب رضي الله عنه: إمدد يدك أبايعك لا يختلف علينا الناس، ويقال عم رسول الله بايع ابن أخيه. وكما ينعقد نكاح الحرة بواحد من الأولياء كذلك هذا. فصل الدعوة 77 - واختلف في الدعوة هل هي طريق إلى الإمامة أم لا؟ فقالت الزيدية أنها طريق إلى ذلك. ومنع باقي الناس ذلك، وقالوا ليست بطريق. والدعوة أن يباين الإنسان الظلمة ويأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر وتجتمع فيه شروط الإمامة، فيكون إماماً وإن لم يبايع على ذلك. وهذا لا يصح لأنه يؤدي إلى أن يطلب ذلك كل واحد، ويفعل فعل صاحبه، فيجتمع للناس عدة أئمة، وهذا لا يجوز.

باب كيفية الولاية

فصل هل تورث الإمامة؟ 78 - واختلف في الميراث هل تورث الإمامة؟ فقال بعض الزيدية والعباسية أنها تورث، وتكون لأولى الوارثين، ولا يرثها صبي ولا مجنون ولا امرأة، ولا من ليس له صفة الأئمة. والجماعة من الناس على أنها لا تورث، لأن الإرث يستوي فيه الجماعة كالمال. فصل في كيفية النص 79 - هل تكفي مشافهة المنصوص عليه أم يحتاج إلى شهود معه؟ وما عدد الشهود؟ وهل هم كعدد (شهود) حقوق الأموال أم لا؟ وهل يكون النص جليًا أو خفيًا؟ وهل يفتقر إلى من يخالف الإمام في رأيه أو يوافقه؟ كل ذلك مختلف فيه. فهذه جملة ممتعة «مقنعة» في الإمامة. باب كيفية الولاية 80 - وهذا باب نذكر فيه كيفية الولاية: اعلم أن الإمامة لا يصح عقدها خاصة بل لا تقع إلا عامة عمومًا لا تخصيص فيه بحال. وأما ولاية القضاء فتقع تارة عامة بأن يقول الإمام: وليتك القضاء والحكم فيعم الأشخاص والمواضع (والأيام)، وتارة تكون خاصة.

81 - فإن عين موضع الولاية ولم يعين الناس جاز، وكان له أن يحكم على كل من في الموضع الذي وليه، ولا خلاف في جواز حكمه على جميع الناس. وإنما اختلوا في المحكوم له، وله باب نبينه فيه فيما بعد إن شاء الله تعالى. 83 - وإن عين المحكوم عليه، ولم يبين (يذكر) الموضع الذي ولاه الإمام ولا عين بقعة بعينها من المواضع والبلاد والمحال التي تعين أبدًا بالولايات والعهود التي بيد القضاة «تنشأ للقضاة» والحكام المنصوبين، جاز ذلك، وكان له أن يحكم به المعينين له بالحكم في كل المواضع. 84 - وإن عين الموضع والخصوم جاز ذلك، ولم يكن له أن يحكم في غير الموضع ولا على غير من عين له. وكل ذلك لا خلاف فيه. 85 - ويكفي في الولاية مشافهة الإمام للقاضي بالولاية إن كان حاضرًا، وكتابه إن كان غائبًا. وتجوز بالرسالة إليه أيضًا. 86 - وهل يفتقر في الكتابة إليه بالقضاء أن يشهد عليه الإمام؟ ويكون كالكتب الحكمية؟ أم يكفى مجرد الكتاب إليه؟ فالذي ذكر الخصاف في أدب القضاء عن (محمد بن الحسن) قال: قال أبو حنيفة: وإن قرأ عليهم الكتاب، يعني القاضي إذا كتب إلى قاض ولم يختمه بحضرتهم، وهم لا يحفظون ما فيه، وليس نسخته معهم لم يجز ذلك. 87 - وقال [أبو يوسف] يجوز الكتاب ويقبله الذي ورد عليه، وإن لم يقرأه عليهم بعد أن يشهدهم على نفسه أنه كتابة وخاتمة، لأني أنفذ كتب الخلفاء بغير بينة، والخلفاء ينفذون كتب القضاة بغير بينة. 88 - وقياس قول أبي حنيفة أنه لا يقبل. 89 - وقد حكى أصحاب الشافعي في ذلك وجهين: في أحدهما يقبل، وفي الثاني لا يقبل. والرسالة مثل ذلك.

باب ما يشترك فيه الوالي والمتولي من الصفات

باب ما يشترك فيه الوالي والمتولي من الصفات 90 - اعلم أن القاضي والإمام يشتركان في الحرية والبلوغ والعدالة والعلم والأمانة والعفة والصيانة في أن كل واحد لا يجوز له أن يقضي لنفسه، ولا لأولاده ولا لأحد من أجداده وسيأتي «وسنبين» ذلك في باب من يجوز أن يقضي له ومن لا يجوز. فالإمام والقاضي في ذلك سواء. 91 - ويفترقان في اعتبار كونه من قريش، فالقاضي يجوز أن يكون عربيًا وأعجميًا، ومن سائر أنواع الأمم إذا وجد فيه شرائط القضاء التي قدمناها. ويفترقان في خصوص الولاية وعمومها. [مطلب: القاضي لا يولي ابنه القضاء في حياته ولا يعد مماته] 92 - ويجوز أن يولى الإمام ابنه للإمامة بعده بالنص عليه، والقاضي لا يولي ابنه القضاء في حياته ولا بعد موته إلا أن يجعل الإمام له ذلك. [مطلب قضاء القاضي على القاضي الذي ولاه وله وعلى الإمام الذي ولاه] 93 - ويقضي على القاضي الذي ولاه وله. 94 - وكذلك القاضي يقضي على الإمام ويقضي له وإن كان يستفيد النظر من جهته. [مطلب: لا يجوز أن يكون إمامان في دار الإسلام] 95 - ويجوز أن يكون القاضي في محلة ومعه قضاة، ولا يجوز أن يكون إمامان في دار الإسلام.

[مطلب: يجوز أن يشتركا في قضية واحده]

[مطلب: يجوز أن يشتركا في قضية واحده] 96 - ويجوز أن يشترك القاضيان في قضية، ولا يجوز ذلك في حق الإمامين. [مطلب: انتقاض الولاية] 97 - والإمام لا تنتقض ولايته. والقاضي تنتقض ولايته. [مطلب: ما ينفرد به الإمام] [مطلب: الإقطاع] 98 - والإمام يجوز أن يقطع الأرض (ويخص) بمال بيت المال، وليس للقاضي هذا. [مطلب: بيان حدود الولاية] 99 - والإمام لا يحتاج إلى بيان ما له أن يتصرف فيه، والقاضي يحتاج إلى بيان الحكم والقضاء. 100 - وليس للقاضي أن يتصرف إلا فيما يجوز للإمام أن يتصرف فيه. 101 - والإمام يتصرف فيما ليس لأحد من أهل الحل والعقد أن يتصرفوا فيه، فهو يستفيد بالولاية ما لم يكن لمن ولاه أن يفعله. 102 - فإن قيل: فهذا يدل على بطلان الاختيار لأن من ولاه الأمر لا يملك ما ولاه فعله.

باب ولاية الخوارج للقضاء

والجواب أن ذلك غير ممتنع، كالولي يزوج وليته ولا يملك وطئها، والزوج يجوز أن يستوفي منفعة البضع ويملك ذلك ولا يجوز أن يملكه غيره. وسنبين في باب النيابة ما يجوز أن يستناب فيه ومالا يجوز إن شاء الله. باب ولاية الخوارج للقضاء 103 - وهذا باب يذكر فيه ولاية الخوارج للقضاء وما يجوز من ذلك وما لا يجوز. تعريف الخوارج 104 - اعلم أن الخوارج كل فرقة أظهرت رأيًا ودعت إليه وقاتلت عليه، وصار لها منعة وشوكة وتحيزت بخطة (بحيزة). 105 - وسنذكر في كتاب أهل البغي ما يجب عليهم ومالا يجب من الأحكام عند بلوغنا إليه إن شاء الله. [قضاء الخوارج] 106 - وإنما الكلام ههنا في صحة الولاية: فحكى الخصاف في أدب القضاء له: أنهم إذا ولوا رجلاً القضاء فقضى بقضايا وحد ناسا «وحكم بأشياء» ثم ظهر أهل العدل بعد ذلك على البلد فولوا قاضيًا، ثم رفعت أحكام أهل التأويل إليه، فإنه ينقض منها ما ينقض من أحكام غيرهم. 107 - وقال الطحاوي رحمه الله في مختصره في كتاب أهل البغي: ولا ينقض من أحكامهم إلا ما كان ينقض من أحكام غيرهم.

فصل خلو الزمان من الإمام

108 - وحكى الشيرازي رحمه الله من أصحاب الشافعي رحمه الله في كتاب التهذيب له عن مذهبهم. قال: وإن ولوا فيما استولوا عليه قاضيًا نظرت فإن كان ممن يستبيح دماء أهل العدل وأموالهم لم ينفذ حكمه، لأن شرط القضاء العدالة والاجتهاد وهذا ليس بعدل ولا مجتهد. وإن كان ممن لا يستبيح ذلك نفذ من حكمه ما ينفذ من حكم قاضي أهل العدل، ورد من حكمه ما يرد من حكم قاضي أهل العدل، لأن لهم تأويلاً يسوغ فيه الاجتهاد. 109 - وقال: واستحب أن لا يقبل كتاب قاضيهم استهانة وكسرًا لقلوبهم، فإن قبله جاز. وجوب تحقيق الإمام في أسباب خروج الخوارج عليه وإنصافهم ممن ظلمهم 110 - والذي مال إليه الطحاوي في المختصر أنه يسألها عما دعاها إلى الخروج فإن ذكرت شيئًا ظلمت فيه أنصفت ممن ظلمها وإلا دعيت إلى الرجوع إلى الجماعة والدخول في طاعة الإمام الذي يجب عليها طاعته فإن فعلت وإلا قوتلت فشرط أن يكون إمامًا تجب عليها طاعته ليكونوا خوارج. 111 - وهذه الأقوال تدل على اتفاق المذهبين على جواز ولاية من يتولى من قبلهم القضاء. 112 - وسيرد [وسنذكر] حكم ما أتلفوا علينا وأتلفنا عليهم في بابه إن شاء الله. فصل خلو الزمان من الإمام 113 - ينبغي علينا أن نذكر خلو الزمان من الإمام المفترض الطاعة:

باب التحكيم

إذا لم يكن إمام للمسلمين ثابت الإمامة فمن تغلب على الأرض وملكها ودعا لنفسه، وقام بما يجب عليه من الحقوق، وذب عن الدين، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو في الولاية من قبله وجهته أكثر من الخوارج مع الإمام، فإذا قلنا أن ولاية من ولوه جائزة، وحكمه ماض فمن ليس في مقابلة إمام أولى وأحرى بجواز الولاية من قبله. 114 - وإذا خلا الزمان من الإمام والمتغلبين على سبيل الفرض والتقدير فكل حكم يلزم العامة والإمام بين أظهرهم فهو لازم لهم مع عدمه، وكل حكم لا يلزمهم ولا يجوز لهم فعله مع وجوده فهم فيه أيضاً مع عدمه غير مخاطبين بفعله، والأول كالزكاة والصلاة وسائر العبادات التي يتفردون بها، والعقود التي يعقدونها. 115 - والثاني كالحدود والقطع في السرقة وضرب الجزية والإحياء وما هو مفوض إلى الإمام، فأنه لا يستوفي ولا يأخذه بعضهم من بعض، وكذلك الأحكام وتوليها. باب التحكيم وهذا باب نذكر فيه التحكيم من الرجلين لغيرهما: 116 - اعلم أنه يجوز أن يحكم الخصمان رجلاً واحدًا، ويجوز أن يحكما رجلين فما زاد. 117 - وقد حكم علي عليه السلام أبا موسى الأشعري، وحكم معاوية عمرو بن العاص، ورضيا بحكمهما عليهما، وحكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأبي بن كعب زيد بن ثابت، وحكم عثمان وطلحة رضي الله عنهما جبير بن مطعم

وذلك جائز في الشرع والدين، وهو قول الشعبي وابن سيرين وعبد الله بن عتبة، وهو قول أصحابنا جميعا. 118 - ولهما أن يخرجا الحكم من الحكم ولأحدهما ما لم يحكم ويمض الحكم عليهما. 119 - وليس لواحد منهما أن يرجع عن ذلك بعد الحكم. 120 - وقال الشافعي لا يلزم الحكم إلا برضاهما بعد الحكم في أحد قوليه، لأن في إلزام حكمه افتئاتًا على القاضي والإمام، ولأن رضاهما معتبر في التحكيم، فكذلك في الحكم، والثاني مثل قولنا لا يعتبر رضاهما لأن من جاز حكمه لزمه حكمه. ما يجوز فيه التحكيم 121 - واختلف أصحاب الشافعي فيما يجوز فيه التحكيم فمنهم من قال يجوز في كل ما يتحاكم فيه الخصمان كما يجوز حكم الحاكم الذي ولاه الإمام. 122 - ومنهم من قال يجوز في الأموال فأما النكاح واللعان والقصاص وحد القذف فلا يجوز لأنها بنيت على الاحتياط، فهذا قولهم في هذا الباب. 123 - وقال أصحابنا: وإذا حكم الحكم بشيء ثم رفع إلى القاضي نظر في ذلك، فإن كان موافقًا للحق ورأيه أمضاه، وإن كان لا يوافق رأيه والحق رده. 124 - وقال بعضهم إذا كان مخالفًا لرأيه ومذهبه فهو بالخيار: إن شاء

أمضاه وإن شاء رده. 125 - وقالوا: لو حكمًا محدودًا في قذف أو أعمى أو ذميًا أو عبدًا فذلك باطل لأن حكمهم كشهادتهم. 126 - وإذا كان الحكم رجلين لم يمض الحكم حتى يجتمعا عليه. 127 - وإذا لم يشهد الحكم في مجلس حكمه الذي حكم فيه على حكمه لم يصدق على ذلك، ولم يقبل قوله أنه يحكم بكذا. 128 - قال الخصاف: «ولا يجوز أن يحكما في حد ولا قصاص، وإن حكماه في دم خطأ فحكم على العاقلة بالدية لم يجز لأن العاقلة لم ترض به». 129 - وإن قضى ما بيا (كذا) يمين أو إقرار أو بينة فذلك جائز. 130 - ولو قال الحكم: قد أقررت عندي بكذا أو شهد عليك هذا، وعدلت الشهود وقد ألزمتك ذلك وحكمت عليك [به لهذا وأنكر المقضي عليه] أن يكون أقر عنده أو قامت بينة عليه لم يلتفت إلى قوله وأمضى القضاء عليه ما دام لم يخرجه من التحكيم. 131 - فإن كان قد عزله ثم قال ما قال لم يقبل منه، ولم يجز حكم عليه،

فصل عدد من يتولى القضاء في البلد الواحد

كالقاضي إذا عزله الإمام لم يقبل أنه كان قد حكم، وإن كان قد حكم من لا يجوز قضاؤه له كالابن والزوج وكل من لا تجوز شهادته له، فإن حكم لابنه أو أبيه أو من ذكرناه أبطل القاضي حكمه، وإن قضى عليه أمضاه كما يمضي الشهادة. 132 - ولا يحكم فاسقا ولا صبيا ما لم يبلغ، كما لا يصح منهما ولاية القضاء ولا ينفذ الحكم من الحكم على غير الخصم الذي حكمه، كما لو ادعى دينًا على رجل أنه كفل عن هذا وشهدت بذلك بينة قبل الحكم على الحاضر دون الكفيل. وإن كان الكفيل هو الحاضر لزمه الحكم دون المكفول عنه. 133 - ومتى كان الحكمان رجلين فاختلفا في الحكم والاجتهاد لم يجز (حكم) واحد من الحكمين حتى يجتمعا على شيء واحد، وكان وجود حكم أحدهما كعدمه. 134 - ولو شهد عند الحكمين شاهدان بالحق فلم يحكما حتى غابا أو ماتا، أو حكمًا فسأل المدعى الحكمين أن يشهدا عند الحاكم على شهادة من شهدا عندهما لم يكن للحكمين ذلك. 135 - ولو شهدا رد الحاكم شهادتهما لأنهما لم يشهداهما على شهادتهما ولا حملاهما ذلك. 136 - وكما يجوز أن يكون الحكمان اثنين فكذا عندنا يجوز أن يلي القضاء اثنان وما زاد. فصل عدد من يتولى القضاء في البلد الواحد 137 - قال أصحابنا لا يجوز أن يولي القضاء الاثنين في الشيء الواحد

باب في جواز الدخول في القضاء

والبلد الواحد لأنهما قد يختلفان فلا تنفصل الحكومة، ومنهم من أجاز ذلك كما قلناه فقد ذكرنا أحكام الولاة وهذا يقضي أن نذكر هل يجوز لهم الدخول أو يجب عليهم الدخول في ذلك أم لا؟ وما الذي نقول في ذلك وذكر الخلاف فيه. باب في جواز الدخول في القضاء 138 - وهذا باب نذكر فيه جواز الدخول في القضاء اعلم أن القضاء قد دخل فيه رجال صالحون وأئمة الصحابة، ووجوه التابعين، وسنذكر في آخر الكتاب أعيان من دخل فيه من الناس. وامتنع جماعة من الدخول فيه، منهم أبو حنيفة رضي الله عنه، فمنهم من أجاز الدخول فيه ومنهم من كرهه ولم يدخل فيه. 139 - وعندنا أنه مباح له الدخول فيه، ولا يجب عليه، وكذلك الدخول في الإمامة العظمى، لا يجب عندنا، بل اختلف أصحابنا في ذلك فمنهم من قال هي فرض على الكفاية إذا قام بها الغير سقطت عنه، ومنهم من قال إذا علم أنه ليس أحد يقوم بفرضها لزمه الفرض، ووجب عليه الطلب والقتال حتى يؤدي إلى استقامة الدين وإزالة المنكر، ولو أدى ذلك إلى إهلاك نفسه وماله وسفك الدماء. 140 - ومن أصحابنا من قال لا يجب ذلك عليه، ومتى أدى إلى إهلاك مسلم وجب ترك ذلك فكيف هلاك نفسه، وحكمها عنه ساقط وإثمها زائل، ولا يصح إجباره عليها (ولا) إكراهه على الدخول فيها. 141 - واتفقوا على أن القاضي لا يجب عليه الدخول في القضاء وإن كان عالماً وليس في الناس مثله. 142 - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من تقلد القضاء فكأنما ذبح بغير سكين».

143 - ولا يعرف لأصحابنا لفظ في كتاب يقتضي وجوب الدخول في القضاء فنحيكه. 144 - وقال أصحاب الشافعي: إذا كان لا يصلح للقضاء إلا واحد تعين ولزمه فعله، فإذا امتنع أجبر عليه، لأن الكفاية لا تحصل إلا به وجعله هذا القائل فرضًا على الكفاية، فإذا لم يقم به غير وجب عليه، قال وإن كان هناك غيره يصلح له نظرت فأنه كان خاملاً وإذا ولي القضاء انتشر علمه استحب له طلبه لما يحصل به من المنفعة بنشر العلم، وإن كان مشهورًا فإن كانت له كفاية كرهت له الدخول فيه لأنه ربما يعجز عن القيام بذلك ويحتاج إلى أن يلتزم الأمانات فكره له ذلك، وهذا يقتضي أن يكره الدخول فيه، وإن لم يكن غيره لأنه يجوز أن لا يأمن ذلك أيضًا، وليس القضاء أمرًا يسيرًا بل عظيم، وليس كل عالم يصلح للقضاء والصرف في الأمور، وقد رأينا من يتقلد القضاء وهو يعتقد أنه العالم الكافي القيم بما يرد في ذلك، فلا يلبث حتى يظهر عجزه وحيرته وتبلده في الأحوال، حتى يتغير طبعه، وتتبدل أخلاقه، ولولا كراهة ذكر الناس لحكيت في ذلك ما رأيت وعددت الناس، ولكن كل زمان لا يخلو أمره من مثل ما رأينا. 145 - وقال أصحاب الشافعي: وإن كان فقيرًا يرجو بالقضاء كفاية من بيت المال لم يكره له الدخول فيه لأنه يكتسب كفاية بسبب مباح. 146 - قالوا: وإن كانوا جماعة يصلحون للقضاء اختار الإمام أفضلهم وأورعهم فقلده، وبهذا قولنا أيضًا إذا اختار الحاكم ذلك ورغب فيه وغلب على

[الإجبار على تولي القضاء]

ظنه أنه يقوم بشرائطه، وهذا لابد من اعتباره في القاضي والإمام جميعًا، ولا يجوز أن نطلق القول. وإن اختار الإمام غير الأفضل انعقد العقد له، وهذا يبنى على جواز إمامة المفضول، وقد جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة شورى في ستة نفر وهم يتفاضلون عند جميع الناس، فلولا أنه يجوز العقد للمفضول لما خبر عن فاضل ومفضول، وهذا في القاضي أجوز من الإمامة. 148 - قال الشيرازي رحمه الله: وإن امتنعوا عن الدخول أتموا، لأنه فرض وجب عليهم فهو كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. [الإجبار على تولي القضاء] 148 - قال: وهل للإمام إجبار واحد على القضاء أم لا؟ ففيه وجهان: أحدهما لا يجبر لأنه فرض على الكفاية فلو أجبر عليه لتعين عليه، والثاني يجبره لأنه لابد من قاض للمسلمين. 149 - وهذا الوجه لا يصح لأن الإمام نصب للحكم بين المسلمين، فالفرض يتوجه عليه، فلا يجوز له إجبار غيره عليه وإسقاط فرضه عن نفسه. 150 - وذكر الخصاف حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سأل القضاء وكل إلى نفسه، ومن أجبر عليه وكل به ملك يسدده، ومن طريق آخر: من طلب القضاء وطلب الشفعاء وكل إليه ومن أكره على القضاء وكل به ملك يسدده. 151 - وإذ صح هذا الخبر جاز للرجل الدخول في القضاء بالإكراه.

باب أخذ الرزق على القضاء

152 - وكره له سؤال القضاء في كل حال. 153 - وقد ذكر الخصاف عن الحسن (بن زياد اللؤلؤي) أن الله تعالى أخذ على الحكام ثلاثة: أن لا يتبعوا الهوى وأن يخشوه ولا يخشوا الناس ولا يشتروا بآياته ثمنًا قليلاً لقوله: «يا داود الآية وإنا أنزلنا التوراة الآية»، ولأنه قال عنه: لأجر حاكم عدل يومًا واحدًا أفضل من أجر رجل يصلي في بيته سبعين سنة لأنه يدخل من عدله في ذلك اليوم على كل أهل بيت من المسلمين. 154 - وإذ قد بينا الرخصة في الدخول في القضاء، وما في الدخول فيه، فلنذكر أخذ الرزق عليه وما قيل. باب أخذ الرزق على القضاء 155 - اعلم أن القاضي من عمال المسلمين وأجل عمالهم وهو القيم بمصالح الجميع. 156 - وقد قال أصحابنا جميعًا: لا بأس أن يطلق الإمام للقاضي من الرزق ما يكفيه من بيت المال، حتى لا يلزمه ولا أحد على بابه مؤونة ولا كلفة، ولا أحد أسبابه، فأن جميع ما يأخذه من على بابه يفضحه ويضع من قدره، وإن علم به فلم ينكره لحقه وزر: كذا قال الطحاوي في أدب القضاء الصغير له. 157 - وقال الخصاف: ولا بأس أن يأخذ القاضي الرزق من بيت المال

لأنه عامل المسلمين، وقد أوجب الله له أجرًا، والنبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما فرضًا لأنفسيهما من بيت المال، وهكذا فعل الأئمة. 158 - ويفرض له ما يكفيه، ويوسع عليه حتى لا يشره إلى أموال المسلمين. 159 - وذكر في الباب أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل بالشام أن انظروا رجالاً من أهل العلم من الصالحين من قبلكم فاستعملوهم على القضاء، وأوسعوا عليهم في الرزق ليكون لهم قوة وعليهم حجة. 160 - وكان زيد بن ثابت يأخذ على القضاء أجرًا وأرزق علي عليه السلام شريحًا خمس مائة درهم. وأرزق النبي صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد حين استعمله على مكة أربعين أوقية في السنة. قال إسحق: لا أدري ذهب أو فضة. وأرزق عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبا موسى في السنة ستة آلاف درهم وهو على البصرة، وكان مسروق لا يأخذ على القضاء رزقًا وكان شريح يأخذ. 161 - وقال القاسم بن عمير لا ينبغي لقاضي المسلمين أن يأخذ على القضاء أجرًا، ولا صاحب بعثهم. 162 - فأما الشافعي فقال: «ومن تعين عليه القضاء وهو في كفاية لم يجز أن يأخذ رزقًا، لأنه فرض تعين عليه، وإن لم يكن له كفاية فله أن يأخذ الرزق عليه، لأن الكفاية لابد منها،

فصل في الرشوة على الحكم

والقضاء لابد منه، وإن لم يتعين عليه: فإن كان له كفاية كره أن يأخذ عليه الرزق، وإن لم تكن له كفاية لم يكره. 163 - ويعطيه مع ذلك شيئًا لأعوانه، وما يصرفه في القرطاس. وأصحابنا لم يفصلوا هذا التفصيل بل لفظهم في الكتب مطلق. 164 - وإذا كان (القاضي) عاملاً على المسلمين فهو كالعامل على الزكاة يجوز أن يأخذ الأجر والرزق مع غناه فكذلك هذا، فهذا ما قيل في هذا الباب. فصل في الرشوة على الحكم 165 - فأما الرشوة على الحكم فأجمع أصحابنا جميعًا على أنه إذا قبل (القاضي) الهدية على إقامة الحق فقد فسق، وأكل الحرام. قال الطحاوي: لأن رسول الله قال: هدايا العمال غلول وأكبر العمال القضاة.

ما جاء في تحريم الرشوة من الآثار

166 - وقال الخصاف: «ومن خشي سلطانًا على نفسه أو ولده أو ماله فصانعه على شيء فلا أثم عليه». ومن رشا قاضيًا فحكم له بحقه وهو حق له لم يسعه ذلك. 167 - وإذا قبل القاضي الرشوة سقطت عدالته، ولا ينفذ حكمه لمن رشاه وإن حكم بالحق. 168 - ومن رفع إليه من القضاة أبطله إذا صح عنده. 169 - وإن رشا ولد القاضي أو كاتبه أو جاره حتى ساعده على الحكم فحكم القاضي وهو لا يعلم والطالب محق فهو آثم وما حكم به له فهو جائز لازم. 170 - ولا يقبل القاضي هدية رجل إلا من كان يهاديه قبل الولاية وليس له خصومة، ولا يقبلها في حال الخصومة، فإن قبل بعد ذلك فهو على العدالة. وهذا قول الشافعي في الهدية فيمن كان يهاديه. ما جاء في تحريم الرشوة من الآثار 171 - وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن الراشي والمرتشي

اتقاء الظلم بالرشوة

في الحكم، وقال «هما في النار» وذكر الخبر ثوبان وقال فيه: «والرائش الذي يمشي بينهما». وعن ابن مسعود: أن الرشوة في الحكم كفر، إنما السحت أن يهدي الرجل إلى الرجل هدية فيما يعين على حاجته. وقال مسروق: أن القاضي إذا أكل الهدية فقد أكل السحت. وقيل لعمر بن عبد العزيز: مالك لا تقبل الهدية وقد قبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ - قال تلك هدية وهذا لنا رشوة. وحديث أبي حميد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل ابن اللتبية على صدقات بني سليم، فلما جاء قال: - هذا لله وهذا أهدي إلي. فقام صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: - ما بال رجال نوليهم أمورًا مما ولانا الله فيجيء أحدهم فيقول هذا لكم وهذا أهدي إلي، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هدية إن كان صادقًا! 172 - وروى عن جابر بن زيد قال: - لا بأس بالرشوة إذا خاف الرجل على نفسه الظلم. وقال: - لم نجد في زمن عبد الله بن زياد أنفع لنا من الرشوة. وقال الشعبي وإبراهيم:

أحوال القاضي التي يقضي فيها

- لا بأس بالرشوة إذا خاف الرجل على نفسه الظلم. وقال مجاهد: - اجعل مالك جنة دون دينك، ولا تجعل دينك جنة لمالك. وكان الحسن لا يرى بأسًا بأن يعطي الرجل من ماله ما يصون به عرضه. وفي هذا الباب أخبار كثيرة ذكرها الخصاف بإسناد لكل منها، وفي الذي ذكرته كفاية. 173 - وإذ قد ذكرنا أحوال الدخول في القضاء وأحوال الرزق عليه، فلنذكر أحوال القاضي التي يكون عليها. أحوال القاضي التي يقضي فيها 174 - وهذا باب أحوال القاضي التي يقضي فيها، وما يتقدم ذلك، ويترتب عليه. 175 - أعلم أن القاضي إذا ولاه الإمام بلدًا غير البلد الذي هو فيه وكتب عهده فقد قلنا أنه يشهد على العهد في قول، وفي آخر يكفي مجرد العهد، وتثبت الولاية بالاستفاضة. 176 - فإذا اقترب من البلد غير بزته، ولبس من أجمل ثيابه. 177 - وإذا قرب من البلد دعا لنفسه بما روى من الدعاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا به فقال: «اللهم رب السموات السبع وما أظلت. ورب الأرضين السبع وما أقلت ورب الشياطين وما أضلت ورب الرياح وما ذرت اسألك خير هذه البلدة، وخير أهلها وما فيها».

دعاء القاضي عند دخول البلد

وروى هذا الخبر الطحاوي في أدب الحكام. دعاء القاضي عند دخول البلد 178 - وأما إذا دخل البلد قال: (اللهم اجعله لنا قرارًا واجعل لنا فيه رزقًا طيبًا) كذا قال لما دخل المدينة صلى الله عليه وسلم. وروى عنه أنه كان يقول إذا دخل مدينة (أعوذ به من الأسد والأسود والحية والعقرب ومن شر ساكني البلد، ومن شر والد وما ولد، ومن شر كل أحد). هكذا روى الطحاوي رحمه الله. فصل في صفة لباسه وفرشه 179 - ويستحب له أن يلبس السواد، فإن لم يكن فعمامة سوداء، لأن النبي عليه السلام دخل يوم (فتح مكة) وعلى رأسه عمامة سوداء. رواه جابر وأنس. وتكون العَذَبة على كمه الأيسر.

مركب القاضي

180 - ويختار له من الفرش في الشتاء اللبود البيض وفي الصيف الحصر والبوارى. مركب القاضي 181 - قال الطحاوي: يستحب له أن تكون مراكبه البغال الذكور فإنه أحسن من الإناث، وإناث البغال أشبه بالحكام من البراذين، والبراذين أشبه بالحكام من الخيل العراب. وما رأيت قط شيخنا قاضي القضاة رحمه الله ركب فرسًا، وكان يركب إناث البغال الكبير السن منها. 182 - ويستحب للقاضي أن يسلم على من يجتاز به، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك. 183 - وقد قالوا أنه يستحب له أن يقلل كلامه إذا سايره أهل البلد، ويتحفظ في ذلك فإن كلامه عليه محفوظ، وذلك يقلل هيبته. أحوال قاضي القضاة الدامغاني 184 - وقد شاهدت شيخنا قاضي القضاة رحمه الله إذا ركب حدث من يسايره، وكان إذا جلس في مجلسه لم يخل من حكاية يوردها ومضحكة يحكيها، وبقى في القضاء فوق من ثلاثين سنة لأنه ولى من ذي القعدة من سنة سبع وأربعين وأربعمائة ومات في ليلة السبت رابع وعشرين من رجب سنة ثمان وسبعين، وما نقصه ذاكر ولا عائب ولا حط عند أحد من قدره لعظم في نفسه، وما رأيته قط حلف خصمًا ولا حكم بملك أحد لأحد، ولا قال قط ثبت عندي كذا، ولا صح لدي، بل يقول: شهد بذلك في مجلس الحكم، وأقر في مجلس الحكم، وشهد المعدلون بذلك، وهذه شهادة المعدلين وخطوطهم

فصل ما يفعله القاضي قبل مصيره إلى البلد الذي وليه

وقوبل الأصل الذي هو شهادة الشهود، وما قال قط صح عندي أن هذا الملك لفلان، وقد حكمت به لفلان وأوجبت على فلان الخروج منه. وكان يقضي في داره، وربما سمع الشهادة على الطريق وفي السكة إذا عبر وعلى باب الديوان وما رأيته عقد قط مجلس حكم في الجامع ولا في المسجد، رحمه الله ورحمنا إذا صارت أرواحنا إليه. فصل ما يفعله القاضي قبل مصيره إلى البلد الذي وليه 185 - وينبغي للقاضي قبل مصيره إلى البلد الذي وليه أن يتعرف أحوال من به من الفقهاء والشهود والأعيان. 186 - وينفذ قبل ذلك إلى الموضع من يشعر الناس بقدومه ليكونوا على أهبة من قدومه واستقباله. 187 - وأن يرجع إليه من أنفذه ليكون إلى جانبه (عند دخوله) يعرفه كل إنسان ليكرمه بما يجب إكرامه، فلا يرفع وضيعًا ولا يحط من مرتبة كريم ويكون رسوله ثقة أمينا بما يخبر به. كيفية دخول البلد الذي وليه وهذا باب كيفية دخول البلد الذي وليه: 188 - أعلم أن القاضي إن كان لا محمل له ولا تبع فالمستحب له أن يدخل ليلاً إلى البلد، ويكون قبل ذلك قد أخذ منزلاً يصلح للقضاء والحكم فلا يطلع الناس على حاله ولا ما دخل فيه.

وإن كان له محمل وتبع فالمستحب له أن يدخل البلد نهارًا. 189 - ويستحب له من الأيام يوم الاثنين، لأنه النبي صلى الله عليه وسلم دخل المدينة يوم الاثنين من غرة شهر ربيع الأول وقيل لعشر، وبعث في شهر رمضان صلى الله عليه وسلم قبل ذلك بثلاث عشرة سنة، وتوفى في شهر ربيع الأول يوم الاثنين لاثني عشرة ليلة مضت منه سنة إحدى عشرة، واختلف في سنه صلى الله عليه وسلم، فقال ابن عباس وعائشة وابن المسيب رضي الله عنهم ثلاثة وستون سنة، وقال أبو حنظلة عمره ستون سنة، وقال عروة بن الزبير ستون سنة صلى الله عليه وسلم. 190 - وينبغي له أن يقصد المسجد الجامع فيصلي فيه ركعتين، ثم يأمر بعهده فيقرأ على من بحضرته، ثم يأمر مناديًا ينادي: من كانت له حاجة فليحضر فينظر فيما رفع إليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى ركعتين ثم جلس للناس فقضى بينهم روى ذلك كعب بن مالك وأم هاني.

ما ورد في كتابه العهد من الآثار

191 - وإن لم يقرأ العهد ومضى إلى منزله أذن للناس أذنًا عامًا وقريء عهده عليهم في منزله والأول أحب إلينا من الثاني. 192 - وكان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم حديدًا مكتوبًا عليه شريط فضة نقشه: محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم. ما ورد في كتابه العهد من الآثار 193 - وإنما قلنا يكتب له العهد لأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن. وكتب أبو بكر الصديق رضي الله عنه للأشتر حين بعثه إلى اليمن كتابًا وختمه بخاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

باب كيفية جلوس القاضي وإخوانه والمكان الذي يقضي فيه

وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أهل الكوفة: «أما بعد، فإني بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرًا وعبد الله قاضيًا ووزيرًا فاسموا لهما أطيعوهما فقد آثرتكم بهما» يعني عمارا وابن مسعود. الإشهاد على التولية 194 - وقال الشافعي: إذا كان البلد بعيدًا أشهد على التولية شاهدين لتثبت بهما التولية. 195 - وقال أصحابه: وإن كان قريبًا بحيث يتصل به الخبر بالتولية ففيه وجهان: أحدهما يجب الإشهاد لأنه عقد فلا يثبت بالاستفاضة كالبيع، وهو قول أبي إسحق، وقال الاصطخري: لا يجب الإشهاد لأنه يثبت بالاستفاضة فلا يفتقر إلى الشهادة، وقد تقدم ما قلناه في ذلك. 196 - فإذا دخل البلد واستقر فيه وحصل في داره وجب ذكر الحالة التي يجلس عليها والصفة التي يكون عليها. باب كيفية جلوس القاضي وإخوانه والمكان الذي يقضي فيه وهذا باب يذكر فيه كيفية جلوسه وأحواله والمكان الذي يقضي فيه. 197 - وينبغي للقاضي إذا أراد الجلوس للقضاء أن يخرج وهو على أعدل الأحوال لا جائع ولا عطشان ولا كضيض من الطعام ولا كسلان. 198 - ولا يقضي وهو غضبان.

فصل: قضاء النبي صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة

199 - ولا يمزح مع خصم ولا يساره ولا يضحك في وجهه ولا يعبث بثيابه. 200 - ولا يضجر ولا يعجل. 201 - ولا يلتفت عن خصم. 202 - ولا يتكيء على وسادة حال القضاء. 203 - ولا يلقن خصمًا حجته. 204 - ولا يقضي (في) حالة مرض ولا حزن ولا حر شديد ولا برد مؤلم. ولا في حالة فتنة. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقضي القاضي وهو غضبان». ولأن هذه الأمور تشله عن الفهم، وتمنعه من الحكم، فإذا حدث له شيء مما ذكرناه وجب أن يقوم أو يسكت، حتى يذهب ذلك عنه. 205 - وقد كان شريح إذا جاع قام ولم يقض. فصل: قضاء النبي صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة 206 - فإن حكم في هذه الأحوال بحكم نفذ حكمه وجاز قضاؤه، إذا كان مما يجوز في حال اعتداله، وذلك لما روى أن الزبير ورجلاً من الأنصار اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة فقال النبي صلى الله عليه للزبير:

فصل القضاء في المسجد

- اسق زرعك ثم أرسل الماء إلى جارك فقال الأنصاري: - إن كان ابن عمتك! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحمر وجهه ثم قال للزبير: - أسق زرعك وأحبس الماء حتى يبلغ الجدر ثم أرسله إلى جارك، فنزل قوله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ}. فحكم في حال الغضب فدل على أن الأول منه على سبيل المعاونة والثاني كان من الحق، ودل على نفوذ الحكم حال الغضب. فصل القضاء في المسجد 207 - قال أصحابنا جميعًا: والمستحب أن يجلس في مجلس الحكم في الجامع، فإن كان مسجد بجنب داره فله ذلك وإن قضي في داره جاز، والجامع أرفق المواضع بالناس وأجدر أن لا يخفي على أحد جلوسه ولا يوم حكمه. 208 - وقد كان الشعبي يقضي في الجامع، وشريح يقضي في المسجد إلا يوم المطر فإنه يقضي في داره، وكان محارب بن دثار يقضي في المسجد ويخطب بالسواد.

وقد قضى النبي في مسجده بين الأنصار في مواريث، وكان الأئمة يقضون في المسجد ولأن المسجد أرفع المواضع وأوسعها عليهم. 209 - وقال الشافعي: وكره أن يجلس للقضاء في المسجد لأن الخصومة يحضرها اللغط والسفلة، فنزه المسجد من ذلك، ولأنه قد يقضي بين الحائض والجنب فلا يمكنهما المقام في المسجد. 210 - قال: وإن جلس في المسجد لغير الحكم فحضر خصمان أكره له أن يحكم بينهما وذكر في الحجة حديث الحسن في عثمان رضي الله عنه أنه دخل المسجد ورأى سقاء على رقبته قربة فحطها ومعه خصم فقضى بينهما عثمان رضي الله عنه. 211 - وقد قال عمر بن عبد العزيز:

لا يقعد قاض في المسجد فيدخل فيه المشركون فإنهم نجس، وتلا الآية. 212 - وكان يحي بن معمر يقضي في الطريق، وقصده رجل إلى منزله فقال: القاضي لا يؤتى في منزله. 213 - قال الشافعي: والمستحب أن يجلس للحكم في موضع بارز يصل إليه كل واحد، ولا يحتجب من غير عذر. 214 - ويستحب له أن يكون المجلس فسيحًا حتى لا يتأذى بضيقه الخصوم ولا يزاحم فيه الشيخ والعجوز، ويكون موضعًا لا يتأذى فيه بحر ولا برد ولا برائحة نتنة. فصل 215 - ويجب أن يعرف للعالم والشريف والشيخ وأهل الفضل حقوقهم، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه، ونزلوا الناس منازلهم، وأقيلوا ذوي الهيئات زلاتهم. 216 - وينبغي له إذا دخل عليه سلطان أن يرفعه ويوسع له ويكرمه. 217 - وكذلك يكرم صاحب العلم والقرآن فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من إكرام الله إكرام ذي الشيب المسلم وحامل القرآن، وغير الغالي فيه، ولا الجافي عنه». 218 - وإن قام لرجل من أهل العلم في مجلسه كان حسنًا لا بأس به، فقد قام النبي صلى الله عليه وسلم إلى زيد بن حارثة، ورأى قومًا من الأنصار مقبلين فقام إليهم.

وقام صلى الله عليه وسلم لعكرمة بن أبي جهل لما جاءه مسلمًا، وقال للأنصار: قوموا إلى سيدكم سعد بن معاذ. فصل 219 - وإن قام القاضي ليخرج أو يدخل إلى بيته أو قام ليستريح فينبغي لجميع من في مجلسه أن يقوموا له، فقد روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يدخل منزله قمنا له قيامًا حتى يدخل. 220 - وإنما كره أصحابنا القيام على التكفير كما قال صلى الله عليه وسلم: «الأعاجم يقوم بعضهم لبعض تكفيرًا». 221 - وإن قام إلي إنسان فعانقه فلا بأس، فقد قام النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة فعانقه وقام لجعفر بن أبي طالب لما أتاه يوم خيبر فقال: «لست أدري بأي الفتحين أسر بقدوم جعفر أو بفتح خيبر». 222 - قال الطحاوي: وإذا استأذنه إنسان ليقبل رأسه ويديه ورجليه فعل! 223 - وقال أبو حنيفة أكره من الرجل أن يقبل من الرجل يده أو فمه وأكره المعانقة ولا بأس بالمصافحة. 224 - وروى عن أبي يوسف أنه قال: تجوز القبلة والمعانقة والمصافحة، ذكر الخلاف، في كتاب الكراهة أبو الليث وغيره، والذي ذكره الطحاوي قاله في أدب الحكام الصغير له.

225 - وروي عن بريدة الأسلمي أن أعرابيًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ائذن لي فأقبل رأسك ورجليك. فأذن له فقبل رأسه ورجليه. 226 - وإن قال رجل للقاضي جعلت فداك جاز، فقد قال ابن عمر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وقاله عقبة بن عامر وأبو بكر وعمر وابن عباس وعمرو بن عتبة وأبو ذر وقرة المزني، كذا روى الطحاوي رحمه الله. 227 - وإن قال لبعض ولده بمحضر من الناس فداك أبوك فلا بأس، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لفاطمة عليها السلام. 228 - وإن قال له رجل: - فداك أبي وأمي. أو قال هو ذلك فلا بأس فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: أرم فداك أبي وأمي. وجمع النبي صلى الله عليه وسلم للزبير يوم الخندق بين أبويه. 229 - وإن قال له رجل:

- جزاك الله خيرًا. قال له مثله، فقد قالت ذلك الأنصار وقال عليه السلام لها مثله. 330 - وإن دعا له رجل فقال: - أعزك الله وأصلحك الله أو عمرك الله فحسن. وقد روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له وأجاب عنه. 231 - وإن دعاه داع فلباه، أو قال:- لبيك وسعديك أو قال له: جملك الله فلا بأس به، فقد روى ذلك كله عن النبي صلى الله عليه وسلم. 232 - ولو أمر رجلاً بشيء فقال: سمعًا وطاعة فلا بأس. قال ظهير ذلك للنبي عليه السلام. 233 - وإن أخبره رجل بخبر فقال: بخ بخ فحسن (فقد) قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر: بخ بخ. 234 - قال الطحاوي: - وإن حبس رجلاً ليؤدبه فتشفع فيه شافع شفعه، فقد روى فهد بن حكيم عن أبيه عن جده أن أباه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: جرابي فيما أخذوا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خلوا له عن جرابه. فصل 235 - قال أصحاب الشافعي:

ويكره أن يكون القاضي جبارًا عسوفًا وأن يكون ضعيفًا مهينًا. لأن الجبار يهابه الخصم، ولا يستوفي حجته، والمهين يطمع فيه، وينبسط عليه. وهذه أقوال بعض أصحابنا أيضًا. وقد روى عن بعض السلف. وجدنا هذا الأمر لا يصلحه إلا شدة من غير عنف ولين من غير ضعف. وقد قال أبو بكر رضي الله عنه في خطبته أن أقواكم عندي لضعيف حتى آخذ له الحق، وأن أضعفكم عندي لقوي حتى أخذ منه الحق، فإن استقمت فأعينوني وإن زغت فقوموني. فصل 236 - قال الطحاوي رحمه الله: وينبغي له في اليوم الذي يريد الجلوس للحكم أن يتخشع، وأن تاقت نفسه إلى إصابة النساء فعل، وكذلك الطعام والشراب، ويتقدم ليبسط له في الجامع ليعلم الناس موضعه، وإن جعل ليد أبيض ووسادة فلا بأس، ويطرح لشهود الحصر والبواري إذا لم يكن حصر. 237 - وإن قدر القاضي أن يجلس على مثل الشهود فعل، فإن المصليات والمخاد والمرافق ليس من آلة الحكام. 238 - ولا يتروح بالمراوح الطوال ولا للخصيان القيام على رأسه بالمذاود. 239 - وينبغي له أن يتخذ من الغلمان كل من لا يتوهم عليه الجاهل من

الناس سوءًا، ويرسم لهم أخذ القصص من غير أن ينظروا إلى ما فيها أو عليها. 240 - ويتقدم إلى الشهود والأمناء أن لا يلزموا إنسانًا لهم ولا يأتوا أحدًا في أمر الحكم والشهادة إلا بأمره، وأن يجتنبوا الضحك في المجلس وشرب الماء والمراوح وما يدعو إلى الوضع من قدرهم. فصل 241 - وإذا خرج إلى المسجد بعد الأكل والشرب وما يحتاج إليه من فعل حاجة خرج متواضعًا متذللاً لئلا يعلم أنه يريد أمرًا عظيمًا. 242 - فلا يأكل من الطعام ما يكظه ويحوجه إلى كثرة شرب الماء، فإن ذلك يضع من قدره، والعطش يشغل قبله، والامتلاء بدنه، والجوع يضجره ويعسر خلقه. 243 - ويكون قمطره محمولاً بين يديه لا يغيب عن بصره وتحت خاتمه. 244 - ويسلم على من يمر به. 245 - وقد روى عن إياس أنه حين استقضى جلس مجلس القضاء فنكس رأسه فجعل يبكي والخصوم ناحية، ثم دعاهم اثنين اثنين ففصل بلا شاهد إنما هو الإقرار.

مجلس قاضي القضاة الدامغاني

فصل 246 - وبعد دخوله المسجد ينبغي أن يصلي فيه ركعتين أو أربعا، إن أحب إذا كان في وقت تجوز فيه الصلاة ويخفف ذلك ويدعو الله تعالى أن يفرغ عليه السداد ويجري على لسانه الصواب، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. 247 - وليكن من قوله: ما شاء الله، توكلت على الله، اعتصمت بالله. 248 - ويقول: اللهم سلمني من مجلسي هذا، وأعني عليه. 249 - ويجعل القمطر عن يمينه. 250 - قال الطحاوي: ولا أحب له القيام إلى من جرت عادة بالقيام إليه إذا جلس للحكم، ولكن يرد السلام. 251 - ويجلس الشهود والأمناء مجلسًا لا يسمعون كلامه حيث يراهم كلهم. 252 - ويكون اجتماع الخصوم بين يديه، يكون بينهم وبينه مكان واسع. 253 - وأن يتقدم إلى الحاجب بأن يأمر بكف الأصوات والسكوت وأن لا يسار أحد بين يديه أخر ولا يحدثه، فإن ذلك يشغل قلبه. مجلس قاضي القضاة الدامغاني 254 - وقد رأينا شيخنا قاضي القضاة رحمه الله يقعد في مجلسه وسط الدست المضروب، والشهود حوله، يتقدم من يشهد أولاً على من تأخر، والقمطر بين يديه والمخاد على يساره، والمسد خلف ظهره، والناس حوله فمنهم من يقعد في طرف المخاد ومنهم في مجلس خلف المخاد ومنهم من يستند

فصل (الفقهاء المشاورون)

إلى الحائط وعلى طرف المطرح له حلقة، يستر بعض الشهود وجه بعض يوم المجلس ويتقدم الوكلاء بين يديه، ويكثر الكلام، ويقع الضجيج، وربما ناظر في الفقه، وربما عنت بعض الوكلاء والشهود، وربما مزح مع بعضهم، وكان إذا دخل عليه داخل ممن يقام إليه قام له ولا يبالي، وربما خرج متطبلسا وربما ترك الطيلسان وإذا أراد الإسجال جرت له عادة نحكيها في أثناء الكتاب عند ذكر كيفية ما يثبت عند الحاكم، وكيفية إسجاله في باب مفرد إن شاء الله. فصل (الفقهاء المشاورون) 255 - وإن أحب أن يحضر القاضي مجلسه جمعًا من الفقهاء وأهل العلم والمعرفة بالدين والشرع فعل، وليس ذلك بواجب. 256 - وإن شاورهم فيما يقضي فلا بأس، فقد روى عن أبي هريرة أنه

فصل أدلة الأحكام

قال: ما رأيت أحدًا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر مشاورة لأصحابه منه. 257 - وكان الحسن يقول في قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} «والله ما تشاور قط إلا وفقهم الله لأفضل ما بحضرتهم». 258 - روى عن زياد أنه قال: إن الرجال ثلاثة: رجل ونصف رجل ولا شيء فالرجل هو الذي له رأي ولا يحتاج إلى غيره ونصف الرجل الذي لا رأي له، وإذا أحضره أمر شاور ذا الرأي، والذي لا شيء لا رأي له ولا يشاور. 259 - وإذا كان الحكم في الكتاب والسنة أو الإجماع وهو يعلم ثبوته لم يحتج إلى مشاورة، وإن كان في القياس والاستدلال يشاور ولا يعجل في ذلك بحكم حتى ينقطع العدد، وإن شاور فقيهًا واحدًا أجزاه. فصل أدلة الأحكام 260 - وينبغي للقاضي أن يقضي بنصوص الكتاب الناسخة، فإن لم يجد ذلك ووجد الحكم في السنة قضى، وإن كان فيه إجماع من الصحابة قضى به. 261 - وقد قال محمد بن الحسن (الشيباني) الأصول أربعة: الكتاب وما في معناه والسنة وما في معناها والإجماع وما في معناه.

وإذا اختلف الصحابة تخير أقوالهم وعمل بأقربها من الحق إن كان له رأي. 262 - وأعلم أنه لا فرق عندنا بين ما ثبت بصريح اللفظ في الكتاب والسنة أو ثبت بفحواه أو كان نصًا جليًا أو خفيًا أو لفظًا وضع لفائدة واحدة

أو لفوائد كثيرة أو كان عامًا أو خاصًا بعد أن يكون ثابتًا ناسخًا. 263 - ولا يثبت نسخ القرآن إلا بقرآن مثله أو بسنة مجمع عليها غير مختلف فيها ولا ينسخ بخبر واحد ولا قياس. 264 - واختلف في جواز تخصيص القرآن بخبر الواحد والقياس فمن أصحابنا من منع من ذلك ومنهم من أجازه في حال دون حال واختلف في تفصيل تلك الحال فمنهم من قال إذا دخله تخصيص جاز تخصيصه، ومنهم من منع ذلك. 265 - وكذلك خلافهم في السنة. غير أن المعلوم منها ينسخ بالمعلوم، والمظنون بالمظنون، وينسخ المظنون بالمعلوم كأخبار الآحاد تنسخ بالتواتر، ولا ينسخ المتواتر بخبر الواحد. 266 - وما ثبت بالإجماع فيقدم على القياس.

باب قبض ديوان الحكم

ويخص بالإجماع وخبر الواحد وبالعمل من الأمة، ولا فرق بين عمل العامة والعلماء. 267 - وإذا أجمع التابعون على حكم فهو مثل إجماع الصحابة رضي الله عنهم عندنا. 268 - وإذا اختلف الفقهاء في مسألة عمل بأصوب الأقاويل عنده في رأيه إن كان له رأي. 269 - وإن اعتدلت عنده الأقوال شاور في ذلك أهل العلم وكتب إليهم، ولا يعجل. 270 - وإن تساوت الأدلة والحجج عنده فمن أصحابنا من قال يقف الحكم حتى يظهر له وجه مرجح، ومنهم من قال هو بالخيار في ذلك يعمل بأيها شاء. 271 - وإن شاور فقيهًا واحدًا ورأى ما قال صوابًا جاز له العمل به، وإن كان رأيه بخلاف رأي من شاوره لم يقض به وإن كان أعلم منه وافقه. 272 - ولا يقضي بشيء يراه عنده خفيًا وإن قال به بعض العلماء. 273 - وفي هذا الباب علم كثير ومسائل صعبة وإذ قد ذكرنا هذه الأحوال والصفات فلنذكر بعد ذلك قبض ديوان الحكم وتسلمه. باب قبض ديوان الحكم وهذا باب نذكر فيه قبض ديوان الحكم وتسلمه وكيفية العمل في ذلك. 274 - أعلم أن ديوان الحكم به قوام المعاملات وبه تحفظ الشهادات والوقوف

والمداينات وبه يتذكر الحاكم ما حكم به من العقود وشهادة من شهد عنده من الشهود، وأوقات القضايا وتواريخ أزمان السجلات والمحاضر، وفيه تعديل الشهود ومن عدلهم، وفيه ذكر الجرح لمن شهد وبيان ما ردت به شهادة المجروح فهو أمين القاضي الذي لا يخون وخليفته الذي لا يشين فلا ينبغي له أن يتوانى في حفظه، ولا يقصر عن مراعاته وضبطه، وهو الذي يجب أن يبدأ بالنظر فيه ويتسلمه من الموكل به، وإن كان له حافظًا وعليه قائمًا. 275 - والقاضي الأول إما أن يكون ميتًا أو معزولاً، فالقاضي الثاني يجب عليه حفظ الديوان وتسلمه ممن هو تحت يده. 276 - فإن أحب أن يحضر بنفسه والثقات فيتسلم ذلك ويثبت ذلك في نسخ وتكون واحدة في ديوان الحكم، والثانية حجة في يد من تسلم ذلك منه والثالثة تكون في يد النفر الذين حضروا معه، وإن اختار أن يقبضه بغيره فينبغي له أن يوكل رجلاً ثقة، ويشهد على وكيله بقبض الديوان من الحاكم المعروف أو من وكيله الذي كان الديوان تحت يده. 277 - وإن شاء أرسل كاتبه وأرسل معه من ثقاة البلد من المقبول قولهم أو من الثقاة غيرهم فيأمره بتسلم الديوان من الحاكم أو ممن دفعه إليه، يفرد هو لذلك موضعًا ليكون تحت يده وقبضته أو تحت يد كاتبه. 278 - ويكتب لما يقبض جميعه كتابًا كتابًا وسجلاً سجلاً. 279 - ويختم ذلك كله بعد أن يثبت عنده أن ذلك محكوم به ويثبته على أمينه أو كاتبه. 280 - وإذ قد ذكرنا الكاتب فينبغي أن نذكر الصفة التي يكون عليها.

باب كاتب القاضي

باب كاتب القاضي وهذا باب ذكر كاتب القاضي وما ينبغي أن يكون عليه من الصفات. 281 - اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له كُتَّاب منهم علي بن أبي طالب عليه السلام وزيد بن ثابت ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم. 282 - وكان لأبي بكر الصديق عليه السلام ورضوان الله زيد بن ثابت وعثمان بن عفان رضي الله عنهم يكتبان. 283 - وكان كاتب عمر رضوان الله وسلامه عليه عبد الله بن أرقم وزيد بن ثابت رضي الله عنهم. 284 - وكاتب عثمان مروان. 285 - وكاتب علي بن أبي طالب عليه السلام عبد الله بن أبي رافع رضي الله عنهم أجمعين. 286 - وهو فعل أئمة المعدلة وولاة الجور. 287 - وإذا استكتب القاضي رجلاً فقد أقامه مقامًا يجب عليه أن يختاره، وأن يستفرغ الوسع والمجهود في ذلك فيكون معروفًا بالسداد في مذاهبه والاستقامة في طرائقه، ويكون عدلاً في دينه. 288 - قال الخصاف: ويتخذ كاتبًا ورعًا مسلمًا عارفًا بالفقه وقاله غيره من أصحابنا كالطحاوي وابن الحسن وغيرهما وألفاظهم متقاربة. 289 - فقال الطحاوي في «مختصره» في الفقه: وينبغي أن يتخذ كاتبًا من أهل الصلاح والعفاف، ولا ينبغي أن يتخذ كاتبًا ذميًا ولا عبدًا ولا مكاتبًا ولا محدودًا في قذف ولا ممن لا تجوز شهادته. 290 - وقال غيره: ينبغي أن يكون مع هذه الشرائط مستقلا بما يتقلده، ومؤثرًا البر بين من

سيرة نظام الملك وإصلاحاته

يصحبه ويكون أمينًا فقيهًا، يجري على هذا فيتوخى الصدق فيما يحضره ويغيب عن مشاهده، صادقًا فإن القاضي قد أمنه من أمر الحكم على من لا يؤمن على مثله إلا أمين، وفوض إليه (من) حجج الخصوم والمرفوعين إليه ما لا يفوضه إلا إلى ذوي العفاف والدين. 291 - وكذلك ينبغي أن يكون كاتب الإمام والسلطان لأنهما أعظم رتبة وأوفى منزلة والسيف في يد السلطان والشرع في يد الإمام. سيرة نظام الملك وإصلاحاته 292 - وقد شاهدنا في عصرنا هذا من الصاحب الأجل نظام الملك قوام الدين العالم العادل المظفر المنصور مولى النعم أبي علي الحسن بن علي بن إسحق رضي أمير المؤمنين أعز الله نصره الصدر المأمون على الدين والمسلمين وأهل الذمة والمعاهدين، الذين تكملت فيه صفات الإمامة واشتهرت بسيرته السير، العفيف نفسه الكريم طبعه الحافظ سره الرؤف في نظره المنزه عن دنس الكتاب والوزراء المحافظ على تلاوة القرآن وسماع الآثار والصوم في الهواجر والقفار، الباني المدارس في كل خطة وديار، لا يشتغل بسماع وتر ولا صوت فتنة ولا نظر في لهو ولا لعب بنرد ولا شطرنج ولا ينادم على خمر، ولا يستحسن قبيحًا ولا يقبح حسنًا فجزاه الله أحسن الجزاء عن الخلق وعن سلطانه الذي فعله يناسب خلقه وأصله يسد فرعه، الذي أسقط في وقته جميع المواخير التي من بغداد إلى جيحون، في سائر أعماله، ولا يعرف له حبس ولا قيد، ولا قتل ولا فساد طريق ولا نظر إلى حرمة السلطان المعظم جلال الدولة وجمال الملة ركن الإسلام والمسلمين معز الدنيا والدين أبي الفتح ملك شاه عضد الدولة الب ارسلان محمد بن داود بن مكائيل يمين أمير المؤمنين رحمه الله. ثم يرجع بنا القول إلى ما كنا فيه.

تصفح عمل الكاتب

تصفح عمل الكاتب 293 - وينبغي للقاضي مع ذلك أن يتفقد أمر كاتبه ويتصفح عمله، ويشرف على ما تحت يده حتى يؤدي ذلك إلى حفظ أحكامه وضبطه فيؤمن من وقوع خلل فيما يكتبه ويحكيه ويدونه ويمضيه من الأحكام التي تبقى على الدهر ولا ينقضها ممر عصر ويكون مع ذلك حسن الخلق لا يقبل هدية ولا يتبسط في حاجة، يتجنب ما يتجنبه القاضي، ولا يأنس بكل أحد فإن ذلك يضع من قدره فيضع من قدر صاحبه. 294 - وإذا أمره القاضي بشيء فيه غلط أو خطأ فينبغي للكاتب أن يقول نعم، ثم يعود فيوافقه على سبيل التعلم من القاضي لا على سبيل الرد عليه فإن الأول يقربه منه والثاني يبعده. 295 - وينبغي للكاتب أن يتحرز من خطأ يقع عليه حتى لا يراه صاحبه بذلك فإن خطأه راجع على صاحبه، وعيبه لا حق به. 296 - وينبغي أن يكون مجلسه من القاضي عن يمينه أو عن شماله، ومجلس الشهود لقراءة الكتب والشهادات عن يمينه وعن يساره، وإن كثروا فجلس بعضهم عن اليمين وعن اليسار فجائز. ما كان عليه العمل في مجلس قاضي القضاة 297 - وقد حكينا ما رأيت عليه شيخنا قاضي القضاة رحمه الله في مجلسه، وكانوا في المجلس عن يمينه وشماله وبين يديه، وكان كاتبه إذا قرأ السجل بحضرته يكون الأصل في يد آخر من الشهود ينظر فيه وآخر ينظر فيه النسخة الأخرى. 298 - وكان الشهود إذا شهدوا قال لهما: - هكذا شهدتما؟ فإذا قالا: نعم عَلمَّ عليه. 299 - وكان في بعض الأحوال إذا قربت السجلات من بين يديه يقول للمدعي: -

هكذا ادعيت؟ إذ ربما أعاد الوكيل الدعوي. 300 - ثم يسأل المدين وهو المدعي عليه: - هل لك حجة تدفع بها ما ثبت عليك؟ فإذا قال: لا حجة لي تدفع ما ثبت ولا شيئًا منه، اشهد حينئذٍ الشهود عليه. 301 - وسنذكر من ذلك طرفًا عند الدعاوي، وكيف تكون الشهادة إن شاء الله. 302 - وينبغي أن يقول القاضي للمدعي: - هكذا ادعيت؟ فإذا قال نعم، يقول للمدعي عليه: - أنت فلان بن فلان. فإذا قال نعم، قال. - وهكذا أقررت أو أنكرت أو لك حجة تدفع ما قال؟ فإذا قال لا، قال للشهود. - اشهدوا. 303 - وكان لفظ شيخنا قاضي القضاة رحمه الله. - أنا اشهد الجماعة على حكمي وإنفاذي لهذه النسخ على حسب ما كتب إلي فيها من حكمي وإنفاذي. 304 - وكان يعلم في رأس السجلات ولا يعلم في أسفلها. 305 - وكان يعلم في الكتب المشهود بها في أعلاها وتحت شهادة من شهد بها، وكان في السجل يجتزى بالعلامة في رأسه، ويؤرخ اليوم المحكوم فيه بيده في خلال السجل. 306 - وينبغي للكاتب أن رأى في الكتاب خللاً أن ينهي ذلك إلى القاضي

كتاب كنز العلماء والمتعلمين

حتى يغير هو أن سها القاضي، ولم يكن عنده علم من ذلك الأمر، ويذكر المقاضي على سبيل أن يتعلمه من القاضي لا على سبيل الموافقة عليه فإن ذلك يقربه من صاحبه والثاني بعده. 307 - ولا ينبغي للكاتب أن يفشي لصاحبه سراً ولا يتحدث عنه بكذب ولا يغتاب عنده أحداً ولا يعارضه في أمره، ولا يعترض عليه، ولا يقطع أمراً دونه. 308 - وينبغي له أن يدرس المحاضر والسجلات وكتب الوقوف والوصية وكتب الأشرية والبياعات والمعاملات وما هو عون له على صنعته وما ندب إليه من كتابته، لأنه إذا لم يعرف ذلك لم يحسن أن يضع الأمور في مواضعها. كتاب كنز العلماء والمتعلمين 309 - وقد صنفنا في الشروط كتابًا سميناه كنز العلماء والمتكلمين في علم الشروط على نمط يخالف في الترتيب سائر كتب من تقدم، وهو مما لا يستغني عنه عالم ولا متعلم، وفيه من الفقه والتعليل لكل شرط، وذكرت خلاف الناس فيه، وخدمت به أيضًا الصاحب مولانا نظام الملك خلد الله ملكه وحليته باسمه ولأجله، فينبغي لمن حصل هذا الكتاب إليه أن لا يطلب الأجر فهو مجلد مقتصد لا كبير ولا صغير ففيه ما يعين على هذا الكتاب، كما أن في هذا الكتاب ما يعين على ذاك. رفع قدر الكاتب 310 - وينبغي للقاضي أن يرفع من قدر كاتبه ويعظمه ويذكره بأحسن ما فيه حتى يعرف له تقديمه عنده وتعظيمه إياه. الشروط الواجبة في كاتب القاضي في نظر الشافعية 311 - فأما أصحاب الشافعي فقالوا: إن احتاج القاضي إلى كاتب فمن شرطه أن يكون عارفًا بما يكتب به القضاة من الأحكام وبما يكتبه من المحاضر والسجلات، لأنه إذا لم يعرف ذلك أفسد ما يكتبه بجهله. 312 - وهل من شرطه أن يكون مسلمًا عدلاً؟

باب الحاجب

فيه وجهان: احدهما أن ذلك شرط، ولا يجوز أن يكون كافرًا كما قلنا نحن في ذلك لأن أبا موسى الأشعري قدم على عمر ومعه كاتب نصراني فانتهزه عمر رضي الله عنه وقال له: باينوهم فقد خذلهم الله، ولا تدنوهم فقد أبعدهم الله ولا تعزوهم فقد أذلهم الله. ولأن الكافر عدو للمسلمين فلا يؤمن أن يكتب ما يبطل - حقوقهم. 313 - ولا يجوز أن يكون فاسقًا لأنه لا يؤمن أن يجور. 314 - والوجه الآخر لهم أن ذلك مستحب لأن ما يكتبه لا بد أن يقف عليه القاضي ثم يمضيه فتؤمن به الخيانة، وما فعله عمر رضي الله عنه يدل على إبطال هذا الوجه لأنه لم ينكر عليه من السلف والخلف ذلك. 315 - والوجهان حكاهما الشيرازي رحمه الله في المهذب في المذهب، وأظنه لما رأى ما عليه النصارى واليهود من كتاب دار الخلافة وما يذللون به المسلمين ويمتهونهم في المعاملات وأرباب الدواوين والجهابذة على الأموال خرج هذا الوجه، وخرجه غيره من الأصحاب لهم. 316 - وإذ قد ذكرنا صفة الكاتب والكاتب يحتاج إلى سفير بينه وبين القاضي يتردد في الأمور والأحوال، وليس ذلك إلا الحاجب. باب الحاجب وهذا باب يذكر فيه الحاجب، وما ينبغي أن يكون عليه من الصفات. 317 - اعلم أن المرجع في هذا الباب في جواز اتخاذ الحاجب للقاضي والأمير إنما هو الشرع، وقد كان هذا أيضًا في الجاهلية، وكان بنو شيبة حجبة

البيت الحرام، وقد حجب النبي صلى الله عليه وسلم أنس، وكان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه حاجب هو سديف مولاه، وكان لعثمان بن عفان حمران، ولعلي ابن أبي طالب عليه السلام منبر مولاه. 318 - وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي فعضوا عليها بالنواجذ». 319 - وقد فعل ذلك أئمة العدل وولاة الجور، وهو فعل الناس في كل زمان، ومع كل إمام وسلطان. 320 - وقال أصحابنا: ينبغي أن يختار (من) الحجبة من لا يتجهم الخصوم ولا يختص بعضهم دون بعض بالوصول وتكون له معرفة بأوقات ما يجوز أن يستأذن فيها بالحضور لمن يقصد القاضي. ويعرف من جاء خصمًا أو زائرًا أو سائلاً له أو طالبًا لرفده أو مستفتيًا له في الحكم والشرع.

321 - ويوعز القاضي إليه في بسط الوجه ولين الكنف وحسن اللفظ ورفع المؤونة، وكف الأذية والسرعة في أمره، بإدخال كل إنسان مع خصمه إذا أذن بدخوله من غير تأخير لا حد منهما عن صاحبه بأوجز بيان، ويسهل لهما السبيل. 322 - وإذا كان الداخل رجلاً له قدر (و) لا خصومه (له) مع أحد، وإنما أتى لزيارة القاضي فينبغي للحاجب أن يتقدم بين يديه ويستقبله قبل دخوله على القاضي، ويدخل بين يديه ينبه الجماعة على موضعه ومكانه. 323 - وينبغي أن يكون دخول الحاجب على القاضي قبل جميع الناس ليعرف من حضر على الباب من الناس ثم يأذن لمن يريد الدخول عليه والحديث معه فقد روى أنه كان لإياس بن معاوية موضع يجلس فيه وينظر الخصوم ويسمع كلامهم قبل الدخول عليه. 324 - وسنحكى في آخر الكتاب (شيئًا) من ملح قضاياه إن شاء الله. 325 - وحكي شيخنا قاضي القضاة أن أبا خازم القاضي كان يقضى في الجانب الغربي ببغداد وأن أبا عمرو القاضي كان يقضي في (الجانب) الشرقي فحصل في حبسهما رجل عليه دين، وكان له قريب يخدم علي بن عيسى الوزير، فسأله لعله يمشي في الرجل المحبوس، فأنفذ علي بحاجب له إلى أبي خازم وأبى عمر يسألهما في الرجل فمنعه حاجب أبي خازم، وكان إذا جلس إلى قبل الزوال ونهض (و) غلق الباب لا يستأذن عليه لأحد من الخلق، فحضر الحاجب فسأل البواب أن يستأذن فقال له: - ما جرت العادة بذلك.

فقال: - أنا صاحب الوزير، وقد أتيت في حاجة فقال: - ما جرت العادة فإن كان لك شغل ترجع وقت العصر حتى تصل إليه. فقعد الحاجب في مسجد قرب داره، وكان يومًا صائفًا شديد الحرير، فقاسى كل أذى من الصبر، فلما كان وقت العصر خرج البواب ورش الباب، ودخل المسجد فقال للحاجب: قد جلس القاضي. فقام الحاجب ودخل علي أبي خازم وعرفه ما فعل البواب من الجفاء وسوء العشرة اعتقادًا منه أنه يتقدم بهوانه، فقال له: - كذا جرت العادة، وما أذن له بعد قيامي أن يستأذن لأحد فاغتاظ الحاجب، وبلغ الرسالة بأحسن لفظ، فقال له ابن خازم: ليس هذا الرجل في حبسي فأخرجه، وإنما هو في حبس صاحب الدين فسلوه أو أعطوه حقه حتى يخرج. فقام الحاجب أشد غضبًا مما كان فقصد أبا عمر فساعة رأوه أصحابه بادر إليه حاجب أبى عمر وسائر الأعوان فاستقبلوه وأكرموه ودخلوا بين يديه، فقام له أبو عمر وعظمه وأكرمه، وادي الحاجب الرسالة، فقال له أبو عمر. - ذاك المولى والعضد والسمع والطاعة، لننظر بما حبس عليه من دفتر المحبس، فلما وقف علي ذلك قال لأمينه. - لك هذا المال عن الرجل وفك حبسنا عنه، واعتذر إليه. فقام الحاجب مسرورًا بما لقي، وحدث الوزير بما جرى وأحسن فيما بلغ عن أبى عمر، وقبح ما قال له أبو خازم وما فعل معه بغاية ما قدر عليه، فقال علي بن عيسى: - أي الرجلين أعظم. فقال الحاجب: - أبو عمر.

باب الوكلاء

فقال له الوزير. - أبو عمر عقل كله (وأبو خازم) دين كله، وصدق أبو خازم فيما قال لك، وهذا كان الواجب أن يفعل في المحبوس. 326 - وقال الشافعي: نكره له أن يتخذ حاجبًا لأنه ربما منع من له ظلامة، وإذا كان كما وصفناه أمن ذلك. وقد قال لا يكره للإمام أن يتخذ الحاجب فالقاضي ينبغي أن يكون مثله. 327 - وإذ قد ذكرنا صفة الحاجب، وهو يتقدم في الدخول على الوكلاء، وجب ذكر صفة الوكلاء. باب الوكلاء وهذا باب نذكر فيه وكلاء القاضي وما يجب عليهم. 328 - قال أصحابنا: - وينبغي للقاضي أن يتخذ من الوكلاء الشيوخ والكهول من أهل الستر والعدل والعفاف، ومن يكون مأمونًا على الخصومة، وعلى دقيق ما يجري فيها، ولا يخضع فيمن يتوكل له "كذا" ولا يتوقف عن حجة إذا لاحت له على خصمه فإنه قد أقامه مقام نفسه. 329 - ولا ينبغي أن يغش موكله ولا يستعجل جعلا على حجة من خصمه، ولا يواطيء عليه في الباطن، فمتى فعل ذلك فقد باء بإثمه وتحمل وزره والله حسبه. 330 - ويقيم الحجة للصغير الذي يتكلم عنه كما يقيمها للكبير. 331 - وينبغي أن يكون مأمونًا على الحرم، فإنه ربما يتوكل للنساء فينبغي أن يكون ممن لا يتهم بريبة في كلام النساء. 332 - ولا يتوكل فيما يعلم أنه باطل، فقد روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

باب أعوان القاضي وأتباعهم

«من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى يفرغ». وروى أيضاً عن النبي صلى الله عليه أنه قال: «من أعان على خصومه بظلم فقد باء بغضب من الله». 333 - وإنما اعتبرنا هذه الشرائط لأن أبا حنيفة يجيز إقرار الوكيل على موكله في مجلس الحكم. 334 - وسنذكر في كتاب الوكالة ما يجوز من ذلك، وما لا يجوز، ونذكر الخلاف في ذلك. نقد وكلاء قاضي القضاة 335 - وقد شاهدنا وكلاء شيخنا قاضى القضاة رحمة الله، وهم بالضد من هذه الصفات التي ذكرها أصحابنا، وكان فيهم إنسان يتباهي بالشر في الخصام، ويقول: - إنما ينبغي أن يتبين الوكيل بما يبصره، وأنني أكره أن أحكى صفات كل واحد منهم وما فعله في حال حياته وانبساطهم عليه والتلاحي في الأحكام عليه بالكتاب والمحتسبين؟ وكان فيهم من يؤثر الوكالة وفيهم من لا يؤثر ذلك وتركها مع القدرة عليها لما رأى أحوال الناس والخليط. 336 - وإذ قد ذكرنا الوكلاء فلنذكر أعوان الوكلاء وأتباعهم. باب أعوان القاضي وأتباعهم وهذا باب أعوان القاضي وأتباعه والمحضرين. 337 - قال أصحابنا: ينبغي أن يتفقد من على بابه من أصحابه وأعوانه والمحضرين، ومن يجري مجراهم، ويمنعهم من المآكل الردية ويقوم منهم من يحب تقويمه، ويبعد منهم من كان معروفاً بالفساد والخيانة ويباعده عن بابه لأن عيبهم راجع عليه وفعلهم عار عليه.

باب أصحاب المسائل عن الشهود

338 - وإذا اطلع منهم على الفساد والخيانة ولم ينكر ذلك شاركهم في الإثم، وربما كان ذلك مما يوجب فسقه إذا أمرهم عليه مع قدرته على إنكاره وإزالته لأنهم أعوان الشرع والدين فيجب عليهم أن يكونوا أعرف بالشرع وأقوم بالدين والله أعلم. فصل تفقد النواب 339 - وإذ قلنا يجب عليه تفقد الوكلاء والأتباع فتفقد الخلفاء والتائبين عنه في المواضع أولى وأحرى. 340 - ويجب أن يسأل عنهم في السر من حيث لا يعلمون فمن انتهى إليه أنه أمين أقره وأكرمه وزاد في الإحسان إليه وأعظمه، وإن كان بخلاف ذلك أسرع في صرفه، وأشهره ونادى عليه حتى لا يستعمله آخر غيره ولا يغتر به سواء، ويصلح البعيد بالقريب واللاحق بالسابق، وسنذكر لخلفائه بابًا إن شاء الله. 341 - وإذ قد ذكرنا الوكلاء والإتباع فينبغي أن نذكر أصحاب مسائله وأخباره وما يجب أن يكونوا عليه من الصفات. باب أصحاب المسائل عن الشهود وهذا باب ذكر أحوال أصحاب المسائل عن الشهود. 342 - كان الواجب أن يؤخر هذا الباب إلى الموضع الذي نذكر فيه الشهود والعدالة والجرح، لأن ما يصير به الرجل عدلاً، وما يصير به فاسقًا والمجهول الحال والطريق إلى ذلك إنما هو بأصحاب المسائل فينبغي أن يذكر هناك، غير أن أصحاب المسائل لما كانوا في حكم أعوان القاضي وأتباعه وحاشيته وجب ذكرهم في هذا الموضع تبعًا لما ذكرناه في الأعوان. 243 - ونذكر هناك كيفية الجرح والتعديل وههنا صفة أصحاب المسائل.

344 - قال الطحاوى: يجب أن يختار القاضي للسؤال عن الشهود الثقات المستورين العقلاء، أهل الورع والأمانة والصلاح والصيانة، ومن ليس عنده على من سأله عنهم علم فلا يزال يسأل عنهم ويستخبر عن أمر من يسأل عنه من غير أن يكشفه ولا يفضحه بسوء أن وقف عليه منه. 345 - وأن وقف على أنه موضع للشهادة عرف الحاكم الذي سأله بما وقف عليه من أمره الذي يصلح. قاله (الطحاوي) في أدب الحكام الصغير له. وقال الخصاف: 346 - قال أبو يوسف: ويجوز في التزكية سراً تزكية العبد والمرأة والمحدود في القذف إذا كانوا عدولا، لأنه خبر وليس شهادة. 347 - وسنذكر في باب الجرح والتعديل ما قاله هو وغيره في ذلك إن شاء الله. 348 - وأما أصحاب الشافعي فقالوا: "ويتخذ قوماً من أصحاب المسائل ليعرف بهم أحوال من جهلت عدالته من الشهود. 349 - وينبغي أن يكونوا عدولا، براء من الشحناء بينهم وبين الناس بعداء من المعصية في تكسب أو مذهب حتى لا يحملهم ذلك على جرح عدل أو تزكية غير عدل. وأن يكونوا وافري العقول ليصلوا بوفور عقولهم الى المطلوب ولا يسترسلوا فيسألوا عدواً أو صديقاً. 350 - قالوا: ويجتهد حتى لا يحتالوا في تعديل الشهود ولا عند (كذا) المشهود عليه

باب صاحب السجن

حتى لا يحتال في جرح الشهود ولا عند (كذا) الشهود حتى لا يحتالوا في تعديل أنفسهم ولا عند (كذا) المسئولين عن الشهود حتى لا يحتال لهم الأعداء في الجرح ولا الأصدقاء في التعديل. 351 - ويجتهد أن لا يعلم أصحاب المسائل بعضهم ببعض فيجمعهم الهوى على التواطئ على الجرح أو التعديل. 352 - وسنذكر كيفية الحكم بالعدالة والجرح بقول من يثبت من الشهود والجيران. 353 - وإذ قد ذكرنا أصحاب المسائل، ولما كان من أعوان الحكم والحفظة صاحب السجن وجب ذكره. باب صاحب السجن وهذا باب ذكر السجان وما يجب أن يكون عليه: 354 - اعلم أن هذا باب كان ينبغي أن نذكره عند ذكر ما يقضي به القاضي من العقوبة وهي حبس الخصم. 355 - وكان ذكر السجان هناك يجب تبعاً لذكر الحبس، غير أنه لما كان ذكر السجان مع جماعة الأعوان وجب ذكره هاهنا. 356 - وإذا فعلنا ذلك وجب ذكر الحبس وجوازه في الشرع ليصح أن يكون له حافظاً. 357 - والأصل في هذا الباب ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة بعده أنهم حبسوا في الديون وغيرها. 358 - ونحن نذكر في هذا الباب ما ذكر فيه:

فمن ذلك ما ذكره الخصاف بإسناد عن الحسن (بن زياد اللؤلؤي) أن أناساً من أهل الحجاز اقتتلوا فقتلوا بينهم قتيلا فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحبسهم. وذكر عن ... بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حبس في تهمه. 359 - وعن أبي مخلد أنه عليه السلام حبس رجلاً من جهينة أعتق شخصاً له في مملوك حتى باع غنيمة له. 360 - وعن عمر رحمة الله عليه أنه أتاه رجل بالجابية؟ فقال: عبدي وجدته على امرأتي قال: - أنظر ما تقول فإنك مأخوذ بما تقول فأعاد الرجل القول فأمر عمر أبا واقد الليثي فقال:

خذ بيده فأجنه عندك، حتى تغدو أنت وهو عليها، فانظر أحق ما قال أم باطل فعد الينا، وقد حفرت حفيرة. فقال لها أبو واقد: - أحق أن هذا جاء عليك بأمر ينكر؟ فإن كان كذباً فلا تصدقيه. رجاء أن تتوب فقالت: - صدق، لا والله لا أتحملها مرتين. فأمر بها عمر رضي الله عنه فرجمت. 361 - وذكر غير الخصاف في كتابه أن عمر رضي الله عنه اشترى داراً بمكة بأربعة آلاف درهم وجعلها سجناً، وحبس عمر رضي الله عنه الخطيئة الشاعر فقال: ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ حمر الحواصل لا ماء ولا شجر ألقيت كاسبهم في قمر مظلمة فارحم عليك سلام الله يا عمر وحبس آخر فقال: يا عمر الفاروق طال حبسي ومل مني أخوتي وعرسي في حد سكر تفتريه نفسي ألا ترى ضوء شعاع الشمس 362 - وروى عن علي عليه السلام أنه لما بنى السجن قال: ألا تراني كيسا مكيساً ... بنيت بعد نافع مخيسا 363 - وروى عنه أنه حبس في الدين.

364 - وقد كان للحسن وشريح والشعبي وابن سيرين وغيرهم من القضاة حبوس، وهو فعل جميع القضاة والأئمة من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا لا يدفع ذلك دافع، ولا ينكره منكر، فصار ذلك إجماعاً. 365 - ولا يحبس بغير حق يتوجه عليه أو تأديب يراه القاضي واجبا لأنه عقوبة. 366 - وقد قال أصحابنا: اذا ثبت الدين على الغريم بينه أو بإقرار وطلب الخصم حبسه فإن القاضي لا يعجل في ذلك ويأمره بالدفع. 367 - وأن اعاده وطلب حبسه وقد أمتنع من قضائه فعل به ذلك، وكتب له حبسه في ديوانه، وشرح الحال. 368 - وقال بعض أصحابنا- وهو اختيار الخصاف-: الصواب أن لا يحبسه حتى يسأله ألك مال؟ ويستحلفه على ذلك، فإن أقر أن له مالا حبسه. 369 - وقد ذكر الخصاف أن عليا رضي الله عنه كان إذا أتاه الرجل بالرجل فقال: - لي دين عليه قال: أله مال؟ أن كان أخذنا ذلك. فإن قال نعم قد أخفاه قال: أقم البينة أنه أخفاه، وإلا حلف بالله ما أخفاه. وإن قال أحبسه قال: لا أعينك على ظلمه. (فإن) قال فإني ألزمه قال إن لزمته كنت له ظالما، ولا أحول بينك وبينه. 370 - وقد روى أن رجلاً أتى أبا هريرة بغريم له فقال: أحبسه فقال أبو هريرة: - هل تعلم له مالاً فآخذه به؟

قال: لا قال: فهل تعلم له عقارا قال: لا قال: فما تريد؟ قال: أحبسه قال: لا، ولكن أدعه يطلب لك ولنفسه ولعياله. 371 - وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد يحبسه حتى يتبين عدمه ما بين شهرين أو ثلاثة فيما روى محمد بن الحسن. وفى رواية الحسن بن زياد ما بين أربعة أشهر أو ستة أشهر ثم يسأل عنه، فإذا ثبت عدمه بمسئلة الثقات من جيرانه وأهل الخبرة وإذا قالوا ماله مال نعلمه وأنا نعرف عسرته وضيق معاشه أطلق القاضي سراحه وأخرجه ولم يحل بينهما أن أراد خصمه ملازمته في قول أبي حنيفة وأبى يوسف. 372 - ومن أصحابنا من قال يحول بينه وبين ملازمته وهو قول الشافعي ومالك. 373 - وقال أبو حنيفة أنه مؤتمن؟ فيما يطالب به إلا في المهر والكفالة وكل ما لم يأخذ به مالا فيصير به غنيا وفى المال الظاهر بقاؤه فى يده فهو غني حتى يثبت عدمه. 374 - وإذا أحضر بينة فشهدت بالعدم قبل المدة المعروفة سمعها القاضى وأخرجه وفلّسه، ولا تسمع قبل الحبس عند أبي حنيفة. 375 - وقال الشافعي يسمع منه البينة قبل الحبس أيضا، ويفلسه، ولا تسمع قبل الحبس عند أبي حنيفة.

376 - وإذا حبس وله مال أو عقار فأمتنع من قضاء الدين، قال أبو حنيفة أدعه في الحبس ولا أبيع عليه ولا أحجر. 377 - وقال أبو يوسف ومحمد يبيع عليه العقار وجميع أمواله فيقضي دينه ثم يخرجه من الحبس، وهو قول الشافعي ومالك. 378 - وإن غاب الطالب وثبت عدم المحبوس أخذ منه كفيلا وأطلقه القاضي من الحبس عند أبي يوسف. 379 - وقال محمد بن الحسن إذا طلب الطالب ملازمة الغريم بعد ثبوت الدين عليه، وطلب المديون الحبس فللطالب أن يلازمه ولا يحبسه، وقال محمد ان أشكل أمره حبسه وسأل بعد الحبس عنه، وان لم يشكل سأل عاجلا وأطلقه وفلسه. 380 - قال أصحابنا: وإذا مرض فى الحبس، فإن كان له من يخدمه فى الحبس وهو لا يستضر به لم يخرجه، وأن كان لا خادم له وهو يستضر بالسكون فيه أخرجه وخلى سبيله لأن الحبس عقوبة فلا تثبت في الحال المريض كالتعزير وإقامة الحد. 381 - وقال محمد بن الحسن فى ملازمة المرأة إذا طلب ذلك الطالب أمره أن يجعل معها امرأة ثقة ولا يمكنه من ملازمتها. 382 - وقد قال أصحابنا: لا يمنعه في الحبس ان يطأ جاريته إن كان الموضع خاليا، وإن كان فيه غيره يمنعه من ذلك، ولا يخرجه إلى خارج الجبس ليطأ، لأن في ذلك فك الحبس. 383 - فإذا عرفت هذه الجملة وكان الحبس عقوبة لم يكن بد للقاضي أن يكون له عليه حافظا فيجب أن يكون السجان أمنيا حافظا، له يقظة ومعرفة

باب ذكر بواب القاضي

بأحوال المحبسين وأعينهم فيكتب يوم دخول المحبوس إليه وصفه وما أخذ به ويكون عارفا بكل أحد منهم، حتى إذا وقع إليه القاضي بإطلاق رجل لم يغلط فيه ولم يخرج سواه، ويكون صادق اللهجة ليعرف منه أحوال المحبسين وأمراضهم ومأكلهم ومشاربهم ومن يتردد إليهم. 384 - وقد قال محمد بن الحسن أن خفت من المحبوس الهرب نقلته الى حبس اللصوص، إذا كان ذلك مأمونا عليه، وأن لم أخف لم أنقله إليه. 385 - ولا أكلف الطالب السكون معه في الحبس. 386 - ويكون للنساء حبس على حدة، وتكون عليه امرأة حافظة برزة أمينة عارفة بأحوال النساء وما يحتجن إليه، كما اعتبرناه في الرجل إذا كان حافظا. 387 - وينبغي أن ينهي السجان كل يوم أحوال المحبسين إلى القاضي، وما يجري في الحبس. 388 - وإذ قد ذكرنا صفة السجان وحافظ الحبس فلنذكر صفه بواب القاضي. باب ذكر بواب القاضي وهذا باب ذكر بواب القاضي. 389 - اعلم أن القاضي يجوز أن يتخذ بوابا كما يجوز أن يتخذ حاجبا. 390 - وينبغي أن يكون البواب شيخا ورعا صالحا متدينا، له عفة، وله كفاية، ولا يكون فقيرا معترا شرها يحجب عن القاضي الخصوم، ويدخل من لا يريد القاضي إدخاله، ويمنع من يريد القاضي دخوله، فهو لمراعاة الأحوال أولى ولتفقد طرائقه أحرى. 391 - ويكون رزقه من بيت مال المسلمين بحسب كفايته، وكذلك سائر أعوان القاضي حتى لا يأخذ ما لا يجب أخذه، وهم كالقاضي في ذلك لأنهم في مصالح المسلمين، فكما لا يجوز للقاضي أن يأخذ من أحد الخصوم شيئا فكذلك أعوانه.

باب ذكر الجلواز بين يديه وفي مجلسه

نقد بواب قاضي القضاة ومحضريه 392 - وهذه صفات إنما ترد في الكتب وتذكر في الألسنة، فإما أن يكون لهذه الصفات وجود فهذا أمر كالمأيوس منه اليوم، لأن الأمر يجري اليوم في أعوان الحكم على خلاف ذلك، فقد رأيت بواب شيخا قاضي القضاة رحمه الله وسائر المحضرين والوكلاء يأخذون الأجر على الاحضار والفتاوى والوكالات ويوافقون علي الأجر في المحاكمات. 393 - وسنذكر في كتاب الوكالة من هذا الكتاب ما يجوز للوكيل أخذ الأجرة عنه، ومالا يجوز، وما يؤخذ من الموكل من الأجرة وما يؤخذ من الموكل عليه فيطلب هناك لتجده في موضعه أن شاء الله. باب ذكر الجلواز بين يديه وفي مجلسه 394 - اعلم ان الجلواز هو الذي يقوم علي رأس القاضي ويدعو بين يديه إذا ركب ويقيم الخصوم إذا انتهت الخصومة. 395 - وقد ذكر الخصاف أن شريحا كان علي رأسه شرطي بيده سوط. 396 - وذكر عمرو بن قيس قال: رأيت رجلا قائما علي رأس شريح، وكان يقول للخصمين: ايكما المدعي فليتكلم. 397 - والجلواز يأخذ الرقاع بين يدي القاضي ويوصلها إليه، ويحد

جلواز قاضي القضاة

الناس عن القاضي إذا جلس القضاة حتى لا يسمع أحد ما جري للخصوم. 398 - وإن كان الجلواز ثقة فلا بأس أن يقف يسمع، وبعده أولى، لأن الخصوم تكون في أمور ربما كانت شنيعة بين الرجال والنساء أو مضحكة فلا يؤمن أن يؤدي ذلك الى ما يكره. 399 - وقد شاهدت قاضيا علي باب دار الخلافة المعظمة يقضي في دهليز باب النوبة، والخصوم قيام بين يديه، وأعوان الشرطة والعامة والهدهاد يسمعون ما يجري ويجتمعون على ذلك كما يجتمع العوام على حلق المشعوذين والمساخرة، ولا ينكر القاضي على أحد (و) منذ ثلاثين سنة وفوقها وشيخنا قاضي القضاة رحمه الله يبلغه ذلك من أعوانه على الحكم ودقيق ما يجري فلا ينكر ذلك على خليفته ولا غيره حتى صار ذلك شرعا مألوفا يعتقد أن غيره لا يجوز. جلواز قاضي القضاة 400 - وكان له جلواز يمشي بين يديه، ويدعو في الأسواق والطرق إذا ركب فيقول: - اللهم أحرس سيدنا، السيد الاجل الإمام الأوحد قاضي القضاة، وأدم له ظل المواقف الشريفة. ويذكر ما يجري هذا المجرى. الركابية 401 - وبين يديه الركابية يقولون: بروه بروه بروه! ويباعدون ويدفعون الناس عن الطريق يمينا وشمالا. 402 - والذي قاله الفقهاء في كثرتهم غير الذي شاهدناه من جميع هذه الأحوال كلها، ولعل القانون تغير!

باب ما يبدأ به من النظر بعد الولاية والجلوس

403 - وإذ قد ذكرنا حكم الأتباع وسائر ما في هذه الأبواب، وجب ذكر ما يبدأ به. باب ما يبدأ به من النظر بعد الولاية والجلوس النظر في أمر المحبوسين 404 - قال أصحابنا: ويستحب للقاضي أن يبدأ بالنظر في أمر المحبوسين وعددهم وفيما حبسوا والأوقات التي حبسوا فيها، والأسباب التي من أجلها حبسوا، فإن الحبس عقوبة، ولعل في الحبس من لا يجب حبسه، أو من قد توجه علي القاضي أخراجه من الحبس. 405 - ويسأل كل محبوس عن ذنبه، وما حبس لأجله لأنه لا يجب على الثاني أن يصدق الأول ولا السجان يعرف ما عندهم. 406 - ويتقدم بالنداء في البلد بأن القاضي يريد النظر في المسجونين، فمن كان له على رجل حق أو في حبسه فليحضر إلى القاضي في الوقت الفلاني فيجمع بينهم وبين خصومهم. 407 - فإن ذكروا ما يجب به الحبس حبسهم أن طلب ذلك من له حق الحبس منه، وإن لم يطلب لم يحبس. 408 - وأن أنكروا أن يكونوا حبسوا بأمر يلزمهم الكشف عن كل واحد مع خصمه، ولتعاد دعواه عليه، فإن أقر له بما يوجب الحبس حبس، وأن أنكر ذلك طلب البينة العادلة. 409 - فإن قامت بينة عليه أمره بالخروج مما شهدوا به، وأن لم يخرج منه أعلم الخصم ما ثبت، فإن طلب الحبس منه حبسه وأعاده إلى الحبس.

410 - وأن عدم المدعي عليه البينة أو كانت غير أنها لم تزك عنده أطلق المحبوس من الحبس وأخذ منه كفيلا بنفسه. 411 - أن عدلت البينة أو صدق الخصم أو قامت بينة سواها عادلة رده إلى الحبس، أن طلب الخصم ذلك. 412 - فإذا لم يحضر للمحبوس خصم وقال أنه حبس بغير حق، وماله خصم فإن القاضي ينادي اياما: من كان له على فلان بن فلان حق فليحضر ليحكم بينهما. 413 - فإن لم يحضر أحد يتأنى في اطلاقه ولا يعجل لعل الخصم غائب عنه، ثم يأخذ منه كفيلا بنفسه ثم يطلقه. 414 - فإن أقر المحبوس أنه أقر لرجل بما ذكره وذكر الرجل بينة فحبسني أحضره القاضي فإن عرفه أو عرفه الشهود، أو قال المقر هذا هو، وقد أحضرت ماله عندي نقل له يأخذه ويخرجني من الحبس، أخذ الرجل ماله. 415 - ثم ينظر القاضي هل له خصم سواه، فإن لم يجد له خصما أطلقه. 416 - وإن لم يقف على حقيقة الحال أخذ منه كفيلا وأطلقه، وإن أراد المقر له إخراجه من الحبس بغير أخذ مال بل رفقا به تأنى في ذلك خوفا أن يكون محبوسا لغيره ثم يطلقه بعد أخذ الكفيل. 417 - وإن كان لا يعرف القاضي الطالب ولا يعرفه الشهود، وقال المطلوب لهذا الرجل حبست، وهذا ماله علي، فإن القاضي يأمره بدفع المال إلى الطالب، ولا يطلقه، لجواز أن تكون حيلة من المحبوس، ولكنه ينادى عليه أياماً ثم يطلقه. 418 - فإن قال المحبوس لا كفيل لي أو لا يجب علي ذلك لأني قد دفعت ما علي فمن أصحابنا من قال: يتأنى القاضي في ذلك نحو من شهر بعد النداء ثم يطلقه، ومنهم من قال هذا على حسب ما يراه القاضي، ويشهد له الظاهر ويراه مصلحة من غير حد.

419 - فإن قال المحبوس: إنما حبسني لأني أقررت بالزنا لأربع مرات وأنا محصن أو غير محصن أو أقررت بشرب الخمر ليقيم علي الحد فإن القاضي يستأنف الأمر في ذلك ويجعل كأنه حضر الآن، فإذا أقر بالزنا أربع مرات على ما يعتبر في المرات من خلاف أصحابنا فمنهم من يقول أربع مجالس من مجالس القاضي، ومنهم من قال أربع مجالس من مجالس المقر، يذهب ويجيء فيقر على ما سنذكره في كتاب الحدود إن شاء الله من اعتبار الأربع عندنا. وعند الشافعي، ونذكر حكم الإقرار والشهادة على الحدود إن شاء الله، فإنه يقيم الحد عندنا في الزنا. 420 - أما الشرب فلا يقيم إلا أن يكون ريحها يوجد منه في الإقرار والشهادة، وإن كان قديماً (لم) يأخذه به، ويكون ذلك حدا لكل، قذف تقدم ذلك. 421 - فإن أقر المحبوس بقطع طرف رجل عمدا، أو حضر المقر له وطلب القصاص (اقتص). 422 - وكل حق يقر به المحبوس لغيره وهو حق صحيح عند القاضي يلزمه الحكم والخروج إليه وابتغائه منه فإن القاضي الثاني يستوفيه منه ويأخذه به. 423 - ولو أقر بما لا يجب به عنده ضمان ولا عقوبة ولا قود ولا دية بأن يكون مذهبه بخلاف مذهب الأول في ذلك لم يأخذه به، إلا أن يكون الأول قد قضى فيه، وهو مما لا ينقض حكمه به لأنه غير مخالف للأصول التي يجب رده إذا خالفها. 424 - وسنذكر ذلك في الباب الذي ينقض فيه قضاء القاضي إذا قضى به إن شاء الله.

فصل النظر في أمر الوقوف

فصل النظر في أمر الوقوف 425 - فإذا فرغ من أمر المحبسين وقبض الديوان وما ذكرناه، نظر بعد ذلك في أمر الوقوف. 426 - وينبغي للقاضي بعد ذلك أن يأمر مناديه فينادي على بابه: إلا أن القاضي يقول لمن كان يتولى شيئاً من أموال الوقوف والأيتام والودائع والأمناء من قبل القاضي فلان الميت أو المعزول على مال صغير أو كبير محجور عليه أو غائب أو غير ذلك مما ينظر فيه القاضي فليتوجه إلينا، ولا يقصر أحد فيما أمر به من الحضور في البلد وليحضر ولا يتأخر إلا من له عذر، وليبلغ الشاهد الغائب. 427 - فإذا حضروا عنده نظر في أحوالهم، وصحح ما بأيديهم، فمن أحب أن يقره على نظره أقره، وأن رأى صرفه صرفه. 428 - والمستحب له أن يجرى فيهم بسنة الأول أن كان حسن السيرة وأن لا يستبدل بهم أن كانوا ثقاةً، بل يجريهم على ما هم عليه. فصل قبول قول القاضي المعزول 429 - ويقبل قول القاضي المعزول، ومن تحت يده المال فيما يقر به ويصرفه إلى الوجه الذي يذكره القاضي أن كان تحت يده وإن كان في يد غيره اعتبر ذلك الغير. 430 - وإذا قال الأمين دفعته إلى القاضي المعزول ولا أعلم لمن هو، فإن القاضي الثاني يقبل قول الأول المعزول في المال ويسلمه إلى من قال.

فصل اختلاف المعزول والذي بيده المال

431 - وهذا حكم الأموال والعقارات والعروض كلها لأن هذا كله في يد القاضي إذا أقر الأمين أنه هو الذي سلمه إليه. فصل اختلاف المعزول والذي بيده المال 432 - قال أصحابنا: إذا اختلف المعزول والذي بيده المال فقال المعزول هو لفلان، وقال الأمين بل هو لفلان، إنسان آخر، فالقول قول الأمين الذي في يده المال، لأنه في يده (و) ليس في يد القاضي فلا يقبل قوله، وقيل قول الأمين لا يقبل .. وهذا إذا أنكر الأمين دفع القاضي إليه. 433 - وإن قال: دفعه القاضي وقال لي أنه لفلان، وقال القاضي بل هو لإنسان آخر، فالقول قول القاضي، ومن في يده بمنزلة الشاهد. فصل 434 - وإن كان المال في يده، فقال الأمين ما في يدي لفلان بن فلان دفعه إلى القاضي، وقال أنه له، فقال القاضي بل هو لفلان لإنسان آخر، فإن الأمين يدفع المال الي الذي أقر له به، ويغرم مثل ذلك للذي ذكره له القاضي لأنه اعترف بأنه أخذه من القاضي فعليه رده إليه، لأنه سلمه إليه بقوله وإقراره أنه له. فصل 435 - وإذا قال القاضي المعزول: عند فلان عشرة آلاف درهم لأبن فلان اليتيم من أبيه فهي لليتيم إذا لم يدع ذلك باقي الورثة.

436 - وإن كذب باقي الورثة القاضي فالمال بينهم، ولا يقبل قول القاضي ولا الأمين على الورثة. 437 - وكذلك الضياع والعروض. 438 - ويستحلف الورثة لليتيم على ما يجب عليهم، ولا نعرف في ذلك خلافا. 439 - ولو كان القاضي المعزول اشهد على نفسه في صك مكتوب أنه قسم المال بين الورثة وهذا حصة اليتيم والكتاب موجود فإن هذا حكم على الورثة، وكان المال لليتيم. 440 - وإن كان القاضي قال هذا المال لليتيم ولم يقل أنه حصة من الميراث فهو لليتيم، وليس لباقي الورثة من ذلك شيء ولا خصومة بينهم وبين القاضي، ولهم خصومة اليتيم بعد البلوغ. فصل 441 - ولو قال القاضي المعزول: ثبت عندي بشهادة الشهود أن فلاناً وقف الضيعة المعروفة بكذا على وجهة كذا وأني حكمت بذلك وجعلتها وقفاً على يد فلان لينفق دخلها على سبيلها، وصدقه الأمين وورثة الموقف أمضى القاضي الثاني إقرار الورثة. 442 - وكذلك أن قامت بينة على حكم المعزول بذلك. 443 - وإن جحد الورثة ذلك ولا بينة استحلفوا على ذلك وردت في الميراث. 444 - وإن قال القاضي: هذه هي صدقة ووقف وصدقة الأمين ولم يزد على ذلك فهي على ما قال ولا يكلف المعزول التفسير.

محاسبة الأمناء

محاسبة الأمناء 445 - وإذا حوسب الأمناء على ما في أيديهم من أموال اليتامى، فمن كان القاضي أقامه قبل قوله فيما يقبل فيه قول الوصي. 446 - ومن لم يقمه القاضي وصياً، وإنما جعله قيما في الضيعة وقابضاً وأن يتفق على اليتيم في كل شهر كذل قبل قوله فيما يدعي من النفقة على الضيعة إذا كان مثل ذلك ينفق في المدة، وفيما صار في يده من (الأثمار) والأثمان. 447 - وأن أتهم أحد منهم استحلفه على ما نرى. ادعاء الأمين الأجر 448 - قال أصحابنا: ولا يقبل قول الأمين أن القاضي المعزول فرض له أجراً على ذلك إلا بينة (تشهد) أن المعزول فرض له ذلك. 449 - وأن كان قد أخذ من ذلك شيئاً رده على اليتيم. 450 - وإذا لم يكن للأمين بينة على أن المعزول أقامه وصياً وقيماً لم يقبل قولهم ولزمهم رد ما ادعوا انفاقه في العمارة وغيرها من المال. فصل 451 - قال أصحابنا: وإذا أقر أحد الأمناء أن الضيعة التي في يده لليتيم، وأن في يده من دخلها كذا ولم يقل بعت ولا أنفقت شيئاً، فالقول قوله فيما أقر به، وللقاضي المولي أحلافه أن رأى ذلك. فصل 452 - قال أصحابنا:

وإذا قال القاضي المولي أدوا حساب جميع ما جرى في أيديكم سنة سنة، لجميع الأمناء أو لبعضهم فقالوا قد حاسبنا القاضي المعزول إلى وقت كذا وأبرأنا وأتوا على ذلك بينة قبل ذلك منهم وحاسبهم على ذلك في المستقبل. فصل 453 - وإن قالوا نخشى أن نقر لك فيلزمنا إقرارنا، ولا بينة لنا على ما فعل القاضي معنا وفعلنا والذي بأيدينا إنما هو كذا وكذا لم يكن للقاضي أن يحملهم على الإقرار، وينظر في هذا بما هو الأصلح، فمن كان معروفاً بالأمانة قبل قوله، وإن كان مدغلاً طالبه بالتفسير. 454 - وله أن يستحلف الأمين منهم على ما يرى. 455 - قال الخصاف: والقياس في الأمناء واحد: أن يقبل قولهم على ما في أيديهم مع الإيمان وذاك أن من في يده شيء فالقول قوله فيه. فصل 456 - وهذا حكم الأمناء والقاضي إذا كان معزولا وإذا كان ميتاً، فيسئل القاضي في الأمناء والمحبسين وقبض الديوان على ما ذكرناه على سواء، إلا فيما تحت يد الميت فإنه يحتاج الى إقرار الورثة أو شهادة الشهود، ولا يقبل قول أمين ولا وصي أنه كذلك بغير بينة تشهد له، لأن الأصل عدم ذلك. 457 - وإذا أقام بينه على الوصية والأمانة فإن كان عدلاً قوياً أقره على

في الضوال

الوصية، وإن كان فاسقاً لم يقره على الوصية، عند الشافعي، لأن الوصية ولاية والفاسق ليس من أهل الولاية. 458 - وعند أصحابنا يقر على الوصية إذا تاب ويصح، كما يقر على الوكالة، وكما يقر على التصرف في مال نفسه. 459 - فإن كان عدلاً ضعيفاً لا يقوم بها ضم إليه غيره ليتقوى به، وهذا قولنا، وقول الشافعي في الذي لا يضطلع بما وصى به. 460 - قال الشافعي: وإذا أنفذ القاضي الوصية لم يسئل عدالته لأن الظاهر أن القاضي الأول لم ينفذ إلا وهو عدل. 461 - وهذا قولنا أيضاً. 462 - فإن كان وصياً في تفرقة ثلثه، فإن كان لم يفرقه فالحكم في إقراره على الوجه الذي ذكرناه. وإن كان عدلاً لم يلزمه شيء بالإنفاق وإن كان فاسقاً فإن كانت الوصية لمعين لم يلزمه شيء لأنه دفع الموصى به الى مستحقه وإن كان لغير معين لم يلزمه لأنه دفع إلى مستحقه كما لو كانت لمعين. 463 - وهذا قولنا وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي، والوجه الآخر لهم أنه يغرم ما فرقه، قالوا لأنه فرق ما لم يكن له تفريقه كما لو فرق ما لم يسند إليه، وهذا لا يصح، لأن ما لم يسند إليه يلزمه الغرم في الوكالة فيلزمه في الوصية وما فوق إلا ما جعل إليه. في الضوال 464 - ثم ينظر بعد ذلك في أمر الضوال، ومال من ليس بحاضر، لأنه لا حافظ من الناس، فعليه حفظه والقيام به، فهذا حكم هذه الأموال والنظر فيها. 465 - وأما أحكام الخصوم والنظر في الدعاوى فقد أخرنا ذلك إلى المواضع

باب النيابة في القضاء

التي تستدعيها والمسائل والكتبة وهناك نذكر كيفية أخذ الرقاع وتقديم بعض الخصوم على بعض وترتيب القاضي والخصوم والشهود والوكلاء لأن ذكره في موضعه أليق، وإن كان الطحاوي والخصاف وغيرهما قد ذكروا هذه الأبواب المؤخرة في أوائل كتبهم، ولم يرتبوا الكلام فيها على ما رتبناه نحن. 466 - وإذ قد ذكرناه ما يبتدأ به من النظر وكان له أن ينظر في ذلك بنفسه، وله أن ينظر في ذلك بغيره وجب ذكر أحوال النيابة عنه. باب النيابة في القضاء 467 - وهذا باب يذكر فيه حالة النيابة عنه ما قيل في ذلك. 468 - اعلم أن أصحابنا قالوا لا يجوز أن يستخلف رجلاً يحكم بين الناس، إلا أن يكون الإمام الذي ولاه قد جعل إليه ذلك ونص عليه فيجوز ذلك وأن نها، لم يجز له أن يستخلف أحداً. 469 - وهو عندنا بين أن يطلق القول ولا يقيده وبين أن يسكت عن ذكر النيابة، في أنه لا يجوز له أن يستتب لأنه نائب عنه فيتبع أمره ونهيه. 470 - وقال أصحاب الشافعي: إذا لم يأذن له وله ينهه نظرت فإن كان ما قلده يقدر أن ينظر فيه بنفسه ففيه وجهان أحدهما وهو قول أبي سعيد الاصطخري أنه يجوز أن يستخلف لأنه ينظر في المصالح فجاز أن ينظر بنفسه وبغيره. والثاني قالوا وهو المذهب أنه لا يجوز له، لأن الذي ولاه لم يرض بنظر غيره.

تقييد القاضي بسماع الأدلة والبينات

471 - وإن كان ما ولاه لا يقدر أن ينظر فيه بنفسه لكثرته جاز أن يستخلف فيما لا يقدر عليه لأن تقليده لما لا يقدر عليه بنفسه إذن له في الاستخلاف فيما لا يقدر عليه، كما أن وكيل الوكيل فيما لا يقدر عليه بنفسه أذن له في استنابة غيره. 472 - وهل له أن يستخلف فيما يقدر عليه أن ينظر فيه بنفسه؟ ففيه وجهان: أحدهما أن له ذلك لأنه من جاز أن يستخلف في البعض جاز أن يستخلف في الجميع كالإمام. والثاني لا يجوز، لأنه لما أجيز له أن يستخلف فيما لا يقدر عليه للعجز فوجب أن يكون مقصوراً على ما عجز عنه. تقييد القاضي بسماع الأدلة والبينات 473 - قال أصحابنا: ولو استخلف رجلاً فقضى بين الناس لم يجز قضاؤه، وأن رفع الى غيره أبطله، ولا ينفذ ذلك بحال، وأن كان الخليفة قد أمره أن يسمع من الخصوم ويثبتوا عنده البينة والإقرار ولا يقطع حكماً فذلك على ما جعله لا يتجاوزه، ثم يرفعه الى القاضي فيكون هو الحاكم بما يصح عنده من ذلك. 474 - وللقاضي أن يفعل مثل ذلك إذا جعل إليه الاستخلاف. 475 - وقد كان شيخنا قاضي القضاة رحمه الله لا يجعل إلى القضاة سماع بينة ولا حكم ويطالعونه بما يثبت ثم يتقدم بفصل الحكم إليهم أو بالشهادة عنده (فيما) جرى، وكذلك قضاة السواد، وكان يفعل معهم ذلك وكان يشهد

شروط الاستخلاف

عند خلفاءه بالاستفاضة وعند المعدلين ثم يتقدم بفصل الحكم إليهم أو الشهادة عنده بما جرى ثم يتوسط الحال على الخصوم. 476 - قال أصحابنا: وإن كان الشهود عند خليفته قد غابوا أو ماتوا، فأعلمه خليفته بحالهم لم يقبل ذلك، ولم يحكم حتى يعيدوا الشهادة إذا لم يجعل لهم بت الحكم. 477 - وكذلك الإقرار إذا غاب المدعى عليه أو جحد الإقرار لم يقبل من خليفته أن أقر عنده إلا أن يأتي معه من يشهد بذلك فيقبل القاضي ذلك على سبيل الشهادة. شروط الاستخلاف 478 - وإذا جعل الإمام له أن يستخلف في القضاء فله أن يستخلف كل من يجوز للإمام أن يستقضيه، ولا يجوز له أن يستخلف في القضاء من لا يجوز أن يكون قاضياً. 479 - وقد ذكر ابن الأصبغ في شروطه وكان صاحباً لأبي الحسن الكرخي رحمه الله أنه لا يجوز له أن يولي ابنه القضاء، وقال غيره ولا من لا تجوز شهادته له، وجعل ذلك كالوكيل لا يجوز أن يبيع بمطلق الوكالة من ابنه ولا أبيه ولا من لا تجوز شهادته له عند أبي حنيفة. 480 - وقال الطحاوي في أدب الحكام الصغير له: "وله أن يستعمل أباه وأخاه وجميع ذوي أرحامه، إذا كانوا عنده ثقاة فيما أسنده إليهم، ويحتاط في جميع من يستعمله ممن يكون أحوط عليه وأعود بصلاحه فيما حمله واكتسبه من الثواب وسلمه من التبعات في الدنيا والآخرة". 481 - وقال الشافعي: "وله إن أراد أن يستخلف في عمله والده أو ولده جاز، لأنهما يجريان

باب وقوف الحكم على إجازته

مجرى نفسه، ثم يجوز أن يحكم في أعماله فجاز أن يستخلفهم في الحكم في ذلك". 482 - قال: وإذا فوض الإمام إلى رجل أن يختار قاضياً لم يجز أن يختار والده ولا ولده لأنه لا يجوز له أن يختار نفسه. وهذا قولنا أيضاً في الاختيار. 483 - وإن صير له الإمام أن يختار ولده أو والده جاز ذلك بالاتفاق. 484 - وإذ قد ذكرنا جواز النيابة عنه فهل يجوز أن يقف الحكم على إجازته أم لا؟ باب وقوف الحكم على إجازته 485 - اعلم أن أصحابنا قالوا: يجوز أن يقف الحكم على إجازة حاكم البلد إذا كان حكم الحاكم به لا ينفذ، فقالوا لو أن الخليفة لم يجعل إلى القاضي أن يستخلف فاستخلف رجلاً فحكم لم يجز ذلك الحكم، فإن أجازه القاضي وأنفذه جاز إذا كان الحاكم به، ممن لو كان حاكماً نفذ حكمه، وإن كان ممن لا يجوز حكمه لم يجز بإجازته وكان باطلاً وجعلوا ذلك كسائر العقود الموقوفة على الإجازة. العقد الموقوف 486 - وقالوا: كل عقد لو تقدم عليه الإذن نفذ إذا تأخر عنه الإذن انعقد موقوفاً على من له حق العقد. 487 - فجعل القضاء مثل ذلك، واعتبروا صفة الحاكم كما اعتبروا صفة العاقد أن يكون من أهل العقد والمعقود له من أهل العقد والمحل قابلاً للعقد. 488 - وقال الشافعي: لا ينعقد شيء من العقود موقوفاً على الإجازة، وأجاز أن ينعقد الإذن موقوفاً على العقد، فإذا وجد العقد لزم، وأجاز أن يقف

باب ما يبطل ولاية القاضي والإمام

الإيجاب على القبول والوصية على القبول بعد الموت، وجوز لزوم البيع على المجلس ومدة الخيار، وأوقف أحكاماً كثيرة على الصلح من المدعين. 489 - وسنذكر في النكاح والموت ما قال من ذلك إن شاء الله. 490 - وإذا قد ذكرنا جواز ولاية القاضي، وما يصح به وما لا يجوز له أن يستخلف فيه، وجب أن يذكر ما يبطل ولايته. تصرف القاضي بعد الفسق باب ما يبطل ولاية القاضي والإمام 491 - أعلم أن القاضي يتصرف بإذن الإمام كما يتصرف الوكيل بإذن الموكل، فله أن يبطل ولايته فيما ولاه، وهذا قول أصحابنا أن للإمام عزل القاضي عن القضاء كما للموكل عزل الوكيل. 492 - وقال أصحاب الشافعي: ليس للإمام أن يعزل (القاضي) عن القضاء، ولا ينعزل بعزله، وإنما ينعزل إذا فسق وخرج عن الصفة التي يصلح أن يكون قاضياً. 493 - وقال الفريقان: إذا فسق بطلت ولايته بالفسق، وكذلك الإمام تبطل إمامته. 494 - وقال القدوري رحمه الله في خلافه أن من أصحابنا من قال: تصرف القاضي بعد الفسق جائز حتى يخرجه الإمام من القضاء، حكاه عن بعض أصحابنا.

بطلان الولاية بطرؤ العمى

بطلان الولاية بطرؤ العمى نقد القول بصحة تصرف القاضي بعد فسقه 495 - ولو جاز أن يبقى مع الفسق على القضاء لجاز أن يولي الفاسق ابتداءً مع العلم بفسقه وقد أجمعوا على أنه لا يجوز أن يولي فاسق لا يؤمن فعله ولا قوله ولا حكمه وإذا لم تجز شهادة الشاهد مع الفسق فكيف يجوز حكم الحاكم مع الفسق؟ 496 - وتبطل ولاية الإمام والقاضي إذا عمى لأنه لا يصح له معرفة ما يحتاج إلى نظره فهو كزوال العقل. 497 - وهذا قول أبي حنيفة ومحمد في الشهادة أيضاً أنه تبطل شهادته إذا عمى. 498 - ومن أجاز شهادة الأعمى يلزمه جواز قضائه وأن يكون لا يبطل قضاءه، وهذا قول شريح والشعبي والزهري والقاسم بن محمد ويحيى بن سعد، وهو قول أبي يوسف وابن أبي ليلى في الشهادة. 499 - ويبطل ولاية الجميع زوال العقل لأنه يمنع التكليف، فيمنع الولاية. بطلان الولاية بالنسيان 500 - وكذلك يبطل ولايته نسيانه العلم على قول من جعل ذلك شرطاً في الصحة. ردة القاضي والإمام 501 - وتبطل ولاية القاضي والإمام إذا ارتدا عن الدين لأن ردتهما توجب زوال ملكهما عن مالهما ويحل دمهما. عزل نفسه 502 - وتبطل ولايته إذا عزل نفسه هو عن القضاء وكذلك الإمام، كما تبطل الوكالة إذا عزل الوكيل.

بطلان ولايته باستحقاق رقبته

بطلان ولايته باستحقاق رقبته 503 - وتبطل ولايته باستحقاق رقبته لغيره لأن المملوك لا يملك الولاية وإن ملك، وليس من حيث جاز أن يكون العبد وكيلاً يجوز أن يكون قاضياً، لأن الكافر يجوز أن يكون وكيلاً ولا يجوز أن يكون قاضياً. وسنذكر في الشهادات حكم شهادة العبد إن شاء الله. سقوط ولاية الإمام بأسره 504 - وإذا أسر الإمام وحصل في دار الحرب وتعذر على الناس الوصول إلى إذنه جاز لهم نصب غيره، وسقط عنهم حكم ولايته. 505 - وقد بينا ما يتفق فيه الإمام والقاضي ويفترقان من الصفات في باب متقدم فلا معنى لذكره هاهنا. طروء الخرس 506 - وتبطل ولايته بالخرس الذي لا يتبقى معه كلام، ولا يقضي بالإشارة ومن أجاز شهادة الأخرس يلزمه جواز قضاءه. القاعدة فيما يطرؤ على القاضي من الأحوال 507 - واتفق أصحابنا أن كل صفة لو كان عليها لم يصح أن يتولى الحكم إذا صار إليها يبطل حكمه فيما يستقبل. 508 - وكذلك الشهادة وهذا كالجنون والخرس وزوال العقل والفسق. 509 - واختلفوا في العمى فأجاز أبو يوسف في الشهادة ما شهده وهو بصير أن يشهد به وهو أعمى، أو حمله غيره الشهادة وهو كذلك أنه يجوز له أن يشهد شاهد الفرع بها وهو أعمى.

باب موت القاضي

موت الشاهد والقاضي 510 - واتفقوا على أنه إذا مات لا تبطل شهادته التي شهد بها، وكذلك حكمه الذي حكم به. 511 - وقد ذكرنا حكم موت القاضي فلنذكر ما يترتب عليه. باب موت القاضي وهذا باب موت القاضي والإمام 512 - اعلم أن أصحابنا قالوا: إذا مات الخليفة أو خلع، وله قضاة قد ولاهم، فإنهم على ما كانوا عليه نافذة أحكامهم ماضية قضاياهم، لأن القضاة قوام المسلمين وأعوان الدين، وهو عقد ماض على المسلمين فلا يبطل بموت من عقده، كما أن الإمامة لا تبطل بموت أهل الحل والعقد. فحكم القاضي في الولاية حكم أهل الحل والعقد. وكما لا نبطل ولاية الإمام بموت من ولاه فكذلك لا تبطل ولاية القاضي إذا مات من ولاه، وكذلك قاضي القضاة إذا مات لا تبطل ولاية قضاته بموته، كما لا تبطل ولايته بموت الخليفة الذي ولاه. 513 - ولا أعرف في هذا خلافاً بين العلماء لأن العلماء على قولين: منهم من قال ليس للخليفة أن يعزله بعد ولايته بقوله، ومنهم من قال له ذلك وهم أصحابنا. وفي الموت نصوا على أنه لا تبطل ولايته. 514 - وسمعت شيخنا قاضي القضاة رحمه الله يقول: - "في الناس من يقول تبطل ولايته بموت الخليفة". ولم أر ذلك في كتاب فأحكيه وليس من حيث بطلت الوكالة بموت الموكل ينبغي أن تبطل

باب عزل القاضي وخلع الإمام

ولاية القاضي، لأن الوكالة إن بطلت بالموت لأنها مستفادة بالإذن، فالوصية تصح بعد الموت بالإذن، والقضاء بالوصية أشبه منه بالوكالة. 515 - وإذ قد ذكرنا موت القاضي فلنذكر حكم العزل له. باب عزل القاضي وخلع الإمام وهذا باب عزل القاضي وخلع الإمام. 516 - اعلم أن حكم قضاة الإمام بعد خلعه حكمهم بعد موته نافذة أحكامهم جائزة قضاياهم. متى يخلع الإمام 517 - والإمام إنما يخلع إذا ارتكب من الأمور ما لا يجوز أن يبتدئ له معه ولاية، ولأنه نائب عن المسلمين، يستوفي ما وجب لهم من الحقوق ويوفيهم ما يجب لهم، ويستوفي منهم ما يجب استيفاؤه لله تعالى، فهو الأمين، والذائد عن الدين، فإذا جار واعتدى وتمرد واحتوى على الأموال وجب على أهل الدين وعلى المسلمين خلعه ومنعه والاستبدال به، وبهذا جرت عادة المسلمين فيمن خرج عن الطريقة ولم يستقم بهم في المسيرة. متى يمتنع خلع الإمام 518 - ولا يجوز خلعه بغير ذنب، ولا الاستبدال به من غير جرم لأنه الحافظ الأمين، فالخروج عليه بغير سبب كالمخالفة للرسول صلى الله عليه وسلم والخروج عليه. الفرق بين عزل القاضي وعزل الإمام 519 - فإن قيل: قد قلتم أن للإمام عزل القاضي من غير سبب يوجب العزل،

أقضية القاضي قبل عزله

فقولوا للأمة نصب إمام من غير سبب وعزل الأول، قيل إن القضاء يقع مخصوصاً بين الناس، ويجوز أن يقضي بين الفين وأهل بلدة، فإذا خربت أو انتقل أهلها لم يجز قضاؤه على غيرهم، وكذلك إذا مات الخصمان اللذان على الإمام الحكم بينهما لم يجز له أن يقضي على غيرهما، فكان مقصوراً على الإذن. والإمامة بخلاف ذلك لا تخصص بالتخصيص والبقاع، ولا يجوز أن يشترك إمامان في النظر في الأمة فهذا فرق ما بينهما. أقضية القاضي قبل عزله 520 - وإذا عزل الإمام القاضي فأحكامه نافذة وقضاياه ماضية، حتى يصله كتاب العزل وشهادة الرسول بذلك، فحينئذ لا ينفذ له حكم في المستقبل. تصرفات الوكيل قبل العزل 521 - وكذلك قال أصحابنا في الوكيل هو على وكالته وتصرفه جائز إلى أن يرد عزله إليه أو يشافهه بذلك الموكل. متى يعزل الوكيل نفسه 522 - وكذلك الوكيل ليس له عزل نفسه بغير علم الموكل. 523 - وقد خالفنا الشافعي في الفصلين جميعاً وقال لكل واحد منهما أن يعزل هذا العزل الوكيل، والوكيل يعزل نفسه، وقال في عزل القاضي بخلاف ذلك أنه لا يملك الإمام عزله. فصل ما يدعى على القاضي بعد العزل 524 - وإذ قد ذكرنا جواز عزل القاضي، وجب أن نذكر ما يدعى عليه بعد العزل.

525 - قال أصحابنا: وإذا ادعى رجل على القاضي المعزول أنه قتل ابنه وهو قاض، أو أخذ ماله، أو أرضه، أو ما في يده، أو شيئاً ذكره من العقود والطلاق والعتاق، وإنك فعلت بي ذلك ظلماً وتعدياً فقال القاضي: قامت عليك البينة عندي بما فعلت، أو أقررت بذلك لمن حكمت له بما حكمت، فالقول قول القاضي المعزول، ولا يمين عليه في ذلك كائناً ما كان ذلك، ولا تقبل بينة يقيمها على ذلك. 526 - ولو قال الطالب للمعزول: - ما أقر ابني عندك، ولا قامت عليه بينة أنه فعل ما يجب به القود، وحضر الرجل الذي ذكر المعزول أنه قضى له بالقود والحق وكذب القاضي في ذلك، وقال لم يقر لي عندك، ولا قامت بينة بذلك، فالقول قول المعزول في ذلك، ولا يسئل عليه إذا كان المدعى يقر أنه فعل ذلك وهو قاض. 527 - وكذلك سائر الحقوق إذا كانت مستهلكة ليست بقائمة. 528 - وإن كانت داراً أو عقاراً فقال المدعي: - أخرج هذا القاضي من يدي هذا الشيء ودفعه إلى هذا ظلماً فقال القاضي: كانت عليك بينة أو إقرار فلا شيء على القاضي في ذلك. 529 - وأما ما هو في يده فإن صدق القاضي أنه حكم له بهذا الشيء لم يقبل قوله، ولا قول المعزول ودفع إلى الطالب، إلا أن يقدم بينة أنه قضى به و"هو قاض". 530 - وهذا حكم كل شيء قائم في الحال. 531 - وإن قال الذي في يده الشيء: هذا لي، وما حكم به هذا أبداً لي، فالقول قول من في يديه الشيء، ولا يقبل قول الخصم ولا القاضي في ذلك. ولا ضمان على القاضي لأنه يقول حكمت بالحق اللازم، فلا شيء عليه.

فصل كتب المعزول تصل بعد العزل

532 - وكل موضع اعترف الذي في يديه الشيء أنه أخذه بالحكم فأنه يرد على الطالب إلا أن يقيم بينة على الحكم. 533 - وإن كان الشيء مستهلكاً فالقول قول الذي هلك في يديه، وقول القاضي المعزول، ولا ضمان على واحد منهما. 534 - وإنما لم يقبل إقرار القاضي بعد العزل لأنه لا يملك إنشاء الحكم بذلك فلا يملك الإقرار إذا كان قائماً، وليس عن أصحابنا نص أن يكون في ذلك بمنزلة الشاهد، إلا ما حكيناه في خليفته الذي لم يجعل له استخلافه، أنه لا يقبل منه إلا أن يأتي معه من يشهد بذلك، فيقبل قوله مثله؟ 535 - واختلف أصحاب الشافعي في ذلك: هل يكون بمنزلة الشاهد؟ على وجهين: أحدهما يكون بمنزلة الشاهد، لأنه ليس فيه أكثر من أن يشهد على فعل نفسه، وهذا لا يوجب رد شهادته، كما إذا قالت المرأة: أرضعت هذا الفتى، وهذا قول الاصطرخي. والثاني أنه لا يكون شاهداً فيه لأن شهادته لنفسه بالحكم تثبت له العدالة وهذا ينبغي أن يكون قولنا. فصل كتب المعزول تصل بعد العزل 536 - وما كتبه قبل العزل من الكتب الحكمية فوصل إلى المكتوب إليه بعد العزل، لم يقبله، ولم يحكم به، وهو بمنزلة الكاتب إذا مات لم تقبل كتابته. 537 - وقال الشافعي تقبل، كما تقبل إذا مات. فصل التظلم من القاضي المعزول 538 - وإذا تظلم من المعزول متظلم، وسأل القاضي المولى إحضاره لم

فصل الإدعاء على القاضي بالجور في الحكم

يحضره حتى يسأله عما بينهما، لأنه ربما تقصد أن يقدمه ليحلف من غير حق. 539 - وإن قال: لي عليه مال من معاملة أو غصب أو إتلاف أو رشوة أخذها مني على حكمه أحضره، وهذا أيضاً قولنا في الدعوى عليه. 540 - قالوا: وإن قال: حكم على رجل بشهادة عبدين أو فاسقين ففيه وجهان: أحدهما أنه يحضره كما يحضره إذا ادعى عليه مالاً، والثاني لا يحضره حتى يقيم عليه بينة بما يدعيه، لأنه لا تتعذر إقامة البينة. 541 - فأن أحضره فقال: ما حكمت عليه إلا بشهادة حرين مسلمين فالقول قوله لأنه أمين، ولا يمين عليه عندنا، وقال بعض أصحاب الشافعي عليه اليمين كالمودع إذا ادعى عليه بجناية. فصل الإدعاء على القاضي بالجور في الحكم 542 - وإذا ادعى عليه أنه حكم بجور نظرت في ذلك: فإن كان مما يسوغ فيه الاجتهاد أمضاه، وإن كان لا يسوغ فيه الاجتهاد أبطله، كما يبطل حكم نفسه إذا رده الإجماع. 543 - وهذا قول الشافعي أيضاً في هذا الفصل. فصل الإدعاء بأن القاضي أخطأ في حكمه 544 - وإذا ادعى عليه الخطأ في حكمه فهو يترتب على خطأ القاضي إذا كان قاضياً قبل العزل.

فصل إقرار القاضي المعزول بتعمد الجور

545 - وخطأ القاضي على وجهين: أولهما ما هو من حقوق الله تعالى كالحدود فهو في بيت المال. والثاني حق العباد فذلك راجع على من حكم له به، يغرم ذلك المقضي له، ولا شيء على القاضي فيه كالقتل والمال إذا لم يقدر على رده بعينه غرم المثل أو القيمة أو الدية، فإن كان قائماً بعينه رده على صاحبه، وهذا بأن يتبين أن الشهود ذمة أو محدودون في قذف أو عبيد، وترد المرأة إلى زوجها والعبد يرد إلى الرق والمال إلى صاحبه، ولا غرم على القاضي لأنه تعلق على الحكم الظاهر وما كلف بعلم الغيب. فصل إقرار القاضي المعزول بتعمد الجور 546 - وإذا أقر المعزول أنه فعل ذلك عمداً، وأنه جار وقضى بما لا يلزم لزمه ذلك في ماله، وزالت عدالته. 547 - ويعزل إن كان والياً ويؤدب مع الضمان وإن كان معزولاً. هذا قول أصحابنا جميعاً. 548 - وقد قال أصحابنا إذا أقر القاضي أنه حكم لهذا الرجل بجور وباطل سقطت عدالته بإقراره، وعزل عن القضاء، وغرم ذلك الحق ولا ينقض قضاؤه، ولا يصدق على نقض ما قضى ولا فرق بين أن يكون معزولاً أو قال ذلك وهو قاض. 549 - وكذلك قالوا: لا يقبل قول الشهود أنهم شهدوا بباطل إذا كان الحكم قد نفذ ومضى. وسنذكر في الشهادات من ذلك ما يجب.

باب معاملة القاضي

550 - وإذ قد ذكرنا حكم الولاية والعزل فلنذكر حكم معاملة القاضي. باب معاملة القاضي وهذا باب معاملة القاضي للناس في ماله ومال من يلي عليه: 551 - قال الطحاوي رحمه الله في أدب الحكام: الحاكم أجير المسلمين فلا ينبغي له أن يتشاغل بمتجر يقطعه عن النظر في أمورهم، فإن نظر في متجر أو صنعة من غير أن ينقطع بذلك عما أسند إليه جاز. 552 - قال أصحابنا: - ولا يكره له الشراء والبيع بنفسه لأن النبي عليه السلام باع واشترى، وكذلك الأئمة الأربعة باعوا واشتروا، وفعلهم حجة وإتباعهم سنة. 553 - وقال الشافعي: يكره له البيع والشراء بنفسه. 554 - وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق أبي الأسود الدؤلي

فصل الإشراف على كتابه وأصحاب مسائله

أنه قال: (ما عدل وال اتجر في رعيته أبداً). 555 - وذكر عن شريح أنه قال: شرط على عمر رحمه الله حين ولاني القضاء أن لا أبيع ولا ابتاع ولا أرتشي ولا أقضي وأنا غضبان. ولأنه يحابي. 556 - فإن احتاج إلى ذلك وكل وكيلاً ينوب عنه، ولا يكون معروفاً، فإن عرف استبدل به من لا يعرف، فإن لم يجد تولى بنفسه، لأنه لابد له منه. 557 - فإذا وقعت لم يبايعه حكومة استخلف من يحكم بينه وبين خصمه لأنه لا يؤمن أن يميل معه. 558 - ولو كان ما قالوه يقوى عند الله ويلزمه بين الناس لما كان أولى بأن يفعل ذلك إلا أئمة العدل، والعدالة والأمانة يمنعان الميل وهما رأس مال القاضي فإذا لم يوجدا لم يصح القضاء، ولو كره ذلك للقاضي لكره للشاهد، ولمنع قول الشهادة، وهذا لا يجوز. وقد قال تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}. فصل الإشراف على كتابه وأصحاب مسائله 559 - وينبغي للقاضي أن يشرف على كاتبه وأصحاب مسائله وأمنائه،

فصل إقراض أموال الأيتام بشرط قيام المقترض بمؤونة الصبي

ويتفقد أمورهم، ويجوز له أن يحاسب بنفسه الأمناء والأوصياء، ويقتصد في أمر الرزق على من يستعمله على مال يتيم أو وقف. 560 - وما كان من مال يتيم في يد وصيه، وهو أمين عليه قيم به فأمره إليه. 561 - وإن لم يكن له وصي اختار له وصياً من قرابته ممن يوثق به، فإن لم يكن فمن الجيران، فإن لم يكن في الجيران من يصلح لذلك فمن غيرهم فيجعله وصياً، ويفرض له رزقاً ويشهد له بذلك ويصير كالوصي، يجوز له ما يجوز للوصي. 562 - وإن لم يجعله وصياً بل حافظاً لماله ولدخله ونفقته وخرجه لم يجز له إلا ما جعله إليه من ذلك. فصل إقراض أموال الأيتام بشرط قيام المقترض بمؤونة الصبي 563 - وللقاضي أن يقرض أموال الأيتام على الثقات ويكتب عليهم بذلك فهو أحوط من الودائع وآمن العواقب. 564 - ويتفقد أحوال من يقرضه ذلك في كل مدة فإن وقف على تغير حال أبدل به سواه من الموسرين من الثقات لأنه قد يصير معسراً بعد اليسار. 565 - ويفعل في ذلك ما يرى أنه أحوط وأصلح لليتيم. 566 - وقد رأينا شيخنا قاضي القضاة رحمه الله يودع ذلك عند الأمناء ويجري على الأيتام ويبيع عليهم حتى يأكلوا ذلك. 567 - وربما أعطى في بعض الأحوال من يتجر للصبي. 568 - وكان في بعضها يكتب المال على من يسلمه إليه ويكلفه مؤنة الصبي من عنده وهذا أحوط إذا كانا المدفوع إليه ثقة. 569 - وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اسعوا في أموال اليتامى لا تأكلها النفقة، ودفعت عائشة رضي الله عنها مال أيتام إلى مولاها أسلم تجارة.

قضاء الرباع

فصل تعيين أيام للقضاء 570 - وللقاضي أن يخص نفسه بزمان يصرفه في مصالحه وحوائجه والنظر في أهله وخلوته، ويعين للقضاء يوماً يكون قد صرف إليه وسعه ويحضر فيه الناس ويعرفونه به، فيقصد في ذلك اليوم وليس عليه صرف زمانه أجمع إلى القضاء. قضاء الرباع 571 - وكل ربع له قاض يقضي فيه، وعلى بابه من يقضي في الفرض والدين. يوم مجلس الدامغاني 572 - وكان شيخنا قاضي القضاة رحمه الله يوم مجلسه الثلاثاء فيحضره الشهود والوكلاء والخصوم ويستغرق اليوم جميعه في المحاضر والسجلات وقراءة الكتب، فلما صارت شهوده من التجار والمتعيشين في البيع والشراء جعل مجلسته في يوم السبت. 573 - وكان يجلس طرفي النهار فيدخل عليه الناس، وربما وصل الدرس، وأكثر الأحوال لا يصله لاسيما بعد توليه القضاء. تعليقه الخلاف على الدامغاني 574 - وما عرفت أحداً من جماعة أصحابه علق عليه تعليقة كاملة من أول الفقه إلى آخره لا في الخلاف ولا في المذهب، وقد علق كل إنسان غير ما علق الآخر، ولعله إذا جمع يكمل الخلاف، وما أظنه يكمل لأحد من الناس. فصل عيادة القاضي المريض ... الخ 575 - قال أصحابنا وللقاضي أن يعود المريض ويشهد الجنازة، ويجيب إلى الدعوة العامة والخاصة إذا كان ممن جرت عادته به.

قبول الهدية

قبول الهدية 576 - وقال الشافعي إن كانت له عادة بأن يهدي إليه من ذوي رحم أو مودة، فإن كانت له حاجة في الحال لم يقبل الهدية، وإن لم تكن له حاجة نظر: فإن كان ما أهدى له أزيد مما جرت به العادة أو أرفع لم يجز له قبولها لأن الزيادة بالولاية، وإن كانت مثل الأول جاز له قبولها. 577 - (و) قال بعض أصحابه: الأولى أن لا يقبل (إذ) يجوز أن تكون له حكومة منتظرة في المستقبل. حضوره الولائم 578 - قالوا: ويجوز أن يحضر الولائم لأن وليمة غير العرس تستحب الإجابة إليها. 579 - قالوا: وفي وليمة العرس وجهان: أحدهما أنها فرض على الأعيان والثاني فرض على الكفاية، ولا يخص بعضهم بالإجابة دون بعض لأن في ذلك ميلاً وترك العدل. 580 - فأن كثرت عليه وقطعته عن الحكم ترك الحضور في حق الجميع لأن الإجابة إما أن تكون سنة أو فرضاً على الكفاية أو فرضاً على الأعيان، وذلك كله لا يضر بالمسلمين تركه، وترك القضاء يضر بالمسلمين فكان تقديم القضاء أولى. 581 - وسنذكر في أبواب المدعى من يجوز له أن يعدى عليه ومن لا يجوز، ومن يجوز أن يقضي له ومن لا يجوز، وما يحله قضاؤه لغيره وما لا يحله قضاؤه وحكم القضاء له وعليه، وعلى من يتعلق به من الناس، فهذه الأبواب يقع الكلام فيها في القاضي، وما يتعلق به من المسائل والشروط. 582 - وأما الكلام في المقضي له وهو المدعى عليه وما يتعلق به من الأبواب والفصول فأول ذلك:

ذكر المدعي والصفة التي يكون عليها

ذكر المدعي والصفة التي يكون عليها 583 - أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. 584 - وهذا كلام: يجب أن يعرف من المدعى ليعمل ببينته، والمدعى عليه ليعمل على يمينه. 585 - والذي قاله شيخنا قاضي القضاة رحمه الله في شرح كتاب الدعوى من مختصر المحاكم مما علقناه عنه ودرسناه عليه فذكر الدعوى وذكر بعدها المدعي، وهذا أصح، لأن المدعي من له دعوى، فقال: تعريف الدعوى 586 - الدعوى عبارة عن قول يقصد به إثبات شيء عار عن برهان. ومتى كان فيها حجة أو برهان لم تكن دعوى. 587 - ولهذا لا يقال للنبي أنه مدع بعد قيام المعجز على ما قاله، ولا لمن استدل بذلك على قوله أنه مدع. ويقال لمن ليس له حجة مدع. هذا حده في اللغة. 588 - واختلف أصحابنا فيه هل يعتبر بالشرع أم لا؟

589 - فكان أبو سعيد البردعي يقول هو على ما كان لم يتغير. 590 - وقال غيره قد تغير ونقل إلى شيء دون شيء. 591 - وقد كانت في شرع من تقدم أيضاً كذلك. 592 - روى عن قتادة في قوله (تعالى): {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}. قال: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. وقال الحسن البصري رحمه الله "فصل الخطاب" طلب العلم بالقضاء. وقال شريح: الشهود والإيمان. 593 - وروى الخصاف عن مجاهد في قوله (تعالى): {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ}، قال: ليست النبوة ولكنه العلم والقرآن والفقه. 594 - وذكر عن عمر بن عبد العزيز (أنه) قال: خمس إذا اخطأ القاضي فيهن خصلة كانت فيه وصمة:

أن يكون فهيماً. وأن يكون عفيفاً. وأن يكون صابراً. وأن يكون عادلاً. سؤولاً عن العلم. فصل 595 - واختلف أصحابنا في المدعي من هو؟ 596 - فقال الكرخي رحمه الله: هو الذي يقصد بدعواه إثبات حق على الغير في يده أو في ذمته، والمدعى عليه من لا توجد هذه الصفة فيه. 597 - واعترض عليه بأن من في يديه الشيء إذا ادعاه على الخارج أنه اشتراه منه فهو مدع، ولا يقصد ما قال. 598 - ومن أصحابنا من قال المدعي هو الذي يقصد أمراً خفياً ليزل به أمراً جلياً. 599 - ومنهم من قال: المدعي هو الذي يدعي أمراً حادثاً، والمدعى عليه من يتمسك بالظاهر،

شرط الصفة (المصلحة)

وألزم عليه مسألة الشك. 600 - ومنهم من قال: المدعي هو الذي في قوله نعم وبلى وايش والمدعى عليه من في قوله لا ولم وما. 601 - ومنهم من قال: المدعي هو الذي إذا تَرك تُرك والمدعى عليه إذا ترك لم يترك. 602 - ومنهم من قال: المدعي هو الذي (يقول) ما يضر به الغير وينفع به نفسه والمدعى عليه من يقول ما ينفع به نفسه وأن لم يضر به غيره. 603 - وقال محمد في كتاب الدعوى: المدعي هو الطالب. والمدعى عليه هو المنكر. 604 - وكل هذه الوجوه ذكرها رحمه الله وعليها كلام حذفته. شرط الصفة (المصلحة) 605 - وينبغي أن يكون المدعي عاقلاً على صفة يصح معها قوله، وتسمع دعواه، ولا فرق في المدعي بين الحر والعبد، والذكر والأنثى، والبالغ والصبي المأذون له، والطالب لنفسه أو لغيره، إذا كان له ولاية على الغير أو قد أذن له. في ذلك مما تجوز فيه النيابة. 606 - وإذا قد ذكرنا صفة المدعي فينبغي أن نذكر جواز العدوى بقوله:

جواز العدوى بقول المدعي

جواز العدوى بقول المدعي 607 - اتفق أصحابنا على جواز العدوى بقول المدعي قبل أن يعلم أنه محق أو مبطل إذا كان المدعى عليه في المصر. 608 - قال أبو يوسف: على هذا أدركنا الناس، وكان ابن أبي ليلى يفعله ولا ينكره أبو حنيفة ولا يعيبه. 6.9 - وهو قول الشافعي أيضاً وأصحابه. 610 - وقد رأيت شيخنا قاضي القضاة رحمه الله إذا جاءه أحد يستعدي على بعض الكبار راسله وقال له: - أما أن ترضي خصمك أو تحضر مجلس الحكم وكان ربما أنفد إلى كل واحد بوكيله على باب الحكم. وكان لا يعجل بالاستدعاء، وهو فعل لا يبعد عن الصواب، وله وجه. 611 - وقال الطحاوي في أدبه: - إذا استعدى على رجل قال له: من هو؟ فإذا قال: فلان. قال له: - ادعه إلي فإن قال: دعوته فلم يجب. قال:

سأدفع إليه طابعاً "حينئذ، وإن شاء الله احلفه أنه امتنع وهو قادر على المجيء". 612 - فإذا دفع إليه طابعاً فإن قال لا يحضر بهذا الطابع فلان فلو ناديناه بشاهدين يشهدان على امتناعه، كان ذلك صواباً. 613 - وقد روى الخصاف في جواز العدوى بقول الخصم أخباراً منها أن رجلاً من أراش (كذا) قدم مكة بابل وقباعها من أبي جهل فمطله وظلمه فقام في المسجد فقال: - يا معشر قريش! أتى رجل غريب ابن سبيل، وأني بعت إبلاً من أبي جهل فمطلني وظلمني، فمن رجل يعديني عليه فيأخذ لي بحقي؟ قال، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس جالس، فقالوا: ذلك الرجل يعديك عليه، فانطلق إليه فذكر له ذلك فقام معه. وبعثت قريش في أثرها رجلاً، وإنما فعلوا ذلك استهزاء لما قد علموا بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أبي جهل من العداوة. قال فأتى الباب فضربه، فقيل من هذا؟ فقال محمد: فخرج أبو جهل وما في وجهه رائعة من الذعر. فقال: - اعط هذا حقه. قال:

نعم، فدخل فأخرج حقه وأعطاه إياه فجاء الرسول فأخبرهم، وجاء الرجل فوقف عليهم فقال: - جزاه الله خيراً فقد أخذ لي بحقي. قال فلم ينصرفوا إن جاء أبو جهل فقالوا: - ويلك ما صنعت؟! فقال: - والله ما هو إن ضرب على الباب. فقال محمد فذهب قوامي فخرجت إليه وإذا معه فحل ما رأيت مثل هامته وأنيابه لفحل قط إن كان ليأكلني لو امتنعت، فوا الله ما ملكت نفسي إن أعطيت حقه. 614 - وهذا الخبر قد دل على جواز العدوى بقول الخصم، لأنه قبل عليه السلام قوله في ذلك، ودل على أن الفحل الذي معه وما لحق أبا جهل منه معجزة له صلى الله عليه وسلم إذ مثل ذلك لا يكون إلا لنبي والشاهد له بذلك مثل أبي جهل الذي لو قدر على غير ذلك لفعل. 615 - وقد تقدم حديث عمر رضي الله عنه وإنفاذه إلى زوجة الذي قال له أنه وجد معها عبده بأبي واقد. 616 - وقد روى في ذلك أخبار (كثيرة) وهو فعل الحكام اليوم في البلاد. 617 - ورأيت في بلد الرحبة في باب الجامع مسماراً عليه ختم القاضي، فإذا أراد أحد إحضار خصمه قصد باب الجامع وطبع عليه الشمع، وحمل خصمه إلى القاضي، ولا يجسر أحد على رد الخاتم، وفيه منفعة كثيرة للضعيف وهيبة على القوي، ولا أعلم من سن ذلك من القضاة، ولا سمعت في ذلك شيئاً فأحكيه. 618 - وذكر الخصاف أنه كان على خاتم سعيد بن أشوع الهمداني قاضي الكوفة: أجب (القاضي) سعيد بن أشوع.

باب الموضع الذي يعدى عليه

619 - وإذ قد ذكرنا جواز العدوى بقوله فإلى أي موضع يعدى عليه القاضي. باب الموضع الذي يعدى عليه وهذا باب الموضع الذي يعدى القاضي على الخصوم: 620 - اتفق أصحابنا وأصحاب الشافعي على أنه يعدى على الخصم إذا كان في المصر أو خارجاً عن المصر في موضع يمكن الرجوع إليه، وأن يبيت المدعى عليه فيه في بقية يومه، فأما إذا كان خارجاً عن المصر، بعيداً لا يقدر على الرجوع في يومه إلى بيته ومنزله لم يحضره حتى يقيم البينة عليه بالحق، ويكتب إلى الوالي بإحضاره، ولا يعطيه خاتماً لأنه يصعب على من خارج المصر الشهود على رد الخاتم، وفي الحاضر لا يصعب ذلك. 621 - وقد قال أصحاب الشافعي في الغائب أنه لا يحضره حتى يحقق الحق، غير أنهم قالوا إن كان الغائب في موضع فيه حاكم كتب إليه لينظر بينهما، وإن لم يكن من ينظر بينهما يحضره حتى يحقق الدعوى كما يقول، قالوا لأنه يجوز أن يكون ما يدعيه عنده لا يستحق إحضاره كثمن الكلب وقيمة الخمر للنصارى. "لأنه يشق عليه الحضور لما لا يجب عليه، وليس هذا كالحاضر فإنه لا يشق عليه الحضور. قالوا فإذا حقق الدعوى على الغائب أحضره لأن أبا بكر رضي الله عنه كتب إلى المهاجر بن أميه أن ابعث إلي بقيس بن المكشوح وأحلفه

باب كيفية إحضار الخصم إلى القاضي

على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين يميناً أنه ما قتل داودية (كذا). لأنه لو لم يلزمه الحضور أدى ذلك إلى إبطال حقه. 622 - وإذا قد بينا الموضع يحضر منه في البلد وخارجه فلنذكر كيفية إحضار الخصم". باب كيفية إحضار الخصم إلى القاضي 623 - وينبغي للقاضي إذا أراد إحضار خصم أن يدعوه بأرفق الوجوه، وأجمل الأقوال، لأنه يدعوه إلى حكم الله ودينه. 624 - وعلى المدعى عليه الإجابة إلى ذلك، ولا يسعه التأخير. دليل القاعدة 625 - قال الله تعالى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَاتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ

باب العذر الذي يسقط الحضور

أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}. فأدب الله تعالى أحسن الآداب، وقوله أصدق القول. 626 - فكما يجب على المدعي الترفق بخصمه ليتمكن من استيفاء حقه، فكذلك يجب على المطلوب الإجابة إلى ما يدعى إليه، وأيهما تعدى ما قلناه إثم، وربما فسق إن لم يكن له عذر. 627 - وإن امتنع عليه: فإن كان لغير عذر أثم، وإن كان لعذر لم يأثم. 628 - وهذا يوجب أن نذكر العذر الذي يسقط الحضور. باب العذر الذي يسقط الحضور وهذا باب العذر الذي يسقط الحضور. 629 - اتفق الفقهاء على أن المرض الذي لا يستطيع معه الحضور بنفسه إلى الحكم يسقط الحضور عنه، لأن المرض يسقط الصيام وأركان الصلاة الواجبة والصوم، فجاز أن يسقط الحضور. 630 - ويسقط الحضور أن تكون امرأة غير برزة، لأن الحياء في النساء يمنع من استيفاء مالها من الحق. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وأغد يا أنس على امرأة هذا فإن اعترفت فأرجمها" ولم يكلفها الحضور مع اعتراف من اعترف أنه زنا بها. وكذلك قال عمر لأبي واقد الليثي في امرأة الرجل الذي زعم أنه وجد عبده معها ولم يكلفها الحضور. 631 - والجنون يسقط الحضور، وكذلك زوال العقل بالسكر والإغماء.

باب الامتناع من الحضور إلى القاضي

632 - وأما كيفية القضاء عليهم فسنذكر ذلك في باب ما يجوز القضاء على المريض والمخدرة إن شاء الله. 633 - وإذ قد ذكرنا العذر فلنذكر الامتناع. باب الامتناع من الحضور إلى القاضي وهذا باب يذكر فيه الامتناع من الحضور إلى القاضي: 634 - وإذا امتنع الخصم من الحضور مع خصمه قبل أن يدعوه القاضي إلى الحكم لم يكن للحاكم تأديبه على ذلك إذا صح عنده، وإن قلنا أنه يأثم. 635 - وأما إذا وردته طينة القاضي وخاتمه والمحضر فإن القاضي يحضره بالوالي. 636 - ويتقدم بما يراه من تأديبه إذا شهد عنده شاهدان بامتناعه، ولا يسأل عنهما بعد أن يكونا مستورين، إن شاء حبسه قليلاً وإن شاء كثيراً وإن رأى تأديبه بكشف الرأس وغير ذلك مما يكون فيه إقامة حشمة الحكم. فصل 637 - وقال إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة: أربعة من الشهود لا يسأل عنهم: شاهد رد الطينة. وشاهد تعديل العلانية. وشاهد المعرفة الذي يدعو به القاضي من غير قرعة. والرجل يستعدي على الرجل يريد اشخاصه إلى المصر فيقيم عليه شاهدين بحق يدعيه قبله.

638 - وقال ابن سماعة: اسأل عن شاهدي رد الطينة والأشخاص. 639 - وإن حضر المدعي وقال: - ق توارى خصمي في منزله ولا يحضر معي الحكم. فإنه يأمر الوالي بإحضاره. 640 - فإن قال الوالي لم أظفر بالرجل وأنا أطلبه، وإذا ظفرت به أحضرته فقال المدعي للقاضي: - أختم لي على منزله فإنه فيه. لم يحبه القاضي إلى ذلك حتى يشهد عنده اثنان أنه في منزله، بعد أن يقولوا اليوم رأيناه أو أمس أو منذ ثلاثة أيام فيجيبه إلى ذلك ويختم. 641 - وإن كانت رؤية قديمة لم يختم. 642 - فإذا ختم على منزله بشهادة الشهود فحضر المدعى عليه، والخاتم على بابه، فقال المدعي أنه لا يحضر، وقد جلس في منزله فانصب له وكيلاً، واستمع من شهودي عليه، فإن أبا حنيفة ومحمد قالا: لا ينصب لا وكيلاً ولا يقضي. لأن نصب الوكيل قضاء عليه. 643 - وقال أبو يوسف: إذا صح عند القاضي أنه في منزله نادى على بابه ثلاثاً: أنه إن لم تحضر قضيت عليك. فإن لم يحضر أقام قيما وسمع من البينة. 644 - وقد روى عن أبي يوسف مثل قول أبي حنيفة أنه لا ينصب عنه وكيلاً.

الهجوم على الغائب والتسمير

645 - وقال الخصاف عنه أنه قال في كتاب «أدب القاضي»: «ولو حضر بكتاب إلى قاضٍ بحق على رجل فلم يحضر المطلوب، ولو يوكل فشهد بذلك الشهود فإنه يقبل كتاب القاضي والبينة وينفذ القضاء عليه. الهجوم على الغائب والتسمير 646 - وقد حكى الطحاوي في «أدب القضاء الصغير» له أن بعضهم كان يرى الهجوم على الغايب، وبعضهم لا يراه، وبعضهم يرى التسمير على الأبواب وبعضهم لا يراه. 647 - وقال بعض الحكام: أجلس رجلاً على بابه، ويمنع من الدخول والخروج من منزله، إلا من الطعام والشراب فإنه لا يمنع عنهما، ويضيق عليه حتى يخرج فيحكم عليه. ترتيب الهجوم 648 - قال الخصاف: ومن رأى الهجوم من أصحابنا على الخصم في منزله إذا تبين ذلك فيكون ذلك بالنساء والخدم والرجال فيقدم النساء في الدخول ويدخلون نساء المطلوب في بيت ثم يفتش الدار ثم يدخل البيت الذي فيه النساء خاصة، فإذا وجد أخرج. الهجوم على غفلة 649 - ولا يكون الهجوم إلا على غفلة من غير استثمار، يدخل النساء أولاً، فإذا تقدمن في المنزل من النساء دخل الرجال.

نقد مبدأ الهجوم على الغائب

نقد مبدأ الهجوم على الغائب 650 - وهذا الوجه عندي ضعيف، لأنه ربما كان الخصم وحده في البيت، فكما لا يجوز دخول الرجال على النساء، لا يجوز أيضاً دخول النساء على الرجال، وهذا أمر يتوهم، فعلة المنع حاصلة، فينبغي أن لا يجوز. 651 - وقدي روى الخصاف أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه استعمل عبد الرحمن بن محزم على الري فأخذ المال وتواري عند نعيم بن دجاجة الاسدي، فأرسل عليه رضي الله عنه من يخرجه من دار نعيم، فجاء معهم إلى علي فقال له: - إن مفارقتك لكفر وإن المقام لذل. فأمر بالكف عنه. 652 - وعن عمر رضي الله عنه أنه بلغه عن نائحة في ناحية في المدينة يجتمع عندها فأتاها فهجم عليها في منزلها ثم ضربها بالدرة حتى سقط خمارها. فقيل له: - يا أمير المؤمنين! أن خمارها قد سقط. فقال: لا حرمه لها: ذكره الخصاف أيضاً. 653 - ولا أعرف لأصحاب الشافعي في الهجم والتسمير وما ذكرناه قولاً فاحكيه، إلا ما قدمناه أن الوالي يحضره إذا امتنع، فأما هذا التفضيل فلم أره فيما حضر من كتبهم عند تأليف هذا الكتاب.

باب دعوى النساء والدعوى عليهن

654 - وإذ قد ذكرنا حكم الامتناع من الحضور فهل يستوي الرجال والنساء أم يخلفون؟ وهذا يقتضي ذكر مالهن وعليهن. باب دعوى النساء والدعوى عليهن وهذا باب يذكر فيه دعوى النساء والدعوى عليهن. 655 - أعلم أن حكم النساء حكم الرجال في الخصام والمنازعات: الحرة كالحر والأمة كالعبد لا يختلفان في الدعاوى والبينات ولا الإيمان ولا المحاكمات: ملكها كملك الرجل فيما يملك من الأموال وحدها كحده وقذفها كقذفه وقتلها كقتله، وما يفترقان فيه من الأحكام فإنما هو مستثنى من هذا الأصل. 656 - وإذا استعدى رجل على امرأة أو امرأة على امرأة إلى القاضي، وادعى عليها مالاً في يدها أو ديناً في ذمتها أو حقاً يجب القضاء به والحكم إذا وجد شرط الحكم فإن القاضي يحضرها كما يحضر الرجل إلا أن تكون غير برزه فلا يحضرها ولكنه ينفذ إليها من يسألها عن دعوى خصمها. 657 - وسنذكر كيفية القضاء عليها في باب القضاء على من له عذر يمنعه من الحضور. 658 - وأما إذا كانت مخدرة، وكان لها حق على غيرها، من قريب أو بعيد أو زوج فأرسلت إلى القاضي وسألته الدعوى على خصمها، فإنه ينفذ إليها شاهدين وبعض الوكلاء فتوكل في ذلك، ويشهد الشهود عليها، ويدعي الوكيل بما يتوجه لها من حق، فإن وجب عليها يمين فيما يقضي به للوكيل لها فإنه يرسل إليها من يسأل عن ذلك، ويستوفي اليمين إن كان اليمين يجب عليها. 659 - وسنذكر فيما بعد ما يقبل قولها فيه بلا يمين، وما يقبل مع يمينها، ونذكر الخلاف في ذلك في مواضعه إن شاء الله تعالى.

باب دعوى العبيد والمكاتبين ومن فيه رق

660 - هذا حكم الأحرار والحراير إذا كانوا من أهل التكليف قد ذكرناه. وبقى حكم الرقيق. باب دعوى العبيد والمكاتبين ومن فيه رق 661 - والعبيد والرقيق على ضربين: منهم من يتصرف لنفسه ومنهم من يتصرف لغيره. 662 - فالمكاتب يتصرف لنفسه في سائر عقود المعاملات من البيع والشراء والشركة والمضاربات والمطالبة بالشفعة والإجارات، وهو كالحر فيما يدعي على غيره من العقود والجنايات، ويثبت بينه وبين مولاه أروش الجنايات، وقيم المتلفات والشفع والأشرية والرد بالعيب، وهو في هذه الأحكام معه كالأجنبي وهو كالعبد في النكاح والهبة والتبرعات وعتق ما في يديه من الرقيق. 663 - وسنذكر ما فيه من الخلاف في كتابه إن شاء الله. 664 - والعبد المأذون كالمكاتب إذا كان عليه دين، وكالعبد المحجور إذا لم يمكن عليه دين. 665 - والمعتق بعضه كالمكاتب عند أبي حنيفة. 666 - وإذا ادعى رجل على مكاتب دعوى في نفس أو طرف أو مال أو غصب أو اتلاف فأن القاضي يسمع الدعوى ويعدى عليه. 667 - وكذلك إذا ادعي المكاتب تسمع دعواه، وأعدى القاضي على خصمه، ونظر فيما يدعيه فحكم عليه إذا كان مثله مما يحكم به. 668 - وكذلك حكم المأذون له في التجارة.

باب دعوي الولي عن الصغير

669 - والمكاتبة كالمكاتب، والمأذونه كالمأذون، وكذلك المعتق بعضها كالمعتق بعضه. 770 - وأما العبد القن والأمة القن فهما في الدعاوي بخلاف من ذكرنا إلا في دعوى العتق والكتابة والتدبير على المولي، فإن دعوى العبد القن على مولاه تسمع، ويسأل المولي عنها، وكذلك التدبير والكتابة والاستيلاد. 671 - فأما الجنايات والعقود بغير إذن المولي لا تسمع، بل الخصم في ذلك هو المولي. 672= وإذا قد ذكرنا حكم دعوى البالغ الحر والعبد المأذون ومن ذكرناه فبقى دعوى الغير عن الغير. باب دعوي الولي عن الصغير وهذا باب دعوي الولي عن الصغير: 673 - أعلم أن الصغير لما كان غير مكلف وكان يحتاج إلي ما يحتاج البالغ من المأكول والمشروب والملبوس والتعليم، وكان عاجزاً عن ذلك غير كامل ولا مكلف رخص الشرع في التصرف في ماله لوليه كأبيه وجده إذا كانا من أهل الولاية.

صفات الولي على الصغير

صفات الولي على الصغير 674 - وإنما يكونان كذلك إذا كان عدلين أمينين، لا اختلاف بينهما في دين ولا دار ولهما ضبط وتمييز. شرط تصرف الولي عليه 675 - ولا يجوز تصرف الولي عليه حتى يكون للصبي فيه النفع، ولا يكون عليه في مضرة. 676 - ولا يبيع ما فيه غبن ماله. 677 - وليس له إسقاط حقوقه الواجبة له بغير عوض يحصل له، أو عرض يوفى على ذلك. 678 - وسنبين في المعاملات ما يجب من ذلك وأما الغرض ها هنا أنه يجوز للولي أن يدعي الحق الذي يجب للصغير على غيره من أثمان البياعات وقيم المتلفات وأروش الجنايات. 679 - وله أن يقيم البينة بذلك. 680 - ويتسلم ما قضى به للصبي من ثمن أو مهر أو أجرة أو نفقة. 681 - وهو أولى بالتصرف من الحاكم والأم وسائر الأقارب. 682 - وقد روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "أنت ومالك لأبيك". 683 - وأول فائدة هذه الإضافة أن تفيد جواز التصرف. 684 - وله أن يستنيب في الخصومة، ويوكل في كل ما يجوز أن يتولاه بنفسه.

باب جواز دعوى الوكيل لغيره

685 - وكل تصرفه يلزم الصبي بعد بلوغه، وليس له إبطال ما أجزنا له التصرف فيه بعد البلوغ. 686 - ولما كان له التصرف بنفسه وبغيره، وجب ذكر جواز نيابة الغير. باب جواز دعوى الوكيل لغيره وهذا باب يذكر فيه جواز دعوى الوكيل لغيره. 687 - أعلم أن الوكيل إذا صحت وكالته ولزمته حجته جاز للقاضي أن يسمع دعواه، والدعوى عليه فيما يصح أن يتولاه لغيره. 688 - وهو كالولي، لأن النبي صلي الله عليه وسلم وكل عمرو بن أمية الضمري في تزويج أم حبيبة، وعروة البارقي في شراء أضحية، وكذلك أئمة العدل ووجوه الصحابة والتابعين، وهو عمل الناس في جميع الأمصار. 689 - وللوكيل المخاصمة فيما وكل به ما لم يخرج من الوكالة بموت

باب يذكر فيه دعوى الأمين نصب الأمناء

الموكل أو موت من وكل عليه أو عزل نفسه أو عزل من وكله أو بلوغ من وكل له من الصغار أو موتهم. 690 - وسنذكر في كتاب الوكالة ما يجوز من ذلك وما لا يجوز، ونذكر الخلاف في مسائل الخلاف في ذلك. 691 - وتصرف الوكيل موقوف على الأمر، فليس له أن يتصرف في غير ما أمر به. 692 - وقد يتصرف عن البالغ تارة وعن الصغير أخرى. 693 - ولما جاز أن يموت الوكيل والولي ويحتاج الصغير إلى من يتصرف عليه وجب ذكر ذلك، وليس ذلك إلا إلى الأمين. وهذا باب يذكر فيه دعوى الأمين نصب الأمناء 694 - ولما كان القاضي منصوباً للتصرف في مصالح المسلمين، وهو نائب عن الإمام، وكان يجب عليه حفظ ما انتهي إليه من أمر أو مال أو حفظ ضالة أو تسلم مال تركة أو وقف أو وصية، وكان لا يجوز له أن يتولي ذلك بنفسه، ولا يقوم بحفظ ما يجب عليه لكثرته، جعل الشرع له أن ينصب الأمناء على الأيتام والوقوف ومال من غاب من الناس، وبيع ما يجب بيعه وحفظ ثمنه، وكان مصوناً عن أن يدعي عليه الدعاوى في عقوده وما يأمر به جعل ذلك إلى أمينه ليخرج من هذه العهدة فلهذا قلنا يجوز للأمين أن يدعي عن غيره وأن يدعى عليه ما يجب على الغير إذا لم يمكن أن يقضى عليه.

باب دعوى الوصي

695 - ويكون الأمين كالولي والوكيل في ذلك. 696 - وهذا لا خلاف فيه أن للقاضي أن يفعله بمطلق الولاية، ويستفيده بنظر الحكم. إطلاق التصرف للأمين وتقييده 697 - وقد يجعل القاضي إلى الأمين التصرف على سبيل العموم تارة وعلى سبيل الخصوص أخرى. 698 - وهذا يقتضي ذكر ما يصير به تصرفه عاماً، وذلك إنما يكون بأن يجعله وصياً. باب دعوى الوصي وهذا باب يذكر فيه دعوى الوصي: 699 - أعلم أنه لما كان التصرف يقع على وجهين عن الغير: في حالة الحياة وفيما بعد الموت جوز له أن يوكل حالة الحياة وأن يوصي إلى غيره بعد الموت. 700 - فالوكيل لا يتصرف بعد موت الموكل فيما وكل به، والوصي لا يتصرف حال حياة الموصي فيما أسند إليه بلا خلاف في هذه الجملة. 701 - ويكون الوصي وصياً من جهة الإنسان في ماله، وفيما يتعلق به، ويكون وصياً فيما يتعلق بغيره كولده. 702 - وتثبت الوصية للوصي بالأب والجد وأن علا في حق صغار ولده، ويكون وصيا بقول القاضي له: جعلناك وصيا على مال فلان أو ورثته الصغار. 703 - وسنذكر في الوصايا ما يجوز تصرفه فيه وما لا يجوز، ونذكر الخلاف في مسائل الوصايا إن شاء الله، وإنما ذكرنا هاهنا جواز دعواه والدعوى عليه.

باب دعوى الشريك والدعوى عليه

704 - وإذ قد ذكرنا ذلك، وجب أن نذكر حكم الدعوى له ولغيره. باب دعوى الشريك والدعوى عليه وهذا باب دعوى الشريك والدعوى عليه. أنواع الشركات 705 - والشركة على ضربين: شركة عقود، وشركة أملاك. شركة الأملاك 706 - وشركة الأملاك تصح ويثبت حكمها من المكلف وغير المكلف كالميراث والوصية واروش الاتلاف، وما يدعي على الميت ويدعيه له، فالواحد ينوب فيه عن الجماعة. شركة العقود وأنواعها 707 - والشركة في العقود تنقسم إلى أربعة أقسام: منها مفاوضة. ومنها عنان. ومنها شركة أبدان. والرابع شركة وجوه. 708 - وسنذكر في كتاب الشركة حكم ذلك، والخلاف فيه. وإنما ذكرنا هاهنا دعوي الشريك على غيره بما يجب لشريكه، والدعوى عليه، وهذا مجمع على صحته إذا صحت الشركة بأن يدعي أنه اشتري له ولشريكه. 709 - وإذا قد ذكرنا جواز دعوى الشريك في الوجوه الأربعة، وكان من الشركة ما يكون من أحد الجانبين مال ومن الآخر عمل وجب ذكر ذلك.

باب دعوى المضارب

باب دعوى المضارب وهذا باب دعوى المضارب. 710 - والمضاربة إذا صحت جاز للعامل الدعوى على غير لمال المضاربة، وتكون كدعواه ودعوى رب المال إذا اجتمعا في الدعوى لذلك. 711 - وسنذكر في كتاب المضاربة ما يدعيه كل واحد على صاحبه، وعلى غيره، ونذكر الخلاف فيما فيه خلاف والوفاق فيما فيه وفاق. 712 - وإذ قد ذكرنا ذلك وجب ذكر دعوى المولي عن العبيد. باب دعوى المولى على عبده وعن عبده وهذا باب يذكر فيه جواز دعوى المولى على عبده وعن عبده. 713 - أما ما يدعيه عن عبده فهو كل حق يجب للمولي ويكون قوله فيه مقبولاً كالجناية عليه خطأ. 714 - وكل ما لا يقبل فيه قوله على العبد فالخصم فيه العبد، وهذا كالقتل العمد والردة والزنا والقذف والسرقة إذا كانت الدعوى لطلب القطع، وإن كانت لوجوب الضمان سمعت على المولى. 715 - وسنذكر في العتاق والكتابة والتدبير والاستيلاد دعوى العبد على مولاه، ودعوى المولى عليه إن شاء الله، ونذكر الخلاف في ذلك والوفاق، ونرتب ذلك كما رتبنا غيره. 716 - وإذا قد ذكرنا حكم المقضي له، وهو المدعي فلنذكر حكم المقضي عليه وهو المدعى عليه.

باب المقضي عليه

باب المقضي عليه وهذا باب نذكر فيه أحوال المدعى عليه وصفاته التي يكون عليها. أهلية المدعى عليه 717 - والدعوى لا تصح على من لا يقبل قوله لو اعترف بها وصدق المدعي، وهذا كالدعوى على الصغير والمجنون ومن ليس له تمييز. شرط الصفة 718 - ولا على من له تمييز ولكن الحق لا يلزمه وإنما يلزم غيره إذا لم يكن بينهما شيء يوجب قبول قوله عليه. 719 - فأما إذا كان كالنائب عن غيره أو يتصرف عليه بالولاية فنبين في كل كتاب ما يقبل إقراره فيه وما لا يقبل، ونذكر الخلاف في ذلك إن شاء الله ونبين كيفية القضاء عليه وله في الدعاوى، فيحتاج أن يكون عاقلاً مميزاً. 720 - وقد يجوز أن يكون حراً، ويجوز أن يكون عبداً، ويجوز أن يكون ذكراً ويجوز أن يكون أنثى، ويجوز أن يكون مأذوناً له في التجارة عاقلاً غير بالغ، ويجوز أن يكون مسلماً، ويجوز أن يكون كافراً، وهذه صفة المدعى عليه إذا أدعي عليه، وقد يكون حاضراً ويكون غائباً. باب القضاء على الحاضر في المجلس والبلد وهذا باب يذكر فيه القضاء على الحاضر في المجلس والبلد. 721 - أجمع الفقهاء على العدوى على من في البلد إذا كان صحيحاً سالماً أنه يعدي عليه ويحضره مجلس الحكم.

722 - فإذا حضر سمع من المدعي دعواه وسأله المدعى عليه من الدعوى إذا صحت، فإن أقر أمره بالخروج مما أقر به. 723 - وإن لم يقر سأل المدعي البينة. 724 - ولا يسمع البينة إلا بعد الإنكار وهذا فصل لا خلاف فيه أنه لا يسمع البينة إذا سكت، ولابد من الإنكار ليصبح سماع البينة. 725 - وهو أصلنا في القضاء على الغائب، أنه لا يقضي عليه حتى يوجد الإنكار الذي هو شرط سماع البينة. 726 - وقد قال أصحابنا: لو كان غائباً عن المصر على مسيرة أقل من نصف يوم لم يعد عليه إلا ببينة تشهد عليه أن له عليه هذه الدعوى، فيحضره له. 727 - قال الطحاوي: "وهذا قول أبي يوسف، وكان لا يسأل عن شهود العدوى"، وقد ذكرنا الرواية فيما تقدم من رواية ابن سماعة. 728 - وقال مالك أن كان غائباً على أقل من مسيرة تقصر فيه الصلاة سمع من المدعي بينه في الدين، ولم يسمع بنيته على العقار. 729 - وقال الشافعي: لم يعد عليه ببلد فيه حاكم، ويقال للخصم: أمض فخاصمه هناك. 730 - واختلف أصحاب الشافعي إذا كان في البلد هل يسمع بنيته على وجهين: أحدهما أنه يسمع ويقضي عليه كالغائب. والثاني وهو المذهب أنها لا تسمع كالحاضر في مجلس الحكم.

الدعوى على العليل ومن إليه

الدعوى على العليل ومن إليه 731 - وإذا كان المدعى عليه عليلاً لا يمكنه حضور مجلس الحكم، وصح ذلك عند القاضي قال للمدعي: - أصبر حتى يصبر خصمك إلى حال يمكنه الحضور. فإن أمكنه الحضور أحضره. 732 - فإن لم يصبر وطلب المدعي الحكم فإن القاضي يرسل إليه أميناً من أمنائه ومعه شاهدين ممن يعرف المريض، وكذلك إن كانت امرأة غير برزة فهي مثل المريض، فيذكر الأمين صفة المدعي ودعواه وأن القاضي أمره أن يسألك ذلك، فإن جحدت أحلفتك كما أمر القاضي. 733 - فإن أقر المريض أو المرأة شهد الشاهدان وأمره الأمين أن يوكل وكيلاً يحضر معه مجلس الحكم ليخاصم المدعي. 734 - فإذا وكل حضر الشاهدان وشهدا بما أقر به بمحضر من وكيله وكذلك إذا جحد يقيم خصما له أو عليه ببينة المدعي، وإن كان قد حلف أيضاً. 735 - وإذا أبى أن يخلف عرض عليه اليمين ثلاث مرات، فإذا تحقق النكول حضر وكيله فشهد بذلك الشاهدان بمحضر من الوكيل وألزم القاضي ذلك الحق. 736 - وسنذكر ما في اليمين والنكول في موضعه إن شاء الله. 737 - وللمدعي أن يصبر حتى يبرأ المريض فيحضره إلى القاضي فيستحلفه على الدعوى. 738 - وهذا حكم الدعوى على العليل والمرأة التي لم تبرز.

فصل في الترجمة

فصل في الترجمة 739 - فإن كان المدعي أو المدعى عليه أعجميا أو لا يعرف القاضي لغته، وهما أو أحدهما على هذه الصفة أو لا يعرف أحدهما الأخر فعلى القاضي أن يأمر عدلين يترجمان للمدعي وللمدعى عليه وله، ويفهم هو أيضاً ذلك. 740 - وهذا قول محمد بن الحسن (الشيباني) وزفر، والظاهر من قول الشافعي أنه يعتبر في الترجمة اثنين، ولا يقبل أقل من ذلك. 741 - وقال أبو حنيفة وأبو يوسف يقبل قول الواحد العدل في الترجمة فصل في الأخرس 742 - وإن كان الرجل أخرس يفهم الإشارة أمر الحاكم عدلين إن يشيرا إليه بما يدعي عليه، فإن جحد سمعت بينة المدعي، وإن لم تكن بينة استحلفه بالإشارة على ما يفهمه، لأن الأخرس في الدعاوى والعقود كالناطق. 743 - وإنما الخلاف في شهادته ولعانه. 744 - ومن الفقهاء من قال لا يصح إقراره بالإشارة لأنها لا تقوم مقام الكلام، ذكر الخلاف الخصاف في أدبه للقضاء، وسنذكر ذلك في الشهادات إن شاء الله. فصل الدعوى على الطفل في حجر القاضي 745 - فإن كان المدعى عليه طفلاً في حجر القاضي أقام له وكيلاً يدفع عنه ويقول: لا علم لي بما يدعيه على فلان.

باب القضاء على الغائب

746 - وإن حضر طفل إلى القاضي وقال: - إن لي مالاً ولا قيم لي عليه. فإن القاضي يقيم له قيماً بما يحفظ ما يذكر أنه له. 747 - وحال الحاضر لا يخلو من هذه الأقسام كلها. 748 - وإذ قد ذكرنا ذلك فلنذكر القضاء على الغائب. باب القضاء على الغائب وهذا باب جواز القضاء على الغائب وما قيل في ذلك. 749 - قال أبو حنيفة ومحمد: لا يجوز القضاء على الغائب، ولا تسمع عليه بينة إلا أن يحضر أو يحضر وكيل له فيقضي عليه حينئذ، ولا فرق بين سائر الأموال والحقوق في ذلك. 750 - وروي عن أبي يوسف أنه كان يأخذ في ذلك بالأعذار فيقول: أن يغب ولم يحضر وصح ذلك عند الحاكم أنه في منزله نادى على بابه على ما ذكرناه فيما تقدم، وأقام عنه قيما وسمع من البينة. 751 - وكان مالك بن أنس يقضي على الغائب في الدين دون العقار، ودون غيره من الحقوق إلا أن يغيب غيبة منقطعة فيقضي حينئذ في الجميع. 752 - وكان الشافعي يقضي على الغائب بما يقضي به على الحاضر من البينة. وقد روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه حين ولاه اليمين: - لا تقض لأحد الخصمين حتى تسمع من الآخر فجعل شرط القضاء عليه سماع قول الآخر. 753 - وإذا لم يجز القضاء للغائب من غير خصم فكذلك القضاء عليه، لأنه أحد الخصمين. 754 - وإذ قد ذكرنا الغائب وجب أن نذكر من غاب إلى المعاد.

باب جواز القضاء على الميت

باب جواز القضاء على الميت وهذا باب يذكر فيه جواز القضاء على الميت. 755 - والموت لا يبطل ما على الميت من حقوق الأموال، ولا يبطل ما له من ذلك، وإن بطل بعض الحقوق التي ليست بمال ولا تؤول إلى مال كخيار الشرط والنكاح وخيار الشفعة والقبول. 759 - وأجمعوا على أن حقوقه المالية تستوفي له بعد الموت على حكم ملكه، وتقضى منها ديونه وتنفذ منها وصاياه. 757 - وإن موته لا يبطل ما عليه من حق إذا خلف تركة. 758 - والحكم على الميت لا على ورثته، ولهذا يجوز الحكم بحضور بعض الورثة أو الوصي، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء نعلمه. 759 - وسنذكر في كل كتاب من المعاملات ما قيل. 760 - وإذا صحت الدعوى عليه فكيف يقضى عليه. باب كيفية القضاء على الميت وهذا باب كيفية القضاء على الميت: 761 - قال أصحابنا: ولا يثبت الحق على الميت إلا بحضور بعض الورثة أو الوصي عنه أو وصي يقيمه القاضي عنه. 762 - ولا يثبت الحق عليه بدعوى على غريم له عليه دين، ولا موصي له بشيء من ماله، ولا يكون أحد منها عنه خصماً. 763 - وإذا ثبت الحق عليه استحلف المقضي له أنه ما استوفاه ولا ابرأه ولا اعتاض عنه، ولا وجد من جهته ما يبطل حقه. 764 - وسنذكر عند الأيمان كيفية اليمين.

باب كيفية القضاء على الورثة

765 - وإن أسقط الوارث يمينه لم يسقط لأنها يمين على حق للميت. 766 - وإذ قد ذكرنا القضاء على الميت فلنذكر القضاء على وارثه. باب كيفية القضاء على الورثة وهذا باب كيفية القضاء على الورثة. 767 - قد قلنا أن القضاء على الميت يقع لا على الورثة، وأن الوارث نائب عنه في التركة، يستوفي ما وجب له، دون ما لم يجب له، فإذا أدعى رجل وله وارث سواه لزم المقر في حصته حتى يستغرق حصته عندنا. 768 - وقال الشافعي يلزمه في مقدار ما يخصه. 769 - وسنذكر ذلك في الإقرار. 769 - وإن كانت عينا أخذ حصة المقر والباقون على حقوقهم في قول الفريقين. 770 - وإن كان الورثة صغاراً أقام له القاضي وصياً فيدلي بحجة الصغار، فإذا ثبت الحق لم يسلمه إليه حتى يستحلف مع البينة. 771 - فإذا كان الورثة في بلد والغرماء والمال في آخر، فطلب الغرماء إن يسمع بينتهم ويقضي لهم بحقوقهم وينصب عنها وصياً، فإن كان البلد منقطعاً لا يصله الناس فعل ذلك، ونصب لهم وصياً. وإن كان البلد غير منقطع لم يثبت حقوقهم ولم يسمع بينة عليهم حتى يحضر بعضهم. 772 - وإن طلبوا منه أن يسمع ويكتب إلى حاكم البلد الذي فيه الورثة كتب لهم بما يصح عنده من ذلك، ثم يعمل المكتوب إليه بعد الثبوت بما كان يعمله من القضاء واليمين، ويسمع من الورثة مالهم من حجة ثم يكتب إلى الأول يعرفه ما فعل ليستوفي لهم ما لهم من التركة وما عليهم من الإيمان. 773 - وقال الشافعي: يثبت الحق عليهم، وهي مسألة القضاء على الغائب، ويثبت الحكم دون نقل الشهادة.

774 - وإذا قال الغريم: إن مال الميت قد تفرقه الورثة وأتلفوه فاحجر عليه حتى أقيم بينه بحقي، لم يجبه إلى ذلك حتى يثبت حقه. 775 - وقد قال بعض أصحابنا: إن رأي القاضي ذلك على سبيل الاحتياط اياما فعل ذلك، فإن لم يثبت له شيء وإلا أطلق يد الوارث. هذا إن كان الوارث غير مأمون، وإن كان مأموناً لم يفعل ذلك. وكذلك أن أدعي رجل وصية واستحسن القاضي ذلك فعله. وهذا على حسب اجتهاد القاضي وما يقع في قلبه. 776 - وإن كان بعض الورثة صغيراً حاضراً وبعضهم غائباً، نصب عن الصغير وصياً، فإذا قضى عليه كان القضاء على الصغير والكبير الغائب. 777 - وهذا قولهم جميعاً. 778 - ولو كان للميت ولدان كبيران أحدهما غائب والآخر حاضر، فقال الحاضر: لأبي على فلان ألف درهم، ولي مثل ذلك على أبي. قال يسمع بينة الأب على الأجنبي، ولا يسمع بينه الوارث إلا على الوارث أو الوصي. 779 - وقال الشافعي: يسمع أيضاً بينه الوارث. وهو فرع لمسئلة القضاء على الغائب. 780 - وإقرار الوصي بعين من التركة أو دين لا يقبل، وإن كان وارثاً قبل في حصته. 781 - وإذا ترك الرجل الميت ألف درهم وعليه دين، وترك أبناً، فقال الابن: - هذه وديعة كانت عند أبي لفلان، وصدقه فلان وغريم الميت أو كذبوه أو قال الغريم لا أدري لمن هي، أو قال الابن: لا أدري لمن هي، ولكن ليست

باب القضاء على من هرب من الخصم

لأبي، فإنها للغرماء دون مدعي الوديعة، ولا يصدق الغرماء في كونها وديعة لأنهم يجعلون الميت مرتهناً في قبره. 782 - ولا يمين على الوارث للمدعي لأن إقراره لا يقبل. 783 - فإن قال الغرماء: إنا نعلم أنها لهذا المدعي فإن القاضي يقضيهم الألف، ويرجع المدعي للوديعة عليهم فيأخذ الألف منهم بإقرارهم أنها له. 784 - وإذا قد ذكرنا القضاء على الميت ومن ذكرناه، وجب ذكر القضاء على من هرب من الخصم. باب القضاء على من هرب من الخصم وهذا باب يذكر فيه القضاء على من هرب وتغيب. 785 - وإذا هرب الخصم من الحكم فلا يخلو: أما أن يكون قبل سماع الدعوى والبينة. أو بعد سماع الدعوى والبينة. أو بعد سماع الدعوى قبل سماع البينة. 786 - فإن هرب قبل ذلك كله فهو كالغائب عن القاضي على اختلاف المذاهب: فمن يقضي على الغائب يقضي عليه. ومن لا يقضي على الغائب لا يقضي عليه. 787 - وإن كان بعد سماع البينة لا يؤثر هربه في الحكم، وكان للقاضي أن يقضي عليه وينفذ الحكم الذي يوجبه عليه إذا كانت البينة معدلة. 788 - وإن كان مما يجب على المدعي اليمين مع البينة استحلف المدعي لأنه يستحلف وإن لم يطلب ذلك الخصم في مواضع منها الرد بالعيب والشفعة والدين على الميت. 789 - وسنبين ذلك فيما بعد إن شاء الله.

790 - وقد ذكرنا ما قال أبو يوسف في النداء على بابه ثلاثاً، ثم نصب الخصم عنه، ثم القضاء عليه، وذكرنا قوله فيما تقدم من هذا الكتاب، وبينا كيفية الطلب والإحضار والهجم على البيوت، وختم الأبواب، وما في ذلك من خلاف. 791 - وليس في هرب الخصم اعتراف منه بالدعوى، ولا تصديق للمدعي فيه إدعاء، وقد يجوز أن يكون عاجزاً عن الجواب فيلزمه ما لا يتوجه عليه. فالقاضي يفعل في ذلك ما يؤدي إليه اجتهاده ورأيه في الحكم عليه، والامتناع من الحكم عليه. 793 - وإذ قد ذكرنا صفة المقضي عليه وأحواله، فلتذكر ما يقع القضاء به من الأمور.

باب ما يقع القضاء به

باب ما يقع القضاء به 793 - وأما الكلام فيما يقع القضاء به من الأمور كالبينة والعلم والإقرار والإيمان فيشتمل على أبواب: منها الكلام في الشهود. باب الشهادة 794 - أعلم أن الشهادة على الحق للمدعي أحد طرق الحاكم إلى الحكم والقضاء. 795 - وهي أكد الحجج والطرق، لأنه لا خلاف في وجوب العمل بها في الحدود والقصاص والأموال والفروج. 796 - واختلفوا في علم القاضي هل يقضي به أم لا، على ما نبينه في بابه وموضعه. 797 - فالشهود حجة لله تعالي ولرسوله وللمؤمنين بعضهم على بعض. 798 - وهي رتبة شريفة ومنزلة جليلة قال الله تعالى:

{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} وقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} وقال: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} 799 - فالله تعالي شهيد على رسله بما أوحي إليهم، وبما فعلوه في أداء الرسالة، والرسول شهيد على الصحابة وأتباعه بما أدي إليهم من الشرع وبين لهم من الدين وافترض عليهم من الأحكام. والجيل الأول شهود على الجيل الثاني وكل أمة عن من بعدهم. 800 - وقد جمع الله تعالى بين العلماء في الآية الأولى وبين الأنبياء لمشاركة العلماء للأنبياء عليهم السلام في العلم، وأفردت الأمة في الآية الثانية بالثناء والمدح، وجعلهم في الآية الثالثة شهداء على الناس، وأشهد الرسول عليه السلام. 801 - فالشهود لهم مراتب يتفاضلون فيها كما يتفاضل الرسل في المنازل مع تساويهم في الرسالة، فكذلك الشهود. 802 - وقد أمر الله تعالى بالشهادة وبين لنا صفة الشهود بعد أن بين لنا العدد.

اختيار القاضي شهوده

803 - وقد روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "البينة على من أدعي واليمين على المدعى عليه". وقال: "إذا رأيت مثل الشمس فأشهد وإلا فدع". وقال الله تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} 804 - فالشهود أمناء الله والرسول والأمة فينبغي لمن ميزه الله تعالى على خلقه بقبول القول على غيره ونفوذ شهادته عليه أن يعرف الله تعالى وما شرفه به وميزه ورفع من قدره وعظمه، فيسوي بين ظاهره وباطنه وسره وعلانيته. اختيار القاضي شهوده 805 - وعلى القاضي أن يختار من الشهود كل معروف السريرة طاهر السيرة ميمون النقيبة طاهر الأخلاق. وسنبين في (باب) ذكر العدالة ما يجب من ذلك ويشترط. 806 - فيوفي كل شاهد حقه من الإكرام وموضعه من الدين، ويزيد في منزلة من ظاهره أجمل وباطنه أسلم، ليقتدي به في الطريقة بقية الشهود ويسلكوا سبيله في التجريح والتحفظ والتيقظ. 807 - وهذا باب طويل وفيه علم كثير يتشعب إلى شعب كثيرة وأمور جمة، وهذا كلام في الجملة دون التفصيل.

باب الكلام في عدد الشهود

808 - وإذ قد ذكرنا حكم الجملة فلنذكر بالتفصيل. باب الكلام في عدد الشهود وهذا باب الكلام في عدد الشهود. 809 - أعلم أن الشرع ورد باعتبار العدد في الشهادة، وخالف في مواضع قبول الشهادة. عدد الشهود في الزنا والقذف 810 - فأعتبر في الزنا أربعة لا امرأة فيهم ولا عبد ولا صبي ولا مجنون ولا متهم. 811 - وأجمع الفقهاء على قبول الشهادة في ذلك من العرب والعجم وسائر أصناف الناس إذا كانوا عدولاً، وسنبين صفة العدل في بابه. 812 - وليس من شرط الشهادة أن يكون قرشياً أو عربياً أو عالماً بالأحكام أو يحفظ القرآن أو الآثار والسيرة (النبوية). 813 - وكل رجل يجوز قبول قوله في الحدود يجوز قبول قوله في غير الحدود. 814 - وكل عدد تثبت به الحدود يجوز أن يثبت به غير الحدود. 815 - ويجوز أن يثبت غير الحدود بما لا يثبت به الحد. عدد الشهود في القصاص 816 - والأربعة تعتبر في حد الزنا والقذف ليسقط الحد عن القاذف. 817 - ويقبل في القصاص شهادة رجلين. عدد الشهود في الديات 818 - وفي الديات شهادة رجل وامرأتين، وكذلك النكاح وسائر العقود عندنا.

شهادة الواحد

819 - فأكمل الشهادات أربعة رجال وبعدها رجلان وبعدها رجل وامرأتان. شهادة الواحد 820 - وشهادة الواحد مقبولة، ولها باب يجيء والنساء لهن باب. 821 - وإذ قد ذكرنا العدد في الشهادة فقد بقي أن نصف العدد بصفة. باب الكلام في صفة الشهود وهذا باب الكلام في صفة الشهود. 822 - أعلم أن أسم الشاهد يقع على المحق والمبطل، فيقال شاهد عدل وشاهد جور. 823 - وإذا قلت: شاهد، اشتمل على مشهود به، ومشهود له، ومشهود عليه، ومشهود عنده. 824 - فالمشهود به: الحق المقضي به. 825 - والمشهود له: المدعي. 826 - والمشهود عليه: المدعى عليه. 827 - والمشهود عنده: الحاكم. وقد تقدم ذكر ذلك إلا المقضي به. شروط الشاهد 830 - ولا يكون شاهدا في الشرع مقبول القول في الحقوق حتى يجتمع فيه شرائط: منها أن يكون بالغاً، ومنها أن يكون عاقلاً، ومنها أن يكون حراً، ومنها أن يكون مسلماً، ومنها أن يكون عدلاً، ومنها أن يكون عالماً بما يشهد به من الحقوق أو في حكم العالم بذلك.

شرط البلوغ

شرط البلوغ شهادة الصبيان في الجراح 831 - أما اعتبار البلوغ في الشاهد فمجمع عليه في سائر الحقوق المحكوم بها، وهذا قولنا وقول الشافعي أن الصبي لا يقبل قوله في الشهادة على غيره. وقال مالك تقبل شهادة الصبيان في الجراح قبل أن يفترقوا. نقد قول مالك 832 - ولو قبل قولهم (في الجراح) قبل في غير الجراح. وقد ذكرنا الخبر القاضي أنه عليه الصلاة والسلام قال: "رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم". شرط العقل 833 - وأما اعتبار العقل فمجمع عليه، وقد قال عليه السلام "والمجنون حتى يفيق" وكان المعنى فيه أنه غير مكلف فلم يتوجه عليه فرض إقامة الشهادة. شرط الحرية 834 - وأما اعتبار الحرية في الشهادة فهو قولنا وقول الشافعي، وهو المروي عن ابن عباس وشريح ومجاهد ومكحول وعطاء وعامر واياس بن معاوية والحسن (البصري) ورواه عمرو بن شعيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. 835 - وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يجيز شهادة العبيد، وهو قول مالك بن أنس وأحمد. 836 - وعن إبراهيم أنه قال: تجوز شهادة العبيد في الشيء الطفيف.

إعادة الشهادات بعد العتق

إعادة الشهادات بعد العتق 837 - قال أصحابنا: وإن شهد وهو عبد فرد الحاكم شهادته لعلة الرق ثم أعتق فأعاد الشهادة جازت وحكم بها الحاكم لأنه لم يردها للتهمة. 838 - وهو قول الشافعي أيضاً. قبول خبر العبد في الشرعيات 839 - وأجمعوا على قبول خبره في الشرعيات. شرط الإسلام 840 - وأما اعتبار الإسلام في الشاهد، فهو قولنا وقول عامة الفقهاء إذا كان المشهود عليه مسلماً، إلا شيء سمعناه عن الحنابلة أنهم أجازوا شهادة الذمي على المسلم في الوصية لظاهر الآية. 841 - وقد روي عن مجاهد وعبيدة السلماني وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي " أو آخران من غيركم من المشركين". وهو قول ابن عباس: 842 - فأما شهادة الكفار بعضهم على بعض فهي جائزة: اختلفت مللهم أو اتفقت، لأن الكفر عند أصحابنا ملة واحدة. 843 - وقد روي عن عمرو بن ميمون أنه أجاز شهادة مجوسي علي نصراني أو يهودي، وهو قول ابن سيرين ونافع وإبراهيم ووكيع وحماد والضحاك.

844 - وقال قتادة: لا تجوز شهادة النصراني على اليهودي، ولا اليهودي على النصراني. 845 - وقال إبراهيم (النخعي): لا يتوارث أهل ملتين، ولا تجوز شهادة بعضهم على بعض. 846 - وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: "لا تجوز شهادة ملة على ملة إلا المسلمين وهو قول عطاء بن أبي ربح والشافعي". 847 - قال أصحابنا: ولو شهد الذمي على مثله فأسلم المشهود عليه قبل الحكم والقضاء أبطلت الشهادة، وإن كان بعد الحكم لم تبطل، كما لو فسق الشهود. 848 - وهذا في سائل الحقوق كلها أنها لا تبطل، إلا الحدود والقتل العمد والقصاص في النفس وفيما دون النفس فأنى ادرأ ذلك، وادرأ عنه القطع في السرقة وأضمنه المال. 849 - وقال أبو يوسف: ادرأ عنه القصاص في النفس وفيما دونها، وأضمنه دية ذلك، ولا يرجع المشهود عليه بذلك على الشاهدين. 850 - ولو أسلم الشاهدان بعد إسلامه وقد قضى القاضي بذلك في الحدود والقصاص فجدد الشهادة عليه أمضيت القصاص وأنفذته ويدرأ عنه الحدود. 851 - وقال الخصاف: "والقياس عندي أن أمضيه عليه وأن أسلم لأنهما صارا إلى حالة يجوز شهادتهما عليه". 852 - ولو كان الشاهدان أسلما أولاً، ثم أسلم بعد ذلك المشهود عليه فجددا الشهادة ولم يكن الحاكم أبطلها أمضيت الشهادة والحكم. 853 - وقد قال أصحابنا: إذا شهدا على ذمي في حال الكفر فرد الحاكم

في اعتبار العدالة

شهادتهما لأجل التهمة، ثم أسلما بعد ذلك فأعادا الشهادة به لم تقبل، لأنه ردهما للتهمة. 854 - ولو كانت شهادة على مسلم فأبطلها لأجل الكفر ثم أسلما فشهدا بها، فهو جائز ويحكم بها عندنا وعند الشافعي، ولا أعلم في ذلك خلافاً. 855 - ولا فرق بين أن يشهد وهو كافر أو لا يشهد إلا بعد الإسلام. 856 - وكذلك قد أصحابنا في العبد إذا عتق والصبي إذا بلغ مثل ذلك، لأن الرد لم يكن لأجل التهمة. 857 - وسنذكر في باب ما ترد به الشهادة سائر ما ترد به الشهادة إن شاء الله. في اعتبار العدالة 858 - فأما اعتبار العدالة في الشاهد فمجتمع عليه عند الفقهاء في الحكم بها وفي قبول خبر الراوي والعمل به في الشرعيات، فيحتاج أن يعلم ما العدل؟ وما الشرائط المعتبرة في الرجل ليكون عدلاً؟ تعريف العدل 859 - فالعدل في الأصل مصدر، وهو مقابل للجور، وحقيقته التسوية بين الأمرين أو الخصمين وترك الميل إلى أحدهما.

العدل في عرف أهل الشرع

860 - ولهذا قال الله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} 861 - والعدل هو كل فعل تعدى الفاعل، وسواء كان ضرراً بالغير أو نفعاً له، يقال حكم الحاكم بالعدل بين الخصمين، وإن كان قد نفع أحدهما وأضر بالآخر. 862 - وقد تعورف استعماله في فاعل العدل، يقال ملك عدل وعادل، فعدل ضد الجور وعادل ضد الجائر، وهو يوضع موضع المدح للشخص، ولهذا لا يوصف من عدل بين اثنين في الظلم، وقسمة اللصوص لما أخذوا أنه عدل ولا عادل إلا بتفسير وتقييد، وكذلك إذا استووا في القسمة لا يقال عدول. العدل في عرف أهل الشرع 863 - والعدل في عرف أهل الشرع كل مقبول الشهادة على غيره عند السلطان والحاكم. شرائط العدل 864 - ويدخل فيها شرائط كبيرة منها أن يجتنب الكبائر وما يستخف بفعله من الأمور ويذهب بالمروءة عند العموم، لأن مرتكب ذلك فاسق بإجماع المسلمين. 865 - والفاسق غير معمول بقوله، وقد دل القرآن على التثبيت في خبره. تعريف الفسق 866 - والفسق هو الخروج عن الشيء في اللغة. وقد جاء في الشرع مطلقاً لمن فعل الكبائر أنه خارج عن أمر مولاه.

الفسق من طريق الاعتقادات

867 - وقد قال تعالى في حق إبليس: "ففسق عن أمر ربه" يعني خرج. 868 - وقد اختلف في شهادة الكافر على ما ذكرناه، ولم يختلف في شهادة الفاسق. 869 - وسنذكر في بابه ما فيه من العلم إن شاء الله عند البلوغ إليه. 870 - ومنها أن يكون عادلاً في جميع ما يجب العدل فيه على الدوام، لأنه لا يصح أن يكون عدلاً غير العادل. 871 - ومنها أن لا يكون كاذباً لأن الكذب معصية توجب اتهامه في خبرة فلا يحصل الظن بمخبره فلا يكون عدلاً. 872 - وقد ذكرنا البلوغ والعقل لأن به يجتنب المعاصي ويسارع إلى الطاعات. الفسق من طريق الاعتقادات 873 - واختلف في الفسق من طريق الاعتقادات هل يمنع قبول الشهادة والخبر أم لا. فمنهم من قال يمنع وإن كان متحرجاً في أفعاله، نافرًا من الذب. وذهب جل الفقهاء من أصحابنا وغيرهم إلى قبول خبره وشهادته. 874 - واتفقوا على أن فسقه من طريق الجرح، وأنه يمنع كالزنا والسرقة.

اعتبار العلم بما يشهد به

875 - وقد قبل الفقهاء رواية الصدر الأول بعد وقوع الفرقة بينهم واختلاف الكلمة وقتل بعضهم لبعض بالتأويل. وقبل التابعون جميعًا رواية الفريقين جميعًا للأحكام. ولولا ذلك لما عرفنا ما جرى بصفين والجمل والدار وأخبار الدولتين. 876 - والعدالة شرط في قبول الخبر فكذلك الشهادة. 877 - وسنذكر في باب الشهادة وما يليها جميع المسائل المتعلقة بهذا الشأن إن شاء الله. اعتبار العلم بما يشهد به 878 - وأما اعتبار العلم بما يشهد به الشاهد فمجمع عليه، وبه ورد القرآن والسنة. 879 - ولا يحل له الشهادة بغير ما يعلم، ولا مع الشك فيما شهد به، ولا مع جهالة المشهود له. 880 - وقد قال أبو حنيفة -رضي الله عنه- في الشاهد إذا عرف خطه في الكتاب ولم يتذكر الشهادة أنه لا يجوز له أن يشهد بذلك. 881 - وإذا شهد فعلم الحاكم لم ينفذ الحكم. 882 - وقد قال أبو يوسف ومحمد: له أن يشهد إذا عرف الخط، وكذلك قال أبو حنيفة إذا عرف المجلس ولم يذكر الشهادة. 883 - وقد روى عن الحسن (البصري) وأخيه سعيد أنهما شهدا على شهادة ثم دعيا إلى إقامتها فنسيها الحسن وذكرها سعيد، فقال سعيد المحسن: أشهد أنا قد شهدنا عليهما أنا وأنت. قال: كذلك؟ قال: نعم. فذهب الحسن فشهد معه. 884 - وإذ قد ذكرنا الكلام في صفة الشهود فلنذكر مواضع الشهادة.

باب الموضع الذي يعتبر فيه قول الرجالة خاصة

باب الموضع الذي يعتبر فيه قول الرجالة خاصة 885 - أما الحدود والقصاص في النفس والطرف والقطع في السرقة وحد القذف وقاطع الطريق فإنه لا يثبت إلا بشهادة الرجال العدول خاصة. 886 - ولا يحكم بشهادة الشهود في ذلك إلا بعد المسألة عن عدالتهم. 887 - وقد ذكرنا في باب ما يعتبر في جواز الشهادة وطريق حصولها ما يعتبر في التزكية ليكون الرجل عدلاً. 888 - وهذه الجملة لا خلاف فيها أنها لا تثبت بشهادة النساء ولا بشهادة الرجال والنساء. 889 - وإذا شهد الرجال والنساء بذلك في القتل الخطأ ثبت المال والدية والضمان في السرقة دون القصاص والقطع. 890 - ولا يقبل في القتل العمد والقطع العمد شهادة النساء مع الرجال، وهو قل الشافعي في القتل العمد لا يختلف. 891 - وفي السرقة يثبت المال دون القطع. وكل ما عدا ما ذكرناه فإنه يثبت عندنا بشهادة الرجال والنساء كالنكاح والرجعة والطلاق والعتاق على مال، وسائر ما يثبت عند الحاكم بالرجلين في غير الحدود والقصاص. 892 - وقال الشافعي لا ينعقد النكاح ولا يثبت ولا الرجعة ولا الطلاق ولا الوكالة ولا الوصية ولا الصلح من دم العمد ولا الكتابة ولا كل ما ليس بمال ولا يؤول إلى مال إلا بالرجال خاصة إلا الرضاع. 893 - وكان ينبغي له أن لا يثبت الموت والإسلام بشهادة الرجال والنساء، فإن قالوا ذلك سمع قولهم وادي ذلك إلى أن لا يصلى على مسلم ويرثه الكافر، ويدفن في مقابر الكفار. 894 - والأمر عندنا بخلاف ذلك.

باب شهادة النساء خاصة

باب شهادة النساء خاصة وهذا باب ما تقبل به شهادة النساء خاصة. قال أصحابنا: 895 - شهادة النساء مقبولة في عيوب النساء، وما لا يطلع عليه الرجال كالنظر إلى فرج المرأة والشهادة أنها بكر أو ثيب. 896 - ولا تقبل شهادة الرجال بذلك، كما لا تقبل شهادة النساء إذا شهدن أنه خصي أو فحل. 897 - وقبل أبو حنيفة شهادة القابلة وحدها إذا كان هناك حمل ظاهر أو إقرار من الرجل بالحمل، أو كان النكاح باقيًا. 898 - ومتى خلت الشهادة من واحدة من هذه الوجوه لم يقبلها. 899 - وقبلها أبو يوسف ومحمد. 900 - وعند الشافعي "لا يقبل أقل من أربع نسوة في هذه المواضع، وقبل الشافعي" شهادة النساء وحدهن في الرضاع. 901 - ولم يقبل ذلك أصحابنا حتى يكون معهن رجل فيقبل ذلك. 902 - وسنذكر في كل كتاب مسائله. 903 - وقد قبل الجميع قول النساء في الحيض والنفاس والذبيحة وأخبار الشرع الواردة في الأحكام فيما يسقط بالشهادة وما لا يسقط. 904 - وقد ذكرنا ما يجوز أن يتصرف فيه النساء من حقهن وحق غيرهن فيما مضى. 905 - وإذ قد ذكرنا ما يقبل قولهن فيه، فهذا ما يقبل فيه قول النساء والرجال. باب ما يقبل من قول النساء 906 - اتفق الفقهاء على قبول شهادتهن في البيع والإجارة والرهن والمضاربة

باب ما يقبل فيه قول العبيد

والغصب وسائر ما يجب به المال، إذا كان معهن رجل، ولا تقبل شهادتهن إذا انفردن وإن كثرن في العدد. 907 - وعندنا تقبل على كتاب القاضي إلى القاضي وفي الأحصان والرجعة والطلاق والعتاق والنسب والولاء وسائر ما عدى الحدود والقصاص. 908 - وكل موضع قبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي تقبل فيه شهادة الرجال والنساء. 909 - وإن شئت قلت: كل موضع تقبل فيه الشهادة على الشهادة يقبل فيه قول الرجال والنساء. 910 - وقبل الشافعي الشهادة على الشهادة في النكاح والرجعة والكتاب الوارد من القاضي إلى القاضي، ولم يقبل فيه شهادة الرجال والنساء. 911 - وارتكب بعض أصحابه قبول كتاب القاضي، والشهادة على الشهادة في الحدود والقصاص، ولم يقبل في ذلك شهادة النساء وإن كن قد أقامهن الشرع مقام الرجل في الأموال فاعتبر مذهبنا على أحد الوجهين الذين قد بينا. 912 - فأما تفريغ الشافعي فمختلف، يقبل في الطلاق إذا ادعى شهادة الرجال والنساء ولا يقبل في جانب الزوجة إذا ادعى الزوج النكاح، وفي البيع يقبل في الموضعين، وفي الرد بالعيب وفي الطلاق على مال يثبت المال ولا يثبت الطلاق الذي يستحق به المال (فتفريعه) على أصوله يحتاج إلى عدد المسائل وحفظها. 913 - وسنذكر في كل كتاب ما خالف فيه إن شاء الله. 914 - وإذ قد ذكرنا قول الرجال والنساء فلنذكر قبول قول العبيد. باب ما يقبل فيه قول العبيد وهذا باب ما يقبل فيه قول العبيد.

915 - اتفق أصحابنا أن قول العبيد يقبل في هلال رمضان، ودخول وقت الصلاة، وكون الشاة ذكية أو ميتة، ونجاسة الماء، والأذن في دخول الدار بقوله، وقبول الهدية على يده، ووجوب العمل بما رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والأئمة من أحكام الشرع، وقبول فتواه في الشرعيات، وقبول قوله في التزكية، وقبول إمامته في الصلاة كالأحرار. 916 - وأجاز أبو حنيفة أمانة إذا أذن له مولاه. 917 - وقال الشافعي يجوز بغير إذن مولاه، وهو قول أبي يوسف ومحمد. 918 - وأجاز الجميع طلاقه بغير إذن مولاه، وأنه في (الحنث) كالحر في الإيمان والظهر والقتل والسرقة والإقرار بما يجب به إتلاف نفسه أو عضو منه، وامتنعوا من قبول شهادته في الأموال. 919 - وقد ذكرنا فيما تقدم أن عليًا -رضي الله عنه- قبل شهادة العبد، وهو قول مالك بن أنس وإبراهيم قبلها في الشيء الطفيف. 920 - واتفقوا على أنه والحر سواء في الصلوات والصيام. 921 - واختلفوا في نكاحه بغير إذن مولاه: فأجازه مالك، ولم يجزه أصحابنا والشافعي. 922 - وأنه في الكفارة بغير المال مثل الحر العاجز عن المال. 923 - واختار أصحابنا إجباره على النكاح ولم يجزه الشافعي وإن كان مكلفاً. 924 - وفي الصغير اختلف أصحابه. 925 - واختلف في قتل الحر به فعندنا هما سواء. 926 - وعند الشافعي لا يقتل به الحر. 927 - وسيجيء في كل كتاب ما فيه من المسائل إن شاء الله. 928 - وإذ قد ذكرنا ذلك فلنذكر من ظاهره العدالة:

باب من ظاهره العدالة

باب من ظاهره العدالة وهذا باب ما يقبل فيه قول من ظاهره العدالة. 929 - قال أبو حنيفة: ويقبل قول من ظاهرة العدالة في الشهادة في سائر الحقوق المالية أو ما يجرى مجراها إلا أن يطعن فيه الخصم، فيسأل عنه سراً ويزكا في العلانية. 930 - وقال أبو يوسف ومحمد: يقبل قوله حتى يشك فيه، كما في الحدود. 931 - وهو قول الشافعي. 932 - واتفق الفريقان على أنه ينعقد بحضوره النكاح، ويكفي في ذلك عدالة الظاهر. 933 - ومن أصحابنا من قال لا ينعقد، وخبره مقبول في الشرعيات. 934 - وسائر ما يقبل فيه قول العبد يقبل قوله فيه. 935 - وهو كالعبد عند الجميع في الوصية. وولاية النكاح. 936 - وإذا حكمه رجلان جاز أن يحكم بينهما. 937 - وفي جواز الصلوة خلفه وقبول فتواه والرجوع إلى تعريفه في الشهادة وخبرة في العزل والولاية ورؤية الهلال وأحكام آخر تمر في الكتاب في مواضعها. وإذ قد ذكرنا قول العدل وقول من ظاهره العدالة (فلنذكر ما يقبل قول الفاسق فيه). باب ما يقبل قول الفاسق فيه 938 - ويقبل قول الفاسق على نفسه في سائر العقود والحقوق والحدود، وينعقد البيع له ولغيره بقوله، وكذلك سائر العقود.

شهادة الفاسق على النكاح

939 - وقال الشافعي: إن كان العقد في حق نفسه صح بقوله، وإن كان في حق غيره لم يقبل في النكاح وقبل في سائر العقود إذا كان وكيلاً. شهادة الفاسق على النكاح 940 - وعندنا ينعقد النكاح بشهادة الفاسق وعند الشافعي لا ينعقد. إمامة الفاسق في الصلاة 941 - ويصح إمامة الفاسق في الجمعة وغيرها عندنا وعند الشافعي. 942 - وقال مالك لا يصح أن يؤم الفاسق العدل في الصلوة. 943 - ولا يقبل قوله في الشهادة على الحقوق لا أنا حكمنا بكذبه وإنما رددنا شهادته لأنه لم يوجد شرط قبول شهادته، لأنه تعالى قال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وقال: {فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ}. 944 - وقد قبل أصحابنا قوله في رد الطينة، وامتناع الخصوم من الحضور وعملوا على قوله في قبول الهدية، وقبلوا قوله في نجاسة الماء وطهارة الثوب وكون الشاة ذكية أوميتة والأذن في دخول الدار وقال الجميع لو شهد عند الحاكم فرد شهادته ثم تاب وأصلح وأدى الشهادة أنه تقبل كما يقبل قول الصبي وفرقوا بينه وبين الكافر والعبد، أنها تقبل إذا أعادها. 945 - وقالوا يجوز أن يكون وصيًا ووكيلاً. 946 - وأجاز الجميع أمانة لأهل الحرب وأنه في ذلك كالعدل.

باب الشاهد واليمين

947 - واتفقوا على أنه لو تحمل شهادة وهو فاسق وأداها وهو عدل أنها تقبل ويحكم بها. 948 - وأنه في الحدود والعقود مثل العدل. 949 - وسنذكر في باب الحجر ما يؤثر فيه النسق ولا يؤثر لأنه أشبه موضع بذكره. 950 - وإذ قد ذكرنا حكم الشهود، إذا كملت صفاتهم وعددهم فلنذكر صفاتهم وحكمهم إذا نقصوا. باب الشاهد واليمين وهذا باب ذكر الشاهد واليمين وما يقضي به فيه. 951 - اتفق أصحابنا جميعاً على أنه لا يقضي بشاهد ويمين الطالب في شيء من الحقوق كائنًا ما كان ذلك الحق. 952 - وهو قول الشعبي وإبراهيم (النخعي) والزهري. 953 - وقد روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك، رواه الجماعة وتلقته الأمة بالقبول. وقال الشافعي يقبل الشاهد ويمين الطالب.

954 - وقال البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، ولو كان الحكم يجوز بشاهد ويمين لما قصر الله تعالى الشهادة على رجلين أو رجل وامرأتين. ألا ترى أنه لما جاز بقول اثنين لم يحتج إلى بيان ما زاد على ذلك. 955 - وقد طعن أصحاب الحديث في حديث الشاهد واليمين فحملوه على كل طريق ممكن. 956 - والأصل أن مال الغير لا يجوز أن يقبل فيه قول غيره، ويسلم إلى المدعى إلا في موضع اتفق الناس عليه، ولم يتفق على الشاهد الواحد واليمين فإن اليمين قول المدعى فلا يقضى له.

957 - قال الشافعي: والبينة بينتان بينة كاملة عدد الشهود لا يحلف معها وبينة ناقصة العدد في المال يحلف مقيمها معها. 958 - قال: وكل ما كان من مال تحول من مالك إلى مالك غيره حتى يصير فيه مثله أو مثل معناه قضى فيه باليمين مع الشاهد، وكذلك كل ما وجب مال من قتل أو جرح لا قصاص فيه، أو إقرار أو غير ذلك مما يوجب المال. 959 - قال: ولو أتى قوم بشاهد أن لأبيهم على فلان حقًا أو أن فلاناً قد أوصى لهم، فمن حلف منهم مع شاهده استحق موروثه أو وصيته دون من لم يحلف. 960 - فإن كان فيهم معتوه وقف حقه حتى يعقل فيحلف أو يموت فيقوم وارثه مقامه فيحلف ويستحق. 961 - ولا يستحق أخ بيمين أخيه. 962 - وليس الغريم والموصى له في معنى الوارث في شيء. 963 - ولو أقام شاهداً أنه سرق له متاعاً من حرز يساوي ما تقطع فيه اليد حلف مع شاهده واستحق المال، ولا تقطع اليد لأن الحد ليس بمال. كرجل قال امرأتي طالق وعبدي حر إن كنت غصبت فلاناً هذا العبد فشهد له عليه بغضبه شاهد واحد، فيحلف ويستحق الغصب ولا يثبت عليه الطلاق ولا العتاق لأنه ليس حكم الحد حكم المال. 964 - قال: ولو أقام شاهداً على جارية أنها له، وابنها ولد منه حلف وقضى له بالجارية وكانت أم ولده بإقراره، لأن أم الولد مملوكة ولا يقضي له بالدين لأنه لا يملكه على أنه ابنه.

965 - قال المزني: وقد قال في موضع آخر يأخذها وولدها ويكون ابنه. قال المزني وهذا ابنه بقوله الذي لم يختلف وهو قوله لو أقام شاهداً على عبد في يدي آخر سرقة أنه كان عبداً ثم غصبه هذا بعد العتق إنه يحلف ويأخذه ويكون مولاه على أن يسترقه كما لا يأخذ ابنه على أنه يسترقه، فإذا اجتزه في المولى لزمه في الابن. 966 - قال ولو أقام شاهداً أن أباه تصدق بهذه الدار عليه صدقة محرمة موقوفة، وعلى أخوين له، فإذا انقرضوا فعلى أولادهم أو على المساكين فمن حلف منهم ثبت حقه وصار ما بقي ميراثاً. وإن حلفوا معاً خرجت الدار من مال صاحبها وصارت إلى من جعلت له حياته ومضى الحكم لهم فيها. وإن جاء بعدهم ممن وقفت عليه إذا ماتوا فقام مقام الوارث وإن لم يحلف إلا واحد فنصيبه منها وهو الثلث صدقة على ما شهد به شاهده ثم نصيبه على من تصدق به أبوه عليه بعده وبعد أخويه. 967 - واعترض المزني على الشافعي وقال أن من قوله أن الموقف عليه لا يملك رقبة الوقف، وإنما يملك المنفعة، فكيف يحلف من لا ملك له في الرقبة؟ وقد قال أن عبداً لو ادعى على سيده أنه اعتق وأقام عليه شاهداً واحداً أن العبد لا يحلف مع شاهده لأنه لا يملك ما كان يملكه السيد من رقبته، فكذلك ينبغي أن يكون قوله في الوقف، وأفسد تفريع صاحبه في الباب بعد أن ذكر جملة الفروع له، وبالغ في الرد عليه. 968 - وتفريع العمل على الشاهد واليمين لا يستقيم لأنه يعمل به في موضع دون آخر، ويختلف جنبه المحكوم به في ذلك اختلافاً شديداً والصواب عندنا -والله أعلم- أن الحكم لا يجوز به. 969 - وقد اختلف أصحابنا إذا حكم الحاكم به هل ينقض حكمه أم لا؟ فمنهم من نقضه ومنهم من لا ينقضه.

باب ما يقبل فيه شهادة الاستفاضة من الأشياء

970 - وسنفرد باباً فيما ينقض فيه قضاء القاضي ولا ينقض وما يخله وما لا يخله إن شاء الله. 971 - وإذ قد ذكرنا ما يقضي به من طريق معرفة الشاهد وعلمه فلنذكر ما يسمع من غيره. باب ما يقبل فيه شهادة الاستفاضة من الأشياء 972 - اعلم أن ههنا مسائل أجمع الفقهاء على قبول شهادة الاستفاضة فيها، ومسائل اختلفوا فيها. 972 - فأما المسائل التي اجمعوا على قبول شهادة الاستفاضة فيها فمنها: النسب فإنه يجوز أن يشهد لم يدركه، لأنا نشهد أن محمداً النبي -صلى الله عليه وسلم- (هو) ابن عبد الله وأبا بكر (هو) ابن تحافة وعمر (هو) ابن الخطاب وعثمان (هو) ابن عفان وعلي (هو) ابن أبي طالب -رضي الله عنهم-، ولم ندرك ذلك ولا شهدنا الآباء ولا البنيين. 973 - ولا فرق بين النسب إلى الأب أو إلى الأم لأنا نشهد أن الحسن والحسين (هما) أبناء فاطمة عليهم السلام. 974 - ومن رأى رجلاً ينسب إلى فلان بن فلان وهو لم يشاهد المنسوب إليه ولكنه سمع الناس يقولون ذلك وسعه الشهادة له بالنسب. 975 - ولو رأى رجلاً يقول أنا ابن فلان الفلاني لم يسعه أن يشهد

الشهادة على الموت

له بالنسب حتى يسمع ذلك من العامة ويظهر الخبر بذلك بين الناس من غير تواطئ. 976 - ولو نزل بين قوم وهم لا يعرفونه فقال: أنا فلان بن فلان لم يسعهم أن يشهدوا له (بالنسب) حتى تقع معرفة ما قال في قلوبهم. 977 - وقد حد بعض أصحابنا ذلك بأن يقيم معهم سنة. 978 - وإن وقع ذلك في قلوبهم قبل السنة لم يسعهم أن يشهدوا بنسبه. 979 - وقال محمد: لا تسعهم الشهادة حتى يسمع ذلك من رجلين عدلين من أهل البلدة التي هي بلده. الشهادة على الموت 980 - والشهادة على الموت: تثبت بالاستفاضة كالنسب. 981 - وإذا شهدوا أنه وارثه لا يعلمون له وارثاً غيره قضيت له بالميراث. 982 - وإذا قضيت بنسب إلى رجل وحكمت بميراثه ثم قامت بينه أنه فلان ابن فلان "الفلاني" نسبوه إلى أب آخر غير الذي نسبه إليه الأول وأنه عصبته ووارثه لم يعلموا وارثاً غيره لم أقبل الشهادة ولم أحول نسبه عن الأول، ولا من محتد إلى غيره ولا من عشيرة إلى غيرها إذا كان الأول محكوماً به. 983 - ولا يكلف الشهود أن يقولوا أنه لا وارث لفلان غير هذا لأنه غيب، وقولهم لا نعلم يكفي في الشهادة.

شهادة الشهود على معرفة النساء في مدينة السلام

984 - وإن قالوا: لا نعلم له وارثاً في العراق غير فلان، فالشهادة جائزة عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد لا تجوز حتى ينهوا الشهادة ويقولون لا يعلمون. 985 - ويجوز للجيران ولمن عرف إنساناً أن يشهد أنه ابن فلان، لأن الشهادة على النسب بالسماع المتواتر جائزة، ويسعه أن يشهد بقول النساء والخادم ومن لا يعرف بعدالة ويرجع إلى ذلك لأن قول هؤلاء في الخبر المستفيض والعدول سواء. 986 - وقال بعض أصحابنا لا يسعه أن يشهد بمعرفة المرأة ونسبها حتى يدخل عليها، وعندها جماعة نساء ممن يثق بهن فيقلن هذه فلانة بنت فلان ثم يتركها أياماً ثم ينظر إليها بحضرة نسوة أخر فيعرفنه أياها كما عرفنه (في) الأولى ويتردد إليها شهرين أو ثلاثة، فإذا وقعت معرفتها في قلبه بقول رجال ونساء شهد لها بذلك وعليها. شهادة الشهود على معرفة النساء في مدينة السلام 987 - ورأيت الشهود بمدينة السلام يشهدون على معرفة النساء بقول العامة والدلالين ويشهدون بين يدي شيخنا قاضي القضاة رحمه الله، فيقولون: - نشهد- أطال الله بقاء سيدنا السيد الأجل الإمام الأوحد قاضي القضاة - على إقرار فلانة بنت فلان، وقد عرفتها بعينها واسمها ونسبها، وما رجعوا إلا إلى من ذكرناه في التعريف. قبول الاستفاضة على الولاية والخلع 988 - وتقبل الاستفاضة على الولاية والعزل والخلع لأن بذلك نعرف الولايات وكثير لا يشهد بيعة ولا خلعاً.

إدعاء رجلين نكاح امرأة

فصل الشهادة على موت إنسان 989 - فإذا أخبر الشاهد بالموت رجل أو امرأة ثقة، وقالوا نحن عاينا موت فلان، وسعة الشهادة بموته، ولا يسعه أن يشهد على ما يصنع أهل من تعى إليهم أنه مات حتى يخبر بذلك من شهد موته، فيجوز أن يشهد. وليس كل من شهدنا بموته عاينا ذلك لأنا نشهد بموت الصحابة -رضي الله عنهم- والعلماء ولم نر ذلك. فصل الشهادة على النكاح بالسماع 990 - ويجوز أن يشهد بنكاح لم يحضره أن فلانة زوجة فلان وأن فلاناً زوج فلانة بالسماع من الجيران ممن يعرف أمرهم، كما يشهد أن عائشة -رضي الله عنها- زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن علياً زوج فاطمة وأن عمر زوج بنتها أم كلثوم -رضي الله عنهم- أجمعين، وإن لم يشاهدوا ذلك، ألا ترى أن الغائب يقدم فيقال له قد تزوج فلان بفلانة ويمضي على ذلك الشهور ألا يشهد لها بالنكاح؟ 991 - وكذلك الصغير يكبر فلو كان بينهما ولد ينسب إليهما أما يشهد بنسبه إليهما؟ 992 - كل ذلك يجوز أن يشهد به. 993 - وهذا لا خلاف فيه بين الناس نعلمه. إدعاء رجلين نكاح امرأة 994 - قال أصحابنا: وإذا ادعى رجلان نكاح امرأة فأقرت لأحدهما فهي امرأته، فإن أقام الآخر البينة أنها امرأته قضيت بها له وأبطلت إقرارها للأول. 995 - وإن أقاما بينة لكل واحد أنها امرأته فهي لصاحب الوقت الأول إذا وقتا، وإن لم يوقتا لم أحكم بها لواحد منهما.

تنازع على نكاح امرأة

996 - وقد قال أصحابنا: إنها إذا كانت في منزل أحدهما وتحت يده والبينة مطلقة فصاحب اليد أولى. 997 - وقد اختلف أصحابنا إذا وقت أحدهما ولم يوقت الآخر في الملك، أنه يقضي للذي لم يوقت عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف يقضي لصاحب الوقت. 998 - وسنذكر هذه المسألة وأشباهها في الدعاوى إن شاء الله. تنازع على نكاح امرأة 999 - وإذا ادعى نكاح امرأة وهي تجحد فأقام بينة وقضى له بها، فجاء رجل وأقام البينة على مثل ذلك لم أحكم بها له وهي زوجة للأول إلا أن يوقت وقتاً قبل وقت الذي قضى بها له، وهي لصاحب الوقت الأقدم منهما. الشهادات على المعاملات 1000 - وقال أصحابنا: ولا تجوز الشهادة على العنق والطلاق والقتل والغصب والجراحات والبيوع والديون وما يدور بين الناس من المعاملات إلا بمعاينة أو إقرار. الولاء المشهور 1001 - واختلف أصحابنا في الولاء المشهور، فلم يقبل أبو حنيفة ومحمد في الاستفاضة وجعلاه كالعتق. 1002 - وقال أبو يوسف تجوز كالنسب. لا ينقل الولاء بعد ثبوته 1003 - وإذا ثبت الولاء من رجل بأن شهد الشهود أنه مولاه الذي اعتقه

فصل الملك المشهور إلخ

وقد مات فقضى له بالولاء والميراث فلو حضر آخر فادعا ولاءه وشهد له الشهود أنه مولاه لم يقض بهذه البينة ولم ينقل الولاء بعد ثبوته كما لا ينقل النسب بعد ثبوته. فصل الملك المشهور إلخ 1004 - وقال أصحابنا: لا تجوز الاستفاضة في الملك المشهور، وقبل ذلك الشافعي. 1005 - وفي الوقف المشهور خلاف برواية عن أبي يوسف أنه يقبل في الملك إنما هو لمن يتصرف في ذلك بالبيع والعقود والإجارة والإرث والوصية. 1006 - وقال أبو حنيفة: إذا رأيت الدار في يدي رجل أو الثوب أو الدابة وسعك أن تشهد أن ذلك له بظاهر اليد. 1007 - واختلف أصحاب الشافعي في اليد هل تدل على الملك أم لا؟ فمنهم من قال تدل على الملك. ومنهم من قال لا تدل على ذلك. 1008 - ولو كانت اليد لا تدل (على الملك) لما سمعت الدعوى على من في يده الشيء وجعل القول قوله في ذلك. 1009 - وقال محمد عن أبي حنيفة في الجامع الصغير. - إذا رأى الشاهد في يد إنسان شيئاً وسعه أن يشهد له بالملك إلا العبد والأمة. 1010 - وقال أبو يوسف لا يسع ذلك حتى يقع في قلب الشاهد ذلك، ولم يفرق في الأمالي بين الحيوان والرقيق. 1011 - وقال الخصاف: إذا أشهد من أدرك الملك ولم يعاين المالك كامرأة لا تخرج ولا يراها الرجال، فإن كان ذلك مشهوراً عند العلوم فالشهادة على ذلك جائزة، وإن لم

باب الشهادة وما يعتبر في جوازها وطريق حصولها والتزكية

يكن الملك والمالك مشهوراً لم تجز الشهادة على ملك ذلك إلا أن يشهد من عاين الشيء في يده. 1012 - وإن شهد على الملك من لم يعاين الملك، ولكن عاين من ينسب إليه الشيء فرأى المالك لم تجز له الشهادة، إنما تجوز الشهادة إذا كان الشاهد قد عاين الدار ولم يعاين المالك إذا كان مشهوراً في الاستحسان، وفي القياس لا يجوز ذلك. 1013 - وقد ارتكب بعض أصحاب الشافعي أن العقود تثبت بالاستفاضة ولو ثبت ذلك بالاستفاضة لما اعتبر علم الشاهد في شيء من الشهادات. 1014 - وإذ قد ذكرنا حكم ما يشهد به الشاهد من طريق العلم وما يثبت من طريق الاستفاضة وجب ذكر الشهادة وما يعتبر في جوازها وطريق حصولها وما يعتبر في التزكية. باب الشهادة وما يعتبر في جوازها وطريق حصولها والتزكية - وهذا باب الشهادة وما يعتبر في جوازها وطريق حصولها والتزكية. 1015 - وقد كان الواجب أن يذكر هذا الباب في أول أبواب الشهادات إلا أنا أخرناه لأنه كلام في الطريق إلى معرفة ما قدمناه. 1016 - وقد ذكرنا صفة أصحاب المسائل عن الشهود فيما تقدم، وذكرنا صفة العدل وبينا من ذلك في أول الأبواب المقدمة ما فيه كفاية. 1017 - ونحن نذكر في هذا ما قاله العلماء وشرطوه في جواز قبوله. وقد قال أهل العلم ومن صنف في هذا الشأن أقوالاً كثيرة، ونحن نحكي في هذا الباب جملاً منها مقصورة يبين بها الغرض إن شاء الله. 1018 - فقال إبراهيم النجعي:

العدل في المسلمين من لم يطعن عليه في بطن ولا فرج. 1019 - وقال الشعبي: شهادة الرجل جائزة ما لم يضرب حداً أو يعلم عليه فرية في دينه. 1020 - وقد روى عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه سأل رجلاً عن رجل فقال له: ما علمت عنه إلا خيراً، فقال له: حسبك. 1021 - وعن شريح أنه قال لخصم أيت؟ شهود عدل فأنا قد أمرنا بالعدل وأنت فاسأل عنه، فإن قالوا الله أعلم به فهم يعرفون أن يقولوا أنه مريب ولا تجوز شهادة مريب، وإن قالوا ما علمناه إلا عدلاً مسلماً فهو إن شاء الله كذلك وتجوز شهادته. 1022 - وكان الحسن يجوز شهادة المسلمين إلا أن يجرح الخصم الشاهد. 1023 - وروى عن الحسن أن رجلاً أتاه فقال أن أياس بن معاوية رد شهادتي. فقام معه الحسن فقال ما منعك وروى يا لكع! لم رددت شهادة هذا؟ أما بلغك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من استقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم. قال: أيها الشيخ إن الله يقول: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وإن هذا ممن ليس يرضى من الشهداء قال محمد بن الحسن فخصم إياس الحسن. 1024 - وقد روى الحذاء أن أياس بن معاوية قضى في يوم قضية ماصيرا فيها يمين ولا سأل فيها بينة.

من كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري 1025 - وقد روى أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كتب إلى أبي موسى: "المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلوداً في حد أو مجرباً عليه شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو قرابة". 1026 - وقد روى عن محمد بن عبد الرحمن الموصلي. أنه قال: قلت لا يأس بن معاوية: أخبرت أنك لا تجيز شهادة الإشراف بالعراق ولا التجار الذين يركبون البحر؟ قال: أجل، أما الذين يركبون البحر، فإنهم يركبون إلى الهند حتى يغرر بدينهم ويمكنوا عدوهم منهم من أجل طمع الدنيا فعرفت أن هؤلاء أن أعطى أحدهم درهمين في شهادتهم لم يتحرج بعد تعريرهم بدينه. وأما الذين يتجرون في قرى فارس فإنهم يطعمونه الربا وهم يعلمون، أفأجيز شهادة أكلة الربا؟ وأما الإشراف فإن الإشراف بالعراق إذا نابت أحداً منهم نائبة أتى إلى سيد قومه فشهد له، وشفع، وقد كنت أرسلت إلى عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر إلا يأتي بشهادة.

طريق معرفة العدل أو التزكية

وقد كان علي بن موسى يجيز شهادة أهل الأهواء ويراهم أهلاً لها إذا أدخلهم في الهوى الدين إلا الخطابية فإن بعضهم يقبل يمين بعض ويشهد له فلا أجيز شهادة هؤلاء، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقالا بجواز الشهادة في هذا على النكاح. 1027 - وقد روى عن ابن شبرمة أنه قال: ثلاث لم يعمل بها أحد قبلي ولا يتركهن أحد بعدي: المسألة عن الشهود في السر. وإثبات حجج الخصمين. وتحلية الشهود في المسألة. طريق معرفة العدل أو التزكية 1028 - وطريق معرفة العدل إنما هو سؤال القاضي عنه.

1029 - وقد ذكرنا صفة أصحاب المسائل فيما تقدم، وههنا نذكر كيفية المسألة. 1030 - قال أصحابنا: يسأل في السر، عن أنسابهم وحلاهم ومجالسهم فيسأل أهل الثقة والأمانة من جيرانهم ممن يصلح لذلك، وليس كل عدل يصلح أن يسأل عن الشهود لأنه قد يكون عدلاً فيه غفلة، فإذا سأل فقيل هو عدل جائز الشهادة أخبر القاضي بذلك في السر فيقبل القاضي ما يأتيه من التعديل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. 1031 - وقال أبو حنيفة رجلان أفضل، وقال محمد لا يقبل إلا رجلين، وهو قول الشافعي. 1032 - والرأي للقاضي أن يستظهر برجل آخر في المسائل، فإذا أتاه الأول بشيء من أمر الشهود دفع إلى الآخر أيضاً أسماء الشهود وأمره بالمسألة ولم يعلمه بما جاءه به الأول، فإن اتفقا أخذ به وأمر الطالب أن يأتي يقوم يعدلونهم في العلانية فإذا فعل ذلك أحضر الخصم والشهود ثم يسأل المعدلين عن رجل رجل من الشهود عن اسمه واسم أبيه وعدالته فإذا بينوا ذلك أخذ بشهادتهم. 1033 - وإنما يعدل في العلانية لئلا يقع اسم على اسم فلهذا وجب في العلانية. 1034 - وإذا اختلف أصحاب المسائل على الشاهد فأتى هذا بما تقبل معه الشهادة وهذا ما يوجب الرد امتحن القاضي ذلك بنفسه، ونظر ما السبب في ذلك فإن صح أحد الأمرين أمضاه وإذا لم يكن في الجيران من يصلح للمسألة سأل من في أسواقهم ممن يصلح لذلك. 1035 - وإن كانت الشهادة بحد أو قصاص سأل الجيران ذلك وبحث واستقصى المسألة في معرفة ذلك. 1036 - وإذا لم تثبت العدالة عنده بالمسألة قال للطالب: زدني شهوداً ولا يعرفه القدح في شهوده.

1037 - فإن قال الطالب: - شهودي هم عدول، وعندي من يزكيهم من العدول، وأتى بذلك أعاد القاضي المسألة وكشف عنهم وعن من جرحهم. 1038 - فإذا عرف الجرح حكم به وقدمه على التعديل لأنه زيادة علم بحال الشهود. 1039 - وإذا عدله اثنان فما زاد وجرحه واحد فالتعديل أولى. 1040 - فإن جرحه اثنان وعدله مائة فالجرح أولى عندنا، وهو قول الشافعي أيضاً. 1041 - وإذا عدله واحد وجرحه واحد فالجرح أولى. 1042 - وقال الشافعي لا يحكم بواحد منهما. 1043 - ولا يجب بيان سبب الجرح عند أصحابنا جميعاً، ويكفي أن يقول ليس بعدل. 1044 - وقال الشافعي ينبغي بيان ما جرحه به لأنه ربما يكون ذلك لا يوجب رد شهادته. وإذا ثبتت العدالة فقال الشهود بالتزكية ليس هو عدل كلفاً ببيان ما يبطل العدالة من أفعاله. 1045 - وذكر ذلك الخصاف عن محمد بن الحسن وعندنا لا يحكم بالفسق وعنده يحكم. 1046 - وإذا شهد على المطلوب بالحق شهود فأقام المطلوب بينة أن الطالب استأجرهم ليشهدوا له بهذه الشهادة لم يقبل من بينه المطلوب، وهذا تهاتر عند أبي حنيفة ويقبل غيره وترد الشهادة. 1047 - وقبل أبو حنيفة تعديل الولد لوالده والوالد لولده، وكل ذي رحم فإنه يقبل تعديله لرحمه.

إثبات الحرية عند جهل القاضي بها

1048 - وقال الشافعي يعمل في العدالة والفسق بعلمه. 1049 - وإذا جهل إسلامه لم يحكم حتى يسأل عن إسلامه، ولا يعمل بإسلامه بظاهر الدار كما يعمل في اللقيط بإسلامه بظاهر الدار لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل الأعرابي عن إسلامه لما شهد برؤية شهر رمضان. 1050 - ويرجع في إسلامه إلى قوله، كما رجع النبي -عليه السلام- إلى قول الأعرابي وهذا قول الجميع. إثبات الحرية عند جهل القاضي بها 1051 - وإذا جهل حريته، أو قال المشهود عليه هما عبدان، فقالا نحن أحرار لم نملك قط لم يقبل الشهادة عندنا حتى تثبت الحرية. ولو كان يسأل عن حريتها فأخبر بذلك ثقة نفذت الشهادة عند بعض أصحابنا واختار القول الأول الخصاف. 1052 - وقال أصحاب الشافعي في ذلك وجهان أحدهما أنه يقبل قولهما لأن الظاهر من الدار حرية أهلها كما أن الظاهر الإسلام؟ ثم يثبت الإسلام بقوله كذلك الحرية، والوجه الثاني قالوا وهو الأظهر أنها لم تثبت بقولهما كما قلنا، قالوا لأنه يملك الإسلام إذا كان كافراً بقوله ولا يملك أن يصير حراً بقوله إذا كان عبداً، ولا يحكم لمجهول العدالة لأنه لا يؤمن فيه الفسق. فصل 1053 - وإذا عرفت عدالته كتب اسمه وكنيته وصنعته وسوقه ومسكنه حتى لا يشتبه بغيره، ويذكر من شهد له حتى لا يكون ممن لا تقبل شهادته له من

والد أو ولد، ويذكر من شهد عليه حتى لا يكون ممن لا تجوز شهادته عليه، ويذكر قدر ما شهد به لأنه قد يكون ممن يقبل قوله في قليل ولا يقبل في كثير. فصل 1054 - واختلف أصحاب الشافعي هل يحكم القاضي في الجرح والتعديل بأصحاب المسائل أو بمن عدل أو جرح من الجيران؟ فقال أبو إسحق يحكم بشهادة الجيران لأنهم يشهدون بالجرح والتعديل، قال فعلى هذا يجوز أن يقتصر على الواحد من أصحاب المسائل ويجوز بلفظ الخبر، ويسمى للحاكم من عدل أو جرح، ثم يسمع الشهادة بالجرح والتعديل من الجيران على شرط الشهادة في العدد ولفظ الشهادة، وحمل لفظ الشافعي في العدد على الجيران. 1055 - وقال الأصطخري يحكم بشهادة أصحاب المسائل لأن الجيران لا يلزمهم الحضور، فعلى هذا لا يكون أصحاب المسائل أقل من اثنين ويجوز أن يكون من أخبرهم من الجيران واحداً، إذا وقع في نفوسهم صدقة، ويجب أن يشهد أصحاب المسائل عند القاضي على طريق الشهادة، ولفظ الشهادة. وحمل قول الشافعي في العدد على أصحاب المسائل. 1056 - وإن بعث باثنين فعادوا بالجرح حكم بالجرح وإن عادوا بالتعديل حكم بالتعديل، وإن عاد واحد بالجرح وعاد الآخر بالتعديل لم يحكم بالتعديل ولا بالجرح بقول واحد منهما. 1057 - قال بعض أصحابنا: - ويكفي أن يقول الشاهد هو عدل في قبول شهادته. 1058 - وقال الشافعي لا يقبل في التعديل حتى يقول عدل لي وعلى.

نقد قاضي القضاة لتهاونه في إعادة السؤال عن شهوده

1059 - ومن أصحابه من قال: يكفي قوله عدل، كما قلناه، وهو الأصطخري لأن قوله عدل يقتضي أن يكون عدلاً له وعليه. 1060 - ومنهم من قال هو شرط، وهو أبو إسحق لأن قوله عدل لا يقتضي العدالة. 1062 - ولا يقبل التعديل إلا ممن تقدمت معرفته وطالت صحبته وخبرته بالشاهد لأن المقصود معرفة العدالة من الباطن، ولا يعرف ذلك لمن لم تتقدم صحبته، وفي الجرح يقبل ممن تقدمت صحبته وممن تأخرت منه المعرفة. 1063 - ويعيد المسألة عن الشهود بعد أشهر أو سنة إذا كثرت شهاداتهم، فإن ذلك أحوط. 1064 - وقد قال أصحاب الشافعي إذا أعاد الشهادة في مدة قريبة لم يسأل عن الشاهد وإن طال الزمان ففيه وجهان: أحدهما لا يجب لأن الأصل بقاء العدالة والثاني أنه يجوز أن يتغير بطول الزمان الحال فلا يحكم حتى يسأل. نقد قاضي القضاة لتهاونه في إعادة السؤال عن شهوده 1065 - وقد رأينا شيوخ شيخنا قاضي القضاة رحمه الله وقد طال بهم وبه الزمان وهم شهوده لا يسأل عنهم ولا يبحث. فصل 1066 - قال أبو يوسف إذا أقام الرجل عند قوم ستة أشهر لم يظهر منه إلا الصلاح وسعهم أن يعدلوه، ثم رجع وقال: لا يعدلونه حتى يقيم سنة كاملة فإن في ذلك يتبين أمره. 1067 - والعدلان المميزان إذا عدلا رجلاً عند رجل وسعه أن يعدله إذا وقع في قلبه أنهما صادقان وليس الرجل أكثر حالاً من القاضي.

فصل طعن الخصم في عدالة الشهود

1068 - ويقبل ذلك أيضًا من رجل وامرأتين، ولا يسأل من النساء إلا من تعرف الأحوال وتخالط القاضي فأما من هي في البيوت فلا. فصل طعن الخصم في عدالة الشهود 1069 - وإذا شهد عند القاضي رجال فقال الخصم: أنا أقيم بينة عندك أنهم عبيد أو فساق أو محدودون في قذف أو فيهم مانع يمنع الشهادة على، وأتى بشهود فشهدوا بذلك قبل ذلك وأخرجهم من العدالة. 1070 - ولو شهدوا بأمر قديم يجوز أن يتاب منه ويصفح لم يقبل ذلك، ولم يخرجهم من العدالة، وإن كان في أمر يسير قبل ذلك. فصل تعديل المشهود عليه الشهود 1071 - وإذا شهد على رجل بحق فعدله المشهود عليه، قال أبو حنيفة: إن كان بعد الشهادة فقال هم عدول على ولى أمضى الحاكم الحكم، وإن كان قبل الشهادة عليه ثم أنكر ما شهدوا لم ينفذ عليه، وسأل عنهم، فإن عدلوا أنفذ الحكم وإن عدل أحدهما بعد الشهادة وقال قد غلط على لم يقبل تعديله وكان للحاكم أن يسأل. 1072 - ولو أنه قال: ما شهد به فلان أو هما على حق أو هو الحق أجاز الشهادة ولم يسأل عن الآخر. 1073 - وإن كان قال ذلك قبل الشهادة وقال ما ظننت أنه يشهد على إلا بالحق وقد شهد بباطل فإن القاضي يسأل ولا يقبل قوله الأول، وهو قول زفر والحسن بن زياد. 1074 - وإن شهدا بما ادعاه الخصم فقال بعد ذلك هما عدلان فيما شهدا به على أو جائزاً الشهادة لي وعلى أنفذ ذلك ولا يسأل عنهما.

فصل العدل

1074 - وقال أبو يوسف لا يجتزى بذلك فإن عدلا أنفذ الحكم وإلا رده ذكره في الأمالي كذا ورواه الخصاف في أدبه. 1075 - ولأصحاب الشافعي وجهان: الأول يقبل تعديل الخصم والثاني لا يقبل من غير تفصيل ذكروه لأن المسألة حق له فإذا أسقطها نفذ الحكم عليه والثاني أن التعديل حق الله تعالى ولا يجوز الحكم له بالعدالة بقول المدعي عليه وحده. 1076 - وإن قال الخصم المدعى عليه: شهدا علي بالحق، أو هذه الشهادة حق أو صدقاً فيما شهدا به، أو هما صادقان في هذه الشهادة التي شهدا بها أنفذ الحكم بقوله، ولا يحتاج إلى أن يسأل لأن هذا إقرار منه. فصل العدل 1077 - وإذا كانت أكثر أمور الإنسان حسنة فهو عدل إذا لم يرتكب كبيرة، وإن كان قد ارتكب كبيرة وتاب وأصلح قبلت شهادته في قول أبي يوسف. 1078 - وقال غيره إذا كان الرجل ملازماً للجماعة مؤدياً للفرائض، معروفاً بصدق المعاملة مؤدياً للأمانة، صدوق اللسان فهو عدل، وإن كانت منه السقطة من الصغائر يستغفر منها ولا يعود إلى مثلها فهو عدل. 1079 - وإذا شهد عند الحاكم الشهود وارتاب منهم فله أن يسألهم عن تحمل الشهادة ويفرقهم ويسأل كل واحد منهم على الانفراد عن صفة التحمل، ومكانه وزمانه، لما روى أن أربعة شهدوا على امرأة بالزنا عند دانيال عليه السلام ففقرهم وسألهم فاختلفوا فدعا عليهم فنزلت عليهم نار فأحرقتهم. 1080 - فإن فرقهم فاختلفوا سقطت شهادتهم وإن اتفقوا فالمستحب أن يعظهم

باب ما ترد به شهادة الشاهد

فقد روى أبو حنيفة قال: كنت عند محارب بن دثار وهو قاضي الكوفة فجاءه رجل وادعى على رجل حقاً فأنكره، فأحضر المدعى شاهدين فشهدا له، فقال المشهود عليه: والذي تقوم به السموات والأرض لقد كذبا على في الشهادة، وكان محارب بن دثار متكئاً فاستوى جالساً وقال: - سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الطير لتخفق أجنحتها وترمى بما في حواصلها من هول يوم القيامة، وإن شاهد الزور لا تزول قدماه حتى يتبوأ مقعده من النار، فإن صدقتما فأثبتا وإن كذبتما فغطيا رأسيكما وانصرفا. فغطيا رأسيهما وانصرفا. فصل 1081 - ويقبل في تزكية السر العبد والمحدود في القذف والمرأة ومن ظاهره العدالة لأنه خبر كما قبلوا في هلال رمضان، ولم يقبلوا في شهادة العلانية إلا شهادة من تجوز شهادته بالحقوق أما رجلان أو رجل وامرأتان. 1082 - وقد ذكرنا فيما تقدم خلاف الشافعي. 1083 - وإذ قد ذكرنا الشهادة وما يعتبر في جوازها وجب أن نذكر ما ترد به شهادة الشاهد. باب ما ترد به شهادة الشاهد وهذا بابا ما ترد به شهادة الشاهد مما اتفق عليه واختلف فيه: 1084 - اتفق علماء الأمصار على أن الفسق يمنع قبول الشهادة وأنه إذا فسق الشاهد لم يجز للحاكم الحكم بها.

الحكم بشهادة الفاسق

الحكم بشهادة الفاسق 1085 - وحكى القدوري رحمه الله في التجريد في مسألة ولاية الفاسق أن من أصحابنا من قال إذا حكم بشهادته نفذ حكمه. نقد 1086 - وهذا قول يرده الإجماع ويدفعه النظر، لأن شرط قبول قول الشاهد يقف على وجود العدالة ورضاء المسلمين عن الشهود، والفاسق غير مرضي ولا عدل فلا يجوز الحكم بشهادته، والحاكم إذا حكم بذلك مع العلم فقد فسق وخرج من الحكم، وفساد هذا القول أوضح من تكلف الدلالة عليه. شهادة الماجن 1087 - وترد شهادة من يكثر الكذب ويتظاهر بالمجون والفجور ويكثر البحث في المذاهب والمقالات. 1088 - وكذلك إذا تظاهر بالمذاهب الردية والبدع الظاهرة. 1089 - وترد شهادة من يلعب بالحمام ويطيرها من المواضع ومن يناطح بالأكباش والحيوان كله ويقامر. شهادة لاعب الشطرنج 1090 - ورد أصحابنا شهادة من يلعب بالشطرنج. 1091 - وقال الشافعي لا ترد شهادته بذلك. وحكى الخصام في المفصل أنه إذا كان لا يقطعه ذلك عن الصلاة ولا يشغله عن الدين ولا يكثر الحلف عليه ولا يقامر فشهادته جائزة.

1092 - وقال إنه يرد شهادة من ترك صلوة الجماعة ثلاثاً من غير تأويل. 1093 - وترد شهادة من يشتم الصحابة -رضي الله عنهم-. 1094 - قال أبو يوسف لأن شتم الجيران يمنع قبول الشهادة فشتم الصحابة -رضي الله عنهم- أولى (أن ترد به الشهادة). 1095 - وترد شهادة شارب الخمر ومن يسكر من النبيذ لأنه بذلك يفسق. 1096 - وترد شهادة من يلعب بالملاهي. 1097 - وقال الخصاف: إذا كان يلعب بهذه الملاهي ولا تشغله عن الطاعات ولا ينسب أهلها إلى المجانة والفجور وأفعال الصلاح عليه أغلب قبلت شهادته. 1098 - وترد شهادته بخصلة واحدة من الفسق، ولا تقبل شهادته حتى يكون عدلاً في أفعاله، ولا يقرف بريبة. 1099 - وترد شهادة من يكثر منه الكذب الفاحش ولا يتحفظ في أقواله وإن كان يقع منه في البدارات والخير عليه أغلب قبلت شهادته، هكذا ذكر الخصاف. 1100 - وترد شهادة النائح والنائحة، والمغني والمغنية، ومن يقطع الطريق ويتلصص، وأهل العصبية، والعاشر، وآكل الربا ومرتكب الربا، ومن يلوط بالصبيان والنساء. 1101 - وقال أبو يوسف: من يتهم بشتم الصحابة -رضي الله عنهم- لا يمنع من قبول قوله إلا أن يقولوا سمعناه يشتم الصحابة. 1102 - ولو قالوا هو متهم بالفجور لم يقبل قوله.

فصل من لا تجوز شهادتهم

وذكر في الفرق بينهما أن من يتهم بذلك من الشتم فقد أثبت له العدالة، والشتم لا يقبل إلا بالسماع وإذا قالوا يتهم بالفجور فما أثبتوا له العدالة. 1103 - وترد شهادة من لا يؤدي زكاته وصدقته. فصل 1104 - ولا ترد شهادة الأخ لأخيه وهو قول عروة بن الزبير وابن سيرين والشعبي وإبراهيم (النخعي) وقتادة، وهو قول الشافعي وأصحابنا. 1105 - وقال الحسن (بن زياد اللؤلؤي) لا تجوز شهادة الأخ لأخيه، وهو قول مالك لأن القصاص يجري بينهما فهو كالأجنبي، وليس من حيث لم تجر مناكحة الأخ لأخيه ينبغي أن لا تقبل شهادته كما لو شهد لأم زوجته وبنته. فصل من لا تجوز شهادتهم 1106 - روت عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لا تجوز شهادة الابن لأبيه، ولا الأب لابنه ولا المرأة لزوجها ولا الزوج للمرأة ولا الأجير لمن استأجره ولا السيد لعبده ولا العبد لسيده ولا الشريك لشريكه. 1107 - وذكره الخصاف، وهو قول إبراهيم (النخعي) وشريح (القاضي). 1108 - وكان الشعبي لا يجيز شهادة الرجل لابنه، ولا شهادة المرأة لزوجها، ويجيز شهادة الابن لأبيه والرجل لامرأته. 1109 - وكان سفيان (الثوري) يرى جواز شهادة الرجل لامرأته ولا يجيز شهادتها له.

1110 - وروي عن شريح أنه أجاز شهادة زوج وأب. 1111 - واتفق أصحابنا على أنه يجوز شهادة الوالد لولده، ولا الولد لوالده ولا أحد الزوجين لصاحبه ولا المكاتب لمولاه، ولا المولى له، وكذلك المدبر وبأم الولد، والمعنق بعضه ولا لولد ولده وإن سفلوا، ولا فرق بين ولد البنت وبين ولد (الابن) ولا لأجداده ولا جداته من قبل أبيه ومن قبل أمه. 1112 - وأجاز الشافعي شهادة الزوج لزوجته وكذلك الزوجة لزوجها لأنه ليست بينهما عصبية. 1113 - ونحن نقول بينهما سبب يوجب التوارث من غير حجب كالولادة. 1114 - وقد أجاز بعضهم شهادة الوالد لولده والولد لوالده وإن سفلوا وعلوا، وهو قول المزني وأبي ثور من أصحاب الشافعي. 1115 - وقد روى عنه عليه السلام أنه قال: - أنت ومالك لأبيك. ولأنه متهم فجرى مجرى الشهادة لنفسه فلا تقبل. فصل 1116 - وقالوا: لا تقبل شهادة من لا مروءة له كالقول والرقاص، ومن يضحك الناس ويسخرون منه ومن يمشي مكشوف الرأس والبدن في المواضع التي لا يعتاد أهلها ذلك، ويأكل في الأسواق بحضرة الناس، لأن المرؤة من الإنسانية، لأنها مشتقة من المرأ، وقد روى أبو مسعود البدري عن النبي

فصل اللعب بالشطرنج

- (ص) - أنه قال: "مما أدرك من النبوة الأولى إذا لم تستح فأضع ما شئت" ولأن من لا يستقبح القبح لا يستقبح الكذب فلا يوثق بقوله. فصل 1117 - واختلف في شهادة أصحاب الصنائع الدينية كالكنائس والزبال والحجام والقيم في الحمام والنخال إذا حسنت طريقتهم في الدين، فمنهم من قال لا تقبل شهادتهم لدنائهم في صناعتهم. 1118 - وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي. والوجه الثاني: أنها تقبل لأنه قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ولأن هذه صناعات مباحة، وبالناس إليها حاجة، وعلى هذا كثير من أصحابنا. 1119 - وكره أصحابنا شهادة النخاس والصيرفي وتجار الأسواق، وردوا شهادة من يكثر الحلف منهم على ما يبيعه ويشتريه. 1120 - فأما من استقام منهم في الطريقة وعرف بصدق اللهجة في بيعه وشرائه فليست الصناعة بضائرة له، ولولا ذلك لما عرفنا بشهادتهم قيم الدواب والأواني وعيوب الحيوان، ولابد في كل صنعة من مستور وصالح مستقيم، وعلى هذه الأحوال وجد الناس بعضهم بعضاً. فصل اللعب بالشطرنج 1121 - قال الشافعي: وإذا لعب بالشطرنج على عوض نظرت: فإن خرج كل واحد منهما مالاً على أن من غلب مهما أخذ المال، فهو قمار تسقط به العدالة وترد به الشهادة. وإن أخرج واحد منهما مالاً على أنه أن غلب أحدهما (فهو) له، وإن

غلب صاحبه أخذ المال، لم يصح القيد، لأنه ليس من آلات الحرب فلا يصح بذل العوض فيه، ولا ترد الشهادة لأنه ليس بقمار، قالوا لأن القمار هو أن لا يخلو أحد من أن يغنم أو يغرم وههنا أحدهما يغنم ولا يغرم، وهذا عندنا هو القمار [لأن القمار هو] أن يغنم أحدهما ولا يغرم. 1122 - قالوا وإن اشتغل به عن الصلوة في وقتها مع العلم، فإن لم يتكرر ذلك منه لم ترد شهادته، وإن أكثر منه ردت شهادته لأنه من الصغائر، وفرق بين قليلها وكثيرها. 1123 - قالوا: إن ترك فيه المروءة بأن لعب على الطريق أو تكلم في لعبها بسخف من الكلام أو اشتغل به الليل والنهار ردت شهادته لتركه المرؤة. 1124 - قالوا: وقد لعب به ابن عباس وابن الزبير وأبو هريرة وسعيد بن المسيب وإن سعيد بن جبير كان يلعب مزوياً؟ 1125 - قال أصحابنا: هذا لعب لا حاجة بنا إليه في الدين ولا الدنيا، فهو كأربعة عشر. وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية والميسر هو القمار. 1126 - وقد روى عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه مر بقوم يلعبون فتلا قوله تعالى: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ}. 1127 - واختلف أصحاب الشافعي في النرد فمنهم من قال أنه حرام وترد به الشهادة، وقال أبو إسحق هو كالشطرنج. 1128 - وقد روى أبو موسى الأشعري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله.

وروى أبو بريده أن رسول الله - (ص) - قال: "من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم الخنزير ودمه، ولأن المعول فيه على ما يخرجه الفص فأشبه الأزلام. 1129 - قالوا: ويخالف الشطرنج فإن المعول عليه على رأيه، وهذا لا يصح لأن النرد يحتاج مع العصي إلى رأى ووضع ومعرفة بالنقل والبيوت، ويخلف اللعب به كالشطرنج سواء.

فصل شرب قليل من النبيذ

1130 - وقالوا: لا يجوز اللعب بالأربعة عشر ولم يختلفوا، فهذه الجملة حكوها في هذا الباب. فصل شرب قليل من النبيذ 1131 - واختلف أصحاب الشافعي فيمن شرب قليلاً من النبيذ، فمنهم من قال إن كان يعتقد بحرمته فسق وردت شهادته، ومنهم من قال لا يفسق ولا ترد شهادته كما قلناه، قالوا وهو المذهب لأن استحلال الشيء أعظم من فعله بدليل من استحل الربا كفر ولا يكفر من فعله، فإذا لم ترد شهادة المستحل فمن لا يستحل أولى. 1132 - واختلفوا في وجوب الحد عليه مع قبول شهادته، فقال المزني لا يجب الحد كما لا ترد الشهادة به، وقال غيره منهم: يجب لأنه يردع عن الشرب ويحتاج إلى رادع كالخمر، وهذا لا يصح لأن [شارب] الخمر يفسق ويكفر المستحل، وكيف يجب الحد بأمر مختلف فيه والاجتهاد فيه يسوغ. فصل المغني بغير آلة 1133 - قد قلنا أنه لا تقبل شهادة المغني لما ورد عن ابن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: الغناء ينبت النفاق (؟) في القلب كما ينبت الماء البقل. 1134 - وإذا كان بغير آلة مطربة فليس بمحرم. 1135 - وقد روى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بجارية لحسان وهي تقول: هل على ويحكما ... إن لهوت من حرج؟ فقال -صلى الله عليه وسلم- لا حرج إن شاء الله. وروى عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت:

ترنم بالبيت والبيتين

كان عندي جاريتان تغنيان فدخل أبو بكر -رضي الله عنه- فقال: مزمور الشيطان في بيت رسول الله! -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: دعها فإنها أيام عيد. ترنم بالبيت والبيتين. 1136 - فإن غنى لنفسه أو سمع غناء جارية ولم يكثر منه لم ترد شهادته لأن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان إذا خلا في داره ترنم بالبيت والبيتين. وأنه مر عليه عبد الرحمن بن عوف وهو يترنم فقال: - اسمعتني يا عبد الرحمن؟ قال: نعم. فقال: إنا إذا خلونا في بناء لنا نقول كما يقول الناس. وروى عن أبي الدرداء وهو من زهاد الصحابة وفقهائها أنه قال: إني لأجم قلبي بشيء من الباطل استعين به على الحق.

فضائل أبي حنيفة للصيمري

فضائل أبي حنيفة للصيمري 1137 - وقد سمعنا من شيخنا قاضي القضاة رحمه الله في فضائل أبي حنيفة التي صنفها أستاذه القاضي أبو عبد الله الصميري رحمه الله أن أبا حنيفة كان في جواره رجل فكان يصعد السطح ويتغنى بهذا الشعر: (أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر) (كأني لم أكن فيهم وليدا ... ولم تك نسبتي في آل عمرو) فأخذه الوالي فلم يسمع كلامه وصوته كما جرت العادة، فسال عنه فأخبر بخبره فقصد الوالي وأخرجه من الحبس وقال له: - ما أضعناك يا فتى. 1138 - وقد صنف في السماع كتب مفردة وطول فيها القول واختصر، ولم أر لأصحابنا في هذا الباب إلا كلاماً مجملاً غير مفصل ولا مشروح، ولعل قولهم في المغنى الذي ترد شهادته من اتخذ الغناء أو يغشاه الناس للسماع لأن في ذلك تركاً للمروءة، وكذلك أن اتخذ جارية وقصده الناس لسماع الغناء منها، أو حملها إلى المواضع لتغنى فهذا هو الذي ترد شهادته لا محالة لأنه قد جمع إلى ترك المروءة الدياثة. تفشي الصوفية في أهل العلم في عصر السمناني 1139 - وقد رأيت جماعة من أهل العلم وشيوخاً من أصحابنا ومن أصحاب الشافعي يستمعون القول ويقومون يرقصون مع الصوفية. 1140 - ورأيت بهمذان غير واحد من أصحاب الشافعي يجمعون مع القصب الدف في الأوقات وفيهم أئمة وقضاة وأشراف من أصحاب الحديث والرواية.

تحريم آلات الطرب من غير غناء

تحريم آلات الطرب من غير غناء 1141 - ويحرم استعمال الآلات التي تطر من غير غناء كالعود والطنبور والمعزفة والطبل والمزمار والرباب. 1142 - وقد حكى عن محمد بن سعد الزهري أنه كان يلعب بالعود ويتخذه وفيه خلاف لا يعتد به. 1143 - وقد روى عن ابن عباس -رضي الله عنه- تفسير قوله تعالى: "إن الله حرم على أمتي الخمر والميسر والمزر والكوبة والقنين والكوبة الطبل والقنين البربط". 1144 - وروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: مسخ أمة من أمتي بشربهم الخمر وضربهم بالكوبة والمعازف. 1145 - قال الشيرازي رحمه الله في كتاب المهذب له:

رد الشهادة بالإكثار من الصغائر

ويكره القضيب الذي يزيد الغناء طرباً ولا يطرب إذا انفرد لأنه تابع للغناء فكان حكمه الغناء. رد الشهادة بالإكثار من الصغائر 1146 - وترك الشهادة بما يكثر من الصغائر كما ترد بالكبائر إذا انفردت، فأما إذا قلت الصغائر وندرت فلا ترد بها الشهادة لأنه تعالى قال: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ}. ولأن أحداً من الخلق لا يخلو من الصغائر أو الهم بها. الحداء 1147 - وقال الجميع أن الحداء مباح لا يكره لما روى عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: كان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة نام بالوادي حاديان.

نشيد الأعراب

وروت عائشة -رضي الله عنها- قالت: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، وكان عبد الله بن رواحة جيد الحداء وكان مع الرجال .. وكان انجشه مع النساء فقال -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن رواحة: حرك بالقوم فاندفع يرتجز فنبعه انجشه فاعتقت الإبل في السير. فقال -صلى الله عليه وسلم: يا أنجشة رويدك رفقاً بالقوارير. نشيد الأعراب 1148 - ويجوز استماع نشيد الأعراب لما روى عمرو بن الشريد عن أمه قال: أردفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وراءه ثم قال: أمعك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء؟ قلت: نعم، فأنشدته بيتاً، فقال: هيه فأنشدته بيتاً آخر فقال هية: حتى أنشدته مائة بيت.

تحسين الصوت بالقرآن

تحسين الصوت بالقرآن 1149 - قال الشافعي: ويستحب تحسين الصوت بالقرآن، وأما إذا قرأ بالألحان فقال أصحابنا أنه قال في موضع يكره وقال في موضع آخر لا أكره هذا. 1150 - قالوا: وليس ذلك اختلاف موضعين وإنما هو إخلاف حالين، فالذي قال يكره إذا تجاوز الحد، ولا يعلم بين أصحابنا خلاف يخالف هذه الجملة والتفصيل، ولعل ذلك وفاق. 1151 - وقد روى عن أبي موسى الأشعري أنه كان يطرب بالقرآن وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان سمعه وهو لا يعلم فلما علم به قال: يا رسول الله لو علمت لحبرته تحبيراً. وروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: - ما أذن الله بشيء مثل ما أذن لنبي أن يترنم بالقرآن. وقال -صلى الله عليه وسلم-: - ليس منا معاشر الأنبياء من لم يغرد؟ بالقرآن. وذكر أبو عبيد في الغريب له؟ قال معناه الاستغناء؟ بالقرآن. وقال الشافعي: - لو كان المراد به الاستغناء؟ لكان قال من لم يتغن بالقرآن، وحمل الخبر على تحسين الصوت، وهو الظاهر من الخبر ولأن قراءته بألحان يوجب الإصغاء إليه وفراغ القلب نحوه، وهذا أمر معلوم. قول الشعر 1152 - ويجوز قول الشعر وحمله، وقد كان للنبي -صلى الله عليه- شعراء

فسق شاهد الزور

منهم كعب بن مالك وعبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت، وقال الشعر علي بن أبي طالب حتى روى عنه، وكان في التابعين والصحابة العدد الكثير (من الشعراء) وكان معاوية ابن أبي سفيان يقوله ثم تركه، وقد وفدت الشعراء على النبي -صلى الله عليه وسلم- ومدحوه فمدحه كعب بن زهير بقصيدة: (باتت سعاد فقلبي اليوم متبول ... متيم أثرها لم يجز مكبول) فوهبه؟ بردته فباعها لمعاوية بعشرة آلاف درهم، وهي التي مع الخلفاء إلى اليوم من بني العباس -رضي الله عنه-. 1153 - وهو كالكلام مباحه كمباحة ومحظوره كمحظوره وقبيحه كقبيحه. 1154 - وقد روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الشعر بمنزلة الكلام حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام". فما ترد به الشهادة من الكلام يرد به في الشعر، وما لا ترد به الشهادة من الكلام فالشعر مثله، لأنه كلام على صفة مخصوصة. فسق شاهد الزور قال أصحابنا: 1155 - ومن شهد بالزور فقد فسق وردت شهادته، فقد روى خريم بن

فاتك قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلوة الصبح فلما أنصرف قام قائماً ثم قال عدلت شهادة الزور الإشراك بالله ثلاث مرات، ثم تلا قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}. 1156 - وقد تقدم ما رواه أبو حنيفة عن محارب بن دثار فيما تقدم من هذا الباب في الفصل الذي قلنا أنه يفرق الشهود مع التهمة. 1157 - ويعلم أنه شاهد زور بثلاثة أشياء: أحدها أن يقر على نفسه أنه شهد بالزور. والثاني أن تقوم عليه بذلك بنية. والثالث أن يشهد بما تكذبه العقول وشاهد الحال. 1158 - فإن أقر على نفسه لم يبطل ما شهد به قبل هذا القول، وكذلك إذا قامت عليه بينة بعد القضاء لأن هذا تهاتر.

إشهار من ثبت تزويره

1159 - ولو أنه شهد بحق لرجل وشهد آخر به لغيره لم يكن واحد منهما شاهد زور، لأنه ليس أحدهما بأن يكذب أولى من الآخر. إشهار من ثبت تزويره 1160 - وإذا أثبت أنه زور، قال أبو حنيفة: أشهر حاله ولا يضر به. 1161 - وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي للإمام أن يعزره إذا رأى ذلك. 1162 - وإن كان من ذوي الهيئات لم يناد عليه عند بعضهم، وهو قول أبي علي من أصحاب الشافعي. 1163 - وعندنا ينادي عليه ليحذره الناس. 1164 - وقد روى (أبو هريرة) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: قل ما في الفاسق ليحذره الناس. وروى عنه أنه قال: اقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم. شهادة الظنين والجار إلى نفسه غنماً إلخ 1165 - قال أصحابنا: ولا تقبل شهادة ظنين، ولا جار إلى نفسه غنماً، ولا دافع عنها غرماً، ولا شهادة الوكيل لمن وكله، ولا الشريك عما هو شريك فيه ولا من هو وصي لليتيم ولا عليه. 1166 - وقد روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:

فصل شهادة الخصي والأقلف

لا تقبل شهادة ظنين ولا مريب. 1167 - فإن عزل الوكيل وشهد بعد العزل فيما كان وكل بالخصومة فيه، فإن كان قد خاصم لم تقبل شهادته أبداً. 1168 - وإن كان لم يخاصم في ذلك فقد اختلف في ذلك فمنهم من يقبل شهادته وهو أبو حنيفة ومنهم من لا يقبل ذلك وهو صاحباه. 1169 - وكذلك اختلفوا في المحجور عليه لأجل الدين إذا شهد الغريم له إذا كان معسراً فمنهم من قال لا تقبل ومنهم من قال تقبل. فصل شهادة الخصي والأقلف 1170 - وأجاز أصحابنا شهادة الخصي إذا كان الخصي عدلاً في جميع الحقوق والحدود وقد قبل عمر بن الخطاب (ر) شهادة علقمة الخصي على قدامة بن مظعون. 1171 - واختلف في شهادة الأقلف فقال ابن عباس: - الأقلف لا تجوز شهادته، ولا تقبل له صلاة ولا تؤكل له ذبيحة، وهو قول جابر بن زيد. 1172 - وروى الخصاف أن النبي (ص) سأل عن الأقلف أيحج بيت الله؟ قال: - لا، حتى يختتن. 1173 - وروى شداد بن أوس، قال، قال رسول الله (ص): الختان للرجال سنة وللنساء مكرمة. 1174 - والختان عند أصحابنا واجب وليس بفرض.

فصل شهادة ولد الزنا

1175 - وقال الشافعي هو فرض، وقال مالك فرض في الرجل سنة في المرأة. 1176 - وقد روى عن الحسن في الشيخ يسلم، قال: لا عليه أن لا يختن، ولا يضره ذلك في شهادته ولا في إمامته. 1177 - وقال أصحابنا إن كان يخالف الضرر على نفسه فلا شيء عليه بعد ذلك. فصل شهادة ولد الزنا 1178 - واختلف في شهادة ولد الزنا فقال أصحابنا: - شهادته في كل شيء جائزة، وفي الحدود إذا كان عدلاً، وهو قول الشافعي وعطاء. 1179 - وقال مالك ويحيى بن سعيد: شهادته مقبولة في كل شيء إلا في الزنا خاصة. 1180 - وقد روى عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أن رجلاً شهد عنده على رجل شهادة فقال المشهود عليه، أنه لا تقبل شهادته، قال: لم؟ قال: لأنه لا يدري من أبوه فقال أءتني بشاهدين سواه. فصل شهادة المتسمع 1181 - واختلف في شهادة المتسمع، وهو الذي يختبئ ولا يراه المشهود عليه فيسمع قوله ويشهد عليه، من غير أن يشهده على نفسه. فقال أصحابنا يجوز ذلك ولا تحتاج الشهادة إلى أن يحملهم المقر. 1182 - وقال مالك: لا تجوز حتى يشهد الشهود ويقول لهم اشهدوا، وإن كان الشاهد لا يرى الخصم لم يشهد عليه لأنه لا يعلم أنه عين المقر.

شهادة رجلين على جرحه أخا لهما إلخ

1183 - وفرق مالك بين الطلاق والعتاق فأجاز ذلك في الطلاق والعتاق وإن لم يشهدهم إذا سمع الشاهد ذلك. 1184 - وقال إبراهيم الشعبي: لا تجوز شهادة المختبئ. 1185 - وقال أصحابنا: - إذا قال الجماعة أو المتعاقدان للشاهد: - لا تشهد علينا بما نقول كان له أن يشهد، وفيه خلاف متقدم، وهو قول مالك. شهادة رجلين على جرحه أخاً لهما إلخ 1186 - ولو شهد رجلان على رجل أنه جرح أخاهما وهما وارثاه قبل الإندمال لم يقبل، لأنه قد يسري إلى نفسه، وتجب الدية لهما. 1187 - وإن شهدا له بمال وهو مريض فمنهم من قال: لا تقبل الشهادة لأنهما متهمان لأنه قد يموت ويكون المال لهما فلم يقبل كما لو شهدا بالجراحة. 1188 - ومنهم من قال: - تقبل لأن الحق ثبت للمريض ثم ينتقل بالموت إليهما، وفي الجناية إذا وجبت الدية وجبت لهما لأنها تجب بموته فلم تقبل. 1189 - ولو شهدا له بالجراحة وله ابن قبلت شهادتهما لأنهما غير متهمين. 1190 - ولو مات الابن وصار الأخوان وارثين فإن مات قبل الحكم بشهادتهما بطلب الشهادة، ولو مات بعد القضاء والحكم لم تبطل الشهادة، يعتبر ذلك بالفسق والعمى. شهادة من يدفع ضرراً عن نفسه 1191 - ولو شهد الموالي على غريم المكاتب أو الوصي على غرم الميت أو الوكيل على غريم الموكل بالإبراء من الدين أو بفسق الشهود بالدين لم تقبل الشهادة، لأنه قد يدفع بذلك عن نفسه ضرراً.

شهادة الوالد والولد

1192 - واختلف أصحابنا في شهادة أهل المحلة والعاقلة إذا شهدوا بالقتل على غيرهم فلم يقبل ذلك أبو حنيفة، وقبله صاحباه. 1193 - وقال الشافعي: إن كان موسرين لم تقبل شهادتهما لأنهما يدفعان عن نفسهما الغرم من الدية، وإن كانا فقيرين أجزت شهادتهما. 1194 - وقال في موضع آخر: إن كانا من أباعد العصبات بحيث لا يصل العقل إليهما حتى يموت من قبلهما قبلت شهادتهما. 1195 - ومن أصحابه من جعل المسألة على قولين ونقل جواب إحدى المسألتين إلى الأخرى، ومنهم من جعل كل مسألة على وصفها وقال: تقبل شهادة الأباعد، ولا تقبل شهادة الأقرب الفقير لأنه معدود في العاقلة، واليسار يعتبر عند الحول. شهادة الوالد والولد 1196 - وتقبل شهادة الوالد على ولده، والولد على والده في سائر الحقوق. 1197 - ومن أصحاب الشافعي من قال: لا تقبل شهادة الولد على والده في إيجاب القصاص وحد القذف لأنه لا يلزمه القصاص بقتله، ولا حد القذف بقذفه فلا يلزمه ذلك. 1198 - نقول: والمذهب ما نقول لأنه غير متهم. 1199 - واختلف فيمن شهدا على رجل أنه قذف ضرة أمهما: فقال الشافعي في القديم: لا تقبل لأنهما يجران إلى أمهما نفعاً لأنه يجب عليه بقذفها الحد فيحتاج إلى اللعان فيفرق بينه وبين ضرة الأم. 1200 - وقال في الجديد تقبل وهو قولنا لأن حق أمهما لا يزيد بمفارقة الضرة. 1201 - وكذلك اختلفوا في طلاق الضرة على هذا الخلاف سواء. فصل شهادة العدو 1202 - وقبل أصحابنا شهادة العدو على عدوه.

فصل شهد لمن لا تجوز له الشهادة ولمن تجوز

1203 - وقال الشافعي لا تقبل لأن العداوة تمنع العدالة ونحن نقبل شهادة المسلم على الذمي وهما أشد عداوة. 1204 - وقال الشافعي: العدو متهم في الشهادة. فصل شهد لمن لا تجوز له الشهادة ولمن تجوز 1205 - وإذا شهد لمن لا تجوز الشهادة له ولمن تجوز له الشهادة، فاتفق أصحابنا أنه تبطل الشهادة في حق من لا تجوز له الشهادة، واختلف في حق الآخر، فمنهم من قال تبطل أيضاً في حقه لأن الشهادة إذا أبطل بعضها بطل جميعها، ومنهم من قال لا تبطل في حق الآخر لأنه يجوز أن يبتدئ بالشهادة في حقه. فصل شهادة التائب 1206 - ومن فسق بنوع من أنواع الفسق وتاب من الذنب وأصلح قبلت شهادته كالسارق وشارب الخمر والزاني. 1207 - وقد روى الحسن أن رجلاً من قريش سرق بعيراً على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقطع يده ثم كان يشهد بعد ذلك فيجيز شهادته. 1208 - وروى عن أبي خيرة، أنه قطع يده علي بن أبي طالب عليه السلام من المفصل، وأنه شهد عند المغيرة بن عبد الله فقال له: - من قطعك؟ فقال: - علي بن أبي طالب. قال: - ما أراه إلا ظلمك!

شهادة المحدود في القذف

قال: - والله ما ظلمني. فأجاز شهادته. 1209 - وهو قول شريح وعطاء والشافعي ومالك، ولا نعلم فيه خلافاً بين الفقهاء المعروفين. شهادة المحدود في القذف 1210 - واختلف في المحدود في القذف إذا تاب، فقال أصحابنا جميعاً إن شهادته لا تقبل وتوبته فيما بين الله وبينه. 1211 - وروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدوداً في القذف، وهو المروى في كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى، وهو قول الحسن وشريح وإبراهيم وابن عباس. 1212 - وقال عطاء وطاووس ومجاهد وعكرمة ومسروق والشعبي وعبد الله بن عبيد والزهري والعوام بن حوشب وسليمان بن يسار ويزيد بن عبد الله بن قسيط ويحيى بن سعيد وربيعة -رضي الله عنهم- قالوا إذا تاب قبلت شهادته وهو قول مالك بن أنس والشافعي في آخرين. فصل في كيفية التوبة من القاذف 1213 - روى عن الشعبي وطاووس والضحاك أنهم قالوا: توبته أن يكذب نفسه عند السلطان، وهو قول الشافعي أن توبته أكذاب نفسه، واختلف أصحابه: فقال أبو سعيد الأصطخري: توبته أن يقول كذبت فيما قلت ولا أعود إلى مثله، وقال أبو إسحق وأبو علي بن أبي هريرة يقول: قذفي له كان باطلاً، ولا يقول كنت كاذباً.

فصل التوبة من المعصية

1214 - قال علي بن موسى القمي من أصحابنا في أحكام القرآن الصغير: لا سبيل لنا إلى تصحيح توبة القاذف لأنه إن قال كذبت فقد علمنا ذلك وحكمنا به، ولكذبه حددناه، وقد قال تعالى: {فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ}، وإن كان صادقاً فيما قال فلا يجوز أن يشهد على نفسه بالكذب، وإن قال كنت صادقاً فهذا نكران للقذف هذا معنى كلامه. 1215 - وقال أصحابنا في قوله تعالى: وأولئك هم الفاسقون خبر، وقوله إلا الذين تابوا فرجع إلى أقرب المذكورين وهو الخبر دون ما تقدم لاختلاف الجمل المتقدمة. 1216 - ولا خلاف أنه يحد مع توبته فلو كانت التوبة ترجع إلى ما تقدم لسقط الحد. فصل التوبة من المعصية 1217 - والتوبة من المعصية أن يعزم على أن لا يفعل مثلها في المستقبل، ويستغفر الله عما مضى ويندم على ما فعل هذا إذا لم يتعلق بها حق آدمي. 1218 - فإن تعلق بها حق آدمي فالتوبة أن يؤدي ذلك الحق إلى مالكه أو يسأله حتى يبرئه. 1219 - وقد روى إبراهيم النخعي أن عمر -رضي الله عنه- رأى رجلاً يصلي مع النساء فضربه بالدرة فقال الرجل: -

فصل تعلق حد ال

والله لئن أحسنت فقد ظلمتني. وإن كنت أسأت فما علمتني فقال عمر -رضي الله عنه-: - اقتص فقال: - لا اقتص قال: فاعف عني فقال: لا أعفو عنك فافترقا على ذلك، ثم لقيه من الغد، فتغير لون عمر، فقال له الرجل: - يا أمير المؤمنين (أرى) ما كان مني أسرع فيك! قال: - أجل قال: - فاشهد أني قد عفوت عنك. 1220 - وإن لم يقدر على صاحب الحق نوى أنه إن لقيه أوفاه حقه. فصل تعلق حد الله 1221 - وإذا تعلق بالمعصية حد الله تعالى كحد الزنا والشرب، فإن لم يظهر ذلك فالأولى أن يستره على نفسه لما روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من أتى من هذه القاذورات فليستتر بستر الله تعالى، فإنه من أبدا لنا صفحته أقمنا عليه حد الله". 1222 - فإن أظهره لم يأثم لأن ماعزاً والغامدية اعترفا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالزنا فرجمهما ولم ينكر عليهما. فصل التوبة المعتبرة 1223 - والتوبة التي ترد التائب إلى حال الشهادة من الزنا والسرقة والشرب

فصل التوبة على من يحد

فحكم عليه ثم تاب إذا صلح عمله وفارق طريقته المذمومة لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا}. 1224 - واختلف أصحابنا في مقدار المدة بعد التوبة فمنهم من قال سنة كاملة لأنها تجمع الفصول الأربعة التي تتغير فيها الطباع، ومنهم من لم يقدر ذلك (وردها) إلى اجتهاد الحاكم. 1225 - والتوبة من الردة إظهار الشهادتين والرجوع إلى ملازمة الدين والقيام بفروضه وفعل نوافله وسننه مع الإمكان. فصل التوبة على من يحد 1226 - واختلف أصحاب الشافعي فيمن شهد ولم تقبل شهادته بالقذف هل يحد أم لا؟ وبنوا التوبة على القول بوجوب الحد، فقالوا إن قلنا يحد تجب عليه التوبة، وإن قلنا لا يحد فلا توبة عليه. فصل شهادة المولى لمكاتبه إلخ 1227 - وإذا شهد المولى لمكاتبه بمال فردت شهادته ثم أدى المكاتب المال وعتق وأعاد المولى له بالشهادة بالمال لم تقبل الشهادة لأنها ردت لأجل التهمة. 1228 - وكذلك إذا شهد العبد والكافر فردت شهادتهما لأجل التهمة لم تقبل إذا أعادا، وإن كانت لأجل الكفر والرق قبلت. 1228 - وكذلك إذا شهد العبد والكافر فردت شهادتهما لأجل التهمة لم تقبل إذا أعادا، وإن كانت لأجل الكفر والرق قبلت. 1229 - وقال أبو العباس من أصحاب الشافعي تقبل شهادة المولى إذا أعاد الشهادة، قال لأن المعنى قد زال بالعتق. ورد عليه أصحابه وقالوا مثل قولنا، لأنه رد للتهمة فهو كالفاسق.

فصل الشهادة المتبادلة

فصل الشهادة المتبادلة 1230 - قال أصحابنا: ومن ترك مالاً وورثة فشهد رجلان لرجلين على الميت بدين وشهد المشهود لهما للشاهدين بمثل ذلك فالشهادة باطلة عند أبي حنيفة وأبي يوسف وابن أبي ليلى لأنه يشتركون في التركة. 1231 - وقال أبو حنيفة في الجامع الصغير إن الشهادة جائزة. 1232 - وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنهم إن جاءوا جميعاً فالشهادة باطلة وإن جاءوا مفترقين فشهد الأولان لمن ادعى ثم عادا وادعيا وشهد الآخران فشهادتها جميعاً جائزة. 1233 - وقد ضعف أصحابنا ذلك لأنه يوجب مقاسمة الأولين ما أخذاه إذا لم يترك غير ما أخذاه. 1234 - ولو شهد أحد الفريقين بدين على الميت وشهد أولئك لمن شهدا بأرض أو عرض في يد الميت فالشهادة جائزة. الشهادة على ما يوجب الشركة في تركة الميت 1235 - وكل شهادة لا توجب الشركة في تركة الميت فهي جائزة، وما توجب الاشتراك فهي باطلة. 1236 - ولو كانت هذه الشهادة على حق وهو يجحد جازت شهادة الفريقين في جميع الأحوال. فصل تبادل الشهادة بالوصية 1237 - ولو شهدا بالوصية لهما وشهد الآخران بمثل ذلك فهي كالشهادة بالدين على الخلاف من الصحة والبطلان.

باب الشهادة على الشهادة

فصل الشهادة على طلاق الأمة 1238 - وإذا شهد الموليان أن الزوج طلق الأمة، وهي تدعي ذلك، لم تجز في قولهم جميعاً، وإن لم تدع جازت شهادتهما في قول أبي يوسف ولا تجوز في قول محمد، ولا رواية عن أبي حنيفة تعرف في ذلك. 1239 - ولو شهد رجلان لرجل أنه ابن الميت ثم شهد الابن ورجل المشاهدين بدين على الميت ألف درهم فالشهادة باطلة عند أبي حنيفة وأبي يوسف وعند غيرهما تجوز. والله أعلم. فصل شهادة الأعمى والأخرس 1240 - قد ذكرنا أن العمى يمنع قبول الشهادة إذا طرئ قبل الحلم خلافاً لأبي يوسف والشافعي، وإن زال العمى فشهد جازت الشهادة وهو كالخرس إذا زال، والعقل إذا رجع، وقبل الشافعي شهادته فيما تقبل فيه الاستفاضة من غير تفصيل، وإذا ضبط ولم يجره على القتل والأفعال ولا على العقود التي تثبت بالصوت. 1241 - وقد ذكرنا فيما تقدم من هذه الأشياء ما يمنع مجتمعاً ومفترقاً. 1242 - وسنذكر ما ترد فيه الشهادة من حيث الحكم والاختلاف والتعارض بين الدعاوى من الكتب والحوادث إن شاء الله. 1243 - وإذ قد ذكرنا حكم الشهادة في الأبواب المتقدمة فلنذكر حكم الشهادة على الشهادة. باب الشهادة على الشهادة دليل جوازها وهذا باب يذكر فيه حكم الشهادة على الشهادة وما قيل في ذلك: 1244 - اعلم أنه لا آية من كتاب الله ولا سنة ثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا وصلت إلينا في جواز الشهادة على الشهادة، والفقهاء قد علموا

باب الموضع الذي تقبل فيه الشهادة على الشهادة

بذلك وذكروه في الكتب، ولعله قد كان فيه سنة فاكتفوا فيه بالعلم أو قاسوا ذلك ذلك على الأخبار في الدين ووجوب العمل بها. الشهادات على شهادة الميت 1245 - وقد روى الخصاف في آداب القضاء عن علي بن أبي طالب عليه السلام [أنه] قال: لا نقبل على شهادة الميت دون رجلين. 1246 - وقد روى عن الشعبي [أنه] قال: لا تجوز شهادة الشاهد على الشاهد حتى يكونا اثنين. 1247 - وإذا شهد النفر على شهادة رجل واحد فهو واحد والاثنان على الاثنين فرجل واحد. 1248 - وإن شريحاً كان إذا شهد عنده رجل عل شهادة رجل قال: - قل أشهدني ذوو عدل. 1249 - فهذا ما روى في الباب ويكفي أن يكون فيه أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- قائلاً به: وهو فيه الصحابة، وهو قول أصحابنا جميعاً وبه قال مالك والشافعي ولا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم، والحاجة إليه داعمة إذا غاب الشهود أو ماتوا فينبغي أن يكون ذلك جائزاً. 1250 - وإذا قد ذكرنا جواز ذلك في الشرع فلنذكر موضع قبول ذلك. باب الموضع الذي تقبل فيه الشهادة على الشهادة وهذا باب الموضع الذي يقبل فيه ذلك: 1251 - اجمع أصحابنا جميعاً أنها مقبولة في كل حق يثبت في المال، وما لا يسقط بالشبهة من الحقوق. 1251 - فأما الحدود والقصاص فلا يقبل ذلك فيه عندنا. 1252 - وقال الشافعي تقبل في الأموال وحقوق الآدميين وفيما لا يسقط بالشبهة من حقوق الله تعالى.

باب عدد شهود الفرع

1253 - فأما الحدود كحد الربا والسرقة وقطع الطريق وشرب الخمر ففيهما قولان: أحدهما يجوز لأنه يثبت بالشهادة فجاز أن يثبت بالشهادة على الشهادة كحقوق الآدميين. والثاني لا يجوز لأن المقصود بالشهادة التوتق للحق، وحقوق الله تعالى مبينة على الدرء والإسقاط وهذا ليس هو الوجه، ولكن الوجه عندنا أن الحدود لا يجوز أن تستوفي إلا بنص أو اتفاق، ولا نص ولا اتفاق في ذلك فلا يجوز أن يفعله ولا قياس ذلك على الأموال لأن الأموال يجوز دخول البدل والإباحة فيها ويثبت حكم ذلك لها، وفي الحدود والقصاص لا يجوز، لأن الرجل لو ادعى عليه قتلا فقال: ما قتلت ولكن يقتلني فقد وهبت نفسي له لم يجز له القتل، وفي المال يجوز إذا وهب، وقال لا شيء له علي وقد وهبت له. 1254 - وعلى المذهبين إن كل ما يجوز أن يثبت بالشهادة على الشهادة يثبت بكتاب القاضي إلى القاضي لأنه يحتاج إلى تحمل الشهود الكتاب المكتتب فهو كشهود الأصل يحتاج إلى تحمل. 1255 - وإذ قد ذكرنا موضع القبول فلنذكر عدد الشهود. باب عدد شهود الفرع في موضع قبولها 1256 - قال أصحابنا: لا يجوز في ذلك أقل من اثنين على الواحد لأنه نقل لقوله إلى الحاكم، فهو كنقل الإقرار. 1257 - فإن شهد اثنان على شهادة كل واحد من الشاهدين جاز ذلك عندنا. 1258 - ويجوز في هلال رمضان الواحد على الواحد في الغيم والاثنين على الاثنين في شهادة شوال وسائر الشهور، والعبد على العبد والمرأة على المرأة، فما يثبت في الأصل يثبت بمثله إذ شهد به شاهد الفرع.

فصل (الشهود على شهود الأصل إن كانوا أربعة)

1259 - ويعتبر في الواحد الفرد في رمضان وباقي الشهود لا يجوز بالواحد، بل يعتبر كما يثبت بالشهود اثنان أو رجل وامرأتان. 1260 - وقال الشافعي، في أحد قوليه لا يجوز حتى يكون على شهادة كل واحد اثنان، والقول الآخر كقولنا. 1261 - ويجوز عندنا بشهادة رجل وامرأتين كما يجوز في الحق المشهود به. 1262 - وقال الشافعي لا تجوز إلا برجلين. 1263 - وقال لو كان شهود الأصل رجلاً وامرأتين قبل في أحد القولين شهادة اثنين على شهادة كل واحد منهم. ولا يقبل في القول الآخر إلا ستة يشهد كل اثنين على شهادة كل واحد منهم. 1264 - وإن كان شهود الأصل أربع نسوة في الولادة والرضاع قبل في أحد القولين شهادة رجلين على كل واحدة منهن، ولا يقبل في الآخر إلا شهادة ثمانية يشهد كل اثنين على شهادة [كل] واحدة منهن. فصل (الشهود على شهود الأصل إن كانوا أربعة) 1265 - وإن كان شهود الأصل أربعة من الرجال وهو حد الزنا، وقال أنه تقبل فيه الشهادة على الشهادة، فإن قلنا تقبل من شاهدين على شاهدي الأصل في غير الزنا ففي حد الزنا قولان أحدهما أنه يكتفي شاهدان في إثبات شهادة الأربعة، كما يكفي في إثبات شهادة اثنين، والثاني أنه يحتاج إلى أربعة لأن فيما يثبت باثنين يحتاج في شهادة كل واحد منهما إلى العدد الذي يثبت به أصل الحق وهو اثنان، وأصل الحق ههنا لا يثبت بدون الأربعة فلم تثبت شهادتهم إلا بأربعة. 1266 - قالوا: وإن قلنا فيما يثبت بشاهدين لا يقبل إلا أربعة ففي حد الزنا قولان أحدهما أنه يحتاج إلى ثمانية لتثبت شهادة كل شاهد بشهادة واحد. والثاني أنه يحتاج إلى ستة عشر رجلاً لأن شهادة كل واحد لا تثبت إلا بما يثبت به أصل الحق وذلك أربعة، وقد نقض هذا الأصل بأنه يثبت الأصل بالرجال والنساء في المال ولا يعتبر في الفرع مثل ذلك، ونجيزه [كذا].

فصل 1267 - وإذا شهد عشرة على الواحد فهي شهادة واحد، وإذا شهد عشر نسوة على رجل فهي شهادة رجل [واحد] وإن شهدوا على امرأة فهي شهادة واحدة، ولو شهد اثنان على شهادة عشرة رجال جاز ذلك وحكم به الحاكم عندنا. 1268 - وينبغي على قول الشافعي أن لا تثبت شهادة العشرة (إلا) بعشرين في أحد قوليه. 1269 - ولو شهدا على امرأة جاز ذلك، وعلى (المدعى) أن يتم البينة. 1270 - ولو شهد عشر من النساء على شهادة رجل وامرأتين أو امرأة لم يقبل الحاكم ذلك حتى يشهد معهن رجل. فصل 1271 - قال (الشافعي؟): وليس لمن سمع الشاهد يشهد غيره أن يشهد عليه حتى يشهد شاهد الأصل، لأنه لو أخبر رجلاً بأن فلاناً أقر لفلان بكذا لم يكن للمخبر أن يشهد بذلك على شهادته. 1272 - قال أصحاب الشافعي: ولا تصح الشهادة على الشهادة إلا من ثلاثة أوجه. أحدها أن يسمع رجلاً (يقول) أشهد أن لفلان على فلان كذا فيضاف إلى سبب يوجبه من ثمن مبيع أو مهر لأنه لا يحتمل مع ذكر السبب إلا الوجوب. والثاني: أن يسمعه يشهد عند الحاكم على رجل بحق، لأنه لا يشهد عند الحاكم إلا بما يلزم الحكم به. والثالث: أن يستدعيه رجل بأن يقول: أشهد أن لفلان على رجل كذا وأشهد على شهادتي بذلك، لأنه لا يستدعيه (إلا) على واجب، لأن الاستدعاء وثيقة والوثائق لا تكون إلا على واجب، وأما إذا سمع رجلاً في دكانه أو طريقه يقول: أشهد أن لفلان على فلان ألف درهم ولم يقل: أشهد على شهادتي لم يحكم به لأنه قد يكون وعداً فلم يجز تحمل الشهادة عليه. 1273 - قالوا: وإن سمع رجلاً يقول: لفلان على ألف درهم فهل يجوز أن يشهد عليه بذلك؟

فصل كيفية شهادة شاهدي الفرع

فهو وجهان: أحدهما أنه لا يجوز أن يشهد عليه، كما لا يجوز أن يتحمل الشهادة عليه. والثاني، قالوا وهو المنصوص أنه يجو أن يشهد عليه. والفرق بينه وبين التحمل أن المقر يوجب الحق على نفسه فجاز من غير استدعاء والشاهد يوجب الحق على غيره فاعتبر فيه الاستدعاء، ولأن الشهادة أكد؟ فصل كيفية شهادة شاهدي الفرع 1274 - فأما أصحابنا فقالوا: يسأل القاضي شاهدي الفرع كيف يشهدان فإن قالا: نشهد أن فلان بن فلان أشهدنا على شهادته أنه يشهد أن فلان بن فلان أقر عندنا وأشهدنا على نفسه أن لفلان هذا عليه ألفاً، وقال لنا اشهدا على شهادتي: إني أشهد أن فلاناً أقر على أن لفلان ألفاً فهذه شهادة صحيحة والحكم بها واجب. 1275 - وإن قالا: إنه قال لنا: أشهد إني أشهد على إقرار فلان لفلان بكذا وكذا فإن أبا حنيفة قال: لا أقبل ذلك، وقال أبو يوسف في الإملاء هو جائز. 1276 - وقال: لو قال أني أشهد لفلان على فلان بألف درهم أقر بها فاشهد بذلك فشهد على شهادته فهو جائز. 1277 - وقال أبو حنيفة: لا يجوز حتى يقول: أشهد على شهادتي. فصل السؤال عن عدالة شاهد الأصل 1278 - وإذا شهدا على شهادة غيرهما سألهما عن عدالة الذي شهدا على شهادته فإن قالا هو عدل، أو كان يعرف عدالتهما أو أخبراه بعدالتهما لم يسأل. 1279 - وإن قالا لا نجيز هما لم يقبل شهادتهما. 1280 - فإن قال الطالب: أنا آتيك بمن يعدل لم يقبل ذلك ولا يحكم بهذه الشهادة لأنهما لم يعدلا هما فلم يصدقا، وذلك طعن فيهما. 1280 - وهذا قول محمد. 1281 - وقال أبو يوسف: أقبل ذلك وأسأل عنهما.

فصل شروط الحكم بشهادة الفرع

1282 - ويجب أن يذكر المقر والمقر له ويعرفانهما بأبلغ ما يعرف به كل واحد منهما. 1283 - وقال أصحاب الشافعي عنه: - وإن قالا نشهد على شهادة عدلين، لم يحكم لأنه يجوز أن يكونوا عدولاً عندهم غير عدول عند الحاكم ويجب أن يوردا الشهادة على الصفة التي تحملاها في الوجوه التامة. فصل شروط الحكم بشهادة الفرع 1284 - ولا يجوز الحكم بشهادة شهود الفرع إلا أن يكون شهود الأصل (قد ماتوا) أو هم مرضى لا يقدرون على الحضور، أو يكونوا على مسافة تقصر في مثلها الصلاة عند أبي حنيفة. وقال أبو موسى والشافعي: إذا كان بحيث لا يرجع في يومه إلى منزله فهو عذر تجوز معه الشهادة، وإن كان يقدر على الرجوع إلى منزله في يومه وليلته لم يجز، لأن الأصل إن قدر عليه لم يجز الحكم بالبدل إلا لضرورة. واتفق الجميع على أنهما (إن حضرا) مجلس الحكم قبل الشهادة أو بعد الشهادة قبل الحكم أنه لا يحكم (بشهادة الفرع) وإنما يحكم بالأصل. وكذلك، لو رجع شهود الأصل قبل الحكم وقبل السماع بطلت شهادة الفرع. فصل الشهادة على شهادة الأب وقضائه 1285 - قال أصحابنا: (إن) شهد رجلان على شهادة أبيهما بحق لرجل على آخر جاز ذلك، ولو شهدا على قضية أبيهما أنه قضى لرجل على رجل بحق من الحقوق وقد كان أبوهما

تسمية شهود الأصل

قاضياً لم يجز ذلك، لأن القضية فعل أبيهما فلا يجوز ذلك [وقد ذكر هذه] المسألة الخصاف. تسمية شهود الأصل 1286 - ولابد في الشهادة من تسمية شهود الأصل وهو أن يقولوا: نحن نعرفهما ولكن لا نعرف اسميهما. وفي الأخبار يقبل ذلك ولا يجب عندنا ذكر اسم الراوي، وهو خلاف في الخبر. 1287 - وإذا قد ذكرنا حكم الشهادة على الشهادة وشهادة الرجل، وكان الحكم يقع بغير الشهادة وبحكم الحاكم بذلك وهو النكول وما يتبعه من الإيمان والعلم والإقرار وجب ذكر ذلك.

باب النكول عن الأيمان

باب النكول عن الأيمان وهذا باب النكول عن الإيمان إذا توجهت اليمين وعدمت البينة. 1288 - كان الواجب أن نذكر هذا الباب بعد توجه اليمين على المدعى عليه وعدم البينة وإنما قدمناه في الموضع لأنه طريق إلى الحكم والقضاء وأن القاضي يجب أن يكون سابقاً لمواضع الحكم وكيفية القضاء وماله أن يفعل وما عليه أن يترك، ولهذا المعنى قدمنا الكلام على ما ذكرناه وقدمنا النكول على الإيمان، لأن اليمين يترتب على بذل الحالف والنكول سكوت عن الجواب وهو الأصل فلهذا قدمنا ذلك. الآثار المروية في النكول 1289 - اعلم أن النكول والحكم به ليس فيه نص من كتاب ولا سنة، وإنما هو أمر فعله الصحابة والتابعون -رضي الله عنهم-. 1290 - واجمع أهل العلم على أنه له حكماً يتعين به القضاء، وسنبين ذلك في بابه في كيفية القضاء. 1291 - والذي روى في ذلك من الآثار عن الصحابة ومن في عصرهم من التابعين ممن لم ينقرض العصر ألا وهم من أهل الاجتهاد ويعد خلافهم معهم. 1292 - ذكر الخصاف عن ابن أبي مليكه عن ابن عباس رحمه الله أنه أمره أن يستحلف امرأة فأبت أن تحلف فألزمها ذلك. 1293 - وروى عن سالم أن ابن عمر باع غلاماً بثمانمائة درهم فوجد به المشتري عيباً فخاصمه إلى عثمان -رضي الله عنه- فقال: -

بعثه بالبراءة. فقال: - احلف لقد بعته وما به عيب تعلمه. قال: - بعته بالبراءة، وأبى أن يحلف. فرده عثمان عليه. 1294 - وروى الحرث قال: - نكل رجل عند شريح عن اليمين فقضى عليه، فقال الرجل: - أنا أحلف. فقال: - قد قضى قضائي. 1295 - وروى عن مغيرة وابن شبرمة أنهما قالا: - اشترى عبد الله غلاماً لامرأة فلما ذهب إلى منزلة حم الغلام، فجاء الغلام فخاصم إلى الشعبي فقال لعبد الله. - بينتك على أن لك ذلك؟ قال: - ليس لي بينة. فقال الرجل: - احلف أنه لم يبعه. فقال الرجل: - أنا أرد على عبد الله. فقضى الشعبي باليمين. فقال: - إما أن تحلف وإما أن أرد عليك الغلام.

باب الموضع الذي يقضى فيه بالنكول

1296 - فهذا ما روي فيه عن الصحابة والتابعين. 1297 - وقضاء الصحابة والأئمة منتشر في الأمة، ولو كان ذلك لا يجوز لا نكروه. 1298 - وقد أجمع الفقهاء جميعاً على أنه بعد النكول على قولين: منهم من يرد اليمين فيحلف المدعى ويأخذ الحق. ومنهم من قال يأخذ الحق ولا يمين عليه، ولو أن للنكول حكماً ليس لغيره لما جاز الحكم بيمين المدعى، ولهذا لو حلف ابتداء لما استحق الحق. 1299 - وسنذكر في باب رد اليمين ما قيل في ذلك. 1300 - فإذا عرفت أن النكول هو طريق إلى الحكم وجب أن نذكر الموضع الذي يقضي فيه بالنكول. باب الموضع الذي يقضى فيه بالنكول وهذا باب الموضع الذي يقضي فيه بالنكول وما لا يقضى فيه، وما قيل في ذلك. تكييف النكول 1301 - اعلم أن عمدة الباب أن النكول عند أبي حنيفة رحمه الله يقوم مقام البذل فكل ما يصح بذله يجوز أن يحكم فيه بالنكول. وكل موضع لا يصح بذله لا يحكم فيه بنكول. 1302 - وقال أبو يوسف ومحمد: هو بمنزلة الإقرار، فما يصح بإقراره يجوز أن يحكم فيه بنكوله. 1303 - وهو فرع على توجيه اليمين عند أبي حنيفة، فما لا يمين فيه لا يقضي فيه بالنكول. 1304 - والذي لا يمين فيه عنده: الحدود وهي الزنا والسرقة وشرب الخمر والقذف وقطع الطريق، والنكاح والرجعة والفيء والإيلاء والولاء والنسب والرق. 1305 - وقال أبو يوسف وزفر: يستخلف في كل شيء إلا في الحدود خاصة.

1306 - وهو قول محمد. 1307 - فالنكول يقضي به عند أبي حنيفة في الأموال كلها والطلاق والعتاق وما يصح بذله وكل الحقوق عنده سواء إلا القود والقصاص فإنه إذا ادعى القود في النفس فنكل عن اليمين فأبو حنيفة يحبسه حتى يقر أو يحلف، ويقضي بالنكول فيما دون النفس. 1308 - وقال أبو يوسف ومحمد يقضي في النفس وفيما دونها بالأروش والديات لا بالقصاص. 1309 - فأبو حنيفة لا يقضي في النفس بقصاص ولا دية، وهما يقضيان بالدية دون القصاص، وفي الطرف يقضي أبو حنيفة بالقصاص وهما بالديات. 1310 - وقال زفر: النفس وما دونها سواء ويقضي في الجميع بالنكول إذا نكل اقتص كما يقضي بالمال. 1311 - وقال الشافعي ومالك: لا يقضي بالنكول في شيء، ويرد اليمين فإن حلف المدعى قضى له بالحق. 1312 - هذا في كل موضع يدعى الحق ودين ويرد فيه اليمين إلا في مواضع منها إنهم قالوا إذا ادعى حق لميت ورثة المسلمون فأنكر ذلك ونكل عن اليمين فقال الأصطخري يقضي بالنكول لأنه لا يمكن رد اليمين على المسلمين ولا على القاضي فيقضي للضرورة. 1313 - وقال غيره من أصحابه يحبس المدعى عليه حتى يقر أو يحلف ولا يقضي بالنكول. 1314 - وقضى في إثبات لعان الزوج بالحد عليه، وفي نكول المرأة بالحد والرجم إن كانت قد دخل بها. 1315 - وفي القسامة بنكول المدعين 1316 - وفي الزكاة إذا حلف العامل أنه قد فرقها فنكل. 1317 - وكذلك إذا أراد اليمين فنكل المدعى عنها يسقط حقه ولا يجوز له بعد ذلك أن يحلف كما قلناه نحن وتفريعه في رد اليمين سنذكره في بابه إن شاء الله.

باب كيفية القضاء بالنكول

1318 - فهذه المواضع التي يقضي فيها والتي لا يقضي فيها. 1319 - وإذ قد ذكرنا مواضع القضاء والمواضع التي لا يقضي فيها وجب ذكر كيفية القضاء [بالنكول]. باب كيفية القضاء بالنكول وهذا باب كيفية القضاء بالنكول. صيغة القضاء بالنكول 1320 - قال أصحابنا: وإذا ادعى رجل حقاً على رجل وحضر عند الحاكم ولا بينة له وطلب اليمين بعد توجهها نحوه فامتنع عن اليمين فإن القاضي يقول: - احلف على ذلك بالله ماله ما يدعى عليك من الحق. يكرر ذلك ثلاث مرات. فإن لم يحلف ألزمه الحق وحكم عليه. 1321 - ومن أصحابنا من قال: يقول القاضي له: - إني أعرض عليك اليمين. ثلاث مرات فإن حلفت وإلا ألزمتك دعوى خصمك بنكولك عن اليمين وامتناعك عنها، انحلف بالله على ما أنكرت من دعوى خصمك ويعقد واحداً بيده، أتحلف بالله على ما أنكرت من دعوى خصمك ثانية، ويعقد اثنين، أتحلف بالله على ما أنكرت من دعوى خصمك. ثلاثاً ويعقد ثلاثاً، ثم يعلمه أنه قد ألزمه ما أدعاه خصمه ثم لا يقبل يمينه بعد ذلك ولا ينفعه اليمين بها. كذا قال الطحاوي في آداب القضاء الصغير له. الحلف بعد العرض وقبل القضاء 1322 - وقال الخصاف: إذا حلف بعد العرض عليه قبل القضاء جاز ذلك ولم يكن له أن يقضي عليه بالنكول. اقتران النكول بالقضاء 1323 - وهذا إنما ذكرناه لأنه بعد النكول يحتاج إلى القضاء، ولا يلزم

استئناف العرض

الحق بالنكول حتى ينضم إليه القضاء كما لا يلزم الحق بالشهود حتى ينضم إلى الشهادة حكم الحاكم بها فيلزم حينئذ الحق. 1324 - وقد كان أبو حنيفة يقول: النكول مرة واحدة إنه إذا نكل عن اليمين وأبى أن يحلف لزمته دعوى المدعى من غير أن يعرض عليه، لما ذكره أبو موسى الضرير في مختصره. استئناف العرض 1325 - وقاله الطحاوي في أدبه عن بعض أصحابنا ومن نكل عن اليمين مرة أو مرتين ثم سأل المدعى أن يؤخره يوماً أو يومين لينظر في أمره ثم أحضره بعد فإن القاضي يستأنف العرض عليه ولا يعتمد بما مضى من العرض. امتناع المدعي عليه عن الإقرار والإنكار 1326 - قال أصحابنا وإذا قال المدعى عليه لا أقر ولا أنكر أودعه القاضي في حبسه حتى يقر أو ينكر. 1327 - وقال الشافعي يقول له القاضي: - إن أجبت وإلا جعلتك ناكلاً. 1328 - ويستحب أن يقول له ذلك ثلاثاً فإن لم يجب جعله ناكلاً وحلف المدعى وقضى له، قال لأنه لا يخلو إذا أجاب أن يقر أو ينكر، فإن أقر فقد قضى عليه بما يجب على المقر وإذا أنكر فقد وصل إنكاره بالنكول عن اليمين فقضينا بما يجب إنكاره. 1329 - وهذا التقسيم لا يصح لأنه يحتمل أن يقر ببعض الحق وينكر البعض فلا يكون قد قضى عليه بإقرار ولا إنكار فما قال أصحابنا أولى.

طلب الخصم اليمين

فصل دعوى المدعي عليه وجود حساب بينه وبين المدعي 1330 - وإن قال بيني وبينه حساب أو مناظرة قال له القاضي: ذلك إليه. 1331 - وقال الشافعي يؤخره ثلاثة أيام لأنها مدة قريبة، وإن لم يذكر عدداً جعله ناكلاً وحول اليمين. فصل دعوى المدعي عليه أن المدعي كان قد استحلفه 1332 - فإن قال قد استحلفني على هذه الدعوى، فإن كان القاضي يحفظ ذلك لم يستحلفه وإن كان لا يحفظ استحلفه. 1333 - وإن قال: قد أحلفني عند رجل من الرعية، احلفه القاضي، إذا سأل، ولم يمنع من ذلك ما استخلفه غيره. طلب الخصم اليمين 1334 - وكذلك إذا حلفه القاضي قبل طلب الخصم اليمين لم يعتد بيمينه على ذلك. فصل طلب المدعي عليه التأجيل مع إقراره 1335 - وإن أقر بما ادعى عليه وسأل الخصم أن يؤجله شفع القاضي له إذا سأله، وليس ذلك بواجب على القاضي لما روى ابن عباس رحمه الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً رفع إليه غريماً له فسأله الغريم أن ينظره شهراً، فقال له عليه السلام: انظره فأبى فتحمل عنه. 1336 - وإن سكت فلم يتكلم المدعى عليه بعد الدعوى لم يعجل الحاكم عليه واستكشف عن أمره وهل به صم أو خرس، فإذا اتضح له حاله وأنه لا آفه به عرض عليه اليمين ثلاثاً وقضى عيه بنكوله.

باب اليمين

1337 - هكذا ذكر المسألة الخصاف إذا لم يقر ولم يتكلم. 1338 - وقد ذكرنا أنه إذا قال: لا أقر ولا أنكر يحبسه، وإن الطحاوي روى ذلك، وهذا خلاف رواية الخصاف (وقول) الخصاف يوافق مذهب الشافعي في رد اليمين. 1339 - والصحيح عندنا ما قاله الطحاوي في ذلك لما ذكرناه من الوجه فيه، ولأن البينة لا تسمع عليه في هذه الحال عندنا حتى يحصل الإنكار الذي هو شرط سماعها فكذلك الحكم بالنكول. 1340 - وإذ قد ذكرنا حكم النكول وموضع الحكم به وكيفيته، وجب أن نذكر اليمين وصفتها ومواضع وجوبها، وسقوطها، وما يثبت من حكمها ومالا يثبت. باب اليمين وهذا باب اليمين وما يجب في معرفتها وشروطها. 1341 - اعلم أن اليمين وضعت لقطع الخصام كما وضعت البينة لذلك. 1342 - وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- موضعها، روى ابن عباس أنه عليه السلام قضى باليمين على المدعى عليه، وروى عن النبي -عليه السلام- أنه قضى باليمين على المطلوب، وروى عن عبد الله بن مسعود (عن النبي) أنه قال: - من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال رجل مسلم لقيى الله وهو

عليه غضبان، وتلا الآية فقال الأشعث: في والله نزلت كان بيني وبين رجل من اليهود ارض فجحدتى فقدمته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: - الك بينة. - فقلت: لا فقال: لليهودي: احلف فقلت: يا رسول الله إذا يحلف فيذهب بمالي فأنزل الله "الذين يشترون بعهد الله" الآية. 1343 - وقد روى عبد الله بن عوف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر منادياً فنادى حتى بلغ إليه: - لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين وإن اليمين على المدعى عليه. 1344 - وقال سعيد بن المسيب:

باب صفة اليمين

مضت السنة أن اليمين على المدعى عليه وفي ذلك إجماع الصحابة والفقهاء -رضي الله عنهم-، إن المدعى إذا لم يجد بينة على ما يدعى أن اليمين على المدعى عليه إلا في مواضع نذكرها اختلفوا فيها، وإن الخصومة ترتفع حتى يجد ما يوجب الحق كما أن البينة تقطع الخصومة. 1345 - واليمين ليست عندنا بينة ولا تجرى مجرى البينة في إثبات الحقوق، وإنما وضعت لدفع الدعوى، فإذا ثبت أنها معمول بها، وهي طريق إلى قطع الخصومة وأحد أسباب القاضي التي يستوفيها وجب ذكر صفة اليمين. باب صفة اليمين وهذا باب صفة اليمين وكيف يحلف القاضي. 1346 - أعلم أن الناس اختلفوا في تأكيد اليمين وألفاظها. 1347 - فالذي روى في خبر ابن ركانة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حلفه حين طلق

فصل (عظة القاضي الخصم قبل الاستحلاف)

البثة، والله ما أردت إلا واحدة، فقال: والله ما أردت إلا واحدة فرد عليه زوجته ولم يؤكد اليمين بصفة ولا جمع بين اسمين، فإن رأى الحاكم فعل مثل هذا فهو يمين يقطع الخصومة. 1348 - ولا خلاف أن رجلاً لو قال: والله لا دخلت الدار ثم دخلها حنث ووجب عليه الكفارة بالحلف باسم الله وحده. 1349 - وكذلك كل اسم لله تعالى مثل الرحمن الرحيم والقادر والغالب وسائر أسمائه تعالى في ذلك سواء. 1350 - ومن أصحابنا من قال: نحلفه فنقول للخصم: قل والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الطالب المدرك الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية، ما لفلان هذا عليك ولا قبلك هذا المال الذي ادعاه، وهو كذا، ولا شيء منه إذا كانت الدعوى في المال. 1351 - وسنبين في كل كتاب كيف يحلف على دعواه إن شاء الله. 1352 - هكذا قال الخصاف. وقال الطحاوي: يضم إلى الطالب الغالب وأسقط المدرك، وقال الذي يعلم السر والعلانية، هكذا ذكر في المختصر. 1353 - ويضم في يمين اليهودي: بالله الذي أنزل التوراة على موسى والنصارى بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، والمجوسي بالله الذي خلق النار وباقي الناس بالله. فصل (عظة القاضي الخصم قبل الاستحلاف) 1354 - وإذا أراد الاستحلاف فينبغي للقاضي أن يعظ الخصم، ويقرأ عليه: {الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} الآية والخبر الذي رويناه عن ابن مسعود في الباب الأول. 1355 - وينبغي أن تكون اليمين على نسق دعوى المدعي.

باب ما يجب فيه اليمين

1356 - ويجب أن يتبع الحالف لفظ القاضي على الخفض دون الرفع والنصب ويحتفظ ما يدعى المدعى وما يستحلف المدعى عليه، حتى تكون اليمين على نسق واحد، وإن قطعها الحالف أعادها عليه حتى يأتي بها بلا قطع ولا استثناء حتى تكون اليمين موصولة. 1357 - وإذا مضى في اليمين فسأل المدعى القاضي قطعها، وقال حسبي أنا أو حسبي أخلافه لم يتممها عليه. فصل (تغليظ اليمين) 1358 - ولا تغلظ اليمين عندنا بالمكان ولا الزمان. 1359 - وقال الشافعي: إذا كانت في دم أو مال عظيم يحنث فيه لو حلف في مكة بين المقام والحجر، وفي المدينة على المنبر، وفي سائر البلاد في الجامع على المنبر بعد العصر. 1360 - قال أصحابنا: ولا يبعث اليهود إلى الكنيسة ولا النصارى إلى البيعة ولا المجوس إلى بيت النار ليقسموا هناك. 1361 - وقال الشافعي: يستحلفكم في مواضع عباداتهم وهذا لا يجوز لأن ذلك تعظيم لبيوتهم وهذا لا يجوز عندنا. 1362 - ولا يستقبل به القبلة ولا يدخله المسجد وحيث ما حلف الخصم جاز لأن الأرض لله جميعاً، وهو بكل مكان تعالى. 1363 - وإذا قد ذكرنا صفة اليمين وعلى من تجب [فلنذكر ما لا تجب فيه]. باب ما يجب فيه اليمين وهذا باب ما لا يجب فيه يمين، ولا يحلف القاضي فيه.

فصل اليمين في النسب

1364 - اتفق أصحابنا جميعاً أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر والحسن ابن زياد وسائر أصحابنا على أن الحدود كلها لا يستحلف فيها ولا يجب فيها يمين على من أدعيت عليه، إلا السرقة إن أدعا مالاً أخذه فإنهم يحلفون عليه فإن نكل عن اليمين لزمه المال ولا قطع عليه عندهم جميعاً لأن القطع لا يثبت بالنكول. 1365 - وقد حكينا فيما تقدم أن أبا حنيفة لا يستحلف في النكاح، والرجعة، والولاء والرق والفيء في مدة الإيلاء، والنسب، وإن باقي أصحابنا يختلفون في ذلك كله، وإن النكول بذل عند أبي حنيفة وعند سائر أصحابنا يقوم مقام الإقرار، ولو قام مقام الإقرار لكان ينبغي أن يثبت في الحدود لأنها تثبت بالإقرار. فصل اليمين في النسب 1366 - واختلف أصحابنا في الموضع الذي يثبت فيه اليمين في النسب: فمنهم من قال يثبت في كل موضع لو أقر به لزمه وثبت النسب منه كالابن والأب، وإن كان لا يثبت بقوله لم يثبت الاستحلاف إلا أن يدعى مالاً في يد المدعى عليه أو قبله لا يثبت المال إلا أن يستحلف على نسبه كالميراث والنفقة، فإن نكل عن اليمين شاركه في المال الذي في يديه كالأخ مع الأخ ولا يثبت النسب. لا يمين فيما لا تقبل إقراره به 1367 - قال أصحابنا: ولو ادعى رجل على آخر أنه وصى لفلان، وقد مات أو وكيل له وإن على فلان مالاً له فأنكر ذلك فلا يمين عليه إذا لم يكن وارثاً لأنه لو أقر لم يقبل منه. 1368 - ولو ادعى رجلان عبداً في يد آخر أنهما اشترياه منه فأقر لأحدهما بالشراء وأنكر الآخر وطلب يمينه لم يحلفه القاضي، لأنه لو أقر لما قبل. 1369 - وكذلك لو نكل عن اليمين لأحدهما فقضى له وطلب الآخر اليمين لم يحلف. 1370 - وكذلك المرأة يدعيها رجلان فتقر لأحدهما فهي للأول والأصل

في هذا الباب أن كل ما لا يقبل إقراره لو اقر به لم يستحلف عليه كالهبة والصدقة وغير ذلك فإنه لا يحلفه للآخر. 1371 - وقالوا: لو ادعى أحدهما الشراء والآخر الرهن أو الإجارة فأقر بالرهن والإجارة وطلب المشتري تحليفه فإنه يحلفه، وإن أقر بالشراء فالمشتري بالخيار إن شاء صبر حتى يفتكه من الرهن أو تمضي المدة في الإجارة ويأخذ وإن شاء نقض البيع. 1372 - ولو أقر لصاحب الشراء أولاً فطلب المدعى للرهن والإجارة يمينه لم يستحلف له لأنه لو أقر لما قبل منه. 1373 - قال: ولو ادعى كل واحد الإجارة فأقر لأحدهما لم يستحلف الآخر، وإن أقر لهما جميعاً فهما بالخيار على قول من يجيز إجارة المشاع. 1374 - وقال لو أن رجلاً ادعى على آخر أنه اشترى الدال التي في موضع كذا، وحددها بألف درهم وأنه شفيعها بدار له تلاصقها، فقال المدعى عليه هذه الدار في يدي لابني الطفل فقد لزمه إقراره لابنه بالدار، فإن قال المدعى حلفه لي إني ما أنا شفعيها، فإنه أراد بهذا الإقرار دفعي عن حقي فإنه لا يمين عليه لأنه لو أقر بالشراء بعد ذلك لم يقبل، وهو خصم عن ابنه، فإن أقام المدعى بينة بالشراء فالأب خصم ويقضي عليه. 1375 - وقالوا: لو ادعى رجل على آخر أنه شريك له في الوصية إليه من فلان وطلب منه اليمين فلا يمين عليه ولا يسأله القاضي عن ذلك لأنه لو أقر ما جاز ذلك، وإن احضر بينة سمعها وجعله وصياً معه. 1376 - وهذه مواضع لا يستحلف فيها وكل ما يرد من هذا الجنس فهو مثله. 1377 - فأما ما يجب فيه اليمين فهو أكثر من أن يحصى في هذا الكتاب، وإذ نحن ذكرنا الدعاوى في المسائل من الكتب جاءت المسائل مشروحة في مواضعها إن شاء الله. 1378 - ونحن نذكر ما يجب فيه اليمين على الجملة على البتات والعلم.

باب ما يجب فيه اليمين على البت

باب ما يجب فيه اليمين على البت وما يجب على العلم والفرق بينهما 1379 - وأصل هذا الباب أن كل حق ادعى على الإنسان أنه فعله أو عقده أو أعطاه أو أخذه فاليمين فيه على البت والقطع. 1380 - وكل ما ادعى على غيره أو بسبب غيره فهو على العلم. 1381 - هذا قول أصحابنا. 1382 - وكان شريح يحلف على البت والقطع فيما يدعى على المدعى عليه من دين. فإن حلف وإلا أخذه به. 1383 - وقال إذا كان لأبيك على إنسان دين يدعيه ويقيم بينة فإن حلف المدعى مع بينته وإلا لم يعطه. 1384 - وقال إبراهيم [النخعي] يستحلف في هذا على العلم مثل قول أصحابنا. وبقولنا قول الشافعي في هذا الباب. 1385 - قال أصحابنا: وإذا ادعى رجل على آخر إن أباه مات وله عليه ألف درهم فإن أقر بموته سأل عن الدين، فإن أنكر الدين حلفه: ما تعلم لهذا على أبيك هذا المال ولا شيئاً منه. 1386 - وإن قال لم يصل إلى من مال أبى شيء وأدعى على أنه وصل إليه ما ادعاه وزيادة فإنه يحلف على أنه ما وصل إليك شيء من مال أبيك. 1387 - ولو قال المدعى عليه ليس على يمين لأنه لم يصل إلى شيء لم يقبل منه ويحلفه على علمه ما يعلم أن أحداً على أبيك المال الذي يدعى ولا شيء منه "لأن المدعى" يثبت المال على الميت ويتبع تركته في يد من هي.

1388 - وإن ادعى على الوارث حقاً سماه وأنه على الميت أو على وصية، فإن الوارث يستحلف على علمه. 1389 - وكذلك إذا ادعى الشراء على البائع قبله حلف على العلم أنه لا يعلم أنه اشترى مالاً ادعاه قبله. 1390 - وإن عرض بذكر أقاله أورد بعيب حلف أنه ما يعلم أن هذا الشيء شرى لهذا من فلان قبل أن تشتريه أنت. 1391 - وإن ادعى رجل على آخر أن عبده أتلف مالاً أو جنى جناية في نفس أو دونها خطأ فإن المولى يحلف على علمه، وإن كان قتل عمد لم يكن على المولى يمين، لأنه لا يقبل قوله على العبد. 1392 - وكذلك إذا ادعى الرجل على غيره أنه دفع إلى وكيله ما يجب أو ما عليه، حلف الموكل على العلم. 1393 - وإن ادعى الشراء منه أو البيع أو الإجارة، وأطلق فاليمين على البت. 1394 - وإن ادعى رجل على رجل داراً في يديه فقال المدعى عليه: هذه الدار ورثتها من أبي والمدعى يقول: وصلت إليك من غير إرث فإنه يحلف على البت ولا يقبل قوله في الإرث. 1395 - وإن قال المدعى عليه للقاضي أحلف المدعى أنها ما وصلت إلى من ميراث أبي حلف على العلم، فإذا حلف المدعى له على علمه أحلف الوارث على البتات، ولو امتنع المدعى من اليمين حلف الوارث على علمه. 1396 - وإن ادعى رجل على آخر أن أباه قد مات وله عليه كذا فقال المدعى عليه: قد مات أبي ولهذا عليه ما ذكر، فقال المدعى قد ترك مالاً سماه، مثل ما أقر له به أو أكثر، فقال المدعى عليه ترك أبي هذا المال وهو لأخوتي وهم اثنان أو ثلاثة كبار أو بعضهم صغير وبعضهم كبير فإن القاضي يجعل الألف كلها للغريم، ولا يقبل قول الابن أن هؤلاء أخوته بعد ما ثبت الدين على الميت، إذا كانوا لا يعرفون إلا بقوله، وإن كانوا يعرفون لم يقبل إقراره إلا بحصته خاصة.

باب رد اليمين على المدعي

1397 - وكل ما على هذا الجنس فعلى هذا الأصل. إذا كانت الدعوى على الغير فليمين على العلم، وإن كانت على الخصم فهي على البت. 1398 - وإذ قد ذكرنا حكم اليمين على المدعى عليه فقد بقى أن نذكر ردها على المدعى باب رد اليمين على المدعي من قال ترد اليمين ومن قال لا ترد على المدعى. 1399 - اتفق الفقهاء في سائر الأعصار على العمل بما روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قوله البينة على المدعى واليمين على المدعي عليه، فجمع في هذا الخبر جميع البينات وجميع الأيمان فلا يجوز أن [توجه] يمين في جانب المدعى. 1400 - وليس في رد اليمين سنة ثابتة تلقتها الأمة بالقبول، وإنما في ذلك خلاف بين الصحابة والتابعين والفقهاء. خلاف الفقه في تحويل اليمين 1401 - فالذي ذهب إليه أصحابنا أن اليمين لا تحول عن الموضع الذي وضعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو قول ابن عباس والحكم وإبراهيم. 1402 - وقال مالك: إذا نكل المدعى عليه عن اليمين لم يقض عليه القاضي حتى يكلف المدعى، ولا يستحلف القاضي المدعى حتى يرد المدعى عليه اليمين على المدعى. 1403 - وقال الشافعي إذا نكل المدعى عليه حلف المدعى فإن حلف استحق وإن أبى لم يستحق. 1404 - فإن قال المدعى عليه: أنا أحلف قبل أن يستحلف المدعى، قال ليس له ذلك لأنه قد أبطل اليمين عنه حيث جعلها على المدعي.

قضية بين عثمان والمقداد بن الأسود

قضية بين عثمان والمقداد بن الأسود 1405 - وقد روى الشعبي أن المقداد بن الأسود استسلف من عثمان بن عفان -رضي الله عنه- سبعة آلاف درهم فأتاه بأربعة آلاف درهم، فقال عثمان: كانت سبعة آلاف، قال المقداد ما كانت إلا أربعة، فارتفعا إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وذلك في خلافته فقال المقداد: يا أمير المؤمنين ليحلف أنها كما يقول وليأخذها. فقال عمر: قد أنصفك أحلف كما تقوم وخذها. فقال عثمان: لا أحلف. فقال (عمر بن الخطاب): فأما الآن فخذ ما أعطاك. قال فأخذها. فلما قام المقداد قال عثمان:

(من كان يرد اليمين)

والله إن كانت لسبعة آلاف فقال عمر: فما منعك أن تحلف وقد جعل ذلك إليك، والله أن هذه السماء وأن هذه الأرض، وأن هذه الشمس وأن هذا النهار. فقال عثمان: خشية أن يوافق قدر بلا فيقال يمينه [كذا]. (من كان يرد اليمين) 1406 - وكان شريح يرد اليمين وكذلك الشعبي ويحيى بن سعيد وعمر ابن عبد العزيز وعبد الله بن عتبة. فصل قول الشافعي في النكول 1407 - واختلف قول الشافعي في نكول المدعى عليه مع يمين المدعى. فقال في أحد القولين هما بمنزلة البينة لأنه حجة المدعى، وقال في القول الآخر بمنزلة الإقرار لأن النكول صار من جهة المدعى عليه واليمين ترتبت عليه فصار كإقراره. 1408 - فإن نكل المدعى عن اليمين سأل عن سبب نكوله، وفرق بين المدعى عليه وبينه حين لم يسأله لأن نكول المدعى عليه أوجب للمدعى حقاً في رد اليمين والقضاء له، فلم يجز سؤال المدعى عليه، وبنكول المدعى لا يجب لغيره حق يسقط بسؤاله، فإن ذكر سبب أو خيار فهو على حقه من اليمين ولا يضيق عليه في المدة وترك ما تارك. 1409 - وفي المدعى عليه قدر ثلاثة أيام، فإن قال منعني أبي لا أختار أن أحلف (كذا) حكم بنكوله وسقط حقه، وإن بذل اليمين بعد النكول لم يقبل في هذه الدعوى لأنه أسقط حقه فيها. فصل 1410 - قال: وإن كان للمدعى شاهد واحد واختار أن يحلف المدعى عليه جاز، وينتقل اليمين إلى جانب المدعى عليه. 1411 - وإن أراد أن يحلف مع شاهده لم يكن له أن يحلف في هذا المجلس، لأن اليمين انتقلت عنه إلى جانب غيره فلم تعد إليه.

إقامة البينة بعد اليمين

فإن عاد في مجلس آخر، واستأنف الدعوى جاز أن يقيم الشاهد ويحلفه معه، لأن حكم الدعوى الأولى قد سقط. 1412 - قال: وإن حلف المدعى عليه في الدعوى الأولى سقطت عنه المطالبة، وإن نكل عن اليمين له لم يقض عليه بنكوله وشاهد المدعى. 1413 - وهل يرد اليمين على المدعى ليحلف مع الشاهد؟ فيه قولان أحدهما أنها لا ترد لأنها كانت في جانبه وقد أسقطها وصارت إلى جانب غيره فلم تعد إليه كالمدعى عليه إذا نكل عن اليمين فردت على المدعى فنكل عنها فإنها لا ترد إلى المدعى عليه. 1414 - والقول الثاني أنها ترد لأنها غير الأولى لأن اليمين الأولى لا يحكم بها إلا في المال وما يقصد به المال يقضي بها في جميع الحقوق التي تسمع بها الدعوى. 1415 - قال: وإن قلنا لا ترد حبس المدعى عليه حتى يحلف أو يقر، وإن قلنا ترد حلف مع الشاهد واستحق. 1416 - وإذا قد ذكرنا اليمين وردها فلنذكر البينة بعد اليمين ما حكمها؟ إقامة البينة بعد اليمين 1417 - اعلم أن الدعوى إذا توجهت وصحت وحصل الإنكار من الخصم فإن القاضي يسأل المدعى ألك بينة؟ فإن قال: نعم سأله: أحاضره هي أم غائبة؟ فإن قال: هي حاضرة. فإن أبا حنيفة قال: لا استحلفه واطلب البينة

الإقرار بعد البينة

وقال أبو يوسف: إذا طلب الخصم استحلافه فإنه يستحلفه لأنه ربما يتورع ويقر فيعني الخصم عن إقامة البينة وتعديل الشهود، ولا استحلفه حتى يطلب الخصم ذلك. 1418 - وهذا قول الشافعي وعن محمد مثله. 1419 - وأما إن كانت غائبة أو كانت حاضرة ورأى القاضي ذلك فحلف المدعى عليه ثم أحضره القاضي يقضي بالبينة ويبطل اليمين لما روى (أبو) سعيد الخدري عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال. اليمين الفاجرة أحق أن ترد من البينة العادلة. وهو قول شريح وطاووس وإبراهيم. وبه قال الشافعي وغيره. 1420 - وقال ابن أبي ليلى وغيره: قد مضى القضاء ولا يقضي بالبينة. الإقرار بعد البينة 1421 - ولا خلاف أنه وأقر بعد اليمين قبل إقراره وحكم عليه فكذلك إذا قامت البينة. 1422 - وعكس ذلك إذا أبرأه من الحق فإنه لا يقبل الأمرين. فصل 1423 - ولا فرق عندنا بين أن يقول: - احلف وأنت برئ. أو: إذا حلفت فأنت برئ من الحق فحلف ثم قامت البينة بالحق أنه يقضي بالبينة لأن البراءة لا تقف على شرط فلا تصح البراءة إذا حلف. فصل 1424 - فإن قال المدعى عليه أحلفه لي أنه يستحق ما شهدت به البينة لم يحلفه لأن في ذلك طعناً في البينة العادلة، ولأنه لا يجمع عليه إقامة البينة واليمين. 1425 - وكذا قال الشافعي أيضاً.

فصل 1426 - فإن ادعى أنه أبراني من الحق أو قضيته إياه فإنه يحلفه أنه لم يبره ولم يقضه لأنه ليس في ذلك قدح في البينة، وما يدعيه محتمل فحلف عليه. فصل 1427 - فإن قال: ليس لي بينة حاضرة ولا غائبة، وكل بينة تشهد لي فهي كاذبة، وطلب أحلافه فحلف ثم أقام البينة فإن أبا حنيفة قال: احكم بالبينة. 1428 - وإن قال: لا بينة لي ولا شهادة لي عند فلان فيما أدعى ولا عند فلان، ثم ادعى شهادتهما، أو قال: كل شهادة يشهدون لي بها على هذا الحق فلا حق لي بها ثم أحضر البينة حكم بها. 1429 - هكذا روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة. 1430 - وقال محمد: إذا قال ليست لي بينة عليه بهذا الحق ثم أحضر بينة لم اسمعها ولو أحكم بها. 1431 - وقال أصحاب الشافعي في ذلك ثلاثة أوجه: أحدها أنها لا تسمع لأنه كذبها بقوله. والثاني: إنه إذا كان هو الذي استوثق بالبينة لم تسمع لأنه كذبها. وإن كان غيره أستوثق بالبينة سمعت لأنه لم يعلم بالبينة فرجع قوله إلى ما عنده. والثالث أنها تسمع بكل حال لأنه يجوز أن يكون ما علم، وإن علم فلعله نسي فرجع قوله لا بينة لي إلى ما يعتقده. 1432 - وقد ذهب بعض أصحابنا إلى هذه الجملة.

فصل أخذ الكفيل من المدعى عليه

فصل أخذ الكفيل من المدعى عليه 1433 - وإن قال: - لي بينة بما ادعيه فخذ لي كفيلاً لأحضرها أخذ منه كفيلاً ثلاثة أيام إذا كان من أهل المصر. 1434 - وقال أبو يوسف أخذ منه كفيلاً إلى وقت يمكنه التقدم فيه. 1435 - وقال قتادة وأبو هاشم ليس عليه إقامة كفيل. وهو قول الشعبي. 1436 - وعن شريح أنه قال لا كفالة في حد. 1437 - وقال بعض أصحابنا: هذا يدل على أنهم كانوا يأخذون في غير الحد. 1438 - وقال أبو يوسف: وعلى أخذ الكفيل أدركنا قضاتنا يعملون. 1439 - وقال الشافعي: ليس له ملازمته ولا أخذ الكفيل. 1440 - قال أصحابنا: وإن كان الرجل مسافراً أجله إلى حين قيامه من المجلس، فإن أحضر بينة وإلا خلى سبيله. 1441 - فإن أشكل عليه هل هو مسافر أو مقيم فإن أقر الطالب أنه مسافر أجله المجلس وإن أنكر وادعى أنه مقيم عمل على ما يصح عنده من ذلك. 1442 - وإن كانت الدعوى في حد القذف أو قصاص في النفس أو فيما دونها من طرف أو جراحة فإن أبا حنيفة قال لا كفالة في ذلك. وقال أبو يوسف آخذه بالكفيل ثلاثة أيام، وإن أقر المطلوب أو قامت بينة حبسه ولم يأخذ كفيلاً. 1443 - وإن كانت الجراحة يجب بها المال ولا حكم القصاص في ذلك آخذه بالكفيل.

فصل 1444 - وإن شهد له عليه شاهد واحد عدل حبسه القاضي إلى أن يتم الشهادة، وإن لم يعرف الشاهد لم يحبسه. 1445 - وقال بعض أصحاب الشافعي في ذلك قولين: أحدهما مثل ما قلناه. والثاني لا يحبسه. 1446 - ومنهم من فرق وقال: إن كان الحق مما يثبت باليمين مع الشاهد حبسه لأن الخصم يتمكن من وصوله إلى حقه بيمينه مع الشاهد. وإن كان بخلاف ذلك لم يحبسه. 1447 - وقال أبو يوسف ومحمد إذا شهد واحد عدل كفلناه ولم تحبسه. 1448 - وقال أصحابنا: وإن كانت الدعوى في حد الزنا وشرب الخمر والسكر من النبيذ وطلب الكفيل لم يؤخذ به ولم يلزمه، وكذلك حد السرقة إذا طلب القطع لم يؤخذ الكفيل وإن طلب المال أخذ. 1449 - ويؤخذ الكفيل فيما يجب فيه التعزيز. 1450 - وقال أبو يوسف ومحمد آخذ في دعوى القصاص الكفيل وفيما يتعلق بحقوق الناس وكذلك إذا قام الشهود ولم يعدلوا وطلب الكفيل حتى يعدلهما فله ذلك. 1451 - ويختار كفيل موثوق به وله مال. 1452 - واختلف أصحاب الشافعي إذا طلب الخصم حبسه حتى يسأل عن البينة في الباطن. فمنهم من قال يحبس وهو الصحيح لأن الظاهر العدالة. والثاني وهو قول الأصطخري لا يحبس لأن الأصل براءة الذمة.

فصل ملازمة الممتنع عن الكفيل

فصل ملازمة الممتنع عن الكفيل 1453 - وإن امتنع من الكفيل فله ملازمته بالنهار والليل حتى يحضر البينة. 1454 - وقال الشافعي ليس له ملازمته، لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: - (شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك). 1455 - وإنما قلنا له ذلك لئلا يؤدي إلى هربه فيضيع حق المدعى. 1456 - وقد اتفق الجميع على إحضاره من البلد بقول المدعى فصل 1457 - فإن ادعى ما ينقل ويحول وهو في يده وطلب الكفيل بهما جميعاً فله ذلك وإن أبى أمر القاضي أن يلزمه ويلزم ذلك الشيء حتى يعطيه كفيلاً بهما. 1458 - وقال الشافعي: ليس له الملازمة ولا لزوم ذلك الشيء. 1459 - وقال أصحابنا: في العقار يأخذ كفيلاً بنفسه دون العقار. 1460 - وإن أعطاه فيما ينقل ويحول بالشيء كفيلاً دون نفسه فله أن يلزمه حتى يعطيه كفيلاً بنفسه. وإن قال أنا أقيم وكيلاً عن نفسي جائز ما صنع على، وقد أقمت بالشيء كفيلاً قبل ذلك منه. 1461 - وإن كانت الدعوى في دين كان عليه أن يقيم كفيلاً مع الوكيل بنفسه. 1462 - وإن قال أنا أعطيته كفيلاً بالمال والمسألة بحالها لم يقبل منه إلا برضى الخصم. 1463 - وأما العقار إذا أعطاه وكيلاً في خصومته وأخذ من الوكيل كفيلاً بنفسه دفع العقار إلى الوكيل وأبا أن يعطيه كفيلاً بنفسه لم يجبر على ذلك. فصل هل يحكم بعد البينة في غيبة المدعى عليه؟ 1464 - وإذا قامت البينة بشيء من ذلك ثم غاب المدعى عليه، ولم يكن له

فصل إثبات الوصية والوكالة

كفيل أو كان فغاب الكفيل أو غاب الوكيل وزكيت البينة وأراد المدعى من القاضي الحكم فإنه لا يقضي بشيء من ذلك. 1465 - وهذا قول محمد بن الحسن لأنه قضاء على غائب. 1466 - وقال أبو يوسف أنه إذا كان قد سمع البينة على الخصم أو وكيله ثم تغيب هو أو وكيله فإنه يحكم عليه وينفذ القضاء ويجعله على حجته. 1467 - وقال الشافعي: يقضي عليه مع الغيبة. فصل إثبات الوصية والوكالة 1468 - وإن ادعى الوصية أو الوكالة من الغير وطلب الكفيل حتى يقيم البينة بالوصية والدين لمن وكله لم يجبه إلى ذلك. 1469 - ولو كانت الوصية والوكالة ثابتة عنده وطلب الكفيل أخذ له الكفيل وأخذه ثلاثة أيام كما إذا أدعى الحق لنفسه. 1470 - ولو شهد له بالوصية والوكالة ولم تزك البينة وطلب الكفيل، لم يكن له ذلك، إنما له ذلك إذا شهدت البينة وحكم بالوصية والوكالة وهو قول أصحابنا جميعاً. 1471 - ولو أدعى الدين والوصية في مجلس واحد وأقام بذلك شهوده فإنه تسمع بينته الوصية والوكالة، وتسمع الشهادة على الحق ويقضي به وينفذ الجميع استحساناً. 1472 - والقياس أن لا يثبت الحق ولا بينة عليه حتى تثبت الوصية والوكالة أولاً، فإذا حكم بذلك سمع بعد ذلك الدعوى على الحق الذي يدعيه. 1473 - وحكى الخصاف خلاف أبي حنيفة وأبي يوسف فقال: على قول أبي حنيفة لا يقبل وعلى قول أبي يوسف يسمع على الجميع دفعة واحدة.

فصل 1474 - ولو أن رجلاً أحضر رجلاً إلى الحاكم وقال له أن هذا وصي فلان أو وكيله وطلب من الحاكم أن يأخذ منه كفيلاً حتى يثبت الوصية أو الوكالة لم يجبه إلى ذلك، كذلك إن أقر بالوصية وقال ليس في يدي للميت حق فالقول قوله في ذلك، وإن طلب المدعى أن يأخذ منه كفيلاً ليثبت الحق عليه ثم يبيع مال الميت أجابه إلى ذلك. فصل 1475 - وإن أدعى على رجل أن أباه مات وأنه وارثه وأن أخاه مات وهو وارثه وأن على هذا الرجل حقاً لهما واريد أن آخذ منه كفيلاً حتى أقيم البينة بما ذكرت أخذ منه كفيلاً لمدة ثلاثة أيام. 1476 - وكل حق أدعاه إنسان لنفسه وطلب الكفيل أخذ به إلا المسافر وما لا يجوز أخذ الكفيل به مما تقدم. فصل 1477 - ويؤخذ للرجل من المرأة والمرأة من الرجل إذا كان كل واحد يدعى النكاح على الآخر، حتى يقيم البينة أو يعدل، وكذلك إذا أدعى رق العبد أو الأمة. فصل 1478 - وإذا مات المطلوب بالحق أو مات الكفيل بطلت الكفالة وإن مات الطالب فالكفيل على حاله. 1479 - وإن سلم الكفيل المكفول به إلى وصي الميت برئ وإن سلمه إلى وارثه بريء من حصة ذلك الوارث، ولمن بقي حقه من الكفالة بحاله.

فصل 1480 - وإذا قدم الرجل إلى الحاكم رجلاً فأنكر فأحلفه ثم قدمه ثانية فقال المدعي عليه بجميع دعواه لم يجبره القاضي على ذلك إذا رأى ذلك وإن علم أنه بعينه أمره أن يجمع الدعوى. فصل 1481 - وإن شهد على الرجل عند الحاكم بحق عدلان، وهو لا يعلم أن له دفع البينة فإن القاضي يقول له: - قد شهد عليك فلان وفلان وقد ثبت عندي عدالتهما، فهل عندك ما يجرحهما؟ فإن أتى بما يوجب الجرح وقفت الشهادة. 1482 - هذا إذا كان لا يعلم المدعى عليه ذلك، فإن كان عالماً بذلك فللحاكم أن يقول له ذلك وله أن يسكت. 1483 - وعند أبي حنيفة الحكم ماض ما لم يطعن الخصم وقد مضت. 1484 - وإن قال: لي بينة بالقضاء أو الإبراء أجل ثلاثة أيام في ذلك وإلا حلف المدعى عليه أنه لم يبره ولم يقضه، وله أن يلازمه إلى أن يقيم البينة بالجرح أو القضاء لأن الحق قد ثبت في الظاهر، وكل هذا قول الشافعي أيضاً في هذا الباب. 1485 - وإذا قد ذكرنا حكم الشهادة والنكول والإيمان وما تقدم في هذه الأبواب وجب ذكر الرجوع عن الشهادة.

باب الرجوع عن الشهادة

باب الرجوع عن الشهادة وهذا باب الرجوع عن الشهادة: 1486 - كان الواجب أن يؤخر هذا الباب إلى بعد الفراغ من جميع ما يقضي القاضي من الحقوق غير أن في تقديمه معرفة حكم الرجوع قبل علم ما يرجع عنه، لأنه ينبغي أن يكون مضموماً إلى الشهادة لأنه يتلوها في الكتب، فلهذا قدمنا ذلك لأننا رتبنا الكتاب على غير ترتيب من تقدم في هذا العلم. 1487 - واتفق الفقهاء على أن الشهود إذا رجعوا بعد الحكم والقضاء أنه لا يبطل القضاء. سابقة من أقضية علي 1488 - ونحن نفصل مسائل الرجوع في ذلك على الوفاق والخلاف. 1489 - والأصل في هذا الباب ما روى الشعبي أن رجلين أتيا علياً -رضي الله عنه- برجل فشهدا عليه أنه سرق فقطع يده، ثم جاءا بعد ذلك بآخر فقالا غلطنا في الأول إنما كان هذا الذي سرق فأبطل عليه السلام شهادتهما على الآخر وضمنهما دية الأول، وقال: لو علمت أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما. رجوع الشهود قبل الحكم 1490 - قال أصحابنا إذا رجع الشهود قبل الحكم بطلت الشهادة ولا يحكم بشيء. وهو قول عامة الفقهاء. 1491 - وقال أبو ثور يحكم بشهادتهما لأنهما يحتمل أن يكونا صادقين في الشهادة كاذبين في الرجوع. ويحتمل أن يكونا صادقين في الرجوع كاذبين في الشهادة فلا يحكم مع الشك كما إذا جهل عدالة الشهود. الرجوع بعد القضاء في المال 1492 - وإن رجعا بعد القضاء في المال غرما ما شهدا به، ولا يرد الحكم. الرجوع قبل الاستيفاء 1493 - وإن رجعا بعد الحكم قبل الاستيفاء فإن كان في حد أو قصاص

لم يجز الاستيفاء لأن هذه الحقوق تسقط بالشبهة والرجوع شبهة ظاهرة فلم يجز الاستيفاء. 1494 - وقد كان حماد بن سليمان يقول: إن كان حال الشاهد عند الرجوع خيراً من حاله عند الشهادة فإن القضاء يبطل، ويضمنان للمقضي له مثل الحق. 1495 - وكان أبو حنيفة يقول ذلك ثم رجع إلى أنه لا يبطل القضاء فصار أيضاً هذا شبهة في منع الاستيفاء. 1496 - وإن كان المشهود به مالاً أو عقاراً أو ديناً فإنه يستوفى ذلك كله وعليهما الضمان، وهو ظاهر مذهب الشافعي. 1497 - وقال أصحابه ينقض لأن الحكم غير مستقر قبل الاستيفاء وهذا لا يصح لأن الحكم نفذ والشبهة لا تؤثر فيه فجاز الاستيفاء.

فصل رجوع الشهود بما يوجب القتل

فصل رجوع الشهود بما يوجب القتل 1498 - وإن شهدوا بما يوجب القتل ثم رجعوا فإنه لا يقتل واحد منهم في كل حال. وقال الشافعي ينظر فإن قالوا تعمدنا القتل بشهادتنا وجب عليهم القود، وهو قول الحسن وإبراهيم. 1499 - لنا أن الشهود لم يقتلوا وهم سبب يجوز أن ينفك مسببه عنه فلا يجب القود. 1500 - وهم يقولون هما الجآه إلى قتل المشهود عليه فصارا كما لو أكرهاه. 1501 - وفرق أصحابنا بين الأمرين بأن الولي بالخيار إن شاء قتل وإن شاء لم يقل بخلاف المكره فإنه ملجأ. 1502 - ولو كان الحاكم كالمكره لوجب القصاص على الحاكم. 1503 - قال (أي الشافعي) وإن قالوا تعمدنا الشهادة ولم نعلم أنه يقتل، وهم يجهلون قتله وجبت عليهم دية مغلظة لما فيه من العمد ومؤجلة لما فيه من الخطأ. 1504 - وإن قالوا أخطأنا وجبت عليهم دية مخففة لأنه خطأ لا يتحمله العاقلة لأنها وجبت باعترافهم وهذا يبين لك أنهم ليسوا في حكم المكرهين للقاضي.

فصل 1505 - وإن اتفقوا على أن بعضهم تعمد وبعضهم أخطأ وجب على المخطئ قسطه من الدية المخففة وعلى المتعمد قسطه من الدية المغلظة، ولا يجب عليه القود مشاركة المخطئ له. 1506 - وقال ربيعة: إذا رجعوا عن القتل والقطع فعليهم العقل ولا عقوبة عليهم لأن التائب لا يعاقب مخافة أن لا ينزع أحد، وإن نزع بعضهم وأقام بعض كان العقل على من نزع. فصل 1507 - قال الشافعي: وإن اختلفوا فقال بعضهم تعمدنا كلنا وقال بعضهم بل أخطأنا كلنا وجب على المقر بعمد الجميع القود، وعلى المقر بخطأ الجميع قسطه من الدية المخففة فجمع بين القود والمال في نفس واحدة. فصل 1508 - وإن كانوا أربعة شهود بالرجم فقال اثنان منهم عمدنا وأخطأ هذان وقال الآخران بل عمدنا وأخطأ الأولان ففيه قولان: أحدهما أنه يجب القود على الجميع لأن كل واحد أقر بالعمد. والثاني لا قود على أحد منهم بل يجب على كل واحد قسطه من الدية المغلظة لأنه لا يؤاخذ أحد إلا بإقراره، وكل واحد منهم أقر بعمد شاركه فيه مخطئ فلا يجب عليه القود بإقرار غيره بالعمد. قالوا وهو الصحيح.

فصل 1509 - وإن قال اثنان: تعمدنا كلنا، وقال الآخران عمنا وأخطأ الأولان، فعلى الأولين القود وفي الآخرين قولان أحدهما يجب عليهما القود والثاني وهو المذهب لا يجب، ويجب عليهما قسطهما من الدية المغلظة. 1510 - وإن قال بعضهم عمدت ولا أعلم حال الباقين، فإن قال الباقون عمدنا وجب القود على الجميع، وإن قالوا أخطأنا سقط القود على الجميع.

فصل رجوع الشهود بالزنا

فصل رجوع الشهود بالزنا 1511 - وإذا شهد أربعة بالزنا، فإن رجعوا قبل القضاء جدوا جميعاً، وإن رجعوا بعد القضاء والاستيفاء غرموا الدية ووجب عليهم الحد. 1512 - وقال زفر: يغرمون الدية ولا أحد. 1513 - وقال ابن أبي ليلى يقتلون جميعاً والشافعي قوله تقدم. 1514 - وإن رجع واحد منهم بعد القضاء والحكم والاستيفاء فعلى الراجع ربع الدية والحد في قول الثلاثة من علمائنا. وقال زفر لأحد لأن المقذوف ميت ولا حد على الثلاثة في قولهم جميعاً. فصل 1515 - وإن رجع قبل القضاء والإمضاء فعلى الجميع الحد الراجع ومن بقي في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال زفر يحد الراجع وحده، وهو قول الشافعي. فصل 1516 - وإن رجع بعد القضاء قبل الإمضاء حد وحد من بقى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف الآخر، كما لو رجع قبل القضاء. 1517 - وقال محمد يحد الراجع وحده كما بعد الإمضاء. فصل 1518 - وإن شهد بالحد خمسة ما زاد ثم رجع ما زاد على الأربع فلا حد عليه ولا ضمان لبقاء من يثبت معه الحد من الشهود. 1519 - وكذلك قال الشافعي لا قود على من رجع مع بقاء الأربعة. 1520 - وهل يجب عليه من الدية شيء؟

فصل رجوع شهود الإحصان

قالوا فيه وجهان أحدهما أنه لا يجب لبقاء وجوب القتل عليه، والثاني يجب خمس الدية لأن الرجم هو بشهاداتهم والصحيح عندهم مثل قولنا. فصل 1521 - وإذا رجع اثنان من الخمسة وقالوا أخطأنا كلنا ففي الدية وجهان أحدهما أنهما يضمنان الخمسين اعتباراً بعددهم، والثاني أنهما يضمنان ربع الدية، وهو قولنا في الرجوع تعتبر أبداً من بقى من الشهود فثبت به ما ثبت من البينة والباقي ثلاثة أرباع الدية. فصل رجوع شهود الإحصان 1522 - وإذا رجع شهود الزنا وشهود الإحصان بعد الرجم فالضمان عندنا على شهود الزنا خاصة، ولا ضمان على شهود الإحصان. 1523 - وقال زفر الضمان على الفريقين بينهم نصفان بالسوية. 1524 - وقال أصحاب الشافعي في شهود الإحصان ثلاثة أوجه: 1525 - أحدهما أنه لا يجب لأنهم لم يشهدوا بما يوجب القتل وهذا قولنا. والثاني أنه يجب على الجميع لأن الرجم لم يستوف إلا بهم، وهذا قول زفر. والثالث أنهما إن شهدا بالإحصان قبل ثبوت الزنا يضمنان على وجهين أحدهما نصف الدية والثاني يجب عليهما ثلث الدية لأنه رجم بشهادة ستة فوجب على الاثنين ثلث الدية. فصل 1526 - وإن شهد أربعة بالزنا، وشهد اثنان منهما بالإحصان قبلت شهادتهم.

1527 - وقال الشافعي تقبل إلا فيما يجران بهذه الشهادة إلى أنفسهما نفعاً أو يدفعان بها عنهما غرماً. فصل 1528 - فإن شهدوا رجم الشهود عليه ثم رجعوا فالدية عليهم أرباعاً لأن شهود الإحصان لا يضمنون. 1529 - وقال أصحاب الشافعي إذا قلنا يجب الضمان على شهود الإحصان ففي هذه المسألة وجهان: أحدهما أنه لا يجب لأجل الشهادة بالإحصان بشيء بل يجب على من شهد بالإحصان نصف الدية كأربعة أنفس جنا اثنان منهما جنايتين واثنان أربعة جنايات. والثاني أنه يجب الضمان لأجل الشهادة بالإحصان. وإذا قلنا يجب على شاهدي الإحصان نصف الدية وعلى شاهدي الزنا النصف وجب ههنا على الشاهدين بشهادتهما بالإحصان نصف الدية وقسم النصف بينهم نصفين على شاهدي الإحصان النصف وعلى الآخرين النصف فيصير على شاهدي الإحصان ثلاثة أرباع الدية وعلى الآخرين ربعها. وإذا قلنا يجب على شاهدي الإحصان ثلث الدية وجب ههنا عليهما الثلث بشهادتهما بالإحصان وقسم الباقي بينهم نصفين فيصير على شهود الإحصان ثلثا الدية وعلى شهود الزنا الثلث.

فصل ضمان شهود التزكية

فصل ضمان شهود التزكية 1530 - وإذا شهد على رجل أربعة بالزنا وشهد اثنان بتزكيتهم ثم بان أن الشهود كانوا كفاراً أو عبيداً وجب الضمان لأن المرجوم قتل بغير حق ولا شيء على شهود الزنا لأنهم يقولون أنا شهدنا بالحق ولولي الدم أن يطالب من شاء من الإمام والمزكين لأن الإمام رجم والمزكين ألجآه فإن طلب الإمام رجع على المزكين لأنه رجمه بشهادتهما. وإن طالب المزكيين لم يرجعا على الإمام لأنهما كالآلة له. وهذا قول الشافعي. 1531 - وقال أصحابنا: ما كان من خطأ الإمام في الحدود فالضمان في بيت المال وما كان من أموال الناس فالضمان على المحكوم له، وكذلك القصاص. 1532 - وإن رجع المزكون في الزنا أو بأن الشهود عبيد أو كفار وقد رجم المشهود عليه غرموا الدية في قول أبي حنيفة. ضمان الدية 1533 - وعندنا إذا بان رق الشهود أو كفرهم فالدية في بيت المال. وهذا في الزنا. 1534 - وقد اختلف عن أبي حنيفة في الدية إذا استوفى الولي القود فروى عنه أن ضمان الدية في مال المشهود له [للمشهود عليه]. وروى عنه أنها على عاقلته ذكره الطحاوي في مختصره.

فصل الرجوع عن الشهادة بالعتق

فصل الرجوع عن الشهادة بالعتق 1535 - وإذا فهدا بالعتق ثم رجعا بعد الحكم وجب عليهما قيمة العبد لأنهما عليه حكماً فضمناه كما لو اتلفاه (حقيقة). فصل الرجوع عن الشهادة بالتدبير 1536 - ولو شهدا بالتدبير ثم رجعا بعد الحكم فعليهما ضمان ما بين قيمة العبد مدبراً إلى قيمته غير مدبر. 1537 - فإن مات المولى بعد ذلك وعتق العبد من الثلث كان عليهما ضمان بقية قيمته عبداً للورثة. فصل الرجوع عن الشهادة بالكتابة 1538 - ولو شهدا بالكتابة أنه كاتبه على ألفي درهم إلى سنة وقيمة العبد ألف فقضى بذلك ثم رجعا فإن المولى بالخيار إن شاء ضمن الشاهدين ألف درهم حالة وإن شاء اتبع المكاتب بألفي درهم، الخيار له، فإن ضمن الشاهدين رجعا على المكاتب بمال الكتابة إلى أجله فإذا قضيا ذلك احتبسا من ذلك ألف درهم لأنفسهما وتصدقا بالفضل من ذلك ألف درهم لأنفسهما وتصدقا بالفضل من ذلك لأنه ربح ما لم يضمن. 1539 - وأي الوجهين كان وعتق المكاتب فإن ولاه لمولاه. ولو لم يعتق المكاتب وعجز فعاد رقيقاً برئ الشاهدان من الضمان ووجب على المولى رد شيء إن كان قبضة منهما من قيمته عليهما.

فصل رجوع شاهدي الطلاق

فصل رجوع شاهدي الطلاق 1540 - وإن شهد شاهدان أنه طلق امرأته ثم رجعا بعد الحكم، فإن كان بعد الدخول فلا ضمان عليهما لأنهما لم يتلفا عليه ماله قيمة فصار كما لو اتلفاها. 1541 - وقال الشافعي: يجب عليها مهر المثل لأنهما أتلفا عليه مقوماً كما لو أتلفا ماله قيمة. 1542 - وإن كان قبل الدخول رجع على الشاهدين بنصف الصداق إن كان لها مسمى، وإن كان الواجب لها المتعة فعليهما ما يقضي عليه من ذلك لأنهما قررا عليه ما هو بغرض السقوط. 1543 - ولأصحاب الشافعي طريقان في وجوب الضمان. فصل رجوع شاهدي الطلاق وشاهدي الدخول 1544 - وإذا شهد اثنان بالطلاق وآخران بالدخول، ثم رجع الجميع، والصداق المقضي به لها ألف فإن القاضي يقضي بضمان الصداق عليهم أرباعاً، على شاهدي الطلاق من ذلك الربع وعلى شاهدي الدخول من ذلك ثلاثة أرباعه. فصل 1545 - وإذا شهدا بالنكاح وهي تجحد على صدق ألف، ثم رجعا، فالنكاح بحاله ونظر إلى الألف فإن كان قدر مهر المثل فلا ضمان عليهما وإن كان ناقصاً عن مهر المثل لم يضمنا أيضاً لأنهما أتلفا ما ليس له قيمة. 1546 - وعن أبي يوسف أنهما يضمنان تمام مهر المثل.

رجوع الشاهدين على الصلح بين ولي المقتول والقاتل على مال

1547 - وإن كانت المرأة هي المدعية ضمنا للزوج ما زاد على قدر مهر المرأة لأنه مال اتلفاه عليه. فصل رجوع شاهدي البيع 1548 - وإذا شهدا بالبيع وقضى به القاضي وسلم المبيع ثم رجعا فإن كان الثمن بقيمة المبيع فلا رجوع عنهما بحال، وإن كان في ذلك نقص عن (قيمة) المبيع رجع عليهما بتمام القيمة وفاضل الثمن أيهما كان المنكر بخلاف النكاح في ذلك. فصل رجوع شاهدي الإجارة 1549 - وإن كان رجوعهما عن الإجارة: إن كان المدعي صاحب الدار فلا ضمان عليهما فيما زاد من أجرة المثل وإنما ينظر إلى الأجرة المقضي بها فإن كانت المنفعة التي استوفاها المستأجر فيها بقيمة الأجرة فلا شيء عليهما وإن كانت أكثر من القيمة رجع بالفضل عليهما. فصل رجوع الشاهدين في شهادتهما على ولي المقتول بالعفو عن القاتل 1550 - وإذا شهدا على ولي المقتول بالعفو عن القاتل وقضي عليه بذلك ثم رجعا عن الشهادة فإن أبا حنيفة ومحمداً قالا لا ضمان عليهما، وهو قول أبي يوسف الذي رواه محمد، وروى أصحاب الأمالي عن أبي يوسف أنه قال عليهما ضمان الدية لولي المقتول. رجوع الشاهدين على الصلح بين ولي المقتول والقاتل على مال 1551 - ولو لم يشهد على العفو ولكنهما شهدا على القاتل أنه صالح ولي المقتول من الدم على مال ثم رجعا عن شهادتهما فإنه ينظر فيما شهدا عليه من المال. فإن كان مقدار الدية أو دونها فلا ضمان عليهما، وإن كان أفضل من ذلك فعليهما ضمان الفضل لأن العفو ليس بمال، وما زاد على الدية فقد أتلفاه عليه.

فصل العدد في الرجوع

فصل العدد في الرجوع 1552 - وإذا شهد رجل وامرأتان بالمال ثم رجعوا وجب على الرجل النصف وعلى كل واحدة من النساء الربع لأن كل امرأتين كالرجل. 1553 - وإن شهد ثلاثة رجال ثم رجعوا وجب على كل واحد الثلث وإن رجع واحد وبقي اثنان فلا ضمان عليه عندنا. 1554 - وقال أصحاب الشافعي يلزمه ضمان الثلث لأن المال يثبت بشهادة الجميع في أحد الوجهين، والثاني مثل قولنا. فصل 1555 - فإن رجع اثنان وبقي واحد فعلى الراجعين النصف كل واحد الربع. 1556 - وإن شهد رجلان وامرأة وقضى بالحق ثم رجعوا جميعاً فالضمان على الرجلين دون المرأة. فصل رجوع عن شهادة شهد فيها رجل وعشر نسوة 1557 - وإن شهد رجل وعشر نسوة ثم رجعوا عن الشهادة فعلى الرجل السدس وعلى النسوة خمسة أسداس، لأن كل امرأتين برجل. وقال أبو يوسف ومحمد على الرجل النصف وعلى جميع النسوة النصف ولأصحاب الشافعي وجهان مثل الخلاف بين أصحابنا. 1558 - قالوا والمذهب قول أبي حنيفة. فصل 1559 - وإن رجع ثماني نسوة فلا ضمان عليهن عند أصحابنا جميعاً.

1560 - قال أصحاب الشافعي وهو الصحيح عندنا. 1561 - وإن رجع تسع نسوة فعليهن الربع لأنه بقى ما يثبت به ثلاثة أرباع الحق. 1562 - ولو رجع الرجل وثمان نسوة فعلى الرجل نصف الحق لأنه قد بقي امرأتان تشهدان بالحق. فصل 1563 - وإذا شهد ذميان على ذمي بخمر ثم رجعا فأسلم المطلوب فلا ضمان على الشاهدين وإن أسلم الشاهدان يضمنان في قول محمد وهذا مثل غصب الخمر. فصل 1564 - وإذا شهد شاهدان على شهادة أربعة، وشهد آخران على شهادة شاهدين ثم رجع الفريقان فأبو يوسف يجعل الضمان على من شهد على الأربعة الثلثان والثلث على من شهد للاثنين. 1565 - وقال محمد الضمان على الفريقين نصفان. 1566 - وإذا شهد اثنان على اثنين وشهد اثنان على آخرين ثم رجع من كل واحد من الفريقين واحد، فنصف الضمان على الراجعين في رواية الأصل، ويقال أنه قول أبي يوسف. 1567 - وقال في الجامع الكبير: على الراجعين ثمنان ونصف ثمن، ويقال هو قول محمد. فصل 1568 - وإذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين وقضى وحضر الأولاد فأنكرا الإشهاد فلا ضمان على أحد الفريقين في قولهم جميعاً. 1569 - ولو أقرا بالإشهاد ورجعا وقالا كذبنا فلا ضمان عليهما في قول أبي حنيفة وأبي يوسف.

1570 - وقال محمد يجب الضمان. 1571 - ولو رجع شهود الفرع ضمنا في قولهم جميعاً. 1572 - وقال الخصاف أن محمداً روى أنه لا شيء على شاهدي الأصل إذا رجعا. 1573 - وقال روى أبو يوسف في الأمالي عن أبي حنيفة أنه قال: إن قالا قد أشهدناهما ورجعنا ضمنا ذلك الحق، وإن قالا لم نشهدهما بهذه الشهادة وما شهد به عنا باطل لم يكن عليهما ضمان. فصل 1574 - ولو قال شهود الفرع: قد أشهدانا بهذه الشهادة ولكنهما كذبا فيها وقد نفذ الحكم لم يلتفت إلى هذا القول ولا يلزمهما بذلك الضمان لأنهما لم يرجعا عن شهادتهما. 1575 - وكذلك لو قالا قد أشهدانا وقد رجعا أو أخبرنا أنهما قد رجعا فعليهما الضمان. 1576 - ولو قالا لم يشهدانا بهذه الشهادة أو قد غلطا في هذه الشهادة فعليهما الضمان على شهود الفرع. 1577 - وإن قال الأولان: قد كنا أشهدناهما بذلك وقد رجعنا لأنا توهمنا فالضمان على شهود الفرع. 1578 - ولو كان قال الالان: لم نشهدهما ولكنا نحن نشهد بذلك وهو حق ثابت على المطلوب فالضمان على الذين شهدوا عند الحاكم. فصل 1579 - وإن ادعى الخصم على الشهود أنهما قد رجعا عن شهادتهما وهما ينكران ذلك لم يكونا خصمين. 1580 وإن أقام بينة لم تسمع عليهما.

فصل رجوع شاهدي الهبة

فصل رجوع شاهدي الهبة 1581 - وإذا شهدا بالهبة وهو يجحد فقضي عليه بذلك ثم رجع الشاهدان فعليهما ضمان قيمة ما شهدا به للمشهود عليه، فإذا قبض ذلك لم يكن له الرجوع عن الهبة أبداً لأنه قد اعتاض عن ذلك. فصل 1582 - وإذا شهدا على رجل أنه أقر أن هذه الأمة ولدت منه وهو ينكر فقضى بشهادتهما عليه بذلك ثم رجعا عن شهادتهما كان له عليهما ضمان ما بين قيمتها مملوكة وقيمتها أم ولد، فإن توفى المولى بعد ذلك فعتقت كان عليهما بقية قيمتها أمة يرد ذلك إلى تركة مولاها فيكون حكمه حكمها. 1583 - ولو كانا شهد أن مولاها أقر أنها ولدت منه أبناً لها في يده، والمسألة على حالها كان عليهما لمولاها في الأمة ما ذكرنا وفي الولد ضمان قيمته. 1584 - فإن قبض المولى ذلك ثم مات فورثه هذا الابن، كان عليه أن يرد على الشاهدين مما ورث مثل ما أخذه (المورث) من الشاهدين في حياته من قيمة أمه لأنه يقول إن الميت أخذ ذلك ظلماً وأنه باقي في تركته لهما. 1585 - وإذا قد ذكرنا حكم الشهادات والرجوع عنها فقد بقي لنا علم القاضي وما يجوز الحكم به والمحاضر وكيفية ذلك.

باب علم القاضي وما يجوز أن يقضي فيه بعلمه وما لا يجوز

باب علم القاضي وما يجوز أن يقضي فيه بعلمه وما لا يجوز 1586 - أعلم أن علم القاضي طريق إلى القضاء في حال دون حال، وعلى صفة دون صفة وفي حق دون حق. وينقسم في الحكم به كما ينقسم أمر البينة. 1587 - وإنما يحصل له العلم بأن يسمع قولا يجب به على قائله حق أو يجب به على غيره أو يشاهد فعلاً يلزم لفاعليه أو لغير فاعله. 1588 - وعلم القاضي يكون على ضرورب منه ما يعلم به قبل البلوغ وقبل الولاية من الأقوال التي يسمعها والأفعال التي يشاهدها، ومنه ما يعلمه بعد البلوغ قبل الولاية، ومنه ما يعلمه بعد الولاية ولكنه في غير عمله الذي وليه، ومنه ما يعلمه بعد الولاية في عمله الذي وليه: علمه قبل البلوغ والولاية 1589 - أما ما علمه قبل البلوغ والولاية في غير عمله ثم ولي وحضر عمله فدفع إليه ما سمع من العقود أو شاهد من الأفعال التي يتعلق بها الأحكام فإن أبا حنيفة يقول: لا يقضي بعلمه في شيء من ذلك بحال. 1590 - وروى الخصاف عن أبي يوسف عن أبي حنيفة في الإملاء أنه قال: - لو سمع طلاق امرأته أو عتق أمته ثم استقضى فرفع إليه ذلك فإنه يحول بين الرجل وبين المرأة والأمة ولا يقضي به ولا يحكم بالطلاق والعتاق. 1591 - وقال أبو يوسف ومحمد يقضي بما علمه قبل الولاية في غير عمله في جميع الحقوق والأموال وعلمه أكثر من الشهادة عنده لأنه يقين. 1592 - وقالا لا يحكم في الحد والزنا والسرقة وشرب الخمر والسكر بعلمه.

فصل علمه في عمله بعد الولاية

1593 - وللشافعي قولان: أحدهما لا يقضي بعلمه في شيء. والثاني أنه يقضي في كل شيء. 1594 - وقد ذكر أبو موسى الضرير في مختصره أن من أصحابنا من قال يقضي بعلمه في كل شيء حتى الحدود. قال أبو حنيفة: وإنما لم يجز لأنه بمزلة الشاهد وقول الشاهد لا يقضي به في الحقوق. 1595 - واتفق جميع الفقهاء على أنه لو شهد عنده قبل الولاية في غير عمله أنه لا يقضي به في عمله. فجعل أبو حنيفة علمه كذلك. فصل علمه في عمله بعد الولاية 1596 - وأما علمه في عمله وبعد الولاية فإنه يقضي به عندهم جميعاً في الأشياء إلا الحدود فإنه لا يقضي بها، واستثنوا من ذلك حد القذف فقالوا يقضي به. وهذا قول أصحابنا. 1597 - وروى عن محمد بن الحسن أنه لا يقضي حتى يكون معه في المال شاهد آخر وفي الزنا ثلاثة عدول. وقد قال به بعض أصحاب الشافعي. فصل 1598 - وقال أبو حنيفة وأبو يوسف. إذا قال الحاكم [لرجل أن هذا الرجل] لآخر: أنه ثبت عندي أن هذا الرجل قد سرق ما يجب القطع به وقد حكمت به عليه فأقطع يده وسع المأثور قطع يده.

فصل نسيان القاضي ما في ديوانه

وكذلك إن قال ذلك في الزنا وهو محصن وسعه الرجم. 1599 - وقال محمد في آخر قوليه على ما حكاه الطحاوي في المختصر أنه لا يسعه ذلك حتى يكون القاضي عدلاً عنده وغير متهم، ويكون معه في الزنا ثلاثة سواه عدول وفي السرقة آخر، وقياس قوله في المال مثل ذلك. فصل 1600 - ولو أن رجلاً قال للقاضي: - إنك حكمت لي على فلا بكذا والقاضي لا يذكر ذلك وأحضر المدعي بينة تشهد على القاضي بما أدعاه فإن أبا يوسف قال: لا يجيبه إلى ذلك، ولا يسمع من البينة ذلك لأنها تشهد على أنه كان منه ما لا يعلمه من نفسه. 1601 - وقال محمد: يجيبه إلى ذلك ويسمع من البينة ويقضي به إذا ثبت عنده. 1602 - وبه قال إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، وقال: أنا أقبل ذلك، ووافقه محمد بن سماعة وقالا: ليس هذا أكثر من قضية قاض دفعت إليه وهو لا يعلمها. 1603 - وفرق أبو يوسف بين المسألتين بأنه لم يوجد في قضيته غير البينة، فأما حكمه فهو بمنزلة الشهادة لا يقوم بذلك إلا أن يذكره، وفرق بينه وبين ما وجد في ديوانه بأنه تحت ختمه فلا يؤثر ذكره فيه. 1604 - واختلف أصحاب الشافعي في ذلك على وجهين كالخلاف الذي بيناه. وذهب كل واحد من أصحابه إلى قول واحد من أصحابنا. فصل نسيان القاضي ما في ديوانه 1605 - وقال أبو حنيفة:

فصل ما يجده القاضي في ديوان غيره

"وكل أمر يجده الحاكم في ديوانه وتحت ختمه وهو لا يذكره فإنه لا يقضي به". 1606 - وقال أبو يوسف ومحمد: يحكم بذلك كله لأنه لا يتذكر كلما عنده. 1607 - واختار الشافعي قول أبي حنيفة. شهادة كاتبي القاضي 1608 - وقال محمد: لو ضاع محضر رجل من الديوان أو لم يكتب محضر فشهد كاتبا القاضي عنده أن شهود هذا المحضر شهدوا عندهما بما كان في مختصره وهو كذا والقاضي لا يذكر ذلك، لم يقبل شهادتهما لأنهما لم يشهدا بالحق ولا شهدا على شهادة الشهود. 1609 - وقد ذكرنا في الشهادة على الشهادة أن لأصحاب الشافعي ثلاثة أوجه في تحمل شهود الفرع في أحدهما أنه يجوز مثل هذا من كاتبي الحاكم. 1610 - واتفق الفريقان أنه لو قال الكاتبان- والمحضر قد ضاع- أن المقر في المحضر كان قد أقر عندك بكذا وسمعناه حين أقر بذلك فإنه يقبل هذه الشهادة على إقراره لا بإقراره عنده. فصل ما يجده القاضي في ديوان غيره 1611 - وما وجد في ديوان غيره ممن تقدمه من إقرار أو بينة لم ينفذه، ويستأنف الحكم. 1612 - وهذا لا خلاف فيه لأنه غير مشهود به عنده. فصل عزل عن القضاء ثم رد إليه 1613 - ولو عزل عن القضاء ورد إليه فإن أبا يوسف قال:

فصل ما يحكم به القاضي

لا يقضي بشيء مما كان في ديوانه الأول إلا ما كان يذكره من إقرار لرجل بحق ما وإن لم يذكره لم يحكم به، ولا يحكم بالبينة وإن ذكرها حتى يعيدها فيشهد عنده دفعة أخرى، لأن هذا عمل مستأنف. فصل ما يحكم به القاضي 1614 - وما يحكم به القاضي على ثلاثة أوجه: منها ما يثبته بالبينة من الأحكام. ومنها ما يثبته بعلمه من ذلك. ومنها ما يحكم به غيره ويرتفع إليه أما بينة أو كتاب حكمي يصل إليه. أو إعلام أعلمه قاض غيره. لا ينقض القاضي حكمه باجتهاد جديد 1615 - فأما ما يثبته من الحكم عن نفسه فليس له أن يتعرض لفسخه بعد ذلك ولا أبطاله إلا أن يخالف النص المعلوم أو المعمول به بإجماع الأمة ولا ينقضه باجتهاد أظهر عنده من الأول، بل يستأنف الحكم والقضاء ولا يرد الأول. 1616 - وإن كان في ذلك خلاف، فقضي بخلاف رأيه ومذهبه، وهو لا يذكر ذلك ولكن على ما قضى به بعض العلماء فإن أبا حنيفة قال: - يمضي هذا الفصل ولا يرجع عنه. 1617 - وقال أبو يوسف: يرد ذلك، ويقضي بما كان عليه رأيه، وهذا كحكمه بما يذهب إليه الشافعي أو مالك في مسألة يخالف أو حنيفة والقاضي على مذهب أبي حنيفة، والمسائل على ذلك كثيرة.

نفاذ الحكم ظاهرا أو باطنا

فصل هل ينقض الحاكم حكم غيره؟ 1618 - فأما ما حكم به غيره ويرفع إليه فمن ذلك ما يجب عليه إمضاؤه وتنفيذه ومنها ما يجب عليه إبطاله ونقضه، ومنها ما يدعه لا يحكم به ولا يرده. نفاذ الحكم ظاهراً أو باطناً 1619 - اعلم أن الفقهاء اختلفوا في حكم الحاكم هل ينفذ ظاهراً أو باطناً أم لا؟ فقال أبو حنيفة: كل حكم يملك الحاكم إنشاء مثله بولاية الحكم، فإنه إذا حكم به ينفذ ظاهراً وباطناً ويجعل الحلال حراماً والحرام عليه حلالاً. وكل ما ليس له فعل مثله بولاية الحكم لا ينفذ إلا في الظاهر. 1620 - وقال أبو يوسف ومحمد: حكم الحاكم لا يغير صفة المحكوم به فإنه على ما كان عليه عند الله، وإنما ينفذ في الظاهر خاصة، وهو قول الشافعي. 1621 - ومثال الأول العقود التي يملكها على الصغار والكبار، والثاني الغصوب والجنايات والأموال الظاهرة. ما ورد في القضاء بالظاهر من الآثار 1622 - ونحن نذكر من ذلك مسائل ليعرف الحال فيها، ونقدم ما روى في ذلك من الآثار ليكون القاضي قد عرف الحال وما يترتب عليه: الأثر الأول 1623 - فروت أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: - أنكم تختصمون إلي وأن بعضكم ألحن بحجته من بعض، وإنما أنا بشر، فمن قضيت له من مال أخيه شيئاً فلا يأخذه، إنما أقطع له قطعة من النار.

1624 - وقد ذكر الفقهاء خبر أبي هريرة عنه عليه السلام أن رجلين احتكما إليه أحدهما أعلم بالخصومة والآخر بها جاهل فلم يلبث العالم أن قضى له فقام فمضى المقضي له وبقى المقضي عليه فقال: - والله الذي لا إله إلا هو أن حقي لحق. فقال عليه السلام: علي بالرجل. فأتى به فأخبره بما كان من الآخر فقال: - إن شئت عاودته فعاوده فلم يلبث أن قضى له فقام الرجل وحلف الآخر فلم يزل كذلك يفعل ثلاث مرات فقال الرابعة إن شئت عاودته ولكن أعلم أن من اقتطع بخصومته وجدله مال امرئ مسلم بغير حق فإنما يقطع قطعة من النار. فقال الرجل فإن الحق معه. وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متكأ فجلس فقال: - من اقتطع بخصومته وجد له مال امرئ مسلم بغير حق فليتبوأ مقعده من النار. قال أبو هريرة: فكانت الآخرة أشد من الأولى. 1625 - وروى المقداد عن أبيه أن رجلاً خطب امرأة وهو دونها في الحسب فأبت أن تتزوجه فأدعى أنه تزوجها وأقام شاهدين عند علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فقالت: - أني لم أتزوجه. قال: قد زوجك الشاهدان. وأمضى عليها النكاح. 1626 - قال أبو يوسف:

وكتب إلى سعيد يرويه عن يزيد أن رجلين شهدا على رجل أنه طلق امرأته يزور ففرق القاضي بينهما، ثم تزوجها أحد الشاهدين. قال الشعبي: 1627 - فجعل أبو حنيفة ما روى عن النبي -عليه السلام- محمولاً على الأموال الظاهرة والجنايات وما روى علي -رضي الله عنه- والشعبي محمولاً على العقود وجمع بين العملين. 1628 - فعلى هذا الأصل امرأة استأجرت رجلين فشهدا لها على زوجها بالطلاق الثلاث وهو زور ففرق بينهما ثم تزوجها أحد الشاهدين فهو جائز وتحل للشاهد وتحرم على الزوج الأول عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد والشافعي تقع الفرقة في الظاهر دون الباطن ولا يحل لها أن تتزوج بأحد من الناس ولا بأحد الشاهدين، ولا يتزوج الرجل بأختها ولا أربعا سواها، وقالوا مع هذا القول أنها لا يمكن الزوج الأول أن يطأها ولا يخلو بها. 1629 - وقال أبو حنيفة. "فلو كان النكاح قائماً بعد الفرقة ثابتاً بين الزوجين لكان إذا وطئها بعد ذلك لا يحد واحد منهما وقد قالوا يحد. 1630 - وقالوا لو تزوجها رجل جاهل بحالها كانت حلالاً له فكيف يحل فرج واحد لاثنين؟ ولو بلى الثاني بمثل ما بلى به الأول لكان لآخر أن يتزوجها فيؤدي إلى أن تكون حلالاً لجماعة رجال في حالة واحدة وهذا لا يجوز. 1631 - وأبو حنيفة جعل فرقة القاضي طلاقاً لأنه يملك الطلاق على العنين والمؤلى إذا لم يفيء إلى زوجته ويزوج من لا ولي لها، فإذا حكم بالنكاح والطلاق صار من طريق الحكم كأنه هو الذي طلق بنفسه وتزوج بنفسه وباع ورد بالعيب. 1632 - وقد اتفق الجميع على أنه إذا فرق في اللعان وكان الزواج كاذباً عليها أن الفرقة تقع في الظاهر والباطن وتحل لسائر الناس وتحرم على الزوج. 1633 - وهذا قول الشافعي في اللعان.

فصل مالا يمضيه القاضي من أقضية غيره

1634 - وأبو يوسف ومحمد قالا في الكل إنما يقع في الظاهر، واللعان والطلاق سواء في ذلك، وهذا حكم النكاح والطلاق والعتاق والإقالة والبيع والرد بالعيب. 1635 - وأما إذا ادعى مالا في يد غيره أو حيواناً أو رقيقاً أو مهماً كان وشهد له شهود زور فقضى له بذلك لم يسعه أن يأكل ذلك ولا يسع أحد الشاهدين أن يشتري ذلك ولا يأكله إن ورثه وإن قدر المحكوم عليه على أخذ ذلك وتغييبه عن الذي قضى له به وسعه ذلك، ولكن في الجارية لا يحل له أن يطأها خوفاً من وجوب الحد عليه، فأما إن سرقها وغيبها فإنها تحل له. 1636 - وإن اشترى رجل جاهلاً بالحال ذلك المقضي به وسعة التصرف فيه. 1637 - وإذا شهد له بقتل ولي له بالزور فقضى بالقصاص أو الدية لم يكن له ذلك، وكان محرماً عليه، وكذلك هبة المال في رواية وفي أخرى هو مثل العقود. 1638 - ومسائل هذا الباب كثيرة والأصل فيها واحد. فصل مالا يمضيه القاضي من أقضية غيره 1639 - وإذا ثبت ذلك ثم رفع هذا الحكم إلى قاض آخر فكل ما كان من قضاء سائغ غير شنيع أمضاه وإن كان جوراً أو خلاف نص أو إجماع لم يمضه. 1640 - وإن كان الأول فاسقاً أو محدوداً أو ممن لا يجوز شهادته، لو شهد لم ينفذ حكمه، وينفذ ما فيه خلاف بين الفقهاء وإن كان خلاف رأيه إلا في مسائل نذكرها في فصل مفرد استثناها أصحابنا. 1641 - فإن نقضه الثاني ثم ارتفع إلى ثالث نفذ قضاء الأول وأبطل قضاء الثاني، وهذا مثل أن يحكم حاكم بأنه إذا زنا بامرأة لم تحرم الزوجة ولا وطئ بنتها وقضى بصحة نكاح المرأة ثم رفع ذلك إلى من يرى تحريمها بذلك الفعل أمضى النكاح ونفذ قضاء الأول لأنه مختلف فيه.

1642 - واختلف أصحابنا في الزوج فمنهم من قال إن كان يعلم أن ذلك الفعل يحرم لم يسعه المقام مع الزوجة، وإن كان جاهلاً وسعه المقام. 1643 - وكذلك حال الزوجة، وكذلك لو حلف فقال إن تزوجت فلانة فهي طالق ثلاثاً فتزوج امرأة فرافعته إلى من يرى إبطال يمينه فحكم إبطالها ورفعت بعد ذلك إلى من يرى صحتها بعد الحكم الأول وجعلها زوجة وحكم الزوج والزوجة في ذلك سواء إن كان يعلم أن ذلك عامل فيه لم يسعه المقام. وإن كان جاهلاً وسعه المقام. 1644 - ومنهم من قال يسعه المقام في الحالين. 1645 - وكذلك طلاق المكره إذا أبطله ثم رفع إلى آخر فأوقعه ثم رفع إلى ثالث نفذ الأول وأبطل الثاني. 1646 - وكذلك إذا قضى بالقافه والقرعة في رقيق الميت أو رد نكاح امرأة بعيب. 1647 - وكل ما لا يخالف نصاً أو كتاباً أو سنة أو إجماعاً فإنه ينفذ وهذا قول أصحابنا. 1648 - وقال الشافعي: - إن كان القاضي الأول عامياً وحكم أبطل حكمه وجعله كمن لا ينفذ حكمه إذا حكم. فصل 1649 - واختلف أصحابنا فيمن قضى بالشهد واليمين أو بقتل في قسامة

أو بيع أم ولد أو متعة إلى أجل، وإذا قضى على من أعتق نصف عبده أو نصف أمته فقضى بإبطال ذلك أو قضى بالخلاص في الدار والرقيق أو بإبطال حقه لتركه سنين لم يطالب من دار، أو لا حق للنساء في القود وأنه للأولياء فإنه ينقض القضاء في هذا كله عند أكثر أصحابنا. 1650 - وحكى ذلك الخصاف من غير خلاف. وقال غيره من أصحابنا أن ذلك كله ينفذ ولا يبطله. 1651 - وإذا كان الجاني حياً فهو موضع الخلاف وإن كان قد أقيد لم يحكم في ذلك بشيء. 1652 - ولو قضى برد عبد أصابته حمى عند المشتري فرد على بائعه بغير بينة ولا إقرار فإنه يبطله ولا ينفذه. 1653 - وإذا حكم بإبطال ما فعلت المرأة بغير إذن زوجها في بيع وتصرف ورفع إلى آخر أبطل ذلك وأجاز تصرفها إذا كانت بالغة عاقلة وحكمها في ذلك حكم الرجل، وبهذا جاء الشرع والقرآن. 1654 - وكذلك إذا رفع إليها المهر قبل الدخول فاشترت به الجهاز ثم طلقها قبل الدخول فقضى الزوج بنصف الجهاز ثم رفع إلى قاض أبطله ولم ينفذه لأنه غير المفروض. 1655 - وإذا طلق امرأته وهي حبلى أو حائض أو قبل الدخول بها فقضى قاض بإبطال ذلك أو نقضه ثم رفع إلى من لا يرى ذلك أبطله ونفذ على الزوج ما كان منه. 1656 - وقالوا لو ضرب قاض رجلاً حداً في التعريض وأبطل شهادته أبطلنا الحد وأطلقنا شهادته. 1657 - وإن قضى في العنين أنه لا يؤجل نقضه وأجل العنين لأنه خلاف الإجماع من العلماء. 1658 - وإن قضى بما فيه خلاف متقدم فإن كان خطأ عند العلماء رد ذلك. 1659 - وإن كان عند أهل زمانه أنه صواب أنفذه.

فصل فسق القاضي بعد الحكم وما إليه

1660 - وإنما يرد ما كان خلاف العلماء وخارجاً عن لسان الأمة والكتاب والسنة. 1661 - وقالوا لو كان له مال على آخر فقال إن لم أقضك اليوم فامرأتي طالق ثلاثاً وعبدي حر فتغيب عنه المطالب فخشي المطلوب أن يحنث فرفع ذلك إلى الحاكم وأخبره بالحال فنصب وكيلاً وأمره بقبض المال وحكم بذلك ثم رفع إلى آخر قال أبو يوسف: لا يجوز هذا وقال غيره من أصحابنا يجوز. وهو قياس قول الشافعي. 1662 - وقالوا في رجل قدم رجلاً وقال: لأبي على هذا الرجل مال، وأبى غائب وأخاف أن يتوارى هذا فرأى قاض أن يجعله وكيلاً لأبيه وقبل بينته على المال وحكم به ثم رفع إلى آخر أبطله. 1663 - قالوا ويستحسن أن يجيز هذا في المفقود أن جعل ابنه وكيلاً في طلب حقوق أبيه. فصل فسق القاضي بعد الحكم وما إليه 1664 - وإذا بان أن القاضي عبد أو محدود في قذف أو فاسق أو مرتش في الحكم منذ ولى فإن قضاءه يرد ولا ينفذ منه شيء. 1665 - وإن ولى وهو أمين فقضى وحكم ثم فسق بعد ذلك أو عمى أو صار إلى حالة لا تنفذ أحكامه فما كان قبل ذلك نفذ وما كان بعد تلك الحالة لا. 1666 - وحكى القدوري في التجريد في كتاب النكاح أن من أصحابنا من قال إذا فسق فهو على حكمه إلى أن يخرجه الإمام من القضاء وليس هذا بالمذهب وإنما ارتكبه في مسألة الفاسق هل يكون ولياً. 1667 - والمرأة إذا قضت في الحدود والقصاص ترد، ولا يرد قضاؤها فيما تجوز شهادتها فيه. فصل قضاء القاضي لمن ولاه ولولد الإمام 1668 - ويجوز قضاء القاضي لمن ولاه وعليه ويجوز قضاؤه لولد الإمام وعليه.

فصل من لا يجوز قضاؤه له

1669 - ويجوز قضاؤه لأخيه وأخته وعمه وخاله وخالته وعمته. 1670 - ولقاضي القضاة وعليه. 1671 - ولكل من تجوز شهادته له. فصل من لا يجوز قضاؤه له 1672 - ولا يجوز أن يقضي لولده ولا ولد ولده وإن سفل، ولا لأبيه ولا لجده وآبائه وإن علو. ولا لزوجته ولا عبده المأذون ولا مكاتبه وإن كان على عبده دين أو لم يكن من يجوز قضاؤه له 1673 - ويجوز قضاؤه لأب امرأته ولأمها وسائر قرابتها، ولا يقضي لهم بعد الموت إذا كانت الزوجة وارثة. وكذلك زوجة الابن والأب والجد يجوز في حالة الحياة، ولا يجوز بعد الموت إذا كان وارثاً. 1674 - وقالوا لو قدم إليه من لا يجوز قضاؤه من سائر ما ذكرنا فإنه لا ينظر بينهما. فإن فعل وتوجه الحكم على من لا يجوز قضاؤه له فحكم عليه فحكمه جائزة وإن تقدم إليه أبوه وأمه فتوجه القضاء لأحدهما على الآخر ففيه خلاف بين أصحابنا في جواز ذلك ورده. 1675 - وكذلك إذا شهد على أبيه بالنكاح وهو يجحد فيه خلاف بين أبي يوسف ومحمد. وقد ذكرنا خلاف الناس في الشهادة في ذلك والقضاء مثله مع أبي ثور وسفيان وغيرهما. 1676 - وقالوا لو شهد عند القاضي شهود لرجل بحق على آخر فحكم أو

شهادة القاضي المعزول على إقرار

لم يحكم حتى عزل فمات الشهود أو غابوا فسأل الخصم المعزول أن يشهد على شهادة الشهود عنده فإنه لا يقبل ذلك وإن شهد ردت شهادته. 1677 - ومن أصحاب الشافعي من قبل تقبل ويكون شاهد فرع. شهادة القاضي المعزول على إقرار 1678 - واتفق الفريقان على أنه لو أقر لرجل بحق عند المعزول فإن المعزول يجوز له أن يشهد عند الثاني على إقراره، ويحكم القاضي بذلك إذا كان عدلاً. 1679 - وإذا قد ذكرنا حكم علم القاضي وما يقضي به من البينة والإقرار، وما ينفذ فيه حكمه وما لا ينفذ، وجب ذكر كتاب القاضي إلى القاضي لأنه طريق إلى الحكم به أيضاً.

باب كتاب القاضي إلى القاضي

باب كتاب القاضي إلى القاضي وهذا باب يذكر فيه كتاب القاضي إلى القاضي. 1680 - اعلم أن كتب القضاة إلى القضاة يقع الكلام فيها في مواضع. منها جواز ذلك في الجملة. ومنها كيفية قبولها. ومنها الموضع الذي يقبل فيه. ومنها فيما يقبل ولا يقبل. ومنها من الذي يقبلها من القضاء. جواز قبول كتب القاضي إلى القاضي 1681 - أما جواز قبولها في الجملة فقد روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كتب إلى الضحاك بن سفيان الكلابي أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها.

فصل كيفية قبول كتاب القاضي

ولأن بالناس حاجة إلى ذلك، وهو فعل أئمة العدل وولاة الجوز وفعل سائر الحكام في سائر الأعصار فوجب أن يكون ذلك. فصل 1682 - ويكتب بما ثبت عنده من الحقوق ليحكم به وبما حكم به لينفذه الثاني، وهذا لا خلاف فيه أن يكتب به. فصل كيفية قبول كتاب القاضي 1683 - وأما كيفية القبول فلا يقبل بغير بينة. 1684 - وقال أبو ثور يقبل بغير بينة. وذكر الخصاف عن الشعبي أنه كان يجيز كتاب القاضي إذا جاءه بغير بينة. وذكر عن ابن أبي زائد قال: جئت بكتاب قاضي الكوفة إلى أياس بن معاوية فقبله ولم يسألني بينة عليه ففتحه ثم نشره فوجد لي فيه شهادة شاهدين على رجل من أهل البصرة بخمسمائة درهم فقال لرجل على رأسه: - اذهب إلى زياد فقل له أرسل إلى فلان بن فلان فخذ منه خمسمائة درهم وأدفعها إلى هذا. قال فذهب بي ففعل. 1685 - وقال من أجاز ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد كان يعمل

فصل سماع البينة على غائب

بكتبه بغير شهادة، وكان يدعو بكتبه إلى الإسلام كما يدعو بقوله، وهو فعل الخلفاء والأمراء إلى اليوم. وعندنا وعند الشافعي ومالك لا يقبل، لأنه يدعى على القاضي الكتاب فيحتاج إلى شهود على ذلك لقوله عليه السلام: البينة على المدعي. فصل 1686 - ولا يقبل الكتاب وإن عرف الخط والختم. 1687 - وقال أبو سعيد الاصطخري: - إذا عرف المكتوب إليه خط القاضي الكاتب وختمه جاز قبوله، وهذا خطأ لأن الخط يشبه الخط والختم يشبه الختم فلا يؤمن أن يزور على الخط والختم. فصل 1688 - وإن كتب الشهادة التي ثبتت عنده اعتبر مسافة تقصر فيها الصلوة كالشهادة على الشهادة. 1689 - وإن كان قد حكم لم يعتبر ذلك وهو قول الشافعي أيضاً في الفصلين. فصل سماع البينة على غائب 1690 - وإذا طلب الرجل من القاضي أن يسمع من بينته على رجل غائب في بلد آخر ليكتب له بحث لزمه إلى قاضي ذلك البلد، فإن القاضي يسمع من بينته ويذكر اسمه ونسبه إن كان معروفاً عنده، وإن كان لا يعرفه سأل الشهود عن ذلك ثم أثبته، وكذلك اسم المدعى عليه ونسبه إلى أبيه وجده وقبيلته وصناعته، وإن لم يذكروا القبيلة وذكروا الأب والجد قبل ذلك أيضالً، ولا يقبل إن قالوا: زيد الكوفي أو البصري لأن ذلك غير معروف. 1691 - ولا يكتب القاضي حتى تثبت عدالة الشهود عنده، فإذا عدلوا كتب

بما ثبت عنده من حقه وأثبت أشماء الشهود الذين شهدوا عنده وأنسابهم وحلاهم ومواضعهم وأنه قد سأل عنهم فعدلوا عنه. فصل 1692 - ولابد أن يقرأ كتابه على الشهود الذين يشهدهم على الكتاب، ويدفع لإليهم نسخة تكون معهم ويختم الكتاب بحضرتهم ويشهدهم أن هذا كتابه إلى القاضي فلان بن فلان قاضي بلد كذا، وهذا خاتمي عليه ويدفع الكتاب إلى الطالب. 1693 - وقال الشافعي: استحب ذلك ولا أوجبه. 1694 - وقال الحسن: قال أبو حنيفة: "وإن قرأ عليهم الكتاب ولم يختمه بحضرتهم وهم لا يحفظون ما فيه وليس نسخة معهم لم يجز ذلك. 1695 - وقال أبو يوسف: يجوز الكتاب ويقبله الذي يرد عليه وإن لم يقرأه عليهم بعد أن يشهدهم على نفسه أنه كتابه وخاتمه، وهو قول الشافعي. فصل 1696 - قال أبو يوسف: - وانفذ كتب الخلفاء بغير بينة، وينفذ الخلفاء كتب القضاة بغير بينة. 1697 - وقال أبو حنيفة والشافعي لا يقبل الجميع بغير بينة. فصل وقال أبو يوسف: 1698 - ويقبل كتاب القاضي إذا قال:

فصل ما يجوز فيه كتاب القاضي إلى القاضي

من فلان بن فلان إلى قاضي بلد كذا أو إلى من يصل إليه هذا الكتاب من قضاة المسلمين وحكامهم ولم يعين اسم أحد بعد أن يكون من يصله مولى قبل الكتاب، ولا يقبله من ولي بعد ذلك. 1699 - ولا يقبل هذا عند أبي حنيفة على هذا الإطلاق. 1700 - كما لا يقبل كتاب من يكتب فيقول: من قاض من قضاة المسلمين. ولا يذكر نسبه واسمه. 1701 - وأول من عمل بالعراق من القضاة على قول أبي يوسف هو شيخنا قاضي القضاة رحمه الله لأنه امتنع أن يخاطب قضاة خراسان فسلك هذه الطريقة وكانت غريبة في العمل، فعمل بها جميع قضاة الوقت وكتبوا هم إليه بمثل ذلك، وصار سنة مألوفة لطول نظره وعمله بها ولو كان هذا مذهبنا لما سبق الناس إليه في العمل وحده. فصل ما يجوز فيه كتاب القاضي إلى القاضي 1702 - وكتب القضاة إلى القضاة جائزة في سائر حقوق الناس: الديون والعقارات والشركات والغصوب والودائع. 1703 - واتفق أصحابنا على أنه لا يكتب في الحيوان الدواب والرقيق وجميع ما ينقل ويحول. واختلفوا في العبد فقال أبو يوسف:

أكتب في العبد إذا حلوه ووصفوه فإذا ورد الكتاب على القاضي ختم في عنق العبد وبعث به مع الرجل الذي أتاه بهذا الكتاب وأخذ منه كفيلاً بالعبد حتى يصير العبد إلى الكاتب فيشهد الشهود على عين العبد ثم يكتب القاضي كتاباً آخر إلى القاضي فيحكم بالعبد للطالب ويبرئ كفيله، وأجاز ذلك في العبد دون الأمة. 1704 - أبو حنيفة سوى في جميع المنقولات. 1705 - كما قالوا بأنه لا يسمع الدعوى على منقول حتى يكون حاضراً عند الحاكم ويشهد الشهود على عينه. 1706 - وكما لا تجوز الشهادة فيه على الشهادة لا يجوز كتاب القاضي فيه إلى القاضي. 1707 - وكذلك قال الشافعي في كتاب القاضي إلى القاضي. فصل 1708 - ولا يكتب في حد ولا قصاص كائناً ما كان في نفس ولا طرف. 1709 - ولا يكتب لرجل أنه قد وفا فلاناً ماله عليه، أو سلمت الوديعة التي كا نت له عندي أو أنه وهبها لي أو أبراني لأني لا أعلم هل يدعي ذلك أم لا. 1710 - وكذلك لو كان حاضراً ما يسمع هذه الدعوى. 1711 - وقالوا: لا يكتب بإسقاط شفعة عليه لغائب أنه كان قد أسقطها عنه. 1712 - وقال محمد بن الحسن: اكتب له بذلك. 1713 - ولا يكتب لامرأة ادعت طلاقاً على زوجها وهو غائب وقالت لا آمن أن يتعرض لي هناك.

فصل 1714 - وقالوا لو حضر المطلوب بالدين والمشتري والزوجة وقال: قدمني خصمي إلى قاضي كذا فقضى علي بالدين والشراء والنكاح، وقد كان استوفى ذلك مني وسقطت شفعته عني وطلقت منه، وأقام كل واحد بينته بذلك فإنه يكتب له ويسمع، وهذا اتفاق والأول على الخلاف. فصل 1715 - وإذا كنت فيما يجوز أن يكتب فيه فضاع الكتاب من المدعي، فسأل أن يكتب له بدله فإنه يفعل، ويذكر في الكتاب الثاني أن الخصم ذكر أنه ضاع الكتاب الأول. 1716 - وكذلك إن انتقل المطلوب إلى بلد آخر كتب له كتاباً آخر إلى البلد الآخر. فصل 1717 - قال أصحابنا: لو ثبت حقه وكتب له فحضر المطلوب عند الكتاب، فإنه لا يحكم بشهادة من شهد عنده حتى يعيدوا الشهادة بحضرته لأنها شهادة على غائب. 1718 - وإذا ثبت نسب أو غرث وعدد ورثة عنده كتب بذلك كله. فصل 1719 - ويكتب لكل جناية يجب بها المال قليلاً كان أو كثيراً إذا ثبت عنده. 1720 - ولا يكتب في دار حتى يحدها بأربعة حدود أو ثلاثة عند أبي حنيفة، وعند زفر والشافعي لابد من ذكر الحدود كلها. وعند أبي يوسف ومحمد يكفي إذا كان ذلك مشهوراً.

فصل 1721 - وما علمه القاضي فيما خلا الحدود والقصاص وطلب صاحب الحق أن يكتب له بذلك فعل وفسر الحال في ذلك، فإن كان من رأي القاضي أن لا يقضي بما علمه قبل القضاء لم يقبل ذلك، وإن كان رأيه أنه يجوز، قبل ذلك. 1722 - ولو علم وهو يهودي فأسلم أو هو عبد فأعتق أو صبي فبلغ ثم استقضى بعد العتق والإسلام والبلوغ وسأله الطالب أن يكتب له فكتب بذلك فإن أبا حنيفة قال: لا ينفذ المكتوب إليه. 1723 - وقال أبو يوسف ينفذ وجعل ذلك كالشهادة إذا زال المانع. 1724 - وهو قول الشافعي. 1725 - وفرق أبو حنيفة بين الحكم والشهادة لأن الحاكم لا يحكم بعلمه وإن لم يكن هناك منع، فمع المنع أولى. فصل 1726 - وتكتب له شهادة الرجل الواحد والمرأة الواحدة، فإذا وصل الكتاب إلى المكتوب إليه قال للخصم. - هات تمام الشهادة، كما لو شهد وهو حاضر. فصل 1727 - وقال أصحابنا: - لو حضر رجل وامرأة فادعيا أن لهما ولداً في يد إنسان قد سرقه وأنه معروف النسب منهما، ونحن نقيم البينة بذلك عندك فاكتب لنا بذلك إلى فلان القاضي فإنه يكتب في قول أبي يوسف. 1728 - وقال أبو حنيفة.

فصل ادعت أنها حرة

لا يكتب بذلك. 1729 - وقال أبو يوسف: لا أكتب للأحرار إلا الأب أو الأم أو الزوج يدعي المرأة، ولا أكتب لما سوى الأبوين ما داما أحياء فإذا مات الأبوان كتب لكل وارث. فصل 1730 - وقالوا: لو استحق رجل أمة لقضى القاضي للمستحق بها، فقال المطلوب: - أمتي اشتريتها من فلان بن فلان وهو في بلد كذا، ودفعت إليه الثمن، وشهودي ههنا فاسمع منهم واكتب لي فإن القاضي يكتب له ما يصح عنده من ذلك. وهذا اتفاق. فصل ادعت أنها حرة 1731 - وإذا ادعت جارية في يد رجل أنها حرة الأصل، وقد كانت أقرت بالرق وأقامت بينة بحرية الأصل فجعلها القاضي حرة، فقال الخصم: اشتريتها من فلان وهو في موضع كذا فاسمع مني شهودي واكتب لي، فإنه يفعل ويكتب له بما سمع. 1732 - ولو لم تقم البينة بحرية الأصل ولا كانت أقرت بالرق ولا بينة لمن هي في يده بالرق عليها فجعلها القاضي حرة، فقال من هي في يده للقاضي: فإنه لا يسمع من شهوده ولا يكتب له، وليس هذا كالبينة في المسألة الأول، لأن ذلك شهادة على من كانت في يده من الباعة والمشترين والقاضي في مسألتنا أخرجها من يد المشتري بإنكار الرق ودعواها أنها حرة فليس هذا حكماً على البائع، لأن البائع والمشتري قد أجمعها على أنها كانت مقرة بالرق، ولهذا لو

فصل كتابه القاضي في عقار في يد غائب

حضر البائع فأقر له المشتري برقها واعترف هذا بالبيع والتسليم لم يلزم رد الثمن لأن الاستحقاق ليس بالبينة. فصل 1733 - ولو قال المشتري للقاضي: حلف البائع أنها ليست بحرة الأصل حلفه القاضي. فإن حلف فلا شيء عليه، وإن نكل عن اليمين ألزمه القاضي برد الثمن على المشتري. فصل كتابه القاضي في عقار في يد غائب 1734 - ولو ادعى عقاراً في بلد القاضي وحدده وقال: إنه لي، وهو في يد فلان الغائب فاسمع بينتي واكتب لي فإنه يفعل ذلك ويكتب، وإنما فعل ذلك لأن الغائب هو الخصم فلابد من سماع حجته، فإذا وصل الكتاب إلى القاضي المكتوب إليه أحضر الخصم وقرأ عليه الكتاب وسأله عن حجة يدلي بها، فإن أدلى بحجة وإلا حكم عليه. فصل العقار في بلد المكتوب إليه 1735 - وإن كان الشيء في بلد المكتوب إليه فإنه إن أدلى بحجة وإلا أمره بالتسليم ثم سجل للطالب بذلك، يشهد على نفسه، فإذا أورد الطالب القضية على الكاتب وأقام بينة عليها وليس خصمه حاضراً لم يقبل ذلك ولم ينفذ الحكم، ولكن المكتوب إليه إذا حكم للطالب وأمر المطلوب بالتسليم إليه، فإن امتنع من ذلك والدار في بلد الكاتب فإنه يكتب إليه كتاباً معه يحكي كتابه الذ يوصله بما ثبت لفلان عنده، ويخبره أنه جمع بين الطالب والمطلوب، وقرأه عليهما بعد الشهادة بأنه كتابك إلى وخاتمك، فدعوته بحجة فلم يأت بما يدفع ما ثبت لفلان عليه، وإني حكمت لفلان عليه بذلك وسجلت به سجلاً، وأمرت بتسليم ذلك إلى فلان، والخروج إليه منه فامتنع من تسليمه إليه،

فصل ما يفعله حين يرد عليه كتاب قاض آخر

وذلك قبلك وفي عملك، وسألني الكتاب إليك وإعلامك قضيتي له بذلك لتسلم إليه الدار وتأمر بدفعها إليه فأجبته إلى ذلك فأعلمتك به، فاعمل بما يجب في ذلك عليك، وسلم هذه الدار المذكورة إلى فلان موص كتابي هذا على الواجب في الشرع والدين. فصل ما يفعله حين يرد عليه كتاب قاضٍ آخر 1736 - وإذا ورد الكتاب على القاضي من قاض بحق برجل يجوز أن يكتب به، فإن القاضي يجمع بين الذي جاء بالكتاب وبين خصمه والشهود الذين يشهدون على الكتاب، فإذا حضر الخصم وادعى عليه الحق فإن أقر فلا كلام، وحكم بإقراره وإن أنكر أحضر الكتاب، فإذا شهد الشهود أن هذا كتاب فلان إليك وهو قضي بلد كذا وكذا وهذا خاتمة فإن القاضي يسألهم هل قرأه عليهم وختمه بحضرتهم أم لا؟ فإن شهدوا بذلك كله قبله وإن قالوا لم يقرأه علينا ولكنه ختمه بحضرتنا أو قرأه علينا ولم يختمه بحضرتنا لم يقبله ولم يحكم بما فيه. 1737 - وقال أبو يوسف يقبله في ذلك كله ويحكم به. وهو قول الشافعي أيضاً. ويحكم حينئذ بما فيه إذا كان شرط "الحكم" به موجوداً فيه. 1738 - وإذا كان العنوان: فلان بن فلان إلى فلان لم يقبله. وكذلك إذا قال: من أبي فلان إلى ابي فلان، لم يقبله عند أبي حنيفة إلا أن تكون الكنية معروفة مشهورة كأبي حنيفة. 1739 - وقال أبو يوسف يقبل إذا قالوا هذا كتاب القاضي إليك. 1740 - وقال أبو حنيفة: إذا ذكروا اسم الجد ولم ينسبه إلى أبيه لم يقبل. 1741 - وعند أبي يوسف يقبل إذا قالوا كتاب القاضي إليك. 1742 - وقال محمد بن الحسن: إذا لم تكن الأسماء والكنى في داخل وكانت على العنوان لم يقبله ولم يحكم به.

موت المكتوب إليه الخ

1743 - ويقبل عند أبي يوسف والشافعي. فصل تعديل الشهود على كتاب القاضي 1744 - وإذا شهدوا على الكتاب وخاتم القاضي وهو كتاب صحيح لم يفضه القاضي حتى تثبت عنده عدالة الشهود، فإذا ثبت فضله بحضرة الطالب والمطلوب، وإن لم يثبت العدالة لم يفضه وجعله في درج المحضر حتى يسأل عن الشهود، فإن لم يعدلوا قال للطالب زدني شهوداً على التاب. 1745 - وهذا قول جميع من اعتبر الشهادة عليه وجعلها شرطاً في قبوله. فصل موت القاضي الكاتب وعزله 1746 - وإن لم يصل الكتاب حتى مات القاضي الكاتب، أو عزل، أو عمي أو فسق، أو صار في حالة لا يقبل حكمه، لم يقبل الكتاب ولم ينفذ عندنا. 1747 - وقال الشافعي يقبل، ويحكم به إذا كان قد حكم به وإن كان لم يحكم به لم يقبل في الفسق ولا فيما سوى الموت كما لو فسق شهود الأصل. فصل ضاع الكتاب وهرب الخصم 1748 - ولو ضاع الكتاب قبل أن يوصله أو هرب الخصم، فسأله المدعي أن يكتب له كتاباً إلى القاضي الكاتب، أو إلى البلد الذي صار إليه الخصم، ويعرف صورة الحال، فليس عليه أن يفعل ذلك عندنا. موت المكتوب إليه الخ 1749 - وقال أصحابنا: لو مات المكتوب إليه أو عزل أو فسق ثم ولى غيره القضاء لم يجز له قبوله والحكم به.

فصل وصول الكتاب بعد مغادرة الخصم

1750 - وقال الشافعي: لمن ولى أنه يقبله ويحكم به لأن المعول على ما حفظه شهود الكتاب وتحملوه. ومن تحمل شهادة وجب على كل قاض العمل بها. 1751 - وعندنا أن القاضي المكتوب إليه كشهود الفرع إذا حملوا الشهادة لم يكن لغير من حملها أن يقبل ذلك ولا يشهد. فصل وصول الكتاب بعد مغادرة الخصم 1752 - ولو وصل الكتاب إلى القاضي وقد خرج خصمه من البلد، وطلب من القاضي أن يكتب له بذلك إلى البلد الآخر، أنه وصله من فلان القاضي فإنه يكتب له بذلك إلى ثالث ورابع وكذلك أبداً حتى ينتهي إلى البلد الذي فيه الخصم. فصل مرض الشهود في الطريق 1753 - وقال لو مرض الشهود في الطريق فاشهدوا على شهادتهم لقوم آخرين فإن القاضي يقبل ذلك ويسمع الشهادة على الشهادة مثل الشهود بالكتاب، وكذلك أن بدا للشهود من السفر. فصل 1754 - ولو قال الطالب للقاضي: أكتب إلى قاضي كذا فإن كان خصمي هناك وإلا أكتب إلى قاضي كذا، فإنه يفعل ذلك، فإذا ورد الكتاب على الأول وسأله أن يكتب إلى الثاني فإنه يفعل ذلك ويكتب على ما سأل.

فصل إلى فلان أو فلان

فصل إلى فلان أو فلان 1755 - وإن كتب الكتاب إلى فلان أو فلان فأي القاضيين ورد عليه الكتاب أنفذه وعمل به عند أبي يوسف لأنه لو كتب إلى من يصل إليه من القضاة جاز ذلك عنده إذا كانت ولايته قبل أن ينفذ الكتاب وأنفذه وأجازه. 1756 - وعند الشافعي ينفذه وإن ولي بعد الكتاب. 1757 - وقال أبو حنيفة لا ينفذ الكتاب ولا يقبله إلا إذا عين واحداً من الناس. فصل هرب الخصم بعد فض الكتاب 1758 - وإذا هرب الخصم بعد فض الكتاب وقراءته عليه قبل الحكم به، فسأل الطالب القاضي أن يكتب له إلى قاضي البلد الذي فيه الخصم، فعند أبي يوسف ينصب له وكيلاً ويحكم كما لو أقام رجل بينة على دعواه بمحضر من خصمه ثم غاب المطلوب، فإنه ينصب عنه وكيلاً وينفذ الحكم عليه. وقال ههنا لا يكتب. 1759 - وقال محمد: - لا يقضى عليه بشيء حتى يحضر إلا أن يكون المطلوب أقرَّ بالحق ثم غاب فإنه يحكم عليه. 1760 - وقال أبو يوسف هما سواء، ويحكم عليه إذا غاب. 1761 - وقال محمد في «كتاب القاضي» إذا كان قد سمع من البينة بمحضر من المطلوب ثم غاب ولم ير الحكم عليه فإنه يكتب إلى قاضي ذلك البلد الذي هو فيه. 1762 - والشافعي يحكم على الغائب وعلى من في المصر في أحد الوجهين. 1763 - وإذا مات المطلوب بالحق فإن القاضي يسمع الكتاب على وارثه أو وصِيه ويحكم بما فيه إن كان تاريخ الكتاب قبل الموت أو بعده.

فصل كتاب القاضي بما لا يراه المكتوب إليه

فصل كتاب القاضي بما لا يراه المكتوب إليه 1764 - وإن ورد كتاب القاضي بما لا يراه المكتوب إليه جائزاً مما قد اختلف فيه العلماء لم ينفذه لأنه ليس بقضية، وإنما هو بمنزلة الشهادة. 1765 - وإن كان قد حكم وأمضى الحكم بذلك أمضاه، لأنه بمنزلة ما حكم به مما يختلف فيه العلماء. 1766 - وهو قول الشافعي في القصاص أيضاً. فصل الإضافة للأب والجد 1767 - وإن كان في الكتاب أن فلاناً أقام عندي بينة أن له على فلان كذا لم يقبل الكتاب حتى يضيفه إلى أبيه وإلى جده، أو يحادثه ويعرفه بما يعرف به، ومتى كان في ذلك البلد إنسان على مثل ذلك الاسم والنسب والصناعة لم يقبل الكتاب إلا أن يقيم الطالب بينة أنه هو المكتوب فيه الكتاب. فصل تشابه الأسماء في البلد 1768 - وإن لم يكن أنفذ الحاكم الكتاب فقال المطلوب أنا أقيم بينة أن في هذا البلد رجلاً كان على هذا الاسم وأنه مات، لم أقبل ذلك إلا أن يكون حياً، ولا أنظر في حال من مات إلا أن يكون موته بعد تاريخ الشهادة بالحق الذي في الكتاب. فإن كان بعد التاريخ أبطلت الكتاب حتى ينسب إلى شيء أعلم أنه هو. وإن كان الذي على ذلك الاسم قد مات قبل ذلك بزمان ودهر أنفذت الكتاب على الحي. 1769 - وقال الشافعي: وإذا وصل الكتاب إلى الم كتوب إليه فحضر الخصم وقال: لست بفلان بن فلان فالقول قوله مع يمينه، لأن الأصل أنه لا مطالبة عليه.

الإشهاد على ثبوت الحق بالبينة

1770 - وإن أقام المدعي البينة أنه فلان بن فلان، فقال إلا أني غير المحكوم عليه لم يقبل قوله الأول إلا أن يقيم بينة أن له من يشاركه في جميع ما وصف، لأن الأصل عدم من يشاركه فلم يقبل قوله من غير بينة فإن أقام بينة أن له من يشاركه في جميع ما وصف به، توقف عن الحكم حتى يثبت من الحكم عليه منها. فصل 1771 - وإذا حكم المكتوب إليه على المدعى عليه بالحق، فقال المحكوم عليه: أكتب بي إلى الحاكم الكاتب أنك حكمت علي حتى لا يدعى ثانياً، فقد اختلف في ذلك: فمنهم من قال يلزمه لأنه لا يأمن أن يدعي عليه ثانياً ويقيم عليه البينة فيقضى عليه ثانياً. ومنهم من قال لا يلزمه لأن الحاكم أنما يكتب ما حكم به أو ثبت عنده، والكاتب هو الذي حكم أو ثبت عنده دون المكتوب إليه. فصل الإشهاد على ما ثبت من الإقرار 1772 - وإذا ثبت عند القاضي حق بالإقرار فسأله المقر له أن يشهد على نفسه بما ثبت عنده من الإقرار لزمه ذلك لأنه لا يؤمن أن ينكر المقر فيلزمه الإشهاد ليكون حجة له إذا أنكره. فصل الإشهاد على ثبوت الحق بيمين المدعي 1773 - قال أصحاب الشافعي: وإن ثبت عنده الحق بيمين المدعى بعد نكول المدعى عليه، فسأله المدعي أن يشهد على نفسه، لزمه لأنه لا حجة للمدعي غير الإشهاد. الإشهاد على ثبوت الحق بالبينة 1774 - وإن ثبت عنده الحق بالبينة فسأل الإشهاد ففيه وجهان: أحدهما

فصل الإشهاد على براءة الحالف

أنه لا يجب لأن له بالحق بينة فلم يلزم القاضي تجديد بينة أخرى، وهذا قول عامة صحابنا. والثاني يلزمه لأن في إشهاده على نفسه تعديلاً لبينته وأساساً لحقه وإلزاماً لخصمه. فصل الإشهاد على براءة الحالف 1775 - وإذا ادعى على رجل حق فأنكره وحلف عليه، وسأل الحالف القاضي أن يشهد على براءته لزمه الإشهاد ليكون حجة له في سقوط الدعوى، حتى لا يطلب الحق مرة أخرى. فصل إثبات ما جرى في الخصومة في المحضر 1776 - واختلف في لزوم القاضي أن يثبت في المحضر بما جرى في الخصومة إذا طلب أحد الخصمين: فمنهم من أوجبه ومنهم من لم يوجبه. 1777 - واتفق الجميع على أنه لا يجب الإشهاد عليه والتسجيل إذا لم يكن عنده كاغد من بيت المال وإن كان عنده أو دفع إليه الخصم الكاغد فعندنا لا يلزمه، وعند أصحاب الشافعي يلزمه في أحد الوجهين وكذلك قولهم في المحضر. أخذ القاضي الأجر على السجل 1778 - وحكى شيخنا قاضي القضاة رحمه الله عن ابن شريح أنه أخذ على سجل سجل به ألف دينار، وكان بينه وبين ابن داود خصومة فولب عليه أبو بكر بن داود الخصم، وقال له:

طالبه بالدنانير، وشنع عليه فلما اجتمع الخصم به وعزم على المطالب قال له ابن شريح: - بمن ترضى من أهل العلم يحكم بيننا فهل ترضى بابن داود؟ فقال الرجل: نعم فحضرا عنده والرجل يعرف باطن ابن داود في القضية، فلما رأى ابن شريح قد أقبل إليه قام له واستقبله. فقال ابن شريح له: - يا أيها الشيخ هل يجب على الحاكم أن يسجل على نفسه بما ثبت عنده؟ فقال: - لا يجب عليه ذلك فقال ابن شريح: - فما لا يجب عليه هل يجوز أن يأخذ عنه عوضاً أم لا؟ فقال: له أن يأخذ عنه العوض. فقال له: - فاعلم هذا الشيخ أنه لا يجب على رد ما أخذت على سجلي على نفسي. 1779 - وهذا مذهب لا يصح، لأنه قد لا يجب على الإنسان الشيء ومع هذا لا يجوز أن يأخذ العوض عليه كصلوة النافلة. 1780 - وقد ذكرنا فيما تقدم قولهم في الأجرة على الشهادة والرزق على الحكم عندنا فلا معنى لإعادته. فصل 1781 - ولا يقبل الكتاب إذا قال فيه: على فلان بن فلان البكري أو التميمي حتى ينسبه إلى الفخذ الذي هو منه. 1782 - ولو قال الخصم: أنا فلان بن فلان الفلاني وليس لهذا على شيء لم يقبل ذلك منه ولم يكن في هذا حجة.

عمل قاضي القضاة بالمشافهة

فصل 1783 - وإن قال دفعت المال إليه أو أبراني أو أتى مخرجاً بذلك قبل القاضي ذلك منه. 1784 - وإن قال: لست بفلان بن فلان الفلاني والقاضي لا يعرفه، فالقول قوله، وقد مضت. فصل رسول القاضي إلى القاضي ومشافهته 1785 - وإذا أرسل القاضي إلى القاضي رسولاً بما كتب به أو شافهه به في عمله لم يقبل ذلك ولم ينفذه لأن الكتاب بمنزلة الشهادة. عمل قاضي القضاة بالمشافهة 1786 - وكان شيخنا قاضي القضاة رحمه الله يعلم خلفاءه ما ثبت عنده من الحقوق مشافهة وبرسالة ويحكمون بذلك على الخصوم ويستوفون الحقوق ويحبسون بذلك القول لهم، والنص في الرواية ما ذكرناه دون ما كان يعمله. فصل 1787 - وإذا مات الكاتب أو عزل بعد وصول الكتاب وقراءة ما فيه أمضاه. ولو فسق أو صار في حال لا يجوز حكمه من ذهاب عقله بعد وصول الكتاب لم ينفذ ما فيه ورده هذا القاضي. 1788 - وقال أبو يوسف: إذا عمي بعد الوصول أنفذ، كما لو مات، وهو قول الشافعي. كتاب العامل وقاضي الرستاق 1789 - ولا يقبل القاضي كتاب عامل ولا قاضي رستاق ولا قرية إلا قاضي مصر من الأمصار أو مدينة فيها منبر وكان شيخنا قاضي القضاة رحمه الله يقبل كتب قضاة السواد ويحكم بها، غير أن سواد العراق في كل موضع منبر وخطبة، وفي بعضه أسواق وحكمه حكم المدن في غير العراق. فصل 1790 - وقالوا لو كتب القاضي إلى الأمير الذي استعمله وهو معه في المصر

كتابة القاضي بما تسمع فيه البينة

- أصلح الله الأمير ثم قص القصة وبعثه مع ثقة ولم يشهد على الكتاب جاز وقال محمد: استحسن أن ينفذه وإن كان في مصر آخر لم ينفذه حتى يكتب اسم الأمير واسم أبيه واسم القاضي واسم أبيه. فصل 1791 - وإن انكسر خاتم القاضي وعليه خواتم الشهود فإن القاضي يقبله، وكذلك لو شهدوا أنه قرأه علينا وأشهدنا عليه فإنه يقبله، وكذلك إن كان الكتاب منشوراً أو في أسفله خاتم فإنه يقبله إذا شهد الشهود عليه، وإنه قرأه عليهم، وهكذا قول أبي يوسف والشافعي في هذه الوجوه كلها. 1792 - وفي قول أبي حنيفة لا يقبل. فصل الطعن في الشهود والقاضي والكاتب 1793 - وإذا طعن المطلوب بالحق في الشهود أو القاضي الكاتب وذكر فيهم ما يوجب وقوف حكمه وشهادتهم، وأقام بينة بأنهم فسقة أو محدودون في قذف أو عبيد أو ذمة، فهذا شبهة توقف الحكم وتمنع من إمضاءه، وهذا في قول جميع من نعلمه من الفقهاء ممن لا يقبل شهادة محدودة أو عبد أو ذمي في ذلك على ما تقدم بيان ذلك. كتابة القاضي بما تسمع فيه البينة 1794 - وكل ما استمع فيه بينة ويحكم بها إذا كان حاضراً فإنه يكتب بها إذا كان غائباً إلا المواضع التي ذكرناها من الحدود والقصاص وما ذكرناه، وفي هذه الأبواب والفصول مسائل كثيرة نذكرها في المحكوم به. 1795 - وإذ قد ذكرنا صفة القاضي وما يجب كونه عليه من الأمور والمقتضي له وطريق القضاء، وذكرنا ما في ذلك من المسائل والأبواب، وجب ذكر المقضي به من الحقوق وهذا يقتضي أن نذكر الكتب والمعاملات وسائلاً الأفعال والأقوال، ونرتب ذلك على ترتيب الكتب، ونبدأ في ذلك إن شاء الله بكتاب البيوع.

كتاب البيوع

المقضي به من الحقوق كتاب البيوع وهذا كتاب البيوع أنواع البيع 1796 - اعلم أن البيوع على ثلاث أضرب: بيع مجمع عليه وعلى صحته وبيع مجمع على تحريمه وفساده وبيع مختلف فيه، يجوز عند بعض الفقهاء ولا يجوز عند بعضهم. أسباب الخلاف في البيع 1797 - والخلاف الواقع في البيع إما أن يكون في أصل البيع أو في صحته أو فساده أو في قبضه، أو في ثمنه، أو في مقداره أو في تأجيل الثمن أو في الثمن والمبيع جميعاً أو شرط الخيار أو في مقداره أوفي الرهن المشروط فيه أو كفيل فيه أو يدعيه المتعاقدان لهما أو لغيرهما أو ورثتهما أو ورثة أحدهما أو وكيلهما أو في العيب بالعوضين أو أحدهما. 1798 - ونحن نفصل هذه الجملة، ونذكر ما اتف قعليه منها، وما هو مختلف فيه، ونذكر جملة ما يشتمل عليه البيع من مسائل الخلاف المتكلم فيه والمناظر فيه اليوم دون ما بعد وشذ القائل به. باب الرجل يدعي على غيره بيع سلعة 1799 - وإذا ادعى على رجل بيع سلعة أو عقار أو حيوان أو شيء تسمع الدعوى عليه فإن القاضي يعدى عليه، فإذا أحضر إليه سوى بينهما في المجلس ولم يرفع شريفاً على وضيع ولا مسلماً على ذمي، ولم يخص أحدهما بأمر ولا تقريب ولا سر [كذا] ولا يسأله عن حاله وبذلك جاءت السنة وثبتت القضايا.

1800 - فإذا حضرا بين يديه سأل المدعي عن دواه فإن كانت في منقول اعتبر حضوره عنده وإن كانت في عقار اعتبر أن يحده بحدوده ويصفه ويميزه. ترتيب التسليم 1801 - وإذا ادعى عليه البيع بالثمن المعلوم وصحت الدعوى من وجوه الفاسد والجهالات سأل المدعى عليه، فإن أقر أمر بتسليم المبيع أولاً عند الشافعي ثم يأمر المشتري بتسليم الثمن. 1802 - وقال أصحابنا جميعاً إذا أقر بالبيع أمر المشتري بتسليم الثمن إذا كان ديناً وإذا كان عيناً بعين أو ثمناً بثمن سلما معاً. 1803 - وللشافعي في ذلك ثلاثة أقوال: أحدهما كما قلنا والثاني الخيار إلى الحاكم والثالث يقرع بينهما حالة جحد البيع 1804 - وإن جحد البيع سأل المدعي عن البينة، - ألك بذلك بينة ألم لا؟ فإن قال لا بينة لي، قال له: - لك اليمين على الخصم. ثم أعلم المدعى عليه بذلك، وقال له: - أتحلف؟ فإذا قال نعم وبذلك اليمين، قال للمدعي: تريد أن أحلفه لك؟ فإن قال نعم قال للمدعى عليه: أتحلف؟ فإذا قال: نعم

قال له: قل والله، وحلفه بهذه اليمين التي وصفناها وبما وصفنا، ويقول له: - بالله ما بعته الذي ادعاه من العبد أو الدار بالثمن الذي ادعى. تعريض البائع 1805 - إلا أن يعرض البائع أن الإنسان قد يبيع ثم يرجع إليه بأمر آخر فإنه يحلفه: - ما بينك وبين هذا بيع تام قائم الساعة فيما ادعى. 1806 - وروي عن ابن زياد أنه قال: لا أحلفه إلا على هذا الأخير عرض الخصم أو لم يعرض، لأن حلفه على هذا يأتي على دعوى المدعى. 1807 - وقال بعض أصحاب الشافعي: - يحلفه: لا يستحق عليك هذا الذي يدعيه بالبيع. 1808 - ومن أصحابنا من قال: أحلفه ما هذه الدار شراء لهذه الساعة بما ادعى من الثمن؟ 1809 - وإن شاء حلفه: ما هذا البيع الذي ادعى عليك في ذلك قائم له فيها الساعة بهذا الثمن على ما ادعى. 1810 - فإن حلف برئ من الدعوى وإن نكل عن اليمين قضى عليه بالبيع عندنا، وعند الشافعي ومالك برد الثمن. فصل 1811 - وإن قال: لي بينة ولكن غائبة عم المجلس فحلفه لي:

فأبو حنيفة لا يحلفه. وأبو يوسف يحلفهن وبه قال الشافعي، وقد مضى شرح ذلك فيما تقدم. 1812 - وإنما جعلنا القول قوله مع يمينه لأن الأصل عدم التبايع، فمن ادعى البيع فهو المدعي. 1813 - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: - "إذا اخلف المتبايعان فالقول ما قال البائع" ولأن الأصل بقاء ذلك وزواله مشكوك فيه، وهذا شأن جميع العقود التي يدعيها بعض الناس على بعض، فاجعل الأصل عدم ما يدعيه الإنسان على غيره من سائر الدعاوى، لأن الأصل براءة الذمة وفراغ الساحة وطريق شغلها إنما هو الشرع. 1814 - وكذلك إن كان المدعي للبيع صاحب السلعة والمشتري هو المنكر للبيع فالحكم في ذلك سواء، ولا فرق في هذا بين دعوى الرجل لنفسه أو لغيره أو لولده أو لشريكه أو لمولاه أو لعبده، فالحكم في ذلك سواء. 1815 - ولا خلاف بين العلماء أن القول قول المنكر للبيع مع يمينه، وإنه لابد من اليمين لتسقط الدعوى في البيع وفيما يصح بدله عند أبي حنيفة. 1816 - وما لا يصح فقد ذكرنا فيما تقدم ما يستحلف فيه وما لا يستحلف فيه فلا وجه لإعادته.

فصل اتفاقهما على البيع واختلافهما في فساده الأصل في العقود الصحة

فصل اتفاقهما على البيع واختلافهما في فساده الأصل في العقود الصحة 1817 - وأما إذا اتفقا على البيع، واختلفا في فساده فالأصل عدم الفساد، لأن دخول كل متعاقدين في عقد اعتراف منهما بصحة ذلك العقد. 1818 - والوجه الآخر: القول لمن يدعي الفساد. 1819 - إلا أن يكون العقد يشهد بالفاسد أو فيما يقتضي الفساد فيعمل بذلك فيه، ويجعل القول قول من يدعيه كالمشتري لام ولد أو لمكاتب أو مدبر أو مالا يجوز شراؤه ولا بيعه عند الحاكم الذي ارتفع فلا يسمع الدعوى. فصل اختلافهما في القبض الأصل عدم القبض 1820 - وإذا اختلفا في قبض المبيع أو قبض الثمن فالقول قول الذي ينفي ذلك، والبنية بينة المثبت للقبض منهما إذا أقاما بينة. 1821 - وهذا لا خلاف فيه لأن الأصل عدم القبض، والقضب أمر حادث فمن ادعاه فهو المدعي، فإذا شهدت بينة بأنه لم يقبض، والأخرى بالقبض فبينة القبض مثبتة للحكم والأخرى نافية، فتكون بينة القبض أولى. فصل 1822 - وإذا اشترى الرجل سمناً أو غيره في زق فاتزنه، ثم جاء الزق ليرده فقال البائع: - ليس هذا زقي، فالقول قول المشتري مع يمينه، لأنه مشتر للسمن

فصل الاختلاف في قيمة المقبوض وقيمة غير المقبوض

ومؤتمن في الزق فالقول قول المشتري، إذا جاء بما هو مؤتمن عليه فقال: - هذا هو: كان القول قوله وجعل المضمون عليه من الزق ما يقوله، والبائع يدعي عليه الزيادة فالقول قوله إنه لم يستوف إلا ما يقوله. فصل الاختلاف في قيمة المقبوض وقيمة غير المقبوض 1823 - وإذا اشترى عبدين فقبض أحدهما فمات عنده، ومات الآخر عند البائع، ثم اختلفا في قيمة المقبوض وفي قيمة الآخر فالقول قول المشتري. قال محمد: ألا ترى أنه لو اشترى طعاماً فقبض بعضه وهلك الباقي عند البائع فقال قبضت ثلثه وقال البائع قبضت نصفه فالقول قول المشتري لأنه الضامن، ولأنه لو أنرك لكان القول قوله. فصل موت أحد المبيعين عند المشتري ورد الآخر بالعيب واختلافهما في قيمة الميت 1824 - ولو كان المشتري قبض العبدين فمات أحدهما عنده وجاء بالآخر يرده بالعيب واختلفا في قيمة الميت كان القول قول البائع مع يمينه، لأن المشتري يدعي براءة نفسه بعود هذا العبد إليه زيادة على ما يقوله البائع، ولا يشبه المسألة الأولى لأن التسليم واجب على البائع بالبيع فلا يصدق البائع في أنه قد برئ منه، ولأنه دخل في ضمان المشتري، ويقسم الثمن على قيمة الذي يرده غير معيب وعلى قيمة الميت كما أقر به البائع فيرده بما يخصه ويلزمه حصة

فصل اختلافهما في المبيع أو الثمن

الميت، لأنا جعلنا القول قول البائع فيما يخص هذا العبد إذا كان جميعاً في ضمان المشتري. 1825 - وإن أقاما بينة كانت البينة بينة البائع أيضاً، لأنه أقام البينة على زيادة قيمة الميت، والوجه الذي قبلنا بينته غير الوجه الذي جعلنا القول قوله فميا يسقط عن المشتري من الثمن، وقبلنا بينته في زيادة الثمن للميت. 1826 - وكذلك لو كان مكان العبدين عدلاً رطب فإنه يقسم الثمن كذلك عند التنازع على سواء. فصل اختلافهما في المبيع أو الثمن 1827 - قال أصحابنا: وإذا اختلف المتبايعان في المبيع أو الثمن فإنهما يتحالفان، سواء أكان ذلك عيناً أو في الذمة، فإن كان في الذمة، فكل ما كان معقوداً عليه فإنه يثبت التحالف فيه عندنا، والتحالف يثبت في الجملة بين المتعاقدين. 1828 - وقال داود (الظاهري) لا يثبت. 1829 - لنا خبر ابن مسعود أنه عليه السلام قال: "إذا اختلف المتبايعان تحالفا وترادا". أو لأن كل واحد منهما يدعي على صاحبه عقداً غير العقد الذي يدعيه الآخر. فيجب على كل واحد اليمين على دعوى الآخر. فصل اختلافهما في الثمن مع قيام السلعة 1830 - وإذا اختلف البائع والمشتري في الثمن والسلعة قائمة في يدي البائع أو المشتري فالقول قول البائع لأنه عليه التسليم. قال: "إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة فالقول قول البائع".

قال أبو الحسن رحمه الله كان القياس عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمه الله أن يكون القول قول المشتري مع يمينه، لكنهم تركوا القياس لأجل الخبر. 1831 - وقال أبو حازم القاضي إذا كانت السلعة معها فالقياس أن يكون القول قول المشتري وإن كانت السلعة في يد البائع فالقياس أن يتحالفا على ما ورد به الخبر، لأن السلعة إذا كانت في يدي البائع فكل واحد منهما يدعي حقاً على صاحبه فيجب أن يتحالفا، وإذا قبضت فلا حق للمشتري في الدعوى لأن الملك قد وصل إليه بالقبض وإنما الدعوى للبائع عليه، فيجب أن يجعل القول قوله إلا أنهما يتحالفان للخبر. 1832 - وقال الحسن بن أبي مالك وأبو عبد الله البلخي القياس أن يجعل القول قول المشتري في الوجهين جميعاً، وإنما ترك للأثر لأنهما اتفقا على أن الملك للمشتري والبائع يدعي عليه الزيادة وهو ينكرها فالقول قوله. 1833 - وقال بعض أصحابنا هذا خطأ لأن الخلاف في العقد وعليه ويتحالفان ولو كان ذلك اختلافاً في الدين لكان على الزيادة دون ما يعترف به من الدين. 1834 - وقال في كتاب الدعوى: كان ينبغي في القياس أنهما متى حلفا أنه بيع بألف درهم كفى ولكن تركنا هذا القياس للأثر، لأنهما اتفقا على أن الملك للمشتري وقد اتفقا على قدر ما اتفقا عليه من الثمن، والبائع يدعي الزيادة، فكان القول قول المشتري، لأنه يدعي الظاهر والبينة بينة البائع، لأنه يدعي خلاف الظاهر، وإنما تركنا ذلك لقوله عليه السلام: "إذا اختلف المتبايعان وليس بينهما بينة فالقول قول رب السلعة أو يترادان". 1835 - وروي أنه قال: "إذا اختلف المتبايعان والبيع قائم فالقول قول البائع أو يترادان". فقال الكرخي رحمه الله: هذا الخبر ورد بخلاف قياس الأصول، فقد ورد بضرب آخر في القياس لأنه لا خلاف أنهما لو أجمعا على أن الملك كان لزيد ثم أجمعا أنه انتقل إلى عمرو واختلفا في الجهة التي انتقل منها إليه فقال عمرو

فصل من الذي يبدأ في اليمين

ملكت ذلك بهبة أو صدقة وقال زيد ملكت ذلك بالشراء فالقول قول زيد، كما أنه لو ادعى عليه الملك وأنكره كان القول قوله دون قول مدعي الملك، وإذا صح ذلك وجب أن يكون القول قول المالك فيما ملك به عليه، كما يكون القول قوله في الجهة التي انتقل بها الملك، وقد فرق بين الموضعين بأنه في الهبة لم يوافقه على جهة الملك وفي مسألتنا قد وافق البائع المشتري على أنه ملك بالشراء فينبغي أن يكون القياس بخلاف الخبر. 1836 - وإنما يكون القول قوله مع يمينه وإن لم ترد اليمين في الخبر لأن من دفع دعوى غيره عليه حقاً كان القول قوله مع يمينه ويحلف المشتري أيضاً لأن المشتري يدعي عليه البدل الذي يدعيه البائع فيجب أن يحلف. 1837 - وهذا أصل جاز فيما يصح بذله عند أبي حنيفة مما يستحلف فيه وعند أبي يوسف والشافعي في كل ما يصح الإقرار به إلا الحدود خاصة وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه ولا يرد اليمين، وقال الشافعي برد اليمين. فصل من الذي يبدأ في اليمين 1838 - والذي يبدأ به في اليمين البائع، وهذا قول أبي يوسف الأول، وهو قول زفر ثم رجع وقال الذي يبدأ به في اليمين هو المشتري، وهو قول محمد لأنه المبتدأ به في الثمن إذا كان غير معين. 1839 - وقد بينا أن الشافعي يبدأ بتسليم المبيع فيبدأ بيمين البائع. 1840 - وقال الطحاوي في أدب الحكام الصغير له: قال أبو حنيفة: إذا اختلف المتبايعان في الثمن قبل القبض وبعده فإنهما يتحالفان ويترادان ويبدأ باليمين البائع. 1841 - وذلك أن الحسن بن زياد روى عن أبي حنيفة أنهما إذا اختلفا في الثمن بدأت بالمشتري وإن اختلفا في المبيع بدأت بالبائع.

فصل في العين بالعين والدين بالدين

1842 - واختلافهما في المبيع أن يقول المشتري اشتريت منك ثوبين ويقول البائع بعتك ثوباً واحداً، فيبدأ ههنا بالبائع. 1843 - والخلاف في الثمن أن يقول: بعت بألف ويقول المشتري بخمسمائة، فنبدأ ههنا بالمشتري. فصل في العين بالعين والدين بالدين 1844 - وهذا إذا كان الثمن ديناً. فإن كان عيناً بعين، أو كان الثمن والمبيع ديناً فإن الحاكم بالخيار في البداية بأيهما شاء لأنه ليس هناك ما يوجب تقديم أحدهما على الآخر. 1845 - وكان الكرخي رحمه الله يقول: الرواية في العين بالعين، والدين بالدين قياس المذهب. فصل اختلفا في الثمن والسلعة مستهلكة 1846 - وإن اختلفا في الثمن والسلعة مستهلكة في يدي المشتري باستهلاك أو أكل فالقول قول المشتري مع يمينه، ويلزمه ما أقر به من الثمن عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 1847 - وقال محمد والشافعي يتحالفان، ويكون على المشتري قيمة السلعة والقول في القيمة قول المشتري مع يمينه. 1848 - ولو أقاما بينة أخذت بينة البائع لأنه يثبت الزيادة على المشتري وإنما لم يثبت التحالف مع هلاك السلعة لأن الخبر ورد معللاً بقيام السلعة، ولأن بعد الهلاك لا يصح فسخ البيع بالعيب وكذلك بالتحالف والإقالة لأنه لا فائدة من اليمين الأولى لأن القول قوله في القيمة.

فصل السلم المبيع في الذمة

فصل السلم المبيع في الذمة 1849 - وإذا كان المبيع في الذمة سلما واختلفا في الجودة أو الرداءة أو الوسط أو في قدره فإنهما يتحالفان لأن هذه المعاني معقود عليها في السلم فالاختلاف فيها اختلاف في نفس المعقود عليه. وإن كان الخلاف في صفات العين لم يثبت التحالف لأنها غير معقود عليها. فصل كيف يحلف البائع 1850 - وكيف يحلف البائع ههنا؟ قال أصحابنا: - يقول بالله ما بعت بألف وإنما بعت بألفين. قالوا: الثمن إنما يكون على النفي ولكن ههنا يدعي الشراء فيه بألف وهو يرد ذلك فيمينه ههنا على الإثبات ولا يكون يميناً على الإثبات إلا ههنا ولكنها على وجه التبع للنفي، ومثل هذا جائز، لأن المودع إذا قال رددت الوديعة، وإن كانت اليمين على الإثبات إلا أن معناه أنه لا يستحق على الوديعة فكذلك هذا، لكن في هذه الزيادة فائدة، لأنه إذا حلف أنه ما باع بألف يجوز أن يقول قد بعت بألف وخمسمائة، فإذا قال بعت بألفين لم يمكن أن يدعي بعد ذلك. 1851 - والمشتري يحلف فيقول: بالله ما اشتريت بألفين وإنما اشتريت بألف كما قلناه في البائع. فصل كيف يحلف البائع 1852 - وإذا حلفا جميعاً فإنه يبقى المبيع بينهما قائماً ولا يفسخه الحاكم

فصل اختلافهما في جنس ما أسلم فيه

حتى يسأل ذلك أحدهما لأن دعوى كل واحد قد بطلت بيمين الآخر فصار بيعاً بغير بدل فيفسد، والبيع الفاسد يحتاج في رفعه إلى حكم الحاكم، لأنه يجوز أن يرجع أحدهما إلى تصديق الآخر، وليس هذا كفرقة اللعان عندنا لأن الفرقة حق لله تعالى، فلو تراضيا على البقاء على النكاح لم يجز ذلك فلهذا فرق من غير مسألة. فصل اختلافهما في جنس ما أسلم فيه 1853 - وإذا قال أحدهما أسلمت اليك في كر حنطة، وقال المطلوب في كر شعير تحالفا لأنه اختلاف في المعقود عليه. ولا يشبه هذا اختلافهما في ذرع الثوب إذا كان عيناً أنه لا تخالف لأنه ليس معقوداً على اصفة في البيع لأن زيادة الذرع عندما يكون للمشتري ونقصانه لا يوجب حط جزء من الثمن، ويفسخ العقد بينهما. 1854 - وقال أصحاب الشافعي في فسخ العقد بعد التحالف وجهان: أحدهما كما قلناه. والثاني ينفسخ بنفس التحالف. اليمين في السلم 1855 - ويبدأ في السلم بيمين المطلوب في قول أبي يوسف الأول، وهو قول زفر.

فصل اختلافهما في مكان الإيفاء

وفي الثاني بيمين الطالب وهو قول محمد لأنه جعل المطلوب كالبائع والطالب كالمشتري. فصل 1856 - وإن أقاما جميعاً بينة أخذت بينة الطالب لأنه ادعى جنساً وأنكره الآخر فوجب أن تكون البنية بينته، لأنه أثبت ما ادعاه، والمطلوب أقام البينة على شيء قد أبرأه عنه ورد إقراره فيه. فصل اختلافهما في مكان الإيفاء 1857 - وإن اختلفا في مكان الإيفاء فالقول قول المطلوب والبينة بينة الطالب في قول أبي حنيفة. 1858 - وقال أبو يوسف ومحمد يتحالفان وهو قول الشافعي لأن المكان اختلاف في غير المحلوف عليه فصار كالاختلاف في الرد بالعيب، وهما يقولان القيمة تختلف بالأماكن فصار كالعقود عليه. فصل اختلافهما في الثمن بعد هلاك إحدى العينين 1859 - وإذا كان المبيع عينين فهلكت إحداهما ثم اختلفا في الثمن فإن أبا حنيفة قال: - لا يثبت التحالف إلا أن يرضى البائع أن لا يأخذ من الهالك ثمناً ولا قيمة ويجعله كأنه لم يكن فحينئذ كأنه لم يكن فحينئذ يتحالفان ويرد الباقي. 1860 - وقال أبو يوسف يتحالفان في الباقي ويلزمه عن الهالك الثمن والقول قول المشتري فيه.

فصل اختلافهما في المسلم والمسلم به

1861 - وقال محمد والشافعي: يتحالفان ويرد الباقي وقيمة الهالك، وهذا إذا كان المشتري قد قبض. 1862 - وجعل أبو يوسف ذلك كالرد بالعيب إذا هلك البعض رد الباقي. 1863 - ومحمد يوجب التحالف مع قيام المبيع ومع هلاكه كله ويرد القيمة. 1864 - وأبو حنيفة جعل ذلك كالإقالة ومضى على أصله من القياس. 1865 - وإن أقاما جميعاً بينة فالبينة بينة الطالب لأنه اجتمع بينتان إحداهما له والأخرى عليه فكانت التي عليه أولى. فصل اختلافهما في المسلم والمسلم به 1866 - وإذا اختلفا فقال أحدهما أسلمت إليك عشرة دراهم في كرى حنطة وقال الآخر بل سلمت لي عشرين درهماً في كر وحد فإنهما يتحالفان وأيهما نكل لزمته دعوى صاحبه. 1867 - وإن أقاما البينة جميعاً قبلت بينة الطالب في كرين وبينة المطلوب في عشرين درهماً لأنا نأخذ بالزيادة من البينتين وكل واحدة تثبت حقاً على الآخر فينبغي أن يقضى به. فصل 1868 - وإن قال الطالب: خمسة دراهم في كر حنطة وقال المسلم إليه: عشرة دراهم في كر شعير فأقاما جميعاً البينة فإنه يقبل بينة الطالب في الحنطة وبينة المطلوب في العشرة فتقبل بينة كل واحد منهما في الزيادة. 1869 - وقال الشافعي تتهاتر البينتان. 1870 - وقال محمد: ذلك سليمان: خمسة في كر حنطة وخمسة في كر شعير. 1871 - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن رجلين تنازعا في

فصل الاختلاف في الأجل أو الخيار أو الرهن ... الخ

بعير وأقام كل واحد منهما البينة على النتاج فقضي به بينهما نصفين، وهذا على الشافعي لأنه سوى المسألتين وعلى محمد أنه لم يجر بينهما إلا عقد واحد فلا يجوز أن يلزمهما عقدان. 1872 - وليس كذلك إذا كان رأس المال جنسين لأنه لا يمكن أن يدخل أحدهما في الآخر وفي مسألتنا يدخل الأقل في الأكثر. 1873 - ومحمد يقول يجب أن تصحح البينتان جميعاً 1874 - وكل واحد يدعي غير ما يدعيه الآخر من المعقود عليه فهو كما لو ادعى أحدهما عبداً والآخر جارية. فصل الاختلاف في الأجل أو الخيار أو الرهن ... الخ 1875 - وإذا اختلفا في الأجل أو الخيار أو الرهن أو الكفيل أو الضمين فإنهما لا يتحالفان عندنا ويكون القول قول من ينفي ذلك. 1876 - وقال زفر والشافعي يتحالفان، لأنه اختلاف في غير المعقود عليه فلا يتحالفان وهما قاسا ذلك على اختلافهما في المعقود عليه. فصل 1877 - وإذا كان الاختلاف في الأجل فقال الطالب شرطت لك كذا من الأجل وقد مضى وادعى المطلوب أجلاً أبعد منه وأنه لم يحل فالقول قول الطالب مع يمينه. 1878 - والأجل حق للمطلوب لأنه لو أسقط الأجل وعجل المسلم فيه أجبر رب السلم على قبوله، وهو يدعي الزيادة على ما أقر به الطالب فالقول قول من ينفي الزيادة. فإذا ادعى الطالب إيفاءه لم يصدق عليه البينة أنه قد أوفاه الذي أقر به كمن أقر بدين وادعى إيفاءه. 1879 - وإن أقاما بينة فالبينة بينة المطلوب. 1880 - ولو قال الطالب: أجلتك شهراً وقد مضى.

فصل نفي أحدهما شرط الأجل وادعاءه الآخر

وقال المطلوب لم يمض إنما أخذت منك الساعة فالقول قول المطلوب أيضاً، وكان القياس أن تكون البينة بينة الطالب لأنه يدعي الإيفاء فصار كمن يدعي إيفاء الدين. وإنما جعلنا بينة المطلوب أولى لأنه يثبت اختلافهما بعمل فيه التأجيل عن الشهر الذي أقام البينة على إيفائه به فهو مثل أن يقيم البينة أنه أوفاه الدراهم وأقام الذي له الدين أن عليه مائة دينار ولم تعارضه بينة في ذلك، وكذلك في الشهر الذي أثبت هو الأجل لم تعارضه فيه بينة الطالب، والوجه الذي جعلنا القول قوله غير الوجه الذي قبلنا بينته. فصل نفي أحدهما شرط الأجل وادعاءه الآخر 1881 - وإن نفى أحدهما شرط الأجل وادعاء الآخر فالقول قول الذي ادعاه أيهما كان. 1882 - ولا يصدق الآخر على الفساد للسلم والقياس أن يكون القول قول من ينكر الأجل لأن الأجل يدعى على الطالب وهو جاحد فلا يصدق عليه كما لا تصديق في زيادة الثمن، وكما لو أنكر السلم رأساً والاستحسان أن يكون القول قول من يدعي الأجل إلا أن يكون المثبت للأجل هو الذي يستحق عليه فلا يكون ذلك استحساناً، ويكون قياساً، ويكون السلم فاسداً عند أبي يوسف ومحمد وعند أبي حنيفة يثبت السلم استحساناً. 1883 - وجه قولهما أن الأجل في السلم حق للمطلوب على الطالب فلا يجوز أن يستحقه المطلوب عليه بقوله، كما لا يجوز أن يستحق عليه بقوله أن هذا رهنه عندي، أو أن هذه الدار أجرها مني. 1884 - والاستحسان أن يكون القول قول من يدعيه لأن تسمية السلم تقضي ثبوت الأجل، لأنه عبارة عن تقديم أحد العوضين وتأخير الآخر، وقد أجمعا على أن ذلك سلم فصار كأنما قد اعترفا بثبوت الأجل في ذلك ولو اعترفا بذلك ثم قال الطالب لم يكن أو قال المطلوب لم يؤجل لم يصدق واحد منهما لأن المنكر بعد ذلك مدع لفساد العقد الذي اعترفا به، وليس يمنع أن يستحق بما يجري

فصل قاعدة من لزمه شيء فالقول قوله مع يمينه

مجرى الاعتراف لأن البائع لو قال بعت ما لم يكن لي أو قال المشتري اشتريت ما لم يكن للبائع بعد اعترافهما بالبيع لم يصدقا في ذلك، وكما لو أقرا بعقد نكاح وادعى أحدهما أنه كان بغير شهود لم يصدق في ذلك. 1885 - ويثبت الأجل وإن كان مجهولاً ويرجع إلى قول المسلم إليه إذا كان ما ادعاه في العادة، وإن ادعى شيئاً منع منه العادة التي يتعارف الناس ذلك فلا يكون القول قوله ويرجع فيه إلى العادة، ولا يتحالفان ولا يترادان في اختلاف الأجل خلافاً للشافعي. فصل قاعدة من لزمه شيء فالقول قوله مع يمينه 1886 - وإذا تتاركا السلم بعد قبض رأس المال ثم اختلفا في رأس المال فالقول قول المطلوب مع يمينه، لأنه يدعي عليه زيادة وهو ينكرها فالقول قوله. 1887 - وقالوا لو رد المبيع على البائع بعيب ثم اختلفا في الثمن جعل القول قول البائع أنه ما قبض إلا ذلك القدر لأن من رزمه شيء فالقول قوله مع يمينه. فصل اختلافهما في المعقود عليه في السلم 1888 - وإذا اختلفا فقال رب السلم أسلمت إليك في ثوب هروى وقال الذي عليه السلم بل هو زطي فأنه يحلف الذي عليه السلم بالله ما هو بهروى فإن حلف برئ، وعلى الطالب أن يحلف بالله ما هو زطي، فإذا حلف رد رأس المال لأنه اختلاف في نفس المعقود عليه فوجب التحالف. 1889 - وأيهما نكل لزمه دعوى صاحبه ويصير كأنه صدقه فيما يدعي عليه. 1890 - وإن أقاما جميعاً بينة فالبينة بينة الطالب لأنه أثبت المطلوب بينته

فصل اختلفا في السلم وفي رأس المال

ثوباً زطياً، وقد أبرأه الطالب منه والبراءة تصح لأنها في الذمة، وقد أثبت الطالب ببينته ثوباً هروياً فوجب أن تقبل بينته عليه لأنه ما ادعاه. 1891 - وإن اتفقا على أنه ثوب يهودي غير أن الطالب قال: هو ستة أذرع في ثلاث أذرع، وقال المطلوب هو خمسة أذرع في ثلاثة فهذا والأولى في القياس سواء يتحالفان ويترادان، وبالقياس نأخذ. 1892 - وأما في الاستحسان فينبغي أن يكون القول قول المطلوب مع يمينه لأن الذروع صفة، والاختلاف في الصفات لا يوجب التحالف والتراد، كما لا يوجب ذلك في البيع. 1893 - والقياس أن السلم عقد على صفة ثبتت في الذمة، فهو اختلاف في نفس المعقود عليه كما لو اختلفوا في العين المبيعة، والذرعان في المبيع صفة فيه وليس بمعقود عليه لأنه لا ينقص بنقصانه ولا يزيد بزيادته عندنا. فصل اختلفا في السلم وفي رأس المال 1894 - وإذا اختلفا في السلم وفي رأس المال ولم يقبضه ولم يتفرقا فقال المسلم إليه: أسلمت إلى هذه الجارية في مائة مختوم حنطة، وقال رب السلم، بل أسلمت إليك هذا العبد في مائتي مختوم حنطة تحالفا وترادا لأنه اختلاف في المعقود عليه. 1895 - وإن أقاما بينة لزمته الجارية بمائة مختوم حنطة، ولزمه العبد بمائتي مختوم حنطة لأن كل واحد منهما قد أثبت عقدا غير العقد الذي أثبته الآخر ولم يعارض فيه الآخر لأن عقد الجارية بمائة، وعقد العبد بمائتين. فصل إنكار قبض رأس المال 1896 - وإذا قال الرجل: أسلمت إلى عشرة دراهم في كر حنطة، ثم

قال بعدما سكت: ولكن لم أقبض رأس المال، أو قال رب السلم: قد قبضت، فالقول قول رب السلم. 1897 - وكذلك لو قال: أسلمت لي ثوباً في كر حنطة فهو مثل ذلك، وهذا استحسان، وكان القياس أن لا يكون قابضاً من يقول قبضت الثوب والدرهم، لأن قوله: أسلمت لي ليس هو إقراراً بالقبض وإنما هو إخبار عن العقد، وإن كان إقراره يتحمل أنه بالعقد والقبض فوجب أن لا يلزم إلا بيقين، والاستحسان أنه قد جعل قوله أسلمت لي في العادة بمنزلة قوله أسلفت إلي، وهي عبارة عن القبض فقوله بعد ذلك: لم أقبض رأس المال رجوع فلا يصدق فيه. 1898 - وعلى هذا قال أصحابنا: إذا قال لفلان علي ألف درهم ثم جارية باعنيها، ثم قال: لم أقبضها، وقال الآخر: قد قبضت كل المال عليه لأنه لا يلزمه المال إلا بالقبض فإقراره بالمال إقرار بالقبض وصل أو قطع في قول أبي حنيفة. 1899 - وعند أبي يوسف يقبل إن وصل ولا يقبل إن قطع. وقال الشافعي: يقبل وصل أو قطع ولا يشبه هذا عندنا إذا أشار إلى عبد بعينه لأن الثمن يجوز أن يكون ثابتاً في المعين. فصل 1900 - وإذا اختلفا فقال رب السلم: أسلمت إليك هذا الثوب في كر حنطة وقال المسلم إليه: بل أسلمت إلي هذين الثوبين في كر حنطة تحالفا وترادا لأنه اختلاف في المعقود عليه وإن أقاما بينة فالبينة بينة المسلم إليه بالقولين جميعاً لأن البينة على شيء حصل الإقرار معه لا تقبل، وإنما تقبل على شيء حصل الإنكار (معه) وهو الثوب الزائد.

فصل اختلافهما في قبض رأس المال في المجلس

فإن قال المسلم إليه: أسلمت إلي ثوبين في كر حنطة، وقال رب السلم: بل أسلمت إليك أحدهما وهو هذا بعينه في كر حنطة وكر شعير "وأقاما البينة قضي للمسلم إليه الثوبين جميعاً وقضي عليه بكر حنطة وكر شعير" لأن هذا ادعى زيادة المسلم فيه. فصل اختلافهما في قبض رأس المال في المجلس 1901 - وإن اختلفا في قبض رأس المال في المجلس فقال أحدهما: تفرقنا من غير قبض وهو رب السلم، وأقاما بينة بذلك فالبينة بينة المسلم إليه لأن بينة رب السلم بينة على النفي، وذلك لا يقبل، وبينة الآخر تثبت صحة السلم. 1902 - ولون كانت الدراهم في يد رب السلم بأعيانها فقال المسلم إليه أودعنيها أو غصبها بعد قبضي لها، وقد قامت البينة فالقبض كان القول قوله ويقضى له بالدراهم إن أقام البينة على القبض وأن تلك الدراهم له. فصل اختلاف ورثة البائع والمشتري في الثمن 1903 - وإذا كان البائع قد مات واختلف في الثمن ورثة البائع والمشتري فالقول قول ورثة البائع إن كان المبيع في أيديهم. والقول قول المشتري إن كان المبيع في يده، وكذلك لو مات المشتري وبقي البائع كان القول قول الذي في يده منهم، وهذا استحسان والقياس في هذا

فصل ازدياد السلعة خيرا

والأول سواء أن يكون القول قول المشتري في ذلك كله، فتركوا ذلك للأثر، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف. 1904 - وقال محمد الشافعي يتحالفان ويترادان وحياتهما وموتهما سواء إذا لم يعتبرا قيام السلعة فأبو حنيفة حصر الحلف بحياتهما وقيام السلعة للخبر، فما عدا موضع الخبر فهو متروك على ما بوجبه القياس، وإن تخالف بين الورثة بعضهم في بعض، فإذا كان في يد ورثة البائع لم تزل يدهم إلا بالقبض، وإن كان في يد ورقة المشتري فقد أقر البائع بزوال ملكه، وهو يدعي عليه الثمن وليس من حيث قلم الورثة مقام الميت في الرد بالعيب يجب أن يقوموا ههنا مقامه، لأن في العيب قد بقي عند البائع حصة من الثمن للمشتري فيصح لهم المطالبة بذلك. فصل ازدياد السلعة خيراً 1905 - وإن كانت السلعة في يد المشتري قد زادت خيراً، وكانت جارية فولدت، أو جني عليها، وأخذ المشتري إرثها لم يكن بينهما تحالف على ما تقدم في القياس عند أبي حنيفة وأبي يوسف. نقصان السلعة 1906 - وإن كانت نقصت أو جنى عليها المشتري فالقول قول المشتري أيضاً إلا أن يرضى البائع بأخذها ناقصة، لأنه إذا هلك بعض المبيع فليس المبيع قائماً بعينه، وأما إذا رضي فقد أخرج ما نقص من المبيع فصار في الحكم كأن البيع لم يقع إلا على هذا القائم، دون الهالك، لأن الاختلاف بين المتبايعين لا يقع فيه، لأنه خرج من جملة المبيع، والاختلاف إنما هو في تصحيح الثمن، وصار هذا كما

فصل اختلفا وقد خرجت السلعة من ملك المشتري

لو كان المبيع عبدين فمات أحدهما ورضي البائع أن يأخذ الحي ولا يطالبه بثمن الميت. فصل اختلفا وقد خرجت السلعة من ملك المشتري 1907 - وإذا اختلفا وقد خرجت السلعة من ملك المشتري فالقول قول المشتري في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، لأن القياس يوجب المنع من موجب خبر التحالف، والخبر مشروط بقيام السلعة، والأمر ههنا بخلافه. فصل رجوع السلعة إلى المشتري بغير الوجه الذي خرجت به من يده 1908 - وكذلك إن رجعت إليه بوجه غير الوجه الذي خرجت به من يديه فالقول قول المشتري لأن الملك محدد فلا يجوز أن يفسخ الملك لأجل الاختلاف في العقد الأول. 1909 - وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. 1910 - وقال محمد: يتحالفان ويترادان، لأن الذي أوجب التحالف مع بقاء السلعة على حالها هو أنه لا يجوز أن يستحق كل واحد منهما على صاحبه ملكه بقوله. 1911 - وأما إذا خرج عن ملكه لم يصح فيه التراد لفوات المبيع، وفوات المبيع يسقط التحالف. فصل باعها البائع من رجلين 1912 - فإن كان البائع باعها من رجلين فباع أحدهما نصفه من شريكه

ثم اختلفا في الثمن فالقول قول المشتري الذي باع نصفه ويتحالفان على حصة الآخر. 1913 - قال الكرخي رحمه الله: وهذا عندي إذا رضي البائع أن يأخذ هذا النصف لأن في ذلك تفريق الصفقة عليه كاثنين اشتريا عبداً ثم وجدا به عيباً فليس لواحد منهما أن يرد على قول أبي حنيفة، وقال يحتمل أن يكون مسألة الكتاب على قول أبي يوسف ومحمد أيضاً لأن البائع يقول: أنا لم أرض بتفريق الصفقة علي، ولا يشبه هذا العيب عندهما لأنه كان موجوداً في حالة العقد. 1914 - وإذا اشترى عدلاً زطياً وأقر أنه زطي فلم يره وقبضه ثم جاء بعد ذلك برده وقال وجدته كرابيس لم يصدق لأنه قد أقر بالاستيفاء لما اشترى فدعواه بعد الإقرار أنه لم يستوف تكذيب لما أقر به بوجب أن لا يصدق. 1915 - ولو كان قال: لا أدري أزطي هو أم لا لكن أخذته على قولك فانظر إليه، ثم جاء به فرده وقال وجدته كرابيس، كان مصدقاً لأنه لم يتقدم منه إقرار بقبض ما اشتراه، ولأنه إذا كان فيه خيار الرؤية فإنه إذا نقض المبيع المشترى انتقض. 1916 - فإذا قال المشتري هذا ثوبك وقد نقضت البيع فيه حصل في يده

فصل اختلاف الصفات

ثوب لغيره، فالقول قوله، وإذا لم يكن فيه خيار وأنكر البائع أن يكون هذا ثوبه فالقول قوله ولا يصدق المشتري. فصل 1917 - وإذا اشترى ثوباً وقال البائع (هو) هروى وقال المشتري. لا أدري وقد رآه ولكن أخذه على ما يقول ثم جاء به يرده وقال وجدته يهودياً، لم يصدق لأنه لم يكن فيه خيار وقد كان رآه، ولا يشبه هذا إذا اشترى عبداً لم يره أن له فيه خيار الرؤية، ألا ترى أنه لو قال اشتريت هذا الفرس وأشار إليه فإذا هو برذون لم يكن له ردها. 1918 - وإذا نظر إلى عدل مطوى ولم ينشره ثم اشتراه فليس له أن يرده إلا من عيب، لأن العادة أن يكون مطوياً، كذلك هذا. فصل اختلاف الصفات 1919 - ولو اشتريت جارية على أنها خراسانية فوجدها سندية جاز له ردها وهذا بمنزلة العيب فيها لأن معانيها تختلف وتتفاوت تفاوتاً كثيرا فصار كاختلاف الجنس، وإن كان بنو آدم كلهم جنساً واحداً، إلا ترى أن الأجسام كلها وإن كانت جنساً واحداً فإنها إذا اختلفت الصفات التي هي عليها وتفاوتت المعاني المطلوبة منها صارت في الحكم والتعارف كالأجناس المختلفة في الأصل، وإن كانت الجسمية لها جامعة وكان كونها جوهراً يقتضي فيه المماثلة. فصل اشتراط الخيار للآخر 1920 - وإذا اشترى لغيره شيئاً واشترط الخيار للآمر، فقال البائع قد

رضي الآمر بإسقاط الخيار، وأنكر الوكيل فالقول قوله ولا يمين عليه، قالوا: ولو كانت اليمين عليه لم يكن له أن يرده حتى يحضر الآمر وله أن يرده بغير يمين، وهو بمنزلة الأجنبي فيما يدعي البائع على الآمر، والوكيل إنما يكون خصماً فيما بينهما من حقوق العقد، والبائع بما يدعي يريد إبطال ما هو مستحق عليه من الفسخ فوجب أن لا يصدق. 1921 - والوكيل فيما يدعي على الموكل كالوصي فيما يدعي على الميت والورثة من الحقوق، وإن أقام البائع بينة أن الآمر قد رضي فالبيع لازم للآمر لأنه إذا ثبت رضاء الآمر سقط الخيار الذي للوكيل لأن خيار الموكل هو الخيار الذي يثبت له لأن ذلك لا يثبت إلا للعاقد، إلا أنه إذا ثبت فلا فصل عن أن يثبت لزيد أو لعمرو، فإذا ثبت لهما فأيهما أجازه جاز وإن لم يقم البينة وصدقه المشتري فيه وقال الآمر في الثلاث بحضرة البائع قد أبطلت لزم المشتري، لأن إقرار الوكيل برضا الآخر بمنعه من رده على البائع ولا يجوز إقراره على البائع، وإبطال الآمر البيع بحضرة البائع جائز، فإذا كان كذلك لزم البيع الوكيل إلا أن يرى أن الوكيل لو رضي بالعيب لزمه ولا يلزم الآمر، ويكون الآمر على خياره. 1922 - وإن كانت هذه المقالة منهم بعد الثلاث لزم الآمر لأن مضي المدة يصحح البيع، ويسقط الخيار، ولا يمكن فسخه فجاز البيع بنفسه، فبعد ذلك لا يصدق الآمر على دعوى النقض مع أن البيع قد لزمه. فصل 1923 - وإذا اشترى رجل ثوبين كل واحد منهما بعشرة دراهم على أنه بخيار ثلاثة أيام فهلك أحدهما عند المشتري فليس له أن يرد الباقي. 1924 - وكذلك إن أصابه عيب من عمله أو من غير عمله لأن الخيار إذا ثبت منه من إتمامه. 1925 - وفوات بعض المبيع في ضمان المشتري يمنع من الفسخ فيه فيجب أن يكون مانعاً من الفسخ فيما بقي، لأن ليس له أن يتم البيع في بعض ما وقع عليه العقد دون بعض فوجب أن يبطل خياره.

فصل الالتزام التحييري (صار التعيين)

1926 - وإن كان الخيار في أن يأخذ أحدهما دون الآخر فهلك أحدهما أو دخله عيب لزمه ثمنه ورد الباقي. 1927 - وهذا استحسان في الاثنين والثلاثة ولا يجوز في الأربعة وفيما زاد ووجه القياس والاستحسان معلوم. فصل الالتزام التحييري (صار التعيين) 1928 - وإذا اشترى الرجل عبدين أحدهما بألف درهم والآخر بخمسمائة على أن يأخذ أحدهما، أيهما شاء ويرد الآخر فماتا فقال البائع مات الذي بألف، قبل وقال المشتري مات الذي بخمسمائة، قبل، لم يصدق واحد منهما على ما قال، ويحلف المشتري على ما يعلم أنه مات الذي بألف قبل، ويحلف البائع ما يعلم أن الذي بخمسمائة مات أولاً، لأن البائع يدعي أنه لزمه الثمن ألف درهم، والمشتري ينكر ذلك فيحتاج أن يحلف عليه والمشتري يدعي أن الإماتة حدثت في يد البائع فله أن يحلف البائع، لأنه لو امتنع البائع أن يحلف سقط عن المشتري الزيادة على ما أقر به من الثمن، فله أن يحلف البائع عليه، فإن حلفا جميعاً لزمه نصف ثمن كل واحد منهما لأنه لم يثبت واحد منهما بعينه، أنه المبيع فصار كأنهما ماتا معاً، وهذه اليمين لا على جهة التحالف، وهذا قول أبي يوسف الأول، وقال أبو يوسف بعد ذلك: القول قول المشتري إلا أن يقيم الآخر البينة، وهو قول محمد لأنا لو حلفناهما جميعاً فنكلا أو حلفا لم نتوصل إلى الحكم بأحد المبيعين بل يبقى الأمر بعد اليمين كما كان بوجب أن يسقط اليمين، ويجعل القول قول المشتري لأن الخيار في ذلك كان للبائع فوجب أن يكون القول قوله فيما حصل عليه من الثمن، لأن أحدهما كان مضموناً، والآخر أمانة فإن لم يعلم المبيع من ذلك غرم نصف ثمن كل واحد منهما، فإن قامت لهما بينة لزم الألف.

فصل هل يقع الفسخ ظاهرا وباطنا؟

1929 - وكذلك لو حدث بهما عيب فاختلفا في الذي أصابه العيب أولاً ثم أقاما البينة لأن البائع ادعى زيادة على ما أقر له به وأثبت ذلك بالبينة، بما هو خلاف الظاهر فوجب أن يحكم به، ويلزم المشتري. فصل هل يقع الفسخ ظاهراً وباطناً؟ 1930 - وإذا فسخ الحاكم العقد عن المتداعين فهو فسخ للعقد في الظاهر والباطن عند أبي حنيفة، وعن أبي يوسف أنه يفسخ في الظاهر. 1931 - ولأصحاب الشافعي ثلاثة أوجه: أحدهما كقول أبي حنيفة. والثاني كقول أبي يوسف. والثالث: إن كان البائع هو الظالم وقع الفسخ في الظاهر دون الباطن. 1932 - أو حنيفة جعله كفرقة اللعان والرد بالعيب لأنه لأجل الظلامة. وأبو يوسف قال السبب هو الجهل بالثمن، وهو في الباطن معلوم مجهول في الظاهر فوقع الفسخ في الظاهر. والثالث لهم أن البائع يمكنه تصديق المشتري فيزول الظلم فإن كان مولكماً وقع الفسخ في الظاهر والباطن. فصل اختلاف ورثة المتعاقدين في البيع 1933 - وإذا اختلف ورثة المتعاقدين في المبيع لم يتحالفا والقول قول ورثة المشتري. 1934 - وقال الشافعي يتحالفان لأن الأصل عندنا ترك التحالف على ماضي وهو يقول اختلفا في المال فهم كالمتعاقدين. 1935 - وأبو حنيفة يفرق بينهم كما فرق الجميع في اللعان.

فصل اختلاف الوكيلين في الثمن

فصل اختلاف الوكيلين في الثمن 1936 - وإذا كان المبيع بين وكيلين فاختلفا في الثمن ففيه وجهان: أحدهما يتحالفان لأنهما عاقدان. والثاني لا تحالف لأن أحدهما إذا نكل لزمه في نفسه دون موكله. فصل اختلافهما في عين المبيع 1937 - وإذا اختلفا في عين المبيع فقال البائع: بعتك هذا العبد. وقال المشتري: اشتريت هذه الجارية فكل واحد يحلف على دعوى صاحبه على وجهة التحالف. 1938 - ولأصحاب الشافعي في ذلك وجهان. أحدهما يثبت التحالف كالخلاف في المبيع الواحد. والثاني مثل قولنا: 1939 - وإنما قلنا ذلك لأن ههنا خلافاً في مبيعين لا واحد، وكل واحد ينكر دعوى الآخر. 1940 - وإن أقاما بينة قيض لكل واحد بما ادعاه على صاحبه. 1941 - وقال أصحاب الشافعي: وإن أقام البائع بينة أنه باعه العبد وجب على المشتري الثمن، فإن كان في يده أقر في يده، وإن كان في يد البائع ففيه وجهان: أحدهما يجبر المشتري على قبضه لأن البينة قد شهدت له بالملك وهذا قولنا. والثاني لا يجبر لأن البينة شهدت له بما لا يدعيه فلم يسلم إليه، فعلى هذا يسلم إلى الحاكم ليحفظه.

فصل اختلاف في شرط مفسد

فصل 1942 - وإذا اختلفا في الأجل أو قدره، أو الرهن أو قدره، أو الكفيل فلا ت حالف بينهما، ويكون القول قول من ينفي الأجل وقوله في القدر، وكذلك الرهن وقدره لأنه لا اختلاف في عين المعقود عليه البيع. 1943 - وقال الشافعي يتحالفان وقد مضت أيضاً. فصل اختلاف في شرط مفسد 1944 - وإن اختلفا في شرط يفسد البيع لم يتحالفان، ويكون القول قول من يدعي الصحة. 1945 - ولأصحاب الشافعي في ذلك وجهان في التحالف بناء على القولين في شرط الخيار في الكفالة: أحدهما مثل قولنا. والثاني أن القول قول من يدعي الفساد لأن الأصل قال عدم العقد فكان القول قول من يدعي ذلك، وهذا لا يصح لأنهما قد اعترفا بالعقد والأصل عدم الفساد. فصل اختلافهما في الصرف بعد التفرق 1946 - وإن اختلفا في الصرف بعد التفرق فقال أحدهما تفرقنا من غير قبض. وقال الآخر تفرقنا بعد القبض فمنهم من قال القول قول من يدعي التفرق قبل القبض، لأن الأصل عدم القبض، والثاني القول قول من يدعي التفرق بعد القبض لأن الأصل صحة العقد وينبغي أن يحكم القبض، فإن كان في يد

باب الاختلاف في الرد بالعيب

كل واحد منهما ما عقد عليه فالقول قول من يدعي القبض في المجلس لأنه الظاهر. وإن كان لم يقبض فالأصل عدمه وهو مستدام لم يوجد. فصل اختلافهما بعد التفرق في التراضي والفسخ 1947 - وإن اختلفا بعد التفرق فقال أحدهما: تفرقنا عن تراض، وقال الآخر: تفرقنا عن فسخ فالقول قول من يدعي التراضي لأن الأصل عدم الفسخ وبقاء العقد. 1948 - ومن أصحاب الشافعي من قال: القول قول من يدعي الفسخ لأن الأصل عدم اللزوم ومنع المشتري من التصرف وهذا بناء على أصلهم في خيار المجلس أنه يثبت لكل واحد حتى يتفرقا أن يتخايرا وقد مضت. باب الاختلاف في الرد بالعيب 1949 - قال أصحابنا: وإذا ادعى عيباً ظاهراً على البائع سأله القاضي عن ذلك فإن أقر أنه باعه وبه العيب ولم يدع البراءة منه ولا الرضا به رده عليه. فصل هل يختلف المشتري في الرد بالعيب 1950 - فإن قال: قد علم بالعيب حين اشتراه أو على أني بريء من العيب أو من كل عيب أو قد علم بعد الشراء ورضي به فجحد ذلك كله فإنه يحلفه: ما علم بهذا العيب حين اشتراه ولا برأته منه، ولا رضيت به منذ رأيته ولا عرضته على بيع بعد علمك به ولا خرج عن ملك ولا شيء منه.

1951 - وقال أبو حنيفة ومحمد: لا يحلف القاضي حتى يطلب المدعي لذلك وهو البائع يمينه وإن لم يطلب لم يحلفه. 1952 - وقال أبو يوسف: يستحلفه وإن لم يطلب. وكذلك الخلاف في الشفيع. فصل 1953 - وإذا كان العيب غير ظاهر في عبد أو أمة، أو لا يعرف القاضي أنه عيب "فإن القاضي لا يسأل البائع عنه حتى يثبت أنه عيب في الحال". لأن الخلاف فيه فرع على وجوده في الحال فما لم يكن موجوداً لا تصح دعواه له. فصل 1954 - فإن قال: البائع يعلم أن العيب به في هذه الحال، سأله عنه فإن اقر به وبوجوده سأله، هل بعته وبه العيب؟ فإن قال: إنما حدث عند المشتري فالقول قوله مع يمينه: لقد فعته هذا العبد وسلمته إليه، وما به هذا العيب، فإذا حلف طلب من المشتري البينة أنه كان في يد البائع هذا في العيب الذي يحدث مثله في يد المشتري، وإن كان لا يحدث مثله فالقول قول المشتري على ما تقدم. فصل 1955 - وإن كان العيب من طريق الحكم ثمل الإباق والسرقة والجنون والبول في الفراش، فإنه يسأل البائع فإن أنكر وجوده بالعبد في الحال وطلب المشتري يمينه على ذلك، فإن أبا يوسف ومحمد قالا: يحلف البائع بالله ما يعلم بهذا العبد جن عند المشتري ولا أبق ولا سرق ولا بال في الفراش.

فصل البيع بالبراءة

1956 - فلو حلف قيل للمشتري: تثبت أن هذا العبد في هذه الحالة حتى استحلفه لك البتة. فإن نكل عن اليمين الأولى التي هي على العلم، حلفه يميناً أخرى على البتة لقد باعه وقبضه وما جن قبل ذلك قط ولا سرق ولا بال في فراشه منذ بلغ مبلغ الرجال ولا أبق، فإن حلف فلا شيء عليه حتى يثبت ذلك بالبينة. وإن نكل رده عليه. فصل 1957 - والجنون عيب لازم في الصغير والكبير، والسرقة والإباق والبول ليس بعيب في الصغير، وله أن يرد بذلك في الصغر ولا يرد به بعد الكبر، لأن ذلك قد زال وخرج عن عادة الصبيان. فصل البيع بالبراءة 1958 - والبيع بالبراءة من العيوب جائز، ويدخل في ذلك سائر العيوب، ما علمه البائع وما لم يعلمه، وما وقف عليه المشتري وما لم يقف عليه، وسائر الأموال في ذلك سواء. 1959 - وقال الشافعي البيع باطل في أحد أقواله، وقد فرق بين الحيوان وغير الحيوان وبين العيب الظاهر به والباطن، وله تفصيل كثير في ذلك. 1960 - والبيع عندنا يقع على الموجود دون ما فات من أوصاف المبيع، فكأنه قال: بعت هذا الموجود الحاضر خاصة دون ما يقتضي اسم العبد وإطلاقه من سلامة البينة. فصل 1961 - وإذا شهد شاهدان على البراءة من كل عيب في جارية، فوجد

بها عيباً كان له أن يردها به، وكذلك لو شهدا على البراءة من الإباق ثم اشتراها أحدهما فوجدها آبقة فله أن يردها لأن الشهاد بالبراءة ليست بإقرار بالعيب من الشاهد ولا من البائع ولا من المشتري. فصل 1962 - وإن اشترى جارية ولم يبرأ إليه من عيوبها فوطئها المشتري ثم وجد بها عيباً لم يكن له أن يردها عندنا، سواء كانت بكراً أو ثيباً. 1963 - وقال زفر ومالك يردها في الحالين. 1964 - وقال الشافعي: يردها إذا كانت ثيباً ولا يرد في البكر. 1965 - وقال ابن أبي ليلى يردها ويرد معها مهرها. 1966 - وعندنا يرجع بأرش العيب كما لو هلكت عند المشتري، والوطء عيب فيها فهو كما لو حدث بها عيب عند المشتري فإنه يمنع الرد بالعيب، لأنه يؤدي إلى تفريق الصفقة على البائع، ويؤدي إلى ردها إليه على خلاف ما خرجت من ملكه، وهذا لا يجوز، ولو حدث بها عيب فلم يختلفوا في أنه يمنع الرد بالعيب إلا على قول بعضهم أن الخيار للمشتري إن شاء أخذ أرش العيب وأمسك وإن شاء رد أرش العيب ورد، وهو قول الحنابلة، وقياس قول ابن أبي ليلى في الوطء. فصل 1967 - وكل موضع كان له الرد فأمسكها ولم يرد، سقط حقه من الرجوع، وكذلك إذا رضي البائع فأخذها معيبة فامتنع من الرد فلا أرش له عليه، وقد أبطل حقه بامتناعه من الرد.

فصل 1968 - وإذا باعها بعد الوطء فقد سقط حقه في الأرش لأنه كان للبائع أن يقبلها ويسقط حكم الوطء وهذا لا خلاف فيه. فصل 1969 - وإن وطئها غير المشتري بزنا أو نكاح أو زوجها المشتري ولم يطأها الزوج، ثم وجد بها عيباً لم يكن له أن يردها، ولكنه يرجع بنقصان العيب لأن هذه الأمور عيب بها حدث، ولهذا من اشترى أمة فخرج لها زوج ثبت له الخيار لأنه عيب. فصل 1970 - ولو كان لها زوج عند البائع فوطئها عند البائع أو عند المشتري، كان له أن يردها بالعيب، لأنه وطأ الزوج لم يوجب عقراً، لأنه كان واجباً بالعقد، ولأنه مستحق على البائع قبل البيع وعلى المشتري قبل الشراء فلا يمنع الرجوع الاستخدام، وإن كانت بكراً بوطئها الزوج منع الرد لأنه فوت جزءاً منها فصار كقطع طرفها، وقد وافقنا الشافعي على ذلك. فصل 1971 - ولو صبغ الثوب أو خاطه قميصاً سقط حقه من الرجوع، وله أرش العيب، فإن باعه بعد الصبغ والخياطة فله أرش لأنه لم يكن للبائع أن يقول أنا أقبل ذلك، لأن الصبغ للمشتري زيادة مال فلا يجوز تسليمها للبائع

فصل ظهور عيب بالجارية بعد اعتقاها أو تدبيرها

فصل 1972 - وإذا ولدت الجارية عند رجل ولداً أو وطئها وباعها وكتم ذلك، ثم علم المشتري بذلك فليس له الرد بذلك لأنه لم يشرط له البكارة، ولا أنها ما ولدت، وذلك تصرف مباح فهو كالاستخدام. فصل ظهور عيب بالجارية بعد اعتقاها أو تدبيرها 1973 - قالوا ولو أعتق الجارية أو دبرها أو استولدها ثم وجد بها عيباً فله الرجوع بالأرش استحساناً، وبالقياس أن لا يرجع بشيء لأنه منع الجارية من الرد بفعل مضمون فصار كما لو باع (والاستحسان) أن العتاق لا يتعلق به الضمان في جميع الأحوال إذا كان أحد الشريكين معسراً فهو كالموت الذي لا يسقط الضمان. فصل تعذر الرد بفعل المضمون 1974 - وإن كان المبيع عبداً فقتله المشتري أو طعاماً فأكله أو أكل بعضه أو باعه أو وهبه ثم اطلع على عيب فإنه لا يرجع بأرش ولا يرد ما بقي عند أبي حنيفة ومحمد. 1975 - وروي عن أبي يوسف أنه يرجع في العتق ويرد ما بقي وهو قول الشافعي. 1976 - وقد روي عن أبي حنيفة مثل ذلك والأول عنه أشهر لأنه تعذر الرد بفعل مضمون في ملك العين في جميع الأحوال فهو كالبيع، وأبو يوسف جعل ذلك كالعتق والموت في الرجوع بالأرش.

فصل 1977 - وإذا باع المشتري العبد فاطلع المشتري الثاني على عيب به فرده عليه لم يكن له أن يرده على البائع الأول إذا كان الرد بغير قضاء قاض، وإن كان بقضاء قاض رجع به، لأنه إذا كان القضاء كان فسخاً للملك فعاد الملك الأول وإن كان بغير قضاء فهو تمليك مبتدأ وليس له أن يرد بغير الملك الأول. 1978 - وقال الشافعي: الجميع سواء ويرد على البائع الأول إذا كان لم يعلم بذلك، وإذا علم لم يكن له الرد. وهو يقول أن فسخ العقد بالعيب قطع للملك في الحال، ولهذا يرد مع الوطئ. فصل 1979 - وكل ما كان نقصاناً في الخلقة أو زيادة فيها فهو عيب، ويحد ذلك بأن كل ما كان عند التجار عيباً يؤثر نقسان القيمة فهو عيب، ولا فرق بين ما هو زيادة أو نقصان أو من طريق الحكم كالزنا والسرقة والفسق. 1980 - وقد فرق أصحابنا بين الغلام والجارية فقالوا: الزنا عيب في الجارية دون الغلام وكذلك البخر والنتن. 1981 - وسوى في ذلك الشافعي، وقال: الجميع عيب. 1982 - وقد ذكر أصحابنا عيوباً كثيراً في باب مفرد في الأصول، وكل ذلك المرجع فيه إلى العادة وما يقول التجار. فصل 1983 - وإذا ادعى أنه باعه الجارية وشرط له البكارة، وهي الآن غير بكر. فقال: بعت بكراً وسلمت بكراً. فإن القاضي يريها للنساء فإن قلن بكراً فلا شيء للمشتري وإن قلن ثيباً

فصل العيب في موضع لا ينظر إليه إلا النساء

حلف البائع: لقد بعتها وسلمتها له وهي بكر، فإن حلف فلا شيء عليه لأن زوال البكارة يجوز أن يحدث في يد المشتري وإن نكل عن اليمين ردت إليه. 1984 - فإن قال إن بها حملاً أراها النساء، فإن قلن: ليس بها حمل فلا سبيل للمشتري على البائع، وإن قلن أنها حامل حلف البائع لقد باعها وسلمها وما بها هذا الحمل. 1985 - وقد ذكر الخصاف أن بعض أصحابنا قال: لا أحلف على ذلك لأن هذا لا يعلم، وشهادة النساء في هذا شهادة على عيب. 1986 - وقال أصحابنا أن الشهادة في هذا شهادة على مثل شهادة الطب بالداء الباطن، مثل وجع الطحال والكبد والأمراض التي ليست بظاهرة. فصل 1987 - وإذا كانت الدعوى بعد موت الجارية والعبد، فعلى المشتري أن يثبت ذلك فإن كان عند البائع لم يستحلف البائع على عمله، فإن شهدوا أن العيب كان عند المشتري فقال المشتري كان به ذلك عند البائع استحلف له البائع وإن قال البائع يعلم أنه كان به عنده حلف على علمه فإن نكل ألزمه يميناً أخرى على البت، فإن نكل رد على المشتري حصة العيب من الثمن. فصل العيب في موضع لا ينظر إليه إلا النساء 1988 - وإن كان العيب في موضع لا ينظر إليه إلا النساء مثل الرتق

فصل مصراة نقص لبنها

والعفل وغيره مما في البدن فشهد النساء به، فإن البائع يحلف: "لقد باعها وسلمها وما بها هذا العيب". 1989 - ولا ترد عليه شهادة النساء إذا كان قد قبضها، وهذا قول أبي يوسف، وإن كان قبل القبض ردها بشهادة النساء. 1990 - وقال محمد هذا والأول سواء، ولا أردها بشهادة النساء وأحلف البائع. 1991 - وقال بعض أصحابنا أردها بشهادة النساء لأن الرد من طريق الحكم، فهو كشهادة القابلة، ويثبت الميراث من طريق الحكم. 1992 - وكل موضع وجب الرد على البائع استحلف المشتري على ما قدمناه. فصل مصراة نقص لبنها 1993 - وإذا اشترى مصراة فحلبها فنقص اللبن لم يكن له أن يردها على البائع. وقال أبو يوسف في رواية الخيار إليه إن شاء ردها وإن شاء أمسكها. 1994 - وكذلك إن وجد بها عيباً لم يردها. 1995 - والنماء الحادث يمنع الرد، وسواء كان منفصلاً أو كان متصلاً إذا كان باقياً في يده. 1996 - وقال الشافعي: ترد ولا يمنع النماء الرد، وقال الشافعي إن اختار رد المصراة رد بدل اللبن الذي أخذه.

فصل الجارية المصراة

1997 - واختلف أصحابه في الذي يرد فقال ابن شريح: يرد في كل بلد من غالب قوته وحمل حديث أبي هريرة على من قوت بلده التمر، وحديث ابن عمر على من قوت بلده القمح. كما قال في الفطرة، وقال أبو إسحق: الواجب التمر، وهو قول أبي يوسف في الرواية التي ترد، واختلفوا إذا كان الصاع أكثر من قيمة الشاة أو مثل قيمتها، فمنهم من قال تجب القيمة صاع بالحجاز لأنا لو أوجبنا صاعاً قيمته مثل الشاة لصار للبائع الشاة وبدلها بوجب قيمة الصاع بالحجاز. 1998 - وقال بعض أصحابه: يلزمه صاع وإن كانت قيمته أكثر من قيمة الشاة لأنه ليس ببدل عن الشاة وإنما هو بدل عن اللبن كما لو غصب عبداً فخصاه فإنه يرده مع قيمته، وعندنا لا يرد العبد وقيمته بل الخيار إلى المالك في الغصب. 1999 - وقد قالوا أن النماء الحادث في يد المشتري يكون للمشتري ولا يرده مع الأصل، وههنا قالوا يرد قيمته، وهذا تناقض من القول، وقد قالوا لو كان اللبن باقياً فأراد رده فقال أبو إسحق لا يجبر البائع على أخذه لأن الحلب ينقص لأنه يسرع إليه الفساد فإن رضي جاز، ومن أصحابه من قال يخير. 2000 - لأن نقصانه حصل بمعنى يستعلم به العيب فلم يمنع الرد. فصل الجارية المصراة 2001 - وإن اشترى جارية مصراة ففيه أربعة أوجه: أحدها أنه يردها ويرد معها صاعاً لأنه يقصد لبنها فثبت بالتدليس فيه الخيار، والثاني أنه يردها ولا يرد بدل اللبن لأنه لا يقصد بالعوض. والثالث لا يردها لأن المقصود عينها دون لبنها. والرابع لا يردها ويرجع بالأرش. 2002 - وقالوا: إن اشترى أتاناً مصراة فإنه يردها ويرد بدل لبنها إذا قالوا

فصل اشترى شاة بشرط أن تحلب

إن اللبن طاهر كالشاة، وإن قالوا أنه نجس ففيه وجهان أحدهما أنه يرده ولا يرد بدل اللبن لأنه لا قيمة له، والثاني يمكسها ويأخذ بالأرش. فصل اشترى شاة بشرط أن تحلب 2003 - وإن ابتاع شاة بشرط أن تحلب كل يوم خمسة أرطال فلهم وجهان في فساد البيع وصحته، وعندنا البيع فاسد، وحكمه حكم البياعات الفاسدة. فصل إيجاب المبيع لاثنين 2004 - وإذا أوجب المبيع لاثنين ووجدا به عيباً، أو كان مبيعاً لم يرياه فليس لأحدهما أن ينفرد بالرد دون صاحبه عند أبي حنيفة. 2005 - وقال أبو يوسف ومحمد له ذلك. وهو قول الشافعي، لأن في رد أحدهما تفريقاً للصفقة على البائع، وذلك عنت. 2006 - وهما قالا هو الذي رضي بذلك حيث أوجب البيع لاثنين. وأبو حنيفة يقول: رضي بذلك أن يكون في ملك الغير لا ملكه. فصل الصلاح على أرش العيب 2007 - ويجوز الصلح على أرش العيب مع إمكان الرد عندنا. 2008 - وقال الشافعي لا يجوز لأنه يأخذ بدل الفائت من المبيع كما لو تعذر الرد.

فصل اشترى عبدا بشرط أنه كافر أو كاتب

فصل اشترى عبداً بشرط أنه كافر أو كاتب 2009 - وإذا اشترى عبداً بشرط أنه كافر فكان مسلماً فلا خيار في الرد. وقال الشافعي له الخيار كما لو شرط كاتباً فكان لا يكتب. وعندنا الإسلام زيادة في العبد، وليس بنقص فلم يثبت الخيار. فصل الزنا والبخر 2010 - والزنا والبخر ليس بعيب في الغلام وهو عيب في الجارية. وقال الشافعي هو عيب فيهما إلا أن يكون من داء يرد به في الجميع. فصل 2011 - وإذا اشترى عبدين فقبضهما فوجد بأحدهما عيباً كان له رده على البائع وإن كان قبل القبض فهو بالخيار إن شاء أخذهما وإن شاء ردهما، وليس له رد المعيب منهما. 2012 - وقال زفر يرد في الفصلين، وهو أحد قولي الشافعي. فصل امتناع الرجوع بالأرش 2013 - وإذا قتل المشتري العبد المشتري أو أكل الطعام ثم اطلع على عيب فليس له الرجوع بأرش. 2014 - وقال الشافعي له الرجوع بالأرش. 2015 - وفرق أبو يوسف ومحمد بين الأكل والقتل فقالا: يرجع في الأكل ولا يرجع في القتل، وقد ذكرنا وجه ذلك فيما تقدم.

فصل الرجوع بأرش العيب

فصل الرجوع بأرش العيب 2016 - وإذا اشترى الرجل ما مأكوله في جوفه كالبيض والرمان والبطيخ فوجده فاسداً فإنه لا يرده، ولكن يرجع بأرش العيب. 2017 - وقال الشافعي: له رده، وهذا خطأ لأنه أدخل عليه بالكسر عيباً آخر لم يكن في يد البائع فصار كما لو جنى على العبد وأراد أن يرده. 2018 - وقد حكي عن بعض الفقهاء أنه يرده ويرد أرش ما نقص بالكسر، وهو قول الحنابلة في ذلك، والرد أنما يكون على ما وقع عليه العقد والأرش المردود لم يكن عند العقد فلا يقع عليه الفسخ. فصل بيع العبد الجاني 2019 - وبيع العبد الجاني جائز، ولا فرق بين الخطأ والعمد في ذلك. 2020 - وقال بعض أصحاب الشافعي في ذلك قولين أحدهما أنه باطل. والثاني مثل قولنا. واختلف في موضع القولين فمنهم من قال في العمد ومنهم من قال في الخطأ ومنهم من سوَّى بين الجميع. 2021 - وكذلك الخلاف في العبد المرتد. 2022 - وإذا قتل في يد المشتري بقصاص أو ردة كانت في يد البائع رجع المشتري بجمع الثمن على البائع، وكذلك القطع في السرقة. 2023 - وقال أبو يوسف ومحمد يرجع بما بين قيمته مباح الدم وغير سارق، وذكر الشافعي القولين جميعاً. فصل 2024 - واختلف في العبد هل يملك الأموال إذا ملك؟ فقال أصحابنا لا يملك لأنه مملوك والمملوك لا يملك.

فصل حكم النماء الحادث

2025 - وقال مالك وداود يملك بالتملك وهو أحد قولي الشافعي لأنه يملك البضع كالحر والبضع إنما يستفاد بالعقد، ولا يملك حقيقة ولهذا لا يملك نقله بالسبب الذي ملكه به إلى غيره بعوض ولا بغير عوض، ولو ملك المال لملك أرش أطرافه لأنهما أقرب إليه. فصل حكم النماء الحادث 2026 - والنماء الحادث من الولد والثمرة قبل القبض يدخل في المبيع وينقسم الثمن عليه، وإن هلك هلك بغير شيء. 2027 - وقال الشافعي يكون للمشتري بغير شيء ولا ينقسم الثمن وإن كان موجوداً عند العقد ففيه قولان، وهذا يؤدي إلى سلامة النماء للمشتري بغير عوض، ويرد الأصل بالعيب، وهذا لا نظير له في الأصل. فصل حق البائع في حبس المبيع لمشتريين دفع أحدهما نصيبه من الثمن 2028 - وإذا اشترى الرجلان سلعة فدفع أحدهما نصيبه من الثمن لم يكن له أن يأخذ نصيبه [من السلعة] حتى يستوفي البائع جميع الثمن عند أبي حنيفة ومحمد. 2029 - وقال أبو يوسف له ذلك إذا دفع نصيبه، وإن دفع جميع الثمن له قبض جميع السلعة ولا يكون متطوعاً عند أبي حنيفة. 2030 - وقال أبو يوسف ومحمد ليس له قبضه، يكون متطوعاً فيما وزن وهو قول الشافعي. فصل قطع البائع يد العبد قبل القبض 2031 - وإذا قطع البائع يد العبد المبيع قبل القبض فالمشتري بالخيار إن شاء فسخ البيع وإن شاء أخذه بنصف الثمن.

فصل اشتراط أن يكون العبد أقطع

2032 - وقال الشافعي: إن أجاز البيع أخذه بكل الثمن لأن البائع احتبس جزءاً من المبيع ومنع من تسليمه فسقط من الثمن بقدرة كما لو باعه ثوبين فأتلف أحدهما. 2033 - ولو جنى عليه أجنبي فالمشتري بالخيار إن شاء أجاز البيع واتبع الجاني فأخذ أرش الجناية، وإن شاء فسخ وكان للبائع أن تتبعه بالجناية. فصل 2034 - وإذا ذهب بآفة من السماء فالمشتري بالخيار إن شاء أخذ بجميع الثمن وإن شاء فسخ لأن الأوصاف داخلة في العقد ولها حكم الجملة وإن لم تكن مضمونة، وإنما دخلت على وجه التبع. فصل اشتراط أن يكون العبد أقطع 2035 - ولو اشترى عبداً على أنه أقطع فكان صحيحاً كان له ولا خيار ولو حدث به عيب ثبت الخيار لما ذكرناه. فصل إذا قطع المشتري يد العبد 2036 - وإذا قطع المشتري يد العبد صار قابضاً لجمعية، ودخل في ضمانه، لأنه فعل فيه فعلاً صار به مضموناً عليه، ولا يختص فعله بما فعل لأنه دخل الجملة عيب بفعله كان قابضاً لجميعه. فصل 2037 - وإن تلف العبد من الجناية ولم يكن البائع منعه من التسليم أو هلك

بغير ذلك فالثمن لازم لمشتري لأنه قد قبضه وصار مضموناً عليه وإن كان في يد الغير. فصل 2038 - وإن كان البائع قد منعه من التسليم فإن مات من الجناية فالضمان على المشتري ويلزمه جميع الثمن لأن النصف يضمن بالجناية والنصف الآخر بالسراية فيلزمه الجميع. 2039 - وإن كان هلك من غير الجناية لزم المشتري نصف الثمن لأن البائع بالمنع صار مسترجعاً لما بقي من العبد فيلزم المشتري حصة ما أتلف وأرشه فحسب. فصل 2040 - وإذا قطع البائع يده أولاً، ثم قطع المشتري رجله من خلاف فسرى منها فالعبد لازم للمشتري فنصف الثمن ويرجع على البائع بنصف الثمن الذي أعطاه، لأنه كان المشتري بالخيار لما جنى البائع لأنه فرق عليه الصفقة، فإذا فعل بعد ذلك ما يقتضي إبطال خياره وأنه يصير راضياً بما بقي من المبيع فلهذا ألزمه ضمان نصف الثمن وسقط النصف عنه. فصل 2041 - ولو قطع المشتري يده أولاً ثم قطع البائع رجله من خلاف ثم برئ منهما كان المشتري بالخيار إن شاء أخذ العبد وأعطاه ثلاثة أرباع الثمن، وإن شاء تركه وعليه نصف الثمن بقطع اليد لأنه لما جنى المشتري صار البيع معيباً كله فصار قابضاً لجميع المبيع، وكان حق البائع قائماً في الجنس فإذا جنى صار مسترداً لما بقي وخير المشتري لأن البائع فرق عليه الصفقة فيما بقي، فإذا اختار لزمه قيمة ما بقي دون ما أخذه البائع لأن ما يأخذه البائع ينتقض البيع فيه.

باب من الخيار في المرابحة والتولية

فصل 2042 - ولو كان المشتري نقد الثمن ولم يقبض العبد ثم قطع يده ثم قطع البائع رجله من خلاف فسرى فالعبد للمشتري ولا خيار له لأن البائع لم يكن له حق في الاسترداد، ويكون على البائع قيمة ما أتلف، كما يكون على الأجنبي سواء، لأنه لم يبق له قيمة حق ولا حبس والذي يجب نصف قيمة العبد مقطوع يد لا نصف قيمة العبد كاملاً كمن قطع يد عبد مقطوع اليد وجب عليه نصف القيمة في الحال والوقت. 2043 - وإن كان البائع قطع يده أولاً والمسألة بحالها ثم قطع المشتري رجله فالعبد لازم للمشتري بنصف الثمن ويرجع على البائع بنصف الثمن الذي أعطاه، وقد مضى الوجه في ذلك. فصل 2044 - وإن قبض المشتري العبد بغير إذن البائع ولم يكن نقده الثمن فجاء البائع وقطع يده في يد المشتري ولم يأخذه حتى مات العبد من قطع اليد أو من غير ذلك، فإن كان مات من قطع اليد فقد بطل البيع ولا شيء من المشتري فيه لأن البائع قد استرجعه بالجناية عليه فكأنه مات في يده. وإن مات من غير ذلك فعلى المشتري نصف الثمن لأن البائع قد استرد نصف البد بالجناية، ولم تسر الجناية فيكون بها مسترداً للباقي فلزمه ضمانه. باب من الخيار في المرابحة والتولية 2045 - وإذا خانه في بيع المرابحة، وعلم بذلك المشتري فهو بالخيار:

إن شاء فسخ البيع وإن شاء أخذه بما قال عند أبي حنيفة ومحمد. 2046 - وقال أبو يوسف وابن أبي ليلى والشافعي يحط الخيانة وحصتها من الربح لأن العقد لا يخرج عن موضوعه بالخيانة. 2047 - واتفق الجميع على أنه يحط في التولية لأن التولية أن تكون بمثل الثمن الذي اشتراه من غير زيادة، والمرابحة أن تكون بزيادة والحطيطة أن يحط من الثمن الأول. 2048 - وإذا تصرف المشتري في المبيع سقط حقه ولا شيء له عند أبي حنيفة ومحمد، وعند أبي يوسف يرجع بالخيانة وبحصتها من الربح. فصل 2049 - وإذا حط البائع المشتري من الثمن شيئاً باعه مرابحة بما بقي من الثمن عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وقال الشافعي وزفير يبيعه بالثمن الذي اشتراه من غير حطيطة. فصل 2050 - إذا اشترى عبداً بألف إلى شهر ثم باعه من البائع بأقل من ذلك لم يجز عند أصحابنا استحساناً، والقياس أن يجوز، وهو قول الشافعي وتعرف بمسألة زيد بن أرقم.

فصل 2051 - وإذا اشترى ثوباً بعشرة فباعه بخمسة عشر ثم اشتراه بعشرة وأراد بيعه مرابحة باعه بخمسة. وإن باعه بعشرين ثم اشتراه بعشرة لم يبعه مرابحة حتى يبين، وهذا قول أبي حنيفة. 2052 - وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي يبيعه مرابحة على الثمن الباقي قليلاً كان أو كثيراً. 2053 - وكان الكرخي رحمه الله يقول: لا أعرف لهذه المسألة وجهاً، وكان غيره يقول هذا من الورع قاله أبو حنيفة. 2054 - ومنهم من قال أن المرابحة تجمع فيها جميع العقود وتجعل كالعقد الواحد كأجرة القصار والمطرز وغير ذلك. فصل 2055 - وإذا اشترى ممن لا تجوز له شهادته من ذوي الأرحام لم يجز له أن يبيعه حتى يبين ذلك عند أبي حنيفة. 2056 - وقال أبو يوسف ومحمد يجوز من غير بيان. 2057 - ولو اشترى من عبده أو مكاتبة لم يبعه حتى يبين في قولهم جميعاً. فصل 2058 - وإذا أسلم ثوبين على صفة واحدة وقبضهما لم يجز له أن يبيع أحدهما مرابحة عند أبي حنيفة ويجوز عندهما، وهو قول الشافعي. 2059 - وإذا ولدت الجارية أو أثمر الشجر أو تناتج الحيوان فلا بأس ببيع الأصل والزيادة مع مرابحة لأن هذه الزيادات جزء من الأصل، وهي داخلة في البيع فصار كأنه اشتراها مع الأصل. فصل 2060 - فإن كان قد استهلك الزيادة لم يبع الأصل مرابحة حتى يبين ما

فصل اشترى طعاما فأكل نصفه

أصاب الأصل من ذلك، وكذلك الألبان والأصواف والسمون وكل ما يوجد من الحيوان حتى يبين ذلك للمشتري. فصل 2061 - وإن هلكت هذه الزيادات من غير فعل مضمون أو منتفع به فله أن يبيعه مرابحة ولا يبين وإن كانت قد نقصت أصولها لأن المرابحة بيع بما حصل الأصل عليه من الثمن. فصل 2062 - وإذا اشترى متاعاً فله أن يحمل عليه أجرة القصار والكرى، ويقول: قام علي بكذا ولا يقول اشتريت بكذا. فصل اشترى طعاماً فأكل نصفه 2063 - وإذا اشترى طعاماً فأكل نصفه فله أن يبيع النصف الثاني مرابحة من غير بيان، وكذلك كل ما يكال أو يوزن من ذوات الأمثال. 2064 - وإذا اشترى ثياباً كل ثوب بعشرة فله أن يبيع كل ثوب مرابحة بعشرة عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 2065 - وإذا اشترى بالحنطة والشعير فله أن يبيع بذلك مرابحة وهو كالثمن. فصل 2066 - ويبيع ما اشتراه من شريكه وصديقه مرابحة ولا يبين لأنه لا تقبل شهادته له فهو كالأجنبي. 2067 - وإذا اشترى معيباً ورضي بالعيب باع ولم يبين ذلك كما لو دخله عيب، وفي هذا الباب مسائل كثيرة.

باب من البيوع الفاسدة

باب من البيوع الفاسدة 2068 - وهذا باب يجمع فيه ما يقول أصحابنا أن بيعه فاسد، وما يقول المخالف لهم أنه فاسد وغير فاسد. 2069 - فمن ذلك إذا اشترى عدلاً زطياً على أنه خمسون ثوباً بألف فوجده أحد وخمسين ثوباً أو تسعة وأربعين فالبيع فاسد لأنه باع ما تناوله العقد وما لم يتناوله فصار الثمن والمبيع مجهولين، ولأنه لو باع خمسين ثوباً من أحد وخمسين كان البيع باطلاً كذلك هذا، وحصة الناقص من الألف مجهولة لا تعلم فلم يصح. فصل 2070 - وإذا اشترى عبدين صفقة واحدة فإذا أحدهما حر فالبيع فاسد فيما عند أبي حنيفة ولا فرق بين أن يسمي لهما ثمناً واحداً أو يبين لكل واحد ثمناً. 2071 - وقالا إن سمى لكل واحد ثمن صح في العبد لأنه جعل ما لا يجوز بيعه شرطاً فيما يجوز فأبطل العقد، ولهذا لا يجوز له أن يقبل الشراء في أحد العبدين. 2072 - وقال الشافعي يصح البيع في العبد في أحد قوليه، وما الذي يلزمه من الثمن فيه قولان أحدهما تلزمه الحصة والثاني جميع الثمن وجعل ذلك كالنكاح لأجنبية وأخته. فصل باع عبده وعبد غيره 2073 - وإذا باع عبده وعبد غيره صح البيع في عبده ووقف في عبد الغير. 2074 - وقال الشافعي لا يصح في أحد قوليه بناء على تفريق الصفقة.

فصل باع صبرة كل قفيز بدرهم

فصل باع صبرة كل قفيز بدرهم 2075 - وإذا باع صبرة طعام كل قفيز بدرهم صح البيع في قفيز واحداً. ويبطل فيما زاد. 2076 - وقال أبو يوسف ومحمد يصح في الجميع وبه قال الشافعي. 2077 - لأن الثمن مجهول عند العقد فأوجب بطلان البيع فيما زاد على القفيز. فصل بيع ذراع من دار 2078 - وإذا باع ذراعاً من دار لم يجز حتى يبين الموضع. 2079 - وقالا والشافعي يجوز ويقسم على جملة الذرعات. 2080 - لأن المبيع مجهول موضعه غير معلوم. فصل 2081 - وإذا اشترى شاتين فإذا واحدة منهما ذبيحة مجوسي أو قد ترك المسلم التسمية عليها عمداً أو ميتة فالبيع فاسد. 2082 - وكذلك لو اشترى دنين خلا فإذا أحدهما خمر لأن البيع اشتمل على الصحيح والفاسد والفساد في نفس المعقود عليه فيبطل. فصل 2083 - وإذا اشترى داراً كل ذراع بدرهم ولم يبين موضع الذراع فالبيع باطل في الجميع، وفرق بين هذا وبين قفيز من صبرة، أنه يصح على قفيز واحد. 2084 - وهذا قول أبي حنيفة، وعندهما يصح وهو قول الشافعي.

فصل اشترى عبدا بشرط العتق

فصل 2085 - وإذا اشترى ثوباً على أنه عشرة أذرع بعشرة دراهم فكان أحدهم عشر ذراعاً فالجميع للمشتري ولا خيار له، وإن وجده تسعة أذرع فهو بالخيار إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء فسخ لأن الذرع صفة في المذروعات لا يقابله قسط من الثمن، وهو بخلاف المكيل والموزون، فإن الموزون والمكيل إذا زاد يكون للبائع، وإذا نقص عن القدر يكون الباقي للمشتري بحصته من الثمن لأنه معقود عليه وليس بصفة. فصل 2086 - وإذا اشترى سلعة بثمن إن عجله كان كذا وإن كان مؤجلاً فبكذا وتفرقا على هذا فهو فاسد لأنه صفقتان في صفقة. فصل اشترى عبداً بشرط العتق 2087 - وإن اشترى عبداً بشرط العتق فالبيع باطل. 2088 - وقال الشافعي البيع جائز بشرط العتق. 2089 - ولو شرط الكتابة أو التدبير أو البيع أو الاستيلاد فالبيع باطل بالاتفاق فجعل أبو حنيفة البيع بشرط العتق مثل ذلك. 2090 - فإذا قبضه المشتري وأعتقه لزمه الثمن استحساناً عند أبي حنيفة، وقالا يلزمه القيمة، وقد روي ذلك عنه أيضاً. 2091 - لأنه بيع مضمون بالقيمة لفساده كسائر البيوع الفاسدة. وأبو حنيفة جعل ذلك كالعتق على مال اعتبر المسمى في ذلك. فصل بيع العبد المغصوب ... الخ 2092 - قال أصحابنا بيع العبد المغصوب والرهن والآبق موقوف، فإن حضر

فصل اشترى فصا على أنه ياقوت

وسلم تم البيع ولا خيار للمشتري، وليس ذلك أسوأ حالا من [بيع] ملك الغير. 2093 - وكذلك أن باع سمكاً محصورا في حظيرة فأن كان يحتاج إلى صيد فالبيع باطل، وإذا كان لا يحتاج إلى ذلك فالبيع صحيح. فصل اشترى فصاً على أنه ياقوت 2094 - فإذا اشترى فصاً على أن ياقوت فإذا هو غير ذلك فالبيع باطل لأنه خلاف ما اشتراه. فصل 2095 - ولا يجوز بيع مكاتب ولا مدبر ولا أم ولد ولا ولدها ولا النحل ولا دود القز ولا أراضي مكة ولا بيع الوقوف في سائر الأرض ولا لبن الآدميات وكل هذا فيه خلاف الشافعي وغيره. خيار الجس 2097 - وجوز بيع الأعمى وشراؤه وله الخيار بالجس إذا كان مما يجس فإذا جس (سقط خياره). خيار الرؤية 2097 - وبيع ما لم يره المشترى جائز وشراؤه جائز وللمشتري الخيار إذا رآه، لأنه بيع مقدور على تسليمه عند وجوب التسليم فهو كالجوز واللوز، وفي ذلك خبر مروى أيضاً وقياس على سائر العقود أنه لا يعتبر فيها الرؤية. فصل شراء الكافر العبد المسلم 2098 - وشراء الكافر للعبد المسلم جائز وقال الشافعي لا يجوز.

باب الخيار في البيع من طريق الحكم والشرط

2099 - وكذلك المصحف. 2100 - واتفق الفريقان على أن الكافر يجوز له أن يبيع العبد المسلم له أو لغيره فجعل أبو حنيفة الشراء مثل ذلك. 2101 - واتفقوا على أنه يملك بالميراث والوصية على الخلاف. 2102 - وأجاز أبو حنيفة أن يوكل المسلم ذميا فيشتري له خمراً أو خنزيراً ويلزمه الثمن وقالا والشافعي لا تجوز الوكالة. 2103 - وكذلك قالوا في الصيد إذا وكل المحرم حلالا فاشتراه يجوز على الأمر عند أبي حنيفة وقالا الشافعي لا يجوز. 2104 - وفي المأذون يجوز عندهم جميعا. 2105 - وكذلك المكاتب إذا عجز انتقل الخمر إلى المولى. 2106 - وفي هذا الباب مسائل كثيرة على الخلاف والوفاق لا تحصى كثرة. فصل باب الخيار في البيع من طريق الحكم والشرط 2107 - وخيار المجلس لا يثبت عندنا في شيء من العقود.

فصل شرط الخيار في المطعومات والمأكولات

2108 - وقال الشافعي يثبت في البيع قولا واحدا وفي كل عق معاوضه يقصد به المال كالإجارة وغيرها. 2109 - واتفقوا على أنه يثبت في البيع خيار الشرك ثلاثة أيام. 2110 - واختلفوا فيما زاد على ذلك فقال أبو حنيفة لا يجوز، وهو قول الشافعي. 2111 - وقال أبو يوسف ومحمد يجوز إذا كان معلوماً كالأجل، وهو قول مالك وأحمد. 2112 - ولا يجوز الخيار في بيع الرقيق والحيوان إلا بالشرط. 2113 - وقال بعض الفقهاء عهدة الرقيق ثلاثا من غير شرط. 2114 - وإذا اشترى سلعة على أنه أن لم ينقده الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما فهو كشرك الخيار يجوز عند أبي حنيفة في الثلاث، وعندهما فيما زاد. 2115 - وقال زفر والشافعي البيع باطل. فصل شرط الخيار في المطعومات والمأكولات 2116 - وشرط الخيار يجوز في سائر المطعومات والمأكولات. 2117 - وقال الشافعي لا يجوز ولا يجوز في الصرف والسلم. 2118 - وإجازة مالك ثلاثة أيام. 2119 - ولا يعتبر التقابض في المجلس في غير الصرف والسلم عندنا. 2120 - وقال الشافعي يعتبر في المطعومات أيضا. 2121 - لأنها تعتبر بالعقد، فهي كالحيوان والثياب وسائر المثمنات عندنا. فصل اشتراط الخيار للغير 2122 - وإذا اشترط الخيار لغيره صح عندنا، وكان الخيار للعاقد لأنه من موجب العقد وحقوق العقد تتعلق بالعاقد.

فصل خيار الغبن

2123 - وللشافعي قولان أحدهما لا يصح والثاني يصح لمن شرط له ويكون كالوكيل. فصل 2124 - وخيار الثلاث لا يورث لأنه خيار لتتميم العقد كخيار القبول. 2125 - وقال الشافعي يورث لأنه من حقوق العقد، ليس لمن وجب عليه إبطاله. 2126 - واتفق الفريقان أن الأجل يبطل بالموت فجعل أبو حنيفة الخيار مثله لأنه مدة ملحقة بالعقد. خيار الرؤية 2127 - وفي خيار الرؤية روايتان في بطلانه بالموت. انتقال خيار التعيين للورثة 2128 - وخيار التعيين لأحد العبدين إذا اشترى على أنه (له) أن يأخذ أيهما شاء فمات قبل الخيار انتقل إلى الورثة. بطلان العقد المقترن بخيار التعيين 2129 - وقال زفر والشافعي بيع عبد من عبدين باطل. 2130 - واتفقوا على بطلان البيع فيما زاد على ثلاثة عبيد. فصل خيار الغبن 2131 - وقال أصحابنا إذا غبن في البيع لم يثبت الخيار. 2132 - وقال مالك إذا كان الثلث فما زاد يثبت له الخيار.

فصل القبض في البيع الفاسد

فصل القبض في البيع الفاسد 2133 - وإذا قبض في البيع الفاسد بأذن البائع ملك المشتري المبيع بالقيمة عندنا. 2134 - وقال الشافعي لا يملك. 2135 - وأن تصرف المشتري فيه بعد كل تصرف لا يلحقه الفسخ ومنع حق الرجوع فيه. 2136 - وكذلك إذا زاد فيه زيادة لها قيمة. 2137 - وإذا تصرف بما يلحقه الفسخ لم يمنع البائع ولا المشتري من الفسخ. 2138 - وإذا فسخ في الموضع الذي يجب فيه الفسخ تتبعه الزوائد في الفسخ عند الجميع، وقد تملك المبيع بالقيمة كما تملك بالثمن كالشفيع يأخذ تارة بقيمة الشخص إذا كان عوضا من ذوات القيم.

باب من بيوع ذوي الأرحام

فصل أنواع البيوع من حيث الصحة والبطلان والفساد والوقف. 2139 - والبيع على ثلاثة أضرب: بيع صحيح وبيع فاسد وبيع موقوف. 2140 - وقال الشافعي البيع الموقوف على الإجازة باطل. 2141 - واتفق الفريقان على أن البيع يقف على الفسخ لا للإجازة. 2142 - وقلنا، والشافعي أن خيار الشرط شرط للفسخ لا للإجازة. 2143 - وقال مالك الإجازة شرط. 2144 - وفائدة الخلاف إذا مضت مدة الخيار ثم البيع عندنا وعنده يبطل ويرجع إلى البائع. فصل باب من بيوع ذوي الأرحام 2145 - وإذا كان في ملك الرجل عبدان أحدهما صغير والآخر كبير، فليس له أن يفرق بينهما في البيع كالأب والابن والأم والبنت. 2146 - وأن الفرق بينهما جاز البيع عند أبي حنيفة ومحمد وكان مكروها. 2147 - وقال أبو يوسف والشافعي البيع باطل حتى يجمع. 2148 - واتفقوا على أنه لو باعهما جميعاً ثم وجد المشتري بأحدهما عيبا كان له أن يرده خاصة. 2149 - وروى عن أبي يوسف أنه ليس له أن يرد. 2150 - وروى عنه رواية أخرى أن سائر ذوي الأرحام مثل الأب والأم. 2151 - وفرق الشافعي بين الأب وسائر ذوي الأرحام كالأخ والعم والعمة والأخت. 2152 - واتفقوا على أنه يجوز أن يعتق أحدهما دون الآخر، وأن يكاتب. 2153 - وأن أستولد الأمة أو دبرها فله أن يفرق.

باب بيع الأمة الحامل

2154 - وروى ابن زياد عن أبي حنيفة أنه في التدبير والاستيلاد لا يفرق لأنهما على ملكه، والملك لم يزل، وفي العتق زال الملك فجاز له البيع بعد ذلك. 2155 - وفي هذا البيع مسائل كثيرة وخلاف ووفاق. فمن كان له ولمكاتب له أو عبد تاجر عليه دين مملوكان فأراد أن يفرق بينهما فرق لأن ما في يد المكاتب والمأذون خارج عن يده فهم كالأجنبي، وغير ذلك من فروع المسائل. باب بيع الأمة الحامل 2156 - وإذا كانت الأمة بين رجلين فباع أحدهما نصيبه من رجل وهي حامل وأدعى المشتري الحبل وادعاه البائع والذي لم يبع معا فأن ولدته لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه من البائع وشريكه وينتقض البيع، ويرد المشتري نصف العقر على الذي لم يبع بإقراره بالوطء. 2157 - وقال الحاكم: قوله ويرد المشتري نصف العقر ليس بسديد، والصواب أن يرد جميع العقر على الشريكين. 2158 - وهذا في رواية أبي سليمان، لأنها أم ولد لهما فيجب جميع العقر لهما لأنه وطئها بشبهة ملكه. 2159 - وإنما يثبت نسبه من الشريكين لأن دعواهما دعوى علوق قبلت في ملك الغير ولأن دعواهما أكثر من دعوى الأب ولد جارية ابنه لأن للأب شبهة ملك. فصل 2160 - وأن جاءت به لأكثر من ستة أشهر ثبت من المشتري ومن الذي لم يبع، وعلى البائع نصف العقر للذي لم يبع لأن الملك لهما وقد انقطع

باب الاستبراء في الجواري

حكم العلوق لأنه ليس فيه دلالة على أن العلوق كان في ملكها فوجب اعتبار الملك، والملك دون الذي باع وإنما لزم نصف العقر لأن إقرار البائع بالوطء في حال كان الملك لهما قبل بيعه فلا يلزمه بإقرار غيره. فصل نزاع على حمل جارية من زوج 2161 - وإذا أقر المولى أن حمل جاريته من زوج كان زوجها منه ثم أراد أن يدعيه لنفسه فأن كان ذلك الزوج صدق المولى أو لم يصدقه ولم يكذبه لا تجوز دعوى المولى في قولهم جميعاً ولا يثبت النسب. 2162 - ولو أنه كذبه ثم ادعاه المولى لنفسه فأن في قوله أبي حنيفة لا تجوز دعواه أيضا. 2163 - وفي قول أبي يوسف ومحمد تجوز. باب الاستبراء في الجواري 2164 - ولا نعلم خلافا بين العلماء في أصل الاستبراء وقد روى عنه عليه السلام أنه قال: لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة. 2165 - ولا توطأ الحامل حتى تضع ولا من تحيض حيضة، وأن كانت لا تحيض فشهر لأنه أقيم مقام حيضة في حق الصغيرة والآيسة. فصل 2166 - وإذا اشترى جارية حائضا فأنه لا يحتسب بالحيضة وعليه أن يستبرئها بحيضة أخرى عند أبي حنيفة ومحمد وأحدى الروايتين عند أبي يوسف وروى عن أبي يوسف أنه لا استبراء عليه، وهو قول إبراهيم النخعي. 2167 - وكذلك الخلاف لو حاضت في يدي البائع أو كانت بكراً فإن

الاستبراء واجب عند أبي حنيفة ومحمد ولا يجب عند أبي يوسف في إحدى الروايتين لأن المقصود العلم ببراءة رحمها. فصل 2168 - وأن ارتفع حيضها لا من حمل يعلم أنه بها لمرض أو عارض فأن أبا حنيفة قال لا يطؤها حتى يمضي عليها ثلاثة في رواية ومثله روى عن أبي يوسف، وفي بعضها أربعة أشهر، وفي رواية عنه حتى يعلم أن رحمها برئ من الحمل. 2169 - وقال محمد بن الحسن يدعها أربعة أشهر وعشرا، وهي عدة الوفاة، وروى عنه أيضا أنه قال شهرين وخمسة أيام عدة الأمة في الوفاة، وإنما أعتبر هذه المدة لأن حيضها يجوز أن يتأخر، وإنما حدوداً ذلك بما ذكرنا لأن في مثل ذلك يتبين الحمل ويتحرك الولد في الرحم فصل 2170 - وإذا باع جارية فلم يقبضها المشتري حتى تقايلا البيع فالقياس أن يجب على البايع الاستيراء في رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة في الإملاء، وهو قوله الأول، وفي الاستحسان لا يجب الاستبراء وهو قول أبي حنيفة الآخر وهو قولهما. فصل 2171 - ولو كان المشتري قبضها ثم أقاله فباعها فولدت عند المشتري فماتت الجارية وبقة الولد فأدعى البائع الولد فأن النسب يثبت ويرد البائع جميع الثمن في قول أبي حنيفة ولا يمسك لأجل الولد شيئاً، وفي قولهما لا يرد حصة الأم من الثمن، وهذا فرع لمسألة أخرى أن أم الولد ليست بمال.

فصل لا استبراء على الزانية

فصل 2172 - ولو قبض المشتري الجارية فوجد بها عيبا فردها أو كان البائع قد باعه منها سهما ثم ردها ثم أقاله في الشقص فعليه الاستبراء لأنه وجد سبب الاستبراء. فصل 2173 - وإذا رجعت الآبقة أو ردت المغصوبة أو فكت المرهونة أو عجزت المكاتبة فالاستبراء على المولى في ذلك، ولو وهبها لولد له صغير أو كبير ثم اشتراها لنفسه فعليه الاستبراء لأنه ملك جديد. 2174 - ولو قبضها المشتري بشراء وفسخ القاضي البيع لأجل الفساد فعليه الاستبراء في الاستحسان، وكان القياس أن لا يجب، وكذلك كان القياس أن لا يجب الاستبراء على البائع إذا باع بشرط الخيار ثم فسخ، وهذا مبني على أصلنا أن البيع الفاسد إذا قبض المشتري المبيع ملك المشتري، وعند الشافعي لا يملك فيجب أن لا يجب الاستبراء كالمغصوبة. فصل 2175 - وإذا زوج الرجل أمته فطلقها الزوج قبل الدخول كان للمولى أن يقربها بعد أن يستبرئها بحيضة، لأن الوطئ قد كان حل لغيره فيجب عليه الاستبراء، ولم يسقط ذلك إذا لم تجب عدة. 2176 - وأن كان النكاح فاسداً وفرق قيه لم يكن عليه الاستبراء لأنه لا يستباح به الوطئ. 2177 - ولو وهب جارية فرجع فيها فعليه الاستبراء. فصل لا استبراء على الزانية 2178 - ولا يجب الاستبراء على الزانية، فأن حملت منه لم يطأها حتى تضع، والأمة الحرة في ذلك سواء.

بيع النخل وفيه ثمرة 2179 - رجل اشترى أرضا ونخلا بألف درهم، والأرض تساوي ألفا والنخل مثل ذلك فأثمر النخل في يدي البائع قمرا يساوي ألفا فاستهلك البائع الثمر فأنه يسقط عن المشتري ثلث الثمن وعليه ثلثا الثمن في قول أبي حنيفة ومحمد وفي قياس أبي يوسف عنه ربع الثمن ويجب عليه ثلاثة أرباع الثمن فهما يقسمان الثمن على الأرض والنخل ثم يحط ذلك الهالك من الثمن، وعند أبي يوسف أن التمر دخل فيما يخص النخل خاصة، لأن البيع واقع على الأرض والنخل كالتبع فهو يشابه من اشترى أمه فولدت ولدين فأن الثمن يقسم عليم، وخلاف آخر للمشتري ويأخذ بمقدار ما بقي عليه من الثمن وعندنا للمشتري الخيار. فصل 2180 - وإذا باع النخلي وعليه تمر فهو للبائع سواء أبرت أم لم تؤبر

2181 - وقال الشافعي: إذا أبرت فهي للبائع وأن لم تؤبر فهي للمشتري. 2182 - وعند ابن أبي ليلى هي للمشتري في الحالين. 2183 - وعندنا لا يدخل في البيع بشرط لأنه يمكن أفرادها بالبيع فهي في حكم عين أخرى لأنها ثمرة ظاهرة كالمؤبرة. فصل 2184 - وإذا باع الثمرة وأطلق البيع جاز ووجب على المشتري قطعها. 2185 - وقال الشافعي: لا يجوز مطلقا إذا كان لم يبد صلاحها إلا بشرط القطع، لأن كل ثمرة جاز بيعها بشرط القطع جاز مطلقا كما لو بدا الصلاح، ولأن الشرط غرر في البيع. فصل 2186 - وأن شرط تركها فأنه يبطل العقد عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 2187 - وقال الشافعي: إذا كان قد بدا صلاحها لم يبطل البيع. 2188 - لأن ما جاز بيعه بشرط القطع لا يجوز بشرط الترك كالتي لم يبد صلاحها. فصل 2189 - ولا فرق بين أن يكون قد تناهي عظمها أو لم يتناه أن شرط الترك يفسد البيع، وقال محمد: يجوز استحسانا لانه شرط تركها فصار كما لو لم يبد صلاحها فصل 2190 - وإذا اشترى رطبا على رؤوس النخل بخرصه تمرا لم يجز. وقال الشافعي يجوز فيما دون خمسة أوسق، ولا يجوز فيما زاد على ذلك.

فصل بيع الشاة باللحم

2191 - ولو جاز ذلك لجاز في الزيادة، وكان يحوز في سائر الثمار والحبوب، وقد أجمعنا على أن ذلك لا يجوز. فصل 2192 - ويجوز بيع الرطب بالتمر مثلا بمثل عند أبي حنيفة. وعندها والشافعي لا يجوز. 2193 - وأجمعوا على جواز بيع العتيق من التمر بالحديث. 2194 - واختلف أبو يوسف ومحمد في بيع العنب بالزبيب. 2196 - وأجاز أصحابنا بيع الحنطة بالسويق فقال أبو حنيفة لا يجوز. وقال أبو يوسف ومحمد يجوز. 2196 - وأجاز أصحابنا بيع الدقيق بالدقيق إذا كان على صفة واحدة. 2197 - وقال الشافعي لا يجوز. فصل بيع الشاة باللحم 2198 - وبيع الشاة باللحم جاز عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 2199 - وقال محمد يجوز على وجه الاعتبار. 2300 - وقال الشافعي لا يجوز بحال لأنه معدود بموزون فصار كالدرهم. فصل 2301 - وبيع الشاة التي في ضرعها لبن او على ظهرها صوف بلبن من

جنس لبنها أو [صوف] جنس صوفها جائز عند أبي حنيفة على وجه الاعتبار. 2302 - وقال غيره لا يجوز. 2303 - ومن أصحابنا من فرق بين الصوف واللبن ومنهم من سوى في ذلك وقال: الخلاف في الجميع واحد. فصل 2304 - وأجازوا بيع الزيت بالزيتون والشيرج بالسمسم على وجه الاعتبار بأن يكون في الدهن مثل ما في السمسم وزيادة في مقابلة اللبن. 2305 - وقال زُفَر ومالك لا يجوز. فصل 2306 - وإذا باع شاة واستثنى أطرافها لم يحز البيع. 2307 - وقال بعض الفقهاء يجوز وهم الحنابلة. 2308 - وفي هذا الضرب مسائل كثيرة. 2309 - وأجاز أصحابنا بيع الحنطة بالشعير متفاضلا ومتساويا. 2310 - وقال مالك لا يجوز لأنهما جنسان، فهما كالدنانير والدراهم. فصل 2311 - والربا يجري في مكيل جنس عندنا إذا بيع بمثله، وكذلك الموزون. 2312 - وقال الشافعي الربا يختص بالمطعومات والأثمان. فصل 2313 - والجنس يحرم عندنا النسأ كما يحرم النسأ بالمعنى المضموم إليه.

باب من السلم

باب من السلم 2314 - وكل ما تضبط صفته ويعلم قدره فالسلم فيه جائز إذا ذكر جنسا معدوما ولوعا وقدرا معلوما أو صفة معلومة، وكان موجودا فالسلم في أيدي الناس من يوم العقد إلى يوم المحال وذكر الأجل في ذلك، وقبض رأس المال في المجلس، وسمى موضع تسليمه فذلك جائز بإجماع، إذا كان رأس المال معلوما، وكلما أنخرم من هذه الشروط شرط دخل الخلاف في العقد لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اسلم فأسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم" بعد نهيه عن بيع ما ليس عند الإنسان. فصل تعجيل أحد البدلين 2318 - وأجاز الشافعي السلم حالا ومؤجلا وامتنع أصحابنا من ذلك، وقالوا: لا يجوز إلا بأجل لأنه لا فرق بين السلف والسلم واللفظ وإذا كان حالا لم يتمكن من التسليم عقب العقد. فصل السلم في المعدوم 2316 - وأجاز السلم في المعدوم إذا كان موجودا عند المحل. 2316 - وقال أصحابنا لا يجوز حتى يكون موجودا عند الطرفين، وفيما

فصل ما يجوز السلم فيه

بين ذلك، لأن ذلك وقت يجوز أن يحل فيه بالموت، والموت فكان وجوده شرطا كالمحل المشروط خلاف الشافعي يكفي وجوده عند المحل المشروط. فصل ما يجوز السلم فيه 2318 - وأجاز أصحابنا السلم في الجوز واللوز والفستق والحنطة والشعير والبر والزيت والقطن والزعفرات، وكل ما يكال وكل ما يوزن وكل ما يعد ويتقارب ولا يتفاوت كاللبن والآجر والنورة والطوابيق والمسوح والأكسية والثياب والزجاج والآنية، وفي بعض ذلك حلا وفيه وفاق. ومسائل السلم كثيرة. فصل قرض مال بمثله 2319 - أجاز أصحابنا قرض ماله مثل من المكيل والموزون. 2320 - وقالوا: لا يجوز قرض ذوات القيم. 2321 - وقال الشافعي يجوز إلا الحوار ومن أصحابه من أجاز الجميع. فصل 2322 - وقالوا: لو اشترى بذهب وفضة وسمي وزنا معلوما كان الثمن منقسما من كل جنس نصفه. 2323 - وقال الشافعي لا يجوز حتى يبين كل واحد.

فصل 2324 - وأجاز الجميع صرف ما في ذمة كل واحد في ذمة الآخر، واعتبروا القبض في الصرف في المجلس. 2325 - وقال أصحابنا أن الدراهم والدنانير لا تتعين بالعقد. 2326 - وقال أبو الحسن تتعين ولا تستحق أعيانها. 2327 - وقال زفر تتعين وبه قال الشافعي. 2328 - ولو تعينت لما صح العقد عليها مع الإطلاق. ومسائل البيوع كثيرة، وسمعت شيخنا قاضي القضاة رحمه الله يقول أن أبا بكر الخوارزمي رحمه الله جمع كتاب البيوع من كتب محمد وأصحابنا من جميع الكتب فكانت خمسين ألفا وزيادة وأنه وقع ذلك إليه. 2329 - وفي الذي ذكرت من هذه المسائل في هذا الكتاب ما لم يذكره غيري في أدب القضاء، كالطحاوي والخصاف فأنهما لم يودعا كتبها من ذلك شيئاً.

كتاب الرهن

كتاب الرهن تعريف 2330 - الرهن عقد وثيقة يفتقر إلى إيجاب وقبول، وهو جائز قبل القبض غير لازم، وإنما يلزم بالقبض. 2331 - وقال مالك: يلزم من غير قبض. 2332 - وهول لازم للراهن ليس له إبطاله إلا (أن) يقضي ما هو رهن به، لأنه قد تعلق به حق غيره. فصل 2333 - ولو رهن نصف عبد أو دار أو مكيل أو موزون غير مقسوم فالرهن فاسد عندنا. 2334 - وقال الشافعي: كل ما جاز بيعه جاز رهنه وعندنا أن كل ما جاز رعنه جاز بيعه، ويجوز رهنه لأنه أعم من الرهن. 2335 - وبيع ما في الذمة يحوز، ولا يجوز رهنه. 2336 - ويجوز بيع التركة قبل القبض ولا يجوز رهنها. 2337 - وعقد هذا الباب: أن كل ما يجوز رهنه ابتداء فأنه يجوز في حالة البقاء فأنظر أبدا إلى ما يستحق من الرهن، فأن كان الباقي يجوز أن يبتدئ فيه الرهن فالرهن بحالة فيه ولا يبطل، وأن كان لا يجوز ابتداء فالرهن قد بطل، ولا فرق بين الشريك وغيره. 2338 - وسائر الأموال في ذلك سواء العقار والعبيد والمكيل والموزون

فصل الرهن في السفر

والثياب والنخل والشجر وسائر ضروب الأموال في ذلك سواء، وأن قبض الجميع لم يصح الرهن أيضا، وكذلك أن كان الرهن مقسوما فاستحق بعضه مشاعا بطل الرهن، وأن كان معينا والباقي يجوز رهنه بحاله. 2339 - ومسائل هذا الباب كثيرة، والأصل واحد، ولا فرق بين أن يأذن الشريك في ذلك أو لا يأذن أن الرهن لا يصح. فصل الرهن في السفر 2340 - ويجوز الرهن في الحضر كما يجوز في السفر خلافا لأهل الظاهر. حظر الانتفاع بالرهن 2341 - ولا يجوز للراهن الانتفاع بالرهن. وقال الشافعي له الانتفاع إذا كان له منفعة. رهن العين المغصوبة 2342 - وإذا رهن العين المغصوبة عند الغاصب جاز الرهن وزال ضمان الغصب. 2343 - وقال الشافعي ضمان الغصب بحاله. إعتاق العبد المرهون 2344 - وإذا أعتق الراهن العبد المرهون جاز عتقه موسرا كان أو معسرا. وللشافعي في ذلك ثلاثة أقول: مثل قولنا ولا يعتق، والثالث الفرق بين المعسر والموسر. تقبيل الجارية المرهونة 2345 - وأن قبل المرتهن الجارية المرهونة من غير شبهة لم يجب الحد في أحدى الروايتين لأنها محبوسة في يديه بحق له في رقبتها.

فصل 2346 - وإن وطئ بأذن الراهن فولدت منه فالولد عبد. 2347 - وقال الشافعي حر. 2348 - لأن أذنه ليس أكثر من تزويجه بها ولو تزوجها كان الولد عبداً. 2349 - وإذا باع المرتهن الرهن قبل حلول الدين بإذن الراهن فالبيع جائز والثمن رهن. 2350 - خلاف الشافعي لا يكون رهنا. ولو شرط له ذلك أو شرط أن يعجل الدين فالبيع جائز ويلزم تسليم ذلك. 2351 - خلاف الشافعي البيع باطل على هذا الشرط. 2352 - ورهن العبد الجاني والمرتد جائز منا يجوز البيع. 2353 - وقال الشافعي لا يصح في أحد قوليه. الزيادة في الرهن والدين 2354 - وتجوز الزيادة في الرهن. 2355 - ولا تجوز في الدين. 2356 - وقال أبو يوسف يجوز فيهما. 2357 - وقال زفر لا يجوز فيهما. 2358 - وللشافعي قولان في ذلك. إقرار الراهن بجناية العبد المرهون 2359 - ولا يجوز إقرار الراهن على العبد المرهون بالجناية. 2360 - وقال الشافعي في أحد قوليه يجوز. 2361 - وإذا قتل العبد المرهون في يد المرتهن بالردة ثبت الخيار في فسخ البيع. 2362 - خلاف الشافعي لا يثبت. 2363 - وإذا علق عتق عبده بصفة ثم رهنه جاز الرهن.

فصل توكيل المرتهن ببيع الرهن

2364 - وقال الشافعي لا يجوز رهنه، وله تفصيل في تعجيل الصفة وتأخيرها على محل الدين لأنه يجوز بيعه فجاز رهنه. تحول العصير المرهون خمراً. 2365 - وإذا رهن عصيراً فصار خمرا لم يبطل الرهن. 2366 - وقال الشافعي يبطل. 2367 - وأن عادت خلا فالمرتهن أحق بها من الغرماء. رهن ما يسرع إليه الفساد 2368 - ورهن ما يسرع إليه الفساد بالدين الحال أو المؤجل جائز. 2369 - وقال الشافعي لا يجوز. فصل توكيل المرتهن ببيع الرهن 2370 - ويجوز أن يكون المرتهن وكيلا ببيع الرهن عند محله 2371 - وقال الشافعي لا يجوز. 2372 - ولا يملك الراهن عزل الوكيل عن بيع الرهن إذا وكله بالبيع 2373 - وقال الشافعي يملك. فصل تبعة هلاك ثمن الرهن 2374 - وإذا باع العدل الرهن فهلك الثمن فهو من ملك المرتهن لأن اليد للمرتهن دون الراهن لأن الراهن لو أراد فسخ يد العدل لم يكن له ذلك والمرتهن له ذلك. 2375 - وقال الشافعي يكون من مال الراهن.

فصل استحقاق الرهن

فصل استحقاق الرهن 2376 - وإذا استحق الرهن بعد البيع على المشتري رجع على العدل البائع. 2377 - وقال الشافعي يرجع على الراهن. 2378 - لأن حقوق العقد تعلق بالعاقد عندنا دون من عقد له في كل ما تصح إضافته إلى العاقد من العقود. 2379 - وإذا أدعى العدل تسليم الثمن إلى المرتهن فالقول قوله. 2380 - وقال الشافعي لا يقبل قوله عليه. 2381 - لأنه أمين له واليد يد المرتهن وأن تعلق بها حق الراهن. دفع العبد الرهن في الجناية 2382 - وإذا دفع العبد الرهن في الجناية بطل من الدين بحساب ذلك. 2383 - وقال الشافعي لا يبطل. 2384 - والرهن مضمون عندنا بالأقل من قيمته ومن الدين. 2385 - وقال الشافعي هو أمانة. 2386 - ولو كان أمانة لقبل قول المرتهن في الرد على الراهن كسائر الأمانات، ولكان المرتهن وغيره في ثمنه سواء. فصل رهن المكاتب 2387 - ويجوز رهن المكاتب بدين المكاتبة. 2388 - وقال الشافعي لا يجوز 2389 - لأنه دين واجب كسائر ديونه.

باب اختلاف الراهن والمرتهن

فصل تزويج الأمة المرهونة 2390 - ويجوز للراهن تزويج الأمة المرهونة بغير أذن المرتهن. 2391 - وقال الشافعي لا يجوز فصل الزيادة من الرهن 2392 - والزيادة من الرهن تدخل في الرهن. 2393 - وقال الشافعي لا يدخل المنفصل ويدخل المتصل. 2394 - لأنه حق ثابت في الأم فسرى إلى الولد كالملك والعتاق. فصل الشرط الفاسد في الرهن 2395 - وإذا شرط في الرهن شرطا فاسدا بطل الشرط وصح الرهن. وقال الشافعي يبطل الرهن. 2396 - لأنه عقد شرك في لزومه القبض كالهبة. باب اختلاف الراهن والمرتهن 23970 وإذا اختلف الراهن والمرتهن في الدين فالقول قول الراهن في الدين، معي يمنه، ولا خلاف في ذلك. 2398 - وأن اقاما البينة فالبينة بينة المرتهن لأنها تثبت الزيادة فصل 2399 - وأن قال الراهن وهنت بخمسائة وقال المرتهن بل بألف،

فصل اختلافهما في قيمة الرهن

والدين ألف على الراهن فالقول قول الراهن، كما لو أنكر الرهن كان القول قوله في ذلك. 2400 - وإذا قال المرتهن قبضت خمرا. وقال الراهن بل صارت العين خمرا عندك، فالقول قول المرتهن. 2401 - وقال الشافعي القول قول الراهن. 2402 - لأنه لم يقر بقبض يوجب الضمان. فصل 2403 - وأن قال الراهن رهنتها عندك بجميع مالك من الدين وهو ألف، وقال المرتهن رهنتها بخمسمائة والجارية الرهن تساوي ألفا فأن الحسن بن زياد قال عن أبي حنيفة أن القول قول الراهن ويترادان بعد التحالف. 2404 - وأن مات الراهن قبل التحالف كانت بما قال المرتهن لأنه ينكر الضمان. فصل اختلافهما في قيمة الرهن 2405 - ولو اتفقنا على أن الجارية رهن واختلفا في قيمة الجارية، وقد هلكت في يد المرتهن فقال المرتهن كانت قيمتها خمسمائة وقال الراهن الفا فالقول قول المرتهن في قيمة الهالك. 2406 - وأن أقاما بينة فالبينة بينة الراهن لأنها تثبت الضمان والزيادة. فصل 2407 - وأن اختلفا فقال المرتهن رهنتني هذين العبدين بألف. وقال الراهن لا أحدهما بألف لم تقبل دعوى أحدهما على صاحبه، ويحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه. فصل 2408 - وإذا كان الرهن أمة فولدت ثم ماتت الأمة وبقي الولد، واختلفا في قيمة الأم فالقول قول المرتهن والبينة بينة الراهن، وكذلك الحيوان والشجر والثياب وسائر الأعيان مثل ذلك.

فصل 1409 - وإذا اختلفا فقال الراهن: قبضت مني الرهن فهلك في يدك وقال المرتهن: بل قبضته أنت مني فهلك في يدك فالقول الراهن مع يمينه لأن المرتهن قد أقر بقبضه فهو في ضمانه. 2410 - وأن أقاما جميعا البينة على ما قالا أخذت بينة الراهن لأنه المدعي للقضاء، لأن هلاك الرهن في يد المرتهن بمنزلة القضاء. فصل 2411 - وأن قال المرتهن هلك في يد الراهن قبل أن أقبضه، وقال الراهن هلك في يد المرتهن فالقول قول المرتهن لأنه لم يغير مقتضي شيء، فأن أقاما البينة أخذت بينة الراهن لأنها تثبت القضاء وتشهد بعين الظاهر. فصل 2412 - وأن قال المرتهن: رهنتي هذين الشوبين وقبضتها فقال الراهن: رهنتك أحدهما فالقول قول الراهن. 2413 - وأن أقاما بينة، أخذت بينة المرتهن. فصل 2144 - وإذا كان الرهن عبدا والدين الفين والعبد يساوي ألفا وقد ذهبت عينه واختلفا في قيمته فقال الراهن كانت قيمته يومك رهنتك الفين فقد ذهب نصف دينك، وقال المرتهن بل كانت قيمته خمسمائة وإنما زاد بعد ذلك وإنما ذهب ربع حقي فالقول قو الراهن مع يمينه. 2415 - فأن أقاما جميعا بينة على ما ادعياه أخذت بينة الراهن لأنه يدعي القضاء والبراءة، والعبد مضمون على المرتهن، وهو ينصرف في ملك الراهن فهو كالغاصب.

2416 - وإذا اختلف هو والمغصوب منه فالقول قول المغصوب منه لأنه لا يصدق فيما يوجب سقوط الضمان عنه. فصل 2417 - وإذا ادعى الرهن وأنكر الراهن الرهن أو أقر بالرهن وأنكر التسليم فالقول قوله وعلى المدعي البينة أنه أرتهن وقبض. 2418 - فأن أقام بينة رجلين أو رجلا وامرأتين أنه ارتهن وشهدوا على معاينة القبض أو أقرار الراهن بذلك فهو سواء. 2419 - وهذا قول أبي حنيفة الأخير، وهو قول أبي يوسف ومحمد لأنهما أثبتا الرهن بالشهادة فصل 2420 - ولو شهد أحدهما أنه رهن بمائة وشهد الآخر بمائتين، والمرتهن يدعي مائتين فالشهادة باطلة عند أبي حنيفة. 2441 - وقالا يكون رهنا بمائة والقول قول الراهن في الزيادة. 2422 - وعند الشافعي يحلف مع الشاهد الواحد، ويكون رهنا بمائتين. 2432 - واتفق الجميع على أنه لو شهد أحدهما بحنطة والآخر بقول أن الشهادة باطلة ولا شيء على الراهن من ذلك. 2424 - ولو ادعى الراهن أنه رهن بمائة وخمسين، وذلك قيمته، وأقاما على ذلك شاهدا وشهد له آخر بمائة وقال المرتهن مائة وخمسون وهذا رهن بمائة فالقول في ذلك قول المرتهن مع يمينه إلا أن يقدم الراهن شاهدا آخر على ما ادعاه. 2426 - وأن أقاما جميعا بينة فالبينة بينة الراهن لأنها تثبت الزيادة والقضاء

فصل اشتراط الرهن بالثمن

فصل اشتراط الرهن بالثمن 2427 - وإذا باعه متاعا على أن يرهنه عبدا بالثمن فجحد المشتري ذلك وأقام عليه بينة بالبيع والرهن فأنه لا يجبر الرهن على تسلم الرهن، لأنه غير مقبوض، ولكن له الخيار في فسخ البيع، ولا يجبر على تمام البيع إلا أن يسلم الراهن العبد إلى المرتهن أو مقامه رهنا آخر يرضي به المرتهن فيجبر على ذلك لأن الرهن لا يلزم من غير قبض، وقد شرط في الثمن صفة فأثبت الخيار له في ذلك. فصل 2428 - وإذا ادعى الرهن رجلان كل واحد يقول رهنه عندي والرهن يدي الراهن، وأقام كل واحد بينة بما ادعاه فليس الرهن عند واحد منهما في القياس وبه نأخذ والاستحسان أن يكون بينهما، وأن كان في أيديهما فهو كذلك أيضا في القياس والاستحسان. 2429 - وأن كان في يدي أحدهما فهول له إلا أن يقيم الآخر البينة أنه رهنه قبله بوقت وإذا وقتا وقتين فهو الأول منهما، وإذا لم يوقتا فليس برهن لأحدهما في القياس، وهذا هو المذهب لأنه يقتضي إشاعة الرهن ورهن المشاع لا يصح. فصل 2430 - ولو مات الراهن والرهن في أيديهما وأقاما بينة كل واحد أن رهن عنده، فأنه يباع لهما ويقضي دينهما، وضربا مع الغرماء بما فضل لهما في تركة الميت، ويأخذ الغرماء ما فضل من ثمن الرهن عند أبي حنيفة ومحمد واستحسانا. 2431 - والقياس أن الرهن باطل وهو قول أبي يوسف ويكون بين الغرماء بالحصص ولا يسلم لهما. فصل 2432 - وإذا كان المرتهن اثنين فوع أحدهما الرهن عند صاحبه والرهن مما يحتمل القسمة فالدافع ضامن قيمته عند أبي حنيفة.

فصل الرهن لدى عدل

2433 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يضمن ولا ضمان على القابض في قولهم جميعا. فصل الرهن لدى عدل 2434 - وإذا وضع الرهن على يدي عدل فهو جائز عندنا. وعند الشافعي. ومالك. 2435 - وقال ابن أبي ليلى لا يجوز الرهن حتى يكون في يد المرتهن. 2436 - لأن يد العدل للمرتهن عندنا لأنه يملك إخراجه متى شاء ويبطل الرهن. 2437 - فأن باع العدل العبد الرهن وذهب الثمن كله أو بعضه قبل القبض جاز في قول أبي حنيفة ومحمد. 2438 - وقال أبو يوسف والشافعي هبة الوكيل الثمن قبل القبض باطلة، كما لو وهب بعد القبض. فصل 2439 - وإذا ادعى رجل الرهن والآخر الشراء والرهن في يدي الراهن فبينة المشترى أولى. 2440 - وأن كان في يد المرتهن فالمرتهن أولي به، إلا أنه يقيم المشتري البينة أنه قبل، ويقدم الأول في العقدين مها على الآخر أيهما كان. فصل 2441 - وإذا ادعى الرجل على غيره أنه رهنه هذا العبد بألف، وهو في يدي المدعي عليه والآخر ينكر ذلك قبل بينة الراهن. 2442 - وأن هلك لزمه جميع قيمة العبد لأنه صار بالجحود غاصباً فلزمه جميع قيمته.

فصل إبراء المرتهن الراهنة

فصل 2443 - وإذا رهن عند صبي لا يعقل القبض فالرهن باطل، فأن كبر وبلغ جاز بيعه "بتسليط الراهن عند أبي يوسف ومحمد، وذكر الخصاف أنه لا يجوز عند أبي حنيفة البيع بعد الكبر لأنه لم يصح الرهن. فصل إبراء المرتهن الراهنة 2444 - وإذا ابرأ المرتهن الراهن من الدين أو هبة والرهن في يديه فتلفت قبل رده على الراهن من غير تعد فلا ضمان على المرتهن عند أبي حنيفة ومحمد وأبي يوسف. 2445 - والقياس أن يضمن قدر الرهن وهو قول زفر بن الهذيل. فصل 2446 - وإذا تطوع الرجل بفصل ثمن المبيع أو طلاق الزوجة ثم استحق المبيع أو رد بعيب أو طلقت المرأة قبل الدخول فأن المتطوع يرجع بما له على البائع ويرجع الصداق إليه عند علمائنا الثلاثة. 2447 - وقال زفر يرجع على الزوج والمشتري دون المتطوع بذلك. فصل جناية الرهن 2448 - وأن كان فيه فضل ففدى فهو متطوع أن كان الراهن حاضرا، وأن كان غائبا فليس بمتطوع في رواية محمد عن أبي حنيفة. 2449 - وروى الحسن عنه بالضد أن كان غائبا فهو متطوع وأن كان حاضرا فليس بمتطوع. 2450 - وقال هو متطوع في الحالين. فصل 2451 - وإذا رهن الأب أو الوصي مال اليتيم في دين نفسه جاز عند أبي حنيفة ومحمد.

فصل قضاء جزء من الدين الموثق برهن

2452 - وروي عن أبي يوسف أنه لا يجوز. فصل قضاء جزء من الدين الموثق برهن 2453 - وإذا كان الرهن أعيانا كل عين بعشرة فقضي الراهن عشره يكن له أن يأخذ من الرهن شيئا حتى يؤدي الجميع في رواية الأصل. 2454 - وقال في الزيادات له أن يأخذ ما أدى عنه. 2455 - ويقال هو قول محمد خاصة. فصل رهن أرض فيها نخل 2456 - وإذا رهن أرضا فيها نخل بألف، وقيمة الأرض وقيمة النخل مثل ذلك فاحترق النخل فالأرض رهن بخمسمائة وسقط من الدين خمسمائة، فان نبت في الأرض نخل يساوي خمسمائة فأن هذا النخل والأرض رهن بثلثي الدين عند أبي حنيفة ومحمد، ولا فرق بين أن ينبت من عروق الأول أو من الأرض. 2457 - وفي قياس أبي يوسف أن نبت من عروق الأول يكون رهنا بنصف الدين إذا نبت من الأرض. فصل 2458 - وإذا رهن العبد الجاني والمرتد فقتل في يدي المرتهن وهو لا يعلم بما كان منه فهو من مال الراهن عند أبي حنيفة، وكذلك إذا قطع في السرقة. 2459 - وعند صاحبيه يقوم حلال وغير حلال ويغرم نقصان ذلك من الدين كما قالا في البيع. 2460 - ولو ضرب حداً أو عزر فنقص قيمته ذهب من الدين بحساب ذلك في قولهم جميعاً.

باب رهن الفضة والذهب وذوات الأمثال

فصل رهن أحد المتفاوضين 2461 - ورهن أحد المتفاوضين جائز كما تجوز كفالته. 2462 - وإذا ادعى الرهن فهو لنفسه وعندها لا يجوز. فصل جناية ولد الرهن 2463 - وإذا جنى ولد الرهن جناية فدفع بها لم يبطل من الدين شيء. 2464 - وأن فقأت الأم عيني الابنة فدفعت بها، وأخذت الابنة مكانها فالابنة رهن بالدين كله، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. 2465 - وقال محمد تكون رهنا بحصتها ويسقط من الدين بمقدار نقصان العينين، والخيار إلى الراهن أن شاء افتكها وأن شاء تركها فأن فقأت الابنة عيني الأم بعد ذلك فدفعت وأخذت الأم قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ينبغي أن تكون رهنا بجميع الدين. 2466 - وفي القياس يسقط من الدين بحساب ذلك من العينين. 2467 - وفي قول محمد ينبغي في القياس أن يسقط مما بقي من الدين نقصان العينين. 2469 - وفي الاستحسان أن يسق نقصان العينين من جميع الدين. 2469 - وفي هذا الباب عجائب من المسائل. باب رهن الفضة والذهب وذوات الأمثال 2470 - وإذا ارتهن قلب فضة فيه عشرة دراهم، وقيمة القلب أقل من عشرة فانكسر عند المرتهن فأنه ضامن لقيمته مصوغا من الذهب ويكون القلب له ويرجع بماله.

2471 - وإن كان المال إلى أجل كان الذهب الذي غرم المرتهن رهنا مكانه. 2472 - ولو لم ينكسر ولكنه هلك فأنه يذهب بما فيه عند أبي حنيفة. 2473 - وقال أبو يوسف ومحمد يكون على المرتهن قيمته من الذهب ويكون رهنا مكانه ويرجع بما له. 2474 - وهذا قولهم في الأصل. 2475 - وقال الكرخي في المختصر الذي له: إذا ارتهن الرجل دراهم بيضاء والرهن سوداء ووزن الدين والرهن سواء فهلك الرهن فهو بالدين. 2476 - وكذلك لو كان قلبا ووزنه عشرة يساوي للصنعة اثني عشر ... أو يساوي تسعة وهو رهن بعشرة فأن هلك فهو بجميع الدين، وهو بما فيه ... 2477 - وأن أنهشم القلب في يد المرتهن من غير فعله أو انكسرت الدراهم فأن المرتهن لا يضمن شيئا، ويقال للراهن أد الدين كله وخذ الرهن، وهو قول أبي حنيفة، وهو قياس قول زفر، رواه الحسن وأبو يوسف. وقال محمد في الزيادات هو قياس قول أبي حنيفة ورواه ابن سماعة في ألآمالي ونوادره. 2478 - وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كان الرهن مساويا للدين الذي هو الرهن به في الوزن فضل عن قيمته فهلك فهو بم فيه. 2479 - وهذا قولهم جميعا. 2480 - وأن كان الفضل في الوزن وال والرهن انقص قيمة، وهما سواء في الوزن فهلك فأن أبا يوسف قال: أن كان الرهن دراهم أو دنانير أو ماله مثل ضمن مثله للراهن ورجع بدينه. 2481 - وكذلك قال محمد في المصنوع وغيره. 2484 - فأن رضي المرتهن أن يجعل ذلك الرهن قصاصا بالدين إذا كان يغرم مثله فذلك له. 2483 - قال الكرخي: رحمه الله:

وهو عندي قول محمد، ولا ينبغي أن يكون في الفصل خلاف. 2484 - وكذلك رهن المكيل بجنسيته والموزون بجنسيته. 2485 - وأن كان الرهن فضة أو ذهبا بذهب فانكسر في يد المرتهن غير فعله، وهو أكثر قيمة من الدين فهو في قول أبي حنيفة على ما ذكرت ولا يلتفت إلى الوزن الفاضل إذا كان الوزن سواء، وإنما يعتبرون في الدين ولا يلتفت إلى الوزن الفاضل إذا كان الوزن سواء، وإنما يعتبرون في الدين وزن الرهن، فإذا سواء فالرهن على حاله. 2486 - وقال أبو يوسف، إذا كان الفضل لصناعته والفضل سدس القيمة فانكسر فروى محمد عن أبي حنيفة أن خمسة أسداس القلب مضمون من الوزن والأمانة وهو رواية محمد عن أبي يوسف. 2487 - وروى عنه بشر بن الوليد أنه يضمن قيمة القلب كله ومثله في كل المصوغ. 2488 - وفي كتاب الرهن عجب من المسائل وهو كتاب كبير وما فيه من الخلاف قد ذكرته ومسائل التفريع لا يمكن ذكرها اجمع. فصل 2489 - وجناية الرهن على الراهن أو على ماله هدر عند أبي حنيفة. 2490 - وأن جني على المرتهن فهو هدر عند أبي حنيفة. 2491 - وقال أبو يوسف ومحمد يجب الدفع أو الفداء، هذا إذا كانت قيمته والدين سواء. 2492 - وأن كانت قيمته أكثر من الدين فأن الجناية معتبرة في قولهم جميعا. فصل 2493 - ولو كان الرهن عبدا فجني عليه عبد قيمته مائة فدفع به فهو رهن بألف [كذا] الراهن على فكاكه بذلك عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 2494 - وقال محمد الخيار إلى المولى أن شاء سلمه بالدين وأن شاء افتكه.

فصل رهن المستعار

2495 - وقال زفر سقط من الدين تسع مائة ويفتكه بمائه. فصل رهن المستعار 2496 - وإذا استعار رجل من رجل ثوبا أو عبدا أو ما شاء من الأموال ليرهنه فذلك جائز، وله أن يرهنه بما أحب من الأموال أو بما شاء من القدر قليلا كان أو كثيرا. 2497 - وإذا أطلق الرجل القول ولم يعين ففي هذه المسألة خلاف الشافعي في جواز ذلك في أحد قوليه. فصل 2498 - رجل له على آخر مائة درهم فأعطاه رهنا وقال هذا رهن ببعض مالك فالرهن فاسد في قول زفر ويهلك بالقيمة. 2499 - وقال أبو يوسف يهلك بما شاء المرتهن. فصل 2500 - رجلان لهما على رجل دين فارتهنا منه رهنا بينهما فقضاهما قال أحد المرتهنين أن المال الذي لنا على فلان باطل والأرض في أيدينا تلجئه قال أبو يوسف يبطل الرهن. 2501 - وقال محمد: لا يبطل الرهن ويبرأ من حصة صاحبه. فصل ما يجوز به الرهن من الديون والأعيان 2502 - ولا يجوز الرهن إلا بدين صحيح أو عين مضمونه ولا يجوز بالأمانات كالعواري والمضاربة والشركة والودائع. 2503 - وإذ قد ذكرنا بعض المسائل في الرهن فوجب أن نذكر التفليس والحجر لأنه إسقاط حق وإثبات رجوع في أمر فكان ذكره بعد الرهن أولى بالتقديم على الحجر.

كتاب التفليس

كتاب التفليس 2504 - والمفلس بالثمن في حال حياته، وإذا مات مفلسا فوجد رجل عين كاله الذي باعه فهو أسوة الغرماء، ولا يكون أحق به في حال الحياة ولا بعد الموت. 2505 - وأن أفلس المشتري قبل قبض السلعة من البائع فأنها تباع له. 2506 - وقال الشافعي يرجع في سلعته في جميع الأحوال في الحياة والموت ما لم يزد فيها أو يخرج عن ملكه. 2507 - وقال مالك: يرجع في الحياة دون الموت، لأنه أسقط حقه عن الملك بالبيع، وعن الحبس بالتسليم فلا يثبت له رجوع فيه كالمرتهن إذا رد الراهن وأبطله وكما لو باعه أو زاد فيه أو نقص نقصا تعلق به حق الغير. فصل قاعدة التنفيذ جبراً على المدين المتمنع 2508 - وإذا امتنع من عليه الدين من قضائه حبسه القاضي، ويكلف أن يبيع ماله بنفسه وكان القياس أن لا يقضي عنه الدراهم في الدنانير وهو مذهب ابن أبي ليلى. 2509 - وقال أبو يوسف ومحمد: يبيع القاضي عليها إذا امتنع. 2510 - وهو قول الشافعي.

فصل البينة على الإعسار

فصل البينة على الإعسار 2511 - ولا تسمع بينه بإعساره قبل المدة في رواية. 2512 - وفي أخرى تسمع، وقد مضت في أول الكتاب. لا يمين مع البينة على الإعسار 2513 - ولا يمين عليها إذا أقام بينة بالإعسار. وقال الشافعي يحلف مع ذلك. الظفر بجنس الحق 2514 - وقالوا جميعاً: لو وجد رجل جنس حقه عند غريمه فله أخذ بحقه. 2515 - وأن كان غير جنسه لم يأخذه عندنا إلا برضائه. 2516 - وقال الشافعي له أخذه. فصل قاعدة 2517 - واتفق الفقهاء بأسرهم أنه إذا لم يجد ماله بعينه فأنه أسوة الغرماء. 2518 - وكذلك أن رجع إليه بملك جديد. فصل 2519 - ولو باعه حائطا 0 وهو البستان بلغة الحجاز- لا ثمرة فيه، أو أرضا لا زرع فيها ثم أفلس المشتري، وكان قد أثمر أو زرع، فأن كان النخل قد

أبر والأرض قد زرعت كان له الخيار في الأرض والنخل، ويبقى الثمار إلى الجذاذ والزرع إلى الحصاد إذا أراد الغرماء تأخير ذلك، وأن أراد الغرماء بيع الثمرة قبل الجذاد والزرع قبل الحصاد فلهم ذلك. 2520 - وكذلك لو باع أمة فولدت قم أفلس كانت له أن شاء والولد للغرماء وأن كانت حبلي كانت له حبلي. 2521 - وإذا لم يؤبر حتى أفلس فلم يخبر (؟) البائع حتى أبرت كان له النخل دون الثمرة لأنه لا يملك عين ماله إلا بالفلس ولا خيار له، وكذلك كل ما كان يخرج من ثمر النخل في الأكمام فتشق كمائمه وما يشبهه، فإذا اشق قبل النخل وأن لم يؤبر. فصل 2522 - ولو قال المالك: أخذت عين مالي قبل الإيبار، وقال المفلس بعده فالقول قوله مع يمينه، وعلى البائع البينة. وأن صدقة الغرماء لم أجعل لهم شيئاً لأنهم أقروا أنه للبائع. فصل 2523 - وأن صدقة المفلس وكذبة الغرماء فمن أجاز إقراراه أجازه ومن لم يجزه، لم يجزه وأحلف الغرماء الذين يدفعونه، وأن وجد بعض ماله كان له بحصته، ويضرب مع الغرماء في بقيته. فصل 2524 - وقال: وأن كانت أرضا فبنيت أو غرست خيرته بين أن يعطي ما بني وغرس وبين أن يسلك البناء والغرس للغرماء إلا أن يشاء المفلس والغرماء أن يقلعوه ويضمنونه ما نقص القلع والنقص فيكون لهم، وقال في موضع آخر أن لم يأخذه بالعمارة وأبي الغرماء أن يقلعوه لم يكن له إلا الثمن يحاص الغرماء به. 2525 - قال المزني والأول بقوله أشبه وأولى. وفي هذا الكتاب مسائل كثيرة وأصوله ما ذكرت، ولما كان المفلس تارة يقضي الدين وتارة يباع عليه، وتارة يحجر عليه وجب ذكر الحجر.

كتاب الحجر

كتاب الحجر 2526 - الحجر في اللغة المنع وهو في الشرع منع مخصوص. أسباب الحجر 2527 - وأسباب الحجر عند أبي حنيفة ثلاثة: الجنون والصغر والرق الذي فيه معنى الحجر لكن لأجل حق المولى، فما لا يتعلق به حق المولى فأنه جائز التصرف فيه. 2528 - واختلف الفقهاء في الحجر لأجل الفساد والتبذير. 2529 - فذكر الطحاوي في باب الحجر على السفيه الذي في عقله نقصا وفي أفعاله إسراف وتبذير وهو مضيع للمال لا يحفظه ولا يحوطه أن القاضي يحجر عليه. 2530 - وإنما قال أبو حنيفة لا يحجر حر في الدين أي لا يحجر على من حبسه القاضي للغرماء، وروى عنه أبو يوسف ومحمد أن لا يحجر على حر بفساد ولا غيره، وهذا قوله في الخلاف، والذي رواه الخصاف أنه قال الحجر باطل على الحر. 2531 - وأما أبو يوسف ومحمد ومالك والشافعي فيحجرون على السفيه.

من يحجر عليهم عند أبي حنيفة 2532 - وذكر أبو الليث السمرقندي في خلاف أصحابنا له أن أبا حنيفة كان لا يحجر على الحر إلا على ثلاث: على جهال المفتين. وعلى المتطببة الجهال. وعلى السفهاء المفاليس. 2533 - واتفقت الرواية عنه أن الغلام إذا بلغ مفسداً أن لا يدفع إليه ماله حتى يبلغ خمساً وعشرين سنة. 2534 - وقالا والشافعي ومالك لا يدفع، وأنه أن باع بعد بلوغه واشترى أو وهب أو تصدق فهو جائز ما صنع، وأنه يحال بينه وبين ماله إلى المدة التي ذكرت وأن تصرفه مع هذا بالبيع جائز ويدفع إليه المال مع فساده بعد هذه المدة المضروبة ويكون أولى بماله من سائر الناس. 2535 - قال أرأيت لو بلغ ستين سنة أو ثمانين سنة، وله أولاد قد صاروا حكاماً أكان ينبغي لابنه أن يحجر عليه" هذا عندي قبيح: وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي لا يدفع إليه المال حتى يؤنس رشده. 2536 - وقالا: ما باعه واشتراه نظر القاضي في ذلك فأجاز ماله فيه حظ وأبطل ما لا خط له فيه إلا في أشياء منها أنه يخرج من ولاية القاضي ولا يجوز أمر الوصي عليه ويجوز عتقه ويسعى العبد في قيمته، وكذلك تدبيره ويسعى العبد المدبر بعد موته وتجوز وصيته بالحج وأبواب البر وإقراره بجميع الحدود وتجوز دعوته ولد جاريته وتصير أم ولد له، وتسعى في شيء بعد موته.

2537 - وإن ادعى نسب مملوك له يولد مثله لمثله صحت دعوته وثبت نسبة ويسعى في قيمته وهو بمنزلة مريض وهب له ابنه وعليه دين له يسعى في قيمته، ويدفع إلى الغرماء. 2538 - ويجوز نكاحه وطلاقه، وأن حنث في يمين كفر بالصوم، ولم يكن عليها ان يكفر في ماله، وكذلك أن ظاهر فعليه الصوم وأن اعتق عن ظهارة جاز العتق وسعى العبد ولم يجزه من كفارة الظهار، وكذلك القتل. 2539 - ولا يمنع من حجة الإسلام وزكاة ماله، وتدفع النفقة إلى ثقة يحج فينفق عليه جميع ما يلزمه في كفارات الحج فهو فيها كالعبد الذي يحج بأذن مولاه. 2540 - والمرأة والرجل سواء إلا في الخلع مع زوجها على مال فأن الخلع جائز ولا يلزمها المال. من بلغ مفسداً كان محجوراً لذاته 2541 - وقال محمد: إذا بلغ غير مصلح فهو محجوز عليه، حجر القاضي أو لم يحجر. ولا يجوز تصرفه في ماله إلا ما فيه توفر عليه. من بلغ مفلساً لا يعد محجوراً لذاته. 2542 - وقال أبو يوسف والشافعي: لا يكون محجورا عليه حتى يحجر القاضي، فإذا طرى إصلاح فك الحجر وإذا طرى الفساد حجر. تصرف المحجور في ماله 2543 - واجمع القائلون بالحجر على أنه إلا يجوز تصرفه في ماله. 2544 - وقال محمد: أن أمره القاضي ببيع أو شراء فقبل فهو جائز، وكان أمر القاضي إخراجا له من الحجر. 2545 - وأن أذن في شراء البر خاصة فهو إطلاق من الحجر.

2546 - ولو أذن بمحضر من أهل سوقه وقال: لا أقبل إقراره ما كان بمعاينة الشهود فهو كما قال. 2547 - وقالوا في الصبي المأذون والعبد لو قال الولي والمولى ذلك لم يصح ولزمها ما أقر، لأن المفسد يؤدن له على وجه النظر والتوفير عليه. تكامل أهليه المرأة بالبلوغ 2548 - وقال أصحابنا: إذا بلغت الجارية رشيدة دفع إليها ما لها وأن لم تتزوج. 2549 - وهو قول الشافعي، لان الله سوى بينها وبين الغلام. خلاف مالك في أهلية المرأة 2550 - وقال مالك: لا يدفع إليها حتى تتزوج. 2551 - ولو كان تزويجها شرطا في الدفع كان الغلام مصلها كالعقل والبلوغ مدة البلوغ 2552 - وقال أبو حنيفة: مدة البلوغ في الغلام ثمان عشرة سنة وفي الجارية سبع عشرة سنة. 2553 - وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي خمس عشرة فيهما. إمارات البلوغ 2554 - ويكون البلوغ بالسن كما يكون بالحلم. 2555 - وقال داود لا يكون البلوغ إلا بالحلم خاصة دون السن. 2556 - والإتيان لا يدل على البلوغ عند أبي حنيفة ومحمد. 2557 - وروى عن أبي يوسف أنه يدل على البلوغ وهو قول الشافعي. 2558 - وهل يكون بلوغا أو دلالة عليه؟ فيه خلاف بينهم.

فصل إطلاق القاضي محجور قاض آخر

الحجر بطرؤ السفه 2559 - وإذا طرى السفه والتبذير على الحجر لم يحجر عليه، والشافعي يحجر، وهو قولهما. هل يحجر بطرؤ الفسق؟ 2560 - وإذا طرى الفسق على الرجل لم يحجر عليه. 2561 - وقال الشافعي يحجر. 2562 - وكل ما كان من تصرف قبل ذلك فهو جائز، وما كان بعد ذلك يجز. 2563 - والفساد الذي يستحق به الحجر [هو فعل] من كان مفسداً لا يبالي ما صنع به. حالة الفساد مع حفظ المال 2564 - وقال أصحابنا إذا كان فاسد الدين صاحب فجور حافظاً لماله لم يستحق الحجر، وقال الشافعي يحجر. 2565 - وقال محمد: يحجر على من أسرف من الرجال في تضييع ماله في شرب النبيذ والملاهي والفجور. فصل إطلاق القاضي محجور قاض آخر 2566 - وإذا حجر القاضي على رجل فأطلقه آخر وأجاز ما صنع كان إطلاقه جائزاً، وجاز ما صنع في ماله قبل الإطلاق وبعده من جميع تصرفه إلا ما أبطله قاض قبل ذلك من عقوده فأنه ينفذ قضاؤه. 2576 - وأن لم يفعل القاضي ذلك وأجاز إقرار المحجور عليه وضعه ثم رفع إلى قاض آخر فأنه ينفذ ما صنع الأول ويرد ما فعل الثاني.

2568 - وإن باع المفسد وقبض الثمن لم يكن لمن دفع المال إليه أن يرجع عليه بماله. 2569 - والسفيه والمفسد سواء في الحجر عليهما. 2570 - وقال محمد لا يجوز أن يزوج ابنته وأخته وهما صغيرتان فأن فعل فهو باطل، ولا أراه وليا.

باب اختلاف المحجور عليه ومن عامله

باب اختلاف المحجور عليه ومن عامله 2571 - وإذا طرى الفساد وكان قد باع واشترى فاختلفا هو والمشتري فقال المشتري اشتريت قبل الحجر، وقال المحجور عليه بل بعد الحجر على فالقول قول المحجور عليه. 2572 - وأن أقاما بينة فالبينة المشتري لأنه يدعي الصحة. 2573 - وأن اختلفا بعد الإطلاق من الحجر، فقال المشتري اشتريت بعد الإطلاق وقال الآخر بل وأنا محجور علي، فالقول قول المشتري ههنا اعتبارا بحالة الإطلاق. 2574 - ون أقاما بينة، فمنهم من قال بينة المشتري أولى، ومنهم من قال بالعكس، وفي هذه المسألة نظر. وسنذكر في الإقرار ما يشبه هذا إن شاء الله. فصل الإشهاد على الحجر 2575 - وإذا حجر الإمام لسفه أو فساد أشهد عليه بذلك وبين الوقت إن حجر.

فصل طلب الحجر حسبة

فصل طلب الحجر حسبة 2576 - وإذا أحضر معه رجلا فذكر أنه يحتسب فيما يتكلم به، فذكر للقاضي أنه الذي أحضره سفيه مضيع لماله مفسد له غير مأمون عليه، سأله البينة العادلة على ما قال. 2577 - فأن أقام بينة حجر عندهما، وعند الشافعي، ولا يحجر عند أبي حنيفة إلا أن يكون صغيراً. سقوط الحجر بالبلوغ 2578 - والبلوغ يسقط الحجر بنفسه. قاعدة ما ينبغي ذكره في حكم الحجر 2579 - وإذا حجر ذكر في الكتاب صفة الرجل وأنه مضيع مفسد. ما يكتب في كتاب التولية على مال الصغير 2580 - وإذا ولى أميناً من أمنائه مال الييم، والقيام به كتب: أني وليته إلى حين بلوغه وإيناس رشده. ما يكتب في حكم الحجر بالدين 2581 - وإذا كان الحجر بسبب دين لرجل أو ديون بين ذلك في كتاب الحجر.

فصل إلزام المحجور بالاقتصاد

فصل 2582 - وإذا باع المحجور عليه من ماله لمن حجر عليه جاز، وإنما لا يجوز مع غيره لأن الحق له عليه فهو كما لو قضاه أجزت ذلك وفككت الحجر. مشاركة الغرماء من استوفى منهم شيئاً 2583 - وأن قضي بعض الغرماء شيئاً شاركه من بقى، ولم يسلم له ذلك. استهلاك المحجور عليه مالاً لغيره 2584 - ولو استهلك لغيره مالا بمعاينة الشهود لزمه وشارك الغرماء. فصل إلزام المحجور بالاقتصاد 2585 - ولا يمكن أن يسرف في المأكول والملبوس بعد الحجر ولا في الحبس وإنما يجوز من ذلك ما فيه اقتصاد. فصل مهر من تزوجها محبوس بالدين 2586 - وإذا تزوج امرأة في الحبس فزاد على مهر مثلها كان لها أن تخاصم الغرماء بمقدار مهر مثلها، وما زاد يلزمه فيما استفاد من المال، ولا يلزمه فيما بين يديه. فصل وكذلك لو اشترى جارية لم يجر إلا ما فيه الحظ والتوفير عليه.

فصل الحجر على المدين المختفي

المحجور عليه كالمريض 2588 - وهو كالمريض في امره وفعله. فصل الحجر على المدين المختفي 2589 - وإذا اختفى المطلوب فقال الطالب: أخاف أن يلجأ فأحجر أيها القاضي عليه حجر أن كان المال ثابتاً. وأن كان غير ثابت لم يحجر. فصل إقرار المحجور عليه بدين 2590 - وإذا أقر بدين بعد الحجر لم يقبل إلا ببينة تشهد أنه كان عليه قبل الحجر. فإذا قضى الأول قضى بعد ذلك الثاني. 2591 - ويجوز إقراره فيما يستفيد من المال. 2592 - ولا يجوز في المال الذي حجر عليه الغرماء. 2593 - وفي هذا الكتاب كل غريب من المسائل وهو كتاب كبير لا تستقيم فيه الفروع على قول من أجاز الحجر لأختلاف فروعه عليه وأضطراب المسائل، وقد ذكرت ما فيه كفاية وضبطت له الأصول، والله ولي التوفيق.

كتاب الضمان والكفالة

كتاب الضمان والكفالة تعريف 2594 - والضمان ضم ذمة إلى ذمة. 2595 - والكفالة مثل ذلك. 2596 - ولا فرق بين الكفالة والضمان والحمالة والقبالة.

فصل مكان التسليم

2597 - وهو عقد يفتقر إلى إيجاب وقبول ورضي المضمون له شرط في صحة الضمان عند أبي حنيفة ومحمد. 2598 - وقال أبو يوسف والشافعي ليس بشرط. 2599 - ويصح ضمان النفس، كما يصح ضمان المال. 2600 - وقد أبطل الشافعي الكفالة بالنفس. ألفاظ الكفالة 2601 - ولا فرق عندنا بين أن يقول: كفلت لم بنفس فلان أو روحه أو جسمه أو جسده أو رأسه أو جزء منه شائع في صحة الكفالة. 2602 - وكل عضو لو أضاف إليه الطلاق أو جزء وقع، فالكفالة إذا أضافها إليه تصح وتكون الكفالة بإحضاره إلى الحاكم. فصل مكان التسليم 2603 - وذا كفل بنفس رجل على أن يسلمه في مصره، أو كفل في المصر ولم يشرط، فسلمه إليه في مفازة لا يبرأ في قولهم جميعاً. 2604 - وأن سلمه في مصر آخر له سلطان غير مصره برئ منه عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد لا يبرأ حتى يدفعه في المصر الذي كفل فيه.

فصل المبادرة بكفالة النفس

فصل المبادرة بكفالة النفس 2605 - وأن كفل بنفس رجل ولم يخاطبه أحد فأنه لا يجوز عند أبي حنيفة ومحمد. 2606 - ويجوز في قول أبي يوسف الأخير لأن ذلك شطر العقد. توقف الكفالة بالنفس على إجازة الطالب 2607 - وأن خاطبه إنسان أجنبي فهو جائز إذا أجازه الطالب لأنه عقد موقوف تام فوقف على الإجازة. 2608 - فأن خاطبه المطلوب وهو صحيح لا يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد أيضا. 2609 - ولو كان المطلوب مريضاً فقال لورثته اكفلوا عنى فالقياس أن لا يجوز عندهما أيضا، والاستحسان أن يجوز. 2610 - خلاف أبي يوسف والشافعي في الفصلين. فصل 2611 - ولو قال المريض لأجنبي أكفل عني فتكفل فمن أصحابنا من قال هو مثل المورثة. 2612 - وقال بعضهم لا يجوز وهو خلاف الورثة. 2613 - وعند أبي يوسف في قوله الأخير هذا جائز وهو قول الشافعي. فصل الكفالة البدلية 2614 - ولو تكفل بنفس المطلوب على أنه أن لم يسلمه إلى الطالب غدا

فصل التكفل بمال إن لم يحضر المكفول

أو في وقت وقته فعليه نفس فلان آخر فالكفالة الأولى جائزة بالاتفاق، وكفالة الثاني جائزة عند أبي حنيفة وقول أبي يوسف الأخير ولا تجوز في قوله الأول وهو قول محمد. فصل التكفل بمال إن لم يحضر المكفول 2615 - ولو أنه قال: أن لم أسلمه غدا فمالك عليه على فهو جائز في قولهم جميعاً. 2616 - فأن أحضره في الوقت لم يلزمه ضمان المال، وأن لم يحضره لزمه المال وبطلت كفالة النفس عندهم جميعاً. فصل 2617 - ولو قال له: أن لم أوافك به عدا فمالك على فلان إنسان آخر فعلى أو فلك على ألف درهم فهو على الخلاف المتقدم، لأن الكفالة يجوز تعليقها بالشرط كالطلاق. خلاف الشافعي. 2618 - وتصح في المجهول وبالمجهول. 2619 - خلاف الشافعي. لقوله عليه السلام الزعيم غارم. وقال "وأنا به زعيم" والغرم اللزوم في اللغة فصل 2620 - وقالوا لو قال له: أن لم أوافك به غدا فما لفلان على فلان علي أو لي لازم فالكفالة الأولى جائزة والثانية باطلة في قولهم جميعاً.

فصل 2621 - وإذا كفل العبد بمال عن سيده بغير إذنه لم يجز وإذا كان بإذنه فأن اعتق المولى العبد فادى المال إلى الطالب لم يرجع على المولى عند علمائنا الثلاثة وقال زفر يرجع. فصل 2622 - ولو كان على العبد دين فكفل به بإذنه المولى لم يجز، فأن اعتقه المولى في مرضه ثم مات لم تجز الكفالة عند أبي حنيفة ما لم يؤد السعاية. 2623 - وفي قولهما صحت الكفالة بالموت، لأن الحر ما دام يسعى فهو كالعبد عنده. فصل 2624 - وإذا تكفل عن ميت بدين، فأن كان له وفاء صحت الكفالة باتفاق وكذلك أن كان له ضامن، وأن كان لم يخلف وفاء ولا ضميناً فالكفالة باطلة عند أبي حنيفة لأنه دين سقطت المطالبة به على التأبيد فلم تجز الكفالة به منا لو أبرأ منه. 2625 - وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي تجوز الكفالة لما روى في خبر أبي قتادة انه قال للنبي عليه السلام في الميت الذي قدم ليصلي عليه فامتنع لأجل الدين فقال أبو قتادة: هما على دين وأنت منها برئ فعلى عليه وقياساً على دين الحي فأنه يصح إبراؤه منه. فصل 2626 - وإذا اقترض النصراني من النصراني خمرا وكفل نصراني بهما فاسلم الطالب برئ الكفيل والمطلوب باتفاق.

2627 - وإذا أسلم المطلوب برئ الكفيل والمطلوب في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. 2628 - وقال محمد: الطالب بالخيار أن شاء أخذ من الكفيل الخمر وأن شاء أخذ من المطلوب القيمة، فأن أخذ من الكفيل يرجع على المطلوب بالقيمة. وهذه رواية علقمة بن مرتد بن يزيد عن أبي حنيفة. 2629 - ولو أسلم الكفيل فأن في قول أبي حنيفة وأبي يوسف لا شيء على الكفيل ويرجع الطالب على المطلوب بالخمر. 2630 - وعند محمد الطالب بالخيار أن شاء أخذ من الكفيل القيمة وأن شاء أخذ من المطلوب الخمر، فأن أخذ من الكفيل لم يرجع على المطلوب بشيء يعني الكفيل. فصل 2631 - ولو لم يكن قرضا، ولكن كان ثمن مبيع وبه كفيل فأسلم البائع أو المشتري بطل البيع وسقطت الخمرة عن الكفيل في قولهم جميعا. 2632 - وأن أسلم الكفيل فهو على الخلاف. 2633 - وعند الشافعي البيع باطل والقرض ولا يصح الضمان بناء على أصله أن الخمر ليست بمال في حق أحد، وحكم الذمي والمسلم في ذلك سواء. فصل 2634 - وإذا أبرأ الكفيل برئ ولا يرجع على المكفول بشيء يعني الكفيل. ولو قال الطالب برئت إلى برئ الكفيل ويرجع الكفيل على المطلوب في هذين الفصلين باتفاق.

فصل قاعدة من يصح منه الضمان

فصل 2635 - ولو قال: برئت، ولم يقل إلى فأن في قول أبي يوسف يرجع على المطلوب، وهو بمنزلة قوله برئت إلى. وقال محمد لا يرجع، وهو مثل برئت إلى. وقال محمد لا يرجع، وهو مثل قوله ابرأتك. فصل 2636 - ولو أن رجلا مات وعليه دين فابرأ الطالب الميت فقبل الورثة جاز، وأن رد الورثة فالدين على حاله في قول أبي يوسف. 2637 - وفي قول محمد وقعت البراءة وسقط الدين. فصل قاعدة من يصح منه الضمان 2638 - ويصح الضمان من كل جائز التصرف في ماله باتفاق. 2639 - فأما المحجور عليه لسفه فلا يصح ضمانه عند من يرى الحجر جائزاً، ويصح عند من أبطله. 2640 - ولا يصح ضمان صبي ولا مجنون لأنه إيجاب مال بعقد فلم يصح من الصبي والمجنون كالبيع. فصل ضمان من حجر عليه لأجل الفلس 2641 - واتفق الجميع على أن من حجر عليه لأجل الفلس أن ضمانه يصح لأنه إيجاب مال في الذمة بالعقد فصح من المفلس كالشراء بمال في الذمة. فصل ضمان العبد بغير إذن 2642 - واختلف في العبد إذا ضمن بغير إذن المولى فمنهم من قال يصح

فصل ضمان المكاتب

ضمانه ويتبع به إذا اعتق لأنه لا ضرر فيه على المولى، لأنه يطالب به بعد العتق. 2643 - ومنهم من قال لا يصح لأنه عقد يتضمن إيجاب مال فلم يصح بغير إذن كالنكاح، وهذا قولنا. فصل 2644 - وإذا ضمن بإذن المولى صح ضمانه لأن الحجر لحقه فزال بإذنه. 2645 - واختلف فيه من أين يقضي فقالوا: أن قال أقض من كسبك قضاه من الكسب. 2646 - وأنق قال مما في يديك من مالي قضى من ذلك. 2647 - وأن لم يذكر القضاء فمنهم من قال يتبع به إذا اعتق لأنه إذن في الضمان دون الأداء. 2648 - ومنهم من قال يقضي من كسبه أن كان له كسب، أو من الذي في يديه أن كان في يديه مال، ويتعلق عندنا برقبته. فصل ضمان المكاتب 2649 - واختلف في ضمان المكاتب. فقال أصحابنا: لا يصح بغير دين المكاتبة لأنه تبرع، وأن كان إذن له مولاه. 2650 - وقال الشافعي في المكاتب وتبرعه بإذن المولى على قولين ثم بناء [ذلك] على ذلك في الصحة والفساد.

فصل معرفة المضمون عنه أوله

فصل معرفة المضمون عنه أوله 2651 - واختلف في معرفة المضمون عنه والمضمون له من لم يعتبر الرضا، فمنهم من شرط ذلك، ومنهم من لم يشترطه. فصل 2652 - وأن باعه بشرط أن يضمن له الثمن ضامن لم يجز حتى يعين الضامن، لأن الغرض يختلف باختلاف من يضمن فهو كالرهن. فصل 2653 - وأن عين الضامن فالقياس أن يبطل البيع والاستحسان أن يصح. 2654 - وكذلك قالوا إذا شرط رهن لأنه ليس من مقتضي عقد البيع، والاستحسان أنه وثيقة بالثمن وصفة فيه فهو كالأجل. فصل ما يصح الضمان به من الديون 2655 - ويصح الضمان بكل دين لازم كالثمن والأجرة وعوض القرض ودين السلم وأرش الجناية وغرامة المتلف. وكل دين جاز أخذ الرهن به جاز ضمانه لأنه وثيقة يستوفي منها الحق. 2656 - واختلف في دين الكتابة فقال أصحابنا يصح الرهن به وضمانه من أحد المكاتبين ولا يضمنه حر عنه. 2657 - وقال الشافعي لا يصح لأنه لا يلزمه أداؤه عنده. 2658 - وعندنا ليس له أن يعجز نفسه.

فصل ضمان المجهول

فصل ضمان المجهول 2659 - يصح ضمان المجهول لأنه إثبات مال في الذمة فهو كالإقرار. 2660 - وقال الشافعي لا يصح كالثمن في البيع. 2661 - واختلف أصحابنا في ضمان أبل الدية فمنهم من قال لا يصح لأنه مجهول اللون والصفة. ومنهم من قال يصح لأنه معلوم السن والعدد، ويرجع في اللون والصفة عرف البلد؟. فصل ضمان ما لم يجب 2662 - ويصح ضمان ما لم يجب كقوله: ما داينت بع فلانا فعلى ضمانه لأنه عند المطالبة معلوم فهو كضمان الدرك. 2663 - وقال الشافعي لا يصح ضمانه ما لم يجب. فصل ضمان الدرك. 2664 - واختلف أصحابه في ضمان الدرك، وفيه إجماع سابق لمن ارتكب ذلك. 2665 - وقد قال الجميع أنه لو قال الرجل: الق متاعك فن البحر وعلى ضمانة أنه يصح.

فصل تعليق الضمان على شرك

فصل تعليق الضمان على شرك 2666 - ويجوز تعليقه على شرط لأنه يصح مع الجهالة، ويجوز تعليقه بحظر وغرر فهو كالطلاق والعتاق. 2667 - وقال الشافعي/ لا يصح لأنه إثبات مال لآدمي كالثمن. فصل الضمان المؤجل 2668 - ويجوز الضمان حالا ومؤجلا على حسب ما يشترط. 2669 - وقال الشافعي: يجوز ضمان الحال إلى أجل لأنه رفق ومعروف. 2670 - وعندنا أنه لا يجوز تأجيل الدين الحال وأن كان رفقا ومعروفا. 2671 - واختلف أصحابنا هل يجوز أن يضمن المؤجل حالا؟ فمنهم من أجاز كما يضمن الحال مؤجلا ومنهم من قال لا يجوز لأنه فرع لما على المضمون عنه فلا يجوز أن يكون الفرع معجلا والأصل مؤجلا وبذا يبطل إذا كان حالا وضمن مؤجلا، فأن الفرع بخلاف الأصل. فصل شرط الخيار في الضمان 2672 - ويجوز شرط الخيار في الضمان عندنا. 2673 - وقال الشافعي لا يصح لأنه عقد فهو كالبيع ولا يبطل بالشروط الفاسدة، وقال الشافعي يبطل.

فصل موت المكفول عنه بالنفس

فصل موت المكفول عنه بالنفس 2674 - وإذا مات المكفول عنه بالنفس برئ الكفيل لأنه سقط عنه الحضور فسقط عن كفيله، كما لو برئ من المال برئ الكفيل. فصل تعذر إحضار المكفول عنه بالنفس 2675 - وإذا تعذر على الكفيل إحضاره لبعده وغيته تأخرت المطالبة عن الكفيل ولا يحبس ولكن يؤجل مدة ذهابه ومجيئه، فأن جاء به وإلا حبس، لأن التسليم يجب بحسب الإمكان. فصل الكفالة بالحدود والقصاص 2676 - ولا يجوز الكفالة بالحدود والقصاص عند أبي حنيفة. 2677 - وقال أبو يوسف ومحمد تجوز. 2678 - وكان أبو الحسن يقول: تجوز عندهم جميعا. 2679 - وإنما لا يطالبه القاضي لأن المقصود بالكفالة التوثيق والقاضي مأمور بالتوصل إلى درئ الحدود فلا يتوثق. 2680 - واتفقوا على أن الكفالة بنفس الحد والقصاص لا تجوز، لأنه لا يمكن استيفاء ذلك من الكفيل. فصل مطالبة الكفيل والمكفول 2681 - وله أن يطالب المكفول والكفيل جميعا أيهما شاء، ولا تكون مطالبته لأحدهما إبراء للآخر من الطلب.

فصل وفاء المضمون عنه الدين

2682 - وهذا قول الشافعي أيضا. 2683 - وفرق أصحابنا بين هذا وبين عاصب الغاصب فقالوا: إذا طالب أحدهما لم يكن له أن يطالب الآخر، لأنه مال ثابت في ذمتهما فله أن يطالب كل واحد منهما. 2684 - وقال ابن أبي ليلى: ليس له أن يطالب الأصيل وقد برئ بالضمان كما ليس له أن يطالب المحيل. 2685 - وفرق أصحابنا بين المحيل وبين المكفول عنه في المطالبة. 2686 - وسوى زفر وعافية بن زيد بين الجميع، وقال له أن يطالب الأصيل والفرع جميعاً في الحوالة كالضمان. فصل 2687 - وأن ضمن الضامن آخر [جاز الضمان] لأنه دين ذابت كالأصل، والأول وأن ضمن المضمون عنه عن الضامن لم يجز لأن المضمون عنه أصل والضامن فرع فلا يجوز أن يصير الفرع أصلا والأصب فرعا، ولأنه يضمن بالضمان ما في ذمته. فصل وفاء المضمون عنه الدين 2688 - وإذا قبض المضمون له الحق من المضمون عنه برئ الضامن، لأنه وثيقة فانحلت بقبض الحق كالرهن. 2689 - وأن قبض من القاضي برئ المضمون عنه لأنه استوفى الحق من الوثيقة فبرئ من عليه الدين كما لو قضي الدين من ثمن الرهن.

باب اختلافهما في الكفالة والضمان

فصل إبراء المضمون عنه 2690 - وأن ابرأ المضمون عنه برئ الكفيل، وأن ابرأ الكفيل لم يبرأ المضمون عنه عندنا والشافعية ومنهم من قال يبرأ أيضا، وهو قول داود فيما رأيت في الخلاف. فصل باب اختلافهما في الكفالة والضمان 2691 - وإذا قال الطالب للكفيل: كفلت مالي على فلان وهو ألف درهم. فقال الكفيل بل هو خمسمائة أو كفلت بالنصف من ذلك فالقول قول الكفيل والبينة بينة المطالب لأنها تثبت الضمان. فصل 2692 - فأن قال: مالك على فلان فهو على فأقام البينة عليه بماله لزم الكفيل ذلك، وأن لم يقم البينة فالقول قول الكفيل فيما يقر به من الحق عليه. فصل 2693 - وإذا ادعى على عبد رجل فأنكر العبد والمولى فأقام بينة بحضرة المولى فأن العبد يحبس ويؤخذ منه كفيل، وفي قول أبي حنيفة. 2694 - وقال أبو يوسف: يأخذ من العبد كفيلا ولا يأخذ من مولاه. فصل 2695 - وإذا ادعى على رجل أنه كفل بنفس فلان فأنكر الكفيل فأن القاضي يحلف بالله:

ماله قبلك هذه الكفالة، ولا يحلفه ما كفلت له في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. 2696 - وروى عن أبي يوسف رواية أخرى أنه يحلفه بالله ما كفلت. فصل 2697 - وأن كانت الدعوى في القرض، ويحلف بالله ما استقرضت، إلا أن يعرض المطلوب بأن الإنسان قد يستقرض وير فحينئذ يحلفه بالله ما له قبلك هذا الحق. فصل 2698 - وإذا ادعى على رجل أنه كفل عن فلان بأمره وأنكر الكفيل فالقول قوله، فأن أقام المدعي البينة وقضي عليه بها وأخذ عليه بها وأخذ منه كفيلا كان له أن يرجع على المطلوب في قول الثلاثة من علمائنا. 2699 - وقال زفر لا يرجع لأنه قد أنكر في أول أمره. فصل 2700 - ولو كفل عن رجل إلى سنة فمات الكفيل قبل السنة حل ما عليه وللطالب أن يأخذ من ماله كما يأخذ من مال الأصيل لو مات، ثم لا يرجع ورثة الكفيل إلا بعد ما يجل الأجل في قوله علمائنا الثلاثة، ويرجع في قول زفر في الحال. فصل 2701 - وكل عين أمانة في يد الغير كالوديعة والعارية والمستأجرة أو مضمونه بغيرها كالبيع في يد البائع والرهن في يد الراهن فأن ضمان ذلك لا يصح لأنها أمانة.

2702 - وكل عين مضمونة على الإنسان كالمغصوب والمبيع الفاسد، والمقبوض على سوم البيع فأنه يصح ضمانه ويلزم تسليمه وأن هلك وجب على الضامن القيمة. 2703 - فأن ضمن تسليم المبيع وما يجب تسليمه على من هو في يده صح الضمان. 2704 - وفي هذا الكتاب مسائل كثيرة وما ذكرنا أصوله، ولما كان الضمان ضم ذمة إلى أخرى وكانت الحوالة تشبه الضمان في أنها يستوفي فيها الحق وجب ذكرها.

كتاب الحوالة

كتاب الحوالة جواز الحوالة 2705 - اعلم أن العلماء اجمعوا على جواز الحوالة في الجملة، وأن اختلفوا في مواضع ذلك وشرائطه لقوله عليه السلام من أحيل على ملئ فليبعه [وقوله فظل الغني ظلم، وإذا اتبع أحدكم على ملئ فليتبع]. 2706 - وقال أصحابنا: ولا تجوز إلا بالديون الثابتة في الذمم ولا يجوز بالأعيان، لأنها مأخوذة من التحويل وتحويل ما في ذمة إلى أخرى ممكن، والأعيان يجب تسليمها، والتسليم لا يتحول من عين إلى أخرى. 2707 - وسائر الديون سواء. 2708 - وقال الشافعي: لا تجوز إلا على كل دين يجوز بيعه كعوض القرض وبذل المتلف، فأما ما لا يجوز بيعه كدين السلم ومال الكتابة فلا تجوز الحوالة به. قال لأن الحوالة بيع في الحقيقة لأن المحتال يبيع ما في ذمة المحيل بما في ذمة المحال عليه، والمحيل يبيع ما في ذمة المحال عليه بما عليه من الدين فلا يجوز إلا فيما يجوز بيعه.

فصل جنس المال المحال

فصل جنس المال المحال 2709 - واختلف في جنس المال الذي يقبل الحوالة وتجوز به. 2710 - فمنهم من قال لا تجوز إلا فيما له مثل كالإثمار والحبوب وما شبهها لأن المقصد بالحوالة إيصال الغريم إلى حقه على الوفاء من غير زيادة ولا نقصان، ولا يمكن ذلك إلا فيما له مثل، ولا يجوز فيما سواه. 2711 - ومنهم من قال: تجوز بكل ما ثبت في الذمة بعقد السلم لأنه مال بعث في الذمة يجوز بيعه كذوات الأمثال. فصل معلومية المال في الحوالة 2712 - ولا تجوز إلا بمال معلوم لأنه لا يجوز الرجوع إلى أحد منهما دون صاحبه. 2713 - واختلف أصحاب الشافعي في أبل الدية فمنهم من قال لا يجوز بيعها. قالوا وهو الصحيح لأنه مجهول الصفة ولا يجوز السلم فيه. ومنهم من أجازه لأنه معلوم العدد والسن فجاز الحوالة به. فصل تساوي الحقين 2714 - ولا تجوز إلا أن يكون الحقان متساويين في الصفة والحلول والتأجيل. 2715 - فإن اختلفا في شيء من ذلك لم تصح الحوالة لأنها إرفاق كالقرض.

فصل الحوالة على من لا دين عليه

فصل 2716 - وإن كان لرجل على رجلين ألف، على كل واحد منهما خمسمائة وكل واحد منهما ضامن عن صاحبه الخمسمائة التي عليه فأحال عليهما رجلا له عليه ألف على أن يطالب من شاء منهما بألف فقد اختلف في ذلك. 2717 - فمنهم من جوز ذلك، وقال تصح الحوالة لأنه لا يأخذ إلا قدر حقه. 2718 - ومنهم من قال لا تصح لأنه سيستفيد بالحوالة زيادة في المطالبة وذلك لا يصح، ولأن الحوالة بيع فإذا خيره بين الرجلين صار كأنه قال: بعتك أحد هذين الثوبين، وينبغي على قول أصحابنا أن يشترط الخيار كالبيع. فصل الحوالة على من لا دين عليه 2719 - وتجوز الحوالة على من له عليه دين ومن لا دين له عليه كما تجوز الكفالة. 2720 - ومن أصحاب الشافعي من قال لا تجوز إلا على من له عليه دين لأنه بيع ما في الذمة. 2771 - وقال بعض أصحابه يطالب بتخليصه كما يطالب الضامن المضمون عنه فأن قضاه بأذنه رجع على المحيل وأن قضاه بغير أذنه لم يرجع. فصل رضا المحتال 2722 - ولا تصح الحوالة من غير رضا المحتال لأنه نقل من ذمة إلى غيرها فاعتبر رضا صاحب الحق كما لو باعه بالدين عينا.

فصل رضا المحال عليه

فصل رضا المحال عليه 2723 - وكذلك يعتبر رضا المحال عليه. 2724 - وقال الشافعي إن كان لا حق له عليه اعتبر رضاه إذا صحح الحوالة، وأن كان له عليه حق فرضاه شرط عند المزني والاصطخرى، قالوا والمذهب أنه لا يعتبر رضاه. لأن رضا المحال شرط فكذلك المحتال عليه، ولا يشبه الوكيل بالقبض، لأنه لا يجب عليه الدفع إليه ولا التسليم، وهو يقبض نفس ما عليه لا على سبيل العوض، وفي مسألتنا بخلافه. فصل 2725 - وإذا صحت الحوالة فليس له أن يطالب المحيل ما دام الحق يقدر على استيفائه. 2726 - وقال الشافعي: قد برئت ذمة المحيل ولا يرجع على المحيل بحال. 2727 - وقال زفر وعافية بن زيد: له المطالبة لكل واحد ومنهما كما نقول في الضمان لأنه نقل الحق إلى محل آخر فصار كما لو باعه عينا، ولأنه قادر على استيفاء حقه فهو كما لو آجره عينا بمال عليه. فصل إفلاس المحال عليه وجحوده 2728 - وإذا أحاله على ملجأ فأفلس أو جحد الحق وحلف أو مات مفلساً فأنه يرجع على المحيل عند أبي يوسف ومحمد في هذه الوجوه الثلاثة. 2729 - وقال أبو حنيفة لا يرجع إلا إذا جحد وحلف أو مات مفلساً، فأما إذا فلسه القاضي وحجر فليس له الرجوع. 2730 - وقال الشافعي لا يرجع بحال.

2731 - لأنه لم يسلم لع ما عاوضه عن حقه فكان له الرجوع، كما لو باعه عينا فهلكت قبل القبض، لأنه قد تعذر عليه الوصول إلى حقه قبل قبضه فصار كالمبيع إذا هلك في يد البائع رجع المشتري بالثمن عليه، كذلك هذا. فصل 2732 - واختلف أصحاب الشافعي إذا أحاله على رجل بشرط أنه ملئ فبان أنه معسر. 2733 - قال المزني لا خيار له. 2734 - وأنكر أبو العباس هذا وقال: له الخيار لأنه غره بالشرط. فصل 2735 - وإذا اشترى رجل سلعة بألف ثم أحل المشتري البائع بألف على رجل، ثم وجد بالمبيع عيبا فرده فقال أبو حنيفة وصاحباه وهو اختيار أبي على الطبري لا تبطل الحوالة، ويطالب البائع المحال عليه بالمال، ويرجع المشتري على البائع بالثمن لأنه قد تصرف في أحد العوضين فلا يبطل بالرد. 2726 - وقال المزني وأبو إسحق تبطل الحوالة. 2727 - وهو قول زفر، لأن الحوالة بالثمن، وقد انفسخ البيع فيه فبطلت الحوالة لبطلان ما ترتب عليه. 2738 - ولو استحق المبيع أو وجد حرا بطلت الحوالة باتفاق لأن التصرف وقع باطلاً في الابتداء. المحيل والمحال 2739 - قال أصحابنا:

وإذا طالب المحال عليه بمثل مال الحوالة فقال المحيل أحلت بدين لي عليك لم يقبل قوله، وكان عليه مثل الدين لأن المحال عليه لما قبل الحوالة وجب له في الظاهر مثلها لما على المحيل، فإذا ادعى المحيل أنه كان له عليه مثله فقد ادعى خلاف الظاهر، والأصل براءة ذمة المحال عليه فلا يقبل قوله عليه بغير بينة. فصل 2740 - وأن طالب المحيل المحال بما أحاله به وقال: أني أحلتك لتقبضه لي وقال المحال بل أحلتني بدين لي عليك، فالقول قول المحيل لأنه قد يحيله ليستوفي، ويستوفى لنفسه، فلا يوجب عليه المال بالشك. فصل 2741 - وأن أحال رجلا له عليه دين على رجل له عليه دين، ثم اختلفا: فقال المحيل: وكلتك. وقال المحال: بل أحلتني. فالقول قول المحيل إذا اختلفا في اللفظ بلا خلاف لأنهما اختلفا في اللفظ فكان القول قول من يستفاد من جهته الحكم. 2742 - وأن اتفقا على لفظ الحوالة ثم اختلفا فقال المحيل: وكلتلك. وقال المحال: بل أحلتني. فمنهم من قال: القول قول المحال لأنه اللفظ يشهد له بما قال، ومنهم من قال القول قول المحتل لأنه يدعي بقاء الحق في الذمة، والمحتال يدعي انتقال الحق. فصل 2743 - وإن قال المحيل أحلتك.

فصل السفاتج

وقال المحتال بل وكلتني فهو على الخلاف المتقدم أيضا، ومنهم من قال الصحيح قول المحال لأنه يتفي الضمان، ولهذا إذا أقاما بينة قبلت بينة المحيل لأنه تثبت القضاء. فصل السفاتج 2744 - قال أصحابنا: ونكره السفاتج لأنها قرض استفيد فيه خطر الطريق، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قرض جر منفعة، ولأنها تمليك دراهم بمثلها، فإذا اشترط الدفع في بلد آخر فقد صار مؤجلا والأجل لا يصح في الأعيان، وهذا هو القياس. إذا لم يشترط الدفع في بلد آخر فاستحسنوا وقالوا لا يكره لأن المردود في القرض جعل كالمقبوض ابتداء فصار كالأعيان، وتأجيل العين لا يصح. فلم يكن ذلك تأجيلا فلذلك لم يكن. فصل 2745 - وإذا قال المحال عليه للمحيل: ابرأني من المال وأنكر فالقول قول المحيل أنه لم يبرئ، فأن أقاما بينة فالبينة بينة المحال عليه لأنها تشهد بخلاف الظاهر. وأن نكل عن اليمين بر المحال عليه، وليس له أن يرجع على المحيل في البراءة والنكول لأنه قد سقط حقه فلا يثبت له الرجوع. وليس ذلك كما لو جحد الحوالة وحلف لأنه لم يستوف ما وجب له. 2746 - وهذه أصول هذا الكتاب، وفيه فروع كثيرة، وإذ قد ذكرنا حكم البيوع وما ذكرنا من الحوالة بالثمن والكفالة والرهن وما قدمناه، وكانت الإجازة في حكم بيع المنافع وجب أن نذكرها في هذا الموضع.

كتاب الإجاره

كتاب الإجاره وهذا كتاب الإجارة تعريف 2747 - اعلم أن الإجارة عقد على منفعة ببدل. جوازها 2748 - والقياس كان يقضي أن لا تجوز لأنها عقد على معدوم، وإليه ذهب.

أبو حنيفة وصاحباه. 2749 - والاستحسان أن تجوز لأن الله تعالى قال: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} وأجر النبي عليه السلام والصحابة استأجرت وأجرت، وهو فعل جميع المسلمين في سائر الإعصار. قاعدة ما تجوز إجازته 2750 - وكل عين لها منفعة تجوز أجارتها وأن كان بيعها لا يجوز كالحر وأم الولد والوقف، لأنه عقد على منفعة فهو كالنكاح يجوز على الحر والعبد. 2751 - وتجوز إجارة العقار والضياع والمنازل والحوانيت والسفن والحيوان الجمال والدواب والرقيق والبغال والحمير والبقر والآت الصناع كلها والمكاييل والموازين والبسط والزلالي والغرف والبساتين. أنواع الإجازة 2752 - والإجارة على نوعين: إجارة مدة وإجارة عمل. ذكر المدة والعمل 2753 - فكل عين يجوز أن يستأجرها مدة معلومة لينتفع بها فيها فهو جائز.

فصل المدة

وإن شرط عملا في المدة بطلت الإجارة لأنه لا يجمع ذكر المدة والعمل العقد. 2754 - فإن ذكر المدة سكت عن العمل، وأن ذكر العمل سكت عن المدة. 2755 - فأن استأجر دارا شهرا لم يحتج إلى بيان ما يعمل فيها. 2756 - وان استأجر رجلا مدة ليستعمله في عمل من الأعمال جاز. 2757 - فأن قال له على أن يخيط اليوم هذا القميص فالإجارة فاسدة، فأن خاط القميص فله الأقل من أجرة المثل والمسعى عندنا. 2757 - وهذا شأن جميع الإجارات الفاسدة. 2758 - وقال الشافعي تجب أجرة المثل بالغت ما بلغ. فصل 2759 - ولا تجب أجرة المثل في الإجارة الفاسدة إلا باستيفاء المنفعة دون التمكن كما لا يجب المهر في النكاح الفاسد إلا بالوطئ دون العقد. 2760 - وقال الشافعي تجب الأجرة بالتمكن كما يجب في الصحيح وفرق بين النكاح الصحيح والفاسد. 2761 - ولا فرق بين فاسد الإجارة وفاسد النكاح. فصل المدة 2762 - وكل مدة معلومة تجوز الإجارة إليها عندنا. 2763 - وقال الشافعي: لا تجوز أكثر من سنة، وفيما زاد على ذلك قولان أحدهما لا تجوز فوق ثلاث سنين، وفي قول آخر فوق ثلاثين سنة، لأنها مدة معلومة فصارت كالسنة والعمل على القول الآخر. استئجار العبد 2764 - واختلف أصحابنا في استئجار العبد مدة لا يمكن في الظاهر أن

فصل إجارة المشاع

يعيش إليها، فمنهم من أجر ذلك، ومنهم من قال لا تجوز كإجارة العبد ألف سنة وما زاد على ما يعيش إليه الناس في الغالب. فصل 2765 - ولا فرق عندنا بين أن يؤجره المدة في أولها أو مدة لم تحضر كمن أجر [في] شعبان وهما في رجب جاز عندنا. 2766 - وقال الشافعي لا تجوز. 2767 - ولا فرق بين أن يؤجرها من المستأجر أو من غيره، ومنهم من فرق. بيع العين قبل مدة الإجارة 2768 - وهل للمؤجر أن يبيع العين قبل المدة؟ فيه روايتان: أحدهما يجوز، والأخرى لا يجوز. فصل إجارة المشاع 2769 - ولا تجوز إجارة المشاع عند أبي حنيفة من غير الشريك، وفي الشريك روايتان أحدهما لا تجوز، وهو قول زفر. وفي الأشاعة الطارئة روايتان في إبطال الإجارة: وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي إجارة المشاع جائزة. ولا فرق بين الشريك وغيره. ولا فرق بين ما يحتمل القسمة وما لا يحتمل. ولا بين الطارئ والمقارن في ذلك لأن كل ما جاز بيعه جازت إجارته كالمفرز.

فصل إجارة شهر بدرهم

فصل إجارة شهر بدرهم. 2771 - وتصح في الشهر الواحد. وكلما دخل من شهر يوم صحت إجارة جميعه كذلك أبداً. وقال الشافعي باطلة في الجميع. 2772 - فاتفق الجميع على أنه لو باع صبرة كل قفيز بدرهم صح في القفيز الواحد وفيما زاد إجازة الشافعي في جميعها. فصل بيان أول المدة 2773 - وإذا استأجر دارا شهرا وأطلق المدة صح العقد وكان أول المدة عقد العقد. 2774 - وقال الشافعي لا يجوز حتى يبين أول المدة ويذكره. فصل ما يجوز وما لا يجوز في الإجارات 2775 - لا تجوز إجارة دار بدار. 2776 - وتجوز إجارة عبد بدار. 2777 - واتفقوا أنه لا يجوز أن يكون النفع في مقابلة البضع. 2779 - وأجازوا أن يكون ما عليه من الدين في مقابلة ما عمله له. فصل بيع ما أجره 2780 - واختلفوا في بيع ما أجره في المدة. 2781 - فأوقف أصحابنا البيع فيه. 2782 - وقال أبو يوسف الإجارة كالعيب فان رضى لزمه البيع، وأن لم يعلم فهو بالخيار في فسخ البيع. 2783 - وأجاز الشافعي البيع في جميع الأحول.

فصل إجارة الحيوان

فصل إجارة الحيوان 2784 - وأجاز أصحابنا أجارة الكلب وسائر الحيوان وبيعه. 2785 - وقال الشافعي لا يجوز (بيعه) وفي أجارته وجهان أحدهما لا تجوز والأخر تجوز. فصل إجارة الفحل للعزاب 2786 - ولم يجز أصحابنا إجارة الفحل للضراب. 2787 - وهو المذهب عند الشافعي. 2788 - ومن أصحابه من أجاز الإجارة. 2789 - وهو قول مالك. 2790 - لأنه لا قيمة له، وهو محرم، وفيه نهى عن النبي عليه السلام. فصل بيان حصة السنة 2791 - وإذا استأجر دارا سنين ولم يبين حصة كل سنة جاز. 27920 وقال الشافعي لا يجوز حتى يبين. 2793 - ولو وجب بيان الحصة للسنين لوجب بيان حصة الشهور والأيام.

فصل موت العبد المستأجر

فصل موت العبد المستأجر 2794 - ولو مات العبد المستأجر قبل مدة الإجارة لم تجب أجرة ما بقى عندنا. 2795 - وقال بعض الفقهاء تجب كما يجب المهر. فصل انقضاء الإجارة 2796 - الإجارة تبطل بموت كل واحد من المتعاقدين عندنا. 2797 - وقال الشافعي لا تبطل. 2798 - والنكاح لا يبقى بعد الموت، ولا تستوفي المنافع من ملك غير العاقد. فصل كيفية حلول أجرة الدار والعمل 2799 - وتجب أجرة الدار حالا فحالا، وأن كان عملا فعند الفراغ من العمل لأن المنافع غير مملوكه فلا يملك الأجرة. 2800 - وقال الشافعي تجب بنفس العقد، وهو قول زفر. 2801 - وقد روى عن أبي حنيفة أن الأجرة لا تجب إلا بعد انقضاء المدة والفراغ من العمل في قوله الأول. فصل استئجار ما أجره 2802 - وإذا استأجر ما أجره لم يجز عندنا. 2803 - وقال الشافعي يجوز، لأنه يستوفى على حكم ملكه فلا يجوز استيفاء المنفعة بحكم عقد الغير كما لو اشترى زوجته من المولى. فصل 2804 - ولا يجوز أن يؤجر ما استأجره قبل قبضه كما لا يجوز بيع ما اشتراه قبل القبض. 2805 - وقال الشافعي يجوز.

إجارة الظئر

فصل شرط الخيار في الإجارة 2806 - ويجوز شرط الخيار في الإجارة. 2807 - وقال الشافعي لا يجوز. فصل خيار العيب 2808 - واتفق الجميع على أنه يثبت خيار العيب في ذلك. فصل المحمل المغطى 2809 - ولو اكترى محملا مغطى إلى مكة ولم يشاهده جاز. 2810 - وقال الشافعي لا يجوز. فصل 2811 - وإذا استأجر دابة فله ان يرد بدل ما أكل من زاد وشرب من ماء بحسب العادة. 2812 - وقال الشافعي لا يجوز. فصل إجارة الجهول 2813 - ولا تجوز أجارة مجهول، ولا بدل غير معلوم كما لا يجوز في البيع. إجارة الظئر 2814 - واختلف في الظئر إذا استأجرها بطعامها وكسوتها. فأجاز ذلك أبو حنيفة، وجعل ذلك موكولا إلى أهل الصبي. 2815 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يجوز، وهو قول الشافعي. فصل 2815 - وإذا أحر بجنس ما استأجر لم يطلب له الربح حتى يعمل في الدار عملا يزيد به النفع. 2816 - وقال الشافعي يطيب.

فصل ما تلف عند الأجير المشترك من غير فعله

فصل 2817 - وإذا أجاز المستأجر بيع الدار في المدة بطلت الإجارة. 2818 - وقال الشافعي لا تبطل. فصل ما تلف عند الأجير المشترك من غير فعله 2819 - ولا ضمان على الأجير المشترك فيما تلف في يديه من غير فعله. 2820 - وما أتلف من عمله فهو مضمون عليه. 2821 - خلاف أبي يوسف ومحمد، والشافعي في أحد قوليه يضمن. 2822 - وقال زفر لا يضمن في الوجهين جميعًا وهو أحد قوليه أيضًا. فصل 2823 - وإذا أجر عبده وأعتقه والصبي إذا بلغ فلهما الخيار. 2824 - وقال الشافعي لا خيار لهما. 2825 - وإن أجر مال الصبي ثم بلغ فلا خيار له. 2826 - وقال الشافعي له الخيار. 2827 - ولو زوج أمته ثم بلغ فلا خيار له عند الجميع. فصل إجارة الكتب 2828 - وإجارة الدفاتر للقراءة لا تجوز. 2829 - وقال الشافعي تجوز.

فصل استئجار الدراهم والدنانير

فصل استئجار الدراهم والدنانير 2830 - واختلف في استئجار الدراهم والدنانير للتجمل بها، والمكاييل للزينة والمعيار فأجازه الكرخي، ومنعه غيره. 2831 - واختلف أصحاب الشافعي مثل ذلك. فصل إجارة العبد المسلم من الذمي 2832 - واختلف أصحابنا في إجارة العبد المسلم من الذمي، وخرج أصحاب الشافعي ذلك على وجهين كالبيع. 2833 - وقد أجر علي عليه السلام نفسه من امرأة يهودية ليسقي كل دلو بتمرة. فصل استئجار الحائط 2834 - ولا تجوز إجارة حائط ليضع عليه خشبة أو يبني سترة. 2835 - وقال الشافعي يجوز. فصل استئجار رجل لنقل الخمر 2836 - ويجوز أن يستأجر رجلاً لينقل الخمر. 2837 - وقال الشافعي لا يجوز. لأنه عمل معلوم. فصل استئجار دار ليتخذها مصلى 2838 - وإن استأجر دارًا ليتخذها مصلى ومسجدًا لم يجز.

فصل الدلال

2839 - وقال الشافعي يجوز. 2840 - وأجاز أصحابنا بيت السواد أن يتخذ بيعة، ومنهم من أسقط الخلاف. فصل الدلال 2841 - وإذا استأجر رجلاً ليبيع له ثوبًا فالإجارة باطلة لأنه يقف على فعل الغير. 2842 - وقال الشافعي يجوز. الأجرة على الطاعات 2843 - ولا تجوز الإجارة لتعليم القرآن ولا بشيء من الطاعات والمعاصي. 2844 - وقال الشافعي يجوز في تعليم العلوم والقرآن وكل منفعة مباحة، لأنه يقف على فعل عدم. فصل شرطان في عقد 2845 - وإن شرط أن يعمل في الدار الجديد بدرهم، وإن سكن فنصف درهم جاز في قوله الأول، ولا يجوز في الثاني. 2846 - وهو قولهما وقول الشافعي. 2847 - وإن قال إن خطت الثوب اليوم فبدرهم وإن خطته غدًا فبنصف (درهم) فالشرط الأول جائز والثاني باطل. 2848 - وقال زفر: الشرطان باطلان، وهو قول الشافعي. 2849 - وقالا جائزان.

فصل استأجره ليقتص

فصل استأجره ليقتص 2850 - وإن استأجره ليقتص له في النفس فالإجارة باطلة عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 2851 - وقال محمد والشافعي جائزة. 2852 - ولو كان على الطرف لجاز عندهم جميعًا. فصل أجرة القصاص 2853 - وأجرة القصاص في الطرف على المقتص له. 2854 - وقال الشافعي على المقتص منه. فصل استئجار الدابة 2855 - وإذا استأجر دابة إلى موضع معلوم فبقيت في يده مدة يمكن أن يمر إليه فلا أجرة عليه. وقال الشافعي عليه الأجرة. 2856 - ولو ساقها في الطريق ولم يركب وجب عليه الأجرة باتفاق. فصل كفيل بالأجرة 2857 - وإذا أعطاه بالأجرة قبل وجوبها كفيلاً أو أبرأه منها أو صارفه عليها فهو جائر. 2858 - وعن أبي يوسف أنه لا يجوز قبل الوجوب.

باب من اختلافهما في الإجارة

باب من اختلافهما في الإجارة فصل ادعى أنه أجره داره 2859 - وإذا ادعى رجل على آخر أنه أجره داره وأنكر فالقول قوله مع يمينه، فإن أقام بينة قضى بالإجارة إذا كانت على مدة معلومة واستوفيت شروط الصحة، ولا خلاف في هذا الفصل. فصل اختلافهما في الثوب 2860 - وإذا اختلف رب الثوب والخياط في الثوب فقال رب الثوب أمرتك بقميص، وقال الخياط بقباء، فالقول قول رب الثوب عندنا. 2861 - وكذلك إذا اختلف هو والصباغ فقال الصباغ أمرتني بأحمر وقال رب الثوب بأخضر. 2862 - وقال ابن أبي ليلى القول قول الخياط والصباغ. 2863 - وقال الشافعي بالقولين جميعًا. 2864 - ومن أصحابنا من قال له قول آخر أنهما يتحالفان في ذلك لأن الأذن مستفادة من جهة رب الثوب فكان القول قوله فيه كما لو ادعى ابنه ونفاه فإن القول قوله. فصل اختلافهما في قدر المنفعة أو الأجرة 2865 - وإذا اختلفا في قدر المنفعة أو الأجرة أو فيهما فإنهما يتحالفان، فياسًا على البيع، لاختلافهما في المعقود عليه.

فصل اختلافهما في مقدار الأجرة

2866 - وإذا تحالفا في ذلك كان الحكم في ذلك كالحكم في البيع على ما قدمنا من الخلاف في فسخ العقد بهما أو بالحاكم لأن الإجارة كالبيع لأنها بيع المنافع. فصل اختلافهما في مقدار الأجرة 2867 - وإن قال أجرتني الدار سنة بخمسة وقال المؤجر بعشرة تحالفا كما قدمنا، وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى الأجر. 2868 - وقياس قولهم في البداية باليمين إن يبدأ المؤجر كما يبدأ البائع على قول أبي يوسف، وقول محمد يبدأ المشتري فينبغي أن يبدأ بالمستأجر ههنا. 2869 - هذا إذا اختلفا قبل العمل والسكنى. 2870 - فإن اختلفا بعد فراغ العمل ومضي المدة فالقول قول المستأجر مع يمينه كالخلاف بعد هلاك السلعة. فصل العمرة ببينة المؤجر 2871 - وإن أقاما بينة أخذت بينة المؤجر لأنها تثبت الزيادة في ذلك فكانت أولى، ولأن المستأجر بينته تنفي والأخرى تثبت فكانت أولى بالعمل. فصل اختلافهما في المدة أو قدر المسافة 2872 - وإذا اختلفا في المدة أو قدر المسافة فهو على ما مضى من التحالف والنكول. 2873 - وإن أقاما جميعًا البينة أخذت بينة المستأجر لأنها تثبت زيادة المدة والمسافة والأخرى تنفي ذلك فيكون المثبت أولى.

فصل ادعاء كل واحد منهما فضل

فصل ادعاء كل واحد منهما فضلاً 2874 - وإذا ادعى كل واحد منهما فضلاً. 2875 - فقال المؤجر أجرتك إلى القصر بعشرة وقال المستأجر أجرتني إلى الكوفة بعشرة تحالفا، وأيهما نكل لزمه دعوى الآخر، وإن أقام أحدهما بينة قضى بها. وإن أقاما جميًعا البينة قبلت بينة كل واحد على فضل عقده لأنها تثبت استحقاقًا له على الآخر فتقبل في الفضل. فصل اختلافهما في المسافة والأجرة 2876 - ولو قال المؤجر: أجرتك إلى القصر بدينار، وقال المستأجر إلى الكوفة بعشرة دراهم، فهي إلى الكوفة بدينار وعشرة لأنهما اختلفا في أجر الدابة إلى القصر، فأقاما البينة، فالبينة بينة المؤجر، ثم ادعى المستأجر إجارة إلى الكوفة بعشرة، لأن القصر نصف الطريق، وجحد ذلك المؤجر فتكون البينة المثبتة للإجارة أولى، فلهذا قضينا بها إلى الكوفة بدينار وعشرة دراهم. فصل اختلافهما في طول الثوب وعرضه 2877 - ولو دفع غزلاًَ إلى الحائك لينسج له ثوبًا سبعًا في أربعة فنسجه ستًا في أربعة، فصاحب الثوب بالخيار. إن شاء سلم له الثوب وضمنه مثل غزله، وإن شاء أخذه وأعطاه بحساب ذلك من الأجر الذي سماه، لأن غرض صاحب الثوب لم يسلم له، لأنه ينتفع بالطويل ما لا ينتفع بالقصير، فكان الخيار له، فإن اختار الأخذ أخذ بحسابه،

فصل إفساد صفة المصنوع

كمن استأجر رجلاً ليضرب له لبنًا معدودًا فضرب بعضه وفات وقت الضرب استحق بحساب ما عمل، كذلك هذا. فصل إفساد صفة المصنوع 2878 - ولو نسجه على ما قال من الذرع إلا أنه أفسد الصفة فجاء به رقيقًا وقد أمره بالصفيق، أو جاء به صفيفًا وقد أمره بالرقيق فصاحب الثوب بالخيار إن شاء ضمنه مثل غزله، وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه أجر مثله، لا يتجاوز به ما سمى، لأنه أتى بالمعقود عليه وخالف في صفة فثبت له الخيار. فصل الزيادة في ذرع المصنوع 2879 - وإذا ما أتى بالذرع والصفة المعقود عليها وزاد في ذرعه، فصاحب الثوب بالخيار إن شاء ضمنه مثل غزله وكان الثوب للصانع، وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه المسمى، ولا يزيد في الأجر لزيادة الذرع، لأن الصفة تغيرت فيثبت الخيار، ولا أجرة فيما زاد لأنه عمله بغير إذن صاحبه. فصل اختلافهما حول ما زاد في الثوب بالصبغ 2880 - وإذا دفع رجل إلى صباغ ثوبًا ليصبغه أحمر فصبغه، واختلفا: فقال الصباغ عملته بدرهم. وقال رب الثوب بدانقين. فإن أقاما بينة أخذت بينة الصباغ، وإن لم يكن لهما بينة فإني أنظر إلى ما زاد الصبغ في الثوب، فإن كانت درهمًا أو أكثر أعطيته أكثر بعد أن يحلف الصباغ ما صبغه بدانقين، وإن كان الصبغ زاد أقل من دانقين أعطيته دانقين، ولم

فصل اختلافهما حول الاتفاق على أجرة الصانع

يذكر أصحابنا في الكتاب إذا زاد على دانقين ونقص عن درهم، وينبغي أن يعطي ما زاد على ذلك كما قالوا في مهر المثل. فصل اختلافهما حول الاتفاق على أجرة الصانع 2881 - وإذا عمل الصانع [على] ما أراد رب الثوب ثم اختلفا. فقال رب الثوب عملته بلا أجرة. وقال الصانع بل عملته بأجرة. فالقول قول رب الثوب عند أبي حنيفة؛ لأن المنافع لا تتقوم إلا بعقد والصانع يدعيه ورب الثوب ينكره فلا يصدق. 2882 - وقال أبو يوسف: إن كان حريفًا وله عادة أن يعمل بأجرة فله الأجرة؛ لأن المعتاد كالمنطوق به في العقد كنقد البلد. 2883 - وقال محمد: إن كان الصانع منتدبًا لهذه الصنعة وهي حرفته فالقول قوله أنه بأجرة لأن الظاهر معه في ذلك. فصل حبس الشيء المصنوع بالأجرة 2884 - وإذا عمل الصانع ما استؤجر عليه فله حبسه حتى يستوفي الأجرة. ليس للحمال حق حبس البضاعة 2885 - وليس ذلك للحمال والجمال وهذا ظاهر المذهب. 2886 - ومنهم من قال: ليس له حبس ذلك لأنه لم يرهن العين عنده، فلم يجز له حبسها كالحمال.

فصل عدم ذكر أجرة الخياط

2887 - ومن قال له الحبس يقول: إن عمله ملكه فجاز له حبسه على عوضه، كالمبيع في يد البائع. فصل عدم ذكر أجرة الخياط 2888 - وإذا دفع إليه الثوب ليخيطه ولم يذكر له الأجرة ففيه أربعة أقاويل. 2889 - أحدها أنه تلزمه الأجرة وهو اختيار المزني؛ لأنه استهلك عمله فلزمه أجرته. 2890 - والثاني أن قال له خطه لزمه، وإن بدأ الرجل فقال: أعطني لأخيطه لم يلزمه، وهو قول أبي إسحاق. 2891 - لأنه أمره فقد لزمه بالأمر والعمل لا يلزمه إلا بالأجرة فلزمته. وإن لم يأمر لم يوجد فلم يجب الأجر. 2892 - والثالث: أنه إن كان الصانع معروفًا بأخذ الأجرة صار العرف في حقه كالشرط. 2893 - والرابع لا يلزمه بحال، وهو الصحيح عندنا. وهو قول أبي حنيفة، والمعمول به من مذهب الشافعي، لأنه لم يجر بينهما عقد يقتضي العوض، والصانع يجوز أن يتطوع بعمل فلا يستحق أجرة. فصل ضمان الحمال 2894 - وإذا استأجر رجلاً ليحمل له شيئًا على ظهره أو دابته إلى موضع فزلق ووقع فانكسر المتاع، فهو ضامن، وصاحبه بالخيار إن شاء ضمنه قيمته عند أول الحمل ولا أجرة له، وإن شاء ضمنه قيمته وقت الوقوع وأعطاه من الأجرة بحساب ذلك.

فصل استحقاق الأجرة

2895 - وكذلك الجواب إن تعمد الكسر. 2896 - وقال زفر إذا تعمد الكسر لا خيار ويضمن في المكان الذي كسره ويعطيه الأجر. 2897 - وقيل إن قول أبي حنيفة إذا تعمد الكسر مثل قول زفر. فصل استحقاق الأجرة 2898 - وتستحق الأجرة بثلاثة أشياء: إما أن يعجل الأجرة فيملك بالتعجيل أو يشترط التعجيل أو يستوفي المنفعة. 2899 - وقد قالوا: لو استأجر إبلاً إلى مكة قال أبو حنيفة لا يعطى الأجر حتى يرجع، وفي قوله الآخر يعطي بحساب ذلك كلما سار، وهو قولهما. 2900 - وقال أبو يوسف في الأمالي ليس له أن يعطيه حتى يذهب ثلث الطريق أو ربعه. فصل الاستئجار بطعام موصوف 2901 - وإذا استأجر بطعام موصوف وبين الصفة لا يصح حتى يبين موضع التسليم عند أبي حنيفة. 2902 - وقال أبو يوسف ومحمد: يسلم إليه عند الدار. 2903 - ولو كان طعامًا معينًا سلم عند الطعام في قولهم جميعًا. فصل استئجار المكاتب ظئرًا 2904 - وإذا استأجر مكاتب ظئرًا فعجز بطلت الإجارة؛ لأنه لا يملك العقد

فصل اختلاف المؤجر والمستأجر في الدابة

بعد العجز، ولو كانت مكاتبة أجرت نفسها ظئرًا أو أجرت أمتها ثم عجزت فالإجارة بحالها في قول أبي يوسف. 2905 - وقال محمد تبطل الإجارة: 2906 - ولو كانت أمة مأذونة أجرت نفسها فحجر عليها المولى فالإجارة صحيحة باقية إلى آخر المدة؛ لأن العقد وقع للمولى في الابتداء. فصل اختلاف المؤجر والمستأجر في الدابة 2907 - وإذا اختلف المؤجر والمستأجر في الدابة: فقال المستأجر استأجرتها إلى بغداد بعشرة. وقال المؤجر أجرتها إلى القصر وهو نصف الطريق بخمسة عشر. فعند أبي حنيفة في قوله الأول وهو قول زفر والحسن يقضي بالإجارة بخمسة عشر إلى بغداد. 2908 - وفي قول أبي حنيفة الآخر وهو قول أبي يوسف ومحمد يقضي بالعشرة إلى بغداد. فصل تجاوز المكان الذي استأجر الدابة إليه 2909 - وإذا استأجر دابة إلى مكان فجاوز ذلك المكان صار ضامنًا. 2910 - فإذا رجع إلى ذلك المكان برئ من الضمان في قول أبي حنيفة الأول، وهو قول زفر، وفي قولهما وهو قوله الآخر لا يخرج من الضمان ما لم يصل إلى صاحبها. 2911 - وكذلك الخلاف في العارية، وفي الوديعة اتفقوا أنه يبرأ. فصل ضمان مستأجر الفسطاط 2912 - وإذا استأجر فسطاطًَا وسلمه إلى غيره فهو ضامن في قول أبي يوسف.

باب فيما يلزم المكري والمكتري

2913 - وقال محمد لا يضمن كمن استأجر دارًا وأجرها لغيره لا يضمن. فصل استئجار طريق في دار 2914 - وإذا استأجر طريقًا في دار رجل ولم يبين موضعه فالإجارة فاسدة عند أبي حنيفة وتجوز عند أبي يوسف ومحمد؛ لأنها بمجهول فلا تجوز إجارته. فصل استأجره ليضرب لبنًا 2915 - وإذا استأجره ليضرب له لبنًا، فضرب اللبن وطلب الأجرة، فإنها لا تجب حتى يشرح اللبن عند أبي يوسف ومحمد، وتجب عند أبي حنيفة إذا أقامه؛ لأن الشرح زيادة عمل في اللبن على ضربه، وبالقيام قد ثبت سلامته، لا يجب ما زاد. فصل اختلافهما في رد الشيء المصنوع 2916 - وإذا اختلف المستأجر والصانع فقال الخياط رددت الثوب عليك، وقاب رب الثوب لم ترد، فالقول قول الصانع عند أبي حنيفة، وقالا القول قول رب الثوب لأنه أمين كالمودع وهما جعلاه كالغاصب. باب فيما يلزم المكري والمكتري 2917 - ويجب على المكري ما يحتاج إليه للتمكن من الانتفاع كمفتاح

فصل ما على المكتري

الدار وزمام الجمال، والبرة التي في أنفه، والحزاب والثقب والسرج واللجام للفرس، لأن التمكن عليه لا يحصل إلا بذلك. 2918 - وإن تلف شيء منه في يد المكتري لم يضمن، كما لا يضمن المستأجر. 2919 - وعلى المكرى بدله لأن التمكن يستحق عليه. 2920 - وما يحتاج إليه كمال الانتفاع كالدلو والحبل والمحمل والغطاء فهو على المكتري. فصل 2921 - واختلف فيما يشد به أحد المحملين إلى الآخر. فمنهم من قال هو على المكري لأنه من آلة التمكن. ومنهم من قال هو على المكترى لأنه بمنزلة تأليف المحمل. فصل ما على المكتري 2922 - وعلى المكتري إشالة الحمل وحطه وسوق الظهر وقوده لأن العادة أنه يتولى ذلك. 2923 - وعليه أن ينزل الراكب للطهارة وصلاة الفرض؛ لأنه لا يمكن ذلك على الظهر. علف الظهر 2924 - وعلى المكري علف الظهر وسقيه لأنه من مقتضى التمكن.

فصل رد المستأجر

فصل رد المستأجر 2925 - واختلف في رد المستأجر بعد انقضاء الإجارة: فمنهم من قال لا يلزمه قبل المطالبة لأنه أمانة في يده فلا يلزمه الرد كالوديعة. 2926 - ومنهم من قال يلزمه لأنه غير مأذون في إمساكها بعد المدة كالعارية المؤقتة. فصل حدود ما يستعمل في المنفعة 2927 - وللمستأجر أن يستعمل مثل المنفعة المعقود عليها بالمعروف، وما دون ذلك من الانتفاع، فلمن استأجر أن يدع المتاع ولا يسكن لأنه دون السكن. 2928 - واختلف هل له أن يدع فيها ما تتسارع إليه النار؟ فمنهم من منع ذلك لأن النار تثقب الحائط فتخرب الدار. ومنهم من أجازه؛ لأن ذلك متعارف في السكن. ما ينتفع به من القميص المكترى 2929 - ومن اكترى قميصًا فليس له النوم فيه ليلاً، وجوز بالنهار؛ لأن الثوب يخلع ليلاً. فصل ما له أن يفعله في الظهر المستأجر 2930 - وله أن يضرب الظهر ويكيحه باللجام وبالرجل لئلا يسقط للاستصلاح فإن عطب من ذلك فعليه الضمان عند أبي حنيفة لأن ذلك يباح بشرط السلامة وكضرب الزوجة.

فصل استأجر ليزرع حنطة

2931 - وقالا لا ضمان. 2932 - واختلف فيه أصحاب الشافعي. فصل استأجر ليزرع حنطة 2933 - وإذا استأجر ليزرع حنطة فله أن يزرع مثلها، وما دونها في الضرر، ولا يزرع ما فوقها، لأن الدون قد يرد بعض حقه وما زاد لا يستحقه. فصل اكترى لحمل القطن 2934 - ولو اكترى لحمل القطن لم يحمل عليه الحديد لأنه أضر على الظهر من القطن لاجتماعه وثقله. فصل 2935 - ولو إكراه للحديد فله أن يحمل القطن لأنه أوطأ، وقال الشافعي ليس له ذلك لأن الريح تدخل فيه فتزيد ثقله. فصل الإرداف 2936 - وإذا أردف خلفه إنسانًا فعطبت الدابة فعلى الرديف. لأنه تلف بفعل مباح ومحظور، وإن كانت بحيث لا يعقب أحد لزمه الضمان جميعه لأنه أتلف ذلك. فصل زاد في الأوقرة. 2937 - وإن استأجره لحمل عشرة أوقرة فحمل عليه أحد عشر وقرًا

فصل إعارة المستأجر

فمنهم من أوجب عليه ضمان وقر واحد لأنه تعدى فيه، والباقي يستحقه، ومنهم من قال بالزيادة خرج أن يستحق المنفعة المعقود عليها. فصل 2938 - وعلى هذا الأصل قال أبو حنيفة: إذا شرب نبيذًا فسكر فالمحرم هو الشربة الأخيرة لأن عندها حصل السكر، وفيها وقع التعدي. 2939 - وقال أبو يوسف يعتبر الجميع حرامًا لأنها والذي قبلها وقع السكر (به)، ولو انفردت لم تؤثر. وكذلك قوله في الإجارة إذا زاد على المستحق. فصل إعارة المستأجر 2940 - وله أن يستوفي المنفعة بنفسه وبعيره إذا كان دونه في الاستعمال.

باب فسخ الإجارة

باب فسخ الإجارة الفسخ بالعيب 2941 - وتفسخ الإجارة بالعيب الموجود بها الذي يؤثر في الانتفاع، وفيما يحدث فيها لأنها كالبيع وهذا بمقر الدابة وبجرحها وإنقطاع الماء والشرب وفساد الدولاب والنهر وخراب الدار والدكان وموت العبد والدابة وجفاف لبن المرضعة وموت الصبي، وإذا أفلس المستأجر وقام من السوق، وإذا باع القاضي الدار في دين عليه، وإذا برئ الضرس الذي يقلعه، ومسائل كثيرة من هذا الجنس في بعضها خلاف، وفي البعض وفاق. فصل غصب العين المستأجرة 2942 - وإذا غصبت العين المستأجرة من يد المستأجر فإن كان العقد على موصوف في الذمة طالب المؤجر بإقامة عين مقامها، وإن كان على العين فللمستأجر أن يفسخ العقد لأنه تأخر حقه فثبت له حق الفسخ. 2943 - وإن لم يفسخ وكان الإجارة على عمل لم ينفسخ لأنه يمكن استيفاءه إذا وجده، وإن كانت على مدة فانقضت فعندنا قد انفسخت الإجارة ويرجع بالإجرة إن كان تسلمها وإن لم يكن تسلم فلا شيء عليه. 2944 - وللشافعي قولان: أحدهما ينفسخ العقد ويرجع المستأجر على المؤجر بالمسمى ويرجع المؤخر على الغاصب بأجرة المثل. والثاني لا ينفسخ بل يخير المستأجر بين الفسخ ويرجع على المؤجر بالمسمى ثم يرجع المؤجر على الغاصب بأجره المثل، وبين أن يقر العقد ويرجع على الغاصب بأجرة المثل.

فصل مصير البناء والغرس بعد إنقضاء الإجارة

فصل مصير البناء والغرس بعد إنقضاء الإجارة 2945 - وإذا انقضت مدة الإجارة وفي الأرض بناء أو غرس، لزم المستأجر قلع ذلك وتسليم الأرض كما أخذها فارغة غير مشغولة. 2946 - وقال الشافعي: إذا شرط في العقد القلع عند الفراغ وجب عليه القلع، وإن أطلق العقد فالمؤجر بالخيار إن شاء طالبه بالقطع وضمن له النقصان الذي حصل بالقطع وإن شاء أعطاه القيمة وملك الغرس، وإن شاء تركه بأجرة المثل. 2947 - وهذا لا يصح لأنه غير معهود في البناء والغرس فلا يستحق تبقيته في ملك المؤجر، كما لو أجره داره وترك فيها متاعه فإنه يكلف نقله كذلك هذا مثله، والشافعي جعل ذلك كالزرع إذا انقضت المدة وهو في الأرض، والفرق بينهما أن الزرع له غاية ينتظر إليها فلا يضر به الغرس بخلافه وورد إن الزرع كالثمرة فإنا نترك ذلك بأجر مثله. 2948 - وكتاب الإجارة من الكتاب الكبار، وفيه كل عجيب من المسائل، وفي هذا الذي ذكرت إشارة إلى المقصود في الأصول، والله الموفق. وإذا قد ذكر الإجارة، وكانت المزارعة نوعًا منها وجب ذكرها.

كتاب المزارعة

كتاب المزارعة جواز المزارعة 2949 - اعلم أن المزارعة عقد اختلف الفقهاء في جوازه وصحته في أصله. 2950 - فقال أبو حنيفة لا تجوز بحال. 2951 - وقول الشافعي إذا انفردت الأرض عن النخل والشجر. 2952 - وبه قال مالك. 2953 - وهو قول ابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت ورافع بن خديج من الصحابة رضي الله عنهم. 2954 - وقال أبو يوسف ومحمد وسفيان الثوري وابن أبي ليلى وأحمد هي جائزة. 2955 - وهو مذهب علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعمار وابن مسعود رضي الله عنهما. فصل ما يجوز استئجار الأرض به 2956 - ويجوز استئجار الأرض بكل ما جاز أن يكون بدلاً في البيع وثمنًا له لأن البدل لا يختلف في العقود. 2957 - وقال بعض الفقهاء والسلف لا تجوز إلا بالدراهم والدنانير، ولا تجوز بما يخرج منها. 2958 - وإذا كان الخارج من الأرض لا يمنع أن يكون عوضًا في البيع فكذلك الإجارة.

فصل شرط زراعة نوع بعينه

فصل شرط زراعة نوع بعينه 2959 - وإذا شرط أن يزرع في الأرض نوعًا فزرع ما هو أقل ضررًا منه جاز. 2960 - وقال أهل الظاهر لا يجوز إلا ما شرط خاصة. فصل المزارعة على أربعة أوجه 2961 - وتفريع كتاب المزارعة على قول من أجازها فقال أبو يوسف ومحمد: المزارعة على أربعة أوجه: [فثلاثة أوجه منها تجوز المزارعة عليها، ووجه منها لا تجوز المزارعة عليه]. 2962 - أحدها إذا كانت الأرض والبذر لواحد والعمل والبقر لآخر جازت المزراعة لأن رب الأرض يستأجر العامل ببعض الخارج، والبقر غير مستأجر بل هو مع العمل فجازت المزراعة. 2963 - والثاني أن تكون الأرض لواحد والعمل والبقر والبذر لواحد فهو جائز أيضًا لأن العامل مستأجر للأرض، والبقر غير مستأجر، وإنما يستعمله لنفسه وذلك لا يمنع صحة العقد. 2964 - والثالث أن تكون الأرض والبقر والبذر لواحد والعمل من جهة

فصل جهالة المدة

الآخر لأنه مستأجر للعامل ببعض ما يخرج من الأرض وذلك جائز، والبقر فليس يستأجره لأن الرجل لا يستأجر بقر نفسه وإنما يعمل بها. 2965 - والرابع: إذا كان البذر والعمل لواحد والأرض والبقر للآخر فهي باطلة، لأن صاحب البذر هو المستأجر، والبقر في هذه المسألة مستأجر ببعض الخارج لأنه تابع للعمل المعقود عليه وذلك لا يجوز. وقد روى عن أبي يوسف في الإملاء أن هذا الوجه أيضًا جائز لأن العامل كالمضارب، ولو دفع رب المال داب يحمل عليها المتاع جاز ذلك فكذلك هذا. فصل جهالة المدة 2966 - ولا تجوز عندهما على مدة غير معلومة كما لا تجوز الإجارة إلا على مدة معلومة، وكذلك كان القياس في البدل الآخر، لكنه ترك للأثر والحاجة. فصل الشياع في جميع الخارج 2967 - ولا تجوز إلا أن يذكر اسم العامل على طريق الشياع في جميع الخارج كالعامل في المضاربة. 2968 - وإن شرط له من الريع قدرًا معلومًا فسدت المزارعة لأنه يجوز أن لا يخرج غير ذلك القدر، فلأيهما شرط ذلك فهو سواء في الفساد. فصل أجر العامل في المزارعة الفاسدة 2969 - وإذا فسدت المزارعة فللعامل أجر مثله، ويكون الريع لصاحب البذر لأنه مما ملكه، وللآخر أجر عمله لأنه به حصلت الفائدة. فصل لا شيء للعامل مع عدم الخارج 2970 - وإن لم يخرج في الأرض شيء فلا شيء للعامل في المزارعة الصحيحة.

فصل البذر من رب الأرض

لأنه شرط له جزءًا من الخارج ولم يحصل، كما لا يكون للمضارب منهما إذا لم يربح. فصل البذر من رب الأرض 2971 - وإن كان البذر من قبل رب الأرض فللعامل أجر مثله لأنه لا يزداد على ما شرط. 2972 - وقال محمد أجر مثله بالغًا ما بلغ لأنها عقد كالإجارة، وقد تقدم شأن ذلك. فصل البذر من العامل 2973 - وإن كان البذر من قبل العامل فلرب الأرض أجر مثلها لأن العامل استوفى منفعة الأرض فكان عليه بدلها. فصل امتناع صاحب البذر 2974 - قالا: وإذا عقدا المزارعة فامتنع صاحب البذر من العمل لم يجبر عليه، وإن امتنع الذي ليس من قبله البذر أجبره الحاكم على العمل، لأن الذي من قبله البذر لا يتوصل إلى الوفاء بالعقد إلا بإتلاف ماله الذي هو البذر فلا يجبر عليه، كمن استأجر رجلاً لهدم داره، لأنه يلحقه ضرر فلا يلزمه الوفاء. فصل انقضاء المدة والزرع لم يدرك 2975 - وإذا انقضت مدة المزارعة والزرع لم يدرك كان على الزارع أجر مثل نصيبه من الزرع إلى أن يستحصد لأنه منتفع بملك غيره من غير إذن، وذلك لا يجوز بغير عوض، وقلع نصيبه ضرر عليه ويمكن إيفاء الحقين بتبقيته إلى وقت الحصاد.

فصل النفقة على الزرع

فصل النفقة على الزرع 2976 - والنفقة على الزرع عليهما على مقدار حقوقهما. 2977 - وأجرة الحصاد والرفاع والدياس عليهما، وكذلك التذرية لأن هذا عمل بعد كمال الزرع فكان عليهما. 2978 - وما كان [من] بذر وسقي فعلى المزارع لأنه معقود عليه، وما كان بعد القسمة فعلى كل واحد منهما أجرة عمله. فصل موت رب الأرض قبل الزرع 2979 - وإذا مات رب الأرض قبل أن يزرع بعدما كرب وحفر الأنهار بطلت المزارعة، ولم يكن على ورثة الأرض شيء لأجل الكراب وغيره، لأنه ليس في الفسخ إتلاف مال المزارع فلم تجز تبقية المزارعة حتى يستوفي حقه، وأما العمل فلم يقومه بالعقد، وإنما قومه بالخارج ولم يوجد ذلك. فصل 2980 - وإذا شرط بعض الخارج لعبد أحدهما والعبد مأذون له، والبذور من قبل رب الأرض والشرط لعبد رب الأرض ولا دين عليه فإنه يكون للمولى، سواء شرط عمل العبد أو لم يشرط، وإن كان على العبد دين فإن شرط عليه العمل جاز، وإن لم يشرط عليه العمل فما شرط للعبد يكون للدافع. 2981 - وإن كان عبد المزارع، ولم يكن على العبد دين فما شرط للعبد

فصل التبن لمن؟

يكون للمزارع، وإن كان عليه دين فإن شرط عليه العمل جاز وصار كأنه دفع المزارعة إلى اثنين وإن لم يشرط عليه العمل فإن قياس قول أبي حنيفة ما شرط للعبد يكون لرب الأرض والبذور. 2982 - وفي قول أبي يوسف ومحمد ما شرط للعبد يكون لمولاه لأن المولى يملك كسبه وإن كان عليه دين، وهذا إذا كان البذر من قبل الدافع. فصل التبن لمن؟ 2983 - وحكى الطحاوي في المختصر إن التبن لصاحب البذر عند محمد. وروى عن أبي يوسف أنه لا يجوز حتى يكون التبن بينهما، وروى ذلك في الإملاء، ثم وجدنا محمدًا قد رجع إلى قول أبي يوسف. فصل الحصاد والدياس على من؟ 2984 - وإذا شرط الحصاد والدياس على المزارع فالمزارعة فاسدة. 2985 - وروى عن أبي يوسف أنه يجوز، وهو اختيار شيوخ خراسان وما وراء النهر لأن العادة أن يفعل ذلك. فصل اختلاف الحصة باختلاف ميعاد الزرع 2986 - وإن دفع أرضًا على أنه أن زرع في أول جمادي الأولى فللزارع

باب اختلافهما القول لمن في حصة المزارع

النصف، وإن زرع في آخره فله الثلث فالشرط الأول جائز، والثاني باطل عند أبي حنيفة، على قياس قول من أجاز المزارعة، وهو مثل اختلاف الإجارة فيكون عندهما الشرطان جائزين. باب اختلافهما القول لمن في حصة المزارع 2987 - وإذا اختلفا فقال الدافع شرطت لك النصف وقال المزارع النصف وزيادة عشرة أقفزة فالقول قول الدافع في قياس قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد القول قول المزارع. اختلافهما في العشر 2988 - وإن اختلفا في العشر فكله على رب الأرض في قياس قول أبي حنيفة. سرقة الزرع قبل حصاده أو بعده 2989 - وإن سرق الزرع بعدما حصد سقط عن رب الأرض نصف العشر وعليه أن يغرم نصف العشر. 2990 - وإن سرق قبل الحصاد سقط عنه الكل. 2991 - وقول أبي يوسف ومحمد العشر عليهما على قدر الخارج والشرط، وإن سرق سقط العشر ولا فرق فيما قبل الحصاد وبعده. فصل الغاصب يزرع الأرض 2992 - والغاصب إذا زرع الأرض فإن لم ينقص فالعشر على الزارع أو الخراج عندهم جميعًا، وإن نقصت الأرض فالعشر والخراج على رب الأرض عند أبي حنيفة، لأنه أخذ العوض عنها، وعندهما على المزارع في جميع الأحوال. وإذ قد ذكرنا مسائل المزارعة وذكرنا بعضًا من جملها وجب ذكر المساقاة.

كتاب المساقاة

كتاب المساقاة وهذا كتاب المساقاة 2993 - اعلم أن الخلاف في جواز المساقاة كالخلاف في المزارعة، فأبو حنيفة لا يجيزها بحال. 2994 - وأبو يوسف ومحمد يجيزانها على شراط منها أن تذكر مدة معلومة وجزء معلوم شائع من الثمر. 2995 - وهو قول الشافعي ومالك. 2996 - وسوى أبو حنيفة بينها وبين المزارعة في البطلان، سويا هما في الصحة والجواز. 2997 - وفرق الشافعي بين المزارعة وبين المساقاة فأجاز المساقاة وأبطل المزارعة، ولا فرق بينهما فيما ورد من الأثر والحاجة لأن النبي عامل بجزء من الخارج فاشية المزارعة. 2998 - وقال أبو حنيفة ينبغي أن نأخذ بالنهي وقد روي عن النبي عليه السلام أنه نهى عن المخابرة.

2999 - قال ابن الأعرابي ذلك مشتق من معاملة أهل خيبر ثم صارت بعد مستعملة حتى يقال للإجارة مخابرة وهما في معنى واحد فإذا أبطل أحدهما بطل الآخر. فصل 3000 - وأجازها الشافعي على النخيل والكرم في قوله الجديد، وقال في القديم تجوز على كل الثمار، وهو قول أبي يوسف ومحمد. 3001 - ومن الناس من قال لا تجوز إلا على النخل. 3002 - لأنها شجرة كالنخل. فصل 3003 - وأجاز أبو يوسف ومحمد المساقاة على الثمرة القائمة. 3004 - وهو قول الشافعي في الأم، لأنه إذا جاز على المعدوم فعلى الموجود أولى. 3005 - وقال الشافعي في (مختصر) البويطي لا تجوز لأن المساقاة عقد على غرر، وإنما أجيز على المعدوم للحاجة.

فصل مساقاة في أحد القراحين

فصل 3006 - وإذا دفع نخله مساقاة ولم يذكر المدة حمل على الثمرة التي تخرج في السنة استحسانًا عندنا. 3007 - وقال الشافعي لا تصح المساقاة. فصل مساقاة في أحد القراحين 3008 - ولا تجوز على ثمرة نخل غير معلوم بأن يقول ساقيتك في أحد القراحين، أما هذا أو هذا؛ لأنه (مجهول) عندنا فلا يصح مع الجهالة كالبيع ولا الإجارة. فصل لا مساقاة على ما لا حمل له 3009 - ولا يصح على شجر لا حمل له ولا يرجى ذلك منه لأنه لا عوض يسلم للعامل من حيث الظاهر. فصل حدوث الثمرة بعد المدة 3010 - ولو ساقى عشرة سنين فانقضت المدة ثم اطلعت ثمرة السنة العاشرة لم يكن للعامل فيها حق لأنها ثمرة حدثت بعد انقضاء المدة. 3011 - وإن اطلعت قبل انقضاء المدة وانقضت المدة وهي طلع أو بلح تعلق بها حق العامل لأنها حدثت في المدة. فصل لا تصح المساقاة إلا على جزء معلوم 3012 - ولا تجوز (المساقاة) إلا على جزء معلوم كالنصف والربع وما

فصل تناهي التمر

يجري هذا المجرى من الأجزاء المعلومة، لحديث ابن عمر أنه عامل على شطر الثمرة، والشطر النصف في ظاهر اللغة. فصل 3012 - ويجوز عندهما على سائر الشجر والنبات والرطبات وأصول الباذنجان لأن النبي عليه السلام عامل أهل خيبر على نصف الثمر، وهي بلاد لا تخلو من سائر ما ذكرناه؛ ولأنها جازت للضرورة، وهذا موجود فيما ذكرنا. فصل تناهي التمر 3014 - وإن كانت الثمرة تزيد بالعمل جازت المساقاة، وإن كانت قد تناهت لم تجز؛ لأنها إن زادت فقد وجد العمل الذي تزيد به فصحت، وفي الثاني بخلافه. فصل 3015 - ويكون للعامل أجر مثله لأنها إجارة فاسدة. فصل بطلانها بالموت 3016 - وتبطل عندهما بالموت. فصل الاغترار 3017 - وتفسخ بالاغترار كما تفسخ الإجارة. 3018 - وقال الشافعي لا تبطل، كما لا تبطل الإجارة عنده. فصل دفع الشريك نخله مساقاة 3019 - وقالا: لو دفع أحد الشريكين إلى شريكه نخلة مساقاة، لم يجز. 3020 - وقال الشافعي لا تصح إلا على عمل معلوم. وإن عمل لم يستحق الأجرة لأنه عمل في ملك نفسه فلا يجب له أجرة على غيره.

فصل ما تنعقد به المساقاة من الألفاظ

فإن قال: إن سقيته بالسيح فلك الثلث وأن سقيته بالناضخ فلك النصف لم يجز لأنه عقد على مجهول. فصل ما تنعقد به المساقاة من الألفاظ 3021 - وتنعقد بلفظ المساقاة وبما يؤدي إلى معناه؛ لأن القصد فيه المعنى دون اللفظ. فصل خيار الشرط في المساقاة 3022 - ولا يثبت عند الشافعي فيها خيار الشرط؛ لأنه إذا فسخ لا يمكن رد المعقود عليه. فصل خيار المجلس 3023 - وفي خيار المجلس لأصحابه وجهان. فصل معيار ما ينبغي على العامل عمله 3024 - وعلى العامل أن يعمل بما فيه مستزاد في الثمرة من التلقيح وضرب الجريد وإصلاح الأجاجين وتنقية السواقي والسقر (كذا) وقلع

فصل متى تملك الثمرة

الحشيش المضر بالنخل وعلى رب النخل ما فيه حفظ الأصل من سد الحيطان ونصب الدولاب وشراء الثيران؛ لأن ذلك يراد لحفظ الأصل. 3025 - واختلف في الجذاد واللقاط فمنهم من قال لا يلزم العامل بل يكون عليهما، كما يكون الحصاد عليهما لأن ذلك يحتاج إليه بعد الكمال، ومنهم من قال يلزم العامل لأنه لا تستغني الثمرة عنه. فصل 3026 - وأن شرط أن يعمل معه غلمان رب الأرض لم يصح لأن عمل الغلام كعمل المالك. 3027 - ومنهم من قال يجوز لأنهم ماله فهم كالثور والدولاب. فصل متى تملك الثمرة 3028 - ويملك العامل الثمرة بالظهور، كما يملك في المضاربة. 3029 - ومن أصحاب الشافعي من خرّج ذلك على القولين في العامل في المضاربة. 3030 - ومنهم من قال: يملك في المساقاة قولاً واحدًا لأن الثمرة لم تجعل وقاية لرأس المال. فصل العامل أمين 3031 - والعامل أمين فيما يدعى عليه من هلاك أو خيانة لأن رب المال أئتمنه في ذلك فهو كالمودع. فصل ثبوت خيانة العامل 3032 - وإذا ثبتت خيانة ضم إليه من يحفظه، ولا تزال يده لأن العمل مستحق عليه.

فصل اختلافهما في العوض

فصل 3033 - وإن هرب رجع الأمر إلى الحاكم ليستأجر عنه من يعمل عنه بدله. فصل 3034 - وإذا عمل العامل، وتقاسما الثمرة ثم استحق النخل، رجع العامل على من ساقاه بالإجرة لأن الغرض لم يسلم له، وقد غره فلزمه الضمان. فصل اختلافهما في العوض 3035 - وإذا اختلفا في العوض المشروط فقال العامل: شرطت النصف، وقال رب العمل شرطت الثلث، فقياس قول أبي حنيفة أن يكون القول قول رب النخل. 3036 - وقياس قولهما أن يكون القول قول العامل كما قالا في المزارعة. 3037 - وعند الشافعي يتحالفان قياسًا على البيع. 3038 - وعندنا القياس في البيع أن لا تحالف وإنما تركناه للأثر. 3039 - وإذ قد ذكرنا عقود المعاوضة من الطرفين وجب ذكر ما ليس له عوض من أحدهما وهذا يكون في الهبة.

كتاب الهبة

ما ليس له عوض من أحدهما من العقود جواز الهبة كتاب الهبة 3040 - اعلم أن الهبة في الجملة عقد جائز في الشرع. تعريف 3041 - وهي عقد في سائر الأزمان جائز، وإن اختلف في شروطها ومواضع صحتها وهي عقد على مال من أحد الطربين وثواب من الجانب الآخر. الندب إلى الهبة 3042 - وهي مندوب إليها. وقد روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: - تهادوا وتحابوا. وهي للأقارب أفضل كما روى عبد الله عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: - الراحمون يرحمهم الله، ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء،

فصل الإيجاب والقبول

الرَحمِ شِجنَة فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله. 3043 - وأجمعت الأمة على جواز الهبة. فصل الإيجاب والقبول 3044 - ونفتقر إلى إيجاب وقبول، ولا تصح بغير ذلك. 3045 - وقد قال الأصم وصاحبه تصح بغير قبول، وهو قول الحسن والشعبي، كما تصح البراءة والعتق بغير قبول لأنه إسقاط حق فلا تفتقر إلى قبول كالعتق. 3046 - وهذا لا يصح لأنه عقد تمليك فافتقر إلى إيجاب وقبول كالبيع والنكاح. فصل القبض في الهبة 3047 - ولا تلزم من غير قبض، وبه قال الشافعي، ومالك قال تلزم من غير قبض، كما يلزم البيع ولأنها عقد تبرع فافتقر إلى معنى آخر ينضم إليه كالوصية.

فصل القبض في المجلس

فصل القبض في المجلس 3048 - وإذا وهب عينًا فقبضها في المجلس بغير إذن ملكها، وفي رواية أنه لا يملكها حتى يأذن له في القبض. 3049 - ومن أصحابنا من قال في ذلك قياس واستحسان، القياس أن لا يملك وبه قال الشافعي لأن القبض في الهبة يقف عليه تمام العقد فهو كالقبول والاستحسان أن المقصود بالهبة التمليك والعقد إذن فما يتم به الملك كالإيجاب إذن في القبول. القبض بعد المجلس 3050 - ولا يجوز أن يقبض بعد المجلس إلا بإذن في قولهم جميعًا؛ لأن ذلك يجري مجرى القبول ولا يصح القبول بعد التفرق، كذلك هذا. 3051 - وأن أذن له في القبض فقبض بعد التفرق ففيه قياس واستحسان، القياس أن لا يصح لأن الإذن لا يثبت حكمه بعد التفرق كما لا يثبت حكم القبول، والاستحسان أن يجوز كما لو أذن له في قبض البيع جاز بعد التفرق كذلك هذا، وفيه خبر مروي. فصل ما تجوز هبته 3052 - وكل عين تجوز هبتها يجوز بيعها وليس كل ما جاز بيعه تجوز

فصل هبة ما لم يره

هبته لأن هبة المشاع فيما يحتمل القسمة لا تجوز عند أبي حنيفة، وتجوز عند الشافعي، والدين في الذمة تجوز هبته ولا يجوز بيعه من غير من هو عليه. فصل هبة ما لم يره 3053 - وهبة ما لم يره جائز إذا سلم الموهوب إليه؛ لأنه يجوز في البيع عندنا. 3054 - وقال الشافعي ما لا يجوز هبته من المجهول لا يصح [بيعه] وكذلك كا ما لا يقدر على تسليمه وما لم يتم ملكه عليه كالمبيع قبل القبض لأنه يقصد به الملك كالبيع. فصل التعليق على شرط مستقبل 3055 - ولا يجوز تعليقها على شرط مستقبل كالبيع. فصل وجوب القبول في المجلس 3056 - والقبول في الهبة على المجلس. 3057 - ومن أصحاب الشافعي من قال، هو على الفور، قالوا وهو الصحيح. 3058 - وقال أبو العباس يصح على التراخي.

فصل ألفاظ الهبة

فصل ألفاظ الهبة 3059 - وتصح بلفظ الهبة بأن تقول وهبت لك أو أعطيتك أو ملكتك أو نحلتك أو منحتك أو أبحتك أو أعمرتك فكل ذلك جائز. فصل العمرى 3060 - وقال الشافعي إن قال: أعمرتك هذه الدار حياتك أو جعلتها لك عمرك ولعقبك من بعدك فهذه عطية صحيحة تتم بالإيجاب والقبول وتملك بالقبض كما نقول نحن في ذلك؛ لأن عليه السلام قال: - أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها؛ ولأنه أعطى عطاء وقع في المواريث.

فصل الرقبي

3061 - وإن قال: أعمرتك هذه الدار حياتك، ولم يشترط شيئًا ففيه قولان: القديم هو باطل. والجديد هو جائز صحيح، وهو قولنا يكون للمعمر في حيازته ولورثته بعده وهو الصحيح لخبر جابر لأن الأملاك المستقرة كلها مقدرة بحياة المالك. 3062 - فإن قال: أعمرتك حياتك فإن مت عادت إلي إن كنت حيًا وإلى ورثتي إن كنت ميتًا، فعلى قولين: أحدهما يصح ويبطل الشرط وهو قولنا. الثاني: يبطل لأنه قد نفى مقتضى العقد. فصل الرقبي 3063 - وأما إذا قال: أرقبتك هذه الدار، أو: داري لك رقبي، وهي أن يقول إن مت قبلي عادت إلي، وإن مت قبلك فهي لك. قال أبو حنيفة ومحمد ذلك باطل، ولا يملك. 3064 - وقال أبو يوسف جائز.

فصل العطية لبعض الولد

3065 - وهو قول مالك. وأحد قولي الشافعي. فصل العطية لبعض الولد 3066 - ويكره أن يخص بعض ولده بالعطية فإن فعل جاز. 3067 - وقال بعض الفقهاء لا يجوز. 3068 - وقد روى خبر النعمان بن بشير مختلفًا فروى فيه أنه قال: أكل ولدك فعلت به هكذا؟ فقال لا، فقال: أشهد غيري، وهذا يدل على الجواز، وروى أنه قال: لا أشهد على جور. فصل التسوية بين الأولاد في الهبة 3071 - ومن وهب لذي محرم منه فليس له أن يرجع فيما وهب. 3072 - وقال الشافعي يرجع الأب والجد والأم والجدة ولا يرجع سائر الأقارب المحرم مناكحتهم لأجل النسب كالأخ والأخت. فصل رجوع الأجنبي فيما وهب 3073 - ويرجع الأجنبي فيما وهب.

فصل لا رجوع لأحد الزوجين فيما وهب

3074 - وقال الشافعي لا يرجع الأجنبي بحال؛ لأنه عقد تبرع فجاز الرجوع فيه كالعارية. فصل لا رجوع لأحد الزوجين فيما وهب 3075 - ولا يرجع أحد الزوجين فيما وهب. 3076 - خلاف مالك في الزوجة أنها ترجع دون الزوج. 3077 - لأنها أحد الزوجين فلا ترجع فيما وهبت كالزوج. فصل الرجوع في هبته لأخيه 3078 - وإذا وهب لأخيه وهو عبد فله أن يرجع فيها في قولهم جميعًا. 3079 - وأن وهب لعبد أخيه هبة فله الرجوع عند أبي حنيفة. 3080 - وعند أبي يوسف ومحمد لا يرجع لأن الملك يحصل للأخ. فصل هبة المشاع 3081 - وإذا وهب لرجلين دارًا أو ألف درهم أو كلما يحتمل القسمة لم يجز عند أبي حنيفة لأنه هبة مشاع فيما يحتمل القسمة.

فصل هبة الدين والإذن بقبضه

3082 - وعند أبي يوسف ومحمد يجوز وهو قول الشافعي. 3083 - واتفقوا أنه لو وهب نصف عبد أو مالاً يقسم إنه يجوز. 3084 - ولو تصدق بعشرة دراهم على غنيين فهو مثل الهبة عند أبي حنيفة. وإن كانا فقيرين جاز. 3085 - وقال أبو يوسف ومحمد يجوز في الوجهين؛ لأن الملك يخرج جملة واحدة من مال الواهب. فصل 3086 - ولو وهب لأحدهما الثلث وللآخر الثلثين لم يجز عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 3087 - وجاز عند محمد. 3088 - فرق أبو يوسف بين هذه المسألة والتي قبلها؛ لأن هذا غير مطلق العقد؛ لأن مطلق العقد يقتضي التساوي. 3089 - ومحمد يقول هذا تفسير لما تناوله العقد فهو كما لو قال: لك النصف وله النصف. فصل هبة الدين والإذن بقبضه 3090 - وإذا وهب دينًا على رجل وأذن له في قبضه جاز استحسانًا. والقياس أن لا يجوز. 3091 - لأنه حق مادام في الذمة فلا تجوز هبته كالمنافع. ووجه المذهب أن قبضه يقوم مقام قبض الواهب فيصير كأنه قبض ووهب.

فصل هبة دقيق في حنطة إلخ

فصل هبة دقيق في حنطة إلخ 3092 - وإن وهب دقيقًا في حنطة أو دهنًا في سمسم لم تجز الهبة، وإن طحن أو استخرج الدهن لأن الفساد في نفس المعقود عليه، ولهذا لا يجوز العقد عليه في غير الهبة. فصل العين في يد الموهوب له 3093 - وإذا كانت العين في يد الموهوب له ملكها ولا يحتاج إلى تجديد قبض استحسانًا، والقياس أن لا يجوز حتى يخلي بين نفسه وبين الهبة. 3094 - لأن القبض السابق يستدام حكمه، وهو موجود عقب العقد، وهذا في الوديعة وكل ما هو أمانة، وإن كان مضمونًا كالغصب صار قابضًا بنفس العقد. 3095 - وقد قالوا في الوديعة إذا باعها من المودع أن يحتاج إلى أن يمضي زمان يصير به قابضًا بأن يخلى بين نفسه وبينها؛ لأن يد المودع يد لمودعه. 3096 - وقالوا في العين المغصوبة تدخل في ضمانه بنفس العقد لأنه قبض مضمون فهو كالمقبوض لأجل البيع. فصل الرجوع في هبة تصدق بها الموهوب له 3097 - وإذا وهب الرجل ثوبًا أو عبدًا فجعله الموهوب له صدقة جاز للواهب الرجوع عند أبي حنيفة ومحمد. 3098 - وقال أبو يوسف لا يجوز له الرجوع لأنه زال ملكه بذلك واستحق عينه، وعند أبي حنيفة له أن يبدله بغيره فلم يلزم الحق فيه. فصل ما يفتقر إليه الرجوع في الهبة 3099 - والرجوع في الهبة يفتقر إلى قضاء أو رضاء، ولا يملك الرجوع بمجرد قوله.

فصل تكييف الرجوع في الهبة

3100 - خلاف ما قاله الشافعي أنه يملك؛ لأن هذا مختلف فيه فافتقر إلى حكم الحاكم كالفسوخ المختلف فيها. فصل تكييف الرجوع في الهبة 3101 - وهل ذلك تمليك مبتدأ أو فسخ العقد؟ فيه روايتان. 3102 - وفائدة ذلك إذا رجع في الهبة والموهوب له مريض، فإن كان بقضاء جاز وإن كان برضاء فهو بمنزلة هبة مبتدأه تعتبر من ثلثه، وتبطل إن كان عليه دين. 3103 - وفي الرواية الأخرى، وسواء بين القضاء والرضا. فصل هل يجمع بين الهبة والصدقة في مال بعينه؟ 3104 - رجل أعطى رجلاً دارًا على أن نصفها هبة ونصفها صدقة فهو جائز عند أبي حنيفة. 3105 - وقال زفر لا يجوز لأن الهبة والصدقة سواء في القبض. فصل تعلم العبد الموهوب زيادة تمنع الرجوع 3106 - واختلف في العبد إذا تعلم الخبز والكتابة أو القرآن هل يمنع الرجوع في الهبة أم لا؟ قال أبو يوسف يمنع الرجوع. 3107 - وقال زفر لا يمنع، ذكره في اختلاف زفر؛ لأن التعليم زيادة فيه فهو كما لو زاد في عينه.

فصل اختلافهما في الزيادة

فصل اختلافهما في الزيادة 3108 - وإذا اختلفا فقال الواهب وهبت العبد لك كبيرًا. وقال الموهوب له: وهبتني صغيرًا فكبر ومهزولاً فسمن فلا رجوع لك على ما فيه فالقول قول الواهب في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. 3109 - وقال زفر: القول قول الموهوب له. 3110 - واتفقوا أنهما لو اختلفا في الصبغ فقال الواهب وهبته مصبوغًا، وقال الموهوب له أنا صبغته إن القول قول الموهوب له لأن الصبغ زيادة غير حاضرة. فصل قبض الأب ووصية للصغير إلخ 3111 - ويقبض الأب لابنه الصغير من نفسه ومن غيره، وكذلك وصى الأب بعده والجد ووصيه، وسائر من له ولاية على الصبي. 3112 - ويجوز قبض الأم له إذا كان في حجرها. 3113 - ولا يجوز قبض من ليس في حجره وإن كان ذا رحم له محرماه. قبض الصغير لنفسه 3114 - وإن قبض الصبي لنفسه وهو يعقل جاز قبضه. 3115 - وإن قبض في حال حياة الأب جاز استحسانًا والقياس أن لا يجوز لأن عليه ولاية لغيره. فصل موانع الرجوع 3116 - ويمنع الرجوع: الزيادة المتصلة، والعوض وموت أحد المتعاقدين وخروج الشيء من ملك الموهوب له، وما يجري هذا المجرى.

فصل هبة اثنين لواحد وواحد لاثنين

فصل هبة اثنين لواحد وواحد لاثنين 3117 - وإذا وهب اثنان دارا لواحد جاز عند أصحابنا جميعًا. 3118 - وإن وهب الواحد لاثنين لم يجز عند أبي حنيفة، وجاز عندهما. فصل شرط العوض في الهبة 3119 - وإذا شرط العوض لم تبطل الهبة. 3120 - وفي أحد قولي الشافعي تبطل. 3121 - لأن كل عوض جاز من غير شرط جاز مع الشرط كالنكاح. فصل حمل أحكام الهبة بشرط العوض. 3122 - والهبة بشرط العوض عقدها عقد هبة وجوازها جواز البيع. 312 - وقال زفر تصير عقد بيع فيلزم العقد، ومتى استحق العوض رجع فيما وهب، وإن استحق بعضه لم يرجع لأن الباقي يجوز أن يكون عوضًا ابتداء إلا أن يرد ما بقي لأنه لم يسلم له العوض. وكذلك إن وجد به عيبًا. فصل اختلافهما في كونهما بعوض 3124 - واختلفوا فيه إذا قال الواهب وهبتك بعوض وقال الموهوب له وهبتني بغير عوض. فمنهم من قال القول قول الواهب، وهو المذهب عندنا لأنه لم يقر بخروج العين من ملكه إلى الموهوب له.

فصل الإبراء من الدين

3125 - ومنهم من قال القول قول الموهوب له لأن الواهب أقر بالهبة وادعى العوض والأصل عدمه. فصل الإبراء من الدين 3126 - ويصح إبراءه من الدين وإن لم يقبل الذي عليه. ومن أصحابنا من قال لا يفتقر إلى قبول ويبطل بالرد، وهذا قول أبي حنيفة وصاحبيه. ومنهم من قال يبطل بالرد ويفتقر إلى قبول كالبيع والنكاح، وهو قول زفر، والأول أصح لأنه إسقاط حق كالعتاق والطلاق. 3127 - ويصح في المجهول. 3128 - وقال الشافعي لا يصح في المجهول. 3129 - لأنه إسقاط حق فصح في المجهول كالطلاق والعتاق. فصل الصدقة بجميع ماله 3130 - وإذا قال الرجل جميع مالي صدقة، فإنه يتصدق بجميع ماله الذي يجب فيه الزكاة استحسانًا؛ لأن النذور محمولة على أصول الواجبات في أصل الشرع، والزكاة تجب في بعض المال دون بعض فكذلك هنا. 3131 - والقياس أن يتصدق بجميع ماله، وهو قول زفر لأن الجميع ماله، وقد دخل تحت لفظ الصدقة. فصل قوله ما أملك صدقة 3132 - ولو أنه قال: ما أملك صدقة، تصدق بجميع ماله، واتفق قولنا وقول زفر.

فصل لا عوض في الهبة لمن هو دونه

3133 - وذكر أبو الليث في خلافة لأصحابنا عن أبي يوسف أنه قال. إن قال: ما أملك تصدق بالكل كما قال زفر، وإن قال مالي صدقة تصدق بمال التجارة والسوائم. 3134 - وفي قول مالك يتصدق بثلث ماله. 3135 - وعن الشافعي يلزمه كفارة يمين، ولا يتصدق بشيء. فصل لا عوض في الهبة لمن هو دونه 3136 - وقال أصحاب الشافعي: إذا وهب لمن هو دونه لم يلزمه أن يثيبه بعوض لأن القصد الصلة، فلم تجب الزكاة. 3137 - وكذلك إن وهب النظير لم يجب العوض لأن المقصود المحبة وتأكيد الصداقة. 3138 - وإن وهب لمن هو أعلى منه ففيه قولان: قال في القديم يلزمه أن يثيبه بعوض لأن مقصود العقد التماس العوض فصار العرف كالمشروط. وقال في الجديد لا يجب لأنه تمليك بغير عوض فأشبه النظير وهذا قولنا، وهو الصحيح. 3139 - وكتاب الهبة من الكتب الكبار لأصحابنا وفيه مسائل مشكلة وفروع مختلفة ومسائل من الدور، وذكر ما فيه فلا يمكن، وفي الذي ذكرت أصول وبعض الفروع، والواقع من المسائل. وإذ قد ذكرنا هبة الأعيان وكانت العارية هبة المنافع وجب ذكرها.

كتاب العارية

كتاب العارية وهذا كتاب العارية. العارية قربة 3140 - العارية قربة مندوب إليها. تعريف 3141 - وهي عقد على المنافع بغير بدل يحصل للمالك إلا الشكر والثواب. أساسها في السنة 3142 - وقد استعار النبي صلى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية درعًا وقال عليه السلام: العارية مردودة. وقال له صفوان: أغصب يا محمد! فقال: بل عارية مؤداة. وروي مضمونة ومؤداة. أساسها من الإجماع 3143 - وهو إجماع من العلماء لا يختلفون في جوازها. هل للمستعير أن يعير 3144 - وإذا أطلق العارية فللمستغير أن يعيرها لغيره؛ لأن إطلاقه يقتضي الرضا بالاستعمال. 3145 - وأن عين المستعمل وخصه فله أن يعير لمن لا يختلف الاستعمال.

3146 - ولأصحاب الشافعي في ذلك وجهان في الجواز. أحدهما مثل قولنا. والثاني لا يجوز؛ لأنه مستعير فلا يعيرها كما لو عين ولم يطلق. 3147 - وقال أصحابنا قد ملكه المنافع فجاز أن يستوفيها بغيره كالرضا له بالمنفعة. العارية لا تؤجر 3148 - ولا يجوز له أن يؤجرها لأن الإجارة عقد لازم فلا تصح في العارية لأنها لا تلزم، ويصح للمعير الرجوع عنها فتبطل الإجارة. الاستيفاء بنفسه 3149 - وقد يجوز أن يستوفي بنفسه، ولا يؤجرها لغيره، كما أن الطعام إذا قدم لرجل جاز له الأكل ولا يجوز له البيع. تمليك أم إباحة 3150 - واختلف أصحابنا هل هي تمليك للمنافع أو إباحة للتصرف؟ فحكى عن الكرخي رحمه الله أنها إباحة وعن الرازي أنها تمليك. 3151 - ولو ملكت جاز أخذ العوض عنها كهبة العين. ما يعار 3152 - وكل عين لها منفعة تبقى العين بعد الاستيفاء فعاريتها جائزة، كالحيوانات والرقيق والداوب والعقار والدور والضياع وآلات الصناع ومتاع البيت.

3153 - وما لا منفعة له من الأعيان فلا تجوز عاريته لأنه لا منفعة فيه، والعارية إنما هي إباحة المنافع. ما يعد قرضًا لا عارية 3154 - وإن استعار دراهم أو دنانير أو مكيلاً أو موزونًا وأطلق العارية فإن ذلك قرض؛ لأن المنفعة لا تمكن بغير ذلك ولا يمكن إلا بالاتفاق، وقد ذكر لفظ يقتضي الرجوع فصار كأنه صرح بلفظ القرض. التقيد بقول المعير 3155 - وإن قال: تعير بها المكيال أو الميزان أو تتجمل بهما أو تزين الدكان فليس له إنفاقها ولا التصرف فيها إلا بما قال لأنه حجر عليه ومنعه من التصرف. العارية أمانة 3156 - وهي عندنا أمانة غير مضمونة. شرط الضمان 3157 - وإن شرط الضمان: فمن أصحابنا من قال تصير مضمونة. وحكاه الشافعي عن محمد بن الحسن. 3158 - وقال غيره ليست بمضمونة، وإن شرط الضمان. 3159 - وقال الشافعي: هي مضمونة في جميع الأحوال. 3160 - لأنه قبضها بلا إذن مالكها لا على وجه الوثيقة والبدل كالوديعة. 3161 - وقد قالوا: لو تلفت بالاستعمال إلا جزاءًا لم يضمن. كيفية الضمان واختلف أصحاب الشافعي في كيفية الضمان فمنهم من قال: يضمن عند الهلاك، وهو الصحيح.

فصل ولد المستعار

ومنهم من قال أعلا ما كانت قيمتها كالمغصوب هذا إذا كانت من ذوات القيم. فإن كانت من ذوات الأمثال- وقالوا فيما لا مثل له إنه يضمن بأكثر ما كانت قيمته- لزمه مثلها. وإن قالوا إنه يضمن قيمته يوم التلف ضمنها بقيمتها. فصل ولد المستعار 3162 - واختلف في ولد المستعار: فمنهم من قال هو مضمون لأن الأصل مضمون كالغصب. ومنهم من قال لا يضمن لأنه لم يدخل في الإعارة. 3163 - وعندنا لا يضمن لأنه حدث بغير فعله وتلف بغير فعله من غير مطالبة من له الحق كولد الوديعة. فصل ضمان العارية بالتعدي 3164 - واتفق الفريقان أن العارية تضمن بالتعدي فيها كما تضمن الوديعة. 3165 - وتضمن بالجحود؛ لأن ذلك تضمن به سائر الأمانات، فكذلك العارية. فصل ضمان مستعير المغصوب 3166 - ومن غصب عينًا فأعارها والمستعير لا يعلم فتلفت في يده فضمن المالك المستعير فليس له أن يرجع على الغاصب. 3167 - وهو قول الشافعي، وسمعت شيخنا قاضي القضاة رحمه الله يحكي في الدروس أنه يرجع على الغاصب في رواية، وسواء بينه وبين المودع للغاصب

فصل الرجوع في العارية

إذا ضمن، والصحيح أنه لا يرجع، وهذا في ضمان العين. ضمان أجرة المنافع 3168 - وقال أصحاب الشافعي: فإن ضمنه أجرة المنفعة فهل يرجع على الغاصب؟ قولان على القولين فيمن غصب طعامًا وقدمه إلى مالكه أحدهما يرجع لأنه غيره والثاني لا يرجع لأن المنافع تلفت تحت يده. فصل الرجوع في العارية 3169 - ويجوز للمعير أن يرجع في العارية بعد القبض. 3170 - وللمستعير أن يرد لأن ذلك إباحة فجاز لكل واحد منهما رده كإباحة الطعام، وهذا لا خلاف فيه. فصل مؤونة الرد 3171 - وإذا فسخ العقد وجب مؤونه الرد على المستعير لقوله عليه السلام. عارية مؤداة. ولأنه يجب الرد عليه كالمغصوب إذا طلبه فصل متى يبرأ بالرد من الضمان 3172 - وإذا ردها إلى المعير أو وكيله أو الدابة إلى اصطبلها والعين إلى دار مالكها أو سلمها إلى أحد من عياله ومن جرت العادة بحفظ ماله برئ من الضمان. 3173 - وقال الشافعي لا يبرأ حتى يرد على المالك ووكيله؛ لأن هذا حكم العادة في العواري.

فصل استيفاء المنفعة بنفسه وبوكيله

3174 - وقد فرق أصحابنا بين ذلك وبين من استعار الحلي والجوهر فقالوا فيه ما قال الشافعي لأن العادة ألا ترد إلى الدار. 3175 - وقالوا في الوديعة لو ردها إلى داره لم يبرأ من الضمان؛ لأن المودع لم يرض بمن في داره لحفظها فصار مفرطًا. فصل استيفاء المنفعة بنفسه وبوكيله 3176 - ومن استعار عينًا فله أن يستوفي منفعتها بنفسه وبوكيله لأن يده قائمة مقام يد المستعير. التوقيت والإطلاق 3177 - وتجوز الإعارة مطلقة ومؤقتة. 3178 - ولا يجوز في الإجارة الإطلاق. 3179 - لأنه إباحة فجاز مطلقًا ومعينًا كإباحة الطعام. فصل ما لمستعير الأرض 3180 - وإذا قال: أعرتك هذه الأرض لتنتفع بها جاز له أن يزرع ويغرس لأن الإذن عام مطلق. فصل ما يجوز عند تعيين الانتفاع 3181 - وأن عين له ما يفعل، جاز له فعله وفعل ما هو أقل ضررًا منه، كما قلنا في الإجارة. والغرس أكثر ضررًا من الزرع، والبناء أكثر من الغرس.

فصل رجوع من أذن بالبناء والغرس

فصل رجوع من أذن بالبناء والغرس 3182 - وإذا أذن له في الغرس والبناء فبنى أو غرس فله أن يرجع، ويكلفه القطع بغير ضمان؛ لأن هذا مقتضى العارية. 3183 - وإن وقت العارية، فله المطالبة بالقلع بعد المدة بغير ضمان، وفي المدة يضمن. 3184 - وقال زفر لا ضمان عليه وقت أو لم يوقت. 3185 - وقال ابن أبي ليلى عليه الضمان وقت أو أطلق. 3186 - وقال الشافعي ليس له ذلك إلا بشرط الضمان. 3187 - لأنه عندنا غير مغرور فلا يجب الضمان. فصل اشتراط القلع 3188 - واتفق الفريقان على أنه إذا شرط عليه القلع أنه يقلع بغير ضمان لقوله عليه السلام: المؤمنون عند شروطهم. 3189 - فإن كان يضر بالأرض فللمالك أن يعطيه قيمة ذلك مقلوعًا عندنا ويملك الغرس والبناء. 3190 - وقال الشافعي: لا يلزمه تسوية الأرض لأنه لما شرط القلع فقد رضي بما يحصل بالقلع من الحفر، ولأنه مأذون فيه فلا يلزم الضمان. فصل نقصان قيمة الغرس 3191 - وقال: إن نقصت قيمة الغرس ولم يكن اشتراط القلع فإن اختار المستعير القلع كان له ذلك لأنه ملكه فملك نقله، فإذا قلعه فهل يلزمه تسوية الأرض؟ فيه وجهان:

فصل دخول المعير في الأرض

أحدهما لا يلزمه لأنه رضى لما علم بما يؤول إليه القلع، والثاني يلزمه لأن القلع باختياره لأنه لو امتنع لم يجبر عليه فلزمه تسوية الأرض، ويجبر المستعير على القلع إذا ضمن نقض ذلك القلع. فصل دخول المعير في الأرض 3192 - قالوا- أعني أصحاب الشافعي- وإذا أقررنا الغراس في ملكه فأراد المعير أن يدخل إلى الأرض ليتفرج أو ليستظل بالغرس لم يكن للمستعير منعه؛ لأن الذي استحق المستعير مواضع الغرس، فأما البياض فلا حق له فيه فجاز للمالك التصرف فيه. 3193 - وإذا أراد المستعير دخولها نظرت: فإن كان للفرجة لم يجز لأنه قد رجع في الإعارة فلا يجوز دخولها من غير إذن، وإن كان لإصلاح الغرس أو أخذ الثمرة ففيه وجهان: أحدهما لا يملك لأن حقه إقرار الغرس والبناء دون ما سواه. والثاني أنه يملك، قالوا وهو الصحيح؛ لأن الإذن في الغرس إذن فيما يعود بصلاحه وأخذ ثماره. فصل 3194 - قالوا: وإن أراد المعير بيع الأرض جاز لأنه لا حق فيها لغيره فجاز بيعه. 3195 - وإن أراد المستعير بيع الغرس من غير المعير ففيه وجهان: أحدهما يجوز لأنه ملك له لا حق لغيره فيه. والثاني لا يجوز لأن ملكه غير مستقر لأن للمعير أن يبذل له القيمة ويقلعه أو يأخذهما لنفسه. 3196 - قالوا: والأول أصح لأنه بمنزلة الشخص المشفوع.

فصل هل التفريط شرط في المسؤولية؟

فصل هل التفريط شرط في المسؤولية؟ 3197 - وقالوا: وإن حمل السيل طعام رجل إلى أرض آخر فنبت فيها فهل يجبر صاحب الطعام على قلعه؟ فيه وجهان أحدهما لا يجبر لأنه غير مفرط في إنباته. والثاني يجبر وهو الصحيح. وهو قياس قولنا. لأنه أشغل ملك غيره بملكه من غير إذن فأجبر على إزالته كما لو انتشر شجره في دار غيره. فصل اختلافهما حول دابة أمعارة هي أم مستأجرة؟ 3198 - وإذا ركب دابة غيره ثم اختلفا فقال المالك أكريتكها على الأجرة. وقال الراكب بل أعرتنيها فلا أجرة لك فالقول قول الراكب. 3199 - وهو قول الشافعي في كتاب العارية. 3200 - وقال أصحابه: أنه قال في كتاب المزارعة أن المزارع إذا ادعى العارية والمالك الإجارة إن القول قول المالك. فمن أصحابه من حمل كل مسألة على ظاهرها. ومن أصحابه من نقل جواب كل مسألة إلى أخرى وجعلها على قولين. 3201 - لأن المنافع عندنا لا تقوم بغير عقد، والأصل براءة الذمة وفراغ الساحة ولم يوجد ما يستحق الأجرة، وإذا جعلوا القول قول المالك حلف واستحق الأجرة.

فصل قدر الأجرة

فصل قدر الأجرة 3202 - وفي قدر الأجرة وجهان: أحدهما يجب المسمى لأنه قبل قوله فيها وحلف عليها. والثاني تجب أجرة المثل وهو الصحيح. 3203 - قالوا وإن نكل عن اليمين لم ترد على المتصرف لأن اليمين إنما ترد ليستحق بها حق، والمتصرف لا يدعي حقًا فلم ترد عليه. 3204 - قالوا: فإن قلنا إن القول قول المتصرف حلف وبرئ من الأجرة، فإن نكل ردت اليمين على المالك، فإذا حلف استحق المسمى وجهًا واحدًا لأن يمينه بعد النكول كالبينة في أحد القولين وكالإقرار في الآخر، وأيهما كان وجب المسمى. فصل تلف الدابة بعد الركوب 3205 - وإن تلفت الدابة بعد الركوب ثم اختلفا: فمن جعل القول قول المالك حكم بالأجرة. ومن جعل القول قول الراكب فمنهم من حكم عليه بأقل الأمرين من الأجرة والقيمة لاتفاقهما على استحقاقه، ومنهم من قال لا يلزمه شيء لأنه لا يدعي القيمة والأجرة لا تستحق عليه. فصل ادعاء المالك الغصب والمتصرف العارية 3206 - وإذا قال المالك غصبتها فعليك الأجرة وقال المتصرف بل أعرتنيها فلا أجرة على، فإن المزني نقل عن الشافعي أن القول قول المستعير، ومن أصحابه من قال المسألة على طريقين: أحدهما الفرق بين الأرض والدابة ومنهم من قال الجمع على قولين: لأن الخلاف في وجوب الأجرة.

فصل خلافهما بعد الهلاك

فصل خلافهما بعد الهلاك 3207 - فإن كان الخلاف بعد الهلاك فالقول قول المالك لأنه لم يقر بما يوجب سقوط حقه والراكب يدعي عقدًا يسقط الضمان فلا يقبل قوله. فصل 3208 - وإن اختلفا فقال المالك أعرتك وقال الراكب بل أجرتنيها فالقول قول المالك لأنهما اتفقا أن الملك له واختلفا في صفة الانتقال فكان القول قول المالك، ولا فرق بين أن تكون باقية أو هالكة عندنا. 3209 - وقال أصحاب الشافعي إن كانت العين قد تلفت نظرت فإن لم تعين مدة لمثلها أجرة فإن المالك يدعي القيمة والراكب يقر بأجرة، فإن كانت القيمة أكبر من الإجرة لم يستحق حتى يحلف. 3210 - وإن كانت القيمة مثل الأجرة أو أقل منها ففيه وجهان أحدهما يستحق من غير يمين لأنهما اتفقا على الاستحقاق، والثاني لا يستحق من غير يمين لأنه أسقط من الأجرة، وهو يدعي القيمة بحكم العارية والراكب ينكر فلم يستحق من غير يمين. فصل ادعاء المالك الغصيب والراكب الإجارة 3211 - وإذا قال المالك: غصبتها. وقال الراكب بل أجرتنيها فالقول قول المالك لأن الأصل عدم الإجارة، فإن كانت موجودة ردها ولا شيء عليه وإن كانت تالفة غرم القيمة. 3212 - وفي هذا الكتاب مسائل كثيرة، وفي الذي ذكرت أصوله وبعض الفروع. ولما كان إحياء الموات يملك بغير عوض، وكان ذلك يفتقر إلى إذن الإمام ولا يفتقر إلى إذن أحد صار في معنى التبرع فوجب أن يذكر ههنا.

كتاب إحياء الأموات - كتاب إحياء الموات

كتاب إحياء الأموات! وهذا كتاب إحياء الأموات! 3213 - اعلم أن الموات كل أرض بطل الانتفاع بها إما لعدم الماء وخراب الأنهار أو لكثرة الماء كالبطائح والصروات. تحديد معنى الإحياء 3214 - والإحياء هو أن يجعلها منتفعًا بها. 3215 - وحقيقته فيما كان عامرًا فخراب؛ لأنه يبطل الانتفاع به كما يبطل الانتفاع بالحيوان إذا مات، غير أن موت الحيوان يبطل ملك المالك عنه، وخراب الأرض لا يزيل ملك المالك عنها. فصل ما لا يجوز إحياؤه لغير مالكه 3216 - وكل أرض لها مالك معين من المسلمين أو أهل الذمة أو موقوفة على بعض فإنه لا يجوز إحياؤها لغير مالكها بلا اختلاف. فصل ما يجوز إحياؤه 3217 - وما لا يعرف له مالك معين، وإن كان عليه أثر العمارة فإنه يجوز إحياؤه لقوله عليه السلام: - "من أحيا أرضًا ميتة فهي له".

فصل ما قرب من العامر

3218 - وقال أصحاب الشافعي: الإحياء على ثلاثة أوجه: 3219 - منها ما باد ولم يعرف مالكه كالحرز العادي، فإنه يجوز إحياؤه لقوله: - "عادي الأرض لله ولرسوله ثم لكم من بعد". رواه طاووس. 3220 - وهذا قولنا. 3221 - فإن كان في دار الإسلام فهو كاللقطة وإن كان في دار الحرب فهو كالركاز. 3222 - والوجه الثاني انه لا يملك بالإحياء لأنه إن كان في دار الإسلام فهو لمسلم، أو ذمي، أو لبيت المال فلا يجوز إحياؤه. وإن كان في دار الحرب جاز أن يكون لكافر إذا لم تبلغه الدعوة فلا يحل ماله بالإحياء. 3223 - والثالث أنه إن كان في دار الإسلام لم يملك وإن كان في دار الحرب ملك. 3224 - وعندنا الجميع سواء إذا عدم المالك نظر الإمام في ذلك نظر المصالح. فصل ما قرب من العامر 3225 - وما قرب من العامر فليس بموات وما بعد فهو موات. 3226 - وحده أبو يوسف أنه الذي إذا وقف على طرف العامر ونادى بأعلى صوته لم يسمع، جاز إحياؤه. 3227 - وقال الشافعي: ما يحتاج إليه لمصلحة العامر من المرافق كحريم البئر وفناء الدار والطريق وميل الماء لا يجوز إحياؤه لأنه تابع للعامر، وكذلك ما بين العامر من الرحاب والشوارع ومقاعد الأسواق لا يجوز تملك بالإحياء.

فصل الإحياء سبب للتمليك

3228 - لأنه من العامر فليس بموات، وما عدا ذلك فليس لأحد فيه حق فجاز أن يملك. فصل الإحياء سبب للتمليك 3229 - والإحياء سبب للتمليك يصح من كل من يجوز أن يملك المال لأنه فعل يملك فيه كالاصطياد. 3230 - ولا فرق عندنا بين المسلم والذمي والحر والعبد والمأذون له والمكاتب. 3231 - وقال الشافعي: لا يجوز للإمام أن يأذن لذمي في الإحياء. 3232 - لأنه يملك الأرض بالبيع والهبة فملك بالإحياء كالمسلم؛ ولأنه يتعلق به حق لكافة المسلمين. وقوله عليه السلام: ثم هي لكم مني خطاب لمن حضره فيدخل فيه المسلم والذمي؛ لأن حكمه حكم بيت المال. فصل إذن الإمام 3233 - وقال أبو حنيفة لابد من إذن الإمام في الإحياء ليقع الملك.

فصل ماهية الإحياء

3234 - وقال أبو يوسف ومحمد يجوز بغير إذن الإمام. 3235 - وهو قول الشافعي؛ لأنه مال وصل إلينا. 3236 - لأنه مال وصل إلينا بزوال يد أهل الشرك فلا يجوز لأحد أن ينفرد به بغير إذن الإمام كالغنيمة ومال بيت المال. فصل ماهية الإحياء 3237 - والإحياء أن يعمر الأرض ويعرضها للانتفاع، ويرجع في ذلك إلى العرف. فإن كان يريد السكنى بنى سور الدار أو حجر إن جرت العادة به، وإن كان للزراعة حرث وكرب وساق الماء وحفر البئر والعين وما يقرب من الانتفاع. فصل ما يترتب على الإحياء 328 - وإذا أحيا الأرض ملكها وما فيها من المعادن كالبلور والفيروزج والحديد والرصاص لأنه من أجزاء الأرض فملكه بالإحياء كما يملك بالشراء وكما يملك الماء والعين فيها. 3239 - ومن أصحاب الشافعي من قال: لا يملك إلا الماء وما ينبع منها. فصل استثناء الكلأ 3240 - ولا يملك ما نبت فيها من الكلأ وما لا ينبته الناس.

فصل حريم العين وما إليه

3241 - وقال بعض أصحاب الشافعي يملك. 3242 - لأنه عليه السلام قال: لا حمى في الأراك. وقال: الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار. 3243 - ولا خلاف أنه لو فرخ الطير في الشجر لم يملكه. ولو ولد في أرضه ظبي لم يملكه كذلك ما ذكرناه. فصل حريم العين وما إليه 3244 - ويملك حريم العين فيما يحتاج إليه من الفناء، وفناء البئر للعطن أربعون ذراعًا وللزرع في قول أبي يوسف ومحمد ستون ذراعًا وحريم البئر خمسمائة ذراع في رواية الطحاوي وثلثمائة في رواية القدوري في المختصر إلا أن يتجاوز الحبل فيكون له منها [منتهى] الحبل في البئر. فصل تصرف المحيي فيما أحياه 3245 - ومن ملك درًا بإحياء أو شراء فجعل داره مقصرة أو مدبغة لم يكن للآخر منعه لأنه تصرف في ملكه. فصل ما يمنع منه المحيي من التصرفات 3246 - وإن طرح في أصل حائطه سرجينًا منع لأنه يضر بالحائط. 3247 - وإن حفر جبًا في أصل حائطه لم يمنع منه لأنه تصرف في ملكه.

فصل حفر الآخر بئرا

3248 - وقال بعضهم يمنع لأنه يضر بالحاجر الذي بينهما في الأرض. فصل حفر الآخر بئرًا 3249 - وإن ملك بئرًا بالإحياء فجاء آخر وحفر بئرًا ناحية على حريمه فنقص ماء الأولى لم يمنع منه لأنه تصرف في ملكه ولا حق لغيره فيه. فصل المحجر أحق بما تحجر 3250 - وإن تحجر مواتًا بإذن الإمام أو بغير إذنه عند من أجاز ذلك، وهو أن يشرع في إحيائه ولم يتم فهو أحق به من غيره لقوله عليه السلام: - من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به. فصل تصرفات المحيي بما أحياه 3251 - ويورث ما ملك بالإحياء، ويباع ويوهب ويتصرف فيه بسائر التصرف بالإملاك لأنه ملك بسبب صحيح. فصل المعدن الظاهر في الموات 3252 - من سبق في الموات إلى معدن طاهر لا يحتاج إلى مؤونة كالماء والقار والملح والنوشادر والياقوت والرخام والبرام، والكحل فهو أحق به لأنه سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد. فصل إذا طالت مدة التحجر 3253 - واختلف فيه إذا أطال المقام هل يمنع أم لا؟ فمنهم من قال يمنع

فصل تدخل الإمام

لأنه يضر تحجيره، ومنهم من قال لا يمنع لأنه لم يسبق إليه أحد. فصل تدخل الإمام 3254 - وللإمام أن يخص بالمكان إذا تشاحنا فيه أحدهما. فصل معدن الذهب والفضة وما يطبع 3255 - واختلف في معدن الذهب والفضة وما يطبع هل يملك بالإحياء أم لا؟ 3256 - فمنهم من قال يملك، وهو قولنا ومنهم من قال لا يملك. 3257 - لأنه تصرف بإذن الإمام فكان كمال بيت المال. فصل الارتفاق فيما بين العامر 3258 - ويجوز الارتقاق فيما بين العامر من الشوارع والطرقات والرحاب الواسعة بالقعود للبيع والشراء، لإتفاق أهل الأمصار في جميع الأعصار على ذلك من غير نكير؛ ولأنه لا ضرر على أحد في ذلك، وله أن يظل بما لا يضر بالمارة من ثوب وبارية لأنه مباح للحاجة. فصل 3259 - وإذا قام وترك المتاع لم يكن لغيره فيه حق مادام متاعه، ولغيره إن يقعد إذا قام لأن حقه سقط بقيامه.

فصل إطالة المقام

فصل إطالة المقام 3260 - وهل أن يطيل المقام؟ فيه خلاف: فإن تشاح فيه إثنان فمنهم من قال: يقرع بينهما، ومنهم من قال يخص الإمام من شاء منهما. فصل للإمام أن يحمي ويقطع 3261 - ويجوز للإمام أن يحمي أو يقطع الموات إلا ما يضر بكافة المسلمين ويتعلق بمصالح العامة، كالآبار التي يشربون منها، والملح الذي يمتارون منه والكلاء. ويجوز أن يحمي لإبل الصدقة وخيل المجاهدين. فصل ما أقطعه النبي 3262 - أما جواز الإقطاع فقد أقطع النبي عليه السلام لوائل أرضًا وأرسل معه معاوية، وأقطع الزبير حضر فرسه فأجرى فرسه حتى قام ورمى بسوطه فقال: أعطوه حيث وقع السوط. فصل إقطاع الخلفاء 3263 - وأقطع أبو بكر وأقطع عمر وكذلك عثمان وعلي، وهو فعل أئمة العدل وولاة الجور في سائر الأزمان، بل فعل الخوارج والملوك من غير نكير يظهر على فاعله وطالبه ولو عدد بأمر من أقطع أو اقتطع لطال الكتاب.

فصل مقدار ما يجوز إقطاعه

فصل مقدار ما يجوز إقطاعه 3264 - وينبغي أن لا يقطع أحدًا إلا مما يتمكن من عمارته وأحيائه؛ لأنه إذا أعطاه أكثر من ذلك دخل الضرر على المسلمين من غير فائدة. المعادن الظاهرة 3265 - ولا تقطع المعادن الظاهرة، لما روى أبيض بن حمال أنه استقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم ملح مأرب فأقطعه ثم إن الأقرع بن حابس قال: - يا رسول الله، إني قد وردت الملح في الجاهلية، وهو بأرض ليس بها ملح. ومن ورده أخذه وهو مثل الماء العد بأرض فاستقال أبيض فقال أبيض قد

فصل المعادن الباطنة

أقلته فيه على أن يجعله صدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو منك صدقة، وهو مثل الماء العد من ورده أخذه. فصل المعادن الباطنة 3266 - واختلف أصحاب الشافعي في المعادن الباطنة فمنهم من قال إن قلنا الملك بالإحياء جاز إقطاعها لأنه موات يجوز أن يملك بالإحياء، وإن قلنا: لا يملك بالإحياء فهل يجوز إقطاعه؟ فيه قولان: أحدهما يجوز لأن الانتفاع به يفتقر إلى المؤن كموات الأرض، والثاني لا يجوز لأنه معدن لا يملك بالإحياء فلم يجز إقطاعه ويرعى ما فيه من الكلأ لما روى الصعب بن جثامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: - لا حمى إلا لله ورسوله. فصل 3267 - فالرسول صلى الله عليه وسلم له أن يحمي لنفسه وللمسلمين، فأما نفسه فما حمى لها، ولكنه حمى للمسلمين لأنه حمى البقيع لخيل المسلمين. فصل 3268 - وأما الأئمة فلا تحمي لنفسها ولهم أن يحموا لخيل المجاهدين ونعم الصدقة والجزية وماشية من يضعف عن الإبعاد في طلب النجعة. 3269 - وللشافعي قولان: أحدهما [مثل] قولنا والثاني لا يجوز.

معارضة أعرابي في الإحياء 3270 - وقد روى عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: أتى أعرابي من أهل نجد عمر فقال: يا أمير المؤمنين: بلادنا قاتلنا عليها في الجاهلية وأسلمنا عليها في الإسلام فعلى ما تحييها. فأطرق عمر رحمه الله وجعل يفتل شاربه، وكان إذا كره أمرًا فتل شاربه ونفخ. فلما رأى الأعرابي ما به جعل يردد ذلك فقال عمر: المال مال الله والعباد عباد الله، ولولا ما أحمل عليه في سبيل الله ما حميت من الأرض شبرًا في شبر. 3271 - قال مالك رحمه الله: نبئت أنه رحمه الله كان يحمل في كل عام أربعين ألفًا من الظهر وقال مرة من الخيل. عامل الحمي 3272 - وروى زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر رضي الله عنه استعمل مولى له يدعى هنيًا على الحمى. وقال: يا هنى، اضمم جناحك عن الناس واتق دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مجابة، وأدخل رب الصريمة والغنيمة وإياك ونعم ابن عوف ونعم ابن عفان فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى شيء من زرع، ويحك إن رب الصريمة ورب الغنيمة أن تهلك ماشيته يأتيني فيقول: يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين افتاركهم لا أبالك. فالماء والكلأ أيسر عندي من الذهب والورق، والذي نفسي بيده، لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرًا.

فصل مصير ما حماه الرسول (ص)

فصل مصير ما حماه الرسول (ص) 3273 - وما حماه النبي عليه السلام من الأرض لحاجة وهي باقية لم يجز إحياؤها وإن زالت الحاجة فمنهم من قال يجوز لأن السبب زال، ومنهم من قال لا يجوز لأن ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم نص فلا يجوز نقضه بالاجتهاد. مصير ما حماه الإمام 3274 - وفيما حماه الإمام خلاف هل لمن بعده أن ينقضه أم لا؟ فصل أقصى مدة للتحجير 3275 - ومن أقطعه الإمام مواتًا فعمره فيما بينه وبين ثلاث سنين ملكه وإن جازت ثلاث سنين لم يملكه وعاد إلى حكم الموات؛ لأن عمر قال لبلال بن الحرث إنما أقطعك النبي عليه السلام العقيق لتعمره لا لتحجبه ثم انتزعه منه ورده إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روي أنه قال: لا حق لمحتجر فوق ثلاث سنين؛ ولأن القصد عمارة الدار ونفع المسلمين بما يؤخذ من الأرض من الحق. فصل خراجية أم عشرية؟ 3276 - وإذا تم الملك بالإحياء فإن شربت الأرض بماء السماء فهي أرض عشر وإن ساق الماء من أنهار المسلمين التي حفروها أو سقاها بماء المطر

فصل بيع أرض الخراج

أو ساق إليها الماء من بعض الأودية التي هي خلقة في الأرض لم ينبشها الكفار نحو دجلة والفرات فإن أبا يوسف يعتبر حال الأرض التي تحي والأرض التي فيها هذه الأنهار العظام فإن كانت في حيز أرض الخراج حكم بأنها خراجية، وإن كانت في أرض العشر جعلها عشرية. 3277 - وقال محمد تكون عشرية وإن كانت في حيز الخراج ومسقيه من الأنهار التي في أرض الخراج. 3278 - واتفقوا أنه إذا ساق إليها الماء من نهر كان في يد الكفار والأعاجم هم خضروه وأنشاؤه كنهر الملك ونهر الرفيل وما جرى مجراهما من الأنهار فإن الأرض تكون أرض خراج لأن هذه إنما وصلت إلينا بالغلبة وظهورنا عليها فتعلق حق الكافة بها، وحق الكافة في الخراج دون العشر فيجب أن يوضع الخراج عليها. فصل بيع أرض الخراج 3279 - وأرض الخراج يجوز بيعها عندنا وتجري في المواريث، وهي أرض العراق. 3280 - وقال الشافعي نفسه لا أدري ما صنع عمر رضي الله عنه في أرض السواد. 3281 - واختلف أصحابه في تفصيل مذهبه فمنهم من قال باعها والخراج

فصل حكم المياه

ثمن، ومنهم من قال بل رقبها والخراج أجرة، ولهم تفصيل طويل. 3282 - والأصل فيه هو ما ذكرناه، والصحيح عندنا أنها مملوكة يجري فيها البيع لاتفاق العلماء في سائر الأعصار على جواز فعل ذلك. فصل حكم المياه 3283 - والمياه عندنا على أصل الإباحة لا تملك إلا بالأخذ، ولا فرق عندنا بين ما ينبع في ملك لرجل معين أو أحد من الأودية العظام. 3284 - وقال أصحاب الشافعي: كل ما ينبع في أرض مملوكة فصاحب الأرض أحق به لأنه يملكه. 3285 - ومن أصحابه من قال لا يملكه وإنما لا يجوز لغيره أن يدخل ملكه وكان هو أحق به. 3276 - والخلاف في كلأ نبت في الأرض مثل ذلك. 3287 - وعلى صاحب الأرض بذل الماء للشرب وللحيوان، ولا يجب للزرع ولمن احتاج إليه الدخول إلى أرضه وأخذه، لقوله عليه السلام: الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار. 3288 - وقال أبو عبيد بن حرب لا يلزمه بذله كما لا يلزمه بذل الكلأ للماشية وبذل الدلو والحبل، وهذا لا يصح لأنه عليه السلام نهى عن بيع فضل الماء، وقال عليه السلام: - من منع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ منعته الله تعالى فضل رحمته. 3289 - ولا يلزمه بذله للزرع لأنه لا حرمة له في نفسه، والحيوان له حرمة في نفسه، ولهذا لو كان الزرع له لم يلزمه سقيه، والماشية لو كانت له لزمه سقيها، وهذا كله إذا كان للماء فضل، فإن كان لا يفضل عن صاحبه ويستضر ببذله كان أحق به. فصل 3290 - ولا يجوز بيع ماء في البئر ولا في النهر.

3291 - ومن أصحاب الشافعي من أجازه لأنه غير مملوك للبائع، ومن أخذه ملكه فلا يجوز بيعه كالصيد. فصل 3292 - وإذا كان نهرًا صغيرًا لا يمكن سقي الأرض منه إلا بحبسه، فإن كانت الأرض مستوية بدأ من سقيه أول النهر فحبس الماء حتى يسقي أرضه إلى أن يبلغ إلى الكعب ثم يرسله إلى من يليه، وعلى هذا إلى أن ينتهي آخر الأراضي لما رواه عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في شرب من سيل أن للأعلى أن يشرب قبل الأسفل ويجعل الماء إلى الكعب ثم يرسله إلى أسفل الذي يليه كذلك حتى تنتهي الأرضون وما روي أن الزبير ورجلاً من الأنصار

فصل السقي بالمهايأة

تنازعا في شراج يسقي بها الأرض فقال الأنصاري للزبير: سرح الماء. فأبى الزبير فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للزبير اسق أرضك ثم أرسل الماء إلى جارك. فقال الأنصاري: - إن كان ابن عمتك يا رسول الله. فتلون وجه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا زبير اسق أرضك واحبس الماء حتى يبلغ الجدر. فصل 3293 - وإن كانت الأرض بعضها أعلى من بعض ولا يقف الماء في الأرض العالية إلى الكعب حتى يقف في الأرض المستغلة إلى الوسط سقي المستغلة حتى يبلغ الماء إلى الكعب ثم يسدها ويسقي العالية حتى يبلغ الكعب. فصل 3294 - وليس لمن شق نهرًا أو حفر بئرًا أن يجيء غيره فيأخذ ماءه بغير إذنه لأنه من مرافق ما أحياه. فصل 3295 - وإذا اشترك جماعة في استنباط عين أو حفر نهر على أن يشتركوا في الماء، فإن دخلوا على أن يتساووا في الماء تساوو في الإنفاق، وإن دخلوا على التفاضل تفاضلوا في الإنفاق، ويكون الماء بينهم على قدر النفقة لأنهم استفادوا ذلك بالإنفاق فكان حقهم على قدر المؤونة. فصل السقي بالمهايأة 3296 - فإن أرادوا سقي أرضهم بالمهأياة يومًا ويومًا، جاز، وإن أرادوا قسمة الماء نصبوا خشبة مستوية قبل الأرض ويفتح فيها كل على قدر حقوقهم فتخرج حصة كل واحد منهم إلى أرضه.

فصل أخذ الماء قبل القسمة

فصل أخذ الماء قبل القسمة 3297 - وإن أراد أحدهم أن يأخذ حقه من الماء قبل القسمة من ساقيه يحفرها إلى أرضه منع من ذلك؛ لأن حريم النهر مشترك فلا يجوز لواحد منهم أن يحفر فيه. فصل نصب رحى قبل القسمة 3298 - وإن أراد أحد أن ينصب رحى قبل القسم وهي لا تضر ويديرها بالماء منع لأنه يتصرف في حريم مشترك وحق مشترك. فصل سقي أرض أخرى 3299 - وإن أراد أن يأخذ الماء ويسقي به أرضًا أخرى ليس لها رسم شرب من هذا النهر فمنهم من قال ليس له ذلك لأنه يجعل لنفسه شربًا لم يكن له، كما لا يجوز لمن له داران في دربين متلاصقين أن يفتح من أحدهما بابًا إلى الأخرى فيجعل لنفسه طريقًا لم يكن له. 3300 - وهذا قول أصحاب الشافعي وإحدى الروايتين عن أصحابنا. 3301 - ومن أصحابنا من قال له ذلك لأنه يأخذ حقه فله أن يعيره وله أن يجمده (كذا) وإلا أدى إلى ضياعه. 3302 - وقد ذكر الطحاوي في مختصره كتاب القسمة أن الدارين إن كانا لساكن واحد جاز له الفتح والعبر من أحدهما إلى الأخرى، وإن كان الساكن لكل دار غير الآخر لم يجز.

فصل اختلافهما في قسمة الماء

3303 - وسمعت شيخنا قاضي القضاة رحمه الله يحكي أن هذه المسألة جرت بين الطبري من أصحاب الشافعي والقاضي الصيمري أستاذه رحمهما الله وطالبه بالحجة فقال الصيمري: إنما منع من ذلك لأن الشفعة تستحق بالطريق في كل درب فلو أجزنا ذلك لأخذ بكل دار شفعة التي في الدرب الآخر، وهذا لا يجوز، وقال في نقل الماء من أرض إلى أخرى إنما لم يجز لأن التنازع إذا وقع في الماء قسم على عدد الجربان ويتبع الشروب فيضر بأصحاب النهر الآخر. فصل اختلافهما في قسمة الماء 3304 - وإذا اختلفا في الماء وقسمته فإن أصحابنا قالوا يقسم على مساحة الأرض فيعطي كل أرض ما يخصها. 3305 - وحكى أبو موسى الضرير في مختصره أن من الفقهاء من قال يقسم على عدد الرؤوس كما قال في الشفعة. فصل اختلافهم في حريم النهر 3306 - وإذا اختلفا في حريم النهر لمن هو. قال أبو حنيفة يكون لصاحب الأرض لأنه جزء منها ويكون تعبير الماء حقًا عليه. 3307 - وقال أبو يوسف ومحمد يكون لصاحب النهر حريمًا لملقي طينه. 3308 - وكم يأخذ من كل جانب؟ قال أبو يوسف مثل ذرع نصف بطن النهر وقال محمد مثل بطن النهر لأنه لا يمكن النفع به إلا بحريم كالبئر. 3309 - وهو قول الشافعي في الحريم أنه لصاحب النهر. فصل اختلافهم في الكري 3310 - وإذا اختلفا في الكرى في النهر فأبو حنيفة يلزم الجميع بالحفر إلى آخر ضيعة كل واحد، فيكرى الأول حتى ينزل عن ضيعته ويسقط من الشركاء كأنه لم يكن وكذلك أبدًا إلى آخر النهر.

فصل كيفية الكري

3311 - وقال أبو يوسف ومحمد يشتركون في الجميع من أوله إلى آخره؛ لأن الماء إذا قام أفسد النهر. فصل كيفية الكري 3312 - وكيف يكون الكري؟ يكون على قدر الجربان في قولهم جميعًا. 3313 - وإذ قد ذكرنا ما يملك بغير عوض بفعل واحد وجب ذكر ما يملك بالشركة.

كتاب الشركة

كتاب الشركة جواز الشركة 3314 - اعلم أن الشركة في الجملة جائزة. 3315 - وقد كانت في الجاهلية وسائر الشرائع، وهي في الإسلام ثابتة. 3316 - وأقرهم النبي عليه الصلاة والسلام عليها. 3317 - وقد روي أن أسامة بن شريك العقيلي أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: - أتعرفني. - فقال: - وكيف لا أعرفك وقد كفت شريكي، كنت نعم الشريك لا تداري ولا تماري. 3318 - وقد أجازها سائر الفقهاء.

فصل أنواع شركة العقود

أنواع الشركات 3319 - وهي على ضربين: شركة أملاك وشركة عقود. ما يصح فيه الشركة وما لا يصح 3320 - فالشركة تثبت في الملك بالميراث والوصايا والوقوف والهبات والغنيمة. وتصح في الأعيان والمنافع. 3321 - ولا تصح في استباحة البضع في النكاح ولا في ملك اليمين. فصل أنواع شركة العقود 3322 - وشركة العقود على ضربين: 1 - منها ما يصح بفعلهما وهي الشركة في البيع والإجارة. 2 - ومنها ما يشتركان عليه فيما يبيعان ويشتريان وهي على أربعة أضرب: 3323 - شركة مفاوضة (2): وهي التي يعتبر في صحتها التساوي في المال

والصفات، ولا تصح بين مسلم وذمي، ولا حر وعبد ولا كبير وصغير، ولا يجوز أن يبقى لأحدهما من المال الناض ما لا يدخل في الشركة، 3324 - ومتى زاد مال أحدهما على الآخر فسدت الشركة وهذا قول أصحابنا. 3325 - وقال ابن ليلى: ما يرثه أحدهما أو يوهب له أو يحصل بسبب من الأسباب فهو لهما أيضًا.

3326 - وقال الشافعي: إن لم تكن شركة المفاوضة باطلة فليس في الدنيا عقد باطل. تكييف شركة المفاوضة 3327 - وهي عقد يتضمن الوكالة والكفالة من كل واحد منهما لصاحبه لأن تصرف الغير لا يجوز على غيره إلا بإنه أو ولائه عليه. وإذا لم يكن وليًا فهو وكيل وكفيل. 3328 - ويكون كل ما يشتريه أحدهما لهما وما يلزمه من العقود عليهما، وما تلف بالغصب والاستهلاك عليها عند أبي حنيفة. 3329 - وقال أبو يوسف يلزم المستهلك خاصة لأنه ليس من الشركة. 3330 - وأبو حنيفة يقول يصح ضمانه فدخل في الشركة. 3331 - وما تكفل أحدهما من مال لزم صاحبه عند أبي حنيفة. 3332 - وقال أبو يوسف يلزم الكفيل وحده. 3333 - وما يشتريه أحدهما من الطعام لنفسه القياس أن يكون لهما، والاستحسان أن يكون لمن اشتراه لأنه يحتاج إليه فهو كالكسوة والزوجة

فصل شركة العنان

يكون له والقياس أنه يصح أن يشتري للشركة فكان يجب دخوله فيها. 3324 - وقد روي عن أبي يوسف أنها تصح بين المسلم والذمي. 3335 - لأن الخمر مستثناة في حق أهل الذمة. فصل شركة العنان 3336 - والضرب الثاني شركة العنان وهي شركة أخص من الأولى 3337 - وقال مالك لا أعرف العنان. 3338 - وتجوز عندنا مع تساوي الصفة واختلاف الصفة في العاقد والمعقود عليه من المال. 3339 - وتصح من المسلم والذمي والحر والعبد والصبي والبالغ. 3340 - ويجوز أن يبقى لشريكه من المال الناض ما يفضل عن الشركة. 3341 - وتجوز مع خلط المال وغير خلطه.

فصل ما يكره من شركة العنان

فصل ما يكره من شركة العنان 3342 - ويكره شركة المسلم للذمي لقول ابن عباس لا تشاركن يهوديًا ولا نصرانيًا ولا مجوسيًا. 3343 - قال أبو حمزة: قلت لم؟ قال لأنهم يربون، والربا لا يحل. فصل ما تصح به الشركة 3344 - ولا تصح الشركة إلا على الدراهم والدنانير ولا تصح على العروض. 3345 - قال ابن أبي ليلى: تصح على العروض أيضًا. 3346 - واختلف الرواية في الفلوس إذا كانت نافقة: فهي في رواية مثل العين الذهب والفضة وفي الأخرى كالعروض لأن الدراهم والدنانير بهما تعرف القيمة ويقوم المستهلك. فصل حكم ما له مثل من العروض 3347 - وأما العروض فعلى ضربين: منها ما له مثل وهو المكيل والموزون، فإذا اشتركا على ذلك وخلطاه جاز ذلك. 3348 - وروي عن أبي يوسف أنه لا يجوز. 3349 - ولأصحاب الشافعي وجهان في جواز ذلك لأنها من ذوات الأمثال كالذهب والفضة والثاني أنها من غير جنس الأثمان كالعروض.

فصل ما لا مثل له من العروض

فصل ما لا مثل له من العروض 3350 - والضرب الثاني ما لا مثل له كالحيوان والثياب، وما له قيمة لا تجوز الشركة عليه لأن القيمة تزيد وتنقص فلا يؤمن أن يأخذ أحدهما ما لصاحبه. فصل الخلط 3351 - والخلط غير شرط في صحة الشركة في الأثمان عندنا. 3352 - وقال الشافعي هو شرط. فصل شرط وحدة جنس المالين 3353 - واعتبر الشافعي في صحة العنان أن يكون مال أحدهما من جنس مال الآخر وعلى صفته، فإن كان مال أحدهما دنانير والآخر دراهم أو مال أحدهما صحاحًا والآخر قراضة، أو مال أحدهما من سكة ومال الآخر من سكة أخرى لم تصح الشركة. فصل التفاضل في الربح أو المال 3354 - ولا تصح الشركة عنده مع التساوي في المال، والتفاضل في الربح ولا التفاضل في المال والتساوي في الربح

فصل الربح والوضيعة

3355 - وهو قول زفر. 3356 - وقال أصحابنا تجوز في هذه الوجوه كلها إذا تساوت القيمة في النقود المختلفة. فصل الربح والوضيعة 3357 - وقالوا: يكون الربح على ما شرطاه والوضيعة على قدر رأس المال. 3358 - وقال الشافعي الجميع على قدر رأس المال. فصل الوكالة دون الكفالة 3359 - وهي معقودة عندنا على الوكالة دون الكفالة لأنها لا تقتضي التساوي. فصل مأخذ التسمية 3360 - وهي مأخوذة من عنان الدابة وبهذا فارقت المفاوضة. قول علي في الربح والوضيعة 3361 - وروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: الربح على ما شرطاه والوضيعة على رأس المال. 3362 - ولأن ما جاز أن يستحق به الربح في المضاربة جاز أن يستحق به في الشركة كالمال؛ ولأن الوكالة تجوز على هذا الوجه فجازت الشركة

فصل تفاضل المالين

ولأنهما مالان كأنهما ربع العشر في جميع الأحوال كالجنس الواحد والصفة الواحدة. وكونهما لا يخلطان لم يمنع أن يكونا من جنس الأثمان، وبهذا فارق العروض. فصل تفاضل المالين 3363 - اختلف أصحاب الشافعي هل تجوز مع تفاضل المالين في القدر؟ على وجهين: منهم من قال تصح ومنهم من منع ذلك. 3364 - والصحيح قالوا هو الأول، وهو قولنا لأن المقصود بالشركة حاصل مع التفاضل في القدر. فصل هلاك المالين أو أحدهما 3365 - وإذا هلك المالان قبل الخلط أو أحدهما بطلت الشركة لأنه معقود عليه وقد فات كالمبيع إذا تلف في يد البائع. فصل ما اشترياه على الشركة 3366 - وإن اشتريا لو أحدهما شيئًا قبل الهلاك على الشركة فهو بينهما ويلزمهما

فصل ما لكل شريك من التصرفات

الثمن بالحصص لأنهما اشتريا على الشركة وثبت الثمن عليهما جميعًا. فصل ما لكل شريك من التصرفات 3367 - ولكل واحد أن يتصرف في المال بغير إذن الآخر، وقال الشافعي ليس له ذلك. 3368 - لأن هذا مقتضى الشركة وعادة التجار، فحمل الأمر عليه. فصل السفر بالمال وإيداعه 3369 - ويسافر بالمال، ويودعه لمن أحب لأن هذا هو العادة. فصل دفع مال شركة العنان مضاربة 3370 - وهل له أن يدفع ذلك مضاربة إلى غيره؟ قال في الأصل عن أبي حنيفة يجوز ذلك، وقال الحسن عنه لا

فصل شركة الأبدان والصنائع

يجوز بغير إذن شريكه لأن هذا شركة لغيرهما، والصحيح هو الأول لأن له أن يستأجر من يعمل في المال بأجرة. فصل شركة الأبدان والصنائع 3371 - والضرب الثالث من الشركة شركة الأبدان والصنائع. 3372 - فهي جائزة عندنا اتفقت الصفة أم اختلفت. 3373 - وقال زفر: إن اشتركا في عمل واحد جاز، وإن كان عملهما مختلفًا لم يجز كالخياط والقصار والحداد والإسكاف. 3374 - وقال الشافعي لا تجوز شركة الأبدان بحال. 3375 - لقوله عليه السلام: "المسلمون عند شروطهم"، ولأنها شركة يتعاقدها الناس فصارت كالعنان. 3376 - وقال الشافعي: إذا عملا وكسبا أخذ كل واحد أجرة عمله لأنه بذل عمله فاختص بها. 3377 - وقال في شركة المفاوضة: يأخذ كل واحد منهما ربح ماله وأجرة عمله، وكل واحد منهما يضمن ما غصبه واشتراه دون صاحبه. فصل شركة الوجوه 78 - والضرب الرابع من الشركة شركة الوجوه، وهي أن يعقدا الشركة

فصل انعقادها على الوكالة

على أن يشارك كل واحد منهما صاحبه في ربح ما يشتريه بوجهه، فهذه شركة جائزة عندنا. 3379 - وقال الشافعي باطلة. فصل انعقادها على الوكالة 3380 - وهي منعقدة على الوكالة فيما يشتريه كل واحد منهما لصاحبه وله؛ لأنها نوع شركة يتعامل عليها الناس كالعنان. 3381 - وقول من قال إن الشركة تبطل إذا هلك المال، فإذا عقدها مع عدم المال كان العقد باطلاً لا يصح؛ لأن الرجل لو وكل رجلاً بأن يشتري له متاعًا بمال معين فهلك بطلت الوكالة، ولو وكله بشراء في الذمة صحت الوكالة فكذلك ههنا رضي بإثبات المال في ذمته. فصل مأخذ التسمية 3382 - وإنما سميت وجوه لأنه لا يشتري بالنسيئة إلا من له قول صحيح ووجه بين الناس. فصل توزيع الربح 3383 - ويكون الربح بينهما على قدر ما دخل في ضمان كل واحد منهما لأن الربح يستحق إما بالمال أو العمل أو الضمان، فالمال مجمع عليه في شركة العنان، والعمل في المضاربة، والضمان فقد دل عليه الشرع لما نهى عن ربح ما لم يضمن وهذا قد ضمن.

فصل الاحتطاب والاحتشاش إلخ

فصل الاحتطاب والاحتشاش إلخ 3384 - ولا تجوز الشركة على الاحتطاب والاحتشاش والاصطياد لأن ذلك مباح لا يملك، وإنما يملك بالحيازة فمن أخذه ملكه ولهذا لو وكل رجلاً بأن يصطاد له لم يصح وكان ما يأخذه لنفسه، ولكل واحد منهما ما أخذه من الصيد والحطب والحشيش. فصل احتش أحدهما وأعانه الآخر 3385 - روي إن احتش أحدهما وأعانه الآخر فهو كله للذي احتش وللآخر أجر مثله لا يجاوز به أجر ما سمي في قول أبي يوسف. 3386 - وقال محمد أجر مثله بالغًا ما بلغ. فصل مسألة البغل والرواية 3387 - وإذا كان لرجل بغل ولآخر رواية فاشتركا على أن يسقي الماء ويكون الكسب بينهما لم تصح الشركة، ويكون الكسب كله للسقاء وعليه أجرة الرواية إن كان البغل له، وإن كانت الراوية له فأجرة البغل عليه.

فصل الشركة بين صاحب جمل وصاحب بغل

3388 - لأنها شركة على مباح فلم تصح كالعبيد. 3389 - وقال أصحاب الشافعي: وإذا أخذ رجل من رجل جملاً ومن آخر رواية على أن يسقي الماء ويكون للكسب بينهم فقد قال الشافعي في موضع يجوز، وقال في موضع آخر لا يجوز، فمن أصحابه من قال إن كان الماء مملوكًا للسقاء فالكسب له ويرجع عليه صاحب الحمل والراوية بأجرة المثل، وإن كان الماء مباحًا فالكسب بينهم أثلاثًا؛ لأنه استقى الماء على أن يكون بينهم فكان الكسب بينهم. 3390 - ومنهم من قال: إن كان الماء مملوكًا للسقاء كان الكسب له ويرجعان عليه بالإجرة، وإن كان مباحًا ففيه قولان: أحدهما يكون بينهم أثلاثًا لأنه أخذه على أن يكون بينهم فدخل في ملكه كما لو اشترى شيئًا منهم بإذنهم، والثاني أن يكسب للسقاء لأنه مباح اختص بحيازته ويرجعان عليه بأجر المثل لأنهم لم يبذلا منفعة الجمل والراوية فرجعا بأجرة المثل. فصل الشركة بين صاحب جمل وصاحب بغل 3391 - وقد قال أصحابنا: لو أن رجلاً له جمل ولآخر بغل فاشتركا على أن يحملا عليهما المتا، ويكون الكسب بينهما نصفين فالشركة فاسدة، وما عمل كل واحد منهما لنفسه، وإن اختلط قسم على قدر أجرة كل واحد منهما مثل المبيعين المختلفين يقسم الثمن عليهما. فصل 3392 - ولو تقبلا الحمل وحملا على الجمل والبغل قسم الأجر بينهما نصفين لأنهما ضمنا ذلك بالسواء.

فصل مشاركة المرتد

فصل مشاركة المرتد 3393 - وأيهما مات بطلت الشركة، وكذلك إذا ارتد أحدهما ولحق بالدار؛ لأن أمره قد بطل فبطلت الشركة. فصل تصرف المرتد 3394 - وهذا قول أبي حنيفة لأن تصرف المرتد موقوف عنده. 3395 - وعند أبي يوسف تصرفه تصرف الصحيح، وعند محمد تصرف المريض. 3396 - ولو كان مكان الرجل امرأة فتصرفها جائز لأنها لا تقتل بالردة عندهم جميعًا. فصل الشريك أمين 3397 - والشريك أمين فيما في يده، فإن هلك المال من غيره فعله فلا ضمان عليه لأنه أمر في الحفظ والتصرف، وكاد الهالك في يده كالهالك في يد شريكه كالمودع. فصل القول قول من في ادعاء الهلاك 3398 - وإن ادعى الهلاك فالقول قوله لأنه أمين كالمودع.

فصل ادعاء الخيانة

3399 - وقال الشافعي: إن كان بسبب ظاهر فالقول قوله بغير بينة في السبب، فإذا أقام البينة بالسبب فالقول قوله في الهلاك. 3400 - وإن كان بسبب غير ظاهر فالقول قوله مع يمينه؛ لأنه يتعذر إقامة البينة على الهلاك فكان القول قوله مع يمينه. فصل ادعاء الخيانة 3401 - وإذا ادعى أحدهما على آخر خيانة فأنكر شريكه فالقول قوله لأن الأصل عدم الخيانة. فصل قرينة اليد 3402 - وإن كان في يده عين فادعى شريكه بأن ذلك من مال الشركة، وادعى هو أنه له فالقول قوله مع يمينه لأن من في يده شيء فالظاهر أنه له. فصل القول لمن فيما اشتراه الشريك 3404 - وإن اشترى شيئًا فيه ربح وادعى الشريك أنه اشتراه للشركة

فصل الشركة عقد غير لازم

وقال الذي في يديه: إنما اشتريته لنفسي أو اشترى شيئًا فيه خسارة فادعى الشريك أنه اشتراه لنفسه وقال هو إنما اشتريته للشركة فالقول قوله مع يمينه لأنه اعترف بعقده ونيته. فصل الشركة عقد غير لازم 3404 - والشركة عقد جائز غير لازم، وأيهما فسخ الشركة انفسخ بينهما جميعًا. فصل اشترى جارية للوطء بإذن 3405 - وإذا اشترى أحد المتفاوضين جارية لوطئها بإذن شريكه جاز، وإذا أدى الثمن من مال الشركة يكون شريكه متطوعًا في نصيبه ولا يرجع بشيء عليه في قول أبي حنيفة، وعندهما لشريكه أن يرجع عليه بنصف الثمن، ويكون إذن الشريك على وجه القرض. فصل رجوعه بنصف ثمن الطعام 3406 - واتفقوا أنه يرجع في الطعام إذا اشتراه لعياله بنصف الثمن، ذكره في الجامع الصغير.

فصل تأخير الدين

فصل تأخير الدين 3407 - والدين إذا كان لمتفاوضين فأخر أحدهما الدين تأخر في حقه وحق شريكه سواء أقال له اعمل برأيك أو لم يقل، وفي شركة العنان إذا أخر إن قال أحدهما لصاحبه اعمل برأيك فهو مثل المفاوضة يجوز تأخيره في الكل، وإن لم يقل كل واحد منهما لصاحبه اعمل فيه برأيك، فإذا كان هو الذي تولى العقد جاز تأخيره في الكل، وإن كان صاحبى تولى العقد أو كلاهما لم يجز تأخيره في نصيبه ولا نصيب شريكه عند أبي حنيفة وعند محمد يجوز في نصيبه ولا يجوز في نصيب شريكه ويضمن حصة شريكه في قول أبي حنيفة ومحمد ولا يجوز في قول أبي يوسف، وهو مثل اختلاف الوكيل إذا حط أو أبرأه أو أخره. 3408 - ولو كان تولى العقد أحدهما أو كلاهما فإن في قول أبي حنيفة لا يجوز في شيء وفي قولهما يجوز في نصيبه خاصة. فصل الآثار المروية في المضاربة 3409 - ومسائل الشركة كثيرة وفيها كل عجب وإذ قد ذكرنا شركة المال من الطرفين وجب ذكر شركة المال من أحدهما

كتاب المضاربة

كتاب المضاربة وهذا كتاب المضاربة المضاربة والقراض 3410 - ترجم أصحابنا هذا الكتاب بالمضاربة وقال أهل الحجاز يترجم بالقراض، والضرب مشتق من الضرب في الأرض. فصل الآثار الواردة في المضاربة 3411 - وقد روي عن عائشة رحمها الله أنها دفعت مال أيتام عندها مضاربة. 3412 - وكان العباس رحمه الله إذا دفع إلى رجل مالاً مضاربة شرط عليه أن لا يسافر به في بر ولا بحر ولا ينزل به واديًا ولا يشتري به ذات كبد رطبة، وإن فعل شيئًا من ذلك ضمن فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم [ذلك] فأجازه.

فصل أحكام المضاربة

فصل أحكام المضاربة 3413 - وعقد المضاربة له أحكام: فقبل التصرف فيه يكون المال أمانة كالوديعة لأنه قبض بإذن صاحبه لا على وجه التمليك والوثيقة. فصل 3414 - وإذا اشترى به فهو كالة لأنه تصرف في مال غيره بإذنه وإذا ربح صار شريكًا لأنه ملك جزءًا من المال. فصل المضاربة الفاسدة. 3415 - وإذا فسد العقد صار إجارة لأن الواجب أجر المثل وهذا يجب في الإجارة. فصل مخالفة العامل 3416 - وإذا خالف صار غاصبًا لأنه يتصرف في مال غيره بغير إذنه. فصل عقد على مال وعمل 3417 - وهي عقد على مال من أحد الجانبين وعلى عمل من الجانب الآخر، وبهذا خالفت الشركة.

فصل شرط الربح

فصل شرط الربح 3418 - ولابد من شرط الربح فيها؛ لأنه إن شرط الربح لرب المال كان ذلك بضاعة وإن شرط للعامل كان قرضًا. 3419 - وقال الشافعي يكون مضاربة فاسدة، فالتمليك ينعقد به البيع والهبة. فصل في العروض 3420 - ولا تنعقد على العروض. 3421 - وبه قال الشافعي. 3422 - وقال ابن أبي ليلى تنعقد. 3423 - لأن القيمة مختلفة فيؤدي إلى أخذ جزء من رأس المال ونصيب العامل. فصل مال معلوم 3424 - ولا تجوز إلا على مال معلوم الوزن والقدر والصفة. 3425 - فإن قارضه على دراهم جزفًا لم يصح لأنه يقتضي رد رأس المال فإذا كان مجهولاً لا يدري ما يرد فبطل العقد.

فصل دفع إليه كيسين أحدهما مضاربة والآخر وديعة

فصل دفع إليه كيسين أحدهما مضاربة والآخر وديعة 3426 - واختلف فيه إذا دفع إليه كيسين في كل واحد ألف درهم فقال اعمل بأحدهما مضاربة والآخر وديعة عندك. فمنهم من قال يصح لأنهما متساويان معلومان، ومنهم من قال لا يصح لأنه لم يبين مال المضاربة من الوديعة. فصل المضاربة في مال الوديعة 3427 - وإذا كان عند رجل وديعة فقال له المالك اعمل بها مضاربة جاز لأن المال بيده معلوم العدد والصفة. فصل المضاربة في المغصوب 3428 - وإن كانت الألف مغصوبة عنده فمنهم من قال تصح المضاربة كالوديعة، ومنهم من قال لا تصح لأنه مقبوض قبض ضمان فلا يصير مقبوضًا قبض أمانة، والأول عندنا أصح. فصل على جزء من الربح معلوم 3429 - ولا تصح إلا على جزء من الربح معلوم، فإن كان غير معلوم لم تصح لأنه يقع على القليل والكثير.

فصل عند عدم اشتراط الربح

فصل عند عدم اشتراط الربح 3430 - وإذا لم يشترط الربح لم يكن العقد مضاربة بل بضاعة أو قرضًا. فصل بالدراهم المغشوشة 3431 - وتصح بالدراهم المغشوشة لأن التعامل يصح بها كالجياد. 3432 - وقال الشافعي لا تصح لأنها مغشوشة كما لو كان الغش أكثر. فصل المضاربة بثمن الثوب 3432 - وإن أعطاه ثوبًا وقال له بعه واعمل بثمنه مضاربة جاز. 3434 - وقال الشافعي لا يجوز. 3435 - لأنه وكله ببيع الثوب وإن يشتري بثمنه غيره فجاز كالوكيل. فصل شيوع الربح 3436 - ولا يجوز حتى يكون الربح بينهما مشاعًا فإن سمي لأحدهما دراهم مسماة لم يجز، لأنه يجوز أن لا يربح غير ذلك فيؤدي إلى أن ينفرد أحدهما بالربح كله.

فصل الشروط الفاسدة

فصل الشروط الفاسدة 3437 - والشروط الفاسدة التي تؤدي إلى جهالة الربح تفسد المضاربة؛ لأن الربح هو المعقود عليه، وجهالة المعقود عليه توجب الفساد. فصل شرط الوضيعة 3438 - وما لا يؤدي إلى جهالة الربح كشرط الوضيعة أن يكون عليهما لا يمنع الصحة ويكون على رب المال؛ لأن من شرط الوضيعة أن يكون على رب المال فلا تلزم غيره. فصل استحقاق العامل الربح 3439 - ولا يستحق العامل الربح إلا بالشرط لأن رب المال يستحق الربح لأنه نماء ماله، فلا يفتقر إلى شرط، ولهذا إذا فسدت كان جميع الربح له. 3440 - والمضارب لا يستحق إلا في مقابلة عمله، وذلك لا يتقوم إلا بالعقد. فصل مقدار حصة العامل 3441 - وأي جزء شرط للعامل من النصف والثلث وما زاد ونقص جاز

فصل الربح بيننا

لأنه يستحقه بالشرط، فلا فرق بين القليل والكثير. فصل الربح بيننا 3442 - وإن قال رب المال على أن يكون الربح بيننا: فمنهم من قال لا يصح لأنه مجهول لأنه يقع على التساوي والتفاضل، ومنهم من قال يصح، وهو الصحيح لأن الإضافة تقتضي التساوي كما لو (قال) هذه الدار لزيد ولعمرو. فصل لي نصف الربح 3443 - ولو قال علي أن لي نصف الربح، أعني رب المال، فالقياس أن لا يصح لأنه ذكر حقه وسكت عن الباقي، وهو يستحقه مع السكوت فلم يصح، والاستحسان أن يصح ويكون بينهما نصفين؛ لأن الربح بينهما. 3444 - فإذ ذكر نصيب نفسه حمل الباقي على أنه للشريك كما قال تعالى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} دل على أن الباقي للأب. 3445 - ولأصحاب الشافعي وجهان: أحدهما أنه لا يصح لأن الربح كله لرب المال، ولم يذكر العامل.

فصل لك النصف

فصل لك النصف 3446 - وإن قال علي إن لك النصف صح عندنا لأن مال رب المال لا يحتاج إلى شرط، وإنما يحتاج العامل إلى ذلك، والباقي يبقى على رب المال، وهذا هو الصحيح عند أصحاب الشافعي. 3447 - ومنهم من قال لا يصح لأنه لم يبين ما لرب المال. فصل لك النصف ولي الثلث 3448 - وعلى هذا الأصل لو قال: لك النصف ولي الثلث وسكت عن السدس كان لرب المال لأنه ثبت الجميع له مع السكوت. فصل فضل الله بيننا 3449 - ولو دفع المال وقال: اشتر به فما كان من فضل الله فهو بيننا، فإن ذلك مضاربة استحسانًا، لأن الفضل لا يحصل إلا بالبيع، والقياس أن لا يكون مضاربة لأنه لم يذكر البيع والشراء. فصل تسلم مال المضاربة 3450 - ولابد من تسليم المال إلى المضارب، وزوال يد رب المال عنه؛ لأنه

فصل المضاربة المطلقة والمقيدة

أمانة فلا يتم بقدر قبض كالوديعة، وبهذا فارقت التركة. فصل المضاربة المطلقة والمقيدة 3451 - وتجوز المضاربة مطلقة ومقيدة بمدة معينة. 3452 - ومن أصحاب الشافعي من قال: لا تجوز بشرط المدة فيه لأنه تجوز مطلقًا فلا تجوز مؤقتًا كالنكاح والبيع. 3453 - ومنهم من قال إنه عقد إلى مدة علي أن لا يبيع بعدها لم يصح لأن العامل يستحق البيع لأجل الربح، وإن عقدها على مدة على أن لا يشتري بعدها صح؛ لأنه يملك البيع بعدها. فصل التعميم والتخصيص في المضاربة 3454 - ويجوز عندنا أن يعم بها سائر التجارات وسائر الأشخاص، ويجوز أن يخصها بنوع دون نوع، وأن يشتري من رجل بعينه، وبأن لا يبيع إلا في سوق بعينه. 3455 - وقال الشافعي لا تصح إلا على التجارة من جنس يعم، كالثياب والطعام والفاكهة في وقتها، فإن عقدها على ما لا يعم كالياقوت الأحمر والخيل البلق، والتجارة في سلعة بعينها لم يصح. 3456 - لأن الوكالة تصح على هذا الوجه فكذلك المضاربة كما لو عمم.

فصل ما يتولاه العامل

فصل ما يتولاه العامل 3457 - وعلى العامل أن يتولى ما جرت العادة به كالنشر والطي والإيجاب والقبول ووزن الثمن وما خف كالعود والمسك لأن العادة جرت بذلك بين التجار. فصل التقاضي 3458 - وإن سرق المال منه او غصب فله أن يخاصم فيه الغاصب والسارق لأن التجارة تقتضي حفظ المال. 3459 - وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي. ومنهم من قال ليس له الخصومة لأنها معقودة على التجارة فلا تدخل فيها الخصومة. فصل دفع المضارب مال مضاربة 3460 - وليس له أن يدفع المال مضاربة إلا أن يقول له اعمل برأيك، فإن فعل ضمن وهو قول الشافعي وقولنا. فصل الخلاف في كتاب المضاربة 3461 - والخلاف في كتاب المضاربة عند أصحابنا يتفرع على أربع مسائل

3462 - أحدها أن رجلاً لو دفع إلى آخر مضاربة بالنصف ثم زاده سدس الربح فإن كان ذلك قبل القسمة جازت الزيادة والحط في قولهم جميعًا، وإن كان بعد القسمة تجوز الزيادة والحط في قول إلى يوسف. وعند محمد يجوز الحط ولا تجوز الزيادة. فصل حساب الهالك من الربح 3463 - والثانية أن يدفع ألفًا مضاربة فعمل بها من ربح ألفًا، ثم دفع إليه ألفًا أخرى بالثلث وأمره أن يعمل فيها برأيه، فخلط خمسمائة من الألف الثاني بالأول فصارت ألفين وخمسمائة، فهلك من الجملة ألف فأبو يوسف يجعل الهالك كله من الربح، ويقال هو قول أبي حنيفة. 3464 - وقال محمد يهلك من المالين جميعًا أربعة أخماسه من الأول وخمسه من الباقي قياسًا على ما قالوا في كتاب الإيمان إذا أطعم عشرة مساكين صاعًا جاز في قول محمد ويجعل بمنزلة كفارتين مختلفتين، وأبو حنيفة وأبو يوسف يجعلان ذلك بمنزلة كفارة واحدة. فصل 3465 - والثالثة إذا استأجر أجيرًا ثم دفع إلى الأجير ألف درهم مضاربة في قول محمد جازت المضاربة والربح على ما شرطاه، ويرجع الآخر بمقدار ما عمل من المضاربة.

فصل 3466 - والرابعة أن رجلاً لو دفع إلى رجل ألفًا مضاربة، فاشترى بالألف ثيابًا ثم استقرض مائة درهم ثم اكترى بها بغالاً تحمل الثياب، ثم أراد أن يبيعها مرابحة قال في الكتاب يبيعها مرابحة على ألف ومائة، وحصة الهالك للمضارب، وقيل هو قول أبي حنيفة، وعندهما لا يبيع إلا بألف والمضارب متطوع. فصل اشترى من يعتق عليه 3467 - وإذا اشترى المضارب من يعتق عليه صح الشراء، وإذا ظهر في المال ربح عتق عليه. ومن أصحاب الشافعي من قال لا يصح الشراء ولا يعتق لأنه لا يملك بظهور الربح في أحد القولين. فصل اشترى زوج المرأة 3468 - ولو اشترى زوج المرأة صح الشراء وبطل النكاح وقال الشافعي لا يصح الشراء لأنه يضر برب المال. وكذلك المأذون إذا اشترى إلى مولاه جاز، وعتق عليه إن لم يكن عليه دين خلافه لا يصح.

فصل ضياع المال في المضاربة الفاسدة 3469 - وحكى الطحاوي في المختصر أن المال إذا ضاع في المضاربة الفاسدة فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة، وقالا عليه الضمان. 3470 - لأنه قبض على وجه الأمانة. فصل السفر بمال المضاربة 3471 - وقال في المختصر أيضًا. وللعامل أن يسافر بمال المضاربة حيث شاء من بر وبحر رواه محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة. 3472 - وروى أصحاب الأمالي عن أبي يوسف عنه، إنه ليس له أن يسافر به.

3473 - وقال أبو يوسف من رأيه له أن يسافر به نحو قطربل من بغداد. 3474 - وإذا خالف وضمن وربح يتصدق بالربح عند أبي حنيفة.

3475 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يتصدق به لأنه يضمنه. فصل أجر مثل العامل في المضاربة الفاسدة 3476 - وللعامل في المضاربة الفاسدة أجر مثله وإن لم يربح، ومنهم من قال لا شيء له إذا لم يربح؛ لأن عمله مشروط في الربح. فصل نفقة العامل في المضاربة إذا سافر بها 3477 - وإذا أذن له في السفر عند الشافعي أو بغير إذن عندنا في رواية الجواز، فنفقته في مال المضاربة عندنا. 3478 - وللشافعي قولان أحدهما مثل قولنا والثاني لا نفقة له. 3479 - وفي كيفية النفقة وجهان: أحدهما جميع النفقة. والثاني ما زاد على نفقة الإقامة لأن ذلك لزمه لأجل السفر. فصل اختلافهما في التلف والخيانة 3480 - وإذا اختلفا في تلف المال أو الخيانة فالقول قول العامل لأنه أمين فكان القول قوله.

فصل اختلافهما في رد المال 3481 - وإذا اختلفا في رد المال فادعا العامل الرد وأنكره رب المال فالقول قول العامل لأنه أمين. 3482 - ولأصحاب الشافعي وجهان أحدهما هذا والثاني لا يقبل لأنه قبض لمنفعة نفسه. فصل اختلافهما في السهم المشروط 3483 - وإن اختلفا في قدر السهم المشروط، فادعى العامل النصف، وقال رب المال الثلث، فالقول قول رب المال عند أصحابنا الثلاثة؛ لأنه لو أنكر الربح رأسًا كان القول قوله، فكذلك قدره. 3484 - وقال زفر القول قول العامل لأنهما اتفقا على أنه يستحق المضاربة، وظاهر الحال التساوي فكان القول قوله. 3485 - وقال الشافعي يتحالفان لأنهما اختلفا في عوض مشروط في العقد فتحالفا كالمتبايعين. فصل اختلافهما في قدر رأس المال 3486 - ولو اختلفا في قدر رأس المال فقال رب المال هو ألفان ولك ثلث

الربح، وقال العامل بل ألف وشرطه لي النصف وفي يد المضارب ألفان فالقول قول رب المال في شرط الربح، والقول قول المضارب في قدر رأس المال. 3487 - وقال زفر القول قول رب المال في الوجهين. 3488 - وقد قال أبو حنيفة أولاً بأن القول قول القابض فيما قبض لأنه لو أنكر القبض رأسًا كان القول قوله، فكذا إذا أقر بقبض شيء، وزفر يقول الربح مستفاد من أصل رأس المال. 3489 - ولو اتفقا أن جملة المال مضاربة، وادعى العامل في المضاربة استحقاقًا منها، ونفاه المالك، فالقول قوله، وفرقوا بين هذا وبين قوله بعض هذين الألفين لي خلطته بها أو بضاعة في يدي، لأنهما لم يتفقا أن الجميع من مال المضاربة ولم يعترف لرب المال إلا بهذا القدر فكان القول قوله. 3490 - وقال الشافعي: إن لم يكن في المال ربح فالقول قول العامل لأن الأصل عدم القبض، وإن كان فيه ربح ففيه وجهان: أحدهما أن القول قول العامل لما ذكرناه والثاني يتحالفان لأنهما اختلفا فيما يستحقان من الربح. فصل 3491 - وإن كان في المال عبد فقال رب المال اشتريته للمضاربة، وقال العامل اشتريته لنفسي، أو قال رب المال اشتريته لنفسك، وقال العامل للمضاربة فالقول قول العامل لأنه أمين فيما يخبر به.

3492 - وإن أقاما جميعًا بينة فالبينة بينة رب المال إن ادعاه للمضاربة. 3493 - ومن أصحاب الشافعي من قال لا يحكم ببينة رب المال لأنه يجوز أن يشتري لنفسه بمال المضاربة على وجه التعدي فلا تكون للمضاربة. فصل اختلافهما في تعيين البلد 3494 - وإن اختلفا: فقال: أمرتك بأن تشتري الحنطة خاصة، قال العامل لم تخص شيئًا فالقول قول العامل لأنه يدعي مطلق الإذن والتصرف، والأصل العموم. 3495 - وإن اتفقا على الخصوص: فقال أحدهما أمرتك بالبر، وقال الآخر بالطعام فالقول قول رب المال عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. 3496 - وقال زفر القول قول رب المال في الفصلين جميعًا؛ لأن الإذن يستفاد من جهته، فكان القول قوله. فصل 3497 - وإن كان في المال عبد فقال رب المال نهيتك عن شرائه، وأنكر العامل، فالقول قول العامل لأنه دعوى خيانة عليه فكان القول قوله فيما قال. فصل اختلافهما في العموم والخصوص 3498 - ولو اختلفا فقال: أمرتك أن تعمل به في بلد كذا، وقال العامل

بل لم تعين لي بلدًا فالقول قول العامل على الرواية التي تقول له السفر بالمال بمطلق العقد. 3499 - وعند زفر القول قول رب المال في ذلك. فصل بطلان الضاربة بالموت 3500 - وهي عقد غير لازم وتبطل بموت كل واحد منهما، وليس لرب المال أن يعزل العامل بغير علمه، كما ليس له أن يعزل الوكيل. 3501 - خلاف الشافعي له ذلك. فصل بيع ما اشتراه من رب المال 3502 - وإذا اشترى المضارب شيئًا فباعه من رب المال، أو رب المال باع المضارب شيئًا فالبيع جائز لأن الملك له، 3503 - وقال زفر البيع باطل لأنه يصير مشتريًا لماله بماله. فصل 3504 - ولو أن المضارب دفع مال المضاربة إلى غريم مضاربة بغير إذن رب المال، فهلك المال في يديه قبل أن يعمل فلا ضمان عليه. 3505 - وقال زفر يضمن.

3506 - وعن أبي حنيفة أنه قال (لا) يضمن، وإن هلك بعد العمل ما لم يربح فيه. فصل ادعاء العامل الغلط فيما أقر به من ربح 3507 - وإذا قال المضارب ربحت ألفًا، وادعى أنه غلط فيه، أو أظهر ذلك خوفًا من نزع المال من يده لم يقبل منه لأن هذا رجوع عن إقراره بمال لغيره فلم يقيل في حصة الآخر. 3508 - والمضاربة من أمهات الكتب ولا يمكن ذكر كل مسائلها، وإذا قد ذكرنا المضاربة وكان المأذون يتصرف عن الغير، ويشبه المضارب وجب ذكره.

كتاب المأذون له في التجارة

كتاب المأذون له في التجارة جواز الإذن للعبد في التجارة 3509 - اعلم أن الإذن للعبد العاقل في التجارة جائز، والأصل فيه أن العباس رضي الله عنه كان له عشرة أعبد مع كل عبد عشرة آلف يتجرون له. 3510 - وقد روي عنه عليه السلام أنه كان يقبل دعوة المملوك، ولا يجوز أن يجيب دعوة المحجور عليه فينبغي أن تكون دعوة المأذون. فصل جواز الإذن للعبد البالغ والصبي العاقل 3511 - ويصح الإذن للبالغ من العبيد، ومن يعقل من الصبيان. 3512 - وقال الشافعي لا يصح الإذن للصبي في التجارة لأن قوله يقبل في التجارة. 3513 - لأن قوله يقبل في الهدية والإذن في دخول الدار فصح الإذن له كالبالغ وعكسه المجنون. فصل الإذن العام 3514 - ويجوز الإذن له على العموم وفي سائر التجارات، وهو فك للحجر عندنا لأنه يتصرف لنفسه ولا يرجع على مولاه فيما يلزمه، وهو

مخالف للمضارب والوكيل في التصرف؛ لأنهما يرجعان على الآمر، وهذا لا خلاف فيه. فصل الإذن في نوع من التجارة أو في زمان معين 3515 - وإذا أذن له في نوع من التجارة فهو مأذون له في كل نوع. 3516 - وقال زفر يختص تصرفه بما أذن له فيه، وهو قول الشافعي. 3517 - وكذلك الخلاف إذا أذن له في زمان بعينه فهو مأذون في جميع الأزمان والأماكن. 3518 - خلافهما يصير محجورًا عليه بعد المدة. 3519 - لأنه فك حجره إذن. فصل هل للمأذون له دعوة التجار؟ 3520 - وإذا رآه يبيع ويشتري ولم ينكر عليه فهو مأذون له عندنا. 3521 - خلاف زفر والشافعي. 3522 - وهو القياس، لأن السكوت لا يدل على الإذن، وإنما جعلناه إذنًا لأن تصرف العبد لا يحتاج إلى إذن، بل يحتاج إلى إمساك المولى عنه، والإذن أمر زائد على الإمساك لأنه يتصرف لنفسه.

فصل إجارته نفسه 3523 - ويصح أن يؤجر نفسه عندنا، ولا يجوز عند الشافعي. 3524 - لأنه استفاد التصرف بإذن المولى كالمكاتب. 3525 - ويتخذ الدعوة للتجار. 3526 - خلاف الشافعي لا يجوز. 3527 - لأن العادة جارية بذلك للتجار. فصل إباق المأذون 3528 - وإذا أبق المأذون صار محجورًا عليه عندنا. 529 - خلاف الشافعي. 3530 - لأنه امتنع تصرف المولى فيه، وصار في يد نفسه فبطل الإذن. فصل شراؤه في الذمة بغير إذن 3531 - ويجوز أن يأذن المأذون لعبده. 3532 - وقالوا في المضاربة يجوز أن يأذن لعبد المضاربة. 3533 - وروى هشام عن محمد أنه لا يجوز لأنه دون تصرف المأذون فلا يصح إذنه.

فصل 3535 - ولا يجوز أن يتجر بغير إذن المولى لأن منافعه مستحقة له فلا يملك التصرف فيها. فصل رد المبيع 3536 - وإذا اشترى شيئًا في الذمة بغير إذن وقف على إجازة المولى؛ لأنه عقد معاوضة فلا يصح بغير إذن مولاه كالنكاح. 3537 - وقال بعض أصحاب الشافعي يصح. 3538 - لأنه محجور عليه لحق غيره فصح شراؤه في الذمة كالمفلس. 3539 - ومن أصحابه من قال: يصح الشراء ويدخل في ملك المولى لأنه كسب للعبد، فكان للمولى كما لو احتش. 3540 - قالوا ويثبت الثمن في ذمته، فإن علم البائع طالب بعد العتق؛ لأنه رضي بذمته وإن كان لا يعلم فهو بالخيار بين أن يصبر وبين أن يفسخ. فصل تصرفات الصبي المحجور 3541 - ويجب رد المبيع عندنا، وعند من قال لا يصح منهم لأنه مقبوض عن بيع فاسد.

فصل صلاحية المأذون في التصرف 3542 - ويبيع بالنقد والنسيئة وفي الحضر والسفر لأنه فلك للحجر. 3543 - خلاف الشافعي لا يملك شيئًا من ذلك. فصل شراؤه من يعتق على مولاه 3544 - وإذا اشترى من يعتق على مولاه صح شراؤه، ويعتق عليه، إن لم يكن عليه دين، عند أبي حنيفة. 3545 - وللشافعي قولان في صحة الشراء. فصل إذن الأب والوصي للصبي 3546 - وإذن الأب والوصي للصبي جائز ويملك التصرف في التجارات كلها، وله أن يبيع ما ورثه من أبيه في رواية. 3547 - وروي عن أبي حنيفة أنه لا يجوز له إلا فيما يكون من تجارته وما دخل تحت الإذن وقال الشافعي لا يصح. فصل تصرفات الصبي المحجور 3548 - وإذا باع للصبي المحجور عليه شيئًا أو اشتراه أو تزوج أو فعل ذلك غيره

له فكبر الصبي وأجاز بإجازته. 3549 - وقال زفر لا يجوز بإجازته، وهو قول الشافعي. 3550 - واتفق الجميع على أنه لو وهب أو أعتق أو طلق فأدرك وأجاز، لم يجز. فصل قول المولى: بايعوا عبدي 3551 - وإذا قال المولى لقوم: بايعوا عبدي فلانًا فبايعوه، والعبد لا يعلم بالإذن صار مأذونًا له، وقال في الزيادات لو أذن الأب والصبي لا يعلم لا يصير مأذونًا فمن أصحابنا من قال في المسألة روايتان ومنهم من قال: الفرق وقع لوضع المسألة، ولا يصير المأذون محجورًا عليه حتى يعلم بالحجر وهو على أذنه. 3552 - ولو أرسل إليه المولى رسولاً صار محجورًا عليه، عدلاً كان أو غير عدل، في قولهم جميعًا. 3553 - وإن أخبره إنسان بغير رسالة، فإن كان عدلاً صار محجورًا عليه، وعندنا من أخبره بذلك من صبي أو امرأة أو عبد، صار محجورًا عليه. 3554 - وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه قال: ما لم يخبره رجلان أو رجل وامرأتان لا يصير محجورًا عليه.

والخلاف في الوكيل مثل ذلك. فصل تكيف التدبير والاستيلاء 3555 - وتدبير الأمة ليس بحجر والاستيلاء لها حجر. 3556 - خلاف زفر، وهو القياس. فصل 3557 - وإذا كان الخيار للمشتري فأذن للعبد في المدة فهو اختيار للبيع وبطل الخيار. 3558 - وإن الخيار للبائع فأذن له في التجارة بغير محض من المشتري لم يكن ذلك نقضًا للبيع ما لم يلحقه الدين عند أبي حنيفة ومحمد. 3559 - وقال أبو يوسف يعد ناقضًا للبيع. فصل حق الغرماء على زيادة مال المأذون 3560 - والمأذون إذا وهب له هبة أو تصدق عليه بصدقة أو كانت أمة فولدت فالغرماء أحق بذلك عند أبي حنيفة وصاحبيه.

3561 - وقال زفر: لا حق للغرماء في ذلك لأنه ليس من تجارته. فصل 3562 - والمأذون إذا كان لرجلين فأدانه أحد المولين مائة درهم، وأجنبي مائة درهم، ثم بيع العبد (بمائة) أو مات أو ترك مائة قسم ذلك بينهما أثلاثًا: الثلث للمولى والثلثان للأجنبي عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: يقسم الثمن أرباعًا للأجنبي ثلاثة أرباع وللمولى الذي أدانه الربع. 3563 - ونظير المسألة المدبر إذا قتل رجلاً عمدًا وآخر خطأ فعفى ولي الدم قسم ثمن المدبر على هذا الخلاف. 3564 - وهذه ثمان مسائل ذكرها قاضي القضاة في درس الجامع الكبير عليه مما اتفقوا عليه ومما اختلفوا فيه ومنها ما أعطى أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه فيها الثلث وهما الربع وهو ما ذكرناه. 3565 - ومنها ما أعطى أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه الربع وهما ثلاثة أرباع وهي مسألة الدعوى إذا ادعى أحدهما جميع الدار والآخر النصف وهي في يد ثالث، قال أبو حنيفة رحمه الله لصاحب النصف الربع ولصاحب الجميع ثلاثة أرباع الدار، وقسماهما ذلك على الدعوى لصاحب النصف الثلث وللآخر الثلثان، ومن ذلك الوصية بجميع المال ولآخر بنصفه فإن أجاز الورثة، كان لصاحب الجميع

ثلاثة أرباع عند أبي حنيفة رضي الله عنه والربع لصاحب النصف، وإن ردوا لم يضرب أحدهما بما زاد على الثلث عنده وقسم الثلث عليهما نصفين. 3566 - وقالا والشافعي يقسم على ثلاثة ويضرب كل واحد بجميع ما أوصى له به. 3567 - والمسائل تمر في كل باب مسألة إن شاء الله تعالى. كتاب المأذون للشيباني 3568 - ولمحمد بن الحسن كتاب المأذون الكبير والصغير، وهو كتاب أكبر من جميع ما ذكرنا في هذا الكتاب، وفيه مسائل كثيرة لا تحصى كثرة. 3569 - وفي الذي ذكرناه ما يجوز أن ينتفع به وأصل يبنى عليه ما يقع وإذ قد ذكرنا حكم الشركة والتصرف عن الغير وجب ذكر الأمانات إذا سلمت إلى الغير على جهة الأمانة.

كتاب الوديعة

كتاب الوديعة وهذا كتاب الوديعة حوار الوديعة 3570 - اعلم أن الوديعة أمر بلى الناس به قديمًا وحديثًا، ولهجوا بذلك، وفيها عون المسلم. 3571 - وقد قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} وفي جوازها في الجلة إجماع الفقهاء. فصل الوديعة أمانة 3572 - وهي أمانة عند الجميع.

3573 - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أودع فهلكت أو تلفت فلا ضمان عليه" وقال أبو بكر رحمه الله في وديعة هلكت في عهده: لا ضمان عليه وإنما هي أمانة. فصل تعريف الوديعة 3574 - ولأنه قبض العين بإذن مالكها لا على وجه التمليك ولا وثيقة فلا يضمن. 3575 - والذي يضمن (هو المفرط) روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: أودعني رجل ستة آلاف درهم فهلكت فضمنني عمر.

3576 - فيحتمل أنه فرط في ذلك. 3577 - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس على المستغير غير المغل ضمان ولا على المستعير غير المغل ضمان". فصل قبول الوديعة غير واجب 3578 - وعندنا لا يجب قبول الوديعة بحال. 3579 - وقال أصحاب الشافعي: إذا خاف إن لم عليه يقبل أن تهلك تعين عليه قبولها لأن حرمة المال كحرمة النفس لقوله عليه الصلاة والسلام: "حرمة مال المؤمن كحرمة دمه". 3580 - وحفظ ماله لا يجب عليه عندما فكيف يجب عليه حفظ مال غيره. 3581 - وقد قلنا إن الحجر لا يجب في حق المبذر. 3582 - ولا خلاف أنه إذا لم يخف وغلب في ظن المودع أنه يخون فيها أنه لا يجب عليه القبول.

فصل أهلية المودع 3583 - ولا تصح إلا من مالك التصرف في ماله، فإن أودعه من لا يملك التصرف لم يجز له القبول. 3584 - فإن قبل فهو ضامن لأنه قبل مالاً ممن لا يملك التصرف فيه كما لو غصبه وعلم بالغصب وقبل الوديعة. فصل وديعة الصبي والسفيه 3585 - واختلف الفقهاء في الصبي والسفيه إذا أودع رجلاص وخاف الرجل إن لم يقبل الوديعة أن يستهلك المال فأخذه على وجهين: منهم من أجاز له الأخذ. ومنهم من لم يجزه. وخرج أصحاب الشافعي ذلك على قولين في المحرم إذا خلص طائرًا من جارحة فأمسكه ليحفظه فتلف، فقالوا: يضمن في أحد القولين لأنه ثبتت يده عليه من غير استئمان، والثاني لا يضمن لأنه قصد حفظه.

فصل أهلية الوديع 3586 - ولا يصح الإيداع إلا عند جائز التصرف، فإن أودع صبيًا أو سفيهًا لم يصح الإيداع عند الشافعي لأنهما ليسا من أهل الحفظ. فصل أودع صبيًا 3587 - فإن أودع صبيًا فتلف عنده لم يضمن لأنه لا يلزمه حفظه. فصل 3588 - وإن أتلفه لم يضمن عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى، ويضمن عند أبي يوسف رحمه الله تعالى. 3589 - ولأصحاب الشافعي رضي الله تعالى عنه وجهان مثل الخلاف لنا. 3590 - لأنه مكنه من إتلافه فصار كما لو باعه مالاً وسلمه إليه. 3591 - وأبو يوسف رحمه الله تعالى يقول: لم يسلطه على إتلافه، فصار كما لو أتلفه من غير إيداع.

فصل 3592 - وإن كان عبدًا محجورًا عليه لم يضمن عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى حتى يعتق. 3593 - وقال أبو يوسف رحمه الله يضمن في الحالين والوجه كما مضى. فصل القبول في الإيداع بالقول والفعل 3594 - ويصح الإيداع بالقبول بالقول وبالفعل لأنه يدل على الأمانة والحفظ. فصل انقضاء الوديعة 3595 - وتنفسخ بكل ما تنفسخ به الوكالة من الموت والجنون والإغماء والعزل. 3596 - لأنه وكيل في الحفظ فصار كالوكيل في التصرف. فصل ولد الوديعة 3597 - وإذا ولدت الوديعة فالولد أمانة كأمه في الحكم. 3598 - ومن أصحاب الشافعي من قال: لا يجوز له إمساكه حتى يعلم

المالك، كما قالوا في الثوب تلقيه الريح في داره. فصل شرط ضمان الوديعة لا يعتبر 3599 - ولا تعتبر مضمونة بالشرط لأنها أمانة كما لا يعتبر المضمون أمانة بالشرط؛ لأنه موجب العقد فلا يتغير. فصل سفر المودع 3600 - وللمودع أن يسافر بالوديعة ويقيم بها، ولا فرق بين ما له حمل ومؤونة، وبين ما لا يحتاج إلى ذلك. 3601 - وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ما له حمل ومؤونة لا يجوز أن يسافر به، فإن فعل ضمن لأن المؤونة تلتزم المالك وهو لم يأذن.

3602 - وقال الشافعي يلزمه الضمان بكل حال لأن إذنه عام في الحفظ. فصل تسليمها لمن في عياله 3603 - وإذا سلم المودع الوديعة إلى من في عياله، ومن يحفظ به ماله فلا ضمان عليه إن تلفت. 3604 - وقال الشافعي يضمن. 3605 - لأن بهؤلاء يحفظ ماله وليس عليه أكثر من ذلك. فصل نهي المودع عن حفظها بغيره 3606 - فإن نهاه أن يدفعه إلى أحد منهم فدفعه إليه، فإن كان مما لابد له منه لم يضمن وإن كان ممن له بد ضمن. 3607 - وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه يضمن في الوجهين لأن يدهم كيده. 3608 - ولو قال له احفظ في يمينك فجعله في الشمال لم يضمن لن كلاهما واحد.

فصل التعدي في الوديعة 3609 - وإذا تعدى في الوديعة ثم زال التعدي برئ من الضمان، وكذلك سائر الأمانات عندنا. 3610 - وقال الشافعي لا يبرأ. 3611 - وهو قول زفر رحمه الله تعالى، ذكره أبو موسى (الضرير) في «مختصره»؛ لأنه إذا زال التعدي عادت إلى يدٍ قامت مقام المالك عن طريق الحكم كيد الوكيل. فصل تلفت بعد تغير نيته 3612 - وإذا فتح الكيس أو الصندوق أو نوى إنفاق الوديعة ثم تلفت بعد ذلك لم يضمن. 3613 - وقال الشافعي يضمن. 3614 - لأنها تلفت بغير فعله. فصل المخالفة في الدار 3615 - وإذا أمره أن يجعل الوديعة في دارٍ فجعلها في أخرى فهو مخالف ويضمن.

3616 - وإن قال له اجعله في هذا البيت من الدار فجعلها في بيت آخر لم يضمن، وحكى أبو موسى (الضرير) في مختصره عن محمد بن سماعة عن محمد رحمهم الله تعالى أنه يضمن، ذكر أنه في النوادر. 3617 - وهو قول الشافعي. 3618 - لأن الدار حرز واحد فهي كزوايا البيت. فصل القول لمن في الدفع لشخص آخر؟ 3619 - وقال رب المال ادفعه إلى فلان فقال المودع قد دفعته إليه فالقول قول المودع عندنا في براءة نفسه. 3620 - وقال الشافعي لا يقبل قوله على رب الوديعة. 3621 - لأنه أقر له بإذن خاص فقيل قوله. فصل تسليم الوديعة للحاكم 3622 - وقال الشافعي: إذا أراد السفر وعنده وديعة فإنه يسلمها إلى مالكها، إن قدر عليه أو وكيله، وإن لم يجد سلمها إلى الحاكم لأنه لا يجب عليه المقام ولا يجوز له السفر بها فوجب أن يسلمها إلى الحاكم لأنه ينوب

عن الغائب، وإن سلمها إليه مع القدرة على المالك، أو وكيله يضمن لأنه فرط في ذلك، ولا ولاية للحاكم مع الحضور كما لا ولاية له في النكاح. فصل تسليم من حضره الموت الوديعة 3623 - وكذلك إذا حضره الموت فهو مثل الغيبة سواء. فصل صاحب الوديعة يضرب مع غرماء الميت. 3624 - وإذا أقر بالوديعة ووصفها ولو توجد في تركته، فإن صاحبها يضرب بها مع الغرماء وتقدم على التركة عندنا لأنها صارت مضمونة بالجهل كما لو اختلطت بماله. 3625 - ومن أصحاب الشافعي من قال لا يضمن لأنه أصلها أمانة فلا يضمن بالشك. فصل 3626 - وإن أودع الوديعة غيره فهلكت فالضمان على الأولاد عند أبي حنيفة

في قوله الثاني. 3627 - وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى يضمن أيهما شاء. 3628 - لأن الفعل الواحد لا يوجب ضمانين من جنس واحد فيستحق واحد في حالة واحدة. 3629 - وعندهما يضمن الأول بالتسليم والثاني يأخذه ما لم يكن له أخذه. 3630 - وقال ابن أبي ليلى لا ضمان على واحد منهما لأن للمودع أن يودع ماله وما في يده. فصل 3631 - فإن ضمن الثاني وكان يعلم بالحال لم يرجع على الأول، فإن كان لا يعلم ففيه وجهان: 3632 - أحدهما يرجع لأنه دخل على أنه أمانة وهو قولهما أيضًا، والثاني لا يضمن لأنه هلك في يده.

3633 - وقال أصحاب الشافعي: إن قلنا يرجع على الأول لم يكن للأول أن يضمنه إذا ضمن وإن قلنا لا يرجع فهل يرجع عليه الأول؟ قالوا يرجع عليه. فصل خلط الوديعة 3634 - وإذا خلط الوديعة بجنسها ضمن لأن الخلط تعد منه، وإن كان المخلوط به لصاحبها فقد اختلف في الضمان فمنهم من أوجبه ومنهم من نفاه. 3635 - لأنه مال صاحبها فلا يضمن. فصل سقي الدابة المودعة وعلفها 3636 - وعليه سقي الدابة وعليه وعلفها فإن نهاه عن ذلك لم يضمن، ومن أصحاب الشافعي من قال يضمن وهو الاصطخري. فصل إخراج الوديعة 3637 - وإذا أخرج الوديعة لمصلحة لها لم يضمن باتفاق.

فصل أخذها منه بغير اختياره 3638 - وإذا أخذت منه فهو لا يضمن لأنه غير مفرط وإن سلم باختياره ضمن لأنه فرط. فصل القول قول المودع في الضياع والرد 3639 - وقول المودع مقبول في ضياع الوديعة بلا خلاف، يحلف أنه ما ضيعها، وكذلك قوله عندنا مقبول في الرد، وهو قول الشافعي ومالك لأنه أمين. 3640 - وقال بعض الفقهاء لا يقبل قوله في الرد لأن الله تعالى قال: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} وهذا عندنا على الاستحباب، كيف يحتاط بالشهادة في البيع. فصل ضمان المودع بالمنع 3641 - وإذا طلب مالكها منع المودع صار ضامنًا لأنه تعدى بالمنع.

فصل إنكار الوديعة 3642 - وإذا قال مالك عندي وديعة، أو ما أودعتني وأقام رب الوديعة البينة قبلت، وحكم بها له. 3643 - وإن أقام المودع بينة بالرد عليه بعد الجحود قبلت كالغاصب يقيم البينة بالرد. 3644 - ومن أصحاب الشافعي من قال لا يقبل قوله في البينة، ولا يسمع، لأن كون البينة بإنكار الإيداع فلم تقبل بالرد والتلف. فصل سبب الهلاك ظاهر أو خفي 3645 - ولا فرق عندنا بين أن يدعي الهلاك بسبب ظاهر أو خفي. 3646 - وفرق الشافعي في ذلك وقال لا يقبل قوله في الظاهر إلا ببينة كالحريق والنهب لأن الظاهر عدمه. فصل ادعاؤه رد الوديعة 3647 - وإذا قال: مالك عندي وديعة أو ما تستحق علي شيئًا، وأقام البينة بالإيداع، فقال: صدقت البينة، ولكن رددت الوديعة أو تلفت، قبل قوله في ذلك لأنه لم يكذب البينة ولم يجحد وإنما قال ما

عندي لك شيء وهو صادق في ذلك. فصل إيداع رجلين آخر ما يكال أو يوزن 3648 - والرجلان إذا أودعا رجلاً ما يكال أو يوزن فغاب أحدهما وحضر الآخر وطلب نصيبه من ذلك لم يكن للمودع أن يعطيه ذلك حتى يحضر الآخر لأنه قضاء على غائب، وهذا قول أبي حنيفة. 3649 - وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى له أن يأخذ النصف، فإن تلف الباقي وحضر الغائب كان له أن يأخذ نصف ما أخذه على وجه الضمان، وإنما أخذه على أنه حقه بشرط سلامة الباقي فإن لم يسلمه رجع إليه. فصل (أودع رجلين) 3650 - وإذا أودع رجلين شيئًا مما يقسم، فأودعه أحدهما عند صاحبه الآخر، فهلك، ضمن في قوله أبي حنيفة، وإن كان مما لا يقسم لم يضمن. 3651 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يضمن في الوجهين جميعًا. فصل موت المودع 3652 - وإذا مات المودع وطلب الوديعة ربها فقال الوارث ضاعت في

حياة مورثي أو ردها عليك، وأنكر ذلك، أو قال لا أدري ما حالها فإنها قد صارت دينًا في ماله، وكذلك سائر الأمانات والودائع. 3653 - وقال ابن أبي ليلى وبعض أصحاب الشافعي لا ضمان لربها لأنه لم يتعد، ولم يمنع وما بقي وجه يضمن به، فلا يضمن. فصل مخاصمة غاصب الوديعة 3654 - وللمودع أن يخاصم الغاصب للوديعة ويقطع السارق، ويسترجع العين؛ لأن له يدًا صحيحة في الحفظ. 3655 - وقال بعض أصحاب الشافعي ليس له ذلك. 3656 - وهذا يجب عن طريق الأمر بالمعروف، وعلى كل واحد فكيف المودع. فصل 3657 - وإذا ألقت الريح ثوبًا في دار إنسان فطلبه صاحبه فليس عليه أن يرده عليه، ولكن عليه أن يدخل صاحبه الدار فيأخذه، لأنه لم يأخذه منه فيرده عليه. فصل 3658 - وقال في الجامع الكبير:

رجل أودع عبدًا محجورًا عليه وديعة فدفع العبد إلى محجور عليه آخر فهلك في يد الثاني. 3659 - ففي قول أبي حنيفة له أن يضمن الثاني في الحال، وليس له أن يضمن الأول ما لم يعتق. 3660 - وقال محمد ليس يضمن أحدهما حتى يعتق. فصل 3661 - ولو أودع الثاني ثالثًا والمسألة بحالها، فأبو حنيفة يقول: لا ضمان على الأول حتى يعتق، وعلى الثاني في الحال، ولا ضمان على الثالث. 3662 - وقال أبو يوسف يضمن أي الثلاثة شاء في الحال. 3663 - وقال محمد لا يضمن الأول حتى يعتق، وهو بالخيار في الثاني والثالث يضمن أيهما شاء في الحال. فصل أودع درهمًا فخلطه 3664 - ومن أودع درهمًا أبيض فخلطه في دراهم بيض ضمن عند أبي حنيفة. 3665 - وقال أبو يوسف إن شاء شاركه بقدر درهم في الدراهم.

3666 - وقال محمد ابن الحسن: إن كانت الوديعة هي الغالبة فالأمر على ما قال أبو حنيفة، وإن كانت هي القليلة فالأمر على ما قال أبو يوسف، فجعل الأقل تابعًا للأكثر. 3667 - وفي هذا الكتاب عجيب من المسائل، وفي الذي ذكرت أصول له والواقع. 3668 - وإذ قد ذكرنا ذلك، وكانت الوكالة فيها معنى الأمانة، وقول الوكيل يقبل في بعض الأحوال ولا يقبل في بعضها وجب ذكرها بعد الوديعة.

كتاب الوكالة

كتاب الوكالة فصل وهذا كتاب الوكالة 3669 - اعلم أن الوكالة استنابة في حال الحياة في العقود والتصرف. وهي غير لازمة للوكيل ولا للموكل.

فصل (الأصل في جوازها) 3670 - والأصل في جوازها في الجملة ما رواه أبو موسى في مختصره بإسناده عن جابر بن عبد الله قال: "أردت الخروج إلى خيبر، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه، وقلت له: إني أريد إلى خبير (أردت الخروج إلى خيبر). فقال: "إذا أتيت إلي وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا، فإن ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوته". 3671 - وهذا الخير يدل على أنه كان له وكيل ويدل على جواز الدفع من الوكيل إلى غيره بمجرد القول. ويدل على أنه إذا شك في قول الطالب أن لا يدفع إليه. ويدل على أنه أتاه بآية وهي العلامة، أنه يجوز له الدفع بها، والاقتصار عليها. 3672 - ويدل على جواز العلامة بين من يريد ذلك ففيه هذا الفقه. 3673 - وذكر الخصاف وغيره خبر فاطمة بنت قيس قالت:

طلقني زوجي ثلاثًا، فوكل أخاه بنفقتي وخرج إلى اليمين فخاصمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يجعل لي سكنًا ولا نفقة. 3674 - ووكل النبي صلى الله عليه وسلم عروة البارقي في شراء أضحية، فاشترى شاتين وباع إحداهما، وجاء بأضحية ودينار فدعى له بالبركة، فكان لو اشترى ترابًا ربح فيه، قال الشيرازي رحمه الله، هو عروة ابن جعد، والذي ذكره يحيى فيه أنه ابن الجعد الأزدي.

3675 - وذكر الخصاف خبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يوكل أخاه عقيلاً في الخصومة فلما كبر وكل عبد الله بن جعفر. وكان يقول: إن لها فحمًا؟ يحضرها الشيطان. وكان يقول: "ما قضى لوكيلي فلي، وما قضي على وكيلي فعلي". 3676 - وذكر أبو موسى الخبر، وقال فيه، فقال عبد الله فخاصمني طلحة بن عبد الله في ضفير أحدثه علي بين أرض لطلحة وأرضه. قال: والضفير المسناة. قال فقال طلحة: إنه قد أضر بي، وحمل علي السيل، فركب عثمان بن عفان رضي الله عنه معنا. فقال:

والله إني وطلحة نختصم في الموكب وإن معاوية على بغلة شهباء أمام الموكب، قد قدم قبل ذلك وافدًا، فألقى كلمة عرفت فيها أنه قد أعانني بها. قال: أرأيت هذا الضفير أكان على عهد عمر؟ قال: قلت نعم. قال: لو كان جورًا ما تركه عمر. فمشي عثمان رضي الله عنه حتى نظر إلى الضفير فقال: ما أرى ضررًا، وقد كان على عهد عمر ولو كان جورًا لم يدعه عمر. 3677 - وبهذه السنن عمل الفقهاء على جواز الوكالة، وفيها إجماع منهم على الجواز في الجملة. فصل 3678 - وتجوز الوكالة بالبيع والشراء والحوالة والكفالة والشركة والمضاربة والوديعة والإعارة والإجارة والمزارعة والمساقاة

والقرض والهبة والوقف والصدقة؛ لأن الحاجة داعية إلى ذلك كله. فصل 3679 - واختلف في الوكالة في تملك المباحات كالاصطياد والحشيش واستقاء الماء، فقال أصحابنا لا تصح لأنه تملك مباح كالاغتنام، وهو أحد قولي الشافعي، وقال يصح في قول آخر لأنه لا يتعين عليه كالبيع والهبات. فصل التوكيل بالنكاح والطلاق والخلع 3680 - ويجوز التوكيل بالنكاح والطلاق والخلع والعتاق والمكاتبة والتدبير؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام وكل عمر ابن أمية الضمري في تزويج أم حبيبة رضي الله عنهما.

فصل لا توكيل بالاستيلاء 3681 - ولا يصح بالاستيلاء لأن النيابة لا تجوز فيه عنه. فصل (لا توكيل في الإبداع إلخ) 3682 - ولا يجوز في الإيلاء والظهار واللعان؛ لأنها أيمان فلا تحتمل التوكيل. فصل (التوكيل بالرجعة) 3683 - واختلف في الرجعة: فمنهم من قال يجوز التوكيل بها، كما يجوز بالنكاح وهذا قولنا. ومن أصحاب الشافعي من قال لا يجوز، كما لا يجوز في الإيلاء والظهار، وضعفوا هذا الوجه. فصل (الوكالة بإثبات الحقوق) 3684 - وقال أبو حنيفة ومحمد: تجوز الوكالة بإثبات سائر الحقوق كائنًا ما كانت.

3685 - وقال أبو يوسف: إلا في الحدود والقصاص لأنها تسقط بالشبه، ولا تستوفي بالوكالة بإجماع منا إذا كان الموكل في القصاص غائبًا. 3686 - وقال الشافعي: يستوفي في القصاص مع غيبة الموكل كما تستوفي في الدين. 3687 - ونحن نقول لا يجوز أن يستوفي مع العفو الظاهر، ويحتمل أن يكون قد عفى فلا يمكن الرجوع إلى الحق. وقالوا: إذا استوفى مع حضوره فيه قياس واستحسان: القياس لا يجوز كما لا يجوز البيع مع الغيبة والاستحسان إن كل واحد لا يقدر على استيفاء الحق بنفسه ولا يحسن القتل فدعت الضرورة إلى ذلك فجاز.

وهذا لا خلاف فيه. فصل 3688 - ولا يجوز من غير رضا الخصم إلا أن يكون الموكل مريضًا لا يستطيع حضور مجلس الحكم أو غائبًا في مسافة تقصر فيها الصلاة. وهذا قول أبي حنيفة. 3689 - وقال أبو يوسف ومحمد: تجوز من غير رضا الخصم، كما تجوز في قبض الدين وهو قول الشافعي. 3690 - وأبو حنيفة يقول: في هذا ترك التسوية بينهما في الحكم وقد منع الشرع ذلك وقاسه على الحوالة في اعتبار رضا المحتال. 3691 - ولا يلزم حضور جواب الوكيل عند أبي حنيفة لأن الوكالة لم تصح، وفرق بين المريض والصحيح بأن المرض عذر فكذلك السفر وجعل أصحابنا الحياء في المرأة لا تبرز مثل ذلك في العذر والجواز.

فصل الوكالة بفسخ العقود 362 - وتجوز الوكالة في فسخ العقود لأنه إذا جاز في العقد فالفسخ مثله. فصل الوكالة بالإبراء 3693 - ويجوز أن يوكل في الإبراء من الديون كما يجوز في إثباتها واستيفائها. فصل التوكيل بالإقرار 3694 - ويصح عندنا التوكيل بالإقرار في الحقوق. 3695 - وقال أصحاب الشافعي في ذلك وجهان في أحدهما لا يصح. 3696 - وإذا قالوا يصح فهل هو إقرار أم لا؟ على وجهين: أحدهما أنه إقرار، والثاني ليس بإقرار. فصل قبول الوكالة 3697 - ولا تصح الوكالة بغير قبول لأنها عقد فافتقر إلى قبول.

3698 - ويجوز عندنا القبول بالقول والفعل، ويكون التصرف فيما وكل به قبولاً. 3699 - وقال زفر: لا يكون القبول إلا بالكلام. 3701 - لأن التصرف يدل على الرضا. فصل التوكيل بطلب كل حق 3702 - وإذا وكل رجل رجلاً بطلب كل حق له قبل الناس جاز له مطالبة كل غريم كان عليه حق، وطلب كل ما يحدث له من الحقوق، ما لم يخرجه الموكل من الوكالة. 3703 - وقال زفر بن الهذيل: ليس بوكيل فيما يحدث من الحقوق. 3705 - وكذلك إذا وكله بطلب ماله بالكوفة أو مصر بعينه فهو على الخلاف أيضًا، يجوز عند الثلاثة من علمائنا. فصل (الوكالة بقبض على إنسان بعينه) 3704 - ولو وكله بقبض حق له على إنسان بعينه، فليس له أن يقبض من الحقوق إلا ما كان يوم التوكيل في قولهم جميعًا بلا خلاف لأنه توكيل خاص ليس بعام.

فصل (مدى سلطة الوكيل بطلب الحقوق) 3705 - وله أن يتقاضي ديونه ويقبضها إذا وكل بطلب حقوقه، وليس له بيع ولا شراء، ولا يأخذ شفعة ولا يزوج ولا يعتق ولا يطلق؛ لأن ذلك ليس بطلب حق، وإنما هو إسقاط حق فلا يصح. فصل (إخباره بالوكالة) 3706 - وإذا أخبر الوكيل بالوكالة فمن أخبره بذلك وكان خبره حقًا فهو وكيل في قولهم جميعًا. فصل (قبول الوكالة على الفور) 3707 - ومن أصحاب الشافعي من يقول: قبول الوكالة على الفور، ولا تجوز على التراخي. 3708 - وهذا لا يصح؛ لأن الإذن باق ما لم يبطله. فصل (تصرف من وكل وهو لا يعلم) 3709 - وقد قال أصحابنا: فإن وكله وهو لا يعلم ببيع أو شراء، فتصرف في ذلك وهو لا يعلم بالتوكيل كان ذلك كله باطلاً، ولا يجوز عليه حتى يعلم بالتوكيل؛ لأن الأمر لا يثبت مع الجهالة كأمر صاحب الشرع.

3710 - ولا يجوز التوكيل إلا في تصرف معلوم أو متعارف، فإن قال وكلتك في كل قليل وكثير لم يجز لأنه يدخل فيه ما يطبق وما لا يطيق فيعظم الغرر. 3711 - ولو قال وكيلي في كل شيء، فهذا وكيل في الحفظ، وليس في بيع ولا شراء. 3712 - فإن قال وكيلي في كل شيء جائز أمره، فهو وكيل في الحفظ والبيع والشراء، فإن وهب أو تصدق جاز، وله أن يتقاضي ديونه ويبطل حقوقه. فصل 3713 - وإن قال وكلتك ببيع جميع مالي وقبض جميع ديوني صح لأنه يعرف ماله وديونه. فصل 3714 - وإن قال: تبيع ما شئت من مالي أو تقبض ما شئت من ديوني جاز لأنه إذا عرف ماله ودينه عرف أقصى ما يبيع ويشتري.

فصل التوكيل بمجهول الصفة والجنس 3715 - فإن وكله بشراء عبد بعينه أو بغير عينه فإن ذكر الجنس جاز، وإن ذكر الثمن جاز، ولزم الأمر، وإن أطلق لم يصح لأنه مجهول الصفة والجنس. 3716 - وقال الشافعي رضي الله عنه لا يصح وإن ذكر الثمن؛ لأن ذكر الثمن لا يدل على النوع، وقال: إن ذكر النوع جاز إذا قال تركيا. 3717 - لأن ذكر الجنس كذكر الثمن فكذلك ذكر الثمن يدل على ذكر الجنس. 3718 - وقال زفر رحمه الله تعالى: لابد من ذكر الجنس والثمن معًا، حتى يصح، لتزول الجهالة، والجنس إذا ذكر فقد دخل فيه الأعلى والأدنى. فصل الوكالة بخصومة كل ما يخاصمه 3719 - وتصح الوكالة بخصومة كل من يخاصمه ومن أصحاب الشافعي رضي الله تعالى عنه من قال لا تصح لأن الخصومة قد تقل وتكثر. فصل تعليق الوكالة على شرط 3720 - ويصح تعليق الوكالة على شرط مسقبل لأنه أمر، فجاز تعليقه بشرط كأمر صاحب الشرع وكالوصية. 3721 - ومن أصحاب الشافعي رضي الله تعالى عنه من قال الصحيح أنه لا يصح لأنه عقد تؤثر الجهالة فيه كالبيع والإجارة.

فصل تصرف الوكيل بعد الشرط 3722 - واتفق الفريقان أنه إذا وجد الشرط وتصرف الوكيل جاز تصرفه ولو كان العقد باطلاً لما جاز التصرف. فصل تسمية جعل الوكيل 3723 - ولكن قال الشافعي: إن كان سمي له جعلاً بطلت التسمية فوجب له أجر المثل؛ لأنه عقد فاسد لم يرض به بغير بدل فكان له أجر المثل كالأجرة الفاسدة. فصل (تنجيز الوكالة وتعليق التصرف) 3724 - قالوا: ولو عقد الوكالة في الحال، وعلق التصرف على شرط بأن قال: وكلتك بأن تطلق امرأتي بعد شهر أو ببيع عبدي جاز لأنه لم يعقد على شرط. فصل رجوع الوكيل بالثمن 3725 - وللوكيل أن يرجع بالثمن على الآمر فيما يلزمه من الثمن إذا وقع الشراء له، في الموقع الذي يصح، قبل نقد الثمن، وبعد نقده، لأنه لزم بإذنه.

فصل (لزوم الثمن الوكيل) 3726 - والثمن عندنا يلزم للوكيل بالعقد ولا يكون للبائع مطالبة الآمر، لأن العقد لم يكن معه عند علمائنا الثلاثة. 3727 - وقال زفر ومالك: له مطالبة المالك. فصل حقوق العبد 3728 - وعندنا حقوق العقد تتعلق بالوكيل. 3729 - ومن أصحابنا من قال: الملك ينتقل إلى الوكيل، ثم ينتقل من جهته إلى الموكل. 3730 - ومنهم من قال: تنتقل الحقوق من البائع إلى الموكل، وكذلك الملك. 3731 - وحكى أبو عبد الله البصري عن أبي الحسن رحمهما الله في شرح المختصر أن سائر الحقوق تنتقل إلى الوكيل من المالك. 3732 - لأنه لا يصح النيابة فيه وسائر الحقوق تجوز النيابة فيها فتعلقت بالوكيل.

باب فيما يلزم الموكل وما لا يلزمه من الأحكام

فصل حق الوكيل في حبس السلعة 3733 - وللوكيل حبس السلعة حتى يستوفي الثمن من الموكل؛ لأنه كالبائع في حق الوكيل. 3734 - وقال زفر رحمه الله تعالى ليس له حبس السلعة. فصل هلاك السلعة في حبس الوكيل 3735 - فإن حبسها فتلفت في يده بطل الدين، وحكى أبو الليث (السمرقندي) في خلافه فقال: هذا قول محمد رحمه الله تعالى. 3736 - وحكي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنها تهلك بالأقل من قيمتها من الدين. 3737 - وعن زفر رحمه الله تعالى أنه يضمن ضمان الغصب لأنه ليس له حبسه. فصل 3738 - ولو وكله بشراء ثوب أو دابة لم يجز حتى ينسبه إلى جنس، وليس كذلك بني آدم لأنهم جنس واحد، وإنما يفرق بينهم البلدان. باب فيما يلزم الموكل وما لا يلزمه من الأحكام

3739 - الوكيل بالخصومة والقبض إذا أقر عند القاضي أن الموكل قبض الحق أو أبرأ منه برئ الغريم وقبل في حقه وحق الموكل، وإن أقر عند غير القاضي لم يلزم الموكل ولم يكن للوكيل بعد ذلك المخاصمة؛ لأنه خرج من الوكالة، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد رضي الله تعالى عنهما. 3740 - وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى في أحد قوليه يجوز إقراره في الحالين ويلزم الموكل. 3741 - وقال زفر والشافعي رحمهما الله تعالى لا يجوز إقراره في الحالين ولا يلزم الموكل لأن ذلك ليس مقتضى الخصومة وإقرار ببطلان الخصومة. 3742 - وأبو حنيفة رضي الله تعالى عنه قال الإقرار أحد جوابي الدعوى يصح من الوكيل كالإنكار. فصل 3743 - وإذا وكله بالبيع فباع بقليل الثمن وكثيره فهو جائز عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى. 3744 - وكذلك إذا باع بالعروض والنقد والنسيئة. 3745 - وقالا والشافعي لا يجوز ذلك حتى يكون بمثل ثمن المثل وما يتغابن الناس فيه. 3746 - ولا يجوز بالعروض ولا يجوز بغير الأثمان. 3747 - وقد روى القدوري في تجريده في الشراء عن أبي يوسف رحمه الله تعالى روايتين مثل ما قاله في البيع.

فصل بيع الوكيل نصف العبد 3748 - وإن وكله ببيع عبد فباع نصفه جاز ولزم الأمر، وفي الشراء لا يلزم حتى يشتري الجميع، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى في الفصلين. 3749 - وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى والشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز بيعه النصف أيضًا ولا يلزم الموكل كما لا يلزمه الشراء. فصل التوكيل بإعتاق نصف العبد 3750 - وإن وكله بأن يعتق نصف عبده فأعتقه كله لم يصح ولم يعتق منه شيء عند أبي حنيفة رضي الله عنه. 3751 - وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يعتق كله. 3752 - وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يعتق كله. 3753 - ولو وكله بأن يعتق الكل، فأعتق النصف، عتق النصف، عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى. 3754 - وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يعتق الكل. 3755 - وقال أبو حنيفة في الطلاق إذا وكل بواحدة فطلق اثنين لم يصح ولا يلزم الأمر. 3756 - وقالا تطلق واحدة. 3757 - لأنه فعل المأمور به وزاد.

فصل وكله بأن يزوجه امرأة 3758 - فإن وكله بأن يزوجه امرأة فزاد في مهرها جاز عند أبي حنيفة وفرق بين النكاح والشراء. 3759 - وقالا هما سواء، ولا يلزمه ما زاد على مهر المثل لأنه لم يدخل تحت الإذن. فصل أمره بالتزويج ولم يسم امرأة 3760 - ولو أمر بالتزوج ولم يسم امرأة فزوجه امرأة غير كفوء له، أو أمة أو ذمية جاز عند أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه؛ لأنه دخل تحت عموم قوله. 3761 - وقال أبو يوسف ومحمد رحمه الله تعالى لا يجوز؛ لأنه بخلاف العادة فلا يجوز. فصل 3762 - فإن زوجة ابنته لم يجز في قول أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه صغيرة كانت أم كبيرة.

3763 - وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يجوز أن كانت كبيرة، وهذا مثل الوكيل بالشراء هل يجوز أن يشتري من أبيه وابنه؟ عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يجوز من كل من تجوز شهادته له. 3764 - وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يجوز. 3765 - ولأصحاب الشافعي رضي الله تعالى عنه وعنهم أجمعين في البيع من هؤلاء وجهان ولم أر قولهم في التزويج فأحكيه. فصل تزويج الوكيل موكله بامرأتين 3766 - وإن زوجه امرأتين لم يجز عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وفي أحد قولي أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى عنهما يجوز في واحد والبيان إلى الموكل يختار ذلك على مازاد في الوحدة بالخلاف. فصل 3767 - فإذا وكل بالإجارة أو البيع فأبرأ من عليه الأجرة، فإن كان بعد المدة جازة البراءة ويغرم الوكيل للموكل الأجرة في قول أبي حنيفة ومحمد. 3768 - وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى البراءة باطلة ولا يبرأ من الدين. 3769 - وكذلك الوكيل يقبض الدين؛ لأن حقوق العقد تتعلق بالعاقد. فصل الوكالة بالصلح على قصاص 3770 - ومن له قصاص إذا وكل بالصلح وكيلاً فصالح على قليل أو كثير

جاز عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى. 3771 - وإن كان وكيل المطلوب فزاد على الدية فإن لم يضمن يجوز على الموكل أيضًا وإن ضمن يجوز على نفسه. 3772 - ولا يجوز عندهما إلا بمقدار ما يتغابن فيه. فصل الوكالة بالصلح في شجة 3773 - فإن وكل رجلاً بالصلح في شجة ادعيت قبله، فصالحه الوكيل عن الجناية بالدية، فإن برئ من الشجة لم يجز، وإن مات فهو جائز على الوكيل، وإن كان ضمن فلا يجوز على الموكل. 3774 - وإن كان الوكيل صالح عن الشجة وما يحدث منها إلى النفس على خمسمائة، والشجة موضحة خطأ ثم برئ من الشجة فإن المشجوج يرد تسعة أعشار المال ونصف عشرة ويسلم له نصف العشر إن كانت الشجة موضحة. 3775 - وهذا قول أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه. 3776 - وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى الصلح جائز على الموكل ولا يرد شيئًا. فصل الصلح على الدم 3777 - وإن صالح على الدم على عبدين فإذا أحدهما حر فله الباقي وحده عند أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه.

3778 - وقال أبو يوسف له الباقي وقيمة الحر لو كان عبدًا. 3779 - وعند محمد رحمه الله تعالى له الباقي والزيادة إلى تمام الأرش. فصل باع جارية وكل ببيعها بقيمتها فزادت 3780 - وإذا وكل جارية ببيع جارية وقيمتها ألف درهم، والوكيل بالخيار فزادت قيمتها وصارت تساوي ألفين فأجاز الوكيل البيع أو مضى الثلاث فالبيع جائز في الوجهين جميعًا عند أبي حنيفة لأنه تعتبر القيمة في الجواز. 3781 - وقال محمد البيع باطل في الوجهين جميعًا كزيادة القيمة وحصول المعنى المفسد. 3782 - وعند أبي يوسف: إن أجاز البيع لم يجز إن سكت حتى مضت المدة جاز لأن جاز لأن مضى المدة من غير فعله، والإجارة فعله. فصل 3783 - ولو وكل رجلاً بشراء عبد فاشتراه بحنطة أو شعير، فإن كان بعينه فهو مخالف والشراء لنفسه في قولهم جميعًا، وإن كان ذلك في الذمة موصوفًا جاز الشراء للأمر عند زفر، وهو قول أبي حنيفة الأول. 3784 - وعندهما رضي الله تعالى عنهما يكون مشتريًا لنفسه، وهو قوله الثاني الآخر. فصل اشترى بنقصان أو باع بزيادة 3785 - ولو وكله أن يشتري شيئًا بألف درهم، أو بيعه بألف فاشترى

بنقصان وباع بزيادة فإنه يجوز عند الثلاثة من أصحابنا. 3786 - وقال زفر لا يجوز. فصل التوكيل بقبض معين 3787 - ولو وكله بقبض شيء بعينه من رجل فإن أعطاه إياه قبضه، وإن منعه فليس له أن يخاصمه فيه. فصل التوكيل بحمل امرأة الموكل إليه 3788 - وإن وكله بأن يحمل إليه امرأته أو عبده فأقامت الزوجة البينة بالطلاق والعبد بالعتاق لم يكلف الخروج وأوقف الحكم ولم يقض على الغائب عندنا. وقال الشافعي يقضى عليه. فصل 3789 - وإن وكله بقبض الدين فأثبت المدين الإبراء، ولو كان وكيلاً يقبض دين على رجل فأقام الغريم بينة بأنه أبرأه منه قبل عند أبي حنيفة وبرئ الغريم. 3790 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يبرأ ويوقف كالأول.

فصل اختلاف الوكالة بقبض الدين عن غيرها 3791 - وقال أبو حنيفة: الوكالة بقبض الدين ليست كالوكالة بقبض شيء بعينه، وإنما هي داخلة في باب المبادلة، فهي كالوكالة بالبيع ومن أصحابنا من قال: تسمع البينة فيما هو بعينه، وفيما ليس بعينه وإنه خصم إذا وكل بالقبض. فصل 3792 - وإذا وكل بالخصومة كان له أن يقبض عند علمائنا الثلاثة. 3793 - وقال زفر- رحمه الله تعالى- ليس له أن يقبض إلا بإذنه. 3794 - وهو قول الشافعي- رحمه الله تعالى- ولا يحتاج عند الجميع إلى أن يعد بينة بالوكالة على كل خصم إذا كانت عامة في كل حق قبل الناس. 3795 - فلو قبض وتلف ضمن ولم يبرأ الغريم. 3796 - وعند الثلاثة لم يبرأ. فصل 3797 - ولو قدم الوكيل رجلاً وادعى عليه حقًا لموكله وأقام بذلك بينة فشهدت بالدين والوكالة معًا، فمن أصحابنا من قال في ذلك قياس واستحسان، القياس أن لا يقبل البينة إلا أن تشهد بالوكالة أولاً ثم بالدين.

وهو قول زفر، والاستحسان أن يقبل ذلك، حكى ذلك أبو موسى في مختصره في الوكالة. 3798 - وقال الخصاف في أدبه للقضاء على قول أبي حنيفة لا يقبل حتى تثبت الوكالة أولاً؛ لأنه ليس بخصم عن صاحب المال إلا بعد إثبات الوكالة. 3799 - وقال أبو يوسف تقبل الشهادة على الأمرين جميعًا. 3800 - وكذلك الوصي ذلك. 3801 - وكذلك الوارث يدعي إن أباه مات ولا وارث له غيره، وأن له على هذا الرجل أو في يده ضيعه ويثبت الوفاة والميراث ببينة واحدة. فصل ادعاء وكالة عن غائب 3802 - ولو ادعى وكالة عن غائب وأراد إثباتها عند القاضي لم يجز إلا أن يكون معه خصم حاضر، يدعي عليه حقًا؛ لأنه قضاء على غائب. 3803 - وقال ابن أبي ليلى تسمع بينة ويحكم له بالوكالة وإن لم يكن معه خصم. 3804 - وهو قول الشافعي. 3805 - وإن كانت وكالة على رجل معين لم يكن له أن يخاصم غيره. فصل 3806 - وإن وكله عند القاضي ثم غاب كان له أب يخاصم في سائر الحقوق

التي جعلها إليه إذا كان القاضي يعرفها جميعًا. فصل 3807 - وإن كان لا يعرف الموكل فقال الوكيل أنا أحضر ببينة تعرفه فإنه لا يسمع ذلك لأنه لا خصم معه. فصل 3808 - وإذا أقر الوكيل باستيفاء الحق وتسليمه إلى الموكل قبل إقراره، وإن وهبه الحق أو تصدق به عليه لم يجز على الموكل، وضمن الوكيل. فصل 3809 - وعند زفر والشافعي الوكيل بالقبض لا يكون وكيلاً بالخصومة، والوكيل بالخصومة لا يكون وكيلاً بالقبض. فصل 3809 - ومن ادعى أنه وكل رجلاً وأنه وكله بقبض ما على رجل من الحق

فصدقه الرجل في الوكالة والدين أمره القاضي بدفع ذلك إليه عندنا. 3810 - وعند الشافعي لا يأمره بالدفع إليه ولا يجب الدفع كما لو ادعى قبض عين في يده. 3811 - وقد روي عن أصحابنا ف العين رواية أخرى أنه يجب عليه الدفع. 3812 - وقالوا جميعًا أنه لو ادعى الوصية وصدقه لم يجب عليه الدفع حتى يثبت بالبينة الموت والوصية. 3813 - وقالوا: لو ادعى أن أباه مات وأنه وارثه لا وارث له غيره لزمه الدفع إليه. فصل إنكار الغريم 3814 - فإن حضر الغريم وأنكر الوكالة كان لمن عليه الدين أن يحلفه بالله تعالى ما قبض بأمرك ووكالتك له. 3815 - فإن حلف يرجع الغريم عليه بالدين ويرجع الغريم على الوكيل بما قبض إن كان باقيًا في يديه. فصل 3816 - فإن ادعى الوكيل أنه سلمه إلى الغريم أو ضاع منه فالقول قوله عندنا في براءة نفسه، ومن أصحاب الشافعي من قال لا يبرأ أو يضمن إلا أن يقيم بينة بالدفع إلى الموكل فلا شيء عليه. فصل ادعى الوكالة والدين 3817 - فإن ادعى الوكالة والدين فأقر الغريم بالدين وجحد الوكالة فطلب

الوكيل يمينه أنه ما يعلم أنه وكيل فلان بقبض ماله، فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى روى عنه لا يحلف. 3818 - وقال أبو يوسف يحلفه ما يعلم أن الطالب وكله بقبض ماله عليه. 3819 - واختلفت الرواية عنهم في الوارث هل يحلف أم لا؟ فإن حلف الغريم فلا شيء عليه، وإن نكل عن اليمين أمره بدفع المال ولا يكون ذلك قضاء على الغائب. فصل أنكر الدين وأقر بالوكالة 3820 - وإن أنكر الدين وأقر بالوكالة، وأراد الوكيل أن يقيم البينة على الدين لم يقبل القاضي ذلك، ولا يكون وكيلاً، ولا يثبت الحق ببينة إلا بعد إثبات الوكالة من الموكل. فصل الوكالة المشروطة 3821 - وإن وكله بأن لا يقر عليه بحق ولا يبطل له حقًا ولا يعدل شاهدًا جاز ذلك على ما شرط بلا خلاف في ذلك من الناس. فصل خلاف الوكيل من الخصومة 3822 - وكل وكيل أقر على موكله بما يبطل حقه خرج من الخصومة باتفاق وكان للموكل أن يطالب بحقه بنفسه أو بغيره عند من لم يجز إقراره

عليه من الناس على ما تقدم بيانه. فصل 3823 - وحكى أبو الليث عن أبي يوسف رحمهما الله تعالى أنه أجاز وكالة الحاضر للنساء ومنع في الرجل، وأن ابن ليلى أجاز ذلك للبكر دون الثيب وللرجل في خلافه لأصحابنا. فصل توكيل اثنين. 3824 - ومن وكل اثنين بالخصومة أو قضاء ديونه جاز لأحدهما فعل ذلك عند علمائنا الثلاثة. 3825 - وقال زفر رحمه الله تعالى لا يجوز إلا أن يجتمعا على ذلك. 3826 - واتفقوا على أنه لو وكلهما بالقبض لم يقبضا إلا جميعًا. فصل الوكيل أمين 3825 - والوكيل أمين فيما في يده، والقول قوله في ضياع المال وتلفه ورده على صاحبه لأنه نائب عن الموكل في اليد والتصرف. فصل الوكالة ببيع سلعة 3826 - وإن وكله ببيع سلعة فباعها وقبض ثمنها فتلف الثمن ثم استحق

المبيع رجع على الوكيل ثم رجع الوكيل على الموكل. 3827 - وقال الشافعي رحمه الله تعالى يرجع على الموكل لأن البيع له وقع. فصل هل للوكيل أن يوكل غيره؟ 3828 - وليس للوكيل أن يوكل غيره بمطلق الوكالة عنه. 3829 - قال ابن أبي ليلى يجوز له أن يوكل بمطلق الوكالة له، واتفق الجميع على أنه لو قال افعل ما ترى أو أجاز ما صنع فله أن يوكل منشاء. 3830 - وقال أصحابنا: لو باع بحضرة الموكل وأجاز ما صنع جاز وكان كأنه هو الذي تولى ذلك. 3831 - وقال زفر لا يجوز. فصل 3832 - وإذا جعل إليه أن يوكل غيره ومات صاحب الحق بطلت الوكالة منهما جميعًا، فإذا مات الوكيل الأول فالثاني على وكالته، وكذلك إن أخرج الموكل الأول فالثاني على وكالته. 3833 - وإن أخرج الوكيل الأول الثاني من الوكالة فهو إخراج. فصل 3834 - ومتى ثبت الحق على المطلوب وقال: حلف الوكيل أنه لا يعلم أن الطالب قبض حقه مني فلا يمين على الوكيل، وإن قال: أريد يمين الطالب حتى أسلم إلى الوكيل، قيل له: ادفع إلى الوكيل واتبع

باب ما يبطل الوكالة

الطالب واستحلف؛ لأن اليمين لا تجب على الوكيل. فصل 3835 - وقالوا لو وكل رجلين بطلب حقوقه والخصومة فيها، فحضر أحدهما ومعه خصم فهو وكيل في خصومته وإثبات الحق عليه، إلا أنه لا يقبض دون صاحبه، حكى الخصاف ذلك من غير خلاف، وهو على الخلاف المتقدم بلا شك فيه، والله تعالى أعلم. باب ما يبطل الوكالة 3836 - اتفق أصحابنا رحمهم الله تعالى على أن الوكالة تبطل بموت كل واحد منهما، وأنها لا تورث. فصل 3837 - وإن باع الموكل ما وكل عليه بيعه بطلت الوكالة وإن لم يعلم الوكيل بذلك لأنه زال ملكه منه. فصل عزل الوكيل وهو لا يعلم 3838 - وإن عزل الوكيل وهو لا يعلم لم يعزل عندنا، وكذلك إن عزل

نفسه بغير علم الموكل فهو على وكالته حتى يعلم. 3839 - خلاف الشافعي رحمه الله تعالى في الفصلين جميعًا. فصل جنون الموكل وردته 3840 - ولو جن الموكل جنونًا مطبقًا أو ارتد ولحق بدار الحرب بطلت الوكالة وإن رجع الموكل مسلمًا لم ترجع الوكالة. فصل جنونه ساعة 3841 - ولو جن ساعة لم يخرج وكيله لأنه بمنزلة النوم والإغماء والقياس يوجب خروجه من الوكالة. فصل ارتداد الوكيل 3842 - وكذلك الوكيل لو كان هو المرتد نقد خرج من الوكالة. 3843 - وقال محمد بن الحسن: يعود وكيلاً إذا عاد مسلمًا لأن ملكه لم يزل عن شيء كما زال ملك الموكل. فصل علم القاضي بالوكالة 3844 - وإذا علم القاضي بأنه وكيل أنفذ له الوكالة وأمر الخصم أن يدينوا له، كذلك أن علم بالعزل صرفه من الوكالة لأن علمه طريق إلى إثبات الحق كالبينة.

3845 - هذا إذا علم بذلك بعد الولاية وفي عمله وإن كان في غير عمله وقبل ولايته لم يحكم بعلمه. 3846 - وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى من غير خلاف عنه. 3847 - وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي وغيرهم رحمهم الله تعالى: ذلك كله سواء، ويجوز الحكم بما عليه في جميع (الأمور) إلا الحدود خاصة. 3848 - وحكى أبو موسى في مختصره بأن من أصحابنا من قال يحكم بما علمه في الحدود أيضًا وحكى أن مالكًا قال لا يحكم بعلمه في شيء أصلاً. 3849 - وقد حكينا عن محمد بن الحسن رحمه الله تعالى أنه قال ذلك أيضًا، وأنه قال إذا قال الحاكم أن هذا قد أقر عندي بالزنا فارجموه لم يسع الناس ذلك ولم يرجم، قال وليس هذه الطاعة لمخلوق بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وألزمه أصحابنا أنه لا يجوز قضاء قاض حتى يكون معه شاهدان ويذكران معه في العهد. فصل 3850 - وكل من لا يقضي له القاضي، لا بعد أن يحلف المدعي فإن الوكالة به لا تصلح وهذا كارد بالعيب، وأخذ الشفعة، واستيفاء ما يحكم به على الميت، وهذا يجيء على قول أبي يوسف، وما روي عن أبي حنيفة. 3851 - وذكر في الحصاف مسألة الرد بالعيب أنه لا تصح الوكالة به من غير خلاف ذكره. 3852 - وذكر الطحاوي مسألة العيب والشفعة وذكر الخلاف في ذلك أنه لا يحكم له حتى يحلف عند أبي يوسف، وعند أبي حنيفة يحكم إلا أن

يطلب الخصم فيحلف، ولا يحلف من غير طلب في رفد مضل الإيمان من هذا الكتاب. 3853 - وكتاب الوكالة من الكتب الكبار، وفيه كل مسألة عجيبة من المسائل، وفي الذي ذكرته مسائل الخلاف وبعض ما تمس الحاجة لئلا يطول الكتاب. 3854 - وإذ قد ذكرنا الوكالة وكانت تستفاد من جهة الأمر واختصت بحال الحياة وكان يحتاج إلى التصرف بعد الموت (بالوصية وجب) ذكر ذلك.

كتاب الوصايا

كتاب الوصايا وهذا كتاب الوصايا الحاجة إلى الوصية 3855 - اعلم أن الحاجة داعية إلى الوصية، مثل ما دعت إلى الوكالة في حال الحياة لأن الإنسان يحتاج إلى أشياء يفعلها بعد موته، يكون فيها نجاته من ربه في معاملاته، وقضاء ديونه، وما عليه من النذور والقروض التي تركها، إما عمدًا أو سهوًا، أو اغترارًا بالحياة وسكونًا إلى البقاء. سند الوصية من السنة 3856 - وقد وصى النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة الراشدون بعده، فأوصى النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي، وأبو بكر إلى عمر وعمر إلى أصحاب الشورى، ووصى إلى الزبير سبعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عثمان والمقداد وعبد الرحمن

بن عوف، وابن مسعود فكان يحفظ عليهم أموالهم وينفق على أيتامهم من ماله. فصل حديث سعد 3857 - وروي أن سعدًا اشتكى عام الفتح فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال يا رسول الله إن لي مالاً كثيرًا وليس يرثني إلا ابنتي أفأوصي بمالي كله؟ فقال: لا. فقال فالبشطر منه؟ فقال: لا. فقال فبالثلث؟ قال:

الثلث والثلث كثير، لأن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس. فقه خبر جواز الوصية بالثلث 3858 - وفي هذا الخبر من الفقه: جواز إعادة المريض. والثاني يدل على جواز اقتناء المال الكثير. والثالث أنه لا تجوز الوصية بما زاد على الثلث. والرابع أن الثلث في حيز الكثير الجائز. والخامس أن النهي عن الوصية إنما هو لأجل الورثة. والسادس أن غنى الورثة أمر مندوب إليه عن الناس ففيه هذه الوجوه كلها.

آثار أخرى في الوصية 3859 - وروى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من حق امرئ مسلم يمر عليه ليلتان وله شيء يوصي به إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه وروى أن النبي عليه السلام قال: "إن الله تعالى جعل لكم ثلث أموالكم في آخر أعماركم، وقد روى عن النبي عليه السلام أنه قال: لا وصية لوارث إلا أن يجيزها الورثة رواه عمرو بن خارجة وأبو إمامة الباهلي ورواه الحسن بالزيادة إلا أن يجيزها الورثة وأولئك بغير زيادة.

فصل 3860 - والوصية بالثلث جائزة على الورثة وإن سخطوا وإن كان يضيرهم، والمستحب إن كانوا فقراء أن لا يوصي بشيء لغيرهم.

فصل متى يعتبر الثلث 3861 - والثلث يعتبر يوم الموت لا يوم الوصية لأن الموت هو السبب في جواز ذلك وحصول الملك به. فصل 3862 - وتفتقر إلى قبول لأنها عقد تبرع كالهبة، والوكالة. 3863 - ومن أصحاب الشافعي من اعتبر الثلث يوم الوصية. 3864 - فإن كان له مال صحت الوصية به، وإن استفاد مالاً بعد ذلك لم تصح فيه الوصية. 3865 - لأنه عقد يقتضي اعتبار المال فاعتبر بحال العقد، كما أونذر أن يتصدق بثلث ماله، فعلى هذا إذا أوصى وثلث ماله ألف فصار عند الوفاة ألفين لم تلزمه الزيادة، ولو أوصى وله مال فهلك بطلت الوصية. 3866 - ومنهم من قال مثل قولنا وهو الصحيح من المذهب. فصل جواز الوصية في ماله وفيمن يلي عليه في ماله 3867 - وتجوز وصية الإنسان في ماله ومن يلي عليه في ماله من ولده الصغار والكبار المجانين، إلا في تزويج الصغار فإنه لا يجوز. 3868 - وقد روي عن أبي حنيفة جواز ذلك. 3869 - وهو قول مالك وأبي ثور.

3870 - وقد روي في خبر قدامة بن مظعون لما زوج ابن عمر ابنة أخيه وقال أنا عمها ووصي أبيها، وذكر الخبر إلى أن قال أنها يتيمة، وأنها لا تنكح إلا بإذنها، ولأنها ولاية تستحق بالشرع فكان أولى من الوصي. فصل ما تجوز الوصية فيه من الحقوق 3871 - وتجوز الوصية في كل حق تجوز النيابة فيه عن الإنسان من دين أو حج

أو زكاة أو وديعة؛ لأنه إذا جاز أن يوصي في حق غيره فحقه أولى. فصل أهلية الموصي 3872 - وكل من ملك التصرف في ماله بالبيع والهبة فله الوصية في وجوه القرب كلها. فصل 3873 - والمستحب لمن وجب عليه كفارة أو عبادة أن يؤدي ذلك في حال حياته ولا يؤخر ذلك إلى ما بعد الموت، ويجوز أن يعرض ما يمنعه من ذلك. فصل 3874 - فإن أوصى بذلك اعتبر جميع ما يخرجه من القرب والحج والزكاة والكفارات من الثلث. 3875 - وقال الشافعي يعتبر من جميع المال كالدين، وعندنا كل ذلك يسقط بالموت فلا يجب قضاؤه من التركة. فصل الوصية بالقرب 3876 - وإن أوصى بالحج والزكاة ووجوب القرب من عتق النسمة ولإنسان

من غيرهم والثلث يحتمل ذلك فلا كلام فيه، ولا خلاف أنه يجوز، وإن كان الثلث لا يحتمله ولا يجيز الورثة تحاص الجميع في الثلث. فصل ما يبدأ به [من] الوصية 3877 - واختلف أصحابنا فيما يبدأ به من ذلك فقال الطحاوي يبدأ بالزكاة ثم الحج ثم الكفارات. 3878 - وقال أبو الحسن يبدأ بما بدأ به الموصي في اللفظ. 3879 - وقال أبو موسى في «مختصره» عن أصحابنا أنه يبدأ بما بدأ به في اللفظ إلا أن يكون حجة الإسلام فإنه يبدأ بها وإن أخرت. تحاص الوصية بالحج وبنسمة 3880 - وإن كانت الوصية بنسمة بعينها والحجة حجة الإسلام فإنهما يتحاصان على كل حال. 3881 - وقال عن نفسه أنه يرى أن يتحاصا في هذه الوجوه كلها، ولا أبالي حجة الإسلام كانت أو النسمة بعينها أو بغير عينها، ولا أنظر إلى ما قدمه الموصي في اللفظ أو أخره؛ لأن الجميع يلزم بالموت. فصل 3882 - ويعتبر الثلث يوم الموت، ويجوز على الورثة وإن كرهوا لأنه لا خلاف في ذلك. فصل 3883 - وينبغي أن يدع من الثلث شيئًا للورثة لقوله عليه السلام "الثلث

والثلث كثير، لأن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس". فصل الوصية بما زاد 3884 - وإن أوصى بما زاد على الثلث، أو لوارث، وقف على إجازة الورثة، فإن أجازوا ذلك جاز، وأن ردوا بطل. 3885 - وللشافعي قولان فيما زاد أحدهما أنه لا تصح الوصية به، والثاني تصح. تكييف الوصية 3886 - وهل يكون ذلك تمليكًا من جهة الميت إذا أجاز الورثة أو من جهة الورثة؟ 3887 - على قولين أحدهما من جهة الميت. 3888 - ويصح بلفظ الإجارة، ويكون الولاء للميت، إن كان ذلك عتقًا. 3889 - والثاني من جهة الورثة كما يعتبر في الهبات وقبول الموصي له ذلك، ويكون الولاء لهم إن كان عتقًا دون الميت، ويتحاصون إن كان الثلث لا يبلغ ذلك. 3890 - وقد روينا أنه عليه السلام قال "لا وصية لوارث إلا أن يجيزها للورثة". فصل هل للورثة الرجوع في الإجازة. 3891 - وإن اجاز الورثة في حياة الموصي فلهم الرجوع بعد الموت، لأنهم

أسقطوا الحق قبل وجوبه ووجود سببه. وهو قول الشافعي. 3892 - وقال ابن أبي ليلى ومالك يجوز ذلك ولا رجوع لهم في ذلك، كما لا يملكون الرجوع بعد الموت. فصل أوصى بثلث ولآخر بنصف 3893 - فإن كان أوصى لرجل بثلث ماله، ولآخر بنصف ماله، فإن أجاز الورثة أخذ كل واحد ما وصى له به وإن ردوا قسم الثلث بينهما بالسوية عند أبي حنيفة وزفر، حكاه أبو موسى في المختصر؛ لأن السدس الزائد على الثلث قد استحقه الورثة فلا يضرب به مع أنه قد بطل. 3894 - وقال أبو يوسف ومحمد يقسم الثلث على خمسة أسهم لصاحب النصف ثلاثة ولصاحب الثلث اثنان، وهو قول الشافعي. وجعلوا ذلك كالعول في الفرائض والدين. فصل وصى بجميع ماله ولآخر بنصفه 3895 - ولو وصى لرجل بجميع ماله، ولآخر بنصفه، فلم يجز الورثة فالثلث بينهما نصفين؛ لأن كل واحد لا يضرب بما زاد على الثلث في قول أبي حنيفة، وإن أجاز الورثة قسم المال بينهما على أربعة أسهم لصاحب الجميع، ثلاثة أرباع ولصاحب النصف الربع عند أبي حنيفة.

3896 - واختلف أبو يوسف ومحمد في تفسير قوله، فقال أبو يوسف يأخذ صاحب الكل النصف بلا منازعة، والنصف الباقي يقسم بينهما نصفين فيكون له ثلاثة أرباع. 3897 - وقال محمد يقسم الثلث بينهما بالوصية ويأخذ صاحب الكل الثلث الزائد على النصف، ويتساويان في دعوى السدس فيسلم بينهما نصفين فيصير له الربع، أعني صاحب النصف. 3898 - وقد ضعف هذا الطريق وهذا التفسير. 3899 - وعلى قولهم يقسم المال على سبيل العول فيكون لصاحب الكل الثلثان ولصاحب النصف الثلث فيقسم ذلك إلى ثلاثة أسهم. فصل وصى بالربع ولآخر بالثلث ولآخر بالنصف 3900 - ولو وصى لرجل بربع ماله، ولآخر بثلث ماله، ولآخر بالنصف، فإن أجازوا قسم على ثلاثة عشر سهمًا، لصاحب الربع ثلاثة ولصاحب الثلث أربعة، ولصاحب النصف ستة، هذا قول أبي يوسف ومحمد. 3901 - وكذا يقسم الثلث على ثلاثة عشر إذا لم يجز الورثة على قولهما وعلى قول أبي حنيفة إذا لم تجز للورثة، فعلى قول أبي يوسف في تفسيره لصاحب الثلث أربعة ولصاحب النصف أربعة ولصاحب الثلث ثلاثة لأنه يضرب بما زاد على الثلث فيكون الثلث على أحد عشر سهمًا. 3902 - وأما إذا جاز الورثة فعند أبي يوسف وطريقه يأخذ صاحب النصف السدس بلا منازعة، وذلك سهمان من اثني عشر، ويأخذ صاحب النصف والثلث نصف سدس وهو الزائد على الربع، فيصير المال أربعة وعشرين لأن لها سدسًا ونصف السدس وهو الزائد على الربع

فيصير المال أربعة وعشرين لأن لها سدسًا ونصف السدس وهو الزائد على الربع فيصير المال أربعة وعشرين لأن لها سدسًا ونصف سدس صحيح يبقى ما وقع عليه المنازعة وهو ستة عشر لا تصح على ثلاثة فاضرب ثلاثة في اثني عشر يكون ستة وثلاثين سهمًا لصاحب النصف ستة بلا منازعة ونصف سدس وهو ثلاثة بلا منازعة صاحب الثلث فيصير الجميع تسعة وله ثمانية بالقسمة فيكون الجميع الذي يصيبه سبعة عشر ولصاحب الثلث أحد عشر ولصاحب الربع ثمانية، وهذا وجه تفسير أبي يوسف عن أبي حنيفة. 3903 - وعند محمد إذا أخذ صاحب النصف السدس بقي الثلث فيضرب كل واحد بمقدار حقه فيضرب صاحب الثلث بالثلث وصاحب النصف بالنصف وصاحب الربع بالربع فيكون لصاحب النصف بمقدار النصف وللآخر بمقدار الثلث وللآخر بمقدار الربع وتصبح المسألة من ثلثمائة واثنى عشر فيكون لصاحب النصف مائة واثنى وسبعين ولصاحب الثلث ثمانين ولصاحب الربع ستين. 3904 - وقد طعن أصحابنا في هذا القول. فصل أوصى بثلث ولآخر بجميع ماله 3905 - وعلى هذا لو وصى لرجل بثلث ماله، ولآخر بجميع ماله، فلصاحب الجميع خمسة أسداس المال، ولصاحب الثلث السدس لأنه لا ينازعه في الثلثين وقد تساويا في الثلث. 3906 - وعند أبي يوسف ومحمد ينقسم على أربعة لأنهما يقسمان على القول. 3907 - وهو قول الشافعي. 3908 - وقد روى (الحسن) بن زياد ذلك عن أبي حنيفة حكاه أبو الليث في خلاف أصحابنا له على طريق غير طريقهما.

فصل لو وصى لرجل بعبد ولآخر بنصفه 3909 - وعلى هذا لو وصى لرجل بعبد ولآخر بنصفه، وهو يخرج من الثلث قسم بينهما على أربعة أسهم: ثلاثة أسهم لصاحب الكل والربع لصاحب النصف لتساويهما في النصف. 3910 - وعندهما يقسم على ثلاثة أسهم الثلثان لصاحب الجميع والثلث لصاحب النصف. 3911 - وكذلك الخلاف إذا ادعى رجل دارًا في يد آخر نصفها وأقام كل واحد منهما البينة قسمت على هذا الخلاف. 3912 - واتفقوا على أنه يضرب كل واحد بما دون الثلث وإن كثر كالربع والسدس والخمس وسائر أجزاء الثلث، وهذا قولهم جميعًا. فصل الإدلاء بسبب صحيح 3913 - وأصل أبي حنيفة أن كل من أدلى بسبب صحيح فهو يضرب به، والسبب الصحيح عنده كل ما كان قويًا في نفسه لا يحتاج إلى معنى آخر ينضم إليه، فعلى هذا لا يضرب بما زاد على الثلث لأنه يحتاج إلى الإجازة والثلث لا يحتاج إلى ذلك لأنه صحيح. 3914 - وأصل آخر أنه لا يضرب بما زاد على الثلث إلا بالدراهم المرسلة

وبقيمة نفسه عن كان موصى بعتقه وبقيمة العبد إن كان معتقًا في المرض، وبمحاباة في البيع إن كان محاباة به، وأن لا يضرب بما سوى ذلك. 3915 - وعند أبي يوسف يضرب بذلك كله. 3916 - وكل الوصايا عنده سواء. 3917 - وهو قول محمد. وقد مضى أصلهما في ذلك.

باب ما يكون قبولا للوصية وما يكون ردا لها

باب ما يكون قبولاً للوصية وما يكون ردًا لها فصل 3918 - اتفق أصحابنا على أن الوصية إذا كانت لمعين أنه يحتاج إلى قبول الوصية، وهو قول الشافعي، وإن كانت لغير معين كالفقراء والمساكين ووجوه القرب لم يحتج إلى ذلك. فصل 3919 - ولو أوصى إلى رجل وقال لا أقبل فهو رد لها، ولا يجوز قبوله بعد ذلك لأنه عقد فبطل بالرد كالبيع. فصل 3920 - ولو رد في غيبة الموصى ثم مات وقبل فهو جائز إلا أن يخرجه القاضي؛ لأن الوصية إنما تتم بعد الموت فقد رد قبل ثبوت الحق. فصل الرد برسول أو كتاب 3921 - وإن ردها برسول أو كتاب فهو رد لها لأن ذلك قائم مقام

لعلمه بالرد. فصل 3832 - وقالوا لو لم يصل الكتاب ولا بلغ الرسول ثم مات وقبل فهو وصي ذلك ليس إذا لم يبلغ. فصل الرد في وجهه 3833 - ولا يكون رد الوصية في غير وجهه رداً. 3834 - وقال الشافعي يكون رداً لها بناء على أصله إن علم الوكيل لا يعتبر في فسخ الوكالة. فصل لا رد بعد قبول الوصية بعد الموت 3837 - ولو قبل الوصية بعد الموت لم يكن له أن يردها بعد ذلك لأنها لزمت وصحت.

فصل الرد بعد الموت 3838 - ولو ردها بعد الموت ولم يقبلها فهو رد، ولا يكون له أن يقبل بعد هذا لأن الإيجاب بطل بالرد كإيجاب البيع. فصل موت الموصى له 3839 - ولو مات الموصى له في حياة الموصي أو مع موته بطلت الوصية لأن ذلك إنما هو إيجاب بعد الموت فبطل بموت الموجب له. فصل 3840 - ولو مات الموصي ثم مات بعده الموصى له ولم يقبل ولم يرد فهو قبول وينتقل عند علمائنا الثلاثة. 3841 - وقال زفر: يكون لورثة الموصي ولا يملكها الموصى له. 3842 - وهو قول الشافعي. 3843 - كما لا يملك البيع بموت المشتري قبل القبول. 3844 - وشبه أصحابنا ذلك بمن له الخيار إذا مات بطل خياره، وملك الورثة ذلك، لأن الوصية لزمت من جهة الموصي بحيث لا يلحقها الفسخ. فصل الرد بعد القبول قبل القبض 3845 - وإن رد القبول قبل القبض لم يصح رده، لأنه ملكه ملكاً تاماً،

باب من تجوز له الوصية ومن لا تجوز وما يجوز الوصية به وما لا يجوز

فصار كالرد بعد القبض. 3846 - ولأصحاب الشافعي وجهان. أحدهما هذا. والثاني قالوا: يصح الرد، وهو المنصوص، لأنه تمليك من جهة آدمي من غير بذل فصح رده قبل القبض كالهبة. فصل 3847 - وقالوا إذا لم يرد ولم يقبل كان للورثة المطالبة بالقبول أو الرد، فإن امتنع من القبول أو الرد حكم عليه بالرد، لأن الملك متردد بينه وبين الورثة كما لو حجر أيضاً وامتنع من إحيائها. فصل موت الموصى له بعد موت الموصي 3848 - وقالوا: إذا مات بعد موت الموصي فالقبول إلى وارثه والرد. 3849 - وعندنا قد ملكوا بموته ولا يفتقر إلى قبولهم، ولا يبطل بردهم، وقد مضت. باب من تجوز له الوصية ومن لا تجوز وما يجوز الوصية به وما لا يجوز 3850 - اعلم أنه قد كانت الوصية واجبة للوالدين والأقربين، وذلك

منسوخاً عندنا لقوله عليه السلام "لا وصية لوارث بعد قوله إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، وهو قول عامة الفقهاء. 3851 - وإن أوصى لوارث صحت الوصية ووقفت على إجازة سائرة الورثة لقوله عليه السلام إلا أن يجيزها الورثة، ويعتبرها في إجازة الورثة أن يكون المجيز بالغاً عاقلاً صحيحاً. 3852 - فإن كان مريضاً اعتبر ما يجوز من الثلث كما لو وصى بوصية. فصل إجازة الوارث قاصره 3853 - ومن أجاز من الورثة لزم في حقه ولا يلزم من لا يجيز، لأن من أسقط حقه لزمه الحكم كالشفيع إذا أسقط من حق الشفعة. فصل الوصية لحربي 3854 - ولا تجوز الوصية رحربي في دار الحرب وإن أجازها الورثة، وإن كان في دار الإسلام جازت. 3855 - وقال الشافعي يجوز في الحالتين. 3856 - لأن اختلاف الدار يمنع من ثبوت الحقوق لنا عليهم، ولهم علينا،

لأن الأموال مباح أخذها لنا، وفي دارنا تثبت الحقوق. 1957 - والمسلم والذمي فمبقي على حكم الدار فصح الوصية له. فصل الوصية لقاتل 3858 - ولا تجوز الوصية لقاتل إلا أن يجيز ذلك الورثة عند أبي حنيفة ومحمد. 3859 - وقال أبو يوسف لا يجوز بحال. 3860 - وقال الشافعي تجوز. 3861 - وقال مالك: إن كان قبل الجرح تجوز وإن كان بعد الجرح لا تجوز لقوله لا وصية لقاتل، وليس للقاتل شيء، ولأن الميراث آكد حالاً من الوصية وقد سقط بالقتل فالوصية أولى، ومع إجازة الورثة تصير كسائر هبات الميت التي تقف على الإجازة. 3862 - وقال الشافعي ليس بوارث فينبغي أن تجوز الوصية له لأنه كالأجنبي وتعلق بدليل الخطاب في الخبر، ودليل الخطاب ليس بحجة عندنا. فصل الوصية بشيء أو حظ أو قسط الخ 3864 - ومن وصى لرجل بشيء من ماله أو بحظ أو بقسط أو بجزء أو نصيب فذلك كله سواء، ويعطي ما أحب الورثة في ذلك لأن ذلك مجهول

والوصية تثبت في المجهول كالعتاق والطلاق. فصل الوصية بسهم من المال 3865 - ولو أوصى بسهم من ماله فأبوا حنيفة يقول يكون له السدس إن كانت الفريضة أقل من ستة أسهم، وإن كانت أكثر فله أحسن سهام الورثة. 3866 - وروي عنه أنه يعطى كأحسن سهام الورثة ما لم يزد على السدس فإن زاد أعطاه السدس. 3867 - وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى له كأقل سهام الورثة ما لم يزد عن الثلث فإن زاد أعطاه الثلث. 3868 - وقال الشافعي هذا كله مجهول وهو مثل النصيب والجزء. 3869 - وروى أبو حنيفة عن ابن مسعود أن رجلاً أوصى لرجل بسهم من ماله فلم يدر يدفع إليه فارتفعوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فجعل له السدس. 3870 - وعن ابن مسعود نفسه مثل ذلك. 3871 - وقال إياس بن معاوية أن السهم السدس، والسهم عول فاضل على الفريضة وأقل ما تعال به الفريضة السدس. فصل أوصى بمثل نصيب ابنه 3872 - ولو أوصى بمثل نصيب ابنه، ثم مات ولا وارث له غير الابن، فقد أوصى له بالنصف من ماله، لأن المثل يقتضي بالمساواة، فإن أجاز الابن أخذ النصف وإن لم يجز أخذ الثلث.

فصل أوصى بنصيب ابن 3873 - وان أوصى لرجل بنصيب ابن وله بنون فالوصية باطلة، لأنه أوصى بحق الغير فلا يجوز. فصل 3874 - وإن لم يكن له ابن، كان للموصى له نصيب ابن، لو كان له، من الميراث، لأنه لم يوص بحق الغير هنا، فتصح الفريضة، ويزيد عليها نصيب ابن لو كان، ثم يزيد عليها مثل النصيب الموصى له، فيكون له من جملة الثلث، لأنه وصى بمثل نصيب ابن لو كان وهذا يقتضي مساواة الموصى له فيما يصل إليه ولذلك أمثلة. فصل الوصية بالحمل وللحمل 3875 - والوصية بالحمل وللحمل جائزة، وإذا ولد، ولما يعلم أنه كان محمولاً به يوم كانت الوصية لأن أكثر ما في ذلك أن يكون مجهولاً وفي ذلك تعليق له بخطر وذلك لا يمنع الوصية. 3876 - وقياساً على الميراث أنه يثبت للحمل. فصل 3877 - ولو وصى بثلث ما له لفلان وفلان فنظر فإذا أ؛ دهما ميت وهو

يعلم أو لا يعلم، فالثلث للحي منهما عند أبي حنيفة ومحمد. 3878 - وروي عن أبي يوسف أنه قال: إن كان يعلم أن أحدهما ميت فالثلث للحي، وإن كان لا يعلم بذلك للحي نصف الثلث، لأن قوله لفلان لو سكت عليه ملك الوصية فلما زاحمه من لا تصح منه المزاحمة صار كما لو قال وللحائط. 3879 - وكذلك إذا قال ثلث مالي لفلان وللمولى فهو للحي. فصل 3880 - ولو قال بن فلان وفلان وأحدهما ميت وهو بذلك عالم فللحي نصف الثلث. فصل 3881 - ولو قال ثلث مالي لفلان وفلان ثم مات أحد الموصى لهما قبل موت الموصي، فللحي نصف الثلث ويعود نصفه إلى ورثة الموصي، لأن لفظة بين لا تقتضي الانفراد، ولو سكت عليهما فالحي يزاحم الميت. 3882 - وبقول أبي يوسف قال الشافعي، وزاد على ذلك بأن قال: ولو وصى لفلان وجبريل أو الجن فهو مثل مسئلتنا. فصل تغليب العتق عند تنفيذ الوصية 3883 - والمريض إذا أعتق عبداً أو وهب هبة أو وصى لأناس شتى أو في أبواب البر مع العتق فإنه يبدأ بالعتق في هذا كله، وهو قول ابن عمر

وإبراهيم وسائر أصحابنا، لأن للعتق تغليباً وسراية فهو آكد ولا ينقض بعد ثبوته. 3884 - وقد حكى أبو موسى في مختصره أن عند بعضهم الثلث بينهم بالحصص إذا لم يحملهم الثلث. قال أبو موسى وهو القياس والنظر. فصل 3885 - وقال أبو حنيفة: إن كان بدأ بالمحاباة ثم أعتق عبداً بالمحاباة أولى عنده، وعندهما يبدأ بالعتق في ذلك كله على كل حال. وإن بدأ بالعتق ثم المحاباة تحاصا وعتق من العبد مقدار ما يخصه وسعى في نفسه عند أبي حنيفة، لأنه إذا بدأ بالمحاباة وجب تقديمها لأن فيها معنى المفاوضة، وقد جعل مزية التقديم باللفظ فصارت كالإقرار بالدين مع الوصية. 3886 - وإذا قدم العتق فقد حصل لكل واحد مزية فتساويا. فصل 3887 - وإن أوصى أن يباع عبد بعينه من رجل بمثل قيمته فإن ذلك يجوز، وإن لم يكن للميت مال غيره لأنه قد أعطى الوارث مثل ما أخذ منه. 3888 - ولو باع عبداً يساوي ثلاثمائة بمائة في مرضه فإن أجاز الوارث ذلك جاز، وإن لم يجز بالمشتري بالخيار إن شاء زاد مائة أخرى وجاز له البيع وإن شاء فسخ، وشبهوا ذلك بمن اشترى ثوباً على أنه ثمانية

أذرع كل ذراع بدرهم فأصيب تسعة فإنه إن شاء زاد درهماً وأخذ الثوب وإن شاء فسخ. 3889 - وقال زفر: يكون للمشتري ثلث الثوب بغير بدل إذا لم يجز الورثة وثلثه بمائة وثلثه للورثة. 3890 - وقال غير أصحابنا يجوز البيع في نصف العبد بخمسين فتدفع إلى الوارث ويدفع إليهم نصف العبد، وإن شاء المشتري ابطل وجعل ذلك فيها دوراً. قال أبو موصى هو القياس والنظر. فصل 3891 - وإن أوصى أن يحج عنه بمائة وكان للثلث لا يبلغها فإنه يحج عنه بالثلث من حيث بلغ. فصل 3892 - وإن أوصى بأن يعتق بها نسمة فأبو يوسف يجعل ذلك كالحج ويعتق عنه نسمة بما عجل الثلث. 3893 - وقال أبو حنيفة أبطل العتق وفرق بينه وبين الحج. فصل 3894 - ولو أوصى بأن يحج عنه وارثه بثلثه فإن ذلك لا يجوز عند أصحابنا لأن فيه منفعة للوارث ويقف على الإجازة. 3895 - وقال زفير يجوز ذلك.

فصل 3896 - وإذا أوصى المسلم إلى ذمي أو حربي أو مرتد أو عبد أو صبي فإن القاضي يخرجهم من الوصية. 3897 - فإن أسلم الذمي وبلغ الصبي وأعتق العبد قبل الإخراج فكلهم وصي على ما أوصى الميت إليه عند أبي يوسف. 3898 - وقال أبو حنيفة إلا الغلام إذا بلغ فإنه لا يكون وصياً. 3899 - ولأصحاب الشافعي وجهان منهم من اعتبر ذلك المشروط يوم العقد ومنهم من اعتبر ذلك يوم التنفيذ كالشهادة. 3900 - وإن تصرف الذمي والعبد قبل الإخراج نفذ تصرفهم، ذكر الخلاف الخصاف لأن المانع إذا زال قبل الإخراج صار كأنه ابتدأ العقد، ولا يرجعون بعد الإخراج لأن العقد إذا بطل لم يعد. فصل 3901 - فإن كان الذمي وصياً في حق مثله جازة الوصية، وليس للحاكم إخراجه ولأصحاب الشافعي وجهان: أحدهما هذا والثاني لا يجوز بناء على أن شهادته لا تجوز في حقه وعندنا يجوز أن يكون ولياً فكان وصياً كالمسلم. فصل الوصية إلى امرأة 3902 - وتجوز الوصية إلى المرأة لأن عمر وصى إلى حفصة في صدقته ما عاشت فإن ماتت فهي إلى ذوي الرأي من أهلها.

فصل الوصية إلى الأعمى 3903 - وتجوز الوصية إلى الأعمى لأن عقوده تجوز عندنا. ولأصحاب الشافعي وجهان: أحدهما هاذ والثاني لا تجوز. فصل 3904 - وإذا أوصى لرجل فتغير حاله بعد الموت، فإن كان لضعف ضم إليه معين أمين وإن تغير بفسق أو جنون بطلت الوصية في الجنون وأخرجه الحاكم في الفسق. 3905 - وقال الشافعي بطلت ويقيم الحاكم غيرهما في الفسق والجنون. فصل أوصى إلى عبده 3906 - وإذا أوصى إلى عبده والورثة صغار جازة الوصية، وإن كان فيهم كبير لم يجز عند أبي حنيفة. 3907 - وقال أبو يوسف ومحمد لا تصح الوصية إليه، وقال أبو يوسف تصح ذكر الخلاف الخصاف. 3908 - لأنه غير مكلف كالمجنون إذا جعله وصياً بعد الإفاقة.

فصل 3909 - وإذا قال: إذا كبر ابني فهو الوصي لي، أو وصى إلى رجل وقال إذا كبر ابني فهو الوصي، قال أبو حنيفة لا تصح الوصية إليه. 3910 - وقال أبو يوسف تصح، ذكر الخلاف الخصاف لأنه غير مكلف كالمجنون إذا جعله وصياً بعد الإفاقة. فصل 3911 - واتفق الفقهاء جميعاً على أنه إذا مات ولا وصي له، وله أب عدل أن أباه بمنزلة الوصي، وله أن ينفذ وصاياه ويقضي ديونه. وقال أصحابنا: إن كان عليه دين لم يكن للأب أن يبيع من التركة شيئاً لأن ذلك للفقراء. 3912 - وقالوا في الصبي المأذون له إذا ركبه دين ومات، والدين يحيط بما خلف، لم يكن للأب أن يبيع ماله، وكذلك العبد المأذون إذا مات أو حجر عليه لا يجوز تصرفه فيما في يديه مع الدين لأن الحق للفقراء في ذلك. فصل شراء الوصي من التركة 3913 - ولا يجوز شراء الوصي من التركة شيئاً لنفسه، فإن كان ذلك حظاً للصبي والورثة جاز عند أبي حنيفة.

3914 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يجوز ورجع أبو يوسف وقال: إن كان خيراً جاز، حكى الرجوع الخصاف. فصل 3915 - وإن باع أحد الوصيين صاحبه لم يجز عند أبي حنيفة. 3916 - وقال أبو يوسف يجوز إذا لم يحابه، لأن عقده لنفسه لا يصح. فصل 3917 - ولا يجوز أن يوصي إلى عبد غيره ولا مدبره لأن عليهما ولاية لغيرهما فلا يليان. فصل 3918 - وإن أعتق قبل الإخراج جاز لأنه لا ولاية عليهما. ويجوز أن يبتدئ الوصية إليهما. فصل وصية لم تقرأ على الشهود 3919 - وإذا أوصى رجل بوصية وكتب ذلك في كتاب وقال للشهود: "اشهدوا على بذلك" ولم يقرأ عليهم ولا علموا ما فيه فالشهادة باطلة. 3920 - وهو قول إبراهيم وغيره من الفقهاء. 3921 - وقال عبد الملك بن يعلي قاضي البصرة يجوز ذلك لأنه لا يعلم بما شهدوا والشهادة يعتبر فيها علم الشاهد.

باب ما ليس للوصي فعله في مال اليتيم

فصل 3922 - وإن قرأ عليه، فقال الشاهد يشهد عليك بما في هذا؟ فأومئ برأسه أن نعم، لم يجز إلا أن يكون أخرس، ويكون له إشارة تعرف، فيجوز ذلك عند أصحابنا لأن الإشارة قائمة مقام النطق. 3923 - وحكى أبو موسى في المختصر أن غير أصحابنا قالوا لا يجوز وهو القياس والنظر في أن الإشارة لا يستدل بها على العلم. باب ما ليس للوصي فعله في مال اليتيم فصل إقراض مال اليتيم 3924 - وقالوا ليس للوصي أن يقرض شيئاً من مال اليتيم، فإن فعل فهو ضامن لأنه تبرع بماله كالهبة. فصل إقرار الوصي على الميت الخ 3925 - ولا يجوز إقرار الوصي على الميت ولا بشيء في يده من التركة ولا يبرئ غريماً ولا يحط عنه، ولا يؤجل ما عليه، ولا يصالح من حق الميت على إنسان ولا يصالح عن الميت في حق يدعى عليه بغير بينة أو حكم حاكم، ويجوز إن كان ثابتاً، لأنه حط عن الميت.

فصل هل تدخل الوصية في ملك الورثة؟ 3926 - والوصية إذا بينها ملكها الموصى له بموت الموصي، فلم تدخل في ملك الورثة، ويكون النماء كله له، لأنه تملك بالموت كالميراث. 3927 - وقال الشافعي يكون مودعاً وهو قولنا فيما زاد على الثلث، فإن أجازوا ذلك ملكه بالموت، وإن ردوا تبين أنه لم يملك. فصل أوصى لقرابته 3928 - وإذا أوصى لقرابته لا يدخل الوالد والولد في الوصية، ويدخل ابن الابن وأولاده في الوصية، عند محمد، ذكره في الزيادات. وعند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما لله تعالى وزفر رحمه الله تعالى ويترتب ذلك عنده الأقرب فالأقرب. 3929 - وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى من يجمعه وأياه أقصى أب في الإسلام لأنه حفيده انعقدت الأحكام. 3930 - وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يدخل فيه كل ذي رحم، ولا يعتبر الأقرب، وبه قال الشافعي رحمه الله تعالى.

فصل 3931 - وإذا أوصى بثلثه بأنسبائه فإنه يدخل فيه من يناسبه من قبل الرجال ومن قبل النساء لأن الاسم يقع على الجميع فيدخلون فيه. فصل أوصى لأهل بيته 3932 - وأن أوصى لأهل بيته فأهل البيت من يناسبه إلى الأب، ويدخل فيه كل من يناسبه إلى أبيه الأكبر، نحو الرجل من بني العباس يوصي لأهل بيته فهو لكل من يناسبه إلى العباس، وكذلك بنو علي وبنو جعفر وبنو هاشم كل من ينسب إلى هاشم من الرجال والنساء. فصل أوصى بثلثه لمواليه 3933 - وإن أوصى بثلثه لمواليه وله موال أعتقوه وموال أعتقهم، فالوصية باطلة عند أبي حنيفة وزفر ومحمد.

3934 - وعن أبي يوسف لمواليه الذين أعتقهم. 3935 - وقال الشافعي يوقف الأمر حتى يصطلحوا. 3936 - وقد ذكر بعض أصحابنا في هذه المسألة ثلاث روايات التسوية والبطلان ومثل قول أبي يوسف، فمن أبطل يقول تصير الوصية كأنه أوصى لأحد هذين وذلك مجهول فلا تصح، كما لو وجب لأحدهما البيع بغير عينه. فصل 3937 - وقد قالوا لو وصى لرجل بثلث ماله أو لفلان فهو باطل عند أبي حنيفة وزفر. 3938 - وقال أبو يوسف إن اصطلحا فالوصية لهما. 3939 - وقال محمد الخيار إلى الورثة يعطون أيهما شاءوا. فصل 3940 - ولو وصى بثلث ماله في سبيل الله، قال أبو يوسف: سبيل الله العدو، وقال محمد إن أعطى الوصي حاجاً منقطعاً جاز، وأحب إلى أن يجعله في السبيل ذكر الخلاف أبو الليث. فصل 3941 - وقالوا لو كان أوصى لمواليه وله موال أعتقهم وموال أعتقهم أبوه وقد مات أبوه فالوصية لهم جميعاً لأن الكل موال له، لأنه ورث ولاءهم.

3942 - وعن أبي يوسف الثلث لمواليه خاصة فإن لم يكن له موال فموالي أبيه. 3943 - وقال محمد في الجامع لا شيء لموالي أبيه. فصل 3944 - ومن أوصى لقبيلة لا تحصى كتميم وعقيل فالوصية باطلة عندنا. 3945 - وقال الشافعي تدفع إلى من أحب منهم. 3946 - لأنها مجهولة. فصل الوصية لبني زيد 3947 - ولو أوصى بثلثه لبني زيد فالوصية لبنيه الأحياء يوم مات الموصي، ولا يدخل في ذلك الإناث، لأن الاسم لا يطلق عليهم. 3948 - وقال محمد يدخلون لأن المذكر يغلب في الاسم على المؤنث. فصل لأولاد زيد 3949 - ولو قال لأولاد زيد دخل البنات والبنون ولا يدخل ولد الولد ما دام ولد الصلب موجودين. 3950 - فإذا لم يكن ولد دخل ولد البنين دون ولد البنات لأن ولد البنات أولد لأبيهم. 3951 - وقال بعض الفقهاء يدخلون لأنهم يقع عليهم الاسم. فصل بيع التركة بالدين 3952 - والوصي له أن يبيع جميع التركة في الدين إذا كان الورثة صغاراً،

باب الوصية إلى اثنين وما يجوز من ذلك وما لا يجوز

وإن كان فيهم كبير جاز بيعه عند أبي حنيفة. 3953 - وقالا: لا يجوز في نصيب الصغار خاصة، ومقدار الدين خاصة. 3954 - لأنه يجوز بيع البعض فجاز الكل كما لو كانوا صغاراً. باب الوصية إلى اثنين وما يجوز من ذلك وما لا يجوز فصل 3955 - وإذا أوصى إلى رجلين فليس لأحدهما أن ينفرد بعمل دون صاحبه إلا الطعام والكسوة عند أبي حنيفة في رواية الخصاف في أدبه. 3956 - وقال عند لأحد الوصيين أن يقضي ما على الميت من دين، وليس له أن يقبض شيئاً من دين الميت إلا بأمر صاحبه، وكذلك في دفع وصية بعينها إلى رجل بعينه، وعتق عبد بعينه أن يفعل ذلك أحدهما جاز. 3957 - وإن كان صدقة على المساكين لم ينفرد دون صاحبه. 3958 - وقال أبو يوسف فعل أحد الوصيين جائز كفعلهما جميعاً لأنه يتصرف بالولاية. 3959 - قال أبو موسى: وأجمع الفريقان أن لأحدهما أن يقبض الدين ويكفن الميت ويقبض هبة وهبت للطفل ويشتري ما لابد من الطعام والشراب.

3960 - قال: والقياس أن لا يجوز شيء من ذلك إلا بأمر صاحبه. 3961 - وهذا مذهب الشافعي. 3962 - والخلاف إذا أوصى إليهما معاً يتحقق. فصل 3963 - وإذا أوصى إلى رجل في شيء بعينه وإلى آخر في غير ذلك الشيء فهما شريكان في الأشياء كلها في قول أبي حنيفة. 3964 - وقال أبو يوسف ومحمد: بل كل واحد منهما وصي فيما أوصى إليه. 3965 - وهو قول الشافعي. فصل 3966 - وكل ما أوصى به إلى واحد وأوصى بغيره إلى آخر فهما مشتركان في الوصية. 3967 - وقال للشافعي لكل واحد منهما ما فوض إليه، وهو قولهما. 3968 - لأن الولاية لا تتبعض عند أبي حنيفة. فصل أوصى إلى رجلين فمات أحدهما 3969 - وإن أوصى إلى رجلين فمات أحدهما ولم يوص إلى أحد، فليس للآخر أن يعمل شيئاً حتى يرفع ذلك إلى القاضي فأما أن يفرده بالوصية أو يجعل معه آخر. 3970 - وكذلك إذا أوصى إلى اثنين فقبل أحدهما ولم يقبل الآخر فمثل ذلك.

فصل 3971 - وإن أوصى أحدهما إلى صاحبه ففيه روايتان أحداهما يجوز والأخرى لا يجوز لأنه فوضى الأمر إلى رأيين. فصل بينة وصي الغائب 3973 - وإذا ادعى رجل أنه وصي فلان الغايب وأقام بينة حكم له بذلك، ولا يكلف الغائب إعادة البنية إذا حضر لأن الثبوت في حقهما جميعاً. 3974 - وإن حضر الغايب وجحد أقام القاضي مع الحاضر آخر، وأن رأى أن يجعله وصياً فعل. فصل 3975 - وإذا ترك الرجل أخاً صغيراً، ووصى إلى رجل، ولا وارث له غيره فله بيع المتاع والعروض وما يخاف (عليه) التلف. وليس له بيع العقاب، وهذا قول أبي يوسف وأصحابنا حكاه الخصاف قال: لا يجوز شراء هذا الوصي على اليتيم إلا الكسوة والطعام خاصة. وكذلك وصي الأم. فصل 3976 - ولوصي الأب إذا لم يكن دين ولا وصية، والورثة صغار وكبار،

فبيعه لجميع التركة جائز، فإذا كان في ذلك حظ للصغار باعه كله عند أبي حنيفة. 3977 - وقال أبو يوسف لا يجوز بيعه إلا في العقار فإنه يجوز بيع حصة الصغار دون الكبار. 3978 - وهو قول الشافعي. فصل إن مات الوصي وأوصى إلى غيره 3979 - وإن مات الوصي وأوصى إلى غيره فإنه يكون وصياً للأول، وله ذلك عندنا بمطلق الوصية. 3980 - وقال الشافعي وابن أبي ليلى ليس له ذلك بمطلق الوصية، وله إذا جعل إليه. 3981 - واجمع الفريقان أن له أن يوكل الوكلاء ويستأجر الأجراء بمطلق الوصية. 3982 - واجمعوا على أنه ليس له أن يزوج. 3983 - وقال مالك له ذلك. فصل 3984 - وليس لوصي غير الأب أن يبيع ولا يشتري إلا مالا بدله من الطعام والشراب والكسوة. 3985 - وليس له أن يقاسم عقاراً ولا يشتريه لنفسه، ولا يبيعه. 3986 - وقال الشافعي ليس لهم أن يفعلوا ذلك وإن كان لابد منه، لأن الذي جعل إليهم ذلك لم يكن له أن يفعل شيئاً من ذلك.

باب كيفية المرض الذي يعتبر من الثلث

3987 - وهو القياس عندنا، والأول استحسان وقد مضى في كتاب الهبة وجهه. فصل وصى الأب 3988 - ووصى الأب لولى بالتصرف من الجد عندنا. 3989 - وقال الشافعي الجد أولى 3990 - لأنه نائب عن الأب فكان أولى من الجد كحالة الحياة. فصل وصية الصبي المراهق 3891 - والصبي المراهق إذا وصى بشيء من ماله لم يصح. 3892 - وقال الشافعي يصح. 3893 - لأنه غير مكلف. فصل 3994 - وإذا أوصى بغلة بستانه أو ركوب دابته للمساكين، لم يصح عند أبي حنيفة. 3995 - وقال محمد يصح. 3996 - لأنه تمليك لغير معين. باب كيفية المرض الذي يعتبر من الثلث 3997 - كل مرض صار صاحبه صاحب فراش، ومات فيه، فما يفعله فيه يكون من الثلث، وما يتطاول من العلل أو يبرأ منه ثم يمرض بعده مرضاً آخر فهو كالصحيح.

باب اختلاف الوصي والورثة

3998 - والفلج والزمانة في حكم الصحيح والحامل إذا ضربها للطلق كالمرض المخوف، وكذلك من قدم ليقتل في قصاص أو ليرجم في زنا مثل ذلك. 3999 - وقال مالك: إذا مضى على الحامل ستة أشهر فهي كالمريض المخوف. 4000 - ومن الفقهاء من يقول تصرف المريض كتصرف الصحيح في جميع الأشياء. 4001 - وقال أبو موسى وهو القياس والنظر والسنن والآثار مع الآخرين. 4002 - ومتى صح من المرض فهو صحيح لا يعتبر من الثلث لأن الصحة قطعت حكم المرض. باب اختلاف الوصي والورثة فصل القول قول الوصي في ضياع المال 4003 - وإذا كبر اليتيم وطلب المال فقال الوصي قد ضاع فالقوله قوله صح يمينه لأنه أمين كالمودع. فصل القول في النفقة قول الوصي 4004 - وإن اختلفا في النفقة عليه فقال: اتفقت عليك والكر للصبي فالقول للوصي لأنه أمين، ويتعذر عليه إقامة البينة على النفقة.

فصل اختلافهما في قدر النفقة 4005 - وإن اختلفا في قدر النفقة، فقال أنفقت عليك كل سنة مائة دينار، وقال الصبي بل خمسين، فالقول قول الوصي في مقدار نفقة مثله بالمعروف في المدة، لأنه أمين وإن كان أكثر من المعتاد لزمه للضمان لأنه فرط. فصل اختلافهما في المدة 4006 - وإن اختلفا في المدة، فقال الوصي عشر سنين، وقال الصبي خمس سنين فالقول قول الصبي، لأن الأصل عدم المدة. 4007 - وقال الاصطخري القول قول الوصي كما لو اختلفا في النفقة. فصل القول في الإنفاق على عبد للميت 4008 - وإن ادعى الوصي أنه أنفق ذلك على رقيق للميت، وأنهم ماتوا وكذبه الابن فالقول قول الوصي عند أبي يوسف لأنه أمين لم يكذبه للظاهر. 4009 - وقال الحسن بن زياد لا أصدقه على ذلك، والقول قول الابن لأن الأصل عدم العبيد. فصل دعوى الوصي دفع جعل الآبق 4010 - ولو قال الوصي أبق للاين عبد فاعطيت جعله أربعين درهماً، صدق

الوصي عند أبي يوسف. 4011 - وقال محمد أضمنه الجعل إلا أن يأتي ببينة لأنه يدعي غير الطاهر. فصل ادعاؤه آداء الخراج 4012 - وإن ادعى أنه أدى في الخراج صدق عند أبي يوسف. 4013 - ولم يصدق عند محمد. فصل ادعاؤه النفقة على ذي رحم محرم 4014 - وإذا ادعى أنه اتفق على ذي رحم محرم فرض عليه القاضي نفقته لم يصدق إلا ببينة تشهد بذلك. فصل ادعاؤه دفع المال للصبي 4015 - وإن ادعى أنه دفع المال إلى الصبي وانكر للصبي ذلك فالقول قول الوصي لأنه أمين مقبول القول في الضياع فقيل في الدفع كالمودع. 4016 - ولأصحاب الشافعي وجهان أحدهما هذا والثاني القول قول الصبي لأنه لم يأمنه على الحفظ. فصل الوصية للجار 4017 - والوصية للجار يدخل فيها المالك والساكن إذا كان ملاصقاً. 4018 - وعند محمد من يصلي معه في المسجد.

باب الرجوع في الوصية

4019 - وعند غيره من يسمع النداء. 4020 - وقال الشافعي من داره إلى دار الموصي بأربعين داراً. فصل بيع الوصي نسيئه 4021 - وإذا باع الوصي بنسيئه وفيها ضرر على الورثة نقض. وليس هذا كالتجارة له والشراء. باب الرجوع في الوصية فصل الأصل الرجوع في الوصية 4022 - ومن أوصى بوصية فله أن يرجع فيها ما لم يمت، لأن الوصية إنما تتم بالموت كما تتم الهبة بالقبض، ولو وهب لم يقبض كان له الرجوع فيها فهنا أولى. فصل الرجوع دلالة 4023 - وإذا أوصى الرجل بأرض ثم بنى فيها بناءًا أو بثوب ثم قطعه قميصاً أو قباء أو بقطن فحشى به مخدة أو شاة فذبحها أو بفضة فصاغها آنية أو بسويق فلته بزيت أو بسمن فهذا كله رجوع. 4024 - ولو كان أوصى له بثوب فغسله أو قصره أو بدار فجصصها لم يكن

ذلك رجوعاً، والقياس أن يكون تجصيص الدار رجوعاً لأن العين بخلاف ما وصى بها. فصل إخباره أنه أوصى بالثلث لآخر 4025 - وإن أوصى لرجل بثلث ماله ثم قال: الثلث الذي أوصيت به له، قد أوصيت به لهذا الآخر فهذا رجوع. فصل التشريك في الثلث 4026 - ولو قال، وقد أوصيت به لهذا الآخر فإنه بينهما، وليس هذا برجوع بل تشريك بينهما في ذلك. فصل ما بعد من الأفعال رجوعاً 4027 - ولو أوصى بأمة فباعها أو اعتقها أو وهبها أو تصدق بها أو كاتبها أو دبرها أو أخرجها من ملكه بوجه سوى ما ذكرناه، أو كان قمحاً فطحنه، كان ذلك رجوعاً فيما لوصى به، لأن هذه الأفعال كلها لا تصح مع بقاء الوصية ولا تجمع معها، فكانت رجوعاً في الوصية، وصار ذلك كالمشتري إذا كان له الخيار ففعل ذلك أنه يبطل خياره. فصل ما يقطع حق المغصوب يعد رجوعاً 4028 - وكل ما قطع حق المغصوب من فعل الغاصب في العين وأوجب

عليه القيمة فإنه يكون رجوعاً فعلى هذا إذا أوصى له بالجعفري فصار يسراً، أو بالعنب فصار زبيبياً، أو بالبيض فصار فراريج، كان ذلك كله رجوعاً عن الوصية، كما يقطع حق المغصوب منه. فصل استثناء الرطب إذا صار تمراً 4029 - وإن أوصى له برطب فصار تمراً فإنهم خصوا هذا بجواز الوصية استحساناً لأن منافع الرطب لا تبطل بكونه تمراً. فصل أوصى بعبد لرجل وبمنافعه لآخر 4030 - وإن أوصى بعد لرجل وبمنافعه لآخر فلكل واحد ما أوصى له به، والنفقة عندنا على صاحب المنفعة. 4031 - وقال الشافعي على صاحب الرقبة. فصل أوصى لرجل بعبد ولآخر بنصفه 4032 - وإن وصى الرجل بعبد ولآخر بنصفه قسم على أربعة أسهم عند أبي حنيفة. 4033 - وعندهما على ثلاثة أسهم.

فصل أوصى لرجل بخاتم ولآخر بفضته إلخ 4034 - وإن أوصى لرجل بخاتم ولآخر بفضته، فلصاحب الفضة الفضة، ونصف الفص وللآخر نصف الفص عند محمد. 4035 - وقال أبو يوسف تكون الفضة لواحد والفص للآخر. 4036 - وكذلك الخلاف إذا وصى بالدار لرجل والبناء لآخر والنخلة لرجل والثمرة لآخر والثمر لرجل والقوصرة لآخر فهو على الخلاف. فصل أوصى لأناس وجهات 3037 - وإذا كانت الوصية لعدة أناس وجهات وأبواب للبر فعلى كل واحد أن يعيد البينة ليأخذ حقه، إلا بواب البر فإنه ينفذ عند أبي حنيفة لأن حق كل واحد غير حق الآخر. 4038 - وقال أبو يوسف لا يكلف واحد منهم إعداد بينة على حقه، وكل من حضر قضيت له بحقه، وإن جهل الذي حضر كلف البينة على معرفته. فصل تحليف صاحب الدين 4039 - وإن أقام البينة وكان صاحب دين حلف مع بينته ثم أعطي دينه، وإن كان موصى له أعطي ما أوصي له به من الثلث.

فصل ادعى الوصية والمال 4040 - والوصي إذا ادعى للوصية والمال على رجل فصدقه لم يؤمر بدفع ذلك غليه حتى يثبت الوصية عند الحاكم وفي الوكالة تدفع. 4041 - وقال الشافعي لا تدفع. 4042 - وقالوا في الوارث يدفع. 4043 - وفي العين خلاف رواية. 4044 - وفي الحوالة وجهان. ... 4045 - وكتاب الوصايا من أمهات الكتب وفيه كل عجيب من مسائل الخلاف والوفاق، والذي ذكرت من ذلك قليل من كثير، غير أنه أوفى مما ذكره للغير في هذا الشأن، وأصول وعامة مسائل الخلاف فيه. وإذ قد ذكرنا الوصية، وكان فيما ذكرنا ما يقربه للوصى، ويقر له به من الحقوق وجب أن نذكر الإقرار بعد ذلك.

كتاب الإقرار

كتاب الإقرار وهذا كتاب الإقرار 4046 - اعلم أن هذا الكتاب كان من حقه أن نذكره في آخر الكتب لأنه يدور في سائر الكتب والأحكام من العقود والإيقاعات والأفعال من الجنايات والغصوب والمواريث والدعاوي والبينات والشهادات وجميع الكتب. غير أنا ما ذكرناه في هذا الموضع وسطاً بين الكتب لأنه كالفرع على ما تقدم واصل لما يأتي، وهو كثير الفائدة، عليه مدار الشرع، وإن كان غير ناقد أخره إلى آخر الكتب في بعض المواضع وفي بعضها جعل وسطاً في المعاملات، فلهذا جعلناه في هذا الموضع. فصل تعريف 4047 - واعلم أن الإقرار إخبار عن أمر سابق أما عقد يوجب ضماناً وملكاً أو فعل يوجب ضماناً.

فصل الإقرار غير ناقل 4048 - وقال أصحابنا ليس هو بناقل للملك. 4049 - وحكى شيخنا قاضي القضاة رحمه الله في درس الجامع الكبير عليه، أن من أصحابنا من قال إذا تعورف به نقل الملك نقل، وصار كبيع التعاطي، والصحيح هو الأول من القول.

فصل أهلية المقر 4050 - ولا يصح إلا من بالغ عاقل مكلف. 4051 - واختلف في إقرار الصبي المأذون له قبل بلوغه فأجاز ذلك أصحابنا. 4052 - وقال الشافعي لا يجوز إقراره كما لا يجوز عتقه وطلاقه، وكما لو لم يؤذن في التصرف. 4053 - وأصحابنا يقولون هو عاقل مميز فصح الإذن له كالبالغ، ولأنه يقبل قوله في الهدية والإذن في دخول الدار، وجواز إقراره يبتنى على صحة إذن الولى له في ذلك. فصل قامة الحد بالإقرار 4054 - والحر والعبد سواء في إقامة الحدود عليهما (بالإقرار). فصل الآثار المروية 4055 - وقد أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- الحد ما عز بإقراره والغامدية

والذي رضخ رأس الجارية بين حجرين فاعترف فرضخ رأسه، وقال أغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها. فصل الإجماع على الإقرار 4056 - وفيه إجماع العلماء، وإنما اختلفوا في التفضيل ومواضع الأداء. 4057 - واجمعوا على أنه يصح في المعلوم والمجهول جميعاً، وأن المجهول يرجع فيه إلى قول المقر مع يمينه في موضع دون موضع، ولا يرجع في بعضها إلى قوله. فصل قبول قوله لفلان على مال 4058 - فمن ذلك إذا قال: لفلان على مال قبل قوله فيما يقول في العادة في القليل والكثير، وهذا إجماع من العلماء. فصل قوله مال عظيم 4059 - ولو قال مال عظيم فإن أصحابنا قالوا يحتاج إلى بيان المجمل

مع ذلك. فصل قوله من الدراهم أو من الدنانير أو من الإبل .. الخ 4060 - فإن قال: من الدراهم لزمه مائتان وإن قال من الدنانير لزمه عشرون ديناراً، وإن قال من الإبل لزمه خمسة وعشرون ومن البقر لزمه ثلاثون بقرة. وأصناف الزكاة نأخذ أقل نصب فيها، وهو أقل أبي يوسف ومحمد، وإن كان لا نصاب له اعتبرت القيمة كما في زكاة التجارة يعتبر فيه قيمة النصاب. 4061 - ومن أصحابنا من قال: وهو قول أبي حنيفة وروى عن أبي حنيفة أنه قال يلزمه عشرة دراهم.

وقالوا: لا رواية في النفيس والخطير والجليل والوافر والسني والكبير ومنهم من سوى بين الجميع. ومنهم من فرق. 4062 - وقال الشافعي: كل ذلك مجهول، ويرجع إلى قوله فيما يقر به من الأموال وقدرها. 4063 - وأصحابنا لم يلغوا الصفة كما لو قال: جياداً أو صحاحاً أو ضرب كذا، فإن الصفة لا تلغى، كذلك هذا. فصل المال القليل 4064 - وقالوا في المال القليل يقبل قوله. المال المطلق 4065 - وذكر علي بن موسى القمي في أحكام القران الصغير له: إن المال المطلق عشرة، ولا يصدق في أقل من ذلك. وقالوا: لافي قليل ولا كثير: إنه مائتان. فصل أقر بدراهم 4066 - وقالوا في دراهم، لا يصدق في أقل من ثلاثة، فإن قال: كثيرة، لم يصدق في أقل من عشرة عند أبي حنيفة، وعندهما مائتان.

وعند الشافعي يصدق في ثلاثة فصل مائة دراهم 4067 - وإن قال: له على مائة دراهم أو مائة دينار لزمه الجميع من جنبي المفسر عندنا. وقال الشافعي يلزمه الدرهم والدينار، والقول قوله في المائة. واتفقوا أنه لو قال مائة وثوب أن عليه ثوباً، والقول قوله في المائة. وكذا مائة وثوبان. ولو قال: وثلاثة أثواب كان الجميع ثياباً، لأن المبهم إذا عطف عليه مفسر يثبت في الذمة كان الجميع مثل المفسر كمائة وخمسين درهماً. وقد منع بعض أصحاب الشافعي ذلك، وهو غير صحيح عند الجميع. فصل درهم لا بل درهمان 4068 - ولو قال: له على درهم لا بل درهمان لزمه عند أصحابنا الثلاثة استحساناً والقياس أنه يلزمه ثلاثة دراهم، وهو قول زفر، لأن "بل" لاستدراك ما وجب، وما أوجبه لا يصح نفيه والرجوع عنه، فيجب أن يلزمه الجميع.

والاستحسان أن "لابل" قد أفاد فائدة وأثبتنا لها أمراً زائداً على ما أوجب، وغاية ما فيه الاحتمال فلا يلزمه بالشك للزوائد. فصل دينار إلا درهماً 4069 - ولو قال: له على دينار إلا درهماً أو الاقفيز حنطة أو شعير، واستثنى غير الجلس فيما له مثل فإنه يصح الاستثناء على قول أبي حنيفة وابي يوسف. وقال محمد وزفر استثناء غي الجنس لا يجوز بحال وهو القياس. وقال الشافعي: استثناء غير المكيل والموزون والمعدود أيضاً يصح وتخرج قيمة المستثنى من ذلك. حقيقة الاستثناء 4070 - وحقيقة الاستثناء أن يخرج من الكلام ما يتناوله اللفظ، وغير الجنس فما دخل تحت اللفظ، وما يوجد من ذلك فهو مجازة. ذوات الأمثال 4071 - وذوات الأمثال تثبت في الذمة فهي كالأثمان في الثبوت فلهذا فصل أبو حنيفة بينهما وبين الثياب. فصل كذا كذا درهماً 4072 - وإذا قال: له على كذا كذا درهماً فهو أحد عشر، ولا (يضدق) في

أقل من ذلك. وقال الشافعي: يصدق في درهم. وفي كذا وكذا أحد وعشرون درهماً. وفي كذا درهما عشرون. وفي كذا درهم مائة درهم. وعند الشافعي كذا وكذا درهمان، وله قول آخر درهم واحد. وقد روى عن محمد: كذا وكذا عشرون درهماً. كذا عدد مبهم 4073 - واصل هذا الباب أن "كذا" عبارة عن عدد مبهم فهي مثل "كم" وإذا أوجب على نفسه ما لا وفسره بالدراهم لزمه ذلك من الدراهم، وكذلك إذا فسره درهماً فاقل جملة تفسر بدرهما إنما هي أحد عشر وأكثر من ذلك تسعة عشر وفي العطف الأقل أحد وعشرون والأكثر تسعة وعشرون، وفي درهم الأكثر الألف والأقل مائة فله الأقل الذي يقتضيه لفظه وتفسيره. فصل 4074 - ولو قال: درهم طبري لزمه درهم وازن". العمل بعرف أهل البلد 4075 - والأصل في هذا الباب الك تعمل في الإقرار على عرف أهل البلد وتوجب عند الإطلاق ما هو متعارف فيه، إلا أن يقر موصلاً فيصدق على ما بينه في موضعه.

الدراهم في زمن النبي 4076 - واعلم أن الدراهم كانت مختلفة على زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- والخليفة بعده إلى زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. وكان منها ما وزنه مثقالاً وهو عشرون قيراطاً ومنها ما وزنه أثنى عشر ومنها ما وزنه عشرة قراريط، وكان الناس إذا تبايعوا اختلفوا فاستشار عمر -رضي الله عنه- الصحابة، فاتفق الجميع على أنيأخذوا من كل جنس درهماً واحداً فجمع الجميع فكان اثنين وأربعين قيراطاً فقسم ذلك وصار الدرهم وزن سبعة عشر، وتقرر ذلك في البلاد وعملت به الصحابة، ورجعوا في ذلك إلى جميع ما يتعلق بالدرهم، فإن (كان) سن البلاد ما هو على أصل الخلاف رجع إلى معاملة أهله عند الإطلاق. فصل غالب النقد 4077 - وإن كانت النقود مختلفة في البلد رجع إلى غالب النقد كما يفعل في البيع والأثمان. فصل 4078 - وإن تفاوتت النقود ولم يكن هناك غالب رجع إلى قول المقر في التفسير. القول قول المقر 4079 - ومن أقر بجنس يشتمل على أنواع، فادعي المقر له الأعلى من ذلك

واعترف المقر بالأدنى فالقول قوله مع يمينه. فصل ببغداد له على ألف درهم 4080 - وإذا قال: ببغداد له على ألف درهم طبرية كان عليه ألف درهم وزن سبعة من الطبرية، وذكر الطبرية هو بيان للصفة. فصل له على كر حنطة 4081 - وكذلك لو قال: له على كر حنطة، قال عليه كر بالمعدل المعروف بالعراق، وهو كيل الستين الذي به يقع التعامل. فصل على دربهم 4082 - ولو قال: على دريهم، كان عليه درهم تام وازن التصغير يذكر لصغر حجم الدرهم، وقد يذكر للاستقلال، فلم ينقص من الوزن الذي اقتضاه اللفظ. فصل له على شيء من الدراهم 4083 - وذكر ابن سماعه في النوادر عن أبي يوسف في رجل قال لآخر: له على شيء من الدراهم أو من دراهم، أن عليه ثلاثة دراهم لأنه أقر بمبهم، وقوله من الدراهم تمييز له أقر به، وأقل اسم الدراهم ثلاثة.

فصل 4084 - وقد ذكر بعض أصحابنا فيمن قالت لزوجها: اخلعني على ما في يدي من الدراهم، وكان في يدها أقل من ثلاثة فهو له، ولا يكمل ذلك ولن لم يكن في يدها شيء لزمها ثلاثة دراهم لأنه أقل ما يحتمله الاسم وإذا كان موجوداً تناولته الإشارة. فصل هو عندي 4085 - وقال أصحابنا إذا قال له على كذا فهو إقرار بدين عليه مضمون وإن قال هو عندي أو في يدي فهو أمانة لأن لفظه يقتضي الإيجاب ولذا قال تعالى {ولله على الناس حج البيت} وعليه ما حمل يعني أوجب ولفظة "عند" لا تقتضي ذلك فلهذا فصل بينهما. فصل له من مالي 4086 - واو قال: له من مالي مالي ألف فهذا إقرار بهبة، ولا يكلف تسليمها إليه. فصل له قبلي 4087 - واو قال: له قبلي ألف، فقد اختلف أصحابنا في ذلك، فمنهم

من قال "قبلي" يقتضي الضمان لأن القبالة والحوالة والحمالة واحد، وذلك يقتضي الضمان. ومنهم من قال: لا يقتضي ذلك، لأنه لو قال: لأحق لي قبل فلان بريء مما عليه ومما عنده له وإذا اقتضى اللفظ الأمرين لم يلزمه الضمان بالشك. فصل دين يستغرق التركة 4088 - واتفق العلماء على أن من مات وعليه دين لجماعة، لا تفي البركة بذلك فإنه يقسم على مقادير ديونهم، ولم يوف أحد منهم دون الآخر حقه. فصل دين الصحة ودين المرض 4089 - واختلفوا فيمن عليه دين في حال الصحة، وأقر بدين في مرضه، فقال أصحابنا: يقدم دين الصحة في القضاء على دين المرض. وقال الشافعي: هما سواء. فصل دين وجب بمعاينة الشهود 4090 - ولو وجب الدين بمعاينة الشهود أو كان سلعة بعينها فإنهما سواء في ذلك، ويتحاصان في التركة لتساويهما في الثبوت.

فصل قضاء المريض في مرضه دين دائن 4091 - ولو قضى المريض في مرضه بعض الغرماء دينه لم يسلم إليه، ورجع عليه الغريم الآخر عندنا. وقال ابن أبي ليلى والشافعي يسلم له ذلك. فصل أقر في المرض وسلم 4092 - ولو أقر في المرض وسلم إلى المقر له ثم مات، رجع غرماء الصحة عليه فأخذوه من يده. فصل سلم الثمن في المرض 4093 - واتفق الفريقان أنه لو سلمه الثمن الذي اشترى به في المرض سلم للبائع. فصل قضى مال القرض في المرض 4094 - وكذلك لو اقترض مالاً فقضاه في المرض سلم ذلك لمن قبضه.

فصل قضى مهر من تزوجها في مرضه 4095 - ولو كان تزوج امرأة في مرضه فأعطاها مهرها وعليه ديون في الصحة فإنهم يحاصونها، وقال زفر والشافعي لا يحاصونها وكأنه قد باعها بذلك بيعاً. والخلاف في الإجارة. وفق أبو حنيفة بين المهر وثمن المبيع بأن ذلك مال حصله للوارث والبضع بخلافه. فصل أقر في مرضه بوديعة. 4096 - وقالوا لو أقر في مرضه بوديعة ثم بدين بديء بالوديعة لأنه لا يصدق على صاحبها إنه يدخل عليه ضراراً. فصل قضيته إياها 4097 - ولو قال كانت له على ألف درهم وقد قضيته إياها، لم يصدق أنه قضاها وأخذ بها. وعن الحنابلة أنه يصدق في ذلك وهذا لا يصح، لأنه أقر بالمال وادعى الوفاء فالقول قول المقر له: فصل 4098 - ولو قال له على ألف درهم الأمانة كان عليه تسعمائة.

الأصل في الاستثناء 4099 - والأصل في باب الاستثناء أنك تجعل الاستثناء عن الإثبات نفياً ومن النفي إثباتاً، فإذا قال له على ألف فقد أثبت، فإذا قال إلا مائة فقد نفي من الجملة مائة، فإن قال إلا درهمين فعليه تسعمائة ودرهمان لأنه استثنى ذلك من المائة فصار إثباتاً. فصل ألف درهم إلا تسعمائة 5000 - وعلى هذا لو قال له على ألف درهم إلا تسعمائة فعليه مائة، وهذا ينبغي على أنه يجوز أن يستثنى الأقل ويبقى الأكثر. وقد قال أبو يوسف وغيره من الناس أن استثناء الأكثر وتبقيه الأقل لا يجوز لأنه لا يوجد في كلام العرب ذلك ولم يستعملوه. والصحيح هو الأول، لأن لفظ "إلا" لا يخرج من أن يكون استثناء، ولفظ المستثنى منه لا يخرج من أن يكون مستثنى منه، والمعتبر بقاء حكم اللفظ في ذلك. فصل 5001 - فعلى هذا الأصل إذا قال: له على ألف إلا تسعمائة إلا ثمنمائة إلا سبعمائة إلا ستمائة إلا خمسمائة إلا أربعمائة إلا ثلثمائة إلا مائتين إلا مائة يكون عليه خمسمائة. فإن كان هذا من العشرة إلى الواحد فالباقي خمسة. وإن كان من المائة إلى العشرة بقي عليه خمسون، وأن من الألف إلى المائة بقي عليه خمسمائة.

ومن أصحابنا من قال تجعل العدد الأول معقوداً في يمينك، والثاني في اليسار والثالث في اليمين والرابع في اليسار والخامس في اليمين والسادس في اليسار والسابع في اليمين والثامن في اليسار والتاسع في اليمين والعاشر في اليسار، ثم تنظر ما اجتمع في اليسار فتسقطه من اليمين، وتبصر ما يبقى فهو المقر به، فإذا فعلت ذلك كان ما في اليمين ثلاثين وما في اليسار خمساً وعشرين فيكون الباقي خمسة، فهذا وجه للعمل ذلك. ومنهم من قال: الاستثناء يرجع إلى ما يليه، ويعمل على هذا الترتيب فيستثنى بالواحد من الاثنين يبقى منها واحد، فيستثنى ذلك من ثلاثة يبقى اثنان، فيستثنى ذلك من أربعة يبقى اثنان، فيستثنى ذلك من خمسة يبقى ثلاثة فيستثنى ذلك من ستة تبقى ثلاثة فيستثنيهما من سبعة تبقى أربعة يستثنيهما من ثمانية تبقى أربعة يستثنيهما من تسعة تبقى خمسة يستثنيهما من عشرة تكون خمسة وهذا طريق أصحابنا بالعراق في الاستثناء في الإقرار والطلاق والعناق وسائر ما يصح الاستثناء منه. فصل الاستثناء في الطلاق 5002 - وعلى هذا إذا قال في الطلاق لزوجته: أنت طالق ثلاثاً إلا اثنتين إلا واحد فإنها تطلق اثنتين، لأنهم اثبتوا الواحدة من الاثنتين فبقي منها واحدة، استثنوا ذلك من الثلاثة بقي اثنتان. ومسائلهم على هذا الأصل كثيرة والأصل في جميع ما يأتيك من ذلك واحد وهو ما ذكرناه.

فصل قول الوارث لهذا على والدي ولهذا 5003 - ولو قال الوارث: لهذا على والدي ألف درهم، ولهذا على والدي ألف درهم، ولم يترك الميت إلا ألفاً فإنهما يتحاصان، لأنه عطف أحدهما على الآخر فصار كأنه قال: لهذين على أبي ألفان. فصل تخلل إقرار الوارث سكوت 5004 - ولو قال: لهذا ألف وسكت ثم قال: ولهذا ألف، كانت الألف للأول، لأنه ثبت حقه في الألف وإقراره الثاني يريد به الإضرار به فلا يقبل وثبت على تصديقه. فصل لأحد هذين على 5005 - ولو قال: لأحد هذين على ألف، فسأله الحاكم: لأيهما هي؟ فأبى أن يبين، فلكل واحد منهما استحلافه، فإن حلف لهما جميعاً فلا شيء لهما، وإن نكل عن اليمين لهما، غرم لهما الفين، ولهما قبل الحلف أن يصطلحا على ألف فيأخذاها، وليس لهما ذلك بعد الحلف في قول أبي يوسف، وذلك لهما في قول محمد كما قبل الحلف، لأن الحق في الجملة لهما. والله سبحانه وتعالى أعم بما فيه الصلاح.

باب الإقرار بالمال في مجلس أو مجلسين والشهادة على الجملتين

باب الإقرار بالمال في مجلس أو مجلسين والشهادة على الجملتين فصل اختلاف الشاهدين في المبلغ 5006 - قال أبو حنيفة: وإذا ادعى على رجل ألف درهم، فشهد له بذلك شاهد، وشهد له بألفين آخر، فالشهادة باطلة لأن كل واحد قد كذب الآخر. وقال أبو يوسف ومحمد: يلزمه الألف. وهو قول الشافعي كما لو شهد أحدهما بألف والآخر بألف وخمسمائة فإنه يقبل عند الجميع. وفرق أبو حنيفة بينهما بأنهما اتفقا على لفظ الألف، وأما الآخر فحمله أخرى فقبل فيما اتفقا عليه، ولفظ التثنية غير لفظ الواحد، كما أن لفظ الجميع غير التثنية هذا هو الأصل. فصل اختلاف المقر في المبلغ 5007 - وإذا أقر في مجلس بألف، ثم أقر بألفين أو ألف فهو مال واحد

عند الطحاوي ويدخل الأقل في الأكثر إذا ادعاه المقر وقال الكرخي: هما مالان، واتفق الجميع على أنه مالان فيه إذا اختلفت المواطن. وقال الشافعي الموطن الواحد وما زاد سواء، وهو مال واحد. وهو قول أبي يوسف ومحمد. واختلاف الأجناس أموال. واختلاف العقود أموال. وفي الصكاك المختلفة أموال. فصل البراءة أولى 5008 - وإذا أقام شهوداً عليه بمال، وأقام المطلوب البراءة (من مثله فالبراءة أولى، إلا أن يكون التاريخ بعد البراءة فيكون ذلك مالاً آخر ويكون أولى من البراءة لأن (البراءة لا تصح قبل إثبات الحق) وهذا لا خلاف فيه. فصل صكوك وبراءات 5009 - ولو كان معه صك بألف وآخر بألف وبراءة بألف وأخرى بخمسمائة

فقال المطلوب قد أخذ مني ألفاً وهي التي في الصكين وقد بقي عليه خمسمائة، فإنه يبرأ من ألف وخمسمائة ويبقى عليه خمسمائة. فصل 5010 - ولو كانت البراءتان كل واحدة بألف بريء من المالين جميعاً لأنها تدل على إسقاط ما وجب عليه من المال. فصل 5011 - واو قال الطالب: مالي ألف وقبضت ألفاً، وقال المطلوب: قبضت ألفين ولك ألف رجع على الطالب بألف، لأنه قبض للفين وأقر أن ماله ألف. فصل قبول البراءات 5012 - والبراءات المختلفة كلها مقبولة ويحاسب بما تضمنه كل واحد باتفاق. فصل كل براءة بنجم 5013 - والمكاتب يحسب له كل براءة بنجم إذا لم يعين ذلك، وكان الشهود مختلفين. فصل 5014 - (ولو أقر بقتل عبد لم يسمه أو ابن لم يسمه، ثم أقر في مجلس

آخر بمثل ذلك فهو قتل واحد وإن ادعى الطالب قتلين. فصل إقرار الأب بتزويج ابنته إلخ 5015 - ولو أقر بتزويج ابنته من فلان وأنها ماتت ولها عليه ألف، واقر بمثل ذلك، فهو مال واحد. الإقرار بالجراحات 5016 - وكذلك الإقرار بالجراحات فهي جراحة واحدة. وفرقوا بين هذا وبين الديون والغصوب والودائع، واختلاف الأجناس والعقود، وهذه المسائل تلزم على أصولهم في أنه أقر بمال منكر فحمل على مال جديد. فصل أقر بألف في موطن وأشهد إلخ 5017 - وإذا أقر بألف وأشهد في موطن، ثم أقر في آخر وأشهد، وشهد الفريقان جميعاً عند الحاكم: فعند أبي حنيفية يجب المالان وعندهما مال واحد.

فصل بكل مال شاهد واحد 5018 - ولو كان بكل مال شاهد واحد فهو مال واحد، وقال زفر الشهادة باطلة، لأنه جعل ذلك غير الأول. فصل أقر ثم قال هي زيوف 5019 - وإذا أقر لرجل بألف درهم قرض أو من ثمن مبيع، ثم قال هي زيوف أو نبهرجة لم يصدق عند أبي حنيفة وصل أو قطع إذا ادعى المقر له الجياد، ولزمه الجياد. وقالا: أن وصل صدق وإن قطع لم يصدق. فصل أقر بوديعة أو غصب وقال هي زيوف 5020 - ولو قال: أودعني أو غصبت منه ألف درهم، وقال هي زيوف أو نبهرجه صدق وصل أو قطع بالاتفاق، لأنه لم يقر بأمر عليه في الذمة فصدق. والله أعلم.

باب من الإقرار بالمجهول الذي لا يرجع فيه إليه

باب من الإقرار بالمجهول الذي لا يرجع فيه إليه قوله لا حق الخ 5021 - وإذا قال: لا حق لي قبل فلان برئ فلان مما هو مضمون عليه، وإن قال: لا حق لي عنده ومعه برئ مما أصله الأمانة لما بيناه في الباب المتقدم إن ذلك يحتمل ما قلناه. فصل لي عليك ألف درهم 5022 - وإذا قال رجل لرجل لي عليك ألف درهم، فقال اتزنها أو انتقدها أو اجلني بها فهو ناقرار بها، لأن الأجل لا يثبت إلا فيما عليه، وكذلك الوزن، لأن الكتابة ترجع إلى ماله ذكر، فصار كالمصدق له في ذلك نلزمه المال. فصل 5023 - ولو قال: اتزن أو انتقد، لم يكن إقراراً لا يحتمل غير ما اقر به، ولا كناية ترجع إلى ما ادعاه، فلم يكن مصدقاً في ذلك. فصل له علي مائة درهم ونيف 5024 - ولو قال: له علي مائة درهم ونيف، فالقول قوله في النيف، كان

أقل من درهم أو أكثر لأن ذلك عبارة عما زاد وأناف. فصل بضع وكذا درهم 5025 - ولو قال له علي بضع وخمسون درهماً فالبضع ثلاثة فصاعداً، وليس له أن ينقص من الثلاثة في بيانه لما روي في تفسير قوله تعالى "في بضع سنين" ومخاطرة أبي بكر رضي الله عنه لقريش. إن الروم تغلب إلى ثلاث سنين، فقال النبي عليه السلام له: زد في الخطر وابعد في الأجل، فدل على أن البضع يقع أقله على ثلاثة لأنه أقره على ذلك.

فصل سهم في داره 5026 - وإن أقر بسهم في داره فأقل ذلك غنما هو السدس عند أبي حنيفة رضي الله عنه، ولا يصدق فيما دونه. 5027 - وقالا: لا يصدق في الثلث وما دون. 5028 - وعلى قول الشافعي انه يرجع غليه في بيان ذلك، وقد تقدم في كتاب الوصايا للوجه. فصل الاستثناء بالمشيئة 2029 - ومن أقر بحق مجهول أو معلوم وقال: إن شاء الله متصلاً بكلامه لم يلزمه. 5030 - والأصل في هذا الباب أن الاستثناء بالمشيئة يقف الكلام، ولا يلزم حكمه عندنا في جميع العقود والإيقاعات والإقرارات من الطلاق والعتاق. فصل الطلاق على مشيئة الله 5031 - ومن قال لزوجته. أنت طالق إن شاء الله لم يقع. 5032 - وقال مالك يقع الجميع، ولا فرق بين الطلاق والعتق.

5033 - ومن الناس من فرق بين العتق والطلاق فقال: 5034 - يقع العتق ولا يقع الطلاق وهو قول بعض أصحابنا المتكلمين. اتصال الاستثناء وانفصاله 5035 - الاستثناء يجب أن يكون متصلاً بالكلام ولا يصح بعد السكوت عن الجملة الأولى. 5036 - وعند ابن عباس: يصح الاستثناء المنفصل كما يصح المتصل. 5037 - وهذا لا يصح لأنه يؤدي على أن لا يستقر حكم بعد ثبوته في المستقبل. لزوم ما يرفع حكم الطلاق 5038 - وإذا كان يرفع حكم الطلاق فإذا تم لزم حكمه، وهو كالمبتدأ والخبر الذي لا يصح تأخره عنه. فصل استثناء بناء الدار 5039 - وإذا أقر الرجل بدار واستثنى البناء فللمقر له الدار والبناء، لأن إقراره بالدار يوجب ثبوت يده على البناء لأنه مما يدخل في البيع على طريق التبع فصار كأنه رجع عن بعض ما أقر به فلا يقبل. فصل استثناء بيت أو حصة من الدار 5040 - ولو قال إلا بيتاً منها إلا ثلثها أو ربعها فالاستثناء صحيح ويلزمه ما بقي لأنه استثناء مما تناوله اللفظ.

5041 - وفي المسألة الأولى دخل البناء من طريق المعنى واستثناء دخل من طريق الحكم فلا يصح. فصل بناء الدار لفلان 5042 - ولو قال: بناء هذه الدار أو العرصة لفلان فهو كما قال لأن العرصة عبارة عن بياض الأرض دون البناء في ذلك فلم يلزمه. فصل أقر بغصب ثوب من منديل 5043 - وإذا قال: غصبت ثوباً في منديل من هذا الرجل لزماه جميعاً. فصل حنطة في جراب الخ 5044 - وكذلك الحنطة في جراب والتمر في قوصرة والدرة في الصدفة. 5045 - وقال الشافعي يلزمه المقر به دون الظرف. 5046 - واتفق الفريقان أنه لوقال دابة في اصطبل لزمته الدابة دون الاصطبل. 5047 - وقال محمد يلزمه الجميع لأن الظرف يتناوله الفعل قبل المغصوب فلزمه الجميع. 5048 - وإن قال: ثوب في عشرة أثواب لزمه الثوب عند أبي يوسف. 5049 - وقال محمد يلزمه أحد عشر ثوباً. 5050 - لأن العشرة لا تكون وعاء في الظاهر لثوب واحد، ومحمد يقول يجب تصحيح قول المكلفين.

فصل غصبت من فلان لا بل من فلان 5051 - ولو قال غصبت هذا العبد من فلان لا بل من فلان سلمه إلى الأول وضمن للثاني قيمته لأنه اعترف بأتلافه عليه. 5052 - وقال الشافعي لا يلزمه ضمان في أحد قوليه. 5052 - لأنه اقر بمال الغير. فصل تجزء إقرار بوقائع متعددة 5053 - ولو قال له على ألف من ثمن عبد باعنيه ولم أقبضه لم يصدق أو قطع. 5054 - وقال الشافعي يصدق انه لم يقبض وهو قولهما. 5055 - واتفقوا أنه لو قال منثمن هذا العبد أنه يقبل، ولا يلزمه المال حتى يتسلم العبد.

باب الإقرار بالوارث وللوارث وما يلزم من ذلك وما لا يلزم

باب الإقرار بالوارث وللوارث وما يلزم من ذلك وما لا يلزم فصل 5056 - وإذا أقر الرجل فقال هذا ابي أو ابني أو زوجتي أو مولاي الذي أعتقني قبل إقراره إذا كان موهوماً في الأبوة والبنوة والمرأة كذلك إذا قالت ذلك إلا الابن فإنه لا يقبل إقرارها لأنها تحمل النسب على غيرها. فصل لا يثبت النسب بقول وارث واحد 5059 - ولا يثبت النسب بقول واحد من الورثة عند أبي حنيفة ومحمد حين كون الورثة أكثر من واحدة. 5060 - وقال أبو يوسف إذا كان الواحد هو الوارث وحده قبل إقراره وثبت النسب.

فصل إقرار المريض بوارث ولوارث 5061 - والمريض إذا أقر بوارث صح إقراره وإن أقر لوارث لم يصح في حق الورثة. 5062 - وقال الشافعي يصح في الجميع. 5063 - لأنه منهم في حق الورثة، ولأن من لا يصح الوصية له بالثلث لا يصح له الإقرار كما لو أقر بمال الغير. فصل إقرار المريض لامرأة تزوجها بعد ذلك 5064 - ولو أقر لامرأة وهو مريض وهي أجنبية ثم تزوجها ومات جاز إقراره لها. 5065 - وقال زفر لا يصح الإقرار. لأن الدين لزم قبل التزوج. فصل إقرار لأخ غير وارث 5066 - وقالوا: لو أقر لأخيه وهو غير وارث ثم صار وارثاً لم يصح إقراره إذا مات من ذلك المرض. 5067 - لأن سبب المنع حاصل قبل الإقرار.

فصل وهب وهو مريض ثم تزوج الموهوب لها 5068 - وقالوا لو وهب لامرأة وهو مريض هبة، ثم مات وقد تزوجها، لم تصح الهبة، وكانت كالوصية تقف على إجازة الورثة. فصل اقر لابنه بدين فتوفي ابنه قبله 5069 - ولو أقر لابنه بدين ثم مات الابن قبله ثم مات المقر المريض وترك ابناً سواه جاز إقرار المريض بالاتفاق. وارثه وارث ابنه المقر له بدين 5070 - ولو أن المريض لم يترك ابناً آخر ولكن وارثه وارث الابن الأول حاز إقراره له عند محمد ولم يجل عند أبي يوسف في قوله الآخر لأنه وارث له وحكم الإقرار له لازم. فصل أقر المريض بدين لرجلين أحدهما وارث 5071 - وإذا اقر المريض بدين لرجلين أحدهما وارث فالإقرار باطل باتفاق أصحابنا. 5072 - خلاف الشافعي يصح. 5073 - ولو أن الأجنبي رد إقراره للوارث وكذبه، وقال ليس هو لي

بشريك أو رد الوارث إقراره له وجحد أنيكون له ديناً عليه فإن إقراره للأجنبي لا يصح عند أبي حنيفة. 5074 - ويضح في حق الأجنبي عند محمد في مقدار حصته. 5075 - لأن الدين إذا بطل بعضه بطل جميعه، ولا جزء من ذلك إلا وهو شريك فيه. فصل على الوارث دين أقر المريض باستيفائه 5076 - ولو كان على الوارث دين فأقر المريض باستيفائه منه لم يصح، وكان كما لو أقر له بدين في ظاهر المذهب. 5077 - وروي عن أبي يوسف أنه يصح إقراره، وفرق بين الأستيفاء وبين الدين. فصل إقرار الأجنبي لابن المريض المقر 5078 - ولو أقر المريض بعين في يده لأجنبي، فقال الأجنبي هو لابن المريض ومات المريض، بطل الإقرار في قول أبي يوسف الأول، وفي قوله الثاني يصح وهو قول محمد. فصل ثلاثة بنين وثلاثة آلاف 5079 - وإذا مات الرجل وترك ثلاثة بنين وثلاثة آلاف، فادعى رجل على

الميت ثلاثة آلاف، فصدقه الأكبر في الجميع والأوسط في ألفين والصغير في ألف فإن الكبير يؤخذ جميع الألف من يده، ومن الصغير ثلاث الألف ومن الأوسط خمسة أسداد الألف في قول أبي يوسف وقال محمد يؤخذ من الأوسط جميع الألف أيضاً وفيه يقع الخلاف خاصة. فصل إقرار أحد الورثة ببيت من الدار 5080 - وإذا أقر أحد الورثة ببيت من الدار لرجل، وكذبه الآخر، فإنه يقسم أولاً الدار، فإن وقع البيت في نصيب المقر سلمه إلى المقر له، وإن وقع في نصيب الآخر، فإن يقسم ما صار إلى المقر بينه وبين المقر له ويضرب المقر له بمثل ذرع البيت والىخر بحصته فيما صار له في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. 5081 - وقال محمد يضرب المقر له بمثل نصف ذرع البيت. 5082 - وكذلك لو أقر أحدهما بوصية بيت معين فهو على هذا الخلاف أيضاً. فصل بيع أحد الشريكين في الدار نصيبه من بيت معين 5083 - وقالوا لو باع أحد الشريكين في الدار نصيبه من بيت معين منها لم يصح البيع، لأنه يؤدي إلى تفريق الصفقة على الآخر. 5084 - وروي عن أبي يوسف أنه يصح ويقاسم المشتري الشريك ذلك، وهو قول الشافعي.

فصل الإقرار بزوجة الأب 5085 - وأن إقرار أحدهما بزوجة لأبيه وكذبه الآخر فإن المقر يقسم ما صار إليه بينه وبين الزوجة على تسعة أسهم سبعة للمقر وسهمان للزوجة لأنه يقول: أنا وأنت وأخي كان المال بيننا على ستة عشر سهماً لكل واحد منا سبعة ولك سهمان وأنا أقسم ما صار إلي على ذلك. 5086 - وقال غيرنا يقسم ما صار له على ثمانية أسهم لأنه اقر بالثمن لهما مما في يده، ويد الآخر فيلزمه في حصته وهذا قول الشافعي وابن أبي ليلى. فصل أقر احد الورثة بدين على ابيه 5087 - وعلى هذا الخلاف إذا أقر أحد الورثة بدين على أبيه كذبه الآخر فإن المقر يدفع جميع الدين مما في يديه، لأن الدين يقدم على الميراث ويصير الأخ كالغاصب لبعض التركة. فصل 5088 - وقال الشافعي يلزمه بحصته ما اقر به من التركة، لأنه أقر على التركة فصار كما لو أقر بالوصية. فصل إقرار أحد الابنين بالدار لهما ولأجنبي 5089 - وإن أقر أحد الابنين وهو الأكبر بأن الدار التي بيديهما بينهما وبين

زيد أثلاثاً وقال الأصغر أنها بيننا وبين زيد وعمرو أرباعاً فإن الذي أقرا به جميعاً وهو زيد يأخذ من الأصغر ربع ما في يديه ويضم ذلك إلا ما بيد الأكبر ويجعل بينهما نصفان ويقسم الأصغر ما بقي في يديه بينه وبين عمرو نصفين، وهذا قول أبي حنيفة عند أبي يوسف، وهو قوله. 5090 - وأما قول أبي يوسف عند محمد وهو قوله: يؤخذ مما في يد الأصغر لزيد الذي أقر به جميعاً خمس ما في يده ويضم إلى ما بيد الأكبر ويقسم بينهما نصفان ويقسم الأصغر ما بيده بينه وبين عمرو نصفين. 5091 - وقد روى هذا القول ابن زياد عن أبي حنيفة، حكاه الطحاوي. فصل صور من الإقرار بالشركة في المال 5092 - ولو قال رجل لآخر: هذا العبد أنت شريكي فيه فهو بينهما نصفان بالاتفاق، وإن قال لفلان شركة في هذا العبد فهو بينهما نصفان كما لو قال شريكي (عند أبي يوسف). 5093 - وقال محمد البيان إلى المقر، وقوله شركة مثل قوله له نصيب وجزء منه. فصل الإقرار بنخلة في بستان 5094 - وإذا لرجل بنخلة في بستان فإن الإقرار بها وما تحتها من الأرض في قولهم جميعاً.

5095 - واختلفوا في البيع فقال أبو يوسف لا يدخل في البيع ما تحت النخلة من الأرض وقال محمد يدخل موضع الأصل في البيع خاصة دون مواضع العروق لانه لا يتوصل إلى بقائها إلا بما تحتها. فصل إقرار الحرفي 5096 - والحربي إذا أسلم في دار الإسلام فأقر لرجل بأنه أخذ منه ألف درهم وهو حربي، فقال المأخوذ منه بل أخذت ذلك وأنت مسلم، أو المسلم الذي قال أخذت منك وأنت حربي وقال: أخذت مني وأنا مسلم، فإن كان الشيء قائماً فالقول قول المأخوذ منه بالاتفاق وإن كان هالكاً فالقول قوله أيضاً عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 5097 - وقال محمد القول قول الأخذ، ولا ضمان عليه، لأنه لم يقر بما يوجب الضمان. 5098 - وكذلك الخلاف في القتل والقطع. فصل لفلان أو لهذا الحائط 5099 - ولو قال لفلان على عشرة دراهم أو لهذا الحائط فعليه المال عند أبي حنيفة. 5100 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يلزمه شيء وكأنه قال أو لا شيء.

فصل الإقرار المقترن بالخيار 5101 - واتفق أصحابنا أنه إذا قال: له على عشرة وأنا بالخيار أن المال يلزمه، لأن الخيار يثبت فيما يقبل الفسخ، والإقرار لا يقبل الفسخ بعد ثبوته. فصل لفلان وإلا فلفلان 5102 - ولو قال لفلان على مائة درهم وغلا فلفلان لم يلزمه شيء، وصار كأنه قال أو لفلان، عند أبي يوسف. 5103 - وقال محمد يلزمه لأول ولا شيء للثاني. فصل اقر بألف إلا مائة أو خمسين 5104 - ولو قال له علي ألف درهم إلا مائة درهم أو خمسين درهماً، قال في بعض الكتب يلزمه تسعمائة، وقال في موضع آخر يلزمه تسعمائة وخمسون ولأن "أو" دخلت على حرف الاستثناء فأثبت المتبقي في رواية وأثبتت في الأخرى ما زاد لأنه إسقاط ما قد ثبت فلا يسقط بالشك. فصل الأكر حنطة وقفز شعير 5105 - ولو قال له: علي كر حنطة وكر شعير إلا كر حنطة وقفيز شعير

فاستثناء الكر الحنطة باطل في قولهم جميعاً. 5106 - وأبطل أبو حنيفة استثناء القفيز أيضاً. 5107 - وأجاز ذلك أبو يوسف ومحمد لأنه يصح. فصل أنت حر وحر إن شاء الله 5108 - ولو قال لعبد أنت حر وحر إن شاء الله عتق العبد عند أبي حنيفة لإن الكلمة الثانية لغو، فصار كما لو سكت. 5109 - وقال أبو يوسف لا يعتق لأن الكلام متصل. فصل الاستثناء من الكتاب 5110 - وقال أبو حنيفة لو أقر بدين وكتب به كتاباً، وقال في آخرهن ومن قام بهذا الدين فهو ولي ما فيه إن شاء الله أن الكتاب يبطل جميعه. 5111 - وقال أبو يوسف ومحمد الاستثناء يرجع إلى ما يليه خاصة، وأن الدين لازم له. 5112 - لأن الكتاب كالكلمة الواحدة، لأن الإفادة تحصل بالفراغ منه. فصل فيما أعلم أو فيما أظن 5113 - ولو قال: لفلان علي ألف درهم فيما أعلم بالإقرار باطل عند أبي حنيفة ومحمد.

5114 - وقال أبو يوسف الإقرار جائز. 5115 - واتفقوا على أنه لو قال فيما أظن أو فيما أحسب أن الإقرار باطل. فصل من درهم إلى عشرة 5116 - ولو قال لفلان علي من درهم إلى عشرة أو ما بين درهم إلى عشرة لزمه تسعة في قول أبي حنيفة. 5117 - وقال أبو يوسف يلزمه الجمع. 5118 - وقال زفر يلزمه ثمانية. من عشرة دراهم إلى عشرة دنانير 5119 - وإن قال من عشرة دراهم إلى عشرة دنانير، أو ما بين عشرة دراهم إلى عشرة دنانير فإنه يلزمه عشرة دراهم وتسعة دنانير. 5120 - والحنطة والشعير كذلك تلزمه إلا قفيز حنطة يهبط من على الجنسين مقدماً كان أو مؤخراً عند أبي حنيفة. 5121 - وعندما يلزم الجميع. 5122 - ولا يجب عليه عند زفر، الغاية لا تدخل في الكلام، وكذلك الابتداء فتسقط الغاية والابتداء، ويوجب ما بين ذلك. 5123 - وكذلك قوله في الطلاق والعتاق.

فصل ألف درهم بل مائة دينار 5124 - ولو قال له على الألف درهم بل مائة دينار لزمه الجميع عندنا بلا خلاف. فصل أقر بألف مؤجلة 5125 - ولو قال: له على ألف إلى سنة فقال المقر له بل هي حالة، فالقول قول المقر له مع يمينه في نفي الأجل لأنه أقر بالمال وادعى الأجل. فصل الإقرار بالكفالة مؤجلة 5126 - ولو قال: كفلت له بألف درهم إلى سنة فالقول قول الكفيل. 5127 - ومن أصحابنا من قال القول قول المكفول له مثل الأول. 5128 - وقال بعض الفقهاء: القول قول المقر مع يمينه أنه مؤجل لأنه لم يعترف بحق حال. فصل أنكرت الزواج ثم ادعت النكاح بعد موته 5129 - ولو أنكرت امرأة أن رجلاً تزوجها ثم مات فادعت النكاح وصدقته ورثت منه بإجماع أصحابنا.

ادعى نكاحها بعد موتها 5130 - ولو كانت المرأة هي التي أقرت وكذبها الرجل ثم ماتت فادعى النكاح لم يرث عند أبي حنيفة. 5131 - وقال أبو يوسف ومحمد يرث. فصل الإقرار بالولد إقرار بالزوجية 5132 - ولو أقر رجل بولد، ثم مات فحضرت أمه وادعت أنها زوجته فإنها ترث، وإقراره بالولد إقرار بالزوجية لأن أمر المسلم يحمل على الصحة والسلامة ما أمكن. 5133 - وقال الشافعي لا تكون زوجته إلا بالبينة أو إقرار الرجل بها، وهو قول زفر لأن الولد قد يكون ولداً من وطء شبهة وملك يمين فلا يكون ذلك إقراراً بالزوجة. فصل تصديق المقر في عدم القبض 5134 - وإن أقر لحمل امرأة بمال فهو على ثلاثة أوجه: في وجه يصح بإجماع وهو أن يقول لحمل هذه المرأة عندي وصية أو ميراث من جهة من يرثه فهذا يصح إجماعاً. 5135 - والثاني أن يقول: أقرضني أو باعني وأخذت منه كذا فهذا لا يصح بالإجماع. 5136 - والثالث: إذا أطلق للقول والإقرار ولم يضفه إلى شيء من ذلك، قال أبو يوسف إقراره باطل ولا يلزمه شيء.

5137 - وقال محمد يلزمه ما اقر به إذا خرج الولد حياً لأنه يمكن حمل قوله على الصحة. فصل أقر بقرض لم يقبضه 5138 - والإقرار بالبيع والإجارة والعارية إذا قال لم أقبض فإنه يصدق لأن البيع يتم من غير قبض وكذلك قد يستعير ولا يسلم إليه. فصل أقر لحمل بمال 5139 - وإن أقر بقرض وقال لم أقبض فالقياس أن يقبل قوله. 510 - والاستحسان أن لا يقبل ذلك ويلزمه المال. لأن القرض لا يتم إلا بالقرض فهو كالقبول في البيع، وكذلك القياس والاستحسان في السلم، والعلة فيه سواء. فصل بيع التلجئة 5141 - وإذا اتفق رجلان على أن يبتاعا بيعاً على التلجئة إليه، فتبايعا ولم يذكرا التلجئة في البيع فالحكم لما أظهراه إلا أن يتفقا على أنهما قصدا التلجئة. 5142 - عند أبي حنيفة أن ما تقدم منهما قد أعرضا عنه فصار كأنهما لم يتفقا على شيء.

5143 - وقال أبو يوسف ومحمد الحكم لما أبطناه وللبيع فاسد إلا أن يتفقا على أنهما قصدا البيع، لأن ما تقدم منهما يؤثر في الذي قصداه بعده. فصل اختلاف الوكيل والموكل في الصفقة لمن؟ 5144 - واتفق أصحابنا على أن رجلاً لو أقر بأنه وكل وكيلاً بشراء عبد له بعينه فقال الوكيل: اشتريت العبد لك. وقال الموكل لم تشتر لي فان (كان) العبد في يد الوكيل فالقول قوله مع يمينه، ولا فرق بين أن يكون دفع الثمن إليه أو لم يدفع لأنه اعترف بالإذن له في الشراء ويريد أن يرجع عنه فلا يقبل. فصل هلاك الشيء محل العقد الموكل به 5145 - وإن كان العبد قد هلك، فإن كان الموكل قد سلم إليه الثمن فالقول قول الوكيل لأنه أمين في ذلك، وإن كان الدفع للثمن لم يحصل فالقول قول الموكل لأن الأصل براءة الذمة، والوكيل يريدان يلزمه الثمن فهو المدعي ههنا. فصل وكله بشراء عبد بغير عينه 5146 - ولو كان وكله بشراء عبد بغير عينه فقال الوكيل اشتريت فإن كان العبد هالكاً فالقول قول الموكل لأن العبد يدعي الضمان.

فصل العبد قائم 5147 - وإن كان الموكل دفع الثمن فالقول قول الوكيل لأنه أمين فيما دفع إليه. فصل العبد قائم 5148 - وإن كان العبد قائماً في يديه واختلفا فقال الموكل اشتريته لنفسك، وقال الوكيل أنا اشتريته لك، فإن كان دفع الثمن فالقول قول الوكيل لما ببناه، وإن كان لم يدفع الثمن فالقول قول الموكل عند أبي حنيفة لأن الوكيل يدعي الثمن. 5149 - وقال أبو يوسف ومحمد القول قول الوكيل لأنه اعترف له بالإذن. فصل ادعت أنها أم ولد 5150 - ولو أن أمة في يدي رجل فقالت: أنا أم ولد لفلان أو معتقة له، فصدقها المقر له وقال الذي هي في يديه أنت أمتي، فالقول قول الأمة والمقر له عند أبي حنيفة ومحمد. فصل ادعى أن أمه أم ولد 5151 - ولو كان مكان الأمة رجل فقال: أنا ابن فلان وأمي أم ولد له. وقال الذي هو في يديه أنت عبدي وأمك أمتي، فالقول قول الذي هو في يديه عند أبي حنيفة.

5152 - وقال أبو يوسف ومحمد القول قول المقر له لأنه لم يعترف برق. فصل مجهولة النسب تزوجت ثم أقرت بالرق 5153 - والمرأة المجهولة النسب إذا تزوجت رجلاً ثم أقرت بالرق لآخر قبل إقرارها بالرق على نفسها ولا تصدق (في) إبطال النكاح، وما ولدت قبل الإقرار فهم أحرار، وكذلك ما ولدت لأقل من ستة أشهر من يوم لإقرار. 5154 - وما ولدت بعد ذلك فهم ارقاء عند أبي يوسف وأحرار عند محمد لأنها لا تصدق على رق الولد. مسائل الكيس 5155 - وفي كتاب الإقرار كل عجيب في المسائل نحو مسائل الكيس والوصايا وغير ذلك من خلاف أصحابنا والمخالفين، وذكر الجميع فلا يمكن مخافة طول الكتاب فمن مسائل الكيس في يدي رجلين فقال أحدهما الكيس ببني وبين فلان أثلاثاً له الثلث ولي الثلثان، وقال شريكه بل له النصف من الكيس ولي أنا النصف، فلا يخلو أما أن يكذبهما ويدعي الكل، أو يصدقهما أو يصدق أحدهما، والقسمة مع تكذيبهما جميعاً أن يأخذ من المقر بالنصف خمس ما في يده ومن المقر بالثلث خمس ما في يديه، وهذا قول محمد في الجامع الكبير. 5156 - وعن أبي يوسف أنه يأخذ من المقر بالنصف نصف ما في يديه، ومن المقر بالثلث ثلث ما في يديه.

فصل 5157 - وإذا صدق صاحب النصف أخذ الخمس من المقر بالثلث وضمه إلى ما في يدي المقر بالنصف، فيقسم ذلك بينهما نصفان وكذلك أن صدق صاحب الثلث خاصة أخذ الخمس من صاحب النصف وضمه إلى ما بيد صاحب الثلث، وقسم ذلك بينهما ثلاثاً. 5158 - وإذا قلنا أنه لا يمكن ذكر المسائل وكان المقر له تارة يستوفي ما أقر له به وتارة يصالح عنه وتارة يسقط بالإبراء وجب ذكر الصلح عند ذلك.

كتاب الصلح

كتاب الصلح وهذا كتاب الصلح جواز الصلح 5159 - اعلم أن الصلح في الجملة جائز. وقد ورد القرآن به في آية الشقاق. وقال الله تعالى: والصلح خير. وقال تعالى: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما. وقد صالح النبي -صلى الله عليه وسلم- سهيل بن عمرو. وفي رسالة عمر إلى أبي موسى: والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً.

وقال لمعاوية: وعليك بالصلح بين المسلمين ما لم يتبين لك فصل القضاء. وقال: رددوا الخصوم كي يصطلحوا. فصل ما يجوز الصلح عليه 5160 - وهو يجوز على كل مال وعن كل حق أخذ العوض عليه من سائر الحقوق وإتلاف الأموال والجنايات والقرض والمداينات. فصل أضرب الصلح 5161 - وهو عندنا على ثلاثة أضرب: يكون تارة عن إقرار وتصديق. والثاني عن سكوت لا إقرار معه. والثالث يكون مع الإنكار والجحود وهو جائز في الجملة عندنا في الإضراب للثلاثة. وقال الشافعي: لا يجوز مع الإنكار. واتفق الفريقان أن الأجنبي إذا صالح عن المنكر أنه يجوز وأن يكون الحق ما ثبت عليه.

فصل تكييف الصلح على إقرار 5162 - والصلح إذا وقع عن إقرار اعتبر فيه ما يعتبر في البياعات إذا وقعت في المال بالمال، لأن المدعي عليه يعطي عوضاً عما أقر به، وهذا في معنى البيع فوجب اعتبار البياعات. وإن وقع على منافع أو بمنافع اعتبر بالإجارات لأنه أخذ المنفعة بالعوض، أو أخذ العوض عن المنفعة فيعتبر في ذلك ما يجوز في الإجارات. وبالجملة يجب أن يعتبر بأقرب العقود إليه وأقربها في الصحة وحمل الأمر في جانب على ما يجوز دون ما لا يجوز، لأن أمر المسلم محمول على الصحة والسلامة. فصل الصلح عن إنكار 5163 - فإذا وقع على الإنكار والسكوت فيكون ما يبذله المدعي عليه عن الخصومة وإسقاط اليمين، وما يأخذه المدعى بمعنى المعاوضة، حقه، لأنه يزعم أنه محق في دعواه، وأن ما يأخذه هو عوض عما يستحقه، ولولا ذلك لما جاز له الأخذ، فيعامل كل واحد بحسب ما يعتقده ويدعيه ويبذله، وغير ممتنع أن تختلف العقود في حق العاقدين كالإقالة هي فسخ بين المتعاقدين بيع في حق غيرهما. فصل الصلح عن دار 5164 - فإذا وقع الصلح عن دار لم تجب فيها الشفعة باتفاق من الجماعة إذا

كان الصلح عن إنكار، وإن كان على إقرار وجبت الشفعة، لأنها بمنزلة البيع، لأن الذي في يديه الدار يزعم أنه لم يملكها بالصلح وإنما دفع المال افتداء ليمينه فلا يصدق عليه المدعى. فصل الصلح بدار 5165 - وإن كان الصلح بدار أخذها المدعي وجبت فيها الشفعة، لأنه يزعم أنه ملكها بعوض، فصار كما لو أقر بالشراء وجحد البائع البيع المشتري فإنها تؤخذ بالشفعة. فصل استحقاق المصالح عنه 5166 - وإن كان الصلح على إقرار فاستحق المصالح عنه أو بعضه رجع في العوض كله إن كان استحق الكل وفي قدر ما استحق من البعض، لأن حكم الصلح مع الإقرار حكم البيع. فصل استحقاق المدعي في الصلح عن إنكار 5167 - ولو كان الصلح عن إنكار واستحق المدعى، فإن العوض يجب رده، لأن المدعى عليه بذل المال عن دفع الخصومة واليمين عن نفسه، ومع الاستحقاق تبين أنه لا خصومة بينهما ولا عين عليه، فيجب رد العوض، لأنه أخذه عن غير شيء.

فصل 5168 - ولو كانت الدعوى طائفة من الدار أو نصفها فاستحق النصف منها لم يرد شيئاً من المال، لأنه لا يجوز أن يقول حقي ما لم يستحق من ذلك. فصل استحقاق ثلثي الدار 5169 - ولو استحق ثلثا الدار رجع الدافع على المدفوع إليه بثلث العوض، لأن ثلث ما ادعاه قد استحق وتبين أنه أخذ عنه ما لا يستحقه. فصل 5170 - ولو كان المدعي قال: لك نصف الدار ولي في الباقي حق، واستحق من الدار ثلثاها، فإنه يقال للمدعي: كم كان حقك من النصف؟ فإن قال: كان حقي الثلث من ذلك فإنه يرجع عليه بنصف ما أخذه، لأنه يقول كان حقك النصف وحتى السدس والثلث للمستحق، فلما استحق الثلثان فقد أخذ من حقك نصف سدس ومن حقي نصف سدس، فرجع في نصف العوض. فصل ألف إلى أجل 5171 - ولو كان له على رجل ألف إلى أجل فصالحه منها على مائة فهو جائز ويكون قد حط منه ما زاد على ذلك.

فصل الصلح عن الحدود 5172 - ولا يجوز الصلح عن الحدود لأن ذلك حق لله تعالى لا يصح الصلح عنه. فصل دعوى الرجل نكاح امرأة 5173 - ودعوى الرجل لكاح امرأة وهي تجحد فصالحته على مال حتى يدع جائز، ويجعل ذلك كالخلع. فصل 5174 - ولو كانت هي التي أدعت، والزوج ينكر فصالحها على مال لم يجز، لأنه لا يوجد من جهتها ما يأخذ العوض عنه، والرجل لا يجب عليه عوض لأجل الفرقة. فصل الصلح عن دعوى العتق 5175 - وإذا ادعى العبد على مولاه العتق فأنكر، فصالحه المولى عن دعواه لم يجز لأنه إذا أخذ العوض لم يملكه، ووجب رده إلى المولى.

فصل عكس ذلك 5176 - ولو كان المولى هو المدعى عليه أنه اعتقه على مال، والعبد ينكر، فصالحه عن ذلك المال جاز، ويصير كأنه أعتق على ذلك القدر، وحط عنه ما زاد. فصل تكييف الصلح على الدين 5177 - وكل شيء وقع الصلح عليه وهو المستحق بعقد المداينة لم يحمل على المعاوضة، وإنما يحمل على أنه استوفى بعض حقه وأسقط باقيه، كمن له ألف فصالح على خمسمائة أو له دراهم جياد فصالح على زيوف فإنه يحمل على إسقاطه بعض حقه وإسقاط حقه من الجوده. 5178 - ولو صالحه على ألف مؤجلة جاز وكأنه أخر نفس الحق لأنه لا يصح حمله على المعاوضة (لأن بيع المعاوضة بمثلها نسيئة لا يجوز فحملناه على التأخير). 5179 - ولو كانت الدراهم المدعاة مؤجلة فصالحه على خمسمائة دينار حالة لم يجز لأن الدين المؤجل لا يستحق تعجيله فيصير في حكم المعاوضة فلا يجوز بيع ذلك لسيئة.

فصل ادعى داراً أنها كانت لأبيه 5180 - ولو ادعى داراً أنها كانت لأبيه وأنه مات وتركها ميراثاً لسائر الورثة فأقر له بها أو أنكر ذلك وصالحه منها على مال فليس لأحد الورثة أن يشركه فيما أخذ من ذلك لأنه صالح عن حقه لا حق الميت.

باب الصلح في الدين المشترك

باب الصلح في الدين المشترك فصل ادعى ألفاً كانت لأبيه 5181 - ولو كان ادعى عليه ألفاً فصالحه عن ذلك على شيء، كان الباقي الورثة أن يدخلوا فيما أخذ من ذلك. 5182 - وكذلك الرجلان يكون لهما ألف على رجل فصالح أحدهما عن نصيبه بمال فلشريكه الخياران يأخذ منه نصف ما قبض وإن شاء أن يتبع الغريم بماله، فإن نوى الدين رجع فيما أخذه الشريك لأن قسمة الدين في الذمة لا تجوز. 5183 - وقال غيرنا ليس له أن يشاركه فيما يأخذ. وحكى عن أبي يوسف مثله.

فصل بطلان الصلح عن مال بمنفعة بموت إحدهما في المدة 5184 - وإن صالحه على سكن بيت أو خدمة عبد أو ركوب دابة شهراً، فمات المدعي أو المدعى عليه قبل ذلك بطل الصلح عند محمد، وجعل ذلك بمنزلة الإجارة. 5185 - وقال أبو يوسف إذا مات المدعى عليه لا يبطل الصلح، وإن مات المدعى فإن كان على سكن دار أو خدمة عبد لم يبطل الصلح، ويبطل في ركوب الدابة. فصل صالحه على خدمة عبد فقتل 5186 - وإن صالحه على خدمة عبد فمات العبد أو قتله رجل أجنبي أو المدعي أو المدعى عليه بطل الصلح عند محمد وقال أبو يوسف، إذا قتله أجنبي فالمدعي بالخيار إن شاء نقض الصلح ورجع على

دعواه، وإن شاء مضى على الصلح، ويؤخذ من القاتل قيمة العبد فيشتري بها عبد آخر فيخدمه. فصل صالحه على خدمة عبد فأجره 5187 - ولو صالحه على خدمة عبد فأجره المدعي من المدعى عليه فالإجارة جائزة عند أبي يوسف، سلك به مسلك التمليك. 5188 - وقال محمد لا يجوز كما في الإجارة. فصل صالحه على الغنم بصوفها 5189 - ولو ادعى غما على رجل فصالحه في دعواه على الصوف الذي على ظهورها على أن يجزه في الحال ويسلمه، جاز الصلح عند أبي يوسف، ولم يجز عند محمد. 5190 - واتفقا على أنه لو صالحه على صوف على ظهر غنم أخرى لم يجز الصلح. فصل تزوجها على الجراحة في جرح العمد 5191 - والمرأة إذا جرحت رجلاً عند فتزوجها على تلك الجراحة فقال: تزوجتك على الجراحة أو الشجة أو الضربة، فإن برأ من ذلك فأرش ذلك هو المهر في قولهم جميعاً، وإن مات فعند أبي

حنيفة لها مهر مثلها وعليها القصاص في القياس، والاستحسان أن عليها الدية في مالها ولها مهر مثلها ويتقاصان. 5192 - وعند أبي يوسف ومحمد صار كأنه تزوجها على القصاص فوقع العفو ولها مهر مثلها. فصل لو كانت الجناية خطأ 5193 - ولو كانت الجناية خطأ، ففي قول أبي حنيفة الدية على عاقلتها ولها عليه مهر مثلها. 5194 - وفي قولهما كأنه تزوجها على الدية، فإن كان مهر مثلها عشرة آلاف سلم لها ذلك، وسقط عن عاقلتها، وإن كان مهر مثلها ألف درهم فإن كانت تسعة آلاف تخرج من الثلث للزوج فذلك لها ويسقط عن العاقلة وإن لم يخرج من الثلث فلها مقدار ما يخرج من الثلث، ويؤخذ الباقي من العاقلة. فصل الصلح على عهد مغصوب 5195 - وإذا غصب رجل عبداً فصالحه مولاه على أكثر من قيمته جاز، سواء كان ذلك العبد هالكاً أو باقياً عند أبي حنيفة. 5196 - وقال أبو يوسف ومحمد: إن كان هالكاً لا يجوز على الزيادة. 5197 - وهو قول الشافعي.

5198 - لأن العبد عند أبي حنيفة كان قائماً في الذمة. فصل 5199 - وإذا أدعى الوديعة أو العارية أو الرهن أو البضاعة فقال: هلك ذلك أو رددته عليك ثم صالح عن ذلك بطل الصلح عند أبي يوسف ولم يبطل عند محمد. 5200 - وقيل أن قول أبي حنيفة مثل قول أبي يوسف لأنه قال في الأجير المشترك إذا صالح عن دعوى الضياع أنه لا يجوز، فيجب أن يكون قوله مثل ذلك. فصل الصلح على ثوب قيمته عشرة حالة 5201 - ولو أتلف ثوباً قيمته عشرة حالة فصالحه على عشرة مؤجلة صح الصلح. 5202 - وقال الشافعي لا يصح. فصل الروشن على الطريق العام 5203 - وإن أشرع روشنا على طريق المسلمين فلكل أحد منعه وإن لم يضر المارة. 5204 - وقالا والشافعي إذا لم يضر بأحد فليس لأحد منعه. 5205 - وجعل ذلك أبو حنيفة بمنزلة الدكة والبناء في هواء الغير والدرب المشترك

فصل الجذوع والقمط 5206 - ويرخص عند أبي حنيفة بالجذوع على الحائط وبالتربيع ببناء أحدهما وبوجه البناء ولا يرخص بالهراوي ولا بالقمط وقال أبو يوسف يرخص بالقمط. النزاع على السقف 5207 - وصاحب السفل والعلو إذا تنازعا في السقف فهر لصاحب السفل لأنه على ملكه، ولصاحب العلو الانتفاع به. 5208 - وقال الشافعي هما سواء. فصل انهدام السفل والعلو 5209 - وإذا أنهدم السفل والعلو، وامتنع صاحب السفل من البناء فإنه لا يجبر على البناء. 5210 - وقال الشافعي يجبر، ولكن بيتي صاحب العلو، ويمنع صاحب السفل من الانتفاع حتى يعطيه ما اتفق في رواية، وفي رواية أخرى القيمة. فصل إجبار الشريك في النهر على الإنفاق 5211 - ويجبر الشريك في النهر والبئر على الإنفاق.

5212 - وقال الشافعي لا يجبر في أحد القولين. فصل 5213 - وإن اتفق الشريك كان ديناً له على شريكه. 5214 - وقال الشافعي هو متطوع بذلك. فصل وضع خشبة على حائط الجار 5215 - وليس للجار وضع خشبة على حائط جاره إلا بإذنه. 5216 - وقال مالك له ذلك. وهو أحد قوليه. 5217 - وكتاب الصلح فيه مسائل كثيرة، وقد ذكرنا من ذلك ما يجوز أن يقع، وإذ قد ذكرنا ذلك وكان الإنسان يجوز أن يبيع ما صالح عليه ويجوز أن يوقفه وجب ذكر الوقف.

كتاب الوقف

كتاب الوقف فصل وهذا كتاب الوقف عموم البلوى بالوقف 5218 - اعلم أن الوقف من أمهات الكتب البلوى به عامة لكل حاكم، وعامة الفقهاء وهو أكثر ما يدور في البلاد. فصل تعريف 5219 - وقد ترجم كتابه بأنه إزالة ملك إلى غير مالك، من غير إتلاف هذا معناه عند أصحابنا. 5220 - وقيل إنما سمي وقفاً لأن المالك وقف تصرفه فيه. 5221 - وقيل إنما سمي بذلك لأن الموقوف عليه لا يتصرف في ذلك. 5222 - وبهذا سمي حبساً لأنه محبوس. فصل أنواع العقود من حيث المحل 5223 - والعقود على ضربين: منها ما يقع على العين. ومنها ما يقع على المنفعة.

5224 - وكل واحد من العقدين أعني ما يقع على الرقبة والمنفعة يتنوع: فمنها ما يملك بنفس العقد وهو البيع والنكاح. ومنها ما يعتبر فيه معنى زائد على العقد ينظم إلى العقد فمن ذلك الهبة يعتبر (فيها) القبض والأذن فيه مع العقد، وهو تسليم العين إلى الموهوب له، وفي المسجد الصلاة فيه، وفي المقبرة الدفن وفي السقاية أن يتطهر منها الناس وفي الوقف حكم الحاكم، أو يخرجه في مخرج الوصية بعد الموت، وفي الوصية موت الموصى. فهذه المعاني هي التي تعتبر في هذه العقود. فصل 5225 - وذكر المتأخرون من أصحابنا أن الوقف قربة مندوب إليها ويستحب فعلها، غير أنه لا يزول ملكه عنه، ويستحب له أن لا يرجع فيه، وكذلك إذا مات، المستحب لورثته أن لا يرجعوا. 5226 - وحكى الطحاوي أن عند أبي حنيفة أو الوقف باطل، وحكى المخالفون عنه أنه عنده مكروه. 5227 - ولو كان مكروهاً لما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- والأئمة بعده وسائر الناس. في جميع الأزمان يفعلونه من غير نكير، ولأن المقصود منه القربة فهو كسائر القرب.

فصل مصير الملك الموقوف 5228 - والوقف على ملك مالكه، ولا يزول بمجرد القول، ويورث عنه إلا أن يحكم به حاكم أو يخرجه مخرج الوصية. 5229 - وقال أبو يوسف يزول ملكه بنفس العقد. 5230 - وهو قول الشافعي. 5231 - وقال محمد لا يزول بنفس العقد حتى ينضم إليه قبض الموقوف عليه أو الوالي. 5232 - وقد روى ابن عباس أنه لما نزلت آية المواريث قال النبي عليه السلام لا حبس عن فرائض الله. 5233 - وقال شريخ: جاء محمد ببيع الحبس، يعني دين محمد. 5234 - وهذا أخبار عن أمر محدد، ولا يعلم ذلك إلا توفيقاً، ولأنه إزالة ملك لا إلى مالك، وليس بإتلاف كما لو وهب لواحد من الناس فههنا أولى.

فصل 5235 - وحكي عن أبي يوسف أنه كان بقول أبي حنيفة حتى روى له خبر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فرجع عن ذلك. 5236 - والخبر أنه كان له أرض تدعى تمع بخيبر وكان فيها نخل نفيس

فقال عمر يا رسول الله إني استفدت مالاً وهو عندي نفيس أفأتصدق به؟ فقال عليه السلام. - احبس أصلها وتصدق بثمرتها لا تباع ولا توهب ولا تورث ولكن تنفق ثمرته، وشرط عمر رحمه الله تعالى فقال: "هذا ما تصدق به عمر في سبيل الله وفي الرقاب والأضياف والمساكين ولابن السبيل ولذي القربى، ولا جناح على من وليه أن يأكل عنه بالمعروف ويؤكل صديقاً غير متمول". فصل فقه الخبر المروي عن عمر 1237 - وفي هذا الخبر وجوه من الفقه منها أنه يدل على أن الصدقة بما هو أنفس أفضل. ومنها أنه قال أحبس الأصل وتصدق بالثمرة فيحتمل حبس الأصل عليك ويحتمل حبس الأصل على الجهة التي جعلت ومنها جواز الصدقة بالثمره بعد وجودها، ومنها قوله لا يباع ولا يوهب ولا يورث فيحتمل المنهي، ويحتمل فعل ذلك على نية أن لا تبيع ذلك لأنه لا يجوز بيعه. ومنها أن الجهة التي صرف إليها عمر الصدقة لم يعينها النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن ذلك يقف على اختيار عمر وإيثاره. ومنها أن الجهات التي صرف إليها عمر الصدقة هي جهات يتقرب بها إلى الله تعالى.

ومنها أن قوله: ولذي القربى يحتمل قرابة النبي -صلى الله عليه وسلم- ويحتمل أن يكون قرابة نفسه، وإلا ظهر أنه أراد قرابته. ومنها أنه يجوز أن يشرط لمن وليها أن يأكل منها. ومنها أنه لا يجوز أن يأكل بغير إذن في ذلك. ومنها أنه يجوز أن يأكل ولا يتمول حتى لا يملك ذلك عليه. فصل زوال الملك بحكم الحاكم 5238 - وإذا حكم الحاكم بصحته زال الملك لأن ذلك مختلف فيه، وحكم الحاكم يقطع الخلاف ويزيل وجوه الاجتهاد، وإذا حكم نفذ لأنه موضع اجتهاد. فصل إخراج الوقف مخرج الوصية 5239 - وإذا خرج ذلك مخرج الوصايا فإنه يصح أيضاً لأن موته يوجب إزالة أملاكه عن جميع ماله، وبالوصية يمنع أن يدخل ذلك في ملك الورثة، وهو يملك ذلك كالوصية بالثلث. فصل الوقف في حال المرض 5240 - وقد روى عن أبي حنيفة في وقفه في حال مرضه روايتان:

إحداهما أنه يصح لأنه ينزل بمنزلة الوصية، والثانية أن المعنى الذي لا يصح لأجله حال صحته هو أنه يزول ملكه بمجرد قوله وقفت، وهو موجود ههنا. 5241 - ومن أصحابنا من قال هذا هو الصحيح من الرواية. فصل تصدقه في حياته وصحته 5242 - وإذا تصدق في حياته وصحته كان ذلك في جميع ماله، لأنه يتبرع في صحته كسائر التبرعات. فصل تصدقه في مرضه 5243 - وإذا تصدق به في مرضه اعتبر من ثلثه لأن تصرف المريض يعتبر من الثلث. فصل إخراج الوقف مخرج الوصايا 5244 - وكذلك إذا أخرجه مخرج الوصايا بأن يقول: إذا مت فهو وقف فإنه يخرج أيضاً من الثلث كسائر الوصايا. فصل إخراج الموقوف من يده 5245 - وقال أصحابنا: وإذا جعل الرجل في صحته أرضاً مقسومة صدقة

على الفقراء والمساكين، وإخراجها من يده إلى يد قيم يقوم عليها وينفق عليها، في شربها وإصلاح مجاريها ومزارعها، ويدفع من غلتها ما تحتاج إليه لنوائبها، ويقسم الباقي بعد ذلك كل سنة في الفقراء والمساكين فهذه صدقة جائزة، وليس له أن يرجع فيها، لأن الصدقة قد اعتاض عنها الثواب فهي كالهبة إذا اعتاض عنها، وهذا لا خلاف فيه. فصل وقف نصف أرضه مشاعاً 5246 - فإن وقف نصفها مشاعاً لم يصح الوقف عند محمد. 5247 - وقال أبو يوسف يجوز وقف المشاع كما يجوز المقسوم. 5248 - لأنه إزالة ملكه لا إلى مالك فأشبه العتق. 5249 - وهو قول الشافعي. 5250 - ومحمد يقول يتبرع في حال الحياة من غير إتلاف كالهبة. فصل اتخاذ مقبرة 5251 - وإذا جعل أرضه مقبرة وإذن في الدفن فيها فمتى دفن فيها واحد لم يكن له الرجوع لأن الدفن كالقيض في الهبة. 5252 - والفرق بين هذا وقبض المتولي في الوقف أنه لا يزول ولا يمنع الرجوع لأن المتولي يقوم مقام الواقف، فهو كالوكيل يدفع ذلك

إليه، وههنا اليد للمسلمين، وهي قائمة مقام يد الله في القبض. فصل اتخاذ الخان 5253 - وإذا جعل داره خاناً لمارة المسلمين فإذا نزله أحد زال ملكه، ولا سبيل له بعد ذلك غليها كما قلنا في المقبرة. 5254 - وإن مات لم يورث ذلك عنه. 5255 - وقد روى بعض أصحابنا في ذلك عن أبي يوسف روايتين أحداهما هذه، وهو قول محمد. 5255 - والثانية أنه لا يجوز لأن القياس أن لا يجوز الوقف، وإنما ترك ذلك لخير عمر -رضي الله عنه-، وذلك وارد في الثمرة فما سواها باق على القياس، وقياس الأدلة على الثمرة لأنه نوع منفعة. فصل دور مكة 5256 - ودور مكة إذا جعلها لمن يمر من الحاج فإنه ليس له بعد ذلك الرجوع فيها لأن عند أبي حنيفة لا يصح وقفها، وهي غير مملوكة وعندهما تملك ويصح الوقف فلا يرجع فيه. فصل حفر البئر وتصدق بها 5257 - ولو حفر بئراً وجعلها صدقة فله أن يشرب منها ويتوضأ ويصلي

في المسجد ويدفن في المقبرة لا لأنه مالك، ولكن لأنه واحد من المسلمين. فصل استحقاق بعض الموقوف مشاعاً 5258 - ولو وقف أرضاً فاستحق بعضها مشاعاً بطل الوقف في الجميع، ورجع الباقي إليه في حياته، وإلى ورثته بعد وفاته. 5259 - فأما أبو حنيفة فيقول: لا يصح وقف الشاع، وأن حكم به حاكم لأنه مختلف فيه مع الإشاعة، وقد كان له أن يرجع فيه مع الإشاعة وقد كان له أن يرجع فيه قبل ذلك. 5260 - وعلى قول أبي يوسف والشافعي لا يبطل، لأن القدر الذي استحق لم يدخل في الوقف، وما بقي فيجوز وقفه ابتداء. 5261 - ومحمد لا يجيزه ابتداء فلا يجوز في حالة البقاء. فصل استحقاق بعض المسجد 5262 - واتفق الفريقان أنه لو استحق بعض المسجد أنه يبطل لأنه لا يصح كونه مسجداً مع تعلق حق الغير به. 5263 - وإن استحق بعضه معيناً فإنه لا يبطل لأن الباقي يجوز فيه الوقف، وكذلك حالة البقاء.

فصل أرض لرجلين تصدقا بها 5264 - والأرض إذا كانت لرجلين فتصدقا بها صدقة موقوفة فهو جائز إذا دفعا ذلك إلى ولي يقوم بها، لأن مثله في الصدقة المملوكة يجوز كذلك لو وقف. 5265 - ولو تصدقا بها على رجلين صدقة واحدة لأحدهما بعينه نصيب هذا المتصدق خاصة وللآخر نصيب الآخر فهو باطل لأن الإشاعة وجدت من الطرفين والأصل عند محمد في هذا الباب أن يعتبر الوقف بالصدقة فكل شركة تجوز في الصدقة فإنها تجوز في الوقف، فالشركة إذا كانت في الطرفين جميعاً لم تجز. 5266 - ولو تصدق كل واحد بنصيبه عليهما وقبضاه فهو جائز لأن الشركة حصلت في أحد الطرفين لأن كل واحد تصدق على اثنين. 5267 - ولو تصدقا بها على رجل واحد فوكل المتصدق عليه رجلين بقبضهما فقبضاها له جاز، وإن كان القابض اثنين لأن القبض لواحد، وهو كما لو قبض بنفسه. فصل 5268 - ولو تصدقا بها صدقة موقوفة أحدهما على ولده وولد ولده أبداً ما تناسلوا فإذا انقرضوا كانت غلتها للمساكين، وجعل الآخر نصيبه على أخوته وأهل بيته، فإذا انقرضوا كانت غلتها في الحج يحج بها عنه في كل سنة وسلماها إلى رجل واحد فإن ذلك جائز،

لأن المقصود من الوقف هو لله تعالى فلا يعتبر فيه اختلاف الجهات فصار ذلك كالجهة الواحدة. فصل شرط تقديم نفقة العمارة والخراج .. إلخ 5269 - وإذا اشترك في الوقف أن يبدأ الناظر بعمارته وتأدية الخراج والعشر وإصلاح الأنهار والدواليب ويصرب الباقي إلى ولده فهو جائز ولا خلاف في ذلك. فصل موت العم في حياة الوقف 5270 - وإذا مات القيم عليه في حياة الواقف، فالأمر إلى الواقف، يقيم فيه من أحب لأن هذا وقف من جهته، وله أن يجعل إلى من شاء. فصل موت القيم بعد الواقف 5271 - وإن مات بعده ولم يوص إلى أحد فالأمر إلى القاضي، لأنه لما مات فقد عجز عن تصرفه، فيكون ذلك إلى القاضي، كسائر تصرفات الميت، من تنفيذ وصاياه وقضاء ديونه. فصل من يعين القيم من الأجانب 5272 - ولا يجعل القيم من الأجانب ما وجد من ولد الواقف وأهل بيته من

يصلح لذلك لأن هؤلاء أشفق وارقب في حفظه. 5273 - وإن لم يجد فيهم من يصلح له فجعله إلى أجنبي جاز، لأن ذلك حال الضرورة لأنه لابد من قيم يقوم به. 5274 وإن حصل فيهم من يصلح له صرف ذلك إليه، لأنه لو كان موجوداً في الابتداء كان أحق بذلك، فإذا صار في الباقي فهو أحق. فصل حيلة شرعية للاحتياط من درك الوقف 5275 - ومن أراد الاحتياط لوقفه والأمن في المستقبل من درك، أن يشترط في كتاب الوقف أنه متى أبطله قاض أو غيره بوجه من وجوه الإبطال، فهذه الأرض بأصلها وجميع ما فيها وصية من مال فلان الواقف تباع فيتصدق بثمنها فلا يكون فائدة في فسخ الوقف. فصل الوقف على تجهيز المجاهدين 5276 - ويجوز أن يوقف على تجهيز الرجال والسلاح والكراع والنفقات في سبيل الله تعالى لأن كل هذه الجهات قربة. فصل حيلة أخرى في التوثيق للوقف 5277 - ووجه آخر في التوثق من أبطاله أن يتصدق به، ثم يخاصم فيه القيم

إلى قاض يرى إجازته، ويطلب منه إجازته فيأخذ منه القيم كتاب قضية بإجازته ويشهد الشهود على القاضي بقضائه، فينقطع الخلاف وليس لحاكم آخر أن يفسخه، ويكون الكتاب هو الحجة على كل حاكم. فصل وقف الضيعة بمماليكها 5278 - وإن كان في الضيعة مماليك يعملون بأيديهم فوقفها ومن فيها، وسماهم في كتاب الوقف جاز ذلك على طريق البيع لما يصح وقفه. فصل الاستبدال بمماليك الوقف 5279 - والمتولى أن يستبدل بهم إذا أراد لأن الغلام يهرم والبقر يهرم فلا يمكن الانتفاع به فجاز أن يستبدل بغيره كبواري المسجد إذا خلقت. فصل وقف على أمهات أولاده 5280 - والله وقفها على أمهات أولاده في حال وقف، وعلى من يحدث منهن بعد ذلك، وسمى لكل واحدة منهن سهماً في حياته وبعد وفاته ما لم يتزوجن فهو جائز لأنهم قوم معينون فيجوز الوقف، ويجوز على

من يحدث، لأن الوقف يجوز تعليقه بالشرط كما وقف على أولاده وأولاد أولاده ما تناسلوا كذلك هذا. فصل جعل الرأي للقيم في توزيع الغلة 5281 - وإذا جعل الرأي في توزيع الغلة إلى القيم على الوقف جاز، وله أن يفضل ويسوى، لأن أصل الحق يجوز أن يقف على شرطه، فكذلك القدر. فصل العمل بشرط الواقف 5282 - وجملة الحال: إنك تعمل على ما شرط الواقف وتلفظ به في القدر والموقوف عليه. فصل 5283 - واختلف في جواز الوقف المنقطع فقال محمد: لا يجوز حتى يكون على صفة يعلم أنها لا تنقطع ولا تبطل، وهو أن يجعل آخره للفقراء والمساكين. 5284 - وقال أبو يوسف يجوز كما تجوز الصدقة.

فصل جواز وقف العقار إجماعاً 5285 - ويجوز وقف العقار، الدور والأراضي والحوانيت إجماعاً. فصل وقف الحيوان والمنقول 5286 - واختلف في وقف الحيوان والمنقول: فقال محمد لا يجوز. 5287 - وقال أبو يوسف يجوز. 5288 - وهو قول الشافعي لأنه لا يتأبد فصار كالوقف المنقطع. فصل وقف الدراهم والدنانير 5289 - واختلف أصحاب الشافعي في وقف الدراهم والدنانير فمن أجاز إجارتها أجاز وقفها، ومن لم يجز إجارتها لم يجز وقفها. 5290 - واختلفوا في وقف الكلب فأجاز وقفه بعضهم ولم يجزه البعض لأنه لا يملك. وقف أم الولد 5291 - واختلفوا في أم الولد فمنهم من أجاز وقفها لأنه ينتفع بها ومنهم من قال لا يجوز لأنها لا تملك.

فصل وقف عهد بغير عينه 5292 - واتفق الفريقان على أنه لو وقف عبداً بغير عينه أو فرساً غير معين أن الوقف لا يصح لأنه إزالة ملك فصار كالعتق. فصل خروج الوقف الصحيح من ملك الواقف 5293 - والوقف إذا صح خرج من ملك الواقف ولم يدخل في ملك الموقوف عليه. 5294 - ومن أصحاب الشافعي من قال يدخل في ملك الموقوف عليه. 5295 - لأنه لو جاز الانتقال لم يصح وقف كسائر الأموال. 5296 - ولا خلاف أنه يجوز أن يجعله سنة أزيد وأخرى لعمرو وأخرى لبكر، ونقل الملك لا يقبل الشروط، ولأن الملك لو انتقل لم يكن الواقف ثواب لأنه لا ملك لفه فيه ولا صنع. فصل قسمة المشاع الموقوف 5297 - وإذا وقف المشاع فللشريك أن يطلب القسمة على قول أبي يوسف وإذا قسم صحت القسمة. 5298 - وهو قول الشافعي.

فصل شرط الواقف لنفسه بيع الوقف 5299 - وإذا شرط الواقف لنفسه بيع الوقف وصرف ثمنه إلى ما هو أفضل جاز ذلك عند أبي يوسف، لأن علياً -رضي الله عنه- جعل في شرط وقفه أن الحسن والحسين -رضي الله عنهما- إذا احتاجا إلى بيعه أن يبيعوا ذلك. فصل البداية بعمارة الوقف 5300 - وعمارة الوقف يجب البداية بها، وإن لم يشرط ذلك الواقف، لأن الغلة هي المقصودة. فصل شرط الغلة لنفسه 5301 - وإن جعل الواقف غلة الوقف لنفسه، أو جعل الولاية إليه جاز عند أبي يوسف، وقال محمد لا يجوز. 5302 - وهو قول الشافعي. 5303 - لأن عمر وليه بنسفه وشرط لمن وليه أن يأكل وقاس ذلك على المسجد والسقاية أنه ينتفع بذلك. فصل خراب المسجد بما حوله 5304 - والمسجد إذا ضرب بما حوله واستغنى عن الصلاة فيه، فإنه يعود

إلى مالكه إن كان حياً، وإلى ورثته إن كان ميتاً عند محمد. 5305 - وقيل إنه قول أبي حنيفة. 5306 - وقال أبو يوسف لا يعود أبداً إلى ملكه. 5307 - لأنه وجه القربة بطل فصار كالميت إذا أكله السبع رجع الكفن إلى المالك كذا هذا. فصل على ولده وولد ولده وذريته 5308 - وإذا وقف على ولده وولد ولده وذريته دخل ولد البنات، قال أبو يوسف وهو قياس قول أبي حنيفة. 5309 - وقال محمد لا يدخلون، وهو قول مالك. 5310 - لأنهم ليسوا بولد له إنما هم أولاد الأجانب. فصل لا وقف إلا على بر معروف 5311 - وقال أصحاب الشافعي لا يصح الوقف إلا على بر معروف، كالمساجد والقناطر وللفقراء والأقارب، فإن وقف على مالا قربة فيه كالبيع والكنائس وكتب التوراة والإنجيل، وعلى من يقطع الطريق أو يرتد عن الدين لم يصح الوقف، لأن المقصود به القربة. 5312 - وإن وقف على زمن جاز لأنه موضع القربة، لأنه تجوز الصدقة (عليه).

5313 - ولهم في الوقف على المرتد والحربي وجهان: أحدهما أن يجوز كالذمي والثاني لا يجوز لأنه مأمور بقتلهما: فصل 5314 - وإن وقف على دابة رجل ففيه وجهان أحدهما لا يجوز لأن مؤولتها على مالكها. 5315 - والثاني يجوز لأنه كالوقف على مالكها. فصل 5316 - ولا يصح الوقف على من لا يملك كالعبد والبهيمة لأنه تمليك منجز فلم يصح كالهبة والصدقة. فصل تعليق الوقف 5137 - ولا يصح تعليقه على شرط مستقبل ولا على مجهول من الناس كالبيع. فصل الإضافة إلى مدة 5318 - ولا يجوز إلى مدة كالصدقة والعتق، هذا كله قول أصحاب الشافعي.

5319 - وقد اختلف أصحابنا في الوقف على البيع والكنائس فمنهم من أجازه ومنهم من منعه. فصل ألفاظ الوقف 5320 - والألفاظ المستعملة في الوقف: وقفت وحبست وسبلت وتصدقت وأبدت وحرمت. فصل اختلاف أرباب الوقف في السهام 5321 - وإذا اختلف أرباب الوقف في السهام ولا بينة، قسم على الجميع لأنهم تساووا في الدعوى، وإن كان الواقف حيا رجع إلى قوله لأنه يستفاه من جهته. 5322 - وإن أقام أحدهم بينة فهي أولى، وتقدم في ذلك. 5323 - وفي كتاب الوقف مسائل كثيرة، وذكر الجميع غير ممكن، وفي الذي ذكرت جملة مقنعة في معرفة الجملة، ولما كان الوقف إنما هو على الشركاء وكان يجوز إن يختلفوا ويطلب كل واحد حقه على سبيل المهاباة أو يطلب الشريك في المشاع قسمته وجب إن نذكر ههنا كتاب القسمة.

كتاب القسمة

كتاب القسمة وهذا كتاب القسمة تولى الحاكم القسمة 5324 - اعلم بأن القسمة من الأمور العامة الوجود، وثبت بين الصغير والكبير والحاضر والغائب، وهي من الأبواب التي يتولاها الحاكم ويفعلها بنفسه تارة وبأعوانه أخرى. ولها شعب وتفاصيل.

فصل تكيف القسمة 5325 - واختلف فيها هل هي إقرار حق أو بيع، فمنهم من قال هي بيع حصته فيما سلم بما أخذ. 5326 - ولو كانت بيعاً لوجبت فيها الشفعة ولو كانت إفراز حق لما جاز لأحدهما أن يأخذ زيادة عن حقه وقدره. 5327 - ومن الناس من قال هي في المكيل والموزون إفراز حق، وفي العقار بيع. 5328 - ومنهم من قال لها شبه بالبيع، وليست ببيع في الحقيقة ولا إفراز حق، ولكن لها حكماً بين حكمين وشبهاً بالأصلين. فصل القاسم 5329 - وقد كان لكل إمام قاسم وكذلك لكل حاكم. فصل الآثار المروية في القسمة 5330 - وقد روى محمد في الأصل عن أبي يوسف عن يحيى بن سعيد.

عن بشير بن يسار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنه قسم خبير على ستة وثلاثين سهماً جمع ثمانية عشر سهماً للمسلمين وسهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معهم وثمانية عشر سهماً منها أرزاق أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ونوائبه (وما ينزل به). 5331 - وكان عبد الله بن يحيى الكندي يقسم لعلي الدور والأرضين ويأخذ على ذلك. 5332 - وذكر عن علي -رضي الله عنه- أنه عزل شريحاً عن القضاء ثم أعاده ورزقه خمسمائة في الشهر. 5333 - وذكر عن محمد بن إسحق والكلبي قالا: قسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خبير على ثمانية عشر سهماً جمع وكانت الرجال ألفاً وأربعمائة، وكانت الخيل مائتي فارس فكان على كل مائة رجل (فارس) وكان علي بن أبي طالب على مائة وكان عبيد السهام على مائة وكان عاصم بن عدي على مائة وكان الزبرقان على مائة وكان طلحة على مائة، وكان عبد الرحمن بن عوف على مائة، فكان سهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع سهم عاصم بن عدي، وكانت التنائم في الشق ونطاة وكان الشق ثلاثة عشر سهماً، وكانت نطاة خمسة أسهم، وكانت الكتيبة فيها خمس الله تعالى وطعام أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعطاياه وكان إذا أسهم خرج من الشق سهم عاصم وفيه سهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم سهم علي بن أبي طالب ثم سهم عبد الرحمن بن عوف ثم سهم طلحة ثم سهم ساعدة ثم

سهم النجار ثم سهم حارثة ثم سهم أسلم ثم سهم سلمة ثم سهم أجره ثم سهم أويس وكان أول سهم يخرج بنطاة سهم الزبير ثم سهم بياضة ثم سهم أسيد ثم سهم الحرث ثم سهم ناعم وفيه قيل محمود بن مسلمة. 5334 - وذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند الموت ولا مال له غيرهم فاقرع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينهم فاعتق اثنين عنهم ورد أربعة. 5335 - وذكر عن عمر أنه قال: ما أحب أن يأخذ قاضي المسلمين على القضاء أجراً ولا الذي على المغانم ولا على المقاسم، وذكر في الأصل آثاراً سوى ما ذكرنا. 5336 - وقد روى صديق بن موسى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لا تعضيد إلا فيما احتمل القسم.

فصل 5337 - قال أصحابنا: ولا يقسم إلا ما احتمل القسمة. 5338 - وعن الشعبي أنه قال: أقسم ولو كانت أجرة، ذكره في الأصل. فصل جعل القاسم ورزقه 5339 - وينبغي القاضي أن يجعل الناس قاسماً ويرزقه من بيت المال فتخف المؤونة على المسلمين. فصل 5340 - فلو أخذ الأجرة من الناس جاز ذلك لأنه عمل. 5341 - وأحب إلينا أن لا يأخذ القاضي رزقاً على القضاء، وإن أخذ ذلك فهو جائز وليس بأجره، وقد مضى في أول الكتاب ما في هذا الفصل. فصل الإجبار على القسمة 5342 - وإذا كانت الدار بين قوم فأراد قسمتها وأبى الآخرون فإنهم يجبرون على القسمة فإن شاؤا اقتسموا السلعة بالذرع واقنعوا البيوت والأبنية بالقيمة، وإن شاؤا اقتسموا الجميع بالقيمة كل ذلك جائز. فصل 5343 - وإذا اقتسموا فليفضل من ذلك ما كان فاصلاً بقدره ولينصب الدار صورة تقع القسمة عليها.

فصل 5344 - وإن كان بعضهم لا ينتفع بما يأخذ لقلة وأبى القسمة فإن الدار تقسم ولا يترك هذا ينتفع بحق صاحب النصيب الكثير عند أصحابنا. 5345 - وقال ابن أبي ليلى لا يقسم. فصل 5346 - ولو كان كل واحد لا ينتفع بما يأخذ لم يقسم حتى يتفقا لأنه قال عليه السلام لا تعضيد إلا فيما يحتمل القسمة. 5347 - وإن تفاصلوا بالدراهم جاز لأنها تعدل السهام، وتوفى الحقوق. فصل الإقرار بكونها ميراثاً 5348 - ولو أقروا أنها في أيديهم ميراث قال أبو حنيفة لا أقسم حتى يقيموا البينة على وفاة والدهم، وملكة لها، وعدد الورثة. 5349 - وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي وغيرهم يقسم ذلك على إقرارهم. فصل عزل حق الغائب 5350 - ولو كان فيهم غائب وطلب القسمة اثنان فصاعداً وحق الغائب في يد الحضور قسمت كأنها في أيديهم جميعاً وعزل حق الغائب.

فصل حق الغائب وديعة 5351 - ولو كان حق الغائب في يد إنسان وديعة لم يقسم. فصل أنفقوا على أنها في أيديهم بشراء 5352 - واتفق الفريقان على أنها لو كانت في أيديهم بشراء قسمت على الجميع لأن الشراء حق الحي وليس يجب حياطته، والميت بخلاف ذلك. فصل اقروا بالشراء وفيهم غائب 5353 - واتفق الفريقان أنهم لو كان فيهم غائب وقد أقروا بالشراء أنها لا تقسم الجواز أن يكذبهم فيما قالوا. فصل طلب القسمة والباقون غيب 5354 - ولو حضر واحد يطلب القسمة والباقون غيب لم يقسم، لأنه لا خصم عنه حاضر. 5355 - وقال ابن أبي ليلى والشافعي يقسم ويودع سهم الغائب حتى يحضر.

فصل إقرارهم بما سوى العقار أنه ميراث 5356 - وكان أبو حنيفة يقسم ما سوى العقار إذا أقروا أنه ميراث استحسن ذلك لأنه يخاف فساده. 5357 - وسوا أبو يوسف ومحمد والشافعي بين الجميع. فصل ما فيه ضرر شامل لا يقسم 5358 - ولا يقسم حمام ولا حائط ولا جوهرة ولا ثوب واحد ولا وسادة ولا بساط ولا ما أشبه ذلك إذا طلب بعض الملاك ذلك، لأن فيه ضرراً شاملاً فلا يقسم حتى يتفقوا. 5359 - وقال مالك بن افن يقسم لأنه يطلب حقه. فصل على الميت دين وفي التركة وفاء 5360 - وقالوا لو كان على الميت دين فاقتسموا وفي التركة وفاء بالدين وفضل فالقسمة جائزة إذا قضوا الدين، وللغريم أن يبطلها إذا حضر إلا أن يقضوه حقه، أرأيت لو خلف الميت ألف درهم وعليه درهم أما كان قبيحاً أن لا يقسم ذلك؟

فصل قسمة الرقيق والمكيل إلخ 5361 - وكان أبو حنيفة لا يجيز قسمة الرقيق بعضه في بعض إلا أن يكون معه شيء آخر لأنه يتفاوت. 5362 - وأما المكيل والموزون والمواشي فإنه يقسمها. 5363 - وقال أبو يوسف ومحمد الرقيق وغيره سواء ويقسم كل ذلك. 5364 - وهو قول الشافعي. فصل قسمة العلو والسفل 5365 - وكان أبو حنيفة يقوم السفل والعلو كل ذراع بذراعين من العلو إذا كانت الأبنية تتقارب، وليس فيها تفاوت. 5366 - وقال أبو يوسف أقسم كل ذراع من العلو بذراع من السفل، فإذا جعلت الذي يقع له السفل والعلو ذراعاً جعلت للذي يقع له العلو بلا سفل كل ذراع بذراعين. 5367 - وقال محمد أقسم الكل على القيمة ولا أفعل ذلك. 5368 - وقال بعض أصحابنا وهو القياس وبه نأخذ. فصل لهم عدة دور 5369 - وإذا كان لهم عدة دور، قسمت كل دار على حدة، ولا يجمع

نصيب أحدهم في دار واحدة عند أبي حنيفة وزفر. ويقال أبو يوسف ينظر إلى ما هو أعدل في القسمة فيفعله. فصل تقسيم أجرة القاسم 5370 - وأجرة القاسم على عدد الرؤوس عند أبي حنيفة لأنه ربما كان (النصيب الصغير) أصعب استخراجاً من النصيب الكبير. 5371 - وقال أبو يوسف ومحمد يكون على عدد النصيب ومساحة الأرض. فصل القرعة 5372 - والقرعة بعد تعديل الأنصبة عندنا تقطع التشاح والخصومة ويجعل كل سهم في بندقة فمن خرج سهمه أخذ مما يليه حتى يكمل حقه. فصل 5373 - وإن أحب القاسم أن يخير بعضهم فعل، وكل ذلك جائز، وإن قسم بينهم رجل أحنبي ثم أقرع فهو جائز لأنه أمين لهما في ذلك.

فصل 5374 - وقد قال أبو حنيفة: القرعة في القياس لا تستقيم، ولكن أخذنا في ذلك بألسنة والآثار. فصل التفاضل 5375 - وإن وقع في القسمة تفاضل في الزرع لأجل القيمة فهو جائز، ولا تبطل القسمة. فصل 5376 - وإذا كتب في كتاب القسمة "فكل حق هو لهذا السهم" فإنه يدخل في ذلك الطريق والشرب والبناء والنخل والشجر، كما يدخل في البيع. فصل 5377 - ولا يدخل التمر والزرع في ذلك إذا كان ظاهراً، لأنه ليس بحق لها. فصل 5378 - وإن قال في الكتاب "وكل قليل وكثير فهو فيها أو منها" دخل جميع ذلك في البيع والقسمة. 5379 - ولو لم يكتب ذلك لم يدخل في القسمة ولا في البيع.

فصل بيع النصيب من غير الشريك 5380 - ولكل واحد من الشركاء أن يبيع حقه ونصيبه من غير الشريك، في سائر الأشياء، ولا يجوز لشريكه منعه من ذلك لأنه أقام الغير مقامه منه. فصل خيار الرؤية في القسمة 5381 - ويثبت خيار الرؤية في القسمة إذا قسم بغير محضر منه، ولمن لم ير ذلك الخيار إذا رآه، فإن شاء أجاز ذلك، وإن شاء رده كما في البيع. 5382 - وعند الشافعي قسمة ما لم يره باطلة كما يقول في البيع في قياس قوله. 5383 - وسائر الأموال في ذلك سواء، من العقار والكيل والموزون والرقيق والثياب. 5384 - وكل ما يجوز بيعه مع عدم الرؤية فهو في القسمة مثل ذلك. فصل قسمة بستان وكرم 5385 - وقال أصحابنا لو اقتسم رجلان بستاناً وكرماً فنصاب أحدهما للبستان وأصاب الآخر الكرم، ولم ير واحد منهما الذي أصابه، ولا رأى جوفه ولا نخلة ولا شجرة ولكن رأى حائطه من ظاهره فالقسمة جائزة.

5386 - ورؤية الظاهر تكفي في لزوم القسمة، وكذلك قالوا في البيع ليس لأحدهما أن يرد. 5387 - وكذلك إذا رأى كل واحد أطراف الشجر من وراء الحائط بالقسمة جائزة. فصل شرط الخيار لثلاث 5388 - ويجوز بشرط الخيار لثلاث في القسمة كما يجوز في البيع، ولا يفسد ذلك القسمة. فصل 5389 - ولمن له الخيار أن يفسخ في الثلاث، وليس ذلك لمن لا خيار له، كما يفعل في البيع. فصل 5390 - وإن مضت الثلاث قبل الفسخ فليس له أن يفسخ. فصل بطلان الخيار بتصرف من له الخيار 5391 - ولو تصرف من له الخيار في ذلك ببناء أو تجصيص أو هدم أو ما يبطل خياره في البيع بطل خياره. فصل ادعاء من له الخيار الرد 5392 - ولو قال من له الخيار بعد مضيها قد كنت رددت القسمة قبل

مضي الثلاث فإنه لا يصدق في ذلك، ولا خيار له إذا أنكر الآخر، وإن أقام بينة على ذلك أبطلت القسمة. فصل 5393 - وإن لم يدع ذلك هو وادعى ذلك صاحبه فإنه لا يصدق وعليه البينة إنه رد القسمة، وإن أقام بينة بالرد وأقام الآخر بينة أنه أجازها فأصحابنا يأخذون بشهود الرد ويبطلون القسمة. فصل البينة بالرد 5394 - وأيهما أقام البينة بالرد فهو مثل صاحبه لأنه الأمر الطارئ على العقد. فصل خيار أربعة أيام 5395 - وإن شرط خيار أربعة أيام فالقسمة باطلة، وإن أسقط اليوم الرابع قبل مجيئه صحت القسمة. 5396 - وهذا قول أبي حنيفة. 5397 - وقال أبو يوسف ومحمد الشرط جائز، وإن كان أكثر من أربعة وهو قول مالك كما قالا في البيع.

باب قسمة الأب والجد على الصبي والمعتوه

فصل من باب قسمة الأب والجد على الصبي والمعتوه 5398 - قال أصحابنا، وقسمة الأب على الصغير والمعتوه جائزة، وسائر الأموال في ذلك سواء. 5399 - فإن فعل مالا يتغابن فيه الناس فالقسمة باطلة. 5400 - وإن كان ما يتغابن فيه الناس فالقسمة جائزة، وكذلك قالوا في جواز بيعه. 5401 - وحكم الجد إذا لم يكن أب مثل ذلك وكذلك وصى الأب عندنا، ولا تجوز قسمة الجد إن كان للأب وصي. والمعتوه والمغلوب على عقله في ذلك كالصبي. فصل وصي المرأة ووصي الأب 5402 - قالوا: ولوصي المرأة أن يقاسم لوالدها الصغير ميراثه منها في غير العقار إذا لم يكن له أب ولا وصي أب، وكذلك وصي القيم، ووصي ابن القيم يقاسم الصغير إذا لم يكن له أب ولا وصي أب في جميع ميراثهم من الميت الذي أوصى إليه ما خلا العقار. 5403 - وليس لوصي الأم ولا لوصي العم والأخ أن يقاسم ميراثاً لهم غير ذلك. 5404 - فأما وصي الأب فيقاسم ميراثهم من الأب وغيره.

باب القسمة ترد العيب

فصل قسمة الأب الكافر 5405 - ولا تجوز قسمة الأب الكافر على الصغير المسلم، وكذلك المكاتب والعبد المأذون على الحر الصغير من ولده، لا عمته ولا ولاية لهم على الصغير. باب القسمة ترد العيب فصل 5406 - وإذا وجد أحدهم بما صار إليه عيباً من حائط منهدم أو جذع منكسر فإنه يرد ذلك، كالمعيب في البيع سواء. 5407 - وكذلك (إن) وجد سهمه من الطعام عفنا فإنه يرد ذلك ويرجع على أصل حقه كما كان. 5408 - وإن كان ذلك عبيداً أو ثياباً أو حيواناً فأصاب بأحد ما أخذ عيباً رد المعيب خاصة، وعاد شريكاً بقدر المردود فيما أخذه. فصل استحقاق ما في يد أحد الشركاء 5409 - وإذا بنى أحد الشركاء في نصيب ما أو غرس غرساً ثم استحق بعض ما في يديه وكلفه الحاكم نقضه لم يرجع على شريكه بشيء من القيمة إذا كان ذلك في أرض واحدة ودار واحدة، سواء قسماً

باب دعوى الغلط في القسمة

باختيار أو بإجبار، وهذا قولهم جميعاً، بخلاف البيع. 5410 - وإن كانت أراضي مختلفة أو دور مختلفة، فأخذ كل احد منهم فبنى وغرس ثم استحق ذلك بطلت القسمة، وإذا أمره الحاكم بالجذاذ والقلع فإنه يرجع بحصة ما يصيب شريكه عليه من البناء، وكذلك أن أخذ أمة من الأماء فلولدها ثم استحقت وضمن قيمة الولد فإنه يرجع على شريكه بنصف ما غرم من القيمة. باب دعوى الغلط في القسمة 5411 - وإذا اقتسم الرجلان داراً أو أرضاً وقبض كل واحد منهما حقه من ذلك ثم ادعى أحدهما للغلط فيما أخذ فإن القسمة لا تعاد إلا أن يقيم البينة بالغلط. 5412 - وله أن يستحلف الشريك، فإن حلف بريء وإن نكل عن اليمين عاد الأم كما كان، ولا تعاد القسمة بدعوى الغلط بحال بعد أن أقر الشريك بأخذ حقه. 5413 - وإن اقتسما دارين وأخذ كل واحد واحدة، ثم ادعى أحدهما للغلط وأقام بينة أنه له كذا وكذا ذراعاً فاضلاً في يد الآخر، فإنه يقضي له بذلك الذرع ولا تعاد القسمة، وليس هذا كالدار الواحدة عند أبي يوسف ومحمد. 5414 - وفي قياس قول أبي حنيفة القسمة فاسدة، والدار بينهما نصفان، لأن أحدهما رجع لجهل الموضع، فهو كمن اشترى اذرعاً من دار ولم

يبين موضع الأذرع، فالبيع باطل عند أبي حنيفة. 5415 - وإذا اختلف فقال أحدهما أصابني ألف وقبضت تسعمائة، وقال الآخر بل قبضت ألفاً فإنهما يتحالفان ويترادان القسم لأنه لم يقر بقبض المائة، وقد اقر بها الذي هي في يديه. 5416 - ولو قال له أحدهما: أصابني هذا البيت وهو في يد شريكه. وقال الآخر لم يصبك ذلك وإنما ذلك لي وحقي. قيل له: أكان في يد شريكك قبل القسمة فلم يدفعه إليك أو أخذه من يديك بعد القسمة؟ فإن قال أخذه بعد القسمة بإجازة أو عارية فالقسمة جائزة ويحلف شريكه على دعواه. وإن قال كان قبل القسمة فلم يسلمه تحالفا وترادا لأنه لم يقر بقبض حقه. 5417 - وإذا كانت الغنم مائة واقتسماها وقال أحدهما: أصابك خمسون ولي خمسون وإنما دفعت لي أربعين وقد بقي لي عشرة في يدك من حقي ولم تدفعها إلي. وقال الآخر: بل أصابني ستون بالقسمة وأصابك أربعون فإنهما يتحالفان ويترادان القسمة. 5418 - ولو كانا اشهدا بالقسمة والاستيفاء كان القول قول الذي في يده الستون.

فصل استحقاق بعض ما صار إلى أحد الشريكين 5419 - وإذا استحق رجل بعض ما صار إلى أحد الشريكين بالقسمة فإنه على وجهين أحدهما أن يستحق ذلك مشاعاً والثاني أن يكون معيناً. 5420 - فإن كان مشاعاً وقد استحق نصف ما في يده فهو بالخيار إن شاء أبطل القسمة وإن شاء أجازها وشارك شريكه في نصيبه الذي أخذه بقدر ما استحق من سهمه. 5421 - وقال أبو يوسف ومحمد القسمة باطلة ولا خيار. وإن كان ذلك معيناً فالخيار إليه في الإبطال في قولهم جميعاً. فصل توقف القسمة على حضور الغائب 5422 - وإذا اقتسم الشركاء وفيهم غائب عزلوا سهمه. فالقسمة موقوفة على حضوره ورضاه، فإن أجاز ذلك جاز وإن فسخ بطلت، وإن مات قبل الإجازة والفسخ وله وارث فأجاز ذلك جاز عند أبي يوسف. 5423 - ولم يجز عند محمد، لأنه خيار الإجازة لا يورث. ظهور شريك ثالث 5424 - وإن ظهر شريك ثالث فالقسمة باطلة عندهم جميعاً.

فصل استحقاق عشرة أقفزة من أصل أربعين اقتسماها 5425 - والحنطة إذا كانت بين اثنين وهي أربعون قفيزاً فاقتسماها وأخذ أحدهما من ذلك عشرة أقفزة وثوباً وأخذ الآخر ثلاثين قفيزاً ثم استحق من الثلاثين عشرة أقفزة فإنه يرجع على صاحب بنصف الثوب في الاستحسان، وكان القياس أن يرجع عليه بثلث الثوب وسدس العشرة أقفزة. 5426 - وكذا روى ابن زياد وقاله في الزيادات. فصل اقتسما داراً وأرضاً 5427 - وإذا اقتسما داراً قيمتها ألف وأرضاً مثل ذلك، على أن يرد صاحب الأرض على صاحب الدار عبداً قيمته ألف ثم استحق من علو الدار ما قيمته عشر السفل فإنه يرجع على صاحب الأرض بستة عشر درهماً وثلثي درهم، عند أبي حنيفة يرجع في الدراهم ولا يرجع في الأرض. 5428 - وقال أبو يوسف يرجع بعشر الأرض. 5429 - وكتاب القسمة كبير، وفيه مسائر جمة، وذكر الكل فلا يمكن، ولما كانت القسمة في معنى البيع من وجه وكانت إفرازاً عند آخرين من العلماء وكان البيع يتعلق به وجوب الشفقة في العقار وكانت القسمة بيعاً لا يجب فيه شفعة وجب أن نذكر كتاب الشفعة عند ذلك.

كتاب الشفعة

كتاب الشفعة وهذا كتاب الشفعة حكمة الشفعة 5430 - اعلم أن الشفعة وضعت لدفع الضرر عن الشريك والجار، ولهذا وجبت في العقار خاصة. القياس عدم وجوبها 5431 - والقياس أنه لا تجب شفعة لأنه أخذ مال الغير بغير رضاه. وجوبها استحساناً 5432 - والاستحسان أنها تجب لدفع الضرر. الآثار المروية 5433 - والأصل في هذا الباب ما رواه ابن المسيب عن النبي (ص) أنه قال:

"إنما الشفعة فما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وهدمت الطرق

فلا شفعة". 5434 - وروى رافع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال الجار أحق بسقبه والسقب القرب. في اللغة والشريك لا يسمى جاراً في صحة الكلام، وخبر جابر أنه عليه السلام قال: "الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً".

فصل الشفعة في العقار وحده 5435 - والشفعة واجبة في جميع ما بيع من العقار دون غيره، الدور

والمنازل والحوانيت والحانات والمزارع والبساتين والأفرحة والأراضي والحمامات والأرحية، إذا وقع البيع على عراص ذلك، كله، وسواء كانت في مصر أو قرية أو غير ذلك من أرض الإسلام إذا كان ذلك مملوكاً يجوز بيع مالكه، وكان البيع باتاً ليس فيه خيار شرط، للسنة التي روينا، ولإجماع العلماء على ذلك. 5436 - وقال مالك تجب في السفن. 5437 - ولو وجبت في السفن لوجبت في كل منقول، ولا خلاف إنها لا تجب في ذلك. فصل لا شفعة إذا كان الخيار للبائع 5438 - وإذا كان الخيار للبائع لم تجب الشفعة لأنه لم يرغب عن ملكه ولا خرج عنه عندنا. 5439 - وقد كان يلزم الشافعي أن يوجب الشفعة على قوله الذي يقول إنه يملك المشتري ذلك. فصل وجوب الشفعة في الخيار للمشتري. 5440 - وإن كان الخيار للمشتري وجبت الشفعة لأن خياره لا يمنع من خروج الملك عن البائع، وإن لم يدخل في ملك المشتري في إحدى الروايتين.

فصل خيار الرؤية والعيب لا يمنع الشفعة 5441 - وإن كان خيار رؤية أو عيب لم يمنع وجوب الشفعة، لأن ذلك لا يمنع من إتمام الملك فيه، وهذا ينبني على جواز بيع ما لم يره. 5442 - خلاف الشافعي. فصل الشفعة في مدة الخيار 5443 - ولا فرق بين أن يأخذ ذلك في مدة الخيار أو بعدها. فصل لا شفعة في البيع الفاسد 5444 - والبيع الفاسد لا تجب الشفعة فيه مادام حق النقض قائماً فيه، سواء قبض ذلك أو لم يقبض، لأنه حق القبض للبائع سابق لحق الشفيع، فهو كشرط الخيار. فصل خروج المبيع إلى غيره 5445 - وإذا خرج المبيع عن ملكه إلى غيره فالشفيع بالخيار إن شاء أخذه

بالثمن الثاني، وإن شاء رد البيع وأخذه بقيمته من الأول. فصل 5446 - وإن بنى المشتري في المبيع بيعاً فاسداً سقط حق البائع ووجبت الشفعة فيه عند أبي حنيفة. 5447 - وقال أبو يوسف ومحمد لا شفعة. 5448 - وهو قول الشافعي. 5449 - والمسألة تبنى على أن البيع الفاسد إذا اتصل به القبض ملك، وإذا سقط حق الفسخ فيه لزم وصح كالصحيح. فصل 5450 - واتفق العلماء على أن الشفعة لا تجب في الميراث. 5451 - وقال أصحابنا إذا ملكت الأرض بغير بذل يجب بالعقد كالهبة وللوصية فلا شفعة في ذلك. 5452 - وقال مالك تجب الشفعة في الهبة بالقيمة ولو وجبت في الهبة وجبت في الميراث والوصية. فصل 5453 - وإن استأجر داراً بدار أو عبداً بدار أو تزوج امرأة على دار أو صالح من دم عمد يجب به القصاص على دار، أو خلع بها امرأة أو اعتق بها عبداً فلا شفعة في ذلك عند أصحابنا.

5454 - وقال الشافعي يجب في ذلك الشفعة. 5455 - وهو قول ابن أبي ليلى. 5456 - لأن هذه المعاني لا قيمة لها في حق غير العاقد وليس لها مثل يؤخذ به، ولا يجوز أن يؤخذ بالقيمة لأنه كان يجب أن يوجب ذلك في الهبة. فصل لا شفقة في الهبة بشرط العوض 5457 - والهبة بشرط العوض لا تجب فيها شفعة حتى يقع النقايض، فإذا وقع أخذ بمثل العوض إن كان له مثل من الوزن، والكيل والعدد وإن كان لا مثل له أخذه بقيمته يوم وقع القبض، وفي البيع يوم وقع البيع. 5458 - وقال زفر تجب الشفعة بنفس عقد الهبة إذا كان ذلك على عوض لأنه عقد بيع، وقد قدمنا ذلك في كتاب الهبة. فصل عوض عن الهبة من غير شرط 5459 - ولا عوض عن الهبة من غير شرط فلا شفعة عندنا، لأن العقد لم يجب به بدل له قيمة فلا تجب به الشفعة عند أصحابنا جميعاً. فصل 5460 - وتجب الشفعة في العلو الذي لا سفل معه، وفي السفل الذي لا علو

معه وفيهما جميعاً لأن حق الاستقرار قائم في ذلك لمالكه، والبناء بخلاف ذلك لأنه يجب تسليمه منقوضاً. 5461 - وقد كان القياس عندهم أن لا يصح بيع ذلك لأنه لا يمكن بيعه إلا بأن يكون بيعاً لما يصح أن يزال عن موضعه، واستحسنوا جواز ذلك في الجملة. فصل لا شفعة فيما لا يجوز بيعه 5462 - وكل عقار لا يجوز بيعه ولا يملك بالبيع فلا شفعة فيه ولا تجب الشفعة به كالوقوف والرباطات والمساجد والمقابر والسقايات والآبار التي للشرب على قول من أجاز ذلك. 5463 - ومن لم يجز هذه الأمور فهو وسائر الأملاك سواء. فصل لا شفعة في دور مكة 5464 - ودور مكة لا تجب فيها شفعة على قول أبي حنيفة في رواية الأصل. 5465 - وفي رواية الحسن تجب. 5466 - وهو قولهما. فصل الشفعة في أرض السواد 5467 - والسواد وأرض الخراج مملو كان يجوز بيعهما وتجب الشفعة فيهما

خلافاً لمن قال لا يجوز ذلك من الشافعي وغيره ممن قال هي موقوفة. فصل جواز الشفعة بجواز البيع 5468 - وجوب الشفعة يتبع جواز بيع الأرض في المشاع والمقسوم، فما جاز بيع جملته جاز بيع بعضه. فصل من تجب لهم الشفعة 5469 - والشفعة واجبة للمسلم والذمي والحر والمكاتب والمأذون له في التجارة والمعتق بعضه، وتجب عليهم الشفعة لأن الشفعة تجب برغبة البائع عن ملكه، ويملكه عليه المستحق وإن كان كل واحد من هؤلاء لا يصح أن يملك ذلك على البائع بالبيع فكذلك بالشفعة. 5470 - وقد روى عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه لا شفعة لذمي على مسلم وهو قول شريح والحنابلة. 5471 - والجميع بخلافه. فصل باع ما تجب الشفعة فيه مع جعل الخيار له 5472 - ومن باع ما تجب الشفعة فيه أو أجاز بيع البائع له إذا جعل الخيار إليه

فلا شفعة له، وإن اشترى ما يجب له فيه الشفعة أو أجاز البيع فله الشفعة. 5473 - ومنهم من قال تجب لهما الشفعة ومنهم من قال لا تجب في الجميع لأن البائع فهو كالبائع نفسه فلا تجب له شفعة، ولأنه لو وجبت له الشفعة لأسقط بأخذه ما وجب عليه المشتري من الحقوق وليس له ذلك، لأنه إذا باع فقد رضى بسقوط الشفعة، والمشتري بخلاف ذلك كله وهو الصحيح. فصل استحقاق الشفعة 5474 - وتستحق الشفعة بالشركة في المبيع ثم الشركة في حقوقه، ثم بالجوار الأقرب فالأقرب. 5475 - وحكى أبو الحسن في مختصره عن أبي يوسف أن بعض أصحابنا قال: لا شفعة إلا للشريك الذي لم يقاسم. 5476 - ولا فرق عندنا بين ما يحتمل القسمة وما لا يحتمل.

5477 - وقال الشافعي لا شفعة إلا في متاع يحتمل القسمة، فأما ما لا يقسم من العقار فلا شفعة فيه في أحد قوليه. 5478 - واتفق قوله على أن الجوار لا يستحق به شفعة. فصل الجار المحاذي 5479 - واتفق الفريقان على أن الجار المحاذي لا شفعة له. فصل الخليط 5480 - وإنما قدم الخليط لقربه والشريك في الحقوق أقرب من الجار. 5481 - وك لمن أوجب الشفعة لمن عدى الشريك يقول بما ذكرناه. فصل إذا اسلم الشفيع القريب الشفعة 5482 - وإذا سلم الشريك في نفس المبيع الشفعة أخذها الشريك في الحقوق وإذا سلم الشريك في الحقوق أخذها الجار الملاصق ثم كذلك أبداً إلى آخر الزقاق. 5483 - وقال الحسن بن صالح: إذا سلم القريب الشفعة فلا شفعة للبعيد لأنه قد سلم ما يستحقه إلى المشتري فلا يبقى لغيره حق. 5484 - وأصحابنا جعلوا ذلك كالمثيراث إذا سقط حق القريب بالقتل أخذ

البعيد، ولأن الضرر حاصل على البعيد. 5485 - وإنما قدم الشريك لأن الضرر أخص به. فصل على عدد الرؤوس 5486 - والشفعة تجب على عدد الرؤوس لا على قدر الأنصباء. 5487 - وقال الشافعي تقسم على مقدار الأنصباء في أحد قوليه. 5488 - لأن السبب المستحق إنما هو الشركة والجوار، دون قدر الملك، لأنه لو انفرد اخذ الكل ولم يأخذ بقدر ملكه وبهذا فارق الديون. 5489 - ولو ترك الجميع حقوقهم إلا واحداً أخذ جميع ما تركوا بخلاف الدين فإنه لا يأخذ إلا بقدر حقه فلذلك قسم على الرؤوس. فصل الطلب والأخذ 5490 - والشفعة تجب بعقد البيع وتستحق بالطلب وتملك بالأخذ. لأنه إذا لم يكن بيع فلا شفعة، وقد مضى ذلك. 5491 - وإذا ترك الطلب بطلت الشفعة، ولا يحصل الملك إلا بأخذ المبيع أما برضا المشتري بذلك أو قضاء القاضي، لأنه لو ملك لكان تجب له الشفعة بذلك كما بعد الأخذ.

فصل 5492 - وليس للشفيع أن يأخذ ذلك بغير رضا ولا قضاء. 5493 - وقال الشافعي له أن يأخذ ذلك بنفسه. 5494 - لأن هذا مما يختلف فيه العلماء ويسوغ فيه الاجتهاد، ويملك على الغير فلابد من طريق يأخذ به ذلك، ولا يجوز أن يأخذ من غير شفعة. فصل كيفية الطلب 5495 - والطلب أن يشهد عند أول ساعة يعلم بالبيع، ثم يقصد البائع أو المشتري أو المبيع فيشهد هناك لأن الطلب لابد منه، والإشهاد حتى لا يسقط حقه، والبائع لأنه هو الذي باع، والمشتري لأنه اشترى، فلابد من إعلام من تطلب منه الشفعة. فصل فورية الطلب 5496 - والطلب على الفور في رواية الأصل. 5497 - وفي رواية هشام كالمخيرة. (؟) 5498 - وللشافعي أربعة أقوال: أحدهما أنها على الفور، والثاني على المجلس، والثالث على الأبد

لا تسقط بتأخير الطلب، كما لا يسقط حتى المغصوب منه بتأخير طلبه. وقول (رابع) آخ للطلب إلى ثلاثة أيام لأنها أجل قوم ثمود. 5499 - وللمشتري أن يطالبه بالأخذ أو إسقاط الشفعة. فصل 5500 - وإذا شهد الشفيع على الطلب فهو على شفعته أبداً حتى يسقط بالقول عند أبي حنيفة. 5501 - وقال أبو يوسف إذا مضى مجلس من مجالس القاضي، وهو يقدر على طلبه فلم يطلب فقد بطلت شفعته. 5502 - وقال محمد يسقط إذا مضى شهر. 5503 - وفي قول الشافعي على ما حكيناه. 5504 - لأنه قد أعلمه بالطلب وزال غرور الشفيع له فصار كسائر الحقوق الواجبة التي لا تسقط بالترك. فصل ممن تؤخذ الدار؟ 5505 - وعندنا للشفيع أن يأخذ الدار من يد البائع إذا كانت بيده، وبإذن من المشتري إن كان قد قبض الدار. وإذا أخذ من البائع انفسخ البيع بينه وبين المشتري، لأن الشفعة

تجب برغبة للبائع عن ملكه بعقد البيع، وهذا المعنى حاصل قبل تسليم للدار. 5506 - وقال الشافعي لا يأخذ حتى يقبض المشتري. فصل العهدة 5507 - والعهدة عندنا على من أخذ من يده الدار أيهما كان، وعنده لا تكون إلا على المشتري. فصل غيبة البائع أو المشتري 5508 - وإن كان البائع غائباً أو المشتري والمبيع في يد البائع فإنه لا شفعة حتى يحضر لأن حق الحبس للبائع فاعتبر حضوره، وحق الملك للمشتري فاعتبرا حضوره، وبالغيبة يتعذر الوصول إلى ذلك. فصل إذا لم يتمكن من الإشهاد 5509 - وإن لم يمكنه الإشهاد، وحال بينه وبين ذلك حائل أن يكون بحضرة المبيع أو أحد المتعادقين فهو على شفعته حتى يقدر على ذلك لأن هذا عذر، فهو كما لو لم يعلم فهو على شفعته.

باب ما يبطل الشفعة عند وجوبها

فصل رجوع المشتري بالثمن 5510 - وإذا أخذ الشفعة من البائع وقد كان المشتري دفع الثمن إلى البائع ولم يقبض، فإن المشتري يرجع عليه بما وزنه إن كان باقياً وبقيمته إن كان هالكاً إن كان من ذوات القيم والأمثلة من ذوات الأمثال لأن الشفيع يدفع الثمن إلى من العهدة عليه دون من لم يدفع إليه ذلك. باب ما يبطل الشفعة عند وجوبها 5511 - وإذا ساوم الشفيع المشتري على ما اشتراه أو سأله أن يوليه إياها أو استأجرها للشفيع من المشتري أو كانت مزرعة فعامله فيها مزارعة أو مساقاة أو صالحه من شفعته على مال فإن كل هذا تسليم للشفعة إذا كان يعلم بذلك كله ويعلم البيع، ويبطل الصلح ويرد العوض من المأخوذ ولا شفعة له. ولا خلاف نعلمه في ذلك. 5512 - وإن باع الشفيع داره، وهو يعلم بالبيع أو لا يعلم بطلت شفعته لأن ما يستحق به الشفعة قد زال عن ملكه. 5513 - وإن ردَّها المشتري على البائع بعيب أو خيار أو رؤية وعادت إلى البائع فقد بطلت الشفعة لأنه قد صار غير جار (؟). 5514 - ولو عادت إلى الشفيع (عادت) على حكم ملكه الأول (؟).

فصل شفيع باع داره 5515 - وإن كان الشفيع باع داره بيعاً فاسداً وقبضت فلا شفعة له. 5516 - وإن كان باع وشرط الخيار لنفسه فهو على شفعته، وإن طلب في مدة الخيار بالشفعة فله ذلك، ولا تبطل الشفعة بينه وبين المشتري لأن ملكه لم يزل عنه بالبيع. فصل 5517 - وإن باع من داره حصة معلومة، وبقي له منها سهم فهو على شفعته بما بقي له فيها. فصل باع من داره منزلاً 5518 - وإن باع منزلاً منها مما لا يلي الدار المداوعة فهو على شفعته منها. 5519 - وإن كان المبيع مما يلي الدار المشفوعة وهو يستفرق جميع الحد فلا شفعة له، وإن كان قد بقي من الحد شيء مما يلي الدار المبيعة فهو على شفعته لأنه قد بقي له ما يأخذ به الشفعة. فصل 5520 - الشريك إذا كان جاراً ووجبت له الشفعة فباع نصيبه المشترك وبقي له الجوار فهو على شفعته، لأن الجوار تجب به الشفعة إذا انفرد، فلم يخرج من أن يكون مستحقاً للشفعة.

فصل طلب الشفيع نصف المبيع 5521 - والشفيع إذا طلب نصف المبيع وسكت عن النصف، لم تبطل شفعته عند أبي يوسف، لأن طلب النصف طلب للجميع لأنه ليس له أن يبعض ذلك على المشتري فهو بمثابة ما لا يتبعض من الحقوق كالمهر والعقر وغيره. 5522 - وقال محمد قد بطلت الشفعة لأن سكوته عن طلب النصف يوجب إبطال الشفعة فيه، والشفعة إذا بطل بعضها بطل الجميع. 5523 - وقال محمد لو كان طلب الكل وقال: أنا أطلب الشفعة وأسلم لك النصف وآخذ النصف فليس هذا تسليماً وهو على شفعته ولا تبطل. فصل إبطال الحق في الشفعة إسقاط 5524 - وإذا بطل حقه من الشفعة بعد الشراء سقط، سواء علم بالشراء أو لم يعلم، علم أن له شفعة أو لم يعلم لأنه إسقاط حق لا يقف على قبول من عليه الحق فهو كالطلاق والعتاق والإبراء. 5525 - وفرق أصحابنا بين البكر تسكت وهي لا تعلم بالنكاح لا يبطل خيارها أن سكوتها جعل بمنزلة الإذن في تتميم النكاح وليس بإسقاط حق لها، فاعتبر علمها بالنكاح. 5526 - وقد روى عن أبي الحسن الكرخي رحمه الله أنها لو قالت: رضيت بالنكاح، وهي لا تعلم، يسقط خيارها، وسوى بين المسألتين في النطق والسكوت.

فصل تصديق المشتري الشفيع في دعواه 5527 - ولا يصدق بعد ذلك إنه لا يعلم، ولو صدقه المشتري أيضاً على ذلك فهو تسليم الشفعة لأن حقه إذا سقط لم ينفعه تصديق المشتري إنه لا يعلم كما لا ينفع الزوجة والعبد المعتق تصديق المطلق والمعتق. 5528 - وإذا خير بأن الشراء وقع بدارهم فسلم الشفعة ثم أخبر بأن الشراء بدارهم فسلم إلخ ثم (أخبر) إنه دنانير، فإن كانت أكثر قيمة من الدراهم فهو تسليم، وإن كانت أقل من الثمن فهو على شفعة. 5529 - وإن أخبر بالمكيل والموزون فوجد بخلاف الجنس فهو على شفعته، لأنه يأخذ بالمثل ولا تعتبر القيمة. 5530 - وقد روى عن زفر أن لا يكون تسليماً في سائر الأحوال والأجناس في الزائد والناقص والأثمان والعروض في ذلك سواء لأنه سلم حقه على وجه مخصوص فكان بخلافه كما لو كان أقل. 5531 - وغير الجنس من فوات الأمثال. 5532 - واتفقوا في فوات القيم أن القيم إذا كانت أكثر مما سلم به الشفعة أنه تسليم وإن كانت أقل فليس بتسلم. 5533 - ولو أخبر أنه اشتري نصف الدار فسلم ثم علم أنه اشترى الكل فهو على شفعته.

5534 - ولو أخبر أنه اشترى الدار كلها فسلم، ثم علم أنه اشترى النصف فلا شفعة له لأن تسليم الكل تسليم لما دونه فيكون فإذا تعليما للمشتري. 5535 - وحكى الكرخي رحمه الله عن النمير بن حدار (؟) أنه قالت هذا الجواب فقال إذا اشترى الكل فقيل له اشتر النصف فسلم ثم علم أنه اشتراها كلها بطلت شفعته وإن اشترى نصفها فقبل له اشترها كلها فسلم ثم علم أنه اشترى نصفها فهوعلى شفعته لأنه قد يسلم لكثرة الثمن في الكل والعجز عن أدائه، وعدم قدرته، وفي النصف لا يعجز عن ذلك فلم يكن تسليماً لها، لأنه إذا عجز عن البعض فالكل أولى، فلهذا كان تسليماً لها كلها. فصل سلم ثم علم أن مشتريها هو زيد وعمر 5536 - ولو أخبر أن زيداً اشتراها فسلم ثم علم أنه وعمرو اشترياها فله أن يأخذ نصيب عمرو وقد سلم لزيد نصيبه لأنه قد يرغب في زيد ولا يرغب في عمرو، فليس في تسليم ذلك لزيد تسليم منه لعمرو. فصل حضور المال 5537 - والقاضي لا يقضي بالشفعة حتى يكون المال حاضراً. 5538 - فإن قضى له وطلب الشفيع المهلة أمهل يوماً ويومين.

5539 - ويحبس الشفيع على الثمن كما يحبس المشترى لأنه بمنزلته في العين. 5540 - وإن لم يحضر الثمن إلى الأجل المذكور أبطل القاضي شفعته لأنه ضرر على المشتري وغرور. فصل أعلمه المشتري بالشراء 5541 - ولو لقيه المشتري واعلمه بالشراء وقال له: هات الثمن فلم يأت به إلى ثلاث بطلت شفعته، لأن هذا هو القدر الذي يؤجل في مثله. فصل للدار جماعة شفعاء 5542 - وإذا كان للدار جماعة شفعاء فلهم الشفعة على عددهم، ولمن حضر منهم أن يأخذ جميعها ولا يقسم على من لا يطلب ولا على غائب، فإن حضر وطلب قضي له بحقه.

فصل هل للشفيع نقض ما بنى المشتري 5543 - والشفيع أن ينقض ما بني المشتري ويقلع الشجر ويبطل بيعه ووقفه. 5544 - وقال أبو يوسف: يأخذ بقيمة البناء مقلوعاً. 5545 - وهو قول الشافعي. 5546 - وقال الشافعي له أن يبطل جميع عقوده وتصرفه بالقول. 5547 - وعن أبي زياد وابن أبي ليلى أنه إذا أوقفها أو جعلها مقبرة ودفن فيها فليس له عليها سبيل لأنه أزال ملكه على نحو لا يلحقه الفسخ في ذلك. 5548 - ومن اشترى دارين صفقة واحدة (ولهما شفيع واحد) فليس الشفيع أن يأخذ أحداهما دون الأخرى لأنه ببعض الصفقة على المشتري. فصل 5549 - وإن اشترى دارين لأحدهما شفيع وليس له في الأخرى شفيع فله أن يأخذ التي له فيها الشفعة دون الأخرى.

5550 - وقد ذكر الطحاوي في مختصره في ذلك خلاف رواية أنه يأخذ الجميع أو يدع. فصل البناء والغرس والثمرة 5551 - والشفيع أن يأخذ البناء والغرس والثمرة المتصلة على انخل بالشفعة. 5552 - وقال الشافعي لا شفعة له في الثمرة القائمة لأنها عين أخرى. وهي عندنا كالشجر القائم في الأرض. فصل هدم البناء والغرس وذهابه بآفة 5553 - وإذا هدم المشتري البناء وقلع الغرس أخذ الشفيع الباقي بحصته من الثمن. 5554 - وإن ذهب بآفة فهو بالخيار، إن شاء أخذ بكل الثمن وإن شاء ترك. 5555 - وللشافعي قولان:

أحدهما يأخذ بكل الثمن في الموضعين والثاني يأخذ بالحصة في الموضعين. فصل 5556 - وإن وجد الشفيع الثمرة مقطوعة والبناء مقلوعاً فليس له أخذه بالشفعة، إنما يأخذ مادام متصلاً.

باب اختلاف المشتري والشفيع في الثمن

باب اختلاف المشتري والشفيع في الثمن 5557 - وإذا اختلفا في الثمن وقد سلمه إلى البائع فالقول قول المشتري في قدره وجنسه، ولا يصدق عليه الشفيع ولا البائع فيما يقول لأن الشفيع كالمشتري مع البائع، وقد بينا ذلك في كتاب البيوع. فصل 5558 - وإن أقاما بينة جميعاً فالبينة بينة الشفيع عندي أبي حنيفة ومحمد لأنه المدني. فصل 5559 - وقال أبو يوسف البينة بينة المشتري لأنها تثبت زيادة الثمن. 5560 - وإذا اختلف المشتري والبائع فأقام البينة البائع بألفين والمشتري بألف قضي ببينة البائع لأنه يثبت الزيادة

5561 - وكذلك القول قوله في الثمن إذا لم يكن بينة. فصل العبرة بما أخذه البائع 5562 - والشفيع يأخذ الشفيع بما أخذه البائع، دون ما أقر به المشتري، لأن بينة البائع قد أكذبته فيما قال وذكر. 5563 - وقال الشافعي يأخذ الشفيع بما أقر به المشتري. فصل الحط من الثمن الأول والزيادة فيه 5564 - وقال أصحابنا: لو حط بعض الثمن أخذ الشفيع بما بقي، وإن زاد على الثمن أخذ بالثمن الأول. 5565 - وقال الشافعي يأخذ الثمن الأول في الفصلين لأنه وقع به عقد البيع. 5566 - وفرق أصحابنا بين حط بعض الثمن وبين حط الكل في أنه يأخذ بأصل الثمن لأنه لم يبق ههنا ما يجوز أن يؤخذ به. فصل اختلافهما في قيمة البناء 5567 - وإن اختلفا في قيمة البناء وما ذهب منها فالقول قول المشتري عندنا

5568 - وإن أقاما بينة فالبينة بينة المشتري على حد قول محمد عن أبي حنيفة. وأنه قياس قوله لأنه ليس يقيم البينة على إقرار المشتري. 5569 - وعند أبي يوسف أن البينة بينة الشفيع على قول أبي حنيفة وأصله الذي تقدم. فصل بطلان الشفعة بموت الشفيع 5570 - وإذا مات الشفيع بطلت الشفعة لأنه أكبر من السكوت. 5571 - وقال الشافعي لا تبطل وهو كخيار العيب. فصل أخذ الأب الشفعة لولده الصغير 5572 - واتفق الجميع على أن للأب أن يأخذ الشفعة لولده الصغير. 5573 - واختلفوا هل له إسقاطها؟ فقال أبو حنيفة وأبو يوسف له ذلك. 5574 - وقال محمد وزفر ليس له ذلك. 5575 - ولو اشترى الأب داراً وابنه شفيعها بطلت الشفعة. 5576 - وتبطل بسكوته عن الطلب.

فصل في الثمن المؤجل 5577 - وللشفيع في الثمن المؤجل أن يأخذ بثمن حال، أو يصبر حتى يحل الأجل ويأخذ. 5578 - وقال الشافعي: يأخذه بمثل قيمة سلعة. فصل هل يقدم أحد الشركاء؟ 5579 - ولا يقدم في الشفعة أحد الشركاء على غيره، وقال الشافعي يقدم الأخ على العم إذا كان ذلك ميراثاً. 5580 - لأن الكل شفعاء. فصل المشتري شفيع 5581 - والمشتري إذا كان شفيعاً فهو مثل سائر الشفعاء في ذلك، وكونه مشترياً لا يمنع أن يأخذ بقسطه من المبيع. 5582 - وقال الشافعي لا شفعة له في أحد قوليه لأنه لا يستحق على نفسه شفعة. 5583 - وتقصي ما في كتاب الشفعة فلا يمكن لطوله وكثرة فروعه وفي الذي ذكرت جملة من أصوله وإذ قد ذكرنا حكم بيوع الأعيان وما يترتب عليها من الكتب وختمنا ذلك بالشفعة، وكان ملك النكاح مثل ملك اليمين في الإباحة والحظر، وله أحكام تترتب عليه وجب أن نذكره بعد ذلك.

كتاب النكاح

كتاب النكاح وهذا كتاب النكاح فصل الحاجة إلى النكاح 5584 - اعلم أن النكاح أمر دعت الحاجة غليه وبه قوام العالم، وبقاء النسل وقد فعله الأنبياء والصالحون والعلماء والعوام والأحرار والعبيد. فصل الندب إليه 5585 - وهو مندوب إليه في الشرع عندئذ.

فصل الوجوب 5586 - وقال أحمد هو واجب. 5587 - ولو وجب على الإنسان النكاح لكان لوجوبه وجه يعقل في الشرع والعقل، ولكان من امتنع من ذلك أن يحكم عليه بالذم والقبح.

فصل الثناء على يحيى 5588 - وقد أثنى الله تعالى على يحيى بن زكريا عليهما السالم بأنه كان سيداً وحصورا، والحصور من لم يعرف النكاح.

فصل عموم البلوى بالنكاح 5589 - وكتاب النكاح البلوى به عامة، والخصائم فيه كثيرة، ومذاهب

الفقهاء مختلفة، في فروعه وأصوله، ومواضع الجواز والبطلان فيه، وخلافه كثير، وحجمه كبير، ولابد من ذكر مسائل من كل باب، وطرفاً من كل فن، وما يفعله الحاكم فيه إذا وقعت الخصائم وتشاجر الزوجان، ويقدم المجمع عليه مجملاً والمختلف فيه مفصلاً ومواضع الخصائم مبيناً إن شاء الله. ما أجمع عليه من النكاح اللازم 5590 - أجمع العلماء أن النكاح إذا عقده الولي على وليته، وهو عدل في دينه، مرضي في قوله سليم من الموانع، وقد أذنت له في ذلك المولى عليها، وحضر الشهود العدول، ووجد لفظ النكاح والتزويج وذكر المهر والخطبة ونفى عن المهر الفساد والجهالة، واستوفى قدر مهر المثل، ووجدت الكفاءة في النسب والدين والحرية والقدرة على المهر والنفقة، والزوجان ممن يجوز أن ينكح كل واحد منهما صاحبه إن النكاح جائز وحكمه لازم. 5591 - وكلما انخرم في هذه الشروط المذكورة شرط دخل الخلاف في ذلك. 5592 - ونحن نفصل هذه الشروط كلها ليعلم أن الجملة التي ذكرنا مجمع هليا وما عداها مختلف فيه. فصل الولاية في النكاح 5593 - وأما الولاية في النكاح على الحرة البالغة المكلفة، فعند أبي حنيفة

لا ولاية عليها وإذا زوجت نفسها من كفوء لزم، وإن كان النكاح من غير كفوء فللأولياء فسخه وإجازته. 5594 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يجوز النكاح بغير إذن الولي في الحالين، ويقف النكاح إجازته ورده.

5595 - ولا فرق عندنا بين الثيب والبكر. 5596 - وفرق بعض الفقهاء بين ذلك وأجاز نكاح الثيب وأبطل نكاح البكر. 5597 - ولا فرق بين الدنية والشريفة. 5598 - وقال مالك إن كانت شريفة لم يجز، وإن كان لا حسب لها جاز. 5599 - وقال الشافعي النكاح إلى الرجال ولا يملك النساء عقده بحال على نفسها ولا غيرها بوكالة ولا ملك. فصل كمال أهلية المرأة في العقود 5600 - وأجمع الفريقان أنها كالرجال في سائر العقود سوى النكاح. 5601 - وأنها يصح إقرارها بالنكاح. 5602 - وأنها في الحد كالرجل الحرة كالحر والأمة كالعبد. 5603 - وأنها تملك إسقاط مهرها واختيار أعيان الأزواج، وتملك بذلك مالها في الخلع. 5604 - وأنها في التكليف والرجل سواء إلا في مواضع اختلفوا فيها. 5605 - والعلة عندنا أنها مكلفة مالكة لأمرها فلا يولى عليها.

فصل حق المرأة في الاعتراف على تزويجها من غير كفوء 5606 - واتفق الفريقان أن الولي لو زوجها من غير كفوء أن لها الاعتراض عليه في الفسخ والإجازة. 5607 - وقال الشافعي إذا زوج (الولي) من غير كفوء فالنكاح باطل. 5608 - وقال مالك الكفاءة في النكاح غير معتبرة. 5609 - وهو اختيار الكرخي من أصحابنا، لأنها لا تعتبر في الدماء. 5610 - والجماعة بخلافه. فصل نكاح الأمة والصغيرة 5611 - واتفقوا جميعاً على أنه لا يجوز نكاح أمة ولا صغيرة لأنهما لا ولاية لهما على نفسهما ولا على غيرهما.

فصل الآثار المروية في النكاح 5612 - وقد زوج أبو بكر رضي الله عنه عائشة رضي الله عنها، وهي صغيرة بنت سبع وبنى بها النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت تسع. 5613 - وزوج علي أم كلثوم من عمر بن الخطاب رضي الله عنهم وهي صغيرة. 5614 - وهو قول أصحابنا والشافعي ومالك وعامة الفقهاء إنه يجوز للأب تزويج الصغير والصغيرة. 5615 - وكان القياس عندنا أنها تختار بعد البلوغ، وهو قول الحسن وعطاء وقتادة والأصم وابن عليه. 5616 - ولو كان لها خيار لخيرت عائشة رضي الله عنها.

فصل الأب والجد الصحيح في الولاية سواء 5617 - والأب والجد في ذلك سواء عندنا وعند الشافعي. 5618 - وقال مالك لا يجوز إلا نكاح الأب خاصة، على الصغير. 5619 - وهو قول عامر الشعبي. 5620 - لأن الجد أب في الشرع، وكل حكم ثبت للأب فالجد مثله، والحاجة داعية إلى تصرف الجد بالمال وحفظه، ولو لم يجز نكاح الجد لكان الأب مثله، وا لشرع ورد بخلاف ذلك. فصل الصداق 5621 - والصداق يكون على الابن عندنا، وهو قول الحسن وحماد وبه قال الشافعي ومالك. 5622 - وقال الشعبي على الأب العاقد دون الابن. 5623 - ولا خلاف أن ثمن المبيع يكون في مال الصبي دون الأب. فصل كفالة الأب الصداق 5624 - وعندنا لو كفل به الأب أخذ به، لأنه دين، وتصح الكفالة به، فإن أداه في صحته فهو متطوع به، لا يرجع على ابنه، وإن أداه

وهو مريض، أو أخذ من تركته بعد موته احتسب ذلك من نصيب الابن. 5625 - وقال زفر لا يرجع به على الابن في الحالين، لأنه لزمه بغير إذنه. فصل تزويج غير الأب والجد من العصب الصغير 5626 - وإن كان المزوج للصغير والصغيرة غير الأب والجد من العصبات فالنكاح جائز ولهما الخيار بعد البلوغ عند أبي حنيفة ومحمد. 5627 - وكذلك إذا زوج الحاكم جاز وفي الخيار روايتان. 5628 - وفي جواز تزويج ذوي الأرحام ممن يرث خلاف رواية عن أبي حنيفة. 5629 - وقال الشافعي ليس لغير الأب والجد أن يزوج الصغيرة والصغير. 5630 - وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم بنت حمزة من عمر بن أم سلمة وهي صغيرة. 5631 - ولا فرق بين الأب والجد وسائر العصبات بعد البلوغ، وفي طلب الكفاءة. 5632 - وما للأب من المزية في الأحكام يوجب تقديمه على البعيد من العصبات كالميراث.

فصل تزويج الابن أمه المجنونة 5633 - والابن يزوج أمه المجنونة وإن كان من غير العشيرة كما يرثها. 5634 - وقال الشافعي لا يزوج أمه إلا أن يكون مولا لها أو حاكماً أو من العشيرة. 5635 - وعنده ابن العم لا يزوج الصغيرة فكيف يزوج المجنونة، فإن قال أنه لا يجوز إن ارتفع الخلاف في المسألة. فصل اجتماع الأب والابن 5636 - وإذا اجتمع الأب والابن فالابن أحق عند أبي يوسف. 5637 - وقال محمد الأب أحق لأنه أسبق بالولاية. 5638 - ومن أصحابنا من قال أيهما زوج جاز لأنه عصبة يرث كل واحد مع الآخر وإن اختلفا في كيفية الإرث. فصل تقصيرها في المهر 5639 - وإن قصرت في مهرها فللأولياء الاعتراض عليها في ذلك، فسخ النكاح عند أبي حنيفة.

5640 - وقال أبو يوسف ومحمد ليس لهم ذلك وهو قول الشافعي. 5641 - والخلاف يتحقق إذا إذن الولي لرجل بأ، يزوج ورضيت هي بالصداق. فصل تقصير الأب في مهر ابنته 5642 - وقال أبو حنيفة إذا قصر الأب في مهر ابنته، أو زاد في مهر الابن فهو جائز ويلزم ذلك. 5643 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يجوز ذلك، ولا يجوز إلا بمهر المثل وما يتغابن الناس فيه. 5644 - وهو قول الشافعي واختلف عنهما في تفسير لا يجوز فمنهم من قال عنهما لا يجوز تسمية الصداق ويلزم مهر المثل كما لو لم يسم في العقد شيء ومنهم من قال العقد لا يجوز. 5645 - لأن إبطال القسمة إنما يصح تبعاً لإبطال العقد. فصل خيار البلوغ 5646 - وخيار الصغيرين إذا بلغا يكون خيار البلوغ، فإذا شهد في

المجلس الذي بلغا فيه ورفع ذلك إلى القاضي فرق بينهما وهما زوجان ما لم يفرق بينهما بتوارثان، ما لم يفرق القاضي وإن حصل الاختيار. 5647 - وقد روى ابن المبارك أنه لا خيار لهما عند أبي حنيفة. 5648 - وهو قول أبي يوسف من غير خلاف عنه. 5649 - والخيار في المجلس في قولهم عند البلوغ فإن سكتت البكر قليلاً ولم تختر فسخ النكاح جاز النكاح جاز النكاح وبطل الخيار لأن سكوتها بمنزلة الإذن. 5650 - وخيار الطلاق والعتق والعنة على المجلس ما لم يوجد اعتراض كخيار القبول في البيع. 5651 - وإن قامت من المجلس بطل الخيار. فصل زعمت أنها لا تعلم أن لها الخيار 5652 - وإذا علمت بالنكاح وقالت لم أعلم أن لي الخيار فلا خيار لها، كما لو أقر الشفيع بالبيع وقال لا أعلم أن لي شفعة. 5653 - وكذلك الرد بالعيب.

فصل زعمت أنها لم تعلم بالنكاح 5654 - وإن قالت أنا أعلم بأن الخيار لمن زوجها غير الأب والجد، ولكن لم أعلم بالنكاح فلها الخيار. 5655 - والقول قولها مع يمينها أنها ما علمت بالنكاح. 5656 - فإذا حلفت فلها الخيار عقيب ذلك. فإن فسخت وإلا لزم النكاح. فصل اختلاف الزوجين في اختيارهما الفرقة 5657 - وإن اختلفت هي والزوج بعد البلوغ لقالت اخترت الفرقة حين أدركت، وقال الزوج لم تختاري، فالقول قول الزوج لأن الأصل عدم الخيار. 5658 - والبينة بينة المرأة إذا شهدت لها بالفرقة، ولها أن تستحلف الزوج على دعواها، لأن الفرقة يصح بدلها عند أبي حنيفة، وتثبت بالإقرار عندهما. فصل ردت النكاح بعد البلوغ ثم رضيت 5659 - ولو قالت بعد البلوغ لا أرضى بالنكاح وقد اخترت الفرقة، ثم

رضيت قبل أن يفرق الحاكم جاز النكاح، لأنها رضيت قبل الفرقة بالنكاح. فصل سكوت الغلام 5660 - ولا يكون سكوت الغلام رضا بعد البلوغ، ورضاه أن يرضى بقوله: رضيت أو يطأ الزوجة فيكون رضا. فصل تكييف اختيار الفسخ 5661 - وهي إذا اختارت أو اختار الفسخ (وقعت) فرقة بغير طلاق لأنها يستوي فيها الرجل والمرأة. فصل لا مهر مع اختيار الفرقة 5662 - ولا مهر لها أن لم يدخل بها، سواء أكانت هي التي اختارت، أو اختار الزوج. فصل دخل بها وهو صغير ثم اختار الفرقة 5663 - وإن كان دخل بها وهو صغير ثم اختار الفرقة بعد البلوغ فعليه

المهر الذي سمي كائناً ما كان، والفرقة بغير طلاق. وسنذكر في كتاب الطلاق ما يكون طلاقاً وما لا يكون لأن ذكره هناك أشبه بالموضع من ههنا. فصل 5664 - والأب إذا زوج ابنته أو غيره من الأولياء وهي بكر، واختلفت هي والزوج، فقال الزوج بلغك النكاح فسكت، وقالت بل بلغني فرددت، فالقول قول المرأة عند أبي حنيفة، ولا يمين عليها، وعندهما اليمين عليها. 5665 - وقال زفر القول قول الزوج لأن الأصل هو السكوت والرد طارئ. 5666 - وأبو حنيفة يقول الظاهر يدفع به دعوى الغير ولا يستحق به على الغير شيء. ولهذا مسائل كثيرة نظرت. فصل كيفية إجازة العقد 5667 - وكل عقد وقف على الإجازة فإجازته إنما تكون بقول المجيز أو تمكنه من الوطء. 5668 - وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يزوج بنتاً دنا من خدرها وقال: إن فلاناً يذكر فلانة فإن سكتت زوجها. فصل إذنها صمماتها 5669 - وقال "الأيم أ؛ ق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في (نفسها) وإذنها صماتها".

وقال "سكوتها إقرارها". 5670 - وقد كان القياس أن لا يكون السكوت إذناً، وإنما تركنا ذلك للأثر. فصل بكاء البكر 5671 - ولو بكت حين أعلمت فقد روي عن محمد أنه يكون إذناً. 5672 - وقال غيره لا يكون البكاء إذناً. 5673 - واتفق الجميع على أن الضحك إذن. فصل زوجها ولي بغير كفوء برضاها 5674 - وإذا زوج أحد الأولياء من غير كفوء برضا الزوجة سقط حق من بقي من الاعتراض عند أبي حنيفة ومحمد لأنه حق لا يتبعض. 5675 - وقال أبو يوسف لا يسقط، ولمن بقي حق الفسخ. 5676 - وللشافعي قولان. 5677 - واتفق الجميع على أن حق العقد لكل واحد، وأنه إذا تولاه بعضهم سقط حق الباقين. فصل عند غيبة الولي الأقرب 5678 - والولي الأقرب إذا غاب جاز للولي الأبعد أن يزوج الصغيرين،

ويتصور الخلاف في الأب والجد والأخ للأب والام والأخ للأب. 5679 - وقال زفر لا يجوز. 5680 - وقال الشافعي يزوج مع غيبة الولي الأقرب الحاكم. 5681 - والخلاف لا يتصور مع الشافعي في امرأة بعينها، لأنها إذا كانت كبيرة فليس لأحد عليها ولاية، وإن كانت صغيرة فالحاكم لا يزوج الصغار عنده، وقد أوضحت ذلك في كتاب الخلاف من "الهادي إلى النظر في المسائل وطلب الدلائل". فصل عدالة الولي 5682 - وأما اعتبار العدالة في الولي فإن الشافعي اعتبرها، وقال: لا تجوز ولاية فاسق على ابنته وأخته، ومن أصحابه من قال إن كانت ولاية اختيار لم يناف الفسق، وإن كانت ولاية إجبار كالأب والجد نافى الفسق. 5683 - واعتبر بعضهم العدالة الباطنة والظاهرة. 5684 - وقال أبو حنيفة يجوز أن يكون الولي فاسقاً ووكيلاً في النكاح. 5685 - واتفق الجميع على أن الرق والصغر والجنون يمنع الولاية. 5686 - وقال محمد بن الحسن والشافعي: السفيه لا يكون ولياً في النكاح على ابنته.

5687 - وقال الجميع للأب الكافر أن يزوج ابنته الكافرة، وجعل الكفر أقل من الفسق. 5688 - وأجاز الجميع أن يتزوج لنفسه وأنه يملك الاعتراض عليها في الكفاءة، وأنه يستوفى القصاص، ويجوز أن يكون وكيلاً في سائر العقود، ويجوز أن يبيع الأمة ويشتري العبد. الشهادة في النكاح 5689 - واعتبر أصحابنا في النكاح الشهادة، وقالوا شرط في الصحة. 5690 - وبه قال الشافعي. 5691 - وقال مالك: يجوز بغير شهادة كما يجوز البيع، ويجوز بشهادة الفاسق، لأنه يجوز بشهادة الكافر. 5692 - وقال الشافعي لا يجوز بشهادة فاسقين. 5693 - ويجوز أن ينعقد النكاح بما لا يثبت به عند الحاكم كنكاح الكافرين بشهادة مثلهم، ولا يثبت بالإقرار، ولا ينعقد به النكاح. فصل 5694 - ويجوز بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين عندنا. 5695 - وقال الشافعي لا ينعقد بشهادة الرجال والنساء ولا يثبت. 5696 - وكذلك الرجعة والوكالة والوصية والطلاق والعتاق وكل ما ليس بمال ولا المقصود منه المال.

5697 - وأجاز شهادة النساء في الرضاع مع الرجال، وليس بمال، وكذلك إذا شهدوا بالإسلام بقتل. فصل أخبار النساء في النكاح 5698 - وأخبار النساء في النكاح مقبولة، وليس في اعتبار الشهادة والولي إلا رواية النساء فكيف عمل بقولها في الأصل ولم يعمل به في الفرع. فصل 5699 - وإذا شهد ذميان في نكاح كافرة ومسلم جاز عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 5700 - وقال محمد لا ينعقد. 5701 - وهو قول الشافعي. 5702 - وهذه المسألة تبنى على جواز شهادة الكافر على الكافر، وهو الذي يحتاج إليه في الإباحة. فصل ألفاظ النكاح 5703 - وأما اعتبار لفظ التزويج والإنكاح فعندنا ينعقد بهما النكاح،

وبكل لفظ يملك به رقة الأمة، فإنه ينعقد النكاح لأن المقصود أن يملك بلفظ يفيد الملك. 5704 - وفي الإجارة خلاف رواية عن أبي الحسن الكرخي رحمه الله. 5705 - وقال الشافعي لا ينعقد بغير لفظ النكاح والتزويج لأنه وضع للنكاح. 5706 - واتفق الفريقان على أنه يجوز أن يطلق ويعتق ويبيع ويرهن ويشارك ويساق بغير اللفظ الموضوع للعقد. فصل النكاح بغير العربية 5707 - ويجوز بغير لفظ العربية وسائر اللغات وإن كان يحسن العربية. 5708 - وقال الشافعي لا يجوز بغير لفظ العربية لمن يحسن ذلك، ولمن لا يحسن وجهان في الجواز. 5709 - واتفق العلماء على أنه يجوز أن يقر بالنكاح بغير العربية ويوكل ويبيع ويعقد سائر عقوده. فصل لا نكاح بغير بدل 5710 - وأجمعوا على أن ليس لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، أن ينكح بغير بدل في العقد، وسنذكر كتاب الصداق وما فيه إن شاء الله.

فصل تمهيد لما يحل ويحرم من المنكوحات 5711 - واختلف العلماء في مواضع إباحة النكاح وجوازه في الأعيان دون الشروط في العقد وأجمعوا على مواضع في التحريم ومواضع في الصحة واختلفوا في المواضع الأخرى، فمنهم من يلحق ذلك بالمحرم ومنهم من يلحق ذلك بالمحلل، والأصل في ذلك ما نذكره.

باب ما يحرم من المنكوحات

باب ما يحرم من المنكوحات 5712 - ذكر الله تعالى في كتابه أربعة عشر ضرباً من المحرمات: لأربع عشرة امرأة سبعة من جهة النسب وسبعة بالسبب". فصل الحرمة من جهة النسب 5713 - فقال: "حرمت عليكم أمهاتكم" فالأم حرام بنص الكتاب والسنة وأمهاتها إلى آدم حرام من جهة الآباء والأمهات وكذلك أمهاتها من جهة الرضاعة حرام بالسنة، والإجماع فيما عدا الأم.

5714 - ثم قال: "وبناتكم" فالبنت حرام بنص القرآن وأولاد البنين والبنات حرام بالسنة والإجماع إلى آخر النسل. 5715 - ثم قال: "وأخواتكم" فالأخت حرام بالنص، ولا فرق بين الأخت من الأب أو الأم أو منهما (وما ولدن وإن سلفن عليه حرام، وكذلك أخته من الرضاع وما ولدت وإن سلفن) 5716 - "وعماتكم" فالعمة حرام بنص القرآن وعماتها وخالاتها وأمهاتها حرام بالإجماع والسنة. 5717 - ثم قال: "وخالاتكم" فالخالة حرام وخالاتها وأمهاتها بالإجماع والسنة. 5718 - ثم قال: "وبنات الأخ وبنات الأخت" وأجمع العلماء أن بنت العمة والخالة حلال، وأن بنت الأخت

وبناتها حرام وكذلك بنات الأخ وبنات بناته وبنات بنيه حرام، فهؤلاء حرام من جهة النسب. فصل الحرمة من جهة السبب 5719 - وأما السبب: فقوله: "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم" فالأم من الرضاعة حرام بالنص. والقول في أمهاتها كالقول في أم النسب، وكذلك بناتها، لأنه عليه السلام قال: "يحرم من الرضا ما يحرم من النسب" 5720 - والأخت من الرضاعة كالأخت من النسب وأولادها كأولادها. 5721 - وأجمعوا على أن أولاد الأخ من الرضاعة مثل النسب وأن أولاده كأولاده سواء في التحريم. 5722 - ثم قال: "وأمهات نسائكم" فحرمت أم الزوجة بالنص وأمهاتها حرام بالإجماع إلى آدم، ولا فرق عندنا بين أن يكون دخل بالبنت أو لم يدخل بها لأنها مبهمة.

5723 - وهو قول ابن عباس وابن مسعود، وبه قال عامة الفقهاء. 5724 - ومن التابعين من قال: إذا لم يدخل بالبنت لم تحرم عليه بالعقد، وجعل شرط الدخول يرجع إلى الجمع، ولو رد إلى الجميع لفسد الكلام لأنه يصير "وربائبكم من نساءكم" وهذا يفسد الكلام. 5725 - وأجمعوا على أن الأمة المشتراة لا تحرم (أمها) بنفس الشراء، وأنه إذا دخل بأمه أن أمها حرام عليه كالحرة. 5726 - ثم قال: "وربائبكم اللاتي في حجوركم من نساءكم اللاتي دخلتم بهن، فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم" فالربيبة حرام بهذه الشرائط المذكورة. 5727 - وإن كانت في غير حجره فكذلك أيضاً، وإنما خرج الكلام على المعتاد. 5728 - ومن السواد من الفقهاء من قال: إذا لم تكن في حجره يجوز، هذا ظاهر الفساد. 5729 - ثم قال: "وحلائل أبنائكم" فزوجة الابن حرام بالنص على أبيه. 5730 - وأجمع العلماء أن سائر الأجداد مثل الأب في ذلك. 5731 - وأجمعوا على أنه لو وطئ أمة أنها تحرم على الآباء كالزوجة. 5732 - وأجمعوا أن أولاد البنات والبنين في ذلك سواء.

5733 - وقوله: "من أصلابكم" 5734 - ليخرج من ذلك أولاد التبني كزيد بن حارثة. 5735 - وإنما فرض الله تعالى نكاح امرأة زيد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوجبه عليه لتقتدي به الأمة في ذلك، ولهذا قال "لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا، وكان أمر الله مفعولا". 5736 - ثم بين أن نبيه كان يكره ذلك ويمتنع منه طبعاً بقوله: 5737 - "ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له" يعني عليه. ثم قال: "سنة الله في الذين خلوا من قبل" 5738 - ثم قال: "وإن تجمعوا بين الاختين إلا ما قد سلف" فالجمع بين الاختين حرام في عقد النكاح. 5739 - وأجمعوا أن ملك اليمين مثل ذلك.

5740 - وقد خالف في ملك اليمين مخالفون، ولو جاز ذلك في الأختين لجاز في الأم والابنة. 5741 - وقوله: "إلا ما قد سلف" يعني في الجاهلية. 5742 - وقال في آية أخرى: "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" فهذه السابعة 5743 - وقال: "والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" فهذا في أزواج الكفار إذا سبين وقعت الفرقة بينهم وحللن لنا. 5744 - ثم قال: "كتاب الله عليكم" أي اقتدوا بما حرمت وحللت ولا تفعلوا غيره. 5745 - ثم قال:

"وأحل لكم ما وراء ذلك" بشرط أن لا يكون في معنى ما حرم علينا، فمتى كان في معناه فهو حرام مثله.

فصل عدم الجمع بين المرأة وعمتها أو بينها وخالتها 5746 - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا بنت أختها ولا بنت أخيها، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفى ما في صفحتها، فإن الله هو الرزاق".

5747 - ومن أصحاب الظاهر من قال يجوز الجمع. 5748 - وهو مذهب الخوارج. 5749 - والصحيح عند الفقهاء هو المنع. 5750 - والقاعدة عندنا أن كل امرأتين لو كان واحد منهن رجلاً لم يجز أن يتزوج بالأخرى فإن الجمع بينهما لا يجوز. فصل لا يجمع بين أكثر من أربع حرائر 5751 - وأجمع علماء الأقطار على أن لا يجمع بين أكثر من أربع حرائر لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين غيلان وبين ما زاد على أربع نسوة. 5752 - وقال من لا يعتد بخلافه يجوز ذلك إلى تسع، وهذا خلاف السنة المروية.

فصل تزوج امرأة في عدة أختها 5753 - وإذا تزوج امرأة في عدة أختها أو أربعاً سواها فالنكاح جائز عند الشافعي إذا كان الطلاق بائناً، وإن كان رجعياً لم يجز. 5754 - وقال أصحابنا لا يجوز في الفصلين لأن العدة كالنكاح في حق الزوجة فكان النكاح في حق الزوج كالطلاق الرجعي لأنه يجمع مائة في رحم اختين وهذا لا يجوز. 5755 - وإن قال أخبرتين بانقضاء عدتها جاز أن يتزوج بأختها أو أربع سواها عند أبي حنيفة وصاحبه. 5756 - وقال زفر لا يجوز له ذلك وإن كانت قالت ذلك في وقت لا يمكن انقضاء الدة (فيه) لا يجز في قولهم جميعاً. فصل نكاح المشركة والوثنية الخ 5757 - ولا يجوز نكاح مشركة ولا وثنية ولا م جوسية ولا مرتدة بنكاح ولا ملك يمين. 5758 - وفي المجوسية خلاف أبي ثور وهو شاذ من الفقهاء.

فصل نكاح الكتابيات 5759 - ويجوز نكاح الكتابية نصرانية كانت أو يهودية. 5760 - ومنهم من قال لا يجوز. وقال الشافعي لا يجوز إلا نكاح الإسرائيليات وحدهن، فخص العموم بغير دلالة، وسوى بين الجمع في إباحة الطعام. 5761 - ويجوز وطء الأمة الكتابية بملك اليمين والنكاح. 5762 - وقال الشافعي يجوز بملك اليمين ولا يجوز في النكاح، وسوى الجمع بين المسلمة في النكاح والملك وبين الوثنية في النكاح والملك أنه لا يجوز، وفرق هو في الكتابية. فصل الجمع بين حرة وأمة 5763 - وأجمع الفقهاء المشهورون أنه لا يجوز الجمع بين حرة وأمة في عقد النكاح، وأنه إذا فعل ذلك بطل نكاح الأمة. 5764 - وقال سواد منهم يجوز الجمع كما يجوز في الحرائر لأن كل واحد يجوز في حالة الانفراد.

5765 - وقال الشافعي إذا جمع بينهما بطل العقد في الحرة أيضاً، وعندنا لا يبطل في الحرة. 5766 - لأنه لا يجوز إدخالها على الأمة. فصل زواج الأمة 5767 - ويجوز تزوج الأمة وإن كان قادراً على تزوج حرة. 5768 - وقال الشافعي لا يجوز إلا بشرطين عدم طول حرة وخوف العنت، لأن الله شرط ذلك. 5769 - وعندنا الآية على بيان الأولى ولهذا شرط أن لا تكون ذات خدن ولا مسافحة.

5770 - والطول عندنا أن تكون تحته الحرة لأنه بذلك تحصل القدرة. فصل الجمع بين أربع من الإماء 5771 - ويجوز أن يجمع الحر بين أربع من الإماء. 5772 - وعنده لا يجوز وإن وجد الشرط. فصل تزوج الحرة على الأمة 5773 - ويجوز أن يتزوج حرة على أمة، وقال ابن عباس إذا فعل ذلك بطل نكاح الأمة. 5774 - ولا فرق عندنا بين الحر والعبد في ذلك. 5775 - وقال الشافعي للعبد أن يجمع بين أمتين وبين حرة وأمة. 5776 - ولو كان في العبد لكان في لحر أجوز. فصل إذن المولى للعبد في الزواج 5777 - ولا يتزوج العبد بغير إذن مواله. 5778 - وقال مالك يجوز، وهو قول أهل الظاهر. 5779 - لأن العبد مملوك كالأمة.

فصل لا يجمع العبد بين أربعة 5780 - ولا يجوز له (للعبد) أن يجمع بين أربعة (وقال مالك رحمه الله يجوز). 5781 - لأنه أنقص من الحر في الإباحة، ولا يملك ما زاد على اثنين لأنه بنصف ما يجوز للحر مما يقبل ذلك. فصل إجبار الأرقاء على الزواج 5782 - ويجوز إجبار الأرقاء كلهم على النكاح إلا المكاتبين الصغار والكبار. 5783 - وقال الشافعي لا يجوز إجبار العبد ويجوز إجبار الأمة. 5784 - وفي الصغير وجهان لهم. 5785 - لأن العقد في حق المولى يقع حكمه لا فيما يملكه العبد فهو كالأمة. 5786 - وقد روى الطحاوي في المختصر في العبد مثل قول الشافعي (رحمه الله).

فصل إقرار المولى على عبده بالنكاح 5787 - ولو أقر المولى على عبده بالنكاح لم يجز عند أبي حنيفة. 5788 - وجاز عند أبي يوسف ومحمد، سويا بين العبد والأمة، وفرق هو في ذلك. 5789 - وقد روي عن أبي حنيفة مثل قولهما، وروي عنه أنه قال في العبد يقبل وفي الأمة لا يقبل لأنه فرج، حكى الرواية أبو الليث في خلافه لأصحابنا. 5790 - واتفقت الرواية عنه أن المولى لا يقبل إقراره في الصغير والصغيرة ويقبل عقده. 5791 - وكذلك وكيل المرأة والزوج لا يقبل إقراره عنده. 5792 - وقال أبو يوسف ومحمد يقبل الجميع. فصل حكم من ذهبت بكارتها في الإذن 5793 - وقالوا: لو ذهبت بكارة الحرة بطول الزمان أو رئبة فهي بحكم البكر في السكوت أنه إذن منها، ولو ذهبت بما يجب به المهر فهي ثيب في الإذن. 5794 - واختلفوا في الزنا فقال أبو حنيفة هي كالبكر. 5795 - وقال أبو يوسف ومحمد هي كالثيب، وهو قول الشافعي:

5796 - لأن هذا وطء ولا يتعلق به حكم من أحكام النكاح. فصل إجبار الأمة في عيوب الزوج 5797 - وإن زوج أمته من أبرص أو مجذوم فالاختيار لها عندنا. 5798 - وقال الشافعي لها الخيار. وإن وجدته مجنوناً أو عنيناً فالخيار إلى المولى عند أبي حنيفة وزفر ولا خيار لها. 5799 - وقال أبو يوسف الخيار لها دون المولى. فصل تزوجت على أنها حرة 5800 - ولو تزوجت على أنها حرة فإذا هي أمة فالنكاح باطل ولا يجوز إلا أن يجيزه المستحق. 5801 - وما ولدت قبل ذلك فهو حر، وعلى الزوج قيمة ما هو حي من الأولاد دون الميت، ويرجع به على الغار له كائناً من كان فإن كانت هي التي غرت رجع عليها بعد العتق. فصل شرط في النكاح على أنه حر الخ .. 5802 - وإذا شرط في النكاح أنه حر، فكان عبداً قد أذن له مولاه، أو

من عشيرة فكان من غيرها أو بكراً وكانت ثيباً، أو وجد بخلاف ما شرط فالنكاح جائز. 5803 - وقال الشافعي وهو باطل في أحد قوليه لأن المعقود عليه ليس هو عين الزوج عندنا. فصل إجبار أم الولد والمكاتبة على النكاح 5804 - ويجوز إجبار أم الولد على النكاح. 5805 - وقال الشافعي لا يجوز. واتفقوا على أنه لا يجوز في المكاتبة. فصل تزوج أخت أم ولده في عدتها منه 5806 - ولا يجوز أن يتزوج أخت أم ولده في عدتها منه من العتق. 5807 - وقال الشافعي يجوز، لأن عدتها أقوى من فراشها لأنه لا يملك أن ينقله إلى غيره. فصل إعفاف العبد والأب 5808 - ولا يجب على المولى إعفاف عبده، ولا يجوز على الابن إعفاف الأب.

5809 - وقال الشافعي يجب في ذلك ولا يجب في الأم والابن بإجماع. فصل من له أب في الإسلام 5810 - ومن له أب في الإسلام فغير كفوء لمن له آباء. 5811 - وقال الشافعي هما سواء في الكفاءة. فصل تزوج الأب جارية الابن الخ .. 5812 - ويجوز للأب أن يتزوج جارية ابنه. 5813 - وقال الشافعي لا يجوز. 5814 - واتفقوا على أن المولى لا يجوز أن يتزوج بجارية المكاتب، ويجوز للمكاتب أن يتزوج بجارية المولى. 5815 - وأن زوج ابنه من مكاتبته أو بنته من مكاتبه ثم مات لم ينفسخ النكاح عندنا. 5816 - وقال الشافعي ينفسخ لأنه لا يجوز في هذه الحالة عقده. 5817 - وقد يجوز أن يبقى النكاح في حال لا يجوز أن يبدأ كنكاح الأمة إذا تزوج حرة وكما لو قدر على نكاح حرة بعد الأمة.

فصل المكاتب يشتري زوجته 5818 - والمكاتب إذا اشترى زوجته والمأذون له في التجارة لم يبطل النكاح. 5819 - وقال الشافعي بطل. والعلة في الجميع أنه ما ملك به الزوجة ملكاً تاماً. فصل العزل عن الزوجة الأمة 5820 - وإذا عزل عن الزوجة الأمة فالإذن إلى المولى عند أبي حنيفة ومحمد. 5821 - وقال أبو يوسف إليها. 5822 - وقال الشافعي يعزل بغير إذن أحد. 5823 - لأن الحق للمولى في الولد فهو كالحرة في حق الإذن. فصل أعتقت تحت عبد أو حر 5824 - وإذا أعتقت تحت عبد أو حر فلها الخيار في فسخ النكاح والبقاء عليه. 5825 - وقال مالك والشافعي لا خيار لها إن كان حراً ولها في العبد الخيار.

5826 - وقال لو تزوجت حرة رجلاً على أنه حر فكان عبداً أو عبد فكان حراً أن لها الخيار في أحد قوليه، وفي الآخر النكاح باطل وإن كان أكمل منها. فصل بيع الأمة المزوجة 5827 - وبيع الأمة المزوجة جائز والنكاح باق. 5828 - وقال ابن عباس والأعمش بيع الأمة طلاقها. 5829 - ولو بطل النكاح لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم (بريرة) في النكاح. 5830 - وإن اختارت وهي معتدة زوجها أو الفرقة صح خيارها، خلاف الشافعي لا يصح. قصل مكاتبة تزوجت بإذن المولى 5831 - والمكاتبة إذا تزوجت بإذن المولى ثم أعتقت بالأداء أو العتاق من سيدها، فلها الخيار لأن العقد تم عليها، وهي لا تملك نفسها. 5832 - وقال زفر لا خيار. 5833 - واتفق أصحابنا على أن الأمة لو تزوجت بغير إذن المولى أن النكاح موقوف على إجازته، فإن أعتقت جاز النكاح ولا خيار لها.

فصل انتقال الإجازة 5834 - والإجازة يجوز أن تقف على واحد وتنتقل إلى آخر عندنا، وقال زفر لا يجوز لأن الخيار لا يورث. فصل ما يدخل تحت إذن المولى بالتزوج 5835 - والمولى إذا أذن لعبده بالتزوج، دخل في إذنه الصحيح من المباح والفاسد عند أبي حنيفة. 5836 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يدخل الفاسد في الإذن. فصل للمكاتب تزويج الأمة .. الخ 5837 - والمكاتب يزوج الأمة دون العبد وكذلك أبو الصبي والصبي المأذون والمضارب، وقال أبو يوسف يجوز الجميع إذا كان من التجار وللصبي، وقد روي عن أبي حنيفة حكاه ابن كاس في الخلاف. فصل النكاح المقترن بشرط والمعلق عليه 5838 - وإذا تزوج بشرط صح النكاح وبطل الشرط.

5839 - وقال الشافعي يبطل النكاح. 5840 - واتفقوا على أنه لو طلق أو أعتق وشرط الخيار، أنه يصح ويبطل الشرط. فصل تعليق طلاقها على النكاح 5841 - ولو قال لها: إذا تزوجت ودخلت فأنت طالق صح النكاح ووقع الطلاق عند وجود الشرط. 5842 - وقال الشافعي لا يصح النكاح، ولا تحل لزوجها الأول. 5843 - وقال محمد يصح النكاح ولا تحل للأول. 5844 - وبقول الشافعي في البطلان قال أبو يوسف إذا شرط تحليلها للأول لأن الشروط الفاسدة لا تفسد النكاح، كما لو شرط أن لا يسافر بها. فصل الحرمة بالزنا 5845 - ومن زنا بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها. 5846 - والزنا يوجب تحريم المصاهرة كالوطء بشبهة. 5847 - وقال أبو يوسف لا يوجب تحريم المصاهرة.

فصل 5848 - واتفق الجميع على أن العقد الفاسد لا يوجب حرمة المصاهرة بين المتعاقدين. فصل 5849 - وكذلك قال أصحابنا في اللمس بشهوة والنظر إلى الفرج (أنه) يوجب التحريم. 5850 - وللشافعي قولان فيما عدا الوطء. 5851 - واتفق الجميع على أنه لو كان لغير شهوة لما أوجب التحريم لأنه مباح لغير الزوج. فصل البنت من الزنا 5852 - وبنته من الزنا لا يحق له نكاحها. 5853 - وقال الشافعي يحل له أن يتزوجها. 5854 - ولهم في بنت الملاعنة وجهان. فصل الابن من الزنا لا ينكح أمه 5855 - واتفق الجميع على أن الابن من الزنا لا ينكح أمه ولا سائر من يحرم على الولد الحلال.

فصل أقر أن زوجته بنته 5856 - وقالوا: لو أقر رجل أن زوجه بنته أو أخته أنها تحرم عليه ولا يثبت النسب منه، ولا فرق بين من هي معروفة النسب أو مجهولة. فصل نكاح الزانية الحامل 5857 - والزانية الحامل يجوز نكاحها ولا يطأها الزوج حتى تضع. 5858 - وقال أبو يوسف النكاح باطل. 5859 - وقال الشافعي النكاح جائز ويطأها مع الحمل.

5860 - ولو جاز وطء الحامل لغير من الحمل من جهته لكانت المرأة إذا وطئت وهي نائمة ولا تعرف الواطئ أن يطأها زوجها. فصل 5861 - والوطء في الموضع المكروه حرام في ملك اليمين والنكاح. 5862 - وقال المزني في المختصر: قال الشافعي ذهب بعض أصحابنا إلى تحليله وآخرون إلى تحريمه. 5863 - وقد حكى في الخلاف عن مالك وهو مذهب الشيعة من الإمامية وفيه آثار وفي منعه نظر وقياس. 5864 - وقد روي عن ابن عمر إباحة ذلك، وروي عنه خلافه.

فصل الإحرام لا يمنع عقد النكاح 5865 - والإحرام لا يمنع العقد في النكاح كما لا يمنع الشراء للأمة ولا يعقد على وليته لغيره، وقال الشافعي لا يزوج ولا يتزوج. 5866 - وأجاز أن يراجع في الإحرام. 5867 - ومن أصحابه من قال لا يكون شاهداً فيه أيضاً. 5868 - ولو كان الإحرام يمنع العقد لأبطل النكاح كالملك والكفر ولكان سائر العبادات مثل الحج لأن الوطء في جميع ذلك حرام، والعقد مباح كذلك الحج. فصل نكاح الكافر 5869 - ونكاح الكافر جائز كما يجوز نكاح المسلم فيما يجوز نكاح المسلم فيه. فصل 5870 - وإذا أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة أو اختين فإنه يمسك الأولى وتحرم الثانية ولا يختار إحداهما ولا أربعاً إذا وقع عليهن معاً.

5871 - وقال محمد والشافعي يختار أربعاً مما زاد وإحدى الأختين. 5872 - ولو تزوج بشرط متعة إلى أجل لم يجز عنده. 5873 - وقال لو تزوج امرأة وبنتها ودخل بهما لم يختر في ذلك لم يمض على أصله في الباب.

فصل هجرة أحدهما إلى دار الإسلام 5874 - وإذا هاجر أحد الزوجين إلى دار الإسلام مسلماً أو ذمياً وقعت الفرقة بينه وبين الآخر. 5875 - وقال الشافعي لا تقع، ويقف على مضي العدوة وإن كانت مدخولاً بها، وإن لم يدخل بها وقعت الفرقة. 5876 - وإن كانت المهاجرة امرأة فلا عدة عليها عند أبي حنيفة، ولها أن تتزوج. 5877 - وقال عليها العدة. 5878 - وهو قول الشافعي. 5879 - واختلفت الرواية في الحامل المهاجرة هل لها أن تتزوج عند أبي حنيفة. فصل الفرقة بالردة 5880 - وإذا ارتد أحد الزوجين وقعت الفرقة بينهما، ولا فرق بين أن يدخل بها أو لا يدخل.

5881 - وقال الشافعي إن كان دخل بها لم تقع حتى تمضي ثلاث حيض فأيهما عاد قبل انقضاء العدة فهما على النكاح. 5882 - وإن ارتدا معاً فهما على النكاح استحساناً. 5883 - والقياس أن الفرقة تقع، وهو قول زُفَر. 5884 - أما الشافعي فمضى على أصله في اعتبار العدة في المدخول بها. فصل إسلام أحد الزوجين 5885 - وإذا أسلم أحد الذميين عرض على الآخر الإسلام، فإن أسلم فهو على النكاح وإن أبى فرق بينهما، وإن كانت في دار الحرب وقفت على ثلاث حيض. 5886 - وقال الشافعي حكم الإسلام حكم الردة في الفرقة، ولا يعرض على الآخر الإسلام. فصل تهوُّد النصراني وتنصر اليهودي 5887 - وإن تهود النصراني أو تنصر اليهودي فهما على النكاح، ولا يقتل ولا يرد إلى دينه الأول لأنه يقر على الثاني ابتداء. 5888 - وقال الشافعي يرد إلى دينه الأول أو الإسلام وتقع الفرقة بينه وبين زوجته وإن امتنع قتل عنده.

فصل العيوب 5889 - والنكاح لا يفسخ بشيء من العيوب الموجودة بأحد الزوجين. 5890 - وقال الشافعي يفسخ بثلاث عيوب يشترك فيها الرجل والمرأة وهي: الجنون والجذام والبرص، والقرن والرتق في الزوجة والجب والعنة في الزوج.

5891 - ولا ينفسخ بما سوى ذلك من العيوب. 5892 - ولو جاز الفسخ بعيب لكان كل عيب مثله كالبيع.

فصل 5893 - والمتوالد بين كتابي ومجوسي يحل نكاحه لأنه يغلب الكتاب بأي الأبوين كان.

5894 - وقال الشافعي يغلب الإسلام بأحد الأبوين وفي الكتاب يغلب جهة الأب دون الأم ولا يحل نكاح من ذكرناه. فصل الذميون والغسل من الجنازة والحيض 5895 - ولا يجبر ذمي على غسل من جنابة ولا حيض وقال الشافعي تجبر الذمية على ذلك إن كان زوجها مسلماً.

باب المجبوب والعنين والخصي واختلافهما في ذلك

باب المجبوب والعنين والخصي واختلافهما في ذلك 5896 - المجبوب إن تزوج جاز نكاحه، فإن كانت الزوجة تعلم بذلك فلا خيار لها، وإن كانت جاهلة بالحال خيرت، ولا يؤجل لأنه لا يرجى له صلاح. فصل تأجيل العنين 5897 - وإن كان عنيناً أجل سنة شمسية، لا هلالية، بخلاف الآجال في الديون والزكاة والدية.

فصل الآثار المروية في تأجيله وقد أجل عمر بن الخطاب العنين سنة، فإن وصل إليها وإلا فرق، وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: ما أنا بمفرق بينكما فاتقي الله واصبري. وأجل عبد الله بن أبي ربيعة عشرة أشهر. 5898 - وكان من اعتبر الأجل اعتبر سنة وهو قول إبراهيم وعطاء والشعبي وابن المسيب وعبد الملك بن مروان.

فصل وصل إليها مرة 5899 - وإن وصل إليها مرة فلا خيار لها أبداً. فصل الفرقة بالعنة طلاق 5900 - ومن ادعت عليه امرأته أنه لا يصل إليها، فإن صدقها أجله الحاكم سنة، فإن وصل إليها فهي امرأته، وإن لم يصل إليها فرق بينهما، وكانت الفرقة طلاقاً لأنها بسبب من جهة الزوج خاصة. فصل تفريق القاضي بينهما 5901 - ولا تقع الفرقة باختيارها حتى يفرق القاضي بينهما في رواية الحسن عن أبي حنيفة. 5902 - وقال أبو يوسف ومحمد عنه تقع باختيارها ما دامت في المجلس، فإن قامت أو أعرضت بطل الخيار.

فصل ادعاء البكر عنة زوجها 5903 - وإن كانت بكراً وادعت ما ذكرناه وكذبها الزوج وادعى الوصول إليها، وأنها ليست ببكر، فإنه يريها النساء، فإن قلن هي بكر أجله سنة، فإن عادت وقالت: لم يصل إلي، وادعى الوصول، أريت النساء، فإن قلن هي بكر خيرها الحاكم، وإن قلن هي ثيب أحلفه أنه وصل إليها، وهي امرأته ولا خيار لها وإن نكل خيّرها الحاكم. 5904 - وإن قال: ما تقدمت إليها بعد الأجل وإنما تقدمت إليها قبل ذلك خيرها الحاكم. فصل ادعى الوصول إلى الثيب 5905 - وإن كانت المرأة ثيباً فادعى الوصول إليها فالقول قوله، وإن اختلفت النساء في الشهادة عليها استظهر بغيرهن، ويحتسب عليها بأيام الحيض وأوقات الصلوات ولا يحتسب أيام المرض إذا لم يكن معه الجماع، ولا يحتسب عليه أيام الحبس لها ولا لغيرها، وإن أمكنه الوصول في الحبس احتسب بذلك. فصل شرح حال العنين في كتاب القاضي 5906 - وينبغي للقاضي أن يشرح الحال ويكتب كتاباً ويؤرخ أول المدة.

وإن عزل القاضي أو مات قام الثاني مقامه في ذلك وفرق لأنه ينفذ حكم من مضى قبله. فصل الزيادة في الأجل 5907 - وإن سألها الزيادة في الأجل ففعلت ثم رجعت في ذلك قبل الحول أو بعده فلها ذلك لأنها تبرعت بما لم يسلم إليه. فصل فرق بينهما ثم تزوجها 5908 - وإن فرق بينهما ثم عاد الزوج وتزوجها وادعت العنة، وقالت إنه وعدني أن يصل إلي فلا خيار لها والنكاح لازم لها لأنها علمت بالعيب. فصل تزوجها بعد الطلاق 5909 - ولو كان طلقها ثلاثاً وتزوجت بغيره وكانت قد ولدت من الأول ولداً ثم تزوجها بعد الطلاق الثاني وادعت عليه العنة يؤجل لأن هذا نكاح غير الأول ولا يبنى عليه في حكم من الأحكام فهي فيه كمن لم يتزوجها من قبل في جميع الأحكام والدعاوى.

فصل يصل إلى غيرها الخ 5910 - وإن كان يصل إلى غيرها ولا يصل إليها أجل ولا عبرة بغيرها. 5911 - وإن كان يجامعها فيما دون الفرج زماناً ثم طلبت الوصول وهي بكر أو ثيب أجل ولا يذهب حقها في الوطء في الفرج. فصل زوج الأمة عنين 5912 - وزوج الأمة إذا كان عنيناً فالخيار إلى المولى عند أبي حنيفة وزفر ذكره الحصاف وأبو الليث. 5913 - وقال أبو يوسف لها الخيار وقد مضت. فصل 5914 - وإذا فرق بينهما فهي طلقة بائنة لأنها لو كانت رجعية لما أفادت الحكم. فصل 5915 - وإن اختارت المقام معه فلا خيار لها أبداً.

فصل الاختيار قبل الفرقة 5916 - ولها أن تختار قبل فرقة القاضي زوجها، ولا يثبت لها بعد ذلك خيار. فصل جاءت بولد من المجبوب 5917 - والمجبوب إذا فرق بينه وبين زوجته ثم جاءت بولد فيما بينها وبين سنتين لزمه الولد، إذا لم تقر بانقضاء العدة، وكان عليه المهر كاملاً في قولهم جميعاً، لأن الولد شاهد بالوصول. 5918 - وإن فرق بعد الخلوة فعليه المهر كاملاً عند أبي حنيفة وزفر وهو قولهما في العنين. 5919 - واتفق أصحابنا في العنين أن لها المهر كاملاً. 5920 - واختلفوا في المجبوب. 5921 - وهو قول شريح والشعبي وإبراهيم وعطاء وسعيد بن المسيب الحسن وعروة بن الزبير. 5922 - وقال طاووس لها نصف المهر. فصل عدة امرأة المجبوب 5923 - واتفق أصحابنا أن على امرأة المجبوب العدة.

فصل استقرار المهر 5924 - وقال الشافعي الخلوة لا تقرر المهر من عنين ولا مجبوب ولا لحل فحل ولا يستقر المهر إلا بالوطء أو الموت. فصل لا خيار للرتقاء 5925 - والمرأة إذا كانت رتقاء والزوج مجبوباً فلا خيار لها، والنكاح لازم لها، لأنه لا حق لها في الوطء. فصل 5926 - وإن حلف الزوج والزوجة فقالت هو مجبوب، وقال الزوج أنا فحل، وقد وصلت إليها، نظر إلى الرجل دونها، فإن كان مجبوباً خيرت وإن كان يتبين أمره بالجس من غير كشف عورة فعل، وإن كان لا يتبين كشف عنه، وقد يجوز ذلك لأجل حق الغير كما يجوز لأجل الختان فيمن أسلم كبيراً أو كمن شهد عليه بالإحصان وادعى الجب فإنه ينظر إليه، كما ينظر الشهود في الزنا إلى الفرجين. فصل ادعى أنها رتقاء 5927 - وإن قالت هو مجبوب وقال هي رتقاء نظر إليها النساء، فإن قلن أنها رتقاء فلا خيار لها سواء كان الزوج فحلاً أو مجبوباً.

فصل تزوج لمدة سنة 5928 - وإذا تزوج الرجل مدة سنة أو دونها فهو باطل عند أبي حنيفة وصاحبيه. 5929 - وقال زفر النكاح جائز والشرط باطل، وحكاه شيخنا قاضي القضاة رحمه الله عن حماد بن أبي حنيفة. 5930 - وقال الحسن بن زياد، إن كانت المدة لا يعيشان إليها فالنكاح جائز وإن كان يجوز أن يبلغا ذلك بطل النكاح لأنه نكاح مؤبد يقطعه الموت.

باب دعوى النكاح على الرجل والمرأة

باب دعوى النكاح على الرجل والمرأة 5931 - ولو أن أختين ادعت كل واحدة منهما على رجل أنه تزوجها قبل أختها وأقامت كل واحدة البينة بما ادعت فالبيان إلى الزوج، والقول قوله في الأول، فإن أبى أن يبين فرق بينه وبينهما وعليه نصف المهر بينهما نصفان إن لم يكن دخل بهما لأن أحد النكاحين باطل والآخر قد وقع فيه الفرقة قبل الدخول، فيجب نصف المهر وقد تساويا في الدعوى فقسم بينهما بالسوية. فصل 5932 - وعن محمد أنه يلزمه مهر كامل بينهما بالسوية لكل واحدة نصف. 5933 - وذكره عن أبي يوسف في الإملاء أنه لا شيء لواحدة منهما، لأن القضاء بالمجهول لا يصح. فصل الكفيل بالمهر 5934 - ولو أن رجلاً حضر عند امرأة وقال لها أن زوجك طلقك ومضت العدة وأنه أمرني أن أزوجك به دفعة أخرى وضمن لها المهر فحضر الزوج وأنكر الإذن فلا شيء عليه، ولا على الكفيل عند أبي يوسف وهو ظاهر المذهب.

وقال زفر على الكفيل المهر بإقراره بالكفالة. فصل ادعت أنه زوج أختها الخ .. 5935 - ومن ادعى نكاح امرأة فأقامت البينة أنه زوج أختها الغائبة أو أمها، وأقام هو البينة عليها بالنكاح فالبينة بينة الزوج، ويقضى على الحاضرة بالنكاح عند أبي حنيفة. 5936 - وقال أبو يوسف ومحمد تقف البينتان ولا يحكم بشيء كمن وكل رجلاً يحمل إليه زوجته أو أمته فأقامت الزوجة أو الأمة بينة أنه طلقها ثلاثاً أو أعتقها فإنه يقف الحكم ولا يحكم على الغائب بطلاق ولا عتاق. 5937 - وحكى قاضي القضاة رحمه الله في درس الجامع الكبير عليه أن من أصحابنا من قال يحكم ببينة الحاضرة في صحة نكاح الغائبة وإبطال نكاح الحاضرة، ومنهم من قال يحكم بإبطال نكاح الحاضرة ولا يحكم بنكاح الغائبة، ولو شهدوا أنه دخل بالأم جازت الشهادة وحكم بإبطال نكاح الحاضرة باتفاق.

استدراك حيث قد تم حصولي على نسخة مصورة أخرى من روضة القضاة للسمناني جلب ميكروفلمها من دار الكتب الوطنية بتونس فقد وجدت ضرورة مقابلتها مع ما طبع من هذا الكتاب فرأيت إخراج الجزء الثاني من المجلد الأول من كتاب روضة القضاة والشروع بالمجد الثاني بعد تمام هذه المقابلة التي بدأت بإجرائها من الصحيفة (881) من الجزء الثاني من المجلد الأول وقد أشرت إلى النسخة الجديدة بعبارة نسخة تونس وسألحق بإذن الله في آخر المجلد الثاني استدراكاً بأهم ما سيظهر من زيادات في هذه النسخة بالنسبة للنسخ السابقة التي تم تحقيق الكتاب عليها مع العلم بأن النسخة التونسية هذه مهمة كل الأهمية لما ورد فيها من إشارة إلى مقابلتها مع نسخة المؤلف نفسه ومع ذلك فالظاهر أن كاتبها تخير جانباً من قواعد روضة القضاة وأهمل جانباً وفعل هذا هو سر إضافة كلمة فتاوى إلى اسم الكتاب في هذه النسخة ويعزى الفضل في حصولي على ميكروفلم نسخة تونس للسيد الأستاذ محمود ابن الشيخ المدعي العام لكتابة الدولة للعدل في الجمهورية التونسية ولدار الكتب الوطنية بتونس فلهما مني مزيد الشكر والتقدير.

كتاب الصداق

كتاب الصداق باب اختلاف الزوجين في النكاح والمهر وما يترتب عليه. فصل ادعاء النكاح على منكر أو منكرة 5931 - وإذا ادعى الرجل نكاح امرأة أو المرأة نكاح رجل فأنكر المدعي عليه منهما ذلك فأن أقام بينة على دعواه حكم له بالزوجية كائناً من كان، وأن عدم البينة وطلب اليمين فلا يمين على المنكر في قول أبي حنيفة. 5932 - وقال أبو يوسف ومحمد يجب اليمين. 5933 - وهو قول الشافعي، وقد مضت في الإيمان هذه المسألة ونظائرها على ما يقول أبو حنيفة ويقولان. فصل ادعى نكاحها رجلان 5943 - ولو ادعى رجلان نكاح امرأة فأنكرت فأقام كل واحد البينة بالزوجية فالبينة باطلة ولا نكاح بينها وبين أحد منها، وأن كانت في منزل أحدهما فهي له، وأن وقتا وقتين فهي للأول منهما كانت عنده أو عند الآخر، وأن أقرت لأحدهما فهي له وعلى الآخر البينة أنه تزوجها قبل ذلك والنكاح يخالف البيع، والملك (وما يقع فيه الاشتراك).

فصل القول لمن في المهر 5935 - وأن ادعت المهر أنه ألف، وقال الزوج خمسمائة فالقول قول المرأة فيما بينها وبين مهر المثل، والقول قول الزوج فيما زاد على ذلك ولا يتحالفان. 5936 - وقال أبو الحسن: يتحالفان في جميع الأحوال بحكم مهر المثل. 5937 - وهو قول الشافعي. 5938 - وقال مالك يتحالفان وينفسخ النكاح بينهما كما قلنا في البيع. 5939 - وقال أبو يوسف القول قول الزوج فيما يقربه إلا أن يأتي بشيء مستنكر، واختلف عنه في المستنكر فقيل أنه ما كان أقل من عشرة دراهم وقيل أنه أقل من مهر مثل المرأة، هذا إذا كان النكاح قائماً بين الزوجين، فإذا كان الخلاف بعد الطلاق فالقول قول الزوج فيما يقربه. 5940 - وقال محمد: القول قول المرأة فيما بينها وبين متعة مثلها، [والقول قول الرجل فيما زاد على ذلك إذا كان لم يدخل بها]. فصل ما يجوز أن يكون مهراً 5941 - والخلاف في المهر يترتب على معرفة ما يجوز أن يكون مهراً وما لا يجوز. 5942 - وجملة القول في هذا أن يكون المهر عند أصحابنا ما لا يقوم في نفسه، أو ما يستحق به حقاً في مال يجب تسليمه إلى الزوجة.

5943 - وقال الشافعي يجوز أن يكون غير مال بل منفعة الحر وتعليم القرآن، وكل ما يجوز أن يستأجر على عمله. فصل منفعة البضع 594 - واتنفق الفريقان على أن منفعة البضع لا تكون مهراً، ولا الطلاق ولا الصلح عن دم العمد وأن جاز أخذ العوض فيه. فصل 5945 - وقال من أجاز أن يكون مهراً لو طلق قبل الدخول وجب نصف مهر المثل ولا ينتصف بالقرآن الطلاق قبل الدخول. فصل أقل الصداق 5946 - وقال أصحابنا الصداق مقدر بالأقل ولا يكون أقله أقل من عشر دراهم أو دينار أو ما قيمته ذلك مما يتقوم. 5947 - والمعتبر في القيمة يوم العقد لا عند التسليم والتعذر. 5948 - وقال مالك أقل الصداق ربع دينار ولا يجوز أقل من ذلك. 5949 - وقال الشافعي لا يتعذر أقله، وما جاز أن يكون بدلا في الإجارة وثمنا في البيع فهو مهر. فصل عدد المنكوحات 5950 - واتفقوا على أن أقل العدد في المنكوحات مقدر وأن النكاح يخالف البيع في الشرائط، وأن البضع لا يجوز أن يملكه ويطأة الزوج بغير بدل.

فصل زواج الشغار 5951 - واتفقوا على أنه لو تزوج امرأة على أنه يزوجه بنته أو أمته أن التسمية لا تصح واختلفوا في صحة النكاح؟ 5952 - فقال الشافعي النكاح باطل وهذا هو الشغار. 59530 وقال أصحابنا يجب لكل امرأة مهر مثلها وتبطل التسمية ويصح النكاح كما لو جعل الطلاق مهراً. فصل 5954 - ولو سمي لها أقل من عشرة فلها عشرة دراهم، ولا فرق بين الحرة والأمة في ذلك أنها تكمل. 5955 - وقال زفر التسمية باطلة ويجب مهر المثل. 5956 - لأن الذي سمي لو ضم إليه ما بقي صح أن يكون مهراً ويخالف تسمية الخمر والحر في ذلك. فصل ما يثبت مهراً وما لا يثبت 5957 - وجملة ما يثبت مهراً وما لا يثبت أن المسمي إذا كان يقع على إجناس مختلفة أو على مقادير مختلفة في الكثرة والقلة، واللفظ يشمل الجميع، أو وقع في العقد على ما لا قدر له في اللفظ فالتسمية باطلة، ويجب مهر المثل. فجهالة الجنس كالدابة والثوب، وجهالة القدر أن يتزوجها على حكمة أو حكمها أو يتزوج على حنطة أو شعير أو موزون لا يذكر قدره.

5958 - وإذا كان المسمى معلوم القدر مجهول الصفة كالعبد والجارية أو برذون أو حمار أو بغل أو ثوب هروي أو مروي فذكر الجنس داخل بالصفة كقفيز حنطة أو شعير فأن التسمية تصح عندنا ويجب من ذلك الوسط. 5959 - والأصل في هذا الباب أن كل جهالة كانت أقل من جهالة مهر المثل فهي تثبت في العقد ولا يثبت مهر المقل وإن كانت ثبت مهر المثل، وكل ما يوجب الوسط فالزوج بالخيار أن شاء أعطاه وأن شاء أعطه قيمته. 5960 - وأن سمى أحد شيئين معينين جاز ذلك وكان الخيار إلى الزوج يعطي أيهما شاء عند أبي يوسف ومحمد. 5961 - فأما أبو حنيفة فأن ينظر: فأن كان مهر مثلها مثل أقلهما قيمة أو أقل من ذلك فلها أقلها قيمة إلا أن يرضي الزوج أن يعطي الرفيع، وأن كان مهر مثلها مثل الأكثر قيمة أو أكثر فلها أكثرهما قيمة إلا أن ترضى المرأة بالادون، وأن كان مهر مثلها ما بين ذلك فلها مهر مثلها. 5962 - وقال الشافعي لا يثبت مهر إلا ما يثبت في السلم مسلماً فيه، وكل ما ذكرناه مجهول ويجب عنده مهر المثل. فصل تسمية الحيوان 5963 - ولا فرق عندنا في تسمية الحيوان أن وصف أو لم يوصف في أنه لا يجبر على تسليمه. 5964 - وقال الشافعي يجبر على التسليم. فصل قيمة العقد الوسط والبيت الوسط 5965 - وكان أبو حنيفة يجعل قيمة العبد الوسط أربعين ديناراً،

وكذلك البيت الوسط. 5966 - وقالا هذا على قدر الزمان في الغلاء والرخص. فصل هلاك المهر واستحقاقه 5967 - واتفق أصحابنا أن المهر إذا كان معيناً فتلف في يد الزوج أنها ترجع على الزوج بقيمته، وللشافعي قولان أحدهما هذا والثاني يجب مهر المثل لأن النكاح لا يبطل بتلف المهر. 5968 - وكذلك الخلاف إذا استحق المهر. فصل الغلط في المهر 5969 - وقال أبو حنيفة إذا وجد العبد حراً والخل خمراً والذكية ميتة، وقد جعل ذلك مهراً فلها مهر المثل عنده. 5970 - وقال، لو قال على هذا الحر أو هذه الخمر أو هذه الميتة فإذا الحر عبد، والخمر خل، والميتة ذكية، فالمهر هو المشار إليه دون ما سمي، أن كانت العين حلالا فلها العين، وأن كانت حراماً فلها مهر المثل. 5971 - وعند أبي يوسف العقد واقع على الحلال منهما، فأن كانت العين حراماً وقع العقد على التسمية، فيكون لها قيمة الشاة والحر ومثل الخمر خلا. 5972 - وعند محمد أن كان المسمى من جنس المشار إليه فالعقد واقع على العين وأن كان المشار إليه من غير جنس المسمى وقع العقد على التسمية كان المشار إليه حلالا أو حراماً فيكون لها في الحر والميتة مهر المثل، وفي الخمر مثل كيلها خلا.

5973 - وقد روي عنه في الخمر أيضاً أنه يجب مهر المثل، رواه ابن سماعة. 5974 - وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة أن لها الخل مع الإشارة. 5975 - وعند الشافعي يجب مهر المثل في الأحوال كلها. فصل عيب الصداق 5976 - وأن كان الصداق من ذوات القيم فوجدت به عيباً لم يرد باليسير يرد بالكثير. 5977 - وقال زفر يرد بالعيب اليسير والكثير سواء، وهو قول الشافعي. 5978 - واتفق الفريقان أنه لو كان من ذوات الأمثال رد باليسير والكثير. فصل تزوج الذميين على خمر 5979 - وإذا تزوج الذمي الذميمة على خمر بعينها أو خنزير بعينه ثم أسلما أو احدهما فأن كانت مقبوضة فلا شيء لها وأن كانت غير مقبوضة فلها العين عند أبي حنيفة وأن كان ذلك غير معين فلها مهر مثلها في الخنزير وقيمة العبد عند أبي حنيفة. 5980 - وقال أبو يوسف لها في الجميع مهر المثل، وهو قول الشافعي. 5981 - وقال محمد لها القيمة في الوجهين.

فصل مهر المفضاة 5982 - واتفق أصحابنا على أن القضاة البضع يجب المهر لها بالعقد، ويستقر بالموت والدخول، وقال الشافعي لها المهر بالوطء ولا يجب لها مهر بالموت. 5983 - ولو لم يجب لها مهر بالعقد لما صح أن تطلب ذلك، ولو سقط بإسقاطها لم يجب بالوطء كما لو أبرأت منه بعد العقد. فصل مهر فرض بعد العقد 5984 - وكل مهر فرض بعد العقد لم يتصف بالطلاق قبل الدخول، ولها المتعة. 5985 - وعن أبي يوسف أنه يتصف كالمفروض، وهو قول الشافعي. 5986 - لأنه لم يذكر في العقد فصار كما لو لم يسهم مهراً. فصل تزوج على خمر ثم طلق قبل الدخول 5987 - وإذا تزوج على خر وخنزير ثم طلق قبل الدخول وجبت المتعة. 5988 - وقال الشافعي نصف مهر المثل. 5989 - لأن المسمى إذا لم يصح في العقد سقط حكمه وإذا سقط وجبت المتعة.

فصل لمن تجب المتعة 5990 - ولا تجب المتعة إلا لمطلقة لم يسم لها مهر قبل الدخول. 5991 - وقال الشافعي تجب لكل مطلقة إلا التي طلقها قبل الدخول، وقد سمي لها مهراً. 59920 وقال مالك لا تجب المتعة رأساً. 5993 - وقال أصحابنا لا تزاد على نصف مهر المثل، ويجوز أن ينقص منه. فصل الزيادة في المهر 5994 - وتلحق الزيادة في المهر بعد التسمية ولا تتصف بالطلاق. 5995 - وعن أبي يوسف أنه يتصف. 5996 - وقال زفر والشافعي لا تلحق الزيادة بالعقد بل تكون هبة مبتدأة أن قبضت صحت ولزمت. 5997 - وأجمعوا أنها لو حطت بعض المهر صح حطها، فكذلك الزيادة كحالة الابتداء. فصل قتلت نفسها قبل الدخول. 5998 - ومن قتلت نفسها قبل الدخول بها من الزوجات لم يسقط مهرها، وفي الأمة روايتان، وأن قتل المولى الأمة سقط المهر، وقال أبو يوسف ومحمد لا يسقط المهر. 5999 - وقال الشافعي يسقط المهر ولا يورث.

6000 - لأن القتل وجد معه ما يجري مجرى الدخول وهو الموت فقرر المهر. فصل لا حبس في المهر المؤجل 6001 - والمهر إذا كان مؤجلا فليس لها حبس نفسها عند أبي حنيفة ومحمد والشافعي. 6002 - وقال أبو يوسف لها ذلك. 6003 - لأنه رضي بالتأخير. فصل هل لمن سلمت نفسها طوعاً حبس نفسها؟ 6004 - وأن سلمت نفسها طوعاً ودخل بها فلها حبس نفسها في أحدى الروايتين عن أبي حنيفة. 6005 - وقالا والشافعي ليس لها حبس نفسها بعد ذلك. 6006 - لأن العقد أوجب تقديم المهر على الوطء، وهذا قائم في الثاني والثالث. فصل ما يوجبه الوطء في النكاح الفاسد من المهر 6007 - والوطء في النكاح الفاسد يوجب أقل الأمرين من مهر المثل والمسمى. 6008 - وقال الشافعي يجب مهر المثل بالغا ما بلغ. 6009 - لأن التسمية لها حكم في العقد فلا تلغى.

فصل الطلاق بعد هبة المهر 6010 - ومن وهبت مهرها قبل الدخول ثم طلقت لم يرجع عليها الزوج بشيء. 6011 - وقال زفر يرجع عليها بالنصف وهو قول الشافعي. 6012 - وفي البراءة وجهان لهم. 6013 - لأن التبرع لا يوجب الضمان على المتبرع كما لو استحقت العين الموهوبة بل هذا أقل من ذلك. 6014 - ولا ترجع هي على الزوج بشيء. 6015 - وعن زفر أنها ترجع بالنصف. فصل قبضت مهرها ووهبت 6016 - وإن قبضت ووهبت فكل ما لا يتغابن فأنه يجب عليها ضمانه. 6017 - وكل ما يتعين بالعقد فأن زاد أو نقص ولم يستحق رده ضمنت، وما يستحق عليها رده لا ضمان عليها. 6018 - وأن قبضت النصف ووهبت الباقي لم ترجع. 6019 - وقال أبو حنيفة ترجع بالربع. 6020 - وهو أحد قولي الشافعي. فصل نماء المهر قبل القبض 6021 - وما حدث من المهر قبل القبض من نماء وولد أو أرش

جناية فهو كله مهر، وقال الشافعي لا يدخل في المهر، ويكون النماء للزوجة كله، ويتصف الأصل بالطلاق. فصل نماء المرء بعد القبض 6022 - وأن حدث ذلك بعد القبض منع الدخول في الأصل، وكان للزوج قيمة نصف ذلك يوم تصف. 6023 - وقال الشافعي لا يمنع الفسخ فيه، كما قال في البيع. فصل الكسب لا يدخل في المهر 6024 - والكسب لا يدخل في المهر وقال أبو يوسف ومحمد يدخل ويتنصف بالأطلاق لأنه ليس من العين ولا بدل جزء ولا أجرى مجرى الجناية عليها فلا يكون لها مهر. فصل تزوج المطلقة المدخول بها في العدة 6025 - وإذا طلق المدخول بها ثم تزوجها في العدة على مهر مسمى ثم طلقها فلها مهر كامل، وعليها عدة مستقبلة عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 6026 - ومحمد يقول لها نصف المهر وتمام ما بقى من العدة. 6027 - وهو قول الشافعي. 6028 - وقال بشر لها نصف المهر ولا عدة عليها لأن الرجعة رفعت حكم الطلاق. 6029 - وأبو حنيفة يجعل الدخول في الأول دخولا في الثاني، وهو ظاهر يبني على الأصول.

فصل أربع نسوة على مهر واحد 6030 - ومن تزوج أربع نسوة على مهر واحد في عقد النكاح فالنكاح صحيح، والمهر يقسم بينهن على قدر مهر المثل لكل واحدة. 6031 - وقال الشافعي لا تصح تسمية المهر ويجب لكل واحدة مهر المثل في أحد قوليه وكل أصل في هذه المسألة فهو ممنوع عندنا. فصل تقادم الصداق 6032 - وكان أبو حنيفة لا يقضي بالصداق إذا تقادم، واختلف الورثة غي قدره لتعذر الوصول إليه. 6033 - وقال أبو يوسف ومحمد، اختلاف الورثة كاختلاف الزوجين. 6034 - وهو قول الشافعي، ويقضي بمهر المثل. فصل لكل منهما بينة بالصداق 6035 - وإذا اختلفنا في الصداق وأقام كل واحد بينة بما يدعيه فالبينة بينة المرأة لأنها تثبت الزيادة، وبينة الزوج تنفي ذلك إذا كان ديناً. فصل اختلافهما في محل المهر 6036 - ولو قال الزوج، المهر هذا العبد، وقالت المرأة، المهر هذه

الجارية تحالفاً ويبدأ اليمين الزوج فأن فعل لزمه ما أدعت امرأة، فإذا تحالفا نظرا إلى مهر المثل فأن كان أكثر قيمة من الجارية فلها مهر مثلها لا تجاوز به قيمة الجارية، وأن كان مهر مثلها أقل من قيمة العبد كان لها مهر مثلها إلا أن تشاء أن تصدق الزوج وتأخذ العبد، وأن كان مهر مثلها مثل قيمة الجارية أو أقل وهو أكثر من قيمة العبد فلها مهر مثلها. 6037 - وأن طلقها قبل الدخول فلها المتعة إلا أن تشاء أن تأخذ نصف العبد. 6038 - قال محمد وهذا قياس قول أبي حنيفة وهو قول محمد، وكذلك كل عوضين أختلفا فيه. فصل البينة بينة المرأة 6039 - وأن أقاما جميعا البينة فالبينة بينة المرأة لأنها تثبت ما أدعت على الزوج وما شهدت به بينة الزوج فقد أبرأته منه فلا يكون حقا لها. فصل اختلافهما في كمية المهر إن كان طعامه بعينه 6040 - وأن اختلفا في طعام بعينه فقالت تزوجتني على أنه كران، وقال بل على أنه كر واحد فهو مثل الخلاف في الألف والألفين، وكذلك كل ما يكال أو يوزن مثل ذلك لأن القدر معقود عليه. فصل ما في تبعيضه ضرر من المهر 6041 - وكل شيء في تبعيضه ضرر مثل الأواني التي توزن من الذهب والفضة والنحاس والثياب إذا اختلفا في ذرعها فالقول قول الزوج،

ولا يمين على المرأة لأن ما في تبعيضه ضرر يصير صفة في العين والذرع صفة في الثوب وقد مضي نظائر ذلك في كتاب البيوع وبيناه هناك فصل هلاك ما فيه قول الزوج 6042 - وكل ما كان القول فيه قول الزوج فهلك ثم اختلفا في قمته فالقول قول الزوج لان القيمة ليست هي المعقود عليه، والاختلاف فيه يوجب التحالف، فيجب أن يكون القول قول الزوج. فصل المهر دين أو عرض 6043 - وأن كان المهر ديناً من غير الدراهم والدنانير من المكيل والموزون أو عرضا يصح العقد عليه في النكاح واختلفا في جنسه أو صفته أو ذرعه، نظر إلى مهر المثل، فأن كان مثل ما قال أو أقل فلها ما قال الزوج. وأن كان أكثر مما قال الزوج أو أقل مما قالت المرأة فلها مهر مثلها. 6044 - قال محمد: وهذا قياس قول أبي حنيفة وسواء ادعت المرأة ديناً أو عينا إذا أقر الزوج بدين غير الدراهم والدنانير. 6045 - وقال محمد: وأن طلقها في هذا كله قبل أن يدخل بها فلها في ذلك كله في قياس قول أبي حنيفة نصف ما قال الزوج ولا يشبه ما كان دينا فاقر به الزوج ما كان قائماً بعينه، لأن ما كان قائما بعينه عرض من العروض لا يدخل في ملكها. فصل العفو عن المهر 6046 - وليس لأبي البكر أن يعفو عن المهر

فصل من بيده عقدة النكاح 6047 - والذي بيده عقدة النكاح أنا هو الزوج وهو تأويل الىية عندنا. 6048 - وهو قول علي رضي الله عنه. 6049 - وقول الشافعي الجديد. 6050 - وقال مالك هو الولي، وله أن يعفو عن نصف المهر. فصل لأبي البكر قبض مهرها 6051 - ولأبي البكر أن يقبض مهرها مع سكوتها من غير نطق إذا كانت بالغة استحساناً. 6052 - وقال زفر لا يقبض إلا بإذنها له في ذلك. 6053 - وهو قول الشافعي. 6054 - لأن عقدة النكاح تجوز مع سكوتها مثل الصغيرة وكذلك الأجداد. 6055 - فأما غيرهم من الأولياء كالعم والأخ فليس لهم قبض المهر لأنهم يتصرفون في المال. 6056 - والأب إذا طلب المهر وادعى أن ابنته صغيرة فقال الزوج له، اقبض وسلم الجارية فأنه يؤمر بقبض المهر وتسليم الجارية، فإن قال

يطلبها حيث هي لم يدفع إليه المهر لأنه بدل عن بضعها فلابد من تسليم العوض. فصل 6057 - وأن قال أنا سالم أمر الزوج بتسليم المهر وأخذ من الأب كفيل بتسليم الابنة إليه بعد ذلك، لأن المهر يجب تقديمه على البضع باتفاق العلماء. فصل تسلم الزوجة حيث وقع العقد 6058 - وأن قال هي بالبصرة وهناك وقع العقد فأنه لا يكلف الأب حملها ولكن يقال للزوج أطلبها أنت هناك، ويأخذ من الأب كفيلا بالمهر حتى يسلم بالبصرة. فصل توكيل من يحمل الزوجة إلى زوجها 6059 - وأن قال الزوج أنا أوكل من يحملها من ذوي رحمها فله ذلك، وأن كان أجنبياً فليس له ذلك، لأنه لا يجوز السفر مع غير ذي زوج ولا ذي رحم. فصل الوكيل بقبض المهر 6060 - ولو كان وكيلاً من جهتها بقبض المهر فهو كالأب يستوثق منه بالكفيل في قبض المهر. فصل لا يقبل مهر الغائبة 6061 - واتفق الجميع على أنه إذا لم تكن في منزله وهي غائبة

لا يقدر على تسليمها أنه ليس له قبض المهر، وإنما يقبض إذا كانت في منزله وتحت نظره. 6062 - فأن كانت غائبة أو خارجة عن منزله لم يدفع المهر حتى تحضر وتسلم نفسها، وهذا قول أبي يوسف الذي صار إليه لا يدفع المهر حتى تحضر. 6063 - وقال غيره، عليه أن يدفع بشرط التسليم على ما تقدم. فصل إثبات المهر عند الحاكم 6064 - واتفق الجميع على أن للوكيل والأب أن يثبتا المهر عند الحاكم ويسجلانه وأن لم يجز لهما قبضه حتى تحضر. فصل مهر الثيب 6065 - واتفق الجميع على أن الثيب لا يقبض مهرها إلا بإذنها دون السكوت، وأبوها في المهر كسائر الأجانب. فصل لابد في ادعاء الزوج الدخول من بينة 6066 - وإذا اختلف الأب والزوج فقال الأب بنتي بكر وهي في منزلي، وقال الزوج قد دخلت بها، لتسقط المطالبة بقبض المهر فالقول قول الأب، لأن الأصل عدم الدخول فلا يقبل من الزوج دعواه بغير بينة. 6067 - وأن طلب الزوج يمين الأب فلا يمين عليه، لأنه لو أقر لم يقبل منه عليها. 6068 - وأن اقر الأب بذلك لم يكن له أن يطلب المهر منه ويكون

الطلب إليها. 6069 - وأن طلب الزوج سؤالها عما ادعاء فأن كانت حفرة (مخدرة) أرسل إليها من يسألها من أمنائه، ورجلين يعرفونها مع الأب، فأن أقرت بما ادعاه الزوج أمرها أن تحضر في منزل الزوج، وأن أنكرت فالقول قولها، وكذلك أن حضرت. 6070 - وهذا قول أبي يوسف ومحمد والشافعي. 6071 - وعند أبي حنيفة ليس عليها الحضور وأن أقرت حتى تقبض المهر لأن لها حق حبسها بعد الدخول بها حتى تأخذ المهر. فصل تحليفها على عدم الدخول 6072 - وله أن يستحلفها أنه ما دخ بها، لأنها لو أقرت لزمها عند أبي يوسف ومحمد. فصل ادعى رضاها في الدخول 6073 - وأن ادعى الرضا في الدخول بها وأنكرت ذلك، فالقول قولها لأنها لم ترض بذلك لأنه يدعي سقوط حقها من الحبس، وهي تنكر ذلك. فصل بالخلوة يجب المهر فقط 6074 - وليس له أن يبجرها بعد الخلوة بها أن تسلم نفسها، لأن الخلوة ليست بدخول ولا جماع، وإنما وجب المهر للسنة والأثر في ذلك،

وهذا لا خلاف فيه بين الجميع. فصل حبس الزوج بالمهر 6075 - ولها أن تحبس الزوج بالمهر وقد مضي الخلاف فيما تقدم من الكتاب فيما يحبس به من الدين وما لا يحبس به وكيفية ذلك من أول الكتاب. فصل المطالبة بالنفقة في مدة الحبس 6067 - ولها المطالبة في مدة الحبس والمطالبة إلى أن تستوفى المهر، ويفرض ذلك لها القاضي، لأنه حق وجب لها بالنكاح كسائر الحقوق. فصل لا تحبس الزوجة مع الزوج 6077 - وأن طلب الزوج حبسها معه، وقال أن لي في الحبس موضعاً خاليا فأريد أن تكون معي لم تحبس لأن حبسها في الحبس لا يستحقه عليها، ولكن تكون في منزله لا تخرج ولا تدخل ويكون هو في الحبس. 6078 - وقد كان ينبغي على قول من قال أنها ليس لها أن تمتنع بعد الوطء عليه أن الزوج إذا طلبها في الحبس ليطأها أنه يجب عليها ذلك أن كان خالياً، لأنهم قالوا: وله في الحبس أن يطأ الزوجة والأمة، أن كان خالياً، ولا يطأ إذا كان معه غيره. 6079 - وقالوا لا يخرجه من الحبس ليطأ لأن في خروجه فكأكأ للجبس عنه، وهذا لا يجوز، وقد مضى ذكر ذلك في باب الحبس من

هذا الكتاب. فصل مطالبة الأب بمهر الصغيرة وبنفقتها 6080 - وأن كانت الزوجة صغيرة وطلب الأب مهرها فله ذلك ويجبر الزوج على ذلك أن رضي بتأخير حقه من الوطء. 6081 - ولو أنه طلب النفقة لها فأن كانت تصلح للوطء فرض القاضي لها، وأن لم تصلح لم يفرض لها حتى تصلح لذلك لأن ذلك في مقابلة التمكين من الوطء، والمهر يجب في مقابلة الإباحة للبضع. فصل خلاف الأب والزوج حول صلاحها للرجال 6082 - ولو قال الزوج أنها تصلح للرجال وقال الأب لا تصلح أو سلمت إليه فقال ق دخلت بها وهي تصلح، وقال الأب قد دخل بها وعقرها وهي لا تصلح فأن القاضي يريها النساء الثقات، فأن قلن أنها تصلح أمره بدفعها إذا دفع المهر، وأن قلن لا تصلح لم يأمر بتسليمها في جميع ما ذكرنا. فصل قبض الأب مهر الكبيرة والإنفاق عليها من مال زوجها الصغير 6083 - وللأب أن يقبض مهر ابنته الكبيرة البكر إذا كان زوجها صغيراً وكان أبوه قد زوجه. 6084 - وينفق على الكبيرة من مال الغلام لأنها تصلح للوطء والعجز من قبل الزوج. فصل نفقة البالغة الصغيرة بصلاحها للوطء 6085 - وإن كانت صغيرة تحت بالغ فلا نفقة لها ولا يفرض حتى

تصلح للوطء عندنا. 6068 - وللشافعي قولان أحدهما التسوية بين الجميع في إسقاط النفقة والثاني التسوية في الوجوب. فصل مهر الثيب الصغيرة 6087 - والثيب الصغير كالبكر الصغيرة والكبيرة في حق الأب في قبض المهر ولا خلاف في هذا الفصل. فصل اختلاف الأب والزوج في موت الزوجة 6088 - ولو قال الأب للزوج قد ماتت ابنتي وأن الوارث، وأنت أيها الزوج فسلم إلي حقي بهذا القول، فأن الزوج لا يسلم المهر إليه لأنه قد أقر أنه لا ولاية له في القبض لابنته، وإنما يقبل قوله مع قيام الولاية. 6089 - ولو كان الأب قال أنها ميتة. وقال الزوج قد ماتت فللأب أن يقبض المهر ويستوثق منه بالكفيل، فأن سلمها إليه وإلا رجع عليه الزوج بنصف المهر بالميراث، وكذلك أن صدقة فيما قال فهو مثل ذلك.

كتاب القسمة بين النساء في العشرة

كتاب القسمة بين النساء في العشرة 6090 - والقسم بين النساء الحرائر واجب سواء مسلمات كن أو كتابيات ومسلمات. 6091 - فأن كن اماء وحدهن فكذلك. 6092 - وأن كن أماء وحرائر قسم للحرة يومين وللأمة يوما لتفاضل الحرة والأمة وكون عدتها أزيد من الأمة فالقسم مثله. 6093 - وقد روى عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لا تنكح الأمة على الحرة وتنكح الحرة على الأمة. 6094 - وللحرة الثلثان من القسمة. 6095 - ولا يقسم في حال السفر وأن سافر ببعضهن فلا قسم عليه امن بقى. 6096 - وقال الشافعي أن كان بقرعة لم يقض، وأن كان بغير قرعة قضى للباقي، لأنه لا يلزمه أن يسافر بشيء منهن. 6097 - والمريض في القسمة بمنزلة الصحيح إذا كان مقيماً في التسوية في الإقامة عندهن. 6098 - والبكر والثيب في ذلك سواء، وأن كن كلهن ابكاراً أو ثيبات فكذلك، ولا فرق بين أن يتزوجهن معاً أو واحدة بعد الأخرى. 6099 - والابتداء والبقاء في ذلك سواء. 6100 - وقال الشافعي تفضل البكر سبعة أيام، والثيب بالخيار إن

شاءت أقام عندها سبعا وقضى وأنه شاءت خصها بثلاث. 6101 - والتفضيل ميل وترك للتسوية، ولو وجب ذلك لكان حالة البقاء مثله كالحرة والأمة. فصل تنازل إحدى الزوجات عن قسمتها 6102 - وأن اصطلحن على شيء رضين به فيما ينهن فهو جائز، وأن رضيت أحداهن بأن لا قسم لها فهو جائز، وقد فعلت ذلك سودة وجعلت يومها لعائشة- رضي الله عنها- فردها النبي (ص) ورد عليها يومها. 6103 - وأن تركت يومها فلها أن ترجع في ذلك لأنها أسقطت حقا لم يجب بعد. 6104 - وأن طلب الزوجة القسم وهي وحدها فقد قال الطحاوي في المختصر يكون عندها يوما من أربعة أيام وليلة من أربع، وأن كانت أمة فتكون لها يوم من سبعة أيام. 6105 - وقال غيره إذا لم يكن لها ضرة لم تستحق القسم فصل الشقاق والحكمان 6106 - والشقاق إذا وقع بين الزوجين بعث القاضي حكمين ينظران

بينهما. 6107 - وليس للحكمين أن يطلقا إلا أن يجعل إليهما الزوج ذلك. 6108 - وبه قال الشافعي في الجديد، وقال في القول الآخر، إذا رأيا الفرقة وبعوض أو بغير عوض فلهما ذلك، وأن رأى الذي من جهة الزوج الفرقة جاز ولا يحتاج في الطلاق إلى رأي الذي من جهة المرأة. 6109 - ولو جاز لهما الفرقة لكن القاضي أولى بذلك. 6110 - ورضي الزوج شرط في إسقاط حقه من البضع. فصل نثار العرس 6111 - وقال أصحابنا، لا بأس بنثار العرس ولا بأس بأخذه. 6112 - وقال الشافعي أحب إلى تركه. 6113 - وقد اتفق الجميع على الإباحة [إذ] يجوز أن يثبت لغير معين في الهدي إذا عطب دون محله، وقد يجوز أن يختلف حكم البيع في التفاضل فيجوز في موضع ولا يجوز في آخر. 6114 - وقد ذكرنا حكم الإنسان إذا دعي إلى طعام غيره، والقاضي إذا دعي فيما تقدم من الكتاب، وبينا ما يحل من ذلك وما يحرم وما يستحب، وذكرنا الخلاف هناك فيه.

كتاب الرضاع

كتاب الرضاع وهذا كتاب الرضاع 6115 - وقد كان الواجب أن نذكر ذلك في الباب الذي يحرم نكاحه وما لا يذكر، غير أن الناس أفردوه عن النكاح فأتبعنا من تقدم في ذلك. فصل الآثار المروية في التحريم بالرضاع 6116 - والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}. وقوله عليه السلام: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". وقد بينا في ذلك تفسير الآية. فصل اللبن لمن 6117 - وعند أصحابنا أن اللبن لمن يكون للمرأة والرجل جميعاً. 6118 - وهو قول الشافعي، وعامة الفقهاء أن زوج المرضعة إذا كان اللبن لوده أن المرضع (كذا) لأن الأصل أن اللبن يتولد بالوطء وهو من الرجل، ومن الفقهاء من قال لا يحرم على أولاد الزوج، وأن اللبن للمرأة

خاصة دون الرجل، والأول جاءت السنة في ابن أبي القعيس حين قال النبي (ص) لعائشة -رضي الله عنها- ليلج عليك عمك. فصل حرمة الرضيع على أولاد من أرضعته جميعاً. 6119 - والمرأة إذا أرضعت صبياً بلبن ولدها فذلك الصبي المرضع على أولادها حرام من كان منهم ومن يكون ابداً وأخوه حلال لأولادها وكذلك أخته. فصل مدة الرضاع 6120 - واختلف في مدة الرضاع فقال أصحابنا لا يحرم رضاع الكبير، وقد كان في الشرع ثابتاً ونسخ، ومن الناس من قال يحرم، والتحريم يحصل بحصول اللبن في الجوف في أي حال كان. 6121 - واختلف القائلون بأنه يختص بمدة فمنهم من قال يحرم قبل البلوغ، ولا يحرم بعده. 6122 - وقال زفر يحرم في ثلاث سنين ولا يحرم بعدها. 6123 - وقال أبو يوسف والشافعي يحرم في الحولين ولا يحرم بعدها.

6124 - والآية عامة، والخبر الثابت مطلق، والذي روى عنه - علية السلام- أن قال لا رضاع بعد فصال. 6125 - وقال الله تعالى {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} لا يدل على أن ما زاد بخلاف ذلك إلا من حيث دليل الخطاب، ولكل وجه فيما قال. فصل 6126 - واختلف في العدد المحرم، فقال أسحابنا قليل الرضاع وكثيرة سواء في التحريم. 6127 - وقال الشافعي لا يحرم إلا خمس رضعات فما زاد، ولا يحرم بدون ذلك. 6128 - وعن ابن الزبير أنه لا تحرم المصة ولا المصتان ويحرم الثلاث. 6129 - واتفق على أن كل محرم يسيره وكثيرة سواء كالخمر والخنزير والميتة والدم والبول والنجاسات وأكل مال الغير. فصل لبن الميتة 6130 - ولا فرق بين لبن الحية والميتة في التحريم عندنا. 6131 - وقال الشافعي لبن الميتة لا يحرم. 6132 - وقالوا جميعاً لو حلب في إناء وترك حتى ماتت المرأة وسقي.

الصبي فإنه يحرم لأن اللبن لا يموت ولا يحله الموت، وغاية ما فيه أنه يتجنس بالموت ولو نجس في حال الحياة لكان محرماً كالطاهر سواء. فصل التسعيط بلبن امرأة 6133 - ومن سعط بلبن امرأة فهو رضاع لأنه وصل إلى جوف المرضع. فصل الحقن بلبن امرأة 6134 - وأن حقن بع صبي فليس برضاع لأنه لا ينبت اللحمن ولا يقوم مقام الغذاء في العادة. فصل خلط اللبن وطبخه 6135 - واللبن إذا خلط بطعام فكان الطعام هو الغالب فليس برضاع، وكذلك أن طبخ بالنار. 6136 - وهذا قولهم جميعاء. 6137 - وكذلك إذا خلط بالماء وكان الماء غالباً 6138 - وقال الشافعي يحرم إذا كان فيه قدر خمس رضعات. 6139 - وقال في النجاسة في القلتين لا يحرم وأن كان قدراً يحرم منفرداً. 6140 - وأن كان اللبن هو الغالب لا يحرم عند أبي حنيفة. 6141 - وحرم عندهما وهو قول الشافعي حكي الخلاف عنها أبو موسى في المختصر وأبو الليث في خلافه.

فصل خلطه بلبن امرأة أخرى 6142 - وأن خلط بلبن امرأة أخرى فسقي منه صبي، فأنه يكون ولدهما جميعاً، ولا فرق بين يسير ذلك وكثرة عند زفر ومحمد بن الحسن. 6143 - والنجس لا يغلب النجس. 6144 - وعند أبي حنيفة وأبي يوسف يكون اللبن للغالب أيهما كان، ولم يذكر أصحابناً إذا تساويا وينبغي أن يثبت التحريم بينهما. فصل تزوجت وهي مرضعة 6145 - ومن تزوجت وهي مرضعة من زوجها الأول وحملت من الثاني، فاللبن للأول حتى تضع عند أبي حنيفة. 6146 - وقال أبو يوسف أن عرف أن اللبن الثاني من الزوج الثاني فهو منه. 6147 - وقال محمد استحسن، أن يكون اللبن في حال الحمل منها جميعاً، فإذا وضعت فاللبن للثاني في قولهم جميعاً. فصل لبن الثيب والبكر 6148 - ولبن الثيب والبكر سواء في التحريم لأنه لبن امرأة فصل لبن الرجل 6149 - ولو نزل لرجل لبن فأرضع به صبي لم يحرم بذلك

فصل لبن غير الإنسان 6150 - وأن أرتضع صغيران من لبن شاه أو بقرة لم يكن ذلك رضاعاً ولا يثبت بينهما أخوة. فصل زوجته الكبيرة أرضعت الصغرى 6151 - وإذا تزوج الرجل صغيرة وكبيرة لها لبن فأرضعت الكبيرة الصغيرة انفسخ نكاحها جميعاً. 6152 - فأن كان دخل بالكبيرة حرمتا عليه جميعاً على التأييد. 6153 - وأن لم يكن دخل بالكبيرة جاز له أن يتزوج الصغيرة لأنه لم يدخل بأمها. 6154 ح ويجب نصف مهر الصغيرة على الكبيرة أن كانت قصدت التحريم، وأن لم تقصد ذلك فلا شيء عليها. 6155 - وقال الشافعي تغرم في الحالين. 6156 - ولا مهر للكبيرة أن كان لم يدخل بها لأنها منعت لنفسها فهي كالمرتدة سواء. 6157 - وأن دخل بها فلها المهر لأنه استحل فرجها، وقد قال النبي - عليه السلام- "ولها المهر بما استحل من فرجها".

فصل قوله لزوجته هذه أختي 6158 - وإذ قال الزوج لزوجته هذه أختي من النسب أو الرضاع وقعت الفرقة بينهما فأن صدقته على ما قال فلا مهر لها، أن كان لم يدخل بها، وأن دخل بها فلها المهر. 6159 - وأن كذبته فلها نصف المهر. 6160 - ولو رجعا وكذبا أنفسهما وقالا غلطنا في ذلك القول فلهما أن يتزوجا. 6161 - وقال الشافعي ليس لهما ذلك وإقرارهما يلزم على الأبد. فصل أرضعت الكبيرة الصغيرتين 6162 - ولو تزوج كبيرة وصغيرتين فأرضعتهما الكبيرة معا بن جميعاً منه، والقول في المهر على ما تقدم. 6163 - ولو أرضعتهما واحدة بعد الأخرى فالبائنة امرأته على حالها لأنها أرضعتها وهي بائنة منه فلا يكون رضاعاً. فصل ادعت أنها أرضعت امرأتيه 6164 - ولو تزوج بأمرأتين فجاءت امرأة إليهما وقالت أني أرضعتكما في الصغر، قال أصحابنا الأولى لهما أن يتفرقاً ولا يجبرهما على الفرقة، وقد قيل للنبي ألا تتزوج بنت حمزة فأنها من أجمل امرأة في قريش فقال

هي أختي من الرضاعة أرضعتني وأياها ثويبة [أمه أمي لهب]. 6165: وقد روى أن امرأة سوداء جاءت إلى رجل وامرأته لتسليهما فرداً عليها فقالت أني قد أرضعتكما، فسئل النبي عليه السلام عن ذلك فقال: كيف وقد قيل. فصل الشهادة على الرضاع 6166/ وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا نقبل على الرضاع إلا شهادة شاهدين. 6167/ وقال أصحابنا، ونقبل شهادة رجل وامرأتين لأن بها تثبت الحقوق والأموال. 6168/ وقال الشافعي، تقبل على الرضاع شهادة أربع نسوة ولا رجل معهن. 6169/ وعندنا لابد من رجل في الرضاع ولا تقبل شهادة النساء [منفردات].

6170/ وهو لا يقبل في الطلاق شهادة رجل وامرأتين ولا يفرق بين الزوجين، ويفرق بينهما إذا شهد النساء بالرضاع. 6171/ ومسائل الرضاع كثيرة، وقد عمل الخصاف فيه كتباباً منفردا فروي عجيبة. 6172/ وإذ قد ذكرنا حكم النكاح والرضاع وكان البضع يملك من الحرة بالعوض فهل لمن ملكه أن يأخذ عنه عوضاً أم لا؟ وهذا يقتضي أن نذكر الخلع وما يجب به العوض للزوج.

كتاب الخلع

كتاب الخلع وهذا كتاب الخلع 6173/ أعلم أن الخلع أمر ورد القرآن به، وحكم فيه النبي

والأمة بعده، وهو يدور في الدنيا ولا يكاد يخلو الزمان من وجوده، وله أحكام وشعب وخلاف ووفاق. وقد قال الله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} فصل 6174/ ويجوز عندنا بما دفعه إليها وباقل منه وبما زاد، ولا يكره له الفضل إذا كان النشور من قبله، وأن كان من قبله وتعنته كره له الفضل، وفي الناس من قال لا يجوز بالزيادة على المهر.

فصل 6176/ وهو عندنا طلاق بتائن إلا أن ينوي ثلاثاً فيكون كما نوى، سائر المواضع. فصل الخلع طلاق بائن 6167/ وهو عندنا طلاق بائن ألا أن ينوي ثلاثا فيكون كما نوى، ألا أن ينوي أثنتين فيكون واحدة عند أصحابنا خلاف زفر، بناء على الكنايات إذا نوى بها ذلك. 6177/ وهو طلاق في جميع الأحوال وينقص به العدد. 6178/ وقال الشافعي في أحد قوليه هو صريح في الفسخ، والثاني كناية في الطلاق فأن نوى به الطلاق كان طلاقا، وأن لم تكون له نية فهو فسخ. 6179/ ولو كان فسخاً لما صح بين غير الزوج والزوجة، ولا ببدل هو أقل من المهر ولا أكثر، ولا بغير جنس المهر ولكان كالإقالة في المبيع يملكها ولي الصغير والصغيرة، ولكان لا يجوز بعد الدخول. 6180/ والفرقة الواقعة من جهة المرأة التي لم يجعلها الزوج إليها فهي فسخ، وكل فرقة جاءت من قبل الزوج وقطعت النكاح على وجه

لا يتأبد فهي طلاق عند أبي حنيفة إلا الردة وخيار الغلام إذا بلغ. 6181/ وقال أبو يوسف إلا ذلك وأباء الزوج الإسلام. 6182/ وقال محمد كل ذلك طلاق الأخيار الغلام إذا بلغ. 6183/ واتفق الجميع على أن سائر الفرق غير الطلاق لا يجوز أخذ العوض عنها بحال، وأنها إذا نوى بها الطلاق فليس بطلاق. فصل طلقني طلقة بألف 6184/ ولو قالت المرأة لزوجها، طلقني طلقة بألف، فطلقها ثلاثاً وقعت الثلاث ولا شيء عليها عند أبي حنيفة. 6185/ وقالا عليها الألف. 6186/: وهو قول الشافعي. 6187/ لأنه أجابها إلى غير ما سألت، وبالزيادة التي أضافتها تغير حكم المزيد عليه وتغير الشرط. فصل طلقني طلقة ولك ألف 6188، ولو قالت طلقني طلقة ولك ألف أو أخلعني ولك ألف، ففعل وقع الطلاق ولا شيء علها عند أبي حنيفة. 6189/ وقال أبو يوسف ومحمد يجب العوض، وهو قول الشافعي. 6190/ وكذلك الخلاف لو قال العبد ذلك، لأن قولها ولك ألف خير عما له من مال لا خبر عنا عليها ن العوض، وهو مثل قولها ولك دار أو عبد أو أزيد لا ألف درهم، وقد كان القياس أن لا يكون ذلك عوضاً في الإجارة.

فصل طلقني ثلاثاً على ألف 6191/ ولو قالت طلقني ثلاثا على ألف فطلقها واحدة وقعت ولا عوض عليها. 6192/ وقال أبو يوسف ومحمد الشافعي يستحق ثلث الألف لأن "علي" فيها معنى الشرط. 6193/ ولا يلزم العوض مع الشك لأن الجواب يجب أن يطابق السؤال في الجملة. فصل طلقي نفسك واحدة بألف 6194/ ولو قال لها طلقي نفسك واحدة بألف فطلقت نفسها ثلاثا لم يقع عليها شيء عند أبي حنيفة. 6195/ وقال أبو يوسف ومحمد الشافعي يقع واحدة بالألف. 6196/ لأن الطلاق اختلف لفظا ومعنى فلم يفعل المأمور به. فصل خلعها على أن له الرجعة 6197/ ولو خلعها على مال على أن له الرجعة صح الخلع، وبطل شرط الرجعة. 6198/ وقال الشافعي يسقط العوض وتثبت الرجعة.

6199/ لأن الخلع يقتضي البينونة وهي موجب الخلع فلا يصح نفيها كما لو شرط أن لا يقع الطلاق، وهو فسخ عنده، والفسخ لا تثبت فيه الرجعة أيضاً لأنه يرفع النكاح فلا ترجع بغير عقد، وكان الواجب إذا لم يصح الشرط أن لا يقع الطلاق. 6200/ وقال المزني يبطل الشرطان جميعاً ويقع الطلاق بائناً ويجب مهر المثل، والشرط إذا بطل بطل ما علق عليه، ومهر المثل غير مشروط، ولا استحق ما شرطه عليه. فصل الخلع على خمر أو خنزير 6201/ ولو خلعها على خمر وخنزير وميتة أو شيء لا قيمة له وقع الخلع ولم يستحق عليها تسليم ذلك ولا عوضاً سواه. 6202/ وقال الشافعي يقع ويلزمها رد مهر مثلها. 6203/ لأنه لم تغره، وخروج البضع لا قيمة لها. فصل صريح الطلاق في الخلع 6204/ والمختلعة يلحقها صريح الطلاق بغير عوض، ولا يلحقها

بعوض، وكذلك أعتدى واستبرئي رحمك، وأنت واحدة، في رواية وفي أخرى هذه الألفاظ كسائر الكنايات لا يلحقها إلا أن تكون معلقة بشرط وجد في العلة فيقع ذلك. 6205/ وقال الشافعي، كل بائنة لا يلحقها طلاق بحال. 6206/ وبقولنا قال ابن مسعود وإبراهيم والشعبي، وشبهوا ذلك بالمكاتبة أنه يحوز للمولى عنها. فصل البدل المجهول الصفة في الخلع 6207/ والبدل المجهول الصفة والقدر يثبت في الخلع كما يثبت في النكاح، ويجوز أن يثبت ما لا يثبت مهراً بحال، مثل ما تلد الغنم وتحمل الشجر، فأن لم تحمل رجع بما أعطى. 6208/ وفي هذا الباب تفصيل كثير يطول شرحه لمن ذكرناه. 6209/ وقال الشافعي يجب مهر المثل في هذه المواضع إذا ذكر مهرا مجهولا لأن ما يصح الوصية به من الأعيان يجوز ان يثبت بدلا في الخلع بالحاضر من الأعيان,. فصل مخالعة المريضة 6210/ وما تبذله المرأة في الخلع إذا كانت مريضة يعتبر من الثلث. 6211/ وقال الشافعي مقدار مهر المثل رأس المال عليه من الثلث. 6212/ لأنه بذلت عما ليس بمال حصل لها فصار كهبة المال.

فصل خلعها على نفقة عدتها 6213/ وأن خلعها على نفقة عدتها صح الخلع وسقطت النفقة وقال الشافعي لها النفقة إذا كانت حاملاً، ويرجع عليها بمهر المثل. 6214/ لأن النفقة تصح بالكفالة بها فهي كأجرة الدار إذا جعلها عوضا في الخلع. 6215/ وكان بعض أصحابنا يجعل الخلع واقعاً على قدر النفقة وتقع قصاصا بما يجب لها في المستقبل. فصل ما يترتب على الخلع 6216/ والخلع إذا وقع بلفظ الخلع والمبارأة والمفاداة على عوض، وجب العوض وسقط كل حق يتعلق بالنكاح لكل واحد على صاحبه من صداق ونفقة. 6127/ وأما سائر الديون من غير النكاح ففيها روايتان؟. 6218/ وقال محمد لا يسقط من الحقوق إلا ما سمياه. 6219/ وهو قول الشافعي. 6220/ وقال أبو يوسف، في الخلع بقول محمد وفي المبارأة يقول أبي حنيفة. فصل اختلفا في بدل الخلع 6221/ وإذا اختلفا في بدل الخلع فالقول قول المرأة إن كانت هي

الباذلة، وإن كان غيرها فالقول قوله ولا يتحالفان 6222/ وقال الشافعي يتحالفان ويجب مهر المثل 6223/ لأن البدل [هو] المستحق عليها فكان القول قولها كالغاضب. فصل 6224/ وإن نكلت عن اليمين لزمها ما قال الزوج. 6225/ وأن أقاما جميعاً بينة فبينة الزوج أولى لأنها تثبت الذل عليها. فصل خلع على رضاع 6226/ وأن خلعها على رضاع أنه منها فمات قبل المدة وجب عليها قيمة رضاع المدة الباقية. 6227/ وقال الشافعي يرجع عليها بهر المثل. فصل الخلع حكمه أو حكمها أو حكم أجنبي 6228/ وأن وقع الخلع على حكمه أو حكمها أو حكم أجنبي، فحكم من له الحكم بشيء ورضى الزوجان به، فهو جائز ما كان، وأن لم يرضيا به أو رضي به أحدهما جاز من ذلك قدر المهر، ولا تجوز الزيادة إذا كان الحكم من الزوج وأبت المرأة، وأن كان الحكم من المرأة جاز مهر المثل وأكثر وأن نقصته من المهر لم يجز على الزوج ويؤدي من يرضى منهما إلى

قدر مهر المثل وكذلك إذا حكم الأجنبي، فأن نقص اعتبر رضا الزوج، وأن زاد أعتبر رضا المرأة، وأن كان المرأة، وأن كان قدر الواجب لزمها فكذلك الطلاق على مال في هذا كله سواء. 6229/ وفي الخلع مسائل كثيرة. ولما كان الخلع يجب بع العوض وكان ما يجوز للإنسان أن يأخذ عليه العوض يجوز أن يوقعه بغير عوض وكان الطلاق أمراً عمت به البلوى وجب ذكره

كتاب الطلاق

كتاب الطلاق وهذا كتاب الطلاق 6230/ اعلم أن الطلاق أمر استفادة الزوج بعقد النكاح، قاطع لحقه من البضع، إذا مضت العدة أو أستوفى عدد الطلاق، أو أخذ عليه عوضا، أو أوقعه بلفظ البينونة عندنا. عموم البلوى بالطلاق 6231/ ولما كانت البلوى به عامة، والحلف به كثيرا، وهو أكثر ما يسأل عنه العلماء، ويحكم فيه الحكام، ويقع فيه الخلاف والاعتراض، وجب أن نذكر من ذلك ما هو مختلف فيه، وما يجوز أن يقع من حالف، فيعلم حكمه فقد جهل كثير من القضاة مواضع ظاهرة منه، لا سيما إذا كان القاضي غير عارف بالفقه، وليس عنده فقيه يرجع إليه، فلهذا أستوفيت في هذا الكتاب أكثر ما يدور فيه وقربته إلى الفهم بما يمكن، وأسأل الله التوفيق. فصل 6232/ أجمع الفقهاء على أن الطلاق لا يقع إلا في ملك أو مضاف إلى ملك إذا كان الحالف عاقلا مكلفاً.

فصل طلاق الصبي الذي يعقل 6233/ واختلفوا في طلاق الصبي الذي يعقل فلم يوقعه أصحابنا والشافعي وعامة الفقهاء إذا أوقعه على زوجته التي زوجة الولي لأنه غير مكلف، ولقوله عليه السلام، "كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه والصبي". 6234/ وحكي عن إبراهيم أنه يقع طلاقه وهو مذهب الحنابلة على ما سمعته في المناظرة عنهم. فصل إضافة وقوع الطلاق إلى ملك 6135/ واختلف فيمن عقد الطلاق في غير ملك وأضاف وقوعه إلى الملك

6236/ فقال أصحابنا يقع الطلاق إذا أوجد شرطه، ولا فرق عندهم بين أن يعين امرأة أو قبيلة أو يطلق القول ويعم به كل النساء. 6237/ وقال مالك أن عم لم يصح ولم يقع الطلاق، وأن خص امرأة بعينها أو قبيلة جاز ذلك ووقع الطلاق. 6238/ وقال الشافعي لا يقع الطلاق سواء عم أو خص إذا كان المحلوف على طلاقها ليست في ملكه عند العقد. 6239/ وهذا مثل قوله كل امرأة أتزوج فهي طالق أو أن تزوجت فلانه فهي طالق. فصل إضافة الطلاق إلى غير الملك 6240/ واتفق الجميع على أنه لو عقد الطلاق في الملك وإضافة إلى غير الملك أن العقد باطل اعتبارا بما أضيف إليه دون حالة العقد. فصل تحقيق الشرط في النكاح الثاني 6241/ ولو عقد الطلاق في الملك وأطلق العقد ثم أبان الزوجة ثم تزوجها ثم وجد الشرط في النكاح الثاني وقع الطلاق المعقود عليه. تحقيق شرط اليمين في تزوجها وقع الطلاق منه للمرة الثانية 6242/ ولو طلقها ثلاثا ثم تزوجت بزوج وطلقها قم عادت إلى الأول ووجد شرط اليمين لم يقع الطلق لأن هذا نكاح غير الأول. 6243/ وقال الشافعي في عدد الصفة قولين أحدهما يرجع سواء أكان

الطلاق ثلاثا أو أقل والثاني لا يرجع بحال. 6244/ وقال بعض أصحابه مثل قولنا. فصل طلاق الساهي والناسي. 6245/، وقال أصحابنا طلاق الساهي والناسي واقع. 6246/ وقال الشافعي لا يقع في أحد قوليه. 6247/ لأن عد القصد أقل من شرط الخيار فإذا لم يمنع شرط الخيار الوقع فالناسي أولى. فصل طلاق المكره 6248/ وطلاق المكره واقع عندنا وكذلك نكاحه وعتاقه ونذره. 6249، وقال الشافعي باطل.

6250/ وأجمع الجميع على أن سائر العقود لا يلزم مع الإكراه. فصل لا تأثير للإكراه في الأفعال 6251/ وأجمعوا أن الإكراه لا يؤثر في الأفعال وأنه يجوز أن يلزم الفاعل حكمها في موضع دون موضع على اختلاف في ذلك. الإكراه على الأحداث 6252/ أما الإكراه على الأحداث في الطهارة فهو والطائع سواء في البطلان. فصل الإكراه على الكلام في العقود 6253/ وكذلك إذا أكره عل الكلام ف الصلاة والعقود والحدود أنها تبطل. فصل الإكراه على إبطال الصوم 6254/ واختلف في الإكراه على أبطال الصوم فأبطله أصحابنا. 6255/ وقال الشافعي لا يبطل. 6256/ وقالوا في القتل يقتل المكره والمكره أعني الشافعي في أحد قوليه، وهو قول زفر. 6257/ وأبو حنيفة يقتل المكره ولا يقتل المكره.

6258/ وأبو يوسف لا يقتل واحدا منهما. فصل الإكراه على الإقرار بالطلاق 6259/ واتفق الجميع على أنه لو أكره على الإقرار بالطلاق أن حكمه لا يلزمه. فصل إذا طلقتك فأنت طالق قبل ذلك ثلاثا. 6260/ ومن قال لزوجته إذا طلقتك فأنت طالق قبل ذلك ثلاثا، ثم طلقها وقع الطلاق عليها أن كان ثلاثا وقع الطلاق وبطل الطلاق المعلق بالشرط، وأن كان أقل من ذلك وقع تمام الثلاث من المعلق بالشرط. 6261/ وقال ابن سريج لا تطلق هذه المرأة أبداً، وجعل شرط الطلاق مانعا من وقوع ما لم يشرطه.

فصل أنت طالق قبل دخولك الدار. 6262/ ولو قال أنت طالق قبل دخولك الدار وقع الطلاق في الحال لأنها غير داخلة في الداخلة، وهو قبل ذلك. فصل 6263/ قال أنت طالق ثلاثا، في كلمة واحدة فقد فعل محرما عندنا ويقع الطلاق. 6264/ وقال الشافعي أنما يحرم من الطلاق ما كان في الحيض أو عفيب الجماع، والجمع ليس بحرام بل سنة. 6265/ وقال مالك سنة الطلاق أن لا يزيد على واحدة فصل الطلاق في حال الحيض 6266/ ولا يبطل ذلك إذا جمع، ومن الناس ومن قال لا يقع. 6267/ وكذلك الطلاق في حال الحيض هو واقع. 6268/ وقال بعضهم لا يقع. 6269/ وقد روى في خبر أبن عمر أنه قال له النبي صلى الله عليه

وسلم "مرة فليراجعها" ولو كان الطلاق لم يقع لم يكن لهذا معنى. فصل قوله لغير المدخول بها أنت طالق ثلاثا 6270/ ولو قال لغير المدخول بها أنت طالق ثلاثا، وقع عليها الثلاث عندنا. 6271/ وهو قول الشافعي وعامة الفقهاء، وعن الحسن البصري أنها تطلق واحدة لأن قوله أنت طالق ثلاثا يقع الطلاق بقوله، أنت طالق ويصادفها الثلاث وهي بائنة فلا يقع.

6272/ وعندنا أن الكلام إذا لم بفرع فالجملة واحدة، إلا ترى أنه لو قال أن دخلت الدار فأنت طالق أو أنت طالق أن دخلت الدار فإنها لا تطلق وتقف على وجود الشرط. فصل 6273/ ولو قال لها أنت طالق وطالق وقع عليها واحدة، وبطلت الأخرى عند الجمهور من الأئمة. 6274/ وروى عن محمد بن الحسن أنها تطلق طلقتين لأن المعطوف بعضه على بعض في حكم الجملة الواحدة. فصل 6275/ ولو قال أنت طالق واحدة قبل واحدة طلقت واحدة. 6276/ ولو قال قبلها واحدة طلقت أثنتين. 6277/ ولو قال بعد واحدة طلقت أثنتين. 6278/ وأن قال بعدها واحدة فهي واحدة. 6279/ ولو قال مع واحدة أو معها فهي طالقة اثنتين.

6280/ وقد ذكر الطحاوي في خلاف الفقهاء عن أبي يوسف في مع ومعها أنها واحدة لأن المذكور أولا إذا كان الموقع أولا فهو بمعنى كان، وإذا كان بمعنى يكون وقع الأول ولم يقع الثاني، ومع تقتضي المضاف والمقارنة فيقع الجميع. فصل أنت طالق وطالق وطالق إن دخلت الدار 6281/ ولو قال لها، أنت طالق وطالق وطالق أن دخلت الدار وقف الجميع على الشرط ولم يقع منه شيء. 6282/ ولو قدم الشرط فقال أن دخلت الدار فأنت، طالق، وطالق، وطالق، تعلقت بالشرط ووقع عليها في الحال واحدة وبطلت الأخريان عند أبي حنيفة كأنه قال عند الدخول ذلك. 6283/ وقال أبو يوسف ومحمد لا فرق بين أن يقدم الشرط أو يؤخره في أنه يقف ذلك كله على الشرط كما لو كانت مدخولا بها. فصل أنت طالق ثم طالق ثم طالق إن دخلت الدار 6284/ ولو قال والمسئلة بحالها، أنت طالق ثم طالق ثم طالق أن دخلت الدار، أو قال أن دخلت الدار فأنت طالق ثم طالق فإن

أبا حنيفة قال أن ثم لا تصل الكلام كما تصله الواو فتقع واحدة إذا قدم الكلام ويبطل ما زاد عليه وأن قدم الشرط تعلق بواحدة وبانت بالثانية وبطلت الثالثة. 6285/ وقال أبو يوسف ومحمد أن ثم تصل الكلام كما تصله الواو وتفيد العطف. فصل مشيئة الله 6286/ واتفقوا في مشئية الله أنها تؤثر في الكلام سواء قدمها أو أخرها عندنا

6287/ وعند مالك لا تمنع وقوع الطلاق ولا العتق وقد مضت. فصل طالق مع 6288/ ولو قالت لزوجته أنت طالقة مع موتى أو موتك لم يقع الطلاق لأن ذلك مقتضى بعد الموت لأن جواب الشرط مرتب عليه. فصل تعليق الطلاق بشرط يجوز أن يكون أو يجب أن يكون 6289/ وإذا علق الطلاق بشرط يجوز أن يكون أو يجب أن تكون فأن الطلاق لا يقع حتى يوجد الشرط، فالأول كقوله أن قدم زيد والثاني إذا جاء رأس الشهر. 6290/ وقال مالك إذا علق الطلاق بأمر كائن لا محاله كرأس الشهر وقع الطلاق في الحال. 6291/ وقال أبو حنيفة إذا قال أنت طالق إلى شهر وقع في الحالز 6292/ وقال أبو يوسف ومحمد يقع رأس الشهر.

6293/ وقد روي عنه مثل ذلك لأن الطلاق لا يقبل التأجيل بعد ثبوته. فصل إضافة الطلاق إلى عضو 6294/ وإذا أضاف الطلاق إلى عضو لا يعبر عن جميع الشخص في المادة كاليد والرجل- والأصبع لم يقع. 6295/ وأن أضافة إلى الراس والفرج والوجه وما يعبر به عن الجملة وقع. 6296/ وقال زفر والشافعي يقع في الجملة. 6297/ واتفقوا أنه لو أوقع على جزء شائع أنه يقع سواء كان معلوماً أو مجهلولاً. 6298/ وكذلك إذا بعض الطلاق بأن يقول نصف تطليقة [أو ذكر جزءا من أجزائها سوى ذلك كانت طالقا تطليقة كاملة] 6299/ وقد خالف أهل الظاهر في الفصلين جميعاً وقالوا لا يقع فصل إضافة الطلاق إلى نفسه 6300/ وإذا أضاف الطلاق إلى نفسه فقال أنا منك طالق أو طلقت نفسي منك ونوى الطلاق لم يقع عندنا.

6301/ وقال الشافعي يقع. 6302/ واتفق الفريقان على أنه لو قال أنا منك بائن [أو أنا عليك حرام] أنه يقع إذا نوى. فصل طلاق السكران 6303/ وطلاق السكران لازم له. 6304/ وقال الطحاوي والكرخي وأبو موسى الضرير لا يقع. 6305/ وهو أحد قولي الشافعي. 6306/ لأن خبره لا يقبل في أنه لم يطلق ولأنه سكران فصل صريح الطلاق 6307/ وصريح الطلاق قوله، أنت طالق، وليس الفراق والسراح من الصريح بل كناية فيه.

6308/ وقال الشافعي هو صريح مثل الطلاق. فصل كنايات الطلاق. 6309/ وكنايات الطلاق كلها بوائن إلا اعتدى واستبرئي رحمك، وأنت واحدة. 6310/ وقال زفر الكل بوائن. 6311/ وقال الشافعي الكل رجعي، ولا تكون الكناية أكثر من الصريح، والذي يطابق لفظ البينونة. فصل اللفظ الذي لا يحتمل السبب 6312/ وكل لفظ لا يحتمل السبب من الكنايات فأنه إذا قال لزوجته في حال الطلاق فأنه يقع به الطلاق وأن لم ينو ولا يصدق أنه لم ينو الطلاق. 6313/ وقال الشافعي يصدق، ودلالة الحال لا تؤثر في ذلك ولا تقوم النية عنده.

6314/ وأجمع الفريقان أنها تؤثر في أباحه الذم وهو أمر معلوم لكل عاقل. فصل النية في ألفاظ الكناية 6215/ وأن نوى بلفظ الكناية الذي هو: بائن وحرام، وجيلك على غاربك وألحقي بأهلك وسرحتك، وفارقتك، وأمرك بيدك وما يجري هذا المجرى، فأن نوى الطلاق فهو طلاق، وأن نوى واحدة فواحدة بائن، وأن نوى ثلاثاً، وأن نوى اثنتين فواحدة عندنا. 6316/ وقال زفر والشافعي يكون ما نوى من الاثنين. 6317/ لأن اللفظ لا يحتمل العدد. فصل أنت طالق مع النية 6318/ قال أصحابنا، أن قال أنت طالق ونوى ثلاثا فهي واحدة. 6319، وروى عن أبي يوسف أنه يكون ثلاثاً.

6320/ وحكي أنه قول أبي حنيفة الأول. 6321/ وهو قول الشافعي. 6322/ لأن اللفظ لم يصلح للعدد، والطلاق لا يقع النية كما لا يقف على شرط النية وهو مثل قائم وقاعد ونائم وحائض وطاهر وهذا كله لا يحتمل العدد، فكذلك طالق وليس من حيث صح أن يفسر بثلاث وبواحدة وينبغي أن يصح من غير ذكر لفظ إذا نوى، كما يصح أن يقول أنت طالق أن دخلت الدار فإن ذلك يصح تعليق الطلاق به، ولو نوى لم يصح. فصل الاختيار 6323/ والخيار طلقة واحدة بائنة. 6324/ وأن نوى أكثر من ذلك فليس بشيء لأن الطلاق يقع به كما يقع بالفسوخ وتشبهاً بها.

6325/ وقال الشافعي تكون كما نوى. فصل اختارت زوجها 6326/ وأن اختارت زوجها فليس بشيء وكذا قالت عائشة رضي الله عنها، خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم [فاختارته] فلم يعد ذلك طلاقاً. 6327/ وقال عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما [ان اختارت] نفسها فهي واحدة، وهو أملك برجعتها وان اختارت زوجها فلا شيء. 6328/ وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن اختارت نفسها فواحدة بائنة وإن اختارت زوجها فواحدة وهو أملك برجعتها. 6329/ وقال زيد بن ثابت: إن اختارت نفسها فثلاث، وإن اختارت زوجها فلا شيء، وقد روي عنه أنه قال إذا اختارت زوجها فواحدة تملك الرجعة. فصل الخيار على المجلس 6330/ والخيار عندنا على المجلس، فإن قامت أو أعرضت بطل خيارها، وهو قول عمر وعلي وعبد الله بن مسعود والشعبي وإبراهيم وسفيان الثوري.

6331/ وقال غيرنا: لها الخيار أبداً. 6332/ واتفق الجميع على أنه لو أوجب له نكاحاً أو بيعاً كان الخيار في المجلس. 6333/ وقال الشافعي فيما حكي عنه من الوجوه أن الخيار على الفور. فصل الطلاق بطريقة الكتابة 6334/ وإذا كتب بطلاق زوجته ونوى الطلاق وقع. 6335/ وقال الشافعي لا يقع في أحد قوليه لأنه ليس بكلام. فصل 6336/ وقال أصحابنا، لا يقع إذا لم ينو وقال في أحد قوليه إنه يقع. 6337/ وليس حكم الكتابة أكبر من الكناية وذلك يفتقر إلى النية. فصل الطلاق بمجرد النية 6338/ ولا يقع الطلاق عندنا بمجرد النية. 6339/ وقال مالك يقع بالنية. 6340/ وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «عفي عن

أمتي ما حدثت به نفوسها ما لم تقل أو تفعل". 6341/ ولا خلاف أن سائر العقود والإقرارات لا تثبت بالنية وحدها، ودون معنى ينضم إليها. فصل قوله كلي وأشربي منتوياً بنية الطلاق 6342/ وأن قال لها كلي وأشربي ونوى الطلاق لم يكن طلاقاً. 6343/ وقال الشافعي يكون طلاقاً. 6344/ لأن ذلك ليس من ألفاظ الطلاق كما لو قال الحمد لله. فصل إن دخلت الدار فأنت طالق 6345/ ولو قال لها، أن دخلت الدار فأنت طالق، مفتوحة، فالطلاق واقع قبل الدخول. 6346/ وأن كانت (أن) مكسورة لم يقع الطلاق حتى تدخل الدار.

فصل إن لم أدخل الدار فأنت طالق 6347/ ولو قال، أن لم أدخل الدار فأنت طالق فأن الطلاق لا يقع إلا في آخر جزء من أجزاء الحياة عند الأياس من ذلك. 6348/ وكذلك (إذا) مثل (أن) عند أبي حنيفة. 6349/ وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي هي بمنزلة (متى) يقع الطلاق. 6350/ وإذا قال إذا لم أطلقك فأنت طالق يقع في الحال. 6351/ وقال أبو حنيفة لا يقع إلا في آخر من الحياة مثل "إن لم أطلقك". فصل هل تعتق بلفظ الطلاق مع النية 6352/ ومن قال لامته (أنت طالق أو حرام) ونوى العتق لم نعتق عند أصحابنا.

6353/ وقال الشافعي تعتق. 6354/ لأن الطلاق لا يزيل الملك عن الرقبة فهو كلفظ الإجارة إذا أستعمله في بيع العين. فصل قوله لزوجته أنت حرة 6355/ واجمع الفريقان أنه لو قال لزوجته أنت حرة ونوى الطلاق أنها تطلق. فصل جعل الطلاق إلى زوجته أو إلى أجنبي 6356/ وإذا جعل الطلاق إلى زوجته بالخيار، والأمر باليد فليس له أن يرجع في ذلك. 6357/ وقال زفر له أن يرجع، وهو قول الشافعي ولو فرضه إلى أجنبي فله الرجوع في قول الفريقين لأنه غي الأول تملك وفي الثاني وكالة. فصل مدة الخيار 6358/ ولها الخيار ما دامت في المجلس وقد مضت. 6359/ إذا اختارت وقع الطلاق وأن لم تنو. 6360/ وقال الشافعي يحتاج إلى نية. فصل قوله أنت على حرام 6361/ وإذا قال لزوجته أنت على حرام ولا ينوى به الطلاق، أو

نوى التحريم فهي يمين، وأن أقربها كفر ولا تلزمه الكفارة بنفس اللفظ عندنا. 6362/ وقال الشافعي تلزمه الكفارة بنفس اللفظ. فصل محرم زوجته مول 6363/ وأن حرم زوجته كان موليا، وأن حرم الأمة أو الطعام والشراب فهو حالف. 6364/ وللشافعي في ذلك قولان. فصل تعاقب جمل الشرط 6365/ وإذا قال لزوجته (أن حلفت بطلاقك فعبدي حر) ثم قال إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق أو إذا قدم الحاج فأنت طالق فقد حلف وحنث وعتق العبد. 6366/ وقال الشافعي لا يعتق العبد. فصل 6367/ وإذا قال لها أنت طالق واحدة في ثلاث وقع الضرب دون المضروب فيه، وأن نوى الضرب والحساب. 6368/ وقال الشافعي يقع موجب الحساب في ذلك. 6369/ وهو قول زفر.

فصل الطلاق في المرض والفرار من حكم الشرع 6370/ وإذا طلق في المرض ثلاثا ثم مات ورثت منه ما دامت في العدة عندنا. 6371/ وقال ابن أبي ليلى ترث وأن انقضت المدة ما لم تتزوج. 6372/ وقال مالك ترث وأن تزوجت أزواجا لأنه فار. 6373/ وقال الشافعي لا ترث بحال لأنها بائنة وذكر أصحابه في المسئلة هذه الأقول كلها. فصل 6374/ وقال أبو حنيفة إذا ورثت اعتدت بأربعة أشهر فلزمها عدة الوفاة. 6375/ وقال أبو يوسف عدتها الحيض دون الشهور. فصل عبد طلق وهو مريض ثم أعتق 6376/ وأن طلق العبد امرأته وهو مريض ثم أعتق في ذلك ثم مات فملا ميراث لها لأنه لم يكن في وقت الطلاق قصد الفرار من الميراث.

فصل تطليق الأمة أو الذمية في مرضه 6377/ وأن طلق الحر في مرضع أمرأته الأمة أو الذمية فأعتقت الأمة، وأسلمت الذمية فأنها لا ترث لأنه لم يفر من الميراث بالطلاق. وقد ورث عثمان بن عفان رضي الله عنه تماضر امرأة عبد الرحمن [بن عوف]. 6378/ وهو قول عمر وعمر وعائشة وعامة الصحابة والتباعين رضي الله عنه. 6379/ وحكي الخلاف عن ابن الزبير رضي الله عنه.

فصل حلف عليها وهو صحيح 6380/ وإذا حلف وهو صحيح فقال أنت طالق أن دخلت الدار، أو صليت ثم وجد الشرط في المرض، فكل ما لها منه بد فأنها لا ترث معه عندنا وكل ما لابد لها منه كالصلاة وبر الوالدين فأنا ترث معه عندنا. فصل 6381/ ولو كان هذا معلقا على فعله ورثت سواء أكان ذلك ماله بد أو لابد منه في قولهم. 6382/ وقال محمد بن الحسن إذا عقد اليمين وهو صحيح فأنها لا ترث. 6383/ وأجمع الجميع على أنه لو حلف وهو مريض وفعلته ثم عادت إلى الأول فأنها ترجع على ثلاث تطليقات وقد انعدم الطلاق عند أبي حنيفة وابن يوسف وهو قول [ابن] عمر وابن مسعود.

6384/ وقال محمد بن الحسن والشافعي تعود على ما بقي من الطلاق الأول. 6385/ وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأبي هريرة وأبي بن كعب. فصل طلق إحدى امرأتيه واشتبه عليه 6386/ وإذا طلق إحدى امرأتيه واشتبهت عليه فالبيان إليه، ولا يحال بينهما. 6387/ وقال الشافعي يحال، ولا فرق بين المعين، وغير المعين، من ذلك. فصل وطئ إحداهما وإحداهما مطلقة 6388/ وإن وطئ إحداهما تعين الطلاق في الأخرى. 6389/ وقال الشافعي لا يتعين بالوطء. فصل 6390/ وإن مات قبل البيان ورثتا ميراث امرأة يكون بينهما ولا

باب اختلاف الزوجين في الطلاق

يوقف ذلك حتى يصطلحا. 6391/ وقال الشافعي يوقف حتى يصطلحنا. فصل 6392/ وأن ماتت إحدى المرأتين تعين الطلاق في الأخرى، وليس له أن يطلق الميتة ويجعلها المطلقة. فصل عدد الطلاق بالنساء 6393/ وعدد الطلاق بالنساء والحرة ثلاث حرا كان زوجها أو عبدا والأمة طلقتان حراً كان زوجها أو عبداً، الطلاق، والعدة بالنساء. 6394/ وقال الشافعي الطلاق بالرجال الحر يطلق ثلاثا والعبد طلقتين. 6395/ وأجمع الجميع أن النكاح يعتبر الرجال الحر له أن يتزوج بأربع، العبد باثنتين وقد مضت في النكاح. باب اختلاف الزوجين في الطلاق فصل 6396/ وإذا ادعت المرأة الطلاق على زوجها فأنكر ما ادعت به، ولا بينة لها، فأن القاضي يحلف الزوج ما طلقها ثلاثا في هذا النكاح الذي تدعي أنك مقيم عليه، وأن شئت ما هي مطلقة منك ثلاثا بما ادعت. 6397/ وقال الحسن يحلف، ما هي بائن منك اليوم بما ادعت في الطلاق، وأن شئت ما هي طالقة منك بما ادعت من الطلاق.

فصل اختلاف الشاهدين في عدد الطلقات 6398/ وأن قامت بينة بأنه طلق فشهد أحد الشاهدين أنه طلق ثلاثاً وشهد آخر أنه طلق واحدة، وهي تدعي الواحدة أو الثلاث فالشهادة باطلة عند أبي حنيفة لأنهما اختلفا لفظا ومعنى. 6399/ وقال أبو يوسف ومحمد الشافعي تطلق واحدة لا نفاقهما على ذلك، وهذا كالألف والألفين، وقد مضت. فصل شهد إحداهما بطلقة بائنة والآخر برجعية 6400/ ولو شهد أحدهما بطلقة بائنة وشهد الآخر برجعية جازت الشهادة على الرجعي في قولهم جميعاً لأنهما اتفقا على اللفظة والبينونة من صفتها تكون. 6401/ ولو شهد أحداهما أنه قال لها، وأنت حرام، وشهد الآخر أنه قال أنت بائن أو حرام أو خلية فالشهادة في قولهم جميعاً باطلة. فصل جهلا المطلقة بعينها 6402/ ولو شهد أنه طلق إحدى امرأتيه بعينها ثم جهلا، ذلك، فالشهادة باطلة عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. 6493/ وقال زفر تجوز الشهادة ويقال له بين كما لو كانت بغير عينها أو أقر.

فصل طلق امرأة بغير عينها 6404/ ولو شهد أنه طلق امرأته بغير عينها وله نساء فالشهادة جائزة في الاستحسان كما لو أقر. فصل إنكارهما شهادة الشهود بالطلاق الثلاث إلخ 6405/ ولو شهد الشهود بالطلاق الثلاث والزوج والمرأة ينكران فالشهادة جائزة ويفرق بينهما، وهذا الاختلاف فيه نعلمه. 6406/ وكذلك الشهادة بعتق الأمة، وهي والمولى ينكران لأنه فرج وأمر بمعروف ونهي عن منكر. 6407/ واختلف في العبد فقال أبو حنيفة إذا كانا ينكران ذلك فالشهادة باطلة. 6408/ وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي العبد والأمة سواء. 6409/ وقد سمعت قاضي القضاة رحمه الله يحكي في العبد مثل قولهما. 6410/ والعبد إذا ادعى العتق وأنكر المولى فأنه يحلف بأنه ما أعتقت في هذا الملك لأنها يجوز أن ترتد فتسي فيطرأ عليها رق جديد وفي الرجل بخلاف ذلك. فصل طلق إحدى امرأتيه 6411/ وإذا طلق إحدى امرأتيه وحضرتا أو إحداهما تدعي أنها المطلقة فأن الحاكم يعدي عليه، ولو كانت واحدة أن تخاصمه فإذا حلف

لها تعين الطلاق في الأخرى، وأن نكل عن اليمين تعين الطلاق، لأن الطلاق يقع بدله عند أبي حنيفه، وقد قال بعض الفقهاء، لا يصح الطلاق في مجهول لأنها غير معروفة، كما لا يصح النكاح والبيع. فصل 6412/ وأن كان الطلاق قبل الدخول ومات ولم يبين فلها مهر ونصف لأنه قد سقط بالطلاق نصف مهر واحدة وبقي النصف فوجب أن تكون لكل واحدة ثلاثة أرباع الصداق الذي تزوجها عليها لأن النصف يسقط عليها جميعاً. فصل 6413/ والميراث بينهما بالسوية على ما مضي، خلاف الشافعي. فصل 6414/ وعلى كل واحدة عدة كاملة أربعة أشهر وعشر لأن أحدهما زوجة والثانية غير زوجة والعدة يحتاط لها. فصل 6415/ ولو بين في حال الحياة فالعدة من يوم البيان في قول أصحابنا وقد اختلف أبو يوسف ومحمد فقال أحدهما يقال له بين الطلاق وقال الآخر يقال له أوقع الطلاق على أيهما شئت. وقد ذكر الكرخي رحمه الله هذه المسائل ونظائرها وأحسن فيما جمع وقرب في المختصر. فصل تزوج المملوك 6416/ وليس للحر ولا للحرة أن يتزوج بمملوك يملكه أوله فيه

شركة. وقال أهل الظاهر يجوز فصل شراء الزوجة 6417/ ومن اشترى زوجته الأمة فسد النكاح بينهما بغير طلاق، وله أن يطأها بملك اليمين ولا عدة عليها. فصل 6418/ ولو أراد أن يزوجها غيره وجب عليها عدة الأمة حيضتان أن كانت من ذوات الحيض وشهر ونصف أن كانت من ذوات الشهور. فصل 6419/ وأن كان طلقها قبل الشراء طلقتين لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره. وقال مالك وغيره تحل له بعد الطلاق لأن هذا سبب أخر في الإباحة كما لو باع امته ثم تزوجها حلت له. فصل اشترت زوجها 6420/ ولو كانت الحرة هي التي اشترت زوجها فسد نكاحها وعليها عدة الحرة. فصل طلاق الأخرس 6421/ واتفق أصحابنا أن الأخرس إذا طلق وله إشارة معلومة أن طلاقه واقع وكذلك سائر العقود. وقال بعض الفقهاء لا يصح طلاقه بالإشارة لأنها ليست بكلام، وهي

أقل من الكناية التي لا تبين، وهو القياس عند بعض أصحابنا والنظر. فصل متى وكلما 6422/ ولو قال لزوجته أنت طالق متى شئت فلها مشيئة واحدة، وأن قال كلما شئت فلها، أن تطلق واحدة بعد واحدة ما دام النكاح موجودا. فصل صور من التعليق 6423/ ولو قال أنت طالق واحد أو عشرين وهي غير مدخول بها وقعت عليها ثلاث وقال زفر واحدة لأنها كلمة واحدة عندنا وعنده كلمتان. فصل 6424/ ولو قال أحد عشر طلقت ثلاثا. فصل ولو قال لزوجتيه إذا ولدتما فأنتما طالقتان، وكذلك إذا قال إذا حضتما فهو مثل ذلك. فصل ولو قال أنت طالق إذا حضت فالقول قولها في ذلك ويقع الطلاق. 6425/ ولو قال أن ولدت فأنت طالق فقالت قد ولدت فمنهم من قال هو مثل الحيض ويقبل قولها ومنهم من قال لا يقبل قولها بغير بينه. فصل الطلاق الموصوف 6426/ ولو قال أنت طالق مثل عظيم الجيل فهي طالق بائنة إلا أن ينوي ثلاثا.

فصل 6427/ ولو قال، أنت طالقة كيف شئت. قال أبو حنيفة قد وقعت واحدة ولها أن تجعل ذلك ثلاثا وبائنا. وقال أبو يوسف لا يقع شيء وهذا مثل قوله، أن شئت أو حيث شئت وهو قول الشافعي. فصل جعل الرجعية بائنة. 6428/ وقال أبو حنيفة، وإذا طلق طلقة رجعية فله ان يجعلها بائنة، وليس له أن يجعلها ثلاثا. وقال محمد لا تكون بائنة ولا ثلاثا. فصل طلاق الحامل والنفساء والحامل تطلق للسنة عند أبي حنيفة وأبي يوسف في كل شهر تطليقة وقال محمد وزفر لا تطلق الحامل إلا واحدة للسنة لأن طهرها واحد والنفساء في سنة الطلاق كالحائض في الكراهة والوقوع لأنه يمنع الصلاة كالحيض فصل 6429/ ولو قال الرجل لامرأته أن بشرتني بقدوم زيد فأنت طالق فأخبره بذلك غيرها ثم أخبرته هي بذلك لم تطلق لأن البشارة هي أول الخبر والثاني ليس بشارة.

ولو قال إن اخبرتني بقدومه فأخبره جماعة ثم أخبرته بذلك وقع الطلاق لأن الثاني خبر، وكتاب الطلاق كبير وهو وكتاب الطلاق كبير وهو وكتاب الإيمان يتقاربان في الفروع والبر والحنث، وذكر جميع ما فيه لا يمكن، وفي الذي ذكرت بعض من كل، وسنتذكر في كتاب الإيمان في ذلك طرفاً آخر إن شاء الله. ولما كان الطلاق ينقسم إلى ما يوجب العدة وهو ما كان بعد الدخول ومنه ما لا يوجب عدة وهو إذا كان قبل الخلوة وجب أن تذكر أحكام العدد ومواضع ثبوتها وسقوطها.

كتاب العدة

كتاب العدة وهذا كتاب العدة 6430 - اعلم أن العدة تخلف النكاح في المنع من الأزواج، والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَاتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}. فصل أنواع العدة والعدة على ثلاثة أضرب 6431 - عدة بالحيض والثانية بالشهور والثالثة بوضع الحمل 6432 - فعدة الحرة بالحيض ثلاث حيض وكذلك أن وطئت بشبهة لأن حكم عدتها لا يختلف بالطلاق والوطء. 6433 - والعدة بالشهور على جزءين. أحدهما أصل والثاني بذل.

فالأصل عدة الوفاة وهي أربعة أشهر وعشر في حق الحرة وشهران وخمسة أيام في حق الأمة. وهذا قوله وقول الشافعي ومالك. فصل 6434 - ولا فرق بين الصغيرة والكبيرة ولا بين من دخل بها ولم يدخل بها في ذلك لأنها تجب بسبب واحد وهو الموت. والثاني من الضربين بالشهور بدلا من الحيض ينتصف في الطلاق والوطيء بشبهة في حق الصغيرة والأمة وهو في حق الحرة ثلاثة أشهر وفي الأمة شهر ونصف. 6435 - وقال أصحابنا عدة الأمة بالحي حيضتان. 6436 - وقد روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لو استطعت لجعلتها حيضة ونصف حيضة وقال الأصم وابن عليه لا عبرة بأمة ولا حرة. 6437 - والعدة بالحيض ثلاث حيض وبالشهور ثلاثة أشهر، لأن الله تعالى لم يفصل بين الحرة والأمة في العدة ولا بين الحر والعبد في الطلاق فيجب أن يكون الجميع سواء. 6438 - وقد روت عائشة وابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى

الله عليه وسلم أنه قال: "طلاق الأمة طلقتان وعدتها حيضتان ذكره أبو داود ما هو مذهب جماعة من الفقهاء". فصل 6439 - والعدة من يوم الطلاق والموت علمت الزوجة أو لم تعلم، ويحتسب بذلك وقد روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال من يوم تعلم، لأن العدة بسبب الطلاق والموت فيجب أن يعتبر السبب. فصل 6440 - وهي في حق البائن والرجعية سواء لأن كا واحدة مطلقة عقيب الوطئ. فصل 6441 - والرجعية لا يحرم عليها الطيب والزينة ويحرم ذلك على البائن، ولا تخرج من منزلها ولا يخرجها الزوج ليلا ولا نهاراً وكذلك المتوفى عنها زوجها، إلا أن نخرج نهارا ولا تخرج ليلا. وقال الشافعي، المطلقة لا تجتنب الزينة وإنما ذلك في المتوفى عنها زوجها.

فصل لا حداد على صغيرة 6442 - ولا حداد على صغيرة ولا كافرة. وقال الشافعي، عليها ذلك لأنها غير مطلقة وذلك يمنع من وجوب العبادات عليها، وإنما منع الأولياء من التزويج لها عبادة في حقهم لا حقها فصل العدة بالحمل 6443 - وأما العدة بالحمل فيستوي في ذلك الحرة والأمة والنفاس من الولد الأول والعدة تنقضي بالآخر عند ابي حنيفة. 6444 - وقال الشافعي النفاس والعدة من الآخر. وقد روى عن سبيعة أنها سألت أبا السنابل بن بعك عن الحامل إذا وضعت قبل أربعة أشهر وعشرا فقال لا، حتى تمضي، فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم فقال، كذب أبو السنابل انكحي من شئت.

6445 - والمعتدة لا يجوز لأحد أن يتزوجها ولا يصرح بخطبتها ولكن يلوح ويقول، إنك لحسنة ولي فيك رغبة لقول تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ}. فصل بطلان نكاح المعتدة 6446 - وإذا تزوجت المعتدة فالنكاح باطل، ولا فرق بين العدة من الطلاق البائن والرجعي والوفاة والوطئ بشبهه لقوله تعالى. {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} فصل 6447 - فأن دخل الزوج بها فلها الأقل مما سمي لها ومن مهر مثلها فصل 6448 - وقال الشافعي لها مهر مثلها بالغا ما بلغ، لأن التسمية حكما فأن كانا يعلمان بالتحريم فأنهما يعزران عندنا. 6449 - وقال بعضه يحدان، لأن العقد شبهة في إسقاط الحد.

فصل 6450 - ويجوز لهما بعد العدة أن يتزوجا. وقال مالك بن أنس لا يتزوجها ابداً عقوبة له كيف استعجل ما أخره الله كما يحرم القاتل الميراث، وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأن هذا الفعل لا يكون أكثر من الزنا. فصل 6451 - ويحتسب بما مضى من عدة الثاني بتمام عدة الأول ويتم عدة الثاني، وتتداخل العدتان عندنا. 6452 - وقال الشافعي لكل واحدة مفردة. 6453 - واتفق الفريقان أنها لو كانت حاملا من الأول أو الثاني فوضعت أن العدتين تنقضيان ولا تستأنف عدة أخرى لأن مضي الزمان في حق الجميع سواء. فصل طلاق الأمة وإعتاقها 6454 - وإذا طلقت الأمة وهي في العدة فاعتقت فأن كان الطلاق رجعيا انتقلت إلى عدة الحرة لأن الحرية حصلت وهي زوجة، وأن كان الطلاق بائنا لم تنقل. 6455 - وقال الطحاوي تنقل في الوجهين وهو قول الشافعي، وأن كان العتق في عدة الوفاة فأنا لا تنقل لأنها بائنة في الزوج وقد لزمتها عدة الأمة.

فصل عدة أم الولد والمعتقة 6456 - والسيد إذا مات عن أم ولده أو اعتقها فعدتها ثلاث حيض أن كانت من ذوات الحيض أو ثلاثة أشهر أن كانت آيسه. 6457 - وقال مالك والشافعي عدتها حيضة واحدة. 6458 - وقال غيرهما ولا (؟) عدتها أربعة أشهر وعشر في الوفاة. فصل حيض الصغيرة بعد مضي جزء من عدتها. 6459 - وإذا مضي من عدة الصغيرة شهران ثم حاضت أستأنفت العدة بالحيض لأنها الأصل. 6460 - وقال الشافعي لا تستأنف وتعتد بما مضي بقرء واحد. فصل معنى القرء 6461 - والإقراء هي الحيض عندنا. 6462 - وقال الشافعي هي الإطهار. فصل انقطاع الحيض من حمل 6463 - ومن انقطع حيضها من حمل يعلم أنه بها فهي في العدة حتى يعلم أنه آيسة ثم تعتد بعد ذلك بالشهور. 6464 - وقد روى عن أصحابنا في ذلك روايتان أحدهما أن ذلك.

مقدر بخمسين سنة وفي الأخرى بستين ثم تعتد بالشهور على الروايتين جميعا. فصل لا عدة على معتقة 6465 - ومن اعتق أمته وقد كان يطأها فليس عليها أن تعتد ولها أن تتزوج من ساعتها [ولا عدة على الزانية]. وقال غيرنا عليه العدة لأن العدة تجب لحفظ ماء الواطئ وماء الزاني لا حرمة له. فصل 6466 - وأن كانت حاملا لم يطأها الزوج وقد مضت في النكاح. فصل 6467 - والأحداد على الأمة إذا طلقت أو مات عنها زوجها لأنها مسلمة مكلفة. فصل 6468 - ولا أحداد على أم ولد، ولا في النكاح الفاسد لأنها ليست عدة بسبب النكاح. فصل 6499 - وليس للمعتدة أن تسافر مع غير ذي رحم محرم ما دامت في العدة، وأن طلقت في الطريق رجعت إلى أقرب المواضع منها، وقالا ترجع إلى المصر، لأنه سفر بغير حاجة.

فصل السفر بالمعتدة 6470 - وليس للزوج أن يسافر بالمعتدة الرجعية مخافة أن تنقضي العدة. 6471 - وقال زفر له ذلك. وهذا ينبني على أن المسافرة لا يصير بها مراجعا عندنا، وعنده يصير مراجعا. فصل المتوفي عنها زوجها 6472 - ولا سكن ولا نفلة للمتوفى عنها زوجها حاملا، كانت أو حائلا خلاف ابن أبي ليلى، لأن المال لغيرها. فصل المهاجرة إلينا 6473 - والمهاجرة إلينا بإسلام وذمة لا عدة عليها ولها أن تتزوج عند أبي حنيفة وعليها العدة عندهما. 6474 - وهو قول الشافعي، وقد مضت في النكاح، وأن كانت حاملا ففيها روايتان أحدهما أن تتزوج والثانية لا تتزوج لأنها حامل بولد ثابت النسب. فصل ولادة المعتدة بعد سنتين 6475 - وإذا أتت المعتدة بولد بعد سنتين لم يلحق بالزوج وترد نفقة

ستة أشهر أن كانت قبضت ذلك، وهذا بناء على أن أكثر مدة الحمل سنتان. 6476 - وقال الشافعي أربع سنين وقال غيره سبع سنين وقال أهل الظاهر تسعة أشهر، واتفق الجميع على أن مدة الحمل ستو أشهر كوامل لقوله تعالى، وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ثم قال وفصاله في عامين. فصل العدة في النكاح الفاسد 6477 - والعدة في النكاح الفاسد من يوم يفرق بينهما. وقال زفر من أخر وطأة لأن الحكم العقد قائم ما لم يقطعه الحاكم ويرفعه. فصل موت زوجها ومولاها 6478 - وأم الولد إذا مات عنها زوجها ومولاها ولا يعلم أيهما مات أولا، فأما أن يكون بين موتها شهران وخمسة أيام أو أقل من ذلك أو أكثر منه أو يكون بينهما وقت مجهول، فأن كان أقل من ذلك فعليها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا من آخر موتهما، وليس عليها الحيض، وأن كان بينهما ذلك القدر فصاعدا أربعة أشهر وعشرا تستكمل فيها ثلاث حيض. وأن كان الوقت مجهولا فالجواب في قول أبي حنيفة مع الشهور وفي قولهما تستكمل العدة أربعة أشهر وعشرا فيها ثلاث حيض، ولما كانت العدة تمنع النكاح في حال ولا تمنع في أخرى فان الذي له العدة لا يمنع نكاحها إذا كان من وطيء يشبهه أو طلاق لم يستوف عدده، ولما كان الطلاق الرجعي يجوز للزوج فيه المراجعة على شرط وصفات وجب أن تذكر ذلك.

كتاب الرجعة

كتاب الرجعة وهذا كتاب الرجعة الأصل في الرجعة 6479 - والأصل في الرجعة قوله تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} يعني الرجعة. وقد طلق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة وسوده وارتجعهما، وفيه إجماع العلماء على جواز الرجعة إذا لم يستوف عدد الطلاق ولم يكن بائنا. فصل 6480 - والزوج أحق بها ما لم تغتسل من حيضتها الثالثة أو يمض عليها وقت صلاة أو يتمم، وتصلي به إذا كان حيضها أقل من عشرة فأن تيممت ولم تصل فالرجعة بحالها عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد وزفر قد أنقطعت الرجعة. وقد روى عن أبي حنيفة في الإملاء مثل ذلك

6481 - وإن كان حيضها عشرة أيام فمضت فقد انقطعت الرجعة. وأن كانت نصرانية أو يهودية انقطعت الرجعة بانقطاع الدم في التي أيامها أقل الحيض أو أكثر في قولهم جميعا. فصل وطء الرجعية 6482 - وللزوج أن يطأ الرجعية وليس بمحرمة عندنا في أحدى الروايتين، وذكر الكرخي أنها محرمة وهو قول الشافعي، لأنها زوجة ترث وتورث فلا تحرم عليه. فصل الرجعة بالقول 6483 - وتصح الرجعة بالقول، وهو أن يقول، راجعتك إلى النكاح أو رددتك إلى نكاحي، وهذا لا خلاف فيه نعلمه. فصل الرجعة بغير القول 6484 - وأن مسها بشهود أن نظر إلى فرجها بشهود فهو رجعه عندنا، وقال الشافعي لا تكون الرجعة إلا بالقول، والحكم إذا تعلق بمدة كان لمن له الحق أن يبطله بقوله وفعله كمدة الخيار والوطء أدل من القول على الرضا. فصل لا مهر بالرجعة 6485 - ولا يجب لها المهر إذا وطأها، وقال الشافعي يجب في أحد القولين لأنها زوجة له ولم تبن منه.

فصل تطليق الرجعية 6486 - ويجوز أن يطلقها بعوض وبغير عوض ويقع عليها صريح الطلاق، وتدخل في جملة الزوجات في اليمين إذا قال نسائي طوالق. فصل صحة الرجعة بغير شهود 6487 - وتصح الرجعة بغير شهود. وقال الشافعي لا تصح إلا بشهود في أحد قوليه، وقاس ذلك على النكاح ولو كانت كالنكاح لاحتاجت إلى ولي ومهر وأذن من جهتهاء. ولها النفقة والسكن ما دامت في العدة باختلاف من أهل العلم. فصل نفقة العدة 6488 - ولها النفقة والسكن ما دامت في العدة بلا خلاف من أهل العدة فصل لمن القول في المراجعة وانقضاء العدة 6489 - ولو قال لها، راجعتك فقالت مجيبه له، قد انقضت عدتي فالقول قولها عند أبي حنيفة، ولا رجعة. 6490 - وقال أبو يوسف ومحمد صحت الرجعة، ولو كانت أمة فقال الزوج راجعتها وصدقه المولى وكذبته الأمة فهي مصدقة، ولا رجعة، وقالا يصدق الزوج والمولى لأن قول الأمة في ذلك مقبول دون المولى في العدة فهي والحرة سواء

فصل أقل ما تصدق فيه المعتدة 6491 - أقل ما تصدق فيه المعتدة في انقضاء العدة شهران على قول أبي حنيفة واختلف عنه في التفسير، فقال محمد يجعلها طاهراً خمسة عشر يوما، وحائضا خمسة أيام وطاهراً خمسة عشر يوما وحائضا خمسة أيام وطاهراً خمسة عشر يوما وحائضاً خمسة أيام يأخذ بأقل الطهر وحائضا عشرة أيام- وطاهراً خمسة عشر يوما وحائضا عشرة أيام فيبدأ بالحيض ويأخذ بأكثر الحيض وأقل الظهر. 6492 - وقال أبو يوسف ومحمد لا تصدق في أقل من تسعة وثلاثين يوما ثلاث حيض وخمسة عشر طهرا وثلاث حيض وخمسة عشر طهرا وثلاث حيض. 6493 - وقال زفر لا تصدق في أقل من ثلاثة أشهر. 6494 - وقال الشافعي لا تصدق في أقل من اثنى وثلاثين يوما وليحضتين لأنه يجعل أقل الحيض يوما وليلة وأقل الطهر كما ذكرنا فصل أقل ما تصدق فيه النفساء 6495 - وأن كانت نفساء لم تصدق في رواية الحسن في أقل من مائة يوم، وفي رواية محمد في أقل من خمسة وثلاثين يوما. 6496 - وقال أبو يوسف لا تصدق في أقل من خمسة وستين يوما لأنه جعلها نفساء أحد عشر يوما، وقال محمد لا تصدق في أقل من أربعة وخمسين يوما ولحظة. وإذا قد ذكرنا حكم الرجعة وكان الرجل يجوز أن يحلف على الزوجة تارة بأن لا يطأها وتارة يحلف على المعتدة وجب أن نذكر حكم اليمين على ذلك وكيفية القول فيها.

كتاب الإيلاء

كتاب الإيلاء وهذا كتاب الإيلاء دليل الإيلاء 6497 - اعلم أن الإيلاء أمر ورد به الشرع نطق به القرآن، قال الله تعالى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. والإيلاء هو الحلق في اللغة وعزيمة الطلاق عند أصحابنا هو ترك جماعها باليمين أربعة أشهر فأن أنقضت قبل أن يجامع بانت. فصل الفيء 6498 - والفيء الجماع في الأربعة أشهر وقد روى ذلك عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وزيد بن ثابت وعثمان بن عفان، وإحدى الروايتين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.

فصل مدة الإيلاء 6499 - فكل يمين منعت جماع حرة أربعة أشهر فصاعدا لا يحنث يلزمه (كذا) فهو مول. وفي الأمة النصف من هذه المدة فصاعدا. وإذا كان لا يمنع في الحرة أربعة أشهر وفي الأمة شهران لم يكن موليا 6500 - وقال الشافعي الأمة والحرة في العدة سواء، واتفق الجميع على أنهما في العدة يختلفان، وهي مدة ثبت ابتداؤها بقول الزوج يتعقبها بينونة وفرقة. فصل الحلف على ترك الكلام 6501 - واتفق العلماء على أنه لا يكون موليا بالحلف على ترك الكلام ولا المساكنة ولا بغير الجماع، وأن المراد بالآية الجماع في الفرج خاصة، ولابد من ذكر المدة وما زاد عليها ليكون ذلك إيلاء. 6502 - وقد روى عن إبراهيم النخعي أنه لا يحتاج إلى مدة مقدرة في الإيلاء والإجماع بخلافه أو الحكم مستفاد بالنص، وهو مقدر بما ذكرناه. فصل لا إيلاء من الأجنبية 6503 - والآية تدل على أنه يكون موليا من الأجنبية لأنها ليست من نسائه. فصل معيار المولي 6504 - وتدل على أنه من لا يلزمه حنث ليس بمول.

فصل المدة 6505 - وتدل على أن المدة إذا كان يحل جزء منها لا تأثير لها في البينونة أنه لا يكون موليا. فصل عزيمة الطلاق 6506 - وعزيمة الطلاق هو ترك جماعها في المدة، وقال الشافعي، هو أن يطالب بالفيئ، أو الطلاق بعد المدة 6507 - ولا خلاف إنه إذا وطئ في المدة حنث وسقوط الإيلاء بعد المدة لا يثبت له هذا الحكم. 6508 - وقد تقرر في الشرع واللغة أن العزم غير المعزوم وإذا كان غيره فنحن نقول هو ترك الوطئ في المدة، وهو يقولون هو المطالبة بالطلاق، وكل منا يدعي غير الظاهر، وما قلناه مجمع على اعتباره فصل الفيء بعد الأربعة أشهر 6509 - وليس الفئ بعد الأربعة أشهر فيئا لأن الفقهاء اجمعوا أن الجماع في المدة فيء، واختلفوا فيما بعدها، ولم تدل الآية عليه فيجب أن يكون قوله، فإن فاؤا بعد اليمين لا بعد المدة. فصل مضي مدة الإيلاء 6510 - وإذا مضت المدة بانت بطلقة واحدة لأن المدة التي خير

الزوج بين رفع حكمها وتبقية حكمها لا لتبين عيب بتعقبها البينونة بالعدة. 6511 - وهذا حال المولى وقد قال الشافعي ومالك لا يبين ويط بالفيء أو بالطلاق. فصل تأجيل المولى 6512 - وقد روى عن الشافعي أنه قال يؤجل ثلاثة أيام كأجل قوم ثمود. 6513 - وقال بعض مخالفيه أن هذا الحكم من حكم قوم ثمود، وأستطرف هذا الاحتجاج. 6514 - وقال الشافعي رجعى ولو كان رجعياً لم يقدر أن يصل إلى حقها من الوطئ فصار إذا طلق المولى زوجته المولى منها طلاقا رجعياً أحتسبت عليه المدة كأنه لم يطلق. 6515 - وقال الشافعي لا يحتسب بأيام المدة لأنها زوجة له لم تبن منه فص كيفية الفيء 6516 - ولو هربت أو مرضت فأنه يحتسب عليه بذلك في الحكم، فأنه لم يقدر على الوصول فبلسانه عندنا ولا يلزمه حكم الطلاق. 6517 - وقال المخالف، لا يكون الفيء بغير الجماع، وهو قول مالك واحد قوليه. فصل آلي من امرأتين 6518 - ولو قال لامرأتين له:

والله لا أقربكما، فهو قول منهما في الاستحسان، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. 6519 - وقال زفر لا يكون موليا وهو القياس. 6520 - وقال المخالف لأنه يمكنه الوصول إلى الأخرى بغير حنث يلزمه فأن قرب أحداهما فهول مول من الأخرى في قولهم جميعا. فصل سنة إلا يوما 6521 - ولو قال والله لاقربتك سنة إلا يوما فأنه لا يكون موليا لأن له أن يجعل ذلك اليوم أي يوم شاء في الأربعة عند علمائنا الثلاثة. 6522 - وقال زفر يكون موليا لأن الاستثناء يكون من آخر السنة. فصل مضي ثانية أشهر 6523 - وأن مضي من السنة مقدرا ثمانية أشهر وبقي أربعة فهو مول في قولهم جميعا. فصل آلى من واحدة بغير منها 6524 - ولو كان له أربع نسوى فألي من واحدة بغير عينها فهو مول من واحدة بغير عينها فأن مضت المدة بانت واحدة بغير عينها، وله أن بعين ذلك. فصل صيغة الإيلاء 6525 - ولا يكون موليا إلا بالحلف على الجماع في الفرج خاصة

باب اليمين التي يكون بها الحالف موليا

فإن حلف على غير ذلك من القرب فليس بمول كمن قال، والله لأمس جلدي جلدك أو ضاجعتك وإن كان على الموضع المكروه لا يكون مولياً. فصل تزوجها بعد مضي مدة الإيلاء والعدة 6526 - وإذا مضت مدة الإيلاء وانقضت العدة ثم تزوجها عادت اليمين ويقع بمضي المدة طلقة أخرى، وكذلك إذا تزوج دفعة أخرى، فإذا وقت الثلاث وبانت ثم تزوجها بعد زوج لم يعد حكم الآبه لأن طلاق ذلك الملك قد زال. 6527 - وقال زفر: يعود ما دام حكم اليمين باقيا. فصل آلى منها ثم أبانها 6528 - واتفق أصحابنا أنه لو آلى منها ثم أبانها فمضت المدة وهي في العدة أنه يقع عليها أخرى بالإيلاء، ولو كان الطلاق البائن، أولا ثم آلى لم يصح الإيلاء لأن الأول مستحق عليه. باب اليمين التي يكون بها الحالف مولياً فصل حلف باسم من أسماء الله تعالى 6529 - وجملة ذلك أنه إذا حلف باسم من أسمائه كقوله والله والرحمن والرحيم والجليل والكبير والقادر واللطيف والخبير وسائر أسمائه في ذلك سواء.

وكذلك لو قال وعزة الله وعظمة الله وجلال الله وكبريائه. وكذلك قوله بالله وتالله وايم الله. وأقسم أو اقسم بالله أو أحلف أو أحلف بالله أو أشهد أو أشهد بالله فهذا كله أيمان وعليه الكفارة إذا اوطأ. وكذلك عهد الله أو ميثاقه أو ذمته وهو برئ من الإسلام أو يهودي أو نصراني أو مجوسي. 6530 - وقد خالف الشافعي فيما عدا اسم الله وصفاته. وقال لا يكون حالفا وسنذكر ذلك في كتاب الايمان أن شاء الله. فصل حلف بحجة أو عمرة الخ 6531 - وإن حلف بحجة أو عمرة أو صدقة أو قال على كفارة يمين أو على صيام أو اعتكاف أو فعبدي فلان حر أو زوجتي فلانة طالق أو هي علي كظهر أمي أو أنت طالق أو أنت علي كظهر أمي فهو مولٍ. فصل صيغ لا إيلاء فيها 6532 - ولو قال، فلله علي أن أصلي ركعتين أو أربعا لم يكن موليا

عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وكان موليا عند زفر ومحمد والحسن بن زياد. فصل تكرار الإيلاء 6533 - وإن آلى في مجلس واحد ثلاث مرات فإن أراد التكرار فهو إيلاء واحد وإن أراد التغليظ في اليمين ثم قربها فعليه ثلاث كفارات عند اصحابنا جميعا. وإذا مضت المدة وقع عليها ثلاث تطليقات في القياس، وهو قول زفر ومحمد. 6534 - وقال أبو حنيفة وأبو يوسف يقع عليها طلقة واحدة استحسانا. فصل إن قربتك فأنت حرام 6535 - ولو قال لها: إن قربتك فأنت علي حرام ولا ينوي الطلاق فهو مول في الحال عند أبي حنيفة، وقالا لا يكون موليا إذا قربها، وإن اراد بالحرام الطلاق فهو مول في قولهم جميعا. فصل آلى من أربع نسوة 6536 - ولو آلى من أربع نسوة فقال: والله لا أقربكن، يكون موليا منهن.

6537 - وقال زفر لا يكون موليا ما لم يقرب الثلاث فإذا قرب الثلاث صار موليا من الرابعة. فصل إيلاء أهل الذمة 6538 - وإذا آلى الذمي، فإن حلف بالطلاق والعتاق فهو مول في قولهم جميعا وإن حلف بالصيام أو الحج والعمرة لا يكون موليا بائنا وإن آلى باسم الله أو صفة له تعالى فهو مول عند أبي حنيفة لقوله تعالى (يولون من نسائهم) وهو عام. 6539 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يكون موليا. 6540 - وقد ذكر الكرخي في المختصر أن الحسن بن زياد روى عن أبي حنيفة التسوية بين المسلم والذمي في الإيلاء. قال وأجمع الرواة على خلافه. فصل طالق قبل أن أتزوجك 6541 - واتفق أصحابنا أنه لو قال لأجنبية. أنت طالق قبل أن أتزوجك ثم تزوج إنها لا تطلق لأنه موقع الطلاق في الحال. فصل إذا تزوجت بك 6542 - ولو قال، إذا تزوجت بك فأنت طالق قبل ذلك. قال أبو حنيفة ومحمد هو مثل الأول.

6543 - وقال أبو يوسف يقع الطلاق إذا تزوج. ومسائل الإيلاء كثيرة وفروعه عسيرة وفي الذي ذكرت أصوله وبعض فروعه، ولما كان موجب الإيلاء الكفارة، وكان الظهار في معنى الإيلاء في باب الكفارة، وهو مستفاد بالنكاح ولا يصح حكمه إلا فيه، وجب أن نذكره.

كتاب الظهار

كتاب الظهار وهذا كتاب الظهار الآثار المروية في الظهار 6544 - قال أصحابنا الظهار كان طلاقا في الجاهلية ثم نقله الشرع إلى الكفارة إذا عاد، وقد روى في سبب ذلك أن اويس من الصامت كان يكثر ذلك مع امرأته خولة حتى نزلت آية المجادلة قال تعالى.

{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}. فصل دلالة آية الظهار 6545 - وقد دلت الآية على وجوه من الفقه كثيرة منها. أنها خطاب للمسلمين لأنها بكاف المواجهة وهي واردة على سبب في المسلمين. 6546 - وقال الشافعي يدخل في ذلك الذمي والمسلم جميعا، وعندنا لا يدخل في الخطاب ولا يصح ظهاره لأنه لا يصح منه التكفير بالصوم فهو كالصبي والمجنون، ويكفي أن لا يرد دليل بصحة الظهار منه في نفي وجوبه. فصل لا يقربها حتى يكفر 6547 - ودلت الآية على أنه لا يجوز أن يقربها حتى يكفر لأنه قال من قبل أن يتماسا. 6548 - وقال الثوري يجوز. فصل الصوم بدل من العتق 6549 - ودلت على أن الصوم بدل من العتق لأنه لا يجوز مع القدرة على العتق.

فصل عدم القدرة 6550 - ولا فرق بين من لم يقدر على ذلك لأجل العدم المشاهد أو من طريق الحكم كالعبد والمكاتب فإنه لا يقدر على ذلك لأنه لا يملك المال ويجزيه الصيام. فصل صيام شهرين 6551 - ودلت الآية على أنه لا يطأ إلا بعد صيام شهرين لا مسيس فيهما ولا قبلهما فإذا وجد المسيس قبلهما أمكن أن يفعل الصوم على الوجه الآخر. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. 6552 - وقال أبو يوسف والشافعي لو وطأ المظاهر منها ليلا عامدا أو نهاراً ساهيا فأنه يبني ولا يستأنف، والآية حجة عليهما من الوجه الذي ذكرناه. فصل متى يقرب 6553 - ودللت الآية على أنه إذا لم يقدر على العتق ولم يستطع الصيام أنه يجوز له المسيس قبل الاطعام لأن الله تعالى لم يشترط عدم المسيس في الاطعام. 6554 - وقال الشافعي الجميع سواء ولا يقرب حتى يكفر بالجميع.

فصل التوبة والاستغفار 6555 - ودلت الآية على أنه إذا قربها قبل المسيس أنه لا شيء عليه أخر من كفارة ولا غيرها وإنما عليه التوبة والاستغفار. فصل المسيس 6556 - ودلت الآية على أنه لا يمسس لشهوة كما لا يطأ لأن ذلك عام في كل مسيس. فصل ما يدخل في الرقبة 6557 - ودلت الآية على جواز عتق ما يسمى رقبة فيدخل في ذلك المقطوع اليد والخصى عندنا. 6558 - وقال الشافعي لا يجزيه، وهو قول زفر. 6559 - لأن منفعة الجنس باقية. فصل عتق الكافر 6560 - ودلت على جواز عتق الكافر لأن الآية مطلقة لم يشترط فيها ايمان. 6561 - وقال الشافعي لا يجزيه عتق الكافر.

فصل عتق الفاسق والصغير 6562 - وأجمع الفريقان أن الفاسق يجزى في ذلك، وكذلك الصغير من العبيد. 6563 - وقد حكى أبو الحسن علي بن موسى القمي في أحكام القرآن له أن من النال من قال: لا يجزى الفاسق ولا الصغير في القتل ولا في الكفارة. فصل الظهار من الذمية 6564 - وأجمعوا أن الظهار من المرأة الذمية كالظهار من المسلمة لأنها من نسائنا فدخلت تحت الآية. فصل عتق المكاتب 6565 - ودلت الآية على جواز عتق المكاتب لأنه حرر رقبة. 6566 - وقال الشافعي لا يجزى. فصل مكاتب أدى بعض نجوم الكتابة 6567 - ولو كان قد أدى بعض نجوم الكتابة لم يجزه. 6568 - وسمعت قاضي القضاة رحمه الله يحكي في ذلك رواية أخرى أنه يجزى.

فصل عتق عبد اشتراه على الكفارة 6569 - ودلت الآية على جواز عتق العبد الذي أشتراه على أن يعتقه على الكفارة. 6570 - وقال الشافعي لا يجزيه. فصل عتق ذي الرحم 6571 - ودلت على جواز عتق ذي الرحم إذا أشتراه ينوي به الكفارة لأنه حرر رقبة في الكفارة يعني قارن العتق. 6572 - وقال زفر والشافعي لا يجزيه من الكفارة (لأنه) يعتق بالنسب. فصل عتق نصيب 6573 - ودلت الآية على أن أحد الشريكين إذا أعتق نصيبه عن الكفارة ثم ضمن النصف أنه لا يجزيه لأنه لم يحرر رقبة وإنما حرر بعضها. 6574 - وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي أن كان موسرا أجزاه بناء على أصلهما أن العتق يسري في الكل. 6575 - وأبو حنيفة عنده أن من أعتق النصف لا يعتق الكل لو

انفرد في ملكه. فصل عتق نصف رقبتين 6576 - ودلت الآية على أنه لو أعتق نصف رقبتين لا نجزيه لأنه لم يحرر رقبة، وذلك عبارة عن شخص واحد من طريق المشاهدة. 6577 - وقال الشافعي يجزيه. فصل قوله أعتق عبدك 6578 - ودلت الآية على أن من قال لغيره، أعتق عبدك عن كفارتي فأعتقه أنه لا يجزيه لأنه لم يحرر رقبة وإنما حررها غيره. 6579 - وقال أبو يوسف يقع عن الأمر بالقيمة. 6580 - وقال الشافعي عن الأمر بغير عوض. فصل صرف أعتقا من عليه عدة كفارات 6581 - ودلت الآية على أن من عليه كفارات من أجناس فأعتق ينوي واحدة منها جاز لأنه حرر رقبة. وقال الشافعي لا يجزيه حتى يعين باللفظ. فصل 6582 - ودلت الآية على أنه [أن] أعتق لم ينو واحدة بعينها أنه لا يجزيه ذلك عن الكفارة.

6583 - وقال غيرنا يجزيه أن يصرف ذلك إلى ما شاء مما عليه كمن عليه ديون بأسباب مختلفة فدفع قدر بعضها. فصل ودلت الآية على أن الكفارات إذا كانت من جنس واحد يجزيه لأنه قد حرر مما عليه من الرقاب. فصل المعتبر في الكفارة 6584 - وذلت الآية أن المعتبر في الكفارة بحالة الأداء لا حالة الحلف ولا حالة الحنث خلاف من يعتبر حالة الحنث، وهو الشافعي. فصل توقيت الظهار وإطلاقه 6585 - ودلت الآية على صحة الظهار مؤقتا ومطلقا لأنها عامة. 6586 - وقال الشافعي لا يصح الظهار مؤقتا، وقد اجمعوا على صحة اليمين مطلقة ومؤقتة، والظهار يمين يجب بها كفارة. فصل ظاهر من نسائه بكلمة واحدة 6587 - ودلت الآية على أنه إذا ظاهر من نسائه بكلمة واحدة أنه يكون من الجميع مظاهرا ويلزمه لكل واحدة كفارة لأن الآية دلت على من ظاهر امرأته من جملة النساء.

6588 - وقال الشافعي يلزمه كفارة واحدة في أحد قوليه. فصل ظهار السكران 6589 - ودلت الآية على صحة ظهار السكران لوجود لفظ الظهار منه. 6590 - وقال الشافعي لا يصح ظهاره في أحد قوليه، كما قال في طلاقه. فصل إضافة الظهار إلى عضو 6591 - ودلت الآية على أنه إذا أضاف الظهار إلى عضو لا يعبر به عن جميع البدن أنه لا يصح لأنه لم يظاهر من النساء من اتربة (كذا) وأنه يظاهر بشعرها. فصل إضافة الظهار إلى الملك 6592 - ودلت الآية على صحة إضافة الظهار إلى الملك لأنه ظاهر بعد التزويج. 6593 - وقال الشافعي لا يصح كما قال زفر في الطلاق. فصل إضافة الظهار إلى وجه أمه 6594 - ودلت الآية على أنه، إذا [أضاف الظهار إلى] وجه أمه أو رجلها أو عضو يجوز له النظر إليه أنه لا يكون مظاهرا، خلافه يكون مظاهرا.

فصل الظهار بمن لا يحل له وطؤها 6595 - ودلت الآية على أنه إذا ظاهر بمن لا يحل له وطؤها على التأييد بسبب أو نسب أنه ظهار كما يكون بالأم والجدة لأنه قال يظاهرون من نسائهم وعم ولم يخص في هذه الآية بالظهار. 6596 - وقال الشافعي يختص بالأم والجدة وفيمن سوى ذلك قولان فصل مظاهر ينوى الطلاق 6597 - ودلت الآية على أنه إذا قال، أنت على حرام كظهر أمي ينوى الطلاق أنه لا يكون طلاقاً لأن هذا حقيقة في الظهار فلا يقع به الطلاق وقال محمد والشافعي يكون طلاقا. فصل الطلاق ليس بظهار 6598 - واتفق الجميع أنه لو قال أنت طالق ونوى به الظهار لا يكون ظهارا. ودلت الآية على أبطال قول أبي يوسف أنه يكون طلاقا وظهارا لأن الله تعالى جعل ذلك ظهارا فحسب. فصل تكرير لفظ الظهار 6599 - ودلت الآية على أنه إذا تكرر لفظ الظهار ولم يكن له نية أو نوى الأول أنه يكون ظهارا واحدا لأنه لم يفصل بين أن يكرر القول أو يقوله مرة واحدة.

6600 - وقال الشافعي في أحد قوليه يتكرر كما لو نوى التكرار. فصل متى تجب كفارة الظهار 6601 - ودلت الآية على أن الكفارة لا تجب بنفس الظهار لأنه شرط العود. فصل العود في الظهار 6602 - ودلت على أن العود ليس هو أمساكها زمانا يمكنه الطلاق لأنه قال ثم يعودون لما قالوا، والإمساك ليس بعود لما قالوا. 6603 - خلاف الشافعي.

فصل الظهار من الأمة 6604 - ودلت الآية على أن الظهار من الأمة لا يصح لأنها ليست من نسائنا وهو قول الشافعي. 6605 - وقال مالك يصح لأنه يقال نساء فلان وأن كن أماء. فصل مثل أمي 6606 - وقال أبو حنيفة لو قال لامرأته أنت علي مثل أمي ولا نية له أنه ليس بشيء وأن نوى الطلاق فهو طلاق وأن نوى الظهار فهو ظهار وأن نوى اليمين فهو إيلاء. 6607 - وقال أبو يوسف إذا لم يكن له نية فهو إيلاء ويمين، وقال محمد بن الحسن هو ظهار. فصل ظاهر ثم ارتد ثم عاد 6608 - ودلت الآية على أن المسلم إذا ظاهر ثم أرتد عن الإسلام ثم عاد إليه أن الظهار باق. 6609 - وقال أبو يوسف ومحمد قد بطل الظهار، وكذلك الخلاف فيه إذا أرتد الزوج وحده، ثم عاد وتزوجها وهذا من إعجاز القرآن أن تدل آية واحدة على هذه الجملة المتقدمة. وإذا ذكرنا الظهار وشبهه بالإيلاء، وكان اللعان يثبت بين الزوجين عند التخاصم والقذف، وله حكم يتعلق بهما في الحال والثاني، ويغيرهما هو الولد وجب أن نذكر ذلك ونبين حكمه وما قيل فيه.

كتاب اللعان

كتاب اللعان دليل اللعان 6610 - أعلم أن اللعان أمر ورد به القرآن وبلى به الصحابة وفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهو بدل من الحد في الأجنبيات لأن قذف الأجنبية يجب به الحد ويسقط بإقامة البينة بما قال القاذف لأنه معطوف على قذف الأجنبيات، وسنبين ذلك في كتاب الحدود أن شاء الله. قال الله تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}. ثم بين تعالى أن ذلك من فضله علينا ولا خلاف أنه يحتاج أن يقول أشهد بالله أني من الصادقين فيما رميتها به من الزنا على ما في تفسير الآية. وأختلف هل يقول ذلك بلفظ الكناية أو لفظ المواجهة على روايتين. 6611 - والأصل في هذا الباب ما روى عن سهل بن سعد الساعدي

أن عويمر بن شقرا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له: يا عاصم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أو كيف يفعل؟ سل لي يا عاصم [عن ذلك] رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكره رسول الله عليه ونها [عن] المسائل وعابها فقال يا عاصم ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عاصم، لم تأتني بخير قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسئلة التي سألته عنها فقال كويمر والله لا أنتهي حتى أسأله عنها، فاقبل عويمر حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو وسعا الناس فقال، يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا ايقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فأذهب فأت بها. قال سهل، فلاعنها بحضرة النبي عليه السلام وأنا أسمع، فلما فرغا من اللعان قال [عويمر] كذبت عليها أن أمسكتها هي طالق ثلاثا [فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال مالك]. قال ابن شهاب فصارت تلك سنة المتلاعنين. 6612 - وروى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين المتلاعنين. 6613 - وكذلك روى ابن عباس وابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين هلال بن أمية وبين امرأته وقد اختلف في حديث هلال بن أمية فرواه ابن مسعود أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم.

أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا ايقتله فتقتلونه أم يتكلم فتجلدونه؟ وذكر في الخبر أن لما فرق بينهما قال عليه السلام. إن جاءت به أكحل العينين سابغ الاليتين خدلج الساقين فهو لشريك بن سحماء. وأن كان كذا فهو لهلال، فجاءت به على الصفة المكروهة (كذا في النسختين). فقال عليه السلام،، لولا ما مضى في كتاب الله لكان لي ولها شأن. فصل تكييف اللعان 6614 - واللعان شهادة عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف هو يمين فيه معنى الشهادة. 6615 - وقال محمد هو حد فيه معنى اليمين. 6616 - وقال الشافعي هو يمين. فصل 6617 - وإذا كان شهادة لم تصح عندنا إلا من حرين مسلمين بالغين 6618 - وقال الشافعي يصح ممن يصح منه اليمين والطلاق.

6619 - وقد روى عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، لا لعان بين الحر والعبد والمسلم والذمي. فصل ولا يصح بين حرة وعبد 6620 - وقال الشافعي يصح ويجب على الزوج الحد، لأن الامتناع جاء من قبلته. فصل 6621 - ولا يثبت بين صغيرين ولا صغير وكبير. فصل متى تقع الفرقة 6622 - ولا تقع الفرقة بلعان الزوج وحده عندنا. 6623 - وقال الشافعي تقع بلعان الزوج وحده. 6624 - وقد طلق عويمر بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا بعد اللعان ولم ينكر النبي عليه. فصل 6625 - ولا تقع الفرقة بلعانهما ما لم يفرق الحاكم بينهما. 6626 - وقال زفر تقع الفرقة بفراغ المرأة من اللعان. فصل أكثر اللعان 6627 - وإذا التعنا أكثر اللعان ثم فرق الحاكم وقعت الفرقة عندنا.

6628 - وقال الشافعي لابد من استيفاء عدد اللعان في حق الزوج لأنه بمثابة الطلاق. فصل الملاعنة بالحمل 6629 - ولا يلاعن بالحمل عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف يلاعن، وهو قول الشافعي، لأنه لا يدري هل هناك ولد أم لا؟ فصل لا لعان بعد الإبانة 6630 - وإذا ابان زوجته فلا لعان وعليه الحد أن قذفها بعد ذلك، خلاف الشافعي يلاعن في نفي النسب، وكذلك النكاح الفاسد والوطئ بشبهة. لأن شرط اللعان أن يرمى الزوجة، فمن ليست بزوجة فهي باقية مع الأجنبيات في وجوب الحد. فصل لا لعان بين المولى وأمته 6631 - ولا يثبت بين المولى وأمته لأنها ليست بزوجة. 6632 - وقال الشافعي في أحد قوليه يثبت. فصل نوع فرقة اللعان 6633 - وفرقة اللعان طلاق وهي واحدة بائنة وليس بفسخ. 6634 - وقال أبو يوسف هي فسخ

وبه قال الشافعي، لأنه استفادة الزوج بالنكاح فهو كالطلاق. فصل لا حرمة مؤبدة باللعان 6635 - ولا يوجب حرمة مؤبدة، وإذا أكذب نفسه ضرب الحد وحلت له بالنكاح، وهو قول سعيد بن المسيب وأبي حنيفة ومحمد. 6636 - وقال أبو يوسف لا يجتمعان ابداً. وهو قول الشافعي. فصل 6637 - ولا يصح لعان الاخرس بالإشارة، وقال الشافعي يصح. لأن العبرة بلفظ الشهادة وذلك لا يمكن تعيين اللفظ به. فصل الإقرار بالولد ونفيه 6638 - وإذا أقر بولده ثم نفاه لزمه وضرب الحد، وإذا لم يقر به فله أن ينفيه بحضرة الولادة، وروى عن ابي حنيفة أن له نفيه إلى سبعة أيام، وقال أبو يوسف ومحمد له أن ينفيه إلى أربعين يوما.

فصل النفي في المجلس 6639 - ولو كان الرجل غائبا فبلغه الخبر فلم ينفه في المجلس فليس له نفيه. 6640 - وقال الشافعي إذا سكت لم يكن له أن ينفيه. 6641 - وقال أبو يوسف ومحمد له أن ينفيه إلى مدة النفاس وهو أربعين يوما. فصل حكم ولد الملاعنة 6642 - وإذا وقع اللعان وهناك ولد الحق بأمه وقطع نسبه عن الزوج فصار كأن لا أب له. فصل 6643 - فإن ادعاء بعد ذلك نظرب فإن ادعاه في حال الحياة صحت دعواه، وإن كان قد مات فالدعوى باطلة. 6644 - وقال الشافعي يصح أيضا. فصل من له ادعاء الولد بعد موت الملاعن 6645 - وإن كان قد خلف ولدا فإن كان ذكرا صحت الدعوى به، وإن كان ولدا أنثى لم يصح عند أبي حنيفة. 6646 - وقالا لا يصح في الحالين جميعا.

فصل 6647 - وإذا ولدت ولدين [في بطن واحد] فأقر بأحدهما ونفا الآخر لزماه جميعا لأنه حمل واحد فلا يتبعض وضرب الحد بالقذف. فصل اللعان عند الحاكم 6648 - ولا يكون اللعان إلا عند الحاكم، ولا يصح بين الزوجين بدون حاكم. فصل 6649 - وإذا قذف امرأته ثم أبانها فلا حد عليه ولا لعان، وقال الشافعي يجب اللعان. فصل الامتناع عن اللعان 6650 - وإذا أمتنع الزوج أو الزوجة عن اللعان حبس حتى يلتعن. 6651 - وقال الشافعي ومالك يقام عليه الحد، وهما لا يريان النكول محكوما به في الأموال فكيف فعلوه في الدماء؟

فصل موجب القذف 6652 - وموجب القذف اللعان، وقال الشافعي موجبه الحد. وفي اللعان فروع كثيرة، ومسائل مشتبهة وإذا قد ذكرنا حكم اللعان والفرقة وكانت فرقة اللعان طلاقا عندنا فهل تجب النفقة فيه وفي البائن أم لا؟ وهذا ما يقضي بأن تذكر أحكام النفقات على النساء والصغار والعبيد.

كتاب النفقات

كتاب النفقات وهذا كتاب النفقات 6653 - والنفقة تجب بالنكاح والنسب والملك، ولكل واحد من الأسباب الثلاثة أحكام تخصه. فصل نفقة النكاح 6654 - فنفقة النكاح واجبة لكل زوجة على زوجها إذا كانا بالغين قد سلمت نفسها في منزل الزوج وهذا لا خلاف فيه. فصل نفقة الصغيرة 6655 - فإن كانت الزوجة صغيرة والزوج كبيرا فلا نفقة لها حتى تبلغ إلى حال تصلح للوطء.

فصل نفقة زوج الصغير 6655 - وإن كان الزوج صغيرا والمرأة كبيرة فلها النفقة. 6656 - وللشافعي قولان أحدهما لا يجب لها وسوى بين الصغيرة والصغير في منع النفقة والثاني التسوية في الوجوب. فصل 6657 - وتجب النفقة للمسلمة والذمية، حرة كانت أو أمة إذا كانت تصلح للوطئ. فصل لا نفقة لممتنعة عاصية 6658 - لا نفقة لمن منعت نفسها عاصية وكل امرأة منعت نفسها عن الكون مع الزوج بسبب هي عاصية فيه فلا نفقة لها كالناشز وإن منعت منه لحق أو باطل فلا نفقة لها كمن حبست بدين أو غصبها غاصب، لأن النفقة تجب بالتمكين من الوطئ. 6659 - وإن سافرت للحج فلا نفقة لها عند أبي حنيفة ومحمد، لأنها مانعة نفسها بالسفر فلا تجب النفقة. 6660 - وقد روى عن ابي يوسف أنه يجب لها نفقة الإقامة دون السفر، ولا يلزمه كراء الحج. وإن كان الزوج معها مسافرا فلها النفقة لأن الكون مع الزوج ومنع الإحرام من الوطء كمنع القرن والرتق، وقد قال أصحابنا يجب للقرناء والرتقاء النفقة.

فصل ما يفرض للزوجة 6661 - ويفرض للزوجة ما يكفيها بالمعروف من غير سرف ولا تقتير، وسنبين قدر النفقة في باب أن شاء الله. فصل سقوط النفقة بمضي الزمان 6662 - والنفقة تجب على الزوج بفرضها على نفسه أو يحكم الحاكم لها بذلك، فإن لم يفرض ذلك الحاكم سقطت بمضي المدة عندنا. 6663 - وقال الشافعي لا تسقط بمضي الزمان. 6664 - وقد روى عن الحسن وإبراهيم وشريح أنها تسقط بمضي الزمان. 6665 - لأن المقصود بها أحياء النفس، وليست عوضا عن البضع كالمهر، ولأنها تجري عندنا مجرى نفقة ذوي الأرحام. فصل سقوطها بالموت 6666 - وقال أصحابنا أنها تسقط بالموت وإن كانت مفروضة لها بفرضه أو فرض الحاكم، ولا فرق عندنا بين موت الزوجة أو الزوج لأن مال الزوج قد خرج عن ملكه. 6667 - وقال الشافعي لا تسقط بموت أحدهما، واتفق الفريقان على أن نفقة ذوي الأرحام والأبوين تسقط بالموت. 6668 - وشبه أصحابنا ذلك بالدية على العاقلة أنها تسقط بموت العاقلة ولا يؤخذ من تركتها.

فصل نفقة المبوأة 6669 - ولا تجب نفقة الزوجة الأمة إذا بوأها مولاها بيتا، فأن كانت في بيت المولى فلا نفقة لها لأن النفقة تستحق بالكون عند الزوج. فصل 6670 - ولا فرق بين أن يكون زوجها حرا أو عبدا في وجوب النفقة عليه. 6671 - ولا تختلف الحرة والأمة في الزوج. فصل 6672 - وتجب في ذمة العبد، ويباع عندنا إذا اجتمعت. 6673 - وقال الشافعي لا تباع في ذلك كما لا يباع المأذون في التجارة، ويؤخذ بها بعد العتق. فصل 6674 - وإذا طلبت مهرها ولم يدفعه إليها فلها النفقة حتى تأخذ المهر لأنه مطالبة بحق لها عليه. فصل هل للموطوءة حبس نفسها؟ 6675 - وأن كانت سلمت نفسها إلى الزوج فوطأها فلها المنع عند ابي حنيفة والنفقة. 6676 - وقال أبو يوسف ومحمد لا تجب لأنه ليس لها حبس نفسها عنه بعد ذلك.

فصل نفقة زوجة الابن الصغير 6677 - وينفق الولى على امرأة أبنه الصغير من مال الصغير، فإن كان لا مال له فلا على الأب على زوجة الابن. فصل منع أهل الزوجة 6678 - وللزوج أن يمنع أهلها من الدخول إلى منزلة، وليس له أن يمنعهم من تفقدها، وكذلك أمها لأن طاعة الأبوين واجبة عليها. فصل اعتبار النفقة 6679 - وإذا فرض النفقة لها وهو فقير فأيسر أو فرضها القاضي فإنه يزيدها بزيادة حالة وتنقص بنقصان حاله، لأنها تجب بحال الزوج 6680 - وقد قال بعض أصحابنا أنها تعتبر بحالهما جميعا.

فصل 6681 - وإن كان الرجل من ذوي الموائد والطعام والشراب والدجاج والحلوى والمرأة فقيرة فإنه لا يكلف من ذلك إلا بحسب ما جرت عادتها. فصل 6682 - وإن كانت هي من أهل البيوتات ومن يعتاد هذا وسع عليها في ذلك. فصل فرض النفقة لخادم 6683 - وتفرض النفقة لخادم واحد أن كانت من ذوات الخدم، ولا تفرض لما زاد على ذلك في قولهم المشهود، وروى عنهم أنه يفرض لخادمين ولا يفرض لما زاد. 6684 - وقد روى الطحاوي في المختصر عن أبي يوسف أنه يفرض لما زاد عن ذلك إذا كانت كذلك. فصل أعار الرجل بالنفقة 6685 - وإذا أعسر الرجل بالنفقة فإنه يفرض عليه ويؤذن لها في الاستدانة عليه، والنفقة من عندها، ويؤخذ بذلك إذا أيسر. 6686 - وقال الشافعي يفسخ النكاح بالإعسار بالنفقة، وله في العسرة بالمهر قولان أحدهما يفسخ به، والثاني لا يفسخ به. فصل 6687 - ويجب رفع يديه عنها لتكسب إن لم يكن لها مال.

فصل الحبس بالنفقة الواجبة 6688 - ويحبس الرجل في النفقة الواجبة كما يجب في سائر الديون الواجبة. فصل وجوب النفقة على الغائب والحاضر 6689 - وتجب النفقة على الزوج إذا غاب. كما تجب لو كان حاضرا. فصل نفقة زوجة الغائب إذا لم يكن نكاحها ثابتاً عند الحاكم 6690 - فإن غاب الزوج وحضرت تطلب النفقة من ماله، والنكاح غير ثابت عند الحاكم وأقامت البينة بالنكاح، فمن أصحابنا من قال لا تسمع بينتها بالنكاح لأنه قضاء على غائب، ومنهم من قال تسمع ويفرض ويكون دينا عليه يؤخذ به إذا حضر. 6691 - ومن الفقهاء من قال يؤخذ من ماله منهم الشافعي وغيره. 6692 - وقد روى أن هندا بنت عتبة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: (أن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني وولدي ما يكفيني، وله مال) فقال عليه السلام.

"خذي من مال أبى سفيان ما يكفيك وولدك بالمعروف". فصل الإنفاق من الوديعة 6693 - وإن كان له مال عند رجل وديعة، وهو مقر بذلك وبالزوجية فأنه يؤثر أن ينفق عليها ويكون ذلك يؤخذ منها به كفيل. فصل 6694 - وإذا حضر الغائب وأنكر النكاح كلفت إعادة البينة عليه بذلك، فإن أقامت لها بها وأمر بتسليم ما فرض لها من ذلك. فصل 6695 - ولا يبيع الحاكم في النفقة عليه العروض والعقار عند أبي حنيفة. 6696 - وقال أبو يوسف ومحمد يبيع العروض والعقار في النفقة والدين وهو قول الشافعي وعنده يحبس حتى يبيع بنفسه، أعنى أبا حنيفة وأجمع الفريقان أنه لا يباع ثبات بدنه في ذلك.

فصل الكفيل بالنفقة عند سفر الزوج 6697 - وإذا أراد الزوج سفرا فطلبت بالنفقة كفيلا، فإن أبا حنيفة قال لا آخذه بما لم يجب لها بعد. 6698 - وقال محمد يؤخذ لها شهر واحد لا ما زاد عليه. فصل لزوم شهر واحد 6699 - ولو تكفل رجل بنفقة امرأته كل شهر كذا لزمه شهر واحد ولا يلزمه ما زاد على ذلك عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وروى عن أبي يوسف أنه يلزمه نفقة كل شهر ما دام النكاح باقيا. فصل التوقيت في النفقة 6700 - ولو وقت وقتا معلوما وتكفل به جاز في قولهم جميعا. فصل التكفل بنفقة الزوجة للأبد 6701 - ويجوز أن يتكفل بنفقة الابد ما دام النكاح قائما. فصل التكفل بنفقة الوالد أبداً 6702 - ولو تكفل بنفقة الولد ابدا لم يجز لأنه ينقطع ببلوغه وفي النكاح لا ينقطع.

فصل تخلية البيت 6703 - وأن طلبت الزوجة أن يخلي لها البيت ولا يكون معها غيرها فلها ذلك. فصل مجاورة الصالحين 6704 - وأن شكت سوء أخلاقه وطلبت أن تكون في جوار قوم صالحين وأن يكون في جواره رجل صالح وصاه بها، وأن كانوا يتعصبون له كلفة النقلة بها إلى جوار قوم صالحين. فصل سلفة النفقة 6705 - ولو تلفت النفقة والكسوة سنتين ثم ماتت أو مات الزوج قبل ذلك لم يرجع عليها بشيء، ويكون ذلك لورثتها عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 6706 - وقال محمد يحسب لها بمقدار ما مضى من المدة. وكذلك أن استهلكت ذلك. فصل ضياع النفقة وسرقتها 6707 - وأن سرقت النفقة منها أو ضاعت من يدها فلا نفقة لها لما بقى من المدة، ولا كسوة.

باب قدر النفقة

فصل 6708 - قال وفي الأب والابن إذا سرقت نفقته تجب له نفقة أخرى لأن ذلك ليس فيه معنى العوض وإنما هو على سبيل التطوع. فصل باب قدر النفقة 6709 - قال أصحابنا تفرض النفقة بقدر الحاجة على ما تقدم وبحسب ما يراه الحاكم من ذلك ولا قدر له مقدر لا تجوز الزيادة عليه ولا النقصان بل ذلك موقوف على اجتهاده. 6710 - وقال الشافعي يفرض على الفقير مدا قمح وأوقية زبيب والمتوسط المدير العام: ونصف (مد) وأوقية ونصف (أوقية) زبيبا، وعلى الغنى مدان وأوقيتان من زبيب، ولا يختلف عنده الحال في ذلك، وهذا يكتب به في الدفاتر لا يعمل به في البلاد وقد رأينا جماعة من الحكام من أصحابه وهم يفرضون ويحكمون بغير ذلك بل كما نقول نحن في ذلك. فصل ما يفرض في الكسوة 6711 - ويفرض في الكسوة عندنا على الفقير قميص ومقنعة وملحفة على قدر ما يحتمل مثله، وأن كان موسرا فرض أجود من ذلك مما يحتمل مثله، ويزيدها في الشتاء جبة وسراويل على قدر يساره وعسرته. فصل اللحاف والقطيفة 6712 - وان طلبت لحافا أو قطيفة تنام عليها لزمه من ذلك ما يلزم مثله من القطن ثم الكتان ثم الحرير على حسب العادة في ذلك.

فصل 6713 - ويفرض على الذمي النفقة لزوجته وأن كانت ذات رحم منه عند أبي حنيفة لأنه يقرهم على النكاح. وقال أبو يوسف ومحمد لا يفرض ويفرق بينهم. 6714 - وقد روى عن أبي يوسف أنه قال أتبعهم في ديارهم وأفرق بينهم، وما هم فيه من الكفر أعظم مما هم فيه من النكاح. فصل 6715 - واتفق الجميع على أنه لو كان تزوج بغير شهود أو في عدة من ذمي وبلا ولي أنه يفرض النفقة ولا يفرق. فصل البينة بالنكاح والوديعة 6716 - وإذا أدعت امرأة الغائب أن له عند إنسان وديعة وأنها زوجة له، وطلبت أن يسمع بينتها بالنكاح والوديعة. 6717 - قال أبو يوسف يسمع في قوله الأول، وقال أبو حنيفة ومحمد لا يسمع البينة وهو قوله الأخر، ولا فرق عندهما بين أن يجحد النكاح أو الوديعة أو هما في أن ذلك لا يسمع. فصل اختلافهما في اليسار والفقر 6718 - وإذا اختلف الزوج والزوجة في اليسار والفقر فقالت الزوجة، انت غني وعليك نفقة الغني، وقال الزوج بل أنا فقير معسر فالقول قول الزوج مع يمينه لأن الأصل عدم الغنى، وأن أقاما بينة فبينة المرأة أولى لأنها تثبت الأمر الطارئ.

باب نفقة المطلقة

باب نفقة المطلقة فصل نفقة المطلقة رجعياً 6719 - أجمع العلماء على أنه تجب النفقة للمطلقة طلاقا رجعيا ما دامت في العدة، وحكمها في النفقة كالزوجات. فصل 6720 - ولا فرق بين أن تكون كبيرة أو صغيرة عند من يوجب النفقة للصغيرة من الزوجات. فصل 6721 - ولا بين الحامل والحائل ولا بين المسلمة والذمية ولا بين الحرة والأمة. فصل نفقة المطلقة بائناً 6722 - واختلف في المطلقة طلاقا ثلاثا أو بائنا كالمختلعة وغيرها فقال أصحابنا لها النفقة والسكنى كما للرجعية. 6723 - وقال الشافعي في آخر قوليه لا نفقة لبائن [إلا إذا كانت حاملا]. 6724 - وقال ابن أبي ليلى لها السكنى دون النفقة، وأجمع الجميع على أنها لو كانت حاملا فلها النفقة.

6725 - واختلف أصحاب الشافعي في طريق الوجوب فمنهم من قال تجب لأجل الحمل خاصة ومنهم من قال بسبب الحمل، ولو كان لمكان الحمل لوجب للموطؤه بشبهة ولأم الولد وفي النكاح الفاسد، ولتعددت بعدد الأولاد، ولكان الولد إذا خرج ميتا أن يرجع عليها بالنفقة. 6726 - وقال أصحابنا إنما وجب للحامل النفقة لأنها محبوسة عليه والحائل مثلها في هذا المعنى. 6727 - وقد روت فاطمة بنت قيس أنها قالت، طلقني زوجي ثلاثا ووكل أخاه في نفقتي فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجعل لي نفقة. 6728 - وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لا ندع كتاب ربنا وسنة بيننا لقول امرأة لعلها نسيت أو أشتبه عليها. فصل اختلافهما في انقضاء العدة 6729 - وإذا اختلف الزوج والزوجة في انقضاء العدة فالقول قولها مع يمينها. فصل مدة الإنفاق على الحبلى المطلقة 6730 - وإن قالت أنا حبلى، انفق عليها إلى سنتين عندنا وأربع سنين

عند الشافعي، فإن مضت المدة ولم تلد فقالت ظننت أمي حبلى، وقال الزوج بل قد أمرت بانقضاء العدة، فالعدة حتى تحيض أو تبلغ حد الاياس فتعتد بثلاثة أشهر بعد ذلك. فصل 6731 - وينبغي أن كانت آيسه أن يرجع إلى غيرها في الشهور لأن ذلك لا يقدر على استعلامه من غيرها. فصل اختلافهما في مضي الشهور 6732 - وأن اختلفا في مضي الشهور فالقول قولها أنها لم تمض لأن الأصل عدم مضيها. فصل 6733 - وأن اقام كل واحد بينة بما قال فلم أر لأصحابنا هذا الفرع ويحتمل أن تكون البينة بينتها لأنها تثبت الحق على الزوج وهو ينفي ذلك، ويحتمل أن يقال بينة الزوج مقبولة لأنها تثبت معنى الأجل، وسقوط الحق عن ذمته، والأول أظهر من الثاني، وقد قلنا إذا اختلفا في الإجارة ومضى المدة فيما تقدم ما في ذلك من الخلاف فيجب أن تكون ههنا مثله. فصل نفقة المختلعة والمبارئة المفادية 6734 - وللمختلعة والمبارئة والفادية النفقة لأنها تجب بسبب العدة لا بسبب النكاح.

فصل نفقة الملاعنة 6735 - والملاعنة لها النفقة ما دامت في العدة لأن غاية الحال أن تكون في حكم البائنة. فصل نفقة الأمة المعتقة 6736 - والأمة إذا أعتقت وهي عند زوج فاختارت نفسها فلها النفقة لأن خيارها كخيار الطلاق. فصل قاعدة عامة في النفقة بكل فرقة من قبل الزوج 6737 - وكل فرقة جاءت من قبل الزوج بمعصية كانت أو غير معصية فلها النفقة والسكنى ما دامت في العدة. فصل في الفرقة من قبل الزوجة 6738 - وكل فرقة جاءت من قبلها بمعصية فلا نفقة لها في العدة كالمرتدة. فصل حكم نفقة العدة 6739 - ومن لها النفقة في العدة فحكمها حكم الزوجة في النفقة تبطل بما يبطل في النكاح، وتجب فيما يجب في النكاح، فالردة تسقط النفقة في الموضعين لأنها تستحق الحبس بذلك وهذا معنى يسقط النفقة في النكاح.

باب نفقة الصبيان

فصل تقبيل ابن زوجها في العدة 6740 - ولو قبلت ابن زوجها في العدة لم تسقط النفقة لأنها لم تزدد بينونة بذلك. فصل تقبيل ابن زوجها خلال قيام النكاح 6741 - ولو كان ذلك في النكاح لسقطت النفقة بذلك. فصل نفقة الناشر المطلقة 6742 - ولو طلقت في غير بيت الزوج وأرادت الرجوع إليه، أو كانت ناشزاً فعادت إليه فلها النفقة في الموضعين في النكاح والعدة. فصل المسالة بعينها في الأمة 6743 - ولو كانت أمة فعادت إلى منزل الزوج فليس لها نفقة عند الثلاثة من علمائنا. 6744 - وقال زفر لها النفقة إذا عادت إلى بيت الزوج. باب نفقة الصبيان فصل أجرة الرضاع 6745 - ومن له ولد صغير فطلبت أمة أجرة الرضاع وأبت أن ترضعه فأنها لا تجبر على أرضاعه منها.

6746 - وقال الحسن وإبراهيم تجبر على أرضاعه منها. فصل 6747 - وليس لها أن تأخذ الأجر منه عندنا ولا في العدة منه لأنها في نفقته وتحت حبسه. فصل 6748 - وأن أنقضت العدة فهي أحق برضاعه من الأجنبية بما تأخذ الأجنبية من الأجر. فصل نفقة الصغير بعد الفطام 6749 - ويفرض للصغار إذا خرجوا من الفطام ما يحتاجون إليه بالمعروف ويسلم إلى أمهم أن كانت أمينة لتنفق ذلك فإن كانت غير مأمونة يسلم إلى من ينفق على الصغار. فصل 6750 - وإذا كان للصغار مال انفق عليهم منه (فالأصل أن نفقة الإنسان في مال نفسه صغيرا كان أو كبيرا). فصل 6751 - وأن كان الأب معسرا فرض لها عليه النفقة وأذن لها في الاستدانة عليه.

فصل 6752 - فإن تصدق على الصغار بصدقة لم يرجع على الأب لأنهم أكلوا من غير جهة الأم. فصل 6753 - وقال أصحابنا لا يشارك الأب أحد في النفقة على الصغار من ولده، وأن كانوا اناثا كبارا وذكورا زمنى. 6754 - فالنفقة بين الأب والأم أثلاثا على الأم الثلث من ذلك وعلى الأب الثلثان. فصل 6755 - وقد روى عنهم أن الجد كالأب لا يشاركه في النفقة أحد. 6756 - وروى عنهم أنه يشاركه الأم، وفي الأب رواية يشارك الأم في الصغار أيضا. فصل إيجار الصغير 6757 - وللأب أن يؤجر الصبي ما دام صغيرا وينفق عليه ما يحتاج إليه ويحفظ الباقي له، وأن كانت أمه محتاجة انفق عليها من كسبه لأنه فاضل للصبي عما يحتاج إليه. فصل للزوجة النفقة ولو غنية 6758 - ولا تفرض نفقة أحد على أحد مع الغنى إلا الزوجة خاصة، ومن سوى الزوجة فيعتبر الفقر.

باب النفقة على الأبوين وذوي الأرحام

باب النفقة على الأبوين وذوي الأرحام فصل 6759 - ويجبر الولد على نفقة الأبوين إذا كانا محتاجين، الذكر والأنثى سواء في ذلك. فصل 6760 - وأن أجتمع الابن والبنت فالنفقة عليهما بالسوية، ولا يفضل الابن في النفقة على البنت. فصل 6761 - وكذلك الأجداد والجدات مثل الأب والأم. فصل لا عبرة باختلاف الدين 6762 - وينفق الرجل على الصغار من ولده وولد ولده [والأبوين والأجداد والجدات] وأن كانوا على خلاف دينه، كما ينفق على الزوجة مع اختلاف الدين. فصل وجوب النفقة على الذمي لولده المسلم 6763 - وإذا أسلمت امرأة الذمي ولها ولد صغير فإنه يصير مسلما، ويجب على الأب الذمي نفقته، وكذلك لو أسلم الأب وبقيت الأم وهي غنية

والأب فقير فعليها النفقة على الصغير، ولها أن ترجع على الأب في الرواية التي لا يشتركان في النفقة وهي الأظهر. 6764 - وكذلك حكم ولد الولد وأن سفل هو مثل الولد الأعلى. فصل النفقة على قدر الحال لا الرؤوس 6765 - وأن كان لها ابن موسر مكثر وآخر متوسط الحال فرض على المكثر من النفقة أكثر مما يفرض على المتوسط كما يفعل في نفقة الزوجات، والنفقة على قدر الحال لا على قدر الرؤوس. فصل 6766 - وأن كان أحدهما ذميا والآخر مسلما فالنفقة عليهما جميعا، ولا يعتبر في الأب من يرثه أو من هو على دينه. فصل 6767 - ولو ترك بنتا وأخا فإن النفقة على البنت دون الأخ وليس الأخ كالبنت وأن ورث معها لأنها أقرب رحما من الأخ. فصل نفقة الأخوة 6768 - ويجبر الابن على النفقة على أبيه وإخوانه الصغار إذا كان له مال. 6769 - وقال الشافعي، لا يجبر على نفقة الأخوة والأخوات. وقد قال تعالى وعلى الوارث مثل ذلك

فصل نفقة امرأة الأب 6770 - وقال أصحابنا لا يجبر على نفقة امرأة أبيه ولا أم ولده لأن أعفافه لا يجب عليه عندنا، وعند الشافعي يجبر لأن أعفافه واجب عليه. فصل 6771 - قال أصحابنا، فإن كان بالأب علة تمنعه من خدمة نفسه فإن الابن يجبر على نفقة من يخدمه من زوجة أو أم ولد لأن خدمته واجبة عليه فصل ابن ذات الزوج المعسر 6772 - وأن كان للمرأة زوج معسر وابن موسر فالنفقة على الزوج دون الولد، غير أنه يؤخذ من الابن على سبيل القرض على الزوج فيأخذ ذلك بعد اليسار. فصل أقراض النفقة 6773 - وأن أبى الابن أن يقرضها فإن الحسن بن زياد قال، تفرض عليه النفقة ويجعل الزوج كالميت إذا كان معسرا.

فصل اجتماع ابن الابن والبنت 6774 - وأن أجتمع ابن الابن والبنت لأنها أقرب من ولد الابن. فصل إلزام العم بالنفقة 6775 - والعم يجبر على نفقة ابن أخيه فصل نفقة ذوي الأرحام 6776 - ويجبر على نفقة عماته وخالاته وكل ذات رحم [محرم] من النساء وعلى ولد الأخ المحتاج الزمن، ومن ليس به زمانة فإنه لا يجبر أن ينفق عليه من الرجال إلا من ذكرنا. فصل 6777 - ولا يجبر على النفقة على ولد العم والعمة ولا ولد الخال والخالة لأنهم ليسوا بذوي رحم محرم منه. 6778 - وقال أبو موسى الضرير في مختصره: ومن أصحابنا من أوجب النفقة لكل وارث سواء كان محرما أو غير محرم، واختار القول به. فصل 6779 - وتجب النفقة على بنت البنت دون الأخ من الأب أو الأم لأنها من ولد ولده، ولا يقال فأجعل النفقة على الوارث منهما.

فصل 6780 - ولا يجب ذلك لابن الأخ المسلم والابن النصراني تجب النفقة على الابن وأن يرث الابن. وقد ذكر الخصاف عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه في النصراني الذي قال له: (أخذنا كسبك وأنت صحيح ونتركك اليوم ففرض له نفقة في بيت المال). فصل القول لمن في القدرة 6781 - إذا أختلف الأب الطالب والابن المطلوب في الغنى والقدرة فقال الابن لا قدرة لي فالقول قوله وينظر الحاكم إلى كسبه، فإن كان فيه فضل أخذه من الابن، وأن لا فضل فيه لم يأخذ. 6782 - وقال بعض الفقهاء أدخل الأب في كسبه ويزاحمه في قوته لأنه بعضه وماله ماله. فصل مال الابن الغائب 6783 - وإذا كان للابن مال في يد الأب وغاب الابن فأنفق الأب المال عليه وعلى أمه فلا ضمان على الأب إذا كان محتاجا، وأن أخذ المال من غيره فهو ضامن، وليس هذا لغير الأب والأم ممن يجب عليه نفقه من جميع الجهات. فصل بيع مال الابن الغائب في النفقة 6784 - وأن باع مال الابن وهو كبير غائب في نفقته فبيعه جائز في

الاستحسان عندنا في العروض وغيرها، وليس الأم كالأب في هذا الحكم، والقياس فيمها سواء، وهو قولهما. فصل نفقة ولد الحرة من عبد 6785 - والحرة إذا ولدت من عبد فنفقة الولد على عصبة الأم عند جابر بن زيد، وعندنا النفقة على الأم. 6786 - وهو قول الشافعي ولا ينفق مملوك على ولده سواء كان من حرة أو أمة، والمكاتب والمأذون والعبد المحجور عليه في ذلك سواء. وتجب على الحرة أن كانت زوجة وعلى مولى الأمة أن كانت أمة أو مدبرة. فصل زوجة المفقود وصغاره 6787 - والمفقود إذا غاب فإنه ينفق على زوجته والصغار من أولاده والزمنى الكبار منهم، ويؤخذ كفيل بما يأخذون من ذلك. فصل ذوو أرحام المفقود والكبار من ولده 6788 - ولا ينفق على ذوى أرحامه ولا على الكبار من ولده. الوكيل على أموال المفقود 6789 - ويقيم الحاكم له وكيلا يحفظ ماله وينفق من دخله على ما يحتاج إليه حتى تثبت وفاته.

فصل زوجة المفقود 6790 - ولا تتزوج امرأته ما لم تثبت وفاته أو تأتي عليه مدة لا يعيش إلى مثلها في الغالب، وقد قدر بعض أصحابنا ذلك بمائة وعشرين سنة [والأرفق أن يقدر بتسعين]. 6791 - وقال مالك إذا مضت أربع سنين اعتدت عدة الوفاة وتزوجت فإن وصل الزوج قبل الدخول بها فهو أحق بها، وهو قول الشافعي في القديم واحتج بخبر تميم الداري. 6792 - وقد روى عن علي رضي الله عنه أنه قال: امرأة بليت فلتصبر [حتى يستبين موت أو طلاق]. فصل 6793 - ولو شهدت بينة بالطلاقة والزوجة تقر أو تنكر، وطلبت أن تفرض لها النفقة حتى تزكى البينة ففرض القاضي لها ذلك، ثم أخذت ذلك وزكيت البينة فرق ولا شيء عليها وأن لم تزك فردت إلى الزوج فإنه يرجع عليها بالنفقة لأن القاضي منعها منه فصار كمنعها نفسها. فصل 6794 - وأن كانت غير مدخول بها فلا عدة عليهما وأن كانت مدخولا بها فقد منعت منه فلا نفقة لها.

باب اختلافهما في الولد من يكون أحق به

فصل أمة ادعت الحرية 6795 - ولو كانت أمة فشهدت البينة، وانفق عليها ازمانا لدعواها الحرية أما من جهته أو حرية الأصل فلم تزك البينة فردت في الرق فلا شيء عليها من ذلك. فصل امرأته أخته من الرضاع 6796 - ولو فرض النفقة لامرأته وقامت البينة أنها أخته من النسب أو الرضاع، وقد كانت قبضت ذلك، وفرق القاضي بينهما، فأنها ترد ما قبضت من ذلك لأنها قبضته بغير حق فوجب عليها رده. باب اختلافهما في الولد من يكون أحق به فصل 6797 - وإذا أختصم الزوج والزوجة في الولد، فالأم أولى به إذا وقع الطلاق بينهما، وبهذا قضى أبو بكر رضي الله عنه في عاصم بن عمر رضي الله عنه. فصل حضانة أم الأم 6798 - وأم الأم أحق به ما لم تتزوج أو يأكل وحده ويشرب ويتنجى، ثم الأب أولى منهما أن كان الولد ذكرا، وأن كان أنثى فهي أحق بالجارية حتى تحيض، ثم الأب أولى بها.

فصل 6799 - وإن تزوجت الأم أو ماتت فالجدة من قبل الأم أحق به من الأب حتى يستغنى الغلام بنفسه، والجارية حتى تشتهي، ثم الأب أولى، وسائر العصبات كالأب في ذلك. فصل تخيير الغلام والجارية 6800 - ولا يخير الغلام والجارية إذا بلغا سبع سنين أو ثمانية، وقال الشافعي يخير فيدفع إلى من يختار من أبوية لأنه لا يميز مصالحه من مفاسده. فصل الأم أحق بالحضانة وقد روى [له] أن امرأة زوجها اختصما في ولد، فقالت، يا رسول الله صلى الله عليه وسلم [ابن ابني هذا]، كانت بطني [له] وعاء وحجرى [له] حواء وثدياى سقاء فكيف يأخذه مني؟

فقال عليه السلام، أنت أحق به ما لم تتزوجي وقد روى عن شريح أنه قال، الأب أشفق والأم أرفق فصل أم الأم أولى بالحضانة 6802 - وأم الأم أولى به من أم الأب لأنها أقرب إلى الأم، ثم أم الأب أولى من الخالة عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. 6803 - وقال زفر الخالة أولى من أم الأب. فصل الأخت من الأب والأم 6804 - والأخت من الأب والأم أولى من الخالة في رواية كتاب النكاح، وقال في رواية أخرى الخالة أولى، والعمة أولى من بنت الخالة، وأم الأم أولى وأن بعدت من الخالة، وأم الولد إذا أعتقها سيدها أو مات عنها كالحرة، والمسلمة والذمية في ذلك سواء. فصل لا حق لأم الولد في الحضانة 6805 - ولا حق لأم ولد ولا مدبرة ولا مكاتبة في الحضانة لانهن رقيق مولى عليهن. فصل ترتيب العصبات في الحضانة 6806 - والعصبات إذا اختصموا في الولد فالأب أحق، ثم الجد، ثم الأخ من الأب والأم، ثم الأخ من الأب، فإن كان أبو أم أو خال وعم

باب اختلاف الزوجين في متاع البيت

وطلبوا ذلك فالعم أولى به، لأن هذا حق للنساء، فإذا لم يكن فذو الرحم المحرم. فصل هل للمرتدة حضانة 6807 - والأم أحق به في كل حال إذا وقعت الفرقة، إلا المرتدة إذا لحقت بدار الحرب، فإن عادت رجع حقها من الحضانة. 6808 - وأن تزوجت سقط حقها، فإن طلقها الزوج عاد حقها من الحضانة، والطلاق الرجعي في ذلك والبائن سواء. باب اختلاف الزوجين في متاع البيت فصل سبعة أقاويل 6809 - وأن أختلف الزوجان في متاع البيت وتداعيا فقد اختلف العلماء في ذلك على سبعة أقاويل. 6810 - فقال أبو حنيفة: ما كان للرجال فهو للرجال وما كان للنساء فهو للنساء، وما كان مشكلا فهو للباقي منهما، وفي الموت والطلاق سواء. 6811 - وأما في قول أبي يوسف تعطى المرأة جهاز مثلها، والباقي للزوج في الطلاق والموت. 6812 - وأما في قول محمد بن الحسن ما كان للرجال فهو للرجال

وما كان للنساء فهو للمرأة وما كان مشكلا فهو للرجل أو ورثته والطلاق والموت سواء. 6813 - والرابع قول زفر أنه ما كان للرجال فهو للرجال وما كان للنساء فهو للمرأة وما كان مشكلا فهو بينهما نصفان. 6814 - والخامس قول مالك أن المتاع كله بينهما نصفان، وهو قول الشافعي، والموت والطلاق سواء، وقد روي عن زفر مثله، ذكره في اختلاف زفر. 6815 - والسادس قول ابن أبي ليلى أن المتاع كله للزوج إلا الثياب التي على بدن المرأة فأنها أحق بها. 6816 - والسابع، أن المتاع كله للمرأة لأن البيت لها، وهو قول الحسن البصري. فصل أحد الزوجين مملوك 6817 - وأن كان أحد الزوجين مملوكا والأخر حرا فهو للحر منهما عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد، أن كان مكاتبا أو مأذونا له في التجارة فهو والحر سواء في ذلك. فصل السفر بالصبي 6818 - وإذا أرادت الأم السفر بالصبي فإن الولي أولى به منها، إلا أن تخرجه إلى مصرها الذي وقع النكاح فيه فلها ذلك، ولا تخرجه من مصر إلى قرية.

6819 - وروى الخصاف أن لها ذلك أن وقع النكاح فيها فلها أن تنقل من المصر إليها. 6820 - وقال الطحاوي، ليس لها ذلك 6821 - وأن اختلفا في موضع النكاح فقالت بالبصرة وقع وهما بالكوفة فالقول قول الزوج أنه بالكوفة وكتاب النفقات فكبير وفيه كل فرع عجيب وخلاف كبير، وقد صنف منفردا في مجلد للحصاف وغيره من أصحابنا، وفيما ذكرت هو الذي تدعو الحاجة إليه، وتقع غالبا، ولما كانت النفقة تجب بمناسبة الملك كما تجب بمناسبة النكاح وكان العتق يزيل الملك كما يزيل الطلاق والنكاح، وقد يعتق على الإنسان من يجب عليه النفقة له ومن لا تجب عليه نفقة، وجب أن نذكر العتاق وما يتفرع عليه من الكتب.

كتاب العتاق

كتاب العتاق دليل العتق 6822 - الأصل في العتق قوله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}. فصل أسباب العتق 6823 - والعتق يجب على الإنسان بسبب يوجد من جهته، وسبب لا صنع له فيه، فما هو سبب يوجد من جهته فهو القتل والحنث في اليمين والعود في الظهار، وهذه أسباب كلها معاصي لله تعالى في حال دون حال،

والحال التي هي معصية إذا تعمد ذلك، والتي ليست بمعصية إذا لم يتعمد والثاني يجب عليه بالنذر وسائر أنواع النذر طاعة لله تعالى، أو بقبول عقد فيمن يعتق عليه، والثالث الذي لا صنع له فيه هو عتق ما ورثه ممن يعتق عليه فصل ما يعتق عليه 6824 - وعندنا يعتق عليه بالميراث والشراء وقبول الهبة كل ذي رحم محرم من جهة النسب، وقال الشافعي لا يعتق عليه سوى الوالدين وأن عليا والمولودين وأن سفلوا. وقال أهل الظاهر، لا يعتق عليه أحد إلا من يعتقه بقوله من سائر العبيد، ولا فرق بين القريب والبعيد. فصل متى يجزي الولد والده 6825 - وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال، (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه). 6826 - وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (من أعتق مملوكا أعتق الله بكل عضو يعتقه عضوا منه من النار).

فصل أي الرقاب أفضل 6827 - وسئل صلى الله عليه وسلم أي الرقاب أفضل؟ فقال أغلاها [ثمنا] وأنفسها عند أهلها. فصل صيغة العتق 6828 - ومن قال لعبده، أنت حر لوجه الله أو لم يقل لوجه الله فقد أعتق العبد. فصل 6829 - ولو قال نصفك حر أو سمى جزءا من أجزائه يكون أقل من النصف أو أكثر فإن الفقهاء مختلفون، قال أبو حنيفة وجماعة معه إذا أعتق النصف عتق نصفه وهو في النصف بالخيار أن شاء أعتقه وأن شاء استسعاه. 6830 - وقال أبو يوسف والشافعي ومحمد يعتق كله. 6831 - وقد روى عن علي وابن عباس رضي الله عنهما أنه يعتق منه النصف ويبقى النصف الأخر في الرق وقد ذهب إلى ذلك جماعة من الفقهاء.

6832 - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا أعتق شخصا في عبد فاعتقه النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس لله شريك. فصل إضافة العتق إلى عضو 6833 - وإذا أضاف العتق إلى عضو من العبد أو الأمة لا يعبر به عن جميع الشخص أو يجوز أن يبقى العبد بعد قطعة وأبانته حيا فإنه لا يعتق عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وهذا كاليد والرجل والشعر. 6834 - وقال زفر والشافعي يعتق وهو كعتق الجزء الشائع والمعلوم منه وكذا في الطلاق. فصل 6835 - وقال أصحابنا إذا قال عينك حر عتق لأنه يقال هذا عين الرأى وعين الصواب كما يقال عين القوم ورأس العشيرة وعندي فرج وحرم فلان امرأته يريد به الجملة. فصل 6836 - ولو قال لعبد أو أمة، أنت طالق ونوى العتق، وقال الشافعي يعتق، وقد مضت في الطلاق. فصل تعليق العتق بمشيئة الله 6837 - ولو قال أنت حر أن شاء الله لم يعتق، وكذلك لو قال أن لم يشأ الله، وقال مالك إذا قال أن شاء الله عتق لأن الله تعالى أخبر عن موسى عليه السلام أنه قال ستجدني أن شاء الله صابرا ولم يصبر ولم يكذبه الله.

6838 - وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال، والله لاغزون قريشا ثم قال بعد ذلك أن شاء الله، وتلا قوله تعالى، ولا تقولن لشيء أني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله، واذكر ربك إذا نسيت، وبهذا احتج ابن عباس في جواز استثناء المنقطع. فصل 6839 - ولو قال لعبد له أكبر سنا منه هذا ابني عتق، وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي لا يعتق، لأن هذا اللفظ يتضمن الحرية وثبوت النسب، ويجوز أن ينفرد بعض ذلك عن الأخر. فصل 6840 - ولو قال لمن هو أصغر منه، هذا ابني عتق في قولهم جميعا ولا فرق بينه وبين أن يكون معروف النسب أو لا نسب له معروف أنه يعتق وأن كان منسوبا إلى غيره. فصل أنت حر وعليك ألف درهم 6841 - ولو قال له أنت حر وعليك الف درهم عتق ولا شيء عليه عند أبي حنيفة، وقالا يعتق عليه بالألف، وهو قول الشافعي. فصل أنت حر بألف 6842 - ولو قال بألف وقف العتق على قبول العبد في المجلس، وقد مضى في الطلاق نظيره.

فصل إعتاق أحد الشريكين نصيبه 6843 - ولو أعتق أحد الشريكين فالآخر بالخيار أن شاء أعتق نصيبه، وأن شاء ضمن المعتق قيمة نصيبه يوم العتق أن كان موسرا، وأن شاء استسعى العبد، فإن أعتق أو استسعى فالولاء بينهما نصفان، وإذا ضمن الشريك كان له أن يستسعى العبد فيما أخذ منه، والولاء له. 6844 - وقال أبو يوسف ومحمد إذا كان موسرا أعتق جميعه ووجب الضمان على المعتق، وهو قول الشافعي وإذا كان معسرا فالخيار إلى المولى بين العتق والاستسعاء عند أبي حنيفة، وهو قولهما. 6845 - وقال الشافعي لا يستسعى بحال ويعتق منه ما عتق ويبقى الباقي على الرق للآخر، غير أنه قال لو زنا العبد لم يحد بقدر ما فيه من الحرية فيجب نصف حد العبد ونصف حد الحر، وهو في الشهادة بمثابة العبد وفي النكاح والطلاق. فصل أحدكم حر 6846 - وأن قال لا حد عبديه أحدكما حر وهو لا ينوي أحدا يعينه قيل له أوقع العتق على أيهما شئت وقد عتق واحد منهما بغير عينه. فصل 6847 - ومن الفقهاء من قال لا يعتق واحد منهما حتى يعين العتق في واحد لأنه عتق في مجهول.

فصل 6848 - ولو قتلهما رجل واحد بضربة واحدة فعليه دية وقيمة تؤخذ لكل واحد منهما لأن أحدهما حر والأخر عبد فيجب دية حر وقيمة عبد. فصل 6849 - ولو قتلهما رجلان فعلى كل واحد منهما قيمة ما قتل لا دية حر، لأنه لا يلزمه الضمان بالشك وفي الواحد قد تحققنا أنه قتل حرا وعبدا فأسقط الضمان. فصل 6850 - ولو باع أحد العبدين أو أخرجه من ملكه ومات تعين العتق في الأخر، لأنه لم يبق على ملكه من يقبل الحرية غيره. 6851 - وقال الشافعي له أن يصرف العتق إلى الميت، وكذلك قوله في طلاق أحدى امرأتيه. فصل 6852 - ولو كان مكان العبدين أمتين فوطئ أحداهما لم يتعين العتق في الأخرى عند أبي حنيفة، لأن ملك اليمين لا ينافيه التحريم ويجوز أن يجامعه. 6853 - وقال أبو يوسف ومحمد يتعين في الأخرى العتق كما لو طلق ووطئ أحداهما، ولأصحاب الشافعي في ذلك وجهان في التعيين. فصل اشترى عبداً بجارية 6854 - ومن اشترى عبدا بجارية وجعل الخيار له فاعتقهما معا نفذ عتقه فيهما في قول أبي يوسف ومحمد.

6855 - وروي عن أبي حنيفة مثله، وقد روى عنه أنه قال ينفذ عتقه فيما كان من جهته خاصة بناء على أن من شرط الخيار زوال الملك؟؟؟ الاشياء كلها لله تعالى، وإنما للعبد التصرف فيها بإذن الشرع. فصل إعتاق المريض عبده 6856 - والمريض إذا اعتق عبده في مرضه وعليه دين يحيط بجميع ماله، بعد عتقه سعى العبد في قيمته للغرماء. 6857 - وقال الشافعي لا ينفذ العتق، لأن العتق لا يلحقه الفسخ بعد ثبوته فصار كما لو مات. فصل 6858 - ولو قتل العبد في تلك الحالة قاتل وجب عليه القصاص. فصل 6859 - وقال أصحابنا لو أعتق ستة عبد له في مرضه ولا مال له غيرهم عتق من كل واحد الثلث، وسعى في ثلثي قيمته. 6860 - وقال الشافعي يجزؤن ثلاثة أجزاء ويقرع بينهم فعلى من خرجت القرعة عتق دون الباقي فنقل الحرية من شخص وأبطل حقه بعد موته، ولم يفعل ذلك في الوصايا ولا في الديون ولا في الطلاق الذي لم يعينه.

فصل تعليق العتق 6861 - وإذا علق عتق عبده بدخول الدار ثم باعه ثم اشتراه فدخل الدار عتق عليه، وقال الشافعي لا يعتق لأن اليمين لا تحل إلا بوجود شرطها، وليس للحالف الرجوع فيها. فصل عبيدي أحرار 6862 - ولو قال رجل عبيدي أحرار وله عبد مأذون له عبيد، فإن كان عليه دين لم يعتق عبيده، وأن نواهم، وأن لم يكن عليه دين عتقوا إذا نواهم عند أبي حنيفة، وروى عنه أنهم يعتقون وأن لم ينوهم، وهو قول محمد. 6863 - وقال أبو يوسف يعتقون مع النية في الفصلين ولا يعتقون مع عدمها فيهما جميعا. فصل رجوع الشاهدين على العتق 6864 - وإذا شهد شاهدان على رجل أنه أعتق عبده وهو يجحد فقضى القاضي بعتقه ثم رجعا غرما قيمة العبد. 6865 - خلاف الشافعي لم يضمن لأنهما اتلفا عليه الرق فله قيمته. فصل شهادة أخوي المولي على العتق 6866 - ولو شهد أخوان أن المولي قد كان أعتق العبد قبل ذلك

لم يقبل ذلك عند أبي حنيفة لأنه قد سبق عتقه لهذه الشهادة فصل التعليق على وزن القيد 6867 - وإذا قيد الرجل عبده بقيد ثم قال له، إن كان وزن القيد عشرة أرطال فأنت حر، ثم قال إن حلك من القيد أحد فأنت حر فشهد اثنان عند القاضي أن القيد عشرة أرطال فأمر بحله فحل ووزن القيد فكان أقل من عشرة أرطال فعلى الشاهدين الضمان عند أبي حنيفة. 6868 - وقال أبو يوسف ومحمد: لا ضمان عليهما لأنه عتق وهو يقول هما سبب الحل وبقولهما وقع الحكم. فصل أحدكما حر 6869 - وقالوا في رجل له عبدان واسمهما واحد فقال، سالم حر أو أحدكما حر فشهد بذلك شاهدان عند الحاكم لم يقبل ذلك إلا أن يكون قال ذلك في مرضه فيجوز في الاستحسان وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف تقبل الشهادة كحالة المرض. فصل 6870 - ولو قالا: سماه لنا ونسيناه لم تقبل الشهادة عندهم جميعاً، وقال زفر: يقبل ذلك، لأنهما شكَّا في الشهادة. فصل آخر عبد اشترتيه حر 6871 - ولو قال: آخر عبد اشترتيه فهو حرٌ، ثم اشترى عبدًا فمات

عن العبد عتق العبد عند الشراء، فإن كان في حال الصحة عتق من جميع المال، وأن كان مريضا عتق من الثلث، وقال أبو يوسف ومحمد يعتق قبل الموت بلا فصل لأنه في تلك الحال يعلم أنه آخر (عبد) وكذلك خلافهم في الطلاق إذا قال آخر امرأة اتزوجها. فصل 6872 - ولو قال كل امة اشتراها فهي حرة فاليمين على من في ملكه يوم اليمين، ولا تدخل التي اشتراها بعد ذلك. 6873 - وقال زفر تدخل وتعتق. فصل التسري 6874 - والتسري أن تحيض الامة ويطأها ويقصد الولد منها، وقال أبو يوسف هي سرية وأن لم يقصد الولد ولا طلب لأن الاسم يقع على ذلك. فصل التعليق على الدخول وعدمه 6875 - وإذا كان العبد بين شريكين فقال أحدهما، أن دخلت الدار اليوم فأنت حر. وقال الآخر أن لم تدخل الدار فأنت حر ومضى اليوم ولم يدر ادخل أم لا فأنه يعتق نصف بغير شيء ويسعى للشريكين في نصف قيمته، سواء كانا موسرين أو معسرين عند أبي حنيفة.

6876 - وقال أبو يوسف أن كانا موسرين فلا سعاية عليه لهما، وأن كانا معسرين سعى لهما، وهو قول محمد في الفصلين، وأن كان أحدهما موسرا والأخر معسرا سعى للمعسر عند أبي يوسف، وعند محمد يسعى للموسر في نصف قيمته والولاء بينهما نصفين عند أبي حنيفة. 6877 - وقال أبو يوسف ومحمد الولاء موقوف. لانا تحققنا عتقه وثبت قولنا أنه على من يعتق النصف من كل واحد على تنزيل الأحوال ولا سعاية عليه لأنه عتق نصف كل واحد منهم حرمه مالكه. فصل عتق النصيب 6878 - والمريض إذا اعتق نصيبه من العبد المشترك عتق، ولا ضمان عليه عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي عليه الضمان. فصل حكم العبد الساعي 6879 - والعبد مادام يسعى فهو كالمكاتب في شهادته وجنايته وحدوده عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد هو كالمديون. فصل شهد أن صاحبه أعتق نصيبه 6880 - والعبد إذا كان بين اثنين فشهد أحدهما على صاحبه أنه أعتق نصيبه لم تجز الشهادة للعبد وعليه أن يسعى لهما في قيمته فتكون

بينهما نصفين عند أبي حنيفة. 6881 - وقال أبو يوسف ومحمد أن كان المشهود عليه معسرا يسعى الشاهد، وأن كان موسرا لم يسع له ويسعى للمشهود عليه في نصف قيمته في الأحوال كلها. فصل عبدان في الدار وثالث في الخارج 6882 - رجل له ثلاثة اعبد اثنان في الدار والآخر خارج عنها فقال لمن في الدار أحدكما حر فخرج واحد منهما ودخل الخارج فقال أحدكما حر، يعتق من الخارج النصف ومن الثابت في الدار ثلاثة أرباع ومن الداخل النصف عند أبي يوسف وقال محمد يعتق من الداخل الربع، وفيه يقع الخلاف بينهم. وأن قال ذلك في مرضه قسم الثلث بينهم على هذا السبيل. فصل أول من تلدينه حر 6883 - ولو قال رجل لامته، أول ولد تلدينه فهو حر فولدت ولدا ميتا ثم آخر حيا يعتق الثاني عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد لا يعتق. لأنه ليس بأول. 6884 - واتفقوا على أنه لو قال ذلك وجعل جواب الشرط عتق عبد آخر أو طلاق امرأة له عتق ذلك الولد الأول لأن المقصود عتق

المحلوف عليه لا عتق الولد، وفي المسألة الأولى المقصود عتق من يولد من الأولاد. فصل عبد وبهيمة 6885 - ومن قال لعبده وبهيمة أحدكما حر، عتق العبد عليه عند أبي حنيفة لأن البهيمة لا يصح عتقها، ولو كان معه عبد لغيره فقال له ذلك لم يعتق، وقالا لا يعتق في الوجهين. لأنه يحتمل أن يقول أردت الآخر بالقول. فصل يا حر، يا مولاي 6886 - ولو قال لعبده يا ابني أو يا بنتي فأنه يعتق عند أبي حنيفة، وروى ابن رستم بأنه لا يعتق بالتكني إلا في موضعين، أن يقول يا حر، يا مولاي، وهو قول مشهور. فصل أنت حر على ألف 6887 - ولو قال لعبده، أنت حر على ألف درهم على أن تؤدي إلى كل شهر مائة درهم فأنه لا يكون بيعه، وهو مكاتب في أحدى الروايتين، وقال في الأخرى يجوز بيعه، وهو مثل قوله أن دخلت الدار. فصل تعليق العتق على خدمة المعتق 6888 - ولو قال لعبده أنت حر على أن تخدمني أربع سنين فقبل

العبد ذلك عتق في الحال، فأن مات قبل الأربع سنين وترك مالا يؤدي ذلك إلى المولى قيمة نفسه عند أبي حنيفة في قوله الثاني وهو قول أبي يوسف، وفي قوله الأول يؤدي قيمة خدمته لما بقى من المدة. وهو قول محمد. لأن الخدمة هي المستحقة عليه وقد تعذرت فيجب القيمة. فصل تعليق العتق على دخول الدار 6889 - ولو قال لعبده أن دخلت الدار فأنت حر ثم باعه ودخل الدار وهو في يد المشتري لم يعتق. 6890 - وقال ابن أبي ليلى يعتق. لأنه دخل في حالة لا يملك ايقاع العتق عليه فلا يعتق بالشرط. فصل عتق مشتري العبد المغصوب المستحق 6891 - ولو غصب رجل عبدا فباعه ثم أن المشتري له اعتقه ثم قامت البينة لصاحبه بالملك فعتق المشتري جائز عند ابن أبي ليلى وباطل عند فقهائنا. لأنه لم يملك المشتري، وقد اعتق ملك الغير. فصل 6892 - وإذا ادعى العبد أو الامة على المولى العتق وهو ينكر ذلك، فأن كان له بينة سمعت وقضى بها، وأن لم تكن له بينة فالقول قول المولى مع يمينه أنه ما أعتق العبد، وفي الامة ما أعتقها في هذا الملك،

كتاب المكاتب

فإن حلف فهو رقيق، وأن نكل عن اليمين قضى عليه بالعتق وجعل عليه الولاء له. 6893 - ولما كان العتق يجوز بغير بدل وببدل، وكان ذكر مسائل العتق منها ما يكون على عوض نبين خلاف الناس في ذلك. كتاب المكاتب وهذا كتاب المكاتب 6894 - والكتابة أمر ندب الله تعالى إليها، لمن طلبها من العبيد بقوله تعالى:

{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ}. وقد اختلف العلماء في قوله {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} فمنهم من قال الخير المال وقال الآخرون الخير الصلاح والدين. فصل صيغة المكاتب 6895 - والكتابة أن يقول المولى لعبده، قد كاتبتك على ألف درهم

خلاف أنها لا تجب. 6916 - ولا يجب حط جزء من الأعواض في النكاح والبيع. فصل كتابة الأمة والصغير 6917 - والأمة والعبد في الكتابة سواء. 6918 - والصغير الذي يعقل في ذلك سواء، قال الشافعي لا تصح كتابة الصغير، لأن للمولى أن يأخذ كسبه بلا كتابة فله في ذلك منفعة. فصل 6919 - وأن كاتب عبديه كتابة واحدة صحت وقسم المال على قدر قيمتهم عند أصحابنا جميعا. 6920 - وقال الشافعي ذلك باطل. فصل ضمان المكاتبين مال الكتابة 6921 - وأن ضمن أحدهما وكل واحد منهما مال الكتابة صح الضمان، ولا يعتق واحد منهما حتى يؤدي الجميع. 6922 - وقال الشافعي لا يصح ذلك. فصل العتق لا يتجزأ 6923 - ولا يعتق منه بقدر ما أدى، وقد روى عن النبي صلى

الله عليه وسلم أنه قال: (المكاتب عبد ما بقى عليه درهم). فصل 6924 - ولو أقر بالجناية والغصب يؤخذ مما في يده ومن كسبه. فصل 6925 - وأن عجز رد في الرق، وأخذ منه بعد العتق. 6926 - وقال الشافعي، يؤخذ الجميع بعد العتق. فصل شهادة المكاتب وجنايته الخ ... 6927 - وهو كالعبد في الشهادة والحدود والجناية عليه وله. 6928 - وتصلى المكاتبة مكشوفة الرأس كالأمة.

فصل وطء المكاتبة 6929 - وأن وطأها المولى وجب عليه المهر وقال بعض الفقهاء لا مهر عليه وله أن يطأها كما يطأ أم الولد والمدبرة. فصل ليس للسيد التصرف في المكاتب 6930 - واتفقوا على أنه ليس أن يؤجره ولا يزوجها ولا يأخذ مما في يدهما من شيء سوى الضريبة. فصل توقف الملك 6931 - والملك موقوف بينهما وبين المولى في جميع ما بيدهما. فصل ولد المكاتبة 6932 - وأن ولدت المكاتبة ولدا دخل معها في الكتابة، فأن اشترت ذوى أرحامها فليس له بيعهم ولا التصرف فيهم عند أبي يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة لهما بيع ما سوى الوالدين والولد. فصل موت المكاتب عن وفاء بمال الكتابة 6933 - وأن مات المكاتب وترك وفاء بمال الكتابة فأنه يؤدي ذلك

عنه ويعتق في أخر جزء من أجزاء حياته. ويكون ما فضل بعد ذلك لورثته لا لمولاه. 6934 - وقال الشافعي، يموت على الرق ويأخذ الولى ذلك كله كما يأخذه بعد العجز. 6935 - وقد روى عن ابن مسعود أنه إذا أدى قدر قيمته في حال الحياة لم يبطل العتق وأن لم يوف الضريبة. فصل شرط أن لا يسافر 6936 - ولو شرط على المسافر أن لا يسافر عن المصر فالقياس أن تبطل الكتابة، والاستحسان أن يبطل الشرط، وله أن يخرج، لأنه يتصرف فيما يعود بربح المال. فصل تصرف المكاتب 6937 - وله أن يبيع بالنقد والنسيئة ويؤجر نفسه وعبده وأمته. فصل إذن السيد في الزواج 6938 - ولا يتزوج ولا تزوج المكاتبة إلا بأذن السيد. فصل 6939 - وله أن يزوج الأماء وليس له ذلك في العبيد. فصل الولاء لمن؟ 6940 - وله أن يكاتب عبد فأن أدى عتق وكان الولاء موقوفا

على أداء الأصل، فأن عتق كان الولاء له وأن عجز فالولاء لمولاه عندنا. فصل هبة المكاتب وضمانه 6941 - وليس له أن يهب من المال شيئا ولا يضمن ولا يتبرع وإن أذن له مولاه، وللشافعي في تبرعات المكاتب قولان، وكذلك في ضمانه وكفالته. فصل الإبراء بالتعجيل 6943 - ولو قال المولى له، إذا عجلت مال الكتابة كذا فأنت برئ مما بقى فعجل ذلك برئ من الباقي وعتق. فصل إبراء المكاتب 6943 - وأن ابرأه من مال الكتابة صحت البراءة وعتق وتبعه سائر أولاده واكسابه. فصل موت المكاتب عن ولد 6944 - وأن مات المكاتب وترك ولدا فأنه يسعى في نجوم الكتابة فأن أدى عتق وأن عجز رد في الرق إذا ولد في الكتابة، وأن كان اشتراه قيل له أما تؤدي في الحال أو ترجع في الرق عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد هذا والأول سواء ولا فرق بين الجميع عندهما. فصل إبراء بعض الورثة 6945 - وإذا ابرأ بعض الورثة من نصيبه فالبراءة باطلة وأن إبراء

جميعهم فالبراءة صحيحة ويكون الولاء للميت لا لهم. 6946 - وقال بعض الفقهاء أنه لا تصح براءتهم لأن شرط عتقه الأداء ولم يحصل ذلك. فصل مكاتبة نصف العبد 6950 - ويجوز أن يكاتب نصف العبد كما يجوز أن يبيعه، وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي يصير مكاتبا كما قالوا في العتق. فصل مكاتبة النصيب 6951 - واحد الشريكين إذا كاتب نصيبه فللذي لم يكاتب أن يفسخ الكتابة، وأن لم يفعل حتى أدى الضريبة عتق وصار كقن بين اثنين اعتقه أحدهما، والمولى بالخيار أن شاء استسعى وأن شاء أعتقه، ويرجع الذي لم يكاتب بنصف ما أخذ الذي كاتب لأنه قبض كسب مشترك،، وإذا أخذه المولى منه عاد على المكاتب بذلك أن كان كاتبه نصيبه وأن كان كاتبه كله لم يرجع عند أبي حنيفة. 6952 - وقال أبو يوسف يرجع في الحالين. 6953 - وقال ابن أبي ليلى لا يرجع الحالين، ولا يرجع [على] المولى الذي كاتب في شيء مما قبض. فصل المكاتبة على وصف 6954 - وإذا كاتب على وصف أو ثوب هروى صحت الكتابة وله

الوسط من ذلك كما قلنا في النكاح. 6955 - وقال الشافعي الكتابة باطلة في قولهم جميعا لأنه مجهول القدر والصفة. فصل شرط الخدمة بعد أداء المال 6956 - ولو شرط على المكاتب أن يخدمه بعد أداء المال سنة جاز ذلك وتجب عليه الخدمة بعد أداء المال. فصل عجز المكاتب 6957 - وإذا عجز المكاتب نفسه ولم يؤد روى عن علي رضي الله عنه أنه قال: إذا توالى عليه نجمان ولم يؤد رد في الرق. 6958 - وهو قول أبي يوسف. 6959 - وقال أبو حنيفة ومحمد إذا عجز من نجم واحد أحضره القاضي وطالبه فأن كان له مال حاضر أو غائب يرجى وصوله في مدة ثلاثة أيام ضرب له تلك المدة وإلا حكم بعجزه ورده إلى الرق. فصل 6960 - ويطلب للمولى ما كان أخذه من المكاتب بعد العجز كما يطيب له بعد الأداء، ولا خلاف في ذلك. فصل اختلاف المولى والمكاتب 6961 - وإذا اختلف المولى والمكاتب في قدر مال الكتابة فالقول

قول المولى في قدر المال. 6962 - وقول آخر أن القول قول المكاتب وهو قول أبي حنيفة الآخر إذا أدعى صح، ولو انكره تجوز الكتابة عليه كالخلع ولا يتحالفان. 6963 - وقال الشافعي يتحالفان في الجميع كما في البيع وهو قولهما وقول الأول، وقد قدمنا القول في ذلك في البيوع. فصل تقديم بينة المولى 6964 - فأن أقاما بينة فالبينة بينة المولى لأنها تثبت الزيادة، والوجه الذي قبلنا فيه البينة غير الوجه الذي حلف عليه. فصل الكتابة الفاسدة 6965 - وفي الكتابة الفاسدة إذا أدى المكاتب البدل إلى الورثة عتق وكان عليه قيمة نفسه. 6966 - وقال الشافعي لا يعتق. فصل المكاتبة على خمر أو خنزير 6967 - ولو كاتبه على خمر أو خنزير فأدى ذلك عتق وكان عليه قيمة نفسه، وهذا لا خلاف فيه أن الكتابة الفاسدة يعتق فيها العبد وهي حجة لأصحابنا في البيع الفاسد إذا اتصل به القبض أن المشتري يملكه. 6968 - وفي المكاتب مسائل كثيرة وهو في الأصل محله، وقد ذكرت أصوله وبعض فروعه، وقل أن يقع اليوم فيه كتاب أو يحتاج فيه إلى فتوى. وإذا قد ذكرنا حكم العتق المعجل وحكمه إذا كان على عوض وبقى أن يذكر حكم العتق بعد الموت ما حكمه وهو التدبير.

كتاب التدبير

كتاب التدبير وهذا كتاب التدبير فصل تعريف التدبير 6969 - اتفق الفقهاء على أن الرجل إذا قال لعبده أنت حر بعد موتي أو دبرتك، أو إذا مت فأنت حر، أن العبد مدبر يعتق بعد الموت، فأن كان له مال عتق من ثلث المال، وأن لم يكن له مال عتق منه الثلث وسعى في ثلثي قيمته عند أصحابنا. فصل عدم التصرف بالمدبر 6970 - وقالوا لا يجوز بيع هذا المدبر ولا هبته ولا التصدق به. 6971 - وقال مالك يجوز بيع المدبر في الدين في الحياة وبعد الوفاة.

6972 - وقال الشافعي يجوز له بيعه في حال الحياة ولا يجوز للورثة بيعه بعد الموت في أحد قوليه. 6973 - وقد روى ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن المدبر لا يباع ولا يوهب، ويعتق من ثلث المال). ولأنه يعتق بالموت كأم الولد، وكان القياس عندهم يقتضي أن يجوز بيعه، وهو قول بشر. فصل 6974 - وقد قال أصحابنا أن التدبير لا يمنع البيع، وهو أن يقول إذا مت من مرضي هذا أو سفري هذا فأنت حر، فهذا تدبير لا يمنع البيع عندهم وعليه حملوا خبر جابر (رحمه الله) أن النبي صلى الله عليه

وسلم باع غلاما أعتقه مولاه عن دبر منه بثمنمائة درهم في دين عليه. فصل تدبير عبد لشريكين 6975 - ولو كان العبد لشريكين فقالا إذا متنا فأنت حر، فهذا ليس بتدبير، ويجوز لهما بيعه، فأن مات أحدهما صار مدبرا من الأخر لأنه يعتق عليه بموته، والأول لا يعتق بموت أحدهما وإنما يعتق بموتهما. ويصير حينئذ كعبد بين رجلين دبره أحدهما فأن شريكه بالخيار أن شاء أعتق، وأن شاء دبره وأن شاء استسعاه وأن شاء ضمن الشريك ما بين قيمته مدبرا إلى غير مدبر. وعند أبي يوسف ومحمد يصير كله مدبرا من جهة الذي دبره ويلزمه الضمان لصاحبه موسرا كان أو معسرا، فرقا بينه وبين العتق في هذا الموت. فصل جناية المدبر 6976 - وجناية المدبر مضمونة على السيد بقيمة المدبر، وأن جنى أخرى شارك الأول فيما أخذ من المولى، وفي الجناية الثالثة كذلك ابدا. فصل ولد المدبرة 6977 - وإذا ولدت المدبرة ولدا فهو مدبر مثلها وحكمه حكمها في سائر ما ذكرناه.

فصل تدبير العبد المشترك 6978 - وإذا قال كل واحد من الشريكين في العبد دبرت نصيبي منه، أو أنت حر بعد موتي وخرج القولان منهما جميعا معا فهو مدبر منهما جميعا لا يباع ولا يوهب. فصل ثبوت نسب من ادعاه مدبر أو مكاتب 6979 - ولو ادعى المدبر أو المكاتب نسب ولد وصدقه المولى في ذلك ثبت النسب، وهل يفتقر في العبد إلى تصديق المولى؟ فيه روايتان أحدهما يفتقر إلى ذلك والثانية لا يفتقر. فصل 6980 - والمكاتبة إذا ولدت من المولى أن شاءت عجزت نفسها وصارت أم ولد وأن شاءت أدت وعتقت. وإذا قد ذكرنا من التدبير فوجب أن نذكر من الاستيلاد طرفا.

كتاب أمهات الأولاد

كتاب أمهات الأولاد وهذا كتاب أمهات الأولاد الآثار الواردة 6981 - روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال، لمارية رضي الله عنها، اعتقها ولدها، ونادى عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر. (إلا أن بيع أمهات الأولاد حرام) والصحابة رضي الله عنهم

تسمعه فلم ينكر عليه. قال أصحابنا لا يجوز بيع أم ولد ولدت في ملكه عندنا وعند الشافعي ومالك وعامة الصحابة والفقهاء رضي الله عنهم، وقد روى عن علي رضي الله عنه أنه قال كان رأيي ورأى عمر أن لا يبعن ثم رأيت ارقاقهن، فقال له عبيدة السلماني، رأيك في الجماعة أحب إلينا من رأيك في الفرقة. فصل ما يمنع على المستولد 6982 - ويجوز للمولى عتقها ولا يجوز رهنها ولا التصدق بها، ويجوز له أن يؤجرها. 6983 - وقال أصحاب الشافعي، في أجارتها ورهنها وجهان. فصل حكم من تلدهم بعد الاستيلاء 6984 - وما ولدت بعد الولد من سيدها فحكمه حكم ولدها لا يباع ولا يتصرف فيه، ولا يلحق بالمولى إلا بالدعوة. 6985 - وقال زفر يلحق به من غير دعوة، وهو قول مالك والشافعي. فصل استيلاء جارية ابنه 6986 - وإذا استولد جارية ابنه صارت أم ولد ويلزمه ضمان القيمة. فصل استيلاء أمة الغير 6988 - ولو تزوج أمة الغير فأولدها، ثم اشتراها فقد صارت أم

ولد ولا يجوز بيعها. 6989 - وقال الشافعي له البيع ولا تكون أم ولد إلا في ملكه. فصل إعتاق أم الولد من جميع المال 6990 - وتعتق من جميع المال ولا تسعى في دين أن كان على السيد. فصل هل تضمن أم الولد بالغصب 6991 - ولا تضمن بالغصب عند أبي حنيفة وقالا تضمن وأن كان بين رجلين فأعتقها أحدهما لم يضمن عند أبي حنيفة، ويضمن عندهما، وفي المدبر يضمن في الغصب والعتق. فصل تزويج أم الولد 6992 - ويجوز أن يزوجها وأن كرهت، وقال الشافعي لا يجوز له ذلك. فصل حكم أم الولد 6993 - وأم الولد ليست بمال عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد هي مال ولا ترث سيدها، وأن مات ولدها قبل سيدها لم ترثه ولا يجوز عتقها في كفارة. فصل اختلافهما في نسب الولد 6994 - وإذا أدعت أمة على مولاها أنه استولدها هذا الولد الحاضر

وأنكر المولى ذلك، فأن أقامت بينة على اقراره بولد منها فهي أم ولد، والولد منهما جميعا، وأن لم تكن بينة فأبو حنيفة قال لا يمين على أحدهما، وهذه أحدى المسائل الست، فأن نكل عندهما قضى بنكوله وصارت أم ولد، ولا يكون الولد منهما ما لم يصدقها أن كان كبيرا. فصل ابن الأمة بين شريكين فأكثر 6995 - وإذا جاءت الأمة بولد وهي بين شريكين فادعياه جميعا فهو ابنهما يرثهما، ويرثانه، وهو للباقي منهما، وهذا قول أبي حنيفة. ولا يكون ابنا لما زاد على ذلك. 6996 - وقال أبو يوسف يكون ابنا لهما كما قال أبو حنيفة. 6997 - ومنهم من اثبته من ثلاثة ومنع ما زاد. 6998 - وقد روى عن الحسن أنه روى أنه يكون ابنهم ولو كانوا مائة. 6999 - وقال الشافعي القول للقاقة فيلحقونه بمن اشبه به. 7000 - ومنع أصحابنا أن يكون القائف قوله مقبولا في الدين بلا طريق يرجع إليه. فصل ادعاه أحدهما 7001 - وأن ادعاه أحدهما هما ثبت النسب منه وضمن لشريكه نصف قيمة الأم ونصف العقر لأنه أقر بوطء ملك الغير، ولا حد عليه. فصل العبرة بقول مدعيه في القيمة 7002 - ويعتبر قوله في القيمة يوم ادعى الولد، ولا ضمان عليه

في الولد لأنه دعوة استيلاد فيما يبطل به حق الغير. فصل اختلافهما في قيمة الأمة 7003 - وأن اختلفا في قيمة الأمة ولا بينة فمن أصحابنا من قال القول قول الغارم، ومنهم من قال القول قول الغارم في كل موضع يقوم. 7004 - وقال أصحاب الشافعي، هذا مبني على الأقوال في غرم المعتق ومتى يعتق وقول من يقبل، ولهم في ذلك تفصيل طويل واختلاف كبير، كما أن لهم في كيفية القرعة في العبيد إذا وقع العتق في المرض، وهم متفاضلون في القيمة وإذا جزؤا ثلاثة أجزاء فأما أن تتفق القيمة أو تختلف أو يكون واحد قيمته أكثر من الجماعة أو مثلهم أو مثل اثنين أو ثلاثة أو أربعة منهم، وكل فروعهم في ذلك مضطرب لأنها لا توجد فيما رووا من خبر القرعة ولا يتضمن ذكر قيمة ولا عدد ولا تجزئ، ولهذا لم يستو تفريعهم على ذلك. فصل ثبوت استيلاد الذمي 7005 - ويثبت من الذمي كما يثبت من المسلم لأنهما في العتق يستويان. فصل 7006 - وإذا اسلمت أم ولد النصراني فقد زال ملكه عنها ولا ضمان عليهما عندنا. فصل 7007 - ومسائل الاستيلاد كثيرة وفيها فروع صعبة منها أنه لو جاءت

أمة لرجل بثلاثة أولاد في بطون شتى فنظر إليهم ثم قال أحدهم ولدي ولم يبين ذلك فالجارية أم ولد بالاتفاق ولا يثبت نسب واحد من الأولاد باتفاق علمائنا الثلاثة ويعتق من الجميع الثلث من كل واحد عنه عند أبي حنيفة، وهو كعتاق فوقع عليهم. 7008 - وقال أبو يوسف ومحمد يعتق من الأكبر الثلث ومن الأوسط النصف ومن الأصغر كله. 7009 - وروى عن ابي يوسف أنه يعتق من الأكبر النصف أيضا. 7010 - وهو باب كثير الفروع وقل أن يقع فلا معنى لذكر مسائله، وإنما اعتمدنا في هذا الكتاب الأصول وما يكاد يقع وتدعو الحاجة إليه، ولما كان الإنسان تارة يحلف بالله وأخرى بالطلاق وثالثة بالعتاق وكان ولكل يمين حكم ولكل باب جواب وجب أن نذكر من الأيمان ما يعرف به الحكم في الأبواب المذكورة ونقدمه على الولاء كما أخرناه عن هذه الكتب.

كتاب الأيمان

كتاب الأيمان وهذا كتاب الأيمان 7011 - اعلم أن اليمين قد يتعلق بها طلاق أو عتاق أو كفارة أو بإثم مخصوص، أو لا يتعلق بها شيء من ذلك والقاضي يجب أن يعرف اليمين التي تكفر، بالكفارة فيها ومواضع الحنث ليحكم في ذلك بما يجب الحكم ويفتي بما يجب الفتوى به. 7012 - واليمين معمول بها في سائر الشرائع وكل مقر بالصانع يخاف دركها ويرجو ثوابها. أنواع الأيمان 7013 - وقد قال محمد بن الحسن في الأصل أن الأيمان ثلاث. 1 - يمين تكفر 2 - يمين لا تكفر 3 - ويمين نرجو أن لا يؤخذ الله بها. اليمين التي تكفر 7014 - فاليمين التي تكفر هي اليمين التي يتصور فيها البر

والحنث وهي المنعقدة، وذلك ما كان على المستقبل دون الماضي. 7015 - وهذا مما لا اختلاف فيه بين العلماء أن الكفارة تثبت بالحنث. فصل اليمين الغموس 7016 - واليمين التي لا تكفر هي اليمين الغموس التي هي غير منعقدة بأن يحلف أنه ما فعل كذا وهو فعله، وقد فعل كذا، وما فعله ولا كفارة فيها عندنا إلا التوبة والاستغفار.

7017 - وقال الشافعي تجب فيها الكفار كما تجب في اليمين التي يحنث فيها وهي منعقدة. 7018 - والأصل عندنا أن الكفارة لا يجوز اثباتها إلا من طريق التوقيف أو الاتفاق. 7019 - وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اليمين الفاجرة تدع البلاد بلاقع). ولأنها لا يتوقع فيها الحنث والبر فهي كاللغو. فصل اليمين اللغو 7020 - اليمين التي يرجى أن لا يؤاخذ الله بها هي اللغو، وهي أن يحلف الإنسان على شيء وهو يعتقد أنه كما حلف وهي قول الرجل لا والله وبلى والله، هكذا روى عن عائشة رضي الله عنها وغيرها من الصحابة أنهم قالوا ذلك، وقد قال الله تعالى (ولا يؤاخذكم الله

باللغو في إيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان) ثم قال: (فكفارته إطعام عشرة مساكين) الآية. فقسم ذلك قسمين أحدهما تجب به الكفارة والأخر لا تجب. فصل اليمين المجمع عليها 7021 - واليمين المجمع عليها ما كانت باسم الله تعالى أو بصفة من صفاته، وما عدا ذلك فمختلف فيه نحو، اقسم وأشهد وأحلف وأنا يهودي أو برئ من الإسلام. فقال أصحابنا هي إيمان، وقال الشافعي وزفر ليست بإيمان وكذلك في حق الله. قال أبو حنيفة ما افترضه على عباده تعالى، وقال غيره من أصحابنا هي يمين وكذلك عهد الله. 7022 - وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم، ومن كان حالفا فليحلف بالله تعالى أو ليدع).

فصل لا كفارة بالحلف بغير الله 7023 - وأجمعوا على أن الحلف بغير الله تعالى لا تجب به كفارة كالحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالبيت وبالقبر وبزمزم وبالصفا وبسائر بقاع المناسك أنها إيمان بغير الله تعالى. فصل 7024 - وكذلك أن قال: آكل الميتة أو أشرب الدم أو آكل الخنزير فليس هذه بإيمان ولا كفارة فيها. فصل 7025 - وأن قال على كفارة يمين أو بنحو كذا أو عبدى أبي أو أمي. فصل 7026 - وقد اختلف في ذلك فقال أصحابنا يجب بنحر ولده شاة وبنحر نفسه وأبيه خلاف. 7027 - وقال الشافعي كل هذا لا يجب به شيء، وهو قول زفر. فصل 7028 - وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه".

7029 - وقال أصحابنا تجب الكفارة بالحنث، ولا يجب تقديمها على الحنث. 7030 - وقال مالك تجب بعقد اليمين ولا يجوز تقديمها عليها. 7031 - وقال الشافعي تجب بالحنث ويجوز تقديمها على الحنث. 7032 - ولو جاز تقديم ذلك لجاز بسائر الأنواع والصوم، وقد وافق على أنه لا يجوز بالصوم حى يحنث فكذلك سائر البدلات الثلاث، ولأنها وضعت لتكفير الحنث وليس ذلك بحاصل ولا موجود. فصل 7033 - وإذا أعطف اسمه على اسم أو صفة على الاسم بواو العطف فهما يمينان عندنا. 7034 - وقال الشافعي، أن لم يكن له نية فهي يمين واحدة. فصل تعليق الطلاق على يمين 7035 - ومن حلف يمينا على طلاق أو عتاق أو بالله تعالى ففعل المحلوف عليه ناسيا أو مكرها فقد حنث عندنا. 7036 - وقال الشافعي لا يحنث في أحد قوليه. فصل قوله لا أكلم الناس 7037 - ومن قال لا أكلم الناس فكلم واحدا حنث، وكذلك لا

وطأت النساء فوطأ واحدة حنث بواحدة من الجنس لأن اليمين إذا لم تكن محصورة فالمراد بها الجنس وذلك لا يمكن استغراقه فحنث بالبعض. فصل لا أكلم هذين 7038 - ولو قال لا أكلم هذين الرجلين فكلم أحدهما لا يحنث لأن اليمين على كلامهما جميعا. فصل 7039 - ولو قال لا أدخل هذه الدار وهو فيها لم يحنث حتى يخرج ثم يدخل. فصل هذا الثوب 7040 - ولو قال لا ألبس هذا الثوب وهو لابسه، أو لا أركب هذه الدابة وهو راكبها فنزع من ساعته الثوب أو نزل عن الدابة لم يحنث وأن لم ينزع أو لم ينزل لم يحنث. 7041 - وقال زفر يحنث في الفصلين جميعا. فصل يمين أهل الذمة 7042 - ومن حلف من اهل الذمة بالله ثم حنث لا كفارة عليه ويمينه غير منعقدة عندنا. 7043 - وقال الشافعي يحنث. 7044 - لأن ما هو فيه من الكفر أعظم من الحنث.

فصل متابعة الصوم 7045 - ومن كفر بالصوم فإنه يصوم ذلك متتابعا ولا يجزيه إذا فرق. 7046 - وقال الشافعي يجزيه إذا فرق، وقد روى في قراءة عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه، "فصيام ثلاثة أيام متتابعات". فصل التفكير بالكسوة 7048 - وإن كان ذلك بالإطعام أجزاء أن يغذي الفقراء أو يعشيهم. 7049 - وقال الشافعي لا يجوز حتى يدفع إليهم قدر الكفارة. فصل مقدار ما يكفر به 7050 - وعندنا يعطي لكل فقير نصف صاع من تمر. 7051 - وقال الشافعي مد، وهو رطل وثلث من القمح بالبغدادي. فصل 7052 - وإن أعطى كل يوم لفقير واحد طعمته أجزاء. 7053 - وقال الشافعي لابد من عشرة أشخاص والمعشر عندنا بإخراج

القدر إلى الفقراء لا أغناء الفقراء لأن الإطعام هو طعمتهم وقد وجد شرط الدفع وهو الفقر. فصل 7054 - وإن كسا خمسة وأطعم خمسة أجزاء ذلك عند أبي يوسف إذا بلغ قيمة ذلك أجزاء عندنا، والقيمة لا تجوز في الزكاة. 7055 - وقال الشافعي لا تجزيه القيمة في الموضعين. فصل لا أدخل دار فلان 7056 - وإن قال، لا أدخل دار فلان هذه فباعها ثم دخلها في ملك غيره لم يحنث عند أبي حنيفة. 7057 - وقال محمد يحنث لأنه عينها باليمين. 7058 - وقد أتفق الجميع على أنه لو قال لا آكل هذه البسر فصار رطبا فأكله أنه لا يحنث. فصل هذا الحمل 7059 - ولو قال هذا الحمل فصار كبشا فأكل منه حنث في قولهم جميعا. فصل دابة فلان 7060 - ولو قال، لا أركب دابة فلان فركب دابة عبد مأذون له في التجارة لم يحنث، وقال بعض أصحابنا يحنث لأن العبد يوالي ويعادي.

فصل داراً لفلان 7061 - ولو حلف لا دخل دار فلان فدخل دارا هو فيها بأجرة حنث عندنا، وقال الشافعي لا يحنث. 7062 - لأن الدار تضاف إلى الساكن كما تضاف إلى المالك. فصل الحلف على الخروج 7063 - ولو قال لزوجته أن خرجت من الدار إلا بإذني فهو على كل موضع. 7064 - وقال الشافعي في أحد قوليه يكفي إذن واحد وتجل اليمين. 7065 - لأن الحلف على الخروج عام، وقد استثنى منه ما كان موصوفا بأذنه فبقى ما عداه بحاله. فصل إلا أن آذن 7066 - ولو قال، إلا أن آذان لك فهذا على أذن واحد، وقد وجد ذلك، فانحلت اليمين. فصل إذن وهي لا تسمع 7067 - ولو أذن لها وهي لا تسمع ذلك فقد قال أبو يوسف هذا آذن ولو كان بالعين.

7068 - وقال محمد لا يكون ذلك إذنا حتى تعلم ذلك، وقد روى كل واحد عن أبي حنيفة مثل قوله. فصل لا أقرأ لفلان كتاباً 7069 - ولو قال: لا أقرأ لفلان كتابا فنظر فيه ولم يقرأه بلسانه فإنه لا يحنث عند أبي حنيفة. 7070 - وقال محمد يحنث، لأن القراءة فعل القارئ لأنظره في الكتاب. فصل تحليف السلطان 7071 - ولو حلف السلطان رجلا بالطلاق أو غيره من الإيمان لا يخرج من البلد إلا بعلمه، أو حتى رأى رجلا ذكره أخذه به فعزل السلطان فاليمين تحل بعزله، ولا يلزمه الحنث بعد العزل، وإنما يمينه أدام سلطانا عند أبي حنيفة وسائر الأصحاب. 7072 - وروى عن أبي يوسف أنه يحنث مادام باقيا. فصل حلف على خروجها إلى الحمام 7073 - ولو خرجت امرأته إلى الحمام فقال لها، ارجعي فلم ترجع، فقال إن خرجت إلى الحمام فأنت طالق فرجعت إلى الدار ثم خرجت بعد ذلك بيوم أو أيام لا يحنث واليمين مقصورة على تلك الخرجة إلا أن ينوي بذلك الدوام فتكون له على ما نوى.

فصل لا يدخل هذه الدار 7074 - ولو حلف على هذه الدار لا يدخلها فخربت ثم دخلها يحنث عندنا. وقال الشافعي لا يحنث. لأنها تسمى بعد الخراب دارا، ولهذا يقال دار بني فلا وديار بكر وإن لم يبق بها أحد من ولده. 7075 - ولو قال ذلك لبيت معروف فخرب ثم دخله لم يحنث لأنه لا يسمى بيتا بعد الخراب. فصل 7076 - وإن بناها دارا أخرى حنث، فإن بناها حماما أو جعلها بستانا أو مقبرة ثم دخلها لم يحنث لأن الاسم زال عنها وتجدد لها اسم آخر. فصل إن فعلت كذا 7077 - وإن قال، إن فعلت كذا فلله على المشي إلى الكعبة أو إلى البيت الحرام لزمه المشي إلى ذلك الموضع أما لحجة أو لعمرة في قول أصحابنا جميعا. فلو قال إلى المسجد الحرام أو إلى الحرم فليس عليه شيء في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد هو مثل مكة والبيت يلزمه حجة أو عمرة.

فصل 7078 - ولو قال، إن حلفت بطلاقك فعبدي حر. وقال للعبد إن حلفت بعتقك فامرأتي طالق فقد حلف بالطلاق وعتق العبد، ولم تطلق الزوجة، بخلاف ما قاله بعض أصحاب الشافعي أنه غير حالف لأن اليمين عقد بتنظيم الشرط والجواب، والشرط هو المتقدم في الحكم والجواب هو المتأخر في الحكم فما دخل تحت إن وإذا ومن وسائر حروف الشرط، والجواب هو ما دخل المجازاة بإلغاء مضمر أو مظهر، فالمحلوف به هو ما دخل تحت الجواب لا ما دخل تحت الشرط لأنه لا يحتاج أن يكون في ملكه لينقذ الحكم والشرط لا يحتاج أن يكون في ملكه بإجماع لأنه غير محلوف هـ، فإذا عرفت هذه الجملة فالشرط في المسئلة الأولى الحلف بطلاق امرأته، لأن الذي دخل في الجواب في اليمين الثالثة قوله، فامرأتي طالق، فالطلاق هو المحلوف به، وشرط اليمين الأولى، هو الحلف بطلاقها وجوابها عتق العبد فوجب أن يعتق العبد لوجود شرط الحنث في الأولى بانعقاد الثانية. فصل إن حلفت بطلاقك الخ ... 7079 - وكذلك لو قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق حتى قال هذا القول ثلاث مرات فإن كانت مدخولا بها طلقت اثنتين فانعقدت الثالثة لأن شرط اليمين الأولى الحف بطلاقها وجوابها وقوع الطلاق عليها وكذلك شرط الثانية والثالثة يعقد شرط الأولى بانعقاد الثانية فيقع تطليقه بانحلال اليمين الأولى وانعقاد الثانية.

فصل 7080 - فإن لم تكن بها فإن الثانية تنعقد ويحنث في الأولى بانعقاد الثانية فيقع عليها تطليقه بالحنث في الأولى وبانت منه فلا تنعقد الثانية إذا حلف بالطلاق لأن شرط كون المحلوف بطلاقها في ملكه، فإذا لم تنعقد الثانية بقيت اليمين الثانية معقودة كما كانت فلا يجب فيها. فصل أنت حر إن حلفت إلخ .. 7081 - ولو قال أنت حر إن حلفت بطلاق امرأتي ثم قال لامرأته أنت طالق إن شئت لم يعتق عبده، لأن الطلاق المعلق بمشيئتها يكون تمليكاً ولا يكون يميناً لأنه مقصور على المجلس، ولا يختص ما شرط بالمجلس دون غيره إلا أن يعلقه بالمجلس من جهة اللفظ. وأما إذا قال لها بعد اليمين بعتق العبد أنت طالق إن قمت أو قعدت أو أكلت أو دخلت الدار فهذه كلها أيمان الطلاق. وإن كانت معلقة بفعلها لأنها ليست مقصورة على المجلس، فإذا كان كذلك عتق العبد لوجود شرط الحنث في اليمين الأولى وهو انعقاد اليمين بطلاق امرأته. فصل حلف لا يساكن إلخ .. 7082 - ولو حلف لا يساكن فلاناً في دارٍ فسكن في مقصورة من الدار والآخر [في أخرى] لم يحنث حتى يجتمعا في دار واحدة أو مقصورة واحدة. وإن وقع الاسم على الجميع فإنه ينصرف بالعرف إلى ما ذكرناه إلا

أن ينوي ما قلناه فيخنث وقد يكون الاسم عاما يعم مسميات كثيرة ويستعمل في بعضها بالعرف كاللحم والرؤس فإنه لا يعم كل رأس ولا كل لحم لأنه يخرج منه لحم السمك عندنا. وعند الثوري، وفي رواية عن أبي يوسف أنه يحنث في السمك الطرئ. وقد يكون الاسم عاما ويستعمل في جميع ما يتناوله كالناس والنساء والطعام والركوب وهو على العموم إلا أن ينوى الخصوص فيصار إليه. فصل 7083 - ولو قال، لا أساكن فلانا في دار أو بيت أو مدينة فجاء زائر له لم يحنث لأن الزائر ليس ساكن في العرف عند العلماء والعامة. فصل حلف لا يسكن هذه الدار 7084 - ولو حلف لا يسكن هذه الدار فتحول من ساعته لم يحنث عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. 7085 - وقال زفر يحنث. 7086 - لأن اليمين تنعقد على ما يمكن الاحتراز عنه فلا يدخل تحت اليمين. فصل لا أساكنك 7087 - ولو، قال لا أساكنك في هذه الدار وعينها فاقتسماها وافرز كل واحد منهما حصته منها وجعل لها بابا أو طريقا ثم دخلها بعد ذلك حنث. لأن كل جزء منها قد تناولته اليمين لكونه معينا فحنث بدخول كل جزء منها.

فصل لا يسكن داراً لفلان 7088 - ولو حلف لا يسكن دارا لفلان وقد كان باع دارا له فسكنها لم يحنث عندهم جميعا. ولو اشترى فلان بعد اليمين دارا فدخلها حنث عند أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف لا يحنث، لأن اليمين تقع على ملك في الحال، كما لو قال ملك فلان، وأبو حنيفة يعتبر الإضافة وقت الدخول، وهي مضافة إلى المحلوف عليه. فصل لا آكل طعاماً لفلان 7089 - وأجمع الجميع على أنه لو قال لا آكل طعاما لفلان أنه إذا أكل طعاما اشتراه فلان بعد اليمين حنث، وفرق بينهما بأن الطعام يشتري كل وقت ولكن الدار لا تشتري كل وقت، وهو فرق صورة. فصل 7090 - والدخول على الانفصال من خارج إلى داخل يقع في العرف، وهو عكس الخروج. فصل 7091 - ولو حلف لا يكلم صاحب هذه الدار أو امرأة فلان فكلمها بعد الطلاق والآخر بعد بيع الدار حنث عندهم جميعا لأن اليمين على المرأة والرجل جميعا وهما بعد ذلك كما كانا قبل المعنى الحادث.

فصل لا يجلس على الأرض 7002 - ولو حلف لا يجلس على الأرض فجعل فوقها حصيرا لم جلس لم يحنث. 7093 - وقالوا لو قال لا يجلس فوق السطح فجلس على حصير عليه يحنث، لأنه هو السطح. فصل لا أجلس فوق سرير 7094 - ولو قال لا أجلس فوق سرير فجعل عليه آخر أو فوق فراش فجعل عليه آخر ففيه خلاف بينهم. فصل الأيام والشهور والجمع 7095 - والأيام والشهور والجمع عند أبي حنيفة عشرة، إذ قال لا أكلمه الأيام أو الجمع أو الشهور، وقال أبو يوسف ومحمد الأيام الأسبوع والشهور السنة والسنين الأبد. فصل أياماً 7096 - ولو قال أياما فهي عشرة عند أبي حنيفة وروى عنه ثلاثة أيام. فصل أدنى الصلاة والصوم 7097 - والصلاة لا يحنث حتى يصلى ركعة وسجدتين والصوم

بالدخول فيه، وسوى الشافعي بين الجمع في الحنث. فصل قراءة القرآن 7098 - وقال أبو حنيفة لو حلف [لا يتكلم] فقرأ القرآن فإن كان في الصلوة لا يحنث، وإن كان خارج الصلوة حنث. 7099 - وقال الشافعي يحنث في الموضعين. لأنه غير متكلم. فصل الكلام والإشارة 7100 - ولو حلف لا يكلم رجلا فأشار إليه بيده لم يحنث، ومن أصحاب الشافعي من قال يحنث لأن ذلك ليس بحقيقة الكلام. فصل إذاعة السر 7101 - ولو قال لا أذيع لك سرا فكتب به وأشار بيده على غيره حنث لأن ذلك إذاعة للسر. فصل 7102 - ولو قال على أول خبر والعلم يقع بالثاني فكذلك (الخبر) وقبل الخبر مثل ذلك، ومبنى الإيمان على العرف دون ما يقتضيه إطلاق الاسم. فصل تكرار الإيمان على فعل واحد 7103 - وتكرار الإيمان على فعل واحد يقتضي تكرارها إلا أن ينوي

تأكيد الأول، لأن اللفظ الثاني لو انفرد وجب به الكفارة ولزمت اليمين فكذلك حال الاجتماع. فصل اليمين على فعل المحظور 7104 - واليمين على فعل المحظور والمباح سواء في وجوب الحث ووجوب الكفار بالحنث. وكتاب الإيمان كتاب كبير وفروعه كثيرة ومحمد ذكر في الجامع يفا وسبعين بابا في الإيمان وهو كثير الخلاف والوفاق، وذكر جميعه لا يمكن وقد ذكرت من ذلك معرفة بعض ما يحتاج إليه، ولما كان الولاء نتيجة للعتق والعتق يجب بالخنث ويحصل بالإيقاع في الرق وجب ذكر الموضع (الذي) يثبت فيه والموضع الذي لا يثبت.

كتاب الولاء

كتاب الولاء وهذا كتاب الولاء 7105 - اعلم أن الولاء يثبت للمولى المعتق على عبده بدلا من نعمته عليه بالعتق فيصير به عصبة له، فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الولاء لحمة كلمة النسب، لا يباع ولا يوهب». وقال النبي صلى الله عليه وسلم «الولاء لمن وزن الثمن» والذي وزن الثمن هو الآمر والعتق عنه كالوكيل في الإيقاع.

فصل ثبوت الولاء للعصب 7106 - وهو يثبت للعصب ولا يرث أحد مع العصب عند أبي حنيفة ومحمد. وهو قول عامة الفقهاء ويتبين ذلك في امرأة اشترت عبدا يكون للأب السدس وللابن خمسة أسهم من ستة كما في قسمة الميراث. فصل 7107 - وقال أبو حنيفة في امرأة أسلمت على يدي رجل ووالته أنه يصير مولى لها ويدخل تحت ولائه من ولدت بعد ذلك ومن لم تلده قبل ذلك لأنه حق يسرى كالنسب. 7108 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يدخل. 7109 - وفي الاستحسان يكون للأب لأن الولاء كالنسب. 7110 - ولا يثبت النسب في حق العتق وهو المستحق للولاء فيقبل قوله في ذلك. فصل 7111 - ولو كان معه وارث غيره أعني ابن آخر فكذبه وجب على العبد السعاية الذين كذبه ويكون الولاء نصفه للذي استسعاء ونصفه للأب عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد يكون النصف موقوفا.

فصل إعتاق الحربي عبداً 7112 - والحربي إذا اعتق عبدا في دار الحرب حربيا لا ينقذ عتقه إلا أن يخلى فيعتق ويكون الولاء له، وله أن يوالي من شاء عند أبي يوسف ومحمد، ولا ينفذ العتق عند أبي حنيفة لأن ملكه غير تام على ما في يده، لأنه يجوز أخذه من غيره قضاء ولا راء فهو على سبيل الإباحة. فصل 7113 - وقال أبو يوسف ليس له إلا أن يوالي من شاء، وولاؤه له. فصل إعتاق مسلم عبداً في دار الحرب 7114 - ولو أن مسلما دخل دار الحرب واشترى عبدا من أهل الحرب فأعتقه عتق في القول بالاستحسان، والولاء له في قول أبي حنيفة وهو قول محمد في هذه الرواية. 7115 - وفي قول أبي يوسف ولاؤه له وهو قول محمد في السير الكبير وفرق محمد بين المسلم والحربي. فصل عبد مسلم أعتق في دار الحرب 7116 - ولو كان العبد مسلما وأعتقه مسلم أو حربي في دار الحرب أو في دار الإسلام فولاؤه له بالاتفاق. فصل باع مولاه من حربي 6117 - وإذا تسلط رجل من أهل الحرب على مولاه فباعه من حربي.

أو مسلم صار العبد حرا عند أبي حنيفة لأن مالك مولاه زال عنه وصار المالك مملوكا. 7118 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يعتق إلا أن يخرج إلى دار الإسلام أو يظهر عليه المسلمون. فصل عدم تحول الولاء 7119 - وقال أصحابنا في أمة اشتراها رجل من بني أسد، فاعتقها ثم أعتقت عبدا ملكته، ثم أنها ارتدت والعياذ بالله تعالى ولحقت بدار الحرب فسبيت ثم اشتراها رجل من بني همذان فجني العبد جناية فإن عقله على ابن أسد في قوله أبي يوسف الأول والولاء لا يتحول بعد ثبوته كما لا يتحول النسب، وفي قوله الآخر وهو فول محمد عقله على بني همذان، لأن الولاء لهم في هذه الحال وهو تابع لولاء الأمة يدور حيث دار، وميراثه للمرأة. فصل إقرارها بمولى الصغير 7120 - ولو أن امرأة في يدها ولد صغير لا يعرف أبوه، وأقرت لرجل أنه مولاه [فولاؤه] له والإعتاق إعتاقه، قال زفر إقرارها جائز عليها وعلى ولدها. 7121 - وقال أبو يوسف ومحمد يجوز على نفسها ولا يجوز على ولدها، وهذا ينبني على جواز موالاتها، وهي المسئلة التي مضت. فصل أقر لرجل بأنه مولاه 7122 - فإذا أقر رجل بأنه مولاه الذي اعتقه والمقر له ينكر

ذلك، ويكذبه وأراد أن يقر بولائه لآخر لا يجوز عند أبي حنيفة. 7123 - وقال أبو يوسف ومحمد يجوز، وهذا مثل قول المولى هذا العبد عبدي فلان وكذبه العبد وأراد أن يدعيه لنفسه لا يجوز عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد يجوز لأنه لم يثبت بعد من العبد. فصل أقر بأنه مولى لامرأة 7124 - وإذا أقر الرجل بأنه مولى لامرأة أعتقته فكذبته المرأة وقالت لم أعتقك وكن أسلمت على يدي والدي فهو مولى لها وليس لها أن تحول ولاءه عند أبي حنيفة إلى غيرها. ولها ذلك عند أبي يوسف ومحمد والأصل واحد على ما مضى. فصل لا ولاء للنساء بالعتق والموالاة 7118 - ولا يثبت الولاء للنساء إلا أن يعتقن أو يوالين، لأنه يجرى مجرى التعصيب فلا يثبت للنساء. فصل ترتيب الولاء 7119 - والأخ للأب والأم أولى بالولاء ويقدم على الأخ للأب، وعن الشافعي في بعض الأقوال أنهما سواء لتساويهما في الانتساب إلى الأب. وكذلك قال في النكاح في أحد قوليه والصلاة على الجنازة.

فصل جر الولاء 7120 - رجل زوج عبده مولاة لقوم فأولدها أولادا فهم أحرار وولاؤهم لمولى الأم وأن أعتق المولى الأب فإنه يجر الولاء إليه لأن الأب هو العصبة وأولى بالميراث. فصل 7121 - ولو كان مكان الأب جد فاعتقه المولى لم يجر الولاء سواء كان الأب حيا أو ميتا. والجلد لا يجر الولاء ولا يصير الولد مسلما بإسلامه، ولا يحجب الأم إلى السدس، ولا ينفرد بنفقة الصغير، وبهذه الأحكام خالف الجد الأب. 7122 - وفي الولاء مسائل كثيرة وفروع موقوفة مع المسائل، ولا يمكن ذكر الجميع. وإذا قد ذكرنا أحكام الأقوال في المعاملات والمناكحات وسائر ما طريقة القول، وجميع ما تقدم في هذه الكتب أما أن يكون الرجل يجوز له أن يتولى ذلك بنفسه أو بغيره ومنها ما يتولاه بنفسه ولا يتوله بغيره ومنها ما يتولاه بغيره ولا يتولاه بنفسه ومنها ما لا يجوز له أن يتولاه بنفسه ولا بغيره فالعقود الجائزة في الشرع يجوز له أن يتولاها بنفسه ويتولاها بغيره وما يتولاه بنفسه ولا تجوز النيابة فيه فهو الوطء في النكاح وملك اليمين والعبد والاحتشاش وأخذ الماء من المواضع المباحة، وما يتولاه الغير له ولا يجوز له أن يتولاه فهو كالحكم ولشهادة يجوز له أن يفعله الغير له ولا يجوز أن يفعله لنفسه، وما لا يجوز أن يتولاه لنفسه ولا يجوز للغير أن يفعله فهو سائر العقود الباطلة المحرمة لا يجوز أن يفعلها ولا تفعل لأجله.

وإذا قد ذكرنا الأقوال وأحكامها وجب أن نذكر الأفعال ونبتدي من ذلك بالجنايات.

كتاب الجنايات

كتاب الجنايات وهذا كتاب الجنايات 7123 - ترجم بعض الفقهاء هذا الكتاب بكتاب القصاص والديات، وبعض بالجنايات، وقد يتفق جناية لا قصاص فيها ولا دية

ولا تخرج أن تكون جناية فتسميته بالجناية أعم وبالقصاص والديات أخص، ولكل واحد من القولين وجه في التسمية. فصل القتل محظور 7124 - والقتل محظور في الجملة على كل قاتل إلا أن يوجد أذن الشرع له في ذلك. 7125 - وهو من الكبائر المتوعد عليها المجمع على ذلك وهو مغلظ على الكبائر. 7126 - وفيه آيات محكمات وسنن ثابتات وأدلة قاطعة وبراهين بينة، وخلاف كثير وأصول مختلفة. وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}.

فذكر الله تعالى في هذه الآية حكم الآخرة، وما أعده من الجزاء لفاعل القتل، وقد ذكر الخلود في النار، وضم إلى الخلود في النار، وضم إلى الخلود الخبر عن غضبه واللعنة لفاعله وعظيم عذابه، وما يستعظه الله تعالى فلا أعظم منه ولا أكبر. وذكر في آية أخرى أحكام الدنيا وما يجب به القصاص فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى}. ثم ذكر العفو عن بعضنا لبعض، وبين في آية أخرى أن للولي القصاص وقتل القاتل فقال تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً}. فصل معنى الإسراف في القتل 7127 - وقد اختلف في معنى الإسراف فقال بعض العلماء هو المثلة بالقائل وقال آخرون هو أن يقتل غير القاتل، وكلا القولين عندنا مراد بالآية فإنه لا يجوز الإسراف في المثلة ولا بقتل غير القاتل.

7128 - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «وإذا قتلتم فاحسنوا القتلة». فصل متى يجب القتل 7129 - ونهى عن المثلة. 7130 - وقد قال أصحابنا أنه إذا قتل بغير السيف والحديد بمثقل

كالحجر العظيم والخشبة العظيمة أنه لا قصاص عليه عند أبي حنيفة. 7131 - وقال أبو يوسف ومحمد يجب القصاص بكل آلة الغالب عليها أن القتل يحصل بها. 7132 - وهو قول الشافعي. 7133 - واتفق أصحابنا على أنه لا يستوفى القصاص بذلك إذا وقع به القتل. 7134 - وقال الشافعي يقتل القاتل بمثل ما به من الآلات، إلا اللواط فإنه يعمل له خشبة وتولج فيه حتى يموت. 7135 - وأن قتله بخمر فإنه لا يسقى الخمر ولكن يسقى بالماء حتى يموت. 7136 - وكذلك قال بعض أصحابنا أنه لا يقبل بالنار. 7137 - وجملة القول أن الذي يعتمد عليه أن الله تعالى قال فعاقبوا بمثل ما عقوبتم به. وأم النبي صلى الله عليه وسلم رضخ رأس يهودي بين حجرين

لأنه كان رضخ رأس جارية من الأنصار وهو خبر رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وهو صريح في الآلة لو فعل به مثل ما فعل فلم يمت أنه يقتل بعد ذلك، وليس هذا مثلة إذا ضربه بعدد تلك الضربات فلم يمت أنه يقتل بعد ذلك، وقال أصحابنا في أخذنا دلالة على أنه كان قبل النهي عن المثلة. 7138 - وقد روى عنه عليه السلام أنه قال: لا قتل إلا بالسيف وروى بحديدة وهو نص في الاستيفاء والوجوب، وتركوا قولهم في الخمر واللواط. فصل 7139 - وهذا عند أبي حنيفة شبه العمد، قبل الخطأ شبه العمد. 7140 - قتل السوط والعصا فيه مائة من الإبل فيها أربعون خلفة (في بطون أولادها). فصل أنواع القتل 7141 - وقال أصحابنا، القتل على ثلاثة أضرب:

1 - عمد 2 - وشبه عمد 3 - وخطأ. 7142 - وقال مالك بن أنس، لا أعرف شبه العمد والقتل على ضربين عمد وخطا، فأما شبه العمد فلا أعرفه، وقد بينا أن فيه سنة ثانية نادي بها النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح واشتهر أمرها فلم يعرف متى قال ما قال.

7143 - ومثل قولنا قال الشافعي في ذلك. فصل الجراح ضربان 7144 - واتفق جميع العلماء على أن الجراح كلها على ضربين عمد وخطأ، وليس فيه شبه عمد، وهو (قول) مالك لولا السنة المروية في ذلك. فصل هل لقاتل العمد توبة؟ 7145 - وقد اختلف الصحابة (رض) في ذلك هل تقاتل العمد توبة. 7146 - فقال أبو هريرة وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم لا توبة له، وقال في الحجة هل يستطيع أن ينبغي نفقاً في الأرض أو سلما في السماء؟ فقال السائل لا، فقال فلا توبة للقاتل. 7147 - وقال عمر بن الخطاب (رض) توبته مقبولة، وتلا قوله تعالى {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِة}.

فصل تبعة الآخرة 7148 - واختلف العلماء فيما إذا استوفى منه القصاص في الدنيا هل يبقى عليه تبعة في الآخرة أم لا؟ فمنهم من قال، ليس عليه شيء لأنه قد استوفى منه مثل ما فعل فلا يبقى عليه تبعة. 7149 - وقال آخرون يبقى عليه حق الله تعالى، وإقدامه على مخالفة وعيده، وإنما تعجل حق المقتول في الدنيا، وقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَنْ تَابَ} الآية وهذه الآية تدل على قبول التوبة، وإذا سقط الذنب مع التوبة فمع استيفائه مثلة، والأمر غي الجميع مقتبس. فصل القود في العمد 7150 - وقبل العمد يوجب القود ولا يوجب الدية إلا أن يرضى بذلك القاتل. 7151 - وقال مالك والشافعي ولي المقتول بالخيار إن شاء قتل وإن شاء أخذ دية المقتول، لأنه عليه السلام قال: «من قتل له بعد ذلك قتيل فأهله بين خيرين أن أحبوا قتلوا وإن

شاءوا أخذوا الدية» كذا رواه أبو هريرة وأبو شريح الكعبي. 7152 - وقال أصحابنا المراد بذلك إذا بذل القاتل الدية، ولا تكون دية مأخوذة إلا برضا من يؤدى ذلك وإنما كان في الجاهلية أنه لا يقبل دية إذا بذلت للمولى، لهذا قال تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} يعني يتبعه الولي، {وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ} كما أحب {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} والهاء راجعة إلى الولي، فله أن يأخذ ما أعطاه القاتل، ونهى عن العدوان بعد ذلك في الأخذ والعطاء، والخبر يتضمن رضا الولي حتى يأخذ الدية، وليس فيه إسقاط رضا القاتل، ونحن نضمن ذلك بالدليل على الرضا بالأداء إليه. فصل 7153 - وقد اتفق الفريقان على أن كل من وجد جنس حقه، وبذل له، أنه لا يجوز له العدول إلى غيره إلا برضاء المؤدى من سائر الحقوق وذوات الأمثال. 7154 - والقتل إنما شرع لصيانة الدماء وردعا عن القتل، فكل من يجب قراره في دارنا على التأييد فالقصاص مسوغ بقتله في الجملة،

وسائر الناس في هذه الجملة سواء، المسلم والذمي والحر والعبد والصغير والكبير والذكر والأنثى والقريب والبعيد، وكل هذه الجملة مختلف فيها. فصل قتل المسلم بالذمي 7155 - فالمسلم يقتل بالذمي عندنا، ولا يتقل بالمستأمن في أصح الروايتين. 7156 - وقد روى الطحاوي في مختصره عن أبي يوسف أنه يقتل به. 7157 - وقال الشافعي وغيره لا يقتل مؤمن بكافر. 7158 - وأن جرح الذمي ذمياً فاسلم الجارح ثم مات المجروح قتل

المسلم به وإن كان مؤمناً. 7159 - فإذا خرج من الخبر هذا واللفظ يمنع منه حمل أصحابنا الخبر على المسلم إذا قتل الكافر الحربي، لأنه عليه السلام قال «ولا ذو عهد في عهده» والكافر الذي لا يقتل به ذو العهد هو الكافر الحربي، وكذا المؤمن الذي لا يقتل بالكافر مثله لأنه معطوف عليه. وقد روى أنه عليه السلام أقاد مسلما بذمي. وقال (أنا أولى من وفى بذمته) ولأنهما تساويا في الحرية وحقن الدم على التأييد، وليس بينهما أبوة ولا ملك، والقتل عمداً يوجب القصاص لأنه بهذه الأوصاف يجب القتل على المسلم والذمي للذمي. وقد روى عن أبي يوسف أنه رجع عن ذلك، وفيه بيت شعر: جار أبو يوسف في حكمه ... بقتله المسلم بالكافر

فصل قتل الحر بالعبد 7160 - والحر يقتل بالعبد عندنا إذا كان عبداً لغيره ولا يقتل بعبد نفسه. 7161 - وقال الشافعي لا يقتل الحر بالعبد في كل حال الحر بالحر وقد قابل العبد بالحر وجعله بإزائه في الاستيفاء، وأجمعنا على ذلك ولأن العبيد يحتاج إلى زاجر عن قتلهم كما يحتاج في ذلك الحر. فصل قتل الذكر بالأنثى 7162 - ويقتل الذكر بالأنثى والأنثى بالذكر عندنا وهو قول الشافعي وعامة الفقهاء. 7163 - وحكى أبو موسى في مختصره إن من الناس من قال لا يقتل حتى يغرمه أولياء المرأة تمام الدية يعني دية الحر القاتل، وقال آخرون لا يقتل بحال. 7164 - وعندنا أن النفوس متكافئة الصحيح والسقيم والحر والعبد

والصغير والبالغ والذكر والأنثى لقوله تعالى {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وقول النبي صلى الله عليه وسلم «العمد قود» ولأجل العلة التي تقدمت لها. فصل 7165 - ولا يتقل الوالد بولده عندنا، وهو قول الشافعي [وأحمد]. 7166 - وقال مالك إلا النفحة بالسيف وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يقتل والد بولده» ولقياس يوجب أن يقتل به لولا السنة. فصل قتل الجماعة بالواحد 7167 - وتقتل الجماعة بالواحد ولا غرم عليه لمن بقى، وقد قال عمر بن الخطاب (رض): (لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به). 7168 - وهو قول الشافعي ومالك. وقال بعض الفقهاء، يقتل به واحد من الجماعة ويقترعون فمن وقعت عليه القرعة قتل.

7169 - والقرعة لا توجب القتل على من لا قتل عليه. 7170 - وقال بعض الفقهاء عليهم دية لمقتول. فصل القتل بالجماعة 7171 - وعندنا يقتل بالجماعة، وقال الشافعي يغرم ديات من بقى من العبيد، إن كان القاتل حراً وإن كان عبداً قتل بالجماعة ولا غرم على المولى، ولأنهم ساووه إذا قتلوه إذا قتلوا فساواهم إذا قتلوا به كالواحد مع الواحد. فصل قتل الولد بالوالد الخ 7172 - واتفق الجميع على أن الواحد يقتل بالجماعة وأن الولد يقتل بالوالد والعبد بالحر والكافر بالمسلم والمرأة بالرجل. فصل من لا قصاص بينهم 7173 - واتفق أصحابنا على أن القصاص لا يجرى بين الأحرار والعبيد في الأطراف ولا بين النساء والرجال والواجب في ذلك الأروش والديات. 7174 - وقال الشافعي كل محصنين جرى القصاص في النفس فإنه يجرى في الطرف واعتبر الأطراف بالنفوس. فصل ما تجب فيه الكفارة بدلًا من القصاص 7175 - واتفق الجميع على أنه لا يقطع الصحيح بالأشل ولا الكامل إلا صابع بالناقص، ويقتل الصحيح بالزمن وبالمقظوع الأطراف وأن حرمة النفس آكد وحكمها أعظم وتجب الكفارة.

فصل ما لا كفارة فيه 7176 - ولا يجب قطع كفارة ولا قسامة. فصل لا يقطع عضوان بعضو 7177 - وقال أصحابنا، ولا يقطع يدان بيد، ولا تفقأ عينان بعين ولا تقطع رجلان برجل. 7178 - وقال الشافعي إذا لم يتميز الفعل قطعت اليدان بالواحدة، وكذلك سائر الأطراف وقال: لو قطع كل واحد جانبا حتى التقيا فلا قصاص عليهما وتجب الدية كما نقول. فصل عدم مضاعفة الدية 7179 - واتفق الجميع على أنه لو كان ذلك خطأ كان الواجب دية واحدة ولا ديتين. فصل المكرِه والمكرَه 7180 - ويجب القصاص على المكرِه ولا يجب على المكرَه عند أبي حنيفة ومحمد. 7181 - وقال زفر يجب عليها جميعا، وهو أحد قولي الشافعي. 7182 - وقال أبو يوسف لا قصاص. 7183 - وزفر يقول الإكراه لم يبح الفعل فهو كالمختار، وأبو حنيفة

يقول في بعض الطرق عنه أنه آلة للمكره في الفعل، وفي بعضها ينقل الفعل إليه. 7184 - والصحيح أن الإكراه لنفسه معصية يجب به القتل إذا اتصل به القتل. فصل اشتراك العامد والمخطئ 7185 - وإذا اشترك العامد والمخطئ في القتل فالقصاص على العامد لأنه نفس خرجت بخطأ وعمد فهو يشبه العمد، وهو قول الشافعي. 7186 - وقال مالك، يجب على المتعمد فعله لا فعل الغير. فصل 7187 - وإذا اشترك الأب والعامد في قتل الولد فلا قصاص على الأجنبي لأن فعل الأب لا يتعلق به القصاص فهو كالخطأ. 7188 - وقال الشافعي يجب على الأجنبي القود. 7189 - وكذلك الخلاص لو جرحه وجرحه السبع أو جرحه نفسه على الخلاف. فصل اللجوء إلى الحرم 7190 - ومن قتل خارج الحرم ثم لجأ إليه لم يقتل عندنا. 7191 - وقال الشافعي يقتل. 7192 - واتفقوا على أنه لو قتله وهو حربي ثم أسلم أنه لا قتل. 7193 - واتفقوا على أنه يستوفي في الطرف في الحرم وسائر الحقوق.

7194 - واتفقوا على أنه لو قتل في الحرم قتل فيه، لأنه فعل فيه مثل ما فعل. فصل استيفاء القصاص لمن؟ 7195 - ويثبت استيفاء القصاص لكل وارث عندنا. 7196 - وقال الشافعي للرجال والنساء. 7197 - وقال مالك لاحق النساء في القصاص وذلك في الرجال. 7198 - لأنهن يرثن المال كالرجال. فصل عفو أولياء الدم 7199 - ولو عفا أحد أولياء الدم من رجل أو امرأة سقط القصاص، ولمن بقى من الأولياء حصته من الدية وليس له أن يقتص. 7200 - وقال مالك، لمن لم يعف أن يقتص وجعل ذلك كولاية النكاح لكل ولي أت يزوج وبقولنا قال عمر وابن مسعود (رض). 7201 - لأنه نفس أحيي بعضها.

فصل عفو المجروح 7202 - ولو عفى المجروح عن الجناية ثم مات سقط القصاص، لأنه أسقط الحق مع وجود سببه. فصل العفو عن الوارث 7203 - ولو عفى عن الوارث فالقياس أن العفو باطل لأنه عفى قبل ثبوت حقه فهو كالشفيع إذا اسقط حقه قبل البيع. 7204 - وفي الاستحسان أن العفو جائز لأن حقه قد تعلق في مرضه ولهذا صح عقده لأجل الوارث فيما زاد عن الثلث. فصل سقوط الدية 7205 - وإذا سقط القصاص بالعفو هل تسقط الدية أم لا؟ فقد قالوا أن كان عفى عن الشجة ثم صارت نفسا فعليه الدية في قولهم جميعا، وإن كان عفى عنها وما يحدث منها أو عن الجناية فقد اختلف في ذلك فمنهم من قال عفوه قبل ثبوت الحق، وقد كان القياس أن يجب القصاص، وإنما سقط بشبهة والدية تثبت مع الشبهة. فصل جناية الثاني 2706 - وإذا قطع رجل يد آخر عمدا من الزند ثم جاء آخر وقطعها من المرفق ثم مات المجني عليه فالقصاص على الثاني عند أصحابنا إلا زفر. وقد قال الشافعي يقتلان جميعا. لأن جناية الثاني إزالة عين الأولى فسقط حكمها والإنسان لا يتألم بما فات.

فصل ما يجب القصاص به 2707 - ويجب القصاص في اليد والرجل والعين وفي أصابع اليد والرجل إذا ما أثبتت في ذلك ولا نعلم في ذلك خلافاً. فصل الاقتصاص من العين 7208 - والعين إذا أراد أن يقتض منها تشد الصحيحة التي لا قصاص فيها ويجعل بإزاء العين التي فيها القصاص مرآة محماة وتقابل بها حتى يذهب ضوءها. فصل الأذن الصماء 2709 - وفي الأذن الصماء القصاص. فصل السن 7210 - والسن إذا قلت عندنا يستأنى بها حولا فإن ثبتت فلا قصاص فيها وإذا لم تثبت ففيها القصاص، وتبرد بالمبرد إذا كسرت وتقلع إذا قلعت. فصل العين 7211 - والعين إذا قورت وأخرج لحمها يفعل بالجاني مثل ذلك لأنا لا ندري كم أخذ من باطن العين من اللحم.

فصل لا قصاص على المقتص 7212 - ومن قطع يد إنسان فاقتص منه فمات من القصاص لا قصاص على المقتص له باتفاق. فصل لا دية على المقتص 7213 - واختلف في الدية فقال أبو يوسف ومحمد والشافعي لا شيء عليه كما لا شيء على الإمام إذا قطع السارق. 7214 - وقال أبو حنيفة تجب دية النفس لأنه استوفى غير حقه، وروى عنه يجب نصف الدية. فصل وفاة المقتص قبل قطع يد الجاني 7215 - واتفق الجميع على أن المقتص لو مات بعد قطع يد الجاني فإن كان استوفى قبل البرء وجب القصاص على الجاني، لأن الجناية صارت نفساً. فصل قطع يمنى رجلين 7216 - ومن قطع يمنى رجلين فإنه تقطع يده لهما ويغرم الدبة فتكون بينهما. 7217 - وقال الشافعي يقطع للأول منهما، ويغرم دية اليد للثاني، وهو حجة في القصاص له أن يغرم لمن بقي.

فصل يد القاطع شلاء 7218 - وأن قطع يد رجل ويد القاطع شلاء أو ناقصة الأصابع، فالمجني عليه بالخيار إن شاء أخذ الدية وإن شاء أخذ اليد الناقصة. 7219 - وقال الشافعي، له أن يقطع ويأخذ ارش ما فات من الأصابع، وروى عنه أنه تجب نصف الدية. 7220 - لأن التساوي يجب في الأطراف لأن فيها معي المال فإذا لم يجد نفس حقه بكماله ثبت له الخيار في أخذ الناقص. فصل اليد المقطوعة شلاء 7221 - ولو كان القاطع صحيح اليد والمقطوع اليد ناقص الأصابع أو يد شلاء فإنه يلزمه دية ما فيها من الأصابع عند أبي حنيفة ومحمد وعن أبي يوسف أنه لا يلزمه دية الأصابع وحكومة عدل فيما قطع من الكف ويجب عليه دية اليد وحكومة عدل. فصل قطع يد من نصف الساعد 7222 - ومن قطع يد رجل من نصف الساعد فلا قصاص في ذلك عليه وعليه دية اليد وحكومة فيما قطع من الذراع، وقد روى عن أبي يوسف أن عليه دية اليد خاصة. فصل للوصي استيفاء القصاص 7223 - واتفق أصحابنا على أن للوصي أن يستوفي القصاص

للصبي فيما دون النفس، وليس له أن يستوفى في النفس، فلو قتل عبد اليتيم أو وليه فليس له أن يقتص عندهم. 7224 - وقال بعض أصحابنا أن القياس أن يقتص في الجميع. فصل للأب أن يقتص 7225 - وقالوا في الأب له أن يقتص في النفس والطرف وفي العبيد التي تقتل لولده الصغير. 7226 - وقال الشافعي الأب والوصي في ذلك سواء فلا يستوفي قصاص في نفس ولا طرف لأنه أتلاف حق على الصغير، ونحن نقول استيفاء حق للصغير يجوز أن يستوفى بالغير في حق البالغ كالمال. فصل قتل بلا وارث 7227 - ومن قتل ولا وارث له فالإمام بالخيار إن شاء اقتص له، وإن شاء أخذ الدية وليس له أن يعفو، هكذا حكم عثمان بن عفان في عبد الله بن عمر حين قتل العرمزان الذي اتهم بقتل أبيه. فصل ثبوت القصاص لصغير وكبير 7228 - وإذا ثبت القصاص لصغير وكبر فللكبير أن يستوفى القصاص قبل بلوغ الصغير عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي ليس له ذلك حتى يجتمعا على القصاص بعد البلوغ لأن الحق ثبت لمعين لم يتم استيفاؤه.

فصل بعض الورثة غائب 7229 - واتفق الفريقان على أنه لو كان بعض الورثة غائبا ليس للحاضر أن يقبض مع غيبته وعن مالك، الغائب والصغير سواء، ويستوفى القصاص بناء على أصلنا أن لكل واحد أن يستوفى القصاص منفردا. فصل قطع عضو ناقص 7230 - واتفق أصحابنا على أن من قطع لسان الأخرس أو ذكر العنين أو قلع العين العوراء أو السن السوداء أو رجل طفل لم يمش فإنه لا قصاص في ذلك إذا كان عمدا ولا دية إذا كان خطأ وفي جميع ذلك حكومة عدل. فصل القتل بالإلقاء من شاهق والخنق الخ 7231 - ولو نكس رجل رجلا من شاهق أو خنقه أو غرقه في ماء فعليه الدية ولا قصاص عليه عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي في ذلك القصاص إذا كان بحيث لا ينجو فيه. 7232 - وقال أبو حنيفة أن وجد الخناق يخنق في إن وجد الخناق في المصر وتكرر منه فإن الإمام يقتله دون أولياء المخنوق. فصل ثبوت القصاص بين اثنين 7233 - وإذا ثبت القصاص بين اثنين في مملوك لها واحدهما صغير والآخر كبير فمن أصحابنا من حكى عن أبي حنيفة أن ذلك والمسألة المتقدمة

سواء فللكبير أن يقتص عند الحنفية، ومنهم من قال ليس للمولى الكبير أن يقتص في الملك وهو بخلاف الولي سمعت هذا من شيخنا قاضي القضاة في درس هذه المسئلة. 7234 - ولم أر منصوصاً في القصاص في الطرف إذا ثبت لصغير وكبير هل للكبير أن يستوفى، ولعل فيه نص لم أره ولا بلغني. 7235 - وعند أبي يوسف ومحمد لا أشكال أنه لا يستوفى حتى يبلغ الصغير، وإلا ظهر عندي على أصل أبي حنيفة أنه لا يستوفى إلا أن يكون الشريك في ذلك أب أو وصي، فإن كان ممن لا يتصرف على الصغير فلا يستوفى ذلك. فصل لا قصاص في الشجاع 7236 - ولا قصاص في شيء من الشجاع إلا الموضحة فإنه يقتص بقدرها إذا كانت عمدا. فصل لا قصاص في كسر عظم 7237 - ولا قصاص في كسر عظم ولا هشمه. وسنذكر في الديات حكم الشجاج لأن ذكرها هناك أليق. فصل الأنامل 7238 - ومن له انملتان فجاء رجل له ثلاثة أنامل فقطع العليا من

الأنملتين فلا قصاص عليه، ولو ذهبت أنملته العليا استوفى القصاص من الوسطى لأن الجناية على وقوعها غير موجبة القصاص. فصل قطع إصبعاً فشلت أخرى 7239 - ومن قطع إصبع رجل عمدا فشلت أخرى إلى جنبها من القطع سقط القصاص ووجب دية الإصبعين عند أبي حنيفة. وقالا وقال الشافعي يقتص في المقطوعة ويجب أرش التي تلت. 7240 - لأن الجناية الواحدة إذا وجب بها ارشان سق القصاص كما لو كانت الجناية خطأ. فصل قطع يمين رجلين 7241 - وإذا قطع رجل يميني رجلين فعفا أحدهما فهو على ثلاثة أوجه: أما أن يعفو قبل قضاء القاضي واستيفاء الدية أو يكون العفو بعد القضاء وقبل استيفاء الدية أو بعد القضاء واستيفاء الدية. فإن كان قبل قضاء القاضي فلمن لم يعف قطع يده في قولهم جميعا. وإن كان بعد القضاء قبل الاستيفاء فهو مثل الأول عند أبي حنيفة وأبي يوسف وعند محمد لا يجوز أن يقتص، ولكن يأخذ أرش اليد. وأما إن كان بعد القضاء واستيفاء الدية فعند أبي حنيفة وأبي يوسف يجب القصاص للآخر في القياس ولكنهما استحسنا وقالا لا قصاص لكن يأخذ تمام دية اليد.

وهو قول محمد وكذلك لو أخذ به رهنا. فصل العفو بعد القطع 7242 - ومن وجب له قصاص في نفس أو قطع (فقطع) الولي يد الجاني ثم عفا عنه فعليه دية اليد عند أبي حنيفة. 2743 - وقال أبو يوسف ومحمد لا شيء عليه، وهو قول الشافعي، ولأن العفو للسيد إلى حين الجناية فيكون أخذ طرفا ليس له أخذه. فصل عفو أحد الوليين 7224 - وإذا عفا أحد الوليين عن القصاص ثم قتل الآخر بعد ذلك وهو بالعفو أو علم ولكن لم يعلم أنه قد حرم عليه القتل فلا قصاص عليه. وإن كان يعلم بالتحريم فعليه القصاص عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. 7245 - وقال زفر عليه القصاص في الأحوال كلها. 7246 - وقال مالك، لا قصاص عليه في الأحوال كلها. فصل 7247 - وتجب الدية عليه لأنه قتل من لا حق له في قتله ويسقط من ذلك مقدار حقه في الدية.

فصل قطع يده ثم قتله 7248 - ومن قطع يد رجل عمدا ثم قتله قبل أن يبرأ من اليد فعند أبي حنيفة للمولى أن يقطع يده ثم يقتله إن شاء. 2749 - وقال أبو يوسف ومحمد له أن يقتله وليس له القطع، وإن كان برأ من القطع والقتل في قولهم جميعاً. فصل 7250 - ولو كان قطع يده خطأ ثم قتله خطأ فإن كان قبل البرء فعليه دية واحد وإن كان بعد البرء فعليه دية النفس ودية اليد في قولهم جميعاً لأن جناية اليد استقرت بالبرء. فصل قطع يد خطأ وقتله عمداً 7251 - ولو قطع يده خطأ وقتله عمدا فعليه دية اليد في قول زفر. 7252 - وقال أبو يوسف ليس عليه دية اليد إلا أن يبرأ، وكذلك أن قطع عمدا ثم قتل خطأ. فصل موت من قطع إصبعه عمداً ثم قطع كفه خطأ 7253 - ولو قطع رجل إصبع رجل عمدا ثم قطع آخر كفه خطأ ثم مات فلا قصاص على واحد منهما وعلى كل واحد نصف الدية عند زفر. 7254 - وقال أبو يوسف يقتص من الإصبع، وعلى عاقلة الآخر (الدية).

7255 - لأن جناية الأول استقرت بالقطع فهو كالبرء. فصل قتل كل من أبوين ابن الآخر 7256 - ولو أن أبوين قتل كل واحد منها ابن الآخر وكل واحد منهما وارث الآخر فجاءا إلى الحاكم وطلب كل واحد القصاص. 7257 - قال أبو يوسف لا قصاص وقد سقط عنهما لأن كل واحد منهما يلزم في حال ويدرأ في حال. 7258 - وقال زفر للإمام أن يبدأ بأيهما شاء فيقتله ويبطل قصاص الثاني لأنه ورث دم نفسه. فصل قطع عمداً ثم ارتد 7259 - ومن قطع يد رجل عمدا ثم ارتد والعياذ بالله تعالى ثم مات أو قتل فعلى القاطع دية اليد ولا قصاص عليه، لأنه طرأ على الجناية ما يمنع القصاص فأسقطه. ولو رجع إلى الإسلام ثم مات من ذلك فعلى القاطع دية النفس عند أبي حنيفة وأبي يوسف لأن الجناية صارت نفسا ولذا سقط القصاص لأنه سقط بالرق فلا يعود. فصل 7260 - وقال محمد بن الحسن تجب دية اليد. فصل قلع سن دفاعاً عن النفس 2761 - ولو عض رجل يد رجل فجذب المعضوض يده فقلع سنه

فلا قصاص عليه في السن ولا دية لأنه في حكم الدافع عن نفسه فلا يلزمه ضمان والله أعلم. 7262 - ومن رمى غيره بسهم فقتله فعليه القصاص وهو كالعمد يقتل به إذا كان ذلك بحديد لأن ما يتولد من اعتماد القوس فهو في حكم فعل الفاعل لأنه عنه تولد القتل. فصل 7263 - وعلى من رمى عبدا فاعتقه مولاه قبل أن يصيبه السهم بعد الرمي قيمته لا دية حر. 7264 - وقال أبو يوسف ومحمد عليه قيمته مرميا إلى غير مرمى ولو كان قطع يد عبده فاعتقه مولاه فعلى القاطع ارش اليد إن مات من ذلك لمولاه، وإن كانت الجناية عمدا فإن كان المولى هو الوارث سواه أو شريكه فعلى القاطع ارش اليد للمولى ولا شيء عليه سوى ذلك وعتاقه كبرئه من الجناية، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف.

باب نذكر فيه مسائل من الرمي

7265 - وقال محمد لا قصاص عليه في الوجهين جميعا ولا شيء عليه سوى ارش اليد، وهو قول زفر، وذكر المسئلة الطحاوي في مختصره. فصل 7266 - ومن رمى مسلما فارتد قبل إصابة السهم فعليه الدية في قول أبي حنيفة. 7267 - وقال أبو سف ومحمد لا شيء عليه. فصل 7268 - ولو رماه وهو مرتد فاسلم وأصابه السهم فلا شيء عليه في قولهم جميعاً اعتبروا حال الرمي. فصل باب نذكر فيه مسائل من الرمي 7269 - وقالوا لو رمى صيدا ثم احرم وأصابه السهم فلا جزاء عليه عندهم جميعا. 7270 - ولو رماه وهو في الحل وأصابه السهم في الحرم فعليه الجزاء في الاستحسان والقياس أن لا جزاء عليه. فصل 7271 - واتفق الجميع أن الرجل لو رمى عبدا فأصابه السهم ثم اشتراه ثم مات من الرمية أنه لا قصاص عليه، وإن كان عبدا عند الرمي ولا يرجع على البائع بشيء. 7272 - وهذا الذي ذكرناه من طرائف مسائل الجنايات وهو كتاب كبير، وقد بينا حكم ما يجب به القصاص فبقى حكم ما تجب به الدية.

كتاب الديات

كتاب الديات 7273 - وهذا كتاب الديات. قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً}. فصل 7274 - فقد دلت الآية على وجوه من الفقه منها جواز الاستثناء من الكلام العام ودخول التخصيص عليه. 7275 - وقد قال بعض أهل العلم أن قوله عز وجل "ألا خطأ" أن المراد بذلك ولا خطأ، وهذا خطأ لأن المخطئ والناسي لا يدخلان تحت الخطاب. ومنهم من قال في الكلام إضمار محذوف تقديره: ألا وهو إثم في قتله، ألا خطأ فلا إثم عليه. فصل 7276 - ومنها أن اسم القتل يقع على المخطئ والعامد ويسمى مع الخطأ، قاتلا كما يسمى مع العمد، ودلت الآية على وجوب عتق الرقبة بقتل الخطأ فلو كان العمد مثل الخطأ في الكفارة لبطل فائدة ذكر الخطأ

فدل ذكر الخطأ على أن العمد لا كفارة فيه. 7277 - وقال الشافعي في العمد الكفارة الواجبة في الخطأ لأنها إذا وجدت في الخطأ ففي العمد بالطريق الأولى، لأنه يستعمل في الأعلى فيثبت به في الأدنى كمن هو أمين على القنطار فهو أمين على الدينار، أولى، ومن هو أمين على دينار فلا يجب أن يكون أمينا على القنطار والتأفيف يدل على منع الضرب ومنع الضرب لا ينفى التأفيف، ولما صح طريق الأول لعظم المائم في العمد منع ذلك عن الخطأ. فصل لا يعتق الكافر في القتل 7278 - ودلت الآية على أن عتق الكافر لا يجوز في القتل لأنه شرط الإيمان في ذلك ولو جاز لبطل شرط الإيمان. فصل تسلم الدية 7280 - ودلت الآية على وجوب تسليم الدية إلى ولي المقتول. فصل 7281 - ودلت الآية على سائر الأهل سواء فيدخل في ذلك المرأة والزوجات، خلاف لما قال مالك أن المرأة لا ترث من دية زوجها وترث

مما سوى ذلك، وقد ورث النبي صلى الله عليه وسلم امرأة اشيم الضبابي من دية زوجها، وهو قول الشافعي وعامة الفقهاء. فصل 7282 - ودلت الآية على جواز تسليم الجاني الدية وتسليم الحاكم ومن سواه من الناس إذا سلم إلى أهله، لأنه لم يذكر المتسلم من هو. فصل أخذ الدية من العاقلة 7283 - ودلت الآية على جواز أخذ الدية من العاقلة لأن التسليم يصلح بهم. فصل عتق الرقبة بالوكيل 7284 - ودلت على جواز عتق الرقبة بالوكيل عن القاتل، ومن قال له اعتق عبدك عني بألف ففعل ذلك. 7285 - ودلت على جواز الصدقة بالدية عن أهل المقتول، وأنه لا يجب أن يستوفوا ذلك. فصل العفو عن الدية صدقة 7285 - ودلت على أن العفو عن الدية يسمى صدقة.

فصل جواز إقامة المؤمن بين الأعداء والكفار 7286 - ودلت على أن يجوز أن يكون المؤمن مقيما بين من هو عدو وهو من الكفار. فصل الخروج من الأمان 8287 - ودلت على أنه لا يخرج من الأمان بمقامه بينهم. فصل الكفارة بقتل المؤمن في دار الحرب 7288 - ودلت الآية على وجوب الكفارة بقتلى المؤمن في دار الحرب، وأنه في الكفارة مثل المقيم في دار الإسلام. فصل قتل المؤمن المقيم بين العدو عمداً 7289 - ودلت الآية على أنه لا يقتل أن قتله عمدا لأنه ذكر الكفارة دون القصاص والدية. 7290 - وقال الشافعي يقتل في العمد في أحد قوليه. 7291 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يقتل في العمد ويجب بقتله الكفارة والدية والآية تنفي ذلك كله، ولو وجبت الدية لم يكن لقوله تعالى {بَيْنَهُ وَبَيْنَ} للمعاهد معنى، وقد فرق الله تعالى بينهما في ذلك. فصل 7292 - ودلت الآية على أن المقتول أن كان من قوم بيننا وبينهم ميثاق أن ديته وكفارته لازمة.

فصل 7293 - ودلت الآية على أنه لا فرق بين أن يكون المقتول مؤمناً أو من أهل العهد لأنه عم ولم يخص. 7294 - ومن أهل العلم من قال الكناية ترجع إلى من هو مؤمن دون الكافر لأنه المذكور في أول الآية. فصل الصوم أولى من العتق 7295 - ودلت الآية على أن الصوم أولى من العتق فإنه لا يجوز مع القدرة عليه. فصل الإطعام لا يجزي في القتل 7296 - ودلت الآية على أن الإطعام لا يجزي في القتل ولا يثبت بدلا من الصوم عند العجز خلافاً لما قاله الشافعي أنه يثبت ذلك قياساً على كفارة الظهار. فصل أنواع الخطأ 7297 - والخطأ على ثلاثة أوجه: أحدها بأن يرمى عرضا فيصيب إنسانا. 7298 - والثاني أن يقتل رجلا يظن أنه من أهل الكفر والردة فتبين أنه مؤمن. 7299 - والثالث أن يضربه بآلة لا يقتل بمثلها في الغالب كالضربة بالسوط والعصا الصغيرة فهذا كله خطأ وتجب فيه الدية والكفارة.

باب معرفة دية الخطأ على من تجب وعمن تسقط

باب معرفة دية الخطأ على من تجب وعمن تسقط. 7300 - أعلم أن الدية تجب عندنا بقتل كل نفس لها حرمة، وكل من يجب بقتله الكفارة يجب بقتله الدية فالكفارة تدل على حرمة المقتول. فصل اختلاف الدية باختلاف الذكورة والأنوثة 7301 - والدية عندنا إنما تختلف بالرجل والمرأة، فسائر الرجال الذكور في ذلك سواء إذا كانوا أحرارا مسلمين كانوا أو من أهل الذمة أو معاهدين، والصغير والكبير في ذلك سواء والعاقل والمجنون في ذلك سواء. 7302 - والنساء على النصف من ذلك. 7303 - وقال الشافعي، دية اليهودي والنصراني ثلث دية المسلم والنساء على النصف من ذلك ودية المجوسي ثلث دية الكتابي. 7304 - وقد اتفق الجميع على أنهم في الكفارة سواء. فصل الدية لا تختلف 7305 - وقد دلت الآية على أن الدية لا تختلف. 7306 - وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في النفس مائة من الإبل، وعندنا هم في القصاص سواء فكذلك الدية.

فصل دية الخطأ أخماس 7307 - وعندنا الدية في الخطأ أخماس وهي مائة من الإبل منها عشرون بنت محاض وعشرون بنت لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة. هكذا روى حنيفة بن مانك عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أحسب أنه جعل الدية في الخطأ اخماساً. 7308 - وقال الشافعي تكون أرباعاً وليس فيها ابن مخاض. 7309 - وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه، خمس وعشرون من كل صنف مما ذكرناه.

فصل الدية من ثلاث أصناف 7310 - وهي عند أبي حنيفة من ثلاثة أصناف: 7311 - الإبل والذهب والورق فالإبل مائة كما ذكرنا ومن الذهب ألف مثقال ومن الورق عشرة آلاف درهم. 7312 - وقال الشافعي [مالك] أن أخذ الورق أخذ أثنى عشر ألفا. 7313 - ولا خلاف أن الدينار عدل في الزكاة بعشرة دراهم حتى جعل نصاب الورق والذهب عشرون مثقالاً. فصل الخيار بين أصناف الدية 7314 - والخيار عندنا للجاني وعاقلته إذ أداء الواجب له. 7315 - وقد قال الشافعي أن الذهب والفضة بدل من الإبل ويعتبر رضاء أولياء الجناية في ذلك.

فصل الدية ستة أصناف 7316 - وقد روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه جعل الدية ستة أصناف: 7317 - الإبل والذهب والورق كما ذكرناه ومن البقر مائتا بقرة ومن الشاة الفاشاة ومن الحلل مائتا حلة وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن، غير أنها قالا قيمة كل حبة خمسون، وقد روى عن أبي حنيفة ذلك أيضا في كتاب المعاقل. فصل دية شبه العمد 7318 - فأما دية شبه العمد فهي أرباع خمسة وعشرون بنت مخاض وخمسة وعشرون بنت لبون وخمسة وعشرون حقة وخمسة وعشرون جذعة، وهكذا قال ابن مسعود (رض). وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد بن الحسن ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون ما بين ثنى إلى نازل عامها كلها خلفه في بطونها أولادها وهو قول عمر بن الخطاب (رض) وزيد بن ثابت وأبي موسى (الأشعري) وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد روى عن علي رضي الله عنه أنه قال ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون ما بين ثنى إلى نازل غامها كلها خلفة في بطونها أولادها

وقد روي عن محمد بن الحسن هذا القول أيضا والأول أشهر عنه، وهو قول المختلفين لأصحابنا من أصحاب الشافعي وغيرهم. فصل دية ما في البدن من اثنان 7319 - وكل ما كان في البدن منه اثنان ففيهما الدية. 7320 - وما كان فيه واحد ففيه الدية كاملة إلا لسان الأخرس وذكر العنين فإن في ذلك حكومة عدل. فصل ما فيه نصف الدية 7321 - والشفتان والأليتان واليدان والرجلان فإن في كل واحد نصف الدية وفي الجميع الدية.

فصل دية الأصابع 7322 - وفي الأصابع في كل أصبع عشر الدية وفي كل أنملة ثلث عشر الدية إلا الإبهام فإن في كل أنملة نصف عشر الدية. 7323 - وأصابع اليدين والرجلين سواء. فصل دية اللحية وأشفار الحاجبين الخ 7324 - وفي اللحية الدية وكذلك في أشفار الحاجبين وأهداب

العينين وشعر رأس المرأة. 7325 - وقال الشافعي، لا دية في شيء من الشعور بحال. 7326 - وسمعت قاضي القضاة رحمه الله يحكي غير مرة أن القصاص يجب في اللحية عند الليث بن سعد وعن زفر تتيقن بالميزان بأن يزن ما أخذ من شعره فروى ذلك عنه. 7327 - والدية تجب بكل عضو فيه جمال أو له منفعة حبست. فصل دية الجفن 7328 - وفي كل جفن من أجفان العينين ربع الدية لأنها أربعة. فصل دية السن والضرس والناب 7328 - وفي كل سن أو ضرس أو ناب من أنياب الإنسان نصف عشر الدية. 7329 - وهو قول الشافعي أن فرق القلع. فصل 7330 - وأن جمع ذلك بضربة واحدة ففي جميع ما في الفم دية وثلاثة أخماس دية. 7331 - وقال الشافعي في أحد قوليه دية واحدة. فصل عدد الأسنان 7332 - والأسنان اثنان وثلاثون سناً، أربع ثنايا وأربع ضواحك

وأربع أنياب وعشرون ضرساً، وهذا هو العام الظاهر في الناس. 7333 - وقد قال أهل العلم بالطب والمعرفة قد يكون ثمانية وعشرون سناً وأنا من أسنانه في أصل خلقتها ثمانية وعشرون سناً فقد صدق المخبر في ذلك حكايته. فصل ثمرة الخلاف في عدد الأسنان 7334 - وثمرة الخلافة في ذلك أن أصحابنا قالوا إذا اختلف الضارب والمضروب، فقال الضارب لم يكن في فيك سن إلا واحدة أو خمسة أو ما زاد. وقال المضروب بل جميع أسناني أنت رميتها بالجناية، هل يكون القول قول الضارب أو القول قول المضروب في العدد؟ فالقياس أن يكون القول قول الضارب لأن الأصل عدم الضمان، والاستحسان أن يكون القول قول المضروب، ويجب أن يكون القول قول المضروب إلى ثمانية وعشرين لا إلى اثني وثلاثين لوجود ذلك خلقة، والشك فيما زاد على ذلك عندي. فصل 7335 - وكذلك الخلاف في السن إذا ضربها فاسودت فقال الضارب، حدث ذلك من غير جنايتي، وقال المضروب ذلك من جنايتك فهو على ما ذكرت من الخلاف، وقد أخذ المخالف لأصحابنا بالقياس. فصل موضحة ذهب منها السمع 7336 - واتفق الجميع أنه لو شجه موضحة فذهب منها السمع

واختلفا فقال المشجوج حدث ذلك من الشجة، وقال الشاج: حدث ذلك من غير الشجة أن القول قول الشاك جع يمينه. فصل العين العوراء 7337 - وفي العين العوراء حكومة عدل وهي كاليد الشلاء ولسان الأخرس وذكر العنين لأنه لا منفعة فيها. فصل عين الأعور 7338 - وفي عين الأعور نصف الدية وهي كمن له عينان وهو قول الشافعي. 7339 - وقال مالك بن أنس عليه كمال الدية، لأنها تقوم مقام عينين، ولو كان الأمر كما قال لوجب إذا كان القلع عمدا أن يقتص منه في العين، وأحدد لا يقول ذلك، كذلك في الدية. فصل لا قصاص بين العبيد في الأطراف 7340 - ولا يجرى القصاص بين العبيد بعضهم مع بعض في الأطراف. وقال الشافعي يجرى والواجب في ذلك الأروش. 7341 - لأن قيم ذلك مختلفة بالجزر والظن وهو تفاوت يجرى مجرى الأمور في الإتلاف. فصل 7342 - ومن حلق شعر رأس أو نتف لحية إنسان فنبت ذلك أبيض

وقد كان أسود، قال أبو حنيفة: إن كان حرا فلا شيء عليه، وإن كان عبدا فعليه حكومة عدل. 7343 - وقال محمد الحر والعبد سواء وعليه حكومة عدل في الجميع. 7344 - وذكر أبو الليث أن الخلاف في رواية هشام. 7345 - قال وكذلك لو ضرب سنة فاصفرت فأبو حنيفة يقول أن كان حرا فلا شيء فيه وإن كان عبدا ففيه حكومة (عدل). 7346 - وقال محمد فيه حكومة، حرا كان أو عبدا، وقال محمد أن أصفرت السن ففيها حكومة عدل، وقال زفر عليه أرش السن لأنه بطل الجمال بها.

باب معرفة الشجاج

باب معرفة الشجاج واروش ذلك وكيف تكون حكومة العدل 7347 - اعلم أن الشجاج عشرة منها خمسة لها اروش مقدرة ومنها خمسة فيها حكومة عدل، وجميع ذلك ليس فيه قصاص إلا الموضحة خاصة فإنه منها إذا كان واضحاً. الشجاج التي لها أروش 7348 - فالموضحة التي أوضحت عن النظم إذا كانت خطأ نصف عشر الدية. فصل 7349 - ثم الهاشمة وهي التي تهشم العظم عشر الدبة. فصل المنقلة 7350 - ثم المنقلة وهي التي ينحى منها العظم ويطرح عشر ونصف عشر الدية. فصل الآمة 7351 - ثم الآمة وهي التي بأم الدماغ وهي التي بينها وبين الدماغ جلد رقيق ثلث الدية.

فصل 7352 - والجائفة مثل ذلك. فصل النافذة 7353 - ثم النافذة وهي التي تنفذ من جانبين ثلثا الدية لأنها بمنزلة جائفتين، ففي هذا يترتب ما هو مقدر في الكثرة والقلة. فصل شجاج ليس لها أرش مقدر 7354 - وأما التي لا أرش لها مقدر فأول ذلك المتلاحمة وهي [التي] يسود منها اللحم ويحمر ولا ينشق ففيها حكومة عدل. فصل الدامية 7355 - ويليها الدامية وهي التي لا تشق الجلد ولا تأخذ من اللحم شيئاً فحكومة عدل أكبر من ذلك. فصل الباضعة 7356 - ثم الباضعة وهي التي تبضع اللحم وتأخذ في جزء منه أكثر من ذلك.

فصل السمحاق 7357 - ثم السمحاق وهي التي قد أخذت اللحم وبقى بينها وبين الإيضاح جلد رقيق، وتسمى أيضا الملطاة حكومة أكثر من ذلك، وقد روى عن علي رضي الله عنه فيها أربعة من الإبل. فصل الحارصة 7358 - ثم الحارصة، وهي التي قد عملت في الجلد الرقيق الذي بين العظم واللحم إلى الموضحة. 7359 - وهكذا رتب أصحابنا الشجاج وفيه آثار عن الصحابة والسلف بين التابعين رضي الله عنهم. فصل 7360 - وقالوا كل هذه الشجاج إنما تكون في الرأس واللحيين

والجبين، فإن كانت في غير ذلك فليس لها هذا الحكم. فصل الحد الأقصى لحكومة العدل 7361 - ولا يبلغ بشيء من حكومة العدل أرش الموضحة بل ينقص من ذلك إلى ما يراه الحاكم، كما لا يبلغ باليد الشلَّاء والعين العوراء دِية الصحيح من ذلك. فصل مفهوم حكومة العدل 7362 - وطريق معرفة الحكومة أن يقوم المحكوم فيه ويجعل من طريق الحكم كأنه عبد لا جناية به كم يسوى، ثم يقوم وبه الجناية كم يسوى فينظر إلى ما نقص فيوجب ذلك من الدية كأنه يسوى عشرة دراهم وهو صحيح ويسوى وبه الشجة عشرة إلا دانق فيعلم أنه قد نقص من القيمة سدس عشرها فيوجب له سدس عشر الدية فيكون ذلك من الذهب ستة عشر وثلثين ومن الورق مائة وستة وستين وثلثين. فصل 7363 - فإن بلغ أرش ذلك نصف عشر فأنقص من ذلك شيئاً حتى لا يبلغ أرش الموضحة ويعلم أن المقوم أخطأ في ذلك، فكذا تفعل في الحكومة في كل موضع حكمت بها. فصل جراحات النساء 7364 - وجراحات النساء على النصف من جراحات الرجال إلى السِن والموضحة، فإذا نزلت عن ذلك استوى الرجال والنساء في ذلك عندنا في حكومة العدل.

7365 - وقال بعض الفقهاء أن ذلك على النصف فيما دق وجل كائناً ما كان قياساً على الأروش المقدرة، وله وجوه من القياس. 7366 - وقد قال مالك أنهن يساوين الرجال في جميع ما دون الثلث من الدية فإذا بلغ الثلث مما زاد تفاضلوا فكان الرجل على الضعف من المرأة وهي على النصف من ذلك وهو قول سعيد بن المسيب. فصل 7367 - وقد حكي بعض أهل العلم أن رجلاً سأل سعيد بن المسيب عن ذلك فقال: أرأيت أن قطع منها إصبع؟ فقال عشر الدية، فقال له أرأيت أن قطع منها أصبعان فقال عشران، فقال فإن قطع منها ثلاثة أصابع، فقال ثلاثة أعشار، فقال له فإن قطع منها أربع؟ فقال عشران فقال السائل: فلما اشتد جرحها وعظمت بليتها نقص عقلها. فقال له سعيد: أعراقي أنت؟ بذلك جاءت السنة. فصل موضحة ذهبت بالبصر 7368 - ومن شبح رجلا موضحة فذهب بصره أو لسانه فعليه أرش الشجة والدية في اللسان والبصر، ولو ذهب منها سمعه وجب أيضا دية السمع مع أرش الشجة في الظاهر من الرواية، وروى عن أبي يوسف أنه قال يجب عليه الدية الموضحة في ذلك. لأنه ليس بحاسة ظاهرة، وجعل ذلك كالعقل إذا ذهب، وقد اتفق على أن العقل لو ذهب بالشجة لدخل أرش الشجة في دية العقل.

7369 - وقد روي عن الحسن بن زياد (اللؤلؤي) أنه قال: لا يدخل أرش أحد الجنايتين في الأخرى إلا الموضحة إذا ذهب شعره. 7370 - وقال زفر بن الهذيل، لا يدخل أحدهما في الآخر في الأحوال كلها، وهو القياس. فصل قطع كف ناقصة 7371 - ولو قطع رجل كف رجل وهي ناقصة الأصابع فإن كان في كفه ثلاثة أصابع أو أكثر فعلى القاطع دية ما فيها من الأصابع ولا شيء عليه في الكف في قولهم جميعا. وإن كان لا شيء فيها من الأصابع فعليه في الكف حكومة عدل، في قولهم جميعا. وإن كان في كفه أصبع أو أصبعان فإن في قول أبي حنيفة يجب أرش ما فيها من الأصابع ولا شيء عليه في الكف، وعند أبي يوسف ومحمد ينظر إلى ذلك، فإن كان أرش الكف أكثر من أرش ما بقى من الأصابع يجب عليه أرش الكف. وإن كان أرش الأصابع أكثر يجب ذلك ويدخل القليل في الكثير. 7372 - وقد كان أبو يوسف يقول إن كان أرش الكف أكثر فعليه الإرشان جميعا. وإن كان أرش ما بقى من الأصابع أكثر فعليه دية ما بقى من الأصابع ولا يجب أرش الكف، وقد روى عنه رواية أخرى أنه قال يجب عليه أرش الإصبع الباقي وارش الكف ولا يجاوز بذلك كله أرش ثلاثة أصابع. 7373 - وروى عن أبي حنيفة أيضا أنه قال يجب عليه أرش ما بقى من الأصابع، وصار ما زاد من الكف تابعا له، وعليه فيما سوى ذلك من الكف أرش.

باب العاقلة

باب العاقلة وما يحمل كل منهما 7374 - وعند الفقهاء أن العاقلة تتحمل الدية عن القاتل. 7375 - والعاقلة هم الذين يتحملون يقال عقلت عنه إذا تحملت عنه، وقد كانت العاقلة تتحمل في الجاهلية فأقرهم الشرع على ذلك وأن تغيرت بعض الأحكام، وليس بممتنع أن يتحمل ذلك عن الجاني لأنه يكثر منه وفيه معنى العوض كما يجب النفقة للفقير على الغني من أقربائه. 7376 - وتجب الدية بالقتل على القاتل ثم بتحمل عنه ذلك العاقلة. 7377 - وقال الشافعي تجب على العاقلة ابتداء. 7378 - وإذا وجب على غير القاتل فالقاتل أولى. فصل من هم العاقلة 7379 - والعاقلة هم كل من ينتصر بهم الجاني، وكانت العاقلة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدر من خلافة عمر رضي الله عنهما على القبائل، لأن النصرة كانت بالقبائل، فلما دون عمر الدواوين نقل ذلك إلى أهل الديوان، وهو إمام الأئمة وعظيم الخلفاء، ولم يصب على فعله عائب، ولا رد عليه في وقته أحد، فيجب أن يقتدي به في ذلك.

وهذا إنما فعله عمر لغرض صحيح لأن التناصر صار بالديوان، فالرجل يكون بالعراق وعشيرته بالشام فأحب أنه لا يبطل الدم لبعد القريب فجعله على أهل الديوان، وقيل لأصحابنا كيف يجوز أن يترك ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وينسخ بعده ويغير حكمه؟ فأجابوا بأن ذلك كان متعلقاً بسبب وهو النصرة فتحول العقل تبعاً لذلك كالزكاة يدفعها الغني إلى الفقير فلو استغنى الفقير وافتقر الغني عاد الأمر بالعكس فكذلك أمر العاقلة. فصل تقسيط الدية على أهل الديوان 7380 - وتؤخذ منهم الدية في ثلاث سنين في كل سنة الثلث من ذلك من يوم يقضى بها القاضي. 7381 - وقال الشافعي من يوم القتل. 7382 - لأن الحاكم إذا أراد إلزام الغير حكما ما اعتبر من يوم الحكم لا من يوم الحكم لا من وقت السبب الموجب له كأجل العنين. فصل أخذ الثلث في سنة 7383 - فإن كان الواجب الثلث فما دون أخذ في سنة واحدة لأن

ما دون الثلث يدخل في الثلث على طريق التبع فلا يتأجل، وهذا كالآمة والهاشمة والمنقلة والموضحة. وقال المخالف لنا، يتأجل كل ما تحمله العاقلة. فصل تقسيط ما كان أكثر من الثلث 7384 - وما كان ذلك أكثر من الثلث أخذ من الثلث في السنة الأولى وما زاد إلى الثلثين في سنتين وإن كان المأخوذ الثلثين فصاعدا أخذ ذلك في سنتين والزائد في الثالثة. 7385 - وهذا قول إبراهيم، وهو قول أصحابنا جميعا. فصل كيف تستقطع الدية من الأعطيات 7386 - وإن عجل الإمام أعطيه الجند أخذ من عطاء كل واحد ما يخصه من الثلث. 7387 - وقد قال الطحاوي في مختصره أن الدية تؤخذ في ثلاثة أعطيات تأخرت أو تقدمت وإن كان العطاء من سنة إلى سنة، فإذا تعجل ذلك قبل السنة تعجل ما يجب فيه ولو كانت لهم أوراق كل شهر أخذ بقسط ذلك من السنة في العطايا. وإن كان لهم جميع ذلك أخذ من العطايا دون الأوراق من بعد الحكم بها. فصل 7388 - ويؤخذ من كل رجل أربعة دراهم إلى ما دون ذلك

ولا يزاد على ذلك. فإن كان نصيب كل واحد من ذلك أكثر من أربعة ضم أقرب القبائل من أهل الديوان إليهم. وعندنا يضم البعيد إلى القريب في العقل. 7390 - وقال الشافعي لا يضم إلى القريب البعيد. 7391 - لأن التناصر يقع بالعبيد كما يقع بالقريب، ولو لم يكن الأمر على ما قلناه لوجب على أقرب الوارثين إليه. فصل هل يشترك الجاني في أداء الدية؟ 7392 - ويؤدي الجاني مع أهل الديوان والعاقلة. 7393 - وقال الشافعي لا يؤدي هو شيئاً، ولا ابنه ولا أبوه ويؤخذ بالعكس من هذا عندنا لأن الأقرب الداني انصر وأحق بالتحمل كالنفقة. فصل ما لا تعقله العاقلة 7394 - ولا تعقل العاقلة صلحاً ولا اعترافاً ولا عمداً ولا عبداً وبهذا جاء الأثر فقال أبو حنيفة ومحمد قوله ولا عبدا هو العبد يجني. وقال أبو يوسف هو العبد يجني عليه. فصل 7395 - وإذا قتل الحر عبدا لغيره وقيمته أكثر من دية الحر خطأ فعلى العاقلة دية الحر إلا عشرة دراهم في قول أبي حنيفة ومحمد في ثلاث سنين. 7396 - وقال أبو يوسف تجب قيمته بالغة ما بلغت في مال العاقل.

وهو قول الشافعي. 7397 - وشبهوه بالأموال، ولو كان كالأموال لما كان في عمده قصاص ولا حملته العاقلة. 7398 - وللشافعي قولان في تحمله العاقلة واتفق الجميع على وجوب الكفارة بقتله. فصل ما دون النفس من العبيد 7399 - واتفق الجميع على ما دون النفس من العبيد لا تحمله العاقلة وإن حكم ذلك حكم إتلاف المال وإن كان المقتول أمة وقيمتها أكثر وجب خمسة آلاف لا عشرة آلاف درهم. فصل موت العبد المغضوب 7400 - واتفقوا أنه لو غضب عبدا فمات عنده أنه يضمن قيمته بالغة ما بلغت. فصل 7401 - ولو قتل عمدا فصالح المولى على أكثر من دية الحر أنه يجوز ذلك عند أبي حنيفة وأصحابنا. فصل قطع يد العبد 7402 - ولو قطع العبد ففيها نصف قيمته عند أبي حنيفة

والشافعي لأن اليد من العبد كاليد من الحر في الدية. 7403 - وقال أبو يوسف ومحمد يجب ما نقص منه وهو قول مالك. 7404 - ولو قطع يديه جميعا فالمولى بالخيار إن شاء أمسكه ولا شيء له، وإن شاء وأخذ قيمته عند أبي حنيفة. 7405 - وقال أبو يوسف ومحمد وإن شاء أخذ منه نقصان القيمة وحبس العبد لنفسه. 7406 - وقال الشافعي له أن يمسك العبد ويأخذ القيمة فجمع على ملكه بين البدل والمبدل فيما يصح تملكه بأسباب الملك. 7407 - وليس في الأصول أنه يجب في بعض المملوك ما يجب في جميعه. 7408 - وسائر الأموال في ذلك سواء فيجب حفظ هذا الأصل. فصل قتل بعد القطع 7409 - ولو قتله إنسان بعد القطع كان عليه قيمته اقطع وهذا حجة على أبي حنيفة أن له قيمة بعد القطع وقد يجوز أن يجب الشيء ثم يجب بعده أمر آخر، كمن قطع أصابع اليد وجب فيها الدية ولو قطع آخر الكف بعد ذلك فإن عليه أرش ذلك. ولو كان الأول قطع الكف والأصابع لم يلزمه ضمان الكف. فصل 7410 - وقد ذكر أبو الليث في خلافه لأصحابنا في رجل فقأ عيني

عبد ثم جاء آخر فقطع يده فعلى فاقئ العينين ما نقصه وعلى قاطع اليد نصف قيمته مفقوء العينين. وروى ذلك أبو يوسف عن أبي حنيفة وقال أنه استحسان، والقياس أنه لا شيء على فاقئ العينين على قول أبي حنيفة خاصة. لأن تعذر دفعه إلى الجاني لمكان القطع الثاني فلا يطالب بشيء. فصل 7411 - والمسئلة المفروض إذا قطع العبد معا، فإن قطع يده ثم برئ ثم قطع الأخرى وجب بالفعل الأول نصف قيمته صحيحا، وبالثاني نصف قيمته مقطوع اليد. فصل قطع أنف عبد 7412 - ولو قطع أنف عبد أو أذناه أو لحيته أو فعل به ما يجب به الدية كاملة في الحر فعلى الجاني ما نقصه من ذلك في قول أبي يوسف ومحمد، وهو رواية عن أبي حنيفة. وروى محمد عن أبي حنيفة أنه تجب القيمة، وأن سلمه المولى كما تقدم من أصله في ذلك. فصل دية الجنين 7413 - ودية الجنين تجب حاله لا مؤجلة في ثلاث سنين بخلاف أحد الوجهين لأصحاب الشافعي لأنها دون الثلث فهي كالموضحة عندنا.

فصل ضمان الجنين الميت 7414 - ومن ضرب امرأة فألقت جنينا ميتا بعد موتها فلا ضمان فيه، وأن خرج حياً فمات وجب ضمانه، وقال الشافعي يجب ضمانه في الوجهين جميعا. فصل 7415 - واتفق على أنه لو ألقته في حال حياتها أنه يضمن في الوجهين سواء خرج حيا أو ميتا. وقد اتفق الجميع أنه كل ما أبين من الميت أنه لا ضمان فيه بحال من الأعضاء. فصل 7416 - ومن ضرب بطن أمه فألقت جنينا ميتا ففيه نصف عشر قيمته إن كان ذكرا أو عشر قيمته إن كان أنثى، وقال الشافعي: يجب عشر قيمة أمة ونصف عشر قيمتها. قال أصحابنا: وإذا اعتبرنا هذا أدى القول إلى أن يجب بالجنين ميتا أضعاف قيمته إذا كان حيا، لأنه لو خرج حيا ثم مات لكان الواجب فيه القيمة، ولو كانت قيمته حيا دينارا وقيمة الأم ألف دينارا أليس يكون الواجب فيه مائة دينارا، وهذا أضعاف قيمته حيا. فصل 7417 - واتفق الجميع على أنه لو ضرب بطن امرأة حرة فألقت جنينا ميتا ففيه غرة عبد أو أمة وسطا أو قيمة ذلك خمسون دينارا، وخمسون دينارا معلوم أنها نصف عشر قيمة الحر فكان العبرة بقيمته في نفسه لا قيمة الغير كذلك جنين الأمة.

فصل ضربة أذهبت السمع والبصر والعقل والشم 7418 - ولو ضرب رجلا في رأسه فذهب منها سمعه وبصره وعقله وشمه فعليه أربع ديات. فصل امتحان السمع والبصر والشم 7419 - وإن اختلف الضارب والمضروب أو أولياؤه وقال أنه يسمع ويبصر ويشم، امتحن في السمع بأن يصاح به على غفلة وفي النظر بأن يبصره ثعبان من أطباء المسلمين فيرجع إليهم في ذلك، وفي الشم يقرب إليه من الروائح الكريهة ما يستدل به على ذلك وينظر في وجهه. فصل امتحان نقصان ضوء العين الواحدة 7420 - وإن ادعى نقصان ضوء العين الواحدة فإنه يشد السليمة وينظر إلى موضع ويبصر آخر ما ينظر إليه، ثم يسد المفتوحة وينظر إلى جانب آخر بالعين التي كانت مشدودة ثم يبصر آخر ما كان ينظر إليه ثم يمسح الموضعان فينظر كم يبصر من المسافة فيعطي قسط ذلك من دية العين.

باب ما تجب به الدية

باب ما تجب به الدية من الأسباب 7421 - ومن وضع حجرا في الطريق فعطب به إنسان أو حفر بئراً فوقع فيها إنسان أو اشرع جناحا فسقط فعطب به إنسان ففي كل شيء من ذلك الدية. فصل 7422 - وليس في شيء من ذلك كفارة لأنه لم يباشر القتل. فصل 7423 - ويرث من لحقته هذه الجناية إن كان وارثه. 7424 - وقال بعض أصحاب الشافعي لا يرث لأنه كالقاتل خطأ. 7425 - ومنهم من قال تجب الكفارة أيضا في ذلك. فصل موت الواقع من البئر غماً أو جوعاً 7426 - وإن مات الواقع في البئر جوعا أو غماً فإن أبا يوسف روى عن أبي حنيفة أنه لا شيء على الحافر لأنه لم يمت بالوقوع. 7427 - وقال أبو يوسف عن نفسه، إن مات غما ضمن، وإن مات

جوعًا لم يضمن. 8427 - وقال محمد يضمن في الوجهين جميعا لأن الوقوع سبب الغم والجوع. فصل تعلق الواقع في البئر 7429 - ولو أن الواقع في البئر تعلق برجل آخر وتعلق الثاني بثالث فوقعوا جميعا في البئر وماتوا ولا يدرى حال موتهم ففي ذلك قياس واستحسان. القياس أن دية الأول على الحافر ودية الثاني على الأول ودية الثالث على الثاني وهو قول محمد. والاستحسان أن دية الأول تجب على الحافر ثلثها وثلثها على الثاني وثلثها هدراً. ودية الثاني يجب نصفها على الأول ونصفها هدر. ودية الثالث على الثاني وكل ذلك على العاقلة. فصل اختلاف الحافر وورثة الميت 7430 - وإذا اختلف الحافر وورثة الميت الواقع فقال الحافر هو ألقى نفسه متعمدا، وقال الورثة بل سقط هو فيها من غير عمد فكان أبو يوسف يقول القول قول الورثة، وعلى الحافر الضمان لأن الظاهر أن الإنسان لا يفعل بنفسه هذا، فالظاهر مع الورثة، ثم رجع فال القول قول الحافر ولا ضمان عليه لأن الأصل براءة الذمة وطريق شغلها إنما هو الشرع، ولا دليل يدل على ذلك، وهو المدعى عليه الضمان. فصل عطب بحصيرة أو قنديل في مسجد الخ 7431 - ومن بسط حصيرة في مسجد أو علق فيه قنديلا وجلس

فيه للحديث فعطب بذلك إنسان فكان من أهل المسجد فلا ضمان عليه وإن كان من غير أهل المسجد فعليه الضمان في قول أبي حنيفة وفي قول أبي يوسف ومحمد لا ضمان عليه إذا كان المسجد عاما. فصل 7432 - واتفقوا على أنه لو بني فيه دكة أو حفر بئراً أنه يضمن في قولهم جميعا ما عطب بذلك. فصل 7433 - واتفقوا على أنه إن كان من أهل المسجد أنه لا ضمان عليه في قولهم جميعا. فصل القاتل لا يرث 7434 - والقاتل لا يرث بإجماع سواء كان بما يجب به قصاص أولا. فصل 7435 - وقاتل الخطأ لا يرث إذا باشر القتل ويرث إذا لم يباشر. 7436 - وقال الشافعي لا يرث في الوجهين. 7337 - ومن الفقهاء من قال يرث بكل حال إذا كان القتل خطأ. 7438 - وقال مالك يرث من المال ولا يرث من الدية والإرث لا يتبعض في حق الوارث في الأصول والعقد للمذهب إن كان من لزمه الكفارة حرم الميراث. 7439 - ومن لا كفارة عليه يرث فاعتبر أحدهما بالآخر في كل موضع.

فصل جرح العجماء 7440 - والعجماء جرحها جبار، وهي الدابة المنفلتة. فصل العجماء مع سائقها 7441 - فإن كان معها سائق ففيها العقل. فل انفلات دابة على حلها 7442 - وكذلك لو حل الدابة فانفلت فجئت فاصابت من فورها إنسانا ففيه العقل. فصل 7443 - وإذا أحدث يمينا وشمالا فليس في ذلك شيء لأنها زالت

بتصرفها عن سببها الأول. فصل فتح باب قفص 7444 - وعلى هذا قال أصحابنا إذا فتح أصحابنا إذا فتح باب القفص وفيه طير، فإن طار من فوره أو بعد ذلك فلا ضمان عليه لأن له فعلا مختارا. 7445 - وقال الشافعي إن طار من فوره فعليه الضمان وإن طار بعد ساعة فلا ضمان. 7446 - وقال مالك ليس عليه الضمان في الوجين، كما لو حل رأس الزق. فصل إرسال الكلب 7447 - والكلب إذا أرسله فهو مثل الدابة على سواء. فصل جناية كلب مربوط 7448 - ومن ربط في دار نفسه كلبا أو سبعا فجني عليه إنسان لم يضمن وكذلك إذا حفر في ملكه أو بني لم يضمن ما تلف من مال أو إنسان.

فصل رمى حية 7449 - ومن رمى على غيره فنهئته فعطب من ذلك فهو ضامن. فصل الرجل جبار 7450 - والرجل جبار، وهي الدابة ترمح برجلها وبذلك جاءت السنة. فصل المعدن جبار 7451 - وكذلك المعدن جبار وهم القوم يحفرون فيسقط عليهم. فصل راكب وسائق وقائد 7452 - وإذا كان مع الدابة سائق وقائد عليها راكب فعطب بها

إنسان فالدية عليهم ثلاثا وعلى الراكب الكفارة. فصل سقوط النائم 7453 - والنائم إذا سقط على إنسان فقتله فهو بمنزلة قاتل الخطأ. فصل سقوط رجل من حائط 7454 - وإن سقط رجل من حائطه على أحد في الطريق فعطبا جميعا فدية الأسفل على الأعلى بكل حالة ودية الأعلى إذا كان الرجل يمشي فهدر، وإن كان جانباً في الطريق فعليه الدية.

باب جناية الرقيق

باب جناية الرقيق الدفع بالجناية أو الغداء 7455 - ومن جني من العبيد جناية تبلغ النفس أو ما دونها فإنه يقال للمولى، ادفعه بالجناية وأقده بأرشها، وكذا روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو قول الشعبي وإبراهيم. 7456 - وقال الشافعي، المولى بالخيار إن شاء فداه وإن شاء سلمه ليباع في الجناية، فإن فداه فيما يفديه ففيه قولان، أحدهما يفديه بأقل الأمرين من قيمته ومن أرش الجناية، والثاني يفديه بأرش الجناية بالغاً ما بلغ، لأنه إذا اختار الفداء وجب عليه أرش الجناية، لأنها مستحقه عليه. فصل جناية المدبر وأم الولد 7457 - وأما جناية المدبر وأم الولد فإن المولى يجب عليه الأقل من قيمة المدبر وأم الولد وارش الجناية، ولا يجوز له الدفع، لأن نقل الملك فيهما لا يجوز، وهذا في قتل الخطأ، فأما العمد فإنه يسلم حتى يقتص منه. فصل 7458 - وإن جنت أم الولد مرارا فليس على المولى إلا قيمة واحدة وكذلك المدبر. 7459 - وقال الشافعي في احد قوليه يفديها بجنايتها دفعة واحدة أخرى وثالثة وكذلك أبدا وفي الآخر مثل قولنا يشارك الثاني، الأول وكذلك الثالث يشارك الأول والثاني وكذلك أبدا. 7460 - لأنه بالتدبير والاستيلاء منع الدفع واتلف القيمة فلا يلزمه أكثر من قيمة واحدة.

فصل سعاية المكاتب في جنايته 7461 - وجناية المكتب في ماله يسمى فيها بالغا ما بلغت. فصل موت العبد الجاني 7462 - وإذا ملت العبد بطلت جنايته، ولا يضمن المولى ذلك لأنه لم يتعين عليه القيمة. فصل موت أم الولد والمدبر الجانيين 7463 - وجناية أم الولد والمدبر لا تبطل بموتهما والمولى يؤدي ذلك لأنه منع من التسلم في الحياة، فهو كما لو اختار العبد إذا اعتقه أو باعه بعد العلم بالجناية فإنه يصبر مختارا للجناية. وإن كانوا قد قالوا أنه لو وطئ أو استخدم الجارية أنه لا يكون مختارا. 7464 - وروى عن أبي يوسف في الوطئ أنه يكون مختارا ولو رهنه أو أجره لم يكن مختارا. فصل 7465 - والعبد إذا قتل دابة واستهلك مالا فإنه يباع في ذلك إلا أن يفديه المولى. فصل 7466 - ولو فعل ذلك مدبر أو ولد سعيا فيه، وكذلك المكاتب يسعى.

فصل إقرار الرقيق بجناية خطأ 7467 - وكل رقيق من الرجال والنساء إذا أقر بجناية خطأ فأنها لا تلزم مولاه وتلزمه إذا عتق إلا المكاتب فإنه تلزمه السعاية. فصل 7468 - فإن كانت نفسا فقضى عليه بها ثم مات فقد صارت دينا يبدأ بها قبل مال الكتابة ولو لم يقض بها حتى مات بطلت في قول بعض فقهائنا. 7469 - وقال أبو حنيفة تبطل وإن قضى بها لأن أصلها كان بإقرار المكاتب، وإقراراه لا يقبل على مولاه. فصل القيمة يوم الجناية 7470 - وكل جناية تلزم العبد فالمصبر بالقيمة يوم الجناية لا يوم الحكم بها ولا الدفع لأنها سبب الوجوب عليه، مثل قيمة الرهن يوم التسليم والغصب يوم القبض كذلك هذا.

باب القسامة

باب القسامة الأثر الوارد فيها 7471 - روى سهل بن حشمة عن رجال كبراء من قومه أن عبد الله ابن سهل ومحيصة [بن مسعود] خرجا إلى خيبر من جهد أصابهما فوجد محيصة عبد الله بن سهل فقد قتل وألقى في عقير (قعير بئر) أو عين، فقال محيصة لليهود أنتم قتلتموه فأنكروا ذلك فجاء إلى النبي صلى الله عليه

وسلم ومعه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن بن سهل فابتدأ محيصة يتكلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الكبير الكبير [وفي رواية كبر كبر يريد السن]. فتكلم حويصة ثم محيصة وعبد الرحمن أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ فقالوا: كيف نحلف ولم نر ولم نشاهد: قال: فيحلف من اليهود خمسون [وفي رواية: فيحلف لكم يهود]. قالوا: إذن يحلفون يا رسول الله. فواده النبي صلى الله عليه وسلم من عنده [فبعث إليهم مائة فاقة] ظو فصل دلالة الخبر 7472 - وقد دل هذا الخبر على وجوه كثيرة منها جواز استماع أقوال المدعي مع غيبه الخصم، ومنها تقديم صلى الله عليه وسلم الكبير على الصغير في الكلام. فصل 7473 - ومنها جواز المكاتبة إلى المدعي عليه واستعلام ما يدعي عليه من جهته.

فصل 7474 - ومنها أنه يجوز أن يهدد المدعي عليه لأنه قال، إما أن تدوا صاحبكم أو تأذوا بحرب. فصل 7475 - ومنها جواز قبول قول المدعي عليه وسماع إنكاره مع الغيبة. فصل 7476 - ومنها قول النبي عليه السلام تحلفون للمدعين القتل وإن هذا حكم يخالف حكم الأموال. فصل 7477 - ومنها أن المدعي لا يجوز أن يحلف مع عدم العلم، ولا بشهد الإنسان بما لم ير. فصل 7478 - ومن ذلك أنه قال، فيحلف من اليهود (خمسون). فصل 7479 - ومنها أن الذي يحلف خمسون رجلا. فصل 7480 - ومنها جواز الطعن على المدعي عليه لأنه لم ينكر عليهم ما قالوا. فصل 7481 - ومنها جواز دفع الدية من غير المدعي عليهم بل من بيت المال.

ففي هذا الخبر هذه الوجوه كلها من الفقه. فصل القسامة من الجاهلية 7482 - وقد روى عن سعيد بن المسيب أن القسامة كانت في الجاهلية فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم في قتيل من الأنصار وجد في جهة اليهود، قال فبدأ النبي صلى الله عليه وسلم فكلفهم قسامة خمسين فقالت اليهود لا تحلف فقال صلى الله عليه وسلم أتحلفون فابت الأنصار أن تحلف فأغرم اليهود ديته لأنه قتل بين أظهرهم. هذا الحديث يضاد الأول وينافيه لأنه حكي أنه بدأ بالمدعي عليهم وكلفهم القسامة وغرم اليهود الدية. 7483 - وسعيد بن المسيب قاضي المدينة والعالم بالسيرة وقد حالف الخبر الأول، وإذا اختلف الرواية نظرا إلى ما يوافق الأصول من الأخبار. فصل اللوث 7484 - وقد قال مالك أن المدعين إذا حلفوا قتلوا، وقال الشافعي بل لهم الدية. 7485 - وقال مالك لا تجب القسامة حتى يقول المقتول دمي عند فلان أو يأتي من بينة، وبه قال الشافعي في اللوث.

7486 - وليس في الخبرين جميعا ذكر لوث من بينة ولا من غيرها، والدم يجب فيه الاحتياط ويدرأ بالشبه. فصل قتيل في محلة 7487 - وإذا وجد القتيل في محلة قوم [لا أثر] به من دم سائل فإنه لا قسامة فيه [ولا دية]. 7488 - وقال الشافعي فيه القامة. 7489 - لأنه يحتمل أن يكون قد مات فجأة فلا تجب القسامة بالشك. فصل 7490 - وإذا كان في المحلة أقل من خمسين كررت عليهم الإيمان حتى يحلفوا خمسين يميناً عند أصحابنا.

7491 - وقد قال الشافعي إذا لم يكن هناك لوث هل تكرر الإيمان أو تكون يمينا واحدة؟ على قولين أحدهما تكرر والثاني تكفي يمين واحدة وهو قولنا إذا لم يكن به أرش. فصل 7492 - وإذا كانوا أكثر من خمسين فالمولى يختار منهم خمسين فيحلفهم. فصل من لا يحلف القسامة 7493 - ولا تحلف النساء ولا من لا يلزمه عقل عندنا. فصل متى تكون الدية في بيت المال 7494 - وإذا أصيب في فلاة من الأرض مقتولا فديته في بيت المال، وكذلك إذا وجد في سوق العامة ووسط الفرات والماء يحمله فديته في بيت المال. فصل 7495 - وإن أصيب بين قريتين فالإيمان والعقل على أقرب القريتين إليه وبهذا حكم عمر.

فصل 7496 - وإذا اختلفوا فعلى العاقلة الدية. فصل 7497 - ويعقل أهل المحلة مع عاقلتهم. فصل 7498 - وتحلف العاقلة مع أهل المحلة إذا كانت العاقلة في المصر. فصل 7499 - ولا يغرم كل إنسان منهم إلا ثلاثة دراهم أو أربعة. فصل 7500 - فإن لم يفو بالدية يضم إليهم أقر القبائل حتى تتكامل الدية. فصل 7501 - فإن لم يكن للقاتل عاقلة وكان من أهل البادية الذين لا ديوان لهم فالدية على قبيلته. فصل بطلان القسمة 7502 - وقال بعض الفقهاء أن القسامة باطلة والبينة على المدعي واليمين على من أنكر. قال أبو موسى: وهو شواذ من الفقهاء، وقد بينا السنة في ذلك.

فصل قتيل في دار قبل قبضها 7503 - ومن اشترى دارا فلم يقبضها حتى وجد فيها قتيل قال أبو حنيفة القسامة والدية على من هي في يديه أن كانت في يد البائع فعلى البائع، وإن كانت في يد المشتري سواء كان الشراء بانا أو فيه خسائر (فعلى المشتري). 7504 - وقال أبو يوسف ومحمد، إن كان باتا فالقسامة على المشتري والدية على عاقلته، وإن كان فيه خيار فالقسامة والدي على من صارت الدية إليه. فصل حفر في دار مشتركة 7505 - والدار إذا كانت بين اثنين لأحدهما الثلث والآخر الثلثان فحفر أحدهما فيها بغير إذن شريكه فوقع فيها إنسان كان على الحافر الدية إلا مقدار لنصيب نفسه. ولو كان بين ثلاثة نفر فحفر أحدهم بئراً فوقع فيها إنسان فعليه ثلثا الدية في قول أبي حنيفة وعندهما نصف الضمان.

فصل عطب بتراب حائط 7505 - والحائط إذا هدم فوقع إنسان بترابه فعطب عليه الضمان عند محمد ولا ضمان عليه عند أبي يوسف. فصل اختياره فداء عبده 7508 - وإذا اختار المولى فداء عبده (من) ارش الجناية وجب عليه حالا في ماله، وإن تبدل اختياره بعد ذلك فالجناية زائلة عن رقبة العبد باختيار المولى. 7509 - وقال أبو يوسف إذا لم يكن له مال سوى العبد فاختياره باطل والمال في رقبة العبد حتى يستوفي وقال محمد الاختيار جائز مصرا كان أو موسرا، ويكون ذلك في رقبة العبد دينا لولى الجناية. 7510 - وفي كتاب الجنايات مسائل كثيرة وفروع مشتبهة والذي ذكرناه هو ما يجوز أن يقع ويتفق دون النادر. ولما كان قتال أهل البغي يجوز في حالة ويحرم في أخرى، وهو شبيه بالجنايات إذا حرم وبالمباحثات إذا أحل وجب أن نذكره بعد ذلك وتبين حكم قتالهم وهل تجب دية أم لا تجب؟

كتاب قتال أهل البغي

كتاب قتال أهل البغي وهذا كتاب أهل البغي فصل الدليل على أحكام أهل البغي 7511 - قال الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}. الآية. فصل (دلالة الآية) 7512 - فأمر بقتال الباغية، ونهى عن القتال بعد الفيئة والرجوع، ولم يسلب الجميع اسم الإيمان، وأمر أهل الحل والعقد بالسعي بينهما بالصلح. والآية تدل على قتال مستقل لأنها بلفظة (إن) التي لا تصلح للماضي وهي شرط وجواب الشرط فاصلحوا. 7513 - وقد قاتل أبو بكر المرتدين وبه عرف حكمهم، وضرب عمر الدواوين وبه عرف حكم ذلك، والخراج، وعرف بقتل عثمان رضي الله عنه حكم الفترة وما يفعل إذا عدم الإمام. وعرف بعلي رضي الله عنه قتال أهل البغي، وكيف يفعل بهم، وهذا الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي فعضوا عليه بالنواجذ) فيجب أن

يفعل ما فعل كل واحد منهم، ويقتدى به كما أمر الرسول عليه السلام وقد ذكر أبو روف الهمداني عن أكثر من عشرين رجلاً ممن أدرك ذلك أن علياً رضي عنه قال للأشتر يوم الجمل وقد قتل وأجهز على الجرحى، ليس الأمر كذك، ليس القوم بكفار وإنما قاتلناهم ببغيهم علينا فلا تتبعن مدبراً ولا تجهزن على جريح. فقال يزيد بن قيس الهمداني وهو حاضر أيكما يرضى أن تكون صاحبة الفسطاط الأحمر في قسمه؟ يعني عائشة فسكت الأشتر. فصل الخوارج 7514 - والخوارج هم كل فرقة أظهرت رأياً ودعت إليه وقاتلت عليه وصار لهم شوكة منيعة وبقعة معينة وشهرت السلاح على الجماعة. 7515 - فالإمام المفترض الطاعة يدعو هؤلاء إلى الرجوع ويسألها عما دعت إليه ويحل شبهتها إن كان لها شبهة، فإذا أنصفهم وأزال ما يدعون إليه وهم ممتنعون في الدخول تحت طاعته والرجوع إلى الجماعة فحينئذ يجب حربهم وقتالهم. 7516 - وإذا قاتل الإمام الفئة الباغية وهزمها فإنها إن كان لها فئة يرجعون إليها ومعقلاً يتحصنون به فإنه يتبع المدبر ويجهز على الجريح

ويقتل الأسير عند أصحابنا. 7517 - وإن كانوا بخلاف هذه الحالة لا شوكة لهم قوية ولا بقعة منيعة ولا ردء يلجأون إليه فإنه لا يجهز على جريح ولا يقتل أسيراً ولا يتبع مدبراً عملاً بما ذكرنا من الخبر في ذلك. فصل حبس سلاحهم 7518 - وما أخذنا من مال أو سلاح أو كراع أو غيره من الأموال فإن كل ذلك يحبس حتى تنقضي الحرب أو يقتلوا أو يرجعوا ثم يرد ذلك كله على أربابه ولا يخمس عندنا ذلك ولا يملك. فصل 7519 - وقد قال ابن شبرمة وابن أبي ليلى والحسن بن صالح يخمس ذلك كله. 7520 - وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه». 7521 - ولأن أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه لم يخمس أموال الخوارج، وفعله هو الأصل في هذا الباب.

فصل لا ضمان على ما أتلفه المتحاربون في حرب البغاة 7522 - وما أتلفوا علينا من مال أو نفس أو أتلفنا عليهم من ذلك فلا ضمان على أحد الفريقين لصاحبه. 7523 - وقال الشافعي يجب الضمان في أحد قوليه لأنهم باينوا الجماعة داراً وحرباً فهم كاهل الحرب. فصل بيع سلاح ذوي الفئة 7524 - وما دامت لهم فئة يرجعون إليها فإن سلاحهم وكراعهم يباع ويحفظ ثمنه إلى أن تقضي الحرب ثم يرد عليهم. فصل استعمال سلاح ذوي الفئة 7525 - وإن احتيج إلى ذلك السلاح فلا بأس باستعماله مع الحاجة إليه، ولا يجوز مع عدم الحاجة. فصل هل يصلى على قتلى أهل البغي؟ 7526 - وقال أصحابنا، لا يصلى على من مات منهم أو قتل. 7527 - وقال الشافعي يصلى عليهم، وجعل أصحابنا ذلك كأهل الحرب. فصل الصلاة على قتلى أهل البغي 7528 - وأجمع الفريقان على أنهم يدفنون ولا تحمل رؤسهم إلى

غير البلد الذي قتلوا فيه، لأن في ذلك مثلة، وقد نهى عنه الأئمة الراشدون. فصل قتل الأب المشرك 7529 - وقد كره أصحابنا أن يتعهد الولد المسلم قتل أبيه المشرك أو الباغي لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى حنظلة بن أبي عامر عن قتل والده وقالوا لا بأس أن يبدأ بقتل أخيه لأن حرمة الأب أعظم، وقد قال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً}. فصل العادل يرث 7530 - والعادل يرث الباغي إذا مات أو قتل. فصل 7531 - واختلف في الباغي هل يرث العادل إذا قتله؟ فقال أبو حنيفة ومحمد إن قال قتلته وأنا على حق ورث. وقال أبو يوسف لا يرث الباغي من العادل إذا قتله في كل حال.

فصل ضمان ما أتلف الباغي قبل خروجه 7532 - وما أتلفوا علينا أو أتلفنا عليهم من الأموال والرقيق والحيوان قبل خروجهم فهو مضمون على من فعله، ويؤخذ به بعد أن ينقضوا ويقضى به لكل واحد على الآخر. فصل أنظار البغاة 7533 - وقال أصحابنا ليس للإمام أن يعفو عن قتالهم ولا يصالحهم على مال يأخذه منهم وجعل يجعله عليهم حتى ينظروا لأنهم ليسوا بكفار فيقروا بالجزية. وقد سئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عنهم أكفار هم؟ فقال من الكفر هربوا. فقيل أمنافقون هم؟ فقال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً. فقيل له ما هم؟ فقال اخواننا بغوا علينا بالأمس فنصرنا عليهم. وإنما يفعل بهم ذلك حتى لا يكبروا ويعظم أمرهم. فصل 7534 - وجملة القول أن هذا أمر اليوم كالميأوس منه، ولو شاهد أهل العلم ومن صنف الكتب في الفقه ما نشاهد لعلموا أن هذا إنما كان في غير هذا الزمان، ونحن نرى اليوم الخوارج في كل بلد وكل إنسان يفعل ما يرى من غير جامع يجمع شمل المسلمين ويعز الدين.

فصل طلب الباغي الأمان 7535 - ولو أن العادل أراد قتل الباغي في الحرب فألقى سلاحه وطلب الأمان فإنه لا يقتله وإن طلب ذلك والسلاح معه فله قتله. فصل قضاة الخوارج 7536 - وقال أصحابنا لو أن رجلاً من أهل العدل ولاه الخوارج حكماً على مدينتهم فحكم بحد أو قصاص أو طلاق أو نكاح أو شيء مما يحكم به الحكام جاز ذلك كله، وليس ينبغي له إذا قدر على ذلك إلا بقيمه إذا كانوا قد سلموا ذلك إليه، لأنه يجري فعله مجرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا قدر على إزالته. فصل لا يستعان بأهل الشرك على الخوارج 7537 - وليس له أن يستعين بأهل الشرك على الخوارج إذا كان الشرك هو الغالب لأنا لا نأمن منهم الفتك في الجميع.

فصل حد الخوارج 7538 - وليس الحكم في الواحد والاثنين والجماعة التي (هي) غير ممتنعة بدار من الخوارج هذا الحكم الذي ذكرناه، هؤلاء تقام عليهم الحدود كلها ويضمنون ما اتلفوا أو اتلف عليهم كسائر الناس من أهل العدل، ولو جوزنا ذلك لكان كل فرقة من المسلمين من أهل المذاهب المختلفين والعشائر المتضادين يفعل مثل ذلك، وليس هذا قولاً لأحد من المسلمين وأهل العلم والدين. فصل (الحرابة واللصوصية) اللصوص 7539 - واللصوص إذا كان لهم منعة وشوكة فاتلفوا الأموال والنفوس ثم قدرنا عليهم فإنه تقام فيهم الحدود وتستوفى الحقوق ويضمنون الأموال التي اتلفوا ويستوفى القصاص منهم في النفس والطرف، وليس هم في هذه الأحكام كالخوارج المتأولين للقتال والداعين إلى مقالة ذكروها ودلوا بالسنة عليها، هؤلاء كأهل الحرب واؤلئك كفساق أهل العدل.

فصل اللص المكابر 7540 - وكان أصحابنا يرون أن اللص إذا دخل ليلاً وكابر على أخذ المال أن قتله حلال لأن الدفع عن المال كالدفع عن النفس. فصل 7541 - وكان أبو حنيفة لا يؤديه بالدية. وقال غيره من أصحابنا يؤدى بالدية وجعل ذلك كالمضطر إلى طعام الغير أنه يضمن. فصل دخول اللص نهاراً 7542 - فلو أن اللص دخل نهاراً وقاتل بعصا فإن أبا حنيفة قال لا يجوز قتله لأن النهار يقدر فيه على المعونة، والليل بخلاف ذلك. فصل 7543 - قال أبو يوسف ومحمد هذا والأول سواء ويجوز قتله ويؤدى لأن العصا قيل تقتل كالسيف.

فصل دفن أهل البغي في مقابر المسلمين 7544 - وقد روى عن أبي يوسف أن أهل البغي يدفنون في مقابر أهل العدل، وليس حالهم أكبر من حال الزاني المحصن والقاتل عمداً. فصل ما ينفذ من أحكام أهل البغي 7545 - وينفذ من أحكامهم ما ينفذ من (أحكام) أهل العدل، ويرد ما يرد منها، لأن لهم تأويلاً إليه يذهبون. فصل 7546 - ومن عبر بماله عليهم فأخذوا منه الزكاة فالإمام يثنيها عليه لأنه دفع إلى غير من له حق الأخذ. 7547 - وقال الشافعي لا يثنى عليه. فصل 7548 - واتفق الفريقان على أنهم لو ملكوا البلاد وأخذوا ما للإمام خذه وأقاموا الحدود أنها لا تثنى على أحد بعد ذلك. 7549 - وإذا قد ذكرنا حكم البغاء وحكم من ليس بباغ وجب أن نذكر حكم من يباح قتله وليس بباغ ولا عادل، وليس هذا إلا من ارتد عن الدين وبدله.

كتاب المرتد

كتاب المرتد الآيات الواردة في الردة وهذا كتاب المرتد 7550 - قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَاتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} الآية. وقال: {فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}. فدلت الآيتان على أن الردة محرم فعلها وأنها تخرج الفاعل عن الدين الذي اختاره الله ورضيه. فصل الآثار الواردة في الردة 7551 - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من بدل دينه فاقتلوه». وقال «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، كفر بعد إيمان

وزنا بعد إحصان وقتل نفس بغير نفس». 7552 - وأجمع الفقهاء على أن كل عاقل بالغ مكلف إذا ارتد عن الدين صحت ردته ووجب قتله لأجل الردة، وأن الإمام يقتله بالسيف بعد أن يفرض عليه الإسلام، فإن أبى قتل. ولا فرق بين الحر والعبد في ذلك عند الجميع. فصل ردة المرأة 7553 - وقال أبو حنيفة ومحمد إن كانت امرأة بالغة ارتدت وهي عاقلة فإنها لا تقتل بالردة وتحبس حتى ترجع إلى الإسلام، وهو قول أبي يوسف الآخر. 7554 - وقال أبو يوسف أو لا تقتل بالردة، وهو قول إبراهيم النخعي والشافعي، ولو قتلت بالكفر الطارئ لكان الأصلي مثل ذلك كالرجل يقتل بهما، والصبي لا يقتل بهما وكذلك المجنون. فصل ردة الصبي 7555 - والصبي إذا ارتد وهو يعقل الردة صحت ردته، ولا يقتل لعدم التكليف عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا تصح ردته، وهو قول الشافعي، واتفق أصحابنا على أن الصبي يصح إسلامه إذا كان يعقل الإسلام، وقال الشافعي لا يصح إسلامه، وصح منه الصلاة والصيام والطهارة والحج والعمرة فكيف صح منه الفرع ولم يصح الأصل.

فصل الإستتابة 7556 - وقال أصحابنا أن الاستتابة في حق المرتد مستحبة وليست بواجبة. 7557 - وللشافعي قولان أحدهما مثل قولنا، والآخر واجبة لقوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه. فصل تأجيل المرتد 7558 - وإن طلب التأجيل أجل لينظر في ذلك. 7559 - وقال الشافعي في أحد قوليه لا يجب التأجيل. 7560 - وقد قال الله تعالى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ}. فصل ردة السكران 7561 - ولا تصح ردة السكران عند أصحابنا، والقياس أن ردته تصح، وهو قول الشافعي، لأن الردة تتعلق بالاعتقاد ويجب الاحتياط في ذلك. فصل جحود المرتد ردته 7562 - ولو شهد عليه بالردة وهو يجحد ذلك فذلك توبة من

الردة عندنا. 7563 - وقال ابن أبي ليلى لا يكون الجحود توبة وجحود الكفر أكثر من الإقرار به والعود إليه. فصل المرتدة تلحق بدار الحرب 7564 - وما ولد في دار الحرب من الأولاد فإنه يسترق. 7565 - وللشافعي في ذلك قولان أحدهما هذا والآخر لا يسترق، ولم يجز استرقاق الولد لما وجب قتل الوالدين عنده وأحدهما عنده. فصل توبة الزنديق 7566 - ولا تقبل توبة الزنديق في إحدى الروايتين عن أصحابنا وتقبل في الأخرى. وهو قول الشافعي، لأن الكفر يجب الانتهاء عنه والرجوع إلى الحق وإن تكلف غير الظاهر. فصل عقود المرتد 7567 - والمرتد عند أبي حنيفة عقوده كلها موقوفة من البيع والهبة والعتق إلا النكاح فإنه باطل فإن أسلم جازت وإن قتل أو مات أو لحق بالدار بطلت جميعها. 7568 - وقال أبو يوسف عقوده جازة كما تجوز من غيره ممن

يباح دمه. 7569 - وقال محمد يجوز تصرفه كما يجوز تصرف المريض الذي يخاف عليه. 7570 - وللشافعي ثلاثة أقوال أحدهما أن ملكه موقوف مراعي، والثاني أن ملكه لم يزل، والثالث أنه يزول ومن أصحابه من قال الأقوال في نفوذ تصرفه وأما ما ملكه فباق قولاً واحداً. فصل كسب المرتد قبل الردة 7571 - وما اكتسبه المرتد قبل الردة فهو لورثته من المسلمين عند أصحابنا وما اكتسبه بعد الردة فهو فيء للمسلمين عند أبي حنيفة. 7572 - وقال أبو يوسف ومحمد الجميع لورثته من المسلمين. 7573 - وقال الشافعي الجميع فيء ولا يورث عنه لأن المسلم لا يرث الكافر. فصل ما يجب على المرتد من دية 7574 - ولو قتل المرتد قتيلاً خطأ فالدية واجبة فيما اكتسبه قبل الردة، ولا يجب على العاقلة منه شيء عند أبي حنيفة ذكره في الجامع الصغير. 7575 - وقال في السير الكبير أنها تجب في المال الذي اكتسبه بعد الردة. 7576 - وقال أبو يوسف ومحمد تجب في المالين جميعاً.

فصل قتل عبداً وأمة مرتدين 7577 - ومن قتل عبداً مرتداً أو أمة مرتدة لم يجب عليه شيء في الظاهر عند أصحابنا. 7587 - وروي عن أبي حنيفة أنه قال يجب في الأمة القيمة ولا يجب في العبد، لأنها لا تستحق القتل بالردة عنده. فصل ارتداد أهل بلدة 7579 - ولو أن أهل بلدة ارتدوا عن الإسلام وغلبوا عليها فإنها لا تصير دار حرب إلا بشرائط ثلاث أحدهما أن تكون متاخمة لدار الحرب متصلة بهم. والثاني أن تجرى فيها أحكام أهل الشرك. والثالث أن لا يبقى فيها أحد من المسلمين أو من أهل الذمة إلا بأمان من المرتدين فحينئذٍ تصير دار الحرب. وهذا قول أبي حنيفة. 7580 - وقال أبو يوسف ومحمد، إذا جرى فيها أحكام أهل الشرك فهي دار حرب. فصل لحوق المرتد بدار الحرب 7581 - والمرتد إذا لحق بالدار وقضى القاضي بذلك فإنه ينظر إلى ورثته وقت اللحوق بدار الحرب من كان من ورثته موجوداً ورث ومن مات قبل ذلك لم يرث، وهذا قول محمد وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة.

7582 - وذكر أبو يوسف في الأمالي أنه ينظر إلى ورثته وقت قضاء القاضي بلحوقه وهو رواية عن أبي حنيفة في بعض الروايات هكذا حكي الخلاف أبو الليث في خلافة لأصحابنا في كتاب السير. فصل دعوة المرتد 7583 - ودعوة المرتد جائزة وتصير الجارية أم ولد بدعوته ولا يرث هذا الابن أباه إذا كانت الأمة يهودية أو نصرانية وإن كانت مسلمة ورثه مع سائر الورثة على ما تقدم من تفصيل الروايات. فصل ردة الذمي 7584 - وقد مضى في كتاب النكاح أن الذمي إذا ارتد من دين إلى دين أنه لا يقتل ولا يكلف الرجوع إلى دينه الأول ولا إلى دين الإسلام ويخلى وشأنه. فصل هل يقضي المرتد ما فاته من عبادة؟ 7585 - والمرتد لا يقضي شيئاً مما تركه من العبادات في حال الإسلام أو الردة ويستأنف الحج إذا رجع، وهذا قول أصحابنا جميعاً. وقال الشافعي يقضي ما فات. فصل الردة بسبب النبي 7586 - ومن سب النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين فقد ارتد ووجب عليه ما يجب على المرتد عندنا.

فصل 7587 - وإن كان من أهل الذمة فإنه يؤدب ولا يقتل ولا يكون بذلك ناقضاً للعهد. 7588 - وقال الشافعي يقتل ويصير ناقضاً للعهد. 7589 - وكتاب المرتد يدور في الكتب جميعها في الأحكام. وإذا قد ذكرنا أحكام المرتد وما يجب عليه وله، فهل من قصد رجلاً ليقتله هل يباح له أم لا؟

كتاب الصول

كتاب الصول وهذا كتاب الصول 7590 - والصول معنى محظور في الشرع مسقط للضمان فيمن يصح بذله من الناس وإباحة دمه إذا أقدم على غيره. فصل 7591 - وقد اتفق الجميع على أن رجلاً لو شهر سلاحاً على غيره وأراد قتله وغلب في ظن المقصود بذلك أنه يريد قتله فقتله المشهور عليه السلاح فإنه لا قصاص عليه ولا دية. فصل 7592 - وإن كان الشاهر صبياً أو مجنوناً فقتله فعليه ضمان ديته لأنه لا يصح له فعل إباحة دمه.

فصل 7593 - وقالوا للابن والعبد والذمي أن يدفع عن نفسه الأب والمولى والمسلم. وإن قتل واحد من هؤلاء الآخر لم يقتل، وذلك مضى في الجنايات. فصل صول حيوان لغيره 7594 - وقال أبو حنيفة ومحمد، إذا صال عليه بعير لغيره أو فرس أو من الحيوان ما له قيمة فقتله دفعاً عن نفسه فعليه الضمان لمالكه. 7595 - وقال أبو يوسف والشافعي لا ضمان عليه في ذلك. فصل الاضطرار إلى طعام غيره 7596 - واتفق الجميع على أنه لو اضطر إلى طعام غيره أن له أخذه والضمان عليه واجب لأنه أتلف مال آدمي طالباً لحياة نفسه. 7597 - وهذا موجود في مسألتنا وقد يجوز الإقدام على الفعل ولا يسقط الضمان كمن ذبح شاة غيره وهو يعتقد أنها له وكمن رمى صيداً فأصاب إنساناً فقتله. فصل صول الصيد في الحرم 7598 - ولو صال عليه الصيد في الحرم أو الإحرام فقتله فلا جزاء عليه عندنا. وقال زفر عليه الجزاء كما لو اضطر إلى قتله للحاجة. فصل تجاوز حد الدفاع عن النفس 7599 - ولو شهر رجل في المصر عصا أو حجراً فقتله المشهور

عليه فإن أبا حنيفة قال يجب عليه القود. لأنه قتل من ليس له قتله. 7600 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يقتل، وإن كان العصا والحجر كبيراً تلزمه الدية. فصل الاطلاع على قوم 7601 - ولو اطلع على قوم من كوة بغير إذنهم وهم منكشفون أو عند رجل حرمته (كذا) وليس المطلع من ذوي الأرحام فقطع عينه ببندقه أو حصاة أو طعن عينه بعود فذلك هدر ولا شيء على الفاعل في رواية الطحاوي. وهو قول الشافعي. 7602 - وقال الرازي يجب الضمان. وقد روى أبو هيرية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم ففقأوا عينه فلا دية ولا قصاص». فصل ما تفسده البهيمة 7603 - وما أفسدت البهيمة من زرع أو مال وليس معها أحد فلا ضمان على مالكها لأن جرح العجماء جبار. وقال الشافعي: ما أفسدت ليلاً من زرع أو مال وليس معها أحد وجب الضمان.

فصل 7604 - وقد ذكر علي بن موسى في أحكام القرآن الصغير له أن الدفع عن النفس ليس بواجب عند بعض الفقهاء. 7605 - وقال ذلك في تفسير قوله {لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}. وذكر هناك أخباراً كثيرة في المعنى. 7606 - وإذ قد ذكرنا حكم القتول من البهيمة والإنسان، وكان القتل في المحاربة وأخذ أموال أهل الحرب في الصورة واحد وجب أن نبين هل يجوز ذلك أم لا: وما الذي أبيح لنا فعله وحرم علينا فعله، وهذا يتبين بأن نذكر الغنيمة أو السير.

كتاب السير والغنيمة

كتاب السير والغنيمة 7607 - أعلم أن جميع أهل العلم اتفقوا على جواز أكل ما غنمه الغانمون من أهل الحرب في الجملة وقد نزل القرآن فقال: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً}. 7608 - والجهاد أحد عرى الإسلام ودعائمه وأصوله وأركانه وقوامه. فصل الآثار الواردة في الجهاد 7609 - وقد بين الله فضل المجاهد على القاعد ومدح من جاهد أشد مدح في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. وقد روي عنه عليه السلام أنه قال: «القتل في سبيل الله يكفر جميع الذنوب إلا الدين». وقال ابن مسعود (القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة).

وقال سلمان الفارسي: من رابط يوماً [وليلة] في سبيل الله كان له كأجر صيام شهر وقيامه، ومن قبض مرابطاً في سبيل الله أجير من فتنة القبر. وكم فيه من الفضائل المأثورة والسنن الصحيحة النافعة. فصل مسائل السير 7610 - والقاضي يحتاج إلى معرفة من يسهم له ومن لا يسهم ومن يرضخ له ومن يصح أمانه ومن لا يصح، وكيف نقسم الغنائم، وعلى من تقسم، وما يؤخذ من الأرض إذا فتحت عنوة أو أسلم أهلها عليها وما أخذه أهل الحرب من أموالنا وأخذناه منهم وحكم الجزية والاسترقاق ومن يباح قتله ومن لا يباح قتله لأنه ينوب عن الإمام فيحتاج إلى علم ما يتقدم به الإمام إليه أو يحتاج الإمام أن يفعله ويعلمه. فصل الدعوة أولاً 7611 - وكل من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام فالسنة في قتاله أن يدعى إلى الإسلام ويعلم بما يدعى إليه ونبين له شرائعه وفرائضه وأحكامه، فإن أسلم كف عنه وخلى وشأنه ودعي إلى التحول إلى دار الإسلام والكون فيها، فإن لم يجب إلى ذلك كله دعي إلى الجزية، فإن بذلها كف عنه وإن امتنع استعين بالله وقوتلوا على اسم (الله) وملة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فصل قتل الرجال دون النساء والصبيان 7612 - ويقتل الرجال منهم وتسبى النساء والصبيان وسائر أموالهم وجميع ما تحويه أيديهم. 7613 - ولا فرق عندنا بين أهل الكتاب من اليهود والنصارى المشركين من العجم. فأما مشركوا العرب فإنهم لا يسترقون لفضيلة العرب على سائر أنواع الناس. 7614 - وقال الشافعي يسترقون في أحد قوليه. فصل قتال من بلغته الدعوة 7615 - وللإمام أن يقاتل من بلغته دعوة الإسلام وعرف شرائعه من غير أن يدعوه إلى الإسلام أو بذل الجزية عندنا لأنه يعلم ما يدعى إليه وقد تركه عناداً أو رغبة عنه.

فصل لا تقسم الغنائم في دار الحرب 7616 - فإذا جمعت الغنائم كلها فإنها لا تقسم في دار الحرب، لأن الحيازة لم تحصل فيها وما تم الملك عليها. 7617 - وقال الشافعي تقسم وقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم بخيبر ولم يقسم ببني المصطلق والنصير ولا في حنين حتى رجع. فصل اشتراك المدد في الغنيمة 7618 - وعندنا يشترك المدد للغانمين ما داموا في دار الحرب، بهذا كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أمراء الجيوش. 7619 - وقال الشافعي لا يشتركون. 7620 - واتفق الجميع على أن لهم أن يأخذوا ما يحتاجون إليه من العلف والطعام والشراب والسلاح، وإن العدو لو رجع واسترجع الغنائم ثم عاد المدد والجيش الأول فأخذوها أنهم يشتركون فيها. فصل الإسهام للرجال الأحرار 7621 - ويسهم للرجال الأحرار البالغين المسلمين ولا خلاف في ذلك لأنهم المخاطبون بالجهاد وإقامة فرضه. فصل لا يسهم لصبي غير بالغ ولا امرأة 7622 - ولا يسهم لصبي غير بالغ ولا امرأة تداوي الجرحى وإن قاتلا يرضخ لهما من الغنيمة.

7623 - ولا يسهم لذمي استعان به الإمام وإنما يعطى على سبيل الرضخ. فصل الرضخ للعبد 7624 - ويرضخ للعبد ولا يسهم له، ويكون ما يأخذه لمالكه الذي ملكه. فصل ممن يصح الأمان 7625 - وكل واحد ممن له سهم كامل في الغنيمة فإنه يصح أمانه لأهل الحرب، ويجب على كافة المسلمين أن ينفذوا ذلك ويحرم القتال بذلك الأمان على من يريد القتال، ولا فرق بين العدل والفاسق والعربي والعجمي في هذا الحكم لأنه يملك القتال بنفسه وله ولاية على غيره. فصل هل يصح الأمان من العبد 7626 - فأما العبد فإنه لا يصح أمانه عند أبي حنيفة إلا أن يكون المولى قد أذن له في القتال، فإن لم يأذن له في ذلك فأمانه باطل. 7627 - وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي أمانه جائز في الوجهين جميعاً.

فصل 7628 - والمرأة إذا أمنت صح أمانها وكذلك التجار من المسلمين وأهل سوق العسكر وإن لم يسهم لهم لأنهم من أهل الولاية والقتال. 7629 - وقد أمنت أم هانيء وزينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاز ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. الغنائم فصل حكم الغنائم في دار الإسلام 7630 - وإذا جمعت الغنائم في دار الإسلام نظر الإمام إليها، فإن كان فيها مال قد أخذ من المسلمين قد كان الكفار أخذوه على سبيل النصب أو القهر والغلبة وله صاحب حاضر أخذه بغير شيء. 7631 - وقال الزهري والحسن يخمس الجميع ولا يرد على أحد ما عرف من ماله لأنهم ملكوه عليه. فصل 7632 - وعندنا يرد قبل القسمة بغير شيء، وبعد القسمة يأخذه مولاه بقيمته لأن بالقسمة استقر ملكه عليه.

فصل يملك الكفار بالقهر والغلبة 7633 - وعندنا أن الكفار يملكون بالقهر والغلبة. 7634 - وقال الشافعي لا يملكون. 7635 - ولا خلاف أنا نملك عليهم ما نأخذه من أموالهم وبهذا جاء القرآن ووردت السنة وأجمع عليه العلماء. فصل لا تضمين بين المتحاربين 7636 - واتفق العلماء على أن كل ما أتلفوه علينا (من مال) أو نفس أو طرف فإنا لا نضمنهم ذلك ولا يرجع به على من أسلم منهم وإن حكمهم في ذلك وحكمنا معهم سواء. فصل 7637 - وقال أبو حنيفة لو أخذوا لنا مدبراً لم يملكوه ورد إلى مولاه بغير شيء بعد القسمة وقبلها. 7638 - وقال أبو يوسف ومحمد يملكونه. 7639 - واتفق على (أن) أم الولد لا تملك بالقهر على مولاها. فصل 7640 - ومن أسلم هناك فإنه يقر في يديه ماله من مال ورقيق ومتاع وذهب وفضة، وماله من وديعة عند مسلم أو ذمي وما كان في يد حربي فإنه يكون فيئاً، وكذلك أراضيه. 7641 - وقال الشافعي كل ماله قد حرزه بإسلامه في سائر الإسهام.

7642 - وقد روي عن أبي يوسف مثل ذلك لأنه يده ثابتة من طريق المشاهدة على المنقول، فأما العقار فلا. فصل 7643 - ولو خرج إلينا مسلماً فجميع ماله هنالك يخمس ولا يجوز به وكذلك إذا ترك أولاداً له هناك صغاراً. فصل 7644 - وإن كانت له زوجة وهي حبلى فإنها تسترق وما في بطنها. 7645 - وقال الشافعي لا يسترق أولاده ولا الحمل الذي له من زوجة أو ملك يمين وهو كالمسلم في دار الإسلام. 7646 - لأنه لم يحرز ذلك بدارنا ولا صار محظوراً على أحد أخذه. فصل غزاة دون التسعة 7647 - وكل عدد دخل دار الحرب من المسلمين دون التسعة فإنه لا يخمس ما يأخذون وهم في حكم اللصوص عندنا. 7648 - وقال الشافعي يخمس ذلك. 7649 - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه، قال خير الرفقة أربعة والسرايا أربعمائة والجيوش أربعة آلاف ولا يغلب اثنا عشر ألفاً من قلة. فصل التخميس 7650 - والإمام أو الأمير يجزئ الغنائم أجزاءً من سائر المنقولات

فيعطى أربعة أخماسها للغانمين ويعزل الخمس من ذلك. 7651 - ولا خلاف في أن الغانمين لهم أربعة أخماس الغنيمة. فصل تقسيم الخمس 7652 - فأما الخمس وكيف يقسم فقد اختلف العلماء في ذلك على ضروب من الخلاف. فمنهم من قال يقسم ستة أسهم سهم لله تعالى يصرف إلى الكعبة وسهم للرسول يصرف إلى الخليفة بعده لأنه قائم مقامه، وسهم إلى ذوي القربى المذكورين في الآية، فمنهم من قال قرابة النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال قرابة الخليفة بعده، ومنهم من قال قرابة الغانمين، ومنهم من قال لا يقسم هكذا ولكن يقسم على أربعة أسهم سهم لذوي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لبني السبيل ويأخذ من (سهم) ذوي القربى بنو هاشم وبنو المطلب ولا يأخذ منه بنو نوفل ولا بنو عبد شمس، وهذا قول الشافعي. 7653 - وقال مالك لا يقسم أخماساً ولكن يقسم على ما يراه الإمام من ذلك ولا يتجاوز هذه الأصناف إلى غيرها، وله أن يفضل بعضهم على بعض ويعطى بعضهم دون بعض. وقال أصحابنا جميعاً يقسم اليوم الخمس على ثلاثة أسهم على اليتامى والمساكين وابن سبيل وسقط سهم الرسول بذهابه وسقط سهم ذوي القربى. 7654 - وهكذا قسمه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. 7655 - وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر عرض علينا أن يزوج منه أيمنا ويقضي منه عن غارمنا فأبينا منه إلا أن يدفعه إلينا بأسره فأبى علينا.

وقد روي عن جعفر بن محمد أنه سئل عن ذلك فقال: كان عمي رضي الله عنه على مذهب أهله فقال له محمد بن اسحق فلم لم يحكم بذلك؟ 7656 - قال كراهة أن ينسب إلى خلاف صاحبيه. وقد روي عن عثمان بن عفان وجبير بن مطعم أنهما قالا للنبي عليه الصلاة والسلام. 7657 - يا رسول الله إننا لا ننكر قرابة بني هاشم وفضلهم فما بال بني المطلب أعطيتهم ومنعتنا وقرابتنا وقرابتهم واحدة؟ فقال: أن بني المطلب لم يفارقونا في جاهلية ولا في إسلام وشبك بين أصابعه. ولو اعتبر عموم اللفظ دخل فيهم الجميع، فعلم انه لم يطعهم لأجل القرابة وإنما أعطاهم لأجل النصرة. 7658 - وقد روي عن أبي يوسف أنه كان لهم سهم يستحقونه بالبصرة. فصل 7659 - ومن كان من ذو القربى من الأصناف الثلاثة وهو فقير فإنه يعطي من ذلك السهم لأنه من حملتهم لا للقرابة. 7660 - وقال الشافعي لا يدخلون في أصحاب السهام ولهم سهم مفرد.

7661 - والخمس إنما أخذوه بدلاً من الزكاة ولهذا قال عليه السلام: «أليس في الخمس ما يغنيكم عن أوساخ الناس؟» فعلم أنه مأخوذ من الزكاة. فصل 7662 - وسائر ما يؤخذ من دار الحرب يخمس إلا الحشيش لأنه مال وصل إلينا بزوال يد أهل الحرب. فصل حكم الأرض المفتوحة 7663 - وأما الأرض فالإمام بالخيار إن شاء أن يقسم قسمها وإن شاء أقرها في يد أهلها ووضع عليهم الخراج كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالسواد وإن شاء نقل إليها غير أهلها. فصل أرض السواد 7664 - وقد اختلف العلماء في أرض السواد فقال أصحابنا هي مملوكة يجوز بيعها ويجري فيها سهام المواريث. 7665 - وقال الشافعي نفسه لا أدري ما صنع عمر رضي الله عنه بأرض العراق، وأما أصحابه فمنهم من قال باعها من أربابها وما يؤخذ من الخراج فهو ثمن لها، ومنهم من قال هو أجرة عنها تؤخذ منهم.

فصل 7666 - ويجوز وقفها عندنا، وتؤخذ بالشفعة وهي كسائر البلاد. فصل أرض العرب 7667 - وأرض العرب لا يجوز أن يوضع عليها خراج لأن النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة عنوة عندنا ووضع عليها العشر ولم يضع الخراج. 7668 - وقد قال الشافعي مكة فتحت صلحاً ولو كانت صلحاً لما كان لذكر الفتح معنى ولا نزل به القرآن. فصل مقدار خراج عمر 7669 - والخراج الذي وضعه عمر رضي الله عنه على العراق هو عن كل جريب لزرع الحنطة والشعير والحبوب قفيز درهم، والقفيز ثمانية ارطال بالعراقي ومن الكرم والنخل عشرة دراهم.

فصل 7670 - وجريب النخل أربعون نخلة عدداً لا مساحة ولم أر لأصحابنا في كتاب وصل إلينا ذكر مساحة الجريب بالذرعان. فصل سلطة الإمام في تعيين الخراج 7671 - ويجب أن يرجع في ذلك إلى ما يراه الإمام (و) ما يعهده أهل كل بلد من ذلك وعمل ذلك على العادة إذا جهلنا نص الشارع في ذلك. قال أصحابنا: فيما لم ينص على بيعه كيلاً ولا وزناً أنه يرجع إلى عادة البلاد في ذلك. 7672 - وقال الشافعي يرجع إلى عادة أهل الحجاز في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أعرف قوله في المساجد أيضاً.

الفي 7673 - والخراج والجزية وكل ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب

فهو الفيء وفيه أرزاق القضاة والعلماء والقراء ومصالح المسلمين من القناطر والرباطات وأرزاق الذرية. وهل يخمس ذلك أم لا؟ فقد اختلف أصحابنا فمنهم من قال يفعل فيه كما يفعل في الغنيمة ويخمس ويكون خمس الخمس على ما تقدم من الخلاف مقسوماً.

الجزية 7674 - ويضرب على الرقاب الجزية (على) الرجال البالغين العقلاء، فيؤخذ من الفقير اثني عشر درهماً ومن المتوسط أربعة وعشرون درهماً ومن الغني المكثر ثمانية وأربعون درهماً. وهكذا ضرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الجزية على أهل العراق، ولم ينكر عليه ذلك أحد من الصحابة رضي الله عنهم فصار ذلك إجماعاً. 7675 - وقال الشافعي أقل الجزية دينار، وسائر الناس في ذلك سواء وإن رأى الإمام الزيادة زاد في ذلك. فصل الفقير والمتوسط والغني 7676 - وقد طبق أصحابنا الطبقات الثلاث فقالوا الفقير من يملك نصاباً من العين أو ما قيمته ذلك إلى النصاب الأقل إلى الألف. والمتوسط هو من يملك من ألف إلى عشرة آلاف. والغني المكثر من يملك من عشرة آلاف وما زاد. فصل القول لمن في الفقر 7677 - وإن اختلفا في الفقر واليسار فالقول قول الدافع للجزية، وهو كالنفقة القول قول الزوج. فصل العبرة ببينة العامل 7678 - وإن أقام العامل بينة والذمي بينة فالبينة بينة العامل لأنها

تثبت الغني والمال. فصل أرض العشر 7679 - وكل أرض أسلم عليها أهلها فهي أرض عشر لا خراج. فصل لا جمع بين عشر وخراج 7680 - ولا يجتمع عندنا على مسلم في أرضه عشر وخراج. 7681 - وقال الشافعي يجمع ذلك كله، لأن كل واحد وضع لجهة فلا يجتمعان. فصل تأبيد الخراج 7682 - والخراج إذا وضع على الأرض فهي أبداً أرض خراج ولا تنتقل عند أبي حنيفة إلى العشر أبداً. 7683 - والأرض العشرية يجوز أن تنتقل إلى الخراج إذا اشتراها الذمي من مسلم فإنه يوضع عليها الخراج ثم لا تعود إلى العشر أبداً. 7684 - وقال أبو يوسف إذا رجع المسلم فاشتراها من الذمي عادت إلى العشر. 7685 - وقال محمد لا عبرة بمالك الأرض وإنما المعتبر بالأرض نفسها فما كانت في الأصل عشرية فهي أبداً كذلك وكذلك الخراجية. فصل لا زيادة على الخراج العُمري 7686 - والخراج الذي وضعه عمر رضي الله عنه على الأرض ليس

لأحد من الأئمة أن يزيد عليه عند أبي يوسف، لأن عقود الأئمة لا تنقض. 7687 - وقال محمد له الزيادة في ذلك إذا احتملت الأرض ذلك. فصل جزية سنة واحدة 7688 - ولا يؤخذ من الذمي إلا جزية سنة واحدة فإن فات عليه سنون لم تؤخذ. 7689 - وهذا قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي يؤخذ لما مضى لأنه دين عليه. فصل 7690 - وعندنا أنها تسقط بالإسلام والموت وقال الشافعي لا تسقط. 7691 - لأن الصغار لا يوجد بعد ذلك. فصل المعتبر في استحقاق الغنيمة 7692 - والمعتبر في استحقاق الغنيمة يوم دخول دار الحرب فمن كان فارساً أسهم له سهم فارس وإن نفق فرسه، ومن كان راجلاً أعطي سهم راجل وإن ملك فرساً. 7693 - وقال الشافعي المعتبر منقضى الحرب. فصل سقوط الحق في الغنيمة 7694 - ومن مات من الغانمين في دار الحرب قبل القسمة والحيازة

بدار الإسلام سقط حقه من الغنيمة. وقال الشافعي لا يسقط، وإن مات في دار الإسلام فحقه باق. فصل حكم السبي قبل القسمة 7695 - ومن زنى بأمة من السبي قبل القسمة أو سرق أو قتل عبداً من الغنيمة فلا حد عليه ولا ضمان ولا قطع ولا قصاص، لأنه على أصل الإباحة. فصل 7696 - وإن أعتق عبداً من الغنيمة بعد الحيازة لم يعتق لجواز أن لا يقع في سهمه. فصل ما يسهم للفارس والفرس 7697 - ويسهم للفارس سهمان سهم له وسهم لفرسه، ولا يسهم لأكثر من فرس واحد. 7698 - وقالا والشافعي يعطي ثلاثة أسهم سهمان لفرسه وسهم واحد له. 7699 - ويسهم لفرسين من الجنائب ولا يزاد على ذلك.

فصل 7700 - والعجمي والعربي والتركي في ذلك سواء. فصل 7701 - ولا يسهم لبغل ولا حمار ولا جمل ولا شيء سوى الخيل خاصة. فصل التنفيل 7702 - وللإمام أن ينفل قبل القسمة واللحوق بدارنا، وليس له بعد القسمة واللحوق بدارنا. فصل السلب 7703 - والسلب [لا] يخمس إلا أن يشترط الإمام ذلك. 7704 - وقال الشافعي السلب للقاتل إذا قتله مقبلاً غير مدبر وهو من أهل السهمان.

فصل من لا يقتل 7705 - ولا يقتل صبي ولا امرأة ولا أعمى ولا راهب ولا شيخ هرم إلا أن يقاتل فيقتل. فصل 7706 - وكذلك من له رأي في الحرب. 7707 - وللشافعي في قتل الشيوخ والرهبان قولان. 7708 - وكتاب السير الكبير لمحمد بن الحسن (الشيباني) سمعت قاضي القضاة رحمه الله يقول فيه أربعة آلاف خبر بين أحكامها وتكلم على تأويلاتها فلا يمكن إلا إذا كان هذا الكتاب من الكتب الكبار. 7709 - وإذ قد ذكرنا بعضاً من جمله وكان أخذ القضاة أموال المسلمين في الصورة مثل أخذ المسلمين أموال أهل الحرب وجب بيان ذلك وحكمه، وهذا يعرف بذكر الغصب.

كتاب الغصب

كتاب الغصب وهذا كتاب الغصب الآيات والآثار الواردة في الغصب 7710 - المعقول من الغصب أنه فعل مذموم من فاعله يستحق به المأثم، وقد قال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} إلى قوله {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً}. وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من غصب شبراً من أرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين». وروي عنه عليه الصلاة والسلام: أنه قال «ليس لعرق ظالم حق». وقد روي في سبب هذا الخبر أنه عليه السلام أمر بقلع النخل وقال الراوي: فلقد رأيت الفؤس تعمل في أصولها وأنها

لنخيل غمر والغمر الطوال. فصل ماهية الغصب 7711 - والغصب أن يأخذ الإنسان مالاً ليس له أخذه ولا له حق في إمساكه وحبسه على مالكه قاصداً إلى الحيلولة بينه وبين مالكه، وتغييبه عن عينه. 7712 - وقد أجمع العلماء على أن هذا الفعل محرم بالشرع ممنوع منه بالعقل، وأنه يجب على فاعله رد العين على مالكها إذا قدر على ذلك، وتمكن منه وأنها إن تلفت في يديه وجب عليه مثلها إن كان لها مثل أو قيمتها إن كان لها قيمة، لقوله عليه الصلاة والسلام: «على اليد ما أخذت حتى ترد». فصل ذوات الأمثال 7713 - وذوات الأمثال هي المكيلات والموزونات من كل نوع يجوز السلم فيه أو يجوز استقراضه وذلك كالحنطة والشعير والزبيب والتمر والذرة والأرز والدراهم والدنانير. فصل ذوات القيم 7714 - وذوات القيم فهي الحيوان والنبات والجوهر واللؤلؤ وكل

ما لا يصح السلم فيه، وقد بينا في كتاب البيوع ما يجوز من ذلك وما لا يجوز، وذكرنا الخلاف في ذلك وقلنا أن الجوز واللوز والبيض يجوز السلم فيه كيلاً ووزناً وعدداً وأنه من ذوات الأمثال، وأن زفر والحسن بن زياد قالا أن ذلك من ذوات القيم. فصل 7715 - وبينا أن القياس يقتضي أن لا يجوز السلم في الثياب، والاستحسان أن يجوز ذلك وذكرنا خلاف الشافعي في الحيوان ومالك في الجلود والرؤس. وذكرت الوجه في ذلك. فصل ضمان ماله مثل 7716 - وعندنا يضمن ماله مثل بمثله وهو قول الشافعي ومالك. 7717 - وقد حكي في الخلاف أن من الناس من يقول يضمن بقيمته يوم الأخذ لا مثله. 7718 - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً أعتق شفصاً في عبد فضمنه لنبي عليه السلام قيمة نصيب شريكه ولم يوجب ليه نصف عبد، ولا خيره في ذلك، فدل على اعتبار القيمة فيما ذكرناه. 7719 - وأما ذوات الأمثال فقال: الذهب بالذهب مثل بمثل والفضة بالفضة مثل بمثل، الخبر فاعتبر المماثلة في الجنس والوزن. وكذلك سائر ما تضمنه خبر الربا. 7220 - فيجب أن يكون على المتلف مثل ما أتلف وبهذا خالف ذوات القيم فإنه لو اعتبر فيها القيمة في العقد لما صح بيع سلعة بأكثر من قيمتها ولا أقل، وهذا لا يقوله أحد من العلماء.

فصل 7721 - وما ذكرناه دليل على أبطال قول من قال إن الأجناس تضمن بمثلها، وضمن الحيوان بمثله من جنسه، وكذلك الثياب والأواني وسائر صنوف الأموال لأنه عليه السلام لم يضمن المعتق نصف عبد مثله مع أن الحيوان لا يكاد يتساوى في القيمة لاختلاف الصور والخواص التي فيه والعلوم والصنائع. فصل المعتبر في القيمة 7722 - والمعتبر في القيمة التي يقضى بها يوم الغصب، ولا عبرة بما زاد ونقص من ذلك عند أصحابنا. 7723 - وقال زفر والشافعي يضمن أعلى ما كان موجوداً من يوم الغصب إلى يوم الهلاك لأن الغصب سبب لثبوت الضمان ومحله الذمة وذلك لا يصح فيه الزوائد، والغصب هو الذي اقتضى ذلك فلا يجوز أن يتجدد به ضمان من جنسه، مع بقائه ويخالف الجنايه فإن الذي يتولد منها جناية والغصب لا يتولد منه أعيان. فصل قيمة المثلى المنقطع 7724 - وإن كان مما له مثل ثم انقطع المثل من أيدي الناس فعليه قيمة ذلك يوم الخصومة عند أبي حنيفة. 7725 - وقال أبو يوسف عليه قيمته يوم الغصب. 7726 - وقال محمد عليه قيمة ذلك آخر ما كان موجوداً إلا أنه في تلك الحال تعذر الرد.

فصل الضمان عند تعذر الرد 7727 - ولا فرق بين أن يتعذر الرد على المالك بفعل الغاصب أو بفعل الله تعالى أو بفعل غيره من الناس ?ن الغصب يقتضي الضمان عند تعذر رد العين، وهو مأمور برد العين إلى مالكها وترك التعدي. فصل سقوط الضمان عن الغاصب بإتلاف المغصوب منه 7728 - ولو أن المغصوب منه كان المتلف للعين أو الجاني عليها جناية لو فعلها غيره على ملكه أزال ملكه عنها ووجب عليه الضمان بذلك فإن ذلك يسقط الضمان عن الغاصب وهذا كأكل العين أو قتل العبد أو قطع طرفه. 7729 - وقد قال الشافعي إن قدم الغاصب الطعام إلى مالكها فأكله فإنه لا يبرأ من الضمان، وللمالك أن يضمن ذلك في أحد قوليه إذا كان لا يعلم بذلك. فصل 7730 - واتفق الجميع على أنه لو أطعمه ?جنبي إن للمالك أن يضمن ا?جنبي ذلك ولا يرجع به على الغاصب فكيف يرجع المالك على الغاصب بما يجب عليه ضمانه لو كان أجنبياً. فصل شرط العدوان 7731 - ولا يجب الضمان على الغاصب إلا بقبض العين المغصوبة أو تسليمه إياها إلى غيره، لأن الضمان بفعل، على طريق العدوان فلابد من اعتبار وجوده فيجب الضمان.

فصل ما لا ينقل 7732 - ولا يجب ضمان ما لا ينقل ويحول من أعيان كالعقار عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 7733 - وروى أبو يوسف أنه يجب الضمان وهو قول محمد والشافعي. 7734 - ?ن العقار في محل قبضه ولا يمكن أن يغيبه عن المالك فلا يوجد فيه غير الحيلولة وذلك لا يوجب الضمان كما لو حبس المالك عن ماله. فصل منافع المغصوب 7735 - وعلى هذا قال أصحابنا لا يجب عليه ضمان المنافع سواء استوفاها أو تلفت تحت يده كما لا يجب في منفعه البضع إذا تلفت على الزوج. 7736 - وقال الشافعي يجب ضمان المنافع سواء تلفت تحت يده أو استوفى ذلك. ولو غصب عبداً يطبخ ويخبز ويعمل ا?عمال ودقيق الصنائع فأي منفعة يضمنها من ذلك له جميع ذلك أو البعض؟ وبأي شيء خصص ذلك وما وجد العمل منه لهذه الصنائع. فصل ارش ما نقص العين المغصوبة 7737 - وإن نقصت العين المغصوبة أو دخلها عيب من طريق الحكم

أو المشاهدة كذهاب عين أو طرف أو ما يعده التجار عيباً في العادة فإنه يرد العين وارش ذلك العيب تقوم ولا عيب بها يوم الغصب، وتقوم وبها العيب فما فضل منهما رده مع العين، لأن كل جزء مضمون لأن الجملة مضمونة. فصل 7738 - وإن كانت العين المغصوبة مما لا يجوز بيعها بجنسها متفاضلاً كالحنطة وسائر المكيلات والذهب والفضة وسائر الموزونات فدخل ذلك عيب من عفن أو ما يشبه. ذلك أو هشم الإناء الفضة أو الذهب أو مما يباع وزناً في ا?نية فالمغصوب منه بالخيار إن شاء أخذ ذلك مكسوراً أو مهشوماً وإن شاء أخذ قيمته من الذهب إن كان المكسور فضة وقيمته فضة إن كان المكسور ذهباً، وكذلك لم يضمن النقصان ويلقي معه الأصل زيادة. فصل زيادة العين المغصوبة 7739 - وإذا زادت العين المغصوبة في بدنها أو ولدت إن كانت جارية أو حيواناً سواها فالزيادة غير مضمونة عندنا ولا يضمن إلا بما يضمن به سائر الأمانات. 7740 - وقد روى الطحاوي أن ذلك لا يضمن إلا في المتصل خاصة عند أبي حنيفة لأنه ضامن من غير جنس الأول. 7741 - وقال زفر والشافعي الجميع مضمون عليه في المتصل والمنفصل، وأن الضمان يسري من الأصل إلى الفرع. 7742 - لأن الزيادة حدثت بغير فعله ولم يوجد ما يوجب الضمان فيها فلم تصر مضمونة.

فصل المنع يوجب الضمان 7743 - ولو طلبها المغصوب منه فمنعها فهي مضمونة باتفاق لأن المنع يوجب الضمان على المودع والمستعير فأوجبه على الغاصب. فصل ولد العبد يضمن 7744 - واتفقوا على أن ولد العبد يضمن إذا هلك في يده وأن ولد الوديعة والمستأجرة لا يضمن. فصل ولد المرهونة 7745 - واختلفوا في ولد المرهونة هل يصير رهناً أم لا؟ فقال أصحابنا يدخل في الرهن وقال الشافعي لا يدخل في الرهن، وإن كان حملاً ففيه قولان. وكذلك ولد المبيعة. فصل ما يتولد من الجناية 7746 - واجمعوا على أن جميع ما يتولد من الجناية مضمون على الجاني، وأن الريح إذا ألقت ثوباً في دار إنسان وهو لا يعلم من صاحبه فتلف قبل أخذه أنه لا ضمان. فصل ولد أم الولد 7747 - واتفقوا على أن ولد أم الولد من المولى يخالف أمه في الضمان، وولد المغرور يخالف أمه في الضمان والاستحقاق.

فصل مخالفة الفرع الأصل 7748 - وأجمعوا على أن الفرع قد يخالف الأصل في الوقت، وأنه يجوز بيع الفرع ولا يجوز بيع الأصل، وأن البغل فرع يتولد من الفرس وأنه يخالف الأم في الإباحة والأحكام. فصل ولد الحرة وولد الأمة 7749 - وأجمعوا على أن ولد الحرة لا يجوز أن يكون عبداً بحال، وأن ولد الأمة يجوز أن يكون حراً في الاستيلاء والغرور. فصل أجر العين المغصوبة 7750 - ولو أجر الغاصب العين المغصوبة فإن الأجرة لا يردها على المالك، ويتصدق بها عندنا لأنها حصلت من جهة محظورة. فصل الساحة المغصوبة 7751 - ولو غصب الرجل ساحة وبني عليها ملكها وجب عليه قيمتها يوم الأخذ، ولا يكلف النقض عندنا ولا فرق بين أن يبنى عليها أو حولها، وفرق الكرخي بينهما فقال: إن بني عليها نقض وإن بني حولها لم ينقض. والصحيح هو الأول عند أصحابنا. وقال الشافعي يكلف النقض وردها على المالك.

فصل الخيط المغصوب 7752 - وقال الجميع أنه لو غصب خيطاً وخاط به جرح عبد أو حيوان لا يؤكل أنه لا يقلع وتجب قيمته. فصل غصب ساحة 7753 - وقالوا لو غصب ساحة فبنى فيها أو غرس شجراً أو نخلاً فإنه يكلف القلع. فصل 7754 - فإن تملكها وجب عليه القيمة، ولا يحل له الانتفاع بالعين حتى يؤدي القيمة كمن غصب حنطة فطحنها أو سمسماً فعمله شيرجاً أو شاة فذبحها وشواها أو ثوباً فخاطه قميصاً أو صفراً فاتخذه آنية أو فضة فصاغها آنية فإن في هذه المواضع ينقطع حق المالك ويجب الضمان. 7755 - وقال الشافعي لا ينقطع حق المالك وهو بالخيار بين أن يسلم العين ويأخذ القيمة وبين أن يمسك العين ويضمنه النقصان. 7756 - لأن هذا الفعل لو فعله في ملكه لم يزل ملكه كذلك إذا فعله غيره. فصل وطء أحد الشريكين الجارية 7757 - واتفق الجميع على أن أحد الشريكين إذا وطئ الجارية المشتركة وأحبلها أنه يضمن حصة الشريك ويزول ملكه عن الجارية، ولو وطأ المالك جارية نفسه لم يزل الملك.

فصل وطئ جارية ابنه 7758 - كذلك الأب إذا وطئ جارية ابنه فحملت يجب عليه الضمان ويزيل الملك عنها إليه. 7759 - وقال الشافعي يجب العقر في أحد قوليه ولا يملك الأصل. وفي قول آخر يملك ويجب عليه ضمان العقر مع ذلك. فصل بين العين المغصوبة 7760 - وقال أصحابنا لو باع الغاصب العين في الموضع الذي قد سقط (كذا) حق المالك في الرجوع نفذ البيع ولم ينقض. وقال الشافعي لا يصح بيعه لأنه يجري مجرى البيع الفاسد عندنا. فصل ضمان العبد المغصوب الآبق 7761 - ومن غصب عبداً فابق من الغاصب ثم ضمن العبد للمغصوب منه إما ببينة أو بإقرار ملكه بالضمان، وإذا رجع إليه لا يجب رده على المالك لأنه أخذ منه العوض فملك المعوض كما لو اشتراه. 7762 - وقال الشافعي يرد قيمة ويأخذ العبد، وجعل القيمة في مقابلة الحيلولة، والقيمة لا يجوز أن تكون في مقابلة السبب، بل في مقابلة المال لأن المال هو المقوم دون الغصب. فصل صيغ المغصوب 7763 - وليس للمغصوب أن يطالب الغاصب بقلع الصبغ من الثوب

الذي غصبه وصبغه ولا للغاصب أيضاً ذلك بشرط أن يضمن ما نقص من الثوب، بل المالك بالخيار إن شاء أن يأخذ ثوبه ويعطيه ما زاد الصبغ ويضمن قيمة الثوب أبيض خلاف الشافعي في الوجهين. فصل غصب دقيقاً فلتة 7764 - ومن غصب دقيقاً فلته فلته بسمن أو عسلاً فعمله خبيصاً فهو مثل ذلك في الحكم. فصل أولاد العين 7765 - ويرد أولاد العين معها إذا أراد ردها، لأنها عين مملوكة للمغصوب منه فصل نقص قيمتها بالولادة 7766 - ولو كانت الولادة قد نقصت قيمتها وفي الولد قيمة ما نقصت الولادة فإنه يجبر بالزيادة ما نقص من الأم، وإن لم يكن في الولد جبر لما نقص من الأم رد الأم وقيمة ما نقص منها والولد استحساناً عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. 7767 - وقال زفر والشافعي يرد نقص الولادة مع الولد والأم ولا يجبر بالولد النقصان الفائت. فصل قطع يد الجارية المغصوبة 7768 - واجمعوا أن الجارية لو قطعت يدها عند الغاصب أنه يجبر

بالأرش النقصان لأن النقص أفاد مالاً وأذهب مالاً فقام أحدهما مقام الآخر. فصل موت الولد قبل الطلب 7769 - ولو كان الولد مات قبل أن يطلبه رب المال فلا ضمان فيه عندنا، وله قال مالك بن أنس وقال زفر يضمن، وهو قول الشافعي وجعلاه كولد الصيد، وأصحابنا جعلوا ذلك كزيادة السعر. فصل ما وهب للأمة المغصوبة 7770 - ولو وهب للأمة هبة فإنها ترد مع الأمة إلى مالكها. فصل أرش يد الأمة المغصوبة 7771 - ولو كانت قطعت يدها وأخذ المالك أرشها أو وهبت لها هبة أو ولدت عنده ولداً وضمن الغاصب قيمتها أما لاباقها أو موتها عنده فإنه يرد الهبة ولا يرد الأرش والولد عند محمد بن الحسن، وقال أبو يوسف يرد الولد والهبة ولا يرد الأرش، لأن الغاصب يملك بالضمان العين فما [كان] بدل جزء منها أو نماؤها يدخل في الملك كما يدخل في البيع، والهبة ليست من العين ولا بدلها. 7772 - وأبو يوسف لا يسند الضمان إلى حالة الغصب والولد فعين أخرى فهو والموهوب لها سواء والكسب بخلاف ذلك. فصل الغاصب أعتق العبد 7773 - ولو كان الغاصب أعتق الأمة أو العبد ثم ضمنه المولى قيمتها

لم ينفذ العتق لأنه أعتق مالاً يملك فيبطل العتق. فصل بيع المغصوب 7774 - ولو كان باعها من إنسان ثم ضمن القيمة جاز البيع عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وقال زفر لا يجوز البيع. 7775 - لأن العقد يقع صحيحاً ويقف على إجازة المالك فإذا سقط حق المالك نفذ العقد من جهة العاقد وعند الشافعي وزفر لا ينفذ البيع. 7776 - لأنه باع مالاً يملك ولا يقف العقد عندهما. فصل إجاز بيع المغصوب 7777 - ولو لم يضمنه المالك القيمة ولكن أجاز البيع وهي حية جاز البيع وكان الثمن للمالك. 7778 - وقال الشافعي لا يجوز، لأن البيع لا ينعقد موقوفاً (عنده). فصل 7779 - ولو كانت ماتت ثم أجاز البيع لم يجز باتفاق لأنه أجاز في حالة قد بطل العقد. فصل إعتاق المشتري ما اشتراه من مغصوب 7780 - ولو كان الغاصب قد باعها وسلمها فاعتقها المشتري أو باعها ثم أن المالك أجاز بيع الغاصب فعتق المشتري جائز وبيعه لا يجوز. 7781 - وقال محمد بن الحسن لا يجوز العتق أيضاً كذا ذكر

المسئلة أبو موسى في مختصره، وذكر أبو الليث المسئلة في خلافه بين أصحابنا قال يجوز البيع ويبطل العتق في قول محمد وزفر وهو القياس. وفي قول أبي حنيفة وأبي يوسف جاز العتق. فصل أولد المغصوبة 7782 - ولو أن رجلاً غصب جارية فولدت عنده ولداً من الغاصب، ثم أقر الغاصب أنه غصبها من فلان فإنه لا يصدق على رد الجارية ويغرم قيمتها ولا يغرم قيمة الولد. فصل العقر 7783 - فأما العقر فقال أبو يوسف، لا يضمن فيه العقر لأنها صارت مستهلكة بالعلوق كمن استولد جارية ابنة. وقال زفر يغرم قيمتها وقيمة الولد والعقر وذكر أبو الليث، أن هذا في خلاف زفر. فصل قطع رجل دابة مغصوبة 7784 - ولو غصب دابة فقطع رجلها ضمن قيمتها، وروى هشام أن المالك بالخيار إن شاء أخذها ولا شيء له، وإن شاء تركها وأخذ القيمة من الغاصب عند أبي حنيفة. 7785 - وقال أبو يوسف ومحمد إن شاء أخذها وأخذ أرش النقصان كما قالا في الجناية على العبد وإذا قلع عين الدابة فعليه ربع القيمة استحساناً، والقياس أن يغرم النقصان، وهو قولي الشافعي ولو قلع الجميع فعليه القيمة.

فصل صبغ الثوب المغصوب 7786 - ولو صبغ الغاصب الثوب أسود فإن أبا حنيفة قال يأخذه بغير شيء [لأنه نقصان]. 7787 - وقال أبو يوسف ومحمد يعطى ما زاد الصبغ كالأحمر، وقد قيل أن المسئلة لا خلاف فيها لأن كل واحد أجاب على ما شاهد في زمانه. فصل ضرب الفضة المغصوبة 7788 - وقال أبو حنيفة: لو غصب فضة فضربها دراهم فالمالك يأخذها منه ولا يرد عليه شيئاً. 7789 - وقال أبو يوسف ومحمد الدراهم للغاصب وعليه مثل القيمة للمالك، وجعلا ذلك كما لو عملها آنية. فصل موت المغصوب عند المشتري 7790 - ولو باع الغاصب العين المغصوبة فماتت عند المشتري واختار المولى تضمين الغاصب فإنه يضمنها بقيمتها يوم تسلمها. 7791 - وقال محمد إن شاء ضمن الغاصب قيمتها يوم سلمها، وقد روى أهل هذا القول أيضاً عن أبي حنيفة أنه جعل التسليم كذبح الشاة وقتل العبد عبداً آخر، وجعلوا ذلك كمودع المودع.

فصل التصدق يربح المغصوب 7792 - ولو غصب ألفاً فاشترى بها أمة فباعها بألفين فإنا نفتيه أن يتصدق بألف. 7793 - وقال أبو يوسف لا يتصدق بشيء لأنه ربح على أصل فاسد وهو يقول العلة بالضمان وقد ضمن الألف. فصل التضحية بشاة مغصوبة 7794 - ومن غصب شاة فضحى بها ثم ضمن القيمة أجزيت عن الغاصب إذا ضمن في أيام الأضحية وإن آخرها لم تجزه. فصل 7795 - وقال أبو يوسف لا تجزيه عن الأضحية لأن الذبح غير قربة. فصل تحول العصير المغصوب 7796 - ومن غصب عصيراً فصار خمراً ثم صار خلاً فمالكه بالخيار إن شاء أخذه خلاً وإن شاء ضمنه مثل العصير، ولو كان هو الذي بالخيار فعليه مثله لأنه أزال الاسم وعامة المنافع، ويجب على قول الشافعي أن لا يزول الملك عن ذلك ويكون الخيار إليه. فصل فرخ بيضة مغصوبة 7797 - ولو غصب بيضة فحضنها فخرج منها فرخ فهو للغاصب وعليه مثل البيضة لأنه استهلكها ولو كانت دجاجة حضنتها من غير أن يكون

له في ذلك صنع فالفرخ لرب البيضة لأنه لم يحدث في ذلك حدثاً. فصل تغير قيمة الكر المغصوب 7798 - ولو غصب رجل من رجل كر حنطة بمكة وقيمته ألف درهم فلقيه بالكوفة وقيمة الكر مائة فإنه لا يجبر المالك على أخذ الكر ويقضي له بألف درهم. فصل وجوب الدراهم المغصوبة في كل موضع 7799 - ولو كان غصبه دراهم أو دنانير وجب عليه أخذ ذلك في أي موضع لقيه لأن ذلك قيمة الأشياء في كل موضع. فصل من يضمن قيمة المغصوب 7800 - ولو غصب فلوساً فهلكت أو كسدت فهلكت ضمن قيمتها يوم الغصب عند أبي يوسف، وقال محمد يوم كسدت. فصل نقص سعر المغصوب وزيادته 7801 - ولو نقص سعرها أو زاد وهي باقية ردها ولا شيء عليه لأنه لم يتعد في ذلك بشيء. فصل دفع دعوى السرقة بالوديعة 7802 - ولو حضر رجل وأدعى على آخر عيناً في يديه أنه سرقها منه، فقال الذي هي في يديه أن هذه العين لفلان أودعني ذلك وأقام على ذلك

بينة فإنه لا يدفع الخصومة عن نفسه عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد بن الحسن يدفع الخصومة. فصل تضمين الغاصبين على التفاضل (بالتضامن) 7803 - ومن غصب أمة قيمتها ألف درهم فزادت قيمتها حتى صارت ألفي درهم، ثم غصبها من الغاصب آخر، فالمالك بالخيار إن شاء ضمن الأول قيمتها ألف درهم يوم غصبها، وإن شاء ضمنها للثاني يوم أخذها ألفين، فإن ضمن الأول رجع على الثاني بألفين ويتصدق بالفضل عندنا وإن ضمن الثاني لم يرجع على الأول بشيء وله أن يضمنها جميعاً إن شاء على السواء وإن شاء على التفاضل عند أصحابنا جميعاً. فصل ادعى هلاك المغصوب 7804 - وإذا ادعى الغاصب هلاك العين المغصوبة لم يصدق حتى يحبس زماناً لو كانت موجودة أظهرها، إلا أن يقيم بينة بالهلاك فيضمن القيمة لأن القيمة بدل من العين. فصل القول قول الغاصب في العين وأوصافها 7805 - وإن اختلفا في العين أو في صفة فيها أو صحتها أو عيبها فالقول قول الغاصب لأنه المدعى عليه.

7806 - ولو ادعى عليه الغصب فأنكر لكان القول قوله، وكذلك القول قوله في مقدار ما قبض وسلم. فصل البينة بينة الغاصب 7807 - ولو أقاما بينة، فالبينة بينة المغصوب لأنها تثبت الحق والزيادة، وهو المدعي أيضاً. فصل القول قول الغاصب في قيمة المغصوب 7808 - وإن اختلفا في القيمة فالقول قول الغاصب والبينة بينة المغصوب منه، لأن من وجب عليه الضمان فالقول قوله فيما يؤدى. فصل ادعى الغاصب الرد 7809 - ولو ادعى الغاصب الرد وأنكر المغصوب منه ذلك فالقول قول المالك أنه ما استرجع، لأن الأصل وجوب الضمان. فصل البينة بينة الغاصب في الرد 7810 - ولو أقاما بينة فالبينة الغاصب لأنها تثبت الأمر الطارئ وهو الرد على المالك. فصل اختلافهما في الهلاك 7811 - ولو اختلفا في الهلاك فقال الغاصب هلك بعد ردي إياه،

وقال المغصوب منه هلك عندك، فالقول قول المغصوب منه لأن الغاصب يدعي براءة نفسه من الضمان والمالك ينفي ذلك. 7812 - وإن أقاما بينة فالبينة بينة الغاصب لأنها تثبت البراءة من الدين الذي عليه والحق الذي لزمه. فصل البينة بينة المغصوب في التلف 7813 - ولو أقام الغاصب البينة بالرد وأقام المغصوب منه البينة أنها تلفت من ركوبه عند الغاصب فالبينة بينته لأنها تثبت الضمان الذي ينفيه الغاصب فلا يقبل. فصل البينة بينة المغصوب في نفي زيادة القيمة 7814 - ولو قال الغاصب كانت القيمة يوم الغصب ألف درهم وإنما زادت قيمة العين بعد ذلك فلا يلزمني ضمان الزيادة، وقال المغصوب منه بل كانت هذه القيمة مع الزيادة التي نفاها الغاصب يوم الغصب فالبينة بينة المغصوب منه. 7815 - وكذلك قالوا في الراهن يقيم البينة على الزيادة أنه تكون البينة بينته لأن العين مضمونة عليه وكذلك الغاصب يتصرف في ملك غيره بغير إذنه ويريد أن يسقط الضمان عن نفسه وهو ثابت عليه فلا يقبل أن يصرفه الزيادة غير مضمون عليه (كذا). فصل 7816 - وقد ذكر الشيخ أبو عبد الله البصري رحمه الله في شرح

مختصر أبي الحسن الكرخي رحمه الله في كتاب الرهن هذه المسألة. وقال: ولا يشبه هذا الشهود عندي إذا رجعو لأن ما شهدوا به لم يكن مضموناً عليهم وإذا كان المشهود عليه يدعي الزيادة على الشهود وهم ينكرون ذلك لم يصدق عليهم وكذلك أحد الشريكين إذا أعتق نصيبه من العبد واختلفوا في قيمته يوم العتق إن القول قول المعتق لأنه لم يكن ذلك مضموناً عليه. وكذلك إذا دبر الرجل عبده وحفر بئراً فوقع فيها إنسان واختلف في قيمة المدبر وما يلزم المولي المدبر لأنه غير مضمون عليه، والذي وجب له القيمة يدعي ضمان الزيادة فيجب أن لا يصدق، قال وهذا القول محفوظ في المدبر وهو قولهم المرجوع إليه، وما قلناه في الشهود فهو قياس قولهم وما قالوا في الرهن فمحفوظ عنهم، فهذا الذي حكاه في ذلك. فصل ما يضمن ضمان الغصب 7817 - وقد يجب الضمان على من ليس له حكم الغاصب في المأثم، وهو من اشترى سلعة من السوق فبانت مستحقة وقد هلكت في يده فإن ذلك يضمن ضمان الغصب وليس بغصب، وكذلك المقبوض على سوم البيع والمقبوض عن بيع فاسد والوديعة إذا جحدت والشهود لو رجعوا، وليس هذا ضمان غصب، وإنما هو مثل صورته مع اختلاف علة ذلك، وهذا الاختلاف فيه، وإذ قد ذكرنا حكم أخذ المال على طريق الغصب وحكم الضمان بغير غصب وبقي هل يجب الضمان على من أكره على أخذ مال غيره، وهذا يعلم بذكر الإكراه.

كتاب الإكراه

كتاب الإكراه وهذا كتاب الإكراه الآيات والآثار الواردة في الإكراه 7818 - قال الله تعالى {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ}. الآية. وقال تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً} وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه». فصل 7819 - والإكراه قد اختلف الناس فيه وفي الإكراه الذي يبيح الفعل للفاعل، وبأي شيء يكون مكرهاً، وفي تعلق الأحكام به على ضروب من الخلاف كثيرة، ورأيت لبعض أهل البصرة من المتأخرين كتاباً في ذلك، قد جمع فيه سائر الخلاف هو القاضي أبو محمد الشافعي. فصل التسلط 7820 - والذي قال أبو حنيفة أن الإكراه الذي يسقط حكم الفعل

عن الفاعل ويتعلق الحكم بالمكره إنما هو إكراه السلطان، ولا يكون إكراه غيره إكراهاً. وقال أبو يوسف ومحمد كل من كان مسلطاً على المكره من سائر الناس كاللصوص والمتغلبين فإكراهه إكراه لأن التسلط موجود. فصل ما لا يكون إكراهاً 7821 - وقال أصحابنا لا يكون إكراهاً بالقيد، ولا بالحبس ولا بالضرب إذا هدده بذلك، وكل ما لا يكون معه التلف من الأشياء فليس بإكراه. وقال غيرنا ذلك إكراه. 7822 - والصحيح ما قاله أصحابنا لأن غاية ما يجوز أن يعتبر إنما هو الإتلاف. فصل تعريف الإكراه 7823 - والإكراه هو حمل الغير على إتلاف مال غيره أو نفسه أو فعل يفعله وهو مضطر إليه يخاف التلف إن لم يفعله. فصل أكرهه على إتلاف مال نفسه 7824 - واتفق الجميع على أن رجلاً لو أكره رجلاً على إتلاف مال نفسه أو قتل عبده أو حيوان له ففعل ذلك فلا ضمان على الفاعل المكرَه لأنه آلة في فعله فصار (المكره) كأنه هو الفاعل لذلك. فصل الإكراه على إتلاف مال الغير 7825 - وإن أكره على إتلاف مال لغيره فعلى المكرِه والمكرَه

الضمان، ولمالكه أن يضمن أيهما شاء، فإن ضمن المكره رجع به على المكرِه وهذا لا خلاف فيه نعلمه. فصل الإكراه على قتل الغير 7826 - وإن أكرهه على قتل غيره فقد ذكرنا ذلك في الجناية وذكرنا ما فيه من الخلاف. فصل الإكراه على الكفر 7827 - وإن أكرهه على الكفر لم يحكم بكفره ولم تبن زوجته في الاستحسان، والقياس أن يحكم بالفرقة. فصل إكراه الذمي على الإسلام 7828 - ولو أكره الذمي على الإسلام صار مسلماً عند أصحابنا. 7829 - وقال الشافعي لا يكون مسلماً. 7830 - واتفق الفريقان على أن الحربي يصح إكراهه على الإسلام والإكراه لا يختلف بالذمي والحربي. فصل الإكراه على إفساد العبادات 7831 - ولو أكره على إفساد سائر العبادات فسدت عندنا الطهارة والصلاة والصوم والاعتكاف، وقال الشافعي يفسد ذلك إلا الصوم والحج.

فصل الإكراه على النكاح 7832 - ولو كره على النكاح انعقد عندنا، فإن كان الزوج كفوءاً فلا خيار لها ولا للأولياء في الفسخ. 7833 - وقال الشافعي النكاح باطل والطلاق والعتاق مثل ذلك عندنا. وقال الشافعي الجميع باطل ويضمن قيمة العبد المكره (على اعتاقه) ومهر الزوجة الذي يقضى لها [به] قبل الدخول، ولا ضمان على المكر. للمرأة إذا كان قد دخل بها. فصل أكرهت على النكاح بألف 7834 - ولو أكرهت على النكاح بألف درهم فإن كان مهر مثلها فلا خيار لها وإن كان أقل فإن رضيت تم النكاح والصداق ونلولي أن يفسخ ذلك ويتمم المهر عند أبي حنيفة خلافهما ليس له ذلك وتلزم التسمية التي سماها وقد مضيت في النكاح. فصل الإكراه على الطلاق 7835 - ولو أكرهها على قبول الطلاق بألف وقع الطلاق ولم يلزمها المال، فإن رضيت صار الطلاق بائناً عند أبي حنيفة بناء على أن الطلقة الرجعية له أن يجعلها ثلاثا وبائنا ومحمد يقول لا يصير ذك بائنا وقد مضت. فصل الإكراه على شرب الخمر 7836 - ولو اكره على شرب الخمر فله شربها ولا حد عليه وإن

سكر لأنه يباح لأجل الضرورة والخوف على النفس. فصل الإكراه على الزنا 7837 - ولو أكره على الزنا بامرأة بما يخاف التلف فزنا فعليه الحد في قول أبي حنيفة الأول وهو قول زفر. 7838 - وقال أبو يوسف ومحمد لا حد عليه وهو قوله الثاني. 7839 - لأنه شبهة والحدود تدرا الشبهات، وزفر يقول الانتشار لا يحصل من غير اختيار وشهوة فيرتفع الإكراه ويجب الحد. فصل أكره على عتق نصف عبده 7840 - ولو أكره رجلا على أن يعتق نصف عبده فاعتقه كله لم يضمن عند أبي حنيفة ويضمن عندهما ولو أكره على أن يعتق كله فعتق نصفه ضمن قيمته عند أبي حنيفة وعندهما يضمن جميع القيمة. فصل الإكراه على العقود 7841 - والإكراه على سائر العقود التي يصح رفعها بعد ثبوتها ويجوز شرط الخيار فيها يؤثر تأثير شرط الخيار فلا يمنع الانعقاد عند أصحابنا ويمنع اللزوم. 7842 - وقال الشافعي يمنع اللزوم والانعقاد جميعا. فصل الإكراه على قطع اليد 7843 - ومن أكره رجلا على قطع يده وسع المأمور ذلك ووجب

القصاص على المكره عند أبي حنيفة ومحمد واختلف أصحابنا عن أبي يوسف، منهم من قال يجب القود، ومنهم من قال لا قصاص عليه. 7844 - والصحيح عندنا على قياس قوله في النفس أن لا قصاص في الطرف على المكره وعليه دية اليد في ماله. فصل الإكراه على إلقاء نفسه في النار 7845 - ولو قال لرجل أن لم تلق نفسك في النار وإلا قتلتك فإن كان بحيث ينجو منها وقد لا ينجو وسعه إلقاء نفسه في النار، فإن مات وجب القصاص على المكره، عند أبي حنيفة ومحمد والرواية قال أصحابنا عن أبي يوسف أنها مشتبهة، وإن كان بحالة لا ينجو من ذلك فإن كان له في ذلك أدنى راحة وسعة إلقاء نفسه عند أبي حنيفة. 7846 - وقال محمد لا يسعه أن يلقي نفسه، فإن فعل فهلك فالقصاص على المكره، في قول أبي حنيفة ومحمد. فصل 7847 - وقال أبو يوسف عليه الدية بلا اشتباه عنه في ذلك. فصل 7848 - وإن كان لا راحة له في ذلك فألقى نفسه فتلف فدمه هدر في قياس قولهم جميعا لأنه يصير هو القاتل لنفسه فيسقط دمه بفعله. فصل 7849 - ولو قال له، لأقتلتك أو ترمي نفسك من شاهق الجبل فإن كان بحال قد ينجو وقد لا ينجو وسعه إلقاء نفسه في قول أبي حنيفة ولا يسعه في قول محمد، فإن ألقى نفسه فالدية على المكره ولا قصاص.

7850 - وقال محمد عليه القصاص وصار كأنه قتل نفسه بحجر عظيم. 7851 - وعند أبي يوسف تجب الدية في ماله. فصل 7852 - والخلاف على إكراهه على إلقاء نفسه في ما مثل ذلك عند أبي حنيفة تجب الدية على المكره وعندهما على المكره القصاص هو الواجب بناء على من قتل بالماء وغرق. فصل قال له اقتلني فقتله 7853 - واختلف أصحابنا إذا قال الرجل لآخر اقتلني فقتله فمات فعلى القاتل الدية ولا قصاص عند أبي حنيفة، كذا روى الطحاوي. 7854 - ولو قال قطع يدي فلا شيء عليه في قولهم المشهور. فصل 7855 - وقال في اختلاف زفر لو أن رجلا قال لرجل اقتلني فقتله عمدا فعليه القصاص وإن قال اقطع يدي فقطعها فمات فلا قصاص عليه. فصل فقال له اقتل ابني 7856 - ولو قال اقتل ابني أو أقطع يده فمات وقد فعل ذلك فعلى الفاعل القصاص. وقال أبو يوسف في قتل نفسه لا شيء على الفاعل واستحسن أن جعل عليه في قتل ابنه الدية.

فصل اقطع يد ابني 7857 - ولو قال له اقطع يد ابني ففعل فعليه القصاص في ذلك لأن القطع ثبت للابن والقصاص ثبت للأب وليس هو بمكره للفاعل بل أمر له بذلك. وفرق بين أن يأمر بالقتل وبين أن يكرهه على ذلك لأن الأمر لا قصاص عليه عندنا. وقد خالف ذلك مالك وأوجب القصاص على الأمر في الممسك أيضا. وقد روى ابن زياد عن أبي حنيفة مثل قول أبي يوسف الذي حكيناه وروى عنه أيضا مثل قوله في وجوب القصاص في قوله اقتلني. فصل أكره رجلاً على قطع يد آخر 7858 - ولو أكره رجلا على قطع يد آخر ففعل ثم قطع رجله بلا إكراه ثم مات من ذلك فعلى الجميع القصاص في قول أبي حنيفة ومحمد. 7859 - وقال أبو يوسف لا قصاص عليهما جميعا وعليهما الدية في مالهما بناء على أصل كل واحد منهم لأن قطع اليد يجب فيه القصاص على المكره لو تعقبه الموت. وكذلك قطع الرجل إذا انفرد فإذا اجتمعا كان المكره قطع اليد والمكره قطع الرجل ومات فيجب القصاص عليها جميعا كذلك هذا. 7860 - وأبو يوسف يقول القطع الأول لا يتعلق به قود لو انفرد على واحد منهما، فإذا وجد معه ما يجب به القود صارت النفس قد خرجت عن عمد وغير عمد فلا يجب القصاص على أحد. فصل الإكراه على اللعان 7861 - وإذا ادعت امرأة قذفاً على زوجها وهي كاذبة في ذلك

واكرهه القاضي على اللعان فلا لاعن باختياره وقت الفرقة في الظاهر والباطن، وإن كان مكرها فكذلك (عند) أبي حنيفة. 7862 - وقال أبو يوسف ومحمد يقع في الظاهر دون الباطن بناء على أن حكم الحاكم ينفذ ظاهرا وباطنا عند أبي حنيفة خلافهما في الظاهر وهو قول الشافعي. فصل رفع المأثم 7863 - وأجمع الجمع أن الإكراه لا يؤثر في دفع الفعل وأن أثر في رفع المأثم في بعض الوجوه دون بعض. وإذا قد ذكرنا حكم الإكراه وكيفيته وكان الإنسان يكره على ما يجب به الحد تارة مع الطوع وتارة لا يجب وجب أن نذكر ذلك ونبينه وهذا يقتضي أن نذكر الحدود وأحكامها.

كتاب الحدود

كتاب الحدود 7864 - والحدود المشروعة في كتاب الله تعالى أربعة: 1. حد الزنا. 2. حد القذف. 3. حد السرقة.

4 - وحد قاطع الطريق. قال الله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}. وقال {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَاتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} الآية. وقال {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}. وقال {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ} الآية. فصل حد الزنا ضربان 7865 - فحد الزنا على ضربين، منه ما يجب به اتلاف النفس وهو زنا المحصن، وما يجب به الجلد دون الرجم.

فصل ما يجب به الجلد 7866 - وما يجب به الجلد تختلف الحال فيه من الأحرار والعبيد. ولكل من ذلك شروط. ونحن نفصل أنواع حد الزنا ونبين كل قسم منه ثم نتلوه بما قدمنا في أول الباب إلى آخره إن شاء الله. فصل الزنا كبيرة 7867 - وفعل الزنا كبيرة من الكبائر التي توعد الله تعالى عليها بالنار وقرنها إلى القتل والشرك فقال {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَنْ تَابَ}. فصل الحد زاجر 7868 - والحد وُضع لزجر الزاني عن مثل ما فعل في مستقبل أمره وعقوبة عما فعل. 7869 - وإنما سميت حدود الله لأنها زواجر بين العبد، وبين ما حرمه الله تعالى عليه وتعبده بالترك له، لأن الطبع يميل إلى فعل ذلك ويؤثره فلابد من زاجر ليصح أن يخاف المكلف من فعله به إذا ارتكبه، وعلم الله تعالى أن من الناس من لا يتقي بوعيد الآخرة ويسوف نفسه بالتوبة ويتعجل فعل اللذة فشرع ما شرعه في الدنيا من الجزاء بما أعد لفاعله في الآخرة من البلاء ليكون تعالى قد بالغ في الأمر المنهي عنه بأبلغ

الأمور، ويصح مع ذلك معنى التكليف الذي هو مأخوذ من الكلفة فيستحق الثواب على ما حمل النفس من المشاق، ولهذا جميع ما أمر به الله تعالى ثقيل على النفس فيه أعظم كلفة وما نهى عنه هو ما في النفس باعث عليه، وهذا يحصل مع التأمل لكل عاقل متصف. فصل اختلاف التكليف في التعبد 7870 - ثم لم يسو بين جميع المكلفين في التعبد من تساويهم في فعل الذنب لما علم من صلاح كل شخص فيما شرع عليه وأوجب ففرق بين المحصن والبكر والحر والعبد فلو علم أنهم في الحكم سواء لما فرق بينهم مع التساوي في العقل، فلما فرق دل بذلك العلماء بأن هناك معنى غامضاً لأجله اختلف التكليف. فصل شرط الإحصان 7871 - والإحصان شرط يكمل به المكلف، والحد يجب بفعل الزنا لا بالإحصان لأنه مباح فعل شرائطه وواجب أن ندب وذلك لا يستحق به عقوبة. فصل معنى الإحصان 7872 - والإحصان أن يتزوج الحر البالغ بحرة بالغة ويكونا عاقلين سلمين ويطأ بعد البلوغ في الفرج فإذا اجتمعا البلوغ والعقل والإسلام

والنكاح والجماع في الفرج بعد البلوغ منهما جميعا فقد صارا بذلك محصين. 7873 - فالبلوغ يعتب ليكمل الشخص ويخرج من حد الصبا، والعقل يعتبر ليصح التكليف، والإسلام المطلبو بالتكليف والمعنى الذي به تقع الرغبة في الثواب والخيفة من العقاب والنكاح الصحيح الذي لا فساد فيه لأنه المأمور والذي يقر الشرع عليه والإصابة فيه لأنها التي يحصل بها الإعفاف عن طلب النفس الجماع. فصل من لا يحصن بهن 7874 - فعندنا الكبير لا يصير محصنا بصغيرة، ولا العاقل بمجنونة، ولا المسلم بكافرة، ولا المولى بملك اليمين. 7875 - وقال الشافعي الإسلام ليس بشرط في الإحصان لأن النبي عليه السلام رجم يهوديا زنيا. 7876 - وأصحابنا قالوا أن هذا كان عملا بشرع أهل الكتاب فعله ببيان معجزة النبوة حيث وضع يده على آية الرجم من التوراة، فكان كما قال في ذلك. 7877 - وقد قال ابن عمرو، وهو راوي الخير من أشرك بالله فليس بمحصن وسئل عن رجل يريد أن يتزوج بذمية فقال: أنها لا تحصنك، وعلى أن فعل النبي عليه السلام لا يدل على الوجوب، ولأن ما فيه من الكفر أعظم من فعل الزنا وهو لا يوجب القتل، والزنا أولى بذلك.

فصل 7878 - وقال أبو حنيفة ومحمد أن المسلم لا يحصن النصرانية ولا تحصنه. 7879 - وعن أبي يوسف أن المسلم يحصن النصرانية وأنها لا تحصنه. 7880 - وقد أجمع الجميع على أن الذمي لا يجب قذفه الحد رجلا كان أو امرأة. 7881 - وإذا كان الإسلام شرطا في حد القذف ففي الزنا مثله لأنه يدل على الكمال. فصل ثبوت حد الزنا وما ورد فيه من الآثار 7882 - وإذا ثبت الإحصان إما بإقراره أو شهادة الشهود بالإحصان فإن الحاكم يتقدم بالرجم إذا أقر بالزنا عنده أو شهد بذلك الشهود ووصفوا الزنا وأنهم شاهدوا ذكره في فرج المرأة كالميل في المكحلة فإن الرجم مستحق عليه. فصل هل يجمع بين الرجم والجلد؟ 7883 - ولا يجمع عليه بين الرجم والجلد لأن النبي عليه السلام رجم ماعزا ولم يجلده.

وقال (اغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) ولم يوجب الجلد.

ومن الفقهاء من قال يجمع عليه بين الجلد والرجم لأن النبي عليه السلام قال "النيب بالنيب الجلد بالرجم والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، وهذا عندنا منسوخ بخبر ماعز وما ذكرناه من الصيف ويثبت الدخول بإقراره بذلك أو بولد يكون منه فيشهد عليه بذلك، ويكفي أن يقول (كان ثبت ذلك بإقراره). فصل بدء الشهود بالرجم 7884 - وإن كان بشهادة بدأ الشهود يرجمه، ولا يرحم حتى يبدأ الشهود، فإن غابوا أو ماتوا لم يرجمه عند أبي حنيفة ومحمد. 7885 - وقال أبو يوسف: يرجعه. 7886 - لأنهم إذا لم يفعلوا ذلك فليس أحد من سواهم أعلم بذلك. فصل كيفية الرجم 7887 - والرجل لا يحفر له إذا رجم والمرأة يحفر لها إلى ثوبها،

ثم ترجم وهي مخمرة بخمارها، وإذا مات الرجل أو المرأة من ذلك فإنه يغسل ويكفن ويصلي عليه ويدفن في مقابر المسلمين ويكون ميراثه لورثته من المسلمين، وبهذا جاءت السنة، وهو قول جميع الفقهاء. فصل رجم المريض والمريضة 7888 - ويرجم المريض والمريضة لأن المقصود فوات الروح لا غيره وذلك لا يمنع منه المرض. فصل 7889 - وإن كانت امرأة حاملا فإنها لا ترجم حتى تضع حملها ويكون لولدها من يرضعه، فإن لم يكن له من يرضعه فإنها تترك حتى تكون المربية له. فصل قبول رجوع المحدود بحد يجب بالإقرار 7890 - وإن كان الحد يجب بإقرار المقر فرجع عن ذلك قبل إقامة الحد قبل رجوعه كان أو امرأة لأن ماعزا لما هرب فاعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال: هلا تركتموه. فصل 7891 - وإن كان ثبت ذلك بينة لم يقبل رجوعه ولم يترك ليهرب، ولا خلاف في ذلك.

فصل الإقرار أربع مرات 7892 - ولا يثبت الحد عليه حتى يقر أربع مرات في أربعة مجالس من مجالس القاضي. 7893 - ومن أصحابنا من قال يمر ويجيء أربع مرات وإن كان في مجلس واحد فيعتبر مجالس المقر وهو قول ابن أبي ليلى. 7894 - وقال الشافعي يثبت بإقراره مرة واحدة كما ثبت سائر الحقوق، ولو كان كسائر الحقوق لم يجز له الرجوع عما أقر، والخبر في ماعز أنه أقر أريع مرات وهناك قال عليه السلام، الآن وجب الحد. فصل 7895 - ولو فرق الإقرار في أشهر أو سنين فهو واحد ويحد به. 7896 - وقد ذهبت الخوارج إلى أن الرجم منسوخ بالآية، والعلماء على خلاف ما قالوا والعمل بالسنة وقد رجم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم ينكر عليه أحد ذلك. فصل 7898 - ولابد أن تكون المزني بها ممن لا شبهة له فيها والفعل لا شبهة فيه والفاعل له حتى يجب الحد. فصل 7898 - وقد قال أصحابنا، لو اختلف الشهود في الأزمان والأماكن والبيوت فإن ذلك شبهة تسقط الحد عن الشهود والمشهود عليه خلاف زفر يحد الشهود.

فصل اختلاف الشهود في زوايا البيت 7899 - ولو اختلفوا في زوايا البيت فليس بخلاف ويقام الحد على المشهود عليه، وقال زفر لا يقام وهو قول الشافعي. 7900 - لأنه يمكن أن يكون فعلا واحدا ابتدأ بأوله وتم في آخر زاوية. فصل اختلاف الشهود في الألوان 7901 - ولو قال البعض سمراء أو طويلة أو قصيرة، وقال الآخرون بخلاف ذلك من الألوان والهيئة فليس باختلاف. 7902 - وقال زفر ذلك اختلاف ويحد الشهود. فصل شهادتهم على الترتيب 7903 - ولو شهدوا واحدا بعد واحد حتى تم العدد أربعة في مجلس واحد أقيم الحد على المشهود عليه وإن جاءوا في مجلس واحد حدوا جميعا وكانوا قذفه. 7904 - وقال الشافعي إن جاءوا مجيء الشهادة لم يحدوا مع التفريق. فصل رجوع الشهود 7905 - ورجوع الشهود قد تقدم في باب الرجوع وذكرنا ما فيه من الخلاف فيطلب هناك.

فصل الجلد 7906 - فأما الجلد فعلى الحر البكر والحرة البكر إذا زنيا جلد مائة وتغريب عليهما مع ذلك وقال الشافعي يغرب كل واحد من البكرين حولا كاملا، وليس في الآية ذكر للتغريب، وهي ناسخة لخبر عبادة، وخبر عبادة ناسخ لآية النساء وهي أولى بالعمل، وقد غرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا فارتد عن دينه فقال: لا أغرب بعده أحدا، لأنه زيادة في حكم النص، ولا يثبت بخبر واحد، وقد ترك الشافعي رحمه الله الجلد مع الرجم، في خبر ما الذي احتج به فكذلك التغريب. فصل 7907 - وعلى العبد النصف من ذلك، والأمة والعبد سواء، ومن الناس من يقول العبد كالحر والأمة على النصف، وهو من أهل الظاهر. 7908 - وقال مالك العبد لا يغرب لأنه يضر بمولاه، وكذلك الأمة. 7909 - وقال بعض أصحاب الشافعي يغرب نصف حول. فصل 7910 - ولا يقام الحد في البرد المفرط ولا الحر المفرط ولا على مريض ولا حامل ولا نفساء، ولا يقام إلا في وقت مأمون. فصل 7911 - ويضرب جميع البدن إلا الوجه والفرج والرأس ويفرق الضرب على جميع الأعضاء.

7912 - وقال الشافعي الظهر وحده. 7913 - وقال أبو يوسف يضرب الرأس أيضا. فصل 7914 - ويضرب الرجال قياما والنساء قعودا. فصل 7915 - ولا يرفع يديه في الضرب، ويكون سوط، قد دفنت تمرته. 7916 - ومن أكره امرأة على الوطء فلا مهر عليه وعليه الحد عند أصحابنا. 7917 - وقال الشافعي يجب الحد والمهر. 7918 - ولو وجب المهر ملك البضع وكان يحد في ملكه.

فصل 7919 - وإن أقر بزنا امرأة غائبة أو حاضرة فأنكرت فلا حد عليه، وقال الشافعي يحد. فصل 7920 - ولا حد على من وطيء بشبهة ولا من زفت إليه غير امرأته ولا على شريك في جارية شريكه. فصل 7921 - ولا على من استأجر امرأة للزنا عند أبي حنيفة حد، وقالا يجب الحد، وهو قول الشافعي. فصل 7922 - ولا يجب الحد بغير الوطء في الفرج عند أبي حنيفة. 7923 - وقال الشافعي يجب بالوطء في الدبر. فصل 7924 - ولا يجب بالوطء فيما دون الفرج ويجب التعزيز بذلك. فصل 7925 - والتعزيز عند أبي حنيفة أن ينقص من أربعين سوطا واحدا أو ما شاء، وقد روى عن أبي يوسف خمسة وسبعون سوطا وروى تسعة وسبعون سوطاً.

7926 - وقال بعض الفقهاء ما يراه الإمام ولو بلغ به القتل، وحكام الطحاوي في المختصر. فصل 7927 - ومن مات من الضرب في الحد فلا ضمان على الإمام في بيت المال ولا في ماله لأنه مات بحق خلاف الشافعي. فصل 7928 - ولو وجد الشهود عبيدا أو محدودين في قذف غرم دية المقتول من بيت المال لأنه غلط في الحكم وقد مضى في أول الكتاب بيان ذلك. فصل 7929 - ولا يحلف القاضي في الزنا وقد مضى في الإيمان ما يحلف فيه وما لا يحلف. فصل 7930 - ولا يقبل في ذلك شهادة النساء مع الرجال وقد مضت لأنه قال تعالى {لَمْ يَاتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}. فصل 7931 - ولو وطيء العاقل مجنونة أو صبية فعليه الحد ولا حد على المجنونة والصغيرة. فصل 7932 - ولو دعت العاقلة مجنونا إلى نفسها فلا حد عليها عندنا لأنها ليست بزانية لأن فعل الرجل هو المتبوع. 7933 - وقال الشافعي يجب عليها الحد لأنه لا عبرة بكونه مجنونا.

فصل 7934 - ولا حد على من وطيء بهيمة ولا ميتة. 7935 - وقال الشافعي يجب الحد، وما دون الفرج ادعى في الشهوة من البهيمة ولا يسمى زنا. فصل 7936 - وإذا وطيء أمة زوجته أو أمة أبيه أو أمة وقال ظننت أنها تحل لي فلا حد، وقال زفر عليه الحد. ولو قال: أنا أعلم أنها حرام حد في قولهم جميعا. 7937 - وقالوا في الأب يطأ جارية ابنه أنه لا يحد في الوجهين. وذكر جميع المسائل فلا يمكن وإنما هذه أصول. فصل مستأمن يزني 7938 - وقد قال أصحابنا لو زنا المستأمن بمسلمة أو ذمية في دار الإسلام فلا حد على الرجل وعلى المرأة عند أبي حنيفة. 7939 - وقال أبو يوسف يحدان جميعا. وقال محمد لا حد على واحد منهما. 7940 - وكذلك الخلاف ولو زنا المسلم بذمية أو مستأمنة. وهذا حكم الحد من طريق الفعل فأما من طريق القول فهذا (يرد) في باب حد القذف.

باب حد القذف

باب حد القذف وهذا باب حد القذف عقوبة القاذف 7941 - ومن قذف امرأة حرة مسلمة بالغة بزنا ولم يأت بأربعة شهود يشهدون بما قال فعليه الحد ثمانون جلدة، وتسقط شهادته من الشهادات، ولا تقبل له بعد ذلك شهادة أبدا وإن تاب عند أصحابنا.

7942 - وقال الشافعي [ومالك] تقبل، وقد مضت في الشهادت. فصل حد العبد 7943 - ويحد العبد أربعون جلدة لأنه على النصف من الحر في الجلدة فيما يتبعض. فصل حد الذمي 7944 - والحد يجب على الذمي يقذف المسلم، ولا يجب على المسلم بقذف الذمي ولا قذف العبد ولا قذف صغيرة ولا مجنونة. فصل نزع الفرو والحشو 7945 - ويضرب القاذف على الصفة التي يكون عليها إلا أنه ينزع عنه الفرو والحشو. فصل 7945 - ويضرب القاذف على الصفة التي يكون عليها إلا أنه ينزع عنه الفرو والحشو. فصل 7946 - وأشد الضرب عندنا ضرب التعزير لأنه يقصر عدده وبعده حد الزنا وبعده حد الخمر والسكر وبعده حد القذف وهو أخف الحدود لأنه يجوز أن يكون صادقا فيما قال. فصل قذف حراً مسلماً 7947 - ومن قذف حرا مسلما بالغا بالزنا فعليه الحد إذا طلب ذلك المقذوف منه لأن الرجل والمرأة في ذلك سواء، ولا نعلم خلافاً في ذلك. فصل 7948 - ولو صدقة المقذوف فيما قال فلا حد عليه لذلك القول.

فصل 7949 - وإن عفي عنه المقذوف فله أن يطالبه بالحد وعفوه باطل لأنه حق الله تعالى فلا يسقط بالعفو وهذا قول أصحابنا المشهور. 7950 - وقد روى الطحاوي عن أبي يوسف في المختصر أنه، قال عفوه جائز، ويسقط الحد. فصل 7951 - وهو قول الشافعي، وفاس ذلك على الدين. فصل 7952 - ولو ادعى على رجل أنه قذفه فأنكر فطلب يمينه فلا يمين عليه عندنا لأنه حد، وقال الشافعي يحلفه لأنه حق يصح أنباته بالطلب. فصل 7953 - ولو قال لرجل، لست لأبيك وذلك في حال غضب فإنه يحد. فصل 7954 - ومن قال لرجل يا ابن الزانية وأمة حرة مسلمة فإن كانت حية فهي التي تطلب بالحد، وإن كانت ميتة فالولد والوالد يطالبان بذلك وليس ذلك لغيرهما. 7955 - وقال زفر لا حد في ذلك لأنه لا يورث.

فصل التعريض 7956 - ولا يجب الحد بالتعريض عند أصحابنا. 7957 - وقال مالك يجب، وهو أحد قولي الشافعي. 7958 - لأن التعريض يحتمل، وقد قال لا يكون قذفا حتى ينوى. فصل 7959 - ومن قال لرجل لست لأمك فإنه لا يحد لأن هذا كذب محض.

فصل زنأت في الجبل 7960 - ومن قال لرجل زنأت في الجبل وقال نويت صعودا أنه لا يصدق عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد والشافعي لا يجب الحد لأن اللفظ حقيقة في الفعل، فهو كما لو قال زنيت في الدار. فصل 7961 - ومن قذف جماعة بقول واحد أو أقوال فعليه حد واحد فإذا استوفى منه الحد فهو لكل قذف تقدم، وقال الشافعي أن بألفاظ فلكل واحد منهم حد، وإن كان بلفظ واحد فعلى قولين أصحهما يجب حد واحد. فصل 7962 - ومن قال لرجل لست لأبيك فإنما قذف الأم دون الأب. فصل 7963 - ومن قال لامرأة يا زان فهو قاذف لأن المؤنث يجوز أن يذكر إذا جمع مع الغير.

فصل يا فاسق الخ 7964 - فإن قال يا فاسق أو خبيث أو فاجر أو ملعون فإنه يعزر ولا يحد لأنه لم يقذف. فصل تكرر القذف 7965 - وإن قذف رجلا فحد له ثم قذفه ثانيا فإنه لا يحد له أبدا. 7966 - وقال ابن أبي ليلى إن كان يالقذف الأول لم يحد وإن كان بآخر حد له. 7967 - لأنه حد لأجله. فصل هل التعزيز واجب 7968 - والتعزيز واجب عندنا، وقال الشافعي لا يجب لأنه عقوبة لأجل حق الله فهو كالحد. فصل التلف بالتعزيز 7969 - وإن تلف بالتعزير فلا ضمان عليه ولا في بيت المال، وقال الشافعي يجب عليه الضمان ومن أين يؤخذ؟ قولان أحدهما من بيت المال والثاني من مال الذي أقامه.

كتاب السرقة

كتاب السرقة تعريف 7970 - أعلم أن السرقة أخذ مال الغير على سبيل الاستخفاء من غير شبهة له في أخذه. الآثار الواردة في السرقة 7971 - والأصل في ذلك قوله تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}. 7972 - والمعمول به من قول الفقهاء أن القطع لا يجب بما يقع عليه اسم سرقة ولا على من يقع عليه اسم سارق إلا بقدر [ما] يقع عليه الاسم. فصل القطع 7973 - والقطع يجب على سارق دون سارق وبقدر دون قدر ومن موضع دون موضع وبمال دون مال وبأخذ دون أخذ. 7974 - وأن عموم الآية متروك بالسنة وعمل الأمة، لأن الظاهر لا يدل على المراد الآية حتى يضم إليها ما لم يدخل تحت لفظها، وليس حكمها حكم ما يتناوله الظاهر ثم يخرج منه البعض وقد ذكرت في شرح كتابي التشويق إلى العلوم والبحث عن حقيقة العلوم في شرح أصول الفقه فيه ما قاله أصحابنا في ذلك وثبت ما ذكره الشيخ أو عبد الله وقاضي

القضاة عبد الجبار رحمهما الله وسائر أصحابنا، واستوفيت الكلام في ذلك فيطلب ذلك من لم يقع إليه ليجده. فصل 7975 - والأصل الذي اعتمد عليه أصحابنا في الباب أن القطع لا يثبت إلا توقيفا اتفاقا فإذا اختلفت السنن عمل بالمجمع عليه منها وذلك نحو ما روى ربع دينار وروى عشرة دراهم فأخذوا بالزائد من الأخبار وعملوا به لأجل الاتفاق عليه. فصل أقل ما يقطع به 7976 - فقالوا لا يقطع السارق في أقل من عشرة دراهم أو ما قيمته ذلك، والمعتبر بالدراهم. 7977 - وقال الشافعي يقطع في ربع دينار. 7978 - وقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله

عليه وسلم قطع في محن قيمته عشرة دراهم وكذا قال ابن عباس، وعن ابن مسعود قال لا أقطع إلا في عشرة دراهم أو دينار وعن أبي بكر وعلي رضي الله عنها أنهما قالا لا يقطع الخمس إلا في خمس وإذا اختلف رضي الله عنهما أنهما قالا لا يقطع الخمس إلا في خمس وإذا اختلف ما ذكرناه وجب أن لا يقطع بالشك ويدرأ الحد لمكان الشبهة في ذلك. فصل 7979 - واجمع المختلفون أنه لا يقطع في أقل من ربع دينار إلا شيئا حكاه الكرخي رحمه الله عن محمد بن الحسن وهو قول الخوارج أنه يقطع في القليل والكثير والعلماء على خلافه. فصل لا قطع إلا بإقرار أو بينة عادلة 7890 - ولا يقطع السارق إلا أن يقر بأنه سرق ما يجب فيه القطع من حرز مثله مما لا شبهة له فيه بذلك بينة عادلة ليس فيها امرأة. فصل رد الشهادة بالتقادم 7981 - ولا تقبل منهم الشهادة أن تقادموا وقد قدر بعض أصحابنا

بشهر ومنهم من لم يقدر ذلك وقد قال الشافعي تقبل مع التقادم كما يقبل الإقرار، وهو قول ابن أبي ليلى. وقد زفر لا يقبل الإقرار والشهادة مع التقادم. 7982 - واتفقوا على أنه يقبل في وجوب ضمان المال، وكذلك لو شهد الرجال والنساء قضى عليه بالمال دون القطع. فصل 7983 - وأنفقوا في حد القذف أنه يقبل مع البينة والإقرار. فصل إقراره مرتين 7984 - وقال أبو حنيفة ومحمد وعامة الفقهاء يقبل إقراره مرة في السرقة. 7985 - وقال أبو يوسف لا يقبل حتى يقر مرتين فيجب القطع. وقد روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذلك. فصل موضع القطع 7986 - والقطع من الزند عندنا في الموضع الذي يجب القطع. وقال بعض الفقهاء من أصول الأصابع، وقال الخوارج من المنكب، والذي روى في السنة أنه قطع من الزند. فصل 7987 - واجمعوا على أن القطع يجب في يده اليمنى بالسرقة الأولى إذا كانت اليسار سالمة فإن كانت شلاء لم يقطع اليمنى وغرم المال.

فصل 7988 - وإن سرق دفعة أخرى قال العلماء أنه يقطع الرجل اليسرى، وهذا قطع لم يثبت في الآية وإنما هو فرض مبتدأ ثبت بعمل الأمة. فصل 7989 - فإن سرق دفعة ثالثة لم يقطع عند أصحابنا. وقال الشافعي يقطع يده اليسرى فإن دفعة رابعة قطعت رجله اليمنى. وروى ذلك عن أبي بكر رضي الله عنه. وقد روى عن علي رضي الله عنه أنه قال إني لأستحي من الله تعالى أن لا أدع له بدأ يأكل بها ويتوضأ. 7790 - وإذا أكل الأصل في القطع الآية ولم يقطع يده اليسرى في الدفعة الثانية فأحرى أن لا يقطع في الثالثة ويستودع السجن حتى يحدث توبة ويغرم ما سرق. فصل رد المسروق 7991 - واتفقوا على أن العين المسروقة إذا كانت قائمة في يد السارق أنه يجب ردها على المالك. فصل لا جمع بين قطع وضمان 7992 - فأما إن كانت قد هلكت أو استهلكها هو قبل القطع وطلب القطع قطع ولا ضمان عليه عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد ومالك بن

أنس، ولا يجمع عليه عندنا قطع وضمان ولا حد ولا مهر ولا عشر وخراج. 7993 - وقد قال الشافعي يجب الضمان والقطع في الأحوال كلها. 7994 - وقال ابن زياد أن هلكت العين فلا ضمان وإن استهلكت العين ضمن. 7995 - وروى ابن سماعة عن محمد أنه قال لا يجب الضمان في القضاء فأما فيما بينه وبين الله تعالى فيجب الضمان لمالكها. 7996 - وإنما لم يجب الضمان لأنه يملك العين به فيؤدي إلى أن يقطع في ملكه وهذا لا يجوز والآية تدل على وجوب القطع خاصة. فصل من زنا بجارية فقتلها 7997 - ولو زنا بجارية فقتلها فعليه القيمة والحد. 7998 - وقال أبو يوسف لا حد عليه، ولو كانت حرة عليه الحد والدية في قولهم جميعا. فصل 7999 - وقال أصحابنا لو زنا بصغيرة فاضاها فلا حد عليه، فإن كان البول يستمسك فعليه ثلث الدية والمهر في قولهم جميعا، وإن كان البول

لا يستمسك فعليه الدية ولا مهر عليه عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 8000 - وقال أحمد والشافعي يجب عليه الحد. فصل 8001 - وإن كانت لا يجامع مثلها فإنها لا تحرم على ابنه ولا أبيه ولا يثبت تحريم المصاهرة عند أبي حنيفة ومحمد. 8002 - وقال أبو يوسف وقعت الحرمة، وعند الشافعي لو كانت حرة لم يوجب تحريم المصاهرة. فصل زنا بأمة ثم اشتراها أو حرة ثم تزوجها 8003 - ولو زنا بأمة ثم اشتراها أو حرة ثم تزوجها لم يسقط الحد. وسمعت قاض القضاة رحمه الله يقول في ذلك رواية أخرى أنه يسقط في الجميع والخلاف على ما حكاه مع أبي يوسف ولعله جعل قول أبي يوسف رواية. فصل العودة في الجناية والمجني عليه واحد 8004 - ولو سرق عينا فقطع فيها ثم سرقها دفعة أخرى لم يقطع عند أصحابنا، وقال الشافعي يقطع. 8005 - وأجمعوا أنه لو قذف رجلا ثم أعاد قذفه أنه لا يجد له دفعة أخرى، وفي الزنا إذا حد مرة ثم زنا بها يحد مرة أخرى. فصل رجوعه عن الإقرار 8006 - ولو رجع عن الإقرار قبل القطع لم يقطع.

فصل 8007 - ولو عفا عنه المسروق أو وهب العين له قبل أن يرفعه إلى السلطان سقط القطع وقد روى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «تجافوا الحدود ما لم ترفع إلي، فإذا رفع إلى ذلك فقد وجبت» وكان يأمر بالستر على العصاة ويظهر في وجهه الكراهة إذا رفعت إليه. 8008 - ولو عفا عنه بعدما رفعه إلى الأمام فالعفو باطل. فصل 8009 - ولو ذهب العين بعدما رفعه سقط القطع عند أبي حنيفة. 8010 - وقال أبو يوسف والشافعي لا يسقط، وليس في خبر صفوان أنه قاطع السارق، قبل أن تأتي به، يعني أن تفضحه وتشهره.

فصل سرقة ما يسرع إليه الفساد 8011 - وإذا سرق ما يسرع إليه الفساد لم يقطع. 8012 - وقال الشافعي يقطع، وهذا كسائر المطعومات ولا سنة توجب القطع ولا اتفاق والقياس في إثبات القطع لا يجوز عندنا، وكذلك الصبرة كلها. فصل 8013 - وقال أصحابنا: ولا يقطع بسرقة شيء من المعادن، وما يوجد في دار الإسلام مباحا من القصب والخشب والقير والنفط والماء والتراب وفي والساج والأبنوس خلاف بين أصحابنا وكذلك المعمول من الخشب. 8014 - وقال الشافعي يقطع في الجميع إذا بلغت قيمته نصابا. 8015 - وقد روى عن أبي يوسف مثل ذلك. فصل 8016 - ولا يقطع في ثمرة في الشجرة ولا يقطع في كشر وهو الجمار. فصل 8017 - ومن أدخل يده إلى بيت فأخذ مما فيه فلا قطع عليه لأنه لم

يهتك الحرز، ولو سرق من كم رجل بأن أدخل يده فيه فإنه يقطع لأن الكم حرز مثل ما فيه. فصل رمي المتاع إلى خارج 8018 - ولو رمى المتاع إلى خارج فأخذه أحد بعدما رمى فإنه لا قطع على واحد منهما لأن الداخل لم يخرج المتاع والخارج لم يدخل. 8019 - وقال أبو يوسف يقطع بالجميع وهو قول الشافعي. فصل دخول الحرز جماعة 8020 - ولو دخل الحرز جماعة فتولى بعضهم حمل المتاع والبعض قيام بالسلاح قطعوا جميعا لأنه هكذا يسرق العدد الكثيرة والرد والمباشر سواء وكذلك قطاع الطريق. 8021 - وقال الشافعي يجب القطع على المباشرة الأخذ دون الآخر، لأن الأخذ حصل بقوة الجميع فصار كأهل الغنيمة. فصل 8022 - ولا يقطع أحد الزوجين بسرقة مال الآخر عند أصحابنا جميعا. 8023 - وقال الشافعي يقطع كل واحد بسرقة مال الآخر في أحد

أقواله، وذكر أصحابه أن الحارث بن سريج البقال روى عن الشافعي أن المرأة لا تقطع بسرقة مال زوجها والزوج يقطع بسرقة مال زوجته، وله قول كقولنا. لأن بينهما سببا يوجب التوارث من غير حجب كالأبوة، وقياس الشافعي على البائع والمشتري والأجازة والأصل لا يوجب التوارث والنفقة والبسط من أحدهما على الآخر. فصل سرقة ذي الأرحام 8024 - وذوو الأرحام الذين تجب نفقة بعضهم على بعض مع الفقر إذا سرق بعضهم من بعض لا يقطع. 8025 - وقال الشافعي ما عدا الوالدين والمولودين يقطع في السرقة لأن بينهما قرابة توجب تحريم المناكحة كالأم. فصل سرقة مال المستأمن 8026 - ولا يقطع المسلم ولا الذمي بسرقة مال المستأمن. 8027 - وقال الشافعي يجب القطع. لأن الإباحة قائمة فيه مؤجله وذلك يؤثر فيما يسقط بالشبهة كالقصاص وقاس هو على الضمان وذلك يوجد في مال الأبوين.

فصل المستأمن يسرق أو يزني 8028 - والمستأمن لا يقطع إذا سرق ولا إذا زنى يحد ولا [يحد] حد السكر عند أصحابنا خلاف ابن زياد فإنه قال هو المسلم سواء في الحدود. 8029 - وللشافعي قولان في وجوب القطع. واتفقوا على وجوب الحد عليه بالقذف، ووافق في الزنا أنه لا جد. فصل السرقة من الحمام 8030 - ومن سرق من الحمام فلا قطع عليه وقال الشافعي يقطع إذا كان له حافظ، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة، لأنه مأذون في الدخول فيه لكافة الناس فلا يقطع من تناوله الإذن في السرقة. فصل 8031 - وإن بط جيب رجل فوقع ما فيه فأخذه من الأرض فلا قطع عليه. 8032 - وقال الشافعي يجب القطع. 8033 - لأنه لم يخرج المسروق من حرز فلا يقطع. ولا قطع على من حمل حملا من القطار عليه وفيه نصاب، وإن زحلق الجوالق وسرق ما فيه قطع. 8034 - وقال الشافعي يقطع في الوجهين، لأنه سرق الحرز ولم يسرق ما فيه، وسرقة الحرز لا توجب القطع كمن أدخل دار غيره في داره وخلطه ببنيانه وفيه نصيب من المال.

فصل رمي المتاع إلى الخارج 8035 - ولو دخل السارق الدار وأخذ المتاع فرمى به إلى الخارج ثم خرج وأخذه قطع عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وهو قول الشافعي وقال زفر لا يقطع. 8036 - واتفق أصحابنا على أنه لو أخذه رجل من خارج ثم خرج أنه لا يقطع لأنه ما خرج بالسرقة من الحرز. فصل ما لا قطع فيه 8037 - ومن سرق مصحفا عليه كواكب فضة فيها نصاب فلا قطع عليه. 8037 - وقال أبو يوسف والشافعي يقطع، لأن ما في المصحف هو المتبوع وما عليه تبع وسرقة القرآن لا يقطع بها. 8039 - ومن سرق طنبورا أو نردا أو آلة من الملاهي فلا قطع عليه. وقال الجامع الصغير عليه قيمة ما يصلح لذلك غير معمول عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد لا ضمان عليه. 8040 - وقال الشافعي في سرقة الصليب وما ذكرنا إذا كانت قيمته غير معمول تبلغ نصابا قطع. 8041 - لأنها صنعة محرمة مأمور بكسرها فنهي عن استعمالها فهي كالخمر. فصل 8042 - ومن سرق خمرا في إناء يساوي نصابا فلا قطع عليه في الإناء.

8043 - وقال الشافعي يجب القطع في الإناء، لأنه تابع والمقصود الخمر فلا قطع أو يصير ذلك شبهة في الإناء، ولأن الإناء مختلف في جواز كسره وإتلافه على مالكه إذا كان فيه خمر فلا يجب به القطع. فصل اختلاف الشاهدين في لون البقرة 8044 - وإذا قمت البينة على السارق بأنه سرق بقرة واختلفا في لونها فقال أحدهما سوداء، وقال الآخر بيضاء فالشهادة جائزة عند أبي حنيفة، وفي قولهما لا تجوز ومن أصحابنا من قال في الغضب اتفاق أنه لا يقبل، وقال بعضهم بل هو على الخلاف. فصل التباش 8045 - وقال أبو حنيفة ومحمد النباش لا يقطع لأنه سرق من غير حرز ولا حافظ له حرمة فلا يقطع، وقال أبو يوسف والشافعي يقطع. فصل شق الثوب في الحرز 8046 - وإذا شق الثوب في داخل الحرز ثم خرج به بعد ذنك وقيمته نصاب بعد الشق فعليه القطع عند أبي حنيفة ومحمد. 8047 - وقال أبو يوسف لا قطع عليه، لأنه خرج به وقد لزمه ضمانه في الحرز وقد روى هذا القول عن أبي حنيفة أيضا. فصل سرقة مملوك صغير 8048 - ومن سرق مملوكا صغيرا قطع عند أبي حنيفة ومحمد لأنه

مال بلغ نصابا، وقال أبو يوسف لا قطع عليه كالحر الصغير. فصل سرق وفلان 8049 - وإذا شهد على السارق بأنه سرق وفلان الغائب، أو أقرانه سرق وفلان الغائب فلا قطع عليه في قول أبي حنيفة الأول ويقطع في قوله الثاني. 8050 - وهو قول أبي يوسف ومحمد، لأن الغريب يجوز أن ينكر أو يدعي السرقة لنفسه فلا يجب القطع. فصل صبغ الثوب المسروق 8051 - وإذا سرق ثوبا فصبغه ثم قطعت يد السارق لم يرد الثوب عليه عند أبي حنيفة. 8052 - وقال محمد يرد على صاحبه ويغرم قيمة ما زاد الصبغ فيه وقد روى عن أبي يوسف مثل ذلك. فصل 8053 - وإذا أمر الإمام يقطع يد السارق فقطع المأمور يدل يده اليمنى يده اليسرى فلا شيء عليه عند أبي حنيفة استحسانا. 8054 - وقال أبو يوسف ومحمد يضمن دية اليد. 8055 - وروى ابن زياد عن أبي حنيفة أنه قال أن قال له اقطع يده فقطع يساره فلا شيء عليه، ولو أن السارق هو الذي أخرج يساره،

فقال هذه يميني فقطعه فلا شيء عليه إذا قطعه في قولهم جميعا، ويضمن السارق قيمة السرقة. فصل تداخل السرقات 8056 - ومن سرق من عدة أناس فخاصمه واحد منهم فقطع فالقطع لجميع السرقات، ويسقط عنه ضمان سائر ما سرقه لغير الذي خاصم. فصل 8056 - ومن سرق من عدة أناس فخاصمه واحد منهم فقطع فالقطع لجميع السرقات، ويسقط عنه ضمان سائر ما سرقه لغير الذي خاصم. فصل 8057 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يقطع المستأجر بسرقة مال المؤجر من الدار التي آجره ولا المؤجر بسرقة مال المستأجر. فصل 8058 - وقال أبو حنيفة يقطع كل واحد بسرقة مال الآخر، لأنه لا شبهة بينهما. فصل 8059 - وإذا سرق من مال الغاصب قطع، وللغاصب أن يخاصمه وكذلك المودع، وإن سرق من السارق لا يقطع. 8060 - ولأصحاب الشافعي في الجميع وجهان احدهما يقطع في الجميع والثاني لا يقطع، وهو قول زفر لأن الوكالة في الحدود لا تجوز.

باب حد قاطع الطريق

باب حد قاطع الطريق ومن قطع الطريق وأخاف السبيل وحارب المسلمين فله أحكام مختلفة. فصل إخافة السبيل فحسب 8061 - منها أن يخيف السبيل فحسب ولا يأخذ مالا ولا يقتل أحدا من الناس ثم يظفر الإمام به قبل التوبة فإن يحبس عندنا وهو نفيه من الأرض. 8062 - وقال الشافعي حده التعزيز ولا يستحق الحبس بل النفي المذكور في الآية إذا ارتكبوا القتل وأخذوا المال وطلبوا فهربوا، فالهرب هو نفيهم من الأرض. والنفي عندنا إنما هو قطعة أن يسعى فيها، فالحبس أشبه من الطلب الذي قاله. فصل أخذه مالاً 8063 - وإن أخذ مع ذلك مالاً فكان ما أخذه عشرة دراهم فصاعدا فإنه تقطع يده ورجله من خلاف وإن قتل وقطع وأخذ المال فأبو حنيفة يقول الإمام بالخيار، إن شاء قطع يده ورجله من خلاف وقتله وصلبه على الخشبة، وإن شاء لم يصلبه وقطع يده ورجله، من خلاف ثم قتله، وإن شاء قتله بغير قطع ولا صلب. 8064 - وقال الشافعي لا يجوز الإخلال بالصلب ويجوز أن يخل بالقطع إذا وجب القتل. 8065 - وقال أبو يوسف ومحمد: إذا وجب القتل لم يقتل لأن القتل

يأتي على كل شيء ولكن المستحب أن يقتل على الخشبة ويصلب ثلاثة أيام، وما بعدها مُثْلة. فصل إن جرح فقط 8066 - وإن جرح ولم يفعل ذلك إلى ولي المجروح فإن كان مما يقتص منه اقتص منه وإلا كان له الأرش. فصل الردء والمباشر 8067 - والردء والمباشر في ذلك سواء. 8068 - وقال الشافعي: الحكم يتعلق بمن باشر دون الردء. إذ بالردء جعل للفاعل ما فعل، وسائر الآلات في المحاربة سواء، وبهذا الحربي افترق أمر القصاص والمحاربة، على قول أبي حنيفة. فصل الخيار للإمام 8069 - وقد قال ملك: الخيار في الأحوال كلها إلى الأمام فله أن يقتله وإن لم يقتل ولم يأخذ مالاً وله أن قتل إن لا يقتله وإن يستودعه السجن. 8070 - وقد اتفق الجميع على أن من يسرق في المصر لم ينفك من القطع فإذا أنضاف إلى ذلك المحاربة والقتل لا يجوز أن يدرأ عنه. 8071 - وقد قال بعض العلماء أن الآية نزلت في المشركين وحكمها اليوم زائل عن المسلمين وأنها منسوخة وشرطها غير موجود وهو محاربة

الرسول عليه السلام، وإن خبر العرنيين كان قبل تحريم المثلة، كذا روى أنس ابن مالك وغيره. فصل 8072 - ولا يكون قاطع الطريق في المصر [و] ولا قريبا منه عندنا، وحكمه حكم الغاضب. وقال الشافعي يحد حد قاطع الطريق. فصل قاطعة الطريق 8073 - والنساء لا يجرى عليهن حد قاطع الطريق. 8074 - وقال الشافعي حكمهن حكم الرجال إذا فعلن فعلهم. لأن لفظ المذكر لا يدخل تحته لفظ المؤنث إلا بعد أن يعلم أنه مراد بالقصد وهذا لا يعلم. فصل من لا يجب عليه الحد من قطاع الطرق 8075 - ومتى كان في قطاع الطريق من لا يجوز عليه الحد كصبي

أو ابن أو أب أو أحد من ذوي الأرحام فلا حد على من بقى ويسقط عن الباقين. وقال الشافعي يحد من بقى، وهو كالقتل إذا اشترك فيه الأب والأجنبي قتل. فصل 8067 - ومن وجب عليه حد قاطع الطريق وقد كان عليه قبل ذلك حدود من غير جنسه فإنه يستوفي حد قاطع الطريق ولا يستوفى من ذلك ما مضى. 8077 - وقال الشافعي يستوفى جميع ذلك ثم حد قاطع الطريق. فصل 8078 - ومن قذف وزنا وسرق فإنه يبدأ بالقذف وهو بالخيار تقديم حد الزنا والسرقة ولأصحاب الشافعي وجهان في تقديم حد الخمر من الجميع أو تأخيره عن الجميع. فصل التوبة عن الزنا 8079 - والحد لا يسقط بالتوبة في الزنا ويجب به الحد. وللشافعي قولان في ذلك، وإنما يسقط المأثم وعقوبة الآخرة، كما لا يسقط الضمان المتعلق بذلك والقتل في حق الآدمي. فصل 8080 - وفي قاطع الطريق أحكام كثيرة وكذلك الحدود وفي ذلك مسائل لم استوفها لأنها مما لم يقع في الشرع فيضيع الزمان بذكرها وإن كان العلم بها حسنا. وإذا ذكرنا حكم هذه المعاصي والحدود وكان في ذلك شرب الخمر وأنه كثير وله أحكام تخصه فالتحريم والإباحة وجب ذكر الأشربة.

كتاب الأشربة

كتاب الأشربة وهذا كتاب الأشربة وأحكامها وحد المكر منها. الآيات الواردة 8081 - قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. 8082 - فجمع بين هذه الأشياء وأخبرها أنها من عمل الشيطان ثم أمر المكلفين بالاجتناب، وأمر علي الوجوب لأنه لا ينهي إلا عن قبيح ولا يأمر إلا بحسن ثم بين مراد الشيطان فقال {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ}. 8083 - ولقد صدق الله فيما قال: وأخب إذ من المعلوم من الدين عند الكافة أن الخمر تحدث عند شربها ما ذكر الله تعالى. فصل تعريق الخمر 8084 - وقد اختلف العلماء في الخمر وصفتها وهل هي اسم لعين واحدة أو اسم اعيانا كثيرة وهل هي معللة بعلة لأجلها حرمت أو حرمت لغير علة؟ واختلفوا في العلة وهل يجوز القياس عليها أو لا يجوز؟ وهل كانت مباحة قبل التحريم أو غير مباحة؟ وهل العقل يقتضي إباحتها أو تحريمها؟ وهل يجوز أن تتخذ من سائر الاعيان أو تختص بنوع من الاعيان؟ وهل يجوز التداوي (بها) أو لا يجوز؟ وهل يجوز شربها

عند الضرورة أم لا؟ وكما اختلفوا في ذاك اختلفوا في سائر المشروبات التي يسكر كثيرها وفي طريقة تحريمها. وقد كانت عملت مسئلة في المشروبات ترجمتها بالمسئلة النظامية في الأشربة وأحكامها باسم الصاحب الأجل نظام الملك قوام الدين العالم العادل، ومولى النعم، أعز الله نصره كما ألفت هذا الكتاب له ولأجله وقسمتها على خمسة عشر فصلا وحكيت فيها سائر أقوال الناس وأقوى ما يعتمد عليه كل فريق وهي كافية في العلم بذلك غير أن هذا الموضع يمكن فيه جمل مقنعة في معرفة الحكم إن شاء الله. فصل المقصودة بالخمر 8085 - أجمع العلماء على أن الخمر هي عصير العنب الذي إذا غلى بنفسه اشتد وقذف بالزبد، وإن ما هذا صفته فهو الخمرة التي حرمها الله تعالى في كتابه وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم وانعقد الإجماع على تحريمها وإن قليلها وكثيرها في التحريم سواء أنه يفق شاربها ويكفر مستحلها ولا يقر المسلم على تمولها. وهي التي لعن الرسول صلى الله عليه وسلم بائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليها. فصل 8068 - وكلما انخرم من الأوصاف التي ذكرناها وصف دخل الخلاف في الجملة. 8078 - قال أبو حنيفة إذا لم يقذف بالزبد فليست بخمر. 8088 - وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي هو خمر وإن لم يقذف بالزبد.

فصل 8089 - والأصل في هذا الباب أن الأسماء لا يجوز أن تثبت إلا نوقيفاً مصطلحات عليه، وهذا المعنى يوجد فيما قال أبو حنيفة، ولو كانت خمرا لما وقع الخلاف في ذلك. فصل 8090 - وقال أصحابنا: وإذا طبخت بعد الغليات والشدة فإنها حرام ولا يحل شربها، ولا نعلم في ذلك خلافا بين العلماء، كما أن طبخ لحم الخنزير لا يحله. فصل 8091 - والعصير إذا طبخ فليس بخمر وإن حدثت فيه الشدة، وإن قال أصحابنا أنه لم يذهب ويبقى الثلث فهو حرام. 8092 - وقال جعفر بن مبشر أنها خمر وإن ذهب ذلك القدر،

ولو كان خمرًا لما وقع فيها الخلاف ولكفر مستحل ذلك، والإجماع من العلماء بخلاف. 8093 - وقد قال أن سائر المشروبات حلال مع ما ورد فيها من التحريم في كتابه في الأشربة. فصل 8094 - وإذا أشيب العصير بالماء ثم حدثت الشدة فهو خمر عندنا وعند أهل الحجاز. فصل 8095 - وحكى المصنفون في الأشربة كأبي الحسن الكرخي وأبي عبد الله البصري وابن مبشر أن في الناس من يقول ليست بخمر، وقالوا أن هذا قول شاذ مطرح. فصل 8069 - وإذا ذهب أقل من الثلثين ثم يحل الشرب. وروى عن أبي يوسف أنه كان يقول بالنصف يحل ثم رجع إلى قوله الجماعة فاعتبر أن يبقى الثلث. 8097 - وقال الشافعي كلما يسكر فهو خمر ويقع عليه اسم الخمر حققه عند أصحابه الجل، ولو كان كل ما يسكر خمرا لكفر المستحل وفق الشارب وردت شهادته ولم يقع بين الأمة في ذلك اختلاف وفي وقوع

الخلاف دليل على أن ذلك ليس بخمر. 8098 - وقد روى عن النبي عليه السلام أنه قال حرمت الخمر لعيتها قليلة وكثيرة، والسكر من كل شراب فجعل السكر من سائر المشروبات كالخمر ولو تناول سائر المشروبات لم يتخلف الاسم في ذلك. فصل علة تحريم الخمر 8099 - واجمع أصحابنا أن الخمر غير معللة بعلة. وقال الشافعي هي معللة، واختلف أصحابه في العلة فمنهم من قال الشدة المطربة، ومنهم من قال لأنها تصد عن ذكر الله. قالوا: وإذا وجدت الشدة من غيرها وجب أن يحرم قياسا على الخمر. ولو كان كل ما فيه شدة خمرا لكل ما فيه حموضة خلا، وكل ما فيه حلاوة عسلا وسكرا وكل جسم فيه صفرة ينطبع ذهبا وكل ما فيه شفاف زجاجا والأمر بخلاف ذلك. فصل 8100 - وقال أصحابنا: قد كانت مباحة في صدر الإسلام وجميع الأديان وأن العقل لا يقتضي تحريمها، وقد قال غيرهم العقل يقتضي تحريم جميع الأشياء إلا ما ورد فيه إذن الشرع، وقال بعضهم بالوقف في ذلك.

فصل التداوي بالخمر 8101 - وقال أبو حنيفة لا يجوز التداوي بها، وإنها إذا طرحت في شراب أو طعام أو ريحها ويحد المستعمل لذلك. وقال بعض أصحاب الشافعي يجوز التداوي وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أن الله تعالى لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليهم. فصل الشرب عند الضرورة 8102 - وقال أصحابنا جميعا يجوز يشربها عند الضرورة وليس حالها أكثر من لحم الخنزير والميتة. 8103 - واختلف أصحاب الشافعي على ثلاث طرق: فمنهم من قال لا تحل بحال. ومنهم من قال بقولنا. ومنهم من قال تجوز للتداوي ولا تجوز الشرب. فصل الإكراه على شرب الخمر 8104 - وأجمع الجميع على أنه إذا أكره على شربها أنه يشربها ولا إثم عليه.

فصل وجوب حد الخمر 8105 - وأجمع العلماء على أنه يجب على شاربها الحد، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه» ثم أتى بمن شرب أربع مرات فجلده ولم يقتله. فصل ثمانون جلدة 8106 - وحد الخمر عندنا وحد السكر من النبيذ سواء وهو ثمانون جلدة. 8107 - وقال الشافعي أربعون وتجوز الزيادة إلى ثمانين على سبيل التعزير. لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلد ثمانين بحضرة الصحابة وأخذ رأيهم في ذلك فهو إجماع.

فصل بقاء ريحها 8108 - ولا يقام حد الخمر إلا ما دام ريحها يوجد من الشارب في الشهادة والإقرار. 8109 - وقال الشافعي وإن لم يوجد إذا أقر بذلك أو قامت بينة. 8110 - وفرق محمد بن الحسن بين الإقرار والشهادة. وقال يحد إذا أقر ولا يقبل في الشهادة إذا تقادم، وسوى الشافعي بين الجميع، وقد مضت في كتاب الحدود. فصل صيرورة الخمر خلاً 8111 - وإذا صارت الخمر خلا فقط طهرت وحلت ولا فرق بين أن يخللها أو تصير خلا بغير فعل أحد. 8112 - وقال الشافعي أن أفسدها الناس لم تحل وإن فسدت بنفسها حلت. ولو نقلها من الشمس إلى الظل ففيه وجهان. 8113 - وقد قال بعض الفقهاء: لا تحل ما لم ينقلب العصير خلا، ولو كان ما قالوا صحيحا لكان خل العصير وخل العنب لا خل الخمر.

فصل لا حد إلا بشرب الخمر 8114 - ولا يجب الحد عند أصحابنا بشيء من المشروبات سوى الخمر، ولا يوجبون الحد في شرب ما طبخ ولم يذهب الثلث منه، وأقل من ذلك، وإن كان محرما ما عندهم. 8115 - وقال الشافعي يحد، وكذلك عندنا نقيع الزبيب ونبيذ العسل والدبي ونقيع التمر وإن اشتد وغلا. 8116 - وكان أبو حنيفة لا يحرمه، وكان أبو يوسف يحرم كل ما لم يفسد في عشرة أيام ثم رجع وقال لا يحرم. 8117 - وكان محمد بن الحسن يكثر شربه ويقول إن شربه وتركه أفضل من شربه وإن لم يقل أنه حرام، ولا يحد بشرب شيء من ذلك حتى يسكر. 7118 - وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة وهو قول حماد أنه لا يجب الحد بشرب ما أبيح شربه قبل السكر. فصل الشربة المحرمة 8119 - وقال أبو حنيفة إذا سكر فكل شيء شرب قبل ذلك فهو حلال ولا يحرم غير الشربة التي كان عندها السكر. 8120 - وقال أبو يوسف يصير جميع ما شراب حراما، وصار جلوسه حاما والمشي إليه حراما.

فصل القعود للشرب 8121 - وأجمعوا أن القعود للشرب وإدارة الكأس فسق تزول به العدالة لأنه فعل السفهاء. فصل حد السكر 8122 - وحد السكر الذي يوجب الحد أن لا يعرف الرجل من المرأة ولا الأرض من السماء. وقال أبو يوسف أن يكون أكثر كلام صاحبه التخليط. وقال بعضهم لا يقرأ السورة على الولا (كذا) وفيه خلاف كثير. فصل بيع الخمرة وشراؤها 8123 - وقد اختلف في بيعه وشراؤه وطلاقه وقذفه وهبة ماله وسائر عقوده، وأفعاله، فمنهم من أجاز الجميع ومنهم من قال لا يجوز الجميع ومنهم من قال كل ما لا يعتبر فيه القصد والنية يجوز منه ويلزمه حكمه وما يعتبر فيه ذلك لا يجوز. 8124 - وفي الأشربة كنت منفردة وفيها مجلدات في الكثرة وفيما روى في الإباحة والخطر وفي الذي ذكرت معرفة البعض الواقع. وإذا ذكرت حكم المشروبات وقلنا إن في بعضها يجب الحد وفي البعض لا يجب وجب أن نذكر المأكولات، وهل لها هذا الحكم أم لا.

كتاب الأطعمة

كتاب الأطعمة وهذا كتاب الأطعمة 8125 - أعلم أن الكلام في المأكولات يحتاج إليه الحاكم ليعلم ما يجوز أكله ويصح بيعه، ومنها لا يصح بيعه ولا يجوز أكله، ومنها ما لا يجوز فيه الأكل ولا البيع. فصل 8126 - وجملة القول أن ليس من المأكولات ما يجب بأكله الحد ولا شرع فيه وإن كان قد نهى عن أكله وغلظ التحريم فيه، وأنها بخلاف المشروبات في ذلك، فإن أمرها يقسم على قسمين. فمنها ما يجب به الحد على شاربه سواء كان الشارب لذلك مسلما مكلفا، ولا آمر بذلك، أو مشير به ونديم وحامل ولا بائع ولا مشتر وإن أثموا بذلك، وقد تقدم بيان حد الحر والعبد وأنه على النصف فيما يتبعض من الحدود. فصل حد المأكول 1827 - فأما المأكول فليس فيه إلا حد السرقة على قول من يرى أن المأكول يجب بسرقته الحد وهو القطع، وقد تقدم ذلك. فصل 8128 - وقد يستوي المأكول والمشرب في الفسق لمن فعل ذلك كمن أكل لحم الخنزير والميتة من غير حاله الضرورة. ويكفر المستحل

لذلك كما يكفر مستحل الخمر. فصل ضمان إتلاف المأكول 8129 - وكل مأكول يجب بإتلافه الضمان ولا فرق بين أن يكون الملك فيه لمسلم أو ذمي، وفي المشروب ما لا يجب بشربه الضمان وهو الخمر إذا كانت لمسلم، وإن كانت لذمي فأصحابنا قالوا يجب بإتلافها الضمان على المسلم والذمي والصغير والكبير، وقال الشافعي لا يجب الضمان على متلف خمر لذمي كانت أو لمسلم، واختلف أصحابنا فيمن كسر على مسلم جرة فيها خمر أو شق عليه زقا، فقال أبو يوسف لا يضمن الزق ولا الخمر. وقال محمد يضمن الزق ولا يضمن الخمر، وفرق أصحابنا بين المسلم والذمي، فقالوا: الذمي أقر على تملكها فهي مال له والمسلم لم يقر على ذلك والضمان يتبع الإقرار على المال. فصل إتلاف خنزير الذمي 8130 - واختلفوا في الخنزير إذا اتلف على الذمي فمنهم من أوجب قيمته ومنهم من نفاه، واتفقوا أنه لا يضمن في حق المسلم بحال. فصل 8131 - ونحن نفضل مسائل المأكول ليعلم ذلك من الحيوان وغيره، اتفق العلماء على تحريم الميتة إذا كان لها دم مسفوح إلا عند الضرورة، وكل الحيوان في ذلك سواء إلا السمك والجراد فإنهم أباحوا ذلك في حالة الاختيار.

فصل السمك الطافي 8132 - وقال أصحابنا لا يحل مامات حتف أنه من السمك وهو الطافي. 8133 - وقال الشافعي يحل ذلك وهو المصطاد سواء في الإباحة وإذا لم يحل أكله عندنا لم يجز بيعه، فإذا اختصم في الثمن إلى الحاكم لم يقض به، ولا يوجب على الآكل قيمة له، وعنده يجب الثمن والقيمة عند التلف. فصل ما له تاب أو مخلب 8134 - وعندنا يحرم من الحيوان كل ماله تاب أو مخلب ولا يحل أكله. وقال مالك لا يحرم من الحيوان إلا الميتة والدم ولحم الخنزير، وما سوى ذلك فحلال. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير.

فصل لحم الخيل 8135 - وكره أبو حنيفة أكل لحم الخيل، وأجاز بيعها، وقال أبو يوسف ومحمد لا يكره ذلك، واختلفوا عن أبي حنيفة في الكراهة فمنهم من قال كراهة تحريم ويأثم بالأكل، ومنهم من قال فيه كراهة تنزيه. وقال الشافعي، لأنه ذو حافر أهلي فهو كالبغل والحمار. فصل البغل والحمار الأهلي. 8136 - وقال أصحابنا والشافعي البغل والحمار الأهلي حرام بخلاف مالك، واتفقوا على إباحة حمار الوحش فأجاز جماعة ذلك، وقال بشر بن غياث هو حرام كالأهلي. واتفق على جواز بيع الجميع من إباحة ومن حرمه. فصل لحم الفيل والقرد 8137 - وقال أصحابنا أكل لحم الفيل حرام لأنه ذو ناب حلال وقالوا بيع القرد حرام وأكل لحمه حرام. فصل الاضطرار إلى أكل الميتة 8138 - ومن اضطر إلى ميتة فإنه يأكل ما يسد الرمق ولا يشبع، وقال الشافعي يشبع في أحد قوليه، وإن وجد طعام الغير وميتة أكل الميتة،

وقال الشافعي يأكل الميتة ولا يأكل الصيد. وقال زفر يأكل الصيد، وهو أحد قولي الشافعي. فصل بيع الفهد والسبع 8139 - وقال أصحابنا بيع الفهد والسبع حلال وأكله حرام، والكلب مثل ذلك، وقال الشافعي لا يجوز بيع الكلب ولا أكله وله في الإجازة وجهان. فصل الضبع والضب وابن آوى 8140 - وأجاز الشافعي بين الضبع والضب وابن آوى وأجاز كل ذلك، ومن أصحابه من قال في ابن آوى وجهان. فصل حشرات الأرض 8141 - وسائر الحشرات الأرض لا يجوز أكلها عندنا ولا يجوز بيعها كالحية والعقرب والدود والخنافس والعظاية والسام أبرص

والذباب والزنانير كلها. وأجاز الشافعي بيع النحل منفردا على الكورات وبيع دودة القز. وعندنا لا يجوز ذلك كما لا يجوز أكله. فصل الأنعام 8142 - وكل ما وقع عليه اسم الأنعام فهو حلال وبيعه جائز صغيرا كان أو كبيرا، وهذا كالبقر والغنم والإبل ولا نعلم خلافا في ذلك. فصل الصيد 8143 - وكل ما وقع عليه اسم الصيد فمنقسم، منه لا يجوز أكله، وهو بقر الوحش والظباء والإبل وكبش الجبل واليحمور وما يتولد منه ذلك. فصل الصيد الحرام 8144 - ومنه ما هو حرام وهو الذب والثعلب والسبع والنمر والفهد والببر والسنور الأهلي والوحشي سواء في ذلك والدب واليربوع وابن عرس والضب من الحرام. ومالك المخالف في ذلك كله والشافعي في البعض. فصل الأرنب 8145 - وأجازوا أكل الأرنب وبيعها.

فصل النسر والصقر الخ 8146 - وقالوا لا يؤكل النسر ولا الصقر ولا الباز ولا الباشق ولا الحداء ولا الشاهين ولا كل جارح بصيد وكرهوا أكل الرخم والحبارى والبوم و .... والغداف. ورخص أبو حنيفة في العقعق وغراب الزرع، وكره أكل الابقع وتفصيل ذلك كثير. فصل بيع حيوان البحر 8147 - وقال أصحابنا جميع حيوان البحر وحيوان الماء يكره إلا السمك فإنه يؤكل إلا الطافي وسائر أنواع السمك والحبرى والمار ما هي وسائر أنواعه ولا يؤكل من حيوان البحر غير ذنك كالسرطان والضفدع والرق والسلاحف. وقال الشافعي: كل حيوان يؤكل مثله في البري يؤكل مثله في حيوان البحر وحيوان الماء ما كان مولده ومنشأة في البحر. فأما ما يعيش في الماء ويثب في البحر كالبط والكراكي والأرز فليس من حيوان البحر. فصل جنين البقرة الميت 8148 - ومن ذبح بقرة أو شاة أو تحر ناقة فخرج منها جنين ميتا فإنه لا يؤكل عند أبي حنيفة وزفر والحسن بن زياد. وقال أبو يوسف ومحمد لا بأس بأكله. وقال محمد إذا أشعر، فإن لم يكن أشعر فإنه

لا يؤكل. وقال الشافعي يؤكل. 8149 - واتفق الجميع على أنه إذا خرج حيا أنه لا يؤكل حتى يذكى لأن الذبح لم يحصل في الجنين وإنما مات بسبب موت الأم، ولا يعلم فيه أيضا حياة سابقة، والخبر قال أبو حنيفة إنما هو تعليم لنا كيف يذبح الجنين ويذكى. وإذا لم يؤكل لم يجز بيعه كالميتة. وإذا قد ذكرنا ما يجوز أن يؤكل ويباع ولا يؤكل وما لا يباع ولا يؤكل بقى أن نذكر ما يجوز أن يؤكل ولا يباع، وهذا يكون في الهدايا والضحايا ودم الإحرام.

كتاب الضحايا

كتاب الضحايا وهذا كتاب الضحايا 8150 - أعلم أن الكلام يقع في الأضحية في مواضع منها الوجوب ومنها على من تجب ومنها في أي مكان تجب ومنها في أي حيوان تجب، ومنها هل تجب بالشرع أو النذر ومنها زمان فعلها، ومنها جواز الانتفاع بها، ومنها هل يجوز أن يأكل منها، ولها شعب وسائل. فصل وجوبها بالشرع 8151 - فأما وجوبها بالشرع فقال أبو حنيفة وزفر والحسن بن زياد ومحمد بن الحسن أنها واجبة، وروى ذلك أيضا عن أبي يوسف. 8152 - وقال أبو يوسف في الجوامع أنها سنة مؤكدة، وهو قول الشافعي وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بردة بن نيار، يجزيك ولا يجزى أحدا بعدك، وهذا لا يقال (إلا) فيما لا يجب. فصل على أهل اليسار 8153 - وتجب على أهل اليسار فمن يملك مائتي درهم أو نصابا

يجب فيه الزكاة بعد منزله وخادمه وكسوته وثياب بدنه وما يتأثث به في منزله. لأن من أوجبها يقول هذا شرط الوجوب ومن لم يوجبها لم يعتبر ذلك. فصل على المقيمين 8154 - ولا تجب إلا على أهل الأمصار والقرى والبوادي المقيمين دون المسافرين والحجاج، وهكذا قال من أوجبها أنها تجب، وليس هذا شأن صلاة العيد عند من أوجبها. فصل الذبح بعد الصلاة 8155 - ويذبح في المصر بعد الصلاة ولا يجزى من دفع قبل الصلاة، وفي السواد إذا اطلع الفجر. وقال الشافعي إذا مضى قدر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فهو وقت الذبح. وقال مالك في الجميع بعد الفجر. فصل زمان الذبح 8156 - وزمان فعلها فهو آخر يوم النحر ويومان بعده عندنا، والليل والنهار في ذلك سواء إلى آخر يوم الثاني عشر، وأولها أفضلها. وقال الشافعي يوم النحر وثلاثة أيام بعده، وقولنا فورى عن ابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن وإبراهيم، والقياس لا يوجبه فيجب أن يكون مقبولاً من طريق التوقيف. فصل التصدق بها بعد مضي الأيام 8157 - وإن أوجب شاة بعينها أو اشتراها ليضحي بها فمضت الأيام

قبل ذبحها فإنه يتصدق بها حية ولا يحبس منها شيئاً لأنها لم تذبح فبلغ محلها. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. 8158 - وقال الشافعي يذبحها. وقال الكرخي يجوز له أن يتصدق بقيمتها كما يتصدق بالقيمة فيما قلناه في الكفارة لأنه أنفع للفقراء. صدق فصل التصديق بخبز بر 8159 - وقد أوجب أصحابنا أربعة أرطال خبز بر في صدقة الفطر لأنه أنفع للمساكين. فصل التصديق باللحم 8160 - ويجوز أن يتصدق باللحم لأنه مقصود الإيجاب ولا يجب ذلك عندنا ولا يتعين. وقال الشافعي يجب. فصل عمن تجب صدقة الفطر 8161 - وتجب عن نفس الإنسان وعن أولاده الصغار فحسب ولا تجب عن عبد ولا أحد من عياله ولا ولده الكبير، لأنها تجب لأجل المال عن الأشخاص فهي كصدقة الفطر، ولولا الإجماع لا وجبنا عن العبيد أيضا. فصل عن ابن ابنه 8162 - وقد روى الحسن بن زياد أنه يضحي عن ابن ابنه إذا كان أبوه ميتا.

فصل هل يضحى من مال الصغير؟ 8163 - وإن كان للصغير مال ضحى منه الأب والوصي عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 8164 - وقال زفر: لا يضحي من مال صبي فإن فعل فهو ضامن، وكذا روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة وزفر، ومن ولد في أيام الأضحى ضحى عنه، ومن مات فيها سقط الأضحية عنه. فصل مضى أيام الذبح 8165 - وإن مضت أيام الذبح سقطت الأضحية عنه ولا تسقط صدقة الفطر بمضي يوم الفطر، وقال الحسن بن زياد يسقط الجميع. فصل مراعاة موضع الذبح 8166 - ويراعي في الأضحية موضع الذبح لا موضع المذبوح عنه، وفي المال يراعى موضع المال في الزكاة. فصل الذبح في المصر 8167 - ولا يذبح في المصر إذا لم يصل الإمام حتى منتصف النهار، فإذا انتصف جاز له الذبح وإن لم يصل الإمام. فصل ما يجوز بين الأضاحي 8168 - ولا يجوز في الأضاحي إلا الإبل والبقر والغنم ولا يجوز

أن يضحي بشيء من الحيوان سوى ما ذكرناه لأن المرجع في ذلك إلى الشرع وما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. فصل سن الأضحية 8169 - ولا يجوز إلا بسن مخصوصة من كل نوع من ذلك، على صفة مخصوصة في الخلقة، فالمعتبر في السن الثني من الإبل والبقر والمعز وفي الجذع من الضأن خلاف رواية أنه لا يجزى وفي الأخرى أنه يجزى، وكذلك الخلاف في الزكاة. فصل ثني الإبل والبقر 8170 - وثني الإبل هو الذي قد خرج من السنة الخامسة ودخل في السادسة ويجوز بما زاد على سن الثني إلى البازل، وثني البقر الذي له سنتان وقد دخل في الثالثة، وثني المعز الذي له سنة وقد دخل في الثانية، والجذع هو الذي له زيادة على ستة أشهر. فصل العمياء والعرجاء والجرباء الخ 8171 - ولا يجوز أن يضحي بعيماء ولا عرجاء لا تمشي إلى المسك ولا مقطوعة الأذنين ولا الخرقاء ولا الصماء ولا المريضة ولا

العوراء، واعتبر أصحابنا أن يبقى من الأذن أكثر مما قطع منها في جواز ذلك وكذلك الألية والعين. 8272 - وقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال استشرقوا العين والأذن. فصل صفات لا يعقل معناها 8137 - وإذ طريق (ما) ذكرناه التعبد والمصلحة جاز أن يعتبر صفات لا يعقل معناها. فصل في الأضاحي مسائل للحكم 8174 - وإنما ذكرنا هذه المعاني لجواز أن يوصي رجل بأضحية أو يقر أنه غصب أضحية غيره فيجب أن يعلم الحاكم ما يقضي به عند الإقرار وما يتقدم به عند الوصية فلهذا المعنى ذكرت الضحايا وحسن ذكرها في هذا الكتاب مع أن فيها مسائل للحكم فيها مدخل. فصل ما لا يجزي من الأضاحي 8175 - ولا يجزي بقر الوحش في الضحايا ولا الضباء، فإن نزل ثور وحشي على بقرة أهلية فولدت منه أجزى الولد في الأضحية، وتعتبر الأم دون الآباء في الزكاة والأضحية. 8176 - والشافعي يقول لا يجب في المتولد من الظباء والبقر الوحش زكاة، ولا أعرف قوله في الأضحية، والحنابلة يوجبون الزكاة في بقر الوحش، ولا أعرف قولهم في الأضحية.

فصل 8177 - وتجزي البقرة عن سبعة وكذلك البدنة إذا اشتركوا، ولا تجزى الشاة إلا عن واحد، ولا فرق بين أن تختلف جهات القرب في ذلك أو تتفق بعد أن يكون ذلك كله للقربة. وإن كان فيهم من يريد اللحم لبيته أو ذمي فإن ذلك لا يجزى لواحد من الجماعة عن الأضحية ولا عن الهدى. وإن كان أحدهم ميتا فهو كالحي عند أبي حنيفة ومحمد. 8178 - وقال أبو يوسف هو كمن يريد اللحم لأنها سقطت عنه. 8179 - وقال زفر بين الهذيل متى اتفقت القرب جاز الاشتراك، وإن اختلف القرب لم يجز، وقد نحر النبي صلى الله عليه وسلم مائة بدنة في حجة، والواجب عليه البعض فلابد أن يكون الباقي تطوعا. فصل نعيب الأضحية 8180 - ومن أوجب أضحية فدخلها عيب قبل النحر فإن (كان) موسرا لم تجزه وعليه بدلها وإن معسرا أجزته لأنه لا أضحية عليه.

8181 - وقال الشافعي له ذبحها، والخلاف في جواز بيعها وإزالة الملك عنها بالنذر مع أن عندنا ليس النذر يزيل الملك وله الإبدال. وقال أبو يوسف والشافعي ليس له ذلك. فصل ذبح أضحية غيره 8182 - وإذا ذبح الرجل أضحية بغير أذنه فالقياس أنه يجب عليه الضمان ولا يجزيه وهو قول زفر، والاستحسان أنه لا شيء عليه ويجزيه. 8183 - وقال الشافعي يجزيه ويغرم نقصان ما بين قيمتها حية ومذبوحة لأنها إذا أجزت فكان أمره بذلك. فصل 8184 - وإذا غلط الرجلان فذبح كل واحد أضحية صاحبه فإنه يجزي كل واحد ذبح الآخر في الاستحسان لأنه يتم كل واحد قربة الآخر، والقياس أنه فعل بغير ولاية ولا إذن فلم يجزه. فصل تولي الذبح بنفسه 8185 - ويجوز أن يتولى الذبح بنفسه وبغيره والمستحب أن يتولى ذلك بنفسه. فصل تولية الذمي ذبح الأضحية 8186 - وإن ولاه رجلا من أهل الذمة نصرانيا أو يهوديا أجزاه، وكره ذلك. لأنه ليس كل واحد يحسن الذبح.

فصل الانتفاع بلبن الأضحية وصوفها 8187 - ولا يجوز أن ينتفع بلبنها ولا صوفها قبل الذبح فإن أخذ ذلك تصدق به، وله أن ينتفع بعد الذبح وكذلك هدية المتعة والقرار. 8188 - وقال الشافعي له أن ينتفع باللبن حال الحياة. فصل التصدق بثلث الأضحية 8189 - والمستحب له أن يتصدق بالثلث من ضحيته. وقال في الأصل: وما أحب أن يتصدق بأقل من الثلث، ولا شيء عليه إذا أكلها كلها. 8190 - قال محمد عن أبي حنيفة إنه كان لا يرى بأساً أن يطعن أصحيته ولا يأكل منها وله أن يطعم الغني والفقير جميعا. فصل جلد الأضحية 8191 - وقال أصحابنا لا يبيع جلدها ولا يعطيه بكراء جزارها، ويجوز أن يتخذ منه ما ينتفع به في منزله مثل متاع البيت، وإن يتخذ منه ما يفرش فيه أو ينام عليه وإن باعه بورق أو ثمن تصدق به، والقياس فيه أنه يجوز أن يشتري به ما يؤكل أو ينتفع به من متاع البيت. فصل ولد الأضحية 8192 - وإن ولدت الأضحية فإنه يذبح مع أمه، فإن باعه أو ذبحه وأكله تصدق بقيمته.

8193 - وهذه الجملة من عيون مسائل الأضحية. وإذا قد ذكرنا ذلك وكان الصيد منه ما يجوز أكله وما لا يجوز تقع المشاركة فيه والدعاوى في ملكه وجب ذكره.

كتاب الصيد

كتاب الصيد فصل مسائل الصيد 8194 - أعلم أن الصيد يقع الكلام فيه والحاجة إلى الحاكم والفقيه في معرفة الصيد وكيفية ذلك ونحن نفصل ما يكون من أصول الكتاب والكلام في مواضع منها الصائد من هو ومنها صفة فعله في الصيد، ومنها اعتبار الآلة التي يصيد بها، ومنها الحالة التي يملك الصيد فيها، ومنها ما يحل من الصيد وما يحرم منه، ومنها الموضع الذي يباح فيه الصيد ويحرم ومنها اعتبار الفعل الواقع فيه، ومنها حكم الصيد إذا انفلت من الصائد ومنها مشاركة من لا يحل صيده لمن يحل، ومنها ما يلزم الصائد ضمانه وما لا يلزمه، ومنها حكم الصيد إذا أرسله الصائد من يده، ومنها موت الصائد وما يورث عنه من الصيد وما لا يورث، ومنها جواز بيع الصيد والتصرف فيه، ومنها اختلاف الجماعة في الصيد ودعوى كل واحد أنه له. ويتعلق بهذه الجملة فصول كثيرة ويتفرع عليها من الفروع ويتقدمها من الأصول. فصل 8195 - أعلم أن الله تعالى أخبر في كتابه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أشياء فبينها وبين حكمها وسئل عن أشياء فلم يجب عنها أما لأنه تعالى لم يطلعه على حكمها أو أطلعه على علمها ولكنه لم يأذن له في الجواب عنها لما في ذلك من إصلاح له ولغيره من الناس ونحن نذكر من ذلك عدة مواضع على ما يسهل الله تعالى ويحضر حفظه في هذه الحال لأن

في بعضها حكما يحتاج إليه الحاكم والعالم أن يعمل به ويفتي الغير به لأن منها سؤال عنت سأله غير المؤمنين ومنها سؤال خاص سأله آحاد الناس، ومنها سؤال عموم في الظاهر والمراد به الخصوص ومنها سؤال خاص والمراد بع العموم. فصل الاستخبار والأخبار 8196 - وكل سؤال فهو استخبار، وكل جواب فهو أخبار، والجواب إما أن يكون مطابقا للسؤال أو زائدا عليه أو عدولا إلى غيره أو ضمن غيره إليه. فصل الآيات الواردة في السؤال 8197 - فمن ذلك قوله تعالى {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنْ السَّاعَةِ}. وقال {يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ} كرر ذلك في عدة مواضع والجواب في جميعها محال إلى علم الله، تعالى فقال {إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} {لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا} ولم يحد في ذلك حد ولا وقت، وذكر تعالى لها علامات

بقوله {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ}، {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ}، تكون {الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ}، وذلك كثير ليس هذا موضعا له. فصل 8198 - ومن ذلك قوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} فأجاب عما سئل وضم إلى ذلك ما لم يسئل عنه فقال: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ} الآية. فصل 8199 - ثم قال {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} أخبر أن إثمهما أكبر من نفعهما ثم قال {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ}، وقال {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} ورخص لهم في المخالطة في أموالهم، وقال {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} أمر بالاعتزال ونهى عن القرب وبين حكم الحيض أنه أذى وأباح الزوجة بعد الطهر من الحيض هذه أسئلة المؤمنين وطلب معرفة الدين.

فصل 8200 - ومن ذلك قوله تعالى {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنْ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} وهذا عنت وما لاصلاح لهم فيه فلم يجابوا ونجوا. فصل السؤال عما أحل 8201 - ومن ذلك ما نحن بسبيله نحو قوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}. ثم قال {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} الآية. فصل دلالة آية السؤال عما أحل 8202 - وفي الآية دلالة على عدة وجوه منها سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عما يحل هم في الجملة وما لا يحل لهم، وطلبوا من البيان، وهذا من أسئلة المؤمنين، وهذا سؤال يشترك فيه كافة المؤمنين ولفظه لفظ عموم، والظاهر من الأمر أنه سؤال البعض منهم، لأنه يستحيل أن يقع السؤال من جماعة المؤمنين في حالة واحدة.

فصل 8203 - ومنها جوابه عن السؤال بالمجمل لأنه تعالى قال {أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ} وهذه كلمة ظاهرها يقتضي ما يستطيعه الإنسان من الطيبات ويهواه، ولا يجوز أن يراد بالآية الجميع لأنه يدخل فيه من المحرمات [محرمات] كثيرة فينبغي أن تحمل الآية على الحلال المطلق لأن الطيب هو الحلال والحرام لا يوسف بالطيب بل هو الخبيث من الأشياء. فصل تعليم الجوارح 8204 - ومن ذلك قوله {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ} فاقتضت الآية إباحة تعليم الجوارح مكلبين ثن قال {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ} فاخبر عن الجوارح بأنها تتعلم ما نعلمها وأخبر بأن ما فينا من العلم هو الذي علمناه، وهذا خطاب المؤمنين خاصة، لأن السؤال وقع منهم، فعلى هذا ينبغي أن يكون الصائد من المسلمين الذين يعقلون العلم ويصح منهم التعليم، وهذا يخرج منه الصبي الذي لا يعقل والمجنون والمغمى عليه والسكران فإنهم لا يصح منهم الإرسال ولا الزكاة لأنهم لا يدخلون في الخطاب على أن من الناس من يقول لا تصح زكاة صبي وإن كان يعقل الذبح والتسمية إذا لم يبلغ مبلغ الرجال. فصل صيد أهل الكتاب 8205 - وأجمعوا على أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى في العيد والذبائح كالمسلمين وأنهم بخلاف المجوس وعبدة الأوثان والمرتدين. فصل الجوارح 8206 - والجوارح فكل جارح له تاب من السباع ذوي الأربع وكل

ذي مخلب من الطير ويدخل في الجملة الأولى الكلب والفهد والنمر والسبع والذئب أن تعلم ذلك، وقد أدخل أصحابنا في ذلك ابن عرس. رواه ابو يوسف. 8207 - وذو المخلب الباز والصقر والشاهين والباشق والعقاب والنسر، وكل ذي مخلب إذا دعاه أجاب وإن أرسله أخذ الصيد، وهذه جملة لا خلاف فيها نعلمه. وتعليم ذوات الأربع أن يمسك العيد ولا يأكل منه شيئا، ومتى يصير معلما؟ 8208 - قال أبو حنيفة أهل العلم بذلك أنه قد تعلم. وقد روى عنه أنه قال إذا أرسل على صيد فلم يأكل منه ثم ثانيا كذلك ثم ثالثا كذلك وكذا الرابع فهو معلم، وهو قولهما في ذلك. 8209 - قال أبو حنيفة: إنما لم يحد في ذلك حد لأنه لا سبيل لنا إلى أن الكلب قد صار معلما في الحقيقة. لأن ترك الصيد قد يكون لعبا من الجارح بالصيد فيجب أن يرجع إلى غالب الظن الذي يقع عند الاجتهاد لأنه الذي يمكن مع عدم العلم. فصل 8210 - فإذا صار من عادته وهذا إنما يعتبر من ذوات الأربع فإن أكل من الصيد فإنه لا يؤكل عند أصحابنا جميعا. وهل يؤكل ما أخذه قبل ذلك أم لا؟ 8211 - قال أبو حنيفة يحرم الجميع ولا يؤكل من ذلك شيء، وقال أبو يوسف ومحمد يؤكل ما كان قد صاد قبل ذلك. 8212 - وللشافعي في تحريم ما أكل منه قولان في أحدهما يجوز كما يجوز أكل الجارح من الطير والثاني لا يجوز واختاره المزني. 8213 - وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أرسلت

كلبك المتعلم وسميت فيما أصاب من شيء فكل، وإن أكل فلا تأكل إنما أمسك على نفسه، كذا قال ابن عباس وهو المروى في خبر عدي بن حاتم ولأن تعليم الكلب ترك الأكل، والجوارح من الطير بالأكل لا يستويان (كذا) مع ذلك. فصل 8214 - وما أكل الكلب من الصيد بعدما حصل في يد صاحبه فإنه لا يحرم الصيد وهو على تعليمه ولا فرق بين أن يطعمه المالك ذلك أو يأخذه بغير علمه بعد أن يكون حصل في يد الملك وكذلك إن أخذ من الصيد قطعة لحم فأكلها ثم تبعها وأخذه فلم يأكل فهو على تعلمه. وإذا أكل من الصيد فإنه لا يؤكل صيده حتى يرجع إلى حالة التعلم لأنه قد يحتمل أن يكون أكل من الصيد لجوع به أو لنسيان التعليم أو لأنه لم يزل جاهلاً. فصل صيد المحرم 8215 - وما يصيبه المحرم من الصيد فإنه لا يملكه، وإن ذبحه لم

يحل أكله لأنه ممنوع من الصيد لصفة هو عليها من جهة الدين فهو كالمرتد وكذلك فما صاده الحلال في الحرم فهو مثل ذلك لأنه عليه السلام قال: ولا ينفر صيدها كما قال الله تعالى في المحرم لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم. 8216 - وللشافعي في زكاة المحرم وجواز أكل الصيد قولان، لأنه محرم عليه من جهة الدين، وقد دلت الآية على وجوب التسمية لأنه قال فكلوا مما ذكر اسم الله عليه، ودليل الآية أنه لا يأكل مما ترك التسمية عليه. فصل التسمية عند الإرسال 8217 - وعندنا التسمية واجبة على الذبيحة وعند إرسال الجارح على الصيد، وعند رمي الحيوان، إن ترك ذلك عامدا لم تؤكل الذبيحة ولا الصيد، وإن ترك ذلك ناسيا أكل ذلك. 8218 - وقال أبو الحسن الكرخي رحمه الله، المراد بالنسيان، إنما هو عدم العلم بالتسمية لا التشاغل عنها فيصير كالآدمي في الصلاة. وعلى هذا تستوي المسائل كلها وترك الأركان في الصلاة. 8219 - وقال مالك بن أنس لا يؤكل بحال وإن كان ناسيا.

8220 - وقال الشافعي يؤكل في الحالين. 8221 - وقال أصحابنا أن ذلك ميتة ولا يجوز بيع ذلك وأن حكم حاكم لأنه خلاف النص المقطوع به. فصل القصد إلى الصيد 8222 - ولابد للصائد من قصد إلى الصيد بالإرسال أو الرمي ليصح أن يكون قد حكم له بالشرائط التي ذكرنا. فصل 8223 - وإن وقع في حجره ويديه من غير قصد إلى أخذه ملكه لأنه مباح حصل في يديه كالماء يأخذه من العين. فصل آلة الصيد 8224 - وأما الآلة التي يصيد بها منها الجوارح ومنها السهام ومنها المعراض ومنها البندق فكل حيوان أدرك ذكاته وقدر على ذلك منه فلا عبرة بجميع ما تقدم تلك الحالة من فعل الجارح والكلب والسهم المعراض وحكمه حكم الشاة في جواز أكله إذا زكي وحصلت الزكاة الشرعية فيه وسنذكر ذلك في بابه إن شاء الله تعالى. فصل 8225 - وما لم يقدر على زكاته من ذلك فإنك تعتبر في جواز أكله أن

يجرحه الجارح أو السهم أو الآلة فإذا لم يجرح فهو وقيذ إذا مات من الصدمة وغيرها في الزاوية المشهورة عن أصحابنا. 8226 - وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه قال إذا مات من فعل الجارح فلا بأس به. 8227 - وللشافعي قولان: لأن الجارح ما جرح وقيل في الوجه لرواية الحسن أن الجارح هو المتسبب، ولهذا قال الله تعالى {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ}. فصل 8228 - ومن أرسل كلبه المعلم وسمى وزجره مجوسي أو مرتد أو محرم أو من لا تجوز زكاته ثم زجره مسلم وسمى أو كتابي فانزجر لزجره وأخذ الصيد وقتله فإنه لا يؤكل لأن الكعتبر الإرسال دون غيره لأن التسمية تقع عليه فإذا صح لم يضره ما كان بعده كما لو ذكاه المسلم حل.

فصل 9229 - ولو عاون الكلب مجوسي أو مرتد أو كلب لم يسم عليه فإنه إذا أخذه الكلب لا يؤكل لأنه شاركه في الزكاة من لا تحل زكاته. فصل 8230 - وكل ما أخذه الجارح والكلب من الصيد من فوره فإنه يؤكل إذا أخذ واحدا بعد واحد وكذلك الرمية إذا أصابت عدة صيود فمثل ذلك. فصل عدول الكلب وتشاغله 8231 - وإذا عدل الكلب عن الصيد يمنة أو يسرة وتشاغل بغير طلب الصيد ومر على سمته ذلك ثم أصاب صيدا فأخذه وقتله لم يؤكل إلا أن يرسله فعة أخرى أو يزجره فينزجر فيحل، والريح إذا عدلت بالسهم فهو كالكلب إذا عدل عن الصيد، وكذلك إذا أصاب حائطا أو شجرة فردته على الصيد فإنه لا يؤكل. فصل 8232 - ولو حملت الريح السهم في ذهابه وطيرته في سمته فإن حكم الرمي يؤكل ما أصاب ولا نعلم خلافا في ذلك. فصل 8233 - والرجلان إذا رميا صيداً فأصابه السهمان معا فمات فإنه لهما

ويؤكل إن كانا ممن يباح صيد كل واحد منهما على الانفراد لأنه خرج من فعلهما من حيز التوحش والصيد فينبغي أن يملك ذلك. فصل 8234 - ولو أصابه سهم أحدهما فرقده ثم أصابه سهم الآخر فقتله فإنه يؤكل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف والحسن بن زياد. 8235 - وقال زفر لا يؤكل لأن السهم الثاني أصابه وهو غير صيد. وهم يقولون لأن السهم الثاني أرسل وهو صيد. فصل 8236 - ولو دفع أحد السهمين من قبل الآخر فهو للذي يسهمه أولا. فصل 8237 - ولو رمى أحدهما فأصاب الصيد فأخرجه من حال الصيد ثم رمى الآخر فأصابه ثم مات من الرميتين جميعا فهو للأول ولا يؤكل ويضمن الرامي الثاني للأول نصف قيمته حيا ونصف قيمته لحما ذكيا، لأنه صار للأول الذي اثخنه فهو كسائر أملاكه فلم يكن للثاني أن يرميه فيجب أن يضمن أرش الرجاحة التي حصلت برميه فيضمن ما أتلف من ذلك وقد تلف بفعله وفعل الأول فيجب أن تضمن نصف قيمته حبا وبه الجراحة الثانية والأولى. فصل 8238 - وإن مات من الأولى أكل وضمن الرامي أرش الجراحة حسب وبه الجراحة الأولى، وإن مات من الثانية لم يؤكل وضمن الثاني قيمته حيا وبه الجراحة الأولى، لأنه تلف بما ليس بذكاة فيضمن من إتلافه.

فصل اليد الحكمية 8239 - والصيد ملك لمن جرحه أو وقع في شبكه إذا لم يقدر على الذهاب منها لأن الشبكة يده عليها ثابتة من طريق الحكم فيكون لصاحبها، فإن أخذه إنسان من الشبكة وجب عليه ضمانه لصاحب الشبكة. فصل 8240 - وقد تقدم بيان ما يحل ويحرم من الحيوان في الأطعمة. فصل 8241 - وقد روى عن النبي عليه السلام أنه قال: «ما أبين من حيي فهو ميت». 8242 - واتفق العلماء على أنه لو قطع يد الشاة أو ألبتها أن ذلك ميتة لا تؤكل. فصل 8243 - والصيد إذا قطعه نصفين فإنه يؤكل جميع النصفين وإن قطع منه عضوا فإنه يأكل الجميع إلا العضو الذي قطع، إلا أن يكون معلقا بجلده. 8244 - وعن أبي يوسف أنه قال إذا كان ما يلي الرأس أكثر أكل ما يلي الرأس وترك الآخر. 8245 - وقال الشافعي يؤكل الجميع. فصل صيد البحر 8246 - وصيد البحر كله مباح لسائر الناس، ولا فرق بين الذمي والمرتد وسائر من قلنا لا يباح صيده وقد مضى ذلك كله.

فصل صيد البر 8247 - وصيد البر ينقسم فيباح للحلال إلا في الحرم وقد مضى ذلك، ولابد م نفعل مجرح يقع في الصيد إذا كان بريا. فصل الصيد المنفلت 8248 - والصيد إذا انفلت من الصائد ولحق بالوحش لم يزل ملك مالكه عنه عندنا، وقال مالك يزول الملك. 8249 - واتفق الجميع على أن عبده لو لحق بالدار لم يزل الملك بالإباق، وقالوا لو استقى قربة من دجلة ثم أهرقها أن ملكه يزول عن ذلك. فصل 8250 - ومشاركة من لا يحل صيده لمن لا يحل يجعل الجميع محظورا ولا فرق بين أم يقع الفعل بالصائد أو بالآلة كالظفر والسن إذا لم ينزع وإن كان منزوعا حل عندنا. 8251 - وقال الشافعي تحل الزكاة به. فصل صيد المحرم في الحل 8252 - والمحرم إذا صاد صيدا في الحل فعليه قيمته عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 8253 - وقال محمد والشافعي يجب النظير من النعم، وإن قتله في

الحرم فالقياس أن يلزمه جزاءات واحد لأجل الإحرام والآخر لأجل الحرم. 8254 - وهو قول زفر والاستحسان أن عليه جزاء واحد لأن حرمة الحرم لا تظهر في حق المحرم في الصيد. فصل 8255 - ويضمن الحلال صيد الحرم. فصل 8256 - ويضمن في الصيد المملوك الجزاء والقيمة عندنا،، وقال مالك والمزني لا يضمن الجزاء إذا ضمن القيمة. فصل 8257 - ويضمن ما أرسله المحرم من يده من الصيد لأنه لم يزل ملكه عنه بالإرسال، وإن أرسله مرسل من يديه فعليه الضمان عند أبي حنيفة. 8258 - وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي لا يضمن أنه فعل ما هو واجب عليه. فصل موت الصائد وفي شبكه صيد 8259 - ومن مات وفي شبكه صيد قد وقع فيه أو اتخن صيدا بسهمه فهو له ولورثته من بعده ويورث ما ملكه من الصيد لأنه مال له أخذه. فصل 8260 - ويجوز أن يبيع ما ملكه من الصيد، ولا خلاف في ذلك.

فصل 8261 - والخلاف في الصيد كالخلاف في سائر الأملاك إما أن يكون في أيديهما أو في يد ثالث فإن كان في أيديهما فهو لهما بالسوية وهو لمن أقام البينة، فإن تساويا قسم كما يقتسم بالدعوى وسنفرد بابا لمثل هذه الدعوى إن شاء الله. وإذا قد تكلمنا في حكم الصيد وما يحل منه وما يحرم وجب أن نذكر الذكاة كيف هي.

كتاب الذبائح والذكاة

كتاب الذبائح والذكاة 8262 - وهذا باب الذبائح والذكاة المشروعة في الحيوان أن يكون في الحلق واللبة. ولا فرق بين أعلاه وأسفله ووسطه لقوله عليه السلام «الذكاة في الحلق واللبة» وهو عام. فصل 8263 - وإذا مات الحيوان بعدما قطع الأكثر من الحلقوم والوجين والمريء يحل أكله ولا يحل إذا مات قبل ذلك وكان الكرخي يقول إن هذه المسئلة محمولة على أن المراد بقوله الأكثر يعني الأكثر من كل واحد منها فأما أن يقطع الثلث ولا يقطع واحدا فإنه لا يجوز، وظاهر ما في الكتب أن القطع إذا كان في ثلاث حل. 8264 - وقد روى عن أبي يوسف أنه قال لابد من قطع الحلقوم والمريء واحد الودجين لأن الحيوان لا يبقى بعد قطع أكثر من ذلك أكثر من بقاء المدبوح. وقال أبو يوسف الحلقوم هو مجرى النفس والمريء مجرى الطعام

والودجان مجرى الدم وأحدهما يقوم مقام الآخر، وما سوى ذلك لا يقوم مقام صاحبه. فصل ذبح الشاة من قبل القفا 8265 - وإن ذبح الشاة من قبل اتفقا فقطع الأكثر من هذه الأشياء قبل الموت حلت، وهذا الفعل مكروه، وكذلك إن ضرب الحيوان بالسيف، فإن أبان رأسه حل، وكذلك إذا ذبح لغير القبلة فإنه يكره لأنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا ذبح استقبل بوجهه القبلة، وقال لفاطمة رضي الله عنها: قومي إلى نسكك واستقبلي به القبلة واذبحي وقولي «إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين» وقولي «بسم الله الرحمن الرحيم» وإنما جاز مع المخالفة لأنها عبادة لا تبطل بالكلام فصارت كالصوم. فصل الذبح والنحر 8266 - والسنة في الشاة والبقرة الذبح، وفي الإبل النحر فإن ذبح الإبل ونحر البقرة كره ذلك واجزاه في الأكل لأن نحر البقرة أشق وذبحها أسهل. وقد روى عنه عليه السلام إذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة.

فصل 8267 - وإذا ذبح عددا من الحيوان لم تجزه التسمية للأولى فيما بعدها من الذبائح، ويعتبر في كل حيوان التسمية عندنا وقد مضت المسئلة. فصل سمى وأطال الحديث 8268 - وإذا سمى وأطال الحديث أو تشاغل عنها بحد السكين وغيره لم يجزه لأن ذلك شرع على الذبيحة، وإن ذلك طال خرج الأمر عما قصد. فصل ما يجزي عن التسمية 8269 - وإن قال مكان التسمية، الحمد لله أو سبحان الله يريد التسمية أجزاه، كما يجوز في ابتداء الصلاة كل لفظ يقصد به التعظيم، وإن أراد التحميد دون التسمية لم يجزه لأن الذكر يختلف باختلاف المقاصد فإذا قصد غير الذبيحة بقيت غير ذكر فلا يجوز. فصل النخع 8270 - ويكره أن ينخع أي يبلغ بالسكين إلى النخاع لأن فيه زيادة ألم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه. 8271 - فإن فعل ذلك لم يحرم لأنه قطع العروق التي شرط قطعها.

فصل 8272 - ويكره أن يجرها إلى مذبحها أو يحد الشفره بعدما أضجعها، لأنه تعذيب للحيوان. فصل اسم غير الله 8273 - ويكره أن يذكر مع اسم الله اسم غيره. وقال الشافعي لا يكره ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لقوله السلام، ثلاثة مواضع لا أذكر فيها عند ابتداء الصلاة وعند الذبيحة وسقط عني الثالث، والذي روى أنه ذكر اسم الله مع اسمه فيحتمل أنه ذكره قبل الذبح لا على وجه التسمية وعندنا يجوز قبل الذبح وبعده. فصل 8274 - والمسلم والكتاب والصبي الذي يعقل والنساء في الذبح سواء، فصل 8275 - وإذا كان أحد أبوي الصبي كتابياً والآخر مجوسيا أو وثنيا حلت ذبيحته. 7276 - وقال الشافعي لا تحل، لأنه على حكم الفطرة ولم يوجد شرط المنع فيه. فصل ذبح الأخرس 8277 - وذبح الأخرس حلال، لأنه عاجز عن الذكر كالصلاة.

فصل ما أدرك ذكاته 8278 - وما أدرك ذكاته من المنردية والنطيحة وما أكل السبع فإنه يؤكل لقوله، إلا ما ذكيتم وذبح ذلك على أي وجه قدر عليه، لأن الذبح إذا وجد مع الحياة حل عند أبي حنيفة وأبي يوسف. 8279 - وقد روى عن محمد أنه قال إن كان قد بلغ بحيث لا يعيش أكثر من نصف النهار فإنه لا يحل وإن كان يبقى أكثر من ذلك حل. فصل النطيحة 8280 - والنطيحة هي التي تموت بالتناطح والموقوذة هي المضروبة بالعصا حتى تموت وهكذا كانت الجاهلية تفعل، وما ذبح على النصب فإن المشركين كانوا ينصبون شيئاً من الحجر فيذبحون عليه لآلتهم. فصل المتردية 8281 - والمتردية ما تردى من الجبل.

فصل الأزلام 8282 - والأزلام نوع من القمار، ولما كان القمار محرما بالشرع وجب أن نذكر هل هو في كل باب ثابت أو في شيء بعينه؟ وهذا يقتضي أن نذكر السبق والرمي.

باب السبق والرمي

باب السبق والرمي وهذا باب السبق والرمي 8283 - أعلم أن المسابقة بالخيل أمر ورد الشرع بإباحته وفعله الني صلى الله عليه وسلم. 8284 - وقد روى عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمر الخيل فأرسلها من الحفياء، وما كان غير مضمر أرسله من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق. 8285 - وروى أنه عليه الصلاة والسلام أجرى المضمرة من الخيل إلى ثنية الوداع وأجرى ما لم يضمر من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق. فصل السبق المباح 8286 - والسباق يكون بالخيل والإبل.

والرمي بالسهام لما روى أبو هريرة أنه عليه السلام قال: «لا سبق إلا في خف أو حافز أو نصل، أو حافز». 8287 - وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فلا بأس به، وأن أمين فهو قمار». 8288 - فما روى عنه عليه السلام أنه قال: «أن الملائكة لا تحضر شيئاً من أمركم هذا سوى رمي ورهان» يعني رهان الخيل. 8289 - وقال ابن المسيب لا بأس بأن يكون بين الرجلين محلل يغنم ولا يغرم في السبق. فصل الجعل 8290 - وإذا أرادا أن يسبقا بين فرسين أخرج أحدهما جعلا معلوما ولم يخرج الآخر شيئا على أنه إن كان صاحب الجعل هو المسبق فالجعل

للسابق وإن كان سابقا لم يؤخذ الجعل منه فهذا هو الرهان المباح. فصل ما يعد من السبق قماراً 8291 - وإن أخرج كل واحد منهما جعلا على أنه من سبق أخذ جعل صاحبه هذا هو القمار وهو حرام بالكتاب والسنة. فصل المحلل أيضاً 8292 - فإن أرادا أن يفعلا ذلك ويحل لهما فليدخلا بينهما آخر يكون بين فرسيهما ولا يخرج جعلا فيقولان له، إن سبقتنا جميعا فلك الجعلان وأينا سبقته فلك جعله وأينا سبق صاحبه أخذ جعله فذلك حلال جائز وليس هذا الفعل بقمار لأن القمار إنما هو أن سبقتني فخذ جعلي وإن سبقتك فلي جعلك ولا يكون على ذلك حالة ثالثة وفي المحلل حدث حالة ثالثة. فصل المسابقة على الأقدام 8293 - قال أبو حنيفة لا تجوز المسابقة على الأقدام. 8294 - وروى هشام بن عبد الله الرازي عن محمد أنه جوز ذلك.

فصل الصراع 8295 - وقال أصحابنا لا يجوز الصراع. 8296 - وقال بعض أصحاب الشافعي يجوز لقوله عليه السلام: لا سبق إلا في خف أو حافز أو نصل. فصل السبق بين البغال والحمير 8297 - ولا يجوز السبق بين البغال ولا بين الحمير لأنه لا يدرك بها هارب ولا يظفر على طالب وليست مما يقاتل عليه. فصل اختلافهما في الحيلة 8298 - وإدخال المحلل بين الفرسين دليل على إباحة الحيلة. وقد اختلف أبو يوسف ومحمد في الحيلة في إبطال الشفعة والتوصل إلى إسقاط الزكاة والتحرز عن الربا فمنهم من أجاز ومنهم من كره. 8299 - وقد روى في حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاه ساعيه بتمر خيبر يعني جنيباً من خيبر فقال: أكل تمر خيبر فقال: أكل تمر خيبر هكذا؟ فقال لا ولكنا نبيع الصاعين من الجمع بالصاع من هذا.

8300 - فقال عليه السلام بيعوا تمركم بثمن واشتروا به هذا، وكذلك الميزان فبهذا احتج أبو يوسف وإذا قد ذكرنا حكم هذه الأقوال وماله مالك معين فبقى ذكر ما يجده الإنسان مما أصله مباح ويكون عليه أثر سبق اليد إليه كالباز الذي فيه جلجل والطير الذي فيه قلادة والذهب والفضة المضروبة، وهذا يقتضي أن نذكر ذلك.

كتاب اللقطة

كتاب اللقطة وهذا كتاب اللقطة 8301 - أعلم أن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في اللقطة أعرف عفاصها ووكاءها وعرفها حولا.

8302 - واختلف في معرفة ما عرف كما ذلك فمن العلماء من قال يعرف ذلك حتى لا يختلط بماله، ومنهم من قال حتى إذا وصف له وغلب على ظن المخبز له الدفع، ومنهم من قال حتى يجب عليه الدفع. فصل 8303 - والكلام يقع في مواضع منها في جواز أخذها في الجملة ومنها كيفية الأخذ ومنها صفة الآخذ ومنها الموضع الذي تؤخذ فيه، ومنها جواز التصرف فيها ونقلها إلى غير موضعها، ومنها قدر تعريفها من المدة ومنها جواز تملكها. ومنها جواز دفعها إلى من عرفها، ومنها وجوب ضمانها ومنها معرفة قدرها ومنها جواز التصرف فيها، ومنها قيام البينة وتشتمل هذه الجملة على فصول. فصل أخذ اللقطة 8304 - أختلف أصحابنا في جواز أخذها فمنهم من قال المستجب له أن لا يأخذها، ومنهم من قال المستحب له أخذها لصاحبها. 8305 - وللشافعي قولان قاله المزني عنه لا أحب له تركها، وقال في

الأم لا يجوز له تركها لأنها أمانة كالوديعة، ومن أصحابه من قال إن كانت في موضع لا يخاف عليها لأمانة أهلها لم يجب الأخذ، وإن كانت في موضع يخاف قلة أمانة أهله وجب الأخذ. فصل عدم وجوب الأخذ 8306 - واتفق الجميع على أنه إذا لم يأخذها فهلكت أنه لا ضمان عليه، وهذا يدل على أن الأخذ لا يجب. فصل الإشهاد عند الأخذ 8307 - ويجب الإشهاد عند أخذها أنه أخذها ليعرفها وليردها على صاحبها عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا يجب الإشهاد 8308 - وإذا ترك الإشهاد ضمن عند أبي حنيفة لأن الظاهر أنه أخذها لنفسه، وبالشهادة يزيل الظاهر. 8309 - وقال أبو يوسف لا يضمن كالوديعة لأن أخذها جائز ولم يتعد فيها، ولأصحاب الشافعي في الشهادة ووجوب الضمان بتركه كالخلاف عندنا. فصل الإشهاد في اللقيط 8310 - ومن أصحاب الشافعي من فرق بين اللقطة وبين اللقيط، فقال في اللقيط يجب الإشهاد لأنه يراد لحفظ النسب. فصل 8311 - ولا يجب عليه التعريف عندنا.

8312 - وقال الشافعي إن أراد التملك وجب التعريف وإن كان يريده لم يجب التعريف. 8313 - ومنهم من قال إن كان لها قدر يجوز أن يرجع صاحبها يطلبها لزمه إن يعرفها. 8314 - وهل يجوز أن يعرفها سنة متفرقة؟ قالوا فيه وجهان أحدهما لا يجوز، ومتى قطع استأنف، والثاني يجوز لأن اسم السنة يقع عليها. فصل كيفية التعريف 8315 - والتعريف يكون في الأسواق والجوامع وحيث يجتمع الناس لأن المقصود بذلك يحصل ولا يحصل بالخلوة. فصل صيغة التعريف 8316 - وهو بالخيار إن شاء قال: من ضاع منه شيء فليقم وإن شاء قال: من ضاع منه شيء كذا وذكر الجنس. فصل ما يذكر في التعريف 8317 - وإن ذكر الجنس والصفة والقدر والوكاء والعفاص وهو الوعاء الذي تحفظ فيه (لم يضمن) ولأصحاب الشافعي وجهان أحدهما يضمن لأنه لا يؤمن أن يحفظ ذلك ويدفعه إلى من يوجب الدفع عليه بالعلامة والثاني لا يضمن، لأنه لا يجب الدفع.

فصل أجرة النداء 8318 - وإن لم يجد من يتطوع بالنداء فالأجرة على الملتقط عند أصحاب الشافعي، وعندنا لا يجب عليه ذلك، بل يعرف ذلك بنفسه بحسب الإمكان. فصل لقطة الحرم وغيره 8319 - وعندنا سائر البقاع والبلاد في ذلك سواء. 8320 - وقال الشافعي لقطة الحرم لا تؤخذ ويدعها مكانها، ومن أصحابه من قال يجوز مثل قولنا. فصل تعريف اللقطة اليسيرة 8321 - وإن كانت اللقطة يسيرة عرفها إذا كانت عشرة دراهم ثلاثة أيام إلى ما يراه من ذلك وإن كانت من ذلك عرفها أكثر من ذلك وإن كانت نصابا عرفها سنة. 8322 - وقال أصحاب الشافعي إن كانت لقمة أو تمرة لم تعرف، وإن كانت مما يطلبه صاحبه ففيه أوجه، منها أنه يعرف القليل والكثير، وهو ظاهر النص والثاني لا يعرف إلا دينارا يعرف ما تقطع فيه يد السارق ولا يعرف ما دونه. فصل متى تدخل في ملك الملتقط؟ 8323 - وإذا لم يجد صاحبها بعد التعريف فإنها لا تدخل في ملكه،

وقال الشافعي ندخل في ملكه بالتعريف، لأنه ضال فلا يملكه بالتعريف كسائر الأحوال. فصل 8324 - ولا يملكها عندنا باختيار التمليك. 8325 - وقال الشافعي يملك، ومنهم من قال فيه وجهان آخران أحدهما أنه يملك بمجرد النية والثاني يملك بالتصرف. فصل حضور صاحب اللقطة 8326 - وإذا حضر صاحبها فله أخذها في جميع الأحوال ولا يملك بغير فعله، وقال أصحاب الشافعي إن كانت العين باقية ولم يتملكها ولا نوى ملكها ردها بزيادتها المتصلة والمنفصلة، وإن كانت هالكة لم يلزم الملتقط ضمانها. فصل 8327 - وإن حضر بعدما ملكها فإن كانت باقية وجب ردها، وإن كانت تالفة وجب عليه بدلها وقال الكربيسي من أصحابنا لا يلزمه ردها ولا ضمان بدلها، وهذا (هو) الوجه كما ترى. فصل 8238 - وقالوا لو كانت العين باقية فقال الملتقط أنا أعطيك لم يجبر المالك على قبوله لأنه لا يمكنه الرجوع إلى عين ماله. 8239 - قالوا وإن حضر وقد باعها الملتقط وبينهما خيار ففيه وجهان أحدهما يفسخ البيع والثاني لا يفسخ.

فصل حضور من يدعي اللقطة 8330 - وإن حضر من يدعيها وغلب على ظنه أنه المالك جاز الدفع ولا يجب عليه، وقال مالك يجب الدفع، وإن دفع ثم حضر رجل وأقام البينة أنها له أخذها لأنه أحق من الوصف. فصل 8331 - وإن كانت تالفة فله أن يضمن الملتقط لأنه دفع مال الغير بغير حق. فصل 8332 - وإذا ضمن الملتقط فإنه يرجع على من دفع العين إليه بما لزمه من الضمان إن كان لم يقر له بالعين، وإن كان قد أقر له بذلك لم يرجع عليه. فصل استواء الحيوان وغيره من جواز الالتقاط 8333 - والحيوان وغير الحيوان في جواز الالتقاط سواء. 8334 - وقال الشافعي ضالة الإبل وما يجرى مجراها مما يحمي نفسه لا يجوز أخذه، ومن أصحابه من فرق بين ما هو قريب من المصر وبين وما هو المفازة، وفرق بين الصغار والكبار. 8335 - ومنهم من فرق بين السلطان وغيره فأجاز للسلطان الالتقاط ولم يجز للعوام.

فصل نفقة اللقطة 8336 - وما ينفقه الملتقط على اللقطة بغير فرض القاضي فهو مقطوع به، وللحاكم أن يبيع ذلك ويحفظ ثمنه، ولو أن يؤجر الدابة والعبد وينفق عليه من أجرته، وليس للملتقط أن يبيع العين عندنا ومن أصحاب الشافعي من قال له ذلك، لأنه لا ولاية له ولا إذن فلم يجز بيعه. فصل لقطة العبد الصغير 8337 - وقد قال الشافعي في لقطة العبد الصغير الذي لا يميز أنه كالغنم حولا ثم يملكه وإن كانت جارية لا تميز فإن كان لا يحل له وطؤها جاز للملتقط التمليك، وإن كانت [تحل] لم يجز له أن يلتقطها للتمليك كما لا يجوز أن يعرفها. فصل لقطة الشواء والماء 9338 - وقالوا لو وجد شواء وماء لا يبقى فهو بالخيار بين أن يأكله ويغرم البدل وبين أن يبيعه ويحفظ ثمنه. 8339 - وقال المزني يلزمه البيع ولا يجوز له الأكل كما قالوا، والأول أصح. فصل هل للعبد ومن إليه الالتقاط؟ 8430 - والعبد والمكاتب والدبر وأم الولد والحر والبالغ والصغير الذي يعقل كلهم سواء في اللقطة عندنا. رقم الإيداع في المكتبة الوطنية ببغداد 1118 لسنة 1973 18/ 1000/31/ 12/1973

8341 - وللشافعي قولان أحدهما له الالتقاط والثاني ليس له ذلك. فصل هل للذمي الالتقاط؟ 8343 - والمسلم الذمي في ذلك سواء، وقال أصحاب الشافعي في الذمي وجهان، ولهم في تخريج المذهب على العبد والمكاتب والمعتق بعضه ووجوب الضمان وملك المولى تفصيل تطول كتابته فلا معنى لذكره لأنه ربما لم يوجد، وإنما ذكرنا الواقع من ذلك. فصل 8334 - وإن ردها إلى الموقع الذي أخذها منه برئ من الضمان، وقال الشافعي لا يبرأ، وقد ذكرنا حكم المال ووجب أن تذكر حكم الإنسان.

كتاب اللقيط

كتاب اللقيط وهذا كتاب اللقيط. 8344 - قال أصحابنا: وإذا وجد اللقيط في قرية ليس فيها مسلم فادعاه رجل أنه ابنه فهو ابنه، واختلفت الرواية في الكتب فقال في كتاب اللقيط أن العبرة بالمكان، فإن كان مكان أهل الذمة فهو ذمي وإن كان مكان الإسلام فهو مسلم ولا عبرة بواجده وفي رواية ابن سماعة يكون على دين الواجد. 8345 - وقال في كتاب الدعوى أيهما كان مسلما فهو مسلم لأن الظاهر من موضع أهل الذمة أنه ذمي وإن جاز أن يكون منهم مسلم، كما أن من في دار الإسلام مسلم ومن في دار الحرب كافر. فصل حرية اللقيط 8346 - واللقيط حر في أي موضع وجد لأن الأصل في الناس الحرية والرق طارئ على كل حر من الكفار. فصل ثياب اللقيط وحِليه 8347 - وقال أصحابنا أن كان عليه ثياب أو حلى أو هو على فرس أو دابة أو فراش فهو له، لأن الظاهر أن من في يده شيء فهو له.

فصل 8348 - ولم يذكر أصحابنا إذا وجد في دار ليس فيها غيره، وقال أصحاب الشافعي تكون الدار له لأنه حر فكان ما في يديه له. فصل 8349 - وإن كان على بعد منه مال أو فرس مربوط لم يكن له، لأنه لا يد له عليه. فصل 8350 - وإن كان بالقرب منه وليس هناك غيره فلم أره لأصحابنا. 8351 - وقال أصحاب الشافعي فيه وجهان أحدهما ليس له لأنه لا يد له والثاني أنه له لأن إنسانا قد ترك ماله بقربه فإذا لم يكن هناك أحد فالظاهر أنه له. فصل 8352 - وإذا وجد في بلد من بلدان المسلمين فهو مسلم، لأنه اجتمع له حكم الدار وحكم الإسلام، وإن كان في بلد الكفار ولا مسلم فيه فهو كافر لأن الظاهر أنه ولد من كافرين، وهذا على الرواية التي يعتبر (فيها) المكان خاصة وإن كان في المكان مسلم فلأصحاب الشافعي وجهان أحدهما أنه مسلم تغليباً لحكم المسلمين، والثاني أنه كافر تغليباً لحكم الدار. فصل ذمي يدعي بنوة لقيط 8353 - وعندنا إذا التقطه ذمي وادعى أنه ابنه وهو في دار الإسلام فهو ابنه استحساناً، والقياس أن لا يكون ابنه ويكون مسلماً عندنا في

الاستحسان والقياس جميعا، لأن الظاهر أنه في الدار وإنما فبلنا دعواه لأن في ذلك نفع للصبي وهو الحضانة والنفقة عليه فقبل ذلك ولا يكون كافرا، لأن في ذلك مضرة له. فصل نفقة اللقيط 8354 - ونفقة اللقيط في بيت المال، لأنه أحد فقراء المسلمين. فصل 8355 - وإن كان معه مال كانت نفقته في ماله كالبالغ. فصل 8356 - ولا يجوز للملتقط أن ينفق عليه من ماله بغير إذن الحاكم، فإن اتفق عليه من ماله بغير إذنه ضمنه، لأنه لا ولاية له عليه. فصل إقراره في يد الملتقط 8357 - ويقر في يد الملتقط إذا كان أمينا، كذا فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فصل 8358 - وإذا فوض إلى الملتقط أن ينفق عليه مما وجده معه فذلك جائز عندنا، وهو قول الشافعي في كتاب اللقيط. 8459 - وقال في كتاب اللقطة: إذا انفق الواجد على الضالة ليرجع به لم يجز حتى يدفعها إلى الحاكم، ثم يدفع الحاكم إلى ما ينفق عليها، فمن أصحابه من جعل المسئلة على قولين وسوى المسألتين ومنهم من حمل كل مسألة على ظاهرها.

فصل 8360 - فإن لم يكن حاكم فانفق من غير أشهاد ضمن وأن أشهد فلم أر لأصحابنا هذا الفرع. 8361 - وقال الشافعي فيه قولين أحدهما يضمن لأنه لا ولاية له كما لو كان الحاكم موجودا، وهذا يجب أن يكون قولنا، والثاني لا يضمن لأنه موضع ضرورة. فصل 8362 - وقال أصحاب الشافعي إن كان بإذن السيد وهو من أهل الالتقاط جاز، وإن كان بغير إذنه لم يقر في يده لأنه لا يقدر على حضانته مع خدمة السيد. فصل 8363 - وإن التقطه كافر نظرت فإن كان الملتقط محكوما بإسلامه لم يقر في يده لأن الكفالة ولاية وإن كان محكوما بكفره أقر في يده لأنه على دينه. فصل الملتقط الفاسق 8364 - وإن كان الملتقط فاسقا لم يقر في يده لأنه لا يؤمن أن يسترقه، وعندنا يستظهر عليه. 8365 - وقد قال أصحاب الشافعي إن كان يريد السفر به من التقطه فإن اختبر أمانته في الباطن والظاهر جاز، وإن لم يختبر لم يقر في يده لأنه لا يؤمن أن يسترقه إذا سافر به، قالوا ولا ينقله إلى البدو لأنه ينقله من الري إلى العطش وإلى موضع الجفا، وقد جاء في الأثر من بدا جفا.

فصل الخروج باللقيط 8366 - وإن أراد أن يخرج به إلى بلد آخر وهو أمين فمنهم من جوز ذلك وهو الظاهر من المذهب، ومنهم من قال لا يجوز. فاصل 8367 - وقال أصحاب الشافعي أن كان الملتقط فقيرا ففيه وجهان: أحدهما يقر في يده والثاني أن لا يقر. فصل ادعاه غير الذي هو في يده 8368 - وإن إدعاه رجل غير الذي هو في يده أنه ابنه فهو ابنه استحسانا ولا يسلم إليه، لأن فيه منفعة له ويد الملتقط ليست بيد ثابتة عليه. فصل ادعاه رجلان 8369 - وأن ادعاء رجلان كل واحد يقول أنا التقطته ولا بينة لهما اقر في أيديهما جميعا. 8370 - وقال الشافعي يقره السلطان في يد من يرى منهما. فصل 8371 - وإن كان في يد أحدهما فالقول مع يمينه لأن اليد تشهد له. فصل 8372 - وقال الشافعي إن كان في يديهما تحالفا فإن حلفا أو نكلا

صار كالملتقطين يقرع بينهما أو يقره الحاكم في يد أحدهما. فصل 8373 - إذا ادعاه كافر فهو مسلم عندنا. 8374 - وقال الشافعي في كتاب الدعوى: اجعله مسلما ومن أصحابه من قال أن أقام البينة حكم بكفره قولا واحدا، وإن لم يقم بينة ففيه قولان أحدهما بحكم بكفره لأن بثبوت بينته فقد ولد على فراشه والثاني مثل قولنا لأنا حكمنا بإسلامه بالدار. فصل 8375 - وإن ادعته امرأةلم تصدق على ذلك، وإن ادعته من زوج وصدقها فهو ابنها ولأصحاب الشافعي ثلاثة أوجه في دعوى المرأة، أحدهما تقبل في الرجل والثاني لا تقبل مثل قولنا، لأنه يمكن إقامة البينة على الولاد والثالث إن كانت فراشا لرجل لم يقبل قولها، وإن كانت غير فراش قبل. فصل إذا ادعى اللقيط رجلان 8376 - وإن ادعى اللقيط رجلان فهو ابنهما. 8377 - وقال الشافعي يعرض على القافة وهم بنو مدلج من كنانة،

وهل يكون القائف من غيرهم؟ ففيه وجهان أحدهما يكون والآخر لا يكون؟ 8378 - والقول بالقافة عندنا محرم، ولا يجوز الرجوع إليه بحال، ولا يجوز أقل من اثنين في أحد الوجهين لهم، وتفريعهم في القافة مضطرب، ولا يستقيم على أصل ما روى في الباب، لأنه لا يجوز أن يكون عبدا عندهم ولا امرأة، وإذا لم يكن قافه أو أشكل عليهم إذا لحقوه بهما جميعا ترك حتى يكبر ويتنسب إلى أيهما شاء، لأنه تعذر العمل بقول القافه فرجعوا إلى غير القافه. فصل إذا ادعى اللقيط 8379 - ومن ادعى رق اللقيط لم يقبل بغير بينة لأن ظاهر الدار حرية أهلها. فصل حكم اللقيط في موته الخ 8380 - وحكم اللقيط في موته والصلاة عليه ودفنه حكم سائر المسلمين. فصل 8381 - وإذا بلغ وتزوج ثم اقر بالرق فإنه يقبل ولا تفسخ عقوده، وقال الشافعي تفسخ في أحد قوليه، وفي الآخر لا تفسخ مثل قولنا.

فصل دعوى الرقيق الحرية 8382 - وإذا صدقه رجل بعد البلوغ وادعى أنه عبده، وقال اللقيط أنا حر فقد قال بعض أصحابنا القول قول اللقيط. 8383 - وقال بعضهم لا يقام الحد حتى يقيم بينة بالحرية لأن الظاهر يدفع دعوى الغير ولا يستحق به على الغير شيء. 8384 - وللشافعي في ذلك قولان، مثل ذلك. فصل 8385 - وأنا ادعى رقبة رجل فانكر فالقول قوله ولا يمين عليه، ومن أصحاب الشافعي من قال يحلف بناء على جواز إقراره بالرق. فصل 8386 - وإن أقر لرجل فكذبه ثم أقر لآخر بعد ذلك فمنهم من قال لا يجوز ومنهم من قال يجوز كما لو أقر بمال لرجل ثم أقر به لآخر. فصل ادعاه رجلان فوصف أحدهما علامة ببدنه 8387 - وأنا ادعاه رجلان فوصف أحدهما علامة بدنه فإنه يكون أحق به عندنا، وقال الشافعي لا يرجع بذلك. فصل ادعاه حر وعبد 8388 - وإن ادعاه حر وعبد فالحر أولى عندنا.

فصل ادعاه أب وابن 8389 - وأن ادعاه أب وابن فهو للأب، وروى الطحاوي عن بكار بن قتيبة في مختصره أنه يكون بينهما وهو قول زفر. وإذا ذكرنا حكم اللقطة واللقيط وجب أن نذكر حكم العبد إذا وجده خارج المصر أو في المصر.

باب الآبق

باب الآبق 8390 - قال أصحابنا: ومن وجد آبقا خارج المصر على مسيرة ثلاثة أيام فرده على مولاه استحق عليه جعله أربعين درهما، وإن كان لا يساويها فإن للذي جاء به قيمته إلا درهما في قول أبي حنيفة وأبي يوسف في قوله الأول ثم رجع وقال له أربعون درهما وإن كانت قيمته درهما واحدا استحسانا والقياس أن لا يستحق عليه شيئاً إلا بشرطه. 8391 - وقد روى أصحابنا عن عمرو بن دينار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الآبق أربعون درهما، وكذا روى عن ابن مسعود أنه قال جعل الآبق أربعون درهما. 8392 - وعن عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما أوجبا في ذلك جعلا فأحدهما قال دينار أو اثني عشر درهما، والآخر قال دينار أو عشرة دراهم فحمل أصحابنا اختلاقهم في القدر على قرب المسافة وبعدها وجعلوا الأربعين للمسافة البعيدة وما دون ذلك للقريبة. 8393 - وجعل أبو حنيفة له القيمة إلا درهما حتى لا يضر بالمولى، وأبو يوسف قال هذا ثبت بالشرع. فصل وحكي عن أصحابنا أنهم قالوا: إن رده بأمره لم يستحق وإن كان بغير أمره استحق، وقال الشافعي: الجعل يتوقف على الشرط كالإجارة.

فصل 8395 - وإن جاء به وارث المولى فلم يسلمه حتى مات المولى فإن أبا يوسف قال لا جعل له، وقال محمد له الجعل، وهو قول أبي حنيفة، وفي الآبق مسائل كثير. وإذا ذكرنا حكم العقود والأموال والمناكحات واللقطة وسائر ما قدمنا وجب أن نذكر ما يورث ونبين من يرث ومن لا يرث لتكون قد وفينا بشرط هذا الكتاب على ما قدمناه.

كتاب المواريث (الفرائض)

كتاب المواريث (الفرائض) وهذا كتاب المواريث. 8396 - اعلم أن هذا كتاب كبير وحجمه عظيم وفروعه مشتبهة وأصوله مختلفة وقسمته صعبة وهو نصف العلم، وهو الذي تولاه الله بنفسه ولم يكله إلى من أرسله، وهو الذي فصل وسوى ومنع وأعطى وقدم وأخر، وقد صنف في ذلك الكتب الكبار والشروح الطوال وفرع فيه ما لا يوجد ولا يُجد قط وراض العلما في الخواطر والأذهان وعموا فيها مسائل في الاستخراج وفيه كل عجيب من الفروع وكل طريق بين من الطرق، وذكر ما ذكر فيه لا يمكن لأنه ربما كان ذلك إذا استوفى أكثر من هذا الكتاب الذي ألفناه غير إني أودعه ما يقرب فهمه على العالم والمتعلم وأودعه أصولا يبني عليها فروعه وأذكر ما فيه من خلاف واقع أرجو من الله تعالى النفع في الدارين ولمن صنف ذلك باسمه إذا كانت باسمه إذا كانت نعمة عندي كثيرة أياديه جسيمة، وهو مولانا الصاحب الأجل نظام الملك قوام الدين أبو علي الحسن بن علي بن اسحق رضي أمير المؤمنين أحسن الله جزاءه عن الدين والعلماء الصالحين وأنا إن شاء الله أبوبه أبوابا تراها في كل فن بأوجز لفظ وأقرب مأخذ إن شاء الله.

باب من يرث ومن لا يرث

باب من يرث ومن لا يرث وهذا من باب من يرث ومن لا يرث. 8397 - ونحن آخذون من عقد هذا الكتاب على نمط يخالف ترتيب من تقدم من العلماء في ذلك، ونذكر قسمه تدخل في كل قسم أهل مواريثه، وذلك ينقسم إلى أقسام، فمن الناس من يرث ويورث منه الميت لو كان هو الحي. ومنهم من لا يرث ولا يورث. ومنهم من يرث ولا يورث. فصل 8398 - وهم يترتبون في الميراث. فمنهم من يرث في كل حال. ومنهم من لا يرث في حال دون حال. ومنهم من يرث إذا كان معه غيره ولا يرث إذا انفرد. ومنهم من يرث بفرض. 8399 - ومنهم من يرث بتعصيب. ومنهم من يجتمع له الصنفان الفرض والتعصيب. ومنهم من يحجب ولا يرث. ومنهم من يرث ولا يحجب. ومنهم من يستوي الرجال والنساء في ميراثه.

فصل الآباء والبنون والبنات

ومنهم من يتفاضلون في ميراثه. ومنهم من يرث مع الواحد من الورثة ولا يرث مع الجماعة. ومنهم من ينقص من سهمه ولا يزاد عليه. ومنهم من ينقص تارة ويزاد في أخرى. ومنهم من يرث ويأخذ سهما وإذا ساواه مثله قسم ذلك القدر بينهم بالسوية. ومنهم من يعال له الفريضة. ومنهم من لا يعال له فريضة. وهذه الجملة عقد جميع الفرائض، ونحن آخذون في تفصيل ذلك وبيانه إن شاء الله تعالى. فصل الآباء والبنون والبنات 8450 - فالآباء والبنون والبنات يتوارثون في كل حال، ولا يحجب أحدهم عن الميراث، وكل واحد يرث الآخر. فصل الأجانب 8401 - والأجانب لا يرثون ولا يورث منهم عندنا. 8302 - وقال الشافعي يتوارثون بالإسلام من لا وارث له معين. فصل الزوجان الرقيقان ومختلفا الدين 8403 - ومن ذلك الزوجان الرقيقان لا يتوارثان.

8404 - والزوجان إذا كان أحدهما على دين والآخر على خلافه كالمسلم والذمية فإنهما لا يتوارثان. فصل من يرث ولا يرثه الميت 8405 - وأما من يرث ولا يرثه الميت فهو مولى النعمة يرث معتقته والمعتق لا يرث المولى والمجروح إذا مات الجارح ورثه ولو مات المجروح لم يرثه القاتل. 8406 - ومن طلق زوجته في مرضه فإنها ترثه ولو ماتت امرأة المريض وقد أبانها لم يرثها. 8407 - وقال الشافعي في أحد أقواله الرجل والمرأة سواء لا يتوارثان. 8408 - والعادل يرث الباغي بلا خلاف، والباغي لا يرِث العادل إذا قال قتلته وأنا ظالم ويرث إن قال قتلته وأنا على حق عند أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف لا يرثه بحال. فصل القاتل المتعمد 8409 - القاتل المتعمد لا يرث بالإجماع ويرثه المقتول، والمخطئ كالعامد عندنا وعند الشافعي. 8410 - وقال مالك لا يرث من الدية، وعندنا أن كل من وجبت الكفارة عليه بالقتل فإنه يحرم الميراث، فعلى هذا الصبي والمجنون لا يحرم الميراث.

8411 - وقال الشافعي يحرم الميراث. 8412 - وحافر البئر والمقتص لا يحرمان وعند بعض أصحابه يحرم. فصل ما يتركه المرتد 8413 - ومن ارتد عن الإسلام فلحق بالدابر أو قتل فماله لورثته المسلمين، ولا فرق بين ما اكتسبه بعد الردة أو قبل ذلك عند أبي يوسف ومحمد. 8414 - وقال أبو حنيفة ما اكتسبه بعد الردة فيء لا يرثه الورثة. 8415 - وقال الشافعي لا يورث بحال، وقد مضت المسألة واتفق الجميع على أن المرتد لا يرث أحدا من ورثته، فهذا من يورث ولا يرث. فصل الذين يرثون في حال دون حال 8416 - والذين يرثون في حال دون حال فهم بنو البنين وأن سلفوا والأخوة والأخوات والأعمام لا يرث احد من هؤلاء مع البنين، ويرث بنو البنين مع الأب والأبوان معهم ذوو فرض. فصل 8417 - ولا يرث الأخوة والأخوات مع الأبوين.

فصل 8418 - ولا يرث الأعمام مع الأخوة للأب والأم أو للأب، ويرثون مع الأخوة من الأم. فصل من يرث مع الغير ولا يرث إذا انفرد 8419 - ومن يرث مع الغير ولا يرث إذا انفرد فهن بنات ابن الابن لا يرثن مع البنات إلا أن يكون معهن ابن ابن، وكذلك الأخوات للأب لا يرثن مع الأخوات للأب والأم إلا أن يكون معهن أخ لهن فيعصبهن، ومتى لم يكن مع بنات الابن أو بنات ابنه وأن سفلوا أخ لهن أو في درجتهن من الميت لم يثن مع البنات إلا أن تكون بنت الصلب واحدة فيرث معها بنات الابن السدس تكملة الثلثين. فصل 8420 - وليس حكم بنات الأخوة حكم بنات البنين بنات الأخوة لا يرثن مع أصحاب الفرو ولا مع العصبات، وكذلك العمات لا يرثن مع الأعمام. فصل أصحاب الفروض 8421 - وأصحاب الفروض. 1 - الزوج (الثلث، الربع).

2 - والزوجات (الربع، الثمن) 3 - والبنت (الثلث) والبنتان والبنت (الثلثان) 4 - والأخت من الأب والأم (نصف) والأختان والأخوات (ثلثان). 5 - والأخت للأب (النصف) والأختان والأخوات (ثلثان). 6 - والأم مع الأب والولد (ثلث المال عند عدم الولد والأخوة ثلث الباقي إذا كان معها أب وأحد الزوجين، سدس مع الولد أو الأخوة). 7 - والأب والأجداد مع الولد (سدس). 8 - والجدات من قبل الأب ومن قبل الأم (سدس). فصل فرض الزوج 8422 - وفرض الزوج النصف إذا لم يكن (للزوجة) ولد ولا ولد ولد من ولد الصلب (سواء كان الولد من ذلك الزوج أو من غيره) دون ولد البنات وله الربع مع ولد الولد. فصل فرض الزوجات 8423 - والربع للزوجات وهو للواحدة إذا انفردت إذا لم يكن للزوج ولد منهن أو من غيرهن أو ولد ولد لصلبه دون أولاد البنات، ولهن الثمن مع الولد وولد الابن وإن سفلوا.

فصل فرض البنت 8424 - والنصف للبنت إذا انفردت، وهو لبنت الابن إذا انفردت ولبنت الابن لم يكن للميت ولد، ولبنت ابن ابن الابن إذا لم يكن فوقها بنت. فصل فرض الأخت للأب والأم 8425 - وهو للأخت للأب والأم إذا انفردت وللأخت للأب إذا لم يكن أخت لأب وأم لا يرث النصف سوى من ذكر. فصل فرض البنت 8426 - وأما فرض البنات إذا زدن على الواحدة فهو الثلثان، وما زاد على ذلك سواء في الثلثين، وهذا قول عامة الصحابة والفقهاء رضي الله عنهم، وهو فرض لابنتي الأب وما زاد إذا لم يكن للميت بنات صلب، وهو للأختين من الأب والأم وما زاد لم يكن أخوات لأب وأم فهو للأخوات للأب. فصل فرض ولد الأم 8427 - وفرض ولد الأم للواحد السدس ذكرا كان أو أنثى، وإذا كانوا أكثر من ولد لهم الثلث، ويقسم بينهم بالسوية الذكور والإناث في ذلك سواء عند عامة الصحابة والفقهاء، وحكي عن ابن عباس أنهم يتفاضلون في القسمة كأولاد الأب والأم.

فصل فرض الأم 8428 - وللأم الثلث إذا لم يكن للميت ولد ولا ولد ابن وأن سفل ولا اثنان من الأخوة والأخوات عند عامة الصحابة والفقهاء، وعن ابن عباس أنها لا تحجب إلا بثلاثة فما زاد. فصل الأخوة مع الأبوين 8429 - ولا ترث الأخوة مع الأبوين ما حجبوا الأم عنه. وقال ابن عباس يرثون جميعا ما حجبوا. 8430 - لأنهم لا يرثون مع الأب وحده، وسهم الأم كالمستحق على الأب. فصل ميراث الأم 8431 - وقال عامة العلماء للأم مع الزوج أو الزوجة والأب ثلث الفاضل عن فرض الزوجين. 8432 - وقال ابن عباس لها ثلث جميع المال. 8433 - وقال ابن سيرين لها مع الزوج ثلث الفاضل ولها مع الزوجة ثلث المال. فصل الجد مكان الأب 8434 - ولو كان مكان الأب جد فلها ثلث جميع المال في قول الجميع لأنها أقرب منه درجة.

فصل فرض الأم مع الولد 8435 - فرض الأم مع الولد السدس، ولا فرق بين الذكر والأنثى من الأولاد. فصل 8436 - وهو فرض الأب مع الولد، ولا يزيد على الأم إلا أن يكون بنت واحدة أو بنت ابن فيكون ما فضل عن فرض الأم وفرضها فرض يأخذه بالتعصيب والأب (والجد) في هذا سواء في قول الجميع.

فصل فرض الجدات 8437 - وفرض الجدات وإن كثرت السدس يشتركن فيه، ولا فرق بين أم الأم وأم الأب عند العامة من العلماء، وحكي عن ابن عباس لأنه لا شيء لها وجعلها كأب الأم. وقد ورث أبو بكر رضي الله عنه جدة من جهة الأم لما شهد المغيرة وعبد الرحمن أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس. فصل 8438 - وهو للجدة أم أب الأم عند أصحابنا وهو قول الشافعي. وقال مالك لا شيء لها لأنها لو ماتت ورثها ابنها، وإذا ورث منها ورثت كالأم. فصل أم أم الأب 8439 - وترث أم أم الأب، وقال بعضهم لا ترث، والجميع على ما قلناه. فصل السدس للقريبة من الجدات 8440 - والسدس للقريبة من الجدات أيها كانت عند أصحابنا. وقال الشافعي: إن كانت القريبة من قبل الأم فالسدس لها وإن كانت من قبل الأب شاركتها البعيدة من قبل الأم.

فهؤلاء أصحاب الفروض (وأنصبتهم) هي: النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس، وهي التي فرضت في نص التنزيل. فصل الميراث بالتعصب 8441 - فأما من يرث بالتعصب فهو الابن وبنوه وإن سلفوا ثم الأب وآباؤه وإن علو والأجداد وهم العصبة عن أبي حنيفة.

فصل 8442 - وهو قول أبي بكر وابن عباس وأبي بن كعب وأبي هريرة وأبي الدرداء، وهو قول شريح وأهل الظاهر، ولا يشاركه الأخوة كما لا يشركون أولاد البنين. 8443 - وقال أبو سيف ومحمد والشافعي ومالك يشارك الجد الأخوة من الأب والأم والأخوة من الأب. 8444 - واتفق الجميع على أن ابن الأخ لا يشارك الجد ولا بني بني الأخوة وإن سلفوا عند الجميع.

فصل ترتيب العصبة 8445 - ثم الأخوة هم العصبة ثم بنوهم ثم الأعمام ثم بنوهم ثم أعمام الأعمام ثم بنوهم كذلك أبدا.

فصل 8446 - لا يرث ولد مع ولد أب وأم، ويقدم وله الأب والأم على ولد الأب أبدا. فصل مولى النعمة 8447 - ومولى النعمة هو العصبة ثم عصبته ثم مواليه على ترتيب العصبات. فصل اجتماع الفرض والتعصيب 8448 - ولا يجتمع الفرض والتعصيب إلا للأب وآبائه خاصة دون سائر العصبات إذا ورث مع ولد البنت، وقد مضت المسئلة. فصل الحجب 8449 - والكافر والعبد لا يحجب عن الميراث إنما يحجب من يرتد، وهذا قول عامة الصحابة والفقهاء وعن ابن مسعود أنه يحجب كالكافر والعبد. فصل الأب 8450 - ويحجب الأب سائر آبائه وأولادهم من الذكور والإناث

وأمهاته ولا يرث معه ولا أخت عند العامة، وعليه العمل. فصل 8451 - والأم تحجب سائر أمهاتها وجداتها. فصل 8452 - ويحجب ولد الأم الذكر والأنثى الولد وولد الابن والأب والجد. فصل 8453 - ويحجب البنات بنات الابن إذا استكملن الثلثين إلا أن يكون معهن أخ لهن أو أسفل منهن ابن فيعصبهن. فصل 8454 - ويحجب الأخوات للأب والأم الأخوات للأب إذا أكمل الثلثان إلا أن يكون معهن أخ لهن فيعصبهن. فصل 8455 - ولا يعصبهن ابن الأخ بل يكون المال له خاصة بخلاف ابن ابن الابن مع عماته. فصل 8456 - ويحجب الأم من الثلث إلى السدس الاثنان فما زاد من الأخوة، ولا يرثون وقد مضت.

فصل 8457 - ولا يحجب أحد بالزوج والزوجة والأعمام وموالي النعمة لا يحجبون أحدا في الميراث، وولد الابن والبنت يحجب الزوج من النصف إلى الربع ويحجب الواحدة والأربع من الزوجات من الربع إلى الثمن. فصل 8458 - ولا يستوي الرجال والنساء في الميراث إلا أولاد الأم وقد مضت. فصل التفاضل في الميراث 8459 - والتفاضل في الميراث يقع بين الأبوين فيكون للأم الثلث وللأب الثلثان من ولدهما وكذلك البنون والبنات يتفاضلون في الميراث فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين. فصل 8460 - وكذلك أولاد البنين وإن سفلوا يتفاضلون في الميراث. فصل 8461 - والأخوة والأخوات للأب والأم يتفاضلون الميراث فيكون للذكر ضعف ما للأنثى. فصل 8462 - ومن عدا من ذكرناه فالمال للرجال خاصة كالأعمام وأخواتهم وبني الأخوة وأخواتهم لا يرثون مع أخوتهم في قول جميع العلماء.

فصل 8463 - ومن يرث مع الواحد ولا يرث مع الجماعة فهي بنت الابن ترث السدس مع العمة لها ولا ترث مع العمات والأخت للأب ترث السدس مع الأخت للأب والأم ولا ترث مع الأخوات. فصل 8464 - وأما من ينقص سهمه ولا يزاد عليه فهو الزوج والزوجة والزوجات وذوو الفروض إذا اجتمعوا ينقص بعضهم لبعض إذا عالت المسائل ولا يزاد إذا فضلت السهام. فصل من ينقص تارة ويزاد في أخرى 8465 - ومن ينقص تارة ويزاد في أخرى فهن البنات والأخوات وولد الأم فإن الواحد إذا انفرد تأخذ البنت النصف فإذا صار معها أخرى أخذت الثلث، وولد الأم الواحد يأخذ السدس فإذا زادوا على اثنين نقص من السدس فعند المساواة له ينقص وعند الانفراد يزيد ولا يشارك ولد الأب والأم ولد الأم بحال كزوج وأم وأخوين لأم وأخ لأب عندنا، وقال الشافعي يشاركه. فصل من يعال له 8466 - فأما من يعال له فهم ذوو الفروض. اعلم أن جميع سهام الفرائض تؤخذ من سبعة أصول منها ثلاثة تعول وأربعة لا تعول فإذا كانت المسئلة نصفا وما بقى فهي غير عائلة وإن كانت ثلثا وما بقي غير عائلة وإذا ربعا وما بقي فهي غير عائلة والثمن وما بقي لا يعول.

وإذا كان مع النصف ثلث أو سدس فهي من ستة وقد تعول إلى سبعة وثمانية وتسعة وعشرة وهي أكثر فريضة تعالى وهي ثلثا الفريضة. فصل 8467 - ومتى كان مع الربع ثلث أو سدس فإنها من اثني عشر، وقد تعول إلى ثلاثة عشر وخمسة عشر وسبعة عشر، ولا تعالى مع الربع والسدس إلى أكثر من ذلك. فصل 8468 - وإذا كان مع الثمن سدس فهي من أربعة وعشرين وتعول إلى سبعة وعشرين. فصل مسائل النصف وما بقي 8469 - أما مسائل النصف وما بقي فهي: الزوج والأب والأخ والعم ومن سوى الابن من العصبات والبنت والأخت والأخوات أو الأخوة والأخوات من قبل الأب أو الأب والأم، فأما زاد على ميراث البنت تأخذه الأخت الواحدة أو الأخوات بالسوية. فصل 8470 - ومن ذلك الأخت للأب والأم تأخذ النصف والباقي للأخ للأب وأخواته. فصل مسائل الثلث وما بقي 8471 - وأما مسائل الثلث وما بقي فهي الأم والأب أو الأم والجد فللام الثلث وما بقى للأب أو للجد.

فصل ولد الأم 8472 - ومن ذلك ولد الأم إذا كانوا جماعة فلهم الثلث والباقي للأخوة من قبل (الأب و) الأم أو من قبل الأب فإنهم يأخذون ما زاد على الثلث إن كان واحدا فله ما بقى وإن كانوا جماعة اشتركوا ويقدم ولد الأب والأم على ولد الأب. فصل مسائل الربع 8473 - ومن مسائل الربع الزوج والبنت والعصبة فللزوج الربع وللبنت النصف والباقي للعصبة أبا كان أو جدا أو أخا أو أختا. فصل مسائل الثمن 8474 - ومن مسائل الثمن الزوجة وبنت وعصبة وكل العصبات في ذلك سواء إلا الابن خاصة فهذه الأصول التي لا تعال في الفرائض والمسائل فيها قد تختلف. فصل مسائل العول 8475 - فأما ما يوجد من ستة وتعول عليها إلى عشرة مسائل منها: زوج وأم وأخت لأم فهذه من ستة ولا تعول. وإن كان مع الزوج أخت لأم وأخت لأب وأم عالت المسئلة إلى سبعة وإن كان مع الزوج أخت لأب وأم أو لأب وأخوات لأم عالت إلى ثمانية وأن كان معه في المسألة بحالها أخت لأب والأولى أخت لأب وأم عالت إلى تسعة.

وإن كان في المسألة جدة وأم عالت إلى عشرة. فاعرف ذلك. وإذن لا يزيد العول في الستة إلى أكثر من هذا. فصل مسائل الإثنى عشر 8476 - وأما التي هي من اثني عشر فمثل زوجة وأخوين لأم وعصبة فهذه من اثني عشر، وإن كانت المسألة بحالها وبدل العصبة أخت لأب وأم أو لأب عالت إلى ثلاثة عشر سهما، وإن كان بدل الأخت أختان عالت إلى خمسة عشر وإن كان في المسألة أم وجدة فهي من اثني عشر وتعول إلى سبعة عشر، وهو أكثر ما يعال إليه الربع. فصل الثمن مع السدس 8477 - والثمن مع السدس فهو الزوجة والزوجات مع البنت أو البنات وعصبة فتكون من أربعة وعشرين ثلاثة للزوجة وللبنات ستة عشر وخمسة للعصبة، فإن كان مع العصبة أم والعصبة أب عالت إلى سبعة وعشرين وهي أكثر ذلك. فصل العصبات 8478 - ومن لا يعال لهم أصحاب الفرائض فهم العصبات إذا اجتمعوا فإنه يقسم المال بينهم بالسوية إن زادوا على الواحد، وإن كان معهم من يشاركهم من النساء فاضلوا، فهذه الجماعة قد دخل فيها جميع ما قدمناه

فصل 8479 - ومسائل الفرائض إذا لم تكن عائلة فاقسم واستعن عن الضرب. فصل الرد على الورثة 8480 - وكل رجل ورث من الورثة فهو يأخذ جميع المال إذا انفرد إلا الزوج والأخ من الأم وكل من يرث من النساء إذا انفردت لم ترث الجميع إلا المعتقة لعبدها، وهذا قول من لا يرد على ذوي الأرحام، وهم مالك وزيد بن ثابت من الصحابة. فصل 8481 - وأما أهل العراق فيردون على جميع أهل السهام ويعطون كل ذي فرض إلا الزوجين. وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وأبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء [من الصحابة] وهو قول عطاء وشريح ومسروق وعلقمة وطاووس وعمر ابن عبد العزيز وهم من التابعين وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وزفر وسائر أصحابنا. فصل ذوو الأرحام 8482 - وإذا لم يكن أحد من العصبات ولا ذوي الفروض فالمال

لذوي الأرحام عندنا، وهو قول عامة الصحابة والعلماء. وقال مالك والشافعي يكون لبيت المال. 8483 - والقرابة أقرب إلى الميت من جماعة المسلمين وقد قال الله تعالى وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين

وكيف يكون المؤمنون أولى منهم وقد تساووا في الإسلام وفضلوا بالقرابة. فصل 8484 - ولا يرث ذوو الأرحام مع العصبات ولا مع ذوي الفروض إلا الزوجين خاصة ويقدمون على مولى الموالاة عند أصحابنا ومن ورثهم. وقال الشافعي مولى الموالاة لا يرث بحال وادعى نسخ الآية وهي قوله: {والذين عاقدت إيمانكم} الآية. فصل أصناف ذوي الأرحام 8485 - وذوو الأرحام عشرة أصناف: 1. أولاد البنات. 2. وبنات الأخوة. 3. وأولاد الأخوات.

4. وأولاد الأخ من الأم. 5. وأولاد الأعمام من البنات. 6. والعمات. 7. والأخوال. 8. والخالات وأولاد الأخوال والخالات. 9. وأبو الأم. 10. وما يتوالد هؤلاء. فكل هؤلاء ليس لهم فرض في الكتاب ولا في السنة. فصل الاختلاف في توريث ذوي الأرحام؟ 8486 - وقد اختلف الناس في ميراث هؤلاء فمنهم من قال يكون لبيت المال وهو مالك والشافعي واتباعهما. ومنهم من قال يرثون، وهم أهل العراق [أبو حنيفة] ومن ذكرناه من أصحابه رضي الله عنهم. الاختلاف في كيفية توريثهم 8486 مكرر- والمختلف المورثون لهم في كيفية الفهم. فمنهم من سوى بين جميع ذوي الأرحام البعيد والقريب في الميراث ولم يفضل ذكرا على أنثى وهو قول نعيم بن حماد ومن تبعه.

ومنهم المنزلون الذين يعطون كل فريق سهم من يدلى به، ثم يقسمون بعد ذلك ما أصاب كل وارث على من يدلون به. وأصحابنا اعتبروا في ذلك الأقرب فالأقرب ثم اختلفوا في كيفية ما يرثوه بعد ذلك وقسمه ذلك بينهم على خلاف نذكره. فقالوا: لا يرث أحد من ذوي الأرحام مع أولاد البنات. كما لا يرث أحد مع أولاد البنين. وكيف يقسم المال بينهم؟ فقالوا الذكر والأنثى في ذلك يتفاضلون، فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين يعتبر أبدانهم فحسب.

8487 - وقد روى الطحاوي في المختصر فقال: أن ترك ابن ابنته وابنة ابنة له أخرى فأن أبا يوسف قال المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. 8488 - وقال محمد بن الحسن المال بينهما بالسوية لأن أرحامهما متساوية، وأنكر أصحابنا هذه الراوية وقالوا أنه غلط فيها عن محمد، والصحيح أنه يعتبر أبدانهم والخلاف الذي حكاه بينهما أنما هو في أولاد بنات الأخوة وبني الأخوات، فأبو يوسف يفصل الذكر على الأنثى عبرة بالبدن. 8489 - ومحمد يسوي إذا تساووا فيمن يدلون به، فكان محمد يجعل ولد الأخوات كالأخوات وولد الأخوة كالأخوة ويقسم المال بينهم بحسب ذلك. فصل 8490 - وإذا خلف الميت ابن [أخت] وبنت أخت وابنتي أخ فأنه يجعل لولد الأخت سهمان كأنهما أختان ولولد الأخ من الأب والأم أربعة أسهم كأنهما أخوان ثم يقسم سهام ولد الأخت عليهما للذكر مثل حظ الأنثيين فتصبح المسئلة من ثمانية عشر، لولد الأخت ستة أسهم (و) للابن أربعة (أسهم) وللبنت سهمان (و) لولد الأخ اثنا عشرة. وقال أبو يوسف المال بينهم على رؤوسهم للذكر مثل حظ الأنثيين فتصبح المسئلة من خمسة أسهم. فصل 8491 - وأن خلف ولد ولد أخوات فأن محمدا يعتبر أقربهم إلى الميت فيجعل ولد ولده بمنزلته فإذا خلف ابنا وبنت بنت أخ وابنة ابن أخت فإنه

يجعل المسألة من ثلاثة أسهم لولد ولد الأخ سهمان ولولد ولد الأخت سهم ثم يقسم السهمين للذكر مثل حظ الأنثيين فتصبح المسئلة من تسعة. وقال أبو يوسف المسئلة تصبح من خمسة أسهم لكل ذكر سهمان وللأنثى سهم. فصل 8492 - وأن اتفقوا في الجد واختلفوا في الآباء فإن محمدا يعتبر بآبائهم ويجعلهم بمنزلة الآباء ثم يقسم عليهم ما يصيبهم للذكر مثل حظ الأنثيين. وأبو يوسف يجعلهم بمنزلة الأخوة والأخوات فيقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. فصل 8493 - ولا يرث أحد برحم معهم (كذا) من ليس يرجع إلى المتوفي بولادة، وهذا قول أصحابنا جميعا. فصل 8494 - وأن ترك أولاد أخت لأب وأم وأولاد أخت لأب وولد أخت لأم فلولد الأخت للأب والأم النصف ولولد الأخت للأب السدس تكملة الثلثين ولولد الأخت للأم السدس والباقي يرد عليهم. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد واحد الروايتين عن أبي يوسف. وقد روى عن أبي يوسف أن الكل يكون لولد الأخت للأب والأم. فصل 8495 - ولو كانوا بنات أخوة متفرقين فالمال بين بنت الأخ للأب والأم وبين بنت الأخ من الأم وسقطت بنت الأخ للأب لأن أباها لا يرث مع إخوته.

وعلى قول أبي يوسف الآخر يكون المال كله لولد الأخ للأب والأم. فصل 8496 - واتفق الجميع على أنه لو ترك ثلاثة أعمام متفرقين أو عمات متفرقات أو أخوالا متفرقين أو خالات فالمال للذي من قبل الأب والأم. فصل 8497 - وأولاد العمات يرثون وبنات الخالات. فصل 8498 - وإذا ترك عمة وخالة فإن القياس عندهم أن المال كله للعمة لأنها تدلى بالأب، وهو يرث جميع المال، والخالة تدلى بالأم، وهي لا ترث جميع المال، واستحسنوا أن يكون المال بينهما أثلاثا للعمة الثلثان وللخالة الثلث لأن العمة تدلى بالأب والخالة تدلى بالأم ولو أجتمع الأب والأم كان المال بينهما على ثلاثة فكذلك من يدلى بهما. فصل ترك خالاً وخالة 8499 - وأن ترك خالا وخالة فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. فصل ترك خاله وابن عمة 8500 - وأن ترك خالة وابن عمة فالمال للخالة.

فصل 8501 - وإن ترك عمة وابن خالة أو خال فالمال للعمة عندنا. فصل أولاد الأخوة من الأم 8502 - وأولاد الأخوة من الأم يقتسمون المال بالسوية كما يقتسم الآباء ولا يفضل ذكر على أنثى. فصل ترك أباً أمه وابن أخيه لأمه 8503 - وأن ترك أبا أمه وابن أخيه لأمه فأبو حنيفة يقول المال لأب الأم ولا شيء لولد الأخ بناء على أصله أن الأخ لا يرث مع الجد. فصل 8504 - وقال أبو يوسف ومحمد يكون المال لولد الأخ للأم لأنه يدلى بالأم وهو ولدها ولا يرث أبوها مع أبيه. 8505 - ومسائل ذوي الأرحام كثيرة وفروعها لا تحصى كثرة، وفي الذي ذكرت أصول ما يحتاج إليه في العمل. فصل لا توارث بنكاح فاسد 8506 - ولا يتوارث بنكاح فاسد لا يقر عليه في الإسلام، وهذا الأصل جاز بين سائر الناس أهل الملة وسائر الكفار في ذلك سواء.

فصل ميراث المجوس 8507 - وإذا مات مجوسي وترك زوجة هي أمه وأخته لأبيه كان أبوه تزوج بنته فأولدها هذه فإنها ترث الثلث لكونها أمه والنصف لكونها أخته ولا ترث بالزوجية. وقال الشافعي ترث لكونها أماً لا أختاً. 8508 - لأنه أجتمع سببان لو تفرعا في شخصين لم يحجب أحدهما الآخر فينبغي أن ترث بهما جميعا كابني عم أحدهما أخ لأم. فصل توارث الكفار 8509 - ويرث الكفار بعضهم من بعض اختلفت مللهم أو اتفقت عندنا لأن الكفر ملة واحدة. وقال الشافعي الكفر ملل ولا يرث اليهودي من النصراني ولا المجوسي ولا الوثني ولا المشرك وعندنا يرث بعضهم بعضا لقوله عليه السلام: الناس حيز ونحن حيز. فصل 8510 - ولا يرث المعتق بعضه، وقد روى عن علي رضي الله عنه يرث بقدر ما فيه من الحرية وهو أحد أقوال الشافعي، لأنه يحد حد المملوك كالمكاتب. فصل ميراث الجد مع الأخوة 8511 - انفق المورثون له ولهم على توريثهم في الجملة واختلفوا

في كيفية القسمة فقال أبو يوسف ومحمد والشافعي يقاسم الأخوة والأخوات ما لم تنقصه المقاسمة من الثلث، فإن نقصته من الثلث فرض له الثلث. 8512 - وهو (قول) زيد بن ثابت. 8513 - وقال علي بن أبي طالب يقاسمه الأخوة والأخوات ما لم تنقصه المقاسمة من السدس فإن نقصته من السدس فرض له السدس وجعل الباقي للأخوة والأخوات من جهة الأب والأم أو من جهة الأب للذكر مثل

حظ الأنثيين وهو قول ابن أبي ليلى. فصل 8514 - ويعالون بولد الأب مع ولد الأب والأم ثم يرد على الأخوة من جهة الأب والأم ما صار لولد الأب ألا أن يكون أختاً واحدة فيرد عليها تمام النصف، ويكون الباقي لولد الأب. فصل ميراث الخنثى 8515 - وفي الفرائض ميراث الخنثى وهو الذي له ما للرجل وما للأنثى وفيه خلاف طويل ومسائل صعبة. 8516 - فأبو حنيفة يجعله أنثى أنه أضر به وسفيان وأبو يوسف يعطيه نصف نصيب أنثى ونصف نصيب ذكر فيكون له ثلاثة من سبعة ومحمد يعتبر به الأحوال ويعطيه خمسة من اثنى عشر سهماً والشافعي يعطيه ما هو اليقين ويوقف الباقي حتى يصطلح الورثة وهذا في رجل مات وترك أبناء وخنثى مشكلا فما ذكرناه هو الواجب فيه، والتشاغل بعمل مسائل الخنثى يضيع به الزمان فيما لا يقع وهو مذكور في الكتب.

باب قسمة التركات على الورثة

باب قسمة التركات على الورثة 8517 - وإذا لم تخرج سهام كل جزء صحيحة عليهم فأضرب المنكسر على السهام في أصل المسألة وعولها أن كانت عائلة، فما بلغ فمنه تصح المسألة ويخرج سهم كل واحد صحيحا وهذا يكون إذا لم توافق السهام. فصل الموافقة 8518 - في معرفة الموافقة أن يفنى العدد الأكثر بالأقل فإن أفناه فهو جزء منه وهما يتفقان بما في ذلك من العدد. وأن بقى من العدد الأكثر بقية هي أقل من العدد الأقل فافن بها العدد الأقل فإن فنيا باثنين فهما يتفقان بالأنصاف وأن فنيا بثلاثة منهما يتفقان بالأثلاث وكذلك ابداً يعتبر الأعداد فإن بقى واحد من أحد العددين فلا اتفاق بينهما بحال فإذا كان كذلك فأضرب أحدهما في الآخر فما بلغ فأضربه في المسئلة وعولها أن كانت عائلة مما بلغ فمنه تصح المسئلة. فصل أحوال الفرائض 8519 - وجميع الفرائض لا تخلو أما أن تكون على جنس واحد أو جنسين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أجناس وهو أكثر ما يكون في الفرائض ولابد من أن يكون بعض أهل الفرائض تصح عليه سهامه، وأربعة قد تصح وقد لا تصح، وقد يوافق البعض البعض وقد يختلفان وقد يكونان متساويين وقد يكون أحدهما جزءا من الآخر فإن لم يوافق فأضرب أحدهما في الآخر، وما اجتمع في أصل المسئلة وعولها فتصح منه وأن توافقت فخذ وفق ذلك وأن تساوت فاجتز بأحدهما وأن كان أحدهما أكثر فخذ الكثير واجتز به عن

القليل وهذا يحتاج إلى رياضة في الحساب ومعرفة بأصوله وقد ذكرت ذلك في كتابي في التشويق إلى المعلوم والبحث عن حقيقة المعلوم مقدمة في الحساب يعلم بها غوامض المواضع وجليلها، وهذا كتاب كنت قد أودعته أصول الدين وأصول الفقه ومسائل الفروع والحساب والفرائض ونوادر المسائل التي تراضى بها العلماء وجعلته باسم الأمام المقتدى بأمر الله أمير المؤمنين أصلح الله على يديه الأمور. فصل كيفية القسمة 8520 - وإذا أردت قسمة التركة فأنت بالخيار أن تعطي كل واحد بقدر حقه وتوجبه له فتقول الثُمن لفلان والربع لفلان وكذلك سائر السهام وأن شئت أن تضرب سهما كل واحد في التركة ثم يصير ما يصير لكل سهم منهم فهو نصيب الذي تطلب، مثال ذلك أن يكون الورثة زوجا وأماً وأخوين لأم فتكون المسئلة من ستة والتركة عشرون دينارا فأنت بالخيار أن تقول للزوج النصف وهو عشرة وللأم السدس وهو ثلاثة وثلث وللأخوين للأم الثلث ستة وثلثان وأن شئت فأضرب سهام الزوج وهي ثلاثة في عشرين يكون ذلك ستين فأقسم ذلك على ستة تخرج عشرة، وذلك حق الزوج ثم أضرب سهم الآخرين وهما اثنان في عشرين تكون أربعين فأقسم ذلك على ستة يكون لكل سهم ست وثلثان وهو نصيبهما وكذلك الأم وأن شئت فأقسم التركة وهي عشرون على المسئلة وهي ستة يكون لكل سهم ثلاثة وثلث ثم أضرب أصول سهام الزوج وهي ثلاثة وثلث وهو ما خرج لكل سهم وهو ثلاثة وثلث يكون ثلاثة في ثلاثة تسعة وثلث في ثلاثة واحد يكون

الجميع عشرة وكذلك باقي الوجوه مثل ذلك. فصل ما يقبل فيه إقرار الميت 8521 - وما يقبل فيه اقرار الميت في حياته وما لا يقبل فقد مضى في الاقرار. فصل ولد الملاعنة 8522 - وولد الملاعنة فلا يرثه أحد من جهة الأب ولا أقربائه ويرثه ابنه وإخوانه لأمه، فإن مات وترك أمه وأخاه لأمه فلكل واحد سهمه للأم الثلث وللأخ السدس والباقي رد عليها فيكون المال بينها على ثلاثة عندنا. 8523 - وقد روى فيه خبر أن المرأة تحرز ميراث ثلاثة عتقها ولقيطها والولد الذي لاعنت به وعند الشافعي يكون الفاضل لبيت المال، وعندنا يقسم على ثلاثة أسهم بالفرض والرد. فصل 8524 - فإن ترك أمه وثلاثة أخوة لأم فلأمه السدس والثلث للأخوة لأمه ويقسم على ثلاثة بالفرض والرد وتصبح المسئلة من تسعة أسهم. فصل إقرار الملاعن بولده 8525 - وأن أقر الملاعن بولده ضرب الحد ورد إليه النسب، وإذا

مات ورثه وأقاربه. وإن ادعاه وهو ميت لم تقبل دعوته عندنا. وقال الشافعي يقبل ذلك. فصل 8526 - ولو خلف ابناً قبلت دعوته في قولهم جميعاً. وفي كتاب الفرائض مسائل كثيرة والذي ذكرت أصول ما يقع منه دون استيفاء المسائل وفيه كتب مفردة مصنفة. وإذا قد ذكرنا ذلك وختمنا الكتاب بالمواريث وكنا قد وعدنا أن نذكر أبواباً شتى مختلفة الوضع حتى نذكر في كل باب ما فرطنا في الكتاب.

باب الدعاوى

باب الدعاوى 8527 - وهذا أول باب من الدعاوى: إذا ادعى كل واحد على الآخر وإذا حضر الرجلان عند القاضي وادعى كل واحد على صاحبه وخرج القولان معاً أو حضرا وسكتا ولم يعرف المدعى منهما القاضي فإنه يسألهما أيكما المدعي؟ فإن قال واحد منهما أنا تسمع دعواه وإن قالا مما كل واحد أنا المدعي فهو بالخيار إن شاء سمع منها جميعاً ما يقول كل واحد منهما وإن شاء أقرع بينها وإن شاء قدم أحدهما على صاحبه كل ذلك جائز. فصل 8528 - وإذا كثر الخصوم وازدحموا ولم يعرف السابق منهم كتب الرقاع فمن خرجت قرعته قدم. فصل 8529 - ويجعل للنساء يوماً وللرجال يوماً ويفعل في دعوى النساء ما يفعل في دعوى الرجال. فصل المساواة في حق التقاضي 8530 - والمسلمون والكفار والأحرار والعبيد والمكاتب في الدعاوى سواء. فصل دعوى المرتد 8531 - واختلف أصحابنا في دعوى المرتد فمنهم من قال هو في الدعوى كغيره.

ومنهم من قال لا تسمع دعواه لأن ملكه قد زال عن أمواله. ومنهم من قال تسمع فيما اكتسب بعد الردة ولا تسمع فيما كان قبل الردة. وعند أبي يوسف ومحمد تسمع في جميع الأحوال سمعت هذا في درس كتاب الدعوى من مختصر الحاكم على شيخنا قاضي القضاة رحمه الله. فصل دعوى شراء العقار 8532 - وإذا ادعى رجل على آخر أنه اشترى الدار التي في يده، وادعى صاحب اليد أنه اشتراها من الخارج وأقام كل واحد منها بينة بما ادعاه فأبو حنيفة وأبو يوسف يبطل البينتين ويجعل الشيء في يد من هو في يده. وقال محمد يحكم بالبينتين جميعاً ويجعلها كأنها كانت للخارج فباعها من المشتري ثم اشتراها وعلى هذا الأصل عدة مسائل.

باب دعوى الرجلين الشيء

باب دعوى الرجلين الشيء وهو في يد غيرهما 8533 - وإذا ادعى الرجلان دارا أوعرضا في يد ثالث وأقام كل واحد البينة أنه له والذي في يده الشيء ينكر ذلك فأنا نقضي بذلك بهما نصفين، وهذا قول أصحابنا جميعاً. 8534 - وقال الشافعي في أحد قوليه تتعارض البينتان وتسقطان ويقر الشيء في يد الذي هو في يديه. والقول الآخر له يستعمل البينة وفي كيفية الاستعمال ثلاثة أقوال أحدهما يقرع بينهما فمن خرجت له القرعة حكم له بالشيء. والثاني تنزع الدار من يده ويوقف الحكم حتى يصطلحا. والثالث مثل قولنا. فصل هل لعدد الشهود تأثير؟ 8535 - ولا فرق عندنا بين أن يقيم أحدهما شاهدين والآخر أربعة وما زاد فإن الحكم لا يختلف في القسمة. 8536 - وقد ذكر الخصاف عن علي رضي الله عنه أن رجلين أدعيا بغلة فجاء أحدهما بشاهدين وجاء الآخر بخمسة. 8537 - فقال علي رضي الله عنه أن فيها قضاء وصلحاً أما الصلح فإن تباع البغلة فيعطي هذا خمسة أسهم وهذا سهمان وأما القضاء فبأن يستحلف

كل واحد من الخصمين فإن تثاحا في اليمين أقرعت بينهما ثم استحلفت الذي يقرع ويذهب بالبلغة. 8538 - وقد قال الشعبي يقسم المدعى على عدد الشهود فيأخذ كل واحد بعدد شهوده كما يضرب أصحاب الدين. 8539 - وعن مالك أنه يقضي بالأكثر ويدع الأقل كما يفعل في الأخبار. فصل إثبات اليد السابقة 8540 - وإذا ادعى رجل عبداً في يدي آخر أنه كان في يديه أمس وأقام بذلك بينة فإن أبا حنيفة ومحمد قالا لا تقبل هذه الشهادة. فصل 8541 - وقال أبو يوسف تقبل هذه الشهادة ويقضي بها، واتفقوا على أنه لو شهدوا على إقرار الذي هو في يديه يقبل. فصل الخارج وصاحب اليد 8542 - والخارج وصاحب اليد إذا ادعى كل واحد أن الشيء له وأقام بينة فالقياس عندنا أن البينة بينة الخارج في جميع الأحوال، وهو قول ابن أبي ليلى. 8543 - وقال أصحابنا الخارج أحق إلا في التابع، وما لا يتكرر ويعاد. 8544 - وقال الشافعي بينة الداخل أولى من الخارج في جميع الأحوال، وعندنا لا تسمع بينة صاحب اليد على ما بدل اليد.

فصل 8545 - فإن أقام كل واحد بينة أن العبد ولد في ملكه فإن يقضي به للذي هو في يده، وقد روى في ذلك أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم-. فصل 8546 - وإذا ادعى رجل على رجل عينا في يده كائناً ما كانت، فقال الذي هو في يديه هذه لفلان أو دعني إياه، فإن أقام بينة بما قال دفع الخصومة عن نفسه وإن [لم تكن له بينة]، فهو الخصم. 8547 - وقال ابن أبي ليلى، دفع الخصومة عن نفسه بالإقرار أنها لغيره. 8548 - وقال ابن شبرمة لا يدفع في الحالين الخصومة منه بل هو الخصم وإن أقام بينة. 8549 - ولا فرق عند أبي حنيفة وأبي يوسف بأن يشهد الشهود بأنهم يعرفون المقر له إذا رواه عرفوا وجهه وأن جهلوا اسمه ونسبه. 8550 - وقال أبو يوسف هذا على ما يقع في قلب الحاكم ويعرف به الرجل المدعي عليه، وقال محمد إذا لم يعرف الاسم والنسب لم يقبل ذلك، وأن ادعى أنه اشتراه أو أجره أو رهنه أو سلمه فذلك كله سواء ويدفع الخصومة وفي الشهادة أنه سرقة خلاف بين أصحابنا. 8551 - وقال أبو حنيفة لا يدفع، وقال محمد يدفع.

فصل لا تجب اليمين على كل منكر 8552 - وكل مدع فعليه البينة في سائر الحقوق ولا يجب اليمين على كل منكر، بل على بعض المنكرين دون بعض، وقد مضى من يحلف ومن لا يحلف إذا ادعى عليه فيما مضى فلا وجه لإعادته.

باب الدعوى في الميراث ودعوى التوارث

باب الدعوى في الميراث ودعوى التوارث فصل 8553 - وإذا ادعى رجل على رجل أن أباه مات وترك له هذا العبد الذي في يد المدعي عليه ميراثاً منذ سنة وأقام البينة، وادعى الآخر أن ذلك ميراث له من أبيه وأنه تركه له منذ سنتين وأقام بذلك بينة فهو لصاحب السنتين عند أبي حنيفة ومحمد وقول أبي يوسف الآخر. وقال أولاً هو بينهما بالسوية وهو قول محمد. وذكر الشافعي القولين كما ذكرناه. 8554 - لأن أقدم الوقتين يثبت فيه الملك ثم يستدام فيكون أولى، لأنهما تساويا في الملك ومع الآخر مزية فكانت أولى. فصل الدفع بأن الدار لأبيه أو لجده 8555 - وإذا ادعى رجل على غيره داراً في يده أنها له فأنكر وأقام بينه أنها لأبيه لم تقبل البينة في ظاهر الكتب. 8556 - ومن أصحابنا من يقول هذا اتفاق ومنهم من يقول هذا قول أبي حنيفة ومحمد، فأما على قول أبي يوسف فيقبل ذلك. فصل 8557 - ولو شهدوا بأنها لجده فإن ذلك لا يقبل حتى يجروا المواريث إليه بأن يقولوا مات جده وتركها ميراثاً لأبيه ثم مات أبوه وتركها ميراثاً له.

وقال أبو يوسف إن علم أن الجد مات قبل الأب قضى له، وإن مات قبل الجد أو جهل الحال في ذلك ل يقض له الجواز أن يكون بينهما آخر. 8558 - ولو شهدوا أن أباه مات وتركها ميراثاً له ولم يقل الشهود أنهم لا يعلمون له وارثاً غيره فإن القاضي يتلوم مدة فإن لم يظهر له وارث غيره سلم إليه الميراث عند أبي حنيفة ولا يأخذ منه كفيلاً لأن أخذ الكفيل ظلم. 8559 - وقال أبو يوسف ومحمد لا يسلم إليه الميراث حتى يأخذ الكفيل منه. فصل 8560 - ومن ادعى داراً في يد رجل له ولأخيه الغائب وأن أباهما مات وتركها ميراثاً لهما ومن هي في يديه [ينكر] فأقام بينة بما ادعاه فإنه يقضي له بالنصف ويدع النصف في يد المدعي عليه حتى يحضر الغائب عند أبي حنيفة. 8561 - وهل يحتاج الغائب إلى أن يعيد البينة؟ قال في كتاب الدعوى لا يحتاج. 8562 - وفي الجامع الصغير إذا ادعى القصاص فحضر الغائب كلف إعادة البينة وذكر في المسألة روايتين. 8563 - وقال أبو يوسف ومحمد يؤخذ النصف الآخر ويترك بيد عدل حتى يحضر الغائب، ولو كان ذلك عرضاً من العروض فإن القاضي يدع ذلك في يد العدل في قولهم جميعاً وإن أقر الذي في يديه الشيء بذلك للميت فإنه يقر في يده في قولهم جميعاً.

فصل 8564 - ومن يرث في حال دون حال فأقام البينة بموت من يرث وهو ممن يحجب كالأخ وابن الابن والعم والجد، وكل من يتقدم عليه غيره كالمولى المعتق فإنه لا يسلم إليه الميراث حتى يقول الشهود إنه لا وارث له غيره. 8565 - وقال زفر يسلم لأنه إذا قال مات وترك فلاناً وارثه فلا يجوز أن يؤخر حقه بمن لم يثبت أنه وارث. فصل 8566 - والزوجان أيهما أقام بينة بالموت وأنه وارث ولم يبين الشهود من يرث معه من الورثة فما الذي يعطي الزوج؟ 8567 - فحكى الخصاف أنه يعطي نصف المال في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف الربع. 8568 - وقال الحسن الخمس وفي الزوجة الربع وعند أبي يوسف ربع الثمن. وروى عنه ربع المال والذي حكاه الطحاوي وغيره أنه يعطي أقل النصيبين، وهو قول أبي يوسف. 8569 - وقال محمد أكثر النصيبين. 8570 - وروى عن أبي يوسف ربع الثمن في الزوجة. 8571 - وروى الحسن عنه ربع السبع حكى هذا الخلاف في المختصر. فصل تحديد وقت الموت 8572 - ومن أقام بينة أن هذا الشيء لأبيه مات وتركه ميراثاً في يوم

كذا من سنة كذا فأقامت امرأة بينة أن الميت تزوجها بعد ذلك الوقت وأنه مات بعد ذلك فإنه يحكم بالبينتين جميعاً وتأخذ الصداق والميراث من الابن لأنه ليس للابن في الوقت حق. وإذا أقامت امرأة أخرى بينة بعد وقت الأولى بالتزويج والموت بعد ذلك حكم لها بذلك وشاركت الأولى لأنه لا حق للأولى في الوقت. فصل 8573 - ولو كان ابن أقام بينة أن فلاناً قتل أباه يوم كذا فقضى بذلك وأقامت امرأة بينة أنه تزوجها بعد ذلك لم أقبل منها لأن القتل قد لزم في ذلك الوقت فلا تبطله بينة المرأة، والموت ليس فيه حق لزوم لأحد، ألا ترى أنها لو أقامت بينة أنه تزوجها ذلك اليوم بخراسان لم أقبل ذلك لأني قد حكمت أنه بمكة ذلك اليوم. حكى هذه المسائل الخصاف في أدبه. فصل 8574 - ولو قال المدعي كان هذا الشيء في يد أبي مات وهو في يده وأقام على ذلك بينة حكمت بذلك الشيء وجعلته ميراثاً لورثة أبي المدعي، ولو شهد بذلك لرجل حي أنه كان في يده منذ شهر أو سنة كان ذلك باطلاً عند أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف تقبل وقد مضت. فصل قرينة اليد 8575 - والشهادة بأن أباه مات وترك هذه الدار ميراثاً أو هي في يديه أو ساكن فيها أو متصرف فيها فذلك كله سواء ويحكم له بالدار. ولو قالوا مات فيها حين مات لم يحكم بهذه الشهادة لأنهم لم يثبتوا

ملكاً ولا يداً بخلاف الأول. فصل ثبوت الملك تبعاً لليد 8576 - ولو شهدوا أنه كان لابساً هذا الثوب أو الخاتم أو راكباً على هذه الدابة أو حاملاً هذا المتاع قضى بذلك وأخذ ذلك من يد الذي هو في يديه لأن هذه الأشياء تدل على ثبوت اليد والملك يثبت تبعاً لذلك. فصل معيار ثبوت اليد 8577 - ولو شهدوا أنه مات وهو قاعد على هذا البساط أو نائم على هذا الفراش لم يستحق بذلك شيء لأنه قد يموت على بساط غيره.

باب اختلاف الشهود في الوقت والإطلاق

باب اختلاف الشهود في الوقت والإطلاق 8578 - وهذا باب اختلاف الشهود في الوقت والإطلاق، وأصل هذا الباب أن الرجلين إذا دعيا شيئاً فلا يخلو إما أن يكون في يدهما أو يد أحدهما أو يد ثالث وادعيا الملك المرسل أو الميراث أو الشراء وأقاما بذلك بينة فلا يخلو من أن يطلق الشهود الوقت أو يوقتا وقتاً، أو بوقت أحدهما ويطلق الآخر فإن أطلقا فهو بينهما بالسوية وإن وقتاً فهو لصاحب الوقت الأول عند أبي حنيفة. 8579 - وهو قول أبي يوسف الآخر، وأن وقت أحدهما ولم يوقت الآخر فلا عبرة بالوقت، سواء كان ذلك في الملك المطلق أو الميراث وفي قول أبي يوسف الأول لا عبرة بالوقت في الأحوال كلها، وإن وقت أحدهما وأطلق الآخر فهو لصاحب الوقت عند أبي يوسف. 8580 - وقال أبو حنيفة هو للذي أطلق بأنه يقتضي الملك من أصله وعند محمد لا عبرة بالوقت في الميراث والأول والآخر في ذلك سواء وفي الملك المرسل إذا كان الشيء في يد ثالث فهو لصاحب الوقت الأول كما قال أبو حنيفة. 8581 - وأن وقت أحدهما ولم يوقت الآخر فهو للذي لم يوقت مثل قول أبي حنيفة، وإن كان في يد أحدهما. 8582 - وروى عنه أصحاب الإملاء أنه قال لا أقبل بينة الذي هو في يديه وأقضى للخارج، وهو قوله الآخر. فصل أمة دبرها وأعتقها الآخر 8583 - ولو كانت أمة في يد رجل فأقام الآخر البينة أنها أمته منذ سنة

وأنه دبرها وأقام الآخر أنها أمته منذ شهر وأنه أعتقها فهي لصاحب الوقت الأول عند أبي حنيفة وأبي يوسف الآخر. 8584 - وفي قول محمد لا عبرة بالوقت وهي حرة. فصل وجوب ثبوت اليد 8585 - والرجلان إذا حضرا عند القاضي وكل واحد يقول في يدي الدار الفلانية وهي لي ومكي والآخر يقول مثل ذلك، ولا يعلم أنها في يد أحدهما فإن الطحاوي قال في أدب الحكام الصغير له أن القاضي لا يسمع منهما. ويقول لهما من في يديه شيء فهو لو لأن كل واحد يدعي على صاحبه شيئاً، ولابد أن يكون أحد الخصمين مدع والآخر مدعى عليه. فصل ادعياه وكل منهما ذو يد 8586 - فإن كان الشيء في أيديهما وكل واحد يدعيه وأقاما بذلك بينة قسمه القاضي بينهما نصفين بخلاف ما قاله الشافعي وقد مضت، وإن لم يكن لهما بينة تركه القاضي في أيديهما لا على سبيل القضاء، فإن أقام أحدهما بينة ولم يقم الآخر فهو للذي أقام البينة. فصل تقديم بينة النتاج على بينة مطلق الملك 8587 - وإن كانت الدعوى في نتاج وأقام كل واحد البينة بأنه ولد في ملكه قسمه بينهما نصفين لتساويهما في سبب الاستحقاق. وإن أقام أحدهما البينة بالنتاج والآخر بمطلق الملك فهو للذي أقام

البينة بالنتاج ولا فرق بين أن يكون صاحب اليد أو الخارج هو الذي أقام البينة بذلك. فصل العمل ببينة شهدت بملك جميع الدار 8588 - وإن ادعى أحدهما نصف الدار والآخر جميعها وهي في أيديهما وأقام كل واحد بينة بما ادعاه فهو لصاحب البينة التي شهدت بالجميع له دون صاحب النصف. فصل 8589 - وإن كانت في يد ثالث قسمت بينهما على أربعة أسهم عند أبي حنيفة وعلى ثلاثة عندهما وقد مضت. 8590 - وإن ادعى أحدهما وهي في أيديهما أن له خمسة أسداس وأقام على ذلك بينة وادعى الآخر أن له الثلثين وأقام على ذلك بينة فإن لصاحب الخمسة أسداس ثلثي الدار ولصاحب الثلثين الثلث لأن صاحب الخمسة قد استحق بينته ما في يد الآخر لأنه يقول لي النصف والثلث مما في يدك فبقي في يده سدس، وصاحب الثلثين يقول لي النصف والثلث مما في يدك فبقي في يده سدس، وصاحب الثلثين يقول قد بقي لي مما في يدك سدس فقد سلم لصاحب الخمسة أسداس ثلث على طريق الترك وثلث استحقه بالقضاء فصار في يده الثلثان، وصاحب الثلثين بقي في يده سدس وقضى له على صاحب بسدس واصل الباب أن كلاً منهما لا تقبل بينته على ما في يده وتقبل على ما في يد شريكه لأن صاحب اليد لا تسمع بينته عندنا. ولا أعرف مذهب الشافعي في ذلك.

باب من الدعاوى في الشراء والهبة

باب من الدعاوى في الشراء والهبة 8591 - وهذا باب من الدعاوى في الشراء والهبة إذا كانت دابة في يد رجل فادعى رجل أنه اشتراها منه بألف وأقام البينة، وأقام رجل آخر البينة أنه وهبها منه أو رهنها أو تصدق عليه بها فصاحب الشراء أولى في قولهم جميعاً. 8592 - وإن أقام المدعى بينة بالشراء أو امرأة بأنه مهرها ذلك فهي بينهما بالسوية عند أبي يوسف، وتأخذ المرأة نصف قيمة ذلك من الزوج. 8593 - وقال محمد بينة الشراء أولى ويكون للمرأة قيمة ذلك، فإن أبت القبض في الهبة والصدقة فهو أولى لأن العقدين أحدهما يملك به والآخر لا يملك به وهو للوقت الأول في قولهم المشهور.

باب من دعوى الولاة والنتاج

باب من دعوى الولاة والنتاج 8594 - وهذا باب من دعوى الولاة والنتاج وإذا كان العبد في يد رجل فأقام آخر البينة بمثل ذلك فإنه يقضي به بينهما بالسوية ويكون العبد ابن العبدين وابن الأمتين في قول أبي حنيفة. 8595 - وقال أبو يوسف ومحمد يكون ابن العبدين ولا يكون ابن الأمتين، وفي قول الشافعي لا يكون ابن واحد منهم ويراه القافة وقد مضت. فصل 8596 - ولو كانت شاه في يد رجل وشاه أخرى في يد آخر فادعى كل واحد منهما أن الشاة التي في يد الآخر شاته ولدتها شاته التي هي في يده فإن يعطي كل واحد شاة صاحبه عندنا. 8597 - وقال أبو يوسف البينتان باطلتان لأنه لم تلد كل واحدة الأخرى. وعند الشافعي لكل واحد ما في يده، وعلى هذا الخلاف إذا كانت الشاة مذبوحة وفي يد أحدهما البدن وفي يد آخر السواقط فأقام كل واحد منهما البينة أن الشاة له فعندنا، يأخذ كل واحد ما في يد الآخر. وقال الشافعي لكل واحد ما في يده. 8598 - والأخوان إذا كان أحدهما مسلماً والآخر ذمياً واختلفا في

إسلام أبيهما عند موته فقال المسلم مات مسلماً وقال الآخر مات كافراً فبينة المسلم ودعواه أولى، وقال الشافعي تتعارضان فتسقطان في أحد القولين وفي الآخر يشتركان كان الإسلام يعلوا ولا يعلى عليه. ولأن الإسلام طارئ فبينته أولى لأنها تشهد بأمر حادث. فصل نوع آخر 8599 - وأبو حنيفة يرجح بوجه البناء وبالتربيع ولا يرجع بقمط الحصر ولا بالهراوي، يوسف ومحمد يرجحان بالقمط. فصل نوع آخر 8600 - ذكر محمد في الرقيات أن رجلاً لو وجدناه ميتاً فجاء عشرة أنفس من أهل الذمة فشهدوا أنه مسلم لم أقبل خبرهم ولم أصل عليه بقولهم أنه خبر من أخبار الدين فلا يقبل من الكافر.

فصل 8601 - ولو جاء رجل مسلم وقال أنا ابنه وهو أبي مسلم مثلي صلى عليه ودفن في مقابر المسلمين وسلم إليه ميراثه لأن خبر المسلم مقبول على المسلمين، وسلم الميراث إليه لأنه لا مدع له سواء. فصل 8602 - ولو كانت الدار في يد مسلم فقال، أبي مات مسلماً وتركها ميراثاً، وقال أخو الميت وهو ذمي مات أبي وهو على ديني فميراثه لي فالقول قول الابن المسلم، لأنا حكمنا له بالإسلام وصلينا عليه بقول المسلم والأخ ليس وارثاً مع الابن ولا يسمع قوله أنه ذمي، كما لو أخبر بذلك غير الأخ لم يسمع خبره ولم نجعله ذمياً. فصل 8603 - ولو كانت الدار في يد ورثته فقالت امرأته وهي مسلمة، كان زوجي مسلماً وله أخ مسلم فصدقها أخذت الدار من يد الورثة الكفار وجعلتها بين الأخ والمرأة. 8604 - ولو كان له ابن كافر وأخ مسلم واختلفا في إسلامه فالقول قول الابن الكافر لأن الأخ مع الابن لا يرث فهو كالأجنبي، وهذا كله إذا لم يعلم كفره الأصلي ولا إسلامه فإن عرف كفره فالميراث للكافر، وإن عرف الإسلام لم يسمع الكفر. 8605 - وقد ذكرنا في هذا الكتاب ما تمس الحاجة إليه وفيه يقع غالباً في البلاد ولم نذكر الشواذ ولا عويص المسائل، ولا ما لعله لا يقع، وذكر كل ما ذكر لا يمكن في هذا لكثرة الفروع في الكتب، وفي الذي ذكرت ما لم أره في كتب من صنف في هذا الشأن كتاباً مجموعاً ولا معللاً ولا مبيناً، وتحريت الحكايات وأضفت ما لعله ينكره من لا علم له بالمسائل

إلى مواضعه من الكتب، وثبت ذلك. وفي الذي ذكرت علم كثير ومسائل جمة وأصول يبني عليها نظائرها لمن يعرف الأصول والقياس على الأمرين. وكل من أنصف من العلماء علم عظيم ما أودعته وقربته وحكيته أنه لم أسبق إلى حصر الأبواب ولا ترتيب الكتب على ما أثبت. وإنني أول من قسم الكلام في هذا العلم إلى الكلام في القاضي والمقضي له والمقضي عليه والطريق الذي يقضي به والمقضي به من الحقوق. وإنني قد أودعت في كل باب ما لا يوجد في مثله لمن تقدم أما في الاختصار أو الإكثار أو البيان أو جمع النظائر في الأحكام ونحن نختم الكتاب باب نذكر فيه من تولى القضاء وفضيلة الحكم ومن امتنع من الدخول فيه على حسب ما وعدت به في أول الكتاب.

باب من ولي القضاء وتولاه من العلماء

باب من ولي القضاء وتولاه من العلماء وقضاة الخلفاء إلى هذا الوقت ومن اشتهر بذلك 8606 - اعلم أن الله تعالى للطيف حكمته شرع الشرائع مختلفة لمصالح العباد، ولو علم أن الصلاح في الأمر الواحد والعبادة الواحدة لما خالف بين التكاليف في الأحكام الشرعية ولا نسخ الشرائع بعضها ببعض ولا نسخ من شرعنا ما شرعه ولا زاد علينا في التكاليف زيادات وأسقط عنا واجبات وبعث الأنبياء عليهم السلام وبين لهم الأحكام والحلال والحرام. 8607 - فأول حاكم حكم وقاض ألزم إنما هو الله تعالى الذي (ألزم) المشاق في التكليف ونهى عن الملاذ والترفيه، وبين العدل وشرعه ونهى عن العدوان ومنعه فقال: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. وقال {وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}

{وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ}. {وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ}. وقال: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}. وما حكمت به الأنبياء عليهم السلام من الأحكام فأخبر الله تعالى عنهم في محكم القرآن فيحتاج إلى كتاب كبير، غير انا نشير إلى أن الأنبياء بعثوا بالحكم وإقامة الشرع وإنصاف الناس بعضهم من بعض، وأن الله تعالى شدد عليهم في القول وبالغ في الموعظة، فمن ذلك قوله (تعالى): {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}. فأخبر أنه الجاعل له خليفة فأمره بالحكم بالحق ونهاه عن الهوى وأخبر أن الهوى مضل، وأن سبيله تعالى لا ضلال به ولا جور، ثم أخبر عن المضلين عن سبيله أن لهم عذاباً شديداً، وأنهم نسوا يوم الحساب لم يخافوه فركبوا الهوى وضلوا عن الهدى وقال: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ}.

ثم أخبر أنه فهمه سليمان وأنهما جميعاً أتاهما حكماً وعلماً، وأن ما حكما به صواب عنده، لأنه الذي شرعه وعلمه. ثم قال لنبيه عليه السلام بعدما ذكر الأنبياء عليهم السلام بأن يقتدي بهم ويتبع ما شرعوه إلا ما نسخه تعالى من شرائعهم وأمره باستئناف الحكم في أمته. فكل نبي حاكم وقته وقاضي أهل ملته وهو العياذ في أمته والشمس لأهل شريعته، فأول حاكم بين المسلين إنما هو النبي - صلى الله عليه وسلم-. فصل نسب الرسول 8608 - وهو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب [واسمه شيبة الحمد] بن هاشم [واسمه عمرو] بن عبد مناف [واسمه المغيرة] بن قصي [واسمه زيد] بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر [وهو أبو قريش كلها] ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. فصل ميلاد النبي وتاريخه 8609 - وولد - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول، وقيل لعشر خلون.

وقيل أنه ولد يوم الجمعة واتفق الرواة أنه ولد عام الفيل. 8610 - ورضيت قريش بحكمه وهو ابن خمس وثلاثين سنة. بعثته 8611 - وبعث ليلة العشرين من شهر رمضان وقبل السابع عشر منه، وفيها نزل القرآن وله أربعون سنة، وقيل نيف وأربعون وبقي بمكة ثلاث عشرة سنة وعشر بالمدينة ورجع إلى المدينة ومرض بضع عشرة ليلة وتوفى يوم الاثنين لأثنى عشرة مضت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة، ومات وله ثلاث وستون سنة. في رواية ابن عباس وعائشة وابن المسيب. وفي رواية أبي حنظلة مات وله خمس وستون سنة. وفي رواية عمرو بن الزبير مات وله ستون سنة. وكان يجلس في المسجد ويحكم بين الناس. وهو الذي أقام الحدود. وشرع بيان المجمل. 8612 - وعلم الشرع وحكم وأمضى وألزم وحبس وقتل وقطع وبين أحكام جميع ما قدمناه في هذا الكتاب وما لم نذكره فيه. فصل 8613 - وكل أمير أمره وعامل استعمله فكانوا هم الذين يتولون أحكام من ولاهم عليهم وفيهم كثرة. فمن جملة من أمره على السرايا واستعمله على البلاد عمه حمزة

رضي الله عنه، وهو أول وال ولاه بعد دخول المدينة ثم عبيدة بن الحارث [بن المطلب]. ثم سعد بن أبي وقاص. ثم عبد الله بن جحش. ثم سالم بن عمير. ثم عبد الله بن أنيس ومحمد بن مسلمة.

ثم عكاشة بن محصن [الأسدي]. ثم أبو عبيدة بن الجراح. ثم زيد بن حارثة.

ثم عبد الرحمن بن عوف. ثم علي بن أبي طالب. ثم عبد الله بن رواحة. ثم كرز بن جابر. ثم عمر بن الخطاب. ثم أبو بكر بن أبي قحافة.

ثم بشير بن سعد [الأنصاري]. ثم ابن أبي العوجاء السلمي. ثم غالب بن عبد الله الليثي. ثم كعب بن عمير الغفاري. ثم عمرو بن العاص. ثم أبو قتادة. ثم خالد بن الوليد. ثم عتاب بن أسيد.

ثم عيينة بن حصن. ثم قيس بن عاصم (المنقري). ثم الضحاك بن سفيان الكلابي. ثم علقمة بن مجرز [المدلجي]. ثم أسامة بن زيد عقد له في مرضه. فهؤلاء جملة من أمره على السرايا، وفيهم من تكررت له السرايا، وفيهم من لم تكرر وكل هؤلاء عقد له لواء، وكل واحد من هؤلاء قد حكم وقضى فيما أمر عليه وكل واحد ولي قبل الآخر على الترتيب الذي وصفناه. 8614 - ومن عماله عليه الصلاة والسلام جماعة كانوا هم الحكام كمعاذ بن جبل وابن اللبية.

ومنهم من نظر في أيام الخلفاء والأئمة. ونحن نذكر من ذلك عدداً بحسب ما بلغنا إن شاء الله تعالى. فصل 8615 - أعلم أن كل إمام ولي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يقضي بين المسلمين ويجلس ويصل إليه القوي والضعيف. ونحن نذكرهم على الولاء والترتيب ونذكر من قضاء كل واحد بما وقع إلينا. أبو بكر 8616 - فأول خليفة قضى وإمام حكم بين المسلمين ولم يختلف عليه ولا فيه الصحابة - رضي الله عنهم- إنما هو أبو بكر عبد الله [أبي قحافة] عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وفي هذا الأب يجتمع هو والنبي - صلى الله عليه وسلم - في القعدد إلى مرة سواء، وكل واحد هو الثامن في القعدد. وأول إمام في المسلمين كان من أهل الاجتهاد، ولولا أنه كان كذلك لم يكن [جديراً] بأن يولي الحكم والأمر والنظر على المسلمين. 8617 - ولا يجوز أن يكون القائم في الأمة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من يعلم الجميع أنه يسد مسده، ويقوم مقامه، لاسيما ولم يفرق في المسلمين مالا ولا استعان على الصحابة بعترة ورجال، وهو الحاكم في

أهل الردة بما حكم والقائل في مسلمة الكذاب ما قال حين ذكر له كلامه وقرآنه فقال: والله ما خرج هذا من نبي قط، ففرق عند سماع ما سمع بين ما هو كلام الله أو كلام مخلوق وجاءته جدة تطلب حقها من الميراث فقال لا أجد لها في كتاب الله حقاً. وهذا قول لا يجوز أن يقوله إلا من كان أعلم الناس بالقرآن ومعانيه حتى قطع أنه لا يجد فيه لها شيئاً في الوقت والحال من غير فكر، إلا أنه قد تحقق ذلك بالحفظ فلما شهد المغيرة بن شعبة وعبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أعطى الجدة السدس من ميراث ابن ابنها قضى بقولهما ورجع إلى روايتهما، وسلم لما سمع الرواية عمن يجب قول قوله في الأحكام. 8618 - ولى الخلافة وهو ابن ستين سنة وشهوراً وفي يوم وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بويع وهو القائل للأنصار: يا معاشر الأوس والخزرج. أما علمتم أنا معاشر قريش أكرم العرب أنساباً وأثبتها أحساباً، وأنا نزلنا من أحيائها وموتاها منزلة الواسطة من القلادة، وأن العرب جيبت عنا كما جيبت الرحا عن القطب، وأنا عترة النبي - صلى الله عليه

وسلم - وأصله والبيضة التي تفقأت عنه، والخبر طويل. فسلموا ذلك له بنظر وإذعان واعتراف له بالتقدم والعلم والسن. 8619 - وكان عمره يومئذ ستين سنة وشهرين. [بويع له يوم الاثنين ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وهو اليوم الذي توفى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم-]. وبقي له الأمر سنتان وأربعة أشهر وعشرة أيام. وقيل عاش ستين سنة وقيل ثلاثاً وستين وقيل غير ذلك. توفى في جمادى الآخرة سنة ثلاثة عشرة. فصل 8620 - ومن ولاته من الكفاة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-، كان القاضي بالمدينة ينوب عنه وعلى مكة عتاب بن أسيد وعلى الحراسة

أبو عبيدة بن الجراح وعلى الطائف عثمان بن أبي العاص وعلى صنعاء المهاجر بن أمية وعلى حض موت زياد بن لبيد وعلى زبيد ورمع أبو موسى الأشعري وعلى الجند معاذ بن جبل وعلى البحرين العلاء بن الحضرمي وعلى نجران جرير بن عبد الله ثم عمرو بن العاص أمره وبعثه نحو فلسطين ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وخالد بن الوليد وعلقمة بن عبد الله ومعاوية بن أبي سفيان وأسامة بن زيد وهذه جملة من

أصحابه وأعوانه. فصل عمر بن الخطاب 8621 - نص على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بن نوفل بن عبد العزي ابن رباح بن عبد الله بن قرط بن رباح بن عدي بن كعب، وكعب يجمع النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر قيل أنه ولي وله اثنان وخمسون سنة وشهور. ولم يختلف عليه اثنان ولا شهر في وجه سيف. وهو الذي صلى على أبي بكر ودفنه - رضي الله عنهما-. وأمه حنتمة بنت هشام بن المغيرة [المخزومي]. 8622 - فقام بالأمر أحسن قيام، ونظمه أحسن نظام، وتفتحت الدنيا على يديه وظهر الإسلام في وقته، ومضت دولة الفرس على يديه، ودون الدواوين ووضع الخراج وطبق طبقات أهل الذمة وألبسهم الغيار.

8623 - وهو القائل في أول خطبة خطبها: إن الحجاز ليست لكم بدار إلا على النجعة، ولا يقوى عليه أهله إلا بذلك، أين الطراء المهاجرون عن موعود الله! سيروا في الأرض التي وعدكم الله أن يورثكموها فإنه قال تعالى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} والله مظهر دينه ومعز ناصره، ومولي أهله مواريث الأمم ابن عباد الله الصالحون؟! حتى ابتدر إليه أبو عبيد بن مسعود.

وسعد بن عبيد [الأنصاري حليف بني فزارة]. وسليط بن قيس. 8624 - وله في القضاء كتب ليس لأحد مثلها ولا أجمع منها ولا أدل على علمه منها، فمن ذلك كتابه إلى أبي موسى الأشعري وقد تقدم في هذا الكتاب، ونحن نعيده حتى نغنى من لا يذكره عن طلبه. ذكر الوليد بن معد أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري، "أما بعد،

فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة، فإنهم إذا أدلى إليك بحجة، وأنفذ الحق إذا وضح فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، آس بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك حتى لا ييأس الضعيف من عدلك ولا يطمع الشريف في حيفك. البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر. والصلح جائز بين المسلمين إلا صلح حرم حلالاً أو أحل حراماً ولا يمنعك قضاء قضيته فراجعت فيه نفسك، وهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق فإن الحق قديم، فلا تبطل الحق، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل. الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك مما ليس في كتاب الله، ولا سنة النبي - صلى الله عليه وسلم-. ثم أعرف الأشباه والأمثال فقس الأمور عند ذلك فاعمل بأقربها إلى اله وأشبهها بالحق واجعل لمن يطلب حقاً غائباً أو شاهداً أمداً ينتهي إليه، فإن أحر بينة أخذت له بحقه أو إلا وجهت القضاء عليه فإنه أبلغ في العذر وأجلى للعمى. المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلوداً في حد أو مجرباً في شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو قرابة فإن الله تعالى تولى منكم السرائر ودراء عنكم بالبينات والإيمان وإياك والغضب والقلق والضجر والتأذي بالناس. واسكن عند الخصومة فإن القضاء في مواطن الحق يوجب الله به الأجر ويحسن به الذكر ومن خلصت نيته في الحق ولم يثن لها على نفسه رأف الله به، ومن تزين بما يعلم الله أنه ليس في قلبه شأنه الله به، فما ظنك بثواب الله تعالى مع عاجل رزقه وخزائن رحمته، والسلام عليك". 8625 - وهذا الكلام لا يصدر إلا من رجل من أهل الاجتهاد، لأنه قد جمع فيه من مواضع الاجتهاد والحكم ما لو أراد كل فقيه في الأرض

أن يقول مثله لما قدر عليه مع قلة حجمه وبيان ألفاظه ومعانيه. مقتله 8626 - وقتل يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين بعد ما عاد من الحج وهو ابن ثلاث وستين سنة وفيه خلاف وقيل قتل لثلاث بقين، وكانت خلافته عشرة سنين وستة أشهر وأربعة أيام. وقيل سبعة عشر يوماً، وبقي مجروحاً ثلاثاً ثم مات. فصل نوابه في البلاد 8627 - ومن جملة أصحابه ونوابه في البلاد والأحكام عبد الله بن مسعود وأبو عبد الرحمن بن عاقل (؟) بن خليف بدري ولاه قضاء الكوفة هو العالم العظيم الشأن وله كل عجيب في الفقه توفى سنة اثنين وثلاثين بالمدينة، وله تسع وسبعون سنة في خلافة عثمان بن عفان. 8628 - وقضاة عمر فكثير لاتساع البلاد وانتشار الدعوة، وذكر

كل من ولي فلا يمكن لأنه يحتاج إلى كتاب أكبر من هذا الكتاب غير أن منهم علي وزيد بن ثابت رحمه الله.

فصل أصحاب الشورى 8629 - ثم نص على ستة أنفس من المهاجرين عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد [بن أبي وقاص] وعبد الرحمن بن عوف، وكانت الشورى ثلاثة أيام فاختار عبد الرحمن عثمان - رضي الله عنهما-، ورضى بذلك الجماعة، ووقع الرضا من جميع الناس به. خلافة عثمان بن عفان ذي النورين نسب عثمان 8630 - وهو أبو عمرو وقيل أبو عبد الله عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، يجتمع هو والنبي - صلى الله عليه وسلم- في عبد مناف، ويجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم- من جهة الأم في عبد المطلب، جدته أروى بنت عبد المطلب، وهي وعبد الله أبو النبي - صلى الله عليه وسلم- ولدا في حمل واحد. سيرته 8631 - وله مفاخر، وكان يحفظ القرآن، وصلى به في ركعة واحدة، وله في القضاء حكايات وأخبار، وهو صهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم-

على ابنتيه، وكلامه في الاعتذار فيما قذف به لا يحسن أحد من العلماء أن يجيب بأحسن منه. 8632 - وقتل يوم الجمعة قيل لثمان عشرة ليلة مضت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وهو ابن سبعين سنة وقيل له نيف وثمانون سنة. 8633 - واتفقوا أنه ولى سنة أربع وعشرين سنة، وقد قيل أنه كان عمره اثنين [و] ثمانين سنة وبقي له الأمر أحد عشرة سنة وأحد عشر شهراً وتسعة عشر يوماً. [كاتبه مروان بن الحكم. وقاضيه كعب بن سور وعثمان بن قيس بن أبي العاص. وأما أميره بمصر فأخوه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن أبي سرح. وحاجبه حمران مولاه. وصاحب شرطته فعبد الله بن قنفذ التميمي وهو أول من اتخذ شرطة]. فصل علي بن أبي طالب 8634 - ثم ولى بعده الأمر أبو الحسن علي بن أبي طالب بن [عبد مناف بن] عبد المطلب أمير المؤمنين - رضي الله عنه-. يجتمع هو والنبي - صلى الله عليه وسلم- في عبد المطلب وهو أقرب الخلفاء إليه من الآباء، وأمه فاطمة بنت أسد بن عبد العزي بن هاشم، أول هاشمية ولدت هاشمياً.

بيعته 8635 - بويع في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وهو ابن ثلاث وخمسين سنة وثلاثة أشهر، وجرح صبيحة يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان، وفارق الدنيا يوم الأحد التاسع عشر من سنة أربعين وكانت ولايته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر قتله ابن ملجم المرادي وفيه يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- اشقى الأولين من قتل ناقة صالح، وأشقى الأولين والآخرين من خصب هذه من هذه. وقيل قتل وله ثمان وخمسون سنة. وقيل خمس وستون. وقيل ستون سنة. كل هذا قد روي فيه. 8636 - وهو الذي ولاه النبي - صلى الله عليه وسلم- قضاء اليمين في حياته، وقال فيه أقضاكم علي وولى القضاء في زمن عمر، وكان يشاوره فيما يمضيه من الأحكام، ويرجع إلى فتواه وإنما كثر علمه لطول زمانه بعد الخلفاء وانتشرت قضاياه. قضاته 8637 - وله عدة قضاة، منهم من هو من قضاة من كان قبله، ومنهم من ولاه هو القضاء وسنذكر منهم عدداً من الصحابة والتابعين، فمنهم ابن عباس أبو العباس.

وشريح [بن الحارث بن قيس]. والخلق الكثير من الناس. الحسن بن علي 8638 - ثم ولى الأمر بعده ابنه أبو محمد الحسن سبط النبي - صلى الله عليه وسلم- بايعه أهل العراق وكان أشبه الناس برسوله الله - صلى الله عليه وسلم-. وله مع معاوية أخبار ومكاتبات وحكم وقضا، وقتل ابن ملجم وقام بالأمر، وله خطب وكلام بليغ وسلم الأمر إلى معاوية بعد أربعة أشهر ثم اعتزل، وقيل ستة أشهر وثلاثة أيام، وانكفأ إلى المدينة، وكان يأخذ من معاوية كل سنة أربعين ألف درهم، سوى الصلات، وتوفى سنة خمسين بالمدية وهو ابن ثمان وأربعين سنة وقيل تسع وأربعين وصلى عليه سعيد ابن العاص وكان أمير المدينة. [قاضيه قاضي أبيه وكذا كاتبه].

الدولة الأموية معاوية بن صخر 8639 - ثم ولى أبو عبد الرحمن معاوية بن [أبي سفيان] صخر ابن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، ويجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم- في عبد مناف من جهة أمه لأنها هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف. سيرته 8640 - وهو الذي قام بالجمع يوم صفين، وما جرى له من الأمور ليس هذا مجل لذكره. بايع له أهل الشام في زمن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - واجتمع الناس عليه في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين. 8641 - وتوفى بدمشق في رجب سنة ستين وقد ناهر الثمانين، وبقي في الأمر تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر، وقيل عشرين يوماً، وكان عظيماً حليماً يقول الشعر ثم تركه. 8642 - وكان يتولى القضاء والحكم بنفسه وله جماعة على البلاد في الأحكام. منهم عمرو بن العاص بمصر أمير مصر إلى أن توفى في ليلة الفطر من سنة ثلاث وأربعين وولى عوضه أخاه عتبة بن أبي سفيان ثم مات فولى عوضه عقبة بن عامر الجهني ثم صرفه وولى عوضه مسلمة بن مخلد الأنصاري. وأما قضاته ففضالة بن عبيد الأنصاري، وعلى مصر سليمان بن عنز الأنصاري عشرين سنة إلى أن مات معاوية].

8643 - وهو الذي مهَّد الدولة الأموية وبنى أسها، وهو أعظم من شوهد فيها. 8644 - ووفد عليه من بقي من الصحابة - رضي الله عنهم- بالمدينة والعراق كقيس بن سعد وعبد الله بن جعفر وسائر أل أبي طالب وكان متوصلا إلى أغراضه فاستخلف ابنه خالد يزيد بن معاوية ثم نظر بالنص عليه بعده. يزيد بن معاوية 8645 - وبايع الناس له في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وستين وتوفى لأربع عشرة ليلة من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين، وبقي له الأمر هذه المدة. بيعة الحسين 8646 - وفي وقته بايع أهل العراق أبا عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- سبط الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يستكمل له الأمر ولا تمكن من النظر والولاية. وقتل [بالطف] يوم السبت عاشر المحرم سنة إحدى وستين وله

تسع وخمسون سنة وثلاثة أشهر وثلاثة أيام. وقتل معه جماعة من ولده. وهو وعثمان سبب بوار العالم إلى آخر الزمان. فصل معاوية بن يزيد 8647 - ثم ولى الأمر بعد يزيد معاوية ابنه [وهو] أبو ليلى ويقال أبو عبد الرحمن، بقي له الأمر ثلاثة أشهر واثنان وعشرون يوماً وقيل أربعون يوماً. فصل ثورة الزبير بن عبد الله بن الزبير 8648 - وممن ملك الأمر وبويع له في أيام يزيد وابنه، أبو بكر عبد الله بن الزبير بن العوام أول مولود وله بعد الهجرة بالمدينة. وحج بالناس سنة ستين ولم يكن بويع له، ثم حج سنة إحدى وستين. الأمر يحكم ويمضي إلى جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين. وقتله الحجاج يوم الثلاثاء لخمس بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وعاش بعد عبد الله بن العباس في رواية خمس سنين، وفي أخرى ثلاث سنين.

[وقاضيه عابس بن سعيد، وكاتبه رميل بن عمر، وكان أميره على مصر عبد الرحمن بن عتبه بن جحدم]. فصل مروان بن الحكم 8648 - ثم بويع أبو عبد الملك مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف في ذي القعدة وقيل في رجب سنة أربع وستين، وبقي في الأمر إلى مستهل شهر رمضان سنة خمس وستين، فمن الناس من قال بقي في الأمر سنة وشهراً وعشرين يوماً وقيل تسعة أشهر. وفي وقته خرج الضحاك بن قيس أبو أنيس ودعا إلى نفسه، وقتله مروان بمرج راهط سنة أربع وستين. [وقاضيه أبو إدريس الخولاني]. فصل عبد الملك بن مروان 8649 - ثم ولى عبد الملك بن مروان بن الحكم أبو الوليد. بويع ليلة الأحد في شهر رمضان سنة خمس وستين وبقي في الأمر إلى شوال سنة ست وثمانين. وكان عظيماً في الدولة يستعمل الكفاة والعظماء. وفي وقته خلع المختار بن أبي عبيد بن الزبير وبايع أبا القاسم محمد

ابن الحنفية، وكان [عبد الملك] عظماً عالماً، مات في شهر ربيع الأول، وهو ابن خمس وستين سنة ولم يستكمل أمره. وفي وقته خرج أبو أمية عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية، ادعى أن مروان حمل إليه الخلافة ودعا إلى نفسه، وقتله عبد الملك، ويعرف بالأشدق، وفي وقته خرج عبد الرحمن بن الأشعث وخلع عبد الملك بن مروان في سنة إحدى وثمانين، وحاربه الحجاج بن يوسف وهزمه بدير الجماجم ثم قتل بعد ذلك، وكان عبد الملك بن مروان يرجع إلى علم ونحابة وفضل كبير، وهو من أكابر بني أمية، وفي أيامه فتح موسى بن نصير كثيراً من أعمال المغرب. وكان قاضيه أبو إدريس الخولاني وعبيد الله بن قيس. وكان أميره على العراق الحجاج بن يوسف الثقفي وعلى مصر أخوه عبد العزيز بن مروان. فصل الوليد بن عبد الملك 8650 - ثم ولى بعده أبو العباس الوليد بن عبد الملك بن مروان بويع له في النصف من شوال سنة ست وثمانين، وتوفى يوم السبت لنصف من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وبقى له الأمر تسع سنين وثمانية أشهر. وقيل سبعة أشهر وخمسة عشر يوماً، وفي وقته مات الحجاج بن يوسف. وأمه من بني حزن بن الحارث اسمها ولادة. وهو الذي بنى مسجد دمشق وزاد فيه كنيسة النصارى وهو أول من اتخذ المارستان للمرضى ودار الضيافة وولي عمر بن عبد العزيز المدينة فأقام واليها سبع سنين وخمسة أشهر، وشيد مسجد النبي. وفي أيامه فتح أخوه مسلمة الطوانة من بلاد

الروم وبلاد الأندلس وطليلطة وفتح في أيامه عدة بلاد من السند. [وقضاته عبد الله بن عبد الرحمن وعياض بن عبيد الله وعبد الملك بن رفاعة]. وسنذكر من عرف بالقضاء في دولتهم بعد الفراغ من ذكرهم. فصل سليمان بن عبد الملك 8651 - ثم ولى بعده أبو أيوب سليمان بن عبد الملك بويع له في يوم توفى الوليد، وهو نصف جمادى الآخرة سنة ست وتسعين، وتوفى لعشر بقين من صفر سنة تسع وتسعين وبقي له الأمر سنتان وثمانية أشهر وخمسة أيام، وأمه بنت العباس العبسية. وله أخبار وحكايات في مدة نظره وليس القصد ذكر ذلك وإنما هو من جملة الحكام. قاضيه محمد بن حزم وكاتبه يزيد بن المهلب. فصل عمر بن عبد العزيز 8652 - ثم ولى بعده أبو جعفر عمر بن عبد العزيز بن [مروان ابن الحكم]. استخلف في صفر سنة تسع وتسعين، وتوفى لخمس بقين من رجب سنة إحدى ومائة وبقي له الأمر سنتان وخمسة أشهر وأربعة أيام. وهو الخليفة العابد الزاهد العالم الكامل، وله الفقه والأقوال المأثورة، وقد مر في هذا الكتاب قوله في مسائل الاجتهاد.

وأمه ليلى أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم-. وهكذا يذكر الصالحون بعدهم. (كان أميره على مصر أيوب بن شرحبيل، وقاضيه عبد الله بن سعيد الأيلي، وأبو مسعود عبد الله بن يزيد وكاتبه رجاء بن حيوة الكندي وليث بن أبي رقية). فصل يزيد بن عبد الملك ثم ولي الأمر بعده أبو خالد يزيد بن عبد الملك (بن مروان) استخلف لخمس بقين من رجب سنة إحدى ومائة. وتوفي لخمس بقين من شعبان سنة خمس ومائة، وبقي له الأمر أربع سنين وعشرة أيام وأمه عاتكه بنت يزيد بن معاوية. وفي وقته خرج يزيد بن المهلب بن أبي صفرة ودعا إلى نفسه وقال أنه القحطاني فقتله مسلمة بن عبد الملك في سنة اثنتين ومائة. (كان أميره على مصر بِشر بن صفوان، وقاضيه أبو مسعود الأيلي وعبد الرحمن بن الحسحاس وكاتبه عمر بن هبيرة وإبراهيم بن جبلة وأسامة بن يزيد). فصل هشام بن عبد الملك ثم ولي أبو الوليد هشام بن عبد الملك بن مروان استخلف في شهر رمضان سنة خمس ومائة وتوفي لعشر خلون من ربيع الأول سنة خمس وعشرين ومائة. وكان نظره تسعة عشرة سنة وسبعة أشهر وعشرون يوماً.

وأمه عائشة بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة. وفي وقته ظهر أبو الحسين زيد بن علي بنن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم (بالكوفة) ودعا إلى نفسه فقتله يوسف بن عمر الثقفي وصلبه واحرقه وزاره في الفرات وهو إمام الزيدية وفيه إخبار ترويها الشيعة، وكان فقيها عالما له تبع وشيعة [وظهر دعاة بني العباس بخراسان وكثر إتباعهم]. وهشام قتل غيلان الشامي وأمر بقلع أسنانه وكحله، ووله مسه أخبار وحكايات في القول بالعدل والقدر. وكان غيلان هذا من رؤساء المتكلمين. (وقاضيه محمد بن صفوان الجمحي ويحي بن ميمون الحضرمي وسعيد بن ربيعه). فصل الوليد بن يزيد ثم ولي بعده أبو العباس الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بويع له في شهر ربيع الأول سنة خمس وعشرين ومائة وقيل لليلتين بقيتا من جمادي الآخرة ست وعشرين ومائة، وبقي في الأمر سنة وشهرين وعشرين يوما. وأمه أم محمد بنت محمد بن يوسف أخي الحجاج، وفي قتله وما جري عليه حكايات وأخبار [كان أميره حفص بن الوليد الحضرمي، وكان قد أقر محمد بن صفوان الجمحي على القضاء وكان كاتبه العباس بن مسلمة]. فصل يزيد بن الوليد ثم ولى بعده أبو خالد يزيد بن الوليد بن عبد الملك [بن مروان].

بويع له في مستهل رجب سنة ست وعشرين ومائة، وبقى في الأمر إلى ذي الحجة من السنة المذكورة وكانت مدته خمس أشهر وليلتين. ولقب بالناقص لأنه نقص الناس عطاياهم التي أشرف فيها من قبله. [كان أميره على مصر حفص بن الوليد وقاضيه عثمان بن موسى ابن معمر]. فصل إبراهيم بن الوليد ثم ولى إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك وكان قوم يسلمون عليه بالخلافة وقوم يأبون ذلك حتى قدم مروان فخلع إبراهيم وقتل عبد العزيز ابن الحجاج وبقى في الأمر سبعين ليلة والأمر مضطرب جدا [كان قاضيه عمر بن عثمان التميمي. وكان دكين بن أبي السراح اللخمي]. فصل مروان بن محمد بن الحكم ثم ولي أبو عبد الملك بن مروان بن محمد بن [مروان بن] الحكم وكانت أمه كردية يقال لها [لبابة] بويع له في شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائة وقيل يوم الأحد الثلاث بقين من ذي الحجة سنة اثنين وثلاثين ومائة، وبقى في الأمر خمس سنين وعشرة أشهر وليلتين، ومنه أخذت الدولة وظهر بنو العباس. وكان عظيما في نفسه شديد البأس صاحب رأي وشجاعة، وكاتبه عبد الحميد مثله وصاحب الجيش ابن أبي هبيرة [وقاضيه عثمان التميمي وأميره على مصر حفص بن الوليد ثم المغيرة بن عبيد الله]. فهؤلاء خلفاء بني أمية والحكام في الوقت وأئمة الصلاة. وكان في عصرهم لأهل العلم تقدم وعطايا جسام.

وكان لهم قضاة كثيرون. قضاة مكة وفقهاؤها وفي وقتهم كل قاض يحتج بفعله ويرجع إلى قوله مثل عطاء بن أبي رباح العظيم قدره توفى سنة خمسين ومائة، وعمرو بن دينار، توفي سنة خمسة وعشرية مائة. وفضيل بن عياض، توفى سنة سبع وثلاثين ومائة. ومجاهد، مولى عبد الله بن السائب العظيم شأنه الجليل قدره في العلم، توفى سنة أربع وقيل اثنتين ومائة. فهؤلاء بمكة. قضاة المدينة وفقهاؤها وبالمدينة: جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الصادق رحمه الله توفي في أمرة بني العباس سنة ثمان وأربعين ومائة. وربيعة الرأي أستاذ مالك بن أنس وفقيه المدينة. وزيد بن أسلم، العالم المبرز. والقاضي سعيد بن المسيب الفقيه الراوية الحافظ العالم الكبير وتوفي سنة اثنتين وتسعين وله محنة وأخبار مع الحجاج. وشعبة مولى ابن العباس. وعلي بن الحسين زين العابدين الصالح الورع الفقيه المتجرد مات سنة أربع وتسعين وقيل [سنة] اثنين وتسعين. وعروة بن الزبير، وله ست وعشرون [كذا] وتوفى في أمارة الوليد له رواية وفقه.

وقبيصة بن ذويب، راوية زيد بن ثابت. ومحمد بن مسلم الزهري أستاذ مالك توفى سنة ثلاث أو أربع وعشرين ومائة. ومالك بن أنس الفقيه والنجم في الحديث ولد سنة اثنتين وثمانين وتوفى سنة تسع وستين ومائة في الدولة العباسية. فهؤلاء وجوه المدينة. فصل أهل الكوفة ومن أهل الكوفة: الأسود بن يزيد توفى سنة خمس وسبعين. والأسود بن هلال النخمي، صاحب أبي بكر وعمر ومعاذ وابن مسعود. وإبراهيم بن يزيد النخمي عالم الكوفة وأستاذ حماد والمتقدم في الوقت توفى سنة خمس ومائة وقيل ست وسبعين. وأحمد بن عبد الله بن يونس والحكم بن عقبة توفى سنة عشر ومائة. والحسن بن صالح بن حي فقيه الزيدية العالم الصالح، توفى سبع وستين ومائة وكان عظيما. وحماد أبي سليمان مولى الأشعريين أستاذ أبي حنيفة توفى سنة عشرين ومائة وإليه الرحلة في الفقيه. وسعيد بن جبير الفقيه العالم قتله الحجاج سنة خمس وتسعين. وأبو عمرو سعيد بن إياس الشيباني أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وكان له يوم القادسية أربعين سنة، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة.

وسليمان بن مهران الأعمش توفي سنة ثمان وأربعين ومائة أحد الحفاظ وسويد بن غفلة توفي سنة ثمانين. وسفيان الثوري توفى سنة إحدى وستين ومائة. وشريح بن الحارث [بن قيس من كبار التابعين] القاضي العالم قاضي الأئمة عمر وعثمان وعلي والحجاج بن يوسف وعاش مائة وعشرين وكان صبورا على الخصوم عفيفاً عالما ورعا، وأكثر أدب القضاء عنه يؤخذ. وشقيق أبو وائل بن سلمة أدرك النبي (ص) وهو يرعى بهما على أهله. وشريك بن عبد الله الصدوق ولد سنة خمس وتسعين وولى من جهة المنصور القضاء وكان فقيها عالما. وطلحة بن مصرف اليماني توقي سنة ثمان عشرة ومائة، وعبد الله ابن شبرمة الضبي توفي سنة أربع وأربعين ومائة وولى القضاء لأبي جعفر المنصور وله أخبار وحكايات، روى عنه انه قال مرقلم (؟) ولأبي حنيفة فلقطناه (كذا) ورفع رأسه يعني أنه لم يدخل في القضاء حين دعاه المنصور وعرض عليه القضاء. وأبو حنيفة في رواية ابن كاس (ولد) سنة سبعين وفي رواية حماد سنة ثمانين وتوفى سنة خمسين ومائة وهو صاحب المذهب اسمه النعمان بن ثابت بن المرزبان صاحب راية علي بن أبي طالب يوم النهروان. وعبد الرحمن ابن أبي ليلى الأنصاري القاضي العالم المبرز أدرك مائة وعشرين من الصحابة، وتوفى سنة ثلاث وثمانين. وعامر [بن شراحيل] الشعبي قضى لعمر بن عبد العزيز وأدرك عشرة من الصاحبة، وكان العالم في الوقت المبرز فيه، توفي سنة أربع ومائة.

وعلقمه بن قيس النخعي توفي سنة اثنين وستين. وعلقمة بن [قيس بن] يزيد سراج الكوفة. ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ولى القضاء وله عجائب من الغلط في الفقه توفى سنة ثمان وأربعين ومائة. ومسروق بن الأجدع الهمداني ولى لمعاوية في أمرة زياد القضاء وسمع من أبي بكر وعمر وعبد الله بن مسعود توفى سنة ثلاث وستين وفي رواية سنة ستين، وكان من الفضلاء وهو ممن قضا وقسم المدعى بين الاثنين إذا أدعيا شيئاً في يد ثالث وأقام أحدهما شهودا أكثر من الآخر على عدد الشهود. ومنصور بن المعتمر بن عبد الله بن ربيعة قضى ليوسف بن عمر، وتوفى سنة اثنتين وثلاثين ومائة. وابن قرة القاضي الكندي صاحب سلمان الفارسي. وأبو زرعة يحيى بن [أبي عمرو] الشيباني توفى سنة ثمان وأربعين ومائة وهو ابن خمس وثمانين. وأبو معاوية الضرير. فهؤلاء من أهل الكوفة فصل قضاة البصرة ومن أهل البصرة إياس بن معاوية القاضي الذي يضرب بذكائه المثل له علم وفهم وفضل وورع، وكان عظيما في القضاة وله حكايات لطاف في استخراج الحق والقضاء به على الخصوم منها أن رجلين ترافعا إليه في وديعة في كيس، وكان المودع قد أودعه دنانير فوجد في الكيس دراهم.

فقال له متى أودعته ذلك؟ فذكر الوقت فقال يقرأ ما على السمة فقرأ فوجد بعد ذلك الوقت بزمان فألزمه رد الدنانير. والأحنف أبو يحي المشهور بالحلم البارع. وثمامة بن أنس القاضي. وأبو الشعثاء جابر زيد. وأبو سعيد الحسن بن أبي الحسن الزاهد العابد العالم ولد لسنتين من خلافة عمر بن الخطاب ومات سنة عشرة ومائة ولى القضاة وعمي بآخر عمره وكل طائفة تدعيه. وحماد بن سلمة أبو مسلم توفى في الدول العباسية سنة سبع وستين ومائة وهو أبو ستة وتسعين سنه. وحماد بن زيد توفى سنة أربع وسبعين في شهر رمضان. وأبو العالية الرياحي. وزرارة بن أوفى لابن زياد له ملح وأخبار وكان فاضلا. وسوار بن عبد الله [الضبري] القاضي لأبي جعفر المنصور، وتوفى سنة ست وخمسين ومائة. والقاضي أبو عاصم النبيل له أخبار وحكايات وكان جليلا. وأبو الأسود ظالم بن عمرو الدملي صاحب النحو والعلم. وأبو عثمان النهدي عبد الرحمن بن مل لقي عمر [بن الخطاب] وسلمان [الفارسي] وابن مسعود وابن عباس وأسامة [بن زيد] وسعيد ابن زيد وسعد بن أبي وقاص وأبا بكرة وأبا هريرة ومجاشع بن مسعود وحنظلة وعميرة [يثربي] القاضي ولي القضاة بعد كعب بن سوار

الأسدي، توفي سنة سبع عشرة ومائة وله مع أبي حنيفة حكايات في المناظرة يطول بها الكتاب. ومحمد بن سيرين صاحب تعبير الرؤيا الفقيه العالم ولي القضاء، وتوفى سنة عشر ومائة بعد الحسن بمائة يوم، يقال أنه ولد له ثلاثون ولدا من امرأة واحدة، وكان صالحا ورعا ثقة. والمعتمر بن سليمان توفى سنة سبع وثمانين ومائة. فصل قضاة الشام ومن أهل الشام الأوزاعي العالم الفقيه المعدود خلافه، فقيه الشام، توفى سنة خمس وخمسين ومائة، ولد سنة ثمان وخمسين (وثمانين). وإسماعيل بن عبيد الله مولى بن مخزوم الثقة العالم أدرك معاوية، وتوفى في أمارة مروان. وإسماعيل بن عياش توفى يوم الثلاثاء لثمان خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين ومائة. وبقية بن الوليد توفى سنة ثمان أو تسع وتسعين ومائة وله مائة وثلاث سنين من عمره. وسليمان بن حبيب المحاربي قاضي عمر، والخلفاء ثلاثين سنة. وأبو إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني، مات في أمرة عبد الملك ابن مروان، وكان يقضي له. وحف [كذا] بن الحارث اليماني طلب منه عبد الملك بن مروان أن يوليه القضاء فأبي عليه وامتنع فأعفاه، ومكحول [الشامي] مولى هذيل له العلم والحديث والفضل توفى سنة اثنتي عشرة ومائة.

ويزيد بن أبي مالك قضى لهشام بن عبد الملك ويحي بن يحي الغساني ولي لعمر بن عبد العزيز القضاء. وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم أول مولود ولد في الإسلام بعد فتح أفريقية ولي القضاء لمروان بن محمد علي أفريقية وقدم به علي أبي جعفر الكوفة. فصل اليمن ومن اليمن طاووس [بن كيسان] اليماني فقيه الحجاز ومكة ومات بمكة سنة ست ومائة وحج أربعين حجة. وحنش بن عبد الله الصنعاني قضى فهؤلاء من جملة العلماء والقضاء الذين كانوا في أيام بني أمية. فصل الدول العباسية وأما الدولة العباسية، قدس الله أرواحهم فنحن نذكر الخلفاء منها على الولا [كذا] ومن قضي لكل واحد بالحضرة دون من بعد. فصل السفاح فأولهم أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس السفاح بويع له في شهر ربيع الأول وقيل لآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وتوفى بالأنبار سنة ست وثلاثين ومائة في ذي الحجة، بقى في الأمر أربع سنين وعشرة أشهر وقيل ثمانية ويومين. قام بالأمر أحسن قيام، ومهد الدولة واستولى على من بقى من بني أمية.

وفي وقته خرج عبد الله بن معاوية [بن عبد الله] بن جعفر بن أبي طالب بأصفهان من نواحي كرمان وفارس وأخذه أبو مسلم وقتله. وقتل وزيره أبا سلمة [حفص بن سليمان] الخلال وهو أول وزير قتل في الدولتين، ووزير له خالد بن برمك بعده وكان القاضي له يحي بن سعيد الأنصاري وبني حديثة الانبار. وأمه ريطة بنت عبيد الله بن عبد المدان الحارثية. فصل المنصور ثم ولى بعده أخوه أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي المنصور، بويع له سنة ست وثلاثين ومائة، وبقى له الأمر إلى سنة ثمان وخمسين ومائة وكان له الأمر اثنين وعشرين سنة إلا ثلاث أيام. وفعل الأفعال العجيبة. وهو الذي بني بغداد ونزلها وأول من دون الديوان للعرب. وله أخبار ملاح وعجائب جمة ورسائل فصيحة إلى أبي عبد الله بن محمد بن حسن بن حسين. وأمه سلامة البربرية. وقتل أبا مسلم صاحب الدولة في شعبان سنة سبع وثلاثين ومائة بعد ولايته بسنة ووز له خالد بن برمك [وزير أخيه السفاح] وأبو أيوب سليمان بن خالد المورياني ثم الفضل بن الربيه بن يونس بن أبي فروة. فصل قضاة المنصور قضاته عبيد الله بن محمد بن صفوان [الجمحي].

وشريك بن عبد الله. والحسن بن عمارة. والحجاج بن ارطاة، أربعة ولهم أخبار وحكايات. فصل المهدي ثم ولى بعده أبو عبد الله محمد المهدي بن [عبد الله] المنصور، واستخلف يوم التروية سنة ثمان وخمسين ومائة، وبقى في الأمر عشر سنين وخمسة وأربعين ليلة. وبني جامع الرصافة ببغداد. وقه استقرت الدولة وظهر النعم [ولما ولى أطلق من كان في سجن أبيه إلا من كان قبله دم أو عرف بالفساد في الأرض]. وأمه أم موسى بنت [عبد الله بن] منصور بن عبد الله الحميري. وكتب له [أبو] عبد الله بن معاوية بن عبيد الله بن يسار [الأشعري] ويعقوب بن داود [نب طهمان]. ثم أبو جعفر الفيض بن أبي صالح [بن شيرويه] ثلاثة. وحاجبه الربيع ثم الحسن بن عثمان بن الفضل ثم الربيع وكان بعينه اليمنى نكتة بياض. فصل قضاته [محمد بن] عبد الله بن علائة وعافية بن زيد (الأزدي) صاحب أبي حنيفة اثنان. وله مع بشار الشاعر أخبار كثير. فصل الهادي ثم ولى بعده موسى الهادي أبو محمد موسى بن [محمد] المهدي

[بن عبد الله المنصور] استخلف سنة تسع وتسعين ومائة، وتوفى سنة سبعين ومائة وبقى الأمر سنة وأربعة أشهر وأمة الخيزران من مولدات المدينة [روى أنه جلس للمظالم] وأمر أن يؤذن للناس بالجفلى لا بالنقرى أي بالعموم لا بالخصوص]. ووزيره [أبو الفضل] الربيع بن يونس [وزير جدة المنصور]. وحاجبه الفضل بن الربيع [بن يونس]. قضاته وقضاته أبو يوسف وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي اثنان. وكان قصير المدة، لم يظهر عنه ما ظهر عن غيره. فصل الرشيد ثم ولى بعده أخوه الرشيد أبو جعفر هرون بن [أبي عبد الله محمد] المهدي. استخلف في شهر ربيع الآخر سنة سبعين ومائة، وبقى في الأمر ثلاثة وعشرين سنة ومات بطوس في شهر ربيع الأخر سنة ثلاث وتسعين ومائة. وعلى يده هلكت البرامكة وانتهت عمارة بغداد. ووزيره الفضل بن الربيع وعزله وحج وعادله أبو يوسف في المحمل إلى مكة وولاه القضاة وخاطبه بقاضي القضاة وهو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري [صاحب أبي حنيفة والواقدي]. توفى سنة إحدى أو واثنتين وثمانين ومائة وله تسع وثمانون على خلاف في ذلك، ثم ولى القضاء الحسن بن الحسن العوفي.

ثم عوف بن عبد الله المسعودي. ثم حفص بن غياث، وتقدم الرشيد مع الخصم إلى أبي ويسف، أمه الخيزران. فصل الأمين ثم ولى بعد الرشيد ولده أبو عبد الله محمد بن [هرون] الرشيد، بويع له ليلة الخميس النصف من جمادي الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة وقيل ليلة الأحد لخمس بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة. وبقى له الأمر أربع سنين وتسعة أشهر. ووزيره [أبو العباس] الفضل بن الربيع. كاتبه إسماعيل بن صبيح. قضاته إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة ثم عزله وولى أبا البختري (وهب ابن وهب القرشي). أمه زبيدة بنت جعفر الأكبر أبي جعفر المنصور أول أم ولدت من بنات الخلفاء وكان لها صلات ومفاخر وصدقات. وعمرت المصانع في طريق الحج والسقايات وكانت عظيمة في الناس. فصل المأمون ثم ولى أخوه المأمون أبو العباس عبد الله بن هرون الرشيد. أمه مراجل (أم ولد باذغيسية). استخلف يوم الاثنين لأربع بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة وتوفى يوم الخميس لإحدى عشر ليلة خلت من رجب سنة ثمان عشرة ومائتين ببلاد الروم بطرسوس. وبقى له الأثر عشرون سنة وخمسة

أشهر وخمسة وعشرون يوما. وله فضائل في كل علم وغن ونجوم وطب ونحو وفقه. واستخرج جميع العلوم وسائر الأنواع وكان عظيما. ووزيره [أبو العباس] الفضل بن سهل ذو الرياستين [وزر له] بخراسان قبل قدومه إلى العراق] ثم أخوه الحسن بن سهل [وعظم عنده وتزوج ابنته بوران]. ثم أحمد بن أبي خالد الأحول. ثم أبو جعفر أحمد بن يوسف بن القاسم مولى بني عجل ثم أبو عباد ثابت بن محمد. ثم [أبو عبد الله] محمد بن يزداد [المروزي] ستة أنفس في هذه المدة. قضاة المأمون قضاته الواقدي ومحمد بن عبد الرحمن المخزومي. وبشير بن الوليد ويحي بن أكثم أربعة. ومحمد بن الحسن الشيباني كان قاضي الرشيد ومات بالري مع الرشيد. فصل المعتصم ثم ولى المعتصم أخوه أبو إسحق محمد بن هرون الرشيد (وأمه أو ولد تسمى ماردة). ولى في رجب لأثنى عشرة ليلة خلت من سنة ثماني عشرة ومائتين. ومات سنة سبع وعشرين ومائتين وبقى ثمان سنين وثمانية أشهر (ويومين).

وكان نجيباً شجاعا فتح عمورية ونقل بابها إلى بغداد، وبني سر من رأي والمعشوق والجماع والاصطبلات التي بها؟ ووزيره [أبو العباس] الفل بن مروان ثم [أبو العباس] أحمد بن عمار. ثم [أبو جعفر] محمد بن عبد الملك الزيات ثلاثة. قضاة المعتصم قاضي قضاته أبو عبد الله أحمد بن أبي دؤاد (الأيادي) وقضادته جعفر بن عيسى الحسني من لد الحسن بن أبي الحسن البصري وشعيب بن سهل ومحمد بن سماعة فصل خلافة الواثق ثم ولى الواثق [بالله] أبو جعفر هارون بن المعتصم. بويع له في النصف من شهر بيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين، وبقى له الأمر خمس سنين وتسعة أشهر (وستة أيام) وتوفي في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وله مع أحمد بن حنبل محنة جرت. قاضيه قاضيه أبو عبد الله أحمد بن أبي دؤاد. وأمه قراطيس (أم ولد) رومية وقد كان فيه نجابة ورياسة. وله أخبار كثيرة في زمنه تجددت. فصل المتوكل بالله ثم ولى المتوكل بالله أبو الفضل جعفر بن محمد المعتصم رحمه الله.

بويع له يوم الأربعاء لخميس بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين وقيل ليلة الأربعاء لأربع ليال خلت من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين. وكانت خلافته أربعة عشر سنة وتسعة أشهر وثمانية أيام، قتل بسر من رأى. وزراؤه وزراؤه محمد بن عبد الملك الزيات ومحمد بن الفضل الجرجرائي ثم عبيد الله بن يحي بن خاقان (المروزي). قاضيه قاضيه جعفر بن سليمان بن عبد الواحد الهاشمي. وأمه شجاع أم ولد (طحارستانية). فصل المنتصر بالله ثم ولى بعده المنتصر بالله أبو جعفر محمد بن المتوكل [بن محمد المعتصم بن هرون الرشيد] بويع في الليلة التي قتل فيها المتوكل وبقى في الخلافة خمسة أشهر وأياما ثم قتل. وزيره أحمد بن الخصيب. قاضيه قاضيه جعفر بن عبد الواحد. أمه (أم ولد) رومية اسمها جبشية. فصل المستعين بالله ثم ولى المستعين بالله أبو العباس أحمد بن [الأمير محمد بن محمد] المعتصم، بويع له في شهر ربيه الآخر لست خلت من سنة ثمان وأربعين ومائتين.

ثم خلع نفسه بعد ثلاث سنين وثمانية أشهر وثمانية عشر يوما. قاضيه قاضيه جعفر بن محمد بن عمارة وزراؤه محمد بن الفضل الجرجرائي وأحمد بن الخصيب وأحمد ابن صالح بن شيرزاد وأبو الحسن شجاع بن القاسم. فصل المعتز بالله ثم ولى المعتز بالله أبو عبد الله بن جعفر المتوكل [بن محمد المعتصم]. بويع له يوم السبت لست خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين وخلع نفسه بعد ثلاث سنين وستة أشهر واثنين وعشرين يوما. وما زال يعذب بعد الخلع حتى مات. وزراؤه وزراؤه [أبو الفضل] جعفر بن محمد الأسكافي وعيسى بن فرخشاه وأحمد بن إسرائيل [الأنباري]. قاضيه قاضيه الحسن بن محمد بن أبي الشواري (الأموي) وله أخبار. المهتدي بالله ثم ولى المهتدي بالله أبو عبد الله محمد بن (هرون) الواثق [بالله بن محمد المعتصم بالله]. بويع له لثلاث بقين من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين [بسر

من رأى] وقتل بعد أحد عشر شهرا وتسعة عشر يوما [كان أحسن الخلفاء قبله مذهبا وأجلهم طريقة وأظهرهم ورعا وأكثرهم عبادة ... حرم الغناء والملاهي وحسم أطماع أصحاب السلطان عن الظلم وأمر أن يجد شارب الخمر كائنا من كان]. وزراؤه وزراؤه [أبو الفضل] جعفر بن محمود (الأسكافي) وأبو صالح [محمد بن أحمد] بن عمار وسليمان بن وهب. قاضيه (الحسن بن محمد) بن أبي الشوارب. المعتمد بالله ثم ولى المعتمد بالله أبو العباس أحمد بن (جعفر) المتوكل أمه [أم ولد تسمى] فتيان [رومية]. بويع له في رجب سنة ست وخمسين ومائتين [بسر من رأى]. وتوفى في رجب سنة تسع وسبعين ومائتين. بقي له الأمر مدة اثنتي وعشرين سنة واحد عشر شهرا وخمسة عشر يوما. وزراؤه وزراؤه أبو الحسن عبيد الله بن يحي بن خاقان وأشو محمد الحسن ابن مخلد [بن الجراح] وسليمان بن وهب [وأبو الصقر] إسماعيل بن بلبل (مرتين) و [أبو بكر] أحمد بن صالح بن شيرزاد [القطربلي] وصاعد بن مخلد [وكان نصرانياً فأسلم] وإبراهيم بن محمد وفيهم من عزل ثم عاد إلى النظر. قاضيه قاضيه قاضي من قبله.

المعتضد بالله ثم ولي المعتضد بالله أو العباس أحمد بن [الأمير أبي] أحمد [طلحة الموفق بن جعفر] بن المتوكل. بويع له يوم الاثنين لإحدى عشر ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين، وتوفي ليلة الإثنين لثمانٍ بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين، وبقي في الأمر عشر سنين وتسعة أشهر وثلاثة أيام. وكانت أيامه صالحة وهو من رجال الدولة. وزراؤه وزراؤه [أبو القاسم] عبيد الله بن سليمان [بن وهب] وأبو الحسين القاسم بن عبيد الله [إلى آخر أيامه]. قاضيه قاضيه إسماعيل بن إسحق المالكي، وكان عظيماً في القضاة، ثم يوسف بن يعقوب وابن أبي الشوارب. المكتفي بالله ثم ولي المكتفي بالله أبو محمد علي بن [أحمد] المعتضد [بن طلحة الموفق بن جعفر المتوكل]، أمه تركية اسمها ججك لثمان بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وبقي في الأمر ست سنين وستة أشهر وأحد عشر يومًا. وزراؤه وزراؤه [أبو الحسين] القاسم بن عبيد الله [وزير أبيه] والعباس

ابن الحسن. قاضيه قاضيه يوسف بن يعقوب وابنه محمد بن يوسف بن يعقوب. المقتدر بالله ثم ولى المقتدر بالله أبو الفضل جعفر بن [أحمد] المعتضد (وقيل أن أسمه إسحق، وإنه أنما اشتهر بجعفر لشبهه بالمتوكل وأمه أم ولد رومية تسمى شغب). بويع له يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين، مولده في شهر رمضان سنة اثنتين وثمانين ومائتين ولى وله ثلاث عشر سنة. وزراؤه وزراؤه أبو علي الخاقاني وعلي بن عيسى وابن أبي الفرات ومخلد بن العباس وأبو القاسم الخاقاني وأبو العباس الخصيب وأبو علي بن مقلة وسليمان بن الحسن وأبو القاسم ابن عبد الله وأبو الفتح بن حزام خمسة عشر وزيرا. وفيهم من عزل ورد، وقتل يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوال سنة عشرين وثلثمائة، وبقى في الأمر أربعة وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام. وفي وقته فتنة ابن المعتز. واختلف [في] حكم قضاته النظار [كذا] والأمر يستقيم تارة ويتضلع [كذا] أخرى. قاضيه من قضاته، أبو حاتم الكبير وأبو عمر القاضي.

خلافة القاهر بالله ثم ولى القاهر بالله أبو منصور محمد بن أحمد المعتضد [بن الأمير طلحة بن جعفر المتوكل]. بويع له في شوال سنة عشرين وثلثمائة. وزراؤه وزراؤه [أبو علي] محمد بن علي بن [بن الحسن] بن مقلة وأبو جعفر محمد بن القاسم [بن عبد الله] وأبو العباس [أحمد بن عبيد الله بن] الخصيب [إلى أن خلع القاهر]. وقضاته قضاة من قبله وهم جماعة. الراضي الله ثم ولى الراضي بالله أمير المؤمنين أبو العباس محمد بن [جعفر] المقتدر [بن أحمد المعتضد] خلع القاهر واستقر الأمر له واستولى على القاهر. وزراؤه عبد الرحمن بن عيسى (بن داود بن الجراح) وأبو جعفر (محمد ابن القاسم الكرخي) وسليمان بن الحسن (بن مخلد بن الجراح) ومحمد بن علي بن مقلة وابن حرابة البريدي وسليمان بن الحسن (بن مخلد). وتكرر نظر البعض بعد البعض وتقسمت البلاد، واسترجع الروم الثغور وعامة البلاد، وظهرت السامانية. وتوفى ليلة السبع لأربع عشر ليلة بقيت من ربيع الأول سنة تسع

وعشرين وثلثمائة وبقى في الأمر ست سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام، وله أخبار كثيرة. المتقي بالله ثم ولى المتقي بالله أبو إسحق إبراهيم بن [جعفر] المقتدر. أمه (أم ولد تسمى) خلوب. بويع له يوم الأربعاء لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلثمائة. نظر له عشرة وزراء فكل من ذكرناه والقراريطي وأبو العباس الأصفهاني. وخلع يوم السبت لإحدى عشر ليلة بقيت من صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة، مدته ثلاث سنين واحد عشر شهرا وفي وقته ملكت بنو حمدان وظهرت الروم. المستكفي بالله بن المعتضد ثم ولى [أبو القاسم عبد الله] المستكفي بن المعتضد بالله، أمه [أم ولد رومية تسمى] غصن، بويع له يوم السبت لتسع بقين من صفر سنة ثلاث وثلثمائة (وفي أيامه استولى البويهيوم على بغداد). وزيره أبو الفرج (أحمد بن محمد) السامري. قاضيه وقاضية أبو عبد الله بن أبي موسى. وخلع وكحل يوم الخميس لثمان بقين من جمادي الآخرة سنة أربع وثلاثين وثلثمائة مدة نظره ستة عشرا شهرا ويوماً واحدًا.

المطيع لله ثم ولى المطيع أبو القاسم الفضل بن [جعفر] المقتدر [بن أحمد المعتضد] بويع بالخلافة يوم الخميس لثمان بقين من جماي الآخرة سنة أربع وثلاثين وثلثمائة. أمه مشغلة (أم ولد صقلبية) وخلع نفسه [غير مكره] يوم الأربعاء الثالث عشر من ذي القعدة سنة ثلاث وستين وثلثمائة. مدة نظره تسع وعشرون سنة وأربعة أشهر [وأياما]. وتولى خلعه الملقب بمعز الدولة الديلمي ورد الأمر، وهو أيضا خلع المستكفي واستولت الديلم على البلاد، وفسدت الأمور كلها. وضمن القضاء ابن أبي الشوارب بمائة وعشرين ألف درهم في السنة وبطلت الشريعة وتغير الأمر. الطائع لله ثم ولى الطائع بالله أبو بكر عبد الكريم بن [الفضل] المطيع [لله بن جعفر المقتدر]. بويع له يوم الأربعاء ثالث وعشرين ذي القعدة سنة ثلاث وستين وثلثمائة. وقبض عليه يوم السبت السابع عشر من شعبان سنة إحدى وستين وثلثلمائه. وخلع يوم الأحد وأشهد على نفسه واستدعا بهاء الدولة القادر [بالله] من البطائح وسلمه إليه فبقى عنده عشر وتوفى يوم الثلاثاء مستهل شوال سنة ثلاث وتسعين وثلثمائه وصلى عليه القادر بأمر الله وبقى في

الأمر سبع عشر سنة وتسعة عشر يوما. قاضيه قاضيه أبو محمد بن معروف قاضي قضاته وله أخبار، وهو آخر خليفة حكم بنفسه وأسجل بما حكم به لابن معروف قاضي قضاته بعدة ضياع وهي إلى اليوم بيد ورثته، أعني السجل والضياع مع القرر [كذا]. القادر بالله ثم ولى أبو العباس أحمد بن [الأمير أبي بكر] إسحق بن [جعفر] المقتدر بالله. بويع له يوم الأحد لعشر بقين من رمضان سنة إحدى وثمانين وثلثمائة. وتوفى ليلة الاثنين الحادي عشر من ذي الحجة سنة اثنين وعشرين وأربعمائة وكان ستة وثمانين سنة وتسعة أشهر ويوما وبقى له الأمر أحد وأربعون سنة وثلاث أشهر واحد عشر يوما. وكان ورعا زاهدا صالحا متواضعا محبوبا إلى كل أحد طال عمره في النظر وزاد عمر كل خليفة تقدم قبله ونضرت الدولة بدينه وشهامته وعفته وكرمه وما تجدد في أيامه يحتاج إلى كتاب مفرد ربما كان أكبر من هذا الكتاب. قضاته قاضي قضاته أبو الحسن بن أبي الشوارب وأبو عبيد بن ماكولا. كاتبه أبو الحسن [علي بن عبد العزيز بن إبراهيم] بن حاجب النعمان وهو كاتب الطائع قبله ثم عزله في آخر شهر رمضان من سنة ثمانين وثلثمائة واستوزر أبا العلاء سعيد بن الحسن بن بريك نيابة فبقى نيفا وسبعين يوما ثم عزاه وأعاد أبا الحسن ابن حاجب النعمان فلم يزل إلى أن توفى في رجب سنة إحدى وعشرين وأربعمائة].

وكان لأرباع بغداد عدة قضاة القائم بأمر الله ثم ولى الأمر ابنه القائم بأمر الله أبو جعفر عبد الله [بن أحمد القادر بالله]. أمه بدر الدجي أرمنية. بويع له يوم الاثنين الحادي عشر من ذي الحجة سنة اثنين وعشرين واربعمائة وولد يوم الخميس الثاني عشر من ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وثلثمائة. وتوفى يوم الخميس الثالث عشر من شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة، وعمره خمسة وسبعون سنة وسبعة أشهر وخمسة وسبعون سنة وسبعة أشهر وخمسة عشر يوما. وبقى الأمر له أربعة وأربعون سنة وثمانية أشهر ويومان، زاد على عمر والده في الخلافة ونظره بحسن سيرته وكان رحيماً عفيفا ورعا ذا رفق بالناس لين الكلام يباشر الأمور بنفسه ويعمل مسودات الكتب التي تكتب عنه إلى الملوك والأطراف. وقد ذكرت في كتابي المرشد إلى معرفة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين بعدهم والخلفاء والخوارج مما جرى في وقته وما فتح على يديه وما تجدد له، وكيف كان ظفره بأعدائه فيطلب هناك ليوجد مستوفا إن شاء الله تعالى. وزراؤه أبو الحسن بن صاحب النعمان، ونظر ولده بعده مدة ثم أبو [طالب محمد بن] أيوب عميد الرؤساء، ثم أبو القاسم علي بن [الحسين

بن] المسلمة رئيس الرؤساء، ثم خلف في النظر نيابة في أيام رجوعه إلى داره أبو تواب الحاجب، وكان حاجب الحجاب يعرف ابن الأثيري. ثم أبو الفتح [منصور بن] محمد بن دارست الفارسي مجد الوزراء. ثم فخر الدولة أبو نصر محمد بن محمد بن خير الموصلي. ثم عزله وخلف موضعة قاضي القضاة أبو عبد الله بن علي الدامغاني شيخنا رحمه الله تعالى. ثم أعاد النظر إليه وبقى في الأمر إلى أن توفي القائم بأمر الله. قضائه قضاته ابن ماكولا، وأبو عبد الله شيخنا رحمه الله. وقد ذكرت ذلك في كتابي المرشد النظامي بأوفى من هذا. المقتدي بأمر الله ثم ولي الأمر بعده المقتدي بأمر الله أبو القاسم عبد الله بن محمد بن القائم بأمر الله أمام الوقت عند تأليف هذا الكتاب أعز الله أنصاره. بويع له يوم الخميس بعد صلاة الظهر الثالث عشر من شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة، وعمره ثمانية عشرة سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيام، لأنه ولد ليلة الأربعاء الثامن من جمادي الأول سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، بعد دخول الدولة التركية العراق بسبعة أشهر واحد عشر يوما، لأن ركن الدولة أبا طالب طغرك بك محمد بن ميكائيل دخل بغداد يوم الأحد السابع والعشرين من شهر رمضان سنة سبع ,وأربعين وأربعمائة، وملك العراق، ونهب الجانب الشرقي وقبض على الملك الرحيم وأتراك بغداد.

وقد ذكرت ذلك فيما ذكرت من كتاب المرشد فيطلب هناك، وشرحت الحال وما جري مع العرب، ومدة الفترة، وكيف قتل البساسيري وما تجدد حالا بحال باوجز لفظ، فأمر له بالعبية الوزير مجد الدولة بن جهير صفي أمير المؤمنين. ثم عزله ونظر في الأمر على سبيل النيابة الوزير أبو شجاع محمد ابن الحسين أبو يعلى الهمداني. ثم وزر له عميد الدولة أبو منصور محمد بن محمد بن محمد بن جهير خالصة أمير المؤمنين. ثم عزله ونظر في الأمر على سبيل النيابة أبو الفتح رئيس الرؤساء أبو القاسم بن المسلمة. ثم وزر له أبو شجاع محمد بن الحسين أبو يعلي، ولقبه بسيد الوزراء ظهير الدين مؤيد الدولة صفي أمين المؤمنين في يوم السادس عشر من شعبان سنة سبع وسبعين وأربعمائة. وقد شرحت الحال في ذلك بكتاب المرشد وما تجدد إلى شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعين وأربعمائة، والذي تجدد في وقته ونظره الأمر الذي لم ير أحد مثله ولا شاهده وهو من صلة الأمام المقتدي بأمر الله أمير المؤمنين أعز الله أنصاره إلى ابنه السلطان المعظم جلال الدولة وجمال الملة أبي الفتح ملك شاه بن عضد الدولة أبي ارسلان محمد بن داود يمين أمير المؤمنين أعلى الله كلمته وما انفتح على يديه من الجزيرة والشام وانطاكية والرها وسائر أعمال الشام وطرابلس وقصده السلطان المعظم جلال الدول أعز الله نصره هذه المواضع، وقرر أمر العرب، وشاهدته في معسكره في سنة سبع وسبعين (وأربعمائة) والعجم والأتراك والأكراد والروم وكل نوع من الناس يخالف الآخر والشمل مجتمع والكلمة متفقة والأمن حاصل.

فلما رتب البلاد الشامية في هذه السنة وحفظ الثغور واستنزل جعفر بن البسطي العمري من قلعته التي كانت لا سبيل عليها ولا مطمع في بعض يوم حتى كأن الملائكة فعلت ذلك. يم قدم العراق في يوم الخميس من ذي الحجة سنة ستسع وسبعين وأربعمائة، وعقد الجسر بباب الطاق وعبرت العساكر كلها إلى الجانب الشرقي، فنزل في دار الخلافة بها، ونزل الصاحب الأجل صدر الإسلام والمسلمين نظام الملك قوام الدين العالم أبو الحسن بن علي بن إسحق رضي أمير المؤمنين أحسن الله له الجزاء في الآخرة والدنيا عن كافة المسلمين وأهل الدين في الداهر (كذا) في الخيام، وأمر العساكر بالنزول في الصحراء تبعا لما فعله ورفقا بالمسلمين، ولولا أن الله تعالى أمر بشكر المنعمين وأخبرنا في كتابه عن الأمم الماضين وعرفنا على لسان رسوله عليه السلام سير المتقدمين وذكر الأنبياء الصالحين والجبابرة المتكبرين واثنى على الصالحين فحملني على ذكر، وكان أول ما ذكره الذاكرون وسطره الكاتبون وخلد ذكره العاملون وحث عليه الواعظون ذكر السير الجميلة والأيام الصالحة والأوقات الآمنة، ليقتدي بذلك من يريد الآخرة ويعلم من لا علم له بالأمور حال هذا السلطان لهذا العصر والمدبر لهذا الملك أنه أسقط [الجباية عن؟] كل المؤمنين [من] العراق إلى جيحون من جميع الأعمال وعفي سبلها ونادي بإسقاطها واشترك العام والخاص في النفع بها، وأمنت السبل والطرقات حتى لم ير في طريق من يعترض لامرأة أو أخذ مال أو عربدة في المعسكر، ثم علق الجانبين بالتعاليق عند حمل ما حمله من الجهاز الذي يبهر العقول إلى دار الخلافة، فلم يفقد أحد من الناس في الليل والنهار من ذلك شيئا، ثم بني هذا الصاحب النظام صدر الإسلام أطال الله له العمر وأحسن له الذخرة الناجح لسلطانه المشفق على أهل زمانه في كل

بلدة له مدرسة للعلماء على كل طائفة حتى كأنه مع كل طائفة من أهلها ومع كل نحله في الأصول ممن يعتقدها، وأجرى على العلماء صنوف الأرزاق وعلى الأشراف والمتفقهة والشعراء وأهل الأدب وكثير من القوام، ثم جميع الشيوخ من الطوائف إذا دخل عليه منهم داخل عظمه وإكرامه ونهض لمن يعلم أنه في علمه جليل أو في بيته قديم أو في سنه كبير، تواضعا لله، ورجاء منه جميل الثواب على هذا العقل، فو الله إنه يستحق الدعاء الدائم من جميع أهل الزمان وجميع أهل الأديان، والشكر المخلد، ولهذا الذي قلت وجب على أن أودع ذكره كتاباً، ثم تفكرت فلم أجد كتابا يحتاج إليه القاضي والفقيه العالم والجاهل والصغير والكبير، فالفت هذا الكتاب بعد نظري في كتب الفقهاء ومن ألف في مثله كتابا، وجمعت ما يحتاج إليه وهو بجمع المفترق من الكتب بعبارة سهلة ومعان بينة تصلح للحفظ والتدريس والمذاكرة وأقسمت بالله العظيم، وأخذت عهد الله الكريم على كل من قرأ هذا الكتاب ونسخة أن لا يسقط منه بابا ولا يغير منه نظما ولا يكتب أوله إلا وآخره معه، ولا يكتب من آخره شيئاً إلا وأوله معه، وأن يذكرني ويترحم علي، وأن يسأل الله تعالى أن ينفعني به في الدنيا والآخرة، وأن يدعو لمن صنفته لأجله، وثبته لجزيل نعمه عندي وكثرة أياديه على، وصون وجهي عند البذل لما أجز له على من أنعم الدولة المباركة القاهرة والأيام الزاهرة السامية مضافا إلى ما ولاني من البلاد ورسم اسمي به في العباد من الألقاب وصنوف الأفعال، ويجمع شمل المسلمين به وعلى يديه، ويحفظ أمام العصر (و) السلطان ويؤلف بينهما، ويصلح أمر الرعية بحسن نظرهما، ولولا أن صدر الإسلام نظام الملك قوام الدين امتع الله الخلق ببقائه عاجله الخروج والمسير إلى الجبل فخشيت أن يفوتني إيصال هذا الكتاب إليه فحذفت لذلك ذكر القضاة في كل عصر وما يحكن عن كل واحد من طريف الأحكام والحكايات، وذكرت البعض واسقطت البعض، وما اقتصرت على ذكر

5 الخلفاء ومن ولاهم رسم القضاء وذكرت بعض القضاة حتى أكون قد أخلفت ما وعدت به في أول الكتاب. وآخر من ولاه الإمام المقتدي بالله شيخنا أبا عبد الله محمد بن علي الدامغاني وأبا بكر [محمد بن المظفر] الشامي قاضي قضاة هذا الوقت الذي وقع فيه فراغ هذا الكتاب. والله تعالى ولي التوفيق في جميع الأموال وهو حسبي ونعم الوكيل، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليماً كثيراً. * ... * ... * وافق الفراغ من كتابه يوم الاثنين المبارك آخر شهر شعبان سنة أحد وعشرين وتستعمائة أحسن الله عاقبي وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير. * ... * ... * تم طبع كتاب روضة القضاة على مصنفه ومن صنف له الرحمة إنه سميع الدعاء

§1/1