شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية

عبد الكريم الخضير

شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (1)

شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (1) 1 - 12 - 1427هـ الإحرام - المواقيت - المناسك الشيخ/ عبد الكريم الخضير الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد: فقد تكرر السؤال من كثير من المسلمين أن أكتب في بيان مناسك الحج ما يحتاج إليه غالب الحجاج في غالب الأوقات، فإني كنت قد كتبت ... على سبيل الاختصار، ما عندكم؟ الطبعة الأولى في هذا يقول: "وقد تكرر السؤال من كثير من المسلمين أن أكتب في بيان مناسك الحج ما يحتاج إليه غالب الحجاج في غالب الأوقات على سبيل الاختصار" وهذا هو الحاصل، وهو واقع الكتاب، الحاصل أن الكتاب مختصر جداً، ومع ذلكم في مجموع الفتاوى ستين صفحة، وهو مختصر بالنسبة لشيخ الإسلام، كتب على العمدة عمدة الفقه مجلدين، طبع في مجلدين كبيرين، وشيخ الإسلام -رحمه الله- وهو الإمام المطلع على النصوص، وعلى القواعد، وعلى المقاصد، وعلى مذاهب الفقهاء، معروف في هذا الشأن، بإمكانه أن يكتب الأسفار في هذا الباب؛ لأن الباب يحتمل أن فيه مسائل كثيرة جداً، وفيه إشكالات، وفيه نوازل، فالموضوع يحتاج؛ لكنه هنا يقول على سبيل الاختصار، يعني على سبيل الإيجاز. وفي تعليقنا على هذا الكتاب الموجز المختصر لن يعدو أن يكون مجرد توضيح لبعض المسائل التي يختلف فيها شيخ الإسلام مع غيره -رحمه الله-؛ لأن الكتاب في ستين صفحة والأيام ستة فلا بد أن نأخذ معدل عشر صفحات في اليوم، وعلى هذا لا يتسنى لنا أن نعلق، أو نشرح شرح كما طلب، لا، المسألة مسألة تعليق على بعض المسائل؛ لأن الوقت لا يسعف، نعم. "فإني كنت قد كتبت منسكاً في أوائل عمري، فذكرت فيه أدعية كثيرة، وقلدت في الأحكام من اتبعته قبلي من العلماء، وكتبت في هذا ما تبين لي من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مختصراً مبيناً، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".

لعل قوله: "مختَصِراً" أو مختَصَراً يكفي عما سقط في بقية النسخ من قوله: "على سبيل الاختصار" مختصَراً أو مختصِراً حال، فمختصراً حال من الفاعل، وهو شيخ الإسلام، الكاتب، أو مختصراً، يعني من المكتوب، فهي حال تبين هيئة الفاعل أو هيئة المفعول، مختصراً مبيناً، ولا حول ولا قوة إلا بالله. شيخ الإسلام -رحمه الله- كغيره من أهل العلم كتب في المناسك، بل منهم من كتب أكثر من منسك، ومنهم من كتب منسكاً ثم لما باشر الحج والخبر ليس كالعيان أحرق المنسك الأول، شيخ الإسلام كتب منسكاً، ثم رجع عن كثير من المسائل إلى ما آل إليه أمره من الاجتهاد المطلق، فقد كتب المنسك على سبيل التقليد، والتقليد تشم رائحته مما كتبه على العمدة؛ لأن شرح العمدة في أول الأمر والتقليد فيه ظاهر، يعني عنايته بالمذهب ورواياته والتوجيه وكذا معنى أنه لم تبرز فيه شخصية شيخ الإسلام، كما آل إليه الأمر في آخره، كما هو موجود في الفتاوى مثلاً وفي هذا المنسك. النووي كتب منسكاً ثم أتلفه وكتب غيره، وغيره كتب ثم لما رأى حقيقة الأمر تغيرت عنده بعض الأحكام، لا لأن الحكم تغير، وإنما نظرته إلى هذه الأحكام تغيرت، ولا شك أن التطبيق، لا شك أن له أثر في التقعيد، فحينما يرى الإنسان أن يترجح له شيء بمرجح هو مجرد استرواح، هو في بلده فلما حج رأى الأمر يختلف تماماً عما مال إليه قبل، يميل إلى القول الآخر، ولا ضير إذا كان كل من القولين له ما يسنده من الدليل.

ولا يعني هذا أنه يتتبع في ذلك الرخص، ويسلك مسلك التسهيل بإطلاق، أو اختيار الأخف من الأقوال، ليس هذا بمقصود، قد يرجع العالم من الأسهل إلى الأشد؛ لأنه رأى أن ترجيحه للأسهل يعين الناس على انفلاتهم من دينهم، يعني لو قيل بإطلاق مثلاً: المبيت بمنى ليس بواجب، كما قال بعض أهل العلم، ليس بواجب، وجدت الناس كلهم يتركون المبيت، والنبي -عليه الصلاة والسلام- بات، وقال: ((خذوا عني مناسككم)) ولو قيل: المبيت بمزدلفة ليس بواجب كذلك، ثم بعد ذلك يمشي على جميع المشاعر ويرتكب أو يرجح القول الأخف، يعني الناس ما يحجون، يقفون بعرفة ويمشون، لكن إذا قيل لإنسان المبيت بمنى ركن من أركان الحج قد قيل به المبيت بمزدلفة كذلك ركن، وقد قيل به، هذا فيه تضييق وحرج على الناس شديد أيضاً، فالقول الوسط في مثل هذه المسائل القول بالوجوب بحيث لا ينفلت الناس ولا يشق عليهم مشقة لا يحتملونها مع أنه لم يدعمه الدليل، والذي يؤيده الدليل على ما سيأتي. المقصود أن شيخ الإسلام ألف منسكاً، ثم لما تأهل للاجتهاد المطلق أعاد النظر فيه وغيره. وابن حزم لم يحج، ومع ذلك وقع له في بعض مسائل الحج شذوذ، لم يوافق عليها من قبل عامة أهل العلم، والسبب أنه لم يحج، ولو باشر الحج لتغير رأيه، والله المستعان. "فصل: أول ما يفعله قاصد الحج والعمرة، إذا أراد الدخول فيهما أن يحرم بذلك، وقبل ذلك فهو قاصد الحج أو العمرة، ولم يدخل فيهما بمنزلة الذي يخرج إلى صلاة الجمعة، فله أجر السعي، ولا يدخل في الصلاة حتى يحرم بها، وعليه إذا وصل إلى الميقات أن يحرم". لا يدخل في النسك حتى يحرم، وإن كان قاصداً له من بلده يعني تصور شخص أراد أن يحج لما وصل إلى الطائف رجع، هل نقول: دخل في النسك؟ {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] لا، لكنه قاصداً الحج من بلده، ولا يدخل فيه إلا بالإحرام، والمقصود بالإحرام: التلبية به من الميقات، التلبية بالنسك من الميقات. "المواقيت خمسة: ذو الحليفة، والجحفة، وقرن المنازل، ويلملم، وذات عرق".

هذه المواقيت الخمسة ثبتت فيها النصوص الصحيحة، أما المواقيت الأربعة ذو الحليفة، والجحفة، وقرن المنازل، ويلملم، هذه متفق على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الذي وقتها، وأحاديثها في الصحيح، وأما توقيت ذات عرق لأهل العراق فالخلاف بين أهل العلم معروف، هل وقتها النبي -عليه الصلاة والسلام- أو وقتها عمر؟ لكن المرجح وما تدل عليه الأدلة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقتها كغيرها. "ولما وقت النبي -صلى الله عليه وسلم- المواقيت قال: ((هن لأهلهن، ولمن مر عليهن من غير أهلهن، لمن يريد الحج والعمرة، ومن كان منزله دونهن فمهله من أهله، حتى أهل مكة يهلون من مكة)). نعم، لما وقت النبي -عليه الصلاة والسلام- هذه المواقيت قال -عليه الصلاة والسلام-: ((هن)) يعني هذه المواقيت ((لأهلهن)) لأهل تلك الجهات المذكورة مع هذه المواقيت، ((ولمن مر عليهن من غير أهلهن)) فالنجدي مثلاً إذا ذهب إلى مكة عن طريق المدينة من أين يحرم؟ من ذي الحليفة، والشامي إذا جاء إلى نجد ثم مر بقرن المنازل يحرم من قرن المنازل، وهكذا في جميع الجهات ((هن لهن، ولمن مر عليهن من غير أهلهن)) فإذا مر المدني بذي الحليفة ولم يحرم منها وأخر إحرامه إلى الجحفة، خالف الجملة الأولى: ((هن لأهلهن)) خالف هذه الجملة، لكنه وافق الجملة الأخرى: ((ولمن مر عليهن من غير أهلهن)) لو أن شخصاً من أهل نجد أراد الحد، وقال: أنا لي حاجة في جدة لمدة أسبوع مثلاً، ويشق علي أن أحرم مروراً بالمدينة ويشق علي أن أحرم من ذي الحليفة، وأمكث بالإحرام أسبوع، أقضي حاجتي في جدة لمدة أسبوع، وأحرم من قرن المنازل؛ لأنه أقرب من ذي الحليفة إذا قيل له: ارجع؛ لأنه هو من وقت له هذا الميقات: ((هن لأهلهن)) وهو من أهلهن، من أهل قرن المنازل، لكنه مر بالميقات الفرعي الذي مر به، وإن كان بالأصل ليس له، نقول: هذا وافق الجملة الأولى وخالف الجملة الثانية.

في الصورة الأولى فيما إذا جاء النجدي من طريق المدينة وأحرم من ذي الحليفة، وأكمل إحرامه، وذهب إلى مكة من هذا الطريق هذا بالإجماع إحرامه صحيح، ولا يلزمه شيء؛ لكن إذا مر بذي الحليفة، وتجاوزها، ثم أحرم من ميقاته الأصلي، وقد وافق الجملة الأولى وخالف الثانية، هذا محل خلاف بين أهل العلم، عامة أهل العلم يلزمونه بدم؛ لأنه تجاوز الميقات من دون إحرام، ومالك يقول: "ما دام أحرم من ميقاته فلا شيء عليه" لو أن هذا النجدي مثلاً الذي ذهب إلى مكة عن طريق المدينة تجاوز ذي الحليفة، وقضى حاجته بجدة، مكث أسبوع ثم أحرم من رابغ قريب من الجحفة، على ما سيأتي، أحرم من رابغ، هذا وافق الجملتين أو خالف الجملتين؟ هذا خالف الجملتين يلزمه شيء وإلا ما يلزمه شيء؟ نعم عند الأربعة يلزمه دم، ومقتضى قول مالك -رحمه الله- قريب منه نعم أنه لا يلزمه شيء، وإن كان رجع إلى ميقات ليس بميقاته الأصلي، لكن تحديد المواقيت لهذه الجهات إنما هو من أجل التيسير عليهم، لئلا يؤمروا أن يسلكوا طريقاً غير طريقهم، وما دامت المسألة شرعيتها بهذه الكيفية من أجل التيسير، فإذا أحرم من رابغ فالذي يظهر أنه ليس عليه شيء، بناءً على قول مالك، هو تجاوز الميقات على كل حال، على قول مالك، وعلى المسألة الأخيرة تجاوز الميقات الذي مر به، وخالف الجميع، فكونه يذهب إلى ميقاته، وهو جور عليه، ورابغ أقرب له، لا شك أن هذا ما صرح به الإمام مالك، لكنه قريب من قوله -رحمه الله-، فلو أعفي الإنسان الذي يفعل مثل هذا، يعني ارتياحاً وميلاً إلى قول مالك -رحمه الله- واستئناساً به لما بعد -إن شاء الله تعالى-؛ لأن المسألة إنما حددت هذه المواقيت لأهل هذه الجهات لئلا يضطروا إلى سلوك طريق غير طريقهم، فإذا كان الطريق جور عليهم يذهب إلى السيل أو إلى قرن المنازل ثم يعود ورابغ بجواره وهو ميقات محدد شرعي ما فيه إشكال، النص الصحيح ثبت به، فما المانع أن يحرم منه؟ وهذا المتجه -إن شاء الله تعالى-.

قال: "ومن كان منزله دونه" يعني دون المواقيت، يعني بجدة مثلاً أو بحرة أو بالشرايع دون المواقيت يقول: "من كان منزله دونهن فمهله من أهله" يعني من بيته، "حتى أهل مكة يهلون من مكة" من كان له بيت بعيد وبيت قريب، بيت بالطائف وبيت بالشرايع، وأنشأ الحج في هذه السنة، فهل يحرم من البعيدة أو القريب؟ أو نقول: يحرم من البيت الذي هو فيه إذا أراد الانطلاق إلى مكة؟ وكلاهما بيت له على حد سواء؟. طالب: البيت التي يعقد فيه النية. هو منشئ النية من الأصل، هو يبي يحج السنة هذه. طالب: المحل الأبعد. الفقهاء يقولون: الأبعد أحوط؛ لكن يفترض أن اليوم عنده زوجتين واحدة بالطائف واحدة بالشرايع اليوم يبي يمشي إلى مكة وهو في نوبة صاحبة الشرايع نقول: اذهب إلى الطائف وأحرم؟ ومنزله دون الميقات؟ طالب: على قول الإمام مالك يتجه تقريباً. الثاني. طالب: لو عملنا بقول الإمام مالك .... أي من البيتين. وكلاهما دون الميقات، حتى أهل مكة يهلون من مكة، الجمهور على أن أهل مكة يهلون من مكة في الحج خاصة، وأما في العمرة فلا بد أن يخرجوا إلى أدنى الحل، يخرجوا إلى الحل، وعموم اللفظ يشمل الحج والعمرة؛ لكن عامة أهل العلم يرون أنه لا بد في النسك من الجمع بين الحل والحرم، وحينئذ في مسألة في الحج لا بد أن يخرج إلى الحل من أجل عرفة أما في العمرة فتنتهي جميع أفعالها في الحرم، فلا بد أن يخرج إلى أدنى الحل، وهذا قول عامة أهل العلم، منهم من رجح أن العمرة كالحج تدخل في عموم هذا الحديث. عائشة -رضي الله عنها- لما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أخاها عبد الرحمن أن يعمرها بعد حجها، هل أعمرها من مكانها؟ أو قال: اذهب بها إلى التنعيم؟ نعم اذهب بها إلى التنعيم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ينتظر منتهي يبي يغادر، والصحابة كلهم ينتظرون، فحبسهم هذا دليل على وجوب الخروج إلى الحل، هذا العمرة، أما بالنسبة للحج فلا.

"فذو الحليفة هي أبعد المواقيت بينها وبين مكة عشر مراحل، أو أقل أو أكثر بحسب اختلاف الطرق، فإن منها إلى مكة عدة طرق، وتسمى وادي العقيق، ومسجدها يسمى مسجد الشجرة، وفيها بئر تسميها جهال العامة "بئر علي" لظنهم أن علياً قاتل الجن بها وهو كذب، فإن الجن لم يقاتلهم أحد من الصحابة، وعلي أرفع قدراً من أن يثبت الجن لقتاله، ولا فضيلة لهذا البئر ولا مذمة، ولا يستحب أن يرمي بها حجراً ولا غيره". نعم هذا الميقات الأول: ذو الحليفة، ميقات أهل المدينة، يقول: "هي أبعد المواقيت" هذا هو الواقع، بعيدة جداً يعني أربعمائة كيلو عن مكة، وهي عشر مراحل إذا كانت بقية المواقيت مرحلتان إلا الجحفة أو لا تعد ثلاث مراحل، سيأتي بيانها، المقصود أنها أبعد المواقيت عشر مراحل، أربعمائة كيلو، والمرحلة تقدر بأربعين كيلاً، ومسافة القصر يومان قاصدان، يعني المسألة مطردة؛ لكن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقول: "أو أقل أو أكثر" يتجه هذا؛ لأن الطرق كثيرة منها المستقيم الذي هو أقرب طريق يصل بين المكانين أو بين النقطتين كما يقولون، هذا المستقيم أكثر من غيره؛ لكن إذا سلك طريقاً آخر واعتراه في طريقه جبل، ثم تنكب عنه، أو مكاناً وعر لا يمكن المشي فيه، زاد عليه الطريق، وإذا جاء المكان السهل الذي يمكن أن يطرقه سهل عليه الطريق وقصر، ولذا قال أو أقل أو أكثر، وكان الطريق مثلاً من الرياض إلى القصيم عن طريق شقرة خمسمائة كيلو، أو خمسمائة وعشرين، ثم نزل عن طريق السديري إلى أربعمائة وستين، ثم نزل إلى أن صار ثلاثمائة وعشرين أو ثلاثمائة وثلاثين، كل الطرق تؤدي ذلك منها القريب، ومنها البعيد، بحسب اختلاف الطرق، فإن منها إلى مكة عدة طرق وتسمى وادي العقيق، تعرف بأبيار علي، "ومسجدها يسمى مسجد الشجرة" لأن فيه هناك شجرة التي أحرم من عندها النبي -عليه الصلاة والسلام-، على بعض الروايات، أحرم من الوادي، أحرم من المسجد، أحرم حينما استقلت به راحلته، على ما سيأتي كل هذه روايات.

"وفيها بئر تسميه العامة بئر علي" وما زالت تسمى بأبيار علي، وهذه التسمية موجودة في كتب لأهل العلم، بأبيار علي، لظنهم أن علياً -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- قاتل الجن بها، وهو كذب، فإن الجن لم يقاتلهم أحد من الصحابة، وعلي -رضي الله عنه- أرفع قدراً من أن يثبت الجن لقتاله، إذا كان عمر -رضي الله عنه- إذا قابله الشيطان في فج أو في طريق تنكب عنه إلى طريق آخر، فالجن لا شك أنهم لم يثبتوا لعلي -رضي الله عنه-، وهو المعروف بالشجاعة، وعلي أرفع قدراً من أن يثبت الجن لقتاله، ولا فضيلة لهذا البئر بل هي بئر تستعمل يستقى منها ويتوضأ منها كغيرها من الآبار، لا فضيلة ولا مذمة، يعني ليست كبئر الناقة وليست كبئر زمزم، لا فضيلة ولا مذمة، هي مجردة كغيرها من الآبار، لكن مثل هذه البئر إذا اعتقد الناس فيها مثل هذا الاعتقاد أنها لها فضيلة ولها مزية، وعلي قاتل الجن إلى آخره، تترك وإلا تغيب معالمها، حماية لجناب التوحيد، هذا الأصل تغير معالمها، كما قطعت الشجرة؛ لكن الحاجة قائمة إلى الاستقاء منها، فهل نقول: ينبغي أن تردم، وهل هي موجودة الآن أو غير موجودة؟ يظهر أنها غير موجودة الآن؛ لكن في وقت العلماء الذين يسمون الميقات باسمها، وقد وجد من يتبرك من مائها، ووجد من يستشفي به؛ لأن بئر لها شأن لأنها بجنب الميقات، وألصق بها ما ألصق من قتال علي للجن بها، فمثل هذه لا بد من تغيير معالمها، وتغيير مكانها، نعم الحاجة داعية إلى الماء، لكن إذا كان الماء وجوده يسبب قدحاً في التوحيد، فلا بد من تغيير مكانه وطمس معالمه، وإلا فالناس لا بد لهم من الماء، "ولا يستحب أن يرمي بها حجر ولا غيره"؛ لأن الجهال يفعلون هذا، نعم يفعلون هذا لماذا؟ لأنهم يقتدون بعلي الذي يزعمون أنه قاتل الجن، فيرمون حجراً ليصيب جنياً، عله أن يصيب جنياً، فيقتدي بعلي -رضي الله عنه-، والمسألة كلها كذب في كذب.

"وأما الجحفة: فبينها وبين مكة نحو ثلاث مراحل، وهي قرية كانت قديمة معمورة، وكانت تسمى مهيعة، وهي اليوم خراب؛ ولهذا صار الناس يحرمون قبلها من المكان الذي يسمى رابغاً، وهذا ميقات لمن حج من ناحية المغرب كأهل الشام ومصر وسائر المغرب؛ لكن إذا اجتازوا بالمدينة النبوية كما يفعلونه في هذه الأوقات، أحرموا من ميقات أهل المدينة، فإن هذا هو المستحب لهم بالاتفاق، فإن أخروا الإحرام إلى الجحفة ففيه نزاع". يقول الميقات الثاني فهو الجحفة، وبينها وبين مكة نحو ثلاث مراحل، يعني مائة وعشرين كيلاً، وهي قرية كانت قديمة معمورة، يعني على وقت النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يعمرها يسكنها من؟ اليهود، ولذا لما هاجر النبي -عليه الصلاة والسلام- والمدينة محمة موبوءة، دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينقل حماها إلى الجحفة، حماها إلى الجحفة بأن يسكنها اليهود وكانت عامرة ثم خربت بعد ذلك فصار الناس يحرمون من رابغ. يقول: "وهذا ميقات لمن حج من ناحية المغرب كأهل الشام ومصر وسائر المغرب؛ لكن إن اجتازوا بالمدينة النبوية" هذا إذا اجتاز الحاج على ميقات غير ميقاته، وهي المسألة التي قدمناها؛ لكن إذا اجتازوا بالمدينة النبوية، وهذا اسمها المدينة النبوية، وأما تسميتها بالمدينة المنورة، وقد شاع هذا واستفاض، وعرف على ألسنة الناس بحيث لا يعرف غيره فلا أصل له، إنما هي المدينة النبوية نسبة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ويميزها هذا الاسم من بين سائر المدن، إذا قلت: أذهب إلى المدينة خلاص صار علم على المدينة النبوية، ولذا يدلس بعضهم إذا أراد أن يبيع بضاعةً قال: هذه بضاعة المدينة؛ لأن فيها ميزة، النعناع مثلاً يحرج عليه يقول: نعناع المدينة، وهو متميز عن غيره فإذا شم بان، ثم إذا اكتشف قال: يا أخي الرياض مدينة ما كذبت، هذا تدليس قبيح، نسأل الله العافية. طالب:. . . . . . . . . النبوة نور بلا شك؛ لكن هم يقصدون أن وجود القبر منور لهم، ولا شك أنها في الأصل لا تعرف في عهد السلف؛ لأنها جاءت متأخرة، والتسمية الشرعية أولى بلا شك. طالب: الميقات الأول يا شيخ، أبيار علي مو في وادي العقيقة.

((صلِ في هذا الوادي المبارك)) نعم كلها منطقة واحدة. طالب:. . . . . . . . . ما أدري والله لكن تواريخ المدينة تذكر هذا. يقول: "لكن إذا اجتازوا بالمدينة النبوية" يعني أهل مصر والمغرب" إذا اجتازوا بالمدينة النبوية، كما يفعلونه في هذه الأوقات أحرموا من ميقات أهل المدينة، إن كان الحجاج من نجد لا سيما القصيم وما والاه بعد سلوك الطريق الجديد إلى المدينة صار أيسر لهم أن يذهبوا إلى مكة عن طريق المدينة، فإذا اجتازوا بها، لكن إذا اجتازوا، يعني أهل المغرب ومصر والشام اجتازوا في المدينة كما يفعلونه في هذه الأوقات أحرموا من ميقات أهل المدينة ((هن لأهلهن ولمن مر عليهن)) فهؤلاء مروا على هذا الميقات، فإن هذا هو المستحب، قوله: "هذا هو المستحب" أنه لو أخر الإحرام إلى ميقاته الأصلي وقد مر بميقات شرعي معتبر قبله أنه لا شيء عليه، كما هو قول مالك، فإن هذا هو المستحب له بالاتفاق، يعني القدر المشترك بين الأئمة الأربعة الاستحباب؛ لكن الثلاثة يقولون بالوجوب، ومالك يقول بالاستحباب، القدر المشترك هو الاستحباب بالاتفاق لأنه يجوز له التأخير اتفاقاً، أو مجرد استحباب ولا يلزمه شيء اتفاقاً، لما عرفنا من أن الجمهور على أنه يلزمهم دم. فإن أخر الإحرام إلى الجحفة ففيه نزاع، وذكرنا هذا النزاع بين الإمام مالك وبين غيره، وبين ما إذا أحرموا من غير ميقاتهم الأصلي، يعني رجعوا إلى السيل مثلاً، أحرموا من قرن المنازل، أو النجدي أحرم من الجحفة، يعني من رابغ، هل يلزمه أو لا يلزمه؟ هذا لا يدخل في مذهب مالك دخولاً واضحاً، وإن كان مما يقتضيه. طالب:. . . . . . . . . منير بوجوده -عليه الصلاة والسلام- وحياته. طالب: سمعت بعض المشايخ .... يقول: من زمان وسمعة المدينة المنورة معروفة ولم تنكر. من زمان، أي زمان؟ طالب:. . . . . . . . . ولم تنكر إلا في هذه الأزمنة. لكن أي زمان، زمان السلف أو متأخر؟ طالب: المدينة النبوية لم يرد تاريخ للمدينة النبوية. لكن النسبة ما فيها إشكال، النسبة ما فيها إشكال، المدينة هاجر إليها النبي -عليه الصلاة والسلام- ونسبت إليه، ما فيه إشكال لا يقتضي تخصيص ولا شيء.

طالب: .. نور، قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين لا يقال أنها نور، احتمال .... هو نور -عليه الصلاة والسلام- في حياته، وفي حياته لا إشكال في كونه نور، ولا ينازع في هذا أحد، لكن هم يطردون المسألة أن بعض المتصوفة يرى أن القبر يشع نور، وأن المدينة أنيرت بقبره -عليه الصلاة والسلام-، فمثل هذا يعني حسمه مطلوب. طالب: المشايخ المتأخرين ذكروا هذه التسمية، هي لم تكون معلومة عند السلف والمتأخرون ذكروها. . . . . . . . . ما فيها دليل، لا سيما إذا استصحبنا أنها تسمية قد تمس شيء من جناب التوحيد، والألفاظ المحتملة نعم لها احتمال صحيح واحتمال باطل، وإذا وجد مثل هذا الاحتمال فإنه يجتنب هذا اللفظ. طالب: السبب التسمية يا شيخ. . . . . . . . . السبب التسمية لكن إذا كان اللفظ محتملاً فأهل العلم لا شك أنهم يوصون بترك مثل هذا اللفظ المحتمل، وهذا يمر كثيراً في كتب العقائد. طالب: هل يستفاد من قول عائشة أنار فيها كل شيء؟ أنار، طيب في حياته -عليه الصلاة والسلام-؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا، هذا مقرون بوجوده -عليه الصلاة والسلام-، النور مقرون بوجوده، ولا شك في شرفه وفضله -عليه الصلاة والسلام- لكن الألفاظ التي تؤدي أو تخدش جناب التوحيد لا بد من اجتنابها. "وأما المواقيت الثلاثة فبين كل واحد منها وبين مكة نحو مرحلتين، وليس لأحد أن يجاوز الميقات إذا أراد الحج أو العمرة إلا بإحرام". لا يجوز له أن يتجاوز الميقات إذا كان أراد الحج أو العمرة إلا بإحرام، ليس له أن يتجاوز، لكن إذا تجاوز بنية الرجوع يجوز وإلا ما يجوز؟ بنية الرجوع، أنا لي حاجة في بلد كذا، أقضي هذه الحاجة وأرجع إلى الميقات، يعني ترك الإحرام من الميقات بعد أن مر به مريداً للحج أو العمرة عمداً. طالب:. . . . . . . . . إيه، لكن هل يجوز أن يتركه عمداً؟ وقد أراد الحج أو العمرة ليقضي حاجته، ثم يرجع إلى الميقات نفسه؟ يعني ارتكب المحظور عمداً، تعمد في ارتكابه، أو نقول: ارتكبه لحاجة؟

نعم ارتكبه لحاجة، والحاجة ترفع الإثم وتبقى التبعة، فإما أن يذبح أو يرجع، يعني كما لو احتاج إلى ارتكاب أي محظور، الحاجة ترفع الإثم، كما في حلق الشعر، لكن لما كان الشعر لا يمكن إعادته تعين الفدية، لكن هذا ممكن تداركه، فمثل هذا يجوز مع الحاجة -إن شاء الله تعالى- على أن يرجع إلى الميقات. ممن أراد الحج أو العمرة دليل على أن الذي لا يريد الحج والعمرة، لا يلزمه الإحرام، وإن كان أكثر أهل العلم على أنه يلزمه، إذا أراد مكة قصد مكة يلزمه أن يحرم، وهذا هو المعروف عند الحنابلة، وغيرهم أنه لا بد أن يحرم، لكن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ممن أراد الحج أو العمرة)) يدل على أنه لا يلزمه إلا إذا كان مريداً للنسك، ولذا قال الشيخ بعد ذلك: "وإن قصد ... " "وإن قصد مكة لتجارة أو لزيارة فينبغي له أن يحرم وفي الوجوب نزاع". نعم قصد مكة لتجارة أو لزيارة، قصدها لغرض لا يخلو إما أن يكون متكرراً أو غير متكرر، يعني المتكرر كالحطاب مثلاً، يحطب ويعرض ما يبيع في مكة يومياً يلزمه أن يحرم؟ قالوا: مثل هذا لا يلزمه؛ لكن إذا كان لا يتكرر كثيراً، ولا يشق عليه يلزمه الإحرام، لا بد أن يحرم، يدخل مكة محرماً، وهذا قول كثير من أهل العلم وجوباً عليه، ولذا قال: "وإن قصد مكة لتجارة أو لزيارة فينبغي له أن يحرم" هذا من أجل الخروج من الخلاف، وفي الوجوب نزاع، ولا شك أن الحديث ظاهر في كونه لا يلزمه إلا إذا أراد الحج أو العمرة. طالب:. . . . . . . . . الآن هو دون الميقات يحرم من بيته. طالب:. . . . . . . . . يحرم من منزلة، ولو كان، المقصود أنه يحرم من منزله؛ لأنه دون الميقات، أنت تقول: أنه دون ذي الحليفة وقبل الجحفة؟ يعني دون ذي الحليفة وقبل الجحفة. طالب: تمشي إلى عند .... في مكة إذا مشيت مئتين وعشرين كيلو تجد لوحة مكتوب عليها محاذاة؟ وهو دون المدينة؟ نعم، ما الحكم؟ الأصل أنه دون الميقات، دون ذي الحليفة، فاللفظ يشمله، يحرم من منزله.

"ومن وافى الميقات في أشهر الحج فهو مخير بين ثلاثة أنواع وهي التي يقال لها: التمتع والإفراد والقران إن شاء أهل بعمرة، فإذا حل منها أهل بالحج، وهو يخص باسم التمتع، وإن شاء أحرم بهما جميعاً أو أحرم بالعمرة، ثم أدخل عليها الحج قبل الطواف، وهو القران، وهو داخل في اسم التمتع في الكتاب والسنة، وكلام الصحابة، وإن شاء أحرم بالحج مفرداً وهو الإفراد".

يقول -رحمه الله تعالى- ومن وافى الميقات في أشهر الحج، وأشهر الحج شوال وذي القعدة وعشر من ذي الحجة، أو ذي الحجة كامل، أو إلى آخر أيام التشريق على خلاف بين أهل العلم، من وافى الميقات في هذه الأشهر فهو مخير بين ثلاثة أنواع، والمقصود بذلك من؟ يعني وإن قلنا: عشر ذي الحجة فإنه وإن وافاها في وقت لا يمكن فيه أن يدرك الوقوف، فإنه لا يحرم بحج لا مفرد ولا مجموع، إذا كان بحيث يفوته الوقوف، يعني نفترض أنه وافى ذي الحليفة، وبقي عليه على مكة عشر مراحل، عشرة أيام، وهو في الثالث أو الرابع من ذي الحجة فما يمديك تحرم بعمرة فقط؛ لكن إذا كان يدرك الوقوف في آخره يفرد، إذا كان يدرك الوقوف ويدرك قبله أداء عمرة كاملة، يعني جاء وقت العصر مثلاً أو الظهر إلى قرن المنازل، يقول: والله يمديني أطوف وأسعى عمرة، وأتحلل وأطلع إلى عرفة، نقول: إذا كان يدرك الوقوف في وقته الأصلي وهو النهار فلا مانع أن يتمتع، بحيث لو دخل مكة الضحى مثلاً وطاف وسعى وقصر، ثم أحرم بالحج وخرج إلى عرفة يدرك لا مانع أن يتمتع، لكن إذا كان لا يدرك الوقوف في وقته الأصلي، يعني غابت عليه الشمس وهو في الميقات، يقول: أنا أستطيع أذهب إلى الحرم وأطوف وأسعى وأقصر وأهل بالحج وأخرج إلى عرفة بعد نهاية الوقوف الأصلي الذي هو النهار، نقول: لا، أنت لا بد أن تفرد، لا يسن في حقك التمتع، ولذا يقول: "ومن وافى الميقات في أشهر الحج فهو مخير بين ثلاثة أنواع، وهي التي يقال لها: التمتع، والإفراد، والقران، إن شاء أهل بعمرة، فإذا حل منها أهل بالحج، وهو يخص باسم التمتع، يعني التمتع الخاص، في الاصطلاح العرفي عند أهل العلم، وإن شاء أحرم بهما جميعاً أو أحرم بالعمرة ثم أدخل عليها الحج قبل الطواف، وهو القران، يعني يحرم بهما جمعياً، أو يحرم بعمرة ثم يدخل عليها الحج، يدخل عليها الحج قبل الطواف، يعني لعارض كحيض مثلاً، أو ضيق وقت، فإنه يدخل الحج على العمرة ويصير قارناً، وهو القران وهو داخل باسم التمتع، الاسم العام للتمتع، التمتع يعني التوسع بترك أحد السفرين، وهذا شامل للتمتع والقران، الاسم اللغوي يشمل، لكن الاسم العرفي الخاص يخص التمتع بمن يأتي بالعمرة كاملة، ثم يهل

بالحج من عامه، هذا التمتع الخاص، والتمتع العام يشمل التمتع الخاص مع القران، ولذا يلزم كل منهما الدم، وقد قيل: بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أحرم قارناً، وأحرم متمتعاً، وأحرم مفرداً، جاءت هذه الأوصاف في إحرامه -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع وكلها صحيحة، فمن قال: متمتعاً أراد التمتع العام باسمه العام الذي يشمل القران، ومن قال: قارناً، لا شك أنه هو المطابق لفعله -عليه الصلاة والسلام- ومن قال: مفرداً نظر إلى أول الأمر، قد جاء ما يدل على أنه أحرم مفرداً، ثم قيل له: صلي في هذا الوادي المبارك، وقل: تكون حجة في عمرة، أو حجة وعمرة، فصار قارناً، أو أنه نظر إلى الصورة، نظر من قال: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج مفرداً نظر إلى الصورة، صورة حجه -عليه الصلاة والسلام-، والقارن في صورة حجة لا يختلف بشيء عن صورة المفرد. طالب: القلب من التمتع إلى الإفراد؟ القلب من التمتع إلى الإفراد، يعني أحرم بعمرة، ثم بعد ذلك أراد ... من الأدنى إلى الأعلى لا؛ لأن هذا يريد الفرار من الهدي، لكن أحياناً قد يفر من التمتع إلى العمرة فقط، ويرجع إلى أهله، مثل هذا إذا قلنا: أن قلب الإحرام من التمتع إلى الإفراد لا يجوز، فماذا عن قلب التمتع إلى العمرة فقط؟ يعني شخص جاء ليحج تمتعاً لما جاء إلى الميقات أحرم بالعمرة وفي نيته مما لم يلزم به أنه يحج من عامه، لما تحلل ولبس الثياب بعد العمرة أُخبر بخبر يلزمه رجوعه، يلزم رجوعه بسببه، يقول: والله ما بعد أديت العمرة، وما بعد أحرمت بالحج ما الذي يلزمني؟ هل يلزم بالحج أو لا يلزم؟ هو ما نطق بشيء هو جاء واعتمر عمرة كاملة، وتحلل ومشى، هذا إن كان قصده التخلص من الحج فيعاقب بنقيض قصده، نقول: لا يجوز؛ لكن إذا كان قصده صحيح، ولم يدخل الآن في الحج، ويفعل جميع ما يفعله المتحلل، يطأ زوجته بين النسكين، فما الذي يمنعه من الرجوع لا سيما إذا كان تطوعاً. طالب: هذا حصل قبل العام، يعني تأخر الإعلان عن الحج، كان بعض الحملات حاجزين على يوم سبعة في الليل صار يوم ثمانية في الليل ووصلوا صباح عرفة فذهبوا مباشرة إلى عرفة أكثرهم كان طبعاً محرم بنية التمتع ... إيش لون ما وصل إلا متأخر.

طالب: وصلوا يوم عرفة الصباح، أصلاً الحجر كان يوم سبعة وتأخر الإعلان، تقدم طبعاً الشباب فصارت رحلتهم يوم ثمانية في الليل، هي الأصل كانت سبعة في الليل فصارت ثمانية في الليل وصلوا صباح عرفة. لكن متى أحرموا؟ هم أحرموا قبل الإعلان وإلا بعده؟ هم أحرموا بعد الإعلان. طالب: أكثرهم أحرم على أساس أنه يتمتع. من بلده، هذه نيته في بلده، لكن لما وصل الميقات يعرف هو يمديه وإلا ما يمديه. طالب: هم أكثرهم أحرموا على أنه متمتع ثم وصلوا ... لكن ما يعرف أنه ما يتمكن؟ طالب: .... الحملة .... قالوا ما يمدي نروح منى ثم نذهب إلى عرفة ثم عمرة .... ثم عرفة ثم الحج .... وهذه كثير صار. هذه سببها الجهل، لكن العدول من الأعلى إلى الأدنى لا يجيزه أهل العلم، إلا لحاجة قهرية مثل الحيض مثلاً، يعني التمتع إلى القران بسبب الحيض لا إشكال، لكن شخص أحرم بعمرة لا بد أن يأتي بها، ضاق عليه الوقت يدخل عليه الحج فيصير قارن. . . . . . . . .، وحينئذ لا ينوي الإفراد، صاروا في حقيقة الأمر قارنين، ويلزمهم الدم؛ لأنه ما يعرف العمرة، هم الآن رفضوا العمرة صح وإلا لا؟ ما ترفض خلاص يدخل عليها الحج ما دام الظرف هذا فيصيرون قارنين فيلزمهم الدم. يعني مسألة الدم ملازمة لهم، لكن هل يضمن الدم من غرهم كصاحب الحملة مثلاً، هل يلزمه الدم أو لا يلزمه؟ المسألة تحتاج إلى نظر. طالب: .... قضية الخطوط السعودية. . . . . . . . . لكن هو الذي يوجههم يقول: الآن ما يمديكم تعتمرون. طالب:. . . . . . . . . على كل حال مسألتهم واضحة كمن جاءها الحيض ولا تتمكن من طواف العمرة إلا بعد فوات الحج، حينئذ تدخل الحج على العمرة فتصير قارنة، وهؤلاء مثلها. طالب: اللي ما أهدى قلبها إلى إفراد. لا ما ينقلب، الإحرام ما يرفض، العمرة ثابتة عندهم، ودخلت في الحج إلى يوم القيامة، إذاً هم قارنون يلزمهم الهدي. طالب: يهدي ولو بعد سنة. نعم، ولو بعدين في ذمته ما زال. طالب:. . . . . . . . .

إذا كان يمكنهم الوقوف في وقته الأصلي، يعني أهل العلم يقولون هنا التروية خلاص ما يصح تمتع لا بد أن يحرم بالحج، من أهل العلم من يقول هذا، ومنهم من يطلق ولا يحدد بوقت، المهم الإمكان الوقوف لكن لا بد من تقييده بوقته الأصلي، لأنه الوقوف بالليل ليس بوقت أصلي للوقوف. طالب: أحسن الله إليك الأنساك الثلاثة عندما حج أبو بكر في السنة التاسعة هل يعرفون التمتع والقران والإفراد؟ قبل حجة النبي -عليه الصلاة والسلام- لا، ولذلك أحرموا بالحج فأمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يجعلوها عمرة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أحرم ثم قيل له: صلي في هذا الوادي المبارك، فدل على أن الإشكال ما استقر، لكن يشكل على هذا في حديث من أحرم بالجبة متضمخاً بالطيب، فقيل له: ((اصنع في عمرتك ما كنت صانعاً في حجك)) هذا قبل الحج بسنين، يدل على أن المعالم الكبرى للحج واضحة، وحج النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل الهجرة وبعد الهجرة قبل حجة الوداع، ولما رآه جبير بن مطعم واقف مع الناس بعرفة استغرب من الحمص ويخرج إلى الحل! هذه قبل حجة الوداع، وهي في الصحيح. "فصل: في الأفضل من ذلك، فالتحقيق في ذلك أنه يتنوع باختلاف ... " فصل في الأفضل من ذلك يعني من الأنواع الثلاثة. "فالتحقيق في ذلك أنه يتنوع باختلاف حال الحاج، فإن كان يسافر سفرة للعمرة، وللحج سفرة أخرى أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقيم بها حتى يحج فهذا الإفراد له أفضل باتفاق الأئمة الأربعة". شخص اعتمر في رمضان ثم رجع إلى أهله فأراد الحج يقول: ما الأفضل في حقي؟ رجع إلى أهله، الشيخ يقول: "فإن كان يسافر سفرة للعمرة والحج سفرة أخرى، أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج -في رمضان مثلاً- ويعتمر ويقيم بها حتى يحج فهذا الإفراد له أفضل باتفاق الأئمة الأربعة" يعني أراد أن يحج من اعتمر في رمضان، هل نقول: الإفراد أفضل في حقه باتفاق الأئمة الأربعة، أو نقول: التمتع أفضل في حقه؟ طالب: إذا رجع إلى أهله التمتع. يعني كلام شيخ الإسلام يحمل على صورة واحدة. طالب: اعتمر في أشهر الحج ورجع إلى أهله.

لا حتى هذا، هذا ما يعتبر متمتع، شيخ الإسلام يفترض المسألة في شخص يقول: أنا لن أحج إلا مرة واحدة ولن أعتمر إلا مرة واحدة، هذا كونه يأتي بالعمرة بسفرة والحج في سفرة هذا أفضل باتفاق الأئمة الأربعة، لكن إذا اعتمر بسفرة مستقلة، ثم تيسر له أن يعتمر ويحج معاً هذا لا شك أنه أفضل له، ويكون قول العلماء مطرد في تفضيل التمتع والقران عند بعضهم، وتفضيل الإفراد عند بعضهم؛ لأن الإكثار من النسك من الحج والعمرة لا شك أنه أفضل، وجاء الأمر بالمتابعة ((تابعوا بين الحج والعمرة)) ((والعمرة إلى العمرة)) جاء هذا كله، فكيف يقال له: لا تعتمر أنت اعتمرت في رمضان، الإفراد أفضل لك؟ لا، هذا شخص يقول: أنا لن أعتمر غير عمرة الإسلام وحجة الإسلام، نقول: نعم تعتمر في وقت متقدم ثم بعد ذلك تأتي بالإفراد، وهذا أفضل في حقك من أن تجمعهما بسفرة واحدة. "والإحرام بالحج قبل أشهره ليس مسنوناً بل مكروه، وإذا فعله فهل يصير محرماً بعمرة أو بحج فيه نزاع، وأما إذا فعل ما يفعله غالب الناس .... " الإحرام بالحج قبل أشهره ليس مسنوناً، يعني بعض الناس يقول: من باب الاحتياط، وما دام حج بعض الصحابة أو أحرم بعض الصحابة من بيت المقدس، وبعضهم من الكوفة مثلاً متعدين أو متقدمين في ذلك على الميقات المكاني، فلا مانع من أن يتقدم الميقات الزماني قياساً عليه، يعني ثبت عن بعض الصحابة أنهم أحرموا قبل الميقات، منهم من أحرم من بيت المقدس، ومنهم من أحرم من البصرة مثلاً والنبي -عليه الصلاة والسلام- وقت المواقيت بأهلها لأهل الجهات ولمن أتى عليهن، فلا تتعدى، كما وقت عرفة للوقوف، ووقت مزدلفة للمبيت، وهكذا، هذا الأصل أن لا يتعدى ما حدد، الأمر محدد شرعاً، لا يجوز تعديه، لا في الزمان، ولا في المكان، لكن الصحابة حصل منهم هذا، فدل على أن فيه سعة، ويبقى أن الإحرام من الميقات أفضل؛ لأنه هو التحديد الشرعي والميقات الشرعي، وفعله -عليه الصلاة والسلام- أحرم من الميقات ما أحرم من بيته لنقول أفضل.

وأما بالنسبة للميقات الزماني فهذا جمع من أهل العلم لا يصححون النسك، إذا أحرم من الحج في رمضان مثلاً، كما لو أحرم بصلاة الظهر قبل الزوال، لا يصح، ومنهم من يقول: ما المانع؟ ما دام الصحابة أحرموا قبل الميقات المكاني إذاً يجوز الإحرام قبل الميقات الزماني، ولا شك أن هذا ليس بمستحب، ولا مطلوب، ولو قيل بعدم صحة الإحرام قبل ميقاته، ولذلك قال الله -جل وعلا-: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} [(197) سورة البقرة] (الحج أشهر) هذا أسلوب حصري، فعلى كل حال الإحرام بالميقات قبل مكانه مكروه وخلاف الأولى، وفعله بعض الصحابة لكن الإحرام قبل الميقات الزماني، لا يجوز، ولو أبطل الحج بسببه لما بعد. بالنسبة للإحرام قبل الميقات المكاني، يعني الذي يسكن المدينة، ويريد أن يحج، والميقات عشرة كيلو، يقول: أتنظف وألبس في بيتي، أو مثلاً مطار الرياض يقول: الطائرة صعب إني أغير وأبدل وألبس صعب عليه، يلبس في بيته أو في المطار لكنه لا ينوي حتى يحاذي الميقات، بعض من يقدم إلى المدينة يحرم من مسجده ثم يدخل المسجد النبوي بإحرامه، وهذا يوقع في إشكال وحرج؛ لأن بعض العامة وبعض الجهال يظنون أن الزيارة تحتاج إلى إحرام، فمثل هذا ينبغي أن يمنع، فلا يدخل المسجد محرماً، يمنع؛ لأن هذا يوقع في حرج، لأن المسألة مسألة القلوب مشرئبة لمثل هذا، لا سيما من عنده شوب بدعة، فيظن أن الزيارة لا بد لها من إحرام كزيارة البيت، فمثل هذا ينبغي أن يمنع. "وأما إذا فعل ما يفعله غالب الناس، وهو أن يجمع بين العمرة والحج في سفرة واحدة، ويقدم مكة في أشهر الحج، وهن شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، فهذا إن ساق الهدي فالقران أفضل له". كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ساق الهدي، ولولا سوق الهدي لكان متمتعاً، كما تمنى ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة)) تمنى هذا، وأمر الصحابة أن يجعلوها عمرة، ثم من ساق الهدي الأفضل في حقه القران، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن هل يستطيع أن يتمتع؟ من ساق الهدي هل يستطيع أن يتمتع؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم ولا يبلغون محله إلا يوم العيد، هذا يمتنع في حقه التمتع. طالب:. . . . . . . . . لا بد أن يخل بالتمتع، هو في حقيقته قارن ما أحرم مرتين، يعني سواءً قلنا هذا أو هذا، حتى لو قلنا مثلاً بجواز هدي ذبح الهدي قبل وقته، يعتمر ويذبح الهدي ثم يحرم بالحج يجوز وإلا ما يجوز؟ على قول من يجيز ذبح الهدي قبل وقته نحر الهدي قبل وقته، وهذه مسألة قول معروف عند بعض أهل العلم تبعاً للقاعدة: (إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب جاز فعلها بينهما) سبب الوجوب الإحرام بالعمرة مع نية التمتع، المقصود أن على هذا القول وهو قول مرجوح، لا يذبح الهدي إلا في وقت الأضحية، كما هو معلوم ومقرر، وقد ألف في هذا رسائل (القول اليسر في جواز نحر الهدي قبل يوم النحر) كتاب من أربعين سنة مطبوع، رد عليه: (إيضاح ما توهمه صاحب اليسر في يسره من تجويزه نحر الهدي قبل وقت نحره) كتب معروفة متداولة، المقصود أن القول بجواز نحر الهدي قبل وقته قول مرجوح. طالب: الإحرام قبل الميقات قيل بمنعه أولى. إيه لكن فعله الصحابة، لولا فعل الصحابة .... طالب: هي مشكلة يا شيخ في بعض المسائل يقال بالتحريم والمنع مع أن بعض الصحابة فعلها، مثل الأخذ. . . . . . . . . لا، لا، جاء أن ما يدل على أن عمرة من بيت المقدس تعدل كذا. طالب: صحيح. إيه محسن عند أهل العلم، لكن اختلفوا في تأويله، يعني عمرة تنشأ من بيت المقدس ويحرم من الميقات يحمل عليها الحديث، ولو فهم أحد أنه يحرم بها من بيت المقدس الاحتمال واقع، فمثل هذا يوقع في مثل هذا الإشكال. طالب: الحج أشهر معلومات، هل هو وقت أداء أعمال الحج أو وقت الدخول في الحج؟ الدخول هو الأداء. طالب: تنتهي بعشر ذو الحجة الأعمال. إحنا قلنا: لا بد أن يقيد بالإمكان وهو الوقوف. طالب: أعمال ذي الحجة. الأعمال، بقية أعمال ذي الحجة تنتهي بنهاية أيام التشريق. طالب: يعني يقال شوال وذو القعدة وثلاث عشرة. لكن قال به أحد؟ هو قول على كل حال لكن الأئمة على خلافه، منهم من يقول: وهم الثلاثة إلى عشر ذي الحجة، ومنهم من يرى أنه إلى آخر ذي الحجة، كقول مالك.

شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (2)

شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (2) 2ـ12ـ1427هـ من أحكام الحج الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "وإن لم يسق الهدي فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل، فإنه قد ثبت بالنقول المستفيضة التي لم يختلف في صحتها أهل العلم بالحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما حج حجة الوداع هو وأصحابه أمرهم جميعهم أن يحلوا من إحرامهم، ويجعلوها عمرة، إلا من ساق الهدي، فإنه أمره أن يبقى على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله يوم النحر". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. تقدم من كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- في المفاضلة بين الأنساك الثلاثة أن من ساق الهدي الأفضل في حقه أن يقرن، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن لم يسق الهدي فليتحلل بعمرة، يعني يتمتع، يعتمر ثم يحج من عامه، ليس معنى هذا أن تحلل بعمرة ثم يرجع إلى بلده، لا، ليس هذا هو المعنى، بل أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يجعلوها عمرة، وليس المراد بذلك عمرة مفردة، يأتون بعمرة ثم يحلون منها ثم يرجعون إلى بلدانهم، ليس هذا هو المراد، إنما من تحلل بعمرة الحل كله ثم بعد ذلك يحرمون بالحج في اليوم الثامن يوم التروية، والذي منع النبي -عليه الصلاة والسلام- من التحلل هو سوق الهدي، وإلا فالتمتع أفضل. "وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد ساق الهدي هو وطائفة من أصحابه، وقرن هو بين العمرة والحج فقال: ((لبيك عمرةً وحجاً)) ولم يعتمر بعد الحج أحد". لما أحرم النبي -عليه الصلاة والسلام- جاءه الآتي وقال له: "صلي في هذا الوادي المبارك، وقل: حجة في عمرة" يعني قارناً، يعني لبي قارناً، والذي يمنعه من إفراد العمرة كما تقدم سوق الهدي، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- حج قارناً، وإن جاء في صفة حجه أنه حج مفرداً، وأنه حج متمتعاً، وأنه حج قارناً، أشرنا بالأمس إلى وجه الجمع بين هذه الروايات وكلها صحيحة.

من قال: حج مفرداً نظر إلى ما كان في أول الأمر، الناس ما كان في بالهم إلا الحج فقط، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقولون: أنه كان أفرد الحج في أول الأمر، ثم أمر بالقران، هذا قول، ومنهم من قال: أن هذه الرواية محمولة على الصورة، وأن صور الحج المفرد لا تختلف عن صورة حج القارن، وأما بالنسبة لمن قال: أنه حج قارن كما هو الواقع، وهذا هو الصحيح من فعله -عليه الصلاة والسلام- أنه حج قارناً، وأما من قال: أنه حج متمتعاً، أراد بالتمتع التمتع بمعناه العام، الذي يشمل القران والتمتع، يعني نظير ما يقال في علوم الحديث: يعل هذا الحديث بالانقطاع مثلاً، ومنهم من يقول: مرسل، لا فرق بين الانقطاع والإرسال إلا من حيث التخصيص الاصطلاحي، وإلا فالإرسال نوع من الانقطاع، ومثله هذا من قال: أنه حج متمتعاً يعني أنه ترفه بترك أحد السفرين فجمع بين النسكين بسفر واحد، وإلا فحقيقة الأمر أنه حج قارناً.

"ولم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا عائشة وحدها؛ لأنها كانت قد حاضت فلم يمكنها الطواف؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت)) فأمرها أن تهل بالحج وتدع أفعال العمرة؛ لأنها كانت متمتعة، ثم إنها طلبت من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعمرها فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن فاعتمرت من التنعيم، والتنعيم هو أقرب الحل إلى مكة، وبه اليوم المساجد التي تسمى (مساجد عائشة)، ولم تكن هذه على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما بنيت بعد ذلك علامة على المكان الذي أحرمت منه عائشة؟ وليس دخول هذه المساجد ولا الصلاة فيها لمن اجتاز بها محرماً لا فرضاً ولا سنة، بل قصد ذلك واعتقاد أنه يستحب بدعة مكروهة، لكن من خرج من مكة ليعتمر فإنه إذا دخل واحداً منها وصلى فيه لأجل الإحرام فلا بأس بذلك، ولم يكن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين أحد يخرج من مكة ليعتمر إلا لعذر، لا في رمضان ولا في غير رمضان، والذين حجوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس فيهم من اعتمر بعد الحج من مكة إلا عائشة كما ذكر، ولا كان هذا من فعل الخلفاء الراشدين، والذين استحبوا الإفراد من الصحابة إنما استحبوا أن يحج في سفرة، ويعتمر في أخرى، ولم يستحبوا أن يحج ويعتمر عقب ذلك عمرة مكية، بل هذا لم يكونوا يفعلونه قط، اللهم إلا أن يكون شيئاً نادراً، وقد تنازع السلف في هذا هل يكون متمتعاً عليه دم أم لا؟ وهل تجزئه هذه العمرة عن عمرة الإسلام أم لا؟ "

كلام الشيخ -رحمه الله- مفاده أن العمرة بعد الحج لا تشرع ولا تسن، العمرة بعد الحج لا تشرع ولا تسن ولا يسن لمن كان بمكة أن يخرج ليعتمر، ولا كان هذا من هديه -صلى الله عليه وسلم- ولا من هدي خلفائه من بعده، أنهم يعتمرون بعد الحج، وحمل -رحمه الله- إعمار عائشة من التنعيم بعد حجها، كما قال ابن القيم أنه جبر لخاطرها، وأن الناس يرجعون لا سيما أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام- يرجعن بعمرة متكاملة مفردة وحج كامل مفرد، وترجع هي بعمرة داخلة في الحج، وترى أن في هذا نقصاً عن فعل صواحبها، هذا مفاد كلام شيخ الإسلام، وأن مثل فعل عائشة لا يشرع، ولا شك أن ما فعلته عائشة بأمره -عليه الصلاة والسلام- وبتقريره هي سألت وأمر أخاها أن يعمرها من التنعيم، وحبس الناس انتظاراً لفراغها من عمرتها، ولا يمكن أن يجبر خاطر عائشة على حساب غيرها -عليه الصلاة والسلام- ورضي عنها وأرضاها، لا يمكن أن يجبر خاطر من أجلها، يحبس الناس كلهم بعد فراغهم من الحج وإرادة قفولهم إلى بلادهم يجبر الناس كلهم أن ينتظروا عائشة في أمر ليس بمشروع، وإنما هو لمجرد جبر خاطرها، وقد عادت بعمرة وحجة، والحديث دليل دلالة صريحة على أن هذا لا إشكال فيه -إن شاء الله تعالى-، وأن المتابعة بين الحج والعمرة أمر مشروع، جاء فيه الأوامر، وجاء فيه فعل عائشة -رضي الله عنها- بأمره وإقراره -عليه الصلاة والسلام- فمن أراد أن يعتمر بعد الحج لا إشكال في ذلك على ألا يكون ذلك على حساب ما هو أهم من هذه العمرة، ومن كان في مكة وأراد أن يخرج إلى أدنى الحل فيحرم بعمرة ويأتي بعمرة، قد جاء الحث على الإكثار من العمرة ((والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهن)) ((تابعوا بين الحج والعمرة)) كل هذه نصوص تدل على أن الإكثار من هذه العبادة العظيمة شيء مطلوب شرعاً، وأما كونه لم يفعل الذي لا ينقل لا يستدل به ويكفينا مثل هذا الدليل، يكفينا هذا الدليل لمشروعية الخروج من مكة إلى أدنى الحل للعمرة، وأما كونه -عليه الصلاة والسلام- أعمرها جبراً لخاطرها، فلا يمكن أن يتصور هذا بالنسبة لحبس الناس كلهم من أجل جبر خاطرها، وقد أتت بحجة وعمرة، جاءت بعمرة داخلة في حجها، أهلت بالحج وأدخلت الحج

على العمرة فصارت قارنة، فيكفي في هذا مشروعية الاعتمار من مكة. والحكم الشرعي يلزم بدليل واحد، ولا يلزم أن يكون له أكثر من دليل، النبي -عليه الصلاة والسلام- حث على العمرة في رمضان، وقال: أنها تعدل حجة معه -عليه الصلاة والسلام-، ومع ذلك لم يعتمر في رمضان، ولا عرف من خلفائه أنهم اعتمروا في رمضان، هل يقال: أن العمرة في رمضان ليست مشروعة؟ يكفينا النص، وفعله -عليه الصلاة والسلام- بل تركه لهذه العمرة قد يكون أفضل في حقه؛ لأنه يترتب عليه تعطيل ما هو أهم منها، ولو أن شخصاً أنيطت به مصالح المسلمين بعمومهم، ثم قال: إنه يعتمر في رمضان من أجل تحصيل هذا الفضل العظيم أجر حجة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ويترتب على ذلك تضييع ما أنيط به من المصالح العامة، نقول: لا، عدم عمرتك أفضل من عمرتك بالنسبة لك، وأما ما ذكره شيخ الإسلام -رحمه الله- وأجلب عليه بما أتي من بيان، فهذا رأيه، وعلى كل حال هو إمام من أئمة المسلمين ويقلده من يقلده من السواد الأعظم، ولا إشكال في هذا لأنه إمام تبرأ الذمة بتقليده؛ لكن الذي نراه أنه لا إشكال في العمرة من مكة استدلالاً بهذا الحديث، ولو لم يكن فيه إلا حبس الناس من أجلها. طالب: هل يمكن أن يستدل بحبس الناس بحديث التيمم؟ على إيش؟ طالب: أنه حبس الناس وبحثوا عن العقد. نعم يقول: قد يقال: أن حبس الناس لا يدل على الوجوب، بدليل أنه حبس الناس بحثاً عن العقد؛ لكن ما مدة هذا الحبس؟ نظروا يمين وشمال ومشوا، أو جلسوا وانتظروا إلى أن وجدوه، يعني ما ذهبت إلى التنعيم، وذهب إلى المسجد، وطافت وسعت، ورجعت إلى الناس تحتاج إلى وقت، فالحبس أمره نسبي، فمثل البحث عن العقد لا يستحق ولا خمس دقائق، بينما ذهابه بها على الدابة إلى التنعيم ورجوعه على المسجد وكذا يحتاج إلى خمس ساعات فرق بين هذا وهذا.

يقول -رحمه الله-: "ولم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا عائشة وحدها؛ لأنها كانت قد حاضت فلم يمكنها الطواف؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت)) فأمرها أن تهل بالحج وتدع أفعال العمرة؛ لأنها كانت متمتعة ثم إنها طلبت من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعمرها فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن فاعتمرت من التنعيم، والتنعيم هو أقرب الحل إلى مكة، وبه اليوم المساجد التي تسمى (مساجد عائشة) ولم تكن هذه على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما بنيت بعد ذلك علامة على المكان الذي أحرمت منه عائشة، وليس دخول هذه المساجد ولا الصلاة فيها لمن اجتاز بها محرماً لا فرضاً ولا سنة، بل قصد ذلك واعتقاد أنه يستحب بدعة مكروهة" يعني أن التنعيم ليس بميقات للعمرة المكية، وإن جعله بعضهم ميقات، جعله بعضهم ميقات للعمرة المكية، وأضافه إلى المواقيت الخمسة. واطلعت على مطوية في أعمال الحج، وأضاف التنعيم إلى المواقيت، ووزعت توزيعاً رسمياً، وهذا خطأ، التنعيم ليس من المواقيت، لو ذهبت إلى عرفة، لو ذهبت إلى الجعرانة، لو ذهبت إلى أدنى الحل من أي جهة كانت كفى، وليس التنعيم مقصوداً لذاته، وإنما هو أيسر وأسهل بالنسبة لمكانهم. "بل قصد ذلك واعتقاد أنه يستحب بدعة مكروهة؛ لكن من خرج من مكة ليعتمر فإنه إذا دخل واحداً منها وصلى فيه لأجل الإحرام" صلى فيه لأجل الإحرام، وهذا يدل على أن الإحرام له صلاة، وسيأتي في كلام الشيخ ما يبين هذا، وفيه نوع مخالفة. "لأجل الإحرام فلا بأس بذلك، ولم يكن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين أحد يخرج من مكة ليعتمر إلا لعذر" ما العذر؟ يخرج من مكة ليعتمر إلا لعذر ما العذر؟ طالب: حديث عائشة. يعني مثل فعلها؟ يعني إذا وقع له مثل ما وقع لعائشة يعتمر، لا هو ما يرى لأحد بعد عائشة، خلاص يعني كل إنسان وقع في نفسه شيء أنه لم يأت بعمرة مفردة يخرج إلى الحل ويعتمر؟ الكلام يدل على غير هذا. طالب: من حبس عن العمرة كما حبست عائشة عن العمرة.

طيب حبست حسبت، وقد أدخلت العمرة على الحج وصارت قارنة، وأتت بحج وعمرة، وعدت عمرة النبي -عليه الصلاة والسلام- التي مع حجته من عُمَرِه الأربع -عليه الصلاة والسلام-، "إلا لعذر" ما أدري ما هذا العذر؟. طالب: كالنذر. مسألة نذر ما نذر هذه مسألة بدليل آخر، أما أن تخرج بعذر ما أدري ما العذر؟ يحتاج إلى مزيد تأمل. "ولم يكن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين أحد يخرج من مكة ليعتمر إلا لعذر لا في رمضان ولا في غير رمضان" طيب المكي ما يعتمر في رمضان؟ لينال حجة مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، كلام الشيخ يشمله، لا أحد يخرج من مكة، يعني كون الإنسان يخرج مراراً متتابعة، قال بعض أهل العلم: بمنعه؛ لكن يخرج مرة للتنعيم ويأتي بعمرة في رمضان لينال ما جاء في الخبر أنها تعدل حجة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- الشيخ كلامه يشمل رمضان وغير رمضان، فكلامه منصب على أن من كان بمكة ليس عليه عمرة، لكن ماذا عما إذا خرج وأتى بعمرة؟ وماذا عما إذا كرر هذه العمرة؟ فنقول: كله خير إلا أن يعوق عن تحصيل ما هو أعظم، والمسألة مسألة مفاضلة بين العبادات، يعني لازم الإنسان إذا خرج إلى التنعيم وأتى بعمرة، خرج إلى الجعرانة وأتى بعمرة ما الذي يفوته من مصالح؟ لأنه جلس في المسجد وطاف سبعة أشواط وتلا مثلاً خمسة أجزاء ودعاء ما شاء من الدعاء، أيهما أفضل هذا أو يخرج ليأتي بعمرة؟ المسألة مسألة مفاضلة بين العبادات، ويقال مثل هذا في جميع العبادات، شخص يسأل يقول: هل أعمر الوقت بالصلاة أو بالتلاوة؟ شخص مغرم بقراءة القرآن لا يشبع منه أبداً، ديدنه ليلاً ونهاراً، نقول: هذا عمل فاضل، وكل حرف بعشر حسنات؛ لكن ما الذي يفوته من المصالح الراجحة فالمسألة مسألة مفاضلة بين هذه العبادات، يعني لو قال: والله إني بطلع عن الحرم إلى الحل، إما آتي بعمرة من أدنى الحل من التنعيم أو أخرج إلى تلك المطاعم التي على طريق جدة، وأتعشى أنا وزملائي ونرتاح وننبسط ساعتين أيهما أفضل؟

كل في مكة، لم يكن أحد يخرج على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، نقول: هذه بدعة؟ المسألة مسألة مفاضلة بين العبادات، وقرر هذا جمع من أهل العلم أنه إذا كان يعوقه هذا ... حتى قال بعضهم: يخرج بضعة أميال ويضيع ما هو أهم من ذلك، دليل على أن المسألة إذا لم يترتب عليها تضييع فإنها مشروعة، والنصوص العامة التي جاءت في الحث من الإكثار من الحج العمرة تتناول هذا ((العمرة إلى العمرة)) مثل الصلوات الخمس، مثل الجمعة إلى الجمعة، مثل رمضان إلى رمضان، كلها كفارات لما بينها. يقول: "ولا كان هذا من فعل الخلفاء الراشدين، والذين استحبوا الإفراد من الصحابة إنما استحبوا أن يحج في سفرة، ويعتمر في أخرى، ولم يستحبوا أن يحج ويعتمر عقب ذلك عمرة مكية، بل هذا لم يكونوا يفعلونه قط اللهم إلا أن يكون شيئاً نادراً" يعني حفظ عن بعضهم أنه فعل، وأصل فعله حديث عائشة، وقد تنازع السلف في هذا. نعم يقول: "وقد تنازع السلف في هذا هل يكون متمتعاً عليه دم أم لا؟ " صورة التمتع الذي يجب به الدم أن يأتي بعمرة قبل الحج، يقدم إلى مكة بعمرة، يتحلل منها التحلل التام، ثم يحرمون التروية بالحج، وحينئذ يلزمه الهدي، هدي التمتع؛ لكن إذا حج مفرداً، ثم اعتمر بعده إذا قلنا: أن العلة في هدي التمتع الترفه بترك أحد السفرين، قلنا: حصل هذا ويلزمه الدم، وإذا قلنا: أن هذا لا يشمله صورة التمتع لا العامة ولا الخاصة صورة التمتع الخاصة قلنا: وليس بقارن، وليس بقارن بين النسكين، وليس بمتمتع التمتع الخاص، والدم إنما يلزم القارن والمتمتع، وهذا ليس بمتمتع تمتعاً خاصاً، وليس بقارن فلا يلزمه دم، الذي قال يلزمه دم، قال: أن السبب موجود، وهو إنما سافر مرة واحدة للحج والعمرة معاً، كالمتمتع والقارن. "وهل تجزئه هذه العمرة عن عمرة الإسلام أم لا؟ " لا شك أن الذي يقول: أن هذه العمرة بدعة يقول: لا تجزئه، والذي يقول: هذه بدعة لا تجزئه، والذي يقول: شرعية يقول: تجزئه، ما المانع؟ وقد أتى بعمرة والحمد لله تامة بأركانها وشروطها وواجباتها، ما الذي يمنع أن تكون هذه عمرة لا سيما وقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر أخته من التنعيم؟.

"وقد اعتمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته أربع عمر، عمرة الحديبية، وصل إلى الحديبية، والحديبية وراء الجبل الذي بالتنعيم عند مساجد عائشة، عن يمينك وأنت داخل إلى مكة، فصده المشركون عن البيت فصالحهم، وحل من إحرامه وانصرف، وعمرة القضية اعتمر من العام القابل، وعمرة الجعرانة فإنه كان قد قاتل المشركين بحنين، وحنين من ناحية المشرق من ناحية الطائف؛ وأما بدر فهي بين المدينة وبين مكة، وبين الغزوتين ست سنين؛ ولكن قرنتا في الذكر؛ لأن الله تعالى أنزل فيهما الملائكة لنصر النبي -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين في القتال، ثم ذهب فحاصر المشركين بالطائف، ثم رجع وقسم غنائم حنين بالجعرانة، فلما قسم غنائم حنين اعتمر من الجعرانة، داخلاً إلى مكة لا خارجاً منها للإحرام، والعمرة الرابعة مع حجته فإنه قرن بين العمرة والحج باتفاق أهل المعرفة بسنته، وباتفاق الصحابة على ذلك، ولم ينقل عن أحد من الصحابة أنه تمتع تمتعاً حل فيه، بل كانوا يسمون القران تمتعاً، ولا نقل عن أحد من الصحابة أنه لما قرن طاف طوافين وسعى سعيين، وعامة المنقول عن الصحابة في صفة حجته ليست بمختلفة، وإنما اشتبهت على من لم يعرف مرادهم، وجميع الصحابة الذين نقل عنهم أنه أفرد الحج: كعائشة وابن عمر وجابر، قالوا: إنه تمتع بالعمرة إلى الحج، فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة وابن عمر بإسناد أصح من إسناد الإفراد، ومرادهم بالتمتع القران، كما ثبت ذلك في الصحاح أيضاً".

نعم جاء في الأحاديث الصحيحة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أعتمر أربع عمر، ذكر ابن عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر في رجب، إحداهن في رجب، واستدركت عليه عائشة، وردت عليه، وقالت: ما اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا هو معه، تعني ابن عمر، وما اعتمر في رجب قط، إنما اعتمر العمرة التي صد عنها في الحديبية، وعمرة القضاء، وعمرة الجعرانة، والعمرة التي كانت مع حجه -عليه الصلاة والسلام- عمرة الحديبية وصل إلى الحديبية والحديبية وراء الجبل الذي بالتنعيم عند مساجد عائشة عن يمينك وأنت داخل إلى مكة، يعني قريب من مكان يسمى الشميسي، وبعضهم يقول: الحديبية هي الشميسي، وعلى كل حال هي على الحد، حد الحرم، وهي من الحل، "عن يمينك وأنت داخل إلى مكة فصده المشركون عن البيت فصالحهم، وحل من إحرامه وانصرف" وهذه عدت عمرة من عمره -عليه الصلاة والسلام-، وإن لم يؤدِ أفعالها؛ لأن تركه وعدم إتمام هذه العمرة ليس في يده، وعلى هذا من قصد عملاً صالحاً فصد عنه وحرص عليه، وبذل الأسباب، ثم صد عنه له الأجر كامل، ومع ذلك لا يفرح لكونه صد عنه، يعني من فرح لكونه صد عنه يحصل له أجر وإلا ما يحصل؟ طالب:. . . . . . . . .

هو حريص على ذلك أشد الحرص، وصده يحز في نفسه؛ لأنه جاء لهذا العمل راغباً فيه، أما من فرح بأنه صد ومنع فلا يحصل له مثل هذا الأجر، والذي يظن أن مثل هذا إنما فعل هذا الفعل ليقال، ولو كان الباعث عليه وجه الله -جل وعلا- والثواب ما فرح بصده عنه، وهذه مسألة يحتاج إليها في كثير من الأعمال، يعني الإنسان قصد المسجد ليصلي فوجد المسجد مغلق، لترميم أو غيره، وليس بجواره مسجد قريب، بحث عن جماعة ما وجد، هذا له أجر كامل، حتى جاء في سنن أبي داود أن من قصد الجماعة فوجدهم قد صلوا فله مثل أجرهم؛ لكن لا يعني هذا أن من فرط ويعرف أن الصلاة تفوته ثم بعد ذلك يذهب إلى المسجد بعد علمه بخروج الناس من المسجد يقول: ليحصل له أجر، ليس الأمر كذلك، والمسألة مردها إلى النية، ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) وعمرة القضية اعتمر من العام القابل، اتفقوا يعني في بنود الصلح أن يعتمر من العام القابل، بالفعل اعتمر السنة التي تليها في السنة السابعة، اعتمر وجلس المشركون حول البيت من جهة الحجر فجاء النبي -عليه الصلاة والسلام- هو وأصحابه وطافوا، وقال المشركون ما قالوا: من أنه يقدم محمد وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، فأمرهم بالرمل، أمرهم بالرمل في تلك العمرة من الحجر الأسود إلى الركن اليماني ويمشون بين الركنين؛ لأن المشركين لا يرونهم، هل نقول: أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- راءا المشركين بهذا العمل؟ أنه لما خفي عن أنظارهم مشى فكان الرمل من أجلهم، نقول: الرمل لذاته ليس بعمل شاق، في الأصل، إنما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- لإغاظتهم وإغاظتهم مشروعة، وكونهم لا يرونه رفق بأصحابه فأمرهم أن يمشوا بين الركنين، بينما في حجة الوداع ولا يوجد من يقول: أن محمداً وأصحابه قد وهنتهم حمى يثرب إلى آخر ما قالوا، إنما رمل من الركن، من الحجر إلى الحجر، استوعب الشوط بالرمل، هذه المقالة ارتفعت، ولا يوجد أحد يقول مثل هذا الكلام، وبقي حكم الرمل مشروعاً مسنوناً اقتداءً بفعله -عليه الصلاة والسلام-، وهذا من الأحكام التي شرعت لعلة وارتفعت العلة وبقي الحكم، كالخوف بالنسبة للقصر، شرع لعلة {إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] ومع ذلك ارتفع الخوف وبقي

الحكم، ولهما نظائر كثيرة، المقصود أن الرمل هذا سببه، وما زال مشروعاً، وإن كان بعضهم يقول: ما ارتفعت علته يرتفع حكمه، فهذا قول ضعيف، ضعيف جداً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كرره في حجة الوداع، رمل في حجة الوداع، ولا يوجد من يقول: أن محمداً وأصحابه قد وهنتهم حمى يثرب. وعمرة القضية اعتمر من العام القابل، وعمرة الجعرانة، الجعرانة أو الجعرانة بالتخفيف والتشديد، وأنه كان قد قاتل المشركين بحنين، خرج من مكة لما فتحها لقتال المشركين بحنين، وحنين من ناحية المشرق من ناحية الطائف، يعني قريبة جداً من الشرائع، من ناحية الطائف، وأما بدر -هذا استطراد الشيخ -رحمه الله- على عادته- أما بدر فهي بين المدينة وبين مكة وبين الغزوتين ست سنين، يعني ما الداعي لذكر بدر هنا؟ مع اقترانهما في الذكر في النص ولكن قرنتا في الذكر؛ لأن الله تعالى أنزل فيهما الملائكة لنصر النبي -عليه الصلاة والسلام- والمؤمنين في القتال لوجود المشابهة قرنتا في الذكر، ثم ذهب فحاصر المشركين في الطائف، ثم رجع وقسم غنائم حنين في الجعرانة، فلما قسم غنائم حنين اعتمر من الجعرانة داخلاً إلى مكة، لا خارجاً منها للإحرام، وكل هذا يريد منه الشيخ -رحمه الله- تقرير ما يراه أن المكي ليس له أو ليس عليه أن يعتمر، ليس على المكي عمرة، ولا يشرع له الخروج منها ليعتمر. والعمرة الرابعة: مع حجته فإنه قرن بين العمرة والحج باتفاق أهل المعرفة بسنته، وباتفاق الصحابة على ذلك، العمرة التي أشار إليها ابن عمر، وخبره في الصحيح، وأنها عمرة في رجب، بعضهم يثبت العمرة الرجبية، وليس هذا الإثبات خاص بالصوفية، لا، يثبته بعض من يعتد بقوله من أهل العلم، وأن إثبات ابن عمر، وخبر صحيح يكفي في إثبات هذه العمرة، ولو نفته عائشة؛ لأن المثبت مقدم على النافي؛ لكن جمهور أهل العلم على اعتماد قول عائشة -رضي الله عنها-.

"ولم ينقل عن أحد من الصحابة أنه تمتع تمتعاً حل فيه" يعني حل أتى بالعمرة الكاملة وحل منها الحل كله، ثم أحرم بالحج، لا، ما نقل عنه -عليه الصلاة والسلام- ذلك، ولم ينقل عن أحد من الصحابة أنه فعل ذلك، نعم، نقل عنه أنه تمتع، ومن قال بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- حل وأحرم بالحج بناءً على هذه اللفظة، واللفظة إنما يراد بها التمتع بمعناه العام. "بل كانوا يسمون القران تمتعاً، ولا نقل عن أحد من الصحابة أنه لما قرن طاف طوافين، وسعى سعيين" طاف طواف للعمرة، وطاف طواف للحج، وسعى سعي للعمرة، وسعى سعي للحج، هذه صورة التمتع؛ لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- طاف طواف القدوم، وسعى معه سعي الحج، وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة، فطافوا بين الصفا والمروة طوافاً واحداً، النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يكرر هذا السعي، وهذا في حق كل قارن، ولو ضاق عليه الوقت، ولم يتمكن من طواف القدوم كفاه طواف واحد، وسعي واحد، كالمفرد تماماً، والمفرد له أن يفعل، أن يطوف طواف القدوم مثل القارن، ثم يسعى بعده سعي الحج، ويكون طواف الإفاضة في يوم النحر. وأما من تمتع فإنه يلزمه أن يطوف مرتين، ويسعى مرتين، للانفصال التام بين النسكين، وإن كان شيخ الإسلام -رحمه الله- يرى أن المتمتع يكفيه سعي واحد، على ما سيأتي. "ولا نقل عن أحد من الصحابة أنه لما قرن طاف طوافين، وسعى سعيين، وعامة المنقول عن الصحابة في صفة حجه ليست بمختلفة" يعني الألفاظ التي جاءت الألفاظ الثلاثة ليست بمختلفة، وإنما اشتبهت على من لم يعرف مراده، وجميع الصحابة الذين نقل عنهم أنه أفرد الحج لا شك أن من عرف حقيقة الأمر، وجمع الطرق واطلع عليها لا يشكل عليه شيء، لكن المبتدئ الذي يقرأ مثل هذه الأمور أو لا يجمع طرق هذه الأخبار، لا شك أنها مربكة، واحد يقول: تمتع، واحد يقول: أفرد، واحد يقول: قرن، وكلها صحيحة ثابتة، هذا لا شك أنه تعارض لكنه تعارض في الظاهر، وأما في الباطن فلا.

"وجميع الصحابة الذين نقل عنهم أنه أفرد الحج كعائشة وابن عمر وجابر، قالوا: إنه تمتع بالعمرة إلى الحج فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة وابن عمر بإسناد أصح من إسناد الإفراد، ومرادهم بالتمتع القران، كما ثبت ذلك في الصحاح أيضاً"، وأشرنا إلى مثل هذا مراراً.

"فصل: فإذا أراد الإحرام فإن كان قارناً قال: لبيك عمرة وحجاً، وإن كان متمتعاً قال: لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج، وإن كان مفرداً قال: لبيك حجة، أو قال: اللهم إني أوجبت عمرة وحجاً أو أوجبت عمرة أتمتع بها إلى الحج، أو أوجبت حجاً أو أريد الحج، أو أريدهما، أو أريد التمتع بالعمرة إلى الحج، فمهما قال شيئاً من ذلك أجزأه باتفاق الأئمة، ليس في ذلك عبارة مخصوصة، ولا يجب شيء من هذه العبارات باتفاق الأئمة، كما لا يجب التلفظ بالنية في الطهارة والصلاة والصيام باتفاق الأئمة، بل متى لبى قاصداً للإحرام انعقد إحرامه باتفاق المسلمين، ولا يجب عليه أن يتكلم قبل التلبية بشيء، ولكن تنازع العلماء: هل يستحب أن يتكلم بذلك؟ كما تنازعوا هل يستحب التلفظ بالنية في الصلاة؟ والصواب المقطوع به أنه لا يستحب شيء من ذلك، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشرع للمسلمين شيئاً من ذلك، ولا كان يتكلم قبل التكبير بشيء من ألفاظ النية، لا هو ولا أصحابه، بل لما أمر ضباعة بنت الزبير بالاشتراط، قالت: فكيف أقول؟ قال: ((قولي: لبيك اللهم لبيك، ومحلي من الأرض حيث تحبسني)) رواه أهل السنن وصححه الترمذي ولفظ النسائي: إني أريد الحج فكيف أقول؟ قال: ((قولي: لبيك اللهم لبيك، ومحلي من الأرض حيث تحبسني، فإن لك على ربك ما استثنيت)) وحديث الاشتراط في الصحيحين؛ لكن المقصود بهذا اللفظ أنه أمرها بالاشتراط في التلبية، ولم يأمرها أن تقول قبل التلبية شيئاً لا اشتراطاً ولا غيره، وكان يقول في تلبيته: ((لبيك عمرة وحجاً)) وكان يقول للواحد من أصحابه: ((بم أهللت؟ )) وقال في المواقيت: ((مهل أهل المدينة ذو الحليفة، ومهل أهل الشام الجحفة، ومهل أهل اليمن يلملم، ومهل أهل نجد قرن المنازل، ومهل أهل العراق ذات عرق، ومن كان دونهن فمهله من أهله)) والإهلال هو التلبية، فهذا هو الذي شرع النبي -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين التكلم به في ابتداء الحج والعمرة، وإن كان مشروعاً بعد ذلك، كما تشرع تكبيرة الإحرام، ويشرع التكبير بعد ذلك عند تغير الأحوال، ولو أحرم إحراماً مطلقاً جاز، فلو أحرم بالقصد للحج من حيث الجملة ولا يعرف هذا التفصيل جاز، ولو أهل ولبى كما يفعل

الناس قصداً للنسك، ولم يسم شيئاً بلفظه، ولا قصد بقلبه لا تمتعاً ولا إفراداً ولا قراناً صح حجه أيضاً وفعل واحداً من الثلاثة، فإن فعل ما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه كان حسناً". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "فصل فإذا أراد الإحرام"، إذا أراد الإحرام يعني تجرد واغتسل، ولبس ثوبي الإحرام، وقصده فهل يقول: اللهم إني نويت أن أحرم أو أدخل في الإحرام؟ أو اللهم إني أريد نسك كذا؟ لم يرد شيء من هذا البتة لا في الحج ولا في العمرة، ولا في الصلاة ولا في الصيام ولا غيرها. يقول: "فإذا أراد الإحرام فإن كان قارناً قال: لبيك عمرة وحجاً، وإن كان متمتعاً قال: لبيك عمرة" يكفي هذا أو لا بد أن يقول: لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج؟ يكفي هذا؛ لأنه الآن سيأتي بعمرة فقط، ثم بعد ذلك يهل بالحج، لك لو أشار إلى أنه سوف يحج لا يضر، لو قال: لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج. وهل يختلف الأمر فيما إذا قال: لبيك عمرة عما لو قال: لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج فيما لو أراد الرجوع بعد عمرته؟ المسألة التي أشرنا إليها بالأمس، يعني لو قال: لبيك عمرة فقط، وفي نيته أن يحرم يوم التروية بالحج، وقد حج حجة الإسلام، أو قال: لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج، يختلف وإلا ما يختلف؟ طالب: لأن الأصل بما نوى، كما سيقرر الشيخ، الأصل بما نوى. . . . . . . . .

لا هو المسألة مسألة النية قبل الدخول والشروع بالشيء، قرر الشيخ بالأمس في درس الأمس أنهلا أثر له، يعني قاصد الجمعة لا يمكن أن يسمى أنه الآن في الجمعة، ولا يجوز له أن ينصرف ولا كذا، ولا كذا، ولا يفعل ما يفعل حتى يحرم بالجمعة، والدخول في الحج إنما يكون يوم التروية؛ لكن لو قال: لبيك عمرة، وفي نيته أن يحج من هذه السنة يحرم بالحج يوم التروية، فرأى الزحام الشديد لما أدى العمرة وفرح فرحاً شديداً أن أنهى الطواف والسعي سالماً، وقال: السنة هذه زحام شديد، والآن أتممت ووفيت بما دخلت فيه وأرجع، والحج نحج سنة ثانية -إن شاء الله- إذا خفوا الناس، هو ما نوى الدخول في النسك إلى الآن؛ لأن نية الدخول إنما تكون بمباشرة الفعل، يعني إذا نواه في يوم التروية نعم دخل في النسك؛ لكن لو جاء شخص، الشيء الذي لا يشك في منعه أنه حج قارناً، ولم يسق الهدي فقال: التمتع أفضل، فقلب القران إلى تمتع، فطاف وسعى وقصر للعمرة، ولبس حل الحل كله، ثم قال: أريد أن أخرج، أن أرجع، يجوز وإلا ما يجوز؟ هو دخل في الحج من الأصل، وأجيز له أن يغير النية إلى الأفضل، فاكتفاؤه بالعمرة حينئذ لا يجوز، ولا يكفي؛ لأنه لا يجوز له أن يرجع من الأعلى إلى الأسفل إلا لعذر شرعي كالحائض مثلاً أو من ضاق عليه الوقت. طالب: المتمتع تكفيه العمرة؟ إذا لم يذكر الحج في الدخول في النسك الأصلي، يعني إذا قال: متمتعاً بها إلى الحج، يعني اتجه القول بمنعه، لكن لو قال: لبيك عمرة فقط، وفي نيته أن يحرم يوم التروية، هذا لا أحد يلزمه بالحج؛ لأنه أتى بالنسك الذي نواه وقصده، وحل منه الحل كله، وأما مجرد تبييت النية، هو مبيت للنية من بيته، ولا أحد يلزمه بالحج بمجرد التبييت. طالب: لكن يا شيخ الله يحفظكم ما هو الفرق بين تبييت النية عندما يخرج من بيته وتبييت النية من عند الميقات؟ من عند الميقات؛ لكن حتى لو كان هو مكي يبيت النية أن يحج السنة هذه وما حج، يلزمه؟ حكمه حكم المكي ما يلزمه. طالب: يعني ما دخل في الحرم بهذه الطريقة؟

دخل الحرم بالنية المفردة، وصرح بهذه النية: لبيك عمرة، نفرق بين الألفاظ، يعني لو جاء وقال: لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج، هذا الذي يظهر والمتجه أنه ليس له أن يرجع، ومثله فيما لو أحرم قارناً، ثم بعد ذلك قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دخلوا مكة أمر أصحابه أن يجعلوها عمرة، أنا أريد أن أفعل مثلهم، ثم بعد ذلك أتم العمرة، وقال: أنا حللت الحل كله، فمن يلزمني بالحج، لا مثل هذا لا يجوز؛ لأنه دخل في الحج وعدوله من الحج إلى العمرة هذا إلى الأفضل. طالب: لو أنه وصل إلى الميقات مثلاً وعقد في قلبه أن يدخل في العمرة، لكن ما تلفظ، لا تلفظ بقوله لبيك عمرة، ولا تلفظ أيضاً بالتلبية. وباشر أفعالها، يكفي، كما لو لبس الإحرام يوم التروية ولا تلفظ بشيء، باشر الأفعال، لكن نعم ما باشر أفعال حج. طالب: إذن لو قال لبيك اللهم عمرة متمتعاً بها إلى الحج أو قال لبيك عمرة، هو كان ناوياً في قلبه أصلاً أنه سيتمتع. . . . . . . . . الآن نفرق بين (لبيك عمرة فقط) ... طالب: إذن ما فيه فرق بينهما. لا، لا، فيه فرق، الشيخ يأتي كلامه. أو قال: "اللهم إني أوجبت عمرة وحجاً، أو أوجبت عمرة أتمتع بها إلى الحج، أو أوجبت حجاً، أو أريد الحج أو أريدهما، أو أريد التمتع بالعمرة إلى الحج، فمهما قال من ذلك أجزأه باتفاق الأئمة" يعني شخص ذهب إلى مكة ومر بالميقات وتجرد واغتسل ولبس، ما تكلم بكلمة، ودخل المسجد وطاف سبعة أشواط ما تكلم بكلمة، وسعى بين الصفا والمروة ما تكلم بكلمة، وقصر من شعره عمرة وإلا ما هي بعمرة؟ تجزئه وإلا ما تجزئه؟ تجزئه؛ لأن الكلام كل هذه سنن إلا عند الحنفية الذين يقولون: لا ينعقد النسك إلا بالتلبية.

فمباشرة الفعل أقوى من القول؛ لكن القول للدلالة على الفعل، أجزأه باتفاق الأئمة ليس في ذلك عبارة مخصوصة؛ لأن مثل هذا الكلام كوننا نذكر .... أنه يريح الطالب، ويريح العامة الشيء الكثير، كثير من العامة أسئلتهم: والله نسيت أكبر، نسيت أقول كذا، نسيت أفعل كذا، أنت إذا قيل لك: دخلت الحرم وطفت سبعة أشواط، وسعيت خلاص تمت عمرتك، لكن فرطت في سنن كثيرة؛ لكن لا أثر لها في إبطال العمرة، هذا يريح في كثير من الأسئلة، أكثر الأسئلة ترد: والله أنا نسيت أرفع يدي، أنا نسيت أكبر، أنا نسيت أذكر، أنا نسيت أقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، أو أنا نسيت أقول كذا إلى آخره، فمثل هذه قاعدة عامة تريح من كثير من هذه الإشكالات، ولا يقال مثل هذا للذي يُفعل، لا، لا يقال مثل هذا ليفعل أبداً، الذي يفعل مثل هذا قد فرط في أمور كثيرة. يقول: "أجزأه ذلك باتفاق الأئمة، ليس في ذلك عبارة مخصوصة، ولا يجب شيء من هذه العبارات باتفاق الأئمة" يعني ليس مثل الصلاة ما تنعقد إلا بلفظ الله أكبر، كما لا يجب التلفظ بالنية في الطهارة والصلاة والصيام باتفاق الأئمة، كما لا يجب؛ لكن هل يستحب؟ الأئمة أئمة السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان لا يعرف عنهم شيء من ذلك، وإنما الكلام في متأخري الأتباع، أتباع الأئمة. "بل متى لبى قاصداً للإحرام انعقد إحرامه باتفاق المسلمين، ولا يجب عليه أن يتكلم قبل التلبية بشيء"يعني لو أحرم إحرام مطلق، لبى ما يدري هل يلبي بحج أو عمرة؟ يصح ومع ذلك يصرفه قبل طواف العمرة، قبل الشروع بالطواف، "ولو لبى بما أحرم به فلان، لبيك بإحرام كإحرام فلان"، ثم بعد ذلك ما وجده إلا بعد عرفة، أو نفترض أن هذا الشخص ما حج هذه السنة، بحث عنه ولم يجده، يصرف إلى أكمل الأنواع إن رغب فيها، يصرف إلى أكمل الأنواع إن رغب فيه، إن كانت لديه قدرة على الهدي، وإلا يخير؛ لأن من علق عليه لم يحج، فأقل الأنواع أفضل من عمل فلان؛ لكن لو قدر أن فلان حج متمتع، لبيك بما أحرم به فلان، وفلان حج متمتع؛ لكن ما تيسر له رؤيته، عرف أنه حاج، نعم يحمل على الأكمل حينئذ.

"ولا يجب عليه أن يتكلم قبل التلبية بشيء؛ ولكن تنازع العلماء هل يستحب أن يتكلم بذلك؟ كما تنازعوا هل يستحب التلفظ بالنية في الصلاة؟ والصواب المقطوع به أنه لا يستحب شيء من ذلك" وحديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) يراد به مجرد القصد إلى العبادة، فكون الإنسان يذهب إلى تلك الأماكن هذه هي النية، وكون الإنسان يقف في الصف هذه هي النية، كون الإنسان يمثل أمام الماء ويغسل أطرافه، فروض الوضوء، هذه هي نية الوضوء. "لا يستحب شيء من ذلك فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشرع للمسلمين شيئاً من ذلك، ولا كان يتكلم قبل التكبير بشيء من ألفاظ النية، لا هو ولا أصحابه، وقد أحدث الناس عشر بدع في النية قبل الصلاة" يعني يقول: نويت أن أصلي فرض الوقت الظهر أربع ركعات، خلف الإمام إلى آخر ما يقولون، وهذه تسمع ممن يجاورك ممن يعتمد هذه الأقوال، يعني نسمعها وصلينا في ... حتى في مساجدنا الآن نسمعها من بعض الوافدين، وهذه كلها بدع.

"بل لما أمر ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أمرها بالاشتراط قالت: إني أريد الحج وأجدني شاكية، قال: ((حجي واشترطي، فإن لك على ربك ما استثنيت)) " هذا اللفظ في الصحيح، والإمام البخاري أغرب كل الإغراب في إيراد الخبر، لم يرد في أي باب من الأبواب المتعلقة بالحج، ولذلك كثير ممن نفى رواية البخاري لهذا الحديث؛ لأنهم بحثوا الحج من أوله إلى آخره ما وجدوا شيء من هذا، والبخاري الذي يكرر الحديث في عشرين موضع بعض الأحاديث، ما جاء به نفس يكرر هذا الحديث في موضع في الحج، وموضع في النكاح؛ لكن الإمام -رحمت الله عليه- له أنظار دقيقة تخفى على كثير من الناس، يعني أورد الحديث في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، ثم قال في نهاية الخبر: وكانت تحت المقداد، ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي -عليه الصلاة والسلام- تحت المقداد، مولى، وجاء في الحديث في كتاب النكاح: باب الأكفاء في الدين، يعني الكفاءة إنما تكون في الدين لا في النسب، لو أن الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- كرره وجعله في الحج، وجعله في النكاح، وجعله في المواضع الذي يحتاج إليها كغيره، كان هو الأصل؛ لكن الكمال لله، والعصمة لرسله.

"قالت: فكيف أقول؟ قال: ((قولي: لبيك اللهم لبيك، ومحلي من الأرض حيث تحبسني)) رواه أهل السنن وصححه الترمذي، ولفظ النسائي: إني أريد الحج فكيف أقول؟ قال: ((قولي: لبيك اللهم لبيك .. )) " ما قال: قولي: اللهم إني نويت أن أحج، اللهم إني نويت أن أفعل، "قولي: ((لبيك اللهم لبيك، ومحلي من الأرض حيث تحبسني، فإن لك على ربك ما استثنيت)) وحديث الاشتراط في الصحيحين" لكن اللفظ في السنن، وأصل الحديث في الصحيحين، لكن المقصود بهذا اللفظ أنه أمرها بالاشتراط في التلبية، ولم يأمرها أن تقول قبل التلبية شيئاً لا اشتراطاً ولا غيره، وكان يقول في تلبيته: ((لبيك عمرة وحجاً)) لأنه قارن، يعني حينما أراد شرع في الدخول في النسك قال: ((لبيك عمرة وحجاً)) لأن قوله: "وكان يقول في تلبيته" قد يفهم منه من يفهم أنه يستمر على هذه التلبية إلى أن يصل المسجد أو يباشر الطواف يقول: لبيك عمرة وحجاً، لبيك عمرة وحجاً، غير صحيح، يعني من يقرأ كلام الشيخ قوله: "وكان يقول في تلبيته: ((لبيك عمرة وحجاً)) (كان) في الأصل للاستمرار، يعني كما يقول عامة الناس حينما يريدون ذبح الأضحية: باسم الله وجوباً، والله أكبر استحباباً، يسمعون الخطباء يقولون مثل هذا، فيقولون مثلهم، والذي يسمع كلام الشيخ "كان يقول في تلبيته: ((لبيك عمرة وحجاً)) " يصل إلى الكعبة ويقول: لبيك عمرة وحجاً، هذا كلام غير صحيح، وإنما هذه لمجرد الدخول في النسك، وأما التلبية، تلبيته -عليه الصلاة والسلام- الذي كررها: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)) وكان بعضهم يزيد وهو يسمع ويقره على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-. "وكان يقول للواحد من أصحابه: ((بم أهللت؟ )) وقال في المواقيت: ((مهل أهل المدينة ... )) " مهل على زنة مدخل ((مهل أهل المدينة ذو الحليفة، ومهل أهل الشام الجحفة، ومهل أهل اليمن يلملم، ومهل أهل نجد قرن المنازل، ومهل أهل العراق ذات عرق -وقد تقدم الكلام فيها- ومن كان دونهن فمهله من أهله)).

والإهلال هو التلبية: الأصل أن الإهلال رفع الصوت عند رؤية الهلال، ومنه استهل الصبي، إذا صاح بعد خروجه من بطن أمه، يسمونه استهلال، وفي الخبر: ((إذا استهل المولود ورث)) وهنا الإهلال والاستهلال كله من باب رفع الصوت، وأصله عند رؤية الهلال، وطرد في كل ما يرفع فيه الصوت كالتلبية. "والإهلال هو التلبية، فهذا هو الذي شرع النبي -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين التكلم به في ابتداء الحج والعمرة، وإن كان مشروعاً بعد ذلك كما تشرع تكبيرة الإحرام". الآن لبيك عمرة، أو لبيك حجاً، مثل تكبيرة الإحرام، للدخول في النسك، ثم بعد ذلك تكرار التلبية مثل تكبيرات الانتقال، ولذلك تشرع التلبية عند تغير الأحوال، كما يشرع التكبير عند تغير الأحوال في الصلاة، من ركوع إلى قيام إلى قعود إلى سجود إلى آخره، والشيخ قرن بهذا. يقول: "فهذا هو الذي شرع النبي -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين التكلم به في ابتداء الحج والعمرة، وإن كان مشروعاً بعد ذلك كما تشرع تكبيرة الإحرام، ويشرع التكبير بعد ذلك عند تغير الأحوال، ولو أحرم إحراما مطلقاً"، يعني يفهم من كلام الشيخ أن التلبية لا تشرع إلا عند تغير الأحوال؟ أو يتأكد الاستحباب عند تغير الأحوال؟ نعم وإنما يستمر عليها، ولو لم تتغير هذه الأحوال، "وكان الصحابة يجهرون بها جهراً حتى تبح بها أصواتهم" هذا بالنسبة للرجال، وأما النساء فتسر بها بحيث تسمع رفيقتها، وأما أن تسمع الرجال فلا. "ولو أحرم إحراماً مطلقاً جاز، فقد سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- علياً وأبا موسى، فقال لهما: ((بما أحرمتما؟ )) فقال علي: أهللت بما أهل به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال أبو موسى: أهللت بما أهل به النبي -عليه الصلاة والسلام-، النبي أهل قارناً، وعلي ساق الهدي فصار مثل النبي -عليه الصلاة والسلام- قارن، وأما أبو موسى فلم يسق الهدي فأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بالحل، فيكون متمتعاً.

"ولو أحرم إحراماً مطلقاً جاز، فلو أحرم بالقصد للحج من حيث الجملة، ولا يعرف هذا التفصيل جاز، ولو أهل ولبى كما يفعل الناس قاصداً للنسك، ولم يسم شيئاً بلفظه ولا قصد بقلبه لا تمتعاً ولا إفراداً ولا قراناً صح حجه أيضاً، وفعل واحداً من الثلاثة، فإن فعل ما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه كان حسناً وهو أكمل". "وإن اشترط على ربه خوفاً من العارض فقال: وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني كان حسناً، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر ابنة عمه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أن تشترط على ربها، لما كانت شاكية، فخاف أن يصدها المرض عن البيت، ولم يكن يأمر بذلك كل من حج، وكذلك إن شاء المحرم أن يتطيب في بدنه فهو حسن، ولا يؤمر المحرم قبل الإحرام بذلك، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعله ولم يأمر به الناس، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر أحداً بعبارة بعينها، وإنما يقال: أهل بالحج، أهل بالعمرة، أو يقال: لبى بالحج، لبى بالعمرة، وهو تأويل قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [(197) سورة البقرة]. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وإن اشترط على ربه خوفاً من العارض فقال: وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني كان حسناً" هذا الاشتراط يختلف فيه أهل العلم فمنهم من يرى أنه لا أثر له، وأنه اشترط أو لم يشترط دخل في النسك لا بد من إتمامه: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] وهذا خاص بهذه المرأة، ومنهم من يرى أنه ينفع مطلقاً، فكل من حج له أن يشترط، ومتى ما حصل له أي عذر، وأي مبرر سواءً كان قهرياً أو اختياراً فإنه له أن ينصرف، ومنهم من يتوسط، فيقول بالاشتراط في مثل حال هذه المرأة لما ظهرت عليه علامات الحاجة إليه، ويبقى البقية كفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وغير هذه المرأة من أصحابه -عليه الصلاة والسلام- كلهم لم يشترطوا، وهذا هو أعدل الأقوال.

الآن يحصل أمور تقتضي الاشتراط، فمثلاً المرأة إذا خشيت من الحيض لها أن تشترط أو ليس لها أن تشترط؟ والنبي -عليه الصلاة والسلام- معه نساء لم يشترطن، نعم وجود المشقة في حبس الرفقة لا شك أنه عذر في مثل هذا الاشتراط. طيب المنع لعدم الترخيص مثلاً يقول: أنا ما عندي ترخيص للحج، وأريد أن أحج وأشترط أن منعت رجعت، هل هذه مبررات الاشتراط؟ الذين يقولون بالاشتراط مطلقاً وهذا قول كثير من أهل العلم يقول: ينفع مثل هذا الاشتراط، والذي يقول: لا ينفع مطلقاً من باب أولى مثل هذه الأمور، والذي يقول بتنزيل الصورة على حالة ضباعة بنت الزبير يقول: أن هذه الأمور لا تكفي في إلحاق المشترط بحالها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان معه نساء، ويخشى من كثير منهن الحيض، وقد وقع، ولم يشترطن، وأما بالنسبة للرد فالإشكال فيه كبير، يعني الإشكال من جهات، يعني لو رد وهو محرم لا شك أن هذا نوع من الصد، يفعل فيه ما يفعله من صُد عن البيت، والصد لا شك أنه قد يكون بحق وقد يكون بغير حق، نعم الصد قد يكون بحق وقد يكون بغير حق، قد يحرم مثلاً وهو يطالب بحقوق الناس مثلاً، فلو أخذ وأودع في السجن إلى أن ينتهي الحج، هذا حبس بحق، يعني قتل وقال: أنا أحرم من أجل أن أتلهى بالحج، وأكون دخلت في الحج ولا ... ، لا ينفعه مثل هذا الاشتراط، والله المستعان. "فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر ابنة عمه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أن تشترط على ربها لما كانت شاكية، فخاف أن يصدها المرض عن البيت، ولم يكن يأمر بذلك كل من حج" يعني من اشترط خلاص يتحلل ولا شيء عليه، ممن له الاشتراط، ومن لم يشترط إذا صد عن البيت وأحصر بمرض أو عدو فإنه يتحلل يذبح ويتحلل.

"ولم يكن يأمر بذلك كل من حج، وكذلك إن شاء المحرم أن يتطيب في بدنه فهو حسن" النبي -عليه الصلاة والسلام- تطيب بالمسك، وكان وبيض المسك يرى في مفارقه -عليه الصلاة والسلام- لكنه ما أمر بذلك، ولا حث عليه إنما فعله، وفعله يكفي لإثبات المشروعية؛ لكن بعض الناس يقول: أنا أصاب بحرج عظيم إذا تطيبت، أنا كثير الحك لرأسي، ثم بعد ذلك يلمس الإحرام ويلمس بقية بدني ينقل هذا الطيب، هل نقول: تحصيل هذه المصلحة والاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل وإلا ترك الطيب في مثل هذه الحالة؟ يعني تعارض عنده مستحب ومحظور، ولا شك أن ارتكاب المحظور أشد من فعل المستحب. "فإن النبي -صلى الله عليه وسلم فعله، ولم يأمر به الناس، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر أحداً بعبارة بعينها وإنما يقال: أهل بالحج، أهل بالعمرة، أو يقال: لبى بالحج، لبى بالعمرة، وهو تأويل ... " هذه ألفاظ لم يتعبد بها، نعم لفظ النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الأصل؛ لكن بخصوصها على سبيل الإلزام؟ لا؛ لأن اللفظ القرآني عبر عنه تعبيرات كثيرة كما سبق أن ذكر الشيخ، "وهو تأويل قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} " فرض، لو قال: اللهم إني فرضت الحج يكفيه {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [(197) سورة البقرة] إلى آخره، وسيأتي الكلام عن الألفاظ الثلاثة، وما يتعلق بها -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (3)

شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (3) 3ـ12ـ1427هـ مستحبات الإحرام ومحظوراته الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: منسك شيخ الإسلام في طبعته الأولى طُبع معه منسك للأمير الصنعاني -رحم الله الجميع-، ومعهما قصيدة ذكرى الحج وبركاته للأمير الصنعاني المذكور، هكذا طُبع، طبع مراراً المجموع في هذه الثلاثة الأول معروف أنه لشيخ الإسلام، والثاني للأمير الصنعاني، والثالث قصيدة ذكرى الحج منسوبة للصنعاني أيضاً، وتواطأ الطباعون على هذا، وسجلت في أكثر من شريط على أنها للأمير الصنعاني. لكن هذه القصيدة في شفاء الغرام في أخبار البلد الحرام للتقي الفاسي المتوفى سنة (832هـ)، يعني قبل الصنعاني بكم؟ بثلاثمائة وخمسين سنة، هذه القصيدة نسبها التقي الفاسي في شفاء الغرام في (2/ 285 - 290) لأبي بكر محمد بن محمد بن مرشد البغدادي، نعم في شفاء الغرام لم يبدأ من أولها، ترك الثلاثة الأبيات الأولى، وبدأ من البيت الرابع أو الخامس وساق منها ما يقرب أو ما يزيد على مائتي بيت، فالمقصود أنها ليست للصنعاني، وإن توطأ الطباعون على هذا، وكذلك من سجلها أو تداولها من أهل العلم اتباعاً لهذه الطبعة القديمة، ولعلها وجدت بخط الصنعاني فنسبت إليه، كثيراً ما يوجد شيء بخط فلان، ولا يذكر اسم القائل فينسب إلى الناسخ. ومن ذلكم حاشية الشيخ سليمان بن عبد الله على المقنع سليمان بن عبد الله بن الإمام المجدد، قال الذي طبعها: وجدت بخط الشيخ سليمان، ولعلها من تأليفه، لا يبعد أن تكون من تأليفه؛ لكن إذا وجدنا خلاف ذلك جزمنا بأنها ليست له، إنما مجرد ناسخ، كما في هذه القصيدة، هذا مجرد تنبيه، والله المستعان.

الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: وثبت عنه في الصحيحين أنه قال: ((من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيومَ ولدته أمه)) كيوم الظرف إذا أضيف إلى جملة صدرها مبني بُني، كما هنا، وإذا أضيف إلى جملة صدرها معرب أعرب، قال الله تعالى: {قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ} [(119) سورة المائدة] نعم صدرها معرب فأعرب، وهذه صدرها مبني فبني، ((كيومَ ولدته أمه)). ((خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه))، وهذا على قراءة من قرأ {فَلاَ رَفَثٌ وَلاَ فُسُوقٌ} [(197) سورة البقرة]. بالرفع، فالرفث: اسم للجماع قولاً وعملاً، والفسوق اسم للمعاصي كلها. نعم ثبت في الصحيحين من حديث عنه -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من حج فلم يرف ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) ويدل عليه أيضاً قوله -جل وعلا-: {وَاذْكُرُواْ اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} لكل الحاج أو لمن اتقى؟ {لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] فمن اتقى الله في حجه فلم يرفث ولم يفسق، ولم يزاول شيئاً من المنكرات، وأتى بجميع الواجبات، هذا يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، لمن اتقى، فلا إثم عليه، يعني يرتفع عنه الإثم كما في قوله: ((خرج من ذنوبه)) فإذا ارتفع عنه الإثم لا إثم عليه، فحينئذ يكون خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. وليس في الآية ما يدل على فضل التأخر، وإن فهم كثير من الناس ذلك، الآية ليس فيها ما يدل على فضل التأخير، التأخر إلى اليوم الثاني، وإنما فضله إنما يؤخذ من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، والآية فيها أنه لا إثم عليه سواءً تعجل أو تأخر إذا كان قد اتقى الله -جل وعلا- في حجه، فيكون موافقاً للحديث، تكون الآية موافقة للحديث. يقول: وهذا على قراءة من قرأ {فَلاَ رَفَثٌ وَلاَ فُسُوقٌ} [(197) سورة البقرة] بالرفع، ما الفرق بين قراءة الرفع وقراءة النصب؟ الفرق بينهما؟ طالب: الفرق بين قراءة النصب أنه هنا جاء نفياً لجميع الجنس.

للجنس؛ لأن (لا) إذا بني ما بعدها تكون نافية للجنس، بينما إذا رفع ما بعدها تكون نافية للوحدة للمفرد، فإذا قلنا: (لا رفثَ) لا بد من نفي جنس الرفث، (ولا فسوقَ) جنس الفسوق وهكذا، وإذا قلنا: (لا رفثٌ ولا فسوقٌ) نفي للوحدة، وإذا انتفت الوحدة هل يلزم منها انتفاء الجنس؟ يعني (فلا رفث) إذا قلنا: لا رفثَ يشمل جميع الرفث، مباحه وحرامه، وهو اسم للجماع وما دونه من مقدماته، وإن خصه ابن عباس -رضي الله عنهما- فيما يتعلق بمخاطبة النساء فقط بما يتعلق بهما، أما مخاطبة الرجال لا يدخل الرفث، مخاطبة النساء وينسبون له البيت، وهو أنشده، وإن لم يكن من قوله: وهن يمشين بنا هميسا ... . . . . . . . . . إلى آخر البيت الذي لا ينبغي ذكره. المقصود أنه رفث صريح، وقاله ابن عباس وهو محرم؛ لأنه لم يخاطب به النساء، وهذا أيضاً موجود ما يؤيده في بعض كتب اللغة؛ لكن هل مثل هذا الكلام يليق بابن عباس لا سيما وأنه في شطر البيت يقول: "إن تصدق الطير ... "؟ نعم هذا تطير، يربأ بابن عباس مثله، وإن نسب في التفاسير، ونسب إليه في كتب اللغة، وقد يكون ابن عباس حاكياً له، لا قائلاً له، والحاكي والقائل لا يدخل، لكن كون الإنسان يحكي ما فيه مخالفة شرعية التطير ممنوع، فلا يجوز أن يحكى إلا ببيانه، فهذا البيت حينما ينسب إلى ابن عباس النفس فيها منه شيء، ويستدلون به على أنه لا رفث إلا إذا ووجهت النساء به، وأما إذا وجه به الرجال فلا. (ولا فسوق) جنس الفسوق، وهو الخروج عن الطاعة بالمعاصي، بفعل المحظورات، أو ترك المأمورات. "والجدال على هذه القراءة هو المراء في أمر الحج، فإن الله قد أوضحه وبينه، وقطع المراء فيه، كما كانوا في الجاهلية يتمارون في أحكامه، وعلى القراءة الأخرى قد يفسر بهذا المعنى أيضاً، وقد فسروها بأن لا يماري الحاج أحداً والتفسير الأول أصح، فإن الله لم ينه المحرم ولا غيره عن الجدال مطلقاً؛ بل الجدال قد يكون واجباً أو مستحباً كما قال تعالى: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [(125) سورة النحل] وقد يكون الجدال محرماً في الحج وغيره كالجدال بغير علم، وكالجدال في الحق بعد ما تبين".

نعم يقول: "والجدال على هذه القراءة" قراءة الرفع التي تقتضي نفي الوحدة، ولا تقتضي نفي الجنس على قراءة البناء على الفتح نافية للجنس، فيمنع جميع الجدال، جميع ما يتعلق بالمراء والجدال يمنع، ولو تناقش اثنان في مسألة علمية يمنع، ولو جودل المخالف، وجدت مبتدعاً فجادلته بالتي هي أحسن يدخل في هذه الآية {وَلاَ جِدَالَ} [(197) سورة البقرة] وعلى قراءة الرفع ما يدخل إلا ما يتعلق في أمر الحج، فأمر الحج لا جدال فيه؛ لأنه بين وواضح، كما قال الشيخ -رحمه الله-: "كما كانوا في الجاهلية يتمارون في أحكامه". فقال: "والجدال على هذه القراءة هو المراء في أمر الحج -قراءة الرفع-، فإن الله قد أوضحه وبينه، وقطع المراء فيه، كما كانوا في الجاهلية يتمارون في أحكامه" لكن كلام الشيخ -رحمه الله- ألا يوجد من أحكام في مسائل الحج ما يقتضي الجدال والنقاش العلمي الذي يتوصل به إلى إحقاق الحق وتقريره كغيره من أبواب الدين؟ والأولى حمل الجدال على عمومه على قراءة البناء، وأن (لا) نافية للجنس، ويكون المراد بالجدال والمراء الممنوع، الجدال والمراء الممنوع، أما الجدال والمراء الممدوح والمناقشة التي يتوصل بها إلى إقرار الحق ودفع الباطل، فهذه مطلوب في كل وقت وفي كل زمان؛ لأنها ضرب من أضرب الدعوة والجهاد، مجادلة المخالف بالتي هي أحسن من الدعوة، والدعوة مأمور بها في كل مناسبة. وقد يكون الجدال محرماً في الحج وغيره كالجدال بغير علم، فيدخل دخولاً أولياً وكالجدال في الحق بعد ما تبين، يعني إذا قلنا: أن الجدال ممنوع من أصله، وأن لا نافية للجنس فيشمل الجدال المحمود والمذموم، قلنا: أن الإنسان لا يلجأ إلى الجدال بنفسه حتى يلجأ إليه، وإذا وجد من يكفيه يقتصر عليه، ولا يقحم نفسه في هذا، وإذا قلنا: أنه لا يدخل فيه إلا الممنوع فالجدال المحمود ضرب من أضرب الدعوة، فيتطلبه الإنسان يذهب ليناقش أهل البدع، ويناظرهم بالتي هي أحسن ليحق الحق، ويدحض الباطل، وهذا المطلوب على كل حال وفي كل مكان، وفي كل مناسبة، "وكالجدال في الحق بعدما تبين، ولفظ الفسوق يتناول ... "

"ولفظ الفسوق يتناول ما حرمه الله تعالى، ولا يختص بالسباب، وإن كان سباب المسلم فسوقاً، فالفسوق يعم هذا وغيره". نعم الفسوق أصله الخروج، كما قيل للفأرة: فويسقة؛ لأنها تخرج من جحرها على غرة، وعلى غفلة ممن يرقبها، وكذلك فسقت الرطبة من قشرها يعني خرجت، فهذا هو أصله في المادة، فالخروج عن طاعة الله يسمى فسوق، وإن جاء التنصيص على سباب المسلم، كما في الحديث الصحيح: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)) والتنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص، وهو شامل لسباب المسلم وغيره. "والرفث هو الجماع، وليس في المحظورات ما يفسد الحج إلا جنس الرفث، فلهذا ميز بينه وبين الفسوق". نعم الرفث هو الجماع هذا هو الأصل فيه، هو الجماع، وألحق به ما يدعو إليه من الكلام في مسائل الجنس، سواءً كان مع الرجال أو مع النساء، "وليس في المحظورات ما يفسد الحج إلا جنس الرفث" جنس الرفث هل المراد به ما فسره به هو الجماع؟ أو أن المراد به جنس الرفث ما يشمل الجماع ومقدمات الجماع القولية والفعلية؟ نعم الجماع هو الذي يفسد، وأما الرفث بما دون الجماع فإن هذا ورد النهي عنه ولا يجوز؛ لكنه لا يقتضيه إبطال الحج، فلهذا ميز بينه وبين الفسوق وإن كان يدخل في عموم الفسوق؛ لأنه مخالفة، والفسوق الخروج عن الطاعة، وهذا خروج عن الطاعة. "وأما سائر المحظورات: كاللباس والطيب فإنه وإن كان يأثم بها، فلا تفسد الحج عند أحد من الأئمة المشهورين، وينبغي للمحرم أن لا يتكلم". نعم ما دون الجماع من سائر المحظورات لا تفسد الحج عند أحد من الأئمة يعني بالاتفاق. "وينبغي للمحرم أن لا يتكلم إلا بما يعنيه، وكان شريح إذا أحرم كأنه الحية الصماء، ولا يكون الرجل محرماً بمجرد ما في قلبه".

نعم ينبغي للمحرم ألا يتكلم إلا بما يعنيه، وغير المحرم كذلك ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) والمحرم من باب أولى، وجاء الحث على حفظ الجوارح في الحج تأكد ذلك، وأيضاً في سائر الأحوال والأوقات والأزمان؛ لكنه بالنسبة للحاج أولى، ليرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، كما قيل أيضاً مثل هذا بالنسبة للصائم، وكثير من الناس تسول له نفسه أو تمنيه أنه يسلك هذا المسلك إذا حج، لا سيما وأن الحج يمكن أن يؤدى بأربعة أيام، فيقول الإنسان بإمكانه أن يملك نفسه ويملك جوارحه خلال الأربعة أيام لكن الواقع يشهد بهذا أو لا يشهد به؟ يشهد بضده، الواقع يشهد بضده ولو حرص الإنسان ما دامت أيامه معمورة بالقيل والقال فإنه لن يستطيع أن يملك نفسه في هذه الأيام، ولو اعتزل ولم يأته أحد لذهب يبحث عن من يتكلم معه فيما كان يتكلم به في طول حياته وأيام رخائه، وقد وجد من يغتاب الناس عشية عرفة، ووجد من يسب الناس ويشتمهم عشية عرفة؛ لأنه مشى على هذا في طول حياته، ما تعرف على الله في الرخاء ليعرف في مثل هذه الشدة، ويوجد من يتابع النساء في عرفة؛ لأنه في سائر أيامه مشى على هذا، ويوجد من ينام عشية عرفة إلى أن تغرب الشمس؛ لأنه مفرط في بقية الأيام، والجزاء من جنس العمل، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [(46) سورة فصلت] هذا ما قدمت يداك، وهذا ما جنيت على نفسك، فعلى الإنسان أن يحرص على حفظ جوارحه طول حياته ليحفظ في مثل هذه الأيام، إذا كان الإنسان لا يستطيع عشية عرفة، أو في الاعتكاف، وجد من يغتاب في الاعتكاف، ووجد من ينام عن ليلة ترجى أن تكون ليلة القدر وهو معتكف؛ لأنه طول أيامه على هذه الحالة، وإذا كان ديدنه التأخر عن الصلوات، وهذا أمر مشاهد ومجرب، نسأل الله -جل وعلا- أن يعفو عن الجميع، إذا كانت عادته أن يتأخر عن الصلوات وهذا ديدنه في شعبان وفي رجب وقبلها من أشهر ثم خرج بعد أن أعلن عن الشهر، مغرب آخر يوم من رمضان، أعلن عن يوم العيد في الغالب أنه إذا كانت تفوته شيء من الصلوات في شعبان تفوته العشاء أو يفوته شيء منها ليلة العيد، وهو الآن خرج من المعتكف لماذا؟ لأنه ما تعرف على الله في الرخاء.

ونعرف أناس يعني موجود -ولله الحمد- الأمة ما زال فيها خير، نعرف أناس لا فرق بين عشية عرفة وغيره، ولا بين الاعتكاف وغيره، هذا على طول العام هذه حاله، ولو قيل له: أن الروح تخرج الآن ما يمكن أن يزيد تسبيحه، وهذا موجود الآن -ولله الحمد- والخير في أمة محمد، لكن الإشكال في عموم الناس، لا سيما كثير من طلاب العلم، والله المستعان. شريح إذا أحرم كأنه الحية الصماء، لماذا؟ لأنه طول أيامه هذه صفته، كيف يعان على مثل هذا وهو في طول أيامه مفرط؟ لا يمكن أن يعان الجزاء من جنس العمل {جَزَاء وِفَاقًا} [(26) سورة النبأ] وهل يقال: أن شريح في هذه الصفة يمدح أكثر من غيره ممن يتصدى كعطاء مثلاً يتصدى لإفتاء الناس؟ الآن السياق هذا سياق مدح، "وينبغي للمحرم ألا يتكلم إلا بما يعنيه، وكان شريح إذا أحرم كأنه الحية الصماء" هذا سياق مدح وإلا ذم؟ مدح بلا شك؛ لكن أي شريح وإلا عطاء الذي يتصدى للناس ويبرز إليهم، ويفتيهم، ويصدرون عن رأيه في هذا الباب أو غيره من سادات الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة إلى يومنا هذا، هل نقول: على الإنسان أن يحفظ نفسه، وينزوي في زاوية ويكون كالحية الصماء مجرد تسبيح وذكر وتهليل وتلاوة وقيام وما أشبه ذلك أو نقول: يبرز للناس وينفعهم إما ببدنه، وهذا موجود ولله الحمد موجود بكثرة في الشباب أو بعلمه وهذا موجود في الشيوخ، والأمة ما زال فيها خير، ويوجد من هذا النوع الشيء الكثير، يعني لو قيل أن بعض الناس -وهذا نادر- أنه يأتي إلى مكة وهذا ليس مبالغة، يعني يأتي إلى مكة ويصلي في صحن الحرم، ولا ينظر إلى الكعبة مطأطئ الرأس في جلوسه في مشيه، في صلاته، في سائر أحواله، هذا موجود ما هذه مبالغة، نعم موجود لكنها ندرة، هل نقول: أن مثل شريح كأنه الحية الصماء لا يتكلم إلا بذكر أو تلاوة أفضل من عطاء الذي يصدر الناس عن رأيه في هذه المسائل؟ نعم النفع المتعدي أفضل من النفع القاصر، لكن مثل شريح في هذه الصفة لا شك أنه أفضل ممن يصرف وقته ويبذل جهده في المباح، في الكلام المباح فضلاً عن الكلام المكروه أو المحرم، والله المستعان.

طالب: يعني كون شيخ الإسلام يصف شريح أنه كان كالحية الصماء هذا يلزم أنه في كل أحواله ساكت. "وكان شريح إذا أحرم كأنه الحية الصماء" هذا الذي يفهم أنه ساكت، ويوجد ناس على هذه الصفة ترى موجود، ويوجد الثرثارون الذين لا يسكتون يشغلون أنفسهم، ويشغلون غيرهم، يتأذى الناس بهم، موجودين هؤلاء، موجود بكثرة بعد ما هو بقلة. طالب: لكن وجودها أفضل، يعني كون الإنسان يفعل فعل شريح أفضل؟ لا شك أنه أفضل من الكلام المباح فضلاً عن المكروه والمحرم؛ لكن كونه يبرز للناس وينفعهم، ولا يقول إلا حق هذا هو الأصل، هذه وظيفة النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني منذ خرج إلى المدينة إلى أن رجع إليها وهو يفتي الناس في مسائل الحج، فمن يحمل العبء بعده هذا هو الوارث، والناس لا شك أنهم منازل. طالب: يعني فيما يعنيه، هذا يكون العلم مما يعينه، من حسن إسلام تركه ما لا يعنيه، لأن كل العلم ما يعني؟ لكن طريقة السلف ما هو مثل ما هو موجود الآن وقبل الآن ممن يتصدر للناس، وهو غير أهل ولا كفء، أو يتصدر للناس مع وجود من يكفيه المئونة أو يتصدر للناس بغير علم، هذا موجود كل الأنواع موجودة لكن إذا وجد، السلف طريقتهم التدافع، نعم لا يجوز كتمان العلم من الجميع، أن يطبق الجميع على أن يسألوا ولم يجيبوا هذا لا يجوز بحال، لكن إذا وجد من يكفيهم المئونة، واكتفى به باعتبار أن الواجب سقط عنه ولزم نفسه هذا طيب، وابن عمر لما جاء السائل جاء يسأل عنه، أين ابن عمر؟ أين ابن عمر؟ في المناسك، قال: عليك بابن عباس، رده لابن عباس، فهذا شخص من العامة، والعامة ينظرون إلى العمل أكثر من نظرهم إلى العلم؛ لأنه هو الذي يبرز للناس، فقال: "ذاك رجل مالت به الدنيا، ومال بها" يعني لا شك أن ابن عباس توسع أكثر من ابن عمر، ابن عمر ضيق على نفسه، وابن عباس توسع في المباح، وإن لم يغش المكروه فضلاً عن المحرم، لكن يبقى الناس عامتهم يثقون بأهل العمل، ولا يثقون بالعالم مهما كان علمه إذا كان علمه أكثر من عمله، والله المستعان، فعلى طالب العلم أن يجمع بين العلم والعمل، لينفع وينتفع، وينفع الله به.

"ولا يكون الرجل محرماً بمجرد ما في قلبه من قصد الحج ونيته، فإن القصد ما زال في القلب منذ خرج من بلده، بل لا بد من قول أو عمل يصير به محرماً، هذا هو الصحيح من القولين". نعم يعني إذا جاء ناوياً التمتع، ثم أحرم من الميقات بالعمرة فقط، وفي نفسه أنه إذا حل منها وجاء يوم التروية يحرم بالحج، هل يصير بذلك أحرم بالحج؟ على كلام الشيخ الذي سمعناه؟ لا يكون أحرم بالحج، أحرم بالعمرة فقط، لكن إن قال: متمتعاً بها إلى الحج فهذا الذي يظهر أنه أشرك معها الحج، الذي يظهر أنه ليس له أن يرجع كما تقرر بالأمس، أما بالنسبة لمن أحرم بالعمرة فقط ولو كان في نيته أنه يحج من عامه أنه لا أحد يلزمه بالحج، إذا فرغ من عمرته ورأى أن الزحام لا يطيقه، أو طرأ له ظرف يريد أن يرجع إلى أهله فلا يوجد ما يمنعه من ذلك. "والتجرد من اللباس واجب في الإحرام، وليس شرطاً فيه، فلو أحرم وعليه ثياب صح ذلك بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وباتفاق أئمة أهل العلم، وعليه أن ينزع اللباس المحظور". إذا احتاج إلى لباس، أو أحرم بلباسه جاهلاً أو احتاج إلى اللباس لبرد شديد أو نحوه، فإنه يصح إحرامه إذا نوى الدخول في النسك، ولو كان عليه لباسه؛ لكن عليه أن يفدي، عليه فدية أذى حينئذ، وكثير من الناس يتحايل الآن على الأنظمة بأن يحرم بثوبه ويدخل عادي، فإذا تجاوز التفتيش خلع الثياب، وارتكاب هذا المحظور هل يقابله فعل هذا المندوب، يعني التحايل بهذه الطريقة هل يبرر للإنسان كونه يريد الحج، وكونه مشتاق إلى تلك الأماكن، ويريد ما رتب على الحج من فضل أن يرتكب هذا المحظور؟ المسألة محل نظر بلا شك، وهل يتكافأ هذا مع هذا؟ لكن عليه فدية الأذى إذا أحرم بثيابه، فدية للبس الثوب، وفدية لتغطية الرأس. طالب: لبس التنورة؟ هذا بيجي مع السراويل -إن شاء الله- نعم. "فصل في مستحبات الإحرام ومحظوراته: يستحب أن يحرم عقيب صلاة: إما فرض وإما تطوع، إن كان وقت تطوع في أحد القولين".

وهذا قول عامة أهل العلم يحرم عقب صلاة إما فرض وإما تطوع، فلا يحرم إلا بعد صلاة، هذا المستحب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما صلى الفرض ركعتين أحرم ولبى بالإحرام بعدهما، فإن كان بعد فريضة فهذا هو المطلوب، وإن لم يكن وقت فريضة فليصلي ركعتين من غير فريضة، إذا لم يكن وقت نهي، وقد جاء الأمر بذلك ((صل في هذا الوادي المبارك وقل ... )) وعلى كل حال القول بأن للإحرام صلاة قول عامة أهل العلم، والخلاف فيه يكاد يكون شاذاً لقلة من قال به، ونقل عليه النووي الاتفاق إلا عن واحد، لعله الحسن نسيته الآن من التابعين. طالب: شيخ الإسلام يقصد الصلاة الخاصة بالحرم؟ نعم يستحب أن يحرم عقب صلاة إيش معنى هذا؟ طالب: لكن صلاة، الصلاة إما أن تكون فرضاً أو نفل فإذاً مقرر، لكن على أن يكون خاص بعلامات .. إيش مثل الخاص؟ طالب: يعني مثلاً الوتر، قضى سنة فاتت. . . . . . . . . لا ما يقصد هذا، عامة أهل العلم على أن الإحرام .... حتى كلام الشيخ قال في أحد القولين وفي الآخر، يبي يقرر رأيه هو، هو ما انتهى من المسألة، هذا قول عامة أهل العلم أنه يصلي بعد صلاة سواءً كانت فريضة أو نافلة، وسيأتي قوله. "وفي الآخر إن كان يصلي فرضاً أحرم عقيبه، وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه، وهذا أرجح". هذا رأي الشيخ؛ ولكن عامة أهل العلم على خلافه، وأن للإحرام صلاة تخصه. "ويستحب أن يغتسل للإحرام، ولو كانت نفساء أو حائضاً، وإن احتاج إلى التنظيف: كتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة ونحو ذلك فعل ذلك، وهذا ليس من خصائص الإحرام، وكذلك لم يكن له ذكر فيما نقله الصحابة؛ لكنه مشروع بحسب الحاجة، وهكذا يشرع لمصلي الجمعة والعيد على هذا الوجه".

نعم عند الحاجة، إذا رأى أن الحاجة داعية لقص أظافره، أو الأخذ من شعره يفعل، ويؤكدون على هذا في العصور الماضية، لماذا؟ لأنه قد يحتاج بعد إحرامه لأخذ شيء من هذه التي يحتاج إلى أخذها مثل الأظفار والشعر، قد يحتاج لطول المدة، قد يحتاج ثم لا يتسنى له، فيكون ذلك قبيل الإحرام، أما الآن وهو يتحلل بعد يعني من الإحرام إلى أن يتحلل لا يجوز على ساعتين في مسألة العمرة، في العمرة لا يجوز على ساعتين، ما يحتاجون إلى مثل هذا، أو في الحج أيضاً إذا أحرم يوم التروية يتحلل يوم العيد، يومين فقط، فلا يحتاج إلى مثل هذا. أما بالنسبة للسابق فقد يحتاج إلى عشرة أيام أحياناً، كما لو أحرم من ذي الحليفة، يحتاج إلى عشرة أيام حتى يصل إلى مكة، ثم بعد ذلك يحتاج إلى أن يؤدي النسك، إذا كان قارن بعد ويصل إلى مكة في اليوم الثالث أو الرابع يحتاج إلى أن ينتظر إلى يوم العيد، قد يحتاج إلى عشرين يوماً، فمثل هذا ينصون عليه، وإلا ليس من متطلبات الإحرام، ولا ارتباط له بالإحرام، لكنه باعتبار أنه قد يحتاج إليه، ونحن نرى في أماكن الاغتسال وأماكن التنظيف في المواقيت نجد آثار الأمواس والصابون والتقليم والحلق كأنه مقترن بالإحرام، يعني لو تنظف في بيته، وأزال هذه الأمور في بيته، وجاء إلى الإحرام بعدما أحرم بعد ساعات هذا ما يؤثر، لا يؤثر لأنه ليس من متطلبات الإحرام، الذي ينبغي أن يكون الإحرام عقيبه الاغتسال؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- تجرد واغتسل، فيغتسل في الميقات، ولو فعله في بيته مع قرب العهد، يعني جاء في طائره بعد ثلاث ساعات أو أربع ساعات يحاذي المحراب بعد ساعة واحدة مثلاً يحاذي الميقات ما يضره -إن شاء الله تعالى-؛ لأن هذه الأمور عللها مدركة. طالب: اللي أراد المباح. لا يأخذ قبل الإحرام، إنما يأخذ للعمرة؛ لأنه واجب؛ لأن الأخذ واجب. "ويستحب أن يحرم في ثوبين نظيفين، فإن كانا أبيضين فهما أفضل". يقول: "يستحب أن يغتسل للإحرام، ولو كانت نفساء أو حائضاً"؛ لأن الحائض والنفساء تفعلان ما يفعل الحاج غير ألا تطوف بالبيت، وأسماء بنت عميس لما ولدت -أم حرام- محمد بن أبي بكر أمرت بالاغتسال، تستثفر وتغتسل مثل الطاهرات.

"ويجوز أن يحرم في جميع أجناس الثياب المباحة: من القطن والكتان والصوف، والسنة أن يحرم في إزار ورداء سواء كانا مخيطين أو غير مخيطين باتفاق الأئمة، ولو أحرم في غيرهما جاز إذا كان مما يجوز لبسه، ويجوز أن يحرم في الأبيض وغيره من الألوان الجائزة، وإن كان ملوناً". نعم يقول: "ويستحب أن يحرم في ثوبين نظيفين؛ لأنها عبادة، فالنظافة لها مطلوبة، نظافة البدن بالاغتسال ونظافة الثياب، فإن كانا أبيضين فهما أفضل، وجاء الأمر بلبس البياض: ((البسوا من ثيابكم البياض، وكفنوا فيها موتاكم، فإنها أطيب وأطهر)) فهذا أفضل بلا شك، ويجوز أن يحرم بجميع أجناس الثياب المباحة، يعني المباح مادتها، سواءً كان من قطن أو كتان أو صوف، حاشا الحرير بالنسبة للرجال.

يقول: "والسنة أن يحرم في إزار ورداء، الإزار الذي يغطي النصف الأسفل من البدن, الرداء الذي يغطي النصف الأعلى، سواءً كانا مخيطين أو غير مخيطين، ليس معناه أنهما مخيطان على قدر البدن أو على قدر العضو، لا، إنما فيهما فتوق وخروق وشقوق خيطت، ولو كانت من وصلتين الرداء مقسوم قسمين، ثم بعد ذلك خيطت، أو من قطع متعددة نعم ما في ما يمنع أبداً؛ لأن الخياطة ليست المرادة لذاتها، فلو أن إنساناً لبس قميصاً منسوج نسج، ما فيه ولا خيط، يعني وضع هكذا ونسج نسجاً تاماً بدون خيوط، هذا مخيط حكماً، وإن لم يخطه الخياط، ولو وجد خف ما فيه ولا غرزة خياط، قلنا: لا يجوز لبسه، ولو جد نعل مخيط، قلنا: يجوز لبسه؛ لأنه ليست العبرة بالخياط، وإنما على قدر العضو، إذا وجد على قدر العضو فإنه يسمى مخيط ويمنع، ويقول: سواءً كانا مخيطين أو غير مخيطين باتفاق الأئمة، المقصود أنه يحرم في إزار ورداء، ومعروف حقيقة الإزار، وحقيقة الرداء، "ولو أحرم في غيرهما جاز" في غير الإزار وغير الرداء، يعني مما يأخذ حكم الإزار والرداء، لو لف على بدنه الغطاء الذي يستعمله في النوم يسمونه شرشف أو ملاءة، أو أحرم في بشت مقلوب، أو بطانية، أو ما أشبه ذلك لا بأس، "ولو أحرم بغيرهما جاز إذا كان مما يجوز لبسه، ويجوز له أن يحرم بالأبيض وغيره من الألوان" لا يلزم أن يكون الرجل يلبس أبيض، والمرأة تلبس أخضر أو أسود، يجوز ما يلبسه في حال سعته، والألبسة مردها إلى الأعراف، ولذا نجد كثير من نساء المغرب ومصر وما والهما يحرمون في اللباس الأبيض وهن نساء؛ لأن عرفهن جرى على ذلك، فلا يقال: أن هذا لباس الرجال أو ذاك لباس النساء، إنما هناك ألبسة منعت للرجال، وألبسة وألوان منعت للنساء، فمثل هذا يتقى، وما عدى ذلك فمرده إلى العرف. يقول: ويجوز أن يحرم في الأبيض وغيره من الألوان الجائزة، وإن كان ملوناً. طالب: لو لبس البشت ووضع. . . . . . . . . لا، لا لأنه وضع على الكتف، الكتف عضو فلا يصح مثل اليد، لكن لو قلبه وتلفع به وهو مقلوب، فلا بأس.

"والأفضل أن يحرم في نعلين إن تيسر، والنعل هي التي يقال لها: التاسومة، فإن لم يجد نعلين لبس خفين، وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالقطع أولاً، ثم رخص بعد ذلك في عرفات في لبس السراويل لمن لم يجد إزاراً، ورخص في لبس الخفين لمن لم يجد نعلين، وإنما رخص في المقطوع أولاً؛ لأنه يصير بالقطع كالنعلين، ولهذا كان الصحيح أنه يجوز أن يلبس ما دون الكعبين، مثل الخف المكعب والجمجم والمداس ونحو ذلك، سواءً كان واجداً للنعلين أو فاقداً لهما، وإذا لم يجد نعلين، ولا ما يقوم مقامهما، مثل الجمجم والمداس ونحو ذلك، فله أن يلبس الخف ولا يقطعه، وكذلك إذا لم يجد إزاراً فإنه يلبس السراويل ولا يفتقه، هذا أصح قولي العلماء؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في البدل في عرفات، كما رواه ابن عباس .... ". أو ابن عمر؟ علق عليه بشيء؟ قال في التعليق: "وقع في جميع الأصول ابن عمر، والصواب ما أثبته، وحديث ابن عباس مخرج في البخاري برقم. . . . . . . . . ومسلم برقم. . . . . . . . . ". يعني هذا تصحيح من المحقق، لا من أصل الكتاب، وإلا في أصل الكتاب ابن عمر.

يقول -رحمه الله-: "والأفضل أن يحرم في نعلين إن تيسر، والنعل هي التي يعني ما دون الكعب، والنعل هي التي يقال لها: التاسومة، فإن لم يجد نعلين لبس خفين، وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالقطع أولاً" بالمدينة، خطب النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: ((إن من لم يجد النعلين له أن يلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين)) هذا في المدينة، "أمر بالقطع أولاً، ثم رخص بعد ذلك في عرفات" يعني هل رخص وإلا سكت عن القيد؟ يعني في عرفات قال: ((من لم يجد النعلين فليلبس الخفين)) من دون تعرض للقطع، وفائدة حمل المطلق على المقيد ظاهرة في مثل هذا، ولذا الأكثر على أنه يقطع؛ لأن ما جاء في خطبة عرفات مطلق، وما قاله في المدينة مقيد، واتفقا في الحكم والسبب يحمل المطلق على المقيد، هذه هي الجادة عند أهل العلم؛ لكن من قال بعدم القطع لا يختلف مع بقية العلماء في أن حمل المطلق على المقيد في هذه الصورة هو الأصل؛ لكنه عورض، عورض بأي شيء؟ خطبة عرفة لا شك أنها مقام بيان، والناس بحاجة ماسة إلى هذا البيان؛ لأنه وجد وحضر هذه الخطبة من لم يحضر الخطبة الأولى، فلو كان مما يلزم بيانه، وما يجب فعله، لبينه النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فمن قال بالقطع فهو على الأصل وعلى الجادة في قاعدة حمل المطلق على المقيد، ومن قال بعدمه قال خطبة عرفة قاضية على خطبة المدينة؛ لأنها متأخرة عنها والمقام مقام بيان، ولو كان القطع لازماً لبينه؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، يدعم هذا الاختيار كون القطع إتلاف وتضييع للمال، وقد نهينا عن إضاعة المال، وعلى هذا قول شيخ الإسلام وجيه، وقال به جمع من أهل العلم.

ثم رخص بعد ذلك في عرفات، هل رخص قال: لا تقطعوا، أو سكت عن ذكر القطع؟ سكت عن ذكر القطع، لكن هل في هذا رخصة صريحة واضحة؟ لا، ليس فيه رخصة واضحة، إنما مجرد سكوت عن البيان، ومثل هذا البيان لا بد منه؛ لأنه حضر في عرفة من لم يحضر في المدينة، ثم رخص بعد ذلك في عرفات في لبس السراويل لمن لم يجد إزاراً، ورخص في لبس الخفين لمن لم يجد نعلين، الآن من لم يجد الإزار وجد رداء وسروال، يعني يلبس السروال وأيضاً الرداء، ولو لم يجد رداءً مثلاً، وجد سروال يكتفي به أو يلبس قميص؟ لأن المطلوب ستر جميع البدن في إزار ورداء، والسروال يحل محل الإزار والرداء ما يوجد ما يحل محله، هل نقول: من وجد معه الكيس الذي فيه ثيابه الذي خلعها وتجرد للإحرام، بحث عن الإزار والرداء ما وجدهما، فقدهما، ومعه سروال وفنيلة تغطي أعلى البدن، ومعه قميص يغطي أعلى البدن، ويقول: لو أمشي بين الناس بسروال وفنيلة ما هو مناسب أبداً، لا سيما للعلية القوم ما يناسبهم، فلو لبس القميص بدل السروال والفنيلة يقوم مقام الإزار والرداء، له ذلك وإلا ليس له ذلك؟. طالب: إزار .... لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في السراويل. السروال موجود، نعم لو لم يكن السروال موجوداً لبحثنا عن بدل له. طالب: أنا أقصد أن النبي صلى الله عليه وسلم خص السروال لأنه ليس معه غيره، والسروال هو الذي يغطي العورة والإنسان مأمور أن يغطي عورته، أما بالنسبة للجزء الأعلى فليس من عورة الإنسان يعني لو تركه ليش لا؟ لكن الصلاة؟ طالب: هذا يكون له عذر. يضع على عاتقه شيء، ما في إشكال. طالب: الرداء يقوم مقام الإزار، لو كان عنده رداءً ومعه إزار، هذا لا عنده لا إزار ولا رداء، لذلك رخص له في لبس السراويل، بالتالي سيلبس السروال بدون أن يكون عليه رداء. ويبقى الجزء الأعلى مكشوف؟. يعني نفترض مسألة في شخص فقد الإزار والرداء وعنده سروال وعنده فنيلة وعنده قميص، قيل له: البس السروال مرخص لك في لبس السروال، طيب بقية البدن، لا يمكن أن يمشي بدون، نقول في مثل هذه الحالة يلبس السروال، ويجعل القميص في منزلة الرداء، يلف به أعلى البدن. طالب: وإن لم يكن إلا سروال فقط.

إن كان معه سروال انتهى الإشكال، لكن هذا معه. طالب: .... الطائف إذا حضروا الميقات وما عندهم إحرام يتخفوا من اللباس ما تقوم به الفنيلة والسروال. . . . . . . . . ما .... إلا السروال، ويجعل الثوب بمنزلة الرداء يلف به البدن ولا يلبسه. يقول: "ثم رخص بعد ذلك في عرفات في لبس السراويل لمن لم يجد إزاراً" وما يلبس الآن يعني ما سأل عنه الأخ على هيئة لباس النساء هو ضرب من السراويل، ونص على ذلك الأزهري في التهذيب وغيره من أهل اللغة كابن سيدة في المخصص وقال إنه ضرب من السراويل، ويسمونه النقبة، وهو من لباس النساء، وذكروا عن بعضهم أنه قال: "ألبستني أمي نقبتها" فهو من لباس النساء، ومعروف الآن تداوله مع النساء قديماً وحديثاً، فهو ضرب من السراويل فيدخل في المنع من لبس السراويل. طالب: شبيه بالتنورة يا شيخ؟ وهو شبيه بالتنورة، ويلبسونه فيه التكة، وفيه يعني مخيط كامل، ما فيه إلا أنه سروال بدون كرسي على ما يقولون، وشرح هذا الأزهري بالتفصيل .. طالب: يعني يكون .... التشبه من جهة، وأيضاً هو سروال. طالب: إذا كان مخيطاً بدون البنطال أو ما يسموه .... فهل هذا يعتبر .... نفسه، نفس الشيء. طالب: ليس النخبة يا شيخ السروال القصير. لا، لا، التبان، لا هذا تبان، السروال القصير يسمونه تبان، ورخصت فيه عائشة -رضي الله عنها- لمن يرحل راحلتها، وعامة أهل العلم على خلاف قولها، لا يجوز لبسه، كل المحرمين عرضة لأن تنكشف عوراتهم، وكلهم يرحلون، وكلهم يحملون، وكلهم يعملون، فهذا ليس بمبرر، خاص ومرجوح أيضاً، لم توافق عليها -رضي الله عنها-. طالب: لبس التبان. بيجي ذكره عند الشيخ -رحمه الله تعالى-، ورخص في لبس الخفين لمن لم يجد نعلين، وإنما رخص بالمقطوع أولاً؛ لأنه يصير بالقطع كالنعلين، ولهذا كان الصحيح أنه يجوز أن يلبس ما دون الكعبين مثل الخف المكعب والجمجم والمداس؛ لأنها كلها دون الكعب، ونحو ذلك سواءً كان واجداً للنعلين أو فاقداً لهما، يعني في خطبة المدينة لما قال: ((من لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما)) لبس الخف المقطوع من خلال كلامه -عليه الصلاة والسلام- مباح مطلقاً أو بالنسبة لمن لم يجد النعلين؟

بحيث لو وجدنا خف دون الكعب هل نقول: أنه بمثابة الخف المقطوع؟ نعم هو خف مقطوع؛ لكن هل الخف المقطوع يلبس في حال السعة أو مع عدم وجود النعل؛ لأن في الخطبة: ((من لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما)) ما قال: فليلبس نعلين، من أحرم فليحرم في نعلين أو في خفين مقطوعين دون الكعبين، ليتساوى الأمران، فدل على أن الخف المقطوع يعني ما دون الكعب ليس مساوياً للنعل، وإنما هو بديل عند عدمه، فقول الشيخ -رحمه الله-: "ولهذا كان الصحيح أنه يجوز أن يلبس ما دون الكعبين، مثل الخف المكعب والجمجم والمداس ونحو ذلك سواءً كان واجداً للنعلين أو فاقداً لهما" نقول: إذا كان واجداً للنعلين فلا، لا يلبس إلا نعلين؛ لأنهما الأصل، ولذا لم يرخص في مثل هذا إلا لمن فقد النعلين، وإذا لم يجد نعلين، ولا يقوم مقامهما مثل الجمجم والمداس ونحو ذلك، فله أن يلبس الخف، يعني الذي يغطي الكعبين، ولا يقطعهما. وكذلك إذا لم يجد إزاراً فإنه يلبس السراويل ولا يفتقه، هذا أصح قولي العلماء، يعني إذا قلنا: بأنه يقطع الخفين على القول بأنهما خاصتين يلزمه أن يفتق السراويل، ولو لم يرد فيه ذكر ليقرب من الإزار؛ لأنه كلما قرب من الإزار كان أولى مما بعد عنه؛ فإنه يلبس السراويل ولا يفتقها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في البدل في عرفات، كما رواه ابن عمر، والمحقق يقول: ابن عباس، وحديث صحيح بلا إشكال.

"وكذلك يجوز أن يلبس كل ما كان من جنس الإزار والرداء فله أن يلتحف بالقباء والجبة والقميص ونحو ذلك، ويتغطى به باتفاق الأئمة عرضاً، ويلبسه مقلوباً، يجعل أسفله أعلاه، ويتغطى باللحاف وغيره؛ ولكن لا يغطي رأسه إلا لحاجة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- نهى المحرم أن يلبس القميص والبرنس والسراويل والخف والعمامة، ونهاهم أن يغطوا رأس المحرم بعد الموت، وأمر من أحرم في جبة أن ينزعها عنه، فما كان من هذا الجنس فهو في معنى ما نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فما كان في معنى القميص فهو مثله، وليس له أن يلبس القميص لا بكم ولا بغير كم، وسواء أدخل فيه يديه أو لم يدخلهما، وسواء كان سليماً أو مخروقاً، وكذلك لا يلبس الجبة ولا القباء الذي يدخل يديه فيه، وكذلك الدرع الذي يسمى (عرق جين) وأمثال ذلك باتفاق الأئمة". عَرق جين، ما علق عليه؟ في الطبعة الأولى علق عليها الطابع يقول: "كلمة تركية معناها القميص الذي يلبس ليمتص العرق، فيكون فوق الركبة" يعني أقرب ما يكون إلى الفنيلة الطويلة التي تصل إلى الركبة، وفائدته امتصاص العرق، حتى لا يظهر على الثوب، "وكذلك الدرع الذي يسمى عرق جين وأمثاله" إلى آخره. "وأما إذا طرح القباء على كتفيه من غير إدخال يديه ففيه نزاع، وهذا معنى قول الفقهاء: لا يلبس المخيط،، والمخيط ما كان من اللباس على قدر العضو، وكذلك لا يلبس ما كان في معنى الخف كالموق والجورب ونحو ذلك، ولا يلبس ما كان في معنى السراويل كالتبان ونحوه". نعم يقول -رحمه الله-: "وكذلك يجوز أن يلبس كل ما كان من جنس الإزار والرداء، فله أن يلتحف بالقباء" القباء أقرب ما يكون في استعمالنا إلى البشت، يقول الشاعر: خاط لي عمرو قباء ... ليت عينيه سواء فسألوا الناس أشعري ... أمديح أم هجاء؟ والخياط أعور، فهذا مدح وإلا هجاء؟ ليت عينيه سواء، يمدح وإلا يذم؟ ما يدرى، هو ما يدرى، هل يريد أن تكون السليمة معيبة، أو العكس؟ ولذا يقول: فسألوا الناس أشعري ... أمديح أم هجاء؟ ما يدري إلا من رأى القباء؛ لأن القباء قرينة على المراد، إن كانت خياطته جيدة فهو يمدح، وإن كانت خياطته رديئة فهو يذم. طالب: أو كان الشاعر ابن الرومي.

إيش ميزته؟ ما مدح أحد؟ المقصود أن القباء يشبه في استعمالنا البشت المشلح. يقول: "فله أن يلتحف بالقباء والجبة والقميص في أي شيء يضعه على منكبيه ونحو ذلك ويتغطى به باتفاق الأئمة" يكون لحافاً وقت النوم، "باتفاق الأئمة عرضاً، ويلبسه مقلوباً، يجعل أسفله أعلاه، ويتغطى باللحاف وغيره؛ ولكن لا يغطي رأسه إلا الحاجة من شدة برد أو مرض أو نحو ذلك" ومع ذلك إذا كانت التغطية لحاجة فإنه حينئذ يرتفع الإثم وتبقى الفدية، وهي فدية أذى. "ولكن لا يغطي رأسه إلا الحاجة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- نهى المحرم أن يلبس القميص، وهو ما يغطي البدن، والبرنس وهو ما يغطي الرأس، والسراويل وهو ما يغطي أسفل البدن، والخف وهو ما يغطي الرجل، والعمامة ما يغطي الرأس، ونهاهم أن يغطوا رأس المحرم بعد الموت" ووجهه أيضاً كما جاء في رواية صحيحة: ((غطوا رأس المحرم ووجهه)) وإن حكم بعضهم على رواية تغطية الوجه بالشذوذ، لكنها ما دامت في صحيح مسلم فلا داعي للقول بشذوذها. ونهاهم أن يغطوا رأس المحرم بعد الموت، وأمر من أحرم في جبة أن ينزعها عنه، متضمخ بالطيب أو متلطخ بالطيب قد أحرم بالجبة فقال: ((انزع عنك الجبة)) أول ما يبدأ بنزع الجبة، وينزعها على هيئة نزعها في الأيام المعتادة، يفتح أزاريرها ثم يخلعها خلعاً، ولا يشقها أو يقطعها كما قال بعضهم؛ لئلا يخلعها من قبل رأسه، هذا لا يلزم. على كل حال عليه أن يخلع هذه الجبة، ويغسل عنه الطيب، ويفعل في عمرته ما كان صانعه في حجه، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لذلك الرجل. "وأمر من أحرم في جبة أن ينزعها عنه، فما كان من هذا الجنس فهو في معنى ما نهى عنه" كل ما يغطي الرأس في حكم البرنس، كل ما يغطي الرجل بحكم الخف، ما يغطي البدن في حكم القميص وهكذا. "فهو في معنى ما نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فما كان في معنى القميص فهو مثله، وليس له أن يلبس القميص لا بكُم ولا بغير كُم" يعني إذا كان قميص بكم وافي إلى الرسغ، أو إلى الكتف، ما يفرق كله قميص.

وسواءً أدخل فيه يديه أو لم يدخلهما، وهذا مثل البشت، ما يكون هذا أحطه على الأكتاف وأمشي به، ولا أدخل يدي، أو الفروة هذا كله ما ينفع، بل لا بد أن يلبسه مقلوباً، وسواءً أدخل فيه يديه أو لم يدخلهما، وسواءً كان سليماً أو مخرقاً، وكذلك لا يلبس الجبة ولا القباء الذي يدخل يديه فيه، وكذلك الدرع الذي يسمى عرق جين، وعرفنا أنه يقرب من الفانيلة. "وأمثال ذلك باتفاق الأئمة، وأما إذا طرح القباء على كتفيه من غير إدخال يديه ففيه نزاع" يعني لو لبس البشت على هيئته على الكتف ففي هذا نزاع. وهذا معنى قول الفقهاء لكن قوله: "القميص لا بكم ولا بغير كم" أدخل فيه يديه أو لم يدخلهما، لا شك أن القميص أشد من البشت؛ لأنه مخيط من الأمام، يعني محيط بالبدن كله بخلاف البشت، ولذا النزاع في البشت لا في القميص، هناك بغير نزاع بالنبسة للقميص، والبشت فيه نزاع، وهذا معنى قول الفقهاء: لا يلبس المخيط، والمخيط: هو ما كان من اللباس على قدر العضو، وكذلك لا يلبس الجبيرة مثلاً إذا كانت على قدر عضو فاحتاج إليها، هل تأخذ حكم المخيط؟ طالب: لا تأخذ؟ لماذا؟ طالب: لأنه يا شيخ نفس النص قال: ما كان من اللباس والجبيرة ليست من اللباس؟ طيب هل يستعملها الرياضيين في أكفهم في ركبهم في أقدامهم؟ طالب: هي ليست من اللباس الملبوس أبداً، المتعارف عليه. يعني تلبس هذه؟ يلبسها المحرم؟. طالب:. . . . . . . . . يعني إذا لبس من منتصف الساق إلى منتصف الفخذ في الموضعين، لا، لا ما يلبس أبداً، أو لبس أنجل على الرجل لو طلع العقب، هذا خليها مثل الجورب لا، لا ما يصلح أبداً. طالب: الفدية. الأمور يعرفها أبو عبد الله كلها، يعرف القباء والأحزم عليه. طالب:. . . . . . . . . لا، اصطلاح الرياضيين ما فيه أحد ما يعرفه .. طالب: الدوالي. إذا احتيج إليه بقدر الحاجة بحيث لا يغطي، منها ما يغطي نصف الساق إلى نصف الفخذ، هذا لا يمكن، إذا احتاج إلى ما يغطي العضو كله، يستعمله ويفدي، هذه فدية أذى.

"وهذا معنى قول الفقهاء: ولا يلبس المخيط، والمخيط ما كان من اللباس على قدر العضو، وكذلك لا يلبس ما كان في معنى الخف، كالموقي والجورب ونحو ذلك، ولا يلبس ما كان في معنى السروايل، كالتبان ونحوه خلافاً لما اختارته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-". طالب: ... مغلقة من الأمام ومقطوعة من نصف اليدين، فهل تأخذ حكم النعلين أو الخف المقطوع؟ ويش صفتها؟ طالب: أحسن الله إليك بعض الأحذية مغلقة من الأمام ومقطوعة من الأسفل قليل. لا، لا هذا حذاء، ما هو بخف، هذا يكشف نصف القدم الخلفي كامل؛ لكن هناك أحذية تربط من الخلف يسمونها (صندل)، وهي حذاء؛ لأنها لا تغطي، ليست خف ولا في معنى الخف، فلا يمسح عليها، ولا تأخذ أحكام الخف. طالب: بالنسبة للجبيرة والمشدات الطبية وغيرها يقال الآن معذور في وضعها خاصة. . . . . . . . . ما عليه إثم، مثل من حلق رأسه ما عليه إثم، لكن فدية الأذى إذا كانت بقدر العضو تلزمه. طالب: بس ما يفرقون يعني قمل الرأس يقال لأنه .... ولا يستطيع ذلك. . . . . . . . . هذا تأذى به، ((ما ظننت أن الأمر وصل بك إلى هذا)) لا، لا، هو متأذ به. طالب: الآن فدية، فدية قتل القمل .... لا، لا فدية حلق الرأس، فدية حلق الرأس. "وله أن يعقد ما يحتاج إلى عقده كالإزار وهميان النفقة، والرداء لا يحتاج إلى عقده فلا يعقده، فإن احتاج إلى عقده ففيه نزاع والأشبه جوازه حينئذ، وهل المنع من عقده منع كراهة أو تحريم؟ فيه نزاع، وليس على تحريم ذلك دليل إلا ما نقل عن ابن عمر -رضي الله عنها- أنه كره عقد الرداء، وقد اختلف المتبعون لابن عمر فمنهم من قال: هو كراهة تنزيه كأبي حنيفة وغيره، ومنهم من قال: كراهة تحريم، وأما الرأس فلا يغطيه لا بمخيط ولا غيره، فلا يغطيه بعمامة ولا قلنسوة ولا كوفية ولا ثوب يلصق به ولا غير ذلك، وله أن يستظل تحت ... ". يكفي، يكفي.

يقول: "له أن يعقد ما يحتاج إلى عقده كالإزار" الإزار لو لم يعقد أو يربط بحبل أو نحوه فإنه يسقط تنكشف العورة، فله حينئذ أن يعقده كالإزار وهميان النفقة الذي هو الحزام الذي يكون فيه جيوب توضع فيه الدراهم وما أشبهها، والرداء لا يحتاج إلى عقده؛ لأنه يثبت بمجرد وضعه بالنسبة لكثير من الناس، أما بعض الناس لا يثبت عنده الإزار، وحينئذ يباح له أن يعقده عقداً يثبته بقدر الحاجة، ولو استعمل المشبك يستعمل واحد، وبعض الناس يستعمل عشرين مشبك بحيث يكون كالمخيط، وبعضهم يستعمل أزارير من أعلاه إلى أسفله، فهذا لا يجوز بحال، ولم يقل بهذا لا شيخ الإسلام ولا غيره، إنما ما دام النزاع في عقده في أصل العقد فمن أباحه أباحه للحاجة، فلا يتعدى به موضع الحاجة، "لا يحتاج إلى عقده فلا يعقده، فإن احتاج إلى عقده ففيه نزاع، والأشبه جوازه حينئذ" يعني عند الحاجة، "وهل المنع من عقده منع كراهة أو تحريم؟ فيه نزاع، وليس على تحريم ذلك دليل، إلا ما نقل عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كره عقد الرداء، فاختلف المتبعون لابن عمر" يعني من استدل واحتج بقول ابن عمر، الذين أوردوا كلام ابن عمر في هذه المسألة اختلفوا، فمنهم من حمله على كراهة التنزيه، ومنهم من حمله على كراهة التحريم، وقد اختلف المتبعون لابن عمر فمنهم من قال هو كراهة تنزيه كأبي حنيفة، يعني لا يظن أن أبا حنيفة مقلد لابن عمر باستمرار؛ لأن اللفظ يوحي بهذا، المتبعون لابن عمر، يعني من أوردوا كلام ابن عمر في هذه المسألة. طالب: من قال القول؟ المتبعون له في هذه المسألة، وأوردوا كلامه دليلاً؛ لأنه لا يوجد غيره حمل الكراهة على التنزيه، فمنهم من قال: هو كراهة تنزيه كأبي حنيفة وغيره، ومنهم من قال: كراهة تحريم، واللفظ محتمل لا سيما في إطلاق المتقدمين، وأما الرأس فلا يغطيه لا بمخيط ولا غيره، فلا يغطيه بعمامة ولا قلنسوة، وكل ما يغطي الرأس ممنوع ولا كوفية، طاقية، ولا ثوب يلصق به، ولا غير ذلك، أما ما لا يلتصق به، بل يرتفع عنه كالسقف مثلاً، أو الاستظلال بشيء، أو غطاء المحمل، أو غطاء الهودج، وما أشبه ذلك مما لا يلاصق الرأس فهذا في المسألة التي تلي هذه المسألة غداً -إن شاء الله-، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (4)

شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (4) الكلام في بعض محظورات الإحرام والتلبية الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- تعالى: "وله أن يستظل تحت السقف والشجر، ويستظل في الخيمة ونحو ذلك باتفاقهم وأما الاستظلال بالمحمل كالمحارة التي لها رأس في حال السير، فهذا فيه نزاع والأفضل للمحرم أن يضحي ... أن يضحى يعني يبرز. والأفضل للمحرم أن يضحى لمن أحرم له، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يحجون، وقد رأى ابن عمر رجلاً ظلل عليه فقال: "أيها المحرم أضحِ" ... اضحَ اضحَ أمر. "أيها المحرم اضحَ لمن أحرمت له" ولهذا كان السلف يكرهون القباب على المحامل، وهي المحامل التي لها رأس، وأما المحامل المكشوفة فلم يكرها إلا بعض النساك، وهذا في حق الرجل". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وله -يعني المحرم- أن يستظل تحت السقف والشجرة ويستظل في الخيمة" وحصل منه -عليه الصلاة والسلام- أنه ضربت له قبة واستظل بها، "ونحو ذلك باتفاقهم" وهذا مما لا نزاع فيه لبعد هذا الذي يستظل به عن الرأس، فلا يشبه بوجه من الوجوه تغطية الرأس، "وأما الاستظلال بالمحمل كالمحارة التي لها رأس في حال السير فهذا فيه نزاع" يعني لقربه من الرأس، وأقرب من سقف البيت، وأقرب من الخيمة، وأقرب من الشجرة، هذا لقربه حصل فيه النزاع، والأصح جوازه؛ لأنه غير ملاصق. وللمحرم أيضاً أن يحمل على رأسه المتاع لا يقصد بذلك تغطية الرأس، يعني لو وضع في إناء طعاماً أو ماءً أو ما أشبه ذلك وأرد نقله ولم يستطيع نقله بيديه له أن يضعه على رأسه لأنه ليس في معنى ذلك تغطية الرأس. طالب:. . . . . . . . . قريبة منها، يعني بما يقرب من الرأس.

"والأفضل للمحرم أن يضحى لمن أحرم له" يعني ليبرز لمن أحرم له، يبرز له، ولا يستظل بشيء، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يحجون، وقد رأى ابن عمر رجلاً ظُلل عليه بشيء قريب من رأسه كما هي عادة من يظلل عليه؛ لأنه لا يبعد كثيراً، ققال: "أيها المحرم اضحَ لمن أحرمت له" يعني أبرز، ولهذا كان السلف يكرهون القباب على المحامل، وليس هذا من أجل المشقة لذاتها، وإنما المقصود ترك الترفه ولا يتعرض لما يضره، لا يقول: أنا لا أدخل الخمية وأبرز لمن أحرمت له بحيث أتعرض لضربان شمس أو لبرد أو نحو ذلك، لا، عليه أن يتقي ما يضره ومع ذلك لا يترفه الترفه الذي كان يفعله قبل الإحرام، ولهذا كان السلف يكرهون القباب على المحامل لقربها من رؤوسهم، وهي المحامل التي لها رأس، وأما المحامل المكشوفة فلم يكرهها إلا بعض النساك، وهذا في حق الرجل، كرهها بعض النساك، وإن كانت مكشوفة لما فيها من الترفه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- حج على رحل رث، وأنس بن مالك حج على رحل ولم يكن شحيحاً، كما في صحيح البخاري، وقال: حج النبي -عليه الصلاة والسلام- على رحل، يعني يقتصد في حجه بقدر الاستطاعة. بعض النساك كرهوا الاستظلال، حتى كرهوا ركوب المحامل المكشوفة التي ليس عليها غطاء لوجود الترفه، ولهذا في مثل أسفار العبادات على المسافر هذه الأسفار سواءً كان عمرة أو حج، أو ما أشبههما من أسفار العبادة، ألا يبالغ في الترفه والتنعم، ولذا تجدون بعض الناس يذهب ليجاور في جوار المسجد الحرام في الشعر الأواخر من رمضان، ثم يبحث عن أرقى الفنادق، وأغلى المركوبات، وأفخر المأكولات، وما أشبه ذلك، هذا لا يليق بهذه العبادة؛ لأن هذه لها أثر على قلبك، فلا يستحضر القلب في كل وقت مع وجود هذه الأمور، فعليه أن يقتصد في مثل هذه، وإذا رجع إلى بيته يزاول ما كان يفعله من المباحات، ولا أحد يمنعه مما أباحه الله له، لكن وجد الأثر على القلب في التوغل في هذه الأمور.

بالنسبة للسيارت، هل تحلق بالخيمة وسقف البيت أو تلحق في المحامل التي فيها النزاع والتظليل وما أشبه ذلك؟ هي ليست ملاصقة للرأس، وليست بتغطية للرأس، فليست بممنوعة؛ لكن هل الأولى تركها وكشف السيارات ليضحى الإنسان لمن أحرم له، أو نقول: أن هذه في حكم الخيمة؟ طالب:. . . . . . . . . كيف غير مقصودة؟ طالب:. . . . . . . . . لكن لو وجد سيارة مكشوفة وسيارة مسقوفة أيهما أفضل؟ طالب:. . . . . . . . . لا، أنا أقول: هذا فرع، يتردد بين أصلين، هل يلحق بالبيت والخيمة والشجرة أو يلحق بالمحمل الذي فيه النزاع؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، أقرب ما له المحمل، قريب السيارة، لا يستطيع أن يقف، لا، قريب السيارة، وأقرب ما له المحمل الذي فيه النزاع، ولكن ليس بتغطية، وليس بمعنى التغطية لم يباشر الرأس، فهو مباح بلا إشكال. هذا في حق الرجل وأما بالنسبة للمرأة فتسمعون كلام الشيخ -رحمه الله-. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، هذا قولهم، هذا رأيهم واختيارهم؛ لكن لا يعني أن جميع ما يقولونه باطل، هذا فيه نزاع لأهل العلم في المحمل والسيارة مثله. طالب:. . . . . . . . . يعني هذا من جهة إتلاف المال. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، ولا يطلب نزعه؛ لكن إذا وجدت سيارة مكشوفة وسيارة غير مكشوفة؟ طالب:. . . . . . . . . لقربها تلحق بالمحمل، لقربها من الرأس لا تستطيع أن تقف في السيارة. طالب:. . . . . . . . . نفس الشيء المحمل المكشوف والغير المكشوف، غير المكشوف فيه نزاع بين أهل العلم، دعنا من كلمة راجح أنه لا بأس، ولا إشكال لا في محمل ولا في سيارة ولا غيره؛ لكن هل النزاع يتناول السيارة وإلا لا؟ يتناولها مثل المحمل.

"وأما المرأة فإنها عورة، فلذلك جاز لها أن تلبس الثياب التي تستتر بها، وتستظل بالمحمل؛ لكن نهاها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تنتقب، أو تلبس القفازين، والقفازان: غلاف يصنع لليد، كما يفعله حملة البزاة، ولو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالاتفاق، وإن كان يمسه فالصحيح أنه يجوز أيضاً، ولا تكلف المرأة أن تجافي سترتها عن الوجه لا بعود ولا بيد ولا غير ذلك، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- سوى بين وجهها ويديها، وكلاهما كبدن الرجل لا كرأسه، وأزواجه -صلى الله عليه وسلم- كن يسدلن على وجوههن من غير مراعاة المجافاة، ولم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إحرام المرأة في وجهها) وإنما هذا قول بعض السلف؛ لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهاها أن تنتقب أو تلبس القفازين، كما نهى المحرم أن يلبس القميص والخف مع أنه يجوز له أن يستر يديه ورجليه باتفاق الأئمة والبرقع أقوى من النقاب، فلهذا ينهى عنه باتفاقهم، ولهذا كانت المحرمة لا تلبس ما يصنع لستر الوجه كالبرقع ونحوه. فإنه كالنقاب".

يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى بعد أن ذكر ما يتعلق بالرجل: "وأما المرأة فإنها عورة" بالنسبة للرجال الأجانب، "فلذلك جاز لها أن تلبس الثياب التي تستتر بها" جاز لها في مقابل منع الرجل، وإلا فالأصل الوجوب، يجب عليها أن تستتر، والجواز هنا جاز لها أن تلبس الثياب ليس فيه مقابل الكشف، لا، إنما هو في مقابل منع الرجل، "وتستظل بالمحمل" بلا إشكال ولا نزاع "لكن نهاها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تنتقب" يعني تلبس النقاب التي تبرز منه العينيان، أو إحدى العينين، والنقاب هو ما يستر الوجه مع وجود نقب بقدر العين، فإن زاد عن ذلك فهو سفور وليس بنقاب، لئلا يقال: أنها لما نهيت عنه محرمة دل على جوازه لها إذا كانت حلالاً، نقول: نعم يجوز؛ لكن ما النقاب؟ يعني بعض أهل العلم ضعف رواية: "ولا تنتقب" كله من أجل ما يحصل في واقعنا مما يسمى نقاب؛ لأن الخبر بمفهومه يدل على جواز لبس النقاب لغير المحرمة، والنقاب الذي في زمننا وفي واقعنا هذا سفور بلا إشكال، ومحرم، عند كل من يقول: بوجوب تغطية الوجه؛ لأنه سفور، يسفر عن جزء من الوجه، وأما النقاب فبقدر العين لا يخرج من البشرة ولا مليم واحد، ولا مليمتر، شيء يسير يخرج من البشرة هذا سفور، والنقاب بقدر العين، ولا نحتاج إلى تضعيف الرواية التي في الصحيح، يقول: "لكن نهاها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تنتقب أو تلبس التي القفازين". لا تنتقب المحرمة؛ لكن بعض الناس يقول: ما الحكم إذا لبست النقاب، ولبست فوقه غطاء، يغطي جميع الوجه، لبست نقاب ليخفف ما يقابل أو يحاذي العين لترى الطريق، لو غطت وجهها بغطاء متين لا يبرز شيئاً من وجهها، بما في ذلك العينان قال: ما ترى الطريق، فتلبس النقاب، وتخفف عن عينيها، وتلبس فوقه غطاء، خمار، ما الحكم؟ وهي محرمة؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، هو ما يرى منه ولا العيون، ما تشاف. طالب:. . . . . . . . . يعني كلبس الرجل للسروال تحت الإحرام، مثل لبس الرجل للسروال تحت الإحرام، فهو منهي عنه لذاته، وكذلك القفاز، لو قالت: تلبس قفازين وتسترهما بالعباءة، نقول: كذلك كلبس الرجل للسروال تحت الإزار.

"لكن نهاها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تنتقب وتلبس القفازين" والقفاز: هي جوارب لليدين بقدرها وتكون الأصابع مغطاة كالكف، وهناك قفازات بقدر الكف مع إخراج نصف الأصابع مثلاً، هذا موجود، قفاز يخرج نصف الإصبع، حكمه؟ هو قفاز على كل حال، لا يجوز لبسه للمحرمة، "والقفازان: غلاف يصنع لليد" يعني غطاء بقدرها "كما يفعله حملة البزاة" الذين يحملون الطيور، على أيديهم قفازات متينة لئلا تؤذيهم هذه الطيور بمخالبها. "ولو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالاتفاق" هذا ما فيه خلاف إذا كان ما يمس الوجه، "وإن كان يمسه فالصحيح أنه يجوز أيضاً" وفيه الخلاف المعروف، أنه يجوز أيضاً، وقد كانت أمهات المؤمنين يكشفن عن وجوههن حال الإحرام فإذا حاذين الرجال الأجانب أسدلت إحداهن جلبابها على وجهها كما جاء في الخبر الصحيح عن أسماء وغيرها، "ولا تكلف المرأة أن تجافي سترتها عن الوجه لا بعود ولا بيد ولا غير ذلك" ترون بعض الحجاج من الخليج يجافون الغطاء بشيء يبعد هذا الغطاء عن الوجه؛ ولكن المرأة لا تكلف بهذا، إذا وجب عليها ستر وجهها تستره ولو بملاصق، "فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- سوى بين وجهها ويديها وكلاهما كبدن الرجل لا كرأسه" بدن الرجل يستر، ممنوع الرجل من لبس الخف، لكن هل هو ممنوع من تغطية الرجلين بغير خف؟ لا، ليس بممنوع المرأة ممنوعة من لبس القفاز؛ لكن تغطي يديها بعباءتها، ممنوعة من لبس النقاب، وتغطي وجهها بخمارها، "وأزواجه -صلى الله عليه وسلم- كن يسدلن على وجوههن من غير مراعاة المجافاة، ولم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إحرام المرأة في وجهها" لكن لما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أن المرأة لا تنتقب فهم بعضهم أنها لا تغطي وجهها، وأن إحرامها في وجهها، كما أن الرجل إحرامه في رأسه وبدنه، لا يغطي رأسه، كما أن الرجل إحرامه في رأسه ووجهه، لا يغطي رأسه ولا وجهه.

"وإنما هذا قول بعض السلف" فهماً من منعها من الانتقاب، فقالوا: إن إحرامها في وجهها "لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهاها أن تنتقب أو تلبس القفازين، كما نهى المحرم أن يلبس القميص والخف، مع أنه يجوز له أن يستر يديه ورجليه باتفاق الأئمة". "والبرقع أقوى من النقاب، فلهذا ينهى عنه باتفاقهم" البرقع أقوى، لماذا؟ لأنه أكبر في فتحت العين، من النقاب، النقاب مجرد نقب تبين منه العين فقط، وأما البرقع فهو يخرج شيئاً من البشرة غير العين، وعلى كل حال هو سفور تمنع منه المحرمة وغير المحرمة، "فلهذا ينهى عنه باتفاقهم، ولهذا كانت المحرمة لا تلبس ما يصنع لستر الوجه كالبرقع ونحوه، فإنه كالنقاب" بل أشد منه كما تقدم.

"وليس للمحرم أن يلبس شيئاً مما نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه إلا لحاجة، كما أنه ليس للصائم أن يفطر إلا لحاجة، والحاجة مثل البرد الذي يخاف أن يمرضه إذا لم يغط رأسه، أو مثل مرض نزل به يحتاج معه إلى تغطية رأسه فيلبس قدر الحاجة، فإذا استغنى عنه نزع، وعليه أن يفتدي: إما بصيام ثلاثة أيام، وإما بنسك شاة، وإما بإطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من تمر أو شعير، أو مد من بر، وإن أطعمه خبزاً جاز، ويكون رطلين بالعراقي قريباً من نصف رطل بالدمشقي، وينبغي أن يكون مأدوماً وإن أطعمه مما يأكل: كالبقسماط والرقاق ونحو ذلك جاز، وهو أفضل من أن يعطيه قمحاً أو شعيراً، وكذلك في سائر الكفارات إذا أعطاه مما يقتات به مع أدمه فهو أفضل من أن يعطيه حباً مجرداً، إذا لم يكن عادتهم أن يطحنوا بأيديهم، ويخبزوا بأيديهم، والواجب في ذلك كله ما ذكره الله تعالى بقوله: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [(89) سورة المائدة] .. الآية، فأمر الله تعالى بإطعام المساكين من أوسط ما يطعم الناس أهليهم، وقد تنازع العلماء في ذلك هل ذلك مقدر بالشرع أو يرجع فيه إلى العرف، وكذلك تنازعوا في النفقة: نفقة الزوجة، والراجح في هذا كله أن يرجع فيه إلى العرف، فيطعم كل قوم مما يطعمون أهليهم، ولما كان كعب بن عجرة ونحوه يقتاتون التمر أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يطعم فرقاً من التمر بين ستة مساكين، والفرْق ستة عشر رطلاً بالبغدادي ... محرك فَرَق. والفَرَق ستة عشر رطلاً بالبغدادي، وهذه الفدية يجوز أن يخرجها إذا احتاج إلى فعل المحظور قبله وبعده، ويجوز أن يذبح النسك قبل أن يصل إلى مكة، ويصوم الأيام الثلاثة متتابعةً إن شاء، ومتفرقةً إن شاء، فإن كان له عذر أخر فعلها، وإلا عجل فعلها، وإذا لبس ثم لبس مراراً ولم يكن أدى الفدية أجزأته فدية واحدة في أظهر قولي العلماء".

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وليس للمحرم أن يلبس شيئاً مما نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه إلا لحاجة" محظورات الإحرام محرمات، كلها محرمات؛ لكن إن فعلها من غير حاجة أثم ولزمته الفدية، وإن فعلها محتاجاً لفعلها لزمته الفدية وارتفع عنه الإثم، والأصل في هذا كله حديث كعب بن عجرة أنه احتاج إلى حلق الشعر، فأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بحلقه مع الفدية، وفدية الأذى معروفة. يقول: "ليس للمحرم أن يلبس شيئاً مما نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه إلا لحاجة" كما أنه ليس للصائم أن يفطر إلا لحاجة، هل نقول في هذا حاجة أو ضرورة؟ هل يكفي هذا الحاجة أو الضرورة؟ طالب:. . . . . . . . . هو الأصل الضرورة؛ لأن هذه محرمات بالنص، وقد تنزل الحاجة الشديدة محل الضرورة، "والحاجة مثل البرد الذي يخاف أن يمرضه إذا لم يغط رأسه، أو مثل مرض نزل به يحتاج معه ... " هل من الحاجة ما اعتاده بعض الناس أنه لا ينام إلا وقد غطى وجهه، بعض الناس ما ينام لو يجلس الأيام ما نام حتى يغطي وجهه، على القول بأن الوجه لا يجوز تغطيته كما في رواية المحرم الذي مات: ((ولا تخمر رأسه ولا وجهه)) هل نقول: هذه حاجة؟ حاجة أن يغطي وجهه؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . هو يقول: ما أستطيع، لا سيما إذا كان هناك نور، كهرباء أو في نهار لا يستطيع. طالب:. . . . . . . . . يعني إن احتاج إلى هذا قلنا: يفدي فدية الأذى، ويغطي وجهه؛ لأن هذه حاجة، هذا إذا وصل به الأمر إلى أنه بالفعل لا ينام، أما إذا كان يتقلب يتقلب ثم ينام هذا عاده شيء ثاني؛ لأن بعض الناس يقلق من تأخر النوم فيظن هذه حاجة، يعني بعض الناس قد يتأخر في نومه ربع ساعة، نصف ساعة، ساعة، وهذه الساعة كالأيام في الطول، نعم، ما أطول ساعة الأرق! فمثل هذا إذا كان بالفعل لا ينام بالكلية حاجة، وإذا كان يتأخر نومه ثم ينام هذه ليست بحاجة. طالب:. . . . . . . . . ضرر. طالب: في نظر. والله ما تدري يا ابن الحلال. طالب: رغم أنفه سينام. ما تدري، ما تدري، ما جربت، احمد ربك على العافية، ما جربت، وإلا ناس قد جلسوا ثلاثة أيام ما ناموا. طالب:. . . . . . . . .

الشرع ما يأمر بهذا أبداً، لا يأمرهم بهذا الشرع. طالب:. . . . . . . . . يعني لو عصب عينيه اكتفى بذلك؟ نعم هذا حل، إذا كان يكفيه ذلك يعصب عينيه، كالتغميض. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، العينين فقط، لا، كما لو لبس نظارة شمسية تكفيه؛ لكن إذا خشي عليها أن تنكسر ينقلب عليها وتنكسر وهي مال؟ مسائل ما تنتهي عند حد. طالب:. . . . . . . . . المسائل لا تنتهي عند حد. طالب: أحسن الله إليكم الكمامات؟ الكمامة التي تغطي أكثر الوجه ممنوعة، إذا كان شيء يسير بقدر الأنف لا بأس. طالب:. . . . . . . . . ما فيها شيء، يعني ما تغطي شيء كبير من الوجه.

"أو مثل مرض نزل به يحتاج معه إلى تغطية رأسه فيلبس قدر الحاجة" مثل لو خشي من ضربة شمس وغلب على ظنه ذلك يغطي رأسه ويفدي، فيلبس قدر الحاجة، ما يقول: أنا أذن لي وفديت أستمر، يقول: الآن أذن لي وفديت فأستمر، لا، لا يستمر بقدر الحاجة، "فيلبس قدر الحاجة فإذا استغنى عنه نزع، وعليه أن يفتدي: إما بصيام ثلاثة أيام، وإما بنسك شاة، وإما بإطعام ستة مساكين لكل مسكين" .. إلى آخره، هذه فدية الأذى، وجاء التنصيص عليها بالقرآن على التخيير، وفي حديث كعب بن عجرة ما يدل على الترتيب ((أتستطيع أن تنسك شاة؟ )) قال: لا، قال: ((أطعم)) ثم قال: ((إن لم تستطع، فصم)) هذا يدل على الترتيب والآية فيها التخيير، فعامة أهل العلم على أنها على التخيير عملاً بما جاء في الآية، وأما بالنسبة لما جاء من الترتيب في الحديث فإنما هو للأفضل، يعني الأفضل أن ينسك شاة، إن تستطيع أن تنسك شاة فهي أفضل لك، لا تستطيع أطعم، لا تستطيع صم، "وعليه أن يفتدي إما بصيام ثلاثة أيام، وإما بنسك شاة، أو بإطعام ستة مساكين نصف صاع من تمر أو شعير أو مد من بر" يعني هذا مطرد عنده أن البر على النصف من التمر وغيره، "وإن أطعمه خبزاً جاز" لأن المسألة إطعام، إطعام ستة مساكين، ولا يلزم أن يكون تمراً أو شعيراً أو براً، ولو أطعمه طعاماً مصنوعاً جاهزاً للأكل وهذا أرفق بالمساكين، إن كانت حاجته قائمة الآن، وإن لم تكن الحاجة داعية الآن، فلا ًشك أن النيئ أرفق بهم وأفضل، "وإن أطعمه خبزاً جاز، ويكون رطلين بالعراقي قريباً من نصف رطل بالدمشقي، وينبغي أن يكون مأدوماً، وإن أطعمه" .. إلى آخره، ينبغي أن يكون مأدوماً، يعني إذا أطعمه نفر رز على اصطلاح الناس اليوم يجعل معه شيء من الإدام، وهم على ما ذكروا النفر يشتمل على ربع دجاجة مثلاً، وشيء من الإدام، لا شك أن هذا أكمل؛ لأنه قال: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [(89) سورة المائدة] هو لا يطعم أهله رزاً مجرداً أو خبزاً حافاً. طالب:. . . . . . . . . بدون حضرة الرجال نعم تكشف وإيش المانع؟ ولو غطته عند الحاجة إليه ما عليها شيء، كما لو غطى المحرم رجليه، الرجل. طالب:. . . . . . . . .

يجب أن تكشف؟ لا، لا ما يجب أن تكشف، مثل رجل الرجل كما لو غطى الرجل رجله ما عليه شيء مع أنه ممنوع من الخف. طالب:. . . . . . . . . إيش لون قلد؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، هذا على الاجتهاد ذا، هذا على الاجتهاد، وترجيح أحد الأقوال ما هو بتقليد. طالب:. . . . . . . . . لكن هذا رأيه، هذا الراجح عنده. "وينبغي أن يكون مأدوماً، وإن أطعمه مما يأكل كالبقسماط" إيش البقسماط هذا؟ طالب: فتات الخبز. فتات الخبز، مثل الذي يوضع الآن على السلطات، وعلى ... إيش تسمونه؟ فتوش. طالب:. . . . . . . . . هو فتوش يسمونه، لا في شيء يوضع على السلطة لونه بنفسجي، قريب من البقسماط، هذا هو؟ قطعاً ليس هو. طالب:. . . . . . . . . أو سُماق، تكاثرت الأسماء. طالب: ربما تكون هذه من واقعه من الذي كان موجوداً في وقته في الشام. يعني من واقعه، مما يعيشه. طالب: ويمكن قياس غيره عليه. معروف، إيه مثله، مثله قريب منه إذا كان مما يؤكل. خلونا نمشي يا إخوان ترون طويل ويحتاج إلى .... "والرقاق ونحو ذلك" الرقاق معروف أنه الخبز اللين جداً، "ونحو ذلك جاز، وهو أفضل من أن يعطيه قمحاً أو شعيراً"، هذا إذا كانت حاجته إلى الطعام حالة، أما إذا كانت مندفعة لا يحتاجه اليوم، وإنما يحتاجه غداً، فأعطاه من القمح والشعير، لا سيما إذا كان يباشر طحنه وعجنه وخبزه بيده فهو أفضل، وإلا فلا يكلف أن يذهب به إلى الطحان أو الخباز، وما أشبه ذلك.

"وهو أفضل من أن يعطيه قمحاً أو شعيراً، وكذلك في سائر الكفارات إذا أعطاه مما يقتات به مع أدمه فهو أفضل من أن يعطيه حباً مجرداً إذا لم يكن عادتهم أن يطحنوا بأيديهم ويخبزوا بأيديهم" والناس على وقت قريب عادتهم أن يطحنوا بأيديهم، ويخبزوا بأيديهم، "والواجب في ذلك كله ما ذكره الله تعالى بقوله: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [(89) سورة المائدة] .. الآية، يعني هذه الآية تدل على فدية الأذى الذي نحن فيها؟ لا، هذه في كفارة اليمين، حاجة الشيخ {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} من الآية فقط، وليست حاجته إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، لا، إنما الحاجة من سياق الآية عند الشيخ {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}. فأمر الله تعالى بإطعام المساكين من أوسط ما يطعم الناس أهليهم، "وقد تنازع العلماء في ذلك هل ذلك مقدر بالشرع أو يرجع فيه إلى العرف؟ وكذلك تنازعوا" يعني هل هذا مقدر بنصف صاع أو مد أو يرجع في هذا إلى العرف؟ العرف والعادة، الناس قبل ثلاثين أو أربعين أو خمسين سنة يأكل الرجل الواحد ما يأكله العشرة الآن لقلة الطعام، فهل نقول: أنه يكثر له، يزاد في طعام المسكين الواحد إلى حد عشرة أضعاف مما يؤكل الآن؟ حتى الفقراء الآن ما يأكلون مثل ما يأكلون في السابق، وذلك لوفرة المأكولات، وتنوع المأكولات أيضاً، وعلى كل حال المسألة ترد إلى العرف، والمنظور فيه إلى الوسط، لا المنهوم الأكول، ولا الشخص الذي مقتصد في أكله. طالب:. . . . . . . . . الله -جل وعلا- يقول: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [(89) سورة المائدة] ينظر فيه إلى الوسط، يعني ما تبحث من مثل النووي من المساكين وتعطيه مثل ما يأكل النووي كسرة خبز يابس في اليوم كله يأدمها بماء وملح، لا، لا، ولا تأتي إلى مثل علية القوم الذين يأكلون الأنواع الفاخرة، تنظر إلى الأوسط، المرد فيه إلى الوسط.

"وقد تنازع العلماء في ذلك هل ذلك مقدر بالشرع أو يرجع فيه إلى العرف؟ وكذلك تنازعوا في النفقة: نفقة الزوجة، والراجح في هذا كله أن يرجع فيه إلى العرف" لا شك أن الناس متفاوتون منهم الكريم الذي يبذل أكثر مما يطلب منه، ومنهم الشحيح الذي يظن بالواجب، ومنهم المتوسط، فيرجع في هذا إلى المتوسط، فإذا تنازعت الزوجة مع زوجها وأنه لا يعطيها ما يكفيها ينظر إلى الواقع فإن كان مساوياً لأوساط الناس يكفي، هذا إذا كانت من سطة الناس، أما إذا كانت من علية القوم فتعطى ما يناسبها، وإذا لم يعطيها ذلك لها أن تأخذ ما يكفيها ويكفي ولدها بالمعروف، مثل هذا لا بد من رده إلى العرف، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف)) يعني ما يتعارف عليه الناس من غير إسراف ولا تقتير، هذا بالنسبة للزوجة الوحدة، أما إذا كانت زوجات وتتفاوت مطالبهم، وهذه تحتاج إلى نوع كذا، وهذه تحتاج إلى كذا، وهذا غالي، وهذا رخيص تحتاج منه الكسوة الأولى مالا تحتاجه الثانية والعكس، مما يضطرب فيه الأمر، ولا يستطيع الضبط، الزوج لا يستطيع الضبط في مثل هذه الحالة؛ لأن الأولى يناسبها ثوب مثلاً بمائة ريال، والثانية الأخيرة تحتاج إلى ثوب يناسبها بأكثر من ذلك، والعكس في بعض الأمور، كالعدل بين الأولاد، فمثل هذا الأنفع ما يكون فيه أن تعطى النفقة دراهم ودنانير، تقسم بينهن بالسوية ويتصرفون، التي تحتاجه من هذا وتزيد فيه تنقصه من الثاني وهكذا، يعطيهم ما يكفيهم عادة، وهذا الذي تبرأ به الذمة بدقة، أما أن يأتي لهذه بكذا، ومرة يأتي لهذه بكذا، ومرة يطلب من كذا، ما ينضبط هذا، ولا تبرأ الذمة بمثل هذا، وهذا فيه صعوبة ضبطه، فيه صعوبة شاقة، وإذا أمن الطعام وأعطاهم ما يكفيهم لمدة شهر، هؤلاء يكفيهم نصف ما يكفي أولئك؛ لأن عددهم أقل، هذا أيضاً يكفيه بالنسبة للطعام، أما بالنسبة للكسوة وغيرها من الأمور الكمالية فيصعب ضبطها.

"فيطعم كل قوم مما يطعمون أهليهم، ولما كان كعب بن عجرة ونحوه يقتاتون التمر" يعني في ذلك الوقت طعامهم التمر "أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يطعم فرقاً من التمر بين ستة مساكين، والفرق ستة عشر رطلاً بالبغدادي، وهذه الفدية يجوز أن يخرجها إذا احتاج إلى فعل المحظور قبله أو بعده" يجوز؛ لأن القاعدة أن ما له سبب وجوب ووقت وجوب لا يجوز قبل سبب الوجوب، ويجوز بعد وقت الوجوب، ويجوز أيضاً الخلاف فيما بينهما؛ لكن الراجح جوازه، يعني لو أخرج كفارة يمين قبل أن يبرم أو يعقد اليمين، ما يجوز، ولو أخرجها بعد الحنث جاز اتفاقاً، وبينهما محل الخلاف والصواب الجواز؛ لأنه جاء في حديث: ((والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير ثم كفرت عن يمني)) وجاء: ((كفرت عن يمني، وأتيت الذي هو خير)) هنا يجوز أن يخرجها إذا احتاج إلى فعل المحظور قبله وبعده، ينطبق على القاعدة وإلا ما ينطبق؟ سبب الوجوب الإحرام، ووقت الوجوب ارتكاب المحظور، فيجوز قبل ارتكاب المحظور وبعده، هذه القاعدة، "ويجوز أن يذبح النسك قبل أن يصل إلى مكة" لأن هذا ليس بهدي وإنما هو فدية مرتبطة بالمخالفة، وليست مرتبطة ببلوغ الهدي محله في وقته. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . سبب الوجوب يقول: الحاجة. طالب:. . . . . . . . . لا هم يربطونه بالإحرام، الإحرام هو الذي منع هذه المحظورات. طالب:. . . . . . . . . إيه يحتاجه محرماً، إذا احتاجه محرماً. طالب: أنا احتجت لكن ما فعلت. . . . . . . . . يعني مثل اليمين؟ طالب: حلف ثم احتاج إلى أن يحنث سبب الوجوب اليمن وليس أنه لم يحتاج. لا هم يقولون: سبب الوجوب الإحرام، يعني وجوب المنع سببه الإحرام. "ويجوز أن يذبح النسك قبل أن يصل إلى مكة" لأنه لا ارتباط له بالنسك إنما ارتباطه بالمحظور "ويصوم الأيام الثلاثة متتابعةً إن شاء ومتفرقةً إن شاء" لأنه لم يرد فيها قيد، هي مطلقة، "فإن كان له عذر أخر فعلها وإلا عجل فعلها" إن كان له عذر أخرها إلى أن ينتهي هذا العذر، وإلا فالأصل التعجيل لإبراء ذمته وخروجه من العهدة.

"وإذا لبس ثم لبس مراراً، ولم يكن أدى الفدية أجزأته فدية واحدة في أظهر قولي العلماء"، يعني إذا تكرر المحظور من جنس واحد، المحظور تكرر من جنس واحد واحتاج إليه فعل المحظور مراراً، فإن كان كفر عن الفعل الأول يلزمه كفارة ثانية، وإن لم يكفر عن الأول تداخلت الكفارات، وهذا إذا كانت الأسباب واحدة محظور واحد، أما إذا تعددت الأسباب، لبس مخيط، وحلق رأسه، نعم كفارة واحدة إلا كفارتين؟ كفارتين، كالبواعث على الأيمان المختلفة، طيب لبس المخيط على بدنه وغطى رأسه، كفارة واحدة وإلا كفارتين؟ يعني هل تغطية الرأس من جنس تغطية البدن بالمخيط، أو هذا محظور وهذا محظور؟ هذا نص عليه، وهذا نص عليه؟. طالب:. . . . . . . . . تغطية البدن ولذا يلزمه كفارتان. طالب:. . . . . . . . . يعني يجب الترتيب؟ لا، إحنا شيء أوضح من هذا نقول: أن الواو بمعنى أو، بدليل الحديث، حتى روايات الحديث لم تتفق على الترتيب. طالب: لا يشترط في الفدية. . . . . . . . . فدية الأذى؟ طالب: إخراجها مالاً. لا، لا، ما يكفي، لا، لا. طالب: طيب التفريق بين الذي يكمن تعويضه وبين ما لا يمكن .. ما فيه إتلاف؟ طالب:. . . . . . . . . هذا ما له أصل. طالب:. . . . . . . . . أعظم الإتلاف فيما يتعلق بالإحرام الصيد، الله -جل وعلا- يقول: {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا} [(95) سورة المائدة] فدل على أن غير المتعمد معذور فيما فيه إتلاف، وفيما لا إتلاف فيه. طالب:. . . . . . . . . هذه مسألة كبرى يدخل فيها كفارة قتل العمد، وكفارة اليمين الغموس، هل نقول: إنه إذا فعل المحظور من غير حاجة، المحظور أعظم من أن يكفر كقتل العمد ما فيه كفارة، وكاليمين الغموس ما فيها كفارة، أو نقول: إذا أمر المعذور فلن يؤمر غيره من باب أولى، كما يقول عامة أهل العلم؟ المسألة مرتبطة بمسائل كثيرة، لها فروع ممتدة. طالب:. . . . . . . . . ناسياً لا، لا. طالب: طيب حلق رأسه ناسياً. ما عليه شيء معذور. طالب:. . . . . . . . . ولذلك في الصيد الذي هو أعظم المحظورات التي فيها إتلاف قال: {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا} نعم.

"فصل في التلبية: فإذا أحرم لبى بتلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)) وإن زاد على ذلك: "لبيك ذا المعارج" أو "لبيك وسعديك" ونحو ذلك جاز كما كان الصحابة يزيدون ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمعهم فلم ينههم وكان هو يداوم على تلبيته، ويلبي من حين يحرم سواء ركب دابة أو لم يركبها، وإن أحرم بعد ذلك جاز، والتلبية هي: إجابة دعوة الله تعالى لخلقه حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليله إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-، والملبي هو المستسلم المنقاد لغيره، كما ينقاد الذي لبب، وأخذ بلبته، والمعنى: أنا مجيبوك لدعوتك، مستسلمون لحكمتك، مطيعون لأمرك مرة بعد مرة، لا نزال على ذلك؛ والتلبية شعار الحج فأفضل الحج العج والثج، فالعج: رفع الصوت بالتلبية، والثج إراقة دماء الهدي، ولهذا يستحب رفع الصوت بها للرجل بحيث لا يجهد نفسه، والمرأة ترفع صوتها بحيث تسمع رفيقتها، ويستحب الإكثار منها عند اختلاف الأحوال مثل أدبار الصلوات، ومثل ما إذا صعد نشزاً، أو هبط وادياً، أو سمع ملبياً، أو أقبل الليل والنهار، أو التقت الرفاق، وكذلك إذا فعل ما نهي عنه، وقد روي: أنه من لبى حتى تغرب الشمس فقد أمسى مغفوراً له، وإن دعا عقيب التلبية؛ وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من سخطه والنار فحسن".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "فصل: فإذا أحرم" يعني نوى الدخول بالنسك، لبى بتلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وقد كان -عليه الصلاة والسلام- يقتصر على قوله: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)) وكان الصحابة يزيدون مما لا محظور فيه، النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل بالتوحيد، لبى بالتوحيد، لا شريك لك، وخلافاً للمشركين الذين يشركون في تلبيتهم فيزيدون: "إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك" فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لبى بالتوحيد، ومع الأسف أن كثير ممن كتب في رحلات الحج ممن كتب رحلة في حجته، أكثر الرحلات الموجودة لا أقول: الكل، أكثر الرحلات الموجودة التي كتبت في حج بيت الله الحرام مشتملة على ما ينقض التلبية، فتجد كثيراً منهم همهم المزارات والأضرحة والبقاع والتوسل والتبرك، ويأخذ هذا حيز كبير من هذه الرحلات، فالرحالون في الجملة هم من الأدباء، وعندهم مخالفات عقدية، وتجدهم يكثرون من التردد على هذه الأماكن ليصفوها، ليشدوا القارئ والسامع، ويأتوا بشيء جديد، أما إذا اقتصروا على المشاعر المعروفة ما جاءوا بجديد، فلا يشدون القارئ، هذا من وجهة نظرهم، وهم أيضاً قد أشربت البدعة قلوبهم، ثم بعد ذلك يكتبون الشرك الأكبر، يعني من قرأ في رحلة ابن بطوطة مثلاً وجد فيها الشرك الأكبر المخرج عن الملة، الاعتقاد في الأولياء والأضرحة، وطلب قضاء الحوائج منهم، واعتقاد أنهم يصرفون الكون، وما أشبه ذلك، كلام كثير جداً لهم، وغيره من الرحالين على هذا المنوال، وإن لم يصلوا إلى حد الشرك الأكبر، بعضهم يقصر دونه لكن البدع موجودة، وفي شريط اسمه رحلات العلماء في الحج بينت فيه بعض هذه الأشياء، وشرحت ما وقع في بعض الرحلات على سبيل الاختصار؛ لأن الوقت ما أسعف، وإلا فالرحلات مملوءة من هذا النوع، مستعد يجلس أسبوع ليطلع على جبل فيه قبر، أو يزور شخص مبتدع مغرق في بدعته ويتبرك به، ويطلب منه الحوائج، والمقصود أن مثل هذه الأمور موجودة، وهي خلاف ما أهل به النبي -صلى الله عليه وسلم-، وذكرت في الشريط أن أكثر من يكتب هذه الرحلات من الأدباء؛ لأنهم هم الذين يشدون القارئ، أما العالم إذا

كتب رحلة فهي في حقيقتها منسك، يسميها رحلة، يكتب منسك ويسميها رحلة، مثل رحلة الصديق إلى البيت العتيق، ومثله وغيره كثير من الرحلات، فمثل هذه الرحلات التي هي مسائل علمية قوية متينة ما تشد القارئ لكن إذا كتبها أديب محقق ما عنده شيء من البدع هذه حقيقة غاية يجمع فيها بين العلم وبين الطرفة، ونظير ذلك ما كتبه الشيخ: علي الطنطاوي في ذكرياته، عالم، الرحلة مملوءة بالعلم، ومسائل العلم في فنونه وفروعه، ومع ذلك يصوغها بصياغة أدبية رائعة، فإذا وجد مثل هذا نور على نور، وإلا إذا لم يوجد فلا حاجة لنا بما فيه شرك، لا حاجة لنا بما يشتمل على ما ينقض أصل الأصول التوحيد، والله المستعان. طالب:. . . . . . . . . رحلات العلماء في الحج. "وإن زاد على ذلك: لبيك ذا المعارج، أو لبيك وسعديك ونحو ذلك جاز، كما كان الصحابة يزيدون ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمعهم فلم ينههم، وكان هو يداوم على تلبيته ويلبي" متى تبدأ التلبية؟ يلبي من حين يحرم سواء ركب دابة أو لم يركبها، ولذا الصحابة نقلوا عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لبى حينما فرغ من الصلاة مباشرة، ونقلوا عنه أنه أهل بالبيداء، وأنه لبى حين ركب دابته، ولا اختلاف بين هذه الروايات وهذه الأحاديث؛ لأنه لبى في المواضع كلها فمن سمعه بعد فراغه من صلاته، قال: لبى حين صلى، وعقد الإحرام، ومن قال: إنه لبى حينما استوى على دابته إنما رآه في هذا ولم يره قبل ذلك، وقل مثل هذا في بقية الروايات، "ويلبي من حين يحرم سواءً ركب دابة، وإن لم يركبها، وإن أحرم بعد ذلك جاز" يعني قدم التلبية على الإحرام، قال: "وإن أحرم بعد ذلك جاز" يعني بعد التلبية، والأصل أن التلبية بعد عقد نية الإحرام.

طيب مقتضى هذا إن أحرم بعد ذلك جاز، أن التلبية تشرع للحلال، يعني قبل أن يحرم، يعني هل للإنسان أن يلبي الآن يقول: لبيك اللهم لبيك، وهو حلال، أو هي خاصة بالمحرم؟ يعني جاء في الحديث: ((لبيك إن العيش عيش الآخرة)) لكن على الصيغة المعروفة في هذه العبادة الخاصة لا تشرع إلا للمحرم؛ لكن مقتضى قوله -رحمه الله-: "وإن أحرم بعد ذلك جاز" أن الحلال يلبي لأنه لم يدخل في النسك بعد؛ لكن لقربها من الإحرام نزلت منزلة ما يفعله المحرم. طالب:. . . . . . . . . لقربها منه، في حكم المحرم هو، يعني تجرد واغتسل ما بقي عليه إلا أن يعقد النية، قال: لبيك اللهم لبيك لبيك عمرة، يعني لو اقتصر على لبيك في موضع مناسب له، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: ((لبيك إن العيش عيش الآخرة)) الأمر فيه سعة. طالب:. . . . . . . . . هي خاصة بهذه العبادة بهذه الصيغة التامة خاصة بهذه العبادة، "وإن أحرم بعد ذلك جاز، والتلبية هي إجابة دعوة الله تعالى لخلقه حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-" - {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [(27) سورة الحج] وقد حصلت الإجابة فمنذ أن صدرت تلك الدعوة إلى يومنا هذا، والبيت معمور، فأجاب كل من أجاب وهو في صلب أبيه، أجاب الناس إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- لما أذن في الناس بالحج، وعلى جبل أبي قبيص، أو على الصفاء أو على مقامه على خلاف بين أهل العلم في هذا أجاب الناس حتى في أصلاب الرجال. طالب:. . . . . . . . . وين؟ يعني يدخل في النسك. طالب:. . . . . . . . . النية، النية، لا، النية، الإحرام نية الدخول في النسك، يعني يسميها الناس، عامة الناس يسمون لبس الإحرام أحرم، خلاص انتهى، هذا ما هو بصواب، له أن يخلعه إذا لم ينو الدخول. طالب:. . . . . . . . .

إيه يجوز، لكنه ما هو الأصل، "إجابة دعوة الله تعالى لخلقه حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليله إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-، والملبي هو المستسلم المنقاد لغيره، كما ينقاد الذي لبب، وأخذ بلبته، والمعنى: أنا مجيبوك لدعوتك؛ مستسلمون لحكمتك، مطيعون لأمرك، مرة بعد مرة" يعني لبيك تثنية لبى، من لب بالمكان أي أقام به، يعني نحن مقيم على طاعتك، وإجابة دعوتك مرة بعد أخرى، وسعديك كذلك، إسعاداً بعد إسعاد، أو سعادة بعد سعادة كما يقول بعضهم بإجابة دعوة الله -جل وعلا-، "لا نزال على ذلك، والتلبية شعار الحج الظاهر، فأفضل الحج العج والثج فالعج: رفع الصوت بالتلبية، والثج إراقة دماء الهدي" فيقال مثل هذا يعني هل هو أفضل على الإطلاق؟ العج والتلبية أفضل من الوقوف بعرفة؟ والحج عرفة؟ طالب:. . . . . . . . . طيب الثج أفضل الأعمال؟ أفضل من طواف الإفاضة؟ طالب:. . . . . . . . . لا، شوف أفضل الحج. طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، شوف أفضل الحج جوابه: العج والثج، أفضل الحج؛ لكن لما كان الناس بصدد أن يتساهلوا في هذين الأمرين فتجد كثير من الناس لا يكلف نفسه في التلبية، ولا يلبي إلا شيئاً يسيراً، وكثيراً منهم يتكاسل، وكثير من الناس يقول: أحج مفرداً لئلا يلزمني هدي، ولا أهدي للبيت مسنون، ولا أفعل، لماذا أكلف نفسي؟ مثل هذا إذا كان بصدد الترك يرفع من شأنه، فقيل: أفضل؛ لأنه كأنه النبي -عليه الصلاة والسلام- لحظ على بعض الناس أنه يتساهل في أمر التلبية، أو يتساهل في أمر الهدي، فقال: ((أفضل الحج العج والثج)) فالعج رفع الصوت بالتلبية، هذا معروف، كثير من الناس محروم ما يفتح فمه لينطق بالتلبية، فالتلبية هنا في مقام أفضل شيء حتى من قراءة القرآن؛ لأن بعض الناس وهو في طريقه يقول: أنا أقرأ قرآن أفضل، نقول: التلبية في هذا الموضع أفضل، "والثج إراقة دماء الهدي، ولهذا يستحب رفع الصوت بها للرجل بحيث لا يجهد نفسه" يعني جاء عن الصحابة أنهم يرفعون أصواتهم بها حتى تبح أصواتهم، وهنا الشيخ يقول: "بحيث لا يجهد نفسه" لأن الإجهاد طريق إلى الترك، فإذا كان هذا الإجهاد ينشأ عنه الترك لا شك أنه ليس بمطلوب، وإلا فالأصل رفع الصوت، "والمرأة ترفع صوتها بحيث تسمع رفيقتها" صوت المرأة والكلام فيه كثير لا سيما عند المتأخرين، هل هو عورة أو ليس بعورة؟ طالب:. . . . . . . . . المسألة خلافية؛ لكن الذي يقول: صوت المرأة عورة يستدل بمثل هذا، لماذا لا ترفع صوتها بالتلبية؟ لماذا لا تجهر بالقراءة؟ لماذا لا تفعل؟ لماذا تصفق ولا تسبح في الصلاة؟ كل هذه النصوص تدل على أن صوتها عورة، ويستثنى من ذلك ما يحتاج إليه كما كان في مسائل البيع والشراء وغيرها عند الحاجة، إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

ومنهم من يقول: ليس بعورة ما دام يسمعها الرجال تبيع وتشتري وتروي الحديث، وتتلقى الأحاديث ليس بعورة، ومعروف رأي المشايخ في هذه المسألة، كآراء العلماء، والخلاف مبسوط، ولا شك أن الاحتياط للمرأة ألا ترى الرجال ولا يرونها، ولا تسمع كلامهم ولا يسمعون كلامها، هذا إن تيسر معها، ومع الأسف الشديد تسمع الآن المرأة لا تختلف بشيء عن الرجل، تجد المرأة نصبت نفسها للدعوة، وعرفت بذلك، وشهرت بذلك، ونفع الله بها نفعاً عظيماً، ومع ذلك إذا داخلت في إذاعة أو في قناة وما أشبه ذلك رفعت صوتها أكثر من الرجال، هل هذا هو اللائق بالنساء؟ لا، والله هذه ليس هو اللائق بالنساء، فالنساء ليس لهن هذا الأمر، وإنما هو للرجال، الرجال يرفعون أصواتهم، والنساء يخفضن أصواتهن، لا شك أن هذا تشبه، وهذه يخشى أن تكون مترجلة، أو رجلة من النساء. طالب:. . . . . . . . . نعم، نعم بلا شك، الرجل هو الذي الآن يستحي من مصادمة المرأة، وعندها استعداد وعندها أدنى استعداد أن تحيد يمنية ويسرة، والله المستعان. طالب:. . . . . . . . .

هي لا ترفع صوتها لا هنا، ولا تقول: سبحان الله في الصلاة، الاحتياط للمرأة جاءت به النصوص المتضافرة وهذه سمة في شريعتنا، المرأة ليس لها ما للرجال، وأعفيت من كثير من الواجبات؛ لأنها امرأة، "ويستحب الإكثار منها -يعني من التلبية- عند اختلاف الأحوال" وسبق أن الشيخ -رحمه الله- نضر التلبية بتكبيرات الانتقال يعني إذا انتقل من حال إلى حال يكبر، وهنا إذا اختلفت الأحوال لبى، "عند اختلاف الأحوال مثل أدبار الصلوات، ومثل ما إذا صعد نشزاً، أو هبط وادياً أو سمع ملبياً" يعني يذكره، فلا يحسن بالمسلم أن يسمع من يذكره بشيء ولا يذكره، كمن سمع من يذكر الله -جل وعلا- يذكره، من سمع من يذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي عليه، وهكذا، لا تكون الغفلة ديدنه، وتكون سمته الترك ولو ذكر، "أو سمع ملبياً أو أقبل الليل والنهار" هذا من اختلاف الأحوال، "أو التقت الرفاق" افترقوا في الطريق ثم التقوا، "وكذلك إذا فعل ما نهي عنه لتكون كفارة" لأن الذكر حسنة والحسنات يذهب السيئات، "وقد روي أنه من لبى حتى تغرب الشمس فقد أمسى مغفوراً له" في المسند وفي سنن ابن ماجة من حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من محرم يضحى لله يومه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت بذنوبه فعاد كما ولدته أمه)) وهذا في إسناده عاصم بن عمر بن حفص بن عاصم، وشيخه عاصم بن عبيد الله بن عمه، وهما ضعيفان، على كل حال الخبر فيه ضعف، ولذا قال الشيخ: "وقد روي". "وإن دعا عقيب التلبية؛ وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من سخطه والنار فحسن"، وهذا مأثور عن بعض الصحابة، نقف عند هذا في أسئلة؟ طالب:. . . . . . . . . لا، الأصل اتباع الاصطلاح هذا الأصل، ممن يعرف، وإلا تجد من الفقهاء من يقول: روي وهو في الصحيحين، ويقول: أخرجاه، أو متفق عليه بعد ذلك، فهؤلاء ليسوا من أهل الشأن، ومنهم من يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو موضوع، لكن العبرة بأهل المعرفة. طالب:. . . . . . . . . إذا لبس كامل هو؟ فديتين.

هذا يقول: هل يلزم الحجج من الرجال والنساء زيارة المسجد النبوي؟ وما قولكم بمن يلزمون الحجاج بزيارة بعض المساجد؟ لا، لا يلزم زيارة المسجد النبوي، وإنما لو زاره لكان حسناً؛ لأنه إنما تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد، وهو منها، وأما غيرها من المساجد فلا تشد الرحال إليها، ولا تشرع زيارتها. هذه من مصر تقول: كيف يكون الحجاب بالنسبة للمحرمة؟ فالبعض يكشفه كله لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تنتقب المرأة)) والبعض الآخر بعكس ذلك، نرجو بيان هذا الأمر لأهميته، وكثرة الجهل في مثل هذا؟ على كل حال إذا لم تكن بحضرة الرجال الأجانب تكشف كما لو كانت في بيتها، وإذا كانت في حضرة الرجال الأجانب لا بد من تغطيته، لا بد من تغطيته بأي غطاء غير ممنوع كالنقاب إنما تغطيه بما يستره. ما حكم الأضحية؟ الأضحية عند عامة أهل العلم جماهير أهل العلم سنة مؤكدة، وقيل بوجوبها. الوكيل في ذبح الأضحية هل له أن يأخذ من شعره وأظفاره؟ له ذلك؛ لأنه لم يضحِ. وإذا كان والدي يضحي عنا هل فقط هو يمسك عن أظفاره وشعره أم أنه يجب على الجميع من يضحى عنه أن يمسك كذلك؟ المسألة خلافية عند أهل العلم، والأحوط الإمساك؛ لأن من ضُحي عنه فقد ضحى، كما أن من حُج به فقد حج. يقول: ما هو أفضل كتاب يذكر فيه الفروق بين حرم مكة وحرم المدينة أفيدونا؟ تواريخ مكة وتواريخ المدينة ذكرت فيها هذه الفروق. بعض العلماء يجيزون ذهاب المرأة في الحج بدون محرم مع الرفقة من بنات جنسها، فما قولكم؟ لا يجوز للمرأة أن تحج بلا محرم، وهو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد، ولا يكفي في ذلك رفقة من النساء، ولا أمن الفتنة ولا غير ذلك، إنما لا بد من محرم، وإذا لم يوجد المحرم لم يتجه الوجوب بالنسبة لها. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، لا تستطرد، الله يهديك. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، أولاً: المعتمد أنها ليست بواجبة، وننفك من هذا الإيراد.

شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (5)

شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (5) محظورات الإحرام الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تفضل اقرأ: الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. قال شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله تعالى-: "فصل: ومما ينهى عنه المحرم أن يتطيب بعد الإحرام في بدنه أو ثيابه، أو يتعمد لشم الطيب". نعم من محظورات الإحرام الطيب، وقول الشيخ -رحمه الله-: "ومما ينهى عنه المحرم أن يتطيب بعد الإحرام" أما قبل الإحرام فقد قالت عائشة -رضي الله عنها-: "كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه" يعني قبل أن يحرم، ويرى وبيص المسك في مفرقه -عليه الصلاة والسلام-، أما بعد الإحرام فهو من المحظورات، فقد أمر -عليه الصلاة والسلام- بغسل الطيب. "في بدنه أو ثيابه" يستوي ذلك التطيب سواءً كان في بدنه أو ثيابه، "أو يتعمد لشم الطيب" لأنه كالتطيب حكماً لأنه ترفه، وفي البخاري عن ابن عباس قال ابن عباس: "المحرم يشم الريحان" فالشم ليس بمعنى الطيب لأنه لا حقيقة له ولا جرم له، وإن أشبهه في الرائحة؛ لكن مع ذلك الورع تركه. "وأما الدهن في رأسه أو بدنه بالزيت والسمن ونحوه، إذا لم يكن فيه طيب ففيه نزاع مشهور وتركه أولى". لا شك أن ترك الترفه أولى، لكن مثل هذه الأمور مباحة وليست ممنوعة؛ لكن الترفه ينبغي أن يترك في هذه المدة اليسيرة التي هي مدة الإحرام. طالب:. . . . . . . . . يدخن؟ ارتكب محرم؛ لكن لا ارتباط له بالحج. طالب:. . . . . . . . . هذا ما له ارتباط بالحج، نعم. طالب:. . . . . . . . . لا ما هو من محظورات الحج، هذا من محظور في الحج وغيره كسائر المعاصي، يأثم ولا ارتباط له بالحج، وإن كان إثمه حال الإحرام أشد. طالب:. . . . . . . . . رائحة إيش؟ طالب:. . . . . . . . . لا، ما لها أثر.

"ولا يقلم أظفاره، ولا يقطع شعره، وله أن يحك بدنه إذا حكه، ويحتجم في رأسه وغير رأسه، وإن احتاج أن يحلق شعراً لذلك جاز، فإنه قد ثبت في الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم في وسط رأسه، وهو محرم، ولا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر، وكذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره، وإن تيقن أنه انقطع بالغسل، ويفتصد إذا احتاج إلى ذلك، وله أن يغتسل من الجنابة بالاتفاق، وكذلك لغير الجنابة". نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ولا يقلم أظفاره" يعني من محظورات الإحرام تقليم الأظفار، وحلق الشعر كلها من المحظورات كالطيب كما تقدم، فليس له أن يقلم أظفاره، ولا يحلق شعره، فإذا حلق شعره ففيه الفدية، كما في حديث كعب بن عجرة إن احتاج إلى ذلك فالفدية فقط بلا إثم، وإن لم يحتج فالفدية مع الإثم، وإذا قلم أظفاره فكذلك قياساً على حلق الشعر عند الجمهور. "وله أن يحك بدنه" إذا احتاج إلى ذلك، "ويحتجم" وإن تطلبت الحجامة حلق شيء من الشعر، يعني إذا كان موضع الحجامة فيه شعر لا مانع من حلقه، فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم في رأسه وهو محرم، ويستحيل أن يحتجم الإنسان في رأسه، ولا يحلق شعره، اللهم إلا إذا كان أصلع لا شعر فيه، وإلا فالحجامة ما تمسك مع الشعر، آلات الحجامة لا تمسك مع الشعر، لا بد من حلقه. طالب: الفدية يا شيخ؟ لا ما ذكر فدية ما في شيء. طالب:. . . . . . . . . نعم، لا، لا، موضع الحاجة، يحلق موضع الحاجة. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، حتى بعضه، يستثنى من ذلك ما يحتاج إلى الحجامة، "ولا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر، وكذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره" يعني إذا حك بدنه أو اغتسل وسقط شيء فهذا لا يضر لأنه غير مقصود، وفي الغالب أن الذي يسقط بسهولة يكون ميت ليس له حكم الشعر الحي. يقول: "لم يضره، وإن تيقن أنه قطع بالغسل" يعني تيقن أن هذا الشعر انقطع وسقط بسبب الغسل والدلك؛ لكن يخفف الدلك، ويخفف الحك بقدر الإمكان؛ لئلا يسقط شيء من ذلك؛ لأنه ممنوع أن يأخذ من شعره شيئاً. طالب:. . . . . . . . .

عند النص، لا أكثر ولا أقل، وإلا فالأصل الذي يمنع حلق بعض الشعر ويلزم فيه الفدية تلزم الفدية لأنه حاجة ترفع الإثم، ولا ترفع الفدية كما في حديث كعب بن جعرة، وهو جارٍ على من يقول: أن الفدية في حلق الشعر كله، هذا ما عنده إشكال؛ لكن الذي يقول: الذي يحلق ثلاث شعرات فأكثر تلزمه الفدية، هذا من باب أولى إذا حلق للحجامة، اللهم إلا أن النص ورد هكذا. طالب:. . . . . . . . . ما في. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، هذا مما توافر الدواعي على نقله، هذا متعلق به -عليه الصلاة والسلام-، ومحل بيان، لا بد من بيانه. يقول: مسألة نحوية في قوله: "وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره" الراء تضبط بأي شيء؟ طالب:. . . . . . . . . هي الأصل أنها ساكنة، الراء الأولى ساكنة بلا إشكال؛ على الأصل؛ لأن الحرف المضعف عبارة عن حرفين أولهما ساكن. طالب:. . . . . . . . . محله السكون، الجزم، محله الجزم؛ لكن لا بد من تحريكه؛ لئلا يتوالى ساكنان، فهل يحرك بالفتحة أو يحرك بالضمة؟ طالب:. . . . . . . . . الآن لو جئت بالأمر الذي يبنى على ما يجزم به مضارعه، إذا أردت أن تأمر أحداً بأن يضر غيره ماذا تقول له؟ ضُرُه وإلا ضُرَه؟ طالب: ضُرَه. هذا استرواح وميل وإلا رجوع إلى أصل وقاعدة؟ طالب:. . . . . . . . . ومثل هذا لم يضره، رُفع المضارع مع أنه مجزوم، والأمر يبنى على ما يجزم به مضارعه، مثله بالضبط، يعني إن قلت: لم يضرُه يلزمك أن تقول: ضرُه، وإن قلت: لم يضرَه قلت: ضرَه، النووي -رحمه الله- نص على أنه يتعين فيه الضم، لماذا؟ لأن الذي يليه مضموم فقط، ولذلك لو كان مفتوحاً لم يضرها مثلاً لو كان مسنداً إلى أنثى قال بالفتح، والذي يظهر أنه لا فرق هنا بين المذكر والمؤنث؛ لأن الضم يلغي العامل، والفتح لما لم يتيسر السكون الذي هو محل الإعراب هنا، السكون لأنه مجزوم، إذا لم يتيسر كما لو كان في التقاء الساكنين مثلاً في التقاء الساكنين يكسر الفعل المضارع لالتقاء الساكنين، (تفسحوا - يفسح الله) (يرفع الله) يكسر، خروجاً من التقاء الساكنين، لماذا لم يرفع؟ يرفعُ اللهُ؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، ما هو بأخف، يصير خلط في الإعراب، يصير خلط ما تدري إيش المرفوع من المنصوب من المجرور من المجزوم؟ إذا رفعت؛ لأن الرفع من علامات المضارع، فإذا رفعت فكأن العامل لم يؤثر شيء، فإذا كسرت في حال التقاء الساكنين عرفت أن العامل أثر؛ لكن أين أثره؟ أثره ممتنع، كما هنا أثره ممتنع فيلجأ إلى غير الإعراب الأصلي قبل دخول لم، ويظهر جلياً في الأمر، ما أحد يقول: ضُرُه، إنما يقال: ضرَه. "ولا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب، ولا يصطاد صيداً برياً، ولا يتملكه بشراء ولا اتهاب، ولا غير ذلك، ولا يعين على صيد، ولا يذبح صيداً، فأما صيد البحر كالسمك ونحوه فله أن يصطاده ويأكله". هنا يقول: "وله أن يغتسل من الجنابة بالاتفاق، وكذا لغير الجنابة" يعني ولو للتبرد، له أن يغتسل ويتنظف بغير الطيب، بغير ما فيه طيب، وله أن يغير إحرامه -لباس الإحرام- متى شاء. ومن المحظورات النكاح: "لا ينكح المحرم" يعني لا يتزوج، ولا يعقد، ولا يطأ، "ولا ينكح" يعني ولا يزوج غيره بحيث يتولى عقد، "ولا يخطب" فالنبي -عليه الصلاة والسلام- تزوج ميمونة وهو حلال، هذا ثابت من حديثها وحديث أبي رافع، وإن جاء من حديث ابن عباس أنه تزوجها وهو محرم، فهي أعلم بشأنها وقصتها وما يخصها، فمحظورات الإحرام: النكاح، والخطبة، كل هذا سداً لباب ما يتعلق بالجماع ودواعيه. "ولا يصطاد صيداً برياً" قد جاء التنصيص على الصيد في نصوص الكتاب والسنة، "ولا يتملكه بشراء ولا اتهاب ولا غير ذلك" بل إذا ملكه عليه أن يرسله، عليه أن يطلقه، سواءً ملكه بشراء أو اتهاب أو إرث أو غير ذلك، يعني في الحرم، وهذا خاص بالصيد، وأما لو تملك صيداً خارج الحرم في بلده أو ورثه أو وهب له فلا مانع من ذلك؛ لأنه ليس من صيد الحرم، "ولا يعين على صيد" والأحاديث الصحيحة أبو قتادة لما رأى حمار الوحش التفت إلى قومه ليعينوه فلم يعنه منهم أحد، فحمل عليه فقتله. "ولا يعين على صيد، ولا يذبح صيداً" يعني لا يتولى ذبحاً لغيره، لو جاء أحد وهو حلال وخارج الحرم وقال: أنا عندي هذا حمار الوحش أو غزال أو ما أشبه ذلك، أو شيء من الطيور، قال: اذبحه لي، أنا لا أحسن الذبح، وهو محرم لا يجوز له أن يذبح.

"ولا يذبح صيداً، أما صيد البحر كالسمك ونحوه فله أن يصطاده ويأكله" لأن صيد البحر مباح {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [(96) سورة المائدة] "وله أن يقطع الشجر" إذا كان محرماً له أن يقطع الشجر والشجر إذا كان خارج الحرم، أما الشجر داخل الحرم فليس له وليس لغيره من الحلال أن يقطع هذا الشجر، فالشجر متعلق بالحرم لا بالإحرام، يعني تعلق الشجر بالحرم لا بالإحرام، كما أن تعلق الصيد بالحرم والإحرام معاً، "وله أن يقطع الشجر لكن نفس الحرم لا يقطع شيء من شجره وإن كان غير محرم" لأن تعلقه بالحرم. "ولا من نباته المباح" لما ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- تحريم مكة ((لا يقطع شجرها، ولا يختلى خلاها)) استثني من ذلك الإذخر، فقال العباس بن عبد المطلب: "إلا الإذخر" فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إلا الإذخر)) فنزل الوحي موافقاً لطلب العباس. طالب:. . . . . . . . . الافتصاد مثل الحجامة إلا أنه مع العرق، يعني يقطع عرق من عروقه ليخرج الدم الفاسد. "وله أن يقطع الشجر لكن نفس الحرم لا يقطع شيئاً من شجره، وإن كان غير محرم، ولا من نباته المباح إلا الإذخر، وأما ما غرس الناس أو زرعوه فهو لهم، وكذلك ما يبس من النبات يجوز أخذه ولا يصطاد به صيداً، وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح، بل ولا ينفر صيده مثل أن يقيمه ليقعد مكانه". نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وأما ما غرس الناس أو زرعوه فهو لهم" يعني ما أنبته الناس في مزارعهم وفي بيوتهم هذا لهم، ولا يمنعون من قطعه، "وكذلك ما يبس من النبات" لأنه مات، وحكمه حكم الشعر الميت، لا إشكال في إزالته، "يجوز أخذه". "ولا يصطاد به صيداً، وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح" لأنه يشمله أنه صيد حرم؛ لأن فرق بين منع المحرم والمنع في الحرم، المحرم ممنوع من الصيد -صيد البر- المحرم ممنوع من صيد البر، وصيد البحر وطعامه مباح له. في الحرم يمنع الصيد مطلقاً سواءً كان برياً أو بحرياً، وهذا إذا تصور أن في داخل الحرم مكان يوجد فيه أسماك أو ما أشبه ذلك سواءً كانت مرباة أو مجلوبة.

"وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح، بل ولا ينفر صيده"، القول الثاني: أن صيد البحر مباح للمحرم في الحرم وخارج الحرم، وحكمه حينئذ يكون كالحيوان الأهلي، حكمه كحكم الحيوان الأهلي، المحرم في الحرم يذبح بهيمة الأنعام، ويذبح الدجاج؛ لأنها أهلية؛ لكن ما يذبح الحمام لأنها صيد. "بل ولا ينفر صيده" احتجت المكان لا تنفره؛ لكن لو كان الصيد على ثوبك وأنت محتاج إلى لبس الثوب ماذا تصنع؟ تنفره وإلا ما تنفره؟ محتاج إلى لبس الثوب وهو على ثوبك، وأخذت الثوب وطار، طارت الحمامة وسفختها المروحة وماتت، إيش يلزمك؟ طالب: هذا واقع. نعم واقع، يقع بكثرة هذا، ما الذي يلزم؟ طالب:. . . . . . . . . الآن هو ما قتل الصيد متعمداً، هو ممنوع من تنفيره؛ لكن إذا احتاج إلى ثوبه، أقيمت الصلاة وسترته عليها حمامة مثلاً، فهل نقول: إنه محتاج يرتكب ويتحمل الأثر أو نقول: أنه ممنوع من التنفير فيما لم يكن هناك حاجة؟ النص: "ولا ينفر صيده" محتاج إلى هذا المحظور، هذا من محظورات الإحرام قتل الصيد وتنفيره أيضاً. طالب: يسلم من الإثم. الحاجة يسلم من الإثم. طالب:. . . . . . . . . لكن هل قتله متعمداً؟ طالب:. . . . . . . . . تعمد، يعني باشر السبب، ولم يباشر القتل. طالب:. . . . . . . . . حتى لو وجد غصن شجرة يؤذي الناس في طريقهم يزال، يزال بلا شك. طالب:. . . . . . . . . هنا يقول الشيخ: "بل ولا ينفر صيده مثل أن يقيمه ليقعد مكانه" ما وجد مكان إلا هذا. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . "بل ولا ينفر صيده مثل أن يقيمه ليقعد مكانه" أنت عندك مكتب، وتشتغل بحوث بمكتبك، وجئت ولقيته على الكرسي، ويش تسوي به؟ يعني كلام الشيخ: "ولا ينفر صيده مثل أن يقيمه ليقعد مكانه". طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . حنا نحلل كلام الشيخ ما احنا. . . . . . . . . طالب:. . . . . . . . . يعني حتى ولو من غير عمد؟ طالب:. . . . . . . . . هو ما قال: مكان، "ليقعد مكانه" هذا مكان الآدمي. طالب:. . . . . . . . . أو أراد أن يسجد مثلما قال الأخ. طالب:. . . . . . . . .

يعني كلام الشيخ هنا "مثل أن يقيمه ليقعد مكانه". طالب:. . . . . . . . . يعني هل هناك فرق بين أن ينفره، بمعنى أن يطرده، أو ينفر بنفسه إذا جاء الإنسان بقربه؟ طالب:. . . . . . . . . يعني فرق بين أن ينفر بنفسه وبين أن يُنفر، يعني إذا أخذت ثوبك وطار ما نفرته أنت. طالب: هنا قال: "يقيمه" فيه تعمد. ينفر، يعني فرق بين أن ينفر بنفسه وبين أن ينفره، من طبع هذا الطائر إذا اقتربت منه نفر بنفسه هذا ما عليك منه، إذا أخذت ثوبك وطار ما عليك منه؛ لكن إذا طردته قبل ذلك نفرته. طالب: يجلب السمك من البحر ويوضع في أحواض حي ... يصير صيد، على هذا يكون صيد. طالب:. . . . . . . . . بل يرسل في مكة أما خارج مكة حلال، ومنهم من يقول: صيد البحر حلال على أي حال. طالب: أحسن الله إليكم العبارة: "وإن كان من الماء كالسمك .. " ماذا يراد بها؟ أنه يوجد سمك في الحرم في بركة لتربية الأسماك ما تصيد منها، ولو كنت حلال. طالب: يقول: "وكذلك ما يبس من النبات يجوز أخذه ولا يصطاد به صيداً، وإن كان من الماء .... ". ولا يصاد به صيداً وإن كان من السمك و (إن) معروفة عند الفقهاء أنها للخلاف، وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح، لو وجد أحواض من الماء وفيها سمك في الحرم صيد. طالب: شيخ الإسلام كأنه يرى أنها ليست بصيد. لا، نفسه، واضح كلامه، ولا يصطاد به صيداً. طالب: الهاء في (به) تعود على الحرم يا شيخ؟ وين؟ "ولا يصطاد به صيداً" الحرم، "وإن كان من السمك" يعني ولا يصطاد صيداً وإن كان من السمك, وإن كان من الماء كالسمك. طالب: ولا يصطاد به بالعود، بالنبات. لا، لا، ولا يصطاد به يعني بالحرم. طالب: ما يكون المعنى: ما يبس من النبات يجوز أخذه ولا يُصطاد به ... لا، لا، الصيد ما له علاقة بالعود. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، بعيد بعيد، كل البعد، هذا ما فهمه إلا أنت.

ولا يصطاد به يعني بالحرم صيداً، أما صيد البر هذا واضح، ومجمع عليه، وإن كان من السمك على الصحيح؛ لأنه صيد؛ لكن هل ينهى عن الصيد أو الاصطياد؟ الصيد يعني المصيد، أو الاصطياد الذي هو فعل الاصطياد؟ الاصطياد، فإذا صيد له من غير علمه ومن غير أمره يأكل، أما إذا اصطاده المراد بالصيد هنا الاصطياد لا المصيد فإنه لا يأكل. "وكذلك حرم مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو ما بين لابتيها، واللابة هي الحرة، وهي الأرض التي فيها حجارة سود، وهو بريد في بريد، والبريد أربعة فراسخ، وهو من عير إلى ثور، وعير هو جبل عند الميقات يشبه العير، وهو الحمار، وثور هو جبل من ناحية أحد، وهو غير جبل ثور الذي بمكة". يقول -رحمه الله-: "وكذلك حرم مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" النبي -صلى الله عليه وسلم- حرم المدينة كما أن إبراهيم حرم مكة، وحدد الحرم -حرم المدينة- من الشمال إلى الجنوب، ما بين عير إلى ثور، ومن الشرق إلى الغرب، ما بين لابتيها، الحرتين. والمسافة بريد في بريد، يعني بريد مربع، من عير إلى ثور، نازع بعضهم في ثبوت كلمة ثور؛ لأن ثور معروف أنه بمكة؛ لكن أثبت أهل الخبرة والمعرفة أن هناك جبيل بجهة أحد يقال له: ثور، وعير جبل عند الميقات يشبه العير، يشبه الحمار. "فهذا الحرم أيضاً لا يصاد صيده، ولا يقطع شجره إلا لحاجة كآلة الركوب والحرث، ويؤخذ من حشيشه ما يحتاج إليه للعلف، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص لأهل المدينة في هذا لحاجتهم إلى ذلك، إذ ليس حولهم ما يستغنون به عنه، بخلاف الحرم المكي، وإذا أدخل عليه صيد لم يكن عليه إرساله". يقول -رحمه الله-: "فهذا الحرم" يعني حرم المدينة، المعروف الحدود من الشمال والجنوب والشرق والغرب "فهذا الحرم أيضاً لا يصاد صيده، ولا يقطع شجره إلا الحاجة" لكن هل فيه فدية أو لا فدية فيه؟

في حرم مكة في فدية، في الصيد والشجر، في حرم المدينة هل في فدية وإلا ما فيه؟ ما فيه إلا السلب على قول، "لا يصاد صيده، ولا يقطع شجره إلا لحاجة" وأما شجر مكة لا يقطع لا لحاجة ولا لغير حاجة، يعني لو أصابه برد وأراد أن يقطع من الشجر ليستدفئ لا، أما بالمدينة فالأمر فيها أخف، "إلا لحاجة كآلة الركوب الحرث، ويؤخذ من حشيشه ما يحتاج إليه للعلف" بخلاف حشيش مكة، ولا يختلى خلاها، "فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص لأهل المدينة في هذا لحاجتهم" ولم يرخص لأهل مكة إلا في الإذخر، فدل على أن حرم مكة أشد تحريماً من حرم المدينة، "فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- رخص لأهل المدينة بهذا لحاجتهم إلى ذلك، إذ ليس حولهم ما يستغنون به عنه، بخلاف الحرم المكي" الحرم المكي حوله مما يستغنون به عنه؟ طالب:. . . . . . . . . رخص لأهل المدينة في قطع الحشيش وما يحتاج إليه للعلف؛ لأنه ليس حولهم ما يسد حاجتهم، وما يغنيهم ويستغنون به بخلاف حرم مكة، مفهومه أن حولهم ما يستغنون به عن حشيش المدينة وشجر مكة. طالب: يقصد بخلاف الحرم المكي فلم يستثنى منه .... شوف إيش يقول: "فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص لأهل المدينة في هذا لحاجتهم إلى ذلك، إذ ليس حولهم ما يستغنون به عنه بخلاف الحرم المكي" يعني الحرم المكي الحرم متصل بالحل، يعني مزدلفة متصلة بعرفة، جهة المدينة أيضاً متصلة بالحديبية، وما قاربها من الشميسي، المقصود أنهم بإمكانهم أن يخرجوا، أما المدينة فكيف يتجاوزون الحرتين؟ فيه مشقة عظيمة يتجاوزوا الحرتين ليرعوا أغنامهم، وليقطعوا لا من الحشيش، نعم فيه مشقة شديدة، ففرق بين حرم مكة وحرم المدينة من هذه الحيثية، "وإذا أدخل عليه صيد لم يكن عليه إرساله" بخلاف مكة، مكة إذا أُدخل صيد لا بد أن يرسله، المدينة لم يكن عليه إرساله، وقصة أبي عمير في قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((يا أبا عمير ما فعل النغير؟ )) أمسكه، ولو كان مما يجب إرساله لأرسله. طالب: إذا صاد المحرم مع الإثم أم لا؟ يقولون: كالميتة مثل الميتة، وبعضهم يجعلها أشد من الميتة، مع أن جعله أشد من الميتة فيه نظر؛ لأن التحريم الأصلي الثابت ما هو مثل الطارئ لأمر.

طالب:. . . . . . . . . إيه إذا كان محرماً وفي الحرم على الجميع. طالب: على الصيد والاصطياد في الحرم؟ في الحرم نعم، يعني ما يؤكل. طالب: ولو كان خارج الحرم؟ إذا كان خارج الحرم وصيد لا من أجله يأكل. طالب: ليش ابن تيمية قال: "ولا يصطاد صيداً برياً، ولا يتملكه بشراء"؟ لا، هذا داخل الحرم، هذا على الجميع، ولا يتملك لا بد أن يرسله. طالب: هذا خارج الحرم يا شيخ. وين؟ طالب: هذا الجزء الذي يتكلم عنه الشيخ خارج الحرم. وخارج الحرم أيضاً لا يتملك؛ لأنه محرم. طالب: المحرم عليه الاصطياد وهو لم يصطاده. كيف؟ طالب: المحرم عليه الاصطياد وهو لم يصطاده. إذا صيد لا من أجله. طالب: هو ما صيد من أجله الرجل وجد صيداً واشتراه ليش شيخ الإسلام يقول: "ولا يتملكه"؟ من بيذبحه له ذلحين؟ طالب: يا شيخ نحن نتكلم عن الشراء الشيخ يقول: "ولا يتملكه بشراء". حياً، من يبي يقتله؟ طالب: ما راح يقتله. لا بد أن يرسله، إن أدخله في الحرم لا بد من إرساله. طالب: خارج الحرم. خارج الحرم يخليه، يخليه خارج الحرم إلى أن يرجع، أما داخل الحرم لا بد أن يرسله. طالب: يا شيخ قال: "ولا يتملكه" لا يتملكه أصلاً. وين؟ طالب: في السطر. . . . . . . . . إيه معروف يقول: "ولا يصطاد صيداً برياً ولا يتملكه بشراء ولا اتهاب"، يعني المحرم، لماذا؟ لأن مآله أن يقتله. طالب: ولو افترضنا أنه ما يقتله. يده لا تملك في هذه الحالة؛ لأنه ممنوع منه، من إمساكه، نتجاوز الكلام واجد، وآخر الدرس بكرة -إن شاء الله-. "وليس في الدنيا حرم لا بيت المقدس ولا غيره إلا هذان الحرمان، ولا يسمى غيرهما حرماً كما يسمي الجهال، فيقولون: حرم المقدس، وحرم الخليل، فإن هذين وغيرهما ليسا بحرم باتفاق المسلمين، والحرم المجمع عليه حرم مكة، وأما المدينة فلها حرم أيضاً عند الجمهور، كما استفاضت بذلك الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يتنازع المسلمون في حرم ثالث إلا في (وج) وهو وادٍ بالطائف، وهو عند بعضهم حرم، وعند الجمهور ليس بحرم".

يقول المؤلف -رحمه الله-: "وليس في الدنيا حرم لا بيت المقدس ولا غيره إلا هذان الحرمان" مكة والمدينة فقط، "ولا يسمى غيرهما حرماً كما يسمي الجهال فيقولون: حرم المقدس، وحرم الخليل" والحرم الجامعي، مثله، يقولون: الحرم الجامعي الآن، نعم ما هو مستفيض عندهم؟ ليس بحرم، "وحرم الخليل فإن هذين وغيرهما ليسا بحرم باتفاق المسلمين" يعني ما جاء نص يدل على أنه حرم، ولم يمنع الساكن فيه من أي شيء. طالب:. . . . . . . . . ليس بحرم باتفاق المسلمين. طالب: يحرم القول الحرم الجامعي؟ والله مقتضى التشبيه أن اللفظ يمنع؛ لأنه موهم. "والحرم المجمع عليه حرم مكة" لا خلاف فيه، وحرم المدينة عند الجمهور حرم بلا شك، والأدلة الصحيحة الصريحة تدل على ذلك، "ولم يتنازع المسلمون في حرم ثالث إلا في "وج" وهو وادٍ بالطائف" وجاء فيه خبر ضعيف، وهو حرم عند الشافعية، وليس بحرم عند الجمهور، وجاء فيه خبر ضعيف جداً، "إلا في وج وهو واد في الطائف وهو عند بعضهم" يعني الشافعية حرم، "وعند الجمهور ليس بحرم". طالب: قولهم ثالث الحرمين؟ هذا لفظ محتمل، إن كان ثالث في التحريم فلا، وإن كان ثالث في الفضل فنعم. "وللمحرم أن يقتل ما يؤذي بعادته الناس كالحية والعقرب والفأرة والغراب والكلب العقور، وله أن يدفع ما يؤذيه من الآدميين والبهائم، حتى لو صال عليه أحد ولم يندفع إلا بالقتال قاتله، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمته فهو شهيد)) وإذا قرصته البراغيث والقمل فله إلقاؤها عنه، وله قتلها ولا شيء عليه، وإلقاؤها أهون من قتلها، وكذلك ما يتعرض له من الدواب فينهى عن قتله، وإن كان في نفسه محرماً كالأسد والفهد، فإذا قتله فلا جزاء عليه في أظهر قولي العلماء، وأما التفلي بدون التأذي فهو من الترفه فلا يفعله، ولو فعله فلا شيء عليه".

يقول المؤلف -رحمه الله-: "وللمحرم أن يقتل ما يؤذي بعادته" يعني ما طبعه الأذى كالفواسق الخمس التي جاء النص فيها، يقتلن في الحل والحرم، والعلة في قتلها الأذى فيلحق بها كل مؤذٍ، ومن أهل العلم من يجعل العلة الجامعة عدم الأكل فيها كلها، فيجوز قتل ما لا يؤكل عنده؛ لكن النص الوصف المؤثر الفسق، ((خمس كلهن فواسق)) فهذا وصف مؤثر يصلح أن يكون علة يناط بها الحكم، فيلحق بهذه الخمس ما يشاركها في هذه العلة وهي الفسق والخروج عن المألوف والأذى للناس. فإذا اتصف الحيوان أو الحشرة بمثل هذه الأوصاف جاز قتلها إلحاقاً بهذه الخمس، ومنهم من يقول: لا يلحق بها شيء، ما يقتل إلا هذه الخمس فقط، وهذا معروف عند الظاهرية "كالحية والعقرب والفأرة والغراب والكلب العقور" جاء تسمية الأسد كلب ((اللهم سلط عليه كلباً من كلابك)) فقتله الأسد، فهل يقتل الأسد أو لا يقتل؟ كلام الشيخ في الآخر، "وإن كان في نفسه محرماً كالأسد والفهد فإذا قتله فلا جزاء عليه" فينهى عن قتله، وأن كان في نفسه محرماً كالأسد والفهد، يعني الأسد دخوله في الكلب وهو عقور أيضاً، الأسد أشد من الكلب العقور، فهل نقول: أن ما كان أذاه أشد من أذى المذكورات يكون من باب قياس الأولى، القياس الجلي، إذا كان أذاه أشد من هذه المذكورات يقتل وإلا ما يقتل؟ طالب:. . . . . . . . . شوف الشيخ -رحمه الله- يقول: "وكذلك ما يتعرض له من الدواب فينهى عن قتله، وإن كان في نفسه محرماً كالأسد والفهد" وكذلك ما يتعرض له، يعني لو قدر أنه أسد في حديقة حيوان ما له علاقة به، يمكن يتجه كلام الشيخ؛ لكن يتعرض له ما يقتله؟ الشيخ يقول: ما يقتله، لا شك أن قياس الأولى وهو معروف ومعمول به عند أهل العلم، وهو من باب مفهوم الموافقة، لا شك أنه يقتضي أن مثل هذه الأشياء تقتل ولا يُتردد فيها؛ لأنه لو تركت آذته وآذت غيره. طالب: ما يقال: هذه الخمس تقتل ولو كان يمكن دفعها بالأسهل بخلاف غيرها؟ لا، إذا وجد ما هو شر منها وأعظم أذىً وأمكن دفعه بغير القتل؛ لأنها إن لم تضر الشخص ضرت غيره، إن أفلت منها هذا ما أفلت الثاني.

"وله أن يدفع ما يؤذيه من الآدميين والبهائم حتى لو صال عليه أحد" يعني آدمي أو غيره، "ولم يندفع إلا بالقتال قاتله، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمته فهو شهيد)) يعني دون عرضه، فهو شهيد، "وإذا قرصته البراغيث والقمل فله إلقاؤها عنه" يأخذها ويزيلها ولو غلب على ظنه أنها تموت، "وله قتلها ولا شيء عليه، وإلقاؤها أهون من قتلها" ولا شك أن كلام الشيخ -رحمه الله- كله يدور على تعظيم حرمة البيت، "وإلقائها أهون من قتلها، وكذلك ما يتعرض له من الدواب فينهى عن قتله، وإن كان في نفسه محرماً" يعني لا يؤكل "كالأسد والفهد، فإذا قتله فلا جزاء عليه في أظهر قولي العلماء" يعني كونه لا جزاء عليه هذا معروف؛ لكن كونه لا يقتله يدفعه بدون قتل، هذا إذا كان لا ضرر منه على نفسه، ولا على أحد، كونه يتورع عن قتله هذا مطلوب؛ لكن إذا كان بحيث يغلب على الظن أنه يتضرر به هو أو غيره فالمبادرة بقتله هي الأصل، بل هو أولى من قتل الكلب، وهو كلب في الحقيقة، كما جاء في الحديث: ((اللهم سلط عليه كلباً من كلابك)) فقتله الأسد، وهو داخل في عموم النص. "وأما التفلي بدون التأذي" يعني وجود القمل في الثياب وفي الشعر ولا يؤذي صاحبه مثل هذا لا شك أنه ترفه، كما قال الشيخ بدون التأذي، أما إذا وجد التأذي فهو لا إشكال فيه التفلي، "فلا يفعله ولو فعله فلا شيء عليه". وحينئذ لو قتله، قتل القمل مع التأذي تقدم كلام الشيخ، "وإذا قرصته البراغيث والقمل فله إلقاؤها عنه، وله قتلها" هذا مع التأذي، وبدون تأذي يقتل القمل والبراغيث وإلا لا؟ يعني إذا قلنا: هي بطبعها مؤذية، نعم، إذا كانت بطبعها مؤذية، يعني كلام الشيخ في صدره يقول: "وللمحرم أن يقتل ما يؤذي بعادته" وكل ما آذى طبعاً قتل شرعاً. "ويحرم على المحرم الوطء ومقدماته، ولا يطأ شيئاً ِسواءً كان امرأة ولا غير امرأة، ولا يتمتع بقبلة ولا مس بيده، ولا نظر بشهوة، فإن جامع فسد حجه، وفي الإنزال بغير الجماع نزاع، ولا يفسد الحج بشيء من المحظورات إلا بهذا الجنس، فإن قبل بشهوة، أو أمذى بشهوة فعليه دم".

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ويحرم على المحرم الوطء ومقدماته" والوطء هو أعظم المحظورات وبه يفسد الحج إذا كان قبل التحلل الأول، "ولا يطأ شيئاً سواءً كان امرأة ولا غير امرأة" يعني سواءً كان الوطء مباحاً أو حراماً، لا يفعل ذلك، وإذا فعل فسد حجه، "ولا يتمتع بقبلة" لأن هذا من الرفث، إذا منع من الكلام الذي هو الرفث فلأن يمنع من الفعل من باب أولى "ولا يتمتع بقبلة ولا مس بيده، ولا نظر بشهوة" نظر بشهوة؛ لأن هذا وسيلة إلى أن يخرج منه شيء يكون سبباً في تأثيمه، إما بإبطال الحج، أو بإلزامه ما يلزمه من كفارة، "فإن جامع فسد حجه، وفي الإنزال بغير الجماع نزاع" بغير الجماع بتكرار نظر أو باستمناء وغير ذلك، هذا فيه نزاع، هل يفسد الحج أو لا يفسد؟ فمن ألحقه بالجماع قال: يفسد حجه، ومن قال: هو دون الجماع فيلحق بما لو أمذى، أو كرر النظر، أو ما أشبه ذلك فإنه لا يفسد حجه؛ لكن عليه دم، ويكثر السؤال من الشباب الذين يهتدون، ويحصل لهم الاستمناء في الحج، ويحصل في الصيام، ولا يغتسلون، لا يرعون في وقت شبابهم وطيشهم لا يسألون ولا يحتاطون لأنفسهم، وهذا يسأل عنه كثيراً، يقول: هو في أول بلوغه في أول عمره كان يستمني وهو صائم، أو يستمني وهو حاج، ومع ذلك لا يغتسل بعد، فالعبادات وهي أركان الإسلام كلها على خطر من هذا الصنيع، وسبب هذا عدم تثقيف هؤلاء الشباب بما يلزمهم قبيل البلوغ، سواءً كان من الذكور أو من الإناث، فهذه الأمور مخلة بهذه العبادات، فعلى من يتولى تربية الشباب من المدرسين وغيرهم، ومن أولياء الأمور أن يخبروهم، وإذا كان مع الحملة شباب، وفيها من أهل العلم من يستطيع أن ينفعهم عليه أن يبذل لهم النصيحة، فمثل هذه الأمور تقع كثيراً، والسؤال عنها يكثر، سواءً كان في الصيام أو في الحج، ويزيدون على ذلك بأنهم لا يغتسلون، لا يغتسلون فتبطل صلواتهم وحجهم وصيامهم وكل شيء، نسأل الله العافية؛ لكن عذرهم في هذا أنهم جهال، ثم بعد ذلك يوفقون للتوبة، فإذا تابوا وأنابوا، وأعادوا ما يلزمهم إعادته، وقضوا ما يلزمهم قضائه يتوب الله عليهم،

"وفي الإنزال بغير جماع نزاع، ولا يفسد الحج بشيء من المحظورات إلا بهذا الجنس" يعني الجماع الذي هو الإيلاج في الفرج، يقولون: يثبت به كم حكم؟ طالب:. . . . . . . . . كم؟ طالب:. . . . . . . . . مثل ما قيل عن الكبائر سبع وإلا سبعين؟ طالب:. . . . . . . . . والله الذي أعرف أن العلماء نصوا على اثنا عشر، اثنا عشر حكم، ويختلف عنها الإنزال بغير التقاء الختانين في أبواب، ويشاركها في أبواب، وعلى كل حال هذه مسألة في غاية الأهمية تراجع، على كل طالب علم أن يراجعها؛ لأنها مهمة جداً وعملية، "ولا يفسد الحج بشيء من المحظورات إلا بهذا" يعني الجماع، يعني بهذا الجنس اسمع كلام الشيخ -رحمه الله-: "ولا يفسد الحج بشيء من المحظورات إلا بهذا الجنس" ولعله يقصد بذلك الاتفاق، ولا يعبر عن رأيه؛ لأنه إذا قيل: بهذا الجنس، يعني بجنس الجماع ودواعيه؛ لأنها كلها داخلة في الجنس، والشيخ لا يقصد بالجنس التعبير بالجنس المعروف الآن، لا، لا يقصد به هذا، إنما جنس الجماع ودواعيه التي ذكرها قبل هذا الكلام، "فإن قبل بشهوة أو أمذى لشهوة" قبل ولم يخرج شيء، "أو أمذى بشهوة فعليه دم" لا شك أن هذا خلل، وهذا محظور يجبره بدم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، جبران بدم شاة. طالب:. . . . . . . . . يحل له كل شيء إلا النساء، مع أن الشيخ -رحمه الله- يرى أن عقد النكاح وكل ما يتعلق به يجوز بعد التحلل الأول، وفيه فَرَجٌ عظيم، يعني كثير من الحجاج من الشباب والشابات تجده بعد التحلل الأول لا سيما النساء، من النساء تطوف مثلاً وهي حائض طواف الإفاضة فيبطل طوافها؛ لكنها تحللت التحلل الأول، فتذهب إلى بلدها ويعقد عليها، والشاب يعقد، هذا عقد صحيح؛ لأنه بعد التحلل الأول على رأي الشيخ، وعلى رأي غيره لا، لا بد من التحلل الثاني؛ لأنه متعلق بالنساء، كل ما يتعلق بالنساء لا بد من التحللين. طالب: يفسد الحج وإلا ما يفسد؟ لا ما يفسد، عليه بدنة. طالب:. . . . . . . . . معروف الجماع التفصيل المعروف إن كان قبل التحلل أو بعده واضح، نعم.

"فصل: إذا أتى مكة جاز أن يدخل مكة والمسجد من جميع الجوانب؛ لكن الأفضل أن يأتي من وجه الكعبة اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنه دخلها من وجهها من الناحية العليا التي فيها اليوم باب المعلاة، ولم يكن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لمكة ولا للمدينة سور ولا أبواب مبنية، ولكن دخلها من الثنية العليا، ثنية كدا، بالفتح والمد، المشرفة على المقبرة، ودخل المسجد من الباب الأعظم الذي يقال له: باب بني شيبة، ثم ذهب إلى الحجر الأسود فإن هذا أقرب الطرق إلى الحجر الأسود لمن دخل من باب المعلاة، ولم يكن قديماً بمكة بناءٌ يعلو على البيت، ولا كان فوق الصفا والمروة والمشعر الحرام بناء، ولا كان بمنى ولا بعرفات مسجد، ولا عند الجمرات مساجد، بل كل هذه محدثة بعد الخلفاء الراشدين، ومنها ما أُحدث بعد الدولة الأموية، ومنها ما أُحدث بعد ذلك، فكان البيت يُرى قبل دخول المسجد، وقد ذكر ابن جرير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال: ((اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماً ومهابةً وبراً، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفاً وتعظيماً)) فمن رأى البيت قبل دخول المسجد فعل ذلك، وقد استحب ذلك من استحبه عند رؤية البيت، ولو كان بعد دخول المسجد؛ لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن دخل المسجد ابتدأ بالطواف، ولم يصلِ قبل ذلك تحية المسجد، ولا غير ذلك، بل تحية المسجد الحرام هو الطواف بالبيت".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "فصل: إذا أتى مكة جاز أن يدخل مكة والمسجد من جميع الجوانب" إلا أن النبي -عليه الصلاة والسالم- دخل مكة من أعلاها من ثنية كدا؛ لأنها أسهل له، وخرج من أسفلها؛ لأنه أيسر للخروج، ودخل المسجد من باب بني شيبة؛ لأنه أيسر له في الوصول إلى الحجر، وهو أقرب الأبواب المؤدية إليه، وإن دخل من غيره فلا إشكال فيه، "إذا أتى مكة جاز أن يدخل مكة والمسجد من جميع الجوانب؛ لكن الأفضل أن يأتي من وجه الكعبة اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-" يدخل من باب بني شيبة، "فإنه دخلها من وجهها من الناحية العليا التي فيها باب المعلاة، ولم يكن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، لمكة ولا للمدينة سور ولا أبواب مبنية". إنما اتخذت الأسوار على البلدان والأبواب والأغلاق في أزمان الخوف، احتيج إلى ذلك فسورت المدن، "ولكن دخلها من الثنية العليا ثنية كَدا" بالفتح كما يقولون: افتح وادخل، واضمم واخرج، يعني كُدا بالضم والقصر للخروج، وفيه أيضاً كُدي بالتصغير، "المشرفة على المقبرة، ودخل المسجد من الباب الأعظم الذي يقال له: باب بني شيبة، ثم ذهب إلى الحجر الأسود فإن هذا أقرب الطرق إلى الحجر الأسود" كثير من الناس إذا قرب من الحرم يقول: أين باب العمرة؟ يظن أن هذا الباب مخصص لدخول من أراد أن يعتمر، وهو مقابل لباب بني شيبة، في الجهة الثانية، فهذه التسميات الموهمة التي يحصل للجهال بسببها مخالفات لا شك أنها خلاف الأولى، ما أدري ما سبب تسميته باب العمرة؟ والناس يقولون: أين باب العمرة؟ لأنه محرم يبي يعتمر بيدخل من باب العمرة، وهذا لا أصل له، إنما النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل من باب بني شيبة، ولو دخل من باب العمرة أو غيره من الأبواب ما فيه إشكال. طالب:. . . . . . . . . يقولون: باب بني شيبة الآن محاذي لباب السلام. طالب:. . . . . . . . . لكنهما متقاربان، يعني لما تدخل البناية الجديدة مع البابين وتعرف أن الدوائر كلما تدخل تضيق يلتقيان في نقطة واحدة. طالب:. . . . . . . . . إيه لكن الاقتداء به في هذا ما في ما يمنع، الأصل أن يقتدى به.

طالب: أحسن الله إليكم في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس هناك سور ولا أبواب، ويقال: دخل من باب كذا، وخرج من باب كذا، كيف هذا؟ ترى البيت من بعيد، وأنت أكثر من كيلو ترى البيت، الكعبة تشوفها. طالب: إيه، لكن كيف دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- من باب بني شيبة ولا يوجد سور؟ المدينة ما لها سور، المسجد له سور؛ لكن ما هو مساوي للكعبة، سور قصير بحيث ترى البيت وأنت خارج، ولم يكن حول البيت بنيان أرفع منه أبداً إلا الجبال، بخلاف الآن تشوف شواهق الأبنية، ولا شك أن ارتفاع البيت عما حوله لا شك أنه من تعظيمه، وليت الأمر اقتصر على أشياء مباحة ارتفعت الأبنية الشاهقة فيما يزاول فيها المحرمات، نسأل الله العافية. يقول: "ثم ذهب إلى الحجر الأسود، فإن هذا أقرب الطرق إلى الحجر الأسود لمن دخل من باب المعلاة، ولم يكن قديماً بمكة بناءٌ يعلو على البيت، ولا كان فوق الصفا والمروة والمشعر الحرام بناء، ولا كان بمكة ولا عرفات مسجد -ليس فيها مساجد- ولا عند الجمرات مساجد، بل كل هذه محدثة بعد الخلفاء الراشدين" لا شك أنه محدث، لم يكن على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا على عهد خلفائه الراشدين؛ لكن هل هذا من المحدثات الممنوعة وإلا من المحدثات التي قصد بها التيسير على الناس، يجتمعون في هذا المكان ويستظلون به، ويستفيدون منه؟ يقول: "بل كل هذه محدثة بعد الخلفاء الراشدين" لأنه إحداث في الدين هذا، هذا أمر شرعي، فالإحداث في الدين غير مقبول. طالب:. . . . . . . . . ما في بناية، ما بني مسجد ولا للإمام. طالب:. . . . . . . . . مسجد إيش؟ طالب: الخيف. هل في مسجد في ذاك الوقت؟ عرفة ومزدلفة ما فيها مساجد، ولا منى ولا غيرها، إنما هي مناخ تضرب له قبة، وينتهي الإشكال.

المقصود يقول -رحمه الله-: "بل كل هذه محدثة بعد الخلفاء الراشدين، ومنها ما أحدث بعد الدولة الأموية، ومنها ما أحدث بعد ذلك، فكان البيت يرى قبل دخول المسجد" يعني لأن السور الذي فيه الأبواب الذي يدخل معها لا شك أنه قصير، لا يساوي ارتفاع البيت، "وقد ذكر ابن جرير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى البيت رفع يديه، وقال: ((اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماُ ومهابةً وبراً، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفاً وتعظيماً)). طالب: الشيخ يرى أنها بدعة يا شيخ. يقول: محدثة، الإحداث أعم من أن يكون بدعة شرعية أو غيرها. "فمن رأى البيت قبل دخول المسجد فعل ذلك، وقد استحب ذلك من استحبه عند رؤية البيت، ولو كان بعد دخول المسجد" يعني إذا رأى البيت يقول هذا الذكر مع أنه لم يثبت، بل هو بجميع طرقه ضعيف، "وقد استحب ذلك من استحبه عند رؤية البيت، ولو كان بعد دخول المسجد؛ لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن دخل المسجد ابتدأ بالطواف ولم يصل". طالب: أحسن الله إليكم، الحديث الذي ذكره ابن جرير ضعيف؟ نعم، ضعيف. "ولم يصل قبل ذلك تحية المسجد ولا غير ذلك، بل تحية المسجد الحرام هو الطواف بالبيت" تحية المسجد الصلاة، وتحية البيت الطواف، تحية المسجد الطواف، يعني من قصد المسجد ولم يقصد الطواف يصلي؛ لكن إن طاف وصلى ركعتي الطواف انتهت تحية المسجد، المقصود شغل البقعة، ولم يجلس قبل أن يصلي ركعتين، فالمقرر عند أهل العلم أن تحية المسجد الصلاة، تحية البيت الطواف، إن طاف قصد البيت وطاف وصلى الركعتين انتهى، تأدت تحية المسجد. طالب:. . . . . . . . . إذا قصد المسجد يصلي ركعتين كغيره من المساجد. طالب:. . . . . . . . . تحية الطواف وتدخل فيها تحية المسجد كغيرها، يعني لو جاء والصلاة مقامة يصلي ركعتين؟ لو جاء وفعل الراتبة يصلي ركعتين؟ لا، لا، تحية المسجد تدخل في أي صلاة، إذا كانت ركعتين فأكثر، أما أقل من ركعتين ما تدخل، لو جاء بعد العشاء وأوتر بواحدة وجلس، نقول: صلى ركعتين؟ مع أن من أهل العلم من يقول: أن المقصود جنس الصلاة. نعم، طويل الباقي يا إخوان. طالب: ما يقال أن هذا للمكي؟

كيف للطواف؟ لا، لا، الحكم واحد، من طاف وصلى الركعتين سقطت عنه تحية المسجد، وإلا فعليه أن يصلي ركعتين. "وكان -صلى الله عليه وسلم- يغتسل لدخول مكة، كما يبيت بذي طوى، وهو عند الآبار التي يقال لها: آبار الزاهر، فمن تيسر له المبيت بها والاغتسال ودخول مكة نهاراً وإلا فليس عليه شيء من ذلك". كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يغتسل لإحرامه، ويغتسل لدخول مكة، يبيت بذي طوى، يبت حتى يصبح ثم يغتسل ويدخل، ثم يطوف، وذو طوى هي الحي الذي يقال له الآن: الزاهر، "كما يبيت بذي طوى وهو عند الآبار التي يقال لها: آبار الزاهر، فمن تيسر له المبيت بها والاغتسال ودخول مكة نهاراً وإلا فليس عليه شيء من ذلك". والناس يفرطون في هذا كثيراً؛ لأنهم يرونه منزل اتفاقي، بخلاف ابن عمر الذي لا يقدم مكة إلا ويفعل ذلك، يبيت بذي طوى ويغتسل ثم يدخل. "وإذا دخل المسجد بدأ بالطواف، فيبتدئ من الحجر الأسود يستقبله استقبالاً، ويستلمه ويقبله إن أمكن، ولا يؤذي أحداً بالمزاحمة عليه، فإن لم يمكن استلمه وقبل يده، وإلا أشار إليه، ثم ينتقل للطواف، ويجعل البيت عن يساره، وليس عليه أن يذهب إلى ما بين الركنين، ولا يمشي عرضاً ثم ينتقل للطواف، بل ولا يستحب ذلك".

نعم يقول -رحمه الله-: "وإذا دخل المسجد بدأ بالطواف" لا يبدأ بشيء غيره، إذا دخل المسجد يقول مثلما يدخل أي مسجد: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، "وإذا دخل المسجد بدأ بالطواف فيبتدئ من الحجر الأسود يستقبله استقبالاً" لا شك أن من أراد الاستلام أو التقبيل يستقبل؛ لأنه لا يستطيع أن يقبل وقد أعطاه جانباً، وأما بالنسبة للإشارة كما أشار النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو على البعير فلا يلزم استقبال، "ويستقبله استقبالاً، ويستلمه ويقبله إن أمكن وإلا فلا يؤذي أحداً بالمزاحمة" ونحن نرى الناس يزاحمون، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعمر: ((إنك رجل قوي فلا تؤذِ الضعفاء)) وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يزاحم ويأتي إلى الحجر ليقبله حتى يرعف دماً، ويعيد ذلك ثانية، ولا شك أن هذه مخالفة، فالسنة لا شك أنها مقدمة على كل أحد، والاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وهو الأصل وهو الأسوة والقدوة، وهناك لا بد من العلم بالسنة، ولا بد من فهم السنة، ولا بد من العمل بالسنة؛ لكن العمل يحتاج إلى فقه، يعني شخص في صف متراص يؤذي الناس بالتجافي يقول: هذا سنة؟ هذا مطلوب أو غير مطلوب؟ يحتاج إلى فقه في تطبيق السنة، وصنيع بن عمر أيضاً لا شك أنه لم يوافق عليه، وهذا من حرصه وشدة اقتدائه؛ لكنه مفضول، وإن حرص عليه. طالب: كان يعلم حديث النبي لعمر يا شيخ؟ المظنون به أنه لا يعلم مع حرصه الشديد على التطبيق.

يقول: "ولا يؤذي أحداً بالمزاحمة عليه، فإن لم يمكن استلمه وقبل يده، وإلا أشار إليه" إن كان بيده محجن وإلا شيء، ولا يقبل ما يشير به، "ثم ينتقل للطواف، ويجعل البيت عن يساره" وهذا شرط من شروط الطواف أن يبدأ من الحجر، وأن يجعل البيت عن يساره، وبعض من يحمل الأطفال يعكس يجعل البيت عن يمين الطفل وهو محرم، وطوافه في هذه الحالة غير صحيح، بل لا بد أن يجعل البيت عن يساره، "وليس عليه أن يذهب إلى ما بين الركنين" يعني يتوسط الركنين من باب الاحتياط، ليس عليه أن يفعل ذلك، بل لو قيل: بأن هذا مبتدع لأنه خلاف فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، والاحتياط إذا لم يكن على الجادة الاحتياط في تركه، في ترك هذا الاحتياط. طالب: الأب إذا كان جاهلاً ألا يعذر بالجهل؟ على كل حال إذا سافر ولا يجد أحداً ينبه يعذر؛ لكن إذا نبه عليه أن ينتبه. طالب:. . . . . . . . . هو الأصل أن يعيد من أول الطواف. طالب:. . . . . . . . . إيش معنى مستلقي؟ طالب:. . . . . . . . . يعني مستلقي كذا ورجليه على الكعبة وإلا رأسه؟ إذا استلقى لا بد أن يكون إما رجليه وإلا رأسه على الكعبة كل هذا لا يصح، لا بد أن يكون وجهه جهة الكعبة في جهة اليسار، يقول: "وليس عليه أن يذهب إلى ما بين الركنين، ولا يمشي عرضاً ثم ينتقل للطواف" كيف يمشي عرضاً؟ طالب:. . . . . . . . . يعني يمشي مشياً؟ طالب:. . . . . . . . . إذا كان لا يصل إليه إلا بذلك؟ ما يستطيع يزاحم الناس، كيف يمشي عرضاً؟ القهقرى، لا ما هي القهقرى معروفة. طالب:. . . . . . . . . لا هم في بعض المناسك لا سيما الشافعية أن عليه إذا وقف عند الحجر يمشي القهقرى خطوة أو خطوتين ثم يبدأ. طالب:. . . . . . . . . بس القهقرى واضحة ومعروفة، ولا يعبر عنها بأنها عرض. طالب:. . . . . . . . . إي نعم، طيب، هذا ما يخفى. طالب:. . . . . . . . . يعني هل من لازمه أن يأتي في مقابل الحجر من بعيد يمشي مخالف حتى يصل إلى الحجر، لا هذا العرض بخلاف الطول الذي يدور فيه على الكعبة؟ لعله هذا، يعني يأتي يقصد الحجر من بعيد مستقبلاً له، ويخطوا خطوتين على مذهب بعض المتأخرين؛ لكن ليس له ذلك، لا هذا، ولا هذا.

"ولا يمشي عرضاً، ثم ينتقل إلى الطواف، بل ولا يستحب ذلك، ويقول إذا استلمه: بسم الله، والله أكبر" يعني في البداية يقول: بسم الله، والله أكبر، وفي بقية الأشواط يقول: الله أكبر، وإن قال: بسم الله فقد جاء عند البيهقي ما يدل عليه. "وإن شاء قال: اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، وإتباعاً لسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-" وارد وإلا ما هو بوارد؟ هذا يُكرر، وتواطأ الناس عليه، ومذكور في المناسك المرتبة بما فيها الأدعية، مخرج؟ جاء عن علي ورواه الطبراني في الأوسط، وفيه الحارث الأعور، وهو ضعيف، وجاء عن ابن عمر، وجاء عن الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح، كما قاله الهيثمي في المجمع. يعني ثبوته عن ابن عمر محتمل، وإذا ثبت الفعل أو الذكر عن الصحابي، هل يكفي في مشروعيته؟ طالب:. . . . . . . . . هو ما وجد له مخالف، بل وجد له موافق؛ لكنه ضعيف، يعني يظن بالصحابي أنه سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- أو اجتهاداً منه؟ احتمال، وعلى كل حال لو قاله ما يثرب عليه. "ويجعل البيت عن يساره فيطوف سبعاً، ولا يخترق الحجر في طوافه" يطوف سبعاً لا بد أن تكون سبع كاملة، من الحجر إلى الحجر، "ولا يخترق الحجر في طوافه" لماذا؟ "لما كان أكثر الحجر من البيت" يعني ستة أمتار من الحجر من البيت، قصرت به النفقة فأخرجوه، والطواف إنما يكون بالبيت لا فيه، والشيخ يقول: "والله أمر بالطواف به لا بالطواف فيه" يعني إذا دخلت مع الحجر طفت فيه، ولم تطف به. "ولا يستلم من الأركان إلا الركنين اليمانيين" يعني جهة اليمن، الجنوبيين، اليماني والحجر الأسود، دون الشاميين، لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما استلمها خاصة؛ لأنهما على قواعد إبراهيم، والآخران هما في داخل البيت، فالركن الأسود يستلم ويقبل، واليماني يستلم ولا يقبل، والآخران لا يستلمان ولا يقبلان، والاستلام هو مسحه باليد. نقف على هذا بقي عشر دقائق. اللهم صلي على محمد وعلى آله وصحبه.

شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (6)

شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (6) الطواف والسعي الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا يقول: ما حكم المبيت في مزدلفة إذا لم يجد مخيم في منى وأنا في حملة في مزدلفة؟ الذي لا يجد مكاناً في منى له أن يبيت خارج منى؛ لكن عليه أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن يبذل جهده في ذلك، فإذا لم يستطع فلا مانع أن يبيت خارج منى؛ لكن كونه يعلم قبل مغادرته بلده أنه يبيت خارج منى هذا فيه ما فيه، يدل على أنه لن يبذل فيما بعد؛ لكن إذا بحث فلم يجد مكاناً فخرج منها لا بأس، اتقى الله ما استطاع ولا شيء عليه. طالب:. . . . . . . . . المسألة فيها سعة، منهم من يقول: أنها في حكم اتصال الصفوف، وهذا قياس مع الفارق، يعني لو أبعد قليلاً عن الناس، وأخذ راحته ما دام لا يجد مكان ما في إشكال -إن شاء الله- الأماكن متساوية. ما حكم من أصيب في رجله، وأراد لف رجله بشاش، هل هذه من محظورات الإحرام وللعلم لف رجله بشاش للحاجة؟ إذا أصيب برجله ووضع عليها جبيرة أو شدها بشاش ونحوه، يحرص على ألا يكون بقدر عضو كامل، إذا كان بقدر الحاجة، ولا يستوعب العضو كاملاً فإنه لا شيء فيه. ما صحة حديث: كفارة المجلس؟ الحديث صحيح، صححه جمع من أهل العلم، وإن عله الإمام البخاري -رحمه الله-. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . للحاجة، للحاجة ما هو يريد أن يكون أقوى له، كما يفعل بعض الناس، بعض الناس يشد ظهره ليكون أقوى له، وأصبر، وما أشبه ذلك؛ لكن إذا وجدت حاجة قائمة، ليس ظرفاً عادياً؛ لأن بعض الناس حتى في أيامه العادية يشده، هذا لا يكفي لا بد أن تكون حاجة قائمة ملحة. ما الدليل عند الشافعي أن وادي وج حرم؟ نعم جاء ما يدل عليه من السنة؛ لكنه ضعيف، في السنن. سؤال عاجل يقول هذا: هل يمكن أن يضحي الإنسان من بعجل له من العمر دون السنتين، أو أقل من السنتين؟ لا يجوز له ذلك؛ لأنه ليس بثني. يقول: ما حكم قولنا لآبائنا وبعض أهلينا كلمة: لبيك؟ إذا دعاك أبوك وقلت: لبيك لا بأس. ما حكم تخصيص دعاء معين لكل شوط من أشواط الطواف؟

الترتيب الموجود فيما يسمى بالمناسك التي بها الأدعية هذه لا دليل عليها، كثير من أدعيتها مأثورة؛ لكن ليس في هذا المكان بخصوصه. يقول: من يقيم في جدة مثلاً هل يجوز له تأجيل طواف الوداع إلى ما بعد أيام الحج أي بعد أن يخف الزحام حول البيت، وفي هذه الأثناء يتوجه إلى جدة ثم يعود لتأدية طواف الوداع، وكذلك في العمرة؟ ليس له ذلك، إذا ذهب إلى أهله فقد ترك الوداع، وعليه بدله الدم. والثاني: نويت الحج هذا العام أنا وزوجتي، وحاولت والدتي الذهاب معنا، ولكني رفضت لأني لا أقدر على مساعدة أمي وزوجتي معاً، هل أنا آثم لرفض طلب أمي فأيهما أولى أن أقدم علماً أنني إن قدمت زوجتي غضبت والدتي، وكذا زوجتي فمن الأولى؟ من الأولى؟ طالب:. . . . . . . . . الأم ما حجت مثل الزوجة، كلهم ما حجوا. طالب:. . . . . . . . . تحج الزوجة؟ طالب:. . . . . . . . . يعني النفقات، يعني هل في ذلك تفاوت بين الحكم والأدب؟ في حديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار، واحد منهم يأتي باللبن ويجد أباه نائماً فينتظر حتى يصبح والصبية يتضاغون جوعاً، يعني لا يسقيهم قبل والده، مع أنه بالإمكان أن يفرغ في إناء لوالده ويسقي الصبية ولا يتضرر أحد، وعمله سيق مساق المدح، وأفرج عنهم بسبب ذلك، فلا شك أن تقديم الوالدين على غيرهما هو الأصل، وإن كان في بعض أبواب الفقه تقديم الزوجة على الوالدين في بعض النفقات؛ لكن يبقى أنه إذا قدم والدته فقد قدم دينه على هواه، فيحمد من هذه الحيثية، ولا يجب عليه أن يحج بزوجته، لا يلزمه حتى لو طلب الأجرة منها ليكون محرماً لها لا يُمنع، وعلى هذا عليه أن يبدأ بأمه، أو يحج بهما جميعاً، أو يتركهما جميعاً. ما الذي يبين أو يثبت أن هذا الشيء خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؟ أولاً: الأصل في أفعاله وأقواله -عليه الصلاة والسلام- أنها له ولغيره؛ لأنه هو القدوة وهو الأسوة -عليه الصلاة والسلام-؛ لكن إذا دل الدليل على أن هذا العمل خاص به، أو أنه فعله ونهى عنه دل على خصوصيته به، ولا بد من أن تقوم قرينة، ويقوم دليل يدل على الخصوصية.

هذه في فرنسا أم سهلة تقول: نحن نسكن في بلد شديد البرودة، فعندما نقوم لصلاة الفجر لا نستطيع الوضوء لبرودة الماء، فأحياناً نتيمم ونصلي، فهل هذا يكفي أم لا بد من الوضوء؟ وإذا كان كذلك فعلينا أن نقضي الصلوات التي صليناها بالتيمم؟ إذا كان يوجد ما يسخن به الماء فيسخن الماء ولا بد، وإن كان لا يوجد ما يسخن به الماء فيكفي التيمم. يقول: هذا من الإمارات، قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في التلبية: "ويستحب الإكثار منها عند اختلاف الأحوال مثل أدبار الصلوات، ومثل إذا ما صعد نشزاً، أو هبط وادياً، أو سمع ملبياً، أو أقبل الليل والنهار، أو التقت الرفاق، وكذلك إذا فعل ما نهي عنه، وقد روي أن ((من لبى حتى تغرب الشمس فقد أمسى مغفوراً له)) وإن دعا عقيب التلبية، وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من سخطه والنار فحسن" السؤال: هل ورد على قوله هذا -رحمه الله- دليل؟ كل هذا يقصد؟ يستحب الإكثار؟ أما استحباب الإكثار منه فهذا دليله واضح، ورفع الصوت بها، فالصحابة يكثرون، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة، وكذلك صحابته الكرام، الدليل على الإكثار منها لا شك أنه مأثور؛ لكن هل يستغرق الوقت كله بحيث لا يترك فرصة، ولا شيء من الوقت دون تلبية؟ هذا قد لا يطيقه كثير من الناس، وإذا ترك أحياناً لا مانع، ولا بأس، وهذا مقتضى قدرة الإنسان، ثم كيف يعود إذا ترك؟ إذا اختلفت الحال عاد، كما قرر أهل العلم، وأما قوله في الأخير: "أما حديث: ((من لبى حتى تغرب الشمس)) فذكرنا أنه حديث مخرج في المسند وابن ماجه، وهو ضعيف. قال: "وإن دعا عقيب التلبية" .. إلى آخره، هذا مأثور عن بعض السلف؛ لكنه لا يثبت مرفوعاً. طالب:. . . . . . . . . أولاً: شيخ الإسلام لا يرى الضعيف مطلقاً، لا في الفضائل ولا غيرها، والحديث موضوعه الفضائل، يعني يجر على قاعدة الجمهور أنه يستدل به في هذا المكان؛ لأنه في الفضائل، وشيخ الإسلام لا يرى الضعيف مطلقاً، فلعل عاصماً الذي ضعف بسببه لا يصل إلى حد الضعف عنده، أو هو متردد في ضعفه، ولذلك قال: روي. طالب: بعض الإحرامات يجيء فيه مثل. . . . . . . . .

هذا سروال، هذا سروال بدون كرسي. طالب: يعتبر مخيط؟ محظور، نعم ما يجوز. طالب: لبسته مرتين ولا أدري. تب واستغفر، ما دام أنك مقلد من تبرأ الذمة بتقليده ما عليك شيء؛ لأنه أفتى به بعض أهل العلم. طالب: في واحد من الإخوة عنده مصحف يبيك تشوفه يا شيخ أو بعد الدرس. لا، يجيبه الحين. طالب:. . . . . . . . . إيه لا هذا صاحب دار حراء، الذي طبعه دار حراء، جاءني إلى هنا، ورواني إياها، قلت: هذا إحداث، إحداث؛ لأنه وضع المصحف مثل الدليل بالسور، مثل الحروف الذي في الأدلة، التلوين هذا أيضاً لا أصل له، أزرق وأصفر وأحمر وأخضر، أنا ذكرت له هذا قلت له: هذا محدث، وعنده عاد فتاوى. طالب:. . . . . . . . . على كل حال أنا قلت له: هذا إحداث، والأمر يعني وزارة الشئون الإسلامية لا بد من عرضه عليها. طالب:. . . . . . . . . أعرف لا هو يباع داخل المملكة يباع، جابوه لنا من مطبعة حراء. طالب:. . . . . . . . . يمكن عشرة مصاحب، وراني إياها. طالب:. . . . . . . . . لا، هذا محدث، أقول محدث. طالب:. . . . . . . . . بارك الله فيك. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. قال شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله تعالى-: "والاستلام هو مسحه باليد، وأما سائر جوانب البيت، ومقام إبراهيم، وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها، ومقابر الأنبياء والصالحين، كحجرة نبينا -صلى الله عليه وسلم-، ومغارة إبراهيم، ومقام نبينا -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يصلي فيه، وغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين، وصخرة بيت المقدس فلا تستلم، ولا تقبل باتفاق الأئمة، وأما الطواف بذلك فهو من أعظم البدع المحرمة، ومن اتخذه ديناً يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، ولو وضع يده على الشاذروان الذي يربط فيه أستار الكعبة لم يضره ذلك في أصح قولي العلماء، وليس الشاذروان من البيت، بل جعل عماداً للبيت". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لما ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- ما يتعلق بالحجر الأسود، وأنه يقبل ويستلم، والركن اليماني يستلم ولا يقبل، والركنان الشاميان لا يستلمان ولا يقبلان، إذا لم يستطع تقبل الحجر الأسود ولا استلامه فإنه يشير إليه بيده، أو بما في يده من محجن ونحوه. إذا لم يستطع استلام –والاستلام هو المسح- إذا لم يستطع استلام الركن اليماني فإنه لا يشير إليه، ولا يكبر تجاهه، وإنما يمر به مروراً، إذا لم يستطع الاستلام، ما عدا ذلك سائر جوانب البيت، ومقام إبراهيم، وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها، ومقابر الأنبياء والصالحين كحجرة النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى آخر ما قال، هذا كله لا يستلم ولا يقبل باتفاق الأئمة، وإن وجد من السواد الأعظم من المسلمين من يمسح ويتبرك ويعقد العقد، وما أشبه ذلك، والمقام كثير من الناس يتمسح به، يرجو بركته، وهو يتسمح بحديد جيء به من مصنع، ولما قلت لامرأة: هذا لا ينفعك ولا يضر، هذا حديد جيء به من المصنع، أدخل الكير، وأحمي عليه، وجيء به إلى آخر ما يصنع بأمثاله من قطع الحديد، قالت: لا، هذا عندكم ما ينفع؛ لكن عندنا ينفع، نسأل الله السلامة والعافية.

يقول: "وأما سائر جوانب البيت، ومقام إبراهيم، وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها، ومقابر الأنبياء والصالحين، كحجرة نبينا -صلى الله عليه وسلم-، ومغارة إبراهيم، ومقام نبينا -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يصلي فيه، وغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين، وصخرة بيت المقدس فلا تستلم ولا تقبل باتفاق الأئمة" وكل هذه من البدع، وهي بدع متفاوتة، تبدأ من السجود لهذه الأشياء الذي هو شرك أكبر مخرج، إلى أن يصل الأمر إلى مجرد المسح للتبرك، وعلى كل حال كل هذه بدع محرمة، كها بدع محرمة، "وأما الطواف بذلك فهو من أعظم البدع المحرمة، ومن اتخذه ديناً يستتاب" يعني يكفر، فعلى هذا يستتاب يخرج من الملة إن تاب وإلا قتل، يقتل مرتد نسأل الله العافية، إذا اعتقد أن الطواف بغير البيت دين، وقد وجد من يسجد تجاه هذه الأمور، ووجد من يطوف، ومكتبة مكة الذي يقال لها المولد وجد من يسجد إليها مولياً دبره الكعبة، ووجد من يسجد للحجرة النبوية مولياً دبره الكعبة، هذا شرك أكبر، نسأل الله السلامة والعافية، والتمسح لا شك أنه بدعة منكرة يجب إنكارها؛ لكنه لا يصل إلى حد الشرك الأكبر. طالب:. . . . . . . . . لا، هذا ما قصدهم الطواف، ليستوعبوا المكان، إيه لأن الذي لا يدور عليه ما نقول: يطوف، الذي لا يدور عليه ما يوازي الصخرات التي في الأسفل، يعني ليستوعب المكان المسنون بعد الواجب. "ولو وضع يده على الشاذروان الذي يربط فيه أستار الكعبة لم يضره" من أهل العلم من يرى أن الشاذروان من الكعبة فلا يجوز الطواف عليه؛ لكن الشيخ -رحمه الله- قرر أنه ليس من الكعبة، وإنما وضع عماداً لها، يعني سنداً لها.

قوله: "ولو وضع يده على الشاذروان الذي يربط به أستار الكعبة لم يضره ذلك في أصح قولي العلماء" هل وضع اليد هنا قصده به التبرك به ليمسحه؟ أو لحاجته إلى ذلك يستند إليه، وخروج بعض البدن حتى على قول من يقول: أنه من الكعبة، يعني إذا قلنا: أنه من الكعبة فإذا استند إليه صار بعض بدنه داخل، هل مراد شيخ الإسلام -رحمه الله- أنه لو وضع يده للتبرك؟ لا، ليس مراده هذا، وإنما مراده أنه لو وضع يده عليه ما نقول أن جزءاً من بدنه داخل البيت؛ لأن الشاذروان ليس من البيت، وإنما هو عماد، ولذا لا يضره، وأما من يقول: أن الشاذروان من البيت يحذر هذا ويبتعد عنه؛ لئلا يكون في هوائه شيء من بدنه فيكون لم يطف بالبيت وإنما طاف فيه. طالب:. . . . . . . . . التواريخ المتوارثة. طالب: لو صعد عليه؟ لو صعد عليه وهو مقرر أنه ليس من البيت ما فيه إشكال؛ لكن الشيخ جاء باليد ليبين أن هذه أدنى شيء، والأولى أن يبتعد ما دام فيه خلاف. "ويستحب له في الطواف الأول أن يرمل من الحجر إلى الحجر في الأطواف الثلاثة، والرمل مثل الهرولة، وهو مسارعة المشي مع تقارب الخطى، فإن لم يمكن الرمل للزحمة كان خروجه إلى حاشية المطاف، والرمل أفضل من قربه على البيت بدون الرمل، وأما إذا أمكن القرب من البيت مع إكمال السنة فهو أولى". نعم يقول -رحمه الله- تعالى: "ويستحب له في الطواف الأول" أول ما يقدم، أول ما يطوف، سواءً في طواف القدوم، طواف العمرة، طواف الحج إذا لم يطف للقدوم، أول طواف يؤديه يستحب له أن يرمل فيه من الحجر إلى الحجر، السبب الذي من أجله شرع الرمل في عمرة القضية لما جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه ليؤدوا عمرة القضاء، جلس المشركون -كفار مكة- من جهة الحجر، وقالوا: يقدم محمد وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يغيضهم، فأمر بالرمل، والرمل في أول مشروعيته من الحجر الأسود إلى الركن اليماني، ويمشون بين الركنين رفقاً بهم، ثم بعد ذلك في حجة الوداع رمل من الحجر إلى الحجر، وبقيت المشروعية، وإن زالت العلة.

"في الأطواف الثلاثة" ولم يمنعه -عليه الصلاة والسلام- أن يرملوا في الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم، والرفق بهم، وإن كان من الصحابة كابن عباس من يرى أنه شرع لعلة، فارتفعت فيرتفع معها؛ لكنه عند عامة أهل العلم حكمه باق، وإن ارتفعت علته. "والرمل مثل الهرولة" يعني إسراع المشي مع تقارب الخطى، وبعض الناس يهز المنكبين وهو يزحف، مشياً وئيداً، ولا يستطيع أن يرمل، مع ذلك يهز المنكبين، هذا ليس بمشروع، قد يقول قائل: أن هذا هو المستطاع والمقدور عليه وإذا عجز عن بعض العبادة، وأمكن من بعضها نقول: هذا لا يراد لذاته، وإنما هز المنكبين يحتاجه من يرمل، والمشروع الرمل. "فإن لم يمكن الرمل للزحمة كان خروجه إلى حاشية المطاف" يعني يبعد عن الكعبة، يتمكن من الرمل إلى حاشية المطاف، والرمل أفضل من قربه إلى البيت بدون رمل؛ لأن الفضل كما يقرر أهل العلم الفضل المرتب على العبادة نفسها أولى بالمحافظة من الفضل على المرتب على مكانها أو زمانها، يعني ما لم يكن المكان أو الزمان شرطاً، أما إذا كان المكان أو الزمان شرط فإنه لا بد من ملاحظته، يعني لو قال قائل: أنا لو جلست في طرف الصف ما ارتحت ولا خشعت، المكيف يضرب على رأسي، أنتقل إلى الصف الثاني لأرتاح وأخشع في صلاتي، نقول: نعم لك ذلك؛ لأن الفضل المرتب على العبادة نفسها يحافظ عليه أولى مما يحافظ على الفضل المرتب على مكانها أو زمانها. "وأما إذا أمكن القرب من البيت مع إكمال السنة فهو أولى" لأن الطواف بالبيت وإذا كان الطواف به فالقرب منه مشروع. طالب: في الدرج الذي في آخر المطاف؟ إيه، لا بأس، هو داخل البيت. طالب:. . . . . . . . . ما في مانع، إيه نعم ما لم يخرج عن البيت، والمسعى خارج البيت، يعني ما يطوف بالمسعى؟ طالب:. . . . . . . . . نعم ما فيه إشكال. طالب: في أثناء الزحام يبعد الإنسان عن الكعبة في المطاف حتى تصير الكعبة خلف ظهره؟ يدفعونه خطاً في اتجاهه؟ يرجع، يرجع هذا، لازم يرجع، لا بد أن يرجع. طالب:. . . . . . . . .

لا، هو لو أنهم دفعوه إلى ما يخرج منه عن الكعبة، ولم يتعدَ محاذي مكانه الأول ما فيه إشكال، يغني لو قدر أن هذه هي الكعبة، وهو في هذا المكان، ودفع إلى ظهره إلى هذا، ما زال محاذي إلى مكانه الأول؛ لكن لو دفع هنا، لا، لا بد أن يرجع ليكون البيت عن يساره، والشيء اليسير الخطوة ونحوها يعفى عنها. طالب:. . . . . . . . . أحياناً يصير البيت خلف كتفك الأيسر. يعني مائل يسيراً، أو خلف ظهرك؟ طالب:. . . . . . . . . على كل حال إذا مشى خطوات عليه أن يرجع؛ لأنه من شرط الطواف أن يكون على جانبه الأيسر. "ويجوز أن يطوف من وراء قبة زمزم، وما روائها من السقائف المتصلة بحيطان المسجد، ولو صلى المصلي في المسجد والناس يطوفون أمامه لم يكره، سواءً مر أمامه رجل أو امرأة، وهذا من خصائص مكة". يقول -رحمه الله-: "ويجوز أن يطوف من وراء قبة زمزم" يعني في الأروقة، يعني. . . . . . . . . مصابيح، سواءً كان في الدور الأول أو الثاني يجوز؛ لأنه يطوف داخل البيت، داخل المسجد، أما إذا اضطر إلى أن يدخل في المسعى فعليه أن يرجع؛ لأن المسعى ليس من البيت، وفي الدور الثاني هناك مضيق لكنه وسع أخيراً مضيق اضطر الناس إلى أن يخرجوا من المسجد إلى المسعى، وعليهم أن يرجعوا في هذه الحالة، والآن وسع هذا -والحمد لله- وزال الحرج. "المتصلة بحيطان المسجد، ولو صلى المصلي في المسجد والناس يطوفون أمامه لم يكره، سواءً مر أمامه رجل، أو امرأة، وهذا من خصائص مكة" لأن المشقة تجلب التيسير، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى غير جدار، قال ابن عباس: يعني إلى غير سترة، والناس يمرون بين يديه، لا شك أن المشقة تجلب التيسير، وهذا مظنة للمشقة لا سيما في المواسم، أما في غير المواسم مع إمكان الاستتار فالحرم وغيره سواء، فالمسجد الحرام وغيره سواء. طالب: وفي حالة الذي يطوف ويجعل الكعبة خلفه من الزحام إلا يقال: المشقة تجلب التيسير؟ لا، لا هذا شرط، هذا شرط، والسترة ليست شرط. طالب: قوله: أو امرأة؟ رجل وامرأة لأنهم يطوفون بما فيهم الرجال والنساء بين يديه -عليه الصلاة والسلام-. طالب:. . . . . . . . . يطوفون بين يديه -عليه الصلاة والسلام-، ولم يتخذ سترة.

طالب: أحسن الله إليكم لو نؤخر الأسئلة ... وين؟ نبي نكمل -إن شاء الله-، نبي نكمل بإذن الله، نعم. "وكذل يستحب أن يضطبع في هذا الطواف، والاضطباع هو أن يبدي ضبعه الأيمن، فيضع وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر، وإن ترك الرمل والاضطباع فلا شيء عليه". نعم من سنن الطواف الاضطباع والرمل، ويستحب أن يضطبع فيجعل طرفي الرداء على عاتقه الأيسر، ويبدي عاتقه الأيمن، فيقول: "وهو أن يبدي ضبعه الأيمن، فيضع وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر" وهذا مشروع في الطواف كله لا في الأشواط الثلاثة فقط، وإنما في جميع الأشواط، ثم بعد ذلك إذا فرغ منه، وأراد الصلاة عليه أن يستر المنكبين ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه)) في رواية: ((على عاتقيه منه شيء)) "وإن ترك الرمل والاضطباع فلا شيء عليه" لأنهما من سنن الطواف. "ويستحب له في الطواف أن يذكر الله تعالى، ويدعوه بما يشرع، وإن قرأ القرآن سراً فلا بأس، وليس فيه ذكر محدود عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا بأمره، ولا بقوله، ولا بتعليمه، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك، فلا أصل له، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يختم طوافه بين الركنين بقوله تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [(201) سورة البقرة] كما كان يختم سائر دعائه بذلك، وليس في ذلك ذكر واجب باتفاق الأئمة". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ويستحب له في الطواف أن يذكر الله تعالى ويدعوه" وهذا من مواطن الذكر والدعاء، وذكرنا سابقاً أنه لو طاف بالبيت سبعاً ولم يتكلم بكلمة واحدة فإن طوافه صحيح، والذكر والدعاء إنما هو سنة بالمشروع، حيث لا يتعدى في دعائه، وإن دعا دعاءً مطلقاً له ذلك، وإن اقتصر على الأدعية على ما ورد في الكتاب والسنة فهو أفضل.

"وإن قرأ القرآن سراً فلا بأس" لأنه أفضل الأذكار، يقرأ القرآن سراً بحيث لا يشوش على الناس، ولا يؤثم الناس بحيث يلزمهم استماعه، إنما يقرأ ذلك سراً، فلا بأس، ومع ذلك لو قرأ القرآن سراً ثم مر بآية سجدة إن تيسر له أن يسجد بحيث لا يؤذي أحد ولا يتأذى سجد، وإلا لا يسجد إذا كان يؤذي أو يتأذى لا يسجد، وإن كان بحيث لا يؤذي أحداً ولا يتأذى هو فإنه يسجد، ثم بعد ذلك يستأنف، كما لو أقيمت صلاة، أو دعي إلى صلاة جنازة أو ما أشبه ذلك فإنه يقطع طوافه ويؤدي الصلاة، لا سيما الفريضة إن كان الطواف مفروضاً واجباً، أو الجنازة إذا كان الطواف مستحباً، أما إذا كان الطواف واجباً فلا يقطعه لصلاة جنازة، ولا غيرها، عليه أن يتابع. "وليس فيه ذكر محدود عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا بأمره، ولا بقوله، ولا بتعليمه، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له" يعني ما يذكر من الأدعية، دعاء الشوط الأول مثلاً، دعاء الشوط الثاني، الثالث، الرابع، دعاء مقام إبراهيم، دعاء الملتزم، دعاء كذا، كل هذا لا أصل له بهذا الترتيب، وإن وجد أصلٌ لبعض الأدعية، يعني بعض الأدعية المذكورة في هذه المناسك لها أصل شرعي، يعني جمعت من أدعية مشروعة، ومن أدعية مطلقة، وشيء ورد عن السلف، وشيء ابتكره مؤلفه، على كل حال تخصيص هذه العبادات بأدعية خاصة لم تخص بها شرعاً هذا لا بد له من دليل، والأذكار لا شك أنها توقيتها توقيفي، توقيتها زماناً ومكاناً توقيفي، فلا يتخذ عادة. "وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يختم طوافه بين الركنين بقوله: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} " [(201) سورة البقرة] يعني لو وافق أنه يقرأ قرآن مثلاً افتتح سورة البقرة، ومر بين الركنين يقطع قراءته ويقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، أو يستمر في قراءته؟ طالب:. . . . . . . . . يقطع القراءة ويأتي بآية في غير موضعها، أو نقول: يستمر في قراءته، وترك مندوباً إلى مندوب؟ طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . .

لكنه دعاء في غير موضعه من التلاوة، يعني لو أن الإنسان يقرأ القرآن مثلاً، يقرأ القرآن، ثم بعد ذلك دعا بدعاء مطلق لا علاقة له بالقراءة، لا شك أنه إن كان في الصلاة فهذا لا يجوز، إن كان خارج الصلاة فالأمر فيه سعة؛ لكن ينبغي أن يقبل على قراءته، فأقول: إذا كانت لا شك أنها آية هي في الأصل، وإن قرأها على أنها آية لا شك أخل بالترتيب، ولا يجوز الإخلال بترتيب الآيات، وإن جاء بها على هيئة دعاء، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قالها في هذا الموضع، ثم قطع تلاوته واستأنف له وجه، وإن كان المتجه عندي أنه لا يقطع قراءته المتتابعة بشيء. طالب: قراءة القرآن. إيش فيها؟ طالب: النبي ما قرأ. هو أفضل الأذكار، وما حفظ عنه أيضاً ذكر معين، أنت بتأتي بشيء ما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- إما ذكر وإلا دعاء وإلا قرآن. "كما كان يختم سائر دعائه بذلك" وهذا من جوامع الأدعية، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [(201) سورة البقرة] كون هذا الدعاء بين الركنين، كون هذا الدعاء {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [(201) سورة البقرة] اختيار هذا الدعاء بين الركنين، وما عدا الأركان، وما عدا الجهات ذكر ودعاء مخلوط، هل نقول: إن هذه الجهة لها مزية في الدعاء؟ يعني إذا أردا الإنسان أن يدعو ولم يتسر له الملتزم الوارد عن بعض الصحابة يدعو بين الركنين أو يدعو في الجهات الأخرى؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- خصص ما بين الركنين بهذا الدعاء؟ هل نقول: جنس الدعاء مطلوب في هذا المكان؟ طالب: الملحظ أن الدعاء في ختام الشوط.

ختام الشوط لا المكان، ولذلك قال: -رحمه الله-: "كما كان يختم سائر دعائه بذلك، وليس في ذلك ذكر واجب باتفاق الأئمة" لو كان الوقت من الركن اليماني إلى الحجر الأسود يستغرق خمس دقائق مثلاً، في أوقات الزحام يستغرق خمس دقائق، هل يكرر هذا الدعاء أو يأتي به ويأتي بغيره؟ لأنه في أوقات الزحام يستغرق خمس دقائق، وهذا لا تستغرق إلا ربع دقيقة مثلاً، فماذا يقول في بقية الوقت؟ هل يكرر هذا الدعاء؟ أو يأتي بأدعية أخرى، أو يأتي بأذكار؟ طالب: يأتي بأذكار حتى يصل. . . . . . . . . يعني يختم بها الطواف، يختم بها الطواف. طالب:. . . . . . . . . هو يأتي بالمشروع؛ لكن الآن بقي وقت، هل نقول: ما في ذكر لهذا المكان إلا ربنا آتنا في الدنيا حسنة؟ بين الركنين ما في ذكر إلا هذا كما هو المأثور؟ أو نقول: ما دام الوقت يستوعب يقول هذه ويقول غيرها قبلها أو بعدها؛ لأن المفترض أن تصير بين الركنين؟ أو يقولها إذا توسط أو إذا قارب النهاية؟ على كل حال كل هذه محل بحث، وينبغي أن يكون هذا الدعاء ختاماً لطوافه، ختاماً لشوطه. "والطواف بالبيت كالصلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام، فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير، ولهذا يؤمر الطائف أن يكون متطهراً الطهارتين الصغرى والكبرى، ويكون مستور العورة، مجتنب النجاسة التي يجتنبها المصلي والطائف طاهراً؛ لكن في وجوب الطهارة في الطواف نزاع بين العلماء، فإنه لم ينقل أحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بالطهارة للطواف، ولا نهى المحدث أن يطوف؛ ولكنه طاف طاهراً، لكنه ثبت عنه أنه نهى الحائض عن الطواف، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)) فالصلاة التي أوجب الله لها الطهارة ما كان يفتتح بالتكبير، ويختم بالتسليم، كالصلاة التي فيها ركوع وسجود، وكصلاة الجنازة، وسجدتي السهو، وأما الطواف وسجود التلاوة فليسا من هذا. والاعتكاف يشترط له المسجد، ولا يشترط له الطهارة بالاتفاق، والمعتكفة الحائض تنهى عن اللبث في المسجد مع الحيض، وإن كانت تلبث في المسجد وهي محدثة.

قال أحمد بن حنبل في مناسك الحج لابنه عبد الله: حدثنا سهل بن يوسف، أنبأنا شعبة عن حماد ومنصور، قال: سألتهما عن الرجل يطوف بالبيت وهو غير متوضأ، فلم يريا به بأساً، قال عبد الله: سألت أبي عن ذلك، فقال: أحب إلي ألا يطوف بالبيت وهو غير متوضأ؛ لأن الطواف بالبيت صلاة، وقد اختلفت الرواية عن أحمد في اشتراط الطهارة فيه ووجوبها، كما هو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة؛ لكن لا يختلف مذهب أبو حنيفة أنها ليست بشرط". نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وليس في ذلك ذكر واجب باتفاق الأئمة" لا في الطواف، ولا في السعي، ولا في غيره من المواقف.

"والطواف بالبيت كالصلاة" وجاء في الحديث: ((الطواف بالبيت صلاة)) لكنه مضعف عند أهل العلم، "الطواف بالبيت كالصلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام" يعني الشيخ -رحمه الله- يقرر أن الطواف بالبيت كالصلاة، فهل معوله على الحديث، أو أن هذا مجرد تشبيه اتفاقي ينبغي؛ لأنه عبادة بدنية كالصلاة؟ إن كان يقرر ذلك اعتماداًَ على الحديث فيلزمه أن يشترط الطهارة، ولا يستثني من ذلك إلا مسألة الكلام؛ لأنه يقول: "الطواف بالبيت كالصلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام" هذا كلام الشيخ -رحمه الله- يلزمه بأن تكون الطهارة شرطاً، يعني لو قال: وقد ورد أن الطواف بالبيت صلاة، أو قد روي أن الطواف بالبيت صلاة لا يَلتزِم؛ لأنه صاغه بصيغة تمريض؛ لكنه قرر الطواف بالبيت كالصلاة جزماً، فيلزمه أن تكون الطهارة شرطاً، "إلا أن الله أباح فيه الكلام فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير" ويحرص أن يكون مما يقربه إلى الله -جل وعلا-، يجتنب في ذلك حتى المباح من الكلام، يستغل هذا المكان، وهذا الظرف بما يقربه إلى الله -جل وعلا-، وبما ينفعه في الآخرة، وبعض الناس يطوف الاثنان منهم والثلاثة، والمسألة قيل وقال إلى أن ينتهي الطواف؛ لأن الله أباح فيه الكلام، ليس معنى أنه أباح فيه الكلام أن يستغل بالمباح فضلاً عن المكروه والحرام، لا، إنما هو عبادة، الأصل أن يستغل بالذكر والدعاء، "إلا أن الله أباح فيه الكلام، فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير" ولهذا نعم يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، إذا رأى امرأة متبرجة أمرها بالمعروف، استتري، ستر الله عليك في الدنيا والآخرة، إلى آخره، وهذا من أفضل الكلام مثل هذا، "ولهذا يؤمر الطائف أن يكون متطهراً الطهارتين الصغرى والكبرى، ويكون مستور العورة" يعني بجميع شروط الصلاة إلا ما لا يمكن تحقيقه فيها، كالاستقبال مثلاً، أما النية فلا بد منها، والطهارة على الخلاف بين أهل العلم، وستر العورة لا بد منها. طالب: الوقت. نعم، لا، الوقت ما في وقت. طالب: يا شيخ خرجت كثيراً من الشروط. . . . . . . . . لا ما استثني الشيخ قرر أنه كالصلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام بس، على مقتضى الحديث. طالب:. . . . . . . . .

ما يمكن تحقيقه، وجه الشبه في ما يمكن تحقيقه، يعني هذا الأصل، الأصل أن وجه الشبه في جميع الشروط، هذا الأصل، فلا يخرج منها إلا ما لا يمكن تحقيقه، يقول: "ولهذا يؤمر الطائف أن يكون متطهراً الطهارتين الصغرى والكبرى، ويكون مستور العورة، مجتنب النجاسة التي يجتنبها المصلي" وكثير من الطائفين يطوف بالطفل، وهو مشتمل على نجاسة، نعم النجاسة لا تبرز ولا تلوث؛ لكنه مشتمل على نجاسة، لا بد أن يتأكد من أن الطفل لا نجاسة فيه. طالب:. . . . . . . . .

ما في جوفه معفون عنه؛ لكن ما خرج منه؛ لأن بعض الناس يظن أنه إذا أمن تلويثه خلاص يكفي، لا، لا يكفي، لا يطوف به، ولا يصلي به، "مجتنب النجاسة التي يجتنبها المصلي والطائف طاهراً" لا بد أن يكون طاهراً "لكن –هذا استدراك من المؤلف -رحمه الله- في وجوب الطهارة في الطواف نزاع بين العلماء" في وجوب الطهارة نزاع، هل النزاع في الوجوب أو في الاشتراط؟ بين الأئمة؟ بين الأئمة؟ في الاشتراط، النزاع في الاشتراط، أما حتى الحنفية يوجبونها، ويلزمون بدم إذا تركها "لكن في وجوب الطهارة في الطواف نزاع بين العلماء، فإنه لم ينقل أحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بالطهارة للطواف، ولا نهى المحدث أن يطوف، ولكنه طاف طاهراً" النبي -عليه الصلاة والسلام- تطهر قبل الطواف، ودخل المطاف طاهراً، وقال: ((خذوا عني مناسككم)) طاف طاهراً لكنه ثبت أنه نهى الحائض عن الطواف، ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) هل النهي لأن الطهارة شرط، أو لأن الحائض لا تمكث في المسجد؟ عند شيخ الإسلام لأنها منهية عن المكث في المسجد لا لأن الطهارة شرط، إنما تطوف وهي في حيضها وعليها دم، كما هو قول الحنفية، "ولا نهى المحدث أن يطوف؛ ولكنه طاف طاهراً؛ لكنه ثبت عنه أنه نهى الحائض عن الطواف، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)) " وقال أيضاً: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) فالذي يأخذ بحديث: ((الطواف بالبيت صلاة)) يقول: شرط، وهذا قول الجمهور، الطهارة شرط لصحة الطواف، "فالصلاة التي أوجب لها الطهارة ما كان يفتتح بالتكبير، ويختم بالتسليم كالصلاة التي أوجب فيها ركوع وسجود، وكصلاة الجنازة وسجدتي السهو" لأنهما داخل، يعني ملحقان بالصلاة، "وأما الطواف وسجود التلاوة فليسا من هذا" لأنهما لا يفتتحان بتكبير ولا تسليم، فسجدة التلاوة عند شيخ الإسلام ليست بصلاة، فتصح من غير طهارة، فليسا من هذا.

"والاعتكاف يشترط له المسجد، ولا يشترط له الطهارة بالاتفاق" يعني يمكث في المسجد ولو كان محدثاً، "والمعتكفة الحائض" في معتكفة حائض؟! المعتكفة الحائض وصفان، المرأة المعتكفة الحائض، ما يجي هذا أبداً؛ لأن الحائض ليس لها أن تعتكف؟ طالب:. . . . . . . . . لا، ما هو بيقول معتكفة إذا حاضت. طالب: البالغة. لا، لا يريد البالغة؛ لأن البالغة لو كان مجرد بلوغ تمكث في المسجد. طالب: أحسن الله إليكم كأنه يمنع الحائض. من إيش؟ طالب: من الاعتكاف. لا، لا ما بلغت يا أخي، لو بلغت وهي غير متلبسة بحيض ما تُمنع من اللبث في المسجد، الكلام المتلبسة بالحيض، المعتكفة الحائض، التركيب ليس بسليم؛ لأن الحائض ليس لها أن تعتكف، يعني المعتكفة إذا حاضت صح، هذا ما فيه إشكال، إذا حاضت تخرج من المسجد، ليس لها أن تلبث في المسجد، أما معتكفة حائض، يعني وهي حائض ما يجي؛ لأن الحائض ليس لها أن تعتكف، "والمعتكفة الحائض تنهى عن اللبث في المسجد" لأن النهي عن اللبث في المسجد مناقض مناقضة تامة للاعتكاف الذي مقتضاه اللبث، "مع الحيض، وإن كانت تلبث في المسجد وهي محدثة" ولا إشكال في كونها تلبث وهي محدثة كالرجل. و"قال أحمد بن حنبل في مناسك الحج لابنه عبد الله: حدثنا سهل بن يوسف، قال: أنبأنا شعبة" مناسك الحج لابنه عبد الله، يعني هل المنسك للإمام أو للابن؟ طالب: للإمام. هو يقول: "قال أحمد بن حنبل في مناسك الحج لابنه عبد الله" طالب:. . . . . . . . . لا، لا، لا من تأليفه. طالب: عبد الله يحدث عن أبيه. يعني المسند كله قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا أبي، وهو مسند الإمام أحمد، هذا مسند الإمام أحمد، قال: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي، هذا مسند الإمام أحمد، وإن رواه عبد الله عن أبيه، الزوائد يقول: حدثنا عبد الله قال: حدثنا فلان غير أبيه، هذه الزوائد المسندة التي لعبد الله ليست للإمام أحمد، فما كان عن عبد الله عن أبيه والقائل: حدثنا سهل هو الإمام أحمد. طالب:. . . . . . . . .

لكن يقال: مسائل الإمام أحمد من رواية ابنه عبدالله، مسائل الإمام أحمد من رواية ابن هانئ، مسائل الإمام أحمد من رواية فلان وفلان، فما يقال: منسك، يعني السنة مثلاً هو من رواية عبد الله عن أبيه، المسند من رواية عبد الله عن أبيه، وهكذا كل كتب الإمام وغيره من الأئمة من رواية تلاميذهم عنهم، الموطأ حدثنا يحيى قال: حدثنا مالك، وهكذا. طالب: إذا جمع الطالب لشيخه كتاب ينسب لمن؟ للشيخ، على طريقة المتقدمين ينسب للشيخ، المسند كله حدثنا عبد الله قال: حدثنا أبي، الموطأ -أقرب مذكور- حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا مالك، الشافعي، قال الربيع: قال الشافعي. طالب: هؤلاء الذين جمعوا وحدثوا بها الطلاب. نقول: على طريقة المتقدمين هذه مطردة، أن التأليف ينسب للإمام، طريقة المتأخرين لا، المؤلف من جمع الكتاب، ولذلك ظل من ظل، وتاه من تاه في تخطئة نسبة الأم للإمام الشافعي، وصنف في ذلك مصنف بقدر هذا: (إصلاح أشنع خطأ في تاريخ التشريع الإسلامي الأم ليست للإمام الشافعي) وعلى هذا الموطأ ليس للإمام مالك، المسند ليس للإمام أحمد وهكذا، طريقة المتقدمين تختلف عن طريقة المتأخرين. "قال أحمد بن حنبل في مناسك الحج لابنه عبد الله: حدثنا سهل بن يوسف، قال: أنبأنا شعبة عن حماد ومنصور، قال: سألتهما عن الرجل يطوف بالبيت، وهو غير متوضأ فلم يريا به بأسا" هذا رأيهما، "قال عبد الله: سألت أبي عن ذلك، فقال: أحب إلي ألا يطوف بالبيت وهو غير متوضأ؛ لأن الطواف بالبيت صلاة"، صلاة مقتضى هذا أن الطهارة شرط كالصلاة، "وقد اختلفت الرواية عن أحمد في اشتراط الطهارة فيه، ووجوبها كما هو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة؛ لكن لا يختلف مذهب أبو حنيفة أنها ليست بشرط" لكنها واجبة تجبر بدم، وعلى كل حال جمهور أهل العلم على أن الطهارة شرط لصحة الطواف، وعلى هذا إذا أحدث في أثناء الطواف لا بد أن يخرج ويتوضأ ويعود، إن عاد قريباً بنى، وإن طال به الفصل استأنف. طالب:. . . . . . . . . الوجوب، الوجوب نعم. طالب:. . . . . . . . . يلزمه دم. طالب: عليه دم يا شيخ؟ إيه عليه دم، كرأي أبي حنيفة نعم. طالب:. . . . . . . . .

نعم، إيه الوجوب بين الوجوب والاشتراط النزاع، ما هو بين الوجوب والاستحباب؛ لكن ذكر عن بعض، عن منصور، حماد ومنصور وغيرهم لم يروا بأساً، يعني مأثور عن بعض السلف. طالب:. . . . . . . . . شيخ الإسلام احتاج إلى الطهارة في طواف الحائض، وذكر الافتراضات التي ذكرها، ثم بعد ذلك قال: أنها لا تحبس الرفقة، تتحفظ وتتحرز من خروج الدم، وتتطهر وتطوف على حالها وهيأتها؛ لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي؟ )) فدل على أن الحائض تحبس الرفقة، الحائض تحبس الرفقة. تروا ودنا نكمل أيها الأخوة، باقي الآن ثلاث صفحات؛ لأن هذا بيسأل، وذا بيسأل، والله ودنا نكمل؛ لأنه ما في إلا اليوم، بكرة ما في درس. "ومن طاف في جورب ونحوه لئلا يطأ نجاسة من ذرق الحمام، أو غطى يديه لئلا يمس امرأة ونحو ذلك فقد خالف السنة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والتابعين ما زالوا يطوفون بالبيت، وما زال الحمام بمكة؛ لكن الاحتياط حسن ... ". والاحتياط، والاحتياط حسن ما لم يخالف السنة، عندكم لكن؟ لا، السياق يقتضي أن يقول: الاحتياط حسن ما لم يخالف السنة. "والاحتياط حسن ما لم يخالف السنة المعلومة، فإذا أفضى إلى ذلك كان خطأ، واعلم أن القول الذي يتضمن مخالفة السنة خطأ، كمن يخلع نعليه في الصلاة المكتوبة، أو صلاة الجنازة خوفاً من أن يكون فيهما نجاسة، فإن هذا خطأ مخالف للسنة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي في نعليه، وقال: ((إن اليهود لا يصلون في نعالهم فخالفوهم)) وقال: ((إذا أتى المسجد أحدكم فلينظر في نعليه، فإن كان فيهما أذى فليدلكهما في التراب، فإن التراب لهما طهور)) وكما يجوز أن يصلي في نعليه فكذلك يجوز أن يطوف في نعليه، وإن لم يمكنه الطواف ماشياً طاف راكباً أو محمولاً أجزأه بالاتفاق".

نعم يقول الشيخ -رحمه الله-: "ومن طاف في جورب ونحوه لئلا يطأ نجاسة" هذا إذا كان غير محرم أما إذا كان محرماً فطوافه بالجورب ممنوع؛ لأنه في حكم الخف "ومن طاف في جورب ونحوه لئلا يطأ نجاسة من ذرق الحمام، أو غطى يديه لئلا يمس امرأة ونحو ذلك فقد خالف السنة" لأن هذا احتياط في غير موضعه، لم يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو احتياط زائد على قدر الحاجة، وبعض أهل العلم، بعض ممن ينتسب إلى العلم تجده يزيد في أمور لم تشرع من باب الاحتياط، والزيادة فيما شرع لا شك أنها تدخل في حيز الابتداع، وشيخ الإسلام في مواضع يقول: "إذا أدى الاحتياط إلى ترك مأمور أو فعل محظور فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط". الشافعية يجدون عنتاً شديداً في المطاف، مجرد مس الرجل للمرأة ولو من غير قصد، ولو بغير شهوة يبطل الطواف، فهم يجدون حرج شديد، وعنت فتجد الواحد منهم يغطي يديه، لئلا يقع في هذا المبطل للطواف، وأما غيرهم فالمس بغير شهوة لا يضر، يبطل الطهارة عند الشافعية ولو من غير قصد، فيبطل الطواف، فتجدهم يحتاطون، يغطي يديه لئلا يمس امرأة، فالدين وسط بين الغالي والجافي، لا يلزمه أن يغطي يديه، ولا يتعرض أيضاً لمس المرأة، بحيث يمر بجانبها علها أن تمسه أو يمسها، هذا ما يجوز، هذا محرم، فلا هذا ولا هذا، فلا يغطي يديه، ولا يتعرض للمرأة ليظهر للناس أنه مسها من غير قصد، أو مسته من غير قصد، وهذا قد يوجد في نفوس بعض الضعاف من في قلبه مرض. "أو غطى يديه لئلا يمس امرأة، ونحو ذلك، فقد خالف السنة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والتابعين ما زالوا يطوفون بالبيت، وما زال الحمام بمكة؛ والاحتياط حسن ما لم يخالف السنة المعلومة" يعني يأتي بقدر زائد على ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بزعمه أنه يحتاط، هذا الاحتياط في ترك هذا الاحتياط، "فإذا أفضى إلى ذلك كان خطأ"، والاحتياط في تركه حينئذ.

"واعلم أن القول الذي يتضمن مخالفة السنة خطأ، كمن يخلع نعليه في الصلاة المكتوبة، أو صلاة الجنازة خوفاً من أن يكون فيهما نجاسة، فإن هذا خطأ مخالف للسنة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي في نعليه" وأمر بالصلاة بالنعال مخالفة لليهود، "وقال: ((إن اليهود لا يصلون في نعالهم فخالفوهم)) وقال: ((إذا أتى أحدكم المسجد فلينظر في نعليه فإن كان فيهما أذى فليدلكهما في التراب، فإن التراب لهما طهور)) " يعني يكفيه أن يدلك النعل بالتراب، فإذا زال عين النجاسة أو عين الأذى منها كفاه، ((فلينظر في نعليه فإن كان فيهما أذى)) وهو أعم من أن يكون نجاسة أو وسخاً ((فليدلكهما في التراب، فإن التراب لهما طهور)). ويجوز أن يصلي في نعليه "فكذلك يجوز أن يطوف في نعليه" قوله: "يجوز أن يصلي في نعليه" مع قوله: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي فيهما، وأمر بالصلاة، لا يكفي أن يقال: يجوز، نعم؛ لكن إذا ترتب على الصلاة في النعال إتلاف مال، أو تقذير، مثل المساجد المفروشة، وما أشبه ذلك، لا شك أن الناس يتقذرون من هذا، فينبغي ألا يصلي بنعاله. طيب إذا دخل المسجد الحرام وأهله يمنعون من الدخول فيه بالنعال، ويستدلون بقوله -جل وعلا-: {اخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [(12) سورة طه] والعلة؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب: {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [(12) سورة طه]

نعم، {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [(12) سورة طه]، وهل الوادي المقدس الذي أمر موسى بأن يخلع نعليه أكثر قداسة من المسجد الحرام؟ هم يستدلون بهذا، إذا دخلت بنعليك كأنك عريان، لا، يمكن بعد ما ينكرون عليك مثل هذا الإنكار، ويستدلون بالأمر بخلع النعلين، والعلة {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ} [(12) سورة طه] وهذا أقدس منه، إذن من باب أولى أن تخلع نعليك، فهل خلع النبي -صلى الله عليه وسلم- نعليه لما دخل البيت؟ ما خلع نعليه، ولا خلع نعليه عندما دخل مسجده، وهو أقدس من الوادي المقدس الذي ذكر؛ لكنه أمر بخلع النعلين بالوادي المقدس نعم في الظرف الذي فيه التكليم لله -جل وعلا-؛ لكن هل يستقل كونه وادي مقدس بالعلة بخلع النعلين؟ الآية نصت على هذا، وأن هذه هي العلة، فإذا قلنا: أن هذه العلة تستقل بالحكم بخلع النعلين، نعم، نقول: إذا كان الوادي مقدساً أو أشد تقديساً من الوادي الذي أُمر، كان من باب قياس الأولى، فعليه أن يخلع نعليه، ومادام في شرعنا نبينا -عليه الصلاة والسلام- لم يخلع نعليه، فأمته تبع له، والمنع لا وجه له. "وإن لم يمكنه الطواف ماشياً طاف راكباً أو محمولاً أجزأه بالاتفاق، وكذلك ما يعجز عنه من واجبات الطواف مثل من كان به نجاسة لا يمكنه إزالتها كالمستحاضة، ومن به سلس البول فإنه يطوف ولا شيء عليه باتفاق الأئمة، وكذلك لو لم يمكنه الطواف إلا عرياناً فطاف بالليل، كما لو لم يمكنه الصلاة إلا عرياناً، وكذلك المرأة الحائض إذا لم يمكنها طواف الفرض إلا حائضاً بحيث لا يمكنها التأخر بمكة، ففي أحد قولي العلماء الذين يوجبون الطهارة على الطائف: إذا طافت الحائض أو الجنب أو المحدث أو حامل النجاسة مطلقاً أجزأه الطواف وعليه دم، إما شاة وإما بدنة مع الحيض والجنابة، وشاة مع الحدث الأصغر، ومنع الحائض من الطواف قد يعلل بأنه يشبه الصلاة، وقد يعلل بأنها ممنوعة من المسجد كما تمنع منه بالاعتكاف، وكما قال -عز وجل- لإبراهيم -صلى الله عليه وسلم-: {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [(125) سورة البقرة] فأمره .. ". يعني لإبراهيم وإسماعيل.

الطالب: في الأصل {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ} [(26) سورة الحج] وعدلها المحقق. إذاً يكون الأمر لإبراهيم وإسماعيل. الطالب: {أن طَهِّرَا بَيْتِيَ}. الأمر لمن؟ الطالب: لإبراهيم وإسماعيل. نعم لإبراهيم وإسماعيل، نعم. "فأمره بتطهيره لهذه العبادات فُمنعت الحائض من دخوله، وقد اتفق العلماء على أنه لا يجب للطواف ما يجب للصلاة، من تحريم، وتحليل وقراءة وغير ذلك، ولا يبطله ما يبطلها من الأكل والشرب والكلام وغير ذلك، ولهذا كان مقتضى تعليل من منع الحائض لحرمة المسجد أنه لا يرى الطهارة شرطاً، بل مقتضى قوله أنه يجوز لها ذلك عند الحاجة، كما يجوز لها دخول المسجد عند الحاجة، وقد أمر الله تعالى بتطهيره للطائفين والعاكفين والركع السجود، والعاكف فيه لا يشترط له الطهارة، ولا تجب عليه الطهارة من الحدث الأصغر، باتفاق المسلمين، ولو اضطرت العاكفة الحائض إلى لبثها فيه للحاجة جاز ذلك، وأما الركع السجود فهم المصلون، والطهارة شرط للصلاة باتفاق المسلمين، والحائض لا تصلي لا قضاءً ولا أداء، يبقى الطائف هل يلحق بالعاكف أو بالمصلي؟ أو يكون قسماً ثالثاً بينهما؟ هذا محل اجتهاد، وقوله: ((الطواف بالبيت صلاة)) لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن هو ثابت عن ابن عباس، وقد روي مرفوعاً، ونقل بعض الفقهاء عن ابن عباس أنه قال: "إذا طاف بالبيت وهو جنب عليه دم" ولا ريب أن المراد بذلك أنه يشبه الصلاة من بعض الوجوه ليس المراد أنه نوع الصلاة التي يشترط لها الطهارة، وهكذا قوله: ((إذا أتى أحدكم المسجد فلا يشبك بين أصابعه فإنه في صلاة)) وقوله: ((إن العبد في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، وما دام ينتظر الصلاة، وما كان يعمد إلى الصلاة)) ونحو ذلك، فلا يجوز لحائض أن تطوف إلا طاهرة إذا أمكنها ذلك باتفاق العلماء، ولو قدمت المرأة حائضاً لم تطف بالبيت؛ لكن تقف بعرفة وتفعل سائر المناسك كلها مع الحيض إلا الطواف فإنها تنتظر حتى تطهر -إن أمكنها ذلك- ثم تطوف، وإن اضطرت إلى الطواف فطافت أجزأها ذلك على الصحيح من قولي العلماء".

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وإن لم يمكنه الطواف ماشياً فطاف راكباً أو محمولاً أجزأه بالاتفاق"، إذا طاف، إذا لم يمكنه، إن لم يمكنه، النبي -عليه الصلاة والسلام- طاف على الدابة، وطوافه مطلق من غير قيد، في الصحيح مطلق، وجاء في السنن أنه كان شاكياً، -عليه الصلاة والسلام-، فهل يجوز الطواف من غير حاجة راكباً؟ الشيخ -رحمه الله تعالى- يقول: "وإن لم يمكنه الطواف ماشياً فطاف راكباً أو محمولاً أجزأه بالاتفاق" لكن إذا كان يمكنه الطواف ماشياً فطاف راكباً أو محمولاً؟ المسألة خلافية، والقيد موجود في السنن، والذي في الصحيح أنه طاف راكباً -عليه الصلاة والسلام-، والقيد معتبر، المذكور في السنن معتبر، فإذا كان شاكياً أو لا يستطيع الطواف ماشياً فإنه حينئذ يركب وطوافه يجزئ بالاتفاق، "وكذلك ما يعجز عنه من واجبات الطواف، مثل من كان به نجاسة لا يمكنه إزالتها" يعني ممن حدثه دائم، ممن يصحح أهل العلم صلاته بحدثه، "كمن به سلس بول أو استحاضة، أو ما أشبه ذلك، فإنه يقول: "لا يمكنه إزالتها كالمستحاضة ومن به سلس البول، فإنه يطوف ولا شيء عليه باتفاق الأئمة". "وكذلك لو لم يمكنه الطواف إلا عرياناً" فإنه يطوف كما يصلي عرياناً إذا لم يجد سترة؛ لأن الشروط إذا لم يقدر عليها تسقط، {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] "وكذلك لو لم يمكنه الطواف إلا عرياناً" فإنه يطوف كما يصلي عرياناً "فطاف بالليل كما لو لم يمكنه الصلاة إلا عرياناً، وكذلك المرأة الحائض .. " إلى آخره، يطوف عرياناً، ويتحرى الليل؛ لكن هل نقول له: لا تصلِ إلا بالليل؟ صلاة الظهر والعصر لا تصلِ إلا بالليل أستر لك؟ لا. طالب: يصلي جالس. يصلي جالس؛ لكن الشيخ يقول: يطوف بالليل. طالب: الوقت شرط للصلاة. نعم الصلاة من شرطها الوقت، فلا يجوز أن تؤخر إلى الليل لهذا، نعم.

"وكذلك المرأة الحائض إذا لم يمكنها طواف الفرض إلا حائضاً بحيث لا يمكنها التأخر بمكة ففي أحد قولي العلماء الذين يوجبون الطهارة على الطائف: إذا طافت الحائض أو الجنب أو المحدث أو حامل النجاسة" يعني الجنب والمحدث إذا أمكنه الطهارة لا يقول أحد بطوافه إلا عند من يرى أنه واجب فيلزمه بدم؛ لكن عند من يقول باشتراطه إن وجد الماء تعين عليه، وإن لم يجد تيمم؛ لكن الحائض ليس لديها حيلة، التيمم لا يرفع حدثها، فقوله: "أو الجنب أو المحدث" عطفه على الحائض لا يتجه، الحائض لها حكم، والجنب والمحدث لها حكم، يعني إذا لم يجد الماء ارتفع حدثه بالتيمم، "أو حامل النجاسة مطلقاً" إذا لم يجد ما يزيل به هذه النجاسة طاف بها، كما أنه يصلي بها، "أجزأه الطواف وعليه دم: إما شاة وإما بدنة مع الحيض والجنابة" يعني مع الحدث الأكبر عليه بدنة، ومع الحدث الأصغر عليه شاة، ومع ذلك إذا كان جنباً ولم يجد ماءً فإنه يتيمم ويطوف، كما أنه يتيمم ويصلي، وكذلك المحدث حدث أصغر، "وشاة مع الحدث الأصغر، ومنع الحائض من الطواف قد يعلل بأنه يشبه الصلاة وقد يعلل بأنها ممنوعة من المسجد كما تمنع من الاعتكاف" النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر بإخراج العواتق والحيض وذوات الخدور إلى صلاة العيد، ثم قال: ((وليعتزل الحيّض المصلى)) مع أن المصلى ليست له جميع أحكام المسجد، فالمسجد من باب أولى، وهل الاعتزال اعتزال المصلى لاتصافها بالحيض، أو لمنعها من الصلاة، فلا تضيق على الناس، وهي لا صلاة لها؟ نعم، يعني المصلى هل المراد به المكان الذي تؤدى فيه الصلاة، وهو جزء من المصلى العام؟ أو المراد المصلى بسوره؟ يعني نفترض أن مصلى العيد مسور، كما هو موجود، نقول: هل للحائض أن تدخل في هذا المصلى، وتعتزل مكان الصلاة، لا تضيق على الناس، أو نقول: أنه مسجد، له أحكام المسجد فلا تدخله؟ نعم. طالب: كلا الأمرين. يعني لا تدخل وتدخل؟ طالب: يعني بجانب المسجد خارج المسجد.

خارج المسجد نعم، هذا الذي يقرره، وهو الظاهر من لفظ المصلى؛ لأن المصلى (ال) هذه تعني ما يحاط بسوره، كما أنه لو قلنا: المسجد ما هو موضع السجود، إنما هو ما يحاط بسور المسجد، فتعتزل المصلى، وفي هذا تشديد، إذا منعت من دخول المصلى فلأن تمنع من دخول المسجد من باب أولى. "وقد يعلل أنها ممنوعة من المسجد كما تمنع من الاعتكاف، وكما قال -عز وجل- لإبراهيم -يعني وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام-: {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [(125) سورة البقرة] فأمره بتطهيره لهذه العبادات، فمنعت الحائض من دخوله، وقد اتفق العلماء على أنه لا يجب للطواف ما يجب للصلاة" يعني وجوه افتراق، ووجوه اتفاق بين الصلاة والطواف، "لا يجب للطواف ما يجب للصلاة من تحريم وتحليل" يعني ما يقول: الله أكبر إذا بدأ بنية تكبيرة إحرام، وإن كان التكبير مشروعاً في بداية الطواف وليس بركن في الطواف كما هو شأن تكبيرة الإحرام، ولا يقول إذا فرغ من الطواف: السلام عليكم ورحمة الله، ما يقول هذا. "وقد اتفق العلماء على أنه لا يجب للطواف ما يجب للصلاة من تحريم وتحليل وقراءة وغير ذلك، ولا يبطله ما يبطلها من الأكل والشرب والكلام" يعني إذا احتاج للأكل والشرب، عطش وهو بالمطاف والماء بجواره يشرب وإلا ما يشرب؟ أذن المغرب وهو صائم وبيده التمرة يأكلها وإلا ما يأكلها؟ هذا مما يختلف فيه الطواف عن الصلاة، "ولا يبطله ما يبطلها من الأكل والشرب والكلام وغير ذلك، ولهذا كان مقتضى تعليل من منع الحائض لحرمة المسجد أنه لا يرى الطهارة شرطاً" يعني من قال: أنها ممنوعة من دخول المسجد، ولم يعلل بأنها ممنوعة من الطواف لأنها حائض، "مقتضى تعليل من منع الحائض لحرمة المسجد أنه لا يرى الطهارة شرطاً، بل مقتضى قوله أنه يجوز لها ذلك عند الحاجة" يعني كما تدخل المسجد لحاجة مارة به، ولا تلبث ولا تمكث.

"كما يجوز لها دخول المسجد عند الحاجة، وقد أمر الله تعالى بتطهيره للطائفين والعاكفين والركع السجود" المراد بالتطهير التنظيف، التنظيف الحسي والمعنوي {طَهِّرَا بَيْتِيَ} [(125) سورة البقرة] تطهير حسي ومعنوي، تطهير من النجاسات والأقذار والأوساخ، وتطهير أيضاً من الشرك والمعاصي والبدع، بل هذا أهم وآكد، فلا يجوز أن يزال بالبيت شرك، ولا يجوز أن يزاول فيه بدع ولا معاصي، بل تطهيره من هذه الأمور أولى من تطهيره من القاذورات الحسية، والله المستعان. "وقد أمر الله تعالى بتطهيره للطائفين والعاكفين والركع السجود، والعاكف لا يشترط له الطهارة، ولا تجب عليه الطهارة من الحدث الأصغر باتفاق المسلمين، ولو اضطرت العاكفة الحائض" كيف تضطر عاكفة حائض؟ طالب: نفس الإشكال السابق. نفس الإشكال السابق، ولهذا نجزم بأنه لا يريد التي تحيض بعد أن تعتكف؛ لأنه يقول: "ولو اضطرت العاكفة الحائض إلى لبثها فيه للحاجة جاز ذلك" كيف تضطر وهي عاكفة حائض تلبث في المسجد؟ اللهم إلا لو كانت معتكفة، ثم ورد عليها الحيض، ولم تستطيع الخروج خوفاً على نفسها، تمكث، وهذه مضطرة إلى البقاء. طالب:. . . . . . . . . ما أطلق عليها عاكفة لأنها ممنوعة من الاعتكاف؛ لكن لو ورد عليها الاعتكاف، لو ورد عليها أثناء الاعتكاف بطل اعتكافها؛ لأن من شرط الاعتكاف أن يكون في المسجد، وهي ممنوعة من المسجد، فيكون بقاؤها لا على جهة الاعتكاف.

"إلى لبثها فيه للحاجة جاز ذلك، وأما الركع السجود فهم المصلون، والطهارة شرط للصلاة باتفاق المسلمين، والحائض لا تصلي لا قضاءً ولا أداءً، يبقى الطائف: هل يلحق بالعاكف أو بالمصلي؟ أو يكون قسماً ثالثاً بينهما؟ هذا محل اجتهاد" فمن قال: يلحق بالعاكف قال: الطهارة ليست بشرط ولا واجبة، ومن قال: يلحق بالمصلي قال: شرط، ومن جعله قسماً ثالثاً قال: واجب وليس بشرط، هذا مقتضى القسمة، "أو يكون قسماً ثالثاً بينهما؟ هذا محل اجتهاد وقوله: ((الطواف بالبيت صلاة)) لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-" لا شك أنه مضعف عند أهل العلم، وإن ثبت موقوفاً على ابن عباس، "ولكن هو ثابت عن ابن عباس، وقد روي مرفوعاً، ونقل بعض الفقهاء عن ابن عباس أنه قال: "إذا طاف بالبيت وهو جنب عليه دم" ولا ريب أن المراد بذلك أنه يشبه الصلاة من بعض الوجوه، ليس المراد أنه نوع الصلاة التي يشترط لها الطهارة، وهكذا قوله: ((إذا أتى أحدكم المسجد فلا يشبك بين أصابعه فإنه في صلاة)) " يعني لا يمنع من الكلام، ولا يمنع من أكل، ولا من شرب، هو في صلاة على كل حال؛ لأن من ينتظر الصلاة في صلاة، ومع ذلك لا تجزئه عن صلاة مكتوبة ولا مسنونة، "وهكذا قوله: ((إذا أتى أحدكم المسجد فلا يشبك بين أصابعه فإنه في صلاة)) وقوله: ((إن العبد في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، وما دام ينتظر الصلاة، وما كان يعمد إلى الصلاة)) نعم إذا خرج من بيته متطهراً فإنه في صلاة، " ((وما كان يعمد إلى الصلاة))، ونحو ذلك، فلا يجوز لحائض أن تطوف إلا طاهرة إذا أمكنها ذلك باتفاق العلماء" لأنها أخلت بشرط، وهو الطهارة، أو لأنها خالفت ودخلت المسجد وهي حائض، والحائض لا يجوز لها أن تمكث في المسجد.

"باتفاق العلماء، ولو قدمت المرأة حائضاً لم تطف بالبيت؛ لكن تقف بعرفة، وتفعل سائر المناسك كلها، مع الحيض إلا الطواف" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لعائشة: ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) "فإنها تنتظر حتى تطهر -إن أمكنها ذلك- ثم تطوف، وإن اضطرت إلى الطواف فطافت أجزأها ذلك على الصحيح من قولي العلماء" لماذا؟ لأنها لا تحبس الرفقة، الاحتمالات التي أوردها شيخ الإسلام كلها من أجل الرفقة، وأن حبسها للرفقة ضرر عليهم، وذهاب الرفقة بدونها ضرر عليها، فأورد الشيخ -رحمه الله- الاحتمالات كلها، وخلص من ذلك أن الحائض تتحفظ وتمنع من انتشار الدم وتطوف على حالها، وكل هذا لئلا تحبس الرفقة، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي؟ )) ولا كلام لأحد مع كلامه -عليه الصلاة والسلام-، ولذا الذي نراه أن قول شيخ الإسلام مرجوح، فهي تحبس الرفقة مهما كلفها الأمر، ومهما كلفهم بالنص؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحاسبتنا هي؟ )) دل على أن الحائض تحبس الرفقة، وعليها أن تحسب حسابها قبل أن تدخل في النسك، ولو استعملت موانع تمنع من نزول الدم فلا بأس، تستعمل الموانع، وإذا فرغت من طوافها تترك، أو تترك هذه الموانع حتى ينزل عليها الدم. طالب: لو اضطرت -أحسن الله إليك- لغير الرفقة اضطرار للطواف؟ مثل؟ طالب: سفر طائرتها تبي تروح، وتنتهي تأشيرتها. نفسها نفسها، هذه رفقة، الطائرة رفقة ما يمكن، يعني لو اضطرت إلى أن تسافر، أو اضطرت إلى أن تُعالج من مرض معين لا يوجد في مكة مثلاً علاجه، نعم اضطرت لهذا ضرورة تسافر وهي محرمة، والطواف باق في ذمتها، لا شك أنه حرج وعنت؛ لكن هذا النص، النص يقول: ((أحاسبتنا هي؟ )) دل على أنها تحبس الرفقة، ولا كلام لأحد مع كلامه -عليه الصلاة والسلام-؛ لكن على المرأة أن تحسب حسابها ... طالب:. . . . . . . . . هي بين أمرين أما تطوف وتسافر بغير محرم أو. . . . . . . . . إيش لون تسافر بدون محرم؟ طالب:. . . . . . . . . على كل حال إذا ارتكبت محظور غير تترك ركن من أركان الحج.

يعني إذا استجبنا لمثل هذه المطالب لا بد أن ننزل إلى مطالب دونها، لا بد أن ننزل، يعني المطالب ما تنتهي، فحسم المادة هو المطلوب. "فإذا قضى الطواف صلى ركعتين للطواف، وإن صلاهما عند مقام إبراهيم فهو أحسن، ويستحب أن يقرأ فيهما بسورتي الكافرون الإخلاص: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] ثم إذا صلاهما استحب له أن يستلم الحجر، ثم يخرج إلى الطواف بين الصفا والمروة". لحظة لحظة.

يقول: "فإذا قضى الطواف" على الصفة المشروعة "صلى ركعتين للطواف، وإن صلاهما عند مقام إبراهيم فهو أحسن" والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلاهما خلف المقام وتلا الآية: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(125) سورة البقرة] لا شك أن هذا أولى وأكمل؛ لكن إذا لم يستطع لا سيما في المواسم مع الزحام الشديد يصليها في أي مكان، يصليها في المسجد، يصليها بيته، يصليها خارج، المقصود أن عمر -رضي الله عنه- طاف بعد صلاة الصبح، وصلى الركعتين بذي طوى، فتؤدى الركعتين في أي مكان، نعم، ولا يشترط أن تصليا في المسجد، "ويستحب أن يقرأ فيهما بسورتي الإخلاص" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قرأ فيهما بسورتي الإخلاص {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] لكن جاء في بعض الروايات أنه قرأ في الأولى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وفي الثانية: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] يعني إجمالاً قرأ فيهما بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، ولا شك أن هذا النص المجمل يرد إلى النصوص المفسرة المحكمة، فيقرأ في الأولى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية: بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمناسبة ظاهرة؛ لأنها لما طاف بهذا البيت، وهو عبارة عن أحجار، وإن كان معظماً مشرفاً عن الله -جل وعلا- إلا أنه حجر، قد يخيل للإنسان أن له شيء من العبادة، وأنه له شيء من التعظيم الذي هو حق الله -جل وعلا-، فلذا شرع له أن يقرأ بسورتي الإخلاص، ليتذكر أن العبادات كلها لله -جل وعلا-، ولا يجوز صرف شيء منها لأحد كائن من كان، ولو كان معظماً شرعاً، "ثم إذا صلاهما استحب له أن يستلم الحجر" يستلم الحجر، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم.

"ثم يخرج إلى الطواف بين الصفا والمروة، ولو أخر ذلك إلى بعد طواف الإفاضة جاز، فإن الحج فيه ثلاثة أطوفة: طواف عند الدخول، وهو يسمى: طواف القدوم، والدخول والورود، والطواف الثاني: هو بعد التعريف، ويقال له: طواف الإفاضة، والزيارة، وهو طواف الفرض الذي لا بد منه، كما قال تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [(29) سورة الحج] والطواف الثالث: هو لمن أراد الخروج من مكة، وهو طواف الوداع، وإذا سعى عقب واحد منها أجزأه".

يقول -رحمه الله-: "ثم" يعني بعد فراغه من الطواف وركعتيه، واستلامه الحج مع الإمكان، "يخرج" إلى الصفاء "إلى الطواف" يعني إلى السعي، "إلى الطواف بين الصفا والمروة" الأصل هو طواف؛ لكن قيل له: سعي لأن فيه السعي الشديد بين العلمين، {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ} [(158) سورة البقرة] فهو طواف؛ لكن غلب عليه اسم السعي للتفريق بينه وبين الطواف بالبيت من جهة؛ ولأن فيه السعي الشديد بين العلمين، "ثم يخرج إلى الطواف بين الصفا والمروة. ولو أخر ذلك إلى بعد طواف الإفاضة جاز. فإن الحج فيه ثلاثة أطوفة" المفرد والقارن يطوف أول ما يقدم طواف القدوم، وهو سنة، فإن سعى بعده كان سعي الحج، ولا يلزمه سعي ثاني؛ ولكن المتمتع إذا طاف للعمرة يلزمه أن يسعى للعمرة، ثم إذا طاف للحج يلزمه أن يسعى سعياً ثانياً للحج، وشيخ الإسلام يرى أن المتمتع مثل القارن، لا يلزمه إلا سعي واحد، نعم، والمحقق والمحرر أن القارن يختلف عن المتمتع، فالمتمتع يعتمر عمرة كاملة منفصلة يحل بعدها الحل كله لا ارتباط لها بحجه، ثم بعد ذلك يحج حجاً مستقلاً كأنه مفرد، فيأتي بأركان العمرة، ويأتي بأركان الحج، وحينئذ فالمتمتع عليه أن يسعى سعيين، بعد طواف العمرة، وبعد طواف الحج، "ولو أخر ذلك إلى بعد طوال الإفاضة جاز" يجوز هذا في حالتي الإفراد والقران، دون المتمتع، "فإن الحج فيه ثلاثة أطوفة: طواف عند الدخول، وهو يسمى طواف القدوم، والدخول، والورود" هذه أسماء الطواف الأول المستحب المسنون بالنسبة للقارن والمفرد "والطواف الثاني: هو بعد التعريف، ويقال له: طواف الإفاضة والزيارة" وهذا يشترك فيه جميع الحجاج، "وهو طواف الفرض الذي لا بد منه" هذا ركن الحج، "كما قال تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [(29) سورة الحج] والطواف الثالث: هو لمن أراد الخروج من مكة، وهو طواف الوداع" إذا أراد الخروج من مكة حاجاً، إذا حج وأراد الخروج من مكة هذا يسمى طواف الوداع، ويسمى أيضاً طواف الصدر، يعني مقابل الورود،

يعني طواف الانصراف، وهذا بالنسبة للحاج دون المعتمر، فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر به بعد الحج، واعتمر مراراً ولم يأمر به -عليه الصلاة والسلام-. "وإذا سعى عقب واحد منها أجزأه" يعني من الثلاثة؟ يعني يسعى بعد طواف الوداع؟ طالب: إذا أخر. كيف إذا أخر؟ إلى بعد طواف الوداع؟ طالب:. . . . . . . . . الآن يقول: عليه ثلاثة طوافات: طواف القدوم، وطواف الحج، وطواف الوداع، وإذا سعى عقيب واحد منها أجزأه، يعني معناه أنه يطوف للقدوم ولا يسعى، يطوف طواف الإفاضة ولا يسعى، إذا أرد أن يطوف للوداع سعى سعي الحج، يتجه هذا وإلا ما يتجه؟ طالب: يتجه. كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يعني هل يسمى وداع إذا سعى بعده؟ كلام الشيخ -رحمه الله-: "وإذا سعى عقيب واحد منها" ما قال: منهما، منها من الثلاثة أجزأه، يعني أنت افترض أنه طاف للقدوم وهو مفرد أو قارن ولا سعى، جاء يوم العيد وطاف للإفاضة ولا سعى، ثم بعد ذلك أراد أن يصدر، ويخرج إلى أهله طاف للوداع ثم سعى، أهل العلم يقولون: لا يصح السعي إلا بعد طواف ولو مسنون، فكونه وقع بعد طواف الوداع يصحح السعي؛ لكن عليه أن يطوف للوداع ثانية، إلا عند من يقول: أن هذا الفاصل يسير ولا يلزمه أن يطوف ثانية، ولذلك عائشة -رضي الله عنها- لما طافت وسعت للعمرة، ما قيل لها: طوفي ثانية للوداع، وهذا يحتمل أمرين: إما أن يقال على الجادة: أن المعتمر ليس عليه طواف، وهي معتمرة، أو يقال: أنه إذا قرب طوف الوداع من الخروج ولو تعقبه سعي يعفى عنه، وعلى هذا إذا أراد أن يخرج ونفر وأراد أن ينصرف إلى أهله وعليه طواف الإفاضة وسعي الحج، ثم طاف وسعى وخرج، هل يخير بين هذا أن يفعل هذا ونقول: ما عليك شي؟ أو نقول له: قدم السعي على الطواف ليكون آخر عهدك بالبيت؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . هذا يقول: سعيت قبل أن أطوف، قال: ((افعل ولا حرج)). طالب:. . . . . . . . .

نعم، هو في أعمال يوم النحر صحيح، وعلى هذا أنا عندي أنه يطوف طواف الإفاضة ويسعى وينوي طواف الوداع يدخل تحت طواف الإفاضة، ويسعى بعده أسهل من أن يقدم السعي، وإذا سعى إن كان فيه فسحة ويستطيع من غير مشقة بالغة، وطاف للوداع فهو أكمل، إن لم يستطع ذلك وخرج فلا شي عليه -إن شاء الله تعالى-. "فإذا خرج للسعي خرج من باب الصفا، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرقى على الصفا والمروة، وهما في جانب جبلي مكة، فيكبر ويهلل ويدعو الله تعالى، واليوم قد بني فوقهما دكتان، فمن وصل إلى أسفل البناء أجزأه السعي، وإن لم يصعد فوق البناء، فيطوف بالصفا والمروة سبعاً، يبتدئ بالصفا، ويختم بالمروة، ويستحب أن يسعى في بطن الوادي من العلم إلى العلم، وهما معلمان هناك، وإن لم يسع في بطن الوادي بل مشى على هيئته ... هينته. بل مشى على هينته جميع ما بين الصفا والمروة أجزأه باتفاق العلماء، ولا شيء عليه، ولا صلاة عقيب الطواف بالصفا والمروة، وإنما الصلاة عقيب الطواف بالبيت، بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واتفاق السلف والأئمة، فإذا طاف بين الصفا والمروة حل من إحرامه؛ كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه لما طافوا بهما أن يحلوا إلا من كان معه هدي فلا يحل حتى ينحره، والمفرد والقارن لا يحلان إلا يوم النحر، ويستحب له أن يقصر من شعره ليدع الحلاق للحج، وكذلك أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا أحل حل له ما حرم عليه بالإحرام".

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "فإذا خرج للسعي خرج من باب الصفا" هو باب معروف وعليه علامات تدل عليه، "وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرقى على الصفا" يعني يطلع عليها، "على الصفا والمروة" على الجبلين "وهما في جانب جبلي مكة، فيكبر ويهلل ويدعو الله تعالى" ثلاثاً، ويطيل الدعاء، يكبر ويهلل، ويدعو ثلاثاً ثلاثاً، يعني يكبر ثلاثاً ويهلل ثلاثاً، ويدعو ثلاثاً، يفعل ذلك مرة، ثم يفعل الثلاثة مرة، يكبر ويهلل ويدعو الله تعالى، ثم يكبر ويهلل ويدعو الله تعالى، ثم يكبر ويهلل ويدعو الله تعالى، ثلاثاً، يفعل هذه الأمور الثلاثة ثلاث مرات، ويطيل في ذلك، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنهم من يقول: يكبر ويهلل ثلاثاً، ويدعو بين ذلك، يعني مرتين؛ لكن السورة الأولى أوضح من فعله -عليه الصلاة والسلام-، حيث فعل ذلك ثلاثاً.

"واليوم قد بني فوقهما دكتان" بني فوق الصفا والمروة دكتان منبسطتان "فمن وصل إلى أسفل البناء أجزأه السعي" وهذا نهاية طواف المعذورين، يعني أهل العربيات إذا طاف إلى حد طواف العربيات يكفي، نعم، هذا هو المجزئ، إذا انتهى مع طواف أهل الأعذار الذين يركبون العربات يجزئه، وإن صعد إلى الجبلين فهو أكمل، "فمن وصل إلى أسفل البناء أجزأه السعي، وإن لم يصعد فوق البناء، فيطوف بالصفا والمروة سبعاً، يبتدئ بالصفا ويختم بالمروة" فإن ابتدأ بالمروة وانتهى بالصفا لزمه أن يأتي بزيادة شوط؛ لأن الأول لاغي، لا بد أن يبدأ بالصفا، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما رقي الصفا تلا الآية: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ} [(158) سورة البقرة] ((نبدأ بما بدأ الله به)) فلا بد من البداءة بالصفا، والسعي كما يقول أهل العلم ذهابه سعية، ورجوعه سعية، يعني ما يطوف مرتين ويعتبر هذا شوطاً واحداً كما قال ابن حزم وغيره، فيكون الاستيعاب من الصفا إلى الصفا مرة، وهكذا إلى آخره، فيكون قد طاف أربعة عشر شوطاً، هذا قول شاد، وابن القيم يقول: "لو حج أبو محمد لتغير رأيه" في كثير من المناسك؛ ولكنه لم يحج، ولا شك أن في هذا مشقة بالغة على الناس، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما فعل ذلك، فعل من الصفا إلى المروة سعية، ومن المروة إلى الصفا كذلك، حتى ينتهي بالمروة، "يبتدئ بالصفا، ويختم بالمروة، ويستحب أن يسعى" سعياً شديداً، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى كانت تبدو ركبتاه، من تحت إزاره "في بطن الوادي من العلم إلى العلم" العلم الأخضر، وهو موجود إلى الآن، والعلمات موجودة "وهما معلمان هناك".

"وإن لم يسعَ في بطن الوادي بل مشى على هينته" كما لو ترك الرمل في الطواف "بل مشى على هينته جميع ما بين الصفا والمروة أجزأه باتفاق العلماء" لأن هذا ليس بواجب، وليس من شرائط السعي، وإنما فُعل ذلك اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام-، وإن كان الأصل في السعي بين العلمين نعم، أن أم إسماعيل كانت تسعى سعياً شديداً علها أن تجد من معه ماء؛ لأن العطش كاد يقتلهم، يقتلها مع ولدها، ومع ذلك والمشروعية أصلها بسبب امرأة فلا يشرع السعي للمرأة، لماذا؟ لأن سعيها لا على جهة التعبد، وإنما هو لمصلحتها وحاجتها وحاجة ولدها، وعلى هذا نقول للمرأة في الجملة: ألا تسرع في مشها لا في عبادة، ولا في غيرها، بل تمشي وعليها السكينة مستترة متخفية؛ لكن لو تبعها أسد أو صائل أو ما أشبه ذلك ثم سعت، ولو ترتب على ذلك انكشاف شيء من بدنها لها ذلك، فإن هذا مقدر بالحاجة، فاحتاجت إلى السعي بين العلمين، ولذا لا يقتدي بها النساء، وإن قال بعض أهل العلم أن المرأة في حكمها تسعى؛ لكن هذا ليس بشيء. "ولا صلاة عقيب الطواف بالصفا والمروة" ولم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام-، وبقي أن نقول: أنه يكبر في بداية الطواف وفي نهايته، يعني انتهى من السابع يكبر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كلما حاذى الركن كبر، وجابر -رضي الله عنه- يقول: كنا نطوف مع النبي -عليه الصلاة والسلام- الفاتحة والخاتمة، ومثله السعي، وسألت الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- عن التكبير في نهاية الطواف فقال: يكبر كالسعي؛ لأن بعض الناس ينازع في هذا. طالب: رفع اليدين في الصفا والمروة عند التكبير؟ لو أشار إشارة عند التكبير والتهليل ورفع يديه للدعاء ... طالب: عند التكبير إذا بدأ وإذا ختم؟ الأصل أنه يشير يرفع يداً واحدة، وإن رفع اليدين فلا بأس، كما قال في الطواف: أنه يستقبله ويكبر.

"وإنما الصلاة عقيب الطواف بالبيت بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واتفاق السلف والأئمة، فإذا طاف بين الصفا والمروة حل من إحرامه؛ كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه لما طافوا بهما أن يحلوا إلا من كان" يعني هؤلاء الذين قلبوا إحرامهم إلى تمتع، إلى عمرة، قلبوا إحرامهم إلى عمرة، هنا حلوا الحل كله، "إلا من كان معه هدي" فلا يجوز له حتى يبلغ الهدي محله، ويكون حينئذ قارن، "إلا من كان معه هدي فلا يحل حتى ينحره، والمفرد والقارن لا يحلان إلا يوم النحر، ويستحب له أن يقصر من شعره" هذا المتمتع إذا انتهى من العمرة يقصر من شعره، ولا يحلقه "ليدع الحلاق للحج" ليبقي للحج شيئاً يحلقه، "وكذلك أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا أحل حل له ما حرم عليه بالإحرام" حل الحل كله، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. طالب: تأخير الحلق .... وين؟ فإذا طاف؟ طالب: قال: "فإذا طاف بين الصفا والمروة حل من إحرامه" قبل أن يذكر الحلق. لا، لا بد من الحلق، ولذلك ذكره بعد ذلك. طالب: ذكره بعد.

§1/1