فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه
ابن تيمية
ملخص البحث
فضل أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه تأليف شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية النميري المتوفى سنة 728هـ تحقيق د. عبد العزيز بن محمد الفريح الأستاذ المساعد في كلية الحديث الجامعة الإسلامية ملخص البحث الحمد لله والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، أما بعد فقد تحدث شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في هذه الرسالة عن فضل أبي بكر الصديق وفضل علي رضي الله عنهما، وملخصها كما يلي: - إن هناك فرقا بين "الخصائص" التي لم يشارك فيها أحدهما الآخر، كثبوت الخلة لأبي بكر - رضي الله عنه - لو كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خليل، وكذلك أمره - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر - رضي الله عنه - أن يصلي بالناس مدة مرضه، من خصائصه التي لم يشركه فيها أحد. وكذلك تأميره له من المدينة على الحج إقامة للسنة ومحواً لأثر الجاهلية هو بين المناقب والفضائل التي هي مشتركة بينه وبين غيره.
وكقوله - صلى الله عليه وسلم - في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ((أنت مني وأنا منك)) ، وهذه العبارة قد قالها - صلى الله عليه وسلم - أيضا لجليبيب - رضي الله عنه - الذي قتل عدة من الكفار: ((هذا مني وأنه منه)) ، وكذلك قال - صلى الله عليه وسلم - للأشعريين: ((هم مني وأنا منهم)) . - لم يرد في حديث صحيح خصيصة لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - امتاز بها على أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وكل ما ورد فيه إما صحيح غير صريح أو صريح غير صحيح. - وردت أحاديث صحيحة في مناقب علي - رضي الله عنه - ومنها:- 1- ((أنت مني وأنا منك)) . 2- ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى)) . 3- ((لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله)) . فهذه الأحاديث صحيحة صريحة في فضله - رضي الله عنه - لكنها لا تدل على أنه أفضل الخلق؛ فإنه ثبتت مثل هذه العبارة والفضائل لغيره من الصحابة سواه - رضي الله عنهم أجمعين. وقد وردت أحاديث كثيرة في فضائل أبي بكر - رضي الله عنه - ومنها ما امتاز بها على غيره وهي كثيرة، مما يدل على أنه أفضل هذه الأمة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. هذا - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ عليه وعلى صحبه الهداة المهتدين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين. أما بعد:
فإن الله جلَّ ثناؤه وتباركت أسماؤه قد أرسل محمداً - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن الكفر والشرك إلى الإيمان والتوحيد فاستجاب له وآمن به قوم أشرق نور الإيمان في قلوبهم، فانجلت عنها ظلمة الشرك، فأبصروا الحق الذي دعاهم إليه. فما زال النبي - صلى الله عليه وسلم - يغذيهم بالقرآن والحكمة، ويزكيهم بالعمل حتى صار هذا الدين أعظم ما يكون في قلوبهم، وصار الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحبّ إليهم من آبائهم وأبنائهم وأموالهم بل وأنفسهم، فناصروه في دعوته وتحملوا معه في سبيل الله أقصى ما يمكن أن يتحمله بشر - غير الأنبياء - من أجل العقيدة، ذلك الجيل الربّاني الذي آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وآزره ونصره هم صحابته الكرام الذين اختصهم الله وشرفهم بصحبة نبيه وإقامة شرعه. كان مجتمعهم طرازا فريدا، ونسيجا وحيدا، هو أفضل المجتمعات وخيرها. شهد لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنهم خير القرون حيث قال: ((بُعثتُ من خير قُرُون بني آدم، قَرْناً فقرْناً، حتى كنت من القرن الذي كنت فيه)) (1) . وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبِقُ شهادةُ أحدِهِم يمينه، ويَمينُه شَهادتَه)) (2) . وأفضل هذا المجتمع الفريد، الذين هم أفضل أتباع الأنبياء أبو بكر الصديق - رضي الله عنه. فقد أخرج البخاري من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كنّا نُخيِّر بين الناس في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فنُخَيِّر أبا بكر، ثم عُمرَ بن الخطاب، ثُمّ عُثمان ابن عفَّان - رضي الله عنهم (3) .
الفصل الأول: الدراسة
وأخرج البخاري من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لو كنتُ مُتّخِذاً من أُمَّتي خليلا لاتَّخذت أبا بكر، ولكن أخي وصاحبي)) (4) . وأخرج البخاري من حديث محمد بن الحَنَفِيِّة قال: قُلتُ لأبي: أيُّ الناس خيرٌ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: ((أبو بكر)) قلت: ((ثم من)) ؟ قال: ((ثم عمر)) وخشيت أن يقولَ عُثمان، قلت: ((ثُمَّ أنت)) ؟ قال: ((ما أنا إلا رجل من المسلمين)) (5) . وفي هذه الرسالة أبان شيخ الإسلام بن تيمية فضل أبي بكر على من سواه، بأسلوب علمي رصين وحجج واضحة بينة، رحمه الله تعالى. وقد سرت في تحقيق هذه الرسالة على النحو الآتي: الفصل الأول: الدراسة، وتشمل على: 1-اسم المصنف ونسبه. 2-ولادته ونشأته وأسرته. 3-صفاته، وشجاعته وكرمه. 4- تعبّده وزهده وورعه. 5- شيوخه وتلاميذه. 6- كتبه. 7- وفاته. 8- وصف النسخة الخطية. اسمه ونسبه: هو شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن أبي محمد عبد الله بن أبي القاسم الخضر ابن محمد ابن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية النميري، الحراني (6) . فهو ينتسب إلى قبيلة عربية قيسية، من بني نُمَيْر بن عامر بن صعصعة من قيس عيلان بن مُضر (7) .
ولادته، ونشأته وأسرته
وقيل: من بني سليم بن منصور من قيس عيلان بن مضر. قال التجيبي في برنامجه: ((جزء لطيف منتقى من حديث أيوب.. قرأت جميعه بمدرسة القصاعين من دمشق على الإمام العالم الحافظ أعجوبة الزمان في حفظ المتون والأسانيد وأقوال العلماء وفقه السلف الماضين تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام السُّلَمي الحراني المعروف بابن تيمية نفع الله به)) (8) . ولادته، ونشأته وأسرته: وُلد شيخ الإسلام يوم الاثنين العاشر من ربيع الأول، وقيل: ثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة إحدى وستين وست مئة (661هـ) في حران (9) - وهي بلدة في الجزيرة بين العراق والشام (10) ، وهي جنوب شرق تركيا الآن. وقد عاش الشيخ في مسقط رأسه إلى أن بلغ سبع سنين (11) ، ثم تحول مع أهله وأسرته إلى دمشق سنة سبع وستين وست مئة (667هـ) بسبب جور التتار، فساروا بالليل، ومعهم الكتب على عجلة (12) لعدم الدواب، فإن العدوّ ما تركوا في البلد دواب سوى بقر الحرث، وكلّت البقر من ثقل العجلة، فوقفت، فكاد العدو أن يلحقهم فابتهلوا إلى الله واستغاثوا به، فسارت البقر بالعجلة، فنجوا وسلموا (13) . جده أبو البركات مجد الدين عبد السلام، كان فقيها محدثا أصوليا نحويا من العلماء الأعلام (14) . ووالده: شهاب الدين عبد الحليم بن عبد السلام من العلماء الأفاضل، كان مفتياً، وله كرسي بجامع دمشق، وولي مشيخة دار الحديث السكريّة (15) .
صفاته، وشجاعته وكرمه
وأخوه عبد الرحمن بن عبد الحليم؛ كان خيراً دينا حبس نفسه مع الشيخ في الاسكندرية، وكان معظما للشيخ، ويهابه (16) . وله أخ آخر هو شرف الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الحليم، كان حافظاً زاهداً مجاهداً عابداً ورعاً، بارعا في الفقه، مستحضرا لتراجم السلف ووفياتهم، كثير العبادة والتأله (17) . صفاته، وشجاعته وكرمه يقول الذهبي - رحمه الله -: ((كان الشيخ أبيض، أسود الرأس واللحية، قليل الشيب، كأن عينيه لسانان ناطقان، ربعة من الرجال، بعيد ما بين المنكبين، جهوريّ الصوت، سريع القراءة، تعتريه حدة، ثم يقهرها بحلم وصفح، وإليه كان المنتهى في فرط الشجاعة، والسماحة، وقوة الذكاء، ولم أر مثله في ابتهاله، واستغاثته بالله، وكثرة توجهه ... )) (18) . وقال البزّار: ((وكان - رضي الله عنه - من أشجع الناس، وأقواهم قلبا، ما رأيت أحدا أثبت جأشا منه، ولا أعظم غناء في جهاد العدو منه، كان يُجاهد في سبيل الله بقلبه، ولسانه ويده لا يخاف في الله لومة لائم)) (19) . وقال: ((كان مجبولا على الكرم لا يتطبّعه ولا يتصنعه، بل هو له سجية، وكان لا يردّ من يسأله شيئا يقدر عليه من دراهم ولا دنانير، ولا ثياب ولا كتب)) (20) .
تعبده وزهده وورعه
تعبده وزهده وورعه كان شيخ الإسلام بن تيمية من أعبد الناس وأتقاهم لله، وكان ملازما لعبادته، وتلاوة كتابه الكريم، آناء الليل وأطراف النهار. يقول البزّار: ((أما تعبده - رضي الله عنه - فإنه قلّ أن سُمع بمثله، لأنه كان قد قطع جُلّ وقته وزمانه فيه، حتى إنه لم يجعل لنفسه شاغِلة تشغله عن الله تعالى، ما يُراد له لا من أهل ولا من مال. وكان في ليلة متفرّدا عن الناس كلهم، خاليا بربّه عزّ وجل، ضارعا مواظبا على تلاوة القرآن العظيم، مكرّرا لأنواع التعبدات الليلية والنهارية ... )) (21) . وقال: ((أما زهده في الدنيا ومتاعها؛ فإن الله تعالى جعل ذلك له شعارا من صِغَره. ولقد اتفق كلّ مَن رآه، خصوصا مَن أطال ملازمته، أنه ما رأى مثله في الزهد في الدنيا، حتى لقد صار ذلك مشهورا، بحيث قد استقرّ في قلب القريب والبعيد من كل من سمع بصفاته على وجهها ... )) (22) . وكان - رحمه الله - في الغاية التي ينتهى إليها في الورع؛ لأن الله تعالى أجراه مدة عمره كلها عليه؛ فإنه ما خالط الناس في بَيْع ولا شراء ولا معاملة، ولا تجارة، ولا مشاركة، ولا زراعة، ولا كان مُدّخِرا دينارا ولا درهما ولا متاعا، وإنما كان بضاعته مُدّة حياته وميراثه بعد وفاته، العلمُ اقتداء بسيّد المرسلين، وخاتم النبيين محمد - صلى الله عليه وسلم - (23) .
شيوخه
شيوخه تلقى ابن تيمية رحمه الله العلم عن أعلام من علماء عصره، ساعده على ذلك اشتغاله بالعلم صغيرا، وحبه وشغفه فيه، ونهمه المتواصل على الاستفادة منهم؛ حتى قيل: إنه سمع من أكثر من مئتي شيخ. ومن هؤلاء العلماء: ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، والكمال ابن عبد، والمجد بن عساكر، وأصحاب الخشوعي، وأحمد بن شيبان، والقاسم الأرْبَلي، وخلق كثير (24) . تلاميذه كان لشغف شيخ الإسلام بالعلم ومحبته له، وهمته العالية في تتبع العلماء والأخذ عنهم أثرٌ بالغ في جعله من أوعية العلم؛ ورائدا من رواده، فاشتهر أمره وبَعُد صيته، واتصل به كثير من ذوي الهمم العالية من كل بلاد الإسلام. ومن هؤلاء الجلة: الإمام المحدث الفقيه أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الزُّرعي المعروف بابن قيم الجوزية، والإمام الحافظ الناقد مؤرخ الإسلام: أبو عبد الله محمد ابن أحمد الذهبي، والإمام المفسر المؤرخ: أبو الفداء ابن كثير الدمشقي، والإمام الحافظ: أحمد بن محمد بن عبد الهادي (25) . مؤلفاته كان لدى شيخ الإسلام بن تيمية مثابرة عظيمة لتأليف الكتب في مختلف العلوم والفنون، وجعل الله في مؤلفاته الخير والبركة، فتلقاها الناس بالقبول،
وحرصوا على اقتنائها؛ لما اشتملت عليه من فوائد عظيمة مستنبطة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. وقد أوصل بعض من ترجم له مؤلفاته إلى أكثر من خمس مئة مجلّد. قال الذهبي: وما أبعد أن تصانيفه إلى الآن تبلغ خمس مئة مجلد (26) . وقال: وسارت بتصانيفه الركبان، ولعلها ثلاث مئة مجلد (27) . وقال تلميذه البزار: ((وأما مؤلفاته ومصنفاته فإنها أكثر من أن أقدر على إحصائها، أو يحضرني جملة أسمائها، بل هذا لا يقدر عليه غالبا أحد؛ لأنها كثيرة جدا، كبارا وصِغارا)) (28) . وقد حاول بعض تلاميذه إحصاءها كالبزار في "الأعلام العلية" (29) وابن عبد الهادي في "العقود الدرية" (30) وابن القيم في رسالة خاصة ذكر فيها: واحدا وأربعين وثلاث مئة (31) من مؤلفات شيخ الإسلام. ومن هذه المؤلفات النفيسة: 1- درء تعارض العقل والنقل. 2- اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أهل الجحيم. 3- الصارم المسلول على شاتم الرسول. 4- الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح. 5- منهاج السنة النبوية في نقد كلام الشيعة والقدرية. 6- الاستقامة. وغيرها من الكتب النافعة المباركة.
وفاته
وفاته بعد حياة حافلة بالتعلم والتعليم والتأليف وجهاد بالقلب واللسان واليد لنصرة الدين وإعلاء كلمة الله توفي رحمه الله في العشرين من ذي القعدة في بُكرة ذلك اليوم، وذلك سنة ثمانٍ وعشرين وسبع مئة (32) . وكان مسجونا في قلعة دمشق رحمه الله تعالى رحمة واسعة (33) . وصف النسخة الخطية هذه النسخة محفوظة في مركز مخطوطات المكتبة المركزية في الجامعة الإسلامية تحت رقم 2385/4، وهي مصورة عن الأصل المخطوط في دار الكتب المصرية في القاهرة، وهذه الرسالة ضمن مجموع فيه مؤلفات لعدد من العلماء، وليس فيه لشيخ الإسلام إلا هذه الرسالة. اسم الكتاب: يوجد في فهارس المخطوطات في الجامعة الإسلامية هذا الاسم: ((الرد على سؤال عن تفضيل علي على الخلفاء الراشدين)) . وليس هذا الاسم من وضع المصنف، وإنما هو مستل من السؤال الوارد لشيخ الإسلام بن تيمية. وقد وضعت لهذا السؤال عنوانا وهو: "فضل أبي بكر" لأن الجواب يدور حول تفضيل أبي بكر على عليّ، وليس فيه ذكر لغيره من الخلفاء. ويوجد في فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية التي جمعها الشيخ عبد الرحمن بن قاسم 4/414 جواب لهذا السؤال ولكنه مختصر.
نسبة الكتاب للمؤلف
نسبة الكتاب للمؤلف: ليس ثمة ما يوجب الشك بأن هذه النسخة من تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأنه يوجد في الأصل المخطوط: سئل شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن الشيخ مجد الدين بن عبد السلام ابن تيمية. عدد أوراقها ومسطرتها: تقع هذه النسخة في سبع أوراق ذات وجهين، تبدأ من أول [136/أ] وتنتهي في أواخر [142/ب] . ويحتوي كل وجه على ستة عشر سطرا، وعدد كلمات كل سطر ثلاث عشرة كلمة تقريبا، وخطها مشرقي؛ وناسخها: صالح بن أحمد بن عبد القادر. وعلى حاشية هذه النسخة إلحاقات لما سقط أثناء النسخ بخط الناسخ، وهذا فيه دليل على عناية الناسخ بها؛ وذلك بمراجعتها وقراءتها (34) مرة ثانية. إلا أن فيها بعض الأخطاء النحوية والإملائية، وفي النسخة سقط يسير لبعض الكلمات المعلومة من السياق (35) . وبداية هذه النسخة ونهايتها: ((بسم الله الرحمن الرحيم وما توفيقي [إلا بالله] سئل الشيخ تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن الشيخ مجد الدين عبد السلام ... تمت وبالخير عمت على يد أفقر عباد الله وأحوجهم إليه مغفرة صالح ابن أحمد بن عبد القادر غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات)) .
منهج ابن تيمية - رحمه الله -
منهج ابن تيمية - رحمه الله - المنهج الذي توخى السير عليه شيخ الإسلام فهو كما يأتي: 1-أورد الخصائص والفضائل التي اختص بها أبو بكر - رضي الله عنه - مدعما بالأدلة الصحيحة الصريحة التي تبيّن أنه لم يكن في الصحابة من يساريه. 2-أورد الأحاديث التي وردت في فضل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وبيّن أنها مشتركة بينه وبين غيره من الصحابة. 3- تعقب - رحمه الله - بعض الأحاديث التي استدل بها أهل الأهواء وبيّن أنها ليست ناهضة للاستدلال، ثم قام بتصويباته النفيسة علميا، ونقدها تأريخيا وحديثيا نقدا رصينا. النص المحقق بسم الله الرحمن الرحيم وما توفيقي [إلا بالله] (36) سئل الشيخ تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن الشيخ مجد الدين عبد السلام ابن تيمية - رحمهم [الله] (37) تعالى - عن رجل شريف متمسك بالسنة لكنه يحصل له أحيانا ريبة في تفضيل أبي بكر (38) وعمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم- فيغلب على ظنه أن علياً - رضي الله عنه - أفضل منهم، ويستدل بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنت مني وأنا منك)) (39) . وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى)) (40) وهارون كان من موسى بمنزلة رفيعة ولم يكن عنده أعز منه.
وبقوله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر (41) : ((لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويُحِبُّه الله ورسوله يفتح الله على يده)) فأعطاها لعلي (42) . وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاه (43) ، وعادِ من عاداه، وأدر الحق معه كيفما دار)) (44) . وبقوله يوم غدير خم (45) : ((أُذكركم الله في أهل بيتي)) (46) . وبقوله تعالى: {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} الآية [آل عمران 61] ، وبقوله تعالى: {هذان خصمان اختصموا في ربهم} (47) [الحج 19] وبقوله سبحانه: {هل أتى على الإنسان حينٌ من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا} [الإنسان 1] ، ويزعم أن هذه السورة نزلت في علي - رضي الله عنه - أفتونا. الحمد لله [1/أ] رب العالمين. يجب أن نعلم أولاً أن التفضيل إنما يكون إذا ثبت للفاضل من الخصائص ما لا يوجد للمفضول، فإذا استويا في أسباب الفضل وانفرد أحدهما بخصائص لم يشركه فيها الآخر كان أفضل منه، وأمّا ما كان مشتركا بين الرجل وغيره من المحاسن فتلك مناقب وفضائل ومآثر لكن لا توجب تفضيله على غيره، وإذا كانت مشتركة فليست من خصائصه. وإذا كانت كذلك ففضائل الصديق - رضي الله عنه - الذي ميّز بها خصائص لم يشركه فيها أحد، وأما فضائل علي - رضي الله عنه - فمشتركة بينه وبين الناس غيره. وذلك أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلا، لا تبقين في المسجد خوخة (48) إلا سدت إلا خوخة أبي بكر، إن أمنّ الناس عليَّ في صحبته لي وذات يده أبو بكر)) (49) ، أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي سعيد (50) (51) ، وقصة الخلة في الصحيح من وجوه متعددة (52) .
وهذا الحديث فيه ثلاث خصائص لم يشرك أبا بكر فيها غيره: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أمنّ الناس علينا في صُحبته وذات يده أبو بكر)) بيّن فيه أنه ليس لأحد من الصحابة عليه من حق في صحبته وماله مثل ما لأبي بكر رضي الله عنه. الثاني: [1/ب] قوله: ((لا تبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر)) ، وهذا تخصيصٌ له دون سائر الصحابة، وقد أراد بعض الكذابين أن يروي لعلي - رضي الله عنه - مثل ذلك، لكن الصحيح الثابت لا يعارض بالضعيف الموضوع (53) . الثالث: قوله: ((لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا)) فإنه نص أنه لا أحد (54) من البشر يستحق الخلة لو كانت ممكنة إلا أبو بكر، ولو كان غيره أفضل منه لكان أحق بالخلة لو كانت واقعة. وكذلك أمره لأبي بكر أن يُصَلِّي (55) بالناس (56) مدة مرضه من خصائصه التي لم يشركه فيها أحد، ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته أن تصلي خلف أحد في حياته بحضرته إلا خلف أبي بكر (57) . وكذلك تأميره له من المدينة على الحج ليقيم السنة ويمحو أثر الجاهلية، فإن هذا من خصائصه (58) . وكذلك قوله في الحديث الصحيح: ((أُدع لي أباك أو أخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه الناس من بعدي)) ثم قال عليه الصلاة والسلام: ((يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)) (59) وأمثال هذه الأحاديث كثيرة (60) تبين أنه لم يكن في الصحابة من يساويه.
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنت مني وأنا منك)) (61) فهذه العبارة قد قالها لغيره من المؤمنين، كما قالها -[عليه الصلاة و] (62) السلام - لجليبيب (63) الذي قتل عدة من الكفار: ((هذا مني وأنا منه)) (64) . وفي الصحيحين: ((إن الأشعريين (65) إذا كانوا في السفر ونقصت نفقة [2/أ] عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان معهم في ثوب واحد ثم قسموه بينهم بالسويّة؛ هم مني وأنا منهم)) (66) ، فقد جعل الأشعريين أبا موسى (67) وأبا عامر (68) وغيرهما منه وهو منهم، كما قال لعلي: ((أنت مني وأنا منك)) (69) . وقال تعالى: {والذين ءامنوا من بعدُ وهاجروا وجهدوا معكم فأولئك منكم} [الأنفال 75] وقال تعالى: {ألم تَرَ إلى الذين تولَّوا قوماً غضب اللهُ عليهم ما هم منكم ولا منهم} [المجادلة 14] وقال تعالى: {ويحلِفون بالله إنَّهم لمنكم وما هم منكم} [التوبة 56] . وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من غشنا فليس منا، ومن حمل علينا السلاح فليس منا)) (70) ونحو ذلك، وهذا يقتضي أن السليم من هذه الكبائر يكون منا، وهذه العبارة تستعمل في النوع الواحد فيقال: هذا من هذا، إذا كان من نوعه، فكل من كان من المؤمنين الكاملين الإيمان فهو من النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي منه. وقوله - صلى الله عليه وسلم - في قصة بنت حمزة: ((أنت مني وأنا منك)) (71) . وكقوله لزيد ابن حارثة (72) : ((أنت أخونا ومولانا)) (73) ، ومعلوم أن هذا ليس مختصا بزيد بل كل من كان من مواليه يطلق عليه هذا الكلام لقوله تعالى: {فإن لم تَعلموا ءاباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} [الأحزاب 5] فكذلك قوله لعلي: ((أنت مني وأنا منك)) (74) وليس ذلك من خصائصه، بل من كان موافقاً للنبي - صلى الله عليه وسلم - في كمال الإيمان كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي منه.
وكذلك قوله: ((لأعطين [2/ب] الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله)) هو من أصح الأحاديث وهو أصح حديث روي في فضائل علي - رضي الله عنه - أخرجاه في الصحيحين (75) ، وقد زاد فيه بعض الكذابين: ((إن الراية أخذها أبو بكر وعمر فهربا)) (76) . وفي الصحيح أنه لما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لأعطين الراية رجلا)) قال عمر: ((ما أحببت الإمارة إلا يومئذٍ)) (77) ، واستشرف لها عمر وغيره، ولو جاء منهزماً لما استشرف لها، فهذا الحديث رد على الناصبة الواقعين في علي - رضي الله عنه - تباً لهم؛ فإنه مؤمن تقي يحب الله ورسوله، [ويحبه الله ورسوله] (78) ، ولكن ليس هذا من خصائصه، بل كل مؤمن كامل الإيمان يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وقد قال تعالى: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} [المائدة 54] وهؤلاء الذين قاتلوا أهل الردة وإمامهم أبو بكر - رضي الله عنه - وفي الصحيح أنه قال - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: ((والله إني لأحبكم)) (79) . وفي الصحيح أن عمرو بن العاص (80) سأله: أي الناس أحبّ إليك؟ قال: ((عائشة)) قال: فمن الرجال؟ قال: ((أبوها)) . وهذا فيه أن أبا بكر أحبّ الرجال إليه، وهذا من خصائصه رضي الله عنه (81) . وكان أسامة بن زيد (82) يسمى الحبّ ابن الحبّ لحبّ النبي - صلى الله عليه وسلم - له ولأبيه (83) . وأمثال هذه النصوص التي تبين أنه ليس كل شخص عرف أنه يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله يجب أن يكون أفضل الخلق؛ فإن هذا الوصف ثابت لخلائق [3/أ] كثيرين، فليس هذا من خصائص الشخص المعين. وأما قوله: ((أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى)) (84) فحديث صحيح، وهذا قاله في غزوة تبوك (85) لما استخلفه على المدينة فطعن
الناس فيه وقالوا: إنما استخلفه لأنه يبغضه (86) ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من المدينة استخلف عليها رجلاً من أمته، وكان يكون بها رجال من المؤمنين يستخلفه عليهم، فلما كان عام تبوك لم يأذن لأحد من المؤمنين القادرين في التخلف، فلم يتخلف أحد بلا عذرٍ إلا عاص لله ورسوله، فكان ذلك استخلافا ضعيفا، فطعن فيه المنافقون بهذا السبب، فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أني لم استخلفك لنقص قدرك عندي فإن موسى استخلف هارون وهو شريكه في الرسالة، أفما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى فتخلفني في أهلي كما خلف هارون أخاه موسى. ومعلوم أنه استخلف غيره (87) قبله، وكان أولئك منه بهذه (88) المنزلة، فلم يكن هذا من خصائصه. ولو كان هذا الاستخلاف أفضل من غيره لم يخف ذلك على علي - رضي الله عنه - ولم يخرج إليه وهو يبكي (89) ويقول: ((أتخلفني في النساء والصبيان)) . ومما بين ذلك أنه بعد هذا الاستخلاف أمّر عليه أبا بكر عام تسع، فإن هذا الاستخلاف كان في غزوة تبوك في أوائلها، فلما رجع من الغزو وأمّر [3/ب] أبا بكر (90) على الحج ثم أردفه بعلي فلما لحقه قال: ((أميرٌ أو مأمور)) قال: ((بل مأمور)) (91) ، فكان أبو بكر يصلي بعلي وغيره، ويأمر عَلَى علي وغيره من الصحابة يُطيعون أبا بكر، وعلي يتعاطى نبذ العهود التي كانت بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين المشركين، لأن العادة كانت جارية أنه لا يعقد العقود ولا يحلها إلا رجل من أهل بيته، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يبلغ عني العهد إلا رجل من أهل بيتي)) (92) للعادة الجارية. ولم يكن هذا من خصائص علي - رضي الله عنه - بل أي رجل من عترته نبذ العهد حصل به المقصود، لكن علي أفضل بني هاشم بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فكان أحق بالتقديم من سائر الأقارب، فلما أُمر أبو بكر عليه بعد قوله: ((أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى)) علمنا أنه لا دلالة في ذلك على أنه بمنزلة هارون من كل وجه؛ إذ لو كان كذلك لم يُقدَّم عليه أبو بكر لا في الحج ولا في الصلاة كما أن هارون لم يكن موسى يقدِّم عليه غيره، وإنما شبهه به في الاستخلاف خاصّة، وهذا أمر مشترك بينه وبين غيره. وقد شبّه النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح أبا بكر بإبراهيم وعيسى، وشبّه عمر بنوح وموسى (93) ، لما أشارا عليه في أسارى بدرٍ: هذا بالفدى وهذا بالقتل. وهذا أعظم من تشبيه علي بهارون، ولم يوجب ذلك أن يكونا بمنزلة أولئك الرسل مطلقا، ولكن تشابها بالرسل: هذا في [لينه في الله وهذا] (94) [4/أ] في شدته في الله، وتشبيه الشيء بالشيء لمشابهته به من بعض الوجوه كثير في الكتاب والسنة وكلام العرب. وأما قوله: ((من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه كيفما دار)) (95) . فهذا الحديث ليس في شيء من الأمهات إلا في الترمذي (96) وليس فيه إلا: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)) (97) وأما الزيادة فليست في الحديث، وقد سئل عنها الإمام أحمد - رحمه الله - فقال: ((الزيادة كوفية)) (98) . ولا ريب أنها كذب لوجوه: أحدها: أن الحق لا يدور مع شخص معين بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - لا مع أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي - رضي الله عنهم -؛ لأنه لو كان كذلك كان بمنزلة النبي - صلى الله عليه وسلم - يجب اتباعه في كل ما يقوله، ومعلوم أن عليا كان ينازعه أصحابه وأتباعه في مسائل كثيرة ولا يرجعون فيها إلى قوله، بل فيها مسائل وجد فيها
نصوص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - توافق قول من نازعه، كالمتوفى عنها زوجها وهي حامل، فإن عليا - رضي الله عنه - أفتى أنها تعتد أبعد الأجلين (99) ، وعمر وابن مسعود (100) - رضي الله عنهما - وغيرهما أفتوا بأنها تعتد بوضع الحمل (101) ، وبهذا جاءت السنة (102) . وسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو السنابل (103) يفتي بمثل قول علي - رضي الله عنه - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: [4/ب] ((كذب أبو السنابل قد حللت فانكحي)) (104) قوله لسبيعة الأسلمية (105) لما سألته عن ذلك. وقوله: ((اللهم انصُر من نصره، واخذل من خذله)) خلاف الواقع؛ فإن الواقع (106) ليس كذلك، بل قاتل معه أقوام يوم صفين فما انتصروا (107) ، وأقوام لم يقاتلوا معه فما خذلوا كسعد ابن أبي وقاص (108) الذي فتح العراق لم يقاتل معه، وكذلك أصحاب معاوية (109) وبني أمية (110) الذين قاتلوه فتحوا (111) كثيرا من بلاد الكفار ونصرهم الله تعالى. وكذلك قوله: ((والِ من والاه، وعادِ من عاداه)) مخالف لأصول الإسلام؛ فإن القرآن قد بين أن المؤمنين مع اقتتالهم وبغي بعضهم على بعض هم إخوة مؤمنون كما قال تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحبُّ المقسطين. إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} [الحجرات 9، 10] فكيف يجوز أن يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للواحد من أمته: ((اللهم وال من والاه وعادِ من عاداه)) (112) والله تعالى قد أخبر أنه ولي المؤمنين والمؤمنون أولياؤه وأن بعضهم أولياء بعض، وأنهم إخوة وإن اقتتلوا وبغى بعضهم على بعض.
وأما قوله: ((من كنت [5/أ] مولاه فعليٌّ مولاه)) ففي علماء الحديث من طعن فيه كالبخاري (113) وغيره، ومنهم من حسنه كأحمد بن حنبل والترمذي وغيرهما. فإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال ذلك أراد به ولاية يختص بها أو لم يرد به إلا الولاية [المشتركة وهي ولاية الإيمان التي جعلها الله بين المؤمنين. وتبين] (114) بهذا أن عليا - رضي الله عنه - من المؤمنين المتقين الذين (115) يجب موالاتهم ليس كما تقول النواصب أنه لا يستحق الموالاة، والموالاة ضد المعاداة ولا ريب أنه يجب موالاة جميع المؤمنين، وعلي من سادات المؤمنين كما يجب موالاة أبي بكر وعمر وعثمان وسائر الصحابة المهاجرين والأنصار - رضي الله عنهم - ولا يجوز معاداة أحد من هؤلاء، ومن لم يوالهم فقد عصى الله ورسوله ونقص إيمانه بقدر ما ترك من موالاتهم الواجبة، وقد قال تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكوة وهم راكعون. ومن يتولَّ الله ورسوله والذين ءامنوا فإن حزب الله هم الغالبون} [المائدة 55، 56] وهذه موجبة لموالاة جميع المؤمنين. وحديث التصدق بالخاتم في الصلاة كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة، وذلك مبين من وجوه كثيرة مبسوطة في غير هذا الموضع (116) . وأما قوله في يوم غدير خم: ((أذكركم بالله في أهل بيتي)) فهذا حديث رواه مسلم (117) ، وليس هذا من خصائص علي بل هو مساوٍ لجميع أهل البيت [5/ب] : علي وجعفر وعقيل وآل العباس، وأبعد الناس عن هذه الوصيّة الرافضة؛ فإنهم من شؤمهم يعادون العباس وذريته، بل يعادون جمهور أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ويعينون الكفار عليهم، كما أعانوا التتار على الخلفاء من بني العباس،
فهم يعاونون الكفار ويعادون أهل البيت، وأما أهل السنة فيعرفون حقوق أهل البيت ويحبونهم ويوالونهم ويلعنون من ينصب لهم العداوة. وأما آية المباهلة [عمران 61] فليست أيضاً من خصائصه - رضي الله عنه - بل قد دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين كما رواه مسلم (118) ، ودعوتهم لم تكن لأنهم أفضل أمته بل لأنهم أخص أهل بيته. كما روى مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أدى زكاة علي وفاطمة والحسن والحسين وقال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)) (119) فدعا لهم دعوة خصهم بها. ولما كانت المباهلة بالنساء والأبناء والأنفس ودعا هؤلاء، ولفظ الأنفس يعبّر بها عن النوع الواحد كما قال تعالى: {لولا إذ سمعتموه ظنّ المؤمنون والمؤمنت بأنفسهم خيرا} [النور 12] يعني عامة وقال تعالى: {فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم} [البقرة 54] أي يقتل بعضكم بعضا. وهذا مثل قوله: ((أنت مني وأنا منك)) ليس المراد أنه من ذاته، ولا ريب أن أعظم الناس قدرا من الأقارب هو علي - رضي الله عنه - فله مزية القرابة والإيمان ما لا يوجد [6/أ] لبقيّة القرابة والصحابة فدخل بذلك في المباهلة، وذلك لا يمنع أن يكون في غير الأقارب من هو أفضل منه؛ لأن المباهلة وقعت بالأقارب، فلهذا لم يباهل بأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - ونحوهم. وأما قوله تعالى: {هذان خصمانِ اختصموا في ربهم} [الحج 19] ففي الصحيح عن أبي ذر - رضي الله عنه - أنها نزلت في المختصمين يوم بدر، وأول من برز من المؤمنين علي وحمزة وعبيدة بن الحارث - رضي الله عنهم - برزوا لعتبة وشيبة والوليد بن عتبة (120) .
وهذه فضيلة مشتركة أيضاً بين علي وحمزة وعبيدة بن الحارث، بل سائر البدريين يشاركونهم في هذه الخصومة، ولو قدر أنها نزلت في الستة (121) المبارزين (122) فلا يدل على أنهم أفضل من غيرهم، بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - والحسن والحسين وأبا بكر (123) وعمر وعثمان [وغيرهم] (124) ممن هو أفضل من عُبيدة ابن الحارث باتفاق أهل السنة (125) . فهذه منقبة لهم وفضيلة، وليست من الخصائص التي توجب كون صاحبها أفضل من غيره. وأما سورة {هل أتى} (126) وقول من يقول: إنها نزلت لما تصدقوا على مسكين ويتيم وأسير، ويذكرون أن ذلك كان لما تصدقت فاطمة - رضي الله عنها - بقوت الحسن [6/ب] والحسين. وهذا كذب؛ لأن سورة {هل أتى} مكية بالإجماع، والحسنين إنما ولدا بالمدينة بعد غزوة بدر باتفاق أهل العلم، وبتقدير صحتها (127) فليس هذا ما يدل على أن من أطعم مسكينا ويتيما وأسيرا كان أفضل الأمة وأفضل الصحابة، بل الآية عامة مشتركة بين كل من فعل هذا الفعل، وهي تدل على استحقاقه لثواب الله تعالى على هذا العمل وغيره من الأعمال كالإيمان بالله والصلاة في مواقيتها والجهاد في سبيل الله تعالى أفضل من هذا العمل بالإجماع (128) . وهذا جواب هذه المسائل والله تعالى أعلم. واعلم أن كل ما يظن أن فيه دلالة على فضيلة غير أبي بكر (129) إما أن يكون كذبا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإما أن يكون لفظا محتملا لا دلالة فيه، وأما النصوص المفصلة [لأبي بكر] (130) فصريحة (131) مع دلائل أخرى من القرآن والإجماع والاعتبار والاستدلال والله أعلم.
سبب تسمية الرافضة
[سبب تسمية الرافضة] (132) وإنما سموا رافضة لأنهم رفضوا أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - ولم يرفضهما أحد من أهل الأهواء غيرهم، والشيعة دونهم وهم الذين يفضلون عليا (133) على عثمان - رضي الله عنهما - ويتولون أبا بكر وعمر، فأما الرافضة فلها غلو شديد في علي ذهب فيه (134) بعضهم مذهب النصارى في المسيح وهم السبابة (135) أصحاب عبد الله بن سبأ (136) ، وفيهم يقول الحميري: قوم غلو في علي [7/أ] لا أبا لهم ... وأجشموا أنفساً في حبه تعبا قالوا هو الله جل الله خالقنا ... من أن يكون ابن شيئاً أو يكون أبا وقد أحرقهم عليّ - رضي الله عنه - بالنار (137) . ومن الروافض المغيرة بن سعد مولى بجيلة (138) ، قال الأعمش (139) : دخلت على المغيرة بن سعد فسألته عن فضائل علي - رضي الله عنه - فقال لي: إنك لا تحتملها، قلت: بلى، فذكر آدم عليه السلام فقال: علي خير منه، ثم ذكر من دونه من الأنبياء عليهم السلام فقال: علي خير منهم، حتى انتهى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال: علي مثله، فقلت: كذبت عليك لعنة الله، قال: قد أعلمتك أنك لا تحتمله. ومن الروافض من يزعم أن عليا في السحاب، فإذا أظلتهم سحابة قالوا: السلام عليك يا أبا الحسن، وقد ذكر [ذلك] (140) بعض الشعراء (141) : برئت من الخوارج لستُ منهم ... من الغَزّال منهم وابنِ باب (142) ومن قومٍ إذا ذكروا علياً ... يَرُدّون السلام على السحابِ ولكنّي أحبّ بكلّ قلبي ... وأعلم أن ذاكَ من الصواب رسول الله والصِّديق حقا (145) ... به أرجو غدا حُسن الثواب (143) (144)
الخاتمة
تمت وبالخير عمت على يد أفقر عباد الله وأحوجهم إليه مغفرة: صالح بن أحمد بن عبد القادر، غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات. الخاتمة: تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في هذه الرسالة القيمة وبيّن فيها أن الصديق - رضي الله عنه - أفضل الصحابة، بل أفضل هذه الأمة على الإطلاق بعد نبيها، لأنه جاءت في حقه أحاديث صحيحة صريحة لم يشركه فيها غيره من الصحابة وتميز بها؛ كثبوت الخلة لأبي بكر - رضي الله عنه - لو كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خليل، وكذلك أمره - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر أن يصلي بالناس مدة مرضه، وكذلك تأميره له على الحج سنة تسع من الهجرة. بينما غيره من الصحابة وردت في فضله أحاديث هي مشتركة بينه وبين غيره. فائدة: ويحسن بنا أن نختم هذه الرسالة القيمة بأثر جاء بسند صحيح وعلى لسان عليّ رضي الله عنه نفسه، وفيه ذكر فضائل الشيخين ومنزلتهما في الإسلام، فالمسألة قد حكم فيها صاحب الشأن، وفيه أن مسألة التفضيل لها جذور تاريخية قديمة، وأنها ليست مجرد تفضيل بل تستخدم من بعض أهل الأهواء للطعن في كبار الصحابة أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما. فعن سويد بن غَفلة (146) قال: مررت بنفر من الشيعة وهم يتناولون أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - وينتقصونهما، قال: فدخلت على علي بن أبي
طالب - رضي الله عنه - فقلت له: يا أمير المؤمنين إني مررت آنفا بنفر من أصحابك وهم يذكرون أبا بكر وعمر بغير الذي هما له من الأمر أهل، ولولا أنهم يرون أنك تضمر لهما بمثل ما أعلنوا ما اجتروا على ذلك، فقال علي: أعوذ بالله أن أُضمِر لهما إلا الحسن الجميل، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل، أخوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحباه ووزيراه - رحمة الله عليهما - ثم نهض دامعا عيناه يبكي قابضا على يديّ حتى دخل المسجد، وصعد المنبر فجلس عليه متمكنا قابضا على لحيته ينظر فيها - وهي بيضاء - حتى اجتمع له الناس، ثم قام فتشهد بخطبة بليغة موجزة، ثم قال: ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش، وأبوي المسلمين بما أنا عنه متنزه وعما يقولون بريء وعلى ما يقولون معاقب، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لا يحبهما إلا مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلا فاجر رديء؛ صحبا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الوفاء والصدق، يأمران وينهيان ويقضيان ويعاقبان، ولا يجاوزان رأي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرى مثل رأيهما رأيا، ولا يحب كحبهما أحدا، مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهما راض، ومضيا والمؤمنون عنهما راضون، أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر على صلاة المؤمنين فصلى بهم تسعة أيام في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما قبض الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - واختار له ما عنده، ولاّه المؤمنون ذلك، ثم أعطوه البيعة طائعين غير كارهين، أنا أول من سن ذلك من بني عبد المطلب، وهو لذلك كاره، يود لو أن أحدنا كفاه ذلك، كان والله خير من بقي وأرحمه رحمة وأرأفه رأفة وأبينه ورعا وأقدمه سنا وإسلاما، شبهه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بميكائل رحمة، وبإبراهيم عفوا ووقار، فسار بنا سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى مضى على ذلك - رحمة الله عليه -، ثم ولي الأمر بعده عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - واستأمر المسلمين في ذلك، فمنهم
من رضي ومنهم من كره فكنت فيمن رضي، فلم يفارق الدنيا حتى رضي من كان كرهه وأقام الأمر على منهاج النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه، يتبع آثارهما كاتباع الفصيل أثر أمه، كان والله رفيقا رحيما بالضعفاء والمؤمنين، عونا وناصرا للمظلومين على الظالمين، لا تأخذه في الله لومة لائم، ثم ضرب الله بالحق على لسانه، وجعل الصدق من شأنه حتى إن كنا لنظن أن ملكا ينطق على لسانه، أعز الله بإسلامه الإسلام، وجعل هجرته للدين قواما، ألقى الله له في قلوب المنافقين الرهبة، وفي قلوب المؤمنين المحبة، شبهه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجبريل: فظا غليظا على الأعداء، وبنوح حنقا مغتاظا على الكفار، الضراء في طاعة الله آثر عنده من السراء في معصية الله. من لكم بمثلهما - رحمة الله عليهما - ورزقنا المضي على سبيلهما، فإنه لا يبلغ مبلغهما إلا باتباع آثارهما، والحب لهما، فمن أحبني فليحبهما ومن لم يحبهما فقد أبغضني وأنا منه بريء، ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت على هذا أشد العقوبة، إنه لا ينبغي أن أعاقب قبل التقدم، ألا فمن أُتيت به يقول هذا بعد اليوم فإن عليه ما على المفتري، ألا وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق وعمر الفاروق، ثم الله أعلم بالخير أين هو، أقول قولي هذا ويغفر الله لي ولكم (147) .
الهوامش والتعليقات
الهوامش والتعليقات
المصادر والمراجع
المصادر والمراجع - ابن الأثير: علي بن محمد الجزري (ت630هـ) . 1. أسد الغابة في معرفة الصحابة، دار الفكر، بدون تاريخ. - ابن الأثير: المبارك بن محمد الجزري (ت606هـ) . 2. النهاية في غريب الحديث، طبع بعناية طاهر أحمد الزاوي، ومحمود محمد الطناحي، المكتبة العلمية، بيروت، بدون تاريخ. - أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (ت240هـ) . 3. فضائل الصحابة، تحقيق وصي الله بن محمد عباس، طبعة البحث العلمي في جامعة أم القرى، مكة، الطبعة الأولى 1403هـ - 1983م. 4. المسند، تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة. 5. المسند، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الخامسة 1405هـ-1985م. - الألباني: محمد ناصر الدين. 6. سلسلة الأحاديث الصحيحة، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الرابعة 1405هـ-1985م. 7. ضعيف سنن النسائي، المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى 1411هـ-1990م. - البخاري: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي (ت256هـ) . 8. التاريخ الكبير، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، بدون تاريخ. 9. الجامع الصحيح، طبع بعناية مصطفى ديب البغا، مطبعة اليمامة، دمشق، الطبعة الثالثة 1407هـ-1986م. - البزار: عمر بن علي البزّار (ت749هـ) . 10. الأعلام العليّة في مناقب ابن تيمية، حققه زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية 1396هـ بيروت. - بكر بن عبد الله أبو زيد. 11. المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل، طبع المجمع الفقهي، نشر دار العاصمة، الرياض، الطبعة الأولى 1417هـ.
- البلادي: عاتق بن غيث. 12. معجم معالم الحجاز، دار مكة، الطبعة الأولى 1400هـ-19980م. - التجيبي: القاسم بن يوسف السبتي (ت730هـ) . 13. برنامج التجيبي، تحقيق عبد الحفيظ منصور، الدار العربية للكتاب، تونس 1981م. - الترمذي: محمد بن عيسى بن سورة السلمي (ت279هـ) . 14. الجامع الصحيح (سنن الترمذي) ، تحقيق أحمد محمد شاكر، وإبراهيم عطوة عوض، مطبعة البابي الحلبي، مصر، الطبعة الأولى 1382هـ-1962م. - ابن تغرى بردي: أبو المحاسن يوسف الأتابكي (ت874هـ) . 15. النجوم الزاهرة، تحقيق فهيم محمد شلتوت، نشر الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر والترجمة، مصر 1390هـ-1970م. - ابن تيمية: أبوالعباس أحمد بن عبد الحليم النميري (ت728هـ) . 16. مجموع فتاوى ابن تيمية، جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم، دار المدني، بدون تاريخ. 17. منهاج السنة النبوية، تحقيق محمد رشاد سالم، إدارة الثقافة والنشر بجامعة الإمام، الرياض، الطبعة الأولى 1406هـ-1986م. - الجاحظ: عمرو بن بحر (250هـ) . 18. البيان والتبيين، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، بيروت. - الجاسر: حمد بن محمد (ت1421هـ) . 19. شمال غرب المملكة، دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر، الرياض، الطبعة الأولى 1397هـ. - ابن أبي حاتم: أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الرازي (ت327هـ) . 20. الجرح والتعديل، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون تاريخ. - ابن حجر: أحمد بن علي (ت852هـ) . 21. الإصابة في تمييز الصحابة، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ. 22. تقريب التهذيب، طبع بعناية محمد عوامة، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى 1406هـ-1986م.
23. فتح الباري شرح صحيح البخاري، بعناية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ. - ابن حزم: أبو محمد علي بن أحمد (ت456هـ) . 24. جمهرة أنساب العرب، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1403هـ. - الخطابي: حمْد بن محمد البستي (ت388هـ) . 25. معالم السنن، بهامش سنن أبي داود، تحقيق عزت الدعاس. - خيثمة بن سليمان القرشي (ت343هـ) . 26. من حديث خيثمة، تحقيق عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، بدون تاريخ. - الذهبي: أبو عبد الله محمد بن أحمد (ت748هـ) 27. تذكرة الحفاظ، تصحيح عبد الرحمن المعلمي، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ. 28. سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثالثة 1405هـ. 29. معجم الشيوخ، تحقيق الدكتور محمد الحبيب الهيلة، مكتبة الصديق، الطائف، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى سنة1408هـ. 30. ميزان الاعتدال في نقد الرجال، تحقيق علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت. - ابن رجب: عبد الرحمن بن أحمد السلامي الحنبلي (ت759هـ) . 31. الذيل على طبقات الحنابلة، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ. - السيوطي: عبد الرحمن بن أبي بكر (911هـ) . 32. الدر المنثور، طبع دار الكتب العلمية. - الشوكاني: محمد بن علي (ت250هـ) . 33. الفوائد المجموعة، تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي، المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة 1407هـ بيروت. - الطبري: محمد بن جرير (ت310هـ) . 34. تاريخ الرسل والملوك، تحقيق أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، مصر، الطبعة الثانية، بدون تاريخ.
- ابن عبد الهادي: محمد بن أحمد. 35. العقود الدرية، تحقيق محمد حامد الفقي، مكتبة المؤيد، الرياض. - ابن عبد الهادي: يوسف بن الحسن بن عبد الهادي (ت909هـ) . 36. محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، تحقيق عبد العزيز ابن محمد الفريح، من مطبوعات عمادة البحث العلمي في الجامعة الإسلامية، نشر مكتبة أضواء السلف، الطبعة الأولى 1420هـ-2000م. - العقيلي: أبو جعفر محمد بن عمرو (ت322هـ) . 37. الضعفاء الكبير، تحقيق عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1404هـ-1984م. - الفزاري: إبراهيم بن محمد بن الحارث (ت185هـ) . 38. كتاب السير، تحقيق فاروق حمادة، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ-1987م. - أبو القاسم الأصفهاني: إسماعيل بن محمد التيمي (ت535هـ) . 39. سير السلف، رسالة علمية مطبوعة على الآلة الكاتبة، قدمها عبد العزيز بن محمد الفريح، رسالة العالمية (الماجستير) . - ابن قتيبة: أبو محمد عبد الله بن مسلم الدينوري (ت276هـ) . 40. المعارف، تحقيق د/ ثروت عكاشة، دار المعارف، مصر، الطبعة الرابعة. - ابن قدامة: عبد الله بن أحمد المقدسي (ت620هـ) . 41. المغني، تحقيق د/ عبد الله التركي، د/ عبد الفتاح الحلو، هجر، القاهرة، الطبعة الأولى. 42. منهاج القاصدين في فضائل الخلفاء الراشدين، مصورة عن النسخة المخطوطة بدار الكتب المصرية تحت رقم (1218) تاريخ. - ابن كثير: أبو الفداء إسماعيل بن عمر (ت774) . 43. البداية والنهاية، تصحيح د/ أحمد أبو ملحم وزملائه، دار الريان للتراث، الطبعة الأولى 1408هـ-1988م، مصر. - مسلم بن الحجاج القشيري (361هـ) . 44. الصحيح، تحقيق فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، مصر، بدون تاريخ.
- ابن منظور: جمال الدين محمد بن مكرم (ت711هـ) . 45. لسان العرب، دار صادر، بيروت، بدون تاريخ. - النسائي: أبو عبد الرحمن محمد بن شعيب (ت303هـ) 46. خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، تحقيق أبو إسحاق الحويني، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ. 47. السنن (المجتبى) ، تصحيح عبد الفتاح أبو غدة، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الثانية 1406هـ-1986م. - الهندي: علاء الدين علي بن حسان (975هـ) . 48. كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، تصحيح بكري حبائي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الخامسة 1405هـ-1985. - الهيثمي: أبو بكر علي بن أبي بكر (ت807هـ) . 49. مجمع الزوائد، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثالثة 1402هـ-1982م. - ابن الوزير: محمد بن إبراهيم (ت840هـ) . 50. العواصم من القواصم في الذب عن سنة أبي القاسم لابن الوزير اليماني، تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة 1412هـ. - ياقوت: أبو عبد الله الحموي (ت622هـ) 51. معجم البلدان، دار إحياء التراث العربي، 1399هـ-1979م.