قواعد التجويد على رواية حفص عن عاصم بن أبي النجود

عبد العزيز القارئ

مقدمة

مقدمة ... بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: فقد نظرت في كثير مما ألف في التجويد على رواية حفص من المصنفات القديمة فاستقر عزمي على تأليف كتاب للطلاب، أجمع فيه خلاصة ما في تلك الكتب وأرتبه بأسلوب مناسب لمداركهم في هذا العصر، وقد بذلت غاية جهدي لأكمل ما نقص، وأوضح ما أبهم، ولأختار من التعريفات والتقسيمات أكثرها دقة، وخاصة في باب مخارج الحروف، حيث يختلفون فيه اختلافًا ملحوظًا مع أنه أهم أبواب هذا الفن، ويليه باب الصفات، وهذان البابان يعتمدان اعتمادًا كبيرًا على دقة التطبيق العملي للنطق الصحيح الفصيح، وقد كنت أخضع ما يقوله بعض الشراح والعلماء من أهل هذا الفن للتجارب العملية في فصول الدراسة عند تدريس القرآن في المعهد الثانوي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وإن كنت لم أجد من الإمكانات أكثر من ذلك للتحقيق لكنني بذلك توصلت إلى بعض النتائج التي تيسر على الطالب قواعدها هذا العلم.. والأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسات الدقيقة والجهود المخلصة والإمكانات والوسائل الحديثة لتستخدم في هذه الدراسات، والمقصود الرئيسي خدمة القرآن الكريم، والتوصل إلى النطق العربي النبوي الفصيح لكتاب الله.

وليعلم كل من درس هذا العلم أو قام بتدريسه أنه وإن كان يعتمد على النقل والرواية فحسب إلا أن مرجعه في الحقيقة الذوق العربي السليم الفصيح، لأن القرآن نزل بلسان العرب، وكانوا يلجئون في لغتهم دائمًا إلى الحسن الجميل السهل في النطق، ويفرون من الثقيل على ألسنتهم المستبشع في أذواقهم، فكالنوا يحلون كلامهم بكل مستحسن جميل في النطق ويميلون إلى السهولة واليسر. ولذا وصف التجويد بأنه حلية التلاوة وزينة الأداء، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "زينوا القرآن بأصواتكم" رواه الحاكم، وقال ابن الجزري في المقدمة: وهو أيضًا حلية التلاوة ... وزينة الأداء والقراءة وعلى مدرسي هذا العلم أن يلحظوا أثناء تدريسهم أنه لابد من الإكثار من التطبيق وممارسة النطق الصحيح من الطلاب، وهناك ثلاث مراحل ينبغي أن يتدرج فيها المبتدئ في هذا الفن: الأولى: تصحيح نطقه بتحقيق مخارج الحروف وصفاتها اللازمة حتى لا يخلط الحروف ببعضها، وحتى يتعود التمييز بينها، والنطق بها نطقًا صحيحًا، بإخراج كل حرف من مخرجه المحقق، وبالمحافظة على حركات الإعراب، والتنبه للوقوف اللازمة أو الممنوعة التي يترتب عليها إخلال بالمعنى، وفي هذه المرحلة يعنى المعلم أولًا بتصحيح اللحن الجلي المعروف حده وتعريفه في هذا الفن، وبتصحيح الخلل الواضح في النطق الذي يؤدي إلى خلل في المبنى أو في المعنى.. ويعنى أيضًا

بالأحكام الواجبة، كالمدود اللازمة، والطبيعية، ومواضع الإظهار ونحو ذلك. الثانية: يرتقي فيها المعلم مع التلميذ إلى العناية بأحكام الحروف وصفاتها التكميلية، أي: لا تتوقف صحة النطق عليها، ولكنها من مقتضيات الفصاحة والكمال، كالترقيق والتفخيم، والغنة، والإدغام والإخفاء والإقلاب، والمدود الجائزة، ومن الصفات مثل القلقلة واللين، والانحراف، والإصمات، والإذلاق، وتحقيق التكرار، ومن الوقوف: المواضع الواضحة التي يظهر فيها تعلق المعنى أو عدم تعلقه وحسنه أو قبحه، ويبدأ في هذه المرحلة بتصحيح الأخطاء الخفية. الثالثة: وهي المرحلة الأخيرة وتعتبر مرحلة المتقنين، فالتلميذ فيها يكون مجودًا محققًا لأحكام الحروف ومخارجها وصفاتها، ويكون نطقه سليمًا من الأخطاء الجلية، ومعظم الأخطاء الخفية، إلا أنه بعد لم يكتمل إتقانه، ولم يبلغ درجة كافية من المهارة في النطق، وحتى لو بلغ درجة المتقنين، فإن المتقنين على مراتب متفاوتة، والإتقان درجات بعضها فوق بعض، وقمة الإتقان ومنتهاه نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لم يأذن الله لشيء ما أذن له وهو يقرأ القرآن يجهر به ويتغنى به1 في هذه المرحلة الأخيرة يهتم المعلم بالنواقص الخفية التي تخل بالإتقان لا بالنطق، كالتدقيق في مقادير المدود ودرجاتها، ومراعاة المعاني الدقيقة في الوقوف، وبلوغ الغاية من المهارة في تحقيق الصفات.

_ 1 أخرجه الشيخان

وينبغي أن يوفر المعلم أثناء درس التجويد والقراءة فرصتين لتلاميذه: إحداهما: السماع للنطق الصحيح، فيقرأ لهم وهم يتابعونه في المصحف أو على السبورة. والأخرى: النطق الصحيح، فيقرءون وهو يستمع ويتابع ويصحح الأخطاء. وليعلم كل طالب علم معنيّ بهذا الفن العظيم أنه من الفنون والعلوم العملية التي لا يمكن أخذها من الكتب وحدها، بل لابد من الممارسة والتطبيق، والإكثار من التمرين حتى يستقيم لسانه ويعتاد النطق السليم، قال ابن الجزري: وليس بينه وبين تركه ... إلا رياضة امرئ بفكه كما أنه من العلوم التي ترجع إلى السماع والنقل ولا مجال فيه للقياس فلابد من سماع القرآن من مجود متقن وعرضه عليه، وليحذر طالب التجويد الذي يروم التقحيق والإتقان أن يتلقى القراءة إلا من مجود متقن وكان السلف يشترطون في ذلك اتصال السند إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن هذا العلم سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول كما ثبت عن عمر وزيد بن ثابت رضي الله عنهما. ولكن المعاصرين كثيرًا ما يخطئون فيه، وكذا أهل الأداء ومن انتسب إليهم، فإن العناية اليوم بالتحقيق ضعيفة، خاصة في هذا الميدان. حتى صار من الصعب الوثوق بمجود يقرر حكمًا حتى يثبت مرجعه أو اتصال سنده.

واعتمادي في هذا لكتاب على عدد من مراجع هذا الفن من كتب السلف المعتمدة، أولها: المقدمة فيما على قارئه أن يعلمه، وشروحها وهي كثيرة، لكنني رجعت إلى: شرح ابن المصنف مخطوطًا، وشرح الملا علي القاري، وشرح الشيخ زكريا الأنصاري، وتعليقات الشيخ خالد الأزهري. ومما دفعني إلى تأليف هذه الرسالة ما علمته من اهتمام والدي -رحمه الله- الشيخ عبد الفتاح القارئ -وهو شيخي في القراءة- بتأليف راسلة في رواية حفص استجابة لطلب إدارة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ورئيسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وفقه الله وبارك في عمره، لكن عاق والدي عن ذلك الأجل المحتوم الذي أدركه، أسأل الله له الرحمة والرضوان، وأن يتقبل مني عملي هذا وينفع به طلبة القرآن، إنه سميع قريب. كتبه بالمدينة النبوية في المحرم عام 1393 هـ أبو عاصم عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ

لمحة موجزة من تاريخ التجويد والقراءات

لمحة موجزة من تاريخ التجويد والقراءات: لقد تعبد الله عز وجل خلقه بتلاوة هذا القرآن العظيم، ووعدهم عليها الثواب الجزيل، وأثابهم على كل حرف منه عشر حسنات وأمرهم أن يتفكروا فيه، ويتدبروا معانيه، حتى يصلوا إلى المقصود والمراد وهو تحقيق مبادئه وتطبيق أحكامه، وشرع للقراءة صفة معينة، وأمر نبيه بها فقال: {وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [4: المزمل] وقال: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا} . [106: الإسراء] وكان صلى الله عليه وسلم من حرصه على إتقان القرآن يستعجل عندما كان يلقنه جبريل -عليه السلام- ويقرئه إياه فقال عز وجل: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [16، 17: القيامة] . وكان صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن على جبريل في كل عام مرة في رمضان، وفي السنة التي توفي فيها عرضه مرتين. وقد علم النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة القرآن كما تلقاه من جبريل، ولقنهم إياه بنفس الصفة، وحثهم على تعلمها والقراءة بها، وروي عنه أنه قال: "إن الله يحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل" رواه ابن خزيمة في صحيحه عن زيد بن ثابت. ثم خص نفرًا من أصحابه أتقنوا القراءة حتى صاروا أعلامًا فيها، خصهم بمزيد من العناية والتعليم، وكان منهم: أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبو

موسى الأشعري، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وغيرهم. وكان صلى الله عليه وسلم يتعاهدهم بالاستماع لهم أحيانًا، وبإسماعهم القراءة أحيانًا أخرى، فقد جاء في الحديث الصحيح أنه طلب من ابن مسعود أن يقرأ عليه فقرأ حتى بلغ قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [41: النساء] قال: حسبك. فالتفت فإذا به صلى الله عليه وسلم تذرف عيناه1. وجاء عنه أنه قال لأبي بن كعب: "يا أبا المنذر، إني أمرت أن أقرأ عليك القرآن" 2 وقال صلى الله عليه وسلم بتعلم القراءة، وبتحري الإتقان فيها، بتلقيها عن المتقنين الماهرين: "خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأبي بن كعب" 3. كل هذا وغيرها يدل على أن هناك صفة معينة للقراءة، هي الصفة المأخوذة عنه صلى الله عليه وسلم، وبها أنزل القرآن فمن خالفها أو أهملها فقد خالف السنة وقرأ القرآن بغير ما أنزل. وصفة القراءة هذه التي اصطلحوا على تسميتها بعد ذلك بالتجويد تتضمن لهجات العرب الفصحى، وطريقتهم في النطق، وهذا من مقتضى كون القرآن عربيًا، فهو عربي في لفظه ومعناه، وأسلوبه وتركيبه، ولهجته وطريقة النطق به، ولذلك تجد كثيرًا من

_ 1 متفق عليه. 2 مسلم والترمذي. 3 البخاري.

مباحث التجويد والقراءة في علم اللغة والنحو، فهي مباحث مشتركة بين الطرفين. وقد اهتمت الأمة بهذا العلم الجليل، وقام علماء السلف -رضوان الله تعالى عليهم- بخدمته ورعايته بالتصنيف والقراءة والإقراء، حتى ليكاد القارئ يقول: لم يتركوا للآخرين شيئا. وإني كلما اطلعت على شيء من مصنفاتهم ازداد يقيني بأن ما صنفه هؤلاء في القراءات والتجويد يشكل مكتبة قرآنية ضخمة لا تعادلها مكتبة أخرى، ومازالت الكنوز المدفونة في هذه المكتة تكشف عن روائعها كل يوم. تاريخ التأليف في هذا الفن: لعل أول من جمع هذا العلم في كتاب: الإمام العظيم أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفي سنة 224 هـ، فقد ألف كتاب القراءات الذي قال عنه الحافظ الذهبي: ولأبي عبيد كتاب في القراءات ليس لأحد من الكوفيين قبله مثله1 وقيل: إن أول من جمع القراءات وألف فيها: حفص بن عمر الدوري المتوفى سنة 246 هـ 2. واشتهر في القرن الرابع الهجري الحافظ أبو بكر بن مجاهد البغدادي، وهو أول من سبع السبعة، وأفرد القراءات السبعة المشهورة في كتاب وتوفي سنة 324 هـ.

_ 1 معرفة القراء الذهبي: صـ142 2 معرفة القراء: صـ157

وفي القرن الخامس اشتهر الحافظ الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني مؤلف كتاب التيسير في القراءات السبع، والذي صار عمدة القراء بعده فهم يدورون حوله شرحًا ونظمًا، وقراءة وإقراء، وله تصانيف كثيرة في هذا الفن وغيره، قال الحافظ الذهبي: بلغني أن له ماية وعشرين مصنفًا1. وقد عد ابن الجزري منها في طبقاته واحدًا وعشرين كتاب. توفي أبو عمرو الداني سنة 444هـ. واشتهر في هذا القرن أيضًا الإمام مكي بن أبي طالب القيسي القيرواني وقد ألف كتاب لا تعد ولا تحصى في القراءات وعلوم القرآن وغيرها، وذكر ابن الجزري في طبقاته أن له نيفًا وثمانين تأليفا، قلت: وقد وجد الكثير منها، ومن أشهرها التبصرة في القراءات وشرحه الكشف عن وجوه القراءات وعللها، والإبانة عن معاني القراءات، والرعاية في التجويد. وفي القرن السادس الهجري اشتهر شيخ هذا الفن الذي تسابق العلماء إلى لاميته، وانكبوا عليها انكباب الفراش على النور، تلك هي الشاطبية التي أسماها حرز الأماني ووجه التهاني نظم فيها القراءات السبعة المتواترة في ثلاثة وسبعين وألف بيت، وذاك هو أبو القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي الأندلسي. توفي سنة 590 من الهجرة.

_ 1 معرفة القراء: 327.

وبعده ما زالت العلماء تترى في هذا الفن في كل عصر وقرن، حاملين لواء القرآن آخذين بزمام علومه إقراءً وتطبيقًا، وصارفين الأعمار لخدمته تصنيفًَا وتحقيقًا، حتى قيض الله -عز وجل- له إمام المحققين ورئيس المقرئين محمد بن الجزري الشافعي، فتتلمذ عليه خلق لا يحصون وألف كتبًا كثيرة أشهرها النشر في القراءات العشر ضمنه السبعة وزاد عليها قراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف، ثم اختصره في كتابه تقريب النشر ثم نظم في هذه القراءات العشر منظومة أسماها طيبة النشر، ونظم في القراءات الثلاث الدرة المضية. ونظم في التجويد المقدمة فيما على قارئه أن يعلمه وقد تداولها أهل هذا الفن وعنوا بها، وممن شرحها ابن الناظم، ثم وضع لها الشيخ خالد الأزهري شرحًا مختصرًا سماه الحواشي الأزهرية، وشرحها أيضًا الشيخ زكريا الأنصاري، والملا علي القاري، وغيرهم. وقد أفرد العلماء بعض أبواب هذا الفن بالتصنيف، كمخارج الحروف وصفاتها ومن أشهر الكتب فيها الرعاية لمكي، وكالفرق بين الضاد والظاء، والممدود والمقصور، والوقف والابتداء، وأحكام النون الساكنة والتنوين. وإن من أماني النفس أن نرى هذه المكتبة القرآنية العظيمة التي تحوي كنوزًا مدفونة لا حصر لها وقد أبرزت للدنيا وكشفت للناس، فيفرح بها المسلمون، وينتفع المقرئون، ويشهد الشانئون الحاقدون مقدار عظمة هذا الدين، وعظمة كتابه المبين، ويروا بأعينهم معنى الحفظ الذي تكفل الله به لهذا الكتاب العظيم {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ

وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [9: الحجر] . ولعل بوادر نهضة في مجال الدراسات القرآنية قد بدت في الأفق، فإن القرآن لا تنفد عجائبه وعلومه، وما زال علم القراءات والتجويد يحتاج إلى مزيد من البحث والتدقيق باستخدام الوسائل المعاصرة. ولا شك أن القارئ المعاصر، والتلميذ الحديث يحتاج مع ذلك إلى تقريب هذا الفن إلى ذهنه، وتحبيبه إلى قلبه بصياغته في ثوب جديد وأسلوب حديث، إذ أكثر المصنفات السالفة ألفت لمستويات رفيعة من المتفرغين وطلبة العلم المتخصصين، ووضعت بأسلوب غير أسلوبنا، وهم معذورون في ذلك إذ كانت الهمم أعلى، والعزائم أقوى، والنفوس مقبلة على العلم متفرغة له. وجزى الله أسلافنا العلماء خير الجزاء عن القرآن وطلابه، وعن الإسلام وأهله.

القراءات المتواترة

القراءات المتواترة: تواتر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أن القرآن أنزل على سبعة أحرف" -أي: سبعة أوجه من أوجه القراءة- تتضمن مختلف لغات العرب ولهجاتها الفصحى، وعلى رأسها لغة قريش حيث كان نزول القرآن أول ما نزل بها. وكان صلى الله عليه وسلم يقرئ أصحابه بهذه الأحرف فيذهب كل واحد منهم وهو يقرأ بقراءة غير التي يقرؤها صاحبه. وتفرق الصحابة في البلاد، وأخذ عنهم الناس القرآن، ثم كثر تنازع الناس واختلافهم في القراءة، حتى خشي حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أن يصيبهم مثل ما أصاب اليهود والنصارى من الاختلاف في كتابهم. لقد كان الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم أجمعين- على وعي وإدراك تام لمعنى هذه الأحرف المختلفة والمقصود منها بعد أن علمهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أما الناس فلم يصل إدراكهم وفهمهم إلى ما وصل إليه أولئك، ولذلك استقر إجماع الصحابة على أن يجمعوا الأمة على مصحف واحد، فكتب عثمان بن عفان المصاحف وبعث بها إلى الأمصار، وأجمعت الأمة على ما كتبه في هذه المصاحف واطرحوا ما سواه فلم يقرءوا به، وما زال المسلمون على ذلك إلى اليوم. اعتمد عثمان -رضي الله عنه- في النص الذي كتبه، على العرضة الأخيرة التي عرضها فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن على جبريل مرتين قبل موته،

وجعل الأصل في خطه أن يكون على لسان قريش1 عند الاختلاف، وإذا أمكن الجمع بين الأحرف في الخط كتبوه كذلك وإلا اختاروا حرف قريش في الغالب. والقرآن: إنما يتلقى بالرواية كما سبق بيانه، وينقل عبر الدهور في الصدور، فيرويه الجمع العظيم من القراء الضابطين عن شيوخهم، ويتسلسل السند إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ولذلك كان الشرط الأول لقبول القراءة وثبوت قرآنيتها: تواتر السند إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أو استفاضته على الأقل، وقد ثبت عن زيد بن ثابت قوله: القراءة سنة متبعة. ولكي لا يقع القارئ فيما اتفق الصحابة على اطراحه وتركه من الأحرف السبعة ويخرج على إجماعهم فإنهم اشترطوا أيضًا: موافقة القراءة لخط المصاحف العثمانية ورسمها ولو تقديرًا. فإذا لم يحتملها الرسم اعتبرت القراءة شاذة وإن صح سندها، فلا يقرأ بها القرآن، وبعضهم يزيد شرطًا ثالثًا هو: أن توافق القراءة وجهًا من العربية. فإذا تأملت هذه الشروط، فاعلم أن كل قراءة تعرض عليها فإن تحققت فيها فهي قرآن ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي مما تضمنه مصحف عثمان وأجمع عليه الصحابة، فيقرأ بها بلا خلاف، ولا يجوز إنكارها أو ردها، ومن هذا يتبين لك أنه لا تحديد في الأصل لعدد القراءات أو

_ 1 صحيح البخاري: كتاب التفسير، باب فضائل القرآن.

أعيان القراء الذين يقرأ بروايتهم، ولذلك كان كثير من علماء السلف يقرأ بقراءات ثبتت عندهم من غير طريق هؤلاء السبعة المشهورين، ولم يلتزموا في عدد الرواة بسبعة ولا بسبعين. فابن جرير الطبري -رحمه الله- روى في كتابه واحدًا وعشرين قراءة. وكذلك فعل أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه القراءات. وإسماعيل بن إسحاق القاضي صاحب قالون، وغيرهم. يقول مكي بن أبي طالب القيسي في كتابه الإبانة: وقد ذكر الناس من الأئمة في كتبهم أكثر من سبعين ممن هو أعلى رتبة وأجل قدرًا من هؤلاء السبعة. أما القراء السبعة فكان أول من اختارهم واقتصر عليهم في كتابه أبو بكر بن مجاهد في القرن الرابع الهجري ولذلك يوصف بأنه مسبع السبعة، وتبعه في ذلك أبو عمرو الداني، والشاطبي، وغيرهما، وإنما كان اختيار ابن مجاهد وغيره لهؤلاء القراء السبعة بقصد التيسير على الأمة، فإنهم رأوا الهمم قصرت والأفهام عجزت عن استيعاب طرق القراءات كلها، فنظروا في أئمة القراءة وأكثرهم ضبطًا وإتقانًا، واختاروا منهم هؤلاء، وابن مجاهد إنما جعلهم سبعة ليوافق عدد مصاحف عثمان -رضي الله عنه- والقراء السبعة هم: 1 نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم، ويكنى أبا رويم مولى جعونة بن شعوب الليثي حليف حمزة بن عبد المطلب، أصله من أصبهان، أخذ القراءة عن سبعين من التابعين.

أشهر من روى عن نافع: قالون واسمه عيسى بن مينا، وورش واسمه عثمان بن سعيد. توفي نافع بالمدينة سنة 169هـ. 2 عبد الله بن كثير الداري: إمام أهل مكة في القراءة، تابعي جليل، أخذ القراءة عرضًا عن عبد الله بن السائب -رضي الله عنه- وعرض أيضًا على مجاهد مولى ابن عباس -رضي الله عنهما- توفي سنة 120هـ أشهر الرواة لقراءته: قنبل واسمه محمد بن عبد الرحمن المكي، والبزي واسمه أحمد بن محمد بن عبد الله. 3 أبو عمرو بن العلاء بن عمار التميمي المازني البصري، واسمه زبان كما ذكر الذهبي وغيره، وهو أحد التابعين: سمع من أنس بن مالك، وقرأ على شيوخ لا يحصون، وهو أكثر القراء السبعة شيوخًا. توفي سنة 154 هـ، وأشهر الرواة لقراءته الدوري وهو أبو عمر حفص بن عمر بن عبد العزيز الأزدي، والسوسي وهو أبو شعيب صالح بن زياد. 4 عبد الله بن عامر بن يزيد اليحصبي، إمام أهل الشام في القراءة وأحد التابعين، أخذ القراءة عرضًا عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- وعن المغيرة بن أبي شهاب صاحب عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وقيل: إنه سمع بعض القرآن من عثمان وأنه قرأ على فضالة بن عبيد.

توفي بدمشق سنة 118هـ، وأشهر الرواة لقراءته هشام بن عمار الدمشقي وابن ذكوان واسمه عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان القرشي. 5 عاصم بن أبي النجود تأتي ترجمته مستقلة. 6 حمزة بن حبيب الزيات أبو عمارة الكوفي التيمي مولاهم، أخذ القراءة عن الأعمش، وكان الأعمش يجود قراءة ابن مسعود، وقرأ على محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وكان يجود قراءة علي، وقرأ على أبي إسحاق السبيبعي وكان يأخذ من قراءة ابن مسعود وقراءة علي، وقرأ على حمران بن أعين وكان حمران يأخذ بقراءة ابن مسعود ولا يخرج عن موافقة مصحف عثمان وهذا كان اختيار حمزة. قال العجلي: قال أبو حنيفة لحمزة: شيئان غلبتنا عليهما لسنا ننازعك فيهما القرآن والفرائض. وكان شيخه الأعمش إذا رآه أقبل يقول: هذا حبر القرآن. توفي حمزة سنة 156هـ، وأشهر الرواة لقراءته خلف وهو ابن هشام البزار وخلاد بن خالد الصيرفي الكوفي. 7 الكسائي هو علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الأسدي مولاهم، أصله من أولاد الفرس، وهو الكسائي الكبير إمام النحو والقراءة، وإليه انتهت رئاسة الإقراء بالكوفة بعد شيخه حمزة. توفي سنة 189هـ، وأشهر من روى عنه أبو الحرث الليث بن خالد البغدادي والدوري حفص بن عمر.

فهؤلاء هم القراء السبعة الذين تلقت الأمة قراءتهم بالقبول وثبت تواترها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالإجماع. وزاد ابن الجزري في نشره ودرته ثلاثة قراء، هم: 1 أبو جعفر يزيد بن القعقاع المخزومي المدني، شيخ نافع وأحد التابعين المشهورين، أخذ القراءة عرضًا عن مولاه عبد الله بن عياش -رضي الله عنه- وعن أبي هريرة، وعبد الله بن عباس، رضوان الله عليهم أجمعين. توفي أبو جعفر بالمدينة سنة 130هـ. وقد روى ابن الجزري قراءته من روايتي عيسى بن وردان وسليمان بن جماز. 2 يعقوب بن إسحاق بن زيد الحضرمي مولاهم البصري، إمام أهل البصرة ومقرئها، أخذ القراءة عن سلام الطويل، وشهاب بن شرنفة. قال يعقوب: قرأت على سلام في سنة ونصف، وقرأت على شهاب بن شرنفة المجاشعي في خمسة أيام، وقرأ شهاب على مسلمة بن محارب في تسعة أيام، وقرأ مسلمة على الأسود الدؤلي على علي بن أبي طالب رضي الله عنه. قال ابن الجزري في الطبقات: وقراءته على أبي الأشهب عن أبي رجاء عن أبي موسى في غاية العلو. روى ابن الجزري قراءته من روايتي رويس وروح.

3 خلف بن هشام البزار الأسدي، أحد رواة قراءة حمزة، أخذ القراءة عن عبد الرحمن بن حماد عن حمزة، وعن سليم عن حمزة، وعن يعقوب بن خليفة الأعشى، وأبي زيد سعيد بن أوس عن المفضل الضبي، وروى الحروف عن إسحاق المسيبي، وإسماعيل بن جعفر، وعبد الوهاب بن عطاء، وسمع من الكسائي. روى ابن الجزري قراءته من روايتي إسحاق الوراق وإدريس الحداد.

ترجمة عاصم

ترجمة عاصم: إسناده وشيوخه: هو عاصم بن أبي النجود -ويقال ابن بهدلة- الأسدي مولاهم شيخ الإقراء بالكوفة، وأحد التابعين، قال ابن الجزري: روى عن أبي رمثة رفاعة بن يثربي التميمي، والحارث بن حسان البكري وكانت لهما صحبة، أما حديثه عن أبي رمثة فرويناه في مسند أحمد بن حنبل، وأما حديثه عن الحارث فرويناه في كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام. وإسناد عاصم في القراءة ينتهي إلى عبد بن مسعود وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- ويأتي إسناده في العلو بعد ابن كثير وابن عامر، فبين عاصم وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلان، وليس بين ابن كثير وابن عامر وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا الصحابي، وقد قرأ عاصم القرآن على أبي عبد الرحمن السلمي عن علي -رضي الله عنه- وقرأ على زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه. وكان يتردد عليهما فيأخذ من هذا قراءة ابن مسعود ومن ذاك قراءة علي وهكذا استوثق في القراءة وجمع فيها بين أقوى المصادر، فأبو عبد الرحمن السلمي تابعي مشهور روى عنه الأئمة الحديث كما رووا القراءة، وأخرج له البخاري ومسلم وغيرهما، وزر بن حبيش أيضًا أحد الأعلام وقد عرض القرآن على عبد الله، وعلي رضوان الله عليهم أجمعين. وكان عاصم يقرئ حفصًا بقراءة علي بن أبي طالب التي يرويها

من طريق أبي عبد الرحمن، ويقرئ أبا بكر بن عياش بقراءة ابن مسعود التي يرويها من طريق زر بن حبيش، وقرأ عاصم أيضًا على أبي عمرو سعد بن إياس الشيباني الكوفي، وأبو عمرو هذا أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يره، وقد أخذ القراءة عن عبد الله بن مسعود. تلاميذه: أما تلاميذ عاصم الذين رووا عنه فكثيرون، عد منهم الذهبي: الأعمش، والمفضل بن محمد الضبي، وحماد بن شعيب، وأبا بكر بن عياش، وحفص بن سليمان، ونعيم بن ميسرة. وهؤلاء قرءوا عليه القرآن. وممن روى عنه: عطاء بن أبي رباح، وأبو صالح السمان، وهما من شيوخه، وأبو عمرو بن العلاء، وحمزة بن حبيب الزيات، والحمادان، والسفيانان، وشعبة، وأبان، وشيبان، وأبو عوانة، وزاد ابن الجزري: إسماعيل بن مجالد، وسلامة بن سليمان أبا المنذر، وسهل بن شعيب، والضحاك بن ميمون، وعصمة بن عروة، وعمرو بن خالد، والمفضل بن صدقة، ومحمد بن زريق، ونعيم بن يحيى، والحسن بن صالح، والحكم بن ظهير، والحارث بن نبهان، والمغيرة الضبي، ومحمد بن عبد الله العزرمي. وغيرهم. مكانته وثناء الأئمة عليه: سبق أن بينا إسناد قراءته وعلوها وأنه استوثق في الرواية ولم يكتف بطريق واحدة، ولذا فقد أثنى عليه الأئمة وقدموه في القراءة، وتلقوا روايته بالقبول، واعتبروا قراءته في مقدمة القراءات المتواترة التي أجمع الناس على أنه يقرأ بها القرآن.

روى عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه قال: سألت أبي: أي القراءة أحب إليك؟ فقال: قراءة أهل المدينة فإن لم يكن فقراءة عاصم. وقال أبو بكر بن عياش: سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول: ما رأيت أحدًا أقرأ من عاصم بن أبي النجود. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: عاصم بن بهدلة صاحب سنة وقراءة كان رأسًا في القرآن. وقد تلقى الأئمة حديثه بالقبول فقال فيه الإمام أحمد: صالح خيّر ثقة. ووثقه كذلك أبو زرعة وجماعة، وقال أبو حاتم: محله الصدق. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: حسن الحديث. توفي رحمه الله وجزاه عن الأمة خير الجزاء سنة 120 من الهجرة.

ترجمة حفص

ترجمة حفص: إسناده وشيوخه: حفص بن سليمان الدوري الغاضري الأسدي مولاهم، صاحب عاصم وربيبه، أخذ عنه القراءة وأتقنها فشهد له العلماء بالإمامة فيها، قال الذهبي: روى الحديث عن علقمة بن مرثد البناني، وأبي إسحاق السبيعي، وكثير بن زاذان، ومحارب بن دثار، وإسماعيل السدي، وليث بن سليم، وعاصم. تلاميذه: أخذ عنه القراءة عرضًا وسماعًا: عبيد بن الصباح، وأخوه عمرو بن الصباح، وأبو شعيب القواس، وحمزة بن القاسم، وحسين بن محمد المروزي، وخلف الحداد، وسليمان بن داود الزهراني، وحمدان بن أبي عثمان الدقاق، والعباس بن الفضل بن يحيى بن شاهي بن فراس الأنباري، وحسين بن محمد بن علي الجعفي، وأحمد بن جبير الأنطاكي، وسليمان الفقيمي. وروى عنه أيضا: بكر بن بكار، وآدم بن أبي إياس، وهشام بن عمار، وأحمد بن عبده، وعلي بن حجر، وعمرو الناقد، وهبيرة التمار، وغيرهم. ثناء العلماء عليه: أما في القراءة فيعدونه مقدمًا على أبي بكر بن عياش شعبة، وهو الراوي الآخر عن عاصم، فهو أكثر حفظًا وإتقانًا، ولذلك اشتهرت روايته وتلقاها الأئمة بالقبول، يقول الحافظ الذهبي: وكان الأولون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر بن عياش ويصفونه بضبط الحروف التي قرأ بها على عاصم. وقال يحيى بن معين: الرواية الصحيحة التي رويت عن عاصم رواية حفص بن سليمان.

وليس ذلك بغريب فقد كان ربيب عاصم فلازمه وأتقن قراءته، وكان كما قال ابن المنادى: قد قرأ على عاصم مرارًا. وبين حفص وشعبة من الحروف المختلفة فيها خمسمائة وعشرون حرفًا كما ذكر ابن مجاهد، وقد سبق أن رواية حفص ترتفع إلى علي بن أبي طالب، وأن شعبة ترتفع روايته إلى عبد الله بن مسعود. وتكلم المحدثون في حديث حفص من جهة ضبطه للحديث، وذلك لا يؤثر في قراءته فإنه كان متخصصًا بالقراءة متقنا لها ولم يكن شأنه كذلك في الحديث. قال الذهبي في ميزان الاعتدال: كان ثبتا في القراءة واهيًا في الحديث لأنه كان يتقن القرآن ويجوده ولا يتقن الحديث وإلا فهو في نفسه صادق. توفي حفص رحمه الله وجزاه عن القرآن وأهله أحسن الجزاء سنة 180 هـ. وقد قرأت القرآن بروايته على والدي -رحمه الله- الشيخ عبد الفتاح القارئ بن الشيخ عبد الرحيم بن الشيخ ملا محمد الآقورغاني الخوقندي الفرغاني، عرضًا وسماعًا أكثر من عشر مرات. وتلقيت عنه الجزرية. وقد أجازني في قراءة حفص شفاهيًا. وهو قرأ القرآن عرضًا وسماعًا بمضمن الشاطبية وطرقها على شيخه الشيخ أحمد بن السيد حامد التيجي المصري الريدي، وانتهى من

العرض عليه بمكة المكرمة سنة 1362هـ، وقد أجازه في القراءات السبع وأخبره بإسناده قائلًا: أخذت طرق القراءات السبع من طرق الشاطبية على ما اختاره الواثق بربه المغني الشيخ عبد الرحمن اليمني، وعلى ما اختاره الشيخ سلطان المزاحي، أخذتها من شيخي وأستاذي الشيخ محمد سابق إلى قوله تعالى في سورة الأنعام: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وعاقني عن إتمام الختمة موته وقد أجازني شفاهيًا، فاستأنفت ختمة للأئمة العشرة من طريق الشاطبية والدرة على تلميذ شيخنا المذكور الشيخ عبد العزيز كحيل شيخ القراء والمقارئ بمدينة الإسكندرية، وأخبرني أنه قرأ على الشيخ محمد سابق المذكور، وأخذ الشيخ محمد سابق عن الإمام الشيخ خليل عامر المطوبسي، عن الشيخ علي الحلو إبراهيم بسمنود، وهو عن الشيخ سليمان الشهداوي الشافعي، والشيخ سليمان نقل ما ذكر عن الشيخ مصطفى الميهي، وهو عن والده الشيخ علي الميهي البصير بقلبه، وهو نقل ما ذكر عن مشايخ منهم: الشيخ المحلي، والشيخ إسماعيل، عن شيخه الشيخ علي الرميلي، وهو عن الشيخ محمد البقري. ح وأخبرني أيضًا أنه أخذ للأئمة الأربعة عشر عن شيخه أحمد البقري، وهو عن الشيخ محمد بن قاسم بن إسماعيل البقري. ح وأخذ الرشيدي أيضًا عن الشيخ العباسي الشهير بالعطار، وهو عن المشايخ الثلاثة: الشيخ سلطان بن أحمد المزاحي، والشيخ علي الشبراملسي والشيخ محمد البقري.

ح وأخذ الرشيدي أيضًا عن الشيخ مصطفى بن عبد الرحمن الأزميري، وهو عن شيخه محمد المقرئ بأزمير، وقرأ المقرئ على الشيخ عمر القسطنطيني، عن الشيخ شعبان بن مصطفى، على محمد بن جعفر الشهير بأوليا أفندي. ح وأخذ الشيخ مصطفى الأزميري أيضًا عن الشيخ عبد الله بن محمد بن يوسف الشهير بيوسف أفندي زاده، عن والده الشيخ محمد بن يوسف، عن والده الشيخ يوسف، عن الشيخ محمد بن جعفر الشهير بأوليا أفندي. ح وأخذ الشيخ مصطفى الأزميري أيضًا عن الشيخ حجازي، عن الشيخ علي بن سليمان المنصوري، عن المشايخ الثلاثة الشيخ: سلطان، والشيخ الشبراملسي، والشيخ محمد البقري. ح قال الشيخ أحمد بن السيد حامد التيجي: وأخبره أيضًا أني أخذت القراءات العشر من طرق طيبة النشر عن شيخي وأستاذي الشيخ علي بن محمد الضباع المصري، وهو عن شيخه الشيخ عبد الرحمن الخطيب، وهو عن شيخه الأستاذ الشهير الشيخ محمد بن أحمد المتولي، وقرأ المتولي بذلك على شيخه المحقق السيد أحمد الدري التهامي، وقرأ التهامي على شيخه أحمد سلمونه، وقرأ الشيخ سلمونه على السيد إبراهيم العبيدي وقرأ العبيدي على المشايخ المحققين: الشيخ عبد الرحمن الأجهوري المالكي، والسيد علي البدري، والشيخ المنيري السمنودي.

أما الأجهوري فقرأ على المشايخ المحققين: الشيخ عبده السجاعي، والشيخ أحمد البقري المعروف بأبي السماح، والشيخ عمر الإسقاطي، والشيخ يوسف أفندي زاده شيخ قراء القسطنطينية بقلعة مصر وقت قدومه إليها قاصدًا الحج سنة 1151هـ، وكذا على الشيخ محمد الأزبكاوي، وعلى الشيخ محفوظ، والشيخ عبد الله الشيماظي وقت رحلته إلى المدينة المنورة مارًا بمصر سنة اثنتين وخمسين ومائة وألف، وقرأ الأزبكاوي على الشيخ محمد البقري، وقرأ الشيخ محفوظ على الشيخ علي الرميلي، وقرأ الرميلي على الشيخ محمد البقري، وقرأ السجاعي على الشيخ أحمد البقري، وقرأ أحمد البقري على الشيخ محمد البقري، وقرأ الشيخ عبد الله الشيماظي على شيوخه بالمغرب المتصل سندهم إلى شيخ الإسلام الهبطي المشهور المتصل سنده بأبي عمرو الداني -هكذا ذكروا- ولعلهم تركوا تفصيل سنده لشهرته أو لإجماعهم على ثقته وعدالته. وقرأ البقري، والشبراملسي: على الأستاذ الشيخ عبد الرحمن اليمني، وقرأ اليمني على والده الشيخ شحاذة اليمني إلى قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} الآية، ثم مات والده فاستأنف على تلميذ والده العلامة ابن عبد الحق السنباطي ختمة أخرى، وقرأ السنباطي على الشيخ شحاذة المذكور. وقرأ الشيخ سلطان على الشيخ سيف الدين البصير بقلبه، وقرأ سيف الدين على الشيخ شحاذة اليمني. وقرأ الإسقاطي على البدر المنير أبي النور الدمياطي، وقرأ أبو النور

على العلامة الشيخ أحمد البنا صاحب -إتحاف فضلاء البشر- وقرأ صاحب الإتحاف على نور الدين الشيخ علي الشبراملسي بسنده، وقرأ أبو النور أيضًا على الشيخ سلطان بن أحمد المزاحي بسنده. وقرأ الشيخ يوسف أفندي زاده أيضًا على المشايخ المحققين: الشيخ محمد البقري والشيخ علي الشبراملسي، والشيخ سلطان المزاحي، وتقدمت أسانيدهم: وقرأ الشيخ شحاذة اليمني على الشيخ محمد بن جعفر الشهير بأوليا أفندي، وقرأ أوليا أفندي على شيخه أحمد المسيري المصري، وقرأ المسيري على شيخه نصر الدين الطبلاوي، وقرأ الطبلاوي على شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وقرأ الأنصاري على الشيخ أحمد بن أسد الأنبوطي، والشيخ رضوان العقبي، وأبي العباس أحمد بن أبي بكر القليتائي، وأبي نعيم النقير، وأبي طاهر محمد بن محمد العقيلي الشهير بالنويري، والإمام نور الدين علي بن محمد بن صالح المخزومي البلبيسي. وأخذ الأنبوطي، والعقبي، والقليتائي، والنقير، والعقيلي، ونور الدين: عن الإمام حافظ عصره ووحيد دهره أبي الخير محمد بن محمد بن محمد الجزري المقرئ الشافعي مؤلف كتاب -النشر وطيبته وتقريبه- وقرأ ابن الجزري على شيوخ كثيرين بالشام منهم: شيخه شيخ مشايخ الإقراء بالشام أبو المعالي محمد بن أحمد بن علي بن حسين اللبان الدمشقي، وقرأ ابن اللبان على أبي العباس أحمد ابن إبراهيم المراوي العشاب، وقرأ المراوي على أبي محمد عبد الله بن يوسف بن أبي بكر

الشبارتي، وقرأ الشبارتي على أبي العباس أحمد بن علي بن يحيى الحصار. ح وقرأ ابن الجزري أيضًا على الشيخ أبي جعفر أحمد بن يوسف بن مالك الأندلسي قدم إلى دمشق في أوائل سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، وقرأ أحمد بن يوسف على أبي الحسن علي بن عبد العزيز الأندلسي، وقرأ أبو الحسن على أبي بكر محمد بن وضاح الأندلسي، وقرأ الحصار وابن وضاح على الإمام أبي الحسن علي بن محمد بن هذيل الأندلسي. ح وقرأ ابن الجزري أيضًا بمضمن كتاب الشاطبية على الشيخ أبي المعالي محمد بن رافع السلامي بدمشق، وقرأ ابن رافع على الإمام إسماعيل بن عثمان العالم الحنفي، وقرأ ابن عثمان على الإمام علم الدين أبي الحسن علي بن عبد الصمد السخاوي شارح الشاطبية، وقرأ السخاوي بمضمنها على ناظمها أبي القاسم الشاطبي. ح وقرأ ابن الجزري أيضًا بمضمنها على الإمامين أبي محمد عبد الرحمن بن أحمد بن علي البغدادي الشافعي، وأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أبي الحسن الحنفي: وقرأ كل منهما على الإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الخالق الصايغ شيخ القراء بالديار المصرية. وقرأ الصايغ على الإمام أبي الحسن علي بن شجاع بن سالم العباسي الهاشمي الضرير صهر الشاطبي، وقرأ الهاشمي على ناظمها أبي القاسم الشاطبي. ح وقرأ ابن البغدادي أيضًا على الشيخ أبي علي الحسن بن عبد الكريم الغماري المصري، وقرأ الغماري على الإمام أبي عبد الله محمد

ابن يوسف القرطبي، وقرأ القرطبي على ناظمها أبي القاسم ابن فيرة بن خلف بن أحمد الرعيني الأندلسي الشاطبي، على الإمام ابن هذيل، وقرأ ابن هذيل على الإمام أبي داود سليمان بن نجاح، وقرأ ابن نجاح على الإمام أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني مؤلف التيسير في القراءات السبع. قال الداني: أما رواية حفص فحدثنا بها أبو الحسن طاهر بن غلبون المقرئ، قال: أنبأنا بها أبو الحسن علي بن محمد بن صالح الهاشمي بالبصرة، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن سهل الأشناني قال: قرأت على أبي محمد عبيد بن الصباح، وقال: قرأت على حفص، وقال: قرأت على عاصم. وقرأت بها القرآن كله على شيخنا أبي الحسن، وقال: قرأت بها القرآن على الهاشمي، وقال: قرأت على الأِشناني عن عبيد عن حفص عن عاصم. وعاصم هو ابن أبي النجود، وكنيته أبو بكر، تابعي قرأ على عبد الله بن حبيب السلمي، وزر بن حبيش الأسدي، على عثمان، وعلي، وابن مسعود، وأبي، وزيد -رضي الله عنهم- عن النبي، صلى الله عليه وسلم. وقرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أمين وحي رب العالمين جبريل -عليه السلام- وهو عن رب العزة جل ثناؤه وتقدست أسماؤه.

التجويد معناه، والغاية منه، وحكمه ومعنى اللحن الجلي واللحن الخفي

التجويد معناه، والغاية منه، وحكمه ومعنى اللحن الجلي واللحن الخفي معناه، والغاية منه، وحكمه ... التجويد معناه، والغاية منه، وحكمه ومعنى اللحن الجلي واللحن الخفي

التجويد: معنى التجويد: في اللغة مأخوذ من أجاد الشيء يجيده أي: أتى به جيدًا، والجيد نقيض الرديء، وصيغة التفعيل منه جود يجود تجويدًا، فهو بمعنى التحسين والتكميل والإتقان. وفي الاصطلاح: هو إعطاء الحروف حقها من الصفات اللازمة لها ومستحقها من الأحكام التي تنشأ عن تلك الصفات. وتفصيل ذلك: أن للحرف حالتين: حالة الانفراد وحالة التركيب وله في كل منهما أحكام: فأول أحكامه منفردًا تحديد مخرجه، ثم تحقيق الصفات اللازمة له كالاستفال أو الاستعلاء، والهمس أو الجهر، والشدة أو الرخاوة. وعندما يتركب مع غيره من الحروف تنشأ أحكام الترقيق والتفخيم، والإظهار والإدغام، والمدود، ونحو ذلك. ثم عندما تتركب الكلمات مع بعضها مكونة جملًا تنشأ أحكام الوقوف. الغاية من علم التجويد: هو إتقان قراءة القرآن، بالنطق بحروفه مكتملة الإحكام والصفات ومحققة المخارج، من غير زيادة ولا نقصان، ولا تعسف ولا تكلف. وحينئذ يكون القارئ قد قرأ القرآن على الطريقة النبوية واللهجة العربية الفصحى التي أنزل بها. ولذلك ميزان دقيق لا يحتمل الزيادة ولا النقصان تجب مراعاته وإلا اختلت القواعد والأحكام.

وإنما يبلغ القارئ الإتقان في ذلك بالتمرين والممارسة الدائبة وبرياضة اللسان على النطق الصحيح كما قال ابن الجزري: وليس بينه وبين تركه ... إلا رياضة امرئ بفكه فإذا أخل القارئ بهذا الميزان الدقيق فزاد في المقادير أو نقص، وتكلف في النطق وتعسف في القراءة، فإنه يأتي بالحروف قبيحة ينفر منها السامع، ويضيع بذلك المقصود من التجويد. قال الشيخ المقرئ علم الدين السخاوي في نونيته: لا تحسب التجويد مدًا مفرطًا ... أو مد ما لا مد فيه لواني أو أن تشدد بعد مد همزة ... أو أن تلوك الحرف كالسكران أو أن تفوه بكلمة متهوعًا ... فيفر سامعها من الغثيان للحرف ميزان فلا تك طاغيًا ... فيه ولا تلك مخسر الميزان حكم القراءة بالتجويد: قال ابن الجزري في المقدمة: والأخذ بالتجويد حتم لازم من لم يجود القرآن آثم فجعله واجبًا شرعيًا يأثم الإنسان بتركه، وبه قال أكثر العلماء والفقهاء، ذلك لأن القرآن نزل مجودًا، وقرأه الرسول -صلى الله عليه وسلم- على جبريل كذلك، وأقرأه الصحابة فهو سنة نبوية. ومن أدلتهم على الوجوب قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [4: المزمل] . قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف1.

_ 1 النشر: جـ1 صـ209.

ومنها قوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ} [121: البقرة] . فمن حق التلاوة حسن الأداء، كما أن منه العمل بالمقتضى. وقد سبق ذكرالحديث "إن الله يحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل". ومما يدل على وجوب تجويد القراءة ما رواه سعيد بن منصور في سننه1 أن عبد الله بن مسعود كان يقرئ رجلًا فقرأ الرجل: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} مرسلة، فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: كيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: {لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} فمدها. ومثله ما أخرجه البخاري عن أنس -رضي الله تعالى عنه- أنه سئل عن قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: كانت مدًا. ثم قرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يمد الله ويمد الرحمن ويمد الرحيم. ومن أصرح الأدلة على أن تجويد القراءة هي سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أخرجه الترمذي في سننه عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها سئلت عن قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفًا حرفًا. لكن وجوب التجويد وترتب الإثم على تركه فيه تفصيل حسن ذكره بعض العلماء: فقد قسموا التجويد إلى قسمين:

_ 1 ذكره ابن الجزري في النشر بإسناده إلى سعيد بن منصور قال: ثنا شهاب بن خراش ثني مسعود بن يزيد الكندي وذكر الحديث ثم قال: وأخرجه الطبراني في الكبير.

واجب: وهو ما يتوقف عليه صحة النطق بالحرف، فالإخلال به يغير مبنى الكلمة أو يفسد معناها، وذلك مثل معرفة مخارج الحروف وتحقيقها، ومعرفة الصفات التي تتميز بها بعض الحروف: كالاستعلاء والإطباق في الطاء، وكالتفشي في الشين، ومثل: إظهار المظهر، وإدغام المدغم، وتفخيم المخم، وترقيق المرقق، ومد ما يجب مده وقصر ما يلزم قصره، ونحو ذلك من الأحكام المتعلقة ببنية الكلمة، فمن أخل بشيء من تلك فقد أخل بالواجب فيأثم مع القدرة على القيام به في محل الواجبات. وهذا القسم من التجويد يلزم كل قارئ للقرآن تحقيقه على قدر طاقته، وبذل وسعه في إتقانه حتى يصحح نطقه بالقرآن ويسلم من الوقوع في التحريف والتبديل في كتاب الله. صناعي: وهو ما يتعلق بالمهارة في إتقان النطق الصحيح، وذلك ببلوغ الغاية في تحقيق الصفات والأحكام، وضبط مقادير المدود ضبطًا دقيقًا لا يزيد نصف درجة ولا ينقص، بل بعض القراء يزن المدود بأدق من ذلك فيفرق بين ربع الحركة في الزيادة أو النقص، ويدخل فيه مراعاة المعاني الخفية في الوقوف فإن ذلك لا يدركه إلا المهرة في فهم القرآن. وهذا القسم لا يتعلق به إخلال بالنطق، ولذا لا يجب على العامة إتقانه ولا يطالبون به ولا يأثمون بتركه؛ لأنه من أسرار هذا العلم وخفاياه التي لا يدركها إلا المهرة فيه.

معنى اللحن الجلي واللحن الخفي

معنى اللحن الجلي واللحن الخفي ... اللحن الجلي واللحن الخفي: اللحن يأتي لمعان كثيرة، والمراد به هنا الخطأ في القراءة، وهو عند القراء ينقسم إلى قسمين: جلي، وخفي: اللحن الجلي: هو الخطأ الذي يطرأ على اللفظ فيخل بمبناه إخلالًا ظاهرًا يشترك في معرفته علماء القراءة وعامة الناس، سواء أدى ذلك إلى فساد المعنى أم لم يؤد. مثل تبديل حرف بآخر، أو حركة بأخرى، كأن يضم التاء في قوله: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وهذا مما يؤدي إلى فساد المعنى، أو يكسر التاء في قوله: {مَا قُلْتُ لَهُمْ} أو يفتحها، ومثال ما كان الإخلال فيه بالمبنى لا يؤدي إلى تغيير المعنى، أن يضم الهاء في قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أو يفتح الباء في {رَبِّ} ، ومثله أن يحرك المجزوم في {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} ومثال ما يؤدي إلى تبديل الحرف بآخر، أن يترك الإطباق والاستعلاء في الطاء فتنقلب تاءً أو دالًا في مثل: {الطَّامَّةُ الْكُبْرَى} . ومن اللحن الجلي: ترك المدود الطبيعية في مثل: {قَالَ} {إِنَّا نَحْن} {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} فتذهب ذات الحرف. ومنه ترك الإظهار في مواضع الإظهار، وترك الإدغام في مواضع الإدغام، وقصر المدود الواجبة واللازمة، وتفخيم ما يجب ترقيقه، وترقيق ما يجب تفخيمه، ونحو ذلك. ومنه الوقف القبيح الذي يكون فساد المعنى فيه ظاهرًا جليًا مثل أن يقف على المنفي من كلمة التوحيد {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ.. إِلاَّ اللَّهُ} .

اللحن الخفي: هو الخطأ الذي يتعلق بكمال إتقان النطق لا بتصحيحه، فلا يدركه إلا أهل الفن الحذاق، ويخفى على العامة، وذلك مثل: عدم ضبط مقادير المدود بأن تنقص نصف درجة أو تزيد، أو عدم المساواة بين مقادير المدود الواحدة في المقرأ الواحد بأن يوسط المنفصل في موضع ويقصره في الموضع الذي يليه، ومثله قلة المهارة في تحقيق الصفات وتطبيق الأحكام كزيادة التكرير في الراءات، وتطنين النونات، وتغليظ اللامات في غير محل التغليظ. أما من وقع في اللحن الجلي فإنه لا تصح قراءته، ولا تنبغي الصلاة خلفه، ويأثم مع الإهمال، وأما من وقع في اللحن الخفي فهو أخف حكمًا ويعتبر في عرف المجودين مخلًا بالإتقان، والصلاة خلفه صحيحه. ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ما يفيد أنه لا ينبغي لطلبة العلم الصلاة خلف من لا يقيم الفاتحة ويقع في اللحن الجلي بحيث يغير حرفًا أو حركة، أما من يخطئ فيما يعتبر من اللحن الخفي ويمكن أن تتضمنه القراءات الأخرى ويكون له وجه فيها فإنه لا تبطل صلاته ولا صلاة المؤتم به، كمن قرأ الصراط بالسين فإنها قراءة متواترة1

_ 1 انظر فتاوى شيخ الإسلام: ط الرياض بتصحيح الشيخ ابن قاسم 1382هـ الجزء 22 ص 443 والجزء 23 ص 350.

تمرين رقم1

تمرين رقم1 1 ما معنى التجويد لغة واصطلاحًا، وما المقصود بحق الحرف ومستحقه؟ بين ذلك مع ذكر أحوال الحرف في علم التجويد. 2 ما الغاية من علم التجويد؟ 3 ينقسم التجويد إلى طبيعي وصناعي: بين كلًا منهما مع ذكر حكمه. 4 في أي من القسمين تدخل الأحكام الآتية؟: معرفة المخارج، معرفة الصفات، الإظهار والإدغام، المد الواجب، الوقوف الجائزة والحسنة، الترقيق والتفخيم، ترقيق اللامات أو تغليظها؟ 5 ما معنى اللحن وإلى كم قسم ينقسم؟ وما حكم كل قسم؟ 6 من أي أنواع اللحن ما يأتي؟: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} إذا قرأها أحد بضم التاء. {فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} إذا فخمت الراء. {جَاءَت الطَّامَّةُ} إذا أبدل أحد الطاء تاء بترك صفة الإطباق والاستعلاء. {أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} إذا ترك قارئ المد الواجب في {أُوْلَئِكَ} وفي {الْفَائِزُونَ} . {لَقَدِ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} إذا وقف أحد على {قَالُوا} وبدأ بما بعدها؟

الباب الأول مخارج الحروف

الباب الأول مخارج الحروف

مخارج الحروف الحروف الأصلية: ثمانية وعشرون حرفًا، إذا اعتبرنا الألف الممدودة اللينة فرعًا عن الهمزة، أما إذا اعتبرناها حرفًا مستقلًا فتكون الحروف الأصلية تسعة وعشرين، وعليه بعض المجودين، قال الناظم: وعدة الحروف للهجاء ... تسع وعشرون بلا امتراء أولها الهمزة لكن سميت ... بألف مجازًا إذ قد صورت وذلك أنهم يسمون كلًا من الهمزة والألف اللينة ألفًا ويفرقون بينهما بوصفهم للألف باللينة والممدودة والجوفية والضعيفة. على هذا القول: مكي بن أبي طالب، وابن الجزري ومعظم القراء، ولعل الذي جعلهم يعتبرون الألف الجوفية حرفا أصليًا، ولم يعتبروا الواو والياء الجوفيتين كذلك أن انحصار الصوت في هذين الحرفين مشترك بين المخرجين اشتراكًا منع من اعتبارهما حرفين مستقلين. وهناك حروف أخرى فرعية، وضابطها: أنها كل حرف يتردد بين مخرجين. وقد عدها ابن الجزري في نشره ثمانية وهي: الهمزة المستهلة بين بين: أي التي ينطق بها بين الهمزة والألف، أو بين الهمزة والياء، أو بين الهمزة والواو. الألف الممالة: أي التي ينطق بها مائلة إلى الياء.

الصاد المشوبة بالزاي: في مثل {الصِّرَاطَ} {أَصْدَقُ} فإنه ينطق بها في بعض القراءات مخلوطة بصوت الزاي. الياء المشمة بالواو: في مثل {قِيلَ} {غَيْظَ} فإنه ينطق بها مخلوطة بصوت الواو. الألف المفخمة: إذا وقعت مع حرف مفخم فإنها تتبعه مع أن الأصل فيها الترقيق. اللام المفخمة: فإن الأصل في اللام الترقيق، فإذا فخمت قربت من الواو. النون المخفاة: حيث تخلط بالحرف الذي بعدها. الميم المخفاة: مثل النون، وكلاهما إذا أخفيا صارا حرفين ناقصين. وكل هذه الحروف الفرعية قرئ بها في رواية حفص إلا الصاد المشوبة بالزاي فإنها رواية عن حمزة. المخرج: يراد به موضع خروج الحرف من الفم أو الحلق. وعدد المخارج على التحقيق سبعة عشر مخرجًا، وهذا مذهب الخليل بن أحمد واختيار ابن الجزري. ومذهب سيبويه وأصحابه: أنها ستة عشر مخرجًا، وذلك لجعلهم الألف الجوفية والهمزة من مخرج واحد. ومذهب الفراء وأصحابه: أنها أربعة عشر مخرجًا، لأنهم جعلوا مخرج اللام والنون والراء واحدًا.

وتوجد المخارج في خمس مناطق، هي: الجوف والحلق واللسان والشفتان والخيشوم. الجوف: ويراد به الفراغ الممتد مما وراء الحلق إلى الفم، فهو مخرج غير محدد، وتخرج منه أحرف ثلاثة هي: الألف اللينة، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، فتخرج هذه الأحرف ابتداءً بالنفس الصادر من الرئتين1 وانتهاءً بانتهائه عند انقطاع الصوت خارج الفم، وتسمى أحرف المد واللين كذلك؛ لأن الصوت يمتد بها في هذا المخرج كله وهي قابلة بذلك لزيادة الصوت ولخروجها من غير كلفة. الحلق: فيه ثلاثة مخارج: 1 أقصى الحلق: أي آخره من جهة الصدر، وتخرج منه الهمزة والهاء. 2 وسط الحلق: وتخرج منه العين والحاء. 3 أدنى الحلق: أي أقربه إلى الفم، وتخرج منه الغين والخاء. اللسان: فيه عشرة مخارج إليك بيانها مرتبة حسب مواضعها فيه: 1 أقصى اللسان: أي آخره من جهة الحلق، وتخرج منه القاف بينه وبين أقصى الحنك الأعلى.

_ 1 هكذا يقول المصنفون في التجويد، والمعروف الآن أن الصوت يتولد ابتداء عند احتكاك الهواء الصادر من الرئتين بالأوتار الصوتية الموجودة في الحلق.

2 ويليه مخرج الكاف، فهو أقرب منه قليلًا إلى جهة الفم كما يتبين من الشكلين رقم1 و2. 3 وسط اللسان: مع وسط الحنك الأعلى، ومنه تخرج الجيم والشين والياء. انظر الشكل رقم 3. 4 ظهر طرف اللسان: مع التصاقه بأصول الثنايا العليا، أي الجزاء الذي تنغرز فيه الثنيتان من اللثة، ويعبر بعض المجودين عن هذا المخرج بظهر طرف اللسان ويقصدون به أول الطرف من جهة ظهر اللسان، وتخرج منه: الطاء، والدال والتاء، إلا أن الطاء تكون بانطباق واستعلاء من اللسان إلى جهة الحنك الأعلى والدال والتاء بغير استعلاء. 5 ظهر طرف اللسان أيضًا، ولكن مع التصاقه برءوس الثنايا العليا، وتخرج منه الظاء باستعلاء، والذال والثاء بغير استعلاء.

6 طرف اللسان: مع التصاقه الثنايا العليا، ومنه تخرج النون. 7 نفس المخرج: إلا أنه أقرب منه إلى الظهر، وبغير التصاق بالثنايا العليا ولكن يقترب طرف اللسان اقترابًا شديدًا منها حتى يكاد يلتصق بها: وهو مخرج الراء. 8 رأس اللسان: أي الجزء الذي يلي طرفه إلى جهة الشفتين، مع اقترابه اقترابًا شديدًا من أصول الثنايا حتى يكاد يلتصق بها، غير أنه تبقى فرجة صغيرة يمر منها الهواء والصوت: ومنه تخرج الصاد

والزاي والسين، إلا أن الصاد مع استعلاء من اللسان إلى جهة الحنك الأعلى، والزاي والسين بغير استعلاء. 9 حافة اللسان: أي أحد جانبيه مع ما يليه من الأضراس العليا فيمكن إلصاق الحافة اليمنى بما يليها من الأضراس، أو الحافة اليسرى بما يليها كذلك، ويمكن إلصاق كلتا الحافتين بكلا الجانبين من الأضراس: ومن هذا المخرج تخرج الضاد، وهو أصعب المخارج، وحكى أبو شامة أن عمر بن الخطاب كان يخرج هذا الحرف من الحافتين.

10 الحافة الأمامية من اللسان: ويبدأ هذا المخرج من أدنى حافة الضاد إلى منتهى الحافة من الأمام مما يحاذي الأسنان، أي الثنيتين والنابين والرباعيتين، فتلتصق هذه الحافة بصفحة هذه الأسنان من الداخل: ومنه تخرج اللام، وهو أوسع المخارج، وذكر الداني أن مخرج اللام يتحقق بإلصاقه الحافة بما يليها من الثنايا فحسب، ولكن لما كان القارئ يبسط الحافة عند نطقه باللام، لما فيها من الانحراف، حتى يكاد مخرجها يتصل بمخرج الراء، توهموا أن المخرج يشمل ذلك كله. وقد سبق أن الفراء يرى أن مخرج اللام والنون والراء واحد وهو طرف اللسان مع التصاقه بأصول الثنيتين، وبالتأمل نلحظ أن هذه الأحرف قريبة قربًا شديدًا من المخارج. انظر الشكل رقم 13.

الشفتان: فيهما مخرجان: 1 بطن الشفة السفلى: مع التصاقه برأس الثنيتين: ومنه تخرج الفاء، ولكن الالتصاق يجب ألا يكون محكمًا، حتى يسمح بمرور الهواء منه 2 ما بين الشفتين: وتخرج منه الواو بغير انطباق، والميم والياء بانطباقهما فيهما. الخيشوم: وهو أعلى الأنف، وهو مخرج الغنة، والغنة صفة، ولكن لما استقلت بمخرجها ذكرت في هذا الباب، فإن مخرجها هذا مستقل عن مخرج موصوفها، وهي صفة لحرفين: النون والميم، وتكون مظهرة في حالة: الإدغام والإخفاء والتشديد. الأسنان: لما كانت الأسنان وثيقة العلاقة بالمخارج ناسب أن نذكر فصلًا موجزًا عنها، فالأسنان عددها في فم الإنسان عند اكتمال النمو اثنتان وثلاثون

سنًا مقسمة كما يلي: أ- الثنايا: أربع في كل فك اثنتان. ب- الرباعيات: أربع في كل فك اثنتان. ج- الأنياب: أربع في كل فك اثنتان. د- الضواحك: تلي الأنياب، وهي أول الأضراس، وهي أربع في كل فك ضاحكان. هـ- الطواحين: تلي الضواحك وهي اثنا عشر طاحنًا، في كل فك ست. والنواجذ: آخر الأضراس، وهي أربع في كل فك ناجذان.

الباب الثاني صفات الحروف

الباب الثاني صفات الحروف صفات الحروف ... الباب الثاني صفات الحروف

صفات الحروف الصفة: يراد بها كيفية تولد الحرف وخروجه من مخرجه. وذلك أنهم يسمون الهواء الخارج من الرئة إن خرج بطبعه دون أن يحتك بأوتار الصوت نفسًا فإن وجه الإنسان بإرادته هذا الهواء إلى أوتار الصوت الموجودة في الحنجرة فاحتك بها وحدث له تموج وتذبذب مسموع فإنهم يسمونه حينئذ صوتًا، ثم هذا الهواء المصحوب بهذه التموجات الصوتية يتوجه إلى مقطع من مقاطع الفم أو الحلق، أي: إلى حيز محدد منها فإذا مر به وانحصر فيه تولد الحرف، ثم الكيفية التي يكون عليها مرور هذه التموجات الصوتية الممزوجة في النفس بذلك المقطع هي ما نسميه بصفة الحرف. فبالمخرج إذن تعرف ماهية الحرف، ويتولد شكله ويتحدد. وبالصفات يحصل التمييز بين الحروف، وخاصة تلك التي تتحد مخارجها أو تتقارب كالطاء والتاء مثلًا فإنهما حرفان متحدان في المخرج ولولا الإطباق والاستعلاء في الطاء دون التاء لما استطعت التمييز بينهما. وصفات الحروف كثيرة، ذكر مكي بن أبي طالب في الرعاية، أربعًا وأربعين صفة وذكر ابن الجزري في التمهيد أربعًا وثلاثين صفة، لكنه اقتصر في المقدمة على أشهرها وأهمها وهي سبع عشرة صفة، تنقسم إلى قسمين:

أ- صفات لها أضداد وهي: 1 الجهر وضده الهمس. 2 الشدة وضدها الرخاوة. 3 الاستعلاء وضده الاستفال. 4 الانطباق وضده الانفتاح. 5 الإصمات وضده الإذلاق. ب- صفات ليس لها أضداد وهي: 1 الصفير. 2 القلقلة. 3 اللين 4 الانحراف. 5 التكرير 6 التفشي. 7 الاستطالة. وإليك بيان هذه الصفات بالتفصيل: 1 الهمس: هو في اللغة الصوت الخفي، ويراد به في اصطلاح التجويد: جريان النفس في مخرج الحرف عند النطق به فيكون الصوت حينئذ خفيًا ضعيفًا لضعف انحصاره في المخرج. وحروفه عشرة جمعها ابن الجزري في قوله: فحثه شخص سكت. 2 الجهر: هو ضد الهمس أي: انحباس النفس في المخرج عند النطق بالحرف فيكون انحصاره فيه قويًا ولذلك يصدر الصوت من المخرج مجهورًا واضحًا قويًا، وحروفه هي ما سوى حروف الهمس.

3 الشدة: في اللغة القوة، ويراد بهذه الصفة في الاصطلاح: انحباس الصوت في المخرج. وذلك أنه لكمال قوة الانحصار وطبيعة الحرف الذي يراد تولده ينحبس الصوت في المخرج انحباسًا شديدًا ثم ينطلق مع انطلاق الهواء، ولذلك كانت معظم الحروف مجهورة ما عدا التاء والكاف فإنهم عدوهما مهموستين مع أن الهواء في بداية النطق بهما ينحبس في مخرجهما مع انحباس الصوت ولكن لضعف هذا الانحباس لم يعتبر جهرًا، ولذلك فإن الصوت ينطلق بالتاء والكاف خفيفًا لطيفًا بعد انحباسه. حروف الشدة جمعها ابن الجزري في قوله: أجد قط بكت. 4 الرخاوة: هي ضد الشدة، فيراد بها: جريان الصوت في مخرج الحرف، وذلك لضعف انحصار الصوت فيه، وحروفها ما سوى حروف الشدة والتوسط، ولا يلزم من جريان الصوت في الحروف الرخوة أن يجري النفس فيها أيضًا، فالضاد مثلًا حرف رخو مجهور، وكذلك الظاء والغين. 5 التوسط: أي بين الرخاوة والشدة، ويسميها بعضهم: البينية، وحروف هذه الصفة خمسة مجموعة في قولهم: لِن عمر. وذلك أن هذه الحروف توسطت في طبيعتها بين أن تكون شديدة محضة أو رخوة محضة، بل كانت درجة رخاوتها ضعيفة بحيث قربت من الشدة.

6 الاستعلاء: في اللغة الارتفاع، ويراد به في اصطلاح التجويد: ارتفاع جزء كبير من اللسان أو معظمه عند النطق بالحرف. وحروفه سبعة مجموعة في قولهم: خص ضغط قظ. وأعلى درجاتهه في الصاد، والطاء، والضاد، والظاء، فيرتفع معظم اللسان عند النطق بها. راجع الشكل رقم 8، 4، 6، 12. ثم يكون أقل في القاف، والخاء، حيث يرتفع أقصى اللسان، أي: الجزء الذي يلي الحلق، ثم يكون أضعف في الغين. 7 الاستفال: في اللغة الانخفاض، وهو في التجويد بعكس الاستعلاء: أي: انخفاض جزء كبير من اللسان أو معظمه عند النطق بالحرف. وحروفه ما عدا حروف الاستعلاء. وإذا نطقت بالحرف المستعلي فإن الصوت يتضخم نتيجة لارتفاع اللسان وهو ما يسمونه بالتفخيم، أما إذا نطقت بالحرف المستفل فإنك ترقق الصوت نتيجة لانخفاض اللسان وهذا ما يسمونه بالترقيق. 8 الانطباق: وذلك أنه تزيد درجة الاستعلاء في أربعة أحرف هي: الصاد، والضاد، والطاء، والظاء. حتى يكاد اللسان ينطبق على الحنك الأعلى، وينحصر الهواء بين اللسان والحنك انحصارًا يجعل الصوت في هذه الأحرف قويًا، وأقوى درجاته في

الطاء لارتفاع درجة الإطباق فيها ثم الضاد، ثم في الصاد، ثم أضعفه في الظاء. 9 الانفتاح: في سائر الحروف الباقية، إما لضعف درجة الاستعلاء فيها، وذلك في الغين والخاء فإنهما لا إطباق فيهما وهما حرفان مستعليان، وإما لكونها حروفًا مستفلة فيبتعد اللسان عند النطق بها عن الحنك الأعلى تاركًا فتحة يمر منها الهواء والصوت. 10 الإصمات: هو في اللغة المنع: يقال: أصمته فصمت، أي: منعته فامتنع، ومنه الصمت أي: الامتناع عن الكلام، أما المراد بالإصمات في الاصطلاح فقد نقل ابن الجزري عن ابن دريد قال: الحروف المصمتة حروف منعت أن تختص ببناء كلمة في لغة العرب إذا كثرت حروفها وذلك لاعتياصها -أي: صعوبتها - على اللسان فهي حروف لا تنفرد بنفسها في كل كلمة أكثر من ثلاثة أحرف. ويمكن بناء على ذلك أن يقال: إن الإصمات هو: امتناع انفراد الحروف المصمتة أصلية في الكلمات الرباعية والخماسية. وشرح ذلك: أن كل كلمة مكونة من أربعة أو خمسة أحرف أصلية يمتنع أن تكون فيها هذه الأحرف كلها مصمتة بل لابد أن يوجد معها شيء من الحروف المذلقة. فإذا وجدت كلمة رباعية أو خماسية غير مزيدة، وليس فيها

حرف مذلق، فذلك من الأدلة على عجمتها في الغالب مثل: عسجد، إسحاق. وإنما امتنع بناء الكلمات الرباعية والخماسية دون أن يدخل في تركيبها حرف مذلق لأن العرب كانوا يلجئون إلى كل يسير سهل في النطق، والحروف المذلقة كذلك، ومن أجل ذلك سميت مذلقة من الذلاقة بمعنى: السهولة والطلاقة، فالحروف المذلقة سهلة المخارج لطيفة الصفات، بخلاف الحروف المصمتة فإنها أصعب منها مخرجًا وصفات. 11 والحروف المذلقة هي: الفاء، والراء، والميم، والنون، واللام، والباء جمعها ابن الجزري في قوله: فِرَّ مِنْ لُب، وقالوا في تعريف الإذلاق إنه: خروج الحرف بسهولة ويسر. هذه هي الصفات المتضادة، ومجموعها عشر صفات - إذا لم نحسب التوسط- يضاف إليها الصفات السبع الآتية فيصير مجموع الصفات سبع عشرة صفة: 1 الصفير: يراد به الصوت الزائد الذي يشبه الصفير يخرج عندما تنطق بالصاد أو الزاي أو السين. ودرجة الصفير أقوى في الصاد، ثم في الزاي، وأضعف في السين. 2 القلقلة: في اللغة الحركة والاضطراب، ويراد بها هنا: تحريك المخرج والصوت بعد انضغاطهما وانحباسهما. وذلك أنك أولًا تحبس الصوت في المخرج حتى ينضغط فيه انضغاطًا شديدًا

ثم تفك المخرج فكة سريعة فينطلق الصوت محدثًا نبرة قوية وهزة في المخرج، هذه النبرة هي القلقلة. وحروفها خمسة مجموعة في قولهم: قطب جد. فإذا تأملت هذه الحروف المقلقلة وجدتها كلها شديدة مجهورة، لما علمت من أنه لا بد قبل القلقلة من انحباس الصوت والهواء فيها. وأقوى درجات هذه الصفة في الساكن إذا وقفت عليه، وهي مختفية في المتحرك ضمن الحركة وهي أقوى في القاف، ثم في الطاء، ثم في الجيم، ثم في الباء والدال. ويجب ألا تزيد القلقلة حتى تصل إلى حد تنقلب فيه إلى حركة. 3 اللين: المراد به خروج الصوت بسهولة وامتداد. وهو صفة لثلاثة أحرف: الألف مطلقًا، والواو والياء إذا سكنتا بعد حركة مجانسة اتصفتا باللين والمد في الصوت، فإذا انفتح ما قبلهما نقص المد وبقي اللين فقط. فهما حرفا لين: إذا كانا ساكنين بعد فتح. 4 الانحراف: في اللام، والراء. قال المجودون: فيهما انحراف في المخرج والصفة، والمراد أن في هذين الحرفين قابلية شديدة للانحراف، فاللام فيها ميل فإذا لم يحترس القارئ عند النطق بها مال مخرجها إلى مخرج غيرها من المخارج المجاورة، ثم هي حرف متردد بين الشدة والرخاوة ولذلك

عدوها من الحروف المتوسطة، والراء كذلك فيها انحراف إلى مخرج اللام أو الياء، أي: أنها قابلة لأن تنحرف عن مخرجها إلى أحد المخرجين؛ لأن طرف اللسان لا يستقر بها في حيز محدد من الحنك الأعلى بل يتحرك ليسمح للصوت بالمرور في سهولة ويسر، ولذلك فإن الراء مع رخاوتها هي الحرف الوحيد الذي يتصف بالتكرير، إلا أنه لما لم تكن رخاوتها كاملة بل كان الصوت ينحبس انحباسًا يسيرًا في مخرجها عدوها متوسطة وسموا قابليتها لكلا الصفتين مع قابليتها للميل إلى كلا المخرجين: انحرافًا. 5 التكرير في حرف واحد هو الراء، والمراد بتكريره: أن طرف اللسان لا يستقر عند النطق به بل يرتعد، وبارتعاده يتذبذب الصوت ويمر في المخرج دون ضغط ولا شدة، وهو حرف قابل لزيادة التكرير فلو ترك له العنان لازداد ارتعاد طرف اللسان به حتى تتولد عدة راءات، وهذا ما حمل بعض المجودين على القول بأنه يجب الاحتراس من التكرير ومرادهم الزيادة، يقول ابن الجزري في التمهيد: ولا بد في القراءة من إخفاء تكريرها1. أقول: وطريقة ذلك أن يترك الإنسان طرف لسانه يرتعد ارتعادة واحدة لطيفة خفيفة بعد أن يحاذى به أصول الثنايا ثم يلصقه بها حتى يمنع استمرار التكرير. وأوضح ما تكون هذه

_ (1) التمهيد: "ص 28/ ط بمصر سنة 1326هـ" وانظر النشر: ج1: 204.

الصفة في الراء إذا كانت مشددة ولذلك ينبغي الحرص على عدم الزيادة في التكرير عند النطق بالراء المشددة. وذلك مثل {وَخَرَّ مُوسَى} {أَشَدُّ حَرًّا} {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} . 6 التفشي: في اللغة الانتشار، وهو صفة للشين والمراد به: أن الهواء ينتشر في الفم وفي اللسان عند النطق بالشين، وذلك أن الحروف المهموسة يجري الهواء في مجرى مخارجها المحددة ولا يتجاوزها إلا في الشين فإنه يزيد جريانه فيفيض حتى يتفشى وينبسط وينتشر على اللسان. 7 الاستطالة: صفة للضاد المعجمة، والمراد: امتداد الصوت في مخرجها من أول الحافة إلى آخرها. وذلك أن الضاد مخرجها طويل وهو ما يحاذي الأضراس من حافة اللسان اليمنى أو اليسرى. والضاد حرف قوى مجهور مطبق مستعل، فإذا استعلى اللسان عند النطق بها وانطبقت حافته على الأضراس وانحبس والهواء امتد الصوت نتيجة لضيق المخرج حينئذ، وانحباس الهواء حتى يشمل الحافة من أولها إلى آخرها، وامتداد الصوت فيها ناتج من كون الضاد حرفًا رخوًا. هذا آخر ما ذكره ابن الجزري من الصفات في مقدمته. وقد قسم المجودون هذه الصفات إلى قسمين آخرين: صفات قوية وهي: الجهر، والشدة، والاستعلاء، والانطباق، والإصمات، والصفير، والقلقلة، والتكرير، والانحراف، والتفشي، والاستطالة، والغنة في الميم والنون.

صفات ضعيفة وهي: الهمس، والرخاوة، والتوسط، والاستفال، والانفتاح، والإذلاق، واللين. ولابد لكل حرف من حروف العربية أن يتصف بخمس صفات من الصفات المتضادة، وواضح أنه لا تجتمع في الحرف صفتان متضادتان، ثم يحكم للحرف بأنه قوي أو ضعيف حسب أغلبية الصفات الموجودة فيه فإن تساوت صار حرفًا متوسطًا بين القوة والضعف، وبناء على ذلك فإن الحروف تنقسم حسب القوة والضعف إلى خمسة أقسام: 1 أقوى: وحروفه: الطاء، والضاد، والقاف، والظاء. 2 قوي: وحروفه: الجيم، والدال والصاد، والغين، والهمزة. 3 أضعف: وحروفه: الحاء، والتاء، والهاء، والفاء. 4 ضعيف: الألف اللينة، والتاء، والخاء، والذال، والراء، والسين، والشين، والعين، والكاف، واللام، والميم، والنون، والواو، والياء. 5 متوسط: وله حرفان: الزاي، والباء. وأقوى الحروف على الإطلاق الطاء المهملة، وذلك لأنه اجتمع فيها ست صفات قوية وليس فيها من الصفات الضعيفة شيء. وأضعف الحروف على الإطلاق الفاء، وذلك لأنه اجتمع فيها خمس صفات ضعيفة وليس فيها من الصفات القوية شيء.

ألقاب الحروف

ألقاب الحروف: ذكر الخليل بن أحمد في أول كتاب العين، ومكي بن أبي طالب في الرعاية، وابن الجزري في التمهيد والنشر: عشرة ألقاب للحروف بحسب المواضع التي تخرج منها: 1 الحروف الحلقية: وهي ستة: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء، سميت بذلك لأنها تخرج من الحلق. 2 الحروف اللهوية: وههما حرفان: القاف، والكاف، سميا بذلك لقرب مخرجهما من اللهاة. 3 الحروف الشجرية: وهي ثلاثة: الجيم، والشين، والياء، ويزيد بعضهم الضاد، سميت بذلك لأن مخرجها يحاذي ما بين اللحيين كما أنه منطبق الفم ومنفرجه، فالشجر كما قال صاحب القاموس: من الفم مخرجه أو مؤخره أو ما انفتح من منطبق الفم أو ملتقى اللهزمتين أو ما بين اللحيين. 4 الحروف الأسلية: وهي ثلاثة: الصاد، والسين، والزاي، سميت بذلك نسبة إلى مخرجها وهو أسلة اللسان، أي: رأسه، قال صاحب القاموس: الأسلة كل عود لا عوج فيه ومن اللسان طرفه ومن النصل والذراع مستدقه. 5 الحروف النِطَعية: وهي ثلاثة: الطاء، والدال، والتاء، سميت بذلك نسبة إلى مخرجها فإنه ينطبق على نطع الغار الأعلى، أي: الجزء الأمامي من الحنك الأعلى وفيه خطوط كالتحريز.

6 الحروف اللثوية وهي ثلاثة: الظاء، والذال، والثاء، سميت بذلك لأن مخرجها قريب من اللثة وهي اللحم الذي تنغرز فيه الأسنان. 7 الحروف الذلقية: ويقال الذولقية وهي ثلاثة: اللام، والراء، والنون، سميت بذلك نسبة إلى مخرجها وهو طرف اللسان. وذلق اللسان طرفه. 8 الحروف الشفهية: وهي ثلاثة: الباء، والواو، والميم، سميت بذلك نسبة إلى مخرجها. 9 الحروف الجوفية: وهي الألف، والواو، والياء الجوفيتان، سميت بذلك نسبة إلى مخرجها الذي هو الجوف. 10 الحروف الهوائية: هي الحروف الجوفية السابق ذكرها، تسمى الهوائية؛ لأن الصوت يمتد بها مع الهواء في الفم حتى ينتهي إلى خارجه.

تمرين رقم 2

تمرين رقم 2 1 تنقسم المخارج إلى خمسة أنواع فبينها. وبين ما تحت كل نوع من مخارج؟ 2 بين مخارج الحروف الآتية مع ذكر أهم الصفات التي تتصف بها: الضاد، الزاي، السين، الصاد، الشين، القاف، الكاف، الهاء، الباء، الفاء، اللام، الطاء. 3 بين معاني الصفات الآتية مع ذكر حروفها: الاستعلاء، الاستفال، الإطباق، الانفتاح، اللين، الرخاوة، الشدة، الهمس، الجهر، التكرير، القلقلة. 4 الحروف الآتية تتحد مخارجها وتفترق في الصفات فتميز كلًا منها صفة لازمة فيه بين ذلك: الصاد والسين، الدال والتاء والطاء، الباء والميم والواو. 5 بين الصفة التي يتميز بها الحرف الذي تحته خط: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ، إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ، إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ، وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ، فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ، بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ، وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ، بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}

الباب الثالث أحكام بعض الحروف

الباب الثالث أحكام بعض الحروف أحكام الراء ... الباب الثالث أحكام بعض الحروف الراء، اللام، النون، الميم، حروف المد

أحكام الراء: قبل الشروع في بيان أحوال الراء أذكر قاعدتين مطردتين في هذا الباب وهما: 1 حروف الاستعلاء كلها مفخمة أينما وقعت وخاصة حروف الإطباق، فإنها أكثرها تفخيما. 2 حروف الاستفال: كلها مرققة أينما وقعت، ما عدا الألف فإنها تابعة للحرف الذي قبلها، وما عدا الراء، واللام، فإن لهما أحوالا مختلفة وأحكاما بحسبها تتبين فيما يأتي: أما (الراء) : فلها عدة أحوال: حالة في الوقف، وحالة في الوصل، وتكون متحركة إما بضم، أو بفتح، أو بكسر، وتكون ساكنة بعد ضم، أو بعد فتح، أو بعد كسر، وتكون أولا، ومتوسطة، ومتطرفقة. ولها في كل ذلك أربعة أحكام: التفخيم، والترقيق، والروم، والإشمام. أما (التفخيم) ففي سبعة مواضع: 1 إذا تحركت الراء بضم: مثل {رُزِقْنا} {رُبَمَا} {رُحَماء} {صَابِرُوْن} {عِشْرُن} {يُبَشِّرُهُم} {غَفوْر} . 2 إذا تحركت بفتح: مثل {بِرَبِّكُم} {رَحمَةُ رَبِّكَ} {رَأَى كَوْكَباً} {سِرَاجاً} {بِشَرَر} {الطَّيْر} {يَسِيراً} . 3 إذا وقعت ساكنةً بعد ضم: مثل {ارْكُضْ} {الْقُرْآن} {الْغُرْفَةَ} {الْفُرْقَان} {فَاهْجُرْ} {لا تَكْفُر} {أَنِ اشْكُرْ} .

4 إذا وقعت ساكنة بعد فتح: مثل {وَارْزُقْنَا} {وَارْحَمْنَا} {خَرْدَل} {قَرْيَةٍ} {الأَرْض} {الْعَرْش} {الْمَرْجَان} {بِشَرَر} {عَلَى قَدَرْ} . 5 إذا وقعت بعد حرف ساكن سوى الياء وقبل ذلك الحرف الساكن فتح أو ضم {الأُمُور} {الْقَدْر} {الأَمْر} {بِالصَّبْر} {لَفِي خُسْر} . 6 إذا وقعت ساكنة بعد كسر عارض مثل: {أَمْ ارْتَابُوا} {لِمَنْ ارْتَضَى} {رَبِّ ارْجِعُون} {اِرْجعْ} {ارْجِعِي} . 7 إذا كانت ساكنة بعد كسر أصلي ولكن وقع بعدها حرف من حروف الاستعلاء واتصل معها في كلمة واحدة، والذي ورد من ذلك في القرآن خمس كلمات: {قِرْطَاس} بالأنعام، {فِرْقَةٍ} و {إِرْصَادًا} بالتوبة، {مِرْصَادًا} بالنبأ، {لَبِالْمِرْصَادِ} بالفجر. أما (الترقيق) ففي خمسة مواضع: 1 إذا تحركت الراء بكسر: فإنها ترقق مطلقا - أي سواء وقعت أولا أو وسطا أو آخرًا- مثل {رِزْقاً} {رِئْيا} {رِجَالٌ} {الْغَارِمِين} {أَرِنَا} {مَرِيجٍ} {وَأَنذِرِ النَّاسَ} {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} . 2 إذا وقعت ساكنة بعد كسر أصلي متصل بها في كلمة واحدة ولم يقع بعدها حرف استعلاء متصل بها، مثل {فِرْعَوْنَ} {شِرْذِمَةٌ} {شِرْعَةً} {مِرْيَة} {الْفِرْدَوْسِ} {قُدِرْ} {أَبْصَرْ} {نَاصِرْ} . 3 إذا وقعت ساكنة متطرفة بعد حرف ساكن سوى الياء وقبل هذا الحرف كسر: مثل {الِّذكْرْ} {السِّحْرْ} {الشِّعْرْ} وهذا لا يكون إلا

في حالة الوقف على الراء فإذا وصلت تحركت وكان حكمها حينئذ بحسب حركتها. 4 إذا وقعت ساكنة متطرفة بعد ياء ساكنة مثل: {قَدِيْرْ} {نذِيْرْ} {نَكِيْرْ} {خَيْرْ} {الطِّيْرْ} ، وهذا أيضا لا يكون إلا في الوقف. 5 إذا كانت ساكنة بعد كسر أصلي ووقع بعدها حرف استعلاء ولكنه منفصل عنها مثل {أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ} {فَاصْبِرْ صَبْرا} {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ} . واختلفوا في كلمة {فِرْقٍ} في قوله تعالى في سورة الشعراء: {فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} . فمن فخم فالسبب عنده وجود حرف الاستعلاء بعد الراء متصلا بها في كلمة واحدة، ومن رقق فالسبب عنده أن حرف الاستعلاء هذا مكسور فضعفت بذلك حدته وقوته وانعدم تأثيره، وذلك أنه لا يمكن أن يؤثر في غيره بالتفخيم وهو نفسه معلول بعلة الترقيق التي هي الكسرة، وقد أشار ابن الجزري إلى الوجهين في قوله في المقدمة: وَالْخُلْفُ فِي {فِرْقٍ} لِكَسْرٍ يُوجَد أما الرَّوم فمعناه: النطق ببعض الحركة ضمة كانت أوكسرة وذلك في حالة الوقف ويكون في سائر الحروف، فإذا وقفت على الراء في مثل {إِذَا يَسْرِ} أو في مثل {تُرْجَعُ الأُمُورُ} جاز أن تشير إلى الحركة بالرَّوم. وكذلك إذا وقفت على النون في مثل {نَسْتَعِينُ} {بِمَجْنُونٍ}

أما الإشمام فمعناه: أن تضم شفتيك عند الوقف بالسكون على الحرف المضموم فقط، ولم يرد منه شيء في وسط الكلمة عند حفص إلا في قوله بسورة يوسف: {لا تَأْمَنَّا} فإن لك أن تقرأ بإشمام النون إشارة إلى حركة المدغمة. واستثنوا تاء التأنيث التي تبدل هاء عند الوقف فلا يقع فيها روم ولا إشمام مثل {رَحْمَةُ} {نِعْمة} . تنبيهات: بتأمل أحوال الراء وما ذكرناه من مواضع تفخيمها ومواضع ترقيقها تجد ما يأتي: 1 أن سبب التفخيم والترقيق يكون حركة. 2 أن التفخيم مرتبط بالضمة والفتحة، والترقيق مرتبط بالكسرة. فالكسرة إذا تحرك الحرف بها أو وجدت قبله إن كان ساكنا سببت الترقيق، وكذلك الفتحة والضمة في التفخيم. ولذلك فإنك تجد الراء قد رققت مطلقًا في حال تحركها بالكسر، ورققت في أغلب الأحوال عند وقوعها ساكنة بعد كسر. وكذلك القول في التفخيم. لكن إذا وقعت الراء ساكنة ونظرت فيما قبلها فوجدته ساكنًا أيضًا فإن السكون لا يصلح سببًا لترقيق لا لتفخيم، ولذلك فإنك تبحث عن نوع الحركة في الحرف الثالث، أي الحرف الذي قبل الحرف الساكن

الذي قبل الراء، فإن كانت حركته كسرة رققت الراء: {السِّحْر} ، وإن كانت حركته ضمة أو فتحة فخمت الراء: {خُسْر} {القَدْر} . ويستثنى مما قررناه من أن السبب يكون دائمًا حركة: الياء الساكنة إذا وقعت قبل راء ساكنة فإنها تؤثر فيها بالترقيق وتكون هي السبب بصرف النظر عما قبلها، وهي حينئذ نائبة مناب الكسرة، وهذا خاص بالياء ولا توجد في الواو. كما يستثنى مما قررناه من أن الترقيق مرتبط بالكسرة: الكسرة العارضة فإنها لا تؤثر بالترقيق بسبب كونها عارضة، والعارض يزول فزوالها في بعض الأحوال أفقدها قوتها وتأثيرها. وأحيانًا يتنازع الحرف عاملان: أحدهما: يقتضي التفخيم والآخر: يقتضي الترقيق، فينظر إلى المرجحات التي ترجح أحدهما، ومنها كون عامل التفخيم أقوى فيقدم على الضعيف مثل: {قِرْطاس} ومنها الاتصال فإن الكسرة إذا كانت متصلة بالحرف فإنها ترجح على الحرف المستعلي إذا كان منفصلًا مثل {فَاصْبِرْ صَبْرًا} .

أحكام اللام

أحكام اللام: لها أربعة أحكام: التفخيم ويقال: التغليظ، والترقيق والإظهار، والإدغام. أما بالنسبة للتفخيم والترقيق: فإن الأصل في اللام الترقيق؛ لأنها حرف مستفل ولا تفخم إلا في اسم الجلالة وذلك في حالتين: 1 إذا وقعت بعد فتح مثل: {قَالَ اللَّهُ} {شَهِدَ اللَّهُ} . 2 إذا وقعت بعد ضم: {يَقُوْلُ اللهُ} {قَالُوا اللَّهُم} . فإذا وقع قبل هذه اللام كسر فلا خلاف في ترقيقها مطلقًا، أي: سواء كانت الكسرة متصلة بها أم كانت، منفصلة عنها، وعارضة أم أصلية مثل: {لِّلهِ} {بِسْمِ الِّلهِ} {قُلِ الَّهم} {ما يَفْتَحِ الَّلهُ} {أَحَدٌ اللهُ} . أما بالنسبة للإظهار والإدغام فهو في -أل- التي تدخل على بقية الأسماء كما يأتي: الإظهار: تظهر اللام في -أل- إذا وقع بعدها حرف من حروف: ابْغِ حَجَّكَ وَخَفْ عَقِيْمَهُ، ومجموعها أربعة عشر حرفًا، إذا وقع أحدها بعد اللام أظهرت، وتسمى حينئذ: اللام القمرية، وعلامتها خلوها من التشديد، مثل: {الْقَمَر} {الْعَلِيم} {الْخَبِير} {الْعَرش} {الْقَوْل} {الإِيمَان} .

الإدغام: يجب إدغام اللام عند بقية الأحرف وتسمى حينئذ: اللام الشمسية، وعلامتها وجود التشديد بعدها مثل: {الشَّمْس} {النَّار} {النَّاس} {الضَّالين} {السُّوء} {الرِّجز} . أما اللام في الأفعال فتُظهَر دائمًا إلا عند المماثل أو المجانس كما سيأتي عند الكلام عن الإدغام.

أحكام النون الساكنة والتنوين

أحكام النون الساكنة والتنوين مدخل ... أحكام النون الساكنة والتنوين: النون الساكنة: نون تثبت لفظًا وخطًا، وصلًا ووقفا، وترد في الأسماء والأفعال والحروف، وتقع متوسطة ومتطرفة. ومثلها التنوين: فإنه نون ساكنة زائدة، لكنها لا تلحق إلا آخر الأسماء، وتثبت لفظًا لا خطًا، ووصلًا لا وقفًا. فإذا أطلقنا النون الساكنة أردنا كلتا النونين. لهذه النون الساكنة عند أحرف المعجم أربعة أحكام هي: الإظهار، الإدغام، القلب، الإخفاء. فتظهر عند حروف الحلق، وتدغم في حروف يرملون، وتقلب ميمًا عند الباء وتخفى في باقي الأحرف، ونظم ذلك بعضهم في ثلاثة أبيات فقال: عند حروف الحلق يظهران ... وعند يرملون يدغمان بغنة في غير را ولام ... وليس في الكلمة من إدغام وعند حرف الباء يقلبان ... ميمًا وعند الباقي يخفيان وبيان ذلك بالتفصيل كما يأتي:

الإظهار

الإظهار: في اللغة الإيضاح والبيان. وفي الاصطلاح: إخراج كل حرف من مخرجه من غير غنة. أي: النطق بالنون وتحقيقها من مخرجها وبحرف الإظهار من مخرجه مع الفصل بينهما وإيضاح كل منهما مع الاحتراس من الغنة في النون.

وحروف الإظهار ستة: هي أحرف الحلق، وقد ذكرها الناظم في قوله: همز فهاء ثم عين حاء مهملتان ثم غين خاء ولا فرق في الإظهار بين أن تجتمع النون مع حرف الحلق في كلمة واحدة أو تنفصل في كلمة والحرف في كلمة أخرى، والعلة في إظهار النون عند هذه الحروف تباعد مخرج النون عن مخارج حروف الحلق. الأمثلة: {يَنْأَوْن} {مَنْ آمَن} {كُلٌّ آمَن} . {منْهُم} {إِنْ هُوَ} {فَرِيْقًا هَدَى} . {أَنْعَمْت} {الأَنْعَام} {مِنْ عَمَل} {سَمِيعٌ عَلِيم} . {وَانْحَر} {تَنْحِتُون} {مَنْ حَادَّ اللَّه} {عَزِيزٌ حَكِيم} . {فَسَيُنْغِضُونَ} {مِنْ غِلٍّ} {قَوْلًا غَيْر} . {فَإِنْ خِفْتُم} {وَالْمُنْخَنِقَةُ} {يَوْمَئِذٍ خَاشِعَة} .

الإدغام

الإدغام: في اللغة الإدخال، يقال: أدغم الفرس اللجام في فيه أي أدخله فيه. وفي الاصطلاح: إدخال الحرف الأول في الحرف الثاي بحيث يصيران حرفًا واحدًا مشددًا. وفائدته: التسهيل، وذلك لأن النطق بالأحرف المتماثلة أو المتقاربة وفصلها عن بعضها وإظهار كل منها ثقيل على اللسان فخفف بالإدغام بينهما فيصير المدغم ناطقًا بحرفين في آن واحد أولهما ساكن والآخر متحرك، والإدغام ممكن في سائر الحروف سوى حروف الحلق.

أما النون الساكنة فلا تدغم إلا في حروف يرملون، في أربعة منها بغنةٍ وهي: الياء، والنون، والميم، والواو، وفي اثنين بغير غنة وهما: اللام، والراء. الأمثلة: {إِنْ يَشَأ} {وَإِنْ يَرَوْا} {آيَةً يُعْرِضُوا} {مِنْ مَال} {مِنْ مَاءٍ مَهِين} {عَذَابٌ مُقِيم} . {مِنْ وَاق} {مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِير} {يَوْمَئِذٍ وَاهِيَة} . {إِنْ نَعْفُ} {مِنْ نَذِير} {شَيْءٍ نُكُر} . {مِنْ رَبِّك} {مِنْ رَبِّهِم} {لَرَءُوفٌ رَحِيم} . {مِنْ لَدُنْكَ} {وَمَنْ لَمْ} {يَوْمَئِذٍ لَخَبِير} . قاعدة الإدغام: التي هي الأصل في الأدغام، وما سبق ذكره خارج عنه وخاص بالنون الساكنة: وهذه القاعدة تطبق على جميع الحروف، وذلك أن كل حرفين التقيا في اللغة العربية إما أن يكونا متماثلين، أو متجانسين، أو متقاربين، أو متباعدين. أما المتباعدان وهما: ما تباعدت مخارجهما، فسبق حكمهما وهو الإظهار. وأما المتماثلان: وهما ما اتفقا في المخرج والصفات، مثل: {قُلْ لا} {رَبِحَتْ تِجَارَتُهُم} {يُدْرِكُّم} {كُمْ مِن} .

والمتجانسان هما: ما اتفقا في المخرج واختلفا في الصفات مثل: {إِذْ ظَلَمُوا} {قَدْ تَبَيَّن} {عَبَدتُّم} {فَآَمَنَتْ طَائِفَة} {ارْكَبْ مَعَنَا} . حكم المتماثلين والمتجانسين: الإدغام. والمتقاربان: ما تقاربت مخارجهما، مثل: {كَذَّبَتْ ثَمُود} {قَدْ سَمِع} فالأصل فيه عند حفص الإظهار. شروط الإدغام: يشترط للإدغام عند حفص شرطان: 1 أن يكون الحرفان متماثلين أو متجانسين. 2 أن يكون الأول منهما ساكنًا والثاني متحركًا. فإذا كانا متقاربين، أو كان الحرف الأول متحركًا فلا إدغام عنده، وإن كان غيره يدغمه، ويسمى عندهم الإدغام الكبير، مثل {سَلَكَكُم} {لَذَهَبَ بِسَمْعِهِم} {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاء} . الإدغام التام والإدغام الناقص: يعتبر الإدغام تامًا إذا أعدم الحرف الأول ولم يبق له أثر في النطق، أما إذا بقيت صفة من صفاته ظاهرة في النطق اعتبر ناقصًا؛ لأنك حينئذ كأنك نطقت ببعض الحرف الأول، والمفروض في الإدغام أن يمزج الحرف الأول في الثاني، حتى تذهب ذات الحرف الأول بالكلية.

والإدغام في المتماثلين وفي المتجانسين يكون في الغالب تامًا، ويكون ناقصًا في النون الساكنة إذا أدغمت في الواو، أو الياء، فإن الغنة تبقى وهي من صفات النون، وكذلك في الطاء إذا أدغمت في التاء في مثل {أَحَطتُ} {فَرَّطْتُ} {بَسَطتَ} فإنك تبقي صفة الإطباق في الطاء عند النطق، وكذلك في القاف إذا أدغمت في الكاف في {نَخْلُقْكُمُ} فإنك تبقي صفة الاستعلاء في القاف عند النطق، وهو أحد الوجهين كما صرح به ابن الجزري في المقدمة. مستثنيات من قاعدة الإدغام: يمتنع إدغام النون الساكنة في حروف يرملون إذا اتصلت بها في كلمة واحدة في مثل: {الدُّنْيَا} {صِنْوَان} {بُنْيَانَهُم} {قِنْوَان} ، أما بقية الحروف فلا فرق فيها أن تتصل أو تنفصل إذا توفرت شروط الإدغام. - ولحفص الوجهان في قوله: {مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي} فيجوز في الهاء الإظهار والإدغام، ولا يتأتى الإظهار إلا بالسكت على الهاء الأولى سكتة يسيرة. - ولا إدغام في الواو المدية في الواو بعدها، ولا في الياء المدية في الياء بعدها فتظهرهما بمقدار حركتين مثل: {آمَنُوا وَعَمِلُوا} {الَّذِي يُوَسْوِس} فإذا كانت الواو، أو الياء لينتين أدغمتهما في المماثل، مثل {آوَوا وَنَصَرُوا} {لَدَيَّ} . - إذا وقعت النون بعد اللام الساكنة مثل {قُلْ نَعَم} فلا إدغام مع أنهما متجانسان، وينبغي الاحتراس من إدغام اللام في التاء في مثل:

{فَالْتَقَمَه} أو الغين في القاف في مثل: {لا تُزِغْ قُلُوبَنَا} لأنها حروف شديدة التقارب. مواضع السكت: السكت هو: قطع الصوت زمنًا يسيرًا من غير نفس. والمروي عند حفص السكت في أربعة مواضع: 1 في سورة الكهف، في قوله: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا- قَيِّمًا} 2 في سورة يس، في قوله: {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا- هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ} . 3- في سورة القيامة، في قوله: {وَقِيلَ مَنْ -رَاقٍ} . 4 في سورة المطففين، في قوله: {كَلاَّ بَلْ -رَانَ} .

الإقلاب

الإقلاب ... القلب: في اللغة: تحويل الشيء عن وجهه. وفي الاصطلاح: قلب النون الساكنة ميمًا، وذلك عند حرف واحد هو الباء، ثم تخفى هذه الميم في الباء مع إظهار الغنة فيها. ولا فرق في ذلك بين أن تكون النون مع الباء في كلمة واحدة أو في كلمتين مثل: {أَنْ بُورِكَ} {الأَنبِيَاء} {مِنْ بَعْد} {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور} {مَشَّاءٍ بِنَمِيم} .

الإخفاء

الإخفاء: في اللغة: الستر. يقال: أخفى الشيء، إذا ستره وواراه. وفي الاصطلاح: هو إخفاء الحرف الأول في الحرف الثاني مع بقاء صفة الغنة. وهو حالة بين الإظهار والإدغام. وبيان ذلك:

أن الإظهار هو بقاء ذات الحرف بتحقيق مخرجه وصفاته، وتمييزه عن الحرف الآخر فلا يمتزج به، والإدغام هو: إذهاب ذات الحرف الأول بإذهاب مخرجه وصفته ومزجه بالحرف الثاني وإدماجه فيه، والإخفاء درجة متوسطة بين الدرجتين، ومرتبة بين المرتبتين، وذلك لأنه لما لم تكن أحرفه قريبة قرب أحرف الإدغام، ولا بعيدة بعد أحرف الإظهار لم تدغم فيها النون ولم تظهر عندها، بل ابتغينا مسلكًا وسطًا، فخلطنا بعض النون في الحرف الذي بعدها، وأبقينا بعضها ظاهرًا في النطق، وحرصنا على إظهار صفتها التي هي الغنة. ولذلك فإنك إذا نطقت بالنون المخفاة فإنك تنطق بها من الخيشوم فلا يرتفع اللسان بمخرجها ولا يلتصق بأصول الثنايا. ومن أجل هذا يعتبر بعض المجودين الإدغام الناقص والإخفاء شثيئًا واحدًا، ولكن المحقق يجد بينهما فرقًا، فإن درجة مزج النون في الحرف الآخر في الإدغام الناقص أكثر منه في الإخفاء، لذا تجد التشديد في الإدغام ولا تجده في الإخفاء. الحروف التي تخفى فيها النون خمسة عشر حرفًا جمعها الجمزوري في أوائل هذا النظم: صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما ... دم طيبًا زد في تقى ضع ظالمًا وجمعها بعض ظرفاء المجودين في أوائل هذين البيتين: ضحكت زينب فأبدت ثنايا ... تركتني سكران دون شراب طوقتني ظلمًا قلائد ذل ... جرعتني جفونها كأس صاب

الأمثلة: ص: {وَلَمَنْ صَبَر} {يَنْصُرْكُم} {رِيحًا صَرْصَرًا} . ذ: {مَنْ ذَا الَّذِي} {لِيُنذِرَ} {ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَب} ث: {مِنْ ثَمَرَةٍ} {مَنْثُورًا} {أَزْوَاجًا ثَلاثَةً} . ك: {مَنْ كَانَ} {أَنكَالًا} {قَوْلًا كَرِيمًا} . ج: {وَإِنْ جَنَحُوا} {وَأَنْجَيْنَا} {لِكُلٍّ جَعَلْنَا} . ش: {فَمَنْ شَهِدَ} {أَنشَأ} {غَفُورٌ شَكُورُ} . ق: {مِنْ قَبْل} {يَنقَلِبْ} {سَمِيعٌ قَرِيبُ} . س: {أَنْ سَيَكُون} {مَا نَنسَخْ} {رَجُلًا سَلَمًا} . د: {وَلِمَنْ دَخَلَ} {عِنْدَهُ} {قِنْوَانٌ دَانِيَة} . ط: {مِنْ طِينٍ} {يَنطِقُونَ} {صَعِيدًا طَيِّبًا} . ز: {مَنْ زَكَّاهَا} {أَنزَلْنَاهُ} {نَفْسًا زَكِيَّة} . ف: {فَإِنْ فَاءَتْ} {لِيُنفِقْ} {خَالِدًا فِيهَا} ت: {وَإِنْ تُبْتُم} {كُنتُمْ} {جَنَّاتٍ تَجْرِي} . ض: {مِنْ ضَعْف} {مَنْضُود} {عَذَابًا ضِعْفا} . ظ: {مِنْ ظَهِير} {فَانْظُروا} {ظِلاًّ ظَلِيلًا} .

أحكام الميم الساكنة

أحكام الميم الساكنة: الميم الساكنة مطلقًا - أي: سواء وقعت في فعل أو في اسم أو في حرف، متوسطة أو متطرفة. لها ثلاثة أحكام: الإخفاء، والإدغام، والإظهار: أما إخفاؤها: ففي الباء، مثل: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُون} {يَعْتَصِمْ بِاللَّه} {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ} . وأما إدغامها: ففي مثلها {كُمْ مِن} {أَمْ مَن} {لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ} . وأما إظهارها: فعند باقي الأحرف وعددها ستة وعشرون حرفًا، وأشد درجاته عند الواو، والفاء، وذلك لاتحاد مخرج الميم مع مخرج الواو، وقربه من مخرج الفاء، قال الجمزوري: واحذر لدى واو وفا أن تختفي ... لقربها والاتحاد فاعرف بعض الأمثلة: {لَهُمْ فِيهَا} {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُون} {تُمْسُونَ} {أَنْعَمْتَ} {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} {مَثَلُهُمْ كَمَثَل} .

حكم النون والميم المشددتين

حكم النون والميم المشددتين: حكمهما الغنة حيثما وقعتا سواء في فعل أو في اسم أو في حرف، في وسط الكلمة، أو في آخرها. ومقدار الغنة حركتان.

الأمثلة: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّه} {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ} {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} .

تمريم رقم 3

تمريم رقم 3 1 بين باختصار المواضع التي تفخم فيها الراء والمواضع التي ترقق فيها. 2 ما حكم الراء التي تحتها خط تفخيمًا أو ترقيقًا، مع بيان السبب: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ، وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ، وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ، خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ} . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} .

{فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا} . {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا لِلْطَّاغِينَ مَآبًا لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا} . 3 اذكر متى تغلظ اللام ومتى ترقق مع التمثيل. 4 بين حكم اللام في الكلمات الآتية إدغاما أو إظهارًا مع بيان نوعها هل هي لام شمسية أم قمرية؟: {الصَّافَات} {الطَّامَّة} {السَّمَوَات} {الأَرْض} {الْعَرْش} {الرَّحِيم} {الْقَمَر} {الشَّجَر} {الْفَلَق} {النَّاس} .

تمرين رقم 4

تمرين رقم 4 1 للنون الساكنة أربعة أحكام اذكرها باختصار مبينًا حروف كل حكم. 2 ما السبب الذي من أجله أظهروا النون عند حروف الحلق؟ وأدغموها عند حروف يرملون، والسبب الذي من أجله قلبوها ميمًا عند الباء؟ 3 بين معنى الإخفاء عند علماء التجويد، وما الفرق بينه وبين الإدغام؟ 4 ما معنى كل من: التماثل، والتجانس، والتقارب؟ مع التمثيل؟

5 اذكر حكم النون أو الميم التي تحتها خط: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} 6 هل تظهر أو تدغم ما يأتي ولماذا؟: {دُنْيا} {قِنْوان} {مالِيهْ هلكَ} {ءَامنوا وعملُوا} {آووْا ونَصرُوا} .

المد والقصر

المد والقصر: المد في اللغة التطويل والإكثار، والزيادة، ومنه قوله تعالى: {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ} {أَنِّي مُمِدُّكُم} ، والقصر: في اللغة الحبس، والمنع، ومنه قوله تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} ، وقوله: {قَاصِرَاتُ الطَّرْف} أي مانعات طرفهن عن النظر إلا إلى أزواجهن. أما في الاصطلاح فالمد هو: إطالة الصوت بحرف المد. والقصر عكسه: أي: إثبات الحرف من غير زيادة في الصوت. ولا يقع المد إلا في ثلاثة حروف: الألف، والواو المضموم ما قبلها، والياء المكسور ما قبلها. والمد أولا يكون بمقدار حركتين، إذا لم يأت بعد الحرف الممدود شيء من الأسباب التي تقتضي الزيادة، ويسمى هذا المد بالطبيعي، لأنه من طبيعة الحرف فلا يمكن أن تقوم ذاته إلا به، ويسمى أيضا بالمد الأصلي، وبمد الصيغة. مثاله: {قَاْل} {يقُوْلُ} {يَغْشَى} {نُوْحِيْهَا} . فإذا جاء سبب من أسباب المد، زيد في مقداره على مقدار المد الأصلي، ويسمى حينئذ بالمد الفرعي. وللمد أسباب معنوية، وأسباب لفظية. والأسباب اللفظية هي محل البحث، وهي سببان: الهمزة، والسكون. وتحت كل منهما أنواع:

الهمزة: تقع بعد حرف المد أو قبله، فإذا وقعت بعده فهي إما متصلة به في كلمة واحدة، أو منفصلة عنه في كلمة أخرى: 1 الواجب المتصل: هو ما اجتمع حرفه وسببه في كلمة واحدة، أي: اتصلت الهمزة فيه بحرف المد، وسمي متصلًا لذلك، وأما تسميته واجبًا فلأن القراء أجمعوا على وجوب مده، وإن كانوا اختلفوا في مقدار مده، لكن لم يرد عن أحد القول بقصره. قال ابن الجزري في نشره: تتبعت قصر المتصل فلم أجده في قراءة صحيحة ولا شاذة، بل رأيت النص بمده عن ابن مسعود رضي الله عنه1. حكمه المد بمقدار خمس حركات أو أربع. الأمثلة: {جَآءَ} {شَآءَ} {جيءَ} {سِيءَ} {السُّوء} {قُرُوء} {النَّسيء} {المَلائكَة} {أُولئِكَ} . 2 الجائز المنفصل: وهو ما انفصل حرفه عن سببه فكان كل منهما في كلمة. الأمثلة: {مَا أَنزل} {يأَيُّهَا} {قُوْا أنْفُسكُم} {ادْعُوني أسْتَجِبْ لَكُمْ} . سمي منفصلًا لانفصال الهمزة فيه عن حرف المد، وسمي جائزًا لجواز قصره ومده.

_ 1 النشر ج1: ص 315، وقد ذكر حديث ابن مسعود بإسناده.

أما عن عاصم فالرواية بالمد بمقدار أربع حركات أو خمس، وذكر ابن الجزري أنه روي عن حفص من عدة طرق قصره. أما إذا وقع الهمز قبل المد فيكون مد بدل: 3 البدل: مثل {ءَادمُ} {ءَازَر} {أُوْتُوا} {إيْمَانًا} . سمي بذلك لأن حرف المد فيه بدل عن الهمزة الساكنة التي أبدلت ألفًا أو واوًا أو ياء في مثل هذه الكلمات، إذ أصلها: أَأْدم، أَأْزر، أُؤْتُوا، إئمانًا، ويمد بمقدار حركتين كالطبيعي. السكون: يكون لازمًا ويكون عارضًا، وينقسم المد بحسب ذلك إلى مد لازم ومد عارض. 1 اللازم: هو ما كان السكون فيه بعد حرف المد لازمًا، أي: لا يسقط وصلًا ولا وقفًا، وهذا المد أربعة أنواع: - لازم كلمي مثقل: وضابطه أن يأتي بعد حرف المد ساكن لازم مصحوب بالإدغام أو التشديد، مثل {الطَّامَّة} {الصَّاخَّة} {أَتُحَاجُّونِي} {تَأْمُرُونِّي} {آمِّينَ الْبَيْتَ} {ءَالذَّكَرَيْنِ} {ءَآللهُ} {وَلا الضَّالِّين} . سمي كلميًا لوقوع المد في كلمة، ومثقلًا لوجود الإدغام أو التشديد معه.

- لازم كلمي مخفف: إذا كان الساكن اللازم بعد حرف المد ليس بمدغم ولا مشدد ولم يقع منه في القرآن إلا كلمة {ءَالآنَ} الاستفهامية، في موضعين بيونس: {ءَالآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} {ءَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} - لازم حرفي مثقل: ويكون في الحروف المقطعة من فواتح السور، فإذا كان الساكن اللازم مصحوبًا بالإدغام سمي مثقلًا، مثل: {آلم} {طسم} . - لازم حرفي مخفف: إذا كان خاليًا من الإدغام، مثل: {ن} {ق} {ص} {يس} {حم} . والمد اللازم بجميع أنواعه الأربعة يجب مده بمقدار ست حركات، وهو الطول، ويسمى الإشباع، هذا عند جميع القراء، قال ابن الجزري في مقدمته: فلازم إن جاء بعد حرف مد ... لازم حالين وبالطول يمد 2 العارض: إذا عرض بعد حرف المد سكون بسبب الوقف، فلك فيه حينئذ ثلاثة أوجه: القصر، والتوسط، والإشباع. مثل: {مَئَابْ} {مَحْيَاي} {تَعْلَمُون} {الْخُرُوج} {مُنِيب} {شَهِيد} .

3 اللين: سبق القول بأن الواو والياء إذا سكنتا وانفتح ما قبلهما كانتا لينتين، فإن وصلت امتنع فيهما المد، وإن وقفت فحكمهما حينئذ حكم العارض للسكون، لك فيهما الأوجه الثلاثة. مثاله: {خَوْف} {البْيت} {المَْوت} {شَيْء} . إذا اجتمع سببان للمد: قوي وضعيف، فالعبرة بالسبب القوي، ففي مثل: {نَشَاء} {تَفِيء} {السُّوء} لا يجوز القصر في حالة الوقف، إعمالًا للسبب الأقوى وهو الهمزة المتصلة، وأما السكون العارض بسبب الوقف فلا يعتد به هنا.

هاء الكناية

هاء الكناية: هي هاء الضمير التي يكنى بها عن المفرد الغائب المذكر. وترد مع الحرف، والفعل، والاسم، ولها أربع أحوال: 1 أن تقع بين متحركين مثل: {إِنَّهُ لَقَوْل} {إِنَّهُ هُوَ} {إِنَّهُ كَانَ} {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ} {وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} . فتصلها بواو ممدودة بمقدار حركتين إن كانت مضمومة، وبياء ممدودة بمقدار حركتين إن كانت مكسورة إلا في قوله: أ {أَرْجِه} في الأعراف وفي الشعراء فتقرأ بالسكون. ب {فَأَلقِه} في النمل تقرأ بالسكون كذلك. ج {يَرْضَهُ لَكُم} في الزمر فإنها تقرأ بلا مد.

2 أن تقع بين ساكنين مثل: {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} {إِلَيْهِ الْمَصِير} {وَءَآتاهُ اْللهُ} فلا مد فيها لأحد من القراء. 3 أن تقع بعد متحرك وقبل ساكن، مثل: {لَهُ اْلمُلْكُ} {اسْمُهُ الْمسيْحُ} وحكمها عدم المد كالتي قبلها. 4 أن تقع بعد ساكن وقبل متحرك مثل: {فِيْه هُدَىً} {خُذُوْه فَغُلُّوهُ} وحكمها لحفص عدم المد أيضًا إلا في موضع واحد، في سورة الفرقان، في قوله تعالى: {يَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} فتقرأ بالصلة.

تمرين رقم 5

تمرين رقم 5 1 بين المعنى الاصطلاحي للمد والقصر؟ 2 ما هي حروف المد؟ ومتى يكون المد فيها طبيعيًا؟ مثل. 3 ما هي أسباب المد اللفظية؟ 4 عرف المدود الآتية مع التمثيل: الواجب المتصل، الجائز المنفصل، البدل. 5 مثل لما يأتي: مد اللين، اللازم الكلمي المثقل، اللازم الكلمي المخفف، اللازم الحرفي المثقل، اللازم الحرفي المخفف؟ 6 عرف المد العارض للسكون؟ ومثل له؟ 7 بين مواضع المد في الآيتين الآتيتين ونوع المد ومقداره بالحركات: {يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُم الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}

الباب الرابع الوقف والابتداء

الباب الرابع الوقف والابتداء معنى الوقف والفرق وبين القطع والسكت ... الباب الرابع الوقف والابتداء

الوقف: الوقف في اللغة الحبس والكف، ووقف الشيء حبسه، وفي الاصطلاح هو: قطع الصوت عن الكلمة زمنًا يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة إما بما يلي الحرف الموقوف عليه أو بما قبله. وهناك فرق بين: السكت، والوقف، والقطع: فالسكت: هو قطع الصوت زمنًا دون زمن الوقف من غير تنفس. ومقدار هذا الزمن عند حفص مقدار قليل لطيف كما قال الشاطبي رحمه الله: وسكتة حفص دون قطع لطيفة أما القطع: فهو الانصراف عن القراءة والانتهاء منها. وكذا الانشغال عنها بأمر خارج لا علاقة له بها يعتبر قطعًا، وبعض المتقدمين لا يفرقون بين القطع والوقف فيستعملونهما بمعنى واحد. وليس لك أن تقطع إلا على رءوس الآي، فلا ينبغي للقارئ أن ينصرف عن القراءة حتى يتم الآية، ذكر ابن الجزري في النشر وأسنده إلى عبد الله بن أبي الهذيل -رحمه الله- أنه قال: إذا افتتح أحدكم آية يقرؤها فلا يقطعها حتى يتمها. وينبغي بعد القطع إذا أراد العودة إلى القراءة أن يستعيذ. أما الوقف فيجوز في أواسط الآي، وهو على أواخرها أتم في الغالب، ولا يجب التعوذ بعد الوقف، وإن طال زمنه، إذا لم يشتغل بأمر أجنبي عن القراءة.

وقد وردت السنة بالوقف على رءوس الآيات، ففي حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أنها سئلت عن قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: "كان يقطع قراءته يقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ويقف، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ويقف" أخرجه الترمذي. وفي رواية عند أبي داود أنها قالت: كان يقطع قراءته آية آية. ومعرفة الوقوف: من أهم متطلبات الفصاحة في كلام الفصحاء، كما أنها من أهم متطلبات التجويد في القراءة: يدل على الأول: ما أخرجه مسلم وأبو داود وغيرهما أن خطيبًا خطب بين يدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى، فغضب عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: "بئس خطيب القوم أنت". وفي رواية أخرجها أبو جعفر النحاس1 بإسناد مسلسل بالثقات عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- أن الخطيب وقف على قوله: ومن يعصهما. فكان هذا الوقف القبيح لإنكار النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يدل على الثاني ما أخرجه الحاكم والبيهقي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: لقد عشنا برهة من الدهر وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة فيتعلم حلالها وحرامها وأوامرها وزواجرها وما ينبغي أن يقف عنده منها، ولقد رأيت رجالًا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان

_ 1 في كتاب القطع والائتناف مخطوط بمكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة، وأخرج هذا الحديث أيضًا بإسناده أبو عمرو الداني في المكتفى، وابن الجزري في التمهيد.

فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب إلى خاتمته لا يدري ما آمره وما زاجره وما ينبغي أن يقف عنده ينثره نثر الدقل1. وذكر ابن الجزري في النشر، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه سئل عن معنى الترتيل في قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} فقال: هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف.

_ 1 الدقل: التمر الرديء اليابس شبه عدم عنايتهم بالقراء -فهم حينئذ يرسلونها ويصدرونها مملوءة بالأخطاء غير فصيحة ولا مبينة- بنثر التمر الرديء.

أقسام الوقف

أقسام الوقف: لما كان علم الوقف ومعرفته مبنيًا على معرفة معاني الآيات وتفسيرها، اختلف العلماء في تقسيماتهم للوقف حسب اختلافهم في تحقيق المعاني، وكل ما ذكروه من أقسام لا يخرج بعضه عن بعض، وهو راجع إلى أربعة أقسام هي التي ذكرها أبو عمرو الداني وابن الجزري: تام، وكاف، وحسن، وقبيح. وبتتبعي واستقرائي لكلام العلماء في هذه الأنواع، والأمثلة التي ذكروها وجدت أنهم ينظرون إلى العبارة التي قبل موضع الوقف، والعبارة التي بعده، فيبحثون عن ثلاثة روابط أو عن أحدها، وبحسب

وجود شيء منها أو وجودها كلها يكون تحديد نوع الوقف وحكمه: 1 الروابط اللفظية. 2 المعنى الخاص بكل عبارة. 3 السياق العام، الموضوع. فإذا لم يوجد أي رابط لفظي بين العبارتين وكان المعنى الخاص بكل عبارة كاملًا بنفسه ولا يحتاج إلى العبارة الأخرى ليكمل ويصير معنى مفيدًا، وكانت العبارة الثانية بداية موضوع وسياق جديد فهذا هو: التام. أما إن كان السياق لا يزال واحدًا فهذا هو: الكافي. وإن وجد بين العبارتين رابط لفظي، ورابط في المعنى والسياق العام إلا أن العبارة الأولى بنفسها تشكل معنى مفيدًا فهذا هو الحسن. فإن كان كل من العبارتين محتاجًا إلى الآخر بحيث لا يكون بنفسه معنى مفيدًا إلا بالعبارة الأخرى فالوقف حينئذ بينهما قبيح. وإليك بيان ذلك بالتفصيل: 1 التام: هو ما لا يتعلق ما قبله بما بعده لا في اللفظ ولا في المعنى. فالعبارة الأولى تامة من جميع الوجوه ومستقلة عن العبارة الأخرى. مثاله: {أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} .

فالوقف على المفلحون تام، لأنه نهاية الكلام عن المؤمنين وما بعده كلام جديد عن موضوع آخر هو الكفار وحالهم مع الرسول والرسالة، ولا يوجد أي رابط لفظي ولا معنوي بين العبارتين بدليل ابتداء العبارة الثانية بإِنَّ. ومثله في الفاتحة {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} فالوقف على الدين وعلى نستعين كلاهما وقف تام. 2 الكافي: هو ما لا يتعلق ما قبله بما بعده في اللفظ وكل منهما جملة مفيدة بنفسه وإن كان هناك تعلق في المعنى العام وسياق الموضوع. مثاله: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} . فالوقف على أذلة كاف لأنه وإن كان لا يوجد رابط لفظي بين الجملتين وكل منهما مفيد بنفسه إلا أن سياق الموضوع مترابط، فالعبارة الأولى كلام بلقيس وينتهي عند موضع الوقف، والعبارة الثانية كلام من الله تصديقًا لها، وكثير من العلماء يجعل هذا وقفًا تامًا باعتبار أن كلام بلقيس يتم عنده وما بعده كلام آخر، لكن بالتأمل يتبين أنه من الكافي لوجود ترابط بين العبارتين في سياق

الموضوع، ذكر ذلك الملا علي القاري في شرحه على المقدمة الجزرية1. ومثله: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} فالوقف على {مَرَضًا} كاف إذ لا يوجد ترابط بين العبارتين في اللفظ على اعتبار الواو استئنافية، إلا أن سياق الموضوع واحد وهو الكلام عن المنافقين وحالهم وما أعد الله لهم من العذاب الأليم. 3 الحسن: ما اتصل ما قبله بما بعده في اللفظ وفي سياق الموضوع، ولكن الجملة الأولى مفيدة بنفسها، والجملة الثانية غير مفيدة بنفسها ولا تتم إلا بالجملة الأولى لوجود الرابط اللفظي. مثاله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فالوقف على {الْحَمْدُ لِلَّهِ} حسن لأنها جملة مفيدة، إلا أن الابتداء بما بعد الوقف لا يحسن لأنه لا يتم إلا بالجملة الأولى، لوجود الرابط اللفظي وهو كون {رَبِّ} صفة والموصوف {الله} فلا يمكن الفصل بين الصفة والموصوف، لذلك فإن القارئ إذا أراد الابتداء يعيد الجملة الأولى. ومثله: {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ} فالوقف على {الرَّسُولَ} حسن لأنها جملة مفيدة، ولكن الابتداء بما بعده لا يحسن بل هو من الابتداء القبيح لأنه يفسد المعنى.

4 القبيح: هو ما تعلق ما قبله بما بعده في اللفظ والمعنى واشتد تعلقه بحيث أن كلًا من الجملتين لا تشكل بنفسها جملة مفيدة. وهو يتفاوت، وأشده قبحًا ما أحدث خللًا في المعنى وأوهم معنى فاسدًا. وكما يكون القبح في الوقف يكون في الابتداء: مثاله: في الوقف {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي} {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} . {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى} . {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِل} . {وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ} . ومثاله في الابتداء { ... يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} { ... إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} . {..الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} {..عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} {..إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} . فكل هذا ونحوه جلي القبح؛ لأنه يحيل المعنى ويفسده، ويوهم معنى آخر غير مراد، فيجب الاحتراس منه فإن تعمده القارئ أثم، وربما أفضى به مثل هذا إلى الكفر. ومن الوقوف القبيحة أيضًا، كل وقف يفصل بين جزأي المعنى، وبين المترابطين لفظيًا، كالفصل بين إن واسمها وخبرها، وبين الحال وصاحبها، والموصول وصلته، والجار والمجرور ومتعلقهما، والفعل وفاعله ومفعوله.

وكما يكون الوقف والابتداء قبيحين في بعض المواضع، يكون الوصل أحيانًا قبيحًا، فيلزم الوقف حينئذ، وذلك إذا كان الوصل يؤدي إلى خلل في المعنى أو إيهام. مثاله: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ..} فالوقف على {عَنْهُمْ} لازم، لأنك لو وصلت احتمل تعلق الظرف وهو {يَوْمَ} بفعل الأمر {فَتَوَلَّ} فيفسد المعنى. ومثله: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ. وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ} فالوقف على {يَسْمَعُونَ} لازم، لأنك لو وصلت اشترك الموتى مع الذين يسمعون في صفة الاستجابة، أواحتمل هذا المعنى الفاسد في أذن السامع، فلأجل إيضاح المعاني والفصل بين المتغاير منها، ينبغي بل يلزم الوقف في مثل هذه المواضع. تنبيه: قد يختلف نوع الوقف وحكمه باختلاف أوجه التفسير والقراءة، والإعراب. مثاله: في اختلاف أوجه التفسير: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ..} . فالوقف على قوله: {إِلاَّ اللَّهُ} كاف، على تفسير من قال: إن علم المتشابه لله وحده وأن الراسخين في العلم لا يعلمون تأويله بل يؤمنون به وبكل ما جاء من عند الله، وهذا الوجه من التفسير مروي عن ابن عباس وابن مسعود وعائشة، وهو قول أبي حنيفة وأكثر أهل الحديث وبه

أخذ من القراء نافع والكسائي ويعقوب، قال عروة بن مسعود: الراسخون في العلم لا يعلمون التأويل ولكن يقولون آمنا به. وهو وقف غير كاف على تفسير من قال: إن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه، فالراسخون على هذا معطوف على لفظ الجلالة، وهذا القول مروي عن ابن عباس أيضًا، وممن قال به مجاهد والقاسم بن محمد وغيرهما. ومثاله: في اختلاف أوجه القراءات {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا، وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} . فالوقف على قوله: {وَأَمْنًا} كاف على قراءة الكسر {وَاتَّخِذُوا} لأن العبارة الثانية حينئذ تصير كلامًا مستأنفًا؛ ويكون الوقف غير كاف على قراءة الفتح {وَاتَّخَذُوا} إذ تصير العبارة الثانية حينئذ معطوفة على ما قبلها. ومثاله: في اختلاف أوجه الإعراب: {الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} فالوقف على {الم} تام على تقدير المبتدأ أو الخبر، أي: هذا الم، أو الم هذا. فيكون ما بعده كلامًا مستأنفًا، ويكون الوقف غير تام إذا أعربنا الجملة بعد {الم} في محل رفع خبر له. وهناك أوجه أخرى كثيرة في الإعراب ليس هذا محل ذكرها، وإنما المراد التمثيل لتنوع الوقف بتنوع وجه الإعراب واختلافه باختلافه.

رموز الوقف

رموز الوقف: سبق أن العلماء اختلفوا في تقسيمهم للوقف، إلا أن جميع ما ذكروه من أقسام لا يخرج عن الأقسام الأربعة التي

ذكرناها، ولكنهم في المصاحف لجئوا إلى التفصيل ولم يكتفوا بما سبق، بل الغالب أنهم اعتمدوا على تقسيم السجاوندي، فقد قسم الوقوف إلى خمسة أقسام: اللازم، المطلق، والجائز، والمجوز لوجه، والمرخص لضرورة. ولكل قسم من هذه الأقسام رمز يشير إليه، وإليك بيان هذه الرموز: م: رمز للوقف اللازم: وهو ما كان في وصله إفساد للمعنى أو إيهام لمعنى آخر غير مراد وقد سبق مثاله. ط: رمز للوقف المطلق: والمراد به ما يحسن فيه الابتداء بما بعده، وذلك لا يكون إلا في الوقف التام أو الكافي. ج: رمز للوقف الجائز: وهو ما يجوز فيه الوقف والوصل بدرجة متساوية، لوجود وجهين فيها من الإعراب من غير ترجيح لأحدهما، مثال: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ، يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ..} فقوله: {يُذَبِّحُونَ} يجوز فيها أن تعرب في محل نصب حال من فاعل {يَسُومُونَكُمْ} ويجوز أن تكون استئنافية. ز: رمز للوقف المجوز لوجه: وذلك إذا كان هناك وجهان متغايران في الإعراب وأحدهما أرجح من الآخر، والوقف على الوجه المرجوح، مثاله: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ، فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ} . فالفاء في قوله: {فَلاَ} سببية وعلى هذا الوجه فالوصل أَوْلَى.

وهو الراجح، ويجوز إعراب الفاء استئنافية وهو وجه مرجوح، وعليه يكون الوقف مجوزًا. ص: رمز للوقف المرخص لضرورة النفس، وذلك إذا طال الكلام وانقطع النفس فيقف عليه مع وجود الارتباط بما بعده، ولكن إذا كان ما بعده جملة مفهومة مفيدة جاز أن يبتدئ به وإلا لزمه العود، مثاله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ} . لا: رمز للموضع الذي لا يصلح للوقف أو الابتداء، ويقع هذا في الوقف القبيح، والوقف الحسن، ففي الحسن يجوز الوقف ولا يحسن الابتداء. وفي القبيح لا يحسن الوقف ولا الابتداءُ. :. هذه النقاط الثلاث يشيرون بها إلى ما يسمى بوقف المراقبة، أو وقف المعانقة، والمراد به اجتماع موضعين صالحين للوقف وتجاورهما، فلك حينئذ أن تقف على أحدهما وليس لك أنتقف عليهما معًا. مثاله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} . فيها وقفان متجاوران أحدهما على {رَيْبَ} والآخر على {فِيِه} فإذا وقفت على الأول لزمك وصل الثاني لأن الجار والمجرور {فِيِه} يكون حينئذ متعلقًا بما بعده، وإذا وقفت على الآخر لزمك وصل الأول لأن الجار والمجرور حينئذ متعلق بـ {رَيْبَ} .

الابتداء بألفاظ الوصل والقطع

الابتداء بألفاظ الوصل والقطع ألفات الأفعال: وهي على خمسة أقسام ... الابتداء بألفاظ الوصل والقطع: هذا الباب يتعرض له النحاة بالتفصيل في كتب النحو وإنما يهمنا منه هنا ما يتعلق بالقراءة، ويقال: ألف الوصل أو القطع، وهمزة الوصل أو القطع كل ذلك صحيح، وقد سبق ذكره في أول باب المخارج، واخترنا التعبير بألف اقتداء بابن الجزري -رحمه الله- والكلام عليها في الأفعال والأسماء: أ- ألفات الأفعال: وهي على خمسة أقسام: 1 ألف القطع في الثلاثي: وعلامتها أن تقع فاء للفعل وتثبت في المضارع منه مثل: أتى، يأتي فيبتدأ بها بالفتح في الماضي. 2 ألف القطع في الرباعي: وعلامتها ضم أول المضارع منه مثل: أَخْرَجَ، يُخْرِجُ. فيبتدأ بها بالفتح في الماضي، وإن كانت في المصدر ابتدئ بها مكسوة مثل: إِخْرَاجا. 3 ألف الوصل: وعلامتها سقوطها في درج الكلام وحذفها في أول المضارع، فهي مبنية على ثالث المضارع، فإن كان مكسورًا أو مفتوحًا كسرتها، مثل: اهْدِنَا مضارعه: يَهْدِي، ومثل: ارْكَب مضارعه: يركب. وإن كان الثالث مضمومًا ضممت ألف الوصل مثل: اقْتُلُوا مضارعه: يَقْتُل، والذي جعلهم يتبعون ألف الوصل هنا للحرف الثالث دون الأول، أو الثاني، أو الرابع أن الحرف الأول زائد فلا يبنى عليه لزيادته، والثاني ساكن فلا يبنى عليه لسكونه، والرابع لا يثبت على إعراب واحد بل تتغير حركته حسب موقع

الفعل والعوامل الداخلة عليه فلا يبنى عليه لتغيره، ويدخل في هذا القسم مثل: {اسْتَطَاعُوا} {اسْطَاعُوا} {انْشَقَّت} {اثَّاقَلْتُم} و {ادَّارَكُوا} {اطَّيَّرْنَا} فإنك بالتأمل تجد ثالث المضارع منها مكسورًا أو مفتوحًا. 4 ألف المتكلم عن نفسه: إذا كان الفعل للمستقبل مثل: {أَدْعُو إِلَى اللَّه} {أَرِنِي أَنظُر} {أَفْرِغ} فتفتح في الثلاثي، وتضم في الرباعي كما هو واضح في الأمثلة. أما إذا كان الفعل مبنيًا للمجهول فتضم ألفه مطلقًا ثلاثيًا كان أم رباعيًا. 5 ألف الاستفهام: إذا دخلت على ألف الوصل حذفت هذه وفتحت تلك، ووقع ذلك في سبعة مواضع بالقرآن: {قُلْ أتَّخَذْتُم} بالبقرة، {أطَّلَعَ الْغَيْبَ} بمريم {أفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} بسبأ {أسْتَكْبَرْتَ} بص {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُم} بالمنافقين {أصْطَفَى الْبَنَاتِ} بالصافات {أتَّخَذْنَاهُم سِخْرِيًّا} بص. أما إذا وقعت ألف الوصل بين ألف الاستفهام وبين لام التعريف، فإنها تبدل ألفا ممدودة وتمد إشباعًا أو تسهل بين بين وذلك في ست كلمات في القرآن: {ءَالذَّكَرَيْن} بموضعي الأنعام {ءَالآنَ} بموضعي يونس {ءَاللهُ أَذِنَ لَكُم} بيونس أيضًا {ءَاللهُ خَيْر} بالنمل.

ألفات الأسماء: على ثلاثة أقسام

ب- ألفات الأسماء: على ثلاثة أقسام: 1 ما وقع منها في أول المصادر مثل: إِخْرَاج، استغفار. فيبدأ بها مكسورة. 2- ما وقع منها قبل لام التعريف، فيبتدأ بها مفتوحة مطلقًا مثل: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} {الْعَالَمِينَ} {الرَّحْمَنِ} {الرَّحِيمِ} . 3 ما وقع منها في سبعة ألفاظ سماعية فيبتدأ بالألف فيها مكسورة وهي: ابن، مثاله: {..ابْنَ مَرْيَم} . ابنة، مثاله: {ابْنَتَ عِمْرَان} {ابْنَتَيَّ هَاتَيْن} . امرؤ، مثاله: {امْرِئٍ مِنْهُم} {امْرُؤٌ هَلَكَ} . اثنان، مثاله: {لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَين} . امرأة، مثاله: {اِمْرَأَتَ نُوْحٍ} {اِمْرَأَتَيَنِ تَذُودَانِ} . اسم، مثاله: {اِسْمُ رَبِّكَ} {اِسْمُهُ اْلَمسِيْحُ ... } . اثنتان، مثاله: {كَانَتَا اِثنَتَيْنِ..} {اِثْنَتَا عَشْرَةَ..} . قال ابن الجزري ملخصًا أحوال همزة الوصل: وابدأ بهمز الوصل من فعل بضم ... إن كان ثالث من الفعل يضم واكسره حال الكسر والفتح، وفي ... لاسماء غير اللام كسرها، وفي ابن مع ابنة امرئ واثنين ... وامرأة واسم مع اثنتين

تمرين رقم 6

تمرين رقم 6 1 بين الفرق بين: الوقف، القطع، السكت. 2 ما هو السنة في الوقف؟ 3 بين معاني الوقوف الآتية مع التمثيل: التام، الكافي، الحسن، القبيح. 4 مثل للابتداء القبيح، وكيف يكون الوصل قبيحًا؟ مع التمثيل. 5 بين نوع الوقف فيما تحته خط: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} 6 بين حكم الوقف على ما يأتي ولماذا؟ {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّين} {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِل} {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي} {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي} {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُون} {فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة} .

باب الاستعاذة والبسملة

باب الاستعاذة والبسملة: الاستعاذة: تنبغي عند الشروع في القراءة بدليل قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} . وقوله: {فَإِذَا قَرَأْتَ} أي: إذا أردت قراءة القرآن، وهو من أساليب العرب تقول: إذا ذهبت إلى فلان فاحمل معك كذا ... أي: إذا أردت الذهاب. وصيغة الاستعاذة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. هذا هو المختار عند القراء لأنه المنصوص عليه في الآية، قال ابن الجزري في نشره: وقد ورد النص بذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ففي الصحيحين من حديث سليمان بن صرد -رضي الله عنه- قال: استب رجلان عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن عنده جلوس وأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمر وجهه فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجده لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" 1. وهناك صيغة أخرى يفيدها حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- في السنن وهي: "أعوذ بالله من السميع العليم من الشيطان الرجيم.." وفي رواية زيادة: "من همزه ونفثه ونفخه".

_ 1 أخرجه البخاري في باب الحذر من الغضب من كتاب الأدب "8: 35"، وهو عند مسلم أيضًا.

ولا خلاف في أن الاستعاذة ليست من القرآن ولك فيها مع البسملة والسورة أربعة أوجه: 1 وصل الجميع. 2 قطع الجميع. 3 وصل الاستعاذة بالبسملة مع الوقف عليها. 4 قطع الاستعاذة عن البسملة ووصل البسملة بالسورة. ولا خلاف عن حفص في الجهر بالاستعاذة إن كان يجهر بالقراءة، قال أبو شامة رحمه الله: وإنما أبى الإخفاء الوعاة؛ لأن الجهر به إظهار لشعار القراءة كالجهر بالتلبية وتكبيرات العيد، ومن فوائده أن السامع له ينصت للقراءة من أولها لا يفوته منها شيء، وهذا المعنى هو الفارق بين القراءة خارج الصلاة وفي الصلاة، فإن المختار في الصلاة الإخفاء؛ لأن المأموم منصت من أول الإحرام بالصلاة1 ومعنى هذا أن المختار أن يسر التعوذ في الصلاة، قال النووي: وكان ابن عمر -رضي الله عنه- يسر وهو الأصح عند جمهور أصحابنا وهو المختار2. وقال ابن الجزري في النشر: ومن المواضع التي يستحب فيها الإخفاء إذا قرأ خاليًا سواء قرأ جهرًا أو سرًا ومنها إذا قرأ سرًا فإنه يسر

_ 1 إبراز المعاني "ط الحلبي 1349هـ" ص 50. 2 النشر 1: 254.

أيضًا ومنها إذا قرأ في الدور ولم يكن في قراءته مبتدئًا يسر بالتعوذ لتتصل القراءة ولا يتخللها أجنبي، فإن المعنى الذي من أجله استحب الجهر وهو الإنصات فقد في هذه المواضع1. البسملة: لا خلاف في كونها بعض آية من سورة النمل وأنها مشروعة عند البدء بكل أمر كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "كل أمر لا يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع" 2. لكن الخلاف في كونها آية من كل سورة، أو آية من الفاتحة على وجه الخصوص، وليس هذا محلًا لتفصيل هذه المسألة وقد استوفيت الكلام عليها في موضع آخر3. ولكن نقتصر منها على بيان سبب الخلاف: وهو أن الروايات صحت بقراءتها وبتركها فكل احتج بجانب قوي، واختلاف الفقهاء في قراءتها في الصلاة أو عدم قراءتها فرع من هذه المسألة، والمهم هنا أن نبين أن مذهب عاصم فيها أنها آية من الفاتحة4، ومن كل سورة إلا براءة، ويفصل بها بين السور، ولا تقرأ بين براءة والأنفال، وعلى هذا يجب قراءتها في الصلاة سواء أسر بها أم جهر، وبه قال من الفقهاء: أحمد في إحدى الروايتين عنه، والشافعي إلا أنه قال: يجهر بها في الصلاة مع الفاتحة والسورة. وبهذا القول كان يقول من الصحابة أبو هريرة،

_ 1 النشر 1: 254. 2 أبو داود. 3 في كتاب صفة قراءة القرآن كأنك تسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم، للمؤلف - مخطوط-. 4 النشر 1: 271.

وابن عمر، وابن عباس، ومعاوية، وروي عن الخلفاء الأربعة1 وذكر ابن الجزري في النشر: عن أبي القاسم الهذلي أن مالكا سأل نافعًا عن البسملة فقال: السنة الجهر بها. فسلم إليه وقال: كل علم يسأل عنه أهله. واتفق القراء جميعًا على قراءتها عند الابتداء بالسور، وعلى تركها في أول براءة. أما قراءتها في أول الأجزاء والأحزاب عند الابتداء بها فهو قول بعضهم، واختار كثير من القراء تركها2. وعند الفصل بها بين السورتين لك ثلاثة أوجه: 1 وصل الجميع. 2 قطع الجميع. 3 قطع البسملة عن آخر السورة، ووصلها بأول السورة الأخرى. أما وصلها بآخر السورة الأولى وقطعها عن الأخرى فممنوع عند الجميع.

_ 1 ذكره الحافظ ابن كثير في أول تفسيره. 2 النشر 1: 265.

أنواع القراءة

أنواع القراءة التحقيق ... أنواع القراءة: أنواع القراءة ثلاثة: التحقيق، والحدر، والتوسط. أما التحقيق: فأصله المبالغة في الإتيان بالشيء حتى تبلغ اليقين في معناه وتؤديه على حقه من غير زيادة ولا نقصان، والمراد به في التجويد: التأني في القراءة بإشباع المدات، وتوفية الغنات، وتحقيق الهمزات، وإتمام الحركات، وتبيين الحروف، وتحقيق مخارجها، كل ذلك بتأن وتمهل، والتحقيق وغيره من أنواع القراءة يتعلق بمقدار السرعة فيها ليس غير. وإلا فتحقيق كل ما ذكر مطلوب في كل نوع إلا أن معيارها في التحقيق أكثر بطئًا وأقل سرعة، ولذلك لا يكون معه في الغالب قصر ولا اختلاس ولا إسكان لمتحرك ولا إدغام له، وهو مناسب لرياضة اللسان عند المبتدئين ويساعد على التدبر والتفكر في الآيات، وبه وردت الرواية عن حفص، وأكثر من يبالغ فيه من القراء حمزة. والتحقيق هو قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- فعن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها سئلت عن قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفًا حرفًا1، ومثله ما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ السورة حتى تكون أطول من أطول منها. وكانت هذه القراءة مفضلة عند الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم أجمعين قال ابن مسعود: لا تهذوه

_ 1 الترمذي وأبو داود.

هذ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل، وقفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب، ولا يكون هم أحدكم آخر السورة.

الحدر

وأما الحدر: فأصله الإسراع والهبوط، والمراد به إدراج القراءة والإسراع بها وذلك بتخفيف مقادير الأحكام، بالقصر والاختلاس والتسكين وتخفيف الهمز، ونحو ذلك مما يصح في التجويد القراءة به.

التوسط

وأما التوسط: ويسمى التدوير، فهو مرتبة بين التحقيق والحدر، أي: بين الإسراع والبطء في القراءة، وهو المختار عند أكثر أهل الأداء. وقد اختلفوا في الحدر والتحقيق أيهما أفضل فقال بعضهم: التحقيق أفضل لأنه يساعد على فهم المعاني وتدبر القرآن، وذلك هو المقصود من القراءة قال تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} . وقال: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} . وقال آخرون: الحدر أفضل لأنه به يتمكن القارئ من الإكثار من كمية المقروء من الآيات، وقد صح الخبر بأن كل حرف منه بحسنة والحسنة بعشر أمثالها1.

_ 1 أخرجه الترمذي.

ومن أحسن ما قيل في بيان الفرق بين القراءتين كلام الحافظ ابن القيم -رحمه الله- ونصه: الصواب في المسألة أن يقال: إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع قدرًا، وثواب كثرة القراءة أكثر عددًا، فالأول كمن تصدق بجوهرة عظيمة أو أعتق عبدًا قيمته نفيسة جدًا، والثاني كمن تصدق بعدد كثير من الدراهم أو أعتق عددًا كمن العبيد قيمتهم رخيصة1.

_ 1 زاد المعاد "ط السنة المحمدية بتحقيق حامد الفقي" 1: 183.

باب فرش الحروف

باب فرش الحروف: {لا يَسْتَحْيِي} بالبقرة والأحزاب: قرأها حفص بإسكان الحاء وبياءين الأولى منهما مكسورة، والثانية ساكنة ممدودة. {أَنَا أُحْيِي} ومثله {أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِين} و {إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِير} و {إِنْ تُرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْك} : لفظ {أَنَا} إذا وقع بعده همزة سواء كانت مضمومة أو مفتوحة أو مكسورة تقرأ بحذف الألف وصلًا وإثباتها وقفًا. {مَجْريهَا} بهود: بإمالة الألف بعد الراء ولم يقع لحفص إمالة غيرها. {وَلَيَكُونًا} بيوسف، ومثله {لنَسْفَعًا} بالعلق، و {إذًا} : كلها تقرأ بالنون وصلًا وبالألف وقفًا. {لَكِنَّا هُوَ اللهُ} بالكهف: بنون واحدة مشددة من غير همز مع حذف الألف التي بعد النون وصلًا وإثباتها وقفا.

{ضُعْفٍ} في الموضعين بالروم، ومثله {ضُعْفًا} في الروم أيضًا: قُرِئَ بفتح الضاد وبضمها، ذكر الوجهين عن حفص أبو عمرو الداني في التيسير والشاطبي في الحرز وغيرهما. {الظُّنُونَا} {الرَّسُولا} {السَّبِيْلاَ} بالأحزاب: كلها بحذف الألف وصلًا وإثباتها وقفًا. {بِئْس الاِسْمُ} بالحجرات: بإسقاط الهمزة ونقل حركتها إلى الصحيح الساكن قبلها وإذا وقفت على {بِئْسَ} وبدأت بقوله: {الاسم} فلك البدء بهمزة الوصل مفتوحة، ولك البدء بحذفها وكلاهما مع كسر اللام. {الُمصَيْطِرُونَ} بالطور: اختلف فيه بين الصاد والسين وكذلك في {بِمُصيطِر} بالغاشية. {سَلاَسِلَ} بالدهر: بدون تنوين في الوصل، وذكر الوجهان في الوقف: إثبات الألف أو حذفها مع تسكين اللام، ذكرهما الداني في تيسيره والشاطبي في حرزه. {قَوَارِيرَ} في الموضعين بالدهر: بالنصب من غير تنوين وَصْلًا، ويوقف على الأول منهما بالألف وعلى الآخر بالتسكين. التكبير: روي التكبير عن حفص، ويبدأ من آخر الضحى إلى سورة الناس، ولك حينئذ بين كل سورتين منها سبعة أوجه:

1 الوقف على آخر السورة، وعلى التكبير، وعلى البسملة. 2 الوجه السابق مع وصل البسملة بأول السورة. 3 الوقف على آخر السورة، ووصل التكبير بالبسملة، مع الوقف عليها. 4 الوجه السابق، مع وصل البسملة بأول السورة. 5 وصل آخر السورة بالتكبير، مع الوقف عليه وعلى البسملة. 6 الوجه السابق، مع وصل البسملة بأول السورة. 7 وصل الجميع.

تقريظ

تقريظ من فضيلة شيخنا الجليل أستاذ المقرئين بمصر، ورئيس قسم القراءات بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الشيخ عبد الفتاح بن عبد الغني القاضي. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله نبيه وعبده وعلى آله وصحبه وجنده، وبعد: فقد تصفحت كتاب التجويد الذي ألفه فضيلة الأستاذ المجد النابه الصالح الشيخ عبد العزيز بن عبد الفتاح بن عبد الرحيم القارئ المدرس بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، فوجدته متضمنًا أهم مسائل هذا الفن مشتملًا على حبل دقائقه وفروعه، ولقد عني الأستاذ المؤلف -حفظ الله شبابه- عناية فائقة ببيان الأحكام العملية التي يكون لها أحسن الأثر في إحكام القراءة وضبط التلاوة وجودة الأداء، في عبارات طلية ممتعة وتراكيب رصينة مبدعة، فالكتاب -يشهد الله- من أنفس الكتب التي ألفت في هذا الشأن مع وجازته واختصاره. وأسأل الله -سبحانه- أن يعمم بهذا الكتاب النفع، ويعظم لمؤلفه الأجر إنه سبحانه سميع الدعاء مجيب النداء. في 20/ 6/ 95 هـ 29/ 6/ 75م عبد الفتاح القاضي شيخ القراءات بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

قائمة ببعض المصادر والمراجع

قائمة ببعض المصادر والمراجع: -مقدمة فيما على قارئه أن يعلمه: منظومة أبي الخير محمد بن محمد الجزري "مخطوط بإملاء الناظم وعليها خطه كتبت سنة 800 هـ". - شرح ابن الناظم على المقدمة "مخطوطة بالمكتبة الظاهرية بدمشق". - الدقائق المحكمة في شرح المقدمة للشيخ زكريا الأنصاري "ط بمصر سنة 1283هـ". - المنح الفكرية على متن الجزرية للملا علي بن سلطان القاري "ط التجارية بمصر سنة 1354هـ". - الحواشي الأزهرية في حل ألفاظ متن الجزرية للشيخ خالد الأزهري "ط المحمودية بمصر سنة 1370هـ". - نونية السخاوي المسماة عمدة المفيد لعلم الدين السخاوي "مخطوطة عليها سماع على الحافظ الذهبي بخط محمد بن عبد الله بن المحب سنة 736، وأخرى على الحافظ يوسف بن عبد الهادي بخطه سنة 877هـ. - الرعاية لتجويد الحروف وتحقيق لفظ التلاوة لمكي بن أبي طالب القيسي "ط بدمشق سنة 1393 هـ بتحقيق الدكتور أحمد حسن فرحات". - كتاب التمهيد في علم التجويد لابن الجزري "ط بمصر سنة 1326هـ". - نهاية القول المفيد في علم التجويد للشيخ مكي نصر "ط الأميرية ببولاق بمصر سنة 1308هـ". - تذكرة الإخوان بأحكام رواية حفص لعلي بن محمد الضباع "ط الاتحاد العام لجماعة القراء بمصر". - القطع والائتناف لأبي جعفر النحاس "مخطوط بمكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة". - منار الهدى في الوقف والابتداء لعبد الكريم الأشموني "ط الحلبي بمصر سنة 1353هـ". - التيسير في القراءات السبع لأبي عمرو الداني "ط استنبول سنة 1930م بتحقيق أوتوبرتزل". - إبراز المعاني شرح الشاطبية لأبي شامة "ط الحلبي بمصر سنة 1349 هـ". - النشر في القراءات العشر لابن الجزري "ط التجارية بمصر بتصحيح الضياع". - صحيح البخاري "ط الحلبي بمصر سنة 1377هـ". - صحيح مسلم "ط عبد اللطيف مصورة سنة 1392هـ". - سنن الترمذي "ط الحلبي سنة 1385هـ". - سنن أبي داود "ط الحلبي بمصر". - المستدرك للحاكم "ط حيدر أباد بالهند". - تفسير ابن كثير "ط الحلبي بمصر". - فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية "ط بالرياض بتصحيح الشيخ عبد الرحمن بن قاسم سنة 1382هـ". - زاد المعاد للحافظ ابن قيم الجوزية "ط السنة المحمدية سنة 1370هـ". - معرفة القراء للكبار للحافظ الذهبي "ط دار الكتب الحديثة بتصحيح محمد سيد جاد الحق". - غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري "ط الخانجي بمصر سنة 1351هـ بتحقيق براجستر اسر".

المحتويات

المحتويات الصفحة مقدمة................................................. 5 لمحة موجزة من تاريخ التجويد والقراءات...................13 القراءات المتواترة.......................................19 ترجمة عاصم........................................... 26 ترجمة حفص وإسناد المؤلف إليه..........................29 التجويد: معناه، والغاية منه، وحكمه......................37 الباب الأول: مخارج الحروف.............................47 الباب الثاني: صفات الحروف.............................59 ألقاب الحروف..........................................71 الباب الثالث: أحكام بعض الحروف........................75 أحكام الراء.............................................77 أحكام اللام..............................................82 أحكام النون الساكنة والتنوين..............................84 الإظهار..................................................84 الإدغام.................................................. 85 الإقلاب.................................................. 89 الإخفاء.................................................. 89 أحكام الميم الساكنة........................................92 حكم النون والميم المشددتين..................................92 المد والقصر................................................96 هاء الكناية................................................100

الصفحة الباب الرابع: الوقف والابتداء..........................103 معنى الوقف والفرق بينه وبين القطع والسكت...........105 أقسام الوقف........................................107 اختلاف الوقف باختلاف أوجه التفسير والقراءة والإعراب 112 رموز الوقف.........................................113 الابتداء بألفات الوصل والقطع.........................116 باب الاستعاذة والبسملة...............................120 أنواع القراءة.........................................124 باب فرش الحروف....................................127 قائمة بالمصادر والمراجع................................130

للمؤلف

للمؤلف - "التجويد الميسر" قواعد قراءة القرآن في أسلوب ميسر يتيح لكل مسلم فهم هذا الفن وتطبيقه وقراءة القرآن بالطريقة النبوية. سجل الكتاب مع التمارين على أشرطة بصوت المؤلف. - قصيدتان في تجويد القرآن: الرائية للخاقاني، والنونية للسخاوي التي سماها عمدة المفيد، مع شرح للمؤلف عليهما. - المقدمة فيما على قارئه أن يعلمه: للجزري مع شرح موجز عليها. "تحت الطبع". - أخلاق حملة القرآن: لأبي بكر محمد بن الحسين الآجري المتوفى سنة "360" هـ. بتحقيق المؤلف وتخريجه لأحاديث الكتاب.

§1/1