مقدمة إملاء الاستذكار للحافظ أبي عمر ابن عبد البر القرطبي
أبو طاهر السِّلَفي
جَمِيْعُ الحُقُوقِ مَحْفُوَظَةٌ الطَّبْعَةُ الأولى 1422 هـ - 2001 م دَار البشائر الإسْلاميّة للطّباعَة وَالنّشر وَالتَّوزيْع هَاتفْ: 702857 - فَاكسْ: 704963/ 009611 بَيروتْ - لبْنانْ ص ب: 5955/ 14 e-mail: [email protected]
[مقدمة التحقيق]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبه ثقتي مُقَدِّمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فإن العناية بإخراج المخطوطات وتحقيقها جزء من المسؤولية الملقاة على عاتق الباحثين وطلبة العلم المختصين، ففي إخراجها إحياء لتراث الأمة الِإسلامية المجيد، وأداء لبعض الواجب نحو علمائها المخلصين. وقد تتابع بفضل الله تعالى في الآونة الأخيرة ظهور كتب التراث، حيث دفعت عجلات المطابع بالعديد من الكتب إلى عالم النور، وإسهاماً في خدمة التراث الإِسلامي وإحياء كنوزه ودفائنه من الاندثار ظهرت سلسلة لقاء العشر الأواخر من رمضان في المسجد الحرام برعاية دار البشائر الإِسلامية ببيروت، وبتعضيد من أهل الخير والفضل (¬1). ¬
ويسعدني أن تكون مشاركتي في هذه السلسلة العلمية المباركة بإخراج هذه الرسالة التي سطّرها "حافظ الإِسلام، وأعلى أهل الأرض إسناداً في الحديث والقراءات مع الدين والثقة والعلم" (¬1): أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السِّلَفىِ الأصبهاني (ت 576 هـ)، وهي مقدمة على كتاب الاستذكار في شرح ما رسمه الإِمام مالك في موطئه من الرأي والآثار, لأبي عمر ابن عبد البر النَّمَري القرطبي (ت 463 هـ)، وَضَعَهَا لطلاّبه مدخلًا إلى هذا الكتاب العظيم قبل أن يشرع في تدريسه. وتُعَدُّ هذه الرسالة من أقدم ما صُنِّفَ في افتتاحيات الكتب، إن لم تكن أقدمها، وكتب الافتتاحيات مصنّفات يضعها العالم أو يمليها برسم الشروع في إقراء كتاب من الكتب أو تدريسه، ويتناول فيها ترجمة صاحب الكتاب المراد إقراؤه، ويتحدث عن خصائص كتابه، ومنهجه فيه، كما أنه يَسُوقُ أسانيده إليه، وَيَعْرِض ما قيل في الثناء عليه نثراً ونظماً. وقد أبان الحافظ السِّلفي في هذه الرسالة عن نشاطه العلمي بالمدرسة العادلية -التي تسمّت فيما بعد باسمه- وتحدّث عن مجالسه العلمية، وعَزْمِهِ على إملاء كتاب الموطأ للإِمام مالك رحمه الله، ثم العدول عنه إلى كتاب الاستذكار، وفي غضون ذلك أشاد بالإِمام مالك وبكتابه الموطأ، وذَكَرَ نُبَذاً من ثناء العلماء عليه، ثم ترجم للحافظ ابن عبد البر ترجمة مستفيضة أكثر فيها من الثناء عليه وعلى تصانيفه، وتفرّد فيها بذكر بعض الأقوال في ولادته ووفاته، وخَتَمَ الكتاب بذكر بعض أشعاره في الثناء على تآليفه، وبخاصة كتاب الاستذكار الذي عزم على إملائه وتدريسه لطلابه. ولهذا كانت هذه الرسالة شهادة من الحافظ السِّلفي بجلالة ابن عبد البر، وعلو كعبه، وسعة علومه، وشهادة منه أيضاً لكتابه الاستذكار بعدم وجود نظير له ¬
في بابه، فهو من أجلّ كتب الحديث والفقه، علاوة على ما حوته -رغم وجازتها- من فوائد فريدة، ومعلومات عزيزة. وقد اعتمدت في تحقيقها على نسختين خطيتين، واجتهدت في ضبط نَصِّها، وتوثيق نقولها، والتعليق عليها، وصَدَّرْتُهَا بدراسة موجزة عَرَّفْتُ فيها بالمؤلف تعريفاً موجزاً، وَوَضَّحْتُ ما يتعلق بإثبات عنوانها، وصحّة نسبتها إلى مصنفها، مع وصف النسختين المعتمدتين في التحقيق، كما تَحَدَّثْتُ عن موضوع الكتاب، وعناية العلماء بكتاب الاستذكار. وختاماً أضرع إلى المولى العلي القدير أن يمدني بتوفيقه، وأن يلهمني الرشد والسداد، وأن يغفر لي الزلل والتقصير، وأن يكتب لي هذا العمل في ميزان حسناتنا يوم الدين، والحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وكتب عبد اللطيف بن محمد الجيلاني الآسفي المغربي لطف الله به وغفر له ولوالديه بالمسجد النبوي الشريف بتاريخ 5/ 2/ 1416 هـ وأعاد النظر فيها يوم الإِثنين 12/ 3/ 1422 هـ
ترجمة موجزة للمؤلف
ترجمة موجزة للمؤلف هو أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو طاهر السَّلَفِي الجُرْواءاني الأصبهاني، ولد سنة خمس وسبعين بعد الأربعمائة أو قبلها بسنة على ما رجّحه الذهبي رحمه الله، وطلب الحديث من صغره، وارتحل وهو دون العشرين سنة، فدخل بغداد وسمع بها، وسمع أيضاً بالكوفة وواسط والبصرة ومكة والدَّينَّوْر وشهرستان وبلاد أخرى عديدة، وأملى عدّة مجالس بسَلَمَاس وهو شاب، وانتخب على غير واحد من المشايخ، وكتب العالي والنازل، ونسخ من الأجزاء ما لا يحصى كثرة، وبقي في الرحلة ثمانية عشر عاماً يكتب الحديث والفقه والأدب والشعر. وقدم دمشق سنة تسع وخمسمائة فأقام بها سنتين، ثم استوطن ثغر الإِسكندرية بضعاً وستين سنة؛ بقي بها إلى أن مات رحمه الله وهو ينشر العلم ويحصِّلُ الكتب التي قلّ ما لعالم مثلها في الدّنيا. وكان مُكِبّاً على الكتابة والاشتغال والرواية, لا راحة له غالباً إلاَّ في ذلك؛ حتّى روي عنه أنه قال: "لي سِتُّون سنة بالإِسكندرية ما رأيت منارتها إلاَّ من هذه الطاقة، وأشار إلى غرفته التي يجلس فيها". وقال عنه تلميذه عبد القادر الرُّهاوي: "بلغني أن مدة مقامه بالإِسكندرية ما خرج منها إلى بستان ولا فُرْجة سوى مرة واحدة، بل كان لازماً مدرسته، وما كنا نكاد ندخل عليه إلاَّ ونراه مطالعاً في شيء، وكان حليماً متحملاً لجفاء الغرباء". وقد اشتهر الحافظ السِّلفي بالإِكثار من الشيوخ؛ فقد ذكر الحافظ أبو القاسم
التُّجِيبي السّبتي أنهم يزيدون على الألف، ثم قال: "وهذا اتساع عظيم في الأخذ عن المشايخ". وكان لَهُ عند مُلُوكِ مِصْرَ الجَاهُ والكَلِمَةُ النَّافِذَةُ، بَنَى له الوزير العادل ابن السلآر مدرسة كبيرة أطلق عليها المدرسة العادلية، ثم سميت بعد ذلك باسمه "السِّلَفية"، ووقف عليها وقفاً، وكان يدرس بها الفقه على مذهب الشافعي ويروي الحديث. والمُتَصَفّحُ للمصادر التي ترجمت للحافظ السِّلفي يجد أن كثيرًا من الأئمة قد أثنوا عليه ثناء عاطراً، وأشادوا إشادة بالغة بسعة علومه، وعلو مكانته. قال المنذري: "كان أوحد زمانه في علم الحديث وأعرفهم بقوانين الرواية والتحديث، جمع بين علو الإِسناد، وغلو الانتقاد، وبذلك ينفرد عن أبناء جنسه". وقال أبو سعد السمعاني: "السِّلفي ثقة ورع متقن متثبت، فهم حافظ، له حَظُّ من العربية، كثير الحديث، حسن اللهم والبصيرة فيه". وقال ابن ناصر: "كان ببغداد كأنه شُعْلَةُ نار في تحصيل الحديث". وقال أبو الربيع ابن سالم: "متفرد في الدنيا بالإِمامة في علم الحديث، وعلو الدرجة في الإِسناد، وأخذ عنه أهل الأرض جيلاً بعد جيل، وسمع الناس على أصحابه، وهو لم يبعد عهده بشبابه". ورُوِيَ عن السِّلفي نفسه أنه قال: ليس على الأرض في زماني ... من شأنه في الحديث شاني نظماً وضبطاً يلي علوًّا ... فيه على رغم كل شاني وكانت وفاته رحمه الله رحمة واسعة جزاه عن الإِسلام والمسلمين خير الجزاء، في صبيحة يوم الجمعة خامس شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة، وقد تجاوز من العمر مائة سنة.
ويحسن في ختام هذه الترجمة المقتضبة أن أشير إلى بعض مؤلفاته المطبوعة: 1 - معجم السفر (¬1). 2 - كتاب الأربعين المستغني بتعيين ما فيه عن المعين، ويعرف بالأربعين البلدانية (¬2). 3 - الوجيز في ذكر المُجاز والمُجيز (¬3). 4 - المجالس الخمسة السلماسية (¬4). 5 - مقدمة إملاء معالم السنن للخطابي (¬5). هذا ما تَسَنَّى لي تلخيصه من ترجمة الحافظ السلفي، وقد جَرَيْتُ في تدوينها مجرى الاختصار مراعاة للمقام؛ إذ لا يتسع لبسطها والإِطالة فيها، كما أنه توجد دراسات ضافية حوله سيأتي الإِشارة إليها ضمن هذه القائمة التي حصرت فيها ما أمكنني الوقوف عليه من مصادر ترجمته تسهيلاً لمن أراد التوسع في معرفة أخباره، والوقوف على مناقبه ومآثره: الأنساب للسمعاني 7/ 105, 106، اللباب لابن الأثير 1/ 274، الكامل لابن الأثير 11/ 191، وفيات الأعيان لابن خلكان 1/ 150، مرآة الجنان لليافعي 8/ 362، المعجم لابن الأبار ص 48 - 50، التقييد لابن نقطة ص 176 - 180، سير أعلام النبلاء للذهبي 5/ 21 - 39، تذكرة الحفاظ للذهبي ¬
4/ 1298، العبر في خبر من غير للذهبي 4/ 227، ميزان الاعتدال للذهبي 1/ 155، أهل المائة فصاعداً (¬1) للذهبي ص 134، البداية والنهاية لابن كثير 12/ 307، الطبقات الكبرى للسبكي 6/ 32، تهذيب تاريخ دمشق 1/ 449، مقدمة تحقيق معجم السفر للدكتورة بهيجة الحسني، مقدمة تحقيق معجم السفر للدكتور شير محمد زمان (¬2)، مقدمة تحقيق الوجيز في ذكر المجاز والمجيز للدكتور عبد الغفور البلوشي، مقدمة تحقيق الأربعين البلدانية لعبد الله رابح ص 8 - 22 (¬3)، الحافظ أبو طاهر السلفي للدكتور حسن عبد الحميد صالح (¬4)، الحافظ السِّلفي أشهر علماء الزمان لمحمد محمود زيتون (¬5). * * * ¬
التعريف بالرسالة
التعريف بالرسالة موضوع الرسالة: تُعَدُّ هذه الرسالة من كتب الافتتاحيات كما نبّهت عليه في المقدمة، ويبدو أن الحافظ السِّلفي هو أول من شَهَرَ هذا اللّون من التصنيف بين المحدثين، إذ له مقدمة أخرى على كتاب معالم السنن للخطابي (¬1). وممن حذا حذوه في هذا الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي (ت 842 هـ) حيث ألف كتاب: "افتتاح القاري لصحيح البخاري" (¬2)، وكذلك ألّف الحافظ السيوطي (ت 911 هـ): "رفد القاري بما ينبغي تقديمه عند افتتاح صحيح البخاري" (¬3)، ثم كثر تصنيف الافتتاحيات عند المتأخرين؛ لاسيما على صحيح البخاري. وتعتبر كتب الافتتاحيات مرجعاً مهماً في دراسة مناهج المصنفين؛ إذ يتضمن كثير منها خلاصة الاستقراء لتلك المناهج,. كما أنها مصدر لا يستغنى عنه فيما يتعلق بتراجم العلماء، ومعرفة أسانيد الكتب ومدى انتشارها واهتمام الناس بها. ومقدمة إملاء الاستذكار التي أتشرف بتحقيقها وإخراجها اليوم تؤرخ لجانب من النشاط العلمي في القرن السادس الهجري، وتكشف عن جهود عالم ¬
الإِسكندرية وحافظها أبي طاهر السِّلَفي (ت 576 هـ) بالمدرسة العادلية -التي تسمّت فيما بعد باسمه: "السِّلَفية"- في تدريس العلوم الشرعية كالحديث والفقه، وعنايته بعقد مجالس الإِملاء التي بواسطتها حصَّل عنه تلاميذه رواياته وعوالي أسمعته الواسعة. ومن جملة الكتب الحديثية التي أخذت حيِّزاً من اهتمام الحافظ السِّلفي كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله، فقد أملاه سنة إحدى وخمسين وخمسمائة للهجرة، وخصّص له يومين من كل أسبوع، وخلال المدة التي أملى فيها الموطأ طُلِبَ منه أن يكتب شرحاً عليه، فاعتذر عن الخوض في لُجَّة شرح هذا الكتاب العظيم تواضعًا منه رحمه الله وورعاً، واستعاض عن شرحه بإملاء كتاب الاستذكار للحافظ ابن عبد البر الأندلسي لعدم وجود كتاب يضاهيه من شروح الموطأ على حد قوله. والناظر في هذه الرسالة يجد الحافظ السِّلفي قد ذكر نُتَفاً من ترجمة الإِمام مالك، وما قيل في الثناء على موطئه، وأتبع ذلك بترجمة للحافظ ابن عبد البر، اعتنى فيها بذكر تصانيفه وما قيل في الثناء على بعضها. ولم تخلُ هذه الرسالة من فوائد عزيزة يندر العثور عليها في مصادر أخرى، ففيها بيان اهتمام الحافظ السِّلفي بمؤلفات ابن عبد البر حيث كان عزم على الرحلة إلى الأندلس للقاء علمائها -من تلاميذ ابن عبد البر- للحصول على تلك المؤلفات، علاوة على ذلك انفردت هذه الرسالة بذكر تراجم مختصرة لبعض العلماء، وذكر بعض الأقوال في تحديد ولادة ابن عبد البر ووفاته، كما تفتّقت فيها شاعرية الحافظ السِّلفي فجادت قريحته بأبيات شعرية معبرة في مدح الإِمام مالك والثناء على تصانيف الحافظ ابن عبد البر؛ خصوصًا كتابه "الاستذكار"، وقد بلغ عدد الأبيات في مدحه كتاب الاستذكار أحد عشر بيتًا. ومن المسائل العلمية التي احتوت عليها هذه الرسالة مسألة الخلاف بين أهل المشرق والمغرب في الإِجازة، وقد بين المؤلف رأيه في ذلك، وبهذا
عناية العلماء بكتاب الاستذكار لابن عبد البر النمري
تكون هذه الرسالة على وَجَازَتِهَا وصِغَم حجمها في غاية الأهمية لما تضمنته من فوائد وفرائد يبتهج بالاطلاع عليها طُلاَّبُ العلم وَرُوَّادُه، والله ولي التوفيق والسداد. عناية العلماء بكتاب الاستذكار لابن عبد البر النمري: قام الدكتور علي النجدي ناصف قبل أزيد من عشرين عاماً بتحقيق جزءين من كتاب الاستذكار (¬1)، ثم توقّف عن نشر بقية الأجزاء، وتأخّر صدور الكتاب كاملاً إلى سنة (1413 هـ) حيث أخرجه الدكتور عبد المعطي قلعجي في ثلاثين مجلداً مع الفهارس. وقد شغل هذا الكتاب اهتمام العلماء منذ القديم، فصرفوا عنايتهم إليه، وتجلّى ذلك في قيامهم باختصاره والجمع بينه وبين بعض شروح الموطأ الأخرى كالتمهيد لمؤلفه والمنتقى للباجي. وبما أن رسالة الحافظ السِّلفي التي نحن بصدد التقديم لها تدخل في هذا الإِطار، فإنه من المناسب بيان ما وقفت عليه من جهود أهل العلم حول هذا الكتاب العظيم. 1 - شرع في الجمع بينه وبين كتاب التمهيد هشام بن أحمد المعروف بابن العواد الفقيه القرطبي (ت 559 هـ)، ولم يكمله لوفاته (¬2). 2 - الجمع بين الاستذكار والمنتقى، لأبي الحسن علي بن عبد الله بن ملود اللُّمَائي المعروف بالمالطي القيرواني (ت 537) (¬3). ¬
3 - الأنوار في الجمع بين المنتقى والاستذكار، لأبي عبد الله محمد بن سعيد المعروف بابن زرقون (ت 586 هـ) (¬1). 4 - المختار الجامع بين المنتقى والاستذكار (¬2)، لأبي عبد الله محمد بن عبد الحق بن سليمان الكومي اليعفري، قاضي تلمسان (ت 625 هـ) (¬3). 5 - اختصار كتاب الاستذكار، لأبي بكر محمد بن عبد الله بن أحمد الأنصاري الإِشبيلي القرطبي (ت 630 هـ) (¬4). 6 - اختصار كتاب الاستذكار، لأبي الحسن علي بن إبراهيم بن علي الجذامي القاضي (ت 632 هـ) (¬5). ¬
إثبات عنوان الرسالة، وبيان صحة نسبتها لمصنفها
إثبات عنوان الرسالة، وبيان صحة نسبتها لمصنفها: عنوان هذه الرسالة كما هو مثبت على الصحيفة الأولى من النسخة الخطية المحفوظة بالظاهرية: "مقدمة كتاب الاستذكار الذي ألفه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري الحافظ بالأندلس رحمه الله، في شرح ما رسمه الأمام أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي في مُوَطَّئِه رواية يحيي بن يحيي الليثي عنه رضي الله عنهم أجمعين" (¬1). وأطلق الحافظ ابن رجب الحنبلي على هذه الرسالة: "مقدمة إملاء الاستذكار" (¬2). ويبدو لي أن الأنسب هو ما ذكره ابن رجب رحمه الله لدلالته بوضوح على مضمون الرسالة، بعكس العنوان الأول الذي يحتمل أن يكون من وضع الناسخ نظراً لطوله وعدم دقته، والله أعلم أمّا بخصوص نسبتها إلى الحافظ السِّلفي فلا يتطرق أدنى احتمال للتشكيك في صحة ذلك؛ لقيام الدلائل القاطعة على ذلك منها: (أ) ورد في أول الرسالة بعد ذكر العنوان نسبتها إليه. (ب) وجود طباق السماع بآخر الرسالة مسنداً إليه. (ج) موافقة مضامين الرسالة لما عرف من أخبار عن الحافظ السِّلفي في مصادر ترجمته، كمقامه بالإِسكندرية، وتدريسه بالمدرسة العادلية وغير ذلك. (د) اقتباس الحافظ ابن رجب الحنبلي في ذيل طبقات الحنابلة (1/ 223) من هذه الرسالة مصرحاً باسمها واسم مؤلفها. ¬
وصف النسختين الخطيتين المعتمدتين في التحقيق
وصف النسختين الخطيتين المعتمدتين في التحقيق: عثرت لهذه الرسالة على نسختين خطيتين: الأولى: وهي من محفوظات المكتبة الظاهرية (مكتبة الأسد حالياً)، وتقع ضمن مجموع برقم (71) (¬1)، ومنها صورة بقسم المخطوطات بالجامعة الإِسلامية بالمدينة النبوية ضمن مجموع (484). وتشتمل هذه النسخة على سبع لوحات (من ل 116 إلى 120) كل لوحة تشتمل على وجهين، كل وجه يحتوي على 16 سطراً، كل سطر يتضمن حوالي 12 كلمة، والخط الذي كتبت به مشرقي واضح سوى كلمات يسيرة وقع فيها طمس أو غموض تصعب معه القراءة. وهذه النسخة مقابلة ومصحّحة فقد كتب في آخرها: "قوبل وصحّ إن شاء الله تعالى"، ومع نهاية كلام الحافظ السلفي كتب الناسخ: "وهذا أول الكتاب. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وآخر من نقل من كلام شيخنا والحمد لله"، ثم كُتِبَ بعد ذلك طباق السماع الذي يبين قراءة هذه النسخة على المؤلف من طرف الشيخ العدل أبي محمد عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد اللخمي، وفيه بيان أسماء السامعين على المؤلف، وختم الناسخ أسماءهم بذكر اسمه، وهو حماد بن هبة الله بن حماد الحراني (¬2)، ثم ذكر تاريخ السماع وهو يوم الجمعة السادس عشر من شوال من سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بثغر الِإسكندرية المحروس بالمدرسة العادلية. ¬
منهجي في التحقيق
أمّا أول الرسالة ففيه بيان العنوان واسم المؤلف، ونصّ وقف هذه النسخة على جميع المسلمين بالمدرسة الضيائية بسفح قاسيون، وتضمنت أيضاً نص سماع الشيخ حماد بن هبة الله الحراني، وهو الناسخ كما تقدم ذكره (¬1). وقد اعتمدت هذه النسخة أصلاً في التحقيق لصحتها وضبطها ومكانة ناسخها، وإليها أشير بقولي: "الأصل". أمّا النسخة الثانية: فهي من محفوظات المكتبة المحمودية الواقعة ضمن مجموعة المكتبات الوقفية التي تضمها مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة النبوية، ورقمها: 396، وهي في الحقيقة مقدمة الجزء الأول من إملاءات في مجالس على موطأ الإِمام مالك رحمه الله للعلامة أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السِّلفي. وهذه النسخة غُفْلٌ من ذكر اسم الناسخ أو تاريخ النسخ، وتقع في ست ورقات ونصف الورقة، كل ورقة تتكون من جهتين، كل جهة تحتوي على حوالي سبع عشرة سطراً، كل سطر يتضمن سبع كلمات تقريباً، وهي بخط مغربي واضح، وهذه النسخة فيما يظهر عتيقة أيضاً، ويوجد بها بعض الاختلافات والفروقات مع نسخة الظاهرية، لكنها عارية من السماعات أو التصحيحات التي تدل على المقابلة، وبذلك تكون دون النسخة الأخرى -التي اتخذتها أصلاً- في الصِّحَّة والضّبط، وقد رمزت لهذه النسخة بحرف: "م". منهجي في التحقيق: ويتلخص ذلك في النقاط التالية: 1 - قدّمت للرسالة بدراسة موجزة. 2 - قمت بنسخ الرسالة من نسخة الظاهرية التي اتخذتها أصلاً وفق ¬
القواعد الإِملائية الحديثة، ثم قابلتها على نسخة المحمودية، ونبّهت على الفروق بينها وبين نسخة الأصل، ووضعت الزيادات في المتن بين معقوفين مع الإِشارة إلى ذلك في الهامش. 3 - وثقت نقول المؤلف في هذه الرسالة من مصادرها الأصيلة. 4 - اعتنيت بتوضيح مراد المؤلف في بعض المواطن من الرسالة. 5 - شرحت بعض المصطلحات العلمية التي ذكرها المؤلف. 6 - عرَّفت بالأعلام غير المشهورين ممن ورد ذكرهم في الرسالة. 7 - عرّفت ببعض الأماكن والبلدان. 8 - اعتنيت بضبط الأسماء والألفاظ. إلى غير ذلك مما يجده القارئ في ثنايا الرسالة. * * *
صورة لورقة العنوان من مخطوطة الظاهرية (الأصل)
صورة لبداية مخطوطة الظاهرية (الأصل)
صورة لنهاية مخطوطة الظاهرية (الأصل) وفيها يبدو طباق السماع
صورة لبداية مخطوطة الخزانة المحمودية (م)
صورة لنهاية مخطوطة الخزانة المحمودية (م)
تمهيد
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم رَبِّ يَسِّرْ قرئ على الشيخ الإِمام العالم الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السِّلَفي الأصبهاني -وأنا أسمع- في يوم الجمعة الثالث عشر من شوال من سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بثغر الإِسكندرية (¬1) بالمدرسة العادلية (¬2)، قال: قلت: أما بعد حمد الله رب العالمين، والصلاة على سيد الأولين والآخرين، وخاتم الرسل والنبيين، محمد وآله الطيبين الطاهرين، وأصحابه المهاجرين، [والأنصار المجاهدين بنصرة الدين] (¬3)، والتابعين لهم بإحسان وأتباع التابعين: ¬
فقد سألتموني -سنة سِتٍّ وأربعين وخمسمائة- (¬1) معشر الفقهاء المالكية والشافعية بالثغر المبارك -ثغر الإِسكندرية- بعد تضلعكم من أصول الفقه وفروعه، واستيفائكم -وقت استفتائكم- كل نوع من ينبوعه، وتبحركم -بعون الله تعالى-[في] (¬2) سائر فنونه، وما يتعين تحصيله من نُكَتِهِ وعُيُونه؛ أن أملي عليكم من الحديث -الذي عليه مدار الشرع الأصلِ منه والفرع- ما يمكنني إملاؤه ويَخِفُّ عليَّ إلقاؤه. فأمليت في المدرسة العادلية -التي لم [يُنشَأ للفقهاء، ولم يُبْنَ قط] (¬3) مثلها شرقاً وغرباً، بُعْداً وقُرْباً، والله تعالى يُكافئ مُنْشِئَهَا (¬4) الحسنى (¬5)، ويُبَوِّأَه جنّات عدن في العقبى -مجالس من رواياتي عن شيوخي تتضمن من الحديث الصحيح والمشهور الكثير، ومن الفرد والغريب اليسير، مع الكلام على الأكثر وَفْقَ ما كان الخاطر يسمح به ويمليه، بلا ارتياء تام كما أرتضيه، وفي آخر كل مجلس ما تيسر من حكايته وشعر لي ¬
ولغيري من النوازل (¬1) والعوالي (¬2) على ما جرت به العادة في الأمالي (¬3). فلمّا بلغت الثلاثين وجُزْتُها، قطعتها (¬4) إلى أن أرى رأيي فيما بَعْدُ من ضَمِّ مجالسَ أخرى -إن شاء الله- إليها؛ على قضية أرتضيها وأعول عليها، ثمّ آثرت إملاء ديوان جامع من رواياتي وعوالي (¬5) سماعاتي يحتوي على ¬
ما يحتاج إليه الفقيه الكامل المتصدي للفتيا, ولا يستغني عنه ما دام في الدنيا؛ لتضمنه أحاديث الأحكام، وما لا بد للمفتي منه مدى الأيام. فتعذّر علي؛ لبعد الكتب عني والفوائد التي سمعتها بالعلو في الصغر، وجمعتها في السفر والحضر، ولو كانت حاضرة لكان إخراج ما ذكرته منها (¬1) [أسهل] (¬2) علي من كل سهل، وأهون من كل هين، لكن العذر واضح على ما بينته، والحمد لله على كل حكم منه وأمرٍ وقضاء قضاه، حلو أو مُرّ. فلم أر بعد ذلك كتاباً أولى بالإِملاء من موطأ [أبي عبد الله] (¬3) مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، إمام دار الهجرة؛ لاشتهاره ¬
في الآفاق، واتفاق الفِرَق على صحته من غير اختلاف بينهم على الإِطلاق (¬1). ولو لم يَرِدْ في فضله سوى قول الشافعي رحمة الله عليه: "ما بعد كتاب الله تعالى كتاب أصح من الموطأ" (¬2)، لكان مقنعاً، وبجلالته معلناً معلماً، ثم لمَحَلِّ مؤلفه عند المؤالف والمخالف، وإجماعهم على علمه وثقته، وقصورهم عن شرح فضله وصفته؛ حتى قال يحيي بن سعيد القطان ويحيى بن معين -وهما هما- "مالك أمير المؤمنين في الحديث" (¬3)، ولم يبلغ فيما بلغنا أحد درجته، [لم ينل] (¬4) رتبته ومنزلته، فضلاً من الله تبارك وتعالى، ونعمة عليه من عنده تتوالى. وقد بلغني أن أبا بكر الخطيب الحافظ ببغداد قال: "جمعت الرواة عن ¬
مالك فبلغ عددهم ألفاً أو قريباً من الألف" (¬1)، الشك مِنّي. ولو لم يكتب عنه [آلاف] (¬2) لما بقيت رواية [ألف] (¬3)، وهو رحمه الله المعنيّ بما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإِبل يطلبون العلم فلا يجدون عالماً (¬4) أعلم من عالم المدينة" (¬5). ¬
قال ذلك سفيان بن عيينة وغيره من الجلة، وعلماء الملة (¬1) (¬2). وَحَسْبُكَ بمن يَرُومُ الخليفة إسماعَ كتابه لولديه [في منزله] (¬3) فيكون من جوابه: "العلم يا أمير المؤمنين يؤتى [إليه] (¬4) ولا يأتي"، ¬
فيسأله إفرادهما [عند حضورهما] (¬1) في مجلسه بالسماع، فيجيبه: "إن العلم لا يحل منعه"، حتى سمعاه مع عامة الناس عليه، بعد أن مشيا إليه (¬2). ويسأله في حَمْلِ الأمّة كافة على كتابه فيمتنع ويقول: "قد تفرّق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في البلاد، وأنا جمعت من حديث أهل المدينة ما جمعت، [ما] (¬3) كان لله فسيبدو" (¬4). فَبَدا كما قال، وظهر وانبثّ في مدن الإِسلام، وانتشر بحسن نيته وبركته، وتركِهِ زخارف الدنيا رغبةً في آخرته، فَرَضِيَ الله عنه وأرضاه، وجزاه عن المسلمين خيراً بما ألّفه وأملاه. ولي فيه وفي كتابه الذي إن شاء الله أُمْلِيهِ مقطّعات، فَمِمَّا قلته فيه قديماً: إِمَامُ الْوَرَى في الشَّرْعِ بالشَّرْقِ مَالِكٌ ... بِالْغَرْبِ أَيْضاً في جَمِيعِ الْمَمَالِكِ فمَنْ يَكُ سُنَيًّا وللشَّرْعِ تَابِعاً ... ولِلْعِلْمِ طَلاَّباً عليه بِمَالِكِ (¬5) ¬
فاستخرت الله تعالى وعَوَّلْتُ على إملائه -سنة إحدى وخمسين وخمسمائة- (¬1) في كل أسبوع يومين فقط حتى لا يكون ذلك سبباً للإِخلال بالدروس الفقهية [الخلافية والمذهبية (¬2)] (¬3). فلقا تقرّر هذا سُئِلْتُ في الكلام على المشكل منه، وما يجب ذكره من (¬4) فوائده عند السؤال عنه. فامتنعت من (¬5) المطلوب؛ إذ البضاعة مزجاة، لا تجب فيها زكاة، والأوقات مستغرقة فيما لا خفاء به من الاشتغال مع الأصحاب وما اقترحوه من شرح الكتاب يستدعي فراغاً وأمداً طويلاً، ولا أجد [ذا] (¬6) الآن إلى ذلك سبيلاً، مع هذا فربما لم أصل إلى المراد، ولم أبلغ الغرض مع الاجتهاد، فأصير غَرَضاً للكَلاَمِ، بل للكِلاَم، وعرضة للملام والآلام. فرأيت الإِعراض ¬
ذكر إملاء الاستذكار
عمّا يُنْصِبُ الإِعراض عند القصور للذمّ أولى وأحرى، وأدعى إلى السلامة في الأولى والأخرى. فَمِلْتُ إلى إملاء كتاب الاستذكار لأبي عمر ابن عبد البر الأندلسي في شرحه؛ إِذْ هُوَ كِتَابٌ لَمْ يُصَنَّفُ في فَنِّهِ مِثْلُهُ (¬1). والمُصَنِّف فقد اشتهر نبله وفضله، وتَضَمَّنَ كتابُه ما يُحْتَاجُ إليه كاملاً، وَيُعْجبُ من كان عالماً فاضلاً، ويُسْتَغنَى به عن غيره من المؤلفات، واللهَ المُوَفِّقُ لإِلقائه في أبرك الأوقات والساعات، وإتمامِه وَفْقَ المأمول، وعلى مقتضى السول، بمنِّه وفضله، ويُمْنِهِ وطَوْلِه. وقد كتب به إلي أبو عمران موسى بن عبد الرحمن بن أبي تليد الشاطبي (¬2)، من الأندلس، وهو سماعه من مؤلفه على ما أعلمنيه أبو الوليد ابن الدّبّاغ (¬3)، وكتبه إلّي بخطه، وهو من [أهل] (¬4) المعرفة والدراية، والعارفين بمراتب الرواية. وقال في فهرسته (¬5): "كتاب الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما ¬
رسمه مالك بن أنس في موطئه من الرأي والآثار: سمعت جميعه على الفقيه المشاور أبي عمران موسى بن عبد الرحمن بن أبي تليد، سَمَاعَهُ من مؤلفه أبي عمر ابن عبد البر". وفيما كتب إلى [به] (¬1) أبو الوليد أيضاً بخطه: كتاب جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله (¬2)، لأبي عمر، سماع لشيخنا أبي عمران منه. وسمع (¬3) منه أيضاً من تواليفه كتاب الصحابة (¬4)، وكتاب الاستذكار (¬5)، وكتاب التقصي (¬6)، وغير ذلك من تواليفه ورواياته، وأجازه جميع رواياته وتواليفه. ¬
وأبو تليد: خصيب بن موسى (¬1)، روى عن القاسم بن مسعدة (¬2)، عن النسوي أبي عبد الرحمن (¬3). وهو جَدُّ شيخنا أبي عمران موسى بن عبد الرحمن بن خلف بن موسى بن أبي تليد، أَرَانِي الفقيه أبو عمران كتاب السير من مصنف النسائي، وفيه السّماع على جده أبي تليد المذكور سنة خمس وثلاث وثلاثمائة بمدينة سالم (¬4) من ثغر الأندلس. ولموسى بن أبي تليد (¬5) سماع من قاسم بن أصبغ (¬6)، ووهب بن ¬
مسرة (¬1). ولخلف بن موسى بن أبي تليد (¬2) سماع من عبد الوارث بن سفيان بن جُبْرُون (¬3). وأما أبو المطرف [عبد الرحمن بن خلف (¬4)، فسمع من أبيه خلف، ومن أبي المطرف] عبد الرحمن بن معافى (¬5) -شيخ من أهل شاطبة، يحدث بالموطأ عن أبي عمر أحمد بن ثابت التغلبي (¬6)، عن عبيد الله بن ¬
مذهب ابن عبد البر وحفاظ الأندلس في الإجازة والخلاف مع أهل المشرق في ذلك
يحيي بن يحيي (¬1)، عن أبيه، عن مالك -ولأبي المطرف إجازة من أبي بكر محمد بن مروان بن زهر الإِيادي (¬2)، وصحبة طويلة لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، وتوفي سنة خمس وسبعين وأربعمائة، أخبرني بذلك كله ابنه الفقيه أبو عمران (¬3). وأخبرني (¬4) أبو عمران أنه ولد في سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وله سماعٌ كثيرٌ من أبي عمر، موجودٌ بخطوط الثقات الأثبات، وتوفي (¬5) رحمه الله سنة سبع عشرة وخمسمائة. هذا كله مما كتبه إلى أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدبّاغ من سماع أبي عمران على أبي عمر وإجازته له. وقال أيضاً فيما كتبه (¬6) إلى بخطه: أخبرنا الشيخ الأجل الفقيه المشاور أبو عمران موسى بن ¬
عبد الرحمن بن خلف بن موسى بن أبي تليد خصيب بن موسى الشاطبي -وهو أجل من أن يقال فيه ثقة-. فأقول [أنا] (¬1) إن شاء الله في أوّل ما أمليه: كتب إلي أبو عمران، قال أخبرنا أبو عمر؛ إذ لم تقع النسخة المقابلة بأصل سماع أبي عمران عن أبي عمر إليّ. ومَذْهَبُ أبي عُمَرَ وعامة حفاظ الأندلس: الجواز فيما يُجَازُ قَوْلُ حدّثنا، وأخبرنا، أو ما شاء المجاز مما يقرب منهما؛ بخلاف ما نحن (¬2) وأهل المشرق عليه من إظهار السّماع والإِجازة، وتمييز أحدهما عن الآخر بلفظ لا إشكال فيه: فمنهم: من قال أخبرنا وحدثنا سواء (¬3)، لكن لا يقال ذلك إلاَّ في المسموع، وفي الإِجازة يقال: أنبأنا وأجاز لنا وأذن لنا، وما يشاكل هذه الألفاظ مما يزيل الإِشكال، ويعلم به أنه إجازة على أي لفظ بيّن ذلك غير قال (¬4) (¬5). ¬
ترجمة ابن عبد البر النمري
ومنهم: من لا يستعمل قول حدثنا إلاَّ فيما يسمعه من لفظ الشيخ، وأخبرنا فيما يقرؤه هو عليه أو يسمعه بقراءة غيره، وهو الأشهر الأكثر (¬1). فجَرَيْتُ على مذهبهم في هذا (¬2)، لكن لم أَرَ بُدّاً من بيانه احتياطاً، فإن وافق مسموعه (¬3)، وهو الظاهر في الباب فقد حصل الغرض على الصواب، وإن لم يوافق -وهو بعيد- فقد أجاز له أن يروي عنه ما صحّ أنه تأليفه (¬4) وحديثه، وهذا من تأليفه (¬5) وحديثه بغير رَيْبٍ، إذ قابلناه بنسخ مكتوبة عنه مقابلة بكتابه مقروءة على أعيان أصحابه، فوافق والحمد لله على آلائه ونعمائه. [التعريف بابن عبد البر]: وأبو عمر، فلا بد أيضاً من التعريف به، والتنبيه على موضعه ومكانه ومحله من العلم، وكبير شأنه. ذكره أبو محمد بن حزم الظاهري في رسالته في فضل الأندلس وعلمائها وما صُنِّفَ بها من كتاب، فأثنى عليه وعلى تواليفه، وقال: "كتاب ¬
التمهيد لصاحبنا أبي عمر يوسف بن عبد البر -وهو الآن بَعْدُ في الحياة فلم (¬1) يبلغ سِنَّ الشيخوخة- كتاب لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله أصلًا، فكيف أحسن منه (¬2)، وكتابه في الصحابة ليس لأحد من المتقدمين قبله مثله على كثرة ما صنّفوا في ذلك (¬3) ". قال: "ولصاحبنا أبي عمر تواليف لا مثل لها في جميع معانيها" (¬4). وَحَسْبُكَ بأبي محمَّد مُثْنِياً، وكان من أقرانه، وَجَرَتْ بينهما مناظرات ومنافرات، ومع ذلك فيروي (¬5) عنه بالإِجازة (¬6)، وتوفي سنة ست وخمسين ¬
قبل موت أبي عمر بأزيد من ست سنين (¬1)، وكان من نوادر الدهر، وعلماء ذلك العصر في فنون شتى، وأنواع مختلفة [في] (¬2) المعنى (¬3). وسمعت أبا محمد عبد الله بن محمد بن مرزوق اليحصبي الأندلسي بمصر (¬4) يقول: سمعت أبا بكر عبد الباقي بن محمد بن [بُرْيَال] (¬5) الحجاري (¬6) بالأندلس يقول: سمعت القاضي أبا القاسم صاعد ابن ¬
أحمد بن صاعد الطليطلي (¬1) يقول: "أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمرى أعلم من كان بالأندلس قبله بالآثار، والسنن واختلاف علماء الأمصار، وكان في أوّل زمانه ظاهري المذهب مدة طويلة، ثم رجع عن ذلك إلى القول بالقياس من غير تقليد أحد (¬2)؛ إلاَّ أنه كثيراً ما يميل إلى مذاهب (¬3) الشافعي (¬4)، وله تواليف شريفة (¬5) مشهورة، وولد في شهر ربيع الأول سنة ثمان وستين وثلاثمائة (¬6). ¬
قال ابن [بريال] (¬1): وتوفي في جمادى الأولى لسبع خلون منه سنة ثلاث وستين وأربعمائة (¬2)، وكان عمره أربعاً وتسعين سنة (¬3). وقد ذكره أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي الأندلسي (¬4) المقيم ببغداد -وكان من أهل الحفظ والمعرفة- في كتابه المترجم ¬
بـ "جذوة المقتبس في تاريخ الأندلس"، فنقلنا ما ذكره على نصّه نقل المسطرة من غير زيادة ولا نقصان. قال رحمه الله في باب الياء من تاريخه (¬1): " يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري، أبو عمر: فقيه حافظ، مكثر، عالم بالقراءات، وبالخلاف في الفقه، وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع، كثير الشيوخ، على أنه لم يخرج عن الأندلس، [لكنه] (¬2) سمع من أكابر أهل الحديث بقرطبة وغيرها، ومن الغرباء القادمين إليها. وألّف مما جمع تواليف نافعة سارت عنه. وكان يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي رحمه الله (¬3). مولده في رجب سنة اثنتين وستين وثلاثمائة (¬4). وسمع بنفسه (¬5) قبل الأربعمائة بمدة من جماعة من أصحاب قاسم بن أصبغ البيّاني وغيره. ومن شيوخه: أبو القاسم خلف بن القاسم (¬6) الحافظ (¬7)، وعبد الوارث بن سفيان، ¬
وسعيد بن نصر (¬1)، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أسد (¬2)، وأبو عمر أحمد بن محمد بن الجَسُور (¬3)، وأحمد بن عبد الله الباجي (¬4)، وأبو الوليد [بن] (¬5) الفرضي (¬6)، ويونس بن عبد الله ¬
القاضي (¬1)، وأحمد بن محمد بن عبد الله المقرئ الطلمنكي (¬2) وجماعات قد ذكرنا من حضرنا منهم مُفَرَّقًا في أبوابه (¬3). ومن مجموعاته: - كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، سبعون ¬
جزءاً (¬1). قال لنا أبو محمد علي بن محمد -يعني ابن حزم الظاهري-: "هو كتاب لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله، فكيف أحسن منه" (¬2). ومنها كتاب في الصحابة سماه: - كتاب الاستيعاب في أسماء المذكورين في الروايات والسير والمصنفات من الصحابة رضي الله عنهم، والتعريف بهم، وتلخيص أحوالهم (¬3) ومنازلهم، وعيون أخبارهم، على حروف المعجم، اثنا عشر جزءاً (¬4). - كتاب جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله، ستة أجزاء. - كتاب الدرر في اختصار المغازي والسير، ثلاثة أجزاء (¬5). - كتاب الشواهد في إثبات خبر الواحد، جزء (¬6). - كتاب التقصي لما في الموطأ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أربعة أجزاء. ¬
- كتاب أخبار أئمة الأمصار، [سبعة أجزاء] (¬1). - كتاب البيان عن تلاوة القرآن، جزء (¬2). - كتاب التجريد والمدخل (¬3) إلى علم القرآن بالتجويد (¬4). - كتاب الاكتفاء في قراءة نافع وأبي عمرو بن العلاء بتوجيه ما اختلفا فيه، جزء واحد (¬5). - كتاب الكافي في الفقه على مذهب أهل المدينة، ستة عشر جزءًا (¬6). - كتاب اختلاف أصحاب مالك بن أنس واختلاف رواياتهم عنه، أربعة وعشرون جزءاً (¬7). - كتاب العقل والعقلاء، وما جاء في أوصافهم عن الحكماء والعلماء، جزء واحد (¬8). ¬
- كتاب بهجة المجالس، وأنس المُجَالس، بما يجري في المذاكرات، من غرر الأبيات، ونوادر الحكايات، مجلدان (¬1). وغير ذلك من تواليفه (¬2). وقد لَقِينَاهُ، وَكَتَبَ لنا بخطه في فهرسة مسموعاته ومجموعاته مجيزاً لنا [بخطه] (¬3)، وكاتباً إلينا (¬4) بجميع ذلك كله، وتركته حيّاً وقت خروجي من الأندلس سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، ثم بلغني وفاته، وأخبرني أبو الحسن علي بن أحمد العابدي (¬5) أنه مات في سنة ستين وأربعمائة بشاطبة من بلاد الأندلس" (¬6). هذا جميع ما ذكره الحميدي، وقد خالف صاعداً في مولده، وابن بريال في وفاته. والقَلْبُ إلى ما ذكراه أَمْيَلُ لكونهما بالأندلس مُقِيمَيْنِ لم يبرحا منها بخلاف الحميدي رحمه الله. ¬
وبالجملة: فالرجل جليل القدر، واسع العلم، وكتبه فمفيدة كثيرة، وقد قلت فيها لحسنها وكثرة فوائدها: يَا مَنْ يُسَافِرُ في الحديث مُشَرِّقاً ... وَمُغَرِّباً في البَحْرِ بَعْدَ البَرّ مَا أَنْ يَرَى أَبَداً لِكُتْبٍ (¬1) صَاغَهَا ... بِالغَرْبِ حَافِظُهَا ابنُ عَبْدِ البَرّ (¬2) وقلت في الاستذكار خاصة: قُلْ لِمَنْ دَأْبُهُ التفقه في الدِّ ... ينِ وعلمِ الحديثِ حفظاً وضبطا اشتغلْ بالموطأ المرتضى شَرْ ... قاً وغرباً ولا تُجِزْ فِيهِ إِبْطَا بَلْ عَلَى الفَوْرِ لاَ التَّرَاخِي وَبَادِرْ ... بِخلافِ الذي تَرَاخَى وَأَبْطَا وَاكْتُب الاستذكار تغنَ به عَنْ ... كُلِّ جمعٍ من بعد كتب الموطا فابن عبد البر المصنف ما قَصَّ ... ـرَ في الاختيار شرحاً وبسطا وأتى بالخلاف (¬3) أعلام علم الشـ ... ـْرع طُرًّا (¬4) وَعَدَّ ذلك شَرْطا وبما كلهم قد اتفقوا أَيْـ ... ـضاً عليه وفي المصنف خطا والمقالُ الصحيحُ صَوَّبَ فيه ... والذي لم يوافق الحق خطّا والسّقيم الذي يُحَطُّ لدى النَّقْـ ... ـد فقد أسقطَ الجميع وخطّا هذه جملةُ المُضَمِّنِ في الجَمْـ ... ـعِ ومن قال غَيْرَها قُلْتُ أخْطَا فَحَبَاهُ الإِلهُ جَنَةَ عَدْنٍ ... بَعْدَ إِعْطَائِهِ الرِّضَى منه إِعْطَا (¬5) ¬
وهذا أول الكتاب: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1). وآخر [ما] (¬2) نُقِلَ من كلام شيخنا، والحمد لله (¬3) * * * ¬
فهرس المصادر والمراجع
فهرس المصادر والمراجع 1 - الإِحسان بترتيب صحيح ابن حبان، لعلاء الدين علي بن بلبان (ت 739 هـ)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، نشر مؤسسة الرسالة ببيروت، ط 2، 1408 هـ. 2 - الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، للحافظ ابن عبد البر النمري (ت 463 هـ)، تعليق: محمد زاهد الكوثري، نشر دار الكتب العلمية ببيروت. 3 - برنامج التجيبي، للقاسم بن يوسف التجيبي السبتي (ت 730 هـ)، تحقيق: عبد الحفيظ بن منصور، نشر الدار العربية للكتاب بليبيا وتونس، ط 1، 1981 م. 4 - برنامج الرعيني، لأبي الحسن علي بن محمد الرعيني (ت 666 هـ)، تحقيق: د. إبراهيم شبوح، نشر وزارة الثقافة والإِرشاد القومي بدمشق، ط 1، 1381 هـ. 5 - بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس، لأحمد بن يحيي بن أحمد بن عميرة (ت 599 هـ)، نشر دار الكتاب العربي ببيروت، ط 1، 1967 م. 6 - تاريخ علماء الأندلس، لأبي الوليد عبد الله بن محمد الأزدي المعروف بابن الفرضي (ت 403 هـ)، نشر الدار المصرية للتأليف والترجمة، ط 1، 1966 م. 7 - تبصير المنتبه بتحرير المشتبه، لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ)، تحقيق: محمد البجاوي، نشر المكتبة العلمية ببيروت. 8 - تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، لجلال الدين السيوطي (ت 911 هـ)، تحقيق: د. عزت علي عطية وموسى محمد علي، نشر دار الكتب الحديثة بمصر.
9 - تذكرة الحفاظ، لأبي عبد الله الذهبي (ت 748 هـ)، تحقيق: عبد الرحمن المعلمي، نشر دار إحياء التراث العربي ببيروت. 10 - ترتيب المدارك لمعرفة أعلام مذهب مالك، للقاضي عياض بن موسى اليحصبي السبتي (ت 544 هـ)، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإِسلامية بالمغرب، مطابع شويخ - سبريس بتطوان، 1983 م. 11 - التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد، لأبي بكر محمد ابن نقطة (ت 629 هـ)، تحقيق: كمال يوسف الحوت، نشر دار الكتب العلمية ببيروت، ط 1، 1988 م. 12 - التكملة لكتاب الصلة، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله ابن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الأبار (ت 659 هـ)، بعناية السيد عزت الحسيني العطار، نشر مطبعة السعادة بمصر، ط 1، 1375 هـ، وهي ناقصة في مجلدين، ورجعت إليها في القسم الدراسي، أما في هوامش التحقيق فرجعت إلى الطبعة التي بتحقيق: د. عبد السلام الهراس، نشر دار الفكر ودار المعرفة بالدار البيضاء - المغرب. 13 - تنوير الحوالك شرح على موطأ مالك، لجلال الدين السيوطي (ت 911 هـ)، نشر دار الندوة الجديدة ببيروت. 14 - جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله، لأبي عمر ابن عبد البر القرطبي (ت 463 هـ)، نشر المطبعة المنيرية بمصر، 1398 هـ. 15 - جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس، لأبي عبد الله الحميدي (ت 488 هـ)، نشر الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1966 م. 16 - "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم الرازي (ت 327 هـ)، نشر مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد - الدكن بالهند، ط 1، 1371 هـ. 17 - الحافظ أبو طاهر السلفي، للدكتور حسن عبد الحميد صالح، نشر المكتب الإِسلامي، عام 1397 هـ. 18 - الديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب، لابن فرحون (ت 799 هـ)، نشر مكتبة السعادة بالقاهرة، 1351 هـ.
19 - الذيل على طبقات الحنابلة، لزين الدين ابن رجب الحنبلي (ت 795 هـ)، تحقيق: محمد حامد الفقي، نشر مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة، 1952 م. 20 - رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها , الابن حزم الأندلسي (ت 456 هـ)، طبعت ضمن رسائل ابن حزم، تحقيق: د. إحسان عباس، نشر المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط 2، 1978 م. 21 - الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة، لمحمد بن جعفر الكتاني (ت 1345 هـ)، قدم لها محمد المنتصر الكتاني، نشر دار البشائر الإِسلامية ببيروت، ط 4، 1406 هـ. 22 - السنن, لأبي عيسى الترمذي (ت 279 هـ)، تحقيق: أحمد شاكر وغيره، نشر مطبعة البابي الحلبي بالقاهرة، ط 2، 1398 م. 23 - السنن الكبرى، للبيهقي (ت 458 هـ)، نشر دار المعرفة ببيروت عن الطبعة الأولى بمجلس دائرة المعارف العثمانية النظامية بحيدر آباد الدكن بالهند , ط 1, 1344 م. 24 - سير أعلام النبلاء، للذهبي (ت 748 هـ)، تحقيق: مجموعة من الباحثين بإشراف شعيب الأرناؤوط، نشر مؤسسة الرسالة ببيروت، ط 1، 1401 هـ - 1405 هـ. 25 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لأبي الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي (ت 1089 هـ)، نشر دار المسيرة ببيروت، ط 2، 1399 هـ. 26 - الصلة، لابن بشكوال (ت 578 هـ) نشر الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1966 م. 27 - طبقات الفقهاء الشافعيين، لإِسماعيل بن كثير الدمشقي (ت 774 هـ) , تحقيق: د. أحمد بن عمر هاشم، ود. محمد زينهم محمد عزب، نشر مكتبة الثقافة الدينية بالقاهرة، ط 1، 1413 هـ، ونظراً لسقم هذه الطبعة فقد عدت إلى النسخة الخطية المحفوظة بالمكتبة الوطنية بتونس.
28 - ابن عبد البر الأندلسي وجهوده في التاريخ، تأليف: ليث سعود جاسم، نشر دار الوفاء للطباعة والنشر بالمنصورة، ط 1، 1407 هـ. 29 - علوم الحديث أو مقدمة ابن الصلاح، لابن الصلاح (ت 643 هـ)، تحقيق: د. عائشة بنت الشاطئ، نشر دار المعارف بالقاهرة، ط 2, 1409 هـ. 30 - عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية، لأبي العباس أحمد بن أحمد الغبريني (ت 714 هـ)، تحقيق: عادل نويهض، نشر دار الآفاق الجديدة ببيروت، ط 2، 1979 م. 31 - غاية النهاية في طبقات القراء، لأبي الخير ابن الجزري (ت 833 هـ)، تحقيق: برجستراسر، نشر مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط 1، 1341 هـ. 32 - الغنية فهرست شيوخ القاضي عياض، للقاضي عياض (ت 544 هـ)، تحقيق: ماهر زهير جرار، نشر دار الغرب الإِسلامي ببيروت، ط 1، 1412 هـ. 33 - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث، للحافظ السخاوي (ت 902 هـ) تحقيق: علي حسين علي، نشر الدار السلفية بالهند، 1989 - 1990 م. 34 - الفهرس الشامل للتراث العربي الإِسلامي المخطوط - الحديث النبوي الشريف وعلومه ورجاله، نشر مؤسسة آل البيت بعمان - الأردن، 1991 م. 35 - فهرس ابن عطية، لأبي محمد عبد الحق بن عطية المحاربي الأندلسي (ت 541 هـ)، تحقيق: د. محمد أبو الأجفان ومحمد الزاهي، نشر دار الغرب الِإسلامي ببيروت، ط 2، 1402 هـ. 36 - فهرس الفهارس والأثبات، لعبد الحي بن عبد الكبير الكتاني، باعتناء د. إحسان عباس، نشر دار الغرب الإِسلامي ببيروت، ط 2، 1402 هـ. 37 - فهرسة ما رواه عن شيوخه، لأبي بكر محمد بن خير بن عمر الأموي الإِشبيلي (ت 575 هـ)، تحقيق: فرانسشكة، طبعة مصورة عن الأصل المطبوع في مطبعة قومس بسرقسطة سنة 1893 م، نشر دار الآفاق الجديدة ببيروت، ط 2, 1399 هـ.
28 - كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لحاجي خليفة (ت 1067 هـ)، نشر مكتبة المثنى عن طبعة إسطنبول عام 1941 م. 39 - لسان الميزان, للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ)، نشر مؤسسة الأعلمي ببيروت، ط 2، 1390 هـ - 1971 م. 40 - مختار الصحاح، للشيخ محمد ابن أبي بكر ابن عبد القادر الرازي (ت 666 هـ)، نشر دار القبلة ومؤسسة علوم القرآن بجدة وبيروت، 1406 هـ. 41 - مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان، لأبي محمد عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني المكي (ت 768 هـ)، نشر دائرة المعارف النظامية بحيدر آباد الدكن بالهند، ط 1، 1338 هـ. 42 - المستدرك على الصحيحين، للحاكم النيسابوري (ت 405 هـ)، نشر دار الفكر ببيروت، 1398 هـ بالتصوير عن الطبعة الهندية. 43 - المسند، للإِمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (ت 241 هـ)، نشر المكتب الإِسلامي ببيروت بالتصوير عن الطبعة الميمنية، ط 2، 1398 هـ. 44 - المشتبه في الرجال، أسماؤهم وأنسابهم، للحافظ الذهبي (ت 748 هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي، نشر الدار العلمية بدلهي - الهند، ط 2، 1978 م. 45 - معجم البلدان، لياقوت الحموي الرومي (ت 626 هـ)، تحقيق: فريد عبد العزيز الجندي، نشر دار الكتب العلمية ببيروت، ط 1، 1410 م. 46 - معجم السفر، لأبي طاهر أحمد بن محمد السلفي (ت 576 هـ)، تحقيق: عبد الله عمر البارودي!!، نشر دار الفكر ببيروت، 1993 م. 47 - المعجم في أصحاب أبي علي الصدفي، لابن الأبار (ت 658 هـ)، طبعة مصورة عن طبعة مجريط سنة 1885 م. 48 - المنتخب من مخطوطات الحديث بالمكتبة الظاهرية، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، نشر مجمع اللغة العربية بدمشق، 1390 هـ.
49 - النكت على ابن الصلاح، لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ)، تحقيق: د. ربيع بن هادي، نشر المجلس العلمي بالجامعة الِإسلامية بالمدينة المنورة، ط 1، 1404 هـ. 50 - الوافي بالوفيات، لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (ت 764 هـ)، نشر وتوزيع مؤسسة الكتب الثقافية تصويراً عن طبعة هلموت ريتر، 1381 هـ. 51 - وفيات الأعيان وأنباء الزمان، لأبي العباس ابن خلكان (ت 681 هـ)، تحقيق: د. إحسان عباس، نشر دار الثقافة ببيروت. * * *