نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار

عبد الرحمن بن درهم

شعر

شعر أبي تمام قال أبو الفرج: هو حبيب بن أوس الطائي ومنشؤه منبح بقرية منها يقال لها: جاسم. شاعر مطبوع لطيف الفطنة دقيق لمعاني غواص على ما يستصعب منها ويعسر متناوله على غيره والسليم من شعره لا يتعلق به أحد. ومن الناس من يتعصب له ويفضله على جميع الشعراء من سالف وخالف، وقوم يعتمدون الرديء من شعره فينشرونه ويطوون محاسنه. وليست إساءة من أساء في القليل وأحسن في الكثير مسقطة إحسان، والتوسط في كل شيء أجمل والحق أحق أن يتبع وقد فضل أبا تمام من الرؤساء والكبراء والشعراء من لا يشق الطاعنون عليه غباره، ولا يدكون وإن وجدوا آثاره. وروي أن محمد بن الزيات كان يقول: أشعر الناس طراً الذي قول يعني أبا تمام: وما أبالي وخير القول أصدقه ... حقنتَ لي ماءَ وجهي أو حقنتَ دمي وسئل إبراهيم بن العباس من أشعر أهل زماننا؟ فقال: الذي يقول يعني أبا تمام: مطر أبوكَ أبو أهلة وائلِ ... ملأ البسيطة عدةً وعديدا نَسَبٌ كلأنَّ ليه من شمس الضحى ... نوراً ومن فلق الصباح عمودا قال أبو الفرج: قدم عمارة بن عقيل بغداد فاجتمع الناس إليه فكتبوا شعره وشعر أبيه وعرضوا عليه الأشعار فقال بعضهم ها هنا شاعر يزعم أنه أشعر الناس طراً فقال: أنشدوني من قوله فأنشدوه: غدت تستجيرُ الدمعَ خوف نوى غدِ ... وعادَ قتاداً عندها كلُّ مرقدِ وأنقذها من غمرة الموتٍ أنه ... صُدودُ فراقٍ لا صُدود تعمد فأجرى لها الإشفاقُ دمعاً مورداً ... من الدم يجري فوق خدٍّ مورد هي البدر يكفيها تودُّد وجهها ... إلى كلّ من لاقت وإن لم تودَّد ثم قطع الإنشاد فقال عمارة زدنا من هذا فوصل إنشاده فقال: ولكنّني لم أحو وفراً مَجمعاً ... ففزتُ به إلاّ بشملِ مبدد ولم تعطني الأيام نوماً مسكناً ... ألذُّ به إلا بنومِ مُشرَّد فقال عمارة لله دره لقد تقدم في هذا من سبقه إليه على كثرة القول فيه حتى حبب الاغتراب هيه فأنشده: وطولُ مُقام المرء في الحي مخلقٌ ... لديباجتيهِ فاغتربْ تتجدد فإني رأيت الشمسَ زيدت محبةً ... إلى الناس إن ليست عليهم بسرمد فقال عمارة كمل والله لئن كان الشعر بجودة اللفظ وحسن المعاني واطراد المراد واتساق الكلام فإن صاحبكم هذا أشعر الناس. وكان علي بن الجهم يصف أبا تمام ويفضله فقال له رجل والله لو كان أبو تمام أخاك ما زدت على مدحك هذا فقال إن لم يكن أخاً بالنسب فإنه أخ بالأدب والمودة أما سمعت ما خاطبني به حيث يقول: إن يُكِد مطرّفُ الإخاء فإننا ... تَغدو ونَسري في إخاءٍ تالد أو يختلف ماءُ الوصال فماؤنا ... عذبٌ تحدّرَ من غمام واحد أو يفترقْ نسبٌ يؤلف بيننا ... أدبٌ أقمناهُ مقامَ الوالد وكان محمد بن حازم يفضل أبا تمام ويقدمه ويقول لو لم يقل إلا مرثيته التي أولها: أصمّد بك الناعي وإن كان أسمعا ... وأصبح مغنى الجودِ بعدكَ بلقعا وقوله: لو يقدرونَ مشوا على وجناتهم ... وجباههم فضلاً عن الأقدام لكفاه، وقال عبيد الله بن عبد الله بن طاهر كان عمارة بن عقيل عندنا يوماً فسمع مؤدباً كان لولد أخي يرويهم قصيدة أبي تمام: الحقُّ أبلج والسيوفُ عَوار ... فحذارِ من أسد العرين حذارِ فلما بلغ قوله: سود اللباس كأنما نسجت لهم ... أيدي السموم مدارعاً من قارِ بكروا وأسروا في متون ضوامرٍ ... قيدَت لهم من مربط النجّار لا يبرحون ومن رآهم خالهم ... أبداً على سَفرٍ من الإسفار فقال عمارة لله دره ما يعتمد معنى إلا أصاب أحسنه كأنه موقوف عليه. قال إبراهيم بن العباس ما تكلمت في مكاتبتي إلا على ما جاش به صدري إلا أني قد استحسنت قول أبي تمام: إذا مارقٌ بالغدرِ حاول غدرةً ... فذاك حريٌّ أن تئيم حلائله فإن باشر الإصحارَ فالبيض، والقنا ... قراه وأحواضُ المنايا مناهله وإن يبنِ حيطاناً عليه فإنما ... أولئك عُقالاتُه لا معاقله وإلا فاعلمهُ بأنك ساخطٌ ... ودعه فإنَّ الخوف لا شك قاتله

فأخذت هذا المعنى في بعض رسائلي فقلت ما كان يجرزهم يبرزهم وما كان يعقلهم يعتقلهم. ثم قال: إن أبا تمام اخترم بخاطره ولا نزح ركي فكره حتى انقطع رشأ عمره. قال يزيد المهلبي: ما كان أحد من الشعراء يقدر أن يأخذ درهماً في حياة أبي تمام بالشعر فلما مات اقتسم الشعراء ما كان يأخذه. لما قدم أبو تمام خراسان اجتمع الشعراء إليه وسألوه أن ينشدهم فقال قد وعدني الأمير أن أنشده غداً وستسمعونني فلما دخل على عبد إله بن طاهر أنشده: أهنَّ عوادي يوسفٍ وصواحبه ... فعزماً ما أدْركَ السؤلَ طالبه فلما بلغ إلى قوله: وقلقل نأيٌ من خراسان جأشها ... فقلتُ اطمئنّي أنضرُ الروض عازبه وركب كأطرافِ الأسنةِ عرسوا ... على مثلها والليلُ تسطو غياهبه لأمرٍ عليهم أن تتم صدوره ... وليس عليهم أن تتم عواقبه فصاح الشعراء بالأمير أبي العباس ما يستحق هذا الشاعر غير الأمير حفظه الله وقال شاعر منهم يعرف بالرياحي لي عند الأمير أعزه الله جائزة وعدني بها وقد جعلتها لهذا جزاء عن قوله للأمير، فقال بل نضعها لك ونقوم له بما يجب علينا لما فرغ من القصيدة نثر عليه ألف دينار فلقطها الغلمان ولم يمس منها شيئاً فوجدا عليه عبد الله وقال يترفع عن بري ويتهاون بما أكرمته به فلم يبلغ ما أراده منه بعد ذلك فقال أبو تمام: لم يبقَ للصيفِ لا رسمٌ ولا طللُ ... ولا قشيبٌ فيسكتسى ولا سمل عدل من الدمع أن يُبكى المصيف كما ... يُبكى الشبابُ ويُبكى اللهو الغزل يمنى الزمان طوت معروفها وغدت ... يسراه وهي لنا من بعده بدل فدخل أبو العميثل شاعر آل طاهر على عبد الله فقال: أيها الأمير أتتهاون بمثل أبي وتجفوه فوالله لو يكن له من النباهة في قدرة والإحسان في شعره والشائع من ذكره لكان الخوف من شره والتوقي لذمه يوجب على مثلك رعايته ومراقبته فكيف له وينزوعه إليك من الوطن وفراقه السكن وقد قصدك عاقداً بك أمله معملاً إليك ركابه متعباً فيك فكره وجسمه وفي ذلف ما يلزمك قضاء حقه حتى ينصرف راضياً ولو لم يأت بفائدة ولا سمع فيك منه ما سمع إلا قوله: يقول في قومسَ صحبي وقد أخذتْ ... منا السُّرى وخطي المهَرية القودِ أمطلعَ الشمس تبغي أن تؤمَّ بنا ... فقلتُ كلاّ ولكنْ مطلعَ الجودِ لكفى فقال عبد الله نبهت فأحسنت وشفع فلطفت وعاتبت فأوجعت ولك ولأبي تمام العتبى، وأمر له بألف دينار وما يحمله من الظهر وخلع عليه خلعة تامة وزاد في إكرامه قال جابر الكوخي حضرت أبا دلف وعنده أبو تمام وقد أنشده قصيدته: على مثلها من أربع وملاعبِ ... أذيلت مصوناتُ الدموع السواكب فلما بلغ قوله: إذا افتخرت يوماً تميمٌ بقوسها ... وزادتْ على ما وطدت من مناقب فأنتم بذي قارٍ أمالت سيوفكم ... عروشَ الذين استرهنوا قوس حاجب محاسن من مجدٍ متى تقرنوا بها ... محاسنَ أقوام تكن كالمعايب فقال أبو دلف: يا معشر ربيعة ما مدحتم بمثل هذا الشعر قط فما عندكم لقائله فبادروه بمطارفهم يرمون بها عليه فقال أبو دلف قد قبلها منكم وأعاركم لبسها وسأنوب عنكم في ثوابه. تمم القصيدة يا أبا تمام فأتمها فأمر له بخمسين ألف درهم وقال والله ما هي بإزاء استحقاقك وقدرك فاعذرنا فشكره وقام يقبل يده فحلف أن لا يفعل ثم قال أنشدني قولك في ابن حميد فأنشده: وما ماتَ من ماتَ مضربُ سيفه ... من الضربِ واعتلّت عليه القنا السمرُ وقد كانَ فوت الموت سهلاً فرده ... إليه الحفاظُ المرُّ والخلق الوعر ونفسٌ تعافُ العار حتى كأنه ... هو الكفرُ يومَ الروع أو دونه الكفر فأثبتَ في مستنقعِ الموتِ رجله ... وقال لها من تحتِ أخمصك الحشر غدا غدوةً والحمدُ نسج ردائه ... فلم ينصرف إلا وأكفانه الأجر كلأنَّ بني نبهان يوم مصابه ... نجومُ سماء خرّ من بينها البدر يُعزونَ عن ثاوٍ تعزَّى به العلى ... ويبكي ليه البأسُ والجُودُ والشعر

فلما أنشده إياها قال والله لوددت أنها في. قال بل أفدي الأمير بنفسي وأهلي وأكون المقدم دونه فقال إنه لم يمت من رثي بهذا الشعر. قدم أبو تمام مادحاً للحسن بن رجاء فاستنشده قصيدته اللامية التي مدحه بها فلما انتهى إلى قوله: أنا ذو عرفتِ فإن عرتكِ جهالةٌ ... فأنا المقيمُ قيامةَ العذال عطفت ملامتها على ابنِ ملمةٍ ... كالسيف جأب الصبر شخت الآل عادت له أيامه مسودة ... حتى توهم أنَّهنَّ ليالي قال الحسن والله ما تسود عليك بعد اليوم فلما قال: لا تنكري عطلَ الكريم من الغنى ... فالسيلُ حربٌ للمكانِ العالي وتنظري خبب الركاب ينصها ... محيي القريض إلى مميت المال قام الحسن على رجليه وقال والله لا تتمها إلا وأنا قائم فقام أبو تمام لقيامه وقال: قد قلت وهي تنال من عرض الفلا ... بملاطسِ بالوخد غير أوال أحوامل الأثقال إنك في غدٍ ... بفناء أحمل منك للأثقال لما وردنا ساحة الحسن انقضى ... عنا تعجرف دولة الإمحال أحيى الرجاء لنا برغم نوائبٍ ... كثرت بهنَّ مصارع الآمال أغلى عذارى الشعر أن مهورها ... عند الكرام وإن رخصن غوالي ترد الظنون بنا على تصديقها ... ويحكم الآمال في الأموال أضحى سمي أبيك فيك مصدقاً ... بأجل فائدة وأيمن فال ورأيتني فسألت نفسك سيبها ... لي ثم جدت وما انتظرت سؤالي كالغيث ليس له ... أريد نواله أو لم يرد بدٌّ من التّهطال فتعانقا وجلسا فقال له الحسن ما أحسن ما جلوت به هذه العروس فقال والله لو كانت من الحور العين لكان قيامك لها أوفى مهورها. كان دعبل عند الحسن بن رجاء يضع من أبي تمام فقال له قائل يا أبا علي اسمع مني ما قاله فإن أنت رضيته فذاك وإلا وافقتك على ما تذمه منه وأعوذ بالله فيك من ألا ترضاه ثم أنشده: أما إنه لولا الخليط المودع ... ومغنى عفا منه مصيفٌ ومربع فلما بلغ إلى قوله: هو السيل إن واجهته انقدت طوعهُ ... وتقتاده من جانبيه فيتبع ولم أر نفعاً عند من ليس ضائراً ... ولم أر ضراً عند من ليس ينفع معاد الورى بعد الممات وسيبه ... معادٌ لنا قبل الممات ومرجع فقال دعبل لم ندفع فضل هذا الرجل ولكنكم ترفعونه فوق قدره وتقدمونه على من تقدمه وتنسبون إليه ما قد سرقه فقال له إحسانه صيرك له عائباً وعليه عاتباً. أنشد أبو تمام أبا الحسن محمد بن الهيثم بالجبل قوله فيه: أسقى ديارهم أجشُّ هزيمُ ... وغدت عليهم نظرة ونعيم فلما فرغ أمر له بألف دينار وخلع عليه خلعة حسنة فلما كان من الغد كتب إليه أبو تمام: قد كسانا من كسوة الصيف خِرْقٌ ... مكتسٍ من مكارم ومساع حلةً سابريةً ورداء ... كسحا القيض أو رداء الشجاع كالسراب الرقراق في النعت إلا ... أنه ليس مثله في الخداع قصبياً تسترجف الريح متني ... هـ بأمرٍ من الهبوب مطاع رجفاناً كأنه الدهرَ من ... هـ كبد الضب أو حشى المرتاع يطرد اليوم ذا الهجير ولو شب ... هـ في حره بيوم الوداع حلةً من أغر أروع رحب ... الصدر رحب الفؤاد حب الذراع سوف أكسوك ما يعفى عليها ... من ثناء كالبرد برد الصناع حسن هاتيك في العيون وهذا ... حسنُهُ في القلوب والأسماع فقال محمد بن الهيثم ومن لا يعطي هذا ملكه والله لا يبقى في داري ثوب إلا دفعته إلى أبي تمام فأمر له بكل ثوب كان يملكه له في ذلك الوقت جاء دعبل إلى الحسن بن وهب في حاجة بعد وفاة أبي تمام فقال له رجل في المجلس يا أبا علي أنت الذي تطعن على من يقول: شهدتُ لقد أقوت مغانيكم بُعدي ... ومحت كما محت وشائع من برد وأنجدتمُ من بعد إتهام داركم ... فيا دمع انجدني على ساكني نجد فصاح دعبل: أحسن والله وجعل يردد (انجدني على ساكني نجد) ثم قال رحمه الله لو كان ترك شيئاً م شعره لقلت أنه أشعر الناس. قال الواثق لابن أبي دؤاد بلغني أنك أعطيت أبا تمام الطائي في قصيدة مدحك بها ألف دينار قال لم أفعل ذلك يا أمير المؤمنين ولكني أعطيته خمسمائة دينار للذي قاله للمعتصم:

فاشدد بهارون الخلافة إنه ... سكنٌ لوحشتها ودار قرار فتبسم وقال إنه لحقيق بذلك. وتمام الأبيات: بفتى بني عباس والقمر الذي ... حفّته أنجم يعربٍ ونزار كرم الخؤولة والعمومة مجّه ... سلفاً قريشٍ فيه والأنصار هو نوءٌ يُمنٍ فيهمُ وسعادةٍ ... وسراجُ ليلٍ فيهمُ ونهار فاقمع شياطين النفاق بمهتد ... ترضى الرية هديهُ والباري ليسير في الآفاق سيرة رأفةٍ ... ويسوسها بسكينة ووقار فالصين منظومٌ بأندلسٍ إلى ... حيطان رومية فملك ذمار وقد علمت بأن ذلك معصمٌ ... ما كنت تتركه بغير سوار فالأرض دارٌ أقفرت ما لمي كن ... من هاشم ربٌّ لتلك الدار سورُ القرآن الغر فيكم أنزلت ... ولكم تصاغ محاسن الأشعار وذكر أنه لما مدح محمد بن الزيات بقصيدته التي أولها: ديمة سمحة القياد سكوبُ ... مستغيثٌ بها الثرى المكروب لو سعت بقعة العظام نعمى ... لسعى نحوها المكان الجديب قال له ابن الزيات: يا أبا تمام إنك لتحلي شعرك بجواهر لفظك ودرر معانيك ما يزيد حسناً على بهي الجواهر في أجياد الكواعب وما ندخر لك شيئاً من جزيل المكافأة إلا ويقصر عن شعرك في الموازاة، وكان بحضرته فيلسوف فقال: إن هذا الفتى يموت شاباً فقيل له من أين حكمت عليه بذلك فقال رأيت فيه من الحدة والذكاء والفطنة مع لطافة الحس وجودة الخاطر ما علمت به أن النفس الروحانية تأكل جسمه كما يأكل السيف المهند غمده، وهو لم يتخط الأربعين سنة جملة. وقد أحببت أن أنقل من مختار قصائده لأنها من فائق الشعر ومما يرتاح لسماعه أهل الأدب والمروءة فمن ذلك قصيدته التي مدح بها الحسن ابن سهل وهي: أبدت أسى إن رأتني مُخلِسُ القصب ... وآل ما كان من عجبٍ إلى عجب ستٌ وعشرون تدعوني فأتبعها ... إلى المشيب ولم تظلم ولم تُجب يومي من الدهر مثل الدهر مشتهرٌ ... عزماً وحزماً وساعي منه كالحقب فأصغري أن شيباً لاح بي حدثاً ... واكبري إنني في المهد لم أشب فلا يؤرقك إيماض القتير به ... فإن ذاك ابتسام الرأي والأدب رأت تغيُّرَه فاهتاج هائجها ... وقال لاعجُها للعبرة: انسكبي لا يطردُ الهمَّ إلا الهمُّ من رجلٍ ... مقلقل لبنات القفرة النجب ماضِ إذا الهمم التفّت رأيت له ... بوخدهنّ استطالات على النوب لا تنكري منه تخديداً تخللهُ ... فالسيف لا يزدرى إن كان ذا شطب ستصبح العيس بي والليل عند فتى ... كثير ذكر الرضى في ساعة الغضب صدفت عنه ولم تصدف مواهبه ... عني وعاوده ظني ولم يخب كالغيث إن جئته وافاك رِيقُهُ ... وإن ترحلت عنه لجّ في الطلب خلائق الحسن استوفي البقاء فقد ... أصبحت قرة عين المجد والحسب كأنما هو من أخلاقه أبداً ... وإن ثوى وحده في جحفل لجب صيغت له شيمةٌ غراءُ من ذهبٍ ... لكنها أهلك الأشياء للذهب لما رأى أدباً في غير ذي كرمٍ ... قد ضاع أو كرماً في غير ذي أدب سما إلى السورةِ العلياء فاجتمعا ... في فعله كاجتماع النور والعشب بلوتُ منه وأيامي مذمّمةٌ ... مودة وُجِدت أحلى من الشنب من غير ما سببٍ ماضٍ كفا سبباً ... للحر أن يعتفي حراً بلا سبب وله يمدحه: أأيامنا ما كنت إلا مواهبا ... وكنت بإسعاف الحبيب حبائباً سنغرب تجديداً لعهدك في البكا ... فما كنت في الأيام غير غرائبا ومعترك للشوق أهدى به الهوى ... إلى ذي الهوى نجل العيون ربائبا كواعب زادت في ليال قصيرة ... تخيّلن لي من حسنهن كواعبا سلبت غطاء الحسن عن حر أوجهٍ ... تظلُّ للبِّ السالبيها سوالبا وجوه لو أن الأرض فيها كواكب ... توقد للساري لكانت كواكبا سلي هل عمرت القفر وهو سباسبٌ ... وغادرتُ ربعي من ركابي سباسبا وغربت حتى لم أجد ذكر مشرق ... وشرت حتى قد نسيت المغاربا خطوبٌ إذا لاقيتهنّ رددنني ... جريحاً كأني قد لقيت كتائبا ومن من لم يسلِم للنوائب أصبحت ... خلائقه طراً عليه نوائبا

وقال يمدح خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني

وقد يكهم السيفُ المسمى منية ... وقد يرجع السهم المظفر خائبا فآفة ذا أن لا يصادف رامياً ... وآفة ذا أن لا يصادف ضاربا وملآن من ضغن كوه توقلي ... إلى الهمة القعسا سناماً وغاربا شهدت جسيمات العلا وهو غائبٌ ... ولو كان أيضاً شاهداً كان غائبا إلى الحسن اقتدنا ركائب صيرت ... لها الحزن من أرض الفلاة ركائبا نبذت إليه همتي فكأنما ... كدرت بها نجماً على الأرض ثاقبا وكنت امرءاً ألقى الزمان مسالماً ... فآليت لا ألقاه إلا محاربا لو اقتسمت أخلاقه الغر لم تجد ... معيباً ولا خلقاً من الناس عائباً إذا شئت أن تحصي فواضل كفته ... فكن كاتباً أو فاخذ لك كاتبا عطايا هي الأنواء إلا علامة ... دعت تلك أنواءً وهذي مواهبا فأقسم لو أفرطت في الوصف عامداً ... لأكذب في مدحيه لم أكُ كاذباً ثوى ماله نهب المعالي فأوجبت ... عليه زكاة الجود ما ليس واجبا وتحسن في عينيه إن جئت زائراً ... وتزداد حسناً كلما جئت طالبا خدين العلا أبقى له البذلُ والنهى ... عواقب من عرفٍ كفتهُ العواقبا يطول استشارات التجارب رأيه ... إذا ما ذوو الرأي استشاروا التجارب برئت من الآمال وهي كثيرة ... لديك وإن جاءتك حدباً لواغبا وهل كنتُ إلا مذنباً يوم أنتحي ... سواك بآمالي فجئتك تائبا وقال يمدح عياش بن لهيعة الحضرمي: تقي جمحاتي لستُ طوعَ مؤنبي ... وليس جنبي إن عذلت بمصحبي فلم توقدي سخطاً على متنصلٍ ... زلم تنزلي عتباً بساحة معتب رضيت الهوى والشوق خدناً وصاحباً ... فإن كنت لم ترض بذلك فاغضبي تصرف حالات الفراق مصرفي ... على صعب حالات الأسى ومقلبي ولي بدنٌ يأوي إذا الحب ضافه ... إلى كبدِ حرّى وقلب معذب وحوطيةٍ شمسيةٍ رشية ... مهفهفةِ الأعلى رداحِ المحقب تصدعُ شملَ القلب من كل وجهة ... وتشعبه بالبث من كل مشعب بمختبل ساج من الطرف أحورٍ ... ومقتبلٍ صافٍ من الثغر أشنب من المعطيات الحسن والمؤتياته ... مجلببة أو عاطلاً لم تجلبب لو أن امرأ القيس بن حجر بدت له ... لما قال مرَّا بي على أم جندب فتلك شقوري لا ارتيادك بالأذى ... محلي إلا تبكري تتأوَّبي أحاولت إرشادي فعقلي مرشدي ... أم استمت تأديبي فدهري مؤدبي هما أظلما حاليّ ثمة أجليا ... ظلاميهما عن وجه أمرد أشيب شجى في حلوق الحادثات مشرقٌ ... به عزمهُ في الترهات مغرب رأيت لعياش خلائق لم تكن ... لتكمل إلا في اللباب المهذب له كرمٌ لو كان في الماء لم يغض ... وفي البرق ما شام امرؤٌ برق خلّب أخو أزماتٍ يذله بذل محسن ... إلينا ولكن عذره عذر مذنب إذا أمّه العارفون ألفوا حياضه ... ملاءاً وألفوا روضه غير مجدب إذا قال أهلاً مرحباً نبعت لهم ... مياه الندى من تحت أهل ومرحب يهولك أن تلقاه صدراً لمحفل ... ونحراً لأعداء وقلباً لموكب مصادٌ تلاقت لوَّذاً بريوده ... قبائل حيي حضرموت ويعرب بأروع مضاء على كل أروع ... وأغلب مقدام على كل أغلب كلوذِهم فيما مضى بجدوده ... بذي العرف والأحماد قَيْلٍ ومرحب ذوون قيولٌ لم تزل كل حلبة ... تمزق منهم عن أغرَّ محبِّب همامٌ كنصلِ السيف كيف هززته ... وجدت المنايا منه في كلّ مضرب تركت حُطاماً منكبَ الدهر إذ نوى ... زحاميَ لمّا أن جعلتك منكبي وما ضيق أقطار البلادِ أضافني ... إليك ولكنْ مذهبي فيك مذهبي وأنتَ بمصرٍ غايتي وقرابتي ... بها وبنو أبيكَ فيها بنو أبي ولا غر وأن وطأتَ أكناف مرتعي ... لمهمل أخ فاضي ورَفَّهت مشربي فقومتَ لي ما اعوجَ من قصد همتي ... وبيَّضتَ لي ما اسودَّ من وجه مطلبي وهاك ثياب المدح فاجرر ذيولها ... عليك وهذا مركبُ الحمد فاركب وقال يمدح خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني لقد أخذت من دارِ ماويةَ الحقْبُ ... أنحلُ المغاني للبلى هي أم نهبُ؟

وقال يمدح أبا دلف لقاسم بن عيسى العجلي، وهي من عيون القصائد

وعهدي بها إذ ناقضُ العهد بدرُها ... مراحُ الهوى فيها ومرحه الخصب مؤزرة من صنعةِ الوبل والندى ... بوشي ولا وشي وعصب ولا عصبُ تردد في آرامها الحسنُ فاغتدت ... قرارةً من يُصبي ونجعةً من يصبو سوا كنُ في برٍّ كما سكنَ الدمى ... نوافرُ من سوء كما نفرَ السرب كواعبُ أتراب لغيداءَ أصبحت ... وليس لها في الحسن شكل ولا ترب لها منظرٌ قيدُ النواظر لم يزل ... يروح ويغدو في خُفارته الحبُ تظل سراة القوم مثنى وموحداً ... نشاوى بعينها كأنهمُ شرب إلى خالدٍ راحت بنا أرحبية ... مرافقها من عن كراكرها نِكُب جرى النَّجَدُ الأحوى عليها فأصبحتْ ... من السير ورُقاً وهي في نجدها صُهب إلى ملكٍ لولا سجالُ نواله ... لما كان للمعروفِ نقي ولا شخب من البيضِ محجوبٌ عن السوء والخنا ... ولا تحجبُ الأنواء من كفه الحجب مصون المعالي لا يزيد أذاله ... ولا مزيدٌ ولا شريكٌ ولا الصُلب وأشباه بُكر المجد بكرُ بن وائل ... وقاسطُ عدنانٍ وأنجبه هِنبُ مضوا وهمُ أوتاد نجد وأرضها ... يرونَ عظاماً كلما عظم الخطب وما كان بين الهضب فرق وبينهم ... سوى أنهم زالوا ولم يزل الهضب لهم نسب كالفجر ما فيه مسلك ... خفي ولا واد عنود ولا شعب هو الإضحيان الطلق رفَّت فروعه ... فطاب الثرى من تحته وزكى التراب إلى أن قال: فما دب إلا في بيوتهم الندى ... ولم ترب في إلا في جحورهم الحرب أولاك بنو الأحساب لولا فعالهم ... درجن فلم يوجد لمكرمة عقب لهم يوم ذي قار مضى وهو مفردٌ ... وحيد من الأشباه ليس له صحب به علمت صهب الأعاجم أنه ... به أعربت عن ذات أنفسها العرب هو المشهد الفصل الذي ما نجابه ... لكسرى لا سنام ولا صلب إلى أن قال: رددت أديم الغزو أملس بعدما ... غدا ولياليه وأيامه جرب بكل فتى ضرب يعرض للقنا ... محياً محلَّى حليه الطعن والضرب ومنها: بجودك تبيض الخطوب إذا دجت ... وترجع عن ألوانها الحجج الشهب هو المركب المدني إلى كل سؤدد ... وعلياء إلا أنه المركب الصعب إذا سبب أمسى كهاماً لدى امرئٍ ... أجاب رجائي عندك السبب العضب وسيارة في الأرض ليس بنازحٍ ... على وخدها حزن سحيق ولا سهب تذرُّ ذرور الشمس في كل بلدة ... وتمسي جَموحاً ما يُرد لها غرب عَذارى قواف كنت غير مدافع ... أبا عذرها لا ظلم منك ولا غصب إذا أنشدت في القوم ظلت كأنها ... مسرة كبر أو تداخلها عجب مفصلةٌ باللؤلؤ المنتقى لها ... من الشعر إلا أنه اللؤلؤ الرطب وقال يمدح أبا دلف لقاسم بن عيسى العجلي، وهي من عيون القصائد على مثلها من أربع وملاعب ... أذيلت مصونات الدموع الواكب أقول لقرُحان من البين لم يضف ... رسيس الهوى بين الحشا والترائب أَعني أفرِّق شمل دمعي فإنني ... أرى الشمل منهم ليس بالمتقارب فما صار في ذا اليوم عذلك كله ... عدوي حتى صار جهلك صاحبي وما بك إركابي من الرشد مركباً ... ألا إنما حاولت رشد الركائب فكلني إلى شوقي وسريرِ الهوى ... إلى حرقاتي بالدموع السوارب أميدان لهوي من أتاح لك البلى ... فأصبحت ميدان الصبا والجنائب أصابتك أبكار الخطوب فشتت ... هواي بأبكار اظباء الكواعب وركب يساقون الركاب زجاجة ... من السير لم تقصد لها كفُّ قاطب فقد أكلوا منها الغوارب بالسُّرى ... وصارت لها أشباحهم كالغوارب يصرف مسراها جذيل مشارق ... إذا آبه همُّ عذيق مغارب يرى بالكعاب الرود طلعة ثائر ... وبالعرمس الوجناء غرة آيب كأن به ضغناً على كل جانب ... من الأرض او شوقاً إلى كل جانب إذا العيس لاقت بي أبادلف فقد ... تقطع ما بيني وبين النوائب هنالك تلقى المجد حيث تقطعت ... تمائمه والجود مرخي الذوائب تكاد عطاياه يجنُّ جنونها ... إذا لم يعوذها بنغمة طالب

وقال يمدح عمر بن طوق التغلبي

إذا حركته هزة المجد غيَّرت ... عطاياه أسماء الأماني الكواذب تكاد مغانيه تهشُّ عراصُها ... فتركب من شوق إلى كل راكب إذا ما غدا أغدى كريمة ماله ... هدياً ولو زفت لألأم خاطب يرى أقبح الأشياء أوبة آمل ... كسته يد المأمول حلة خائب وأحسن من منور تفتحه الصبا ... بياض العطايا في سواد المطالب إذا ألجمت يوماً لُجيمٌ وحولها ... بنو الحصن نجل المحصنات النجائب فإن المنايا والصوارم والقنا ... أقاربهم في الروع دون الأقارب جحافل لا يتركن ذا جبريةٍ ... سليماً ولا يحرُبن من لن يحارب يمدون من أيدٍ عواص عواصم ... تصولُ بأسياف قواض قواضب إذا الخيل جابت قسطل الحرب صدعوا ... صدور العوالي في صدور الكتائب إذا افتخرت يوماً تميمٌ بقوسها ... وزادت على ما وطدت من مناقب فأنتم بذي قار أمالت سيوفكم ... عروش الذين استرهنوا قوس حاجب محاسن من مجد متى تقرنوا بها ... محاسن أقوام تكن كالمعايب معالٍ تمادت في العلو كأنما ... تحاول ثأراً عند بعض الكواكب وقد علم الافشين وهو الذي به ... يُصان رداء الملك عن كل جاذب بأنك لما استخدل النصر واكتسى ... أهابيّ تسقى في وجوه التجارب تجللته بالرأي حتى أريتهُ ... به ملء عينيه مكان العواقب بأرشق إذ سالت عليهم غمامةٌ ... جرت بالعوالي والعتاق الشوازب سللت لهم سيفين رأياً ومنصلاً ... وكلٌ كنجم في الدجنَّة ثاقب وكنت متى تهزز لخطبٍ تغشِهِ ... ضرائب أمضى من رقاق المضارب فذكرك في قلب الخليفة بعدها ... خليفتك المقفى بأعلى المراتب فإن تنس يذكر أو يقل فيك حاسدٌ ... يغُل قوله أَو تنأ دارٌ صاقب فأنت لديه حاضرٌ غيرُ حاضرٍ ... بذكرٍ وعنه غائب غير غائب فلو كان يفنى الشعر أفناه ما قرت ... حياضك منه في العصور الذواهب ولكنه صوبُ العقول إذا انجلت ... سحائب منه أعقبت بسحائب اقول لأصحابي هو القاسم الذي ... به شرح الجود التباس المذاهب وإني لأرجو عاجلاً أن تردني ... مواهبُهُ بجراً تُرجَّى مواهبي وقال يمدح عمر بن طوق التغلبي أحسن بأيام العقيق وأطيب ... والعيش في أظلالهنَّ المعجب ومصيفهنَّ المستظلّ بظله ... سرب المها وربيعهنَّ الصيِّب أُصُل كبرد العصب نيط إلى ضحى ... عبقٍ بريحان الرياض مطيب وظلالهنَّ المشرقات بخرَّدٍ ... بيض كواعب غامضاتٍ الأكعب وأغنَّ من دُعج الظباء مريبٍ ... بدلنَّ منه أغنَّ غير مربب لله ليلتنا وكانت ليلة ... ذخرت لنا بين اللوى فالعُليب مالت وقد أَعلقت كفّي كفَّها ... حلاً وما كل الحلال بطيب فنعمتُ في شمس إذا حُجبت بدت ... من نورها فكأنها لم تحجب وإذا دنت خلت الظباء ولدنها ... ربعيّة واسترُضعت في الربرب إنسيَّةٌ إن حصلت أنسابها ... جنية الأبوين ما لم تنسب قد قلت للزباء لمّا أصبحت ... في حدّ نابٍ للزمان ومخلب لمدينة عجماء قد أمسى البلى ... فيها خطيباً باللسان المعرب فكأنما سكن الفناء عراصها ... أوصال فيها الدهر صولة مغضب لكن بنو طوقٍ وطوقٌ قبلهم ... شادوا المعالي بالثناء الأغلب فستخرب الدنيا وأبنية العلى ... وقبابها جددٌ بهم لم تخرب رفعت بأيام الطعان وأَغشيت ... رقراق الونٍ بالسماحة مذهب يا طالباً مسعاتهم لتنالها ... هيهات منك غبار ذاك الموكب أنت المعنَّى بالغواني تبتغي ... أقصى مودتها برأس أشيب وطئ الخطوب وكفَّ من غلوانها ... عُمرُ بن طوقٍ نجم أهل المغرب ملتف أعراق الوشيج إذا انتمى ... يوم الفخار ثريُّ تربِ المنصب في معدنِ الشرف الذي من حليه ... سبكت مكارم تغلب ابنة تغلب قد قلت في غسق الدجى لعصابةٍ ... طلبت أبا حفص: مناخ الأركب الكوكب الجشميُّ نصب عيونكم ... فاستوضحوا بضياء ذاك الكزكب

وقال يمدح أبا العباس عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب

يُعطي عطاء المحسن الخضل الندى ... عفواً ويعتذر اعتذار المذنب ومرحبٌ بالزائنين وبشره ... يغنيك عن اهلٍ لديه ومرحب يغدو مؤمله إذا ما حطّ في ... أكنافه رحل المكل الملغب سلس اللبانة والرجاء ببابه ... كَثبَ المنى ممتد ظل المطلب الجد شيمتُهُ وفيه فكاهةٌ ... سمحٌ ولا جدٌ لمن لم يلعب شرسٌ ويتبع ذاك لينُ خليفةٍ ... لا خير في الصهباء ما لم تقطب صلبٌ إذا اعوجَّ الومان ولم يكن ... ليلين صلب الخطب من لم يصلب الودُّ للقربى ولكن عرفه ... للأبعد الأَوطان دون الأقرب وكذاك عتاب بن سعد أصبحوا ... وهمُ زمام زماننا المتقلب هم رهطُ من أمسى بعيداً رهطه ... وبنو أبي رجُلٍ بغير بني أب ومنافسٌ عُمرَ بن طوق ماله ... من ضغنه غير الحصى والأثلب تعب الخلائق والنوال ولم يكن ... بالمستريح العرض من لم يتعب بشحوبه في المجد أشرق وجهه ... لا يستنير فعال من لم يشحب بحر يطمّ على العفاة وإن تهج ... ريح السؤال بموجه يغلولب والشولُ ما حُلبت تدفق رِسلها ... وتجفُ درتَّها إِذا لم تحلب يا عقب طوق أيّ عقب عشيرةٍ ... وأنتم ورَبةَ معقب لم يعقب قيدت من عمر بن طوق همَّتي ... بالحوَّل الثبت الجنان القلّب نفق المديحُ ببابه فكسوته ... عقداً من الياقوت غير مثقب أولى المديح بأن يكون مهذباً ... ما كان منه في أغر مهذب غربت خلائقهُ فأغرب شاعرٌ ... فيه فأحسن مُغربٌ في مُغرب لما كرمت نطقت فيك بمنطق ... حقٍّ فلم آثم ولم اتحوَّب ومتى مدحتُ سواكَ متى يضق ... عني له صدق المقالة أكذب وقال يمدح أبا العباس عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب أهنَّ عوادي يوسف وصواحِبُه ... فعزماً فقدماً أدرك السؤل طالبه إذا المرء لم تستخلص الحزم نفسُهُ ... فذروته للحادثات وغاربه أعاذلتني ما أَخشن الليل مركباً ... وأخشنُ منه في الملمات راكبه ذريني وأهوال الزمان اُقاسها ... فأهواله العظمى تليها رغائبه ألم تعلمي أنَّ الزماع على السرى ... أخو النجح عند الحادثات وصاحبه دعيني على أخلاقي الصُّم التي ... هي الوفر أو سربٌ ترنُّ نوادبه فإن الحسام الهنداوي إِنما ... خشونته ما لم تفلل مضاربه وقلقل نأيي من خراسان جأشها ... فقلت اطمئني انضر الروض عازبه وركب كأطراف الأسنة عرسوا ... على مثلها والليل تسطو غياهبه لأمر عليهم أن تتم صدورُهُ ... وليس عليهم أن تتم عواقبه على كل موار الملاط تهدمت ... عريكتُه العلياء وانضمَّ حالبه رعته الفيافي بعد ما كان حقبةً ... رعاها وماء الروض ينهلُّ ساكبه فأضحى الفلا قد جدَّ في بري نحضِهِ ... وكان زماناً قبل ذاك يلاعبه فكم جزع وادٍ جبَّ ذروة غارب ... وبالأَمس كانت أتمكته مذانبه إليك جزعنا مغرب الملك كلّما ... وسطنا ملاً صلَّت عليك سباسبه فلو أنَّ سيراً رمنهُ فاستطعنه ... لصاحبنا شوقاً إليك مغاربه إلى ملك لم يلق كلكل بأسه ... على ملك إلا وللذل جانبه إلى سالب الجبار بيضة ملكهِ ... وآمله غادٍ عليه فسالبه وأي مرام عنه يعدو نياطه ... غداً وتكلُّ الناعجات أخاشيه وقد قرب المرمي البعيد زجاؤه ... وسهَّلت الأرض العزاز كتائبه إذا أنت وجهت الركاب لقصده ... تبينت طعم الماء ذو أَنت شاربه جديرٌ بأن يستحي الله بادياً ... به ثمَّ يستحي الندى ويراقبه سما للعلا من جانبيه كليهما ... سموَّ عباب الماء جاشت غواربه فنوَّل حتى لم يجد من ينيله ... وحارب حتى لم يجد من يحاربه وذو يقظاتٍ مستمرٍ مريرها ... إذا الخطبُ لاقاه اضمحلت نوائبه وأين بوجه الحزم عنه وإنما ... مرائي الأمور المشكلات تجاربهُ أرى الناس منهاج الندى بعدما عفت ... مهايعه المثلى ومحَّت لواحبه ففي كل نجد في البلاد وغائر ... مواهب ليست منه وهي مواهبه

وقال يمدح أمير المؤمنين المعتصم بالله أبا اسحاق محمد بن هارون الرشيد ويذكر فتح

لتحدث له الأَيام شكر خناعة ... تطيب صضبا نجد به وجنائبه فوالله لو لم يلبس الدهر فعله ... لأفسدت الماء القراح معائبه فقد بثَّ عبد الله خوف انتقامه ... على الليل حتى ما تدب عقاربه يقولون عن الليث ليث خفيةٍ ... نواجذبه مطروزة ومخالبه وما الليث كلُّ الليث إلا ابن عثرةٍ ... يعيش فواق ناقة وهو راهبه ويوم أمام الموت دحض وقفته ... ولو خرَّ فيه الدينُ لا نهل كائبه جلوت به وجه الخليفة والقنا ... قد اتسعت بين الضلوع مذاهبه شفيت صداه والصفيح من الطلى ... رواءٌ نواحيه عذاب مشاربه ليالي لم يقعد بسيفك أن يرى ... هو الموت إلا أن عفوك غالبه فلو انطلقت حربٌ لقالت محقةً ... ألا هكذا فليكسب المجد كاسبه ليعلم أنّ الغر من آل مصعب ... غداةَ الوغى وأقاربه كواكب مجد يعلم الليل أنها ... إذا نجمت باءت بصغر كواكبه ويا أيها الساعي ليدركَ شأوه ... تزحزحْ قصياً أسوأ الظن كاذبه فحسبكَ من نيل المراتب أن ترى ... عليماً بأن ليست تنال مراتبه إذا ما ارؤ ألقى بربعك رحله ... فقد طالبته بالنجاحِ مطالبه وقال يمدح أمير المؤمنين المعتصم بالله أبا اسحاق محمد بن هارون الرشيد ويذكر فتح عمورية السيف أصدق أنباءً من الكتبِ ... في حده الحدُّ بين الجد واللعب بيضُ الصفائح لا سودُ الصحائف في ... متونهنَّ جلاءُ الشك والريب والعلمُ في شهب الأرماح لامعةً ... بين الخمسين لا في السبعة الشهب أين الراويةُ بل أين النجوم وما ... صاغوه من زخرف فيها ومن كذب تخرصاً وأَحاديثاً ملفقةً ... ليستْ بنبع إذا عدَّتْ ولا غرب عجائباً زعموا الأيام مجفلةً ... عنهنَّ في صفر الأصفار أو رجب وخوفوا الناسَ من دهياءَ مظلمة ... إذا بدا الكوكب الغربي ذو الذنب وصيروا الأبرج العليا مرتبةً ... ما كان منقلباً أو غير منقلب يقضون بالأمر عنها وهي غافلةٌ ... ما دار في فلك منها وفي قطب لو بينت قطٌ أمراً قبل موقعه ... لم يخف ما حلّ بالأوثان والصلب فتح الفتوح تعالى أن يحيط به ... نظمٌ من الشعر أو نثر من الخطب فتحٌ تفتَّح أبوابُ السماءِ له ... وتبرز الأَرض في أثوابها القشب يا يوم وقعة عمورية انصرفت ... عنك لمنى حُفلاً معسولة الحلب أبقيت جدَّ بني الإسلام في صعد ... والمشركين ودار الشرك في صيب أمُّ لهم لو رجوا أن تفتدى جعلوا ... فداءها كلَّ أم برة وأب وبرزة الوجه قد أعيت رياضتها ... كسرى وصدت صدوداً عن أبي كرب من عهد إسكندر أو قبل ذلك قد ... شايت نواصي الليالي وهي لم تشب بكرٌ فما افترعتها كفُّ حادثة ... ولا ترقَّت إليها همة النوب حتى إذا مخض الله السنين لها ... مخض البخيلة كانت زبدة الحقب أتتهمُ الكربة السوداء سادرةً ... منها وكان اسمها فراجة الكرب جرى لها الفألُ نحساً يومَ أنقرة ... إذ غوردت وحشة الساحات والرحب لمَّا رأت أختها بالأمس قد خربت ... كان الحرابُ لها أعلى من الجرب كم بين حيطانها من فارسٍ بطلٍ ... قاني الذوائبِ من آبي دم سرب بسنةِ السيف والخطي من دمهِ ... لا سنةِ الدين والإسلام مختضب لقد تركتَ أمير المؤمنين بها ... للنار يوماً ذليلَ الصخر والخشب غادرت فيها بهيم الليل وهو يضحي ... يقله بها صبحٌ من اللهب حتى كأنَّ جلابيبَ الدجى رغبت ... عن لونها أو كأنَّ الشمس لم تغب ضوءٌ من النار والظلماءُ عاكفة ... وظلمةٌ من دخان في ضحى شحب فالشمسُ طالعةٌ من ذا وقد أفلت ... والشمسُ واجبةٌ في ذا ولم تجب تصرحَ الدهر تصريح الغمام لها ... عن يومِ هيجاءَ منها طاهرٍ جُنُب لم تطلع الشمسُ فيه يوم ذاك على ... بانٍ بأهلٍ ولم تغرب على عَزَب ماربعُ ميَّة معموراً يطيف به ... غيلانُ أبهى ربى من ربعها الخرب ولا الخدود وقد أدمينَ من خجل ... أشهى إلى ناظرها خدها التراب

وقال يمدح محمد بن عبد الملك الزيات

سماجةٌ غنيت منا العيونُ بها ... عن كلّ حسنٍ بدا أو منظرٍ عجب وحسنُ منقلبٍ تبدو عواقبه ... جاءت بشاشته عن سوء منقلب لم يعلم الكفرُ كمُ من أعصر كمنت ... له المنية بين السمرِ والقضب تدبيرُ معتصم بالله منتقمٍ ... لله مرتقبٍ في الله مرتهب ومطعمَ النصرِ لم تكهم أسنته ... يوماً ولا حجبت عن روح محتجب لم يغزُ قوماً ولم ينهض إلى بلد ... إلاّ تقدمه جيشٌ من الرعب لو لم يقد جحفلاً يومَ الوغى لغدا ... من نفسه وحدها في جحفل لجب رمى بك الله برجيها فهدمها ... ولو رمى بك غيرُ الله لم تصب من بعدِ ما أشبَّوها واثقينَ بها ... والله مفتاحُ باب المعقل الأشب وقال ذو أمرهم لا مرتعٌ صددٌ ... للسارحينَ وليس الورد من كثب أمانياً سلبتهم نجحَ هاجسها ... ظبي السيوف وأطرافُ القنا السلب إن الحِمامين من بيضٍ ومن سمرٍ ... دلوا الحياتينِ من ماءٍ ومن عشب لبيتَ صوتاً زبطرياً هرقتَ له ... كأسَ الكرى ورضابَ الخرَّدِ العرب عداكَ حرَُ الثغورِ المستضامة عن ... برد الثغورِ وعن سلسالها الخصب أجبته معلناً بالسيفِ منصلتاً ... ولو أجبتَ بغير السيف لم تجب حتى تركتَ عمود الشرك منقعراً ... ولم تعرّج على الأوتاد والطنب لّما رأى الحربَ رأي العين توفلسٌ ... والحربُ مشتقة المعنى من الحرب غدا يصرّفٌ الأموال جريتها ... فعزَّهُ البحرُ والتيار ذو العبب هيهات زعزعت الأرض الوقور به ... عن غزو محتسبٍ لا غزو مكتسب لم ينفقِ الذهب المربي بكثرتهِ ... على الحصى وبه فقرٌ إلى الذهب إنَّ الأسود أسودِ الغاب همتها ... يومَ الكريهة في المسلوب لا السلب ولَّى وقد ألجمَ الخطيُّ منطقه ... بسكته تحتها الاحشاءُ في صخب أحسى قرابينهُ صرفُ الردى ومضى ... يحثُّ أنجى مطاياه من الهرب موكلاً بيفاعِ الأرض يُشرِفه ... من خفة الخوفِ لا من خفة الطرب إن يعدُ من حرها عدوَ الظليم فقد ... أوسعتَ جاحمها من كثرة الحطب تسعونَ ألفاً كآساد الشرى نضجت ... جلودهم قبل نضوج التين والعنب يا ربَّ حوباءَ لما اجتُث دابرهم ... طابت ولو ضخمت بالمسك لم تطب ومغضبٍ رجعت بيض السيوف بهِ ... حيَّ الرضى من دارهم ميت الغضب والحربُ قائمة في مأزقٍ لججٍ ... تجثو الرجالُ به صغراً على الركب كم نيل تحتَ سناها من سنى قمرٍ ... وتحتَ عارضها من عارض شنب كم كان في قطع أسباب الرقاب بها ... إلى المخدرةِ العذراء من سبب بيضٌ إذا انتضبت من حجبها رجعت ... أحقَّ بالبيضِ أبداناً من الحجب خليفةَ الله جازى الله سعيك عن ... جرثومةِ الدين والإسلام والحسب بصرتّ بالراحة الكبرى فلم ترها ... تُنال إلا على جسرٍ من التعب إن كان بين صروفِ الدهر من رحم ... موصولةٍ أو ذمامٍ غير منقضب فبين أيامك اللاتي نُصرت بها ... وبين أيامِ بدر أقرب النسب أبقيت بني الأصفرِ الممراضِ كاسمِهِم ... صفرَ الوجوهِ وجلّت أوجه العرب وقال يمدح محمد بن عبد الملك الزيات ديمةٌ سمحةُ القيادِ سكوبُ ... مستغيثٌ بها الثرى المكروب لو سعت بقعةٌ لإعظام نعمى ... لسعى نحوَها المكانُ الجديب لذَّ شؤبوبها وطابَ فلو تس ... طيع قامت فعانقتها القلوب فهي ماءٌ يجري وماءٌ يليه ... وعزالٍ تّنشا وأخرى تذوب كشفَ الروضُ رأسه واستسرَّ ... المحل منها كما استسرَّ المريب أيها الغيثُ حيّ أهلاً بمغدا ... ك وعند السرى وحين تؤوب لأبي جعفر خلائق تحكيهنَّ ... قد يشبه النجيب النجيب أنت فينا في ذا الأوان غريب ... وهوفينا في كلِّ وقت غريب ضاحكٌ في نوائب الدهر طلقٌ ... وملوكٌ يبكون حين تنوب فإذا الخطب طالَ نالَ الندى ... والبذل منه مالا تنالُ الخطوب خُلُقُ مشرقٌ ورأي حسامٌ ... ووادٌ عذب وريح جنوب كلّ يوم له وكل أوانِ ... خُلُقٌ ضاحك ومال كئيب

وقال يمدح حبيش بن المعافى

إن تقاربه أو تباعده ما لم ... تأتِ فحشاءَ فهو منك قريب ما التقى وفره ونائلهُ مُذ ... كان إلاّ وفرهُ المغلوب فهو مُدنٍ للجود وهو بغيضٌ ... وهو مقصٍ للمال وهو حبيب يأخذُ المعتفين قسراً ولو كفَّ ... دعاهم إليه وادٍ خصيب غير أنّ الرامي المسددَ يحتا ... طُ مع العلم أنه سيصيب وقال يمدح حبيش بن المعافى نُسائلها أيَّ المواطن حلتِ ... وأيَّ بلاد أوطنتها وأيَّتِ وماذا عليها لو أشارت فودعت ... إلينا بأطراف البنان وأومت وما كان إلاَّ أن تولت بها النوى ... فولى عزاءُ القلب لما تولت فأما عيون العاشقين فأسخنت ... وأما عيون الكاشحين فقرت ولما دعاني البينُ وليتُ إذ دعا ... ولمَّا دعاها طاوعته ولبث ولم أرَ مثلي كان أوفى بعهدها ... ولا مثلها لم ترعَ عهدي وذمتي مشوقٌ رمته أسهم البين فانتشى ... صريعاً لها لمَّا رمته فأصمت ولو أنها غير النوى فوَّقت له ... بأسهمها لم تصمِ فيه وأشوت كأنّ عليه الدمع ضربة لازبٍ ... إذا ما حمام الأيك غنت لئن ظمئت أجفانُ عين إلى البكا ... لقد شربت عيني دماً فتروَّت عليها سلامُ الله أنّى استقلت ... وأنَّى استقرت دارها واطمأنت ومجهولةِ الأعلام طامسةِ الصُّوى ... إذا اعتسفها العيسُ بالركب ضلَّت إذا ما تنادى الركب في فلواتها ... أجابت نداء الركب منها فأصدت تعسفتُها والليلُ مُلقٍ جرانه ... وجوزاؤه في الأفق لما استقلت بمفعمة الأنساعِ موجدة القرا ... أمون السرى تنجو إذا العيسُ كلَّت طموح بأثناءِ الزمام كأنما ... تخالُ بها من عدوها طيفَ جنة إلى حيث يلقي الجود سهلا منالهُ ... وخيرا مرئٍ شدت إليه وحطت إلى خير من ساس البرية عدله ... ووطَّد أعلام الهدى فاستقلت حبيشٌ حبيشٌ بن المعافى الذي به ... أُمِرَّت حبال الدين حتى استمرت ولولا أبو الليث الهمام لأخلفت ... من الدين أسباب الهدى وارثت أقر عمود الدين في مستقره ... وقد نهلت منه الليالي وعلّت ونادى المعالي فاستجابت نداءه ... ولو غيرُهُ نادى المعالي لصُمَّت ونيطت بحقويه الأمور فأصبحت ... بظلِ جناحيه الأمور استظلت وأحيا سبيل العدل بعد دثوره ... وأنهج سبلَ الجود حين تعفَّت ويلوي بأحداثِ الزمان انتقامه ... إذا ما خطوبُ الدهر بالناس ألوت ويجزيك بالحسنى إذا كنتَ محسِناً ... ويغتفرُ العظمى إذا النعلُ زُلت يلَّم اختلالَ المعتفين نواله ... إذا ماملماتُ الزمان ألَّمتِ إذا ظلماتِ الرأي أسدل ثوبها ... تطلعَ فيها فجره فتجلت همام وريُّ الزند مستحصدُ القوى ... إذا ما الأمور المشكلات أظلَّت به انكشفت عنا الغيابة وانفرت ... جلابيبُ جور عَمَّنا واضمحلت أغرُ ربيط الجأشِ ماضٍ جنانه ... إذا ما القلوب الماضيات ارجحنَّت نهوضٌ بثقل العبء مضطلعٌ به ... وإن عظمت فيه الخطوب وجلت تطوعُ له الأيام خوف انتقامهِ ... إذا امتنعت من غيره وتأبت له كلَّ يوم شملُ مجدٍ مؤلفٍ ... وشملُ ندى بين العفاة مشتت أبا الليث لولا أنت لانصرم الندى ... وأدركتِ الأحداث ما قد تمنت أخاف فؤاد الدهر بطُشكَ فانطوت ... على رُعُبٍ أحشاؤه وأجنت حللت من العزِ المنيف محَلةً ... أقامت بفوديها العلي وأبنَّت لِيَهنئ تنوجاً أنهم خيرُ أسرة ... إذا أحصيت أولى البيوت وعدت وأنك منهم في اللباب الذي له ... تطاطأتِ الأحياءُ صُغراً وذلت بني لتنوخّ الله مجداً مؤيداً ... تَزِلَّ عليه وطأة المتبت إذا ما حلومُ الناسِ حلمك وازنت ... رجحت بأحلام الرجال وخفت إذا ما يدُ الأيام مدت بنائها ... إليك بخطبٍ لم تنلك وشُلَّت وإن أزمات الدهر حَلَّت بمعشر ... أرقت دماءَ المحل فيها فطلَّت إذا ما امتطينا العيسَ نحوك لم نخف ... عثاراً ولم نخشَ اللتيا ولا اللتي وقال يمدح مالك بن طوق

وقال يمدح خالد بن يزيد السيباني

أقول لمرتادِ الندى عندَ مالكِ ... تعوذ بجدوى مالكٍ وصلاته فتىً جعلَ المعروفَ من دون عرضه ... سريعاً إلى المُمتاح قبل عِداتهِ ولو قَصَّرت أمواله عن سماحِهِ ... لقاسم من يرجوه شطرَ حياته ولو لم يجد في قسمةِ العمر حيلةً ... وجاز له الأعطاءُ من حسناته لجاد بها من غيرِ كفرٍ بربه ... وواساهمُ من صومِهِ وصلاته وقال أيضاً يمدحه قف بالطلولِ الدارساتِ عُلاثا ... أضحت حبالُ قطينهنَّ رثاثا قسمَ الزمانُ ربوعها بين الصَّبا ... وقبولها ودبورها أثلاثا فتأبدت من كلّ مخطفةِ الحشا ... غيداءَ تُكسى يارقاً ورعاثا كالظبية الأدماء صافت فارتعت ... زهرَ العرارِ الغضِ والجثجاثا حتى إذا ضربَ الخريفُ رواقه ... سافت بريرَ أراكةٍ وكباثا سيافةُ اللحظات يغدو طرفها ... بالسحرِ في عقَدِ النهى نفاثاً زالت بعينيكَ الحمولُ كأنها ... نخلٌ مواقر من نخيل جواثا يومَ الثلاثا لا أزال لبينهم ... كدرَ الفوآدِ لكل يوم ثُلاثا إن الهموم الطارقات موهناً ... منعت جفونك أن تذوق حثاثا ورأيت ضيف الهم لا يرضى قرىً ... إلا مداخلة الفقار دلاثا شجعاء جرتها الذميل تلوكه ... أصلاًإذا راح المطلي غراثا أَجداً إذا وقفت المهارى أرقلت ... رقلاً كتحريق الغضاحثحاثا طلبت فتى جُشيمَ بن بكر مالكا ... ضرغامها وهزبرها الدِلهَاثا ملك إذا استسقيت مزنَ بنائه ... قتل الصدى وإذا استغيث أغاثا قد جربته تغلبُ ابنة وائلٍ ... لا خاتراً غدراً ولا نكَّاثا مثل السبيكة ليس عن أعراضها ... بالغيب لا ندُساً ولا بحاثا طرح القذى عنه وشذَّب سيفهُ ... عن عصيها الخُرَّابَ والخباثا ضاحي المحيَّا للهجير وللقنا ... تحت العجاج تخاله محراثا هم مزقوا عنهم سبائب حلمِهِ ... وإذا أبو الاشبال أُحرِج عاثا لولا القرابة جاسهم بوقائع ... تنسي الكُلابَ ومَلهماً وبُعاثا بالخيل فوق متوتهنَّ فوارسٌ ... مثلُ الصقورِ إذا لقينَ بُغاثا لكن قراكم صفحةُ من لم يزل ... وأبوه فيكم رحمةً وغياثا عفَّ الإزار تنال جارةُ بيتهِ ... أرفادهُ وتُجنبُ الأرفاثا عمرو بن كلثوم بن مالكٍ الذي ... تركَ العلى لبني أبيه تراثا ردعوا الزمان وهم كهولٌ جلَّةٌ ... وَسَطوا على أحداثهِ أحداثا ألقى عليه نجارهُ فأتى بهِ ... يقظان لا روعاً ولا ملتاثا تركوا مواعده إذا وَعدُ امرىءٍ ... أمسى كأحلام الكرى أضعاثا وترى تَسحَّبَنا عليه كأننا ... جئناه نطلبُ عنده ميراثا كم مسهب بك لو عدتك قِلاصه ... تبغي سواكَ لأوعشت إيعاثا يامالك ابن المالكين أرى الذي ... كنا نؤمل من إيابك راثا لولا اعتمادك كنتُ في مندوحةٍ ... عن برقعيدَ وأرضِ باعِيناثا والكامخيَّة لم تكن لي موطناَ ... ومقابر اللذاتِ من فبراثا لم آتها من أيّض وجهٍ جئتها ... إلاّ حسبتُ بيوتها أجداثا بلدُ الفلاحةِ لو أتاها جرولٌ ... أعني الحطيئة لاغتدى حرَّاثا تصدا بها الأفهامُ بعد صقالها ... وتردُ ذكرات العقولِ إناثا أرضٌ خلعتُ اللهوَ خلعي خاتمي ... فيها وطلَّقت السرورَ ثلاثا وقال يمدح خالد بن يزيد السيباني طلَ الجميع لقد عفوتَ حميدا ... وكفى على رُزئي بذاكَ شهيدا دِمَنٌ كأنّ البين أصبح طالباً ... دِمَناً لدى آرامها وحقودا قربتَ نازحة القلوب من الجوى ... وتركتَ شأوَ الدمع فيكَ بعيدا خضلاً إذا العبراتُ لم تبرح لها ... وطناً سرى قلقَ المحلّ طريدا أمواقف الفتيان تطوي لم تزر ... شوقاً ولم تندب لهنَّ صعيدا أذكرتنا الملكَ المضللَ في الهوى ... والأعشيينِ وجرولاً ولبيدا حلُّوا بها عقدَ النسيب ونمنموا ... من وشيها رجزاً بها وقصيدا راحت غواني الحي عنكَ غوانياً ... يلبسنَ نأياً تارةَ وصدودا

وقال يمدحه

من كلّ سابغةِ الشباب إذا بدت ... تركت عميدَ القريتين عميدا أزرينَ بالمردِ الغطارف بدَّناً ... غيداً ألفنهمُ غطارف غيدا أحلى الرجالِ من النساءِ مواقفاً ... من كان أشبههم بهنَّ خدودا فاطلب هدواً في التقلقلِ واستثر ... بالعيسِ من تحت السهادِ هجودا من كلّ معطية على علل السُّرى ... وخداً يبيتُ النومُ منه شريدا تخدي بمنصلتِ يظلّ إذا ونى ... ضرباؤه حِلساً لها وقتودا جعل الدجى جملاً وودع راضياً ... بالهونِ يتخذُ القعود قعودا طلبت ربيع ربيعةَ المهمي لها ... فتفيأت ظلاً لها ممدودا بكريَّها علويها صعبيها ال ... حصنيَّ شيبانيها الصّنديدا ذُهليها مُريّها مطرّيها ... يُمنى يديها خالدَ بنَ يزيدا نسبٌ كأنّ عليه من شمس الصحىِِ ... نوراً ومن فلقِ الصباح عمودا عُريانُ لا يكبو دليلٌ من عَمى ... فيه ولا يبغي عليه شهودا شرفٌ على أولى الزمانِ وإنما ... خَلَقُ المناسب ما يكونُ جديدا لو لم تكن من نبعةٍ نجدّيةٍ ... عُلوّية لظننتُ عودكَ عودكَ عودا مَطرٌ أبوك أبو أهلةِ وائلٍ ... ملأ البسيطةَ عُدَّة وعديدا أكفاءهُ تلدُ الرجالُ وإنما ... ولدَ الحتوف أساوداً وأسودا رُبداً وماسدةً على أكتادها ... لِبَدٌ تخالُ فليلهنَّ لبودا ورثوا الأَّبوة والحظزوظ فأصبحوا ... جمعوا جدوداً في العلى وجدودا وقر النفوسِ إذا الكواكب قَعضبٍ ... أردين عفريتَ الوغى المرّيدا زُهر إذا طلعت على حجب الكلى ... نحست وإن غابت تكون سعودا ما إن ترى إلاَّ رئيساً مقصداً ... تحت العجاج وعاملا مقصودا فزعوا إلى الحلق المضاعب وارتدوا ... فيها حديداً في الشؤون حديدا ومشوا أمام أبي يزيدَ وحولهُ ... مشياً يهدَّ الرسيات وئيدا يغشونَ أسغحهم مذانبَ طعنةٍ ... سفحاً وأشنعَ ضربة أُخدودا ما إن ترى الأحساب بيضاً وُضَّحاً ... إلاّ بحيث ترى المنايا سواد لبس الشجاعة إنها كانت له ... قِدماً نشوقاً في الصَّبا ولدودا بأساً قبيلياً وبأس تكرم ... جَمَّ وبأسَ قريحةِ مولودا وإذا رأيتَ أبا زيدٍ في ندى ... ووغىً ومبدي غارةٍ وميعدا يُقري مرجيه مُشاشةَ مالهِ ... وشبا الأسنة ثُغرةً ووريدا أيقنت أن من السماحِ شجاعةً ... تُدعي وأنَّ من الشجاعة جودا وإذا سرحت الطرف نحو قبابِهِ ... لم تلق إلاَّ نعمةً وحسودا ومكارماً عُتُق النجارِ تليدة ... إن كان هضبُ عمايتينِ تليدا ومتى حللت به أنالكَ جهده ... ووجدتَ بعد الجهد فيه مزيدا متوقدٌّ منه الومان وربَّما ... كان الزمان بآخرين بليدا أبقى يزيدُ ومزيدٌ وأبوهما ... وأبوه ركنكَ في الفخار شديدا سَفلوا يرونَ الذكرَ عقباً صالحاً ... ومضَوا يعدون الثناءَ خلودا إنّ القوافي والمساعي لم تزل ... مثل الجمان إذا أصاب فريدا هي جوهرٌ نثرٌ فإن ألفتهُ ... بالشعرِ صار قلائدا وعقودا في كلّ معتركٍ وكل مقامةٍ ... يأخذن منه ذِمةً وعهودا وإذا القصائدُ لم تكن حُفراءها ... لم ترضَ منها مشهداً مشهودا من أجل ذلك كانت العربُ الألى ... يدعون هذا سؤدداً محدودا وتندُّ عندهم العلى إلاَّ عُلى ... جُعلت لها مِررُ القصيد قيودا وقال يمدحه يقولُ أناسٌ في حُبيناء أبصروا ... عِمارة رحلي من طريفٍ وتالدِ أصادفت كنزاً أم صبحتَ بغارةٍ ... ذوي غرةٍ حاميهمُ غير شاهد فقلتُ لهم: لا ذا ولا ذاك ديدني ... ولكنني أقبلت من عند خالد جذبتُ نداه غدوة السبت جذبةً ... فخرَّ صريعاً بين أيدي القصائد فأبتُ بنعمى منه بيضاء لدنةٍ ... كثيرة قرحٍ في قلوب الحواسد هي الناهد الريّا إذا نعمة امرئٍ ... سواه غدت ممسوحةً غير ناهد فَرَعتُ عِقاب الأرض والشعر مادحاً ... له فارتقى بي في عقاب المحامد فألبسني من أمهات تِلادهِ ... وألبستُهُ من أمهات قلائدي

وقال يمدح حفص بن عمر الأزدي

وقال يمدح حفص بن عمر الأزدي عفت أربعُ الحلاّت للأربع الملد ... لكل هضيم الكشح مجدولة القدِ لِسلمى سلامانٍ وعمرةِ عامرٍ ... وهند بني هندٍ وسعدى بني سعدِ ديارٌ هراقت كلَّ عينٍ شحيحةٍ ... واوطنت الأحزان كلَّ حشاً جلد فعوجا صدور الأرحبي وأسهلا ... بذاك الكثيب السهل والعلم الفرد ولا تسألاني عن هوى قد طعمتما ... جوته فليس آلوجدُ إلاَّ من الوجد حططتُ إلى الأرض الجديدي أرحلي ... بمهريةٍ تنباعُ في السير أو تخدي تؤم شهاب الأزد حفصاً فإنهم ... بنو الحرب لا ينبوا ثراهم ولا يكدي ومن شك أن الجود والبأس فيهمُ ... كمن شك في أنَّ الفصاصة في نجد أنختُ إلى ساحاتهم وجنابهم ... ركابي فأضحى في ديارهمُ وفدي إلى سيفهم حفص ومازال يُنتضى ... لهم مثلُ ذاك السيف من ذلك الغمد فلم أغش باباً أنكرتني كلابُهُ ... ولم أتشبث بالوسيلة من بُعد فأصبحتُ لاذل السؤال أصابني ... ولا قدحت في خاطري روعة الرد يرى الوعد أخزى العار إن هو لم تكن ... مواهبهُ تأتي مقدَّمة الوعد فلو كان مايعطيه غيثاً لأمطرت ... سحائبه من غير برقٍ ولا رعد دَرّيةُ خيلٍ لا تزال لدى الوغى ... له مخلبٌ وردٌ من الأسد الورد من القومُ جعدٌ أبيضُ الوجه والندى ... وليس بنانٌ يحتدى منه بالجعد فأبتُ وفد مجت خرسانُ داءها ... وقد نغلت أطرافها نغل الجلد وأوباشها خزرٌ إلى العرب الألى ... لكيما يكون الحرُ من خولِ العبد ليالي بات العزُ في غير بيتهِ ... وعُظّمِ وغدُ القوم في زمن وغد وما قصدوا إذ يسحبون على الثرى ... برودهمُ إلاّ إلى وارث البرد وراموا دمَ الإسلام لامن جهالةٍ ... ولا خطأٍ بل حاولوه على غمد فمجوا به سماً زعافا ولو نأت ... سيوفك عنهم كان أحلى من الشهد ضمت إلى قحطان عدنان كلها ... ولم يجدوا إذا ذاك من ذاك من بد فاضحت بك الأحياء أجمع ألفة ... وأحكم في الهيجاء نظماً من العقد وكنت هناك الأحنف الطب في بني ... تميم بن مر والمهلب في الأزد وكنت أبا غسان مالك وائل ... عشية دانى حلقة الحلف بالعقد ولما أماتت أنجم العرب الدجى ... سرت وهي أتباع لكوكبك السعدي وهل أسد العريس إلا الذي له ... فضيلته في حيث مجتمع الأسد فهم منك في جيش قريب قدومه ... عليهم وهم من يمن رأيك في جند ووقرت يا فوخ الجبان على الردى ... وزدت غداة الروع في نجدة النجد رأيت حروب الناس هزلاً وإن علا ... سناها وتلك الحرب معتدة الجد ولا فئة إلا القنا ونأيتم ... فما لكم إلا الأسنة من زرد ولا مدد إلا السيوف لوامعاً ... ولا معقل غير المسومة الجرد فيا طيب مجناها وبارد وقعها ... على الكبد الحرى وزاد على البرد ورفعت طرفاً كان لولاك خاشعاً ... وأوردت ذزد العز في أول الورد فتى برجت هماته وفعاله ... به فهو في جهد وما هو في جهد متت إليه بالقرابة بيننا ... وبالرحم الدنيا فاغنت عن الود رأى سالف القربى وشابك آله ... أحق بان يرعاه في سالف العهد فيا حسن ذاك البر إذا أنا حاضر ... ويا طيب ذاك القول والذكر من بعدي وما كنت ذا فقر إلى صلب ماله ... وما كان حفص بالفقير إلى حمدي ولكن شكري قلادة سؤدد ... فصاغ لها سلكاً بهيا من الرفد فما فاتني ما عنده من حبائه=ولا فاته من فاخر الشعر ما عندي وكم من كريم قلبه ... بذاك الثناء الغض في طرق المجد وقال يمدح المعتصم وفيها من بديع الوصف والتشبيه المرقص المطرب رقت حواشي الدهر فهي تمرمر ... وغدا الثرى في حليه يتكسر نزلت مقدمة المصيف حميدة ... ويد الشتاء جديدة لا تكفر لولا الذي غرس الشتاء بكفه ... قاسى المصيف هشائماً لا تثمر كم ليلة آسى البلاد بنفسه ... فيها ويوم وبله مثعنجر مطر يذوب الصحو منه وبعده ... صحو يكاد من الغضارة يقطر

وقال يمدح أحمد بن المعتصم وهي من غرر القصائد وفائق الشعر

غيثان فالأنوار غيث ظاهر ... لك وجهه والصحو غيث مضمر وندى إذا ادهنت به لمم الثرى ... خلت السحاب أتاه وهو معذر أربيعنا في تسع عشرة حجة ... حقاً لهنك للربيع الأزهر ما كانت الأيام تسلب بهجة ... لو أن حسن الروض كان يعمر أو لا ترى الأشياء إن هي غيرت ... سمجت وحسن الأرض حين تغير يا صاحبي تقصيا نظريكما ... تريا وجوه الأرض كيف تصور تريا نهاراً مشمساً قد شابه ... زهر الربى فكأنما هو مقمر دنيا معاش للورى حتى إذا ... حل الربيع فإنما هي منظر أضحت تصوغ بطونها لظهورها ... نوراً تكاد له القلوب تنور من كلَّ زاهرةٍ ترقرقُ بالندى ... فكأنها عينٌ إليك تحدر تبدو ويحجبها الجميم كانها ... عذراء تبدو تارةً وتخفر حتى غدت وهداتها ونجادُها ... فئتين في حلل الربيع تبتخر مصّفرة محمرةً فكأنها ... عُصبٌ تيمن في الوغى وتمضَّر من فاقعٍ غض النبات كأنه ... در يشقق قبل ثم يزعفر أو ساطعٍ من حمرةٍ فكأن ما ... يدنو إليه من الهواء معصفر صبغُ الذي لولا بدائع لطفه ... ماعاد أصفر بعد إذ هو أخضر خُلُقٌ أطلَّ من الربيع كأنه ... خُلق الإمام وهدية المتنشر في الأرض من عدل الإمام وجوده ... ومن النبات الغضّ سرجٌ تزهر تُنسى الرياض، وما يروّض فعله ... أبداً على مر الليالي يُذكر إن الخليفة حين يُظلمُ حادثٌ ... عين الهدى وله الخلاقة محجر كثرت به حركاتها ولقد تُرى ... في فترةٍ وكأنّها تتفكر مازلت أعلم أن عقدة أمرها ... في كفّه مذ خلّيت تتحير بالثامن المستخلف اتسق الهدى ... حتّى تخير رشده المتحير سكنَ الزمان فلا يدٌ مذمومة ... للحادثات ولا سَوَامٌ تذعر نظم البلاد فأصبحت وكأنها ... عِقدٌ كأنّ العدل فيه جوهر لم يبق مبدىً موحشٌ إلاّ ارتوى ... من ذكره فكأنما هو محتضرُ ملكٌ يضلُّ الفكر في أيامه ... ويقلُّ في نفحاته ما يكثر فلَيَعسُرنَّ على الليالي بعدها ... أن يبتلى بصروفهنَّ المعسر وقال يمدح أحمد بن المعتصم وهي من غرر القصائد وفائق الشعر ما في وقوفكّ ساعةً من باسِ ... نقضي ذمام الأربعِ الأدراس فلعلّ عينك أن تعين بمائها ... والدمعُ منه خاذلٌ ومواس لا يُسعدُ المشتاق وسنانُ الهوى ... يبسُ المدامع باردُ الأنفاس إنّ المنازل ساورتها فُرقةٌ ... أخلت من الآرام كلَّ كِناس من كلّ ضاحكةِ الترائب أرهفت ... إرهاف خُوط البانة الميّاس بدرٌ أطاعت فيك بادرة النوى ... ولعاً وشمسٌ أولَعت بشماس بِكرٌ إذا ابتسمت أراك وميضها ... نور الأقاح برملةٍ ميعاس وإذا مشت تركت بقلبك ضعفَ ما ... بحليّها من كثرةِ الوسواس قالت وقد حمَّ الفراق فكأسه ... قد خولط الساقي به والحاسي لا تنسين تلك العهود فإنما ... سُمّيت إنساناً لأنك ناس إن الذي خلق الخلائق قاتها ... أقواتها لتصرفِ الاحراس فالأرض معروف السماء قرىً لها ... وبنو الرجاء لهم بنو العباس القومُ ظلُّ الله أسكن دينهُ ... فيهم وهم جبل الملوك الراسي في كلّ جوهرة فرندٌ مشرقٌ ... وهم الفرند لهؤلاء الناس هدأت على تأميل أحمد همتي ... وأطاف تقليدي به وقياسي بالمجتبي والمصطفى والمشتري ... للحمد والحالي به والكاسي والحمد بُردُ جمالٍ اختالت بهِ ... غررُ الفعال وليس برد لباس وكأن بينها رضاع الثدي من ... فرط التصافي أو رضاع الكاس فرعٌ نما من هاشمٍ في تربةٍ ... كان الكفيء لها من الاغراس لا تهجرُ الانواء منبتها ولا ... قلبُ الثرى القاسي عليها قاسِ نور العراةِ نوره ونسيمهُ ... نشرُ الخزامى في اخضرار الآس أبليت هذا المجد ابعد غايةٍ ... فيه وأكرمَ شيمةٍ ونحاس إقدامُ عمرو من سماحة حاتم ... في حلن أحنف في ذكاء إياس لا تنكروا ضربي له من دونه ... مثلاً شروداً في الندى والباس

وقال يرثي محمد بن حميد الطوسي وهي من غرر المراثي

فالله قد ضربَ الأقلَّ لنوره ... مثلاً من المشكاةِ والنبراس إن تحو خصلَ المجد في أنف الصّبا ... يا ابن الخلائف يا أبا العباس فلربّ نارٍِ منكمُ قد انتجحت ... بالليل من قبسٍ من الأقباس ولربّ كفلٍ في الحروب تركتهُ ... لصعابها حِلساً من الاحلاس أمددته في العُدم والعدم الجوى ... بالجود والجودُ الطبيب الآسي آنسته بالدهر حتّى أنه ... ليَظُنُّهُ عُرساً من الأعراس غلب السرور على همومي بالذي ... أظهرت من برّي ومن إيناسي أملٌ من الآمال أحكم فتله ... فكأنه مرسٌ من الامراس عدلَ المشيبُ على الشباب ولم يكن ... من كبرةٍ لكنه من ياس أثرُ المطالب في الفؤآد وإنّما ... أثرُ السنين ووسمها في الراس فالآن حين غرستُ في كرم الثرى ... تلك المنى وبنيتُ فوقَ أساس وقال يرثي محمد بن حميد الطوسي وهي من غرر المراثي كذا فاليجلَّ الخطبُ وليفدحِ الامرُ ... فليسَ لعينٍ لم يفض ماؤها عذرُ توفيت الآمال بعدَ محمدٍ ... واصبح في شغل عن السفر السفرُ وما كان إلاّ مالَ من قلَّ ماله ... وذخراً لمن أمسى وايس له ذخر وما كان يدري مجّتدي جود كفه ... إذا ما استهلت أنه خلق العسر ألا في سبيل الله من عُطّلت له ... فجاج سبيل الله وانثغر الثغر فتىً كلّما فاضت عيونُ قبيلةٍ ... دماً ضحكت عنه الأحاديث والذكر فتىً دهره شطرانِ فيما ينوبه ... ففي بأسهِ شطرٌ وفي جوده شطرٌ فتىً مات بين الطعنِ والضربِ ميتةً ... تقوم مقام النصر إن فاته النصر وما مات حتى مات مضربُ سيفه ... من الضرب واعتلت عليه القنا السمر وقد كان فوتُ الموت سهلا فرده ... إليه الحفاظُ المرُّ والخُلُق الوعر ونفسٌ تعافُ العار حتّى كأنما ... هو الكفر يوم الورع أودونه الكفر فأثبت في مستنقعِ الموتِ رجلهُ ... وقال لها من تحتِ أخمصك الحشر غدا غدوة والحمد نسجُ ردائه ... فلم ينصرف إلاّ وأكفانه الأجر تردَّى ثيابَ الموت حمراً فما دجا ... لها الليلُ إلاّ وهي من سندسٍ خضر كأن بني نبهان يومَ وفاتهِ ... نجومُ سماءٍ خرَّ من بينها البدر يُعزون عن ثاوٍ تعزى به العلى ... ويبكي عليه البأس والجودُ والشعر وانى لهم صبرٌ عليه وقد مضى ... إلى الموت حتَّى استشهد اهو والصبر فتىً كان عذب الروح لا من غضاضةٍ ... ولكنَّ كبراً أن يقال به كِبر فتىً سلبتهُ الخيلُ وهو حِمىً لها ... وبزته نار الحربِ وهو لها جمر وقد كانت البيض المآثير في الوغى ... بواتر فهي الآن من بعده بُتر أمن بعدِ طيّ الحادثات محمداً ... يكونُ لأثواب الندى أبداً نشر إذا شجرات العرفِ جذت أصولها ... ففي أيّ فرع يوجدُ الورق النضر لئن أبغض الدهرُ الخؤونُ لفقده ... لعهدي به ممّن يُحب له الدهر لئن غدرت في الورع أيامهُ به ... فما زالت الايامُ شيمتها الغدر لئن لبست فيه المصيبةَ طيءٌّ ... فما عريت منها تميمٌ ولا بكر كذلك ما ننفكَّ نندب هالكاً ... يشاركنا في فقده البدر والحضر سقى الغيثُ غيثاً وارتِ الأرضُ شخصه ... وإن لم يكن فيه سحابٌ ولا قطر وكيف احتمالي للغيوث صنيعةً ... بإسقائها قبراً وفي لحده البحر مضى طاهرَ الأثوابِ لم تبق روضةٌ ... غداةَ ثوى إلاّ اشتهت أنها قبر ثَوى في الثرى من كان يحيا به الثرى ... ويغمرُ صرفَ الدهر نائله الغمر عليكَ سلام الله وقفاً فإنني ... رأيتُ الكريم الحرَّ ليس له عمر وقال يمدح أبا سعيد محمد بن يوسف أما أنه لولا الخليطُ المودّع ... وربع خلا منه مصيف ومَربعُ لرُدت على اعقابها أريحية ... من الشوقِ واديها من الدمع مترع لحقنا بأخرهم وقد حوَّم الهوى ... قلوباً عهدنا طيرها وهي وُقّع فرُدت علينا الشمس والليلُ راغمٌ ... بشمس لهم من جانب الخدر تطلع نضا ضوؤها صبغ الدجنّة وانطوى ... لبهجتها ثوبُ السماءِ المجزَّع

وقال في الفخر

فوالله ما أدري أأحلام نائمٍ ... ألمت بنا أم كانَ في الركب يوشع وعهدي بها تُحيي وتُميته ... وتشعبُ أعشارَ الفؤاد وتصدع واقرعُ بالعتبى حُميّا عتابها ... وقد تستقيد الراح حين تُشعشع وتقفو لي الجدوى وإنّما ... يروقك بيتُ الشعر حين يُصرع ألم ترى آرامَ الظباء كأنما ... رأت بي سيدَ الرملِ والصبح أدرع لئن جزعَ الوحشيُّ منها لرؤيتي ... لإنسيها من شيب رأسي أجزع غدا الهمُّ مخنطا بفوديَّ خطةً ... طريق الردى منها إلى النفس مهيع هو الزورُ يجفى والمعاشر يحتوى ... وذو الإلف يُقلى والجديدُ يرقّع له منظرٌ في العين أبيضُ ناصعٌ ... ولكنه في القلب أسودُ أسفح ونحن نرجّيه على الكره والرضى ... وانف الفتى من وجهه وهو أجدع لقد ساسنا هذا الزمانُ سياسةً ... سُدىً لم يسسها قبل عبدٌ مجدَّع تروحُ علينا كلّ يوم وتغتدي ... خطوبٌ كان الدهر منهنَّ يصرع حلت نطفٌ منه لنكسٍ وذو الحجا ... يُداف له سمٌّ من العيش منقع لقد آسف الأعداء مجدُ ابن يوسف ... وذو النقص في الدنيا بذي الفضل مُولع أخذتُ بحبلٍ منه لمّا لويته ... على مِررِ الأيام ظلت تقطع هو السيلُ إن واجهته انقدت طوعه ... وتقتادهُ من جانبيه فيتبع ولم أرى نفعاً عند من ليس ضائراً ... ولم أر ضراً عند من ليس ينفع يقول فيُسمع ويمضي فيسرعُ ... ويضربُ في ذات الإله فيوجع مُمرُّ له من نفسه بعضُ نفسه ... وسائرها للحمد والأجر أجمع رأى البخل من كلٍّ فظيعاً فعافه ... على أنّه منه أمرُّ وأفظع وكلُّ كسوفٍ في الدراري شنعة ... ولكنّه في الشمسِ والبدر أشنع معادُ الورى بعد الممات وسيبُه ... معادٌ لنا قبل الممات ومرجع له تالدٌ قد وقَّر الجودجُ هامّه ... فقرّت وكانت لا تزال تروع إذا كانت النعمى سلوباً من امرئٍ ... غدت من خليجي كفهِ وهي مُتبع وإن عثرت سودُ الليالي وبيضُها ... بوحدته ألفيتهُ وهو مجمعِ وإن حفرت أموالُ قومٍ أكفَهم ... من النبل والجدوى فكفّاه مقطع يومٍ يظلُ العز يحفظ وسطه ... بسمرٍ العوالي والنفوس تضيعُ مصيف من الهيجا ومن جاحم الوغى ... ولكنهُ من وابل الدمِ مربع عبوسٍ كسا أبطالهُ كل قونس ... ترى الموت فيه وهو أقرع انزع وأسمر محمرَّ العوالي يؤمه ... سنانٌ بحبات القلوب ممنع من اللائي يشربن النقيع من الكُلى ... غريضاً ويروى عندهنّ فينقع شققت إلى جباره حومةَ الوغى ... وقنَّعتهُ بالسيف وهو مقنع أظلتك آمالي وفي البطش قوةٌ ... وفي السهم تسديدٌ وفي القوس منزع وإن الغنى لي ولو لحظت مطالبي ... من الشعر إلا في مديحك أطوع وإنك لوز أهزلت في المحلِ لم تضع ... ولم ترعَ إن أهزلت والروض ممرع رأيتُ رجائي فيك وحدك همة ... ولكّنه في سائر الناس مطمع وكم عاثرٍ منا أخذت بضبعِهِ ... فأضحى له في قلةِ المجد مطلع فصار اسمه في النابئات مدافعاً ... وكانَ اسمه من قبلُ وهو مدَّفع وما السيف إلاّ زبرةٌ لو تركته ... على الحالةِ الأولى لما كان يقطع فدونكها لولا ليانٌ نسيبها ... لظلَّت صِلابُ الصخر منها تصدع لها أخواتٌ قبلها قد سمعتها ... وإن لم ترُغ بي مدني فستسمع وقال في الفخر أنا ابنُ الدين استرضع الجودُ فيهمُ ... وسُمّيَ فيهم وهو كهلٌ ويافع نجوم طواليعٌ جبالٌ فوارعٌ ... غيوثٌ هواميعٌ سيولٌ دوافع مضوا وكأن المكرمات لديهم ... لكثرةِ ما أو صوابهنّ شرائع فأيّ يدٍ في المحل مدت ولم تكن ... لها راحةٌ من جودهم واصابيع همُ استدعوا المعروف محفوظَ مالنا ... فضاعَ وما ضاعت لدينا الودائع بها ليلُ لو عانيت فيض أكفهم ... لأيقنت أنّ الرزق في الأرض واسع إذا خفقت في الأرض أرواح جودهم ... حداها النَّدى واستنشقها المطامع رياحٌ كريح العنبرِ الغضّ في الندى ... ولكنها يوم اللقاء زعازع

وقال يمدح أبا الحسن موسى بن عبد الملك

هي السمُّ ما تنفك في كلّ بلدة ... تسيلُ به أرماحهم وهو ناقع أصارت لهم أرض العدو قطائعاً ... نفوسٌ لحدّ المرهفات قطائع بكلّ فتىً ما شاب من هول وقعة ... ولكنّه قد شِبنَ منه الوقائع إذا ما أغار وأفاحتوا مالَ معشرٍ ... أغارت عليهم فاحتوته الصنائع فتعطي الذي تعطيهمُ الخيل والقنا ... أكفٌّ لإرث المكرماتِ موانع وقال يمدح أبا الحسن موسى بن عبد الملك قِرى دارهم مني الدموعُ السوافكُ ... وإن عاد صبحي بعدهم وهو حالكُ وإن بكرت في ظعنهم وحدوجهم ... زيانبُ من أحبابنا وعواتك سقت ربعهم لا بل سقت منتواهم ... منم الأرض أخلاف السحاب الحواشك والبسهم عصب الربيع ووشيهُ ... ويمنته نبتُ الثرى المتلاحك إذا غازل تالروض الغزالة نشّرت ... زرابيَّ في اكنافه ودرانكِ إذا الغيث غادى نسجه خلت أنَّه ... أتت حقيبةٌ حرسٌ له وهو حائك ألكني إلى حيَّ الاراقم إنّه ... من الطائرِ الأحشاء تُهدي المآلك كُلو الصبر غضاً واشربوه فأنكم ... أثرتم بعير الظلم والظلمُ بارك أتاكم سلسل الغاب في صدر سيفه ... سنىً لدجى الإظلام والظلمُ هاتك إذا سِيلَ سَدُّ العذر من صلب ماله ... وإن همَّ لم تُسدد عليه المسالك ركوبٌ لإثباج المهالك عالمٌ ... بأن المعالي دونهنَّ المهالك ألحَّ وما حكمتم وللقدر التقى ... غريمان في الهيجا مُلحٌ وماحك هو الحارث الناعي بُحيراً وإن يُدَن ... له فهو إشفاقاً زهيرٌ ومالك رقاحيَّ حربٍ طالما انقلبت له ... قساطلُ يومِ الورع وهي سبائك ومستنبطٌ في كلّ يوم من الوغى ... قليباً رشاءاها القنا والسنابك مطلٌ على الروح المنيع كأنّه ... لصرف المنايا من النفوس مُشارك فما تتركُ الايام من هو آخذٌ ... ولا تأخذُ الأيامُ من هو تارك عفوٌ إذا لم يثلمِ العفو عزمه ... وذو تُدرأٍ بالفاتك الخرقِ فاتك ربيب ملوك ارضعته ثُديَّها ... وسِمعٌ تربته الرجال الصعاليك ولو لم يُكفكف خليه عركتكم ... بأثقالها عرك الأديمِ المعارك ولولا تقاهُ عاد بيضاً مُفلقاً ... بأُدحيّهِ بيضُ الخدودِ التّرائك ولاصطُفيت شولٌ فظلت شوارداً ... قرومٌ عِشارٌ مالهنَّ مبارك إذاً للبستم عار دهرٍ كأنما ... لياليه من بين الليالي عوارك ولا ستُلبت فرشٌ من الأمن تحتكم ... هي المثلُ في لينٍ بها والأرائك ولكن أبى أن يُستباح بكفهِ ... سنامكم من قومكم وهو تامك وأن تصبحوا تحت الأظلّ وأنتم ... غواربُ حَيَّي تغلبٍ والحوارك فتنجذم الأسبابُ وهي مُغامرةٌ ... وتنقطع الأرحامُ وهي شوابك فلا تكفُرُنَّ الصامتيّ محمداً ... أيادي شفعاً سيبها متدارك أهبَّ لكم ريح الصفاء جنائباً ... رُخاءً وكانت وهي نكبٌ سواهك فردَّ القنا ظمآنَ عنكم وأغمدت ... على حرّها بيض السيوف البواتك فآبت على سعد السعود برحله ... عتاق المذاكي والقالصُ الرواتك غدا وكأنّ اليوم من حسن وجهه ... وقد لاح بين البيض والبيض ضاحك حياتكَ للدنيا حياةٌ ظليلةٌ ... وفقدكَ للدنيا فناءٌ مُواشِك متى يأتك المقدارُ لا تُدعَ هالكاً ... ولكن زمانٌ غالَ مِثلك هالك وقال يمدح المعتصم بالله فحواك عينٌ على نجواك يا مذلُ ... حتام لا يتقضى قولُك الخَطِلُ وإنّ أسمج من تشكو إليه هوىً ... من كان أحسن شيء عنده العذلُ ما أقبلت أوجه اللذات سافرة ... مذ ادبرت باللوى أيامنا الأول إن شئت أن لا ترى صبراً لمصطبرٍ ... فانظر على أيِّ حال أصبح الطلل كأنما جادَ مغناه فغيره ... دموعنا يوم بانوا وهي تنهمل ولو تراهم وإيانا وموقفنا ... في موقف البينِ لاستهلالنا زَجَلُ من حرقة أطلقتها عبرةٌ أسرت ... قلباً ومن غَزل من نحره عذلَ وقد طوى الشوق في أحشائنا بقرٌ ... عينٌ طوتهنَّ في أحشائها الكلل

وقال يمدح أبا المتسهل محمد بن شقيق الطائي

فرغن للشجو حتَّى ظلّ كلُّ شج ... حران في بعضه عن بعضه شغُل طُلَّت دماءٌ هريقت عندهنَّ كما ... طلت دماءُ هدايا مكة الهمل هانت على كلّ شيء فهو يفكها ... حتى المنازل والاحداج والإبل يخزي رُكامَ النقا ما في مآزرها ... ويفضح الكحلَ في أجفانها الكحل تكاد تنتقلُ الارواح لو تُركت ... من الجسوم إليها حين تنتقل بالقائم الثامن المستخلف اعتدلت ... قواعدُ الملك ممتداً لها الطّولُ بيمن معتصمٍ بالله لا أودٌ ... بالدين مذ ضم قطريه ولا خلل يهني الرعية أنَّ الله مقتدراً ... أعطاهم بأبي إسحاق ما سألوا لو كان في عاجلٍ من آجل بدلٌ ... لكان في وعدهِ من رفدهِ بدل تغايرَ الشعر فيه إذ سهرتُ له ... حتى ظننتُ قوافيه ستقتتل لولا قبولي نصح العزم مرتجلاً ... لراكضاني إليه الرحلُ والجملُ له رياضُ ندىً لم يُكبِ زهرتها ... خُلفٌ ولم تتبختر بينها العلل مدى العفاةِ فلم تحلل به قدمٌ ... إلاّ ترحّل عنها العثر والزلل ما إن يبالي إذا حلّى خلائقه ... بجوده أيَّ قُطريه حوى العطل كأنّ أمواله والبذلُ يمحقها ... نهبٌ تقسمه التبذير أو نَفل شرست بل لنتَ بل قانيت ذاك بذا ... فأنت لا شك فيك السهلُ والجبل صلى الإله على العباسِ وانبجست ... على ثرىً حَلَّهُ الوكاّفة الهطل ذاك الذي كان لو أنّ الأنامَ له ... نسلٌ لما راضهم جبن ولا بخل أبو النجوم الذي ما ضرَّ ثاقبها ... أن لم يكن برجه ثورٌ ولا حمل من كلّ مشتهرٍ في كل معتركٍ ... لم يُعرف المشتري فيه ولا زُحل يحميه لألاؤه أو لوذعيَّته ... من أن يّذال بمن أو ممن الرجل ومشهدٍ بين حكم الذلّ منقطعٍ ... صاليه أو بجبال الموتِ متصل ضنكٍ إذا خرست أبطاله نطقت ... فيه الصوارمُ والخطَّية الذبل 3لا يطمعُ المرء أن يجتاب غمرتهُ=بالقول ما لم يكن جسراً له العمل جلّيت والموت مبدِ حرَّ صفحته ... وقد تفرعن في أفعاله الأجل أبحتَ أو عَارهُ بالضرب وهو حِمى ... للموتِ ينبت فيه الكربُ والوهلُ آل النبي إذا ما ظلمة طرقت ... كانوا لها سُرُجا أنتم لها شعل قومٌ إذا وعدوا أو واعدوا غمروا ... صِدقاً مذانبُ ما قالوا بما فعلوا يستعذبون مناياهم كأنهم ... لا ييأسونَ من الدنيا إذا قتلوا أسدُ العرينِ إذا ما الموتُ صبَّحها ... أو صبَّحته ولكن غابها الأسل تناول اغوثَ أيدي الموت قادرةً ... إذا تناول سيفاً منهم بطل ليسقمِ الدهر أو تصحح مودته ... فاليوم أولَ يومٍ صح لي أمل أدنيتُ رحلي لإلى مدنٍ مكارمه ... إليَّ مهتبلاً ما جئت اهتبل إلى ثمال بني الدنيا الذي حليت ... بحلي معروفه الأمنية العطل يحميه حزمٌ لحزم البخل مهتضم ... جوداً وعرض لعرض المال مبتذل فكرٌ إذا راضاه راض الأمور به ... رأيٌ تفنن فيه الريث والعجل قد جاء من وصفك التفسيرُ معتذراً ... بالعجز إن لم يغثني الله والجَملُ لقد لبستَ أمير المؤمنين بها ... حلياً نظاماه بيتٌ سار أو مثل غريبةٌ تؤنس الآدابَ وحشتها ... فما تحلَّ على قوم فترتحل وقال يمدح أبا المتسهل محمد بن شقيق الطائي تحَمّل عنه الصبرُ يوم تحملوا ... وعادت صباه في الصبا وهي شمأل بيومٍ كطول الدهر في عرض مثله ... ووجدي من هذا مقلتي وهي تهمل تولّوا فولت لوعتي تحشد الاسى ... عليَّ وجاءت مقلتي وهي تهمل ألا بكرت معذورةً حين تعذل ... تعرفني ملعيش ما لست أجهل أأتبعُ ضنكَ الأمر والأمر مدبرٌ ... وأدفعُ في صدر الغنى وهو مقبل محمدُ يا ابن المستهل تهللت ... عليكَ سماءٌ من ثنائي تهطل فكم مشهدٍ أشهدته الجودَ فانقضي ... ومجدكَ يُستحيي ومالكَ يَقتل بلوناك اما كعبُ عرضك في العلى ... فعالٍ ولكن جَدُّ مالك أسفل تحملت ما لو حُمّلَ الدهر شطره ... لفكرّ الدهر أيَّ عبئيه أثقلَ

وقال يمدح محمد بن حسان الضبي

أبوكَ شقيقٌ لم يزل وهو للندى ... شقيقٌ وللملهوف ذخرٌ ومعقل أفاد من العليا كنوزاً لو أنها ... صوامتُ مالٍ ما درى أين تجُعل فحسبُ امرئٍ أنتَ امرؤٌ آخرٌ له ... وحسبكَ فخراً أنه لك أول فهل للقريضِ الغضِ أو من يصوغه ... على احدٍ إلاّ عليك معوَّل ليهنَّ امرؤٌ يثني عليك فإنه ... يقول وإن أربى ولا يتقوَّل سَهُلن عليك المكرمات فوصفها ... علينا إذا ما استجمعت فيك أسهل رأيتك للسفر المطَّرد غايةً ... يؤمونها حتَّى كأنك منهل سألتك ألاّ تسأل الله حاجة ... سوى عفوه مادمت تُرجى وتُسأل وإياك لا إياي أمدحُ مثلما ... عليك يقيناً لا عليَّ المعول ولا ترينَ ان العلى لك عندما ... تقولي ولكنَّ العلى حين تفعل ولا شك انّ الخير منك سجية ... ولكنَّ خير الخيرِ عندي المعجل وقال يمدح محمد بن حسان الضبي أزعمتَ أنَّ الربع ليس يُتيَّمُ ... والدمعَ في دمنٍ عفت لا يسجمُ ولقد أراكَ من الكواعب كاسياً ... فاليوم انت من الكواعب محرمُ يا موسم اللذاتِ غالتك النوى ... بعدي فربعك للصبابةِ موسم لحظت بشاشتكَ الحوادث لحظةً ... مازلتُ ألعمُ أنَّها لاتسلم أين التي كانت إذا شاءت جرى ... من مقلتي دمعٌ يُعصفره دمُ بيضاء تسري في الظلام فيكتسي ... نُوراً وتسربُ في الضياء فيظلم يستعذبُ الرعديد فيها حتفهُ ... فتراه وهو المستميتُ المعلم مقسومة في الحسن بل هي غايةٌ ... فالحينُ فيها والجمالُ مقسَّم مظلومة للورد أطلق طرفها ... في الخلق فهو معَ المنون محكم مَذلت فلم تكتم جفاءك (تَكتَمُ) ... إنّ الذي يمقُ الملول لمغرم أن كان وصلك آضَ وهو محرمٌ ... منك الغداة فما السلَّ محرم عزمٌ يفلُ الجيش وهو عرمومٌ ... ويردُ ظفر الشوق وهو مقلم وفتى إذا ظلم الزمان فما يُرى ... إلاّ إلى عزماتهِ يتظلم لولا ابنُ حسانَ المرجى لم يكن ... بالرَّقَةِ البيضاء لي مُتَلوَّم شافهت أسباب الغنى بمحمدٍ ... حتّى ظننت بأنها تتكلم قد تُيَّمت منه القوافي بامرئٍ ... مازال بالمعروف وهومتيم يحلو ويعزبُ إن زمانٌ ناله ... بغنىً وتلتاثُ الخطوبُ فيكرم تلقاه إن طرق الزمان بمغرمٍ ... شرهاً إليه كأنما هو مغرم لا يحسب الإقلالَ عدماً بل يرى ... أنَّ المقلَّ من المروءة معدم مازال وهو إذا الرجالُ تواضخوا ... عندَ التقدَّم حيثُ كان يُقدَّم يحتل من سعدِ بنِ ضبةَ في ذُرى ... عادّيةٍ قد كللّتها الانجم قومٌ يَمُجُّ دماً على أرماحهم ... يوم الوغى المستبسل المستلئم يعلون حتى مايشكّ عدُوهم ... أنّ المنايا الحمرَ حيٌّ منهم لو كان في الدنيا قبيلٌ آخرٌ ... بإزائهم ما كان فيها مُصِرِم ولأنت أوضحُ فيهم من غرةٍ ... شدَخَت ولا سيما حواها أدهم تجري على آثارهم في مسلكٍ ... ما إن له إلاّ المكارم معلم لم ينأ عني مطلبٌ ومحمدٌ ... عونٌ عليه أو إليه مسُلَّم لم يذعر الأيام عنك كمرتدٍ ... بالعقل يفهمُ عن أخيه ويَفهمُ ممن إذا ما الشعرُ صافحَ سمعه ... يوماً رأيت ضميره يتبسم وقال يمدح أحمد بن أبي داود ألم يأنِ ان تُروى الظماءُ الحوائمُ ... وان ينظمَ الشملَ المبدّد ناظمُ لئن أرقأ الدمع الغيور وقد جرى ... لقد رويت منه خدودٌ نواعمّ كما كاد يُنسى عهدُ ظمياء باللوى ... ولكن أملّته عليهِ الحمائم بعثن الهوى في قلبِ من ليس هائماً ... فقلّ في فؤآدٍ رُعنَهُ وهو هائم لها نغمٌ ليست دموعاً فإن علت ... مضت حيث لا تمضي الدموعُ السواجم أما وأبيها لو رأتني لأيقنت ... بطول جوىً تنقدُّ منه الحيازم رأت قسماتٍ قد تقسَّم نضرها ... سُرى الليل والإسآد فهي سواهم وتلويح أجسام تصدَّعُ تحتها ... قلوبٌ رياحُ الشوقِ فيها سمائم ينال الفتى من عيشه وهو جاهلٌ ... ويُكدي الفتى في دهره وهو عالم

وقال يمدح محمد بن الحسن الضبي

ولو كانت الأرزاق تجري على الحجا ... هَلكنَ إذاً من جهلهنَّ البهائم جزى الله كفاً ملؤها من سعادةٍ ... سعت في هلاكِ المال والمال تائم فلم يجتمع شرقٌ وغرب لقاصدٍ ... ولا المجد في كفّ امرئٍ والدراهم ولم أر كالمعروف تُدعى حقوقه ... مغارم في الأقوام وهي مغانم ولا كالعلى مالم يُرَ الشعر بينها ... فكالأرضِ غفلاً ليس فيها معالم وما هو إلا القول يسري فيغتدي ... له غررٌ في اوجهٍ ومواسم يرى حكمةً ما فيه وهو فكاهةٌ ... ويقضي بما يقضي به وهو ظالم إلى أحمدَ المحمود أمّت بنا السرى ... نواعب في عرض الفلا ورواسم جوائفُ يظلمنَ إذا عدا ... وسيجَ أبيه وهو للبرق شائم نجائب قد كانت نعائم مرة ... من المر أو أُماتهن نعائم إلى سالم الأخلاق من كل غائب ... وليس له مالٌ على الجود سالم جديرٌ بأن لا يصبح المال عنده ... جديراً بأن يبقى وفي الأرض غارم وليس ببانٍ للعلى خُلُق امرئٍ ... وأن جلَّ إلا وهو للمال هادم له من إيادٍ قمةُ المجدِ حيث ما ... سمت ولها منه البنا والدعائم أناسٌ إذا راحوا إلي الروح لم ترح ... مسَّلمةً أسيافهم والقوائم بنو كلَّ مشبوح الذراع إذا القنا ... ثنت أذرع الأبطال وهي معاصم إذا سيفهُ أضحى على الهام حاكماً ... غدا العفو منهُ وهو في السيف حاكم أخذتَ بأعضاد العُريب وقد خوت ... عيونٌ كليلاتٌ وذلّت جماجم فأضحوا لو استطاعوا لفرطِ محبةٍ ... لقد عُلِّقت خوفاً عليك التمائم ولو علم الشيخان أُدٌ ويعربٌ ... لَسُرَّت إذاً تلك العظام الرمائم تلاقى بك الحيان في كل محفلٍ ... جليل وعاشت في ذراك العماعم فما بال وجهِ الشعر أسودَ قاتماً ... وانفُ العلى من عُطلة الشعر راغم تداركه أن المكرمات أصابعٌ ... وإنّ حُلى الأشعار فيها خواتم إذا انت لم تحفظهُ لم يكُ بدعةً ... ولا عجباً إن ضيعته الأعاجم فقد هزَّ عطفيهِ القريضُ توقعاً ... لعدلك مُذ صارت إليك المظالم ولولا خِلال سنّها الشعرُ ماردي ... بغاةُ العلى من أين تُؤتى المكارم وقال يمدح محمد بن الحسن الضبي ما اليوم أول توديعي ولا الثاني ... البينُ أكثر من شوقي واحزاني دعِ الفراق فأنّ الدهر ساعده ... فصار أملك من روحي بجثماني خليفةُ الخضر من يربع على وطنٍ ... في بلدةٍ فظهور العيس أوطاني بالشام اهلي وبغدادُ الهوى وأنا ... بالرّقتّين وبالفُسطاط إخواني وما أظنُّ النوى ترضى بما صنعت ... حتى تشافه بي أقصى خراسان خلَّفت بالأفق الغربيَّ لي سكناً ... قد كانَ عيشي به حُلواً بحلوان غصنٌ من البان مهتزٌ على قمرٍ ... يهتزُّ مثل اهتزاز الغصن في البان أفنيت من بعده فيض الدموع كما ... أفنيت في هجره صبري وسلواني وليسَ يعرف طيب الوصل صاحبُهُ ... حتى يصاب بنأيٍ أو بهجران إساءةَ الحادثات استبطني نفقاً ... فقد أظبَّكِ إحسانُ ابنِ حَسَّان أمسكتُ منه بود شدَّ لي عُقداً ... كأنما الدهر في كفي بها عان إذا نوى الدهر أن يودي بتالِدهِ ... لم يستعن غير كفّيه بأعوان لو أنَّ اجماعنا في وصف سؤدده ... في الدّين لم يختلف في الأمة إثنان وقال يمدح أمير المؤمنين الواثق بالله بأبي المنازِلُ إنَّها لشجونُ ... وعلى العجومة إنها لتبينُ فاعقل بنضو الدار نضوك يَقتَسِم ... فرطَ الصبابة مسعدٌ وحزينُ لا تمنعنّي وقفةً أشفي بها ... داء الفراق فإنها ماعون واسق الأثافي من شؤونك ريَّها ... إن الضنين بدمعه لَضنين والنؤي أهميدَ شطره فكأنه ... تحت الحوادث صاحبٌ مقرون حزنٌ غداة الحزنِ هاج غليله ... في أبرق الحنان منك حنين سمة الصبابه عبرةٌ أو زفرةٌ ... متكفلٌ بهما حشاً وشؤونا لولا التفجع لادَّعى هضبُ الحمى ... وصفا المشقّر أنّهُ محزون

سيروا ذوي الحاجات ينجع سعيكم ... غيثُ سحاب الجود منه هتوت فالحادثات بوبله مصفودةٌ ... والمحلُ في شُؤبوبه مسجون حملو اثقل الهمِّ واستنأى بهم ... سفرٌ يهدُّ المتن وهو متين حتى إذا ألقوه عن اكتافهم ... العزم وهو على النجاح ضمين وجدوا جناب الملك اخضر فاجتلوا ... هارون فيه كأنه هارون ألفوا أمير المؤمنين وجدَّه ... خضلُ الغمام وظلُّه مسكون فغدوا وقد وثقوا برأفةِ واثق ... بالله طائره لهم ميمون قرَّت به تلك العيون وأشرقت ... تلك الخدودُ وإنهنَّ لجون ملكوا خطام العيش بالملك الذي ... أخلاقهُ للمكرماتِ حصون ملكٌ إذا خاض المسامع ذكرهُ ... خفَّ الرجاء إليه وهو ركين ليثٌ إذا خفق اللواء رايته ... يعلو قرا الهيجاء وهي زَبونُ جعل الخلافة فيه ربُّ قوله ... سبحانه للشيء كون فيكون ولقد رأيناها له بقلوبنا ... وظهورُ خطبٍ دونها وبطون ولذاك قيل من الظنون جليَّة ... صِدقٌ وفي بعض القلوب عيون ولقد علمنا مذ ترعرع أنه ... لأمين رب العالمين أمين يا ابن الخلائف إنَّ بُردك ملؤه ... كرمٌ يذوبُ المزنُ منه ولين نورٌ من الماضي عليكَ كأنه ... نورٌ عليه من النبيّ مُبين يسمو بك السفاح والمنصورُ ... والمهديُّ والمعصوم والمأمون من يعشُ ضوءَ الأك يعلم أنهم ... ملأٌ لدى ملأ السماء مكين فرسانُ مملكةٍ وأسدُ خلافةٍ ... ظلُّ الهدى غابٌ لهم وعرين قومٌ غدا الميراثُ مضروباً لهم ... سُورٌ عليه من القرآن حصينُ فيهم سكينة ربهم وكتابهُ ... وإمامته واسمه المحزون وادٍ من السلطان مُحمىً لم يكن ... ليضمَّ فيه الملك إلاّ الدين في دولةٍ بيضاءَ هارونيةٍ ... متكنفاها النصرُ والتمكين قد أصبح الإسلام في سلطانها ... والهندُ بعض ثغورها والصين يفدي امينَ الله كلَّ منافق ... شَآنه بين الضلوع كمين ممن يداهُ يُسريانِ ولم تزل ... فينا وكلتا راحتيكَ يمين تدعى بطاعتك الوحوش فترعوي ... والأسدُ في عريّسها فَتَدين ما فوق مجدك مُرتقى مجدٍ ولا ... كلُّ افتخار دونَ فخرك دون جاءتك من نظم اللسان قلادة ... سِمطانِ فيها اللؤلؤ المنون حُذيت حذاء الحضرميّة أرهفت ... وأجابها التحصيرُ والتلسين إنسيَّة وحشيّةٌ كثُرت بها ... حركاتُ أهل الأرض وهي سكون ينبوعها خضلٌ وحليُ قريضها ... خليُ الهدى ونسيجها موضون أمّا المعاني فهي إبكارٌ إذا ... نُصَّت ولكنَّ القوافي عون ولقد علمنا مذ ترعرع أنه ... لأمين رب العالمين أمين يا ابن الخلائف إنَّ بُردك ملؤه ... كرمٌ يذوبُ المزنُ منه ولين نورٌ من الماضي عليكَ كأنه ... نورٌ عليه من النبيّ مُبين يسمو بك السفاح والمنصورُ ... والمهديُّ والمعصوم والمأمون من يعشُ ضوءَ الأك يعلم أنهم ... ملأٌ لدى ملأ السماء مكين فرسانُ مملكةٍ وأسدُ خلافةٍ ... ظلُّ الهدى غابٌ لهم وعرين قومٌ غدا الميراثُ مضروباً لهم ... سُورٌ عليه من القرآن حصينُ فيهم سكينة ربهم وكتابهُ ... وإمامته واسمه المحزون وادٍ من السلطان مُحمىً لم يكن ... ليضمَّ فيه الملك إلاّ الدين في دولةٍ بيضاءَ هارونيةٍ ... متكنفاها النصرُ والتمكين قد أصبح الإسلام في سلطانها ... والهندُ بعض ثغورها والصين يفدي امينَ الله كلَّ منافق ... شَآنه بين الضلوع كمين ممن يداهُ يُسريانِ ولم تزل ... فينا وكلتا راحتيكَ يمين تدعى بطاعتك الوحوش فترعوي ... والأسدُ في عريّسها فَتَدين ما فوق مجدك مُرتقى مجدٍ ولا ... كلُّ افتخار دونَ فخرك دون جاءتك من نظم اللسان قلادة ... سِمطانِ فيها اللؤلؤ المنون حُذيت حذاء الحضرميّة أرهفت ... وأجابها التحصيرُ والتلسين إنسيَّة وحشيّةٌ كثُرت بها ... حركاتُ أهل الأرض وهي سكون

أقول لقد جاوزت القدر وأخللت بما اشترطت من الاختصار، وأكثرت من شعر الزجل لأني كلما

ينبوعها خضلٌ وحليُ قريضها ... خليُ الهدى ونسيجها موضون أمّا المعاني فهي إبكارٌ إذا ... نُصَّت ولكنَّ القوافي عون أحذاكها صنعُ الضمير يمدَّه ... جفرٌ إذا نضب الكلام معينُ ويسيء بالإحسان ظناً لا كمن ... يأتيك وهو بشعره مفتون يرمي بهمّتهِ إليك وهمَّه ... أملٌ له أبداً إليك حُرون فمُناه في حيث الأماني رُتَّعٌ ... ورجاؤه حيث الرجاء كنين ولعلَّ ما يرجوه مما لم يكن ... بكَ عاجلاً أو آجلاً سيكون أقول لقد جاوزت القدر وأخللت بما اشترطت من الاختصار، وأكثرت من شعر الزجل لأني كلما نقلت قصيدة ونظرت التي بعدها فإذا هي مثلها أو أجود منها حتى تمادى بي استحسان شعره إلى الإكثار منه، فلله دره من شاعر! ما أعذب مقاله وأوسع مجاله وارق معانيه واثبت مبانيه. شعر أبي عُبادة البحتري قال البكري هو الوليد بن عبيد بن يحيى من بني بحر بن عتود بن عنبس بن سلامان بن نفيل بن عمرو بن الغوث بن جلهمة وهي طيء، شاعر مقدم لا يعدل به أحد يفضل على حبيب والناس في تفضيلهما على اختلاف. قال أبو الفرج كان البحتري شاعراً فصيحاً حسن المذهب، نقي الكلام، ختم به شعراء المحدثين وله تصرف في ضروب الشعر سوى الهجاء فإن بضاعته فيها نزرة. قال عبد الله بن الحسن: سألت المبرد عن أبي تمام والبحتري أيهما أشعر فقال: لأبي تمام استخراجات لطيفة ومعان ظريفة وجيدة أجود من شعر البحتري ومن تقدمه من المحدثين وشعر البحتري أحسن استواء من شعره لأن البحتري يقول القصيدة كلها فتكون سليمة من طعن طاعن وأبو تمام يقول البيت النادر والبارد وهذا المعنى كان أعجب إلى الأصمعي وما أشبهه إلا بغائص يخرج الدرة والمخشلبة وهي زجاجة توضع مكان الدرة ثم قال: لأبي تمام والبحتري من المحاسن ما لو قيس بأكثر شعر الأوائل ما وجد فيه مثله وللبحتري بيتان لو وضعا في شعر زهير لجازا فيه وهما: فما سفه السفيه وإن تعدى ... بأنجع فيك من حلم الحليم متى أحفظت ذا كرمِِتخطى ... إليك ببعض أفعال اللئيم وذكر المبرد شعراً له وقدمهعلى نظرائه وهو قوله وإذا ذكرت محاسن ابني صاعد=؟ أدت إليك مخائل ابني مخلد كالفرقدين إذا تأمل ناظرُ=لم يعل موضع فرقدٍ عن فرقد وقوله من شاكرُ عني الخليفة للذي ... أولاه من فضل ومن إحسان حتى لقد أفضلت من إفضاله ... ورأيت نهج الجود حيث أملأت يداه يدي وشرد جوده ... بخلي وأفقرني كما أغناني وله في الفتح بن خاقان وقد نزل إلى الأسد فقتله حملت عليه السيف لا عطفك انثنى ... ولا يدك ارتدت ولا حده نبا فأحجم لماّ لم يجد فيك مطعماً ... وصمّم لما لم يجد عنك مهربا وقوله وما منع الفتح بن خاقان نيله ... ولكنّها الأيام تعطي وتحرم سحاب خطاني جوده وهو مسبلُُ ... وبحرُ عداني فيضه وهو مفعمُ وبدر ٌ أضاء الأرض شرقاًومغرباً ... وموضع رجلي منه أسود مظلم ااشكو نداه بعد أن وسع الورى ... ومن ذا يذم الغيث إلا مذمم وله في انتقاض صلح بين عشيرته إذا ما الجرح رمّ على فسادٍ ... تبين فيه تفريط الطبيب وللسهم الشديد أشد حباً ... إلى الرامي من السهم المصيب ومن جيد شعره ولما التقينا واللوى موعدُ لنا ... تبين رائي الدر حسناً ولاقطه فمن لؤلؤ تجلوه عند ابتسامها ... ومن لؤلؤ عند الحديث تساقطه

قال يمدح أمير المؤمنين على الله ويهنيه بعيد الفطير

والبحتري مكثر جداً. وديوان شعره مختلف بالزيادة والنقص لأن شعره لا ينضبط لكثرته. قال البحتري: كنت أنظم الشعر في حداثتي وكنت أرجع فيه إلى الطبع ولم أكن أقف على تسهيل مأخذه ووجوه اقتضابه حتى قصدت أبا تمام وانقطعت فيه إليه وتكلفت في تعريفه عليه فكان أول ما قال لي يا أبا عبادة تخير الأوقات وأنت قليل الهموم، صفر من الغموم واعلم أن العادات جرت في الأوقات أن يقصدها الإنسان لتأليف الشيء وحفظه ومن ذلك وقت السحر لأن النفس تكون قد أخذت بحقها من الراحة وقسطها من النوم فإن أردت التشبيب فاجعل اللفظ رقيقاً والمعنى رشيقاً وأكثر فيه من بيان الصبابة وتوجع الكآبة وقلق الأشواق، ولوعة الفراق، وإذا أخذت في مدح شيد فأشهر مناقبه وأظهر مناسبه وأبن معالمه وشرف مقاومه ونفض المعاني واحذر المحتمل منها وإياك أن تشين شعرك بالألفاظ الهجينة وكن وكأنك خياط تقطع الثياب على مقادير الأجسام وإذا عارضك الضجر فأرح نفسك ولا تعمل شعراً إلا فارغ القلب واجعل شهوتك إلى قول الشعر الذريعة إلى حسن نظمه فإن الشهوة تجمع النفس. وجملة الحال أن تعتبر نفسك بما سبق من شعر الماضيين فما استحسنت العلماء فاقصده وما تركوه فاجتنبه ترشد إن شاء الله تعالى فاعملت نفسي فيما قال فوقفت على السياسة. قال يمدح أمير المؤمنين على الله ويهنيه بعيد الفطير أُخفي هوىً لك في الضلوع وأظهر ... وأُلام من كمدٍ عليك وأعذرُ وأراك على النوى من لم يخن ... عهد الهوى وهجرت من لا يهجر وطلبتُ منك مودةً لم أعطها ... إن المعنى طالب لا يظفر هل دينُ علوة َ يستطاع فيقتضى ... أو ظلم علوة يستفيق فيقصر بيضاءُ يعطيكَ القضيب قوامها ... ويريك عينيها الغزال الأحور تمشي فتحكم في القلوب بدلّها ... وتميس في ظل الشباب وتخطرُ وتميل من لين الصبي فيقيمها ... قد يؤنّثُ تارةً ويذكر إني وإن جانب بعض بطالتي ... وتوهّم الواشون أني مقصٍر ليشوقني حسن العيون المجتلى ... ويروقني ورد الخدود الأحمر الله مكّن للخليفة جعفرِ ... ملكاً يحسّنه الخليفةُ جعفر نعمى من الله اصطفاه بفضلها ... والله يرزق من يشاء ويقدر فاسلم أمير المؤمنين ولا تزل ... تُعطى الزيادةَ في البقاء وتشكر عمت فواضلُك البرية فالتقي ... فيها المقلّ على الغنى والمكثر بالبر صمتَ وأنت أول صائم ... وبسنة الله الرضيّه تفطر فانعم علينا بيوم عيناً إنه ... يومٌ أغر من الزمان مشهّر أظهرت عزّ الملك فيه بجحفلٍ ... لجبٍ يحاط الدينُ فيه ويُنصر خلنا الجبال تسير فيه وقد غدت ... عدداً يسير بها العديدُ الأكثر فالخيل تصهل والفوارسُ تدّعي ... والبيضُ تلمع والأسنة تزهر والأرض خاشعةٌ تميل بثقلها ... والجو معتكرُ الجوانب أغبر والشمس ماتعةٌ توقّد بالضحى ... طوراً ويطفئها العجاجُ الأكدر حتى طلعت بضوءِ وجهك فانجلى ... ذلك الدجى وانجاب ذاك العثير وافتنّ فيك الناظرون فاصبغٌ ... يوما إليك بها وعينٌ تنظر يجدونَ رؤيتك التي فازوا بها ... من أنعمِ الله التي لا تكفر ذكروا بطلعتك النبيّ فهللوا ... لمّا طلعت من الصفوف وكبروا حتى انتهيتَ ألى المصلّي لابساً ... نور الهدى يبدو عليك ويظهر ومشيت مِشية خاضعٍ متواضعٍ ... لله لا يزهى ولا يتكبر فلو أن مشتاقاً تكلفَ فوق ما ... في وسعِه لمشى إليك المنبر أبديتَ من فضلِ الخطاب بحكمة ... تُنبي عن الحق المبين وتخبر ووقفت في برد النبيّ مذكراً ... بالله تنذرُ تارةً وتبشر ومواعظ شفتِ الصدور من الذي ... يعتادها وشفاؤها متعذر حتى لقد علَم الجهولُ وأخلصت ... نفسُ المروّى واهتدى المتحير صلّوا وراءك آخذين بعصمةٍ ... من ربهم وبذمةٍ لا تخفر فاسلم بمغفرة الإله فلم يزل ... يَهبُ الذنوبَ لمن يشاء ويغفر الله أعطاك المحبة في الورى ... وحباك بالفضل الذي لا ينكر ولأنت أملأُ للعيون لديهم ... وأجلٌُّ قدراً في الصدور وأكبر

وقال يمدحه ويذكر وفد الروم

وقال يمدحه ويذكر وفد الروم قل للسحاب إذا حدتهُ الشمألُ ... وسرى بلبلٍ ركبةُ المتحمّلُ عرّج على حلبٍ فحي محلةً ... مأنوسة فيها لِعلوة منزل لغريرةٍ أدنو وتبعدُ في الهوى ... وأجودُ بالودِ المصون وتبخل وعليلة الألحاظ ناعمة الصبا ... غَري الوشاة بها ولّج العذل لا تكذبنّ فأنت ألطفُ في الحشا ... عهداً واحسن في الضمير وأجمل لو شئت عدت إلى التناصب في الهوى ... وبذلتِ من مكنونه ما أبذل أحنو إليك وفي فؤادي لوعةٌ ... وأصدُّ عنك ووجهُ ودي مقبل وإذا هممتُ بوصل غيرك ردّني ... وَلهٌ إليك شافعٌ لك أول وأعزُّ ثم أذلُّ ذلة عاشقٍ ... والحبُ فيه تعزَّزٌ وتذلّلٌ إنّ الرعية لم تزل في سيرة ... عُمريَّةٍ مذ ساسها المتوكل الله آثر بالخلافة جعفراً ... ورآه ناصرها الذي لا يخذل هي أفضل الرتب التي جعلت له ... دون البرية وهو منها أفضل ملكٌ إذا عاذ المسيء بعفوه ... غفر الإساءة قادراً لا يعجل وعفا كما صفح السحابُ ورعدهُ ... قصفٌ وبارقهُ حريقٌ مُشعلُ يتقبل العباس عمَّ محمدٍ ... ووصيَّه فيما يقول ويفعل شرفٌ خصصت به ومجدٌ باذجٌ ... متمكن فوق المجوم مؤثلٌ لا يعد منك المسلمون فإنهم ... في ظلّ ملكك أدركوا ما أمَّلوا حَصَّنت بيضتهم وحطت حريمهم ... وحملت من أعبائهم ما استثقلوا فاديت بالأسرى وقد غلقوا فلا ... منٌّ يُنال ولا فداءٌ يقبل ورأيت وفد الروم بعد عنادهم ... عرفوا فضائلك التي لا تجهل لحظوك اول لحظة فاستصغروا ... من كان يعظم فيهم ويبجل أحضرتهم حججاً لو اجتلبت بها ... عصمُ الجبالِ لأقبلت تتنزل ورأوك وضاح الجبين كما يُرى ... قمرُ السماءِ السعد ليلة يكمل نظروا إليك فقدسوا ولو أنّهم ... نطقوا الفصيح لكبروا أو هللوا حضروا السماط فكلّما راموا القرى ... مالت بأيديهم عقولٌ ذهل تهوي اكفهم إلى أفواههم ... فتحيد عن قصدِ السبيل وتعدل متحيرون فباهتٌ متعجبٌ ... ممّا رأى او ناظرٌ متأمل ويود قومهمُ الألى بعثوا بهم ... لو ضمهم بالأمس ذاك المحفل قد نافس الغيب الحضورُ على الذي ... شهدوا وقد حسدَ الرسولَ المرسل عجّلت رفدهم وافضلُ نائلٍ ... حُبي الوفودُ به الهنيء المعجل فالله أسألُ أن تعمرَّ صالحاً ... فدوام عمرك خيرُ شيءٍ يُسألُ وقال يمدحه أنافعي عند ليلى فرطُ حُبيها ... ولوعةٌ لي أبديها وأخفيها أم لا تقاربُ ليلى من يقاربها ... ولا تداني بوصل من يدانيها بيضاء أوقد خدّيها الصِبا وسقى ... أجفانها من مُدام الراح ساقيها في حمرةِ الورد شكلٌ من تايّبها ... وللقضيبِ نصيبٌ من تثنيها قد عُلّمَت أنني لم أرضَ كاشحها ... فيها ولم أستمع من قول واشيها ويومَ جدَّ بنا عنها الرحيل على ... صبابةٍ وحدا الأظعان حاديها قامت تودعني عجلا وقد حدرت ... سوابقٌ من تؤام الدمع تُجريها واستنكرت ظعني عنها فقلتُ لها ... إلى الخليفة أمضي العيس ممضيها إلى إمامٍ له ما كان من شرفٍ ... يُعدُّ في سالف الدنيا وباقيها خليفة الله ما للحمد مُنصرفٌ ... إلاّ إلى نعمٍ أصبحت توليها فلا فضيلة إلا أنت لابسها ... ولا رعيَّة إلا أنت راعيها مِلك كملك سليمان الذي خضعت ... له البريّةُ قاصيها ودانيها وزلفةٍ لك عند الله تُظهرها ... لنا ببرهان ما تأتي وتبديها؟ لما تأبد محل الأرض واحتبست ... غرُّ السحائب حتى ما نرجيها وقمت مستسقياً للمسلمين جرت ... غرُّ الغمام وحلّت من عزاليها فلا غمامة إلا أنهلّ وابلها ... ولا قرارة إلا سال واديها وطاعة الوحش إذا جاءتك من خرقٍ ... أحوى وادمانةٍ كُحلٍ مآقيها كالكاعب الرود يخفي من ترائبها ... روعُ العبير ويبدو في تراقيها ألفانِ وافت على قدرٍ مسارعةً ... إلى قبول الذي حاولته فيها

وقال يمدح الفتح بن خاقان ويصف دخوله عليه وسلامه عليه

إن سرت سارت وإن وقفتها وقفت ... صوراً إليك بالحاظٍ تواليها يُرعن منك إلى وجهٍ يرين له ... جلالةً يكثر التسبيح رائيها حتى قطعت بها القاطولَ وافترقت ... بالخير في عرصةٍ فسحٍ نواحيها فنهرُ نيرك وردٌ من مواردها ... وساحةُ التَّل مغنىً من مغانيها لولا الذي عرفتهُ فيكَ يومئذ ... لما أطاعك وسطَ البيد عاصيها فضلان حُزتهما دونَ الملوك ولم ... تُظهر بنيلهما كِبراً ولا تيها وقال يمدح الفتح بن خاقان ويصف دخوله عليه وسلامه عليه هَبِ الدارَ ردَّت رجع ما أنت قائلهُ ... وأبدى الجواب الربع عما تسائله أفي ذاك برءٌ من جوىً ألهب الحشا ... توقدهُ واستغزر الدمع جائلهُ هو الدمع موقوف على كل دمنة ... تعرج فيه أو خليط تزايله ترادفهم خفض النعيم ولينهُ ... وجادهمُ طلُّ الربيع ووابله وإن لم يكن في عاجل الدهر منهم ... نوالٌ وغيثٌ من زمانك آجله مضى العامُ بالهِجران منهم بالنوى ... فهل مقبلٌ بالوصلِ والقربِ قابلُه أرجّم في ليلى الظنون وأرتجي ... أواخر حبّ أخلفتني أوابله وليلةَ هو منَّا على العيس أرسلت ... بطيفِ خيال يُشبه الحق باطله فلولا بياض الصبح طال تشبثي ... بعطفي غزالٍ بتُّ وهناُ أغازله وكم من يد لليل عندي حميدةٍ ... وللصبح من خطبٍ تذم غوائله وقد قلتُ للمعلي إلى المجد طرفه ... دع المجد فالفتح بن خاقان شاغلهُ سنان أمير المؤمنين وسيفه ... وسيب أمير المؤمنين ونائله تشبُّ به للناكثينَ حروبه ... ويدنو به للخابطين نوافله أطلَّ بنعماه فمن ذا يطاوله ... وعمَّ بجدواه فمن ذا يساجله ضمنت عن الساعين أن يلحقوا به ... إذا ذُكرت آلاؤه وفواضله أيبلغه بالبذل قومٌ وقد سمعوا ... فما بلغوا بعض الذي هو باذله رمى كلب الاعداء عن حدِّ نجدةٍ ... بها قطعت تحت العجاج مناصله وما السيف إلاّ بزُّ غاد لزينةٍ ... إذا لم يكن أمضى من السيف حامله يُداني بمعروفٍ هو الغيث في الثرى ... توالي نداه واستنارت خمائله أمنت به الدهر الذي كنت أتقي ... ونلتُ به القدر الذي كنت آمله ولمَّا حضرنا سدَّة الأذن أخرّت ... رجالٌ عن الباب الذي انا داخله فأفضيتُ من قربٍ ذي مهابة ... أقابل بدر الافق حين أقابله إلى مسرفٍ في الجود لو أنَّ حاتماً ... لديه لأمسى حاتمٌ وهو عاذله بدا لي محمود السجية شمّرت ... سرابيله عنه وطالت حمائله كما انتصب الرمحُ الردينيّ ثقفت ... أنابيبه للطعن واهتزّ حامله وكالبدرِ وافته لتّمٍ سعوده ... فتمَّ سناه واستهلت منازله فسلمت فاعتاقت جناني هيبةٌ ... تنازعني القول الذي أنا قائله فلمّا تأملتُ الطلاقة وانثنى ... إليَّ ببشرٍ آنستني مخايله دنوتُ فقبلت الندى من يد امرئٍ ... جميلٌ محياه سِباطٍ أنامله وقال يمدحه ألمت وهل ألمامها لك نافعٌ ... وزارت خيالاً والعيون هواجعُ بنفسي من تنأى ويدنو أدكارها ... ويبذل عنها طيفها وتمانع خليليَّ أبلاني هوى متلوّن ... له شيمة تأبى واخرى تطاوع وحرض شوقي خاطر الريح إذا سرى ... وبرقٌ بدا من جانبٍ والغرب لامع وما ذاك أن الشوق يدنو بنازحٍ ... ولا أنني في وصل علوة طامع خلا أن شوقاً ما يغبُّ ولوعةً ... إذا اضطرمت فاضت عليها المدامع علاقة حبٍّ كنت أكتم بثّها ... إلى أن أذاعتها الدموع الهوامع إذا العينُ راحت وهي عين على الجوى ... فليس بسرٍ ما تسرُّ الأضالع فلا تحسبا أني نزعت ولم أكن ... لأنزع عن ألفٍ إليه أنازع وإن شفاه النفس لو تستطيعه ... حبيب موات أو سباب مراجع ثني أملي واجتازه عن معاشر ... يبيتون والآمال فيهم مطامع جناب من الفتح بن خاقان ممرعٌ ... وفضلٌ من الفتح بن خاقان شائعُ أغرَّ لنا من جوده وسماحهِ ... ظهيرٌ عليه ما يخيبُ وشافع

وقال يمدحه

ولمّا جرى للمجد والقومُ خلفه ... تغوَّل أقصى جهدهم وهو وادع وهل يتكافا الناس شتى خلالهم ... وما تتكافا في اليدين الأصابع يّبجَّلُ إجلالاً ويكبر هيبةً ... أصيلُ الحجا فيه تقي وتواضع إذا ارتدَّ صمتا فالرؤوس نواكسٌ ... وإن قال فالأعناق صورٌ خواضع وتسود من لبس السلاح وحمله ... سرابيلُ وضَّاح به المسك رادع منيفٌ على هام الرجال إذا مشى ... أطال الخطى بادي البسالةِ رائع وأغلبُ ما تنفك من يقظاته ... ربايا على أعدائه وطلائع جنانٌ على ما جرّتِ الحرب جامع ... وصدرٌ لما يأتي به الدهر واسع يدٌ لأمير المؤمنين وعدةٌ ... إذا التاث خطبٌ أو تغلب خالع مغامرُ حربٍ ماتزال جياده ... مطلّحةً منها حسيرٌ وظالع جديرٌ بأن تنشق عن ضوء وجهه ... ضبابةُ نقعٍ تحتها الموتُ ناقع وأن يهزم الصف الكثيف بطعنةٍ ... لها عاملٌ في إثرها متتابع تذود الدنايا عنه نفسٌ أبيةٌ ... وعزمٌ كحد الهند وانّي قاطع بعيدُ مقيل السرِ لا يدرك التي ... يحاولها منه اللبيبُ المخادع ولا يعلمُ الاعداء من فرطِ عزمه ... متى هو مصبوب عليهم فواقع خلائقُ ما تنفكُّ توقف حاسداً ... له نفسٌ في إثرها متراجع ولن ينقل الحسادُ مجدك بعدما ... تمكَّن رضوى واطمأنَّ متالع أأكفرك النعماء عندي وقد نمت ... عليَّ نموَّ الفجر والفخر ساطع وأنت الذي أعززتني بعد ذلتي ... فلا القول مخفوض ولا الطرف خاشع وأغنيتني عن معشرٍ كنتُ برهةً ... أكافحهم عن نيلهم وأقارع فلستُ أبالي جاد بالعرف بازلٌ ... على راغبٍ أو ضنَّ بالخير مانع وأقصرت من حمد الرجال وذمهم ... وفيهم وصولٌ للإخاء وقاطع أرى الشكر من بعض الرجال أمانةً ... تفاضلُ والمعروف فيهم ودائع ولم أر مثلي أتبع الحمدَ أهله ... وجاز أخا النعمى بما هو صانع قصائد ما تنفك فيها غرائب ... تألق في إضعافها وبدائع مكرمةُ الانساب فيها وسائلٌ ... إلى غير من يحبي بها وذرائع تنالُ منال الليل في كلّ وجهةٍ ... وتبقى كما تبقى النجوم الطوالع إذا ذهبت شرقاً أو غرباً فأمنعت ... تبينتُ من تركو لديه الصنائع وقال يمدحه بنا أنت من مجفّوةٍ لم تُعتَّبِ ... ومعذورةٍ في هجرها لم تؤنَّب ونازحةٍ والدار منها قريبةٌ ... وما قربُ ثاوٍ في التراب مغيَّبِ قضت عقبُ الأيام فينا بفرقةٍ ... متى ما تغالب بالتجلد تغلب فإن أبك لا أشفِ الغليل وإن أدع ... أدع لوعةً في الصدر ذات تلهب ألا لا تذكّرني الحمى إن ذكره ... جوىً باطنٌ للمستهامِ المعذب إتت دون ذاك الدهر أيامُ جُرهُم ... وطارت بذاك العيش عنقاء مغرب ويا لائمي في عبرةٍ قد سفحتها ... لبينٍ وأخرى قبلها لتجنب تحاول منّي شيمةً غير شيمتي ... وتطلبُ عندي مذهباً غير مذهبي وما كبدي بالمستطيعة للأسى ... فأسلو ولا قلبي كثير التقلّب ولمّا تزايلنا من الجزع وانتأى ... مشرَّق ركبٍ مصعد عن مغرّب تبينت أن لا دار من بعد عالجٍ ... تسّرُّ وأن لا خلةً بعد زينب لعلَّ وجيف الركب في غلسِ الدجى ... وطيَّ المطايا سبسباً بعد سبسب يُبلغني الفتح بن خاقان إنَّه ... نهايهُ آمالي وغايةُ مطلبي فتى لا يرى أكرومةً لمزنّدٍ ... إذا ما بدت أكرومة لم يُعقَّب ومستشرفٍ بين السماطين مشرق ... علىأعين الرائين يعلو فيرتبي يغضّون فضل الطرف من حيث ما بدا ... لهم عن مهيب في الصدور محبب إذا عرضوا في جدّهِ نفرت بهم ... بسالة مشبوح الذراعين أغلب غدا وهو طودٌ للخلافةِ ماثلٌ ... وحدُ الحسام للخليفة مُقضب نفى البغي واستدعى السلامة وانتهى ... إلى شرفِ الفعل الكريمِ المهذبِ إذا انسابَ في تدبير أمرٍ ترافدت ... له فكرٌ ينجحنَ في كبّ مطلب خفيُّ مَدَبّ الكيد تثني أناتُه ... تَسرُّع طيشِ الجاهل المتوثب

وقال يمدحه

ويبدي الرضى في خالةِ السخط للعدى ... وقورٌ متى يقدح بزنديه يُثقب فماذا يخر الخائبين وقد رأوا ... ضرائب ذاك المشرفيّ المجرب غرائبُ أخلاقٍ هي الروض جادهُ ... مُلِثُّ العزالي ذو ربابٍ وهيدب فكم أعجبت من ناظرٍ متأمل ... وكم حيّرت من سامع متعجب وقد زادها إفراط حُسنِ جوارها ... طوالعَ في داجٍ من الليل غيهب وحسنُ دواري الكواكب أن تُرى ... طوالع في داجٍ من الليل غيهب أرى جمعكم يا أهل حمص مجمّعاً ... بعقبِ افتراقٍ منكمُ وتشعب وكنتم شعاعاً من طريدٍ مسرد ... وثاوٍ ردٍ أو خائف مترقب ومن نفرٍ فوق الجذوع كأنهم ... إذا الشمس لاحتهم حرابي تَنضُبِ تلافاكم الفتح بن خاقان بعدما ... تدهدهتم من حالق متصوب بعارفةٍ أهدت أماناً لخائفٍ ... وغوثاً للملهوفٍ وعوناً لمذنب عنت طيئاً جمعاً وثنّت بمذحجٍ ... خصوصاً وعمت في الكلاع وَيَحصب رددت الردى عن اهل حمص وقد بدا ... لهم جانب الومِ العبوس العصبصب ولو لم تدافع دونها لتفرقت ... أيادي سباعنها سبا ابنة يشجُب رفدتهم عند السرير وقد بدا ... لهم ما بدا من سخط اسوان مغضب فكانت يداً بيضاء مثل اليد التي ... نعشت بها عمروبن غُنمِ بن تغلب فلم تر عيني نعمتين استحقتا ... ثناءهما في ابني مَعدِّ ويعرب إن العربُ انقادت إليك قلوبها ... فقد جئت إحساناً إلى كلّ معرب ولم تعمد حاضراً دون غائب ... ولم تتجانف عن بعيد لأقرب شكرتك عن قومي وقومك إنّني ... لسانُهما في كلّ شرق ومغرب وما أنا إلاّ عبدُ نعمتك التي ... نُسبتُ إليها دون أهلي ومنصبي ومولى أيادٍ منك بيضٍ متى أقل ... بآلائها في مشهد لم أكذّب وآليتُ لا أنسى بلوغك بي العلى ... على كره شتى من شهود وغيَّب ودفعي بك الاعداء عني وإنما ... دفعت بركنٍ من ثر روى ومنكب وقال يمدحه حلفتُ لها بالله يومَ التفرِّق ... وبالوجدِ من قلبي بها المتعلّق وبالعهد ما البذل القليل بضائع ... لديَّ ولا العهد القديم بمخلِق وأبثثتها شكوى أبانت عن الجوى ... ودمعاً متى يشهد ببث يُصدَّق وإني لأخشاها عليَّ إذا نأت ... واخشى عليها الكاشحين واتقي وإني وان ضنت عليَّ بودها ... لأرتاح منها للخيال المؤرق يعزُّ على الواشين لو يعلمونها ... ليالٍ لنا تزداد فيها ونلتقي فكم غلَّة لشوق أطفأتُ حرَّها ... بطيفٍ متى يطرق دجى الليل يطرق أضمُّ عليه جفن عيني تعلّقاً ... به عند إجلاء النعاسِ المرنّق أجدَّك ما وصلُ الغواني بمطمعٍ ... ولا القلبُ من رِقِّ الغواني بمعتق وددتُ بياض السيف يومَ لقيتني ... مكان بياض الشّيب لاح بمفرقي وصدّ الغواني عند إيماض لمّتي ... وقصَّرن عن لبيك ساعة منطقي إذا شئت أن لا تعذل الدهر عاشقاً ... على كمدٍ من لوعةِ الحبِّ فاعشقِ وكنت متى ابعد عن الخلّ اكتئب ... له ومتى أظعن عن الدار أشتق تلفتُّ من عليا دمشق ودوننا ... للبنانَ هضبٌ كالغمام المعلق إلى الحيرةِ البيضاء فالكرخ بعدما ... ذممتُ مقامي بين بُصرى وجلّق إلى معقلي ععزّي وداري إقامتي ... وقصد التفاني بالهوى وتشوقي مقاصيرُ ملكٍ أقبلت بوجوهها ... إلى منظرٍ من عرض دجلة مونق كأنّ الرياض الحوّ يكسين حولها ... أفانين من أفواف وشي مفلق إذا الريحُ هزت نورهنَّ تضوعت ... روائحه من فار مسكٍ مفتق كأنّ القباب البيضَ والشمس طلقةٌ ... تُضاحكها أنصاف بيضٍ مفلَّق ومن شرفاتٍ من السماءِ كأنّها ... قوائم بيضٍ من حمام محلق رباعٌ من الفتح بن خاقان لم تزل ... غنىً لعديمٍ أو فكاكاُ لمرهق فلا العائذ اللاجي إليها بمسلمٍ ... ولا الطالبُ الممتاحُ منها بمخفق يحلُّ بها خرقٌ كأنّ عطاءه ... تَلاحُقُ سيلِ الدّيمة المتبعق تَدَفَّقُ كفٍّ بالسماحة ثرَّةٍ ... وإسفار وجهٍ بالطلاقة مشرق

وقال يرثي بني حميد بن غانم الطوسي

توالت اياديه على الناس فاكتفى ... بها كلّ حيّ ٍ من شآم ومعرق فكم حقنت في تغلب الغلب من دمٍ ... مباحٍ وادنت من شتيت مُفرق وكم نفَّست في حمص من متأسفٍ ... غدا الموت منه آخذاً بالمخنق وكم قطعت عرضَ الارنُد إليهم ... كتائبُ تُزجى فيلقاً بعد فيلق به استأنفوا بردَ الحياة واسندوا ... إلى ظلِّ فينان من العيش مورق فشكراً بني كهلان للمنعم الذي ... أتاحَ لكم رأي الغمام الموفّق ثنى عنكم وحف الخلافة بعدما ... أضاءت بقروق العارض المتألّقِ وقد شهرت بيض السيوف واعرضت ... صدور المذاكي من كُميت وأبلق هنالك لو لم يفتلتكم حُمِلتُمُ ... على مثلٍ صدرِ اللهذميّ المذلق فلا تكفُرُنَّ الفتح آلاء منعم ... نجوتم بها من لاحجِ القطر ضيق وعودوا له بالشكر منكم يَعدُ لكم ... بسيبِ جواد بالّلهى متدفق له خلقٌ في الجودِ لا يستطيعه ... رجالٌ يرومون العلى بالتخلق إذا جهلوا من أين تختصرُ العلى ... درى كيف يسمو في ذراها ويرتقي أطلّ على الأعداء من كلّ وجهة ... وشارفهم من كلّ غرب ومشرق ببيضٍ متى تشهر على القوم يغلبوا ... وخيلٍ متى تركض إلى النصر تسبق أُعين بنو العباس منه بصارمٍ ... جُرازُ وعزمٍ كالشهاب المحرق وصدرٍ امين الغيب يهدي إليهمُ ... نصيحةَ حرّان الجوانح مشفق وحولهم من نصره ودفاعِهِ ... تكهَّفُ طودٍ بالخلافة محدق رأيتك من يطلب محلك ينصرف ... ذميماً ومن يطلب بسعيك يلحق لك الفضل والنعمى عليّ مبينةٌ ... وماليَ إلا ودَّ صدري ومنطقي وقال يرثي بني حميد بن غانم الطوسي أقّصرَ حُميدٍ لا عزاءَ لمغرمِ ... ولا قصر عن دمعٍ وإن كان من دمِ أفي كلّ عامٍ لا تزال مُروَّعاً ... بفذَّ نعيٍّ تارةً أو بتوأم مضى أهلك الأخيارُ إلاّ أقلهم ... وبادوا كما بادت أوائل جرهم فصرتَ كعشٍ خلفتهُ فراخهُ ... بعلياء فرع الاثلةِ المتهشم أحبُّ بنكوك المكرمات فقُرقت ... جماعتهم في كلّ دهياء صيلم تدانت مناياهم بهم وتباعدت ... مضاجعهم من تُربك المتنسم فكلٌّ له قبرٌ غريبٌ ببلدةٍ ... فَمِن منجدٍ نائي الضريح ومُتهم قبورٌ بأطراف الثغور كأنما ... مواقعها منها مواقع أنجم بشاهقة البذّينِ قبرُ محمدٍ ... بعيدٌ من الباكين في كلّ مأتم تشبقُ عليه الريحُ كلَّ عشيةٍ ... جيوب الغمام بين بكرٍ وأيّم وقبران في أعلى النَّباج سقتهما ... بروقُ سيوف الغوث غيثاً من الدم أقبرا أبي نصرٍ وقحطبةٍ هما ... بحيثُ هما أم يذبلٍ ويرمرم وبالموصل الزوراء مَلحَدُ أحمد ... وبين ربى القاطول مصرعُ أصرم وكم طلبتهم من سوابق عَبرةٍ ... متى ماتنهنه بالملامة تسجم نوادبُ في أقصى خُرسان جاوبت ... نوائحَ في بغدادَ بُحِّ الترنم لهنّ عليهم حَسنَّة بعد أنَّةٍ ... ووجدٍ كدُفّاع الحريق المضرم أبا غانمٍ أردى بنيك اعتقادهم ... بأنّض الردى في الحربِ اكبرُ مغنم مضوا يستلذون المنايا حفيظةً ... وحفظاً لذاك السؤدد المتقدم وما ظعنوا إلاّ برمح موصلٍ ... ولا ضربوا إلا بسيفٍ مثلَّم ولمَّا رأوا بعض الحياة مذلةً ... عليهم وعزَّ الموت غير محرم أبوا ان يذوقوا العيشَ والذمُ واقعٌ ... عليه وماتوا ميتةً لم تذمم وكلهم أفضى إليه حمامُهُ ... أميراً على تدبير جيش عرمرم تولّى الردى منهم بهبّة صارمٍ ... ومجَّة ثعبانٍ وعدوة ضيغم حتوفٌ اصابتها الحتوف وأسهمٌ ... من الموت كر الموتُ فيها بأسهم ترى البيض لم تعرفهمُ حين واجهت ... وجوههمُ في المأزقِ المتهجم ولم تتذكر ريّها بأكفهم ... إذا أوردوها تحت اغبر أقتم بلى غير أن السيف أغدرُ صاحبٍ ... وأكفرُ من نالته نعمة منعم بنفسي نفوسٌ لم تكن حملةُ العدى ... أشدَّ عليها من وقوف التكرم ولو أنصفت نبهانُ ماطلبت بها ... سوى المجد إنّ المجد خطة مغرم

شعر المتنبي

دعاها الردى بعد الردى فتتابعت ... تتابعَ منبتِّ الفريد المنظم سلامٌ على تلك الخلائق إنها ... مسلمةٌ من كلّ عار ومأتم مساعٍ عظامٌ ليس يبلى جديدها ... وإن بليت منهم رمائمُ أعظم ولا عجباً للأسدِ إن ظفرت بها ... كلابُ الأعادي من فصيح وأعجم فحَربَةُ وحشيّ سقت حمزة الردى ... وموتُ عليّ من حسام ابن مُلجمِ أبا مسلمٍ لا زلت من مودع لنا ... من المزن مسكوب الحيا ومسلم مدامعُ باكٍ من بني الغيث والهٍ ... أُعاركها أم ضاحكٍ متبسم لئن لم تمت نهب السيوف ولم تُقم ... بواكيك أطراف الوشيج المقوم لبا لرَّكضِ من آل المنية مُعلماً ... إلى كلّ قرمٍ بالمنية معلم وحملك ثقلَ الدرع يحَمى حديدها ... على حرّ جسمٍ بالحديد مهدم وما جدثٌ فيه ابتسامك للندى ... إذا أظلمت أجداثُ قومٍ بمظلم شعر المتنبي قال أبو الفرج هو احمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي الكندي الصوفي المعروف بالمتنبي الشاعر المشهور. وهو من اهل الكوفة. وقدم الشام في صباه وجال في أقطارها واشتغل بفنون الادب ومهر فيها. وكان من المكثرين من نقل اللغة والمطلعين على غريبها وحوشيها، ولا يسأل عن شيء إلا استشهد به بكلام العرب من النظم والنثر. وأما شعره فهو في النهاية من الجودة فمن ذلك ما روى له الشيخ تاج الدين الكندي رحمه الله بيتين لا يوجدان في ديوانه وكانت روايته لهما بالإسناد الصحيح وهما: أبعيمِ مفتقرٍ إليك نظرتني ... فأهنتني وقذفتني مِن حالق لستَ الملوم أنا الملومُ لأنني ... أنزلت آمالي بغيرِ الخالق ولمّا كان بمصر مرض وكان له صديق يغشاه في علته فلما أبلّ انقطع عنه فكتب إليهوصلتني وصلك الله معتلاً، وقطعتني موبلاً، فإن رأيت ان لا تحبب العلة إليّ ولا تكدر الصحة عليّ فعلت إن شاء الله تعالى قال أحمد بن محمد النامي الشاعر المشهور أود أن كون سبقت المتنبي إلى بيتين قالهما وهما رماني الدهر بالأرزاء حتى ... فؤادي من غشاءٍ من نبال فصرتُ إذا أصابتني نبالٌ ... تكسرتِ النصالُ على النصال والبيت الثالث في جحفلٍ سترَ العيون غبارهُ ... فكأنما يبصرونَ بالآذانِ واعتنى العلماء بديوانه وشرحوه بشروح عدة ما بين مطولات ومختصرات ولم يفعل هذا بديوان غيره، وإنما قيل له المتنبي لأنه ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه خلق كثير فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص نائب الأخشيدية فأسره وتفرق أصحابه فحبسه، ثم رجع عن ادجعاء النبوة وتاب وحسن مذهبه. وقيل إنه قال أنا أول من تنبأ بالشعر. ثم التحق بسيف الدولة ابن حمدان في سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة ثم فارقه ودخل مصر سنة ست وأربعين وثلاث مئة ومدح كافوراً الأخشيدي (وانوجور) ابن الأخشيدي. وكان يقف بين يدي كافور وفي رجليه خفان وفي وسطه سيف ومنطقة ويركب بحاجبين من مماليكه وهما بالسيوف والمناطق. ولما لم يرضه هجاه وفارقه ليلة عيد النحر سنة خمسين وثلاث مئة ووجه خلفه كافور رواحل إلى جهات شتى فلم يلحق به. وكان كافور وعده بولاية بعض أعماله فلما رأى تعاليه في شعره وسموه بنفسه خافه وعوتب فيه فقال يا قوم من ادعى النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم أما يدعي المملكة مع كافور فحسبكم. قال أبو الفتح بن جني النحوي كنت قرأت ديوان أبي الطيب المتنبي عليه فقرأت عليه قوله في كافور القصيدة التي أولها أغالبُ فيك الشوك والشوقُ أغلبُ ... وأعجبُ من ذا الهجر والوصلُ أعجبُ حتى بلغت إلى قوله: ألا ليت هل أقولُ قصيدة ... فلا أشتكي فيها ولا أتعتبُ وبي ما يذود الشعرَ عني أقله ... ولكن قلبي يا ابنة القوم قلّبُ فقلت له: يعز علي كيف يكون هذا الشعر في غير سيف الدولة. فقال: حذرناه وأنذرناه فما، ألست القائل فيه: أخا الجود أعط الناس ما أنت مالك=ولا تعطينّ الناس ما أنا قائلُ

فهو الذي أعطاني كافور بسوء تدبيره وقلة تمييزه. ثم إن قصد بلاد فارس ومدح عضد الدولة بن بويه الدامي فأجزل جائزته، ولما رجع من عنده قاصداً بغداد ثم إلى الكوفة في شعبان لثمانٍ خلون منه عرض له فاتك بن أبي الجهل الاسدي في عدة من أصحابه وكان مع المتنبي أيضاً جماعة من اصحابه فقاتلهم فقتل المتنبي وابنه محسد وغلامه مفلح بالقرب من النعمانية في موضع يقال له: الصافية. ذكر ابن رشيق في كتاب " العمدة " في باب منافع الشعر ومضاره أن المتنبي لما فر حين رأى الغلبة قال له غلامه: لا يتحدث عنك بالفرار وانت القائل: الخيلُ والليل والبيداء تعرفني ... والسيفُ والرمح والقرطاس والقلم فَكرَّ راجعاً حتى قتل. وكان سبب قتله هذا البيت وذلك سنة اربع وخمسين وثلاث مئة. ومولده سنة ثلاث وثلاث مئة بالكوفة في محلة كندة فنسب إليها وليس هو من كندة التي هي القبيلة، بل هو جعفي القبيلة، وهو جعفر بني سعد العشيرة من مذحج، وإنما قيل له سعد العشيرة لأنه كان يركب فيما قيل في ثلاث مئة من ولده وولد ولده فإذا سئل قال: هؤلاء عشيرتي مخافة العين عليهم. ويحكى ان المعتمد بن عبادة اللخمي صاحب قرطبة والشبيلية أنشد يوماً في مجلسه بيت المتنبي: إذا ظفرت منكَ العيون بنظرةٍ ... أثابَ لها معيي المطيّ ورازمهُ فجعل يردده استحساناً له وفي مجلسه ابن وهبون الأندلسي فأنشد ارتجالاً: لئن جادَ شعرُ ابن الحسين فإنما ... تجيدُ العطايا واللهي تفتح اللَّها تنبأ عجباً بالقريضِ ولو درى ... بأنك تروي شعره لتألّها وذكر الأفليلي: أن المتنبي أنشد سيف الدولة قصيدته التي أولها: لكلِّ امرئٍ من دهره ما تعودا ... وعادةُ سيف الدولة الطعنُ بالعدى وانشده إياها وهو قاعد فقال بعض الحاضرين يريدون أن يكيدوا أبا الطيب: لو أنشدها قائماً لأسمع فإن أكثر الناس لا يسمعون. فقال أبو الطيب أما سمعتم أولها (لكل امرئ من دهره ما تعودا) وهذا من مستحسن الأجوبة. وبالجملة فسمو نفسه وعلو همته وأخباره وما جرياته كثير والاختصار أولى نقلت هذه الترجمة من " وفيات الأعيان " لابن خلكان باختصار، قال يمدح سيف الدولة: فديناكَ من ربعٍ وإن زدتنا كَربا ... فإنك كنت الشرق للشمس والغربا وكيف عرفنا رسم من لم يدع لنا ... فؤاداً لِعِرفانِ الرسوم ولا لُبَّا نزلنا عن الأكوار نمشي كرامةً ... لمن بان عنه أن نلّم به ركبا ومن صحب الدنيا طويلاً تقلبت ... على عينيه حتى يرى صدقها كذبا وكيف التذاذي بالآصائل والضحى ... إذا لم يعد ذاك النسيم الذي هبا ذكرتُ به وصلاً كأن لم أفز به ... وعيشاً كأني كنتُ أقطعه وثبا وفتانةُ العينين قتالةَ الهوى ... إذا نفحت شيخاً روائحها شبا لها بثرُ الدر الذي قُلدت به ... ولم أر بدراً قبلها قُلّد الشهبا فيا شوقُ ما أبقى ويالي من النوى ... ويا دمع ما اجرى ويا قلبُ ما أصبى لقد لعب البينُ المشتُّ بها وبي ... فزودني في السير ما زوَّد الضبا ومن تكن الاسد الضواري جدوده ... يكن ليلةً صبحاً ومطعمه غصبا ولستُ أبالي بعد إدراكي العلى ... أكانَ تراثاً ما تناولت أم كسبا فربَّ غلامِ علَّم المجد نفسهُ ... كتعليم سيف الدولةِ الطعن والضربا إذا الدولة استكفت به في ملمةٍ ... كفاها فكان السيف والكف والقلبا تُهاب سيوف الهند وهي حدائدٌ ... فكيف إذا كانت نزاريَّة عَربا ويرهب ناب الليث والليث وحده ... فكيف إذا كانت الليوث له صحبا ويُخشى عبابُ البحر وهو مكانهُ ... فكيف بمن يغشى البلاد إذا عبَّا عليمٌ بأسرار الديانات واللَّغى ... له خطرات تفضحُ الناسَ والكتبا فبورِكتَ من غيثٍ كأنَّ جلودنا ... به تَنبتُ الديباج والوشيَ والعّصبا ومن واهبٍ جَزلاً ومن زاجر هلاَ ... ومن هاتكٍ درعاً ومن نثر قُضبا هنيئاً لأهل الثغر رأيك فيهم ... وأنك حزب الله صرت لهم حزبا وأنك رعت الدهرَ فيها وربيه ... فأن شكَّ فليحدث بساحتها خطبا فيوماً بخيلٍ تطرد الروم عنهُمُ ... ويوماً بجودٍ يطرد الفقر والجدبا

وقال يمدح كافورا سنة ست وأربعين وثلاث مئة

سراياك تترى والدَّمُستُق هاربٌ ... وأصحابه قتلى وأمواله نهبى أتى مرعشاً يستقربُ البعد مقبلاً ... وأدبر إذ أقبلت يستبعدُ القربا كذا يترك الأعداء من يكره القنا ... ويَقفُلُ من كانت غنيمته رُعبا وهل ردَّ عنه باللقان وقوفهُ ... صدور العوالي والمطَّهمة القُبَّا مضى بعدما التفَّ الرماحان ساعةً ... كما يتلقى الهدبُ في الرقدة الهدبا ولكنّه ولىّ وللطعن سورةٌ ... إذا ذكرتها نفسُهُ لمسَ الجنبا وخلّى العذارى والبطاريق والقرى ... وشعث النصارى والقرابينَ والصُلبا أرى كلّنا يبغي الحياة لنفسه ... حريصاً عليها مُستهاماً بها صّبا فحبُ الجبان النفس أورثه البقا ... وحبُ الشجاع الحربَ اورثه الحربا ويختلفُ الرزقان والفعلُ واحدٌ ... إلى أن يُرى إحسان هذا لذا ذنبا فأضحت كأنَّ السور من فوق بدئه ... إلى الأرض قد شقَّ الكواكب والتربا تصدُّ الرياح الهوج عنه مخافةً ... وتفزع فيها الطيرُ أن تلقط الحبا وتَردي الجياد الجردُ فوق جبالها ... كما ندفَ الصِنَّيرُ في طرقها العُطبا كفى عجباً أن يعجب الناسُ أنه ... بنى مرعشاً تبَّاً لآرائهم تبا وما الفرق بين الأنام وبينه ... إذا حذرَ المحذور واستصعب الصعبا لأمر أعدّته الخلافة للعدى ... وسمَّته دونَ العالم الصارم العطبا ولمخ تفترق عنه الأسنة رحمةً ... ولم تترك الشامَ الاعادي له حّبا ولكن نفاها عنه غير كريمةٍ ... كريمُ الثنا ما سبَّ قطُّ ولا سبا وجيشٌ يثنّي كل طود كأنه ... خريق رياحٍ واجهت غُصناً رطباً كأن نجوم الليل خافت مغُاره ... فمدت عليها من عجاجتهِ حجباً فمن كان يُرضي اللؤمَ والكفرُ ملكُهُ ... فهذا الذي يُرضي المكارمَ والربَّا وقال يمدح كافوراً سنة ست وأربعين وثلاث مئة مَنِ الجآذرُ في زيّ الاعاريب ... حمر الحلي والمطايا والجلابيب إن كنت تسأل شكاً في معارفها ... فمن بلاكَ بتسهيدٍ وتعذيب لا تجزني بضنىً بي بعدها بقرٌ ... تجزي دموعي مسكوباً بمسكوب سوائرٌ ربّما سارت هوادجها ... منيعةً بين مطعونٍ ومضروب وربما وخدت أيدي المطيّ بها ... على نجيع من الفرسان مصبوب كم زورةٍ لك في الأعراب خافيةٍ ... أدهى وقد رقدوا من زروة الذيب أزورهم وظلام الليل يشفعُ لي ... وانثني وبياض الصبح يُغري بي قد وافقوا الوحش في سكني مراتعها ... وخالفوها بتقويضٍ وتطنيب جيرانها وهُمُ شرُّ الجوارِ لها ... وصحبها وهم شر الاصاحيب قؤادُ كلّ محبٍّ في بيوتهم ... ومالُ كلّ أخيذ المال محروب ما اوجهُ الحضر المستحسناتُ به ... كأوجه البدويات الرعابيب حسنُ الحضارةِ مجلوبٌ بتطريةٍ ... وفي البداوة حسنُ غير مجلوب أين المعينُ من الآرام ناظرةً ... وغير ناظرةٍ في الحسنِ والطيب أفدي ظباءَ فلاوةٍ ما عرفن بها ... مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب ولا برزنا من الحمّام ماثلة ... أوراكهنّ صقيلات العراقيب ومن هوى كل من ليست مموّهة ... تركت لون مشيبي غير مخضوب ليت الحوادث باعتني الذي أخذت ... مني بحلمي الذي أعطت وتجريبي فما الحداثة من حلم بمانعةٍ ... قد يوجد الحلم في الشبان والشبيب ترعرع الملك الاستاذ مكتهلاً ... قبل اكتهال أديباً قبل تاديب مجرّباً فهماً من قبل تجربةٍ ... مهذباً كرماً من غير تهذيب حتى أصاب من الدنيا نهايتها ... وهّمه في ابتداءاتٍ وتشبيب يدبر الملك من مصرٍ إلى عدن ... إلى العراق فأرض الروم فالنوب ولا تجاوزها شمسٌ إذا أشرقت ... إلا ومنه لها إذن بتغريب إذا أتتها الرياح النكب من بلدٍ ... فما تهبُّ بها إلا بترتيب يصرّف الامر فيها طين خاتمه ... ولو تطلّس منه كلُّ مكتوب يحطُّ كلّ طويل الرمح حامله ... من سرج كلّطويل الباع يعبوب كأن كل ّسؤال في مسامعه ... قميص يوسف في أجفان يغقوب

وقال يمدح كافورا أيضا

إذا غزت أعاديه بمسألةٍ ... فقد غزته بجيش غير مغلوب أو حاربته فما تنجو بتقدمةٍ ... ممّا أراد ولا تنجو بتجبيب أضرت شجاعته أقصى كتائبه ... على الحمام فما موتٌ بمرهوب قالو هجرت إليه الغيث قلتُ لهم ... إلى غيوث يديه والشآبيب إلى الذي تهب الدولات راحته ... ولايمنّعلى آثار موهوب ولا يروع بمقدور به أحداً ... ولا يفزّع موفورا ًبمنكوب بلى يروع بذي جيش يجدّله ... ذا مثله في أحم النقع غريب وجدت أنفع مالٍ كنت أذخره ... ما في السوابق من جريٍ وتقريب لمّا رأين صروف الدهر تغدر بي ... وفين لي ووفت صمُّ الأنابيب فتن المهالك حتّى قال قائلها ... ماذا لقينا من الجرد السراجيب تهوي بمنجردٍ ليست مذاهبه ... للبس ثوب ومأكولٍ ومشروب يرى النجوم بعيني من يحاولها ... كأنها سلبٌ في عين مسلوب حتى وصلت إلى نفس محجبة ... تلقى النفوس بفضلٍ غير محجوب في جسم أروع صافي العقل تضحكه ... خلائق الناس غضحاك الأعاجيب فالحمد قبل له والحمد بعد لها ... وللقنا ولإدلاجي وتأويبي وكيف أكفر يا كافور نعمتها ... وقد بلغنك بي يا كلّمطلوبي يا أيها الملك الغاني بتسميةٍ ... في الشرق والغرب عن وصفٍ وتلقيب أنت الحبيب ولكنّي ألوذبه ... من أن أكون محباً غير محبوب وقال يمدح كافوراً أيضاً أغالب فيك الشوقَ والشوقُ أغلب ... وأعجب من ذا الهجر والوصل أعجب أما تغلط الأيام في بأن أرى ... بغيضاً تنائي أو حبيباً تقرب ولله سيري ما أقل تئية ... عشية شرقي الحدالى وغرب عشية أحفى الناس بي من حفونه ... وأهدي الطريقين الذي أتجنب وكم لظلام الليل عندك من يد ... تخبر أن المانوية تكذب وقاك ردى الأعداء تسري اليهم ... وزارك فيه ذو الدلال المحجب ويوم كليل العاشقين كمنته ... أرقب فيه الشمس أيان تغرب وعيني إلى أذني أغر كأنه ... من الليل باق بين عينيه كوكب له فضلة في جسمه عن إهابه ... تجيء على صدر رحيب وتذهب شققت به الظلماء أدني عنانه ... فيطغى وأرخيه مراراً فيلعب وأصرع أي وحش قفيته به ... وأنزل عنه مثله حين أركب وما الخيل إلا كالصديق قليلة ... وان كثرت في عين من لا يجرب إذا لم تشاهد غير حسن شياتها ... وأعضائها فالحسن عنك مغيب لحا الله ذي الدنيا مناخاً لراكب ... فكل بعيد الهم فيها معذب ألا ليت شعري هل أقول قصيدة ... فلا أشتكي فيها ولا أتعتب وبي ما يذود الشعر عني أقله ... ولكن قلبي يا ابنة القوم قلب وأخلاق كافور إذا شئت مدحه ... وان لم أشأ تملي علي فأكتب إذا ترك الإنسان أهلاً وراءه ... ويمم كافور فما يتغرب فتى يملأ الأفعال رأياً وحكمةً ... ونادرة أحيان يرضى ويغضب إذا ضربت بالسيف في الحرب ... تبينت أن السيف بالكف يضرب تزيد عطاياه على الغيث كثرة ... وتلبث أمواه السحاب فتنضب أبا المسك هل في الكأس فضل أناله ... فإني أغني منذ حين وتشرب وهبت علة مقدار كفي زماننا ... ونفسي على مقدار كفيك تطلب إذا لم تنط بي ضيعة أو ولاية ... فجودك يكسوني وشغلك يسلب يضاحك في ذا العيد كل حبيبه ... حذائي وأبكي من أحب وأندب أحن إلى أهلي وأهوى لقاءهم ... واين من المشتاق عنقاء مغرب فإن لم يكن إلا أبو المسك أوهم ... فإنك أحلى في فؤادي وأعذب وكل امرئ يولي الجميل محبب ... وكل مكان ينبت العز طيب يريد بك الحساد ما الله دافع ... وسمر العوالي والحديد المذرب ودون الذي يبغون مالو تخلصوا ... إلى الموت منه عشت والطفل أشيب إذا طلبوا جدواك أعطوا وحملوا ... وإن طلبوا الفضل الذي فيك خيبوا ولو جاز أن يحووا علاك وهبتها ... ولكن من الأشياء ما ليس يوهب وأظلم أهل الظلم من بات حاسداً ... لمن بات في نعمائه يتقلب

وأنت الذي ربيت ذا الملك مرضعاً ... وليس له أم سواك ولا أب وكنت له ليث العرين لشبله ... ومالك إلا الهند واني مخلب لقيت القنا عنه بنفس كريمة ... إلى الموت في الهيجا من العار تهرب وقد يترك النفس التي لا تهابه ... ويخترم النفس التي تتهيب وما عدم اللقوك بأساً وشدةً ... ولكن من لاقوا أشد وأنجب ثناهم وبرق البيض في البيض صادق ... عليهم وبرق البيض في البيض خلب سللت سيوفاً علمت كل خاطب ... على كل عود كيف يدعو ويخطب ويغنيك عما ينسب الناس انه ... إليك تناهى المكرمات وتنسب واي قبيل يستحقك قدره ... معد بن عدنان فداك ويعرب وما طربي لما رأيتك بدعة ... لقد كنت أرجو أن أراك فأطرب وتعذلني فيك القوافي وهمتي ... كأني بمدح قبل مدحك مذنب ولكنه طال الطريق ولم أزل ... أفتش عن هذا الكلام وينهب فشرق حتى ليس للشرق مشرق ... وغرب حتى ليس للغرب مغرب إذا قلته لم يمتنع من وصوله ... جدار معلى أو خباء مطنب وقال يمدحه: منى كن أن البياض خضاب ... فيخفى بتبييض القرون شباب ليالي عند البيض فوادي فتنة ... وفخر وذاك الفخر عندي عاب وكيف أذم اليوم ما كنت أشتهي ... وأدعو بما أشكوه حين أجاب جلا اللون عن لون هدى كل مسك ... كما انجاب عن ضوء النهار ضباب وفي الجسم نفس لا تشيب بشيبه ... ولو أن ما في الوجه منه حراب لها ظفر أن كل ظفر أعده ... وناب إذا لم يبق في الفم ناب يغير مني الدهر ما شاء غيرها ... وأبلغ أقصى العمر وهي كعاب واني لنجم تهتدي بي صحبتي ... إذا حال من دون النجوم سحاب غني عن الأوطان لا يستفزني ... إلى بلد سافرت إليه إياب وعن ذملان العيسى ما سمحت به ... وأن ففي أكوارهن عقاب وأصدى فلا أبدي إلى الماء حاجة ... وللشمس فوق اليعملات لعاب وللسر مني موضع لا يناله ... نديم ولا يفضي إليه شراب وللخود مني ساعة ثم بيننا ... فلاة إلى غير اللقاء تجاب وما العشق إلا غرة وطماعة ... يعرض قلب نفسه فيصاب وغيرب فؤادي للغواني رمية ... وغير بناني للزجاج ركاب تركنا لأطراف القنا كل شهوة ... فليس لنا إلا بهن لعاب نصرفها للطعن فوق حوادر ... قد انقصفت فيهن منه كعاب أعز مكاني في الدنى سرج سابح ... وخير جليس في الزمان كتاب وبحر أبي المسك الخضم الذي له ... على كل بحر زخرة وعباب تجاوز قدر المدح حتى كأنه ... بأحسن ما يثنى عليه يعاب وغالبه الأعداء حتى عنوا له ... كما غالبت بيض السيوف رقاب وأكثر ما تلقى أبا المسك بذلة إذا لم تصن إلا الحديد ثياب وأوسع ما تلقاه صدراً وخلفه ... رماء وطعن والأمام ضراب وأنفذ ما تلقاه حكماً إذا قضى ... قضاء ملوك الأرض منه غضاب يقود إليه طاعة الناس فضله ... ولو لم يقدها نائل وعقاب أيا سيداً في جسمه ضيغم ... وكم أسد أرواحهن كلاب ويا آخذاً من دهره حق نفسه ... ومثلك يعطى حقه ويهاب لنا عند هذا الدهر حق يلطه ... وقد قل إعتاب وطال عتاب وقد تحدث الأيام عندك شيمة ... وتنعمر الأوقات وهي يباب ولا ملك إلا أنت والملك فضلة ... كأنك سيف فيه وهو قراب أرى لي بقربي منك عيناً قريرةً ... وان كان قرباً بالبعاد يشاب وهل نافعي أن ترفع الحجب بيننا ... ودون الذي أملت منك حجاب أقل سلامي حب ما خف عنكم ... وأسكت كيما لا يكون جواب وفي النفس حاجات وفيك فطانة ... سكوتي بيان عندها وخطاب وما لانا الباغي على الحب رشوة ... ضعيف هوىً يبغى عليه ثواب وما شئت إلا أن أدل عواذلي ... على أن رأيي في هواك صواب وأعلم قوماً خالفوني فشرقوا ... وغربت أني قد ظفرت وخابوا جرى الخلف إلا فيك أنك واحد ... وانك ليث والملوك ذئاب وانك لو قويست صحف قارئ ... ذئاباً فلم يخطئ فقال ذباب

وان مديح الناس حق وباطل ... ومدحك حق ليس فيه كذاب إذا نلت منك الود فالمال هين ... وكل الذي فوق التراب تراب وما كنت لولا أنت مهاجراً ... له كل يوم بلدة وصحاب ولكنك الدنيا إلي حبيبةً ... فما عنك لي إلا إليك ذهاب وقال يمدح المغيث بن علي بن بشر العجلي: دمع جرى فقضى في الربع ما وجبا ... لأهله وشفى أنى ولا كربا عجنا فأذهب ما أبقى الفراق لنا ... من العقول ولا رد الذي ذهبا سقيته عبرات ظنها مطراً ... سوائلاً من جفون ظنها سحبا دار الملم لها طيف تهدني ... ليلاً فما صدقت عيني ولا كذبا أنأيته فدنا أدنيته فنأى ... جمشته فنبا قبلته فأبى هام الفؤاد بأعرابية سكنت ... بيتاً من القلب لم تمدد له طنبا مطلومة القد في تشبيه غصناً ... مظلومة الريق في تشبيهه ضربا بيضاء تطمع فيما تحت حلتها ... وعز ذلك مطلوباً إذا طلبا كأنها الشمس يعيي كف قابضه ... شعاعها ويراه الطرف مقتربا مرت بنا بين تربيها فقلت لها ... من أين جانس هذا الشادن العربا فاستضحكت ثم قالت كالمغيث يرى ... ليث الشرى وهو من عجل إذا انتسب جاءت بأشجع من يسمى وأسمح من ... أعطى وأبلغ من أملى ومن كتبا لو حل خاطره في مقعد لمشى ... أو جاهل لصحا أو أخرس خطبا إذا بدا حجبت عينيك هيبته ... وليس يحجبه ستر إذا احتجبا بياض وجه يريك الشمس حالكة ... ودر لفظ يريك الدر مخشلبا وسيف عزم ترد السيف هيبترطب الغرار من التأمور مختضبا عمر العدو إذا لاقاه في رهج ... أقل من عمر ما يحوي إذا وهبا توقه فإذا ما شئت تبلوه ... فكن معاديه أو كن له نشبا تحلو مذاقته حتى إذا غضبا ... حالت فلو قطرت في الماء ما شربا وتغبط الأرض منها حيث حل بها ... وتحسد الخيل منها أيها ركبا ولا يرد بفيه كف سائله ... عن نفس ويرد الجحفل اللجبا وكلما لقي الدينار صاحبه ... في ملكه افترقا من قبل يصطحبا مال كأن غراب البين يرقبه ... فكلما قيل هذا مجتد نعبا بحر عجائبه لم تبق في سمر ... ولا عجائب بحر بعدها عجبا لا يقنع ابن علي نيل منزلة ... يشكو محاولها التقصير والتعبا هز اللواء بنو عجل به فغدا ... رأساً لهم وغدا كل لهم ذنبا التاركين من الأشياء أهونها ... والراكبين من الأشياء ما صعبا مبرقعي خيلهم بالبيض متخذي ... هام الكماة على أرماحهم عذبا أن المنية لو لاقتهم وقفت ... خرقاء تتهم الإقدام والهربا مراتب صعدت والفكر يتبعها ... فجاز وهو على آثارها الشهبا محامد نزفت شعري ليملأها ... فآل ما امتلأت منه ولا نضبا مكارم لك فت العالمين بها ... من يستطيع لأمر فائت طلبا لما أقمت بانطاكية اختلفت ... الي بالخبر الركبان في حلبا فسرت نحوك لا ألوي على أحد ... أحث راحلتي الفقر والأدبا إذاقني زمني بلوى شرقت بها ... لو ذاقها لبكى ما عاش وانتحبا وان عمرت جعلت الحرب والدة ... والسمهري أخاً والمشرفي أبا بكل أشعث يلقى الموت مبتسماً ... حتى كأن له في قتله أربا قح يكاد صهيل الخيل يقذفه ... من سرجه مرحاً بالعز أو طربا فالموت أعذر لي والصبر أجمل بي ... والبر أوسع والدنيا لمن غلبا وقال يمدح علي بن منصور الحاجب: الشموس الجانحات غواربا ... اللابسات من الحرير جلاببا المنعبات عيوننا وعقولنا ... وجناتهن الناهيات الناهبا الناعمات القاتلات المحييا ... ت المبديات من الدلال غرائبا حاولن تفديتي فخفن مراقباً ... فوضعن أيديهن فوق ترائبا وبسمن عن برد خشيت أذيبه ... من حر أنفاسي فكنت الذائبا يا حبذا المتحملون وحبذا ... واد لثمت به الغزالة كاعبا كيف الرجاء من الخطوب تخلصا ... من بعد ما أنشبن في مخالبا أوحدنني ووجدن حزناً زاحداً ... متناهياً فجعلنه لي صاحبا

ونصبنني غرض الرماة تصيبني ... محن أحد من السيوف مضاربا أظمتني الدنيا فلما جئتها ... مستسقياً مطرت علي مصائبا وحبيت من خوص الركاب بأسود ... من دارش فغدوت أمشي راكبا حال متى علم ابن منصور بها ... جاء الزمان الي منها تائبا ملك سنان قناته وبنانه ... يتباريان دماً وعرفاً ساكباً يستصغر الخطر الكبير لوفده ... ويظن دجلة ليس تكفي شاربا كرماً فلو حدثته عن نفسه ... بعظيم ما صنعت لظنك كاذبا سل عن شجاعته وزره مسالماً ... وحذار ثم حذار منه محاربا فالموت تعرف بالصفات طباعه ... لم تلق خلقاً ذاق موتاً آئبا أن تلقه لا تلق إلا جحفلاً ... أو قسطلاً أو طاعناً أو ضاربا أو هارباً أو راغباً أو طالباً ... أو راهباً أو هالكاً أو نادبا وإذا نظرت إلى الجبال رأيتها ... فوق السهول عواسلاً وقواضبا وإذا نظرت الى السهول رأيتها ... تحت الجبال فوارساً وجنائبا وعجاجة ترك الحديد سوادها ... زنجاً تبسم أو قذالاً شائبا فكأنما كسي النهار بها دجى ... ليل وأطلعت الرماح كواكبا قد عسكرت معها الرزايا عسكراً ... وتكتبت فيها الرجال كتائبا أسد فرائسها الأسود يقودها ... أسد تصير له الأسود ثعالبا في رتبة حجب الورى عن نيلها ... وعلا فسموه علي الحاجبا ودعوه من فرط السخاء مبذراً ... ودعوه من غصب النفوس الغاصبا هذا الذي أفنى النضار مواهباً ... وعداه قتلاً والزمان تجاربا ومخيب العذال مما أملوا ... منه وليس يرد كفاً خائبا هذا الذي أبصرت منه حاضراً ... مثل الذي أبصرت منه غائباً كالبدر من حيث التفت رأيته ... يهدي إلى عينيك نوراً ثاقبا كالبحر يقذف للقريب جوهراً ... جواداً ويبعث للبعيد سحائبا كالشمس في كبد السماء وضوؤها ... يغشى البلاد مشارقاً ومغاربا أمهجن الكرماء والمرزي بهم ... وتروك كل كريم قوم عاتبا شادوا مناقبهم وشدت مناقبا ... وجدت مناقبهم بهن مثالبا لبيك غيظ الحاسدين الراتبا ... أنا لنخبر من يديك عجائبا تدبير ذي حنك يفكر في غد ... وهجوم غر لا يخاف عواقبا وعطاء مال لو عداه طالب ... أنفقته في أن يلاقي طالبا خذ من ثناي عليك ما أستطيعه ... لا تلزمني في الثناء الواجبا فلقد دهشت لما فعلت ودونه ... ما يدهش الملك الحفيظ الكاتبا وقال يمدح ابا أيوب: سرب محاسنه حرمت ذواتها ... داني الصفات بعيد موصوفاتها أفى فكنت إذا رميت بمقلتي ... بشراً رأيت أرق من عبراتها يستاق عيسهم أنيني خلفها ... تتوهم الزفرات زجر حداته وكأنها شجر بدت لكنها ... شجر جنيت المر من ثمراتها لا سرت من ابل لو أن فوقها ... لمحت حرارة مدمعي سماتها وحملت ما حملت من هذي المها ... وحملت ما حملت من حسرتها اني على شغفي بما في خمرها ... لأعف عما في سرابيلاتها وترى المروة والفتوة والأبوة ... في كل مليحة ضراتها هن الثلاث المانعاتي لذتي ... في خلوتي لا الخوف من تبعاتها ومطالب فيها الهلاك أتيتها ... ثبت الجنان كأنني لم آتها ومقانب بمقانب غادرتها ... أقوات وحش كن من؟ أقواتها أقبلتها غرر الجياد كأنما ... أيدي بني عمران في جبهاتها الثابتين فروسة كجلودها ... في ظهرها والطعن في لباتها العارفين بها كما عرفتهم ... والراكبين جدودهم أماتها فكأنها نتيجت قياماً تحتهم ... وكأنهم ولدوا على صهواتها أن الكرام بلا كرام منهم ... مثل القلوب بلا سويداواتها تلك النفوس الغالبات على العلى ... والمجد يغلبها على شهواتها سقيت منابتها التي سقت الورى ... بيدي ابي أيوب خير نباتها ليس التعجب من مواهب ماله ... بل من سلامتها إلى أوقاتها عجباً له حفظ العنان بأنمل ... ما حفظها الأشياء من عاداتها لو مر يركض في سطور كتابة ... أحصى بحافر مهره ميماتها

يضع السنان بحيث شاء مجاولا ... حتى من الإذان في أخراتها تكبو وراءك يا ابن أحمد قرح ... ليست قوائمهن من آلاتها رعد الفوارس منك في أبدانها ... أجرى من العلان في قنواتها لا خلق أسمح منك إلا عارف ... بك راء نفسك لم يقل لك هاتها إلى آخرها: وقال يمدح سيف الدولة: عواذل ذات الخال في حواسد ... وان ضجيع الخود مني لماجد يرد يداً عن ثوبها وهو قادر ... ويعصي الهوى في طيفها وهو راقد متى يشتفي من لاعج الشوق في الحشا ... محب لها في قربه متباعد إذا كنت تخشى العرفي كل خلوة ... فلم تتصباك الحسان الخرائد؟ ألح علي السقم حتى ألفته ... ومل طبيبي جانبي والعوائد مررت على دار الحبيب فحمحمت ... جوادي وهل تشجي الجياد معاهد وما تنكر االدهماء من رسم منزل ... سقتها ضريب الشول فيه الولائد أهم بشيء والليالي كأنها ... تطاردني عن كونهه وأطارد وحيد من الخلان في كل بلدة ... إذا عظم المطلوب قل المساعد وتسعدني في غمرة بعد غمرة ... سبوح لها منها عليها شواهد تثنى على قدر الطعان كأنما ... مفاصلها تحت الرماح مراود وأورد نفسي والمهند في يدي ... موارد لا يصدرن من لا يجالد ولكن إذا لم يحمل القلب كفه ... على حالة لم يحمل الكف ساعد خليلي اني لا أرى غير شاعر ... فلم منهم الدعوى ومني القصائد فلا تعجبا أن السيوف كثيرة ... ولكن سيف الدولة اليوم واحد له من كريم الطبع في الحرب منتض ... ومن عادة الإحسان والصفح غامد ولما رأيت لناس دون محله ... تيقنت أن الدهر للناس ناقد أحقهم بالسيف من ضرب الطلى ... وبالامن من هانت عليه الشدائد وأشقى بلاد الله ما الروم أهلها ... بهذا وما فيها لمجدك جاحد شننت بها الغارات حتى تركتها ... وجفن الذي خلف الفرنجة ساهد مخضبة والقوم صرعى كأنهم ... وان لم يكونوا ساجدين مساجد تنكسهم والسابقات جبالهم ... وتطعن فيهم والرماح المكايد وتضربهم هبراً وقد سكنوا الكدى ... كما سكنت بطن التراب الأساود وتضحي الحصون المشمخرات في الذرى ... وخيلك في أعناقهن فلائد عصفن بهم يوم القان زسقتهم ... بهنزيط حتى ابيض بالسبي آمد وألحقن بالصفصاف شابور فانهوى ... وذاق اردى أهلاهما والجلامد وغلس في الوادي بهن مشيع ... مبارك ما تحت اللثامين عابد فتى يشتهي طول البلاد ووقته ... تضيق به أوقاته والمقاصد أخو غزوات ما تغب سيوفه ... رقابهم إلا وسيحان جامد فلم يبق إلا من حماها من الظبى ... لمى شفتيها واثدي النواهد ستبكي عليهن البطاريق في الدجى ... وهن لدينا ملقيات كواسد بذا قضت الأيام ما بين أهلها ... مصائب قوم عند قوم فوائد ومن شرف الإقدام أنك فيهم ... على القتل موموق كأنك شاكد وان دماً أجريته بك فاخر ... وان فؤاداً رعته لك حامد وكل يرى طرق الشجاعة والندى ... ولكن طبع النفس للنفس قائد نهبت من الأعمار ما لو حيته ... لهنئت الدنيا بأنك خالد فأنت حسام الملك والله ضارب ... وأنت لواء الدين والله عاقد وانت ابو الهيجا بن حمدان يا ابنه ... تشابه مولود كريم ووالد وحمدان حمدون وحمدون حارث ... وحارث لقمان ولقمان راشد أولئك نياب الخلافة كلها ... وسائر أملاك البلاد الزوائد أحبك يا شمس الزمان وبدره ... وان لامني فيك السهى والفراقد وذاك لأن الفضل عنك باهر ... وليس لأن العيش عندك بارد فإن قليل الحب بالعقل صال ... وان كثير الحب بالجهل فاسد وقال يمدح سيف الدولة ويهنئه بعيد الأضحى: لكل امرئ من دهره ما تعودوا ... وعادة سيف الدولة الطعن في العدى وان يكذب الإرجاف عنه بضده ... ويمسي بما تنوي أعاديه أسعدا ورب مريد ضره ضر نفسه ... وهاد إليه الجيش أهدى وما هدى

ومستكبر لم يعرف الله ساعة ... رأى الدجر واحذره إذا كان مزبداً فإني رأيت البحر يعثر بالفتى ... وهذا الذي يأتي الفتى متعمدا تظل ملوك الأرض خاشعةً له ... تفارقه هلكي وتلقاه سجدا وتحيي له المال الصوارم والقنا ... ويقتل ما تحي التبسم والجدا ذكي تظنه طليعة عينه ... يرى قلبه في يومه ما ترى غدا وصول إلى المستصعبات بخيله ... ولو كان قرن الشمس ماءً لأوردا لذلك سمى ابن الدمستق يومه ... مماتاً وسماه الدمستق مولدا سريت إلى جيحان من أرض آمد ... ثلاثاً لقد أدناك ركض وأبعدا فولى وأعطاك ابنه وجيوشه ... جميعاً ولم يعط الجميع ليحمدا عرضت له دون الحياة وطرفه ... وأبصر سيف الله منك مجردا وما طلبت زرق ال؟ أسنة غيره ... ولكن قسطنطين كان له الفدا فأصح يجتاب المسوح مخافة ... وقد كان يجتاب الدلاص المسردا ويمشي به العكاز في الدير تائباً ... وما كان يرضى مشي أشقر أجردا وما تاب حتى غادر الكر وجهه ... جريحاً وخلى جفنه النقع أرمدا فإن كان ينجني من علي ترهب ... ترهبت الأملاك مثنى وموحدا وكل امرئ في الشرق والغرب بعده ... يعد له ثوباً من الشعر اسودا هنيئاً لك العيد الذي أنت عيده ... وعيد لمن سمى وضحى وعيدا ولا زالت الأعياد لبسك بعده ... تسلم مخروقاً وتعطى وعيدا فذا اليوم في الأيام مثلك في الورى ... كما كنت فيهم أوحداً كان أوحدا هو الجد حتى تفضل العين أختها ... وحتى يكون اليوم لليوم سيدا فواعجباً من دائل أنت سيفه ... أما يتوقى شفرتي ما تقلدا ومن ومن يجعل الضرغام للصيد بازه ... تصيده الضرغام فيما تصيدا رأيتك محض الحلم في محض قدرة ... ولو شئت كان الحلم منك المهندا وما قتل الأحرار كالعفو عنهم ... ومن لك بالحر الذي يحفظ اليد إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وان أنت أكرمت اللئيم تمردا ووضع الندى في موضع السيف بالعلى ... مضر كوضع السيف في موضع الندى ولكن تفوق الناس رأياً وحكمة ... كما فقتهم حالاً ونفساً ومحتدى يدق على الأفكار ما أنت فتعل ... فيترك ما يخفى ويؤخذ ما بدا أزل حسد الحساد عني بكبتهم ... فأنت الذي صيرتهم لي حسدا إذا شد زندي حسن رأيك في يدي ... ضربت بنصل يقطع الهام مغمدا وما أنا إلا سمهري حملته ... فزين معروضاً وراع مسددا وما الدهر إلا من رواة قصائدي ... إذا قلت شعراً أصبح الدهر منشدا فسار به من لا يسير مشمراً ... وغنى به من لا يغني مغردا أجزني إذا أنشدت شعراً فإنما ... بشعري أتاك المادحون مرددا ودع كل صوت غير صوتي فإنني ... أنا الصائح المحكي والآخر الصدى تركت السرى خلفي لمن قل ماله وأنعلت نفسي في ذراك محبة ... ومن وجد الإحسان قيداً تقيدا إذا سأل الإنسان أيامه الغنى ... وكنت على بعد جعلنك موعدا وقال يمدح كافوراً ولم يلقه بعدها: أود من الأيام ما لا توده ... وأشكو إليها بيننا وهي جنده يباعدن حباً يجتمعن ووصله ... فكيف بحب يجتمعن وضده ابى خلق الدنيا حبيباً تديمه ... فما طلبي منها حبيباً ترده وأسرع مفعول فعلت تغيراً ... تكلف شيء في طباعك ضده رعى الله عيساً فارقتنا وفوقها ... مهاً كلها يولى بجفنيه خده بواد به ما بالقلوب كأنه ... وقد رحلوا جيد تناثر عقده إذا سارت الاحداج فوق نباته ... تفوح مسك الغانيات ورنده وحال كإحداهن رمت بلوغها ... ومن دونها غول الطريق وبعده وأتعب خلق الله من زاد همه ... وقصر عما تشتهي النفس وجده فلا ينحلل بالمجد مالك كله ... فينحل مجد كان بالمال عقده ودبره تدبير الذي المجد كفه ... إذا حارب الأعداء والمال زنده فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله ... ولا مال في الدنيا لمن قل مجده وفي الناس من يرضى بميسور عيشه ... ومركوبه رجلاه والثوب جلده

ولكن قلباً بين جنبي ماله ... مدىً ينتهي بي في مراد أحده يرى جسمه يكسى شفوفاً تربه ... فيختار أن يكسى دروعاً تهده يكلفني التهجير في كل مهمه ... عليقي مراعيه وزادي ربده وأمضى سلاح قلد المرء نفسه ... رجاء ابي المسك الكريم وقصده هما ناصرا من خانه كل ناصر ... وأسرة من لم يكثر النسل جده أنا اليوم من غلمانه في عشيرة ... لنا والد منه يفديه ولده فمن ماله مال الكبير ونفسه ... ومن ماله در الصغير ومهده نجر القنا الخطي حول قبابه ... وتردي بناقب الرباط وجرده ونمتحن النشاب في كل وابل ... دوي القيس الفارسية رعده فإلا تكن مصر الشرى أوعرينه ... فإن الذي فيها من الناس أسده سبائك كافور وعقيانه الذي ... بصم القنا لا بالأصابع نقده جلاها حواليه العدو وغيره ... وجر بها هزل الطراد وجده ابو المسك لا يفنى بذنبك عفوه ... ولكنه يفنى بعذرك حقده فيا أيها المنصور بالجد سعيه ... ويا أيها المنصور بالسعي جده تولى الصبا عني وأخلفت طيبه ... وما ضرني لما رأيتك فقده لقد شب في هذا الزمان كهوله ... لديك وشابت عند غيرك مرده ألا ليت يوم السير يخبر حره ... فتسأله والليل يخبر برده وليتك ترعاني وحيران معرض ... فتعلم أني من حسامك حده وأني إذا باشرت أمراً أريده ... تدانت أقاضيه ولان أشده وما زال أهل الدهر يشتبهون لي ... إليك فلما لحت لي لاح فرده يقال إذا أبصرت جيشاً وربه ... أمامك ملك رب ذا الجيش عبده وألقى الفم الضحاك أعلم انه ... قريب بذي الكف المفداة عهده فزارك مني من إليك اشتياقه ... وفي الناس إلا فيك وحدك زهده يخلف من لم يأت دارك غاية ... ويأت فيدري أن ذلك جهده فإن نلت ما أملت منك فربما ... شربت بماء يعجز الطير ورده ووعدك فعل قبل وعد لإنه ... نظير فعال الصادق القول وعده وكن في اصطناعي محسناً كمجرب ... يبن لك تقريب الجواد وشده إذا كنت في شك من السيف فابله ... فإما تنفيه وإما تعده وما الصارم الهندي إلا كغيره ... إذا لم يفارقه النجاد وغمده وإنك للمشكور في كل حالة ... ولو لم يكن إلا البشاشة رفده وكل نوال كان أو هو كائن ... فلحظة طرف منك عندي نده واني لفي بحر من الخير أصله ... عطاياك أرجو مدها وهي مده وكل رغبتي في عسجد أستفيده ... ولكنها في مفخر أستجده يجود به من يفضح الجود جوده ... ويحمده من يفضح الحمد حمده فإنك ما مر النحوس بكوكب ... فقابلته إلا ووجهك سعده وقال يمدح أبا عبيدة بن يحيى البحتري المنبجي: أريقك أم ماء الغمامة أم خمر ... بفي برود وهو في كبدي جمر إذا اغصن أم ذا الدعص أم أنت فتنة ... وذيا الذي قبلته البرق أم ثغر؟ رأت وجه من أهوى بليل عواذلي ... فقلن نرى شمساً وما طلع الفجر رأين التي للسحر من لحظاتها ... سيوف ظباها من دم ابداً حمر تناهى سكون الحسن في حركاتها ... فليس لراء وجهها لم يمت عذر إليك ابن يحيى بن الحسين تجاوزت ... بي البيد عنس لحمها والدم الشعر نضحت بذكراكم حرارة قلبها ... فسارت وطول الأرض في عينها شبر إلى ليث حرب يلحم الليث سيفه ... وبحر ندى في جوده يغرق البحر فتىً كل يوم يحتوي صلب ماله ... رماح المعالي لا الردينية السمر تباعد ما بين السحاب وبينه ... فنائلها قطر ونائله غمر ولو تنزل الدنيا على حكم كفه ... لأصبحت الدنيا وأكثرها نزر أراه صغيراً قدرها عظم قدره ... فما لعظيم قدره عنده قدر متى ما يشر نحو السماء بوجهه ... تخر له الشعرى وينخسف البدر يرى القمر الأرضي والملك الذي ... له الملك بعد الله والمجد والذكر كثير سهاد العين من غير علة ... يؤرقه فيما يشرفه الفكر له منن تفني الثناء كأنما ... به؟ أقسمت أن لا يؤدي لها الشكر

أبا أحمد ما الفخر إلا لأهله ... وما لامرئ لم يمس من بحتر فخر هم الناس إلا أنهم من مكارم ... يغني بهم حضر ويحدو بهم سفر بمن نضرب الأمثال أم من نقيسه ... إليك وأهل الدهر دونك والدهر؟ وقال يمدح القاضي أبا الفرج أحمد بن الحسين: لجنية أم غادة رفع السجف ... لوحشية لا. ما لوحشية شنف نفور عرتها نفرة فتجاذبت ... سوالفها والحلي والمرط والردف وخيل منها مرطها فكأنما ... تثنى لنا خوط ولا حظنا خشف زيادة شيب وهي نقص زيادتي ... وقوة عشق وهي من قوتي ضعف هراقت دمي من بي من الوجد ما بها ... من الوجد بي والشوق لي ولها حلف ومن كلما جردتها من ثيابها ... كساها ثياباً غيرها الشعر الوحف وقابلني رمانتا غصن بانة ... يميل به بدر ويمسكه حقف أكيداً لنايابين واصلت وصلنا ... فلا دارنا تدن ولا عيشنا يصفو أردد في الهوى كالسم في الشهد كامناً ... لذذت به جهلاً وفي اللذة الحتف فأفنى وما أفنته نفسي كأنما ... ابو الفرج القاضي له دونها كهف قليل الكرى لو كانت البيض والقنا ... كآرائه ما أغنت الألفاظ من لفظه حرف يقوم مقام الجيش تقطيب وجهه ... ويستغرق الألفاظ من لفظه حرف وان فقد الإعطاء حنت يمينه ... إليه حنين الإلف فارقه الإلف أديب رست للعلم في أرض صدره ... جبال جبال الأرض في جنبها قف جواد سمت في الخير والشر كفه ... سمواً يود الدهر أن اسمه كف وأضحى وبين الناس في كل سيد ... من الناس إلا في سيادته خلف يفدونه حتى كأن دماءهم لجاري هواه في عروقهم تقفو وقوفين في وقفين شكر ونائل ... فنائله وقف وشكرهم وقف ولما فقدنا مثله دام كشفنا ... عليه فدام الفقد وانكثف الكثف وما حارت الأوهام في عظم شأنه ... بأكثر مما حار في حسنه الطرف ولا نال من حساده الغيظ والأذى ... بأعظم مما نال من وفره العرف تفكره علم ومنطقه حكم ... وباطنه دين وظاهره ظرف أمات رياح اللؤم وهي عواصف ... ومغنى العلى يودي ورسم الندى يعفو فلم نر قبل ابن الحسين أصابعاً ... إذا ما هطلن استحيت الديم الوطف ولا ساعياً في قلة المجد مدركاً ... بأفعاله ما ليس يدركه الوصف ولم نر شيئاً يحمل العبء حمله ... ويستصغر الدنيا ويحمله طرف ولا جلس البحر المحيط لقاصد ... ومن تحته فرش ومن فوقه سقف فواعجبا مني أحاول نعته ... وقد فنيت فيه القراطيس والصحف ومن كثرة الأخبار عن مكرماته ... يمر له صنف ويأتي له صنف وتفتر منه عن خصال كأنها ... ثنايا حبيب لا يمل لها رشف قصدتك والراجون قصدي إليهم ... كثير ولكن ليس كالذنب الأنف ولا الفضة البيضاء والتبر واحداً ... نفوعان للمكدي وبينهما صرف ولست بدون يرتجى الغيث دونه ... ولا منتهى الجود الذي خلفه خلف ولا واحداً في ذا الورى في جماعة ... ولا البعض من كل ولكنك الضعف ولا الضعف حتى يتبع الضعف ضعفه ... ولا ضعف ضعف الضعف بل مثله ألف وذنبي تقصيري وما جئت مادحاً ... بذنبي ولكن جئت أسأل أن تعفو وقال عند مسير سيف الدولة لنصرة أخيه ناصر الدولة لما قصد الموصل: أعلى الممالك ما يبنى على الأسل ... والطعن عند محبيهن كالقبل وما تقر سيوف في ممالكها ... حتى تقلقل دهراً قبل في القلل مثل الأمير بغى أمراً فقر به ... طول الرماح وأيدي الخيل والابل وعزمة بعثتها همة، زحل ... من تحتها بمكان الترب من زحل على الفرات أعاصير وفي حلب ... توحش لملقى النصر مقتبل تتلو أسنته الكتب التي نفذت ... ويجعل الخيل أبدالاً من الرسل يلقى الملوك فلا يلقى سوى جزر ... وما أعدوا فما يلقى سوى نفل صان الخليفة بالأبطال مهجته ... صيانة الذكر الهندي بالخلل ألفاعل الفعل لم يفعل لشدته ... والقائل القول لم يترك ولم يقل والباعث الجيش قد غالت عجاجته ... ضوء النهار فصار الظهر كالطفل

الجو أضيق ما لاقاه ساطعها ... ومقلة الشمس فيه أحير المقل ينال أبعد منها وهي ناظرة ... فما تقابله إلا على وجل قد عرض السيف دون النازلات به ... وظاهر الحزم بين النفس والغيل ووكل الظن بالأسرار فانكشفت ... له ضمائر أهل السهل والجبل هو الشجاع يعد البخل من جبن ... وهو الجواد يعد الجبن من بخل يعود من كل فتح غير مفتخر ... وقد أغذ إليه غير محتفل ولا يجير عليه الدهر بغيته ... ولا تحصن درع مهجة البطل إذا خلعت على عرض له حللا ... وجدتها منه في أبهى من الححل بذي الغباوة من إنشادها ضرر ... كما تضر رياح الورد بالجعل لقد رأت كل عين منك مالئها ... وجردت خير سيف خيرة الدول فما تكشفك الأعداء عن ملل ... الحروب ولا الآراء عن زلل وكم رجال بلا أرض لكثرتهم ... جمعهم أرضا بلا رجل ما زال طرفك يجري في دمائهم ... مشى بك مشي الشارب الثمل يا من يسير وحكم الناظرين له ... فيما يراه وحكم القلب في جدل إن السعادة فيما أنت فاعله ... وفقت مرتحلاً أو غير مرتحل أجر الجياد على ما كنت مجريها ... وخذ بنفسك في أخلاقك الأول ينظرن من مقل أدمى أحجتها ... قرع الفوارس بالعسالة الذبل فلا هجمت بها إلا على ظفر ... ولا وصلت بها إلا إلى أمل وقال يمدح أبا محمد الحسين بن عبيد الله بن طغج بن جف: أنا لائمي إن كنت وقت اللوائم ... علمت بما بي بين تلك المعالم ولكنني مما ذهلت متيم ... كسال وقلبي بائح مثل كاتم وقفا كأنا كل وجد قلوبنا ... تمكن من أذوادنا في القوائم ودسنا بأخفاف المطايا ترابها ... فما زلت أستشفي بلثم المناسم ديار اللواتي دارهن عزيزة ... بطول القنا يحفظن لا بالتمائم حسان التثني ينقش الوشي مثله ... إذا مسن في أجسامهن النواعم ويبسمن عن در تقلدن مثله ... كأن التراقي وشحت بالمباسم فما لي وللدنيا طلابي نجومها ... ومسعاي منها في شدوق الأراقم من الحلم أن تستعمل الجهل دونه ... إذا اتسعت في الحلم طرق المظالم وأن ترد الماء الذي شطره دم ... فتسقي إذا لم يسق من لم يزاحم ومن عرف الأيام معرفتي بها ... وبالناس روى رمحه غير راحم فليس بمرحوم إذا ظفروا به ... ولا في الردى الجاري عليهم بآثم إذا صلت لم أترك مصالاً لفاتك ... وإن قلت لم أترك مقالاً لعالم وإلا فخانتني القوافي وعاقني ... عن ابن عبيد الله ضعف العزائم عن المقتني بذل التلاد تلاده ... ومجتنب البخل اجتناب المحارم تمنى أعادية محل عفاته ... وتحسد كفية ثقال الغمائم ولا يتلقى الحرب إلا بمجهة ... معظمة مذخورة للعظائم وذي لجب لاذوا الجناح أمامه ... بناج ولا الوحش المثار بسالم تمر عليه الشمس وهي ضعيفة ... تطالعه من بين ريش القشاعم إذا ضوؤها لاقى من الطير فرجة ... تدور فوق البيض مثل الدراهم ويخفى عليك البرق والرعد فوقه ... من اللمع في حافاته والهماهم أرى دون ما بين الفرات وبرقة ... ضراباً يمشي الخيل فوق الجماجم وطعن غطاريف كأن أكفهم ... عرفن الردينيات قبل المعاصم حمته على الأعداء من كل جانب ... سيوف بني طغج بن جف القماقم هم المحسنون الكر في حومة الوغى ... منه كرهم في المكارم وهم يحسنون العفو عن كل مذنب ... ويحتملون الغرم عن كل غارم حييون إلا أنهم في نزالهم ... أقل حياء من شفار الصوارم ولولا احتقار الأسد شبهتمهم بها ... ولكنها معدودة في البهائم سرى النوم عني في سراي إلى الذي ... صنائعه تسري إلى كل نائم إلى مطلق الأسرى ومحترم العدى ... ذوي الشكوى ورغم المراغم كريم نفضت الناس لما بلغته ... كأنهم ما جف من زاد قادم وكاد سروري لا يفي بندامتي ... على تركه في عمري المتقادم وفارقت شر الأرض أهلاً وتربة ... بها علوي جده غير هاشم

بلى الله حساد الأمير بحلمه ... وأجلسه منهم مكان العمائم فإن لهم في سرعة الموت راحة ... وإن لهم منهم في العيش حز الغلاصم كأنك ما جاودت من بان جوده ... عليك ولا قاتلت من لم تقاوم وقال يرثى أبا شجاع فاتك الأخشيدي الملقب بالمجنون: الحزن يقلق والتجميل يردع ... والدمع بينهما عصي طيع يتنازعان دموع عين مسهد ... هذا يجيء بها وهذا يرجع النوم بعد أبي شجاع نافر ... والليل معي والكواكب ظلع إني لأجبن من فراق أحبتي ... وتحس نفسي بالحمام فأشجع ويزيدني غضب الأعادي قسوة ... ويلم بي عتب الصديق فأجزع تصفو الحياة لجاهل أو غافل ... عما مضى منها وما يتوقع ولمن يغالط في الحقائق نفسه ... ويسومها طلب المحال فتطمع أين الذي الهرمان من بينانه ... ما قومه ما يومه ما المصرع؟ تتخلف الآثار عن أصحابها ... حيناً ويدركها الفناء فتتبع لم يرض قلب أبي شجاع مبلغ ... قبل الممات ولم يسعه موضع كنا نظن دياره مملوءة ... ذهباً فمات وكل دار بلقع وإذا المكارم والصوارم والقنا ... وبنات أعوج كل شيء يجمع المجد أخسر والمكارم صفقة ... من أن يعيش لها الكريم الأروع والناس أنزل في زمانك منزلاً ... من أن تقايسهم وقدرك أرفع برد حشاي إن استطعت بلفظة ... فلقد تضر إذا تشاء وتنفع ما كان منك إلى خليل قباها ... ما يستراب به ولا ما يوجع ولقد أراك وما تلم ملمة ... إلا نفاها عنك قلب أصمع ويد يبدل كل يوم حلة ... أني رضيت بحلة لا تنزع ما زلت تخلعها على من شاءها ... حتى لبست اليوم ما لا تخلع ما زلت تدفع كل أمر فادح ... حتى أتى الأمر الذي لا يدفع فظللت تنظر لارماحك شرع ... فيما عراك ولا سيوفك قطع بأبي الوحيد وجيشه متكاثف ... يبكي ومن شر السلاح الأدمع وإذا حصلت من السلاح على البكا ... فحشاك رعت به وخدك تقرع وصلت إليك يد ساء عندها ال ... بازي الأشهيب والغراب الأبقع من المحافل والجحافل والقرى؟ ... فقدت بفقدك نيراً لا يطلع ومن اتخذت على الضيوف خليفةً ... ضاعوا ومثلك لايكاد يضيع قبحاً لوجهك يا زمان فإنه ... وجه له من كل قبح برقع أيموت مثل ابي شجاع فاتك ... ويعيش حاسده الخصي الأوكع؟ أيد مقطعة حوالي رأسه ... وقفاً يصيح بها ألا من يصفح؟ أبقيت أكذب كاذب أبقيته ... وأخذت أصدق من يقول ويسمع وتركت أنتن ريحة مذمومة ... وسلبت أطيب ريحة تتضوع فاليوم قر لكل وحش نافر ... دمه وكان كأنه يتطلع وتصالحت ثمر السياط وخيله ... وأوت إليها سوقها والأذرع وعفا الطراد فلا سنان راعف ... فوق القناة ولا حسام يلمع ولى وكل مخالم ومنادم ... بعد اللزوم مشيع ومودع قد كان فيه لكل قوم ملجأ ... ولسيفه في كل قوم مرتع أن حل في روم ففيها قيصر ... أو حل في عرب ففيها تبع قد كان أسرع فارس في طعنة ... فرساً ولكن المنية أسرع لا قلبت أيدي الفوارس بعده ... رمحاً ولا حملت جواداً أربع أبيات متفرقة أبيات أديبة ألحقتها بعد تمام هذا المجلد ذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان لما ذكر (جبل أروند) المطل على مدينة همذان، قال: وأهل همذان كثيراً ما يذكرونه في أحاديثهم وأسجاعهم وأشعارهم ويعدونه من أجل مفاخر بلدهم، وكثيراً ما يتشوقون إليه في الغربة وعلى سائر البلاد يفضلونه وفيه يقول عين القضاة عبد الله بن محمد الميانجي في رسالة كتبها إلى أهل همذان وهو محبوس: ألا ليت شعري هل ترى العين مرةً ... ذرى قلتي أروند من همذان بلاد بها نيطت علي تمائمي ... وأرضعت من عقانها بلبان وقال ياقوت: العقان بقية اللبن في الضرع. وقال شاعر من أهل همذان: تذكرت من أروند طيب نسيمه ... فقلت لقلب بالفراق سليم سقى الله أرونداً وروض شعابه ... ومن حله من ظاعن ومقيم

وأيامنا إذا نحن في الدار جيرة ... واذ دهرنا بالصل غير ذميم قال: ويقال أن أكثر المياه في الجبال من أسفلها إلا أروند فإن ماءة من أعلاه ومنابعه في ذروته. قال بعض شعرائهم يفضله على بغداد ويتشوقه: وقالت نساء الحي اين ابن أختنا ... إلا خبرونا عنه حييتم وفدا رعاه ضمان الله هل في بلادكم ... أخو كرم يرعى لذي حسب عهده فإن الذي خلفتموه بأرضكم ... فتىً ملأ الأحشاء هجرانه وجدا أبغدادكم تنسيه أروند مربعاً ... ألا خاب من يشري ببغداد أروند فدتهن نفسي لو سمعن بما أرى ... رمى كل جيد من تنهده عقدا وقال محمد بن بشير الهمذاني يصف أروند: سقياً لظلك يا أروند من جبل ... وان رميناك بالهجران والملل هل يعلم الناس ما كلفتني حججاً ... من حب مائك إذا يشفي من العلل لازلت تكسى من الأنواء أردية ... من ناضر أنق أو ناعم خضل حتى تزور العذارى كل شارقة ... أفياء سفحك يستصبين ذا الغزل وأنت في حلل والجو في حلل ... والبيض في حلل والروض في حلل وقال محمد بن بشير أيضاً يصف أروند: تزينت الدنيا وطابت جنانها ... وناح على أغصانها ورشانها وأمرعت القيعان واخضر نبتها ... وقا على الوزن السواء زمانها وجاءت جنود من قرى الهند لم تكن ... لتأتي إلا حين يأتي أوانها مسودة دعج العيون كأنما ... لغات بنات الهند تحكي لسانها لعمرك ما في الأرض شيء نلذه ... من العيش إلا فوقه همذانها إذا استقبل الصيف الربيع وأعشبت ... شماريخ من أروند شم قنانها وهاج عليهم بالعراق وأرضه ... هواجر يشوي أهلها لهبانها سقتك ذرى أروند من سيح ذائب ... من الثلج أنهاراً عذاباً رعانها ترى الماء مستناً على ظهر صخره ... ينابيع يزهي حسنها واستنانها كأن بها شوباً من الجنة التي ... تفيض على سكانها حيوانها فياساقي الكأس اسقينها مدامة ... على روضة يشفي المحب جنانها مكللة بالنور تحكي مضاحكاً ... شقائقها في غاية الحسن بانها كأن عروس الحي بين خلالها ... قلائد ياقوت زهاها اقترانها تهاويل من حمر وصفر كأنها ... ثنايا العذارى ضااحكاً أقحوانها قال طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري القاضي الشافعي رحمه الله: كتبت إلى ابي العلاء المعري حين ورد بغداد وما ذات در لا يحل لحالب ... تناوله واللحم منها مجلل لمن شاء في الحالين حياً وميتاً ... ومن رام شرب الدر فهو مجلل إذا طعنت في السن فاللحم طيب ... وآكله عند الجميع مغفل وخرفانها للأكل فيها كزازة ... فما لحصيف الرأي فيهن مأكل وما يجتني معناه إلا مبرز ... عليم بأسرار القلوب محصل فاجابني وأملى على الرسول في الحال: جوابان عن هذا السؤال كلاهما ... صواب وبعض القائلين مضلل فمن ظنه كرماً فليس بكاذب ... ومن ظنه نخلاً فليس يجهل لحومهما الأعناب والرطب الذي ... هو الحل والدر الرحيق المسلسل ولكن ثمار النخل وهي غضيضة ... تمر وغض الكرم يجنى ويؤكل يكلفني القاضي الجليل مسائلاً ... هي النجم قدراً بل أعز وأطول ولو لم أجب عنها لكنت بجهلها ... جديراً ولكن من يودك مقبل فاجبته بقولي: أثار ضميري من يعز نظيره ... من الناس طراً سابغ الفضل مكمل ومن قلبه كتب العلوم بأسرارها ... وخاطره في حدة النار مشعل تساوى له سر المعاني وجهرها ... ومعضلها باد لديه مفصل ولما أثار الحب قاد منيعه ... أسيراً بأنواع البيان مكبل وقربه من كل فهم بكشفه ... وأيضاحه حتى رآه المغفل وأعجب منه نظمه الدر مسرعاً ... ومرتجلاً من غير ما يتمهل فيخرج من بحر ويسمو مكانه ... جلالاً إلى حيث الكواكب نزل فهنأه الله الكريم بفضله ... محاسنه والعمر فيها مطول فأجاب مرتجلاص وأملى على الرسول: إلا أيها القاضي الذي بدهائه ... سيوف على اهل الخلاف تسلل فؤادك معمور من العلم آهل ... وجدك في كل المسائل مقبل

فإن كنت بين الناس غير ممول ... فأنت من الفهم المصون ممول إذا أنت خاطبت الخصوم مجادلاً ... فأنت وهم مثل الحمائم أجدل كأنك من في الشافعي مخاطب ... ومن قلبه تملي فما تتمهل وكيف يرى علم ابن إدريس دارساً ... وانت بإيضاح الهدى متكفل تفضلت حتى ضاق ذرعي بشكر ما ... فعلت وكفي عن جوابك أجمل لأنك في كنه الثريا فصاحةً ... وأعلى ومن يبغي مكانك أسفل فعذرك في اني أجبتك واثقاً ... بفضلك والانسان يسهو ويذهل وأخطأت في انفاذ رقعتك التي ... هي المجد لي منها أخير وأول ولكن عداني أن أروم احتفاظها ... رسولك وهو الفاضل المتفضل ومن حقها أن يصبح المسك عاطراً ... بها وهي في أعلى المواضع تجعل فمن كان في أشعاره متمثلاً ... فأنت امرؤ في العلم والشعر أمثل تجملت الدنيا بأنك فوقها ... ومثلك حقاً من به تتجمل ومن المراثي الجيدة أبيات ذكرها ابن خالكان في تاريخه (وفيات الاعيان) لابي اسحاق ابراهيم بن عثمان الغزي الشاعر المشهور رثى بها ابا الحسن علي بن محمد الطبري الملقب عماد الدين المعروف بالكيا الهرسي الفقيه الشافعي وهي: هي الحوادث لا تبقي ولا تذر ... ماللبرية من محتومها وزر لو كان ينجي علو من بوائقها ... لم تكسف الشمس بل لم يخسف القمر قل للجبان الذي أمسى على حذر ... من الحمام متى رد االردى الحذر بكى على شمسه الإسلام إذا افلت ... بأدمع قل في تشبييها المطر حبر عهدناه طلق الوجه مبتسماً ... والبشر أحسن ما يلقى به البشر لئن طوته المنايا تحت أخمصها ... فعلمه الجم في الآفاق منشر سقى ثراك عماد الدين كل ضحىً ... صوب الغمام ملث الودق منهمر عند الورى من أسى أبقيته خبر ... فهل أتاك من استيحاشهم خبر أحيا ابن ادريس درس أنت تورده ... في نظمه الأذهان والفكر من فاز منه بتغليق فقد علقت ... يمينه بشهاب ليس ينكدر كأنما مشكلات الفقه يوضحها ... جباه دهم لها من لفظه غرر ولو عرفت له مثلاً دعوت له ... وقلت دهري إلى شرواه مفتقر ومن جيد الثناء وفائق المديح ما قال ابو تمام في محمد بن حسان الضبي بمحمد سار الزمان محمدافينا وأعتب بعد سوء فعاله بمروق الأخلاق لو عاشرته ... لرأيت نجحك في جميع خصاله من ودني بلسانه وفؤاده ... وأمالني بيمنه وشماله أبداً نفيد غرائباً من ظرفه ... وراغائباً من جوده وفعاله لك شاهد من قلبه بل حالف ... متبرع أن العلى من باله وسألت عن أمري فسل عن أمردوني فحالي قطعة من حاله لو كنت شاهد بذله لشهدت لي ... بوارثة أو شركة في ماله وقوله في مالك بن طوق وأحسن: أقول لمرتاد الندى عند مالك ... تعوذ بجدوى مالك وصلاته فتىص جعل المعروف من دون عرضه ... سريعاً إلى الممتاح قبل داته ولو قصرت أمواله عن سماحه ... لقاسم من يرجوه شطر حياته ولو لم يجد في قسمة العمر حيلةً ... وجاز له الإعطاء من حسناته لجاد بها من غير كفر بربه ... وواساهم من صومه وصلاته للحسن بن وهب الكاتب وهي من ظريف الشعر: أبت مقلتاك لفرط الحزن ... عليك الرقاد وبرد الوسن وحق لعينيك أن لا تناما ... وقلبك مختلس مرتهن وبين الجوانح داء دفين ... لعمرك مستتر قد كمن نجي الهموم وقرن الكلوم ... ووهي الحلوم وبعد الوطن شديد النفار كثير العثار ... خليع العذار يجر الرسن أفي كل يوم تطيل الوقوف ... تناجي الديار وتبكي الدمن وتستخبر الدار عن أهلها ... وتذري الدموع على من ظعن كأنك لم تر فيما مضى ... من الدهر ذا صبوة مفتتن عذرتك أيام شرخ الشباب ... وفرعك نضير الغصن فأما وقد زال ظل الشباب ... عنك وولى كأن لم يكن وألبسك الشيب بعد الشباب ... قناع بياض كلون القطن وصرت قذى في عيون الحسان ... يخنك عهداً وان لم تخن ويصدفن عنك إذا رمتهن ... وكنت لهن زماناً سكن

شعر المعري

شعر المعري هو ابو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري التنوخي، الشاعر المتفنن، وهو عربي النسب من قبيلة تنوخ بطن من قضاعة من بيت علم وقضاء، ولد بمعرة النعمان سنة 363، وجدر في الثالثة من عمره، وكف بصره، وتعلم على ابيه وغيره من أىمة زمانه، وكان يحفظ ما يسمعه من مرة واحدة، وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ونسك في آخر عمره، ولم يبرح منزله، وسمى نفسه رهين المحبين، العمى والمنزل، وبقي مكباً على التدريس والتأليف، ونظم الشعر، مقتنعاً بالقليل من الدنانير، يستغلها من عقار له مجتنباً آكل الحيوان، وما يخرج منه مكتفياً بالنبات والفاكهة والدبس، متعللاً بأنه فقير، وانه يرحم الحيوان، وعاش عزباً إلى أن مات سنة 449 بالمعرة، وأمر أن يكتب على قبره: هذا ما جناه أبي علي ... وما جنيت على أحد وله كثير من الشعر يناقض بعضه بعضاً في حقيقة العالم والشرائع والمعبود، وللناس في اعتقاده أقوال كثيرة، والظاهر انه شاك متحير، وهو أحكم الشعراء بعد المتنبي، ويفضل عليه في الغريب، والأخيلة الدقيقة، والطبيعيات والاجتماعيات، والأخلاق والقوانين، ونظام الحكومات، والفلسفة والشرائع والاديان، ولذلك يفضله الافرنج، هو في هذه الامور معدوم النظير، ومن شعره يمدح الفصيصي ويهنئه بعيد الأضحى: يا ساهر البرق أيقظ السمر=لعل بالجزع أعواناً على السهر وان بخلت على الأحياء كلهم=فاسق المواطر حياً من بني مطر ويا اسيرة حجليها أرى سفهاً=حمل الحلي لمن أعيى عن النظر ما سرت إلا وطيف منك يصحبني=سرى أمامي وتاويباً على أثري لو حط رحلي فوق النجم رافعه=وجدت ثم خيالاً منك منتظري يود أن ظلام الليل دام له=وزيد فيه سواد القلب والبصر لو اختصرتم من الاحسان زرتكم=والعذب يهجر للإفراط في الخصر أبعد حول تناجي الشوق ناجية=هلا ونحن على عشر من العشر؟ كم بات حولك من ريم وجلزية=يستجديانك حسن الدل والحور فما وهبت الذي يعرفن من خلق=لكن سمحت بما ينكرن من درر وما تركت بذات الضال عاطلة=من الظباء ولا عار من البقر قلدت كل مهاة عقد غانية=وفزت بالشكر في الآرام والعفر ورب ساحب وشي من جآذرها=وكان يرفل في ثوب من الوبر حسنت نظم كلام توصفين به=ومنزلاً بك معموراً من الخفر فالحسن يظهر في شيئين رونقة=بيت من الشعر أو بيت من الشعر اقول والوحش ترميني بأعينها=والطير تعجب مني كيف لم أطر ونظام الحكومات، والفلسفة والشرائع والأديان، ولذلك يفضله الافرنج، وهو في هذه الامور معدوم النظير، ومن شعره يمدح الفصيصي ويهنئه بعيد الأضحى: يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر=لعل بالجزع أعواناً على السهر وان بخلت على الاحياء كلهم=فاسق المواطر حياً من بني مطر ويا أسيرة حجليها أرى سفهاً ... حمل الحلي لمن أعيى عن النظر ما سرت إلا وطيف منك يصحبني ... سرىً أمامي وتأويباً على أثري لو حط رحلي فوق النجم رافعه ... وجدت ثم خيالاص منك منتظري يود أن ظلام الليل دام له ... وزيد فيه سواد القلب والبصر لو أختصرتم من الاحسان زرتكم ... والعذب يهجر للإفراط في الخصر أبعد حول تناجي الشوق ناجية ... هلا ونحن على عشر من العشر؟ كم بات حولك من ريم وجلزية ... يستجديك حسن الدل والحور فما وهبت الذي يعرفن من خلق ... لكن سمحت بما ينكرن من درر وما تركت بذات الضال عاطلةً ... من الظباء ولا عار من البقر قلدت كل مهاة عقد غانية ... وفزت بالشكر في الآرام والعفر ورب ساحب وشي من جآذرها ... وكان يرفل في ثوب من الوبر حسنت نظم كلام توصفين به ... ومنزلاً بك معموراً من الخفر فالحسن يظفر في شيئين رونقة ... بيت من الشعر أو بيت من الشعر اقول والوحش ترميني بأعينها ... والطير تعجب مني كيف لم أطر لمشمعلين كالسيفين تحتهما ... مثل القناتين من اين ومن ضمر في بلدة مثل ظهر الظبي بت بها ... كأنني فوق روق الظبي من حذر لا تطويا السر عني يوم نائية ... فان ذلك ذنب غير مغتفر ياروع الله سوطي كم أروع به ... فؤاد وجناء مثل الطائر الحذر

باهت بمهرة عدناناً فقلت لها ... لولا الفصيصي كان المجد في مضر وقد تبين قدري أن معرفتي ... من تعلمين سترضيني عن القدر القاتل المحل إذا تبدو السماء لنا ... كأنها من نجيع الجدب في أزر وقاسم الجود في عال ومنخفض ... كقسمة الغيث بين النجم والشجر زلو تقدم في عصر مضى نزلت ... في وصفه معجزات الآي والسور يبين بالبشر عن احسان مصطنع ... كالسيف دل على التأثير بالاثر فلا يغرنك بشر من سواه بدا ... ولو انار فكم نور بلا ثمر يا ابن الالى غير زجر الخيل ما عرفوا ... إذا تعرف العرب زجر الشاء والعكر والقائديها على الأضياف تتبعها ... إلافها والوف اللأم والبدر جمال ذي الأرض كانوا في الحياة وهم ... بعذ الممات جمال الكتب واسير وافقتهم في اختلاف من زمانكم ... والبدر في الوهن مثل البدر في السحر الموقدون بنجد نار بادية ... لا يحضرون وفقد العز في الحضر إذا همى القطر شبهتا عبيدهم ... تحت الغمائم للسارين بالقطر من كل أزهر لم تأشر ضمائره ... للثم خد ولا تقبيل ذي أشر لكن يقبل فوه سامعي فرس ... مقابل الخلق بين الشمس واقمر كأن أذنيه أعطت قلبه خبراً ... عن السماء بما يلقى من الغير يحس وطء الرزايا وهي نازلة ... فينهب الجري نفس الحادث المكر من الجياد اللواتي كان عودها ... بنو افصيص لقاء الطعن بالثغر تغني عن الورد أن سلو صوارمهم ... أمامها لاشتباه البيض بالغدر اعاذ مجدك عبد الله خالقه ... من أعين الشهب لامن اعين البشر فالعين يسلم منها ما رأت فنبت ... عنه وتلحق ما تهوى من الصور فكم فريسة ضرغام ظفرت بها ... فحزتها وهي بين الناب والظفر ماجت نمير فهاجت منك ذا لبد ... والليث أفتك أفعالاً من النمر هموا فأموا فلما شارفوا وقفوا ... كوقفة العير بين الورد والصدر وأضعف الرعب أيديهم فطعنهم ... بالسمهرية دون الوخز بالابر تلقي الغواني حفيظ الدر من جزع ... عنها وتلقي الرجال السرد من خور فكم دلاً على بطحاء ساقطة ... وكم جمان مع الحصباء منتثر دع اليراع لقوم يفخرون به ... وبالطوال الردينيات فافتخر فهن اقلامك اللاتي إذا كتبت ... مجداً أتت بمداد من دم هدر وكل ابيض هندي به شطب ... مثل التكسر في جار بمنحدر تغايرت فيه أرواح تموت به ... من الضراغم والفراسان والجزر رض المنايا على أن الدماء به ... وان تخالفن ابدال من الزهر ما كنت أحسب جفناً قبل مسكنه ... في الجفن يطوي على نار ولا نهر ولا ظننت صغار النمل يمكنها ... مشي على اللج أو سعي على السعر قالت عداتك ليس المجد مكتسباً ... مقالة الهجن ليس السبق بالحضر رأوك بالعين فاستغوتهم ظنن ... ولم يروك بفكر صادق الخبر والنجم تستصغر الابصار صورته ... والذنب للطرف لا للنجم في الصغر يا غيث فهم ذوي الافهام أن سدرت ... إبلي فمرآك يشفيها من السدر والمرء ما لم تفد نفعاً اقامته ... غيم حمى الشمس لم يمطر ولم يسر فزانها الله أن لاقتك زينته ... بنات أعوج بالأحجال والغرر افنى قواها قليل السير تدمنه ... والغمر يفنيه طول الغرف بالغمر حتى سطرنا بها البيداء عن عرض ... وكل وجناء مثل النون في السطر علوتم فتواضعتم على ثقة ... ولما تواضع أقوام على عرر والكبر والحمد ضدان اتفاقهما ... مثل اتفاق فتاء السن والكبر يجني تزايد هذا من تناقض ذا ... والليل أن طال غال اليوم بالقصر خف الورى واقرتكم حلومكم ... والجمر تعدم فيه خفة الشرر وانت من لو رأى الإنسان طلعته ... في النوم لم يمس من خطب على خطر وعبد غيرك مضرور بخدمته ... كالغمد يبليه صون الصارم الذكر لولا قدومك قبل النحر أخره ... إلى قدومك اهل النفع والضرر سافرت عنا فظل الناس كلهم ... يراقبون اياب العيد من سفر

لو غبت شهرك موصولا بتابعه ... وابت لا نتقل الاضحى إلى صفر فما يزيد على ايامنا الاخر ... بالآل والحال والعلياء والعمر وله أيضاً: إليك تناهى كل فخر وسؤدد ... فأبل الليلي والانام وجدد لجدك كان المجد ثم حويته ... ولابنك يبنى منه أشرف مقعد ثلاثة أيام هي الدهر كله ... وما هن غير اليوم والامس والغد وما البدر إلا واحد غير انه ... يغيب ويأتي بالضياء المجدد فلا تحسب الأقمار خلقاً كثيرة ... فجملتها من نير متردد وللحسن الحسنى وان جاد غيره ... فذلك جود ليس بالمتعمد له الجوهر الساري يؤمم شخصه ... يجوب إليه محتداً بعد محتد ولو كتموا أنسابهم لعزتهم ... وجوه وفعل شاهد كل مشهد وقد يجتدى فضل الغمام وإنما ... من البحر فيما يزعم الناس يجتدي ويهدي الدليل القوم والليل مظلم ... ولكنه بالنجم يهدي ويهتدي فيا أحلنم السادات من غير ذلة ... ويا أجود الاجواد من غير موعد وطئت صروف الدهر وطأة ثائر ... فأتلفت منها أنفساً لم تصفد وعلمته منك التأني فانثنى ... إذا رام أمراً رامه بتأيد وأثقلته من أنعم وعوارف ... فسار بها سير البطيء المقيد ودانت لك الأيام بالرغم وانضوت ... إليك الليالي فارم من شئت تقصد بسبع اماء من زغاوة زوجت ... من الروم في نعماك سبعة أعبد ولولاك لم تسلم أفامية الردى ... وقد أبصرت من مثلها مصرع الردي فأنقذت منها معقلاً هضباته ... تلفع من نسيج السحاب وترتدي وحيداً بثغر المسلمين كأنه ... بفيه مبقى من نواجذ أدرد بأخضر مثل البحر ليس اخضراره ... من الماء لكن من حديد مسرد كأن الانوق الخرس فوق غباره ... طوالع شيب في مفارق أسود وليس قشيب الهند إلا كناية ... من القضيب في كف الهدان المعرد متى أنا في ركب يؤمنون منزلاً ... توحد من شخص الشريف باوحد على شدقميات كأن حداتها ... إذا عرس الركبان شراب مرقد تلاحظ اعلام الفلا بنواظر ... كحلن من الليل التمام باثمد فقد اذهبت اخفافها الأرض والوجى ... ماً وتردى فضلة كل مزبد يخلن سماماً في السماء إذا بدت ... لهن على اين سماوة مورد تظن به ذوب اللجين إذا بدت ... له الشمس اجرت فوقه ذوب عسجد تبينت النجوم الزهر في حجراته ... شوارع مثل الؤلؤ المتبدد فأطمعن في اشباحهن سواقطاً ... على الماء حتى كدن يلقطن باليد فمدت إلى مثل السماء رقابها ... وعبت قليلا بين نسر وفرقد وذكرن من نيل الشريف موارداً ... فما نلن منه غير شرب مصرد ولاحت لها نار يشب وقودها ... لأضيافه في كل غور وفدفد بخرق يطيل الجنح فيها سجوده ... وللارض زي الراهب المتعبد ولو نشدت نعشا هناك بناته ... لماتت ولم تسمع له صوت منشد وتكتم فيه العاصفات نفوسها ... فلو عصفت بالنبت لم يتأود فمرت إذا غنى الرديف وقد ونت ... بذكراه زفت كالنعام المطرد يحازرن وطء البيد حتى كأنما ... يطأن برأس الأرض هامة اصيد وينفرن في الظلماء عن كل جدول ... نفار جبان عن حسام مجرد تطاول عهد الواردين بمائه ... وعطل حتى صار كالصارم الصدي إلى بردى حتى تظل كأنها ... إذا كرعت فيه لواثم مبرد أرى المجد سيفاً والقريض نجاده ... ولولا نجاد بابكار الثناء المخلد وأعرض من دون اللقاء قبائل ... يعلون خرصان الوشيج المقصد غواة إذا النكباء حفت بيوتهم ... أقاموا لها الفرسان في كل مرصد يطيعون أمراً من غوي كأنه ... على الدهر سلطان يجور ويعتدي إذا نفرت من رغد عيش سوامه ... سعى نحوه بالمشرفي المهند وقد علمت هذي البسيطة أنها ... تراثك فلتشرف بذاك وتزدد وان شئت فازعم أن من فوق ظهرها ... عبيدك واستشهد الهك يشهد وذكرك يذكي الشوق في كل خاطر ... ولو انه في قلب صماء جامد وله أيضاً:

غاني اللوى من شخصك اليوم أطلال ... وفي النوم مغنى من خيالك محلال معانيك شتى والعبارة واحد ... فطرفك قتال وزندك مغتال وأبغضت فيك النخل والنخل يانغ ... واعجبني من حبك الطلع والضال فأذهل اني بالعراق على شفا ... رزي الاماني لا أنيس ولا مال مقل من الأهلين يسر واسرة ... كفى حزناً بين مشت وإقلال طويت الصباطي السجل وزارني ... زمان له بالشيب حكم واسجال إذا جن ليلي جن لبي وزائد ... خفوق فؤادي كلما خفق الآل وماء بلادي كان أنجع مشرباً ... ولو أن ماء الكرخ صهباء جريال حروف سرى جاءت لمعنى أردته ... برتني اسماء لهن وأفعال يحازرن من لدغ الازمة لا اهتدى ... مخبرها أن الازمة أصلال في وطني أن فاتني بك سائغ ... من العيش فلينعم للساكنك البال فان استطع في الحشر آتك زائراً ... وهيهات لي يم القيامة اشغال وكم ماجد في سيف دجلة لم أشم ... له بارقاً والمرء كالمزن هطال من الغر تراك الهواجر معرض ... عن الجهل قذاف الجواهر مفضال سيطلبني رزقي الذي لو طلبته ... لما زاد والدنيا حظوظ وإقبال إذا صدق الجد افترى العم للفتى ... مكارم لا تكري وان كذب الخال واهوى لجراك السماوة والقطا ... ولو أن صنفيه وشاة وعذال حملت من الشامين أطيب جرعة ... وانزرها والقوم بالقفر ضلال يلوذ بأقطار الزجاجة بعدما ... اريقت لما اهديت في الكثر أمثال فسقياً لكأس من فم مثل خاتم ... من الدر لم يهمم بتقبيله خال صحبت كرانا والركاب سفائن ... كعادك فينا والركائب اجمال أعمت الينا أم فعال ابن مريم ... فعلت وهل يعطى النبوة مكسال كأن الخرامى جمعت لك حلة ... عليك بها في اللون والطيب سربال عجبت وقد جزت الصراة رفلة ... وما خضلت مما تسربلت أذيال متى ينزل الحي الكلابي بالساً ... يحييك عني ظاعنون وقفال تحية ود ما الفرات وماؤه ... باعذب منها وهو ازرق سلسال وان زعموا أن الهجير استشفهم ... إليها فمنها في المزايد اسمال أتعلم ذات القرط والشنف أنني ... يشفني بالزأر أغلب رئبال فيا دارها أن مزارها ... قريب ولكن دون ذلك أهوال إذا نحن أهللنا بنؤيك ساءنا ... فهلا بوجه المالكية اهلال تصاحب في البيداء ذئباً وذابلاً ... كلا صاحبيها في التنوفة عسال إذا أعرب الرعيان عنها سولمها ... أريح عليها الليل هيق وذيال تسييء ينا يقظى فاما إذا سرت ... رقاداً فاحسان الينا واجمال بكت فكأن العقد نادى فريدهلم لعقد الحلف قلب وخلخال وهل يحزن الدمع الغريب دمعا ولؤلؤاً ... وولت اصيلا وهي كالشمس معطال باشنب معطار الغزيزة مقسم ... لسائفه أن القسيمة متفال فلا اخلف الدمع الذي الذي فاض شأنها ... دعاء لها بل أخلف النظم لآل وغنت لنا من دار سابور قينة ... من الورق مطراب الأصائل ميهال رأت زهراً غضا فهاجت بمزهر ... مثانيه احشاء لطفن وأوصال فقلت تغني حيث شئت فانما ... غناؤك عندي يا حمامة إعوال وتحسدك البيض الخوالي قلادةً ... بجيدك فيها من شذى المسك تمثال ظلمن وبيت الله كم من قلادة ... توازرها سور لهن واحجال بدت حية قصراً فقلت لصاحبي ... حياة وشر بئس ما فعل الفال اتبصر ناراً أوقدت لخويلد ... ودون سناها للنجائب إرقال واقتال حرب يفقد السلم فيهم ... على غيرهم أمضى القضاء واقتال وعرض فلاة يحرم السيف وسطها ... إلا أن احرام الصوارم احلال إذا قدحت فالمشرفي زنادها ... وان هي حشت فالعوامل اجذال تمنيت أن الخمر حلت لنشوة ... تجهلني كيف اطمأنت بي الحال وله أيضاً: لعل نواها أن تريع شطونها ... وان تتجلى عن شموس دجونها بنا من هوى سعدى البخيلة كاسمها ... إذا زايلته عين سعدى وسينها إذا ما انحنا حرة فوق حرة ... بكى رحمة الوجناء منها وجينها

شعر

أرنت بها من خشية الموت رنةً ... فدل عليها الناعبات رنينها يعز علينا أن يظل ابن دأية ... يفتش ما ضمت عليه شؤونها رحلنا بها نبغي لها الخير مثلنا ... فما آب إلا كورها ووضينها فقد حن سوطي في يدي من غرامها ... وحن اشتياقاً في حشاها جنينها تعاطت نهى حتى إذا ما تعرضت ... لها هضبات الشام جن جنونها ولما رمت أبصارها تطلب الحمى ... ولم تر تلك الأرض ساءت ظنونها بذلنا لها محض اللجين كرامة ... فلم يرضها في الجنح إلا لجينها ولما رأتنا نذكر الماء بيننا ... ولا ماء غارت من حذار عيونها كأنها توقت وردنا ثمد عينها ... فضم إليها ناظريها جبينها وقد حلفت أن تسأل الشمس حاجة ... وان سألتك اليسر برت يمينها ملقى نواصي الخيل كل مرشة ... من الطعن لا يرجو البقاء طعينها ومثكل فرسان الوغى كل نثرة ... يود خليج راكد لو يكونها إذا ألقيت في الأرض وهي مفازاة ... إلى الماء خلت الأرض يجري معينها وتبغي على القاع السوي تثبتاً ... فيمنعها من أن تثبت لينها وما برحت في ساحة الحي يرتمي ... بها موجها حتى نهتها حزونها غدير وشته الريح وشية صانع ... فلم يتغير حين دام سكونها كان الدبى غرقى به غير أعين ... إذا رد فيها ناظر يستبينها وما حيوان البر فيها بسالم ... إذا لم يغثه سيفها أو سفينها وتصغي وترني كل خلق لعلها ... تنق ضفاديها ةيلعب نونها فلو لم يضعها عنه للسلم فارس ... لخلد ما دامت عليه غصونها ولو علمت نفس الفتى يوم حتفه ... ولاقته فيها لم تخنه منونها أمون إذا أودعت نفسك حرزها ... ولاقيت حرباً لم يخنك أمينها وله أيضاً: إلا في سبيل المجد ما أنا فاعل ... عفاف وإقدام وحزم ونائل اعندي وقد مارست كل خفية ... يصدق واش أو يخيب سائل تعد ذنوبي عند قوم كثيرة ... ولا ذنب لي إلا العلى والفضائل كأني إذا طلت الزمان وأهله ... رجعت وعندي للأنام طوائل وقد سار ذكري في البلاد فمن لهم ... بإخفاء شمس ضوؤها متكامل يهم الليل بعض ما أنا مضمر ... ويثقل رضوى دون ما أنا حامل واني وان كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل وأغدو ولو أن الصباح صوارم ... وأسري ولو أن الظلام جحافل واني جواد لم يحل لجامه ... وتصل يمان أغفلته الصياقل فإن كان في لبس الفتى شرف له ... فما السيف إلا غمده والحمائل ولي منطق لم يرض لي كنه منزلي ... على انني بين السماكين نازل لدى موطن يشتاقه كل سيد ... ويقصر عن إدراكه المتناول ولما رأيت الجهل في الناس فاشياً ... تجاهلت حتى ظن اني جاهل فواعجباً كم يدعي الفضل ناقص ... ووا أفاً كم يظهر النقص فاضل وكيف تنام الطير في وكناتها ... وقد نصبت للفرقدين الحبائل ينافس يومي في أمسي تشرفاً ... وتحسد أسحاري علي الأصائل وطال اعترافي بالزمان وصرفه ... فلست أبالي من تغول الغوائل فلو بان عنقي ما تأسف منكبي ... ولو مات زندي ما بكته الأنامل إذا وصفت الطائي بالبخل مادر ... وعير قساً بالهفافة باقل وقال السهى للشمس أنت ضئيلة ... وقال الدجى للصبح لونك حائل وطاولت الأرض السماء سفاهةً ... وفاخرت الشهب الحصى والجنادل فيا موت زران الحياة ذميمة ... ويا نفس جدي أن دهرك هازل تم الاختيار من شعر ابي العلاء المعري وأخباره ويليه بعض امقاطيع الجيدة لشعراء لم أظفر من شعرهم إلا بقليل فأحببت ذكره هنا. شعر قراوش بن المقلد لله در الحادثات فإنها ... صدأ اللئام وصيقل الاحرار ما كنت إلا زبرةً فطبعنني ... سيفاً وأطلق طرقهن غراري وله أيضاً: من كان يحمد أو يذم مورثا ... للمال من آبائه وجدوده فانا امرؤ لله أشكر وحده ... شكراً كثيراً جالبا لمزيده لي أشقر ملء العيون مغاور ... يعطيك ما يرضيك من مجهوده

شعر

ومهند عضب إذا جردته ... خلت البروق تجول في تجريده ومثقف لدن القناة كأنما ... أم المنايا ركبت في عوده وبذا حويت المال إلا انني ... سلطت جود يدي على تبديده وله أيضا: وآلفة للطيب ليست تغبه ... منعمة الأطراف لينة اللمس إذا ما دخان الند من جنبها علا ... على وجهها أبصرت غيماً على شمس ويليه الاختيار من شعر ابن رشيق شعر ابن رشيق قال يتعذر إلى بعض أصحابه وقد اتهمه انه نال منه: وقد كنت لا آتي إليك مخاتلا ... لديك ولا أثنى عليك تصنعا ولكن رأيت المدح فيك فريضة ... علي إذا كان المديح تطوعا ففهت بما لم يخف عنك مكانه ... من القول حتى ضاق مما توسعا فلا تتخالجك الظنون فإنهما ... مآثم واترك ااصنائع موضعا فلو غيرك الموسوم عندي بريبة ... لأعطيت فيه مدعي القوم ما ادعى فوالله ما طولت باللوم فيكم ... لسانا ولا عرضت للذم مسمعا ولكنني أكرمت نفسي أن تهن ... واجللتها عن أن تذل وتخضعا فباينت لا أن العداوة باينت ... وقاطعت لا أن الوفاء تقطعا ةيليه الاختيار من شعر ابي الهياج مقاتل بن عطية شعر ابي الهياج قال يمدح الوزير مكرم بن علي الكرماني: ورود ركايا الدمع تكفي الركائبا ... وشم تراب الربع يشفي الترائبا إذا شمت من برق العقيق عقيقةً ... فلا تنتجع دون الجفون السحائبا ومنها عند الخروج من المديح: الي ماجد لم يقبل المجد وارثا ... ولكن سعى حتى حوى المجد كاسبا تبسم ثغر الدهر عنه بصاحب ... إذالم يصحب سوى العزم صاحبا تصيغ له الاسماع مادام قائلاً ... وتعنو له الأبصار مادام كاتباً ولم أرى ليثاً خادراً مثل مكرم ... ينافس في العليا ويعطي الرغائبا ولو لم يكن ليناً مع الجود لم يكن ... إذا صال بالاقلام صارت مخالبا إذا زان قوماً بالمناقب واصف ... ذكرت له وصفاً يزين المناقبا له الشيم الشم التي لو تجسمت ... لكانت لوجه الدهر عينا وحاجبا ثنى نحو شمطاء الوزارة طرفه ... فصارت بادنى لحظة منه كاعبا تناول أولاها وما مد ساعداً ... واحرز اخراها وما قام واثبا شعر يموت ابن المزرع الشيباني قال يوصي ابنه مهلهلا: مهلهل قد حلبت شطور دهري ... وكافحني بها الزمن العنوت وحاربت الرجال بكل فج ... فأذعن لي الحثالة والرتوب فأوجع ما أجن عليه صدري ... كريم غته زمن غتوت كفى حزناً بضيعة ذي قديم ... وأبناء العبيد لها التخوت وقد أسهرت عيني بعد غمض ... مخافة أن تضيع إذا فنيت وفي لطف المهيمن لي عزاء ... بمثلك أن فنيت وان بقيت فسر في الأرض وابغ بها معلوماً ... ولا تقطعك جائحة ثبوت وان بخل العليم عليك يوماً ... فذل له وديدنك السكوت وقل بالعلم كان ابي جواداً ... يقال ومن أبوك فقل يموت يقر لك الأباعد والأداني ... بفضل ليس يجحده البهوت فائدة نحوية: قال ابو العلاء المعري: حدثني عبد السلام البصري، قال: كنت في مجلس ابي سعيد السيرافي وبعض أصحابه نقرأ عليه "إصلاح المنطق" لابن السكيت فمر ببيت حميد بن ثور وهو: ومطوية الأقراب أما نهارها=فنص وأما ليلها فذميل فقال ابو سعيد: ومطوية أصلها بالخفض، ثم التفت الينا وقال: هذه واورب، فقلت اطال الله بقاء القاضي أن قبلها ما يدل على الرفع فقال، وما هو؟ قلت: أتاك بي الله لذي أنزل الهدى ... ونور وإسلام عليك دليل ومطوية الأقراب البيت، فعاد فأصلحه بالرفع، وكان ابنه محمد حاضراً، فتغير وجهه، وقام والغضب يستطير في شمائله، وقصد دكأنه، وكان سماناً فباعه، واشتغل بعلم النحو إلى أن برع فيه، فعمل شرح إصلاح المنطق، وأجاد فيه إلى الغاية، ولقد رأيته، وهو مشتغل بشرحه، وبين يديه مائتا ديوان للعرب منها. ويليه الاختيار من شعر السبط بن التعاويذي شعر البط ابن التعاويذي حتام أرضي في هواك وتغضب ... والى متى تجني علي وتعتب؟

شعر

ما كان لي لولا ملالك زلة ... لما مللت زعمت أني مذنب خذ في أفانين الصدود فان لي ... قلباً على العلات لا يتقلب أتظنني اضمرت بعدك سلوة ... هيهات عطفك من سلوي أقرب لي فيك نار جوانح لا تنطفي ... حزنا وماء مدامع لا تنضب أنسيت أياماً لنا ولياليا ... للهو فيها والبطالة ملعب أيام لا الواشي يعد ضلالةً ... ولهى عليك ولا العذول يؤنب قد كنت تنصفني بالمودة راكباً ... في الحب من اخطاره ما اركب واليوم أقنع أن يمر بمضجعي ... في النوم طيف خيالك المتأوب ما خلت أن جديد أيام الصبا ... يبلى ولا ثوب الشبيبة يسلب حتى انجلى ليل الغواية واهتدى ... ساري الدجى وانجاب ذاك الغيهب قالت وريعت من بياض مفارقي ... ونحول جسمي بان منك الأطيب أن تنقمي سقمي فحصرك ناحل ... أو تنكري شيبي فثغرك أشنب وقال أيضاً يتوجع بصره، ويذكرجزع زوجته من ذلك: وباكية لم تبك فقراً ولا رمى ... بجيرتها الأدنين نأي مطوح رمتهايد الأقدار في ليث غابها ... بحادث خطب والحوادث تفدح رأت جللاً لا الصبر يجمل بالفتى ... على مثله يوماً ولا الحزن يقبح فلا غرو أن تبكي الدماء لكاسب ... لها كان يسعى في البلاد ويكدح عزيز عليها أن تراني جاثماً ... ومالي في الأرض البسيطة مسرح وان لا أقود العيس تنفخ في البرى ... وجرد المذاكي في الأعنة تمرح أظل حبيساً في قرارة منزل ... رهين أسى أمسي عليه وأصبح مقامي منه مظلم الجو قاتم ... ومسعاي ضنك وهو صحمان أفيح أقاد به قود الجنيبة مسمحاً ... وما كنت لولا ما قضى الله أسمح كأمي ميت لا ضريح لجنبه ... وما كل ميت لا أبا لك يضرح وها أنا لا قلبي يراع لفائت ... فيأسى ولا يلهيه حظ فيفرج فلله نصل فل مني غراره ... وعود شباب عاد وهو مصوح وسقياً لأيام ركبت بها الهوى ... جموداً ومثلي في هوى الغي يجمح وماضي صبا قضيت منه لبانة ... خلاساً وعين الدهر زرقاء تلمح ليلي عندي للغواني مكانة ... فالحاظها ترنو إلي وتلمح وليلى بها أضعاف ما بي من الهوى ... أعرض بالشكوى لها فتصرح وله أيضاً يمدح يوسف بن أيوب صاحب الديار المصرية: أهلا بطلعة غادة ... فضح الدجى بضيائها سمح الزمان بوصلها ... فدنت على عدوائها باتت تعاطيني المدا ... م وكنت من اكفائها فسكرت من ألحاظها ... وغنيت عن صهبائها بيضاء قتلي دأبها ... في نأيها ونوائها فإذا دنت بجفونها ... وإذا نأت بجفائها لا تلتقي أبداً موا ... عدها بيوم وفائها الشمس من ضراتها ... والبدر من رقبائها والصبح فوق لثامها ... والليل تحت ردائها مضرية تنمى إذا ... نسبت إلى حمرائها بانت وأطراف الرماح ... تجول حول خبائها فالموت دون فراقها ... والموت دون لقائها ولقد مررت بربعها ... بعد النوى وفنائها والعين في الاطلال با ... كية على أطلالها فوققت أنشد في مطا ... لعها بدر سمائها وبكيت حتى كدت أع ... طف بانتي جرعائها يا موحش اعين التي ... أنست بطول بكائها غادرت بين جوانحي ... نفساً تموت بدائها تشتاق عيني أن ترا ... ك وأنت في سودائها واذ بخلت بنظرة ... سمحت بمجة مائها فكأنها كف الخلي ... فة اسبلت بعطائها وبعد هذا شرع في المديح وأجاد: ويليه الاختيار من شعر الظافر بن القائم المعروف بالحداد. شعر الظافر بن القائم (الحداد) فمن ذلك قوله وهو في غاية الرقة: لو كان بالصبر الجميل ملاذه ... ما سح وابل دمعه ورذاذه ما زال جيش الحب يغزو قلبه ... حتى وهي وتقطعت أفلاذه لم يبق منه مع الغرام بقية ... إلا رسيس يحتويه جذاذه من كان يرغب في السلامة فليكن ... أبداً من الحدق المراض عياذه لا تخدعنك بالفتور فإنه ... نظر يضر بقلبك استلذاذه

شعر

يا أيها الرشأ الذي من طرفه ... سهم إلى حب القلوب نفاذه در يلوح بفيك من نظامه ... خمر يجول عليه من نباذه؟ وقناة ذاك القد كيف تقومت ... وسنان ذاك اللحظ ما فولاذه؟ رفقاً بجسمك لا يذوب فإنني ... أخشى بأن يجفو عليه لاذه هاروت يعجز عن مواقع سحره ... وهو الامام فمن ترى استاذه نالله ما علقت محاسنك امرءاً ... إلا وعز على الورى استنفاذه اغريت حبك بالقلوب فأذعنت ... طوعاً وقد أودى بها استحوازه مالي أتيت الحظ من أبوابه ... جهدي فدام نفوره ولواذه إياك من طمع المنى فعزيزه ... كذليله وغنيه شحاذه ويليه الاختيار من شعر الحسن بن زيدان اليمني. شعر علي بن زيدان اليمني قال يمدح الفائز بن الظافر صاحب مصر ووزيره الصالح بن رزيك: الحمد للعيس بعد العزم والهمم ... حمداً يقوم بما أولت من النعم لا أجحد الحق عندي للركاب يد ... تمنت اللجم فيها رتبة الحطم قربن بعد مزار العز من نظري ... حتى رأيت إمام العصر من أمم ورحن من كعبة البطحاء والحرم ... وفداً إلى كعبة المعروف والكرم فهل درى البيت اني بعد فرقته ... ما سرت من حرم إلا إلى حرم حيث الخلافة مضروب سرادقها ... بين النقيضين من عفو ومن نقم وللامامة أنوار مقدسة ... تجلو البغيضين من ظلم ومن ظلم وللنبوة آيات تنص لنا ... على الحقيقين من حكم ومن حكم وللمكارم أعلام تعلمنا ... مدح الجزيلين من بأس ومن كرم وللعلى ألسن تثني محامدها ... على الحميدين من فعل ومن شيم وراية الشرف البذاخ ترفعها ... يد الرفيعين من مجد ومن همم أقسمت بالفائز المعصوم معتقداً ... فوز النجاة واجر البر في القسم لقد حمى الدين والدنيا واهلهما ... إمامنا الفائز الفراج للغمم اللابس الفخر لم تنسج غلائله ... إلا يد الصانعين السيف والقلم وجوده شرف الأيام فافتخرت ... وجوده أعدم الشاكين للعدم قد ملكته العوالي رق مملكة ... تعير أنف الثريا عزة الشمم أرى مقاماً عزيز الشأن أو همني ... في يقظتي إنها من جملة الحلم يوم من العمر لم يخطر على أملي ... ولا ترقت إليه رغبة الهمم ليت الكواكب تدنو لي فانظمها ... عقود مدح فما أرضى لكم كلمي ترى الوزارة فيه وهي باذلة ... عند الخلافة نصحاً غير متهم عواطف ووزير مد عدلهما ... ظلاً على مفرق الإسلام والامم زيادة النيل نقص عند فيضهما ... فما عسى يتعاطى هاطل الديم؟ ويليه الاختيار من شعر ابن عمار المهري الأندلسي. شعر ابن عمار المهري الأندلسي قال يمدح المعتمد بن عباد من قصيدة مطلعها: أدر الزجاجة فالنسيم قد انبرى ... والنجم قد صرف العيون عن السرى والصبح قد أهدى لنا كافوره ... لما استرد الليل منا العنبرا ومن مديحها: ملك إذا ازدحم الملوك بمورد ... ونحاه لا يردون حتى يصدرا أندى على الاكباد من قطر الندى ... وألذ للأجفان من سنة الكرى قداح زند المجد لا ينفك من ... نار الوغى إلى إلا نار القرى وقال أيضاً يمدحه من قصيدة مطلعها: علي والا ما بكاء الغمائم ... في والا فيم نوح الحمائم ومنها في وصف وطنه: ذكرت بها عهد الصبا فكأنما ... قدحت بنار الشوق بين الحيازم ليالي لا ألوي على رشد لائم ... عناني ولا أثنيه عن غي هائم أنال سهادي من عيون نواعس ... واجني عذابي من غصون نواعم وليل لنا بالسد بين معاطف ... من النهر ينساب انسياب بالنمائم بحيث اتخذنا الروض صار يزورنا ... هداياه في أيدي الرياح النواسم وبتنا ولا واش يحس كأنما ... حللنا محل السر من صدر كاتم ومن مديحها: ملوك مناخ العز في عرصاتهم ... ومثوى المعالي بين تلك المعالم هم البيت ما غير الظبي لبنائه ... بأس ولا غير القنا بدعائم؟ إذا قصر الروع الخطى نهضت بهم ... طوال العوالي في طوال المعاصم

وايد أبت من أن تأوب ولم تفز ... حجز النواصي أو بحز الغلاصم ندامى الوغى يجرون بالموت كاسها ... إذا رجعت أسيافهم بالجماجم هناك القنا مجرورة عن حفائظ ... وثم الظبى مهزوزة عن عزائم إذا ركبوا فانظره أول طاعن ... وان نزلوا فارصده آخر طاغم وهي طويله أجاد فيها: وقال يهنئ المعتضد ببعض الفتوح وهو فتح قرمونة وكان القائد ابنه الظافر: إلا للمعالي ما تعيد وما تبدي ... ولله ما تخفيه عنا وما تبدي جنيت ثمار النصر طيبة الجنى ... ولا شجر غير المثقفة الملد وقلدت أجياد الربى رائق الحلى ... ولا درر غير المهطمة الجرد بكل فتى عاري الاشاجع لابس ... إلى غمرات المت محكمة السرد نجوم سماء الحرب أن يدج ليلها ... يدور بهم افواجها فلك السعد خميس به تردي بنيك بمرهف ... حكاك كما قد الشراك من الجلد ببدر ولكن من مطالعه الوغى ... وليث ولكن من براثنه الهندي فتى ثقف بين الحمائل مقدم ... جنى الموت في كفيه أحلى من الشهد سقيت به ديناً عفاتك مخصباً ... فأجناك من روض الندى زهر الحمد وجندته نحو عفاتك محارباً ... فوافاك يقتاد الملوك من الجند ورب ظلام سار فيه إلى العدى ... ولا نجم إلا ما تطلع من غمد أطل على قرمونة متبلجاً ... مع الصبح حتى قيل كان على وعد فيا حسن ذاك السيف في راحة الندى ... ويابرد تلك في كبد المجد لك الله أن كانت عداتك بعضها ... لبعض فكل منهم جميعاً إلى فرد يهودا أو كانت بربراً فانقضى الظبى ... ونبهم منها بألسنة لد أقول وقد نادى ابن اسحاق قومه ... لأرضك يرتاد المنية من بعد لقد سلكت نهج السبيل إلى الردى ... ظباء دنت من غابة الاسد الورد كأني بباديس قد حط رحله ... إلى الفرس الطاوي من الفرس النهد إلى الفرس الجاري به طلق الردى ... سريعاً غنياً عن لجام وعن لبد يحن إلى غرناطة فوق متنه ... كماحن مقصوص الجناح إلى الورد وما الملك إلا حلية بك حسنها ... والا فما فضل السوار بلا زند ولا عجب أن لم يدن لك مارق ... فليس جمال الشمس في الأعين الرمد هنيأً ببكر في الفتوح نكحتها ... وما قبضت غير المنية من نقد تحلت من السيف الخضيب بصفحة ... وقامت من الرمح الطويل على قد ودونكها من نسج فكري حلة ... مطرزة العطفين بالشكر والحمد ألذ من العذب القراح على الصدى ... وأطيب من وصل الهوى عقب الصد وما هذه الأشعار إلا مجامر ... تضوع فيها للندى قطع الند وكنت نثرت الفضل في وإنما ... نثرت سقيط الطل في ورق الود وما أنا باغ من نداك بقدر ما ... يضاف لتأميلي ويعزى إلى ودي فأقسم لو قسمت جودك بيننا ... على قدر التأميل فزت به وحدي قنعت بما عندي من النعم التي ... يفسرها قولي قنعت بما عندي وله يمدح المعتمد: أفي كل يوم تحفة وتفقد ... بفضل نوال واهتبال يؤكد تبرعت بالمعروف قبل سؤاله ... وعدت بما أوليت والعود احمد أما وصنيع زارني بجماله ... حديث كما هب النسيم المغرد لقد هز أعطاف القوافي وهزني ... إلى شكر احسان أغيب فيشهد وان أنا لم أشكرك صادق نية ... تقوم عليها آية النصح تعضد فلا صح لي دين ولا بر مذهب ... ولا كرمت نفسي ولا طاب مولد ومر ابن عمار على ابن عيسى بن لبنون في بعض أسفاره وكان بينهما اتحاد ومودة أكيدة فلم يعج إلى فنائه فكتب إليه يعاتبه بقوله: ختمت بعصرك عصر الأجاد ... وعنت لذكراك ألسن الوراد وسبقت أملاك الزمان على مدى ... ضلوه حتى كنت أنت الهادي وغدوت أكثرهم حسوداً في العلى ... أن الكريم طليبة الحساد وبدا بفضلك نقص كل معاند ... تتبين الأشياء بالأضداد وقفت بمغناك العيون فلاحظت ... أسد العرين به وبدر النادي وأتتك وافدة الرجال فقابلت ... أمل الحريص ونجعة المرتاد وصدرن قد حملن عنك عوارفاً ... أصبحن كالأطواق في الأجياد

شعر

فضل أرانا جود حاتم طيئ وفخار كعب في قبيل اياد ايه ابا بكر أتظلم ساحتي ... ظلما وصبح العدل عندك باد عجباً لوعدك كيف تمسكه يد ... موصولة الأفعال بالأوعاد ولسيب جودك كيف لم تسمع به ... لصحيح ظنى أو صحيح ودادي اني لمعتقد إخاءك موئلي ... وأرى ولاءك معقلي وسنادي وأصول منك على الزمان بمنصل ... جعل الطلى بدلا من الأغماد فسقى محلك دانيا أو نائيا ... صوب الغمام المستهل الغادي ولئن رحلت لقد حللت بمنزل ... من نور عيني أو سواد فؤادي فراجعه ابن عمار بقوله: عطلت من حلي السروج جيادي ... وسلبت أعناق الرجال صعادي وثنيت عزمي عن مسير هزني ... سعدي إليه وحثني اسعادي وسلبت من ثوب المروءة والنهى ... نفسي فخلت عن بني عباد أن لم أحلك من فؤادي منزلا ... ينبيك أنك مالك لقيادي وأخص جانبك من ثنائي روضة ... غناء حالية بنور ودادي حتى تبين أن عرسك قد دنا ... لجنى وزرعك قد اتى لحصاد يا سيدي وانا الذي ناديته ... لرضى وقلبي منه خير مناد أعطاك فضل الابتداء ولو جرى حكم لأنكر أن تكون البادي لله در عقيلة برزتها ... من خدر فكرك في حلى الانشاد فرعاء عاطرة الذوائب واللمى ... غيداء حالية الطلى والهادي خلصت الي مع المساء فعارضت ... صلة الحبيب اتى بلا ميعاد غض من النظم ابديع أفادني ... حظ الكرام وخطة الأمجاد وشي سخت يدك الصناع برقمه ... فكسوتنيه مذهبا باياد يعدي الصحيفة ناظري فبياضها ... ببياضه وسوادها بسوادي أدى تحيتك الزكية طيبها ... كافور قرطاس ومسك مداد ولقد تيقن لو أعانت قدرة ... حسن الجزاء بها وهز النادي لكن عجزت فما استقل بنشأتي ... ماء الفرات ولا ثرى بغداد عذراً ففيك لكل طالب حجة ... خصم ألد ووجه عذر باد بك فاخر القلم القصير وطاول ... الرمح الطويل كتابة بطراد ولك الفصاحة أو لسيقك كلما ... استمطيت متني منبر وجواد ثنيت عليك حلى الوزارة مثلما ... حمل الحسام عليك ثني نجاد وتتوجت منك القيادة بالذي ... ترك الرياسة مهنة القواد انت الحلال الحلو رق طبيعة ... وصفا مزاجا كالسحاب الغادي من معشر يتشرف اللاذوا بهم ... كتشرف الأيام بالاعياد جلوا فحلوا في الأنام مكانة ... كماكنة الآلاف في الأعداد أفديك من حر تعبد برهشكري وقل له الفدى والفادي فلقد ظفرت من اقتتبالك بالمنى ... وبلغت أقصى غايتي ومرادي وأرحت من تعبي بعهدك في ندى ... ظل فبت على وثير مهاد وشددت منك يدي بعلق مظنة ... ونفضتها بزعانف انكاد متعالين على الوفاء بعلة ... ضحك الطبيب لها مع العواد جمحوا إلى ظلمي فسمت جماعهم ... ولقيت شدتهم بلين قياد فاستبطنوا حقدا وبين جواني ... حطبع يسل سخائم الاحقاد ولكم دعي في الاخاء أعرته ... جذب ابن سفيان بضبع زياد حتى إذا رفض الوفاء رفضته ... واعتضت عنه بطيب الميلاد لا ذنب لي في طرد سائمة الهوى ... منه على السرح الوبيل الصادي أنا قد رضيتك فارفضني وأعدني ... أن كنت محتاجاً إلى الأعداء اني لممن أن دعوت لنصرة ... يوماً بساطاً حجة وجلاد ولئن بلغت إلى رضاي فربما ... الفيتني لرضاك بالمرصاد وعلى تظاهرنا الضمان بقلة ... الأعداء ثم بكثرة الحساد وزعمت تظلم ساحة ما بيننا ... ظلما وصبح العدل عندي باد كلا فما ااتسويف من شيميي ولا ... لي الجميل بعادة من عادي لابد من ذاك السفار وان عدت ... عنه الليالي انهن عوادي سفر أن استبعدته فاستمطني ... حرصي أو اجعل من ثنائك زادي خذها نتيجة منكر لودادها ... برم لها قال لها متفاد حذر من الود المخل وإنما ... أهدي الزيوف إلى يد النقاد تم الاختيار من شعر ابن عمار ويليه الاختيار من شعر ابن خفاجة الأندلسي. شعر ابن خفاجة الأندلسي

ذكره صاحب الذخيرة ثم قال ابو اسحاق ابراهيم ابن أبي الفتح ابن عبد الله بن خفاجة الأندلسي الشاعر المشهور ولد سنة 450 بالأندلس وتوفي بها سنة 533 رحمه الله تعالى. قال يمدح أمير المسلمين، ويهنئه بتقليده اشبيلية: ارأيك أمضى أم حسامك يقطع ... ومرآك أبهى أم حديثك يسمع؟ كل له في جانب الملك مسلك ... كريم ومن نفس الامارة موقع لك الخير ما أهداك والسهم صائب ... يطيش وما أعداك والخيل تمزع ولا غير أطراف الأسنة مقول ... يبين ولا غير الفرائض مسمع وما الوشي حسنا غير بيض محاسن ... لبست على عطفي علاك وتخلع ولا النجم نأياً غير ذروة معقل ... تذود العدى عن جانبيه وتمنع تفوت رجاء المرتجين وعوده ... ويدنو به سعد الأمير فيطمع أحطت به حصر الاحاطة مضعفاً ... تزلزل من أركأنه وتضعضع وأمطرته غيثاً من الغيث واكفاً ... يظاهره وبل من النيبل يهمع تضم جناح الجيبش حوليه ثم ومقلة ... جرت هذه تدمي وهاتيك تدمع ولا بأس إلا من سيوفك تنتضى ... ولا سعد إلا من رماحك تشرع وهل أنت إلا رحمة الله تنكفي ... عذاباً على أهل المعاصي فتقمع فكم حرز عز قد غشيت ببطشه ... تصم العدى رجاتها حين تسمع وغادرته من معقل وهو معقر ... لمعتقديه مصنعاً وهو مصرع وغادرته فيه موعد السيف فاتك ... يهون عليه الجانب المتمنع و؟ أهوى به طيب الحديث فنشره ... يخب به ركب الثناء ويوضع إذا هز أعطاف المعالي حسبته ... يدير بها كأساً عليه تشعشع وحسبك من فلج لأبيض واضح ... يعيد ويبدي في المعالي فيبدع ويا رب جيش للعدو كأنه ... عباب خضم قد طمى يتدفع عرضت له والليث دونك جرأفأجفل إجفال النعامة يجزع ولقيته ريح المهابة بارحا ... فاقلع إقلاع الغمامة تقشع وأدبر لا يلوي على متعذر ... حذار فتى يسري إليه فيسرع وقد جال دمع القطر في مقلة الدجى ... ولفت نواصي الخيل نكباء زعوع له من صدور الأعوجية والقنا ... شفيع إلى نيل الأماني مشفع وظفره في ملتقى الخيل ساعد ... ألف وقلب بين جنبيه أصمع وأبيض يتلو سورة الفتح ينتصى ... ويستقبل الفرق الكريم فيركع ومنجرد ضخم الجزارة أوحد ... يطير به تحت العجاجة أربع وحصداء تزري بالسنان حصينةً ... ووجه وقاح بالحديد مقنع رتعت على حكم السماح بربعه ... ومربع أبناء السماحة مرتع وعجت عليه عوجة الصب شاقه ... بريق ترأى آخر الليل يلمع ولم أرد الأوشال أنقع غلةً ... ويمنى ابي أسحاق للبحر منبع وهضبته أحمى جنابا لخائف ... وأبطحه أندى مراداً وأمرع فمن مثل ابراهيم والصبح أبلج ... ومن مثل ابراهيم والحق أصدع؟ إمام تدانى رأفة وسما به ... إلى المجد بيت طاول النجم أروع تجلى ومن بطحاء مكة حنة ... إليه وللبيت الحرام تطلع ترى لقريش فيه برق مخيلة ... يلوح وعرق للخلافة ينزع أما وأياد أنطقتني بحمده ... وقد طوقتني والحمامة تسجع لئن هز من أرجاء حمص مسرة ... حديث بملقاه إليها يرجع لقد ناب منا والخطوب ممضة ... وشيك نواه والحوادث ترجع وفرقني صبري لذكرى فراقه ... وشافهني قبل الوداع تودع وكنت جماد العين أجهل ما البكا ... فعلمني داعي النوى كيف تدمع فاستودع الله الأمير ومهجة ... أشيعها فيمن هناك أشيع وهنئهتها من دار ملك وهنئت ... به ملكاً والله يعطي ويمنع وله أيضاً يمدحه: قل لمسرى الريح من إضم ... وليالينا بذي سلم طال ليلي في هوى قمر ... نام عن ليلي وم أنم وأبي حياه من رشأ ... مستطاب اللثم والشيم وتساوى ما بنظرته ... وبجسمي فيه من سقم لا مسحت الجفن من سهر ... ووقيت اقلب من ألم ولئن راودت من سنة ... لبما أرتاد من حلم وخيال لو سرى لخبا ... ما بصدر الصب من مضرم فسقى الله مضاجعنا ... بين طلح الجزع والسلم

وبكى باكي الغمام به ... بين منهل ومنسجم فلكم شكوى هناك لنا ... ولكم نجوى بها وكم والتثام بين معتنق ... واعتناق بين ملتثم بكلام رق جانبه ... بين منثور ومنتظم فتعاقدنا يداً بيد ... وتعاهدنا فماً لفم وانتصفنا من مظالمنا ... وأخذنا أخذ محتكم وانثنى يمثي بها غصن ... من جناه نور مبتسم وقبلت الكأس من يده ... فاجتنينا الورد من عنم وسواء در منطقه ... وحلاه حسن منتظم صم سمعي فيه عن عذل ... وابن ستين أخو صمم فأراني لا أرى صدداً ... عن ولوع والغرام عمي أين ما أحرزت من أمل ... آل يطويني على ألم؟ هل لدي اليوم منه سوى ... طول قرع السن من ندم؟ كل ريان إلى ظمأ ... كل وجدان إلى عدم أي شمل غير منصدع ... أي حبل غير منصرم؟ آه تحت الليل من أرق ... ووراء البرء من سقم مال بي عيشة كرمت ... عمر أدنى إلى الهرم عاث في خط العذار به ... شرد قد طار في فحم وبياض العيس مقترن ... بسواد العذر واللمم وكفاني مس فاقته ... أن يذيع الدهر مهتضمي لا لعمر المجد والكرم ... ومضاء السيف والقلم قسماً برب ويشفعه ... قسم أرعاه من قسم لا ينال الدهر من جهتي ... وبابراهيم معتصمي الامام المستقل به ... ركن بيت الفضل والكرم والشهاب المستضاء به ... في دياجي الظلم والظلم ملء نفسي الدهر من شرف ... قد رسا طودا على القدم وسماح باسط يده ... باليد الطولى من النعم من قريش في الصميم ومن ... فتية الهيجاء في القمم حملت زهر الكلام له ... دولة قامت على قدم نهضت في كل معضلة ... بوجود السعد في الخدم واهتدت في كل مجهلة ... بأبي إسحاق من علم ياله من فارس نجد ... لو نضى عن صارم خذم وارتدى منه على غضب ... بحسام غير منثلم نضيت يوماً به ظبتا ... مشرفي ليس بالقصم كم مضى يفري وكم سفكت ... شفرتاه من عيط دم والحسام المشرفي هنا ... رمزة تومي إلى الحشم ورجال قادة نجب ... نزلوا عن رتبة البهم وأحلوا من مراكزهم ... واستطارت خيلهم بهم فتفرى الجيش عن ملك ... سافر عن وجه ملتئم مقدم في الروع مجترئ ... ضارب بالسيف مقتحم وبهم ما جر ذلك من ... كلم عار أو جنى كلم لا تقدم غير مضطهد ... وقريع غير مهتضم صابر في الله محتسب ... واثق بالله معتصم في ضمان المشرفي به ... وقعة للعرب في العجم فتكة في الروم قاصمة ... ظهر عز الروم والصنم يجمع الضرب التؤام بها ... بين فل الروم والرمم حق حمص أن تسر به ... أرضها من عالم علم وغمام دون ريقه ... برق بشر غير متهم ما ابتدى إلا رأيت به ... شيخ رأي في فتى كرم ظل يندى وجهه خفراً ... وهو ذاكي شعلة الفهم سخرت بالنجم همته ... وازدرت يمناه بالديم أعصمت نفس امرئ علقت ... منه بالوثقى من العصم واستجارت من مخيمه ... بفناء البيت والحرم ومن قوله: تخيرته من رهط أعوج سابحا ... أغر كريم الوالدين نجيبا خفيفاً ولم يحلم بسوط كأنما ... يفوت عدواً أو يؤم حبيبا سرى وانتمى برق بذي الاثل ليلة ... فبات بها هذا لذاك نسيبا وحن إلى سفر فطار إلى السرى ... يخوض خليجاً أو يجوب نسيبا يؤم بها أرضاً علي كريمة ... ومرتبعا فيها الي حبيبا ورب نسيم مربي وهو عاطر ... رقيق الحواشي لا يحس دبيبا وجدت به من ذلك الماء بلة ... ومن نور هاتيك الاباطح طيبا فصافحت ريعان النسيم تشوقا ... إليها ولازمت القضيب رطيبا وقد قلد النوار جيداً لربوة ... هناك ونحراً للفضاء رحيبا وأفصحت الورقاء في كل تلعة ... نشيداً وقد رق النسيم نسيبا وكان على عهد الشباب تغنيا ... يشوق أخا وجد فعاد نحيبا

دعا لغروب الدمع والدار غربة ... فلم أر ألا داعياً ومجيبا وله أيضاً: سقياً ليوم قد أنخت بسرحة ... ريا تلاعبها الشمال فتلعب سكرى يغنيها الحمام فتنثني ... طربا ويسقيها الغمام فتشرب يلهو فترفع الشبيبة راية ... فيه ويطلع للبهارة كوكب والروض وجه ازهر والظل فر ... ع أسود والماء ثغر أشنب في حيث أطربنا الحمام عشية ... فشدا يغنينا الحمام المطرب واهتز عطف الغصن من طرب بنا ... وافتر عن ثغر الهلال المغرب فكأنه والحسن مقترن به ... طوق على برد الغمامة مذهب في فتية تسري فينصدع الدجى ... عنها وتنزل بالجديب فيخضب كرموا فلا غيث السماحة مخلف ... يوماً ولا برق اللطافة خلب من كل ازهر للنعيم بوجهه ... ماء يرقرقه الشباب فيسكب وقال مجيباً عن شعور ورد عليه من بعض أصحابه: أطرسك أم ثغر تبسم واضح ... ولفظك أم روض تنفس نافح؟ لواني لي الخيزرانة هزة ... وتهفو باعطاف الكرام المدائح كلام يرف النور من جنباته ... وتندى به تحت الهجير الجوانح تنل يوم الروع سمر القنا به ... وتطبع منه للجلاد الصفائح يشف سواد النفس عنه كما سرى ... وراء الدجى برق تطلع لامح واني لظمآن إليه علاقة ... وها أنا في بحر البلاغة سابح بعثت به يندى كما جاد عارض ... ويطريني طوراً كما حن صادح تلوح به في دهمة الحبر غرة ... ويركض في شوط الفصاحة سائح فان أنا لم أشكرك والدار غربة ... فلا جادني غاد من المزن رائح ولا استشرقت يوماً الي به الربى ... جلالاً ولا هشت الي الأباطح ومن قوله: ابى البرق إلا أن يحن فؤاد ... ويكحل اجفان المحب سهاد فبت ولي من قانئ الدمع قهوة ... تدار ومن إحدى يدي وساد تنوح لي الورقاء وهي خلية ... وينهل دمع المزن وهو جماد وقد كان في خدي للدهم ملعب ... فقد صار فيه للوراد طراد وليل كما مد الغراب جناحه ... وسال على وجه السجل مداد به من وميض البرق والليل فحمة ... شرار ترامى والغمام زناد سريت به أحييه لاحية السرى ... تموت ولا مت الصباح يعاد يقلب مني العزم انسان مقلة ... لها الافق جفن النجم فيه سهاد سحيق ولا غير الرياح ركائب ... هناك ولا غير الغمام مزاد كأني وأحشاء البلاد تجنني ... سريرة حب والظلام فؤاد أجوب جيوب البيد والصبح صارم ... له الليل غمد والمجر نجاد وفي مصطلى اآفاق جمر كواكب ... علاها من الفجر المطل رماد ولما تفرى من دجى الليل طلحب ... وأعرض من ماء الصباح ثماد حننت وقد ناح الحمام صبابة ... وشق من الليل البهيم حداد على حين شطت بالأحبة نية ... وحالت فياف بيننا وبلاد عشية لا مثل الجواد ذخيرة ... ولا مثل رقراق الحديد عتاد إذا زار خطب خفرتني ثلاثة ... سنان وعضب صارم وجواد فبت ولا غير الحسام مضاجع ... ولا غير ظهر الاعوجي مهاد معانق خل لا يخل وإنما ... مكان ذراعيه علي نجاد وله يمدح ابا إسحاق ابراهيم من ملوك الأندلس وينهئه بالعيد: سجعت وقد غنى الحمام فرجعا ... وما كنت لولا أن يغني لأسجعا وأندب عهداً بالمشقر سالفاً ... وظل غمام للصبا قد تقشعا ولم ادر ما ابكي أرسم شبيبة ... عفا أم مصيفاً من سليمى ومربعا وأوجع توديع الاحبة فرقة ... شباب على رغم الاحبة ودعا وما كان أشهى ذلك الليل مرقدا ... اندى محيا ذلك الصبح مطلعا وأقصر ذاك العهد يوماً وليلة ... وأطيب ذاك العيش ظلاً ومكرعا زمان تقضى غير عهد محاسن ... تسوم صفات القلب أن تتصدعا ومن لي برد الريح من أبرق الحمى ... وريا الخزامى من اجارع لعلعا وقد فات ذاك اعهد إلا تذكراً ... لواني على ظهر المطي توجعا وكنت جليد القلب والشمل جامع ... فما انفض حتى فاض فارفض أدمعا وبلت نجادي عبرة مستهلة ... اكفكفمنها بالبيان تصنعا

واني وعيني بالظلام كحيلة ... لآبي لجنبي أن يلائم مضجعا وأكبر شأناص أن ارى الصبح أبيضا ... بعين ترى ربع الشبيبة بلقعا كأني لم أذهب مع اللهو ليلة ... ولم أتعاط البابلي المشعشعا ولم اتحامل بين ظل بسرحة ... سجع لغريد وماء باجرعا ولم أرم آمالي بازرق صائب ... وأبيض بسام وأسمر أصلعا وأبلق خوار العنان مطهم ... طويل الشوى والساق أقود أتلعا جرى فجرى البرق اليماني لبده ... فابطأ عنه البرق عجزاً وأسرعا كأن سحاباً أسحماً تحت لبده ... يضاحك عن بدر سرى فتصدعا وحسب الاعادي منه أن يزجروا به ... مغيراً غراباً صبح الحي أبقعا كأن على عطفيه من خلع مائجاً ... وأقبلت أم الرأل نكباء زعزعا يؤلل من إذن فاذن تشوفاً ... إلى صرخة من هاتف أو تطلعا كأن له من عامل الرمح هاديا ... منيفاً ومن ذلق الاسنة مسمعا فسكنت منه بالتغني على السرى ... أمسح من اعطافه فتسمعا ولما انتحى ذكر الأمير استخفه ... فخفض من لحن الصهيل ورفعا حنينا إلى الملك الاغر مردداً ... وشجوا على المسرى القصي مرجعا ففي حب ابراهيم أعرب صاهلاً ... وفي نصر ابراهيم كر تشيعا مليلك تباهى الحمد وشياً مذهبا ... به وترأى المجد تاجا مرصعا غشيت به أندى من المزن راحةً ... وأطيب من سقياه أن سجمامعا قرب حديث عن علاه سمعته ... وما طائر البشرى باحسن مسمعا فيا شائمي برقاً بتوضح موهناص ... وقعقع ارعاداً سحيراً فاطمعا إذا كف من قطر يكما عارض الندى ... وراقكما برق البشاشة فارتعا فان ابا اسحاق أخصب تلعة ... وأشهى ندى ظل وأعذب مكرعا وحسبكما أن قد تأسى به الحيا ... فعاود من رحماه ما كان اقلعا وعز الهدى منه بأمجد أوحد ... طويل نجاد السيف ابلج اروعا أحل به العود السليب سماحة ... وأحرم مطرود الظبا لا تورعا إذا دب أخفى من خيال مكيدة ... تصوب أسرى من شهاب واطلعا وما السيف من كف الكمي مجرداً ... بأسطى وراء النقع منه واسطعا دعا باسمه داعي الحفيظة والندى ... فلبى على شرخ الشباب واطعا وهب كما هب الحسام شهامة ... وعب كما عب الخضم تبرعا وجربه ذيل الخميس ابن غابة ... تردى غلاما بالعلى وتلفعا وداس العدى ركضا وجرى إلى الوغى ... باطوع من يمناه فعلا وأطبعا فلم يدر اياً منهما النصل منطقا ... فصيحاً وإفرنداً كريماً ومقطعا وخفض من صيت الأبي وصوته ... وزلزال من ركن العصي وضعضعا والقت إليه بالمقادة قادة ... تطامن من أعناقها ما ترفعا وذلل من أخلاقه كل ريض ... وأصبح خوار الشكيمة طيعا فمن مبلغ الأيام عني انني ... تبوأت منه حيث شئت تمتعا وطرت ثناء واطلعت ثنيةً ... فاشرفت أبضاعاً وأشرفت موضعا فهنيت عيداً قد تلقاك قادما ... ولم يك لولا أن طلعت ليطلعا وحسبك قد أظلك قادما ... فما هو إلا أن تقول فيسمعا وحياك من فرع لأشرف دوحة ... نسيم كأرواح العذارى تضوعا يلاعب من خوط الاراكة معطفاً ... ويمسح من مسرى الغمامة مدمعا ومما تصرف فيه من الغزل إلى الرثاء قوله: أفي ما تؤدي الريح عرف سلام ... ومما يشب البرق نار الغرام؟ وإلا فمإذا أرج الريح سحرةً ... وأذكى على الأحشاء لفح ضرام؟ أما وجمان من حديث علاقة ... يهز إليه الشيخ عطف غلام تحلت به ما بين سلمى ومربع ... سوالف أيام سلفن كرام لقد هزني في ريطة الشيب هزة ... أرتني ورائي في الشباب أمامي فلولا دفاع الله عجت مع الهوى ... وجلت بواديه أجر خطامي ورب ليال بالغميم أرقتها ... لمرضى جفون بالفرات نيام يطول علي الليل يا أم مالك ... وكل ليالي الصب ليل تمام ولم أدر ما أشجى وأدعى إلى الهوى ... أخفقه برق أم غناء حمام؟ إذا ما استخفتني لها أريحية ... عثرت بذيلي لوعة وظلام

شعر

وخضحضت دون الحي احشاء ليلة ... يخفرني فيها وميض غمام فقضيتها ما بين رشفة لوعة ... وأنه شكوى واعتناق غرام وأحسن ما التفت عليه دجنة ... عناق حبيب عن عناق حسام فليت نسيم الريح رقرق أدمعي ... خلال ديار باللوى وخيام وعاج على أجراع وادبذي الغضى ... فصافح عني فرع كل بشام مسحت له عن ناظري صبابة ... وأقلل بدمعي من قضاء ذمام فيا عرف ريح عاج عن بطن لعلع ... يجر على الأنداء فضل زمام بما بيننا بالحقف من رمل عالج ... وفي ملتقى الأرطى بسفح شمام تلذذ بدار القصف عني ساعة ... وأبلغ نداماها أعم سلام وقل لغمام ألحف الأرض ذيله ... فلف فجاجاً تحته باكام أمالك من ظل يبرد مضجعي ... أماتلك من طل يبل أوامي؟ واي ندى أو برد ظل لمزنة ... على عقب أتراب رزئن كرام؟ وقفت وقوف الشك بين قبورهم ... أعظمها من أعظم ورجام وأندب أشجى رنة من حمامة ... وأبكي وأقضي من ذمام رمام قضوا بين واد للسماح ومشرع ... وغارب عز في العلى وسنام ومنتصب كالرمح هزة عزة ... وفتكة بأس واستواء قوام ومنصلت كالسيف نصرة صاحب ... وضحكة بشر واعتزاز مقام ومنقل مستقبل كعبة العلى ... يصلي بأهليها صلاة زؤام تهل له من عفة في طلاقة ... كأن ببرديه هلال صيام وما ضره أن يستسر لعاتم ... إذا ما بدا في آخر بتمام تم الاختيار من شعر ابن خفاجة الأندلسي ويليه الاختيار من شعر بديع الزمان الهمذاني شعر بديع الزمان الهمذاني قال طابع ديوانه محمد شكري المكي: هو الأستاذ فخر همذان بديع الزمان ابو الفضل أحمد بن الحسين الهمذاني المتوفي سنة 398 وقد أربى على 40 سنة وله ديوان شعر هو (ديوان الأدب) يحق أن تفخر به العجم على العرب، يزري بعقود الجمان، وقلائد العقيان، فمنه قوله في أبي بكر الخوارزمي: برق الربيع لنا برونق مائه ... فانظر لروعة أرضه وسمائه فالترب بين ممسك ومعنبر ... من نوره بل مائه وروائه والماء بين مصندل ومكفر ... من حسن كدرته ولون صفائه والطير مثل المحسنات صوادحا ... مثل المغني شادياً بغنائه والورد ليس بممسك رياه بل ... يهدي لنا نفحاته من مائه زمن الربيع جلبت أزكى متجر ... وجلوت للرائين خير جلائه فكأنه هذا الرئيس إذا بدا ... في خلقه وصفائه ةعطائه يعشو إليه المجتدي والمجتني ... والمجتوي هو هارب بذمائه ما البحر في تزخاره والغيث في ... أمطاره والجود في أنوائه بأجل منه مواهباً ورغائباً لازال هذا المجد حول فنائه والسادة الباقون سادة عصره ... متمدحين بمدحه وثنائه قال يمدح صاحب الجيش ابا علي. علي أن لا أريح العيس والقتبا ... والبس البيد والظلماء واليلبا وأترك الخود معسولا مقبلها ... وأهجر الكأس تغذو شربها طربا حبي الفلا مجلسا والبوم مطربة ... والسير يسكرني من مسه تعبا وطفلة كقضيب البان منعطفاً ... إذا مشت وهلال الشهر منتقبا تظل تنثر من أجفانها درراً ... دوني وتنظم من أسنانها حببا قالت وقد علقت ذيلي تودعني ... والوجد يخنقها بالدمع منسكبا لا در در المعالي لا يزال لها ... برق يشوقك لا هواناً ولا كثبا يا مشرعا للندى عذباً موارده ... بيناه مبتسم الأرجاء إذا نضبا أطلعت لي قمراً سعداً مطالعه ... حتى إذا قلت يجلو ظلمتي غربا كنت الشبيبة أبهى ما دجت درجت ... وكنت كالورد أزكى ما أتى ذهبا أستودع الله عيناً تنتحي دفعاً ... حتى تؤوب وقلباً يرتمي لهبا وظاعناً أخذت منه النوى وطراً ... من قبل أن اخذت منه المنى أرباً فقلت ردي قناع الصبر إن لنا ... إليك أوبة مشتاقاً ومنقلبا أبى المقام بدار الزل لي كرم ... وهمة تصل التوخيذ والخبب وعزمة لا تزال الدهر ضاربة ... دون الأمير وفوق المشتري طنابا يا سيد الأمراء أفخر فما ملك ... إلا تمناك مولى واشتهاك أبا

إذا دعك المعالي عرف هامتها ... لم ترض كسرى ولم من قبله ذنبا اين الذين اعد المال من ملك ... يرى الذخيرة ما أعطى وما وهب ما لسيف محتطم والسيل مرتكماً ... والبحر ملتطماً والبحر مقتربا أمضىشباً منك أدهى منك صاعقا ... أجدى يميناً وادنى منك مطلبا وكاديحيك صوب الغيث منسكباً ... لو كان طلق المحيا يمطر الذهب والدهر لو لم يخن والشمس لو نطقت ... والليث لو لم يصد والبحر لو عذب يا من يراه ملوك الأرض فوقهم ... كما يرون على أبراجها الشهب لا تكذبن فخير القول أصدقه ... ولا تهابن في أمثالها العرب فقما السمؤل عهداً والخليل قرىً ... ولا أبن سعدا ندا والشنفرة غلبا من الأمير بمعشار إذا اقتسموا ... مأثر المجد فيما أسلفوا نهبا ولا ابن حجر ولا الذبيان يعشرني ... والمازنيو والا القيسي منتدبا هذا لركبته لهذا لرهبته ... لهذا لرغبته هذا إذا طرب وقال يمدح ابراهيم بن احمد: سقا الله نجد كلما ذكروا نجد ... وقل لنجد أن اهيم به وجدا طربت وهاجتني شمال بليلة ... وجدت لمسراها على كبدي بردا ويا حبذا نجد وبرد أصيله ... وعيشا تركناه بساحته رغدا ليللي شمل بالأحبتي جامع ... واذ غصني الريان لا يسع الجلدا لعمر ظباء بالعقيق أو أنس ... لقد صدنا مني بالوا اسداً وردا ولولم يساقطنا حديثك إنما ... يشعشعنا بالخمر المعتق الشهدا مناعت فؤادي أن يباح له حمى ... وصمت دموعي أن افض لها عقدا وعزم إذا خيمت سافر وحده ... شققت به الليل عن منكب بردى فطمت عليه العزم قبل رضاعه ... إليه واعلمت المسومة الجردا ولا غرر إلا شممت له يداً ... ولا خطر إلا قدحت له زندا ولا قفرة إلا وامسيت صلها ... ولا حضر إلا وظلت له وفدا كحلت بهمي بهمي عين كل كريهة ... إليها تخطيت الأساود والأسدا بهمة مستحل من المجد مره ... وعزمة مستد من الشرف البعدا وطئت بها بص الملوك مبجلاً ... وما وصلت لي منهم رحم عهدا وأصبحت للباب المحبب والجاً ... ويوسع غيري أن يمر به طردا ولست بهياب إذا لم تطل يد ... موكلة والواخدات بنا وخدا غدا الدهر مني حالية بمفاخر ... ورحت كنصل السيف يحملني فردا وقد علم الأقوام أن شريعتي ... من المجد لم تسهل على أحد وردا ولست فتى إن شمت برق سحابة ... لغير كريم أو سمعت لها رعدا متى أتت الشيخ الجليل مطيتي ... فقدت يدي إن لم أقد لها جلدا؟ تزر ملكة يعطي الجزيل إذا صحى ... ويضرب هامات الملوك إذا شدا يحكم إلا في محارمه الندى ... ويعمل إلا في مكارمه القصدا ألم ترني قيدنت في طوس عزمتي ... ولولاه ما كانت على كبدي تندا وكنت إمرء لا أرتضي المجد خادماً ... ذهاباً بنفسي فاتسمت له عبدا قصدناك لا أن الضلال أجارنا ... ولكننا جرنا لنلقاكم عمدا فلا أملي أعيا ولا صارمي نبا ... ولا منزع أشوى ولا مطلبي أكدى فلو كنت غيثاً لم يشم برق خلب ... ولو كنت بحراً لم يزد أبداً مدا أملي فمي فخراً ووسع يديا ندا ... وحسب المنى منا وقدرا الجدا أجد؟ أعرني يدا تهمي دنانير في الندى ... كما تنثر الأغصان يوم الصبا وردا أعرك ثنائاً لا تغب وفوده ... كما تنشر الأمطار فوق الربا بردا وألبسك مدحاً لا يعاد فريده ... كما ينفخ الند الزكي إذا ندا تعد المساعي غضا بعد يبسها ... وشيب المعاني بعد كبرتها مردا هلمى العطايا فلها تفتح الهى ... وسح الندا يستنجز الخاطر الوعدا جلبت إليك المدحمغلى بسومه ... أرغبة متاع بمدح أم زهدا أشم مدحي كفاً بها تبتني العلا ... ولا تعدني رأيا به تعمر المجدا فما العمر إلا ما اقتنى لك ذكره ... بمنشب ظفر ما بقيت لها سدا وقال يمدح الشيخ أبا نصر بن ابي زيد: يا شيخ أي رفاق السير مسبوق ... أانت أم أنا أم عزمي أم النوق؟

آثرتكن ولولا المجد أثرني ... كأس وكن وندمان ومعشوق وفارسي كوجه الفيل مضطرباً ... ينحى عليه رشيق القد ممشوق وفتيا كنجوم الليل مسعدا ... كلن إذا لاح سامي الطرف مرموق في فاغم النور موشي جوانبه ... كأنه من خصال الشيخ مسروق واهن لشوس القوافي كيف ابدلها ... وكل واحدة منهنا عيوق لا لا أزفك إلا كفئ مكرمى ... ولا أبيعك حتى ينفق السوق شمي يمينا وزير المشرقين غدا ... فإنه بنسيم النجم مخفوق شمي يداً للمعالي فوق كل يد ... وتحت كل فم أنيابه روق قالت أما دون بلخ للمنا غرض ... أدنى ودون وزير الشرق مخلوق؟ بلا بلاد وأقوام وأهل غنا ... بي عنهم وبهم عن همتي ضيق كم رائع الجسم إلا انه طلل ... وهائل الصوت إلا أنه بوق إن امراء في مقام الفخر يحرمني ... عطاء غيرك إني منك مرزوق بما جمعت تفاريق الكمال غداً ... بين الملوك وبيني منك وفاروق فإن مددت يدي يوماً فلا رجعت ... لغيركم أبداً ما حنت النوق مجداً أروض على مكروهه خلقي ... إن الرياضة للأخلاق راووق اقر السلام وزير الشرق في سحر ... نسميه بذكي المسك مفتوق وأنت يا نومة الفجر ابتغي نفقاً ... إن القرار ولما ألقه موق وانعم صباحاً وزير المشرقين لا ... يفتك في أمل عزم وتوفيق فضل المزية إن المكرمات له ... مجموعة وهي في الدنيا تفاريق ومطفل من بنات الزنج يخدمها ... من آلة طبعتها الهند ابريق طاعت ليمناك واسطاعت رياضتها ... فشأنها الدهر ترقيع وتمزيق إذا دجاليل خطب اطلعت شمعاً ... يجلو الدجى بدمي فيها تزاويق شمع يداك له شمع حجاك له ... دمع سجيته جمع وتفريق كأن يمناك بحر وهي زورقه ... أليس من آلة البحر الزواريق ووابل صاعدته الريح لحت له ... والبحر فرغ له والدلو إنبيق فارتد منك على أعقابه خجلا ... ولم تفض دمعه تلك الحماليق وإينق كقسي نبع ليس لها ... إلا الحقائب حملا والصناديق أخذنا منك مواثيق مغلظى ... إن الكرام سجاياهم مواثيق وقال يمدح الأمير خلف بن احمد ... سماء الدجى ما هذه الحدق النجد أصدر الدجى حال وجيت الضحى عطل لك الله من عزم أجوب جيوبه ... كأني في أجفاني عين الدجى كحل كأن الدجى نقع وفي الجو حومة ... كوكبها جند طوائرها رسل كأن مطايانا سماء كأننا ... نجوم على اقتابها برجها الرحل كأن القرى سكرى ولا سكر بالقرى ... كأن الربى سكلى وما بالربى سكل كأن السرى ساق كأن الكرا طلا ... كأن لها شرب كأن المنا نقل كأن الفلا ناد به الجن فتيى ... عليه الثرا فرش حشيته الرمل كأن الربا كوم كأن هزالها ... لكثرة ما يغتالها الخف والنعل كأن الذي تنفي الحوافر في الثرا ... خطوط مسامير النعال لها شكل كأن جياع والمطي لنا فم ... كأن الفلا زاد كأن الثرى أكل كأن بصدر العيس حقزاً على الثرى ... فمن يدها خبط ومن رجلها نكل كأن ينابيع الثرى سدي مرضع ... وفي حجرها مني ومن ناقتي طفل كأنا على أرجوحة من مسيرنا ... لغور بها نهوي ونجد بها نعل كأن على سير الثواني مسافة ... لمجهلة تمضي ومجهلة تتلو كأن الدجى جفن كأن نجومه ... على ظهره حلي كأنا له نصل كأن بني غبراء حين لقيتهم ... ذئاب كأني بين أنيابهم سخل كأن أبانا أودع الملك الذي ... قصدناه كنزاً لم يسع رده مطل كأن يدي في الطرس غواص لجة ... بها كلم در بها قيمتي تغلو كأن فمي قوس لساني له يد ... مديحي له نزع بهي أملي نبل كأن دواتي مطفل حبشيا ... بناني لها بعل ونفسي لها نسل كأن بنيها عكس أبناء عصرنا ... فإن يرضعوا يبكوا وأن يفطموا يسلو وإن ضربت أعناقهم عاش ميتهم ... فقتلتهم إن لا يعمهم القتل كأن أهلمت فضل الذي بإسمه جرت ... فسارت وما غير الرؤوس لها رجل كأن الأمير اختصها فأعتلت به معارج كل العاليات لها سفل

شعر

وإلا فما بال الملوك نراهم ... عبيد قناة لا تمر ولا تحلو ألا عتبث جمل وبيني وبينها ... من البيد عز لو به علمتو جمل أتعجب من شكواي دهري كأنني ... شكوت لم يشكه الناس قبل يذكرني قرب العراق وديعتاً ... يد الله لا يسليه مال ولا أهل حنته النوى عني وأضنته غيبتي ... وعهدي به كالليث جؤجؤه عبل إذا ورد الحجاج لاقى رفاقهم ... بفوارتي دمع هما السجل والنجل يسائلهم عن ابنه كيف حاله ... إلا ما انتهى لم لم يعد هل شغل أضاقت به حال أطالت له يد ... أاخره نقص إقدامه فضل أفيصوا عن الفرع الذي أنا اصله ... وما بل فرع ليس يحضره الأصل يقولون وافى حضرة الملك الذي ... له الكنف المأمون والنائل الجزل فقيد له طرف وحلت له حبا ... وخير له قصر ودر له نزل وفاضت عليه مطرة خالفية ... بها للغوادي عن ولايتها عزل يزكرهم بالله إلا صدقتم ... لدي أجد ما تقولون أم هزل فدناً لك من أبناء دهرك من غدا ... ولا قوله علم ولا فعله عدل طوينا للقياك الملوك وإنما ... بمثلك عن أمثالهم مثلنا يسلو ولما بلوناكم تلونا مديحكم ... فيا طيب ما نبلو ويا صدق ما نتلو ويا ملك أدنى مناقبه العلا ... وأيسر ما فيه السماحة والبذل هو البدر إلا أنه البحر زاخراً ... سوى أنه الدرغام لكنه الوبل محاسن يبديها العيان كما ترى ... وإن نحن حدثنا بها دفع العقل فقولا لوسام المكارم بإسمه ... ليهنئك إذا لم تبق مكرمة غفل وجاريت أفراد الملوك إلى العلا ... فحقاً لقد أعجزتهم ولك الفضل سما بك من عمر بن يعقوب محتد ... كذا الأصل مفخزوراًُ وكذا الأصل تم الإختيار من شعر بديع الزمان الهمزاني ويليه الإختيار من شعر ابن النبيه شعر ابن النبيه وهو كمال الدين علي بن محمد بن النبيه قال يمدح الناصر احمد امير المؤمنين: باكر صبوحك أهل العيش باكره ... فقد ترنم فوق الإيك طائره والليل تجري دراري في مجرته ... كالروض تطفو على نهر أزاهره كوكب الصبح نجاب على يده ... مخلق تملئ الدنيا بشائره فانهض إلى ذوب ياقوت لها حبب ... تنوب عن ثغر من تهوا جواهره حمراء من وجنة الساقي لها شبه ... فهل جناها مع العنقود عاصره ساق تكون من صبح ومن غسق ... فبيض خداه وسودت غدائره سود سوالفه لعث مراشفه ... نعس نواظره خرس أساوره مفلج الثغر معسول اللمى غنج ... مؤنس الجفن فحل اللحظ شاطره مهفهف القد يندى جسمه ترفا ... مخصر الخصر عبل الردف وافره تعلمت بانت الوادي شمائله ... وزورت سحرا عينيه جئازره كأنه بسواد الصدغ مكتحل ... أو ركبت فوق صدغيه محاجره خذ من زمانك ما أعطاك مغتنماً ... وأنت ناه لهذا الدهر أمره فالعمر كالكأس تستحلي أوائله ... لكنه ربمى مرت أواخره فليس يخذل في يوم الحساب فتى ... والناصر ابن رسول الله ناصره إمام عدل لتقوى الله باطنه ... وللجلالة والإحسان ظاهره تجسد المجد في أثناء بردته ... وتوجت به العالي منابره راع بطرف حمى الإسلام ساهره ... ساط بسيف أباد الكفر شاهره في صدره البحر أو في بطن راحته ... كلاهما يغمر السؤال زاخره يقضي بتفضيله سادات عترته ... لو كان صادقه حياً وباقره كل الكلام قصيراً عن مناقبه ... إلا إذا نظم القرآن شاعره محجب في سجوف العز لو فرجت ... عن نور وجه يباهي الصبح باهره نضاه سيفا على أعداء دولته ... ما كل سيف له تسنى خناصره فضل إستفاء اتى من غير مسألأة ... يغني به عن أخ بر يوازره تهن نعمة أمير المؤمنين ودم ... يا أيها الأشراف الميمون طائره بحد سيفك أيات العصا نسخت ... إذا تفرعنت يوم الروع كافره سل الكلى والطلى يا من يساجله ... فالرمح ناظمه والسيف ناثره تنجست بدم القتلى صوارمه ... وطهرت بيد التقوى مأزره

جم النوال شديد البطش متئد ... كالدهر يرجى كما تخشى بوادره إذا حبا أعنت الأيدي مواهبه ... وإن سطى سدت الدنيا عساكره أين المفر لمن عاداه من يده ... والوحش والطير اتباع تسايره؟ يا جامعاً بالعطايا شمل عترته ... كالقطب لولاه ما صحت دوائره أن جاد شعري فهذا الفضل علمني ... من غاص في البحر جاءته جواهره وقال يمدح الملك العادل سيف الدين ابا بكر أخا الملك السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب: لمن شجر قد أثقلتها ثمارها ... سفائن بر والسراب بحارها حروف إذا استقريتها في انفرادها ... سطور إذا استولى عليها قطارها حنايا إذا الساري السري ارتمى بها ... فهن سهام يستطير شرارها توالت كموج البحر مزبدة البرى ... عليها قباب بالدموع احمرارها وفي الكلة الحمراء بيضاء طفلة ... بزرق عيون السمر تحمي احورارها أثار لها نقع الجياد سرادقا ... به دون ستر الخدر عنا استتارها لها طلعة من شعرها وجبينها ... تعانق فيها ليلها ونهارها لها من مهاة الرمل ومقلة ... وليس لها استيحاشها ونفارها وما سكنت وادي العقيق ولا اللوى ... ولكن بعيني أو بقلبي دارها إذا ما الثريا والهلال تقارنا ... أشكك هل ذا قرطها وسوارها فأي قضيب جال فيه وشاحها ... واي كثيب ضاق عنه ازارها وما كنت أدري قبل لؤلؤ ثغرها ... بأن نفيسات اللآلى صغارها هي البدر إلا أن عندي محاقه ... هي الخمر إلا أن حظي خمارها أيا كعبة من حالها حجر لها ... بعيد علينا حجها واعتمارها فان بلغتها النفس يوما بشقها ... فقلبي لها هدي ودمعي جمارها سقا الله مياً فارقين وقد سقى ... سجال سحاب لا يغب قطارها وما لي أستسقي لها صيب الحيا ... وراحة سيف الدين تطمي بحارها؟ ففي بحر مال قد تطلع قصرها ... وفي بحر ماء يستقر قرارها هو العادل الظلام للمال والعدى ... خزائنه قد أقفرت وديارها كريم له نفس تجود بما حوت ... وأعجب شيء بعد ذاك اعتذارها عليم بنور الله ينظر فلبه ... فلم يغن إسرار القلوب استتارها حسام له حد يروع مضاؤه ... وصفحة صفح للذنوب اغتفارها له راحة في السلم تجنى جنانها ... ويوم هياج الحرب توقد نارها أنامله طوراً غصون نواضر ... وطوراً سيوف داميات شفارها به دمر الله الفساد وأهله ... به ملة الإسلام عال مارها وقال يمدحه ويذكر باء قلعة الطور: تنقبت بالنور والنور ... واعتجرت لكن بديجور ساحرة الطرف ولكنه ... من فترة في زي مسحور شف بياض اللاذ عن جسمها ... كالخمر في باطن بلور كأنما معصمها جدول ... صيغ له سد من النور تبسم عن منظوم درفان ... تكلمت جاءت بمنثور كأن في مقلتها ضيغماً ... ينظر من أجفان يعفور كلها بدر تمام على ... غصن نقا أخضر ممطور زارت ففككت عرى جبينها ... بالضم من رمان كافور وبت أطفي بجنا ريقها ... حرقة صادي القلب مهجور ياليلة الوصل استقري ويا ... سيرة سلطان االورى سيري الملك العادل من أمه ... فقد رأى موسى على الطور أن كان قددك قديماً فقد ... عمرته أحسن تعمير كأنه تاج على مفرق ... إذا استدارت شرف السور يزاحم النجم له منكب ... كالنجم في الرفعة والنور كأنما أوقفته حارساً ... ينظر من وعك إلى صور بنى سليمان بأعوانه ... وانت بالغر الجماهير تصافح الأحجار أيد لها ... لا ترتضي لمس الدنانير دانت لك الدنيا وسكأنها ... ما بين أمار ومأمور هل يقدر الأعداء أن يمسحوا ... ما خط في لوح المقادير يا مالكا تنسخ أيامه ... ما خط في أفك الأساطير أسهره الذب عن الدين لا ... عشق ربيبات المقاصير مؤيد الرايات والرأي في ... حالة تدبير وتدمير أن جنحوا للسلم فاجنح لهما خدع الحرب بتقصير كم لك في يافا وفي المرج من ... وقائع غر مشاهير

عشرون ألفا غير اتباعهم ... ما بين مقتول ومأسور طهرت بيت القدس من رجسهم ... وكان مأوى للخنازير يا ذاكر الله يا ناسيا ... للعرف مع كثرة تكرير إلى محل الاجر والشكر يا ... أكرم مأجور ومشكور وقال يمدح السلطان موسى الاشرف: يستوجب النصر من صحت عزائمه ... ويقتني الشكر من عمت مكارمه بالمال والنفس نال المجد طالبه ... أن العظيم لمن هانت عظائمه في كل دور لهذا الدين منتظر ... يشيده بعد ما تخفى معالمه فاليوم كل ًامامي لنا تبع ... بان شاه ار من المهدي قائمه يا يوم دمياط ما أبقيت من شرف ... لمن تقدم إلا أنت هادمه عذراء نادت على بعد فانقذها ... ملك غيور مصونات كرائمه رأت بنو الأصفر الأعلام ... والنقع يرمدعين الشمس فاحمه والجيش يلتف مرطاه على ملك ... كالليث تزأر حوليه ضراغمه والجو يبكي سهاما كلما ضحكت ... عن كل برق يماني غمائمه وكل طرف إذا طال الطراد به ... يطير من حدة لولا شكائمه ودون دمياط بحر حال بينهم ... من الظبا ليس ينجو منه عائمه ذلوا لملك أعان الله صاحبه ... موسى سليمانه والسيف خاتمه وسالموها وردوا أهلها ومضوا ... والثغر من فرح يفتر باسمه كأنهم أبصروا ما قد مضى زمناً ... كما يرى مزعج الاحلام نائمة طهرت منبرها العالي ومئزرها ... من رجسها بعدما ساخت قوائمه وقمت تكسر تمثال المسيح به ... برغم من هو باللهوت لائمه قل للكمي وسرته سلامته ... هدا هو الموت فاحذر أن تلائمه عادوا بحزن إلى أوطانهم ومضوا ... وكل بيت بقاهم فيه مأتمه تبكي القوس على؟ أسرى ملوكهم ... وذاك أمر قضى بالعدل حاكمه يا باذلا في سبيل اللله منهجته ... لله لا للذي جادت معالمه لولاك زلزل دين المصطفى ووهى ... وأصبح البيت قد حلت محارمه قضيت في الغرب مفروض الجهاد ولو ... فرغت للشوق ما قامت اعاجمه أقول للحاسد المحزون ذا ملك ... والنجم والفلك الدوا خادمه قولاً وعذراً فاني قد برى جسدي ... وكيف ينهض من قصت قوائمه قالوا تأخرت والتأخير ينقصني ... من جود من عمت الدنيا مكارمه لا أرهب الدهر أن يثني مودته ... لا أختشي قطع رزق وهو قاسمه لا فارقت ألسن المداح دولته ... فاحسن الروض ما غنت حمائمه قال يمدحه ويهنئه بالعيد: قد بلغتك خطا المهرية الرسم ... دار الأحبة فاشكر نعمة النعم لو كنت تنصف ما رغمت آنفها ... ولا خضبت الخطا من خفها بدم يا برق عذراً فان الشوق كلفني ... أن الحبيب بمرآنا فلا تلم من كل ملتفة الأعضاء مائلة ... الارداف ناعمة الأطراف كالعنم كأنما الشعر يهواها إذا خطرت ... تمشي يقبل منها موضع القدم كأنما الموت يسري في جوانبها ... وكل الرديني والصمصامة الخذم سوشاحها معدم والحجل مقتدر ... كذاك تختلف الأرزاق بالقسم كأنما هي من لين ومن ترف ... ماء تجسد للأبصار كالصنم اياك در على لالاء لبتها ... وارجع إلى اليم والأصداف والظلم ولا تقل انني من جنس مبسمها ... فأنت تؤخذ بالأدنى من القيم عشق الغواني وعشق المجد مشتبه ... وإنما ألفرق بين الناس بالهمم فغين هذا تراعي وصل غانية ... وعين موسى عن الإسلام لم تنم الاشراف الملك الوهاب منذ أتى ... شم الأنوف بما فيها من النعم نال العلى بيد بيضاء ما برحت ... ما فوق كل يد أو تحت كل فم الله أكبر كم رزق وكم أجل ... قسمته تحت حد السيف والقلم يا موقد النار للأضياف من كرن ... وموقد النار للأعداء من نقم فكم لسلمك من نار علم ... وكم لحربك من نار على علم السيف مثلك طلق الوجه مبتسم ... إذا اكفهرت وجوه الخيل والبهم ما بين جو من الهيجاء مصطرم ... وبين بحر من الآذي ملتطم هنالك البيض تفني الهام من شره ... والسمر تلدغ في الأكياد من قرم

شعر

بكر المعالي نفور قط ما نسبت ... إلا بببذل نوال أو بسفك دم شرفت أيوب موسى مثل ما شرفت ... بالمصطفى نفس ابراهيم في اتلقدم أعدت للدين والدنيا وساكنها ... عصر الشبيبة بعد الشيب والهرم أنا الذي شملتني منك عاطفة ... فما أقول على ما فات واندمي غرستني بيد ثراي بها ... فاقطف ثمار جنان الشكر من كلمي واسعد بعيد رزقت الناس كلهم ... فيه ففزت باجر الناس كلهم تم الاختيار من شعر ابن النبيه ويليه الاختيار من شعر مهيار الديلمي شعر مهيار الديلمي هو ابو الحسين مهيار بن مروزيه، الكاتب الفارسي الديلمي، الشاعر المشهور، كان مجوسياً فأسلم، وكان شاعراً، جزل القول، مقدماً على أهل وقته، وله ديوان شعر كبير، وهو رقيق الحاشية، طويل النفس في قصائده وذكره صاحب (دمية القصر) وأثنى عليه، وذكره ابن بسام في كتاب (الذخيرة) في محاسن أهل الجزيرة، وبالغ في الثناء عليه، وذكر من شعره، ومن نظمه المشهور قصيدته التي أولها: سقى دارها بالرقمتين وحياها ... ملث يحيل الترب في الدار أمواها وكيف بوصل الحبل من أم مالك ... وبين بلادينا زرود ولبناها يراها بعين الشوق قلبي على النوى ... فيحظى ولكن من لعيني برؤياها فلله ما أصفى وأكدر حبها ... وأبعدها مني الغداة وأدناها إذا استوحشت عيني انست بان أرى ... نظائر تصبيني إليها وأشباهاً وأعتنق الغصن الرطيب لقدها ... وأرشف ثغر الكأس أحسبه فاها ويوم الكثيب استشرفت لي ظبية ... مولهة قد ضل بالقاع خشفاها وبذلة خوف حبة قلبها ... فتزداد حسنا مقلتاها وليتاها فما ارتاب طرفي فيك يا أم مالك ... على صحة التشبيه انك اياها فان لم تكوني خدها وجبينها ... فإنك أنت الجيد أو أنت عيناها أو أمة في حب دارعزيزة ... يشق على رجم المطامع مرماها دعوه ونجداً إنها شأن قلبه ... فلو أن نجدا بلغة ما تعداها وهبكم منعتم أن يراها بعينه ... فهل تمنعون القلب أن يتمناها وليل بذات الأثل قصر طوله ... سرى طيفها آها لذكرته آها تخطت الي الهول مشياعلى الهوى ... وأخطاره لا يبعد الله ممشاها وقد كان اسداف الدجى أن يضلها ... فما دلها إلا وميض ثناياها وقال وكتب بها إلى الرئيس ابي الحسن الهماني في عيد النحر وهو ببغداد يهنئه: استنجد الصبر فيكم وهو مغلوب ... وأسأل النوم عنكم وهو مسلوب وأبتغي عندكم قلباً سمحت به ... وكيف يرجع شيء وهو موهوب ما كنت أعرف ما مقدار وصلكم ... حتى هجرتم وبعض الهجر تأديب أستودع الله في أبياتكم قمراً ... تراه بالشوق عيني وهو محجوب أرضى واسخط أو اراضى تلونه ... وكل ما يفعل المحبوب محبوب أما وواشيه مردود بلا ظفر ... وهل يجاب وبذل النفس مطلوب لو كان ينصف ما قال انتظر صلة ... تأتي غداً وانتظار الشيء تعذيب أو كان في الحب اسعاد ومنعطف ... منه كما فيه تعنيف وتأنيب ياللواتي بغضن الشيب هو إلى ... خدد وهن من الألوان منسوب تأبى لبياض وتأبى أن اسوده ... بصبغة وكلا اللونين غربيب ما أنكرت أمس منه ناصلا يققاً ... ما تنكر اليوم منه وهو مخضوب ليت الهوى صان قلبي عن مطامعه ... فلم يكن قط يستدينه مرغوب اني لأسغب زهداً والثرى عمم ... نبتاً وأظما وغرب الغيث مسكوب ولا أرق لحرص خاب صاحبه ... سعياً وأعلم أن الرزق مكتب عقبى الطماعة في مال يمن به ... عصارة لا يغطي خبثها الطيب طهر خلالك من خل تعاب به ... واسلم وحيداً فما في الناس مصحوب اني بليت بمضطر رفيقهم ... والماء يملح وقتاً هو مشروب كم يوعد الدهر آمالي ويخلفها ... أخاً أسر به والدهر عرقوب اسعى لمثل سجايا في ابي حسن ... وهل يبلغني الجوزاء تقريب فدى محمد المنسي نائله ... مراجع نيله المنزور محسوب حال تحدثه الأحلام جاهلة ... لحاقه وأخو الأحلام مكذوب

أن قدم الحظ قوماً غالطاً بهم ... أو بينتهم عنايات وتقريب فالسيف يخبر قطعاً وهو مدخر ... والطرف يكرم طبعا وهو مجنوب حذار من حدث النعماء مؤتنف ... علاؤه بشفيع الوجه مجلوب تسوؤه سائلا من اين سؤدده ... أن اللئيم بما قد ساد مسبوب أأنت أنت وفي الدنيا ابو حسن ... صدقت أن لفي الدنيا أعاجيب إذا رأيت ذيول السرح آمنة ... لم يحمها فلأمر يحلم الذيب يا ملبسي الشيمة الغراء ضافية ... علي أن قلصت عني الجلابيب علقت منك بعهد لا مواثقه ... تنسى ولا حبله بالغدر مقضوب وأحمدتك اختباراتي وقد سبرت ... غور الرجال وكدتها التجاريب فلتجزينك عني كل غادية ... لها من الكلم الفياض شؤبوب إذا وسمت حياها باسمك انحدرت ... له الزبى وأطاعته المصاعيب فاسلم لهن ولي ما طاف مستلم ... سبعاً وعلق بالاستار مكروب ترجى ةتخشى فسيح الباب ممتنعاً ... أن الكريم لمرج ومرهوب وقال وقد أوجب عليه بعض الرؤساء حقاً، وهو ابو الحسن أحمد بن عبد الله الكاتب، وذلك بقصده اياه في علة نالته عاده فيها عدة دفعات من غير أن يكون سبق إليه بمعرفة، ولا جرى بينهما لقاء إلا بالذكر والصفة من الأستاذ ابي الحسن المختار ابن عبد الله الذهبي، وواصل تفقده تبرعاً وابتداء ما يوجب الشكر، ويعرفه مثله في ذلك الوقت، وكتب بها إليه يشكره، وأنفذها في رجب سنة 412 اثنا عشر واربع مئة. قال. هوىً لي وأهواء النفوس ضروب ... تجانب قوسي أن تهب جنوب يدل عليها الريف اين مكانه ... ويخبرها بالمزن كيف تصوب ونمشي على أرض الحمى ثم نلتقي ... فيبلغني منها الغداة هبوب أماني بعيد لو رآها لسرها ... مكان الحيا من مقلتيه غروب ودمع إذا غالطت عنه تشاهدت قوارف في خدي له وندوب على أن ذكراً لا تزال سهامه ... ترى مقتلا من مهجتي فتصوب إذا قيل مي لم يرعني بحلمه ... حياء ولم يحبس بكاي رقيب أعير المنادي باسمها السمع كله ... على علمه اني بذاك مريب وكم لي في ليل الحمى من إصاخة ... إلى خبر الاحلام وهو كذوب توقر منها ثم تسفه أضلعي ... ويجمد فيها الدمع وهو يذوب وما حب مي غير برد طويته ... على الكره طي الرث وهو قشيب رأت شعرات غير البين لونها ... فأمست بما تطريه أمس تعيب أساءك أن قالوا اخ لك شائب ... فأسوأ منه أن يقال خضيب ومن عجب عس غصني طرحت حبائلي ... الي فهلا ذاك وهو رطيب تظنينه من كبرة فرط ما انحنى ... كأن ليس في هذا الزمان خطوب فعدي من قبل اكتهالي تكهل ... وغدرك من قبل المشيب مشيب وما كان وجه يوقد الهم تحته ... لتنكر فيه شيبة وشحوب لو أن دمي حلت صبيغة لونه ... مبيضة ما قلت ذاك عجيب الم تعلمي أن الليلي جحافل ... وان مدارات الزمان حروب وان النفوس العارفات بلية ... وحمل اسجايا العاليات لغوب يسيغ الفتى ايامه وهو جاهل ... ويغتص بالساعات وهو لبيب وبعض مودات الرجال عقارب ... لها تحت ظلماء العقوق دبيب تواصوا على حب النفاق ودينهم ... بأن يتنافى مشهد ومغيب فما أكثر الإخوان بل ما أقلهم ... على نائبات الدهر حين تنوب وقبل ابن عبد الله ما خلت انه ... يرى في بني الدنيا الولود نجيب إلا أن باني المجد يخلص طينه ... وكل الذي فوق التراب مشوب سقى الله نفساً مذ رعت قلة العلى ... فكل مراعيها أعم خصيب وحيا على رغم الغزالة غرة ... إذا طلعت لم تدج حين تغيب وحصن صدراً قلب أحمد تحته ... يضيق ذراع وهو رحيب من القوم بامون والجو عابس ... وراضون واليوم الأصم غضوب رأوا بابنهم ليث الشرى وهو سارب ... لحاجته وابحر وهو وهوب فتى سودته نفسه قبل خطة ... وشابت علاه وهو بعد ربيب وقدمه أن يعلق الناس عقبه ... سماح مع الريح العصوف ذهوب إذا ظن أمراً فاليقين وراءه ... ويصدق ظني تارة ويحوب

وخلق كريم لم يرضه مؤدب ... تمطق فوه الثدي وهو أديب تحمل أعباء الرياسة ناهضاً ... بها قاعداً والحادثات وثوب وصاحت به الجلى لسد فروجها ... فأقدم فيها والزمان هيوب وكم أعجبته النائبات فردها ... رداداً وعاد النبع وهو صليب هناك اتفاق الناس انك واحد ... إذا كان للبدر المنير ضريب وأعجب ما في الجود انك سالب ... به كل ذي فضل وانت سليب أأنسى لك النعمى التي تركت فمي ... يصعد يبغى شكرها ويصوب ملكت فؤادي عند أول نظرة ... كما صاد عذريا أغن ربيب وكنت أخاف ابابلي وسحره ... ولم أدر أن الواسطي خلوب وغناك أقوام بوصف ماقبي ... فرنج نشوان وحن طروب رفعت منار الفخر لي بزيارة ... وسمت بها مغناي وهو جديب وكنت لداء جئتني منه عائداً ... شفاءً وبعض العائدين طبيب وأنهلتني من خلقك العذب شربة ... حلت لي وما كل الدواء يطيب ولما جلالي حسن وجهك بشره ... تبين في وجه الشقام قطوب أجبت وقد ناديت غيرك شاكياً ... وذو المجد يدعى غيره فيجيب فطنت لها أكرومة نام غفلة ... من الناس عنها مائق وأريب ذهبت بها في الفضل ذكراً بصوته ... سبقت فلم يقدر عليك طلوب لئن كان في قسم المكارم شطرها ... فللدين فيها والولاء نصيب ستعلم أن الصنع ليس بضائع ... علي ولا الغرس الزكي يخيب وتحمد مني ما سعيت لكسبه ... وما كل ساع في العلاء كسوب ومهما يثبك الشعر ذكراً مخلداً ... عليها فان الله قبل يثيب وتسمع في نادي الندى أي فقرة ... يقوم بها في الوافدين خطيب متى امتدبي عمر وطالت مودة ... فربعك حسن من ثناي وطيب ودونك مني ضيغم فاه فاغر ... متى مادنا من سرح عرضك ذيب محاسن قوم وسمة في جباههم ... ولي حسنات سرهن غيوب وما الحسن ما تثني به العين وحدها ... ولكن ما تثني عليه قلوب لقد علقت دنياك مذ قيضتك لي ... وراح عليها الحلم وهو غريب أظن زماني أن زجرت ظروفه ... سيرجع عما سادني ويتوب تخاتلني الاخبار اخلب برقها ... بأنك يا بدر الكمال تغيب فأمسك قبل البين أحشاء موجع ... لها بين أثناء الحذار وجيب بأي فؤاد أحمل البعد والهوى ... جديد وذا وجدي وانت قريب فلا تصدع الأيام شمل محاسن ... تسافر مصحوباً بها وتؤوب ولا تعدم الدنيا بقاءك وحده ... فانك في هذا الزمان غريب وقال يمدح سيد الوزراء مؤيد الملك ابا علي ارخجي ويشكر انعامه عليه: إذا عم صحراء اغمير جدوبها ... كفى دار هند أن جفني يصوبها وقفت بها والطرف مما توحشت ... طريد رباها والفؤاد جذيبها وقد درست إلا نشايا عواصف ... من الريح لم يفطن لهن هبوبها خليلي هذي دار أنسي وربما ... يبين بمشهور الأمر غيوبها قفا نتطوع للوفاء بوقفة ... لعل المجازي بالفاء يثيبها فلا دار إلا أدمع ووكيفها ... ولا هند إلا أضلع ووجيبها وعير تماني زفرة خف وقدها ... ملياً وعيناً أمس جفت غروبها فان تك نفسي أمس في سلوة جنت ... فقد رجع اليوم الهوى يستتيبها وان يفن يوم البين جمة أدمعي ... فعند جفوني للديار نصيبها تكلفني هند إذا التحت ظامئاً ... أماني لم تنهز لري ذنوبها وأطلب أقصى ودها أن اناله ... غلاباً وقد أعيا الرجال غلوبها بمنعطف الجزعين لمياء لو دعت ... (بمدين) رهباناً صبت وصليبها تبسم عن بيض صوادع في الدجى ... رقاق ثناياها عذاب غروبها إذا عادت المسواك كان تحية ... كأن الذي مس المساويك طيبها وكم دون هند رضت من ظهر ليلة ... أشد من الاخطار فيها ركوبها فنادمتها والخوف تروي عظامها ... المدام ويروى بالبكاء شريبها إذا شربت كأساً سقتني بمثلها ... من الدمع حتى غاض دمعي وكوبها حمى الله يالوادي وجوها كواسيا ... إذا اوجه لم يكس حسناً سليبها بواد يود الحاضرون لو إنها ... مواقع ما ألقت عليه طنوبها

إذا وصف الحسن البياض تطلقت ... سواهم يفدي بالبياض شحوبها ولله نفس من نهارها عذولها ... ومن صونها يوم اعذيب رقيبها لكل محب يوم يظفر ريبة ... فسل خلواتي هل رأت ما يريبها؟ إذا اختلطت لذات حب بعاره ... فأنعمها عندي التي لا أصيبها وساء الغواني اليوم اخلاق لمتي ... فهل كان مما سرهن قشيبها؟ سواء عليها كثها ونسليها ... وناصلها من عفتي وخضيبها وتعجب أن خصت قوادم مفرقي ... وأكثر أفعال الزمان عجيبها ومن لم تغيره الليالي بعده ... طوال سنيها غيرته خطوبها إذا سل سيف الدهر والمرء خاسر ... فأهون ما يلقى الرؤوس مشيبها يعدد أقوام ذنوب زمانهم ... فمن لي بأيام تعد ذنوبها؟ يقولون دار الناس ترطب أكفهم ... ومن ذا يداري صخرة أو يذيبها؟ وما أطمعتني أوجه بابتسامها ... فيؤيسني مما لديها قطوبها وفي الأرض أوراق الغنى لوجذبتها ... لرف على أيدي النوال رطيبها إذا إبلي أمست تماطل رعيها ... فهل ينفعني من بلاد خصيبها؟ عذيري من باغ يود لنفسه ... نزاهة أخلاقي ويمسي يعيبها إذا قصرت عني خطاه أدب لي ... عقارب كيد غير جلدي نشيبها ومن أملي في سيد الناس أن لي ... مطاعم يغني عن سواها كسوبها إذا ما حمى مؤيد الملك حوزة ... من الصم لم يقدر عليها طلوبها علي ضواف من سوالف طوله ... يجرر أذيال السحاب سحوبها وعذراء عندي من نداه وثيب ... إذا جليت زان العقود تريبها عارف تأتي هذه اثر هذه ... كما رفدت أعلى القناة كعوبها إذا عدد المجد انبرين فوائتا ... عقود البنان أن يعد حسيبها إلى أن قال: وغير أن لا يرضيه اصلاح جسمه ... بدار إذا كان الفساد يشوبها وقاها من الأطماع حتى لو انه ... جرى الدم فوق الأرض ماشم ذيبها ومد عليها حامياً يد مشبل ... له عصبة بعد النذير وثوبها يد كل ريح تمتري ماء مزنها ... فما ضرها أن لا تهب جنوبها ارى شبهه الأيام عادت بصيرة ... ومذنبها قد جاء وهو منيبها وذلت فأعطاها يد الصفح ماجد ... إذا سيل تراك الذحول وهوبها لك الله راعي دولة ريع سرحهوراح أمام الطاردين عزيبها نفضت وفاض ارأي حتى استقدتها ... وما كل آراء الرجال مصيبها محملة من ثقل منك أوسقاً ... ينوء بها مركوبها وجنيبها فعطفاً عليها الآن تصف حياضها ... وتبقل مراعيها وتدمل ندوبها فما رأمت أبواءها عند مالك ... سواك ولا حنت لغيرك نيبها وهي طويلة اختصرت منها على هذا القدر طلباً للاختصار؟ في آخرها ومن قوله يهنئ الأستاذ ابو طالب بعيد افطر: أنا اليوم مما تعهدين بعيد=تريدين مني والعلاء طوى رسني عن قبضة الحب خالعاً ... قواه وقدماً كنت حيث يقود هوىً وليالي اللهو بيض وهبتهه ... الهيها وأيام الكريهة سود وهيف رقاق موضع الهيف فتنني ... وهن جسوم حارة وقدود دعيني وخلقاً من سني استفدته ... عزيزاً فمعدود السنين مقيد ولا تحسبيني صبغ لونين في الهوى ... أتوب فتبدو فرصة فأعود ولا كامناً في الحي أنظر سربه ... على خدعة الأشراك كيف أصيد وحص غرابي يا ابنة القوم أجدل ... بصير بأوكار الشباب صيود أراك تريني ناقصاً ونقيصتي ... ليال وأيام علي تزيد لكل جديد باعترافك لذة ... فمالك عفت الشيب وهو جديد تأخرت بالصمصام وهو مصمم ... وخالفت رأي الرمح وهو سديد متى نت الدنيا علي فأبصرت ... لساني فيها بالسؤال يجود إذا كنت حراً فاجتنب شهواتها ... فإن بنيها للزمان عبيد وبن في عيون الناس منهم مباعدا ... إذا اشتبهوا واسلم وانت وحيد

وقل بلسان الحظ أن خطيبه ... بليغ ومن أعيا عليه بليد إذا شئت أن تلقى الأنام معظماً ... فلا تلقهم إلا وانت سعيد ورب نجيب كابن أيوب واحد ... تراه مع الحالات حيث تريد صديق وما يغني صديقك لم يطق ... ثقيلا ولم يقرب عليه بعيد أعد سجايا الاكرمين وتنقضي ... وأم سجاياه الكرام ولود إذا قمت أتلوهن قالت لي العلى ... أعد والحديث المستحب يعود وصدق وصفي والمحب بمعرض ... من الريب آيات عليه شهود يد في الندى ماء وقلب إذا التوت ... عليه حبال المشكلات حديد ومخضوبة الأطراف لم تصب عاشقاً ... عميداً وكم أودى بهن عميد قواطع أوصال البلاد سوائر ... وما ثار عن أخفافهن صعيد إذا نار حرب أوقدت أو مكيدة=فهن لها أما احترقن وقود وعلمه أن يصنع المجد منبت ... عريق وبيت في العلاء قعيد وحامون بالرأي الجميع حماهم ... ووفرهم عند الحقوق شريد مطاعيم أرواح الشتاء إذا طغت ... سواجر في أبياتهم وركود سخا بهم أن السخاء شجاعة ... وشجعهم أن الشجاعة جود وقيت من الحساد فيك فكل من ... يرى ودك الباقي علي حسود يودون ما أصفيتني من مودة ... وما أصطفي من شكرها وأجيد لبعضهم من بعضهم متخلص ... وتأبى غلول بينهم وحقود وعذراء مما استنجب الفكر وارتضى ... معقلة في الخدر وهي شرود نجوم سجاياك الصباح إذا سرت ... قلائد في أعناقها وعقود إذا يوم عيد زفها قام ناصباً ... لتجهيز أخرى مثلها لك عيد لها بعد ما يفنى الزمان وأهله ... بقاء على أحسابكم وخلود وقال يمدح الأمير ابا الذواد المفرج بن علي بن مزيد أخي نور الدولة دبيس. وذكر ملاقاته للأسد، وظفره به، وأنفذها إليه في شهر ربيع الآخر سنة 410. بعينيك يوم البين ومشهدي ... وذل مقامي في الخليط ومقعدي وقول وقد صاحا بها يعجلونها ... نشدتكم في طارق لم يزود اناخ بكم مستسقياً بعض ليلة ... ولم يدر أن الموت مكنها ضحى الغد أتحمون عن عض الضراغم جاركم ... ويقتلني منكم غزال ولا يدي؟ وما زلت أبكي كيف حلت بحاجر ... قوى جلدي حتى تداعى تجلدي وعنفي سعد على فرط ما رأى ... فقلت أتعنيف ولم تك مسعدي؟ وما ذاك إلا أن عجلت بنظرة ... قتلت بها نفسي ولم أتعمد تحرش باحقاف اللوى عمر ساعة ... ولولا مكان الريب قلت لك ازدد وقل صاحب لي ضل بالرمل قلبه ... لعلك أن يلقاك هاد فتهتدي وسلم على ماء به برد غلتي ... وظل أراك كان للوصل موعدي وقل لحمام البانتين مهنئاً ... تغن خليا من غرامي وغرد أعندكم يا قاتلين بقية ... على مهجة أن لم تمت فكأن قد ويا أهل نجد كيف بالغور بعدكم ... بقاء تهامي يهيم بمنجد؟ ملكتم عزيزاً رقه فتعطفوا ... على منكر للذل لم يتعود أغدراً وفيكم ذمة عربية ... وبخلا ومنكم يستفاد ندى اليد؟ فليت وجوه الحي أعدت قلوبه ... ففجر لي ماء بها كل جلمد وليتكم جيران عوف تلقنوا ... خلال الندى والجود من آل مزيد من الضيقي الأعذار والواسعي القرى ... إذا ما جمادى قال لليلة ابردي ولف على خيشومه الكلب مقعيا ... يرى المت إلا ما استغاث بموقد وشديديه الحالب الضرع غامراً ... على مصفر قد مسه الجدب مثمد وبات غلام الحي يسند ظهره ... من النضد الواهي إلى غير مسند هنالك يأوي طارق الليل منهم ... إلى كل رطب مثمر النبت مزبد كريم القرى والوجه ملء جنانه ... رحيب الرواق منعم العيش مرفد قليل على الكوم الصفايا حنوه ... إذا السيف رداهن للساق واليد كمثل ابي الذواد لا معلل ... إذا سئل الجدوى ولا بمنكد فتى بيته للطارقين وسيفه ... لهام العدى والمال للمتزود ويوماه أما لاكتساب عظيمة ... من المجد أو داعي صياح ملدد وفى بشروط الملك وهو ابن مهده ... وسود في خيط التميم المعقد وجاد على العلات والدهر أشهب ... باحمر من خير الرحال وأسود

ولم تحتسبه عن مساعي شيوخه ... سنوه التي حلته حلية أمرد أناف بجديه وأسند ظهره ... إلى جبلين من عفيف ومزيد له في ملوك الشرق واغرب منهم ... نجوم سماء منة ثريا وفرقد أيا راكب الوجناء يخبط ليله ... على الرزق لم يقصد ضلالاً لمقصد ترامت به الآفاق ينشد حظه ... فلم يعطه التوفيق صفحة مرشد أنخها تفرج همها بمفرج ... وطلق شقاء العيش من بعد واسعد ورد جمة الجود التي ما تكدرت ... بمن ورد ظل المنى المرق الندى ونم في أمان أن يسوءك ظالم ... علت يده أو أن تراع بمعتد حماك ابو الذواد مالك أمره ... على كل حام منهم ومذود أخو الحرب أما مخمد يوم أوقدت ... واما شبوب نارها غير مخمد له الخطوة الأولى إذا السيف قصرت ... به ظبتاه فهو يوصل باليد إذا ابتدر الغارات كان سهامها ... له من قتيل أو اسير مصفد خفيف أمام الخيل رسغ جواده ... إذا الخوف أقعى بالحصان المعرد ولما كفى الأقران في الروع وارتوت ... صوارمه من حاسر ومسرد تعرض للأسد الغضاب فلم يدع ... طريقاً لذي شبلين منها ومفرد حماها الفريس أن تطيف بارضه ... وشردها عن غيلها كل مشرد وهانت فصارت مضغة لسلاحه ... ممزقة في صعدة ومهند ولما لقيت الأدرع الجهم واحداً ... جرى ملبد يشتد في إثر ملبد نصبت له لم تستعن بمؤازر ... عليه ولم تنصر بكثرة مسعد وقفت وقد طاش الرجال بموقف ... متى تتمثله الفرائص ترعد فأوجرته نجلاء أبقت بجنبه ... فتوقا إذا ما رقعت لم تسدد تحدر منها لبتاه وصدره ... على ساعد رخو وساق مقيد فلم تغنه إذا حان وثبة غاشم ... ولم ينتقذه منك إقعاء مرصد رأى الموت في كفيك رأي ضرورة ... فأورد منه نفسه شر مورد وأحرزتها فخراً يخصك ذكره ... تناقله الأفواه في كل مشهد جمعت الغريبين الشجاعة والندى ... وما كل مرد للكماة بمرفد وقمت باحكام السياسة ناظما ... عراها فما فاتتك حلة سيد أتاني من الأنباء انك مغرم ... بفضل مديحي عارف بتوحدي حبيب إليك أن تزف عرئسي ... عليك تهادى بين شاد ومنشد متى ما تجد لي عند غيرك غادة ... مخدرة تغبط عليها وتحسد فقلت كريم هزه طيب أصله ... وواحد قوم شاقه مدح اوحد وليس عجيباً مثلها عند مثله ... إذا هب يقظان لها بين رقد فأرسلتها تلقي إليك عنانها ... وغيرك أعيته فلم تتقود لها فارس من وصف مجدك دائس ... بأرساغها ما بين طود وفدفد يرى كل شيء قانيا ورداؤه ... على عنق باق في الزمان مخلد متى تجزها الحسنى بحق ابتدائها ... تزرك بعين تملأ السمع عود فوفر على عجز البعول صداقها ... وعرس بها أم البنين وأولد وصنها وأكرم نزلها أن بيتها ... كبيتك في أفق الفخار المشيد وكن كعلي أو فكن لي كثابت ... وفاء وإعطاء وان شئت فازدد وقال يمدح الاجل عميد الرؤساء ابا طالب محمد بن أيوب ويهنئه بالمهرجان سنة 418: أمنهاعلى أن المزار بعيد ... خيال سرى والساهرون هجود؟ طوى بارقاً طي الشجاع وبارق ... خطار يفل القلب وهو حديد يجوب الدجى الوحشي والبيد وحده ... فكيف وكسر البيت عندك بيد نعم تحمل الاشواق والعيس ظلع ... ويمشي الهوى والناقلات قعود وتتسع البلوى فيمضي مصمماً ... جبان عن البرق الخفوق يحيد من المبلغي والصدق قصد حديثه ... وفي القول غادو نقله ورشيد عن الرمل بالبيضاء هل هيل بعدنا ... وبان الغضا هل يستوي ويميد وهل ظبيات بين جو ولعلع ... تمر على وادي الغضى وتعود سوانح للرامين تصطاد مثلها ... وحوش الفلا وهي الرماة تصيد ويوم النقا خالفن منا فعاذل ... خلي ومعذول الغرام عميد سفكن دماً حراً وأهون هالك ... دم حكمت عين عليه وجيد حملن الهوى مني على ضعف كاهل ... وهي تقول الحاملات جليد تطلعت الاشراف عيني ريادة ... لقلبي سفاها والعيون ترود

وما علمت أن البدور برامة ... وجوه ولا أن الغصون قدود وقالوا غداً ميقات فرقة بيننا ... فقلت لسعد انه لوعيد غداً نعلن الشكوى فهل أنت واقف ... تسئل حادي الركب اين يريد؟ وهل تملك الابقاء أو تجحد الهوى ... ووجهك قاض والدموع شهود وقد كنت أبكي والفراق دعابه ... دلال أداري عطفه وصدود فما أنا من بين رجاء ايابه ... وعود تقضىدونه وعهود هل السابق الغضبان يملك أمره ... فما كل سير اليعملات وخيد رويداً بأخفاف المطي فانها ... تداس جباه تحتها وخدود عذيري من الآمال أما ذراعها ... فرحب واما نيلها فزهيد يرينك أن النجم حيث تحطه ... وان زمام الليث حيث تقود ودون حصاة الرمل أن رمتها يد ... دفوع وسهم للزمان سديد سقى الناس كأس الغدر ساق معدل ... متى يبد قبل السكر فهو معيد فمستبرد يهنى بأول شربة ... ومستكثر يثنى له ويزيد ونحى ابن أيوب فاصبح صاحياً ... وفاء عريق في الكرام تليد فلو لم يبرز يوم كل فضيلة ... كفى انه يوم الحفاظ وحيد حواني وأيام الزمان أراقم ... وهبهب عني والخطوب أسود ولبى دعائي والصدى لا يجيبني ... بيقظته والسامعون رقود وانهضي بالدهر حتى دفعته ... وجانبه وعر علي شديد وقد قعدت بي نصرة اليد اختها ... وقلص عني الظل وهو مديد تكفل لي بالعيش حتى رعيته ... على وخم الأيام وهو رغيد وأطلق من ساقي حتى أناف بي ... على أربي والحادثات قيود فما راعني من عقبي وهو واصل ... ولا ضرني من غاب وهو شهيد من القوم مدلول على المجد واصل ... إذا ضل عن طريق العلاء بليد عتيق نجار الوجه صرحت ... به عن صفاياها غطارف صيد كرام تضيء المشكلات برأيهم ... وينظم شمل المجد وهو بديد يسود فتاهم في خيوط تميمه ... ويشأى كهول الناس وهو وليد إذا نزلوا بالارض غبراء جعدة ... أماه حصاً فيها وطاب صعيد كأن نصوع الأرض حين تسحبت ... مآذر منهم فوقها وبرود سخا بهم أن السخاء شجاعة ... وشجعهم أن الشجاعة جود لهم بابنهم ما للسحابة اقلعت ... من الروض يوم الدجن وهو صخود وما غاب من دار العلى شخص هالك ... مضى وبنوه الصالحون شهود ابا طالب لا يخلف الفخر دوحة ... وانت لها فرع وبيتك عود بغى الناس أدنى ما بلغت فطيرت ... رياحك عصفاً والبغاة ركود وشال بك القدح المعلى وحطهم ... وليس لهاو بالطباع صعود فلو كلمتك الشمس قالت لحقت بي ... علاء واشراقاً فأين تريد؟ اقر لك الاعداء بالفضل عنوة ... ومعترف من لم يسعه جحود وكيف يماري في الصباح معاند ... وقد فلق الخضراء منه عمود تسمع من الحساد وصفك واغتبط ... فاعجب فضل ما رواه حسود وان نكلوا شيئاً فان فصاحتي ... وراءك كنز في الكلام عتيد وبين يدي نعماك مني حمية ... لها مدد من نفسها وجنود إذا رامحت حرباً رأيت كملتها=تلاوذ من أطرافها وتحيد اذود بها عن سرح عرضك كلما=تقطع فيه للفريسة سيد إذا نشطت من عقلة الفكر أرسلت ... بها طلقات وثبهن شرود مطايا لابكار الكلام إذا مشى ... على حسك السعدان منه رديد نطقت بها الإعجاز والمؤمنون لي ... على دينها بين الجنان خلد ويحسدني قوم عليها وحظها ... شقي وحظ المقرفات سعيد تمنوا على اخصابهم جدب عيشها ... وانهم خصوا بها وافيدوا ولم أحسب البلوى عليها مزاحم ... ولا أن ضنك العيش فيه حسود لها الحسب الحر الصريح إذا طغت ... عليها إماء غيرها وعبيد يزورك منها والنساء فوارك ... كواعب تصفيك المودة غيد لهن جديد من نوالك كلما ... اتى طالعاً يوم بهن جديد ففي كل يوم مهرجان مقلد ... بهن ونيروز لديك وعيد

شعر

هذا آخر ما اردت نقله من المطولات، ولو ظفرت بديوانه كاملاً لنقلت منه أكثر من ذلك، ولكني لم أظفر من ديوانه إلا بالمجلد الأول، فلله دره من شاعر ما أثبت مبانيه، وأجل معانيه، وفيما نقلت من شعره دليل على تقدمه. قال صاحب (دمية اقصر) في حقه: هو شاعر له في مناسك الفضل مشاعر، وكان تحت كل كلمة من كلماته كاعب، وما في قصائده بيت يتحكم عليه بلو وليت، وهي مصبوبة في قوالب اقلوب، وبمثلها يعتذر الزمان المذنب من الذنوب، وذكر له عدة مقاطيع فمنها القصيدة المتقدمة الهائية ومنها يقول: أن التي علقت قلبك حبها ... راحت بقلب منك غير علوق عقدت ضمان وفائها في خصرها ... فوهى كلا العقدين غير وثيق ومنها: بكر العارض يحدوه النعامى ... فسقاك الله يا دار أماما وبجزعاء الحمى قلبي فعج ... بالحمى واقر على قلبي السلاما وترحل فتحدث عجباً ... أن قلباً سار عن جسم أقاما قل لجيران الغضا آها على ... طيب عيش بالغضا لو كان داما نصل العام ولا ننساكم ... وقصارى الوجد أن نسلخ عاما حملوا ريح الصبا من نشركم ... قبل أن تحمل شيحاً وخزاما وابعثوا اشباحكم لي في الكرى ... أن أذنتم لجفوني أن تناما ومن قوله: أرقت فهل لهاجعة بسلع ... على الارقين أفئدة ترق نشدتك بالمودة يا ابن ودي ... فإنك بي من ابن أبي أحق اسل بالجزع دمعك أن عيني ... إذا استبررتها دمعاً تعق وان شق البكاء على المعافى ... فلم أسألك إلا ما يشق وله في القناعة وقد أحسن: يلحى على البخل الشحيح بماله ... أفلا تكون بماء وجهك أبخلا أكرم يديك عن السؤال فانما ... قذر الحياة أقل من أن تسألا ولقد أضم الي فضل قناعتي ... وأبيت مشتملاً بها متزملا وأري الغدو على الخصاصة شارة ... تصف الغنى فتخالني متمولاً وإذا امرؤ افنى الليلي حسرة ... وأمانياص أفنيتهن توكلا ومن بديع مدائحه من جملة قصيدة: وإذا رأوك بأن تفرقت أرواحهم ... فكأنما عرفتك قبل الأعين وإذا أردت بأن تفل كتيبة ... لاقيتها فتسم فيها واكتن وله من جملة قصيدة أبيات تتضمن العتب وهي: إذا صور الإشفاق لي كيف أنتم ... وكيف إذا ما عن ذكري صبرتم تنفست عن عتب فؤادي مفصح ... به ولساني للحفاظ يحمحم وفي في ماء من بقايا ودادكم ... كثيراً به من ماء وجهي أرقتم أرقت وما ضناً عليه وبينه ... وبين انسكاب ريثما اتكلم قال جامعه ويعجبني بيت له من قصيدة قوله: منىً انتم من ظاعنين وخلفوا ... قلوباً ابت أن تعرف الصبر عنهم تم الاختيار من شعر مهيار الديلمي ويليه الاختيار من شعر ابن هاني الأندلسي. شعر ابن هاني هو ابو القاسم وابو الحسن محمد بن هاني الأزدي المهلبي من ولد يزيد بن حاتم بن المهلب الأزدي، وقيل: انه ولد أخيه روح بن حاتم، ولد بمدينة اشبيلية، ونشأ بها، واشتغل وحصل له حظ وافر من الأدب وعمل الشعر ومهر فيه، وكان حافظاً لأشعار العرب وأخبارهم، واتصل بصاحب اشبيلية، وحظي عنده، وكان كثير الانهماك في الملاذ متهماص بمذهب الفلاسفة، واتصل بالمعز ابي تميم معد ابن المنصور العبيدي، وبالغ في اكرامه، ثم توجه امعز إلى الديار المصرية، وخرج في أثره، فلما وصل إلى برقة، ووجد مقتولاً في بعض طرقها، ولم يعرف سبب قتله وذلك سنة اثنتين وستين وثلاث مائة وعمره ست وثلاثون، ولما بلغ المعز قتله تأسف عليه كثيراً، وقال: هذا رجل كنا نرجو أن نفاخر به أهل المشرق، فلم يقدر لنا ذلك. وله في المعز المذكور غرر مدائح، ونخب أشعار، وله ديوان شعر أجاد فيه كل الإجادة، لولا ما فيه من الغلو في المدح، والافراط المفضي إلى الكفر لكان من أحسن الدواوين، وليس في المغاربة من هو في طبقته لا من متقدميهم ولا من متأخريهم، بل هو أشعرهم على الإطلاق، وهو عندهم كالمتنبي عند المشارقة، وكانا متعاصرين. قال يمدح المعز وهي من القصائد الطنانة، وهي أول ما أنشده بالقيروان واجازه عليها جائزة جليلة: هل من أعقة عالج يبرين ... أم منهما بقر الحدوج العين

ولمن ليال ما ذممنا عهدها ... مذكن إلا انهن شجون المشرقات كأنهن كواكب ... والناعمات كأنهن غصون بيض وما ضحك الصباح وإنها ... بالمسك من طرر الحسان لجون أدمى لها المرجان صفحة خده ... وبكى عليها اللؤلؤ المكنون أعدى الحمام تأوهي من بعدما ... فكأنه فيما سجعن رنين بانوا سراعاً للهوادج زفرة ... مما رأين وللعطي حنين فكأننا صبغوا الضحى بقبابهم ... أن عصفرت فيها الخدود جفون مإذا على حلل الشقيق لو إنها ... عن لابسيها في الخدود تبين لأعطشن الروض بعدهم ولا ... يرونه لي دمع عليه هتون أأعير لحظ العين بهجة منظر ... واخوانهم إني إذا لخؤون لا الجو جو مشرق ولو اكتسى ... زهراً ولا الماء المعين معين لا يبعدن إذا العبير له ثرى ... والبان دوح والشموس قطين أيام فيه العبقري مفوف ... والسابري مضاعف موضون والزاعبية شرع والمشرفية ... لمع والمقربات صفون والعهد من ظمياء إذا لا قومها ... خزر ولا الحرب الزبون زبون عهدي بذاك الجو وهو أسنة ... وكناس ذاك الخشف وهو عرين هل يدنيني منه أجرد سابح ... مرح وجائله النسوع أمون ومهند فيه الفرند كأنه ... زمر له خلف الغرار كمين عضب المضارب مقفر من أعين ... لكنه من أنفس مسكون قد كان رشح حديده أجلاوما ... صاغت مضاربه الرقاق قيون وكأنما يلقى الضريبة دونه ... بأس المز أاسمه المخزون هذا معد والخلائق كلها ... هذا المعز متوجاً والدين إلى أن قال: ملك كما حدثت عنه رأفه ... فالخمر ماء والشراسة لين ووراء حق ابن الرسول ضراغم ... أسد وشهباء السلاح منون والطالبان المشرفية والقنا ... والمدركان النصر والتمكين وصواهل لا الهضب يوم مغارها ... هضب ولا البيد الحزون حزون جنب الحمام وما لهن قوادم ... وعلا البربود وما لهن وكون فلهن من ورق اللجين توجس ... ولهن من مقل الظباء شفون فكأنها تحت الغبار كواكب ... وكأنها تحت الحديد دجون عرفت بساعة سبقها لا أنها ... علقت بها يوم الرهان عيون وأجل علم البرق فيها أنها ... مرت بجانحتيه وهي ظنون في الغيث شبه من نداك كأنما ... مسحت على الأنواء منك يمين أما الغنى فهو الذي أوليتنا ... فكأن جودك بالخلود رهين تطأ الجياد بنا البدور كأنها ... تحت السنابك مرمر مسنون فالفيء لا متنقل والحوض لا ... متكدر والمن لا ممنون انظر إلى الدنيا باشفاق فقد ... ارخصت هذا العلق وهو ثمين لو يستطيع البحر لاستعدى على ... جدوى يديك وانه لقمين أمدده أو فاصفح له عن نيله ... فلقد تخوف أن يقال ضنين وقد اختصرت آخر هذه القصيدة وإن كانت من جيد شعره لأنه تجاوز فيها الحد في حق أهل البيت رضي الله عنهم وقال قولاً ينافي مذهب أهل السنة والجماعة في مسألة الإمامة. وقال يمدح جعفر بن علبون: فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر ... وأمدكم فلق الصباح المسفر وجنيتم ثمر الوقائع يانعاً ... بالنصر من ورق الحديد الأخضر وضربتم هام الكماة ورغتم ... بيض الخدر بكل ليث مخدر أبتي العوالي السمهرية والسيو ... ف المشرفية والعديد الأكثر كل الملوك من السروج سواقط ... إلا المملك فوق ظهر الأشقر من منكم الملك المطاع كأنه ... تحت السوابغ تبع في حمير القائد الخيل العتاق شوازبا ... خزراً إلى لحظ السنان الأخزر شعث النواصي حسرة إذانها ... قب الأياطل داميات الأنسر تنبو سنا بيكهن عن عفر الثرى ... فيطأن في خد العزيز الأصغر جيش تقدمه الليوث وفوقه ... كالغيل من قصب الوشيج الأسمر وكأنما سلب القشاعم ريشها ... مما يشق من العجاج الأكدر وكأنما اشتملت قناه ببارق ... متألق أو عارض مثعنجر تمتد ألسنة الصواعق فوقه ... عن ظلتي مزن عليه كنهور

ويقوده الليث الغضنفر ... معلماً في كل شنن اللبدتين غضنفر نحر القبول من الدبور وسار في ... جيش الهرقل وعزمة الإسكندر في فتية صدأ الدروع عبيرهم ... وخلوقهم علق النجيع الأحمر لا يأكل السرحان شلو طعينهم ... مما عليه من القنا المتكسر أنسو بهجران الأنيس كأنهم ... في عبقري البيد جنة عبقر يغشون بالبيد القفار وإنما ... تلد البنتى في اليباب المقفر فراوية الصنديد تخبر عنهم واسامة الصديق أصدق مخبر قد جاورو أجم الضواري حولهم ... فإذا هم رأروا بها لم تزأر ومشوا على قطع النفوس كأنما ... تمشي سنابك خيلهم في مرمر قوم يبيت على الحشايا غيرهم ... ومبيتهم فوق الجياد الضمر وتظل تسبح في الدماء قبابهم ... فكأنهن سفائن في أبحر فحياضهم من كل مهجة خالع ... وخيامهم من كل لبدة قود من كل أهرت كالح ذي لبدة ... أو كل أبيض واضح ذي مغفر حي من الأعراب إلا أنهم ... يردون ماء الأمن غير نكدر راحو إلى أم الرئال عشية ... وغدوا إلى ظبي الكثيب الأعفر طردوا الأوابد في الفوافد طردهم ... للأعوجية في مجال العثير ركبوا إليها يوم لهو قنيصهم ... في زيهم يوم الخميس المصحر أنا لتجمعنا وهذا الحي من ... بكر أزمة سالف لم تخفر أحلافنا فكأننا من نسبة ... ولداتنا فكأننا من عنصر اللابين من الجلاد الهب ما=أغناهمخ عن لأمة وسنور لي منهم سيف إذا جردته ... يوماً ضربت به رقاب الأعصر وفتكت بالزمن المدجج فتكة ... البراض يوم هجائن ابن المنذر صعب إذا نوب الزمان تصعب ... متنمر للحادث المننمر فإذا عفا لم تلق غير مملك ... وإذا سطا لم تلق غير مظفر وكفاك من حب السماحة إنها ... منه بموضع مقلة من محجر فغمامة من رحمة وعراصه ... من جنسه ويمينه من كوثر وقال يمدح القائد جوهراً، ويذكر توديعه عند خروجه من القيروان إلى مصر، ويصف مصر، ويذكر خروجه للتشييع وذلك سنة 258. رأيت بعيني فوق ما كنت أسمع ... وقد راعني يوم من الحشر أروع غداة كأن الأفق سد بمثله ... فعاد غروب الشمس حيث تطلع فلم أدر إذا سامت كيف أشيع ... ولم أدر إذا شيعت كيف أودع وكيف نخوض الجيش والجيش لجة ... وإني بمن قاد الجيوش لمولع وأين ومالي بين ذا الجمع مسلك ... ولا لجوادي جفن ولا بات يهجع نصيحته للملك سدت مذاهبي ... فما بين قيد الرمح والرمح إصبع فقد ضرعت حتى الرواسي لما رأت ... فكيف قاوب الإنس والإنس أضرع فلا عسكر من قبل عسكر جوهر ... تخب المطايا فيه عشراً وتوضع تسير الجبال الجادمات لسيره ... وتسجد من أدنى الحفيف وتركع إذا حل في أرض بناها مدائناً ... وإن سارعن أرض ثوت وهي بلقع سموت له بعد الرحيل وفاتني ... فأقسمت ألا لا يلائم مضجع فلما تداركت السرادق في الدجى ... عشوت إليه والمشاعل ترفع فيت ويات الجيش جما سميره ... يؤرقني والجن في البيد هجع فتخزن جيب المزن والمزن دالح ... وتوقد موج اليهم واليم أصقع وهمهم رعد آخر الليل قاصف ... ولاحت مع الفجر البوارق تلمع وأوحت إلينا الوحش ما الله صانع ... بنا وبكم من هول ما نتسمع ولم تعلم الطير الحوائم فوقنا ... إلى أين نستذري ولا أين نفزع إلى أن تبدى سيف دوله هاشم ... على وجهه نور من الله يسطع كأن ظلال الخافقات أمامه ... غمائم نصر الله لا تتقشع كأن السيوف المصلتات إذا طمت ... على البحر بحر زاجر الموج مترع كأن أنابيب الصعاد أراقم ... تلفظ في أنابيبها السم مترع كأن العتاق الجرد بجنونه له ... ضباء ثنت اجيادها فهي تتلع كأن الكماة الصيد لما تفشمرت ... حواليه أسد الفيل لا تتكعكع كأن حماة الرحل تحت ركابه ... سيول نداة أقبلت تتدفع كأن سراع النجب تنشر يمنه ... على البيد آل في الضحى يترفع

كأن صعاب البخت إذا ذللت له ... أسارى ملوك عضها القيد ضرع كأن خلاخيل المطايا إذا غدت ... تجاوب أصداء الفلا تترجع تهيج وسواس البرين صبابة ... عليها فتعزى بالحنين وترلع لقد جل من يقتاد ذا الخلق كله ... وكل له من قائم السيف أطوع تحف به القواد والأمر أمره ... ويقدمه رأي الخلافة أجمع ويسحب اذيال الخلافة رادعاً ... به المسلك من نشر الهدى يتضوع له حلل الإكرام خص بفضلها ... نسائج بالبتبر المشهر تلمع برود أمير المؤمنين بروده ... كساه الرضى منهن ما ليس يخلع وبين يديه خيله وسروجه ... تقاد عليهن النضار المرصع وأعلامه منشورة وقبابه ... وحجابه تدعى لأمر فتسرع مليك ترى الأملاك دون بساطه ... وأعناقهم ميل إلى الأرض خضع قياماً على أقدامهم قد تنكبت ... صوارمها كل يطيع ويخضع تحل بيوت المال حيث محله ... وجم العطايا والرواق المرفع إذا ماج أطناب السرادق بالضحى ... وقامت حواليه القنا تتزعزع وسل سيوف الهند حول سريره ... ثمانون الفاً دارع ومقنع رأيت من الدنيا إليه منوطة ... فيمضي بامر الله فيها ويصدع وتصحبه دار المقامة حيثما ... أناخ وشمل المسلمين المجمع وتعنو له السادات من كل معشر ... فلا سيد منه أعز وأمنع فلله عينا من رآه مخيما ... إذا جمع الأنصار للأذن مجمع وأقبل فوج بعد فوج فشاكر ... له أو سؤول أو شفيع مشفع فا يفتأوا من حكم عدل يعمهم ... وعارفه تسدى اليهم وتصنع يسوسهم منه أب متكفل ... برعي نبيه حافظ لا يضيع فستر عليهم في الملمات مسبل ... وكنز لهم عند الأئمة مودع بطيء عن الأمر الذي يكرهونه ... عجول اليهم بالندى متسرع ولله عينا من رآه مقوضاً ... إذا جعلت أولى الكتائب تسرع ونودي بالترحال في فحمه الدجى ... فجاءته خيل النصر تردي وتمزع فلاح لها من وجهة البدر طالعاً ... وفي يده الشعرى العبور تطلع أضحى مردى بالنجاد كأنه ... هزير عرين ضم جبينه أشجع فكبرت الفرسان لله إذا بدا ... وظل السلاح المنتضى يتقعقع وحف به أهل الاجهاد فمقدم ... وماض وإصليت وأطلق أروع وعب عباب الموكب الفخم حوله ... وزف كما زف الصباح الملمع وثار بريا المندلي غباره ... ونشر فيه الروض والروض موقع وقد رتبت فيه الملوك مراتباً ... فمن بين متبوع وآخر يتبع تسير على أقدارها في عجامة ... ويقدمها منه العزيز الممنع وما لؤمت نفس تقر بفضله ... وما للؤوم إلا دفع ما ليس يدفع نقد فاز منه مشرق الأرض بالتي ... تفيض لها من مضرب الأرض ادمع ألا كل عيش دونه فمحرم ... وكل حريم بعده فمضيع وإن بنا شوقاً إليه ولوعة ... تكاد لها اكبادنا تتصدع ولكنما يسلي من الشوق ِأنه ... لنا في ثغور المجد والدين أنفع وإن المى منه قريب وإننا ... إليه من الإيماء باللحظ أسرع فسر أيها الملك المطاع مؤيداً ... فللدين والدنيا إليك تطلع وقد أشعرت أرض العراقين خفية ... تكاد لها دار السلام تضعضع وأعطت فلسطين القياد وأهلها ... فلم يبق منها جانب يتمتع وما لرملة المقصورة الخطو وحدها ... بأول أرض ما لها عنك مفزع وما ابن عبيد الله يدعوك وحده ... غداة رأى أن ليس في النفوس منزع بل الناس كل الناس يدعوك غيره ... فلا أحد إلا يذل ويخضع وأن باهل الأرض فقراً وفاقه ... إليك وكل الناس آتيك مهطع إلا إنما البرهان ما أنت موضح ... وما الرأي إلا وفق ما أنت مزمع رحلت إلى الفسطاط أيمن رحلة ... بايمن قال في الذي أنت مجمع ولما حثثت الجيش لاح لأهله ... طريق إلى أقصى خراسان مهيع قد استقبل الناس الربيع وقد غدت ... متون الربى من سدس تتلفع وقد أخضل المزن البلاد ففجرت ... ينابيع حتى الصخر أخضل ممرع وأصبقحت الطرق التي أنت سالك ... مقدسة الظهران تسقى وتربع

وقد بسطت فيها الرياض درانكا ... من الوشي إلا أنها ليس ترفع وغرد فيها الطير بالنصر واكتست ... زرابي من انوارها لا تتوشع سقاها فرواها بك الله آنفاً ... فنعم مراد الصيف والمتربع وما جهلت مصر وقد قيل من لها ... بأنك ذاغك الهبرزي السميدع وأنك دون الناس فاتح قفلها ... فأنت لها المرجو والمتوقع فان يك في مصر رجال حلومها ... فقد جاءهم نيل سوي النيل يهرع ويممهم من لا يغير بنعمة ... فيسلبهم لكن يزيد فيوسع ولو قد حططت الغيث من عقر دارهم ... كشفت ظلام المحل عنهم فامرعوا وداويتهم من ذلك الداء إنه ... إلى اليوم رجز فوقهم ليس يقلع وكفكفت عنهم من يجوز ويعتدي ... وأمنت منهم من يخاف ويجزع إذا لرأوا كيف العطايا بحقها ... لسائلها منهم وكيف التبرع وأنساهم الأخشيد من شسع نعله ... أعز من الأخشيد قدراً وارفع سيغلم من ناواك كيف مصيره ... ويبصر من قارعته كيف يقرع إذا صلت لم يكرم على السيف سيد ... وإن قلت لم يقدم على القول مصقع تقيك الليالي والزمان وأهل ... ومصفيك محض الود المصنع تعبت لكيما تعقب الملك راحة ... فمهلا فداك المستريح المودع فاشفق على قلب الخلافة إنه ... حناناً واشفاقاً عليك مروع تحملت أعباء الخلافة كلها ... وغيرك في أيام دنياه يرتع فو الله ما ادري أصدرك في الذي ... تدبره أم فضل حلمك أوسع؟ وما بلغ الاسكندر الرتبة التي ... بلغت ولا كسرى الملوك وتبع سموت من العليا إلى الرتبة التي ... ترى الشمس فيها تحت قدرك تضرع إلى غاية ما بعدها لك غاية ... وهل خلف افلاك السموات مطلع إلى أين تبغي ليس خلفك مذهب ... ولا لجواد في لحاقك مطمع وقال يمدح المعو، وهو بالمنصورية بعد رجوعه من تشييع عسكر المنصور النافذ إلى مصر يصف القائد جوهر مقدم العسكر قال: سقتني بما مجت شفاه الأ راقم ... وعاتبني فيها شفار الصوارم عدتني إليها الحرب يصرف نابها ... وصلصال رعد في زئير الضراغم فكيف بها نجدية حال دونها ... صعإليك نجد في متون الصلادم أتى دونها نأي المزار وبعده ... وآساد أغيال وجن صرائم واشوس غيران عليها حلاحل ... طويل نجاد السيف ماضي العزائم ولو شئت لم تبعد علي خيامها ... ولو طنبت بين النجوم العواتم وبات لها مني على ظهر سابح ... اشم أبي الظلم من آل ظالم وأسدها جر الرياح على الثرى ... بايدي فتو الازد صفر العمائم فهل تبلغيها الجياد كأنها ... أعنتها من طول لوك الشكائم من الاعواجيات التي يرزق الغنى ... وتضمن أقوات النسور القشاعم من اللاء هاجت للنوى اريحيني ... وهزت إلى فسطاط مصر قوادمي فشيعت جيش النصر تشييع مزمع ... وودعته توديع غير مصارم وقد كنت لا الوي على متن تركته ... ولكن عداني ما ثنى من عزائمي فلو أنني استأثرت بالأذن وحده ... لسرت ولم أحفل بلومة لائم طربت إلى يوم أوفيه حقه ... ليعلم أهل الشعر كيف مقاومي وأصبو إلى مصر لساعة مشهد ... يعض لها غيابها بالأباهم فان لم أشاهد يومها ملء ناظري ... أشاهده ملء السمع ملء الحيازم وقد صورت نفسي لي الفتح صورة ... وشامته لي من غير نظرة شاتم كذاك إذا قام الدليل الذي النهي ... على كون شيء كان ضربة لازم على أنني قضيت بعض مأربي ... وأقررت عيني بالجيوش الخضارم وأنست من أنصار دولة هاشم ... جحاجحة تسعى لدولة هاشم ويمث في طرق الجهاد سبيلهم ... لأصلى كما يصلون لفح السمائم وفارقتهم لا مؤثراً لفراقهم ... ولا مستخفاً بالحقوق اللوازم فلله ما ضم السرادق والتقت ... عليه ظلال الخافقات الحوائم فثم مصابيح الظلام وشيعه ال ... إمام وأسد المأزق المتلاحم وفي الجيش ملأن به الجيش باسط ... يديه بقسطاس من العدل قائم مدبر حرب لا بخيل بنفسه ... عليها ولا مستأثر بالغنائم

شعر

ولا صارف راياته عن محارب ... ولا ممسك معروفه عن مسالم وللصارخ الملهوف أول ناصر ... ولللمترف الجبار أول قاصم فلا عبقري كان أو هو كائن ... فرى فريه في المعضلات العظائم كذلك ما قاد الكتائب مثله ... لإنصاف مظلوم ولا قمع ظالم ولم يتجمع لامرئ كان قبله ... بناء المعالي واجتناب المآثم جزته جوازي الخير عنا فانه ... سقانا بشؤبوب من العدل ساجم فقد سار فينا سيرة لم يسر بها ... من الناس إلا مثل كعب وحاتم متى نختلفني الأمر ألف بيننا ... طبيب بأدواء القلوب السقائم فلا رأيه في حالة يتبع الهوى ... ولا سمعه مستوقف للنمائم أفاء علينا ظل أنعمه التي زهين بأيام العلى والمكارم وما غال جيش الشرك قبلك غائل ... ولا سيما بعد العطايا الجسائم وبعد صلات ما رأى الناس مثلها ... ولا سمعوا في السالف المتقادم أولئك قوم يعلم الله أنهم ... قد اقتسموا الدنيا اقتسام المغانم فكم ألف ألف قد غدوا يطؤونها ... بأقدامهم وطء الحصى بالمناسم ولو كنت ممن يستريب عيانه ... ويدركه فيما رآى وهم واهم لحدثت نفسي أنني كنت حالماً ... وإن لم أكن فيما رأيت بحالم فلا يسألني من تخلف عنهم ... فيقرع في آرائه سن نادم لعمري هم الأنصار حقاً فكلهم ... من المجد في بيت رفيع الدعائم فقد أظهروا من شكر نعمة ربهم ... وقائدهم ما لست عنه بنائم وإني قد حملت منهم ودائعاً ... كرائم تهدى من نفوس كرائم إليك أمير المؤمنين حملتها ... ودائع كالأموال تحت الخواتم شهدت بما أبصرته وعلمته ... شهادة بر لا شهادة آثم فقمت بها عن ألسن القوم خطبة ... إذا ذكرت لم تخزهم في المواسم تم الأختيار من شعر ابن هاني الأندلسي ويليه الأختيار من شعر الصفي الحلي. شعر الصفي الحلى قال جامع كتاته: هو تاج الأدباء والفضلاء عمدة الشعراء والفصحاء صفي الدين أبو المحاسن عبد العزيز بن سرايا بن أبي القاسم الحلي التنيسي. فمن قوله في الفخر والحماسة: لئن ثلمت حدي صروف النوائب ... فقد أخلصت سبكي بنار التجارب وفي الأدب الباقي الذي وهبني ... عزاء من الأموال عن كل ذاهب فكم غاية أدركتها غير جاهد ... وكم رتبة قد نلتها غير طالب وما كل وان في الطلاب بمخطئ ... ولا كل ماض في الأمور بصائب سمت بي إلى العلياء نفس أبيه ... ترى أقبح الأشياء أخذ المواهب بعزم يريني ما أمام مطالبي ... وحزم يريني ما وراء العواقب وما عابني جاري سوى أحاجتي ... اكفلها من دونه للأجانب وإن نوالي في الملمات واصل ... اباعد أهل الحي قبل الأقارب وليس حسود ينشر الفضل عائباً ... ولكنه مغرى بعد المناقب وما الجود إلا حلية مستجادة ... إذا ظهرت أخفت وجوه المعائب لقد هذبتني يقظة الرأي والنهي ... إذا هذبت غيري صروف التجارب واكسبني قومي وأعيان معشري ... حفاظ المعالي وابتذال الرغائب سراة يقر الحاسدون بفضلهم ... كرام السجايا والعىى والمناصب إذا جلسوا كانوا صدور مجالس ... وإن ركبوا كانوا صدور مواكب أسود تعانت بالقنا عن عرينها ... وبالبيض عن أنيابها والمخالب يجودون للمراجي بكل نفيسة ... لديهم سوى أعراضهم والمناقب إذا نزلوا بطن الوهاد لغامض ... من القصد اذكوا نارهم بالمناكب وإن ركزوا غب الطعان رماحهم ... رأيت رؤوس الأسد فوق الثعالب فأصبحت أفني ما ملكت لأقتني ... به الشكر كسباً هو أسنى المكاسب وأراهن قولي عن فعالي كأنه ... عصا الحارث الدعمي أو قوس حاجب ومن يك مثلي كامل النفس يغتدي ... قليلاً معاديه كثير المصاحب فما للعدى دبت أراقم كيدهم ... إلي وما دبت إليهم عقاربي وإني ليدمي قائم السيف راحتي ... إذا دميت منهم خدود الكواعب وما كل من هز الحسام بضارب ... ولا كل من أجرى اليراع بكاتب

وما زلت فيهم مثل قدح بن مقبل ... بتسعين أمسى مقبلا غير خائب فإن كلموا منا الجسوم فإنها ... فلول سيوف ما نبت في المضارب وما عابني إن كلمتني سيوفهم ... فلول سيوف ما نبت في المضارب وما عابني إن كلمتني سيوفهم ... إذا ما نبت عن سيوفي المثالب ولما أبت إلا نزالا كماتهم ... درأت بمهري في صدور المقانب فعملت شم الأرض شم انوفهم ... وعودت ثغر الترب لثم الترائب بطرف علافي قبضة الريح سابيح ... له أربع تحكي أنامل حاسب تلاعب أثناء الحسام مزاجه ... وفي الكر يبدي كرة غير لاعب ومسرودة من نسج داود نثره ... كلمع غدير ماؤه غير ذائب واسمر مهزوز المعاطف ذابل ... وابيض مسنون الغرارين قاضب إذا صدفته العين أبدي توقدا ... كأن على متنيه نار الحباحب ثنى حده فرط الضراب فلم يزل ... حديد فرند المتن رث المضارب صدعت به هام الخطوب فرعتها ... بأفضل مضروب وأفضل ضارب وصفراء من ورق الأراوى نحيفة ... إذا جذبت صرت صرير الجنادب لها ولد بعد الفطام رضاعه ... يسر عقوقاً رفضه غير واجب إذا قرب الرامي إلى فيه نحره=سعى نحوه بالقسر سعي المجانب فيقبل في بطء كخطوة سارق ... ويدبر في جري كركضة هارب هناك فجأت الكبش منهم بضربة ... فرقت بها بين الحشا والترائب لدى وقعة لا يقرع السمع بينها ... بغير انتداب الشوس أندب نادب فقل للذي ظن الكتابة غايتي ... ولا فضل لي بين القنا والقواضب بحد يراعي أو حسامي علوته ... وبالكتب ارديناه أم بالكتائب وكم ليلة خضت الدجى وسماؤه ... معطلة من حلي در الكواكب سريت بها الجو والسحب مقتم ... فلما تبدي النجم قلت لصاحبي أصاح ترى برقا أريك وميضة ... يضيء سناه أم مصابيح راهب بحرف حكى الحرف المفخم صوتها ... سليلة نجب ألحقت بنجائب تعافت ورود الماء أن سبق القطا ... إليه وما علت به في المشارب قطعت بها خوف الهوان سباسبا ... إذا قلت تمت أردفت بسباسب يسامرني في الفكر كل بديعة ... منزهة الألفاظ عن قدح عائب ينزلها الشادون في نعغماتهم ... وتحدو بها طوراً حداة الركائب فأدركت ما أملت في طلب العلى ... ونزهت نفسي عن طلاب المواهب ونلت بها سؤلي من العزلا الغنى ... وما عد من عاف الهبات بخائب وله في الحماسة أيضاً: سلي الرماح العوالي عن معالينا ... واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا وسائلي العرب والأتراك ما فعلت ... في أرض قبر عبيد الله أيدينا لما سعينا فما رقت عزائمنا ... عما نروم ولا خابت مساعينا يا يوم وقعة زوراء العراق وقد ... دنا الأعادي كما كانوا يدينونا بضمر ما رطناها مسمومة ... إلا لنعزو بها من بات يغزونا وفتية أن نقل أصغوا مسامعهم ... لقولنا أو دعوناهم أجابونا قوم إذا استخصموا كانوا فراعنة ... يوماً وإن حكموا كانوا موازينا تدرعوا العقل جلبابا فإن حميت ... نار الوغى خلتهم فيها مجانينا إذا ادعوا جاءت الدنيا مصدقة ... وغن دعوا قالت الأيام آمينا إن الزرازير لما قام قائمها ... توهمت أنها صارت شواهينا ظنت تأني الزاة الشهب عن جزع ... وما درت أنه قد كان تهوينا بيادق ظفرت أيدي الرخاخ بها ... ولو تركناهم صاروا فرازينا ذلوا بأسيافنا طول الزمان فمذ ... تحكموا أظهروا أحقادهم فينا لم يغنهم مالنا عن نهب أنفسنا ... كأنهم في أمان من تقاضينا أخلوا المساجد من أشياخنا وبغوا ... حتى حملنا فأخلينا الدواوينا ثم أثنينا وقد ظلت صوارمنا ... تميس عجباً ويهتز القنا لينا وللدماء على أثوابنا علق ... بنشره عن عبير المسك يغنينا فيالها دعوة في الأرض سائرة ... قد اصبحت في فم الأيام تلقينا أنا لقوم أبت أخلاقنا شرفاً ... أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا بيض صنائعنا سود وقائعنا ... خضؤر مرابعنا حمر مواضعا

لا يظهر العجز منا دون نيل منى ... ولو رأينا المنايا في أمانينا ما أعوزتنا فرامين نصول بها ... إلا جعلنا مواضينا فرامين إذا جرينا إلى سبق العلى طلقاً ... إن لم نكن سبقاً كنا مصلينا نغشى الخطوب بأيدينا فندفعها ... وإن دهتنا دفعناها بأيدينا ملك إذا فوقت نبل العدو لنا ... رمت عزائمه من بات يرمينا عزائم كالنجوم الشهب ثاقبة ... ما زال يحرق فيهن الشياطينا أعطى فلا جوده قد كان عن غلط ... منه ولا أجره قد كان ممنونا وكم عدو لا أمسى بسطوته ... يبدي الخضوع لنا ختلا وتسكينا كالصل يظهر ليناً عند ملمسه ... حتى يصادف في الأعضاء تمكينا يطوي لنا الغدر في نصح يشير به ... ويمزج السم في شهد ويسقينا وقد نغض ونغضي عن قبائحه ... ولم يكن ذاك عجزاً عن تقاصينا لكن تركناه إذا بتنا على ثقة ... أن الأمير يكافيه فيكفينا وقال مسمطاً قصيدة السمؤال بن عادياء في الحماسة: قبيح بمن ضاقت عن الرزق أرضه ... وطول الفلا رحب لديه وعرضه ولم يبدل سربال الدجى فيه كضه ... إذا المرء لمك يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل إذا المرء لم يحجب عن العين نومها ... ويغلي من النفس النفسية سومها أضيع ولم تأمن معاليه لومها ... وإن هو لم يجمل على النفس ضيمها فليس إلى حسن الثناء سبيل وعصبة غدر أرغمتها جدودنا ... وباتت ومنها ضدنا وحسودنا إذا عجزت عن فعل كيد يكيدينا ... تعيرنا أنا قليل عديدنا فقلت لها إن الكرام قليل رفعنا على هام السماك محلنا ... فلا ملك إلا تفيأ ظلنا فقد خاف جيش الأكثرين أقلنا ... وما قل من كانت بقاياه مثلنا شباب تسامى للعلى وكهول يوازي الجبال الراسيات وقارنا ... وتبنى على هام المجرة دارنا ويأمن من صرف الحوادث جارنا ... وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليل ولما حللنا الشام تمت أموره ... لنا وحبانا ملكه وأميره وبالنيرب الأعلى الذي عزطوره ... لنا جبل يحتله من نجيره منيع يرد الطرف وهو كليل يريك الثريا من خلايا شعابه ... وتحدق شهب الأرض حول هضابه ويعثر خطو السحب دون ارتكابه ... رسا أصله تحت الثرى وسما به إلى النجم فرع لا ينال طويل وقصر على الشقراء قدفاض نهره ... وفاق على فخر الكواكب فخره وقد شاع ما بين البرية شكره ... هو الأبلق الفرد الذي شاع ذكره يعز على من رامه ويطول إذا ما غضبنا في رضى المجد غضبة ... لندرك ثأراً أو لنبلغ رتبة نزيد غداة الكر في الموت رغبة ... وإنا لقوم لا نرى القتل سبة إذا ما رأته عامر وسلول أبادت ملاقاة الحروب رجالنا ... وعاش الأعادي حين ملوا قتالنا لانا إذا رام العداة نزالنا ... يقرب حب الموت آجالنا لنا وتكرهه آجالهمخ فتطول فمنا معيد الليث في فيض كفه ... ومورده في أسره كاس حتفه ومنا مبيد الألف في يوم زحفه ... وما مات منا سيد حتف أنفه ولا طل يوماً حيث كان قتيل إذا خاف ضيماً جارنا وجليساً ... فمن دونه أموالنا ورؤوسنا وإن أججت نار الوقائع شوسنا ... تسيل على حد الظبات نفوسنا وليست على غير الظبات تسيل جنى نفعنا الأعداء طوراً وضرنا ... فما كان أحلانا لهم وأمرنا ومذ خطبوا يوماًُ صفانا وبرنا ... صفونا فإنكدر واخلص سرنا اناث اطابت حملنا وفحول لقد وفرت العلياء في المجد قسطنا ... وما خالفت في منشأ الأصل شرطنا فمذ حاولت في ساحة العز هبطنا ... علونا إلى خير الظهور وحطنا لوقت إلى خير البطون نزول ... تقر لنا الأعداء عند انتسابنا وتخشى خطوب الدهر فصل خطابنا لقد بلغت أيدي العلى في انتخابنا ... فنحن كماء المزن مافي نصابنا كهام ولا فينا يعد بخيل نغيث بني الدنيا ونحمل هولهم ... كما يومنا في العز يعدل حولهم

نطول اناساًَ تحسد السحب طولهم ... وننكر أن شئنا على الناس قولهم ولا ينكرن القول حين نقول لا شياخنا سعي به الملك أيدوا ... ومن سعينا بيت العلاء مشيد فلازال منا في الدسوت مؤيد ... إذا سيد منا خلا قام سيد قوؤل بما قال الكرام فعول سبقنا إلى شأو العلى كل سابق ... وعم عطانا كل راج ووامق فكم قد خبت في المحل نار منافق ... وما أخمدت نار لنا دون طارق ولاذمنا في النازلين نزيل علونا فكان النجم دون علونا ... وسام العداة الخسف فرط سمونا فمإذا يسر الضد في يوم سوئنا ... وأيامنا مشهورة في عدونا لها غرر معلومة وحجول لنا يوم حرب الخارجي وتغلب ... وقائع فلت للظبى كل مضرب فاحسابنا من بعد فهر ويعرب ... وأسيافنا في كل شرق ومغرب بها من قراع الدارعين فلول ابدنا الاعادي حين ساء فعالها=فعاد عليها كيدها ونكالها ببيض جلاليل العجاج صقالها ... معودة أن لا تسل نصالها فتغمد حتى يستباح قتيل هم هونوا في قدر من لم يهنهم ... وخانوا غداة السلم من لم يخنهم فان شئت خير الحال منا ومنهم ... سلي أن جهلت الناس عنا وعنهم فليس سواء عالم وجهول لئن ثلم الأعداء عرضي بسومهم ... فكم حلموا بي في الكرى عند نومهم وان أصبحوا قطباً لابناء قومهم ... فان بني الديان قطب لقومهم تدور رحاهم حولهم وتجول وقال وكتب بها اى صديق تاخر عنه في واقعة، وكان قد انجده في عدة وقائع، وهي من أحسن أنواع التضمين التي اخترعها وأصعبها، وذلك انه عمد إلى عشرين بيتاً ن قصيدة الطغرائي على الترتيب فخرج صدورها باعجاز عشرين بيتاً من قصيدة المتنبي التي عاتب سيف الدولة، وناسب بينهما مناسبة عجيبة يوافق غرضه ولم يغرم فيها من نظمه إلا المطلع وأول بيت الختام وهي: قل للخلي الذي قد نام عن سهري=ومن بجسمي وحالي عنده سقم تنام عني وعين النجم ساهرة ... واحر قلباه ممن قلبه شبم فقالحب حيث العدى والاسد رابضفليت أنا بقدر الحب نقتسم فهل تعين على غمي هممت به ... في طيه أسف في طيه نعم حب السلامة يثني عزم صاحبه ... إذا استوت عنده الانوار والظلم فان جنحت إليه فاتخذ نفقا ... ليحدثن لمن ودعتهم ندم رضى الذليل بخفض العيش يخفضه ... وقد نظرت إليه والسيوف دم أن العلى حدثتني وهي صادقة ... أن المعارف في أهل النهى ذمم أهبت بالحظ لو ناديت مستمعا ... واسمعت كلماتي من به صمم لعله أن بدا فضلي ونقصهم ... أدركتها بجواد ظهره حرم أعلل النفس بالآمال أطلبها ... لو أن أمركم من أمرنا أمم غالى بنفسي عرفاني بقيمتها ... حتى ضربت وموج الموت يلتطم ما كنت أو ثران يمتد بي زمن ... شهب البزاة سواء فيه والرخم أعدى عدوك أدنى من وثقت به ... فلا تظنن أن اللييث مبتسم وحسن ظنك بالايام معجزة ... أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم أن كان ينجح شيء في ثباتهم ... فما لجرح إذا أرضاكم ألم يا وراداً سؤر عيش صفوه كده ... وشرما يكسب الإنسان ما يصم فيم اعتراضك ج البحر تركبه ... والله يكره ما تأتون والكرم ويا خبيراً على الاسرار مطلعا ... فيك الخصام وانت الخصم والحكم قد رشحوك لامر لو فطنت له ... تصافحت فيه بيض الهند واللمم فافطن لتضمين لفظ فيك أحسبه ... قد ضمن الدر إلا انه كلم وقال يمدح نجم الدين غازي بن أرتق ماردين سنة 702 ويهنئه بعيد النحر: لا يمتطي المجد من لا يكب الخطرا ... ولا ينال العلى من قدم الحذرا ومن أراد العلى عفواً بلا تعب ... قضى ولم يقض مما رامه وطرا لابد للشهد من نحل يمنعه ... لا يجتني النفع من لا يحمل الضررا لا يبلغ السؤال إلا بعد مؤلمة ... ولا تتم المنى إلا لمن صبرا وأحزم اناس من لو مات من ظمأ ... لا يقرب الورد حتى يعرف الصدرا وأغزر الناس عقلاً من إذا نظرت ... عيناه أمراً غدا بالغير معتبرا

فقد يقال عثار الرجل أن عثرت ... ولا يقال عثار الرأي أن عثرا من دبر العيش بالآراء دام له ... صفواً وجاء إليه الخطب معتذرا يهون بالرأي ما يجري القضاء به ... من اخطأ الرأي لا يستعتب القدرا من فاته العز بالاقلام أدركه ... بالبيض تقدح من أعطافها الشررا بكل ابيض قد أجرى الفرند به ... ماء الردى فلو استقطرته قطرا خاض العجاجة عرياناً فما انقشعت ... حتى اتى بدم الابطال متزرا لا يحسن الحلم إلا في مواطنه ... ولا يليق الندى إلا لمن شكرا ولا ينال العلى إلا فتىً شرفت ... خلاله فاطاع الدهر ما أمرا كالصالح الملك الموهوب سطوته ... فلو توعد قلب الليث لانفطرا لما رأى الشر قد أبدى نواجذه ... والغدر عن نابه للحرب قد كشرا رأى اقسي اناثا في حقيقتها ... فعافها واستشار الصارم الذكرا فجرد العزم من قبل الصفاح لها ... ملك عن البيض يستغني بما شهرا يكاد يقرأمن عنوان همته ... ما في صفائف ظهر الغيب قد سطرا كالبحر والدهر في يومي ندى وردى ... والليث والغيث في يومي وغى وقرى ما جاد للناس إلا قبل ما سألوا ... ولا عفا قط إلا بعد ما قدرا لاموه في بذله الأموال قلت لهم ... هل تقدر السحب ألا ترسل المطرا إذا غدا الغصن غضا في منابته ... من شاء فليجن من أفنانه الثمرا من آل ارتق المشهور ذكرهم ... إذا كان كالمسك أن أخفيته ظهرا الحاملين من الخطي أطوله ... والناقلين من الأسياف ما قصرا لم يرحلوا عن حمى أرض إذا نزلوا ... إلا وأبقوا بها من جودهم أثرا تبقى صنائعهم في الأرض بعدهم ... والغيث أن سار أبقى بعده الزهرا لله در سما الشهباء من فلك ... فكلما غاب نجم أطلعت قمراً يا أيها الملك الباني لدولته ... ذكرا طوى ذكر أهل الأرض وانتشرا كانت عداك لها دست فقد صدعت ... حصاة جدك ذاك الدست فانكسرا أوقع إذا غدروا سوط العذاب بهم ... يظل يخشاك من آذى ومن غدرا وأرعب قلوب العدى تنصر بخذلهم ... أن النبي بفضل الرعب قد نصرا وولا تكدر بهم نفساً مطهرة ... فالبحر من يومه لا يعرف الكدرا ظنوا تأنيك عن عجز وما علموا ... أن التأني فيهم يعقب الظفرا أحسنتم فبغوا جهلاً وما اعترفوا ... لكم ومن كفر النعما فقد كفرا واسعد بعيدك ذا الاضحى وضح به ... وصل وصل لرب العرش مؤتمرا وانحر عداك فبالانعام ما صلحوا ... أن كان غيرك للأنعام قد نحرا وقال يمدح النبي صلى الله عليه وسلم: كفى البدر حسناً أن يقال نظيرها ... فيزهى ولكنا بذاك نضيرها وحسب غصون البان أن قوامها ... يقاس به ميادها ونضيرها اسير حجول مطلقات لحاظها ... قضى حسنها أن لا يفك أسيرها تهيم بها العشاق خلف حجابها ... فكيف إذا ما آن منها سفورها وليس عجيباً أن غررت بنظرة ... إليها فمن شأن البدور غرورها وكم نظرة قادت إلى القلب حسرة ... يقطع أنفاس الحياة زفيرها فواعجبا كم نسلب الاسد في الوغى ... وتسابنا من أعين الحور حورها فتور الظبى عند القراع يشينها ... وما يرهف الاجفان إلا فتورها وجذوة حسن في الخدود لهيبها ... يشب ولكن في القلوب سعيرها إذا انستها مقلتي خر صاعقاً ... جناني وقال القلب لادك طورها وسرب ظباء مشرقات شموسه ... على حلة عد النجوم بدورها تمانع عما في الكناس أسودها ... وتحرس ما تحوي القصور صقورها تغار من الطيف الملم حماتها ... ويغضب من مر النسيم غيورها إذا ما رأى في النوم طيفاً يزورها ... توهمه في اليوم ضيفا يزورها نظرنا فاعدتنا السقام عيونها ... ولذنا فأولتنا النحول خصورها وزرنا فأسد الحي تذكي لحاظها ... ويسمع في غاب الرماح زئيرها فيا ساعد الله المحب لأنه ... يرى غمرات الموت ثم يزورها ولما ألمت المزيارة خلة ... وسجف الدياجي مبلات ستورها

سعت بيننا الواشون حتى حجولها ... ونمت بنا الاعداء حتى عبيرها وهمت بنا لولا غدائر شعرها ... خطى الصبح لكن قيدته ضفورها ليالي يعيديني زماني على المدى ... وان ملئت حقداً على صدورها ويسعدني شرخ الشبيبة والغنى ... إذا شأنها اقتارها وقتيرها ومذقلب الدهر المجن أصابني ... صبوراً على حال قليل صبورها فلو تحمل الأيام ما أنا حامل ... لما كاد يمحو صبغة الليل نورها سأصبر إما أن تدور صروفها ... علي وإما تستقيم أمورها فإن تكن الخنساء إني صخرها ... وإن تكن الزباء اني قصيرها وقد أرتدي ثوب الظلام بجسرة ... عليها من الشوس الحماة جسورها كأني باحشاء السباسب خاطر ... فما وجدت إلا وشخصي ضميرها وصادية الأحشاء غضي بآلها ... يعز على الشعرى العبور عبورها ينوح بها الخريت ندباً لنفسه ... إذا اختلفت حصباؤها وصخورها إذا وطئتها الشمس سأل لعابها ... وان سلكتها الريح طال هديرها وإن قامت الحربا توسد شعرها ... أصيلاً إذاب الطرف منها هجيرها تجنب عنها للحذار جنوبها ... وتدبر عنها في الهبوب دبورها خبرت مرامي أرضها فقتلتها ... وما يقتل الأرضين إلا خبيرها بخطوة مر قال أمون عثارها ... كثير على وفق الصواب عثورها ألذ من الأنغام رجع بغامها ... وأطيب من سجع الهديل هديرها نساهم شطر العيش عيشاً سواهما ... لفرط السرى لم يبق إلا شطورها حروف كنونات الصحائف أصبحت ... تخط على طرس الفيافي سطورها إذا نظمت نظم القلائد في البرى ... تقلدها خصر الربى ونحورها طواها طواها فاغتدت وبطونها ... تجول عليها كالوشاح ضفورها يعبر عن فرط الحنين أنينها ... ويعرب عما في الضمير ضمورها نسير بها نحو الحجاز وقصدها ... ملاعب شعبي بابها وقصورها فلما ترامت عن زود ورماها ... ولاحت لها أعلام نجد وقورها وصدت يميناً عن شميط وجاوزت ... ربى قطن والشهب قد شف نورها وعاج بها عن رمل عاج دليلها ... فقامت لعرفان المراد صدورها غدت تتقاضاها المسير لأنها ... إلى نحو خير المرسلين مسيرها ترض الحصى شوقاً لمن سبح الحصى ... لديه وحيا بالسلام بعيرها إلى خير مبعوث إلى خير أمة ... إلى خير معبود دعاها بشيرها ومن أنقذت مع وضعه نار فارس ... وزلزال منها عرشها وسريرها ومن نطقت توراة موسى بفضله ... وجاء به انجيلها وزبورها ومن بشر الله العباد بأنه ... مبشرها عن إذنه ونذيرها محمد خير المرسلين بأسرها ... وأولها في الفضل وهو أخيرها أيا آية الله التي قد تبلجت ... على خلقه أخفى الضلال ظهورها عليك سلام الله يا خير مرسل ... إلى أمة لولاه دام غرورها عليك سلام الله يا خير شافع ... إذا النار ضم الكافرين حصيرها عليك سلام الله يا من تشرفت ... به الأنس طراً واستتم سرورها عليك سلام الله يا من تعبدت ... له الجن وانقادت إليه امورها إلى أن قال في مدح أهل البيت رضي الله عنهم: جبال إذا ما الهضب دكت جبالها ... بحار إذا ما الأرض غارت بحورها شموس لكم في الغرب ردت شموسها ... بدور لكم في الشرق شقت بدورها إذا جولست للبذل ذل نظارها ... وإن سوجلت في الفضل عز نظيرها وقال في الصحب رضي الله عنهم: وصحبك خير الصحب والغرر التي ... بها أمنت من كل أرض ثغورها كماة حماة في القراع وفي القرى ... إذا شط قاريها وطاش وقورها إلى أن قال: إذا ما القوافي لم تحط بصفاتكم=فسيان منها جمها ويسيرها وهي طويلة اقتصرت منها على هذا القدر. وقال يمدح الملك الناصر لدين الله محمد بن قلاوون وقد اقترح عليه أرباب الدولة معارضته قصيدة المتنبي: (بابي الشموس الجانحات غواربا) . أسبلن من فوق النهود ذوائباً ... فتركن حبات القلوب ذوائباً وجلون من صبح الوجوه أشعة ... غادرن فود الليل منها شائباً

بيض دعاهن الغبي كواعبا ... ولو استبان الرشد قال كواكبا وربائب فإذا رأيت نفارها ... من بسط انسك خلتهن رباربا سفهن رأي المانوية عندما ... اسبلن من ظلم الشعور غيابها وسفرن لي فرأين شخصاً حاضراً ... شدهت بصيرته وقلباً غائباً أشرقن في حلل كان وميضها ... شفق تدرعه الشموس جلاببا وغربن في كلل فقلت لصاحبي ... بأبي الضشموس الجانحات غواربا ومعربد الحظات يثني عطفه ... فيخال من مرح الشبيبة شاربا حلو التعتب والدلال يروعه ... عتبي ولست أراه إلا عاتبا عاتبته فتضرجت وجناته ... وازور ألحاظا وقطب حاجبا فإذا بني الخد الكليم وطرفه ... ذو النون إذا ذهب الغداة مغاضبا ذو منظر تغدو القلوب لحسنه ... نهباً وان منح العيون مواهبا لا بدع أن وهب النواظر حظوة ... من نوره ودعاه قلبي ناهبا فمواهب السلطان قد كست الورى ... نعماً وتدعوه القساور سالبا الناصر الملك الذي خضعت له ... صيد الملوك مشارقاً ومغاربا ملك يرى تعب المكارم راحة ... ويعد راحات الفراغ متاعبا بمكارم تذر السباسب أبحراً ... وعزائم تذر ابحار سباسبا لم تخل ارض من ثناه وان خلت ... من ذكره ملئت قنا وقواضبا ترجى مواهبه ويرهب بطشه ... مثل الزمان مسالماً ومحاربا فإذا سطا ملأ القلوب مهابةً ... وإذا سخا ملأ العيون مواهبا كالغيث يبعث من عطاه وابلاسبطاً ويرسل من سطاه حاصبا كالليث يحمي غابه بزئيره ... طوراً وينشب في القنيص مخالبا كالسيف يبدي للنواظر منظراً ... طلقاص ويمضي في الهياج مضاربا كالسيل تحمد منه عذباً واصلا ... ويعده قوم عذاباً واصباً كالبحر يهدي للنفوس نفائساً ... منه ويبدي للعيون عجائبا فإذا نظرت ندى يديه ورأيه ... لم تلف إلا صيبا أو صائبا ابقى قلاوون الفخار لولده ... ارثاً ففازوا بالثناء مكاسبا قوم إذا سئموا الصوافن صيروا ... للمجد أخطار الامور مراكبا عشقوا الحروب تيمناً بلقى العدى ... فكأنهم حسبوا العداة حبائبا وكأنما ظنوا السيوف سوالفاً ... واللدن قداً والقسي حواجبا يا أيها الملك العزيز ومن له ... شرف يجر على النجوم ذوائبا أصلحت بين المسلمين بهمة ... تذر الاجانب بالوداد أقاربا ووهبتهم زمن الامان فمن رأى ... ملكا يكون له الزمان مواهبا فرأوا خطاباً كان خطباً فادحاً ... لهم وكتباً كن قبل كتائبا وحرست ملكك من رجيم مارد ... بعزائم أن صلت كن قواضبا حتى إذا خطف المكافح خطفة ... أتعبته منها شهابا ثاقبا لا ينفع التجريب خصمك بعدما ... أفنيت من أفنى الزمان تجاربا صرمت شمل المارقين بصارم ... تبديه مسلوباً فيجع سالبا صافي الفند حكى صباحاً جامداً ... أبدى النجيع به والعجاج سحائبا وكتيبة تذر الصهيل رواعدا ... والبيض برقاً والعجاج سحائبا حتى إذا ريح الجلاد حدت لها ... مطرت فكان الوبل نبلا صائبا بذوائب ملد يخلن أراقماً ... وشوائل جرد يخلن عقاربا تطأ الصدور من الصدور كأنما ... تعتاض من وطء التراب ترائبا فاقمت تقسم للوحوش وظائفا ... فيها وتصنع للنسور مآدبا وجعلت هامات الكماة منابراً ... وأقمت حد السيف فيها خاطبا يا راكب الطر الجليل وقوله ... فخراً بمجدك لا عدمت الراكبا صيرت أسحار السماح بواكراً ... وجعلت أيام الكفاح غياهبا وبذلت للمداح صفو خلائق ... لو إنها للبحر طاب مشاربا فرأوك في جنب النضار مفرطاً ... وعلى صلاتك والصلاة مواظبا أن يحرس الناس النضار بحاجب ... كان السماح لعين مالك حاجبا لم يملؤوا فيك البيوت غرائبا ... إلا وقد ملأوا البيوت رغائبا أوليتني قبل المديح عناية ... وملأت عيني هيبة ومواهبا ورفعت قدري في الانام وقد رأوا ... مثلي لمثلك خاطباً ومخاطباً

في مجلس سوى الخلائق في الندى ... وترتيب فيه الملوك مراتبا وافيته في الفلك أسعى جالساً ... فخراً على من جاء يمشي راكبا فأقمت انفذ في الزمان أوامراً ... مني وأنشب في الخطوب مخالبا وسقتني الدنيا غداة أتيته ... رياً وما مطرت علي مصائبا فطفقت أملأ من ثناك ونشره ... حقباً واملأ من نداك حقائبا اثني فتثنيني صفاتك مظهرا ... عياً وكم أعيت صفاتك خاطبا لو أن أغصانا جميعاً السن ... تثني عليك لما قضين الواجبا وقال يمدح السلطان المنصور غازي بن أرتق، ويصف فيها ديواناً نظمه فيه على حروف المعجم وهي تسعة وعشرين قصيدة تسمى المحبوكات: أن لم أزر ربعكم سعياً علبى الحدق ... فان ودي منسوب إلى الملق تبت يدي أن ثنتني عن زيارتكم ... بيض الصفاح ولو سدت بها طرقي يا جيرة الحي هلا عاد وصلكم ... لمدنف من خمار الوجد لم يفق لا تنكروا فرقي من بعد بعدكم ... أن الفراق لمشتق من الفرق لله ليلتنا بالقصر كم قصرت ... فظلت مصطحباً في زي مغتبق وبات بدر الدجى فيها يسامرني ... منادماً فيزين الخلق بالخلق فكم خرقنا حجاباً للعتاب بها ... وللعفاف حجاب غير منخرق والصبح قد اخلقت ثوب الدجى يده ... وليته جاد للعشاق بالخلق ابلى الظلام ومإذا لو يجود به ... على جفون لطيب الغمض لم تذق ما أحسن الصبح لولا قبح سرعته ... وأعذب الليل لولا كثرة الأرق هب النسيم عراقياً فشوقني ... وطالمل هب نجدياً فلم يشق فما تنفست والأرواح سارية ... إلا اشتكت نسمات الريح في حرقي ذر أيها الصب تذكار الديار إذا ... متعت فيها بعيش غير متسق فكم ضممت وشاحا بالظلام بها ... ما زاد قلبك إلا كثرة القلق فخل تذكار زوراء العراق إذا ... جاءت نسيم الصبا بالمندل العبق فهذه شهب الشهباء ساطعة ... وهذه نسمة الفردوس فانتشق فتلك أفلاك سعد لا يلوذ بها ... من مارد لخفي السمع مسترق سماء وجه بدا فيها فزينها ... بدر تخر لديه أنجم الافق ملك غدا الجود يجري من أنامله ... فلو تكلف ترك الجود لم يطق أعاد ليل الورى صبحاً وكم ركضت ... جياده فأرتنا الصبح كالغسق مشتت العزم والأموال ما تركت ... يداه للمال شملا غير مفترق إذا رأى ماله قالت خزائنه ... افديك من ولد بالثكل ملتحق لولا ابو الفتح نجم الدين ما فتحت ... أبواب فضل عليها اللؤم كالغلق ملك به اكتسب الأيام ثوب بهاً ... مثل اكتساء غصون البان بالورق تهوى الحروب مواضيه فان ذكرت ... جنت فلم تر منها غير مندلق حتى إذا جردت في الروع أغمدها ... في كل سابغة مسرودة الحلق يأيها الملك المنصور طائره ... ومن أياديه كالاطواق في عنقي أحييت بالجود آثار الكرام وقد ... كان الندى بعدهم في آخر الرمق لو أشبهتك بحار الأرض في كرم ... لأصبح الدر مطرحاً على الطرق لو أشبه الغيث جوداً منك منهمراً ... لم ينج في الأرض مخلوق من الغرق كم قد أبدت من الاعداء من فئة ... تحت العجاج وكم فرقت من فرق رويت يوم لقاهم كل ذي ظماء ... في الحروب حتى جلال الخيل بالعرق ويوم وقعة عباد الصليب وقد ... أركبتهم طبقاً في البيد عن طبق مزقت بالموصل الحدباء شملهم ... في مأزق بوميض البيض ممتزق بكل أبيض دامي الخد تحسبه ... صبحاً عليه دم الابطال كالشفق آلى على غمده أن لا يراجعه ... إلا إذا عاد محمراً من العلق فاسبشرت فئة الإسلام إذا لمعت ... لهم بوارق ذاك العرض الغدق وأصبح العدل مرفوعاً على نشز ... لما وليت وبات الجور في نفق كم قد قطعت إليك البيد ممتطياً ... عزماً إذا ضاق رحب الأرض لم يضق يدلني في الدجى مهري ويؤنسني ... حد الحسام إذا ما بات معتنقي والليل أطول من عذل العذول على ... سمعي وأظلم من مرآه في حدقي أهدي قلائد أشعار فرائدها ... در نهضت به من أبحر عمق

يضمها ورق لولا محاسنه ... ما لقبوا افضة البيضاء بالورق نظمتها فيك ديواناً ازف يه ... مدائحاً في سوى علياك لم ترق ولو قصدت به تجديد وصفكم ... لكان ذلك منسوباً إلى الحمق تسع وعشرون إذا عدت قصائدها ... ومثلها عدد الابيات في النسق لم أقتنع بالقوافي في أواخرها ... حتى لزمت أو إليها فلم تعق ما أدركت فصحاء العرب غايتها ... قبلي ولا أخذوا من مثلها شبقي جرت لتركض في ميدان حومتها ... قوم فأوقفتهم في أول الطرق فليحسن اعذر عن ايرادهن إذا ... رأيت جري لساني غير منطلق فلو رأت بأسك الآساد لاضطربت ... به فرائصها من شدة مرتتق لقد رفعتم باسداء الجميل لكم ... ذكراً إذا قبض الله الانام بقي لا زال يهمي على الوفاد نائلكم ... بوابل ن سحاب الجود مندفق وقد سمى هذه القصائد: درر النحور في مدائح المنصور وهذه الأولى منها: ابت الوصال مخافة الرقباء ... واتتك تحت مدارع الظلماء أصفتك من بعد الصدود مودة ... وكذا الدواء يكون بعد الداء أحيت بزورتها النفوس وطالما ... ضنت بها فقضت على الاحياء أتت بليل والنجوم كأنها ... درر بباطن خيمة زرقاء أمست تعاطيني المدام وبيننا ... عتب غنيت به عن الصهباء أبكي وأشكو ما لقيت فتلتهي ... عن در الفاظي بدر بكائي آبت إلى جسدي لتنظر ما انتهت ... من بعدها فيه يد البرحاء ألفت به وقع الصفاح فراعها ... جزعاً وما نظرت جراح حشائي أمصيبة منا بنبل لحاظها ... ما أخطأته أسنة الأعداء؟ اعجبت مما قد رأيت وفي الحشا ... أضعاف ما عانيت في الأعضاء؟ أمسي ولست بسالم من طعنة ... نجلاء أو من مقلة كحلاء أن الصوارم واللحاظ تعاهدا ... أن لا أزال مزملا بدمائي أجنت علي بما رأيت معاشر ... نظروا الي بمقلة عمياء أكسبتهم مالي فمذ طلبوا دمي ... لم أشكهم إلا إلى البيداء أبعدت عن أرض العراق ركائبي ... متنقلاً كتنقل الأفياء أرجو بقطع البيد قطع مطامعي ... وأروم بالمنصور نصر لوائي أدركته فجعلت ألثم فرحةً بوصوله أخفاف نوق رجائي أضحى يهنيني الزمان بقصده ... ويشير كف العز بالايماء أومت الي مشيرة أن لا تخف ... وابشر فإنك في ذرى العلياء أبماردين تخاف خطفه مارد ... وشهابها في القلعة الشهباء؟ ألهيت عن قومي بملك عنده ... تنسى البنون فضائل الآباء إني تركت الناس حين وجدته ... ترك اليتيم في وجود الماء المرتقي فلك الفخار إذا اغتدى ... وإذا بدا فالناس كالحرباء أفنى جيوش عداته بخوافق ... الرايات بل بسواكن الآراء أسيافه نقم على أعدائه ... وأكفه نعم على الفقراء أن حل حل النهب في أركأنه ... أو سار سار الخلف في الأعداء أمجندل الأبطال بل يا منتهى ... الآمال بل يا كعبة الشعراء أقبلت نحوك في سواد مطالبي ... حتى أتتني باليد البيضاء أرقى إلى عرش الرجا رب الندى ... فكأن يومي ليلة الاسراء وقال في قافية الباء: بدت لنا الروح في تاج من الحبب ... فمزقت حلة الظلماء بالللهب بكر إذا زوجت بالماء أولدها ... أطفال در على مهد من الذهب بقية من بقايا قوم نوح إذا ... لاحت جلت ظلمة الأحزان والكرب بعيدة العهد بالمعصار لو نطقت ... لحدثنا بما في سالف الحقب باكرتهم برفاق قد زهت بهم ... قبل السلاف سلاف العلم والادب بكل متشج بالفضل متزر ... كأن في لفظه ضرباً من الضرب بروضة ظل فيها الطل أدمعه ... والدهر مبتسم عن ثغره الشنب بكت عليه أساليب الحيا فغداجذلان يرفل في أثوابه القشب بسط من الأرض قد حاكت مطارفها ... يد الربيع وجادتها يد السحب باتت تجود علينا بالمياه كما ... جادت يد المك المنصور بالذهب بحر تدفق بحر الجود من يده ... فأصبح املك يزهو زهو معتجب باد ببذل الندى قبل السؤال ومن ... في دولة الترك أحيا ذمة العرب

بدر أضاءت ثغور الملك فابتسمت ... به فكان لثغر المك كالشنب بنى المعالي وأفنى المال نائله ... فالملك في عرس والمال في حرب ببأسه تذلل صعب الحادثات له ... فأصبح الدهر يشكو شدة التعب به تناسيت ما لاقيت من نصب ... فاليوم قد عاد كالعنقاء في الهرب بكم تبلج وجه الحق أبياتاص مشيدة ... ولم يمد لها لولاك من طنب بسطت في الأرض عدلاً لوله اتبعت ... نوائب الدهر لم تغدر ولم تنب بلغت سيفك في هام العدو كما ... أنشبت سيف العطافي قمة النشب باشر غرائب أشعاري فقد برزت ... إليك ابكار افكاري من الحجب بدائع من قريض لو أتيت بها ... في غيركم كان منسوباً إلى الكذب بقيت ما دام الأفلاك في نعم ... محروسة من صروف الدهر والنوب وكل هذه القصائد على هذا النمط التزم فيها الحرف في أول البيت وفي آخره إلى أن أكمل حروف المعجم فمن اراد الوقوف عليها فليراجع ديوانه: وقال يمدح الملك الناصر الصالح شمس الدين ابا المكارم صالح حين وي الملك بعد وفاة اخيه الملك العادل سنة 710 وأرسلها إليه من بغداد ما هبت الريح إلا هزني اطرب ... إذا كان للقلب في مر الصبا أرب لذاك أن هيمنت في الدوح أنشده ... بيني وبينك يا دوح الحمى نسب يا جيزة الشعب لولا فرط بعدكم ... لما غدا القلب بالأحزان ينتعب فهل يجود بكم عدل الزمان لنا ... يوماً وترفع فيما بيننا الحجب يا سادة ما ألفنا بعدكم سكناولا اتخذنا بديلا حين نغترب بود كم صار موصولا بكم نسبي ... لا يوجد الحكم حتى يوجد السبب فكيف أنساكم بعد المشيب وقد ... صاحبتكم وجلابيب الصبا قشب أم كيف أصبر مغتراً بأمنية ... والدار تبعد والآجال تقترب وقد زرتكم وعيون الخطب تلحظني ... شزراً وتعثر في آثاري النوب وكم قصدت بلاداً كي أمر بكم ... وانتم القصد لا مصر ولا حلب وكم قطعت إليكم ظهر مقفرة ... لا تسحب الذيل في أرجائها السحب ومهمه كماء الدجن معتكر ... نواظر الأسد في ظلمائه شهب حتى وصلت إلى نفس مؤيدة ... منها اللهى والنهى والمجد يكتسب بمجلس لو رآه الليث قال به ... يا نفس في مثل هذا يلزم الأدب منازل لو قصدناها بأرؤسنا ... لكان ذاك علينا بعض ما يجب ارض ندى الصالح السلطان وابلها ... ورأيه لرحا أحوالها قطب ملك به افتخرت أيامه شرفاً ... واستبشرت بمعالي مجده الرتب وقالت الشمس حسبي أن فخرت به ... وجهي له شبه واسمي له لقب لا يعرف العفو إلا بعد مقدرة ... ولا يرى العذر إلا بعدما يهب سماحة عنونت بالبشر غايتها ... كما تعنون في غاياتها الكتب وهمة حار فكر الواصفين لها ... حتى تشابه منها الصدق والكذب قالوا هو البدر قلت البدر ممتحق ... قالوا هو الشمس قلت الشمس تحتجب قالوا هو الغيث قلت الغيث منتظر ... قالوا هو الليث قلت الليث مغتصب قالوا هو السيل قلت السيل منقطع ... قالوا هو البحر قلت البحر مضطرب قالوا هو الظل قلت الظل منتقل ... قالوا هو الدهر قلت الدهر منقلب قالوا هو الطود قلت الطود ذو خرس ... قالوا هو الموت قلت الموت يجتنب قالوا هو السيف قلت السيف نندبه ... وذاك من نفسه بالجود ينتدب قالوا منهم بحكيه قلت لهم ... كل حكاه ولكن فاته الشنب يا ابن الذين غدت ايامهم عبراً ... بين الأنام بها الأمثال قد ضربوا كالاسد أن غضبوا والموت أن طلبوا ... والسيف أن ندبوا والسيل أن وهبوا أن حكموا عدلوا أو املوا بذلوا ... أو حوربوا قتلوا أو غولبوا غلبوا سويت مسراهم في كل منقبة ... لم يسرها بعدهم عجم ولا عرب وفقتهم بخلال قد خصصت بها ... لولا الخصوص تساوى العود والحطب حملت أثقال ملك لا يقام بها ... لو حملتها الليالي مسها التعب وحطت بالعدل اهل الأرض كلهم ... كأنما الناس أبناء وانت اب لكل شيء إذا عللته سبب ... وانت للرزق فيما بيننا سبب

مولاي دعوة عبد داره نزحت ... عليكم قربه بل قلبه يجب قد شاب شعري وشعري في مديحكم ... ودونت بمعاني نظمي الكتب والناس تحسدكم فيه وتحسده ... فيكم وليس له في غيركم طلب فلا أرتنا الليالي منكم بدلاً ... ولا خلت منكم الاشعار والخطب وقال وكتب بها إلى الشيخ العالم محمود بن يحي النحوي الحلي من ماردين يصف فيها حال مقامه واقبال سلطانه عليه: اخلأي بالفيحاء أن طال بعدكم ... فأنتم إلى قلبي كسحري من نحري وان يخل من تكرار ذكرى حديثكم ... فلم يخل يوماً من مديحكم شعري فوالله لا يشفي نزيف هواكم ... سوى خمرانس كان منكم بها سكري أرى كل ذي داء يداوي بضده ... وليس يداوي ذو الخمار بلا خمر أطالب نفسي بالتصبر عنكم ... وأول ما افقدت بعدكم صبري فان كان عصر الأنس منكم قد انقضى ... فوالعصر اني بعد ذلك في خسر بكيت لفقد الأربع الخضر منكم ... على الرملة الفيحاء بالاربع الحمر فكيف بقي انسان عيني وقد مضى ... على ذلك الإنسان حين من الدهر سقى روضة السعدي من ارض بابل ... سحائب ضحوك البرق متحب القطر وحيا الحيا مغنى قضيت بربعه ... فروض الصبا ما بين رملة والجسر ورب نسيم مر لي من دياركم ... ففاح لنا من طيب النشر وأذكرني عهداً وما كنت ناسياً ... ولكنه تجديد ذكر على ذكر فيا ايها الشيخ الذي عقد حبه ... تنزل مني منزل الروح في صدري تجاذبني الأشواق نحو دياركم ... وأحذر من كيد العدو الذي يدري مخافة مذاق اللسان يسر لي ... ضروب الردى بين البشاشة والشر وينثر لي حب الوفاء تملقاً ... وينصب لي من تحته شرك الغدر وما أنا من يلقى إلى الحتف نفسه ... ويجهد في استخلاصها منه بالقسر إذا ذكر المرء شيخ حياته ... فان طريف المال كالواو في عمرو ولكن لي في ماردين معاشراً ... شددت بهم لما حللت بها أزري ملوك إذا القى الزمان حباله ... جعلتهم في كل نائبة ذخري وما أحدثت أيدي الزما اساءة ... ووافيتهم إلا انتقمت من الدهر إذا جئتهم مستصرخاً حقنوا دمي ... وان جئتهم مستجدياً وفروا وافري عزائم من لم يخش بالبطش من ردىً ... وانعام من لم يخش بالجود من فقر ورووا بماء الجود غرس ابيهم ... فاينع في أغصانه ثمر الشكر وقلدني السلطان منه بأنعم ... اخف بها نهضي وان أثقلت ظهري هو الصالح الملك الذي صلحت به ... أمور الورى واستبدل العسر باليسر يبيت بها كفي على الفتح بعدما ... بنت نوب الأيام قلبي على الكسر وبدلت من دهم الليالي وغيرها ... لديه بأبام محجلة غر حططت رحالي في ربيع ربوعه ... ولولاه لم اثن الأعنة عن مصري منازل ما لاقيت فيها ندامة ... سوى انني قضيت في غيرها عمري فلم يك كالفردوس غير سميه ... من الخلد لا خلد الخليفة والقصر وواد حكى الخنساء لا في شجونها ... ولكن له عينان تجري على صخر كأن به الجو دان بالسحب شامت ... فما انتحبت إلا انثنى باسم الثغر تعانقت الأغصان فيه فأسبلت ... على الأرض أستاراً من الورق الخضر إذا ما حبال الشمس منها تخلصت ... إلى الروضة ألقت شراكاً من التبر تدار به من دير شهلان قهوة ... جلتها لنا أيدي القسوس من الخدر إذا ما حسوناهم وسار سرورها ... إلى منهى الأفكار من موضع السر نعد لها نقل افكاهة والحجى ... ونجلو عليها بهجة النظم والنثر ونحن نوفي العيش باللهو حقه ... ونسرق ساعات اسرور من العمر وقد عمنا فصل الربيع بفضله ... فبادرنا بالورد في أول القطر فيا أيها المولى الذي وصف فضله ... يجل عن التعداد والحد والحصر أبثك بالاشعار فرط تشوقي ... ولا أتعاطى حصر وصفك بالشعر وأعجب شيء انني مع تيقظي ... إلى مخلص الالفاظ من شرك الهجر أسوق إلى البحر الخضم جواهري ... وأهدجي إلى ابناء بابل من سحري

شعر

فمن فدتك النفس بالعذر منعماً ... علي وشاور حسن رأيك في الأمر تم الاختيار من شعر الصفي الحلي ويليه الاختيار من شعر الامير محمد بن علي مقرب العيوني. شعر ابن مقرب هو الامير محمد بن علي بن مقرب العيوني رحمه الله قال يشكو جور زمانه ويتظلم من جور بني عمه عليه واخوانه. أفي كل دار لي عدو أصاوله ... وخصم على طول الليالي أزاوله وطاو على البغضاء يصرف نابه ... علي وبالشحناء تغلي مراجله كأن اباه كان قاتله ابي ... وها أنا أن أوفي بي العمر قاتله دعوني وارض الله فهي عريضة ... فلن يفلل العزم الذي أنا حامله سيشهد لي بالسير في كل مهمه ... أواخر ليلي أن أعش وأوائله سئمت مدارة اللئام وغرني ... صديق أصافيه وخل أواصله وضقت ذرعاً بابن عم محبب ... الي وان لم تسق أرضي مخائله فكم ليلة عللت نفسي بذكره ... وسكنت قلبي فأطمأنت بلابله ولما التقينا كان حظي جفاؤه ... وكان لغيري بره ونوافله ولم أستشر قلبي على بت حبله ... من اليأس إلا كاد لبي يزايله حنواً عليه وانتظاراً لعله ... يريع فتعصي في استماعي عواذله واني مع الغبن الذي يرمض الحشا ... لا حمي وأرمى دونه من يناضله وأظهر للأقوام اني بقر به ... مليك يرجى بره وفواضله فإن ذكروه بالندى فقلت ماجد ... وهوب لجل المال حلو شمائله وعنفي في قصده واصطفائه ... رجال وفي النظم الذي أنا قائله وقالوا أليس الماء يعرف طعمه ... بأول سجل يرتوي منه ناهله وانت فقد جربت كل مجرب ... وطاولت مالا كان حي يطاوله وقلت فأحسنت المقال ولم تدع ... لمبتدع الأشعار معنى يحاوله وقمت مقاماً لو يقام لغيره ... لقال ارتياحاً أحسن البر عاجله فدع عنك مولى لا يفيدك قربه ... وذم ابن عم لا يعمك نائله وهل ينفع النجدي غيم لارضه ... صواعقه العظمى وللغور وابله فقلت ذروني انه ابن محمد ... وان ساءني اعراضه وتغافله واني لا وليه حيا من غمامة ... بها يمرع الوادي ويخضر باقله أقول لرهط من سراة بني ابودمع الآقي قد تداعت حوافله الام بني الأعمام نغضي على القذى ... ونكثر ليان العلى ونماطله هل الشر إلى ما ترون وربما ... تداعى فأنسًى آجل الشر عاجله وهل يحمل العزم الثقيل اخو العلىويضعف عن حمل الظلامة كاهله وما بعد سلب المال والعز فاعلموا ... مقام وزاد المرء لا بد آكلله ولا بعد تحكيم العدى في نفوسنا ... واموالنا شيء من اخير نأمله أطاعت بنا اخواننا كل كاشح ... خبيث الطوايا يشبه الحق باطله وجاز لديهم قول من قال اننا ... عدو مع الإمكان تخشى غوائله فأين عقول القوم إذا يقبلونه ... فما يستوي منقوص عقل وكامله أنحن بنينا العز أم كان غيرنا ... بناه وشر الناس من خاب آمله وهل كان عبد الله والد معشر ... سوانا فليستضفي وتمشي وسائله فأقسم ما هذا لخير وإنه ... لأول ما الأمر المقدر فاعله ومن يستمع في قومه قول كاشح ... أصيبت كما شاء الأعادي مقاتله وما كل من يبدي المودة ناصحاً ... كما ليس كل البرق يصدق خائله وقد يظهر المقهور أقصى مودة ... وأوهاقه مبثوثة ومناجله ومن ل يقابل بالجلالة قومه ... أتاه من الأعداء مالا يقابله ومن لم يبح زرق الأسنة لحمه ... أبيح حماه واسترقت حلائله ومن لم يدبر أمره ذ بصيرة ... شفيق بكته عن قريب ثواكله وكم من جواد ضيع الحزم فالتقت ... عليه عداه بالردى ودخائله وما المرء إلا عقله ولسانه ... إذا قال لا أبراده وغلائله فقوموا بعزم واجعلوني مقدماً ... فإني حسام لم ترصع حمائله وسيروا على طير الفلاح فقد أرى ... رسول الجلى أو في وقامت دلائله فإني كفيل بالخراب لبلدة ... يراعى بها من كل حي أراذله ومن ضعف رأي المء إكرام ناهق ... وقد مات هزلاً في الأواخي صاهله

ومن ضيع السيف اتكالاً على العصا ... شكا وقع حد السيف ممن ينازله وليس يزين الرمح إلا سنانه ... كما لا يزين الكف إلا أنامله فإن ترفضوا نصحي فما أنا فيكم ... بأول ميمون عصته قبائله سأمضي على الأيام عزمي وإن ابت ... لأضفر منها بالذي أنا آمله فإن بقربي من رجالي متوجاً ... تواصل أسباب العلى من يواصله منيع الحمى لا يذعر القوم سرحه ... ولا يمنع الأعداء شيئاً يحاوله إليك عماد الدين جواهر ... تناهي فما يؤتى بعقد يشاكله فقد كنت قد عفت القريض زهادة ... بمستامة إذا يرخص الدر جاهله وأكبرت نفسي عن مديحي مذمماً ... بكل قبيح خبرتنا شمائله ولولاك لم أنبس ببيت ولو طمى ... من الشعر بحر يردف الموج ساحله ولكن لي فيكم هوى وقرابة ... تحركني والرحم يحمد واصله وإني لأشنا المدح في غير سيد ... أبوه أبي لو زاحم النجم كاهله فلا زلت كهفاً للعشيرة تلتجي ... إليه إذا ما الدهر عمت زلازله وقال يمدح الأمير فضل: رويدك يا هذا المليك الحلاحل ... فما المجد إلا بعض ما أنت فاعل دع الشعر يشمل الجد حكمة ... وشأنك والدنيا فأنت المقابل فقد جزت مقدار الشجاعة والندى ... وتربك في لعب الصبا متشاغل وأدركت ما فوق الكمال ولم يقل ... لمثلك في ذا السن إنك كاهل أخذت بأعضاد العشيرة بعدما ... هوت وعلت فوق الرؤوس الأسافل وانقذتها من بعدما لعبت بها ... يد الدهر وأستولت عليها الأراذل فأنت لناشيها أخ ولطفلها ... أب راحم وابن لذي الشيب واصل على أنك المولى الذي يقتدى به ... ولكن طبعاً تقتضيه الشمائل أطاعت لك الأيام كرها وسلمت ... إليك مقاليد الأمور القبائل فقد أذعنت للخوف منك وأهطعت ... إلى قول مأمول تلقاه آمل فقل لليالي كيف تجري حروفها ... فما الفضل شيء غيرما أنت فاعل زهت بك آفاق البلاد وأخصبت ... رباها وطابت في ذراك المأكل ونامت عيون ربما عافت الكرى ... بلا رمد فيها وقرت بلابل تركت الغواة العثر فوضى وطالما ... غدت ولها من قبل فينا محافل وأوليها منك الهوان فأصبحت ... وكل غوي خاشع متضائل ولم يبق من حزب الضلال ابن غية ... على الأرض إلا وهو خزيان خامل رفعت عماد الدين من بعدما وهي ... ورث وأضحى ركنه وهو مائل وأحييت روح المجد من بعدما قضى ... ورد عليه الترب حاث وهائل وقمت بأحكام الشريعة فاستوت ... لديك ذوو الأجيال طي ووائل وأوهيت كيد الفاسقين فأصبحوا ... وناصرهم من جملة الناس خاذل وداويت قرحاً كان في كبد العلى ... تبطنه داء من الغل قاتل لعمري لنعم المرء أنت التقيت ... صدور المواضي والخفاف الذوابل ونعم المراعي للنزيل إذا غدى ... أكيلا وأفنى ماه من ينازل ونعم صريخ المستجاش إذا ارتوت ... لدى الروع من هام الكماة الصقائل ونعم المرجى في السنين إذا ستوت ... من الضر أبناء السرا والأرامل ونعم لسان القوم مهما تأخرت ... عن القول سادات الرجال المقاول ونعم مناخ الركب أهدى له السرى ... سنى النار في الظلماء والعام ما حل فياسائلي عن جود فضل ولم يزل ... بغيضاً إلي العالم المتجاهل سل القوم عنه يوم جاءت وأقبلت ... تخب المذاكي تحته وتناقل أغارت على درب الجنائد غارة ... يطير الحصى من وقعها والجادل وطاردت الفتيان فيها وأظهرت ... كناها وكل عارف من يحاول فولت حماة القوم خيلا ولم تزل ... بنو الحرب في يوم اللقاء تحايل فراحت عليها الخيل وانبعثت لها ... جحافل جمع تقتفيها جحافل فحاضت حذار القتل والأسر خيله ... وسمر القنا فيهن صاد وناهل فأوردهم صدر الحصان كأنما ... له الموت جند بالمعادين كافل وعاجل طعناً سيد القوم فاغتدوا ... وقد عاف كل منهم ما يحاول يهاود التوالي وقد غدت ... إذا ثار منها مستهل وجائل

وقد قلقت مني الحشا وتتابعت ... ظواهر أنفاس وأخرى دواخل أيا نفس صبراً للبلايا فربما ... أتى فرج للمرء والمرء غافل فكم ضاق أمر وافي اتساعه ... ولا عاجل إلا ويتلوه آجل وقد يأمن النقص السهى لاحتقاره ... ويخشى الخوف البدر والبدر كامل وما بين موتور لا بين واتر ... لفصل القضا إلا ليال قلائل وليس عجيباً أن يحقر عالم ... لدى ضده أو أن يوقر جاهل فقد ربما للجد يكرم ناهق ... فيخلى له المراعي ويحرم صاهل وقد يلبس الديباج قرد ولعبة ... وتؤتى لأعناق الأسود السلاسل وما الدهر إلا فرحة ثم ترحة ... تناوبها الأيام والكل زائل فقري حياء واطمئني جلادة ... فأي كريم سالمته الغوائل؟ فما أنا بالغل الجزرع إذا عرا ... من الدهر خطب أو تعرض نازل وما كان حلمي للأذى عن ضراعة ... ولكن لأمر كان مني النشافل وإلا فعندي للسرى أرحبية ... وعزم يفل السيف والسيف فاصل وفي على عض الليالي بقية ... وإن قطعت من راحتي الأنامل ولي عن ديار الذل منأى ومرحل ... وذا الناس في الدنيا غريب وىهل ولست غريباً أين كنت وغنما ... معاني غرب في الورى لا المنازل ولولا رجائي في الأمير لقلصت ... برحلي عن داري القلاص العباهل ولكن إذا ما النفس جاشت وعدتها ... بما وعدتني فيه تلك المخايل فاحبس منها الجأش حتى كأنني ... بها فوق أعلام المجرة نازل وحق لمثلي أن يؤمل مثله ... وفي الناس مأمول يرجى وآمل وإن عليا جده عمي الذي ... يطول به فخري على من يطاول وصار جدي عمه وكلاهما ... خليصان والعم المهذب ناحل وقد يأمن النقص السهى لاحتقاره ... ويخشى الخوف البدر والبدر كامل وما بين موتور ولا بين واتر ... لفصل القضا إلا ليال قلائل وليس عجبياً أن يحقر عالم ... لدى ضده أو أن يوقر جاهل فقد ربما للجد يكرم ناهق ... فيخلى له المراعي ويحرم صاهل وقد يلبس الديباج قرد ولعبة ... وتؤتى لأعناق الأسود السلاسل وما الدهر إلا فرحة ثم ترحة ... تناوبها الأيام والكل زائل فقري حياة واطمئني جلادة ... فأي كريم سالمته الغوائل.؟ فما أنا بالغل الجزوع إذا عرا ... من الدهر خطب أو تعرض نازل وما كان حلمي للأذى عن ضراعة ... ولكن لأمر كان مني التشافل وإلا فعندي للسرى أرحبية ... وعزم يفل السيف والسيف فاصل وفي على عض الليالي بقية ... وإن قطعت من راحتي الأنامل ولي عن ديار الذل منأى ومراحل ... وذا الناس في الدنيا غريب وآهل ولست غريباً أين كنت وإنما ... مماني غرب في الورى لا المنازل ولولا رجائي في الأمير لقلصت ... برحلي عن داري القلاص العباهل ولكن إذا ما النفس جاشت وعدتها ... بما وعدتني فيه تلك المخايل فاحبس منها الجأش حتى كأنني ... بها فوق أعلام المجرة نازل وحق لمثلي أن يؤمل مثله ... وفي الناس مامول يرجى وأمل وإن عليا جده عمي الذي ... يطول به فخري على من يطاول وصار جدي عمه وكلاهما ... خليصان والعم المهذب ناحل ويجمعنا في الأمهات ابن يوسف ... علي ونعمان الأغر الحلاحل وفي دون هذا عنه فضل وسيلة ... إذا انقطعت عما سواه الوسائل وعندي له المدح الذي ما اهتدى له ... جرير ولا تلك الفحول الأوائل أقر بفضل الفضل باد وحاضر ... وساق إليه الشكر حاف وناعل وأضحى سرير الملك يختال فرحة ... به وتجلت عنه تلك القساطل فيا نحس سر بعداً وسحقاً ولا تجز ... بداري مدى الأيام أمك هابل فقد حال فضل دون ما أنت طالب ... لدي وذو الإحسان والجود فاضل وأصبح دوني راجح وكأنه ... أخو غابة صعب العريكة باسل ملوك هم الشم الرواسي رزانة ... إذا ما استخف الحلم حق وباطل وإن نهضوا يوماً لحرب رأيتهم ... كأنهم فوق الجياد الأجادل نماهم إلى العلياء أشرف والد ... تقوم له بالمكرمات الدلائل

أبو القاسم ملك الذي عرفت له ... حداد المواضي والعتاق الصواهل همام له حزم وعزم ومحتد ... كريم وبأس لا يطاق ونائل وعدل تساوى فيه سام ويافث ... وحام ومبدي صرمه والمواصل ولا برحت تسطو ربيعة في العدى ... بمثلهم ما طبق الأرض وابل وما ناح قمري الحمام وما دعا ... أخو فاقه واستجلب الحمد بازل وعاشوا جميعاً في نعيم وغبطة ... وحاسدهم في غمة لا يزايل وقال يمدح جمال الدين محمد صاحب الموصل وقد وفد إليه: بنانك من مغدودق المزن أهطل ... وحلمك من رضوى وثبلان اثقل ودارك دار الأمن من كل حادث ... ومنزلك المعمور للمجد منزل إذا عد أرباب النباهة والعلى ... فأنت على رغم المعادين أول تجاوزت مقدار الكمال فما نرى ... على كاملاً إلا وعلياك اكمل وحزت خلال الفضل من كل وجهة ... فما فاضل إلا وعلياك أفضل أقول ولي قلب شجاع تضمه ... جوانح يعلو الشق فيها ويسفل ولي أنة تشجي القلوب وزفرة ... تكاد بأدناها ضلوعي تزيل وقد كدت أن أبدي الحنين تبرماً ... من الغبن إلا أنني أتجمل لحى الله دهراً الجأتني صروفه ... إلى حيث يلغى حق مثلي ويهمل وعاقب قومي الغر شر عقوبة ... وخصص من ينمي علي وعبدل فلولاهم والله يعلم ذالكم ... لما فاه لي بالمدح في الناس مقول ولا حط بالفيحاء رحلي ولا رأت ... قرى شاطئ الزوراء شخصي وواربل وقد كان لي في إرث جدي ووالدي ... غنى فيه المرتجي الغنى متمول ولا استقبلت جاهي رجاله جهالة ... وجاهل قدري بالمحامد أجهل فان يك ما أبغي ثقيلاً عليهم ... فحمل الكريم الحر للمن أثقل فقد كان لي لولا رجاء محمد ... عن الموصل الحدبا منأى ومرحل ولم آتها إلا على اسم رجائه ... وللخطب يرجى ذو الندى ويؤمل ويأبى له البيت الرفيع عماده ... رجوعي بحال وصفها ليس يحمل وكيف وعندي أنه ذو بصيرة ... إذا حارت الألباب والجد مقبل خليلي ما كل الرجال ولو علوا ... كمال ولا كل الأقاليم موصل هو الماجد السامي الذي لا جنابه ... بوعر ولا باب الندى منه مقفل همام إذا استقيت مزن بنانه ... سقاك حياً من فيضه البحر يخجل جواد إذا ما الخور عافت فصالها ... ولم يبق في البزل القراميس محمل ضحوك إذا ما العام قطب وجهه ... عبوساً وابدي نابه وهو أعصل على أنه البكاء في حندس الدجى ... خشوعاً ويحي ليلة وهو أليل يقر له بالجود كعب وحاتم ... ويقضي له بالمجد زيد ودغفل سما لذرى العلياء من قبل وائل ... وكل فتى من وائل فهو موثل بأبائه عزت نزار وأصبحت ... تقول بعزم ما تشاء وتفعل ملوك هم أودوا عبيد وغادرت ... صدور قناهم تبعاً يتمايل وهم تركوا يوم الكلاب على الثرى ... شر ما يدق الهام والبيض مزعل وآخرهم ما مثله اليوم آخر ... وأولهم ما مثله اليوم أول وإن كمال الدين لا زال كاملا ... لأشرف أن يسمو بجد وينبل هو الطود حلاً والمهند عزمة ... هو البحر جوداً بل عطاياه أجزل له هيبة ملء الصدور ورهبة ... على أنه للناسك المتبتل تولى فأولى الناس خيراً وأصبحت ... صوادي المنى من جوده وهي نهل ولاقى البرايا خافضاً من جناحه ... وفي برده ليث كمين ومشبل تراه فتلقى منه في السا واحداً ... ولكنه عند الملمات جحفل صؤول ولا خيل قؤول ولاخفا ... سؤول بحال الجار والضيف فيصل فيها أيها الساعي ليدرك شأوه ... رويدك لا يغررك سعي مضلل عرفت بني هذا الزمان فلم أجد ... سواه إذا حمل الثقل يحمل فكم صاحب صلحبته لا مؤمل ... ندى من يديه غير أني المؤمل وأجهدت نفسي في الثناء كأنني ... لمجد به من كل باب موكل إذا صدئت منه المعالي جلوتها ... بعارفة مني وللمجد صقيل فلما رماني الدهر من قوس نازع ... وللدهر حالات تجور وتعدل رمى مقلتي فيمن رمى وهو عالم ... بأن سوى من كاده الدهر مقبل

شعر

فاصبحت الحسنى تعد إساءة ... علي ويستصفى عدوي وأعذل وتكثر عندي لا لقدر ذنوبه ... وأمشي إلى أبوابه أتنصل وما ذاك عجزاً عن مكافاة خائن ... ولكن حلماً عن ذوي الجهل أفضل فلا يبعدن الله شخص محمد ... فليس على خلق سواه معواً ولا كان هذا آخر العهد إنني ... إلى الله في أن نلتقي أتوسل فيا شقوتا من عظم خوف مبرح ... إليه باثناء الحشا يتغلغل إليك كمال الدين عقد جواهر ... أضن بها عمن سواك وأبخل ويقصر عن ترضيعها في عقودها ... أخو دارم والأعشيان وجرول أبا الكرم المدعو للخطب إنني ... دعوتك والمدعو لا يتأول فعز كريماً لم يكن في حسابه ... يزور لأبواب السلاطين يسأل ولا خال أن الدهر يسعى لكيده ... فيلقى عليه منه نحر وكلكل تم الأختيار من شعر علي بن مقرب العيوني ويليه بعض القصائد المحتوية على جمل من الحكم والمواعظ والأدب: شعر صلاح الدين الصفدي لقد عن لي أن أذكر بعض القصائد المحتوية على جمل من الحكم والمواعظ فمنها لامية صلاح الدين الصفدي وهي قوله: الجد في الجد الحرمان في الكسل ... فانصب تصب عن قريب غاية الأمل واصبر على كل ما يأتي الزمان به ... صبر الحسام بكف الدارع البطل وجانب الحرص والأطماع تحظ بما ... ترجو من العز والتأييد في عجل ولا تكونن على ما فات ذا حزن ... ولا تظل بما أوتيت ذا جذل واستشعر الحل في كل الأمور ولا ... تسرع ببادرة يوماً إلى رجل وإن بليت بخصم لا خلاق له ... فكن كأنك لم تسمع ولم يقل ولا تمار سفيها في محاورة ... ولا حليماً لكي تنجو من الزلل ولا يغرنك من يبدي بشاشته ... إليك خدعاً فان السم في العسل وإن أردت نجاحاً أو بلوغ منى ... فاكتم أمورك عن حاف ومنتعل أن الفتى من؟ الجزم منتصف ... وما تعود نقص القول والعمل ولا يقيم بأرض طاب مسكنها ... حتى يقد أديم السهل والجبل ولا يضيع ساعات الزمان فلن ... يعود ما فات من ايامه الأول ولا يراقب إلا من يراقبه ... ولا يصاحب إلا كل ذي نبل ولا يعد عيوباً في الورى أبداً ... بل يعتني بالذي فيه من الخلل ولا يظن بهم سوءاً ولا حسناً ... بل التجارب تهديه علي مهل ولا يؤمل آمالاً بصبح غد ... إلا على وجل من وثبة الأجل ولا يصد عن التقوى بصيرته ... لأنها للمعالي أوضح السبل فمن تكن حلل التقوى ملابسه ... لم يخشى في دهره يوماً من العطل من لم يصن عرضه مما يدنسه ... عار وإن كان مغموراً من الحلل من لم تفده صروف الدهر تجربة ... فيما يحاول فليرعى مع الهمل من سالمته الليالي فليثق عجلاً ... منها بحرب عدو جاء بالحيل من ضيع الحزم لم يظفر بحاجته ... ومن رمي بسهام العجب لم ينل من جاد ساد وأحيا العالمون له ... بديع حمد بمدح الفعل متصل من رام نيل العلى بالمال يجمعه ... من غير جود بلى من جهله وبلي من يصن نفسه ساءت خليقته ... بكل طبع لئيم غير منتقل من لم جالس الفاغة النوكي جنسى ندما ... لنفسه ورمي بالحادث الجلل فخذ مقال خبير قد حوى حكماً ... إذ صغتها بعد طول الخبر في عملي شعر صالح بن عبد القدوس ومنها قصيدة صالح بن عبد القدوس وهي قوله: صرمت حبالك بعد وصلك زينب ... والدهر فيه تصرم وتقلب وكذاك وصل الغانيات فإنه ... آل ببلقعة وبرق خلب فدع الصبا فلقد عداك زمانه ... واحهد فعمرك مر منه الأطيب ذهب الشباب فما له من عودة ... وأتى المشيب فإين منه المهرب دع عنك ما قد فات في زمن الصبا ... واذكر ذنوبك وأبكها يا مذنب وأخشى مناقشة الحساب فإنه ... لا بد يحصى ما جنيت ويحسب والليل فاعلم والنهار كلاهما ... أنفاسنا فيه تعد تحسب لم ينسه الملكان حين نسيته ... بل اثبتاه وانت لاه تلعب والروح فيك وديعة أودعتها ... ستردها بالرغم منك وتسلب

قصيدة

وغرور دنياك التي تسعى لها ... دار حقيقتها متاع يذهب وجميع ما حصلته وجمعته ... حقاً يقيناً بعد موتك ينهب تباً لدار لا يدوم نعيمها ... ومشيدها عما قليل يخرب فاسمع هديت نصائحاً أولاً كها ... بر نصوح للأنام مجرب لا تأمن الدهر الخؤون فإنه ... ما زال قدماً للرجال يهذب وكذلك الأيام في غصاتها ... مضض يذل له العزيز الأنجب ويفوز بالمال الحقير مكانة ... فتراه يرجى ما لديه ويرغب ويسير بالترحاب عند قدومه ... ويقام عند سلامة ويقرب فاقنع ففي بعض القناعة راحة ... فلقد كسى ثوب المذلة أشعب لا تحرصن فالحرص ليس بزائد ... في الرزق بل يشقى الحريص ويتعب كم عاجز في الناس يؤتى رزقه ... رغداً ويحرم كيس ويخيب فعليك تقوى الله فالزمها تفز ... إن التقي هو البهي الأهيب وأعمل بطاعته تنل منه الرضى ... إن المطيع لربه لمقرب أد الأمانة والخيانة فاجتنب ... وأعدل ولا تظلم يطب المكسب وأحذر من المظلوم سهماً صائباً ... وأعلم بأن دعاءه لا يحجب وأخفض جناحك للأقارب كلهم ... بتذلل وأسمح لهم إن أذنبوا وإذا بليت بنكبة فاصبر لها ... من ذا رأيت مسلماً لا ينكب؟ وإذا أصابك في زمانك شدة ... واصابك الخطب الكريه الأصعب فادع لربك إنه أدنى لمن ... يدعوه من حبل الريد وأقرب وأحذر مؤاخاةت الدني فإنها ... تعدي كما يعدي الصحيح الأجرب وأختر صديقك واصطفيه تفاخراً ... إن القرين إلى المقارن ينسب ودع الكذوب ولا يكن لك صاحباً ... إن الكذوب لبئس خلا يصحب وذر الحقود ولو صفا لك مرة ... وأبعده من رؤياك لا يستجلب إن الحقود وإن تقادم عهده ... فالحقد باق في الصدور مغيب واحذر لسانك وأحترز من لفظه ... فالمرء يسلم باللسان ويعطب وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن ... ثرثارة في كل ناد يخطب؟ والسرفا كتمة ولا تنطق به ... فهو الأسير لديك إذا لا ينشب وأحرص على حفظ القلوب من الأذى ... فرجوعها بعد التنافر يصعب إن القلوب إذا تنافر ودها ... شبه الزجاجة كسرها لا يشعب وأحذر عدوك إذا تراه باسماً ... فالليث يبدو نابه إذ يغضب وإذا الصديق رأيته متملقاً ... فهو العدو وحقه يتجنب لا خير في ود أمرئ متملق ... حلو اللسان وقلبه يتلهب يعطيك من طرف اللاسن حلاوة ... ويروغ منك كما يروغ الثعلب يلقاك يحلف إنه بك واثق ... وإذا توارى عنك فهو العقرب وإذا رأيت الرزق ضاق ببلدة ... وخشيت فيها أن يضيق المذهب فارحل فأرض الله واسعة الفضا ... طولاً وعرضاً شرقها والمغرب فلقد نصحتك إن قبلت نصيحتي ... فالنصح أغلى ما يباع ويوهب خذها إليك نصيحة منظومة ... جاءت كنظم الدر بل هي أعجب حكم وآداب وجل مواعظ ... أمثالها لذوي البصائر تكتب قصيدة أبي الفتح البستي قال رحمه الله تعالى: زيادة المرء في دنياه نقصان ... وربحه غير محض الخير خسران وكل وجدان حظ لا ثبات له ... فإنى معناه في التحقيق فقدان يا عامراً لخراب الدهر مجتهداً ... بالله هل لخراب العمر عمران ويا حريصاً على الأموال يجمعها ... أنسيت أن سرور الملك أحزان زع الفؤاد عن الدنيا وزينتها ... فصفوها كدر والوصل هجران وأرع سمعك أمثالاً أفصلها ... كما يفصل ياقوت ومرجان أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فطالما استبعد الإنسان إحسان يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته ... فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان وكن على الدهر معواناً لذي أمل ... يرجو نداك فإن الحر معوان واشدد يديك بحبل الله معتصماً ... فإنه الركن إن خانتك أركان من يتق الله يحمد في عواقبه ... ويكفه شر من عزوا ومن هانوا من استعان بغير الله في طلب ... فإن ناصره عجز وخذلان من كان للخير مناعاً فليس له ... على الحقيقة إخوان وأخدان

من جاد بالمال مال الناس قاطبة ... إليه والمال للإنسان فتان من سالم الناس يسلم من غوائلهم ... وعاش وهو قرير العين جذلان من كان للعقل سلطان عليه غدا ... وما على نفسه للحرص سلطان من مد طرفاً بفرط الجهل نحو هوى ... أغضى على الحق يوماً وهو خزيان من استشار صروف الدهر قام له ... على حقيقة طبع الدهر برهان من يزرع الشر يحصد في عواقبه ... ندامة والحصد الزرع أبان من استنام إلى الأشرار قام وفي ... قميصه منهم صل وثعبان كن ريق البشر إن الحر زينته ... صحيفة وعليها البشر عنوان ورافق الرفق في كل الأمور فلم ... يندم رفيق ولم يذممه إنسان أحسن إذا كان إمكان ومقدرة ... فلن يدوم على الإحسان إمكان فالروض يزدان بالنور فاحمه ... والحر بالحلم والإحسان يزدان صن حر وجهك لا تهتك غلالته ... فكل حر لحر الوجه صوان دع التكاسل في الخيرات تطلبها ... فليس يسعد بالخيرات كسلان لا ظل للمرء أحرى من تقى ونهى ... وإن أظلته أوراق وأغصان والناس أعوان من والته دولته ... وهم عليه إذا عادته أعوان سبحان من غير مال باقل حصر ... وباقل في ثراء المال سحبان لا تودع السر وشاء به مذلاً ... فما رعى غنماً في الدو سرحان لا تحسب الناس طبعاً واحداً فلهم ... غراء لست تحصيها وألوان ما كل ماء كصداء لوارده ... نعم ولا كل نبت فهو سعدان لا تخدشن بمطل وجه عارفة ... فالبر استوى فيه إسرار وإعلان فللتابير فرسان بها ركضوا ... فيها أبروا كما للحرب فرسان وللأمور مواقيت مقدرة ... وكل أمر له حد وميزان كفى من العيش ما قد سد من عوز ... ففيه للحر غنيان وقنيان وذو القناعة راض عن معيشته ... وصاحب الحرص إن أثرى فغضبان حسب الفتى عقله خلا يعاشره ... إذا تحاماه إخوان وخلان هما رضيعا لبان حكمة وتقى ... وساكناً وطن مال وطغيان إذا نبا بكريم موطن فله ... وراءه في بسيط الأرض أوطان يا ظالماً فرحاً بالعز ساعده ... إن كنت ما بينها لا شك ظمآن لا تحسبن سروراً دائماً أبداً ... من سره زمن ساءته أزمان يا رافلاً في الشباب الوحف منتشياً ... من كأسه هل أصاب الرشد نشوان؟ لا تغترر بشباب رائق خضل ... فكم تقدم قبل الشيب شبان ويا أخا الشيب لو ناصحت نفسك لم ... يكن لمثلك في الإسراف إمعان هب الشبيبة تبلي عذر صاحبها ... ما عذر أشيب يستهويه شيطان وكل كسر فإن الدين يجبره ... وما لكسر قناة الدين جبران خذها سوائر أمثال مهذبة ... فيها لمن يبتغي التبيان تبيان ما ضر حسانها والطبع صائغها ... إن لم يصغها قريع الشعر حسان ومنها لامية الشيخ اسماعيل بن أبي بكر المقري الزبيدي وهي قوله: زيادة القول تحكي النقص في العم ... ومنطق المرء قد يهديه للزلل إن اللسان صغير جرمه وله ... جرم كبير كما قد قيل في المثل فكم ندمت على ما كنت قلت به ... وما ندمت على ما لم أكن أقل وأضيق الأمر لم يجد معه ... فتى يعينك أو يهديك للسبل عقل الفتى ليس يغني عن مشاورة ... كعفة الخود لا تغني عن الرجل إن المشاور إما صائب غرضنا ... أو مخطئ غير منسوب إلى الخطل لا تحقر الرأي يأتيك الحقير به ... فالنحل وهو ذباب طائر العسل ولا يغرنك ود من أخي أمل ... حتى تجربه في غيبة الأمل إذا العدو أحاجته الأخا علل ... عادت عدواته عند انقضاء العلل لا تجز عن لخطب ما به حيل ... تغني وإلا فلا تعجز عن الحيل لا شيء أولى بصبر المرء في قدر ... لا بد منه وخب غير منتقل لا تخبرن على ما فات حيث مضى ... ولا على فوت أمر حيث لم تنل فليس تغني الفتى في الأمر عدته ... إذا تقضت عليه مدة الأجل وقدر شكر الفتى لله نعمته ... كقدر صبر الفتى للحادث الجلل وإن أخوف نهج ما خشيت به ... ذهاب حرية أو مرتضي عمل

لا تفرحن بسقطات الرجال ولا ... تهزأ بغيرك وأحذر صولة الدول لا تأمن الدهر أن يعلى العدو ولا ... تستأمن الدهر أن يلقيك في السفل أحق شيء برد ما تخافله ... شهادة العقل فاحكم صنعة الجدل وقيمة المرء ما قد كان يحسنه ... فاطلب لنفسك ما تعلو به وسل اطلب تنل لذة الإدراك ملتمساً ... أوراحة اليأس لا تركن إلى الوكل فكل داء دواه ممكن أبداً ... إلا إذا أمتزج الإقتار بالكسل والمال صنه وورثه العدو ولا ... تحتاج حياً إلى الأخوان في الأكل وخير مال الفتى مال يصون به ... عرضاً وينفقه في صالح العمل وأفضل البر ما لا من يتبعه ... ولا تقدمه شيء من المطل وإنما الجود بذل لم تكاف به ... صنعاً ولم تنتظر فيه جزاً رجل إن الصنائع أطواق إذا شكرت ... وغن كفرن فأغلال لمنتحل ذو اللؤم يحصر مهما جئت تسأله ... شيئاً ويحصر نطق الحران يسل وإن فوت الذي تهوى لأهون من ... إدراكه بلئيم غير محتفل وإن عندي الخطا في الجود أحسن من ... إصابة حصلت بالمنع والبخل خير من الخير مسديه إليك كما ... شر من الشر أهل الشر والدخل ظواهر العتب للإخوان أحسن من ... بواطن الحقد في التسديد للخلل داو الجهول وسامحه تكده ولا ... تصحب سوى السمح وأحذر سقطة العجل لا تشرين نقيع السم متكلاً ... على عقاقير قد جربن بالعمل وألق الأحبة والإخوان إن قطعوا ... حبل الوداد بحبل منك متصل وأعجز الناس من قد ضاع من يده ... صديق ود فردده يلم بالحيل استصف خلك واستخلصه أحسن من ... تبديل خل وكيف الأمن بالبدل وأحمل ثلاث خصال من مطالبه ... تحفظه فيها ودع ما شئته وقل ظلم الدلال وظلم الغيظ فاعفهما ... وظلم هفوته فاقسط ولا تمل وكن مع الخلق ما كانوا لخلقهم ... وأحذر معاشرة الأوغاد والسفل وأخش الأذى عند إكرام اللئيم كما ... تخشى الأذى إن أهنت الحر في حفل والغدر في الناس طبع لا تثق بهم ... وإن أبيت فخذ في الأمن والوجل من يقظة بالفتى إظهار غلفته ... مع التحرز من غدر ومن ختل سل التجارب وأنظر في مراءتها ... فاللعواقب فيها أشرف المثل وخير ما جربته النفس ما اتعظت ... عن الوقوع به في العجز والوكل فأصبر لواحدة تأمن توابعها ... فربما ضقت ذرعاً منه في النزل وللأمور وللأعمال عاقبة ... فأخشن الجزا بغتة وأحذره عن مهل ذو العقل ينرك ما يهوى لخشيته ... من العلاج بمكروه من الخلل من المروءة ترك المرء شهوته ... فأنظر لأيهما آثرت فأحتمل أستحي من ذم من إن يدن توسعه ... مدحاً ومن مدح من إن غاب ترتذل شر الورى بمساوي الناس مشتغل ... مثل الذباب يراعي موضع العلل لو كنت كالقدح في التقويم معتدلاً ... لقالت الناس هذا غير معتدل لا يظلم الحر إلا من يطاوله ... ويظلم النذل أدنى منه في الصول يا ظالماً جار فيمن لا نصير له ... إلا المهيمن لا تغتر بالمهل غدا تموت ويتقضي الله بينكما ... بحكمة الحق لا زيغ ولا ميل وإن أولى الورى بالعفو أقدرهم ... على العقوبة أن يظفر بذي زلل حلم الفتى عن سفيه القوم يكثر من ... أنصاره ويوقيه من الغيل والحلم طبع فما كسب يجود به ... لقوله (خلق الإنسان من عجل) ومنها لامية الشيخ أبي اسماعيل الحسين بن علي المعروف بالطغراني المشهورة بلامية العجم وهي قوله: أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحلية الفضل زانتني لدى العطل مجدي أخيراً ومجدي أولاً شرع ... والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل فيم الإقامة بالزوراء لا سكني ... بها ولا ناقتي فيها ولا جملي ناء عن الأهل صفر الكف منفرد ... كالسيف عري متناه من الخلل فلا صديق إليه مشتكى حزني ... ولا أنيس إليه منتهى جذلي طال اغترابي حتى حن راحلتي ... ورحلها وقرى العسالة الذبل وضج من لغب نضوي وعج لما ... يلقى ركابي ولج الركب في عذلي

أريد بسطة كف أستعين بها ... على قضاء حقوق للعلى قبلي والدهر يعكس آمالي ويقنعني ... من الغنيمة بعد الكد بالقفل وذي شطاط كصدر الرمح معتقل ... بمثله غير هياب ولا وكل حلو الفكاهة مر الجد قد مزجت ... بشدة البأس منه رقة الغزل طردت سرح الكرى عن ورد مقلته ... والليل أغرى سوام النوم بالمقل والركب ميل على الأكوار من طرب ... صاح وآخر من خمر الكرى ثمل فقلت أدعوك للجلى لتنصرني ... وأنت تخذلني في الحادث الجلل تنام عني وعين النجم ساهرة ... وتستحيل وصبغ الليل لم يحل فهل تعين على غبي هممت به ... والغي يزجر أحياناً عن الفشل إني أريد طروق الحي من إضم ... وقد حماه رماة م بني ثعل يحمون بالبيض والسمر اللدان به ... سود الغدائر حمر الحلي والحلل فسر بنا في ذمام الليل معتسفاً ... فنفخة الطيب تهدينا إلى الحلل فالحب حيث العدى والأسد رابضة ... حول الكناس لها غاب من الأسل نؤم ناشئة بالجزع قد سقيت ... نصالها بمياه الغنج والكحل قد زاد طيب أحاديث الكرام بها ... ما بالكرام أئم من جبن ومن بخل تبيت نار الهوى منهم على كبد ... حرى ونار القرى منهم على القلل يقتلن أنضاء حب لا حراك بها ... وينحرون كرام الخيل والإبل يشفى لديغ العوالي في بيوتهم ... بنهلة من غدير الخمر والعسل لعل المامة بالجزع ثانية ... يدب منها نسيم البرء في علل لا أكره الطعنة النجلاء قد شفعت ... برشقة من نبال الأعين النجل ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني ... باللمح من خلل الأستار والكلل ولا أخل بغزلان أغازلها ... ولو دهتنني أسود الغيل بالغيل جب السلامة يثني هم صاحبه ... عن المعالي ويغري المرء بالكسل فإن جنحت إليه فأتخذ نفقاً ... في الأرض أو سلماً في الجو فاعتزل ودع غمار العلى للمقدمين على ... ركوبها وأقتنع منهن بالبلل رضى الذليل بخفض العيش مسكنه ... والعز عند رسيم الأنيق الذلل فادرأ بها في نحور البيد جافلة ... ممارضات مثاني اللجم بالجدل إن العلى حدثتني وهي صادقة ... فيما تحدث أن العز في النقل لو أن في شرف المأوى بلوغ منى ... لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل أهبت بالحظ لو ناديت مستمعاً ... والحظ عني بالجهال في شغل لعله إن بدا فضلي ونقصهم ... لعينه نام عنهم أو تنبه لي أعلل النفس بالآمال أراقبها ... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل لم أرتض العيش والأيام مقبلة ... فكيف أرضى وقد ولت على عجل غالي بنفسي عرفاني بقيمتها ... فصنتها عن رخيص القدر مبتذل وعادة النصل أن يزهى بجوهره ... وليس يعمل إلا في يدي بطل ما كنت أوثر أن يمتد بي زمني ... حتى أرى دولة الأوغاد والسفل تقدمتني أناس كان شوطهم ... وراء خطوي إذا أمشي على مهلي هذا جزاء لامرئ أقرانه درجوا ... من قبله فتمنى فسحة الأجل وإن علاني من دنوني فلا عجب ... لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل فاصبر لها غير محتال ولا ضجر ... في حادث الدهر ما يغني عن الحيل أعدى عدوك أدنى من ثقت به ... فحاذر الناس وأصحبهم على دخل وإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعول في الدنيا على رجل وحسن ظنك بالأيام معجزة ... فظن شراً وكن منها على وجل غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت ... مسافة الخلف بين القول والعمل وشأن صدقك عند الناس كذبهم ... وهل يطابق معوج بمعتدل إن كان ينجح شيء في ثباتهم ... على العهود فسبق السيف للعذل يا وارداً سؤر عيش كله كدر ... أنفقت صفوك في أيامك الأول فيم اقتحامك لج البحر تركبه ... وأنت يكفيك منه مصة الوشل ملك القناعة لا يخشى عليه ولا ... يحتاج فيه إلى الأنصار والخول ترجو البقاء بدار لا ثبات لها ... فهل سمعت بظل غير منتقل ويا خبيراً على الأسرار مطلعاً ... أصمت ففي الصمت منجاة من الزلل

قد رشحوك لأمر إن فطنت له ... فاربأ بنفسك إن ترعى مع الهمل ومنها لامية للشيخ العلامة الأديب عمر بن الوردي رحمه الله وهي قوله: أعتزل ذكر الأغاني والغزل ... وقل الفصل وجانب من هزل ودع الذكرى لأيام الصبا ... فلأيام الصبا نجم أفل إن أهنى عيشة قضيتها ... ذهبت لذتها والإثم حل وأترك الغادة لا تحفل بها ... تمس في عز وترفع وتجل وإله عن آلة لهو أطربت ... وعن الأمرد مرتج الكفل وأفتكر في منتهى حسن الذي ... أنت تهواد تجد أمراً جلل وأهجر الخمرة إن كنت نتى ... كيف يسعى في جنون من عقلي وأتق الله فتقوى الله ما ... باشرت قلب امرئ إلا وصل ليس من يقطع طرقاً بطلاً ... إنا من يتقي الله البطل صدق الشرع ولا تركن إلى ... رجل يرصد في الليل زحل حارت الأفكار في حكمة من ... قد هدانا سلبنا عز وجل كتب الموت على الخلق فكم ... فل من جيش وأفنى من دول أين نمرود وكنعان ومن ... ملك الأرض وولى وعزل أين من سادوا وشادوا وبنوا ... هلك الكل فلم تغن القلل أين عاد فرعون ومن ... رفع الأهرام من يسمع يخل أين أرباب الحجى أهل التقى ... أين أهل العلم والقوم الأول سيعيد الله كلاً منهم ... وسيجزي فاعلاً ما قد فعل يا بني اسمع وصايا جمعت ... حكماً خصصت بها خير الملل أطلب العلم ولا تكسل فما ... أبعد الخير على أهل الكسل وأحتفل للفقه في الدين ولا ... تشتغل عنه بمال وخول وأهجر النوم وحصله فمن ... يعرف المطلوب يحقر ما بذل لا تقل قد ذهبت أربابه ... كل من سار على الدرب وصل في ازدياد العل إرغام العدى ... وجمال العلم إصلاح العمل جمل المنطق بالنحو فمن ... حرم الأعراب بالنطق اختبل أنظم الشعر ولازم مذهبي ... في أطراح الرفد لا تبغ النحل فهو عنوان على الفضل وما ... أحسن الشعر إذا لم يبتذل مات أهل الجود لم يبق سوى ... مقرف أو من على الأصل أتكل أنا لا أختار تقبل يد ... قطعها أجمل من تلك القبل إن جزتني عن مديحي صرت في ... رقها أو لا فيكفيني الخجل أعذب الألفاظ قولي لك خذ ... وأمر اللفظ نطقي بلعل ملك كسرى عنه تغني كسرة ... وعن البحر اكتفاه بالوشل اعتبر (نحن قسمناه بينهم) ... تلقه حقاً وبالحق نزل ليس ما يحوي الفتى من عزمه ... لا ولا ما فات يوماً بالكسل قاطع الدنيا فمن عاداتها ... تخفض العالي وتعلي من سفل عيشة الراغب في تحصيلها ... عيشة الزاهد فيها أو أقل كم جهل وهو مثر مكثر ... وعليم مات منها بالعلل كم شجاع لم ينل منها المنى ... وجبان نال غايات الأمل فاترك الحيلة فيها وأتئد ... إنما الحيلة في ترك الحيل أي كف لم تنل منها المنى ... فرماها الله منه بالشلل لا تقل أصلي وفصلي أبداً ... إنما أصل الفتى ما قد حصل قد يسود المرء من غير أب ... وبحسن السبك قد يفني الزغل وكذا الورد من الشوك فما ... يطلع النرجس إلا من بصل غير أني أحمد الله على ... نسبي إذ بأبي بكر أتصل قيمة الإنسان ما يحسنه ... أكثر الإنسان منه أو أقل أكتم الأمرين فقراً وغنى ... وأكسب الفلس وحاسب من بطل وأدرع جداً وكداً وأجتنب ... صحبة الحمقى وأرباب الدول بين تبذير وبخل رتبة ... وكلا هذي إن زاد قتل لا تخض في حق سادات مضوا ... إنهم ليسوا بأهل للزلل وتغافل عن أمور أنه ... لم يفز بالحمد إلا من غفل ليس يخلو لا المرء من ضد وإن ... حاول العزلة في رأس جبل أبعد النمام وأهجره فما ... بلغ المكروه إلا من نقل دار جار الدار إن جار وإن ... لم تجد صبراً فما أحلى النقل جانب السلطان وأحذر بطشه ... لا تخاصم من إذا قال فعل لا تل الحكم وإن هم سألوا ... رغبة فيك وخالف من عذل إن نصف الناس أعداء لمن ... ولي الأحكام هذا إن عدل

فهو كالمحبوس عن لذاته ... وكلا كفيه في الحشر تغل لان للنقص والاستثقال في ... لفظة القاضي لوعظ أو مثل لا توازي لذة الحكم بما ... ذاقه الشخص إذا الشخص أنعزل فالولايات وإن طابت لمن ... ذاقها فالسم في ذاك العسل نصب المنصب أوهى جلدي ... وعنائي من مداراة السفل قصر الآمال في الدنيا تفز ... فدليل العال تقصير الأمل إن من يطلبه الموت على ... غرة منه جدير بالوجل غب وزر غباً تزد حباً فمن ... أكثر الترداد أضناه الملل خذ بنصل السيف وأترك غمده ... وأعتبر فضل الفتى دون الحلل لا يضر الفضل إقلال كما ... لا يضر الشمس إطباق الطفل حبك الأوطان عجز ظاهر ... فاغتراب تلق عن الأهل بدل فبمكث الماء يبقي آسناً ... وسرى البدر به البدر أكتمل أيها العائب قولي عبثاً ... إن طيب الورد مؤذ للجعل عد عن أسهم قولي واستتر ... لا يصيبنك سهم من ثعل لا يعزنك لين من فتى ... إن للحيات ليناً يعتزل أنا مثل الماء سهل سائغ ... ومتى أسخن آذى وقتل أنا كالخيزور صعب كسره ... هو لدن كيف ما شئت انفتل غير أني في زمان من يكن ... فيه ذا مال هو المولى الأجل وأجب عند الورى إكرامه ... وقليل الماء فيهم يستقل كل أهل العصر غمر وأنا ... منهم فاترك تفاصيل الجمل وصلاة الله ربي كلما ... طلع الشمس نهاراً وأفل للذي حاز العلى من هاشم ... أحمد المختار من ساد الأول وعلى آل وصحب سادة ... ليس فيهم عاجز إلا بطل ومن شعر الشيخ صلاح الدين الصفدي كتبها إلى الشيخ جمال الدين ابن نباتة يعاتبه وقد ضمنها من معلقة امرئ القيس فأحسن وهو قوله: أفي كل عام منك عتب يسوؤني ... كجلمود صخر حطه السيل من عل وترمي على طول المدى متجنباً ... بسهميك في أعشار قلب مقتل فأمسي بليل طال جنح ظلامه ... علي بأنواع الهموم ليبتلي وأغدوا كأن القلب من وقدة الجوى ... إذا جاش فيه حميه غلي مرجل تطير شظاياه بقلبي كأنها ... بأرجائه القصوى أنا بيش عنصل وسالت دموعي من همومي ولوعتي ... على النحر حتى بل دمعي محملي إذا عاين الإخوان ما بي من الأسى ... يقولون لا تهلك أسى وتجمل ترفق ولا تجزع على فائت الوفا ... فما عند رسم دارس من معول ولي فيك ود طال ما قد شددته ... بأمراس كتان إلى صم جندل ولي خطرات فيك منها جوانحي ... صبحن سلافاً من رحيق مفلفل كأن أمانيها كؤوس مدامة ... غذاها نمير الماء غير محلل سلوت غوايات الشبيبة والصبا ... وليس فؤادي عن هواها بمنسل واجلو محيا الود فيك لأهله ... متى ما ترق العين فيه تسهل فكر على جيش الجناية عائداً ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل تجد خفرات الأنس فيه كواعباً ... ترائبها مصقولة كالسنجنجل وخل الجفا وأرجع إلى معهد الوفا ... وغن كنت قد أزمعت صرمي فأجمل حلاودك الماضي وغن لم تعد أعد ... لدى سمرات الحي ناقف حنظل فأجابه الشيخ ابن نباتة وأحسن بقوله: فطمت ولائي ثم أقبلت عاتباً ... أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل بروحي ألفاظ تعرض عتبها ... تعرض أثناء الوشاح المفصل فأحيين وداً كان كالرسم عافياً ... بسقط اللوى بين الدخول فحو مل تعفي رياح العذر منك رقومه ... لما نسجتها من جنوب وشمال نعم قوضت منك المودة وانقضت ... فيا عجباً من رحلها المتحمل فديتك لا تسلك من الظلم والجفا ... بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل ولا تنس مني صحبة تصدع الدجى ... بصبح وما الإصباح منها بأمثل صحبتك لا ألوي على صاحب عطا ... يجيد معهم في العشيرة مخول وحاولت من إداء ودك ما نأى ... أنزلت منه العصم من كل منزل يقلب لي وجدي به سوط سائق ... وإرخاء سرحان تقريب تتفل وكم خدمة عجلتها ومحبة ... تمتعت من لهوبها غير معجل وكم أسطر مني ومنك كأنها ... عذارى دوار في ملاء مذيل

شعر

وكم ناصح كذبت دعواه إذ غدت ... علي وىلت حلفة لم تحلل إلى أن تبدي عذره متمطياً ... وأردف أعجازاً وناء بكلكل فلا طفته في حالتيه ولم أقل ... فسل ثيابي من ثيابك تنسل وضن بأسطار كأن يراعها ... أساريع ظبي أو مساويك أسحل يقرع سمعي من معاريض نظمه ... مداك عروس أو صلاية حنظل وعدنا لود يملأ القلب عوده ... بكل مغار الفتل شدت بيذبل أعدت صلاح الدين عهد مودة ... بشحم كهداب الدمقس المفتل فدونك عتبى اللفظ ليس بفاحش ... إذا هي نصحته ولا بمعطل وعادات حب هن أشهر فيك من ... قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ومن المنسوب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوصي أبنه الحسين رضي الله عنهما: قدم لنفسك في الحياة تزوداً ... فلقد تقارقهما وانت مودع وأجعل تزودك المخافة والتقى ... فلعل حتفك في مسائك أسرع وأهتم للسفر البعيد فغنه ... أنأى من السفر القريب وأشنع وأقنع بقوتك فالقنوع هو الغنى ... والفقر مقرون بمن لا يقنع وأحذر مصاحبة اللئام وغن هم ... منحوك صفو ودادهم وتصنعوا أهل المودة ما أنلتهم الرضى ... وإذا منعت فسمعهم لك منقع لا تفش سراً ما استطعت إلى امرئ ... يفشي إليك سرائراً يستودع فكما تراه بسر غيرك صانعاً ... فكذا بسرك لا محالة يصنع لا تبدأن بمنطق في مجلس ... قبل السؤال فإن ذلك يشنع فالصمت يحسن كل ظن بالفتى ... ولعله خرق سفيه أرقع دع المزاج قرب لفظة مازح ... جلبت إليك الشرف الجسيم مضيع وإذا استقالك ذو الإساءة عثرة ... فأقله إن ثواب ذلك أوسع وإذا أتمنت على السرائر فأخفها ... أستر عيوب أخيك حين تطلع لا تجرعن من الحوادث إنما ... خرق الرجال من الحوادث يجزع وأطع أباك بكل ما وصى به ... إن المطيع أباه لا يتضعضع ومن المنسوب إليه رضي الله عنه: صن النفس وأحملها ما يزينها ... تعش سالماً والقول فيك جميل ولا ترين الناس إلا تجملا ... نبا بك دهر أو جفاك خليل وإن ضاق رزق اليوم فأصبر إلى غد ... عسى نكبات الدهر عنك تزول يعز غني النفس إن قل ماله ... ويغني دني النفس وهو ذليل ولا خير في ود امرئ متلون ... إذا الريح مالت مال حيث تميل جواد إذا استغنيت عن أخذ ماله ... وعند احتمال الفقر عنك بخيل فما أكثر الإخوان حين تعدهم ... ولكنهم في النائبات قليل ولبعضهم: أصون عرضي بمالي لا أدنسه ... لا بارك الله بعد العرض في المال أحتال للمال إن أودى فأجمعه ... ولست للعرض إن أودى بمحتال تم الاختيار مع بعض القصائد والحكم والآداب ويليها الاختيار من شعر عبد الله ابن محمد التنوخي: شعر محمد التنوخي هو عبد الله بن محمد التنوخي المعروف باين قاضي ميلة يمدح ثقة الدولة يوسف بن عبد الله القضاعي صاحب صقيلة ويهنئه بعيد النحر ولم أجد له من الشعر غيرها: يذيل الهوى دمعي وقلبي المعنف ... وتجني جفوني الوجد وهو المكلف وإني ليدعوني إلى ما سبقته ... وفارقت مغناه الأغن المشنف وأحور ساجي الطرف أما وشاحه ... فصفر وأما ردفه فمفوف يطيب أجاج الماء من نحو أرضه ... ويحيي ويندي ريحه وهو حرجف وآيسني من وصله أن دونه ... متالف تسري الريح فيها فتتلف وغيران يجفو النوم لا يرى لنا ... إذا نام شملاً في الكرى تتألف يظل على ما كان من قرب دارنا ... وغفلته عما مضى يتأسف وجون بمزن الرعد يستن ودقه ... يرى برقة كالحية الصل تطرف كأني إذا ما لاح والرعد معول ... وجفن السحاب الجون بالماء يذرف سليم وصوت الرعد راق وروقه ... كنفث الرقى من سوء ما أتكلف ذكرت به ريا وما كنت ناسياً ... فأذكر لكن لوعة تتضعف ولما التقينا محرمين وسيرنا ... بليلة ريا والركائب تعسف نظرت إليها والمطي كأنمط ... غواربها منها معاطس رعف

شعر

فقالت أما منكن من يعرف الفتى ... فقد رابني من طول ما يتشوف أراه إذا سرنا يسير حذاءنا ... ونوقف أحقاف المطي فيوقف فقلت لتربيها أبلغاها بإنني ... بها مستهام قالتا نتكلف وقولاً لها يا أم عمرو أليس ذا ... منى والمنى في خيفة ليس يخلف تفاءلت في أن تبذلي طارف الوفا ... بأن عن لي منك البنان المطرف وفي عرفات ما يخبر إنني ... بعارفة من عطف قلبك أسعف وأما دماء الهدي فهي هدى لنا ... يدوم ورأي في الهوى يتألف وتقبيل ركن البيت إقباله دولة ... لنا وزمان بالمودة يعطف فأوصلتا ما قلته فتبسمت ... وقالت أحاديث العيافة زخرف بعيشي ألم أخبر كما أنه فتى ... على لفظه برد الكلام المفوف فلا تأمنا ما استطعتما كيد نطقه ... وقولا ستدري أينا اليوم أعيف إذا كنت ترجو في منى الفوز بالمنى ... ففي الخيف من أعراضنا تتخوف وقد أنذر الإحرام أن وصالنا ... حرام وأنا عن مزارك نصدف وهذا وقذفي بالحصى لك مخبر ... بأن النوى بي عن ديارك تقذف وحاذر نفاري ليلة النفر إنه ... سريع وقل من بالعيافة أعرف فلم أر مثلينا خليلي مودة ... لكل لسان ذو غرارين مرهف أما إنه لولا أغن مهفهف ... وأشنب براق وأحور أوطف لراجع مشتاق ونام مسهد ... وأيقن مرتاب وأقصر مدنف وعاذلة في بذل ما ملكت يدي ... لراج رجاني دون صحبي تعنف تقول إذا أفنيت مالك كله ... وأملقت من يعطيكه قلت: يوسف أغر قضاعي يكاد نواله ... لكثرة ما يدعو إلى الشكر يجحف إذا نحن أخلفنا مخائل ديمة ... وجد ناحياً معروفة ليس يخلف سعى وسعى الأملاك في طلب العلى ... ففاز وأكدوا إذ أخف وأوطفوا ويقظان شاب البطش باللين والتقى ... بكفيه ما يرجى وما يتخوف حسام على من ناصب الدين مصلت ... وستر على من راقب الله مغدف يسايره جيشان رأي وفيلق ... ويصحبه سيفان عزم ومرهف مطل على من شاءه فكأنما ... على حكمه صرف الردى يتصرف يرى رأيه مالا ترى عين غيره ... ويغري به ما ليس يغري المثقف رعى الله من ترعى حمى الدين عينه ... ويحمي ربي الإسلام والليل أغضف ومن وعدة في مسرح الحمد مطلق ... وإنفاذه في ذمة الحلم موقف ومن يضرب الأعداء هبراص فتنثني ... صناديدهم والبيض باتلهام تقذف رماهم بمجر ضعضع الأرض رزه ... كان الروابي فيه بالنبل تدلف كأن الردينيات في رونق الضحى ... أراقم في طام من الىل تزحف يعود الدجى من بيضه وهو أبيض ... ويبدو الضحى من نقعه وهو أكلف ويحجب نور الشمس بالنقع عنهم ... ففعل الظبي في هامهم لا يكيف لهم كل عام منك جاءوك فيلق ... تساءل عنهم بالعوالي فتلحف إذا ما طووا كشحاً على قرح عامهم ... وبلوا من الآلام أنشأت تعرف فكم من أغم الوجه غاو تركته ... وهاديه من عثنون لحييه أكثف هو المقضب الماضي بمهواه فأنثني ... صريعاً تراه حبتراً وهو أسقف لعمري لقد عاديت في الله طالباً ... رضاه وقد أبليت ما الله يعرف وطالبتهم في الأهل حتى تركتهم ... فرادى وفي الأديان حتى تحنفوا فيا ثقة الملك الذي لك سهمه ... يراش لأكباد الأعادي ويرصف هنيئاً لك العيد الذي منك حسنة ... يروق ومن أوصافك الغر يوصف بدا معلم الأرجاء يزهى كأنما ... على عطفه وشي العراق المسقف أتى بعد حول زائراً عن تشوق ... وقد كان ذا شوق للقياك يطرف فطوقته عزاً وشنفته به ... فلاح لنا وهو الأغر المشنف وقابله بالسعد نجلك جعفر ... فيا لك من عيد بملكين تتحف فلا زلت تستجدي فتولي وترتجى ... فتكفي وتستدعي لخطب فتكشف تم الاختيار من شعر التنوخي ويليه الاختيار من شعر أبي فراس الحمداني. شعر أبي فراس الحمداني قال: أراك عصي الدمع شيمتك الصبر ... أما للهوى نهي عليك ولا أمر بلى أنا مشتاق وعندي لوعة ... ولكن مثلي لا يذاع له سر

إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى ... وأذللت دمعاً من خلائقه الكبر تكاد تضيء النار بين جوانحي ... إذا هي أذكتها الصبابة والفكر معللتي بالوصل والموت دونه ... إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر بدوت وأهلي حاضرون لإنني ... أرى أن داراً لست من أهلها قفر وحاربت قومي في هواك وإنهم ... وإياي لولا حبك الماء والخمر وإن كان ما قال الوشاة ولم يكن ... فقد يهدم الإيمان ما شيد الكفر وفيت وفي بعض الوفاء مذلة ... لآنسة في الحي شيمتها الغدر وقور وريعان الصبا يستفزها ... فتأرن أحياناً كما يأرن المهر تسائلني من أنت وهي عملية ... قتيلك قالت أيهم فهم كثر فقلت لها لو شئت لم تتعنتي ... ولم تسألني عني وعندك بي خبر ولا كان للأحزان لولاك مسلك ... إلى القلب لكن الهوى للبلى جسر فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق ... وأن يدي مما علقت به صفر فقالت لقد أزرى بك الدهر بعدنا ... فقلت معاذ الله بل أنت لا الدهر وقلبت أمري لا أرى لي راحة ... إذا البين إنساني الح بي الهجر فعدت إلى حكم الزمان وحكمها ... لها الذنب لا تجزي به ولي العذر وتجفل حيناً ثم تدنو كأنما ... تراعي طلاً بالواد أعجزه الحضر وإني لنزال بكل مخوفة ... كثير إلى نزالها النظر الشزر وإني لجرار لكل كتيبة ... معودة أن لا يخل بها النصر فأظمأ حتى ترتوي البيض والقنا ... وأسغب حتى يشبع الذئب والنسر ولا أصبح الحي الخلوف بغارة ... ولا الجيش ما لم تأته قبلي النذر ويا رب دار لم تختفي منيعة ... طلعت عليها بالردى أنا والفجر وساحبة الأذيال نحوي لقيتها ... فلم يلقها جافي اللقاء ولا وعر وهبت لها ما حازه الجيش كله ... وراحت ولم يكتشف لأبياتها ستر ولا راح يطغيني بأثوابه الغنى ... ولا بات يثنيني عن الكرام الفقر وما حاجتي في المال أبغي وفوه ... إذا لم يفر عرضي فلا وفر الوفر أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى ... ولا فرسي مهر ولا ربه غمر ولكن إذا حم القضاء على امرئ ... فليس له بر يقيه ولا بحر وقال أصيحابي الفرار أو الردى ... فقلت هما أمران أحلاهما مر ولكنني أمضي لما لا يعيبني ... وحسبك من أمرين خيرهما الأسر يمنون أن خلو ثيابي وإنما ... علي ثياب من دمائهم حمر قائم سيف فيهم أندق نصله ... وأعقاب رمح فيهم حطم الصدر سيذكرني قومي إذا جدهم ... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ولو سد غيري ما بددت أكتفو به ... ولو كان يغني الصفر ما نفق التبر ونحن أناس لا توسط بيننا ... لنا الصدر دون العالمين أو القبر تهون علينا في المعالي نفوسنا ... ومن خطب الحسناء لم يغلها المهر أعز بني الدنيا وأعلى ذوي العلى ... وأكرم من فوق التراب ولا فخر وله أيضاً: غيري يغيره الفعال الجافي ... ويحول عن شيم الكريم الوافي لا أرتضي وداً إذا هو لم يدم ... عند الجفاء وقلة الإنصاف تعس الحريص وكل ما يأتي به ... عوضاً من الإلحاح والإلحاف إن الغني هو بنفسه ... ولو أنه عاري المناكب حافي ما كل ما فوق البسيطة كافياً ... فإذا قنعت فكل شيء كافي وتعاف لي طمع الحريص أبوتي ... ومروءتي وقناعتي وعفافي ما كثرة الخيل الجياد بزائدي ... شرفاً ولا عدد السوام الضافي ومكارم عدد النجوم ومنزلي ... بيت الكرام ومنزل الأضياف لا أقتضي لصروف كثير عدة ... حتى كأن صروفه أحلافي خيلي وإن قلت بهن مذ أنا يافع ... ولقد عرفت بمثلها أسلافي ولأبي فراس أيضاً: أقول وقد ناحت بقربي حمامة ... أيا جارتا هل تشعرين بحالي معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى ... ولا خطرت منك الهموم ببال أتحمل محزون الفؤاد قوادم ... على غصن غالي المسافة عالي أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا ... تعالي أقاسمك الهموم تعالي

تعالي تري روحاً لدي ضعيفة ... تردد في جسم يعذب بالي أيضحك مأسور وتبكي طليقة ... ويسكت محزون ويندب سالي لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة ... ولكن دمعي في الحوادث غالي وأذكر هنا بعض المقاطيع الأدبية المشتملة على حكم ومكارم أخلاق من ذلك قول بعضهم: قبيح من الإنسان ينسى عيوبه ... ويذكر عيباً في أخيه قد اختفى فلو كان ذا عقل لما عاب غيره ... وفيه عيوب لو رآها به أكتفى إذا أنا عاتبت الملول فإنما ... أخط بأقلامي على الماء أحرفا وهبه رعوى بعد العتاب ألم تكن ... مودته طبعاً فصارت تكلفا ولغيره: وذو يقظات مستمر مريره ... إذا الدهر لاقاها اضمحلت نوائبه بصير بأعقاب الأمور كأنما ... يخاطبه من كل أمر عواقبه وأين يفر الحزم منه وإنما ... مرائي الأمور المشكلات تجاربه غيره: إذا لم يكن للمرء فضل يزينه ... يدافع عن إخوانه لم يسود وكيف يسود القوم من هو مثلهم ... بلا منة منه عليهم ولا يد غيره: غياك والحرص إن الحرص متعبة ... فإن فعلت فراع القصد في الطلب قد يرزق المرء لم تتعب رواحله ... ويحرم المرء ذو الأسفار والتعب فأزجر فؤادك عن حرص وعن نصب ... فما وربك يأتي الرزق بالنصب ولغيره: إني رأيت الصبر خير معول ... في النائبات لمن أراد معولا ورأيت أسباب القناعة أكدت ... بعرى الغنى فجعلتها لي معقلا وإذا نبابي منزل جاوزته ... وجعلت منه غيره لي منزلا وإذا غلا شيء علي تركته ... فيكون أرخص ما يكون إذا غلا ولمحمود البارودي لما نفي من مصر: محا البين ما أبقيت عيون المهى مني ... فشبت ولم أقض اللبانة من سني عناءً ويأساً واشتياقاً وغربة ... الأشد ما ألقاه في الدهر من غبن فأن أك فارقت الديار فلي بها ... فؤاد أضلته عيون المهى عني بعثت به يوم النوى إثر لحظة ... فأوقعه المقدر في شرك الحسن فهل من فتى في الدهر يجمع بيننا ... فليس كلانا عن أخيه بمستغن ولما وقفنا للوداع واسبلت ... مدامعنا فوق الترائب كالمزن دعوت اصطباري أن يعود فبزني ... وناديت حلمي أن يثوب فغيغن وما هي إلا خطرة ثم أقلعت ... بنا عن شطوط الحي أجنحة السفن وما كنت جربت النوى قبل هذه ... فلما دهاني كدت أقضي من الحزن ولكنني راجعت حلمي فردني ... إلى الحزم رأي لا يحوم على أفن فيا قلب صبراً إن جزعت فربما ... جرت سنحاً طير الحوادث باليمن فقد تورق الأغصان بعد ذبولها ... ويبدو وضياء البدر في ظلمه الوهن وأي حسام لم تصبه كهامة ... ولهذم رمح لم يفل من الطعن ومن شاغب الأيام لأن مريره ... وأسلمه طول المراس إلى الوهن وما المرء في دنياه إلا كسالك ... مناهج لا تخلو من السهل والحزن فإن تكن الدنيا تولت بخيرها ... فأهون بدنيا لا تدوم على فن إذا عرف المرء القلوب وما انطوت ... عليه من البغضاء عاش على ضغن يرى بصري مالا أود لقاءه ... وتسمع أذني ما تعاف من اللحن تحملت خوف المن كل رزية ... وحمل رزايا الدهر أحلى من المن وعاشرت أخدانا فلما بلوتهم ... تمنيت أن أبقي وحيداً بلا خدن لبعضهم: إذا ما ضاق صدرك في بلاد ... ترحل طالباً أرضاً سواها عجبت لمن يقيم بدار ذل ... وأرض الله واسعة فضاها فذاك من الرجال قليل عقل ... بليد ليس يعلم من طحاها فنفسك فز بها إن خفت ضيماً ... وخل الدار تنعي من بناها فإنك واجد أرضاً بأرض ... ونفسك لا تجد نفساً سواها ومن كانت منيته بأرض ... فليس يموت في أرض سواها ولسعيد بن حميد يستعطف بعض أصحابه وقد هجره: أقلل عتابك فالبقاء قليل ... والدهر يعدل مرة ويميل لم أبك من زمن ذممت صروفه ... ولكل حال أقبلت تحويل والمنتمون إلى الصفاء جماعة ... إن حصلوا أفناهم التحصيل وأجل أسباب المنية والردى ... يوم سيقطع بيننا ويطول

ولئن سبقت لتفجعن بصاحب ... حبل الصفاء بحبله موصول فلعل أيام البقاء قليلة ... فعلام يكثر عتبنا ويطول للعفيف التلمساني من أبيات: رياض بكاها المزن فهي بواسم ... وناحت لغير الحزن فيها الحمائم وأودعت الأنواء فيهن سرها ... فنمت عليهن الرياح النواسم يبيت الندى في أفقها وهو ناثر ... ويضحي على أجبالها وهو ناظم كأن الأقاحي والشقيق تقابلاً ... خدود جلاهن الصبا ومباسم كان بها للنرجس الغض أعيناً ... تنبه منها البعض والبعض نائم كأن ظلال القضب فوق غديرها ... إذا اضطربت تحت الرياح الأرقم كأن غناء الورق ألحان معبد ... إذا رقصت تلك القدود النواعم كأن نثار الشمس تحت غصونها ... دنانير في بعض وبعض دراهم كلأن ثماراً في غصون توسوست ... لعارض خفاق النسيم تمائم كأن القطوف الدانيات مواهب ... ففي كل غصن ماس في الدوح خائم حوار بن إسرائيل: عسى الطيف بالزوراء منك يزور ... فقد نام عنه كاشح وغيور وكيف يزور الطيف صباً مسهداً ... له النجم بعد الظاعنين سمير سروراً في ضياء من شموس خدودهم ... فكان سراهم في الظلام ينير ظعائن تغزو الجيش وهي رديفة ... عليهن من سمر الرماح ستور إذا نزلوا أرضاً تولت محولها ... وأضحت وفيها روضة وغدير وإن فارقوا أرضاً غدت ورمالها ... من الطيب مسك والتراب عبير أأحبابنا الناؤون أدعو وبيننا ... سهول عسير قطعها ووعور سقى الأبرق الحنان حيث مصيفكم ... من المزن داني الهيدبين مطير وداركم بالبان من أيمن الحمى ... يلوح عليها نضرة وسرور قريبة عهد بالخليط رسومها ... مواثل ما محيت لهن سطور ولابن الخياط: خذا من صبا نجد أماناً نقلبه ... فقد كاد رياها يطير بلبه وإياكما ذاك النسيم فإنه ... متى هب كان الوجد أيسر خطبه خليلي لو أحببتما لعلمتما ... محل الهوى من مغرم القلب صبه تذكر والذكرى تشوق وذو الهوى ... يتوق ومن يعلق به الجب يصبه غرام على يأس الهوى ورجائه ... وشق على بعد المزار وقربه وفي الركب مطوي الضلوع على الجوى ... متى يدعه داعي الغرام يلبه إذا خطرت من جانب الغور نفحة ... تضمن منها داءه دون صحبه ومحتجب بين الأسنة معرض ... وفي القلب من إعراضه مثل حجبه أغار إذا آنست في الحي أنه ... حذاراً عليه أن تكون لحبه ويوم الرضى والصب يحمل سخطه ... بقلب ضعيف عن تحمل خطبه جلى لي براق الثنايا تبينها ... ولا لي إلا بارد الورد عذبه كأني لم أقض به الليل زائراً ... تجول يدي بين المهاد وجبنه ولا ذقت أمناً من شرار حجوله ... ولا أرتعت خوفاً من نميمة حقبه فيا لسقامي من هوى متعنت ... بكى عاذلوه رحمة لمحبه ومنة ساعة للبين غير حميدة ... سمحت بطل الدمع فيها وسكبه ألا ليت أني لم أجل بين حاجر ... وبين ذرى أعلام رضوى وهضبة وليت الرياح الرائحات خوالص ... إلي ولو لاقين قلبي بكر به أهيم إلى ماء ببرقة عاقل ... ظمئت على طول الورود بشربه وأستاف حر الرمل شوقاً إلى اللوى ... وقد أودعتني السقم قضبان كثبه ولست على وجدي بأول عاشق ... أصابت سهام الحب حبة قلبه صبرت على وعك الزمان وقد أرى ... خبيراً بداء الحادثات وطبه وأعرضت عن نظم القوافي ومنطقي ... ملي لمرتاد الكلام بخصبه وما غزني لو شئت ملك مهذب ... يرى أن صون الحمد غاية كسبه لقد طال ما هو في سنة الكرى ... ولا بد لي من يقظة المتنبه روي عن عوف بن محلم قال كنت: آتي عبد الله بن طاهر في كل سنة، وكانت صلتي عنده خمسة آلاف درهم فأتيته فشكوت إليه الكبر وضعف حالي ثم أنشدته: أفي كل عام غربة ونزوح ... أما للنوى من وثبة فنريح؟ لقد طلح البين المشت ركائبي ... فهل أرين البين وهو طليح وأرقني بالري نوح حمامة ... فنحت وذو الشجو الحزين ينوح

فائدة

على أنها ناحت ولم تذر دمعة ... ونحت وأسراب الدموع سفوح وناحت وفرخاها بحيث تراهما ... ومن دون أفراخي مهامه فيح ألا يا حمام الأيك لا تبك حاضراً ... وغصنك مياد ففيم تنوح عسى جود عبد الله أن يعكس النوى ... فتضحي عصا الترحال وهي طريح فإن الغنى يدني الفتى من صديقه ... وعدم الغنى بالمقترين نزوح قال عوف: فتوجع لي عبد الله ب طاهر وقال: صلتك عشرة آلاف درهم توافيك في منزلك في كل سنة إن شاء الله ولا تتكلف المسير والمشقة يا عم. فائدة روي أنه لما أراد عمر بن العاص رضي الله عنه المسير إلى مصر قال لمعاوية رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين ألا أوصيك قال:؛ بلى قال أنظر في فاقة الأحرار فأعمل في سدها، وطغيان السفلة فأعمل في قمعها، وأستوحش من الكريم الجائع، ومن اللئيم الشبعان، فإنما يصول الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع. فائدة روى أبو علي القالي في (أماليه) عن عمه قال: سمعت رجلاً يقول: الحسد ما حق للحسنات، والزهو جالب لمقت الله ومقت الصالحين، والعجب صارف عن الأرهياء من العلم داع إلى التخط والجهل والبخل أذم، الأخلاق وأجلبها لسوء الأحدوثة. وروي فيه عن عمه: قال سمعت أعرابياً يوصي فقال: أبذل المودة الصادقة تستفد أخواناً وتتخذ أعواناً فإن العداوة موجودة عتيدة والصداقة مستززة بعيدة. جنب كرامتك اللئام فإنهم أن أحسنت إليهم لم يشكروا وإن نزلت بك شدة لم يصبروا. وروى فيه عن المعتمر بن سليما قال كان يقال: عليك بدينك ففيه معادك وعليك بمالك وفيه معاشك وعليك بالعلم ففيه زينك. وروى القالي عن عمه: قال بينما أنا سائر في بلاد بني عامر إذ مررت بحلة وإذا رجل ينشد وإذا هو ندي الصوت فلما رآني لوماً فقل أعجبك ما سمعت فقلت أي والله فقال من أهل الحضارة أنت قلت نعم قال ممن تكون قلت لا حاجة لك في السؤال عن ذلك قال فما يمنعك إذا ما حل الإسلام الأضغان واطفئ الأحقاد قلت بلى أنا امرؤ من قيس فقال الحبيب القرابة من أيهم أنت قلت أحد بني سعد بن قيس ثم أحد بني أعصر بن سعد فقال زادك الله قرباً ثم وثب فأنزلني عن حمادى وألقى عنه إكافه وقيده بقراب خيمته وقام إلى زند فاقتدح وأوقد ناراً وجاء بصيدانة فألقى فيها تمراً وأفرغ عليه سمناً ثم لته حتى التبك ثم ذر عليه دقيقاً وقربه إلي فقلت إني إلى غير هذا أحوج فقال وما هو قلت تنشدني فقال أصب فأني فاعل فقلت ثم قلت الوعد يرحمك الله فقال ونعماً عين ثم أنشد: لقد طرقت أم الخشيف وإنها ... إذا صرع القوم الكرى لطروق أقام فريق من أناس يودهم ... بذات الغضى قلبي وبان فريق بحاجة محزون يظل وقلبه ... رهين ببضات الحجال صديق تحملن إن هبت لهن عشية ... جنوب وإن لاحت لهن بروق كأن فضول الرقم حين جعلناه ... غذياً على أدم الجمال عذوق وفيهن من بخت النساء ربحلة ... تكاد على غر السحاب تروق هجان فأما الدعص من أخرياتها ... فوعث وأما خصرها فدقيق ففارقته وأنا أشد الناس شوقاً إلى معاودة أنشاده. وصية أعرابية لولدها قال أبان بن تغلب البصري شهدت أعرابية توصي أبناً لها أراد سفراً وهي تقول له أي بني أجلس أمنحك وصيتي وبالله توفيقك فإن الوصية أجدى عليك من كثير عقلك قال أبان فوقفت مستمعاً لكلامها مستحنساً لوصيتها فإذا هي تقول له أي بني غياك والنميمة فإنها تزرع الضغينة وتفرق بين الأحبة وإياك والتعرض للعيوب فتتخذ غرضاً وخليق أن لا يثبت الغرض على كثرة السهام وإياك والجو بدينك، والبخل بمالك، وإذا هززت فاهزز كريماً يلن لهزتك ولا تهزز اللئيم فإنه صخرة لا ينفجر ماؤها ومثل لنفسك مثالاً فما أستحسنت من غيرها فأعمل به وما استقبحت من غيرك فاجتنبه فإن المرء لا يرى عيب نفسه ومن كانت مودته بشره وخالف من ذلك فعله كان صديقه منه على مثل الريح في تصرفها ثم أمسكت فقلت بالله عليك ألا زدتيه فقالت وأعجبك ما سمعت قلت نعم قالت والغدر أقبح ما تعامل به الناس ومن جمع الحلم والسخاء فقد أجاد الحلة ريطتها وسربالها. تم اختيار بعض الفوائد الأدبية ويليها الاختيار من شعر ابن عنين. شعر

شعر صردر

عذراً.... فإني لم أجدله إلا القليل. قال يمدح الملك العادل وأولاده من قصيدة: وله البنون بكل أرض منهم ... ملك يقود إلى الأعادي عسكرا من كل وضاح الجبين تخاله ... بدراً وأن شهد الوغى فغضنفرا متقدم حتى إذا النقع أنجلى ... بالبيض عن سبي الحريم تأخراً قوم زكوا أصلاً وطابوا محتداً ... وتدفقوا جوداً وراقوا منظراً وتعاف خليهم الورود بمنهل ... ما لم يكن يوم الوقائع احمرا يعشوا إلى نار الوغى شغفاً بها ... ويجل أن يعشوا إلى نار القرى إلى أن قال: العادل الملك الذي أسماؤه ... في كل ناحية تشرف منبراً وبكل أرض جنة من عدله ال ... ضافي أسال نداه فيها كوثراً عدل يبيت الذئب منه على الطوى ... غرثان وهو يرى الغزال الأغفرا ما في أبي بكر لمعتقد الهدى ... شك يريب بأنه خير الورى سيف صقال المجد أخلص متنه ... وأبان طيب الأصل منه الجوهرا ما مدحه بالمستعار له ولا ... آيات سؤدده حديثاً يفترى بين الملوك الغابرين وبينه ... في الفضل ما بين الثريا والثرى نسخت خلائقه الحميدة ما أتى ... في الكتب عن كسرى الملوك وقيصرا ملك إذا خفت حلوم ذوي النهي ... في الروع زاد رصانة وتوقرا ثبت الجنان تراع من وثباته ... وثباته يوم الوغى أسد الشرى يقظ يكاد يقول عما في غد ... ببديهة أغنته أن يتفكرا حلم تخف له الحلوم وراءه ... رأي عزم يحقر الإسكندرا يعفو عن الذنب العظيم تكر ما ... ويصد عن قول الخنى متكبراً لا تسمعن حديث ملك غيره ... يروي فكل الصيد في جوف الفرا تم الاختيار من شعر ابن عنين ويليه الاختيار من شعر علي بن الحسين المعروف بصردر. شعر صردر هو علي بن الحسين المعروف بصردر يمدح محمد بن جهير الموصلي الوزير الملقب فخر الدولة الثعلبي. لجاجة قلب ما يفيق غرورها ... وحاجة نفس ليس يقضي يسيرها وقفنا صفوفاً في الديار كأنها ... صحائف ملقاة ونحن سطورها يقول خليلي والظباء سوانح ... أهذي التي تهوي فقلت نظيرها لئن شابهت أجيادها وعيونها ... فقد خالفت أعجازها وصدورها فواعجباً منها يصد أنيسها ... ويدنو على ذعر الينا نفورها وما ذاك إلا أن غزلان عامر ... يثقن بأن الزائرين صقورها ألم يكفيها ما قد جنته شموسها ... على القلب حتى ساعدتها بدورها؟ فو الله ما أدري غداة نظرتها ... أتلك سهام أم كؤوس تديرها؟ فإن كن من نبل فأين حفيفها ... وغن كن من خمر فأين سرورها أيا صاحبي أستاذناً لي خمارها ... فقد أذنت لي في الوصول خدورها هباها تجافت عن خليل يروعها ... فهل أنا إلا كالخيال يزورها وقد قلتما لي ليس في الأرض جنة ... أما هذه فوق سجن وهو فيه أسيرها يعز على الهيم الخوامس وردها ... إذا كان ما بين الشفاه غديرها أراك الحمى قل لي بأي وسيلة ... توسلت حتى قبلتك ثغورها ومن مديحها: أعدت إلى جسم الوارة روحه ... وما كان يرجى بعثها ونشورها اقامت زماناً عند غيرك طامثاً ... وهذا الزمان قرؤها وطهورها من الحق أن يحبي بها مستحقها ... وينزعها مردودة مستعيرها إذا ملك الحسناء من ليس كفؤها ... أشار عليهم بالطلاق مشيرها وله أيضاً: قد بان عذرك والخليط مودع ... وهوى النفوس مع الهوادج يرفع لك حيث ما سرت الركائب لفتة ... أترى البدور بكل واد تطلع في الظاعنين من الحمى ظبي له ... الأحشاء مرعى والمآقي مكرع ممنوع أطراف الجمال رقبة ... حذراً عليه من العيون البرقع عهدي الحبائل صائدات شبهه ... فارتاع فهو لكل حبل يقطع لم يدر حامي سربة أني إذا ... حرم الكلام له لساني الأصبع وإذا الطيوف إلى المضاجع أرسلت ... بتحية منه فعيني تسمع يليه الاختيار من شعر أبي الحسن التهامي: شعر أبي الحسن التهامي عبس من شعر في الرأس مبتسم ... ما نفر البيض مثل البيض في اللعم

ما شاب عزمي ولا حزمي ولا خلقي ... ولا وفائي ولا ديني ولا كرمي وإنما أعتاد رأسي غير صنعته ... والشيب في الرأس غير الشيب في الهمم ظنت شيبته تبقى وما علمت ... أن الشبيبة مرقاة إلى الهرم وصل الخيال ووصل الخود عن بخلت ... سيان ما أشبه الوجدان بالعدم والطيف أفضل وصل إن لذته ... تخلو من الإثم والتنغيص والندم لا تحمد الدهر في ضراء يصرفها ... فلو أردت دوام البؤس لم يدم فالدهر كالطيف بؤساه وأنعمه ... من غير قصد فلا تحمد ولا تلم لا تحسبن كرم الآباء مكرمة ... لمن يقصر عن غايات مجدهم حسن الرجال بحسناهم وفخرهم ... بطولهم في المعالي لا بطولهم ما اغتابني حاسد إلا شرفت به ... فحاسدي وغن وقعت من غير قصدهم وله أيضاً يرثي أبناً له مات صغيراً، ويشكو زمانه وحاسديه، ويفتخر بفضله وفضل قومه، وهي من أجود المراثي: حكم المنية في البرية جاري ... ما هذه الدنيا بدار قرار بينا يرى الإنسان فيها مخبراً ... حتى يرى خبراً من الأخبار طبعت على كدر وأنت تريدها ... صفواً من الأقذاء والأكدار ومكلف الأيام ضد طباعها ... متطلب في الماء جذوة نار وإذا رجوت المستحيل فإنما ... تبني الرجاء على شفير هار فالعيش نوم والمنية يقظة ... والمرء بينهما خيالك سار فأقضوا مآربكم عجالاً إنما ... أعماركم سفر من الأسفار وتراكضوا خيل الشباب وحاذروا أن تسترد فإنهن عوار فالدهر يخدع بالمنى ويغص أن ... هنا ويهدم ما بنى ببوار ليس الزمان وإن حرصت مسالماً ... خلق الزمان عداوة الأحرار إني وترت بصارم ذي رونق ... أعدته لطلابة الأوتار والنفس إن رضيت بذلك أو أبت ... منقادة بأزمة الأقدار اثني عليه بأثره ولو انه ... لم يعتبط أثنيت بالآثار يا كوكباً ما كان أقصر عمره ... وكذاك عمر كواكب الأسحار وهلال أيام مضى لم يستدر ... بدراً ولم يمهل لوقت سرار عجل الخسوف عليه قبل أوانه ... فمحاه قبل مظنة الإبدار واستل من أترابه ولداته ... كالمقلة استلت من الأشفار فكأن قلبي قبره وكأنه ... في طيه سر من الأسرار أن يعتبط ضغراً فرب مضخم ... يبدو ضئيل الشخص للنظار أن الكواكب في علو محلها ... لترى صغاراً وهي غير صغار ولد المعزى بعضه فإذا مضى ... بعض الفتى فالكل بالآثار أبكيه ثم أقول معتذراً له ... وفقت حين تركت ألأم دار جاورت أعدائي وجاور ربه ... شتان بين جواره وجواري أشكو بعادك لي وأنت بموضع ... لولا الردى لسمعت فيه سراري والشرق نحو الغرب أقرب شقة ... من بعد تلك الخمسة الأشبار هيهات قد علقتك أسباب الردى ... واغتال عمرك قاطع الأعمار ولقد جريت كما جريت لغاية ... فبلغتها وأبوك في المضمار فإذا نطقت فأنت أول منطقي ... وإذا سكت فأنت في إضماري أخفي من البرحاء ناراً مثلما ... يخفي من النار الزناد الواري وأخفض الزافرات وهي صواعد ... وأكفكف العبرات وهي جواري وشهاب نار الحزن أن طاوعته ... أورى وان عاصيته متواري وأكف نيران الأسى ولربما ... غلب التصبر فارتمت بشرار ثوب الرياء يشف عما تحته ... فإذا التحفت به فإنك عار قصرت جفوني أم تباعد بينها ... أم صورت عيني بلا أشفار؟ جفت الكرى حتى كأن غراره ... عند اغتماض العين وخز غرار ولو استزارت رقدة لطحابها ... ما بين أجفاني من التيار أحيي الليالي التم وهي تميتني ... ويميتهن تبلج الأسحار حتى رأيت الصبح تهتك كفه ... بالضوء رفرف خيمة كالقار والصبح قد غمر النجوم كأنه ... سيل طغى فطفا على النوار لو كنت تمنع خاض دونك فتية ... منا بحار عوامل وشفار ودحوا فويق الأرض أرضا من دم ... ثم انثنوا فبنوا سماء غبار قوم إذا لبسوا الدروع حسبتها ... سحبا مزررة على أقمار

فوائد أدبية

وترى سيوف الدارعين كأنها ... خلج تمد بها أكف بحار لو شرعوا أيمانهم في طولها ... طعنوا بها عوضاً عن الخطار جنبوا الجياد إلى المطي وراوحوا ... بين السروج هناك والأكوار وكأنما ملؤوا عياب دروعهم ... وغمود أنصالهم سرار قفار وكأنما صنع السوابغ عزه ... ماء الحديد فصاغ ماء قرار زردا فأحكم كل موضع حلقة ... بحبابه في موضع المسمار فتسربلوا بمتون ماء جامد ... وتقنعوا بحباب ماء جار أسد ولكن يؤثرون بزادهم ... والأسد ليس تدين بالإيثار يتزين النادي بحسن وجوههم ... كتزين الهالات بالأقمار يتعطفون على المجاور فيهم ... بالمنفسات تعطف الأظآر من كل من جعل الظبى أنصاره ... فكر من واستغنى عن الأنصار وإذا هو اعتقل القناة حسبتها ... صلا تأبطه هزبر ضاري والليث أن ثاورته لم يعتمد ... إلا على الأنياب والأظفار زرد الدلاص عن الطعان يريحه ... في الجحفل المتضايق الجرار ما بين ثوب بالدماء مضرج ... زلق ونقع بالطراد مثار والهون في ظل الهوينا كامن ... وجلالة الأخطار في الأخطار تندى أسرة وجهه ويمينه ... في حالة الإعسار والإيسار ويمد نحو المكرمات أناملاً ... للرزق في أثنائهن مجاري يحوي المعالي كاسباً أو راغبا ... أبداً يدارى دونها ويداري قد لاح في ليل الشباب كواكب ... أن أمهلت آلت إلى الأسفار وتلهب الاحشاء شيب لمتي ... هذا الضياء شواظ تلك النار شاب القذال وكل غصن صائر ... فينانه الأحوى إلى الأزهار والشبه منجذب فلم بيض الدمى ... عن بيض مفرقه ذورات نفار وتود لو جعلت سواد قلوبها ... وسواد أعينها خضاب عذاري لا تنفر الظبيات منه فقد رأت ... كيف اختلاف النبت في الأطوار شيآن ينقشعان أول وهلة ... ظل الغمام وصحبة الأشرار لا حبذا الشيب الوفي وحبذا ... ظل الشباب الخائن الغدار وطري من الدنيا الشباب وروقه ... فإذا انقضى فقد انقضت أوطاري قصرت مسافته وما حسناته ... عندي ولا آلاؤه بقصار نزداد هماً كلما ازددنا غنى ... والفقر كل الفقر في الإكثار ما زاد فوق الزاد خلف ضائعاً ... في حادث أو وارث أو عار إني لا رحم حاسدي لحرما ... ضمنت صدورهم من الأوغار نظروا صنيع الله بي فعيونهم ... في جنة وقلوبهم في نار لا ذنب لي قد رمت كتم فضائلي ... فكأنما برقعت وجه نهار وسترتها بتواضعي فتطلعت ... أعناقها تعلو على الأستار ومن الرجال معالم ومجاهل ... ومن النجوم غوامض ودراري والناس مشتبهون في إيرادهم ... وتفاضل الأقوام في الأصدار عمري لقد أوطأتهم طرق العلى ... فعموا فلم يقفوا على آثاري لو أبصروا بقوبهم لتبصرا ... وعمى البصائر من عمى الأبصار هلا سعوا سعي الكرام فأدركوا ... أو سلموا لمواقع الأقدار وفشت خيانات الثقات وغيرهم ... حتى اتهمنا رؤية الأبصار ولربما اعتضد الحليم بجاهل ... لا خير في يمنى بغير يسار فوائد أدبية ومن شعر العتبي الأموي رأين الغواني الشيب لاح بعارضي ... فأعرضن عني بالخدود النواضر وكن إذا أبصرنني أو سمعنني ... دنين ورفعن الكوى بالمحاجر فان عطفت عني أعنة أعين ... نظرن بأحداق المهى والجآذر فإني من قوم كريم ثناؤهم ... لأقدامهم صيغت رؤوس المنابر خلائف في الإسلام في الشرق قادة ... بهم واليهم فخر كل مفاخر ولحسام الدين الواعظي رحمه الله: من ضيع الحزم في أفعاله ندما ... وظل مكتئباً والقلب قد سقما ما المرء إلا الذي طابت فضائله ... والدين زين يزين العاقل الفهما والعلم أنفس شيء أنت ذاخره ... فلا تكن جاهلا تستورث الندما تعلم العلم واجلس في مجالسه ... ما خاب قط لبيب جالس العلما والوالدين فأكرم تنج من ضرر ... ولا تكن نكداً تستوجب النقما

فائدة

ولازم الصمت لا تنطق بفاحشة ... وأكرم الجار لا تهتك له حرما واحذر من المزح كم في المزح من خطر ... كم من صديقين قبل المزح فاختصما وصبر النفس وأرشدها إذا جهلت ... وان حضرت طعاماً لا تكن نهما آس اللهيف إذا ما كنت مقتدراً ... على الزمان وكن للخير مقتسما وصد نفسك عن لهو وعن مرح ... وان حضرت مكانا كنت فيه سما ولعبد الله بن حجاج من أبيات قالوا غدا العيد فاستبشر به فرحاً ... فقلت مالي وما للعيد والفرح قد كان ذا والنوى لم تمس نازلة ... بعقوبي وغراب البين لم يصح أيام لم يخترم قرب البعاد ولم ... يغد الشتات على شملي ولم يرح فاليوم بعدك قلبي غير متسع ... لما يسر وصدري غير منشرح وطائر ناح في خضراء مونقة ... على شفا جدول بالزهر متشح بكى وناح ولولا انه سبب ... لكان قلبي لمعنى فيه لم يبح في العمر من واسط والليل ما هبطت ... فيه النجوم وضوء الصبح لم يلح بيني وبينك ود لا يغيره ... بعد المزار وعهد غير مطرح فما ذكرتك والأقداح دائرة ... إلا مزجت بدمعي باكياً قدحي ولا استمتعت لصوت فيه ذكر نوى ... إلا عصيت عليه كل مقترح ولأبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني رحمه الله تعالى: من أين للعارض الساري تلهبه ... وكيف طبق وجه الأرض صيبه هل استعار جفوني فهي تنجده ... أم استعار فؤادي فهو يلهبه؟ بجانب الكرخ من بغداد لي سكن ... لولا التجمل أم انفك اندبه وصاحب ما صحبت اللهو مذ بعدت ... دياره واراني أني لست أصحبه في كل يوم لعيني ما يؤرقها ... من ذكره ولقلبي ما يعذبه ما زال يبعدني عنه وأتعبه ... ويستمر على ظلمي وأعتبه حتى رثت لي النوى من طول جفوته ... وسهلت لي طريقاً كنت أذهبه وما البعاد دهاني بل خلائفه ... ولا الفراق شجاني بل تجنبه أذكر فيه بعض الوصايا والآداب، والحكم النافعة عن اللف رضي الله عنهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلمك للأنصار: (من سيدكم) قالوا: الجد ين قيس علي بخل فيه، فقال صلى الله عليه وسلم (وأي داء أدوى من ابخل بل سيدكم الجعد الأبيض عمرو بن الجموح) فقال شاعرهم: وقال رسول الله والحق قوله ... لمن قال منا من تسمون سيدا فقالوا له الجد بن قيس على التي ... نبخله فيها وان كان اسودا فتى ما تخطى خطوة لدنية ... ولا مد في يوم إلى سوأة يدا فسود عمرو بن الجموح لجوده ... وحق لعمرو بالندى أن يسودا فائدة روي عن عمرو بن العزيز رحمه الله تعالى: ما قرن شيء إلى شيء أحسن من حلم ومن عفو إلى قدرة. ومن قول أبو العتاهية: فيا رب هب لي منك حلماً فإنني ... أرى الحلم لم يندم عليه حليم ويا رب لي منك عزماً على التقى ... أقيم به ما عشت حيث أقيم إلا أن تقوى الله أكرم نسبة ... تسامى بها عند الفخار كريم فائدة قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: أن خيري الدنيا والأخرى في خمس خصال، وهي غنى النفس، وكف الأذى، كسب الحلال، ولباس التقوى، والثقة بالله على كل حال، وقد نظمها السيد عبد الجليل الحسيني رحمه الله تعالى فقال: أرى خيري الدارين بجمع كله ... بخمس خلال يا لها من لطائف بنص الإمام الشافعي أخي التقوى ... هو البحر كنز العلم شمس المعارف غنى النفس مع كف الأذى واكتساب ما ... يحل وملبوس التقى حصن خائف على كل حال كن بربك واثقاً ... بنفع وكشف الضر عند المخاوف فدونكما خمساً وكن واعياً لها ... مكباً عليها لا كفدم مخالف فائدة من كلام ابن المعتز كتبها لبعض أصحابه قال:

فائدة

اعلم يا أخي انك لن تكتسب أعز الله المحامد وتستوجب الشرف إلا بالجمل على النفس والحال، والنهوض بحمل الأثقال، وبذل الجاه والمال، ولو كانت المكارم تنال بغير مؤنة لاشترك فيها السفل والأحرار، وتساهمها الوضعاء من ذوي الأخطار، ولكن الله تعالى خص بها الكرماء الذين جعلهم أهلها، فخفف عليهم حملها، وسوغهم فضلها، وحظرها على السفلة لصغر أقدارهم عنها، وبعد طباعهم منها ونفورها منهم. فائدة قال معاوية رضي الله عنه لصعصعة بن صوحان: صف لي عمر ابن الخطاب فقال: كان عالماً برعيته، عادلاً في قضيته، عارياً من الكبر، قبولاً للعذر، سهل الحجاب، مصون الباب، متحرياً لصواب، رفيقاً بالضعيف، غير محارب للقريب، ولا جاف للغريب. قيل للأحنف بن قيس: من تعلمت الحلم؟ فقال: من قيس بن عاصم المنقري رأيته قاعداً بفناء بيته، محتبياً بحمائل سيفه، يحدث قومه إذا أتي برجل مكتوف، ورجل مقتول، فقيل له: هذا ابن أخيك قتل ابنك، فوالله ما حل حبوته، ولا قطع كلامه، ثم التفت إلى ابن أخيه، فقال يا ابن أخي بئس ما فعلت أثمت بربك، ورميت نفسك بسهمك، وأشمت عدوك، ونقصت عددك، قتلت ابن عمك. ثم قال لابن له آخر: قم يا بني فوار أخاك، وحل كتاف ابن عمك، وسق إلى أمه مئة من الإبل دية ابنها، فإنها غريبة عندنا فلعلها أن تسلو ثم أنشد: إني امرؤ لا يطبي نسبي ... دنس يهجنه ولا أفن من منقر في بيت مكرمة ... والغصن ينبت حوله الغصن خطباء حين يقول قائلهم ... بيض الوجوه أعفة لسن لا يفطنون لعيب جارهم ... وهم لحفظ جواره فطن وقال رجل للأحنف بن قيس: علمني الحلم. فقال: هو الذل يا ابن أخي، أتصبر عليه؟ وقال رجل للأحنف: انك لحليم. فقال: لست بحليم، ولكني أتحتالم، والله إني لأسمع الكلمة، فأحم لها ثلاثة أيام، ما يمنعني من ردها إلا مخافة أن أسمع شراً منها. وقيل له: من أحلم أنت أم معاوية. فقال: ما رأيت أجهل منكم معاوية يقدر ويحلم، وأنا أحلم ولا أقدر، فكيف أقاس به أو أدانيه؟ وقال هشام بن عبد الملك لخالد بن صفوان: بم بلغ الأحنف فيكم ما بلغ؟ قال: إني شئت أخبرتك بواحدة، وان شئت باثنتين، وان شئت بثلاث. قال: ما الواحدة؟ قال: كان أقوى الناس على نفسه. قال: ما اثنتان؟ قال: كان موقى الشر، ملقى الخير. قال: فما الثلاث؟ قال كان لا يجهل، ولا يبغي، ولا يبخل. فائدة من كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ثلاث يثبتن لك الود في قلب صاحبك، أن تبدأه بالسلام، وان توسع له في المجلس، وان تدعوه بأحب الأسماء إليه، وقال رضي الله عنه: كفى الله عنه: كفى بالمرء عيباً أن تكون فيه خلة من ثلاث أن يعيب بشيء ثم يأتي بمثله، أو يبدو له من أخيه ما يخفى عليه من نفسه، أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه؟ فائدة من كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه من لانت كلمته وجبت محبته، وقيمة كل إنسان ما يحسنه ومن كلام عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ثلاث من كن فيه، فقد كمل: من لم يخرجه غضبه عن طاعة الله، ولم يستنزله رضاه إلى معصية الله، وإذا قدر عفّ وكف. ومن كلام الحسن البصري: نعم الله أكثر من أن تشكر إلا ما أعان عليه، وذنوب ابن آدم أكثر من أن يسلم منها إلا ما عفا الله عنه. ولبعضهم في الصبر والاحتمال تعز فان الصبر بالحر أجمل ... وليس على ريب الزمان معول وعاقبة الصبر الجميل جميلة ... وأفضل أخلاق الرجال التجمل فلو كان يغني أن يرى امرأً جازعاً ... لنائبة أو كان يغني التبذل لكان التعزي عند كل مصيبة ... ونازلة بالحر أولى وأجمل فكيف وكل ليس يعدو حمامه ... وما لامرئ مما قضى الله مرحل فان تكن الأيام فينا تبدلت ... ببؤسى ونعمى والحوادث تفعل فما لينت منا قناة صليبة ... ولا ذللتنا للذي ليس يجمل ولكن رحلناها نفوساً كريمة ... تحمل ما لا يستطاع فتحمل وقينا بفضل الله منا نفوسنا ... فصحت لنا الأعراض والناس هزل ومن قول أبي الفتح البستي: وإذا هممت فناج نفسك بالمنى ... وعداً فخيرات الجنان عدات واجعل رجاءك دون يأسك جنةً ... حتى تزول بهمك الأوقات

واسترعن الجلساء همك انما ... جاساؤك الحساد والشمات ودع الأوقع للحوادث انه ... للحي من قبل الممات ممات فالهم ليس له ثبات مثلما ... في أهله ما للسرور ثبات لولا مغالطة النفوس عقالها ... لم يصف للمتيقظين حياة وقال أيضا: بحفظ الجسم تبقى النفس فيه ... بقاء النار تحفظ بالوعاء فبالبأس الممض فلا تمتها ... ولا تمدد لها حبل الرجاء وعدها في شدائدها رخاء ... وذكرها الشدائد في الرخاء يعد صلاحها هذا وهذا ... وبالترتيب منفعة الدواء وللبيد: أكذب النفس إذا حدثتها ... أن صدق النفس مزر بالأمل قال أبو الفرج: روي انه جاء الكميت الشاعر إلى الفرزدق فقال له: يا عم إني قد قلت قصيدة أريد أن اعرضها عليك قال قل فانشده: طربت وما شوقاً إلى البيض اطرب ... ولا لعباً مني وذو الشوق يلعب؟ فقال الفرزدق ولماذا لم تطرب فقال: ولم تلهني دار ولا رسم منزل ... ولا يزدهي قلبي بنان مخضب فقال الفرزدق: أجماد أنت ويحك؟ فقال: ولا أنا ممن يزجر الطير همه ... أصاح غراب أم تعرض ثعلب ولا السانحات البارحات عشية ... أمر سليم القرن أم مر أعضب ولكن إلى أهل الفضائل والنهى ... وخير بني حاء والخير يطلب فقال الفرزدق: م هؤلاء لا أم لك فقال: إلى النفر البيض الذين بحبهم ... إلى الله فيما نابني أتقرب فقال الفرزدق من هم أرحني؟ فقال: بني هاشم رهط النبي فإنني ... بهم ولهم أرضى مراراً وأغضب فقال الفرزدق: لو جزتهم إلى سواهم لذهب شعرك باطلاً ومنها: خفضت لهم مني جناح مودة ... إلى كنف عطفاه أهل ومرحب ومالي إلا آل أحمد شيعة ... ومالي إلا مذهب الحق مذهب بأي كتاب أم بأية سنة ... يرى حبهم عاراً علي ويحسب يشيرون بالأيدي إلي وقولهم ... إلا خاب هذا والمشيرون أخيب روي انه حج هشام بن عبد الملك، وأراد استلام الحجر، فلم يصل إليه إلا بعد زحام، ثم وضع له كرسي، وجلس فجاء زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهما، فلما أراد استلام الحجر تنحى الناس عنه، فسأل هشام من كان عنده عنه فقالوا: لا نعرفه، وكان الفرزدق حاضراً، فقال: أنا أعرفه يا أمير المؤمنين فقال من هو فأنشد: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم وليس قولك من هذا بضائره ... والعرب تعرف من أنكرت والعجم إذا رأته قريش قال قائلها ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم يغضي حياء ويغضى من مهابته ... فلا يكلم إلا حين يبتسم بكفه خيزران ريحه عبق ... من كف أروع في عرنينه شمم ينشق نور الهدى عن نور غرته ... كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلم من معشر حبهم دين وبغضهم ... إثم وقربهم منجى ومعتصم أن عد أهل التقى كانوا أئمتهم ... أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم لا ينقص العدم بسطاً من أكفهم ... سيان ذلك أن أثروا وان عدموا هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت ... والأسد أسد الشرى والبأس محتدم مقدم بعد ذكر الله ذكرهم ... في كل أمر ومختوم به الكلم وللشريف ارضي: لغير العلى مني القلى والتجنب ... ولولا العلى ما كنت في العيش أرغب إذا الله لم يعذرك فيما ترومه ... فما الناس إلا عاذل أو مؤنب ملكت بحلمي فرصة ما استرقها ... من الدهر مفتول الذراعين أغلب فان تك سني ما تطاول باعها ... فلي من وراء المجد قلب مدرب فحسبي أني في الأعادي مبغض ... واني إلى غر المعالي محبب وللحلم أوقات وللجهل مثلها ... ولكن أوقاتي إلى الحلم أقرب يصول علي الجاهلون وأعتلي ... ويعجم في القائلون وأعرب يرون احتمالي غصة ويزيدهم ... لواعج ضغن إنني لست أغضب وأعرض عن كأس النديم كأنها ... وميض غمام غائر المزن خلب وقور فلا الألحان تأسر عزمتي ... ولا تمكر الصهباء بي حين أشرب

شعر

ولا أعرف الفحشاء إلا بوصفها ... ولا أنطق العوراء والقلب مغضب تحلم عن كر القوارض شيمتي ... كأن معيد المدح بالذم مطنب لساني حصاة يقرع الجهل بالحجا ... إذا نال مني العاضه المتوثب ولست براض أن تمس عزائمي ... فضالات ما يعطي الزمان ويسلب غرائب آداب حباني بحفظها ... زماني وصرف الدهر نعم المؤدب تريشنا الأيام ثم تهيضنا ... إلا نعم ذا البادي وبئس المعقب نهيتك عن طبع اللئام فإنني ... أرى البخل يأتي والمكارم تطلب تعلم فان الجود في الناس فطنة ... تناقلها الأحرار والطبع أغلب ولعلي الكيلاني: تأمل ولا تعجل بما أنت باغيا ... وكن لازماً للعدل لا تك باغيا وجاز الذي أسدى الجميل بمثله ... وسيئه فاجز مسيئاً وعاتيا ولن جانباً للخل وارع وداده ... ووف بمكيال الذي كان وافيا ورغ عند رواغ وزغ عند زائغ ... ومع مستقيم العدل كن متساويا تحل بحسن الخلق للخلق كلهم ... وكن سهلا صعبا فوراً مواتياً ودار جميع الناس ما دمت بينهم ... وكن تابعاً حقاً نبيلاً مداريا تحمل لجور الجار وارع جواره ... وواصل ذوي الأرحام واجف المجافيا وكن بإله الناس ظنك محسناً ... وبالناس سوء الظن دوماً مراعيا لتعلم أن الناس لا خير فيهم ... ولا بد منهم فالتبسهم مزاويا وان تبد يوماً بالنصيحة لامرئ ... بتهمته اياك كان مجازيا وان تتحلى بالسماحة والسخا ... يقال سفيه أخرق ليس واعيا فإن أمسكت كفاك حال ضرورة ... يقال شحيح ممسك لا مواسيا وان كنت مقداماً لكل ملمة ... يقال عجول طائش العقل ولاهيا وان تتغاض باعتزالك عنهم ... يخالوك من كبر وتيه مجافيا وان تتدان منهم لتألف ... يظنوك خداعاً كذوباً مرائيا ترى الظلم منهم كامناً في نفوسهم ... كذا غدرهم في طبعهم متواريا وفي قوة الإنسان يظهر ظلمه ... وفي عجزه يبقى كما كان خافيا وهيهات تنجو من غوائل فعلهم ... وأقوالهم مهما تكن متحاشيا فمن رام إرضاء الأنام بقوله ... وفعل غدا للمستحيل معانيا ومن ذا الذي أرضى الخلائق كلهم ... رسولاً نبياً أو ولياً وقاضيا وأعظم من ذا خالق الخلق هل ترى ... جميع الورى في قسمة منه راضيا إذا كان رب الخلق لم يرض خلقه ... فكيف بمخلوق رضاهم مراجيا؟ فلازم رضى رب العباد إذن ولا ... تبال بمخلوق إذا كنت زاكيا وسدد وقارب ما استطعت فإنما ... يكلف عبد فعل ما كان قاويا ولأبي العتاهية: اسلك بني مناهج السادات ... وتخلقن بأشراف العادات لا تلهينك عن معادك لذة ... تفنى وتورث دائم الحسرات أن السعيد غداً زهيد قانع ... عبد الإله بأخلص النيات أقم الصلاة لوقتها بشروطها ... فمن الضلال تفاوت الميقات وإذا اتسعت برزق ربك فاجعلن ... منه الأجل لأوجه الصدقات في الأقربين وفي الأباعد تارة ... أن الزكاة قرينة الصلوات وارع الجوار لأهله متبرعاً ... بقضاء ما طلبوا من الحاجات واخفض جناحك أن منحت إمارة ... وارغب بنفسك عن ردى اللذات يليها الاختيار من شعر لبيد بن ربيعة: شعر لبيد بن ربيعة يقول جامع هذا المجموع: عذراً فإني لم أظفر بترجمة لبيد بن ربيعة ومعلقته وقتئذ فأحببت ذكرها هنا لئلا يخلو المجموع منها. هو أبو عقيل لبيد بن ربيعة العامري رضي الله عنه، أحد أشراف الشعراء المجيدين، وهو من بني عامر بن صعصعة إحدى بطون هوازن من مضر، وأمه عبسية. نشأ لبيد جواداً شجاعاً فاتكا، أما الجود فورثه من أبيه الملقب ربيعة المعتزين، وأما الشجاعة والفتك، فهما خصلتا قبيلته إذا كان عمه ملاعب الأسنة أحد فرسان مضر في الجاهلية، وأسلم وحسن إسلامه وترك قول الشعر في الإسلام، فلما ولي الخلافة عمر بن الخطاب رضي لله عنه أمر أن يحصى ما قيل من الشعر في الإسلام، فسأل لبيد عما قال من الشعر في الإسلام، فكتب سورة البقرة وآل عمران وكتب تحتها:

الحمد لله إذا لم يأتني أجلي ... حتى اكتسيت من الإسلام سربالا فلما وصلت إلى عمر رضي الله عنه، قال: كم عطاء لبيد؟ قالوا ألفان. فقال: زيدوه خمسمائة، فكان عطاؤه ألفين وخمسمائة في خلافة عمر وعثمان وعلي ومعاوية وتوفي سنة 41 من الهجرة، وكان يطعم كلما هبت الصبا، والتزم ذلك في الإسلام. وقيل: انه عاش مائة وثلاثين سنة ومن شعره: ما عاتب المرء الكريم كنفسه ... والمرء يصلحه الجليس الصالح واستوطن الكوفة، وعلى العراق الوليد بن عقبة، وهبت الصبا، وليس عنده ما يطعم به، فعلم بذلك الوليد، فأرسل إليه بابل، فنحرها، وأطعم الناس، فقال لابنته إلا قلت فيه شعراً تشكرينه به فأنشدت: إذا هبت رياح أبي عقيل ... دعونا عند هبتها الوليدا أغر الوجه ابيض عبشمي ... أعان على مروءته لبيدا بأمثال الهضاب كأن ركبا ... عليها من بني حام قعودا جزاك الله خيراً من أمير ... نحرناها وأطعمنا الثريدا فعد أن الكريم له معاد ... وظني يا ابن أرى أن تعودا فقال لبيد: لقد أحسنت إلا انك استزدته، فقالت: إنه ملك، وليس بسوقة، وليس في سؤاله نقص. ونبغ بالشعر، وهو غلام، وجرى فيه على سنن الأشراف والفرسان، وكان بين قبيلته، وبين بني عبس أخواله عداوة شديدة في الجاهليه، فاجتمع وفداهما عند النعمان بن المنذر، وعلى العبسيين الربيع بن زياد، وعلى العامريين ملاعب الاسنة، وكان الربيع مقرباً عند النعمان، يواكله وينادمه، فأوغر صدره على العامريين، فلما دخل وفدهم على النعمان، أعرض عنهم فشق ذلك عليهم، ولبيد يومئذ صغير يحفظ ابلهم، ويرعاهم فسألهم عن خطيبهم، فاحتقروه لصغره، فألح حتى أخبروه فوعدهم انه سينتقم منه غداً عند النعمان أسوأ انتقام بهجاء لا يجالسه بعد، ولا يواكله، فكان ذلك فانه لما دخل عليه خاطب الربيع بكلام أمضه، وأوجعه، وأنشد يخاطب النعمان: مهلاً ابيت اللعن لا تأكل معه ... فاسته من برص ملمعه وانه يدخل فيها أصبعه ... يدخلها حتى يوارى أشجعه كأنه يطلب شيئاً ضيعه فقال النعمان: حسبك لقد نكدت علي ما مضى من الأكل معه وقال للربيع: أنت كما قال، فقال: كذب علي فإن كنت في شك فأمر من يجردني وينظرني فقال النعمان: شرد برحلك عني حيث شئت ولا ... تكثر علي ودع عنك الأقاويلا قد قيل ما قيل أن صدقاً وان كذباً ... فما اعتذارك من قول إذا قيلا وأهمل النعمان الربيع، وجفاه، وأقبل على العامريين وأجزل صلتهم، وحباهم، وقضى حوائجهم، وكان هذا أول ما اشتهر به لبيد، ثم قال بعد ذلك المقطعات والمطولات، وشهد النابغة له، وهو غلام بأنه أشعر هوازن حين رأى معلقته وهي هذه: عفت الديار محلها فمقامها ... بمنىً تأبد غولها فرجامها فمدافع الريان عري رسمها ... خلقا كما ضمن الوحي سلامها رزقت مرابيع النجوم وصابها ... ودق الرواعد جودها فرهامها من كل سارية وغاد مدجن ... وعشية متجاوب ارزامها فعلا فروع الأبقهان واطفلت ... بالجلهتين ظباؤها ونعامها والعين ساكنة على أطلائها ... عوذا تأجل بالفضاء بهامها وجلا السيول عن الطلول كأنها ... زبر تجد متونها أقلامها أو رجع واشمة أسف نؤورها ... كففاً تعرض فوقهن وشامها فوقفت أسألها وكيف سؤالنا ... صما خوالد ما يبين كلامها عريت وكان بها الجميع فأبكروا ... منها وغودر نؤيها وثمامها شاقتك ظعن الحي حين تحملوا ... فتكنسوا قطناً تصر خيامها من كل محفوف يطل عصيه ... زوج عليه كلة وقرامها زجلاً كأن نعاج توضح فوقها ... وظباء وجرة غطفا آرامها حفزت وزايلها السراب كأنها ... اجزاع بيشة أثلها ورضامها بل ما تذكر من نوادر وقد نأت ... وتقطعت أسبابها ورمامها مرية حلت بفيد وجاورت ... أهل الحجاز فأين منك مرامها بمشارق الجبلين أو بمحجر ... فتضمنتها فردة فرخامها فصوائق لبانة من تعرض وصله ... ولشر واصل خلة صرامها وأحب المجامل بالجزيل وصرمه ... باق إذا ظلعت وزاغ قوامها بطيلح أسفار تركن بقية ... منها وأحنق صلبها وسنامها

فإذا تغالى لحمها وتحسرت ... وتقطعت بعد الكلال خدامها فلها هباب في الزمام كأنها ... صهباء راح مع الجنوب جهامها أو ملمع وسقت لاحقب لاحه ... طرد الفحول وضربها وكدامها يعلو بها حدب الأكام مسحجاً ... قد رابه عصيانها ووحامها بأحزة الثلبوت يربأ فوقها ... قفر المراقب خوفها آرامها حتى إذا سلخا جمادى ستة ... جزءاً فطال صيامه وصيامها رجعا دوابرها السفا وتهيجت ... ريح المصايف سومها وسهامها فتنازعا سبطا يطير ظلاله ... كدخان مشعلة يشب ضرامها مشمولة غلثت بنابت عرفج ... كدخان نار ساطع أسنامها فمضى وقدمها وكانت عادة ... منه إذا هي عردت أقدامها فتوسطا عرض السري وصدعا ... مسجورة متجاوراً قلامها محفوفة وسط اليراع يظلها ... منها مصرع غابة وقيامها أفتلك أم وحشية مسبوعة ... خذلت وهادية الصوار قوامها خلساء ضيعت الفرير فلم يرم ... عرض الشقائق طوفها وبغامها لمعفر فهد تنازع شلوه ... غبس كواسب ما يمن طعامها صادفن منها غرة فأصبنه ... أن المنايا لا تطيش سهامها باتت واسبل واكف من ديمة ... يروي الخمائل دائماً تسجامها تجتاف أصلاً قالصاً متنبذاً ... بعجوب أنقاء يميل هيامها يعلو طريقة متنها متواتراً ... في ليلة كفر النجوم سل نظامها حتى إذا انحسر الظلام وأسفرت ... بكرت تزل عن الثرى أزلامها علهت تبلد في نهاء صعائد ... سبعاً تؤاما كاملاً أيامها حتى إذا يئست وأسحق حالق ... لم يبله أرضاعها وفطامها وتسمعت رز الأنيس فراعها ... عن ظهر غيب والأنيس سقامها فغدت كلا الفرجين تحسب انه ... مولى المخافة خلفها وأمامها حتى إذا يئس الرماة وأرسلوا ... غضفا دواجن قافلا أعصامها فلحقن واعتكرت لها مدرية ... كالسمهرية حدها وتمامها لتذودهن وأيقنت أن لم تذد ... أن قد أحم مع الحتوف حمامها فتقصدت منها كساب وضرجت ... بدم وغودر في المكر سخامها فبتلك إذا رقص اللوامع بالضحى ... واجتاب أردية السراب آكامها أقضي اللبانة لا أفرط ريبة أو أن يلوم بحاجة لوامها أو لم تكن تدري نوار بأنني ... وصال عقد حبائل جذامها تراك أمكنة إذا لم أرضها ... أو يرتبط بعض النفوس حمامها بل أنت لا تدركين كم من ليلة ... طلق لذيذ لهوها وندامها قد بت سامرها وغاية تاجر ... وافيت إذا رفعت وعز مدامها أغلي السباء بكل أدكن عاتق ... أو جونة قدحت وفض ختامها لصبوح صافية وجذب كرينة ... بموتر تأتاله ابهامها باكرت حاجتها الدجاج بسحرة ... لأعل منها حين هب نيامها وغداة ريح قد وزعت وقرة ... إذا أصبحت بيد الشمال زمامها ولقد حميت الخيل تحمل شكتي ... فرط وشاحي إذا غدوت لجامها فعلوت مرتقباً على مرهبوة ... حرج إلى أعلامهن قتامها حتى إذا ألقت يدا في كافر ... وأجن عورات الثغور ظلامها أسهلت وانتصبت كجذع منيفة ... جرداء يحصر دونها جرامها رفعتها طرد النعام وفوقه ... حتى إذا سخنت وخف عظامها قلقت رحالتها وأسبل نحرها ... وابتل من زبد الحميم حزامها ترقى وتطعن في العنان وتنتحي ... ورد الحمامة إذا أجد حمامها وكثيرة غرباؤها مجهولة ... ترجى نوافلها ويخشى ذامها غلب تشذر بالذخول كأنها ... جن البدي رواسياً اقدامها أنكرت باطلها وبؤث بحقها ... يوماً ولم يفخر علي كرامها وجزور أيسار دعوت لحتفها ... بمغالق متشابه أعلامها أدعو بهن لعاقر أو مطفل ... بذلت لجيران الجميع لحامها فالضيف والجار الغريب كأنما ... هبطا تبالة مخصباً أهضابها تأوي إلى الأطناب كل رزية ... مثل البلية قالص أهدامها ويكللون إذا الرياح تناوحت ... خلجاً تمد شوارعاً أيتامها أنا إذا التقت المجامع لم يزل ... منا لزاز عظيمة جشامها ومقسم يعطي العشيرة حقها ... ومغذمر لحقوقها هضاما

شعر

فضلاً وذو كرم يعين على الندى ... سمح كسوب رغائب غنامها من معشر سنت لهم آبائهم ... ولكل قوم سنة وأمامها أن يفزعوا تلق المغافر عندهم ... والسن يلمع كالكواكب لامها لا يطبعون ولا يبور فعالهم ... إذا لا تميل مع الهوى أحلامها فبنوا لنا بيتاً رفيعاً سمكه ... فسما إليه كهلها وغلامها فاقنع بما قسم المليك فإنما ... قسم الخلائق بيننا علامها وإذا الأمانة قسمت في معشر ... أوفى بأعظم حظنا قسامها فهم السعادة إذا العشيرة أنظعت ... وهم فوارسها وهم حكامها وهم ربيع للمجاور فيهم ... والمرملات إذا تطاول عامها هم العشيرة أن يبطئ حاسد ... أو أن يلوم مع العدى لوامها تم الاختيار من شعر لبيد ويليه الاختيار من شعر ذي الوزارتين احمد بن زيدون شعر ذي الوزارتين أحمد بن عبد الله بن زيدون الأندلسي القرطبي فمن قوله: يا قمراً مطلعه المرب ... قد ضاق بي في حبك المذهب ألزمتني الذي الذنب جئته ... صدقت فاصفح أيها المذنب وان من أغرب ما مر بي ... أن عذابي منك مستعذب ومن قوله أيضا يتذكر معاهد أصحابه وأحبابه: خليلي لا فطر يسر ولا أضحى ... فما حال من أسمى مشوقاً كما أضحى لئن شاقني شرق العقاب فلم أزل ... أخص بممحوض الهوى ذلك السفحا وما انفك جو في الرصافة مشعري ... دواعي بث تعقب الأسف البرحا ويهتاج ذميما عهد مجلس ناصح ... فاقبل في فرط الولوع به نصحاً كأني لم أشهد لدى عين شهدة ... نزال عتاب كان اخره الفتحا وقائع جانيها التجني وان مشى ... سفير خضوع بيننا أكد الصلحا وأيام وصل بالععتيق اقتضيته ... فالايكن ميعاده العيد فالفصحا وآصال لهو في مسناة مالك ... معاطة ندمان إذا شئت أو سبحا لدى راكد ييبك من صفحاته ... قوارير خضر خلتها مردت صرحا معاهد لذات وأوطان صبوة ... أجلت المعلى في الأماني بهها قدحا ألا هل إلى الزهراء أوبة نازح ... تقضى تنائيها مدامعه نزحا؟ مقاصير ملك أشرقت جنباتها ... فخلنا العشاء الجون أثناءها صبحا يمثل قرطيها لي الوهم جهرة ... فقبتها فالكواكب الرحب فالسطحا محل ارتياح يذكر الخلد طيبه ... إذا عز أن يصدى الفتى فيه أو يضحى هناك الجمام الزرق تندى حفافها ... ظلال عهدت الدهر فيها فتى سمحا تعوضت من شدو القيان خلالها ... صدى فلوات قد أطار الكرى ضبحا أجل أن ليلي فوق شاطئ نيطة ... لأقصر من ليلي بآنة فالبطحا وهذه معاهد لبني أيمة بالأندلس، ومنتزهات حال ملكهم لتلك البلاد، وكان ابن زيدون يكلف بولادة المهدي فمن قوله فيها: يا نازحاً وضمير القلب مثواه ... أنستك دنياك عبداً أنت دنياه الهتك عنه فكاهات تلذ بها ... فليس يجري ببال منك ذكراه عل الليالي تبقيني إلى أمل ... الدهر يعلم والأيام معناه وقال يعاتبها على إغفال عهده: إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا ... والأفق طلق ووجه الأرض قد راق وللنسيم اعتلال في أصائله ... كأنه رق لي فاعتل إشفاقا والروض عن مائه الفضي مبتسم ... كما شققت عن اللبات أطواقا يوم كلذات أيام لنا انصرمت ... بتنا لها حين نام الدهر سراقا نلهو بما يستميل العين من زهر ... جال الندى فيه حتى مال أعناقا كأن اعينه إذا عاينت أرقي ... بكت لما بي فجال الدمع رقراقا ورد تألق في ضاحي منابته ... فازداد منه الضحى في العين إشراقا كل يهيج لنا ذكرى تشوقنا ... الك لم يعد عنها الصدر أن ضاقا لو كان وفى المنى في جمعنا بكم ... لكان من أكرم الأيام أخلاقا لا سكن الله قلبا عن ذكركم ... فلم يطر بجناح الشوق خفاقا لو شاء حملي نسيم الصبح حين سرى ... وافاكم بفتى أضناه ما لاقى يا علقي الأخطر الأسنى الحبيب إلى ... نفسي إذا ما اقتنى الأحباب إعلاقا طكان التجاري بمحض الود مذ زمن ... ميدان انس جرينا فيه إطلاقا

فالآن احمد ما كنا لعهدكم ... سلوتم وبقينا نحن عشاقا وقال يمدح المعتضد: أما في نسيم الريح معرق ... لناهل لذات الوقف بالجزع موقف فنقضي أوطار المنى من زيارة ... لنا كلف منها بما نتكلف ضمان علينا أن تزار ودونها ... رقاق الظبى والسمهري المثقف وقوم عدىً يبدون عن صفحاتهم ... وازهرها من ظلمة الحقد اكلف يودون لو يثني الوعيد زماعنا ... وهيهات ريح الشرق من ذاك أعصف كفانا من الوصل التحية خلسة ... فيومئ طرف أو بنان مطرف واني ليستهويني البرق صبوة ... إلى برق ثغر أن بدا كاد يخطف وما ولعي بالراح إلا توهماً ... لظلم لها كالراح لو يترشف وتذكرني العقد المرن جمانه ... مرنات ورق في ذرى الأيك تهتف فما قبل من أهوى البدر هودج ... ولا صان ريم القفر خدر مسجف ولا قبل عباد حوى البحر مجلس ... ولا حمل الطود المعظم رفرف هو الملك الجعد الذي في ظلاله ... تكف صروف الحادثات وتصرف رويته في الحادث الإد لحظة ... وتوقيعه الجالي دجا الخطب أحرف طلاقة وجه في مضاء كمثل ما ... يروق فرند السيف والحد مرهف على السيف من تلك الشهامة ميسم ... وفي الروض من تلك الطلاقة زخرف ولما قضينا ما عنانا أداؤه ... وكل بما يرضيك داع فملحف أظن الأعادي أن حزمك نائم ... لقد تعد الفسل الظنون فتخلف رأيناك في أعلى المصلى كأنما ... تطلع من محراب داود يوسف ولما حضرنا الأذن والدهر خادم ... تشير فيمضي والقضاء مصرف وصلنا فقبلنا الندى منك في يد ... بها يتلف المال الجسيم ويخلف لك الخير أني لي بشكرك نهضة ... وكيف أؤدي شكر ما أنت مسلف أفدت بهيم الحال مني غرة ... يقابلها طرف الحسود فيطرف ولولاك لم يسهل من الدهر جانب ... ولا ذل مقتاد ولا لان معطف ولما مات المعتضد رثاه وذكر إكرام المعتمد له وبره فقال: أعباد يا أوفى الملوك لقد سطا ... عليك زمان من سجيته الغدر فهلا عداه أم علياك حلية ... وذكرك في أردان أيامه عطر أأنفس نفس في الورى أقصد الردى ... وأخطر علق للندى أفقد الدهر إذا الموت أضحى قصر كل معمر ... فان سواء طال أو قصر العمر ومنها: فهل علم المقدس إنني ... مسوغ حال ضل في كنهها الفكر وان متابي لم يضعه محمد ... خليفتك العدل الرضى وابنك البر وأرغم في بري انوف عصابة ... لقاؤهم جهم ومنظرهم شزر إذا ما استوى في الدست عاقد حبوة ... وقام سماط حافل فلي الصدر وله بعد فراره من سجن أبي الحزم ابن جهور وقد أقام بقرطبة متواريا ويخاطب الأديب أبا بكر له عند أبي الحزم: شحطنا وما الدار نأي ولا شحط ... وشط بمن نهوى المزار وما شطوا أأحبابنا ألوت بادث عهدنا ... حوادث لا عقد عليها ولا شرط لعمركم أن الزمان الذي قضى ... بشت جميع الشمل منا لمشتط واما الكرى مذ لم أزركم فهاجر ... زيارته غب وإلمامه فرط وما شوق مقتول الجوانح بالصدى ... إلى نطفة زرقاء أضمرها وقط بأبرح من شوقي إليكم ودون ما ... أدير المنى عنه القتادة والخرط وفي الربرب الإنسي أهوى كناسه ... نواحي فؤادي لا الكثيب ولا السقط غريب فنون الحسن ترتاح درعه ... متى ضاق ذرعا بالذي حازه المرط كأن فؤادي يوم أهوى مودعا ... هوى خافقاً منه بحيث هوى القرط إذا ما كتاب الوجد أشكل سطره ... فمن زفرتي شكل ومن عبرتي نقط إلا هل اتى افتيان أن فتاهم ... فريسة من يعدو ونهزة من يسطو وان الجواد الفائت الشأو صافن ... تخونه شكل وأزرى به ربط وان الحسام العضب ثاو بجفنه ... وما ذم من غربيه قد ولا قط عليك أبا بكر بكرت بهمة ... لها الخطر العالي وان نالها حط أبي بعدما هيل التراب على أبي ... ورهطي فذاً حين لم يبق لي رهط لك النعمة الخضراء تندى ظلالها ... علي ولا جحد لدي ولا غمط

ولولاك لم تثقب زناد قريحتي ... فينتهب الظلماء من نارها سقط ولا الفت أيدي الربيع بدائعي ... فمن خاطري نثر ومن روضه لقط هرمت ما للشيب وخط بمفرقي ... ولكن لشيب الهم في كبدي وخط وطاول سوء الحال نفسي فاذكرت ... من الروضة الغناء طاولها القحط مئون من الأيام خمس قطعتها ... اسيراً وان لم يبد شد ولا ربط أتت بي كما ميص الإناء من الأذى ... واذهب مابالثوب من دون مسط أتدنو قطوف الجنتين لمعشر ... وغايتي السدر القليل أو الخمط وما كان ظني أن تغرني المنى ... وللغر في العشواء من ظنه خبط أما وأرتني النجم موطئ أخمصي ... لقد أوطأت خدي لا خمص من يخطو ومستبطئ العتبي إذا قلت قد أنى ... رضاه تمادى العتب واتصل السخط وما زال يدنيني وينأى قبوله ... هوى سرى منه وصاغية فرط ونظم ثنائي في نظام ولائه ... تحلت به الدنيا لآلئه وسط على خصرها منه وشاح مفصل ... وفي رأسها تاج وفي جيدها سمط عدا سمعه عني وأصغى إلى عدى ... لهم في أديمي كلما استمكنوا عط بلغت المدى إذا قصروا فقلوبهم ... مكامن أضغان اساودها رقط يولونني عرض الكراهة والقلى ... وما دهرهم إلا النفاسه والغبط ولما انتخوني بالتي لست أهلها ... ولم يمن أمثالي بأمثالها قط فررت فإن قالوا الفرار أرابة ... فقد فر موسى حين هم به القبط واني لراج أن تعود كبدئها ... لي الشيمة الزهراء والخلق السبط وحلم امرئ تعفى الذنوب لعفوه ... وتمحى الخطايا مثل ما محي الخط فمالك لا تختصني بشفاعة ... يلوح على دهري لميسمها علط يفي بنسيم العنبر الورد نفحها ... إذا شعشع المسك الأحم به خلط فإن يسعف المولى فنعمى هنيئة ... تنفس عن نفس ألظبها ضغط وان يأب الاقبض مبسوط فضله ... ففي يدمولى فوقه القبض والبسط ولم يزل يروم دنو ولادة، ويتعذر عليه، فلما يئس من لقائها كتب إليها يستديم عهدها، ويعتذر من فراقها بالخطب الذي غشيه، ويعلمها انه ما سلا عنها وهي قصيدة ضربت في الإبداع بسهم. وطلعت في كل خاطر ووهم، ونزعت منزعاً قصر عنه حبيب وابن الجهم أولها: أضحى التنائي بديلا من تدانينا ... وناب عن طيب لقيانا تجافينا بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا ... شوقا إليكم ولا جفت مآقينا نكاد حين تناجيكم ضمائرنا ... يقضي علينا الاسى لولا تأسينا حالت لفقدكم أيامنا فغدت ... سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا إذا جانب العيش طلق من تألفنا ... ومربع اللهو صاف من تصافينا واذ هصرنا غصون الانس دانية ... قطوفها فجنينا منه ماشينا ليسق عهدكم عهد السرور فما ... كنتم لأرواحنا إلا رياحينا من مبلغ ملبسينا بانتزاحهم ... حزناً مع الدهر لا يبلى ويبلينا أن الزمان الذي ما زال يضحكنا ... أنساً بقربكم قد عاد يبكينا ما حقنا أن تقروا عين ذي حسد ... بنا ولا تسروا كاشحا فينا غيظ العدى من تساقينا الهوى فدعوا ... بأن نغص فقال الدهر آمينا فانحل ما كان معقوداً بأنفسنا ... وانبت ما كان موصولا بأيدينا وقد نكون وما يخشى تفرقنا ... فاليوم نحن وما يرجى تلاقينا لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم ... رأياً ولم نتقلد غيره دينا لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا ... أن طالما غير النأي المحبينا والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً ... منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا ولا استفدنا خليلاً عنك يشغلنا ... ولا اتخذنا بديلاً منك ينسينا يا ساري البرق غاد القصر فاسق به ... من كان صرف الهوى والود يسقينا ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا ... من لو على البعد حيا كان يحيينا يا روضة طالما أجنت لواحظنا ... ورداً جلاه الصبا غضاً ونسرينا ويا حياة تملينا بزهرتها ... منا ضروباً ولذات أفانينا ويا نعيماً خطرنا من غضارته ... في وشي نعمى سحبنا زيله حينا لسنا نسميك اجلالا وتكرمة ... وقدرك المعتلي عن ذاك يغنينا

شعر

إذا انفردت وما شوركت في صفة ... فحسبنا الوصف إيضاحا وتبيينا يا جنة الخلد بدلنا بسدرتها ... والكوثر العذب زقوماً وغسلينا كأننا لم نبت والوصل ثالثنا ... والسعد قد غض من اجفان واشينا أن كان قد عز في الدنيا اللقاء ففي ... مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا سران في خاطر الظلماء يكتمنا ... حتى يكاد لسان الصبح يفشينا لاغرو في أن ذكرنا الحزن حين نهت ... عنه النهى وتركنا الصبر ناسينا إذا قرأنا الأسى يوم النوى سوراً ... مكتوبة وأخذنا الصبر تلقينا أما هواك فلم نعدل بمنهله ... شرباً وان كان يروينا فيطمينا لم نجف أفق جمال أنت كوكبه ... سالين عنه ولم نهجزه قالينا ولا اختياراً تجنبناه عن كثب ... لكن عدتنا على كره عوادينا دومي على العهد ما دمنا محافظة ... فالحر من دان انصافا كما دينا فما استعضنا خليلا منك يحبسنا ... ولا استفدنا حبيباً عنك يثنينا ولو صبا نحوك من علو مطلعه ... بدر الدجى لم يكن حاشاك يصبينا أبكي وفاءً وان لم تبذلي صلة ... فالذكر يقنعنا والطيف يكفينا وفي الجواب متاع لو شغفت به ... بيض الأيادي التي ما زلت تولينا عليك مني سلام الله ما بقيت ... صبابة بك نخفيها فتخفينا تم الاختيار ن شعر ابن زيدون وأخباره ويليه الاختيار من شعر ابن شرف وأخباره. شعر ابن شرف قال صاحب قلائد العقيان: هو الحكيم الأديب أبو الفضل بن شرف الناظم، الناثر، الكثير المعالي والمآثر، الذي لا يدرك باعه، لا يترك اقتفاؤه وإتباعه، أن نثر رأيت بحراً يزخر، وان نظم قلد الأجياد دراً تتباهى به وتفخر، وان تكلم في علوم الأوائل بهرج الأذهان والألباب، وولج منها في كل باب، وهو اليوم بدر هذه الآفاق، وموقف الاختلاف والاتفاق مع جري في ميدان الطلب إلى منتهاه، وتصرف بين سماكه وسهاه، وتصانيف في الحكم ألف منها ما ألف، وتقدم فيها وما تخلف، فمنها كتابه المسمى ب (سر البر) وجزؤه الملقب ب (نجح النصح) وسواها من تصانيف اشتمل عليها الأوان وحواها. فمن حكمه قوله: العالم مع العلم كالناظر في البحر يستعظم منه ما يرى، وما غاب عنه أكثر. ومنها: لولا التسويف كثر العلم؟ ومنها: الفاضل في الزمن السوء كالمصباح في البراح قد كان يضيء لو تركته الرياح، ومنها: لا تكن بالحال المتزايدة أغبط منك بالحال المتناهية، فالقمر آخر إبداره أول إدباره. ومنها: لاتكن بقلبلك أغبط منك بكثير غيرك، فان الحي برجليه، وهما ثنتان أقوى من الميت على أقدام الحملة، وهما ثمان. ومنها: الملتبس بمال السلطان كالسفينة في البحر أن أدخلت بعضه في جوفها أدخل جميعها في جوفه. ومنها: التعليم فلاحة الأذهان، وليس كل ارض منبتة. ومنها: الجازم من شك فروى، وأيقن فبادر. ومنها: قول الحق من كرم العنصر كالمرآة كلما كرم حديدها أرت حقائق الصفات. ومنها: رب مسامح بالعطاء على باخل بالقبول. ومنها: ليس المحروم من سئل فلم يعط، وإنما المحروم من أعطي فلم يقبل. ومنها: يا ابن آدم تذم أهل زمانك وأنت منهم، كأنك وحدك البريء كلا بل جنيت وجني عليك، فذكرت ما لديهم، ونسيت ما لديك. ومنها: اعلم أن الفاضل الذكي لا يرتفع أمره، أو يظهر قدره كالسراج لا تظهر أنواره أو يرفع مناره، والناقص الدنيء لا يبلغ نفعه إلا كهوجل السفينة لا ينتفع بضبطه إلا بعد الغاية في حطه. ومن بديع قوله في قصيدة أولها: تخطو فتولي ذيول العصب والحبر ... ضعيفة الخطو والميثاق والنظر تخطو فتولي الحصى من حليها نبذا ... وتخلط العنبر الوردي بالعفر غيري الخلي بما تبديه من قلق ... في الوشح أو غصص تخفيه في الازر لم أدر هل الخلخال من غضب ... عليه أم لعب الزنار من أشر تلفتت عن طلى وسنان وابتسمت ... عن واضح مثل نور الروضة العطر أن نلت رياه لم أطمع بمطعمه ... لأن روض الصبا نور بلا ثمر ما لذ للعين نوم بعد ما ذكرت ... ليلاً سمرناه بين الضال والسمر تساقط الطل من فوق النحور ربه ... تساقط الدر في اللبات والثغر ومفرق الليل قد شابت ذوائبه ... فيت أدعو له بالطول في العمر

والليل يعجب والظلماء جانحة ... من ساهر يشتكي لليل بالقصر فبت أجزع من ليل لواضحة ... تبدو وأبخل من روض على سحر يامن جفا فجفاني الطيف هجرك لي ... بأي عذر فعذر الطيف في السهر ذكرت بالسفح شملاً غير منصدع ... بالنائبات ونظماً غير منتثر بكل بيضاء خود خلتها جمدت ... من اسكينة أو ذابت من الخفر ومنها في وصف السيف: أن قلت ناراً اتندى النار ملهبة ... أو قلت ماءً أيرمي الماء بالشرر ومنها في وصف الدرع من كل مأذية أنثى فيا عجبا كيف استهانت بوقع الصارم الذكر وله من قصيدة أخرى أولها: ما الرسم من حاجة المهرية الرسم ... ولا مرام المطايا عند ذي أرم ردي شبا الخط تهدين الركاب فما ... بالبيد للركب من هاد ولا علم حثي المطي وشدي في دوائرها ... هذا اوان اقتضاء الشد من زيم ريعت لنبأة سامي السوط فالتفتت ... صعر الخدود إلى سواقة حطم صبت على صهوات الناجيات وقد ... أخفت سروج المطايا صولة اللجم منوطة بغواشي البيض راحته ... كأنما اختلطت بالصارم الخذم بتنا نكالئ طرف العين عن سنة ... والطيف يستأذن الأجفان في الحلم معرسين بإغفال البطاح لنا ... تحت الوشيج مبيت الأسد في الأجم قامت تغبطني بالحرص سالكة ... بين السبيلين لم تقعد ولم تقم ظنت بي العجز فارتابت فخاصمها ... جور الزمان فلم تغدر ولم تلم اني وان غرني نيل المنى لأرى ... حرص الفتى خلة زيدت على العدم فما عكفت بآمالي علو وثولا سجدت بأشعاري إلى صنم أهل المناظر والألباب خالية ... لا يعدمون من الدنيا سوى الفهم نالوا الحظوظ فما نالوا موافقة ... كما تقاسمت الايسار بالزلم لما رأيت الليالي قد طبعن على ... جدب الأسود وخصب ا؟ النعم رجعت أضحك والإعوال أجدر بي ... من ميسر كان فيه الفوز للبرم تقلدتني الليالي وهي مدبرة ... كأنني صارم في كف منهزم ذهبت بالنفس لا الوي على نشب ... وان دعيت به ابن المجد والكرم فللمصارع أطراف اليراع يد ... بنت لي المجد بين السيف والقلم ومن مديحها: وان أحمد في الدنيا وان عظمت ... لواحد مفرد في عالم الأمم تهدى الملوك به من بعدما نكصت ... كما تراجع فل الجيش للعلم رحب الذراع طويل الباع متضح ... كأن غرته نار على علم من الملوك الالى اعتادت أوائلهم ... سحب البرود ومسح المسك باللمم زادت مرور الليالي بينهم شرفا ... كالسيف يزداد إرهافا على القدم تسنموا انكبات الدهر واختلطوا ... مع الخطوب اختلاط البرء بالسقم معوق السيل لا تنفك راحته ... من كف معتلق أو ثغر مستلم مكارم حكمت في ذاته يدها ... فكدت أرحمها من سطوة الكرم أضنى فؤادي واوهاه تحملها ... حتى وضعت يدي منه على ألمي كأنني إذا أوالي قبل راحته ... عجزت عن شكره حتى سددت فمي ومن أخرى أولها: سروا ما امتطوا إلا اظلام ركائبا ... ولا اتخذوا إلا النجوم صواحبا وقد وخطت أرماحهم مفرق الدجى ... فبات باطراف الاسنة شائبا وليل كطي المسح جبنا سواده ... كأنا امتطينا من دجاه النوائبا خطبنا به اظلماء حتى كأنما ... ضربنا بايدي العيس إبلا غرائبا وركب كأن البيض أمست ضرائبا ... لهم وهم أمسوا لهن ضرائبا إذا أوبوا صاروا شموساً منيرة ... وان أدلجوا أمسوا نجوماً ثواقبا طوال الباع والخيل والقنا ... تخالهم فوق الجياد أهاضبا فما يحملون السمر إلا عواليا ... ولا يركبون الخيل إلا سلاهبا إذا اعتقلوا للطعن عواليا ... أو اتشحوا للضرب بيضاً قواضبا وطال بليل الدار هم أبت له ... نجوم الدياجي أن تؤوب غواربا ومذ وطئت أبناء مروان ذروة ... من الشرق آلت لا تجب المغاربا ثوابت في جو السماء تخالها ... بها لبني عبد العزيز مناقبا وله من قصيدة أولها: أرح خطاك فحلي النجم قد نهبا ... وقد قضى الشرق من وصل الدجى أربا

أنا ركبنا من الظلماء جانحة ... كأننا من دجاه نمتطي نوبا سل النجوم هل ارتابت بصحبتنا ... لما أثرن إليهن القنا السلبا إذا استمرت بمجرى النجم سالكة ... خلت المجرة من آثارها ندبا تهفو الركاب فتهدينا أسنتنا ... كأنما عارضت أطرافها الشهبا وباتت الخيل يقدحن الحصى حنقاً ... حتى تضرم ذيل الليل والتهبا تلك الفوارس لا تثني أعنتها ... عن وجهة أوينال السيف ما طلبا باتوا على نشوة ما هاجها طرب ... وقد أداروا بكاسات السرى نغبا إذا اثاروا القنا عن جنح مظلمة ... شالوا النجوم على أطرافها عذبا وله يمدح أبا بكر الوزير: خيال زارني عند الصباح ... وثغر الشرق يبسم عن أقاح وقد حشر الصباح له ونادى ... فأصغى النجم منه إلى الصباح وفاض على الكواكب وهو طام ... فطار النسر مبلول الجناح وزائرة طردت لها منامي ... وقد عقد الكرى راحاً براحي وأدناها الهوى حتى أحلت ... وباتت بين ريحان وراح تهز الغصن في حقف مهيل ... وتفري الليل عن قمر لياح وأضناني الهوى فنعت نحولي ... وهل ينعى النحول على الصفاح وقد حملت عبء الحب ضعف ... حمل الخصر للكفل الرداح أحن إلى رضاك وفيه برئي ... كما حن المال من ايدي الشحاح سأفزع في هواك لحسن صبركما فزع الجبان إلى السلاح واقتدح الرغيبة من ركاب ... براهن السرى بري القداح تعنف أن رأت شأواً بعيداً ... ومن يثني الجواد عن الجماح سرى جبنا به الظلماء حتى ... سبقنا البائتين إلى اصباح إذا ونت الكواكب عن مداها ... حفزناها بأطراف الرماح ومن كان الوزير له ظهيراً ... يسم راعيه في حي لقاح بحيث الرعي في أحوى أحم ... وحيث الورد في شبم قراح من القوم العزيزين أهل العلى والطوال والنسب الصراح أقاموا المجد في سمك علي ... ومدوا العز في أرض فياح فآوى كل عاف من ذراهم ... إلى بيض اللمى خضر البطاح وقد وقام العلى عنهم خطيباً ... وصاح الجود حي على الفلاح بأبنية وأعمدة طوال ... وراحات وساحات فساح أبا بكر كتمت علاك حلماً ... فنم على الربى طيب الفواح فكم تحيي الوالي بامتنان ... وكم تردي المعادي باجتياح يمين ملكت رق المساعي ... وكف أعذبت ماء السماح وفضل لا ينيب إلى نصيح ... وجود لا يصيخ لقول لاح وحلم أوسع الدنيا وقاراً ... وقد خفقت له خفق الجناح لأعمى الفكر عن عيب الموالي ... أصم الجود عن قول اللواحي فتى تجد الأماني في يديه ... وجود الري في الماء القراح يجلي حادث الدنيا بوجه ... كأن جبينه فلق الصباح أضاء بوجهه أفق الدياجي ... وقام بكفه علم النجاح طلعت على العلى من كل باب ... وجزت المجد من كل النواحي وجاء بك الزمان على اكتهال ... فكنت الروض فاح مع الرواح فكف للسيادة ذات بسط ... وطرف للمعالي ذو طماح غضبت لكل حق مستباح ... ولم تغضب لمال مستباح فكيف نصرت كل حمىً مذال ... ولم تنصر حمى المال المباح نوالك من ولاتك ذو تدان ... وقدرك عن عداتك ذو انتزاح تداركت انصداعاً بانشعاب ... وصيرت الفساد إلى الصلاح فقد بدلت كرباً بانفراج ... وقد عوضت ضيقاً بانفساح وداويت الليالي من رداها ... وقد ناديت يا آسي الجراح فقد أشفيتها من كل داء ... وقد أسقيتها بعد التياح دعوت المعتفين لغير مأوىوأحللت الطريد أعز ساح فما للفضل فيها من زوال ... وما للمجد عنها من براح لقد أنسى زمانك كل عيد ... بعز ثابت وأسى مزاح وذي الأيام أعياد الأيادي ... فكيف تضيفهن إلى الأضاحي وكتب إليه بعض أصحابه ابن اللبانة هذه الأبيات: يا روضة أضحى النسيم لسانها ... يصف الذي تهديه من أرجائها ومن اغتدى ثم اهتدى لطريقة ... ما ضل من يسعى على منهاجها طافت بكعبتك المعالي إذا رأت ... أن النجوم الزهر من حجاجها

شعر

شغلت قضيتك النفوس فأصبحت ... مرضى وفي كفيك سر علاجها هلا كتبت إلى الوزير برقعة ... تصبو معاطفه إلى ديباجها تجد السبيل لهم ولاتك للمنى ... وينير سعيهم بنور سراجها أنت السماء فما بهالك رقعة ... طلعت عليها الشهب من أبراجها ضحت مفارق كل فضل عنده ... فاجعل قريضك درة في تاجها فراجعه أبو الفضل: يا منجدي والدهر يبعث حربه ... شعثاء قد لبست رداء عجاجها لله درك إذا بسطت إلى الرضى ... نفساً تمادى الدهر في إخراجها وأرقت ماء الود في نار الأسى ... كالراح يكسر حدها بمزاجها فيأتني تلك الغمام فبردت ... من غلة كالنار في انضاجها فأويت تحت ظلالها ووجدت بر ... د نسيمها وكرعت من ثجاجها حاولت مني أن أطارد حاجة ... مرضت فاعيا الناس باب علاجها قل كيف تنعش بعد طول عثارها ... أم كيف تفتح بعد سد رتاجها هيهات لاتثنى النفوس لوجهة ... من بعد ما رجعت إلى إدبارها لأزيد في أمري وضوجاً بعدما ... قامت براهين على منهاجها فأكون أن زدت الصباح أدلة ... خرقاء تمشي في الضحى بسراجها دعني ابرد بالقناعة غلة ... يأس النفوس أحق في اثلاجها بكر بخلت على الانام بوجهها ... ومنعتها من ليس من أزواجها وصرفتها محجوبة بصوانها ... مثل السلوك تصان في أدراجها كالنور في اكمامها والبيض في ... اغمادها والغيد في ادراجها فالنفس أن ثبتت على أخلاقها ... اعيا على النصاح طول لجاجها تم الاختيار من شعر ابن شرف ويليه الاختيار من شعر الداني. شعر أبو بكر الداني هو الأديب الشاعر المجيد ذو الباع المديد والانطباع الفريد أبو بكر الداني المعروف بابن اللبانة عفى الله عنه. فمن شعره قوله يتغزل: تولى السرب خفية من يليه ... وأفلت من حبائل قانصيه على شرف الخميلة كان حتى ... توجس نبأةً من خاتليه فمر على مهب الريح يعدو ... بأسرع من مدامع عاشقيه تعلق آخر البطحاء هضبا ... تأمل منه خيفة آمليه وصادف عنده مرعى مريعاً ... فاصبح يشرئب ويرتعيه توجه حيث لم تقفى خطاه ... بمنسوب إلى آل الوجيه بمياع الأديم يكاد يغشي ... بنقبته نواظر مبصريه ودخل ميورقة وتلقاه ملكها ناصر الدولة فأكرمه وزاد في إكرامه فمدحه بقوله: حنيت جوانحه على جمر الغضى ... لما رأى برقاً أضاء بذي الاضا واشتم في ريح الصبا ارج الصبا ... فقضى حقوق الشوق فيه بأن قضى والتف في حبراته فحسبتها ... من فوق عطفيه رداء فضفضا قالوا الخيال حياته لو زاره ... قلت الحقيقة قلتم لو غمضا يهوى العقيق وساكنيه وان يكن ... خبر العقيق وساكنيه قد انقضى ويود عودته إلى ما اعتاده ... ولقلما عاد الشباب وقد مضى ألف السرى فكأن نجماً ثاقباً ... صدع الدجى منه وبرقاً مومضا طلب الغنى من ليله ونهاره ... فله على القمرين مال يقتضى مهما بدت شمس يكون مذهبا ... وإذا بدى بدر يكون مفضضا هذا أفاد وفاد غير مقصر ... جهد المقل بأن يموت مفوضا ولرب ربة حانة نبهتها ... والجو لؤلؤ طله قد رضرضا وقد انطفت نار القرى وبقي على ... مسك الدجى مذرور كافور الغضى والليل قد سدى والحم ثوبه ... والفجر يرسل فيه خيطاً أبيضا ومتى ركبت لها أعالي أيكة ... نشرت جناحاً للرياض معرضا والبحر يسكن خفية من ناصر ... أرضى الرياسة بعد فقد المرتضى ملك سمت علياه حتى دوخت ... وزكى ثرى نعماه حتى روضا ماء الغمائم جرعة مما سقى ... وسنى الأهلة خلعة مما نضا حفت عليه راية وذؤابة ... فكأن صلاً نحو صل نضنضا وكان المرتضى رحمه الله تعالى هو الذي أورث ناصر الدين الملك، قلم يزل يكرم أولياءه، ويبرهم ويتفقدهم بما يسرهم. وقال يمدحه بقصيدة أولها: هلا ثناك علي قلب مشفق ... فترى فراشاً في فراش يحرق أتت المنية والمنى فيك استوى ... ظل الغمامة والهجير المحرق

لك قد ذابلة الوشيج ولونها ... لكن سنانك أكحل لا ازرق ويقال انك ايكة حتى إذا ... غنيت قيل هو الحمام الأورق يامن رشقت إلى السلو فردني ... سبقت جفونك كل سهم يرشق لو في يدي سحر وعندي أخذلجعلت قلبك بعد حين يعشق جسدي من الأعداء فيك لأنه ... لا يستبين لطرف طيف يرمق لم يدر طيفك موضعي من مضجعي ... فعذرته في انه لا يطرق جفت لديك منابعي ومنابتي ... فالدمع ينشع والصبابة تورق وكأن أعلام الأمير مبشر ... نشرت على قلبي فأصبح يخفق الخيزرانة تلتظي في كفه ... والتاج فوق جبينه يتألق وكأن صوب حياً وصعقه بارق ... ما ضم منه نديه والمأزق متباعد الطرفين جود غافل ... عما يحل به وعزم مطرق بأس كما جمد الحديد وراءه ... كرم يسيل كما يسيل الزئبق لا تعجب الأملاك كثرة مالهم ... النبع أصلب والأراكة أورق ضدان فيه لمعتد ولمعتف ... السيف يجمع والعطاء يفرق ومنها: وبنو الحروب على الحرابي التي ... تردي كما تردي الجياد السبق خاضت غدير الماء سابحة به ... فكأنما هي في سراب أنيق ملأ الكماة بطونها وظهورها ... فأتت كما يأتي السحاب المغدق وقال فيه: رأت بك أوجه العليا مباها ... وعاد على لواحظها كراها وجاءت فيك السنة المعالي ... بآيات تشرف من تلاها سواك يسير في أرض فأما ... خطاك فبالمجرة لا سواها كأن الشهب إذا تجري لسعد ... تخط لك الطريق على ذراها وله أيضا: بكت عند توديعي فما علم الركب ... إذاك سقيط الرأم لؤلؤ رطب؟ وتابعها سرب واني لمخطئ ... نجوم الدياجي لا يقال لها سرب لئن وقفت شمس النهار ليوشع ... فقد وقفت شمس الهدى لي والشهب عقيلة بيت المجد لم ترها الدجى ... ولا لمحتها الشمس وهي لها ترب ظبى الهند مما ذب عنها وإنما ... تلطف لي فيها بخدعته الحب سرت وبروج النيرات قبابها ... وقدامها من كل خاطفة قب وما دخلت إلا المجرة وادياً ... فليس لها إلا بإعطانها شرب وبحر سوى بحر الهوى قد ركبته ... لأمر كلا البحرين مركبه صعب غريب على جنبي غراب نهوضه ... بقادمتي ورقاء مطلبها شعب كأني قذى في مقلة وهو ناظر ... بها والمجاذيف التي حولها هدب ولما رأت عيني جناب ميورق ... امنت وحسب المرء بغيته حسب نزلت بكافر وتبر وجوهر ... يقال لها الحصباء والرمل والترب وقلت المكان الرحب اين فقيل لي ... ذوا ناصر العلياء اجمعه رحب ثم أن الناصر تغير له وجفاه ولم يراع قديم صحبته وأخاه فكتب إليه يستعطفه بقوله: نسيمك حتام لا ينبري ... وطيفك حتام لا يعتري؟ أتذكر أيامنا بالحمى ... وأيامنا بجوى الأعصر؟ ألا رأفة من وفي صفي ... ألا عطفة من سني سري رمى زحل في أظفاره ... وحل يداً عني المشتري عطارد هل لك من عودة ... فأرجع منك إلى عنصري سيطلبني الملك مهما أراد ... لباس نسيج من الفخر ولو أن كل حصاة تزين ... لما جعل الفضل للجوهر فلم يجبه. وكتب إليه أيضاً: اذكر من لم ينس عهداً ولا ينسى ... وأبسط في أكناف ساحتنا النفسا وأنشئها خلقاً جديداً واغتدي ... بظل علاه اعتدي معه الأنسا والبس ريعان الشباب وطالما ... لبست الخطوب السود ماذية ورسا واني واياه لمزن روضة ... يباكرني سقيا وازكوله غرسا صفا بيننا من خالص الود جوهر ... غلبنا به في نور جوهرها الشمسا وما أنا إلا من علاه مكون ... غدوت له نوعاً وأصبح لي جنسا مكارمه مرعى إلى جنب معقل ... أرود إذا أضحى وآوي إذا أمسى وأورد خمساً كل يوم بمائه ... وكم لي دهر قد مضى لم أرد خمسا أبا لقاسم اشرب قهوة العز وانتقل ... ثنائي ومن فضل الكؤوس اسقني كأسا وخذ بيدي من عثرة قصرت يدي ... وكنت أخا بأس فلم تبق لي بأسا رميت لها فضفاضتي ومهندي ... وخطيتي والنبل وأقوس والترسا

شعر

ثغور المعالي قابلتك ضواحكا ... فصل لثمها وامصص مراشفها اللعسا وأجيادها مالت عليك نواعماً ... كما مالت الأغصان فاتعم بها لمسا ولا ذكر في الأفواه حاشاك انما ... صفاتك آيات ولعنا بها درسا إليك بها دراً تلقب أحرفا ... وقطعة ديباج يسمونها طرسا وفضلك في الاغضاء عما بعثته ... فليس يجيد الشعر من عدم الحسا فلما لم يجبه الناصر عزم على الارتحال وقال يودع اخوانه: أقول تحية وهي الوداع ... خداعاً لي وما يغني الخداع أعلل بالمنى قلباً شعاعاً ... ولن يتعلل القلب الشعاع واترك جيرة جاروا وشدوا ... أضاعوني وأي فتى أضاعوا إذا لم يرع لي أدب وبأس ... فلا طال الحسام ولا اليراع لقد باعتني الأيام بخساً ... وعهدي بالذخائر لا تباع أجفتني ولم ينبت ربيع ... وحطتني ولم يثبت يفاع ومكنت العدى مني فعاثت ... بلحمي ضعف ما عاث السباع ثم قال يعاتب ناصر الدولة ويودعه: سلام على المجد يندى بليلا ... كنشر الربى بكرة أو أصيلا سلام وكنت أقول الوداع ... ولكن أدرج قلبي قليلا أخاف عليه انصداع الصفاة ... ولا يكون زجاجا عليلا جرحت لديك وكنت البري ... كما يجرح اللحظ خداً أسيلا ولو لم أكن ماضي الشفرتين ... لما فلني الدهر عضبا صقيلا أتت ذلة منك محبوبة ... فلم أرض بالعز منها بديلا تلقيت فيها سواد الخطوب ... فاشبه عندي طرفاً كحيلا تم الاختيار من شعر الداني وأخباره، يليه الاختيار من شعر الأستاذ أبي محمد بن سارة الشنتريني الأندلسي عفى الله عنه. شعر ابن سارة قال صاحب قلائد العقيان: هو سابق الحلبة، وعقد تلك البة، لا يشق غباره في ميدان النظام، ولا تنسى أخباره في قلة ارتباط وانتظام، فمن قوله يمدح القاضي اباامية: قدمت بين يدي مديحك هذه ... والوبل يبدو ولا رذاذه والسهم يبدو في ترنم قوسه ... مقدار غلوته وكنه نفاذه والطرف يعلم عتقه في طرفه ... قبل احتماء الحضر في افخاذه وكذا المهند يستبان مضاؤه ... في صفحتيه ولم يقع بجذاذه كم ذا يعذبني الرجاء ولا أرى ... للحظ إقبالاً على إغذاذه والذكر منك على لسان مودتي ... احلى من البرني أو إذاذه في قلب ليل قطعته عزائمي ... فبكت فراقده على افلاذه أو في رداء ضحى تراه معصفراً ... عند الأصيل بحمرة من ذاذه وسراب كل ظهيرة مترقرق ... يختال عطفي في ملاءة لاذه والركب من كأس الكرى مترنح ... كالشراب في المأخوذ من كلواذه والشمس في كف الهواء سنجنجل ... يتوقد الهندي من فولاذه أن قابلت مرآة رأيك أبصرت ... منها شبيها في يدي انفاذه لو أن عدلك يجتديه زماننا ... لم يلقنا بالجور في استحوازه ولكان بالإسعاف يلقى ناظري ... فيطوف منه بركنه وملاذه أصبحت ليثاً في مخالب ثعلب ... من مطلبي في روغه ولواذه استاذه الزمن الخبيث وللفتى ... شيم تلوح عليه من استاذه للناس عيش درت الدنيا لهم من دوننا بنعيمه ولذاذه اخذوا موفوراً كما شاؤوا ولم ... يؤذن لنا فنكون من اخاذه حضروا وغبنا شذذاً ولربما ... حرم الغنى من كان من شذاذه وأراهم هذوا وابطأنا وقد ... يدنو بعيد الخطو من هذاذه ليست تؤد أخا اقتضاء غيلة ... مستظهراً فيها بخفة حاذه فذاً إذا زحف الزمان بجمعه ... رفض الجميع وحل في أفذاذه يصمي الافن من السهام وربما ... أنمى المريش على وفور قذاذه والمرء قد يحنى الرضا من سخطه ... كالليث يفرس وهو في أسفاذه وقذ الزمان جوانحي ووقذته ... فانظر إلي موقوذه ووقاذه أن صدعن رمحي بثغرة نحره ... فسنان رمحي واقع في كاذه لما ذكرتك لاذ بين صروفه ... يبغي النجاة ولات حين لياذه اني منيت من الزمان بصاحب ... قاسي الفؤاد خبيثه لو آذه وافيت مرسيه فوافى قائلا ... بتصلف ما شاء ليبست هذه

فمتى اصول عليه يا ابن عصامها ... سباق ميدان العلى بذاذه ومتى أرى سعيي بدهري هازلا ... وعلاه منه يجد في استنقاذه يا ويح قلبي كم يضيق وكلمه ... يسع الفجاج الفيح في إنقاذه زادت عوائق دهره في برحة ... إذا حان منها عوذه بمعاذه قاض تقابلنا حبا ابراده ... بابي هريرة في التقى ومعاذه ظمئت إلى ماء الفرات جوانحي ... وانأ مقيم في ثرى بغداذه ناديت بدر التم أن شئت السنى ... من غير نقص فالقه أو حاذه فلألقين به الزمان وأهله ... في تيه قيصره وزهو قباذه وكتب إليه يستنجده: أشيع أيامي بليت وعلما ... وأشغل أوصافي بما وكأنما وأزمع يأساً ثم اذكر إنني ... بحضرة أزكى الناس فرعا ومنتمى فارتقب العتبى وأشدو تعللا ... عسى وطن يدنو بهم ولعلما أفضه علينا كوثرياً لعله ... يبرد ناراً في الحشا من جهنما ورد جوابي وهي تثني صوامتا ... كفاها لسان الحال أن تتكلما فما جئت جالينوس مستشفياً به ... ولا علتي حين المسيح بن مريما وقال يمدح الأمير أبا بكر بن إبراهيم، وقد قدم غرناطة والياً لأمرها، فدخل في جملة من الشعراء، وأنشدها بين يديه: اليوم أخمدت الضلالة نارها ... واسترجعت دار الهدى عمارها واستقبلت حدق الورى غرناطة ... وهي الحديقة فوفت ازهارها فكأن تشرينا بها نيسان إذا ... يكسو رباها وردها وبهارها في غب سارية ترقرق ادمعا ... يحكي الجمان صغارها وكبارها ما شئت من نهر كصدر عقيلة ... شقت أناملها عليه صدارها أو جدول كالنصل في يد ثاثر ... أمهى صحيفته وهز غرارها ما بين اشجار تميد كأنها ... شراب جريال يدير حلومها ووقارها لله أروع من ذوائب حمير ... راع العداة فما تقر قرارها راقت به أرض الجزيرة عزمة ... خلعت على حب الجمان عذارها ما هاله بيد تعسفها ولا ... لجج كجنح الليل خاض بحارها في فتية تسري إلى نصر الهدى ... فتظنهم سدف الدجى اقمارها خضبوا السواعد بالرقاق تفاؤلا ... أن سوف تخضب بالنجيع شفارها وتلثموا صوناً لرقة أوجه ... جعل السماح شعارها ودثارها المنعمين على العفاة إذا وشوا ... والناقضين على العدى أوتارها غرسوا الأيادي في ثرى معروفهم ... فجنوا بألسنة الثناء ثمارها لم لا تراح شريعة التقوى بهم ... وجفنها منهم ترى انصارها ضربوا سرادق بأسهم من دونها ... وقد اشرأب الكفر يهدم دارها فوقوا بخرصان جنابها ... وحموا بقضبان الصفاح ذمارها ومسومات شزب أن أحفرت ... نفضت على ثوب السماء غبارها لبسوا القلوب على الدروع فدوخوا ... أرض العدى واستأصلوا كفارها شهب إذا أوقت على أفق الوغى ... جعلت أبا يحيى الأمير مدارها متلثم بالصبح فوق أسرة ... تهدي إلى شمس الضحى أنوارها أورت زناد المسلمين له يد ... بالنجح تقدح مرخها وعفارها حاشا لأزند شرعنا من كبوة ... ويد ابن ابراهيم توري نارها أصفى مواردها أزاح سقامها ... أرخى حرارتها أقال عثارها أولي أمة أحمد أبهجتها ... مذ صرت من جور الحوادث جارها جلبت لك الأنعام ضرعا جافلا ... ورنت على أفنانها أطيارها وأرى زناد ارأي نذ قدحتها ... أوريت في مقل النجوم شرارها وحط الرعية في مريع جنابها ... وارأب ثآها واصطنع أحرارها زد الأكابر من بنيها خطة ... واردد كباراً بالحباء صغارها واقذف بحور المشركين بجحفل ... يمحو معالم أرضها ومنارها لجب تظن السابغات بموجه ... زرقا ونقع السابحات بحارها واحلل عرى تلك الجماجم إنها ... عقدت على بغض الهدى زنارها وكأنني بك قد ثللت عروشهم ... وسلبت بيضة ملكه جبارها وقتلت من انجادها انجادها ... وصرعت في اغوارها اغوارها لا ترض منهم بالنفوس تحوزها ... سمر القنا حتى تحوز ديارها وترى بها عيناك عين ضلالها ... ويد الهدى فيها تشق زرارها

صمتت سيوفك في الغمود وجردت ... يوم النزال فحدثت إخبارها لما احتست خمر الهياج نصالها ... أهدت إلي هام الطغاة خمارها زارتك في قصر كاعب ... زانت محاسن جيدها تقصارها رضعت من الآداب محض لبانها ... وتجمبت ممذوقها وسمارها تثني الليالي هائمات كلما ... نفثت علي بسحرها أسحارها فاجعل جفون رضاك في أعطافها ... كرما وشرف بالقبول مزارها وله في الزهد: يا من يصيخ إلى داعي الذكرى ففيم ثوى ... في رأسك الواعيان السمع والبصر ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل ... لم يهده الهاديان العين والأثر لا الدهر يبقى ولا الدنيا ولا الفلك ... الأعلى ولا النيران الشمس والقمر ليرحلن عن الدنيا وان كرها ... فراقها الثاويان البدو والحضر وقال أيضاً من كلمة له: تنمر الدهر حتى ما فرقت له ... من قوري الدجى في فروة النمر لابد أن يقطع المطلوب في شركي ... ولو بنى داره في دارة القمر قاضي الجماعة في دار الامارة لي ... قاض على الدهر أن لم يقض لي وطري لولا ضلوع تواري نار فطنته ... لأحرقت وجنات الشمس بالشرر وقال يمدح القاضي أبا امية ابراهيم بن عصام رحمه الله تعالى: يا من عزائمه أمضى إذا انتضيت ... من حادث الدهر إذا يسطو بها القدر ومن إذ لا بدا في أفق مكرمة ... جبينه المسفر استخذى له القمر عين الرجاء إلى علياك شاخصة ... في حاجة أنت فيها السمع والبصر فاجر الصفوف إلى استنزالها قدماً ... وصاحباك بها التأييد والظفر حتى تلاقي من قاضي القضاة بها ... شمساً أنارت بها الأحكام والسير في حبوتيه إذا استقبلته ملك ... مقدس الروح إلا أنه بشر أضفى على الدين أبراد الشباب فل ... صديقه البر أو فاروقه عمر من ادعى الشرك في أكرومة معه ... فاغلظ عليه وقل للعاهر الحجر وقل له ما ترى في روضة أنف ... وافت ليسقيها من جودك المطر وقال يمدحه أيضا: هاكها كالجنوب تزجي القطارا ... طافح الورد نفحها واعرارا في جبين من حالك الحبر تبدي ... لك ليلاً من طرسه ونهارا رق ديباجه فراق زلالاً ... حيث دارت به النواسم دارا تتالا من المعاني شموس ... فوق صقحيه تخطف الابصارا خجل الصبح من شكاتي فاهدى ... سوسن الخد منه والجلنارا ورآني بلا عقار فكادت ... صفحة منه تستهل عقارا ورآني السحاب أسحب حالاً ... ذات عدم فذاب ماء ونارا عثر الدهر بي وقد جئت حراً ... ذاكي الأصل ينعش الأحرارا أن تكن عصمة فإن عصا مجده ... لم يزل يقيل العثارا قاضي الشرق أشرقتني بريقي ... نائبات يطلبن عندي ثارا لا لذنب إلا لأني أديب ... طاب عود منه فكان نضارا اجل دراً يرق حسناً وان كانت ضلوعي تهفو عليه حرارا حاش لي أن أزفها ثيبات ... عنساً بل كواكباً إبكارا طلعت في أهلة من ضلوع ... لي تجلو بناتها أقمارا أرضعتها در البلاغة منها ... أمهات لم تحتلب أظآرا وأرتك الرياض منها كمام ... جادها النبلا وابلا مدرارا ما على بابل لو استقبلتها ... فاجتنبت من ثمارها الأسحارا كل خمرية ولم تسق خمرا ... تلبس الحسن والدلال خمارا تذر السامعين يثنون اعطافها ... سكارى وما هم بيسكارى لو تغلغلن في مسامع رضوى ... لانثنى راقصاً وخلى الوقارا ليس في فسحة من الغدر إلا ... من صار خالعاً إليها العذارى وجهها أجزل المهور فلولا ... أنت ما أدلجت بهن المهارى أبصرتها النجوم أشرق منها ... فسرت تخبط لظلام حبارى وقال أيضا: للرزق أسباب ومن أسبابه ... أعمال ناجية وشد حزام حرف كأني فوق عوج ضلوعها ... ألف أقيمت فوق عطفة لام وكأن زورتها ربابة ياسر ... لزمت باربعة من الأزلام لم يبق منها نصفها إلا سفى ... كالريح تمسكه يدي بزمام من نام عن حاجاته لم يلقها ... إلا بواسطة من الأحلام

شعر أبيب جعفر الأعمى

شيئان في الأسفار يكتنافانها ... كسب الخطير وصحة الأجسام لا أم لي أن لم أيمم مسلكا ... يهدي الحياة إلي فيه حمامي فالعذب يأجن طعمه ما لم يكن ... ينساب بين أباطح وآكام والعضب يدركه الصدى ما لم يبل ... في كل معركة بضرب الهام خيمت من خرق بأرض مضيعة ... والرأي خلفي والهوى قدامي حتى رأيت العجز أودى بي كما ... أودى الغرام بعروة بن حزام أكل الخمول بها بنات خواطري ... أكل الوصي ذخائر الأيتام يا دهر دعوة من يؤمل أن يرى ... بعلاك منتصفا من الأيام فأثيل مجدك نلته عن آدم ... وسم قدرك حزته عن سام تم الاختيار من شعر أبي محمد بن سارة وأخباره ةيليه الاختيار من شعر أبي جعفر الأعمى الطليطلي. شعر أبيب جعفر الأعمى قال صحب قلائد العقيان: له ذهن يكشف الغامض الذي يخفى، ويعرف رسم المشكل وان كان قد عفى، أبصر الخفيات بفهمه، وقصر فكها على خاطره ووهمه، فجاء بالنادر الذي أعجزأ وعطل التطويل بالمقتطب الموجز، ونظم أخبار المم المتفرقة في لبة القريض، وأسمعها أطرب من نغم معبد والغريض، وكان بالأندلس سر الإحسان، ومزرياً على زياد وحسان، إلا انه لم تطل أيامه، فأصبحت نواظر الأدب بعده رمدة، ونفوسها كمدة، وقد أأثبت له ما يبهر سامعه ويثني إليه الإحسان مسامعه، فمن ذلك قوله: مللت حمص وملتني ولو نطقت ... كما نطقت تلاحينا على قدر وسولت لي نفسي أن أفارقها ... والماء في المزن أصفى منه في الغدر أما اشتفت مني الأيام في وطني ... حتى تضايق فيما عز من وطري ولا قضت من سواد العين حاجتها ... حتى تكر على ما كان في الشعر وله في الغزل: هو الهوى وقديماً كنت أحذره ... السقم مورده والموت مصدره يا لوعة وجلا من نظرة أمل ... الآن أعرف رشداً كنت أنكره جد من الشوق كان الهزل أوله ... اقل شيء إذا فكرت أكثره ولي حبيب دنا لولا تمنعه ... وقد أقول نأى لولا تذكره وقتل فتى من فتيان اشبيلية غيلة، ولم يعلم قاتله، وكان جواداً معروفاً بالكرم ومكارم الأخلاق مع كونه عيناً من أعيان البلد، وكان محسناً إلى أبي جعفر المذكور، جميل الرأي فيه، كثير النفقد له، فجزع عليه جزعاً شديداً، وقال يرثيه بهذه القصيدة، وهي من مختار المراثي: خذا حدثاني عن فل وفلان ... لعلي أرى باق على الحدثان وعن دول حسن الديار وأهلها ... فنين وصرف الدهر ليس بفان وعن هرمي مصر الغداة أمتعا ... بشرخ شباب أم هما هرمان وعن نخلتي حلوان كيف تناءتا ... ولم توطيا كشحاً على شنآن وطال ثواء الفرقدين بغبطة ... أما علما أن سوف يفترقان وزايل بين الشعر بين تصرف ... من الدهر لا وان ولا متوان فان تذهب الشعرى العبور لشأنها ... فإن الغميصا في بقية شان وجن سهيل بالثريا جنونه ... ولكن سلاه كيف يلتقيان وهيهات من جور أزمان وعدله ... شآمية ألوت بدين يماني فأجمع منها آخر الدهر سلوة ... على طمع خلاه للدبران وأعلن صرف الدهر لابني نويرة ... بيوم ثناء غال كل تدان "وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر" لو لم تنصرم لأوان وهان دم بين الدكادك واللى ... وما كان في أمثالها بمهان فضاعت دموع بات يبعثها الأسى ... يهيجه قبر بكل مكان ومال على عبس وذبيان ميلة ... فأودى بمجني عليه وجان فعوجا على جفر الهباءة واعجبا ... لضيعة اعلاق هناك ثمان دماء جرت منها التلاع بملئها ... ولا ذخل إلا أن جرى فرسان ويام حرب لا ينادى وليدها ... أهاب بها في الحي يوم رهان فآب ربيع والكلاب تهره ... ولا مثل مود من وراء عمان وأنحى على ابني وائل فتهاصرا ... غصون الدرى من كرة ولدان تعاطى كليب فاستمر بطعنة ... أقامت لها الأبطال سوق طعان وبات عدي بالذنائب يصطلي ... بنار وغى ليست بذات دخان فذلت رقاب من رجال أعزة ... اليهم تناهى عز كل زمان وهبوا يلاقون الصوارم والقنا ... بكل جبين واضح ولبان

فلا خد إليه فيه حد مهند ... ولا صدر إلا فيه صدر سنان وصال على الجونين بالشعب فانثنى ... بأسلاب مطلول وربقة عان وأمضى على أبناء قيلة حكمه ... على شرس أدلوا به وليان ولو شاء عدوان الزمان ولم يشأ ... لكان عذير الحي من عدوان واي قبيل لم يصدع جميعهم ... ببكر من الأرزاء أو بعوان خليلي أبصرت الردى وسمعته ... فإن كنتما في مرية فسلاني خذا من فمي هلا وسوف فإنني ... أرى بهما غير الذي تريان ولا تعداني أن أعيش إلى غد ... لعل المنايا دون ما تعداني ونبهني ناع من الصبح كلما ... تشاغلت عنه عن لي وعناني أغمض أجفاني كأني نائم ... وقد لجت الأحشاء بالخفقان أبا حسن أما أخوك فقد مضى ... فواطول لهفي ما التقى أخوان أبا حسن إحدى يديك رزئتها ... فهل لك بالصبر الجميل يدان؟ أبا حسن غر المذاكي شرفا ... تجر إلى الهيجاء كل عنان أبا حسن ألق السلاح فإنها ... منايا وان قال الجهول أماني أبا حسن هل يفع المرء حينه ... بأيد شجاع أو بكيد جبان أبا حسن أن المنايا وقيتها ... إذا أتلفت لم تتبع بضمان أقول كأني لست أحفل وانبرت ... دموعي فأبدت ما يجن جناني أبا حسن أن كان أودى محمد ... وهيهات عدوي فيك من رسفاني أجدك لم تشهده إذا أحدقوا به ... ونادى بأعلى الصوت يال فلان توقوه شيئاً ثم كرور وجعجعوا ... بأروع فضفاض الرداء هجان أخي عزمات لا يزال يحثها ... بحزم معين أو بعزم كعان رأى كلما يستعظم الناس دونه ... فولى غنياً عنه أو متغاني فتىً كان يعروري الفيافي والدجى ... ذوات جماح أو ذوات حران تداعت له أبيات بكر بن وائل ... ولم ترجعنه لا ظفرت بثاني بنفسي وأهلي أي بدرد جنة ... لست خلت من دهره وثمان واي أبي لا تقوم له الربا ... ثنى عزمه دون القرارة ثان وأي فتىً لو جاءكم في سلاحه ... متى صلحت كف بغير بنان يقولن لا يبعد ولله دره ... وقد حيل بين العير والنزوان ويأبون إلا ليته ولعله ... ومن اين للمقصوص بالطيران رويد الأماني أن رزء محمد ... عدا الفلك الأعلى عن الدوران وحب المنايا أن تفوز بمثله ... كفاك ولو أخطأته لكفاني سقاك كدمعي أو كجودك وابل ... من المزن بين السح والهملان شآبيب غيث لا تزال ملثة ... بقبرك حتى يلتقي الثريان أبا حسن وف اعتزاءك حقه ... فقد كنتما أرضعتما بلبان تماسك قليلا لست أول مبتلى ... ببين حبيب أو بغدر زمان أثا كلتيه والثواكل جمة ... لو لنكما بالناس تأتسيان أذيلا وصونا واجزعا وتجلدا ... ولا تأخذا إلا بما تدعان وعودا على الباقي المخلف فيكما ... بفضل حنو منكما وحنان خذاه فضماه إلى كنفيكما ... فإنهما للمجد مكتنفان لعلكما أن تستظلا بظله ... غدا أن هذا الدهر ذو ضربان لشعر كما السلوان أن محمداً ... مجاور حور في الجنان حسان وقال يمدح القاضي أبا الحسن علي بن القاسم بن عشيرة بقصيدة منها: كم مقلة ذهبت في الغي مذهبها ... بنظرة هي شان أولها شان رهن بأضغاث أحلام إذا هجعت ... وربما حلمت والمرء يقظان فانظر بعقلك أن العين كاذبة ... واسمع بحسك أن السمع خان ولا تقل كل ذي عين له نظر ... أن الرعاة ترى مم لا ترى الضان دع الغنى لرجال ينصبون له ... أن الغنى لفضول الهم ميدان واخلع لبوسك من شح ومن أمل ... لا يقطع السيف إلا وهو عريان وصاحب لم أزل منه على خطر ... كأنني علم غيب وهو حسان أغراه حظ توخاه وأخطأني ... أما درى أن بعض الرزق حرمان؟ وغره أن رآه قد تقدمني ... كما تقدم بسم الله عنوان ومن مديحها: إني استجرت على ريب الزمان فتى ... أن لا يكن ليث غاب فهو إنسان حسبي بعليا علي معقلا أشبا ... زمان سرى به في الأمن أزمان صعب المراقي ولكن ربما سهلت ... على المنى منه أوطار وأوطان

شعر

الواهب الخيل عقبانا مسومة ... لو سومت قلبها في الجو عقبان من كل ساع امام الريح يقدمها ... منه مهاة وان شاءت فسرحان دجنة تصف الانوار غرتها ... ونبعة يدعي أعطافها البان عصا جذيمة إلا ما أتيح لها ... من أمر موسي فجاءت وهي ثعبان ومنها في وصف السيف: هيم رواء لو أن الماء صافحها ... لزال أو زل عنها وهو ظمآن يكاد يحلق مهراق الدماء بها ... فلا تقل هي أنصاب وأوثان موتي فإن خلعت أثوابها علمت ... أن الدروع على الإبطال أكفان نفسي فداؤك لا كفء ولا ثمناً ... ولو غدا المشتري منها وكيوان والتبر قد وزنوه بالحديد فما ... ساوى ولكن مقادير وأوزان تم الاختيار من شعر أبي جعفر الأعمى وأخباره، ويليه الاختيار من شعر أبي بكر بن تقي الأندلسي وأخباره. شعر يحيى بن تقي الأندلسي قال صاحب قلائد العقيان: هو رافع راية القريض، وصاحب آية التصريح فيه والتريض أقام شرائعه وأظهر روائعه، وصار عصيه طائعه، إذا نظم أزرى بنظم العقود، وأتى بأحسن من رقم البرود، ولكنه ضفا عليه حرمانه وما صافاه زمانه، فصار قعد صهوات، وقاطع فلوات، ومع توهم لا يظفره بأمان، وتقلب ذهن كواهي الجمان، وقد أثبت له من قوله ما يستحلى ويتزين به الزمان ويتحلى. فمن ذلك قوله: عندي حشاشة نفس في سيبل ردىً ... أن سمتها اليوم لم أمطل بها لغد وكيف أقوى على السلوان عنك وقد ... ربيت حبك حتى شاب في خلدي خذها وهات ولا تمزح فتفسدها ... الماء في النار أصل غير مطرد ومن قوله: وقالوا إلا تبكي وتلك مطيهم ... على الشهب يحملن الخرائد كالدمى لئن بعدت مني الدموع تغامزوا ... وقالوا سلا أو لم يكن قبل مغرما فهلا أقامر كالبكاء تنهدي ... إذا ما بكا القمري قالوا ترنما إلى اله أشكوها نوى أجنبيةً ... لها من أبيها الدهر شيمة ظالم إذا جاش صدر الأرض بي كنت منجداً ... وان لم يجش بي كنت بين التهائم أكل بني الآداب مثلي ضائع ... فأجعل ظلمي أسوة في المظالم ستبكي قوافي الشعر ملء جفونها ... على عربي ضاع بين الأعاجم وله من قصيدة: هو الشعر أجرى في ميادين سبقه ... وأفرج عن أبوابه كا مبهم وسل اهله عني هل امتزت منهم ... بطبعي وهل غادرت من متردم سلكت أساليب البديع فأصبحت ... بأقوالي الركبان في البيد ترتمي وربتما غنى به كل ساجع ... يردده في شجوه والترنم وضيعني قومي لاني لسانهم ... إذا أفحم الأقوام عند التكلم وكالبني دهري لأني زنته ... واني فيه غرة فوق أدهم قال منحيا على أهل المغرب وقد ذم عندهم مثواه وصفرت من نائلهم يداه: أقمت فيكم على الإقتار والعدم ... لو كنت حراً أبي النفس لم أقم وظلت أبغي لكم عذراً لعلكم ... تستيقظون وقد نمتم عن الكرم فلا حديقتكم يجنى بها ثمر ... ولا سماؤكم تنهل بالديم لا رزق عندكم لكن سأطلبه ... في الأرض إذا كانت الأرزاق بالقسم أنا أمرؤ إن نبت بي أرض أندجلس ... جئت العراق فقامت لي على قدم اينا الرجا والحجى من حازم يقظ ... يغزو أعاديه في الأشهر الحرم أن كان سهما فلا تنمى رميته ... أو كان سيفاً فمسلول على البهم ما العيش بالعلم إلا حيلة ضعفت ... وحرفة وكلت بالقعد البرم لا يكسر الله متن الرمح أن به ... نيل العلى وأتاح الكسر للقلم ولا أراق دما من باسل بطل ... ومات كل أديب عبطة بدم أوغلت في المغرب الأقصى وأعجزني ... نيل الرغائب حتى أبت بالندم وساقط نال من عرضي فقلت له ... إليك عني فليس السب من شيمي أعرضت عنه ولو أني عرضت له ... سقيته حمة الأفعى من الكلم وله من قصيدة: ولي همم ستقذف بي بلاداً ... نأت أما العراق أو الشآما وألحق بالأعاريب اعتلاء ... بهم واجيد مدحهم اهتماما لكيما تحمل الركبان شعري ... بواديى الطلح أو وادي الخزامى وكيما تعلم الفصحاء اني ... خطيب علم السجع الحماما

من اشعار النساء

وقد أطلعتهن بكل ارض ... بدوراً لا يفارقن التماما فلم أعدم وايها حسوداً ... كما لا تعدم الحسناء ذاما تم الاختيار من شعر ابن تقي ويليه نبذة من اشعار النساء من اشعار النساء هند بنت يزيد الانصارية ترثي أخاً لها: لقد مات بالبيضاء من جانب الحمى ... فتى كان زينا للكواكب والشهب يلوذ به الجاني مخافة ما جنى ... كما لاذت العصماء بالشاهق الصعب تظل بنات العم والخال حوله ... صوادي لا يروون بالبارد العذب وقالت أم خالد النمرية: إذا ما أتتنا الريح من نحو أرضه ... أتتنا برياه فطاب هبوبها أتتنا بمسك خالط المسك عنبر ... ريح خزامى باكرتها جنوبها احن لذكراه إذا ما ذكرته ... وتنهل عبرات تفيض غربها حنين أسير نازح شد قيده ... وأعوال نفس غاب عنها حبيبها وأنشد ثعلب لام الضحاك المحاربية وكانت تحب رجلا من الضباب حباً شديداً: يا أيها الراكب الغادي لطيته ... عرج أبثك عن بعض الذي أجد ما عالج الناس من وجد تضمنهم ... إلا ووجدي به بعض الذي أجد حسبي رضاه واني في مسرته ... ووده آخر الأيام اجتهد وقالت: هل القلب إلا لاقى الضبابي خاليا ... لدى الركن أو عند الصفا يتحرج وأعجلنا قرب الفراق وبيننا ... حديث كتشجيج المريضين مزعج حديث لو أن اللحم يشوى بحره ... غريضاً اتى أصحابه وهو منضج وانشد الزبير بن بكار لحليمة المضرية من بني عبس وقد انشدها المبرد لنبهان العبسي وهو أشبه: يقر لعيني أن أرى لمكانه ... ذرى عقدات الأجرع المتفاود وان ارد الماء الذي شربت به ... سليمى وان مل السرى كل واحد وألصق أحشائي ببرد ترابه ... وان كان مخلوطا بسم الاساود وقالت الفارعة بنت شداد اخاها مسعود بن شداد: يا عين بكي لمسعود بن شداد ... بكاء ذي عبرات شجوه بادي من لا يذاب له شحم السديف ولا ... يجفو العيال إذا ماضن بالزاد ولا يحل إذا ما حل منتبذاً ... يخشى الرزية بين المال والنادي قوال محكمة نقاض مبرمة ... فتاح مبهمة حباس أوراد قتال مسغبة وثاب مرقبة ... مناح مغلبة فكاك أقياد خلال ممرعة فراج مفظعة ... حمال مضلعة طلاع انجاد حمال ألوية شهاد أندية ... شداد اوهية فراج اسداد جماع كل خصال الخير قد علموا ... زين القرين نكال الظالم العادي أبا زرارة لا تبعد فكل فتى ... يوما رهين صفيحات وأعواد هلا سقيتم بني جرم أسيركم ... نفسي فداؤك من ذي كربة صادي نعم الفتى ويمين الله قد علموا ... يحلو به الحي أو يغدو به الغادي هو الفتى يحسد الجيران مشهده ... عند الشتاء وقد هموا بإخماد الطاعن الطعنة النجلاء يتبعها ... مثعنجم بعدما تغلي بأزباد والسابئ الزق للاضياف أن نزلوا ... إلى ذراه وغيث المحوج الغادي خبر جميل السدوسي قال احمد بن أبي داود كان جميل بن تميم السدوسي بشاطئ الفرات اجتمع عليه كثير من الأعراب، فعظم أمره، وبعد ذكره، فكتب المعتصم إلى مالك بن طوق في النهوض إليه، فبدد جمعه، وظفر به فحمله موثقاً إلى باب المعتصم. قال احمد: فما رأيت أحداً عاين الموت فما هاله، ولا شغله عما كان يح=جب عليه فعله مثله، فإنه لما مثل بين يدي المعتصم، فأحضر السيف والنطع، وأوقف بينهم، تأمله المعتصم وكان جميلاً وسيماً، فأوجب أن يعلم اين لسانه من منظره، فقال: تكلم يا تميم. فقال أما إذا أذنت يا أمير المؤمنين، فأنا أقول: الحمد لله الذي أحسن كل شيء خلقه، وبدأ خلق الإنسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، جبر الله بك صدع الدين، لم بك شعث المسلمين، وأوضح بك سبيل الحق، وأخمد بك الشهاب الباطل. أن الذنوف تخرس الألسن الفصيحة، وتعيي الأفئدة الصحيحة، ولقد عظمت الجريرة، وانقطعت الحجة، ساء الظن، ولم يبق إلا عفوم أو انتقامك، وارجو أن يكون أقربهما مني وأضرعهما إلى أسبقهما بك، وأولاهما بكرمك، ثم أنشد: ارى الموت بين السيف والنطع كامناً ... يلاحظني من حيث ما أتلفت

شعر

وأكبر ظني انك ايوم قاتلي ... وأي امرئ مما قضى اله يفلت وأي امرئ يأتي بعذر وحجة ... سيف المنايا بين عينيه مصلت وما جزعي من أن أموت وإنني ... لأعلم أن الموت شيء مؤقت ولكن خلفي صبية قد تركتهم ... وأكبادهم من حسرة تتفتت فان عشت عاشوا سالمين بغبطة ... أذود الردى عنهم وان مت موتوا وكم قائل لا يبعد الله داره ... وآخر جذلان يسر ويشمت يعز على الاوس ابن تغلب موقف ... يسل علي السيف فيه وأسكت فتبسم المعتصم، وقال: وقد وهبتك للصبية، وغفرت لك الصبوة. كاد والله يا جميل أن يسبق السيف العذل، وأمر بفك قيةده، وخلع عليه وعقد له على شاطئ الفرات شعر ابن عبد ربه الأندلسي لم أظفر من شعره إلا بمقاطيع غزلية فأحببت نقله هنا لجودتها، فمنها قوله في رقة التشبيب: صحا القلب إلا نظرة تبعث الاسى ... لها زفرة موصولة بحنين بلى ربما حلت عرى عزماته ... سوالف آرام وأعين عين لواقط حبات القلوب إذا زنت ... بسحر عيون وانكسار جفون وريط من المواشي أينع تحته ... ثمار صدور لا ثمار غصون برود كأنوار الربيع لبسنها ... ثياب خضاب لا ثياب مجون فرين أديم الليل عن نور أوجه ... تجن بها الألباب كل جنون وجوه جرى فيها النعيم فكللت ... بورد خدود يجتنى بعيون سألبس للأيام درعاً من الأسى ... وإن لم يكن عند اللقا بحصين فكيف ولي قلب إذا هبت الصبا ... أهاب بشوق في الضلوع دفين ويهتاج منه كلما كان ساكناً ... دعاء حمام لم يبت بوركون وإن ارتياحي من بكاء حمامة ... كذي شجن داويته بشجون كأن حمام الأيك حين تجاوبت ... حزين بكى من رحمه لحزرين ومما عارض به صريع الغواني في قوله: أدير علي الراح لا تشربا قبلي ... ولا تطلبا من عند قاتلتي ذحلي فيا حزني إني أموت صبابة ... ولكن على من لا يحل له قتلي فديت التي صدت وقالت لتربها ... دعيه الثريا منه أقرب من وصلي فقال على رويه: أتقتلني وتجحدني قتلي ... وقد قام من عينك لي شاهد أعدل أطلاب ذحلي ليس بي شادن ... بعينيه سحر فاطلبوا عنده ذحلي أغار على قلبي فلما أتيته ... أطالبه فيه أغار على عقلي بنفسي التي ضنت برد سلامها ... ولو سألت قتلي وهبت لها قتلي إذا جئتها صدت حياءً بوجهه ... فتهجرني هجراً ألذ من الوصل وإن حكمت جارت علي بحكمها ... ولكن ذاك الجور أشهى من العدل كتمت الهوى جهدي فحرره الأسى ... بماء البكا هذا يخط وذا يملي وأحببت فيها العذل لذكرها ... فلا شيء في فؤادي من العذل أقول لقلبي كلما ضامه الأسى ... إذا ما أبيت العز فأصبر على الذل برأيك لا رأيي تعرضت للهوى ... وأمرك لا أمري وفعلك لا فعلي وجدت الهوى نصلاً من الموت مغمداً ... فجرته ثم أتكيت على النصل فإن تك مقتولاً على غير ريبة ... فأنت الذي عرضت نفسك للقتل قال الناظم: فمن رأى سهولة هذا الشعر مع بديع معناه، ورقو طبعه، لم يفضل شعر صريع الغواني عليه إلا بفضل التقدم، ولا سيما إذا قرن قوله في هذا الشعر. كتمت الذي ألقى من الحب عاذلي ... فلم يدر ما بي فاسترحت من العذل بقوله: وأحببت فيها العذل حباً لذكرها ... فلا شيء أشهى في فؤادي من العذل ومن قوله في رقة التشبيب: أدعو عليك فلا دعائي يسمع ... يا من يضر مناظريه وينفع للورد حين ليس يطلع دونه ... والورد عندك كل يوم يطلع لم تنصدع كبدي عليك لضعفها ... لكنها ذابت فما تتصدع من لي بأجرد ما يبين لسانه ... خجلاً وسيف جفونه ما يقلع منع الكلام سوى إشسارة مقلة ... فيها يكلمني ومنها يسمع ومن قوله في البين: هيج البين دواعي سقمي ... وكسى جسمي ثوب الألم أيها البين أقلني مرة ... فإذا عدت فقد حل دمي يا خلي الذرع نم في غبطة ... إن من فارقته لم ينم ولقد هاج لقلبي سقماً ... ذكر من لو شاء دواى سقمي ومن قوله في المعنى:

ودعتني بزفرة وأعتناق ... ثم نادت متى يكون التلاقي وتصدت فأشرق الوجه منها ... بين تلك الجيوب والأطواق باسقم الجفون من غير سقم ... بين عينيك مصرع العشاق إن يوم الفراق أفظع يوم ... ليتني مت قبل يوم الفراق ومنه قوله: فرزت من اللقاء إلى الفراق ... فحسبي ما لقيت وما ألاقي سقاني البين كأس الموت صرفاً ... وما ظني أموت بكف ساقي فيا برد اللقاء على فؤادي ... أجزني اليوم من حر الفراق ومن قوله في الحمام: ونائح في غصون الأيك أرقني ... وما عنيت بشيء ظل يعنيه مطوق بخضاب ما يزايله ... حتى تزاوله إحدى تراقيه قد بات يشكو بشجوٍ ما دريت به ... وبت أشكو بشجو ليس يدريه ومن قوله: أناحت حمامات اللوى أم تغنت ... فأبدت دواعي قلبه ما أجنت فديت التي كانت ولا شيء غيرها ... منى النفس لو يقضي لها ما تمنت ومن قوله في الرياض: وروضة عقدت أيدي الربيع بها ... نوراً بنور وتزويجاً بتزويج بملقح من سواريها وملقحة ... وناتج من غواديها ومنتوج توشحت بملاةٍ غير ملحمة ... من نورها ورداء غير منسوج ومنه قوله: وموشية يهدي إليك نسيمها ... على مفرق الأرواح مسكاً وعنبرا سداوتها من ناصع اللون أبيض ... ولحمتها من فاقع اللون أصفرا يلاحظ لحظاً من عيون كأنها ... فصوص من الياقوت كلمن جوهرا ومنه قوله: وما روضة بالحزن حاك لها الندى ... بردواً من المواشي حمر الشقائق إذا ضاحكتها الشمس تبكي بأعين ... مكللة الأجفان صفر الحمالق حكت أرضها لون السماء وزانها ... نجوم كأمثال النجوم الخوافق بأطيب نشراً من خلائقه التي ... لها خضعت في الحسن زهر الخلائقد وله أيضاً: وروضة ورد حف بالسوسن الغض ... تحلت بلون السام والذهب المحض رأيت بها بدراً على الأرض ماشياً ... ولم أر بدراً قط يمشي على الأرض إلى مثلها فلتصب إن كنت صابياً ... فقد كاد منها البعض يصبو إلى بعض وله أيضاً: وحامله راحاً على راحة اليد ... موردة تسقى بلون مورد متى ما ترى الإبريق للكأس راكعاً ... تصلي له من غير طهر وتسجد على ياسمين كاللجين ونرجس ... كأطراق در في قضيب زبرجد بتلك وهذي فاله ليلك كله ... وعنها فسل لا تسأل الناس عن غد وله أيضاً: أيقتلني دائي وأنت طبيبي ... قريب وهل من لا يرى بقريب لئن خنت عهدي إنني غير خائن ... وأي محب خان عهد حبيب وساحبة فضل الذيول كأنها ... قضيب من الريحان فوق كثيب إذا ما بدت من خدرها قال صاحبي ... أطعني وخذ من وصايا بنصيب وما كل ذي لب بمؤتيك نصحه ... وما كل مؤت نصحه بلبيب يا وميض البرق بين الغمام ... لا عليها بل عليك السلام أن في الاحداج مقصورة ... وجهها يهتك ستر الظلام تحسب الهجر حلالا لها ... وترى الوصل عليها حرام ما تأسيك لدار خلت ... ولشعب شت بعد التآم وله أيضا: تجافى النوم عن جفوني ... ولكن ليبس تجفوها الدموع يذكرني تبسمك الأقاحي ... ويحكى لي توردك الربيع يطير إليك من شوق فؤادي ... ولكن ليس تتركه الضلوع كأن الشمس لما غبت غابت ... فليس لها على الدنيا طلوع فما لي من تذكرك امتناع ... ودون لقائك الحصن المنيع إذا لم تستطيع شيئافدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع وله أيضا: يا وجه معتذر ومقلة ظالم ... كم من دم ظلماً سفكت بلا دم أوجدت وصلي في الكتاب محرما ... ووجدت قتلي فيه غير محرم كم جنة لك قد سكنت ظلالها ... متفكها في لذة وتنعم وشربت من خمر العيون تعللاً ... فإذا انتشيت أجود جود المرزم "وإذا صحوت فما اقصر عن ندى ... وكما علمت شمائلي وتكرمي" وله أيضا: حال الزمان فبدل الآمالا ... وكسى المشيب مفارقاً وقذالا غنيت غواني الحي عنك وربما ... طلعت إليك أكلة وحجالا

شعر

أضحى عايك حلالهن محرماً ... ولقد يكون حرمهن حلالا أن الكواعب أن رأينك طاويا ... برد الشباب طوين عنك وصالا "وإذا دعونك عمهن فانه ... نسب يزيدك عندهن خبالا" تم الاختيار من شعر أحمد بن عبد ربه ويليه الاختيار من شعر عبد بن أيوب التيمي شعر عبد الله التيمي قال يمدح عمر بن مسعدة: أعني على بارق ناضب ... خفي كوحيك بالحاجب كأن تألقه في السماء ... يدا كاتب أو يدا حاسب فروى منازل تذكارها ... يهيج من شوقك الغالب غريب يحن لأوطانه ... ويبكي على عصره الذاهب كفاك أبو الفضل عمرو الندى ... مطالعة الأمل الكاذب عريض الفناء طويل البناء ... في العز والشرف الثاقب بنى الملك طود له بيته ... وأهل الخلافة من غالب هو المرتجى لصروف الزمان ... ومعتصم الراغب الراهب جوادج بما ملكت كفه ... على الضيف والجار والصاحب بأدم الركاب ووشي الثياب ... والطرف والطفلة الكاعب نؤمله لجسام الأمور ... ونرجوه للجلل الكارب خصيب الجناب مطير السحاب ... بشيمته لين الجانب يروي القنا من نحور العدى ... ويغرق في الجود كالاعب إليك تبدت بأكوارها ... حرجيج في مهمه لاحب كأن نعاما تبارى بنا ... بوابل من برد حاصب يزرن ندى كفك المرتجى ... ويقضين من حقك الواجب ولله ما أنت من خابر ... بسجل لقوم ومن خارب فتسقى العدى بكؤوس الردى ... وتسبق مسألة الطالب وكم راغب نلته بالعطا ... وكم نلت بالعطف من راهب وتلك الخلائق أعطيتها ... بفضل من المانع الواهب كسبت الثناء وكسب الثناء ... أفضل مكسبة الكاسب يقينك يجلو ستور الدجى ... وظنك يخبر بالغائب قال صاحب زهر الآداب لما أورد هذه القصيدة. هذا الشعر يتدفق طبعاً وسلاسة والكلام الجيد الطبع مقبول في السمع قريب المثاتل بعيد المنال أنيق الديباجة رقيق الزجاجة يدنو من فهم سامعه كدنوه من فهم صانعه، يطرد ماء البديع على وجناته ويجول رونق الحسن في صفحاته كما يجول السحر في الطرف الكحيل والأثر في السيف الصقيل. وقال جمال الدين ابن نباتة معزيا عن ملك ومهنئاً بملك: هناء محا ذاك العزاء المقدما ... فما عبس المحزون حتى تبسما ثغور ابتسام في ثغور مدامع ... شبيهان لا يمتاز ذو السبق منهما تدر مجارى الدمع والبشر واضح ... كوابل غيث في ضحى الشمس قدهما سقى الغيث عنا تربة الملك الذي ... عهدنا سجاياه أبر وأكرما ودامت يد النعمى على الملك الذي ... تدانت به الدنيا وعز به الحمى مليكان هذا قد هوى لضريحه ... برغمي وهذا للأسرة قد سما ودوحة فضل شاذوى تكافأت ... فغصن ذوى منها وآخر قد نما كأن ديار الملك غاب إذا انقضى ... به ضيغم أنشا له الدهر ضيغما فإن تلك أوقات المؤيد قد خلت ... فقد جددت علياك وقتاً وموسما هو الغيث ولى بالثناء مشيعاً ... وأبقاك بحراً بالمواهب مفعماً إذا الغيث صلى خلف جدواك راكعاً ... ثنت عزمه للاعتراف فسلما يراعك يوم السلم ينهل ديمة ... وسيفك يوم الحرب ينهل في الدما فعش للورى واسلم سعيدا مهنئاً ... فحظ الورى في أن تعيش وتسلما أعدت زمان البشر والجود والثنا ... إلى أن ملأت العين والكف والفما ولمحمد بن زريق البغدادي نادماً على الإفراط في طلب الدنيا، وكان قصد الأندلس في طلب الغنى، فلم يرجع لبغداد، ووجدت هذه القصيدة تحت وساده هي قوله رحمه الله تعالى: لا تعذليه فإن العزل يولعه ... قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه جاوزت في لومه حداً أضر به ... من حيث قدرتن أن اللوم ينفعه فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلا ... من عنفه فهو مضنى القلب موجعه قد كان مضطلعاً بالخطب يحمله ... فضيقت بخطوب البين أضلعه يكفيه من لوعة التنفيذ أن له ... من المنى كل يوم ما يروعه ما آب من سفر إلا وأزعجه ... رأي إلى سفر بالعزم يجمعه

شعر

كأنما هو في حل ومرتحل ... موكل بفضاء الأرض يذرعه إذا الزمان أراه في الرحيل عغنى ... ولو إلى السند أضحى وهو يزمعه تأبى المطامع إلى أن تجشمه ... للرزق كداً وكم ممن يودعه وما مجاهدة الإنسان توصله ... رزقاً ولا دعة الإنسان تقطعه والله قسم بين الخلق رزقهم ... لم يخلق الله من خلق يضيعه لكنهم ملؤوا حرصا فلست ترى ... مسترزقاً وسى الغايات يقنعه والسعي في الرزق والأرزاق قد قسمت ... بغي إلا أن بغي المرء يصرعه والدهر يعطي الفتى ما ليس يطلبه ... يوماً ويمنعه من حيث يطمعه أستودع الله في بغداد لي قمرا ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه ودعته وبودى أن يودعني ... طيب الحياة واني لا أودعه وكم تشفع بي أن لا أفارقه ... وللضرورة حال لا تشفعه وكم تشبث بي يوم ارحيل ضحى ... وأدمعي مستهلات وأدمعه لا اكذب الله ثوب الصبر منخرق ... عنى بفرقته لكن أرقعه إني أوسع عذري في جنايته ... بالبين عنه وقلبي لا يوسعه أعطيت ملكا فلم أحسن سياسته ... وكل من لا يسوس الملك يخلعه ومن غدا لابساً ثوب النعيم بلا ... شكر عليه فعنا الله ينزعه اعتضت من وجه خلي بعد فرقته ... كأساً أجرع منها ما أجرعه كم قائل لي ذنب البين قلت له ... الذنب والله ذنبي لست ادفعه هلا أقمت فكان الرشد أجمعه ... لو إنني يوم بان الرشد أتبعه إني لأقطع أيامي وأنفذها ... بحسرة منه في قلبي تقطعه بمن إذا هجع النوام بت له ... بلوعة منه ليلي لست أهجعه لا يطمئن لجنبي مضجع وكذا ... لا يطمئن له مذ بنت مضجعه ما كنت احسب أن الدهر يفجعني ... به ولا أن بي الأيام تفجعه حتى جرى الدهر فيما بيننا بيد ... عسراء تمنعني حظي وتمنعه بلله يا منزل القصف الذي درست ... آثاره وعفت مذ غبت أربعه هل الزمان معيد فيك لذتنا ... أم الليالي التي أمضته ترجعه في ذمة الله من أصبحت منزله ... وجاد غيث على مغداك يمرعه من عنده لي عهد لا يضيعه ... كما له عهد صدق لا أضيعه ومن يصدع قلبي ذكره وإذا ... جرى على قلبه ذكرى يصدعه لأصبرن لدهر لا يمتعني ... به ولا بي في حال يمتعه علماً بأن اصطباري معقب فرجاً ... وأضيق الأمر أن فكرت أوسعه عل الليالي التي أضنت بفرقتنا ... جسمي ستجمعني يوماً وتجمعه وان يدم أبداً هذا الفراق لنا ... فما الذي بقضاء الله نصنعه تم الاختيار من شعر ابن زريق البغدادي وأخباره ويليه الاختيار من شعر ابن حيوس وأخباره. شعر ابن حيوس هو أبو افتيان محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس الشاعر المشهور، وأحد الشعراء الشاميين المحسنني، ومن فحولهم المجيدين، له ديوان كبير، وكان نقطعاً إلى بني مرداس أصحاب حلب، وله فيهم القصائد الأنيقة، وقصته مشهورة مع الأمير جلال الدولة أبي المظفر نصر بن محمود بن مرداس الكلابي صاحب حلب، فانه كان مدح أباه محمود بن نصر، فأجازه ألف دينار فلما مات وقام ابنه نصر المذكور قصده ابن حيوس المذكور بقصيدته الرائية يمدحه بها ويعزيه عن أبيه وهي: كفى الدين عزاً ما قضاه لك الدهر ... فمن كان ذا نذر فقد وجب النذر ومنها: ثماتية لم تفترق مذ جمعتها ... فلا افترقت ما ذب عن ناظر شفر يقينك والتقوى وجودك والغنى ... ولفظك والمعنى وعزمك والنصر وذكر فيه وفاة أبيه توليه الأمر بعده بقوله: صبرنا على حكم الزمان الذي سطا ... على انه لولاك لم يكن الصبر غزانا ببؤسى لا يماثلها الأسى ... تقارن نعمى لا يقوم بها الشكر ومنها: تباعدت عنكم حرقة لا زهادة ... وسرت إليكم حين مسني الضر فلا قيل ظل الامن ما عنه حاجز ... يصد وباب العز ما دونه ستر وطال مقامي في اسار جميلكم ... فدامت معإليكم ودام لي الأسر وأنجز لي رب السماوات وعده ... الكريم بأن العسر يتبعه اليسر فجاد ابن نصر لي بألف تصرمت ... واني عليم أن سيخلفها نصر

شعر

لقد كنت مأمولا ترجى لمثلها ... فكيف وطوعا أمرك النهي والأمر وما بي إلى الإلحاح والحرص حاجة ... وقد عرف المبتاع وانفصل السعر وإني بآمالي لديك مخيم ... وكم في الورى ثاو وآماله سفر وعندك ما أبغي بقولي تصنعا ... بأيسر ما توليه يستعبد الحر فلما فرغ من انشادها، قال الامير نصر: والله لو قال عوض قوله: سيخلفها سيضعفها نصر لأضعفتها له، وأعطاه ألف دينار في طبق فضة، وكان الامير نصر سخياً، واسع العطاء. ومن محاسن شعر ابن حيوس القصيدة اللمية التي مدح بها أبا الفضل سابق ابن محمود هو أخو الامير نصر المذكور فمن مديحها قوله: طالما قلت للمسائل عنكم ... واعتمادي هداية الضلال أن ترد علم حالهم عن يقين ... فالقهم في مكارم أو نزال تلق بيض الوجوه سود مثار ... النقع خضر الأكف حمر النصال قال ابن خالكان: ما احسن هذا التقسيم الذي اتفق له، وقد الم فيها بقول أبي سعيد الرستمي من جملة قصيدة يمدح بها الصاحب بن عباد، وهي من فاخر الشعر وذلك قوله: من النفر العالين في السلم والوغى ... وأهل المعالي والعوالي وآلها إذا نزلوا اخضر الثرى من نزولهم ... وان نازلوا احمر القنا من نزالها ثم قال: هذا والله الشعهر الخالص الذي لا يشوبه من الحشو: وكان ابن حيوس المذكور قد أثرى، وحصلت له نعمة ضخمة من بني مرداس، فبنى داراً بمدينة حلب، وكتب على بابها من شعره: دار بنيناها وعشنا بها ... في نعمة من آل مرداس قوم نفوا بؤسي ولم يتركوا ... علي للأيام من باس قل لبني الدنيا إلا هكذا ... فليصنع الناس مع الناسس ومن غرر قصائده السائرة قوله: هو هو ذاك ربع المالكية فاربع ... واسأل مصيفاً عافياً عن مربع واستسق للدمن الخوالي بالحمى ... غر السحائب واعتذر من أدمعي فلقد فنين أمام دان هاجر ... في قربه ووراء ناء مزمع لو يخبر الركبان عني حدثوا ... عن مقلة عبرى وقلب نوجع ردي لنا زمن الكثيب فإنه ... زمن متى يرجع وصالك يرجع لو كنت عالمة بأدنى لوعتي ... لرددت أقصى نيلك المسترجع بل لو قنعت من الغرام بمظهر ... عن مضمر بين الحشا والأضلع أعتبت اثر تعتب ووصلت غب ... تجنب وبذلت بعد تمنع لو إنني أنصفت نفسي صنتها ... عن أن أكون كطالب لم ينجع ومنها: اني دعوت ندى الكرام فلم يجب ... فلأ شكرن ندى أجاب وما دعي ومن العجائب والعجائب جمة ... شكر بطيء عن ندى متسرع ومن شعره أيضا: قفوا في الفلا حيث انتهيتم تذمما ... ولا تفتقوا من جار لما تحكما أرى كل معوج المودة يصطفى ... لديكم ويلقى حتفه من تقوما فإن كنتم لم تعدلوا إذا حكمتم ... فلا تعدلوا عن مذهب قد تقدما حنى الناس من قبل القسي لتقتني ... وثقف منآد القنا ليقوما وما ظلم الشيب الملم بلمتي ... وان بزني حظي من الظلم واللمى ومحبوبة عزت وعز نظيرها ... وان أشبهت في الحسن والعفة الدمى أعنف فيها صبوة قط ما ارعوت ... واسأل عنها معلماً ما تكلما سلي عنه تخبر عن يقين دموعه ... ولا تسألي عن قلبه اين يمما فقد كان لي عونا على الصبر برهة ... ففارقني أيام فارقتم الحمى فراق قضى أن لا تأسي بعد أن ... مضى منجداً صبري وأوغلت متهما وفجعة بين مثل مصرع ملك ... ويقبح بي أن لا أكون متمماً خليلي أن لم تسعداني على الأسى ... فما أنتما مني ولا أنا منكما وحسنتما لي سلوة وتناسيا ... ولم تذكرا كيف السبيل إليهما سقى الله أيام الصبا كل هاطل ... ملث إذا ما الغيث أنجم أنجما وعيشاً سرقناه برغم رقيبنا ... وقد مل من طول السهاد فهوما وكانت ولادته سنة 394 ووفاته سنة 473 بحلب رحمه الله تعالى: تم الاختيار من شعر ابن حيوس وأخباره، ويليه الاختيار من شعر ابن بختيار وأخباره. شعر ابن بختيار

شعر

هو أبو عبد الله محمد بن بختيار بن عبد البغدادي المشهور، وهو أحد المتأخرين المجيدين، جمع في شعره الصناعة والرقة، وذكره صاحب الذخيرة، فقال: هو شاب ظريف، رقيق أسلوب الشعر، حلو الصناعة، رائق البراعة، عذب اللفظ، ارق من النسيم، وأحسن من الوشي، وكلما ينظمه ولو انه يسير بأفواه الرواة، وأهل الأدب يتهافتون على نظمه المطرب تهافت الطير الحوم على عذب المشرب فمن قوله: زار من أحيا بزورته ... والدجى في لون طرته قمر يثني معاطففه ... بانة في طي بردته بت استجلي المدام على ... غرة الواشي وغرته يالها من زورة قصرت ... فاماتت طول جفوته آه من خصر له وعلى ... رشفة من برد ريقته ومن أبياته السائرة قوله من جملة قصيدة: لا يعرف الشوق إلا من يكابده ... ولا الصبابة إلا من يعانيها ومن رقيق شعره قوله في الغزل من قصيدة أنيقة: دعني أكابد لوعتي وأعاني ... أين الطليق من الأسير العاني آليت لا أدع الملام يغرني ... من بعد ما أخذ الغرام عناني أو لا تروض العاذلات وقد أرى ... روضات حسن في خدود حسان والبدر يلتمس السلو ولم أزل ... حي الصبابة ميت السلوان يا برق أن اجف العقيق فطالما ... أغنته عنك سحائب الأجفان هيهات أن أنسى وربك وقفة ... فيها أغير بها على الغيران ومهفهف ساجي اللحاظ حفظته ... فأضاعني وأطعته فعصاني يصمي قلوب العاشقين بمقلة ... طرف السنان وطرفها سيان حسن الدلال بشعره وبثغره ... يوم الوداع اضلني وهداني ما قام معتد لا يهز قوامه ... إلا وبانت خجلة في البان يا أهل النعمان إلى وجناتكم ... تعزى الشقائق لا إلى النعمان ما يفعل المران في يد قلب ... في القلب فعل مرارة الهجران وهي قصيدة جيدة من فائق الشعر، ومخالصه من الغزل إلى المديح في نهاية الحسن، وقل من يلحقه فيها، فمن ذلك قوله في قصيدة أولها: جنيت جني الورد من ذلك الخد ... وعانقت غصن البان من ذلك القد فلما انتهى إلى مخلصها قال: لئن وقرت يوماً بسمعي ملامة ... لهند فلا عفت الملامة في هند ولا وجدت عيني سبيلا إلى البكا ... ولا بت في اسر الصبابة والوجد وبحت بما القي ورحت مقابلا ... سماحة مجد الدين بالكفر والجحد وقوله من قصيدة أخرى: فلا وجد سوى وجدي بليلى ... ولا مجد كمجد ابن الدوامى وقوله من قصيدة أخرى ببغداد: فاقسم اني في الصبابة واحد ... وان كما الدين في الجود واحد إلى غير ذلك وكانت وفاته سنة 580 رحمه الله، تم الاختيار من شعر ابن بختيار ويليه الاختيار من شعر القاضي أبي يعلى. شعر أبي يعلى هو القاضي ابو يعلى حمزة بن عبد الرزاق بن أبي حصين ولم أقف له إلا على مرثيته التي رثي بها مقلد بن نضر بن منقذ الكناني، وهي من مختار المراثي، وفائق الشعر، فأثبتها بطولها وهي: إلا كل حي مقصدات مقاتله ... وآجل ما يخسى من الدهر آجله وهل يفرح الناجي السليم وهذه ... خيول الردى قدامه وحبائله لعمر الفتى أن السلامة سلم ... إلى الحين والمغرور بالعيش آمله فيسلب أثواب الحياة معارها ... ويقضي غريم الدين من هو ماطله مضى قيصر لم تغن عنه قصوره ... وجدل كسرى ما حمته مجادله وما صد هلكاً عن سليمان ملكه ... ولا منعت منه اباه سرابله ولم يبق إلا من يروح ويغتدي ... إلى سفر ينأى عن الأهل قافله وما نفس الإنسان إلا خزامة ... بأيدي المنايا والليالي مراحله فهل غال بدءاً مخلص الدولة الردى ... وهل تنزوي عمن سواه غوائله ولكنه حوض الحمام ففارط ... إليه وتال مسرعات رواحله لقد دفن الأقوام أروع لم تكن ... بمدفونة طول الزمان فضائله سقى جدثاً هالت عليه ترابه ... اكفهم طال الغمام ووابله ففيه سحاب يرفع المحل هدبه ... وبحر ندىً يستغرق البر ساحله كأن ابن نصر سائر في سريره ... حياء من الوسمي أقشع هاطله يمر على الوادي فتثني رماله ... عليه وبالنادي فتبكي أرامله

شعر

سرى نعشه فوق الرقاب وطالما ... سرى جوده فوق الركاب ونائله أناعيه أن النفوس منوطة ... بقولك فانظر ما الذي أنت قائله بفيك الثرى لم تدر من حل بالثرى ... جهلت وقد يستصغر المرء جاهله هو السيد المهتز للتم بدره ... وللجود عطفاه وللطعن عامله أفاض عيون الناس حتى كأنما ... عيونهم سما تفيض انامله فياعين سحي لا تشحي بوابل ... على ماجد لم يعرف الشح سائله متى سألوه المال تندى بنانه ... وان سألوه الضيم تبدو عوامله وكم عاد عنه بالخسار مقنع ... وكم نال منه قانع ما يحاوله له الغلب القاضي على كل باسل ... يجادله أو كل خصم يجادله مجالسه في روضة طلها الندى ... ولكنه في المجد مات مساجله فيا عمره انى قصرت ولم تطل ... منازله بل كفه بل حمائله جرت تحته اعلياء ملء فروجها ... إلى غاية طالت على من يطاوله فما مات حتى نال أقصى مراده ... كما يستسر البدر تمت منازله فتى طالما يعتاده الجيش عافيا ... فينزله أو عادياً فينازله صفوح عن الجاني وصفحة سيفه ... إذا هي لم تقتله فالصبح قاتله وأدمى عسيب الطرف بعدك هلبه ... وعادته أن يقذف الدم كاهله فياطرفه ما كان عجزك حاملاً ... أذى صارم لو أن ظهرك حامله لقد كثر الملبوس بعد مروع ... جرت ببيان المشكلات شواكله إذا ظن لا يخطي كأن ظنونه ... على ما يظن الناس عنه دلائله فلا رحلت عنه نوازل رحمة ... صحاه بها موصولة وأصائله وروى ثراه منهل العفر في غد ... فقد روت العافين أمس مناهله قضى الله أن يردى الأمير وهذه ... صوافنه موقورة ومناصله وكل فتىً كالبرق إبريق غمده ... إذا شامه أو كالذبابة ذابله فليت ظباه صلت اليوم خلفه ... فظلت على غير الصيام صواهله بني منقذ صبراً فإن مصابكم ... يصاب به حافي ليس يوجد عاذله إذا صوحت أيدي الرجال فانتم ... بني منقذ روض الندى وحمائله سوان فر من وزر الزمان مفرح ... فإنكم أوزاره ومعاقله وصاحب علي الصبر عنه فما غوى ... مصاحب صبر عن حبيب يزايله وما نام حتى قام منك وراءه ... أخو يقظات وافر العقل كامله كأنكما تؤمان في فلك العلى ... فطالعه هذا وذلك آفله وما كلفوك الأمر إلا لعلمهم ... قيامك بالأمر الذي أنت كافله سعيت إلى نيل المكارم سعيه ... ولو كنت لاتسعى كفتك فواضله ولم تر أن ترقى بما كان فاعلاً ... أجل نما أمرفوع بالفعل فاعله لعمرك اني في الذي عن كله ... شريك عنان ناصح الود ناهله وكيف خلو القلب من ذلك الهوى وقد خلدت بين الشغاف دواخله تمت قصيدة القاضي أبي يعلى رحمه الله تعالى، ويليه الاختيار من شعر الشريف الرضي. شعر الشريف الرضي هو الشريف الرضي أبو الحسن محمد بن الطاهر، ذي المناقب أبي أحمد الحسين بن موسى بن محمد إبراهيم بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن علي زين العابدين، بن الحسين بن علي ابن أبي طالب، رضي الله عنهم، المعروف بالموسوي، صاحب ديوان الشعر ذكره الثعالبي في كتاب (اليتيمية) فقال: في ترجمته ابتدأ: يقول الشعر بعد أن جاوز عشر سنين، وهو أبدع أبناء الزمان، وأنجب سادات العراق، يتحلى مع محتده الشريف، ومفخره المنيف بأدب ظاهر، وفضل باهر، وحظ من جميع المحاسن وافر، ثم هو أشعر الطالبين، من مضى منهم، ومن غبر على كثرة شعرائهم المفلقين، ولو قلت: انه أشعر قريش لم أبعد، وسيشهد بذلك شاهد عدل من شعره، العالي القدح، الممتنع من القدح، الذي يجمع مع السلاسة متانة، والى السهولة رصانة، ويشمل على معان يقرب جناها، ويبعد مداها، ومن غرر شعره ما كتبه إلى الخليفة القادر بالله العباس أحمد بن المقتدر من جملة قصيدة: عطفاً أمير المؤمنين فإننا ... في دوحة اعلياء لا نتفرق ما بيننا يوم الفخار تفاوت ... أبداً كلانا في المعالي معرق إلا الخلافة ميزتك فإنني ... أنا عاطل منها وأنت مطوق ومن جيد شعره قوله أيضا:

رمت المعالي فامتنعن ولم يزل ... أبداً يمانع عاشقاً معشوق فصبرت حتى نلتهن ولم أقل ... ضجراً دواء الفارق التطليق وله من جملة ابيات: يا صاحبي قفالي واقضيا وطراً ... وحدثاني عن نجد بأخبار هل روضت قاعة الوعساء أم مطرت ... خميلة الطلح ذات البان والغار أم هل أبيت ودار دون كاظمة ... داري وسمار ذاك الحي سماري تضوع أرواح نجد من ثيابهم ... عند القدوم لقرب العهد بالدار ومن قوله في رقة النسيب: يا ليلة السفح هلا عدت ثانية ... سقى زمانك هطال من الديم ماض من العيش لو يفدى بذلت بها ... كرائم المال من خيل ومن نعم لم أقض منك لبانات ظفرت ... بها فهل لي اليوم إلا زفرة الندم فليت عهدك إذا لم يبق لي أبداً ... لم يبق عندي عقابيلاً من السقم تعجبوا من تمني القلب مؤلمة ... وما دروا انه خلو من الألم ردوا علي ليالي التي سلفت ... لم أنسهن وما بالعهد من قدم أقول للائم المهدي ملامته ... ذق الهوى وان اسطعت الملام لم وظبية من ظباء الإنس عاطلة ... تستوقف العين بين الخمص والهضم لو إنها بفناء البيت سارحة ... لصدتها وابتدعت الصيد في الحرم قدرت منها بلا رقبى ولا حذر ... على الذي نام عن ليلي ولم انم بتنا ضجيعين في ثوبي وتقىً ... يلفنا الشوق من فرع إلى قدم وأمست الريح كالغيرى تجاذبنا ... على الكثيب فضول الريط والكمم يشي بنا الطيب أحيانا وآونة ... يضيئنا البرق مجتازاً على إضم وبات بارق ذاك الثغر يوضح لي ... مواقع اللثم في داج من الظلم وبيننا عفة بايعتها بيدي ... على الوفاء بها والرعي للذمم يولع الطل بردينا وقد نسمت ... رويحة الفجر بين الضال والسلم وأكتم أصبح عنها وهي غافلة ... حتى تكلم عصفور على علم فقمت انفض بردا ما تعلقه ... غير العفاف وراء الغيب والكرم وألثمتني ثغراً ما عدلت به ... أرى الجنى ببنات الوابل الرزم ثم انثنينا وقد رابت ظواهرنا ... وفي بواصننا بعد من التهم يا حبذا لمة بالرمل ثانية ... ووقفة ببيوت الحي من امم وحبذا نهلة من فيك باردة ... يعدي على حر قلبي بردها بفمي دين عليك فإن تقضيه أحي به ... وان ابيت تقاضينا إلى حكم عجبت من باخل عني بريقته ... وقد بذلت له دون الأنام دمي ما ساعفتني الليالي بعد بينهم ... ولا بكيت هوى أيامنا أقدم لا تطلبن لي الإبدال بعدهم ... فإن قلبي لا يرضى بغيرهم ومن قوله: ولي كبد من حب ظمياء أصبحت ... كذي الجرح ينكى يعد مارقي الدم أصاب الهوى قلباً بعيداً من الهوى ... وما كل من يبغي السلامة يسلم قال يمدح الخليفة الطائع لله، ويشكره على تكرم خصه، وجائزة سنية، وذلك في سنة 376: أنا للركائب أن عرضن بمنزل ... وإذا القنوع أطاعني لم ارحل لا أطلب المثري البخيل لحاجة ... أبداً وأقنع بالجواد المرمل وأرى المعرض باللئيم كأنه ... أعشى اللحاظ يحز غير المفصل ولرب مولى لا يغض جماحه ... طول العتاب ولا عناء العذل يطغى عليك وأنت ألأم شعبه ... كالسيف يأخذ من بنان الصقيل أبكي على عمر بجاذبه الردى ... جذب الرشاء عن القليب الأطول أخلق بحبل مرسل في غمرة ... أن سوف ترفعه بنان المرسل ما كنت أطرب للقاء ولا أرى ... قلقاً لبين الظاعن المتحمل ألوي عناني عن منازلة الهوى ... وأصد عن ذكر اغزال المغزل وأزور أطراف الثغور ودونها ... طعن يبرح بالوشيج الذبل أأنال من عذب الوصال ودونه ... مر الاباء ونخوة المتدلل ما كنت أجرع نطفة معسولة ... طوع المنى وإناؤها من حنظل أعتيلة الحيين دونك فارفعي ... ما شئت من عذب القناع المسبل هيهات يبلغك اللحاظ وبيننا ... هضب كخرطوم اغمام المقبل أوطان غير للضيافة طلقة ... وسواك في اللأواء رحب المنزل

وإذا امير النمؤمنين أضاف لي ... املي نزلت على الجواد المفضل بالطائع الميمون انجح مطلبي ... وعلوت حتى ما يطاول معقلي قرم إذا غزت الخطوب مراحه ... أدمى غاربها بناب أعصل متوغل خلف العدو وعلمه ... أن الجبان إذا سرى لم يوغل وإذا تناولت الرجال غنيمة ... قسم التراث لها بحد المنصل ثبت لهجهجة الخطوب كأنها ... جاءت تقعقع بالشنان ليذبل رأي الرشيد وهيبة المنصور في ... حسن الأمين ونعمة المتوكل آباؤك الغر الذين إذا انتموا ... ذهبوا بكل تطاول وتطول درجوا كما درج القرون وعلمهم ... أن سوف يخبر آخر عن أول نسب إليك تجاذبت أشياخه ... طولا من العباس غير موصل هذي الخلافة في يديك زمامها ... وسواك يخبط قعر ليل اليل أحرزتها دون الأنام وإنما ... خلف العجاجة سائق لم يذهل بجوادر يعنقن من نحت القنا ... عنقاً يعرد بالذئاب العسل غر محجلة إذا احتضر الوغى ... نقبن عن يوم أغر محجل رفعت فأي الحزم عنها لم يضق ... عرقاً وأي اللجم لم يتصلصل سلخ الظلام إهابها وتهللت ... جنبات ذاك العارض المتهلل طلعت بوجهك غرة نبوية ... كالشمس تملأ ناظر المتأمل وإذا نبت بك في مسالمة العدى ... ارض وهب ترابها للقسطل وفوارس ما استعصموا بثنية ... إلا طلعت عليهم في جحفل إلى أن قال: ارجوك للامر الخطير وإنما ... يرجى المعظم للعظيم المعضل واروم من غلواء عزك غاية ... قعساء تستلب النواظر من عل تدمي قلوب الحاسدين وتنثني ... فترد عادية الخطوب النزل ضاق الزمان فضاق فيه تقلبك الماء يجمع نفسه في الجدول فاسمح بفعلك بعد وعدك انه ... لا يحمد الوسمي إلا بالولي فلعلنا نمتاح أن لم نغترف ... ماء المنى ونعل أن لم ننهل ايه وكم من نعمة جللتها ... تضفو كهداب الرداء المخمل لله أنت لقد أثرت صنيعةً ... بيدي معم في الصنائع مخول شرفتنا دون الأنام وإنما ... برالقريب علاقة المتفضل وجذبتنا جذب الحرير إلى العلى ... وعدونا يهوي هوي الأجدل وأحق بالإطراء باعث منة ... وصلت من الأرحام ما لم يوصل مولاي من لي أن اراك وكيف لي ... بحضور دارك والعدو بمعزل انظر الي ببعض طرفك نظرة ... يسمو لها ويعرب مقولي فالآن لا ارضى وانت مؤلمي ... برضى القنوع وعفة المتجمل نعمى أمير المؤمنين حرية ... أن لا تنام على الرجاء المهمل بفم إذا رفع الكلام سجافه ... أوحى بنائل وان لم يسأل ويد إذا استمطرت هامر مزنها ... دفقت عليك من الزلال السلسل تمحو أساطير الخطوب كما محا ... مر الشمال من الغمام المثقل واليت فيك مدائحي فكأنما ... أفرغت نبلي كله في مقتل من كل قافية إذا ما انشدت ... عطفت عنان الراكب المستعجل فظفرت من نفحاته وجواره ... باجل نعماء وأحرز موئل وقال يمدح الطائع أيضا ويهنئه بصوم شهر رمضان سنة 387: مسيري في ليل الشاب ضلال ... وشيبي ضياء في الورى وجمال سواد ولكن البياض سيادة ... وليل ولكن النهار جلال وما المرء قبل الشيب إلا مهند ... صدي وشيب العارضين صقال وليس خضاب الرأس إلا تعلة ... لمن شاب منه عارض وقذال للنفس في عجز الفتى وزماعه ... زمام إلى ما يشتهي وعقال بلوت وجربت الأخلاء مدة ... فاكثر شيء في الصديق ملال وما راقني ممن أود تملق ... ولا غرني ممن أحب وصال وما صحبك الادنون إلا أباعد ... إذا قل مال أو نبت بك حال ومن لي بخل أرتضيه وليت لي ... يمينا تعاطيها الوفاء شمال تميل بي الدنيا إلى كل شهوة ... وان من النجم البعيد منال وتسلبني أيدي النوائب ثروتي ... ولي من عفافي والتقنع مال إذا عزني ماء وفي القلب غلة ... ظمئت وكل الآل عندي آل ومثلي لا بأس على ما يفوته ... إذا كان عقبى ما ينال زوال

لانا خلقنا عرضة لمنية ... فنحن إلى داعي المنون عجال تخف على ظهر الثرى وبطونه ... علينا إذا حل الممات ثقال وما نوب الأيام إلا أسنة ... تهاوى إلى أعمارنا ونصال وأنعم منا في الحياة بهائم ... وأثبت منا في التراب جبال أنا المرء لا عرضي قريب من العدى ... ولا في لباغي علي مقال وما العرض إلا خير عضو من الفتى ... يصاب وأقوال العداة نبال وقور فان لم يرع حقي جاهل ... سألت عن العوراء كيف تقال إلى كم أمشي العيش غرثى كليلة ... وأودع منها دبرب ورئال أروغ كأني في الصباح طريدة ... وأسري كأني في الظلام خيال تمطى بنا أذوادنا كل مهمة ... خفائف تخفيها ربى ومال لطمنا بأيديها الفيافي إليكم ... وقد دام أغذاذ وطال كلال خوارج من ليل كأن وراءه ... يد الفجر في سيف جلاه صقال تقوم أعناق المطي نجومه ... فليس لسار فوقهن تلال وهو جاء قدام الركاب مغذة ... لها من جلود الرازحات نعال رحلن بها كالبدر حسناً وشارة ... وملنا إلى البيداء وهي هلال إليك أمين الله وسمت أرضها ... بأخفافها يدنو بهن نقال أيداي أمير المؤمنين كثيرة ... ومال أمير المؤمنين مزال وأوقاته اللتي تسوءه قصيرة ... وأيامه التي تسر طوال من الضاربين إلهام والخيل تدعى ... وإن غاب أنصار وقال رجال هم القوم إن هاب المصاليت أقدم ... وإن سئلوا بذل النوال أنال وإن طريق اليوم العبوث تهلل ... وإن مالت السمر الذوابل مالوا أجيل لحلظي لا أرى غير ناقض ... كأن الورى نقص وأنت كمال لنا كل يوم في معإليك ِشعبة ... وأكرومة ما تنقضي والنوال وأنت الذي بلغتنا كل غاية ... لها فوق أعناق النجوم مجال فما طرد النعماء وعدك ساعة ... ولا غض من جدوى يديك مطال إذا قلت إذا كان الفضل ثاني نطقه ... وخير مقال ما تلاه فعال أزل طمع الأعداء عني بفتكة ... فلا سلم إلا أن يطول قتال فإن نفوس الناكثين مباحة ... وإن دماء الغادرين حلال وشمر فما للسيف غيرك ناصر ... ولا للعوالي إن قعدت مصال ومن لي ليوم شاحب في عجاجه ... أنال بأطراف القنا وأنال وكالنفوس الشقراء في الجو شمسه ... لها من غيابات الغبار جلال أردني مراداً يقعد الناس دونه ... ويغبطني عم عليه وخال ولا تسمعن من حاسد ما يقوله ... فأكثر أقوال العداة محال هناء لك الصوم الحديد ولا تزل ... عليك من العيش الرقيق ظلال جادك منهل الغمام وصافحت ... حماك جنوب غضة وشمال ولا زال من آمالنا ورجائنا ... عليك وإن ساء العدو عيال وفي كل يوم عندنا منك عارض ... وعند الأعادي فيلق ونزال أنا القائل المحسود قولي من الورى ... علوت وما يعلو علي مقال يقولون حاز الفضل قوم بسبقهم ... وما ضرني أني أتيت وزالوا ولا فرق بيني في الكلام وبينهم ... بشيء سوى أني أقول وقالوا فلا زال شعري فيك وحدك كله ... ولا اضطرني إلا إليك سؤال ومن قوله في الفخر: ألا ليت الغيوم السواجم ... تجر على تلك لربى والمعالم ولولاك ما استبقيت مزناً لمنزل ... فأحمل فيه منة للغمائم ويا رب أرض قد قطعت تشق بي ... جيوب الملأ أيدي المطي الرواسم وليل طويل الباع قسرت طوله ... إليك وقد ألقى يداً في المخازم وعيش خطت عرض الفلابر حالنا ... تزعزع في الأعناق رقش التمائم إذا فاح ريعان النسيم رأيتها ... إلى الجانب الغربي عوج الخياشم يسير بها مستنجد بعصابة ... أناملها ملوية بالقوائم تباري نجو الليل بالبيض والقنلا ... وضوء بدور هامها في العمائم حقيق بأن لا يهتك الدهر ثوبه ... على العار كأس من عجاج الملاحم وأين من الدهر استماع ظلامتي ... إذا نظرت أيامه في المظالم فهل نافع أن ينصر المجد عزمتي ... على هذه العلياء والمال ظالمي

أنا الأسد الماضي على كل فعلة ... تمشي شفار البيض فوق الجماجم وفي مثلها أرضيت من عزمتي المنى ... وصافحت أطراف القنا والصوارم ولم أدر أن الدهر يخفض أهله ... إذا سكنت فيهم نفوس الضراغم وما العيش إلا فرحة إن هجرتها ... سطوت على الدنيا بسطوة حازم سأصبر حتى يعلم الصبر إنني ... ملكت به دفع الخطوب الهواجم وآخذ ثاري من زمان تعرضت ... مغارمه بيني وبين المغانم وما نام إغضاء عن الدهر صارمي ... ولكني أبقي على غير راحم وإن أنا أهلكت الزمان فما الذي ... يصدع عزمي في صدور العظائم وركب سروا والليل ملق جرانه ... على كل مغبر المطالع قاتم خذوا عزمات ضاعت الأرض بينها ... فصار سراهم في ظهور العزائم تريهم نجوم الليل ما يبتغونه ... على عاتق الشعرى وهام النعائم وغط على الأرض الدجى فكأننا ... نفتش عن أعلامها بالمناسم وفتية صدق من قريش إذا أنتدوا أروك عطاء المال ضربة لازم إذا طردوا في معرك المجد قصفوا ... رماح العطايا في قلوب المراحم وإن سحبوا خرصانهم لكريهة ... تصدع قلب الأرض عن صدر واجم وتثبت في عليا معد غصونهم ... ثبات بنان في قلوب البراجم أيسمح لي هذا الزمان بصاحب ... طويل نجاد السيف من آل هاشم إذا أنا شيعت الحسام بكفه ... مضى عزم مشبوح الذراع ضبارم إذا ضافه الهم النزيع رمى بها ... نزائع لا يعلفن غير الشكائم ولست بمستصف سوى كل خائض ... ألأى كل بحر بالقنا متلاطم أنامله في الحرب عشر أسنة ... ولكنها في الجود عشر غمائم طموح إذا غض الشجاع لحاظه ... وأطرق عن برق الظبي كل شائم أعاذل ما سمعي للومك مرتعاً ... إذا كان مصروفاً إلى غير لائم يبثك عن ليل تعسفت متنه ... كأني أمشي في متون الأراقم يخيل لي أن النجوم ضمائر ... يقلقل فيها خشية من عزائمي لقيت ظلام الليل في لون مفرتي ... وفارقته والصبح في لون صارمي أجوب آجام المنايا وأسدها ... تروعني من بينها بالهماهم وبيني وبين القوم من آل يعرب ... ضغتئن تثنيني زهيد المطاعم إذا ما جنوا من مالهم ثمر العلى ... جنيت المعالي من غصون اللهاذم أغر بني فهر وعيد مجتسع ... وأي وعيد بعد وقع الصوارم؟ أيوعدنا من عطل البعض والقنا ... وأقسم لا ينجو بغير الهزائم عشية خضنا بالضوامر ليلهم ... وفي كل جفن منهم طيف حالم نريهم صدور السمر بين نحورهم ... فما أستيقظوا إلا بقرع الحلاقم كأن الكرى يقتص من طول نومهم ... فيسهر منهم بالقنا كل نائم وكم من غلام خالط البأس قلبه ... يقطع أقران الأمور الغواشم ونحن دلفنا للأراقم فتية ... يضيقون أطراف القنا في الحيازم تطلع من خلف الفجاج كأنما ... تطالعهم منها عيون القشاعم إذا اشتجر الضرب الدر التقطت ... إلى الطعن أفواه النسور الحوائم وولوا على الخيل العتاق كأنهم ... تزاحم غيم العارض المتراكم تفيض عيون الطعن بالدم منهم ... ويغسلها فيض العيون السواجم وله يمدح أباه ويذكر غرضاً له: شيمي لحاظك عني ظبية الخمر ... ليس الصبا اليوم من شأني ولا وطري مات الغرام فما أصغي إلى طرب ... ولا أربي دموع العين للسهر من يعشق المجد لا يعنو لغانية ... في رونق الصفو ما يغني عن الكدر شغلت بالمجد عما يستلذ به ... إذا جذبت به باعا من العمر لا يبتعد الله من غارت ركائبهم ... وأنجد الشوق بين القلب والبصر يا وقفة بوراء الليل أعهدها ... كانت نتيجة صدر عاقر الوطر والوجد يغضبني قلباً أضن به ... والدمع يمنع عني لذة النظر طرقتهم والمطايا يستراب بها ... والليل يرمقني بالأنجم الزهر أصانع الكلب أن يبدي عقيرته ... والحي مني إذا أغفوا على غرر وفي الخباء الذي هام الفؤاد به ... نجلاء من أعين الغزلان والبقر

شعر

أبرزتها فتحاصرنا مباعدة ... من الخيام نعفي الخطو بالأرز ثم انثنيت ولم أدنس سوى عبق ... على جيوبي لريا بردها العطر لا أغفل المزن أرضاً ينزلون بها ... ولا طوى عنهم مستعذب المطر جر النسيم على أعطاف دارهم ... ذيلاً وألبسها من رقة السحر وما بكائي على خل فجعت به ... إلا لكل فتى كالصارم الذكر ما حاربوا الدهر إلا لان جانبه ... أن المشيع أولى الناس بالظفر يا للرجال دعاء لا يشار به ... إلا إلى غرض بالذل والحذر ردوا الرحيل فإن القلب مرتحل ... وسافروا أن دمع العين في سفر ويوم ضجت ثنايا بابل ومشت ... بالخيل في خلع الأوضاع والغرر قمنا نحلي وراء اللثم كل فتى ... كأن حليته من صفحة القمر إني لأمنح قوماً لا أزورهم ... مج القا من دم الأوداج والثغر طعناً كما صبح الغدران ممتحن ... رمى فشتت شمل الماء بالحجر وجاهل نال من عرضي بلا سبب ... أمسكت عنه بلاعي ولا حصر حمته مني المخازي أن أعاقبه ... كذاك تحمى لحوم الذوذ بالدبر ومهمه كشفار البيض مطرد ... بالآل عار من الأعلام والخمر إذا تدلت عليه الشمس لأوحشها ... تلمع المور بالأنهار والغدر غصصت تربته بالعيش مالكة ... على النجاء رقاب الورد والصدر أطوي البلاد إلى ما أذل به ... من البلاد وما أطوي على خطر مجاهلاً ما أظن الذئب يعرفها ... ولا مشى قائف فيها على أثر ينسى بها اليقظ المقدام حاجته ... ويصبح المرء فيها ميت الخبر لا تبعدن أماني التي نشزت ... على الزمان بالإدلاج والبكر يا ابن النبي مقالاً لا خفاء به ... وأحسن القول فينا قول مختصر رأيت كفك مأوى كل مكرمة ... إذا تواصت أكف القوم بالعسر لطاب فرعك واهتزت أراكته ... في المجد إن المعالي أطيب الشجر ما كل نسل الفتى تركوا مغارسه ... قد يفجع العود بالأوراق والثمر إن الرماح وإن طالت ذوائبها ... من العدى تتواصى عنك بالقصر تسل منك الليالي سيف ملحمة ... يستنهض الموت بين البيض والسمر مشيع الرأي أن كرت أسنته ... جرى القنا بين منآد ومنأطر فاسلم إذا نكب المركوب راكبه ... وأستأسد الدهر بالأقدار والعين تم الاختيار من شعر الشريف الرضي وأخباره، ويليه الاختيار من شعر البهاء زهير. شعر البهاء زهير هو الوزير بهاء الدين أبو الفضل، زهير بن محمد بن علي بن يحيى ابن الحسين بن جعفر بن منصور المهلبي الصالحي، الفاتكي، المصري، الأزردي، رحمه الله تعالى آمين فمن قوله: وكتب بها إلى الوزير فخر الدين أبي الفتح عبد الله بن قاضي داريا يشكو إليه سوء أدب غلمانه: سواك الذي ودي لديه مضيع ... وغيرك من سعيي إليه مخيب ووالله ما آتيك إلا محبة ... وإني في أهل ألفضيلة أرغب أبث لك الشكر الذي طاب نشره ... وأطري بما أثني عليك وأطرب فما ألقى دون بابك جفوة ... لغيرك تعزى لا إليك وتنسب أرد برد الباب إن جئت زائراً ... فياليت شعري أين أهل ومرحب؟ ولست بأوقات الزيارة جاهلاً ... ولا أنا ممن قربه يتجنب وقد ذكروا في خادم المرء أنه ... بما كان من آدابه يتأدب فهلا سرت منك اللطافة فيهم ... وأعدتهم آدابها فتأدبوا ويصعب عندي حالة ما ألفتها ... على أن بعدي عن جنابك أصعب وأمسك نفسي عن لقائك كارها ... ((أغالب فيك الشوق والشوق أغلب)) وأغضب للفضل الذي أنت ربه ... لأجلك لا أني لنفسي أغضب وآنف إما عزة منك نلتها ... وإما لإدلال به أتعب وإن كنت ما اعتداها فيك زلة ... فحسبي بها من خجلة حين أذهب وقال في جواب كتاب ورد إليه من بعض أحبابه: رسول الرضى أهلاً وسهلاً ومرحباً ... حديثك ما أحلاه عندي وأطيبا ويا مهدايا ممن أحب سلامه ... عليك سلام الله ما هبت الصبا ويا محسناً قد جاء من عند محسن ... ويا طيبا أهدى من القول طيبا

لقد سرني ما قد سمعت من الرضى ... وقد هزني ذاك الحديث وأطربا وبشرت باليوم الذي فيه نلتقي ... ألا إنه يوم يكون له نبا فعرض إذا حدثت بالبان والحمى ... وغياك أن تنسى فتذكر زينابا ستكفيك من ذاك المسمى إشارة ... ودعه مصوناً بالجمال محجبا أشر لي بوصف واحد من صفاته ... تكن مثل من سمى وكنى ولقبا وزدني من ذاك الحديث لعلني ... أصدق أمراً كنت فيه مكذبا سأكتب مما قد جرى في عتابنا ... كتاباً بدمع للمحبين مذهبا عجبت لطيف زار بالليل مضجعي ... وعاد ولم يشف الفؤاد المعذبا فأوهمني أمراً وقلت لعله ... رأى حالة لم يرضها فتجنبا وما صدعن عن أمر مريب وإنما ... رآني قتيلاً في الدجى فتهيبا ومن قوله: كلفت بشمس لا ترى الشمس وجههاً ... أراقب فيها ألف عين وحاجب ممنعة بالخيل والقول والقنا ... وتضعف كتبي عن زحام الكتائب ولو حملت عني الرياح تحية ... لما نفذت بين القنا والقواضب فمالي منها رحمة غير إنني ... أعلل نفسي بالأماني الكواذب أغار على حرف يكون من أسمها ... إذا ما رأته العين في خط كاتب ومن قوله: وغانية لما رأتني أعولت ... وقالت عجيب يا زهير عجيب رأت شعرات لحن بيضاً بمفرقي ... وغصني من ماء الشباب رطيب لقد أنكرت مني مشيباً على صبى ... فقالت مشيب قلت ذاك مشيب وما شبت إلا من وقائع هجرها ... على أن عهدي بالصبا لقريب عرفت الهوى من قبل أن يعرف الهوى ... وما زال لي في الغيب منه نصيب ولم أر قلباً مثل قلبي معذباً ... له كل يوم لوعة ووجيب وكنت إذا استهونت في الحب نظرة ... وقد صار منها في الفؤاد لهيب تركت عذولي ما أراد بقوله ... يسفه يرزي يستخف يعيب ومإذا به إلا دماثة منطقي ... وإني مزاج اللسان لعوب أروح ولي في هزة الحب نشوة ... ولست أبالي أن يقال طروب محب خليع عاشق متهتك ... يلذ لقلبي كل ذا ويطيب خلعت عذاري بل لبست خلاعتي ... وصرحت حتى لا يقال مريب وفي لي من أهوى وأنعم بالرضى ... يموت بغيظ عاذل ورقيب فلا يعيش إلا بالأحبة جامع ... ولا أنس إلا أن يزور حبيب وإني ليدعوني الهوى فأجيبه ... وإني ليثنيني التقى فأنيب رجوت كريماً قد وثقت بصنعه ... وما كان من يرجو الكرام يخيب فيا من يحب العفو إني مذنب ... ولا عفو إلا أن تكون ذنوب ومن قوله في الشيب: سلام على عهد الشبيهة والصبا ... وأهلاً وسهلاً بالمشيب ومرحبا ويا راحلاً عني رحلت مكرماً ... ويا نازلاً عندي نزلت مقرباً أأحبابنا إن المشيب لشارع ... لينسخ أحكام الصبابة والصبا وفي مع الشنب الملم بقية ... تجدد عندي هزة وتطربا أحن إليكم كلما لاح بارق ... وأسأل عنكم كلما هبت الصبا وما زال وجهي أبيضاً في هواكم ... إلى أن سرى ذاك البياض فشيبا وليس مشيباً ما ترون بعارضي ... فلا تمنعوني أن أهيم وأطربا فما هو إلا نور ثغر لثمته ... تعلق في أطراف شعري فألهبا وأعجبني التنيس بيني وبينه ... فلما تبدي أشنبا حلت أشيبا وهيفاء بيضاء النرائب أبصرت ... مشيبي فأبدت روعة وتعجبا جنت لي هذا الشيب ثم تجنبت ... فواحربا ممن جنى وتجنبا تناسب خدي في البياض وخدها ... ولو دام مسوداً لقد كان أنسبا وإني وإن هز الغرام معاطفي ... لآبي الدنايا نخوة وتعربا أتية على كل الأنام نزاهة ... وأشمخ إلا للصديق تأدبا وإن قلتم أهوى الرباب وزينبا ... صدقتم ساو عني الرباب وزينبا ولكن فتى قد نال فضل بلاغة ... تلعب فيها بالكلام تلعبا ومن قوله: جاءت تودعني والدمع يغلبها ... يوم الرحيل وحادي البين منصلت وأقبلت وهي في خوف وفي دهش ... مثل الغزال من الأشراك ينفلت فلم تطق خيفة الواشي تودعني ... وريح الوشاة لقد نالوا وقد شمتوا

وقفت أبكي وراحت وهي باكية ... تسير عني قليلاً ثم تلتفت فيا فؤادي كم وجد وكم حرق ... ويا زماني ذا جور وذا عنت ومن قوله: يعاهدني لا خإنني نم ينكث ... وأحلف لا كلمته ثم أحنت وذلك دأبي لا يزال ودأبه ... فيا معشر الناس اسمعوا وتحدثوا أوقل له صلني يقول نعم غداً ... ويكسر جفناً هازثاً بي ويبعث وما ضر بعض الناس لو كان زارني ... وكنا خلونا ساعة نتحدث لك الله أني في هواك معذب ... وحتام أبقى في العذاب وأمكث؟ فخذ مرة روحي ترحني ولم أكن ... أموت مراراً في نهاري وأبعث وإني لهذا الضيم منك لحامل ... ومتظر لطفاً من الله يحدث أعيذك من هذا الجفاء الذي بدا ... خلائقك الحسنى أرق وأدمث تردد ظن الناس فينا وأكثروا ... أقاويل منها طيب ويخبث وقد كرمت في الحب منا شمائل ... ويسأل عنا من أراد ويبحث ومن مختارات قوله: ترى هل علمتم ما لقيت من البعد ... لقد جل ما أخفيه منكم وما أبدي فراق ووجد وأشتياق ولوعة ... تعددت البلوى على واحد فرد رعى الله أياماً تقضت بقربكم ... كأني بها قد كنت في جنة الخلد هبوني أمرء أفد كنت بالبين جاهلاً ... أما كان فيكم من هداني إلى الرشد وكنت لكم عبداً وللعبد حرمة ... فما بالكم ضيعتم حرمة العبد؟ وما بال كتبي لا يرد جوابها ... فهل أكرمت أن لا تقابل بالرد؟ فأين حلاوات الرسائل بيننا ... وأين إمارات المحبة والود؟ وما لي ذنب يستحق عقوبة ... وياليتها كانت بشيء سرى الصد وياليت عندي كل يوم رسولكم ... فأسكنه عيني وأفرشه خدي وإني لأرعاكم على كل حالة ... وحقكم أنتم أعز الورى عندي عليكم سلام الله والبعد بيننا ... وبالرغم مني أن أسلم من بعد ومن قوله يمدح الأمير النصير اللطمي، ويهنئه بالقدوم: صفحا لهذا الهر عن هفواته ... إذا كان هذا اليوم من حسناته يوم يسطر في الكتاب مكانه ... كمكان بسم الله في ختماته مطل الزمان به زماناً آنفاً ... نفسي وعاد بها إلى عاداته والغيث لا يسم البلاد بنفعه ... إلا إذا اشتاقت لوسمياته يا معجز الأيام قرع صفاته ... ومجمل الدنيا بحسن صفاته بل أحنفاً في حلمه وثباته ... بل حارث الهيجاء في وثباته بل كعبة المعروف بل كعب الندى ... ولما يقسم شربه بحصاته إن كنت غبت عن البلاد فلم تغب ... عن خاطري إذ أنت من خطراته لو كنت فتشت النسيم وجدته ... ودعاؤنا يأتيك في طياته أحبب بسفرتك التي بقدومها ... جمعت إلينا الجود بعد شتاته وأفادك الإمكان زائد رفعة ... كالسيف يصقل بعد حد ظباته وكفى اهتماماً منهما بك أن غدا ... كل يريدك أن تكون لذاته والجد إنة مضى عزيمة ماجد ... راح السكون ينوب عن حركاته وأتى البشير فلو يسوغ لواحد ... منا لقاسمه لذيذ حياته فأربأ بعزك لم تدع من منصب ... يفضي إلى رتب العلى لم تأته وتفرعت للمجد منك ثلاثة ... كثلاثة الجوزاء في جنباته من كل مهدي غدا في مهده ... يسمو إلى أسلافه بسماته أفضى إليه المشتري بسعوده ... وأعاره بهرام من سطواته شرفت بنصر في البرية معشرا ... هو فيهم كالسن فوق لثاته قوم هم في البيد خير سراتها ... حسباً وهم في الدهر خير سراته شرف الزمان بكل ندب منهم ... متيقظ وهب العلى غفواته ألف الندى ورأى وجوب صلاته ... كرماً ولم يفرض وجوب صلاته يؤلى المنايا والمنى كالليث في ... غاباته والغيث في غاياته ذي عزمة إن راح في سفراته ... سبكت شبا الهندي من شفراته يا منسك المعروف أحرم منطقي ... زمناً وقد لباك من ميقاته هدا زهيرك لا زهير مزينة ... وافاك لا هرماً على علاته دعه وحولياته ثم أستمع ... لزهير عصرك حسن ليلياته لو أنشدت في آل جفنه أضربوا ... عن ذكر حسان وعن جفناته

وقال يمدح الأمير المكرم مجد الدين بن أسماعيل اللمطي ويهنئه بشهر الصوم سنة 609: جعل الرقاد لكي يواصل موعدا ... من أين لي في حبه أن أرقدا؟ وهو الحبيب فكيف أصبح قاتلي ... والله لو كان العدو لما عدا كم راح نحوى لائم وغدا وما ... راح الملام بمسمعي ةلا غدا في كل معتدل القوام مهفهف ... حلو التثني والثنايا أغيدا يحكي الغزالة بهجة وتباعداً ... ويقول قوم مقلة ومقلدا وكذاك قالوا الغصن يشبه قده ... يا قده كل الغصون لك الفدا يا رامياً قلبي بأسهم لحظه ... أحسبت قلبي مثل قلبك جلمدا؟ تالله لولا جور أحكام الهوى ... ما بات طرفي في هواك مسهدا وإليك عاذل عن ملامة مغرم ... ما أتهم العذال إلا أنجدا أو ما ترى ثغر الأزهر باسماً ... فرحاً وعريان الغصون قد ارتدى؟ وقف السحاب على الربى متحيراً ... ومشى النسيم على الرياض مقيداً ويشوقني وجه النهار ملثماً ... ويرقني الخد الأصيل موردا وكأن أنفاس النسيم إذا سرت ... شكرت لمجد الدين مولانا يدا مولى له في الناس ذكر مرسل ... قد أورته السحب عنه مسندا ألف الندى والسيف راحة كفه ... فيما هنالك معرباً ومبندا وإذا استقل على الجواد كأنه ... ظام وقد ظن المجرة موردا جعل العنان له هنالك سبحة ... وغدا له سرج المطيم مسجدا مولى بدا من غير مسألة بما ... حاز الندى كرماً وعاد كما بدا وأنال جوداً لا السحاب ينيله ... يوماً وإن كان السحاب الأجودا يعزى لقوم سادة يمنيه ... أعلى الورى قدراً وأزكى محتدا الحالبين البدن من أودجها ... والموقدين لها القنا المنقصدا والغالبين على القلوب مهابة ... والواصلين إلى القلوب توددا وإذا الصريخ دعاهم لملمة ... جعلوا صليل المهفات له صدى يا سيداً للمكرمات مشيداً ... لا فل غربك سيداً ومشيدا لك في المعالي حجة لا تدعى ... لمعاند ومحجة لا تهتدى وأفاك شهر الصوم يا من قدره ... فينا كليلة قدره لن يجحدا وبقيت حيا ألف عام مثله ... متضاعفاً لك أجره متعددا والدهر عندك كله رمضان يا ... من ليس يبرح صائماً متهجدا ومن قوله يصف امرأة طويلة سمراء: وسمراء تحكي لرمح لوناً وقامة ... لها مهجتي مبذولة وقيادي وقد عابها الواشي فقال طويلة ... مقال حسود مظهر لعناد فقلت له بشرت بالخير إنها ... حياتي فإن طالت فذاك مرادي نعم أنا أشكو طولها ويحق لي ... لقد طال فيها لوعتي وسهادي وما عابها القد الطويل وإنه ... لأول حسن للمليحة باد رأيت الحصون الشم تحرس أهلها ... فاعددتها حصناً لحفظ ودادي ومن قوله يعاتب بعض أحبابه: إلى كم أداري ألف واش وحاسد ... فمن مرشدي من منجدي من مساعدي ولو كان بعض الناس لي منه جانب ... وعيشك لم أحفل بكل معاند إذا كنت يا روحي بعهدي لا تفي ... فمن ذا الذي يرجو وفاء معاهد؟ أظن فؤادي شوقه غير زائل ... وأحسب جفني نومه غير عائد أبي الله إلا أن أهيم صبابة ... بحفظ عهود أو بذكر معاهد وكم مورد لي في الهوى قد وردته ... وضيعت عمري في ازدحام الموارد وما لي من أشتاقه غير واحد ... فلا كانت الدنيا إذا غاب واحدي أأحبا بنا أين الذي كان بيننا ... وأين الذي أسلفتم من مواعد؟ جعلتكم حظي من الناس كلهم ... وأعرضت عن زيد وعمرو وخالد فلا ترخصوا وداً عليكم عرضته ... فيا رب معروض وليس بكاسد وحقكم عندي له ألف طالب ... وألف زبون يشتريه بزائد تقولون لي أنت الذي سار ذكره ... فمن صادر يثني عليه ووارد هبوني كما قد تزعمون أنا الذي ... فأين صلاتي منكم وعوائدي وقد كنتم عوني على كل حادث ... وذخري الذي أعدته للشادئد رجوتكم أن تنصروا فخذلتم ... على أنكم سيفي وكفي وساعدي فعلتم وقلتم واستطلعتم وجرتم ... ولست عليكم في الجميع بواجد

فجازيتم تلك المودة بالقلى ... وذاك التداني منكم بالتباعد إذا كان هذا في الأقارب فعلكم ... فمإذا الذي أبقيتم للأباعاد؟ ومن قوله في المعنى: عفا الله عنكم أين ذاك التودد ... وأين جميل منكم كنت أعهد؟ ويا أيها الأحباب مإذا أرابكم ... وإني بحمد الله أهدي وأرشد تعالوا نخلي العتب عنا ونصطلح ... وعودوا بنا للوصل والعود أحمد بما بيننا لا تنقضوا العهدى بيننا ... فيسمح واش أو يقول مفند ولا تخدشوا بالعتب وجه محبة ... لها بهجة أنوارها تتوقد ولا نتحمل منة الرسل بيننا ... ولا غرر الكتب التي تردد إذا ما تعاتبنا وعدنا إليكم ... وقلتم وقلنا والهوى يتأكد ععتبتم فلم نعلم لطيب حديثكم ... إذاك عتاب أم رضى وتودد؟ وقد كان ذاك العتب من فرط غيره ... ويا طيب عتب بالمودة يشهد وبتنا كما نهوى حبيين بيننا ... عتاب كما أنحل الجمان المنضد وأضحى نسيم الروض يروي حديثنا ... فيا رب لا تسمع وشاة وحسد ومن قوله: وعاذلة باتت تلوم على الهوى ... وبالنسك في شرخ الشباب تشير لقد أنكرت مني مشيباً على صبا ... زرقت لقلبي وهو فيه أسير أتتتني وقالت يا زهير أصبوة ... وانت حقيق بالعفاف جدير فقلت دعيني اغتنمها مسرة ... فما كل وقت يستقيم سرور دعيني واللذات في زمن الصبا ... فإن لامني الاقوام قيل صغير وعيشك هذا وقت لهوي وصبوتي ... وغصني كما قد تعلمين نضير يوله قلبي قامة ورشاقة ... ويخلب قلبي أعين وثغور فإن مت في ذا الحب لست بأول ... فقلبي كان العاشقون كثير واني على ما في من ولع الصبا ... جدير باسباب التقى وخبير وان عرضت لي في المحبة نشوة ... وحقك اني ثابت ووقور وان رق مني نمنطق وشمائل ... فما هم مني بالقبيح ضمير وما ضرني اني صغير حداثة ... إذا كان تدري في الأنام كبير ومن قوله: يهنئ الامير نصر الدين أبا الفتح بن المطي بقدومه من غزوة غيدان لها خفر يوم اللقاء خفيرها ... فما بالها ضنت بما لا يضيرها؟ أعادتها أن لا يعاد مريضها ... وسيرتها أن لا يفك أسيرها رعيت نجوم الليل من اجل إنها ... على جيدها منها عقود تديرها وقد قيل أن الطيف في النوم زائر ... فأين لطرفي نومة يستعيرها؟ وها أنا ذا كالطيف فيها صبابة ... لعلي إذا نامت بليل أوزارها أغار على الغصن الرطيب من الصبا ... وذاك لأن الغصن قيل نظيرها ومن دونها أن لا تلم بخاطر ... قصور الورى عن صلها وقصورها من الغيد لم توقد من الليل نارها ... ولكنها بين الضلوع تثيرها ولم تحك من أهل الفلاة شمائلاً ... سوى انه يحكي الغزال نفورها أروح فلا تعوي علي كلابها ... وأغدوا فلا يرغو علي بعيرها ولو ظفرت ليلى بترب ديارها ... لأصبح منها درها وعبيرها تقاضى غريم الشوق مني صبابة ... مروعة لم يبق إلا يسيرها وان الذي أبقته مني يد النوى ... فداء بشير يوم وافى نصيرها أمير إذا أبصرت إشراق وجهه ... فقل لليالي تستسر بدورها وان فزت بالتقبيل يوماً لكفه ... رأيت بحار الجود يجري نهورها وكم يدعي العلياء قوم وانه ... له سرها من دونهم وسريرها قدمت ووافتك البلاد كأنما ... يناجيك منها بالسرور ضميرها ولاقتك لما جئت يسحب روضها ... مطارفة وأفتر عنها غديرها تبسم منها حين أقبلت نورها ... وأشرق منها يوم وافيت نورها وحتى موإليك السحائب أقبلت ... فوافاك منها بالهناء مطيرها ورب دعاء بات يطوي لك الفلا ... إذا خالط الظلماء ليلاً منيرها وطئت بلاداً لم يظأها بحافر ... سواك ولم تسلك بخيل وعورها يكل عقاب الجو منها عقابها ... ولا يهتدي فيها القطا لو يسيرها وزرت بلاد الأعجمين بضمر ... عراب على العقبان منها صقورها فصبحت منها سودها بأساود ... تبيد العدى قبل النفار زفيرها

لقد مات فيها من سطاك أنيسها ... وقد عاش فيها وحشها ونسورها غدت وقعة قد سار في الناس ذكرها ... بما فعلته بالعدو ذكورها فأضحى بها من خالف الدين خائفاً ... وضاق على الكفار منها كفورها وأعطى قفاء الجدربي مولياً ... بنفس لما تخشاه منك مصيرها مضى قاطعاً عرض الفلا متلفتاً ... تروعه أعلامها وطيورها وأنت بما تهواه حتى حريمه ... وتلك التي لا يرتضيها غيورها فإن راح منها ناجياً بحشاشة ... ستلقاه أخرى يحتويه سعيرها وليس عدواً كنت تسعى لأجله ... ولكنها سبل الحجيج تجيرها ومن خلفه ماضي العزائم ماجد ... يبيد العدى من سطوة ويبيرها إذا رام مجد الدين حالاً فإنما ... عسير الذي يرجوه منها يسيرها أخو يقظات لا يلم بطرفه ... عار ولا يوهي قواه غريرها لقد أمنت بالرعب منه بلاده ... فصدت أعاديها وسدت ثغورها وأضحى له يولي الثناء غنيها ... وأمسى له يهدي الدعاء فقيرها بك اهتز لي غصن الأماني مثمراً ... وراقت لي الدنيا وراق نضيرها وما نالني من أنعم الله نعمة ... وإن عظمت إلا وأنت سفيرها ومن بدأ النعما وجاد تكرماً ... بأولها يرجى لديه أخيرها وإني وإن كانت أياديك جمة ... لدي فإني عبدها وشكورها أمولاي وافتك القوافي بواسماً ... وقد طال منها حين غبت بسورها وكان لنأيي عنك مني تبرقعت ... "وقد رابني منها الغداة سفورها" إلى اليوم لم تكشف لغيرك صفحة ... فهاهي مسدول عليها ستورها إذا ذكرت في الحي أصبح آيساً ... فرزدقها من وصلها وجريرها فخذها كما تهوى المعاني خريدة ... يرف عليها درها وحريرها تكاد إذا حبرت منها صحيفة ... لمدحك أن تبيض منها سطورها وللناس أشعار تقال كثيرة ... ولكن شعري في الأمير أميرها وقال يمدح مجد الدين محمد بن اسماعيل، وهي من فائق الشعر وغرره: أعلمتم أن النسيم إذا سرى ... نقل الحديث إلى الرقيب كما جرى وأذاع سراً ما برحت أصونه ... وهوى أنزهُ قدره أن يذكرا ظهرت عليه من عتابي نفحة ... رقت حواشيها به وتعطرا وأتى العذول وقد سددتُ مسامعي ... بهوىً يزد من العواذل عسكرا جهل العذول بأنني في حبكم ... سر الدجى عندي ألذ من الكرى ويلومني فيكم ولست ألومه ... هيهات ما ذاق الغرام ولا درى وبمهجتي وسنانُ لا سنة الكرى ... أو ما رأيت الظبي أحوى أحورا بهرت محاسنه العقول فما بدا ... إلا وسبَّح من رآه وكبرا عانقت غصن البان منه مثمراً ... ولثمت بدر التم منه مسفرا وتملكتني من هواه هزة ... كادت تذيع من الغرام المضمرا وكتمت فيه محبتي فأذاعها ... غزل يفوح المسك منه أذفرا غزل أرق ن الصبابة والصبا ... وجعلت مدحي في الأمير مكفرا وغفرتُ ذنب الدهر يوم لقائه ... وشكرته ويحق لي أن أشكرا مولى ترى بين الأنام وبينه ... في القدر ما بين الثريا والثرى بهر الملائك في السماء ديانةً ... الله أكبر ما أبر وأطهوا ذو همة كيوان دون مقامها ... لو رامها النجم المنير تحيرا وتهز منه الأريحية ما جداً ... كالرمح لدناً والحسام مجوهرا فإذا سألت سألت منه حاتماً ... وإذا لقيت لقيت منه عنترا يهتز في يده المهند عزةً ... ويميس فيها السمهري تبخترا وإذا امرؤ نادى نداه فإنما ... نادى فلباه السحاب الممطرا بين التكرم والمكارم نسبة ... فلذلك لا تهوى سواه من الورى من معشرٍ نزلوا من العلياء في ... مستوطن رحب القرى سامى الذرى جبلوا على الإسلام إلا أنهم ... فتنوا بنار الحرب أو نار القرى ركبوا الجياد إلى الجلاد كأنما ... يحملن تحت الغاب آساد الشرى من كل موار العنان مطهم ... يجلوا بغرته الظلام إذا سرى وسروا إلى النيل العلى بعزائهم ... أين النجوم الزهر من ذاك السرى

فافخر بما أعطاك ربك إنه ... فخر سيبقى في الزمان مسطرا لا ينكر الإسلام ما أوليته ... بك لم يزل مستنجدا مستنصرا وليهن مقدمك الصعيد ومن به ... ومن البشير لمكة أم القُرى وإذا رأيت رأيت منه جنة ... لم ترض إلا جود كفك كوثرا ولطالما اشتاقت لقربك أنفسٌ ... كادت من الأشواق أن تتفطرا ونذرت أني إن لقيتك سالماً ... قلدت جيد الدهر هذا الجوهرا ومالأت من طيب الثناء مجامرا ... يذكين بين يديك هذا العنبرا فقرٌ لكل الناس فقرٌعندها ... أبداً تباع بها العقول وتشترى تُثنى لراويها الوسائد عزةً ... ويظل في النادي بها متصدرا مولاي مجد الدين عطفاً إن لي ... لمحبة في مثلها لا يمترى يا من عرفت الناس حين عرفته ... وجهلتهم لما نبا وتنكرا خلق كماء المزن منك عهدته ... ويعز عندي أن يقال تغيرا مولاي لم أهجر جنابك عن قلى ... حاشاي من هذا الحديث المفترى وكفرت بالرحمن إن كنت امرءاً ... أرضى لما أوليته أن يكفرا ومن قوله يتنصل من ذنب عاتبه عليه بعض أحبابه: أأحبابنا بالله كيف تغيرت ... خلائق غر فيكمُ وغرائزُ؟ لقد ساءني العتب الذي جاء منكم ... وإني عنه لو علمتم لعاجز لكم عذركم أنتم سمعتم وقلتم ... ومحتملٌ ما قد سمعتم وجائز وإن كان لي ذنب كما قد عمتم ... فما الناس إلا المحسن المتجاوز نعم لي ذنب جئتكم منه تائبا ... كما تاب من فعل الخطيئة ماعز على أنني لم أرض يوماً خيانة ... وهيهات لي والله عن ذاك حاجز وبين فؤادي والسلو مهالك ... وبين جفوني والرقاد مفاوز وإن قلت واشوقاً إلى البان والحمى ... فإني عنكم بالإشارة رامز دعوني والواشي فإني حاضر ... وصوتي مرفوع ووجهي بارز سيذكر ما يجري لنا من وقائع ... مشايخ تبقى بعدنا وعجائز فما شاق قلبي غير وجهك شائق ... ولا حاز قلبي غير حبك حائز سأكتم هذا العتب خفية شامت ... وأوهم أني بالرضى منك فائز فلي فيك حساد وبيني وبينهم ... وقائع ليست تنقضي وهزاهز وإني لهم في حربهم لمخادع ... أسالهم طوراً وطوراً أناجز ومن قوله يتشوق إلى لقاء بعض أحبابه: سلوا الركب إن وافى من الغور نحوكم ... يخبركم عن لوعتي ورسيسي حديث به أبقيت في الركب نشوة ... لقد أسكرنهم خمرتي وكؤوسي فلا تبعثوا لي في النسيم تحية ... فيرتاب من طيب النسيم جليسي ولي عن يمين الغور دار عهدتني ... أميل لأقمار بها وشموس على مثلها يبكي المحب صبابة ... فيا مقلتي لا عطر بعد عروس وإني ليعرفوني مع الليل لوعة ... فؤادي منها في لظى ووطيس تلوح نجوم لا أراها أحبتني ... ويطلع بدر لا أراه أنيسي حلفت لكم يوم النوى وحلفتمُ ... بكل يمين للمحب غموس وكنتم وعدتم في الخميس بزورة ... فكم من خميس قد مضى وخميس وإني لأرضى كلما ترضونه ... فإن يرضكم بؤسي رضيت ببوسي على أن لي نفساً عليَّ عزيزة ... وفي الناس عشاق بغير نفوس ومن قوله في هذا المعنى: أما آن للبدر المنير طلوعُ ... فتشرق أوطان لنا وربوع فيا غائياً ما غاب إلا بوجهه ... ولي أبداً شوق له وولوع أأحبابنا هل ذلك العيش عائد ... كما كان إذا أنتم ونحن جميعُ وقلتم ربيع موعد الوصل بيننا ... وهذا ربيع قد مضى وربيع لقد فنيت يا هاجرين رسائلي ... وملَّ رسولَ بيننا وشفيع فلا تقرعوا بالعتب قلبي فإنهُ ... وحقكم مثل الزجاج صديع سأبكي فإن تنزف دموعي عليكم ... بكيت بشعر رق فهو دموع وما ضاع شعري فيكم حين قلته ... بلى وأبيكم ضاع فهو يضوع وقال يمدح علاء الدين علي بن الأمير شجاع الدين جلدك التقوي: أغصن النقا لولا القوام المهفهفُ ... لما كان يهواك المعنى المعنفُ ويا ظبي لولا أن فيك محاسناً ... حكين الذي أهوى لما كنت توصف

كلفت بغصن وغصن ممنطق ... وهمت بطبي وهو ظبي مشنف ومما دهاني أنه من حيائه ... أقول كليل طرفه وهو مرهف وذلك أيضاً مثل بستان خده ... به الورد يُسمى مضعفاً وهو يضعف فيا ظبي هلا كان فيك التفاتة ... ويا غصن هلا كان فيك تعطف ويا حرم الحسن الذي هو آمن ... وألبابنا من حوله تُتخطف عسى عطفة للوصل يا واو صدغه ... علي فإني أعرف الواو تعطف أأَحبابنا أما غرامي بعدكم ... فقد زاد عما تعرفون وأعرف أطلتم عذابي في الهوى فترفقوا ... فبي كاف في حمله أتكلف ووالله ما فارقتكم عن ملالة ... وجهدي لكم أني أقول وأحلف ولكن دعاني للعلاء ابن جلدكٍ ... تشوق قلب قادني وتشوف إلى سيد أخلاقه وصفاته ... تؤدب من يثني عليه وتظرف أرق من الماء الزلال شمائلاً ... ولأصفى من الخمر السلاف وألطف مناقب شتى لو تكون لحاجب ... لما ذكرت يوماً له القوس خندف غدا من مداها حاتم وهو حاتم ... وأصبح منها أحنف وهو أحنف أتتك القوافي وهي تحسب روضة ... لما ضمنته وهو قول مزخرف ولو قصدت بالذم شانيك لاغتدي ... وحاشاك منه قلبه منه يتنطف تقلد عاراً وهي در منظم ... وتلبس حزنا وهي برد مفوف وتصلي جحيماً وهي في الحسن جنة ... وتسقي دهاقاً وهي صهباءقرقف وقال يصف امرأة قصيرة: تعشقتها مثل الغزال إذا رنا ... لها مقلة نجلا وأجفانها وطفُ إذا حسدوها الحسن قالوا لطيفةٌ ... لقد صدقوا فيها اللطافة والظرف ولم يجحدواها مالها من ملاحة ... لعلمهم ما في ملاحتها خلف بديعة حسن رق منها شمائل ... وراقت إلى أن كاد يشربها الطرف فلا الخلق منها لا ولا الخلق جافياً ... وحاشا لهاتيك الشمائل أن تجفو وما ضرها أن لا تكون طويلة ... إذا كان فيها كلّ ما يطلب الإلف وإني لمشغوف بكل مليحة ... ويعجبني الخصر المخصر والردف وقال يمدح السلطان نجم الدين أيوب: وعد الزيارة طرفه المتملق ... وتلاف قلبي من جفون تنطق إني لأهوى الحسن حيث وجدته ... وأهيم بالقد الرشيق وأعشق يا عاذلي أنل من سمعت حديثه ... فعساك تحنو أو لعلك ترفق لو كنت منا حيث تسمع أو ترى ... لرأيت ثوب الصبر كيف يمزق ورأيت ألطف عاشقين تشاكيا ... وعجبت ممن لا يحب ويعشق أيسومني العذال عنه تصبراً ... وتسليا قلبي أرق وأشفق إن عنفوا إن خوفوا إن سوفوا ... لا أنثني لا أنتهي لا أفرق أبداً أزيد مع الوصال تلهفاً ... كالعقد في جيد المليح يعلق ويزيدني تلفاً فأشكر فعله ... كالمسك تسحقه الأكف فيعبق يا قاتلي إني عليك لمشفق ... يا هاجري أني إليك لشيق وأذاع أني قد سلوتك معشر ... يا رب لا عاشوا لذلك ولا بقوا ما أطمع العذال إلا أنني ... خوفاً عليك إليهم لأتملق وإذا وعدت الطرف فيك بهجعة=فاشهد علي بأنني لا أصدق فعلام قلبك ليس بالقلب الذي ... قد كان لي منه المحب المشفق؟ وأظن خدك شامتاً بفراقنا ... ولقد نظرت إليه وهو مخلق ولقد سعيت إلى العلاء بهمة ... تقضي بسعيي أنه لا يخفق وسريت في ليل كأن نجومه ... من فرط غيرتها إلي تحدق حتى وصلت سرادق الملك الذي ... تقف الملوك ببابه تسترزق ووقفت من ملك الزمان بموقف ... ألفيت قلب الدهر منه يخفق فإليك يا نجم السماء فإنني ... قد لاح نجم الدين لي يتألق الصالح الملك الذي لزمانه ... حسن يتيه به الزمان ورونق ملك يحدث عن أبيه وجده ... سند لعمرك في العلى لا يلحق سجدت له حتى العيون مهابة ... أو ما تراها حين يقبل تطرق رحب الجناب خصيبة أكنافه ... لكم سدير عندها وخورنق فالعيش إلا في ذراه منكد ... والرزق إلا من نداه مضيق يا عز من أضحى إليه ينتمي ... وعلو من أمسى به يتعلق

أقسمت ما الصنع الجميل تصنع ... فيه ولا الخلق الكريم تخلق يدعو الوفود لماله فكأنما ... يدعو إليه فشمله يتفرق أبداً تحن إلى الطراد جياده ... فلها إليه تشوف وتشوق يبدي لسطوته الخميس تطرباً ... فالسمر ترقص والسيوف تصفق في طي لامتة هزبر باسل ... تحت العريكة وهو بدر مشرق يروي القنا بدم الأعادي في الوغى ... فلذاك يثمر بالرؤوس ويورق يمضي فيقدم جيشه من هيبة ... جيش يغص به الزمان ويشرق ملأ القلوب مخافة ومحبة ... فالبأس يرهب والمكارم تعشق ستجوب آفاق البلاد جياده ... ويرى له في كل فج فيلق لبيك يا من لا مرد لأمره ... فإذا دعا العيوق لا يتعوَّق لبيك يا خير الملوك بأسرهم ... وأعز من تحدى إليه الأنيق لبيك ألفاً أيها الملك الذي ... جمع القلوب نواله المتفرق وعدلت حتى ما بها متظلم ... وأنلت حتى ما بها مسترزق أنا من دعوت وقد أجابك مسرعاً ... هذا الثناء له وهذا المنطق ألفيت سوقاً للمكارم والعلى ... فعلمت أن الفضل فيه ينفق يا من إذا وعد المنى قصاده ... قالت مواهبه يقول ويصدق يا من رفضت الناس حين لقيته ... حتى ظننت بأنهم لم يخلقوا قيدت في مصر إليك ركائبي ... غيري يغرب تارة ويشرق وحللت عندك إذ حللت بمعقل ... يلفي لديه مارد والأبلق وتيقن الأقوام أني بعدها ... أبداً إلى رتب العلى لا أسبق فرزقت ما لم يرزقوا ونطقت ما ... لم ينطقوا ولحقت ما لم يلحقوا وقال يمدح الصاحب صفي الدين أبا عبد الله بن علي المعروف بابن شكر: أخذت عليه في المحبة موثقاً ... وما زال قلبي تجنيه مشفقا وقد كنت أرجو طيفه أن يلم بي ... فأسهرني كي لا يلم ويطرقا ولي فبه قلب بالغرام مقيد ... له خبر يرويه دمعي مطلقا كلفت به أحوى الجفون مهفهفاً ... من الظبي أحلى أو من الغصن أرشقا ومن فرط وجدي في لمه وثغره ... أعلل قلبي بالعذيب وبالنقا كذلك لولا بارق من جبينه ... لما شمتُ برقاً أو تذكرت أبرقا ولي حاجة من وصله غير أنها ... مرددة بين الصبابة والتقى خليلي كفا عن ملامة مغرم ... تذكر أياماً مضت فتشوقا ولا تحسبا قلبي كما قلتما سلا ... وتحسبا دمعي كما قلتما رقا فما ازداد ذاك القلب إلا تماديا ... وما ازداد الدمع إلا تدفقا إلى كم أَََرجي باخلاً بوصاله ... وحتى متى أخشى القلى والتفرقا؟ فحسب فؤادي لوعة وصبابة ... وحسب جفوني عبرة وتأرقا على أنها الأيام مهما تداولت ... سرور تقضى أو جديد تمزقا ولست ترى خلا من الغدر سالماً ... ولا تنتفي يوما صديقاً فيصدقا ومما دهاني حرفة أدبية ... غدت دون إدراك المطالب خندقا وإن شملتني نظرة صاحبية ... فلست أرى يوماً من الدهر مملقا وزير إذا ما شمت غرة وجهه ... فدع لسواك العارض المتألقا ذمت السحاب الغر يوم نواله ... وحقر عندي وبلها المتدفقا وجدت جناباً فيه للمجد مرتقى ... وفيه لذي الحاجات والنجح ملتقى إذا قلت عبد الله ثم عنيته ... جمعت به كل التعاويذ والرقى يقيك من الأيام كل ملمة ... ويكفيك من أحداثها ما تطرقا وكم لك فينا من كتاب مصنف ... تركت به وجه الشريعة مشرقا عكفنا عليه نجتني من فنونه ... فعلمنا هذا الكلام الموثقا وكم شاعر وافى إليك بمده ... فزخرفها مما أفدت ونمقا فإن حسنت لفظاً فمن روضك اجتني ... وإن عذبت شرباً فمن بحرك استقى فلا زلت ممدوحا ًبكل مقالة ... تريك جريراً عبدها والفرزدقا وما حسنت عندي وحقك إذ غدت ... هي التبر مسبوكاً أو الدر منتقى ولا إن جرت مجرى النسيم لطافة ... ولا إن حكت زهر الرياض المعبقا ولكنها حازت من اسمك أحرفاً ... كستها جمالا في النفوس ورونقا وقال لما رحل من مصر يتشوق إلى جماعة من الأدباء فارقهم بها:

أأرحل من مصر وطيب نعيمها ... وأي مكان بعدها لي شائق وأترك أوطاناً ثراها لناشق ... هو الطيب لا ما ضمنته المفارق فكيف وقد أضحت من الحسن جنة ... زرابيها مبثوثة والنمارق وإخوان صدق يجمع الفضل شملهم ... مجالسهم مما حووه حدائق أسكان مصر إن قضى الله بالنوى ... فثم عهود بيننا ومواثق فلا تذكروها للنسيم فإنه ... لأمثالها من نفحة الروض سارق إلى كم جفوني بالدموع قريحة ... وحتام قلبي بالتفرق خافق ففي كل يوم لي حنين مجدد ... وفي كل أرض لي حبيب مفارق ستأتي مع الأيام أعظم فرصة ... فما لي أسعى نحوها وأسابق ومن خلقي أني ألوف وأنه ... يطول التفاتي للذين أفارق يحرك وجدي في الأراكة طائر ويبعث شجوي في الدجنة بارق وأقسم ما فارقت في الأرض منزلا ... ويذكر إلا والدموع سوابق وعندي من الآداب في البعد مؤنس ... أفارق أوطاني وليس يفارق ولي صبوة العشاق في الشعر وحده ... وأما سواه فهي مني طالق كلام الذي يصبو له كل سامع ... ويهواه حتى في الخدور العواتق كلامي غني عن لحون تزينه ... له معبد من نفسه ومخارق كل امرئ منه نصيب يخصه ... يلائم ما في طبعه ويوافق تغني به الندمان وهو فكاهة ... ويورده الصوفي وهو رقائق به يقتضي الحاجات من هو طالب ... ويستعطف الأحباب من هو عاشق وإني على ما سار منه لعاتب ... أليس به للبين تحدى الأيانق وما قلت أعاري لأبغي بها الندى ... ولكنني في حيلة الفضل رائق أأطلب خير الله من عند غيره وأسترزق الأقوام والله رازق ومن قوله: لعلك تصغي ساعة وأقول ... لقد غاب واش بيننا وعذول وفي النفس حاجات إليك كثيرة ... أرى الشرح فيها والحديث يطول تعال فما بيني وبينك ثالث ... فيذكر كل شجوه ويقول وإياك من نشر الحديث فإنني ... به عن جميع العالمين بخيل بعيشك حدثني بمن قتل الهوى ... فإني إلى ذاك الحديث أميل وما بلغ العشاق حالا بلغتها ... هناك مقام ما إليه سبيل وما كل مخضوب البنان بثينه ... وما كل مسلوب الفؤاد جميل ويا عاذلي قد قلت قولا سمعته ... ولكنه قول علي ثقيل عذرتك أن الحب فيه حرارة ... وإن عزيز القوم فيه ذليل أأحبابنا هذا الضنا قد ألفت ... فلو زال لاستوحشت حين يزول؟ وحقكم لم يبق فيه بقية ... فكيف حديثي والغرام طويل وإني لا رعى سركم وأصونه ... عن الناس والأفكار في تجول دعوا ذكرى ذاك العتب منا ومنكم ... إلى كم كتاب بيننا ورسول وردوا نسيماً جاء منكم يزورني ... فإني عليل والنسيم عليل ولي عندكم قلب أضعتم عهوده ... على أنه جار لكم ونزيل ومن قوله: أعاتبكم يا أهل ودي وأن بدت ... دلائل صد منكم وملال وأعذركم ثقلت حتى مللتم ... وأسرفتم في هجري المتوالي فهونني من كان عندي مكرماً ... وأرخصني من كان عندي غالي سأحمل عنكم كلما فيه كلفة ... وأقنع منكم في الكرم بخيال ليسلم ذاك الود بيني وبينكم ... فلست على شيء سواه أبالي ويأتيكم ما عشت يا آل كامل ... سلامي عليكم دائماً وسؤالي ومن عجب عتب على الحسن الذي ... لدي وعندي جوده المتوالي ولكن بدا منه جفاء فساءني ... وذاك شيء لم يمر ببالي فإن ينسى عهدي لست أنسى عهوده ... وإن يسل عني لست عنه بسال ومن قوله: أحن إلى عهد المحصب من منى ... وعيش به كانت ترف ظلاله ويا حبذا أمواهه ونسيمه ... ويا حبذا حصباؤه ورماله ويا أسفي إذا شط عني مزاره ... ويا حزني إذا غاب عني غزاله وكم لي بين المروتين لبانة ... وبدر تمام قد هوته حجاله مقيم بقلبي حيث كنت حديث ... وباد لعيني حيث سرت خياله فيا صاحبي بالخيف كن لي مستعداً ... إذ آن من بين الحجيج ارتحاله

وخذ جانب الوادي كذا عن يمينه ... بحيث النقا تهتز منه طواله هناك ترى بيتاً لزينب مشرقاً ... إذا جئت لا يخفى عليك جلاله فقل ناشداً بيتاً ومن ذاق مثله ... لدى جيرة ولم يدر كيف احتياله وكن هكذا حتى تصادف فرصة ... تصيب بها ما رمته وتناله فعرض بذكري حيث تسمع زينب ... وقل ليس يخلو ساعة منك باله عساها إذا ما مر ذكري بسمعها ... تقول فلان عندكم كيف حاله ومن قوله وهي من فائق شعره: دعوا الوشاة وما قالوا وما نقلوا ... بيني وبينكم ما ليس ينفصل لكم سرائر في قلبي مخبأة ... لا الكتب تنفعني فيها ولا الرسل رسائل الشوق عندي لو بعثت بها ... إليكم لم يسعها الطرق والسبل أمسي وأصبح والأشواق تلعب بي ... كأنما أنا منها شارب ثمل وأستلذ نسيماً من دياركم ... كأن أنفاسه من نشركم قبل وكم أحمل قلبي في محبتكم ... ما ليس يحمله قلب فيحتمل وكم أصبره عنكم وأعزله ... وليس ينفع عند العاشق العزل وأرحمتاه لصبٍ قل ناصره ... فيكم وضاق عليه السهل والجبل قضيتي في الهوى والله مشكلة ... ما القول ما الرأي ما التدبير ما العمل؟ يزداد شعري حسناً حين يذكركم ... إن المليحة فيها يحسن بالغزل يا غائبين وفي قلبي أشاهدهم ... وكلما انفصلوا عن ناظري اتصلوا قد جدد البعد قرباً في الفؤاد لهم ... حتى كأنهم يوم النوى وصلوا أنا الوفي لأحبابي وإن غدروا ... أنا المقيم على عهدي وإن رحلوا أنا المحب الذي ما الغدر من شيمي ... هيهات خلقي عنه لست أنتقل فيا رسولي إلى من لا أبوح به ... إن المهمات فيها يعرف الرجل بلغ سلامي وبالغ ف الخطاب له ... وقبل الأرض عني عندما تصل بالله عرفه حالي إن خلوت به ... ولا تطل فحبيبي عنده ملل وتلك أعظم حاجاتي إليك فإن ... تنجح فما خاب فيك القصد والأمل ولم أزل في أموري كما عرضت ... على اهتمامك بعد الله اتكل وليس عندك لي أمر تحاوله ... والحمد لله لا عجز ولا كسل فالناس بالناس والدنيا مكافأة ... والخير يذكر والأخبار تنتقل والمرء يحتال إن عزت مطالبه ... وربما نفعت أربابها الحيل يا من كلامي له إن كان يسمعه ... يجد كلاماً على ما شاء يشتمل تغزلاً تخلب الألباب رقته ... مضمونه حكمة غراء أو مثل إن المليحة تغنيها ملاحتها ... لاسيما وعليها الحلي والحلل دع التواني في أمرتهم به ... فإن صرف الليالي سابق عجل ضيعت عمرك فاحزن إن حزنت له ... فالعمر لا عوض عنه ولا بدل سابق زمانك خوفا من تقلبه ... فكم تقلبت الأيام والدول وأعزم متى شئت فالأوقات واحدة ... لا الريث يدفع مقدوراً ولا العجل لا ترقب النجم في أمر تحاوله ... فالله يفعل لا جدي ولا حمل مع السعادة ما للنجم من أثر ... فلا يضرك مريخ ولا زحل الأمر أعظم والأفكار حائرة ... والشرع يصدق والإنسان يمتثل وقال وكتب بها إلى صلاح الدين عمر المعروف بابن العديم الحلبي: دعوتك لما أن بدت لي حاجة ... وقلت رئيس مثله من تفضلا لعلك للفضل الذي أنت ربه ... تغار فلا ترضى بأن تتبدلا إذا لم يكن تحمل منة ... فمنك وأما من سواك فلا ولا حملت زماناً عنكم كل كلفة ... وخففت حتى آن لي أن أثقلا ومن خلقي المشهور مذ كنت أنني ... لغير حبيب قط لن أتذللا وقد عشت دهراً ما شكوت بحادث ... بلى كنت أشكو الأغيد المتدللا وما هنت إلا للصبابة والهوى ... وما خفت إلا سطوة الهجر والقلى أروح وأخلاقي تذوب صبابة ... أغدوا وأعطافي تسيل تغزلا أحب من الظبي الغرير تلفتا ... وأهوى من الغصن النضير تنقلا فما فاتني حظي من اللهو والصبا ... ولا فاتني حظي من المجد والعلى ويا رب داع قد دعاني لحاجة ... فعلت له فوق الذي كان آملا

وقال يمدح الملك الناصر صلاح الدين بن يوسف بن محمد الأيوبي سنة 646

سبقت صداه باهتمامي بكل ما ... أراد ولم أحوجه أن يتمهلا وأوسعته لما آتاني بشاشة ... ولطفاً وترحيباً وخلقاً ومنزلا بسطت له وجهاً حيياً ومنطقاً ... وفياً ومعروفاً هنياً معجلا وراح يراني منعماً متفضلا ... ورحت أراه المنعم التفضلا وقال يمدح الملك الناصر صلاح الدين بن يوسف بن محمد الأيوبي سنة 646 عرف الحبيب مكانه فتدللا ... وقنعت منه بموعد فتعللا وأتى الرسول فلم أجد في وجهه ... بشراً كما قد كنت أعهد أولا فقطعت يومي كله متفكراً ... وسهرت ليلي متململا وأخذت أحسب كل شيء لم يكن ... متحركاً في فكرتي متخيلا فلعل طيف زار منه فرده ... سهري فعاد بغيظه متقولا وعسى نسيم بت أكتم سرنا ... عنه فراح يقول عني قد سلا ولقد خشيت بأن يكون أماله ... غيري وطبع الغصن أن يتميلا وأظنه طلب الجديد وطالما ... عتق القميص على امرئ فتبدلا أبداً يرى بعدي وأطلب قربه ... ولو أني جارٌ له لتحولا وعلقته كالغصن أسمر أهيفا ... وعشقته كالظبي أحور أكحلا فضح الغزالة والغزال فتلك في ... وسط السماء وذاك وسط الفلا عجباً لقلبٍ ماخلا من لوعة ... أبداً يحن إلى زمان قد خلا ورسوم جسمٍ كاد يحرقه الجوى ... لو لم تداركه الدموع لأشعلا وهوى حفظت حديثه وكتمته ... فوجدت دمعي قد رواه مسلسلا أهوى التذلل في الغرام وإنما ... يأبى صلاح الدين أن أتذللا مهدت بالغزل الرقيق لمدحه ... وأردت قبل الفرض أن أتنفلا ملك شمخت على الملوك بقربه ... ولبست ثوب العز منه مسربلا ورفعت صوتي قائلا يا يوسف ... فأجابني ملك أطال وأجزلا ثم ألتفتُ وجدت حولي أنعما ... ما كان أسرعها إلي وأعجلا وهصرت أغصان المطالب ميساً ... ومريت أخلاف المواهب حفلا قهر الزمان وقد عراني صرفه ... حتى مشى في خدمتي مترجلا وإذا نظرت وجدت بعض هباته ... فيها المآثر والمفاخر والعلى يروي حديث الجود عنه مسنداً ... فعلام ترويه السحائب مرسلا من معشر فاقوا الملوك سيادة ... وسعادة وتطولا وتفضلا وكأن متن الأرض يوم ركوبهم ... يكسونه برداً عليه مهلهلا من كل أغلب في الهياج كأنما ... لبس الغدير وهز منه جدولا وإذا سألت سألت غيثاً مسبلا ... وإذا لقيت لقيت ليثاً مشبلا مولاي قد أهديتها لك كاعباً ... عذراء تبدي عذرة وتنصلا حملت ثناء كالهضاب فأبطأت ... فاعذر بطيئاً قد أتى لك مثقلا عرفت محبتها لديك وحسنها ... فأتت تريك تدللاً وتعللا بدوية إن شئت أو حضرية ... جمع الخزامى نشرها والمندلا لو أنها ممن تقدم عصره ... منعت زياداً أن يقول وجرولا غزل ومدح بت أغرق فيهما ... كالخمر مازجت الزلال السلسلا فتألقت عقداً يروق نظامه ... والعقد أحسن ما يكون مفصلا يا أيها الملك الذي دانت له ... كل الملوك تودداً وتوسلا فعلاهم متطولاً وحباهم ... متفضلاً وأتاهم متمهلا يا من مديحي فيه صدق كله ... فكأنما أتلو كتاباً منزلا يا من ولائي فيه نص بين ... والنص عند القوم لن يتأولا ولقد حلا عيشي لديك ولم أرد ... عيشاً سواه فإن أردت فلا حلا وشكرت جودك كل شكر عالماً ... أن لا أقوم ببعض ولا ولا وقال يمدح الملك العادل سيف الدين أبا بكر بن أيوب وأنشدها بقاعة دمشق سنة 613 يطيب لقلبي أن يطول غرامه ... وأيسر ما يلقاه منه حمامه وأعجب منه كيف يقنع بالمنى ... ويرضيه من طيف الخيال لمامه تعشقته حلو الشمائل أهيفا ... يحرك شجو العاشقين قوامه وهمت بطرف فاتن منه فاتر ... لبابل منه سحره ومدامه فما الغصن إلا ما حوته بروده ... وما البدر إلا ما حواه لثامه أغار إذا ما راح ريان عاطرا ... أراك الحمى من ريقه وبشامه وأرتاح للبرق الذي من دياره ... ويحسب طرفي أن ذاك ابتسامه

ومن قوله

واستنشق الأرواح من كل وجهة ... فأعلم في أي الجهات خيامه خذوا لي من البدر الذمام فإنه ... أخوه عسى أن لا يرد ذمامه إلى العادل المأمول للدهر إن سطا ... به يتجلى ظلمه وظلامه إلى ملك في العين يملأ سرجه ... ويملأ آفاق البلاد اهتمامه أخو يقظات ليس يعرف طرفه ... غراراً سوى ما يحتويه حسامه يقصر عنه المدح من كل مادح ... ولو كان من زهر النجوم نظامه فيا ملك العصر الذي ليس غيره ... يرجى ويخشى عفوه وانتقامه تقدم ذكر الجود قبلك في الورى ... وأصبح من ذكراك مسكاً ختامها أمنت بلقياك الزمان وصرفه ... فغيري من يخشى عليه اهتضامه وأصبحت من كل الخطوب مسلماً ... عليك من الله الكريم سلامه ومن قوله لئن صدقتني في الحديث ظنوني ... لقد نقلت سري وشاة جفوني وبالرغم مني أن سراً أصونه ... يصير بدمعي وهو غير مصوني وقد رابني يا أهل ودي أنكم ... مطلتم وأنتم قادرون ديوني بروحي أنتم من رسولي إليكم ... ومن مسعدي في حبكم ومعيني سلوا دمع عيني عن أحاديث لوعتي ... لتعرب عن تلك الشؤون شؤوني فللدمع من عيني معينٌ يمده ... فإن تسألوه تسألوا أبن معين على أن دمعي لا يزال يخونني ... ومن ذا الذي يرضى حديث خؤون فلا تقبلوا للدمع عني روايةً ... فليس على سر الهوى بأمين حلفت لكم أن لا أخون عهودكم ... وأعطيتكم عند اليمين يميني وها أنا كالمجنون فيكم صبابة ... وحاشاكم ترضون لي بجنون وهبكم في الحب عقلي راضيا ... ويا ليتكم أبقيتم لي ديني أرى سقم جسمي قد حوته جفونكم ... فلا تأخذوا يا ظالمين جفوني أأحبابنا إني ضنين بردكم ... وما كنت يوماً قبله بضنين فمن ذا الذي أعتاض عنكم من الورى ... يكون حبيبي مثلكم وخديني أحب من الأشياء ما كان فائقاً ... وما الدون إلا من يميل لدوني وأهجر شرب الماء غير مصفق زلال وآكل الحم غير سمين وإن قيل لي هذا رخيص تركته ... ولا أرتضي إلا بكل ثمين فإني رأيت الشيء إن يغل قيمة ... يكن بمكان في القلوب مكين لك الله زدني من حديث ذكرته ... ليسكن هذا القلب بعض سكون وقل لي ولا تحلف فإنك صادق ... وقولك عندي مثل أف يمين فوالله لا أرتاب فيما ذكرته ... ولم تختلج بالشك فيك ظنوني وإن حديثاً أنت راويه إنني ... على ثقة منه وحسن يقين كذلك تلقاني إذا ما اختبرتني ... يسر حفاظي صاحبي وقريني إذا قلت قولاً كنت للقول فاعلاً ... وكان حيائي كافلي وضميني تبشر عني بالوفاء بشاشتي ... وينطق نور الصدق فوق جبيني مقاطيع أدبية أحببت نقل بعض المقاطيع الأدبية في هذا الموضع فمن ذلك قول أبي الشيص، وأسمه محمد بن عبد الله: وقائلة وقد بصرت بدمع ... على الخدين منحدر سكوب أتكذب بالدموع وأنت جلد ... قديماً ما جسرت على الذنوب قميصك والدموع تجول فيه ... وقلبك ليس بالقلب الكئيب أما والله لو فتشت قلبي ... لسرك بالعويل وبالنحيب كمثل قميص يوسف حين جاؤوا ... عليه عشيةً بالدم كذوب دموع العاشقين إذا تلاقوا ... بظهر الغيب ألسنة القلوب وللعباس بن الأحنف: نزف البكاء دموع عينك فاستعر ... عينا لغيرك دمعها مدرار من ذا يعيرك عينه تبكي بها ... أرأيت عيناً للبكاء تعار ومن قوله وضعت خدي لأدني من يطيف بكم ... حتى احتُقرتُ وما مثلي بمحتقر إذا أردت سلواً كان ناصركم ... قلبي وما أنا من قلبي بمنتصر فأكثروا أو أقلوا من ملامكم ... فكل ذلك محمول على القدر ولأبي أحمد العباس: حر دعاه الهوى سراً فلباه ... طوراً فأضحك مولاه وأبكاه فشُهِدت بالذي يخفي لواحظه ... وعدلتها بفيض الدمع عيناه حاربتني إذ دعيت الود بعدك أن ... وكلت طرفي بنجم الليل أرعاه الله يشهد أني لم أخنك هوى ... كفاك بينة أن يشهد الله وقال:

شعر

يا من يكاتمني تغير قلبه ... سأكف نفسي قبل أن يتبرما وأصد عنك وفي يديَّ بقية ... من حبل ودك قبل أن يتصرما يا للرجال لعاشقين توافقا ... فتخاطبا من غير أن يتكلما حتى إذا خافا العيون وأشفقا ... جعلا الإشارة بالأنامل سلما وقال: الله يعلم ما أردت بهركم ... إلا مساترة العدو الكاشح وعلمت أن تستري وتباعدي ... أبقى لوصلك من دنو فاضح وقال: يهيم بجيران الجزيرة قلبه ... وفيها غزال فاتر الطرف ساحره يؤازره قلبي علي وليس لي ... يدان بمن قلبي علي يوازره وقال سهل بن هارون أعان طرفي على قلبي وأعضائي ... بنظرة وقفت جسمي على دائي وكنت غراً بما يجني على بدني ... لا علم لي أن بعضي بعض أعدائي ولغيره: إن العيون على القلوب إذا جنت ... كانت بليتها على الأجساد ولغيره: ولست أعجب من عصيان قلبك لي ... حقاً إذا كان قلبي فيك يعصيني قال الأصمعي: سمعت الرشيد يقول: قلب العاشق عليه مع معشوقه, فقلت: هذا والله يا أمير المؤمنين أحسن من قول عروة بن حزام في عفراء في آيات له, وأنشدها وهي: وإني لتعروني لذكراك لوعة ... لها بين جلدي والعظام دبيب فما هو إلا أن أراها فجأَة ... فأبهت حتى ما أكاد أجيب وأصرف عن دائي الذي كنت أرتجي ... ويقرب مني ذكره ويغيب ويضمر قلبي عذرها ويعينها ... علي وما لي في الفؤاد نصيب فقال الرشيد: إن قال ذلك وهماً فإني قلته علماً قال علي بن عبيدة الريحاني: احم ودك فإنه عرضك, وصن الأنس بك يغزر حظك, ولا تستكثر من الطمأنينة إلا بعد استحكام الثقة, فإن الأنس سريرة العقل, والطمأنينة بذلة المتحابين, وليس لك بعدهما تحفة تمنحها صاحبك, ولا حباء توجب به الشكر على من اصطفيت. وقال أيضاً: ما أنصف من عاتب أخاه بالإعراض على ذنب كان منه, أو هجره وقال أيضاً: الحياء لباس سابغ وحجاب واق، وستر من المساوئ، وأخو العفاف وحليف الدين, ورقيب من العصمة وعين كالئة تذود عن الفساد, وتنهي عن الفحشاء والأدناس. وقال أيضاً: لا يخلو احد من صبوة إلا أن يكون جاثي الخلق منقوص البنية، أو على خلاف تركيب الاعتدال. رأى سعيد بن مسلم ابناً له قد شرع في رقيق الشعر ورواياته, فأنكر عليه بعض أهله, فقال سعيد: دعوه فإنه يلطف ويظرف وينظف0 ومن قول كثير عزة: سيهلك في الدنيا شفيق عليكم ... إذا غاله من حادث الدهر غائلهُ ويخفي لكم حباً شديداً ورهبة ... وللناس أشغال وحبك شاغله كريم يميت السر حتى كأَنه ... إذا استخبروه عن حديثك جاهله يود لأن يمسي عليلا لعلها ... إذا سمعت عنه بشكوى تراسله ويرتاح للمعروف في طلب العلا ... لتحمد يوماً عند ليلا شمائله ذكر أعرابي الهوى, فقال: هو أعظم ملكاً في القلب من الروح في الجسم وأملك بالنفس من النفس، يظهر ويبطن، ويكشف ويلطف، فامتنع من وصفه اللسان، وعي عنه البيان، فهو بين السحر والجنون، لطيف المسلك والكمون، وأنشد: يقولون لو دبرت بالعقل حبها ... ولا خير في حب يدبر بالعقل قال جحظة البر مكي: قلت لخالد الكاتب: كيف أصبحت. قال: أصبحت أرق الناس شعراً، فقلت له: أتعرف قول الإعرابية فقال: وما هو قلت: كان بعض الخلفاء قد تزوج جارية من بنات العرب، وأنزلها في قصره، واخدمها الجواري، فدخل عليها ذات يوم، وإذا هي تنشد: فما وجد أعرابية قذفت بها ... صروف النوى من حيث لم تك ظنت تمنت أحاليب الرعاء وخيمة ... بنجد فلم يقدر لها ما تمنت إذا ذكرت ماء العضاه وطيبه ... وماء الصبا من نحو نجران أنّت لها أنة عند العشاء وأنة ... سحيراً ولولا أنتاها لجنت فلما سمعها أرحلها إلى أهلها, فقال خالد: ويلك يا جحظة هذا ارق من شعري شعر ابن منير الطرابلسي اسمه أحمد، ولم أقف على شيء من شعره سوى رائيته التي كتبها للشريف الموسوي، وكان من كبار الشيعة، فلما قدم بغداد هيأ له ابن منير هدية، وأرسلها مع مملوك يقال له: تتر، وكان من أعز مماليكه عنده، فقبل الشريف الهدية، واستحسن المملوك،

وأدخله في الهدية، وقصد أن يعوض ابن منير أضعاف قيمته، فلما شعر ابن منير بذالك حزن على مملوكه المذكور وكتب إلى الشريف على الفور قصيدة أولها: عذبت قلبي يا تتر ... وأطرت نومي بالفكر بالمشعرين وبالصفا ... والبيت أقسم والحجر وبمن سعى فيه وطاف ... به ولى وأعتمر لئن الشريف الموسوي ... ابن الشريف أبي مضر أبدى الجحود ولم يردّ ... إلي مملوكي تتر واليت آل أمية الطه ... ر الميامين الغرر وجحت بيعة حيدر ... ورجعت عنه إلى عمر وإذا جرى ذكر الصحابة ... بين قوم واشتهر قلت المقدم شيخ تيم ... ثم صاحبه عمر ما سل قط ظبى على ... آل النبي ولا شهر كلا ولا صد البتول ... عن التراث ولا زجر وأثابها الحسنى وما ... شق الكتاب ولا بقر وبكيت عثمان الشهيد ... بكاء نسوان الحضر وشرحت حسن صلاته ... جنح الظلام المعتكر وقرأت من أوراق مص ... حفه براءة والزمر ورثيت طلحة والزبير ... بكل شعر مبتكر وأزور قبرهما وأزجر ... من نهاني أو زجر وأقول أم المؤمنين ... عقوقها إحدى الكبر ركبت على جمل لتصبح من بنيها في زمر وأتت لتصلح بين جيش المسلمين على غرر فأتى أبو حسن فسل حسامه وسط وكر وأذاق إخوته الردى ... وبعير أمهم عقر ما ضره لو كان كفَّ ... وعف عنهم إذا قدر وأقول إن أمامكم ... ولى بصفين وفر وأقول إن أخطأ معاوية ... فما أخطأ القدر هذا ولم يغدر معا ... وية ولا عمرو مكر بطل بسوءته يقا ... تل لا بصرامة الذكر وجنيت من قمر النوا ... صب ما تثمر واختمر وأقول ذنب الخارجين ... على علي مغتفر لا ثائر لقتالهم ... في النهر وان ولا أثر والأشعري بما يؤول ... إليه أمرهما شعر قال انصبوا لي منبراً ... وأنا البريء من الخطر فعلا وقال خلعت صما ... حبكم وأوجز واختصر وأقول: إن يزيد ما ... شرب الخمور ولا فجر ولجيشه بالكف عن ... أبناء فاطمة أمر وحلقت في عشر المحرم ما اسطال من الشعر ونويت صوم نهاره ... وصيام أيام أُخر ولبست فيه أجل ثو ... ب للملابس يدخر وسهرت في طبخ الحبو ... ب من العشاء إلى السحر وغدوت مكتحلاً أصا ... فح من لقيت من البشر ووقفت في وسط الطريق ... أقص شارب من عبر وغسلت رجلي ضلة ... ومسحت خفي في السفر وآمين أجهر في الصلاة ... كمن بها قبلي جهر وأسن تسنيم القبور ... لكل قبر محتفر وإذا جرى ذكر الغدير ... أقول ما صح الخبر ولبست فيه من الملا ... بس ما اضمحل وما دثر وسكنت جلق واقتديت ... بهم وإن كانوا بقر نفر يرى برئيسهم ... طيش الظليم إذا نفر وخفيفهم مستثقل ... وصواب قولهم هذر وطباعهم كجبالهم ... طبعت وقدت من حجر ما يدرك التشبيب ... تغريد البلابل في السحر وأقول في يوم تحار له البصيرة والبصر والصحف ينشر طيها ... والنار ترمي بالشرر هذا الشريف أضلني ... بعد الهداية والنظر فيقال خذ بيد الشريف ... فمستقر كما سقر لواحة تسطو فما ... تبقي عليه ولا تذر والله يغفر للمسيء ... إذا تنصل واعتذر فاخشَ الإله بسوء ... فعلك واحتذر كل الحذر وإليكها بدوية ... رقت لرقتها الحضر شامية لو شامها ... قس الفصاحة لافتخر ودرى وأيقن أنني ... بحر وألفاظي درر وبديعتي كبديعةٌ ... عذراء ترفل في الحبر حبرتها فغدت كزهر الروض باكره المطر وإلى الشريف بعثتها ... لما قراها فانبهر رد الغلام فما استمر ... على الجحود ولا أصر وأثابني وجزيته ... شكراً وقال وقد صبر فلما قرأ الشريف هذه القصيدة أمر برد المملوك عليه حالاً. قال ابن حجة الحموي: لما ذكر هذه القصيدة بطولها، أقول: إنه

شعر

يغتفر لي التطويل بنقل هذه القصيدة، لغرابة أسلوبها، ولأنها مبنية على الهزل الذي يراد به الجد، وقد أتى ناظمها بالغاية التي لا تدرك، والطريقة التي ما رأينا لغيره فيها مسلك تم الاختيار من شعر ابن منير الطرابلسي وأخباره، ويليه الاختيار من شعر ابن معتوق وأخباره0 شعر ابن معتوق الموسوي هو شاعر العراق في عصره، وسابق حلبته في رقة شعره، ولد سنة 1025 ألف وخمسة وعشرين، ونشأ بالبصرة، وبها تعلم الأدب، وقال الشعر، وأجاد، واتصل بالسيد خان أحد أمراء البصرة من قبل الدولة الإير انية، وكان وقتئذ يملك العراق والبحرين، ومدحه مدحاً فائقتة، وأكثر شعره مقصور عليه، وعلى أهل بيته، فغمره بالأحساس، وهو من كبار شعراء الشيعة، فمجح عليا رضي الله عنه، وأهل البيت بما يخرج عن حد الشرع والعقل، ويمتاز شعره بالرقة وكثرة المجازات حتى تكاد الحقيقة تهمل فيه بالجملة توفي سنة1111 ألف ومئة وإحدى عشرة. وقال يمدح السيد علي خان: خفرت بسيف الغنج ذمة مغفري ... وفرت برمح القد درع تصبري وجلت لنا من تحت مسكة خالها ... كافور فجر شق ليل العنبر غدت تذب عن الرضاب لحاظها ... فحمت علينا الحور ورد الكوثر ودنت إلى فمها أراقم فرعها ... فتكفلت بحفاظ كنز الجوهر يا حامل السيف الصحيح إذا رنت ... إياك ضربة جفنها المتكسر وتوق يا رب القناة الطعن إن ... حملت عليك من القوام بأسمر برزت فشمنا البرق لاح ملثماً ... والبدر بين مقر طق ومخمر وسعت فمر بنا الغزال مطوقاً ... والغض بين موشح ومؤزر بأبي مرا شفها التي قد لثمت ... فوق الأقاحي بالشقيق الأحمر وبمهجتي الروض المقيم بمقلة ... ذهب النعاس بها ذهاب تحيري تالله ما ذكر العقيق وأهله ... إلا وأجراه الغرام بمحجري لولاه ما ذاب فرائد عبرتي ... بعد الجمود بحر نار تذكري كم قد صحبت به من أبناء الظبا ... سرباً ومن أسد الثرى من معشر وظللت من غسق الشعور بغيهب ... وهديت من تلك الوجوه بنير يا للعشيرة من لمهجة ضيغم ... كمنت منيته بمقلة جؤذر روحي الفداء لظبية الخدر التي ... بني الكناس لها بغاب القسور لم أنسى زورتها ووجنات الدجى ... تباع زفرتها بمسك أزفر أمت وقد هز السماك قناته ... وسطا الضياء على الظلام بخنجر والقوس معترض أراشت سهمه ... بقوادم النسرين أيدي المشتري فغدت تشنف مسمعي بلؤلؤ ... لولاه ناظم عبر تي لم ينثر وتضم مني في القميص مهنداً ... وأضم منها بالنصيب السمهري طوراً أرى طوقي الذراع وتارة ... منها أرى الكف الخضيب مسور حتى بدا كسرى الصباح وأدبرت ... قوم النجاشي عن عساكر قيصر لما رأت روض البنفسج قد ذوى ... من ليلنا وزهت رياض العصفر والنجم غار على جواد أدهم ... والفجر أقبل فوق صهوة أشقر نزعت فضرست العقيق بلؤلؤ ... سكنت فرائده غدير السكر وتنهدت جزعاً فأثر كفها ... في صدرها فنظرت ما لم أنظر أقلام مرجان كتبن بعنبرِ ... بصحيفة البلورِ خمسة أسطر ومضت وحمرة خدها من أدمها ... لبست رماد الملك بعد تستر لله در جمالها من زائرٍ ... رسم الخيال مثاله بتصور لم ألقى أطيب بهجة من نشرها ... إلا البشارة في قدوم الحيدري ابن الهمام أخ الغمام أبو الندى ... بركات شمس نهارنا المولى السري الخاطب المعروف قبل فطامه ... والطالب العلياء غير مقدر مصباح أهل الجود والصبح الذي ... ما إن جاب ليل البخل لو لم يسفر قرن إذا سل الحسام حسبته ... نهراً جرى من لج سبعة أبحر قرن البراعة بالشجاعة والندى ... والرأي في عفو وحسن تدبر إلى أن قال: ومحا سواد الجور أبيضُ عدلهِ ... حتى تخوف كل طرف أحورِ بعد المشقة نال لّذات العلى ... لا يستلذ نوم من لم يسهر قل للذي في الجود يطلب شأوه ... أربيت في الغلواءِ ويحك فاقصر بُدئ الندى منه فأفعال السخى ... عن غير مصدر ذاته لم تصدر

فالناس من ماءِ مهين وهو من ... ماء معين طاهر ومطهر يا من بكنيته نزيد تيمناً ... وبه يزول تشاؤم المتطير إن عد قبلك في المكارم ماجد ... قد كان دونك في قديم الأعصر فكذلك الإبهام وهو مقدم ... عند الحساب يُعد بعد الخنصر بالفخر ساد أبوك سادات الورى ... وأبوك لو لاك ابنه لم يفخر كالعين بالبصر المنير تفضلت ... والعين لولا نجلها لم تبصر قسماً ببارق مرهف قلدته ... وبعارض من مزن جودك ممطر لولا إيابك للجزيرة ما صفت ... فيها مشارع أمنها المتكدر أسكنت أهليها النعيم وطالما ... شهد الجحيم بها وهول المحشر وكسوتها حلل الأمان وإنها ... لولاك أضحت عورة لم تستر بوركت من شهم قدمت مشمراً ... نحو العلى إذ يحجم الليث الشري وقطفت أنوار الفخار بأنمل القني ... ات من روض الحديد الأخضر فليهنك المجد التليد وعاد ... العيد الجديد بنيل سعد أكبر والبس قميص الملك يا طالوته ... واسحب ذيول الفضل فخراً واجرر واستجل بكر ثناً فصاحة لفظها ... عبثت بحكمتها بسحر البحتري أو يشعر الطائي بها لم يشعر ... لو يعلم الكوفي بها لم يزدر لا زلت تاج علا وحلية منصبِ ... وطراز مكرمة وحلية منبر وقال يمدح السيد بركة خان ويهنئه بعيد الأضحى: رنا فسل على العشاق أحوره ... سيفاً عليهم ذمام البيض يخفره وماس تيهاً فثنى في غلالتهِ ... قداً بحمر المنايا صال أسمره وافتر عن لؤلؤ ما لاح أبيضه ... إلا وياقوت دمعي سال أحمره يا غيرة البان إذ يثني موشحه ... وخجلة البرق إذ يبدو مؤشره بمهجتي دعج يجري بمقلته ... لا أعرف الموت إلا حين أنظره وبالجفون جمالاً تحت برقعه ... لا يسفر الفجر إلا حين يسفره له محياً لحاظي إذ تعتدِمُهُ ... ثوب الدجنة من لون يعصفره قاسمته الورد لونيه فأحمره ... في وجنتيه وفي خديّ أصفره مهفهف القد لغوي النطاق حوى ... معنى كمحذوف نحوي يقدره إلى أن قال: إلام يا قلب تصفي الود ذا ملل ... لا يستقر ولا يصفو مكدره إن الملول وإن صافاك ذو عجب ... إن حال مكسره أومج سكره واخيبة السعي قد ولى الشباب ولا ... أدركت سؤلي وعمري فات أكثره فما وفى لي حبيب كنت أعشقه ... ولا صفا لي خليل كنت أوثره ولا اختبرت صديقاً كنت أمنحه ... صفو السرير إلا صرت أحذره يا دهر ويحك إن الموت أهون من ... مذمم بك يؤذيني وأشكره مالي ومالك ما تنفك تقعدني ... إن قمت للمجد أو حظي تعكره لقد غدا البخل شخصاً نصب أعيننا ... فأصبح الجود عهداً ليس نذكره وعاد يطوي لواء الحمد رافعه ... لولا يداً بركات المجد تنشره رب النوال الذي لولا مواهبه ... سمط القوافي لدينا بار جوهره المتبع البتة الأولى بثانية ... وأكرم المزن ما يوليك ممطره يضم منه غدير الدرع بحر ندا ... ويحتوي منه بدر التم مغفره سمح تحرج نهر السائلين ولا ... الدر اليتيم عن الراجي يقهقره يعطي الجزيل فلا عذر يقدمه ... للطالبين ولا وعد يؤخره تملك الحوز فلتهرب ثعالبهٌ ... فقد تكفل جيش الملك قسوره مهذب فطن كادت فراسته ... عما بقلبك قبل القول تخبره لا يلحق الذل جاراً يستعز به ... ولا يرى الأمن مرعوب يذعره بعدله الظالم المرهوب يخذله ... وجانب البائس المخذول ينصره إن زاره سائل عاف يعظمه ... وإن تأتاه جبار يحقره لفت على الهامة العليا عمامته ... وشّد فوق عفاف الفرج مئزره لا نعرف الجدب إلا عند غيبته ... ولا نرى الغيث إلا حين نبصره قد حالف السيف منه أي داهية ... كبرى وصافح يمنى الموت خنجره كم قد أغار وشهب الليل عاثرة ... والفجر ينبت بالكافور عنبره فآب والأّسد في الغلال خاضعة ... وعاد بالنجح والأنفال عسكره والدهم كمت وسمر الخط تحمده ... والبيض صفر مصونات تكبره

والجو كالغسق المسودّ أبيضه ... والسيف كالشفق المحمر أخضره هو الهمام الذي صحت سيادته ... واشتقّ من أنبياء الله عنصره همّ العدى بذهاب النور منه وما ... يطفون نوراً يريد الله يظهره يبغون محو اسمه من صحف منصبه ... والله في لوحه المحفوظ يزبره بغوا عليه ومن يجعل تجارته ... بضاعة البغي يوماًخاب متجره وحاولوا الغدر فيه وهو أمنهم ... وصاحب الغدر يكفي فيه منكره ودبروا الأمر سراً وهو متكل ... وربه فوق أيديهم يدبره فأدركوا الويل والحزن الطويل وما ... رأوا من الأمر شيئاً سرّ منظره فكم عزيز لهم ولت ضراغمهم ... وكم كباس خبا قد فر جؤذره مولاي فلتهنك الدنيا وعودتها ... إليك والعيد قد وافى مبشره وليهننا حج بيت منك دار على ... شعائر البر والمعروف مشعره وارم العدى بجمار الذل واسع إلى ... منى وغى يرهف الضرغام منحره وبشر الخصم أن البغي يصرعه ... ومارد الجور أن الظلم يدحره واستجل در قريض كاد في حكم ... نظم البديع بيان المرء يسحره ودم مدا الدهر في عز وفي شرف ... يسمو على كل من ناداك مفخره وقال يمدح السيد منصور خان ويهنئه بختان ولده: تلثم بالعقيق على اللآلي ... فغشى الفجر من شفق الجمال وهز قوامه فثنى قضيباً ... إليه تنقلت دول العوالي وقنع بالدجى شمس المحيا ... فبرقع بالضحى ليل القذال تزاور عن خباه فثم شمس ... تبلج حولها فجر النصال فحد عن وجنتيه فثم ورد ... حماه الهدب في شوك النبال إلام ألام فيه ولا أحاشي ... ويرقبني الحمام ولا أبالي؟ أوري عن هواه بحب ليلى ... وفيه تغزلي وبه اشتغالي وليل كالبنفسج بات فيه ... يشنفني رياحين الوصال وقام إليه من ورعي وعيظ ... يعرفني الحرام من الحلال إذا امتدت إليه يمين نفسي ... ثنيت عنانها بيد الشمال وإني قد أميل بلحظ طرفي ... تمن أهوى ويغضي عنه بالي وإن قامت إلى الفحشاء يوماً ... بي الشهوات تقعدني خصالي أحب الكذب في التشبيه هزلاً ... واهوي الصدق في جد المقال فلي وعظ أشد من الرواسي ... ولي غزل أرق من الشمال أنا الهادي غ الشعراء هاموا ... بوادي الشعر في ليل الظلال مجلي السابقين إلى المعاني ... وفارس بحثها يوم الجدال تدل لدى النشيد بنات فكري ... على أدبي وتنسبني فعالي ويشهد لي بدعوى الفضل قربي ... لدى بركات نقاد المعالي تملكني هواه فزدت فضلاً ... وفضل العبد مكن شرف الموالي جمال الفضل مركز نيريه ... كمال بدور أبناء الكمال رفيع علا إلى هام الثريا ... رقى بسلالم الهمم العوالي موفى العرض في سنن السجايا ... مبيد المال في طلب المعالي شجاع فيه تتسع المنايا ... إذا ما كرفي ضيق المجال إذا يدجى القتام بدا بدرع ... أرانا الشمس في ثوب الهلال هو العدل الذي بالوصف يعنو ... له العلم المعرف بالجلال غوامض فكره تحكي الدراري ... وطيب نثاه يرخص بالغوالي يرى الدنيا وإن عظمت وجلت ... لديه أقل من شسع النعال به انطلق السماح وكان رهناً ... وأضحى البخل مشدود العقال تزين به عواطلها القوافي ... كما تتزين البيض الحوالي فلو مس الصخور الصم يوماً ... لفجرهن بالعذب الزلال إلى أن قال: من القوم الذين سموا وسادوا ... على العرب الأواخر والأوالي أثيل المجد مقصور عليهم ... وضال العز ممدود الظلال تبين لي الحجا والجود فيه ... ونور المجد من قبل الفصال غنيت عن الكرام به جميعاً ... وصمت الجود عن ذل السؤال أأستسقي السحائب نازحات ... وهذا البحر معترضاً حيالي وألقيت السلاح وما احتياجي ... وفيه تدرعي وبه اعتقالي ألا يا أيها البطل المرجى ... لدفعي كتائب النوب العضال ويا سيف المنون وساعديها ... وباري قوسها يوم النضال

ويا قمر الزمان ولا أكني ... وشمسي ضحى الملوك ولا أغالي لقد غبط العلى بختان شبل ... أبوه أنت يا ليث النزال شقيق الرشيد تسمية وفألاً ... سليل المجد خير أب وخال نشا فنشا لنا منه سرور ... يكاد يهز أعطاف الجبال وحمحمت الجياد مبللات ... وصال مكبراً يوم القتال وقرت أعين البيض المواضي ... ومسن معاطف السمر الطوال هو الابن الذي بأبيه نالت ... خلود الأمن أفئدة الرجال فدام ودمت ما اكتسبت ضياء ... نجوم الليل من شمس النوال ولا زالت لك الأيام تدعو ... ولا برحت تهنيك الليالي وقال أيضاً يمدحه بهذه القصيدة, ولم تذكر جامع ديوانه مطلعها, واعتذر أنه لم يجد منها إلا هذا القدر: ويا وميض بروق المذن إن سفرت ... عن الثنايا فغض الطرف واستتر ويا وجيز عبارات البيان لقد ... أطنبت في وصف ذاك الخصر فاختصر هذا الأبيرق في فيها فوا ظمأي ... إلى عذيب عقيق المبسم العطر وذا الغوير توارى في الوشاح فوا ... شوقي إليه وهذا الجذع في الأزر بمهجتي نار حسن فوق مرشفها ... تشبُ من حول ذاك المورد الخضر مرت بنا وهي تبدي نون حاجبها ... والصدغ يلثم منها وردة الخفر ففوق القوس نبل العين واحزني ... وقارن العقرب المريخ واحذري وحدثتنا فخلنا أنها ابتسمت ... زهر النجوم حديثاً في فم القمر أما وبلورتي فجر تلثم في ... ياقوتتي شفق يفتر عن درر ما خلت قبلك أن الحتف يبرز في ... زي العيون من الآرام والعفر لولا ابتسامك لم تجر العيون دماً ... والمزن لم تبك لولا البرق بالمطر لو بيع وصلك للعاني بمهجته ... هانت عليه ومن للعمي بالصبر أفنيت ماء عيوني بالصدود بكاً ... وجذوة الصيف تفني لجة الغدر خلو قلبك من نار الهوى عجب ... ومكمن النار لا ينك في الحجر لا تمقتي أثراً في الخطوب بدا ... فزينة الصارم الهندي بالأثر ولا تذمي بياض الشيب إن شعلت ... شموعه في سواد الليل من شعري فالمرء كالجمر في حال الخمود يرى ... فيه السواد ويبدو النور في السعر لله در ليال بالحمى سلفت ... بيض ترى في جباه الدهر كالغرر فكم عشونا بجنات النعيم إلى ... سناءنا رين من جمر ومن قطر وبدر خدر بشهب الليل منتطق ... مبرقع بسناء الفجر معتجر لو أصبح الليل من فودية ما بزغت ... شمسي المدامة بالآصال والبكر ولو عدا اللثم ذاك البدر ما قذفت ... أيدي ابن منصور للعافين بالبدر سواد عين المعالي نقش معصمها ... بياض صلت العطايا مبسم الستر سهم المنيبة درع الملك جنته ... سنان رمح الليالي صارم القدر مملك ساس أحوال الرعية في ... عدل يؤلف بين الأسد والبقر إلى أن قال وتر البرية شفع الدهر جملته ... جمع الفخار مثنى النفع والضرر دع الروايات في الماضي فرؤيته ... أقوى وليس عيان الأمر كالخبر وقد تركت منها أبياتاً خوف الإطالة: وقال يمدح السيد علي خان: روت عن تراقيها العقود عن النحر ... محاسن ترويها النجوم عن الفجر وحدثنا عن خالها مسك صدغها ... حديثاً رواه الليل عن كلفة البدر وركب منها الثغر أفراد جملة ... حكاها فم الإبريق عن حبب الخمر بصحة جسمي سقم أجفانها التي ... على صحوها لا تستفيق من السكر وبالعنبر الوردي نكهتها التي ... روى المسك عن اسنادها خبر النثر عذيري من عذراء قبل تمائمي ... خلعت على العذال في حبها عذر ولي مدمع في حبها لو بكى الحيا ... به نبت الياقوت في صدف الدر بروحي منها جؤذراً في غلائل ... وجيد مهاة قد تلفع بالخمر لقد غصبت منها القرون ليالياً ... من الدهر لولا طولها قلت من عمري أما وسيوف للحتوف بجفنها ... تجرد عن عين وتغمد في سحري وهدب يسقى نبله سم كحلها ... فذب بشوك النحل عن شهده الثغر وصمتة قلب غص منها بمعصم ... ووسواسه الخناس ينفث في صدري

وطوق نضار يستسر هلاله ... مع الفجر تحت الشمس في غسق الشعر لفي القلب مني لوعة لو تجنها ... حشى المزن أمسى قطرها شرر الجمر منعمة غير الكرم لا بزورها ... وتحجب عن طيف المحب إذا يسري إذا مر في الأوهام من وصالها ... رأيت جياد الموت تعثر بالفكر رفيعة بيت هالة البر نوره ... وقوس محيط الشمس دائرة الستر يرى في الدجى نهر المجرة تحته ... على در حصباء النجوم به تجري فأطنابه للفرقدين حمائل ... وأستاره بالجنح أجنحة النسر وليل نجم القذف فيه كأنها ... تصول علينا بالمهندة البتر ركبت به هوج المطايا وخضت في ... بحار المنايا طالباً درة الخدر فعانقت منها جؤذر القفر آنساً ... وصافحت منها بالخبا دمية القصر فلما دنا منها الوداع وضمنا ... قميص عناق بزنا ملبس الصدر بكت فضة من نرجس متناعس ... وأجريت تبرا من شقيق أخي سفر فأمست عيون البدر في شفق الدجى ... تسيل وعين الشمس بالأنجم الزهر وبتنا وزند الليث مني مطوق ... لها ويمين الظبي قد وشحت خصري فكادت لما بي أن تذيب سوارها ... ضلوعي وإن كانت حشاي منة الصخر وكاد فريد العقد منها لما بها ... يذوب فيجري كالدموع ولا يدري سقى الله أكناف العقيق بوارقاً ... تقطع زنج الليل في قضب التبر ولازال محمر الشقائق موقداً ... بها الياقوت في قضب الشذر حمى تتحامى الأسد آرام سربه ... وتصرعهم من عينه أعين العفر تحوط الظبا أقماره في أهلة ... وتحمى شموس البيض في أنجم السمر ألا حبذا عصر مضى وليالينا ... عرائس انس يبتسمن عن البشر وأيامنا غر كأن حجولها ... أيادي عل في رقاب بني الدهر أياد عن التشبيه جلت وإنما ... عبثن بقلب ساحرات رقى السحر بواد يزان المجد منها بأنجم ... هواد لمن يسري إلى مشرق اليسر مواض لمران المعالي أسنة ... وقضب بها العافون تسطو على الفقر نبتن بكفيه نبات بنانه ... فدلت قطوف الجود في ثمر الشكر هو العدد الفرد الذي يجمع الثنى ... وتسطر عنه قسمة الجبر صنائعه عقد على عاتق العلى ... ومعروفه تاج على هامة الفخر ربيع إذا مازرته زرت روضة ... يفتح فيها نثره حدق الزهر نهيم به عشقاً لخلق كأنه ... يهب علينا في نسيم الهوى العذري أيا واردي لج البحار اكتفوا به ... فسبعتها في أنمله العشر إذا يده البيضاء أخرجها الندى ... فيا ويل أم البيض والورق الصفر وهي طويلة احببت الاقتصار منها على هذا القدر وقال أيضاً يمدحه: أما ومواضي مقلتيها الفواصل ... لتشبيبها بالبدر تحصيل حاصل وياقوت فيها إن جوهر جسمها ... لكالماء إلا انه غير سائل وورد محياها النضير لقدها ... هو الرمح إلا انه غير ذابل من العين إلا انها في كنانها ... تظللها أسد الثرى بالمناضل كعاب تمد الحتف في أي ناظر ... من الغنج إذ تدنو بمقلة خاذل ذكاة حمتها الشهب وهي أسنة ... وقامت لديها نيران المشاعل تظن رغاء الرعد زفرة مدنف ... فترشقه حراسها بالمعابل وتحرس عن مر النسيم توهماً ... بأن الصبا تهدي إليها رسائلي بروحي منها حاجباً غنج قوسه ... تسلمه من طرفها أي نابل وقضبان بلور بدت في خواتم ... وأعمدة من فضة في خلاخل وزندين لو لم يمسكا في دمالج ... لسالا من الأكمام سيل الجداول فما اختال ظبي قبلها في مدارع ... ولا مال غصن يانع في غلائل أحن لمرأى خدها وهو مصرعي ... وأعشق منها الطرف والطرف قاتلي فوا عجباً أشقى بها وهي جنتي ... ولم أقتنصها والظبا من حبائل وليل غرابي الخضاب كفرعها ... طويل كحظي لونه غير ناصر كأن الدياجي منه سود عوابس ... وأنجمه بيض الحساني الثواكل قضى فجره نحباً فأحيته فكرتي ... وقدح الحصى باليعملات الزوامل وبت وصحبي كالقسي من السرى ... نجافي الكرى ميل الطلا بالكواهل

وقال يمدحه ويستأذنه للحج الشريف ويهنئه بعيد الفطر

فظلنا نساقي في زجاجات ذكرها ... حميا هواها في ندي الرواحل فمن مدنف صاح بنا مثل شارب ... ومن معشر منا له زي زاهيل فلولا هواها ما صبوت إلى الصبا ... ولا رحمت دمعي دعاة المنازل ولا اقتنصت أخت الغزال جوارحي ... ولا هيجت ورق الحمام بلابل ولولا رقى السحر المبين بلفظها ... لما التذ سمعي في أحاديث بابل أيلحقني في حبها نقص سلوة ... إذا فارقتني نسبتس للفضاء ولا صافح الخطي مني يد الندى ... ولا عانقت جيد المعالي حمائلي ولا نصب البيض الجوازم رتبتي ... ولا رفعتها همتي للعوامل وإني لظمآن إلى عذب منهل ... حمت شهده نحل الرماح النواهل بحيث تحوط الأسد مرقد باغم ... وتوقظ طرف الموت دعوة صاهل وما مورد عذب إذا لم أرى الظبا ... تشوب نضاراً في لجين المناهل سقى الله قوماً خيموا أيمن الحمى ... وحيا بشرق الغضا كل وابل ولله أيام السرور وحبذا ... مواسم لذات الليالي الأوائل أما آن أن تدنو الديار وينجلي ... ظلام التنائي في صباح التواصل فحتام تستجدي النوى يمّ مقلتي ... فيرفدها در الدموع الهوامل أكانت جفوني كلما اعترض النوى ... بنان علي والنوى كف سائل جواد إذا ضن الغمام على الورى ... توالت يداه بالغيوث الهوامل شريف محل التاج في حلي فضله ... تزان صدور المكرمات العواطل له راحة لو ترضع المزن درها ... همت باللآلي معصرات الحوامل أحاطت بأوساط الدهور ووشحت ... حظوظ الورى منها خطوط الأنامل تلذذه بالبأس والعفو والتقى ... وبذل العطايا لا بطيب المآكل يهز أفعوان الرمح في كف ضيغم ... ويمسك نهر السيف في بحر نائل يقلب فيه الدهر أجفان حائر ... ويرنو إليه الغيث في طرف آمل همام يصيد الأسد ثعلب رمحه ... إذا الربد رفت في بزاة الجحافل فما سار شيء من عداه بأرضه ... سوى ما سرى من لحمها في الحواصل لطاعته قامت على ساقها الوغى ... ونكسى ذلاً رأسه كل باسل وشدت على الأوساط من حزم القنا ... لديه زنانير الكعوب العوامل وليس اضطراب الرمح خلقاً وإنما ... رمتها دواعي ذعره بالأفاكل يرى زورة العافي ألذ من الصبا ... وأحسن من وصل الحبيب المماطل هو الصقع اللسن الذي لبيانه ... بنظم القوافي معجزات الفواصل وموضع علم الفضل والعلم الذي ... عليه وجوباً صح حمل الفواضل يعدي فعال المكرمات بنفسها ... إلى آمليه لا بجر الوسائل مضى فعله المشتق من مصدر العلى ... فصح له منه اشتقاق اسم فاعل تكاد القنا قسراً بغير تثقف ... يقوّم منها عدا له كل مائل وإن تنحني حني الأساور قضبه ... لما أثقلتها من ذحول القبائل فلا تطلبوا يا حاسديه اغتياله ... فتخطفكم غول الخطوب الغوائل ولا تنزلوا أرضاً بها حل شخصه ... فتنزل فيكم صاعقات النوازل تولى بلاد الحوز فليخل بالها ... وتفرغ من بعد الهموم الشواغل لقد قر طور المجد فيها مكانه ... وقد كان دكاً قبله بالمنازل وفك عن الملك الوثاق فأصبحت ... شياطينه من قهره في سلاسل وزال ظلام البغي عن نير الهدى ... وحكم سيف الحق في كل باطل فحسبك يا بكر العلى مفخراً فقد ... تزوجت منه بالكريم الحلاحل فيا ابن حسام المجد والعامل الذي ... به انصرفت قسراً جميع القبائل لقد فقت آباء الكرام بوالدٍ ... به ختمت غر الكرام الأفاضل محل سماك الفضل مركز شمسه ... مقر دراري غامضات المسائل صفوح صدوق حاكم متشرع ... عفيف شريف ماله من مماثل ففيه حكيم عالم متكلم ... ينص على أحكامه بالدلائل مناقب فخر حزتها منه ياابنه ... وحسبك فخراً ما به من شمائل فلازلت قطباً ثابتاً في العلى ولا ... برحت هلالاً كاملاً غير آفل وقال يمدحه ويستأذنه للحج الشريف ويهنئه بعيد الفطر تلوح وتستدعي الفراش وتبسم ... فيفتر ثغر الصبح والليل مظلم

وتبدي ثناياها لنا كنز جوهر ... فترصدها في فرعها وهو أرقم وتغضي فيمشي السحر في غمد فتنةٍ ... وترنو فيضحي مصلتاً وهو مخذم وتسعى فتخشى الطعن من عطف قدها ... ورب قوام وهو رمح مقوم أما وحباب وهو ثغر مفلج ... وجامد خمر وهو خد معندم ومرآة بلورٍ صفت وهي غرة ... وأنبوب درٍ وهو ساقٌ مخدم لصنوان مسموم السهام ولحظها ... ومبسمها والجوهر الفرد توأم وقامتها والسمهري وإنها ... لأعدل منه وهو في الفتك أظلم هي البدر في الإشراقِ لولا حجابها ... وشمس الضحى لولا السجاف المخيم وبيض الدمى لولا البراقع والحيا ... وظبي الحمى لولا الثوى والتكلم مهاة لديها السمر في حرم الهوى ... تحل دماء الصيد والبيض تحرم تحف الظباء العين فبها إذا شدت ... وتزأر أساد الثرى حين تبغم فكم حولها ليث بحلة أرقم ... يطوف وكم خشف بعينيه ضيغم تحام حماها واحذر الموت دونها ... فليس الحمى إلا الحمام المرخم وما الحب إلا أن يكون مزاره ... عزيزاً إليه لا يجوز التوهم بحيث الدم المحظور فيه محلل على السيف والماء المباح محرم وإنا لقوم نشا في قلوبنا ... بحب الدمى والمكرمات التسنم ففي الدر رخص عندنا وهو جوهر ... ويغلو لدينا قيمة وهو مبسم نفر إذا يرنو غزال مقنع ... ونسطو إذا يبدو هزبر معمم نضاحك ضوء البرق وهو مهند ... ونبكي نجيعاً وهو ثغره ملثم ونحذر من نبل الردى وهو أعين ... ونلقاه في لبّاتنا وهو أسهم ومحجوبة لو ينظر البدر وجهها ... لخر صريعاً وانثنى وهو مغرم إذا حدثت في بقعة أو تنفست ... ففي بابل أو بسم دارين تيمم سقى دارها ماء الطلا بارق الظبا ... ففي التراب منها لا يسوغ التيمم ممنعة لا يمكن الطيف نحوها ... صعوداً ولو أن المجرة سلم تأتيها والنسر في الأفق واقع ... وبيض حمام الأنجم الزهر حوم فوافيت منها الشمس في الليل مارد ... ومن دنوها شهب من النبل ترجم وبتنا كلانا في العفافة والتقى ... أنا يوسف وهي الكريمة مريم وما أنا ممن يتقي الحتف إن بغى ... مراماً ولا يثنيه في الحب لوم وركب تعاطوا في الدجى دلج السرى ... يميلون من سكر الكرى لم يهوموا سهام على مثل القسي ارتمت بهم ... يؤمنون نجداً والهوى حيث يمموا تراءى لهم قلبي إماماً فغرهم ... وأوهمهم نار الغضى فتوهموا أروح ولي روح إلى أرض رامة ... وآرامها شوقاً تحن وترزم وقلب إلى نحو الحجاز وأهله ... يغور به الود الصحيح ويتهم إذا مر ذكر الحيف لو لم يكن به ... ولاء عليٍ كاد بالنار يضرم جواد هوى المعروف قبل فطامه ... ومال إلى حب العلى قبل يُفطم همام إذا قامت وغى فهو ساقها ... وإن شمرت عن زندها فهو معصم فتى حبه للمجد أفقده الغنى ... كما فقد السلوان صب متيم يلذٌّ دعاء السائلين بسمعه ... كما لذَّ في السمع الطروب الترنم كسى العرض من حسن الثنا خير حلة ... لها الفخر يُسدى والمكارم تلحم له الطعنات النجل تبكي كأنها ... عيون رأت يوم النوى فهي تسجم فواعجباً يجري حياً وهو شعلةٌ ... ويضرم ناراً في الوغى وهو خضرم يوصل بفجر كاذب وهو صارم ... ويسطو بنجم ثاقب وهو لهندم دنانيره صفر الوجوه لعلمها ... بأن النوى في شملهن محكم إذا زارها العافون يوماً تشتت ... كأدمع صبٍ قد دعتهنَّ أرسم فلو جالس الأقمار من حوله دجىً ... دروا أنه المولى وإن كان منهم ولو أنفقتها في الهبات يمينه ... لقل لديها بدرها وهو درهم ولو كلفت أهل الهوى درع أمنه ... لردت سهام الأعين النجل عنهم حطمن عواليه قنا كل فتنةٍ ... فكدن لقامات الدمى البيض تحطم وردت سيوف الجور وهي كليلة ... فأوشكن حتى أنصل الغنج تكهم له بيت مجد شامخ في صعيده ... تعفر آناف الملوك وترغم تطنبه سمش الضحى في حبالها ... وتمسكه أيدي السماك وتدعم

وقال يمدحه ويهنئه بعيد الفطر

يود حصاه الدهر لو أنه غدا ... على جيده عقد يناط وينظم وحسب الدجى فخراً بحصباءِ أرضه ... لو انتثرت من فوقه وهي أنجم تقبلها الأفواه حتى كأنها ... ثغور الغواني فهي تهوى وتلثم نجيب نمته الغر من آل حيدرٍ ... ملوك على كل الملوك تقدموا جنان نعيم غير أن سيوفهم ... لتعذيب أرواح الطغاة جهنم مزانون في حلي العلى منذ خلقِهم ... تمائمهم بالمكرمات تختم مصاليت يوم الكر من شئت منهم ... يصد به الجيش اللهام ويهزم مضوا فأتى من بعدهم فأعادوهم ... إلى أن رأى كل الورى أنه هم تحدر في الأصلاب حتى أتت به ... فكان هو السر الخفي المكتم أبوه ذُكاء أعقب خير أنجم ... ولكنه نجم هو البدر فيهم كريم لديه زدت قدراً ورفعةً ... وتكرمةً والحر للحر يكرم فلي كل حين منه لطف مجدد ... ولي كل يوم من أياديه أنعم أمولاي يا مولاي دعوة مخلص ... حليف ولاً في هر ليس يحجم لقد أوجبت نعماك حجاً وعمرةً ... على ذمتي والحج فرض محتم فهل تأذنوا أقضي حقوق مناسك ... تشاركني فيها الثواب وتغنم ليهنك صوم الشهر وفيت أجره ... وبالعفو عقباه لك اللُّه يختم وعودة عيد قيد تزين جيده ... بطوق هلالٍ نونه ليس تعجم هلال إذا قابلته زال نقصه ... فيشرق ليلاً وهو بدر متمم يصوغ لورد الليل مخلب فضة ... ولولاك أمي وهو ظفر مقل فلا زلت تكو وجهه من سنا العلى ... ولا زال بالإقبال نحوك يقدم لعينيك يبدو وهو قلب حبية ... ويلقى الأعياد وهو سيف مصمم وقال يمدحه ويهنئه بعيد الفطر هذا الحمى فانزل على جرعائه ... واحذر ظبي لفتات عين ظبائه وانشد به قلباً أضاعته النوى ... من أضلعي فعساه في وعسائه وسل الأراك الغض عن روح شكت ... حر الجوى فلجت إلى أفيائه واقصد لبانات اللوى فلعلنا ... نقضي لُبانات الفؤاد التائه واضمم إليك قدود أغصان النقا ... والثم ثغور الدار من حصائه واسفح بذاك السفح حول غديره ... دمعاً يعسجدُ ذوب فضة مائه سقيا له من ملعب بعقولنا ... وقلوبنا لعبت يدا أهوائه مغني به تهوى القلوب كأنما ... بالطبع يجذبها حصا مغنائه أرج حكى نفس الحبيب نسيمه ... يذكي الهوى في الصب برد هوائه نفحاته تبري الضرير كأنما ... ريح القميص تهيب من تلقائه فلتحذر الجرحى به أن يسلكوا ... يوماُ فيشتاقوا ثرى أَرجائه عهدي به ونجوم أطراف القنا ... والبيض مشرفة على أحيائه والأسد تزأر في سروج جياده ... والعين تبغم في حجال نسائه والطيف يطرقه فيعثر بالردى ... تحت الدجى فيقصد عن إسرائه والظل تقصره الصبا وتمده ... والطير يعرب فيه لحن غنائه لازال يسقي الغيث غر معاشر ... تسقي صوارمهم ثرى بطحائه لا تنكرن يا قلب أجرك فيهم ... هم أهل بدر أنت من شهدائه لولا جمود الدار بين شفاههم ... ما ذاب في طرفي عقيق بكائه لله نفسُ أسٍ يصعدها الأسى ... ويردها في العين كف عزائه حبست بمقلته فلا من عينهِ ... تجر ولم ترجع إلى أحشائه من لي بخشف كناسِ خدرٍ دونه ... ما يحجم الضرغام دون لقائه أحوى هوى ألِفَ الجآذر في الفلا ... والشيء منجذب إلى نظرائه حسن إذا في ظلمة الليل انجلى ... تعشو الفراش إلى ضياءِ بهائه يلقى شعاع الخد منه على الدجى ... شفقا يعصفر طيلسان سمائه فالبرق منه يلوح تحت لثامه ... والغصن منه يميل تحت ردائه لاغرو أن زار الهلال محله ... فشقيقه الأسنى برحب فنائه أو نحوه نسرُ النجوم هوى فلا ... عجباً فبيضته بخدر خبائه أنياب ليث الغاب من حجابه ... ولواحظ الحرباء من رقبائه كم قد خلوت به وصدق عفافنا ... يجلو دجى الفحشاء فجر ضيائه مالي وما للدهر ليس ذنوبه ... تفنى ولا عتبى على أبنائه يجني على فضلي الجميم بفضله ... وكذا الجهول العلمُ من أعدائه

فكأنما هو طالبي بقصاص ما ... صنعته آبائي إلى أرزائه شيم الزمان الغدر وهو أبو الورى ... فمتى الوفاءُ يرام من أبنائه لحقوه في كل الصفات لأنه ... ظرفوا به والماء لون إنائه فعلام قلبي اليوم يجزعه النوى ... ولقد عهدت الصبر من حلفائه وإلام ندب للديار كأنه ... فرض على أخاف فوت أدائه يا حبذا عيش على السفح انقضى ... والدهر يلحظنا بعين وفائه والشمل منتظم كم انتظم العلا ... بندى علي ٍأو عقود ثنائه وليالياً بيضاً كأن وجوهها ... من فوقه مسحت أكف عطائه بحر إذا ما مد َّفابن سحابنا ... يدري بأن أباه لج سخائه فطن تكاد العمي تبصر في الدجى ... لو أنها اكتحلت بنور ذكائه ملك يعوذ الدين فيه من العدى ... فيصون بيضته جناح لوائه إلى أن قال: إن كنت تجهل بالسؤال صفاته ... فعليك نحن نقص من أنبائه العدل والرأي المسدد والتقى ... والبأس والمعروف من قرنائه فهو ابن من ساد الأنام بفضله ... خلف الكرام الغر من آبائه صلى ووالده المجلي قبلهُ ... فأًَََتى المدى فخراً على أكفائه سيان في الشرف الرفيع فنفسه ... من نفسه وعلاه من عليائه من آل حيدرة الألى ورثوا العلى ... من هاشم والضرب في هيجائه آل الرسول ورهطه أسباطه ... أرحامه الأدنون أهل عبائه نسب إذا ما خط خلت مداده ... ماء الحياة يفيض في ظلمائه نسب يضوع إذا فضضت ختامه ... فيعطر الأكوان نشر كبائه أين الكرام الطالبون لحاقه ... منه وأين ثناء من نعمائه يا أيها المولى الذي بيمينه ... في المال قد فتكت ظبي آلائه سمعاً فديتك من حليف مودة ... مدحاً يلوح عليه صدق ولائه مدحاً تميل له الطباع كأنني ... أتلو عليه السحر في إنشائه بصفاتك اللاتي بهن مزجته ... فعبقن كالأفواه في صهبائه فاستجله نظماً كأن عروضه ... زهر الربى ورويه كروائه واسرر خلال العيد منك بنظرة ... تكفيه نقص التم من لألائه فجبينك الميمون يمنحه السنا ... وعلاك يرفعه لأوج سنائه طلب الكمال وليس أول طالب ... وأتى إلى جدواك باستجدائه فاظهر له حتى يراك فإنه ... صب كساه الشوق ثوب خفائه وليهنك الصوم المبارك ... والله يختمه بحسن جزائه وقال يمدحه ويهنئه بعيد الفطر أيضاً: لله قوم بأكناف الحمى نزلوا ... هم الأحبة إن صدوا وإن وصلوا ودرّ درهم من جيرة معهم ... لم يبرح القلب إن ساروا وإن نزلوا جعلتهم لي ولاة وارتضيت بما ... يقضون في الحب إن جاروا وإن عدلوا هم همُ سادتي رقوا قسوا وعطفوا ... جفوا وفوا أخلفوني أنجزوا مطلوا ودوا قلوا هجروا زاروا صفوا كدروا ... قد حسن الحب عندي كل ما فعلوا رعيا لماضي زمان فزتُ فيه بهم ... وحبذا بالحمى أيامنا الأُول عصر كأن الليالي فيه بيض دمى ... لعس الشفاه وأَوقات اللقا قبل إذا الرواة رووا عنه لنا خبراً ... كأنهم نقلونا بالذي نقلوا كم في القباب لديهم من محجبة ... بالحسن والعز منها يضرب المثل بكرهي الشمس في إشراق بهجتها ... لو لم يجن سناها فرعها الجثل ودمية القصر لولا سمط منطقها ... وظبية القفر لولا الحلي والعطل سيان بيض ثناياها إذا ضحكت ... ومبسم البرق لولا النظم والرتل يبدو الصباح فيستحي إذا سفرت ... عن المحيا فيعلو وجهها الخجل تختال في السعي سكرى وهي صاحية ... فينقضي الصبر عنها وهي تنتقل تغري القلوب بلحظيها ومقلتها ... لوا النعاس لقلنا جفنها خلل أفديهم من سراة في جواشنهم ... وفي البراقع منهم تلتظي شعل فرسان طعن وضرب غير أنهم ... أمضى سلاحهم القامات والمقل شوس على الشوس بالبيض الرقاق سطوا ... وبالجفون على أهل الهوى حملوا في غمد كل هزبر من ضراغمهم ... وعين كل مهاة كامن أجل لم ادر من قبل ألقى سود أعينهم ... إن المنية من أسمائها الكحل

كلا ولا خلت لولا حلي خردهم ... أن الدنانير مما يثمر الأسل بالبيض قد كللوا أقمارهم وعلى ... شموسهم بالدياجي تضرب الكلل صباحهم من وجوه البيض منفلق ... وليلهم من قرون العين منسدل صانوا من الدرما حازت مباسمهم ... وما حووا منه في راحاتهم بذلوا سود الذوائب والأحداق تحسبهم ... تعمموا بسواد الليل واكتحلوا يروق في أسدهم نظم القريض وفي ... غزلانهم يحسن التشبيب والغزل تمسي القلوب ضيوفاً في منازلهم ... ولا لهن سوى نيرانهم نزل هم الأكارم إلا أنهم عرب ... عند الكرائم منهم يحسن البخل أما ولدن تثنت في مناطقهم ... تحت الحديد وقضيب فوقها حلل وبيض حبات در بعضها لفظوا ... وبعضهن لأعناق الدمى جعلوا لولا عيون وقامات بنا فتكت ... لم نخش من وقع ما سلوا وما اعتقلو لا أطلع الله فجراُ في مفارقهم ... ولا انجلى ليلها عنهم ولا أفلوا ولا صحت من سلاف الدل أعينهم ... ولا سرى في سواها منهم الكسل لولا هواهم لما أبلى الضنى جسدي ... ولا شجتني رسوم الدار والطلل ولا تفرق قلبي في الرسوم كم ... تفرقت من علي في الورى خول الموسوي الذي مشكاة نسبته ... أرحام بشهاب الطور تتصل كريم نفس تزان المكرمات به ... ومنه تنشأ بالدنيا وتنتقل طود لو أن سر نديباً تبدله ... لساكني الحوز بالراهون ما قبلوا ولو إلى رجله يهوي الهلال دجى ... لم ترضه أنه من نعلها بدل قرن يميل إلى نحو الظبى شغفاً ... كأنهن لديه أعين نجل يغشى العدى مثل ماضيه وعامله ... يهتز بشراً ويثني عطفه الجذل في طرف هندية من ضربه رمد ... وفي عواليه من جرح الكلى ثمل له سيوف إذا ما النصر أضحكها ... تبكي الرقاب وتنعي نفسها القلل جراحها وعيون الصب واحدة ... لا تلك ترقي ولا هاتيك تندمل بيض الجوانب كالأنهار من لبن ... تظنها بالوفا يجري بها العسل حليف بئس إذا اشتدت حميته ... لولا ندى راحتيه كاد يشتعل يغزو العدو على بعد فيدركه ... كالنجم يسري إليه والدجى جمل يكاد كل مكان حل ساحته ... يقفوه شرقاً إليه حين يرتحل تلقى مواقد نور في مواطئه ... كأنه بأديم الشمس منتعل لا يطمع الخصم فيه لين جانبه ... فقد تلين الأفاعي والقنا الذبل ولا يغر العدى ما فيه مكن كرم ... فمحدث الصاعقات العارض الهطل يمد نحو العلى والمكرمات يداً ... خطوطها للمنايا والمنى سبل يد إلى مصر كل من أناملها ... تسري الأيادي وفيها ينزل الأمل كأن خاتمه يوم النوال بها ... قوس السحاب الغوادي حين ينهمل حاز الكمال صبياً منذ مولده ... وقال بالفصل طفلاٌ قبل ينفصل نفس من القدس في ذات مجردة ... بالعرف جاز عليها يصدق الرجل ما لاح فوق سرير مذله قمر ... ولا تمطى جواداً قبله جبل ولا تنسك زاهداً غيره أسد ... ولا تدين في دين الظبا بطل هل عانق الشمس إلا سيفه فلق ... واستغرق البحر إلا درعه وشل باهت مناقبه الدنيا به فعلا ... قدراً على سائر الأملاك واستفلوا حكوه خلقاً وما حازوا خلائقه ... والناس كالوحش منها الليث والوعل أنى يحاول فيه مدع صفة ... وهل يحصل طيب النرجس البصل ما كل ذي كرم تحوى مكرمه ... والدر في كل بحر ليس يحتمل لديه أغلى لباس المرء أخشنه ... وأحسن الخز والديباج مبتذل لو باللباس بدون البأس مفتخر ... فاق البزاة بحسن الملبس الحجل يا ابن الأسود الألي يوماً إذا حملت ... بالأفق يشفق منها الثور والحمل زانت بأبنائك الدنيا وفيك ولو ... لم يولدوا لم تجد كفواً لها الدول أنتم شموس ضحاها بل وأنجمها ... ليلاً وأوقاتها الأسحار والأصل عنكم ومنكم رواة المجد قد أخذوا ... علم المعالي ولولا كم به جهلوا يدرون أنكم حقاً أئمتهم ... ويعملون يقيناً أنكم قبل إذا العباء كساكم فضل ملبسه ... فأي فخر عليكم ليس يشتمل

شعر

آراؤكم لسقيم المجد عافية ... لكنهن لإيجاد الثنى علل كأنما خلطت بالطيب طينتكم ... فنبتها ليس إلا الورد والنفل مولاي ذا الصوم أبقى أجره ومضى ... لديك والفطر والإقبال مقتبل واسعد بعودة عيد عاد فيه لنا ... منك السرور وزال الهم والوجل عيد تشرف يا ابن الطاهرين بكم ... لذا به ملة الإسلام تحتفل فاق الزمان كما فقت الملوك كما ... كلاكما سيد في قومه جلل واستجل طلعة فطر فوق غرته ... هلال سعد سناه منك منتحل شيخاً تأتاك كالعرجون منحنياً ... وأنت كاالرمح رطب العود معتدل رآك بعد النوى ليلاً فعاد له ... عمر الشبيبة غضاً وهو مكتهل لازلت بدر سعود لا أفول له ... يبدو له نهاراً وليلاً وهو مكتمل ولا برحت مطاع الأمر مقتدراً ... يجري الزمان بما تقضي ويمتثل تم الاختيار من شعر أبن معتوق وأخباره، ويليه الاختيار من شعر ابن الرومي شعر ابن الرومي ليس هذا موضع الاختيار من شعره وينبغي أن يكون من أهل زمانه كأبي تمام والبحتري ولكن لم أظفر بديوانه حينئذِ فأحببت ذكره هنا لئلا يخلو المجموع من شعري لأنه في غاية الجودة والله الموفق للصواب لا إله غيره ولا رب سواه هو علي ابن عباس ابن جريج أو جورجيس مولى عبد الله بن عيسى بن جعفر وكنيته أبو الحسن ويعرف بابن الرومي نسبةً إلى أصله وكانت ولادته في بغداد سنة 221 ومات بها سنة 238 قال ناقل ترجمته: وقد أظلته ثمان خلافات وهي خلافة المعتصم والواثق والمتوكل والمستعين والمعتز والمهتدي والمعتمد والمعتضد وكان شعره غير مرتب رواه المتنبي عنه ثم جمعه أبو بكر الصولي ورتبه على الحروف وله في شعره دقة واسترسال يغوص على المعاني النادرة فيستخرجها من مكانها ويبرزها في أحسن صورة ولا يترك المعنى حتى يستوفيه إلى آخره ولا يبقي فيه بقية وكان شبيهاً بقول الشاعر: وفضلني في القول والشعر أنني ... أقول على علم وأعلم ما أعني ونثره يشبه شعره في المعاني والجودة فمن ذلك قولهيتنصل إلى بعض من يعز إليه وترفع عن ظلمي إن كنت بريئاً وتفضل بالعفو إن كنت مسيئاً والله إني لأطلب العفو من ذنبِ لم أُجنه وألتمس الإقالة مما لا أعرفه لتزداد تطولاً وأزداد تذللاً وأنا أعيذ حالي عندك بكرمك من واشِ يكيده وأحرسها بوفائك من باغِ يحاول إفسادها وأسأل الله تعالى أن يجعل حظي منك بقدر ودي لك ومحلي من رجائك بحيث أستحق والسلام ومن قوله في العفو. كتبها إلى بعض من يعز عليه وقد بلغه أنه نال من عرضه ثم أنه ندم وكتب إليه يعتذر من ذلك فأجابه بقوله: أتاني مقال من أخٍ فاغتفرته ... وإن كان فيما دونه وجه معتب وذكرت نفسي منه عند امتعاضها ... محاسن تعفو الذنب عن كل مذنب ومثلي رأى الحسنى بعين جليةِ ... وأغضى عن العوراءِ غير مؤنب فيا هارب من سخطنا متنصلاً ... هربت إلى أنجى مفر ومهرب فعذرك مبسوط لدنيا مقدمِ ... وودك مقبولُ بأهل ومرحب ولو بلغتني عنك أذني أمتها ... لدي مقام الكاشح المتكذب ولست بتقليب اللسان مصارماً ... خليلي إذا ما القلب لم يتقلب ومن قوله وهي من غرر قصائده أجنت لك الوجد أغصانُ وكثبان ... فيهن نوعان تفاح ورمان وفوق ذينك أعناب مهدلة ... سود لهن من الظلماء ألوان وتحت هاتيك عناب تلوح به ... أطرافهن قلوب القوم قنوان غصون بان عميها الدهر فاكهة ... وما الفواكه مما يحمل البان ونرجس بات ساري الطل يضربه ... وأقحوان منير نور ريان ألفن من كل شيء طيب الحسن ... فهن فاكهةُ شتى وريحان ثمار صدق إذا عاينت ظاهرها ... لكنها حين تبلو الطعم خطبان بل مرة حلوة طوراًً يقال لها ... شهد وطوراً يقول الناس ذيفان يا ليت شعري وليت غير مجديةِ ... إلا استراحة قلب وهو أسوان لأي أمر مراد بالفتى جمعت ... تلك الفنون فضمتهن أفنان تجاورت في غصون لسن شجرِ ... لكن غصون لها وصل وهجران تلك الغصون اللواتي في أكمتها ... نعمى وبؤسى وأفراح وأحزان

يبلو بها الله قوماً كي يبين له ... ذو الطاعة البر ممن فيه عصيان وما ابتلاهم لأعنات ولا عبث ... ولا لجهل بما يطويه إبطان لكن ليثبت في الأعناق حجته ... ويحسن العفو والرحمن رحمان ومن عجائب ما يمنى الرجال به ... مستضعفات له منهن أقران مناضلات بنبلٍ لأقوام له ... كتائب الترك يزجيهن خاقان مستظهرات برأي لا يقوم له ... قصير عمرو ولا عمرو ووردان من كل قاتلة قتلى وآسرة ... أسرة وليس لها في الأرض إثخان يولين ما فيه إغرام وآونةً ... يولين ما فيه للمشغوف سلوان ولا يد من على عهد لمعتقد ... أنى وهن كما شبهن بستان يميل طوراً بحمل ثم يعدمه ... ويكتسي ثم يلفي وهو عريان حالاً فحالاً كذا النسوان قاطبةً ... نواكث دينهنّ الدهر أديان يغدرن والغدر مقبوح يزينه ... للغاويات والغاوين شيطان تغدو الفتاة لها وإن غدرت ... راحت ينافس فيها الخل خلان ما للحسان مسيئات بنا ولنا ... إلى المسيآت طول الدهر تحتان يصبحن والغدر بالخلصان في قرن ... حتى كأن ليس غير الغدر خلصان فإن تبعن بعهد قلن معذرة ... إنا نسينا وفي النسوان نسيان يكفي مطالبنا بالذكر ناهية ... أن اسمنا الغالب المشهور نسوان لا نلزم الذكر إنا لم نسم به ... ولا منحناه بل للذكر ذكران فضل الرجال علينا أن شيمتهم ... جود وبأس وأحلام وأذهان وإن فيهم وفاءً لا نقوم به ... ولن يكون مع النقصان رجحان صدقن ما شئن لكنا تقنصنا ... منهن عين تلاقينا وادمان أنكى وأزكى حريقاً في جوانحنا ... خلق من الماء والألوان نيران إذا ترقرقن والإشراق مضطرم ... فيهنّ لم يملك الإسرار كتمان ماء ونار فقد غادرنا كل فتى ... لابس وهو غزير الدمع حرّان تخضل منهنّ عين فهي باكية ... ويستحرّ فؤاد وهو هيمان يا ربُ حسانة منهن قد فعلت ... سوءً وقد تفعل الأسواء حسّان تصمي المحب وتلفي الدهر شاكية ... كالقوس تصمي الرمايا وهي مرنان واصلت منها فتاة في خلائقها ... غدر وفي خلقها روض وغدران هيفاء تكسي فتبدو وهي مرهفة ... خود تعرى فتبدو وهي ميدان؟ ترتج أردافها والمتن مندمج ... والكشح مضطمر والبطن طيان ألوف عطر تذكي وهي ذاكية ... إذا أساءت جوار العطر أبدان نمامة المسك تلقى وهي نائية ... فنأيها بنميم المسك لقيان يغيم كل نهار من مجامرها ... ويشمس الليل منها فهو ضحيان كأنها وعثان الند يشملها ... شمس عليها ضبابات وأدجان شمس أظلت بليل لا نجوم به ... إلا نجوم لها في البحر أثمان وتلبس الحلي مجعولاً لها عُوداً ... لا زينة بل بها عن ذاك غُنيان لله يوم أرانيها وقد لبست ... فيها شباباً عليها منه ريعان وقد تردت على سربال بهجتها ... فرعاً غزته الغوادي فهو فينان جاءت تثنى وقد راح المراح بها ... سكرى تغنى لها حسن وإحسان كأنها غصنٌ لدن بمروحة ... فيه حمائم هاجتهن أشجان إذا تمايل في ريح تلاعبه ... ظلت طراباً لها سجع وإرنان يا عاذليَّ أفيقا إنها أبداً ... عندي جديد وإن الخلق خلقان لا تلحياني وإياها على ضرعي ... وزهوها فكلا الأمرين ديدان إني ملكت فلي بالرق مسكنة ... ومُلكت فلها بالملك طغيان ما كان أصفى نعيم العيش إذ غنيت ... نعمٌ تجاورنا والدار نعمان إذ لا المنازل أطلال نسائلها ... ولا القواطن آجال وصيران ظلنا نقول وأشباه الحسان بها ... سقياً لعهدك والأشباه أعيان بانوا فبان جميل الصبر بعدهمُ ... فللدموع من العينين غنيان لهم على العيش إمعان يشط بهم ... وللدموع على خديَّ إمعان لي مذ نأوا وجنة ريا بمشربها ... من عبرتي وفمٌ ما عشت ظمآن كأنما كل شيء بعد ظعنهم ... فيا يرى قلبي المتبول أظعان أصبحت مالك من أوطانه ملل ... وخانك الود من مغناه ودان

فاجمع همومك في هم تؤيده ... بالعزم إن هموم الغل شذان واقصد بودك خلاً ليس من ضلع ... عوجاء فيها بوشك الزيغ إيذان ومن قوله: لا تكثرنَّ ملامة العشاق ... فكفاهم بالوجد والأشواق إن البلاء يطاق غير مضاعف ... فإذا تضاعف كان غير مطاق أتلومهم للنفع أم لتزيدهم ... باللوم إقلاقا على إقلاق ما للذي أضحى يلوم أخا هوى ... أمسى صريع مواقع الأحداق أنىَّ يعنف كل معنوف به ... يثني يديه على حشا خفاق تهدي الحمامة والغراب لقلبه ... شجواً بساق تارة وبغاق ويشوقه برق السحاب وإنما ... يعني ببرق المبسم البراق متصعداً زفراته متحدراً ... عبراته أبداً قريح مآقي لم يسق فوهُ من الثغور شفاءهُ ... فلوجنتيه من المدامع ساق يبكي الشجيّ بدمعة مهراقة ... بل بالدماء على دم مهراق تضحي أحبته تولى سفحه ... عند الفراق وعند كل تلاق يجزونه طول الجفاء بأنه ... لم يخلُ من شغف مُدِرُّ فراق شهد الوفاء وكل شيء صادق ... إن الجزاء هناك غير وفاق أصغت إلى العشاق أذني مرة ... ومن الجميل تعاطف العشاق فشكى الشجي من الخلي ملامة ... وشكى الوفي تلون الذواق فدع المحب من الملامة إنها ... بئس الدواء لموجع مقلاق لا تطفئنَّ جوى بلوم إنهُ ... كالريح تغري النار بالإحراق وأرى رقى العذال غير نوافع ... لا سيما لمتيم مشتاق ما للمحب إذا تفاقم داؤهُ ... غير الحبيب يزوره من راق أخذ الإله لنا بثأر قلوبنا ... من مفعمات للبريز رشاق رقت مياه وجوههنَّ لناظر ... وقلوبهنَّ عليه غير رقاق يهززن أغصان تباعد بالجنى ... وتروق بالأثمارِ والإيراق ومن البلية منظر ذو فتنةٍ ... نائي المنافع شاغف الأَنياق ومن العجائب إن سمحنا للهوى ... بدمائنا وبخلنا بالأرياق مزن يمطن الري عن أفواهنا ... ويجدن للأبصار بالإبراق صيد حرمناه على إغراقنا ... في النزع والحرمان في الإغراق ومن قوله في شكوى الحال والزمان، واستعطاف بعض الإخوان: دع اللوم إن اللوم عون النوائب ... ولا تتجاوز فيه حد المتاعب فما كلُّ من حط الرحال بمخفق ... ولا كل ُّمن شدَّ الرحال بكاسب وفي الشعر كيسٌ والنفوس نفائس ... وليس بكيس بيعها بالرغائب وما زال مأمول البقاء مفضلاً ... على الملك والأراح دون الحرائب حضضت على حطبي لناري فلا تدع ... لك الخير تحذيري شرور المحاطب وأنكرت إشفاقي وليس بمانعي ... ظلابي أن أبقى طلاب المكاسب ومن يلق ما لاقيت في كل مجتنى ... من الشوك يزهد في الثمار الأطايب أذاقتني الأسفار ما كرَّ الغنى ... إليَّ وأغراني برفض المطالب فأصبحت في أزهد زاهد ... وإن كنت في الإثراء أرغب راغب حريصاً جباناً أشتهي ثم أنتهي ... بلحظي جناب الرزق لحظ المراقب ومن راح ذا حرص وجبن فإنه ... يرى المدح عاراً قبل بذل المثاوب تنازعني رغب ورهب كلاهما ... قوي وأعيان اطلاع المغايب فقدمت رجلاً رغبة في رغيبة ... وأخرت رجلاً رهبة للمعاطب أخاف على نفسي وأرجو مفازها ... وأستار غيب الله دون العواقب ألا من يريني غايتي قبل مذهبي ... ومن أين والغايات بعد المذاهب ومن نكبة لاقيتها بعد نكبة ... رهبت اعتساف الأرض ذات المناكب وصبري على الإقتار أيسر محملاً ... عليَّ من التغرير بعد التجارب لقيت من البر التباريح بعدما ... لقيت من الحر بعد التجارب سُقيت على ري به مطرة ... شغفت لبغضيها بحب المجادب ولم أسقها بل سقاها لمكيدتي ... تحامق دهر جد بي كالملاعب إلى الله أشكو سخف دهري فإنه ... يعابثني مذ كنت غير مطايبي أبى أن يغيث الأرض حتى إذا ارتمت ... برحيلي أتاها بالغيوث السواكب سقى الأرض من أجلي فأضحت مزلة ... تمايل صاحيها تمايل شارب لتعويق سيري أو حوض مطيتي ... وإخصاب مزروّ عن المجد ناكب

فملت إلى خان مرث بناؤه ... مميل غريق الثوب لهفان لاغب فلم ألق فيه مستراحاً لمتعب ... ولا نزلاً إيان ذاك لساغب فما زلت في خوف وجوع ووحشة ... وفي سهر يستغرق الليل واصب يؤرقني سقف كأني تحته ... من الوكفِ تحت المدجنات الهواضب تراه إذا ما الطين أثقل متنه ... تصر نواحيه صرير الجنادب وكم خانُ سفر خان فانقض فوقهم ... كما انقض صقر الجن فوق الأرانب ولم أنس ما لاقيت أيام صحوه ... من الصرفيه والثلوج الأشاهب وما زال ضاحي البر يضرب أهله ... بسوطي عذاب جامد بعد ذائب فإن فاته قطر وثلج فإنه ... رهين بسلفٍ تارة أو بحاصب فذك بلاء البرِّ عندي شاتيا ... وكم لي من صيف به ذي مثالب ألا رب نار بالفضاءِ اصطليتها ... من الضحّ يودي لفحها بالحواجب إذا ظلت البيداء تطفو أكامها ... وترسب في غمرة من الآل ناضب فدع عنك ذكر البر إني رأيته ... لمن خاف هول البحر شر المهاوب كلا نزليه صيفه وشتاؤه ... خلاف لما أهواه غير مصاقب لهاث مميتٌ تحت بيضاء سُخنه ... وري مفيتٌ تحت أسحم صائب يجف إذا ما أصبح الريق عاصباً ... ويغدق لي والريق ليس بعاصب فنبع مني الماء واللوح جاهد ... ويغرقني والري رطب المحالب وما زال ينبغي الحتوف موارباً ... يحوم على قتلي وغير موارب فطوراً يغاديني بلص مصلِّت ... وطوراً يمسيني بورد الشوارب إلى أن وقاني الله محذور شره ... بعزته والله أغلب غالب فافلت من ذؤبانه وأسوده ... وحرابه إفلات أتوب تائب وأما بلاء البحر عندي فإنه ... طواني على روع مع الروح واقب ولو ثاب عقلي لم أدع ذكر بعضه ... ولكنه من هوله غير تائب ولم لا ولو ألقيت فيه وصخرةً ... لوافيت منه القعر أول راسب ولم أتعلم قط من ذي سباحة ... سوى الغوص والمضعوف غير مغالب فأيسر إشفاقي من الماء أنني ... أمر به الكوز مرَّ المجانب وأخشى الردى منه على كل شارت ... فكيف بأمنيه على كل راكب أظل إذا هزته ريح ولألأت ... له الشمس أمواجاً طوال الغوارب كأني أرى فيهن فرسان بُهمةٍ ... يليحون نحوي بالسيوف القواضب فإن قلت لي قد يُركب اليم طامياً ... ودجلة عند اليم عض المذانب فلا عذر فيها لامرئ هاب مثلها ... وفي اللجة الخضراء عذر لهائب فإن احتجاجي عنك ليس بنائم ... وإن بياني ليس عني بعازب لدجلة خب ليس لليم إنها ... ترائي بحلم تحته جهل واثب تطامن حتى تطمئن قلوبنا ... وتغضب من مزح الرياح اللواعب وأجرافها رهن بكل خيانة ... وغدر ففيها كل عيب لعائب ترانا إذا هاجت بها الريح هيجة ... نزلزل في حوماتها بالقوارب نوائل من زلزالها نحو خسفها ... فلا خير في أوساطها والجوانب زلازل موج في غمار زواخر ... وهدات خسف في شطوط خوارب وليم أعذار بعرض متونه ... وما فيه من آذيه المتراكب ولست تراه في الرياح مزلزلا ... بما فيه إلا في الشداد الغوالب وإن خيف موج عيذ منه بساحل ... خلي من الإجراف ذات الكباكب ويلفظ ما فيه فليس معاجلاً ... غريقاً بغت يزهق النفس كارب يعلل غرقاه إلى أن يغثهم ... بصنع لطيف منه غير مصاحب فتلقى الدلافين الكريم طباعها ... هناك رعالا عند نكب النواكب مراكب للقوم الذين كبابهم ... فهم وسطه غرقى وهم في مراكب وينقض ألواح السفين فكلها ... منج لدى نوب من الكسر نائب وما أنا بالراضي عن البحر مركباً ... ولكنني عارضت شغب المشاغب صدقتك عن نسي وأنت مراغمي ... وموضع سري دون أدنى الأقارب وجربت حتى ما أرى الدهر مغرباً ... علي بشيء لم يقع في تجاربي أرى المرء مذ يلقى التراب بوجهه ... إلى أن يواري فيه رهن النوائب ولو لم يصب إلا بشرخ شبابه ... لكان قد استوفى جميع المصائب ومن صدق الأخبار داووا سقامه ... بصحة آراء ويمن نقائب

وما زال صدق المستشير معوناً ... على الرأي لب المستشار المحازب وأبعد أدواء الرجال ذوي الضنى ... من البرء المستطب المكاذب فلا تنصبن الحرب لي بملامة ... وأنت سلاحي في حروب النوائب وأجدى من التعنيف حسن معونة ... برأي ولين من خطاب المخاطب وفي النصح خير من نصيح موادع ... ولا خير فيه من نصيح مواثب ومثلي محتاج إلى ذي سماحة ... كريم السجايا أريحي الضرائب يلين على أهل التسحب مسَّه ... ويقضي لهم عند اقتراح الغرائب وإن قعودي عنه خيفة نكبة ... للؤم مهز وانشناء مضارب أقر على نفسي بعيبي لأنني ... أري الصدق يمحو بينات المعائب لؤمت لعمر الله فيما أتيته ... وإن كنت من قوم كرام المناصب لهم حلم أنس في عرامة جنة ... وبأس أسود ف دهاء ثعالب يصولون بالأيدي إذا الحرب أعلمت ... سيوف سريج بعد أرماح راعب ولا بد من أن يلؤم المرء نازعاً ... إلى الحمأ المسنون ضربة لازب فقل لأبي العباس ليت وجهه ... وحسبك مني تلك دعوة صاحب أما حق حامي عرض مثلك أن يرى ... له الرفد والترفيه أوجب واجب تكلفني هول السفار وغوله ... رفيق شتاء مقفعل الرواجب كأن تمام الود والمدح كله ... هوي الفتى في البحر أو في السباسب لعمري لئن حاسبتني في مثوبتي ... بخفضي لقد أجريت عادة حاسب أيعز عنك الرأي في تثيبني ... مقيماً مصوناً عن عناء المطالب فتلفى وألفى بين صافي صنيعه ... وصافي ثناء لم يشب بالمعاتب وتخرج من أحكام قوم تشددوا ... فقد جعلوا آلاءهم كالمصائب أيذهب هذا عنك يا ابن محمد ... وأنت معاذي في الأمور الحوازب وأحسن عرف موقعاً ما تناله ... يدي وغرابي بالنوى غير ناعب أراك متى ثوبتني في مشقة ... رأيتك في شخص المثيب المعاقب ولو لم يكن في العرف صاف مهنأ ... وذو كدر العرف شتى المشارب إذا لم يقل أعلى النوابغ رتبة ... لمقول غسان الملوك الأشايب (علي لعمرو نعمة بعد نعمة ... لوالده ليست بذات عقارب) وما عقرب أدهى من البين أنه ... له لسعة بين الحشا والترائب ومن أجل ما راعى من البين قوله ... (كليني لهم يا أميمة ناصب) أبيت سرى تكليف العرف معفياً ... به صافياً من مؤذيات الشوائب ألم ترني أتعب فكري محبكاً ... لك الشعر كي لا أبتلي بالمتاعب وأنت له أهل فإن تجزني به ... أزدك وإن تمسك أقف غير عاتب فإن سألتني عنك يومً عصابة ... شهدت على نفسي بسوء المناقب وقلت دعني للندى فأتيته ... فأمسكه بل بثه في المناهب وما احتجزت عني لهل بحاجز ... ولا احتجبت عني هناك بحاجب ولكن تصدق فانحرفت لحرفتي ... ففاءت ولم تظلم إلى خير واهب وما قلت إلا الحق فيك ولم تزل ... على منهج سنة المجد لا حب وإني لأشقى الناس إن زر ملبسي ... على إثم أفاك وحسرة خائب وكنت الفتى الذي فيه شيمة ... تشيم عن الأحرار حد المخالب ولست كمن يغدو وفي كلماته ... تظلم مغصوب ودوان غاصب يحاول معروف الرجال فإن أبوا ... تعدى على أعراضهم كالمكالب وأصبح يشكو الناس في الشعر جامعاً ... شكاية مسلوب وتسليط سالب فلا تحرمني كي تجد عجيبة ... لقوم فحسب الناس ماضي العجائب ولا تنتقص من قدر حظي إقامتي ... سألتك بالداعين بين الأخاشب وما أعلقتني رغبة عنك يممت ... سواك ولكن أي رهبة راهب وليس جزائي أن أخيب لأنني ... جبنت ولم أخلق عتاد حارب يطالب بالإقدام من عد محرباً ... وسميَّ مذ ناغى بقود المقانب ولم يمش قيد الشبر إلا وفوقه ... (عصائب طير تبتيدي بعصائب) فأما فتى ذو حكة وبلاغة ... فطالبه بالتسديد وسط المخاطب أثبني ورفهني وأجزل مثوبتي ... وثابر على إدرار بري وواظب لتأتيني جدواك وهي سليمة ... من العيب ما فيها اعتلال لعائب وما طلب الرفد الهني ببدعة ... ولا عجب المسترفدية بعاجب

بوجهك أضحى كل شيء منورا ... وأبرز وجهاً مثله للمغاضب فلا تبتذله في المغاضب ظالماً ... فلم تؤت وجهاً مثله للمغاضب وفي الناس أيقاظ لكل كريمة ... كأنهم العقبان فوق المراقب يراعون أمثالي فيستنقذونهم ... وهم في كروب جمة وذباذب إلى الله أشكو عمة لا صباحها ... ينير ولا تنجاب عتي لجائب نشوب الشبا في الحلق لا هو سائغ ... ولا هو ملفوظ كذا كل ناشب وقال في وصف خليل له: خليل أظل إذا زارني ... كأني أنشأ خلقاً جديدا أراني وإن كثر المؤنسو ... ن ما غاب عني فريداً وحيدا بلوت سجاياه في النائبات ... فلم أبل منهن إلا حميدا وقال يخاطب بعض ممدوحيه وقد أخر صلته: للناس فيما يكلفون مغرم ... عند الكرام لها قضاء ذمام ومغارم الشعراء في أشعارهم ... أنفاق أعمار وهجر منام وفوات أوقات وهجر مكاسب ... لوز قوبلت خرجت من الإعدام وتشاغل عن ذكر رب لم يزل ... حسن الصنيعة سابغ الأنعام أفما لذلك حرمة مرعية ... إن الكرام إذاً لغير كرام لم أحتسب فيك الثواب لمدحتي ... إياك يا ابن أكارم الأقوام لو كان مدحي حسبة لم أكسه ... أحداً أحق به من الأيتام لا تقلبن المدح ثم تعقه ... وتنام والشعراء غير نيام وأعلم بأنهم إذا لم ينصفوا ... حكموا لأنفسهم على الحكام وجناية الجاني عليهم تنقضي ... وعقابهم يبقى على الأيام ومن رقيق شعره قوله: أعانقها والنفس بعد مشوقة ... إليها وهل بعد العناق تدان؟ وألثم فاها كي تزول حرارتي ... فيشتد ما ألقى من الهيمان وما كان مقدار الذي بي من الجوى ... ليشفيه ما ترشف الشفتان كأن فؤادي ليس يشفي غليله ... سوى أن يرى الروحان ممتزجان ومن قوله نكد الزمان: إذا نلت مأمولا على رأس برهة ... حسبتك قد أحرزت غنماً من الغنم ولم تذكر الغرم الذي قد غرمته ... من العمر الماضي ويا لك من غرم رأيت حياة المرء رهناً بموتهِ ... وصحته رهناً كذلك بالسقم إذا طاب لي عيشي تنغصت طيبه ... بصدق يقيني أن سيذهب كالحلم ومن كان عيب يراعي زواله ... فذلك في بؤس وإن كان في نعم وقال في وصف الأسد: ليأمن سقاطي في الخطوب ونوبتي ... جنان الذي يخشى علي ويحذر فما أسد جهم المحبا شتيمه ... خبعثنة ورد السبال غضنفر مسمى بأسماءٍ فمنهم ضيغمٌ ... ومنهن ضرغام ومنهن قسور له جُنة لا تستعار وشكةٌ ... هو الدهر في هذي وهذي مكفَّر إهابٌ كتجفاف الكمي حصانة ... وعوج كأطراف الشباحين يغفر وحُجنٌ كأنصاف الأهلة لا يني ... بهن خضاب من دم الجوف أحمر تظل له غلب الأُسود خواضعاً ... ضوارب بالأذقان حين يزمجر له ذمرات حن يوعد قرنه ... تكاد لها صم السلام تفطر يراه سراة الليل والدوةُّ دونه ... قريباً بأدنى مسمع حين يزأر يدير إذا جن الظلام حجاجه ... شهاب لظى يعشى له المتنور خبعثةُ جأب البضيع كأنه ... مكسر أجواز العظام مجبر له ككل رحب اللبان وكاهل ... مظاهر ألباد الرحالة أوبر شديد القوى عبل الشوى مجد القرى ... مُلاحك أطباق القفار مضبر إذا ما علا متن الطريق ببركه ... حمى ظهره الركبان والسفر أزور أخو وحدةٍ تغنيه عن كل الضراءِ لصيده ... ويبرز للقرن المناوى فيصحر بأربي على الأقران مني صولةً ... وقد أنذر التجريب من كان ينذر وقال يستعطف بعض أصحابه ويعاتبه: لعمري لقد غاب الرضى فتطاولت ... لغيبته البلوى فهل هو قادم؟ تعرفت في أهلي وصحبي وخادمي ... هواني عليهم مذ جفاني قاسم ولو أبصرتني عين حاسدٍ ... لأضحى وأمسى حاسدين وهو راحم أقاسم قد جاوزت بي كل غاية ... وليس وراء الحيف إلا المآثم كأنك قد أنسيت أنك سيد ... له الفضل أو أنسيت أني خادم أقصرت في فرض فمثلي قصرت ... به حاله عن كل ما هو لازم

هل العسر كل العسر مبق عزيمة ... ألا إنما حيث اليسار العزائم تناولت عني بعد طول عناية ... وقد نهست مني الخطوب الأوازم متى تنظر الدنيا غليَّ بنظرةٍ ... عينك نحوي أيها المتناوم هنالك أغدو والسرور محالف ... بنيَّات قلبي والزمان مسالم ألا إن ثلماً ف السماح عقوبتي ... كأني نظيرٌ أو كفىٌ مقاوم أقلني عثار الظن فيك فلم تزل ... تقيل التي فيها تحز الحلاقم وأنت الفتى كل الفتى في فعاله ... إذا ما وهبت الحق والحق قائم وأكرم بخصم باع بالطَّول حقه ... وآثر حق المجد وهو مخاصم بحق الوزير ابن الوزير وعيشهِ ... تأَمل ملياً هل العفو نادم؟ وإني لأعفو عن رجال وأتقى ... رجالاً وأدري أي قرن أصادم فإن سد باب العذر فيما نقمته ... هواك فلي بالرأي فيه مخارم ستعلم ما قدري إذا رقد الهوى ... فإن الهوى يقظان والرأي نائم وما زالت الأشباه وهي كثيرة ... مجاهل فيها للبصير معالم وأني شكور للأيادي التي غدت ... لها في رقاب العالمين خواتم ومن قوله في ترك أتكال المرء على نسبه: وما الحسب الموروث لا درَّ درهُ ... بمحتسب إلا بآخر مكتب إذا العود لم يثمر وإن كان شعبه ... من المثمرات اعتده الناس في الخطب وأنت لعمري شعبه من ذوي العلى ... فلا ترض أن تعتد من أوضع الشُعب وللمجد قوم ساوروه بأنفسٍ ... كرام ولم يرضوا بأُم ولا أَب فلا تتكل إلا على ما فعلته ... ولا تحسبن المجد يورث بالنسب فليس يسود المرء إلا بنفسه ... وإن عد آباءً كراماً ذوي حسب ومن قوله في الشيب وفقد الشباب: كفى بالشيب من ناه مطاع ... على كره ومن داع مجاب حططت إلى النهى رحيلي وكلت ... مطية باطلي بعد الهياب وقلت مساماً للشيب أهلاً ... بهادي المخطئين إلى الصواب إلى أن قال: سقى عهد الشبيبة كلُ غيثٍ ... أغرَّ مجلجل داني الرباب ليالي لم أقل سقياً لعهد ... ولم أرغب إلى سُقيا سحاب يذكرني الشباب هوان عتبي ... وصد الغانيات لدى عتابي يذكرني الشباب سهام حتفٍ ... يصبن مقالي دون الإهاب رمت قلبي بهنَّ فأقصدته ... طلوع النبل من خلل النقاب فراحت وهي في بال رخي ... ورحتُ بلوعة مثل الشهاب وكل مبارز بالشيب قرناً ... فمسبيُّ لعمرك غير ساب ولو شهد الشباب إذاً لراحت ... وإن بها وعيشك ضعف ما بي فيا غوثاً هناك بقيد ثأري ... إذا ما الثأر فات يد الطلاب فكم ثأر تلاقت لي يداه ... ولو من بين أطراف الحراب يذكرني الشباب جنان عدن ... على جنبات أنهار العذاب تفيءُ ظلها نفحات ريح ... تهز متون أغصان رطاب إذا ماست ذوائبها تداعت ... بواكي الطير فيها بانتحاب يذكرني الشباب وميضُ برق ... وسجع حمامة وحنين ناب فيا أسفاً ويا جزعاً عليه ... ويا حزناً إلى يوم الحساب أأفجع بالشباب ولا أعزّى ... لقد غفل المعزي عن مصابي تفرقنا على كره جميعاً ... ولم يك عن قلى طول اصطحاب وكانت أيكتي ليد اجتناء ... فعادت بعده ليد احتطاب أيا برد الشباب لكنت عندي ... من الحسنات والقسم الراغب بليت على الزمان وكل برد ... فبين بلى وبين يد استلاب وعز عليّ أن تبلى وأبقى ... ولكن الحوادث لا تحابي لبستك برهة لبس ابتذال ... على علمي بفضلك في الثياب ولو مُلِّكت صونك فاعلمنه ... لصنتك في الحريز من العياب ومن قوله في الاستقلال من صحبة الناس: عدوك من صديقك مستفادا ... فلا تستكثرن من الصحاب فإن الداء أكثر ما تراه ... يحول من الطعام أو الثياب إذا انقلب الصديق غداً عدواً ... مبيناً والأمور إلى انقلاب ولو كان الكثير يطيب كانت ... مصاحبة الكثير من الصواب ولكن قل ما استكثرت إلا ... سقطت على ذئاب في ثياب فدع عنك الكثير فكم كثير ... يعاف وكم قليل مستصاب

شعر

وما اللجج الملاح بمرويات ... وتلقى الري في النطف العذاب وقال يخاطب بعض ممدوحيه وقد أخر صلته, وقدم عليه قوماً من الشعراء في الفضيلة دونه: أبا حسن طال المطال ولم يكن ... غريمك ممطولاً وإني لصابر وقفت عليك النفس لا أنا واردٌ ... على طول أيامي ولا أنا صادر إذا كنت تنسى والمذكر غائبٌ ... وتدفع أمري والمذكر حاضر فيا ليت شعري والحوادث جمة ... متى تنجز الوعد الذي أنا ناظر متى استبطأ العافون رفدك أم متى ... تقاضاك أثمان المحامد شاعر لتهنئ رجالاً لا تزال تجودهم ... سحائب من كلتا يديك مواطر عنيت بهم حتى كأنك والدٌ ... لهم وهم دوني بنوك الأصاغر وغادرتني خلف العناية ضائعاً ... فلله ماذا يا أبن يحيى تغادرُ أراني دهى شعري لديك اقتصاره ... عليك وإن لم تبتذله المعاشر ولو شئت لم تذهب على حولتي ... هنات لأسماء الرجال شواهر ولكنني أعطي الصيانة حقها ... فهل ذلك الأحرار عندك ضائر وأنك للمرء الجلي بصيرة ... ولكن مع الأهواء تعشى البصائر وكم أمة ورهاء قد فاز قدحها ... بما حُرمته السيدات الحرائر سيسألني الأقوام عما أثبتني ... به فبماذا أنت أنت إياي آمر أأخبرهم بالحق وهي شكية ... أم الإفك والإسلام عن ذلك زاجر وإن أمرءاً باع الثناء من أمري ... فاء بحرمان وأثم الخاسر أتحرمني الجدوى وأطريك كاذبا ... فتحظى وأشقى بالذي أنا وازر شهدت إذاً أني لنفسي ظالم ... وإنك إن كلفتني ذاك جائر وهبني كتمتُ الحق أو قلت غيره ... أتخفى على أهل العقول السرائر ومدح إنساناً, فلم يثبه, ورد عليه مديحه, وقال أمدح به غيري. فقال: رددت علي مديحي بعد مطل ... وقد دنست ملبسه الجديدا وقلت امدح به من شئت غيري ... ومن ذا يقبل المدح الرديدا؟ ولا سيما وقد أعقبت فيه ... مخازيك اللواتي لن تبديا وما للحي في أكفان ميت ... لبوس بعدما امتلأت صديدا ومن فائق شعره قوله: لعمري لقد أنكرت غير نكير ... عبوس الغوالي لابتسام قتير كذا هنَّ لا يوقعن وداً على امرئٍ ... أطارت غراباً عنه كف مطير وللشيب جهر والشبيبة طرة ... وليس جهير في الصبا كطرير عزاءك عن ظبي طرير فإنه ... يعنيك إذا شيّبت غير غرير رأيت حياة المرء بعد مشيبه ... إذا زاول الدنيا حياة أسير خليلي هل في نهية الشيب عائض ... لمعتاضها من خبرة وخبير وبنت نعيم في ضبابه عنبر ... تغور وطوراً في عجاج عبير برهرهة لم تغذ إلا بناعم ... ولم تسق من ماء بغير نمير مضمخة اللبَّات تحسب نحرها ... من المسالك والجادي نحر نحير محجبة تحتل عليا خورنق ... تشارف أنهاراً خلال سدير سقتني بعينيها وفيها ودلها ... خمورا لها ليست خمور عصير من الظبيات العاطيات لمجتنى ... ثمار قلوب لا لحبِّ بذير تغير على الجلد اللبيب فتستبي ... حجاة ولم تحمل سلاح مغير بدر نثير من حديث تحفه ... بآخر الدجى منه بروق صبير تم الاختيار من شعر أبن الرومي وأخباره، ويليه الاختيار من ابن المعصوم وأخباره. شعر ابن المعصوم هو مؤلف سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر.

يقول جامع هذا المجموع: وفي هذه الأيام أتاح الله لي كتاب ((سلافة العصر)) تأليف العلامة السيد علي صدر الدين المدني بن أحمد نظام بن أحمد نظام الين الحسني أحد أعلام الأدب في القرن الحادي عشر، المعروف بابن معصوم رحمة الله. قال مؤلف ((نفحة الريحان)) القول فيه أنه أبرع من أظلته الخضراء، وأقلته الغبراء، وإذا أردت علاوة في الوصف قلت هو الغاية القصوى، الآية الكبرى, طلع بدر سعده فنسخ الأهلة، وانهل سحاب فضله, فأخجل السحب المنهله، فوجدت في هذا الكتاب من التراجم الفائقة، والأشعار الرائقة ما تقر به أعين أهل الفضل والأدب، وما يشتاق إلى سماعه ذوو الحسب مما يصبوا إليه القلب والطرف، ويقطر منه ماء الملاحة والظرف, فنقلت من فرائدة ما يزري بعقود الجمان في أجياد الحسان. وأما شعر صاحب الترجمة فهو في غاية الرقة والانسجام هو السحر الحلال والعذب البارد الزلال: فمن ذلك قوله من نونية نبوية نظمها وهو بحيدر آباد: تذكر بالحمى رشأً أغنا ... وهاج له الهوى طربا فغنى وحن فؤاده شوقاً لنجد ... وأين الهند من نجد وأنَّى؟ وغنت في فروع الأيك ورق ... فجاوبها بزفرته وأنَّ وأودى لاعج الأشواق منه ... بويرق بالأبيرق لاح وهنا معنَّى كلما هبَّت شمال ... تذكَّر ذلك العيش المهنا إذا جن الظلام عليه أبدى ... من الوجد المبرح ما أجنا سقى وادي الغضى دمعي إذا ما ... تهلل لا السحاب إذا أرجحنَّا فكم لي رباه قضيب حسن ... تفرد بالملاحة إذ تثنى كلفت به وما كلفت فرضاً ... فأوجب طرفه قتلي وسنا وأبدى حبه قلبي وأخفى ... فصرح بالهوى شوقاً وكنى تفنن حسنه في كل معنى ... فصار العشق لي بهواه معنى بدا بدراً ولاح لنا هلالاً ... وأشرق كوكباً واهتز غصنا وثنى قده الحسن ارتياحاً ... فهام القلب بالحسن المثنى ولو أن الفؤاد على هواه ... تمنى كان غاية ما تمنى بكيت دماً وحن إليه قلبي ... فخضب من دمي كفاً وحنى قال ناقل الترجمة: ولم أظفر بتاريخ وفاته غير أني أظن أن وفاته بعد الألف والمائة رحمه الله. ومن قوله مادحا أباه، وهي من غرر القصائد, وقد عارض بها قصيدة أبن هانئ الأندلسي التي مدح بها أبن غلبون التي مطلعها "فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر". لمن الكتائب في العجاج الأكدر ... يخطرن في زرد الحديد الأخضر ضربت عليهن الرماح سردقاً ... دعمت بساعد كل شهم أعصر والبيض تلمع في القتام كأنها ... لمع البوارق في ركام كنهور وصليل وقع المرهفات كأنه ... رعد يجلجل في أجش مزجر والراية الحمراء يخفق ظلها ... يهفو إليها كل ليث مزئر والخيل قد حملت على صهواتها ... من كل أصيد باسل ذي مغفر متسربل بالقلب فوق دلاصه ... متلثم بالنقع لما يسفر في موقف كسف الظهيرة نقعه ... فأضاءها بشروق وجهه مقمر يختال في حلف الدلاص كأنه ... يختال منه في مفوف عبقر في فتية ألفوا السنور والقنا ... فقبابهم قصب الوشيج الأسمر يغرون بيضهم الرقاب وينهلوا ... زرق الأسنة من نجيع أحمر شادوا عمادهم بكل مثقف ... لدن ومجدهم بكل مشهر حلوا من العلياء قمة رأسها ... وحووا بسالة أكبر عن أكبر من منهم الملك المهيب إذا بدا ... خضعت له ذلاً رقاب الأعصر فخر المفاخر والمآثر والجحا ... فل والفضائل والعلى والمنبر القائد الجيش العرمرم معلماً ... من كل ليث ذي براثن قسور السائق الجرد المذاكي شزباً ... تخطو وتخطر بالرماح الخطر الفالق الهامات في يوم الوغى ... والسمر بين محطم ومكسر الشامخ النسبين بين ذوي العلى ... الباذخ الحسبين يوم المفخر الواهب البدرات يتبعها الندى ... من جوده بسحاب تبر ممطر يجلو دجى الآمال منه بنائل ... متلألئٍ وبوجه جود مسفر ولكم جلا رهج القتام بباتر ... متألق وسنان أسمر سمهري ملك إذا ما جاد يوماً أو سطا ... فالخلق بين مملك ومعفر من دوحة المجد الرفيع عماده ... والفرع يعرب عن زكي العنصر

ما ينقضي يوماً شهير نواله ... إلا وأتبعه بآخر أشهر هذا الذي صدع القلوب مهابة ... وأذل كل عملس وغضنفر هذا الذي غمر الأنام سماحة ... من جوده الطائي الجليل الأبهر هذا الذي حاز المكارم قعساً ... وسواه يلطم خد حزن أقفر هذا نظام الدين وابن نظامه ... نسب يؤول إلى النبي الأطهر لمعت أسره نوره في وجهه ... فازور عنها كل لحظ أخزر يجلو لنا من حلمه في حومه ... أخلاق أحمد في بسالة حيدر بينا تراه مصدراً في دسته ... ملكاً تراه فوق صهوة أشقر أربيب حجر المكرمات وربها ... ورضيع ثدي العارض المثعنجر؟ لله جدك أي مجد حزته ... فشأُوت كل مقدم ومؤخر أنت الذي أحرزت كل فضيلة ... ووردت بحر الفضل غير مكدر ظمئت أماني الرجال إلى العلى ... فوردت منهلها ولما تصدر وإليكها غراء قد أبرزتها ... تجلى بشكرك في ندي المحضر أحكمت نظم قريضها فتناسقت ... كالعقد يزهى في مقلد جؤذر يزهو بمدحك نشرها فكأنني ... أذكيتها منه بمسك أذفر ما ضاع نشر ثنائها في مجلس ... إلا تفتق عن زكي العنبر واسلم علي درج المعالي راقياً ... بأجل أخبار وأصدق مخبر وأثبت لأبيه عدة أشعار رائقة فمنها في الغزل قوله: مثير غرام المستهام ووجده ... وميض سرى من غور سلع ونجده وبات بأعلى الرقمتين التهابه ... فظل كئيباً من تذكر عهده يحن إلى نحو اللوى وطويلع ... وبانت نجد والحجاز ورنده وضال بذات الضال مرخ غصونه ... تفيأه ظبي يميس ببرده كثير التجني ذو قوام مهفهف ... صبيح المحيا لا وفاء لوعده يغار إذا ما قيمت بالبدر وجهه ... ويغضب إن شبهت ورداً بخده مليح تسامى بالملاحة مفردا ... كشمس الضحى كالبدر في برج سعده ثناياه برق والصباح جبينه ... وأما الثريا قد أنيطت بعقده فمن وصله سكنى الجنان وطيبها ... ولكن لظى النيران من نار صده تراءى لنا بالجيد كالظبي تالعاً ... أسرى الهوى في حكمه بعض جنده روى حسنه أهل الغرام وكلهم ... يتيه إذا ما شاهدوا ليل جعده يعلم علم السحر هاروت لحظه ... ويروي عن الرمان كاعب نهده مضاء اليمانيات دون لحاظه ... وفعل الردينيات من دون قده إذا ما نضاعن وجهه البدر حجبه ... صبا كل ذي نسك ملازم زهده بروحي محيا قاصر عنه كل من ... أراد له نعتاً بتوصيف حده هو الحسن بل حسن الورى منه مجتدى ... وكلهم يعزى لجوهر فرده وما تفعل الراح العتيقة بعض ما ... بمبسمه بالمحتسي صفو ورده وأورد له أيضا في النسيب قوله: سلا بطن والغميم وموزعا ... متى اصطافها ظبي النقا وتربعا؟ وهل حل من شرقيها أرض هجلة ... وهل جادها مزن فسال وأمرعها؟ سقى تلك من نوء السماكين بكرة ... سحائب غيث مربعاً ثم مربعا تظل الصبا تحدو بها وهي سجم ... وتنزلها سهلاً وحزناً وأجزعها فتلك مغان لا تزال تحلها ... خدلجة الساقين مهضومة المعا ربيبة خدر الصون والترف الذي ... يزيد على بذل الليالي تمنعا تروت من الحسن البهي خدودها ... وقامتها كالغصن حين ترعرعا قطوف الخطا مثل القطا حينما مشت=تقوم بأرداف يحاذين لعلعا وأورد لأبن عمه السيد أحمد بن مسعود بن شريف مكة المشرفة الشريف حسن بن الحسني, فقال في حقه: هو نابغة بن حسن، وباقعة الفصاحة, واللسن السحاب ذيل البلاغة على سحبان، والسائر بأفعاله وأقواله الركبان، ومن جيد شعره قوله: حنت فأبكت ذات شكل حنون ... وغنت الورق بأعلى غصون وهينمت مسكية ذيلها ... عطره نشر طوى والحجون وشق برد الليل برق فما ... ظننته إلا حسام الجفون كأنه مذ شق قلب الدجى ... جبين ليلى في دياج القرون فقمت كالهادر في شوقه ... لم أدر ما بي فرح أم جنون وأسل الدمع نجيعا على ... خدي فيجري أعينا من عيون فلم أخل نوما ولا مجثماً ... وموقدا أو علما في دمون

إلا وبات الناعم الفرش لي ... شوكا ومبسوط الروابي حزون فالبرق نوحي قي الربى رعده ... والورق من شعري تجيد اللحون عهدي بها كانت كناس الظبا ... وغاية الأسد حماة الظعون حتى غدا من بعده ربعها ... مستقفرا جارت عليه السنون كأنه جسمي وإن لم يكن ... فوهماً أو خيالاً تكون الله لي من مهجة مزقت ... ومقلة عبرى ونفس رنون تحن للشعب وأوطانه ... مهما سرى برق بليل دجون وفتية من آل طه لهم ... في الحرب أبكار مزايا وعون من كل طلق لا يرى كالسها ... لضيفه ثلة ذات القرون مبتذل الساحات في قطرهم ... للخائف الجاني أعز الحصون كل طويل الباع رحب الفنا ... تصدق للوفاد فيه الظعون يحمده السارون إن أدلجوا ... ويعمر النادي بهم السامرون لا يتنهي الجارون منه إلى ... شأون ولا يسعفه الجائرون فبا نسيمات الصبا عرجي ... بهم وبثي غامضات الشجون وحاذري أن تصبحي لوعتي ... واستصحبي بثي عسى يفهمون وبلغيهم حال من لم يزل ... حليف أشجان كثير الشؤون ناء عن الأهلين صعب الأسى ... من بعد ما فارق قلبا شطون يحفظ للرمل عهود الوفا ... وإن طلبت القرب منه يخون قولي لهم يا عرب وادي النقا ... وجيرة الجرعا وذات الحزون نسيتم صبا غدا دمعه ... من بعدكم صباً قريح الشؤون وهو وماضي العيش ما ساعة ... فيها تناسى جدكم والمجون فشأنها يخبر عن شأنه ... وحاله أن يسأل السائلون وأنت يا شادي بشام اللوى ... ويا حويدي الظعن بين الرعون عرض بذكري لا شجتك النوى ... لعلهم لي بعد ذا يذكرون وهات لي عن رامة والنقا ... هل طاب للساكن فيها السكون وهل أثيلات النقا فرعها ... يهصره من لينه الهاصرون وصادح تلحينه صادع ... على فنون باعثات الفنون منازل كنا عهدنا بها ... ثقال أرداف خماص البطون وكان ابن عمه الشريف محسن بن حسين بن حسن يطرب لأبيات الحسين بن مطير, ويعجب بها كثيراً وهي: ولي كبد مقروحة من يبيعني ... بها كبداً ليست بذات قروح أباها علي الناس لا يشترونها ... ومن يشتري ذا علة بصحيح أحن من الشوق الذي في جوانحي ... حنين غصيص بالشراب قريح فسأل السيد أحمد المذكور تذييلها، فقال مزيلاً وأجاد ما شاء: على سلف لو كان يشري زمانه ... شريت ولكن لا يباع بروحي تقضى وأبقى لاعجاً يستفزه ... تألق برق أو تنسيم ريح وقلباً إلى الأطلال والضال لم يزل ... نزوعاً وعن أفياء غير نزوح فليت بذات الضال نجب أحبتي ... طلاحا فنضو الشوق غير طليح يجشمه بالأبرقين منيزل ... وبرق وهناً وصوت صدوح وموقف بين لو أرى عنه ملحداً ... ولجت بنفسي فيه غير شحيح صرمت به ربعي وواصلت أربعي ... وأرضيت تبريحي وعفت نصيحي وباينت سلواني وكل ملوحي ... ولاءمت أشجاني وكل مليح وكلفت نفسي فوق طوقي فلم أطق ... لعد سجايا محسن بمديح وقال مخاطباً ابن عمه شرف مكة المشرفة ادريس بن حسن، وقد رأى منه تقصيراً في حقه: رأيتك لا توفي الرجال حقوقهم ... توهم كبراً ساء ما تتوهم وتزعم أني بالمطامع أرتضي ... هوناً ونفسي فوق ما أنت تزعم وما مغنم يأتي لذل رأيته ... فيقبل إلا وهو عندي مغرم واختار بالاعزاز عنه منية ... لأني من القوم الذين هم هم وكان بينه وبين ابن عمه السيد احمد بن عبد المطلب شريف مكة المشرفة مشاقة أدت إلى سفره إلى اليمن, ومدح إمامها محمد بن القاسم بقصيدة مطلعها: سلا عن دمي ذات الخلاخل والعقد ... ماذا استحلت أخذ روحي على عمد فإن أمنت أن لا تقاد بما جنت ... فقد قيل قيل أن لا يقتل الحر العبد ومنها يخاطب الإمام المذكور: أغيث مكة وانهض فأنت مؤيد ... من الله الفتح المفوض والجد وقدم وأخاود وآخر مبغضاً ... يساور طعناً في المؤيد والمهدي ويطعن في كل الأئمة معلناً ... ويرضى عن ابن العاص والنجل من هند

شعر

فلم يحصل منه على ما أراد إلا ما أجازة به من مال، ورجع إلى مكة المشرفة، وأقام بها سنتين، ثم توجه إلى الديار الرومية قاصداً السلطان مراد خان وذلك سنة 1041م, فوفد إليه بالقسطنطينة, ومدحه بقصيدة سأله فيها توليته مكة المشرفة, ومطلع القصيدة قوله: ألا هبي فقد بكر الندامى ... ومج المرج من ظلم الندى ما وهيمنت القبول فضاع نشرٌ ... روى من شيخ نجد والخزامى وقد وضعت عذارى المزن طفلا ... بمهد الروض تغذوه النعامى فكم خفر الفوارس في وطيس ... فتى منا وما خفر الذماما وكم يوم ضربنا الخيل فيه ... على أعقابها خلفاً أماما فنحن بنو الفواطم من قريش ... وقادت الهواشم لا هشاما برانا الله للدنيا سناءً ... وللأخرى إذا قامت سناما وخص بفضله من أم منا ... مليكاً كان سابوراً هماما فتى الهيجا مراد الحق من لم ... يخف من فضل خالقه ملاما محش الحرب إن طارت شعاعاً ... نفوس عندها قل المحامى وغيث قطره ورق وتبر ... يجود إذا شكى المحل الركاما فيثني سيبه جدباً وشيكاً ... ويثني سيفه موتاً زؤما وفي شفتيه آجال ورزق ... بها أمر الصواعق والسجاما يقود له الملوك الصيد جيشاً ... فيمنحه الخوامع والرجاما وإن وفدوه أغناهم وأقنى ... وأجلسهم على العليا مقاما مليك الأرض والأملاك طراً ... وحاوي ملكها يمناً وشاما ومجرٍ من دم الأعداء بحراً ... ولا قوداً يخاف ولا أثاما يبيت مراعياً أمر الرعايا ... إذا باتت ملوكهم نياما تسنم غارب الدنيا فألقى ... إليه جموحها طوعاً زماما إذا شملت عنايته لئيماً ... فقد شملت مكارمه الكراما تعاظم قدره عن وصف شعر ... كذا مرماه يسمو أن يراما ويكبر أن يدانيه عنيد ... فيرميه ويعظم أن يراما ترفع كمه عن لثم ملكٍ ... وتلثمه الضعائف واليتامى وينطق عنده شاك ضعيف ... ولا يسطيع جبار سلاما له يد ماجد لم تله يوماً ... بغانية ولا ضمت مداما أغر سميدع ضخم المساعي ... له رأي يرد به السهاما ويخدم قبرطه بالمواضي ... ودين الله والبيت الحراما فيا ملك الملوك ولا أبالي ... ولا غدراً أسواق ولا احتشاما إذا ما قست لم أنزلك فيهم ... بمنزلة الرجال من الأيامى إلى جدواك كلفنا المطايا ... دوماً لا نفارقها دواما وجبنا يا ابن عثمان الموامي ... إلى أن صرن من هزل هيامى وذقنا الشهد في معنى الترجي ... وقلنا الصبر من جوع طعاما صلينا من شموس القيظ ناراً ... تكون بنورك العالي سلاما وخضنا البحر من ثلج إلى أن ... حسبناه على البيدا أكاما نؤم رحابك الفيح اشتياقاً ... ونأمل منك آمالا جساما ومن قصد الأمير غدا أميراً ... على مافي يديه ولن يضاما وحاشا بحرك الفياض أنا ... نردُّ بغلة عنه حياما وقد نزل ابن ذي يزن طريداً ... إلى كسرى فأنزله شماما أتى فرداً فعاد يجر جيشاً ... كسا الآكام خليلاً والرغاما به استبقى جميل الذكر دهراً ... وأنت أجل من كسرى مقاما وسيف في العلى دوني وإني ... عصاميٌ وأسموه عظاما بفاطمةٍ ونجليها وطه ... وحيدرة الذي فاق الأناما عليهم رحمة تهدي سلاما ... يكون لنشرها مسكاً ختاما ولا بدع إذا وافاك عافٍ ... فعاد يقود ذا لجب لهاما فخذ بيدي وسنِّمني محلا ... بقربي منك فيه لن أسامي وهب لي منصبي لتنال أجري ... وشكري ما بقيت له لزاما فيقال: إنه إجابه السلطان المذكور، ووعده بذلك، ولكن اختر منه المنية قبل نيل الأمنية، فلم يعد إلى مكة المشرفة، وتوفي في تلك السنه، أو التي تليها رحمه الله. تم الاختيار من شعر أحمد بن مسعود الشريف، وأخباره, ويليه الاختيار من شعر السيد عماد الدين بن بركات بن أبي نمى الحسيني. شعر ابن بركات الشريف

قال فيه صاحب "كتاب السلافة": له شعر يفعل في الألباب فعل السحر، أثبت منه ما هو أحلى من جنى النحل, وأجدى من القطر في البلد المحل، وكتبت إليه قصيدة ضمنتها التبرم من الاغتراب والبعاد أقول فيها: "ابن المعصوم" هل يعلم الصحب أني بعد فرقتم ... أبيت أرعى نجوم الليل سهرانا أقضي الزمان ولا أقضي به وطراً ... وأقطع الدهر أشواقاً وأشجانا ولا قريب إذا أصبحت ذا حزنٍ ... إن الغريب حزين حيثما كانا أرى فؤادي وإن ضاقت مسالكه ... بمدح نجل رسول الله جزلانا عماد أبنية المجد الذي رفعت ... آباؤه الغر من ناديه أركانا السيد الماجد الندب الشريف ومن ... قد بذ بالفضل أكفاء وأقرانا سما به النسب الوضاح فاجتمعت ... فيه المحامد أشكالاً وألوانا يا واسع الخلق إفضالاً ومكرمة ... وموسع الخلق إنعاماً وإحسانا فقت الكرام ما أوليت من كرم ... لله درك مفضالاً ومعوانا ما قلت في المجد قولاً يوم مفتخر ... إلا أقمت عليه منك برهانا لا زلت في الدهر مرضي العلى أبداً ... ونائلاً من إله الحق رضوانا عليك مني سلام الله ما صدحت ... ورق الحمام وهز الريح أغصانا فأجابني يقوله: يا من تذكر خلاناً وجيرانا ... وصار يمسي سمير النجم سهرانا صاد إلى مورد قد كان يألفه ... عذب به يشتفي من كان ولهانا له به مرتع طابت موارده ... واليوم بالهند يا لله ما حانا يا ماجداً حاز سبقاً في القريض وفي ... نهج البلاغة حتى فاق أقرانا أحسنت لازلت في أمن وفي دعة ... جزاك ربك بالإحسان إحسانا وحق جدك إن العين في غرق ... والقلب في حرق وجداً لما آنا عليك بالصبر يا مولاي معتصماً ... إن النفيس غريب حيثما كان كذا الليالي عهدناها مبدلة ... بالقرب بعداً وبعد الوصل هجرانا فلا رأيت مدى الأيام حادثة ... من الزمان ولا همّاً وأحزنا قد ضاق صدري لما أبديت من كمدٍ ... من لاعج البين ليت البين لا كانا لكن لي أمل في الله خالقنا ... وحسن ظني متى ندعوه أولانا أن يجمع الشمل في تلك البقاع وأن ... يروي غليل صدٍ ما زال حرانا بفضل من عمت الأكوان قدرته ... رب البرية ذي الإحسان مولانا ما حرمت نسمات الريح مورقة ... من النبات وهزت منه أفنانا ومن شعرة مخاطباً لوالد المصنف أحمد الحسني: زرت خلاً صبيحةً فحباني ... بسؤال أشفى وأرغم شاني قال لما نظرت نور محياه ... ونلت المنى وكل الأماني كيف أصبحت كيف أمسيت مما ... يلبت الحب في قلوب الغواني؟ فتحرجت أن أفوه بما قد ... كان مني طبعاً مدى الأزمان يا أخا المجد والمكارم والفضل ... ومن لا أرى له اليوم ثاني أدرك ادرك متيماً في هواكم ... وأكففن عنه صولة الحدثان وابق واسلم منعماً في سرورٍ ... ما تغنت ورق على غصن بان فراجعه الوالد بقصيدة أولها: ليت شعري متى يكون التداني ... لبلاد بها الحسان الغواني وبها الكرم مثمراً والأقاحي ... ضحكت من ثغور زهر لجان والبساتين فائحات بعطر ... يخجل العنبر الزكي اليماني وطيور بها تجاوبن صبحاً ... وعشياً كنغمة العيدان وبألحان تذيب ذوي اللب ... وتحيي ميتاً من الهجران وتمشي بها الظباء الحوالي ... مائسات كناعم الأغصان كل خود تسطو بلحظ حسام ... وتثنى كما قنا المران وجهها الصبح إنما الفرع منها ... ليل صب من لوعة الحب فان غادة كالنجوم عقد طلاها ... ما اللآلي ما حلى العقيان إن ياقوت خدها أرض الياقوت ... سعراً وعائب المرجان كل يوم يقضى بقرب لديها ... فهو يوم النيروز والمهرجان تلك من فاتت الظباء افنتنانا ... فلذا وصفها أتى بافتنان مالصب أصيب من أسهم اللحظ ... نجاة من طارق الحدثان أذكرتني أيام تلك وأغرت ... أعيني بالبكاء والهملان ومنها قوله: نفثات كالسحر يصدعن في قلب ... معنَّىً من الملامة عاني

شعر

كلمات لكنها كالدراري ... وسطور خصت بديع المعاني إذا أتت من أخ شقيق المعالي ... فائق الأصل غرة في الزمان صافي الود صافي القلب قرم ... كعبة المجد في ذرى كيوان ذاكراً لي بها تزايد شوق ... وولوعا به مدى الأزمان ففهمت الذي نحاه ولكن ... ليت شعري يدري بما قد دهاني أنا قيس في الحب بل هو دوني ... لا جميل حالي ولا كابن هاني يا أخا العزم قد سلمت ووجدي ... طافح زائد بغير توان فلتحفي أبصرت من قد رماني ... وعناء تصيد الغزلان إن تشأ شرح حال صب كئيب ... فلقد قاله بديع المعاني "مرضي من مريضة الأجفان ... عللاني بذكرها عللاني" هذا البيت مطلع قصيدة لأبن العربي وبعده: غنت الورق في الرياض وناحت ... شجو هذا الحمام مما شجاني بأبي طفلة لعوب تهادي ... من بنات الخدور بين الغواني طلعت في العيان شمسا فلما ... أفلت أشرقت بأفق جناني ومن شعر السيد المذكور قوله مذيلاً بيت أبي زمعة جد أميه بن أبي الصلت، ومادحا السيد أحمد بن معصوم والد مؤلف السلافة: اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفعاً ... برأس غمدان دار منك محلالا تسعى إليك بها هيفاء غانية ... مياسة القد كحلا الطرف مكسالا إذا تثنت كغصن البان من ترف ... وإن تجلت كبدر زان تمثالا كأنها وأدام الله بهجتها ... تكونت من محيا دهرنا حالا وكيف لا وهي أمست فيه ساحبة ... بخدمة السيد المفضال أذيالا ذاك الذي جل عن تنويه تسمية ... شمس علت هل ترى للشمس أمثالا الباسم الثغر والأبطال عابسة ... والباذل المال لم يتبعه أنكالا عار من العار كأس من محامده ... لا يعرف الخلف في الأقوال إن قالا إن قال أفحم ندب القوم مقوله ... أوصال أخجل ليث الغاب إن صالا علا به النسب الوضاح منزلة ... عن أن يماثل إعظاما وإجلالا خذها ربيبة خدر طالما حجبت ... لولا علاك وودٌ قط ما حالا واصفح بفضلك عن تقصير منشئها ... وحسن بشرك لم يبرح لها فالا ثم الصلاة على أزكى الورى نسباً ... وآله الغر تفصيلاً وإجمالا تم الاختيار من شعر ابن بركات الشريف، ويليه الاختيار من شعر السيد محمد بن الأمير أحمد الحسيني. شعر محمد يحيى الحسيني قال مؤلف ((السلافة)) : هو ماجد ثبتت في المجد وثائقه, وفاضل نشبت بالفضل علائقه, أحرز الأدب النصيب الأوفر، وتمسك منه بما أخجل طيب نشره المسك الأذفر إلى دماثة شيم وأخلاق, وما شأن قشيب ابرادها اخلاق, وله شعر تأخذ بمجامع القلوب طرائفه، ويملك مسامع أولي الأشواق شائقة ورائقة فمن قله: تذكرت أيام الحجيج فأسبلت ... جفوني دماء واستجد بي الوجد وأيامنا بالمشعرين التي مضت ... وبالخفيف إذحادي الركاب بنا يحدو وقوله مخاطباً لي: وما شوق مقصوص الجناحين مقعد ... على الضيم لم يقدر على الطيران بأكثر من شوقي إليك وإنما ... رماني بهذا العد منك زماني وقوله مخاطباً لي أيضاً: ألا لا سقى الله البعاد وجوره ... فإن قليلاً منه عنك خطير ووالله لو كان التباعد ساعة ... وأنت بعيد إنه لكثير وقوله: ألا يا زماناً طال فيه تباعدي ... أما رحمة تدنو بها وتجود لألقى الذي فارقت نفسي مذ نأى ... منها أنا مسلوب الفؤاد فريد وكتب إلي مادحاً, وعلى فنن البلاغة صادحاً: أقل أيهذا القلب عما تحاوله ... فإنك مهما زدت زاد تشاغله دع الدهر يفعل كيف شاء فقلما ... يروم امرؤ شيئاً وليس يواصله وما الدهر إلا قلب في أموره ... فلا يغترر في الحالتين معامله ويا طالما طاب الزمان لماجد ... فسر وقد ساءت لديه أوائله رعى وسقى الله الحجاز وأهله ... ملث تعم الأرض سقياً هواطله فإن به داري ودار عزيزة ... علي ومهما أشغل القلب شاغله ولكن بي شوقاً إلى خلتي التي ... متى ذكرت للقلب هاجت بلابله أبيت ولي منها حنين كأنني ... طريح طعان قد أصيبت مقاتله

هوى لك ما ألقاه يا عذبة اللمى ... وإلا فصعب ما أنا اليوم حامله أكابد فيه الشوق والشوق قاتلي ... وأسأل ممن لم يجب من يسأله تقي الله في قتل امرئ طال سقمه ... وإلا فإن الهجر لا شك قاتله صليه فقد طال الصدود وقلما ... يعيش امرؤٌ والصد ممن يقاتله حزين لما يلقاه فيك من الجوى ... فها هو مضني معين فإني كلما شئت نائله فذاك أخي حامي الذمار وسيدي ... وذخير الذي ألقى به ما أحاوله وذاك الذي لولاه ما عرف الندى ... ولا عرف التفضيل لولا فضائله أغر همام يمتطي صهوة العلى ... فتعلوا به بين الأنام مناوله فلا فخر إلا فخره وعلاؤه ... ولا جود إلا ما هو اليوم بازله يعز إذا زلت أسود لدى الوغى ... وتسعد منه في الحروب قبائله له بين أبناء الملوك مخائل ... فيا حبذا ذلك الفتى ومخائله إذا ما أتاه سائل نال سؤله ... ونال جزيلاً فوق ما هو آماله ويأتي إليه طالب الجود راغباً ... فيرجع مسروراً بما نال سائله فيا ملجأي في النائبات ومن به ... إذا رمت أمراً في الزمان أوصاله إليك فقد جاءتك مني قصيدة ... أتت تشكي دهراً تعدى تطاوله ودم ذا علاء في البرايا وسؤدد ... رفيع مكان لاعلاء يطاوله فراجعتة بقولي: إليك فقلبي لا تقر بلابله ... إذا ما شدت فوق الغصون بلابله تهيج له ذكرى حبيب مفارق ... زرود وحزوى والعقيق منازله سقاهن صواب الدمع مني ووبله ... منازل لا صوب الغمام ووابله يحل بها من لا أصلح باسمه ... غزال على بعد المزار أغازله تقسمه للحسن عبل ودقة ... فرن وشاحاه وصمت خلاخله وما أنا بالناسي ليالي بالحمى ... تقضت وورد العيش صفو مناهله ليالي لا ظبي الصريم مصارم ... ولا ضاق صدرا بالصدور مواصله وكم عاذل قلبي وقد لج في الهوى ... وما عادل في شرعة الحب عازله يلومون جهلا بالغرام وإنما ... له وعليه بره وغوائله فلله قلب قد تمادى صبابة ... على اللوم لا ينفك تغلى مراجله وبالحلة الفيحاء من أبرق الحمى ... رداح حماها من قنا الخط ذابله تميس كما ماس الرديني مائداً ... وتهز عجابا مثل ما أهتز عاملة مهفهفة الكشحين طاوية الحشي ... فما مائد الغصن الرطيب ومائلة تعلقها عصر الشبيبة والصبا ... وما علقت بي من زماني حبائله حذرت عليها آجل العد والنوى ... فعاجلني من فادح البين عاجله إلى الله يا أسماء نفساً تقطعت ... عليك غراما ما زال أزواله وخطب بعاد كلما قلت هذه ... أواخره كرت علي أوائلة لئن جار دهر بالتفرق واعتدى ... وغال التداني من دها البين غائله فاني لأرجو نيل ما قد املته ... كما نال من يحيى الرغائب املة كريم وفي إحسانه ونواله ... بما ضمنت للسائلين مخائله من النفر الغر الذين بمجدهم ... تأطد ركن المجد واشتد كاهله جواد يرى بذل النوال فريضة ... عليه فما زالت تعم نوافله لقد ألبست نفس المعالي بروده ... وزرت على شخص الكمال غلائله أجل همام أدرك المجد نيله ... وأدرك مولي سح بالفضل نائله ولقد أيقنت المكارم أنها ... لتحيا بيحيى حين عمت فواضله أخ لي ما زلت أواخي إخائه ... موطدة منها ببر يواصله له همة نافت على الأوج رفعة ... تقاصر عنها حين همت تطاوله لبهنك مجد يا ابن أحمد لم تزل ... فواضله مشهورة وفضائله أبى الله إلا أن ينيف بك العلى ... ويعلي ها الفضل الذي أنت كافله وما زلت تسعى في المكارم طالبا ... مقاما تناهى دونه من يحاوله رويدك قد جزت الأنام بوثبة ... يشير لها من كل كف أنامله سأشكرك ما أهديت لي من أزهار ... يجول عليها من ندى الحسن جائلة ودم سالما من كل سوء مهنأ ... بما نلته دهرا وما أنت نائله وأثني على ما صغته من قلائد ... تحلى بها من جيد مدحي عاطله ودونكها من عض شكري وما عسى ... يفي بالذي أوليت ما أنا قائله

شعر العمري

وكتب لي أيضا وزائرة والبدر يتبعها وهنا ... ونور سناها من سنى نوره أسنى رداح لها في الحسن أعظم آية ... تراها إذا ما أقبلت تخجل الغصنا لها تصميم القلب خافي مودة ... وسر وداد أظهر الاسم أو كتى حليف غرام في هواها مولع ... بها دائم الأسقام من هجرها مضنى يذكرها عهد المحبة والهوى ... فتعرض عما قال مصغية ظنا وإن لاح برق من نواحي ديارها ... أحل بقلب المستهام بها حزنا فيا ليت شعري كم يقاسي صدودها ... فتى لم يجد صبرا ويوشك أن يفنى فو الله رب العرش حلفة صادق ... لقد ضقت ذرعا من زماني وما سنا زمان إذا ما رحت فيه مطالبا ... لنيل سرور زادني وهنه وهنا أسائله تجيد عهد بقربها ... وهيهات منه أيمن وما منا وما كل من يعطى النوال ينيله ... ولا كل من أغناه خالقه أغنى نعم في بلاد الله طرداً ممجد ... إذا قال قولا صدق الخبر المعنى علي أخي البر الذي ما قصدته ... لدى شدة إلا وصادفته وكنا فتى قط مالا قيت منه حزونة ... على أنني صاحبته السهل والحزنا فلا زال محروس اجناب مؤيداً ... برب الورى طراً وأسماءه الحسنى فكتبت إليه بهذين البيتين: أياما جداً قد أحكم اللفظ والمعنى ... ومعه من الإبداع ما لم يكن معنا إليك فقد صيرت سحبان مفحما ... وأخجلت بالإفضال يا سيدي معنا وممن نقل عنه صاحب ((السلافة)) محمد بن عبد الطبري من أهل القرن الحادي عشر, قال في حقه: هو أحد أولئك الجلة, وواحد تلك البدور والأهلة, الضارب في كل فن بسهم, والفارغ صفاة كل قريحة وفهم, ضاع نشر أدبه وما ضاع, ورضع ثدي الفضل فشب على حب ذلك الرضاع, وله قريض يزري بقراضة الذهب, ثبت في صفحات الصحائف حسنه وما ذهب, وقفت على كافية هي في الشهادة بفضلة كافية, وقافية راحت الباب أولي الأدب لاثرها قافية وهي: أسير العيون العج ليس له فك ... لأن سيوف اللحظ من شأنها الفتك حذار خلي القلب من علق الهوى ... فأوله سقم وآخره سفك ورح سالماً قبل الغرام ولا تقس ... علي فإني هالك فيه لا شك ألم ترني ودعت يوم فراقهم ... حشاي لعلمي أن ما دونه الهلك وكيف خلاصي من يدي شادن إذا ... بدا ابيضّ في الديجور من نوره الحلك يقولون ترك الحب أسلم للفتى ... نعم صدقوا لو كان يمكنه الترك دعوني وذكرى بين بانات لعلع ... غريبا فهم عند المواقف لي نسك وإن رمتم إرشاد قلبي فكرروا ... أحاديث عشق طاب في نظمها السبك أما والخدود العند ميات لم أخل ... وكل الذي عني روى عاذلي إفك وما بمصون الثغر من ماء كوثر ... وكأس عقيق ختمه حاله المسك لقد لذ لي خلع العذار وطاب في ... هوى الخرد البيض الدمى عندي الهتك شعر العمري وممن نقل عنه صاحب ((السلافة)) الشيخ عبد الرحمن العمري من أهل القرن الحادي عشر, قال في حقه: هو علامة القطر الحجازي ومفتيه, ومولي معروف المعارف ومواتيه, وبحر العلم الذي لا يدرك ساحله وبره، الذي لا تطوى مواحله, أشرقت في سماء الفضائل ذكاء ذكائه, وأخرس به ناطق الجهل بعد تصديه ومكائه حتى طار صيته في الآفاق وانعقد على فضله الوفاق، وانتهت إليه رياسة العلم في البلد الأمين، فتصدر وهو منجع الوافدين والآمين منه تقتبس أنواع الفنون، وعنه تؤخذ أحكام المفروض والمسنون، وتشد الرحال إلى لقائه، وتصانيفه في أقسام العلم صنوف، وتآليفه في مسامع الدهر أقراط وشنوف، إن نثر فما أزهار الرياض غب المزن الهاطل, وإن نظم فما جواهر العقود تحلت به الغيد العواطل. وأطال في ترجمته, وأستقصى سيرته, وأثبت شيئاً من نثره ونظمه, وأطال في ذلك، فأحببت الاختصار, لأن كتاب السلافة كثير الوجود, فمن أراد الوقوف على ذلك فاليراجعه, فمن شعره ما مدح به السيد ثقبة مهنئاً لهى عافية ابنه قتادة, ومتشكراً من أنعام أنعمه عليه: أقبل أرضاً حفها الله بالسعد ... وألثم ترباً عرفها فائق الند وأهدي سلاماً عبّق الكون نشره ... وفاق شذا النسرين والآس والورد صحيب ثناء فصلت در عقده ... وفضله الرائي على الجواهر الفرد

وحاكته أيدي غانيات فضائلاً ... تحجبن إلا عن لقاء ذوي المجد ووشته حتى خيل برداً منمنماً ... على منكب العلياء طرز بالحمد ومذ نشرته فاح في الكون عرفه ... وأهدى إلى الأرواح رائحة الند وأنشد من أضحى لرياه ناشقا ... ((ألا يا صبايا نجد متى هجت من نجد)) رديف دعا هزت معاطف غصنه ... قبول قبول فهي مائسة القد تبختر في روض الإنابة ساحباً ... مطارف أذيال الإجابة بالقصد إلى حضرة عليا مقدسة سمت ... وجلت عن التعريف بالرسم والحد وقصر عها الواصفون وإن يكن ... خطيب عكاظ وامرأ القس والجعدي وإني وإن كنت المقصر عنهم ... سأبذل في مدحي وتقريظه جهدي وهيهات أن أحصي ثناء لقائل ... تشرف جبريل بخدمته جدي مليك له هام الفرادق منزل ... تبوأه إرثاً عن الأب والجد مليك سنا الإجلال لاح بوجهه ... مخائله مذ كان في حوزة المهد مليك إذا ما جال حومة الوغى ... ترى الهام تهوي في الرغام على الخد تخيلها خرت لتقبيل لا حافز الصوافن كيما تستجير من الجد فإن شمت برقاً لاح في أفق غيهب ... من النقع قل ذا سيفه سل من غمد وإن سمعت أذناك سيلاً عرمرماً ... يسيل فقل هذا نداه لمستجد وإن عبق الأكوان نشر معنبر ... فقل ذا شذا أوصافه الفائق الند وإن تر شمس الأفق قد أشرقت فقل ... سنا وجهه الوضاح لاح لمستهد وإن تر بدر الجو بين كواكب ... فقل هو في بنائه الغر إذ يبدي فمن كأبي عجلان في الحلم والحجى ... وفي الفضل والتقوى وفي العلم والزهد؟ ومن كأبي عجلان في البأس والندى ... وفي الشرف البذاخ والعز والمجد؟ فيا سيد السادات دونك مدحة ... تفاخر در السمط بل جوهر العقد قريض محب لم يزل متمسكاً ... بعروتك الوثقى المنوطة بالعهد شكور لنعماك التي ألبسته من ... نسيج يد الإفضال من أفخر البرد وهيهات لا أسطيع شكر صنيعها ... ولكن على مقدار ما يقتضي جهدي ولا سيما إن ذكرته مدائحي ... بسابق وعد كان من صادق الوعد فلا زال محروس الجناب ممتعاً ... بأبنائه الصيد الغطارفة الأسد ولا سيما السامي لأفخر رتبة ... تسنمها بالحزم والعزم والجد بهي الصفات الغر والمجد والسنا ... سمي السمات الساميات من العد قتادة حاوي المكرمات ومن علا ... على هامة الجوزاء من فلك السعد ومن في سماء المجد أشرق نجمه ... وأضحت به الأكوان وردية الخد وهزت له العليا معاطف نثرها ... وغنت حمام الأيك في عذب الرند تهنيه إذ حاكت له بيد الشفا ... معاطف تغنيه عن السابغ السرد لعمري لقد عم الهنا كل مهجة ... لما ضمنته في مخبأة الود فلا زال في وثب المسرة رافلاً ... يجرر أردان السعادة والمجد بسوح أبيه السيد الملك الذي ... تقلد من حلي السيادة بالعقد وتوجه نور النبوة مغفراً ... يطرز بالإقبال والعز والسعد وألبسه جأش الخلافة سابغاً ... تدرعه من سطوة الدهر إذ يعدي وأزكى صلاة الله ثم سلامه ... على المصطفى الهادي إلى منهج الرشد وآل له والصحب ماذر شارق ... وما غرد القمري على فنن الرند وما حكت في مدح المليك قصائداً ... وطرزتها بالشكر والمدح والحمد ولم يؤرخ ناقل الترجمة سنة وفاته, ونقل أيضا صاحب ((السلافة)) لأخيه القاضي شهاب الدين أحمد بن عيسى المرشدي, فقال في حقه: شهاب الفضل الثاقب، الشهير المآثر والمناقب, سطع في سماء الأدب نوره، وامتد في البلاغة باعه فشق من رام أن يشق غباره أتباعه, لا تلين قناة فضله لغامز, ولا يلعز أدبه المبرأ من العيب لامز, وله نظم بديع الأسلوب يملك برقته المسامع والقلوب، فمنه يمدح الشريف مسعود بن الشريف أدريس شريف مكة المشرفة عام تسع وثلاثين وألف بهذه القصيدة: عوجا قليلا كذا عن أيمن الوادي ... واستوقفا العيس لا يحدو بها الحادي وعرجا بي على ربع صحبت به ... شرخ الشبيبة في أكناف أجياد واستعطفا جيرة بالشعب قد نزلوا ... على الكثيب فهم غيي وإرشادي

وسائلاً عن فؤادي تبلغا أملي ... إن التعلل يشفي غلة الصادي واستشفعا تشفعا تسآلكم فعسى ... يقدر الله إسعافي وإسعادي وأجملا لي وحطا عن قلوصكما ... في سوح مردي الأعادي الضيغم العادي مسعود عين العلى المسعود طالعه ... قلب الكتيبة صدر الحفل والنادي رأس الملوك يمين الملك ساعده ... زند المعالي جبين الجحفل البادي شهم السراة الألى سارت عوارفهم ... شرقاً وغرباً بإغوار وإنجاد نرد غمار العلى في سوحه ونرح ... أيدي الركائب من وخد واسآد فلا مناخ لنا في غير ساحته ... وجود كفين فها رائح غادي يعشوشب العز في أكناف عقوته ... يا حبذا الشعب في الدنيا لمرتاد ونجتني ثمر الآمال يانعةً ... من روض معروفه من قبل ميعاد فأي سوح يرجى بعد ساحته ... وأي قصد لمقصود وقصاد؟ ليهن ذا الملك إن ألبست حلته ... محيي مآثر آباء وأجداد لبستها فكسوت الفخر مرسلها ... مشهّراً يبهر المصبوغ بالجادي علوت بيتاً ففاخرت النجوم علاً ... والشهب فخراً بأسباب وأوتاد ولحت بدراً بأفق الدست تحسده ... شمس النهار وهذا حرها بادي وصنت مكة إذ طهرت حوزتها ... من ثملة أهل تثليث وإلحاد قد غر بعضهم الإهمال يحسبه ... عفواً فعاد لإتلاف وإفساد وزدتهم عن حمى البيت الحرام وهم ... من السلاسل في أطواق أجياد كأنهم عند رفع الزند أيديهم ... يدعون حباً لمولانا بإمداد وما ارعووا فشهرت السيف محتسباً ... يا برد حرهم في حر أكباد غادرتهم جزراً في كل منجدل ... كأن أثوابها وجت بفرصاد وأثمر السدر من أجادهم ثمراً ... حلواً بأفواه أجداث وألحاد سعيت سعياً حثيثا من خمائله ... نور الأمان لأرواح بأجساد فكم بمكة من داع ومبتهل ... ومن محب ومن مثمن ومن فاد وعاد كل عصي مصلحا وغدت ... أيامنا بالهنا أيام أعياد إلى أن قال: فهاك يا ابن رسول الله من ... أورت قريحته من بعد إخماد فأحكمت فيك نظما كله غرر ... ما أحرزت مثله أقيال بغداد أضحت قوافيه والإحسان يشرحها ... روض البديع لإرصاد بمرصاد ترويه عني الثريا وهي هازئة ... بالأصمعي وما يروي وحماد وتستحث مطايا الزهر إن ركدت ... كأنها إبل يحدوا بها الحادي توقظ الركب ميلاً من خمار كرى ... والليل من طول تدآب السرى هادي أمّتك تشفع إذلالا لمنشأها ... فاقبل تذللها يا نسل أمجاد وأسبل الستر صفحاً إن بدا خلل ... نهتك به ستر أعداء وحساد وقل تقرب إلينا تستعز بنا ... ما حق مثلك أن يقصى بإبعاد لازلت ياعزّ آل البيت في دعة ... تحف منهم بأنصار وإنجاد ثم الصلاة على الهادي وعترته ... وصحبه ما شدا في أيكتة شاد وقال يستدعي جماعة من الفضلاء، وهم بجبل النور الكائن بالمعلاة وهو بمنى: عليكم من محب حشو أضلعه ... ودٌ أرقُّ إلى الظامي من النطف تحية يرتضيها الفضل إن نفحت ... أربت على نفحات الروضة الأنف حواكم أجبل العالي بكم شرفاً ... على المعالي التي تعلوا على الشرف نظمتم فيه نظم العقد متسقاً ... على تليل كعاب ظاهر الترف وغادرت عبدكم أيدي مؤلفه ... مكبلا وحده في ربقة الصدف منى هي الصدف المومى إليه منىً ... للنفس فيها وفي افنائها الورف ولا أنيس لكم إلا مماثلكم ... على بثين جميل السفح والسعف يجيبني بصدى صوتي فأرفعه ... من قلة الإلف أو من كثرة الشغف فهل وفي من الخلان يسعدني ... في الفجر أو بعد ماصلى مع الحنفي يجيبني أو يجيب الضير عنه وما ... يجيبني غير محيي الدين أو شرف كفآن يرضاهما الإحسان إن نطقا ... أو أرغفا لدن الأقلام في الصحف

ونقل في ((السلافة)) أيضا ترجمة أبي بكر الخاتوني, فقال في حقه: هو الشيخ فخر الدين الخاتوني, كاتب ماهر، وشاعر قلد الطروس من نظمة عقود الجواهر, وأديب سهم أده لشواكل الأغراض مصيب, وأديب أحرز من فضل أو فهرسهم ونصيب, جرى في مضمار القريض ملء عنانه, واجتنى زهر رياضه واقتطف ورد جنانه, وهو ممن حلب الدهر أشطره، وفرى من أديم الزمان أسطره, وشعره بحر لا يلفى لمدة جزر, رقيق الحواشي لا هراء ولا نزر، فمن بدائعه التي هي من بديع الحسن مصورة قولة مخاطبا أهل المدينة المنورة على سكانها وآله وأصحابه الكرام أفضل الصلاة وأزكى السلام: يا أهل طيبة لا زالت شمائلكم ... كالروض باكره سار من الديم أنفاسكم والنفوس الغر لا برحت ... كالزهر والزهر في لطف وفي كرم ما أمكم زائر إلا وآب بما ... يربو على فكره من كل مغتنم فأنتم الطاهرون الطيبون ومن ... لا ريب في مجدهم من سالف القدم لا عيب فيهم سوى أن النزيل بهم ... يسلو عن الأهل والأوطان والحشم جميلكم جل أن يحصى وفضلكم ... في الناس أشهر من نار على علم كفاكم بجوار المصطفى شرفاً ... وجار ذي الجاه أنّى كان لم يضم لولكم خيرة الله الكريم لما ... كنتم له جيرة من سائر الأمم والله جل اسمه بالقرب خولكم ... وزادكم بسطةً في العلم والهمم لا زلتن وأمان الله يكلؤكم ... مما يحاذر في حرز من اللمم وكيف يخشى الرزايا أن تلم بكم ... وأنتم من حمى المختار في حرم عليه صلى إله العرش ما سجعت ... ورق الحمائم بين الضال والسلم وآله الطهر والصحب الكرام ومن ... والأهم من جمع العرب والعجم وممن نقل له صاحب ((السلافة)) أيضا الشيخ أحمد بن محمد الجوهري قال في حقه: هو جوهري النثر والنظم، زهري السجايا العظام، حلى بعقود نظمه عواطل الأجياد, وسبق بجواد فهمه الصافنات الجياد مع اضطلاع بفنون العلوم, واطلاع على خفايا المنطوق والمفهوم, وديانة وورع، وصيانة فاق فيها وبرع, وأخلاق وشيم, كأنفس الرياض غب الديم, وها أنا أُثبت من بهي كلامه وسني نظامه ما تنشق منه نشر العبهري, وتقتني منه ((صحاح الجوهري)) كان أول وفوده علينا بالديار الهندية أهدى إلي كراسية من نثره ونظمه, فكتب إليه ما صورته: زهر الدراري أم نظام الجوهري ... وشذا السلافة أم شميم العبهر؟ أم زهر روض قد تبسم ضاحكاً ... إذ جاده صوب الغمام الممطر وشذور تبرأم جمان قلائد ... تزهو وتزهو في مقلد جؤذر؟ أم هذه ألفاظ مولى ماجدٍ ... ورث البلاغة أكبر عن أكبر؟ يزري بنظم الدهر باهر نظمه ... ويفوق مكسره مذاب السكر فلشعرة الشعري العبور تضاءلت ... كرها وودت أنها لم تظهر والنثرة العليا هوت من نثره ... خجلاً وقالت ليته لم ينثر قد أعجز البلغاء معجز أحمدٍ ... فأقر أكثرهم بعجز مقصر يا مهديا لي من ستي نظامه ... ونشاره دراً بهي المنظر شكراً لفضلك شكر ممنون فقد ... حليت جيدي من نظام الجوهري فراجعني بقوله: يا مهدياً وشي الربيع المزهر ... بل روضة تزهو بحسن المنظر غناء باكرها الحيا وتفتحت ... أزهارها غب السحاب الممطر ردت لنا من بشرها زمن الصبا ... وشممت منها طيب تلك الأعصر ارتاح سكراً من سلافة لفظها ... وهي المصونة عن خمار المسكر لله درك من همام بارع ... في كل فن غنية المستخبر ما هذه الدرر التي أبرزتها ... شبه المجرة في خلال الأسطر لا غرو أن ساد الأنام بفضله ... من كان ندباً من سلالة حيدر من معشر شم الأنوف وليدهم ... أدني محل خطاه فوق المشتري حاز المروءة والفتوة والسخا ... والعلم والتقوى وطيب العنصر فليهنك الشرف الرفيع ومجدك ... العالي المنيع وحسن قول المخبر واسلم ودم في عزة وخلالة ... باد علاك على ممر الأدهر قال مؤلف ((السلافة)) : ومن شعرة مادحاً والدي رحمه الله بقوله: كلما غنت على الدوح الحمام ... هيجت أشواق قلبي المستهام ذكرته ساجعات المنحنى ... وربي نجد وهاتيك الخيام

وليال ما صفا لي بعدها ... طيب العيش ولا صافي المدام حيث لا أصغي لعذل راتعاً ... في ميادين التصابي والغرام حيث لي شغل بربات الخبا ... عن شراب وطعام ومنام حيث مالي شافع إلا الصبا ... في الهوى إن عز من هند المرام لست أنسى ليلة إذ أقبلت ... وتلقتني ببشر وابتسام قلت يا هند إلى من تشتكي ... نقض عهد من حبيب لا يرام؟ فاستشاطت ثم قالت جذلاً ... هل وفت حسناء قبلي بالذمام؟ ثم أبدت عتباً يا ليته ... طال لما طاب في ذاك المقام فاعتنقنا واشتكينا ما بنا ... ولدمع العين في الخد انسجام هل ترى من بعدهم لي عوضاً ... غير حزن وبكاء وسقام إلى أن قال في المديح: أحمد ابن السيد المعصوم من ... عن مداره قصرت كل الكرام مذ نشا قرت به عين العلى ... وارتضته بعلها قبل الفطام حاز علماً في صباه وافراً ... لم يحزه عالم في ألف عام خلق كالروض وافاه الصبا ... غب ما باكرة صوب الغمام هاشمي نسل طه أحمد ... ليس فخر فوق هذا للأنام زرع الفضل له في مهجتي ... روض ود مثمر زهر الكلام التفات منه أقصى مطلبي ... إنما الدينار مطلوب الطعام فله لا زال مدحي دائما ... طرباً ينشده خاص وعام فكرتي قاصرة عن مدحه ... فلهذا عجلت بالاختتام ومن رقيق شعره: ما شمت برقاً سري في جنح معتكر ... إلا تذكرت برق المبسم العطر ولا صبوت إلى خل أسامره ... إلا بكيت زمان اللهو والسمر شلت يد للنوى ما كان ضائرها ... لو غادرتنا نقضي العيش بالوطر في خلسة من ليالي الوصل مسرعة ... كأنما هي بين الوهن والسحر لا نرقب النجم من فقد النديم ولا ... ((نستعجل الخطو من خوف ومن حذر)) وأهيف القد ساقينا براحته ... كأنه صنم في هيكل البشر منعمين وشمل الأنس منتظم ... يربو على نظم عقد فاخر الدرر فما انتهينا لأمر قد ألم بنا ... إلا وبدل ذاك الصفو بالكدر لادر در زمان راح مختلساً ... من بيننا قمراً ناهيك من قمر غزال أنس تجلى في حلى بشر ... وبدر حسن تجلى في دجى الشعر وغصن بان تثنى في نقا كفل ... لا غصن بان تثنى في نقا المدر كأن ليلي نهاري بعد فرقته ... مما أقاسي به من شدة السهر يا ليت شعري هل حالت محاسنه ... وهل تغير ما باللحظ من حور فإن تكن بجنان الخلد محاسنه ... فاذكر معنى الأماني ضائع الخطر وإن تأنست بالحور الحسان فلا ... تنسى الليالي التي سرت مع القصر ومن قوله: إذا مضت الأوقات من غير طاعة ... ولم تك محزوناً أعظم الخطب علامة موت القلب أن لا ترى به ... حراكاً إلى التقوى وميلاً عن الذنب ومن قوله: في المنع والإعطاء كن شاكراً ... واستقبل الكل بوجه الرضا فالخير للمعارف فيما جرى ... ورب منع كان عين العطا وقوله: إن حزت عاماً فاتخذ حرفة ... تصون ماء الوجه لا يبذل ولا تهنهه إن ترى سائلاً ... فشأن أهل العلم أن يسألوا وقوله: جانب اللهو والبطولة واحذر ... من الهوى النفس إن أردت السعادة واعبد الله ما استطعت بصدق ... مطلب العارفين صدق العبادة وقوله: إذا التبس الأمران فالخير في الذي ... تراه إذا كلفته النفس يثقل فجانب هواها واطرح ما تريده ... من اللهو واللذات إن كنت تعقل وممن نقل عنه صاحب السلافة أيضاً شهاب الدين بن فضل بن محمد باكثير المكي قال في حقه. هو ابن الفضل وأبوه والمذعن لفضله أعداؤه ومحبوه ومقداره في الأدب جليل ومثل باكثير في الأنام قليل إن عدة فرسان اليراعة فهو ملاعب أسنة الأقلام أو ذكرت فرسان البراعة فهو ثاني أعنة الكلام ملك زمام القريض فاقتاده حيث شاء؛ وكان له في التصدير والتعجيز إعجاز أفحم مصاقع البلغاء بالتعجيز فمن ذلك قوله مصدراً ومعجزاً عينيه المتنبي وما دحا بها علي بن بركات وهي: حشاشة نفس ودعت يوم ودعوا ... وقلب لأظمأن الأحبة يتبع

وصبري نوى الترحال يوم رحيلهم ... فلم أدرأي الظاعنين اشيع أشاروا بتسليم فجدنا بأنفس ... تسيل مع الأنفاس لما ترفعوا وساروا فظلت في الخدود عيوننا تسيل من الآماق والأسم أدمع حشاي على جمر ذكي من الهوى ... وصدري مذ بانوا من الصبر يلقع وقلبي لدى التوديع في حزن حزنه ... وعينايا في روض من الحسن ترتع ولو حملت صم الجبال الذي بنا ... من الوجد والتبريج كادت تضعضع وأكبادنا من لوعة البين والنوى ... غداة افنرقنا أوشكت تتصدع بما بين جنبي الذي خاض طيفها ... دموعي فوافى بالتوصيل يطمع تخيل لي في غفوة وجهت بها ... إلي الدياجي والخليون هج أتت زائرا ما خامر الطيب ثوبها ... وخمرتها من مسك دارين أضوع فقلبت إعظاما لها فضل ذيلها ... وكلمسك من مسك من أردانها يتضوع فشرد أعظامي لها ما أتى بها ... وفارقت نومي والحشا يتقطع وبت على جمر الغضى لفراقها ... من النوم والتاع الفوآد المفجع فيا ليلة ما كان أطول بتها ... سمير السها حلف الجوى أتضرع يجر عني كأنها الأسى فقد طيفها ... وسم الأفاعي عذب ما أتجرع تذلل لها واخضع على القرب والنوى ... لعلك تحظى بالذي فيه تطمع ولا تأنفن من هضم نفسك في الهوى ... فما عاشق من لا يذل ويخضع ولا ثوب مجد غير ثوب ابن أحمد ... علي ابن بركات به الفخر أجمع عليه ضفا بالمكرمات ولم يكن ... على أحد إلا بلؤم مرقع وإن الذي حابى جديلة طيهم ... بحاتمهم وهو الجواد الممنع حباً بعلي آل طه فإنه ... به الله يعطي من يشاء ويمنع بذي كرم ما مر يوم وشمسه ... بغير سنى منه تضيئ وتسطع ولا ليلة تزهو به ونجومها ... على رأس أوفى ذمة منه تطلع فأرحم شعر يتصلن لدنه ... فلم سعر شعر في معاليه يرفع؟ وكم عصبات جمعت في صلاته ... وأرحم مال ماتني تتقطع فتى ألف جزء رأيه في زمانه ... إذا حسبت آراؤه حين تجمع يرى عشر عشر العشر منها وإنه ... أقل جزاء بعضه الرأي أجمع غمام علينا ممطراً ليس يقشع ... وصيبه تبر وفي الحال ينفع وليس كسحب الأفق يخطي ويقلع ... ولا البرق فيه خلب حين يلمع إذا عرضت حاج إليه فنفسه ... تطاوعه في بذل ما يتوقع يمن أبتداء بالأيادي ولم يكن ... إلى نفسه فيها شفيع مشفع خبت نار حرب لم تهجها بنانه ... ولم تتقد أن يطفها لو تجمعوا ولا قول إلا رواه لسانه ... وأسمر عربان من القشر أصلع نحيف الشوى يعدو على أم رأسه ... مطيع لباريه يصلي ويركع وبالخمس يسعى ساجدا وهو قائم ... ويجني فيقوى عدوه حين يقطع يمج ظلاماً في نهار لسانه ... وينطق وهو الأخرس المتصنع يعبر عما في الضمير ولم يفه ... ويفه عما قال ما ليس يسمع ذباب حسام منه إنجاز ضربه ... وكم قطع الأعدا وذا منه أقطع وعود القنا أوهى شبا منه في العدى ... وأعصي لمولاه وذا منه أطوع بكف جواد لو حكته سحابة ... لسحت لنا تبراً يصاغ ويطبع ولو حملت من بعض جدواه مزنة ... لما فاتها في الشرق والغرب موضع فصيح متى ينطق تجد كل لفظة ... له تحتها معنى البلاغة أجمع وإن خط لفظاً باليراع رأيته ... أصول البراعات التي تتفرع يتيه دقيق الفكر في بعد غوره ... وعن نجد فحواه المفوه يقطع وبحر معانيه البليغ يغوصه ... ويفرق في تياره وهو مصقع وليس لماء البحر ينشف قعره ... لنيل الدراري من ها يتطمع ولا بحر جدواه كبحر يخوضه ... إلى حيث يغني الماء حوت وضفدع أبحر يضر المعتفين وطعمه ... يصدعن الورد الشهي ويمنع يموت به الصادي أواماً لأنه ... زعاف كبحر لايضر وينفع ألا أيها القليل المقيم بمكة ... ومسك ثناه في العوالم يسطع حللت بها اسمي على كل حال مطنب ... وهمته فوق السماكين موضع أليس عجباً أن وصفك معجز ... له المتنبي ناظم ومرصع

وان طويل المدح فيك مقصر ... وان ظنوني في معاليك تطلع وإنك في ثوب وصدرك فيكما ... يحيط به من نسج داود أدرع فيا ليت شعري كيف ضمته لأمة ... على أنه من ساحة البحر أوسع وقلبك في الدنيا ولو دخلت بنا ... وبالفلك الأعلى وما منه يطلع وبالعالم العلوي والأنس جملة ... وبالجن فيه ما درت كيف ترجع ألا كل سمح غيرك اليوم باطل ... لأنك فرد للكمالات تجمع وكل ثنا فيك حق وإن علا ... وكل مديح في سواك مضيع وقوله مصدراً ومعجزاً أبيات أبي حاتم اللغوي: أذا اشتملت على اليأس القلوب ... وكادت من تلهبها تذوب وعم الغم واتسع التجري ... وضاق بما به الصدر الرحيب وأوطنت المكاره واطمأنت ... وفي الأحشاء طنبت الكروب وأقلعت المسرة عن ذويها ... وارست في مكانتها الخطوب ولم تر لانكشاف الضر وجهاً ... يلوح ومنك قد يئس الحبيب وأعيا داء فادحة الرزايا ... ولا أغنى بحيلته الطبيب أتاك على قنوط منك غوث ... يفرج كل فادحة تذيب فكم وافاك بعد العسر يسر ... يمن به اللطيف المستجيب وكل الحادثات إذا تناهت ... وفي تصريفها حال اللبيب وزاد الكرب فيها واستطالت ... فمقرون بها الفرج القريب وممن نقل عنه صاحب ((السلافة)) الشيخ محمد بن شعيد باقشير؛ قال في حقه: أديب بارع، وشاعر له في مناهل الأدب مشارع نظم فأجاد، وارزم سحاب نظمه فجاد، فعلت رتبته في الفريض وسمت، وافترت ثغور محاسنه وابتسمت، كل ذلك من غير تكلف نحو وعروض، بل من قريحة تذلل له جوامع الكلام، وتروض، فجاء نظمه السهل الممتنع، ونزهة الناظر والمستمع، وها أنا أثبت منه ما تصطحبه مداماً وتديره كؤوسا بين الندامى فمنه قوله يمدح السيد أحمد بن مسعود. علقاً أظنك بالظباء الرود ... أم والها بهوى الظباء الغيد أسبلن أمثلة الغداف غدائراً ... سوداً تطول على الليالي السود وسفرن عما لو لطمن بمثله ... خد الظلام لما بدا بالبيد بيض يرنحهن ريحان الصبا ... تيهاً كخوط البانة الأملود عذر العذول على الهوى فيها وقد ... ((عنت لنا بين اللوى وزرود)) فطفت أنشده على تأنيبه ... ((أرأيت أي سالف وخدود)) تربت يد اللوام كم ألظت حشا ... دنفاً بألهوب من التنفيد أو ومادروا أن الجمال حبائل ... ما إن يصادبهن غير الصيد ولرب مخطفة الحشا بهناته ... المتنين مفعمة الإزار خرود ترنو فتحسب أم خشف ثارها ... القناص عن خضل الكلا مخضود لله أحداق الحسان وفعلها ... في قلب متيم معمود؟ الحقنني البرحاء لكني أمرؤٌ ... وزري بركن في الملوك شديد بسميدع من آل أحمد ماجدٍ ... لا بالكهام بدا ولا العربيد وجواد مصعبة إذا سل الندى ... أولى وجاد بطارف وتليد طابت أرومية بأصل ثابت ... عرقاً وفرع مثمر بالجواد متسنم العلياء لا بالنكس عن ... تحصيل غايتها ولا الرعيد لو حاول العيوق نيلاً لم يعق ... عنه ولم يك نيله بعيد أو لو يحاول ألف عنقا مغرب ... صيدت بجد مؤيد صنديد وإن اقشعر العام غيث مسبل ... وإن اكفر السام ليث مودي خلق أرق من السلاف ومهجة ... أقسى على الحدثان من جلمود بلغت بنو الحسنين شأواً لم يزل ... من قبلهم لمسودٍ ومسود حلماء إن غضبوا كأن نفوسهم ... بشرور بين تحف أو بالجودي ومواهب تترى وسيب لم تزل ... ينساب بين جحافل وجنود من كل طلق الوجه يسطع نوره ... بسنا النبوة عن أب وجدود ومن شعره وهو من مختار قصيدة له أتعذر في لمياء والعذر أليق ... وتعشقها جهلاً وذو اللب يعشق ولا عيش إلا ما الصبابة شطره ... وصوت المثني والسلاف المعتق وجوبك أجواز الموامي مثمراَ ... إلى المجد يطويها عذافر معنق وأن تتهاداك التنائف معلماً ... تضلك أو تهديك بيداء سملق وأن ترد الماء الذي شطره دم ... فتستقي برأي ابن الحسين وترزق فأسوغ ما بل اللهى بعد غلة ... وأروى من الماء الشراب المروق

فدع لجج التعنيف وابك بذي اللوى ... دياراً كأنها للتقادم مهرق أحالت مغانيها السنون فأصبحت ... قوى لهريق الودق والريح مخرق وقفت بها والقلب بالوجد موثق ... كفيت الردى والجفن بالدمع مطلق أناشد بينونة الحي من جوىً ... بقلب إذا هب النسائم يخفق شج تتصاباه الصبا وتلوعه الجنو ... ب ويشجوه الحمام المطوق إلى الله أفعال الليالي بها وبي ... لقد كنت منها دائم الدهر أفرق فسم سمة الصبر الجميل لعلها ... تذيل فإن لم تغن فالصبر أخلق فلو سلمت من حادث الدهر دمنة ... تمطى على هام الدهور الخورنق وممن نقل عنه في ((السلافة)) عفيف الدين عبد الله بن الحسين جاشل, الثقفي، قال في حقه: ثقفي النسب, مثقف قناة الحسب، برى نبعة طبعه بالمروءة وثقف, وجرى إلى آماد الفتوة وما توقف، وخطب عرائس الكرم والوفا, فبنى عليه بالبنين والرفا إلى أخلاق أقطعها الروض أنفاسه, وشيم يتنافس فيها رغبة ونفاسه, وله شعر تأخذ محاسنه السالمة من التصنيع بمجامع القلوب وفق ما قيل: حسن الحضارة مجلوب بتطرية ... وفي البداوة حسن غير مجلوب وكم أنشد الأسماع حاله المطرب: ولست بنحوي يلوك لسانه ... ولكن سيلقي أقول فأعرب وقد اثبت له ما نغتبقه راحا ونملا بلطافته ومحاسنه راحا فمن ذلك قوله مراجعاً للأخ الأعز السيد محمد يحيى عن قصيدة كتبها إليه: سقى طللاً بين الأجارع واللوى ... وحيا زمانا لم نرع فيه بالنوى وريعاً لأيام هناك سوالف ... قضينا بها عصر الشبيبة والهوى بظل جناب والندامى عصابةً ... كرام المساعي ترغم الخصم إن غوى على السفح ما بين القصير إلى الحمى ... إلى الحصن نطوي الود عنا وما انطوى ليالي لا تخطي سهام رميتي ... ولا عاقني الوالي الغيور إن زوى وأصبحت يثنيني الحجى عن هويتي ... ويمنعني دهر تمادى وما ارعوى ولله كم من يوم دجن وصلته ... بليل على الربع الجنوبي وما حوى وساعات أنس كلما عن ذكرها ... يهيجن فرط الصبابة والجوى لكل غضيض الطرف أحوى إذا رنا ... سباك النهى والصبر واستأثر القوى إذا افتر عن ثغر حكى الدر نظمه ... وإن لاح قلت الشمس في خط الاستوا يشير فأدري ما يقول برمزه ... فأقضي على ما في هواه بما نوى عليهم بعلات الغواني وطبها ... ومفتي الندامى في محاورة الهوى جريت على طرق الغرام كما جرت ... مواهب يحيى في النوال بما أحتوى فتى فيه للراجي مخائل تقتفى ... على أنه حامي الكتيبة واللوا نماه إلى العليا أكارم سادة ... مآثره مشهورة لمن ارتوى أيا ابن الذي أحيا الندى بعد موته ... وشيد ربع المجد من بعد ما هوى وصنو الذي يبدو لذي الحدس أنه ... إمام هدى عن ذروة العز ما لوى أتاني من نادي علاك جريدة ... تضمن معناها الحريري بما روى تخبر عن صب ضنين بظبية ... محجبة تحكي غزالاً بذي طوى فحسبك دين الحب ديناً فإنه ... ترقى بأرباب القلوب عن السوى ولا تبتئس من قول لاحٍ ولائم ... لعمرك ما ضلَّ المحب وما غوى إليك عماد الدين عقداً يصوغه ... هوى لكم بين الجوانح قد ثوى ودم وابق واسلم ما ترنم طائر ... وما زمزم الحادي بمنعرج اللوى وله أيضا مراجعاً له عن أبيات كتبها إليه: خليلي هل رند الحجاز على علمي ... وهل ربرب الوادي مقيم على السلم وهل أثلاث الواديين أنيقة ... تعهدها الغولان غب الحيا الوسمي وهل ربرب الربع الحنوبي ثابت ... على ما مضى أم قد تمادى على صرمي رعى الله هاتيك المنازل إنها ... وإن بعدت شوقي إليها انتضى عزمي معاهد أنس كلما عنّ ذكرها ... لقلبي ترى عيني مدامعها تهمي فما ساعدت ورق الحمام أخا أسى ... ولا روحت ريح الصباعن أخي همّ فيا مربع الترحال قل لابن أحمد ... ربيب العلى يحيى وترب الندى المسمي أتاني من نادي علاك رسالة ... نفثت بها كلمي وزدت بها سقمي تضمن من خمسين يوم شكاية ... فما الحب إلا ما يمضّ وما يصمي

فكيف بمن قاسى سنين من النوى ... وراح من الهجران جلداً على عظم فأحلى الهوى ما عز منه وعذبهُ ... منادمة الأحباب من بارد الظلم ودم وابق يا نجل الملوك معظماً ... ولا زلت كنزاً للمكارم والحزم قال أبن معصوم وكتبت إليه معاتبا: أناس عفيف الدين أم أنت ذاكر ... عهوداً سقتهن العهاد البواكر ومثلك من لم ينس عهداً وإنما ... هو الدهر لا يلفى على الدهر ناصر وما أنت ممن يبخس الود عنده ... ولكن قضاء أوجبته المقادر أورم لك العذر الجميل مصححاً ... وفاك وقد كادت تضيق المعاذر أعيذك أن أمسي لودك عامراً ... ويصبح ودي وهو عندك داثر أنا لك أصل في المروءة طاهر ... وفصل بأنواع الفتوة ظاهر وإن تنسك الأيام عهدي فإنني ... وحقك للعهد القديم لذاكر إليك أخا الهيجاء نفثة موجع ... رآك لها أهلا فهل أنت شاكر؟ ودم وابق واسلم ما تألق بارق ... وهب نسيم واستهلت مواطر فراجعني بقوله: أبا حسن قلبي بودك عامر ... ولم يخل من ذكراكم منه خاطر ولولا مراعاة الزمان وأهلة ... لما عاقني بعدٌ ولا صدّ زاجر ولكن لأحوال الزمان معاذر ... إذا كان هذا الدهر ممن نحاذر أعيذك لا يخطر ببالك أنني ... سلوت وإن الود عندي داثر أبي الله والمجد من قول قائل ... فلان لميثاق الأحبة غادر وقد تقبل العذر الخفي تكرماً ... فما بال عذري واقف وهو مسافر؟ إليك أبا منصور عذراً تجمجمت ... به نفثات الود وهي حواسر تجشمها فإني عن جوابك محجم ... ومعتذر عنه فقل أنا عاذر وممن نقل عنه صاحب ((السلافة)) إبراهيم ن يوسف المهتار الملكي, قال في حقه: شاعر بذيء اللسان, كثير الإساءة قليل الإحسان, وقد نقل من محاسن شعره مقاطيع جيدة تدل على جودة شعرة, وإنه ليس بدون من نقل عنه, ولكن للناس فيما يعشقون مذاهب, وقد ذكر له قصيدة قالها لما وقع البيت المعظم وهي: ماجت قواعد بيت الله واضطربت ... واهتزت الأرض من أقطارها وربت وأمست الكعبة الغراء واقعة ... مما أشك بأن الساعة أقتربت فأي خطب به أحشاؤنا انصدعت ... وأي هول به ألبابنا سلبت وأي دهر لقينا من نوائبه ... ما لو على الشامخات الشم لا نسربت إنا إلى الله من دنيا منغصة ... أيامها مستردات لما وهبت أبدت عجائب لا تقوى العقول لها ... وأي نفس من الأيام ما عجبت هي التي لعبت جدت وفت غدرت ... قست ألانت أبت دانت نأت قربت كم رام أهل النهى من قبل أعصرنا ... صفواً لعيشهم من شوبها فأبت وكم أرادوا بإدراك ومعرفة ... تقويم منآدها بالرأي فاضطربت فما نرجي وقد ولت بشاشتها ... وأوجه الأنس من لذاتها شحبت ما بعد منظر بيت الله منهدماً ... تلقى حشاشة حر في البقا رغبت فأي عين على ما كان ما انسكبت ... وأي روح على ما صار ما وصبت؟ لهفي على كعبة الله التي افترقت ... أحجارها بعدما في حبها اصطحبت لهفي على تلكم الأستار كيف غدت ... أيدي سبا وبوحل السحب قد سحبت لهفي على تلكم الآثار كيف عفت ... وكيف جذت حبال الوصل واقتطفت لهفي على تلكم الأطفال كيف قضت ... وكيف جذت حبال الوصل واقتضبت لهفي على تلكم الأقمار ما شرقت ... بالماء إلا بآفاق الثرى غربت لهفي ولست لعمري منشداً أبداً ... سقى منى وليالي الخيف ما شربت فكم بأكنافها من مهجة ذهبت ... وكم جنوب على ساحتها وجبت وكم بذلك من ذكرى ومعتبرٍ ... لمن تذكر لكن النهى عزبت يا خالق الخلق عفواً عن جرائمنا ... فخوف أنفاسنا مما قد ارتكبت وقوله من صدر قصيدة: قف بالمعاهد من ميثاء ملحوب ... شرقي كاظمة فالجزع فاللوب واستلمح البرق إذ تهفو لوامعه ... على النقاهل سقى حي الأعاريب يا حبذا إذ بدا يفتر مبتسما ... أعلى الثنية من شم الشناخيب والجو مضطرم الأحشاء يحسبه ... برداً أصيب حواشيه بالهوب يا بارقاً لاح وهناً من ديارهم ... كأنه حين يهفو قلب مرعوب

أذكرتني معهدا كنا بجيرته ... نستقصر الدهر من حسن ومن طيب لم أنس بالتلعات الجون موقفنا ... والحي ما بين تقويض وتطنيب وقد بدا لعيون الصب سرب ظبا ... حفت بظبي ببيض الهند محجوب لم تبد تلك الدمى إلا لسفك دمي ... ولا العذاب اللمى إلا لتعذيبي ومن قوله: أذكى بقلبي لاعج الاشجان ... برق أضاء على ربا نعمان أجرى مدامع مقلتي أورى زنا ... د صبابتي أشجى فؤادي العاني ما شاقني إلا لكون وميضه ... بربى الهوى ومعاهد الخلان يا برق جد بالدمع في أطلالهم ... عني فسح الدمع قد أعياني لم أسأل الأجفان سقي عهودهم ... إلا وجادت لي بأحمر قان واها لأيام العذيب إذ اللوى ... وطني وسكان الحمى جيراني إذ كنت طوعاً للهوى واللهو في ... ظل الشبيبة ساحب الأردان تشجيني الورقاء إن صدحت على ... تلك الغصون بنغمة الألحان ويشوقني بان النقا وحلول وا ... ديه وحسن الدار بالسكان ومن قوله: ألا لا تغضبن لمن تعالى ... ولا تبد الوداد لمن جفاكا ولا تر للرجال عليك حقاً ... إذا هم لم يروا لك مثل ذاكا وممن ذكر صاحب ((السلافة)) السيد حسن ابن شدقم الحسيني المدني، قال في حقه: واحد السادة، وأحد السادة في دست الرياسة، جمع إلى شرف العلم عز الجاه، ونال من خير الدنيا والآخرة مرتجاه، وله شعر بديع فائق، كأنه اقتطفه من أزهار تلك الحدائق، فمنه قوله حين أنف من مقامه في وطنه بين أقوامه وعطنه: وليس غريباً من نأى عن دياره ... إذا كان ذا مال وينسب للفضل وإني غريب بين سكان طيبة ... وإن كنت ذا علم ومال وفي أهلي وليس ذهاب الروح يوماً منية ... ولكن ذهاب الروح في عدم الشكل وهو من قول البستي: وإني غريب بين بست وأهلها ... وإن كان فيها جيرتي وبها أهلي وما غربة الإنسان في شقة النوى ... ولكنها والله في عدم الشكل ولمؤلف "السلافة" من أبيات في هذا المعنى: وإني غريب بين قومي وجيرتي ... وأهلي حتى ما كأنهم أهلي وليس غريب الدار من راح نائباً ... عن الأهل لكن من غدا نائل الشكل فمن لي بخل في الزمان مشاكل ... ألف به من بعد طول النوى شملي ومن شعر السيد المذكور: لا بد للإنسان من صاحب ... يبدي له المكنون من سره فاصحب كريم الأصل ذا عفة ... تأمن إن عاداك من شره ونقل أيضاً عن ابنه السيد محمد بن حسن بن شدقم الحسيني, قال في حقه: فرع ثبت أصله فنما، وزكا جداً وأبا وابنما: طابت بطيبة مغارس جدوده وآبائه، وتفرعت بها مفارع مجده وآبائه، فانفسحت خطاه في الفضائل والمآثر، وأذعن لأدبه كل ناظم وثائر، له شعر غرد به ساجع براعته وصدح، وأورى زناد البيان بحسن بلاغته وقدح، فمنه قوله مذيلاً بيت أبي دهبل وهو قوله: وأبرزتها بطحاء مكة بعدما ... أصات المنادي بالصلاة فأعمتا فأرج أرجاء المعرف عرفها ... وأضوى ضياها الزبرقان المعظما وحيا محياها الملبون وانتشى ... بنشر محياها الممنع واللمى وروض منها كل أرض مشت بها ... تجر التصابي بين أترابها الدمى هي الشمس إلا أن فاحمها الدجى ... هي البدر لكن لا يزال متمما تجول مياه الحسن في وجناتها ... وتمنع سلسال الرضاب أخا الظما وتسلب يقظان الفؤاد شارده ... وتكسو رداء الحسن جسماً منعما مهام تصيد الأسد سهم لحاظها ... ومن عجب صيد الغزالة ضيغما يعللني ذكر الحمى مترنم ... وما شغفي لولا الغزالة بالحمى أصب لنجدي الرياح تعللاً ... ومن فقد الماء الطهور تيمما وقد اقتفى السيد الذكور في هذه الأبيات أثر الشريف الرضي وقال رحمه الله في كتابه"الدرر والغرر":ذاكرني بعض الأصدقاء يقول أبي دهبل: وأبرزتها بطحاء مكة بعدما ... أصات المنادى بالصلاة فاعتما وسألني إجازة هذا البيت بأبيات تنضم إليه وأن أجعل الكناية عن امرأة لا عن ناقة فقلت في الحال: فطيب رياها المقام وضوأت ... بإشراقها بين الحطيم وزمزما فيا رب إن لقيت وجه تحية ... فحي وجوها بالمدينة سهما

شعر

تجامين عن مس الدهان وطالما ... عصمن عن الحاء كفاً ومعصما وكم من جليد لا يخامره الهوى ... فشن عليه الوجد حتى تتيما أهان لهن النفس وهي كريمة ... ألقى إليهن الحديث المكتما تسفهت لما أن مررت بدارها ... وعوجلت دون الحلم أن أتحلما ويوم وقفنا للوداع وكلنا ... بعد مطيع الشوق من كان أحزما نظرت بقلب لا يعنف في الهوى ... وعين متى استمطرتها قطرت دما قال مؤلف"السلافة": وقلت أنا ناسجاً على هذا المنوال: أبرزتها بطحاء مكة بعدما ... أصات النادي بالصلاة فاعتما فضوء أكناف الحجون ضياؤها ... وأشرق بين المأزمين وزمزما ولما سرت الراكب نفحة طيبها ... تغنى بها حاديهم وترنما وشام محياها الحجيج على السرى ... فيمم مغناها ولبى أحرم أناة هي الشمس المنيرة في الضحى ... ولكنها تبدو إذا الليل أظلم تعلم منها الغصن عطفة قدها ... وما كان أحرى الغصن أن يتعلما وأسفر عنها الصبح لما تلثمت ... ولو أسفرت يوماً للصبح تلثما إذا ما رنت لحظاً وماست تأوداً ... فما ظبية الجرعا وما بانة الحمى وكم حللت بالقصد قتل أخي هوى ... وكان يرى قبل الصدود محرما وظنت فؤادي خالياً فرمت به ... هوى عاد دائي منه أدهى وأعظما لو أنها أبقت علي أطقته ... ولكنها لم تبق لحما ولا دما وقال وأنشدني الشيخ أحمد الجوهري لنفسه: فشاهدت لو أبصر البدر وجهها ... لكان به مضنى ولوعاً ومغرماً ولو عرضت ركب الحجيج تعده ... للبى لما يدعو هواها وأحرما وعرف بالكثبان من عرصاتها ... وقال منى من دارها حين خيما فلا تعذلوا في حب ظمياء إنها ... لها مبسم يشفي الفؤاد من الظما أعذب من صوب الغمامة مرشفاً ... وأضوأ من لمع الرق تبسما وأجمل من ليلى وسلمى وعزة ... وسعدى ولبنى والرباب وكلثما وكم ملك في قومه كان قاهراً ... فأضحى ذليلاً في هواها متيما يدين لما تهوى مطيعاً لأمرها ... وإن ظلمته لم يكن متظلما فظل الملوك الصيد تعثر بالثرى ... إذا قاربوا أو شاهدوا ذلك الحمى وقال: وأما بيت أبي دهبل المذيل عليه فهو، من قصيدة له يصف فيها ناقته وهي قوله: ألا علق القلب المتيم كلثما ... لجاجا فلم يلزم من الحب ملزما خرجت بها من بطن مكة بعدما ... أصات المنادي بالصلاة فاعتما فما نام من داع ولا ارتد سامر ... من الحي حتى جاوزت بي يلملمها مرت ببطن البث تهوي كأنما ... تبادر بالإدلاج نهباً مقسما وجازت على البزواء والليل كاسر ... جناحين بالبزواء ورداً وأدهما فما ذر الشمس حتى تبينت ... بعليب نخلاً مشرفاً ومخيما ومرت على أشطان دوقه بالضحى ... فما حدرت للماء عيناً ولا فما ِوما شربت حتى ثنيت زمامها=وخفت عليها أن تخر وتكلما فقلت لها قد نلت غير ذميمة ... وأصبح وادي البرك مديما شعر ابن النحاس وممن نقل عنه صاحب "السلافة"الشيخ فتح الله ابن النحاس المدني قال في حقه: هو ناظم قلائد العقيان، الشاعر الساحر والباهر بما هو ألذ من الغمض في مقلة الساهر فهو صانع إبريز القريض، وغن عرف ابن النحاس، ومسترق حر الكلام فما أشعار عبد بني الحسحاس، والمبرز في الأدب على من درج ودب، وحسبك من لقبه الأدباء بمحك الأدب، ولو لم تكن له الإحائية التي سارت بها الركبان، وطارت شهرتها بخوافي النسور، وقوادم العقبان لكفته دلالة على أناقة قدره، وإشراق شمسه في سماء البلاغة وبدره، وله ديوان شعر لم أره، ولكنني سمعت خبره وقصيدته المشار إليها هي قوله في الأمير محمد بن فروخ أمير حاج الشام: بات ساجي الطرف والشوق يلح ... والدجى إن يمض جنح جاء جنح فكان الشرق باب للدجى ... ماله خوف هجوم الصبح فتح يقدح النجم لعيني شرراً ... ولزند الشوق في الأحشاء قدح لا تسل عن حال أربا الهوى ... يا ابن ودي ما لهذا المال شرح لست أشكو حال جفني والكرى ... إن يكن بيني وبين النوم صلح

إنما حلي للمحبين البكا ... أي فضل لسحاب لا يسح ما نداماي وأيام الصبا ... هل لنا رجع وهل للعمر فسح بصحتك المزن يا دار اللوى ... كان لي فيها خلاعات وشطح حيث لي شغل بأجفان الظبا ... ولقلبي مرهم منها وجرح كل عيش ينقضي ما لم يكن ... مع مليح ما لذاك العيش ملح وبذات الطلح لي من عالج ... وقفة أذكرها ما اخضل طلح حيث منا الركب بالركب التقى ... وقضى حاجاته الشوق الملح لا أذم العيس للعيس يد ... في تلاقينا وللأسفار نجح قربت منا فماً نحو فمً ... فاعتنقنا والتقى كشح وكشح تزودت شذاً من مرشفٍ ... بفمي منه إلى ذا اليوم نفح وتعاهدنا على كأس اللمى ... وإنني ما دمت حياً لست أصحو يا ترى هل عند من قد رحلوا ... أن عيشي بعدهم كد وكدح كم أداوي القلب قلت حيلتي ... كلما داويت جرحاً سال جرح وكم أدعو ومالي سامع ... فكأني كلما أدعو أبح حسنوا القول وقالوا غربة ... إنما الغربة للأحرار ذبح أشتكي برح الجوا إن لم يرى ... كابن فروخ لم يشك برح أين من كان لعاب سيفه ... ما له إلا بأعلى القرن مسح فاذا قيل ابن الفروخ أتى ... سقطوا لو أن ذاك القول مزح كل من أسره من رعيه ... نومه اليوم بظل السيف سدح بأبي أفدي أميري إنه ... صادق القول نقي العرض سمح كل ما قد قيل في ترجيحه ... في الندى أو في الوغى فهو الأصح كم طروس بالقنا يكتبها ... وسطور بلسان السيف يمحو يا عروس السيف والخيل له ... من قراع الخيل والأبطال صدح يا رجال الخيل والحرب لها ... في حياض الموت بالأبطال سبح خط سيف الجود في حظي الذي ... هو كالدهر يمني ويشح أنقذني واتخذني بلبلاً ... صدح بين يدي علياك مدح طالع الأدبار مالي وله ... إن يكن من كوكب الإقبال لمح كل بيت في العلا أنحته ... من نضيد الدر والياقوت صرح ناطق عني بالفضل الذي ... إن تبارى فله في الفوز قدح بقواف كسقيط الطل أو ... إنها من وجنات الغيد رشح خلقت طوع يدي كيما ترى ... إنها كمن يتبعها وهي تشح وله أيضاً: رأى اللوم من كل الجهات فراعه ... فلا تنكروا إعراضه وامتناعهُ ولا تسألوه عن فؤادي فإنني ... علمت يقيناً أنه قد أضاعه له الله ظبياً كل شييء يروعه ... فيا ليت لي شيئاً يزيل ارتياعه ويا ليته لو كان من أول الهوى ... أطاع عزولي واكتفينا نزاعه فما راشنا بالسوء إلا لسانه ... وما خرب الدنيا سوى ما أشاعه أشاع الذي أغرى بنا ألسن العدى ... وطير عن وجه التغالي قناعه وأصبح من أهوى على فيه قفلة ... يكتم خوف الشامتين انفجاعه وآلى على أن لا أقيم بأرضه ... وأحرمني يوم الفراق وداعه فرحت وسيري خطوة والتفاتة ... إلى فائت منه أرجي ارتجاعه ذرعت الفلا شرقاً وغرباً لأجله ... وصيرت أخفاف المطي ذراعه فلم يبق أرض ما وطئت بساطها ... ولم يبق بحر ما رفعت شراعه كأني ضمير كنت في خاطر النوي ... أحاط به واشي السرى فأذاعه أخلاي من دار الهوى زارها الحيا ... ومد إليها صالح الغيث باعه بعيشكم عوجوا على من أضاعني ... وحيوه عني ثم حيوا رباعه وقولوا فلان أوحشتنا نكاته ... وما كان أحلى شعره وابتداعه فتى كان كالبنيان حولك واقفاً ... فليتك بالحسنى طلبت اندفاعه أبحت العدى سمعاً فلا كانت العدى ... متى وجدوا خرقاً أحبوا اتساعه فكنت كذى عبد هو الرجل والعصى ... تجنى بلا ذنب عليه فباعه لكل هوى واش وإن ضعضع الهوى ... فلا تلم الواشي ولم من أضاعه إذ كنت تسقى الشهد ممن تحبه ... فدع كل ذي عذل يبيع فقاعه وقولوا رأينا من حمدت افتراقه ... ولم ترنا من لم تذم اجتماعه وإني الذي كالسيف حداً وجوهراً ... لمن رام يبلو ضره وانتفاعه وما كنتما إلا يراع وكاتبا ... فملا وألقى في التراب يراعه

فإن أطرق الغضبان أوخط في الثرى ... فقولوا فقد ألقى إليكم سماعه وقال مضمناً: لا يدعي بدر لوجهك نسبة ... فأخاف أن يسود وجه المدعي والشمس لو علمت بأنك دونها ... هبطت إليك من المحل الأرفع وله يمدح بعض مكارم عصره: ألام انتظاري للوصال ولا وصل ... وحتام لا تدنو إلي ولا أسلو وبين ضلوعي زفرة لو تبوأت ... فؤادك ما أيقنت أن الهوى سهل جميلاً بصب زاده النأي صبوة ... ورفقا بقلب مسه بعدك الخبل إذا طرفت منك العيون بنظرة ... فأيسر شيءٍ عند عاشقك القتلى أمنعمة بالزورة الظبية التي ... بخلخاله حلم وفي قرطها جهل ومن كلما جردتها من ثيابها ... كساها ثيابا غيرها الفاحم الجثل سقى المزن أقواماً بعساء رامة ... لقد عطلت بيني وبينهم السبل وحيَّا زمانا كلما جئت طارقاً ... سليمى أجابتني إلى وصلها جمل تود ولا أصبو وتوفي ولا أفي ... وأنأى ولا تنأى وأسلو ولا تسلو إذا الغصن غض والشباب بمائه ... وجيد الرضى من كل ناتئة عطل ومن خشية النار التي فوق وجنتي ... تقاصر إن يدنو بعارض النمل بروجي من ودعتها ومدامعي ... كسمط جمان جن من سمطه الحبل كأن قلاص المالكية نوخت ... على مدمعي فارفض من مدره الأئل وما ضربت تلك الخيام بعالج ... لقصد سوى أن لا يصاحبني العقل وجدب كأن العيس فيه إذا خطت ... تسابق ظلاً أو يسابقها الظل يسمن بنا الانضاء حتى كأننا ... جياد رحى أو أرضنا معنا قفل إذا عرضت لي من بلاد مذلة ... فأيسر شيء عندي الوخد والرحل وليس اعتساف البيد عن مربع الأذى ... يذل ولكن المقام هو الذل وما أنا ممن إن جهلنا خلاله ... أقامت به القامات والأعين النجل وكل رياض جئتها لي مرتع ... وكل أناس أكرموني هم الأصل ولي باعتمادي أبلج الوجه راشد ... عن الشغل في أثار هذا الورى شغل همام رست للمجد فيه جنب عزمه ... جبال جبال المجد في جنبها سهل وليث هياج ما عيين جفونه ... من الكحل إلا والعجاج لها كحل يقوم مقام الجيش إن غاب جيشه ... ويغمد حد النصل إن غمد النصل زكت شرفاً أعراقه وفروعه ... وطابت لنا منه الفضائل والفعل إذا لم يكن فعل الأمير كأصله ... كريماً فما تغني المناسب والأصل من النفر الغر الذين تألفوا ... مدى الدهر أن يأتي ديارهم البخل كرام إذا راموا فطام وليدهم ... من الثدي خطو البخل فانفطم الطفل ليوث إذا صابوا غيوث إذا هموا ... بحور إذا جادوا السيوف إذا سلوا وإن خطبوا مجدا فإن سيوفهم ... مهور وأطوار القنا لهم أرسل إذا قفلوا تنأى العلى حيث ما نأوا ... وإن نزلوا حل الندى حيثما حلوا توالت على كسب الثناء طباعهم ... وأعراضهم حرم وأموالهم حل أمولاي إن تمضي فغيض سما العدا ... وقامت قناة الدين وانتشر الفضل وإن يك قد أفضى الزمان بسالم ... فإنك روض الوبل إن ذهب الوبل إليك ارتمت فينا قلاص كأنها ... قسي بأسفار كأنهم نبل وما زجر الأنضاء سوطي وإنما ... إليك بلا سوق تساوقت الإبل وكل لحاظ لست إنسانها قذى ... وكل بلاد لست صيبها محل وقال صاحب "السلافة" قد لمحت في أول الترجمة بقولي فما أشعار عبد بني الحسحاس لقوله: أشعار عبد بني الحسحاس قمن له ... يوم الفخار مقام الأصل والورق إن كنت عبداً فنفسي حرة كرماً ... أو أسود الخلق إني أبيض الخلق وعبد بني الحساس هذا: هو سحيم، وكان عبدا اسود نوبيا، مطبوعا في الشعر، اشتراه بنو الحساس، فنسب إليهم، وهم بطن من بني أسد، وقد أدرك النبي، ويقال: انه تمثل من شعره بكلمة غير موزونة، وهي: كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا. فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا رسول الله إنما قال الشاعر: كفى الشيب والإسلام للمرء ناهياً، فجعل لا يطبق فقال أبو بكر: أشهد أنك رسول الله، وما علمناه الشعر وما ينبغي له. ويقال: أنه أنشد عمر رضي الله عنه قوله:

عميرة ودع إن تجهزت غادياً ... كفا الشيب والإسلام للمرء ناهيا فقال له عمر رضي الله عنه: لو قلت شعرك مثل هذا لأعطيتك عليه. وعن محمد بن سلام قال: كان عبد بني الحسحاس حلو الشعر رقيق الحواشي وفي سواده يقول: وما ضر أثوابي سواي وإنني ... لكالمسك لا يسلو عن المسك ذائقه كسيت قميصاً ذا سواد وتحته قميص من الإحسان بيض بنائقه وعن أبي مسهر، قال: أخبرني بعض الأعراب أن أول ما تكلم به عبد بني الحسحاس أنهم أرسلوه رائداً فجاء وهو يقول: أنعتُ غيثاً حسناً نباته ... كالحبشي حوله بناته فقالوا شاعر والله، ثم نطق بالشعر بعد ذلك. قال محمد بن سلام: أتى عثمان رضي الله عنه بعبد بني الحسحاس ليشتريه، فأعجب به فقيل له: إنه شاعر. وأرادوا أن يرغبوه فيه، فقال: لا حاجة لي فيه فإن الشاعر لا حريم له إن شبع شب بنساء أهله، وإن جاع هجاهم، فاشتراه غيره، فلما رحل به قال في طريقه: أشوقاً لما تمض لي غير ليلة ... فكيف إذا سار المطي بنا شهراً وما كنت أخشى مالكاً أن يبيعني ... بشيء ولو أضحت أنامله صفرا أخوكم ومولاكم وصاحب سركم ... ومن قد سوى فيكم وعاشركم دهرا فلما بلغهم شعره، رثوا له واستردوه وكان يشبب بنسائهم حتى قال: لقد تحدر من جبين فتاتكم ... عرق على متن الفراش وطيب فقتلوه والله أعلم. وممن ترجم له صاحب "السلافة"الشيخ حسن بن الشهيد الشامي العاملي، قال في حقه: هو شيخ المشايخ الجلة، ورئيس المذهب والملة، الواضح الطريق والسنن المحقق، ولا يراع له يراع والمدقق الذي راق فضله وراع المتفننين في جميع الفنون، والمتفخر به الآباء والبنون، وأما الأدب فهو روضه لأريض، ومالك زمام السجع منه والقريض، والناظم قلائده وعقوده، والمميز عروضه من تقوده وسأثبت منه ما يزدهيك إحسانه وتعطيك خرائده وحسانه. فمن ذلك قوله: طول اغترابي بفرط الشوق أضناني ... والبين في غمرات الوجد ألقاني فما رأيتك بالآفاق معترضاً ... إلا وذكرتني أهلي وأوطاني وما سمعت شج الورقاء نايحة ... في الأيك إلا وشبت منه نيراني كم ليلة من ليالي البين بت بها ... أرعى النجوم بطرفي وهي ترعاني كأن أيدي خطوب الدهر منذ نأوا ... عن ناظري كحلت بالسهد أجفاني ويا نسيماً سرى من حيهم سحراً ... في طيه نشر ذاك الرند والبان أحييت ميتاً بأرض الشام وجهته ... وفي العراق له تخييل جثمان وكم حييت وكم قد مت من شجن ... ما ذاك أول إحيائي ولا الثاني شابت نواصي من وجدي فوا أسفي ... على الشباب فشيبي قبل إباني يا لائمي وبهذا اللوم تزعجني ... دعني فلومك قد والله أغراني لا يسكن الوجد مادام الشتات ولا ... تصفو المشارب لي إلا بلبنان في ربع أنسي الذي حل الشباب به ... تمائمي وبه صيحي وخلاني كم قد عهدت بهاتيك المعاهد من ... إخوان صدق لعمري أإخوان وكم تقضت لنا بالحي آونة ... على المسرة في كرم وبستان لم أدر حال النوى حتى علقت به ... فغمرتي من وقوعي قبل عرفاني حتام دهري على الهون تمسكني ... هلا جنحت لتسريحي بإحسان أقسمت لولا رجاء القرب يسعفني ... فكلما مت بالأشواق أحياني لكدت أقضي بها نحبي ولا عجب ... كم أهلك الوجد من شيب وشبان يا جيرة الحي قلبي بعد بعدكم ... في حيرة بين أوصاب وأحزان يمضي الزمان عليه وهو ملتزم ... بحبكم لم يدنسه بسلوان باق على العهد راع للزمام فما ... يسوم عهدكم يوماً بنسيان فإن براني سقامي أو نأي رشدي ... فلا عج الشوق أو هاني وألهاني وإن بكت مقلتي يوم الفراق دماً ... فمن تذكركم يا خير جيران وقوله وهو من محاسن شعره: فؤادي ظاعن إثر النياق ... وجسمي قاطن أرض العراق ومن عجب الزمان حياة شخص ... ترحل بعضه والبعض باق وحل السقم في بدني فأمسى ... له ليل النوى ليل المحاق وصبري راحل عما قليل ... لشدة لوعتي ولظى اشتياقي وفرط الوجد أصبح بي خليعاً ... ولما ينو في الدنيا فراقي

وتبعث ناره في الروح حيناً ... فيوشك أن تبلغها التراقي وأظمأني النوى وأراق دمعي ... فلا أروى ولا دمعي براق وقيدني على حال شديد ... فما حرز الرقى منه بواق أبى الله المهيمن أن تراني ... عيون الخلق محلول الوثائق أبيت مدى الزمان لنار وجدي ... على جمر يزيد به احتراقي وما عيش الزمان صفاء يوم ... يلوذ بظله مما يلاقي سقتني نائبات الدهر كأساً ... مريراً من أباريق الفراق لم يخطر ببالي قبل هذا ... لفرط الجهل أن الدهر ساقي وفاض الكأس بعد البين حتى ... لعمري قد جرت منه السواقي فليس لداء ما ألقى دواء ... يؤمك نفعه إلا التلاقي وممن نقل عنه صاحب"السلافة"الشيخ زين الدين بن الشيخ محمد حسن الشامي العاملي قال في حقه: زين الأئمة، وكاشف الغمة، شرح الله صدره للعموم، وبنى له من رفيع الذكر صرحاً مع زهد أسس بنيانه على التقوى، وصلاح أهل ربه ربعه فما أقوى، وآداب تحمر خدود الورد من أنفاسها خجلاً، وشيم أوضح بها غوامض مكارم الأخلاق وجلا، رأيته بمكة المشرفة شرفها الله تعالى، والفلاح يشرق من محياه، وطيب الأعراق يفوح من نشر رباه، وما طالت مجاورته بها حتى وافاه، وانتقل من جوار حرم الله إلى جوار الله عز وجل توفي سنة1062 اثنتين وستين وألف رحمه الله تعالى، وله شعر خلب به العقول ويحر، وحدت رقته أنفاس نسيم السحر، فمن ذلك ما كتبه على الوالد من مكة المشرفة مادحاً له وذلك سنة 1061: شام برقاً لاح بالأبرق وهنا ... فصبا شوقاً إلى الجزع وحنا وجرى ذكر أثيلات النقا ... فشكى من لاعج الوجد وإن دنف قد عاقه صرف النوى ... وخطوب الدهر عما يتمنى شفه الشوق إلى بان اللوى ... فغدا منهمل الدمع معنى أسلمته للردى أيدي الأسى ... عندما أحسن بالأيام ظنا طالما أمل المام الكرى ... طمعاً في زورة الطيف وأنى كلما جن الدجى حن إلى ... زمن الوصل فأيدي ما أجنا وإذا هب نسيم من ربا ... حاجر أهدى له سقماً وحزنا يا عريباً باحمى لولاكم ... ما صبا قلبي إلى ربع ومغنى كان لي صير فأوهاه النوى ... بعدكم يا جيرة الحي وأفنى قاتل الله النوى كم قرحت ... كبداً من ألم الشوق وجفنا كدرت مورد لذاتي وما ... تركت لي من جميل الصبر ركنا قطعت أفلاذ قلبي والحشا ... وكستني من جليل السقم وهنا فإلى كم أشتكي جور النوى ... أقاسي من هوى ليلى ولبنى قد صحا قلبي من سكر الهوى ... بعدما أزعجه السكر وعنى ونهاني عن هوى الغيد النهى ... وحباني الشيب إحساناً وحسنا وتفرغت إلى مدح فتى ... سنة المعروف والإفضال سنا يجد الربح سوى نيل العلى ... في طلاب المجد خسراناً وغبنا لم يزل في كل حين بابه ... مأمناً من نوب الدهر وحصنا غمرت سحب أياديه الورى ... نعماً فهو للفظ الجود معنى ورث السؤدد عن آبائه ... مثل ما قد ورثوا بطناً فبطنا حل من أوج العلى مرتبة ... صار منها النسر والعيوق آدنى تهزأ الأقلام في راحته ... برماح الخط لما تتشنى جادنا من راحتيه سحب ... تمطر المسجد لا ماء ومزنا يا عماد المجد يا من لم تزل ... منه معاليه ثمار الفضل تجنى عضني الدهر بأنياب الأسى ... تركتني في يد الأسواء رهنا هائماً في لجة الفكر ولي ... جسد أنحله الشوق وأضنى كلما لاح لعيني بارق ... من نواحي الشام وأضناني وعنى وكبت آمالنا شوقاً إلى ... ورد إنعامك والأنضاء سقنا بعدما انحلت العيس السرى ... وأبادت في فيافي البيد بدنا وبأكنافك يا كهف الورى ... من تصاريف صروف الدهر لذنا ونهي مجدك العالي بما ... حازه بل كلما حاز تهنى وابق يا مولى الموالي بالغاً ... من مقامات العلى ما تتمنى ومن قوله أيضاً: سئمت لفرط تنقلي البيداء ... وشكت لعظم ترحلي الأنضاء ما أن أرى في الدهر غير مودع ... خلاً وتوديع الخليل عناء

شعر

أبلى النوى جلدي وأوقد في الحشا ... نيران وجد ما لها إطفاء فقدت لطول البين عيني ماءها ... فبكاؤها بدل الدموع دماء فارقت أوطاني وأهل مودتي ... وخرائداً غيداً لهن وفاء من كل مائسة القوام إذا بدت ... لجمال بهجتها تغار ذكاء ما أسفرت والليل مرخ ستره ... إلا تهتك دونها الظلماء ترمي القلوب بأسهم تصمي وما ... لجراحهن سوى الوصال دواء شمس تغار لها الشموس مضيئة ... ولها قلوب العاشقين سماء هيفاء تختلس القلوب إذا رنت ... فكأنما لحظاتها الصهباء ومعاشر ما كان صدق ولائهم ... نقض العهود ولا الوداد مراء ما كنت أحسب قبل يوم فراقهم ... أن سوف يقضى بعد ذاك بقاء فسقى ثرى وادي دمشق وجادها ... من هاطل المزن الملث حياء فيها أهيل مودتي وبتربها ... لجليل وجدي والسقام شفاء ورعى ليالينا التي في ظلها ... سلقت ومقلة دهرنا عمياء أترى الزمان يجود لي بإيابها ... ويتاح لي بعد البعاد لقاء فإلى متى يا دهر تصدع بالنوى ... أعشار قلب ما لهن قواء؟ وتسومني منك المقام بذلة ... ولهمتي عما تسوم إباء فأجابني لولا التغرب ما ارتقى ... رتب المكارم قبلك الآباء فاصبر على مر الخطوب فإنما ... من دون كل مرة ضراء واترك تذكرك الشام فإنما ... دون الشآم أهلها بيداء شعر الحرفوشي وممن نقل عنه صاحب "السلافة" الشيخ محمد بن علي ابن الحرفوشي الحويزي العاملي الشامي، وقال في حقه: منار العلم السامي وملتزم كعبة الفضل وركنها الشامي مشكاة الفضائل، ومصباحها المنير به مساؤها وصباحها، خاتمة أئمة العربية شرقاً وغرباً، والمرهف من كهام الكلام شباً وعربا، أماط عن المشكلات ثيابها، وذلل صعبها، وملك رقابها ألف بتأليفه شتات الفنون، وبتصانيفه الدر المكنون إلى زهد فاق به خشوعاً وإخباتا، ووقار لا توازيه الرواسي ثباتاً، وتأله ليس لابن أدهم غرره وأوضاحه، وتقدس ليس للسري سره وإيضاحه، وهو شيخ شيوخنا الذي عادت علينا بركات أنفاسه، واستضأنا من بواسطة من ضيا نبراسه، وله الأدب الذي أينعت ثمار رياضه، وتبسمت أزهار حدائق وغياضه، فمن مطرب كلامه الذي سجعت به على الأغصان أنامله على أقلامه، وقوله مادحاً شيخه شرف الدين الدمشقي سنة1026 ست وعشرين ألف. إذا منحت جفوني القرار ... فمر طارق الطيف يدني المزار فعلك تثلج قلباً به ... تأجج وجداً وزاد أستعار وانى يزور فتى قد براه ... سقاٌ يمض ولو زار حار خليلي عوج على رامةٍ ... لأنظر سلعاً وتلك الديار وعج بي على ربع من قد نأى ... لأسكب فيه الدموع الغزارة فقلبي من يوم نم المطي ... ترحل عني إلى حيث سار فهل أنشد لي وادي العقيق ... عنه فإني عدمت القرار بنفسي رشاً فاتك فاتن ... إذا ما تثنى يفوق العذارى وإما رنا باللحاظ أنبرت ... قلوب الأنام لديه حيار ومن عجب إنها لم تزل ... تعاقب بالحد وهي السكارى وأعجب من ذا رأينا بها ... انكساراً يقود إليها انتصار ولم أرى منها قبلها سافكاً ... دماءً ولم يخشى في القلب ثار تعير الغزالة من وجهها ... ضياءً وتسلبُ منها النفار وتحمي بمرهف أجفانها ... جنياً من الورد والجلنار تملكتني عنوة والهوى ... إذا ما أغار الحذار الحذار يرق العذول إذا ما رأى ... غرامي ويمنحني الاعتذار ومن رشقته سهام اللحاظ ... فقد عز برءاً وناء اصطبار حنانيك لست بأول من ... دعاه الغرام قلبي جهار ولا أنت أول صب جنى ... على نفسه حين أضحى جبار فرفقاً بقلبك واستبقه ... فقد حكم الوجد فيه وجار وعج من حديث الهوى واقرعن ... ال مدح من في العلى لا يجارى إمام توحد في المكرمات=ونال المعالي والافتخارا وأدرك شأو العلى يافعاً ... والبس شانيه منه الصغارا سما في الكلام الى غاية ... وناهيك من غاية لا تبارى مناقبه لا يطيق الذكي ... بياناً لمعشارها وانحصارا

غدا كعبة لاقتداء الورى ... وأضحى لباغي الكمال المنادا إليه المفاخر منقادة ... أبت غيره أن يكون الوجارا هو البحر لا ينقضي وصفه ... فحدث عن البحر تلق اليسارا إذا أظلم البحر من فكرة ... توقد عاد لديه نهارا يفيد لراجي المعالي على ... ويمنح عافي نداه النضارا وبكر تجرر أذيالها ... اليك دلالاً وتسعى بدارا أتتك من الحسن في مطرف ... تثنى قواماً أبى الاهتصارا تضوع عبيراً وتختال في ... ملابس وشي أبت أن تعارا تشكي إليك زماناً جنى ... عليها بنوه وخانوا الذمارا وهموا بإطفاء مقباسها ... فلم يجدوا حين راموا اقتدارا فكيف وانت الذي قد قدحت ... زناد ذكاها وأوقدت نارا فهاك عروساً ترجي بأن ... يكون القبول لديها نثارا ومنك اليك أتت اذ غدوت ... لها منشأ واضحاً والنجارا ودم واحد الدهر فرد الورى ... تنال سمواً وتحوي وقارا مدى الدهر ما لاح شمس الضحى ... وناوح بلبل روض هزارا وواصل صباً حبيب وما ... تذكر نجداً فحن ادكارا ومن قوله ما مدح به الفاضل الأديب اللطيف المقلري حيث يقول: يا ليتها إن لم تجد بوصال ... سمحت بوعد او بطيف خيال جنحت لما رشق الوشاة ونمقوا ... من أنني سال ولست بسال كيف السلو ولي فؤاد لم يزل ... لجحيم نيران الصبابة صالي ومدامع لولا زفيري لم يكن ... ينجو الورى من سحها المتوالي ونحول جسم واحتمال مكارهٍ ... وسهاد جفن وادكار ليالي فإلام أظمأ في الهوى ومواردي ... فيه سراب او لموع الآل ولم اختباري عن فؤادي كل من ... ألقى وقلبي عد ذات الخال هيفاء رنحها الدلال فأخجات ... هيف الغصون بقدها الميال في خدها الورد الجني وثغرها ... يحوي لذيذ الشهد والجريال حجبت محياها الجميل ببرقع ... كرقيق غيم فوق بدر كمال ونضت من الأجفان بيض صوارم ... ففرت بهن ولم تناد نزال فلكم عزيز يختشى من بأسهِ ... أضحى لديها في أشد وبال وأخو الهوى يلفي المذلة عزة ... ومذال أهل الحب غير مذال الله ليلة أقبلت بدجنةٍ ... فرقاً من الواشين والعذال ووفت كما شاء الغرام وأنعمت ... بالقرب بعد تبرم ودلال وحبت فؤادي بعد نار صدودها ... برد الوصال ومنتها الآمال فجنيت أوراد الخدود وطالما ... امتنعت علي وهيجت بلبالي وبلغت منها ما يؤمل وامق ... ورهبت منها الوصل خوف زوال حتى بدا الصبح المنير كأنه ... وجه الوحيد الماجد المفضال عبد اللطيف الأريحي أخي الندى ... بدر الدجا ذي النائل الهطَّال الألمعي اللوذعي الهبرزي ... الأوحدي محل كل كمال الفاضل الحبر الهمام ومحرز ... قصبات سبق أواخر وأوالي الكامل الندب المبين بفكره ... ما لم يلح من غامض الإشكال الواهب النعم الجسام ومانح العافي لجدواه جزيل بوال الناظم الشعر الذي لو حلت الشعرى له وفته بعض معال والغيد لو شاهدنه لبغينه ... عقداً يمن به على الأمثال أدب يروقك بهجةٌ وشمائلٌ ... فاقت نسيم صبا ولطف شمال ومآثر مروية ومفاخر ... محوية بعزيمة ومقال مهلاً أمير الفضل ماذا تبتغي ... فقت الورى إذكنت في الأطفال أصبحت كعبة قاصد وملاذ من ... وافى علاك لحادث مغتال أممت سدنك التي قد أصبحت ... مأوى الكمال ومعدن الإفصال فانقادت الآمال نحوي وانبرت ... نحوي المطالب دون سبق سؤال والدهر جاءك تائباً من حشده ... نحوي رعال الخطب إثر رعال ودرى بأني قد لجأت لماجد ... رحب الفاء مؤمل الإقبال فإليك من دور النظام قصيدة ... جاءتك ترفل في رداء جمال تمشي على مهل وتشكرك الذي ... أوليته من فضلك المنهال ومتى يوفي بعض وصفك ناظم ... وإلى علاك مآل كل كمال واسلم على مر الزمان مؤيداً ... جذلان ذا نعم موفر بال ما أخلصت وداً صحيفة كاتب ... وتلا مديحاً في النوال التالي

شعر

شعر ابن يوسف الشامي وممن ترجم له صاحب (السلافة) الشيخ العلامة محمد بن علي بن محمود بن يوسف الشامي قال في حقه: هو الهمام البعيد الهمة، المجلوة بأنواع علومه ظلم الجهل المدلهمة، اللابس في مطارف الكمال أظرف حلة، والحال من منازل الجلال في أشرف حلة، وأطال الثنا عليه بما ليس فوقه مزيد، إلى أن قال: وأما الأدب فعليه مداره، وإليه مراده وإصداره، ينشر منه ما هو أذكى من النشر في خلال النواسم بل أحلى من الظلم يترقرق في ثنايا المباسم، وما الدر إلا ما انتظم من جواهر كلامه، ولا السحر إلا ما نفثت به سواحر أقلامه، وأقسم إني لم أسمع بعد شعرِ مهيار والرضي، أحسن من شعره المشرقي المضي إن ذكرت الرقة فهو سوق رقيقها، أو الجزالة، فهو سفح عقيقها أو الانسجام فهو غيثه الصيب، أو السهولة فهو نهجها الذي تنكبه أبو الطيب، وسأثبت منه ما يقوم بينه هذه الدعوى، وتهوي إليه أفئدة أولي الألباب وتهوى، وإن صدف عن هذا المذهب ذاهب فللناس فيما يعشقون مذاهب، وها أنا أعتذر إليه من الإيجاز في الثنا عليه فما سطرته لمحة مما أقفو: ويا عجباً مني أحاول وصفه ... وقد فنيت فيه القراطيس والصحف وله علي من الحقوق الواجب شكرها ما يكل شبا يراعي عن ذكرها، وهو شيخي الذي أخذت عنه في بدء حالي، وأنضيت إلى موائد فوائده يعملات رحالي اشتغلت عليه فاشتغل بي، وكان دأبه تهذيب أدبي، ووهبني من فضله ما لا يضيع، وحنا علي حنو الظئر على الرضيع، ففرش لي حجر علومه، وألقمني ثدي معلومه حتى شحذ من طبعي مرهفاً، وبرى من نبعي مثقفاً، فما يسفح به قلمي إنما هو من فيض بحاره، وما ينفح به كلمي إنما هو من نسيم أسحار شعره: ومن منائح مولانا مدائحه ... لأن من زنده قدحي وإيرائي ثم ذكر خبر ظهوره من الشام، وأنه هاجر إلى الديار الأعجمية، فأقام بها برهة محمود السيرة، عاكفاً على بث العلم ونشره، وأطال، ثم قال: وهو اليوم يتحلى بفضل تشد إليه الرحال، ويتحلى بأدب يروي الإمحال، وينيف برتبة يقصر عنها كل متطاول: وترجع أيدي الناس دون منالها ... وأين الثريا من يد المتناول وسأثبت من نظمه ما تتعلق به البلاغة وتتمسك، ويتضوع به كافور الطروس ويتمسك، وتحسد حسن اتساقه الثغور، وتغار له نجوم السماء فتغور، فمن ذلك قوله في الغزل: أنت يا شغل المحب الواجد ... قبلة الداعي ووجه القاصد فتَّ آرام الفلا حسناً فما ... قابلت إلا بطرف جامد شأن قلبينا إذا صح الهوى ... يا حياتي شأن قلب واحد أكثر الواشون فينا قولهم ... ما علينا من مقال الحاسد لست أصغي لأراجيف العدى ... من يغالي في المتاع الكاسد وذكر له أشعاراً ضربت عن ذكرها لأجل الاختصار، ونقلت منها قوله وهو في غاية الرقة: أجدك شايعت الحنين المرجعا ... وغازلت غزلاناً على الخيف رتعا وطالعت أقماراً على وجرة النقا ... وقد كنت أنها العين أن تتطلعا ولم أر مثل الغيد أعصى على الهوى ... ولا مثل قلبي للصبابة أطوعا ومن شيمتي والصبر عندي شيمة ... متى أرم أطلالا بعيني تدمعا وقور على يأس الهوى ورجائه ... فما أتحسى الهم إلا تجرعا خليلي مالي كلما لاح بارق ... تكاد حصاد القلب أن تتصدعا طوى الهجر أسباب المودة بيننا ... فلم يبق في قوس التصبر منزعا إلى الله كم أغضبني الجفون على القذى ... وأطوي على القلب الضلوع توجعا ألا حبذا الطيف الذي قصر الدجى ... وإن كان لا يلقاك إلا مودعا ألم كحسوا الطير صادف منهلاً ... فأزعجه داعي الصباح فأسرعا وناضلته باللحظ حتى إذا رمى ... بسطت له حبل الهوى فتورعا قسمت صفايا الود بيني وبينه ... سواء ولكني حفظت وضيعا وحزَّت نياط القلب أسباب نيةٍ ... فلله قلبي ما أرق وأجزعا ومن قوله: راضتك أصعب ما تكون قيادا ... وسلتك أهلع ما تكون فؤادا لانت حصاتك في يدي متغطرس ... أحنى عليك مع الهوى أو كادا آلت عليك وفي أليتها الهوى ... أن لا تمازح طيفها إن عادا مرت تلاعب ظلها وتكاد من ... فرط النشاة تلاعب الآرادا

شعر

طارت بلبك حيث طار بها الهوى ... ورقاء قطع نوحها الأكبادا غنتك أحوج ما تكون إلى البكا ... (هل تحسنين لواجد إسمادا) ما أنصف الطيف الذي جلب الهوى ... أعزاك عزاً بالغرام فزادا إن الذي روى الجفون من الكرى ... أهدى إليك مع الخيال سهادا ما راب عينك من تلون لمةِ ... لبست على فقد الشباب حدادا كذب العذول العذر أصعب مركباً ... لا تأس إن نقص العذول وزادا ومُهوِن للوجد عندي قال لي ... والعيس تقدح للفراق زنادا أفنيت دمعك في البكاء وما حدوا ... عيساً وما شدوا لهم اقتادا لا يكذبنَّ فلقد رأيت مطيهم ... بالأمس تنقض في الفلا أجسادا خفض عليك من اللام فإنني ... عودت قلبي حبهم فاعتادا ومن قوله أيضاً: شرق على حكم النوى أو غرب ... ما أنت أول ناشب في مخلب في كل يوم أنت نهب محاسن ... أو ذاهب في إثر برق خُلَّب متألق في الجو بين مشرق ... غص الفضاء به وبين مغرب يبكي ويضحك والرياض بواسم ... ضحك المشيب على عذارا الأشيب أزعمت أن الذل ضربة لازب ... فنشبت في مخلاب باز أشهب لعبت بلبك كيف شاء لها الهوى ... مقلٌ متى جد النواظر تلعب زعمت عزيمة أن قلبك قد صبا ... من لي بقلب مثل قلبك قلَّب؟ قد كنت آمل أن تموت صبابتي ... حتى نظرت إليك يا ابنة يعرب فطربت ما لم تطربي ورغبت ما ... لم ترغبي وذهبت ما لم تذهبي ولقد دلفت إليهم في فتية ... ركبوا من الأخطار أصعب مركب جعلوا العيون على القلوب طليعة ... ورموا القفار بكل حرف ذعلب ترمي الفجاج وقلبها متصوب ... في البيد إثر البارق المتصوب هو جاء ما نفضت يداً من سبسب ... إلا وقد غمست يداً في سبسب تسري وقلب البرق يخفق غيرة ... منها وعين الشمس لم تتنقب تطفو وترسب في السراب كأنها ... فلك يشق عباب بحر زعرب تفلي بنا في البيض ناصية الفلا ... حتى رفعت إلى عقيلة ربرب وأتتك تخلط نفسها بلداتها ... والحسن يظهرها ظهور الكوكب كفريدة في غبغب أو شادنِ ... في ربرب أو فارس في موكب تمشي فتعثر في فضول ردائها ... بحياءِ بكر لا بنشطة ثيب ومن قوله: أرقت وصحبي بالفلاة هجود ... وقد مد فرع للظلام وجيد وأبعدت في المرمى فقال لي الهوى ... رويدك يا شاميُّ أين تريد أهذا ولما يبعد العهد بيننا ... بلى كل شيء لا ينال بعيد أراقوا دمي وما دمي بمحلل ... إذا لم ترقه أعين وخدود أأصبر عن ليلى وليلى ذي الغضا ... وصحبي بجزوى إنني لجليد؟ هي الظبية الأدماء والبانة التي ... تميد مع الأغصان كيف تميد أناة كقرن الشمس أما ضياؤها ... فدان وأما نيلها فبعيد وقفنا فمنا ممسك بفؤاده ... وآخر محلول العزاء عميد أليفان قد طارت بشمليهما النوى ... شريد وثاو بالعراق وحيد أما تتقين الله في متهالك ... على الحب حتى ما يقال وعيد طوى كشحه طي السجل على الجوى ... وبات وشيطان الهموم مريد إلى كم يدور الدهر بيني وبينكم ... وتبدي الليالي كيدها وتعيد؟ فقد جعل الواشي وأنت اتبعته ... من اليوم يسعى بيننا ويرود؟ تم الاختيار من شعر ابن يوسف الشامي وأخباره، ويليه الاختيار من شعر ابن خان الشامي وأخباره. شعر ابن خان دار الشامي قال صاحب (السلافة) :

الشيخ حسن بن شهاب الدين بن حسين بن خاندار الشامي الكري العاملي، طود رسا في مقر العلم ورسخ، وخطة الجهل بما خط نسخ، رأيته فرأيت منه فرداً في الفضائل وحيدا، وكملاً لا يجد الكمال عنه محيداً، تحل له الحبا وتعقد عليه الخناصر، أو في على من قبله, وبفضله اعترف المعاصر، يستوعب قماطر العلم حفظاً بين مقروء ومسموع، ويجمع شوارد الفضل جمعاً، هو في الحقيقة منتهى الجموع حتى لم ير مثله في الجد على نشر العلم، وإحياء مواته، وحرصه على جمع أسبابه وتحصيل أدواته، ثم ذكر انه في آخر عمره تعاطى علم الطب، ولم ينجح فيه، ثم قال ومع ذلك فقد طوى أديمه، من الأدب على أغزر ديمة، ومتى تقهقهت لهاته بالشعر، أرخص من عقود الآلي كل غالي السعر، إلى ظرف شيم وشمائل، تطيب بأنفاسها الصبا والشمائل، وإلمام بنوادر يحلي بها حديثه والحديث شجون، ولم يزل ينتقل في البلاد وينقلب، حتى قدم على الوالد قدوم أخي العرب على آل المهلب، وذلك في سنة 1076سبع وسبعين وألف، فأحله الوالد لديه، محلا عقد فيه نواصي الآمال بين يديه، وأمطره سحائب جوده وكرمه، ورد شباب أمله بعد هرمه، فأقام بحضرته بين خير وخير فقد ما شان من شانه تأخير حتى خوى من أفق الحياة طالعه، وأدجت بأفول عمره مطالعه، توفي رحمه الله يوم الاثنين لأحد عشرة بقيت صفر سنة 1076ست وسبعين وألف عن أربع وستين سنة 64 تقريباً، وله من المصنفات شرح (نهج البلاغة) ، و (عقود الدرر في حل أبيات المطول والمختصر) و (الاغاني) و (الاسعاف) وغير ذلك ومن شعره ما مدح به، وهي من غرر القصائد: بدت لنا وظلام الليل معتكر ... فقلت شمس الضحى لاحت أم القمر جاء البشير وقال الشمس قد بزغت ... ليلاً فصار عياناً ذلك الخبر فقل لمن لامني في حبها سفها ... إليك عني فإني لست أعتذر هي الحبيبة إن جادت وإن بخلت ... وكل ذنب جناه الحب مغتفر سيان عندي إذ صح الوداد لها ... أقل في حبها اللاحون أم كثروا لها المودة مني ما بقيت ولي ... حظ المحب وحظ العاذل الحجر يا منية النفس إن دام الوصال لنا ... فلا أبالي أغاب الناس أم حضروا ما لذة العيش إلا ما سمحت به ... أنت الحياة وأنت السمع والبصر لم يلهني عنك مطلوب ولا وطن ... ولا نديم ولا كأس ولا وتر فقت الحسان وفقت العاشقين معاً ... فلو أرادوا لحاقاً بي لما قدروا لاغرو أن أنكروا حالي فما سمعوا ... بمثلها في الهوى يوماً وما نظروا مالي وما لفتاة الحي قد صرمت ... حبلي وأنكرني أترابها الأُخر هيفاء وافرة الارداف مائلة الاع ... طاف ما شانها طول ولا قصر بيضاء وردية الخدين وجنتها ... يكاد منها سلاف الراح يعتصر لم يبق لي بعدها صبر ولا جلد ... ولا فؤاد ولا عين ولا أثر إن كان قد راعها فودي فلا عجب ... إن شاب رأسي ففي الأيام معتبر يا منيتي لا تراعي من ضنى جسدي ... فنار حبك لا تبقي ولا تذر لا تجزعي من نحولي وانظري هممي ... قد يعجز السيف عما تفعل الإبر ولا تكوني على قرب المزار لنا ... كبقلة الرمل لا ظل ولا ثمر ما الشيب عار ولا شيء أعاب به ... فلا تظنيه ذنباً ليس يغتفر أن تهجريني فإني عنك في شغل ... من لذة العيش حيث الماء والشجر في ظل أروع مازالت أوامره ... تجري على وفق ما يجري به القدر ماضي العزيمة لا ضعف ينهنهه ... عما يروم ولا في عوده خور بحر من الجود لم تكذب خمائله ... يوماً ولا أخلفت إذ يخلف المطر وليث غاب يهاب الليث سطوته ... في مأزق يحتويه البدو والحضر إذا استدارت رحى الحرب العوان غدا ... يمشي العرضنة لا وانٍ ولا ضجر كأنما في مثاني درعه أسد ... ششن البراثن مرهوب الشبا زئر ما جردت في لظى حرب صوارمه ... إلا وكادت قلوب الشوس تنفطر يرون منها نجوم الليل ساطعة ... عند الضحى والقنا كالغاب مشتجر فقل لمن لامني في مدحه سفهاً ... هل لابن معصوم مثل حين يفتخر؟ من أسرة شهدت غلب الرجال لهم ... بالغلب حيث يبين النبع والعشر

لا يقبضون عن الحسنى أناملهم ... ولا يحازون بالأسوا إذا قدروا يبيت في الأمن مولاهم وحاسدهم ... بالويل حشو شاه الخوف والحذر لا تنكر الناس ما عاشوا سوابقهم ... ولا يساجلهم قوم وإن فخروا يا ماجداً يهب الدنيا بأجمعها ... عفواً ويعطي الضنايا وهو يعتذر تهن بالعيد والعام الجديد معاً ... فالعيش مقتبل والدهر مؤتمر ودم كرضوى دواماً لا زاول له ... تنهى وتأمر لا عي ولا حصر وقال يمدحه: إلى كم وقوف العيس في دارس الرسم ... وحتام استسقي من الدمع ما يظمي؟ لقد كان لي عما تجشمته غنى ... ولكنها الأقدار تجري على حتم طحا بفؤادي حب نعم وهجرها ... فيا ويح قلبي ما يقاسيه من نعم من البيض لم تظعن بعيراً ولم ترع ... بسبي ولم تلق الرباق على البهم كأن على أنيابها ذوب سكر ... وماء ٌغمام ما زجته ابنة الكرم أحن لسقمي إذ بها كان أصله ... وحسبك من صب يحن إلى السقم يحاولني قومي على ترك حبها ... ولي في الهوى شغل عن الترك والعزم أأسلو وروحي قد تملكها الهوى ... فجردها عن العالم الروح والجسم؟ يعز على الرائين تمثيل صورتي ... ولكنما المرئي نوع من الوهم وإن قال قوم غير ذاك وأرجفوا ... فقد تجنح الحرب العوان إلى السلم ورب فتاة يغتسل الكحل دمعها ... على ما رأت بي للنوائب من وسم فديتك لا تستكثري ما رأيته ... فرب نحيف الجسم ذو شرف ضخم وما النار إن فكرت لا شرارة ... فما هو إلا أن تشب وأن تنمي وخير الظبى ما أرهف القين حده ... ونيل العلى من ذابلات القنا الصم حنا نيم إني ما تقحمت مورداً ... فأعذبته حتى أمر له طعمي خبير بما يرضي الخليط مجرب ... فأصمت عن حلم وأنطق عن علم وأضرب وجه الأرض شرقاً ومغرباً ... وبراً وبحراً لا أقيم على رسم أزاحم آساد الشرى في مقيلها ... نهاراً وانضي العيس في حالك الدهم فإن ظفرت عيني برؤية أحمد ... فقد نلت من أعلى العلى وافر القسم وحلت ركابي في رحال ابن حرة ... له راحة تستهلك البحر إذا تهمي وليس يبالي من أقام بظله ... جناية جان أو ظلامة ذي ظلم حمى لم ترعه الحادثات كأنه ... رياض منى والخيف باكرها الوسمي يضيء دياجي الخطب نور جبينه ... وتشرق منه غرة الزمن الجهم إذا ناضل الأعداء عاد بفضله ... ظهيراً ولو بالمذلة والرغم أشد من الليث الهصور شكيمة ... وأمضى من السيف اليماني والسهم كلا راحتيه معدن البأس والندى ... فجود إلى جود وعزم إلى عزم بواعثه مقصورة عن سوى العلى ... فيسعى لما يرضي ويسمو لما يسمي وما أعجزته همة عن مرامه ... ولو كان ما يبغيه في هامة النجم إذا ما مضى في عصبة هاشمية ... كأس لشرى قد سربلت حلل الرقم تذل له غلب الرجال مهابة ... ويرجف منه قلب ذي المارق الدهم وإن رمق الحصن المنيع بطرفه ... تداعى بلا هدم وخر بلا رجم إليك نظام الدين مني مدائحاً ... تفوق عقود الدر في الحسن والنظم لها نسب في الآخرين وإنها ... وحقك يا مولاي فاقت على القدم تهنيك بالنيروز لا زلت باقياً ... لأمثاله تسمو على العرب والعجم وقال يمدحه: لك الخير لا زيد يدوم ولا عمرو ... ولا ماء يبقى في الدنان ولا خمر فبادر إلى اللذات غير مراقب ... فمالك إن قصرت في نيلها عذر فإن قيل في الشيب الوقار لأهله ... فذاك كلام فيه عن مسمعي وقر وقالوا نذير الشيب جاء كما ترى ... فقلت لهم هيهات ان تغني النذر لئن كان رأسي غير الشيب لونه ... فرقة طبعي لا يغيرها الدهر يقولون دع عنك الغواني وإنما ... قصارك لحظ العين والنظر الشزر وهل فيك للغيد الحسان بقية ... وقد ظهر المكنون وارتقع الستر فما للغواني وابن سبعين حجة ... وحكم الهوى جهل ومعروف نكر؟ فقلت دعوني فالهوى ذلك الهوى ... وما العمر إلا العام واليوم والشهر

نشأت أحب الغيد طفلاً ويافعاً ... وكهلا ولو أوفى على المئة العمر وهن وإن أعرضن عني حبائب ... لهن علي الحكم والنهي والأمر أحاشيك بي منهن من تعرضت ... لنوء الثريا لا ستهل لها القطر ترقرق ماء الحسن في نار خدها ... فماء ولا ماء وجمر ولا جمر فيا بعد ما بين الحسان وبينها ... لهن جميعاً شطره ولها الشطر برهرهة صفر الوشاح إذا مشت ... تجاذب منها الردف والعطف والخصر من البيض لم تغمس يداً في لطيمة ... وقد ملأ الآفاق من طيبها نشر تخر لها زهر الكواكب سجداً ... وتعنو لها الشمس المنيرة والبدر تخال بخديها من النوم لوثة ... وتحسبها سكرى وليس بها سكر وقالوا إلى هاروت ينسب سحرها ... أبى الله بل من لحظها يؤخذ السحر تخالف حالي في الغرام وحالها ... لها محض ودي في الهوى ولي الهجر فيا ويح قلبي كم يقاسي من الهوى ... ويا ويله كم لا ينهنهه الزجر على أنني لا جازع إن تباعدت ... بها الدار أو عز التجلد والصبر فمدح عماد الدين دامت سعوده ... هو القصد لا بيض الكواعب والسمر شريف له في كل قلب مدينة ... عزيز له في كل جارحة مصر من النفر البيض الألى شيدت لهم ... صدور العوالي والمهندة البتر إذا عد أهل الفضل كان إمامهم ... وإن عد أهل البذل كان له الفخر نهوض بأعباء المكارم كلها ... وإن ضاق عنها ماله رحب الصدر له تسعة الأعشار من رتب العلى ... وسهم بقايا الناس منها هو العُشر تجلُّ عن الدنيا وإن جل قدرها ... يمين ابن معصوم ونائله الغمر وما بي إلى نوء السماكين حاجة ... وقد لامست كفي أنامله العشر فلا وعده خلف ولا البرق خلبٌ ... ولا جوده مطل ولا سيبه نزر علقت بحبل منه لا عن جهالة ... فلم تلهني عنه العراق ولا مصر وخضت إليه البحر لا أرهب الردى ... فصادفت بحراً لا يقاس به بحر وأدركت من نعماه ما دونه الغنى ... فدامت لي النعمى ودام له الشكر لئن ملت يوماً عن هواه لغيره ... فلا كانت الدنيا ولا وفر الوفر فكفران ما أسدي إلي من الندى ... هو الكفر لا بل دونه عندي الكفر وإن أنكر الحساد سابق فضله ... أقر له الركن اليماني والحجر وما قلت ما قد قلت إلا تعللا ... وإلا فماذا يبلغ النظم والنثر فلا زال محروس الجناب مؤيداً ... من الله ما دام السما كان والنسر وقال أيضاً يمدحه وزعم أنه عارض بها معلقة امرىء القيس: لمن طلٌ أقوى بدارة جلجل ... ذكرت به ما مر عن عيشي الجلي وقفت به والعين عبرى كأنما ... يذر بجفنيها سحيق القرنفل فلم يرى طرفي غير أطلال دمنة ... خلت وخوت واختل معهدها الخلي برغمي إرغام المطي على السرى ... وإنزال ضيف الدمع في كل منزل إلى كم هيامي لا يزول على المدى ... وحتام قلبي في اسار التعلل؟ إذا ما مضى يومٌ من الدهر مدبر ... فجعت بفينان من العيش مقبل يعنفني في الحب قومي سفاهة ... وهيهات كم خالفت في الحب عذلي يقولون بعت الحلم بالجهل عامداً ... فقلت لهم من يعشق الغيد يجهل دعوني زمن قد هام قلبي بحبها ... وقلبي لديها كالأسير المسلسل فما قربها إلا الحياة وطيبها ... وما بعدها إلا الحمام المعجل بعيدة مهوى القرط خمصانة الحشا ... أسيلة مجرى الدمع ريا المخلخل صقيلة ما بين التراب والطلى ... كحيلة طرف العين لا عن تكحل أشارت لعقلي حين جد بي الهوى ... وقالت له ما تصنع الآن فارحل فيا قلب كن عوني على ما ينوبني ... ويا كبدي ذوبي ويا عيني أهملي ٍأساحرة العينين معسولة اللمى ... ملكت فؤادي فاجملي أو تجملي أطعت الهوى والشوق فيك صبابة ... وأصبحت عن قلبي وصبري بمعزل صلي واقطعي وارضي إذا شئت واغضبي ... على وجوري ما بدا لك واعدلي فلا يطمع الواشون مني بسلوة ... ولا الحبل متبول ولا الحب منسلي

شعر

ولست بميال إلى كل صارخ ... ولا طالب للورد من كل منهل وإن جهلت قدري بلاد هجرتها ... مشيحاً كصوب العارض المتهلل جزى الله موج البحر عني وفلكه ... جزاء كريمٍ واسع الجود مفضل هما أنزلاني والحوادث جمة ... بروض أريض وافر الظل مخضل له معهد حل السماح نطقه ... به عن قديم ثم لم يتحول حمى معدن العليا وغيث أولي الظما ... وعون ذوي البلوى وغيث المؤمل جناب نظام الدين أحمد من سما ... على الناس في مج أخيرٍ وأول حوى ما حواه الأكرمون وفاقهم ... بسعي معم المكارم مخول فصاحة قسٍ في سماحة حاتم ... وإقدام عمرو في وفاء السموأل حليف الندى في صدر محفل ... وحتف العدى إن سار في صدر جحفل كأن له في منبت كل شعرةٍ ... يداً في لظى الهيجاء تسطو بمنصل جواد إذا ضن الجواد بماله ... وقور إذا خفت قواعد يذبل غيور إذا خلى الغيور حريمه ... حمول إذا اجتثت أصول التحمل فما روضة بالحزن باكرها الحيا ... بأرعن رجاسٍ من المزن مسبل إذا خطرت فيها الصبا عبقت بها ... عوابق من ريا عبيرٍ ومندل بأطيب نشراً من خلائق أحمد ... ومن شك أو لم يدر ما قلت يسأل وهيهات أن أحصي علاه وجوده ... دليل على إمكان كون التسلسل نديمي أدر كأس راح حديثه ... ودعني من ذكرى حبيب ومنزل ففيه وإلا فالحديثُ مضيعٌ ... وعنه وإلا فهو عين التقول إليك نظام الدين مني مدائحاً ... تفوق على نظم الجمان المفضل وما أنا ممن يجعل الشعر همه ... وإن كان شعري نزهة المتأمل ولكن دعاني ما رأيت وشاقني ... علاك فطاب المدح فيك ولذَّ لي تهنَّ بعيد أنت في الناس مثله ... تفوق عليهم بالمعالي وتعتلي شعر منجك الشامي قال صاحب (السلافة) : أمير مورده في الفضل نمير، ومحله لأعلى الكواكب سمير، تأصلت دوحة فضله بالشام وتفرعت، واقتدت مكارمه بأسلافه في الكرم وتبرعت، إلى نخوة، وهمة تستنير بها اليالي المدلهمة، وشرف ومجد أشرق بهما كل غور ونجد، وحميد أخلاق سلمت من مساوىء الزهو والكبر، وآداب تكاد بيوته إذا ذكرت يبيض من نورها الحبر، وقد وقفت له على قطعة عليها أمارة الإمارة، وجزالة البدو، ورقة الحضارة، هي عنوان ملكته في الأدب واقتداره، وعلو مقامه وسمو مقداره وهي: دنواً فقد أوهى تجلدي البعد ... ووصلاً فقد أدمى جوانحي الصد أحن غراماً فيك خيفة كاشح ... ومن مدمعي ودق ومن كبدي وقد وبي فوق ما بي الناس من لاعج الهوى ... ولكن أبي أن يجزع الأسد الورد فيا من يبيد الرشد فيمن أحبه ... متى يلتقي الحب المبرح والرشد؟ تلاعبت بالأشواق حتى لعبن بي ... وما كنت أدري أن هزل الهوى جد بليت بقاسٍ لا يرق فؤاده ... علي وها قد رقَّ لي الحجر الصلد أعاني به ما يعجز الدهر بعضه ... وأحمل ما قد كلَّ عن حمله الجهد وأدفع عن النفس وهي عصية ... وهل يمكن الظمآن عن مورد ردُّ إذا جئتها يوماً لبث شكية ... أروح بأشجان على مثلها أغدو تهددني من مقلتيها إذا رنت ... قواضب مما يطبع الله لا الهند حداد يلوح الموت في صفحاتها ... مواضٍ لها في كل جارحة غمد وأشتاق إما عن في القلب ذكرها ... وأطرب ما بات اللسان بها يشدو شعر العادي

شعر

وممن ترجم له صاحب (السلافة) الشيخ عبد الرحمن العادي مفتي الحنفية بدمشق المحمية، قال في حقه: هو علاوة الزمان، وشقيق النعمان، الناشر العلم والعمل، والمحرز أدوات الكمال عن كمل العمدة، الرفيع العماد، المتميز على أقرانه تميز الروي على الثماد، فاضل له في الفضل والفواضل أياد، وفقيه أفكاره شدت للنعمان ما يشده شعر زياد إلى أدب ظهرت آياته وبهرت، ونشرت راياته بالمحاسن واشتهرت، فأذعن له كل ناظم وناثر، وعظم قدرة الأعاظم والأكابر، إن قال فالبلاغة منوطة بمقاله، أو كتب فالبراعة موثقة بعقاله مع كرم هو ضرة الغمام، وأياد هي الأطواق والناس الحمام، وخلق من لباب المكارم مخلوق، وشيم يستغنى بطيبها عن كل طيب وخلوق، وأشعاره درر لم يحتو على مثلها صدف، وغرر لم ينحل بمثلها سدف، ثم ذكر له رسالة كتبها إلى الشيخ المقري وهو بمصر، أبدع فيها كل الإبداع، تركت نقلها طلباً للاختصار، ثم قال ومن نظمه ما كتبه إلى الشيخ المذكور: شمس العلى أطلعها الشيخ المغربُ ... وطار عنقاء بها مُغربُ فأشرقت في الشام أنوارها ... وليتها في الدهر لا تغرب شهاب علم ثاقب فضله ... ينظم عقداً منه لا يثقب فرع علوم بالهدى مثمر ... وروض فضل في الندى معشب قد ارتدى ثوب العلى وامتطى ... غارب مجد قرها المركب درس غريب كل يوم له ... يملي ولكن حفظه أغرب محاضرات مسكر لفظها ... بكأس سمع راحها تشرب رياض آداب سقاها الحيا ... ففاح مسكاً نشرها الأطيب فضائل عمت وطمت فقد ... قصر فيها كل من يطنب قلوبنا قد جذبت نحوه ... والحب من عادته يجذب إن بعدت عن غربه شرقنا ... فالفضل فينا نسب أقرب كم طلبت تشريفه شامنا ... بشرى لها فليهنها المطلب قد سبقت لي معه صحبة ... في حرم يؤمن من يرهب أخوة في الله من زمزم ... وضاعها طاب به المغرب أنهلني ثم وداداً فلي ... بالشام منه علل أعذب ضاء دجى العلم به للورى ... ما ضاء في جنح الدجى كوكب فراجعه الشيخ بقوله: ما تبر راح كأسها مذهب ... ماللنهى من حسنها مذهب تسدفع الأكدار من صفوفها ... وتنهب الأفراح إذ تنهب تسعى بها هيفاءُ من ثغرها ... وفرعها الأنوار والغيهب فتانة الأعطاف نفاثةٌ ... سحراً بألعاب الورى يلعب في روضة قد كالمت بالندى ... والزهر رأس الغصن إذ يغضب برودها بالنور قد نمنمت ... كالوشي من صنعاء بل أعجب والماء يجري تحت جناتها ... والنار من نارنجها تلهب والظل ضاف والنسيم انبرى ... والزهر زاكي النشر مستعذب والطير للعشاق بالعود قد ... غنت فهاجت شوق من يطرب أبهى ولا أبهج من منظر ... من نظم من تقديمه الأصوبُ فتى دمشق الشام صدر الورى ... من في العلى تم به المطلب علامة الدهر ولا مرية ... وملجأ الفضل ولا مهرب لله ما امتاز به من علىً ... بغير منِّ الله لا تكسب أبدى به الرحمن في عبده ... مظاهر الفضل التي تحسب جود بلا منٍ وعلم بلا ... دعوى به التحقيق يستجلب وبيت مجدٍٍ مسند ركنه ... إلى عماد الدين إذ ينسب فبرقه الشامي من شامهُ ... تال مراماً والسوى خلب وما عسى أبديه من مدحه ... ومدح أبناء له أنجبوا تسابقوا للمجد حتى حووا ... سبقاً لما في مثله يرغب أعيذهم بالله من شرِّ ما ... يخشى من الأغيار أو يرهب وأسأل الله لهم عزةً ... بادية الأضواء لا تحجب شعر أحمد بن شاهين وممن ترجم له صاحب (السلافة) أحمد بن شاهين الشامي.

قال في حقه: شامة وجنات الشام، المشرق نثره ونظمه إشراق البدر ليلة التمام، أديب ضربت البلاغة رواقها بحماه، وأريب انتمت اليراعة إلى منتماه، حاز قصب السبق في ميدان الإحسان والإجادة، ورواية حديث الفضل المسلسل شفاها لا وجادة، فأصبحت دعوى أدبه واضحة الحجج والبراهين، وراحت جوارح أفكاره صائدة لقنص الفصاحة، ولا غرور فهو ابن شاهين، ونثره وشعره في غاية الرقة والإنسجام، وها أنا أُثبت ما يدار به عليك من الإنسجام، وذكر له من النثر رسالة وردت عليه من نحوه، وأجاد في نثرها إلى الغاية تركت نقلها طلباً للاختصار، وأما شعره فقد نقلت منه قصيدة واحدة وهي هذه ذكر أنه مدح بها بعض أكابر عصره: ما همت بعدك أشفي العين بالأثر ... إلا عثرت بقلب ضل بالأثر ولا ذكرتك مشتاقاً على ولهٍ ... إلا وأشفقت من دمعي على بصري لم أكتحل بالكرى شوقاً إليك ولا ... خاط الجفون سوى ميل من السهر يا حبذا عهدنا في جو كاظمةٍ ... صافي المشارب ضافي الظل والسمر نشارف اللهو فيه خوف مرتقب ... إن ازدياد الغواني صيبة الخطر خدين عشرين إذ عهد الصبا كبث ... وللشبيبة غصنٌ جد مهتصر جذلان رنح عطفيه الصبا فغدا ... شروى الغصون وقد مالت مع السحر يميل تحسبه الواشون منتشياً ... وقد تمكن منه نشوة الخفر يؤم لثم يدٍ غراء ما لثمت ... إلا وأسفر منها غرَّة الوطر بيضاء لولا نداها مع ترافتها ... شبهتها لازدحام اللثم بالحجر يا ابن الذين تردوا بالفخار ومن ... قد أحرزوا قصبات السبق والظفر من مثل قومك إجلالاً وأنت بهم ... مثل اليتيمة في عقد من الدرر عرفتهم بك والمعروف أنبأني ... كما استدل على التأثير بالأثر أعيا مدى السمع مناذ كر جودهم ... وأنت أعييت إجلالاً مدى النظر زان الحياة مداهم ثم مذ رحلوا ... آثارهم زينة الأخبار والسير ذكراهم ومعاليك التي تليت ... في صفحة الدهر كالأحجال والغرر لو كان للعز إمكان بناطفه ... لراح يخطب في علياك والخطر أو كان للمجد إحساس بما انعقدت ... ذؤابتاه لأضحى جد مفتخر أو كان للبدر نور من طلاقته ... لم يبق للشمس تمييز عن القمر حًلَّيْت جيد زمان قد مضى عطلاً ... ورُحت ترفل مختالاً على الدهر لبست ثوب فخار لا يجاذبه ... فضل الرداء شريك في مدى العصر بكرت في طلب العلياء وادَّ لجوا ... وليس مدلج قوم مثل مبتكر لو رمت منهل ماء ما رضيت سوى ... نهر المجرة من وردٍ ومن نهر أو رمت عقد نظام كي تقلده ... جيد الصحائف لم تختر سوى الزهر وود حين يفر النفس من يده ... أن يستمد سواد القلب والبصر فطرسه وقطار الحبر يطرحها ... ترى النواظر حسن العين بالحور لله ما فقر كالزهر تحسبها ... مطوية وهي عند النشر كالزهر كأنها وهي في الأسطار محدقة ... نظم الجبان على اللبات والنحر مذ ناظرتها النجوم الغر وابتدرت ... تحكي سناها فلم تهد أولم تقر لك البلاعة لا تثنى أعنتها ... فاركب لها واضح الأحجال والغرور أكني عن العزم يا ابن العزم قاطبة ... كناية عن وحيد البدو والحضر المصطفى الندب من فاضت فوا ضله ... والمورد العذب صفواً جل عن كدر من لو نهضت إلى الأفلاك مرتقباً ... لشمت ثمة فضلاً منه منتظري فزنت نعماه بالزهر التي زهرت ... فاستصغرتها عيوني غاية الصغر وسمتها بالمنى والوسع يسعفها ... فاستكبرتها الأماني غاية الكبر تلك المكارم عين الله تحرسها ... تفنى الأماني فلم تبق ولم تذر مولاي دعوة مملوك به ظمأ ... برح لعذب نداك السلسل الخصر إن الحياة حياة في ذراك ومن ... يعدوك فهو كما الأشباح والصور وماؤها كمياه البشر دافقة ... بوجهك الطلق ليست مقبة الحضر قد رق منها على الدنيا وساكنها ... عرس لنا من جناه يانع الثمر لو رمت غيرك أبغي منه عارفة ... غدا إذاً ذاك ذنباً غير مغتفر أراش لحظتك مني حص أجنحتي ... فبالحرى ولشوفي فيك أن أطر

شعر الغري

قد قصر الدهر في إشكاي من حسد ... من قبل والآن لا يقوى على عذر وكنت أشكو الليالي سوء محنتها ... والآن أوسع شكراً محنة القدر وهاكها من بنات الزنج ألفها ... نجل لشاهين لا يأوي إلى وكر تدعى بأنثى ولكن في النظام لها ... صرامة لم تكن في الصارم الذكر تطوى الصحاف لها صوناً وإن نثرت ... تفوح سوم أريج المسك في الصور تروق كالروضة الغناء ترفل في ... ريط الثناء كزهو الخود في الحبر تلفعت ببرود الحمد تحسبها ... بكراً توشح موشياً من الأرز ساقت إليك جيوشاً من بلاغتها ... لوا المحامد فيها معلم الطرر أوشكت أقنص نسر الأفق مرتقياً ... لما خيالك أغراني على الفكر إن رمت مدحك يا ابن بجدتها ... ورونقاً بفحول العرب من مضر لي في قبولك تأميل يبشرني ... أني سأظفر بالمقبول من عذر وإنني لأرى نفسي تحرضني ... أني سأشفعها من قصدي الآخر وأسلم ببرج جمال أنت رونقه ... ترضي المعالي في الآصال والبكر ممتعاً بلذيذ العيش تمنحه ... وظافراً بهني المال والعمر شعر الغري وممن ترجم له صاحب ((السلافة)) أيضاً أبو الطيب بدر الدين بن رضي الدين الغري العامري الشامي قال في حقه: شاعر فصيح مجاله في الأدب فسيح يسحر بيانه العقول، ويبهر الألباب بما يقول، إن نظم فالدر الثمين كاسد، وزهر النجوم حوا سد، سار شعره مسير الشعر بين، وجلى عن قلوب ذوي الألباب كل رين، ولم يزل معدوداً من أرباب الصدور، مسفرة محاسن فضله إسفار البدور حتى أفسدت السوداء عقله، وواجبت من مناصب العقلاء عزله، فأصبح في عقال الجنون إلى أن فاجأه رائد الممنون عفا الله عنه، وهذا حين أثبت من شعره ما تستحليه وتقلد به جيد الدهر وتحكيه، فمن ذلك قوله مادحاً أبا السرور البكري: ألا طرقتنا قبل منبلج الفجر ... معطرة الأَردان طيبة النشر وحيت فأحيت من حشاشة مدنف ... وما خلتها تقضي على الموت والنشر وجادت بما ضن الزمان بمثله ... وفاءً بلا مطل ووصلاً بلا هجر وجاءت كما شاء المنى في مطار ف ... من الحسن أدناها أرق من السحر ولاحت من العذر العلى في دياجر ... فأشرق بدر التم في غسق الفجر وماست قضيباً فوق دعص فأتلعت ... من الغيد ريماً لامن الشدن العفر فبادرتها والقلب جم سروره ... وقل أن يوفي حين وافته بالنذر وجاذبتها أطراف عتب كأنه ... نسيم الصبا غب الملث من القطر ومازجتها ضماً فرحنا كأننا ... (خليطان من ماء الغمامة والخمر) ونازعتها ذيل العفاف ولم أخل ... خليطين مثلينا استقالا من الوزر إلى أن نضاكف الصباح حسامه ... وأسفر داجي الأًفق عن فلق الفجر فقامت تهادي تنفض البرد تنثني ... مرنحة الأعطاف ناحلة الخصر وهمت بتوديعي فسالت مدامعي ... وسار فؤادي خلفها حيث لا تدري فيا ليلة ما كان أَزهر متها ... لقد أذكرتني موهناً ليلة القدر ويا زورة ما أنس لا أنس أنسها ... عدى عودة أم أنت لي بيضة العقر والله ما شببت إلا علالة ... وفي غمرة من غير بحر الهوى فكري وفي همتي والله يعلم شاغل ... عن الغادة العذراء ترفل في الحبر أأرتع في روض الحسان وأنثني ... عن الذروة الشماء يعلو بها قدري أحدث نفسي بالمعالي وأَبتغي ... رفيقاً رفيقا بي معيناً على أمري وما الناس إلا الشوك عند اختبارهم ... على أنهم في منظر العين كالزهر سأضرب وجه الأرض أبغي مطالبي ... فريداً ولا أعبا بزيد ولا عمر أبى الله لي إلا سيادة أصيد ... مجد إلى قنص العلى بالقنا السمر ولا مجد عن إرث وإن طبت محتداً ... فأنمى إلى حبر يلقب بالبدر وما الفخر إلا في مقارعة العدى ... وما المجد إلا بالسباء والأسر فإن أنت صافت الأسود وخضتها ... بطعن فقل ما شئت في عالم البدر ولم تغتمض عيناي ليلة لم أبت ... أقلب في قلب الهزبر على جمر وكم لي من صيدات عز وسؤدد ... ومن دونها وقع المهندة البتر

شعر

ولما رأيت الذل في جانب الغنى ... تنكبت أبغي العز في جانب الفقر مناقب هماتي حكين مقانباً ... نظمن قلادات من الأنجم الزهر يارين أحداث الزمان فتنبري ... كمال ارتعد العصفور من صولة الصقر وما هي من همات قطب العلى أبي ... السرور ولا دعوى سوى عثير العسر هو الأسد الضرغام إن عن حادث ... ملم شديد البأس حتى على الدهر هو الشمس في أفق وضوؤها ... على الخلق من بيض وسمر ومن حمر هو العالم الشهم المبرز في النهى ... أخو النسب الوضاح والشيم الغر هو البحر أمّا ريم إدراك شأوه ... فأين الثماد الجفر من زاخر البحر؟ ولا عيب فيه غير أن يمينه ... تنوف على ما في الكنهور باليسر وكم من صفات راح يحوي زمامها ... عديمة أمثال تجل عن الحصر فصاحة قس في سماحة حاتم ... وإغضاء قيس في اقتدار يدي عمرو وفقه ابن ادريس وزهد ابن أدهم ... وحلم أبي بحر وصدق أبي ذر خليلي عوجا بارك الله فيكما ... على ساكني الفسطاط من قاطني مصر وهبا إلى كنز المآثر واقرءآ ... عليه سلاما كاللطائم في القطر وبثا إليه فرط شوقي ولوعتي ... على ما هما فالصدق أجدر بالحر أصدر الموالي المحرزي قصب العلى ... فداء محب مخلص السر والجهر لعلك لا تنسى المسيء من الرضى ... وعلم لا تنسى الكسير من الجبر وإني لأستعفيك مما وجدتني ... سريعاً إلى النعما بطيئاً عن الشكر وما أنا نظام الشعر وإنما ... مديحك ألوى بي على صنعة الشعر وما الشعر يا ذا الفضل إلا تجارة ... فطوراً إلى ربح وطوراً إلى خسر فدونك يا ركن المعالي حوائلاً ... تؤمك بالتسليم قطراً على قطر قواف إذ انشدوها تخالها ... عقود الدراري لا عقوداً من الدر ترق بماء الطبع حتى كأنما ... ترقرق في أرجائها ذائب التبر لها رونق الدر المصون ملاحة ... ومنها استعير الظلم في شنب الثغر ودونكها بكراً إليك زففتها ... ولا غرو فهي البكر زفت إلى البكري تروم قبولاً مهرها وجديرة ... مجانبة إلا جنابك بالمهر ودم سالماً ما جاد روضاً ربابه ... وما ناح شحرور وما غرد القمري شعر حسين جلبي وممن نقل له صاحب (السلافة) حسين جلبي بن الجوزي الشامي قال في حقه: أحد صاغة القريض البديع التصريح فيه والتعريض، العلم بشعار الأشعار، والمقتنص لأبكار الأفكار، فتح بقرائحه باب البيان المقفل، ووسم من غفلة ما سها عنه غيره وأغفل، راقت بدائع آدابه ورقت، وملكت روائعه حر الكلام واسترقت، فهو إذا نظم أهدى السحر للأحداق، والرقة للخصور، وشاد من أبيات أدبه ما تعنو له مشيدات القصور، فتملك المسامع إبداعاً وإعجاباً، وكشف عن وجوه المحاسن نقاباً وحجاباً، فمن بديعه المستجاد ومطبوعه الذي ابدع فيه وأجاد قوله في صدر قصيدة مدح بها ابن سفيا: ألما نحييها ربىً وربوعا ... ووحشاً نسقيها دماً ودموعا وعوجا على عافي الطلول وعرجا ... معي واندباني والطلول جميعا ولا تزجيا القود الرواسم واعقلا ... على الرسم منها ضالعاً وضليعا خليلي خلي من أصاخ بسمعه ... وبعداً لخل لا يكون سميعا فلا تعصياني في التصابي على الصبا ... وأرفق ما كان الرفيق مطيعا قفا نوضح الأشجان منا بتوضح ... وننتجع الدمع الملث نجيعا ونبكي الليالي الغابرات نعيدها ... لو أن الليالي تستطيع رجوعا معاهد أنس بان عهد انيسها ... بعيشي ريعان الشباب وريعا وجنة مأوى غاض ماء نعيمها ... وجرعت غسلينا بها وضريعا لقد غال ما بيني وبين ظبائها ... على الجزع بين ظلت منه جزوعا وغيب عن عينيَّ أوجه عينها ... وكن شموساً لا تغبن طلوعا عقائل يعقلن الفؤآد عن السرى ... ويصر عن ذا العقل الصحيح سريعاً تقد القنى منهن والصبح والدجى ... قدود أقلت أوجهاً وفروعا أحاشيك بي منهن ذات تمنع ... وأقتل ما كان المحب منوعا لها لحظات ما أسنة قومها ... بأسرع منها في الكمي وقوعا

شعر

تمنى يزور الطيف طرفي وإنه ... لزور وإن كان المحب قنوعا وأبخل خلق الله من كان باعثاً ... خيالاً لعين لا تذوق هجوعا يكلفني فيها الهوى ما يكلف اللها ... لابن سيفا منذ كان رضيعا شعر عبد اللطيف المنقاري وممن نقل له صاحب (السلافة) أيضاً الأديب عبد اللطيف بن شمس الدين محمد المنقاري قال في حقه: أديب ربع أدبه آهل، نهض بأثقال المقال فما أودت له كاهل، علت شيمة بيانه وغلت، وسارت أغراض إحسانه في البلاد وأوغلت، وفاق وشي كلامه موشي البرود وأخجل العقود في تليل الكعاب الروض، فشعره أرق من عليل النسيم، إذا هب وأجدى من نوال الكريم إذا وهب، فمن رقيق كلامه، وأنيق أزهار نظامه قوله في قصيدة مدح بها بعض أعيان عصره: هاج نار الوجد في قلب الكئيب ... بارق لاح سناه من قريب أضرم النار وكانت خمدت ... وأثار الشوق من بعد المغيب نبَّه اللوعة من هجعتها ... وسرى كالريح في فرط الهبوب عاود الداء له من بعد ما ... صح منه القلب من حر اللهيب ذكر الصب زمانا بالحمى ... مرَّ كالنجم هوى بين الشعوب ليت شعري هل لماضي عصرنا ... من رجوع أم لدائي من طبيب أتمنى أوبةً هيهات لا ... يرجع الماضي من العيش الخصيب ومحال رجع عصر قد مضى ... والصبا لا يرتجى بعد المشيب لست أنسى يوم سعدي مقبل ... بدنو الحب مع بعد الرقيب وتعاطينا كؤوس الريق من ... ثغره المعسول خرجا بالضريب آه لو عادت ليالي وصلنا ... ورجعنا لمنجاة الحبيب كنت أعطي لبشيري حبة ال ... ناظر الغض وحبات القلوب لم يخلف في فؤادي لمعة ... غير وجد وزفير ونحيب وضلوع حشوها جمر الغضا ... ودموع العين الغيث السكوب كدت لولا زفرتي أغرق في ... يم أجفاني من الدمع الصبيب كلما أخفيت مكنون الهوى ... ذاعت الأدمع بالوجد المذيب بارق لاح فلما شمته ... حن قلبي للقا أهل الكثيب يا رعى الله غزالاً منهمُ ... طاب لي فيه انتسابي ونسيبي ثغره يطفئ من برد اللمى ... غلة الصدر ونيران الكروب إن بدا فالشمس تخفي خجلة ... وهلال الأفق يحنو للغروب أو تثنى هز من قامته ... ذابلاً يهزأ بالغصن الرطيب وإذا ما مر في حلته ... لم ير الغصن سوى شق الجيوب مفرد في الحسن والحسنى كما ... أن مولى الوقت معدوم الضريب شعر محمد الجوهري وممن نقل له صاحب (السلافة) الأديب محمد الجوهري الشامي قال في حقه: ناظم جواهر الكلام، وقاطف أزهار البيان بأنامل الأقلام أخير ناف على الأوائل وسحب ذيل الفخر على سحبان وائل, وتقدم في مضمار البلاغة وما تأخر، وذلل صعاب البراعة بأدبه وسحر، لا يكلل ليراعته لسان، ولا ينكر لبراعته إحسان، فمن محاسن قوافيه، وكامل قريضه ووافيه قوله وأجاد ما أراد: باكر رياض النيربين وماسها ... وانظر إلى الأزهار في أجناسها مابين زنبقها الرقيق ووردها ... وبديع نرجسها الغضيض وآسها وترنم الأطيار فوق غصونها ... تروي لطيف الوصف عن مياسها جمعت معاني اللطف في ألحانها ... وبيان منطقها وحسن جناسها تغنيك عن صوت المثاني عندما ... تشدو بمزهرها على جلاسها فترى الغصون لما بها من نشوة ... تهوي إليك من السرور براسها طاف الغدير بها فأثمر فرعها ... وغدا يخبرنا بأصل غراسها وسرت بها ريح الصبا فنأرجت ... جلساؤها بالطيب من أنفاسها فانهض نديمي نصطبح في ظلها ... واترك تباريح الهموم لناسها وأجل لحاظ العين في أرجائها ... واجل الهموم هناك من وسواسها واستحل باللذات بين رياضها ... واستجل بكراً أفرغت في كأسها عذراء واقعها المزاج فأنتجت ... أطفال در لم ترع بنفاسها شمس تزيد سناً إذا ما غربت ... في فيك أّولتك القوى بشماسها من كف مياس القوام إذا مشى ... بين الغصون قضى على مياسها أو ماس في أهل الهوى ضربت له ... أخماسها بالقهر في أسداسها

شعر

ما جيد غزلان الصريم إذا انثنى ... وإذا رنا ما لحظ ريم كناسها ذو مقلة نعسى إذا شاهدتها ... أهدتك سهداً من فتور نعاسها قم يا حبيبي لا برحت ممتعا ... داو القلوب من الكروب وآسها واسمح وآنس باللقا يا مُنيتي ... ما دامت الأيام في إيناسها شعر تاج العارفين المصري وممن ذكره صاحب (السلافة) الشيخ تاج العارفين بن محمد بن أمين الدين المصري قال في حقه: لجة علم لا تدركها الدلاء، ومحجة فضل لا يفتقر سالكها إلى الادلاء، حل من رتب المعارف المحل الأسمى، ودل عرفانه على أن الاسم عين المسمى، وكان والده مفتي الحنفية بتلك الديار، وقطب الشريعة الذي عليه المدار، فنشأ ولده هذا في حجر العلم والعلى، وتحلى من الكمال بأشرف الحلى، وله أدب شاد من أبياته قصوراً، لا ترى الأسماع في إطالة إحسانها قصوراً، فمن رقيق نظمه الرائق قوله: أذكرت ربعاً من أميمة أقفرا ... فأسلت دمعاً ذا شعاع أحمرا؟ أم شاقك الغادون عنك بسحرةٍ ... لما سروا وتيمموا أم القرى زموا المطي وأعنقوا في سيرهم ... لله دمعي خلفهم لما جرى ما قطرت للسير أجمال لهم ... إلا ودمعي في الخدود تقطرا فكأن ظهر البيد بطن صحيفة ... وقطارهم فيها يحاكي الأسطرا وكأنها بهوادج قد رفعت ... سفن ودمع العين يحكي الأبحرا رحلوا وما عاجوا على مضناهم ... واهاً لحظي كيف كنت مؤخرا إن كان جسمي في الديار مخلفاص ... فالقلب معهم حيث قالوا هجرا أظهرت صبري بعدهم وتجلدي ... وكتمت وجدي فيهم مستبشرا وغدا العذول يقول لي من بعدهم ... (بادٍ هواك صبرت أم لم تصبرا) وقوله: وحق من كون الأشياء تكوينا ... نار المحبة بالأشواق تكوينا وكلما هب من نجد نسيم صبا ... أزمَّةُ الشوق للأحباب تلوينا وكلما سار ركب لم نسر معه ... أجرى الدموع دماءً من أماقينا هيهات نسلو وما نسلو محبتهم ... ولو أرونا من الهجران تلوينا ساروا فراح فؤادي سائراً معهم ... يقفو الركائب في إثر المحبينا جسمي بمصر وقلبي بالحجاز يرى ... من صدق حب وود حكما فينا سقياً لأيامنا ما كان أطيبها ... بالرقمتين وما أحلى ليالينا شعر شهاب الدين الخفاجي وممن ترجم له صاحب (السلافة) شهاب الدين أحمد الخفاجي صاحب الريحانة قال في حقه: أحد الشهب السيارة، المقتحم من بحر الفضل لجة، وتياره فرع تهدل من زؤابة خفاجه، وفرد سلك سبيل البيان ومهد فجاجة، أجرى من ينبوع الفضل ما أخجل بمصر نيلها وبالشام سيحانه، وأهدى لمشام أرباب الأدب من رياض الأدب أطيب ريحانه، فمن شعره ما كتب في صدر قصيدة كتبها إلى أبي المعالي الطالوي: قبلت مصطبحاً شفاه الأَكؤس ... والصبح يبسم لي بثغر ألعس حتى بدت منه الغزالة واختفى ... مسك الدجى عند الجواري الكنس والنهر سيف بالنسيم فرندهُ ... وله حمائل من خمائل سندس أو صدر خود فتحت أطواقها ... أو شققت للوصل حلة أطلس والطير تشدو والغصون رواقص ... في وشي ديباج الربيع السندسي وعلى الخلاعة ليس جيدي عاطلاً ... من حلية المجد العزيز الأنفس ولواعظ مرضى بها اعتل الصبا ... والصب بالسقم المبرح مكتسي فتنت بأنفسها ففيها علة ... من وجدها وفتور مهجور نسي فلكم قطفت ثمار لهو أينعت ... وغفلت عما قد جنى الزمن المسي وطردت آمالي براحة عفتي ... إن التمني رأس مال المفلس رام التلمس نزر شعري برهة ... فطرحته كصحيفة المتلمس وكحلت طرفي بالسهاد صبابةً ... ووهبت نومي للعيون النعَّس ونظرت خد الورد لما احمر من ... خجلٍ وقد بهتت عيون النرجس قال صاحب (السلافة) ذكرت بهذه الأبيات قصيدة لي على هذا الوزن والروي راجعت بها السيد حسين بن علي بن شدقم الحسيني عن قصيدة مدح بها الوالد فأمرني بإجابته عنها فقلت وهو صدرها: ماست فأزرت بالخصوم الميَّسِ ... وأتتك تخطو في غلائل سندسِ وتبرجت جنح الظلام كأنها ... شمس تجلت في دياجي الحندس

شعر

تختال بين لداتها فتخالها ... بدراً بدا بين الجواري الكنس أرجت برياها الصبا وتضوعت ... أنفاسها والصبح لم يتنفس ووفت بما وعدت وبات وشاتها ... للوجد بين عم وآخر أخرس والليل يخفق قلبه من غيرة ... والنجم يرمقنا بمقلة أشوس يا طيب ليلتنا بشرقي الحمى ... ومبيتنا فوق الكثيب الأوعسي إذ بات شملي في ضمان وصالها ... والقرب يبدل وحشتي بتأنسي والليل يكتم سرنا ونجومه ... ترنو إلينا عن لحاظٍ نعَّس وسنا المجرة في السما كأنه ... نهر تدفق في حديقة نرجس باتت تدير علي من الحاظها ... كأساً وأخرى من لماها الألعس حتى إذا رق النسيم وأخفقت ... من أُفق مجلسنا نجوم الأَكؤس قالت وقد واليت هصر قوامها ... ضاق الخناق عن العناق فنفِّس ثم انثنت حذر الفراق مروعةً ... في هيئة المستوحش المستأنس تتنفس الصعداء من وجد وقد ... غصَّ الظلام بصحبه المتنفس واستعجلت شد النطاق وودعت ... توديع مختلس بحيرة مبلس لله غانية عنت لضيائها ... شمس الضحى إذ أشرقت في الأطلس سلبت عقول أولي الغرام صبابةً ... بجمالها الباهي السني الأنفس وسألتها نفسي فقالت حيرة ... أي النفوس فقلت أعلى الأنفس لم أنسها يوماً فأذكر أُنسها ... لا كان من ينسي الأحبة أو نسي ومن قول الخفاجي المذكور. قل للأحبة أنتم مذ غبتمُ ... لم ألق وجهاً للسلو جميلاً فجعلت أيام الوصال قصيرة ... ولبست ليلاً للهموم طويلا شعر الشيخ داود الأنطاكي وممن ترجم له صاحب (السلافة) الشيخ داود الأنطاكي المشهور بالبصير، قال في حقه: أعمى قائده التوفيق والتسديد، ومحجوب كشف عنه غطاؤه فبصر ذكائه حديد، أدرك ببصيرته ما لم تدركه ألو الأبصار، وقطن بمصر فسار صيته في الأمصار، جمع فنون العلم ج=معاً أصبح به علماً فرداً، وسرد شروحه ومتونه عن ظهر قلب سرداً، إلى أدب بهر بتبيانه، وأظهر حكمة شعره وحسن بيانه، فهو عالم في شخص عالم، وعلم شيدت به دوارس المعالم، اعتنى بالطب فصار فيه طَباً عليماً، وفاق أربابه حديثاً وقديماً، ثم ذكر مصنفاته، وذكر أنه استوطن مصر، وحصل له قبول من أهلها، ثم إنهم رمه بأنه ملحد، وزعموا أنه يرى رأي القدماء من الفلاسفة والحكماء إلى غير ذلك من مقالاتهم فلما كثر منهم فيه اللغط ركب متن عزمه على الفرار، وتوجه إلى البيت الذي من دخله كان آمنا، فاستوطن البيت الحرام، وحصل له من شريف الحرمين الحسن بن أبي نمى قبول واحترام، ومكث بمكة شرفها الله في أرغد العيش، وأتم نعمه حتى تصرمت لياليه وأيامه، واخترمت المنية حمامه وذلك سنة 1009 تسع وألف عفا الله عنه، وأما شعره فهو غاية في الرقة والانسجام والرصانة والإحكام فمن ذلك قوله: بروحي أقي من خلتها حين أقبلت ... على إثر حزن تنثر الدمع في الخد قضيباً من الكافور يمطر لؤلؤاً ... من النرجس الوضاح في فرش الورد وقوله: نظرت إليها والسواك قد ارتوى ... بريق عليه الطرف مني باك تردده من فوق درٍ منظم ... سناه لأنوار البروق يحاكي فقلت وقلبي قد تفطر غيرةً ... أيا ليتني قد كنت عود أراك فقالت أما ترضى السواك أجبتها ... وحقك مالي حاجة بسواك وقوله: لقد فقت أرباب المحاسن كلهم ... وزدت عليهم بالرشاقة والعقل فمذ أعجز المغتاب شيء يقوله ... رماك بأوصاف القطيعة والبخل فلا تثبتي بالهجر زور مقاله ... ولكن صليني أو عديني بالوصل ولا تمطلي بالوعد صباً معذباً ... وإن قيل إن الشيء يعذب بالمطل وقوله: أقول لها هل تسعفين بزورة ... مريضاً كواه البين بالهجر والسقم فقالت إذا ما فارق الروح زرته ... لأن محالاً جمع روحين في جسم وقوله في الجناس: هواك مازج روحي قبل تكويني ... وأنت ظلماً بنار الهجر تكويني صبرت فيك على أشياء أيسرها ... ذهاب نفسي وقوم عنك تلويني قد حل عقد اصطباري طول هجرك لي ... وليس غير وصال منكِ يبريني إذا شممت شذا رياك منتشقاً ... فما نسيم أتى من نحو يبرين

شعر

وقوله: أفدي فتاة فتنت مهجتي ... وقد أذيب القلب من صدها مالي وللدنيا إذا لم تزر ... وليس يحلو العيش من بعدها يقول لي الآسي وقد راعه ... ما بفؤادي من جوى بعدها خذ ماء ورد ولسان معاً ... واشربه بالماذي من شهدها قد صدق الآسي فهذا الدوا ... هو الشفا لو كان من عندها بأن يكون الشهد من ثغرها ... يجنى وماء الورد من خدها شعر حسين بن المطهر وممن نقل له صاحب (السلافة) أيضاً السيد حسين بن المطهر اليمني، قال في حقه: سطع نور فضله وأشرق، وأغص الحساد بزلاله وأشرق، فقامت به سوق الأدب على ساق، واقتاد حقائب البلاغة والبراعة وساق، بنثر يهزأ بالدر النثير، ونظم تحسده دراري الأثير، ثم ذكر من نثره رسالة حافلة كتبها إلى القاضي محمد دراز مراجعاً له؛ تركت نقلها للاختصار، وأثبت له من نظمه قوله: عج بالمطي وحي الأثل والبانا ... واستنجد الصبر إن الحي قد بانا واسفح دموعك في ربع رعيت به ... غيد الظباء زرافات ووحدانا وانشد فؤادك إذ زمت مطيهم ... هل سار في إثرهم أم ظل حيرانا من أين للصب صبر بعد بعدهم ... إذا تذكر أوطاراً وأوطانا والشوق يرسل سحب الدمع ماطره ... والوجد يقدح في الأحشاء نيرانا يا حادي العيس مرخاة أزمتها ... بلغت خيرا إذا ما جزت نجرانا فقف على أربع أقوت معالمها ... وقل لأمثالها أساً وبنياناً والله ما استبدل المشتاق منذ نأى ... بالأهل أهلا ولا الجيران جيرانا وقوله من أخرى: هذا العذيب وتلك برقة ثهمد ... مغنى الغواني والظباء الخرد لاغرو أن لعب الغرام بمهجتي ... وقضى علي هوى الغزال الأغيد وأطعت من أغرى فؤادي بالهوى ... وعصيت كل مؤنب ومفند ريان من ماء النعيم يميس في ... أبرانه كالغصن في الورد الندي لعب الصّبا بقوامه لعب الصّبا ... غب الهواطل بالغصون الميد ما لاح يثني عطفه إلا أرى ... قمراً تجلى فوق رمح أملد وقوله: لله ما صنع الفراق بمهجتي ... وأحبتي ما للفراق ومالي ما كنت أقنع بالتلاقي منهم ... واليوم أقنع منهم بخيال وهو من قول الشهر زوري: وقد كنت لا أرضى بالوصل من الرضى ... وآخذ ما فوق الرضى متبرما فلما تفرقنا وشط مزارنا ... قنعت بطيف منك يأتي مسلما شعر الاهدل وممن ذكره من رجال (السلافة) السيد حاتم بن أحمد الأهدل الحسيني، قال في حقه: قطب الشرف، وعماد بيت المجد العالي، وبحر العرفان الخضم، وصدر المكارم الذي جمع شملها، وضم المتحلي من الأدب بما أبان تفضيله، والحائز من محاسنه ما تحكم له شواهده بالسبق وتقضي له، فمن شعره مذيلاً بيت أبي دهبل: (وأبرزتها بطحاء مكة بعدما ... أصات المنادي بالصلاة فأعتما) وسرحت عيني في الرياض خدودها ... فشاهدت روضاً كالربيع منمنما سقته مياه الحسن فازداد بهجة ... وغادر قلبي بالحطيم محطما حسينية حسناء لمياء نحوها ... توجه قلبي بالغرام وأحرما سعيت إليها بالصفاء مسلماً ... لروحي وقلبي طاف سبعاً وزمزما غزال تعير الظبي لفتة جيدها ... وعن قدها المياس سل بانة الحمى فتاة تعير الشمس بهجة وجهها ... سناها بغير الحسن لن يتلثما عدى خصرها جسمي سقاماً وجفنها ... تعدى على جفني وللنوم حرما إليها ثنت قلبي الثنايا صبابة ... فياما أحيلى ذلك الثغر واللما إذا حدثت فاح الندى وأظهرت ... برمزتها مني الحديث المكتما وذكر له تصدير وتعجيز على فائية ابن الفارض أوله: (قلبي يحدثني بأنك متلفي) ... عجل به ولك البقا وتصرف قد خلت حين عرفته وعرفتني ... (روحي فداك عرفت أم لم تعرف) ومنه: (أنت القتيل بكل من أحببته) ... فلك السعادة بالشهادة يا وفي ولقد وصفت لك الغرام وأهله ... (فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي) ومن قوله في الجناس: لآلي ثغور أم بدور تشف عن ... لآلي بحور أو بروق نحور؟ سما لثمها عني فيا لهفي على ... فوات نحور من فواتن حور

شعر

شعر زيد الحجاف اليمني وممن نقل له في (السلافة) زيد بن علي بن إبراهيم الحجاف اليمني، أطنب الثنا عليه بما ليس فوقه مزيد، ثم قال: هذا وإني معترف بالتقصير في وصف فضله، ثم قال: وسأثبت من غرر شعره التي تجنح إليها البلاغة جنوح الفرخ إلى وكره، فمنها ما أنشدني شيخنا العلامة جعفر بن كمال الدين، قال: أنشدني السيد المذكور لنفسه بالمخا سنة 1068 ثمان وستين وألف. ولي عتب على قوم أساؤوا ... معاملتي وساموني اغترارا جنوا عمداً وما راعوا حقوقاً ... وما اعتذروا وساموني صغارا سأضرب عنهم صفحاً وأغضي ... مخافة أن أقلدهم شنارا ولو أني ركبت متون عزمي ... إذاً لسقيتهم مراً مرارا ولو أني هممت بأخذ حقي ... لولوني ظهورهم فرارا قال وسألني القول على ذلك فقلت: لك العتبى ومنك الصفح يرجى ... إذا لم تستبن منهم وقارا وإن هم جنوا عمداً وجهلاً ... وما راعوا وما طلبوا اعتذارا فإن البدر لا يثنيه شيء ... من العجما صياحا أو جؤارا وأنت على أذاهم ذو اقتدار ... على أن لا تسامي أو تبارى فطب نفساً فكلهم ذليل ... لعزتك اختياراً واضطرارا وللسيد المذكور: ومالي والهم الذي أنا حامل ... ولي صلة من فضل ربي وعائد إذا عادة الله التي أنا آلف ... تذكرتها هانت علي الشدائد فلا أتقي هولاً وأرهب طارقاً ... ولي ثقة بالله ما قام عابد قال: وأنشدني صاحبنا الشيخ أحمد الجوهري له قال: كتب إلي وقد طلبت منه شرح النهج لابن أبي الحديد في بيتين من الشعر. أتاني نظمك المنضود يمشي ... من الإحسان في ثوب جديد ووافى جوهري للفظ لطفاً ... ومعنى صيغ من در نضيد سمحت بذاك وهو أجل قدراً ... لأن يأتيك بابن أبي الحديد ربحنا بالتجارة وارتضينا ... لطيف الدر عن ثقل الحديد فراجعته بقولي: أخا الهيجاء ذا الرأي السديد ... غياث الملتجي مأوى الطريد طويل الباع في كسب المعالي ... بسيط الفضل كالبحر المديد أتاني منك نظم فوق طرس ... كدر زان في نحر وجيد فما أبصرت بيتاً منه إلا ... وقلت بأنه بيت القصيد فشعرك يعجز الشعراء عنه ... ونثرك مخجل لابن العميد وقد حزت المعاني والمعالي ... وفقت بها على جمع عديد فلا زالت بك الأيام تزهو ... وجاهك كل يوم في مزيد قال: وكتب إلي أيضاً: صوغ القريض على اختلاف رجاله ... ما بين حصبا لا تعد وجوهر وإذا أردت أن تفوز بدرة ... نظماً فخذه من صحاح الجوهري شعر محمد المخاوي ومن رجال (السلافة) السيد محمد بن أحمد حاكم المخا ذكر أنه رأى في بعض الدفاتر له بيتين دلا على أن حسام أدبه مرهف باتر وهما قوله: شبهت نرجسة وافى إليَّ بها ... خلي وقد جئت في التشبيه بالعجب كفاً من الفضة البيضاء ساعدها ... زمرد حملت كأساً من الذهب قلت حق له التصديق، ووجب، ... فقد جاء من التشبيه بالعجب شعر محمد بن عبد القادر اليمني ومن رجال (السلافة) أيضاً السيد محمد بن عبد القادر اليمني قال في حقه: أحد سحرة القريض، ومقتطفي نور روضه الأريض، نطق عن لسان الإحسان، ونثر من البلاغة رفرفها الخضر، وعبقريها الحسان إلى مجد ونسب، ومنطق يملك الأسماع إذا مدح أو نسب، وله ديوان يشتمل على غرر وقلائد، تحسدها عقود الولائد وقفت عليه، فاخترت منه قوله من قصيدة مدح بها السيد الحسن بن القاسم أخا الإمام محمد المؤيد ملك اليمن ويهنئه بعيد الفطر أولها: ألام هلال لاح أم نون حاجب ... بدا بجبين الأفق في ليلة الفطر؟ أم العيد من صافي اللجين بخنجر ... تمنطق أم سيفٌ تقلد من تبر أقوس لملك الغرب صيغ بعسجد ... وعلق موتوراً على قصره الدري أم الكأس ساقي القوم ليلاً أدارها ... ليسقي الندامى قهوة العيد كالخمر أشكل سوار ذاك أم شق دملج ... بساعد ليلى بان في غرة الشهر أم الغادة الحسناء خلخال ساقها ... أبانته للعشاق من كوة القصر

توهمت ليس الأمر كما ذكرته ... وشبهت والتشبيه يحسن في الشعر وما هو إلا هيكل في قلادةٍ ... على طوق ملك قلد الملك بالفخر هو السيد المعروف معروف جوده ... ومن كفه بالغيث تزري وبالبحر هو الحسن الأخلاق والاسم من سما ... بهمته قسراً على فلك النسر هزبر الوغى ليث الشرى ضيغم العدوى ... مؤيد أعلام المؤيد بالنصر خضم الندى من في أكف عطائه ... زمام الغنى المغني لراجيه باليسر أتحسب أن السحب تمطر صيباً ... وأن بطون البحر تقذف بالدر وما ذاك إلا أن نائل جوده ... أنال السحاب الغيث فانهل بالقطر وما الدر إلا أن نيسان كفه ... حشا البحر حتى عاد فيضاً إلى البر وما أحمر شفاف اليواقيت مشرقاً ... فأصبح منظوم العقود على النحر ولكنه من نار غيظ حيائه ... توقد حتى صار في شعلة الجمر وما انفتحت أكمام روض وعطرت ... بنفحتها الآفاق بالنور والزهر ولكنه أخلاقه الغر أثرت ... ففيها سرت طيباً ففاح شذى النشر وما في الأيك يوما حمامة ... ولا ناح من شوق به صادح القمري ولكنها تدعو الإله تضرعاً ... ليبقى له ملك الولاية في القطر وما اكتسب البدر المنير ضياءه ... من الشمس لما لاح في ليلة البدر ولكنّ لاحت من محياه لمعة ... فعمته بالأنوار في عالم الأمر وما البرق إلا لمحة من حسامه ... إذا شمته في الجو يلمع أو يسري ولا صاعقات الجو إلا قواطع ... بأحكامه ان نقدتها يد القهر وقائعه تنبي اللبيب بشأنه ... وأخباره تهدي التحير للفكر قال صاحب (السلافة) : هذا ما وقع عليه الاختيار منها، وقد شبه الهلال في أولها بعشرة أشياء، وجمع الشيخ عماد الدين ابن نباتة جملة منها في قصيدته الرائية التي مدح بها الملك المؤيد صاحب حماة التي أولها: يا شاهر الطرف حبي فيك مشهور ... وكاسر الجفن قلبي منك مكسور فإنه هنأه فيها بعيد الفطر واستطرد في تشبيه الهلال فقال: كأن شكل هلال العيد في يده ... قوس على مهج الأعداء موتور أو مخلب مده نسر السماء لهم ... فكل طائر قلب منه مذعور أو منجل لحصاد الصوم منعطف ... أو خنجر مرهف الحدين مطرور أو نعل تبر أجادت في هديته ... إلى جواد ابن أيوب المقادير أو راكع الظهر شكراً في الظلام على ... من فضله في السما والأرض مشكور أو زورق جاء فيه العيد منحدراً ... حيث الدجى كعباب البحر مسجور أو لا فقل شفةٌ للكأس مائلة ... تذكر العيش إن العيش مذكور أو لا فنصف سوار قام يطرحه ... كف الدجى حين عمته التباشير أو لا فقطعة قيد فك عن بشر ... أخنى الصيام عليه فهو مأسور أو لا فمن رمضان النون قد سقطت ... لما مضى وهو من شوال محصور ومن شعر ابن عبد القادر المذكور: أحوى حوى الرق مني ثغره الشنبُ ... ومبسم لاح في جرياله الحبب حلو التثني إذا ريح الصبا عطفت ... معاطف القد منه تخجل القضب مهفهف العطف مياس القوام إذا ... ما اهتز كالغصن ليناً هزه الطرب دمي مباح لسيف من لواحظه ... إن كان غير هواه للحشا أرب ومنها: لا تعذلوني إذا ما همت من شغف ... بمن سباني منكم أيها العرب قد بان عذر غرامي في محبته ... عند العذول وشأني في الهوى عجب وصدر وعجز أبياتاً من أول البردة فقال وأجاد: (أمن تذكر جيران بذي سلم) ... كسيت برداً من الأحزان والسقم؟ أم من فراق ربوع كنت تعهدها ... مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم؟ (أم هبت الريح من تلقاء كاظمة) ... فأظهرت كامن الأشجان والألم؟ أملاح بارق ليلى عندما ابتسمت ... (وأومض البرق في الظلماء من إضم) ؟ (فما لعينيك إن قلت اكففاهمتا) ... بصوب دمع كغيث المزن منسجم؟ وما لنفسك إن قلت اسكني اضطربت ... (وما لقلبك إن قلت استفق يهم) ؟ (أيجسب الصب أن الحب منكتم) ... وشاهد الحال يفشيه بكل فم؟ وكيف يخفى وأحشاهُ ومقلتهُ ... (ما بين مضطرم منه ومنسجم) ؟

شعر

(لولا لم ترق دمعاً على طللٍ) ... به اكتفى روضه عن وابل الديم ولا قلقت لريح الشيح من شغف ... (ولا أرقت لذكر البان والعلم) وقال في صدر قصيدة: إن كان ذنب صبابتي لا يغفر ... فبأي نعتٍ في المحامد أشهر؟ أو كان تهيام الغرام مذمة ... فلأي معنى قيس ليلى يذكر؟ وعلام تضرب في الملا أمثاله ... وحديثه فوق الطروس يسطر؟ ومنها: كم ذا أكتم في هواه صبابتي ... طوراً أقرَّ بها وطوراً أنكر أعليّ لوم في معذب مهجتي ... إن قلت إن هواه لي مستأسر شعر عبد الصمد باكثير ومن رجال (السلافة) الشيخ عبد الصمد بن عبد الله باكثير، قال في حقه: خاتمة شعراء اليمن، ونابغة العصر وباقعة الزمن، ينتهي نسبه إلى كندة، وكان كاتب الإنشاء لعمر بن بدر ملك الشحر وشاعره، وديوان شعره مشهور تتاو محاسنه ألسن الأيام والشهور، وقد وقفت عليه، وصرفت عنان النظر إليه فاصطفيت منه ما استحسنت، وأوردت منه ما أردت، ولم يزل كاتباً للأمير المشهور ثم لولده عبد الله بن عمر إلى أن توفي بالشحر عام خمس وعشرين وألف عفا الله عنه وهذا حين أُثبت ما اخترته من ديوانه والتقطته من فرائده وعقيانه ومنه قوله من قصيدة أولها: رعيًَ لأيام تقضت بالحمى ... فزنا بها ووشاتنا غفلاء جاد الزمان بها وأسعفنا بمن ... نهوى ولم تشعر بنا الرقباء ومنادمي بدر على غصن على ... حقف له قلبي العميد خباء عذب المقبل عاطر الأنفا ... س درياق النفوس شفاهه اللسعاء متبسم عن أشنبٍ شبم له ... مهما تبسم في الدجى لألاء ما مسك دارين بأطيب نكهةً ... منه وقد ضاعت له ريَّاء عبر النسيم بجر فضل بروده ... فحبته من كافورها الأنداء فتعطرت من طيب فائح نشره ... أرواحنا وسرت لنا السراء فسقى الإله مراتع الغزلان من وادي النقا وهمت به الأنواء وتهللت برياضها سحب الحيا ... وسرت عليها ديمةٌ وطفاء حتى يراها الطرف أبهج روضة ... فبروقه الإصباح والإمساء والطير عاكفة بكل حديقة ... فكأنها بلحونها قراء والروض مبتهج الحيا فكأنه وافاه من عمر الندى إيماء ثم خرج إلى المديح، وقوله في صدر أخرى: هذي المرابع والكثيب الأوعس ... وظبا الخيام الآنسات الكنّس قف بي عليها ساعة فلعل أن ... يبدو لي الخشف الأغن الألعس فلطالما عفت الكرى عن ناظري ... شوقاً إليه ومدمعي يتبجس ينهلِّ سحاً مثل منهمر الحيا ... فوق المحاجر مطلقاً لا يحبس وأغن ناعس طرفه ساب الكرى ... عني فطرفي ساهر لا ينعس أشتاقه ما لاح صبح مسفر ... في أفقه أو جن ليل حندس ومنها: يا عاذلي دعني وشأني إن لي ... قلباً بغير الحب لا يستأنس لك قدرة أن لا تلوم وليس لي ... صبر به دون الهوى أتلبس كيف السلو عن الأحبة بعدما ... دارت علي من الصبابة أكؤس نقل الصّبا نشر الحبيب وحبذا ... نشر به ريح الصّبا تتنفس آهاً ولا يجدي التأوُّه والأسى ... فالصبر أجمل والتجميل أكيس وقال أيضاً: جاد الغمام مراتع الغزلان ... ومرابع الرشأ الأغن الغاني وسرى عليها كل أسحم هاطل ... غدق يسح بوابل هتان يحي ربوعاً طالما لعبت بها ال ... غيد الحسان نوا عس الأجفان من كل فاترة اللحاظ إذا رنت ... سلبت بسحر اللحظ كل جنان فكأنما الأقمار تطلع في دجى ... ليل من المسترسل الفينان وكأنما تلك القدود إذا انثنت ... قضب تمايل في ربى الكثبان وبمهجتي خشف أغن مهفهف ... أصمى فؤادي إذ رن فرماني ظبي من الأعراب في وجنتاه ... قوت القلوب وسلوة الأحزان بالله ما طالعت طلعة وجهه ... إلا ورحت براحة النشوان ماء الشبيبة فوق ورد خدود، ... يجري على متلهب النيران ذابت عليه حشاشتي وجداً به ... وصبابة وجفا الكرى أجفاني لم أنس أيام التواصل واللقا ... والشمل مجتمع بوادي البان وقال في صدر أخرى:

شعر

أشتاق من ساكني ذاك الحمى خيماً ... لأجلها زاد شوقي في الحشا ونما ولاعج البين والتبريج من كمد ... أجرى من العين دمعاً يخجل الديما ولا طربت إلا نظم القريض ولا ... عليّ بالوجد سلطان الهوى حكمها نفسي الفداء لظبي وجهه قمر ... وبرجه في سما قلبي العميد سما يصمي فؤادي بنبل من لوا حظه ... عن قوس حاجبه مهما رنى ورمى في ثغره الدر منظوماً فيالك من ... ثغر شنيب يريك الدر منتظما جل الذي صاغه بدراً على غصن ... على كثيب وأبداه لنا صنما لم يكسه الحسن ثوباً من مطارفه ... إلا كسا جسدي من عشقه سقما وقال أيضاً: بنشر وادي الغضا نشر النسيم سرى ... فأفهم الصب عن أهل الحمى خبرا أهي التحية من أهل الخيام إلى ... حليف وجد يقاسي الوجد والسهرا لكنه جد في وجدي وأذكرني ... تلك الربوع وبان الحي والسمرا ومنها: ولي من العرب ظبي ما رأى بصري ... شبهاً له في الورى بدواً ولا حضرا كالشمس وجهاً وبدر التم مبتسماً ... والظبي جيداً وغصن البان إن خطرا يمشي الهوينا حذار الكاشحين وقد ... أرخى الستور ظلام الليل واعتكرا قبلت مبسمه عشراً على عجل ... فقام عني إلى التوديع مبتدرا فكدت أشربه لثماً وأهصره ... ضماً وأثني عناقاً قده النضرا شعر المرهبي اليمني ومن رجال (السلافة) بدر الدين محمد بن سليمان أبو فاضل المرهبي اليمني، قال في حقه: أحد فضلاء اليمن، وواحد أدباء الزمن، إن نثر أزرى بزهر المروج، وأوفى على زهر البروج، وإن نظم أخجل جواهر العقود، وفعل بالألباب فغل ابنة العنقود، وكلامه يطرب بالأسماع، ويأخذ بمجامع القلوب والأسماع، وقفت له على نثر أتبعه بنظم في رسالة كتبها إلى جمال الإسلام والمسلمين علي بن المتوكل على الله أمير المؤمنين، وقد ذكر المصنف الرسالة بطولها، فأضربت عن نقلها مراعاة للاختصار وأما النظم الذي اتبعه به النثر فهو قوله وهي من غرر القصائد وفائق الشعر: أما آن أن ترقى الجفون السواجم ... وتقصر هاتيك القلوب الهوائم إلى الله حتى البرق أعداه رقة ... نحولي واعتلت لجسمي النسائم وقد سمعت زهر النجوم دعايتي ... وملت مناجاتي لهن الحمائم ومن حر ما ألقاه من مهيع الصبا ... غدت نسمات الحي وهي سمائم وقد أذهبت لوني يد الشوق واكتسى ... أصيل الحمى من صفرتي وهو نائم فلولا بكائي في المعاهد سحرة ... لما سمعت للطير فيها مآتم وكم يستمد القيظ من حر جوانحي ... تنم بما وارته مني الحيازم فحتام قلبي في الصبابة هائم ... وإنسان عيني في المدامع عائم؟ خليلي كم أخفي الهوى وتذيعه ... جفون مساعي الدمع فيها النمائم ولم أر مثل القلب عوناً على الهوى ... تشب به نار الجوى وهو كاتم وفي كبدي من حب أسما جراحة تعز على الآسي فيها المراهم وإن شفائي ما استدار نطافها ... عليه وما ضمته منه المباسم ودون لقا أسماء من بأس قومها ... سباسب ما سارت عليها المناسم ومن ذا على خوض المهالك معدي ... وقد قل في هذا الزمان المسالم؟ أخلاي طراً حاسد ومفند ... وقالً ومغتاب وواشٍ ولائم سقى تلعات الجزع فالشط فاللوى ... فسفح النقا سار من المزن ساجم مغان قضت فيها الشبيبة حقها ... سروراً وغصن اللهو ريان ناعم ولي بين هاتيك المعاهد ظبية ... تبات حواليها الليوث الضراغم من الهيف نعساء النواظر طفلة ... لها السمر والبيض الرقاق تمائم تنام فلم يلمم بها الطيف غرة ... بفحش ولم يحلم بها قط حالم ترى علمت أني بها الدهر مغرم ... وأن فؤادي في الصبابة هائم وإن قلبي لوعة يستثيرها ... إذا هدأت جنح الظلام الهمائم لئن درست تلك المعاهد أو عفت ... فلم تعف من شوقي إليها معالم وإن زماناً قد قضت لي صروفه ... بفرقة هاتيك الديار لظالم وهل جاز أن ارضى على الدهر أو أرى ... به ضاحكاً والفضل غضبان واجم

شعر

ومالي لا أشكوا الزمان وقد هوت ... بأهل النهى أحقاده والسخائم يحار إذا ما سيل لم أخصب الفتى ... جهولاً ولم أكدى بها وهو عالم؟ وما هي إلا حكمة دون فهمها ... فلاة مطي العقل فيها روازم تقاصرت الأوهام عنها كأنما ... عليها لتضليل العقول طلاسم وأسلم شيء أن يقال بانها ... حظوظ قضى الباري بها ومقاسم ألم ترني أستنهض الجد عاثراً ... وأستنطق الأقدار وهي أعاجم وأستنتج الأيام وهي حوائل ... وأستمطر الأنواء وهي حوائم وذنبي أني في البلاغة صادح ... وغيري في أسر الفهامة باغم وفي الناس من يستصغر الشعر رتبة ... وما الناس لولا الشعر إلا بهائم فبي ختمت رسل الفصاحة وانتهت ... إلى ابن أمير المؤمنين المكارم فتى تسعد الآمال والفضل عنده ... وتشقى القنا في كفه والدراهم بمن ذا من الأجواد يوماً أقيسه ... وقد جاز في مسعاه كعب وحاتم أنال الخراد البيض وهي كواعب ... وأعطى عراب الخيال وهي كرائم غدا حاكماً شرق البلاد وغربها ... وآمالنا فيما حواه حواكم يجل صغير الأمر في عين غيره ... وتصغر في عينيه منه العظائم أنيطت به الأحكام طفلاً وإنها ... تمائم مخصوص بهن الأكارم نديماه يوم السلم شعر وعالم ... وخدناه يوم الروع رمح وصارم ترج يداه للغنى وهو نافع ... ولذ بحماه آمناً وهو عاصم تخيلته في الدست بدراً متوجاً ... ولكنه في السرج ليث ضبارم وسأله السمر العوالي إذا عدا ... وكم حمدت سمر العوالي العوالم إذا سار أقذى مقلة الشمس عثيراً ... وروعت الجوزا به والنعائم وسد الفضاء الرحب بالخيل والقنا ... وضاقت به أنجاده والتهائم وأدلج في ليل من النقع مظلم ... كواكبه فيه الظبى واللهاذم له كل يوم غارة ينتحي بها ... أساطين من بأس العدى ودعائم فتنفعل الأشيا له قبل كونها ... ويهزم من بعد إذا قيل قادم فآراؤه تردي أعاديه لا القنا ... وصولته تغتالهم لا الصوارم وذا حال من يعنى الإله بشأنه ... يعاد القضا في أمره وهو نائم ويسعده برجيس فيما يرومه ... ويمسي وبهرام عليه يصادم أبو الحسن الراقي من المجد منصباً ... نسيف الخوافي دونه والقوادم وأكرم من تزجى المطايا لبابه ... وترسم في البيدا ثناه الرواسم ترحل شهر الصوم عنا فأعلنت ... عليك المبادي بالثنا والخواتم ولو كان معنى الصوم شرعاً موافقاً ... له لغة ما قيل إنك صائم لأنك لا تنفك بالخير آمراً ... وكفك فيها للنوال مزاحم لقد جردت منك السماحة مرهفاً ... تجذ به للعسر عنا غلاصم وبحر نوال كلما عب زاخراً ... رأيت بحار الأرض وهي كظائم إذا لم يشم في المحل برق غمامة ... فإني لبرق العرف منك لشائم وإن لاح وجه الأرض في الجدب عابساً ... فإن ثغور الجود منك بواسم وهاك ثناء أبرزته قريحتي ... كما أبرزت زهر الرياض الكمائم وما كل شعر يشبه الدر نظمه ... فما الدر إلا ما أنا فيك ناظم ولا زال مخدوماً لك الفلك الذي ... عليه مدار الأمر والسعد خادم شعر الشوشتري وممن نقل له صاحب (السلافة) الملا فرج الله الشوشتري قال في حقه: أحد مفلفي شعراء العجم الذي طلع نبت مقاله في روض البلاغة، ونجم علافي البلاغة شعره، فغلا في سوق الأدب سعره، ونظمه بالعربية محرز خصل الإجادة، وسأثبت مما سقاه غيث إحسانه وجاده، فمنه قوله من قصيدة مدح بها الوالد عددها مائة وثمانية وخمسون بيتاً: ما بين دجلة والفرات مراتع ... هي للنفوس معارج وسماء ومنازل هي للقلوب منازل ... لا جاوزتها ديمة هطلاء لا الجزع يسليني ولا وادي الغضا ... عنها ولا النجّا ولا الدهناء لا رامة رومي ولا حزوى ولا ... وادي النقا والخيف والخلصاء سقت الغوادي روضها وفلاتها ... ورعت بمرعاها مهاً وظباء أصبو إلى سكانها طول المدى ... لم تلهني خود ولا هيفاء

إن الاماكن تستحب لاهلها ... أنا عروة وجميعهم عفراء بهم أشبب لا بعاتكة وكم ... في مهجتي من بينهم برحاء أسمائهم ملأت خروق مسامعي ... لاميّ تسكنها ولا أسماء للناظرين على الفراق مواطن ... لهم بهن عن الجنان غناء وبسوحهن مراتع وملاعب ... الليل فيها والنهار سواء مستوطن الآمال غايات المنى ... للغانيات بها الغداة ثواءِ يرتعن بين ضلوعنا فكأنما ... أرباعها الألباب والأحشاء آرام أنسي للنفوس أوانس ... داء ولكن للعيون دواء يصغي إليهن الجليس فينتشي ... وهناك لا خمر ولا صهباء حل الربيع متى حللن بمنزل ... فكأِنهن عوارض وحياء وإذا ارتحلن ترى الديار كأنها ... من فقدهن سباسب قفراء كم من مناهل للفرات وردنها ... وصدرن وهي لعودهن ظماء لا تعجبن إن لم يفين بوعد ... إن الغواني ما لهن وفاء سكان تلك الأرض كلهم لهم ... عندي هوى وصداقة وإخاء إن يسلبوا عني السرور ببينهم ... فلمهجتي بحديثهم ثراء فهم مناط مساءتي ومسرتي ... وهم لقلبي شدة ورخاء أكبادنا نار الغضا من بعدهم ... تذكي الأسى وجفوننا أنواء الطاعنون القاطنون قلوبنا ... هم واصلين وقاطعين سواء وإذا المحبة في الصدور تمكنت ... فقد استوى الإبعاد والإدناء ألقتني الأيام من أرض إلى ... أرض لها أرض العراق سماء شتان ما بيني وبين مزارهم ... هيهات أين الهند والزوراء كيف احتيالي في الوصول إليهم ... إن الوصول إليهم لرجاء لا تركبن ظهر الرجاء مطية ... إن الرجاء مطية عرجاء وكواذب الآمال لا تهدي بها ... دعها فتلك هدية عمياء يا ساكني دار السلام عليكمُ ... مني السلام ورحمة ودعاء أين العزاء وأهله وضجيعُه ... روحي له ولما حواه فداء ومن مديحها: الأحمد المحمود كل فعاله ... ما شاءه وقضى به فقضاء ما للعقول وفوق ساحة فضله ... قد ضلِّت الأفهام والآراء فله يدٌ وله أناملُ فعلها ... الإنعام والإحسان والإعطاء لا كالبحار تظل تجمع ماءها ... بل كالجبال يسيل عنها الماء دار المعاني والبحار كليهما ... يوم العطاء لدى يديه هباء فلسيبه وعطائه بسؤاله ... ولسبيه ولسيفه الأعداء شرك الأفاضل في خصائص فضلهم ... وله خصائص دونها الإحصاء وهي طويلة اكتفيت من نقلها بهذا المقدار طلباً للاختصار. وذكر له أيضا ًقصيدة ذكر أنه مدح بها والده أيضاً وهي: أليلة القدر أم ليالي الرغائب ... ليال قطعناها بوصل الحبائب ليل تجلت بالوجوه وزينت ... بها لا بأقمار ولا بكواكب وما سمن الأنظار والقلب وامق ... إذا كان مرعاها خدود الكواعب رأيت وما آنست نوراً كوجهها ... وطفت بقاع الأرض من كل جانب إذا خفيت لاحت وأخفت إذا بدا ... سنا وجهها مثل النجوم الثواقب تعرضتها شاكي السلاح أخاف من ... صوارم لحظ أو سهام صوائب لئن أخطأت بعض القلوب سهامها ... فما كل ما يرمي السقيم بصائب لرؤيتها كلي عيونٌ وكلها ... بهاءٌ وحسنٌ لم يزين بجالب وما جشأت نفسي لدى الصد والنوى ... ويعرف قدر المرء عند النوائب ولا أتحاشى الموت إن كان مقتلي ... بسهم لحاظ من قسي الحواجب وكيف يخاف الموت من كان هلكه ... بأشباه أطراف القنا والقواضب مسافة بين الخافقين بذكرها ... لأقرب مما بين عين وحاجب فلم أدر إذ طال السرى بحديثها ... مشيت برجلي أم مشت بركائبي أراقت دمي أم لم ترقه فإنني ... وإن أتلفتني لست عنها براغب لكثرة ضربي باليدين قد انمحت ... لها أسفاً يوم الوداع رواجبي رجعنا وما أبصارنا برواجع ... وأبنا وما ألبابنا بأوائب تراني يا سلم ابن ود لصاحب ... وصاحبة يستعذبان مشاربي فلا أستقي إلا بحبل مساجلي ... ولا أرتوي إلا بكأس مصاحبي وما بخلت نفسي ولا ضقت ساعة ... بلين لسلم أو بحزن لحارب

أجيب المنادي سائلا أو مسائلاً ... وأعرض عمن لا أراه مجاوبي فمن يرتضي قربي قليلاً وصلته ... ولست لمن لم يهوه بمقارب وتلك سجايا ليس يعرفها الورى ... سوى سيد السادات من آل غالب نظام الورى ديناً ودنيا وحشمةً ... وعلماً ورأيا وابتذال الرغائب مناقبه بين المناقب مثلة ... ومثل اسمه فخر الكنى والمناقب تزاحمت الآمال طراً بباله ... فما الناس إلا بين جاءٍ وذاهب لديه تمني كل باد وحاضر ... إليه قصارى كل سار وسارب مصائبنا من قربه في مصيبة ... فنحن بلقياه مصائب المصائب مواهب رب العالمين كثيرة ... وأنت لنا منها أجل المواهب بك اعتلت العلياء لا أنت بالعلا ... وما أنت إلا رافع للمناصب فأَنت تكسي وتكسب منحة ... وما الخلق إلا بي كاسِ وكاسب بغير حاب ما تنيل ومنة ... فلست بمنان ولا بمحاسب وأنت الذي عمت فواضله الورى ... فمالك للأخاذة لا لغاصب وأنت الذي حاز المحاسن كلها ... وجمع وجود الحسن ليس بواجب أيا دهر أعط القوس باريها إذن ... وراع على هذا الصلاح العواقب إمام لدى الهيجاء إمام لدى الحجى ... مشير مجيب هازم للكتائب مصيب بضرب السيف والطعن بالقنا ... قوي قدير عارف بالمضارب شجاع كمي لوذعي غشمشم ... يد السيف ظهر الرمح قلب المواكب بدلو رآها البحر أصبح ناضباً ... ظلمت متى شبهتها بالهواضب بصير بأعقاب الأمور مجرب ... كأن جرب الدنيا بكل التجارب أتيتك مولاي بما ملكت يدي ... وحصله فكري وخول واهبي أتيتك مهتوفاً بزوعي كما أتى ... نبي الهدى سلماً سواد بن قارب وفقري إليك الدهر أغنى من الغنى ... وذلك فقر لست عنه بهارب فلا أشتفي إلا بمدحك أن أفز ... بلفظٍ غريب أو بمعنى مناسب ولم أشتغل إلا بذكرك إن أجد ... لساناً فصيحاً ناطقاً بالمطالب فهذا مديح من خلوص عقيدة ... وإخلاص ودٍ لم يشب بشوائب لزمت ذمامي إن قبلت وذمتي ... وإلا فقد ألقيت حبلي بغاربي فلا زلت في الدنيا أماناً لخائف ... وغوثاً لملهوف وكهفاً لهارب وبابك للاجين مأوى وموئل ... وجودك مبذول لعاف وطالب يشير بقوله: أتيتك مهتوفاً بزوعي كما أتى ... نبي الهدى سلماً سواد بن قارب إلى إتيان سواد بن قارب إلى النبي (ص) مسلما أتاه ريبه بظهوره عليه أفضل الصلاة والسلام، والخبر ما رواه أصحاب السير من حديث محمد بن كعب القرظي قال بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه جالس، اذا مر به رجل فقيل له يا أمير المؤمنين هذا سواد بن قارب الذي أتاه ريبه بظهوره (ص) فقال له عمر رضي الله عنه انت سواد بن قارب قال: نعم. قال: انت على ما انت عليه من الكهانة؟ فغضب. فقال: عمر رضي الله عنه سبحان الله! ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه، فأخبرني بإتيانك ريبك بظهور النبي (ص) ، فقال: بينما أنا ليلة بين النائم واليقظان، إذ أتاني فضربني برجله، وقال: قم يا سواد بن قارب، فاسمع مقالتي، واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب، يدعو إلى الله وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول: عجبت للجن وتطلابها ... وشدها العيس بأقتابها تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما مؤمن الجن ككذابها فارحل إلى الصفوة من هاشم ... ليس قداماها كأذناها فقلت: دعني أنام لست واعياً، فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله، وقال قم يا سواد بن قارب، فاسمع مقالتي، واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب، يدعو إلى الله وإلى عبادته، ثم أنشأَ يقول: عجبت للجن وتخبارها ... وشدها العيس بأكوارها تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما مؤمن الجن ككفارها فارحل إلى الصفوة من هاشم ... بين روابيها وأحجارها فقلت: دعني أنام فإني أمسيت ناعساً، فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله، وقال: قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي؛ واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب، يدعو إلى الله وعبادته، ثم أنشأ يقول:

شعر

عجبت للجن وتحساسها ... وسدها العيس بأحلامها تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما خير الجن كأنجاسها فارحل إلي الصفوة من هاشم ... وانظر بعينيك إلى رأسها قال: فرحلت ناقتي، وأتيت المدينة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حوله فأنشأت أقول: أتاني نجي بين هدو ورقدت ... ولم أك فيما قد بلوت بكاذب ثلاث ليل قوله كل ليلة ... أتاك رسول من لؤي بن غالب فشمرت عن ذيلي الإزار ووسطت ... بي الذعلب الوجناء بين السباسب فأشهد أن الله لا رب غيره ... وأنك مأمون على كل غائب وأنك أدنى المرسلين وسيلة ... من الله يابن الآمنين الأطايب فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى ... إن كان فيما جاء شيب الذوائب وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة ... بمغن فتيلاَ عن سواد بن قارب قال ففرح رسول الله (ص) وأصحابه فرحاً شديداً، فقام إليه عمر رضي الله عنه، فالتزمه، وقبل بين عينيه، وقال: كنت أشتهي أن أسمع هذا الحديث منك، فهل يأتيك ريبك اليوم؟ قال: أما منذ قرأت القرآن فلا، انتهى. شعر علوي بن اسماعيل البحراني وممن ذكر صاحب (السلافة) السيد علوي بن اسماعيل البحراني قال في حقه: فاضل النسب والأدب معرق، وكامل تهدل في فروع مجده وأعرق، وهو اليوم شاعر هجر، ومنطيقها الذي واصله المنطق الفصل وما هاجر، يفسح للبيان مجالا، ويوضح منه غرراً وأحجالا، ويشتار من جناه عسلا ويهز من قناه أسلا، ومعظم شعره فائق مستجاد، فمنه قوله في الغزل وقد أجاد: بنفسي أفدي وقل الفدا ... غزالا بوادي النقا أغيدا مليحا إذا نض عن وجهه ... نقاب الحيا خلت بدراً بدا غزالا ولكن إذا ما نصبت ... شراكا لأصطاده استأسدا سقيم اللواحظ مكحولها ... ولم يعرف الميل والأثمدا رشيق القوام إذا هزه ... رأيت الغصون له سجدا له ريقة طعمها السكري ... يجلي الصداء ويروي الصدى ولحظ كعضب ولكنه ... يشق القلوب وما جردا نأى بعد فهو لغيري ولي ... قريب المزار بعيد المدى تفرد بالحسن دون الملا ... فسبحان مولى له أفردا رعى الله أيامنا الماضيات ... وعيشاً ألفنا بها أرغدا وصب على ترب تلك الربوع ... مثعنجراً مبرقاً مرعدا فكم قد أقمنا بها لم نخف ... عدوا ولم نرقب حسدا إلى حيث أخنت صروف الزمان ... وشمل الوصال بها بددا وأضحت قفار وليس بهن مقيم من الجمع إلا الصدى إذا قلت أين حبيبي غدا ... يجيب بأين حبيبي غدا وقوله أيضاً: أشيم البرق وهو علي شوم ... ويثنيني له الشغف القديم وأصبر للهوى العذري ما إن ... شدا القمري أو هب النسيم رعاك الله يا قمري نجد ... تنوح فلا تنام ولا تنيم أرقت ولا كما أرق النسيم ... قلقت ولا كما قلق السقيم وكابدت الأسى والحزن إذ لا ... أخ يدري بذاك ولا حميم زعمت بأن وجدك فوق وجدي ... وذاك لأنني صب كتوم أعرض إن بكيت بذكر حزوى ... ولا حزوى عنيت ولا الغميم ولولا المنجدون لما شجتني ... طلول بالغوير ولا رسوم ألا يا منجدون ولم تعودوا ... لقد أبطأتم فمتى القدوم ومن رقيق قوله في النسيب: أتت تحمل الابريق شمس الضحى وهناً ... ولو سمحت بالريق كان لها أهنى حكاها قضيب الخيزران لأنه ... يشاركها في الاسم والوصف والمعنى ترينا الضحى والليل ساج وما الضحى ... وتلعتها من نور طلعته أسنى مهفهفة الأعطاف خود وخلتها ... من الحور إلا أن مقلتها وسنى لها كفل كالدعص ملء إزارها ... وقد إذا ماست به تخجل الغصنا عليها برود الأرجوان كأنها ... شقائق أو من وجنتيها بدت تجنى ولا عيب فيها غير أن مليكها ... براها بخلق يعقب الحسن بالحسنى تقوم تعاطينا سلافة ثغرها ... على عجل نلنا به المن والأَمنا هي الروح والريحان والراح والمنى ... علي بها معطي المواهب قد منا قصرت عليها محض ودي فلم يكن ... سواها له في القلب ربع ولا مغنى شعر

جعفر الخطي وممن ترجم له صاحب (السلافة) جعفر بن محمد حسن الشهير بالخطي البحراني العبيدي أحدبني عند القيس، قال في حقه: ناهج طرق البلاغة والفصاحة، الزاخر الباحث الرحيب الباحة، ثقف بالبراعة قداحه، وأدار على السامع كؤوسه وأقداحه، فأتى بكل مبتدع مطرب، ومخترع في حسنه مغرب، وله ديوان شعر وقفت على فرائده التي لمعت، فرأيت مالا عين رأت، ولا أذن سمعت. وقد استوطن الديار الأعجمية حتى اختطفته أيدي المنون، وخلد بها عرائس الفنون، وكانت وفاته سنة1028 ثمان وعشرين وألف، ولما دخل أصبهان اجتمع بالشيخ بهاء الدين محمد العاملي، وعرض عليه أدبه فاقترح عليه معارضة قصيدة الرائية المشهورة التي مطلعها: سرى البرق من نجد فجدد تذكاري ... عهوداً بحزوى والعذيب وذي قار فعارضها بقصيدة طنانة أولها: هي الدار تستسقيك مدمعك الجاري ... فسقياً فخير الدمع ما كان للدار ولا تستطع دمعاً تريق عيونه ... لعزته ما بين نؤي وأحجار فأنت امرؤٌ قد كنت بالأمس جارها ... وللجار حق قد علمت على الجار عشوت إلى اللذات فيها على سنى ... سناء شموس ما يغبن وأقمار فأصبحت قد أنفقت أطيب ما مضى ... من العمر فيما بين عون وأبكار نواصع بيض لو أفضن على الدجى ... سناهن لأستغنى عن الأنجم الساري حرائر ينصرن الأصول بأوجه ... تغص بأمواه النضارة أحرار معاطير لم تغمر يداً في لطيمة ... لهن ولا استعبقن جونة عطار أبحنك ممنوع الوصال نوازلا ... على حكم ناه كيف شاء وأمار إذا بت تستسقي الثغور مدامة ... أتتك فحيتك الخدود بأزهار أموسم لذاتي وسوق مآربي ... ومجنى لباناتي ومهبط أوطاري سقتك برغم المحل أخلاف مزنة ... تلف إذا جاشت سهولا بأوعار وفج كما شاء المجال حشوته ... بعزمة عواد على الهول كرار تمرس بالأسفار حتى تركنهُ ... بدقته كالقدح أرهفه الباري إلى ماجد يعزى إذا انتسب الورى ... إلى معشر بيض أماجد أخيار ومضطلع بالفضل زر قميصه ... على كنز آثار وعيبة أسرار سمي النبي المصطفى وأمينه ... على الدين في إيراد حكم وإصدار به قام بعد الميل وانتصبت به ... دعائم قد كانت على جرف هار فلما أناخت بي على باب داره ... مطاياي لم تذمم مغبة أسفاري فكان نزولي إذ نزلت بمغدق ... على المجد فضل البرد عار من العار أساغ على رغم الحوادث مشربي ... وأعذب ورد العيش لي بعد إمرار وأنقذني من قبضة الدهر بعدما ... ألح بأنياب علي وأظفار جهلت علي معروف فضلي فلم يكن ... سواه من الأقوام يعرف مقداري على أنه لم يبق فيما أظنه ... على الأرض شبر لم تطبقه أخباري فلا غرور فالإكسير أكبر شهرة ... وما زال من جهل به تحت أستار متى بل لي كفاً فلست بآسف ... على درهم إن لم ينله ودينار ثم قال: وتمام القصيدة يؤخذ من ديوان الشاعر المذكور. ومن بديع قصائده أيضاً قوله في صباه يمدح وزير البحرين محمد بن نور الدين أنشدها يوم عيد الفطر للسنة الحادية عشر بعد الألف. ماذا يفيدك من سؤال الأربع ... وهي التي إن خوطبت لم تسمع سفهٌ وقوفك في رسوم رثة ... عجماء لا تدري الكلام ولا تعي فذر الوقوف على محاني منزل ... عاف لمختلف الرياح الاربع وامسك عنان الدمع عن جريانه ... في دمنة لا تحمدنك ومربع الله جارك هل رأيت منازلا ... عطلت فحلتها عقود الادمع واستبق قلباً لا تعيش بغيره ... وشعاع نفس إن يغب لم يطلع واصرف بصرف الراح همك إنها ... مهما تفرق من سرورك تجمع كرمية تذر البخيل كأنما ... نزل ابن مامة من يديه بأصبع فهي التي آلت ألية صادق ... أن لا تجورها الهموم بموضع من كف ساحرة اللحاظ كأنما ... ترنو بناظرتي مهاة مرضع وكأنما تثني على شمس الضحى ... إما هي انتقبت حواشي البرقع وكأنمى وضع البرى منها على ... عشر تعاوره الحيا أو خروع يا من يفر من الخطوب وصرفها ... أنى أراه يفر عنها تتبع

لذ بالوزير فأنما تأوي إلى ال ... كنف الأعز الأمنع ابن الأمنع ملك رقى درج الفخار فلم يدع ... فيها لراق بعده من مطمع وتناولت كفاه أشرف رتبة ... لو قام يلمسها السها لم يسطع أندى من الغيث الملث إذا اجتدى ... أحمى من الليث الهزبر إذا دعي التارك الأبطال صرعى في الوغى ... فكأنهم أعجاز نخل منقع يذر الجماجم في المكر سواقطاً ... سقط الثمار من المهب الزعزع إلى أن قال: يا ابن الألى جعلوا مراكز سمرهم ... حب القلوب بكل يوم مفظع واستبدلوا للبيض من أغمادها ... في الحرب هامة كل ليث أروع النازلين من العلى في رتبةٍ ... هام السهى منها بأدنى الموضع ما حدثت نفس امرىءٍ ببلوغها ... إلا ومات بغلةٍ لم تنقع وإليك من عرب الكلام خريدة ... جاءتك مسفرة ولم تتبرقع عذراء أول ما جلاه لناظر ... نظمي وأول ما تلاة لمسمع من شاعر ذرب اللسان مفوهٍ ... طب بتركيب القوافي مصقع فاضمم عليه يديك تحظى بمفلق ... أذكى من المتقدمين وأبرع فليسمعنك إن بقي لك بعدها ... ما تستبين لديه ذل الأشجع قال مؤلف (السلافة) : لما وقفت على هذه القصيدة راق لي هذا الوزن والروي فأحببت أن أنظم عليها وبالله التوفيق: يا دار مية باللوى فالأجرع ... حياك منهل الحيا من أدمعي وسرى نسيم الروض يسحب ذيله ... بمصيف أَنس في حماك ومربع لو لم تبيتي من أنيسك بلقعاً ... ما بت أندب كل دار بلقع لم أنس عهدك والأحبة جيرة ... والعيش صفو في ثراك الممرع أيام لا أصغي للومة لائم ... سمعاً وإن تقر الصبابة أسمع حيث الربى تسري برياها الصبا والروض زاهي النور عذب المشرع تحنو علي عواطفاً أفنانهُ ... عند المبيت به حنو المرضع كم بت فيه صريع كأس مدامة ... حلف البطالة لا أفيق ولا أعي يعتادني زهو الشباب وعفتي ... فيه عفاف الناسك المتورع لله أيامي بمنعرج اللوى ... حيث الهوى طوعي ومن أهوى معي لم أنسه والبين ينعق بيننا ... متصاعد الزفرات وهي مودعي إن شب في قلبي الغضا لفراقه ... فلقد ثوى بالمنحنى من أضلعي أتجشم السلوان عنه تكاماً ... والطبع يغلب شيمة المتطبع ومن غرر قصائده قوله يصف حاله، وقد ضربته في وجهه سمكة تعرف بالسبيطية، فشجته ومعه ابنة حسان، ومن تأمل هذه القصيدة عرف سمو قدره في البلاغة، وأخذه برقاب الكلام، وتلاعبه بمحاسن المعاني وهي قوله: برغم العوالي والمهندة البتر ... دماء أراقتها سبيطية البحر ألا قد جنى بحر البلاد ونوبلي ... علي بما ضاقت به ساحة البر فويل بني شن ابن اقصى وما الذي ... رمتهم به أيدي الحوادث من وتر دم لم يرق من عهد نوح ولا جرى ... على حد ناب للعدو ولا ظفر تحامته أطراف القنا وتعرضت ... له الحوت يا بؤس الحوادث والدهر لعمر أبي الأيام إن باء صرفها ... بثار امرىءٍ من كل صالحة مثر فلا غرو فالأيام بين صروفها ... وبين ذوي الأخطار حرب إلى الحشر ألا فابلغ الحين بكراً وتغلباً ... فما الغوث إلا عند تغلب أو بكر أيرضيكما أن امرءاً من بينكما ... وأي امرىءٍ للخير يدعى وللشر يراق على غير الظبي دم وجهه ... ويجري على غير المثقفة السمر وتنبو نيوب عنه أيضاً وينثني ... أخو الحوت عنه دامي الفم والثغر ليقضي امروٌ من قصتي عجباً ومن ... يرد شرح هذا الحال ينظر إلى شعري أنا الرجل المشهور ما من محلةٍ ... من الأرض إلا قد تخللها ذكري فإن أمس في قطر من الأرض إن لي ... بريد اشتهار في مناكبها يسري طوالع بي صرف القضاء ولم يكن ... لتجري صروف الدهر إلا على الحر توجهت من مري إلى العلقم المر تلججت خور القريتين مشمراً ... وشبلي معي والماء في أول الجزر فما هو إلا أن فجئت بظافر ... من الحوت في وجهي ولا ضربة الفهر لقد شق يمنى وجنتي بنطحة ... وقعت لها دامي المحيا على قطر

شعر

فخيل لي أن السماوات أطبقت ... علي وأبصرت الكواكب في الظهر وقمت كجدي ندَّ من يد ذابح ... وقد بلغت سكينة ثغرة النحر يطوحني نزف الدماء كأنني ... نزيف طلا مالت به نشوة الخمر فمن لامرئٍ لا يلبس الوشي قد غدا ... وراح موشى الجيب بالنقط الحمر ووافيت بيتي ما رآني امرؤٌ ولم ... يقل أو هذا جاء من ملتقى الكر؟ فها هو قد أبقى بوجهي علامة ... كما اعترضت في الطرس إعرابه الكسر فإن يحم شيئاً من محياي أثرها ... بمقدار أخذ المحو من صفحة البدر فلا غرو بالبيض الرقاق إذا لها ... على العنق ما لاحت به سمة الأثر وقل بعد هذا للبسيطية أفخري ... على سائر الشجعان بالفتكة البكر وقل للظبا مهلاً إليك عن الطلى ... وللسمر لا تهززن يوماً إلى صدر فلو هم غير الحوت بي لتواثبت ... رجال يخوضون الحمام إلى نصري فأما إذا ما عزَّ ذاك ولم يكن ... لإدراك ثأري منه ما مد في عمري فلست بمولى الشعر إن لم أزجه ... بكل شرود الذكر أعدى من العمر أمر على الأجفان من حادث العمى ... وأبلى على الآذان من عارض الوقر يخاف على من يركب البحر شرها ... وليس بمأمون على سالك البر تجوس خلال البحر تطفح تارة ... وترسو رسو الغيض في طلب الدر تناول منه ما تغالى بسبحة ... وتدرك دون القمر بتدر القعر لعمر أبي الخطي إن بات ثأرهُ ... لدى غير كفءٍ وهو نادرة العصر فثأر علي بات عند ملجم ... وأعقبه ثأر الحسين لدى شمر شعر ماجد بن هاشم قال مؤلف (السلافة) : لما عرضت القصيدة السابقة على الشريف ماجد بن هاشم البحراني، كتب عليها مقرظاً بقوله: أجلت رائد النظر في ألفاظها ومعانيها، وأحللت صاعد الفكر في أركانها ومبانيها، فوجدتها قرة في عين الإبداع، ومسرة في قلب الاختراع، والحق أحق بالأتباع، فالحمد لله على تجديد معالم الأدب بعد اندراسها، وإزالة وحشتها بإيناسها. كتب إلى أهله يتشوق إليهم، وهو محبوس بشيراز قوله سلام ينادي جوكم ويراوحه ... ونشر ثناء تنتحيكم روائحه ولا زال مرفوع الثناء يؤمكم ... على كاهل البرق الشمالي صالحه أأحبابنا والمرء يا ربما دعا=أخا النأي إن ضاقت عليه منادحه هل الدهر مدنيني إليكم فمبرد ... لهيب اشتياق يرمض القلب لافحه؟ ومجمع دمع كلما هتفت به ... دواعي هواكم قرح الجفن سافحه كفى حزناً أني بشيراز مفرد ... أباكر ما يضني الحشا وأرواحه وفرط هموم لو تضفن يذبلاً ... تضاءل واستعملت عليه أبطاحه وشوقاً لو استجل سناه أخو الدجى ... لأغناه عن ضوء المصابيح قادحه غدا وهو عنوان الحوادث فاستوى ... لديه به خافي البداد وواضحه وأشياء ضاق النظم عنها وبعضها ... يلوذ بظل الاستقالة جارحه أحن فلا ألقى سوى هاتف الضحى ... يطارحني شكوى النوى وأطارحه يقطع أناء النهار بنوحه ... إلى أن يرى وجه الظلام يصافحه وإن له بعد الهدو لعولةً ... وأجزى وأشجى النوح مالح نائحه شكى وحشتي سجن ونأي فأجرشت ... له رقة مما يجن جوارحه يكاد إذا هز الجناح فخانه ... تغص بترجيع الحنين جوانحه خلا أنه ذو رفقةٍ فمتى دعا ... تجبه على قرب المكان صوادحه وإني إذا ما اشتقتكم حال دونكم ... ودوني غيلان الفلا وصحاصحه وملتطم الأَمواج ما عبثت به ... يد الريح إلا وامتطى النجم طافحه على أنه في السجن أرغد عيشة ... ولا يستوي داني القرين ونازحه يشنُّ علي البعد غارات جوره ... وتهتف بي من كل فج صوائحه له الغلب فليثن الأعنة مبقياً ... عليَّ فما عندي جنود تكافحه ولا المفرد العاني يهز رماحه ... لطعن ولا تنضى لضرب صفائحه سقى جد حفص البيض سحاً ولو سما ... لها الدمع أغناها عن الغيث راشحه ولا زال خفاق النسيم إذا سرى ... عليلاً يماسي جوها ويصابحه بلاد أقام القلب فيها ولم يزل ... وإن طمحت بالجسم عنها طوامحه

هل الله مستبق ذمامي بعودة ... إليها تريني الدمع قد هش كالحه؟ ويصبح هذا البعد قد ريض صعبه ... وأمكن من فضل المقادة جامحه وقال في صدر قصيدة أخرى: لعبت بعطفيه الشمول فمادا ... كالغصن حركه الهوى فانآدا ريم أعارمها الصريم لواحظاً ... نجلاً وآرام الحمى أجيادا ساجي اللحاظ وإنها لأشد من ... بيض الظبى يوم القراع جلادا هاتيك جاروت الجفون وهذه ... أبت الجفون وحلَّت الأكبادا نازعته راحاً كبرد رضابه ... طمعاً وجمرة خده إيقادا فانقاد كالمهر الجموح جذبته ... رفقاً ثنى لعنانه فانقادا والليل زنجي الملاة لناشرٍ ... لمماً كأحداق الحسان جعادا فنضا دجاه بغرة أوفى بها ... حسناً على البدر المنير وزادا قسماً بخوض كالحنى ضوامرٍ=وصلت بتدآب السرى الآسادا يحملن شعثاً من ذؤابة وائلٍ ... شم المعاطس سادة أمجادا لأفارقن الخط غير معول ... فيها الفحول وتكرم الأغادا وله أيضاً وهي من فائق الشعر: هاتيك أحداج تشد وهذه ... أطناب أخبيه تحل وتنقص وواء عيسهم المناخة عصبة ... أكبادهم وهم وقوف تركض وقفوا وأحشاء الضمار بالأسى ... تحشى وأوعية المدامع تنقض يتخافتون ضناً فمطلق أنةٍ ... ومطامن من زفرة ومخفض قبضوا بأيديهم على أكبادهم ... والشوق ينزع من يد ما تقبض فإذا هم أمنوا المراقب عرضوا ... بشكاتهم وإذا استرابوا أعرضوا رحلوا وآراءُ البكاة وراءهم ... شتى فسافح عبرة ومفيض أتبعتهم نفساً ودمعاً نادراً ... تشوى الرياض وماء ذاك يروض من ناشد لي بالعقيق حشاشة ... طاحت وراء الركب ساعة قوضوا؟ لم تلو راجعة ولم تلحق بهم ... حتى وهت مما تطيح وتنهض أترى قد رضيت بما أراقوا من دمي ... عمداً على سخط القتيل فهل رضوا؟ فهناهم صفو الزمان وإن هم ... بالريق يوم وداعهم لي أجرضوا باتوا أصحاء القلوب وعندنا ... منهم على النأي المعل الممرض يا صاح أنت المستشار لمن دمي ... برق تألق بعد وهن يومض فمن المذم على المحاجر من سنا ... برق كصل الرمل حين ينضنض فلق الوميض فليس يغيض طرفه ... ليلاً ولا يدع الحاجر تغمض نثرت له ليلاً على كثب الحمى ... حلل تذهب تارة وتفضض وبمنحى الجرعاء حي ثوروا ... بالقلب ثائرة الظنون وأبضوا ولقد دعوت ووجه شوقي مقبل ... بهمُ ووجه الصبر عني معرض ردوه أحي برده أو ألحقوا ... كلي به فالحي لا يتبعض نفسوا بردهم النفيس وعوضوا ... عنه الأسى بعداً لما قد عوضوا يا صاح هل يهب التجلد واهب ... أو يقرض السلوان عنه مقرض؟ وأبي لقد عز العزاء وما بقي ... بيدي من سيف التجلد مقبض انفضت من زاد السلو وما عسى ... يبقى عقيب نفاذ زاد منفض؟ ومن محاسن مراثيه المرثية التي رثى بها الشيخ أبا علي عبد الله بن ناصر ابن حسن بن المقلد من بني وائل، وكانت وفاته في السنة 1011 الحادية عشرة بعد الألف، وهي من غرر المراثي، ولولا جودتها لم أنقلها وهي: أكف البرايا من تراثهم صفر ... وبيض المنايا من دمائهم حمر وخيل الرزايا ما تزال معدة ... تقاتلنا فرسانها ولها النصر تكر علينا البيض والسمر بالردى ... فتبلغ ما لا تبلغ البيض والسمر ومورد هذا الأمر مرٌّ وإنه ... لأَعذب شيء عندنا ذلك المر خليلي من أبناء بكر بن وائل ... قفا واندبا شيخاً به فجعت بكر وبدراً تراءى للنواظر فاهتدت ... به برهة ثم اختفى ذلك البدر وعضباً ثنت أيدي النوائب حده ... وكان اعتراها من مضاربه عقر أرامي الورى أخطأتنا وأصبتهُ ... أسأت بنا شلت أناملك العشر فيا أيها الثاوي الذي اتخذ الثرى ... مقاماً فهلا كان في صدري القبرُ فإن جعل الماء القراح بزعم من ... رآه لكم طهراً فأنتم له طهر وإن بليت أكفانك البيض في الثرى ... فما بلي المعوف منك ولا الذكر كأنك مغناطيس كل مهذب ... فما كامل إلا وفيك له قبر

شعر

ليهنك فخراً إن ظفرت بتربته ... يعفر خداً دون إدراكها العفر ثوى بك من آل المقلد سيد ... هو الذهب الإبريز والعالم الصفر فمتى كرمت آباؤه وجدوده ... وطابت مساعيه فتم له الفخر عفيف ملاث البرد عن كل زلة ... وفي أذنه عن كل فاحشة وقر جواد له في كل أنملة مجد ... بصير له الدهر كسر لا يرام له جبر من الآن بدءُ الشر فيك وإنه ... لمتصل باق وآخره الحشر فأي فتى لا يرهب الضيم جاره ... فقدت ويسر لا يمازجه عسر وليث وغى لو قابل الليث أعزلا ... وحاربه لم يغنه الناب والظفر فأقسم لولا موته في فراشه ... لجردت البيض المهندة البتر وأرعشت الملد المثقفة السمر ... وأقبلت الخيل المسومة الشقر عليهنَّ من آل المقلد غامة ... مساعير حرب لا يضيع لهم وتر تثقف ملاد الرماح أكفهم ... وتمنحها طولاً إذا شأنها قصر كأنهم والسابغات عليهمُ ... إذا ما دجا ليل الوغى أنجم زهر ولو خلد المعروف في الناس واحداً ... لخلد عبد الله نائله الغمر ولكنها الأيام جاءته تبتغي ... نوالاً فأولاها نوالاً هو العمر فيا قبره حياك منبعق الكلا ... ونشر من أبراده حولك الزهر بينه اصبروا فالصبر أجمل حلة ... تردى بها من مس جانبه الضر فلولا انقضا الأعوام ما فني الدهر ... ولولا فنا الأَيام ما نفذ الشهر ودونكم من لجة الفكر درة ... منظمة يعلو لها النظم والنثر وعذراء ن حر الكلام خريدة ... بأمثالها في الشعر يفتخر الشعر وما مهرها إلا قبولكم لها ... لقد كرمت ممهورة وغلا المهر شعر عبد العلي الحويزي ومن رجال (السلافة) عبد العلي بن ناصر بن رحمة الحويزي، قال في حقه: فاضل قال من الفضل بظل وريف، وكامل حل من الكمال ين خصب وريف، فلأسماع من زهرات أدبه في ربيع، ومن ثمرات فضله في آخر خريف، إن شاء أبدى من فنون السجع ضرائب، أو طفق ينظم أهدى الشنوف للأسماع والعقود للترائب، وذكر له نثراً فائقاً، أضربت عن نقله طلباً للاختصار، ثم قال: من بديع شعره قوله يمدح علي باشا حاكم البصرة ويهنئه بعيد الفطر: لمن العيس عشيا تترامى ... تركتها شقق البين سهاما كلما برقعها ريح الصبا ... لبست من أحم الدمع لثاما وترامت خضعاً أعناقها ... كلما هز له البرق حساما شفها جذب براها للحمى ... وهي تثني لربي نجد زماما وتلقيها نسيماً حاملاً ... عن ثرى وجرة أنفاس الخزامى ما على من حملت لو وقفوا ... ساعة نشرح وجداً وغراما ومن الجهل ارتجائي يقظة ... أرباً لا أترجاه مناما يا بني عذرة هل من آخذ ... بدمي المسفوك من حل الخياما قمر لو لم ير البدر دجى ... ما حوى البدر كمالاً وتماما غادر لم يرع مني نسباً ... دون أن خديه لهيباً واضطراما ولجسمي من بقايا حبه ... شبه الطرف فتوراً وسقاما يا نديمي دعا خمريكما ... إن أرق الحب من فيه مداما وتثن يا قضيب البان إن ... رنحت سكر اللمى ذاك القواما وأصغ يا روض أناجيك إذاً ... فلقد لاح لنا الثغر ابتساما أيها الظاعن عن عيني وفي ... مهجتي قد شاد ربعاً ومقاما عاقب الله بأدهى صمم ... أذني إن سمعت فيك ملاما وعشت يوم ترى ذاك البها ... مقلتي إن زارها النوم لماما أنا من ينظر في شرع الهوى ... كل شيء ما سوى الموت حراما فقت أهل العق طراً مثل ما ... فاق في المجد علي وتسامى ملك راحته غيث ندى ... رشحها يخجل بالسح الغماما وهزبر يصدم الموت إذا ... ما تنادت أسد الحرب الصداما رب سيب فاض من أنمله ... فكفى رزق أيامي ويتامى وعنيد كسرت صولته ... وحمام قد أذاقته حماما ومكر كسيف شمس الضحى ... فيه وانصاع سنا الأفق ظلاما طلعت فيه نجوم من ظبا ... وتردت عوض الليل قتاما موقف لا يبصر الطرف به ... إن رنا إلا حساماً أو هماما انعل الخيل بأجساد العدى ... بعد ما قد توج السمر اللهاما

شعر

وثنى عنه الظبا مخمورة ... والكؤوس الروس والدم المداما قلب الطرف به فكراً تجد ... ديمة تجري وضرغاما شهاما وأخا الفضل إذا ما انسجمت ... سحبه أخجل سحبان نظاما أبحر الدنيا إذا ما سجلت ... جوده أقعدها الفخر وقاما لو أتاه يوم حشر سائل ... وهو لا يملك إذ ذاك حطاما لتلقاه بأعلى همة ... وحباه بالذي صلى وصاما أيها المولى الذي من ربه ... سمي المولى وسميت الغلاما لا تضعني وأجد تربيتي ... تلفني إذ صدق الجد تماما واهن بالعيد الذي أنت بنا ... مثله في الدهر فضلاً واحتراما والقه شكراً ببشر إذ أتى ... بعد أن صمت فوفيت الصياما واسم واسلم بالمعالي مقصداً ... نحوك الخلق رجاءً تترامى وقال أيضاً وهي قصيدة تشتمل على أنواع من البديع: قلبي وطرفك منصوب ومكسور ... كلاهما مطلق منا ومأسور ناديت دمع جفوني كي ترخمه ... يا مستغاثي مالي عنك تحذير حاكى فؤادي منك الوجه وافترقا ... فذاك نار لتعذيبي وذا نور قدري وقدرك مخفوض ومنتصب ... والثغر والدمع منظوم ومنثور بخفض قدري فيك الناس تعرفني ... وهكذا الحب تعريف وتنكير قد أعرب الحب نحواً بيننا حسناً ... فالشعر والشعر مرفوع ومجرور يا طرف من نبهت قلبي محاسنه ... ذكري كسيفك في الآفاق مشهور ينجاب ذو الجهل عني حين يبصرني ... كأنما أنا صبح وهو ديجور لو رمت فخراً على المحبوب قلت له ... دمعي وثغرك ياقوت وبلور أصناف جونة عطار بطالعته ... فحاله عنبر والخد كافور أقام سوق الهوى خد له أبداً ... لحبة القلب فيه اليوم تعسير لا ترج مني امتناعاً عن محبته ... له على فلك المريخ تدوير أبدى ضروب بديع طرفه فله ... في فتية العشق تصريح وتشطير حمت لواحظه معسول ريقته ... ياكوثراً منعتنا ورده الحور تقول إن صدقتنا القول مقلته ... يا محرمي العشق إني كعبة زوروا قد أخلصت كيمياء الحب وجنته ... كأنها للهوى العذري إكسير لو لم يكن كيمياء ما تسير لل ... أنفاس والدمع تصعيد وتقطير يحيا بجعفر دمع فضل وفي ... أنا الرشيد به والقلب مسرور يا دمع مقلتي الكشاف أنت لفي ... تقدير للحب تأويل وتفسير وسعت للدمع أشكالاً خلفت بها ... اقليدساً ولها في الخد تحرير لله مجلساً الغصن يعطفه ... من نسمة الصبح تقديم وتنأخير والنهر جسم بثوب الزهر ملتحف ... والزهر برد من الريحان مسرور فصل الربيع إذا ما العشق وافقه ... القلب فيه وللأشجار تقطير وللسماء التباس بالرياض لما ... حكت كواكبها منها التصاوير والزهوة الورد والسعد الشقائق وال ... مجمرة النهر والجوزاء منثور تصرفت بي أيامي لتنقصني ... فما تغيرت والتصريف تغيير لا ينفع المرء تدبير يهذبهُ ... إلا إذا عضد التدبير تقدير شعر محمد عبد الله النجفي ومن رجال (السلافة) أيضاً الشيخ محمد بن عبد الله النجفي المالكي من ذرية مالك بن الأشتر، قال في حقه: ذو النسب الأشتري، والأدب البحتري، سماء فضل مشرق البروج، وحديقة أدب مزهزة المروج، وطود حلم لا تزعزعه الرياح، وبحر علم لا يغبض لممتاح، طلع في سماء البيان سراجا، وعلا في السبع الطباق منها معراجا، ونه إلى معاقل المعاني ببلاغته ففتحها، وشرع أرشية أقلامه إلى قلب البديع فمتحها، ونظم في أسلاك القريض دره المنتقى، وأجرى سلسال ترسله ين العذيب والنقى إلى أخلاق وشمائل، قال منها في رياض وخمائل، وصفاء سريرة وضمير، كرع منه في عذب نمير، إن ذكرت الفتوة فهو شيخها وفتاها، أو المروة فهو مصيفها ومشتاها، ولقد عاشرته سفراً وحضراً، فألفيته على العسر كما قال الشنفرى: فلا جزع من خلة متكشف ... ولا رمح تحت الغنى متخيل ثم ذكر من نثره ما تهتز له الأعطاف طرباً، وترشفه الأذواق ضرباً وأثبت من شعره ما كتبه من أصبهان إلى أصحابه بالعزي: أيا ريح هل باكرت حي بني بكر ... فقد هاج شوقي ما بطيك من نثر

هززت قدوداً ثم رنحها الصبا ... خلال الرماح السمر والأغصن الخضر وجزت رياضاً خلتهن لياليل ... تفتح فيها النور كالآنجم الزهر خليلي قد عاثت بصبري يد الهوى ... وأحلى الهوى ما مر بالصبر لقد راعني فعل السحاب بدارها ... ورب مريب فعله وهو لا يدري أسائلكم عن بارق تأنسونه ... أمتقد الأحشاء أم باسم الثغر؟ سقى العهد من أرض العزي معاهداً ... بها يتقي ليث الوغى ظبية الخدر فيالك من أرض تتيه حصاتها ... على الدرة الزهراء والكواكب الدري بها قاتل القرنين عمرو ومرحب ... مروي المواضي في حنين وفي بدر علي ولي الله صنو محمد ... أبو ولديه زوج فاطمة الطهر مراكز سمر تخطر السمر بينها ... كفاها جلاد البيض عن بيضها الغر تذكرني هذي الكواكب معشراً ... أنار وإضراب السمر في العثير الكدر أنادم فيها كل أروع باسل ... شهاب يعب الشمس من راحة البدر هزبر إذا ضاق المكر به سطا ... من اللدان والصمصام بالناب والظفر إذا ما انتضى الصمصام هزته نشوة ... فتحسبه غصناً تلوى على نهر ستثني على تلك البحار قصائدي ... ثناء أزاهير الرياض على القطر إذا ما نجوم الشعر باتت لوامعاً ... طلعن على أفرادها طلعة الفجر وما كان لفظي في القوافي نفاسة ... أخا الدر حتى كان قلبي أخا البحر ثم قال صاحب السلافة: ومن شعره ما كتبته إلي مادحاُ، ولزند البلاغة قادحاً: أتاك بها الهوى تختال كبراً ... فتاة من سلاف الدل سكرى تكلف جفنها المخمور نهضاً ... فليطح كأَسهُ غنجاً وسحرا فمن نظم النجوم الزهر عقداً ... وقد لها أديم البحر نحرا ومن جعل السحاب لها جفوناً ... وصاغ لها وميض سقاك الغنج أخرى تخيل ثغرها حبباً إذا ما ... رشفت من الرضاب العذب خمرا رأتني فاعتراها الروع جهراً ... وما علمي بما تخفيه سرا أتني الدر من ثغر وطرف ... غداة وداعنا نظماً ونثرا كشفت لها إذاً عن صبر حر ... تظل النائبات لديه أسرى وهزته النوى فرأته طوداً ... وزاحمه الهوى فرآه صخرا سلي غيداً لهوت بهن دهراً ... وخضت الحب ضحضاحاً وغمرا عدلن فهل شكوت لهن وصلاً ... وجرن فهل شكوت لهن هجراً؟ شربت الصبر شهداً في مساغ ... يرى فيها الوقود الشهد صبرا أعد فتوتي في المجد فرعاً ... وأذكر مالكاً في الفخر بحرا نجيب لم يلد إلا نجيباً ... أغر لم يلد إلا أغرا أب در له أبناء حرب ... غدوا لوطيسها شرراً وسعرا هو اكتسب السجايا الغر تبراً ... وأبقاهن للأبناء ذخرا يموت بكفه الخطي رعباً ... فيودعه فؤاد الشم قبرا ويغشى عثير الهيجاء ليلاً ... فيفلق فيه للصمصام فجرا سرى في نحو روض العزم عزم ... يريني الشهب بين يدي زهرا فأقحمني حباب البحر شهباً ... وأوطاني حصا لمزاء جمرا إذا ما لحت في أفق هلالاً ... فسر عنه عساك تصير بدرا وجز كالسيل ساحة كل واد ... عساك تموج حيث أقمت بحرا نعم لولا اجتناب الفلك سيرا ... لما أمسى لجين الشمس تبرا أتني يا ابن أحمد خلق حر ... رأينا كل خلق فيه حرا رأيت عليَّ أهل الفضل طراً ... يداً واسماً ومرتبة. وقدرا فقل صافحت بعد البحر بحراً ... بناديه وبعد البر برا فتى أروى من الذأماء قلاباً ... وأوسع من فضاء البيد صدرا وأبرد من فؤاد الثلج عيشاً ... وألهب من شواظ النار فكرا وأمضى من ذباب السيف عزماً ... وأسرى من خيال الطيف مجرى عزائم سلهن فكن بيضاً ... وهزّ متونهن فكن سمرا ترى غيث المكارم مستهلاً ... بساحة وروض المجد نضرا يزدن قرونه منه ذكاءً ... ويلقى قرنه منه هزبرا فتى يقضي على الأيام حتى ... تكاد تخاله للدهر دهرا أعد الأسمر الخطي ناياً ... له والأبيض الهندي ظفرا ويورد طامسات السمر صفراً ... فيصدرهن بعد الري حمرا

شعر

تشاهد حربه الأولى عواناً ... وتلقى جودة المأثور بكرا بعزم أفعم الغبراء فخراً ... وعدل أثقل الخضراء خضرا تركت بحبك الأحشاء بحراً ... وقلت بمدحك الألفاظ درا أطعت الحب فيك وكنت مرءاً ... أبياً لم يطع للحب أمرا فدم وأقصر هواك على المعالي ... وطل بدوامها باعاً وعمرا شعر أحمد الحسني المغربي ومن رجال (السلافة) السيد أحمد الحسيني المغربي، قال في حقه: هذا السيد ورد إلى مكة المعظمة، متحلياً بعقود الأدب المنظمة، فمدح السيد زهير بن علي أحد شرفائها بقصيدة طائية، غبري في وجوه القصائد البحترية الطائية وذكر فيها أنه من سلالة الحسن السبط، وأنه فاطمي ما شان نسبه روم ولا قبط، وأن جده سلطان المغرب في عصره، وخليفة رب العالمين بأرضه ومصره، كما ستقف عليه فيها، وتراه في أثناء قوافيها، فاشتهرت هذه القصيدة كل الاشتهار. وظهرت ظهور الشمس في رائعة النهار وهي هذه: سقى طللاً حيث الأَجارع والسقط ... وحيث الظباء العفر من بينها تعطو هزيم همول الودق منبجس له ... بأفنائها في كل ناحية سقط ولو أن لي دمعاً يروي رحابه ... لما كنت أرضى عارضاً جوده نقط ولكن دمعي صار أكثره دماً ... فأني يرجى أن يروي به قحط ولما رماني البين سهماً مسدداً ... فأقصدني والحي ألوى به شحط نحوت بأصحابي وركبي أجارعا ... فلا نفل ينفي لديها ولا خمط وجبت قفار لو تصدت لقطعها ... روامس أرباء لأعيب فلم تخط مفاوز لا يجتاب شخص فجابها ... ولو أنه المطرود أو حارب ملط يسوف بها الهادي التراب ضلالة ... ويغدو كعشواء لها في السرى خبط سريت وصحبي قد أديرت عليهم ... سلاف كرىً والعيس في سيرها تنطو وقد مالت الأكوار وانتحل العرى ... لطول السرى حتى ذوى الأنعس المنط كأنا ببحر الآل والركب منجدٌ ... ونحن ببحر الغور نعلو وننحط كمثل غريق ليس يدري سباحة ... وقد طار وسط الماء يطفو وينغط وقفنا برسم الربع والدمع خاشع ... نسائله عن ساكنيه متى شطوا فلو أن رسما قبله كان مخبراً ... لقال لنا ساروا وفي القلب قد حطوا كأن فناء الدار طرس وركبنا ... صفوف به سطر ورسم به كشط رعى الله طيفاً زار من نحو غادة ... وحيا وفود الليل ما شابه وخط فحييت طيفاً زار من نحو أرضها ... ومن دوننا والدار شاسعة سقط فيا طيف هل ذات الوشاحين واللما ... على العهد أم ألوى بها بعدنا الشحط؟ وهل غصن ذاك الفد يحكي قوامه ... إذا خطرت في الروض ما ينبت الخط؟ وهل ذاك الشع المرجل لم يزل ... يمج فتيت المسك من بينه المشط؟ وهل عقرب الصدغين في روض خدها ... بشوكتها تحمي وروداً به تطغو؟ وهل خصرها باق على جور ردفها ... فعهدي بذاك الردف في الجور يشتط؟ وهل حلجها غصان من ماء ساقيها ... وهل جيدها باق به العقد والقراط؟ وهل ريقها يا صاح كالخمر مسكر ... فعهدب به قدماً وما ذقته اسفنط؟ وهل ردنها والذيل مهما تفاوضا ... يضوعان عطراً دونه المسك والقسط؟ وهل سراها ما ساء عشاق مثلها ... وقد نزفوا اللبين دمعاً وما أطوا؟ وهل نسيت علوى وقد دار بيننا ... حديث كمثل الدر سمعي له سفط؟ وهل علمت أني نظمت قلائداً ... فدر المعاني في المباني هو السمط؟ مديح زهير الفضل من قلد الورى ... عوارف مثل البحر ليس لها شط أبو زاهر أزكى الأنام أورمة ... وأكرم من ضمته في مهده القمط ومن لم يزل يقظان في المجد والعلى ... وقد نعس الأقوام في المجد أو غطوا همام لدى الهيجاء تعنو لبأسه ... أسود الثرى يوم الهياج إذا يسطو خبير بكر الخيل في حومة الوغى ... إذا راع نكس القوم من صوتها عط إذا طال قرن أو تعرض مارق ... فهذا له قدٌ وهذه له قط إذا ما نحى الدرع الدلاص برمحه ... فما هي إلا أن تشك فتنعط كأن انسياب الرمح في الدرع سابح ... من الرقش في وسط الغدير له غط

يجازي على المعروف عبداً وسيداً ... وليس عليه يوم يعطي الندى شرط وما شاب ما يوليه منٌ ولا أذى ... ولا شان ما يولاه كفر ولا غمط إليه الندى أقلى مقاليد أمره ... وقال إليك القبض والبذل والبسط فما قال لا يوماً لراجي نواله ... ولا قصر الجدوى بنان له بسط ولا عيب فيه ما عدا أنه الذي ... له خلق كالروض ما شأنه سخط يجود وما سام العفاة نواله ... وكم شان ذا جدوى وقد أخلط اللط ينادي منادي الجود من شط أو دنا ... إلى بذله سيروا سراعاً ولا تبطوا إذا ما بدا وهط الحجاز وحبذا ... منازل من يعلو بساكنه الوهط بلاد زهير إن حللتم بداره ... وشاهدتم النادي ففي سوحه حطوا إليك أثيل المجد وجهتُ مطلبي ... وما خاب من رجى غياث الورى قط عسى نظرة من عين رحماك سيدي ... يكون لمثلي من كارمها قسط وإني غريب الدار أحمد من له ... غرائب لا تحصى ولا يمكن الضبط وما أنا البحر والدر معدن ... وكل بصير بالآلي له لقط وحسبي فخراً أن جدي حيدر ... وأن أبي خير الورى الحسن البسط وجدي إمام الغرب سلطان عصره ... بطاعته قد طاعت الجند والرهط خليفة رب العالمين بأرضه ... إلى علمه في حكمه الحل والربط وما أنا إلا فاطمي مهذب ... وما شان أصلي قط روم ولا قبط وما ذمني إلا غبي وحاسد ... وما كان مثلي جاءه الذم والغبط وشعري كما زهر الربيع محاسناً ... وغيري به شعر ولكنه خمط لعمري هي الأقدار والحظ سائر ... وكم من له حظ وليس له أخطو ودم في أمان الله ما قال شاعر ... عليَّ يمين عن ديارك لا أخطو قال مؤلف (السلافة) عفى الله عنه: لما وقفت على هذه القصيدة أحببت أن أنظم عليها فقلت متعزلاً: سرت موهناً والنجم أذنها قرط ... وعقد الثريا في مقلدها سمط ألمت بنا والليل مرخ سدوله ... فضاء بصبح ميط عن نوره المرط وأرج أرجاء الحمى بشر طيبها ... فلم يدر مسك ما تضوع أم قسط وقد أقبلت ترنو بمقلة مغزل ... أظلت بجرعاء الحمى شادياً يعطو تميل كما مال النزيف كأنا ... يرنحها من راح صرخد اسفنط وتخطر تيهاً حين تخطو تأوداً ... بأسمر مما أنبت الله لا الخط تجل عن التشبيه في الحسنغادة ... إذا قيس في أوج بها البدر ينحط وإن قيل إن الريم يحكي لحاظها ... فأين القوام الدان والشعر السبط على أن مرعاها وما صوح الكلى ... حشاشة نفسي لا الإدراك ولا الخمط وتسطو أسود الغاب بالريم جهرة ... وهذي بآساد الثرى أبداً تسطو بنفسي فتاة تغبط الشمس حسنها ... وفي مثل هذا الحسن يستحسن الغبط لها طرة تصفو على صبح غرة ... ياقط مسكاً من غدائرها المشط شفعت بها ليلاً تقاصر وهنةُ ... فطال وللآمال في طوله بسط وبتنا على رغم الحسود وبيننا ... حديث رضى بالوصل ما شايه سخط تعللني من دلها ورضابها ... بخمرين لم أسكر بمثلها قط وعاطيتها صرفاً حكت دم عاشق ... مراقاً عليه من مدتمعه نقط فمالت ولم تسطع حراكاً كأنما ... أتيح لها من عقد أحبولة نشط فلم تصح إلا والنجوم خوافق ... وفرع الدجى جعد ذوائبه شمط وقد ضاء مسود الظلام بشمعة ... من الصبح لم يفرز ذبالتها قط فقامت لتوديعي بوجد ولوعة ... وللوجد في جنبي من لوعة فرط وأذرت دموعاً من لحاظ سقيمة ... هي الدر لكن ما لمنثوره لقط وسارت على اسم الله تنقل أخمصاً ... إذا ما استقلت لا تكاد بها تخطو وشطت بقلبي في هواها ولم يزل ... ببحر غرام لا يرام له شط وقد قدح التفريق بين جوانحي ... زناد هموم لا يبوح لها سقط نعم قد حلت تلك الليالي وقد خلت ... وأي دنو لا يقارنه شحط؟ لعمري لقد ألوت بأيام وصلنا ... حوادث أيام أساودها رقط وبذلت من قرب الوصال بخطة ... من الهجر لا يمحى بدمعي لها خط تؤرقني الذكرى إذا عنّ بارق ... يلوح بفود الليل من لمعة وخط

أشعار وآداب متفرقة

ويوقظ مني الوجد ورق حمائم ... إذا هدأ السمار بات لها لغط أبيت على مثل باق على العهد والوفا ... ولي من هيامي في الهوى شاهد قسط وأصبو إلى دار بها حط أهلها ... على أنهم من أجلها في الحشا حطوا ولو لم يكن شعري هل رباها مريعة ... كما هي عهدي أم لوى خصبها قحط وهل سربها يرعى بأكناف حاجر ... مروجاً عليها من نسيج الحيا بسط وهل رتعت أترابها ولداتها ... بمرتعها حيث المسرة والغبط فعهدي بهاتيك المعاهد لم تزل ... شوادنها تعطو وأغصانها تغطوا فلا غبها غاد من المزن رائح ... له كل يوم في أجارعها سقط ثم قال: وإي ليكلمني الأعجاب بقصيدة أبي الوليد أحمد بن عبد الله أبن زيدون المغربي التي هي على هذا الوزن، وأنا قد نقلتها بطولها في ترجمة ابن زيدون من هذا المجموع. هذا آخر ما نقلته من كتاب (سلافة العصر في محاسن الشعراء من كل مصر) وسأنقل إن شاء الله ما أمكنني من الآداب الرائقة، والأشعار الفائقة ما ستحسنه ذوو النهى والألباب، ويصبو إليه ذوو الفضل والآداب، والله الموفق للصواب. أشعار وآداب متفرقة قال محمد بن عبد الله بن الإمام شرف الصنعاني: داء اصبابة ماله من راق ... والموت دون لواعج الأشواق وألذ حالات الغرام لمغرم ... شكوى الهوى بالمدمع المراهق وبمهجتي والروح أفدي شادناً ... لم ترق مذ فارقته آماقي ناديته لما بدا وجماله ... يثني إليه أعنة الأحداق يا أيها القمر الذي قمر النهى ... لما تخلى من سماء الطاق رفقاً بقلب بين أسرى طرفكالفتاك أضحى في أشد وثاق فخذ الفدا مني جعلت لك الفدا ... أو لا فمن علي بالاعتاق وإذا بخلت بذا وذاك ولم يكن ... لك مأرب أفديك في استراقاقي فاقتل وحاذر أن تكون منيتي ... يا منيتي القصوى بسيف فراق وما أحسن قوله منها: يا صاحبي هديتما إن كنتما ... ممن يروم على الغرام وفاقي فتجسسا بربوع مكة لي عن ال ... قلب العميد الهائم المشتاق عاهدته أ، لا يجيب إلى الهوى ... داعي الجمال فمال عن ميثاقي وسباه في دب السويقة شادن ... يسطو بمقتله على العشاق كالبدر في الديجور رنح قده ... كقضيب بان عاطل أوراق أفديه من قمر بدا لي كاملاً ... حسناً فكان من الكمال محاقي سكران من خمر الشبيبة والصبا ... صعب اللقا متلون الأخلاق شفقي خد لم أزل في حبه ... حيران بين الأمن والإشفاق وللسيد جمال الإسلام ابن المتوكل الصنعاني: صب يكاد يذوب من حر الجوى ... لولا انهمال جفونه بالأدمع وإذا تنفست الصبا ذكر الصبا ... وليالياً مرت بوادي الأجرع آه على ذاك الزمان وطيبه ... حيث الغضا وطني ومن أهوى معي ما زال ومض البرق يذكي لوعتي ... ويهيج تذكار لذاك المربع وإذا تغنت في الغصون حمامة ... هاجت بلابل قلب صب موجع سجعت على غصن ولم تدر الهوى ... مثلي ولم تدر الغرام ولم تعي أحمامة الوادي بشرقي الغضا ... إن كنت مسعدة الكئيب فرجعي إنا تقاسمنا الغضا فغصونهُ ... في راحتيك وجمرة في أضلعي ولعبد الرحيم البرعي اليمني: رفاقي الظاعنين متى الورود ... وذياك العذيب وذا زرود؟ فعوجوا بي على آثار ليلي ... فما يدري الغريب متى يعود؟ وزوروا شعبها فعلى فؤادي ... وقلبي من نسيمهِ برود رفاقي الظاعنين ترفقوا بي ... فقلبي في هوى ليلى عميد أعيدوا لي الحديث بذكر ليلى ... أعيدوا لي فديتكم أعيدوا رعى الله الزمان زمان ليلى ... ولا رعي التفريق والدود فما أحلى هواها في فؤادي ... وإن بخلت علي بما أريد جرى قلم السعادة باسم ليلى ... وطاب بذكرها العيش الرغيد فكيف يلومني في حب ليلى ... خلي القلب أدمعه جمود وإن فتى رمته عيون ليلى ... فمات على الفراش هو الشهيد ولعبد الهادي السويدي اليمني: أهلاً وسهلاً بكم يا جيرة الحلل ... ومرحباً بحداة العيس والابل

كنا نؤمل أن نحظى بقربكم ... فلآن والله هذا منتهى الأمل لو أن روحي في كفي فجدت بها ... على البشير بكم يا مرهم العلل ما إن وفيت ببعض من حقوقكم ... وكطنت من عدم الإنصاف في خجل ولبعضهم: كتم الحب زمانا ثم باحا ... وغدا في طاعة الشوق وراحا عاشق إن ضحك الواشي بكى ... وإذا ما غنت الورقاء ناحا في سيل الله منه كبد ... أثخنتها الأعين النجل جراحا وبكاه عائدوه رحمةً ... خشية الموت ولو مات استراحا يا جفوني أسعدوني بالبكا ... أنا لا أصحب أجفاناً شحاحا لو تكلفت سلواً لم أطق ... أو يخفى قط سكران تصاحى؟ ولابن الزيات: سماعاً يا عباد الله مني ... وكفوا عن ملاحظة الملاح فإن الحب آخره المنايا ... وأوله شبيه بالمزاح وقالوا دع مراقبة الثريا ... ونم بالليل مسود الجناح فقلت وهل أفاق القلب حتى ... أفرق بين ليلي والصباح ولابن لؤلؤ الذهبي: وتنبهت ذات الجناح بسحرة ... بالواديين فنبهت أشواقي ورقاء قد أخذت فنون الحزن عن ... يعقوب والألحان عن إسحاق قامت تطارحني الغرام جاهلة ... من دون صحبي بالحمى ورفاقي أنى تباريني جوى وصبابة ... وكآبة وأسى وفيض آماقي وأنا الذي أملي الهوى من خاطري ... وهي التي تملي من الأوراق ولهارون بن المعتصم العباسي: ما كنت أعرف ما في البين من حرق ... حتى تنادوا بأن قد جيء بالسفن قامت تودعني والدمع يغلبها ... فجمجمت بعض ما قالت ولم تبن مالت علي تفديني وترشفني ... كما يميل نسيم الريح بالغصن وأعرضت ثم قالت وهي باكية ... يا ليت معرفتي إياك لم تكن وللحاجري: سلوا ظبية الوادي التي فقدت خشفا ... ألا هل وجد من الشوق لا يطفى؟ وقولوا لورقاء الأراك أعندها ... من الشوق ما عندي إذا ذكرت الفا؟ وهيهات مثلي في الغرام متيم ... يرى كل يوم قد عرفت بها عرفا ولا تعذلاني إن لثمت أراكة ... تميل فمن سلمى تعلمت العطفا وله: أنت الحياة وأنت السمع والبصر ... كيف احتيالي ومالي عنك مصطبر فارقتني فنهاري كله حرق ... وغبت عني فليلي كله سهر لو فارق الحجر القاسي أحبته ... لذاب من حر نار الفرقة الحجر ابعث خيالك في جنح الظلام ترى ... ما بي من الوجد والبلوى فتعتبر إذا تذكرت أياماً بقربكم ... ولت تطاير عن أنفاسي الشرر بجهد المتيم أشواق فيظهرها ... دمع على صفحات الخد ينحدر لا كان في الدهر يوم لا أراك به ... ولا بدت فيه لا شمس ولا قمر وللارجاني: نفسي فداؤك أيهذا الصاحب ... يا من رضاه علي فرض واجب كم طال تقصيري وما عاتبتني ... فأنا الغداة مقصر ومعاتب ومن الدليل على ملالك أنني ... قد غبت أياماً ومالي طالب وإذا رأيت العبد يهرب ثم لم ... يطلب فمولى العبد منه هارب ولأحمد بن الأنصاري المعروف بالشرواني: جفا من لست أذكره براني ... وهيج لي غراماً في جناني وحال عن الوداد ولم أحل عن ... مودته وظلماً قد جفاني أيحسن منك يا مولاي هجري ... بلا ذنب وتعلم ما أعاني؟ دع الإعراض وارحم حال صب ... لبانته الزيارة والتداني ورشف رضاب ثغرك واعتناق ... أنال به المسرة والأماني وحسبك ما بليت به وفائي ... وعزك ذا المحاسن في هواني أراك نسيتني وسلوت ودي ... وذاك الصل في ذاك الزمان أعد نظراً إليَّ فإن قلبي ... لعمرك إن أطلت الهجر فان سألتك بالهوى العذري أن لا ... تضن بما يسر به جناني فها وجدي تضاعف منه كربى ... وصيرني حديثاً في المغاني جعلت فداك فاسمح بالتلاقي ... ولا تجعل جوابي لن تراني قال الشرواني: كتب إلي الشيخ الفقيه الفاضل اللوذعي عبد الله بن عثمان بن جامع الحنبلي وأنا كلكته وهي هذه: أإنسان الوجود بلا نزاع ... ويا بحر العلوم بلا دفاع وكهف الملتجين إذا أضيموا ... وغيثاً للعفاة بلا انقطاع

شكوت إليك ما ألقى وإني ... أرى الهم المبرح في اتساع جوى يزداد في قلبي وينمو ... نمو النار بالجزل اليراع أبعداً واغتراباً واشتياقاً ... وفقدان الأنيس بذي البقاع فلا وأبيك ما هذا بعيش ... لنفس حرة ذات امتناع عسى المولى المهيمن ذو العطايا ... يلم الشعب بعد الانصداع ويجمعنا بمن نهوى قريباً ... وتسكن غلة القلب المراع فقلت مجيباً له: أيا من قد حوى كرم الطباع ... ومن هوى للطائف خير واع وكنز جواهر الآداب حقاً ... وجامعها المقيد بلا نزاع أتاني منك مرقوم عزيز ... بديع النظم يقصر عنه باعي تذكرني به ما منه أضحى ... فؤادي ي اشتعال والتياع أتحسب يا ابن النورين أني ... هممت بفرقة بعد اجتماع ولا والله ربي لم يكن لي ... مرام في نوى أو في انقطاع ولكني ابتليت بمعضلات ... غدا في حلها يجري يراعي ومنها كنت مضطرباً لأني ... بها والله راحم كل داع ولولاها أجل بني المعالي ... وأحمدهم لما كان اندفاعي ومثلك لا يمل وأنت مغني اللبيب ومؤنسي في ذي البقاع فظن بذي الوداد المحض خيراً ... ودم واسلم بعز وارتفاع وقالت مكاتباً له أيضاً: أعندك ما عندي من الشوق والوجد ... وهل أنت باق في المحبة والعهد؟ أكابد أشجانا توقد نارها ... بقلبي المعنى من بعادك والصد وصدك عن مضناك داء دواؤه ... تدانيك من بعد القطيعة والبعد فحتام تجفو من إليك اشتياقه ... تضاعف يا نجم المحاسن والسعد؟ فو الله لولا أن مأواك في الحشا ... لأحرقه الشوق المبرح بالوقد وإني وإن أخفت ما بي من الأسى ... عن الناس لا يخفاك يا منتهى قصدي أيخفى غرامي وارتماضي بذا الهوى ... عليك وأشعاري تبين ما عندي فعطفاً لمن لا يستلذ بعيشه ... لبعدك وارحم من تضعضع للود وها أنا ذاك اللوذعي ومن له ... مكارم أخلاق تفوق عن العد وعمدة أرباب البلاغة والحجى ... وواحد هذا العصر أكرم بذا الفرد دع الصد واسلك في المودة والوفا ... سلوك أبن ذي النورين ذي الفضل والرشد هو عبد الله نخبة قادة ... بهم عرف المعروف حجتنا المهدي خلاصة أهل الجود لله دره ... فمن مثله في العلم والحلم والرفد؟ كريم إذا استمطرت يوماً أكفه ... همت باللهى من دون برق ولا رعد عليه رضى الرحمنما قال شتى ... أعندك ما عندي من الشوق والوجود فأجابه لافظ فوه: نعم إن نيران الصبابة والوجد ... لها في الحشا وقدٌ يزيد مع الصد. ألا قاتل الله الهوى ما أمره ... وأسرعه في هتك كل فتى جلد. إذا رام ستراً للذي في فؤاده ... عصته أماقيه فسالت على الخد. خليلي مالي والهوى تستفزني ... وما أنا بالخالي وما أنا بالوغد. ولي همة تسموا إلى كل غاية ... من المجدلا للخال والأسود الجعد. ولا لغزال أنعس الطرف أكحل ... له وجنة حسناء تهزأ بالورد. ولا لقوام يشبه الغصن الناعم ... إذا ما أثنى يثني إليه أخوه الزهد. ولا لرحيثق من لمى الثغر بارد ... إذا أمتصه ذو لوعة راح بالرشد. ولكني نفسي قد تضاعف شوقها ... إلى صاحب صاف سجاياه كالشهد. حليف تقى لا ينقض الدهرعزمه ... أخو ثقة ما ذاع يوماً عن القصد. كريم حليم عالم متورع ... عفيف صبور كامل الوصف ذوود. أعاطية من كأس المحبة شربة ... يزيد ظماها كلما زيد في الورد. له خلق زاك أمد بنظره ... من الملك الديان سامي السما الفرد. كأخلاق زاكي الأصل والفرع أحمد ... له محتد يسمو إلى قمة المجد. هو البحر إلا أنه غير جازر ... هو البدر إلا أنه كامل القد. تراه إذا أم العفاة فناءه ... يكمهم مبا فيها من النقد. ومن طارد ثم التليد جميعة ... فيوسعهم سيباً وحسبك من رفد. فلا زال طول الدهر يسمو ويرتقي ... إلى رتبة من دونها أنجم السعد. وختم كلامي بالصلاة على الذي ... هو السبب الداعي إلى مهيع الرشد.

قال الشرواني أيضاً: قلت مكاتباً السيد الفاضل الرباني يوسف إبراهيم الأمير الكوكباني بجدة المحمية: تذكرت من حالت عن الود والعهد ... ففاضت دموع العين شوقاً على خدي. خليلي مر بالتي من بعدها ... أقضي الليالي بالتفكير والسهد. وقولا لها طال اجتنابك عن فتى ... غدا بك صباً لا يعيد ولا بيدي. فجودي بما يشفيه من ألم الهوى ... وينجو به من قادح الشوق والوجد. عسى ترحم الصب المعنى بزورة ... يفوز بها بعد القطيعة والبعد. رعى الله أياماً تقضت بقربها ... وليلات أفراح خلت في ربي نجد. بها كنت في روض الرفاهة مارحاً ... فولت وآلت لا تعود إلى أهلي. نعم هكذا الأيام تمضي وعودها ... محال فمالي لا أميل إلى الزهد. وحسبك يا قلبي حبيباً موافق ... أمين وفي لا يخونك في الود. كمثل أخي المجد المؤثل يوسف ... أمين المعالي كوكب الفضل والرشد. شريف عفيف أريحي مهذب ... مناقبه جلت عن الحصر والحد. به أشرقت شمس المعارف والهدى ... على فلك العلا مذ كان في المهد. جدير بأن يسمو على كل فضائل ... حري بذا المدح المنظم كالعقد. فلا زلت بالعم المكرم هادياً ... لأهل النقى والفضل يا خير من يهدي. وأزكى صلاة الله ماذر شارق ... وما حن مشتاق وما أن ذو وجد. يخص بها الهادي الشفيع محمد ... آل له والصحب ذو الفضل والمجد. فأجابه (يوسف الكوكباني) لافص فوه: تهادت إلى سوحي وزارت بلا وعد ... ومنت لتطفي من فؤادي لظى الوجد. وجادت على رغم الرقيب بوصلها ... فداوت عليل الشوق من ألم الصد. رشيقة قد تخجل الغصن والنقا ... فوا خجلة الأأغصان من مائس القد. منعمة من لحظها السحري والظبا ... فما سحر هاروت وما الصارم الهندي. حمت روض خديها صوارم لحظها ... فما حامت الآمال حول حمي الخد. ويقولون أن الخمر بين شفاهها ... وأين وذا في الذوق أحلى من الشهد. وقد حال دون الرشف عقرب صدغها ... وقام بلال الخال يحمي جنى الورد. هم زعموا أن الثنايا لآلى ... وشتان ما بين المقاصد والعقد. وكم مغرم من شدة الوجد والهوى ... تشاوره الأحزان في القرب والبعد. يعاني قامات الغصون تسليا ... ويستحسن الرمان شوقاً إلى الهند. ولكنني في شرعة الحب واحد ... سأبعث في أهل الهوى أمة وحدي. تحير فكري بين صبح جبينها ... وإشراق شمس الفرق في الفاحم الجعد. ومهما دجا ليل الذوائب لاح من ... سنا ثغرها برق إلى حسنها يهدي. فلم أرض تشبيه الحبيب بغيره ... ولا نظم خدن الفضل بالجوهر الفرد. بليغ أتاني منه معجز أحمد ... ومن يبدي بالفضل مستوجب الجهد. خدين المعالي واحد العصر له ... محامد أدناها يحل عن العد. لك الله قد حيرتني في مهامه ... البلاغة فاعذرني إذا حرت عن قصدي. وأني قد أصبحت في دار غربة ... وفارقت أوطاني وأهلي وذا ودي. وألهي عن الشعر الشعير ولم أكن ... لأحسن ما يحلو من النظم في النقد. فلفقت لا أني أجاريك ناظماً ... كلامي على أن اتكالي على الود فعذراً وستراً للقصور ودمت في ... نعيم بلا حصر ونعمى بلا حد ولبعضهم: يستوجب الصفح في الدنيا ثمانية ... لا لوم في واحد منهم إذا صفعا المستخف بسلطان له خطر ... وداخل الدار تطفيلا بلا دعا ومنذ أمره في غير منزله ... وجالس مجلساً عن غيره ارتفعا ومتحف بحديث غير سامعه ... داخل في حديث أثنين مندفعا وطالب الفضل ممن لا خلاق له ... ومبتغي الود من أعدائه طمعا وللحريري صاحب المقامات: جزيت من اعلق به وده ... جزاء من يبني على أسه وكلت للخل كما كال لي ... على وفاء الكيل أو بخسه ولم أخسره وشر الورى ... من يومه أخسر من أمسه وكل من يطلب عندي جنى ... فا له إلا جنى غرسه لا أبتغي الغبن ولا انثني ... بصفقة المغبون في حسه ولست بالموجب حقاً لمن ... لا يوجب الحق على نفسه

مرثية

ورب مذاق الهوى خالني ... أصدقه الود على لبسه وما درى من جهله أنني ... أقضي غريم الدين من جنسه فاهجر من استغباك هجر القلى ... وهبه في المحمود في رمسه والبس لمن في وصله لبسة ... ملبس من يرغب أن أنسه ولا ترجى الود ممن يرى ... أنك محتاج على فله وللأمير قابوس: قل للذي بصروف الدهر عيرنا ... هل حارب الدهر إلا من له خطر أما ترى البحر تعلو فوقه جيف ... وتستقر بأقصى قعره الدرر فإن تكن عبثت أيدي الزمان بنا ... ونالنا من تمادي بؤسه ضرر ففي السماء نجوم لا عداد لها ... وليس بكشف إلا الشمس والقمر وكم على الأرض من خضراء مورقة ... وليس يرجى إلا ما له ثمر مرثية عبد الله باشا فكري ولحفني بك ناصف يرثي المرحوم عبد الله باشا فكري وهي من غرر المراثي: ليدع المدعون العلم ولأدب ... فقد تغيبا عبد الله واحتجبا ولينتسب أدعياء الفضل كيف قضت ... آراؤهم إذ قضى من يحفظ النسبا وليفخر اليوم قوم باليراع ولا ... خوف عليهم فمن يخشونه ذهبا وليرق من يشاء أعواد المنابر إذ ... مات الذي يتقيه كل من خطبا لو عاش لم يطرق الأسماع ذكرهم ... في طلعة الشمس من ذا يبصر الشهبا فليس من شاء بالإنشاء لا عجب ... مضى الذي كان من آياته عجبا طود من الفضل من بعد الرسوخ هوى ... وكوكب بعد أن أبدى الهدى غربا وخضرم غاض لما فاض ذاخره ... وضامر أدراك الغابات ثم كبا وشامخ من مباني العلم قوضه ... صرف الزمان فأمسى بالهوى هبا وجنة عصفت ريح المنون بها ... وظافر ظفر البلوى به نشبا وما للعلى أنشق في آفاقها قمر ... وهول ساعتها ما باله أقترب فهل عرا الكون خطب غير منتظر ... يستغرب الأمر من لا يعرف السببا أجل لقد مات عبد الله واأسفا ... وأوحشت مصر مني فوا حربا فكل نفس لمنعاها شكت وبكت ... وكل فكرٍ بفكرى ماج واضطربا قضى الحياة ونصر الحق ديدنة ... لا ينثني رغباً عنه ول رهبا ل كان رأينا صفوه كدرا ... بفقده وانثنت راحاته تعبا سارت جنازته والعلم في جزع ... والفضل يندبه في ضمن من ندبا ولعبد الله فكري المذكور يخاطب أبنه: إذا نام غرٌّ في دجى الخطب فاسهر ... وقوم للعوالي والمعالي وشمر وخل أحاديث الأماني فأنها ... علالة نفس العاجز المتحير وسارع على ما رمت ما دمت قادراً ... عليه فإن لم تبصر النجح فاصبر ولا تأتي أمراً ولا ترجي تمامه ... ولا مورداً ما لم تجد حسن مصدر واكثر من الشورى فإنك لا تصب ... تجد مادحاًَ أو تخطئ الرأي تعذر ولا تستشر في الأمر غير مجرب ... لأمثاله أو حازم متصبر ولا تبغي رأياً من خؤون مخادع ... ولا جاهل غر قليل التدبير فمن تبع في الخط خدعة خائن ... يعض بنان النادم المتحسر ومن يتبع في أمره رأي جاهل ... يقده على أمر من الغي منكر كمن يهتدي من جوف ظلماء داجر ... باكمه في نور الضحى غير مبصر وكم نصوح أبصر الخلف فأثنى ... يبيع الهدى بالغي غير مفكر ولا تصغ في ود الصديق لكاذب ... نموم فإن يعرض لك الشك فاخبره ولا تغتر تندم ولا تك طامعاً ... تذل ولا تحقر سواك فتحقر وعود مقال الصدق نفسك وأرضه ... تصدق ولا تركن على قول مفتر ودع عنك إسراف العطا ولا يكن ... لكفيك في الأنفاق امسك مقتر ألا إن أوساط الأمور خيارها ... مقال نبي عن هدى الله مخبر والأم هذا المال مال تصبه ... بظلم وتعطيه عطاء المبذر وأكرمه مالاً أصيب بحقه ... وأنفق في نهج من الحق نير وأشقى الورى من باع أحره ضلة ... بدنيا سواه فهو للغبن مشتر وخير عباد الله أنفعهم لهم ... كما جاء في قول النذير المبشر فكن راغباً ما عشت وانتصب ... لنفع الورى ما استطعت والشر فاحذر ولا تقف زلات الرجال تعدها ... فلست على هذا الورى بمسيطر

شعر

ولا تتعرض لاعتراض عليهم ... دع الخلاق للخلاق تساء وتؤجر شعر أحمد الهاشمي المصري وهو مؤلف كتاب (جواهر الآداب) معارضاً لامية الطغرائي، وقال: عليك بالصبر والأخلاق في العمل ... ولازم الخير في حل ومرتحل ولازم الشر وأعلم أن صاحبه ... لا بد يجزاه في سهل وفي جبل واثبات ثبات الرواسي الشامخات ولا ... تركن على الفشل في ساعة الوهل وكن كرضوى لما يعروك من نوب ... ولا تكن جازعاً في الحادث الجلل وأصبر على مضض الأيام محتملاً ... ففيه قرب لباب النجح والأمل تأن متئداً فيما تروم ولا ... تعجل وان خلق الإنسان من عجل لا تطلب العز في دار ولدت بها ... (فالعز عند رسيم الأنيق الذلل) شمر وجد لأمر أنت طالبه ... إذ لا تنال المعالي قط بالكسل وأحذر مساوي أخلاق تشان بها ... وأسوء السوء سوء الخلق والبخل واخفض جناحك للمولي وجدّ ونل ... ما أسمج الكبر والإمساك بالرجل لا تسأل الندل واقصد ماجداً حدبا ... (في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل) نور بلقياك من تلقى نواظره ... ولا تكن كالقذى في الأعين النجل ولا تجادل جهولاً ليس يفهم ما ... تقول فالشر كل الشر في الجدل ولا تكن للنزول الخطب مضطراً ... (في حادث الدهر ما يغني عن الحيل) الجود أحسن ما أوليت من خلق ... والعفو أنفى لداء الضغن والدخل والحلم ملح فساد المر يصلحه ... والبذل خير فاعل الماجد البطل لا تقتحم غمرات البحر مرتكباً ... (وأنت يكفيك منها مصة الوشل) ولا تعاشر سوى حر أخا ثقة ... (وأربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل) ولا نتخدع لصديق يدع ملقاً ... فحاذر الناس واصحبهم على دخل لا تأمنن أحداً وأحذر مكائدهم ... وظن شراً وكن منهم على وجل ولا تغرنك الدنيا بزهرتها ... (فهل سمعت بظل غير متنقل) إن الغني غني النفس في كرم ... بالطبع ل باقتناء الشاة والبل إن الصنيعة للأنذال تفسدهم ... (كما تضر رياح الود بالجعل) مرارة النصح تحلو لي مضاضدتها ... (وربما صحت الأجسام بالعلل) دع التكلف لا يحديك منفعة ... (ليس التكحل في العين كالكحل) أرى الرعاء رعاء الشاء في ترف ... في أخفض العيش بين الخيل والخول وسادة العصر قد ألقو مقالدها ... على الطغاة شرار الناس والسفل تكموا في قضايا الناس واحتكموا ... وحكموا كل ذي جهل أخي خبل من كل غر جهول لا يرى رشداً ... كباقل مثلاً في الغي والخطل تعساً لشر زمان ظل طوعاً ... يد اللئام يسقيهم علاَّ على نهل تسطو الكلاب على أسد الشرى سفها ... والباز الأشهب يخشى صولة الحجل والقرد يضحك على نمر علي هزوء ... والكلب يوعد ليس الغيل بالغسل نال المرام علوج لاخلق لهم ... فوق المؤمل من شب ومكتهل أملى لهم دهرهم فاستهملوا أبدً ... مرخى لهم في مروج العيش والطول شر العصور زمان يستمد به ... خب لئيم غداً في الشر كالثمل لا يعلم الرشد من غي وليس له ... سوى الشرارة في قول وفي عمل يشكوا الطوى كل ذي فضل وذي أدب ... وسوقة الناس في خفض وفي جذل ناهيك من غمة غماء ما سمعت ... بمثلها أذن في الأعصر الأول أشد بها أزمة الله يفرجها ... (ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل) مالي وللبلد الحمقاء أسكنها ... مساكناً لذوي خرق أولي حيل وليس لي فيها ناقة ولا جمل ... وليس لي ثم من ثور ولا حمل لا يستقيم وفاق لي بمثلهم ... (وهل يطابق معوج بمعتدل) قد ذقتم وبلوت الحال عندهم ... فما حصلت على صاب ولا عسل ليسوا كراماً ولكن من مكارمهم ... (ما بالكرائم من جبن ولا بخل) إني ابتليت باخلاق فوصلهم ... وعد ومطل وإرجاء على مذل لا يفعلون إذ قالوا قد بعدت ... (مسافة الخلف بين القول والعمل) (أضحت مواعيد عرقوب لهم مثلاً) ... وما مواعيدهم إلا على دخل

وصية.

أخلاقهم صاح إنجاز لموعدهم ... إذ كان موعدهم كذب من الخجل أشكو الزمان وأهليه وأمقتهم ... إذ سوء أفعالهم أوفى على القلل علم بلا علم حكم بلا حكم ... ظلم على عجل وعد على مهل الإفك والزور والبهتان عنهم ... والسعي بالأرض بالإفساد والخلل الكذب مستحسن والصدق عندهم ... مستهجن من صفات العاجز الوكل أهنى الطعام لحوم الناس عندهم ... والنم فيما لديهم شربة العسل نكث العهود سجاياهم ودأبهم ... خلف الوعد ومن ذا أسوء العمل يا دهر مالك والأحرار تقهرهم ... تذل كل كريم الأصل مقتبل حتى متى يازمان السوء تفعل ما ... تشيب فيه النواصي غير محتفل تؤخر الفاعل المرفوع تخفضه ... مقدماً لمفاعيل على بدل وساق الجيش قد أصبحت مقدمة ... مثل التليل غداً في أخر الكفل فلست أحفظ في ذا الدهر من أسف ... أطال أيام عمري أم دنا أجلي كيف التبصر في ناري هوى وجوى ... وفي الحسنك جرح غير مندمل فقد فقدت الآلى كانت ببهجتهم ... نور النواظر في الأحداق والمقل لم أكتحل بقرار بعدما ارتحلوا ... ولا ابتغيت لهم من الناس بدل لم يبقي لي الدهر بعد البين من جلد ... ما أستطيع به توديع مرتحل ولا من الفمض ما أقري الخيال به ... ولا من الدمع ما أبكي على طلل قلبي على لهب والجسم في نصب ... والروح في وصب واللب في ذهل حسبي لي الغرام حليفاً والجوى أبداً ... منادماً وسميراً غير منفصل خذها محبرة غيداء غانية ... أتت على عجل كالقابس العجل جاءت من الهاشمي لا تبتغي مهراًج ... من خاطب لبنات النظم في عطل وله أيضاً: المرء يعرف بالأنام بفعله=وفعائل الحر الكريم كأصله لا تستغيب فتستغاب فربما ... من قال شيئاً قيل فيه بمثله وتجنب الفحشاء لا تنطق بها ... ما دمت في جد الكلام وهزله وأحذر مناوأة الحكيم وسبه ... حبل المهيمن أخذ في حبله يرميك عن قوس القلى سهم الدها ... هيهات تسلم من أصابه نبله كم سيد متفضل قد سبه ... من لا يساوي طعنة من نعله وإذا أستغاب أخو الجهالة عالماً ... كان الدليل على غزارة جهله فالبحر تعلو فوقه جيف الفلا ... والدر منحط بأسفل رمله أهل المظالم لا تعن تبلى بهم ... فالمرء يحصد زرعه من حقله أرأيت عصفوراً يحارب باشقاً ... إلا لخفته وقلة عقله واحرص على التقوى وكن متأدباً ... وارغب عن القول القبيح وبطله واستصحب العلم الشريف تجارة ... واعمل بمفروض الكتاب ونفله إياك زور القول تلقى أثمهُ ... والزور شاهده يبوء بذله وإذا شهدت الشهر صمه وأعتصم ... بالصبر من هجر الطعام وفضله لا تقطع الصلوات في أوقاتها ... يسود قلبك كالظلام وسدله وإذا خدمت لحاكم فأصبر على ... أخلاقه وأشكر سياسة عدله لا تعصه وتخنه وأحفظ سره ... وعليك في صدق الكلام ونقله وأعلم بأن الموت تحت لسانه ... لا تأمن الثعبان لدغة صله وتجنب الرجل الغوي فأنه ... لا يتقي رب السماء بفعله يغوي بطيب سلامه وكلامه ... وإذا سطا فهو الحسام بصقله وأجف الدني وإن تقرب إنه ... يؤذيك كالكلب العقور لأهله واحذر معاشرة السفيه فأنه ... يؤذي العشير بحمقه وبشكله وإذا حوتك مجالس فاصمت بها ... وإذا نطقت فلا تكن بممله واسمح بمالك ولا تكن متباخلاً ... فالعيب بالإنسان شدة بخله وصية. ابن شداد. ومن وصية أبن شداد لأبنه عليك بتقوى الله العظيم، ولكن أولي الأمور شكر الله، وحسن النية في السر والعلانية، فإن الشكور يزداد، والتقوى خير زاد ولكن كما قال الحطيئة: ولست أرى السعادة جمع مال ... ولكن التقي هو السعيد. وتقوى الله خير الزاد ذخراً ... عند الله لاتقى مزيد.

ترجمة.

ثم قال: أي بني لا تزهدن في معروف، فإن الدهر ذو صرف، والأيام ذات نوائب على الشاهد والغائب، فكم من راغب كان مرغوباً إليه، أصبح مطلوباً ما لديه، وأعلم أن الزمان ذو ألوان، ومن يصحب الزمان يرى الهوان. ثم قال: أي بني، كن جواداً بالمال في موضع الحق، بخيلاً بالأسرار عن الخلق، فإن احمد جواد المرء الإنفاق في الوجه والبر، وإن أحمد بخل المرء الضن بمكتوم السر. ولكن كما قال قيس بن الخطيم: أجود بكمنون التلاد وإنني ... بسرك عمن سألني لضنين. إذا جاوز الإثنين سر فإنه ... ينث ويكثر الحديث قمين. وعندي له يوماً إذا ما أتمنتي ... مكان بسوداء الفؤاد مكين. أي بني: إن سمعت كلمة من حاسد فكن كأنك لست بالشاهد، فإنك إن أمضيتها حيالها رجع الغيب على من قالها وكان يقال: العاقل هو الفطن المتغافل. ترجمة. الحسن البصري. كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله ورضي عنه، لما ولي الخلافة على الحسن بن أبي حسن البصري رحمه الله: أن أكتب لي بوصية الإمام العادل فكتب إليه الحسن: اعلم يا أمير المؤمنين إن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل، وقصد كل حائر، وصلح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونصفة كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف، والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله، الرفيق الذي يرتاد لها أطيب المرعى، ويذودها عن مراتع الهلكة، ويحميها من السباع، ويكنقها من إذ الحر والقر، والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده يسعى لهم صغاراً ويعلمهم كباراً، يكسب لهم في حياته ويدخر لهم بعد وفاته، والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة والبرة، الرفيقة بولدها، حملتها كرهاً ووضعته كرهاً، وربته طفلاً، تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، وترضعه تارةً وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته، وتغتنم شكايته. والإمام العادل يا أمير المؤمنين وصي اليتامى. وخازن المساكين، يربي صغيرهم، ويمون كبيرهم. والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوانح، تصلح الجوارح بصلاحة، وتفسد بفساده. والإمام العادل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده، يسمع كلام الله ويسمعهم، وينظر على الله ويريهم، وينقاد إلى الله. فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله كعبد أأتمنه سيده، واستحفظه ماله وعياله، فبدد ماله وشرد العيال، فأفقر أهله، وفرق ماله. واعلم يا أمير المؤمنين إن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفوائش، فكيف إذا أتاه من يليها؟ وإن الله أنزل القصائص حياة لعباده، فكيف إذا قتلهم من يقتص منهم. وأذكر يا أمير المؤمنين. الموت وما بعده، وقله أشياعك عنده وأنصارك عليه، فتزود له ولما بعده من الفزع الأكبر، واعلم يا أمير المؤمنين إن لك منزلاً غير منزلك الذي أنت فيه يطول فيه ثوابك، ويفرق أحبائك، ويسلمونك في قعره وحيداً فريداً، فتزود له ما يصلحك (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه) ، وأذكر يا أمير المؤمنين (إذا بعثر ما في القبور، وأحصل ما في الصدور) ، فالأسرار ظاهرةً، والكتاب (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها) . فالآن يا أمير المؤمنين وأنت في مهل قبل حلول الآجل وانقطاع الأمل، لا تحكم يا أمير المؤمنين في عباد الله في حكم الجاهلين ولا تسلك سبيل الظالمين، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين فإن (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا زمة) فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك، وتحمل أثقالك وأثقال فوق أثقالك ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك، ويأكلون الطيبات في دنياهم بذهاب طيباتك في آخرتك، ولا تنظر إلى قدرتك اليوم، ولكن أنظر إلى قدرتك غداً وأنت مأسور في حبائل الموت، والموت موقوف بين يد الله، في مجمع ملائكته والنبيين والمرسلين، وقد عنت الوجوه بالحي القيوم. إني يا أمير المؤمنين إن لم أبلغ بعظمة ما بلغ أو لو النهى من قبلي فلم آلك شفقة ونصحاً فأنزل كتابي إليك كمداوي حبيبه ويسقيه الأدوية الكريهة لما يرجوه من ذلك في العافية والصحة. والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. ولما ذكرت هذه النصيحة للحسن رحمه الله أحببت أن أذكر ترجمة ونموذجاً من كلامه.

ترجمة الشعبي.

هو أبو سعيد الحسن أبي حسن البصري من التابعين، ولد بالمدينة، لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن أبي الخطاب رضي الله عنه، وأمه اسمها خيرة، وكانت موالاة لأم سلمى زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت تعطيه ثديها إذا اشتغلت أمه عنه، فدر ثديها له باللبن، فأظهر الله تعالى بركة ذلك اللبن عليه، وأبوه مولى لامرأة من الأنصار. وكان أحسن الناس لفظاً، وأبلغهم عظاً، وكان زاهداً عالماً مقدماً في العلم والدين وعلى نظرائه من التابعين، وكان الحجاج له معظماًُ ومتعجباً من فصاحته، ولم ينفك عن مجلسي وعظ، وتدريس علم أن مات رحمة الله تعالى. قال أبو عمر وبن العلا: وما رأيت قط أو عظ ولا افصح من الحسن البصري. قال أبو أيوب السختياني: ما سمع أحد كلام الحسن إلا ثقل عليه كلام الرجل. وقال الشعبي: ما رأيت مثل الحسن بين العلماء إلا مثل الفرس العربي بين المقارف، وما شهدما مشهداً إلا برز علينا بعلمه وفضله. وقال الله، وقلنا موافقة للموالاة. وكان يقول: جدود هذه النفوس، فإنها سريعة الدثور، واقرعوها فأنها طامحا، وإنكم إن لم تقرعوها تنزع بكم إلى شر غاية. قال الشعبي: قدمنا إلى الحجاج في البصرة في جماعة من قراء الشام والعراق، في يوم طائف شديد الحر، وهو في أخر ثلاث أبيات، وقد أرسل فيه الثلج، والحجاج قاعد على سريره، وعنبسة بن سعيد إلى جنبه، ودخل الحسن أخر من دخل فقال الحجاج: مرحباً بأبي سعيد، وطاطاً له رأسه وإعظاماً وتلطفاً به. حتى جلس وجاءت جارية بدهن ما شممت مثل رائحته، فوضعته على رأس الحسن وحده فقال له الحجاج: يا أبا سعيد، مالي أراك منهوك الجسم؟ لعل ذلك من قال نفقة أو سوء ولاية، ألا نأمر لك بنفقة توسع بها على نفسك، وخادم لطيف يخدمك فقال الحسن: أني من الله لفي سعة ونعمة وعافية ولكن الكبر والحر، فأقبل الحجاج على عنبسه فقال: لا والله بل العلم بالله والزهد في ما نحن فيه. فلم يسمعها الحسن وسمعتها أنا القربي بن عنبسة، وجعل الحجاج يسأله حتى ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فنال منه الحجاج، ونلنا منه مرضاة له وفرقاً من شره، والحسن عاض على إبهامه فقال الحجاج: مالي أراك ساكتاً يا أبا سعيد فقاتل: وما عسى أن أقول. قال: أخبرنا برأيك في أبي تراب قال: إن سمعت اله عز وجل يقول: (وما جعلنا القبلة التي أنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبته وإن كانت الكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم) . فعلي ممن هدى الله، ومن أهل الأيمان، وأبن عمي النبي صلى الله عليه وسلم وختنه على ابنته، أحب الناس إليه، وصاحب سوابق مباركات، لا تستطيع أنت ولا من حضر أن يحظرها عليه، ولا يحول بيني وبينا فتغير وجه الحجاج وقال منغضباً على سريره ودخل بيتاً خلفه، وخرجنا فأخذت بيد الحسن فقلت: يا أبا سعيد، أغضبت الأمير وأوغرت صدره فقال: إليك عني يا عامر، ألست شيطاناً من الشياطين إذا توافقه على رأيه؟ ألا صدقت إذاً سئلت، أو سكت فسلمت. فقلت: قلتها والله وأنا أعلم بما فيه. قال الحسن: ذلك أشد في الحجة عليك، وأعظم للتبعة. فلم نمكث إلا قليل حتى خرجت التحف والطرف من الحجاج للحسن، واستخف بنا الحجاج، فكان أهلاً لما اتى إليه، وكنا أهلاً لما أتى إلينا. توفي رحمه الله سنة عشر ومائة، وله تسعون سنة مات في رجب ليلة الجمعة قال عبد لواحد بن زايد: رأيت ليلة مات الحسن رحمه الله في المنام، كأن أبواب السماء مفتحة، كأن الملائكة صفوف، فقلت: إن هذا الأمر عظيم فقال لي قائلاً: إن الحسن البصري قد قدم على الله وهو عنه راضي، وسمع بعض أصحابه في منامه ليلة مات كأنه منادياً ينادي في السماء يقول (إن الله اصطفى أدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) واصطفى الحسن على أهل زمانه رحمه الله ورضي الله عنه وأرضاه. ترجمة الشعبي.

حيث ذكرت ترجمة الحسن رحمه الله بدا لي أن أذكر ترجمة الشعبي رحمه الله تعالى. هو عامر بن عبد الله بن شراحيل بن عبيد بن شعب همدان من حمير، فمن كان منهم باليمن فهو حميري، يقال: شعباني، ومن كان في العراق فهو همداني ويقال له: شعبي. ولد رحمه الله لست سنين من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه والحسن والحسين وجماعة من صحابة رضوان الله عليهم أجمعين. وهو كوفي وبه يضرب المثل في حفظ، ويقال: أحفظ من شعبي، قال الزهري رحمه الله: العلماء أربع: سعيد بن المسيب بالمدينة، وعامر الشعبي بالكوفة، والحسن البصري في البصرة، ومكحول بالشام. قال أبن شبرمة: سمعت الشعبي يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء. إلى يومي هذا، ول حدثني رجل قط حديثاً إلا حفظته، ولا أحببت أن يعيده علي. قال الشعبي لأصحابه: ما أروي أقل من الشعر، ولو شئت لأنشدتكم شهراً لا أعيد. وكان رحمه الله فقيهاً عالماً أديباً، وكتب عبد الملك إلى الحجاج: إن بعث لي رجل يصلح للدين والدنيا أتخذه سميراً وجليساً وبعث غليه بالشعبي، فلما دخل عليه وجده مغتماً فقال له: ما بال أمير المؤمنين قال: ذكرت قول زهير: كأني وقد جاوزت تسعين حجة ... خلعت بها عني عذار لجامي. رمتني بنات الدهر من حيث لا أرى ... فكيف بمن يرمي وليس برامي. فلو أنني أرمي بنيل رميتها ... لكنني أرمي بغير سهام. على الراحتين تاراً وعلى العصا ... أنوء ثلاثاً بعهدهن قيامي. قال الشعبي أليس كذلك يا أمير المؤمنين، ولكن كما قال لبيد بن ربيعة رضي الله عنه: كأني قدجاوزت سبعين حجة=خلعت بها عن منكبي ردائياً. فلما بلغ سبعاً وسبعين قال: باتت تبكي إلى موتي مجهشة ... وقد حملتك سبعاً بعد سبعيناً. فإن تراخت ثلاثاً تبلغي أملي ... وفي الثلاث وفاء للثمانينا. ً فلما بلغ التسعين قال: ولقد سئمت من الحياة طولها ... وسؤال هذا الناس كيف لبيد. وعنيت ستاً قبل مجرى داحس ... لو كان للنفس اللجوج جلود. فلما بلغ عشرين ومئة قال: أليس ورائي إن تراخت منيتي ... لزوم العصا تحني عليها الأصابع. أخبر أخبار القرون التي مضت ... أقوم كأني كلما قمت راكعاً. فلما بلغ الثلاثين ومئة حضرته الوفاة فقال: تمنى أبنتاي أن يعيش أبوهما ... وهل أنا لا من ربيعة أو مضر. وقولاً هو المرء بالذي أنا أهله ... ولا تخمشا خداً ولا تحلقا شعر. وقولاً هو المرء الذي لا يصدقه ... أضاع ولا دخان الخليل ولا غدر. إلى الحول ثم أسم السلام عليكما ... ومن يبك حولاً كاملاً فقد أعتذر. قال الشعبي: فلقد رأيت السرور في وجه عبد الملك طمعاً أن يعيشها، ووجهه عبد الملك إلى مالك الروم في بعض الأمور، فلما قدم عليه وروى وذكائه وجودة ذهنه أستكبره وجل في عينه فقال له: من بيت أهل الملك أنت، قال: لا فلما أراد الرجوع إلى عبد الملك أعطاه رقعة لطيفة وقال له: إذا بلغت صاحبك جميع ما يحتاج إلى معرفته من ناحيتنا فادفع إليه هذه الرقعة، فلما رجع إلى عبد الملك ذكر له ما أحتاج إلى ذكره ونهض، فلما خرج ذكر الرقعة فرجع فقال: يا أمير المؤمنين أنه حلمي إليك رقعة أنسيتها، ثم دفعها إليه، فلما قرأها أمر برده فقال: أعلنت ما في الرقعة؟ قال: لا. قال: إن فيها: عجبت من العرب كيف ملكوا غير هذا. أفتدري لما كتب إلي بهذه قال: حسدني إليك فأراد أن يغريني بقتلك. قال الشعبي: لو رآك يا أمير المؤمنين ما استكبرني، فبلغ ذلك أمير الروم فقال: لله أبوك ولله ما أردت إلا ذلك. وكان الشعبي قد خرج مع عبد الرحمن الأشعث، فلما قتل أبن الأشعث أتي به الحجاج أسيراً فقال له: وأنت يا شعبي ممن خرج علينا، فقال: أصلح الله الأمير، أحزن بنا المنزل، وأجدب بنا الجناب، واستحلسنا الخوف، وضاق المسلك، وخبتطنا فتنة لم نكن فيها بررة أولياء، ولا فجرة أقوياء، فقال الحجاج: لله أبوك صدقت، والله ما برمتم بخروجكم علينا ولا قويتم، خلو سبيله. ودخل الشعبي الحمام فرأى داود الأودي بلا أزار فغمض عينيه فقال له داود: متى ذهب بصرك يا أبا عمرو؟ فقال مذهتك الله سترك. ومات رحمه سنة 104 أربع ومئة وهو أبن اثنين وثمانين سنة رحمه الله تعالى.

أبيات رائقة.

وقد وافقت على أبيات رائقة في مداح مطالعة في كتب العلم والأدب، فأحببت إثباتها هنا. فمنها قول بعضهم وهي من املح ما أنشد في هذا المعنى. إذا ما خلوت من المؤنسين ... جعلت المؤانس لي دفتيري. فلما أخل من الشعر محسن ... ومن عالم صالح منذر. ومن حكم بين أثائها ... فؤاد للناظر المفكر. وإن ضاق صدري بأسراره ... وأودعته السر لم يظهر. وإن صرح الشعر باسم الحبيب ... لم أحتشمهُ ولم أحصر. وإن عدت من ضجر بالهجا ... وسب الخليفة لم أحذر. ونادمت غيه كريم المغيب ... لندمانه طيب المحضر. فلست أرى مؤنساً ما حييت ... عليه نديماً إلى المحشر. أبيات رائقة. ولبعضهم في المعنى: وإذا ما خلا الناس في دورهم ... بخمر سلاف وخود كعاب. وآنسهم في ظلام الليالي ... لغير الندامى وروه السحاب. خلوت وصحبي كتبت العلوم ... وبيت العروس ببيت الكتاب. ودرس العلوم شراب العقول ... فدوروا علي بذاك الشراب. وما يجمع المرء في دهره ... سوى العلم يجمعه للتراب. ولعلي بن الجهم في المعنى: سمير إذا جالسته كان مسلياً ... فؤادك فما فيه من ألم الوجد. يفيدك علماً أو يزيدك حكمة ... وغير حسود أو مصر على حقد. ويحفظ ما استودعته غير غافل ... ولا خائن عهد على قدم عهد. زمان ربيع في الزمان بأسره ... يبيحك روضاً غير ذاو ولا جعد. ينور أحياناً بورد بدائع ... أخص وأولي بالنفوس من الورد. ولبعضهم أيضاً في المعنى ذكرها ياقوت الحموي في رسالته: إذا الليل ما بيتني بجيش ... طليعته اغتنام واغتراب. شننت عليه من جهتي كميناً ... أميره الزبالة والكتاب. وبت أنص من شيم الليالي ... عجائب من حقائقها ارتياب. بها أجلوا همومي مستريحاً ... إذا جلى همومهم الشراب. ولبعضهم في المعنى وأحسن: لنا جلساء لا نملُّ حديثهم ... ألباءُ محمودون غيب ومشهد. يفيدوننا من علمهم علم ما مضى ... ورأياً وآدباً وعقلاً مسددا. فلا فتنة نخشى ولا سوء عشرة ... ولا نتقي منهم لساناً ولا يدا. فإن قلت: أموات فما أنت كاذب ... وإن قلت: أحياء فلست منفدا. ولقد أحسن شاعر نجد وأديبها في هذا العصر، وهو محمد ابن عبد الله عثيمين حفظه الله بقوله في المعنى: وهي من جملة قصيدة أذكرها إن شاء الله في هذا الجلد في اختيار من شعره: جعلت سميري حين عز مسامري ... دفاتر أملتها القرون السوالف. فطوراً أناجي كل حبر موفق ... إذا ما دعا لبت نداه المعارف. وطوراً كأني مع زهير وجرول ... وطوراً تناجيني ملوك غطارف. قال الطرطوشي في (سراج الملوك) : وإن كان الناطقون قد وصفوا فجودوا وقالوا فابلغوا، فقلد قصروا، كيف لا والكتاب نعم الجليس في ساعة الوحدة، ونعم المعرفة في بلاد الغربة، ونعم القرين والدخيل، ونعم الوزير والنزيل، وعاء مليء علماً، وظرف حشا ظرفاً، وحبذا بستان يحمل في ردن وروضة تتقلب في حجرة، هل سمعت بشجر تؤتي أكلها كل ساعة بألوان مختلفة وطعوم متباينة؟ وهل سمعت بشجرة لا تذوى وزهر لا يتوى، وثمر لا يفنى؟ ومن جليس يفيدك الشيء وخلافه، والجنس ضده، ينطق عن الموتى، ويترجم عن الأحياء وأكتم من الأرض، وأنم من الريح وألهى من الهوى، وأخدع من المنى، وأمتع من الضحى، وأنطق من سبحان وائل، وأعيا من باقل، يزيدك ولا يستزيدك، إن جد فيسر، وإن مزح فنزهه، قيد العلوم، وينبوع الحكمة، وسلوى الكرام ومؤنس لا ينام، يفيدك علم الأولين، ويخبرك عن الكثير من أنباء الآخرين، لا يرزاك شيئاً من دنياك، نعم العون والعدة، جليس لا يضرك، ورفيق لا يملك، يطيعك بالليل طاعته بالنهار، ويطيعك في السفر طاعته في الحضر، إن أدمت النظر إليه أطال إمتاعك، وشحذ طباعك، وبسط لسانك وفخم ألفاظك، إن ألفته خلد على الأيام ذكراك، وأن درسته رفع في الخلق قدرك، وإن حملته نوع عندهم باسمك، يقعد العبيد مقاعد السادة، ويجلس السوقة مجالس الملوك، فأكرم به من صاحب وأعزز بع من مرافق. وأنشد أبن حزم لبعض الأدباء:

كتاب.

إن صحبنا الملوك تاهو علينا ... واستبدوا بالرأي دون الجليس. أو صحبنا التجار عدنا إلى الفقر ... وصرنا إلى حساب الفلوس. فلزمنا البيوت نتخذ الحبر ... ونملأ به وجوه الطروس. لو تركنا وذاك كنا ظفرنا ... من أمانينا بعلق نفيس. غير أن الزمان أعني بنيته ... حسدونا على حياة النفوس. وأنشد غيره: أنست إلى التفرد طول عمري ... فمالي بالبرية من أنيس. جعلت محادثي ونديمي نفسي ... وأنسي دفتري بدل العروس. قد استغنيت عن فرسي برجلي ... إذا سافرت أو نعل كبوس. ولي عرس جديد كل يوم ... بطرح الهم في أمر العروس. فبطني سفرتي والخرج جسمي ... وهمياني فمي أبداً وكيسي. وبيتي حيث يدركني مسائي ... وأهلي كل ذي عقل نفيس. وأذكر إن شاء الله في هذا الفصل نبذا مستظرفة، تشتمل على آداب ومكارم الأخلاق، فمن ذلك: ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ثلاث لا يعرفون إلا في ثلاث، لا يعرف الشجاع إلا في الحرب، ولا الحليم إلا عند الغضب، ولا الصديق إلا عند الحاجة. قال عبد الله بن معاوية: أنى أن يمون أخاً أو ذا محافظة ... من كنت في غيبه مستشعراً وجلا. إذا تعيبت لم يبرح تظن به ... سوءاً وتسأل عم قال أو فعلا. لغيره: سأشكر عمرواً إذا ما تراخت منيتي ... أيادي لم تمنن أن هي جلت. ففي غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر شكوى إذا النعل زلت. رأى خلتي من حيث يخفى مكانها ... فكانت قذى عينيه حتى تجلت. وللأبيرد الرياحي: فتى لا يعدل المال ربا ولا ترى ... به جفوة إن نال مالاً ولا كبر. فتى كان يعطي السيف بالحرب حقه ... إذا ثوب الداعي وتشقى به الجزر. وهون وجدي إني سوف أغتدي ... على إثره يوماً وإن نفس العمر. فلا يبعدك الله أما تركتنا ... حميداً وأودى بعدك المجد والفخر. وقال رجل من بني أسد بن خزيمة يمدح يحيى بن حيان: ألا جعل الله اليمانين كلهم ... فدى لفتى الفتيان يحيى بن حيان. ولا عريق في من عصبته ... لقلت وألفت من معد بن عدنان. ولكن نفسي لم تطلب بعشرتي ... وطابت له نفسي بأبناء قحطان. ولأبن أبي عينية المهلبي: سيكون ما هو كائن في وقتهلما رأيت قاعداً مستثقلاً ... أيقنت أنك للهموم قرين. فارفض لها وتعر من أثوابها ... إن كان عندك للقضاء يقين. مالاً يكون فلا يكون بحيلة ... أبداً وما هو كائن سيكون. سيكون ما هو كائن في وقته ... وأخو الجهالة متعب محزون. ولمحمود الوراق: يا ناظراً يرنو يعيني راقد ... ومشاهداً للأمر غير شاهد. منتك نفسك ضلة وأبحتها ... طرق الرجاء وهن غير قواصد. تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي ... درك الجنان بها وفوز عابد. ونسيت أن الله أخرج آدما ... منها إلى الدنيا بذنب واحد. قال ابو العباس المبرد رحمه الله: حدثني العباس بن الفرج قال: كان عمرو بن العاص رضي الله عنه يركب بغلة قد شمط وجهها من الهرم، فقيل له: أتركب هذه وأنت على أكبر باخرة بمصر. فقال: لا ملك عندي لدابتي، ما حملت رحلي ولا لامرأتي ما أحسنت عشرتي، ولا لصديق ما حفظ سري، إن الملل من كواذب الأخلاق (قوله: أرم ناخرة يعني أكرم فرس) . كتاب. من عبد الملك لأبن الأشعث. قال أبو العباس: كتب صاحب اليمن إلى عبد الملك بن مروان في وقت محاربته لأبن الأشعث: إني قد وجهت لأمير المؤمنين بجارية قد اشتريتها بمال عظيم، ولم يرى مثلها، فلما وصلت إليه وأدخلت عليه، رأى وجهها جميلاً، وخلقها نبيلاً، فألقى إليها قضيباً كان في يده، فنكست لتأخذه، فرأى منها جسماً بهره، فلما هم بها أعلمه الآذن أن رسول الحجاج بالباب، فأذن له ونحى الجارية، فأعطاه كتاباً من عبد الحمن بن الأشعث فيه سطور أربعة: سائل مجاور جرم هل جنيت لها ... حرباً تزيل بين الجيرة الخلط. وهل سموت بجواد له لجب ... جم الصواهل بين الجم والفرط. وهل تركت نساء الحي ضاحية ... في ساحة الدار يستوقدون بالغبط.

فصل في العفو عن الإخوان، والأعضاء عن هفواتهم.

قتل الملوك وسار تحت لوائه ... شجر العرى وعراعر الأقوام. قال: وكتب عبد الملك كتاباً، وجعل في طيه جواباً لأبن الأشعث يقول فيه: فما بال من أسعى لأجبر عظمه ... حفاظاً وينوي خمن سفاهته كسري. أظن خطوب الدهر بيني وبينهم ... ستحملها مني على مركب وعر. وإني وإياهم كمن نبه القطا ... ولو لم تنبه بات الطير لا تسري. أناة وحلماً وانتظارا بهم غدا ... فما أنا بالواني ولا الضرع الغمر. ثم بات يقلب كف الجارية ويقول: ما أفدت فائدة أحب إلي منك قالت: فما بالك يا أمير المؤمنين، وما يمنعك؟ قال: ما قاله عدو الله الأخطل. لأني إن جزت منه كنا ألأم العرب: قوم إذا حاربوا شدوا مأزرهم ... عن النساء لو باتت بأطهار. فما إليك سبيل. أو يحكم الله بيني وبين أبن الأشعث. فلم يقربها حتى قتل أبن الأشعث. قال أبو العباس: لما قتل عبد الرحمن أبن الأشعث، وجهة الحجاج برأسه إلى عبد الملك بن مروان مع عرار بن شاس الأسدي، وكان أسود دميما، فلما ورد به عليه جعل عبد الملك لا يسأله عن شيء إلا أنبأه به عرار فأفصح لفظ وأشبع قول وأجزل اختصار فأشفته من الخبر، وعبد الملك لا يعرفه، وقد اقتحمته عينه حين رآه. فقال عبد الملك متماثلاً: أرادت عراراً بالهوان ومن يرد ... عراراً لعمري بالهوان فقد ظلم. وإن عراراً أن يكن غير واضح ... فإني أحب الجون ذا المنكب العمم. فقال عراراً: أتعرفني يا أمير المؤمنين قال: أنا والله عرار. فسر بذلك عبد الملك وأجزل جائزته. فصل في العفو عن الإخوان، والأعضاء عن هفواتهم. قال الحسن بن وهب: من حقوق ة المودة أخذ عفو الإخوان، الأعضاء عن تقصير أن كان، وقيل: خير الإخوان من إذا نسيت ذنبك لم يقرعك به، ومن معروفه عندك لم يمن به عليك. وأشد الربيعي للشافعي رحمه الله: أحب إلى الإخوان كل مواتي ... وكل غضيض الطرف عن هفواتي. يوافقني في كل أمر أريده ... ويحفظني حياً وبعد مماتي. فمن لي بهذا ليت أني وجدته ... فقاسمته مالي من الحسنات. تصفحت إخواني فكان أقلهم ... على كثرة الإخوان أقل ثقاتي. وحكى الأصمعي عن بعض الأعراب أنه قال: تناسى مساوئ الإخوان يدم لك ودمهم، وأوصى بعض الأدباء أخا له، فقال: كن للود حافظاً، لان لم تجد حافظاً، وللخل واصلاً إن لم تجد مواصلاً. وقال رجل من أياد يخاطب يزيد بن المهلب: إذا لم تجاوز عن أخ عند زلة ... فلست غداً عند زلتي متجاوزا. وكيف يرجيك البعيد لنفعه ... إذا كان عن مولاك خير عاجزا. ظلمت أخاً كلفته فوق وسعه ... وهل كانت الأخلاق إلا غرائز. وحكي أن أبنة عبد الله بن مطيع كانت عند طلحة بن عبد الرحمن الزهري وكان أجود قريش في زمانه فقالت له ذات يوم: ما رأيت ألأم من أصحابك، قال: ولمه؟ قلت: أراهم إذ أيسرت لزموك، وإذا أعسرت تركوك، قال: هذا والله من كرمهم، يأتوننا في حال القوة بنا عليهم، ويتركوننا في حال الضعف بنا عنهم. فانظر كيف تأول بكرمه حتى جعل قبح فعلهم حسنا، وظاهر غدرهم وفاء، وهذا محض الكرام، ولباب الفضل، وبمثل هذا يلزم أهل الفضل أن يتأولوا الهفوات من إخوانهم وأنشد ثعلب: إذا أنت لم تستقبل الأمر لم تجد ... بكفيك من أدباره متعلقا. وإن أنت لم تترك أخاك وزلة ... إذا زلها أوشكتما أن تفرقا. وقال الآخر: إذا ما بدا من صاحب لك زلة ... فكن أنت محتالاً لزلته عذرا. أحب الفتى ينهي الفواحش سمعه ... كأن به عن كل فاحشة وقرا. سليم دواعي الصبر لا باسطاً أذى ... ولا مانعاً خيراً ولا قائلاً هجرا. ولأبن الرومي: فاكثر من الإخوان ما استطعت إنهم ... بطون إذا استنجدتهم وظهور. وليس كثير ألف خل وصاحب ... وإن عدواً واحداً لكثير. وللشافعي: لما عفوت ولم أحقد على أحد ... أرحت نفسي من هم العداوات. إني أحي عدوي عند رؤيته ... لأقطع الشر عني بالتحيات. وأظهر البشر للإنسان فابغضه ... كأنه قد حشا قلبي مسرات. وللتنوخي: ألقى العدو بوجه لا قطوب به ... يكاد يقطر من ماء البشاشات.

فصل في الصبر والتأني.

فأحزم الناس من يلقى أعاديه ... في جسم حقد وثوب من مودات. الرفق يمن وخير القول أصدقه ... وكثرة المزح مفتاح العداوات. قال شبيب بن شبة الأديب: العاقل هو الفطن المتغافل. قال ابن مسعود: كنافي مجلس الرضي شكا رجل من أخ له فأنشد الرضي: أعذر أخاك على ذنوبه ... واستر وغط على عيوبه. وأصبر على بهت السفيه ... وللزمان على خطوبه. ودع الجواب تفضلاً ... وكل الظلوم إلى حسيبه. واعلم بأن الحلم عند ... الغيظ أحسن من ركوبه. ومن قول الخليل بن أحمد رحمه الله: سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب ... إن كثرت إلي منه الجرائم. فما الناس إلا واحد من ثلاثة ... شريف ومشروف ومثل مقام. فأما الذي فوقي فأعرف قدره ... واتبع فيه الحق والحق لازم. وأما الذي دوني فأحلم دائماً ... أصون به عرضي وإن لام لائم. وأما الذي مثلي فإن زل أو هفا ... تفضلت إن الفضل بالفخر حاكم. فصل في الصبر والتأني. قال بعضهم: تصبر ففي اللأواء قد يحمد الصبر ... ولو صورف الدهر لم يعرف الحر. وإن الذي أبلى هو العون فانتدب ... جيل الرضى يبقى لك الذكر والأجر. وثق بالذي اعطى ولا تك جازعاً ... فليس بحزم أن يروعك الضر. فلا نعم تبقى ولا نقم ولا ... يدم كلا الحالين عسر ولا يسر. تقلب هذا الأمر ليس بدائم ... لديه منم الأيام حلو ولا مر. غيره: إصبر على مضض الادلاج في السحر ... وفي الرواح إلى الطاعات والبكر. إني رأيت وفي الأيام تجربة ... للصبر علقبة محمودة الأثر. وقل من جد في أمر يحاولهُ ... واستصحب الظفر إلا فاز بالظفر. غيره: إن الأمور إذا اشتدت مسالكها ... فالصبر يفتح كل باب مرتجا. لا تيأسن وإن طالت مطالبه ... إذا استعنت بصبر إن ترى فرجا. غيره: عليك بإظهار التجلد للعدى ... ولا تظهرن الذبول فتحقرا. ألم تنظر الريحان يشمم ناضراً ... ويطرح في البيدا إذا ما تغيرا. غيره: صبراً على نوب الزمان=وإن ابى القلب الجريح. فكل شيء أخر ... إما جميل أو قبيح. غيره: الدهر أدبني والصبر رباني ... والقوت اقنعني واليأس أغناني. وحنكتي من الأيام تجربة ... حتى نهيت الذي قد كان ينهاني. غيره: إذا ما أتاك الدهر يوماً بنكبة ... فأفرغ لها صبراً وأوسع لها صدراً. فإن تصاريف الزمان عجيبة ... فيرماً ترى يسراً ويوماً يرى عسرا. غيره: ما أحسن الصبر في الدنيا وأجمله ... عند الاله وأنجاه من الجزع. من شد بالصبر كفاً عند مؤلمة ... ألوت يداه بحبل غير منقطع. غيره: على قدر فضل المرء تأتي خطوبه ... ويحمد منه الصبر مما يصيبه. فمن قل فيما يتقيه اصطباره ... فقد قل فيما يرتجيه نصيبه. غيره: ترد رداء الصبر عند النوائب ... تنل من جميل الصبر حسن العواقب. وكن حافظاً للوالدين وناصراً ... لجارك ذي التقوى وأهل الأقارب. اصبر قليل فبعد العسر تيسير ... وكل وقت له أمر وتدبير. وللمهيمن في أحوالنا نظر ... وفوق تدبيرنا لله تدبير. غيره: أصبر ففي الصبر خير لو علمت به ... لكنت باركت شكراً صاحب النعم. واعلم بأنك إن لم تصطبر كرماً ... صبرت قهراً على ما حط بالقلم. غيره: كن حليماً بليت بغيظ ... وصبوراً إذا أتتك مصيبة. فالليالي من الزمان حبالي ... مثقلات يلدن كل عجيبه. غيره: تصبر أيها العبد اللبيب ... لعلك بعد صبرك ما تخيب وكل الحادثات إذا تناهت ... يكون ورائها فرج قريب غيره: أيا صاحبي إن رمت أن تكسب العلى ... وترقى على العلياء غير مذاح عليك بحسن الصبر في كل حالة ... فما صابر فيما يروم بنادم غيره: بنا الله للأخير بيتاً سماؤه ... هموم وأحزان وحيطانه الضر وأدخلهم فيه وأغلق بابه ... وقال لهم مفتاح بابكم الصبر غيره:

فصل في فضل العلم.

إصبر قليلاً وكن بالله معتصماً ... لا تعجلن فإن العجز بالعجل الصبر مثل أسمه في كل نائبة ... لكن عواقبه أحلى من العسل غيره: شكى ألم الفراق الناس قبلي ... وروع بالنوى حي وميت فإما مثل ما ضمت ضلوعي ... فإني ما سمعت ولا رأيت وما أشكو تلون أهل ودي ... ولو أجدت شكيتهم شكوت مللت عتابهم يئست منهم ... فما أرجوهم فيمن رجوت إذا أدمت قوارضهم فؤادي ... صبرت على أذاهم وانطويت ورحت إليهم طلق المحيا ... كأني ما سمعت وما رأيت ولا والله ما أضمرت غدراً ... كما قد أظهروه وما نويت ويوم الحشر موعدنا وتبدوا ... صحيفة ما جنوه وما جنيت ويروى أن أبا عمرو بن العلاء، كان يقرأ قوله تعالى: (إلا من أغترف غرفة بيده) بالفتح فأحضره الحجاج، وقال: ما حجتك في قراءتها بالفتح؟ قال: أمهلني أيها الأمير. قال: أمهلتك شهراً، فإن لم تأتني بحجة ضربت عنقك، فوكل من به يسير معه في أحياء العرب فلم يجد حجة إلا أن كمل الشهر، فرده الموكلون به على الحجاج، فلما كان في أثناء الطريق إذ إعرابي يسوق إبلاً له وينشد: صبر النفس عند كل ملم ... إن في الصبر حيلة المحتال لا تضيقن بالأمور فقد تكشف ... غماؤها بغير احتيال ربما تجزع النفوس من الأمر ... له فرجة كحل العقال فقال له أبو عمرو: ما وجه الفتح في فرجة؟ فقال: كلما أتى على وزن فعلة فلنا فيه ثلاث لغات، ففرح أبو عمرو بوجود الحجة لقراءته ثم قال للإعرابي: ما سبب إنشادك هذه الأبيات؟ قال: أنه قد بلغنا نعي الحجاج، وكنا متخوفين منه، فقال أبو عمرو: والله ما أدري بأيتهما أفرح، بموت الحجاج، أم بوجود الحجة على قراءتي ومذهبي؟! فصل في فضل العلم. قال بعضهم: العلم أشرف شيء ناله رجل ... من لم يكن فيه علماً لم يكن رجلاً تعلم العلم وأعمل يا أخي به ... فالعلم زين لمن بالعلم قد عملا غيره: العلم مبلغ قوم ذروة الشرف ... وصاحب العلم محظوظ من التلف يا صاحب العلم مهلاً لا تدنسه ... بالموبقات فما للعلم من خلف العلم يرفع بيتاً لا عماد له ... والجهل يهدم بيت العز والشرف غيره: لو كان نور العلم يدرك بالمنى ... منا كان يبقى في البرية جاهلا أجهد ولا تكسل ولا تك غافلا ... فندامة العقبى لمن يتكاسل غيره: وفي الجهل قبل الموت موت لأهله ... وأجسادهم قبل القبور قبور وإن إمرءاً لم يحيى بالعلم قلبه ... فليس له حتى النشور نشور غيره: يا ساعي وطلاب المال همته ... إني أراك ضعيف العقل والدين عليك بالعلم لا تطلب له بدلاً ... وأعلم بأنك في غيره مغبون العلم يجدي ويبقى للفتى أبدا ... والمال يفنى وإن أجدى على حين هذاك ذل وذا عز لصاحبه ... ما زال بالبعد بين العز والهول الحض على العلم غيره: العلم يغرس كل فضل فاجتهد ... أن لا يفوتك من فضل ذلك المغرس وأعلم بأن العلم ليس يناله ... من همه في مطعم أو ملبس إلا أخو العلم الذي يزهو به ... في حالتيه عارياً أو مكتسي فاجعل لنفسك منه حظاً وافرا ... واهجر له طيب الرقاد وعبس فلعل يوماً إن حضرت بمجلس ... كنت الرئيس فخر ذلك المجلس فصل في الأدب والعلم والحض على الاتصاف به: كن أبن من شئت واكتسب أدباً ... يغنيك محموده عن النسب إن الفتى من يقول ها أنا ذا ... ليس الفتى من يقول كان أبي غيره: لكل شيء زينة في الورى ... وزينة المرء تمام الأدب قد يشرف المرء بأدبه ... فينا وإن كان وضيع النسب غيره: أعود بنيك على الأدب في الصغر ... كيما تقر بهم عيناك في الكبر فإنما مثل الأدب تجمعها ... في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر هي الكنوز التي تنمو ذخائرها ... ولا يخاف عليها حادث الغير إن الأديب إذا زلت به قدم ... يهوى على فرش الديباج والسرر ولبعضهم: لا يعجبنك أثواب على رجل ... دع عنك أثوابه وأنظر على الأدب

فالعود لو لم تفح منه روائحه ... لم يفرق بين العود والحطب غيره: قد ينفع الأدب الأحداث من صغر ... وليس ينفع بعد الشيبة الأدب إن الغصون إذ قومتها اعتدلت ... ولن يلين إذا قومته الخشب ذم الكذب وقبحه: عليك بالصدق ولو أنه ... أحرق الصدق بنار الوعيد ص753 غيره: عليك بالصدق في كل الأمور ولا ... تكذب فأقبح ما يذري بك الكذب غيره: ما أحسن الصدق ي الدنيا لقائله ... وأقبح الكذب عند الله والناس غيره: لي حيلة فيمن ين ... م وليس في الكذب حيلة من يخلق مل يقو ... ل فحيلتي فيه قليل غيره: نعم نعم إن النمام ذو ضرر ... لكنما الكاذب الجاني أشد ضرر أخو النميمة إن يسمع ينم ومن ... يكذب يقل ما يشاء قولاً بغير أثر لذاك لي حيلة فيمن ينم وما ... لي حيلة في كذوب ملء فيه شرر غيره: لي حيلة فيمن ينم لأنني ... أطوي حديثي دونه وخطابي لكنما الكذاب يخلق قوله ... ما حيلتي في المفتري الكذاب غيره: لا يكذب المرء إلا من مهانته ... أو فعلة السوء أو من قلة الأدب لبعض جيفة كلب خير رائحة ... من كذبة المرء في جد وفي لعب غيره: إذ عرف الإنسان بالكذب لم يزل ... لدى الناس كذاباً وإن كان صادقاً فإن قال لم تصغ له جلساؤه ... ولم يسمعوا منه وإن كان ناطقاً مدح التواضع في قول بعضهم: تواضع لرب العرش علك ترفع ... فما خاب عبد للمهيمن يضع وداو بذكر الله قلبك أنه ... لأشفى إلى داء القلوب وأنفع غيره: تواضع تكن كالنجم لاح لناظر ... على صفحات الماء وهو رفيع ولا تك كالدخان يرفع نفسه ... إلى طبقات الجو وهو وضيع غيره: إن شئت أن تزداد قدراً ورفعة ... فلن وتواضع واترك الكبر والعجبا غيره: تواضع إذا ما نلت من الناس رفعة ... فإن رفيع القوم من يتواضع غيره: تواضع إذا ما كان قدرك عالياً ... فإن أتضاع المرء من شيم العقل الحض على حفظ السر في قول بعضهم: ولست بمبدل للرجال سريرتي ... وما أنا عن أسرارهم بسؤال ولا أنا يوماً للحديث سمعته ... إلى ههنا من ههنا بنقول لبعضهم: لا يكتم السر إلا ذي ثقة ... والسر عند خيار الناس مكتوم فالسر عندي في بيت له غلق ... ضاعت مفاتيحه والباب مختوم غيره: صن السر عن كل مستخبر ... وحاذر فما الحزم إلا الحذر أسيرك سرك إن صنته ... وأنت أسير له إن ظهر غيره: كل علم ليس في القرطاس ضاع ... لك سر جاوز الاثنين شاع غيره: إذا لم يكن في الورى صاحب ... وفيه ثلاث صال حميدة وفاء وسر وحفظ الولي ... فصحبته قط ليست مفيدة غيره: عليك بكتم السر في كل حالة ... فقد جاء في الأخبار ألف حجة إذا دخل اثنان الحديث فسره ... يشيع وصمت المرء أعظم حكمة ومن قول بعضهم في حفظ اللسان والتزام الصمت: لا يعجبنك من خطيب خطبة ... حتى يكون مع الكلام أصيلاً إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا غيره: يصاب الفتى من عثرة في لسانه ... وليس يصاب المرء من عثرة الرجل فعثرته في القول تذهب برأسه ... وعثرته بالرجل تبري على مهل غيره: أحفظ لسانك أيها الإنسان ... لا يلدغنك أنه ثعبان في كم المقابر من قتيل لسانه ... كانت تهاب لقاءه الشجعان غيره: الصمت زينةُ والسكوت لامة ... فإذا نطقت فلا تكون مكثارا فإذا ندمت على سكوتك مرة ... فلتندمن على الكلام مرار غيره: إن القليل من الكلام بأهله ... حسن وإن كثيره ممقوت مازل ذو صكت وما من مكثر ... إلا يزل وما يعاب صموت إن كان ينطق ناطق من فضة ... فالصمت در زانه الياقوت غيره: أحفظ لسانك واستعذ من شره ... إن اللسان هو العدو الكاشح وزن الكلام إذا نطقت بمجلس ... فإذا استواك فهناك حلمك راحج

مدح القناعة والاستغناء عن الناس

فالصمت من سعد السعود بمطلع ... تحيا به والنطق سعد ذابح غيره: عود لسانك قول الخير تنج به ... من زلة اللفظ لا من زلة القدم واحفظ لسانك من خل تنادمه ... إن النديم لمشتق من ندم وزن الكلام إذا نطقت بمجلس ... فإذا استوى فهناك حلمك راجح فالصمت من سعد السعود بمطلع ... تحيا به والنطق سعد ذابح غيره: عود لسانك قول الخير تنج به ... من زلة اللفظ لا من زلة القدم واحفظ لسانك من خل تنادمه ... إن النديم لمشتق من الندم غيره: سجن اللسان هو السلامة للفتى ... من كل نازلة لها استئصال إن اللسان إذا حللت عقاله ... ألقاك في شنعاء ليس تقال ومن قول بعضهم في المعاشرة واختيار الصاحب: قال الشافعي محمد بن إدريس الإمام المولود سنة 150 المتوفى سنة 204 رحمه الله تعالى: إذا الخل لم يرعاك إلا تكلفا ... فدعه ولا تكثر عليه التأسفا ففي الناس إبدال وفي الترك راحة ... وفي القلب صبر للحبيب إذا جفا فما كل من تهواه يهواك قلبه ... ولاكل من صافيته لك قد صفا إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة ... فلا خير في ود يحي متكلفا ولا خير في خل يخون خليله ... ويلقاه من بعد المودة بالجفا وينكر عيشاً قد تقدم عيشه ... ويظهر سراً كان بالأمس قد خفى سلام عبى الدنيا إذا لم يكن بها ... صديق صدوق صادق الوعد منصفا غيره: صاف الكرام فخير من صافيته ... من كان ذا أدب وكان ظريفا واحذر مؤاخاة الئيم فإنه ... يبدي القبيح وينكر المعروفا إن الكريم وإن تضعضع حاله ... فالخلق منه لا يزال شريفاً والناس مثل دراهم قلبتها ... فأصبحت منها فضة وزيوفا غيره: وما المرء إلا حيث يجعل نفسه ... فاصبر بعين منك أمراً فيعتمد ولن يصحب الانسان إلا نظيره ... وإن لم يكونا من قبيل ولا بلد وما الغني إلا أن تصاحب غاوياً ... وما الرشد إلا أن تصاحب مرتشد غيره: أخو الفسق لا يغرك منه تودد ... فكل حبال الفاسقين مهين وصاحب إذا ما كنت يوماً مصاحب ... أخا ثقة بالغيب منك أمين غيره: اجعل قرينك من رضيت فعاله ... واحذر مقارنة الئيم الشائن كم من قرين شائن لقرينه ... ومهجن منه لكل محاسن غيره: وعينك إن أبدت إليك مساوياً ... من الناس قل ياعين للناس أعين وعاسر بمعروف وكن متودداً ... ولا تلق إلا بالتي هي أحسن مدح القناعة والاستغناء عن الناس لبعضهم: وأكل كسيرة في كسر بيتي ... أخب إلي من أكل الرغيف ولبس عباء وتقر عيني ... أحب إلي من لبس الشفوف غيره: هي القناعة فالزمها تعش ملكا ... لو لم يكن منك إلا راحة البدن وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها ... هل راح منها بغير القطن والكفن؟ غيره: قنعت بالقوت من زماني ... وصنت نفسي عن الهوان خوفاًمن الناس أن يقولوا ... فضل فلان على فلان من كنت عن ماله غنياً ... فلا أبالي إذا جفاني ومن رآني بعين نقص ... رأيته بالذي يراني ومن رآني بعين تمٍ=رأيته كامل المعاني غيره: إذا المرء عوفي في جسمه ... وملكه الله قلباً قنوعا وألقى المطامع عن نفسه ... فذاك الغني ولو مات جوعا أبيات في مدح القناعة النفس تجزع أن تكون فقيرة ... والفقر خير من غنىً يطغيها وغنى النفوس هو الكف فإن أبت ... فجميع ما في الأرض لا يكفيها وذو القناعة راض من معيشته ... وصاحب الحرص ان أثرى فغضبان كفى من العيش ما سد من رمق ... ففيه للحر ان حققت غنيان ان القنوع نفيس النفس راشدها ... وهو الغني الذي يحيى بلا نصب وذو المطامع مغموم ومفتقر ... ولو حوى الملك سلطان وعلم نبي أفادتني القناعة كل عز ... وهل عز أعزمن القناعة ولقد طلبت رضى البرية جاهداً ... فإذا رضاهم غاية لا تدرك وأرى القناعة كنزاًله ... والبر أفضل ما به يتمسك ذم الحسد قال بعضهم:

مدح الحلم والتأني

تخلق الناس بالأدناس واعتمدوا ... من الصفات الدها والمكر والحسدا كرهت منظرهم من سوء مخبرهم ... فقد تعاميت حتى لا أرى أحدا وللمتنبي: وأظلم أهل الظلم من بات حاسداً ... لمن بات في نعمائه يتقلب وغيره: اصبرعلى كيدالحسود ... فإن صبرك قاتله كالنار تأكل نفسها ... إن لم تجد ما تأكله وغيره: دع الحسود وما يلقاه من كمد ... يكفيك منه لهيب النار في كبده إن لمت ذا حسد نفست كربته ... وإن سكت فقد عذبته بيده وغيره: أيا حاسداً لي على نعمة ... أتدري على نمن اسأت الأدب نقمت على الله في حكمه ... لأنك لم ترض ي ما وهب وغيره: يا طالب العيش في أمن وفي دعة ... رغداً بلا قتر صفواً بلا رنق خلص فؤادك من غل ومن حسد ... فالغلّفي القلب مثل الغل في العنق وغيره: إن شئت قتل الحاسدين تعمداً ... من غير مادية عليك ولا قود وبغير سم قاتل وصوارم ... وعقاب رب ليس يغفل عن أحد عظم تجاه عيونهم محسودهم ... فتراهم موتى النفوس مع الجسد ذوب المعادن باللظى لكنما ... ذوب الحسود بحر نيران الحسد لم يبلغ الحساد أجالا لهم ... إذ أنهم سماهم موت الكمد حد الزناة من الشريعة مدة ... وترى الحود بدائه أبدا يحد غيره: كفى الحسود عقاباً عن جريمه ... ما في جوارحه من جذوة الحسد لا غر أن ذاب منه جسمه حسداً ... فإن ذا الداء يوهي صحة الجسد مدح الحلم والتأني قال بعضهم: ألا أن حلم المرء أكرم نسبة ... تسامى بها عند الفخار حليم فيارب هب لي منك حلماً فإنني ... أرى الحلم لم يندم عليه كريم وغيره: أحب مكارم الأخلاق جهدي ... وأكره أن أعيب وأن أعاب واصفح عن سباب الناس حلماً ... وشر الناس من يهوى السبابا ومن هاب الرجل تهيبوه ... ومن حقر الرجل فلن يهابا وغيره: لا خير في حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدر ولا خير في الجهل إذا لم يكن له ... حليم إذا ما أورد الأمر أصدر وغيره: إن كنت محتاجاً إلى الحلم إنني ... إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ... ولي فرس للجهل بالجهل مسرج فمن شاء تقويمي فإني مقوم ... ومن شاء تعويجي فإني معوج وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً ... ولكنني أرضى به حين أحرج غيره: إذا كنت بين الحلم والجهل ناشئاً ... وخيرت إن شئت فالحلم أفضل ولكن إذا أنصف من ليس منصفاً ... ولم يرضى منك النصف فالجهل أمثل إذا جاءني من يطلب الجهل عامداً ... فإني سأعطيه الذي جاء يسأل ولم أعطيه إياه إلا لأنه ... وإن كان مكروهاً من الذل أجمل مدح التغرب وذم القيام في الوطن على الذل إذا البلاد تغيرت عن حالها ... فدع المقام وبادر التحويلا ليس المقام عليك فرضاً واجباً ... في بلد تدع العزيز ذليلاً غيره: تنقل فلذات الهوى في التنقل ... ورد كل صاف لا تقف عند منهل ولا تسمع قول امرء القيس إنه ... مضل ومن ذا يهتدي بمضل ففي الأرض أحباب وفيها مناهل ... فلا تبكي ذكرى حبيب ومنزل غيره: تغرب عن الأوطان في طلب العلى ... وسافر ففي الأسفار خمس فوائد تفرج هم واكتساب معيشة ... وعلم وآداب وصحبة ماجد وإن قيل في الأسفار ذل ومحنة ... وقطع الفيافي وارتكاب الشدائد فموت الفتى خير له من حياته ... بدار هوان بين واشي وحاسد ولبعضهم: أرحل بنفسك عن الأرض تضام بها ... ولا تكن لفراق الأهل في حرق من ذل بين أهاليه ببلدته ... فالاغتراب له من أحسن الخلق الكحل نوعاً من الأحجار منطرحاً ... في أرضه كالثرى يرمي على الطرق لما تغرب نال العز أجمعه ... وصار يحمل بين الجفن والحقد وللإمام الشافعي رحمه الله: ما في المقام لذي علم وذي أدب ... من راحة فدع الأوطان واغترب

مدح الوفاء

سافر تجد عوضاً مما تصاحبه ... والضب فإن لذيذ العيش في النصب إني رأيت وقوف الماء يفسده ... فإن جرى طاب وإن لم يجري لم يطب والأسد لولا راق الغاب ما قنصت ... والسهم لولا فراق القوس لم يصب والبدر لولا أفول منه ما نظرت ... إليه في كل حين عين مرتقب والتبر كالتراب ملتقى في أماكنه ... والعود في أرضه نوعاً من الحطب فإن تغرب هذا عز مطالبه ... وإن أقام فلا يعلى على رتب وللحريري صاحب المقامات المولود سنة 441 المتوفي سنة 516: أسمع أخي وصية من ناصح ... ما شاب محض النصح منه بغشه لا تعجلن بقضية مبتوتتة ... في مدح من تبله أو خدشه وقف القضية فيه حتى تجتلي ... وصفيه في حال رضاه بطشه فهنام أن تر ما يشين فواره ... كرماً وإن تر ما يزين فأفشه واعلم بأن التبر في عرق الثرى ... خاف إلى أن يستثار بنبشه وفضيلة الدنيا يظهر سرها ... مكن حكة لا من ملاحة نقشه ومن الفباوة أن تعظم جاهلاً ... لصقال ملبسه رونق رقشه أو أن تهين مهذباً في نفسه ... لدروس بزته ورثة فرشه وله أيضاً من مقامه له: لا تقعدن على ضر ومسغبة ... لكي يقال عزيز النفس مصطبر وانظر بعينيك هل ارض معطلة ... من النبات كأرض حفها الشجر فعد عما تقول الأغبياء به ... فأي فضل لعود ما له ثمر وارحل ركابك عن ربع ظمئت به ... إلى الجناب الذي يهمي به المطر واستنزل الري من در السحاب فإنه ... بلت يداك به فليهنك الظفر غيره: وما طلب المعيشة بالتمني ... ولكن ألق دلوك في الدلا يجيء بملئها طوراً وطوراً ... تجيء بحمأة وقليل ماء ولا تقعد على كسل التمني ... تحيل على المقدر والقضاء فإن مقادر الرحمن تجري ... بأرزاق العباد من السماء مقدر بقبض أو ببسط ... وعجز المرء أسباب البلاء ?مدح الوفاء قال بعضهم: أجل للمرء من مجد الغنى شرفاً ... مجد الوفاء وتقوى الله والكرم وأرفع الناس عند الله منزلة ... من لم يكن لحقوق الناس يهتضم غيره: إذا قلت في الشيء نعم فأتمه ... فإن نعم الدين على الحر واجب وإلا فقل لا واسترح وأرح بها ... لئلا يقول الناس أنك كاذب غيره: لئن جمع الآفات فالبخل شرها ... وشر من البخل المواعيد والمطل ولا خير في وعد إذا كان كاذباً ... ولا خير في قول إذا لم يكن فعل غيره: تعجب وأعدل المرء أكرومة ... تنشر عنه أطيب الذكر والحر لا يمطل معروفه ... ولا يليق المطل بالحر غيره: ولقد وعدت وأنت أكرم واعد ... لا خير في وعد لغير تمام أنعم علي بما وعدت تكرما ... فالمطل يذهب بهجة الأنعام غيره: إن الصديق والمقيم على الوفا ... في وقت ضنك العيش لا في رغد أهل الصداقة في النحوس قلائل ... والكل أصحاب الفتى في سعده ذم القدر قال بعضهم: لا أشتكي زمني هذا فأظلمه ... وإنما أشتكي من أهل ذا الزمن هم الذئاب التي تحت الثياب فلا ... تكن إلى أحد منهم بمؤتمن قد كان لي كنز صبر فافترقت إليك ... إنفاقه في مدارتي لهم ففني غيره: وإني بلوت الناس أطلب منهم ... أخا ثقة عند اعتراض الشدائد فلم أر فيما ساءني من غير شامت ... ولم أر فيما سرني غير حاسد غيره: إلا إن أخواني الذين عاهدتهم ... أفاعي رمال لا تقصر في اللسع? ظننت بهم خيراً فلما بلوتهم ... نزلت بواد منهم غير ذي زرع ? (ذم الغيبة) قال بعضهم: ?من نم في الناس لم تؤمن عقاربه ... على الصديق ولم تؤمن أفاعيه كالسيل باليل لا يدري لي أحد ... من أين جاء ولا من أن يأتيه الويل للعهد منه كيف ينقضه ... والويل للود منه كيف يفنيه غيره: يسعى إليك كما يسعى عليك فلا ... تأمن غوائل ذي وجهين كياد غيره: من يخبرك بشتم عن أخ ... فهو الشاتم لا من شتمك

مدح المداراة

ذاك شيء لم يواجهك به ... إنما اللوم على من أعلمك غيره: أن يعلموا الخير يخفوه ولو علموا ... شراً أذاعوا وإن لم يعلموا كذبوا غيره: قل للذي لست أدري من تلونه ... أناصح أم على غش يناجيني؟ إني لأكثر مما سمتني عجباً ... تسح وأخرى منك تأسيني تغتابني عند أقوام وتمدحني ... في أخرين وكل عنك يأتيني هذان شيئان قد نافيت بينهما ... فكفف لسانك عن شتمي وتزيني غيره: إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحاً ... مني وما سمعوا من صالح دفنوا صم إذا سمعوا خيراً ذكرت به ... وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا غيره: وذو الوجهين يلقاني طليقاً ... وليس إذا تولى يأتليني بصرت بعينه فصفحت عنه ... محافظة على عرضي وديني غيره: أنست بوحدتي ولزمت داريفطاب الأنس لي وصفا السرور وأدبني الزمان فلا أباليهجرت فلا أزار ولا أزور ولست بسائل ما دمت حياًأسار الجيش أم ركب الأمير؟ غيره: نعيب زماننا والعيب فينا ... وما لزماننا عيب سوانا ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ... ولو نطق الزمان بنا هجانا وليس الذئب يأكل لحم ذئب ... ويأكل بعضنا بعضاً عيانا غيره: سلامة الإنسان في وحدة ... وأنسه فيها وفي حرفته غيره: لقاء الناس ليس يفيد شيئاً ... سوى الهذيان من قيل وقال فأقلل من لقاء الناس إلا ... لأخذ العلم أو لصلاح حال غيره: عاشر من الناس من تبقى مودته ... فأكثر الناس جمع غير مؤتلف منهم صديق بلا قاف ومعرفة ... بغير فاءِ وإخوان بلا ألف لبعضهم: أرحت روحي من الإيناس بالناس ... لما غنيت عن الأَكياس بالياس وصرت في البيت وحدي لا أرى أَحداً ... بنات فكري وكتبي هن جلاسي مدح المداراة قال بعضهم: ودارهم ما دمت في دارهم ... وأرضهم ما دمت في أرضهم غيره: لا تعاد الناس في أوطانهم ... قلما يرعى غريب الوطن وإذا ما شئت عيشاً بينهم ... خالق الناس بخلق حسن غيره: سليم العرض من حضر الجوابا ... ومن دارى الرجال فقد أصابا ومن هاب الرجال تهيبوه ... ومن حقر الرجال فلن يهابا غيره: قلما تنفع المداراة إلا ... عند أهل الحفاظ والأحساب من يدار اللئيم فهو كمن ... يستعمل الدر في نحور الكلاب غيره: تجنب عشير السوء وأصرم حباله ... فإن لم تجد منه محيصاً فداره فلله في عرض السماوات جنة ... ولكنها محفوفةٌ بالمكاره مدح المشاورة شاور سواك إذا نابتك نائبة ... يوماً وإن كنت من أهل المشورات فالعين تنظر منها مادنا ونأى ... ولا ترى نفسها إلا بمرآة غيره: خصائص من تشاوره ثلاث ... فخذ منها جميعاً بالوثيقة وداد خالص ووفور عقل ... ومعرفة بحالك والحقيقة فمن حصلت له هذي المعاني ... فتابع رأيه والزم طريقه غيره: لا تستشر غير ندب حازم فطن=قد استوى منه إسرار وإعلان فللتدابير فرسان إذا ركضوا ... فيها يرون كما للحرب فرسان غيره: تأَن وشاور فإن الأمور=منها جلي ومستغمض فرأيان أفضل من واحد ... ورأي الثلاثة لا ينقص ذم السؤال قال بعضهم: ذل السؤال وذل الفقر ما اجتمعا ... إلا أضرا بماءِ الوحه والبدن غيره: بخلت وليس البخل مني سجية ... ولكن رأيت الفقر شر سبيل لموت الفتى خير من الفقر للفتى ... وللموت خير من سؤال بخيل فلا تسأَلن من كان يسأَل مرة ... فللموت خير من سؤال سؤول غيره: لنقل الصخر من قلل الجبال ... أحب إلي من منن الرجال بلوت الناس قرناً بعد قرن ... فلم أر غير مختال بمال وذقت مرارة الأشياءِ طراً ... فما طعم أمر من السؤال ولم أر في الخطوب أشد هولاً ... وأصعب من معاداة الرجال غيره: لا تحسبن الموت موت البلى ... لكنما الموت سؤال الرجال كلاهما موت ولكن ذا ... أشر من ذاك لذل السؤال غيره:

الفخر بالأنساب والأحساب

النار أهون من ركوب العار ... والعار يدخل أهله في النار والعار في رجل يبيت وجاره ... طاوي الحشا متمزق الأطمار والعار في هضم الضعيف وظلمه ... وإمارة الأشرار في الأخيار جاهد على طلب الحلال ولاتكن ... تفنيه بالإسراف والتبذار إلا لأهلك أو لضيفك أو لمن ... يشكو إليك مضاضة الإعسار غيره: إذا أعوزتك أكف اللئام ... كفتك القناعة شبعاً وريا فكن رجلاً رجله في الثرى ... وهامة همته في الثريا فإن إراقة ماء الحياة ... دون إراقة ماء المحيا الفخر بالأنساب والأحساب قال أبو تمام: نسبٌ كأن عليه من شمس الضحى ... نوراً ومن فلق الصباح عمودا البحتري: نسبٌ كما اطردت كعوب مثقف ... لدن يزيدك بسطه في الطول الرضي: لهم نسبٌ كاشتباك النجوم ... يرى للمناقب فيه ازدحاما مهيار: أعجب بي بين نادي قومها ... أم سعد فمضت تسأل بي سرها ما علمت من خلقي ... فأرادت علمها ما حسبي لا تخالي نسباً يخفضني ... أنا من يرضيك عند النسب قومي استولو على الدهر فتىً ... ومضوا فوق رؤوس الحقب عمموا بالشمس هاماتهم ... وبنوا أبياتهم في الشهب وأبي كسرى على إيوانه ... أين في الناس أب مثل أبي؟ سودة الملك القدامى وعلى ... شرف الإسلام لي والأدب قد قبست المجد من خير أب ... وقبست الدين من خر نبي وضممت الفخر من أطراه ... سؤدد الفرس ودين العرب وللسلامي في الشريف الرضي: متناسبين وأنت كنت مرادهم ... ترددين إليك في الأصلاب حتى ولدت فأغفلوا أنسابهم ... وغدا وجودك أشرف الأنساب غيره: حسب لو لبست شمس الضحى ... نوره ما لبست ثوب الغروب برد فخر وعلى خير الورى ... بيد السؤدد مزرور الجيوب والحسب: هو ما يعد من مفاخر الآباء والمال والدين والكرم أو الشرف في الفعل، والشرف الثابت في الآباء، وقد يكون احسب والكرم لمن لا آباء له شرفاً بخلاف المجد، والذي أراه أنه لا يكمل للمرء فخره بحسبه إلا إذا كان له من المآثر ما كان لآبائه. وإلى ذلك يشير قول الشاعر: إنا وإن أحسابنا كرمت ... لسنا على الأحساب نتكل نبني كما كانت أوائلنا ... تبني ونفعل مثل ما فعلوا أخذ قول الشاعر (أضاءت لهم أحسابهم إلى آخره) أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن المعروف بالحصري القيرواني، فنقله من الافتخار إلى الغزل فقال: حتى إذا طاح منها المرط من دهش ... وأنحل بالضم نظم العقد في الظلم تبسمت فأضاء الليل فالتقطت ... حبات منتثر في ضوء منتظم قال أفلاطون الحكيم: من جمع إلى شرف أصله شرف نفسه، فقد قضى الحق الذي عليه، واستدعى التفضيل بالحجة، ومن أغفل نفسه واعتمد على شرف آبائه، فقد عقهم، واستحق بأن لا يقدم بهم على غيره، كما أن من كان له سلف في الشجاعة والسخاء لا يستحق أن يكرم لسلفه إذا كان جباناً بخيلا، وكذلك أنواع الشرف لا يستحق من انتس إليها التقديم إلا إذا حوى ما يذكر به اسلافه. وقال أيضاً: السعيد من تمت به رياسة آبائه، والشقي منهم من انقطعت عنده. قال بعض الحكماء: المرء بحسبه أكمل في الفخر إذا زاد بشرف نفسه ذكر آبائه نباهة، وقد أحسن مهيار في زيادة الابن على آبائه شرفاً، فقال: وجئت بمعنى زائد فكأنهم ... وما صروا عن غاية المجد قصروا. وقوله: وجئت بمعنى زائد فكأنهم ... وما قصروا عن غاية المجد قصروا وقوله: زيدهم شرفا وبعضهم ... لأبيه مثل الواو في عمرو وقوله أيضاً وهو من بدائعه ونوادره، وهو بالسحر أشبه بالشعر وذلك حيث يقول: أن كنت ممن طواه الدهر ممترياً ... منهم فعندك من منشورهم خبر هذا الحسين حياة خلدت لهم ... ما هم أول موتى بابنهم نثروا صلى فزادت على الساق حلبته ... محلق العرف جار خطوه حضر كالسهم أحرز ذكراً يوم ترسله ... لم يعطه أبوه القوس والوتر صارة فضلت في الطيب طينتها ... والخمر أطيب شيء منه يعتصر

ولما وفد أبو نواس على الخطيب بمصر سأله عن نسبه، فقال له أغناني أدبي عن نسبي. وللمتنبي: لا بقومي شرفت بل شرفوا بي ... وبمجدي فخرت لا بجدودي وبهم فخر كل من نطق الضاد ... وعوذ الجاني وغوث الطريد ولبعضهم: وإني وإن كنت ابن سيد عامر ... وفارسها المشهور في كل موكب فما سودتني عامر عن وراثة ... أبى الله أن أسموا بأم ولا أب ولكنني أحمي حماها وأتقي ... أذاها وأرمي من رماها بمنكبي ويقال لمن يفخر بنفسه: هو عصامي، إشارة إلى قول النابغة في عصام حاجب النعمان: نفس عصام سودت عصاما ... وعلمته الكر والإحجاما وصيرته ملكاً هماما ويقال لمن يفخر بآبائه عظامي، إشارة إلى فخره بالأموات من آبائه ورهطه قال الشاعر: إذا ما الحي عاش لعظم ميت ... فذاك العظم حي وهو ميت ودخل عبد الله بن زياد التيمي على أبيه، وهو يجود بنفسه، فقال: ألا أوصي بك الأمير، فقال: يا أبتي إذا لم كن للحي إلا وصية الميت، فالميت هو الحي. ويقال: إن عطاء بن سفيان قال ليزيد بن معاوية: أغنني عن غيرك، قال حسبك ما أغناك به معاوية، قال: فهو إذاً الحي، وأنت الميت. ومن قول علي رضي الله عنه: من أبطأ به علمه لم ينفعه حسب آبائه. قال الشاعر: لئن فخرت بآباء ذوي حسب ... قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدوا وكان يقال: أجهل الناس من افتخر بالعظام البالية، وتبجح بالقرون الماضية، واتكل على الأم الخالية. وكان جعفر بن يحيى يقول: ليس من الكرام من افتخر بالعظام. وقال الفضل بن الربيع: كفى بالمرء عاراً أن يفتخر بغيره، وقال: من افتخر بآبائه فقد نادى على نفسه بالعجز، وأقر على نفسه بالدناءة. وقيل لشريف ناقص الأدب: إن شرفك بأبيك لغيرك، وشرفك لك فافرق بين مالك وما لغيرك، ولا تفرح بشرف النسب، فإنه دون شرف الأدب. قال بعضهم: وما فخري بمجد قام غيري ... إليه وقد رقدت الليل عنه إلى حسب الفتى في نفسه انظر ... ولا ينظر هديت إلى ابن من هو غيره: إذا افتخرت بآبائي وأجدادي ... فقد حكمت على نفسي لأضدادي هل نافعي إن سعى جدي لمكرمة ... ونمت عن أختها في جانب الوادي وقد أجاد الافتخار الفرزدق حيث يقول: إن الذي سمك السما بنى لنا ... بيتاً دعائمه أعز وأطول بيتاً زرارة محتب بفنائه ... ومجاشع وأبو الفوارس نهشل حدث سلمة بن عياض مولى بني عامر بن لؤي قال: دخلت على الفرق في السجن، وهو محبوس، وقد قال قصيدته التي منها: إن الذي رفع السماء بنى لنا ... بيتاً دعائمه أعز وأطول بيتاً بناه لنا المليك وما بنى ... ملك السماء فإنه لا ينقل وقد أفحم، فقلت: ألا أرفدك فقال: وهل عندك ذاك؟ فقلت: نعم، ثم قلت: بيتاً رزارة محتب بفنائه ... ومجاشع وأبو الفوارس نهشل فاستجاد البيت، وغاظه قولي فقال لي: ممن أنت؟ فقلت: من قريش، قال: من أيها؟ قلت: من بني عامر بن لؤي، فقال: لئام والله وضيعة جاورتهم بالمدينة، فما حمدتهم، فقلت: الأم والله منهم وأوضع قومك جاءك رسول مالك بن المنذر، وأنت سيدهم وشاعرهم فأخذ بأذنك يقودك حتى حبسك، فما اعترضه أحد ولا نصرك، فقال: قاتلك الله ما أكرمك. وأخذ البيت وأدخله في القصيدة. وحدث أبو مالك الراوية، فقال: قال: سمعت الفرزدق يقول: أبق غلامان منا يقال له النضر، فحدثني قال: خرجت في طلبها وأنا على ناقة عيساء كوماء أريد اليمامة، فلما رأت إلى ماء لبني حنيفة، يقال له الصرصران ارتفعت سحابة، فأرعدت، وأبرقت وأرخت عزاليها، فعدلت إلى بعض ديارهم، وسألت القرى فأجابوا، فأدخلت داراً لهم، وأنخت راحلتي، وجلست تحت ظلة لهم من جريد النخل، وفي الدار لهم جويرية سوداء، إذ دخلت علي جارية كأنها سبيكة فضة، و: كأن عينيها كوكبان دريان، فسألت الجارية لمن هذه العيساء؟ تعني: ناقتي، فقيل لضيفكم هذا، فعدلت إلي وسلمت علي، فرددت عليها السلام، فقالت: ممن الرجل؟ فقلت: من بني حنظلة، فقالت من أيهم؟ فقلت: من بني نهشل، فتبسمت وقالت: أنت إذن ممن عناه الفرزدق بقوله وذكرت الأبيات السابقة. قال: إن ابن: الخطفى قد هدم عليكم بيتكم تعني جريرا وذلك حيث يقول:

مدح الكرم وذم البخل

أخزى الذي رفع السماء مجاشعاً ... وبنى بناء بالحضيض الأسفل بيتاً يحمحم قينكم بفنائه ... دنساً مقاعده خبيث المدخل قال: فوجمت، فلما رأت ذلك في وجهي قالت: لا بأس عليك إن الناس يقال فيهم ويقولون، ثم ساقت معه حديث اليمامة، وقصة ابن عمها كعب بن عمرو بن محرق بن النعمان بن المنذر بن ماء السماء. مدح الكرم وذم البخل قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الكريم لا يلين على قسر، ولا يقسو على يسر، وقال رضي الله عنه: من قبل عطاءك فقد أعانك على الكرم. وقال: من لا يقبل الجود لم يكن ممن يجود. وقال: من انتجعك مؤملاً فقد أسلفك حسن الظن، ومن قوله: أحب الناس إليك من كثرت عندك أياديه، وإن لم يكن، فمن كثرت عنده أياديك. ومن قوله: الرغبة إلى الكريم تحركه على البذل، وإلى الخسيس تغره المنع. وقال جعفر بن محمد: إن الحاجة لتعرض للرجل عندي فأبادر بها خوفاً أن يستغني عنها أو تأتيه، وقد استبطأها فلا يكون لها عنده موقع. وكانت أمّ البنين تقول: أف للبخل والله لو كان ثوباً ما لبسته، ولو كان طريقاً ما سلكته. وقال المأمون: لأن أخطئ باذلاً أحب إلي من أن أصيب مانعاً. وقال محد بن السماك: أهنأ المعروف ما لا مطل في أوله ولا من في آخره. ومدح نصيب الشاعر عبد الله بن جعفر، فجزل عطيته فقيل له: أتصنع هذا بهذا العبد الأسود؟ فقال: إن كان اسود، فإن ثناه أبيض يقق، وشكره عربي ذو رونق، ولقد استحق بما قال أكثر مما نال، وهل هي إلا رواحل تنضى، وثياب تبلى، ومال يفنى، واستعضنا عنه مديحاً يروى، وثناء يبقى. كتب رجل من البخلاء إلى رجل من الأسخياء يأمره بالإبقاء على نفسه، ويخوفه الفقر، فرد عليه (الشيطان يعدكم ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم) وإني أكره أمراً قد وقع لأمر لعله يقع، وقيل لابن عباس رضي الله عنهما: من أكرم الناس فقال: أما في الدنيا فلأسخياء وأما في الآخرة فالأَتقياء. وسئل شعيب ما الجود؟ فقال: أن لا تضن بمالك على من هو للعطية أهل. ومن أمثالهم ((البخيل يهدم مباني الكرم)) وذم رجل رجلاً، فقال: ما تبل إحدى يديه الأخرى. وقال آخر في بخيل: يملأ بطنه وجاره جائع، ويحفظ ماله وعرضه ضائع. وقال معاوية رضي الله عنه لعمرو بن العاص رضي الله عنه: ما السخاء يا أبا عبد الله عند العرب؟ قال: جهد المقل. ينظر فيه إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (جهد المقل أكثر من عفو المكثر) وكان يقال: ما عزة أثبتت أركانها، ولا ألزم بنيانا من بث المكارم واكتساب المحامد. ومن مختار قول الحكماء في الكرماء واللؤماء قولهم: الكرام في اللئام كالغرة في وجه الفرس. ومن مختار القول الثعالبي في ذلك: الكريم إذا سئل ارتاح، واللئيم إذا سئل ارتاع. ومما يباهي بحسنه قول أبي الحسن مهيار: تعطي حياء مطرقاً مثلما ... وقد وهبت مسنياً ومجزلا ويسفر الناس على بخلهم ... لأنهم لا يعرفون الخجلا وقول أبي عبادة البحتري: يعطي عطاء المحسن الخضل الندى ... عفواً ويعتذر اعتذار المذنب وله أيضاً: دع المطي مناخات بأرحلها ... لم ينض عنهن تصدير ولا حقب فما تزيد على إلمامه خلس ... بأحمد بن علي ثم تنقلب وقال أبو نصر عبد العزيز: قد جدت لي باللهى حتى ضجرت بها ... وكدت من ضجري أثني على البخل لم يبق جودك لي شيئاً أؤمله ... تركني أصحب الدنيا بلا أمل وقال البحتري: إني هجرتك إذ هجرتك وحشة ... لا العود يذهبها ولا الابداد أحشمتني بندى يديك فسودت ... ما بيننا تلك اليد البيضاء وقطعتنمي بالجود حتى إنني ... متخوف أن لا يكون لقاء صلة غدت بالناس وهي قطيعة ... عجباً وبر راح وهو جفاء وقد أطنت الشعراء، وملأوا الدفاتر بمدح الكرم، وذم البخل، فلا حاجة إلى الإطالة لاشتهار ذلك في أشعارهم، ولكن يعجبني قول البحتري في المعنى: له ضجكة عند النوال كأنها ... تباشير بق بعد من العهد كأن نعم في فيهِ حين يقولها ... مجاجة مسك خيض في ذائب الشهد وقول الشاشب: ما قال مذ حلت تمائمهُ ... بخلا ًبها فوجدنا الجود في البخل وقول أبي محمد الخازن في مدح الصاحب بن عباد:

حسن البشر وكرم الأخلاق

نعم تجنب لا يوم العطاء كما ... تجنب ابن عطاء لثغة الراء وهو من قول الفرزدق في علي بن الحسين رضي الله عنهما: ما قال لاقط إلا في تشهده ... لولا التشهد كانت لاءه نعم ومثله ما قيل في قثم بن العباس: أعفيت من حل ومن رحلة ... يا ناق إن أدنيتني من ثم إنك إن أدنيتنيهِ غداً ... حالفني اليسر ومات العدم في وجه نور وفي باعه ... طول وفي العرين منه شمم أصم عن قيل الخنا سمعه ... وما عن الخير به من صمم لم يدر ما (لا) (وبلى) قد درى ... فعافها واعتاض عنها (نعم) ومنه قول الآخر: أبي جوده (لا) البخل واستعجلت به ... (نعم) من فتى لا يمنع الجود قائله وقال الآخر: بدأت بمعروف وثنيت بالرضى ... وثلثت بالحسنى وربعت بالكرم وباشرت أمري واعتنيت بحاجتي ... وأخرت (لا) عني وقدمت لي (نعم) وصدقت لي ظني وأنجزت موعدي ... وطبت به نفساً ولم تتبع الندم فإن نحن وافينا بشكر فواجب ... وإن نحن قصرنا فما الود متهم حسن البشر وكرم الأخلاق قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن لم تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجوه، وحسن الأخلاق) وحسبك مدحاً لحسن الخلق قوله تعالى لنبيه (وإنك لعلى خلق عظيم) قالت عائشة رضي الله عنها: كان خلقه القرآن يغضب لغضبه، ويرضى لرضاه، وقال علي بن أب طالب رضي الله عنه: رب عزيز أذله خرقه، وذليل أعزه خلقه. وقال: من لم تصلح أخلاقه لم ينفع الناس تأديبه، وكان يقال: ألق صاحب الحاجة بالبشر فإن عدمت شكره لم تعدم عذره، ووصف أعرابي رجلاً بحسن الشرف، فقال: لا تراه الدهر إلا كأنه لا غناء به عنك، وإذا أذنبت غفر، وكأنه المذنب، وإن أحسن اعتذر، وكأنه المسيء، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، (مكارم الأخلاق عشرة، تكون في الرجل، ولا تكون في ابنه، وتكون في الابن، ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد، ولا تكون في سيده قيل يا رسول الله ما هن؟ قال: صدق الحديث، وأداء الأمانة، وصدق البأس، وإعطاء السائل، والمكافأة بالصنائع، وصلة الرحم، والتذمم للجار والصاحب، والحلم في القدرة، والمواساة في الشدة، وقرى الضيف، ورأسهن الحياء) قال عصام بن الصطلق: دخلت المدينة فرأيت الحسن بن علي رضي الله عنهما، فأعجبني سمته ورواؤه، فأثار مني الحسد ما أجنه صدري من البغض لأبيه، فقلت له: أنت ابن علي بن أبي طالب؟ قال: نعم فبالغت في شتمه وشتم أبيه، فنظر إلي نظرة عاطف رؤوف، ثم قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين) (وأما ينزغنك من الشيطان نزع فاستبعد بالله إنه سميع عليم) (إن الذين اتقوا إذا مهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرين) . ثم قال لي: خفض عليك استغفر اله ولك لو استعنتنا أعناك، ولو استرفدتنا رفدناك، ولو استرشدتنا أرشدناك. قال عصام: فتوسم في الندم على ما أفرط مني فقال: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين) أمن أهل الشام أنت؟ فقلت: نعم، فقال: شنشنة أعرفها من أخزم، حياك الله وبياك، انبسط إلينا في حوائجك، وما يعرض لك تجدنا عند أفضل ظنك إن شاء الله، قال عصام: فضاقت علي الأرض بما أحب إلي منه ومن أبيه. ما جاء في الاستعطاف والتنقل فيه بالمعاني اللطيفة والمقاصد الظريفة، فمن ذلك، وهو من أبلغ تلطفات الشعراء في التوصل إلى استعطاف الملوك والأمراء قول أبي سعيد الستمي يخاطب زوجته في أول قصيدة مدح بها الصاحب بن العباد وهي من غرر القصائد وهي: أمنجزتي وعدي فقد رحل الركب ... ولم تتأن العيس أم تقف الصحب خليلي لا تستنكرا طول عتبها ... علي فإن الحب أكثره عتب بنفسي بيضاء العوارض أعرضت ... بوجه كأن الشرق من حسنه غرب وبين الإزار المرتوي حقف رملة ... وبين الوشاح الملتوي غصن رطب وتحت لثام الخز أنفاسها الضنى ... وفوق رداء الكبر أدمعها سكب تبدت مع الأتراب تدعو على النوى ... وإن لم يكن في الغانيات لها ترب تسيل على الخد الأسيل دموعها ... وصب دموع العين يروى به الصب وقد وكلت إحدى يديها بقلبها ... مخافة أن برفض من صرها القلب

فلما أجزنا الجسر قمن وراءه ... كسرب من الغزلان ليس لها سرب وعضت بدر الثغر فضة معصم ... يكاد يثنيه من الذهب القلب فكادت تحط الرحل لولا عزيمتي ... وجيهية قبٌ ومهرية نجب وقائلة أذرت مع الكحل دمعتها ... ففاض فلم يملك لسانه غرب إلى أي أرض ترحل العيس ظاعناً ... وخلفك أفراخ بها ظمأ زغب؟ تق الله فينا لا تزدنا صبابة ... ببعد فما نلقاه من كثب حسب فقلت ثقي بالله يا أم معمر ... فبعض الصدى ري وبعض النوى قرب إذا ما أنخت العيس بالري سالماً ... فمشرعنا عذب ومرنقنا خصب دعيني وطيي نحوها البيد بالسرى ... يقع طائرنا حيث يلتقط الحب ألم تعلمي أن السما من جنابها ... تصوب عزاليه علينا فينصب فقالت وجالت في نواحي ردائها ... دموع لها في كل ناحية غرب فتى رستم لا تذكر البين باسمه ... فديناك إن البين أيسره صعب إلى أن قال يعرض بذكر أولاده وأمه ويخاطب ممدوحه: إذا سار مشتاق إليك فإنني ... برأسي أخطو بل على هامتي أحبو وما عاقني إ بنون كأنهم ... فروخ الدبا في الجو حدثان ما دبوا وقائلة من بعد سبعين حجة ... شفيعي إليك الضعف والسن والرب أتترك أماً هامة اليوم أو غداً ... يضيق بها من بعدك البلد الرحب ومنها: سأثني بما أوليتني من صنيعة ... عليك كما يثني على المطر الشعب وأدررت لي أضعاف ما قد مريته ... بشعري من نعماك فامتلأ القعب وعاد إنائي من نوالك فهقاً ... يبل الثرى رشحاً وما انقطع الشخب وأسكر أشعاري نداك فرنحت ... بشكرك في الدنيا كما رنح الشرب ومنها: وعم جهات الأرض فيض نواله ... فلم يخل واد من نداه ولا شعب جواد له في كل أفق غمامة ... وفي كل أرض للندى مشرب عذب إذا عد كعب في السماح أبت له ... يمين لها في كلّ أنملة كعب وهي طويلة وكل أبياتها فرائد غرر رائقة، ومما يشبهها من القصائد قصيدة أبي محمد الخازن التي أولها: بين المجرة والثريا موقفي ... فتأملي ثم اعذري أو عنفي هو موقف حفرته أطراف القنا ... وحمته أشفار الحسام المرهف واصطفت الأمراء حول سريره ... مثل الأهلة والنجوم الوقف وتلألأت شرفاته عن طلعة ... يرتد عنها الطرف إن لم يخطف ما قيل إجلالاً وتعظيماً له ... كالبدر أو كالشمس أو كالمكتفي نمت ملوك بني بويه لتاجه ... خرزات ملكهم الأَغر الأشرف وبنوا له صعداء مجد طنبت ... بشبا المهند والسنان المرهف رمقت جبابرة الملوك يفاعها ... بنواظر من خوفه لم تطرف من كل وضاح الجبين متوج ... علق بلثم بساطه متشرف غت بهم عرصاته فكأنما ... غصت بهم عرصات يوم الموقف ومنها في خطاب محبوبته وهو المعنى الذي أوردنا هذا الشعر من أجله وهو قوله: يا هذه لو شمت برقك لم يكن ... هذا المقام محبي ومعرفي ولقد سبقت الدهر فيه منشدا ... وكذا الجواد يبذ شأو المقرف لم تثن عبرتك التي غيضتها ... عزمي ولا نغمات قولك لي قف هيهات لم ينقص زماعي لؤلؤ ... أذراه نرجس طرفك المستعطف من مبلغ سكني بنجد أنني ... قد ضقت ذرعاً بالخليل المنصف وبلوت أطواد الزمان فلم أجد ... إلا الحسام المنتضى خلاً يفي عرضت لألثمها بخد وردهُ ... بصفر أحمر إذا لم يقطف فنبا مناط وشاحها عن مخطف ... طاو ومهوى قرطها عن نفنف واستحجبت أترابها ثم انثت ... ترنو بطرف كالغزال الأهيف فرشن عرض طريقها بغدائر ... تنجاب بين مخلق ومصفف ورمقن من سيبي ولولا نوره ... لضللت في ظلم السباب المسدف سيب يناسبه الربيع منوراً ... بنهاره وبهار المستظرف لولا بياض النور لم تكن الربى ... وتلاعها إلا كقاع صفصف كم منة مشكورة ومبرة ... عند الحدائق للغمام الأوطف لو لم يحلّ بصوبه عطل الربى ... ما اهتز بين مدبح ومفوف كم دوحة لفاء بين حديقة ... غناء في ظل الغمام المغدف حتى انتهى إلى قوله:

نادرة عن الأصمعي

وتلثمت شمس النهار ببرقع ... من طرتيه والسما بمطرف والأقحوان الغض يجلو مبسماً ... لولا مغزلة الحيا لم يشف إلى أن قال: في سدة للمك مد رواقها ... علياء فخر الدولة العدل الوفي ملك حوى الدنيا بأس عابس ... وتبسم باد وتدبير خفي فمحى قواصيها بعزم ثاقب ... ولوى نواصيها برأي محصف ومن أحسن الاستعطاف ما رواه الرياشي عن الأصمعي قال: تصدى رجل من بني أمية للرشيد فانشده: يا أمين الله إني قائل ... قول ذي علم وفهم وأدب عبد شمس كان يتلو هاشماً ... وهما بعد لأم ولأَب فاحفظ الأرحام فينا إنما ... عد شمس عم عبد المطلب لكم الفضل علينا ولنا ... بكم الفضل على كل العب فأحسن جائزته ووصله. نادرة عن الأصمعي ذكر السيد المرتضى في الدر قال: إن الأصمعي قال: نزلت ذات ليلة في واد لبني العنبر، وإذا فتية يريدون البصرة، فأحببت صحبهم، فأقمت ليلتي تلك فيهم. وإني لو صب محموم أخاف أن لا أستمسك على راحلتي، فلما قاموا ليرحلوا أيقظوني فلما رأوا حالتي رحلوا لي، وحملوني وركب أحدهم ورائي يمسكني، فلما أمعن السير تنادوا ألا فتى يحدو بنا وينشدنا، فإذا منشد في سواد الليل بصوت ند يتغنى بهذه الأبيات: لعمرك إني يوم بانوا فلم أمت ... خفاتاً على آثارهم لصبور غداة المنقا إذا رميت بنظرة ... ونحن على متن الطريق نسير فقلت لقلبي حين خف به الهوى ... وكاد من الوجد المبر يطير فهذا ولم تمض للبين ليلةٌ ... فكيف إذا مرت عليه شهور وأصبح أعلام الأحبة دونها ... من الأرض غول نازح ومسير وأصبحت نجدي الهوى متهم النوى ... أزيد اشتياقاً أن يحن بعير عسى الله بعد النأي أن يسعف النوى ... ويجمع شمل بعدها وسرور قال: فسكنت والله الحمى عني حتى ما أحس بها، فقلت لرديفي: انزل رحمك الله إلى راحلتك، فإني متماسك وجزاك الله عن الصحبة خيراً: وما الطف قول البحتري وأرشقه: ولم انس إذ راحوا مطيعين للنوى ... وقد وقفت ذات الوشاحين والوقف ثنت طرفها دون المشيب ومن يشب ... فكل الغواني عنه مثنية الطرف وجن الهوى فيها عشية أعرضت ... بناظرتي ريم وسالفتي خشف وأفلج براق يلوح رضا به ... حراماً على التقبيل بسلا على ارشف (ما قيل في وصف العشق في قول بعضهم، وذكر بعض من عشق مات) قال بعضهم: هو طمع يتولد في قلب العاشق، وكلما قوي زاد الحرص على طلبه، واللجاج في محبته حتى يؤديه ذلك إلى الغم المغلق، وينشأ من ذلك فساد الفكر، ومعه يكون زوال العقل، ورجاء ما لا يكون، وتمني ما لا يتم حتى يؤديه إلى الجنون، فربما قتل نفسه، وربما مات غماً، ورما رأى محبوبته فمات من الفرح. وأعلم أن الهوى والعشق والحب، وإن كان موردها واحداً، فقد فرق بينهما عمرو بن بحر الجاحظ، فقال: كل عشق يسمى حباً، وليس كل حب يسمى عشقاً، لأن العشق اسم لما فضل من الاقتصاد في الحب، كما أن السف اسم جاوز الجود، والبخل اسم لما قصر عن الاقتصاد، والهوى يتفرع عن الحب، والحب هو المتولد من أول نظرة، قال بعضهم في ذلك: الحب أوله تهيم به ... نفس المحب فيلقى الموت كاللعب يكون مبدؤه من نظرة عرضت ... وخطرة قدحت في القلب كاللهب كالنار مبدؤها من قدحه فإذا ... تأججت أحرقت مستجمع الحطب وقال الآخر: الحب من سمعٍ ومن لحظةٍ ... وفيه إحلاء وإمرار رأيت نار الحب بين الحشا ... تفعل مالا تفعل النار إن لم تكلم في الهوى ألسن ... تكلمت باللحظ أبصار والحب داء ماله حيلة ... وليس فيه للفتى عار وقيل: إن الحب هو الميل الدائم بالقلب للحبيب، ومصاحبته على الدوام كما قيل: ومن عجب أني أحن إليهم ... وأسأل شوقاً عنهم وهم معي وتطلبهم عيني وهم في سوادها ... ويشتاق قلبي وهم بين أضلعي وقول آخر: خيالك في عيني وذكرك في فمي ... ومثواك في قلبي فأين تغيب

والحب: هو المحبة، وأحسن الأقوال فيه أنه مشتق من القلب وهي سويداه، كما قيل مثل ذلك في الشغف، والحب يسمى شغفاً إذا بلغ شغاف القلب، فأما كون الحب هو المتولد من أول نظرة، فلم يبعد من قال ذلك كما قيل: كل الحوادث مبداها من نظرة ... ومعظم النار من مستصغر الشرر كم نظرة بلغت في القلب صاحبها ... كمبلغ السهم بين القوس والوتر والمرء ما دام ذا طرف يقلبه ... في أعين العين موقوف على الخطر يسر مقتله ما ضر مهجته ... لا مرحباً بسرور عاد بالضرر وقد أجمعوا على أن العشق هو الداء العياء، وماله إلا وصل الحبيب دواء كما قال مهيار: أشكيكم وإلى من أشتكي ... أنتم الداء فمن يشفي السقام ومما ورد في العق، ورواه الهيثم بن عدي قال: أصبت صخرة مكتوب عليها العشق ملك غشوم، مسلط ظلوم دانت له القلوب، وانقادت له الألباب وخضعت له النفوس، فالعقل أسيره، والنظر رسوله، واللحظ لفظه يشهد بذلك ما قاله البحتري وذلك أن السيد المرتضى روى في الدرر عن يزيد المبرد، فقال لي البحتري: إني انصرفت يوماً من مجلس أبي العباس محمد بن يزيد المبرد، فقال لي البحتري: ما الذي افدت يومك هذا من أبي العباس؟ قلت: أملي علي أخباراً وأنشدني أبياتاً للحسين بن الضحاك، قال: أنشدني الأبيات فأنشدته: كأني إذا فارقت شخصك ساعة ... لفقدك بين العالمين غريب أغرك صفحي عن ذنوب كثيرة ... وعضي على أشياء منك تريب وقد رمت أسباب السلو فخانني ... ضمير عليه من هواك رقيب كأن لم يكن في الناس قلبي متيم ... ولم يكن في الدنيا سواك حبيب إلى الله أشكو إن شكوت فلم يكن ... لشكواي من عطف الحبيب نصيب فقال: هذا من أحسن الكلام يا بني، ثم أنشدني البحتري لنفسه: حبيبي حبيب يكتم الناس أنهُ ... لنا حين تلقاه العيون حبيب يباعدني في الملتقى وفؤاده ... وإن هو أبدى البعاد قريب ويعرض عني والهوى منه مقبل ... إذا خاف عيناً أو أشار رقيب فتنطق منا أعين حين نلتقي ... وتخرس منا ألسن وقلوب ثم قال: أرو يا بني هذا، فإنه من أحسن الشعر وظريفه. وقال بعضهم وقد جعل الدمع كتابه تخاطبه: ومراعة للبين تحسب أنها ... قمر على غصن تغيب وتطلع كتبت إليك على شقائق خدها ... سطراً من العبرات ماذا أصنع فأجبتها بلسان حال معرب ... ما في الحياة مع التفرق مطمع وما أحسن قول بعضهم في إخفاء المحبة وإظهار الصد: وخبرك الواشون أن لا أحبكم ... بلى وستور الله ذات المحارم أصد وما الصد الذي تعلمينهُ ... عزاء بنا إلا اجتراع العلاقم حياء وتقياً أن تشيع نميمة ... بنا وبكم أفٍ لأهل النمائم وإن دماً لو تعلمين جنيته ... على الحي جاني مثله غير سالم أما إنه لو كان غيرك أرقلت ... صعاد القنا بالراعفات اللهاذم ولكنه والله ما طل مسلماً ... كبيض الثنايا واضحات الملاغم رمين فاقصدن القلوب فلا ترى ... دماً مائراً إلا جوى في الحيازم إذا هن ساقطن الحديث حسبته ... سقوط حصى المرجان من كف ناظم قال الطغرائي: وقد أبدع غاية الإبداع بنظم يستوقف حسنه العيون والأسماع: خبرها أني مرضت فقالت ... مرضاً طارفاً شكى أم تليدا؟ وأشار بأن تعود وسايدي ... فأبت وهي تشتهي أن تعودا وأتتني في خفية تتشكي ... ألم الوجد والمزار البعيدا ورأتني كذا فلم تتمالك ... فأمالت علي عطفاً وجيدا

روي أن المأمون قال للقاضي يحيى بن أكثم ما العشق؟ فقال يحيى: سوانح تسنح للمرء، فيهيم بها قلبه، وتتواتر بها نفسه. فقال له: ثمامة: أمسك أيها القاضي رحمك الله إنما عليك أن تجيب في مسألة طلاق، أو محرم صاد صيدا، وأما هذا فمن مسائلنا نحن فقال المأمون: قل يا ثمامة، فقال: العشق جليس ممتع، وأليف مؤنس، وصاحب مالك، ومالك قاهر، مسالكه لطيفة، ومذاهبه متضادة، وأحكامه جائرة، مالك الأبدان وأرواحها، والقلوب وخواطرها، والعيون ونواظرها، والنفوس وآراءها وأعطي زمام طاعتها وقياد مملكتها توارى عن الأبصار مدخله، وغميض عن القلوب مسلكه. قال المأمون: أحسنت يا ثمامة. وأمر له بألف دينار. قال الأصمعي: سئلت أعرابية عن العشق، فقالت: جل والله أن يرى، وخفي عن عيون الورى، فهو في الصدور كامن كمون النار في الحجر، إن قدحته أورى، أو تركته توارى. وقيل لأبي زهير المدني: ما العشق؟ فقال: الجنون داء أهل الذل، وهو داء أهل الظرف. وقال بعض الأطباء في صفة الحب: امتزاج الروح بالروح، ولو امتزج الماء بالماء لامتنع تخليص بعضه من بعض فكيف والروح ألطف امتزاجاً، وأرق مسلكاً. وسئل أعرابي عن الهوى، فقال: هو أغمض مسلكا في القلب من الروح في الجسد، وأملك من النفس بالنفس، بطن وظهر، لطف وكثف، فامتنع عن وصفه المسلك والكمون. وروى أهل السير أن الذين علق الحب قلوبهم فماتوا، أو جنوا هم الذين لا يزيل صاحبه أبداً حتى يموت، أو يهم على وجهه، ويشهد بذلك قول المجنون: وعلقت ليلى وهي ذات موصد ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا ... صغيران لم نكبر ولم يكبر البهم ومنه قول جميل: علقت الهوى منها وليداً ولم يزل ... إلى الآن ينمو حبها ويزيد وأفنيت عمري في انتظار نواله ... وأفنيت بذاك العمر وهو جديد وروى سهل بن سعد، قال: كنت بمصر، وخرجت لحاجة، فلقيني صديق لي في بعض الطرق، فقال لي: هل لك أن تعدل إلى عيادة جميل، فقد ثقل مرضه؟ قلت: نعم، فدخلنا عليه وهو يجود بنفسه، فنظر إلي، فقال: يا ابن سعد ما تقول في رجل لم يزن قط، ولم يشرب مداماً، ولم يسفك دماً حراماً، قد أتت عليه خمسون سنة يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً سول الله؟ فقلت: من هذا؟ فإني أظنه ناجياً من عذاب النار إن شاء الله قال: أنا ذلك. قلت سبحان الله! ما رأيت كاليوم أعجب من هذا، وما أحسبك تسلم، وأنت تشبب ببثينة من عشرين سنة، فقال: إني في آخر يوم الدنيا، وأول يوم من الآخرة، فلا نالتني شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن وضعت يدي عليها لريبة، وإنما أكثر ما يكون مني إليها أني آخذ يدها فأضعها على قلبي، فأستريح إليها، ثم أغمي عليه فأفاق وأنشد: صرخ النعي وما كنى بجميل ... وثوى بمصر ثواء غير قفول ولقد أجر الذيل في وادي القرى ... نشوان بين مزارع ونخيل قومي بثينة فاندبي بعويل ... وأبكي خليلك دون كل خليل ثم غمي عليه فمات رحمه الله.

نبذة مما وقع للشعراء في الشيب والشباب. قال بعض شعراء أهل العراق، وهو السيد حيدر

وروي عن الأصمعي أنه قال لأعرابية: ما تعدون العشق فيكم؟ قالت: العناق والضمة والمحادثة والغمزة، ثم قالت: يا حضري كيف هو عندكم؟ فقلت: يقعد الرجل بين رجليها، ثم يجهدها، فقالت: يا ابن أخي ما هذا عشقاً، هذا طلب الولد. وسئل أعرابي عن العشق، فقال: هو اللحظة والنظرة، والأخذ من لطائف الحديث بنصيب، فكيف هو عندكم يا حضري؟ فقال: العض الشديد والجمع بين الركبة والوريد، فقال: والله ما يفعل هذا العدو بعدوه، فكيف الحبيب بحبيبه. وقيل لآخر: ما كنت صانعاً بمن أحببت لو ظفرت به؟ فقال أحل الخمار، واحرم ما وراء الأزرار، واطهر الحب ما يرضى الرب. وقيل لآخر: ما كنت صانعاً لو ظفرت بمحبوبك، فقال: أضمها وألثمها، وأعصي الشيطان في إثمها، ولا أفسد عشق عشرين سنة بلذة ساعة، تفنى لذتها، ويبقى عقابها، إني إن فعلت ذلك للئيم، ولم يلدني الكريم بين العرب، وصاروا يضرب بهم المثل في العشق بكثرة من قتل منهم. قال محمد بن جعفر: سمعت رجلاً من عذرة يتحدث عند عروة، فقال له عروة: يزعم الناس أنكم أرق الناس قلوباً. قال: نعم، والله لقد تركت في الحي ثلاثين شاباً خامرهم الموت ليس لهم داء إلا الحب. وعن سعد بن عتبه أنه حضر في مجلسه رجل، فاستغربه، فقال ممن أنت؟ قال: من قوم إذا عشقوا ماتوا، فقال: عذري ورب الكعبة، ثم قال: لم كان بكم هذا الداء الذي أهلككم؟ فقال: لأن في رجالنا صباحة، وفي نسائنا عفة. وقيل لرجل منهم: إنكم لتعدون موتكم في الحب فضيلة ومزية، وإنما ذلك من ضعف البنية، ووهن العقيدة، وسوء الروية، فقال العذري: أما أنك لو رأيتم المحاجر البلج، ترشق بالأعين العج، من فوقها الحواجب الزنج، من تحتها المباسم الفلج، تفتر عن الثنايا الغر، كأنها البرد والدر، لجعلتموها اللات والعزى. نبذة مما وقع للشعراء في الشيب والشباب. قال بعض شعراء أهل العراق، وهو السيد حيدر الحلي المتوفي سنة 1304 رأت الشيب بعارضيك فغاظها ... وثنت بذات البان عنك لحاظها ريم لآلي نحرها يحكي لآلي ... ثغرها اللائي حكت ألفاظها هيفاء لو بزت لنساك الورى ... يوماً لأصبى دلها وعاظها قد كان شملك بالكواعب جامعاً ... أيام سوق صباك كان عكاظها فتنبهت عين الزمان ففرقت ... بالسيب شملك لا رأت إيقاظها رقت إليك قلوبهن مع الصبا ... وأعادهن لك المشيب غلاظها فدع الغواني القاتلات بقدها ... كم فتنة غنج الحسان أفاظها ولمهيار: ما أنكرت إلا البياض فصدت ... وهي التي جنت المشيب هي التي غراء يشفع قلبها في نحرها ... وجبينها ما ساءها في لمتي أأنست إذ ليل الشباب مصاحبي ... ونفرت إن طلعت عليك أهلتي وقول البحتري: ولم أنس إذ راحوا مطيعين للهوى ... وقد وقفت ذات الوشاحين والوقف ثنت طرفها دون المشيب ومن يشب ... فكل الغواني عنه مثنية الطرف ومن طريف ما قيل في الشيب قول بعضهم وهو من الهزل المراد به الجد: تبسم الشيب بذقن الفتى ... يوجب سفح الدمع من جفنه حسب الفتى بعد الصبا ذلة ... أن يضحك الشيب على ذقنه وذم الشباب بعضهم بقوله: لم أقل للشباب في دعة الله ... ولا حفظه غداة استقلا زائر زارنا أقام قليلاً ... سود الصحف بالذنوب وولى نبذة غزلية مما تمناه الشعراء في عذب من شعرهم فمن ذلك قول بعضهم: لقد كنت جلداً قبل أن توقدا النوى ... على كبدي ناراً بطيء خمودها ولو تركت نار الهوى لتصرمت ... ولكن شوقاً كل يوم يزيدها وقد كنت أرجو أن تذوب صبابتي ... إذا قدمت أيامها وعهودها فقد جعلت في حبة القلب والحشا ... عهاد الهوى تولى بشوق يعيدها بمرتجة الأرداف هيف خصورها ... عذاب ثناياها عجاف قيودها مخصرة الأوساط زانت عقودها ... بأحسن مما زينته عقودها وصفر تراقيها وحمر اكفها ... وسود نواصيها وبيض خدودها يمنيننا حتى ترف قلوبنا ... رفيف الخزامي بات طل يجودها ويروي منها: وكنت أذود العين أن ترد البكا ... فقد وردت ما كنت عنه أذودها أخلي ما بالعيش عيب لو أننا ... وجدنا لأيام الصبا من يعيدها ويروي منها:

ولي نظرة بعد الصدود من الجوى ... كنظرة ثكلى قد أصيب وليدها هل الله عاف عن ذنوب تسلفت ... أم الله لم يعف عنها معيدها؟ ولبعضهم: ومستخفيات ليس يخفين زرننا ... يسحبن أذيال الصبابة والشكل جمعن الهوى حتى إذا ما ملكنه ... نزعن وقد أكثرن فينا من القتل موارق من ختل المحب عوارف ... بختل أولى الألباب بالجد والهزل مريضات رجع القول خرس عن الخنا ... تألفن أهواء القلوب بلا بذل ولآخر: بيض حرائر ما هممن بريبة ... كظباء مكة صيدهن حرام يحسبن من لين الكلام زوانياً ... ويصيدهن عن الخنا الإسلام ومن قول حيدر الحلي: ذكرت بذات الأثل مضى لنا=زمن به ظل الشبيبة سابغ كواعب ترمي عن قسي حواجب=بأسهم لحظ لا تقيها السوابغ تدب على الورد الندي بخدها ... عقارب من أصداغهن لوادغ لوادغ أحشاء يبيت سليمها ... ودرياقه عذب من الريق سائغ لهوت بها حيناً أطيع بها الهوى ... غراماً وشيطان الصبابة نازغ إلى أن رأت عيني يد الشيب ناصلاً ... بها من كلا فؤادي ما الله صايغ فأصبحت لا قلبي من الغيد فارغ ... بلى قلبها مني غدا وهو فارغ وأمسيت في ليل من الغم تحته ... فؤاد له ضرس من الهم ماضغ إلى أن جلا عني الهموم بأسرها ... هلال علافي مطلع السعد بازغ هلال علا تجلوه طوقاً لنحرها ... لهُ ربهُ من جوهر المجد صائغ فتىً لم تكن أهل المساعي جميعها ... لتبلغ من علياه ما هو بالغ يقصر كعب عن نداه وحاتم ... ويقصر حتى جرول والنوابغ وله من صدر أخرى: ألفتك نافرة الظباء الهيف ... واستوطنت في ربعك المألوف فأنعم بناعمة الشبيبة غضة ... بيضاء ضامية الوشاح رشوف أبداً يروق العين في وجناتها ... ورد ولكن ليس بالمقطوف هي قبلة صلى لها غزلي كما ... صلى ثناي لقبلة المعروف وأجاد في مديحها ومن قوله أيضاً في صدر قصيدة: حيتك من وجناتها بشقيقها ... وجلت عليك مدامة من ريقها وتبسمت لك عن ثنايا لم تشم ... عين كبارقها ولا كعقيقها وحبتك من رشفاتها بسلافة ... ما فض مرتشف ختام رحيقها وتعطفت لك بانة غير الصبا ... لم يحظ قلبك بانعطاف رشيقها ورنت بأجفان إليك فواتر ... بأخي الهوى الدنيا تضيق لضيقها يا أهل رامة ما الجمال وما الهوى ... إلا لشائق ريمكم ومشوقها نفحتكم بعبيرها ريح الصبا ... ونحتكم ديم الحيا ببروقها فسقت ملاعبكم بأوطف تردهي ... منهُ يزهر رياضها وأَنيقها ومن قوله في صدر أخرى مدح بها محمداً الصالح: وصلت وريعان الشبيبة مونق ... وجفت وقد لبس المشيب المفرق والغيد طوع نسيم ريعان الصبا ... يهتز غصن شبابهن المورق والشيب إن حطت عقاب نهاره ... فغراب ليلة وصلهن محلق أدارت فتاة الحي أني مذ نأت ... قلبي أسير هوى ودمعي مطلق أنا والجوى والدمع وهي ومهجتي ... طوع البعاد مغرب ومشرق عافت أخا دمعي العقيق وثغرها ... أمسى يضيء به أخوه الأبرق لله موقفنا صبيحة أجمعت ... بيناً له جزعاً بريقي أشرق ومسكت قلبي كي يقر وإنه ... ليكاد يلفظه الزفير فيخفق وكظمت أنفاسي الغداة وفوقها ... كادت مجامع أضلعي تتفرق جاذبتها فضل الرداء فأقبلت ... بالعنف تجمع ما جذبت وأرفق ومذ استقلت بها الفراق دعوتها ... بالدمع إذ هو من لساني أطلق الله يا ذات النطاق بواجم ... لسن المدامع عن جواه تنطق وتذكري عهد المودة بيننا ... أيام أوقاتي بلهوك تنفق متآلفين بحيث لا ظل الهوى ... ضاح ولا صفو الوداد مرنق في روضة غناء لم يبرح بها ... يمري مذانبه الغمام المغدق يسري النسيم عليلةٌ أنفاسهُ ... فيها بنشر من عبيرك يعبق وعيون نرجسها المندى غازلت ... منك المحيا وهو شمس تشرق فكأن في أجفانهن الطل من ... أنوار وجهك ادمع تترقرق ولهوت منك بذات خدر زانها ... ثوب الشباب الغض لا الاستبرق

شعر

طوراً تعاطيني الحديث وتارة ... راحاً بها شمل الهموم يفرق قالت وقد عاقرتها من كفها ... صرفاً لها نور يروق ورونق أَلها نظير؟ قلت: خلق محمد ... في لطفه منها أرق وأروق خلق لأَبلج غير معقود الندى ... ديم الغمام به غدت تتخلق ويود أن بكل منبت شعرة ... منه بقول نعم لسان ينطق وأجاد في مديحها ولولا مراعاة الاختصار لذاكرتها وفيما ذكرت منها كفاية. ولغيره: حي عني بالحمى عهداً قديماً ... وتعهد لي به الظبي الرخيما رشأٌ بالنبل من ألحاظه ... غادر القلب على عمد كليما إن أقل ريم صريم نافر ... فلكم أخجل بالعينين ريما لا ومن أرشق قلبي لحظه ... أنا لا أعرف لولاه الصريما أبلج الخدين ما ألطفه ... قامة هيفاء أو كشحاً هضميا راع بالرقة من وجنته ... رائق الورد وبالطبع النسيما خلته لما بدت غرته ... شمس أفق زاحمت ليلاً بهيما ولغيره: ما لقلبي تهزه الأشواق ... خبرينا أهكذا العشاق؟ كل يوم لنا فؤاد مذاب ... ودموع على الطول تراق عجباً كيف تدعي الورق وجدي ... ولدمعي بجيدها أطواق كم لنا بالحمى معاهد أنس ... والصبا يانع الجنى رقراق عهدُ لهو به الليالي ترامت ... ماله عرست به الأحداق يالظعن به النياق تهادى ... نهنهي السير ساعة يانياق فبأحداجك استقلت ظباء ... آنسات بيض الخدود رقاق وارحمي يا أميم لوعة صب ... شفهُ يوم ذي الأثيل الفراق كاد يقضي من الصبابة لولا ... أن تحاماه في الوداع العناق شعر ابن نباتة المصري وقد يسر الله لي في هذه الأيام ديوان العلامة جمال الدين محمد بن نباتة المصري، فراقني شعره، فأحببت أن أنقل ما أستجيده من القصائد، وليس هذا موضع ذكره، لكن عدم الظفر بديوانه قبلُ أوجب ذلك. هو الإمام العلامة جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن حسن بن أبي الحسن، صالح بن يحيى بن طاهر بن محمد الخطيب بن نباتة المصري ولد بمصر سنة 686 وتوفي سنة 768 رحمه الله تعالى قال يمدح المؤيد: أودت فعالك يا أسما بأحشائي ... واحيرتي بين أفعال وأسماء إن كان قلبك صخراً من قساوته ... فإن طرفي المعنى طرف خنساء ويح المعنى الذي أضرمت باطنه ... ماذا يكابد من أهوال أهواء قامت قيامة قلبي في هواك فإن ... أسكت فقد سهدت بالقسم أعضائي وقد بكى لي حتى الروض فاعتبروا ... كم مقلة لشقيق الغصن رمداء وأمرضتني جفون منك قد مرضت ... فكان أطيب من نجح الدوا دائي يا صاحبي أقلا من ملامكما ... ولا تزيدا بهذا اللوم إغرائي هذي الرياض عن الأزهار باسمة ... كما تبسم عجباً ثغر لمياء والأرض ناطقة عن صنع بارئها ... إلى الورى وعجيب نطق خرساء فما يصدكما والحال داعية ... عن شرب فاقعة للهم صفراء راحاً غريت برياها ومشربها ... حتى انتصبت إليها نصب إغراء من الكميت التي تجري بصاحبها ... جري الرهان إلي غايات سراء سكراً أحيطت أباريق المدام به ... فرجعت صوم تمتام وفأفاء من كف أغيد يجسوها مقهقهة ... كما تأود غصن تحت ورقاء حسبى من الله غفر للذنوب ومن ... جدوى المؤيد تجديد لنعمائي ملك تطوق بالإحسان وفد رجا ... وبالظبي والعوالي وفد هيجاء ذا بالنضار وهذا بالحديد فما ... ينفك آسر أحباب وأعداء داع لجود يد بيضاء ما برحت ... تقضي على كل صفراء وبيضاء يدافع النكبات الموعدات لنا ... حتى الرياح فما تسري بنكباء ويوقد الله نوراً من سعادته ... فكيف يطمع حساد بإطفاء لو جاورت آل ذبيان حماه لما ... ذموا العواقب من حالات غبراء إلى أن قال: ما زال يرفع اسماعيل بيت على ... حتى استوت غايتا نسل وآباء مصرف الفكر في حب العلوم فما ... يشفى بسعدى ولا يروى بظمياء له بدائع لفظ صاحبت كرماً ... كأنهن نجوم ذات أنواء وأنمل في الوغى والسلم كاتبة ... إنما بأسمر نضو أو بسمراء

تكلفت كل عام سحب راحته ... عن البرية إشباعي وإروائي فما أبالي إذا استكثرت عائلة ... فقد كفى هم وإصباحي وإمسائي نظمت ديوان شعر فيه واتخذت ... علي كتابهُ ديوان إعطاء وعاد قول البرايا عبد دولته ... أشهى وأشهر ألقابي وأسمائي محرر اللفظ لكن غر أنعمه ... قد صيرتني من بعض الأرقاء أعطي الزكاة وقدماً كنت آخذها ... يا قرب ما بين إقتاري وإثرائي شكراً لوجناء سارت بي إلى ملك ... لولاه لم يطو نظمي سمعة الطائي عال عن الوصف إلا أن أنعمه ... لجبر قلبي تلقاني بإصغاء يا جابر القلب خذها مدحة سلمت ... فبيت حاسدها أولى بإقواء مشت على مستحب الهمز مصمية ... نبالها كل هماز ومشاء بيوت نظم لهم هي الجنات معجبة ... كأن في كل بيت وجه حوراء وقال يمدح جمال الدين شهاب محمود: وعدت بطيف خيالها هيفاء ... إن كان يمكن مقلتي إغفاء يا من يوفر طيفها سهري لقد ... (أمن ازديادك في الدجى الرقباء) يا من يطيل أخو الهوى لقوامها ... شكواه وهي الصعدة السمراء أفديك شمس ضحي دموعي نثرة ... لما تغيب وعاذلي عواء وعزيزة هي للنواظر جنة ... تجلى ولكن للقلوب شقاء خضبت بأحمر كالنضار معصماً ... كالماء فيها رونق وصفاء واهاً لهن معاصماً مخضوبة ... سال النضار بها وقام الماء أصبو إلى البرحاء أعلم أنه ... يرضيك أن تعتادني البرحاء ويبث ما يلقاه من ألم الجوى ... قلبي وأنت الصخرة الصماء كم من جمال عنده ضر الفتى ... ولكم جمال عنده السراء كجمال دين الله وابن شهابه ... لا الظلم حيث يرى ولا الظلماء الماجد الراقي مراتب سؤدد ... قد رصعت بجوار الجوزاء ذاك الذي أمسى السها جاراً له ... لكن حاسد مجده العواء عمت مكارمه وسار حديثهُ ... فبكل أرض نعمة وثناء وحمى العواصم رأيه ولطالما ... قعد الحسام وقامت الآراء عجباً لنار ذكائه مشبوبة ... وبظله تتفيأ الأفياء وللفظه يزداد رأي مريده وحجاه وهو القهوة الصهباء غنى اليراع به وأظهر طرسه ... وكذا تكون الروضة الغناء يا راكب العزمات غايات المنى ... مغنى شهاب الدين والشهباء ذي المجدلافي ساعديه عن العلى ... قصر ولا في عزمه إعياء والعدل يردع قادراً عن عاجز ... فالذئب هاجعة لديه الشاء والحلم يروي جابراً عن فضله ... والفضل يروي عن يديه عطاء يا أكمل الرؤساء لا مستثنياً ... أحداً إذا ما عدت الرؤساء يا من مللت من المعاد له وما ... ملت لدي معادها النعماء إن لم تقم بحقوق ما أوليتني ... مدحي فأرجو أن يقوم دعاء شهدت معاليك الرفيعة والندى ... إن الورى أرض وأنت سماء وقال يمدح مؤيد الدين بن أيوب: بالغت في شجني وفي تعذيبي ... ومع الأذى أفديك من محبوب يا قاسياً هلا تعلم قلبهُ ... لين الصبا من جسمه المشروب آهاً لورد فوق خدك أحمر ... لو أن ذاك الورد كان نصيبي ولواحظ ترث الملاحة في الظبا ... إرث السماحة في بني أيوب فتحت بنو أيوب أبواب الرجا ... وأتت بحارهم بكل عجيب وبملكهم رفع الهدى أعلامه ... وحمى سرادق بيته المنصوب وإلى عمادهم انتهت علياهم ... وإلى العلاء قد انتهت لنجيب ملك بأدنى سطوه ونواله ... أنسى ندى (هرم) وبأس شيب الجود ملء مطامع والعلم مل ... ء مسامع والعز ملء قلوب ألفت بأنبوب اليراعة والقنا ... يمناه يوم ندى ويوم حروب فإذا نظرت وجدت أرزاق الورى ... ودم العداة يفيض من أنبوب كم مدحة لي صغتها وأثابها ... فزهت على التفضيض والتذهيب وتعودت في كل مصر عنده ... مرعى يقابل جدبها بخصيب يارب بشر منه طائي الندى ... يلقى مدائحنا لقاه حبيب وقال يمدحه: ما ضر من لم يجد في الحب تعذيبي ... لو كان يحمل عني بعض تأنيبي أشكو إلى الله عذالاً أكابدهم ... وما يزيدون قلبي غير تشبيب

وخاطر خنث الأشواق تعجبه ... سوالف الترك في عطف الأعاريب كأنني لوجوه الغيد معتكف ... ما بين أصداغ شعر كالمحاريب كأنني الشمع لما بات مشتعل الفؤاد قال لأحشائي ألا ذوبي لا يقرب الصبر قلبي أو يفارقه ... كأنه المال في كف ابن أيوب لولا ابن أيوب ما سرنا لمغترب ... في المكرمات ولا فزنا بمرغوب دعا المؤيد بالترغيب قاصده ... فلو تأخر لاستدعي بترهيب ملك إذا مر يوم لا عفاة بهِ ... فليس ذلك من عمر بمحسوب للجود والعلم أقلام براحته ... تجري المقاصد منها تحت مكتوب مجموعة فيه أوصاف الألى سلفوا ... كما تترجم أخبار بتبويب إذا تسابق للعلياء ذو خطر ... سعى فأدرك تبعيداً بتقريب وإن المال إلى الهيجاء سمر قنا ... أجرى دماء الأعادي بالأنابيب قد أقسم الجود لا ينفك عن يده ... إلا لعافيه أو للنسر والذيب أما حماه فقد أضحى بدولته ... ملاذ كل قصي الدار محروب غريبة الباب تقري من ألم بها ... فخل بغداد واترك بابها النوبي وانعم بوعد الأماني عند رؤيته ... فإن ذلك وعد غير مكذب وأعجب لأيدي جواد قط ما سئمت ... إن البحار لآباءُ الأعاجيب كل العفاة عبي في صنائعه ... ودار كل عدو دار ملحوب يامانحي منناً من بعدها منن ... كالماء يتبع مسكوباً بمسكوب من كان يلزم ممدوحاً على غرر ... فما لزمتك إلا بعد تجريب أنت الذي نبهت فكري مدائحه ... ودربتني والأشيا بتدريب حتى أقمت قرير العين في دعة ... وذكر مدحك في الآفاق يسري بي مدح يغار لمسود المداد به ... (حمر الحلى والمطايا والجلابيب) وقال يمدحه: عوض بكأسك ما أتلفت من نشب ... فالكأس من فضة والراح من ذهب وأخطب إلى الشرب أم الدهر إن نسبت ... أخت المسرة واللهو ابنة العنب غراء حالية الأعطاف تخطر في ... ثوب من النور أو عقد من الحبب عذراء تنجز ميعاد السرور فما ... تومي إليك بكف غير مختضب مصونة تجعل الأستار ظاهرة ... وجنة تتلقى العين باللهب لو لم يكن من لقاها غير راحتنا ... من حرفة المتعبين العقل والأدب فهات واشرب إلى أن لا يبين لنا ... أنحن في صعد نستن أم صبب خفت فلو لم تدرها كف حاملها ... دارت بلا حامل في مجلس الطرب يا حبذا الراح للأرواح سارية ... تقضي بسعد سراها أنجم الحبب من كف أغيد تروي عن شمائله ... عن خده المشتهى عن ثغره الشنب حمالة الحلي والديباج قامته ... تبت غصون الربى حمالة الحطب يا تالي العذل كتباً في لواحظه ... (السيف أصدق أنباء من الكتب) كم رمت كتم الهوى فيه فنمّ به ... إلى الوشاة لسان المدمع السرب جادت جفوني بمحمر الدموع له ... جود المؤيد للعافين بالذهب شادت عزائم اسماعيل فاتصلت ... قواعد البيت ذي العلياء والرتب ملك تدلك في الجدوى شمائله ... على شمائل آباء له نجب محجب العز عن خلق تحاوله ... وجود كفيه باد غير محتحب قد أتعب السيف من طول القراع به ... فالسيف في راحة منه وفي تعب تلقاه للحلم معنى في خلائقه ... لا تستطيل إليه سورة الغضب يغضي عن السبب المردي بصاحبه ... عفواً ويعطي العطا جماً بلا سبب ويحفظ الدين بالعلم الذي اتضحت ألفاظه فيه حفظ الأفق بالشهب يمم حماه تجد عفواً لمقترف ... مالاً لمفتقر، جاهاً لمقترب ولا تطع في السرى والسير ذا عذل ... واعكف بذلك الثرى الملثوم واقترب وعذ من الخوف والبؤسى بذي همم ... مدائح فيه عند الله كالقرب نوع من الصدق مرفوع المنار غدا ... في الصالحات من الأعمال في الكتب وواهب لو غفلنا عن تطلبه ... لجاءنا جوده الفياض في الطلب أسدى الرغائب حتى ما يشاركه ... في لفظها غير هذا العشر من رجب واعتاد أن يهب الآلاف عاجلة ... وإن سرى لالوف الجيش لم يهب كم غارة عن حمى الإسلام كفكفها ... بالضرب والطعن أو بالرعب والرهب

وغاية جازفي آفاقها صعداً ... كأنما هو والإصراع في صبب ومرمل ينظر الدنيا على ظمأ ... منها ويطوي الحشا ليلاً على سغب نادته أوصافه اللاتي قد اشتهرت ... لم القعود على غير الغنى فثب فقام يعمل بين الكثب ناجية ... كأنما احتملت شيئاً من الكتب حتى أناخت بمغناه فقال لها ... يا وصلة الرزق هذي فرقة التعب لا عيب في ذلك المغنى سوى كرم ... يسلو عن الأهل فيه كل مغترب كم ليلة قال لي فيها ندى يده ... يا أشعر العرب أمدح أكرم العرب فصحبته قوافي التي بهرت ... بخرد مثل أسراب المها عرب ألبسته وشيها الحالي وألبسني ... نواله وشي أثواب الغنى القشب فرحت افخر في أهل القريض به ... وراح يفخر في أهل السيادة بي يا ابن الملوك الألى لولا مهابتهم ... وجودهم لم يطمع دهر ولم يطلب الجائدين بما نالت عزائمهم ... والطاعنين الأعادي بالقنا السلب والشائدين على كيوان بيت على ... تغيب زهر الدراري وهو لم يغب بيت من الفخر شادوه على عمد ... وبالمجرة مدوه على طنب لله أنت فما تصغي إلى عذل بها ... يوم النوال ولا تلوي على نشب أنشأت للشعر أسباباً يقال ... وهل تنظم أشعار بلا سبب أنت الذي أنقذتني من يدي زمني ... يداه من بعد إشرافي على العطب أجابني قبل أن ناديت جوادك إذ ... ناديت جود بني الدنيا فلم يجب فإن يكن بعض أمداح الورى كذباً ... فإن مدحك تكفير من الكذب وقال يمدح العلاء بن الفضل: عطفت كأمثال القسي حواجباً ... فرمت غداة البين قلباً واجبا بلواحظ يرفعن جفناً كاسراً ... فتثير في الأحشاء هما ناصبا ومعاطف كالماء تحت ذوائب ... فاعجب لهن جوامدا وذوائبا سود الغدائر قد تعقرب بعضها ... ومن الأقارب مايكون عقاربا من كل ماردة الهوى مصرية ... لم تخشن من شهب الدموع ثواقبا لم يكف أن شرعت رماح قدودها ... حتى عقدن على الرماح عصائبا أفدي قضيب معاطف ميادة ... تجلو علي من اللواحظ قاضبا كانت تساعدني عليه شبيبتي ... حتى نأت فنأى وأعرض جانبا وإذا الفتى قطع السنين عديدة ... شاب الحياة فظل يدعى شائبا ياأخت أقمار السماء محاسنا ... والشمس نورا والنجوم مناسبا إن كابدت كبدي عليك مهالكا ... فلقد فتحت من الدموع مطالبا كالتبر سيالا فلا أدري به ... جفني المسهد سابكا أم ساكبا كاتمت أشجاني وحسبي بالبكا ... في صفح خدي للعواذل كاتبا دمعي مجيب حالتي مستخبرا ... لله دمعا سائلا ومجاوبا وعواذلي عابوا عليك صبابتي ... وكفاهم جهل الصبابة عائيا ما حسن يوسف عنك بالنائي ولا ... دم مهجتي بمقيص خدك كاذباً بأبي الخدود الغارات من البكا ... اللابسات من الحرير جلاببا النابتات بأرض مصر زواهراً ... والزاهرات بأرض مصر كواكبا آها لمصر وأين مصر وكيف لي ... بديار مصر مراتعاً وملاعباً حيث الشبيبة والحبيبة والوفا ... في الأعربين مشارباً وأصحاباً والطرف يركع في مشاهد أوجه عقدت بها طرر الشعور محارباً والدهر سلم كيف ما حاولته ... لا مثل دهري في دمشق محارباً هيهات يقربني الزمان أذى وقد ... بلغت شكابتي العلاء الصاحبا أعلى الورى همماً واعدل سيرة ... وأعز منتصراً وأمنع جانباً مرآة فضل الله والقوم الألى ... ملؤوا الزمان محامداًَ ومناقباً الحافظين ممالكاً وشرائعاً ... والشارعين مهابة ومواهباً لا يأتي منهم إمام سيادة ... من أن يبذ النيرات مراتباً إما بخطي اليراع إذ الفتى ... في السلم أو في الحرب يغدو كاتبا فإذا سخا ملأ الديار عوارفاً ... وإذا غزا ملآ القفار كتائباً فإذا استهل بنفسه وبقومه ... عد المفاخر وارثاً أو كاسباً ابقوا علي وقضوا فحسبتهم ... وحسبته سيلاً طماً وسحائباً ذو الفخر قد دعيت رواة فخاره ... في الخافقين دعاءها المتناسبا

والبيت يدعى عامراً والمجد يدعى ... ثابتاً والمال يدعى السائبا ما رحبته القائلون مدائحاً ... إلا وقد شمل الأكف رغائبا نعم المجدد في الهدى أقلامه ... أيام ذو الأقلام يدعى حاطبا تخذ المكارم مذهباً لما رأى ... للناس فيما يعشقون مذاهبا وحياطة الملك العقيم وظيفة ... ومطالع الشرف المؤيد راتبا والعدل حكماً كاد أن لا يغتدي ... زيد النحاة به لعمرو ضاربا والفضل لو سكت الورى لاستنطقت ... غرر الثنا حقباً به وحقائب واللفظ بين اناءة وإفادة ... قسم الزمان فليس يعدم طالبا وعرائس الأقلام واطربي بها ... سود المحابر للقلوب سوالبا (والمنبهات عيوننا وعقولنا ... وجناتهن الناهبات الناهبا) سحارة تحكي كعوب الرمح في ... روع وتحكي في السرور كواعبا لا تسألن عن طبها متأملاً ... وأسأل به دون الملوك تجاربا يا حافظاً ملك الهدى كتابه ... سرت صحائفها المليك الكاتبا يا سابقاً لمدى العلى بعزائم ... تسري الصبا من خلفهن جنائبا يا فاتحاً لي في الورى من عطفه ... باباً فما آسى على إغلاق با يا من تملكني الخمول فرده ... بسلاح أحرفهِ فولى هارباً يا معتقاً رقي وباعث كتبه ... لله درك معتقاً ومكاتبا يا غارساً مني نبات مدائح ... من مثله يجني الثمار غرائبا إن ناسبت مدحي معاليك التي ... شرفت فإن لكل سوق جالبا أهدي المديح على الحقيقة كاملاً ... لكم وأهدي للورى متقاربا وله من صدر قصيدة: أذكى سنا البرق في أحشائه لهبا ... وجاذبته يد الأشواق فانجذبا واستخرج الحب كنزاً من محاجره ... فقام يبكي على أحبابه ذهبا صب يرى شرعة في الحب واضحة ... فما يبالي إذا قال الوشاة صبا نحا الهوى فكره العالي فصيره ... بعامل القد لا ينفك منتصبا مقسم الدمع والأهواء تحسبه ... بين الصدود وبين النأي منتهبا ذو وجنة بمجاري الدمع قد قرحت ... وخاطر بجناح الشوق قد وجبا كأن مهجته ملته فاتخذت ... سبيلها عنهُ في بحر البكا سربا يا ساري البرق في آفاق مصر لقد ... أذكرتني من زمان النيل ما عذبا حدث عن البحر أود معي ولا حرج ... وانقل عن النار أو قلبي ولا كذبا واندب على الهرم الغربي لي عمراً ... فحبذا هرم فارقته وصبا وقبل الأرض في باب العلاء فقد ... حكيت من أجل هذا الثغر والشنبا واهتف بشكواي في ناديه إن به ... في المكرمات غريباً يرحم الغربا إلى آخرها وله من أبيات: سلام على عهد الصبابة والصبا ... سلام بعيد الدار لا غرو أن صبا مفارق أوطان له وشبيبة ... إذا شرقت أهل التواصل غربا يعاود أحشاه من الشوق فاطر ... ويتلو عليه آخر الآي من سبا وما زال صبا بالأحبة والهاً ... إلى أن حكاه دمعه منتصبا وقال يمدح المؤيد: لولا معاني السحر في لحظاتها ... ما طال تردادي على أبياتها ولما وقفت على الديار مناديا ... قلبي المتيم من ورا حجراتها دار عرفت الوجد منذ أتيتها ... زمن الوصال فليتني لم آتها حيث الظبا وكواعب وحدائق ... أنى التفت رتعت في وجناتها والراح هادية السرور إلى الحشا ... مثل الكواكب في أكف سقاتها لا أنظم الأحزان في أيامها ... أو ما ترى كسرى على كاساتها كم ليلة عاطيت صورته طلاً ... كادت تحرك معطفيه بذاتها فلئن بكيت فإِن هذا الدمع من ... ذاك الحباب يفيض من جنباتها مالي وما للهو مفارق ... نفرت غربانها ببزاتها والشيب في فودي يخط أهلة ... معنى المنون يلوح من نوناتها سقياً لروضات الشباب وإن جنت ... هذي الشجون على قلوب جناتها ولدولة الملك المؤيد إنها ... جمعت فنون المدح بعد شتاتها ملك لنعماه عوائد أنعم ... ألفت نحاة الجود فيض صلاتها شدت لساحته الرحال ففعلها ... يقضي بنصر الحرف نحو جهاتها

أكرم بساحته التي لا صدح من ... ورق الثنا إلا على روضاتها غذى الرجا نباتها فانظر لما ... وشاه من مدح فم ابن نباتها واهرع إلى الشخص الذي قد ألفت ... كل القلوب له على رغباتها وإذا الفتى اجتذب القلوب سعت إلى ... دينار راحته خطا حبّاتها وإذا حلى الملك المؤيد أشرقت ... فاخشع لما تمليه من آياتها شرف مثال النجم دون مثاله ... ولهاً يضيع الغيث في قطراتها لم يكف أن جلى الخطوب عن الورى ... حتى جلا بعلومه ظلماتها لله فيه سريرة مكنونة ... فصفاتها الإعياء دون صفاتها لا تطلبن من القرائح حصرما ... أفضى إليه وعد عن أعناتها ركعت لذكراه الحروف فلم تكد ... تتبين الألفات من دالاتها وتقشعت أنواء كل غمامة ... وهباته تجري على عاداتها يا ابن الملوك الناشرين لبيتهم ... سيراً تبيض من وجوه رواتها متَّ الفقير إلى يديك بمنة ... إذا كان صنع الجود من لذاتها وصبت إلى لقياك غير ملومة ... نفس رأت جدواك أصل حياتها لا نعتب الأيام كيف تقلبت ... بالقاطنين وأنت من حسناتها وله في مدح كمال الدين الزملكاني: وهي قصيدة طويلة أجاد فيها كل الإجادة فاختصرت منها أكثر لشهرة ديوانه، فمن أراد الوقوف عليها فليراجعها في الديوان وأولها قوله: قضى وما قضيت منكم لبانات ... متيم عبثت فيه الصبابات ما فاض من جفنه يوم الرحيل دم ... إلا وفي قلبه منكم جراحات غبتم فغاضت مسرات القلوب فلا ... أنتم بزعمي ولا تلك المسرات أحبابنا كل عضو في محبتكم ... كليم وجد فهل للوصل ميقات يا حبذا في الصبا عن حيكم خبر ... وفي بروق الغضا منكم إشارات وحبذا زمن اللهو الذي انقرضت ... أوقاته الغر والأعمال نيات حيث المنازل روضات مديحة ... وحيث جاراتها غيث سحابات أيام ما شعر البين المشت بنا ... ولا خلت من مغاني الأنس أبيات حيث الشباب قضاياه منفذة ... وحيث لي في الذي أهوى ولايات وحيث أسعى لأوطان الصبا مرحاً ... ولي على حكم أيامي ولايات إلى أن قال في مديحها: حبر رأينا يقين الجود من يده ... وأكثر الجود في الدنيا حكايات محجب العز في أيام سؤدده ... للعز محو وللأمداح إثبات سما على الخلق فاستسقوا مواهبهُ ... لا غرو أن تسقي الأرض السموات واستشرق العلم مصقولا سوالفه ... بدهره وزهت لليمن جنات واستأنف الناس للأيام طيب ثنا ... من بعد ما كثرت فيها الشكايات لا يختشي موت نعمى كفه بشر ... كأن أنعمه للخلق أقوات ولا تزحزح عن فضل شمائله ... كأنها لبدور الفضل هالات يا شاكي الدهر يممه وقد غفرت ... من حول أبوابه للدهر زلات ويا أخا الذنب قابل عفوه أمماً ... أيام لا ملجأ أو لا مغارات ولا يغرنك غفران فتغمره ... فللعقار على لين شرارات ويا فتى العلم إن أعيتك مشكلة ... هذا حماه المرجى والهدايات ويا أخا السعي في علم وفي كرم ... هذي الهدايا وهاتيك الهدايا لا تطلبن من الأيام مشبهه ... ففي طلابك للأيام إعنات ولا تصخ لأحاديث الذين مضوا ... ألوى العنان بما تملي الروايات طالع فتاويه واستنزل فتوته ... تلق الإفادات تتلوها الإفادات وحبر الوصف في فضل بأيسره ... تكاد تنطق بالوصف الجمادات فتى تناول صحف المجد أجمعها ... من قبل ما رقمت في الخلد خطات حامي الديار بأقلام مسددة ... تأخر الشك عنها والغوايات حامي الذمار بأقلام لها مدد ... من الهوى واسمه في الطرس مدات قويمة تمنع الإسلام من خطر ... فأعجب لها ألفات وهي لامات تعلمت بأس آساد وصوب حياً ... منذ اغتدت وهي للآساد غابات وعودت قتل ذي زيغ وذي خطل ... كأنها من كسير الحظ فضلات وجاورت يد ذاك البحر فابتسمت ... هنالك الكلمات الجوهريات لفظ تشف عن المعنى لطاقته ... كما تشف عن الراح الزجاجات

عوذ بياسين أطراساً براحته ... فيها من الزخرف المشهود آيات إلى آخرها، وقال يمدح تاج الدين ابن الزين خضر: نجوم تراعيها جفون سوافح ... ولا طيفكم دان ولا الليل نازح أبا خلة عني بطيف خيالها ... عسى ولعل الدهر فيك يسامح وتاركة قلبي كليماً وناظري ... ذبيحاً ولا في العيش بعدك لمحتك للبين المصادف لمحة ... فطاحت بأحشائي إليك الطوائح جوارح ينمو شجوها وسقامها ... (علي ودوني جندل وصفائح) وقلب عصى نصحي عليك وسلوتي ... فأبعد شيء صبره والنصائح وقلت جبين المالكية عذره ... فقال الورى عذر لعمرك واضح ولم أنس يوم البين إيماء طرفها ... وعيس المطايا للفلاة جوانح فليت الردى أجرى دم العيس ناحراً ... (فسالت بأعناق المطي الأباطح) ومما شجاني في الضحى صوت ساجع ... كأني له بعد الحبيب أطارح يساعدني نوحاً يكاد يجيبنا ... بأمثاله بان الحمى المتناوح فليت حمام الأيك يوماً أعارني ... جناحاً إلى الركب الذي هو نازح وليت النجوم الزهر تدنو قوافيا ... لنا فتنقى في ابن خضر المدائح رئيس تجلى بشره ونواله ... فلا الأفق مغبر ولا العام كالح على المزن من تلك البنان تشابه ... وفي البدر من ذاك الجبين ملامح وفي الروض من أخلاقه وثنائه ... سمات فنعم المزهرات الفواتح ولله أقلام الحماسة والندى ... على يده حيث السطا والمنائح حمين الحمى لما فتحن بلاده ... وقد أقصرت عنها القنا والصفائح فهن على اللائي فتحن مغالق ... وهن على اللائي غلقن مفاتح وطوقنا أطواق جود فكلنا ... على شبه الأغصان بالحمد صادح وروض أقطار الشآم بأحرف ... سقى أصلها طام من النيل طافح وصدر لما يلقى من السر لائق ... وكوكب فضل في سما الملك لائح علي المدى لا بالملمة جازع ... ولا بالتي يثنى لها العطف فارح وزاكي النهى إما لمعنى سيادة ... وإما لأكباد المعادين شارح بليغ إذا نص المقال وبالغ ... مدى الرأي حيث النيرات الطوامع وأبيض وجه العرض والوجه والتقى ... إذا لفحت سفع الوجوه اللوافح على دولة الأملاك كل فصوله ... ربيع وفي الأعدا سعود ذوابح وللطالبي النعمى غمام كأنه ... لما جد في جود وحاشاه مازح إلى عدله يشكو الزمان وإنه ... ليمٌّ يغادي أمره ويراوح تعودت أن تسري إليه ركائبي ... فترجع وهي المثقلات الروانح وآخذ من قبل المديح جوائزا ... تقصر عن أدنى مداها المدائح فلا غرو أن آتي بهن مضيئة ... كأن المعاني في البيوت مصابيح أمولاي إن يسكت لساني صبراً ... فإن لسان الحال مني صادح وقال يمدح الملك المنصور: أهواه فتان اللواحظ أغيدا ... ترك الغزال من الحياء مشردا ولأجله الأغصان مالت من صبا ... والبدر طول الليل بات مسهدا وأغن أقسم لاعصيت عصابة ... تدعو إليه ولا أطعت مفندا نشوان من رأى ناراً على وجناته ... تذكو فآنس من جوانبها هدى أبداً أميل إلى لقاه وإن جفا ... وتحن أحشائي له وإن اعتدى وأطول أشجاني بطرف فاتر ... ترك الفؤاد بناره متوقدا ومورد الوجنات لولا حسنه ... لم يجر دمعي في هواه موردا وبليت منه بدور عشق دائم ... مثل الهلال إذا استسر تجددا قد أقسمت أحشاي لا تدع الأسى ... كأنامل المنصور لا تدع الندى أبهى الورى خلقاً وأبهر منظراً ... وأجل آلاء وأكرم مولدا ملك يغار البدر لما يجتلى ... ويذوب قلب الغيث لما يجتدى في وجهه للملك نور سعادة ... تعشو له الآمال واجدة هدى قرع يخير عن ميادي أصله ... ياحبذا خبر لديه ومبتدا طالت يداه إلى مآثر بيته ... فحبت مكارمه بكل يديدا ذو همة في الفصل يحكم يومها ... وبريك أحكم من فواضلها غدا وشجاعة تنضي السيوف صقيلة ... وإلى المعامع ربها يشكوا الصدا يزداد معنى بيته حسناً به ... فكأنه بي القريض مولدا

ويشم ما سن أبوه من العلى ... لا قاصر عنه ولا متبلدا ما شاد اسماعيل بيت فخاره ... إلا ليستدعي إليه محمداً سار على منهاجه فإذا رأت ... عيناك منصوراً رأيت مؤيداً يا ابن الذي ملأ الوجود مواهباً ... والأفق ذكراً والصحائف سؤدداً شرفت شعري ذاكرته وأنرته ... حتى كأن بكل حرف فرقدا فلأهدين فريدة لممدح ... أضحى بنيل نداه شعري مفرداً حسب ابن شاد أن يراني للثنا ... عبداً وحسبي أن أراه سيدا وقال يمدح الأفضل: صدودك باللمياء عني ولا البعد ... إذا لم يكن من واحد منهما بد بروحي من لمياء عطف إذا زها ... على الغصن قال الغصن ما أنا والقد وعنق قد استحسنت دمعي لأجلها ... وفي عنق الحسناء يستحسن العقد من العرب إلا أن بين جفونها ... أحد شبا مما يجرده الهند على مثلها يعصى العذول وإنما ... يطاع على أمثالها الشوق والوجد عزيز على العذال مني صرفها ... وللقلب في دينار وجنتها نقد أعذالنا مهلا فقد بان حمقكم ... وقد زاد حتى ما لحمقكم حد وقلتم قبيح عندنا العشق بالفتى ومن أنتم حتى يكون لكم عند؟ سمحت بروحي للحسان فمالكم ومالي وما هذا التعسف والجهد وثغر يتيم الدر سلم مهجتي ... فأتلفها من قبل ما ثبت الرشد هو البرد الأشهى لغلة هائم ... أو الطلع أو نور الأقاحي أو الشهد ومرشفه المن الذي لا يشوبه ... سلوي أو الراح المشمول أو النهد عهدت الليالي حلوة بارتشافه ... وهن الليالي لا يدوم لها عهد فملا ابتسم البرق الذي كان بالحمى ... غداة تفرقنا ولا قهقه الرعد تولت شموس الحي عنه ففي العلى ... سناها وفي أكباد عشاقها الوقد وكم ذابح للصب يوم تحملوا ... بأخبية غنى بها للسرى سعد فيا قلب جهداً في التحرق ... وهذا لعمري جهد من لا له جهد ويا دمع فض وجداً بذكر خدودهم ... فإنك ماء الورد إن ذهب الورد رعى الله دهراً كنت فارس لهوه أروح إلى وصل الأحبة وأدو جوادي من الكاسات في حلبة الهنا ... كميت والإ من صدور المها نهد وفي عضدي بدر الجمال موسد ... وقد قدحت المراح في خده زند وعيشي مأمون الطباق الذي أرى ... فلا الشعر مبيض ملا الحال مسود زمان ولى بالشبيبة وانقضى ... وفي في طعم من مجاحته بعد يزول وما زالت مذاقته الصبا ... ويبلى وما تبلى روائحه البرد له أبداً مني التذكر والأسى ... وللأفضل الملك القصائد والقصد بكم آل ايوب غنينا عن الورى والأسى ... فلم نجد الأمداح فيهم ولم يجدوا أتينا لمغناكم تجاراً وإنما ... بضائع الآمال تعرض والحمد فنفقتم سوق الثنا بضائع ... معجلة للوفد من سبقها وفد ورشتم جناح الآملين وطوقت ... رقاب بنعماكم فلاغرو أن تشدو سقى تربة الملك المؤيد وابل ... وفي على عهد المعالي له عهد لقد صدقتنا في الزمان وعوده وشيمة اسماعيل أن يصدق الوعد وولى وقد أوصى بنا الملك الذي ... أبر على جمع العلى شخصه الفرد فما لبنى أيوب ند من الورى ... وما في بني أيوب عندي له ند مليك له في الملك أصل ومكسب=وحظ فنعم الجد والجد والجد حوته العلى قبل الحجور وهزه حديث الثنا من قبل المهد وغذته للعلياء قبل لبانه ... لباناً لها من مثله مخض الزبد فجاء كما ترضى السيادة والعلى ... وحيداً على أبوابه للورى حشد رعى خلق رب العباد وخلقه ... فحسن ما يخفى لديه وما يبدر ألم ترني يممت كعبة بيته ... لحج ولائي لاسواع ولاود عقلت بحبل من جبال محمد ... أمنت به طارق الدهر أن يعدو ويممت مغناه بركب مدائح يسيل بها غور ويطفو بها نجد من اللاء كثرها تكاثرت ... لدي بها الأتباع والأصل والولد وأعجبني المرعى الخصيب ببابه ... فحالي به الأهنى وعيشي به الرغد أَيا ملكا لولا حماه وجوده ... لما ملح المرعى ولا عذب الورد

تجمع في علياك كل تفرق ... من الوصف حتى الضد يظهره الضد فقربك والعليا وحلمك والسطا ... وحزمك والجدوى وملكك والزهد وعنك استفاد الناس مدحاً بمثله ... على الشب يشدو أو على الركب إذا يحدو فدونكما مني على البعد غادة ... يظل عبيداً وهو من خلفهما عبد على أيها تحتك منك بناقد ... يرجى له نقد ويخشى له نقد عريق العلى ألفاظه كدروعه ... غدا والوغى والسلم يحكمه سرد حمى الله ريب الحوادث ملكه ... ولازال للأقدار من حوله جند هو الكافل الدنيا بأنعمه فما ... يحس لمفقود بأيامه فقد وإني وأن أخرت سعياً لأرتجي ... عوائد من نعماه تسعى بها البرد إذا المرء لم يشدد إلى الغيث رحله ... أَتى نحو مغناه حيا الغيث يشتد وما أنا إلا العبد ما في رجائه ... ولا ظنه عيب ولا يمكن الرد وقال يرثي شهاب الدين محمود: واوحشتي لمقام منك محمود ... واحسرتي لوداد فيك معهود لو شام طرفك ما أَلقاه من حرب ... لم تدر من هو منا الهالك المودي إنا إلى الله من رزء دنا فرمى ... دمعي وشجوي بإطلاق وتقييد يا معرضاً عن لقاء الصحف منقطعاً ... وكان أكرم مصحوب ومودود بالرغم أن أنشد الألفاظ عاطلة ... من حلي مدحك أثناء الأناشيد أو أن أعوض منثور المدامع عن ... سماع در من الأقوال منضود لم يبق ببعدك ذو سجع أعارضة ... إلا الحمائم في نوح وتعديد من للدواوين يقضي بالتآمل في ... مخرج من معانيها ومردرد كنا نعدك فرداً في موازنها ... رزئنا بموزون ومعدود من للرسائل في لامات أحرفها ... تغزو رزئنا بموزون ومعدود من للرسائل في لامات أحرفها ... العداة بألفاظ صناديد سقيا لعيدك منم سحاب ذيل تقى ... مضى وليس الآذى منه بمعهود عصب إذا رمت زهداً أو حذرت وغى ... أرضاك في ذا وفي هذا بتحرير هي المنية لا تنقل صائدة ... نفوسنا بين مسموع ومشهود أين الملوك الألى كانت منازلهم ... تراحم البجر في عز وتسييد لم يحمهم سرد داود الذي ملكوا ... من المنون ولا جند ابن داود إيها سقاك شهاب الدين صوب حيا ... يكاد يعشب أطراف الجلاميد لو لم تكن بوفاء القصد تسعفنا ... كانت بنوك وفاً عن كل مقصود في كل معنى أرى حسناك واضحة ... فحسرتي كل وقت ذات تجديد وقال يمدح مؤيد الدين ويهنئه بعيد الفطر وقد أجاد في وصف الهلال: يا شاهر الطرف حي فيك مشهور ... وكاسر الطرف قلبي منك مكسور امرت لحظك ان يسطو على كبدي ... يا صدق من قال إن السيف مأَمور وجاوب الدمع ثغراً منك متسقاًً ... فبيننا الدر منظوم ومنثور لا تجعل اسمي للعذال منتصباً ... فما لتعريف وجدي فيك تنكير ولا توال أذى قلبي لتهدمهُ ... فإنه منزل بالود معمور هل عند منظرك الشفاف جوهره ... إني إليه فقير اللحظ مضرور أو عند مبسمك الفرار بارقة ... اني بموع صبري فيه مغرور لقد ثنى من يدي صبري عزائمه ... قلب بطرفك أمسى وهو مسحور وقد تغير عهد الحال من جسدي ... وما لحال عهودي فيك تغيير حبي ومدح ابن شاه شاه من قدم ... كلاهما في حديث الدهر مأَثور أنشا المؤيد ألفاظي وأنشرها ... فحبذا منشأ منها ومنشور ملك إذا شمت برقاً من أسرته ... علمت أن مراد القصد ممطور مكمل الذات زاكي الأَصل طاهره ... فعنده الفضل مسموح ومنظور أقام للملك آراء معظمة ... لشهبها في بروج اليمين تسيير وقام عنه لسان الجود ينشدنا ... زوروا فما الظن فيه كالورى زور هذا الذي للثنا من نحو دولته ... وللجوائز مرفوع ومجرور وللعلوم تصانيف بدت فغدت ... نعم السوار على الإسلام والسور في كفه حمر أقلام وبيض ظبي ... كأَنها لبرود المدح تشهير قد أثرت ما يسر الدين أحرفها ... وللحروف كما قد قيل تأثير

لله من قلم صان الحمى وله ... مال على صفحات الحمد منثور وصارم في ظلام النقع تحسبه ... برقاً يشق به في الأَفق ديجور تفدي البرية إن قلوا وإن كثروا ... أبا الوفاء فثم الفضل والخير مدت إلى مجده الامداح واقتصرت ... فاعجب لممدود شيئ وهو مقصور وسرها من أب وابن قد اجتمعا ... مؤيد يتلقاها ومنصور يا مالكاً أشرقت أيامهُ وزهت ... رياضها فتجلى النور والنور هنئت عيداً له منك اعتياد هنا ... فالصبح مبتهج والليل مسرود فطرت فيه الورى واللفظ متفق ... للوفد فطر وللحساد تفطير كأَن شكل هلال العيد في يده ... قوس على مهج الأضداد موتور أو مخلب مده نسر السماء لهم ... فكل طائر قلب منه مذعور أو منجل بحصاد القوم منعطف ... أو خنجر مرهف النصلين مطرود أو نعل تبر أجادت في هديته ... إلى جواد ابن أيوب المقادير أو راكع الظهر شكراً في الظلام على ... من فضله في السماء والأرض مشكور أو حاجب أشمط ينبي بأن له ... عمراً له في ظلال الملك تعمير أو زورق جاء فيه العيد منحدراً ... حيث الدجى كعباب البحر مسجور أو لا فقل شفة للكأس مائلة ... تذكر العيش إن العيش مذكور أو لا فتصف سوار قام يطرحه ... كف الدجى حين عمته التباشير أو لا فقطة قيد فك عن بشر ... أخنى الصيام عليه وهو مأسور أو لا فمن رمضان النون قد سقطت ... لكما مضى وهو من شوال محصور فانعم به وبأمداح مشعشعة ... مديرها في صباح الفطر مبرور نفاحة المسك من مسود أحرفها ... ما كان يبلغها في مصر كافور قالت وما كذبت رؤيا محاسنها ... قبول غيري على الأملاك محظور بعض الورى شاعر فاسمع مدائحه ... وبعضهم مثل ما قد قيل شعرور وقال يمدح الناصر بن محمد: بدت في رداء الشعر باسمة الثغر ... فعوذتها بالشمس والليل والفجر ولو شتت قاسمت الذوائب مقسماً ... بطيب ليال من ذوائبها عشر وقبلتها مصرية حلوة اللمى ... أكرر في تقبيلها السكر المصري ويعذلني من ليس يدري صبابتي ... فأصرفه من حيث يدري ولا يدري ومن أعجب الأشياء حلو ممنع ... أصبر عنه وهو حلو مع الصبر وكم لائم في حب خنساء أعرضت ... وعنف حتى جانس الهجر بالهجر وشيب رأسي خدها ومعنفي ... وهذا رماد الشيب من ذلك الجمر فيا قلب خنساء القوي وأدمعي ... على مثلك العينان تجري على صخر ويا قلب صبراً في عطاها ومنعها ... فلا بد من يسر ملا بد من عسر أرى الشمس منها في العشاء منيرة ... ومن صدها عني أرى النجم في الظهر يذكرني في عهد الهوى ما نسيته ... ولكنه تجديد ذكر على ذكر زمان الصبا والقرب لا نحذر النوى ... ولكن نقضي الحال أحلى من التمر وأما وقد ضاء المشيب بمفرقي ... فبالشيب لا بالطلوع صرنا إلى الهجر وفارقت حد الغانيات وجفنها ... فجرحاً على جرحٍ وكسر على كسر وإني لمشتاق إلى ظل روضة ... على النيل أروي العيش منها على النضر لئن حثني باب البريد إلى مصر ... لقد حثني باب الزيادة في النزر إلى مصر يحلو نيلها مخضب الثرى ... فيغني الورى في الحالتين عن القطر وتقبيل حلو الغزو للمحل قاتل ... حلاوته سكب وجنديه بحري ويجري بإسعاد العباد فحبذا ... بسعدك يا سلطانها ساعياً يجري لسلطان مصر الناصر بن محمد ... على كل مصر طاعة البحر والبر تجمعت الأمصار في مصر طاعة ... وهل تجمع الأمصار إلا على مصر سلام على إسكندر الوقت إن يفح ... شذى الذكر عنه فالسلام على الخضر سلام ثغور الأرض تنقش في الثرى ... بأفواهها حتماً على أنفس الذخر على باب سلطان العباد كأنها ... لنظم ثناياها عقود من الدر مليك روت أعماله سير التقى ... عن الملك المصري عن الحسن البصري له منزل جيش وتحت مقامه ... بهذا وذا في القلب حب وفي الصدر

إيالة ملك لا فلان ولا فل ... ونحو على لا نحو زيد ولا عمرو فملك بلا جور وحكم بلا هوى ... وأزر بلا وزر وعز بلا كبر قضى عمر في حكم عثمان جامعاً ... لبأس علي في سماح أبي بكر مضى الشفع من مرأى أبيه وجده ... وجاء فلا زالت له دولة الوتر إلى ناصر من ناصر وكذا على ... مدى جده المنصور مسترسل النصر أجل بيوت الملك بيت قلاون ... وأنت أجل البيت يا وارث الدهر فملكك حق واضح الصبح أِرقت ... سعادته كالظهر يا واحد العصر بصوتك أركان الشريعة شيدت ... وصيغت ثغور كلها باسم الثغر وخاض بها قوم تعدوا فقوبلوا ... بما كل إنسان لديه من الخسر وليس الذي خاض الشريعة سالماً ... من الأسد الحامي حماها من الكر لك الله إما كسب حظ من الثنا ... يجوز وإما كسب حظ من الأجر ليهنك ما تجنيه من جنة غداً ... بإبطال ما تجني الجنايات من وزر ليهنك ما عمرته من معالم ... سيثني على عمارهن أبو ذر ويمدحكم حسانها اليوم أو غداً ... بدار البقا بعد الطويل من العمر وأيامك الأعياد عائدة لمن ... رجاك ومن عاداك بالفطر والنحر وكفاك للمداح أيام عشرها ... وليلة من تسعى لها ليلة القدر ودولتك الزهراء للجود والسطا ... فبالفلك السعدي والفلك البشري ونصر على الأعداء يبادر رعبهُ ... فيسبق مجرى الخيل بالعسكر المجر ويعرض عن كيد العدى لاحتقارهم ... بلا قاصد ماش ولا حائم صقر فأعداك هذا مس في النوم رأسه ... وآخر قبل السيف مات من الذعر وكم لك في داني الديار ونازح ... غيوث عطايا تخلط السهل بالوعر يضن بأحمال من التين معشر ... إذا اتصلت أحمال جودك من تبر مليك التقى والبأس والعلم والندى ... فمدح على مدح وشكر على شكر تهن فكل الناس عافية روت ... حديث التهاني عن بشير وعن بشر بها حملت عنك السقام بمصرها ... عيون المهابين الجزيرة والنصر فأحسن بها للملك في كل حالة ... بشائر عند السيف والعز والجسر وأحسن بها حيث السخاء مسطر ... صحائفها من كاتب السر والجهر عوافي إلا أنها قاهرية ... حكت حالتاها في المسرة والقهر فعافية الأجساد عند ذوي الهدى ... وعافية الأطلال عند ذوي الكفر هنيئاً لسلطان البرية سيرة ... مزهرة الأوراق بالأنجم الزهر هنيئاً لجلاب المدائح والرجا ... لقد أصبحت تجري إلى ملك تجري يبيع ولكن بالكلام نفائساً ... من المال تلقاها غداً جمة الوفر ويبتاع لكن بالنفائس غالياً ... من الحمد إلا أنه عاطر النشر غنياً من السبع التجار بأنمل ... أفيضت كما يغني عن السبع بالعشر فأحييت للآداب علماً ومعلماً ... بنعماء تقرى بالفوائد أو تقري وجوه دنانير سبقن بمعجز ... ترينا وجوه التم في أول الشهر سبقن إلى من يشتكي الفقر بالغنى ... وقابلن من لم يشتك الكسر بالجبر كذلك أذهان الملوك نقية ... ترى في مرآة العقل أيان تستقري تأملت ما تعطي الملوك من النهى ... فعوذت فرداً بالثلاث من الحجر أحقاً أراني في ثرى عتباته ... نباتاً يحيي واكف المزن بالزهر وأنشدت أمداحاً تقول لمن أتت ... مدحتك بالشعرى وغيرك بالشعر وقال في قاضي القضاة جلال الدين: سقى حماك من الوسمي باكره ... حتى تبسم من عجب أزاهره يا دار لهوي لا واش أكاتمه ... ولا رقيب بمغناه أحاذره حيث الشبيبة تصبى كل ذي حور ... سيان أسود مرآها وناظره من كل محتكم الأجفان يخرجنا ... من أرض سلوتنا في الحب ساحره ظبي إذا شمت خديه ومقلته ... أذاب لاهبه قلبي وفاتره يأوي إلى بيت قلب مخترب ... فأعجب لمخرب بيت وهو عامره كأنه بيت شعر في عروض جوى ... دارت عليه بلا ذنب دوائره ليعن من بات مسروراً بمهجته ... إني عليه قريح الطرف ساهره تجري الدموع على أطراف تألفها ... فاستسهلت لمجاريها محاجره

كم ليلة بت أشكو من تطاولها ... علي والأفق داجي القلب كافره وأرقب الشهب فيه وهي ثابتة ... كأنما سمرت منها مسامره حتى بدا الصبح يحكي وجه سيدنا ... قاضي القضاة إذا استجداه زائره له صبح تجلى للشريعة عن ... ذاك الجلال وقد جلت مآثره أفدي البريد وللتقليد في يده ... (مخلق تملأ الدنيا بشائره) يكاد يلمع مطوي السطور به ... حتى ينم على فحواي ظاهره مسرة كان طرف الشرع يرقبها ... ومطلب كانت العليا تجاوره قاضي القضاة جلال الدين قد وضحت ... سبل القريض وصاغ القول ماهره هذي كؤوس الثنا والحمد مترعة ... (باكر صبوحك أهنى العيش باكره) واسمع مدائح قد فاه الجماد بها ... (وقد ترنم فوق الأيك طائره) ما أحسن الدين والدنيا يسوسهما ... والطيلسان فلا تخفى مفاخره كأن أبيض هذا تلو أسود ذا ... عين الزمان الذي ما زاغ باصره حيث المقاصد في أبوابه زمراً ... فليس للدهر ذنب وهو غافره فاستجل طلعة ذي بشر وذي كرم ... كالغيث بارقه الساري وماطره تصبو لحبر فتأويه لواحظنا ... فما عيون المها إلا محابره وينفذ الأمر كالسهم القويم فما ... تحيد عن غرض التقوى أوامره لا شيء أحسن من مرآه مقتبلاً ... إلا محاسن ما ضمت سرائره تجلو المهابة في ناديه رونقها ... فما تكاد بنجوانا نجاهره ويفهم السر من حاجات أنفسنا ... فما نطيق على أمر نساتره يا حاكماً صان سوح الدين عاضده ... ففاز بالشرف المأثور ظافره انظر لحال غريب الدار مفتقر ... طال الزمان وما سدت مفاقره نعم الفتى أنت قد برت أوائله ... في المكرمات وقد أربت أواخره يممته دلفي الأصل منتسباً ... تأبى معاليه أن تخفى عناصره لا يستقر بكفيه الثراء فما ... تلك الخطوط بها إلا معابره زكا وأمكنه فعل الجميل فما ... في الناس لو قصرت جدواه عاذره ما بعد علياه ركن أستجير به ... من الخطوب ولا بحر أجاوره لئن تفرد بالعلياء سؤدده ... لقد تفرد بالآداب شاعره وقال يمدح المؤيد لدين الله بن أيوب: أهلاً بطيف على الجرعاء مختلس ... والفجر في سحر كالثغر في لعس والنجم في الأفق الغربي منحدر ... كشعلة سقطت من كف مقتبس يا حبذا زمن الجرعاء من زمن ... كل الليالي فيه ليلة العرس وحبذا العيش مع هيفاء لو برزت ... للبدر لم يزه أو للغصن لم يمس خود لها مثل ما في الظبي من ملح ... وليس للظبي ما فيها من الأنس محروسة بشعاع البيض ملتمعاً ... ونور ذاك المحيا آية الحرس يسعى ورا لحظها قلبي ومن عجب ... سعي الطريدة في آثار مفترس ليت العذول على مرأى محاسنها ... لو كان ثنى عمى عينيه بالخرس إني وإن علقت بالقلب صبوتها ... لمحوج العيس طي الضوء والغلس سفينة ليستجري بي لذي بخل ... إن السفينة لا تجري على اليبس تؤم باب ابن أيوب إذا اعتكرت ... سود الخطوب كما يؤتم بالقبس المانح الرفد إفناناً مهدلة ... فما يرد جناها كف ملتمس والرافع البخل في الدنيا وساكنها ... بجود كفيه رفع الماء للنجس محا المؤيد بأس المقترين فما ... تكاد تظفر جدواه بمبتئس واستأنس الناس جدوى كفه فرووا ... عن مالك خبر العليا وعن أنس ملك يقاس مجاريه بسؤدده ... إذا تقاس عير الدار بالفرس وينتهي لضحى بشر مؤمله ... إذا انتهى من بني الدنيا إلى عبس مظفر الجد مشاء على جدد ... من حلمه اللدن أو من حربه الشرس يخفى اللها ودنانير الضلات بها ... تكاد تطرب للأسماع بالجرس وينشر العلم لا قول بمختلف ... إذا رواه ولا معنى بملتبس ويشبع الأمر آراء مسددة ... تمضي وتدفع صدر الحادث الشكس تكون كالعضب أحياناً وآونة ... تكون من وقعات العضب كالترس لو باشر الأفق يوماً بين طلعته ... لما سمعت بنجم ثم منتحس

ولو تولت حزون الأرض راحته ... لم يبق في الأرض صلد غير منبجس من مبلغ قومي الزاكي نجارهم ... أني اعتزيت إلى جم العلى ندس مجدداً لي في أمداحه نسباً ... أبر من نسب في الترب مندرس ما زلت أخبر ممدوحاًُ فأهجره ... حتى اعتلقت بحبل محصد المرس وطاهر الخيم لا تثنى خلائقه ... على الملال ولا تطوى على الدنس ما شمت بارق جدواه فأخلفني ... ولا عهدت إلى معروفه فنسي تلك العلى لابن حمدان على حلب ... ولابن عمار شأو في طرابلس يا ابن الملوك الألى خذها عروس ثناً ... مصرية المنتمى عربية النفس الله أكبر صاغ الحق مادحكم ... كأنه ناطق من حضرة القدس وقال في جمال الدين بن حجلة عند قدومه من الحج: تذكر جرعاء الحمى فتجرعا ... كؤوس الأسى بالدمع راحاً مشعشعاً وفارق جيران الغضا غير أنه ... به أودع القلب الشجي وودعا يكرر لثم الترب حتى كأنه ... يحاول ختماً للذي فيه أودعا فأدمعه قد صرن ألفاظ شجوة ... وألفاظه من رقة صرن أدمعا أقول وقد راجعت بالشام ذكرهم ... ألا قاتل الله الحمام المرجعا يذكرني عهد العقيق كأنه ... بلؤلؤ دمعي صار عقداً مرصعا عسى كل عام زورة لمفارق ... فيا حبذا من أجل لمياء كل عا إمام الهدى والعلم هنيت مقصداً ... سعيداً وعوداً بالقبول ومرجعا يطوف ويسعى للاما الذي سعى ... وطاف بذياك الحمى وتمتعا تكاد ستور البيت تجذب برده ... لعرفان محمود الشمائل أروعا فإن ملأ الاحسان كم مجاور ... فقد ملأ الحجر المحامد والدعا وهنئ أفق الشام رجعة نير ... مليء بإسعاد الرعية والرعا تحييه أغصان البلاد كأنما ... هوت سجدت نحو الإمام وركعا وتلثم حتى مبسم الغيث في الثرى ... بدور لآثار الركائب مطلعا لك الله ما أتقى وأنقى سريرة ... وأرفع قدراً في الأنام وأنفعا وأكرم في الأنساب والفضل جمة ... وأشرف في الدنيا وفي الدين موضعا وأندى يداً لو أورقت عود منبر ... لما عجب الرائي وإن قيل أينعا كرامات من مدت يداً دعواته ... ظلالاً إلبى أن عمت الناس أجمعا إليك خطيب الشام لابن خطيبها ... براعة مدح كان برك أبرعا مديحك فرض لازم لي فطالما ... بدأت فأسديت الجميل تطوعا ومن مقاطعاته قوله: حلفت لها بالعاديات دموعي ... وبالموريات النار وهي ضلوعي لئن كان من قد لامني غير مبصر ... محاسنها إني لغير سميع محجبة تفتر عن مبسم كما ... ينظم في أزكى الأنام بديعي فريد العلى والعلم والحلم والتقى ... فيا لفريد حائز لجميع يضوع قريضي في الورى بامتداحه ... وما جوده لي في الورى بمضيع أصوغ بسيطاً في الثناء وكاملاً ... على وافر من جوده وسريع ولا عيب في إحسانه غير أنني ... شرهت فما لي اليوم وصف قنوع بشهر ربيع قد أتيت مهنئاً ... وكل زماني منه شهر ربيع فلا زال من خدام مديحي لفضله ... صوابي ونجحي مقبلاً وشفيعي ومنها قوله: لله طرف غداة البين ما هجعا ... وحملته الليالي فوق ما وسعا بين السهاد وبين الدمع مقتسم ... فيكم فما جف من شوق ولا هجعا يخادع الشوق طرفي عن مدامعه ... إن الكريم إذا خادعته انخدعا ويقتضي الهم تسهيدي فيا حرباً ... من قاتلين على إنساني اجتمعا سحقاً ليوم النوى ماذا رمى بصري ... حتى استهل وماذا بالحشا صنعا؟ وقائل ما الذي أبكاك قلت له ... شخص رمى بالنوى طرفي فقد دمعا وقال يمدح المؤيد لدين الله: سرى طيفها حيث العواذل هجع ... فنم علينا نشره المتضرع وبات يعاطينا الأحاديث في دجى ... كأن الثريا فيه كأس مرصع أَجيراننا حيى الربيع دياركم ... وإن لم يكن فيها لطرفي مربع شكوت إلى سفح النقا طول نأيكم ... وسفح النقا بالنأي مثلي مروع ولابد من شكوى إلى ذي مروءة ... يواسيك أو يسليك أو يتوجع

شعر

فديت حبيباً قد خلى عنه ناظري ... ولم يخل منه في فؤادي موضع مقيم بأكناف الغضا وهي مهجة ... وإلا بوادي المنحنى وهو أضلع أطال حجاز الصد بيني وبينه ... فمقلته الحورا ودمعي ينبع لئن عرضت من دون رؤيته الفلا ... فيا رب روض ضمنا فيه مجمع محلٌ يرى فيه جوامع لذة ... بها تخطب الأطيار والقضب تركع قرأنا به نحو الهنا فملابس ... تجر وأيد بالمدامة ترفع وقد أمنتنا دولة شادوية ... فما نختشي اللأوا ولا نتخشع مدائحها تمحو الأثلام ورفدها ... يعوض من وفر الغنى ما نضيع رعى الله أيام المؤيد إننا ... وجدنا بها أهل المقاصد قد رعوا مليك له في الجود صنع تأنقت ... معاينه حتى خلته يتصنع وعلياء لو أنا وضعنا حديثها ... وجدنا سناها فوق ما كان يوضع مذال الغنى لو حاولت يد سارق ... خزائنه ما كان في الشرع يقطع أرانا طباق المال والمجد في الورى ... فذلك مبذول وهذا ممنع وجانس ما بين القراءة والقرى ... فللجود منه والإجادة موضع توقد ذهناً واستفاض مكارماً ... فاعلم أن الشهب بالغيب تهمع وصان فجاج الملك عدلا وهيبة ... فلا جانب إلا من الروض مرتع عزائم وضاح المحامد أروع ... إذا قيل وضاح المحامد أروع تفرق أحمال النضار يمينه ... لما راح بالسمر الطوال يجمع ولا عيب في أخلاقه غير أنه ... إذا عذلوه في الندى ليس يسمع له كل يوم في السيادة والعلى ... أحاديث تملي المحادين فتبدع إذا دعت الحرب العوان حسامهُ ... جلا أفقها والرمح للسن يقرع وإن مشت الآمال نحو جنابه ... رأت جود كفه لها كيف يهرع فلا تفتخر من نيل مصر أصابع ... فما النيل إلا من يمينك إصبع أيا ملكا لما دعته ضراعتي ... تيقنت أن الدهر لي سوف يضرع قصدتك ظمآناً فجدت بزاخر ... أشق كما قد قيل فيه وأذرع وفي بعض ما أسديت قنع وإنما ... فتى كنت مرمى ظنه ليس يقنع لك الله ما أزكى وأشرف همة ... وأحسن في العلياء ما تتنوع مديحك فرض لازم لي دينه ... ومدح بني العليا سواك تطوع يقول جامع هذا المجموع: لقد خرجت عن الاختصار في شعر هذا الرجل، لغرابة أسلوبه ورقة ألفاظه، ولولا خوف الاطالة لأثبت له أكثر من ذلك. فلله دره! ما أرق معانيه. وأثبت مبانيه، وأبين فصوله. هو والله السهل الممتنع، والعذب الزلال والسحر الحلال. شعر السيد عبد الغفار الأخرس هو السيد عبد الغفار بن السيد الواحد بن السيد وهب ولد بالموصل سنة 1220 وتوفي سنة 1290 ألف ومائتين وتعسين بالبصرة رحمه الله وشعره في غاية الرقة والانسجام، حسن الديباجة بديع النظام، ترتاح الأرواح لسماع رقائق شعره وتحسد اللالي جواهر نثره وكان حسن العقيدة سلفي الأثر علوي النسب المفتخر. فمن قوله يمدح صاحب المجد الأثيل والجاه العرض الطويل عبد الغني أفندي جميل: ألا من لأجفان أرقن رواء ... وحر القلوب يا هذيم ظماء صواد إلى برد الثغور التي بها ... إذا كان دائي كان ثم دوائي وصحب أحالوا الوصل هجراً وأعقبوا ... تدانيهم في صدهم بجفاء نأوا فحنيني لا يزال إليهم ... ويا ويح دان لا يحن لناء أجيراننا لما جفوتم وبنتم ... ولم تمنحونا مرة بلقاء عرفت بعهد الود في الحب غدركم ... وأنتم عرفتم في الغرام وفائي وجدت بروحي ذمة وبخلتم ... كذلك إشفاقي وحسن بلائي وفيكم ومنكم قبلها وعليكم ... نبذت كلام العلذلين ورائي حلال لكم دم مني طله الهوى ... ولا صانه قومي إذاً بفدائي أعيدوا علينا ساعة الوصل إنها ... لأقصى مرامي منكم ومنائي صدودكم أوهى قواي وهجركم ... فجودوا على مضناكم بشفاء فإن لم تعودوني ولو بخيالكم ... فلا تطمعوا من بعدها ببقائي أحبتنا لم تنصفونا بحبكم ... وما هكذا لو تنصفون جزائي ذكرناكم والدمع ماء نريقه ... فشبناه في ذكراكم بدماء

فمن لوعة يصلى بنيرانها الحشا ... ومهجة قلب آذنت بفناء توالى عليها حرقة الوجد والأسى ... فلم يبق منها الحب غير ذماء ويا سعد ل تلحا أخاك وقد مضى ... به سهم راميه اشد مضاء صريع العيون النجل ما إن رمينه ... صريع الهوى والوجد والبرحاء قتيل الهوى العذري قد فتكت به ... قدود غصون أو لحاظ ظباء كأني به يستيقظ الحتف راقداً ... إذا شام برقاً لاح بعد خفاء ولم يبتسم ذلك البرق منهم ... لعمرك إلا جالباً لبكائي فما لك تلحوني على ما أصابني ... من الداء جهلاً لا بليت بدائي دعوتك تستمري الدموع لما أرى ... فلم تستجب يوم الغميم دعائي وهذا هذيم كلما كر طرفه ... إلى مربع بالرقمتين خلاء تذكر أياماً بهن قصيرة ... يطول عليها شقوتي وعنائي فأرسلها مهراقة وهي عبرة ... ترقرق يرقيها بفضل رداء خليلي إن لم تسعداني على الهوى ... فأين ودادي منكما وإخائي؟ فيا سعد إني قد منيت وراعني ... نوى يوم جد البين من خلطائي فما للمطايا بين وجد ولوعة ... وبين حنين مزعج ورغاء بربك حثحثها وخذ بزمامها ... وسر سير لا وان ولا ببطاء إلى نزل لا يعرف الضيم أهله ... ولا خاب من وافاهم برجائي يحل به عبد الغني فلا الغنى ... إذا مادنا الأخلاق منك بناء ربيع الندى لا يبرح الفضل فضله ... يطيب مصيفي عنده وشتائي ألا لا سقتني غير راحته الحيا ... فتورث صوب المزن فرط حياء صفا العيش لي منها وطاب ولم يزل ... يروق ولم يكدر علي صفائي ولم إلا عنه دام علاؤه ... رواية مج باذخ وعلاء مناقب تزهو بالمكارم كلها ... وتشرق من أنواره بوضاء ولا كرياض الحزن وهي أنيقة ... وتفضلها في بهجة وبهاء تأرج أنفاس النسيم بطيبها ... كما نسمت ريح الصبا بكباء أخو العزمات الماضيات فما دجا ... دجى الخطب إلا جاء بابن ذكاء طربنا وأطربنا الأنام بمدحه ... فهل ديرت الصهباء للندماء ورحنا نجر الذيل بالفخر كلما ... ذكرناه في الأشراف والعلماء غذاء لروحي مدحه وثناؤه ... وإن أحاديث الغرام غذائي له الله موقى من يلوذ بعزه ... به من صروف النائبات وقائي فمن شدة فيه ومن لين جانب ... ومن كرم في طبعه وسخاء وما خفيت تلك المزايا وإنما ... تلوح كما لاح الصباح لراء مواهب أعطى الله ذاتك ذاتها ... وحسبك من معط لها وعطاء بها رحت أجني العز من ثمراته ... ويخفق بين الأنجبين لوائي عليك إذا أثنيت بالخير كله ... تقبل أَبا محمود حسن ثنائي رأيت القوافي فيك تزداد رونقاً ... ولو أنها كانت نجوم سماء ولم أر مثل الشعر أصدق لهجة ... إذا قال فيك القول غير مراء غني عن الدنيا جميعاً وأهلها ... سواك وفيه ثروتي وغنائي فقير إلى جدواك في كل حالة ... وإنك تدري عفتي وإبائي وقال يمدحه: عاد المتيم في غرامك داؤه ... أهل السليم تعوده آناؤه؟ فتأججت زفراته وتلهبت ... جمراته تقدت رمضاؤه حسب المتيم جده غرامه ... وكفاه ما فعلت به برجاؤه بالله أيتها الحمائم غردي ... لطالما أشجى المشق غناؤه نوحي تجاوبك الجوانح أنة ... وتظل تندب خاطري رقاؤه هيهات ما صدق الغرام على امرئ ... حتى تذوب من الجوى أحشاؤه إن كان يبكي الصب لا من لوعة ... أخذت بمهجته فمم بكاؤه؟ بترقرق العبرات وهي مذلة ... سر يضر بحاله إفشاؤه يا قلب كي علت في إشراكهم ... أو ما نهاك عن الهوى نصحاؤه لا تذهبن بك المذاهب غرة ... آرام ذياك الحمى وظباؤه وبمهجتي من لحظ أحور فاتن ... مرض يعز على الطبيب شفاؤه هل يهتدي هذا الطبيب لعلتي ... إن الغرام كثيرة أدواؤه والليل يعلم ما أجن ضميره ... من لوعتي وتضمنت أرجاؤه ما زلت أكتحل السهاد بهجركم ... أرقا ويطرف ناظري أقذاؤه

حتى يشق الصبح أردية الدجى ... وتحيل صبغة ليله ظلماؤه زعم العذول بأن همي همه ... ومن البلية همه وعناؤه يدعو الفؤاد إلى السلو ودونه ... الشوق داع لا يرد دعاؤه لا يطمعن في العذول فما له ... مني سوى ما خاب فيه رجاؤه حكم الغرام على ذويه بما قضى ... ومضى عليهم حكمه وقضاؤه يا رحمة للمغرمين وإن تكن ... قتلي هواك فإنهم شهداؤه ما كان داء الحب إلا نظرة ... هي في الصبابة داؤه ودواؤه في الحي بعد الظاعنين لما به ... ميت بكته لرحمته أحياؤه حفظ الوداد فما لكم ضيعتم ... ووفى بعهدكم فدام وفاؤه وجزيتموه على الوصال قطيعة ... أكذا من الإنصاف كان جزاؤه ما شرع دين الحب شرعة هاجر ... صدق الخلوص لوده شحناؤه خاصمت أيامي بكم فرغمتها ... والحر أوغاد الورى خصماؤه سفها لرأي الدهر يحسب أنن ... ممن يراع إذا دهت دهياؤه ألقى طوب خطوبه متبسماً ... وسواي يهب في الخطوب لقاؤه إني ليعجبني ترفع همتي ... ويروق وجهي صونه وحياؤه لا تعجبن من الزمان وأهله ... هذا الزمان وهذه اأبناؤه ليس المهذب من تطيش بلبه ... نعماؤه يوماً ولا بأساؤه لا بد من يوم يسر به الفتى ... وتزول عن ذي غمة عماؤه ولربما صدئ الحسام وناله ... قين فعاد مضاؤه وجلاؤه أو ما تراني كيف كنت وكان لي ... من كان أفخر حليتي نعماؤه عبد الغني أبو جميل وابنه ... وكذا بنوه وهكذا آباؤه نب أضاء به الوجوه وأشرقت ... في مشمخر علائه ضوضاؤه هذا القريب من العفاة عطاؤه ... هذا الرحيب بمن ألم فناؤه ضربت على قلل الفخار قبابه ... وبدا لمشتط الديار سناؤه إن كان يعرف نائل فنواله ... أو كان يعلم باذخ فعلاؤه شيخ إذا الملهوف أم بحاجة ... في بابه نشطت لها أعضاؤه يفدي النزيل بماله وبنفسه ... نفسي ونفس العلمين فداؤه متنمر إن سيم ضيماً أدميت ... منه البراثن واستشاط إباؤه فيه من الضرغام شدة بطشه ... ومن المهند بأسه ومضاؤه رفعت له فوق الكواكب عمة ... وأحاط بالبحر المحيط رداؤه حدث ولا حرج ولست ببالغ ... ما تستحق لهابه آلاؤه بهر العقول جميلة وجماله ... وجلاله وكماله وبهاؤه هذي معاليه فما نظراؤه ... غير النجوم علىً ولا أكفاؤه تالله لم تظفر يداه بثروة ... إلا ليفتك جوده وسخاؤه راحت ذوو الحاجات يقتسمونها ... فكأنهم في ماله شركاؤه وجدانه فقد الثراء لنفسه ... ولغيره أبداً يكون ثراؤه يمسي ويصبح بالجميل ولم يزل ... يثني عليه صبحه ومساؤه لله منبلج السنا عن غرة ... لا الصبح منبلجاً ولا أضواؤه لو تنزل الآيات في أيامه ... أثنى عليه الله جل ثناؤه ما في الزمان وأهله مثلاً له ... إذ لم تكن كرماءه لؤماؤه وقف على الصنع الجميل جنابه ... فكأنما هو لو نظرت غذاؤه وطعامه وشرابه وسماعه ... ومرامه ورجاؤه وصفاؤه ولربما لمعت بوارق غيثه ... فانهل عارضه وأهرق ماؤه ولقد تجود بكل نوءٍ مزنة ... جود السحاب تتابعت أنواؤه إني أؤمل أن أكون بفضله ... ممن يؤمل فضله وعطاؤه بيت المروءة والأبوة والندى ... ومحله ومكانه ووعاؤه سبحان من خلق المكارم كلها ... في ذلك البيت الرفيع بناؤه أصبحت روض الحزن من سقيا الحيا ... راقت محاسنه ورق هواؤه يسري إليه نسيم أرواح الصبا ... فتصوع في نفحاتها أرجاؤه يمري عليها الري كل عشية ... وتجودها من صيب أنداؤه عهد الربيع بفصله وبفصله ... أبداً يمر خريفه وشتاؤه ما زال يوليني الجميل تكرماً ... مولى علي من الفروض ولاؤه وكأنما أصطبح المدامة شاعر ... بمديحه فقريضة صهباؤه فالله يبقي المكرمات وهاهما ... متلازمان بقاؤها وبقاؤه وله: أرى هذي النياق لها حنين ... إلى إلف لها ولها رغاء

وأجفان بعبرتها رواءٌ ... وأحشاء بزفرتها ظمآء وإن بها من الأشجان داء ... وعندك يا هذيم لها دواء حدا منها بها للشوق حاد ... وفاز بها التوقص والنجاء أراها والغرام قد ابتلاها ... بلى إن الغرام هو البلاء أراع فؤادها بينٌ وإلا ... فما هذا التلهف والبكاء وهل أودى بها يوماً وقوف ... على رسم ومرتع خلاء فذرها والصبابة حيث شاءت ... أليس الوجد بفعل ما شاء نحن إلى منازلها بسلع ... عفتها الهوج والريح الرخاء وقوم أحسنوا الحسنى إليها ... ولكن بعد ذلك قد أساؤوا نأوا عنها فكان لها التفات ... إليهم تارة ولها انثناء وظنت أنهم يدنون منها ... فخاب الظن وانقطع الرجاء وقال يمدح السيد النقيب علي القادري: أعادك يا سعد عيد الهوى ... وأنت ملم بدار اللوى فأصبحت تنحر فيها الجفون ... كما تنحر البدن يوم القرى فمن حق طرفي هذي الدموع ... ومن شأن قلبي هذا الجوى فما غير قلبي يصلي الغضا ... ولا غير طرفي يفيض الدما وكيف وقفت على أربع ... عفت قبل هذا بأيدي البلى أتدفع فيها بها ما ترى ... فكيف تداوي الأسى بالأسى ولمْ لا اتبعت كلام النصوح ... وكفكفت دمعك لما جرى إلى أن تحققت أن الغرام ... يعيد القوى ضعيف القوى وحتى أطلعت الهوى والشجي ... يعاصي الملام لطوع الهوى فإن تلحني بعدها مرة ... جزيتك يا سعد بئس الجزا ولمتك في عبرات تفيض ... وجد يقطع منك الحشا وقلت تسل عن الظاعنين ... فإن السلو بأمر الفتى ألم تك من قبلها لمتني ... فماذا الوقوف وماذا البكا وقد كنت مثلك بين الطلول ... أساجل بالدمع وبل الحيا أروي الديار بماء الجفون ... فلم يرق دمعي وفيها ظما وما برحت عبراتي بها ... تبل الغليل وتروي الصدا وأذكر فيها على صبوتي ... زمان التصابي وعهد الصبا قضيت لديه بما اشتهى ... ولكنه قد مضى وانقضى أغزل غزلانه للوصال ... وأشرب للهو كأس الطلا وأسمع من نغمات القيان ... كلام يعشقني بالدمى يحض على ما يسر النفوس ... ويدعو إلى ما هو المشتهى ينادمني كل عذب الكلام ... يشابه بالحسن بدر الدجى وألقى الزمان بهم باسماً ... كوجه الكريم وزهر الربى فإن ترنى بعدهم راضياً ... ولو بالخيال فما عن رضى ولكنها زفرات تهيج ... فأذكر يا سعد ما قد مضى وإن جاشت النفس من وجدها ... فتعليلها بحديث المنى ففي مدحه ما يزيل الهموم ... وفي شكره يستفاض الندى فلا بعده للعلى منتهى ... ولا غيره للعلى مرتقى تواضع وهو علي الجناب ... رفيع المحل وسامي الذرى بآثاره أبدا يقتفى ... وأقواله أبداً يقتدى ملاذ الجميع لمن قد دنا ... من العالمين ومن قد نأى أعاد مناقب آبائه ... حياة العفاة وحتف العدى ويرتاح للبذل يوم العطا ... فينفق أنفس ما قد غلا فإما سألت ندى كفه ... فسل ما تشاء وثق بالغنى وأعجب ما فيه يعطي الجزيل ... ويلحق ذاك الجدا بالجدا ففيه مع الجود هذا الحياءُ ... وفيه مع البأس هذا التقى أليس من القوم سادوا الأنام ... فهم سادة لجميع الورى عليهم تنزيل وحي الإله ... ومنهم تبلج صح الهدى وكيف يفاخرهم غيرهم ... إذا كان جدهم المصطفى يلوذ بحضرتهم من يخاف ... خطوب الليالي ويخشى الأذى حماة بهم يأمن الخائفون ... نوائب من شدة تتقى لهم عند ضيق مجال الرجال ... عزائم ليست لبعض الظبى أكارم لا نارهم في الظلام ... توارى ولا جارهم في عنا مضوا وأتى بعدهم فرعهم ... ومن قد مضى مثل من قد أتى مهاب إذا أنت أبصرته ... فتحسبه من أسود الثرى يجيب إذا ما دعاه الصريخ ... همام يلبي إذا ما دعا صفا من يديه نمير النوال ... لمن يحتديه فخذ ما صفا

أؤمل منه بعيد المرام ... كمن شرب الراح حتى انتشى ولا زال في كل عيد يعود ... بأرفع مجد وأعلى بنا ومن قوله مادحاً شهاب الدين السيد محمود الألوسي ويهنئه ببعض ال'ياد: سكب الدمع لها فانسكبا=وقضى من حقها ما وجبا أربع لولا تباريح الهوى ... ما جرى دمعك فيها صببا وجدت فيها السوافي ملعباً ... للنوى فاتخذتها معلبا ما لقينا بوقوف الراكب في ... ساحة النعمان إلا نصبا ذكر الصب وهل ينسى بها ... زمن اللهو وأيام الصبا يا رعى الله بها لي قمراً ... مشرق الطلعة لكن غربا أمنى للنفس في أهل منى ... وقباب الحي وادي قبا فلقد كنت وكانت فتية ... أنجم الأفق وأزهار الربى ذهب الدهر بهم فامتزجت ... فضة الأدمع فيهم ذهبا يا خليلي وهلا شمتما ... بارقاً لاح لعيني وخبا فتورى كفؤادي لهباً ... ثم أورى زنده والتهبا لعب الشوق بأحشائي وما ... جدَّ جد الوجد حتى لعبا فانشدا لي في الحمى قلباً فقد ... ضاع مني في الحمى أو غصبا نظرت عيني أسراب المها ... نظرة كانت لحيني سببا يوم أصبتنا إلى دين الهوى ... فتعللنا بأرواح الصبا وعدونا زورة الطيف أما ... آن ميعادهم واقتربا أرب النفس وحاجات امرئ ... ما قضى منكم لعمري أربا قضت الأيام فيما بيننا ... أننا لم نلق يوماً طربا وهب الدهر لنا لذتهُ ... واسترد الدهر ما قد وهبا ومنعنا من أفاويق الطلا ... منهلاً كان لنا مستعذبا فحدا الحادي لسقيا عهدكم ... عارضا إن ساقه البرق كبا مقلة الوالع يذرى دمعها ... وبكى القطر لها وانتبا أمر القلب بصبر فعصى ... ودعى الصبر إليها فأبى قلما يدعى فيقضي حاجة ... وإذا ما انتدبوه انتدبا والليالي فلك ما أطلعت ... كل يوم عجباً مستغربا وكآفاق العلى ما أطلعت ... كشهاب الدين فينا كوكبا فتأمل في معاني ذاته ... وتفكر فتحدث عجبا هيبة لله في مطلعه ... ملأت قلب الأعادي رعبا يرتجي جوداً ويخشى سطوة ... رغباً يرجى ويخشى رهبا عالم الدنيا وناهيك به ... لا يشوب العلم إلا أدبا معرب عن فكره الثاقب إن ... زف أبكار المعاني عربا كم تجلت فجلت أفكاره ... من سنى كل عويص غيهبا فأرتنا الحق يبدو واضحاً ... بعد ما قارب أن يحتجبا بلسان يفصل الأمر به ... كسبا الصمام أو أمضى سبا فخذ اللؤلؤ من ألفاظه ... واجتن إن شئت منها ضربا وفكاهات إذا أوردتها ... نظمت فوق المحيا حببا وكمالات له معجزة ... وأحاديث رواها نخبا أين من راق في السمع كما ... قد يروق العين فيما كتبا وكلام راق في السمع كما ... قد يروق العين فيما كتبا علوي من أعالي هاشم ... هاشم الجود ويكفي نسبا صاغه الله لقوم أربا ... ولقوم حسدوه عطبا لا يزال الدهر يعلو جده ... مرتقيها في المعالي رتبا فإذا بوحث في الجد علا ... وإذا غولب فيه غلبا أبلج تحسبه بدر دجى ... أو بأضواء الصباح انتقبا ديمة منهلة ما شمت في ... بارق الآمال منها خلبا ولئن أصبح روضي ممحلاً ... فكم أخضر به واعشوشبا يهنك العيد فخذ من لائذ ... بك ما كنت له مستوجبا شاكراً منك على العيد يداً ... لم أفاخر بسواها السحبا فتفضل يا ابن بنت المصطفى ... أشرف العالم أماً وأبا وله فيه رحمه الله تعالى: أبو الثناء شهاب الدين ما بلغت ... عقائل المال إلا من مواهبه قضى على المال بالإنفاق نائله ... فقلت يا فوز راجيه وطالبه وكلما رحت أستسقى سحائبه ... سقيت عذباً نميراً من سحائبه مستعذب الجود يحني الشهد سائله ... كما يسوغ ويستحلى لشاربه سيف الشريعة ماضي الحد منصلت ... فهل فرت بأمضى من مضاربه وهل سمعت بفضل عد في زمن ... ولم يكن آخذاً منه بغاربه

يا در در زمان من غرائبه ... إن كان أغرب شيء في غرائبه قد عز جانبه العالي وبز على ... فالعز أجمع والعليا بجانبه ولاح للفلك العلي مناقبه ... فعهدها وهي أبهى من كواكبه يا من يحدث عنه العلم يسنده ... حدث عن البحر وارو من عجائبه وقال يمدح النقيب السيد علي أفندي القادري: ما غاب بدر دجى منكم ولا غربا ... إلا وأشرق بدر كان محتجبا لا ينزع ظلام الخطب ما برحوا ... بيض الوجوه فإن صالوا فبيض ظبى من كل أبلج يزهو بهجة وسنى ... تخاله ببياض الصبح منتقبا قد أنفقوا في سبيل الله ما ملكوا ... واستسهلوا في طلاب العز ما صعبا هم الجبال اشمخرت رتبة وعلا ... هم الجبال وأما غيرهم فربى أبناء جد فما تدنو نفوسهم ... إلى الدنية لا جداً ولا لعبا عارون من كل ما يزري ملابسه ... يكسوهم امجد أبراداً لهم فشبا ومنية قد بعثناها فتحسبها ... نجائباً لا وجى فيها ولا لغبا إلى علي علي القدر مرجعه ... نقيب أشراف غر السادة النجبا الواهب المال حماً غير مكترث ... والمستقل مع الإكثار ما وهبا يريك وفر العطايا من مكارمه ... يوم النوال وإن عاديته العطبا قد شرف الله فرعا للنبي سما ... إلى السماء إلى أن طاول الشهبا لِم لَم يشرف على الدنيا بأجمعها ... من كان أشرف هذي الكائنات أبا هذا هو المجد مجد غير مكتسب ... وإنما هو ميراث أباً فأبا من راح يحكيهم بين الورى نشباً ... فليس يحكيهم بين الورى نسا أنتم رؤوس بني الدنيا وسادتها ... إن عد رأس سواكم لاغتدى ذنبا لكم خوارق عادات متى ظهرت ... على العوالم كادت تخرق الحجبا رقت شمائلك اللاتي ترق لنا ... حتى كأنك مخلوق نسيم صبا وفيك والدهر يخشى من حوادثه ... ويرتجى رغباً إذ ذاك أو رهبا صلابة قط ما لانت لحادثة ... وقد تلين خطوب الدهر من صلبا وعزمة مثل واري الزند لو لمست ... موجاً من اليم أضحى موجه لهبا تجنب البخل بالطبع الكريم كما ... تجنب الهجر والفحشاء واجتنبا فنال ما نال آباء له سلفت ... ندب إلى الشرف الأعلى قد انتدبا إن كان آباؤه بالجود قد ذهبوا ... فقد أعاد بهذا العصر ما ذهبا فانظر لأيديه إن جادت أنامله ... بالصيب الهامل الهامي ترى العجبا أين الكواكب من تلك المناقب إذ ... تزهو كما قد زهت بالقطر زهر ربى تلك المزايا كنظم العقد لو تليت ... على الرواسي لهزت عطفها طربا يرضى العلاء متى يرضى على أحد ... ويغضب الدهر أحيانا إذا غضبا قد بلغت نعم العافي أنعمه ... فلم تدع لهم في غيره أربا يقول نائله الوافي لوافده ... قد فاز جالب آمالي بما جلبا أكرم بسيد قوم لا يزال له ... مكارم تركت ما حاز منتهبا الكاسب الحمد في جود وبذل ندى ... يرى لكل امرئ في الدهر ما كسبا نهز غصنا رطيبا كل آونة ... يساقط الذهب الإبريز لا الرطبا فما وجدت إلى امتداحه سبباً ... إلا وجدت إلى نيل الغنى سببا وحبذا القرم في أيام دولته ... حلبت ضرع مرام قط ما حلبا بمثله كانت الآمال توعدنا ... فحان ميعاد ذاك الوعد واقتربا حتى أجابته إذ نادى مآربه ... بمنصب لو دعاه غيره لأبى موفق للمعالي اابتغى طلباً ... إلا وأدرك بالتوفيق ما طلبا سباق غايات قوم لا لحاق له ... وكم جرى إثره من سابق فكبا مذ كنت أنت نقيباً سيداً سنداً ... أوضحت آثار تلك السادة النقبا أضحكت بعد بكاء المجد طلعته ... فقد تبسم مجد بعد ما انتحبا أحييت ما فات من فضل ومن أدب ... فلتفخر في معاني مدحك الأدبا يا آل بيت رسول الله إن لكم ... علي فضلاً حباني الجاه والنشبا وأيديا أوجبت شكري لأنعمها ... فاليوم أقضي لكم بالمدح ما وجبا ومن قوله مادحاً عبد الغني أفندي جميل، ومعرضاً بشكوى زمانه وتغير خلطائه وأخدانه:

سؤالك هذا الربع أين جوابهُ ... ومن لا يعي للقول كيف خطابهُ وقفت وما يغنيك في الدار وقفة ... سقى الدار غيث مستهل سحابه غناؤك في تلك المنازل ناظر ... بدمع توالى غربه وانسكابه إلى طلل أقوى فلم بعدها ... بمغنيك شيئاً قربه واجتنابه ذكرت كأيام الشبيبة عهده ... وهل راجع بعد المشيب شبابه وقد كان ذاك العيش والغصن ناعم ... يروق ويصفو كالرحيق شرابه وجدت لقلبي غير ما تجدينه ... أسى في فؤادي قد أناخ ركابه يفيض ختام الدمع يا ميّ حسرة ... ذهاب شباب لا يرجى إيابه ودهر أعاني كل يوم خطوبه ... وذلك دأبي يا أميم ودأبه مسوق إلى ذي اللب في الناس رزؤه ... ووقف على الحر الكريم مصابه وحسبك مني صر أروع ماجد ... بمستوطن ضاقت عليه رحابه يبيت نجي الهم في كل ليلة ... يطول مع الأيام فيها عتابه قضى عجباً منه الزمان تجلداً ... وما ينقضي هذا الزمان عجابه تذاد عن الماء النمير أسوده ... وفد تلغ العذب الفرات كلابه ألم يحزن الآبي رؤوس يطامنت ... وفاخر رأس القوم فيها ذنابه وأعظم بها دهياء وهي عظيمة ... إذا اكتنف الضرغام بالذل غابه متى ينجلي هذا الظلام الذي أرى ... ويكشف عن وعد الرجاء كذابه وتلمع بعد اليأس بارقة المنى ... تفل مواضيه وينبو حرابه عقور على شلوي يعض بنابه ... وتعدو علينا بالعوادي ذئابه رمته الروامي بالسباب مذمة ... وما ضر في عرض اللئيم سبابه تفحصت إخواني فلم أر فيهم ... قويماً على نهج الوفاء اصطحابه أفي الناس لا والله من في إخائه ... تشد علي العظم المهيض عصابه يساورني كأس الهموم كأنما ... يمج بها السم الذعاف لعابه وأبعد ما حاولت حراً دنوه ... دونك مما يرتضي واقترابه يصيبك منه شهده دون صابه ... إذا كان ممزوجاً مع الشهد صابه يريك الرضى والدهر غضبان معرض ... وترجوه للأمر الذي قد تهابه لك الله ليست في المشارع شرعة ... ولا منهل عذب يسوغ شرابه وما الناس إلا مثل ما أنت عارف ... فلا تطلبن الشيء عز طلابه بلوت بهم حلو الزمان ومره ... فسيان عندي عذبه وعذابه كأني أرى (عبد الغني) بأهله ... غريباً من الأشراف طال اغترابه يميزه عنهم سجايا منوطة ... بأروع من زهر النجوم سخابه ثمين لآلي العقد حالية به ... من الفضل أعناق الحجى ورقابه إذا ناب عن صوب الغمام فإنه ... إذا لم يصب صوب الغمام منابه تألق فانهلت عزاليه وارتوى ... به ربع راجيه وسالت شعابه أتعرف إلا ذلك القرم آبيا ... على الدهر يقسو أو تلين صلابه تسربل فضفاض الأبوة كلها ... وزرت على الليث الهصور ثيابه ولم ينزل الأرض التي قد تطامنت ... ولو أن ذاك الربع مسكا ترابه لقد ضربت فوق الرواسي وطنبت ... على قلل المجد الأثيل قبابه فأصبحت الشم العرانين دونه ... وحلق في جو الفخار قبابه أبى الله والنفس الأبية أن يرى ... بغير المعالي همهُ واكتئابه فدانت له الأخطار بعد عتوها ... وذلت له من كل خطب صعابه ومجتهد في كل علم أبية ... فلا يتعداها لعمري صوابه بفكر يرى مالا يرى فكر غيره ... يشق جلابيب الظلام شهابه مقيم على أن لا يزال قطاره ... يصوب وهذا صوبه وانصبابه وناهيك بالندب الذي إن ندبته ... كفاك مهمات الأمور انتدابه ذباب حسام البأس جوهر عضبه ... وما الصارم الهندي لولا ذبابه عليم بما يقني الثناء وعامل ... وداع إلى الخير العظيم مجابه إذا انتسب الفعل الجميل فإنما ... يكون إلى رب الجميل انتسابه وإني متى اخليت من ثروة الغنى ... وأغلق من دون المطامع بابه بدا لي أن أعشو إلى ضوء ناره ... وأصبو إلى ذاك المريع جنابه فأصدرني عنه مصادر وارد ... من اليم زخار النوال عبابه فاصبح مرموق السعادة بعدما ... خلت ثم لا زالت ملاءً وطابه

ومن غزلياته الفائقة قوله

إذا ذهب المعرزف في كل مذهب ... إليك برغم الحادثات مآبه فلست تراني ما حييت مؤملاً ... سواك ولم يعلق بي النذل عابه ولا مستثيباً من دني مثوبة ... حرام على الحر الأبي ثوابه وغيرك لم أدفع إلى شيم برقه ... ولا غرني في الظامئين سرابه وقال يمدح علامة العلماء مفتي الزوراء وقدوة الفضلاء صاحب تفسير روح المعاني ومن ليس له قي فضله ثاني السيد محمود أفندي الآلوسي رحمه الله تعالى: سقاها الهوى من راحة الوجد صرخدا ... وشوقها حادي الظغائن إذا حدا فظلت ترامي بين رامة والحمى ... وتطوي فيافيها حزوناً وفدفدا ونشقها ريح الصبا رند حاجر ... فكادت لفرط الوجد أن تتوقدا ولما بدت أعلام دار بذي الغضا ... أعاد لها الشوق القديم كما بدا فلا تأمن الأشجار يجذبن قلبها ... متى أتهم البرق اليماني وأنجدا ويا سعد خذ بالجزع من أيمن الحمى ... لعلي أرى فيها على الحب مسمدا وذرها تروي بالدموع غليلها ... وأني يبل الدمع من مغرم صدى تعالج بالتعذيب قلباً معذباً ... وتدمي بوبل الدمع طرفاً مسهداً وتنضب مثل السيل في كل مهمة ... فتحسبها من شدة العزم جلمدا وبي من هوى مي وإن شط دارها ... هوى يمنع المشتاق أن يتجلدا ولمياء لم تنجز بوعد لمغرم ... وهل أنجزت ذات الوشاحين موعدا إذا ما رنت ظمياء من سرب لعلع ... أرتنا الردى من مقلة الريم أسودا ألذ بها وصلاً وأشقى بهجرها ... ومن عاش بالهجران عاش منكدا فيا عصر ذاك الهوى هل أنت عائد ... ويا ريم ذاك الربع روحي لك الفدى تركت بقلبي من هواك لواعجاً ... عصيت بها ذاك العزول المفندا لحى الله من يلحى محباً على الهوى ... ولا راح إلا بالملام ولا اغتدى يلوم ويغري بالهوى من يلومه ... وكم جاهل رام الصلاح فأفسدا أخذت نصيبي من نعيم ولذة ... وصادمت آساداً ولاعبت خردا فطوراً أراني في المشارق متهماً ... وطوراً أراني في المغارب منجدا ولا بت أشكو والخطوب تنوشني ... زماناً لأهل الفضل من جملة العدى ولولا شهاب الدين ما اعتز فاضل ... ولا نال إلا فيه عزاً وسؤددا فتى المجد يفني بالمكارم ماله ... ويبقى له الذكر الجميل مخلدا إذا فاض منه صدره ويمينه ... فخذ من كلا البحرين دراً منضدا وما زال يسمو رفعة وتفضلا ... ويجمع شمل الفضل حتى تفردا رأيت محياه البهي ومجده ... فشاهدت أبهى ما رأيت وأمجدا فمن ذا يهني الوافدين لبابه ... بأكرم من أعطى وأرشد من هدى وافتر عن در الثنايا تبسماً ... من البشر حتى أمطر الكف عسجدا ومن يك أزكى صفوة الله جده ... فلا غرو أن يزكو نجاراً ومحتدا فيا بحر فضل ما رأيناك مزبداً ... ويا مزن جد ما رأيناك مرعدا أيطلب إلا من مفاخرك العلى ... ويسأل ألا من أناملك الندى لقد جئت هذا العصر للناس رحمة ... فأصبح ركن الدين فيك مشيدا وأحييت من أرض العراق علومه ... ولولاك كان الأمر يا سيدي سدى أرى كل من يروي ثناءً ومدحةً ... فعنك روى حسن السجايا وأسندا لك العز حار الواصفون بوصفه ... وجلت معاني ذاتها أن تحددا إذا ما تجلت منك أدنى بلاغة ... تخر الأقلام في الطرس سجدا وفيك الندى والفضل قرت عيونه ... ولم يكتحل إلا بخطك أثمدا تفقدت أرباب الكمال جميعهم ... ومن عادة السادات أن تتفقدا وكم نعمة أسديتها فبذلتها ... وصيرت أحرار البرية أعبدا ولولاك لم أظفر بعز ولا منى ... ولا نلت إلا من معاليك مقصدا أسود إذ ما كنت مولاي في الورى ... ومن كنت مولاه فلا زال سيدا وما زلت كهفاً يستظل بظله ... كما لم تزل أيديك للناس موردا ولا زلت ماكر الجديدان سالماً ... بجدواك يستغنى وفتواك يقتدى ومن غزلياته الفائقة قوله نسيم الصبا أهدى إلى القلب ما أهدى ... وقد حملت أرواحها الشيح والرندا

شعر

ولي كبد حرى لعلي أرى لها ... بريا نسيم مرّبي سحراً بردا فأصبحت أذري الدمع فذاً وتوأما ... تخد على خدي حينئذ خدا كأني اعتصر المعصرات بأعين ... نثؤن غداة البين من لؤلؤ عقدا فما بل ذاك الدمع مني حشاشة ... أبى الله إلا أن تضرم بي وقدا ولام أُصيحابي فؤاداً متيماً فما ... نفع اللوم الفؤاد ولا أجدى ذكرتكم والدمع يجري فلم أكن ... ملكت لذاك الدمع يوم جرى ردا وبت أداري مهجة لم أجد لها ... خلاصاً من الأشجان يوماً ولا بدا وقلت لسعدك دع ملامك في الهوى ... فمن زادني لوماً فقد زادني وجدا يهيج وجدي وهو غير مساعدي ... وما أنا لاق منه إن لامني سعدا يقول اصطبر عمن تحب إونني ... يريني الهوى من دون ما قاله سدا ولا تشم البرق اليماني فإنه ... متى لاح أورى في حشاشتك الزند وإيام إياك الصريم وأهله ... فإن الظباء العفر تقتنص الأسدا وهل نافع ما قاله من بعد ما رمى ... بعينيه ريم الجزع سهم الردى عمدا بنفسي الغزال القانصي بلواحظ ... من السحر مرضى تمنع الأسد الوردا إذا ما رمين القلب سهماً أصبنه ... كأن قصدت في قتل عاشقها قصدا به أربي هل ترى هذه النوى ... تبدلنا بالقرب من بعدها بعدا أرى النفس لا تهوى سوى توده ... ولم تتكلف مهجة الوامق الودا وقال من صدر قصيدة: لمن أنيق يا سعد ترقل أو تخدي ... تغور في غور وتنجد في نجد حوان كأمثال القسي سوامها ... أعاريب ترمي بالسرى غرض القصد لهم فتكات البيض والبيض شرع ... بأغبر من وقع الحوادث مسود صواد 'لى ورد المنون وما لهم ... من العز إلا كل صافية الورد جحاجحة شم العرانين هتف ... بكل بعيد الفور ملتهب الزند على مثل معوج الحنايا ضوامر ... طوين الفيافي كيفما شئن بالأيدي أقول لحاديها رويدك إنها ... بقايا عظام قد تعقفن بالجلد زجرت المطايا غير وأن فسر بها ... على ضعفها لا بالذميل ولا الوخد ألست تراني في رسوم دوارس ... لها وقفة المأسور قيد في قيد وما ذاك إلا من غرام تجنه ... وما كان أن يخفى عليك بما تبدي وإلا فما بال المطي يروعها ... رسيس جوى يعدو وداء هوى يعدي وشامت وميض البرق ليلا فراعها ... سنا البارق النجدي وقداً على وقد وعاودها ذكر الغميم فاصبحت ... تلوذ بماء الدمع من حرقة الوجد فسيق إليها الوجد من كل وجهة ... وليس لها في ذلك الشوق من بد وقد فارقت من بعد لمياء أوجها ... يسيل لها دمع العيون على الخد وساء زمان بعد أن سرها بهم ... فماذا يلاقي الحر في الزمن الوغد ويوشك أن تقضي أسى وتلهفاً ... على فائت لا يستمال إلى الرد سقى الله من عيني أكناف حاجر ... إذا هي تستجدي السحاب فما يجدي ورعياً لأيام مضت في عراصها ... تؤلف بين الظبي والأسد الورد قضينا بها اللذات حتى تصرمت ... وكنا ولا نظم الجمان من العقد سلام إلى تلك الديار وإن عفت ... منازل أحبابي وعهد بني ودي فمن مبلغ عني الأحبة أنني ... حليف الهوى فيهم على القرب والبعد ذكرتهم والوجد في القلب كامن ... عليهم كمون النار في الحجر الصلد فهل ذكروا عهد الهوى يوم قوضوا ... وهل علموا أني مقيم على العهد وما اكتحلت عيناي بالغمض بعدهم ... كما اكتحلت بالغمض أعينهم بعدي وما رحت أشكو لو حظيت بقربهم ... زماناً بالقطيعة والصد تم الاختيار من شعر عبد الغفار الأخرس ويليه الاختيار من شعر السيد عبد الجليل شعر عبد الجليل البصري هو السيد عبد الجليل بن ياسين البصري بن السيد إبراهيم بن طه بن السيد خليل بن السيد محمد صفي الدين المتصل نسبه إلي السيد إِبراهيم الملقب بطباطبا بن السيد إِسماعيل الملقب بالديباج بن السيد إِبراهيم القمر بن الحسن السبط بن علي بن ابي طالب رضوان الله عليهم أجمعين.

ولد بالبصرة سنة 1190ثم ارتحل من البصرة إلى الزبارة البلد العروف بساحل قطر الشمالي ثم ارتحل منها إلى البحرين وسكن بها إلى سنة 1259 ثم ارتحل إلى الكويت وتوفي بها سنة 1270 رحمه الله تعالى وكان فريد عصره في الحلم والأدب والكرم والشعر وديوان شعره يشهد له بذلك وكفى به شاهدا. قال رحمه الله مادحاً الإمام فيصل بن تركي آل سعود وذلك بعد رجوع الإمام فيصل من الاعتقال بمصر سنة 1259 وفد بها إليه: لرب العلى أهل الثنا وافر الحمد ... على نعم جلت عن الحصر والعد أقامت بنا طيب البشارة بهجة ... وبشرى وأفراحاً تنيف على الحد ونلنا المنى من بعدمشكلة العنا ... وأحلى وصال ما أتى عقب الصد نهني بما أولى الإله نفوسنا ... فيا طالما باتت على الغبن والكد فنشكر مولى أبدل الكد راحة ... وبالخوف أمناً شامل الربع والوهد وحف الهنا بالملك من كل جانب ... وأشرق وجه الكون عن طالع السعد بعزة من يشتاقه كل مؤمن ... كما اشتاق ظام في الهجير إلى الورد إمام أتانا بالمسرة والهنا ... وبالعز والعدل العميم وبالرشد به شد أزر الدين واسوثقت به ... عراه وقام الحق في شدة العضد وعادت قضايا الشرع مخضرة الربى ... معاهدها مأهولة في حمى صهد هو النور بين الرشد والغي فيصل ... بهدي ابن تركي ذي الأعاريب تستهدي به الجار من كل الحوادث آمن ... قرين سرور القلب والعيش في رغد بآرائه سود الفوادح تنجلي ... وبالرأي إدراك الفتى قبل ذي الجد أخو همة تدني له كل شاسع ... ويرتاض من أعمالها كل مشتد يهاب ويرجى حارباً ومسالماً ... وفي الحرب يسطو سطوة الأسد الورد وفي السلم بر أريحي مهذب ... وأخلاقه الأزهار مطلولة البرد له راحة في الجود تغني عن الحيا ... إذا تجلت أيدي الكرام عن الرفد نفي العدم عن سوح الموالين بذله ... فما حل في أرجائهم عارض الجهد معودة بسطا سوى قبضها على ... أعنة قب الأعوجيات والجرد كذا قبضها يوما بقائم عضبه ... إذا أسود ليل النقع وابيض ذو حد يكربه يوم الوغى كر عاشق ... وقد بات من وصل الغواني على وعد له حملات والظبى تقطر الدما ... فما رده دون الطلى قط في غمد صبور على الأواء غير مؤفف ... ولاجازع إن قيل يا أزمة اشتدي يقارع خطب الدهر عن بأس ماجد ... فيرخص غالي الروح في طلب الحمد فسل مصر هل عنه أت غير حاوم ... أبي على حمل العنا صابر جلد اتاها وفي إتيانها غير راغب ... ولا متوق ناب مفترس الأسد وأسلمه من عمهم بنواله ... وعاملهم بالرفق في كلما يبدي ففوض لله المهيمن أمره ... وعاذ برب العرش من شر ذي حقد فأغناه لطف الله عن حزبه الذي ... يواسيه من كل الأقارب والجند أعد التقى حصناص فرد به العدى ... وحسن طويات الفتى خير معتد وعاد بحمد الله غير مدافع ... عن الأمر ميمون النقيبة والقصد ودان له من شط عنه ومن دنا ... على بالماجد الحازم الفرد فعاملهم بالصفح عن كل مجرم ... وعاد إلى إحسانه الوافر المد وأدى لشكر الله فيما أنالهُ ... من العز والتمكين بالملك والضد وبرهان عقل المرء إعلان شكره ... يصون به النعماء عن طارق يردي فيا ملكا بالأرث ساد وبالتقى ... وبالحكم بالشرع الشريف عن المهدي وبالعدل والإحسان والفتك بالعدى ... وبالسمهري اللدن والصارم الهندي وبالجود ما كعب بن مامة حازه ... وبالصدق في الأقوال والعهد والوعد لقد طابت البشرى بمقدمك الذي ... به زانت الدنيا لكل أخي ود وعمت به الأفراح من قد رعيته ... ومن لم يكن يدري بنائلك العد وقام بنا داعي المسرة والهنا ... على كل ناد بالثنا الفاتح الند وخفت لدى نطق البشير مقالتي ... سلام على نجد ومن حل في نجد ولذ لنا طي الدجنة بالسرى ... وقطع الفيافي بالرسيم وبالوخد لأحظى بتبليغ السلام مشافهاً ... وأدفع ما بي من ولوع ومن وجد

وله رحمه الله كتاب كتبه سنة 1248 للأمام تركي بن عبد الله السعود رحمه الله تعالى

فأعلمت بزل اليعملات مهنئاً ... بما قد حباك الله من تالد المجد وأنهي إليك الحال مذغبت غالنا ... بغيبتك الدهر العبوس على عمد حوادث جاءتنا بكل ملمة ... وأيسرها يلهي الولود عن الولد جلاء وتنكيد وغرم وذلة ... ولا ناصر للحق ذو نجدة يجدي وقد أوحشت منا الديار ونالنا ... من البؤس مالا يلتقي اللحم بالجلد وحسبك ما نلقاه من ألم الأذى ... مفارقة الأوطان والأهل عن قصد وأرجو بك الرحمن يبدل ما مضى ... بحال يريح القلب من وصمة الكد فيعلن بالأفراح كل موحد ... وتزهوبك الأيام يا خير مستهد وهاك إمام العصر مني فريدة ... يفوح لها عطر الثناء بما تبدي إلى مثلها يرتاح كل معظم ... ويصبو إلى إنشادها كل ذي مجد دعاني إلى ما قلت صدق مودة ... فرحت أجيد المدح منتظم العقد ولا زلت يا عين الزمان موفقاً ... لكل مساعي الخير مستوجب الحمد تروق بك الدنيا وتثمر بالصفا ... وتكبوبك الأعداء عن منهج الرشد معانا مطاع الأمر ما لاح بارق ... وما جلبت الوسمي ميادة الرند وله رحمه الله كتاب كتبه سنة 1248 للأمام تركي بن عبد الله السعود رحمه الله تعالى وهو هذا بسم الله الرحمن الرحيم "إن أطرب ما سفرت به وجوه الصحائف وأطيب ما شنفت به الأسماع من لطائف الطرائف بعج حمد الله الذي توالت آلاؤه وجل سلطانه وكبرياؤه والصلاة والسلام على أحسن العالمين خلقاً وخلقاً وأفصحهم براعة ونطقا سيدنا محمد المبعوث رحمه لجميع الأمم الماحي ظلال الظلام بآيتي السيف والقلم سلام نظمت فرائد عقوده يد الاخلاص وأوثقت عرى عهوده ألسن الاختصاص وثناء يعطر أريج عبيره محافل الأمجاد وتتجلى بمفصلات فرائد يواقيته الأجياد من كل حاضر وباد إلى من بزغت شموس سعوده فأضاءت الآفاق واستمرت نجوم حسوده ملازمة للمحاق الإمام الذي جادت ليالي أياديه بوابل معروفه فأزهرت رياض محبيه بأنواع إحسانه وصنوفه وأرهقت شبا عزماته فانفصمت عرى مكائد عداته والهمام الذي أعد لكل أمر هو رائمه أناة فإن لم تغن عقبها بوعيداته فإن لم تغن أغنت عزائمه الذي نشر جناح الرفق على أرجاء البسيطة فغدت مودته بدوائر القلوب محيطة وقبض جناح الاعتساف ببسطة العدل والمنن وطوى بنشر الصفح جرائر الإجن ذي الآراء التي تفتح مغلقات الأمور ويستضيء بها من فوادح الخطوب كل ديجور الإمام تركي بن عبد الله السعود أدام الله أيام سعوده وأعلى منار وليه وأخبى نجم حسوده آمين. أحرزت بالهمة العلياء منفرداً ... ما يعجز الجحفل الجرار مجتمعا ونلت بالحزم ما لم يجر في خلد ... وان يمد إليه طالب طمعا وأتاعب الناس من جلت مطالبه ... وجهده قاصر عن درك ما اتعبا صبرت محتسباً تحت المكاره لا ... من مسعد منجد إن تدعه سمعا في قفرة ليس فيها للطريد حمى ... ولم تجد موئلاً مهما تكن فزعا ولست تصحب إلا صارما ذكراً ... يجري الفرند به كالماء إذ نبعا لم يثنكَ الهول عما رمت غايته ... ولم تكن في الذي كابدته جزعا حتى امتطيت ذرى العلياء لا أشراً ... ولا فخوراً ولا مستكبراً قذعا ومن أناط الرجا بالله عن ثقة ... وصدق عزم ينله ما إليه سعى فأصبحت ولله الحمد، وأنت الذي أعاد به ما الله عفى من معالم الدين، ولم به شتلت شعث المسلمين، وجبر به قلوباً أناخ عليها الانكسار، وأنست به ديار، بعد طول وحشة الانتقال من دار إلى دار، ثبت الله دعام الإسلام بنافع وجودك، وأشرق في الآفاق طوالع سعودك، وأنالك من الخير غاية سؤالك ومقصودك، ثم ذكر الكتاب بطوله واثنى على الإمام تركي رحمه الله بما يطيب نشره أضربت عن نقله طلباً للاختصار فمن أراد الوقوف عليه فعليه بديوانه وذكر جامع ديوانه أن أمير الأحساء أحمد بن محمد السديري كتب إلى السيد كتاباً وصدره بهذه الأبيات: سلام عليكم والديار بعيدة ... سلام محب أتعبته المفاوز عزمت على المسرى لنحو جنابكم ... وإني عن المسرى إليكم لعاجز فهذا كتابي نائباً عن زيارتي ... فإن حل في ساحاتكم فهو فائز فأرسلته لما عجزت مبلغاً ... وفي عدم الماء لتيمم جائز

له رحمة الله قصيدة سماها هداية الأكارم إلى سبيل المكارم ينبغي لكل أديب أريب أن

فأجابه السيد رحمه الله بقوله: بحمد إله يجمع الشمل عطفه ... وأيدي النوى عما يرام تحاجز أتاني سلام ضاع بالند نشره ... وفاحت به عطراً إلينا المفاوز به رد لي عهد الشبيبة والهوى ... وما الشيب لي عن ذلك العهد حاجز سلام كعقد الدر في جيد غادة ... بضمن كتاب أبدعته الغرائز كتاب به سر البلاغة واضح ... وكل بليغ عنمجاريه عاجز غدت نبلاء العصر مذعنة له ... وما كل مقدام جريء يبارز ولله طرس قد أعاد لي الهوى ... وأبدى من الأشواق ما أنا كانز فشوقي حكى شوق المتيم خانه ... سلو وصبر والمحجب ناشز كتاب حبيب حالف الجود كفه ... وها هو في نوع المروءة فائز همام كريم الذات والأصل ماجد ... له في أثيل المجد قدماً مراكز فريد المزايا أحمد الذكر باسل ... نجيب لغايات الثنا متجاوز أبي يفي طبعاً عهود إخائه ... ولكن به يشقي العدو المبارز له خلق كالروض كلله الندى ... سحيراً وغاداه النسيم المجاوز بودي لكم أبدي القريض مهذباً ... وليس كمدح زخرفته الجوائز يرى النزر من شعري كأنفس حلية ... وبالطل عن وبل تسد العوائز فلما وصلت الأبيات إلى الأمير أحمد بن محمد السديري اقترح على الشيخ حمد بن علي آل مشرف أن ينظم جوابها للسيد عبد الجليل فأجابه إلى ذلك بقوله: أنظم بديع هذبته الغرائز ... أم الدر من أصداف بحرك بارز أم الروض حاكت أدمع المزن وشيه ... فعطر من ذاك النسيم المجاوز أم أبكار فكر قد نظن لآلئاً ... من القول لا ما نظمته العجائز نعم در ألفاظ القريض أتى بها ... بليغ لأنواع الفصاحة حائز إلى العلويين الكرام قد انتمى ... ففي هاشم أعراقه والمراكز أجال بميدان البلاغة خيلهُ ... فصار بها يدعى الكمي المناجز لقد أحجمت فرسانها عن لقائه ... فكل بليغ عن مراميه عاجز وأصبح في علم ابن حجة ... ومن ذاله في كل فن يبارز تجاوز حد الشعر حتى كأنما ... قصائده للمنكرين معاجز إذا قال قول أنشد الناس شعره ... وغنى به حاد وباد وراجز وما أنشدت يوماً عرائس شعره ... على مقعد إلا مشى وهو ناشذ ودبت به روح الصبابة واستوى ... ولو كان محمولا حوته الجنائز لئن بلغتنا عنك يا ابن طباطبا ... نسيم الصبا شوقاً لحد يجاوز فإن بنا من لاعج الشوق فوق ما ... بثثت وأضعاف الذي أنت كانز فإن حكمت أيدي النوى بافترقنا ... وصار لنا من شقة البين حاجز فإن لأرواح المحبين مجمعاً ... وإن بعدت بين الجسوم المفاوز ودونك من جهد المقل خريدة ... من الشعر أهدتها إليك الغرائز أتتك من الأحساء تطلب كفأها ... وما مهرها إلا الرضى والتجاوز عليك بحسن المدح اثنت مودة ... وما قصد كل الوافدين الجوائز وخير ختام أن أصلي مسلماً ... على المصطفى من أيدته المعاجز وأصحابه والآل ما هزت القنا ... وما حركت للدارعين الهزاهز له رحمة الله قصيدة سماها هداية الأكارم إلى سبيل المكارم ينبغي لكل أديب أريب أن يعتني بحفظها وتأمل معانيها وحسن مبانيها لأنها مما يبعث على مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم لاشتمالها على نصائح وآداب وحكم وهذه هي أحسن جنى الحمد تغنم لذة العمر ... وذاك في باهر الأخلاق والسير هم الفتى الماجد الغطريف مكرمة ... يضوع نادي الملا من نشرها العطر وحيلة المرء في كسب المحامد لا ... في نظم عقد من العقيان والدرر تكسو المحامد وجه المرء بهجتها ... كما اكتسى الزهر زهر الروض بالمطر يخلد الذكر حمد طاب منشأَهُ ... وليس يمحو المزايا سالف العصر تميز الناس بالفضل المبين كما ... تميزوا بينهم في خلقه الصور بقدر معرفة الإنسان قيمته ... وبالفضائل كان الفرق في البشر وما الفضل في لذة تزهو برونقها ... وأي فضل لأبريز على مدر زإنما الفضل في علم وفي أدب ... وفي مكارم تجلو صدق مفتخر

فلا تساوي بأخلاق مهذبة ... أخلاق سوء أتت من سارح البقر وخذ بمنهج من يعصي هواه وقد ... أطاع أهل الحجا في كل مؤتمر إن الهوى يفسد العقل السليم ومن ... يعصي الهوى عاش في أمن من الضرر وجاهد النفس في غي يلم بها ... كيلا تماثل نذلاً غير معتبر وفي معاشرة الأنذال منقصة ... بها يعم الصدا مرآة ذي فكر وليس يبلغ كنه المجد غبر فتى ... يرى اكتساب المعالي خير متجر أن الكريم يرى حمل المشقة في ... نيل العلى من لذيذ العيش فاصطبر فالصبر عون الفتى فيما تجشمه ... إن السيدة نهج واضح الوعر وأفضل الصبر صبر عن مهيأَة ... من المعاصي لخوف الله فازدجر واصبر على نصب الطاعات تحظ بما ... أملته من عظيم الصفح مغتفر نيف وسبعون من آي الكتاب أتت ... في الصبر فاعمل بها طوبى لمصطبر وعش محلىً بأخلاق محاسنها ... تجلى على أوجه الأيام كالغرر دين به عصمة من كل فاحشة ... وكلما استطعت من بر فلا تذر إن العفاف حمى للنسل صنهُ به ... إذا أضعت الحمى يرعاه كل جري قد جاء عفوّا تعفّن النساء وفي ... مثقال خير فشر أوضح النذر من جمال الفتى صدق العفاف فكن ... به محلىً خليقاً منتهى العمر والزم فوائد تقوى الله تعل بها ... إني سأوردها عن محكم الزبر فبالتقى مخرجٌ من كل حادثة ... والحفظ من صولة الأعدا مع الظفر والرزق في دعة بالحل مقترن ... وحسن عاقبة في خير مدخر وجاء نور به تمشي ومغفرة ... من الذنوب ومنجاة من الحذر به البشارة في الدنيا وضرتها ... به النجاة من الأهوال والشرر ورحمة الله تغشى المتقي ولهُ ... قبوله وله الإِكرام فاعتبر وبالتقى تغنم الإصلاح في عمل ... وتستفيد به علماً بلا سهر ونفع ذلك لا يحصى له عدد ... ونص ذلك في أي الكتاب قري وخير ما يقتني الإِنسان إِن كرمت ... أخلاقه واستفادة رقة السحر ومن مكارمها عشر عليك بها ... فإنها حكم تروى عن الأثر صدق الحديث فلا تعدل به خلقاً ... تبلغ من المجد بهى باذخ السرر وكن خليقاً بصدق البأس يوم وغى ... فشر عيب الفتى بالجبن والخور أجب منادي العلى في خوض غمرتها ... فالعز تحت ظلال البيض والسمر بالصبر يكتسب المقدام نصرته ... ويلبس الضد منه ثوب منذعر ولا يدني لك الإقدام من أجل ... يكفي حراسته مسأَخر القدر واحرص على عمل المعروف مجتهداً ... فإن ذلك أَرجى كل منتظر وليس من حالة تبقى كهيئتها ... فاغنم زمان الصفا خوفاً من الكدر ولا يضيع وإن طال الزمان به ... معروف مستبصر أنثى أو الذكر إِن لم تصادف له أهلاً فأنت إذاً ... كن أهله واصطنعه غير مقتصر أَغث بإِمكانك الملهوف حيث أتى ... بالكسر فالله يرعى حال منكسر وكافئن ذوي المعروف ما صنعوا ... إن الصنائع بالأحرار كالمطر ولا تكن سبخاً لم يجد ماطره ... وكن كروض أتى والثمر واذكر صنيعة حر حاز عنك غنى ... وقد تقاضيته في زي مفتقر واحفظ ذمام صديق كنت تألفه ... وذمة الجار صنها عن يد الغير وصل أخا رحم تكسب مودته ... وفي الخطوب تراه خير منتصر ووصله قد يجر الوصل في عقب ... وقد يزاد به في مدة العمر وجد على سائل وافى بذلته ... ولو بشيء قليل النفع محتقر واحفظ أمانة من أبدى سريرته ... مالاً وحالاً لحسن الظن والنظر واقر الضيوف وكن عبداً لخدمتهم ... وهش بش ولا تسأل عن السفر وبادرن إليهم بالذي اقترحوا ... عن طيب نفس بلا من ولا كدر وخض بهم في فنون يأنسون بها ... من كل ما طاب للأَسماع في السمر لكل قوم مقام في الخطاب فلا ... تجعل محاثة الأعراب كالحضر واعرف حقوق ذوي الهيئات إذ وردوا ... وللصعاليك فاحذر حالة الضجر والزم لدى الأكل آداباً سأوردها ... تعش حميد المساعي عند كل سري كن أنت أول بادٍ بامتداد يد ... إلى الطعام وسم الله وابتدر

واشرع بأصفى حديث ذي مناسبة ... بالزاد انساً وترغيباً بلا هذر لا تؤثرن بشيء لذ مطعمه ... نفساً ولا ولداً فالضيف فيه حري وكن إذا قام كل القوم آخرهم ... وغض عن مد أيدي القوم بالبصر ومن أقامك أهلاً للضيافة قم ... بشكره واستزد انعام مقتدر ورأس ما قد ذكرناه الحياء فكن ... من الحياء بأوفى باهر الحبر لا دين إلا لمن كان الحياء له ... إلفاً قريناً فيسمو كل مستتر فاستحي من خالق يرعاك في ملا ... وفي خلاءٍ وكن منه على خدر والعاقل الشهم من يأبى الرذائل بل ... يختار من كل شيء أطيب الخير بالعقل تدرك غايات الكمال كما ... به تميز بين النفع والضرر لولاه لم نعرف الله الكريم ولا ... نمتاز يوماً عن الأنعام في الفطر فاستعمل العقل في كل الأمور ولا ... تكن كحاطب ليل أعمش البصر دليل عقل الفتى بادي مروءته ... فمن تجنبها فالعقل منه بري عاري المروءة نكس لا خلاق له ... وذو المروءة محبوب لدى البشر أخو المروءة يأبى أن يرد ذوي ... الآمال عن فضله في حال منكسر والجود أشرف ما تسمو الرجال به ... وقد ينال به مستجمع الفخر وبالسخاء لحفظ النعمة اعتمدوا ... يا حبذا عمل بالحفظ صار حري لا يصلح الدين إلا بالسخاء أتى ... إن السخاء من الإِيمان فاعتبر والجود من شجر الجنات فاحظى به ... وخذ بغصن أتى من ذلك الشجر يحب مولاك حسن الخلق مقترناً ... بالجود لم يبقيا للذنب من أثر إن السخي حبيب للإله له ... قرب من الله هذا جاء في الخبر ولا ترح بلئيم سرح عارضة ... ترد في ظمأً من حافة النهر ولا تغرنك منه طول مكنته ... حلفاء عار بلا ظل ولا ثمر بذل النفيس على نفس الخسيس عناً ... فعل الجميل لديه موجب الضرر ومن يؤم لئيماً عند حاجته ... يعض كفيه كالكسعي وسط قري واسلك سبيل كرام أصفياء مضوا ... بكل حمد على الآفاق منتشر واحذر طبائع أهل اللؤم إن لهم ... ذماً يدور مع الآصال والبكر واغنم مكارم تبقيها مخلدة ... في ألسن الناس من بدو ومن حضر فخير فعل الفتى فعل يبلغه ... من المحامد ما يبقى على الأثر فالمرء يفنى ويبقى الذكر من حسن ... ومن قبيح فخذ ما شئته وذر وهذه حكم بالنصح كافلة ... بالنقل جاءت وعن مصقولة الفكر حررتها لي وللأولاد منبئة ... بكل وصف حميد الذكر مدخر خذها إليك ولا تنظر إلى عملي ... إني سأكشف عني وجه معتذر بالله أحلف لا أخشى به حرجاً ... ومن تألى بغير الله في خطر بأن لي نفس جحجاح تطالبني ... سبقاً إلى شرف عال بلا أشر وهمتي في المعالي فوق مقدرتي ... ولا أبالي بكون الباع في قصر وإن أَصعب ما يشقى الكرام به ... جهد المقل أتى في عزم مقتدر والدهر في كل حر ذو مغايرة ... بالطل يقنعه عن واكف المطر ما كنت ممن يراعي في العلى نشباً ... ولست أخشى بمجد حال مفتقر ولا اكتسبت من الدنيا لقصد غنى ... أسمو به لا ولا عن باعث المطر وإنما جل قصدي أن أقيم بها ... من المكارم ما يخفي سنا القمر ورثت ذلك عن صيد غطارفة ... آباء صدق كرام الورد والصدر من كل ندب جواد فاضل يقظ ... حليف جود بعز واضح الغرر فسل ربيعة سل كعباً ومنتفقاً ... عنهم تجد فضلهم يسمو على الدهر توارثوا المجد عن طه الرسول وعن ... أبي تراب وعن فهر وعن مضر وإن لي أملاً بالله عن ثقة ... أن يسبل الستر فينا مدة العمر وخير ما يتحف المهدي لسيدنا ... أزكى الورى صادق الإِسرا وخير سري جرثومة المجد ينبوع الفضائل من ... إليه كل فخار غير منحصر محمد سيد الرسل الكرام ومن ... يتلى له المدح في الآيات والسور أزكى صلاة وتسليم لنشرهما ... يفوح عرف ختام المندل العطر والآل والصحب ما جاءت مكارمهم ... تفوت عد الحيا والرمل والمدر

ومما قال مجاوبا للشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عثمان الأحسائي ومحمد بن علي

ما حن مشتاق مجد أو عشيق منى ... لربع جود بأهل الفضل معتمر وما تألق برق في الحمى وهمى ... ودقٌ على حاجر من كل منهمر مما قال في ذم الغضب أعاذنا الله منه: للغيظ آفات يضيق بها الفتى ... فإذا استطعت له دفاعاً فاجهد منها حجاب الذهن عن إدراكه ... أمر تحاوله كأن لم يعهد وبه الحليم إلى الجهالة صائر ... ويهد عنهُ به منار السؤدد وبه يغيب الرشد عنه فلا يرى ... إلا سلوك سبيل غير المهتدي وبه تسيء لدى الورى أخلاقه ... حتى يقال له لئيم المحتد لا يرعوي لصحيح قول نصيحه ... ويرى النصوح كعائب ومفند وبذمه الشرع الشريف قضى كذا ... ك النهي جاء عن الرسول محمد إذ قال لا تغضب وقال إلهنا ... والكاظمين الغيظ فاتبع تهتد هذا الخطاب لكل عبد مؤمن ... والنصيح يجدي بالكريم السيد من حب طب بما تناول علمه ... وأخو النباهة يقتدي بالمرشد ومما قال مجاوباً للشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عثمان الأحسائي ومحمد بن علي البغلي عن مناظيم وردت عليه منهما فأرسل لكل واحد منهما نسخة من القصيدة وأتبعها برسالة تخصه وقد أجاد في الرسالتين ولم أنقلهما لأجل الاختصار وهذه هي القصيدة إلى طيب ملهى بالعذارى وملعب ... يحن فؤاد المستهام المعذب وأصبو إلى عصر تقضي على الصفا ... وبرق الأملني والرضا غير خلب أطيع الهوى فيما يشاء صبابة ... وأعصي نصيحي في الهوى ومؤنبي لعز الهوى أذللت جامحة الصبى ... كما ارتاض بالألجام صهوة أصعب وما زال لي في الحب أبعد مطمع ... تقصر عن أدناه أطماع أشعب ليالي لا واش أُحاذر بغيه ... ولا أتقي عين الرقيب المرتب أسير الهوى طاق العنان خليعه ... أسير به في كل وجه ومذهب ليالي الصبى مرت علينا كأنها ... خيال الكرى أو خلسة المتريب تواصلني فيها الرباب وزينب ... ويا طيب عيشي بالرباب وزينب ليالي إذ أدت عزيزة بيننا ... رسائل شوق هيجت كل مختبي وإذ أَنشقتني من عصابة منيتي ... شذى المسك يغذى بالصديع المعقرب وأملت أحاديث المنى دونها الصبا ... سحيراً وقد مرت بأزهار معشب فأسكرني ذاك الحديث وطيبه ... وتذكاره لليوم أسكر مطرب وموقف ذل قد لنظرة ... أسارقها من ذات حسن محجب فابلغ طوراً ما أردت وتارة ... أرى دونها حد الحسام المشطب ولست بناس إذا مررت فأومأت ... إلي بأطراف البنان المخضب علقت هواها وهي طفل غريرة ... وكنت وإياها بأنزه مكتب تصد وتبدي لي أَسيلاً كأنه ... صبيحة بدر ضاء في جنح غيهب ويا ليتنا لليوم في المكتب الذي ... حوانا ولم نحدث دواعي التجنب لقد صرمت أَيدي النوى سبب اللقا ... وطار تلاقينا بعنقاء مغرب وما زال بي من حبها كل لاعج ... يزيد وقود الوجد أي تلهب إذا خطرت في القلب هام صبابة ... وناديت واشوقاه يا أخت جندب ولست بساليها ولست بناقض ... عهود الهوى ما دام أركان كبكب ورب الهوى العذري لم يدر سلوة ... وأن كان مغموراً بحيلة أشيب رعى الله أوقاتاً نعمنا بطيبها ... وغادى ربوع الأنس من كل صيب وأروى عراص الروضتين التي بها ... تغازلني ألحاظ ريم وربرب مغاني الغواني المائسات ومن حلا ... لها التيه عن لطف الدلال المحبب وحيا ربوعاً حول ساحة جسرها ... بها نلت أمالي وغايات مطلبي ونادمت فيها كل ثقف عطود ... حميد المساعي ماجد الخال والأب تدار كؤوس الفضل فينا فنحتسي ... شراب طلا الآداب أعذب مشرب فمن مبحث في العلم طاب اجتذابه ... ومن شاهد رقت معانيه أعذب ونادرة تستنشق الروح عطرها ... يشنف منها سمع كل مهذب مغاني كرام ليس يخذل جارهم ... ولا مجتدي إحسانهم بالمخيب يصادف منهم ضيفهم كل بغيه ... ببشر وتوقير وأهل ومرحب ويرجع منهم والهاً مغرماً بهم ... لحسن مواساة وإن كان أَجنبي هم بهجة النادي نجوم سماءه ... مكارمهم تنسيك آل المهلب

قد اقترح عليه حسن بن عبد الله بن أحمد آل خليفة تشطير أبيات ستة امتدح بها أمية بن

أولئك أخداني وقومي وجيرتي ... فمن مثلهم من منجب وابن منجب عليهم قضت أيدي الرزايا فلم تزل ... تساقط منهم كوكباً إِثر كوكب وأضحت مغانيهم قفاراً من الدمى ... ومن كل غطريف جواد مدرب كأن لم يكن فيها أنيس مسامر ... ولا حل فيها للقرى بعض لغب وبعدهم أقوت معاهد جودهم ... فيا ضيف خذ في حفظ زادك واعزب فيالك من دهر تحكم ريبه ... وأودى بأقيال لهم نخوة الأب ولا عوض عنهم يزاح به الأَسى ... وفاقدهم أضحى كأجذم أَغضب وهل ساغ أن يعتاض عنهم بجاهل ... من النوك أو فدم عديم التأدب عري من الآداب والفضل باقل ... تراه إذا صارحته يشبه الصبي ألذ وأحلى كل شيء لديه ما ... إذا شام برقاًلاح في أفق مكسب إذا دار في النادي لطيف نوادر ... وشعر يرى للثقل كالمتجنب ولم ألف ذا فهم ونفس شريفة ... فيرتاح للآداب عن طيب مشرب ولم يبقى مما يستطاب به سوى الذي ... تضمنه الأسفار من كل معرب وما راق تنشيه القرائح حادثاً ... طرياً أتي من نحو شرق ومغرب كمثل نظام جاءني فاق نشره ... على الروض جادته الغوادي بصيب به يتحلى جيد هيفاء غادة ... فيدرك منها الحسن أبعد مطلب تنظمه عقداً أنامل ماجد ... له في مقام الفضل أرفع منصب نبيه نبيل ذي صفات حميدة ... تميزه بالنبل في كل موكب حريص على كسب الفضائل مذ نشا ... وقد يسبق الأقران فضل التكسب لقد عرفت منه الظرافة شيمة ... ورب ظريف للقلوب محبب كريم إِخاء جامع حسن عشرة ... تقيم بعيداً كالحميم المقرب سيلقي منظوم ونثر كأَنه ... كفاه سليم الطبع عن نحو قطرب هو الشيخ عبد الله نجل محمد ... سليل كرام كل أنجب أغلب جهابذة علماً فحلوه بالتقى ... إلى ورع صافي الموارد أعذب وبالفرض حازوا العلم لا عن كلالة ... فمن كابر عن كابر كالتعصب تقصد عبد الله قصد سبيلهم ... ففاز بفضل نابه الذكر معجب ففاق بنظم لا يباريه شاعر ... سوى ما أتى من نظم واف مهذب كسمط من العقيان والدر فصلت ... فرائده من أَغلى مثقب نظام فريد في القريض مبرز ... فلم يرض من بكر المعاني بثيب وثيق عهود الود مذ كان يافعاً ... وما زال حليفاً للإِخاء المحبب ذكي به علم العقاقير نير ... فأصبح جالينوس في جنبه غبي هو ابن علي ذو الوفاء محمد ... محب لآل المرتضى عترة النبي غدا نظمه وشي الربيع وكافلا ... بصدق وداد بالولاء مطنب فقابله مني القبول مع الرضى ... وأعددته للأنس ألطف مطرب فيا من أنافا في القريض تسامياً ... إلى كاهل الإحسان بالحسن قدحبي خذا لكما مني جواباً منقحاً ... يفوق على أشعار بكر وتغلب أتيت به والفكر مرتهن الصدا ... وقرضابه قد كل عن كل مضرب ولست إلى نهج البلاغة ناظراً ... يحجبها عني شواغل حدن بي ولو لم أحاذر نسبة الكبر لم أفه ... بما قلت كالعشواء تخبط محتبي ولا زلتما في نعمة وميسرة ... دواماً وعيش بالمعافاة طيب سعيدين ما لاحت بوارق مزنة ... وما فاح مسك الختام المطيب قد اقترح عليه حسن بن عبد الله بن أحمد آل خليفة تشطير أبيات ستة امتدح بها أمية بن أبي الصلت في الجاهلية ابن جدعان القرشي المشهور بالكرم وضمن التشطير في قصيدة طنانة وامتزجت الأبيات بالقصيدة حيث لا يتميز بينهما بل ربما كان كلامه يفوق الأبيات الستة فقال ليالي الوصل حق بها الهنا ... وتلك مع الشباب هي المناء تسامرني بها غنجاء رود ... كعاب للدلال بها ازدهاء برشق لحاظها داء المعنى ... وفي ترشاف مبسمها الدواء ومن سود الذوائب جن ليل ... ولي من نور غرتها ضياء إذا ما الحلي زين به العذارى ... فحليتها الملاحة والبهاء إذا سقط النصيف لمنكبيها ... تلقته وواراها الحياء لهوت بها على حذر ورقبى ... خليعا بالملاح لي اعتناء فأرشف من ثناياها عقاراً ... بها سكري وراق بها الصفاء

نعمت بها على رغم الليالي ... وزال بوصلها عني الشقاء ويعجبها اكتسابي للمعالي ... ولي في فضل آبائي اقتداء يروضها الصبا لي والتصابي ... وتجذبها النضارة والرواء ومذ لاح المشيب ولان عودي ... لغامزه وبان به انحناء نأت عني وقد صرمت حبالي ... كأن لم يجر وصل أو لقاء ودأب الغانيات جحود ود ... فلا عهد لهن ولا وفاء لعمرك ما الليالي صادقات ... بما عهدت إليك ولا النساء إليك فدع مطارحة الغواني ... ففي تطلابهن لك العناء تذارف أدمع وسهاد عين ... وذل وانزعاج وابتلاء مواقف ريبة تسم الدنايا ... وليس لعرض آتيها وقاء أيختار الكريم أخو المعالي ... مقام الذل يعقبه ازدراء إذا سمح الفتى بالعرض يوماً ... فذلك والبهيمة قل سواء وبئس العيش عيش فتى ذميم ... عليه من الخنا الداجي رداء وأشرف ما اقتناه الحر ذكر ... تقاصر دون رياه الكباء عفاف غيرة صدق وفاء ... رعاية منصب حزم إباء وإقدام وجود صدق وعد ... وعهد ليس يخفره البلاء ومن عشق الثنا هجر الدنايا ... ولم يلمم بساحته البذاء تطلع للعلى والمجد دأباً ... وفي سبق الكرام له اعتناء إذا الكرام الصيد ناد ... يضيء له على العز اعتلاء كما ضاءت فعال ذوي المعالي ... هم القادات غر اتقياء لآل خليفة شيم تعالت ... عن الحق النيء فهم براء وبالمعروف امارون حقاً ... وجاني المنكرات بهم هباء أولو همم نوازع للتسامي ... على زحل يلوح لها علاء سراع الغوث إن يدعوا لعز ... وإن يدعوا لمنقصة بطاء أكفهم لدى الجدباء غيث ... وكم رويت بها الأسل الظماء لهم يوم الوغى وثبات أسد ... إذا أودى بأشبلها العياء يخوضون الكريهة لم يبالوا ... أحان الحين أم نزل القضاء لقد سادوا وشادوا كل عز ... وطال بعزهم ذاك البناء بهاليل وتقوى الله ركن ... به اعتصموا وبالتقوى وقاء لهم حسن الجوار فلا الرزايا ... تصيب الجار فيهم والاذاء تفرغ منهم ندب جواد ... كريم الطبع ديدنه العطاء له خلق كزهر الروض يزهو ... عليه من الندى سحراً رداء فيا ذا الفضل يا حسن السجايا ... كذا اسماً حيث حليتك العلاء رأيتك للتنا تهتز طبعاً ... فجئت بما يقل له الجزاء أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حباؤك أن شيمتك الحباء بلى حسبي لآمالي شفيعاً ... عن الإفصاح حدسك والذكاء وعلمك بالحقوق وأنت فرع ... لدوحة من بهم عرف الوفاء وعن طرق الخنا واللؤم يأبى ... لك الحسب المهذب والسناء خليل لا يغيره صباح ... يضيء به وصال أو جفاء وليس يحول ما كرت غداة ... عن الخلق الجميل ولا مساء وأرضك كل مكرمة نمتها ... فعالك حيث ينقطع الرجاء أتدرك شأو قومك في التسامي ... بنو تيم وأنت لها سماء إذا أثنى عليك المرء يوما ... تصدقه المروءة والسخاء وراجي فضلك الداني جفاه ... كفاه من تعرضه الثناء تباري الريح مكرمة ومجداً ... فتسبقها ولاح لك العلاء ترى طلق المحيا ذا ازدهاء ... بها يحلو التغني والحداء نظمت بسلكها ما قيل قدماً ... فهل فرق بها أم ذا سواء فسل من جاء من شرق وغرب ... أتأتي مثل نظمي الأذكياء يحوز لي القوافي الغر فكري ... فأقطف من جناها ما أشاء فسرح طرف طرفك في رباها ... تجد روضاً تغاديه السماء أصون حماه من فدم دني ... لديه المدح ساواه الهجاء ودم في نعمة ورغيد عيش ... تلازمك المسرة والغناء معانا ما حدا حاد بقولي ... ليالي الوصل حق بها الهناء وكتب إلى السيد الشيخ محمد الشيبي كتاباًوفيه هذه الأبيات والسيد إذ ذاك بالطائف سنة 1249 وهي: يا سادة بعدوا عني فما برحت ... أحشاء مضناكم بالنار تلتهب ما كان ظني بأن الدهر يبعدني ... عن أنجم بضياء الشمس تحتجب

فجددوا العهد كيما تشتفي كبدي ... وحققوا حالكم فالقلب مضطرب باللحظ الود بالتفاح من رشأٍ ... سهامه في فؤاد الواله الهدب هل من ضمان لصب باع مهجته ... بلا جزاء عليكم فالجزا يجب لا تخرجوا رقكم عن طيب خاطركم ... بقؤبكم تكرم الأعاجم والعرب أجابه السيد رحمه الله: أحبتي لاعداكم صوب غادية ... باليسر واليمن والخيرات تنسكب فإن نأت داركم عني فمنزلكم ... في القلب والطرف يوما ليس يحتجب أنتم منائي وأنتم منتهى أملي ... وليس لي بسواكم سادتي أرب أعض من ندم كفي على زمن ... مضى ومالي بكم وصل ولا سبب إِني أسير هواكم مغرم بكم ... إِني أسير ومالي عنكم منقلب أقول للمدعي في حبكم شبهي ... لقد حكيت ولكن فاتك الثنب كلا ولم يلهني خل أسامره ... ولا نديم ولا أهل ولا نشب أنا الوفي بعهد الود من قدم ... فليس قلبي عن الأحباب ينقلب أنفقت شرخ شبابي في الهوى يقظاً ... فكدت أعلم ما يؤتى ويجتنب أقمت مني لكم حكم الصبي ... أهليه يا سادتي من بعض ما يجب دمتم بعز ونعمى لا تبيد ولا ... يفوت ربعكم الأفراح والطرب ما حن صب إلى أحبابه ولهاً ... ففاز إذا انعشته منهم الكتب قال مجاوباً أيضاً لمحمد الشيبي عن كتاب وأبيات وردت عليه فقال مجاوباله ومادحاً: خطرت بقد البانة المياس ... ورنت بطرف الجوء ذر النعاس غيداء يلعب بالعقول حديثها ... فعل الشمول حكت صفاءِ الكاس تصمي الحشا بنبال مقلتها وما ... للسيع غقرب صدغها من آس ما للذوائب كالأفاعي أرسلت ... فوق الكثيب فضيعت أحساسي بالغنج يسلب ذا الوقار وقاره ... ودلالها يقضي بنقض مراسي لألاء غرتها وداجي فرعها ... بدر يلوح خلال غيم راسي زارت فما أدري أكانت يقظة ... أو من طروق الطيف أو وسواسي حتى تعطرتِ الربوع بعرفها ... ونضا محياها دجى الإِغلاس فدهشت لما أن أمطت خمارها ... واستقبلتني زرقة الألعاس ونشقت منها الطيب ظناً أنه مسك وذلك عاطر الأنفاس فطفقت أقطف ورد وجنتها وأر ... شف من ثنتياها طلى الشماس وغدا على قلبي الخفوق كقرطها ... فرحاً بطيب الوصل بعد الياس فحظيت منها بالمنى متدرعاً ... برد الصيانة والغرام لباسي يا حبذا زمن الوصال يمده ... زهو الشباب الغض باستئناس واليوم مالي والتغزل بالدمى ... من بعد ما نزل المشيب براسي فذر الهوى وفنونه واهرع إلى ... إطراء ندب طيب الأغراس الماجد الأنف الأبي الباسل ... القرم السري أخي الندى والباس زاكي النجار عفيف منعقد الإزا ... رقرير عين الجار بالإيناس يرعى ذمام ذوي الإخاء تكرماً ... بالبشر يلقاهم بغير شماس هذا هو الشيبي ذا أسمى فتى ... في دارة البطحاء كالنبراس من آل عبد الدار أكرم معشر ... حازوا مناقب كالنجوم رواسي منها حجابة بيت رب العرش قد ... خلدت لهم وبنيهم الأكياس لله منصب سؤدد ذي حلة ... خير الأنام لهم بتلك الكاسي وسواه من كل المناصب جاء عن ... ملك وتغليب وشورى الناس أمحمد يا فرع كل معظم ... در الندى منه بلا إبساس وافى كتابك والغرام بحاله ... أين الهوى وزخارف الأطراس إني أحن إلى اللقاء وهاج بي ... شوق يرق له الفؤاد القاسي جمع اصطباري فلّلكن الرجا ... قهرت دواعيه دعاة الياس فيه التعلل والرجاء تعلة ... وكذا المنى تغني ذوي الإفلاس فعسى الإله يبت اسباب النوى ... عنا فنلبس حلة الجلاس وإِليك من أبكار فكري بضة ... صينت معاطفها عن الأَدناس حسنا الشمائل من ذؤابه هاشم ... بصميمها من كا أغلب آسي لا زلت يا رب الكمال برتبة ... قعسا وعز محكم الآساس ما أضحك الروض المرنح في ربى ... مزن يسح بواكف رجاس ومن قوله: لا تتخذ بالشيب عذراً للذي ... ترجو على طول الحياة وصاله

إن اعتذارك بالمشيب يجره ... للصد أو يدني إليك ملاله إِذ أن ذلك لا يزال ملازماً ... لو زاد فالوعد ارتكبي مطاله والعذر أحسنه الذي قد زال عن ... ك وقد حمدت وقوعهُ ومثاله وفي سنة 1264 بلغ السيد عبد الجليل أن داود باشا أرسل القصيدة الخالية إلى أدباء بغداد ليجاروها ونسبها لبعض شعراء النصارى وهو بطرس كرامة الشامي وهو غلط أو دعوى وإنما هي لبعض أهل جبل عاملة من قرى الشام وهي متقدمة على عصره كما وجدت في بعض المجاميع وعند وصولها بغداد تجاذبها الأدباء وأرادوا مجاراتها ولما علم السيد أنها صادرة من الباشا أحب أن يذيلها ويجعل ذيلها مدحاً فيه فيصير غزلها للعاملي ومديحها له وآخر خالية العاملي قوله: لكل جماح إن تمادى شكيمة ... ولكن جماح الدهر ليس له خال وأول قول السيد: نعم خاله تقوى الإله فإنها ... ستكسوك ثوب العز إن أعوز الخال وهذه خالية العاملي: أمن خدها الوردي أفتنك الخال ... فسح من الأجفان مدمعك الخال السحاب وأومض برق من المحيا جمالها ... لعينك أم من ثغرها أومض الخال البرق رعى الله ذياك القوم وإن يكن ... تلاعب في أعطافه التيه والخال الكبر ولله هاتيك الجفون فإنها ... على الفتك يهواها أخو العشق والخال الخلي من العشق مهاة بأمي أفتديها ووالدي ... وإن لام عمي الطيب الأصل والخال أخو الأم ولما تولى طرفها كل مهجة ... على قدرها من فرعها عقد الخال اللواء إذا افتكت أهل الجمال فإنما ... لهن على أهل الهوى الملك والخال الخلافة وليس الهوى إلا المروءة والوفا ... وليس له إلا امرؤ ما جد خال السمح الكريم وكم يدعي بالحب من ليس أهله ... وهيهات أين الحب والأَحمق الخال الضعيف القلب والجسم معذبتي لا تجحدي الحب بيننا ... لما اتهم الواشي فإني الفتى الخال البريء من التهمة ولي شيمة طابت ثناء وعفة ... تصاحبني حتى يصاحبني الخال الكفن سلي عن غرامي كل من يعرف الهوى ... تري أنني رب الصبابة والخال الصاحب لا تسمعي قول الحسود فإنه ... لقد ساء فينا ظنه السوء والخال التوهم سعي بيننا سعي الحسود فليته ... أشل وفي رجليه أوثقه الخال الظلع من الدابة والعرج وظبية حسن مذ رأيت ابتسامها ... عشقت ولم تخط الفراسة والخال المخيلة توسم طرفي في محاسن وجهها ... فلاح له في بدر سيمائها الخال التوسم بالخير إلى مثلها يرنو الحليم صبابة ... ويعشقها سامي النباهة والخال الرجل حسن المخياة والفراسة أيا راكبا يفري الفلاة بجسرة ... يباع بها النهد المطهم والخال البعير الضخم بعيشك إن جئت الشآم فعج إلى ... مهب الصبا الغربي يعن لك الخال جبل بعينه فإن ناشدتك الغيد عني فقل على ... عهود الهوى فهو المحافظ والخال الملازم فسلم بأشواقي على مربع عفا ... كأن رباه بعدنا الأقفر الخال موضع لا أنيس فيه فإن قيل هل سام التبصر بعدنا ... فقل صبره ولى وفرط الجوى خال ثابت لكل جماح إن تمادى شكيمة ... ولكن جماح الدهر ليس له خال اللجام انتهى كلام العاملي وهذا تذييل السيد رحمه الله تعالى بقوله: نعم خاله تقوى الإِله فإنها ... ستكسوك ثوب العز إن إعوز الخال الثوب الناعم وقل لعفاة ساءهم سوء حالهم ... وامطرهم عن واكف السحب الخال السراب هلموا سراعا واهرعوا نحو ماجد ... سري فما كل الفحول هو الخال الرجل السمح ولا تكنوا إلا لمن كسبه الثنا ... ولم يك في حسن السجايا الفتى الخال المتكبر إِذا استبق الأقران في حلبة العلى ... فكل كريم رام سبقاً هو الخال الحرون فليس لدواد الهمام مزاحم ... بعلم وحلم لا يوازنه خال جبل وفياض جود عاض عن صيب الحيا ... وعم به حتى ارتوى الوهد والخال الاكم ومن مثله والعلم والفهم حليه ... وهل يتسامى شامخ الطود والخال المنخفض

له زاخر الفهم الذي فاض حكمة ... ومن علمه للناس في فضله خال ترسم الخير مليك كسى القطر العراقي بهجة ... بعدل وأمن شاد ركنيهما الخال السيف غدا عصمة اللاجي إذا راعه العدى ... وكعبة جود طالما أَمهُ الخال المحتاج إليك أمير المكرمات فريدة ... أتتك من الفيحاء يعنو لها الخال نيت مزهر تجوب من البيداء كل تنوفة ... بها للوجى تدمى النجائب والخال الفحل الأسود من الابل معارضة للعاملي بنسخة ... وعند رواة العصر إتيانها خال وهم لقد مدح الوزير وقد أتى ... تغزلها قلب في الهوى خال فارغ القلب ولا زلت يا عين الزمان ممتعا ... بعز وذكر عنده يقدم الخال الجبان معاناً سعيد الجد متصل الهنا ... أخا نعمة تزهو وأنت بها الخال المختار ثم إن داود باشا أرسلها أيضاً إلى صالح التميمي طالباً منه مجاراتها فاعتذر وقال: عهدناك تعفو عن المسيء تعذرا ... ألا فاعفنا عن رد شعر تنصرا دع الشانىء المخصوص بالنص إننا ... نراه بميدان البلاغة أَبترا به سمةٌ من صبغة الخال سودت ... بصيرته لا كان ممن تبصرا عداه شبيث والأحص وفاته ... من الرند والقيصوم ما كان مزهرا أما وعلوم ضمها صدرك الذي ... براه إله العرش للعلم إذ برا وفيض أيادي حكمة في رقابنا ... مكارم كالأَطواق محكمة العرى لجم غفير صير الخال قبله ... مكان القوافي بالقوافي مكررا وما الشعر إِلا ما أبانت صدوره ... قوافيه لا ما السمع فيه تحيرا وغنى به الساقي على الكأس آخذاً ... عليك وإن لم تشرب الكأس أسكرا لعمرك ما كعب ولا الشيخ قبله ... زهير بتكرار القوافي تصدرا وإني أرى المصنوع منه تأمراً ... بما لا أرى المطبوع إلا تأمرا فدع ذا ولكن اسأل الله بالذي ... دنا فتدلى ثم بالوحي أخبرا بشيراً يوافي باللقاء وطالما ... يوافي رسولاً بعد يأس مبشرا لداود والأيدي الجسام صنائع ... لنا يسرت أمراً لنا ما تيسرا رؤوف بنا عطوف ولم يكن ... تغير لو أن الزمان تغيرا على البعد شاهدنا له كم عناية ... تشكر والإِحسان بالحر اثرا ومذ وصلت هذه الأبيات إلى داود من صالح التميمي عرضها على بطرس كرامة فأجابه بقوله: لكل امرىء شأن تبارك من برى ... وخص بما شاء كلاً من الورى ولو شاء كان الناس أمة واحد ... ولم تلق يوماً بينهم قط منكرا ولا يفتخر مرءٌ بجد يناله ... تراثاً إذا عن طارف الفخر قصرا ولا يحتقر در يجيءُ به فتى ... يخالف جنساً أو يرى غير ما يرى إذا ضاع قدر الدر من حلي بائع ... فذلك جهل باللآلي بلا مرا كما عاب شعري قائل في قريضه ... ألا فاعفنا عن رد شعر تنصرا عداني شبيث والأحص وإنما ... رشفت من الآداب سهداً وكوثرا ولي سمة من صبغة الخال قد سمت ... وقد سودتني بالبلاغة منبرا عجبت له من أنه نعم فاضل ... فكيف تغاضى عن أخي الفضل وازدرى نعم إنني من أمة عيسوية ... وأهل كتاب لن يشان وينكرا وأقرب من كل الأنام مودة ... إليه كما قد جاء بالذكر مخبرا وما أنا ممن آمنوا بنبيهم ... وقد أنكروا صحب الرسول المطهرا ولو أنه يتلو وقل لا تجادلوا ... لكان أتى بالحق حكما وما افترى لعمرك ما داعي الفصاحة ملة ... ولا نسب حتى ألام واهجرا فذلك فضل الله يؤته من يشا ... ولن ينتهي فضل الإِله ويحصرا فقس مسيحي والسموأل موسوي ... وغيرهما ممن تقدم أعصرا كذا ابن سهل وابن صاعدة الذي ... ببغداد أهدته المنية للثرى كذا الصابيء المشهور من شاع ذكره ... ومن فضله أملى ابن خاقان دفترا كفاني فخراً أن شعري لم يعب ... بوزن ولا لحن ولم يحو ممقرا وما الورد إلا ريحاً ومنظراً ... وإن يكن الرومي هجا الورد وافترى ولا يسلب الحسناء قول ضرائر ... صباح جمال عنده يحمد السرى ولا يحسبني أعجمياً فإن لي ... من العلم والآداب قوماً ومعشرا

من العرب مطبوع الفصاحة والندى ... وغنى بشعري أهل فضل فأسكرا فأطرب ذا علم ورنح ضيغماً ... وهز أخا شوق وأرقص جؤذرا وإِني لمنسوب لآل كرامة ... وحاشاه أن يأَبى الكرامة مدبرا ففي حلب والشام رنت قصائدي ... وشعري في روض الكنانة أزهرا وما كان منه ذاك إلا ليبتلي ... ويعلم آدابي فيغدوا مخبرا وأحسبها منه يدا قد أراد أن ... أكون شهيراً بالعراق وأُذكرا ولما وقف السيد رحمه الله على قصيدتيهما أحب أن يحكم بينهم فيما تشاجرا فيه. فقال: حكمت وحكم الحق ناء عن المرا ... بأن التميمي الأديب تعثرا بذم قواف في تمام جناسها ... وذلك نوع في البديع تقررا وعند اتحاد الجنس فالنوع سائغ ... تعدده بل كم أفاد تخيرا وليس مرادا دين من رق طبعه ... أكان حنيفاً مسلماً أو تنصرا وحسبك منه ما يفصل عقده ... من النظم والمنثور دراً وجوهرا وكم مسلم منه اللسان وقلبه ... على غير دين فضله قد تصدرا وظلم ذوي الآداب والفضل عيبهم ... بما صنعوا من رقة الشعر في الورى وما كل وراد المناهل مفلق ... ولا رعيه الحوذان كان المؤثرا وأكثر كتاب البلاغة لم يرد ... شبيثاً ولامس الخزامى المنورا ولم يك للأديان في الشعر مدخل ... وكل قديم الشعر كان المصدرا وقادتهُ الأعلون في جاهلية ... وشرك وهل كالشرك تلقى مكفرا وقد قام من أهل الكتابين زمرة ... جنوا من رياض الشعر ما كان مزهرا فمن كابن عباد يجاري مهلهلا ... وكان مسيحياً تقدم يشكرا وكالأخطل المعروف شاعر تغلب ... يسوق به القسيس في الدير كالفرا وكعب هو ابن الأشرف القرظي من ... بأَشعاره وصف الخراعب أسفرا وقس مضى طول الحياة موحداً ... وما نقل التثليث عند ولا اجترا كذلك عابوا للتميمي قوله ... ألا فاعفنا عن رد شعر تنصرا إِذا منه عجز عن مجاراة خاله ... فمال إلى الأديان عمدا تهورا ولو أنه يدري بقولي لقال لي ... عهدناك تعفو عن مجيب تعذرا وأي مقال قد خلا من معارض ... فلو عابه بالانتحال لما افترى إذا صح عنه الادعاء لنظم ما ... بها الخال قد عم القوافي مكررا فمن سرقات الشعر ما كان حده ... يقام على الجاني فيصبح أبترا ويبعد عن هذا الظريف ادعاؤها ... لشهرتها بين الرواة ومن درى ونسبتها للعاملي قديمة ... وخمسها منهم نبيه فحررا وعارضها ذاك المخمس فانثنى ... بمدح جواد ضمنه أسد الشرى وتخميسها عندي وما عورضت به ... وأخرى بكسر اللام يعرب من قرا على أنني ذيلتها بمديح من ... يقرر فضل النظم والنثر إذ طرا ولازمت خالاً فوق وجنتها هوى ... لأرشف من تلك الثنايا المكررا وجاء له لحن ولكن مخففا ... برائية فيها الجواب تقررا فقال مسيحي ثم في البيت موسوي ... بتسكين ياء النسبة القول يزدرى وذلك لحن في قواعد معرب ... كما جاء هذا للنحاة مسطرا وكل انتقاد الشعر دون انتحاله ... وذلك عيب ضمنه وصمة افترا بدت لأبي سلمى زهير عناية ... بتهذيب حولياته قبل أن ترى بها بلغ الغايات في حسن شعره ... وفي بيته فالشعر يروى محررا كما شاع حر الشعر في بيت بطرس ... وفي نجله بين المدائن والقرى فصيح رقى أوج البلاغة يافعاً ... فأَشعاره حلى بها ربع قيصرا لأَفكار غر القوافي قريبة ... وعن غيره بعد الثريا عن الثرى أتى منه نظم هد حجة صالح ... وإن كان في المنظوم قدماً تصدرا فأيدت ذاك الرد إذ كان صالحاً ... وزدت له بالاحتجاج ليشكرا وما قلته بين الفريقين واضح ... فأمعن لهذا القول في الحكم منظرا وكن منصفاً فيما ترجح بعدما ... تدير الحجا فيما تراه لتعذرا لكل تراني قد قضيت بحقه ... وأسال هادينا الهدى والتصبرا وقد كان لي من صالح خير صحبة ... وعند اتباع الحق ما زلت أجدرا وقد مر لي بالشعر بعض علاقة ... وحكمي ماض فيه أنفذه الورى

بعصر تقضت فيه أيام صبوتي ... أطارح فيه من أشاء بلا ازدرا ويسعدني فيما أردت شبيبتي ... وعهد الصبا ادعى لثائرة المرا ليالي إذا قاد الهوى لي صبابة ... فأثني بها ألمي المراشف جؤذرا وإني وإن فارقت أيام صبوتي ... فبالفكر أرعاها عياناً تحسرا ومن خلقي تذكار عهد شبيبتي ... وبعض وفاء الحب أن اتذكرا لعمرك فاتتني سريعاً حسبتها ... كزورة جاف مر في سنة الكرى وسائل صب شاب للغيد قد وهت ... كاعزل لاقى في الهياج غضنفرا ويا طيب عصر صالح لي بصالح ... بصحبته كان الوداد مقررا بمنعرج الفيحاء مر اجتماعنا ... وكان به ليل المسرة مقمرا قضيت به للأنس كل لبانة ... فإن شئت سل عما جرى حينئذ جرى فيا طال ما حلى القريظ بنظمهِ ... وفاح به النادي لذلك عنبرا وكم نكت أبدى لنا من فنونه ... طرائف منها يرشف السمع كوثرا سوى أنه في الارتجال لراجل ... اذا أبصر الأعيان في الربع حضرا حياء وإن ضم اليراع بنانه ... أجاد أعاريض القريض مفكرا عسى مالك الغفران يقبل عذره ... ويمحو له ما ظل فيه مقصرا ودونك إِبراهيم هيفاء كاعباً ... أحاديثها تغني عن الراح مسكرا وترفل تيهاً في مطارف حسنها ... وبالغنج تجلو عن نديم مكدرا أتتك من الفيحاء تطوي سباسباً ... قفاراً بها الخريب صاح تحيرا فلا منهجاً دلت ولا منهلاً درت ... ولا سمة تهدابها يحمد السرى وغاية ما في النفس علم ورودها ... إليك بها يسعى البريد محررا ولا زلت تجلو كل خالية بها ... تسامر مصقول الترائب أحورا وعش فارها ما جاد بالوصل نازح ... على واله بالقرب وافى مبشرا وقال مشطرا بيتي جرير في الغزل فقال: "إِن العيون التي في طرفها حور" ... هن الشقاء لقلب بالهوى دانا تلك الصحاح المراض الفاتنات لقد ... "قتلننا ثم لم يحيين قتلانا" يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... بنظرة تدع الخريب حيرانا ياللرجال يقدن الأسد راغمة ... "وهن أضعف خلق الله أركانا" واقترح على السيد رحمه الله تعالى بعض أصحابه تشطير بيتين فاسعفه بمراده فقال: "عداي لهم فضل علي ومنة" ... فقد أرهفوا مني شبا العزم ماضيا بهم شدت أركان الفضائل جاهداً ... فلا أبعد الرحمن مني الأعاديا هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها ... ورب لبيب يطرق الأمر ساهيا ومالي لا أكسوهم حال الثنا ... "وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا" ولما شطرهما راق له تخميسهما فقال: مجازاة ذي الإِحسان والعرف سنة ... وكل كريم للوفاء مظنة وإِني أرى والعقل للمرء جنة ... عداي لهم فضل علي ومنة فلا أبعد الرحمن مني الأعاديا ... أما إِنهم أبدوا أموراً حذرتخا وما رابني منها انبعثت أبتها ... ومذ زاحموني في المكارم حزتها هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها ... وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا ومن قوله والتزم في آخر كل بيت كلمة حكمة: عشقت فريداً في الجمال محبباً ... إلى كل قلب والجميل حبيب خلائقه الحسنى تريك نجابة ... إلى ظرف والحسن فيه ضروب لقد رمت منه الوصل ظناً بأنه ... قريب وما كل الظنون تصيب فعاملني بالعطف من غير ريبة ... وكل أَريب لن تراه يريب وقال السيد رحمه الله: مادحاً الإِمام المقدم الملك المفخم قائد المنصورة والأولوية المجاهد في الله حق جهاده المتمسك باتباع الشريعة في إِصداره وإِيراده سعود بن عبد العزيز أسعده الله برضوانه وأسكنه أعلى فسيح جنانه آمين وذلك في سنة 1224أربع وعشرين بعد المائتين والألف وذلك بعد استيلاء الجيش الذي أرسله سعود بقيادة سليمان بن سيف بن طوق إلى بلد الزبارة شمالي قطر وقد أثنى فيها على الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعلى الإِمام عبد العزيز والد سعود رحمهم الله تعالى قال: تباركت يا مولى الملوك الأعاظم ... وعزيت يا مبدي الجميل وراحمي لك الحمد إذ واليتنا منك أنعما ... يضيق لها ذرعاً يراع لراقم

وأتحفتنا بالدين دين محمد ... عليه صلاة مع سلام ملازم فأضحت به منا القلوب منيرة ... وتزهو كما تزهو الربا بالسواجم فأعظم بها من نعمة حق شكرها ... علينا وشكر الله آكد لازم جزى الله رب العرش بالصفح والرضى ... وبالخير من قد كان أصدق قائم بنصرة دين المصطفى وظهيره ... هو الحبر ذو الإفضال حاوي المكارم هو الورع الأواه شيخي محمد ... هو القانت السجاد في جنح فاحم لقد قام يدعو للمهيمن وحده ... فريداً طريداً ما له من مسالم وجاهد في الرحمن حق جهاده ... وفي اله لم تأخذه لومة لائم همام بدا والناس إلا أقلهم ... على محض شرك في العبادة لاجم يعدون للضراء قبة ميت ... كما طلبوا منها نتاج العقائم فهم بين موم بالركوع لسيد ... وآخر يعنو وجهه للبهائم ومن بين داع هاتف باسم شيخه ... يروم به نفعاً ودفع العظائم يقرب للمقبور قربان ربنا ... ويجهد في تسليم نذر الكراثم ويدفع عين الحاسدين بأعظم ... ويرجو لدى الحمى عقود التمائم وقد طمست أعلام سنة أحمد ... وقد زاد سلطان الهوى والمآثم وقد طم أكناف البلاد وعمها ... فسوق وعصيان وهتك المحارم عقوق وشرب واللواط مع الزنا ... وزور وقذف المحصنات النواعم ولم تلق عن بادي المناكر ناهياً ... ولا آمراً بالعرف بين العوالم فجرد عضب العزم إذ أوضح الهدى ... بآيات حق للضلال صوارم وقدَّ بها الغواية فانمحت ... قواعد زيغ محكمات الدعائم سقى الله قبراً ضم أعظمه الذي=حوى شرفاً من هاميات الغمائم هتوناً برضوان وعفو ورحمة ... وأسكنه في الفردوس يا خير راحم وأولِ الرضى عبد العزيز الذي احتمت ... به بيضة الإسلام من كل ظالم إمام كسا ظهر البسيطة عدله ... مطارف أمن شاملات المعالم فلو ضاع حلس في الفلا من سمالم ... أتاه به من غاب ضاري الضراغم فيرحل من أقصى تهامة راكب ... إلى الخط لا يخشى مكائد غاشم عزيز جوار لم ينل جاره الردى ... وفي العهد تلقى خير واف ملازم حليف التقى والعلم والفضل والندى=ويأبى المعالي بالقنا والصوارم وتساوى لديه ذو الغنى وابن فاقة ... لدى الحق أو حال المليك وخادم غناءً أتى للمعتفين وكافلاً ... لذي اليتم أو للمرملات وآيم يغار على الإسلام عن أن يصيبه ... طوارق شر فهو أمنه عاصم لياليه بالبر العميم بواسم ... وأيامُه بالخير حيرُ مواسم ففازت رعاياه بكل مسرة ... وعيش رغيد مترع بالغنائم يحب أخا التقوى ويرفع شأنه ... ويبغض ذا الفحشاء ورب الجرائم إذا رمت أن تحظى لديه برفعة ... تقرب إليه بالتقى والمكارم لقد عمر الدنيا وآثر غيرها ... ففاز بكلتا الضرتين البواسم حريص على إعلاء أمر إلهنا ... بإظهار دين الأبطحي ابن هاشم فأسرج للأعداء كل طمرة ... من الضمّر القلب العتاق العدائم ورب جيوش كالسيول يقودها ... لها لجب كالرعد إثر الغمائم وألبس أهل الشرك أثواب ذلة ... بأسر وقتل واكتساب الغنائم إلى أن أباد الله كل معاند ... ومزق شمل الباطل المتراكم وقد عاين الكفار نصر إلهنا ... وفتحاً به قد جاءنا خير عالم ورد جموع المشركين بغيظهم ... وما قط نالوا غير شر الهزائم فآبوا لدين الله من بعد ما آبوا ... ودانوا به من بعد كفر مفاقم وأعلن بالتوحيد كل موحد ... وطأطأ له رأس الكفور المراغم بعون إله العرش جل ثناؤه ... وتأييده تاج الملوك القماقم سعود أدام الله أيام سعده ... وكان له الإقبال خير ملازم إمام الهدى بحر الندى من سقى العدى ... كؤوس الردى حتى اهتدى كل راغم أخو همة يستصغر الخطب عندها ... وتعلو على هام السهى والنعائم إذا نزل الأمر الفظيع رأيته ... نهوضاً بأعباه بهمة حازم لقد علم الأعداء شدة بأسه ... وكيف أذيقوا منه طعم العلاقم

شعر

فكم غادر الأعداء في كل منهل ... معاش وحوش أو خماص الحوائم وقد قذف الرحمن منه مهابة ... بكل فؤاد من عدو مخاصم يبيت المعادي منه يحرس نفسه ... ولو لم يكن في قربه من مراوم له عزمات تتقي الأسد بأسها ... بها الله عنا زال هول العظائم وذو خلق يتعبد الحر حسنه ... لطافته فاقت لطيف النسائم إمام حوى مجداً وغر مناقب ... فليس له في فضله من مزاحم إذا رمت علماً فهو في العلم لجة ... تدفق بالدر النفيس لناظم وان رمت جوداً فهو كالغيث للورى ... إذا اختلفت أيدي السحاب الرواكم ورأي سديد يستضاء بنوره ... إذا عم أمر المعضلات الكوالم وحلم رزين لا يجارى ببعضه ... أليس محاكي الراسيات بواهم صفوح عن الزلات مع فرط قدرة ... وخذ صدق ما قد قلت عن خير عالم ألست ترى ما كان من سوء فعلنا ... من الصد والإعراض عن خير حالك وتفضيل أمر قد جنيناه واضح ... شهير فأغنى عن إعادة ناظم فأرسل جيشاً سابق الرعب أهله ... وقد أمهُ الفتح المبين لشائم وقواده من كل أروع باسل ... سري كريم الأصل ماضي العزائم ومذ نزلوا حلوان والسعد أمهم ... أقاموا حدود الله من كل ثالم وقد حكوا في الناس شرع نبيهم ... وقد طهروا البلدان من كل آثم وألقى إليهم أمره ابن خليفة ... وعض لأمر غره كف نادم فأولاه غفراناً وصفحاً إمامنا ... وناصحه في أخذه للكرائم وعم على كل الرعية أمنهُ ... وعاملهم بالرفق في كل لازم فيا ملكاً دانت لدولته الورى ... وقيدت له غلب الأسود الضراغم وطاع له عرب القبائل كلها ... وإنا لنرجو الله طوع الأعاجم هنيئاً لك الملك الذي أنت أهله ... ومانعه من سوء باغ وظالم أعز بك الله الحنيفي دينه ... وأنت لشمل الدين أحسن ناظم فشكراً لمولى قد حباك بفضله ... وخولك الحسنى برغم الخياشم فأول رعاياك الضعاف رعاية ... وكن مانعاً عنهم مريد المظالم وكف أكف الظالمين وكن بنا ... رفيقاً تنل أجراً بيوم التخاصم وكنت سعيداً ما هما ودق مزنة ... وإياك وفقنا لحسن الخواتم وهاك إمام المسلمين خريدة ... أتت من محب للإخاء ملازم قوافٍ بديعات المعاني يزينها ... أنيق بيان كالرياض البواسم على صفحات الدهر يبقى ثناؤها ... عليك وأنت الكفؤ يا ابن الأكارم دعاني إلى ما قلت فيك مودة ... وصدق ولاء جاء من فرع هاشم وما أملي إلا قبول فريدتي ... وإتحافها بالسمع عن قصد رائم فلست أخا شعر أريد تكسباً ... بشعري فأحوي فيه نقد الدراهم ولا زلت يا عين الزمان موفقاً ... لأمرك منقاداً جميع العوالم وعشت طويلاً في سرورٍ ونعمةٍ ... وعزٍ وإقبالٍ ونصرٍ مداوم شعر الشيخ أحمد بن مشرف هو الشيخ أحمد بن علي بن مشرف التميمي نسباً والأحسائي وطناً، المالكي مذهباً، والسلفي معتقداً. كان رحمه الله عالماً محدثاً فقيهاً ورعاً ناطقاً بالحق قوالاً بالصدق، لا يخاف لومة لائم. وكان قاضي الأحساء في مدة ولاية الإمام فيصل بن تركي السعود، وأول ولاية ابنه الإمام عبد الله رحمهما الله تعالى. وكان غاية في علم الأصول، وصنف نسخاً عديدة، ورسائل مفيدة، ورد على من خالف معتقد السلف ردوداً شافية نظماً ونثراً. وأما الشعر فقد أجاد في جميع فنونه وأتى فيه من الغزل الرائق، والمدح الفائق، والفخر والحماسة، بما يرتاح إلى سماعه ذوو الأذواق السليمة، والنفوس الكريمة. أذكر إن شاء الله منها جملة، تنبيك عن رسوخ قدمه في العلم والأدب، وبالله التوفيق. فمن ذلك ما مدح به الإمام فيصل بن تركي بن عبد الله السعود منهضاً له على جهاد الأعراب المفسدين وذلك في سنة 1275 ألف ومائتين وخمس وسبعين وهي قوله: أشمس تجلت من خلال السحائب ... أم البدر جلى حالكات الغياهب أم انجابت الظلماء عن لمع بارق ... تلألأ من ثغرٍ لإحدى الكواعب نعم أقبلت سلمى فأِرق وجهها ... بصبح جمال تحت ليل الذوائب

فتاة تفق الغانيات بحسنها ... كما فاق بدر التم زهر الكواكب فما للمعنى لا يهيم بذكرها ... وقد كان ذا جسم من الوجد شاحب تناءت فزارت سحرة بعد هجعة ... وقد نام عنها كل واش مراقب تنم برياها الصبا حين أقبلت ... تميس كغصن البان أو مثل شارب فحيت بتسليم فأحسنت رده ... وقلت لها قول المحب المعاتب صليت بنار الهجر أحشاء مولع ... فلم تطفها ماء العيون السواكب فقالت ألم تعذر فكم حال بيننا ... من المهمه الزيزي وبعد السباسب أنا في ربى نجد وأنت ببلدة ... أحاطت بها الأعداء من كل جانب يغيرون في أطرافها وسروحها ... جهاراً ولا يخشون سوطاً لضارب فكم قعدوا للمسلمين بمرصد ... وكم أفسدوا في سبلها بالنهائب يقولون سيروا إن ظفرتم بنهبة ... على رسلكم لا تحذروا درك طالب وان تسفكوا فيها الدماء فإنها ... لكم هدر لا تحذروا من معاقب فياليت شعري هل سراة حماتها ... نيام فهم من بين لاه ولاعب أم الحد منهم كل أم زندهم كبا ... أم القوم غروا بالأماني الكواذب لقد كان تخشى بأسهم أسد الشرى ... فصارت بهم تعدو صغار الثعالب وإن يحوط الملك إلا سميذع ... يخوض لظى الهيجاء ليس بهائب له غيرة تحمي الرعايا كأنها ... حمية ضرغام جسور موائب فلا دين إلا بالجهاد قوامه ... ولا أمن إلا بعد سل القواضب ولا ملك حتى تخضب البيض بالدما ... من الهام في أطرافها والجوانب فسر لإمام المسلمين وقل له ... بنفسك أو بلغه مع كل راكب وانشده إن أحسست منه تثاقلاً ... "إذا لم يسالمك الزمان فحارب" ولا تحقر الخصم الضعيف لضعفه ... فكم خرب الجرذي في سد مأرب فقم واستعن بالله وانهض إلى العلى ... فكسب الثنا والأجر خير المكاسب فكيف تنام العين منك على العدى ... وقد أوقدوا للحرب نار الحباحب ولا ترض إلا مقعد العز مقعداً ... على ظهر مهر للعنان مجاذب ولا تستطب ظلاً سوى ظل قسطل ... وظل القنا الخطي بين الكتائب وشن على الأعراب غارات محنق ... وأنهلهم صاب الردى بالمصائب ومزق جماعات الضلال وحزبه ... بريح سموم من لظى الحرب حاصب وجر عليهم جحفلاً بعد جحفلٍ ... وضيق عليهم أرضهم بالمقانب جيوشاً تريهم ظلمة الليل بالضحى ... ولمع المواضي كالنجوم الثواقب إلى أن يكون الدين لله كله ... وينقاد للإسلام كل محارب ومن كان معوجاً فقومه بالظبى ... إذا لم يفد بذل الحبا والمواهب فبالبيض مع سمر القنا تدرك المنى ... وبالجود والإقدام نيل المطالب بذلك تعطيك المعالي زمانها ... وتسمو على أعلى الذرى والمراتب وان كره الناس الجهاد بداية ... فآثاره محمودة في العواقب وإثماره نصر وأجر ومفخر ... وإن عميت عنه عيون الغياهب فشمر بعزم للجهاد ولا تهن ... فتدعو إلى سلم العدو المجانب فان أنت سالمت العدو مخافة ... فأيسر ما تلقاه بول الثعالب ولازم تقى الرحمن واسأل نصرة ... يمددك من إسعافه العجائب فإن التقى حصن حصين لأهله ... ودرع يقي من حادثات النوائب ودونك نظم ينهض الشهم للعلى ... ويدعو إلى حسن الثنا والمناقب بدا من أديب كالجمان قريضه ... طبيب زمان عارف بالتجارب إذا قال قولاً أنشد الدهر شعره ... وغنى به أهل الحجا والمناصب وصلى إله العالمين مسلماً ... على خاتم الرسل الكرام الأطايب محمد الهادي إلى خير شرعة ... به شرفت ابنا لؤي بن غالب كذا الآل والأصحاب ما اهتزت القنا ... وما انتدب الفرسان بين الكتائب

وفي سنة 1250 ألف ومائتين وخمسين، كان بين الإمام تركي، وبين آل خليفة حكام البحرين محاربة، وأرسل جيشاً بقيادة ابنه فيصل، ونزل القطيف. فقدر الله أن مشاري بن عبد الرحمن آل سعود أزه الشيطان على قتل خاله الإمام تركي المذكور بغياً وعدواناً، فلما بلغه الخبر كر راجعاً إلى بلد الأحساء وبايعه أهل الأحساء وعامة الجند والبادية، وسار إلى بلد الرياض ومشاري بها، فحاصره عدة أيام ثم ظفر به وقتله ومن معه. فقال الشيخ معزياً للإمام فيصل رحمه الله مادحاً وناصحاً: شكرت يديك يد المقل الأرمل ... لنوالها الجم الغفير الأجزل ولبست من تقوى الإله ملابساً ... والدين أفضل حلية المتجمل منن رقيت بها إلى فلك العلى ... حتى قعدت على السماك الأعزل وفتحت للدين الحنيفي أعيناً ... وكفت سحائبها بدمع مسبل ضحكت نواجذه وأصبح وجهه ... بعد التعبس مشرقاً بتهلل لما أقمت فروضه وحدوده ... بحدود مرهفة وسمر ذبل حللت أخلاط الردى فسما الهدى ... وحللت عقدة كل خطب مشكل ودعائماً أرسيتها بدعائم ... للملك بعد تحرك وتزلزل ما راعك الخطب الذي قد شابهت ... أيامه ظلمات ليل أليل لكن جليت ظلامه بلوامع ... وبسهم عزم كالشهاب المرسل سيان حالك في المسرة والأسى ... جلداً وذا شأن اللبيب الأكمل ما جاش جأشك في الحوادث إذ وهت ... في فتنة نغلي كغلي المرجل أذكى الجهول ضرامها لسفاهة ... كي يستضيء بنورها فيها صلي قطع الذي أمر الإله بوصله ... فلأجل ذا أسبابه لو توصل وجنى على الإسلام شر جناية ... وأقر عين أخي النفاق المبطل فأحل منتهكاً لحرمة مسلم ... ملك فعوقب بالعقاب الأعجل طلب العلو ببغيه وبظلمه ... جهلاً فرد إلى الحضيض الأسفل ولأجل نصرة نفسه بذل القوى ... لكن من خذل المهيمن يخذل حتى إذا ملك الخزائن واستوى ... جهراً على القصر المشيد الأطول ملأ الإله فؤاده وصحابه=رعباً وصاح به القضاء ألا انزل لا تحسب الملك القصور وما حوت ... من آلة للحرب أو لتمول بل مالك الملك الإله وإنه ... جعل الخلافة في الإمام الأعدل جمع الإله له القلوب فأجمعت ... كل النفوس على إمامة فيصل وانقاد كل المسلمين لأمره ... طوعاً وتلك مواهب المتفضل حتى إذا حدق الخميس بمن بغى ... حنقاً وجدّ به الذي لم يهزل عضّ على طرف البنان وقال من ... فرط الأسى يا ليتني لم أفعل فهناك أيقن أن أنجم سعده ... أفلت وطالع نحسه لم يأفل وهناك أسلمه الرجيم إلى البلى ... لما طغى وأطاع كل مضلل في الظلم والعدوان والفعل الذي ... أضحى عن الشرع الشريف بمعزل ودهاه ما صنع الإله لعبده ... من ذلك الفتح المبين الأعجل ورأى التحصن مانعاً هيهات أن ... تغني الحصون عن القضاء المنزل فأتاه بأس الله داخل حصنه ... مع ناصريه فم يروا من موئل فغدوا حصيداً للسيوف وللقنا ... صرعاء بين مجرح ومجندل وسقي بما أسٍقت يداه حميمه ... كأساً أمر مذاقه من حنظل واهاً لها من وقعة أبقت لنا ... عبراً لكل مفكر متأمل تنبيك أن الظلم أشأم طائر ... والبغي أسرع صارع ومخذل وتريك شؤم قطيعة القربى فمن ... يقطع حبال قريبه لم يمهل فلقد بلغت من العدا يا فيصل ... أقصى مناك ونلت كل مؤمل فاحمد إلهك إذ أنالك ملكه ... وحباك بالنصر العزيز الأجزل وسقاك صفو الملك بعد كدوره ... فنهلتنا من عذب ذاك المنهل فاحفظ فواضله بواجب شكره ... إن الشكور لفي مزيد تفضل وارع الرعية ما وليت أمورها ... بإقامة العدل السوي الأمثل فالعدل تحكيم الشريعة في الورى ... حقاً فما عن عدلها من معدل وسياسة الشرع الشريف هي التي ... جمعت لكل طريق عدل أسهل فأقم بها عوج الأمور معالجاً ... فهي الدواء لكل داء معضل واجعل بطانتك الخيار ذوي النهى ... واحذر مخالطة السفيه الأرذل

كم دولة فسدت بآراء العدى ... إذ لاطفوا قاداتها بتحيل فلرب ذي نصح يضن بنصحه ... ولرب آخر ناصح لم يعقل فإذا هما اجتمعا لشخص واحد ... فاقبل جميع مقاله لا تهمل وأسئ ظنونك بالزمان فإنه ... من فطنة اليقظ النبيه الأنبل ما حسن ظن في الزمان وأهله ... والصدق كالعنقاء غير محصل وتوكلن على الإله فإنه ... نعم الوكيل لعبده المتوكل هذي نفائس فكرة قد صغتها ... ببديع نظم كالزلال السلسل هجرية زفت إليك فعطرت ... نجداً بنفحة عنبر وقرنفل لا زلت كهفاً للعفاة ومربعاً ... للوافدين وللضيوف النزل فاجعل جوائزها التجاوز والرضا ... صفحاً وقابلها بحسن تقبل ثم الصلاة على النبي محمد ... والآل مع صحب هداة كمل وقال مادحاً للإمام فيصل أيضاً: على الدوح ما غنى الحمام وغردا ... فجاوبه السدم المعنى وأسعدا وهيج أشجاناً تقادم عصرها ... وجدد منها دارساً فتجددا وذكرني داراً لمية قد نأت ... فبت لذكراها بليلة أرمدا فتاة كأن الشمس غرة وجهها ... ومن شعرها يبدو لك الليل أسودا ويفضح غصن البان في الميد قدها ... ويحكي لك اللحظ الحسام المهندا فكم قتلت من عاشقيها بحده ... وكم قد حمت من سلسل الثغر موردا ولو أنها كانت بأرض قريبة ... لآب إليها صبها وتوددا ولكنها بالصد والبعد قد نأت ... فلله ما أقصى المزار وأبعدا فمن مسعدي من مبلغي لوصالها ... سوى ماجد قد حاز فخراً وسؤددا أخو همة في سالف العز قد علت ... فمن مثله في الفضل والبأس والندى؟ أبو المجد وابن المجد والمجد أصله ... حليف العلى من كان في الفضل أوحدا إمام همام باسل باذخ العلى ... له بسطة فضل وفضل على العدى فأكرم به فرعاً سلالة مقرن ... وآباؤه الغر الكرام أولو الهدى لقد نصروا دين الإله وقوموا ... من السنة الغراء ما قد تأودا هو الأسد الضرغام والضيغم الذي ... إذا ريم خسفاً وجهه ظل أربدا لقد أمن الله البلاد وأهلها ... بوطأته الأعداء من كل ملحدا وأصبح بالمعروف بأمر أهلها ... وينهاهم عن سائر الظلم والردى وأنصف للمظلوم من كل ظالم ... وللحق أضحى ناصراً ومؤيدا أيا ملكاً تاج الملوك حذاؤه ... وهمته في الدهر تحكي مهندا عليك بتقوى الله سراً وجهرة ... ففيها جميع الخير حقاً تأكدا وخذ بيد المظلوم قد حق نصره ... ولا تترك الباغي معيثاً ومفسدا وكن حافظاً لله فيما رعيته ... وناصحهم بالفعل والقول جاهدا لتجزى من الله الكريم بفضله ... بمقعد صدق في الجنان مخلدا كما حزت في الدنيا جميع فخارها ... فحز فضل أُخراها لتبقى مؤيدا فتلك جميع المكرمات حويتها ... فقدمت فخراً في المعالي مقلدا وحق لمن حاز المروءة والسخا ... وفي الحلم أَضحى فائقاً أن يسودا إذا نظر الراجي سجاياه قال ذا ... أبو دلف قد كان بالجود أجودا فيا من سما هام المكارم والعلى ... وأتهم في نيل العلى وأنجدا تعودت بسط الكف طوعاً وإنما ... "لكل امرئ من دهره ما تعودا" لقد أوجفت قصداً إليك مطيتي ... واعملت نص اليعملات جواهدا لأبلغ من جدواك م قد رجوته ... كما كنت للعافين مأوى وموردا فكم كف عني فيصل الجود من أذى ... وكم نالني من فيض معروفه ندى جزاه إله العرش عني بفضله ... وبوأه في جنة الخلد مقعدا وأنت ابن تركي كنت ظلاً وملجأً ... وغيثاً عميقاً في الشدائد مرفدا فلا زلت ألطاف الإله محفة ... بطلعتك الغرا ولا زلت منجدا وصلى إله العالمين مسلماً ... على خير مبعوث إلى الخلق بالهدى محمد الهادي الشفيع وآله ... كذا الصحب ما غنى الحمام وغردا وقد وردت من الأمير عائض، صاحب عسير قصيدة تتضمن البشارة للإمام فيصل بانتصاره على العسكر المصري. وذكر فيها قائلها عدة وقائع بينهم وبين الجند المصري وأولها:

فلما وصلت إلى بلد الرياض، طلب الإمام فيصل رحمه الله من الشيخ أحمد بن مشرف

أيا أم عبد مالك والتشرد ... ومسراك في الليل البهيم لتبعدي إلى أن قال: فقل لمعد لا تغر بسرحها ... فتلقى كماة الحي جنباً بموعد بسمر العوالي والمواضي ودونها ... ومبيض موضون الحديد المسرد وأما إجازتك الدخول فحوملاً ... فصبحا فرضا فالسراديح فاعتدي وسقها إلى نجد يؤمك ليلها ... بنات لنعش والضحى فيه تهتدي وإن خلأت يوماً لشحط مزارها ... فأبدل بها عيناً بذات التعرد ودعها من التهجير حتى إذا رأت ... وروداً بماء من صفار فأورد وأشرف على وادي اليمامة قائلاً ... ودمعك سفاح على الخد والثدي سلام على عبد العزيز وشيخه ... وتابع رشد للإمام المجدد دعا الناس دهراً للهدى فأجابه ... فآم فمنهم عالمون ومقتد وقفا هما حذواً سعود بسيفه ... يميز مجوّد النقود من الردي وعرج بها ذات اليمين وقد هوت ... على عرصات للرياض بمقصد وناد بأعلى الصوت بشرى لفيصل ... ومن نسل سادات الملوك مسدد إليك نظاماً نشره في وقائع ... على جحفل المصري قد شد باليد فعشرون ألفاً من قضى الله منهم ... فما بين مقتول وعار مجرد ولم ينج منهم غير قواد قومهم ... على صافنات في قليل معود كأن أنين المومقين ومن به ... جوارح رمي قاصفات لأغمد أنين معيز زارها داؤها الذي ... بأكبادها أضنى عليها ليعتدي أو الساكني الأمصار قد حل فيهم ... عقاص فأصماهم على كل مرقد أتاهم بها إذ غاب نجم مشعشع ... من الجو في مغرابه نحس أسعد فكل الذي لاقوه يحسب دون ما ... تعكس من حزم الهمام المعمد فقل لدليل القوم هلا أفاده ... من العلم أن البغي قتال معتد ومهما أعادته الأماني لحربنا ... نصبنا لهم أمثالها بالتجدد ويا قافلاً إما ثنيت زمامها ... وأقبلت ما استدبرته للتعود فسلم على الأحباب تسليم موجد ... ولا تنس البحتري بالحد وآخر قولي وابتدائي فيهم ... صلاة وتسليم على خير مرشد وآل وصحب كلما قال منشد ... أيا أم عبد مالك والتشرد فلما وصلت إلى بلد الرياض، طلب الإمام فيصل رحمه الله من الشيخ أحمد بن مشرف الإجابة عليها فقال بشير سعاد جاء نحوك فاسعد ... وقد وعدت وصلاً فأوفت بموعد لقد عرفت وقت المزار فأقبلت ... إليك وقد نامت عيونٌ لحسد فجاءت تجر الذيل خشية قائف ... لمعرفة الآثار بالحدس يهتدي يؤرخ ترب الأرض عرف عبيرها ... وتهدي لسمع الصب وسواس عسجد أتتك سحيراً والنجوم كأنها ... درارٍ ترى في قبة من زبرجد فلما حوتها عرصة الدار سلمت ... سلام حبيب زائر ذي تودد فقر بليل الوصل عيناً فطالما ... تبيت لذكراها بليلة أرمد فتاة يريك الصبح غرة وجهها ... ويبدو الدجى من شعرها المتجعد ويخجل غصن البان إن هبت الصبا ... له سحراً من قدها المتميد يريك ابتساماً لامع البرق ثغرها ... ويسفر عن شهد ودر منضد وقد جمعت كل المحاسن جملة ... فلم يستطيع تفصيلها من معدد وفاقت جمالاً كل هيفاء كاعب ... إذا ما مشت ما بين غيد وخرد فعاصٍ جميع العاذلين ولا تطع ... بها كل واش لائم أو مفند فلو برزت يوماً لغيلان لم يهم ... بمي ولم يبد القريض لمنشد ولو لمحت بالطرف طرفة ما بكي ... "لخولة أطلال ببرقة ثهمد" لقد أصبحت في الغابات فريدة ... كما انفرد الوالي بحزم وسؤدد حليف المعالي فيصل ناصر الهدى ... مذيق العدى كأس الردى بالمهند ترى الوفد والأضياف من حول قصره ... عكوفاً كوردِ حومٍ حول مورد فيصدر كل مدرك ما يرومه ... من الفضل والجدوى ومن كل مقصد يقضي ببذل المكرمات نهاره ... سماحاً ويحيي ليلهُ بالتجهد لقد ساد أبناء الزمان وفاقهم ... بعفو وإقدام وكف له ندي وميراث مجد ناله عن أئمة ... سمواً للعلى حتى استووا فوق فرقد حنيفة في دينها حنيفة ... فأنسابهم تعزى لأفخر محتد

هم نصروا التوحيد بالبيض والقنا ... فنال المنى بالنصر كل موحد وآووا إماماً قام الله داعياً ... يسمى بشيخ المسلمين محمد لقد أوضح الإسلام عند اغترابه ... وقد جد في إخفائه كل ملحد وجدد منهاج الشريعة إذ عفت ... فأكرم به من عالم ومجدد وأحيا بدرس العلم دارس رسمها ... كما قد أمات الشرك بالقول واليد وكم شبهة للمشركين أزاحها ... بكل دليل كاشف للتردد وألف في التوحيد أوجز نبذة ... بها قد هدى الرحمن للحق من هدي نصوصاً من القرآن تهدي من العمى ... وكل حديث للأئمة مسند فوازره عبد العزيز ورهطه ... على قلة منهم وعيش منكد فما خاف في الرحمن لومة لائم ... ولم يثنه صولات باغ ومعتدي وقفى سعود أثره طول عمره ... إلى حين ووري في الصفيح الملحد وقد جاهدوا في الله أعداء دينه ... فما وهنوا للحرب أو لتهدد وكم غارة شعواء شنوا على العدى ... وكم طارف منهم حووه ومتلد وكم سنة أحيوا وكم بدعة نفوا ... وكم هدموا بنيان شرك مشيد وقائعهم لا يحصر النظم عدها ... وإن تسأل السمار عن ذاك ترشد وكم لهم من وقعة شاع صيتها ... بها أيد الرحمن سنة أحمد وكم فتحوا من قرية ومدينة ... ودانت لهم بدو وسكان أبلد كم ملكوا ما بين ينبع بالقنا ... ومن بين جعلان إلى جنب مزبد ومن عدن حتى تنيخ بأيلة ... قلوصك من مبدى سهيل إلى الجدي وقد طهروا تلك الديار وطردوا ... ذوي الشرك والإفساد كل مطرد بأمر بمعروف ونهي عن الردى ... وبالصلوات الخمس للمتعبد وقد هدموا الأوثان في كل قرية ... كما عمرت أيديهم كل مسجد فكن ذاكراً فوق المنابر فخرهم ... وناد ل ناد ومشهد تغمدهم رب العباد برحمة ... وأسكنهم روض النعيم المخلد ولا تنس ذا الحي اليماني إنه ... لشيعة أهل الحق بالحق مقتد قبائل من همدان أو من شنوءة ... من الأزد إتباع الرئيس المسود هم قد حموا للدين إذ فل عضده ... وبدد منه الشمل كل مبدد فهم فئة للمسلمين ومعقل ... وكهف منيع للشريد المطرد سما للعلى حقاً علي ولم يزل ... يروح بأسباب الجهاد ويغتدي وكم عسكر للمسرفين أباده ... بحد الظبي والسمهري المسدد وصيركم صنفين ما بين هالك ... وبين أسير في الحديد مصفد ومازال يغزوهم ويرمي ديارهم ... بفرسان حرب في الدلاص المسرد وفتح المخا بالسيف للدين آية ... وزجر وإنذار لأهل التمرد فلما تولى عاضنا الله عائضاً ... إماماً هماماً كالحسام المجرد ومازال يحمي بالسيوف حمى الهدى ... ويردي العدى في كل جمع ومحشد ويهزم منهم عسكراً بعد عسكر ... ويضرب من هاماتهم كل قمحد فلما أتى الأحزاب منهم وألبوا ... شفى النفس من أعداء دين محمد فلا زال تأييد الإله يمده ... بنصر وإسعاف على كل مفسد ودونكها بكراً عروساً زففتها ... إليك تهادي في حرير وعسجد تجشمت الأخطار شوقاً ولم تهب ... وطيس هجير أو وغى ذي توقد إليك من الأحساء زمت ركابها ... فكم جاوزت من فدفد بعد فدفد فأحسن قراها بالقبول وبالرضى ... ودع أم عبد عنك ذات التشرد وأحسن ما يحلو به الختم أننا ... نصلي دوماً في الرواح وفي الغد على المصطفى والآل ما هبت الصبا ... وما أطرب السمار صوت المغرد وقال أيضاً يمدح الإمام فيصل رحمه الله في سنة 1280: قل للمليحة في القميص الأحمر ... ماذا فعلت بعابد مستبصر مازال يدأب في العبادة طالباً ... للعلم غير مفرط ومقصر ترك الصبابة للصبا متسلياً ... عن ذكر كل غزالة أو جؤذر حتى وضعتي عن محياك الغطا ... فانجاب عن بدر منير مقمر فدهشت من ذاك الجمال وحسنه ... ووقفت وقفة والع متحير حسن به شغف الفؤاد وهاج لي ... شجناً فقل تجلدي وتصبري سقتي إلى الجسم السقام وراءه ... من ذلك الطرف السقيم الأحور

سبحان من وهب المحاسن من يشا ... سبحانه من خالق ومصور يا كاعباً تحمي بصارم أنفها ... من كل صاد ورد ماء الكوثر شهد الرضاب وفيه خمر مسكر ... فالثم ولا حرج بذاك المسكر كلمتها من بعد تكليم الحشا ... يا هند إن لم تسمحي لم أصبر لا تتلفي بالصد مهجة مغرم ... فيصيب قومك سطوة من قسور من فيصل ملك الجزيرة من سما ... للمجد حتى حل فوق المشتري نصر الهدى وحوى الشجاعة والندى ... ليث وغيث للمقل المعسر أضحى بخير أرومة لو رامها ... ذو همة بتطاول لم يقدر كفاه كف قد كفت أعداءه ... والراحة الأخرى كمزن ممطر أعراقه طابت فطاب فروعها ... تعزى إذا نسيت لأطيب عنصر من عصبة صبروا على نصر الهدى ... وأذى العدى أكرم بهم من معشر آووا إمام المسلمين محمداً ... لما جفاه رئيس آل معمر فدعا إلى التوحيد ضلال الورى ... جهراً ولولا منعهم لم يجهر وحموه من أعدائه بسيوفهم ... مع ضعفهم وكفى بها من مفخر ما هالهم جمع الخوالد إذ اتى ... بمدافع في فيلق مع عرعر بل صابروه بنية وبحسبة ... حتى تولى كالجهام المدبر وكذاك ما بالوا بتهديد أتى ... من صاحب الحرم الشريف الحيدري قاموا وما بالوا بلومة لائم ... من مرجف ومخوف ومحذر بل هدموا أوثان شرك عظمت ... ونهو عن الأمر الشنيع المنكر شنوا على أهل القرى غاراتهم ... وعلى البوادي في الخلاء المقفر حتى صفت لهم الجزيرة واجتنبوا ... للعز من ورق الحديد الأخضر وبنوا مفاخر جمة مشهورة ... شهد العدو بها ولما تنكر ولقد حظي هذا الإمام ونسله ... من ذاك بالحظ الوفي الأوفر مازال يقفو الأثر من أسلافه ... بالنصر للشرع الأعز الأطهر أفلا ترى أعلامه مشهورة ... للغزو بين سرية أو عسكر فيغير في غور البلاد ونجدها ... فوق النجائب والجياد الضمر حتى أعز به المهيمن دينه ... وأذل كل معاند متجبر وانقادت الأعراب بعد عتوها ... بالسمر والبيض الخفاف البتر لازال محفوظ الجناب مؤيدا ... بالنصر والفتح المبين الأكبر وعلى النبي وآله وصحابه ... أزكى صلاة مثل نفح العنبر تترى مدى الأيام ما هب الصبا ... سحراً على الروض الأنيق المزهر وقال رحمه الله تعالى مهنئاً للإمام بظفره بوقعة الطبعة على العجمان وذلك في سنة 1277: لك الحمد اللهم يا خير ناصر ... لدين الهدى ما لاح نجم لناظر وما انفلق الإصباح من مطلع الصبا ... فجلى وجلى حالكات الدياجر لك الحمد ما هب النسيم من الصبا ... وما انهل ودق المعصرات المواطر على الفتح والنصر العزيز الذي سما ... فقرت به منا جميع النواظر وإظهار دين قد وعدت ظهوره ... على الدين طراً في جميع الجزائر وعدت فأنجزت الوعود ولم تزل ... معزاً لأرباب التقى والبصائر لك الحمد مولانا على نصر حزبنا ... على كل باغ في البلاد وفاجر ومن بعد حمد الله جل ثناؤه ... على نعم لم يحصها عد حاصر نقول لأعداء بنا قد تربصوا ... عليكم أديرت سيئات الدوائر ألم تنظروا ما أوقع الله بنا ... بعجمانكم أهل الجدود العواثر بأول هذا العام ثم بعجزه ... بأيام شهر الصوم إحدى الفواقر هم بدلوا النعماء كفراً وجاهروا ... بظلم وعدوان وفعل الكبائر فكم نعمة نالوا وعز ورفعة ... على كل باد في الفلاة وحاضر إذا وردوا الإحساء يرعون خصبها ... وفي برها نبت الرياض الزواهر وكم أحسن الوالي إليهم ببذله ... وبالصفح عنهم في السنين الغوابر وكم نعمة أسدى لهم بعد نعمة ... ولكنه أسدى إلى غير شاكر "ومن يصنع المعروف في غير أهله ... يلاقي كما لاقى مجير أم عامر" لقد بطروا بالمال والعز فاجتروا ... على حرمة الوالي بفعل المناكر فمدوا يد الآمال للملك واقتفوا ... لكل خبيث ناكث العهد غادر

وأبدوا لأهل الضغن ما في نفوسهم ... من الحقد والبغضا وخبث السرائر هموا حاولوا الأحسا ومن دون نيلها ... زوال الطلى ضرباً وقطع الحناجر فعاجلهم عزم الإمام بفيلق ... رماهم به مثل الليوث الخوادر وقدم فيهم نجله يخفق اللوا ... عليه وفي يمناه أيمن طائر فأقبل من نجد بخيل سوابق ... ترى الأكم منها سجداً للحوافر فوافق في الوفرى جموعاً توافرت ... من البدو أمثال البحار الزواخر سبيعاً وجيشاً من مطير عرمرماً ... ومن آل قحطان جموع الهواجر ولا تنس جمع الخالدين فإنهم ... قبائل شتى من عقيل وعامر فسار بموار من الجيش أظلمت ... له الأفق من نقع هنالك ثائر فصبح أصحاب المفاسد جهرة ... بسمر القنا والمرهقات البواتر بكاظمة حيث التقى جيش خالد ... بهرمز نقلٌ جاءنا بالتواتر فلما أتى الجهراء ضاقت بجيشه ... وجالت بها الفرسان بين العساكر فولى العدى الأدبار إذ عاينوا الردى ... بطعن وضرب بالظبي والخناجر فما اعتصموا إلا بلجة مزبد ... من البحر يعلو موجه غير جازر فغادرهم في البحر للحوت طعماً ... وقتلى لسرحان ونمر وطائر تفاءلت بالجبران والعز إذ أتى ... بشيراً لنا عبد العزيز بن جابر فواهاً لها من وقعة عبقرية ... تشيب لرؤياها نواصي الأصاغر بها يسمر الساري إذا جد في السرى ... ويخطب من يعلو رؤوس المنابر نفوه بمدح الإمام ونجله ... ومعشره أهل العلى والمفاخر كفاه من المجد المؤثل ما انتمى ... إليه من العليا وطيب العناصر فشكراً إمام المسلمين لما جرى ... وهل تثبت النعماء إلا لشاكر فهنيت بالعبدين بالفتح قبله ... وعيد كمال الصوم إحدى الشعائر وشكر الأيادي بالتواصي وبالتقى ... بترك المناهي وامتثال الأوامر صبرت فنلت النصر بالصبر والمنى ... "وما انقادت الآمال إلا لصابر" فدونك من أصداف بحري لآلئاً ... إلى نظمها لا يهتدي كل شاعر وبكراً عروساً أبرزت من خبائها ... شبيهة غزلان اللواء النوافر إلى حسنها يصبو وينشد ذو الحجا ... لك الخير حدثني بظبية عامر واختم نظمي بالصلاة مسلماً ... على من إليه الحكم عند التشاجر محمد المختار والآل بعده ... وأصحابه الغز الكرام الأكابر مدى الدهر والأزمان ما قال قائل ... لك الحمد اللهم يا خير ناصر وقال مادحاً الإمام عبد الله بن فيصل بعد وفاة والده رحمه الله. وذلك سنة 1283: أتقبل عذر الصب أم أنت عاذله ... بذكر حبيب منه شطت منازله غزال حوى كل المحاسن وإلبها ... يغازلني بعد العشا وأغازله غزال كأن الشمس غرة وجهه ... فأنى يبين البدر حين تقابله نأت فنأى عن صبها كل عاذل ... فيا ليتنا تدنو وتدنو عواذله فمن لعذول لا يزال بجهله ... يجادلني في حبها وأجادله وما أنا إلا كالفتى في عقاله ... فلا أثر تبديه فيه عوامله وقد أصبحت سلمى بأبعد شقة ... يكل بها كوم المطي وهازله تميمة حلت بتيما ودونها ... من الجبل الطائي قفار وحائله فعن مثلها فاثن العنان ميمماً ... مليكاً كريماً يخيم قط سائله إله السما والأرض فاسأله راغباً ... تنل كلما ترجو وما أنت آمله فنشكوا إلى الله الزمان الذي استوى ... لدى أهله قس الكلام وباقله به اندرست كل العلوم وأقفرت ... فأنكر فضل العلم بالعلم جاهله وقائلة أقصر فما بعد فيصل ... لذي أدب حظ فماذا تحاوله؟ أترغب في نظم القريض وجسمهُ ... موارى بقبر غيبته جنادله؟ فقلت دعيني إن يكن مات فيصل ... فخالقهُ حيٌ وما مات نائله فقد ورث المجد المؤثل والندى ... بنجب زكت أخلاقه وشمائله أبو النجم عبد الله حامي حمى الهدى ... بغرته بشرى الندى ومخائله بنجد حثى المال الجزيل تبرعاً ... فعاشت به أيتامه وأرامله وكم غارة شعواء شنّ على العدى ... وكم فارس منهم نعته حلائله

فأصخن حربا بالحروب فسالمت ... ودانت له نجد وذلت قبائله ومن دم سراق الحجيج عتيبة ... سقى البيض حتى انهل الرمح حامله وقائع سل عنها الحجاز وأهله ... ونجداً ومن بالبحر ينبيك ساحله جهاداً ودرءاُ للفساد ونية ... وسيعاً به يرجو المثوبة فاعله تولى فلم يرضى المكوس لدينه ... عفافا ومن يعفف تعف عوامله ولما نمى الركبان أخبار عدله ... إلينا وشاعت في البلاد فضائله بعثنا له در القريض بمدحه ... وخير الثنا ما لا يكذب قائله فأبلغه تسليماً إذا فض ختمه ... تأرج من أرض الرياض معاقله فيا أيها الوالي نصرت على العدى ... وسددت في الأمر الذي أنت فاعله حنانيك لا تسمع بنا قول كاشح ... ولا حاسد تغلي علينا مراجله ولا تصغ للنمام سمعك إنما ... يجيء به الإفساد والإثم حاصله وما هو إلا فاسق أو منافق ... يريك صريح النصح والغش داخله ولا يدخل النمام في الحشر جنة ... حديثاً عن المختار يرويه ناقله وأكرم بني شيخ الرئيس الذي نهى ... عن الشرك لما شاع في الأرض باطله وألف في التوحيد تأليفه الذي ... شجت في قلوب المشركين دلائله كذا عابد الرحمن أعني حفيده ... بنور الهدى يهدي فمن ذا يعادله ينافح عن دين الهدى كل مبطل ... فيبطل تمويهاته ويناضله وعبد اللطيف الحبر لا تنس فضله ... إمام هدى بالعلم تزهو محافله فمن رام خذلانا لهم وتنقصا ... لقدرهم بالبغي فالله خاذله ودونك نظماً كالزلال عذوبة ... صفت للعطاش الواردين مناهله وكل امرئ يهدي على قدر وسعه ... فدونك ما نهدي فهل أنت قابله؟ وختمي صلاة الله ثم سلامه ... على من به الإرسال عمت رسائله محمد المبعوث من آل هاشم ... كذا الصبح ما غنت بروض بلابله وقال رحمه الله راداً على من يفعل التذكير قبل آذان الصبح، لأن ذلك بدعة لم يرد به الكتاب ولا سنة، ويذكر غربة الدين ويحض على إتباع سنة سيد المرسلين: أراك بذكر الهجر تهذي وتطنب ... وتبكي على أطلال سلمى وتندب وتستوقف الركب المجدين في المسرى ... على دارس الأطلال والدمع يسكب تذكرت لما أن هاج لك الهوى ... دياراً تعفيها جنوب وهيدب فأضحت رسوماً باليات كأنها ... من الدرس خط في الصحائف يكتب محا رسمها هوج الرياح وهامع ... من المزن سحاً ودقه يتحلب فلم يبق إلا موقد النار للقرى ... وموضع أطناب الخبا حين يضرب كأن لم يكن فيها أنيس ولم تكن ... بها الكاعب الحسناء للذيل تسحب ولم تسرح الأنعام بين مروجها ... ولم يلتق الحيان بكر وتغلب تسائل عن ألف نأى كل راكب ... وما صاحب الأشجان إلا معذب لريح الصبا تصبو وتعروك هزة ... إذا ذكرت سعدى لديك وزينب وتعجب مني إن عذلتك في الهوى ... وعشقك بعد الشيب في النفس أعجب لئن كنت في دار عن الإلف نازحاً ... غريباً فدين الله في الأرض أغرب وإن ذوي الإيمان والعلم والنهي ... هم الغربا طوبى لهم ما تغربوا وقيل هم النزاع في كل قرية ... على حربهم أهل الضلال تحزبوا ولكن فيها الظهور على العدى ... وإن كثروا أعداؤهم وتألبوا وكم أصلحوا ما أفسد الناس بالهوى ... من السنة الغرا فطابوا وطيبوا وقد حذر المختار من كل بدعة ... وقام بذا فوق المنابر يخطب فقال عليكم بإتباعي وسنتي ... فعضوا عليها بالنواجذ وارغبوا وإياكم والابتداع فإنه ... ضلال وفي نار الجحيم يكبكب فدوموا على منهاج سنة محمد ... لكي تردوا حوض الرسول وتشربوا فإن له حوضاً هنياً شرابهُ ... من الدر أنقى في البياض وأعذب له يرد السني من حزب أحمد ... وعنه ينحي محدث ومكذب وكم حدثت بعد الرسول حوادث ... يكاد لها نور الشريعة يسلب وكم بدعة شنعاء دان بها الورى ... وكم سنة مهجورة تتجنب لذا أصبح المعروف في الأرض منكراً ... وذو النكر معروف لديهم محبب

وليس اغتراب الدين إلا كما ترى ... فسل عنه ينبيك الخبير المجرب وقد صح أن العلم تعفو رسومه=ويفشو الزنا والجهل والخمر يشرب وتلك إمارات يدل ظهورها ... على أن أهوال القيامة أقرب فسل فاعل التذكير عند أذانه ... أهذا هدى أم أنت بالدين تلعب وهل سن هذا المصطفى في زمانه ... أو الخلفا أو بعض من كان يصحب وهل سنه من كان للصحب تابعاً ... إذا قام للتأذين يوما يثوب؟ وهل قاله النعمان أو قال مالك ... به أو رواه الشافعي وأشهب؟ وهل قاله سفيان أو كان أحمد ... إليه إذا نادى المؤذن يذهب أقيموا لنا فيه الدليل فإننا ... نميل إلى الإنصاف والحق يطلب فخير الأمور السالفات على الهدى ... وشر الأمور المحدثات فجنبوا وما العلم إلا من كتاب وسنة ... وغيرهما جهل صريح مركب فخذ بهما والعلم فاطلبه منهما ... ودع عنك جهالاً عن الحق أضربوا خفافيش أعشاها النهار بضوئه ... فوافقها من ظلمة الليل غيهب فظلت تحاكي الطير في ظلمة الدجى ... وإن لاح ضوء الصبح للعش تهرب فخذ إن طلبت العلم من كل عالم ... تراه بآداب الهدى يتأدب لأهل السرى تهدي نجوم علومه ... وترمي العدى من شهبها حين تثقب فلازمه واستصبح بمصباح علمه ... لتخلص من جسر على النار يضرب وقاتل بسيف الوحي كل معاند ... فليس له من نبوة حيت تضرب وإياك والدنيا الدنية إنها ... لغرارة تعطي القليل وتسلب فذو الجهل مغرور بزوه جمالها ... وذو العلم فيها خائف يترقب فدعها وسل النفس عنها بجنة ... بها كل ما تهوى النفوس وتطلب مسكنها صافي اللجين وعسجد ... وتربتها من أذفر المسك أطيب وكم كاعب حسناء في الخلد نعمت ... يزوجها من كان للأجر يكسب فسارع لما يرضي الإله بفعله ... ودع كل شيء كان الله يغضب وما المرء بعد الموت إلا منعم ... بروح وريحان وإلا معذب ودونك من در القريض قصيدة ... تكاد لها الحذاق بالتبر تكتب أتتك من الأحساء ترفل في الحلى ... وتختال في برد الشباب وتعجب بها ينشط الساري إذا جد في السرى ... ويصبو لها الصب المعنى ويطرب بدت من بصير بالقوافي يصوغها ... وينظم منها درها حين يثقب تغطى بأثواب الخمول عن الورى ... إلى أن يرى كفئاً له الدر يجلب وختم نظامي بالصلاة مسلماً ... مدى الدهر ما دمت معد ويعرب على خاتم الرسل الكرام محمد ... به طاب ختم الأنبياء وطيبوا كذا الآل والصحب الألى بجهادهم ... أضاء بدين الله شرق ومغرب وله رحمه الله يرثي العلم وأهله، ويحض على طلبه والرحلة له، ويذم الجهل والاتصاف به: على العلم نبكي إذ قد اندرس العلم ... ولم يبق فينا منه روح ولا جسم ولكن بقي رسم من العلم داثر ... وعما قليل سوف ينطمس الرسم فآن لعين أن تفيض دموعها ... وآن لقلب أن يصدعهُ الهم فإن بفقد العلم شراً وفتنة ... وتضيع دين أمره واجب حتم وما سائر الأعمال إلا ضلالة ... إذا لم يكن للعالمين بها علم وما الناس دون العلم إلا بظلمة ... من الجهل لا مصباح فيها ولا نجم فعار على المرء الذي تم عقله ... وقد أملت فيه المروءة والحزم إذا قيل ماذا أوجب الله يا فتى ... أجاب بلا أدري وأنى لي العلم؟ وأقبح من ذا لو أجاب سؤاله ... بجهل فأن الجهل مورده وخم فكيف إذا البحث من بين أهله ... جرى وهو بين القوم ليس له سهم تدور بهم عيناه ليس بناطق ... فغير حري أن يرى فاضلاً فدم وما العلم إلا كالحياة إذا سرت ... بجسم حي والموت من فاته العلم وكم في كتاب الله من مدحة له ... يكاد بها ذو العلم فوق السهى يسمو وكم خبر في فضله صح مسنداً ... جميعاً وينفي الجهل من قبحه الفدم كفى شرفاً للعلم دعوى الورى له ... عن المصطفى فاسأل به من له علم فلست بمحصٍ فضله إن ذكرته ... فقد كل عن إحصائه النثر والنظم

فيا رافع الدنيا على العلم غفلة ... حكمت فلم تنصف ولم يصب الحكم أترفع دنيا لا تساوي بأَسرها ... جناح بعوض عند ذي العرش يا فدم وتؤثر أصناف الحطام على الذي ... به العز في الدارين والملك والحكم وترغب عن إرث النبيين كلهم ... وترغب في ميراث من شأنه الظلم وتزعم جهلاً أن بيعك رابح ... فهيهات لم تربح ولم يصدق الزعم ألم تعتبر بالسابقين فحالهم ... تدل على أن الأجل هو العلم فكم قد مضى من مترف متكبر ... ومن ملك دانت له العرب والعجم فبادروا فلم تسمع لهم قط ذاكراً ... وإن ذكروا يوماً فذكرهم الذم وكم عالم ذي فاقة ورثاثة ... ولكنه قد زانه الزهد والعلم حيا ما حيا في طيب عيش ومذ قضى ... بقي ذكره في الناس إذ فقد الجسم فكن طالباً للعلم حق طلابه ... مدى العمر لا يوهنك عن ذلك السأم وهاجر له في أي أرض وإن نأت ... عليك بإعمال المطي له حتم وأنفق جميع العمر فيه فمن يمت ... له طالبا نال الشهادة لا هضم فإن نلته فليهنك العلم إنه ... هو الغاية العلياء واللذة الجمعة فلله كم تفتض من بكر حكمه ... وكم ردة تحظى بها وصفها اليتم وكم كاعب حسناء تكشف خدرها ... فيسفر عن وجه به يبرأ السقم فتلك التي تهوى ظفرت وصلها ... وقد طالما في حبها نحت الجسم فعانق وقبل وارتشف من رضابها ... فعدلك عن ظلم الحبيب هو اللم فجالس رواة العلم واسمع كلامهم ... فكم كلم منهم به يبرأ الكلم وإن أمروا فاسمع لهم وأطلع فهم ... أولو الأمر لا من شأنه الفتك والظلم مجالسهم مثل الرياض أنيقة ... لقد طاب منها الريح واللون والطعم أتعاض عن تلك الرياض وطيبها ... مجالس دنيا حشوها الزور والإثم فما هي إلا كالمزابل موضعاً ... لكل أذىً لا يستطاع له شم فدر حول قال الله قال رسوله ... وأصحابه أيضاً فهذا هو العلم وما العلم آراء الرجال وظنهم ... ألم تر أن الظن من بعضه الإثم وكن تابعاً خير القرون وممسكاً ... بآثارهم في الدين هذا هو الحزم وأفضلهم صحب النبي محمد ... فلولاهم لم يحفظ الدين والعلم فآمن كإيمان الصحابة وأرضه ... فمنهاجهم فيه السلامة والغنم وإياك أن تزورّ عنه إلى الهوى ... ومحدث أمر ماله في الهدى سهم فإيماننا قول وفعل ونية ... فيزداد بالتقوى وينقصه الإثم فنؤمن أن الله لا رب غيره ... له الملك في الدارين والأمر والحكم فليس له ولدٌ ولا والدٌ ولا ... شريك ولا يعروه نقص ولا وصم إلهٌ قديم أولٌ لا بداية ... له وهو الباقي فليس له حسم سميع بصير قادر متكلم ... مريد وحي لا يموت له العلم وإيماننا بالاستواء استوائه ... تعالى على عرش السما واجب حتم فأثبته للرحمن غير مكيف ... له وتعالى أن يحيط به العلم ومن حرّف النص الصريح مؤولا ... فقد زاغ بل قد فاته الحق والحزم وما لحزم إلا أن تمر صفاته ... كما ثبتت لا يعتريك بها وهم قراءتها تفسيراً عند من نجا ... فدع عنك ما قد قاله الجعد والجهم وإن جنان الخلد تبقى ومن بها ... وليس لما فيها انقطاع ولا حسم ورؤية سكان الجنان لربهم ... تبارك حق ليس فيها لهم وهم كرؤيتهم للبدر ليل تمامه ... أو الشمس صحواً لا سحاب ولا قتم فيا رب فاجعلني لوجهك ناظراً ... غداً فاخراً فيما به ينعم الجسم وإن ورود الحوض حوض يضاهي بياضه ... وما العسل الصافي مع اللبن الطعم ولكنه أنقى بياضاً وطعمه ... من الكل أحلى والعبير له ختم وكيزانه مثل النجوم لنورها ... وكثرتها جداً فهل يحسب النجم عليه نبي الله يدرأ كل من ... أتى من سوى أتباعه ولهم وسم فأمته تأتيه كل محجلٌ ... أغر وأما من سواهم فهم دهم وعنه رجال مسلمون تذودهم ... ملائك لما بدلوا فبدا الجرم فيا رب هب لي شربةً من زلاله ... ومن يغترف من ذلك الحوض لا يظلم

وإن عذاب النار حق أعاذنا ... إله الورى منها فتعذيبها غرم أعدت لأهل الكفر دار إقامة ... إذا نضجت أجسادهم بدل الجسم ولم يبق فيها من توفي موحداً ... بإجرامه حتى ولو عظم الجرم وإن لخير المرسلين شفاعة ... بها المصطفى من بين أقرانه يسمو فيشفع فيهم وهو خير مشفع ... فينزل من رب الورى لهم الحكم فما ظالم إلا ويجزى بظلمه ... وما محسن إلا يوفي ولا هضم فشفعه اللهم فينا بموتنا ... على ملة الإسلام يا من له الحكم وصلى إله العالمين مسلماً ... على من به للأنبياء جرى الختم كذا الآل والأصحاب ما قال قائل ... على العلم نبكي إذ قد اندرس العلم وقال رحمه الله تعالى لما قضى على أهل الذرعية وذلك سنة 1233: أليل غشى الدنيا أم الأُفق مسود ... أم الفتنة الظلماء قد أقبلت تعدو؟ أم السرج النجدية الزهر أطفئت ... فأظلمت الآفاق إذ أظلمت نجد نعم كورت شمس الهدى وبدا الردى ... وضعضع ركن للهدى فهو منهد لدن حل بالسمحاء خطب فأوحشت ... مساكنها وازور عيش بها رغد تفرق أهلوها وسل على الهدى ... سيوف على هامات أنصاره تشدو وفل حسام الدين بل ثل عرشه ... لدن غاب عن آفاقه الطالع السعد بأيدي غواة مفسدين لقد عثوا ... وجالسوا خلال الدار وانتثر العقد قضاء الرحمن جار بحكمه ... ولله من قبل الأمور ومن بعد فآه لها من وقعة طار ذكرها ... وكادت تميد الراسيات وتنهد وفاضت دموع كالعقيق لما جرى ... وكادت لعظم الخطب تنصدع الكبد وقد أقذع البصري في ذم شيخنا ... وأنصاره تباً لما قاله الوغد أيهجو إماما هادياً أرشد الورى ... إلى منهج التوحيد فاتضح الرشد وبصرهم نهج المحجة فاهتدوا ... وآبو إلى الإسلام من بعد أن صدوا سقى روحه الرحمن وابل رحمة ... وعم هتون العفو من ضمه اللحد وأبناؤه الغر الكرام قد اقتفوا ... محجته المثلى وفي نصرها جدوا فكانوا إلى التوحيد يدعون دأبهم ... فكم قد لأفادوا من يروح ومن يغدو وكم فتنة جلت فجلوا ظلامها ... بنور الهدى حتى استبان لنا الرشد ومهما ذكرت الحي من آل مقرن ... تهلل وجه الفخر وابتسم المجد هم نصروا الإسلام بالبيض والقنا ... فهم للعدى حتف وهم للهدى جند غطارفة ما إن ينال فخارهم ... ومعشر صدق فيهم الجد والجد وهم أبحر في الجود إن ذكر الندى ... وإن أشعلت نار الوغى فهم الأسد فكم مسجد قد أسسوه على التقى ... وكم مشهد للشرك بنيانه هدوا بهم أَمن الله البلاد وأهلها ... فهم دون ما يخشونه الردم والسد ولما مضت تلك العصابة لم يقم ... بعدلهم من ضمه الشام والهند ولكن فشى فيها الخنى وبدا الزنا ... فلم تنكر الفحشا ولم يقم الحد وكم فتنة عمت وكم طل من دم ... حرام وكم ضلت عصائب وارتدوا وكم قطع السبل البوادي وأفسدوا ... فصاروا مثل الذئاب التي تعدو فإن كان هذا عنده الدين والهدى ... فقد فتحت للدين أعينه الرمد فشكراً بني الإسلام قد ردّ ربنا ... لكم كرة من بعد ما يئس اللد وأقسم قوم أنها دولة مضت ... وليس لما قد فات عود ولا رد وقلنا لهم نصر الإله لحزبه ... به جاء في القرآن والسنة الوعد فعادت كما كانت بفيصل رحمة ... من الله مولانا له الشكر والحمد فهذا إمام المسلمين مؤيدا ... له النصر والإقبال والحلل والعقد علينا دعاء الله سراً وجهرة ... له وله منا النصيحة والود وصلى إله الغر الكرام وصحبه ... ومن لم يزل يقفو طريقهم بعد وقال رحمه الله تعالى سنة1282، يرثي إمام المسلمين، وحامي الملة والدين، الملك القمقمام، والبطل المقدام، أبو الأيتام والمساكين، ومن لا تأخذه لومة لائم في رضى رب العالمين. الإمام فيصل بن تركي السعود. تغمده الله برحمته وأدخله فسيح جنته آمين. على فيصل بحر الندى والمكارم ... بكينا بدمع مثل صوب الغمائم

إمام نفى أهل الضلالة والخنا ... بسمر القنا والمرهفات الصوارم فكم فل من جمع لهم جاء صائلا ... وأفنى رؤوساً منهم بالملاحم يجر عليهم جحفلاً بعد جحفل ... ويرميهم في حربه بالقواصم فما زال هذا دأبه في جهادهم ... تغير بنجد خيله والتهائم إلى أن أقيم الدين في كل قرية ... وأصبح عرش الملك عالي الدعائم وأخلى القرى من كل شرك وبدعة ... وما زال ينهي عن ركوب المحارم مناقب جود قد حواها جبلة ... فخار الثنا من عربها والأعاجم تغمده المولى الكريم برحمة ... وأسكنه الفردوس مع كل نائم فلا جزع مما قضى الله فاصطبر ... وإلا ستسلوه سلو البهائم فلما تولى خلف الله بعده ... لنجل خليق بالإمامة حازم فقام بعون الله بالأمر سائسا ... رعيته مستيقظاً غير نائم وشابه في الأخلاق والده الذي ... فشا ذكره بالخير بين العوالم وقرب أهل الفضل والعلم والنهى ... وجانب أتباع الهوى غير نادم ومن يستشر في أمره كل ناصح ... لبيب يكن فيما جرى غير نادم على يده جل الفتوح تتابعت ... حضوراً لدى الطاغون عند التحاكم وأسلمت الأعراب كرهاً وجانبوا ... حضوراً لدى الطاغوت عند التحاكم فذكر عبد العزيز وشيخه ... وما كان في تلك الليالي القوادم فما زال منصور اللواء مؤيداً ... على كل باغ معتد ومخاصم فدونك أبيات حوت كل مدحة ... فأضحت كمثل الدر في سلك ناظم ونهدي صلاة الله خالقنا على ... نبي عظيم القدر للرسل خاتم محمد الهادي وأصحابه الألى ... حموا دينه بالمرهفات الصوارم كذا آله الأطهار ذي الفضل ما سرى ... نسيم الصبا وانهل صوب الغمائم وفي سنة أل ومائتين وإحدى وعشرين توفي عثمان بن منصور، وأتوا بكتبه إلى الرياض، فلما وقفوا عليها وجدوا فيها أوراقاً نظماً ونثراً، مضمونها الرد على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وكان في مدة حياته يتهم ذلك بغير تحقيق. فلما وقف المشايخ رحمهم الله عليها ردوا عليه ردودا شافية. منهم الشيخ عبد الرحمن بن حسن، وابنه الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن، فأجابا بردود شافية أبطلا فيها تمويهاته، وردا شبهاته بدلائل لائحة، وحجج واضحة. ثم إن الشيخ عبد الرحمن بن حسن طلب من الشيخ أحمد بن مشرف رحمه الله أن يرد عليه فرد عليه بقوله: وقفت على نظم لبعض بني العصر ... تضمن أقوالاً بقائلها تزري دليك قواف صاغها فتكسرت ... وحاصلها كالعجل مستوجب الكسر تخير حرف الراء عجزاً وإنما ... يعدون حرف الراء عير أولي الشعر عيوباً كساها زخرف القول خادعاً ... فأصبحت بحمد الله مكشوفة الستر بها شبهُ للجاهلين مضلة ... أكاذيب لا تخفى على كل ذي حجر تصدى لها حبر الزمان ونجله ... فردَّا وهدَّا ما بناه من القعر وقد بينا للناس ما في كلامه ... من الزيف والإفراط والحيف والنكر بأوضح برهان وأقوم حجة ... لها قرر الشيخان بالنظم والنثر جزى الله عنا شيخنا في صنيعه ... فكم قد شفى بالرد والسد للثغر إذا مبطل أَجرى من الجهل جدولاً ... أتاه بتيار من العلم كالبحر فجلى ظلام الشك والجهل والعمى ... بنور هدى يجلي الغياهب كالفجر لئن كان أهل العلم كالشهب في السما ... فعالمنا ين الكواكب كالبدر فما لابن منصور رأي هجو قومه ... صواباً فأزرى بالقريب وبالصهر وأثنى على قوم طغام بكونهم ... بنوا في القرى تلك المساجد للذكر كأن لم تكن تتلى عليه براءة ... ولم يتل فيها قد شيدوها على قبر وطافوا عليها خاضعين تقريباً ... إلى المقبور بالذبح والنذر وكم سألوا الأموات كشف كروبهم ... ولا سيما في الفلك في لحج البحر فزادوا على شرك الأوائل إذ دعوا ... سوى الله في حال الرخاء وفي العسر وتخريجه للمسلمين مشبها ... لهم بالحروريين بالبغي والفجر فيا ليت شعري هل تجاهل أو غوى ... فشتان ما بين الهداية والكفر

ولكنه أبدى موافقة العدى ... ليثني عليه الخصم في ذلك القطر فهبة كمن أغوى الشياطين في الفلا ... فأصبح حيراناً بمهمته قفر وأصحابه يدعونه للهدى أئتنا ... ولا داء أدعى للعناد من السكر فسبحان من أعمى عيوناً عن الهدى ... وقد أبصرت والسمع ما فيه من وقر ومن ينكر الشمس المنيرة في الضحى ... إذا لم يكن غيم وفي ساعة الظهر ورب فتى مستصرخ صاح نادباً ... لنا فأجبنا الصوت بشراك بالنصر أتتك لنصر الدين منا كتائب ... تجر العوالي في المهندة البتر وكم طاعن في ديننا ومثلب ... رميناه إذ هاجى بقاصمه الظهر نسل المواضي في الحروب على العدي ... ونضرب من يهجو بصمصامة الشعر فدونك نظماً كالزلال عذوبة ... يجر ذيول العز للدين والفخر بدا من أديب لم يقل متغزلا ... (عيون المها بين الرصافة والجسر) وأزكى صلاة الله ثم سلامه ... على المصطفى ماحي الضلالة والكفر كذا الآل والأصحاب ما هبت الصبا ... وما لاح في الآفاق من وكب دري وما أنهل في القفز الغمام وما بكى ... فأضحك دمع المزن مبتسم الزهر ثم استزاده الشيخ عبد الرحمن حسن رحمه الله فقال: يا ظبية البان بل يا ظبية الدور ... هل أنت من نسل حوا أو من الحور؟ الصبح من وجهك الأسنى السني بدا ... والفرع داج بظلماء وديجور مددت للصب طرفاً فاقصرا فلذا ... قد هام بين ممدود ومقصور؟ لا عيب منها سوى إخلاف موعدها ... أو أنها لم تجد يوماً بميسور كم واعدت بمزار غير موفية ... والخلف للوعد معدود من الزور فقلت وجداً بها إن كنت كاذبة ... عليك آثام عثمان بن منصور غدا يهاجي أولي التوحيد مشتغلاً ... بمدح قوم خبيث خاسر بور قد خالفوا السنة الغراء وابتدعوا ... والشرك جاءوا بحظ منه موفور لم يسلكوا منهج التوحيد بل فتنوا ... بكل ذي جدث في الترب مقبور هذا يطوف وهذا في تقربه ... يأتي إليه بمنذور ومنحور وذا به مستغيثاً في شدائده ... يرجو الإجابة في تيسير معسور فقل جزى الله شيخ المسلمين بما ... أبدى فجلى ظلام الشرك بالنور بالعلم بصر قوماًَ قد عموا فهدا ... وأنقذ الله منهم كل مغرور ليس العيون التي للحق مبصرة ... كالأعين الرمد أو كالأعين العور أدلة جامع التوحيد أودعها ... من كل نص قراني ومأثور لا يستطيع لها رداً مخاصمه ... ولا يحرفها تأويل ذي زور غزا بها عصباً للشرك قد نصروا ... فأصبحوا بين مقتول ومأسور فكم جلا بضياء العلم من شبه ... بها أضل النصارى حزب نسطور وأخلص الشيخ للرحمن دعوته ... لا للعلو ولا أخذ الدنانير حتى غدت سبل التوحيد عامرة ... وكل مشهد شرك غير معمور فقام أبناؤه من بعده فدعوا ... إلى الهدى ونهوا من كل محذور فمن هاجم بإفك غير ضائرهم ... لا ترهب الأسد نح الكلب في الدور وهاك نظماً بديعاً فائقاً حسناً ... والحمد لله حمداً غير محور ثم الصلاة وتسليم الإله على ... من قد وعى قوله موسى على الطور محمد خير مبعوث وشيعته ... وصحبه الغر حتى النفخ في الصور وقال رحمه الله لما أوقع الإمام فيصل بن تركي ببني خالد ومن معهم يالسبية في سنة1240: أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالاً ... ولا تطع في سبيل الجود عذالا فالمنفقون لهم من ربهم خلف ... ورب شح إلى الإتلاف قد آلا من جاد جاد عليه الله واستترت ... عيوبهُ وكفى بالجود سربالا من جاد ساد ومن شحت أناملهُ ... بالبذل أمست له الأعوان خذالا ثنتان كلتاهما للود حالبة ... صبر جميل وكف يبذل المالا لا تحسب المجد سهلاً في تناوله ... لولا المشقة كل للعلى نالا مما أضر بأهل الملك أن خزنوا ... للنائبات من النقدين أموالا وضيعوا الجند في وقت الرخاء وما ... خافوا الخطوب ولم يلقوا لها بالا حتى إذا قام للهيجاء قائمها ... وأشعل الحرب مذكي الحرب إشعالا

شعر

قاموا يريدون تأليف الجنود بما ... حازوا فلم يدركوا بالمال آمالا كذا من ضيع الأحرار محتقراً ... واختار غمراً وأوباشاً وأنذالا والحزم لو شكروا النعماء وادخروا ... للحرب خيلاً وفرساناً وأبطالاً من يحفظ الجند بالإحسان يلقهم ... إن يدعهم في لوغى يأتوه أرسالا فاجعل عطاك لأحرار الوغى ثمناً ... تملك به مهجاً منهم وأوصالا لا ملك يثبت إلا بالرجال ولا ... يقني الرجال سوى من كان بذالا والمال يربو لمن ربى رعيته ... بعدله ونفى للظلم أغلالا والطرق أمنها بالعدل فامتلأت ... أنسا فلا يرهب السلاك مغتالا يا فيصل المجد يا من للفخار حوى ... فاستوجب المدح تفصيلاً وإجمالا أوضحت للسنة الغرا رسوم هدى ... عفت فأحييت للإسلام أطلالا أتى بك الله من مصر لملتنا ... نصرا وقهرا لمن عادى وإذلالا فأنت طالع سعد حينما طلعت ... نجومه زدتنا حظاً وإقبالا نازلت آل حميد في سبيتهم ... تكاد ترجف منه الأرض زلزالا جاءوك بالجد في خيل وفي خيلا ... تكاد تجف منه الأرض زلزالا كانوا جراء عليكم من سفاهتهم ... حتى سبيت لهم عزاً وأموالا أقريتهم عاجلا لما بكم نزلوا ... كالمستضيفين صمصاما وعسالا ومن حياض المنايا بعد أن طمعوا ... أرويتهم عللاً منها وانهالا فدبروا هربا ذعراً وما صبروا ... لما رأوا الصبر بين الأسل قتالا ولوا سراعاً ولم يلووا على أحد ... وأصبحوا في بقاع الأرض فلالا وخلفوا خلفهم رغما عقائلهم ... مع البنين وأغناما وآبالا فأصبحت مغنماً للمسلمين وفي ... يديك تقسمها في الناس أنفالا واها لها وقعة من أفقها طلعت ... شمس الهدى فمحت للشرك أطلالا فتح به فتحت للدين أعينهُ ... وأبصرت بعد دمع طالما سالا فتح به فتح الرحمن أفئدة ... غلفا أدار عليها الرين أقفالا فتح به استبشرت هجر وقد فخرت ... لما ملكت لها مدنا وأعمالا أثواب عدلك قد ألبستها جددا ... من بعد أن خلعت للظلم أسمالا فيها بثثت أمور العدل فانتشرت ... وحكم الشرع أقوالا وأفعالا فأصبحت بك هجر كالعروس زهت ... بحلية لم تذر شنفا وخلخالا ماست من التيه واختالت وحق لها ... بزينة العدل أن تزهو وتختالا (تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا) فاحمد إلهك إذ أولاك أنعمة ... واشكره ما دمت تعظيما وإجلالا وهاك مني قريضاً قد حوى دررا ... ما أن ترى مثلها في الحسن أمثالا جهل المقل وقد أهداه معتذرا ... (لا خيل عندي أهديها ولا مالا) ثم الصلاة على الهادي وعترته ... ورحمة تشمل الأصحاب والآلا ما لاح برق وما غنى الحمام وما ... سح الغمام بجود الودق هطالا ثم الاختيار من شعر أحمد بن مشرف ويليه الاختيار من شعر الأديب ابن عثيمين النجدي. شعر ابن عثيمين النجدي هو الأديب الأريب ذي الأدب الفائق، والنظم الرائق، محمد ابن عبد الله بن عثيمين النجدي أصلاً ووطناً، والحنبلي مذهبا والسلفي معتقدا، وكان حفظه الله ممن عاصر العلماء الكبار من علماء نجد، سمع منهم، وله معرفة وفهم في الأصول والفروع. وكان حسن السيرة، مأمون السريرة مقبلاً على شأنه حافظاً لزمانه محبباً إلى قربائه، ذا سمت ودين وعقل رصين. وأما الشعر فقد أخذ من الإجادة فيه بأوفر نصيب، لا يبارى في براعة اللسان، ولا يجارى في ميدان الإحسان. له الأشعار الرائقة، والمعاني الفائقة، وسأذكر إن شاء الله منها في هذا المجموع ما يدل على تقدمه في عالم الأدب، ورقة وجزالة المعاني والألفاظ في نظم الشعر. فمن ذلك ما مدح به الملك المعظم، والإمام المقدم، إمام الإسلام والمسلمين، وحامي حوزة الدنيا والدين، عبد العزيز بن الإمام عبد الرحمن بن الإمام تركي آل سعود، أدام سعوده وخذل مبغضه وحسوده، ولا زال النصر محالفاً لراياته والتوفيق مساعداً له في جميع أوقاته آمين قال: عج بي على الربع حيث الرند والبان ... وإن خلت منه أحباب وجيران

فللمنازل في شرع الهوى سنن ... يدري بها من له في الحب عمران وقل ذاك لمغنى قد سحبن به ... ذيل التصابي برسم الشجو غزلان القاتلات بلا عقل ولا قود ... سلطانهن على الأملاك سلطان لله أحور ساجي الطرف مقتبل ... عذب اللمى لؤلؤي الثغر فتان عبل الروادف يندى جسمه ترفا ... ضافي الوشاح لطيف الروح جذلان يهتز مثل اهتزاز الغصن رنحهُ ... سكر الصبا فهو صاحي القلب نشوان كأنما البدر في لألاءِ غرته ... يا ليت يسحب ذاك الحسن إحسان لو كان يمكن قلنا اليوم أبرزه ... لينظر الناس كنه الحسن رضوان في ذمة الله جيران متى ذكروا ... هاجمت لذكراهم في القلب أحزان فارقتهم أمتري أخلاف سائمة ... يسوقها واسع المعروف منان لعل نفخة جود من مواهبه ... يروي بها صدى الإقتار عطشان أريش منه جناحاً حصهُ قدر ... شكى تساقطهُ صحب واخوان وفي اضطراب الفتى نجح لبغيته ... وللمقادير إسعاد وخذلان فاربأ بنفسك عن دار تذل بها ... لو أن حصباءها در ومرجان طفت المعاهد من شام إلى يمن ... ومن عراق ولبتني خرسان فما لقيت ولن ألقى ولو بلغت ... بي منتهى السد همات ووجدان مثل الجحاجحة الغر الذين سموا ... مجداً تقاصر عن علياه كيوان الضارب الكبش هبراً والضنا قصداً ... والتاركي الليث يمشي وهو مذعان والفارجي غمم اللاجي إذا صفرت ... أو طابه واقتضاه الروح ديان والصابئين عن الفحشا نفوسهم ... والمرخصيها فذا الخطي أثمان خضل المواهب أمجاد غطارفة ... بيض الوجوه على الأيام أعوان غر مكارمهم حر صوارمهم ... خضر مراتعهم للفضل تيجان لكن أوراهم زنداً وأسمحهم ... كفاً وأشجعهم إن جال أقران عبد العزيز الذي نالت به شرفاً ... بنو نزار وعزت فيه قحطان مقدم في المعالي ذكره أبداً ... كما يقدم بسم الله عنوان ملك تجسد في أثناء بردته ... ليث وغيث وإعطاء وحرمان خبيئة الله في ذا الوقت أظهرها ... وللمهيمن في تأخيرها شان ودعوة وجبت للمسلمين به ... أما ترى عمهم أمن أيمان حاط الرعية من بصرى إلى عدن ... ومن تهامة حتى ارتاح جعلان فجددوا الشكر للمولى وكلهم ... يدعو له بما بقي في الأرض إنسان ورب مستكبر شوس خلائقه ... صعب الشكيمة قد أعماه طغيان تركته وحده يمشي وفي يده ... بعد المهند عكاز ومحجان وعازب رشد إذا حان مصرعه ... بخمرة الجهل والإعجاب سكران أمطرته عزمات لو قذفت بها ... صم الشوامخ أضحت هي كثبان عصائب من بني الإسلام يقدمهم ... من جدك المعتلي بالرعب فرسان ويل أمه لو آتاه البحر متلطماً ... أذية الأسد والآجام فرسان لأصبح الغمر لا ويل ولا أثر ... لو شاغبته قبيل الصبح جنان ومشهد لك في الإسلام سوف ترى ... يوفي به لك يوم الحشر ميزان نحرت هديك فيه الناكثين ضحى ... فافخر ففخر سواك المعز والضان أرضيت آباءك الغر الكرام بما ... جددت من مجدهم من بعد ما بانوا نبهت ذكراً توارى منه حين علا ... للمارقين ضباب فيه دخان فجئت بالسيوف والقرآن معتزما ... تمضي بسيفك ما أمضاه قرآن حتى انجلى الظلم والإظلام وارتفعت ... للدين في الأرض أعلام وأركان دين ودنيا وبأس في الوغى وندى ... يفيض عن كفه للجود خلجان هذي المكارم ى ما قيل من هرم ... ولا الذي قيل عمن ضم غمدان أقول للعيس إذ تلوي زفاريها ... لإلفها ولها في الدّو تحنان ردي بحاراً من المعروف طامية ... نباتها التبر ى شيح وسعدان تدوم ما دامت الدنيا بشاشتها ... فأسلم فأنت لهذا الخلق عمران ثم الصلاة على الهادي الذي خمدت ... في يوم مولده للفرس نيران والآل والصحب ما ناحت مطوقة ... خضباً يميد بها في الدوح أغصان وقال أيضاً مادحاً صاحب الجلالة الملك عبد العزيز في سنة 1351إحدى وخمسين بعد الثلاث مئة والألف:

في الربوع فحي عرصة الدار ... وقف بها واسقها من دمعك الجاري معاهدي وليالي العمر مقمرة ... قضيت فيها لباناتي وأوطاري بكت عليها غوادي المزن باكرة ... وجرت الريح فيها زيل معطار فجر أذيال غضات الصبا خرد ... حور المدامع م الأدناس أطهار للسمع ملهى وللعين الطموح هوىً ... فمن لذة أسماع وأبصار كأنما أفرغت من ماء لؤلؤة ... نور تجسد في أرواح أبشار إذا هززن الناعمات القدود ترى ... أغصان بان تشنت تحت أقمار تشكو معاطفها لعباً روادفها ... يا للعجائب ذا كاس وذا عاري فكم صرعن بسهم اللحظ من بطل ... عمداً فعلن وما طولبن بالثار يصبو إليهن مخلوع وذو رشد ... وليس يدنين من أثم ولا عار تلك العهود التي ما زلت أذكرها ... فكيف ى والذي أهواه سماري استغفر الله لكن النسيب حلى ... يكسى به الشعر في باد وحضار فقد أنشد المصطفى حسان شاعره ... قولا تغلغل في نجد وأغوار غراء واضحة الخدين خرعبة ... ليست بهوجى ولا في خمس أشبار كان ريقتها من بعد رقدتها ... مسك يداف بما في دن خمار أقول للركب لما قربوا سحراً ... للسير كل آمون عبر أسفار عيس كأَن نعام الدو ساهمها ... ريش الجناح فزفت بعد إحضار حثوا المطي فغب الجد مشربهم ... من بحر جود خضم الماء زخار يروي عطاش الأماني فيض نائله ... فذا تشكى صدى عدم وإقتار ملك تجملت الدنيا بطلعته ... أسفر الكون عنه أي إسفار ملك تفرغ من جرثومة بسقت ... في باذخ المجد عصراً بعد إعصار هم جددوا الدين إذ خفت معالمه ... وقللوا حد كسرى في يوم ذي قار هم المصيبون إن قالوا وإن حكموا ... والطيبون ثنى مجد وأخبار والباذلون نهار الروع أنفسهم ... والصائنون عن الفحشاء والعار مجد تأثل في نجد وسار إلى ... مبدى سهيل وأقصى أرض بلغار محامد في سماء المجد مشرقة ... "مثل النجوم التي يهدي بها الساري" لكن تاج ملوك الأرض إذا ذكروا ... يوماً وارجح في فضل ومقدار عبد العزيز الذي كانت خلافته ... من رحمة الله للبادي وللقاري أعطاهم الله أمناً بعد خوفهم ... لما تولى ويسراً بعد إعسار أشم أروع مضروب سرادقه ... على فتى الحزم نفاع وضرار مظفر العزم شهم غير مؤتشب ... مسدد الرأي في ورد وإصدار ما نال ما نال إلا بعد م سفحت ... سم العوالي دماً من كل جبار وجرها شزباً تدمى سنابكها ... تشكو الوجى بين إقبال وإدبار تعدوا بأسد إذا لاقوا نظائرهم ... باعوا النفوس ولكن القنا الشاري يحكي اشتعال المواضي في اكفهم ... تألق البرق في وطفاء مدرار وكم مواقف صدق في مجال وغىً ... حكمت فيها أسنان الصعدة الواري وكم على طلقتها نفس عاشقها ... من خوف باسك لا تطليق مختار قهراً أبحت حماهم بالقنا وهم ... أسد ولكن آتاهم ضيغم ضاري سربلت قوماًً سرابيل الندى فبغوا ... فسمتهم حد ماضي الغرب بتار نسخت آيات مجد الآكرمين وما ... يبني المعالي سوى سيف ودينار ذا للمقيم على النهج القويم وذا ... لكل باغ بعد بعهد الله غدار فدم شجاً في حلوق المعتدين هدى ... للمهتدين غنى للجار والطاري وهاك مني مديحاً قد سمعت له ... نظائراً قبل من عون وإبكار غرائباً طوف الآفاق شاردها ... تبقى على الدهر طوراً بعد أطوار لولاك ما كنت بالشعار ذا كلف ... ولا شربت بها معروف أحرار وموقف الهون لا يرضى به رجل ... لو أنه بين جنات وأنهار لكن طوقتني نعمى فخرت بها ... بين البرية من بدو حضار لأحمدن زماناً كان منقلبي ... فيه غلكم وفيكم صغت أشعاري فإن شكرت فنعماك التي نطقت ... تشني عليك بإعلاني وإسراري وصل ربي على الهادي وشيعته ... وصحبه وارضى عن ثانيه في الغار ومن قوله مادحاً للأمام عبد العزيز أيضاً أعزه الله تعال سنة 1346:

قفوا بي على الربع المحيل أسائله ... وإن كان أقوى بعد ما خف أهله وما في سؤال الدار إطفاء غلة ... لقلب من التذكار جم بلابله تعلل مشتاق ولوعة ذاكر ... لعهد سرور غاب عنه عوازله فإن أسل ولا أسلو هواهم تجلداً ... ولكن يأساً أخلفتني أوائله خليلي لو أبصرتما يوم حاجر ... مقامي وكفي فوق قلبي أبادله عشية لا صبري يثيب ولا الهوى ... قريب ولا دمعي تفيض جداوله ليقتما أن الأسى يغلب الغرا ... وأن غرامي لا غلام يماثله فلله قلبي ما أشد احتماله ... ويا ويح صبري كيف هدت معاقله نظرت إلى الأظعان يوم تحملوا ... فاشرقني طل الدموع ووابله مضوا ببدور في بروج أكلة ... بهن حليم القلب يصبو وجاهله وفيهن مقلاق الوشاح إذا مشى ... تملك حبات القلوب تمايله يلوث على مثل الكثيب إزاره ... وأعلاه بدر قد تناهى تكامله وزعت التصابي إذ على الشيب مفرقي ... وودعته توديع من لا يجامله وفؤت إلى رشدي وأعطيت مقودي ... نصيحي فمهما قاله أنا قائله ومن صحب الأيام رنقن عيشه ... وألبسنه بردا سحيقاً خمائله وليل غدافي الإهاب تسربلت ... كواكبه خال ترن صواهله يمد على الأفاق سجف حنادس ... مخوف رداه موحشات مجاهله هتكنا بأيدي الناعجات سدوله ... إلى ملك يخشى وترجى نوافله إلى ملك لو كان في عهد حاتم ... لقال كذا فليبذل المال باذله إمام الهدى عبد العزيز بن فيصل ... به انهد ركن الشرك وانحط باطله سمى لمعالي وهو في سن يافع ... فأدرك أعلاها وما شق بازله بطلعته زان الوجود وأشرقت ... على الأرض أنوار الهدى ورسائله فلو نشرت الأيام كسرى وتبع ... وأيام هارون الرشيد ونائله لقال بحق ليت أيامنا الأُلى ... تعاد لنا كي يدرك السؤال آمله ولا غر وأن يشتاقه عصر من مضى ... قد نسخت مجد الملوك شمائله رعى الدين والدنيا رعاية محسن ... وقام بأعباء الإمامة كاهله وأرضى بني الإسلام قولاً وسيرة ... فذو الظلم أرداه وذو اليتم كافله وجدد منهاج الهدى بعد ما عفا ... وعز به الشرع الشريف وحامله قصارى بني الدنيا دوام حياته ... عسى الله يبقيه تعلو منازله فكم كنز معروف أثار ومفخراً ... أشاد ومجداً ليس تحصى فضائله قليل التشكي والتمني وإنما ... إذا هم لم تسدد عليه مداخله خفي مدب الكيد يقظان لم تكن ... لم تكن به غفلة لكن عمداً تغافله ولا طاب أمراً سوى ما أفاده ... به سيفه أو عزمه أو عوامله فقل للذي قد غره منه حلمه ... متى كافأ الذئب الهزير ينازله ألم تر أن البحر يسلك ساكناً ... وإن حركته الريح جاشت زلازله فلا تخرجوه عن سجية حلمه ... فتكثر من الساعي بذاك ثواكله ولا تستطيبوا مركب البغي إنه ... إذا ما امتطاه المرء الله خاذله ضمنت لباغي فضله أن يناله ... ومن يطلب اللأوا تئيم حلائله ما نال هذا الملك حتى تقصدت ... صدور عواليه وفلت مناصله وانعل أيدي الجرد هام عداته ... وزلزلت الأرض البعيد قنابله وما زاده تيه الإمامة قسوة ... نعم زاد عفواً حين زاد تطاوله من الوقت بسامين والوقت أكدر ... من النقع وهابين والجدب شامله علينا لك الرحمن أوجب طاعة ... لذي أمركم لوشط في الحكم عامله إليكم بني الإسلام شرقاً ومغرباً ... نصيحة من تهدي إليكم رسائله هلموا إلى داعي الهدى وتعاونوا ... على البر والتقوى فأنتم أمثاله وقوموا فرادى ثم مثنى وفكروا ... تروا أن نصيحي لا اغتشاش يداخله بأن إمام المسلمين ابن فيصل ... هو القائم الهادي بما هو فاصله به الله أعطانا حياة جديدة ... رفهنا بها عن مضنك بؤس نصاوله فقد كان في نجد قبيل ظهوره ... من الهرج ما يبكي العيون تفاصله تهارش هذا الناس في كل بلدة ... ومن يتعد السور فالذئب أكله فمن بين مسلوب ومن بين سالب ... وآخر مقتول وهذاك قاتله

فابدلكم ربي من الخوف دولة ... وبالذل عزاً بر خصما ًيناضله بيمن إمام أنتم في ظلاله ... يدافع عنكم ورأيه وذوا بله إليك إمام المسلمين زجرتها ... ترامى بها بعد السهوب جراوله إذا ما ونت عن الرديف لذكرها ... فزفت زفيف الرأل فاجاه خاتله وما زلت أدعو الله يبقيك سالماً ... وإن بعادي عنك تطوى مراحله وأنشد بيتاً قاله بعض من مضى ... وليس يموت الشعر ولو مات مائله "إذا ظفرت منك العيون بنظرة ... أثاب لها معيي المطي ورزامه" وقال مادحاً للإمام أيضاً في سنة 1339 أرقت البرق ناصب يتألق ... ما هفا أمسيت بالدمع أشرق إذا فاض لم أملك سوابق عبرة ... تحم لها الأحشاء والقلب يخفق أمد له طرفي ومن دون ومضه ... خبوت وأقحاف وبيداء سملق ومجهلة للجن في عرصاتها ... عزيف يراع الذئب منه ويفرق أرجم فيه الظن أين مصابه ... عسى في رياض المجد يهمي ويغدق منابع أنوار الهدى عف عراصها ... لباغي الهدى والفضل هدي ومرفق وموطن أملاك غطارف سادة ... لهم عنصر في باذخ المجد معرق إذا نازلوا كانوا ليوثاً عوابساً ... وإن نزلوا كانوا بحورا تدفق أجل من يكن عبد العزيز فخاره=فلا غرو لو فوق الكواكب يعنق هو النعمة الكبرى من الله للورى ... ورحمته والله جل الموفق به الله أعطاهم حياة جديدة ... وهم قبله أيدي سبا قد تمزقوا قوام لهم في دينهم ومعاشهم ... إلى الحق يهديهم وبالحق ينطق فمن يعتصم منه بحبل وذمة ... وإلا من الدين الحنيفي يمرق أليس أتى في محكم الذكر أمرنا ... بطاعته حقاً ولا نفترق فقالوا أطيعوا الله ثم رسوله ... كذلك ولي الأمر نص محقق فقل لأناس بالكويت وحائل ... يقولون إنا بالكتاب نصدق أهذا كتاب الله أم قول غيره ... أم الحكم منسوخ أفيدوا وحققوا أفي الغرب أم في الشرق فيما علمتم ... أم اليمن الأقصى وما ضم جلق إمام على نهج الشريعة سائر ... نبايعه نحن وأنتم ونصدق وهل في عد آبائكم وجدودكم ... خليفة عدل أو إمام موفق فأنتم على أثاره تقتفونه ... أبينوا لنا أم ذا هوى وتحمق؟ وإلا فما يمنعكم أن تبايعوا=على ما يقضي به الكتاب المصدق إمام هدى للرشد يهدي ويهتدي ... مقيم سواء بالرعية يرفق فمن بات ليلاً خالعاً بيعة الذي ... به لُمَّ شمل المسلمين المفرق فإن مات كانت ميتة جاهلية ... وإن عاش فهو المارق المتزندق كما جاء في الأخبار نصاً مؤكداً ... فلسنا بأدنى شبهة نتعلق أما المسلمون الآن من جذم ريدة ... إلى الشام قول محكم لا ملفق ومن منتهى الريعان حتى تنيخها ... بأقصى عمان كلهم قد تحققوا بأن له في عنق كل موحد ... من الله عهد بالإمامة موثق فيا ليت شعري أين ضلت حلومكم ... وغركم الغرار والحظ فهلا اتقيتم وثبة مقرنيه ... كان لديها الاجدل الحرخرنق فلا تخرجوه عن سجية حلمه ... فما هو إلا الليث إن هم يصدق فكم عف عمن لو جزاه بذنبه ... لطارت به العنقاء حيث تحلق أرايتكم لو جر من قد ذكرته ... عليكم يسوق الفيلق الجم فيلق أهل كنتم إلا لقيمة آكل ... لهم قبل ما قرن الغزالة يشرق جحافل فيها من سلالة ناهس ... اسود على أعدا الشريعة حنق سراع إلى الهيجا عطاش إلى الوغى ... إذا ما حياض الموت بالموت تدهق وفيها ليوث من صميم هو زان ... أولئك أدرى بالطعان واحذق طوال الخطى في معرك الطعن للعدى ... ثقال إذا ما مأزق الحرب ضيق وفيها بنو قحطان قوم سما بهم ... مع العزم آباء إلى المجد سبق هم هاجروا لله ثمة جاهدوا ... فبشراهم للرشد والخير وفقوا ومن شمر فيها وحرب وغيرهم ... قبائل للدنيا الدنية طلقوا وهم نصروا الدين القويم وأصبحت ... لهم راية بالعز والنصر تخفق وفيها سراة من سبيع وعامر ... لهام العدى بالمشرفي تفلق

وفيها بنو الإسلام أعلوا مناره ... ليالي وجه الأرض بالشرك مغسق أولئك أهل المدن من كل باسل ... إلى الطعن في يوم اللقا يتدلق بيمن إمام المسلمين تألفت ... قلوب وأهواء شقاها التفرق إذا صلحت في داخل الجسم مضغة ... فإن صلاح الجسم فيها معلق لقد كان هذا الدين ينهد قبله ... وسيم بنوره الخسف جوراً وأرهقوا فجاء رب العباد بلطفه ... غياثاً لهم والله بالخلق أرفق (فتى دهره شطران بأَساً ونائلاً) ... به الله في الدنيا يهين ويرزق فتى طلبات ليس يغضي على القذى ... ويقرع باب الخطب والخطب مغلق إذا هم لم يردد عزيمة همه ... مقال مشير أو عذول يعوق ولكنه يمضي وللحرب غلية ... تجيش لها نفس الكمي وتزهق يفيت ملوك الأرض ما يطلبونه ... لديه وإن يطلبهم فهو يلحق إذا لاح أعشى الناظرين مهابة ... فهم نكس الأذقان والطرف يرمق مهابة ملك لكن الدين تاجها ... ومن يعر من ثوب التقى فهو أخرق وكالبحر في حال الرضى فيض كفه ... وكالبحر قل ما شئت إن جاش يغرق محامد شتى لكن الشخص واحد ... وربك مختار وما شاء يخلق ولا كابن عجل في سفاهة رأيه ... وتسويله للقوم حتى توهقوا قبائل شتى من أضاميم شمر ... على خير ما يرضى الإله تحزقوا فصبحهم جند الإله وحزبه ... بملومة فيها الصفائح تبرق فأدموا في العض على الأصابع ندما ... فلم يغنهم طول الأسى والتحرق وذي عادة المولى الكريم بمن غدا ... ينادي بني الإسلام لا بد يمحق فيا معشر الإخوان دعوة صارخ ... لكم ناصح بالطبع لا متخلق يود لكم ما يمتنيه لنفسه ... ويعلم أن الحب في الله أوثق تحاموا على دين الهدى مع أمامكم ... وكونوا له بالسمع جندا توفقوا وإياكم والافتراق فإنه ... هو الهلك في الدنيا والدين يوبق فو الله ثم الله لا رب غيره ... يمين امرئ لا مفتر يتملق ولا قاصداً يوماً بقولي مكانه ... ولا عاجلاً للدين والسمت يعرق لما علمت نفسي على الأرض مثله ... إماماً على الإسلام والحق يشفق عسا أن نراها سيرة عمرية ... يدين لها غرب البلاد ومشرق ففيه ولا نعدمه تبدو مخائل ... بها العز للإسلام والملك يورق وصلى إله العالمين على الذي ... بأنواره الأكوان تزهو وتشرق كذا الآل والصحاب ما لاح بارق ... وما ناح في الدوح الحمام المطوق وقال لما فتح الإمام عبد العزيز بلد حائل في ربيع الأول سنة1334هـ ويذكر ما من الله تعالى على هذا الإمام بالعفو عند المقدرة وما خصه به من إقالة العثرة: تهلل وجه الدين وابتسم النصر ... فمنكان ذا نذر وفقد وجب النذر وأوفى خطيب العز في منبر العلى ... ينادي ألا الله في صنعه الشكر وأنا على وعد من الله صادق ... وتأخيره آباه كي يعظم الأجر والله في طي الحوادث حكمة ... يحار بها عقل ويعيا بها فكر يمحص أقواماً لهم عند الرضى ... ويمحق أقواما لهم عنده التبر إذا خط ذو العرش الشقاء على امرئ ... فلن تغنه الآيات تتلى ولا النذر وإلا ففيما جرى أهل حائل ... عليكم لكم من غيكم والهوى زجر وقدما إمام المسلمين دعاكم ... إلى رشدكم لكن بآذانكم وقر تدارككم حلم الإمام وعفوه ... وقد بلغ السيل الزبا وطما البحر فأصبحتموا منه بمنجاة منعم ... عليكم فهل يلفى لديكم له الشكر فلا تفكروها نعمة مقرنية ... فإن كفرت كانت هي الغل والأصر فكم خول النعماء قوماً تربصوا ... فأرادهم خبث الطوية والغدر فلولا التقى والصفح عنكم لاصبحت ... منازلكم يشتو بها الربد والعفر هو امللك الوهاب والضيغم الذي ... له المغرمات الشم والفتكة البكر هو الملك السامي الذي سطوته ... تبيح حمى من في خده صغر بجيش يغيب الشمس عثير خيله ... ويحمده بعد اللقا الذئب والنسر كان اشتعال البيض في جنباته ... سنا البرق والرعد الهماهم والزجر

شعر سلمان بن سمحان

وصادق عزم إن طما ليل فتنة ... تبلج منه حنادسه فجر ركوب لما يخشى من الخطب عالم ... بأَن المعالي دونها الخطر الوعر مغازٍ لها في الغرب والشرق رجفة ... وفي أفق العليا هي الأنجم الزهر مشاهد فيها عزز الدين واعتلى ... وادحض فيها الجو وانمحق الكفر وفيما مضى للشاهد اليوم عبرة ... ولكن قلوب حشوها الغل والوغر ومن كلن عما قلته متجاهلاً ... ستصدقه قولي المهندة البتر فقل لحسين دام فيي النفوس منزع ... ألا ترعوي من قبل أن يقصم الظهر زجرت طيور النحس تحسب أنها ... سعودفلا طرق أفاد ولا زجر أماني مخدوع يعلل نفسه ... من دون هاتيك المنى المشرب المر وضرب كأفواه المخاض مجاجة ... دم تمتريه البيض واللدنة السمر ترقب لها ملمومة تملأ الفضا ... يسوق إليك الوحش من لغطها الذعر تظل عليها سغب الطير عكفاً ... معودة أن القبيل لها جزر يدبرها عزما ًورأيا ومنفصلا ... مدير رحاها لا كهام ولا غمر إمام الهدى عبد العزيز الذي رنت ... إليهالمعالي قبل أن تكمل العشر أتانا به الله الكريم بلطفه ... على حينماج الناس واستفحل الشر وشعبت الأهواء دين محمد ... ولم يك نهي عن فساد ولا أمر وولي أمر الناس من لا يسوسهم ... بشرع وخاف الفاجر المؤمن البر فأسفر صبح المسلمين وأشرقت ... بطلعته أنوارهم وانتفى العسر وأعطوا بعيد الذل عزاً وبدلوا ... من الخوف أمناً والشقا بعده اليسر أليس من قاد المناقب شزبا ... إلى كل جبار دخائله المكر فلم يغنه طول الدفاع وحصنه ... ولن يؤوه لوفر بّر ولا بحر مفيد ومتلاف إذا جاد أو سطا ... فما الأسد الضاري وما الوابل الغمر طلوب لأقصى غاية المجد كلما ... رقى رتبة منها يقل فوقها القدر إليك إمام المسلمين تطلعت ... تراعي بينها الشام وانتصرت مضر وناداك ملتف الحطيم ويثرب ... ولولا احترام البيت قد قضي الأمر وأي امرئٍِ لم يعتقدك أميره ... فأيمانك لغوٌ وعرفانه نكر وهل مؤمن إلا يرى فرض نصحكم ... وطاعتكم حقاً كما وجب الذكر ومن شذ عن رأي الجماعة حظه ... وإن صام أو صلى من العمر الوزر ودونكها ولاجة كل مسمع ... يقال إذ تتلى كذا تحسن الشعر وصلى غله العالمين على الذي ... له الحوض والزلفى إذا ضمنا الحشر محمد الهادي الأمين وآله ... وأصحابه ما هز نبت الربى قطر شعر سلمان بن سمحان ومن قول الشيخ سليمان بن سمحان يسلي الإمام عبد العزيز, بعد الهزيمة التي أجراها الله عليه في يوم جراب سنة 1333: أمور القضا ليست بحكم العوالم ... ولكن إلى رب حكيم وعالم قضاها إله العرش جل جلاله ... وقدرها من قبل خلق العوالم بخمسين ألفاً قدرت من سنيننا ... فليس لأمر حمه من مقاوم فلو أن لو تجدي وتنفع قائلاً ... لأصبح مفتوناً بها كل لائم يلوم على ما قدر الله وانقضى ... فتباً له ماذا جنى من مآثم وما كان هذا الأمر بدعاً فقد جرى ... لأفضل خلق الله صفوة هاشم محمد الهادي إلى الرشد والهدى ... وأصحابه أهل النهى والمكارم لئن كان قد أضنى بنا ما أمضنا ... بشؤم الذنوب المعضلات العظائم من القرح ما نرجه من فضل ربنا ... وإحسانه محواً لتلك الجرائم فقد مسّهم من ذلك القرح فادح ... فكانوا طعاماً للنسور الحوائم بأيدي رجال من ذوي الصدق في اللقا ... حماة كماة الأسود الضراغم يسومون الهيجا نفوساً عزيزة ... وترخص منهم في حضور المواسم وقد غادروا أبناء حائل في الوغى ... جثاثاً ركاماً كالهشيم لشائع وقد منّ مولانا بطلعتك التي ... أضاءت بها شمس العلى في العوالم فأصبح هذا الناس في ظل مجدكم ... بأمن وفي رغد من العيش ناعم وجاء بك المولى معافى مسلماً ... وأعداك في كبت وذل ملازم لتنصر دين المصطفى وتقيمه ... وتنكأ من أعدائنا كل غاشم

وتعلي من الإسلام أعلام مجده ... وتحميه من كيد العدو المراغم فكن ناصراً للدين معتصماً به ... فليسوا على شيء من الدين عاصم وجرد بعزم نصل سيفك ناهضاً ... بهمتك العليا لنيل المكارم وجر عليهم جحفلاً بعد جحفل ... وأثخنهمُ بالمرهفات الصوارم واعمل هديت اليعملات بغزوهم ... وأرهبهمُ بالصافنات الصلادم واعدد لهم منها كميناً فإنه ... يكون لكم ظهراً وردماً لرادم وشن عليهم غارة بعد غارة ... على غرة منهم وذا فعل حازم ولا سيما الأعراب منهم فانهم ... هم الرد للأعدا بتلك الملاحم أولئك هم أوباش جند ذوي الردى ... وهم قوة الباغين أهل المآثم فمزقتهم أيدي سبا وأذقتهم ... كؤوس الردى بالمرهفات الصوارم وأنت بما قلناه أدرى وعلمكم ... بكل الأمور الساميات المعالم أحق وأعلى منظراً ومقامكم ... أجل لدى أهل النهى والمكارم لأنك محمود المآثر في العلى ... ومجدك سام فوق هام النعائم بك الله يا عبد العزيز أعزنا ... وأنقذنا من رق باغ وظالم فلا زلت في عز أكيد مؤيد ... ولا زلت منصوراً على كل غاشم يسعافك الإقبال والعز والهنا ... على كل من ناواك يا ابن المكارم وأزكى صلاة الله ثم سلامه ... على المصطفى المعصوم صفوة آدم وأصحابه والآل مع كل تابع ... وتابعهم ما انهل ودق الغمائم وقال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله أيضاً مهنئاً للإمام عبد العزيز لما فتح الله على يده بلد الأحساء والقطيف سنة 1331 هـ،: بهجر أضاء الفجر واستعلن الرشد ... وناء على آطامها الطالع السعد وقد كان أهلوها بأسوأ حالة ... وقد فتحت للكفر أعينه الرمد وكانت قضاة السوء تصرخ جهرة ... بتمجيد عباد القبور وهم ضد وتمجيد ضباط لهم وعساكر ... فبعداً لهم بعداً وسحقاً لمن ودوا وقد صارحونا بالعداة والأذى ... فهم للهدى ضد وللأشقيا جند وقد أظهر الأرفاض فيها شعارهم ... ومدوا يداً نحو العلى وبها امتدوا وفيها الخنا والخمر والزمر ظاهر ... وما ليس محصوراً وليس له عد وقد كان فيها للضلالة والردى ... مقر وفيها للهوى صادح يشدو وقد كان فيها للملاهي ملاعب ... وحادٍ على أعقاب أربابها يحدو وأحكام أهل الكفر تجرب بسفحها ... وقانونهم يعلو بها ظاهراً يبدو فناء بها سعد السعود فأسفرت ... بآل سعود هجر وافتخرت نجد وأقلع عن هجر دياجي ما سجى ... من البغي والأرفاض حل بها النكد وأصبح من فيها نحباً وناصحاً ... ينادي ألا أهلاً بكم أيها الجند فقدماً لقد كنا بأيدي عداتنا ... أذلاء والأعداء يسمو لهم جتد وهم قد أخافوانا بها وتغلبوا ... يسوموننا خسفاً ويعلو بها الضد فقوض عنا الغي والبغي والأسى ... وأهل الردى والفحش واستعلن الرشد وزال قتام الكفر عنا وأشرقت ... شموس الهدى والحق في الخلق ممتد وأضحت بهجر شرعة الحق تجتلي ... وقانون أهل الكفر حل به النكد وقد أشرقت فيها شموس ذوي الهدى ... وحالت بحمد الله أحوالها الكمد فيا من بها من عصبة الدين والهدى ... ليهنكم الإقبال والعز والمجد فشكراً بني الإسلام قد رجعت لكم ... بناكرة من بعد ما يئس اللد وقد ظن قوم أنها دولة مضت ... وليس لما قد فات عود ولا رد فقد عاد ما قد مات غضا فات غضا كما بدا ... فلله مولانا على ذلك الحمد وذلك من فضل الإله ومده ... فمن جوده الحسنى ومن فضله المد وقد كان ما أجراه فضلاً ونعمة ... ولله من قبل الأمور ومن بعد بمهد هزبر المعي مهذب ... يقود أسوداً في الحروب بها حرد وغيظ على أعداء دين محمد ... وأحزابهم ممن عن الدين قد ندوا أتاهم بها إذ غاب نجم مشعشع ... وقائده الإقبال والعز والسعد لسبع من الساعات في غسق الدجى ... وقد هجع الحراس والترك والجند فما راعهم إلا وآساد جنده ... قد اقتحموا فيها وما مسهم نكد

وصاحوا بها من كل قطر وجانب ... شعارهم التهليل والذكر والحمد وقد ملكوا أبوابها وبروجها ... ومن كل نهج نحو أعدائها تعدو يقودهم ليث همام سميدع ... أبيٌّ وفيٌّ فاتكٌ إن عثا الضد يخوض عباب الموت والموت ناقع ... إذا استعرت نار لها في الوغى وقد ويركب هول الخطب والخطب معضل ... وقد هابه الأبطال رعباً وقد ندوا هو الملك السامي إلى منتهى العلى ... وقد أمه في نيلها الطالع السعد إمام الهدى عبد العزيز الذي به ... تضعضعت الأملاك واستعلن الرشد لقد فاق أبناء الزمان وفاتهم ... بعفو وإقدام وساعده الجد فيا أيها الغادي على ظهر حرة ... عرندسة ما مسها دهرها الجهد تجوب فيافي البيد وخداً ومسأداً ... وما نقبت أخفاقها عندما تخدو تحمل هداك الله مني هدية ... هدية مشتاق أمض به الوجد وأروى به من لاحج الشوق جذوة ... ولكنه قد عاقه النأي والبعد وخامره من نشأة البشر نشوة ... وفي قلبه سكر من البشر ممتد إلى الملك الشهم الغيور أخي الندى ... مذيق العدى كأس الردى عندما يعدو ومن أصله المجد المؤثل والعلى ... ومن جوده الجدوى لمن مسه الجهد فأبلغه تسليماً كأن أريجه ... شذى المسك لما ضاع من نشره الند ونادى بأعلى الصوت عند لقائه ... بمجلسه الأسنى الذي حفه السعد ليهنك يا شمس البلاد وبدرها ... بلوغ المنى لما تسامى بك المجد ونال بك الإسلام فخراً ورفعةً ... وعزت بك الأحساء واستعلن الرشد وذلك بك الأعداء من كل فاجر ... وكل خبيث دينه الكفر والجحد فصار الاعادي والبوادي ومن بهم ... نفاق أذلاءً وألوانهم كمد فيالك من فتح وعز مؤثل ... أطيد ومجد قد تسامت به نجد فروح بالأفراح أرواح عصبة ... وريح أعطافاً وأودها المجد وأكمد أكباداً وأورى بجذرها ... سواعرهم قد أمش بها الوقد فلله ربي الحمد والشكر والثنا ... فمن جوده الحسنى ومن فضله المد فلا زلت يا حامي حمى الدين والهدى ... لك النقض والإبرام والحل والعقد ولا زلت في عزٍ من الله دائماً ... يساعدك الإسعاف والنصر والسعد وأعداك في كمد وكبت وذلة ... وفي قلة يعلوهم الحد والجهد فيا من سما مجداً وجوداً وسؤدداً ... وأم إلى هاماتها إذ هي القصد ملكت فاسجع وابذل العفو والندى ... لتنجو في يوم اللقا حينما نغدو إلى الله في حشر ونشر وموقف ... حفاة عراة ما لنا منهما بد وعامل عباد الله باللطف وارعهم ... بعدل وإحسان ليصفو لك الود من كان ذا ود وقد كان محسناً ... فعامله بالحسنى لينمو لك الحمد ومن كان قدماً قد أساء فأسقه ... زعافاً لكي يدري وينزجر اللد وينحسم الداء العضال وينتهي ... ذوو الغي إن راموا فساداً أو ارتدوا وخذ من تقى الرحمن درعاً وجنة ... تقيك إذا ما شدة للورى تبدو وبالله فاستعصم وكن متوكلاً ... عليه يقيك الله أشرار من صدوا وندوا عن الإسلام والدين والهدى ... وأشرار من كانوا بغاة وقد ندوا ولا تستشر إلا صديقاً مجرباً ... سريرته التقوى وغايته الود ولا تصغ للنمام سمعك إنما ... بزور أتى المأفون والكاشح الوغد وأحسن فبالإحسان تستعبد الورى ... وتملكهم والحر يملكه الرفد ولا يملك الأعراب ذاك لأنهم ... كما قيل أصنام لها الكسر والهد فخفهم وجانبهم ولا تأمننهم ... وألف بني الأحرار إذ هم لك الجند ولا شك أن البذل والجود والندى ... بها يملك العاصي ويستألف الضد لكنه في حالةٍ دون حالةٍ ... وذلك لا يخفى على من له نقد وأنت بهذا كله ذو فطانة ... وأدرى به منا ولكنما القصد بهذا هو التنبيه والنصح والوفا ... بحقك بل هذا علينا من العهد أدام لنا ربي بك العز والهنا ... وأولاك مجداً دائماً ما له حد وعزاً وتمكيناً وفخراً ورفعة ... يقصر عن إدراكها الحصر والعد

ودونك من أبكار فكري قلائداً ... يجل سناها أن يماثلها عقد إليك طوت بيد الساسب والفلا ... تؤمك من نجد وأنت لها القصد لتنشر من أعلام مجدك ما سمت ... بأنواره الأحساء وافتخرت نجد وأزكى صلاة الله ما انهل وابل ... وما هبت النكبا وما قهقه الرعد وما طلعت شمس وما جن غاسق ... وما لاح في الآفاق من كوكب يبدو وما حج بيت الله من كل راكب ... على ضامر يهوي إلى بيته تخدو على السيد المعصوم والآل كلهم ... وأًحابه والتابعي نهجهم بعد وقال يمدح الإمام عبد العزيز أعزه الله، ويذكر فيها ما من الله به عليه من النصر والتأييد على ابن لاشيد ومن معه من العساكر، وانهزامهم ورجوعهم خائبين سنة 1322 هـ: أهاجك أم أشجاك رسم المعاهد ... معاهد أنس بالحسان الخرائد أتذكر عهداً بالأوانس رافها ... وتعقيد وصل حافد المقاصد لغيداء يحكي البدر ضوء جبينها ... منعمة مهضومة الكشح ناهد كأن وميض البرق في غسق الدجى ... رفيف ثناياها العذاب النضائد كأن أريج المسك نكهة ثغرها ... إذا هي ناجت وامقاً ذا توجد لها مقل دعج وكف مخضب ... رخيص كأعناب بغصن العناقد وفرع أثيث سابغ متجعد ... كديجور ليل حالك اللون حاشد وقدّ قويم ناعم متأود ... كغصن من البان المذلل مائد برهرهة كالشمس في يوم صحوها ... تفوق جميع الغانيات الخرائد فلو كلمت شيخاً بطاعة ربه ... مديباً عليها دائباً غير حائد لأصبح مفتوناً بها ومولعاً ... وخال رشاداً أن تفي بالمواعد فضلت على تلك الديار وأهلها ... كمثل سليم شاجن القلب ساهد فدع ذكر عهد قد تقدم عصره ... وتذكار وصل للحسان الخرائد ولكن أزح عنك الهموم وسلها ... بعوجاء من قود الهجان الحرافد وجب للمطاويح المفارز قاصداً ... ولا تخش من فتك اللصوص الرواصد لشمس تبدي ضوؤها هو ساطع ... وطالع سعد مشرق بالمحامد رأى ضوءه من بالوهاد ومن على ... رعان اليفاع الشامخات الفدافد فثاب في ظل المحاسن وارعوى ... إلى ظل أفياء لها كل شارد لقد بلغت شرق البلاد وغربها ... فكالشمس حلت في السعود الصواعد تسامى بها شمس البلاد وبدرها ... وجماع شذاذ المعالي الشوارد هو الملك الشهم أخو الندى ... مذيق العدى كاسات سم الأساود إمام الهدى عبد العزيز الذي له ... محامد في الإسلام أي محامد أزاح جموع الترك عنا بهمة ... تسامى بها فوق السهى والفراقد ومزقهم أيدي سبا وتمزقوا ... فما بين مقتول مصاب وشارد وما بين محمول إلى عقر داره ... كسيراً حسراً خاسئاً غير فاقد بكره وإجبار وعنف توعد ... فعادوا وقد باؤوا بخيبة عائد فهذا هو المجد الأثيل وإنما ... حوى ذاك من قوم كرا أماجد وميراث آباء له ومآثر ... تأثلها عنهم بحسن المقاصد لعمري لقد أضحى بها متسامياً ... على كل أملاك البلاد الأماجد فتى حسنت أخلاقه فتألقت ... وغنت بها الركبان فوق الجلاعد فتى دمث سهل الجناب مهذب ... ولكنه صعب المقاد لكائد أذاق الأعادي والبوادي جميعها ... كؤوس حتوف من سمام الأساود فكم جر من جيش لها عرمرم ... يغادي به شوس الملوك السوامد له رأي حزم كالحسام مجرداً ... ولهذم عزم نافذ للمعاند ووثبة ضرغام أبي غضنفر ... إذا الحرب ألقت بالدواهي الشدائد وبذل نوال كانسجام هوامع ... تعودها طبعاً لعارف وقاصد فيا من سمت أخلاقه وتألقت ... محامده نحو السهى والفراقد عليك بتقوى لله جل ثناؤه ... وإصلاح ما يدعو لعضل المفاسد وبالعفو والإحسان والصدق والوفا ... فإن بها تسمو لشأو المحامد وراع جناب الحق والصدق راجياً ... جزيل ثواب الله يا ابن الأماجد وإياك أن تصغي لمن جاء واشياً ... يرى أنه بالنصح أعظم وافد وما قصده إلا ليحظى لديكم ... بما قال من زور وبهتان حاقد

وكن باذلاً للجد والجهد قائماً ... بنصرة دين الله من كل كائد فهذا الذي كنا نحب ونرتضي ... لمن يتولى الأمر من كل قائد وكان على دين النبي محمد ... ويا حبذا الدين القويم لسائد ونصح ولاة الأمر قد جاء ذكره ... عن السيد المعصوم أرشد راشد أبي وفي لا يخيس بعهده ... ولكنه لا يرتضي بالمفاسد وليس له قصد بأخذ تراثهم ... وما جمعوا من طارف بعد تالد ولكن ببذل المكرمات وفعلها ... يجود وهذا قيد شبه الأوابد وقال الشيخ سليمان أيضاً رحمه الله، رداً على رجل من أهل العراق، يقال له: جميل أفندي الزهازي، لنظمه قصيدة في مدح ابن متعب، ويشكره في جره الترك على أهل نجد، ويشجعه على حربهم، فقال الشيخ رحمه الله مجيباً ومادحاً الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل أعزه الله بقوله: ألا بلغا عني جميلاً رسالة ... فقد جاءنا بالترهات الكواذب وفاه بقول لا حقيقة تحته ... وليس مقام الفديم يوماً بصائب تهور فيما قاله حيث لم يكن ... خبيراً بأحوال الورى والنوائب فتعساً له من مارق تحذلق ... وخب لئيم معرق في المعاثب يرى سفها أن البسالة كلها ... لمن جاء بالأتراك من كل ناكب ورام بهم إعلاء أعلام شركهم ... وإعدام أعلام الهداة الأطايب ومحو لآثار الهدى بذوي الردى ... فتباً له من جعظري مشاغب فدع قوله في المعتدين ومدحه ... وناد بما قلنا بكل المقانب لقد من مولانا وأفضل وارتضى ... لنا ملكاً سامي الذرى والمناقب فشام المعالي وارتضاها وأمها ... بهمته العليا وجرد شواذب وبيض قواض يختلي الهام حدها ... ونص الهجان اليعملات النجائب فتى همه العليا وشأو مرامها ... فأم إلى هاماتها والغوارب فتى ليس يثني همه ومرامه ... طوال العوالي أو طوال السباسب يخوض عباب الموت والموت ناقع ... إذا استعرت نار الوغى بالكتائب ويركب هول الخطب والخطب معضل ... وقد هابه شوس الملوك الأصاعب يرد لهام الجيش وهو عرمرم ... ويحطمه بالمرهفات السوالب لقد فات أبناء الزمان وفاقهم ... بنيل المعالي الساميات المراتب وجود وإقدام إذا استعر الوغى ... وضاق مجال الصافنات السلاهب وأحجم أهلوها بيوم عصبصب ... به النقع يسمو كارتكام السحائب هنالك لا تلقاه إلا كضيغم ... هزبر أبي شبلين حجن المخالب ترى جثث الأبطال صرعى بغابة ... تراوحها الأشبال من كل شاغب كذا الملك الشهم الهمام فإنما ... كماة العدى جزر له بالقواضب ترى عافيات الطير يعصبن فوقه ... لتحظى بأشلاء العدو المشاغب وتتبعه غرث السباع لعلها ... تروح بطانا من لحوم المحارب وقد وثقت أن لا تعود خوامصاً ... وأن لها جزر كماة الكتائب فلله من ندب همام مهذب ... أغاظ العدى من عجمها والأعارب فنلنا المنى من بعد أن كادت العدى ... تحيط بنا من كل قطر وجانب بعبد العزيز ابن الإمام ابن فيصل ... حليف العلى نسل الكرام الأطايب ومن ألمعي أحوذي ومصقع ... بليغ بما قد شاءه في المقانب يقود أسوداً في الحروب ضياغماً ... تغير على الأعدى كأسد شواغب حنيفية في دينها حنيفة ... وليس لهم إلا العلى من مآرب سما بهم نحو المعالي سميدع ... أبي وفي فاضل ذو مناقب إذا هو أعظى ذمة لم يخس بها ... وما كان ذا غدر وليس بكاذب فان رمت أخباراً له ووقائعاً ... فسل شمراً عنه بصدق المضارب وحرباً وسل عنه مطيراً وغيرهم ... من العجم والأعراب من كل ناكب فمزقهم أيدي سبا فتفرقوا ... فما بين مقتول وما بين هارب وما بين منكوب وقد خال أنه ... بقوته قد حاز كل المآرب بلطف من المولى له وأعانه ... على كثرة الأعدى له والمحارب إذا أم أمراً واعتلى متسامياً ... تمزقت الأعداء من كل جانب وما ذاك إلا أنه لا ترده ... طوال العوالي أو طوال السباسب

شعر

ولا غرو من هذا ولا بدع إنما ... حواها من الشوس الكرام الأطايب ومن والد سامي الذرى ذي مآثر ... حسان وأخلاق يفاع المراتب له فتكات بالأعادي شهيرة ... يقصر عن إدراكها كل كاتب أدام لنا ربي بهم كل بهجة ... على السنن الحاوي لكل المطالب وأزكى صلاة الله ثم سلامه ... بعيد وميض البرق جنح الغياهب على المصطفى الهادي الشفيع وآله ... وأصحابه ما انهل وبل السحائب شعر أحمد الغزاوي ومما مدح به الملك عبد العزيز أعزه الله، وخذل من ناوأه، آمين! القصيدة الغراء التي ألقاها الأديب الأريب، أحمد إبراهيم الغزاوي بين يدي جلالته في منى سنة 1354 هـ: هنيئاً بك العيد الذي أنت ناظره ... وفي الله تقواه وفيك بشائره تلألأ وضاحاً كوجهك مشرقاً ... تداعبه شمس الضحى وتزاوره وتدنو إليه كل عين قريرة ... تمثل في أسراره ما تبادره ترى بين عطفيك الإمامة مثلما ... تقمصها الفاروق طهراً مآزره وتهفو قلوب نحو عرشك لم تزل ... لها أمل يزهو بيمنك ناظره قد ابتهجت تبغي إلى الله زلفة ... لدن موقف بالله عجت مشاعره وتلتمس الغفران من متطول ... وترتع في أمن بك الله ناشره وتصبو إلى مجد قديم تزينت ... به صحف التاريخ واجتيح عاثره إلى ذكريات الفتح والعرب أمة ... سريعة مفدى العزم فيما تخاطره يقحمها عصم المعاقل بأسها ... وتأمن بالإخلاص مما تحاذره ويمضي بها أيمانها وثباتها ... على كسف الطغيان سود دياجره فتلك وقد أوضحت بتاجك وحده ... تطلع للتاريخ تتلى مفاخره تطلع للتاريخ حرى حرية ... على درك الماضي الذي آن حاضره تناجيه من أعماقها وشعافها ... كذى ظمأ أوفى على الماء حاذره ويعشق الطرف اللموح طموحها ... إلى المثل الأعلى الذي أنت سائره أبت وهي أنقاض الصروف شتاتها ... وحنت إلى التوحيد تسطو بواتره أبت وهي من آباء صدق توحشت ... بهم مدن الإسلام واعتز سامره أبت وهي تتلو كل حين كتابها ... فتحفزها نحو الحياة مناذره أبت وهي تستوحي تراث جدودها ... وتصعقها صيحاته وزواجره أبت وهي آساد العرين حماسة ... وأحفاد شعب سودته مرائره أبت أن ينال الضيم منها فجاهدت ... وصدع سمع الأرض صوت تجاهره وليس بحمد الله تخشى هزيمة ... وأنت لها الجيش المواضي عرائره لها في حجا عبد العزيز وعزمه ... ضحى تترجى أن تعم مظاهره لها اعتقدت بالبعث لو هي أغضبت ... وأغضبت على خسف تعرت معاذره كأنك منها كل قلب مشيع ... تدفق إرسالاً إليك مخامره فمن حيث دين الله أهبط وحيه ... وحيث سبيل النصر سالت معابره وحيث المصاليت المغاوير أوصلوا ... إلى المجد حتى أسلمته قياصره رفعت لواء كان لولاك مثله ... أقر له بالفضل من كان ناكره نحلت به أم العواصم واهتدى ... على ضوئه الساري ونهنه حائره فيا رجل الدنيا وواحد أهلها ... ومن هو للدين المنزل ناصره إليك أفاض الحج يزجي ثناءه ... عليك وتقوى بالوفود أواصره وقد راقهم ما أنت تدأب دونه ... سريعاً وتستأني له وتحاوره تخذت لهم من ذات نفسك داعياً ... إلى الله حتى استبين الرشد هاجره وأنت ظهير المسلمين بموسم ... تقربهم يوم التناد ذخائره توافوا إلى باب مهيب حجابه ... بك ائتلقت أبياته ومقاصره إلى خاشع سمح رضي محبب ... إلى ملك صلت عليه منابره أضاءت به الأحساب ليلاً كأنها ... شموس وحتى نظم الجزع شاذره وقامت حفافيه الجنود كثيفة ... تسبق في تنفيذ ما هو آمره وحلق في آفاقه العز والتقى ... وطنب في أفيائه من يوازره تراءى به نسج الحديد وشائجاً ... وغصت بأبناء النضال مواتره كما اصطخب الآذي بالموج رهبة ... لو اصطخبت في البحر قرت زماجره تهلل من بين السماطين ربه ... وسحت أياديه وفاضت مواطره له خلق مستمرئ من يقينه ... يكاد من الإيمان يسطع ثائره

شعر

تجاوب أًداء القرون بصدره ... ولله أبقى للذي هو ذاخره مليك حكاه المزن بشرى ونقمة ... عزيز على كر الدهور نظائره ولا غرو فهو التالد الطارف الذي ... غذته نمير المجد طفلاً حرائره تجشم ما لم يحتمله مملك ... وشب وشابت بالكفاح غدائره وأصبح موفور الجلال معظماً ... ترجى جوازيه وتخشى بوادره إذا ارتجلت فصل الخطاب شباته ... حسبت ارتجاس الرعد ما هو ثائره بهت إذاً لو كنت شاهد عبرة ... تحدرها خوف الإله محاجره حمته عن الأدناس والرجس والخنا ... خلائق تقواه وطابت عناصره له فطر ضن الزمان بمثلها ... فجاءت كإعجاز به جل فاطره يباهي بها في الله دون تكبر ... ويصلى بها ذات الوقود مكابره فلله عيناً من رآه فشاقه ... ورح سليباً نستبيه معاشره تشع به آفاقنا وقلوبنا ... سروراً ويغدو بالسعادة طائره يصافحه الغرب المدل مقدراً ... وتغبطه أحزابه وأباطره وترقب فيه الشمس مطلع شمسه ... إذا اتخذت أشياعه ومصادره وما الشمس هذا الضوء إلا تواضع ... ولكنه العز المخلد قاهره بعيد مناط الهم تندق دونه ... رقاب أعاديه وتقسو جرائره وقور حليم فاتك متعبد ... موارده محمودة ومصادره وتزداد إيماناً وحباً وطاعة ... إذا ابتعثته للحديث خواطره تألى يميناً في الجزيرة برة ... فوفى بها والبر أوشك سائره لتغدو على رغم العوائق وحدة ... بحول الذي أصفاه ما هو قادره ولن يخلف الله المهيمن وعده ... لمستخلق نارت لديه بصائره ومها أطلت الوصف فيه فإنني ... على العجز مضطر وإن هو غافره فهل من عذير حين يرتج مقولي ... قصوراً ولما يبلغ الشوط شاكره أجل إِن ملكاً ذلكم بعض شأنه ... لأجدر أن لا يلح بالعجز شاعره فلا زال للإسلام سعد سعوده ... وتسمو به أرجاؤه وعشائره وأضفى عليه الله سابغ نصره ... ومكنه فيما تكن سرائره وأبقاه ذخراً للعروبة كافلا ... وأبناءه ما طاف بالبيت زائره شعر محمد رضى الخطيب ومما مدح به الملك عبد العزيز أيده بنصره قصيدة ألقاها الشاعر العراقي محمد رضى الخطيب أمام جلالته في منى سنة 1354هـ: أرى العرب قد ألقت إليك قيادها ... وأعطتك عفواً قلبها وفؤادها بمغناك في الدنيا يطيب معاشها ... وباسمك في الأخرى تلاقي معادها رأت فيك من يستدفع الضيم باسمه ... وتعطى بحمد الله فيك مرادها فتحمي نواحيها وتجمع شملها ... وتمنع عنها بالأذى من أرادها لقد وجدت فيك الجزيرة سيداً ... علاها على رغم الأُنوف وسادها وكانت مواتاً قبل ذاك وإنما ... أَبو فيصل نحو الحياة أعادها ليجعل فيها الأمن والعدل ظاهراً ... ويمحو بآيات الصلاح فسادها أخو همة لم يبق في الناس بدعة ... تخافه إلا إلى الدين قادها أتى للورى نوراً من الحق مشرقاً ... لتبصر من بعد الضلال رشادها لئن أجدبت فالكف منه كفيلة ... تقوم مقام الغيث إن هو جادها لقد محض الإِسلام نية ناصح ... كما محضته كل نفس ودادها دعوت فلباك الحجيج ملبياً ... من الأرض يطوي بحرها ووهادها ولو لم تكن أرض الحجاز منيعة ... بحكمك ما استرعيت منها بلادها قطعت إِليك الفج والشوق رائدي ... ونار الجوى أورت بقلبي زنادها ولما بدت من أرض نجد نفودها ... وقد قاربت نفس المشوق نفادها تعللت في لقياك عن كل مأرب ... ونفسي من ذكراك صيرت زادها وحين تراءت للحجاز هضابه ... وقد سلب الشوق العيون رقادها فقلت لهل قري فقد قرب الحمى ... وقاربت مولى يعرب وجوادها وباتت تناجي الفرقدين مناعة ... مبانٍ لك الرحمن بالعز شادها تسير وما زلت بك الرجل مرة ... وأوتيت في كل الأمور سدادها عقدت على الشبل الكريم ولاية ... لعقدك قد شاء الإِله انعقادها ولاية حق عزز الله قدرها ... وشد على حقو السعود نجادها

إِلى الحشر فيكم لا تزال وراثة ... نؤمل من باري الوجود امتدادها تساهلت للقطر الشقيق وأِننا ... لنأَمل للقطرين فيك اتحادها تقرب ما بين العروبة دائبا ... لأنك حقاً لا تحب ابتعادها وفي فيصل أكرم بطلعة فيصل ... وجدنا ثغور المسلمين سدادها يراه يداً للمسلمين وعدة ... إذا فقدت يوم النضال عتادها أمولاي دم للعرب حياً مملكا ... وتلك حياة لا نحب افتقادها لعلك إن شبت من الغرب فتنة ... لتضمن للإسلام منها حيادها أمولاي قد دبجت فيك قصائداً ... جعلت سواد العين مني مدادها وسيرتها للحشر فيك قوافياً ... نواصع حتى الصخر مني استعادها لي الفخر أني فيك أول شاعر ... بكوفان أبيات القصيد أجادها ملأت بها عين المحبين قرة ... ومن عين أعداكم فقأت سوادها ولا والذي استولاك حرمة بيته ... وولاكها بطحاءها وجيادها تجدد فيها العيد في كل حجة ... وتثني إِليك المكرمات وسادها ومما مدح به الملك عبد العزيز أعزه الله سنة 1353 قصيدة محمد عباس نقلتها من جريدة أم القرى وهي: فاز الكرام وأهل البخل قد حبطوا ... إذ بات سعد سعود العرب يغتبط وأطرب العيس حادينا بنغمته ... مذ راح صك إمام الحق يشترط ذاك الإمام الذي بالعدل خط له ... ملك وبالعدل كم خطت له خطط يحكم الشرع في كل الأُمور وما ... يثنيه عنه رضى قوم ولا سخط لا زال يأمر بالمعروف منبسطاً ... وحبذا ملك بالعرف ينبسط وينكر المنكر الممقوت مبتهجاً ... وراجياً من عظيم الأَجر ما غمطوا فإذا تكلم خلت البحث يسكبه ... تبراً أو اللؤلؤ المنثور يلتقط وإن علا منبر التوحيد يخطبهم ... أصغت له العرب والأتراك والنبط فآب كل فريق كان يخدعه ... شيء من الشرك في التوحيد يختلط يسبح الله من خوف ومن وجل ... وعنه زال العمى والغي واللغط وصار يتلو كتاب الله متعظاً ... بوعظه ولكم بالوعظ يغتبط ذاك الإمام وأنى كالإمام لنا ... يهذب الناس منه منهج وسط فجرد الدين مما قد أضر به ... وزاد فيه غلواً ذلك الرهط وأصبحت أمهات الكتب بارزة ... يزيد في حسنها الأشكال والنقط فقام يشرحها أهل الحديث لهم ... والقول في الدين ما حلوا وما ربطوا وإن علا من كرام الخيل أشقرها ... والسيف في كفه يا سعد مخترط تقول هذا علي في مهابته ... وعلمه في فنون الحرب منضبط أمست به الكعبة الغراء آمنة ... من الأجانب وارفضت بها السلط خابت مساعي العدى واسود طالعهم ... وهل يسرح وجه الأَمرد المشط فقد حوى الحزم والعزم العظيم به ... كما حوى المسك من تضييعه السفط أذوب فيه غراماً والغرام به ... نور وبالنور عنا الظلم ينكشط نزلت من شامخات العز أرفعها ... وأشرف العز عندي ذلك النمط جزاك ربي عن الإسلام قاطبة ... فقد قضوا حجهم أمناً وما عبطوا عبد العزيز وشعري فيك أجمعه ... وكل شعر تعدى مدحكم شطط ظهرت والدين يشكو من تصارفهم ... وكم شكا الدين من قوم به اختلطوا من أين للدين تبييت العصابة في ... طي الوسادة منضماً لها الإِبط هذا هو الزور والكذب الصراح وكم ... للقوم زور وكذب منهما هبطوا وليس هذا عجيباً من تلاعبهم ... بالدين والدين من أعمالهم سخط وإنما عجبي من أمة قنعت ... بكل قول ركيك الأصل ينمعط طرائقاً راح يحييها وينصرها ... بعض من الناس معقولهم شحطوا لا يعتنون بشرع الله خالقهم ... لأنهم من علوم الدين قد قحطوا أعوذ بالله مما يفترون به ... على كتاب الهدى يا قوم واشترطوا يخادعون أناساً لا عقول لهم ... وينفثون على المرضى وهم رقط فكل باطلهم من علم باطنهم ... وأنف عاطلهم بالجهل يستعط فاغلظ عليهم ولا تعطف على أحد ... فطالما عاندوا جهلا بما فرطوا والخضر مات وهل في الموت منقصة ... لدى الخلائق إذ زاغوا وإذ قسطوا

علي في البحث أن أبدي حقائقه ... وما علي إذا لم تعقل القطط فقمت ترفع عن دين الهدى بدعاً ... وكل محدثة يا ابن الهدى غلط كم حيلة نسبوا للدين فلسفة ... أعظم بما نسبوا أحقر بما خبطوا جاد الإِله بكم فضلاً ومرحمة ... على العباد عموماً بعد ما قنطوا أحييت لنا سيرة الفاروق سيرتكم ... وإنما الدين بالدنيا له نشط عادت بكم ملة الإِسلام باسمة ... من بعد ما قد علاها ذلك الشمط ساد الجزيرة أمن والأمان بكم ... فعمرت بكم الأوطان والربط بيت المقدس يدعوكم لنصرته ... وفي المقدس عرب مسها الوهط قلبي يحن لكم شوقاً ومن شغف ... كما تحن إلى أوكارها الغطط دامت مفاخركم زادت منابركم ... ضاءت ظواهركم ما استحسن القطط مني السلام عليكم والمديح لكم ... والحب فيكم وعنكم تؤخذ اللقط ولأحمد الغزاوي قصيدة أنشدها يوم عيد الفطر بين يدي الأمير فيصل ابن الإمام عبد العزيز وذكر فيها ثورة الإِخوان ووقعة السبلة والقبض على فيصل الدويش ومن معه من زعماء الثوار وذلك سنة 1348هـ: شفى القلب عيد بالمسرات باهر ... ونصر مكين للمليك يوازر وإنباء صدق مترعات كؤوسها ... وآيات حمد رتلتها البشائر فقد طوت الأَيام شعبان باسماً ... طروباً بما لاقى الغواة الغوابر تشتت شمل البغي وارتد ناكصاً ... على عقبيه واحتوته المقابر على اثر تحشيد الليوث وزأرها ... ومن قبل أن تدنو الكماة القساور وفرت جموع الناكثين وأصبحوا ... وليس لهم مما قضى الله جابر وحقت عليهم نقمة الله فاستوى ... لدى البأس رعديد الوغى والغشامر وثابت مطير بعد أن مسها البلى ... كما فرت العجمان رغما تطاير فلم تسع الأرض برحبها ... رؤوس الأفاعي والمنايا شواغر وأحدقت الأبطال من كل جانب ... وضاقت بأنفاس الجناة الحناجر فولوا على الأدبار يبغون ملجأ ... وقد كان ما راموا وظن المحازر فشقت بهم أجوازها وشقوا بها ... شقيقة نسر الجو والسيد خادر وألقت بهم في جانب البحر خشية ... من البطش واسترعى المجير المجاور وهيهات والآساد مشرعة القنا ... ودون انتجاء المجرمين مناذر فما هي إِلا ليلة وصباحها ... فسيق بها الدويش وارتاع ناكر وما ساغ طعم النوم حتى تصفدت ... يداه على رغم العدى وهو صاغر عليك ابن لامي وابن حثلين قد جرت ... موارد سوء ليس فيها مصادر أعدتم على قسر وما انفسحت بكم ... حبال الأفاعي والجدود العوائر ولبى نداء العزم من صم سمعه ... إذ الصوت أعلته الظبى والخناجر وجيء بكم والجيش في مستقره ... وذلك ما لم تحتسبه الدوائر بنفسي وأهلي الرافعون لواءهم ... ولو زخرت يوم الحتوف المجازر ولله ما لاقيت يا خير من سمت ... به همة هانت عليها المخاطر ولله رهط من ذؤابة مقرن ... أضاءت بهم أحسابهم والمحابر ومن أين لي نعت الذين بحدهم ... غدت تضرب الأمثال وهي سوائر وحسبي إذا ما حانت اليوم فرصة ... أداء الذي أَستطيع والعذر سافر ألا صفرت أم الدويش وطابها ... لدى السبلة الجهماء والموت فاغر عفى عنه من لو شاء لاستأثرت به ... سيوف الردى والجرح بالدم نافر فما راقه ذاك التطول وارتمى ... على مضض والقلب بالحقد زافر وما زال يستغوي الضفادع ضلة ... ويستهدف الآمال وهي دوابر فماكان إِلا ثكله بعزيزه ... وقد نكبته بالرزايا المقادر فويل لمن لم يرتض العز موطناً ... ويا هول ماجرت عليه المغامر وبينا احتسينا من كؤوس حديثه ... وبتنا نشاوى واستشاط المكابر بدا الصوم وضاح الجبين كأنما ... تمثل بالحسنى وطاب التزاور فمن باقيات صالحات تقدمت ... ومن بركات سابغات تناثر ومن طاعة تدني إلى الله أويد ... تمد سخاء والكريم يواتر ومن قائم يتلو الكتاب وساجد ... يخر ويرجو يوم تبلى السرائر تطوع فيه المؤمنون وأَخبتوا ... وكل على ما وفق الله شاكر

ولما انقضى باليمين واسقبل الورى ... هلال التهاني واجتلهت النواظر ترقرق ماءُ البشر في وجنة الضحى ... وسالت بأفواج الرجال المعابر ولاح لنا عيد زها بسماته ... كما افتر ثغر الغيد أورق هاجر كأن المعاني إذ تأرج نشرها ... غوان تفيض المسك والجو عاطر كأن الأماني في المطارف فصلت ... على الشعب فازدانت بهن المظاهر ألا ليت من أضحى بنجد مقيلة ... رأى كيف ماست بالأمير المشاعر أجل قد شهدنا فيصلاً في جلاله ... كما انحسرت دون الشموس الستائر ومن حوله الأَمجاد من آل يعرب ... نجوم أحاطت بالمنير زواهر تهلل كالغيث الهتون وأشرقت ... أسرتهُ واستعذبته الضمائر كأن به مروان في دست ملكه ... إذ الجيش غاز والحياة مآثر كأن به هارون في ظل سدة ... تدانت إليها بالخضوع القياصر كأن أخا الأشبال نفسي فداؤه ... مليك الحجا عبد العزيز المقاهر فهل رأَت الأبصار مثل وقاره ... حكيماً أُنيرت في صباه البصائر عزوفاً أنوفاً نائفاً متعطفاً ... ظريفاً لطيفاً للمقارف غافر تدرع سربالاً من الحزم ضافياً ... وفاض كما تهمي المزون البواكر ووطد أركان الأَمان بسيفه ... فلا خوف إِلا ما جنته الجرائر فلله عينا من رآه بمجلس ... أنيق قد انثالت عليه الجماهر وكل امريءٍ قد أبطن الحب قلبه ... وفي وجهه ومصٌ من الود ظاهر كأَني وحولي من سلالة وائل ... عصائب تبني ما سفته الأَعاصر تبوأت ما بين السماكين منزلاً ... ولم لا وشعبي حالفته المفاخر أولئك أقوامي الذين توسدوا ... على هامة الجوزاء يوم تضافروا لهم غابر لم يبله الدهر ساحر ... وعز على أنف العواذل حاضر فمرحى لأَبناء الجزيرة نهضة ... قد ائتلفت منها الصوى والمنابر وحي هلا بالبعث من بعد رقدة ... ويا نعم ما أَوحت إِلينا الفواقر ويا حبذا التوحيد في كل حلبة ... وما المجد إِلا ما حوته البواتر وقد صفت الأجناد في كل بلدة ... وغصت بآساد الكفاح المغاور فهيا إِلى التعليم نحسوا شرابه ... لنروي نفوساً أصدأتها الهواجر ففي كل ربع للعلوم معاهد ... وفي كل جمع للرشاد منابر وفي كل نبع للبذور مغارس ... وفي كل فرع للثمار مهاصر فلا عذر للوانين إِلا تكاسل ... ولا لوم للفانين إِلا التهاتر ولست وإِن طال الزمان بقانط ... فلي أمل في يقظة القوم ناضر وللشعب في فخر العروبة فيصل ... وفي صاحب التاجين ذخر وناصر فلا زلتما للعيد عيداً وللورى ... سعوداً ونظمي فيكما الدهر عامر وممن مدح الملك عبد العزيز أعزه الله وخذل من ناواه الشيخ عبد المحسن الكاظمي وذلك سنة1349 وقد أجاد فيها وأفاد: الملك ملكك مل تقيم وترحل ... والأمر أمرك ما تقول وتفعل العرش عرش المجد مذ بوئته ... والتاج تاج بالفخار مكلل ما كل عرش شيد عرش صادق ... التاج فيه تاجه المستكمل فلرب عرش كاذب شمخت به ... جلاسه وهو الحضيض الأسفل شتان من حفلوا به وبذكره ... يوم الفخار ومن به لا يحفل أمقطر الأَبطال صاعك طافح ... ومقصر الآجال باعك أطول مهما يكن شاكي السلاح مدججاً ... بسلاحه فأَمام عزمك أعزل أوتيت من حكم وفكر ثاقب ... ما يضمن الفوز المبين ويكفل وأتيت في الدنيا بما لم يؤته ... مأَمونها فيها ولا المتوكل إِن كان في العهد الأخير ليعرب ... ملك فأنت لها المليك الأول أو كان عدلك في الرعية شاملاً ... فسناك في الدنيا أتم وأشمل فإِذا الملوك العادلون تتابعوا ... متعادلين فثق بأنك أعدل رمت المطامع يعرباً فوقيتها ... لولاك لم يسلم ليعرب مقتل وكفيتنا عنت الليالي كلما ... جاءت ليالينا بما هو أليل أفعالها كانت قواتل المرجا ... فرددتها قتلى بما هو أَقتل صنت البقية من دماء أوشكت ... تودي بها أطماعهم وتنكل

وغدوت في المجد الحديث لدى العلى ... مثلا به المجد القديم مؤثل طهرت شرعة أحمد من جاهل ... وحميتها مما افتراه الجهل وبعثت رسلك للعباد مؤيداً ... ما سنه فيها النبي المرسل لم تأت في حكم البلاد ولم تجيء ... إِلا بما جاء الكتاب المنزل داويت معتقل العقيدة بالهدى ... فشفيته والداء داء معضل ونصرت بالله المهيمن دينه ... والله ينصر من يشاء ويخذل وأبنت للملأ الحقيقة عالماً ... إِن الحقيقة في الورى قد تجهل نجد غدت بعظيم قدرك تزدهي ... وتهامة بقشيب ذكرك ترفل يوم طلعت به على أم القرى ... يوم أغر على البلاد محجل فإِذا الأشاوس أبصروك تخاوصوا ... وإِذا الفوارس شاهدوك ترجلوا يا حبذا يوم أقلك ركبه ... فحذاه فضل أنت منه أفضل وكتائب الإِيمان خلفك زحف ... وملائك الرحمن حولك نزل الصافنات على الورى جرت بها ... واليعملات بها تخب وترقل وقف الزمان إِلى الزمان مهنئاً ... ومناه كل مناه لو تتقبل يلقاك والأضحى جميل ذكره ... ولقاك أطيب للنفوس وأجمل العيد جاءك بالحمى متهللا ... والعيد أنت بك الحمى متهلل عيدان عيد كل عام مقبل ... يوماً وعيد كل يوم يقبل دنيا ودين في ذراك كلاهما ... مأوى بروق الآملين وموئل أقعى بهم عن نيل شخصك علمهم ... أن النجوم منالها لا يسهل حجاج بيت الله اكبر حجة ... قامت على من هولوا وتقولوا عرفات تعرف فيك أي عوارف ... متنقلات عنك إذ تتنقل أنت الذي قد جاء والحسنى له ... مرقى وآفاق المعالي منزل أنت الذي علمت قومك دائباً ... أن العلى حق لمن لا يكسل عنوان كل فضيلة محمودة ... ما أنت تمنع في الأَنام وتبذل المسلمون على اختلاف ديارهم ... بعثوا الرجاء إلى حماك وأملوا وتساءلوا والأَمر أشكل حله ... أي الرجال به يحل المشكل وتيقنوا والصعب غير مذلل ... إِن الصعاب على يديك تذلل فإِذا أقمت فقد تهلل مجمع ... وإذا رحلت فقد تأهل مجهل وإذا هممت فكل هم زائل ... وإذا هزمت فكل ظلم يجفل لك في السماء المكرمات مناقب ... كالنجم إلا أنها لاتأفل عبد العزيز وأنت خير وسيلة ... يسمو بها للعز من يتوسل أدعوك للجلى وقد نزلت بنا ... والخطب خطب في البلاد مجلل جاراك يا نجد استغاث كلاهما ... يرجو الخلاص على يديك ويأمل أرأيت كيد الطامعين ومكرهم ... أرأيت كيف نجا الذي لا يغفل دخلوا علينا الآمنات بلادنا ... دخلوا ولولا جهلنا لم يدخلوا متيقظين على التخوم ترقبوا ... فإذا رأونا نائمين توغلوا يحيا بنا وبمالنا وبمجدنا ... من ليس من أهل البلاد وتقتل ويبيت ملء الجفن ينعم ليله ... ونبيت من ألم الجوى نتململ جر الثقيل على البلاد وأهلها ... نفر على أهل البلاد استثقلوا لا قرب الله الأولى بعدت بهم ... أعمالهم حيث الجهالة تعمل حسبوا الخيال حقيقة وتوهموا ... برق الكواذب صادقاً وتخيلوا خدعتهم ألقابهم فتخبطوا ... ومشوا وراء غرورهم واسترسلوا أغراهم تقصيرهم فتذبذبوا ... وتقلبوا وتلونوا وتشكلوا إني بلوتهم على حالاتهم ... وبلوت غيرهم ومن هو يفضل فبلوت صحباً أبخلين لشقوتي ... حلوا وصحباً أكرمين تحملوا لرأيتهم أهلا لا داراك المنى ... لو كان بين صفوفهم من يعقل عللت قلبي بارتواء غليله ... فإذا بغير الآل لا أتعلل أخذت بآفاقي الخطوب فزدنني ... علماً بدهري والحوادث حفل لا أدعي علماص بغائب أمرها ... لكن علمت حقائقا لا تبطل وعلمت من ماضي الزمان وحاله ... ماذا به سيجيئنا المستقبل وقدرت أن أسدي النصيحة آملا ... بنصيحتي تحقيق ما أتامل أصف الحقيقة تاركا تحقيقها ... لغد وفي التبعات لا أتنصل لا يخدعنك من عدوك ظاهر ... يهدي وباطنه مواقد تشعل فإذا تحول حاقد لمآرب ... في نفسه فالطبع لا يتحول

خضعت عزائمهم فأمسوا عالة ... وعلى حسامك في المكارم عدلوا خطبوا ودادك صاغرين وعلمهم ... أن يضربوا نار العداوة يصطلوا عش واسلمن تجيب من سأل الندى ... يوم الندى وتجيب من لا يسأل قد جاد حتى قال كل مكابر ... أكذا الكريم بنفسه لا يبخل وبقيت للأجيال مجداً خالداً ... تتزلزل الدنيا ولا يتزلزل أيظل طلاب الروا في ظمأة ... ولديك منه ما يعل وينهل لله قوما أكرمين تداولت ... سحب عليهم بالمصائب تهطل قوم إذا نسبوا فقحطان لهم ... جد به مجد الجدود مؤثل يا أيها العرب الكرام ذروا الونى ... وخذوا بأسباب العلى واستعجلوا إن العدوا ببابكم متربص ... إن تتركوه فأمره مستفحل إني أخاف إذا ونيتم فاتكم ... يوم تملك أمره من يعجل لموا شتاتكم وكونوا كتلة ... إن تهمل الكتلات ليست تهمل عودوا إلى ماضيكم فتبينوا ... ما في سجل الأكرمين يسجل وسلوا شعوب الأرض في تفضيلها ... من ذا عليكم في الشعوب تفضل هل نعمة أو عزة أو حكمة ... إلا وعنكم في الورى تتنزل العلم شارقة عليكم شمسهُ ... والفضل ينقل عنكم وينقل السمر أنتم في الكفاح نصولها ... والبيض أنتم حدها والصيقل والخيل تكرم باليدين وتلتظى ... شوقاً إلى شن المغار وتصهل فإذا تخضبت الظبا بدم العدى ... فخضابها حمراء لا تتنصل عجبا يضل الحائرون سبيلهم ... وأمامهم فيه الإمام الأمثل هذا لواء المجد رفرف فانضوا ... بلغ الأماني من به يتظلل قد جاء يحمله الإمام هداية ... وفخار يوم النصر فيما يحمل ألفوك حمال العظائم دونهم ... يوم الجلاد فعظموك وبجلوا يا ناجلا والدهر في وثباته ... نجلاك حرز للبلاد ومعقل أنجلت فينا صارمين كلاهما ... يستأصل الجلى بما يستأصل شبلاك ليس بمنجب شرواهما ... ملك يصول ولا ضبارم مشبل قمران قد بهر العيون سناهما ... وسناك بينهما أتم وأكمل عضداك بل عضدا المواطن كلها ... فسعود ساعدها وفيصل فيصل طلع النهار فلا ظلام حاجب ... وسرى الضياءُ فلا حجاب يسدل أحسنت بالخير الجزيل وأحسنا ... والله يجزي المحسنين ويجزل أحببت تفصيل الأمور وربما ... أغنى عن التفصيل هذا المجمل ولبعض شعراء اليمن في مدح الملك عبد العزيز أعزه الله أنشدها إِياه سنة 1348هـ بمكة المشرفة: عليك من المجد الرفيع سرادق ... ورايات عز بالسعود خوافق سمت بك يا ذا المجد والعز همة ... تصافح أقمار الدجى وتعانق فعزمك أمضى في الأمور من القضا ... يلوح سريعاً مثلما لاح بارق وأنت وحيد العصر جوداً ونجدة ... سبقت فلم يلحق غبارك لا حق وحلمك مثل الشمس لا ستر دونه ... وذكرك مسك كلنا فيه ناشق وأنت حليف النصر في كل موطن ... وسعدك ماض لم تعقه العوائق وقد خصك الله العزيز بهمة ... تذل لها الشم الطوال الشواهق ستكاد تميد الأرض منك مهابة ... ويرجف منها غربها والمشارق لقد قمت في نصر المعالي مشمراً ... وسيفك مسلول ونعم المرافق فطهرت وجه الأرض من كل مفسد ... ولولاك لم يرجع عن الفسق فاسق وسرت كما سار الغمام مطبقاً ... وفيه غيوث للورى وصواعق فمنهم سعيد فاز منك بسؤله ... ومنهم شقي روحه منك طالق كذا فليكن من رام أن يدرك العلى ... ومن هو في دعوى الرياسة صادق أطاعت لك الشم الرواسي وأقبلت ... سراعاً فمسبوق إليك وسابق أتتك على بعد الديار مطيعة ... كما استنت الخيل العرب السوابق تيقن بأن الله أعطاك نصره ... وأن الذي يعصيك كالعبد آبق فيا لك من فتح سيأتيك بعده ... فتوح لها هادٍ إليك وسابق حصون منيفات الذرى ومدائن ... قد انفتحت أبوابها والمغالق فأمض سيوف العزم غير معقِّب ... فأَنت بنصر الله لاشك واثق فما تفتق الأيام ما أنت راتق ... ولا ترتق الأَيام ما أنت فاتق

لقد خفقت رعباً قلوب معاشر ... وفارقها السلوان فيمن يفارق فيا ملكاً للعُرب دمت موفقاً ... تنير بك الدنيا وتحمى الحقائق عليك سلام الله ما لاح بارق ... وما صاح قمري وما ذر شارق ولأحمد ابراهيم الغزاوي أنشدها بين يدي الأمير المبجل سعود بن الملك عبد العزيز بمكة المشرفة سنة 1348هـ يهنئه بقومه إلى الحجاز: وافى السعود فبطن مكة معشب=والمروتان تألقت والأخشب وشدى الهزار على الأراك بسجعه ... لما استهل على الحجاز الموكب فإذا المسامع والمرابع والربى ... تصغي وتندى والحيا يتحلب والطير تصدح والقلوب استعذبت ... صفو الإياب وساغ فيها المشرب ظلت تعاني حجتين صدوده ... وتضيق ذرعاً بالنوى وتلهب تتنسم الأنباء عن خلجانه ... وتود لو منح الضياء الكوكب حتى شأَى البرق البريد وشاقنا ... نبأ تبدد من سناه الغيهب وسخا المليك لنا بأكرم وافد ... هو في الجزيرة قلبها المتوثب قاد الفيالق والبيارق يافعاً ... وحمى المفارق والبوارق خضب وجنى ثمار النصر في وثباته ... ووقى العروبة واصطفاه المنصب عزت به نجد وأعلى ذكرها ... شبل الأئمة والأمير الأَغلب منذ استقل جواده ما همه ... إلا العلى تعنو لديه وتجنب فدنت إليه وسلمتهُ قيادها ... إن الكرائم بالكفاة لتخلب وتراه ردماً في الحروب وملجأً ... لذوي الكروب إذا غدت تتقطب يلقي العظائم لا تلين قناته ... ويثوب من طعناته المتنسب إن شاء زحفاً أسعفته كماته ... وظباته فوق الجماجم تخطب أو رام عرفاً فالنضار نثاره ... والفضل ودق والمكارم هيدب يا من تأَرجت الديار بقربه ... وبذكره تزهو النفوس وتطرب قد خلد التاريخ في صفحاته ... مجداً يضاف إلى أبيك وينسب عصر مجيد بالشريعة شاده ... ملك عظيم بالجلال ملقب فيه المعارف والعوارف والهدى ... والحزم والرأي السديد المعجب والعدل والإنصاف يسطع نوره ... والأمن يطفو والمخاوف ترسب ما بين جدة والعقير تعبدت ... سبل القوافل واطمأن الربرب من كان يحسب أن تقوم بنزهة ... للنفس ثم بها التجارة تخصب فتشق وعثاء النفود إلى الحسا ... بين المساء وفي الصباح تأوب هذا لعمر الله صدق عزيمة ... وبشير خير بالرخاء معقب ولقد بعثت بسيبك الأدب الذي ... قد ضمه لحد العفاء المرعب فسرى النسيم معطراً بأريجه ... وزهت بنهضته الحديثة يعرب ونمت جذور للبيان ونافست ... أم القرى فيها الرياض ويثرب فانعم بما آتاك ربك وارتشف ... كأس الهناء فشربك المستعذب واحلل بسوداء القلوب فإنها ... كنف الذين بحبهم تتقرب واعلم بأنا لا نقول تجملا ... هذا الذي نبدي هو المتحجب لا زلت بدراً طالعاً في أُفقنا ... يمشي إليك الشعب وهو مرحب ولأحمد إبراهيم الغزاوي أيضاً يمدح الملك عبد العزيز ويهنئه بعيد النحر وذلك سنة1349هـ: أرأيت كيف مظاهر العبّاد ... وأخوة الإِسلام في الآماد وشهدت أرهاط الحجيج كأنها ... حول الحطيم مواكب الأعياد من كل ميمون النقيبة مخبت ... لله في صَدَر وفي إيراد متوشح بازاره وشعاره ... تقوى القلوب وعفة الزهاد همت به نحو الفريضة عزمة ... لم يثنها موج الخضم الهادي لبى الدعاء مفارقاً أوطانه يرجو النجاة إذا مضى لمعاد من كل فج في الدنا تجري بهم ... قمم البحار وضمر الأجياد يا أمة التوحيد حسبك ضجعة ... أبكت عيون المجد والأجداد فالدين بالدنيا وليس بباسط ... أَفياءه من غير قدح زناد كم ذا تمر الحادثات وتنطوي ... والمسلمون على هوى وبعاد الناس قد غاضوا البحار وخططوا ... جو السماء وحلقوا بجماد وتبادلوا الخطب الطوال بلحظة ... من دون واسطة بكل بلاد فعلام فرقتكم وفيم شقاقكم ... وإلام يشرق بالزلال الصادي ما في شريعتكم وهدي نبيكم ... إلا السمو وذلة الأَضداد

خلوا التنابذ واسلكوا سبل العلى ... وتنافسوا في الخير والأعداد واستعصموا بكتابكم وتناصروا ... والله للهمزات بالمرصاد ولقد أنست بسنة منسوبة ... في قصر خير مملك مرتاد عادت كمؤتلق الصباح ضياؤها ... وحباؤها كالغيث في الإنجاد يتمثل الإِسلام فيها شاخصاً ... صعب القياد ميسر الأعضاد يرنو إلى عبد العزيز تحية ... ويذود عنه غوائل الحساد يتلو عليه من الثناء صحائفاً ... بيضاء خطتها يد الأشهاد ويصيخ للحكم الذي هو ناسج ... أبرادها للجمع والإِفراد ما بين وعظ بالغ ونصيحة ... تحيي النفوس ودعوة ووداد هي غاية في الحج منذ وجوبه ... للمسلمين وأصل كل سداد أو هل مضى مثل الذي أنا ناظر ... كلا ورب البيت ذي الميعاد لم تكحل الدنيا بسفح المنحنى ... بشبيه هذا العصر في الآباد لا في البناء ولا الولاء وقد بدا ... كالقصر ذي الشرفات من سنداد قد شيدته على التقى وعلت به ... نحو النجوم مواهب وأيادي يضفي على الأضياف برد سخاءه ... مما حوته خزائن الإمداد حاطته أقدار المهيمن واحتوى ... زمر الوفود وشوكة الأحفاد تسمو إلى تاج ترصع دره ... من وحدة جمعت شتات الضاد هذا الفخار لمن أراد تأسياً ... والسر في الأرواح لا الأجساد جل الذي أولاك عزاً راسخاً ... وحباك ملكا شامخ الأطواد بالله ثم بما استقمت تأمنت ... فيه السبيل لرائح أو غادي ما إن تحدث ذا الجريمة نفسه ... بالغي إلا بات رهن صفاد حتى خطت فيه على اطمئنانها ... شاة الرعاة مرابض الآساد وأفضتَ في فلواته العذب الذي ... يروي الغليل لعاكف أو باد وجلوت أقمار العلوم بأفقه ... وشرعت فيه وسائل الإِسعاد وأَثرتها حربا عوانا في الأُلى ... جمعت بهم أحلامهم لفساد وهدمت صرح الجهل من آساسه ... وقصمت ظهر الشرك والإِلحاد وأقمت بالشرع العدالة بيننا ... حصنا وبالشورى وبالإرشاد فاسعد وقل وافعل فأنت موثق ... ودع الغواة على لظى الأحقاد الله قدر أَن تعيش مظفراً ... من ذا يرد مشيئة الجواد واهنأ بعيد للأَضاحي مشرق ... ما غنت الورقا على الأعواد ولأحمد الكناني المصري يمدح الملك عبد العزيز أعزه الله سنة1349هـ: بالعزم أدرك أهل العزم ما طلبوا ... ولم يفتهم على أجمالهم طلب دانوا بمحض الوفا والنصح إذ ملكوا ... أمر العباد وفي إصلاحهم دابوا وأسهروا منهم الأجفان لا لهوى ... ولا استخفهم لهو ولا طرب لكنما مدت العليا لهم يدها ... فبايعوها وقاموا بالذي يجب ولم تمل بهم الأَهواء عن سنن ... به لدى خطبة العلياء قد خطبوا لم يعرفوا الطيب إلا من شمائلهم ... ولا المكارم إلا ماله اصطحبوا ولا المحاسن إلا ماله اجتذبوا ... ولا المساوي إلا ماله اجتنبوا لهم قلوب لأمر الناس قد فرغت ... كادت مع الناس تأوي حيث تنقلب آلت إليهم شؤون في إيالتها ... أقدامهم نصبوا حتى لقد نصبوا قد أصبحت بهم الأوطان باسمة ... تفتر عن رغد العيش الذي جلبوا في كل قطر ترى منهم أخا ثقة ... لدى الشدائد والأهوال ينتدب وللحجاز مليك منَّ خالقنا ... به ابن السعود الفيصل الدرب الصائب الرأي والأقوام طائشة ... آراؤهم وصواب الرأي محتجب والثابت الجأش في ليل الخطوب وفي ... فصل الخطاب إذا ما عي من خطبوا عبد العزيز نشرت الأمن في بلد ... كانت نفوس البرايا فيه تنتهب وقد أقمت حدود الله معتمداً ... على العدالة فارتاعت لها العصب إذ ما رعوا حرمة البيت الحرام ولا ... خافوا الإِله ولم تردعهم النوب فكان خير دواء أن ضربت على ... أيديهم واستتب الأمن واحتجبوا فأنت أنت الذي لولاك ما أمن ال ... حجاج بل أنت في ذي الراحة السبب بيوتنا في غنى عما يحصنها ... مادمت قينا فما الأبواب والحجب

صنت البلاد بعين منك فاعتصمت ... ممن يظنونها نهبا لهم نهبوا ولو أبيت عليها أن تقوم بها ... لأَقسم الدهر لا يقوى لها سبب فكم بكت وشكت للناس نكبتها ... كأنما يسمع الشكوى لها رجب أضحى رقيباً لأمر كان يرقبه ... من لا يضيع سرى الأمر الذي رقبوا بفطنة قد جلت غيب الأمور له ... وهمة قد علت تجلى بها الكرب وفكرة ضبطت من كل آبدة ... ما ليس تضبطه الأقلام والكتب قل للذين قصارى الأمر أنهم ... لا يذهبون لخير أينما ذهبوا لقد بليتم بملك قلبه ذهبت ... به رعاية أمر الناس لا الذهب ولم يشب نصحه للناس شائبة ... ولم تحوله عن مرضاته النوب يا من به لإِله الخلق قد عظمت ... يد علينا وكم يعطي وكم يهب لست الذي بجلال الملك نال علا ... إذ من علاك جلال الملك يكتسب فلا تزال بك الدنيا ممتعة ... فما لها بعد أن تبقى لها أرب ولمحمد الرضا آل السيد هاشم الخطيب العراقي في مدح الملك عبد العزيز سنة1353هـ أعزه الله: لو كان يقنع عاذلي أو يقلع ... كان استراح لأنني لا اسمع ولع بتعنيفي ويعلم أنني ... لا أَرعوي فملامه لا ينفع هذا يؤنبني ولي قلب غدا ... قبلي يهرول للحبيب ويهرع شاء الغرام لكل صب أن يرى ... خلاً يصد ومهجة تتصدع مهلا أما يكفي العذول بأن لي ... قلباً يذوب ومقلة لا تهجع هبني أطعتك أو أجبتك ظاهراً ... كيف السبيل لما حوته الأَضلع أنا هكذا يا لائمي بحبه ... لا أنثني أبداً فلوموا أو دعوا أسلوه وهو لعين قلبي قرة ... وهو السلو لخاطري والمفزع إن كان أوجع مهجتي بصدوده ... فتحولي عنه لقلبي أوجع قالوا تعوذ من سقامك بالرقى ... فالحب آخره خبال مفجع فأجبتهم عز السلو وليس لي ... مما أكابد مفزع أو منزع الا شميم عرار نجد إنه ... نحو الشفاء هو الطريق المهيع وهوى الرياض فإن فيه لعلتي ... برء وغلة كل صاد تنقع إن الذي ورد الرياض مجاوراً ... آل السعود هو السعيد الأرفع من مبلغ عبد العزيز بأن لي ... قلباً تصارعه الهموم فيصرع شوقاً إليه فقد يحن تعشقاً ... قبل العيان كما يغال المسمع كيف الوصول إلى حماك وإِنني ... فيه أعلل مهجتي لو تقنع أصبحت بين إرادتين تناقضا ... عملا فحار الفكر فيما يصنع قلب يحث على لقاك معجلا ... شغفاً وقلة ذات كف تمنع أمجمعا من دين أحمد شمله ... ومفرقاً للكفر ما يتجمع ما ألقت العليا إليك زمامها ... إلا لأنك للزعامة موضع والعرب إن لم تأت بابك خضعاً ... فلأي باب غير بابك تخضع لك راحتان فراحة تحيي الورى ... سيباً وبالأخرى الذعاف المنقع تبا لمن حال عنك فإنه ... لا شك سن النادمين سيقرع إن الذين بغوك كل منهم ... قد كان في جدوى يمينك يرتع فأحاط بغيهم بهم فكأنهم ... خبر مضى والأرض منهم بلقع عن حائل ما حال دونك حائل ... كلا ولا أغنى العدو المدفع حتى ظفرت وكنت أكرم ظافر ... والغيظ عندك خير ما يتجرع ولقد عفوت عن المسيء تكرما ... ورأيت أن العفو فيهم أنجع سلطان قد شالت نعامته وفي ... وكد الدويش أناخ يوم أَفظع واسأل بجدة كيف حل وقبلها ... للمعتدين بيوم تربة مصرع وبيوم خان الرفد بابن رفادة ... وبه لدى شرك المنية أوقعوا خذلوه وقت الاحتياج إليهم ... والغدر حاق به فماذا يصنع فأخذته أَخذ المهيمن بغتة ... من حيث لا يدري ولا يتوقع قد ظن خصمك منك أن ينجو وأن ... تحميه منك سيوفه والأدرع فيخال جيش الفيل حل ومنكم ... طير أبابيل عليه وقع مهلا أبيت اللعن ما ابن رفادة ... ليحل عهدك وهو كلب أبقع يا منقذ العرب الذي أحيى لها ... ما قد أمات المستبد المبدع يا منعش العدل الذي فتكت به ... من قبل أيدي الظلم فهو مضيع يا ناشر الأمن الذي عاثت به ال ... أطماع فهو مشتت ومروع

الناس تخضع وصرفه ... ونرى الزمان وصرفه لك يخضع لو لم تكن عند الإِله معززاً ويرى الأمانة ما لديك تضيع ما كان ربك أمدك نصره ... يوما وكنت لبيته تستودع قد كان ربع الوحي قبلك خائفاً ... واليوم فيك بأمنه يتمتع ولقومك الهُجر التي شيدتها ... للعلم نزر في رباها يسطع إني لأنظر والأمور تكهناً ... ولربما سيكون ما أَتوقع لا بد يوماً للجزيرة كلها ... علم السعود على رباها يرفع أمعزز العرب استمع لي نفثة ... فلأنت أكرم من يعي إذ يسمع شكوى يضيق لها الفضاء برحبه ... لكن خلقك من شكاتي أوسع أنا في الصميم من العراق وأهله ... لكن لغيري شاته والمرتع يا أيها الملك التقي ومن له ... عن كل شائنة نهى وتورع خالفت قومي في هواك مودة ... رغما لكوني أَنني أَتشيع وقرعت بابك بالمديح محققا ... في أن بابك خير باب يقرع أفهل أراك وهل تحوز نواظري ... ما كنت عنك من المحاسن أسمع وله معارضا بعض الشعراء في قوله: إني أحن إلى العراق وإنني ... لا من رصافته ولا من كرخه فقال: إِني إلى نجد أحن وإنني ... لا من دواسره ولا من وشمه لكن قيصوم القصيم وشيحة ... أشهى إلى من العبير وشمه للعرب في نجد أب من أمه ... يلقاه أحنى من أبيه وأمه لذ فيه من جور الزمان فإنه ... ملك يجير على الزمان برغمه سلم الفضيلة حرب كل رذيلة ... أَكرم به وبحربه وبسلمه ملك تحكم في الزمان فقاده ... حتى تصرف كيف شاء لحكمه كم من أخي تيه يرى كل الورى ... فوق الثرى طراً تسبح باسمه ويظن من فرط الغرور بأنها ... تهوي الرواسي إن أشار بكمه وافاك من حسد بمعول غيظه ... لبناءك الراسي يهم بهدمه عرش بناه لك الإِله وشاده ... أنى يضعضعه القوي بزعمه فغدا يعض بكفه متندما ... دعه يموت بغيظه وبسقمه قال الشيخ سليمان بن سحمان: مادحاً الإمام عبد العزيز أعزه الله وذلك سنة 1331 لما أراد عبد العزيز الرشيد المسير إلى العراق يستنهض الأتراك على المسير إلى نجد أرسل حسين بن جراد في سرية من شمر وحرب ونزل الفيضة من السر فنهض إليه الإمام عبد العزيز بمن معه من المسلمين فصحبهم وأخذهم الله وولوا منهزمين وقتلوا عن آخرهم إلا نفراً قليلاً عفا عنهم الملك عبد العزيز أعزه الله فقال: معالي الأمور الساميات المعالم ... لأهل التقى والجواد أهل المكارم وبالحزم للأعدا وبالعزم في الوغى ... منال العلى بالمرهفات الصوارم وكل معالي الخلتين أخذتها ... ونلت ذراها في الخطوب العظائم وقد فقت أبناء الملوك جميعهم ... بجد وإقدام وصدق العزائم يلاحظك الإسعاد أين تيممت ... بنودك لا تثنيك لومة لائم وما قصرت أعداك في الحزم والدها ... وتقبيلهم أفكارهم للمصارم وقد جمعوا جيشاً لهاما عرمرما ... وصالوا به واستنجدوا كل ظالم ولكن دهاهم من دهائك فتكة ... بفتيان صدق كالأسود الضراغم وحسن رجاء الله فيما ترومه ... بحزم وعزم والوفاء الملازم وصدق وتدبير وحسن طوية ... حللت بها فوق السهى والنعائم ولاحظك الإقبال والعز فاستمى ... لك النصر الإسفاف بين العوالم وحل بهم ما حل بالناس قبلهم ... قديما من الإدبار عند الملاحم لأمر قضاه الله جل جلاله ... وليس لأمر حمه من مصادم فسرت إليهم بالجيوش تقودها ... لها زجل كالعارض المتراكم لعمري لقد كانوا ليوثا لدى الوغى ... وليس لهم عند اللقا من مقاوم أبدت بها خضراءهم فتمزقوا ... أَيادي سبا واستأصلت كل غاشم وولت على الأعتاب حرب وما ارعوت ... ولكنهم باؤوا بشر الهزائم وقد غودروا في فيضة السر حيثما ... طعام السباع والنسور الحوائم ووالله ما من وقعة قبلها أتت ... عليهم فقد باؤوا بإحدى القواصم وأخرى ستدهاهم بها في بلادهم ... وتفجأهم فيها بأسد ضياغم يسومون في الهيجا نفوسا عزيزة ... وترخص منهم في حضور المواسم

وتستأصل الاعدا بها وتسومهم ... بها الخسف والإذلال سوم البهائم بحول الذي فوق السماوات عرشه ... ويسعدك الإسعاف في كل ظالم فيا من سما مجداً وجوداً وسؤددا ... ونال العلى بالمرهفات الصوارم ليهنك يا شمس البلاد وبدرها ... بلوغ المنى من كل باغ وغاشم هنيئاً لك العز المؤثل والعلى ... هنيئا هنيئا فخرها في العوالم فهذا هو الفتح الذي جل ذكره ... وهذا هو العز الرفيع الدعائم فلله من يوم عظيم عصبصب ... يشيب النواصي هوله في الملاحم فشكراً لمن أَولاك عزاً ورفعة ... ونصراً وإسعافا على كل ظالم فذي وقعة ما مثلها شاع ذكرها ... ولا مثلها فيهم أتت بالعظائم ولا قبلها كانت عليهم فجائع ... ولا سامهم من قبلها ذل سائم فلا زلت في عز أطيد مؤثل ... وأعداك في خفض وذل ملازم ولا زلت وطاء على هامة العدى ... لك النقض والإبرام بين العوالم ولا زلت كهفاً للعفاة ومعقلا ... منيعا منيعا في الخطوب العظائم وصل على خير الأنام محمد ... وأصحابه والآل أهل المكارم وأتباعه والتابعين لنهجهم ... على سنة المعصوم صفوة آدم ولنميم بن عبد الرحمن آل فهيد في مدح الإمام عبد العزيز اعزه الله تعالى وذكر فيها وقعة السبلة وما أجرى الله في ذلك سنة 1348هـ: أَمن دنو ديار الحي في تخب ... بعد التفرق والهجران والصقب أصبحت في حلل الأفراح مبتهجا ... بها ترنح من تيه ومن طرب لكنه الفتح الآفاق ساطعة ... أنوار بهجته أو أنسه الهذب فالحمد لله حمداً لا انتهاء له ... حمداً كثيراً بلا حصر ولا حسب أف لقوم سكارى في جهالتهم ... لا يألفون سوى العدوان والشغب سائلهم ما جنوا من سوء فعلهم ... إذ بدلوا بعد ذاك العز بالأدب ساق الإله عليهم بالردى سحبا ... في إثرها سحب تنزج عن سحب فأصبحوا عبرة لكل معتبر ... وهذه حالة الباغي وذي الكهب ما بين منصرع بالأرض منجدل ... ومن بأسر رهين الهم والكرب ويل لأُم رعاء الشاء إن لهم ... في أثر ما عزهم شغل لمكتسب فللعرين حماة في زماجرها ... ردى الأعادي من قاص ومقترب لئن حوت عثر أسداً ضراغمة ... ففي اليمامة أسد الغاب لم تغب كم راغب رامها جهلاً بصولته ... قد جرعته كؤوس السم والحرب هم العوابس يوم البأس ليس لهم ... إلا اكتساب العلى بالسيف من أرب لا ينكر الناس أفعالا لهم سمقت ... ذباً عن الدين والأوطان والحسب مهلاً رويداً فقد كانوا الذي علمت ... كل الخلائق فليحذر من العطب نجدية في سراة العرب محتدها ... بطيب الذكر قد فازت وبالنسب يقودها للعلى عبد العزيز إلى ... أن حل غرتها بالبيض واليلب وأحرزت قصباً للسبق حاوله ... من لم ينله ولو قد جد في الطلب لا تنثني عن بلوغ القصد عزمته ... ولا له دون نيل المجد من أرب يبيت مجتهداً في رفع أمته ... والغير وجل باتوا وفي نصب كم ذا أُعدد من حسنى ومفخرة ... بهن تفخر ما دامت بنو العرب بالله ثم به أضحت مؤمنة ... كل البلاد فلا ملجا لمنتهب تمشي السوائم الموماة راتعة ... سيان مرسلة أو كان عن هرب من تأته قام بالأحجار يرجمها ... حتى كأن بها شيئاً من الجرب لله أفعاله الغر التي سمقت ... فوق الثريا وحلت دارة الشهب بنى العلى بالقنا عبد العزيز لكم ... حتى امتطيتم ونلتم شامخ الرتب أحيى الذي كان من مجد لسالفكم ... قضت عليه صروف الدهر والنوب وقام بالسيف في كفيه يرفعه ... إلى المعالي كوثب الضيغم الهدب حاط الحنيفة البيضا بنصرته ... من كل منتحل للشرك مرتكب وأصبحت بعلوم الدين زاهية ... مدارس شادها باللغو لم تشب تلك المناقب لا زالت ممتعة ... بها الجزيرة من نجد ومن صبب حتى اصطفى في بلاد الله منتخباً فتى العلى فيصلا أكرم بمنتخب الأَروع الماجد المحبوب سيرته ... بين الخلائق وابن السادة النجب

رحب الذراع طليق الوجه منبسط ... ليث عبوس إذا ما كان من غضب شهم الجنان أبيّ حاذق فطن ... مهذب فاضل غيث لمتهب يهتز جوداً إذ العافي ألم به ... كهيدب سائر بالغيث منسكب إذا تراه ترى البشرى بغرته ... كأنها البدر إذ يبدو من الحجب حباه مولاه ما فاق الكرام به ... وأكبروه من التدبير والأدب يبيت ساهرة عيناه مجتهداً ... كي لا ينال وفود الله من تعب فقل هلموا لحج البيت واغتنموا ... وقت الأَمان فإن الوقت من ذهب ترى الحجاز ولو شطت جوانبها ... عميمة الأمن في سهل وفي طرب ما زال فيصل فيها فهي آمنة ... سيان شاسعها والبيت ذو الحجب يا ابن المليك الذي أضحت مآثره ... فخراً لأَندية الإنشاد والخطب سقيت أفئدة حللت أوسطها ... من فعل كفك كأس الود لم يشب أحييتم العدل وأنهدت بصولتكم ... حصون بغي بغت في ربعها الخرب أرديتم فئة بالبغي سائرة ... بالأعوجيات والهندية القضب خالوا العراق وإلا غيره لهم ... ملجا منيعاً فعاد الظن لم يصب وأينما أحد أخطى طريقته ... لو كان مبتعداً ترميه عن قرب أبقاكم الله للإسلام موئله ... آل السعود حماة الدين والعرب ثم الصلاة على الهادي وشيعته ... وصحبه ما أضا برق من السحب وما مشى نحو بيت الله من قدم ... وغرد الصدح من طير على قضب وفي سنة أَربع وخمسين وثلاثمائة وألف في يوم النحر قسم الله أن نفراً من الزيدية أهل صنعاء اليمن وثبوا على الملك وابنه ولي العهد سعود وهما يطوفان بالبيت ومعهم نفر من خدامهم ففطنوا لهم قبل وصولهم إلى الملك فالتزم سعود أحدهم وجرحه الزيدي جرحاً يسيراً فأخذوهم وليس معهم إلا خناجر فكفى الله شرهم وقتلوا في ساعتهم والحمد لله ولم ينالوا إلا القتل والعار والبوار فقال الشاعر الكبير الأستاذ الزركلي يصف ذلك ويشكر الله تعالى على سلامة هذا الملك من هؤلاء البغاة المارقين: ضل الجناة سبيل النيل منة ملك ... لولاه ما صين بيت الله الحرام عبد العزيز الإمام الحق تكلؤه ... عين من الله لا جند ولا حشم لبى وطاف ثلاثاً غير منصرف ... إلا إلى الله حيزوم له فم العين إنسانها بالغيب متصل ... والقلب من غير ذكر الله منفصم يحوطه من جلال الغيب ناصره ... وترتمي دونه الدنيا وما تصم يستقبل الركن بالتكبير منتحياً ... قواعد البيت تطوافاً ويستلم من كان في أمنه للخلق متسع ... ضاقت براصده الدارات والأطم البغي والكيد مدا حوله شركاً ... فكان في الشرك الجانبين حتفهم سللت يد الغدر نصلاً دون طلعته ... جبريل يرقى وميكائيل يحتدم الجهل غرر بالعادي وشيعته ... فانساق من أكلته النار تلتهم أبو قبيس له ارزام دمدمة ... يكاد من غضب يهوي فينهدم لله موقف ليث الغاب حف به ... شبل يفديه والابصار تقتحم تماسكاً بيدين الله فوقهما ... بر البنين رضي الله مغتنم حمائم الحرم المحمي هائجه ... ريع الحمى أقتال في الحمى ودم؟ ما للجناة تنادوا من مكانهم ... أباليس ولدتهم للأذى الحمم يبغون صدر مجير المستجير ومن ... عجائب الدهر أن تسعى بهم قدم زيدية من حشا صنعاء منبتهم ... عمي القلوب على اكبادهم لجم بالأمس قد رجم الرامون شرذمة ... ثلاثة أأفاقوا بعدما رجموا وقى سعود فتى الفتيان خير أب ... فردها طعنة نجلاء تخترم وقال بابنك إن كان الفداء فدى ... هذي يدي وزناد العزم لا الضرم تناول الفاتك الجياش يدفعه ... كالصخر بالزند الهدار يصطدم وانصبت النار ترجيها يد كرمت ... لم تنحج من جمرها المستهتر العرم طاح الثلاثة في اعناقهم دمهم ... صرعى تغاديهم العقبان والرخم فقل لموقد نار الشر معتديا ... من هؤلاء وماذا أنت معتزم عقبى الحفيظة إغراء بصاحبها ... عقبى الرضى سلم عقبى الهوى ندم أضرب على يد شرير منيت به ... لا تعلقن بك القالات والتهم

وقد جرت قصيدة عصرية، ألقاها شاعر من أهل الشام، يقال له حليم دموس في مهرجان

إني لألمح سراً غير مكتتم ... والسر بعد التقاضي كيف ينكتم هذا الإمام أمير المؤمنين مشت ... من حوله السمر الهندية الخذم لولا الاناة ولولا الحلم لانعقدت ... سحابة النقع وانهالت دماً ديم عبد العزيز وقاك الله فتنتهم ... ولا يزل لك فينا البند والعلم صدقت عهدك والأيام شاهدة ... والعهد عندك وعهد الله والذمم عش للعروبة والإسلام معتصماً ... فإنما بك بعد الله يعتصم وقد جرت قصيدة عصرية، ألقاها شاعر من أهل الشام، يقال له حليم دموس في مهرجان المتنبي، يذكر فيها جودة الشعر المتنبي وانه يبعث على الحماسة ومكارم الأخلاق، وذلك في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وألف وهي طلعت على الضحى فحيتك حورها ... وخضت قوافيها فدانت بحورها فتحت فتوحات تراءت حدودها ... وألهبت أرواحاً تظلى سعيرها وأضرمتها في عالم الشعر ثورة ... على ربوات الخلد دق نفيرها خلت حلب الشهباء من سيف الدولة ... ودولتك العصماء باق سريرها فملك ولا تاج وفتح ولا دم ... ورايات نصر للنشور نشورها هي الحكمة الغراء جاءتك تزدهي ... وليس سوى تلك القوافي خدورها سلام على ام اللغات فوحيها ... أغان على الأسماع يحلو مرورها هي العروة الوثقى هي المنية التي ... يهز قلوب المخلصين بشيرها تركنا ربى لبنان والشام قصدنا ... وفي النفس من أشواقها نا يثيرها حملنا إليها الشعر والشوق والهوى ... وذكرى ليال ليس ينسى سرورها وفي ميسلون كان للركب وقفة ... على تربة من هالة العين سورها إذا رفعوا لإسم البطولة قبة ... مشينا إليها خاشعين نزورها وهبت لنا من جانب الشام نفحة ... كأن ربى الفردوس فاح عبيرها حللنا مغانيها وفي كل دارة ... لنا ذكريات ما سلاها سميرها إذا صافح الأردن دجلة رفرفت ... على بردى من جو مصر طيورها مواكب أقطاب البلاد تزاحمت ... فطابت لياليها ولاحت بدورها إلى المجمع العلمي خفت وفودها ... وبالمعرض السوري حفت صقورها وحيّت صلاح الدين حول ضريحه ... ففاضت مآقيها وجاشت صدورها إلى الخلفاء الراشدين ... وقد بسمت للخالدين ثغورها مفاخر سفيان ومجد أمية ... وآثار مروان حوتها قصورها غدة حيرة النعمان حيرى كأنما ... خورنقها هذا وهذا سيرها دقائق نقش في فنون صناعة ... فأولها يسبي النهى وأخيرها يمر عليها الدهر وهي جديدة ... وتبقى بقاء الزهر زهراء دورها وأكبر رمز من رموز حياتها ... مصانع عمران يعج هديرها فحدث عن صلب الحديد ترابها ... وحدث عن لطف النسيم حريرها إذا ذكروا للجاهلية منبراً ... أطل فتى ذبيان وهو مشيرها وناجى عكاظ الشعر ربع أمية ... فأخطلها يشدو ويشدو جريرها وإن خطبوا غر المعالي رنت إلى ... أبي الطيب الجبار تيها مهورها وهللت الفصحى لآيات محمد ... وسار إلى رب البيان سفيرها إلى شاغل الدنيا ومالئ سمعها ... إلى الطائر المحكي تعنو نسورها تغلغل في قلب الحياة ولبها ... ولم تلهه أعراضها وقشورها إذا امتشق الأسياف صل صليلها ... أو امتشق الأقلام صر صريرها صريع العلى والخيل والليل لفتة ... إلى أمم في الشرق صرعى أمورها ويا شاعر الإعجاز صيحة ثائر ... عسى من وراء الغيب ما يستثيرها ويا طالما استصرختها فتنبهت ... إلى زأرات لا ينام هصورها فعلمتها معنى الحياة وإنها ... إذا لم تذدعن حوضها أنداك طورها وعلمت أن الظلم في الناس شيمة ... وأن كؤوس المجد حلو مريرها وعلمت أن الشر بالشر يتقى ... إذا الفتنة العمياء عمت شرورها وعلمت أن المال في الأرض قوة ... وأن المنى لا يلتقيها فقيرها وأن صغار الطير يسهل قنصها ... وأن أسود الغاب يخشى زئيرها وحدثت عن ذل الضعيف بأمة ... تخاذل أهلها وعاث غدورها وعلمتها صبر الكريم وحلمه ... إذا ما الرياح الهوج سح طيرها

وعلمتها أن السلامة سبة ... إذا لم يرق حول النفوس طهورها وعلمتها أن الشعوب جميعها ... سواسية لا يستهان حقيرها وعلمتها أن المعالي عزيزة ... ينال بأطراف الرماح خطيرها وعلمتها أن الممالك بالظبى ... وبالثورة الحمراء تحمى ثغورها وعلمتها أن الحياة شجاعة ... وما فاز باللذات إلا جسورها تعاليم إن قامت بها أي أمة ... وكانت على رق تحطم نيرها هو الشعر نهواه ونهوى قديمه ... جديداً كشمس ما تغير نورها تسيل على الأرواح منه سلافة ... من القلب لا العنقود يجري عصيرها وما شعراء العرب إلا جداول ... تصب ببحر منه كان صدورها ولن تدرك الأقوام في الشرق وحدة ... إذا لم يكن منها إليها مصيرها تكافح للإصلاح والأمر أمرها ... وتفعل ما يوحي إليها ضميرها منزهة الأهواء شرقية الهوى ... تسير وأحرار البلاد تديرها فتمشي إلى استقلالها في كرامة ... يوحدها يوم الجهاد شعورها فيا فاتحاً بالسيف أغمده وافتتح ... قلوباً إذا والتك هان عسيرها أما لمست كفاك داعي جراحها ... وكم حملت من دهرها ما يضيرها تهيم وادغال السياسة حولها ... تفح أفاعيها وتسطو نمورها كبار أمانيها فحيناً بشيرها ... بجاذ بها البشرى وحيناً نذيرها فما سفن أمراسها قد تقطعت ... تصارع أمواجاً توالي كرورها تغير عليها موجة إثر موجة ... وأناتها تعلو ويعلو صفيرها وتهوي بمن فيها إلى اللج تارة ... وتطفو ولا تدري أيأتي نصيرها بأفجع من أرض تصيح شعوبها ... وتسمعها الدنيا ولا من يجيرها نبي القوافي قد تنبأت صادقاً ... بآي على الأيام زاه نضيرها ففي كل بيت حكمة نستمدها ... وفي كل شطر آية نستشيرها رواتك في الآفاق غنت وصفقت ... لأبيات شعر خالدات سطورها وكم قادة في الشعر تدلج في السرى ... وأنت بمصباح البيان تنيرها لقد كنت من عرش ابن حمدان سيفه ... وشرعة إلهام يفيض غزيرها ولولاك لم تخفق لأخشيد راية ... ولم يشتهر كافورها ووزيرها ولولاك بم تعرف محاسن خولة ... وقد عطرت زهر رياض عطورها محجبة عن كل عين ونسمة ... وترنو لأخرى لا يغيض غديرها فكيف سفحت الدمع يوم نعيمها ... وقد جزتها بيداء يكبو هجيرها شريد فلاة بل طريد صبابة ... وفيك جراحات تنزى كثيرها على كبد حرى وقلب مروع ... فتنت بتيجان سباك غرورها تكتم حباً قد براك وفي الحشى ... لبانة نفس كاللهيب زفيرها حنانيك يا أخت الأمير فرحبي ... بمن أطرب الدنيا فغنت دهورها هناؤك ملقاه وقد طاف باسماً ... بجنات خلد جاريات نهورها لعينك ما لاقى الفؤاد من الهوى ... ودولة حمدان عزيز أسيرها لقد غلبته كبرياءٌ وعزةٌ ... وشتى مواعيد تبين زورها فشرق أحياناً وغرب تارة ... وآماله تذوي فتذوي جذورها وودع في الشهباء دار إمارة ... وشيع إجلالاً عظيماً صغيرها لقد فتكت ليلاً به كف فاتك ... فزلزل من شم الجبال ثبيرها وفاضت إلى الخلاق نفس كبيرة ... وأفضى إلى عرش الخلود مسيرها وأطبق جفنيه على شاعرية ... مثير طماح النابغين مثيرها ألا فاعرضوا ديوان أحمد إنه ... ذخيرة أحداد يعز نظيرها بدائع أقوال كبير نظيمها ... روائع أمثال كنظم نثيرها إذا برزت للغانيات تزينت ... بأعلى وأحلى ما تحت نحورها وإن حجبت يوماً تضوع عرفها ... وإن سفرت يوماً سباك سفورها تمنيت لو ألهمت من فيض سحره ... قوى كمنت في شعره أستعيرها فأنفخ في روح العروبة روحه ... وتنتفض الموتى وتمشي قبورها وأنظم للأقوام في مهرجانه ... مدائح من ذاك الفرات نميرها وأنشد باسم الضاد إلى قصيدة ... إلى الشاعر الكندي تهذى سطورها ومن جارة الوادي ومن در نهرها ... على مفرق الفيحاء تلقى شذورها فتى الكوفة الخضراء فجرت للنهى ... ينابيع في أذن الزمان خريرها

ولمحمد بن عمر بن عبد الوهاب العرضي الحلبي، المتوفي سنة 1071هـ يتوجع من إعراض بعض

نشأت طموحاً ثائراً متحفزاً ... أخا همة نحو النجوم تسيرها تفلت من دنياك عن عبقرية ... بها أبصر الأعمى وتاه بصيرها فخلدت عصراً أنت تاريخ قومه ... وكم باد أقوام وبادت عصورها طويت من الأعوام ألفاً فتنطوي ... ألوف على الفصحى وانت أميرها ولمحمد بن عمر بن عبد الوهاب العرضي الحلبي، المتوفي سنة 1071هـ يتوجع من إعراض بعض الرؤساء، وكان خصيصاً به، فوقعت بينهما وحشة فجفاه فقال يستعطفه على أثلاث الواديين سلام ... وبعض تحايا الزائرين غرام تذكرت أيامي بها وأحبتي ... إذا العيش غض والزمان غلام وإلمامتي بالحي حيث تواجهت ... قصور بأكناف الحمى وخيام ألام على هجرانهم وهم المنى ... وكيف يقيم الحر وهو يضام هم شرعوا أن الجفاء محلل ... وهم حكموا أن الوفاء حرام وأبلج أما وجهه حين يجتلى ... فشمس وأما كفيه فغمام جرى طائري منه سنيحاً فعلني ... بدر أياد ما لهن فطام وقد يسلب الرأي الفتى وهو حازم ... وينبو غرار السيف وهو حسام وقد وجد الواشون سوقاً فنفقوا ... بضائع زور ما لهن دوام يقرب دوني من شهدت وغيبوا ... ويوصل قلبي من سهرت وناموا فأصبح شمل الأنس وهو مبدد ... لديه وحبل الوصل وهو رمام وبعض كلام القائلين تزيد ... وبعض قبول السامعين أثام تزوار حتى ما يرجى التفاته ... وأعرض حتى ما يرد السلام فلا عطف إلا سخطة وتنكر ... ولا رد إلا ضجرة وسآم فإن كان رأي زل أو قدر جرى ... لنازلة فيها على ملام فولله ما قارفت فيك خيانة ... أعاب بها في محفل وأذام ولاقر لي بعد التفرق مضجع ... ولا طاب لي بعد الرحيل مقام حياء فإن الرفق خير مغبة ... ومعذرة إن الكرام كرام أتبعد حتى ليس في العفو مطمع ... وتعرض حتى ما تكاد ترام وتنسى حقوقي عند أول وهلة ... وأنت لأهل المكرمات إمام هو الذنب بين السيف والعفو فاحتكم ... بما شئت لم يعلق بفضلك ذام ولا تلبني بالبعد عنك فإنما ... حياتي إلا في ذراك حرام إذا ما جزيت السوء بالسوء لم يكن ... لفضلك بين الأكرمين مقام أعد نظراً في حالتي تلق باطناً ... سليماً وسراً ما عليه قتام فمثلك لم تغلب عوائد سخطهِ ... رضاه ولم يبعد عليه مرام أترضى لفضلي أن يضيع ذمامه ... ومثلك لا يخفر عليه ذمام فإن نمت عني وأطرحت وسائلي ... فلله عيناً لا تكاد تنام قال الشيخ محمد أفندي حافظ إبراهيم يمدح المرحوم الشيخ محمد عبده ويهنئه بتولي منصب الأفتاء رأيتك والأبصار حولك خشع ... فقلت أبو حفص ببرديك أو علي وخفضت من حزني على مجد أمة ... تداركتها والخطب للخطب يعتلي طلعت بها باليمين من خير مطلع ... وكنت لها في الفوز قدح بن مقبل وجردت للفتيا حسام عزيمة ... بحديه آيات الكتاب المنزل محوت به في الدين كل ضلالة ... وأثبت ما أثبت غير مضلل لئن ظفر الأفتاء منك بفاضل ... لقد ظفر الإسلام منك بأفضل رجعنا إلى تمام المختار من شعر محمد بن عثيمين، قمن ذلك ما مدح به حضرة الحاكم المبجل ذا الهمم العالية، والمناقب السامية بيت المروءة والأمانة، وينبوع الكرم والديانة، حامي حمى المكارم والمعالي، أبا حمد الشيخ عبد الله بن قاسم بن ثني لا زال كهفاً للملتجي وأملاً دائماً للمرتجي آمين قال وقفت على دار لمية غيرت ... معالمها هوج الرياح النواسف فأسبلت العينان دمعاً كأنه ... جمان وهي من سلكه مترادف أسائلها من فرط ما بي وإنني ... بعجمة احجار الديار لعارف لعهدي بها بيض أوانس كالدمى ... غرائر عما لا يحل صوادف إذا ما سحبن الأتحمي تمايلت ... غصون النقا مالت بهن الروادف وفيهن معلاة الوشاح كأنها ... قضيب إذا ماست من البان وارف ألا ليت شعري أين مني مزارها ... وقد حالت الصمان دوني وواجف أظل نهاري انكت الأرض واجماًُ ... وفي كبدي في الليل تحمى المراضف

وقال أيضا يمدحه

وأجهل يوم البين أن يظهر الهوى ... وقد أعلنته الساجمات الذوارف وإني وإن كانت إلى الغور نيتي ... لفي الربرب النجدي القلب شاعف أقول لركب يمموا قلة الحمى ... على شد قميات طوتها التنائف قفوا حدثوني عن أجارع رامة ... عسى انبجست فيها السحاب العواطف وهل أمرعت أجراع لعلع بعدنا ... وهل رددت فيها اللحون الهواتف سقى هضبات بعد ما وان في الحمى ... من المزن ثجاج العزاليّ واكف وجاد ربوعاً باللوى كل مطفل ... أجش هزيم ودقه مترادف فلي سكن ما بين متلف دوحها ... يعز عليه أن يطول التفاذف يظل إذا أضمرت للبين نية ... يلاحظني والدمع هام وذارف خليلي ودعت التصابي وقوضت ... مآرب لي في ربعه ومواقف وأذن صبح الشيب في ليل لمتي ... فآبت ولكني على الليل آسف وباعد من كنا نسر بقربه ... وآخر مطوي عليه اللفائف رجال وأوقات وشرخ شبيبة ... مضوا وزمان ما يجيب مساعف فقل ما تشا في مهجة قد تصدعت ... بلوعة موتور بما أنا واصف جعلت سميري حين عز مسامري ... دفاتر أملتها القرون السوالف فطوراً أناجي كل حبر موقف ... إذا ما دعا لبت نداه المعارف وطوراً كأني مع زهير وجرول ... وطوراً يناجيني ملوك غطارف تسليت عن كل بتذكار عصبة ... لهم في العلى مجد تليد وطارف بها ليل سادوا من يليهم ومن نأى ... كهوف حصينات إذا اضطر خائف مطاعيم في اللأوا مطاعين في الوغى ... بحور ندى لا يجتوبهن غارف ربيع لأقوام جفته بلادهم ... إذا استحكمت غير السنين الجواحف يعولونهم فضلاً ولا صهر بينهم ... ولا نسب يدينهم أو تعارف ينسونهم أخدانهم وديارهم ... فكم أرمل في أدهم الفضل راسف ليهن بني الشهم الغضنفر قاسم ... مآثر تبقى ما تخلف حالف أولاك بنو خير له إن أردته ... وإن كان شراً فلأسود الزرالف ولائي لهم لكن لمن حل في الثرى ... مزيد اختصاص بي وما ثم عاطف سقى الله قبراً حله سيب رحمة ... ولقاه خيراً يوم تبلى الصحائف لقد بان محمود النقيبة لم يكن ... بطائش لب والسيوف رواعف ولي بعده ود بأروع ماجد ... أبي لخلات الكرام محالف إذا الرائد الزهاف أخفق سعيه ... وضاقت بأرباب الموشى النفانف هنالك إما رافد أو ممول ... يلوذ به الهلاك باد وعاكف كذا الروع إن أبدى نواجذ عابسوخفت حلوم واستطيرت شراسف ترى قسمات الأريحي ابن قاسم ... تهلل نوراً والوجوه كواسف وإن قيل عبد الله وافى لمشكل ... تبجح مضهود وفاء مخالف ألم تره يعطي الجزيل من اللهي ... ويقتحم الاهوال وهي مخاوف فقل لامرئ يسعى ليدرك شأوه ... رويدك دون المجد فيح صفاصف تعشقت أمراُ جل في كف سيد ... فهيهات تأتي فعله أو تناصف فما المجد إلا قنة في ممنع ... ودون ارتقاها معضلات متالف ودونك ابياتاً شوارد في العلى ... تهز إا تتلى لهن السوالف أوابد إلا في مديحك أنسها ... نوافر إلا عن هلاك عوازف وأحسن ختم النظام إذا انتهى ... صلاة وتسليم الإله المضاعف على المصطفى الهادي الامين وآله ... وأصحابه ما طاف بالبيت طائف وما هل مزن أو تألق بارق ... وما هتفت فوق الغصون الهواتف وقال أيضاً يمدحه نعم هذه أطلال سلمى فسلم ... وأرخ بها سبل الشؤون واسجم وقف في مغانيها وعفر بتربها ... صحيفة حر الوجه قبل التندم فثم مثيل الوجد لا بل مقامه ... وثم هوى نفس المشوق المتيم ومسحب أذيال لغزلان جيرة ... سقوني سلاف الوصل غير مفدم غضارة عيش قد توهمت أنها ... تدوم فكان الأمر غير التوهم متى تذكراها لي يهج بين أضلعي ... عقابيل وجد كالحريق المضرم أقول لصحبي والمراسيل ترتمي ... بناسهما ترمي الفيامي بسهم ألا عوجة منكم على الربع ربما ... شفي بعض ما بي أو قضيت تلومي فعاجوا فغطت ناظر العين عبرة ... فلم أتبين شاخصاً من مهدم

وقال لما أغار الشيخ عبد الله بن القاسم على العجمان وأغاروا على بعض طوارف أهل

أجدكما أن لا أمر بمنزل ... لمية إلا أمزج الدمع بالدم ولا أستبين البرق يفري وميضه ... جلابيب مسدول من الجنح مظلم يجزع اللوى إلا أبيت مسهداً ... كان شراسيفي نفدن بأسهم سهرنا فناموا وارتحلنا فخيموا ... عناء لنجدي علاقة متهم بلى حين خادعت اللجاجة بالأسى ... ومنيتها بالظن صبر المرجم تراءت لمشغوف بها لتعيده ... ظلوم الهوى في دائه المتقدم وأوحت إلى طرفي بإيماض طرفها ... وهزت قواماً كالقضيب المنعم فكنت أمني النفس جد تسلياً ... فعدت بما شاهدته جد مغرم وقائلة لي والركاب مناخة ... وقد رقرقت دمع الحزين المكتم إلى كم بها ترمي الفجاج مخاطراً ... والمزق أسباب بغير التجشم فقلت لها مهلاً فإن تقلقلي ... إلى كعبة يهوي لها كل معدم وينتابها قوم كرام أعزة ... ففيها ابن عكاز وفيها ابن ضيغم مناسك فضل قد أقيمت فروضها ... خلا أن من يسعى بها غير محرم بناها عماد الدين والفضل قاسم ... وبوأها أبناءه قل فاعظم هم القوم لا الجاني عليهم بسالم ... ولا جارهم للحادثات بمسلم إذا نزلوا الأرض الجديب تزخرفت ... وإن نازلوا يشق القنا بالتحطم وتجهل أيديهم على المال في الندى ... وتحلم عمن ذنبه بالتكلم على رسلكم يا طالبي المجد فاتكم ... إلى غلواء المجد جري المطهم أغر عليه للطلاقة ميسم ... يلوح له نور بغير توسم سرى للعلى وهناً وهوم غيره ... وهيهات سار للعلىمن مهوم هو الندب عبد الله والضيغم الذي ... به الاسد في يوم الكريهة تحتمي فتى طلبات إن تباعدن نالها ... بجرد المذاكي والوشيج المقوم وعزمة سباق إلى كل غاية ... وهمة مقدام على كل معظم لعمري لفرع بين قيس وحاجب ... قديماً وللفياض قاسم ينتمي لفرع زكا في مغرس الفضل أصله ... وفاح شذاه بين عرب أعجم؟ إليه مصونات المعالي تشوفت ... تشوف ذي وجد إلى الزوج أيم ولوع يكسب الحمد والمجد هاجر ... خلال الدنايا شيمة بتشيم يغادرون مغشي الرواقين باسماً ... قبائل شتى من فصيح وأعجم فمن معلن شكوى ومن طالب جدى ... ومن مستقبل عثرة المتندم أبا الفضل لم يفضلك زيد وحاتم ... ومعن إذا قسنا بغير التقدم لئن هم أبانوا في العلى منهج الندى ... فكم شدت منها معلماً بعد معلم ترحلت عنكم لا اغتباطاً بغيركم ... ولا من مقام في حماكم مذمم فكنت وسيري واعتياضي سواكم ... كبائع دينار بمغشوش درهم فجاءك بي ود قديم غرستهُ ... وتابعته سقياً بسجل التكرم 'ليك رحلنا كل محبوكة القرى ... أمون السرى بين الجديل وشدقم إذا التحفت أكم الفيافي بآلها ... ونشر فيها كالملاء المعلم تزف كهداج يؤم فراخه ... تكنس من ريح وغيم مخيم هدى ما هدى حتى إذا الليل جنهُ ... وخاف ارتكام العارض المتبسم تنفس مزؤوداً وخف كأنه ... فليتة مسنون الصوائد أقطم طويت بأيديها الفلا متعسفاً ... بها ميثها في الأمعز المتنسم وصل إلهي ما همى الودق أو شدا ... على الأيك مطراب بحسن الترنم على المصطفى الهادي الأمين وآله ... وأصحابه والتابعين وسلم وقال لما أغار الشيخ عبد الله بن القاسم على العجمان وأغاروا على بعض طوارف أهل قطر، فغزاهم وأوقع بهم، وقتل منهم خلقاًُ كثيراً، وغنم جميع أغنامهم، وذلك في ذي الحجة سنة 1327 قال يا بارقاً بات يحيي ليلة سهراً ... هل ترو لي عن أهيل المنحنى خبرا وهل تألقت في تلك الربوع وهل ... جرت عليك الصبا أذيالها سحراً؟ لا أستقيل الهوى مما أكابده ... ولا أبالي بمن قد لام أو عذرا نفسي الفداء لأقوام متى ذكروا ... تحدرت عبراتي تشبه المطرا من لي باحور مهزوز القوام إذا ... بدا توهمته في سعده القمرا يجنيك من خده ورداً ومن فمه ... شهداً مذاباً ومن ألفاظه دررا يحلو لعينيك حسناً في غلائله ... ويطرد الهم أما كان متزرا

ولما بنى الشيخ عبد الله بن المرحوم الشيخ قاسم قصره المسمى بالريان، وذلك في سنة

أستغفر الله مالي بعد ما بزغت ... شمس المشيب بليل الفود وانحسرا فدع تذكر آرام شغفت بهم ... أيام روض التصابي بالصبا خضرا واصرف مقالك فيمن لو نظمت له ... زهر الكواكب مدحاً كان محتقرا ملك تكون من بأس ومن كرم ... يغني العفاة ويسقي ضده كدرا طغت بيامٍ أمانيها فجر لها ... دهم الكتائب فيها كل ليث شرى جرد متى صبحت حياً بمنزلة ... لم يلق مستعصماً منها ولا وزرا فصبحتهم جنود الله ضاحية ... فغادرتهم لحد المشرفي جزرا كتائب كتبت أيدي المنون بها ... آجال من خان دين الله أو غدرا أهجتم أسداً تدمي أظافره ... كم أصيد تركت في الترب منعفرا ما حكتم واقتضاكم ذو مماحلة ... ما اعتاد في طبعه جبناً ولا خورا وليتم بين مقتول ومنهزم ... قد استعار جناح الرال إذ ذعرا يدعو الوليد أباه بعد معرفة ... فما يرد له ليتاً وإن جأرا لما انجلت عنكم غماء جهلكم ... كنتم كنا كثة الغزل الذي ذكرا وبعدها إن أردتم سوء منقلب ... فشاغبوا أو فقولوا لا إذا أمرا فمن يكون كعبد الله يوم وغى ... إذا الكماة تهاب الورد والصدرا الضارب القرن هبراً والقنا قصداً ... والمكره الخيل حتى تركب الوعرا شبل الأسود التي كانت فرائسهم ... صيد المليك إذا ما أشعروا صعرا هلا سألتم عمانا كيف أشعلها ... ناراً إلى الآن فيها تقذف الشررا لاذوا بمعقلهم أن سوف يمنعهم ... فجاءهم كعقاب الجو إذ كسرا وأنتم ذقتم من بأسهم طرفاً ... يوم العنيقا دماكم الغيث هدرا وفي البطارق يوم الشقب معتبر ... لو كان فيكم رجال تعقل الخبرا يا أيها الملك الميمون طائره ... أنشر لواءك تلق العز والظفرا بسعد جدك هذا الدهر مبتسماً ... بعد العبوس وهذا المجد مفتخرا فانهض فأنت بحول الله منتصر ... وأملك إذا شئت باديها ومن حضرا وشد قواعد مجد كان وطده ... قدماً أبوك وبحر الموت قد زخرا وأشدد يديك بسيف إن ضربت به ... أصبحت تحمد من أفعاله الأثرا أمضى من القدر الجاري عزائمه ... طوعاً لأمرك فيما جل أو صغرا سامي المكارم وهاب الكرائم ... كساب العظائم لا يستعظم الخطرا أخوك صنوك حامي كل عاثرة ... عبد الرحيم الذي بالبأس قد شهرا لازلتما فرقدي أفق بلا كدر ... تقضيان بأسنى الرتبة العمرا ولما بنى الشيخ عبد الله بن المرحوم الشيخ قاسم قصره المسمى بالريان، وذلك في سنة 1338.قال الشاعر المذكور ذاكراً للقصر ومادحاً له حرسه الله تعالى أريج مجد من الريان حيانا ... أهدى لنا نشره روحاً وريحانا إسم حكاه مسماه وطابقهُ ... فكم شضفى من أوام العدم عطشانا فدىً له الزهرا وساكنها ... والغوطتان وملهى شعب بوانا تفاوحت فيه أرواح الندى فسرت ... حتى لكادت تعيد الشيب شبانا والجود والبأس ما حلا بمنزلة ... إلا أشادا لها بالمجد بنيانا قد شرف الله أرضاً أنت ساكنها ... وفاخرت بحصاها القض عقيانا بحر تعبق في أرجائه كرم ... يعلو الروابي لا نقعاً وغدرانا لولا أواصر يرعاها ويحفظها ... لكان غير الذي بالأمس قد كانا لأنه من أناس من سجيتهم ... محو الصغائر إجمالاً وإحسانا لكن لهم فتكات عند غضبتهم ... تشجي العدو وتخلي منه أوطانا يا ابن الألى طوق الأعناق فضلهم ... فقرطوا لهم في المجد آذانا سموت للمجد إذ كنت الخليق به ... حتى لأرغمت آنافا وأذقانا وليس سار إلى نبل العلاء كمن ... أضحى بنوم المنى والعجز وسنانا أيحسبون العلى تجنى أزهارها ... بغير سيف وبذل المال مجانا والناس قد فاوتت أقدارهم همم ... وقد أقمت على ما قلت برهانا كما بهمتك العليا بنيت بها ... للمجد والفضل وأعلاماً وأركانا قالوا هو الندب عبد الله قلت لهم ... لو كان عند سواكم عد سلطانا فادعوا له بالبقا تبقى سعادتكم ... إذ كان روحاً وكان الغير جثمانا

ولما توفي الشيخ القادم إلى رحمة الله وغفرانه قاسم بن محمد الثاني، رثاه محمد بن

لا تخرجوه بكره عن سجيته ... فالليث لا يعرف البقياء غضبانا إني أقول وخير القول أصدقه ... وليس من قال صدقاً مثل من مانا لقد حبا الله كان مالكها ... منه بغيث يسح الجود هتانا يسيم مثريهم فيه ومقترهم ... لم يخش من غيره ظلما وعدوانا فيالها نعمة ما كان أكبرها ... فهل تصادف منا اليوم شكرانا إن لم تفدك منا أنفس كرمت ... فقد جحدناك ما أوليت كفرانا أقمت للمجد أسواقاً معطلة ... تعد قبلك شيئاً بان إذ كانا كنا سمعنا بها في الغابرين فمذ ... أتيت كانث بعيد الوهم أعيانا لو صور الله شخصاً من مكارمه ... صورت من كرم الأخلاق إنسانا لما مدحتك قال الناس كلهم ... الآن مدحك بالممدوح قد زانا فالله يبقيك محروساً ومغتبطاً ... آلاً وحالاً وأولاداً وإخوانا ثم الصلاة على من كان مبعثه ... لنا السعادة دنيانا وأخرانا وآله الغر والأصحاب كلهم ... ما قطع الليل تسبيحاً وقرآنا ولما توفي الشيخ القادم إلى رحمة الله وغفرانه قاسم بن محمد الثاني، رثاه محمد بن عثيمين المذكور بهذه القصيدة وذلك في 15 شعبان سنة 1331هـ وقال برغم المعالي فارق الدست صاحبه ... وثلث عروش المجد وأنهد جانبه وأضحت بنو الآمال سهماً وجوهها ... تقلب طرفاً خاشعاً ذل جانبه تقول إلى من نطلب المعروف بعدما ... على قاسم المعروف بنيت نصائبه مضى كافل الأيتام في كل شتوة ... وموئل من ضاقت عليه مذاهبه أقول لناعيه إليَّ مجاوباً ... بفيك البرى هل تدر من أنت نادبه نعيت امرءاً للبر والدين سعيه ... وللجود والمعروف ما هو كاسبه فيا قاسم المعروف للبأس والندى ... وللخصم مشتطاً على من يطالبه ويا قاسم المعروف للطارق الذي ... من الزاد قد أصبحن صفراً حقائبه وللمرهق المكروب يفرخ روعه ... إذا سلمته للخطوب أقاربه وللجحفل الجرار يهدي رعيله ... إلى كل جبار أبي يشاغبه هو المانع الخصم الألد مرامه ... وإن رام منه معضلاً فهو سالبه فقل للجياد المشمعلات لاحها ... تجاوز الغيطان الفلا وسبابه على قاسم فابكي طويلاً فإنه ... فتاك إذا ما استخشن السرج راكبه إذا ما رمى المرمي البعيد ذرعنه ... به ناجيات زاملتها شوازبه جحافل سهلن الروابي فأصبحت ... سباسب مما بعثرتها كتائبه إذا نشرت أعلامهن تحدبت ... بأرجائها صيد الملوك تراقبه فما مشرق إلا له فيه وقعة ... ولا مغرب إلا أرنت نوادبه أقول لقلبي حين جد به الأسى ... وللجفن لما أقرحته سواكبه تعز بما عزيت غيرك إنه ... طويل أساً من أودع اللحد غائبه هو الدهر يستدعي الفناء بقاؤه ... وتستصغر الخطب العظيم مصائبه له عثرة بالمرء لا يسقيلها ... إذا ما انيخت للرحيل ركائبه أباح حمى كسرى بن ساسان صرفه ... فلم تستطع الدفاع مرازبه وكر على أبناء جفنة كرة ... سقاهم بها كأساً ذعافاً مشاربه وأعظم من هذا وذاك مصيبة ... قضى النحب فيه المصطفى وأقاربه هم الأإسوة العظمى لمن ذاق غصة ... من الدهر أم من أجرضته نوائبه بني قاسم إن كان أودعتم الثرى ... أباً طرزت يرد المعالي مناقبه فخلوا الهوينا واجعلوا الرأي واحداً ... يهابكم نائي البلاد وصاقبه وألقوا مقاليد الأمور لماجد ... أخي ثقة قد أحكمته تجاربه بعيد المدى لا يدرك النبت غوره ... أبي على الأعداء محض ضرائبه أبا حمد لولاك كان مصابه ... على الناس ليلاً لا تجلى غيائبه سقى الله قبراً ضم أعظم قاسم ... من العفو شؤبوباً رواء سحائبه وثن إلهي بالصلاة على الذي ... سمت في مقامات الكمال مراتبه كذا الآل والأصحاب ما ناح طائر ... بأفنان دوح تستميل ذوائبه وقال يرثي الشيخ المرحوم قاسم أيضاً، وكتب بها على ابنه المرحوم الشيخ عبد الرحمن تغمدهما الله بغفرانه، وأحلهما في مقر رحمته ورضوانه آمين

وممن رثى الشيخ المرحوم قاسم رحمه الله ومدح ابنه الشيخ عبد الله، الشاعر المشهور

ترى من حنيني كان شجو الحمائم ... ومن أدمعي كان استقاء الغمائم فلا غرو أن انطقت بالشجو صامتاً ... وأبكيت حتى راتعات السوائم فقل جل هذا الخطب حتى تدكدكت ... لموقعه شم الجبال المعالم وحتى هوى بدر الدجنة واكتت ... له ظلمة زهر النجوم العوانم لعمرك ما يوم قضى فيه قاسم ... على الناس إلا مثل يوم التزاحم مضى هضبة الدنيا وبدر دجائها ... وفارسها المشهور بين العوالم أجل إنه والله ما مات وحده ... ولكنه موت العلى والمكارم وإلا فما بالي أرى البيض والقنا ... وجرد المذاكي بعده في مآتم وما بال أبناء السبيل كأنما ... بهم لوحت هيف الرياح السمائم يبكون مغشي الرواقين ماجداً ... أبياً على الأعداء صعب الشكائم أخا الحرب لا يلفى لها متخشعاً ... إذا ما أتت بالمعضل المتفاقم ولكنه يغشى لهيب شواظها ... إذ حاد عنها كل أروع غاشم حلفت بمن حج الملبون بيته ... يؤمونه من نازحات المخارم على أنه لو كان أزهق نفسه ... من الناس مرهوب الشبا والمناقم لصحبه أبناؤه بجحافل ... لها زجل كالعارض المتراكم وجاسوا خلال الدار منه بفتية ... على الموت امضى من شفار الصوارم ولكنه المقدار والله غالب ... ونرضى بمن يقضي به خير حاكم وهيجت لي يا ابن الأكارم لوعة ... تردد ما بين الحشا والحيازم فلا تحسبني غافلاً أو مضيعاً ... أياد لكم عندي عذاب المطاعم وفيك لنا لا زلت منه بقية ... شجاً للأعادي مغنم للمسالم فيا عابد الرحمن يا خير من جرت ... به الجرد بين المأزق المتلاحم يا خير مقصود أناخ ببابه ... رذايا سفار داميات المناسم لكم مني الود الذي لا يشوبه ... مدى العمر تدليس المداجي المكاتم وصلى إله العالمين مسلماً ... على المصطفى من عبد شمس وهاشم كذا الآل والأصحاب ما قال قائل ... ترى من حنيني كان شجو الحمائم وممن رثى الشيخ المرحوم قاسم رحمه الله ومدح ابنه الشيخ عبد الله، الشاعر المشهور علي العماري البغدادي بقوله ومجدك ما نبهن وجدي الحمائم ... ولا الطرف إن نام الخليون نائم ولا هزني برق تألق ومضهُ ... دجى فاستهلت للدموع غمائم ولا ملكت قلبي فتاة طويلع ... فرفت خوافي شوقه والقوادم بلى لملم قد أناخ بقاصم ... قرى المجد إذا أودى ابن ثانيه قاسم فتى ثكلت فيه البداوة حاكماً ... به فجعت ضيد الملوك الخضارم وبدراً به الأقطار ضاءت وقطره ... منير إذا ما قطب العام باسم وقد فقدت منه الحضارة أصيداً ... يقل له في حوزة الحزم حازم وله العرب العرباء ألقت زمامها ... ولا غرو فهو الفرد للكل خاطم تسوس جماع الدهر منه رياضة ... يدين لأدناها الملوك القهارم لقد أغمدوا في اللحد منه مذلقاً ... تفل لحديه السيوف الصوارم ونافذ رأي سدد الحزم رمحه ... فيا لفداه النافذات اللهاذم وما مات من أبقى لحوزة مجده ... فتى لعلاه لا يزال يلازم تتوج عبد الله بالفخر والعلى ... ولفت عليه بالوقار العمتئم فتى المجد والمعروف من جود كفه ... دنانيره وقف العطا والدراهم لنعم بصدر الدست هضبة سؤدد ... يخف له رضوى إذا عد حالم ونعم ركوب الخيل يملأ ظهرها ... إذا ما جرت جرد العتاق الصلادم وهوب فلولا إن حاتم سابق ... لقلت عدا بيت السماحة حاتم وكعب ابن مام في العطية دونه ... نعم إنه في حلبة السبق سالم فيا ابن الهزبر اسمع مقالة صادق ... له ناثر يعنو خضوعاً وناظم إليكم غدا أمي بغداد مرسلاً ... (على قدر أهل العزم تأتي العزائم) وممن مدح الشيخ المرحوم قاسم الثاني رحمه الله وابنه الشيخ عبد الله بن قاسم الشاعر المشهور الأنطاكي صاحب جريدة العمران بهذه القصيدة وهي هذه نسيم الصبا العطري عرج مسلما ... على قطر إني به كنت مغرما وعرض بذكري في رباه لأهله ... لعلهم يعنون بالصب قبلما

وقل لهم إني محب متيم ... وما مثلكم يجفو المحب المتيما وافصح لهم عما يكن الحشا الذي بنار الجوى في ذا الهوى قد تضرما وقل لهم أن المحب بمصره ... ينوح ويبكي بالمدامع والدما فلا شاغل أَُعنى به غير ذكركم ... وما ذكر الأحباب إلا تتيما أأصحابنا الأمجاد في قطر أما ... ترون لوصلي حسن وصلكم أما وهل تذكروني في مرابع أنسكم ... وما زلت في ذكراكم مترنما وأنتم من الأعراب أهل العلى الألى ... وقفت لهم نفسي ولن أتندما كرام قد امتازوا بحسن الوفا لمن ... وفي لهم في الود أولهم انتمى يراعون عهد الجار لو جار واعتدى ... فكيف بمن والى وصافى وذمما وتلقون بالإكرام قاصد فضلكم ... وما خاب راج نحوكم قد تقدما وتحمون بالبيض القواضب كل من ... بكم من خطوب الدهر قد لاذ واحتمى وتعفون عن حلم وتعطون عن رضى ... فتحيون آمال البرية فيهما ببطش وإقدام وجود وسؤدد ... لقد شدتم للمجد صرحاً مفخما وباتت معاليكم يطاول فخرها ... السحاب وكادت أن تواصلها السما وفخركم كالشمس لألأ نوره ... ولا ينكر الأنوار إلا أخو الأعمى أما منكم قام الرسول بهدية ... فخلف معوج الضلال مقوما بساطع آيات الكتاب لقد دعا ... الأنام إلى التوحيد حتماً وعاما وكان نذير الناس وهو بشيرهم ... وفيهم أحكام الشريعة عمما وساوى الرعايا بالحقوق فلم يدع ... بهم مسلماً في الجاه يفضل مسلما وخلف في القرآن حسن حضارة ... مشيدها والله لن يتهدما فمن قال إن الشرع قد فات وقته ... لقد قال قولاً في الحقيقة مبهما وشرع رسول الله لولا ذيوله ... وشراحه أخلق به أن يعمما لنلقى به أجلى وأزهى تمدن ... يشاد على رأس الصلاح واعظما فيا علماء الدين هبو لشرحه ... بحسن اجتهاد يجعل القول محكما فنظهر للأفرنج فاسد حكمهم ... عليه ونجلو في هداه التوهما ويا أمراء العرب فيكم رجاؤنا ... لتجديد مجد عهده قد تقدما فهبوا إلى إحياء دارس مجدكم ... بسعي حميد يترك الضد مرغما وكونوا أسوداً للعروبة إنها ... بكم تلتقي هول القضا إن تجهما نعم عندنا نحن الأعراب سطوة ... ضراغم في يوم الوغى تسفك الدما وفي السلم تولي الناس في جودها الغنى ... فلم تر مبؤوساً ولم تر معدما إذا تلق يوماً قاسماً في مقامه ... تلاقى عميداً بالمكارم أكرما ومن حوله أهل العشائر جملة ... يرجون منه أن يفيض التكلما فيخطب فيهم ناصحاً ومؤذناً ... ويحكم فيهم عادلاً ومقوما فطوبى لمن أضفى له نال سؤله ... وأصبح محبوباً صيفاً مكرما ويا ويل من ناواه قد ناله الفنا ... وكان لدى أهل القبيل مذمما له الله إن أعطى العطايا بجوده ... لينثر من كفيه للناس أنجما يجود بلا من ويسبق نيله ... سؤال الذي يرجو نداه تكرما ويسعى إليه الناس مثنى وموحداً ... فينفع كلا ما أراد وينعما وتقصده الركبان من كل جهة ... فيرحل كل من ذراه مكرما وتنشده في شعرها باهر الثنا ... فتلقى من الإحسان غيثاً لقد همى وتنظر منه مسفقاً محسناً أباً ... خليقاً بأن يغني ويعطي ويرحما يقابلها في صدره الرحب محسناً ... كريم ويلقاه بثغر تبسما كذلك من نال الزعامة حقق ال ... أماني وأضحى في الرعاية قيما ويفني الى في سيفه وهوباسم ... ويسقيهم من مورد الموت علقما وينثر هامات الرجال بضربة ... يخوض بها فوق المطهم بالدما ويلقون من نيران بندق جيشه ... شظايا كما يلقون بعد جهنما فقل لعداه راجعوا السلم وارفقوا ... بأنفسكم تلقون سيد أرحما ألا واسألوه الصفح والعفو أنه ... أبى الحرب إلا أن يحارب مرغما ولا تحرجوه للنزال فإنه ... ليشفق أن يفني الأعادي ويرحما وإن كان في حسن السياسة حازماً ... وفي دفع آراء البرية أحزما كذا عابد الله ابن قاسم ذو العلى ... هماماً وصنديداً وبراً ومنعما

وقال الشيخ سليمان بن سمحان النجدي قدس روحه، ونور ضريحه مهنئا للشيخ قاسم بن محمد

إذا انا لم أمدحه في كل مقول ... فلم شق لي الرحمن سمعي والفما وإن أنا لم أنصفه في الحمد والثنا ... لما حق لي أن ألقى من العرب مكرما وإن أنا لم أنظم بصادق وصفه ... الدراري لما نظمت عقداً منظماً وقد شمت من آثاره الغر مابه ... على كل ذي أمر وذي سؤدد سما أخا المجد عبد الله يا خير مرتجى ... وأفضل من يُثنى عليه وأكرما تقبل عروس الفكر إنك كفؤها ... ولولاك لم تلمح لها الشمس مبسما لعلياك بالإقبال بشرى نظمتها ... فزانت من الأيام جيداً ومعصماً وما مهرها غير الرضى في قبولها ... فجد بالرضى عني وعنها تكرماً ودم بالغاً أوج الفخار على المدى ... وعش بالهنا يا ابن العلي متنغما وقال الشيخ سليمان بن سمحان النجدي قدس روحه، ونور ضريحه مهنئاً للشيخ قاسم بن محمد آل ثاني بانتصاره على من قصده من العساكر التركية، ويذكر ما من الله به عليه من العز والتأييد وقمع العدو الباغي العنيد، وكانت تلك العساكر في غاية القوة عدة وعددا، ولم يبق عند الشيخ قاسم رحمه الله إلا قليل من قوتهأهل الصدق والوفاء، وقد تفرق عنه كثير من الجند، وساءت الظنون فصبر هو وأولئك النفر القليل، فأعزهم الله على عدوهم، وفر الطغاة منهزمين لا يلوي منهم أحد على أحد، وقتل منهم الكثير، وأخذ سلاحهم وما معهم من المدافع وجميع آلة الحرب ورجعوا خاسئين ولله الحمد والمنة، وذلك في شهر رمضان سنة 1310 ألف وثلاثمئة وعشر قال رحمه الله هو الله معبود العباد فعامل ... فليس سوى المولى لراج وآمل أليس الذي يرضى إذا ما سألته ... ويغضب من ترك السؤال لسائل ولله آلاء علينا عديدة ... والطافه تترى بكل القضائل فكم فتن جلى وكم فتن وقى ... وكم فادح من معضلات النوازل أزاح حناديسا سجت بدجائة ... يعاليل كفر قد غشت بالعواضل كعارض بؤس مكفهر عنانه ... له زجل بالموجفات القلائل طما وطفا فالجو بالنقع اكلف ... وأرجاؤه مغبرة بالزلازل وطاغية الأتراك من تركوا الهدى ... وهدوا من الإسلام شم المعاقل وزلزلت الأحساء منهم مهابة ... وفر البوادي واعتلى كل واغل ورحب أقوام بهم وتألبوا ... وحثوا على حرب الهدى كل جاهل وساءت ظنون من أناس كثيرة ... وقد أزعجتهم موجات البلابل وقد أظهروا للكفر والفسق والخنا ... وللحكم بالقانون أبطل باطل وللمكر والمكروه والفحش جهرة ... وما الله عما يعملون بغافل وجاؤوا من الفحشاء ما لا يعده ... ويحضيه إلا الله أحكم عادل يزيل الرواسي مكرهم وخداعهم=يشيب النواصي إذا أتى بالهوائل لذلك زلت بابن حمدان رجله ... إلى الأهوى وأسفل وسافل فتعساً له من جاهل ذي غباوة ... وتباً له من زائغ ذي دغائل لقد زاغ عن نهج الشريعة وارتضى ... ولاية أحباب الضلال الاراذل وظن سفاهاً ظن سوء بربه ... وليس لعمري للمعالي بآهل كما ظن غوغاء الكويت سفاهة ... سمواًوعزاً بالبغاة الأسافل وأوباش حمقاء الحساء ذوو الغبا ... وأشياعهم من كل غاو وجاهل أما علموا أن الإله لدينه ... يغار ويخزى كل باغ مخاتل ويعلي ذوي الإسلام والدين والهدى ... وولكن أهل الريب من كل واغل بغاث إذا أبصرن بازاً وإن خلا ... لها الجو صالت كالبوازي البواسل وإن جن ديجور الضلالة أبصرت ... وجالت بليل حالك اللون حائل وإن طلعت شمس من الدين والهدى ... تجحرن واستوحشن من كل صائل لئن كان أعداء الشريعة قد طغوا ... وضاق بأهل الدين رحب المنازل وقد أقبلوا والأرض ترجف منهم ... لقد أدبروا كالمعصرات الجوافل يسوقهم ريح من الرعب عاصب ... وبرق صفاح المرهفات الصقائل وزجل رعود المارتين وقد همت ... بوبل لأعداء الشريعة قاتل وضرب يزيل الهام من مكناته ... وقد أسعرت نار الوغى بالجحافل بأيدي رجال لا تطيش عقولهم ... ولا يعتريها خفة للزلازل إذا عظم الهول استعدوا لدفعه ... بصبر وضرب المرهفات النواحل

صوارم عزم ليس يفلل حدها ... وإن جل بغي من عدو مزايل لعمري لقد أولادك مولاك رفعة ... وفخراً رفيعاً ماله من مماثل وعزاً أطيداً بالثنا متألقاً ... يقصر عن إدراكه كل فاضل فإن رمت أن تحيا عزيزاً مؤيداً ... وتصبح في ثوب من المجد رافل فأعدد لأعداء الشريعة فيلقاً ... من الحزم مقروناً بعزم ونائل ولا تأمنن من خون الله إنهم ... ذوو المكر فاحذرهم وكن غير حافل لقد ضل سعيٌ من أخي ثقة بهم ... وخابي وأضحى عادماً للفضائل وفاز فتى ناجاهم بحسامه ... وجاهدهم في الله لا للمآكل ولا للعلى في الأرض والملك إذ هما ... عن الأجل الأعلى عجالة جاهل فعامله بالتقوى لتقوى على العدى ... وتنجو من يوم عصيب وهائل فثق واعتصم بالله ذي العرش واستقم ... أليس هو المولى لراج وآمل وقد خصك الرحمن منه برحمة ... فأعلى بك الإسلام بعد التضاؤل وهد بناء الناكبين عن الهدى ... بنصرك من بعد اعتلاء الأسافل رماهم بك الرحمن فانثل عرشهم ... فآبوا وخابوا بل بلوا بالبلابل وذلوا وقد عزوا وأبدل منهم ... بخوف فتعساً للطغاة الأراذل ولما رأى الطاغي عقوبة بغيه ... نجا ولجا في البحر من خوف باسل همام إذ لاقى الكماة سميدع ... أخي ثقة عند الأمور الجلائل وولى على الأعقاب ناكصاً ... مخافة حد المرهفات الصواقل وقد كان قبل الضرب في حومة الوغى ... وزج العوالي في صدور الجحافل يسأئلهم خسراً من المال معضلا ... ويأمل أمراًفوق ذا غير حاصل فخلى لكم كرهاً وأرخص ذلة ... بما قد حوى من بعد جهل التحامل وأطلق من في الحبس من كان موثقاً ... صغاراً وذلاً والتجاءة واجل فشكراً لمولاك الذي جل فضله ... عليك وأخزى كل طاغ مزاول ولله ربي الحمد ما لاح بارق ... وما انهل وبل الساريات الهواطل وما لاح نجم في الدجى متألق ... وازهر نور في مروج الخمائل وقهقهه رعد أو تنسمت الصبا ... على الروض في أسحارها والأصائل وأزكى صلاة يبهر البدر جسنها ... على السيد المعصوم سامي الفضائل وأصحابه والآل ما قال قائل ... هو الله معبود العباد فعامل وقال معزياً للشيخ قاسم أيضا بعد قتل ابنه المرحوم على بن قاسم المقتول شهداً في 17 رمضان سنة 1305 غفر الله له: ألم ترىً أن الصبر أجمل بالفتى ... وأحمد في الأخرى لأهل البصائر وبالصبر نال الأجر لكل موحد ... وفاز ببر الله أقدر قادر فصبراً على ما قدر الله ربنا ... تنل كل خير من رحيم وغافر فإن يك قد أود علي مصابه ... فبالأجل المحتوم فاصبر وصابر فلا زال ريحان وروح ورحمة ... تسح كودق المعصرات المواطر على جدث قد حله قمر العلى ... مدى الدهر في آصاله والبواكر ولا زال رضوان الإله يمده ... بعفو وإحسان ومحو البوادر لئن كان ذا علم وشأو حماسة ... تسامى بها نحو النجوم الزواهر لقد كان ذا تقوى وآداب ماجد ... وفي طاعة الرحمن سامي المآثر وحاذر من الأخلاق كل كريمة ... وكان فريداً في الزمان لسابر وعاش حميداً مستفيداً من العلى ... مآثر أخلاق الكرام الأكابر ومات شهيداً مستزيداً من التقى ... وصار إلى رب كريم وغافر وأنا لنرجو أن يكون محبر ... مع الشهداء الصالحين الأطاهر يروح ويغدو في الجنان منعماً ... ويسلو بحور في القصور القواصر فلا تجزعن إذ كان ليس بأول ... من الناس في هذا وليس بأخر فمن قبله مات النبي محمد ... وهل نحن إلا بعدهم للمقابر تصبر وثق بالله لا رب غيره ... فربي بصير بالطغاة الغوادر وما هذه الدنيا بدار إقامة ... ولكن إلى الأخرى إنتقال المسافر وما هي إلا معبر لمقرنا ... بدار الجزا دار البقاء لعابر فكن صابراً بالله وارج ثوابه ... فليس عظيم الأجر إلا لصابر

وفي سنة 1326 ست وعشرين بعد الثلاثمئة والألف: قسم الله إن المرحوم عبد الله بن محمد بن خاطر يخرج للقنص مع صاحب له وبعض خدامه، وإتفق أن يعرض لهم ركب من آل جابر، وأغاروا على عبد الله وأصحابه، ورماهم عبد الله وأصاب منهم رجلاً، ورموا عليه عدد بنادق وقتلوه، فلما وصل خبر مقتله البلاد حزن الناس عليه حزناً شديداً لما يعهدون فيه من حسن السيرة وجميل الأخلاق، وكرم الذات، ورثي بالمراسي الفائقة. وممن رثاه الشيخ محمد بن حسن المرزوقي رحمه الله بمرثية طويلة أجاد فيها، واستقصى جميع مآثره، ولم أظفر بها، ثم أنه أرسلها إلى الشيخ سليمان بن سحمان وطلب منه أن يساعده بمرثية أخرى فأجابه بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم من سليمان بن سحمان إلى جناب الأخ المكرم محمد بن حسن المرزوقي سلمه الله تعالى وأسبغ عليه نعمه ووالى، أمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأزكى واشرف تحياته وبعد. فقد وصلت إلينا المرثية في الأخ عبد الله بن خاطر، وطلبت مني الجوا ب وأنت لم تترك مقالاً لقائل، قد استوفيت المقصود ورثيت المفقود، ولكن لم يسعني إلا مجاوبتك بهذا النزر اليسير، ليكون لك تسلية في هذا الخطب الخطير. يا راكباً من رياض المجد مرتحلا ... عجلان منتجعاً ذا العفة السامي لذي الفضائل من دين ومكرمة ... محامياً لحمى الأخوان عن ذام لله لا لهوى يدعوه أو طمع ... أكرم به من محب صادق حام ولم يزل بازلاً للجد مجتهدا ... في قمع كل لئيم خانع رام وقد دهاه مصاب من أخي ثقة ... وقد رثاه فأعلى مجده السامي لفقده لأمور كان يأملها ... دينا ودنيا وتبجيلاً بأكرام للوافدين من الأخوان أجمعهم ... وللمحاويج من كل وأرحام وكان مما دهانا من مصيبته ... مما نؤمل من جود وأنعام فوات عزم على موعوده وعلى ... طبع الصواعق ردي بهت أقوام فهل ترى يا أخي من بعده أحداً ... يروم ما رامه في الخير أو حام إني لأرجو إلاهي أن يعوضنا ... من إلاه الغر ذا عزم وإقدام وفي بني الشيخ أعني قاسماً درر=غير ميامين من سادات حكام هم أهل مجد ونور يستضاء به ... في الدين بل هم لعمري أهل عام أنصار دين الهدى في كل معضلة ... كهف العفاة وأرحام وأيتام وقد أتاني نظام منك تطلبني ... فيه الجواب ولم آلو بإكرام لكن ما الخل قد أبدا محاسنه ... وقد رثاه فلم يترك لنظام من الرثاء مقالأ في مدائحه ... أم من المآثر إحسان وإنعام لكن إجيبك إكراماً وتسليةً ... فيما أصابك من غم وإثقال فهاك نظام فريد في محاسنه ... نزراً يسيراً يسلي بعض أيامي يا عين جودي بدمع هامع هامي ... على الأغر الآبي الفاضل السامي لا تسأمي أن تفضي الدمع عن كثب ... على الدوام بدمع منك سجامي على الوفي الصفي اللوذعيومن ... بادين يسمو عن الأدناس والذام أخي المكارم عبد الله ما انحسرت ... في المسلمين له آثار إنعام أبكيه لما أتانا نعيه حزنا ... يا لهف نفسي على ذي العفة الحامي مجاهداً جاهداً فما يقربه ... من الإله بإخلاص وإعظام وبذل جهد وإحسان ومكرمة ... قد كان ذاك منذ أعوام يغار لله أن تؤتى محارمه ... لم يخشى في ذاك من لو مات لوام يحب في الله أهل الدين مرتجياً ... فضلاً من الله من جود وإكرام وان عرا الدين ثلم قام منتصراً ... في قمع كل مجد فيه أو رامى حوى المكارم عن جدٍ أخي ثقة ... وعن مآثر أخوال وأعمام ما كان في قطر من فضل منقضا ... إلا وقاسم فيها القادم والسامي حامى على الدين حتى اعتز جانبه ... لله درك من حام لإسلام يا لهف نفسي ويا حزني ويا أسفي ... على الذكي الرضي المنهل الطامي مضى شهيداً وحيداً في مكارمه ... لله درك من حام وضرغام لما أتاه الأعادي قاصدين له ... لم يثنه الخصم عن ورد وإقدام ولا استكان لدى الأوباش من رهق ... منهم هنالك من ذل وإحجام لكن رماهم فأوى من رماه فقد ... لاقى المنون ولاقى ضرب مقدام

فليبكه كل ذي دين ومرمة ... على الدوام بدمع هامع هام إذ كان ذا طاعة لله مجتهداً ... براً وصولاً لأيتام وأرحام زكان ذاعفة عن كل معضلة ... وكل فاحشة تدعو لآثام مصاحباً لذوي التقوى ويألفهم ... مجانباً لذوي الآثام والذام فقل لقااتله بغياً وعن أشر ... لا زلت ما عشت في ذل وأسقام لا زلت إن مت في مسجور لاظية ... من السعير وفي يحمومها الحامي وحيث ذكرت مرثية الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله، في المرحوم الشيخ عبد الله ن محمد آل خاطر وأحببت أن أذكر طرفاً من سيرته وحسن سمته ومروءته، وهو عبد الله بن محمد بن حسن بن خاطر العيوني من القبيلة المعروفة بآل أبي عينين، وكان الشيخ المرحوم قاسم الثاتي رحمه الله جده لأمه، ومات أبوه صغيراً وربي في كنف جده الشيخ قاسم وخاله الشيخ عبد الله بن الشيخ قاسم وناله ببركة تربيتهما صلاح وحسن أدب وعفة وسمو للمكارم، واجتناب للرذائل، ولما توسما فيه مخائل النجابة جل في أعينها، وأمداه من المال بما جمله وأغناه، وكان يتجر في اللؤلؤ، ورزق في تجارته قبولاً وبركة وحسن توفيق. وكان رحمه الله من خيار بني جنسه في جميع أحواله، ذا دين متين ومحبة لأهل العلم والصلاح، وكان كثير المطالعة ف كتب العلم والتواريخ والأدب، وكان ذا شفقة على أقاربه وذويه وأصحابه ومن يداينه، يبذل لهم من الإحسان ما يقدر عليه بتواضع وتودد ونفس مطمئنة، لا يمله جليسه ولا ينفر منه أنيسه، فرزق لذلك محبة من الخاص والعام، ونظر بعين الإجلال والاحترام، وكان كثير التلاوة للقرآن وكان مواظباً على الأوراد في الصباح والماء، لا يخل بها. وأما الكرم والسماحة، وحسن الخلق وحسن المحاضرة، لمن جالسه فقد أخذ من ذاك بحظ وافر، وكان ذا عقيدة سلفية محباً لأهل هذه العقيدة، قالياً لمن سواهم، وكان مواظباً على الصلاة في أول وقتها، ومتفقداً جيرانه وخدامه مؤدبا لمن تخلف عنها بلا عذر، ولم يزل يزداد من الحصال الحميدة إلى أن اخترمته المنية، أحله الله أعلى منازل الأبرار آمين. وكان بيني وينه مودة أكيدة دينية وصحبة أدبية لا أكاد آنس إلا بمجالسته، ولا أطمئن إلا بحاضرته، وكنت في ذلك الوقت مشتغلاً بطلب المعيشة، وأتأخر عن زيارته في بعض الأيام، فإذا زرته نسيت ما نابني من أمر معيشتي كما قيل: خليل أظل إذا زرته ... كأني أنشأ خلقاً جديدا أراني وان كثر المؤنسون ... ما غبت عنه فريداً وحيدا بلوت سجاياه في النائبات ... فلم أبل منهن إلا حميدا فلله دره من صاحب لا يمله صاحبه، ولا تسري إليه عقاربه، عار من الكبر، قبول للعذر، لا يحتويه خليل، ولا يمله نزيل كما قيل: فكنت به أجلو همومي وأجتلي ... زماني طلق الوجه ملتمع الضيا أرى قربه قربي ومغناه غنية ... ورؤيته ريَّا ومحجياه لي حيا إلى أن قضى الله عليه ما قضاه، أحله الله أعلى منازل أحبابه وأوليائه آمين: فما راقني من لاقني بعد موته ... ولا شاقني من ساقني لوصاله ولا لاح لي مذ ند ندٌ لفضله ... ولا ذي خلال حاز مثل خلاله وكان إذا انتقل في أيام الشتاء إلى البرية يتعاهدني بالمكاتبة، فوافق أنه غفل عن ذلك مدة لم تكن عادته، فأهمني ذلك وكتبت إليه: خد من زمانك ما صفا ... واقتنع هديت بما كفى واعلم بأنك لن تجد ... خلاً يدوم على الصفا كلا ولن تر صاحبا ... فيا أهمك مسعفا وإذا أخا ثقة رأي ... ت الود منه تكلفا فتسل عنه ولا تكن ... متحزناً متأسفا وإذا المحب رأيته ... متوددا متلطفا فاشدد به عقد الوداد ... وكن له مستعطفا كأخي الفضائل والتقى ... بيت المروءة والوفا أعني ابن خاطر من بني ... للمجد بيتاً مشرفا وسما على الأقران لا ... سما ولا متكلفا ألف المكارم مذ نشا ... وأشاد منها ما عفى لكنه قد سامني ... هجراً بصبري أجحفا يا أيها الخل الذي ... ما زال قط ولا هفا ما ذنب مملوك لكم ... أسقيته كأس الجفا إن كان عن ذنب فإني ... قد عهدتك منصفا تالله حلفة صادق ... في الجهر مني والخفا

مالذ لي من بعدكم ... نوم وعيشي ما صفا والقلب بعد فراقكم ... أضحى جوى متلهفا فإلى متى هذا الصدود ... إلى متىهذا الجفا ما كان ضرك لو كتب ... ت إلى محبك أحرفا وكتب إليه في صدر كتاب: سلام من المملوك ما لاح بارق ... وما هل ودق الهاميات المواطر وما أخضر عود أو ترنم طائر ... وفاح شذى تلك الرياض العواطر يخص به إن جفاني كل خل وصاحب ... ومن لم يزل يرعاه قلبي وخاطري لقد جمع الله المروءة والوفا ... لما جد أعراق زكي العناصر أخي همة تأبى لكل دينة ... تقي نقي العرض عف المآزر له في العلى بيت أشاد عماده ... تراث جدود كالبدور السوافر ولكنه قد زانه وبني له ... من المجد أركان العلى والمفاخر وكتبت إليه أيضاً في صدر الكتاب: فارقتكم وبقلبي من فراقكم ... ما ليس يوصف من هم ومن حزن أشكو غل الله ما بالقلب من ألم ... فهو المرجى لكشف الضر والمحن كيف السلو وعيني لا يلذ لها ... نوم وقلبي لا يخلو من الشجن وناولني مرة مسواكا فاستحسنته وقلت على البديهة: وهبت لي المسواك يا ابن محمد ... أثابك العرش خير جزائه ولا زلت في الدنيا بعز ورفعة ... وأسكنك الفردوس يوم لقائه ول زلت موسوما بكل فضيلة ... يقصر عن إداركها كل تائه فلما قضى الله ما قضاه، أصابني عليه من اامتعاض والحزن ما لله به عليهم، وبيت أياما لا أخالط أحدا ولا آنس بفؤاد دام ولب حائر، وقلب في جناحي طائر، من هذا الطارق المطرق والنبأ المغص المشرق، فيا له من خطب جليل، أنساني جميع الخطوب ومصاب أليم شقت له القلوب، ولكنه أمر الله الذي لا يقابل بغير الرضا والتسليم له فيما قدر وقضى، سقى الله بغيث الرحمة ثراه وأضاء بنور الشهادة مثواه. عجبت لصبري بعده وهو ميت ... وقد كنت أبكيه دما وهو غائب وقال أيضاً: فأية شمس فيه للمجد كورت ... وأي بناء للمكارم قد وهي المجد يبكي عليه جازعاً أسفاً ... والفضل يندبه والجود والكرم وكثيراً ما كنت أنشد قول الشاعر: وأخ وفيّس لا أطيق فراقه ... حكم الإله بأن أراه مفارقي وأخ الأسى إذ بان وابيضت أسى ... لنواه سود نواظري ومفارقي ولم أزل أنشد قول بعضهم: من لي بإنسان إذا أغضبته ... وجهلت كان الحلم رد جوابه وإذا طربت إلى المدام شربت من ... أخلاقه وسكرت من آدابه وتراه يصغي للحديث بطرفه ... وبسمعه ولعله أدرى به سمع الخليقة لا يمل جليسه ... متضوعا كالمسك طيب جنابه أقول ولا أتردد أنه ليس بدون من أتصف بهذه الأوصاف، يهد لي بذلك من عرفه ومارسه، ثم إن الله سبحانه وتعالى ألهمني الصبر والاختساب، وأكثرت من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف علي خيرا منها، فخلف اللع علي بأصحاب آنسوني وواسوني، فجزاهم الله عني، أحسن الجزاء، ثم إني تطفلت على نظم مرثية فيه أحله الله منازل الأبرار وهي هذه: أعيني جودا بالدموع السواكب ... فإن بكاء الإلف أعظم واجب ولا تبخلا بالدمع لو كان من دم ... على طاهر الأخلاق عف المذاهب فلست يباك بعده فقد هالك ... ولا جزع من حادثات النوائب إلى الله أشكوا ما دهى من مصيبة ... ونازلة من موجعات المصائ مصيبة خل أورث القلب فقده ... لهيب جوى بين الحشى والترائب مصيبة ذي الإحسان والفضل والتقى ... حليف الندى والمجد سامي المناقب تقي نقي عابد متبتل ... تبارك من أولاه خير المواهب محب لأهل حرب لضدهم ... مهين لأرباب الخنا والمعائب فلله مقتول مضى لسبيله ... انعم الفتى عند الخطوب الكوارب أبو الفضل عبد الله أعني ابن خاطر ... أخي إن جفاني كل خل وصاحب اخو الصدق مأمون السريرة من سمت ... مكارمه أوج النجوم الثواقب بلوت بني الأيام طراً فلم أجد ... صديقاً سواه مسعدا في النوائب فأصفيته مني الوداد فلم يشب ... صفاء ودادي بالقذى والشوائب

فأصبحت موتوراً أعزى لفقده ... أعلل نفسي بالأماني الكواذب لئن ذهبت أيامه الغر وأنقضت ... فما الحزن من قلبي عليه بذاهب بنفسي أخاً لم يصف لي العيش بعده ... ولا ساغ لي يوماً لذيذ المشارب خليلي ما ذاك الهمام بعائد ... علينا ولا ذاك الغمام بساكب فما أوحش الدنيا علي وأهلها ... غداة ثوى في الترب بدر الغياهب فلله أياما تقضت بقربه ... فعادت كأحلام الرقاد والكواذب إذا خطرت يوماً على القلب خطرة ... بتذكار هاتيك الليالي الذواهب تكدرت الدنيا علي وأوحشت ... مسالكها عندي وضاقت مذاهبي فلا غرو أني قد فجعت بسيد ... كريم على السمت الجميل مواظب بعيد المدى بدر الدجى معدن الوفا ... كسوب الثنا والحمد عف المكاسب حسيب كريم الذات والأصل ماجد ... جواد إذا انسدت وجوه المطالب له في أثيل المجد بيت مشيد ... ومن رتب الإحسان أعلى المراتب له خلق سهل ونفس أبية ... وكف تضاهى غاديات السحائب له مجلس ينتابه كل طارق ... مناخ لا ضياف الشتاء السواغب همام تحلى بالديانة والتقى ... ورفض الدنايا وابتذل الرغائب عزيز جوار أريحي مهذب ... يعد إصطناع العرف أسبى المكاسر وكم من سجايا لأبن خاطر لم يكد ... يحيط بها عداً يراع لكاتب فإن يك عبد الله أقفر ربعه ... فأصبح ميدان الصبا والجنائب وأقصده سهم من الموت صائب ... قضاء مليك لايغالب غالب فما مات حتى فاق مجداًوسؤوداً ... وشيد بنيان العلى والمناقب وأعظم فينا فقده ومصابه ... فكل فتى يوماًلاحدى النوائب وأبقى من الذكر الجميل مآثرا ... مناراً لطلاب العلى والمراتب حيا ما حيا ذا رفعة وجلالة ... واودى جميل الذكر عالي المناصب عليه ربى الرحمن ما ذر شارق ... وما لاح برق في خلال السحائب ولا زال مصحوباً بعفو ورحمة ... ومغفرةً من فضل جزل المواهب وأني لأرجو الله جبر مصيبتي ... وتفريج هم صار ضرب لازب واختم نظمي بالصلاة مسلماً ... على سيد السادات بدر الغياهب محمد الهادي الشفيع وآله ... وأصحابه الغر الكرام الأطايب وقد رثاه أيضاً الشيخ أحمد بن محمد ماجد الأحسائي رحمه الله بهذه القصيدة: جرى الدمع حتى بل حجري هاطله ... وأشرقني بالريق مذ سال سائله وضعضع طود المجد بل ثل عرشه ... وعاشرنا من غائل البين عاجله وصارعنا صرف الردي برصوفه ... وحلت بنا منذ ناخ فينا كلا كله وحاق بنا جور الزمان حكمه ... فجل بنا من فادح الخطب نازله وأعظم فينا الرزء لما تخيرت ... يداه كريما وهو في المجد كامله سخياً وفياً واسع الجود ماجداً ... جزيل عطاء يسبق الوعد نائله سماهمة فوق السهاء ورفعة ... فهيهات أنى تنال منازله تقدم بالتقوى بالدين والنهى ... فأخر عنه من أرداد يشاكله عفيف إزار لم يطأ قط ريبةٍ ... نعم قد أتى من عف عفت حلائله فتى همه كسب الثناء وذخره ... صنائع جود أبرزتها فضائل رأى المال تفنى والمكارم تقتنى ... فجاد بما تحويه منه أنامله له كف ضرغام بها البأس والندى ... تحاكى لصوب المزن إن صح أوابله إذ أخلف الوسمي أو الوت السما ... أغاث الورى من صيب الجود وابله وان كلح الوقت العبوس بوجهه ... فطوبى لوفد قد حوتهم مناهله ترى الوفد حول الحي يأويه شرعاً ... كما أحدقت بالمى عاطشاً نواهله لقد عطلت بئر الوفود لفقده ... وهدم من قصر السخاء معاقله فقولوا لوفد يمموا الجود والندى ... رويداً فعبد الله ناخت كلاكله وحط بلحد غيبته حنادس ... وواراه منه تربه وجنادله حثوا فوقه من ذلك الترب والحصى ... وخلي به فرداً لوحش ينازله وعطل منهم سرحاً أجرد سابح ... وقصر زهت لما حوته منازله وربع به للوفد حط رحالهم ... إذا خفيف من ربيب الزمان غوائله وحي به إن خيم البيت ضاربا ... لاطنابه حلت إليه أرامله

وتقصده الركبان من كل وجهة ... من الخضر والأعراب تزجى رواحله فالقوا رحال الإرتجال وأيقنوا ... بأن الندى والجود حقت مناهله أمن بعد عبد الله تقصد ذا ندى ... فتظفر منه بالذي أنت آمله فواحسرتا ماذا فقدت بفقده ... فرزؤك عبد الله للمرء قاتله فقدنا به نور الحياة وطيبها ... وأسداء جود من نداه يواصله فهل يشف شق الجيب أم شق مهجتي ... فطود العزا والصبر هدت معاقله لواعج أحزاني ونار تلهفي ... يؤجهها في القلب ما عشت شاعله على أروع وافي الزمام محبب ... منيع جوار لم يخب قط سائله نعمنا به وقتاً بظل جنابه ... بناد به من كل حي أفاضله منزهة من كل شين رباعه ... صفت لورد الواردين مناهله عليه غزير الدمع وقفا أهله ... وقد حق أن يجري من الدمع باخله لقد قل أن نبكه بالدمع والدمى ... ويجري عليه من دم القلب سائله عليه من الرحمن واسع رحمة ... وصب عليه مغدق العفو هاطله وأتحفه بالروح منه وبالرضى ... وبالجود وبالإحسان غاداه شامله وعوضه جنات عدن منعما ... بحور وولدان وفوز ينازله وأعظم إلهي أجر اخوانه الألى ... لهم طول مجد طال في الفضل طائله ووازرهم بالعز والنصر عاجلا ... وجدد لهم عون هداك يواصله وصل إلاهي ما تنسمت الصبا ... وما غرد القمري وناحت بلابله على المصطفى الهادي الشفيع وآله ... وأصحابه ما انهل ملودق وابله منظومة غراء ألقاها الشاعر الأديب عبد الكريم بن جهيمان، عند قدوم الملك المعظم الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل السعود في ذي الحجة سنة 1359 هـ اعزه الله تعالى مكة المكرمة زادها الله تشريفا. قدم المليك تحفه النعماء ... واستبشرت بقدومهالبطحاء وتهللت تلك المشاعر والربى ... وازينت لمجيئه الأرجاء وأرى الحياة تدب في أجسامنا ... بقدومكم وتحوطنا السراء أهلا بمولاي المليك ومرحبا ... طاب السرور وتمت النعماء نتطلع الأخبار عنك إذا بدا ... نور الصباح أو انتهى الإمساء حتى سعدنا بالقاء وإنه ... يوم سعيد بالسنى وضاء فيكم تمثلت العروبة كلها ... وتجمعت في حبك الأهواء وتفنن الأقوام في تمجيدهم ... وشدا ودد مدحكم الشعراء كل يردد ما يجول بفكره ... في مدحكم وتسوقه الآلاء والمسلمون على اختلاف شعوبهم ... لك في قلوبهم رضاً وثناء أي امرىء إلا ويعجبه هنا ... عدل وأمن واسع ورخاء حتى العدى لهجوا بذلك في الورى ... والحق ما شهدت به الأعداء وصحائف التاريخ ملأى بالذي ... لا يستطيع لحصرها الإحصاء العطف فيكم والحنان تمثلا ... والفائزون غدا هم الرحماء كم من يد لك في الورى مشكورة ... هي في سجل المكرمات سماء دبت إلى الفقراء في أكواخهم ... فغدا يرددها لك الفقراء كم من يتيم جبرت مصابه ... وكشفت عنه ما به يستاء وأرامل يشكرون فضلك في الدجى ... ويحثهن مكارم بيضاء كم دعوة لك من فؤاد صادق ... هو بالقبول تلفها الظلماء صعدت إلى رب السماوات العلى ... فغدا ًيكون لكم بهن جزاء دم يا مليك العرب موفور الحمى ... ما جاء ليل واقتفاه ضياء دم للعروبة كي تقيم حقوقها ... وتحوط مجداً شاده الآباء دم للمكارم يأتي فيه المجتدي ... إن جاء قحط واستمر غلاء دم للأمور المشكلات تحلها ... بمهارة تعنو لها العظماء العرب لا ترضى سواك مليكها ... أبداً ولو غضب الورى جمعاء الملك فيك وفي بنيك مخلد ... والعرب كلهم لكم نصراء عرش الرياسة أنتم أولى به ... وبكل قطر منكم أمراء فسعود في بلد الرياض مفخم ... يلتف حول مقامه الكبراء وهنا بمكة في الحكومة فيصل ... شهم له في المعضلات مضاء والله حافظكم مدى أيامكم ... من كل باغ دأبه الشحناء مولاي هذى نفثه من مخلص ... لكم لديه محبة وثناء فيه التفاني للمليك وشعبه ... ما خالطاه تصنع ورياء

فاقبل يفضلك ما يقول فإنه ... يحدوه فيما قد تراه وفاء أبقاك ربي للعروبة ناصراً ... ما شع بدر واقتفته ذكاء ولمحمد بن حسن الأنصاري يمدح سعادة الشيخ الأجل عبد الله بن المرحوم الشيخ قاسم الثاني: وقال معزياً للشيخ قاسم أيضاً بعد قتل ابنه المرحوم علي بن قاسم المقتول شهيداً في 17 رمضان سنة 1305 غفر الله له: ألم تر أن الصبر أجمل بالفتى ... وأحمد في الأخرى لأهل البصائر وبالصبر نال الأجر كل موحد ... وفاز ببر الله أقدر قادر فصبراً على ما قدر الله ربنا ... تنل كل خير من رحيم وغافر فإن يك قد أودى على مصابه ... فبالأجل المحتوم فاصبر وصابر فلا زال ريحان وروح ورحمة ... تسح كودق المعصرات المواطر على جدث قد حله قمر العلى ... مدى الدهر في آصاله والبواكر ولا زال رضولدان الإله يمده ... بعفو وإحسان ومحو البوادر لئن كان ذا علم وشأو حماسة ... تسامى بها نحو النجوم الزواهر لقد كان ذا تقوى وآداب ماجد ... وفي طاعة الرحمن سامي المآثر وحاز من الأخلق كل كريمة ... وكان فريداً في الزمان لسابر وعاش حميداً مستفيداً من العلى ... مآثر أخلاق الكرام الأكابر تدوم بالعز والإقبال والظفر ... في نعمة الله تبقى مدة العمر لا زلت ترقى وقدري عندكم أبداً ... ترقى إلى غارب السعدان والقمر وبرج سعد صعدتم في العلى درجا ... من صولة قد سمت بالأنجم الزهر بهمة ضاهت العيوق غايتها ... عنها يقصر أهل المجد عن قصر زاد اشتياقي لما أن سمعت بكم ... والسمع أسبق أحياناً من النظر كم بت في سهري قلبي أعلله ... "لعل بالجزع أعواناً على السهر" ولم أزل في هموم قد برت جسدي ... والدمع ينهل من عيني كالمطر لما أهاج لظى التذكار قلت له ... "يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر" وقلت يا قلب لا تجزع فذا فرج ... أتى به الله وافانا على قدر فافتر مبتسماً وقال مبتهجاً ... أهلاً وسهلا بكم يا غاية الوطر فالورق تصدح والأغصان راقصة ... والغانيات ذوات الغنج والخفر من كل فاتنة الألحاظ فاترة الأ ... جفان ساحرة الولهان بالحود بطرة زانها ليل على قلق ... كطلعة الشمس تغنينا عن القمر مظلومة الريق في تشبيهها ضرباً ... مهضومة القد في التشبيه بالسمر نحيفة الخصر هيفاء القوام غدت ... تختال في حلل حمر وفي حبر حوراء غيداء قد رقت شمائلها ... ولا شبيه لها في البدو والحضر تهتز أردافها بالتيه من طرب ... والبدر ينقط بالإبريز والدرر وأفصحت بلسان الحال قائلة ... وفي ابن قاسم عبد الله بالظفر أعني ابن ثاني من سارت بسيرته الرُ ... كبان تمدحه في البدو والحضر مولي الجزيل مربي للجميل له ... جمال وجه غدا يعلو سنا القمر هو الهمام الأريب الأريحي ومن ... حاز المكارم عن آبائه الغرر ذو فطنة ووقار لا يوازنه ... إلا أبوه طويل الباع خير سري نقادة في تصاريف الأمور له ... رأي يخلص بين الدر والمدر بحزم ذي وثبات والثبات له ... خلق بعزم غدا كالصارم الذكر هذي نتائج افكاري بعثت بها ... ولست إلا كمهدي التمر في هجر لا مال عندي أهديه لحضرتكم ... إلا قلائد سمط النظم كالدرر تبقى على صفحات الدهر خالدة ... لكم تبث الثنا من نشرها العطر فاقبل فرائدها واقبل خرائدها ... أتت إليك تجوب الأرض في قطر لا ترتجي صلة إلا القبول لها ... والفوز فيها بحسن الفكر والنظر في ليلة قالها نجل الحسين لكم ... أبو خليل يروم الفوز بالوطر واسلم ودم في نعيم لا نفاد له ... يا تابعاً ما أتى عن سيد البشر عليه مني صلاة لا انتهاء لها ... والآل والصحب في الآصال والبكر ما سمح مزن وما غنت مطوقة ... على الأراك مدى الأعوام والعصر

شعر علي بن سليمان

وقال السيد أمين بن مكين اليماني: مادحاً جلالة الشيخ عبد الله بن المرحوم الشيخ قاسم. قال: إلى زبرقان هالة سماء الفاضل، والمنهل العذب الزلال، دوحة المجد واللطافة، وكهف المستجير مما يخافه، غوث الملهوف ومعدن الفضل والمعروف، الماجد الشهم الشيخ المحترم عبد الله بن المرحوم الشيخ قاسم بن محمد الثاني دام مجده وعلا عزه وسعده. وبعد. فالذي ننهيه إلى جنابكم بأنا وصلنا إليكم من شقة بعيدة، مفارقين أهلنا وأوطاننا من مدة مديدة، حتى أوصلتنا الأقدار إلى هذه الدار، وقصدناك لما يبلغنا عنك بأنك تعظم أهل بيت النبوة، ونحن من سادات اليمن، وقد أصابنا في هذه السنين قحط وديون مجحفة، ولم يسعنا إلا الخروج لطلب الإعانة ممن هو مثلكم، وها نحن منتظرون حلول الأريبة، لا لت محروساً آمين. دمعي من البين لا ينفك ساجمهُ ... وقادح الشوق في الأحشاء ضارمهُ فمن لمن قذفت أيدي البعاد به ... وخانه الصبر وانحلت عزائمه إن رام كتم الهوى شنت مدامعه ... فأظهرت لجوىً في القلب كاتمه يبيت من ذكر من حل الحمى كلفاً ... ينوح شوقاً كما ناحت حمائمه يرجو التلاقي بهم والدهر يبعده ... ولم يقل قد قضى بالجور حاكمه أعني بذلك عبد الله من فضحت ... سحائب القطر بالجدوى براجمه ومن هو الأسد الضاري إذا شرعت ... يوم الوغى البيض واستلت صوارمه إلى المعاضيد ينمي وهو خير فتى ... من لم يكن في العلى شخص يزاحمه بحر المكارم إنسان الزمان فما ... ذاك الزمان ومن في الجود حاتمه فقد زهى قطر مذ شاخ في نعم ... عن غيره وبه طابت معالمه ينبيك عن مجده في الناس سيرته ... وعن مناقبه تنبي تراجمه عج بالرياض وسل عن ذات شيمته ... تجد خلائقه كالزهر باسمه لو اشتكى أحد جور الزمان لما ... راعته في عمره يوماً مظالمه أو جاءه زائر يوماً فليس يرى ... له نديماً سوى مجد ينادمه يا ماجداً في الورى قد طاب محتده ... إليك نظماً قصير الباع ناظمه فاقبله وافضل على منشيه محتسباً ... فقد شكى من صروف الدهر راقمه واسلم ودم في سماء المجد مرتقياً ... أوج المكارم صافي العيش دائمه ثم الصلاة على خير الورى حسباً ... ما لاح برق وما هلت غمائمه وآله الطهر والأصحاب ما رقصت ... أغصان بان وما غنت حمائمه شعر علي بن سليمان هو الشيخ العلامة ذو العقل الراجح والشهامة، علي بن سليمان آل يوسف التميمي، ثم الوهيبي نسباً، والحنبلي مذهباً، والسلفي معتقداً، والبصري مسكناً، طلب العلم في بغداد على مشايخ كثر، منهم آل الألوسي ومنهم الشيخ نعمان الألوسي، والشيخ شكري الألوسي، ومشايخ لم أحفظ أسمائهم، وأدرك في كثير من الفنون إدراكاً تاماً، وقد رأيته واجتمعت به واستنفدت منه في مدة اقامته عندنا ببلدنا قطر، وهو إذ ذاك في صحبة الشيخ يوسف آل إبراهيم في أيام قدومه على الشيخ المرحوم قاسم الثاني رحمه الله سنة 1315،فرأيت رجلاً لا يجارى فيما تكلم فيه من أي فن، خصوصاً في الأصول وعلم العقائد والتحقيق لعقيدة السلف، والدعوة إليها والرد على من خالفها، وأما الشعر والأدب، فحدث عنه ولا حرج، إن نثر شنف بنثره الآذان، وإن نظم أزرى بعقود الجمان، له الأشعار الفائقة، والمعاني الرائقة، أنقل إن شاء الله منها في هذا المجموع نموذجاً يدلك على سمو مقامه وجودة نظامه. فمن ذلك ما كتبه تقريظاً على النسخة التي جمعها وهو إذ ذاك ببلدنا فإنه جمع سبع قصائد في عقيدة السلف أولها القحطانية النونية ذكرها في هذه الأبيات وهي: أشمس سعود أشرقت من سما المجد ... أم المسك أمسى فائحاً من صبا نجد؟ أم الروضة الغناء باكرها الحيا ... فأحيا بها روض البنفسج والورد أم البرق من أفق الخليصاء لائحٌ ... أم المزن حنت فازدهى حادي الرعد أم البدر للسارين ليل تمامه ... تجلى فشاموا طالع الأنس والسعد أم الغادة الحسناء أسفر وجهها ... فزدت بها يا صاح وجداً على وجدي ولكنها مجموعة قد تجمعت ... بها نسخ تحكي الزواهر في العد حوت حكما واستحكمت بأدلة ... تدل على نيل السعادة والقصد

عقيدة أهل الحق من كل جهبذ ... هم القدوة المثلى لمن كان مستهدي تقدم هذي السبع منها قصيدة ... لحبر بني قحطان والعلم الفرد ويتلو سناها في الثنا واسطية ... وهاهي في التحقيق واسطة العقد وميمية ابن القيم الجهبذ الذي ... به الله أحيا دارس العلم والزهد ولامية السامي الذرى ابن مشرف ... وميمية فاقت على عبهر الند وبائية الشهم الغيور أخي العلى ... أمام بني صنعا وتاج ذوي المجد وتائية كالدر أندلسية ... تحت على كسب الفضائل بالجد فسمعاً لما فيهن فاعتصموا به ... لتحظوا بدار الخلد في العيشة الرغد وعضوا عليها بالنواجذ واسمعوا ... نصائح منها لا تنهنه بالعد على منهج الأصحاب والسلف الألى ... أقاموا عماد الدين بالصارم الهندي وقد أصبحت ترمي نجوم سمائها ... بشهب شواظ ويك مسعرة الوقد على تابعي علم الكلام وأهله ... لقد أصبحوا عن منهج الحق في بعد وقد سفهت أحلامهم حين مانحوا ... مسالك جهم واقتفوا مذهب الجعد وقد عطلوا رب الورى عن صفاته ... لرأي شيوخ خالفت سبل القصد وقالوا بأن الله ليس بمستو ... على عرشه بل قابلوا ذاك بالرد وقد أنكروا معراج أحمد حيثما ... حباه إله العرش بالقرب والود فدع قولهم يا من يروم سلامة ... فإنا نرى أقوالهم جرباً يعدي فما الهدي إلا هدي أحمد لا كما ... يقول أولو التعطيل والمذهب المردي فكن تابعاً ما قاله سيد الورى ... وقال به الصحب الكرام أولو الرشد وتابعهم ثم الأئمة بعدهم ... كمالك والنعمان ذي العلم والزهد كذا الشافعي الحبر ثم ابن حنبل' ... إمام مردي ذوي الزيغ والجحد وكل إمام بعدهم ومحقق ... فهم قدوتي حتى أوسد في لحدي فكن تابعاً ما قرروا في اعتقادهم ... وكن حذراً من منهج الخاسر الجعد وقال مؤرخاً عام طبعه، وانتشر نفعه: زهت روضة الإيمان وابتهج التقى ... وشيد عماد الدين من بعد وضعه ولاحت شموس العلم في أفق الهدى ... وحلت بدور الفضل في سوح ربعه وقرت عيون الحق بعد عمائها ... وبان من التوحيد أعلام رفعه بطبع كتاب قد حوى كل محكم ... من القول من هدي النبي وشرعه لقد ربحت فيه تجارة مقتف ... وخاب امرؤ قد فاته نيل نفعه به فافتخر يا من يؤرخ مجده ... فقد سطعت في الكون أنوار طبعه قال مادحاً الشيخ القادم إلى رحمة الله وغفرانه المرحوم قاسم بن محمد الثاني عليه الرحمة والرضوان: شجاني بسفح البان سجع الحمائم ... فحل عزالي مقلتي بالسواجم وأرقني منها ترنم نوحها ... وما ليل مأسور الفؤاد بنائم وأجج في كانون قلبي ناره ... فزاد غراماً بالأسى المتفاقم وما ذاك من وجد بسلمي وزينب ... فما أعقل من يهوى الحسان بسالم فلا الوصل من سلمى بأسنى مآثري ... ولا زينب في القرب خير مغانمي ولا شاقني ذكرى حبيب ومنزل ... ولا خفقت قلبي بروق المباسم ولكنه يا سعد شوقاً لماجد ... يزيل عن العاني ثقال المغارم فقد طفت في شرق البلاد وغربها ... وسيرت رحلي بين تلك المعالم فلم أر من يرجى لكشفت ملمة ... ولم أر من يهوى اكتساب المكارم فناد دع التسيار عنك فلن تجد ... لعمرك مطلوباً سوى الشيخ قاسم همام لنصر الحق أضحى مجرداً ... ولا يختشى في الله لومة لائم وندب له كسب الفخار سجية ... وميراث آباء أباة أكارم وطود منيع لا يرام وجاره ... عزير وما اللاجي إليه بنادم تضلع من علم وفهم وعفة ... وأمسى لديه الجود أسنى المغانم فدته أناس لا تهش لمدحه ... ولا ترتجى يوماً لكشف المظالم فمن حل في أرجائه حل آمناً ... وراح بعز من معاليه دائم له صدمات أرجفت قلب ضده ... وما ليل من عادى علاه بنائم مواقف صدق طم فيها على العدى ... ببحر حديد بالقنا متلاطم فسل قطراً عن فعله أو سل الحسا ... وماذا حسا أعداؤه من علاقم

وسل عنه جند الروم ماذا أصابهم ... وما بالهم أضحوا طعام القشاعم وسل عنه خنوراً من حل سوحها ... وماذا دهاهم من سيول صوارم وإن بني ثاني على البعد والنوى ... لبيت فخار ويك سامي الدعائم أياديهم مشكورة لذوي العلى ... وأيامهم مشهورة في المواسم أبا فهد يا فخر من سكن الفلا ... ويا عز أصحاب القرى والأعاجم لكم عندنا أيد جزيل نوالها ... وإن علينا الشكر ضربة لازم وما عندنا شيء يكافئ حقها ... سوى در نثر أو لآلئ ناظم فلا زلت يا شمس السماحة والعلى ... بعز على مر الجديدين دائم وكان لك الباري معيناً مساعداً ... لتنصف أهل الحق من كل ظالم وله على الله عنه يمدح السيد طالب النقيب، وهي طويلة جداً فاختصرت بعضها وهي من غرر القصائد وفائق الشعر: فؤادي إثر الظاعنين عميد ... وصبري إذا جد المسير فقيد وشوقي إلى نجد وأطلال رامة ... سقتها الغوادي يا هذيم شديد وإن غرامي باللوى وظبائه ... وسكان سلع ما عليه مزيد تريد شجوني ما أضاءت بذي الغضا ... بروق وحنت بالعقيق رعود ويسفح دمعي ما جرى الخفيف من منى ... فبحر دموعي وافر ومديد ألا يا لقومي للصبابة والأسى ... فهل من مجير إنني لوحيد عدمتكم هبوا لإسعاف مغرم ... به بين أفلاذ الضلوع وقود أيهنيكم أن يحمل الضيم جانبي ... وأنتم على لين الوطاء رقود تبيت فتاة الحي تردع همتي ... وتزعم أني في اللقاء شرود اذاً لا نمتني من تميم كرامها ... ولا نجحت لي في العلاء جدود بل إنني في مأزق الحرب فارس ... تحطم من فتكي ظبى وبنود وإني في الهيجاء مسعر نارها ... وليث شراها إذ تذل أسود وما ملكت مني القياد كماتها ... ولكن سبتني بالكريهة خود وقيدني في ربقة الأسر حبها ... وللصب في أسر الغرام قيود فما عشت لا أنسى ليال تصرمت ... بربع زرود لا جدبت زرود وساعات أنس قد بلغت بها المنى ... إذ العيش غض والرقيب بعيد وقد نسجت أيدي الربيع مطارفاً ... تفتح من أكمامهن ورود فاضحك ثغر الأقحوان بأدمع ... بها أعين الغيث الملث تجود ورصع في روض الشقائق أنجماً ... ولاح على عطف الشقيق برود وإذ أشرقت نار المجوس بأكؤس ... لدنها الندامى ركع وسجود شمول إذا ما مسها المزج أبرزت ... فقاقع تحكي الدر وهو نضيد مشعشعة يعشي العيون سناؤها ... لها في العصور السالفات عهود تطوف بها ريا الخلخل ناهد ... مهفهفة غرثى الوشاح ميود بعيدة مهوى القرط لمياء ناعس ... تقد الحشا منها نواظر سود تأرج من أردانها المسك فائحاً ... وضرج منها بالدماء خدود تصول علينا والسيوف لواحظ ... وتفتك فينا والرماح قدود وتبسم عن در نضيد وحبذا ... إذا لاح منها برقع وعقود اما وبدور اشرقت وهي أوجه ... وسود ليال طلن وهي جعود وأغصان بان تنثني في غلائل ... وسمر رماح فوقهن برود لقد رقرق الدمع الهتون بمحجري ... شهيد غرام بالدمى وصدود ولم ألف من عون سوى الشهم طالب ... وحسبي بمن فيه الكرام تسود رفيع الذرى ليث الشرى عمت الورى ... مكارم منه يا هذيم وجود فتى لا يراع المستظل بظله ... وعيش الموالي في حماه رغيد وقرم إذا هز اليراع بكفه ... تسيل نفوس أو تسير جنود وندب إذا ما أعطل الأمر حله ... بعزم به شم الجبال تميد ومنهل جود أمه الناس فانثنوا ... لهم صدر من فيضه وورود وسائس ملك في الرياسة معرق ... يدل بني السادات كيف تسود وذو رتبة قعساء أما عروقها ... فتزهو وأما ظلها فمديد وشهم دعا العليا فلبت كأنما ... عليها من العهد القديم عهود وحاز فخاراً من طريف وتالد ... وما الفخر إلا طارف وتليد فما سيفه المشهور إلا كبارق ... له فوق هام المعتدين رعود وما ربعه المعمور إلا مرابع ... إذا سار وفد حل فيه وفود

شعر بطرس النصراني

أخو همة يستصغر الدهر عندها ... وشأو إذا رام البعيد بعيد يجلي ظلام المشكلات إذا دجت ... بصائب فكر والأنام رقود فسل عن عطاياه خزائن ماله ... وعن بذله التيار حين يجود يبن من عطاياه وحسن صنيعه ... قلائد في جيد الورى وعقود له كل يوم للمفاخر نهضة ... وكسب ثناء والأنام هجود وعزم لو أن البيض تحكيه ما نبت ... لها من رؤوس الدارعين حدود إلى أن قال: وفيك أرى الفيحاء يزدان ربعها ... وبحر نداها وافر ومديد شفا النفس أن تسمو بعلياك رتبة ... وينقاد دهر أنت فيه وحيد فلا زلت يا شمس السيادة في العلى ... وشانيك في كل البلاد طريد ودمت مهنى في هناً ومسرة ... لها ما بقي هذا الزمان خلود تم الاختيار من شعر الشيخ علي بن سليمان آل يوسف رحمه الله تعالى ويليه الاختيار من شعر الشاعر المشهور بطرس النصراني. شعر بطرس النصراني قال مجاوباً السيد الشيخ عبد الجليل الحسيني عن قصيدة أرسلها له جواباً عن قصيدة أرسلها إليه أولها: سرت بالهنا سعدى إلي على بعد ... فأدنت كما شاءت جنى ثمر الورد فأجابه بطرس بهذه الدالية يقول في مطلعها: أنت تنجلي حسناً فهل نافع جدي ... إذا لم يساعدني على وصلها جدي سلاها فؤاداً ما سلاها ولم يزل ... يهيم بها وجدا على القرب والبعد غزالة حسن بالغزالة تزدري ... ومن عجب اشتاقها وهي في كبدي إذا نسمات التيه لاعبن قدها ... فيا خجل الخطي ويا خجلة الملد محجبة كم بات دون حجابها ... أخو لوعة بين الصبابة والوجد مولعة بالفتك نادت لحاظها ... قفوا وانظروا فعل الجآذر بالأسد وأبدت نبال الغنج في قوس حاجب ... وابيض فصالاً بأدعج مسود في الجفن كسرى والنجاشي خالها ... نزيل على النعمان في روضة الخد لقد غصبت مني الفؤاد وهاجرت ... أما للهوى شرع فيحكم بالرد رأتني فقالت من أرى قلت مغرم ... أراقت دماه مقلتاك على عمد ألا رب يوم والزمان مساعد ... ولم يك فيه من رقيب ولا ضد أتتني بليل من ذوائب شعرها ... تجر على آثارها فاضل البرد تميس وفي الأعطاف لين وصبوة ... وفي النشر من أردانها أرج الند ومن ورد خديها ونور جبينها ... لقد بت أروي شرح لامية الوردي رنت بلثام عن غدائر فرعها ... فحقاً رأيت الشمس في الحالك الجعد تقول وقد هزت من القد أسمراً ... حذار رماح الخط من أسمر القد ومنت وما أضنت بكأس مزاجها ... من المبسم الدري والحبب الشهد تدير الحميا من سلافة ثغرها ... لتجمع بين الهزل في ذاك والجد مداماً على أقداحها الزهر أشرقت ... حباباً يبث الروح في الحجر الصلد تشابه لوناً خدها وسلافها ... ومن شبه لم أدر أيهما قصدي فاحتسب الصهباء خدا وخدها ... سلافاً وقد أضللت بينهما رشدي وشابه منها الثغر كأساً تديرها ... كما أشبه الدري كوكبها النهدي نسيم الصبا إن جئت دار أحبتي ... سقاها الحيا غيث السماحة والرفد فبثي من المشتاق نشر صبابه ... لسحار جفن عنده مثل ما عندي يبلغني نشر الخزامى حديثه ... ويخبرني عن ثغره البارق النجدي فابكي لذكراه ويبكي مردداً ... لذكري در الدمع في درر العقد فكم بات مهتوك النقاد موسداً ... على عفة يهتز وجد على زندي إلى الصبر أشكو ما لقيت من النوى ... وهيهات صبري إن شكوت له يجدي وعاهدت قبل البين تصبرا ... ففر ولم يحفظ غداة النوى عهدي نديمي أدر كأساً بذكرى الحادثات فإنها ... تدور مع الأيام بالحل والعقد وباكر صبوحاً كالصباح وغنني ... بذكر الحسيني لا بنهد ولا دعد خدين العلى عبد الجليل ومن غدا ... بآدابه الغراء كالعلم الفرد هو البحر مداً بالعلوم ولم يكن ... بساحله جزر يطول على المد فضائله بين الأنام كأنها ... نجوم سماء ليس تحصر بالعد سليل كرام من مهذب ... أخي شيم قد طابقت شرف الجد

فلم تره إلا مقيماً على الثنا ... ولم تلقه إلا الموشح بالحمد فمن أدب زاه تسامى محامداً ... ومن نسب باه تزين بالمجد إمام بني الآداب بالنفس تشتري ... على ربح فضل ما يعيد وما يبدي لقد أنفذ الآذان دراً تلألأت ... فرائده نظماً يجل عن النقد كريم حليم طاهر حسن الوفا ... شريف منيف قدره صادق الود أبحت الورى مدحي فإذا الورى ... جميعهم مثلي ولست أنا وحدي ألا أيها الندب الذي شاع فضله ... وليس له عند البلاغة من ند أتاني بلا وعد كتابك زائراً ... ولله محبوب يزور بلا وعد هو التحفة الزهراء من خير ما جد ... له الفضل من قبل علي ومن بعد به من بنات النظم هيفاء غادة ... تجاوز معناها البليغ عن الحد فكم من زهير تحت أزهار لفظها ... وكم طرفة تزهو على طرفة العبد فمن كل معنى ألف بيت لناظر ... ومن كل بيت ألف معنى لمستجد فما قيس مع لبنى يقبل ثغرها ... وعبد بن عجلان يدير لمى هند بأوفر منى لذة حين أقبلت ... تبلغ من مولى ثناء على عبد كفاني حديث الغانيات نسيبها ... وأغنت عن الصهبا فصيرتها وردي ولما شفى قلبي الكئيب وصالها ... غفرت لدهري ما جناه من الصد وصيرتها في غربتي خير مؤنس ... وأنزلتها في منزل الأهل والولد وسميتها سلوى الغريب لأنها ... ألذ من السلوى وأحلى من القند فمنى لها أهدي إليك وليدة ... جويرية فاقبل بفضلك ما أهدي وخذها بعفو عن قصور فإنها ... بنية نظم من مقل على جهد سرت من بلاد الروم وهي رقيقة ... ومن عجب أن لا تمل من الوخد فلو كنت حسان البلاغة لم تقم ... بجمع معانيك الحسان يدا جهدي وحسبك منها إنها من موحد ... بحبك عن توحيده غير مرتد تسير بها أشواقها ودليلها ... نوافح فضل منك لا نفح الرند لها كل يوم في مديحك رغبة ... ولكنها عن مدح غيرك في زهد كريمة نفس وهي بنت كرامة ... تهادي كريم الدر أكرم مستهدي بأوصافك الحسنى تتيهُ وتنجلي ... بحسن إلى روض البلاغة ممتد فلا زلت مأوى كل عزٍ ومدحةٍ ... تزف لك الأشعار وفداً على وفد وتخدمك الأيام فيما تريده ... سليم المنى من حادث الزمن النكد قرين التهاني والمسرات ظافراً ... بنيل الأماني لا بسن حلل السعدي وقال مادحاً عبد الله البحري كاتب خزانة والي الشام: يهيجني تذكار خل كما البدر ... فليت التنائي لم نجده ولم ندر أحن إذا ما ناح قمري روضة ... حنينا ًبأشجان يزدن على الصبر رعى الله أيام مضينا فلم يكن ... لنا بعدها إلا التلذذ بالذكر أويقات إنس قد سلفن بلذة ... وعصر هني كان يحسب من عمري أبيت ولي قلب يهيم بذكرهم ... غراماً وأشواقاً توقدن بالجمر خليلي عوجاً بالمنازل والحمى ... وقولاً لمن أهواه صبرك بالأثر وخد سبتنا باللحاظ فلم تدع ... لناظر جفنيها فؤاد بلا سحر مهفهفة بيضاء نور جبينها ... إذا أظلم الديجور يغني عن البدر كأن الثريا عقد درٌ بجيدها ... توارت حياء من ضيا المبسم الدري إذا افتر منها الثغر أو لاح وجهها ... أرتك سهيلا قد تصور بالثغر وفي فمها المطار كأس مدامة ... سلاف رضاب لا سلاف من الخمر إذا هز بأن القد منها دلاها ... تميس بأعطاف ثملن بلا سكر علق بها حباً فلما تملكت ... فؤادي وأحشائي تصدت إلى هجر تثنت فبان البان خيفة قدها ... وماست فأزرت بالردينية السمر رأتني فقالت من أرى قلت مغرماً ... قتيل الهوى بين القلادة والخصر أرتنا من الأجفان سحراً كأنه ... أساطير عبد الله ذي القلم البحري هو الجوهر المكنون دلت صفاته ... عليه كما دل السحاب على البر به افتر ثغر للبلاغة مشرق ... كما افتر ثغر الروض عن مزنة القطر إذا سن أقلاماً وقط رؤوسها ... يقول الردين خجلة قط لا أجري وإن ضمن القرطاس خطاً تخاله ... جبين مليح قد تلألأ بالشعر

بدا فضله لما تعالى يراعه ... بإنشائه البالي كعقد على نحر تقول له الحسناء حلوا بخطه ... على الورق تشبيه الوسام على صدره فكم قلم هندي بدا في بنانه ... يفاخر هندياً صقيلاً إذا يسري ويبدو لنا من قمه كل مطرف ... نوادر إنشاء أرق من السحر أليس من الإعجاب أن جواهراً ... ودراً يرين في الطروس من الحبر إذا مد قرطاس وأنشأ رسالةً ... يجر على سحبان أردية الستر قلائد عقيان البديع كتاب ... عبارته الفصحاء تغني عن القطر مهذب خلق في فصيح خطابه ... يشير لنا عما تضمن بالفكر فكم وشح القرطاس برد رسالة ... مؤنقة زهراء تركية بكر تقر لها الأتراك بالفضل إنها ... لهم تحفة جاءت تفوق على الزهر لقد كان للكتاب ياقوت قدوة ... قديماً وأما الآن قدوة العصر ألا أيها الكتاب عوجوا لنحوه ... تروا مورداً عذباً فموردكم يجري وقال متغزلاً: باح الفؤاد سر كنت أخفيه ... فكيف يخفي الهوى والشوق يبديه ما زلت أكتم سر الحب في كبدري ... حتى أباحت دموعي بالذي فيه وحق أيام أنس واللقاء بها ... وحق ورد جني كنت أجنيه وحق ما فعلت تلك الجفون بنا ... وحق خمر حواه الدر في فيه ما باح نطقي لكتمان الهوى أبداً ... لكن طرفي أبدا ما أواريه وجد بي الوجد من عذل العذول وكم ... بدا رقيب بهذا الوجد يلحيه فيا ليال قضيناها معانقة ... مع الحبيب قصيرات بناديه وكم أويقات أنس بالربوع لنا ... فوق الأماني سقاه الغيث ساريه كم موعد قد أقمنا للقاء بها ... وضمنا الربع إذا ضمت حواشيه يا طالما ذاب قلبي في قواه وكم ... بدا لي ويلاً برشف الثغر ينشيه عجبت من شخص قلبي مات فيه أسى ... وكيف رشف زلال الريق يحيه فيا نسيما سرى من مهجتي سحراً ... قف بالجديد واعطف عن يمانيه تجد نسيم غرام نافح وبه ... معطار نشر فعرج نحو هاديه وسر بلطف إلى المحبوب متبعاً ... شذاء عرف ذكي شم من فيه فانزل وسلم على ذاك الغزال وقل ... يقريك حبك شوقاً كاد يفنيه واخفض جناح لديه عند رؤيته ... واشرح غرامي الذي فيه أعانيه وقد تركت كئيبا فيكم شبحاً ... من الصبابة قد بانت خوافيه يا صاح إن جزت ذاك الحي معتمداً ... نحو الأنيس الذي طابت أمانيه أو جئت يا صاحبي نحو الديار فجز ... حمى العبيد وعطفاً عن شماليه واقرأ تحية حب كالخيال فلم ... يدع له الوجد معنى من معانيه فيا لو يلا تنا اللاتي سلفن لنا ... هل أنت بالطيف ميت الحب تأتيه أحبابنا لم يكن لي بعد بعدكم ... صبر لا جلد مما أقاسيه لك السلام أيا ربع الحبيب ويا ... حمى الحبيب ويا مغنى أهاليه لك السلام يوم العناق ويا ... يوم الوداع ويوم ألاقيه وقال متغزلاً أيضا: أراك سخي الدمع طال بك الأمر ... أبرح فيك الحب أم نفذ الصبر أبحت الذي كان عندي مكتماً ... وأعلنت وجداً فيك أم خفي السر نعم أني في الحب ميت صبابة ... فأطوي غراماً ثم ينشه الفكر يهيجني ذكر الربوع وأهلها ... وكل أخ عشق يهجيه الذكر تذكرت أزمان الأحبة واللقا ... ليالي وأيام بوصلهم قصر ليال قطعناها ونحن بمجلس ... تجلى على بدر السماء لنا بدر من الخود هيفاء القوام غريرة ... تحلت بها الجوزاء وابتهج النسر وقد ظهر المريخ في سيف لحظها ... وقابلت الأطمار فأنهم الأمر ومن نور ثدييها النور قد اكتست ... ومن سحر جفنيها لقد علم السحر كلفت بها حبا وشط مزارها ... وكم منع العشاق من لذة الدهر رضعت هواها ثم صرت فطيمها ... بدأ الهوى حلو وأخره مر ويوم على وصل المشوق تعذرت ... فلذ لنا سقم ولذ لها هجر لقد كنت في رحب وبين غرامها ... فرحت بها مضنى وضاق بي البر ألا رب يوم كان ل فيه موعد ... بصدق اجتمع الشمل وارتفع العذر فجئت وقد غاب المنيران والسها ... وقد ظهرت في الأفق أنجمه الزهر

ولما توافينا وقد غابت كاشح ... ونام رقيب واطمأن من القدر أماطت عن الوجه المنير لثامه ... فأشرق منه البدر إذا بسم الثغر تزود عن المرجان في صحن خدها ... حياءً بأجفان لها النهي والأمر وأزرت قضيب البان لما تمايلت ... بأعطافها الحسنا يرنحها سكر وأعجب مما في الجبين رأيته ... ظلاما وصبحا لاح بينهما بدر فلولا ظلام الشعر لاح لنا الضيا ... ولولا ضياء الوجه جن بنا الشعر فباتت تعاطيني المدلم صبابة ... ومن ثغرها الألمى المدامة والخمر تدير الحميا بالظلام على سنى ... وأضممها شوقاً فينعطف الخصر وما راعني إلا الصباح مفاجئاً ... وقد ذهب الديجور مذ طلع الفجر ولما اعتنقنا للتودع وانقضت ... لويلتنا رحنا وأدمعنا بحر وقمت عليلاً بالغرام مقيداً ... وأودعتها قلباً تلظى به الجمر وكتب مجاوباً لنصر الله بن فتح الطرابلسي الحلبي ولم يكن احدهما لقي الأخر: ورد الكتاب مسرحاً ومسطراً ... بحديث محبوب عشقت ولم أر وافي وكان ورده ورداً لذي ... ظمأ به الغرام وأسعرا ففضضت منه ختامه ولطالما ... فاضت دموع قبله لن تنكرا ولثمت محياه فأشرق ثغره ... ورشفت كأساً من لماه معطرا وثملت لما رشفت سلافة ... صهباء حب لا سلافاً أصفرا أهدي إلى المشتاق نشأة مغرم ... فاحت رياح الشوق منها عنبرا فكأن أسطره ذوائب غادة ... هيفاء لاحت من ترائب قيصرا أو أن أحرفه مراشف أعين ... تعطي الرحيق معللا ومقطرا وقلائد العقيان خلت جمانه ... أو ثغر محبوب تبسم جوهرا أربي على سحبان سحب فصاحة ... لو شامها الكندي عاد مؤخرا وكذا ابن ساعدة الأيادي لو رآ ... هـ لعاد منه مخجلاً متسترا رق النسيم للطف معناه كما ... شهد الفؤاد فصاه لما قرا يا حسن بق من محياه بدا ... عن نصر فتح الله لاح مخبرا نشأت بنصر الله روح صبابة ... وأبى الفؤاد لغيرها أن يذكر فرع لفتح الله أينع مخصباً ... بحديقة الآداب شب وأثمرا ولذا اسم قلبي حين أشبه قلبيُ ... قلناه صرف الحب لما أن طرا فإليك يعزى الفضل يا من لاح لي ... منه الوداد ولم يراني ويصرا قراباً لدار كنت فيها وحبذا الش ... هباءُ نصر الله فيها قد سرى واهاً لها لما حللت ربوعها ... رغداً وآهاً من بعادك أوفرا يا ليت لا كان البعاد ولا النوى ... ياليت لا شط المزار ولا الذرى أواه من حر البعاد وطالما ... جار البعاد على الأحبة وافترى خذها لقد وافت من ابن كرامة ... برسائل الأشواق تهدي الأسطرا تنبيك عن حب سماعي الهوى ... متجاوز حد القياس لدى الورى فأجابه نصر الله المذكور من البحر والقافية بقوله: زند القريحة مذ علقت بكم ورى ... يا من شهدت بحبهم بين الورى وجعلت شخهم أمامي قبلة ... هيهات أن أرضى الرجوع إلى الورى لولا توقع ضيف طيف خيالكم ... ليزورني زوراً لما اشتقت الكرى كلا ولولا بارق من أرضكم ... ما أرسلت عيني سحاباً ممطرا يا من كلفت بهم ولم أرى وجههم ... إني أراه بالفؤاد مصورا ما كنت أشتاق النسيم هبوبه ... إلا لعلمي أنه عندكم سرى فسقى طرابلس السحاب ليهُ ... سحاً وتهتاناً يرى متفجرا بلد كأن الدهر عاندي بها ... فاستاق أهلي قبل أن أطأ السرى لو فاخرت كل البلاد بأن في ... ها بطرس لكفا بذلك مفخرى الأوحد ندب الفريد الأمجد ... الندس المجيد الألمع الأنورا أقسيم روحي بل حشاشة مهجتي ... بل تاج أرباب الكمال بلا مرا وفي كتابك موضحاً لبلاغة ... لو ناظرت ذاك الصفا تكدرا وثملت لما أن رأيت جماله ... فغدوت معروفا وكنت منكرا في ضمنه عربية قد أعربت ... نظماً فما طائيهم والشنفرى وأهاجت الأشواق مني ظاهراً ... إذ كان حبي بل ذلك مضمرا وغدا بقلبي لوعة فكأنها ... بين الجوانح نار أسعد للقرى

وادمع من عيني حكى صوب الحيا ... بل كف أسعد حين يكن مقترا يا نخبة الفضلاء بل يل سيد الشعراء بل مولى الكمال الأكبرا من قال مثلك بالبلاغة كائن ... قد جاء إذاً بل جديثاً مفترى خذها إليك عقيلة حلبية ... ولديك من خجل تروم تسترا فاسبل عليها ذيل عفوك كونها ... إن قصرت عن شأَو تلك فتعذرا شتان ما بين البديع وباقل ... أني يقاس يدا الثريا بالثرى واسلم ودم بمهابة وكرامة ... يا مورداً لم أرض عنه مصدرا ما سارت الركبان تقطع فدفداً ... من عاشق ولهان يهدي الأسطرا قال مجاوباً له (عن كتاب نثري) : زارت فكان بالأمر الله أسراها ... غراء قد خطرت فالكل أسراها خليلة المجد قد هام الخليل بها ... وبات من وله بالنحو يهواها أحيت عروض فؤاد الحب مذ بسمت ... ثغراً وقام إن بسام لمحياها ترى شقاق خديها ممنعة ... عن ثابت وعن النعمان نعمان أربت علىابن كثير في محاسنها ... حسناً كثيراً وعين اللطف ترعاها بكر لمى فمها عذب مراشفه ... صافي المودة عند الب أوفاها لو قابل العامري أسرار طلعتها ... لها في بيتها المعمور أو باهى رشيقة اللفظ قد جادت وقد سمحت ... من البديع بما نالته كفاها شمس تبعدها العبدي مذ بزغت ... يوماً وأغنت عن المغنى بمغناها واستمطرت لؤلؤاً من لؤلؤ وروى ... عن النسيم غصون البان عطفاها كأنما القطر من ترشاف ريقها ... يحيي بمبسمها صباً معناها شهباء وافت من الشهباء ترتع في ... بين المضارب من عدنان مرباها رقت كما رق جسمي في الهوى أسفاً ... لبعد من بلآلي نظمها فاها البارع الفاضل الموصوف سيدها ... رب المفاخر من بالحسن أنشاها المشعل إلى الآداب وهي له ... عرفاً ويزرع في أحكام مجاها سباق غايات نظم فالبروق إذا ... جارته أوقفها سيراً وأعياها في النظم تصفوا له أهل القريض وكم ... قلائد من لآلي النثر وشاها تملك الروع مني حبه ودت ... بين الجوانح نار الشوق يصلاها بحبه يا هواه جد بطرق كرى ... لعل بالطيف تلك الذات نلقاها ويا نسيم الصبا إن جزت مربعه ... فخبري عن صباباتي وشجواها وإن ظفرت بشيء من براعته ... لو لم يكن في جنان القلب مأواها قد كاد يتلفني شوقي لطلعته ... لو لم يكن في جنان القلب مأواها سقيت يا حلب الشهباء غيث ندى ... وجاد ربعك م الأنوار أنداها شهباء مذ بزغت خضراء مد نثرت ... قعساء منبت زهر العز صحراها جليلة القدر ذات الفخر معجبة ... جلا العيون من الأقذاء مرآها فاقت على كل مصر وهي مشرقة ... ثغراً أضاء بنصر الله منشاها يا سعد من نظرت عيناه روضتها ... ونز الطرف في فياح مغناها حسناء غارت على الحور الحسان ضحى ... فاستخلصت من ثغور العيد لألاها إني متيما إني المشوق لها ... إني المعنى بها إني لمضناها يا صاحبي أطرباني وأنشد سحراً ... وعللا الصب من وجد بذكراها عذراء مدت على كل البلاد يداً ... مخضوبة الكف وأشواقي لحناها يا فاضلا حل في ساحاتها رغداً ... بشراك في عزها إذ فيك بشراها وافت رسالتك الغراء تبسم عن ... در تضمن نثراً في ثناياها أهدت كؤوساً بأسماع الورى شربت ... فعطلت كل خمر عند صهباها تفاعست فتدانى كل مرتفع ... لما سما في القرطاس برداها فاقت على العرب لما أعربت ورووا ... عنها البلاغة لما استنطقوا فاها تفاخر الناظمون البارعون بها ... والكل يعجز عن إدراك معناها مني إليك لها أهديك جارية ... مغضوضة عن قذى النقصان عيناها من العدية قدماً غرس كرامتها ... والآن في روضة الفيحاء سكناها فاسبل عليها ذيول الستر إذ خطرت ... ترجو القبول ورفقاً عند مسراها هل ظالع مدرك يوماً على عجز ... شأو الضليع فعفواً عند مرماها واسلم ودم في هناء غير منتقل ... ورتبة فوق مرقى الشهب مرقاها

ما قال حبك عن شوق وعن ولهٍ ... زارت فكان بنصر الله أسراها فأجابه نصر الله: زارت بلا موعد ما كان أو فاها ... فهل أرى البدر أم ذي الشمس أوفاها غراء يروي عن الضحاك مبسمها ... وقد روت عن أبي در ثناياها وريقها العذب يروي في تسلسله ... عن المبرد والوردي خداها وطرفها عنه مكحول روى سندا ... كما روى ابن هلال عن محياها بديعة الحسن في خلق وفي خلق ... بيانه والمعاني من رعاياها تتيه عجبا بخصر غير مختصر ... وردفها ثقله لا شك أعياها تجلو الظلام بظلم اللعس من شبم ... ويجلب الليل بعد الصبح فرعاها غصن إذا خطرت شمس إذا ظهرت ... ريم إذا نفرت واهتز عطفاها ممنطق بعيون خصرها نظراً ... مخصب بدما العشاق كفاها بالفضل كاملة بالحسن وافرة ... فجل من فتنة للناس سواها غدوت في حبها لا أرعوي أبداً ... فهل ترى ذكرت من ليس ينساها وهل بها مثل ما بي من هوى وجوى ... ولوعة كل نار دون أدناها وهل تسامر نجم الأفق ليلتها ... شوقاً ولم تكتحل بالغمض عيناها وهل تفي بمواعيد لنا سلفت ... وهل تراعى عهوداً قد رعيناها وهل تضمن على المضنى بما وعدت ... بزورة في الدياجي لا عدمناها وهل ترق لمكلوم الحشا دنف ... ماكان يعرف ما الاشجان لولاها نعم نعم إنها تبغي لقاي كما ... أبغي لقاها وتهواني وأهواها لم أنس لا أنس إذ زارت مسلمة ... وحنها عاد مقرنا بحسناها فقمت أنشد من شو ومن طرب ... يا من بزورتها أحيت لقتلاها يا فتنة لم تراعى في رعيتها ... حق العبيد ولا حنت لأسراها ملكت رقي وهذي العين جارية ... أسرفت في الصب جوراً اتقي الله فمهمل الدمع لما سال أعرب عن ... ضمائر في الهوى كنا سترناها فاستضحكت ثم قالت وهي معجبة ... لا تعدي من لك روح أنت راه فأسقطت دررا بالفظ من درر ... وأسكرت كل صب من حمياه وفضلها عما كلا عندما سفرت ... لأنها أخذت من فضل مولاها السيد المدره الملسان بطرسمٍ ... قد نال من طبقات الفضل أعلاها اليلمع المسقع اليهفوف من وخذت ... نجب القريض إليه وهو وفاها مولى البلاغة غواص غطامتها ... رب الفصاحة طلاع ثناياها إذا انتضى القلم المحروث في يده ... يريك من واردات العلم أسناها وإن يولج الصبح الطرس في غسق ... المداد فاتل وفل والليل يخشاها سحر قصائده در فلائده ... بحر محامده يعييك أحصاها الأريحي الذي ريح الوفا خطرت ... من عنده شفى الأرواح رياها يا ذا العلا والولا والفضل من خلبت ... ألفاظ فيه قلوباً وهو يرعاها وأوحد الناس إلا أنت معرفة ... ومنطقاً وكمالات رويناها شرفتنا بكتاب منك قد بزغت ... أنواره فهدينا واقتبسناها رسالة أرسلت للقلب تحفظه ... فما له ضاع مني عند مسراها ظننتني بعدها نومي يواصلني ... فطال في الليل إيقافي وإياها فيالها درراً من يمكم قذفت ... سفن العلوم فبسم الله مجراها وشطرها من بنات البدو مشعرةً ... بالحب أشهد أن لا شعر إلاها بلفظها فتنت لبي كما فتنت ... لبني لقيس فصار القلب مأواها وصرت ألثمها شوقاً وأنشدها ... توقاً لمن لبديع النظم وشاها إن أسعد الله عيني ساعة ورأت ... محياكم وجلت بالنور مرآها غفرت للدهر ما أبداه من نكد ... ونلت من واردات العلم أهناها صبراً فللدهر أوقات معينة ... ينال فيها الأماني من تمناها ما زلت في نعم تترى وفي همم ... لا ترتضي منزل العيوق سكناها ما قال ذو الشوق نصر الله من طرب ... وافت بلا موعد ما كان أوفاها ومن جيد شعر بطرس قوله يتغزل ويتشوق إلى لبنان وقد بعث به المعلم نقولا الترك: يا نائياً وفؤاد الصب مأواه ... رفقا ًبمن أضرمت بالوجد أحشاه وعامل الله غدا دنفاً ... قد بات يرعى حبيباً ليس يرعاه كسى النوى بدني ثوب السقام وقد ... نفى الحبيب منامي ورد ذكراه

معذبي بالهوى عطفعاً على كبد ... أسير أيدي النوى والحب أغراه دعاه يوم تنائينا الهوى فأتى ... طوعاً على عجل يسعى قلباه لا أنس الله أيام الفراق فقد ... أودت بقلب فتى ذابت سويداه حسبي الغرام الذي لا أرتضي أبداً ... إلا المنام قرى والبين ولاه أستودع الله من بالطرف منزله ... حباً وإن سار كان القلب مسراه إني ولو بالنوى والهجر أتلفني ... قرباً وبعداً على الحالين أهواه سلوه أن يمنح المشتاق بعض كرى ... لعل طيف خيال منه نلقاه لا آخذ إلا عينيه بما فعلت ... فالصبر ولى وهذا القلب يفداه كيف السلو ولي العهد يذكرني ... من الحبيب وداداً لست أنساه سقى معاهد لبنان الحيا غدقاً ... وجاده من سحاب الجود أوفاه لقد سمى طوده بالأمن مفتخراً ... والبر زينه والعدل أنشاه طابت مرابعه بالشيح واتشحت ... من الخزامى بثوب الرند صحراه وقام غصن النقا يهتز من طرب ... لما شدت في رياض العز ورقاه وفاح زهر الربى عرفاً شذا عطراً ... يا حبذانشره الذاكي ورياه وغار سوسنه من عين نرجسه ... وقام ورد البها يزهو بسيماه ولؤلؤ الطل في جيد الأقاح حكى ... ثغر الحبيب إذا افترت ثناياه والياسمين من النسرين في وله ... يصافح البان لما اهتز عطفاه وقال مادحاً علي بك الأسعد ويستعطفه وقد عتب عليه: سل البان هل مرت عليه النوافح ... بوجدي وهل نمت بدمعي سوافح وهل في ربى تلك الطلول مقيمة ... كعهدي على الأفنان ورق صوادح سقى مدمعي الهتان فياح مربع ... تلوح به تلك الظباء السوارح ولله مشتاق تذكر بعده ... فبات بأقداح الغرام يطارح ومن عجب دمعي يفيض وفي الحشا ... سعير وزند الشوق وار وقادح ولله صب حظه من أحبة ... بعاد وهجران ولاح يكافح إذا ما دجا ليل الغرام تسهدت ... عيون لهجران الحبيب قرائح فهل من رقاد والزمان محارب ... وقد هجر الأحباب والصبر جامح إذا رمت كتمان الهوى باح مدمعي ... وإن الهوى العذري بالدمع بائح يميناً بهم ما حللت عن قيد طاعة ... وهل حال عن رق عبد ومادح فإني على عهد الوداد محافظ ... وإن وخدت بالبين عيس طلائح ولي بين أطلال الحمى وهضابه ... فؤاد مهيم بالأجارع شاطح أمالك رقي قل هجراً وجفوة ... إذا هجر الأحباب من ذا يصالح رعى الله أيام التصافي وعهدها ... وأيام كنا للحبيب نصافح وأيام عز نجتلي صفو كأسها ... هناء ولم ينجح إذا لام كاشح بروحي دياراً قد سما برج عزها ... وطالت صحاريها وتلك الأباطح بها خير قوم كالنجوم طوالع ... وغدران أنس بالسرور طوافح تنوعت الأزهار في ظل دوحها ... فيا حبذا عرف من النشر فائح وقامت بها الأغصان تهتز للصبا ... كأن غصون البان خود روادح وفاضت عيون الجود فيها وقد زهت ... بمخضل فيحاها الربى الصحاصح نسيم الصبا وهل نسمة من غيضها ... سحيراً وهلا من سذاها نفائح ويا ماءها هل نهلة منك في فمي ... يداوى بها قلبي وتشفى الجوانح ربوع ببرج المجد تسمو كما سمت ... بوصف العلي الأسعدي المدائح أمير روت عنه المعالي فضائلاً ... وكل ثناء نحو علياه جانح تظاهر في برج العلى نعم كوكب ... وفي بيت سعد بالسعادة لائح إذا افتخرت الأمجاد يوماً فإنه ... على كل ذي فخر علي وراجح غدا كفه للكف والو كف جامعاً ... فللضد أخاذ وللوفد مانح همام تهاب الأسد صولة بأسه ... ففي العزم فتاك وفي الحزم ناجح وفي البذل هتان وبالنصر قاطع ... وبالمجد معروف وبالرأي صالح لقد خضع الأعدا لماضي يراعه ... فكيف إذا جاء العدا وهو رامح إذا الخطب وافى مشكلاً أو معمياً ... فآراؤه للمشكلات شوارح كفاني فخراً أنني من عبيده ... وقد فاخرت قبلي الرقاق الصفائح فيعفو عن الجاني ويوسع بره ... فكنت انا الجاني ولا ذنب واضح

أمولاي إن الحاسدين تفننوا ... بذنبي ولكن أنت عن ذلك صافح فإني وإن لم أخط جئتك تائباً ... وإن كنت ذا ذنب فأنت المسامح ولا أبتغي إلا رضاك لأنني ... عبيد ببحر من أياديك سابح فشأنك صفح والسماح شعاره ... وبابك باب الحلم بالعفو فاتح إذا صح لي من الرضى بت شاكراً ... وحققت أن الدهر بالعهد فاصح وإن حزت صفحاً مثل عهدي بحلمكم ... فما الدهر إن خصم هو أم مصالح فلا تنكروا عبداً نشا في نعيمكم ... أتقطع إذ تجني فروع سوانح بنو أسعد للحلم أنتم وللرضى ... وإن جنت الظلماء أنتم مصابح وإن شحت الأنواء أنتم سحائب ... وإن دارت الهيجاء أنتم صحاصح لعلياكم هيفاء مدح تقدمت ... وفيكم لسان الحمد بالشكر فاصح علي الرضى خذها بحلم ومهرها ... إذا سعدت عفو وهذا المهر رابح فلا زلت ذا فضل يلألأ فضله ... تزف بنات النظم فيه القرائح وقال متغزلاً ويذكر بعض معاهده: سرى النسيم بعرف من ربى الطلل ... مؤرجاً بربوع الحي والحلل محملاً نشر أشواق تفوح لنا ... شذاء عطر شممناه على عجل أتى فخبر عن ذات الجعود وعن ... أم الخدود وعن دنانة الحجل جرى فذكرني يوم الوداع وما ... عهدته باعتناق الحب والقبل يا قلب صبراً وكن منه على أمل ... من حيث قررت أن العيش في الأمل وذات حسن عرفناها وكم ذرفت ... يوم الرحيل دميعات على المقل نأيت عنها ودهري غير معتدل ... وسوف من بعده يأتي بمعتدل قامت تودعني يوم البعاد ضحى ... تميس مثل اهتزاز الشارب الثمل ثم استمرت وقالت وهي باكية ... تالله ما عشت عن حبيك لم أمل وأشواق قلبي لذياك الحمى وإلى ... أغصانه السالبات اللب بالميل لله صب غدا بالوجد منفرداً ... مؤرق الطرف بياتاً على العلل وجاذبته رياح الفجر عرف أسى ... ورنحت قده الأشجان بالوجل يا حادي الركب قف بالشط معتكفاً ... نحو الديار وعج عن أيمن الجبل وانشد هناك عن قلبي المشوق وسل ... ناشدتك الله عن جيراننا الأول واحبس قلوصك يا حادي وعج بحمى ... وادي الجديد ذات السح والهطل وسائل الريح هل مرت بذي حدر ... فوق الكناس ذوات الأربع الخضل وقف بعوجاء وادي النهر واعش إلى ... تلك الطلول ومل بالربع واشتمل عسى تصادف من أضحى به تلفي ... ومن سباني بنبل الأعين النجل فاشرح له حال صب ما يكابده ... من لوعة البين والتشتيت والنكل لولاه ما بات لي جفن أريق اسى ... كلا ولا فاض لي دمع على طلل سقاك يار بع أحبابي ومعهدهم ... دمعي صباحاً ودمع العارض الهطل فما فؤادي سلا عن حفظ حبهم ... وعهدهم ليس لي عنهم بمبتدل كيف السبيل إلى السلوان يا تلفي ... هذا غرامي وفيه منتهى أجلي يا صاحبي إذا شاهدتماه غداً ... فذكراه بماضي عيشنا النفل وبلغاه وقولا في حديثكم ... الصبر غايته أحلى من العسل وقال متغزلاً أيضاً: كفي فإن سحاب الجفن قد وكفا ... وأنعمي إن ما لاقيت منك كفى ما ترحمي حال مفتون الغرام ومن ... لغير حبك يوماً قط ما ألفا قد حن لي مضجعي عند المنام كما ... قد رق لي عاذلي عند البكا لهفا من لي بسحارة العينين مائسة ال ... عطفين قامتها الهيفا قد حكت ألفا لم أنس حين أتت تهتز من وله ... لدى المحب وتثني قدها كلفا ماست بغصن علاه البدر واك ... تسبت مستشرفين من البلور فد خطفا يا عاذليَّ دعاني فالهوى تلفي ... ولست أصغي لعذل فاتركا السرفا وعللاني بذكراها ومعهدها ... وأطربا مغرماً في حبها دنفا أحبابنا كيف حال العهد عندكم ... إن الفؤاد بحال الحب ما خلفا فمن رأى لوعتي بالوجد بان له ... صدقي وجدبه عشق وقد شغفا ولو رأى وجهك الوضاح بدر دجى ... لعاد مستتراً أو راح منخسفاً ول رأى المزن دمعاً كنت أسكبه ... هتان من مقلتي فيضاً لما ذرفا

شعر

واستعظم الوجد صبري حين باعدني ... وسام للقلب سلواناً فما عطفا معذبي والليالي بالهوى سلفت ... وخمر ثغر رشفناه فكان شفا ما لذ جفني بنوم من بعدكم ... كلا وداعي الكرى بالطرف ما هدفا لكنني والهوى قد بت ذا قلق ... أساجع الورق نوحاً كلما هتفا هيهات ما كل ذي عشق أخي تلف ... كلا ولا كل حب بالغرام وفى ومن غزلياته قوله: يا مي يا ظبية وادي اللوى ... هواك لم يترك بقلبي هوى يا هل ترى لاقيت مثل الذي ... لاقى معناك غداة النوى أبيت أرى النجم ذا مهجة ... أضرم فيها الشوق نار الجوى آها من البين ولوعته ... لولا النوى لم تلق صباً ثوى واهاً لأيام مضت ذكرها ... ينشر وجداً في فؤادي انطوى في ذمة الله حبيب إذا ... ما غاب عن عيني بقلبي ثوى ذو قامة كالغصن مياسة ... من فوقها بدر الجمال استوى أفديه دون الناس من شادن ... هاروت عن أجفانه قد روى بدر إذا أسفر ريم إذا ... دنا رديني إذا ما التوى مولع بالتيه لا يرعوي ... وخاطري عن حبه ما ارعوى يا قمراً فارقه حبه ... ومن حميا ثغره ما ارتوى وجؤذر يشتاق ناظري ... وإن يكن قلبي عليه احتوى من سقم عينيك سقامي ومن ... نيران خديك فؤادي اكتوى جد واردد النوم على مقلة ... ما سهرت قط بحب السوى وابعث خيالاً منك يرتادني ... إذ علتي منك وأنت الدوا وقوله: ظبي بلبنان قد سلت لواحظه ... للعاشقين سيوف الغنج والحور مورد الخد ساجي الطرف مبتسم ... عن الحباب وعن طلع وعن درر في ذمة الله ذاك الريم إن له ... بين الجوانح عهداً غير مندثر أفديه من قمر كم بن أرصده ... شوقاً له وهو في سمعي وفي بصري لو لم يكن قمراً ضاءت محاسنه ... ما أصبحت داره تعزى إلى قمر تم الاختيار من شعر بطرس ويليه الاختيار من شعر الرصافي البغدادي شعر الرصافي البغدادي قال الرصافي البغدادي واسمه معروف: أما آن أن يغشى البلاد سعودها ... ويذهب عن هذي النيام هجودها متى يتأتى في القلوب انتباهها ... فينجاب عنها رينها وجمودها أما أسد يحمي البلاد غضنفر ... فقد عاث فيها في المظالم سيدها برئت إلى الأحرار من شر أمة ... أسيرة حكام ثقال قيودها سقى الله أرضاً أمحلت من أمانها ... وقا كان رواد الأمان ترودها جرى الجور منها في بلاد وسيعة ... فضاقت على الأحرار ذرعاً حدودها عجبت لقوم يخضعون لدولة ... يسوسهم بالموبقات عميدها وأعجب من ذا أنهم يرهبونها ... وأموالها منهم ومنهم جنودها إذا وليت امر البلاد طغاتها ... وساد على القوم السراة مسودها وصارت لئام الناس تعلو كرامها ... وعاب لبيداً في النشيد بليدها فما أنت إلا أيها الموت نعمة ... يعز على أهل الحفاظ جحودها ألا إنما حرية العيش غادة ... منى كل نفس وصلها ووفودها يضيء دجنات الحياة جبينها ... وتبدو المعالي حيث أتلع جيدها لقد واصلت قوماً وخلت وراءها ... أناساً تمنوا الموت لولا وعودها وقد مرضت أرواحنا في انتظارها ... فما ضرها والهتفا لو تعودها بني وطني ما لي أراكم صبرتم ... على نوب أعيا الحصاة عديدها أما آدكم حمل الهوان فإنه ... إذا حملته الراسيات يؤودها قعدتم عن السعي المؤدي إلى العلى ... على حين يزري بالرجال قعودها لم تأخذوا للأمر يوماً عتاده ... فجاءت أمور ساء فيكم عتيدها ألم تروا الأقوام بالسعي خلدت ... مآثر يستقصي الزمان خلودها وساروا كراماً رافلين إلى العلى ... بأثواب عز ليس يبلى جديدها قد استحوذت يا للخسار عليكم ... شياطين أنس صال فيكم مريدها وما اتقدت نار الحمية منكم ... لفقد اتحاد فاستطال خمودها ولولا اتحاد العنصرين لما غدا ... من النار يذكوا لو علمتم وقودها إذا جاهل منكم مشى نحو سبة ... مشى جمعكم من غير قصد يريدها

كأنكم المعزى تهاوين عندما ... نزا فنزا فوق الدحال عتودها وما ثلة قد أهملتها رعاتها ... بمأسدة جاعت لعشر أسودها فباتت ولا راع يراعي مراحها ... فرائس بين الضاريات تبيدها بأضيع منكم حيث لا ذو شهامة ... يذب الرزايا عنكم ويذودها أتطمع هذي الناس أن تبلغ المنى ... ولم تور في يوم الصدام زنزدها فهل لمعت في الجو شعلة بارق ... وما ارتجست بين الغيوم رعودها وأدخنة النيران لولا اشتعالها ... لما تم في هذا الفضاء صعودها وإن مياه الأرض تعذب ما جرت ... ويفسدها فرق الصعيد رقودها ومن رام في سوق المعالي تجارة ... فليس سوى بيض المساعي نقودها وله أيضاً: تيقظ فما أنت بالخالد ... ولا حادث الدهر بالراقد فخلد بسعيك مجداً يدوم ... دوام النجوم بلا جاحد وابق لك الذكر بالصالحات ... وخل النزوع إلى الفاسد ورد ما يناديك عنه الصدود ... ألا در درك من وارد وصر بين قومك في سيرة ... تميت الحقود من الحاقد فإن فتى الدهر من يدعي ... فتأتي أعاديه بالشاهد ولا تك مرمى بداء السكون ... فتصبح كالحجر الجامد وكن رجلاً في العلا حوَّلاً ... تفنن في سيرة الراشد إذا اضطردت حركات الحياة ... ومرت على نسق واحد ولم تتنوع أفانينها ... ودامت بوجه لها بارد ولم تتجدد لها شملة ... من السعي في الشرف الخالد فما هي إلا حياة السوام ... تجول من العيش في نافد وما يرتجى من حياة امرئ ... كماء على سبخة راكد وليس له في غضون الحياة ... سوى النفس النازل الصاعد يغض على الجهل أجفانه ... ويرضى من العيش بالكاسد فذاك هو الميت في قومه ... وإن كان في المجلس الحاشد وما المرء إلا فتى يغتدي ... إلى العلم في شرك صائد سعى للمعارف فاحتازها ... وصاد الأنيس مع الآبد وطالع أوجه أقمارها ... بعين بصير لها ناقد فأبدى الحقائق من طيها ... وألقى القيود على الشارد إذا هو أصبح نادى البدار ... وشمر للسعي عن ساعد فكان المجلي في شأوه ... بعزم يشق على الحاسد وإن بات بات على يقظة ... بطرف لنجم العلى راصد وأحدث مجداً طريفاً له ... واضرب عن مجده التالد وما الحمق إلا هو الإتكال ... على شرف جاء من والد فذاك هو الحي حي الفخار ... وإن لحدته يد اللاحد ومن قوله أيضاً: الشعر مفتقر مني لمبتكر ... ولست للشعر في حال بمفتقر دعوت غر القوافي وهي شاردة ... فأقبلت وفي تمشي مشي معتذر وسلمتني عن طوع مقادتها ... فرحت فيهن أجري جري مقتدر إذا أقمت أقامت وهي من خدمي ... وأين ما سرت سارت تقتفي أثري صرفت فيهن اقلامي وحت بها ... أعرِّف الناس سحر السمع والبصر ملكن من رقة رق النفوس هوى ... من حيث أطربن حتى قاسي الحجر سقيتهن المعاني فارتوين بها ... وكن فيها مكان الماء في الثمر كم تشرئب لها الأسماع مصغية ... إذا تنوشدن بين البدو والحضر طابقت لفظي بالمعنى فطابقه ... خلواً من الحشو مملوءاً من العبر إني لانتزاع المعنى الصحيح على ... عري فأكسوه لفظاً قد من درر سل المنازل عني إذ نزلت بها ... ما بين بغداد والشهباء في سفري ما جئت منزلة إلا بنيت بها ... بيتاً من الشعر لا بيتاً من الشَّعر وأجود الشعر ما يكسوه قائله ... بوشي ذا العصر لا الخالي من العصر لا يحسن الشعر إلا وهو مبتكر ... وأي حسن لشعر غير مبتكر ومن يكن قال شعراً عن مفاخرة ... فلست والله في شعر بمفتخر وإنما هي أنفاس مصعدة ... ترمي بها حسراتي طائر الشرر وهن إن شئت مني أدمع غزر ... أبكي بهن على أيامنا الغرر أبكي على أمة دار الزمان لها ... قبلاً ودار عليها بعد بالغير كم خلد الدهر من أيامهم خبراً ... زان الطروس وليس الخبر كالخبر

ولست أدكر الماضين مفتخراً ... لكن أقيم بهم ذكرى لمدكر وكيف يفتخر الباقون في عمهٍ ... بدارس من هدى الماضين مندثر لهفي على العرب أمست من جمودهم ... حتى الجمادات تشكو وهي في ضجر أين الجحاجح ممن ينتمون إلى ... ذؤابة الشرف الوضاح من مضر قوم هم الشمس كانوا والورى قمر ... ولا كرامة لولا الشمس للقمر راحوا وقد أعقبوا من بعدهم عقباً ... ناموا على الأمر تفويضاً إلى القدر أقول والبرق يسري في مراقدهم ... (يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر) يا أيها العرب هبوا من رقادكم ... فقد بدا الصبح وانجابت دجى الخطر كيف النجاح وأنتم لا اتفاق لكم ... والعود ليس له صوت بلا وتر ما لي أراكم أقل الناس مقدرة ... يا أكثر الناس عداً عير منحصر وقال مواسياً لصديق له قد أضاعه أصحابه وجفاه أحبابه: علام حرمنا منذ حين تلاقيا ... أفي سفر قد كنت أم كنتلا هياً عهدناك لا تلهو عن الخل ساعة ... فكيف علينا قد أطلت التجافيا ومالي أراك اليوم وحدك جالساً ... بعيداً عن الخلان تأبى التدانيا أنابك خطب أم عراك تعشق ... فإني أرى حزناً بوجهك باديا وما بال عينيك اللتين أراهما ... تديران لحظاً يحمل الحزن واهيا وأي جوى قد عدت أصفر فاقعاً ... به بعد أن كنت احمر قانيا تكلم فما هذا الوجوم فإنني ... عهدتك غرِّيداً بشعرك شادياً تجلد تجلد يا سليم ولا تكن ... بما ناب من ظروف الزمان مباليا ولا تبتئس بالدهر إن خطوبه ... سحابة صيف لا تدوم ثوانيا فقال ولم يملك بوادر أدمع ... تناثرن حتى خلتهن لآليا لقد هجتني يا أحمد اليوم بالأسى ... وذكرتني ما كنت بالأمس ساليا أتعجب من حزني وتعلم انني ... قريع تباريح تشيب النواصيا لقد عشت في الدنيا أسيفاً وليتني ... ترحلت عنها لا عليَّ ولا ليا وقد كنت أشكو الكاشحين من العدى ... فأصبحت من جور الأخلاء شاكياً وما رحت استشفي القلوب مداوياً ... من الحقد إلا عدت عنها كما هي وداريت حتى قيل لي متملق ... وما كان من داء التملق دائيا وحتى دعاني العزم أن خلِّ عنهم ... فإن صريح الرأي أن لا تداريا ورب أخ أوقرت قلبي بحبه ... فكنت على قلبي بحبه جانيا فإن أحق الناس بالرحمةامرؤ ... أضاع وداداً عند من ليس وافياً وما كان حظي وهو من الشعر ضاحك ... ليظهر إلا في سوى الشعر باكيا ركبت بحور الشعر رهواً ومائجاً ... وأقحمت منها كل هول يراعيا وسيرت سفني في طلاب فنونه ... وألقيت في غير المديح المراسيا وقلت اعصني في الشعر يا مدح إنني ... أرى الناس موتى تستحق المراثيا ولو رضيت نفسي بأمر يشينها ... لما نطقت بالشعر إلا أهاجيا وكم قال يعني حيتن أنشدت مادحاً ... إلي الندى ناع فأنشدت راثيا وكم بشرتني بالوفاء مقالة ... فلما انتهت للفعل كانت مناعيا فلما بكى أمسكت فضل ردائه ... وكففت دمعاً فوق خديه جاريا وقلت له هوِّن عليك فإنما ... تنوب دواهي الدهر من كان داهيا وما ضر أن أصفيت ودك معشراً ... من الناس لم يجنوا لك الود صافيا كفى مفخراً أن قد وفيت ولم يفوا ... فكنت الفتى الأعلى وكانوا الأدانيا لعل الذي أشجاك يعقب راحة ... فقد يشكر الإنسان ما كان شاكيا ألا رب شر جر خيراً وربما ... يجر تجافينا إلينا التصافيا فلو أن ماء البحر لم يك مالحاً ... لرحنا من الطوفان نشكو الغواديا ولولا اختلاف الجذب والدفع لم تكن ... نجوم بأفلاك لهن جواريا وكيف نرى للكهرباء ظواهراً ... إذا هي في الاثبات لم تلق نافيا تموت القوى إن لم تكن في تباين ... ويحيين ما دام التباين باقيا فلا تعجبن من أننا في تنافر ... ألم تر التنافر في الكون ساريا وهبهم جفوك اتليوم بخلاً بودهم ... ألم تغن عنهم ان ملكت القوافيا فطر في سموات القريض مرفرفاً ... واطلع لنا في النجوم الدراريا

فأنت امرؤ تعطي القوافي حقها ... فتبدو وإن أرخصتهن غوالبا هذا آخر ما أردت نقله في هذا المجموع والحمد لله أولاً وآخراً وباطناً وظاهراً وكان الفراغ من تسويده في شعبان لثمان وعشرين خلت من سنة خمس وخمسين بعد الثلاثمئة والألف من هجرة خير الأنام عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام وعلى آله الكرام وأصحابه السادة الأعلام بقلم جامعه الفقير إلى رحمة باريه الواثق به فيما يؤمله ويرتجيه عبد الرحمن بن عبد الله بن درهم.

§1/1